كتاب اللألي العبقرية في شرح العينيّة الحميريّة لبهاء الدين الاصبهاني من ص 489 ـ 533 ص

( 490 )

 

 

 

[42 ـ 48]

والناسُ يومَ الحشـرِ راياتُـهُم * فرايَةُ العِجْلِ وفِرعَونُها

ورايةٌ يَقدِمُها أدلَمُ * ورايةٌ يقدِمُها حَبتَرٌ

ورايةٌ يَقْدِمُها نَعْثَلٌ * أربعةٌ في سَقَر أُودِعُوا

ورايةٌ يَقْدِمُها حَيدَرٌ * خمسٌ فمنها هالِكٌ أربَعُ

وسامريُّ الأُمّةِ المُشنَعُ * عَبدٌ لَئيمٌ لُكَعٌ أكوَعُ

للزُّورِ والبُهتانِ قَدْ أبدَعُوا * لا بَرَّدَ اللّهُ لَهُ مَضْجَعُ

ليسَ لَهُمْ مِنْ قعرِها مَطْلَعُ * وَوَجُهُهُ كالشَّمس إذ تَطْلَعُ

اللغة:

«الواو» للاستئناف.

«الألف واللاّم» للاستغراق أو الحقيقة كما نحو: ركبت الخيل.

«الناس» : قيل أصله أُناس حُذفت همزته تخفيفاً كما قيل لوقت في الوقت، وهو اسم جمع كرخال(1) وحذف الهمزة مع لام التعريف كاللازم لا يكادون يقولون

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- رخل: الرِّخْل والرَّخِل: الأُنثى من أولاد الضأْن، والذكَر«حَمَلٌ» والجمع أرْخُل ورِخال، ورُخال.(لسان العرب:«رخل)».


( 491 )
في السعة الاناس، وقيل: بل قلت من نسي لأنّهم نسّاءُون، وقال تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) .(1)

وقال الشّاعر:

لا تَنْسَينْ تلك العهود َفإنّما * سُمِّيتَ إنساناً لأنّك ناسي(2)

وقيل من ناسَ يَنُوسُ إذا اضطرب. ونُسْتُ الإبل: سُقتُها. وذُو نُواس مَلك كان تنوس على ظهره ذُؤابة.

وأمّا على الأوّل، فهو إمّا من الإنس لأنّهم خلقوا خلقة لا يمكنهم التعيّش إلاّ بأن يستأنس بعضهم ببعض، ولذا قيل: إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع. أو لأنّهم ناسون لكلّ ما يألفونه.

وأمّا من آنستُهُ ببصري بمعنى أبصرته، قال تعالى: (آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّور ناراً)(3) لأنّهم ظاهرون مبصرون، بخلاف الجن فإنّهم مستترون عن الأبصار ولذا سمّوا جنّاً.

وقيل: بل عليه أيضاً من النسيان وإنّ الإنسان أيضاً أصله إنسيان، بدليل تصغيره على إنسان.

وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر بن بابوية رحمه اللّه في كتاب «علل الشرائع والأحكام» عن أبي عبد اللّه الصادق صلوات اللّه عليه قال: سمّي الإنسان إنساناً لأنّه ينسى، وقال اللّه عزّوجلّ (وَلَقَدْعَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسي) .(4)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- طه:115.
2- البيت من قصيدة لأبي تمام، ديوانه:152.
3- القصص:29.
4- محمد بن بابويه: علل الشرائع: 15 باب 11 ح 1. والآية من سورة طه:115.


( 492 )
وأمّا معنى الناس فهو ظاهر معروف. وقد روى الصدوق أبو جعفر ابن بابويه في كتاب «العلل» المتقدّم ذكره، بإسناده عن أبي خالد قال: سئل أبو عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : الناس أكثر أم بني آدم؟ فقال: الناس، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لأنّك إذا قلت «الناس» دخل آدم فيهم، وإذا قلت «بنو آدم» فقد تركت آدم لم تُدخله مع بنيه، فلذلك صار الناس أكثر من بني آدم وإدخالك إيّاه معهم، و لمّا قلت بنو آدم نقص آدم من النّاس.

«اليوم»(1) معروف وقد يراد به مدّة من الزمان أيّة مدّة كانت وهو الظاهر هنا.

وفي نحو (يوم الدِّين)(2) و (يومَ التَّنادِ)(3) وأمثال ذلك ممّا يتعلّق بالأُخرى.

«الحشر» الجمع والإجلاء، وقال الراغب: إنّه إخراج الجماعة عن مقرّهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها.(4) وهذا المعنى هو مجموع المعنيين الأوّلين، فإنّه إجلاء ثمّ جمع،والحشر الذي في القيامة مشتمل على الإزعاج عن القبور والجمع في المحشر للحساب وغيره.

و«الألف واللام» فيه للعهد الخارجي، أي ما يعرفه كلّ أحد من الواقع يوم القيامة .

«الراية» العَلَمْ ، وهي واحدة الراي، ويجمع على رايات.

«الخمس» مرتبة معروفة من العدد، وهي مع أخواتها من الثلاثة إلى العشرة

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الصدوق:علل الشرائع: 78 ب 68.
2- الحمد:3.
3- غافر:32.
4- الراغب: المفردات: ص 119:«حشر».


( 493 )
قد خولف بها فعُريَت عن التاء للمؤنّث وحليت بها للمذكّر، وقد قيل في ذلك وجوه.

وقال نجم الأئمّة: والأقرب عندي أن يقال: إنّ ما فوق الاثنين من العدد موضوع على التأنيث في أصل وضعه، وأعني بأصل وضعه، أن يعبّر به عن مطلق العدد، نحو : ستة ضعف ثلاثة، وأربعه نصف ثمانية، قبل أن يستعمل بمعنى المعدود كما في : جاءني ثلاثة رجال، فلا يقال في مطلق العدد: ستّ ضعف ثلاث، وإنّما وضع على التأنيث في الأصل، لأنّ كلّ جمع إنّما يصير مؤنّثاً في كلامهم بسبب كونه على عدد فوق الاثنين، فإذا صار المذكر في نحو: «رجال» مؤنّثاً بسبب عروض هذا العرض; فتأنيث العرض في نفسه أولى، وأمّا كون العدد عرضاً، فلأنّه من باب الكم وهو عرض على ما ذكر في موضعه(1).

ثمّ إنّه غلب على ألفاظ العدد التعبير بها عن المعدود، فطرأ عليها إذن معنى الوصف الذي هو معنى الأسماء المشتقة، إذ صار معنى قولك: جاءني رجال ثلاثة، رجال معدودة بهذا العدد، لكنّه مع غلبة معنى الوصف عليها، كان استعمالها غير تابعة لموصوفها أغلب، فاستعمال نحو «ثلاثة رجال» أغلب من استعمال «رجال ثلاثة» وإن كان الثاني أيضاً كثير الاستعمال; وذلك لأجل مراعاة أصل هذه الألفاظ في الجمود، ولقصد التخفيف أيضاً، إذ بإضافتها إلى معدوداتها يحصل التخفيف بحذف التنوين.

ثمّ قال: فنقول: بَقِيَت الأعداد إذا كانت صفة لجمع المذكّر على تأنيثها الموضوعة هي عليه وذلك من الثلاثة إلى العشرة; لكونها صفة الجمع والجمع مؤنث، بخلاف لفظ الواحد و الاثنين فإنّهما لا يقعان صفة للجمع فقيل: رجال

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «ذكر في موضعه» من المصدر، في الأصل: «يذكر في غير هذا الفن».


( 494 )
ثلاثة، كرجال ضاربة.(1)

وهو جيد، وتكميله أن يقال: ثم لمّا أرادوا الفرق بين المذكّر و المؤنّث حذفوا التاء في المؤنّث، ونظير ذلك أنّهم جمعوا «فُعالاً» في المذكر على «أفعلة» بالتاء كجراب وأجربة، وغلام وأغلمة، وفي المؤنث على «أفعل» كذراع وأذرع، وعقاب وأعقب.

«الفاء» لعطف التفصيل على الإجمال، فهي للترتيب في الذكر.

التنوين: في خمس عوض عن المضاف إليه، فإنّ التقدير خمس رايات، إلاّأن يقدّر الموصوف أي رايات خمس، ولكنّ الأوّل أظهر، أو يقال: لا حاجة إلى تقدير فإنّه قد حمل على الروايات، فكأنّه قيل: راياتهم معدودة بهذا العدد.

«من» للتبعيض.

«الهلاك» على ثلاثة أوجه: الموت، ومنه قوله تعالى: (إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ)(2) (وَما يُهْلِكُنا إِلاّالدَّهر)(3).

وافتقاد الشيء بالفساد، ومنه قوله تعالى: (وَيُهْلِكُ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لا يُحِبُّ الفَساد) .(4)

وكون الشيء باطلاً في نفسه، ومنه: (كُلُّ شَيء هالِكٌ إِلاّوَجْهَهُ) (5) على قول.

وربّما يقال: على الخوف والفقر والعذاب، وهو المراد هنا.ويحتمل أن يراد

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- نجم الأئمّة الرضي الاسترابادي: شرح الكافية: 214.
2- النساء:176.
3- الجاثية:24.
4- البقرة:205.
5- القصص:88.


( 495 )
الخوف.

«أربع» مثل«خمس» في جميع ما ذكر إلاّ أنّه لا بدّله من التقدير إمّا تقدير مميّز أو موصوف.

«الفاء» هذه كالسابقة في كونها لعطف المفصّل على المجمل.

«الألف و اللام » للعهد الخارجي.

والمراد بالعجل: الأوّل لأنّه كما وصّى موسى ـ صلوات اللّه على نبيّناوآله وعليه ـ قومه باتّباع أخيه هارون واستخلفه على قومه فلم يقبلوا وصيّته ورفضوا اتّباع وصيّه وخليفته وعبدوا العجل، كذلك أُمّة نبيّنا صلواتاللّه عليه وآله رفضوا اتّباع أخيه ووصيّه وخليفته عليهم واتّبعوا أبا بكر، و قد مضى الدلالة عليه في خبر غدير خم فتذكر.

وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر ابن بابويه في كتاب «عقاب الأعمال» عن محمد بن الحسن الصفّار عن عبّاد بن سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن إسحاق بن عمّار الصيرفي، عن أبي الحسن الماضي ـ عليه السَّلام ـ قال:قلت : جعلت فداك حدّثني فيهما بحديث فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدّة، فقال لي: يا إسحاق الأوّل بمنزلة العجل، والثاني بمنزلة السامريّ.(1)إلى آخر الحديث وهو طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

ثمّ إنّ الأوّل مشابهة خاصّة بالعجل في الحمق و البلادة وغاية البعد عن المنصب الذي زعموه له ولكن سيأتي في فصل المعاني خبر ينصّ على أنّ العجل هو عثمان.

وفي تفسير الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري ـ عليه السَّلام ـ في تفسير قوله

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- محمد بن علي الصدوق: عقاب الأعمال: 481ح3.


( 496 )
تعالى: (يا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرنا)(1) عن موسى بن جعفر صلواتاللّه عليهما أنّ العجل في زمن النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أبو عامر الراهب.(2) وقصّته طويلة من أرادها فليراجعه.

وفيه أيضاً في تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْجاءَكُمْ مُوسى بِالبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ)(3) عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في خبر طويل: يا عليّ إنّ أصحاب موسى اتَّخذوا بعده عِجلاً وخالفوا خليفته وستتّخذ أُمّتي بعدي عجلاً ثمّ عجلاً ثمّ عجلاً، ويخالفونك وأنت خليفتي.(4) ففيه تسمية للثلاثة الملاعين كلّ منهم بالعجل.

«فرعون» كبرذون و زنبور ، و بضمّ الأوّل وفتح الثالث : اسم أعجميّ كان في الأصل لقباً لمن مَلَك مصر ككسرى لِمُلْكِ الفُرس، وقيصر لمُلْكِ الروم، وتُبَّعلِمُلْكِ اليَمَن ، والنجاشي لمُلكِ الحبشة. ثمّ لمّا بالغت الفراعنة في التجبّـر والعتو والبغي والطغيان خصوصاً فرعون موسى سمّي كلّ عاتي متجبّر فرعون.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- البقرة:104.

2- التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري ـ عليه السَّلام ـ : 481 ـ 483 ح309.وفيه سمّاه رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بـ«الفاسق» وجعله المنافقون أميراً عليهم وبخعوا له بالطاعة.
عنونه في مروج الذهب هكذا:واسمه : عمرو بن صيفي بن النعمان، من بني عمرو بن عوف، من الأوس، وهو «أبو حنظلة»، ترهّب في الجاهلية ولبس المسوح، فلمّا قدم النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ المدينة كان له معه خطب طويل، فخرج في خمسين غلاماً فمات على النصرانية بالشام.(مروج الذهب:1/88).
3- البقرة:92.
4- المصدر السابق: 409 ح 279 عنه البحار: 28/66 ح 26 ويسمى هذا:«حديث الحدائق» و هو حديث متواتر عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ روته العامّة والخاصّة بأسانيد متعددة وألفاظ مختلفة، منهم ابن حنبل في «فضائل الصحابة»:2/651 ح1109، والحاكم في «المستدرك»:3/139 والبغدادي في تاريخ بغداد:12/398، والخوارزمي في مناقبه: 37 وغيرهم.


( 497 )
واشتقّ منه «تفرعن» إذا تعاطى فعل فرعون، كما يقال من إبليس أبلس وتبلّس.

والمراد بالفرعون هنا كما الظاهر أبابكر أيضاً لعتوّه وتغلّبه على الوصي وادّعائه منصبه لنفسه كما ادّعى فرعون موسى لنفسه الإلهية، إلاّأنّه سيأتي من الخبر ما ينصّ على أنّ فرعون هذه الأُمّة هو معاوية بن أبي سفيان.

«السامري»: رجلٌ منافق كان في بني إسرائيل أغواهم بعبادة العجل كما حُكيت قصته في التنزيل والأخبار والآثار، قيل: هو منسوب إلى سامرة; قومٌ مناليهود يخالفونهم في بعض من أحكامهم، وقيل: منسوب إلى موضع لهم. و من الجائز أن يكون القرية التي بين الحرمين المسمّاة بـ«سامرة».

و قيل: كان عِلْجاً من كرمان اسمه موسى بن ظفر، وعن ابن عباس أنّه كان من أهل اجرمي وقع بأرض مصر، وكان من قوم يعبدون البقر وكان حبُّ عبادة البقر في نفسه.

والمراد به هنا عمر بن الخطاب على ما نطق به الخبر الماضي، لأنّه أغوى أُمّة نبيّنا ـ صلوات اللّه عليه وآله ـ و دعاهم إلى اتّباع العجل أي أبي بكر وسيأتي من الخبر ما ينصّ على أنّ سامري الأُمّة هو أبو موسى الأشعري لأنّه قال: لا قتال، كما كان يقول السامريّ: لا مساس.

وفي الاحتجاج للطبرسي، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان سلام اللّه عليه قال: إنّ القوم ارتدّوا بعد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إلاّمن عصمه اللّه بآل محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، إنّ الناس بعد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بمنزلة هارون و من تبعه وبمنزلة العجل و من تبعه، فأمير المؤمنين عليّ ـ عليه السَّلام ـ في سنة هارون وعتيق في سنة السامريّ.(1)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الطبرسي: الاحتجاج:1/221.


( 498 )
وفيه عن أبي يحيى الواسطي(1) قال: لمّا فتح أمير المؤمنين عليّ ـ عليه السَّلام ـ البصرة اجتمع الناس عليه وفيهم الحسن البصري ومعه الألواح، فكان كلّما لفظ أمير المؤمنين عليّ ـ عليه السَّلام ـ بكلمة كتبها، فقال له أمير المؤمنين عليّ ـ عليه السَّلام ـ :... إنّ لكلّ قوم سامرياً وهذا سامريّ هذه الأُمّة، أما انّه لا يقول لا مساس ولكن يقول لا قتال.(2)

واعلم أنّه لا تناقض بين هذه الأخبار ولا بين أخبار العِجل، فإنّ هذا التلقيب ليس إلاّ من قبيل التشبيه فكلّ من يكون له شبيه بالمسمى جاز أن يسمّى باسمه، على أنّ هذه الأُمّة في حديث الحسن، يجوز أن يكون إشارة إلى الجماعة الحاضرين أو غيرهم من أهل البصرة، ويجوز أن يكون أبو موسى سامريّ الذين كانوا في عهد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و أبو بكر،أو عمر سامريّاً لجميع الأُمّة.

وقد ظهر لك أنّه يجوز أن يريد الناظم بالثلاثة واحداً وأن يريد بكلّ منها غير المراد بالآخر، وأن يريد بالاثنين واحداً وبالباقي غيره، ثمّ إنّ من الجائز أن يكون السامريّ هنا منسوباً إلى السامريّ ، أي من فعله فعلُ السامريّ المعروف من بني إسرائيل، كما أنّ اللوطي منسوب إلى اللوطي بمعنى المنسوب إلى لوط ـ عليه السَّلام ـ بكونه من قومه، إلاّ أنّ إضافته إلى الأُمّة يؤيّد الأوّل كما لا يخفى.

«الألف واللام» للعهد، أي أُمّة نبيّنا صلوات اللّه عليه وآله.

«الأُمّة» : الجماعة من الناس وغيرهم من أصناف الحيوان، قال تعالى:(وَما مِنْ دابَّة فِي الأَرْضِ ولا طائِر يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّأُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) .(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- أبو يحيى الواسطي واسمه سهيل بن زياد الواسطي، روى عنه البرقي، لقي أبا محمد العسكري ـ عليه السَّلام ـ أُمّه بنت محمدبن النعمان أبي جعفر الأحول، مؤمن الطاق المتكلّم المشهور. رجال الشيخ الطوسي، ص 476 و 519، وذكره أيضاً في الفهرست، ص 106 رقم 3242 والنجاشي في رجاله.
2- الاحتجاج:1/404.
3- الأنعام:38.


( 499 )
وفي الخبر: «لولا أنّ الكلاب أُمّة من الأُمم لأمرتُ بقتلها»(1) أو جماعة أُرسل إليهم رسولٌ، أو الجيل من كلّ حيّ، أو كلّ جماعة يجمعهم أمرٌ ما من دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد كان ذلك الجامع تسخيراً أو اختياراً.

«الشناعة» : الفضاعة والقبح، شنع ككرم فهو شنع وشنيع، وشنعت عليه هذا الأمر كمنعت قبحته عليه، وشنعت عليه أيضاً شتمته وفضحته، وشنعته ـ بالتشديد ـ للمبالغة، وأنا أستشنع فلعلّك استقبحته.

والمشنع في البيت، إمّا اسم فاعل من أشنعت الناقة إذا أسرعت، ويكون المراد هنا أنّه مسرع في الفتن والشرور، أو الكفر والنفاق، أو في نقض العهد والخلاف على الوصيّ إن كان وصفاً للسامريّ، أو له ولما قبله.

وإن كان وصفاً للراية فيجوز إرادة ذلك وأنّها أوّل ما ترفع يوم القيامة من رايات الضلال. أو من: أشنع بمعنى صار ذا شنع كأثمر وأزهر، أو دخل في الشنيع كأصبح وأظهر وأنجد واتّهم، أو أتى بشنيع كأكثر وأجمل.

أو اسم مفعول بمعنى المشنّع ـ بالتشديد ـ إلاّ أنّي لم أر «أشنع »في شيء ممّا حضرني من كتب اللغة إلاّبالمعنى الأوّل، أو مخفّف من المشنع للضرورة، أو من المشنوع. وحينئذ فهو بفتح الميم وضمّ النون.

أو مصدر ميميّ حمل عليه مبالغة.

أو اسم مكان وعليها فيفتح الميم والنون جميعاً.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- ذكره ابن حنبل في العلل: 1/250 رقم 345 قال حدّثني أبي قال حدّثنا وكيع عن أبي سفيان ابنالعلاء قال: سمعت الحسن يحدّث أنّ رسولالّله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال:... و ذكر محمد بن إسماعيلالبخاري، في التاريخالكبير:2/293 و نسبه إليالحسن بن أبي رافع عن أبيه: أمرالنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بقتلالكلاب، وقال جابر عنالنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ :...


( 500 )
أو اسم فاعل من اشنع عبده ـ بالمهملة فالموحّدة ـ أي أهمله، والمراد إهمال الحقّ أو الوصيّة.

أو اسم مفعول بمعنى الداعي، أو ولد الزنا، أو من أُهمل مع السباع فصار خبيثاً مثلها، أو مشنع كمنبر ـ بالمهملة فالتاء الفوقانية ـ بمعنى السريع الماضي في أمره، والمراد حينئذ ما أُريد بالأوّل.

أو اسم فاعل من أشنع ـ بالمعجمة فالموحّدة ـ بمعنى وفّر، فإن كان وصفاً للراية كان المراد أنّها كثيرة الأصحاب، وإلاّ فالمراد التوفير من الضلال والفتن والشرور ونحوها، ويجوز إرادته على الأوّل أيضاً.

أو اسم مفعول من ذلك بمعنى موفر الأصحاب أو الضلال ونحوه، أي المشنع له، ففيه حذف وإيصال، أو الاسناد مجازي، أو الفاعل محذوف أي المشنع أصحابها، أو ضلاله ونحوه.

أو اسم مفعول بمعنى أنّه صار شبعان من الدنيا، لوفورها لديه، أي أكل من الدنيا حتى شبع.

«قدم» فلان القوم كنصر قدماً وقدوماً وقدمهم واستقدمهم وتقدّمهم بمعنى، قال عزّ قائلاً: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَومَ القِيامَةِ فَأَورَدَهُمُ النّارَ) .(1)

«دلم» كفرح: اشتدّ سواده، وقيل: في ملوسه كإدلام، ودلمت شفاهه تهدّلت وهو أدلم وهي دلماء. وفي المجمل لابن فارس: الأدلم: الطويل الأسود من الرجال، وكذا في النهاية.

«العبد»: الإنسان الذكر المملوك الذي يباع ويُشترى، وإذا أُضيف إلى اللّه

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- هود:98.


( 501 )
سبحانه فقد يُراد مخلوقه ومملوكه الذي يتصرّف فيه كيف يشاء من ذكور الناس، وقد يراد به العائد له تعالى، يقال: وأصل الكلّ من قولهم طريق معبّد، أي مذلّل موطوء بالأقدام.

والعبد بالمعنى الأوّل إنّما يجمع على عبيد وعبّداء. وبالمعنى الأخير جمعه عباد. وبالمعنى الثاني يجمع على عبيد وعباد.

«اللؤم» ضدّ الكرم، لؤم ككرم فهو لئيم وهم لئام ولؤماء ولؤمان.

«اللكع» كصرد: اللئيم والصغير والعبد و الأحمق ومن لا يتّجه لمنطق ولا غيره.

«الأكوع»: المعوج الكوع، وهو والكاع طرف الزند ممّا يلي الإبهام.

ولعلّ المراد بهذا زياد بن سميّة الذي ذكره مولانا الحسين صلواتاللّه وسلامه عليه في كتاب له إلى معاوية فقال: أوَ لستَ المدّعي زياد بن سميّة المولود على فراش عُبيد ثقيف فزعمت أنّه ابن أبيك، وقد قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فتركت سنّة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ واتّبعت هواك بغير هدىً من اللّه، ثمّ سلّطته على أهل العراق فقطع أيدي المسلمين وأرجلهم وسمل أعينهم، وصلبهم على جذوع النخل، كأنّك لست من هذه الأُمّة وليسوا منك.(1) وإنّما حملناه على هذا لما سيأتي

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الطبرسي: الاحتجاج: 2/91. ونقله في البحار: 4/213 عن الكشي.


( 502 )
من الخبر الناص على أنّ إحدى الرايات راية زياد.

«الحبتر»: الثعلب، ولمّا كان الثعلب معروفاً بالمكر والكيد والجبن استعمل اسمه كثيراً في من يغلب عليه المكر والغدر أو الجبن.

والحبتر أيضاً القصير، والظاهر أنّ المراد به هنا أبو موسى الأشعري لما سيأتي من الخبر الناص على أنّ إحدى الرايات رايته.

«اللاّم» زائدة لتقوية العامل كما في قوله تعالى:(إِنْ كُنْتُمْ لِلرّؤيا تَعْبُرُونَ)(1) وقوله تعالى (هُدًى وَرَحْمَةً لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)(2) ، أو للغاية المجازية كما في قوله تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَونَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً) .(3)

«الزور» كالشور: الكذب من الزور، وهو الميل لكونه مائلاً عن جهة الصواب،ومنه يقال: بئر زوراء إذا كانت مائلة الحفر، والزور أيضاً الباطل، والشرك باللّه تعالى، وم آخذ الكلّ واحد.

«بهت» فلان أي دهش وحيّر، قال تعالى (فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ)(4). البهتان: الكذب العظيم الذي يبهت السامع لفظاعته، وكذا كلّ فعل شنيع، بهت من اطّلع عليه لفظاعته، قال تعالى: (ولا يَأْتينَ بِبُهْتان يَفْتَرينَهُ بَيْنَ أَيْديهِنَّ وَأَرْجُلِهنَّ)(5) أراد به الزنا، أو كل فعل شنيع.

«قد» للتأكيد والتحقيق.

«الإبداع»: إنشاء شيء لا على حدّ ومثال، ومنه إحداث شيء لا يطابق السنّة والشريعة.

ولفظ «أبدع» يحتمل أن يكون مبنيّاً للفاعل فتكون اللام في «للزور» للتعدية، وأن يكون مبنيّاً للمفعول فتكون اللام للغاية المجازية.

«النعثل»: الذَّكَر من الضباع، والشيخ الأحمق، واسمُ يهوديّ كان بالمدينة

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- يوسف:43.
2- الأعراف:154.
3- القصص:8.
4- البقرة:258.
5- الممتحنة:12.


( 503 )
فأسلم وحسن إسلامه وقد ذكر قصّة إسلامه مفصلة في «كفاية الأثر في النصوص على الأئمّة الاثني عشر»(1) من أرادها فلينظر إليها. و رجل طويل اللحية من أهل مصر أو إصبهان.

والمراد به في البيت عثمان بن عفّان، لأنّه كان يقال له ذلك إذا نيل منه، كانت عائشة كثيراً ما تقول: اقتلوا نعثلاً لعن اللّه نعثلاً(2)، والمشهور في سببه أنّه كان يشبّه بالرجل المصري أو الاصبهاني لطول لحيته. وأمّا الناظم وأضرابهرحمهمُ اللّه فيجوز أن يريدوا بذلك كونه أحمق، وأن يريدوا تشبيهه بالضبعان لحمقه أو لعظم بطنه لأنّه كان لا يشبع من حُطام الدنيا وأسحاتها.

«البرد» و البرودة ضدّالحرارة، والتبريد جعل الشيء بارداً .أو المراد هنا الإخلاء من نار العذاب، فإنّ مقصوده الدعاء عليه بإدامة العذاب.

«اللام» للبيان، كما في قوله تعالى: (رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري)(3)، أو للاختصاص إن كان له ظرفاً مستقرّاً حالاً عن مضجعاً.

«المضجع» : اسم مكان من الضجعة وهي الرقدة. والمراد هنا القبر تشبيهاً للموت بالرقدة، كما يقال له المرقد، ويقال: أضجعته بمعنى وضعت جنبه على الأرض، فيجوز أن يكون المضجع بضمّ الميم وفتح الجيم: اسم مكان منه، أو يكون مجرد، بمعنى كون الجنب على الأرض وحينئذ يكون إطلاقه على القبر حقيقة.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- أبوالقاسم علي بن محمد الخزاز القمي: كفاية الأثر: 11 بسنده عن ابن عباس.
2- تاريخ الطبري:3/476، وانظر كشفالغمّة:2/108، والنهاية لابنالأثير: 5/80، وتاجالعروس: 8/141.
3- طه:25.


( 504 )
«سَقَر» قيل: اسم لجهنّم ، وقيل: اسم النار، ثمّ قيل: إنّه اسم أعجميّ فلم يصرف للعجمة والعلمية، وقيل: بل عربيّ من سَقَرتهُ النار وصقرته إذا لوّحته أو أذابته، فعدم الانصراف للتأنيث والعلمية.

وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر ابن بابويه في كتاب «عقاب الأعمال» بإسناده عن أبي عبد اللّه الصادق صلوات اللّه عليه قال: إنّ في جهنّم لوادياً للمتكبّرين يقال له «سقر» شكا إلى اللّه شدّة حرِّه وسأله أن يأذن له أن يتنفّس، فتنفّس فأحرق جهنّم.(1)

وروى أيضاً بسنده عن أبي جعفر الباقر صلوات اللّه عليه قال: إنّ في جهنّم لجبلاً يقال له :«الصعدى » و إنّ في صعدى لوادياً يقال له: «سقر» و إنّ في سقر لجُبّاً يقال له «هبهب»، كلّما كشف غطاء ذلك الجبِّ ضجَّ أهل النار من حرِّه، وذلك منازل الجبّارين.(2)

«أودعته» كذا إذا دفعته إليه ليكون عنده وديعة، والوديعة مأخوذة من ودع الشيء يدع إذا سكن واستقرّ، لاستقرارها عند المودع، وأودع المال في الصندوق: صانه فيه وجعله فيه مستقرّاً ساكناً.

«من» للابتداء.

«قعر» البئر وغيرها: عمقها و أقصى عمقها، وقعر كلّ شيء أيضاً أقصاه.

«المَطْلَع» بفتح اللاّم وكسرها: مصدرٌ، أو اسم زمان أو مكان من طلع الجبل

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- عقاب الأعمال: 265(عقاب المتكبّرين).
2- المصدر نفسه: 324(عقاب الجبّارين).


( 505 )
إذا علاه، أو طلع من بيته إذا خرج، وأصل الكلّ من طلع الكوكب والنجم إذا ظهر، أو لما كان الظهور المتعقّب للخفاء مستلزماً للخروج عن شيء اختفى فيه، أو لاعتلاء على شيء استعمل في كلّ منهما.

«الحيدر» والحيدرة: الأسد، وهو هنا من أسماء أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ ، وفي معاني الأخبار في معناه أنّه الحازم الرأي، الخبير النقاب، النظّار في دقائق الأشياء.(1)

«الواو» للحال.

«الوجه»: الجارحة المعروفة، قال الراغب: ولمّا كان الوَجْه أوّل ما يستقبلُك وأشرف ما في ظاهر البَدن استعمل في مُستقبل كلّ شيء ومبدئه فقيل: وجه كذا ووجه النهار.(2)

«الكاف» حرف للتشبيه، ويجوز أن يكون اسماً على رأي تقدّم.

«الشمس» معروف وهو مشترك بين الجرم وضوئه المنتشر عنه، والمراد هنا الأوّل.

«إذ» إمّا للزمان المستقبل، أو لمطلق الزمان.

الإعراب:

«الناس»: مبتدأ .

«راياتهم» مبتدأ ثاني.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الصدوق: معاني الأخبار: 60 ضمن حديث 9.
2- مفردات غريب القرآن:513: «وجه».


( 506 )
«خمس» خبره، والجملة خبر الأول.

«يوم الحشر» إمّا ظرف مستقرّ حال عن النّاس، أو لغو متعلّق بـ «خمس» لكونه صفة، أو بمضمون الجملة، أعني انتساب راياتهم خمس إلى النّاس أو انتساب خمس إلى راياتهم.

«منها» خبر لـ«هالك» وإفراد «هالك» وتذكيره، لأنّ المراد شيء أو بعض أو نحوهما، من غير نظر إلى تعدّده ولا تأنيثه، على أنّ لترك التأنيث وجهاً آخر هو أنّ الهلاك في الحقيقة إنّما هو صفة ذي الراية، ثمّ إنّ منها يحتمل الاستخدام وعدمه فإنّه يحتمل أن يرجع إلى الرايات مراداً بها أصحابها وأتباعها، فيكون فيه استخدام ويكون إسناد الهلاك إليها حقيقة.

أو يحتمل أن يرجع إليها مراداً بها معناها الحقيقي، فلا استخدام ويكون إسناد الهلاك إليها مجازياً إلاّ أن يراد به هالك أصحابها يحذف الفاعل، أو ذو الهلاك ، أي الذي يصحبه الهلاك.

«أربع» إمّا بيان لـ«هالك»، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هو أو هي.والجملة استئناف.

«فراية العجل» مع ما عطف عليها إمّا خبر لمبتدأ محذوف، أي هي راية العجل وراية وراية إلخ. والجملة استئناف إمّا جواب السؤال عن الأربع فيكون حال الراية الخامسة كلاماً برأسه، أو للسؤال عن الخمس فيدخل الراية الخامسة، وإمّا مبتدأ، وخبر الجميع «أربعة في سقر أُودعوا» أو «في سقر أُودعوا» أو كلّ من «في سقر» و «أُودعوا» أو «أربعة» أو جملة «ليس لهم من قعرها مطلع»، أو «منها» مقدّراً أي «فمنها راية العجل».


( 507 )
ثمّ إن كان التفصيل للخمس فالظاهر أن يقدّر لكلّ راية منها مرة أي فمنها راية العجل. إلخ.ومنها راية كذا . الخ.

ويجوز أن يقدّر للأربع الأُول مرّة، وللخامسة مرّة. وإن كان التفصيل للأربع، فلابدّ من التعدّد أربعاً.

أو راية العجل مبتدأ خبره المشنع، وكلّ من الرايات الباقية مبتدأ خبره ما يليه.

ويسوغ كونها مبتدآت وإن لم يجوز نكارة المبتدأ لكونها لتفصيل الإجمال، فإنّه يجوز أن يقال: رأيتُ في الدار ناساً فرجل قائم ورجلٌ قاعد ورجل نائم، والسرّ في ذلك أنّه حينئذ يتخصّص المبتدأ تقديراً، فإنّ المعنى رجل منهم، وكذا هنا راية منهم.

«راية»: مضافة إلى العجل و «فرعونها» معطوف عليه، والضمير فيه عائد إلى الأُمّة و إن لم يتقدّم لها ذكر، أو إلى الراية مراداً بها أصحابها، فإن لم يرد ذلك من المرجع كان فيه استخدام.

ويجوز أن يراد بالراية معناها الحقيقي وتكون الإضافة لأدنى ملابسة. ثمّ إن كان المراد بالمعطوف غير المراد بالمعطوف عليه، كان بينهما اختلاف الذات وإلاّ كان العطف لمجرّد الاختلاف بالصفات أو الألقاب، وكذا الكلام في عطف السامري.

الإضافة في سامري الأُمّة إمّا «لامية» وهو الظاهر، أو «لفظية» من قبيل إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله بناءً على جعل السامريّ بمعنى المضل.

«المُشنع» خبر مبتدأ محذوف لئلاّ يلزم الاقواء، وهو أن يختلف وصل الروي،


( 508 )
بأن يكون في بعض القوافي واواً وفي بعضها ياءً، كقوله:

سَقَطَ النَّصيفُ(1) ولم تُرِدْ إسقاطَهُ * فتناوَلَتْهُ واتّقَتْنا باليَدِ

بِمُخضَّب رَخْص كأنَّ بنانَهُ * عَنَــم(2)يَكادُ منَ اللَّطافَةِ يُعْقَدِ(3)

و هو عندهم عيب.

ثمّ المبتدأ المقدّر إمّا «هو» راجعاً إلى سامري الأُمّة، أو «هي» راجعاً إلى الراية، أو «هم» راجعاً إلى العجل والفرعون والسامريّ إن كانوا متغايرين.

ويحتمل أن يكون خبر الراية جزاء الشرط هنا محذوف لظهوره، ثمّ إن كان مصدراً أو اسم زمان أو مكان.

وأمّا إن كان اسم فاعل أو مفعول فالتذكير إمّا لكون المراد بالراية صاحبها، أو تأويلها بالعلم أو الشيء، وعلى تقدير كونه خبراً لهم مقدّراً، فالإفراد لإرادة الحمل على كلّ منهم.

ثمّ «المُشنع» إن كان جملة فإمّا معترضة أو حال عن الراية أو السامريّ، أو عنه مع ما قبله.

الكلام في إعراب «راية» قد مضى، ثمّ إن كان يقدمها خبراً لها وإلاّ فهو

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- النصيف: الخِمار. وقال أبو سعيد: النصيف ثوب تتجلّل به المرأة فوق ثيابها كلها.(لسان «نصف)».
2- العَنَم: شجر ليِّن الأغصان لطيفُها، الواحدة عَنَمة.(ابن فارس: معجم مقاييس اللغة:«عَنَمَ)».
3- ديوان النابغة الذبياني: 38 يصف زوجة النعمان، مطلعها:

أمِن آل مَيّةَ رائحٌ أو مُغْتَدِ * عَجْلانَ ذا زادوغيرَ مُزَوَّدِ


( 509 )
صفة لها، ثمّ إن كان المراد بالراية أربابها فلا حذف ولا استخدام وإلاّ فإمّا فيه حذف أي يقدم أربابها، أو استخدام.

«أدلم» فاعل تقدّم وقد نوّن مع امتناع صرفه، للضرورة.

«عبد» إمّا صفة لـ «أدلم» أو عطف بيان له فإنّه في الأصل صفة وفي العرف اسم، فإن روعي أصله كان نعتاً لـ«أدلم»، وإن روعي العرف كان عطف بيان له، ويجوز حينئذ أن يكون خبر المبتدأ أي «هو» والجملة نعتاً لـ«أدلم» وما بعده أوصاف ثلاثة له.

ثمّ «اللكع» إن كان بمعنى اللئيم أو العبد، كان تأكيداً لما قبله.

«للزور» مفعول«أبدع» أو متعلّق به، وجملة «للزور والبهتان قد أبدعوا» صفة لـ «حبتر» إن لم يجعل لقباً وإلاّفهي حال أو معترضة، ثمّ إنّ فيه إصرافاً كما لا يخفى كما في مضجعاً.

جملة «لا برد اللّه له مضجعاً» دعائية معترضة، أو صفة إن لم يكن لقباً، أو حال عنه إن كان لقباً، وعليهما فلابدّ من التأويل بالخبرية، أي مقول أو مقولاً في شأنه كذا.

ثمّ إن كان «اللام» في «له» للبيان كان الظرف لغواً متعلّقاً بـ «برَّد» و كان التنوين في «مضجعاً»عوضاً عن المضاف إليه أي مضجعه. و إن كانت للاختصاص فالظرف مستقرّ حال عن مضجعاً والتنوين فيه للتنكير، وأصله مضجعه ثمّ مضجعاً له ثمّ صار له مضجعاً.

«أربعة» إمّا مبتدأ والتنوين فيه عوض عن الإضافة أي أربعتها، وخبره «في سقر أودعوا» أو كلّ من «في سقر» و «اودعوا» أو توكيد للرايات والتنوين أيضاً


( 510 )
عوض فإنّه بمنزلة كلّها، أو خبر لمبتدأ محذوف أي «هي» أو «هذه»، أي الرايات أربعة، أو خبر للرايات المتقدّمة، أو حال عنها، وإنّما أتى فيها بعلامة التأنيث لأنّ المراد بالرايات أصحابها، أو لتأويلها بالأعلام أو الأشياء.

«في سقر» إمّا لغو متعلّق بـ «أودعوا» أو «مستقر».

و«لأودعوا» متعلّق مقدّر أي أُودعوا فيها، فإن كان الأوّل وكان «أربعة» مبتدأ كان مجموع «في سقر أُودعوا» خبراً واحداً له وحالاً عنه.

وإن كان «أربعة» تأكيداً للرايات فالمجموع خبر واحد للرايات أو حال عنها.

وإن كان خبراً لمحذوف كان المجموع صفة له، أو خبراً آخر واحداً، وكذا إن كان خبراً للرايات.

وإن كان حالاً عنها فالمجموع إمّا صفة أو حال أُخرى أو خبر للرايات، وإن كان الثاني أعني كون الظرف ومستقرّاً كان «في سقر» خبراً أو حالاً و «أُودعوا» خبراً آخر وحالاً أُخرى لأربعة على الأوّل، وللرايات على الثاني، وصفتين أو خبرين آخرين على الثالث والرابع، وصفتين أو حالين أو خبرين على الأخير.

جملة المصراع الذي بعد ذلك تأكيد لقوله«في سقر أُودعوا» أو لـ« أُودعوا» وحده، أو حال أُخرى، أو نعت آخر، أو خبر آخر، أو هو الخبر و ما قبله كلّه حال.

ثمّ إن كان «مطلع» مصدراً فقوله: «من قعرها» متعلّق به إن جاز تقديم متعلّق المصدر إذا كان ظرفاً، و إلاّفهو متعلّق بمطلع مقدّراً مفسّراً بالمذكور، وإن كان اسم زمان أو مكان فإن جوّزنا تعلّق الظرف بهما وإلاّكان ظرفاً مستقرّاً حالاً عنه.


( 511 )
جملة المصراع الأخير حال عن «حيدر».

«تطلع» يجوز أن يقرأ بالتاء الفوقانية على أن يرجع الضمير إلى «الشمس» وأن يُقرأ بالياء التحتانية على أن يرجع الضمير إلى «حيدر» أو «وجهه».

فعلى الأوّل الظرف أعني«إذ» مع ما أُضيف إليه مستقرّ حال عن الشمس.

وعلى الثاني لغو متعلّق بمعنى التشبيه المفهوم من الكاف، يعني أنّه وقت الظهور يشبه الشمس.

المعنى:

وللناس يوم يزعجهم اللّه من القبور أو يجمعهم في عرصة القيامة أو يزعجهم ويجمعهم : خمسة أعلام: فمنها شطر هالك أو هالك الأصحاب، أو ذو هلاك أي هالك الأصحاب، أو خمس فرق ذوي أعلام.

فمنها: شطر هالك. ثمّ بيّن الشطر الهالك بأنّه أربع رايات، فراية الذي هو عجل هذه الأُمّة و فرعونها أو فرعونها أو فرعون الراية أي أصحابها وسامريّ الأُمّة، أو راية العجل والفرعون والسامريّ هي المسرعة يوم الحشر، أو في الضلال والكفر والنفاق ومخالفة الوصية، أو هي ذات الشنع أو الداخلة في الشنع، أو الآتية بالشنع، أو المشنع عليها أي التي يشتمها الناس يوم الحشر أو يفضحها اللّه تعالى أو التي تستحقّ الشتم والفضيحة، أو هي الشناعة أي الفضاعة والقبح، أو هي محل الشناعة أو محل الشنع أي الشتم والفضيحة، أو هي المهملة للحقّ أو لوصية النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، أو هي الخبيثة كالشناع، أو هي أدعياء أولاد زنا، وذلك لأنّه قد تواترت الأخبار أنّ من أبغض آل الرسول صلوات اللّه عليه وعليهم وخالفهم فهو ولد زنا أو ولد حيض، وهو أيضاً بمنزلة ولد الزنا في الخبث، ولذا نرى كثيراً من الأخبار


( 512 )
خالية عن ذكره مقتصرة على ذكر ولد الزنا، أو هي كثيرة الأصحاب أو وافرة الضلال والفتن والشرور ونحوها، أو هي الشبعى من الدنيا المتضلّعة منها، أو أصحاب راية العجل. الخ.

و راية منها يتقدّمها أي أربابها، أو أصحاب راية يتقدّمهم رجل أسود شديد السواد، أو طويل أسود عبد أو هو عبد لئيم لئم أي متأكّد اللؤم، أو عبد أو أحمق أو صغير أي حقير غير ذي شرف و عزّ، أو من لا يتّجه لمنطق ولا غيره أعوج الكوع.

وراية منها أو أرباب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم من هو كالثعلب في المكيدة والغدر، أو في الجبن وهو قد أنشأ من الكذب والفعل الشنيع أو الكذب العظيم ما ليس على حذو شيء من الكذب والفعل الشنيع، أو أبدعه اللّه تعالى لأجل ذلك أي لما لم يصدر منه إلاّذلك، فكأنّه خلق لأجله، كما قال اللّه تعالى: (خُلِقَ الإِنْسانُ مِنْ عَجَل)(1) على وجه، أو من صفة ذلك أو والحال ذلك.

وراية منها أو أصحاب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم عثمان الذي هو كالنعثل أو كنعثل لا برّد اللّه ضجعاً له أو له ضجعة.

أو فمنها راية العجل وكذا وكذا.

أو فمنها راية العجل ومنها كذا و منها كذا.

ثمّ ابتدأ فقال: هذه أعلام أربعة قد أُسكنوا في سقر ليس لهم من أقصى عمقها طلوع أي خروج وظهور، أو مكان طلوع أو زمانه، أو أربعة في سقر أُسكنوا فيها، أو أربعتها كذا، أو هذه الرايات كذلك حال كونها أربعة. إلى آخره. أو

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- الأنبياء:37.


( 513 )
المعنى راية العجل وكذا وكذا أربعة الخ. أو حال كونها أربعة في سقر، أو حال كونها أربعة وحال كونها في سقر أُودعوا فيها، أو أربعتها في سقر، أو أربعتها حال كونها في سقر أُودعوا فيها، أو حال كونها أربعة في سقر أُودعوا ليس لهم. إلى آخره. أو أربعتها حال كونها في سقر أُودعوا ليس لهم. الخ.

وراية منها أو أصحاب راية يتقدّمها أو يتقدّمهم حيدر، والحال أنّ وجهه كالشمس وقت طلوعها أو وقت طلوعه.

أو ومنها راية كذا، ولنذكر هنا ما حضرنا من أخبار الرايات فنقول:

قال السيد الأجل رضي الملّة والحق والدين، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي رضي اللّه عنه في كتاب «اليقين باختصاص مولانا عليّ ـ عليه السَّلام ـ بإمرة المؤمنين» ما هذا لفظه: الباب السادس والتسعون فيما نذكره من كتاب المعرفة تأليف عباد بن يعقوب الرواجني برجالهم في تسمية النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لعلي ـ عليه السَّلام ـ أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين، نذكر منه بلفظه ما يحتمله هذا الكتاب ويليق ذكره بالصواب من حديث الخمس رايات: فيقول عباد:

قد حدّثنا أبو عبد الرحمن المسعودي قال: حدّثنا الحارث بن حصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حيّان بن الحارث الأزدي، عن الربيع بن جميل الضبي، عن مالك بن ضمرة الرواسي، قال: لمّا سير أبو ذر ـ رضي اللّه عنه ـ اجتمع هو وعليّ ـ عليه السَّلام ـ والمقداد بن الأسود قال: ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: أُمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات:

أوّلها راية العجل، فأقوم ف آخذه بيده، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك يتبعه. فأقول: ماذا خلّفتموني في الثقلين


( 514 )
بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر فمزّقناه واضطهدنا الأصغر و ابتزيناه حقّه . فأقول: اسلكوا ذات الشمال، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية فرعون أُمّتي، فمنهم أكثر الناس وهم المبهرجون.(1)

قلت: يا رسول اللّه وما المبهرجون؟ أبهرجوا الطريق؟

قال: لا ولكنّهم بهرجوا دينهم، وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون ف آخُذُ بيد صاحبهم فإذا أخذتُ بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه و خفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه. فأقول لهم: ما خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثم ترد عليّ راية فلان(2) وهو أمام خمسين ألفاً، فأقوم ف آخذ بيده فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه. فأقول لهم: ما خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذبنا الأكبر وعصيناه وخذلنا الأصغر وخذلنا عنه. فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ يرد عليّ المخدج برايته وهو أمام سبعين ألفاً من أُمّتي فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ومن فعل ذلك تبعه . فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- البَهْرَج: التعويج من الاستواء إلى غير الاستواء.(لسان العرب :«بهرج)».
2- في الخصال «راية هامان أُمتي» و بعدها «راية عبداللّه بن قيس».


( 515 )
فيقولون : كذبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.

فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ يرد راية(1) أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين فأقوم ف آخذه بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه فأقول: ماذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: اتّبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقُتلنا معه. فأقول لهم: ردوا رواءً مرويّين، فيشربون(2) شربة لا يظمأون بعدها أبداً، وجه إمامهم كالشمس (3) الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر، و كأضوأ نجم في السماء.

قال: ألستم تشهدون على ذلك؟ قالوا بلى. قال: وأنا على ذلكم من الشاهدين.

قال الحارث: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ صخر بن الحكم حدّثني به.

وقال صخر: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ حيان بن الحارث حدّثني به.

وقال حيان: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ الربيع بن جميل حدّثني به.

وقال الربيع بن جميل: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا ذر حدّثني به.(4)

وقال أبو ذر رضي اللّه عنه: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- في الأصل: «علي».
2- من المصدر. وفي الأصل: «ردّوا فيردون».
3- من المصدر. وفي الأصل: «أبدانهم كالشمس».
4- في المصدر: قال صخر: اشهدوا عليَّ بهذا عند اللّه أنّ الربيع بن جميل حدثنى به.
وقال الربيع: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ مالك بن ضمرة حدثني به.
و قال مالك : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا ذر حدثني به.


( 516 )
حدّثني به.

وقال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لأبي ذر: اشهد أنّ جبرئيل حدّثني به عن اللّه تعالى.

وقال أبو عبد الرحمان : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ الحارث حدّثني به.

وقال عباد: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا عبد الرحمان حدّثني به. وقال عباد: واسم أبي عبد الرحمان عبد اللّه بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعود.

قال علي بن العبّاس: واشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ عبّاداً حدّثني به.

قال أبو علي عمر: واشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ عليّ بن العباس حدّثني به. هذا لفظ الباب بتمامه.(1)

ثمّ قال ما هذا لفظه: الثامن والتسعون: فيما نذكره من كتاب «تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ » من المجلّد الأوّل منه، تأليف الشيخ العالم محمد بن العباس بن علي بن مروان، في تسمية النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ مولانا عليّاً ـ عليه السَّلام ـ «أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين»:

اعلم أنّ هذا محمد بن العباس قد تقدّم ممّا ذكرناه عن أبي العباس أحمد بن علي النجاشي أنّه ذكر عنه: «إنّه ثقة ثقة عين» وذكر أيضاً أنّ جماعة من أصحابه ذكروا: «إنّ هذا الكتاب الذي ننقل منه ونروي عنه لم يُصنَّف في معناه مثله». وقيل: «إنّه ألف ورقة». وقد روى أحاديثه عن رجال العامة ليكون أبلغ في الحجّة وأوضح في المحجّة، وهو عشرة أجزاء.

والنسخة التي عندنا الآن قالب ونصف الورقة مجلّدان ضخمان، قد نسخت

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- السيد علي بن طاووس الحلّي: اليقين: 275، الباب 96; الخصال: 457، ح2.


( 517 )
من أصل عليه خطّأحمد بن الحاجب الخراساني، في إجازة تاريخها، في صفر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وإجازة بخط الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي وتاريخها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

وهذا الكتاب أرويه بعدّة طرق، منها عن الشيخ الفاضل أسعد بن عبد القاهر المعروف جدّه بسفرويه الاصفهاني ، حدثني بذلك لمّا ورد إلى بغداد في صفر سنة خمس و ثلاثين وثلاثمائة بداري بالجانب الشرقي من بغداد التي أنعم بها علينا الخليفة المستنصر ـ جزاه اللّه خير الجزاء ـ عند المأمونية في الدرب المعروف بدرب الحوبة، عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن العبد أبي الحسين الراوندي، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي، عن السعيد أبي جعفر الطوسي رضي اللّه عنهم.

وأخبرني بذلك الشيخ الصالح حسين بن أحمد السوراوي إجازةً في جمادى الآخرة سنة سبع وستمائة، عن الشيخ السعيد محمد بن القاسم الطبري، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمد الطوسي، عن والده السعيد محمد بن الحسن الطوسيّ.

وأخبرني بذلك أيضاً الشيخ علي بن يحيى الحافظ إجازة، تاريخها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستمائة، عن الشيخ السعيد عربي بن مسافر العبادي، عن الشيخ محمد بن القاسم الطبري، عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمد الطوسي، وغير هؤلاء ـ يطول ذكرهم ـ عن السعيد الفاضل المطّلع على علوم كثيرة من علوم الإسلام والده أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال: «أخبرنا بكتب هذا الشيخ العالم أبي عبد اللّه محمد(1) بن العبّاس بن مروان، ورواياته جماعة من أصحابنا عن

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «بن محمد»: المصدر.


( 518 )
أبي محمد بن(1) هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي عبد اللّه محمد بن العباس بن مروان المذكور».

فقال في كتابه الذي قدّمنا ذكره في تفسير قوله جلّ جلاله:(يَومَ تَبْيَضّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)(2)ما هذا لفظه:

حدّثنا محمد بن القاسم المحاربي، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: أخبرنا أبوعبد الرحمن المسعودي عبد اللّه بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن مسعود، عن الحارث بن حصيرة عن ابن الحكم(3) الفزاري، عن حنان(4) بن الحارث الأزدي، عن الربيع بن جميل الضبّي، عن مالك بن ضمرة الرواسي(5)، عن أبي ذر الغفاري: إنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: ترد عليّ أُمّتي بخمس رايات. فذكر الحديث ـ إلى أن قال: ـ ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين، فأقوم ف آخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: بما خلّفتموني في الثقلين؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه.

فأقول: ردوا رواءً مرويّين(6)، فيشربون شربةً لا يَظمأون بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجههم كالقمر ليلة البدر، أو كأضوأ نجم في السماء.

قال أبو ذر لعليّوالمقداد وعمّار وحذيفة وابن مسعود ـ و كانوا شيّعوه لمّا سير ـ: ألستم تشهدون عليّ ذلك؟ قالوا: بلى، قال: وأنا على ذلك من الشاهدين.(7) انتهى هذا الباب بتمامه بألفاظه.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «بن» ليس في المصدر.
2- آل عمران:106.
3- «عن صخر ابن الحكم»: المصدر.
4- «حباب»: المصدر، وفي البحار: «حنان».
5- «الدوسي»: البحار.
6- «رواءً مرويّين»: من المصدر.
7- اليقين: 279 ـ 281 الباب 98. و روى مثله في البحار: 8/24، الباب 20، ح 19 عن كفاية الطالب.


( 519 )
ثمّ قال ما هذه عبارته: الباب الرابع والعشرون بعد المائة: فيما نذكره عن هذا أحمد بن محمد الطبري من كتابه برجالهم في حديث الخمس رايات، وذكر فيها تسمية مولانا علي ـ عليه السَّلام ـ أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين، فقال:

حدّثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي العدل، وعلي بن أحمد بن حاتم التميمي، وعلي بن العباس البجلي، وعلي بن الحسين العجلي،وجعفر بن محمد بن مالك الفزاري، والحسن بن السكن الأسدي الكوفيون، قالوا: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا علي بن هاشم بن زيد، عن أبي الجارود، زياد بن المنذر، عن عمران بن ميثم الكيّال، عن مالك بن ضمرة الرؤاسي، عن أبي ذرّ الغفاري، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ :(يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)(1) قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : ترد أُمّتي يوم القيامة على خمس رايات:

فأوّلها مع عجل هذه الأُمّة، ف آخذ بيده فترجف قدماه و يسودّ وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما فعلتم بالثقلين؟ فيقولون: أمّا الأكبر فخرقنا ومزّقنا، وأمّا الأصغر فعادينا وأبغضنا. فأقول: ردّوا ضماءً مظمئين مسودّة وجوهكم، فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- آل عمران: 106.


( 520 )
ثمّ ترد عليّ راية فرعون هذه الأُمّة، فأقوم ف آخذ بيده ثمّ ترجف قدماه ويسودّ وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما فعلتم بالثقلين؟ فيقولون: أمّا الأكبر فمرقنا منه، وأمّا الأصغر فبرئنا منه ولعنّاه.فأقول: ردّوا ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم، فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية ذي الثدية معها أوّل خارجة وآخرها، فأقوم ف آخذ بيده فترجف قدماه ويسودّ وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما فعلتم بالثقلين بعدي؟ فيقولون: أمّا الأكبر فمرقنا منه، وأمّا الأصغر فبرئنا منه ولعنّاه. فأقول: ردّوا ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم فيؤخذ بهم ذات الشمال لا يسقون قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين فأقوم، ف آخذ بيده فيبيضّوجهه ووجوه أصحابه فأقول: ما فعلتم بالثقلين بعدي؟ فيقولون: أمّا الأكبر فاتّبعناه وأطعناه، وأمّا الأصغر فقاتلنا معه حتى قُتلنا. فأقول: ردوا رواء مرويّين مبيضّة وجوهكم فيؤخذ بهم ذات اليمين وهو قول اللّه عزّوجلّ(يَومَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمّا الّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا العَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمّا الّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيها خالِدُون).(1) انتهى الباب بألفاظه على ما فيما عندنا من النسخ.

والظاهر أنّه سقط من أقلام الكُتّاب ذكر راية من الخمس.

وفي تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسير سورة آل عمران مثل هذا الخبر، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الجارود، عن عمران بن هيثم، عن مالك بن ضمرة، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، و زيادة راية أُخرى بها يكمل الخمس، فقال بعد راية فرعون الأمّة:

ثمّ ترد علي راية مع سامري هذه الأُمّة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون: أمّا الأكبر فعصيناه وتركناه، وأمّا الأصغر فضيّعناه و صنعنا به

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- اليقين: 329 الباب 124، والبحار:8/207. و الآية من سورة الأنعام: 106و107.


( 521 )
كلّ قبيح،(1) ، فأقول ردوا إلى النار(2) ظماءً مظمئين مسودّة وجوهكم(3). وباقي الخبر مطابق لما حكي عن «اليقين» إلاّفي قليل من الألفاظ.

ثمّ قال ابن طاووس رحمه اللّه في كتاب اليقين ما هذا لفظه: الباب التاسع والعشرون بعد المائة: فيما نذكره عن المظفر بن جعفر بن الحسين المذكور من كتابه الذي أشرنا إليه ـ يعني كتاب «الرسالة الموضّحة ـ بالخزانة العتيقة بالنظامية» ، من حديث الخمس رايات، وتسمية سيّدنا رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لمولانا علي ـ عليه السَّلام ـ بأمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجّلين، فقال ما هذا لفظه:

وعنه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن نوح بن درّاج من أصل كتابه قال: حدثني أبي قال: حدّثني محمد بن أيّوب بن درّاج، عن نوح بن أبي النعمان الأزدي، عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حنان بن الحارث(4)الأزدي، عن ربيع ابن جميل الضبي، عن مالك بن ضمرة الرواسي، عن أبي ذر الغفاري قال:

لمّا سير أبو ذر اجتمع هو و عليّ بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ ، و سلمان الفارسي، وعبد اللّه بن مسعود، و المقداد بن الأسود، وحذيفة بن اليمان، وعمّار بن ياسر، فقالأبو ذر : حدّثوا بحديث نذكر فيه رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فنشهد له وندعوا له ونصدّقه.

قالوا: حدّثنا يا علي ، قال: لقد علمتم ما هذا زمان حديثي، قالوا:

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «وأمّا الأصغر فخذلناه وضيعناه»: المصدر.
2- «ردوا النار»: المصدر.
3- تفسير علي بن إبراهيم القمي: 1/109 باب ورود الرايات.
4- الحرب: المصدر.


( 522 )
صدقت، حدّثنا أبي حذيفة، قال: لقد علمتم أنّي سئلت عن المعضلات فحدّثتهنّ، قالوا: حدثنا يا ابن مسعود، قال: لقد علمتم أنّي قرأت القرآن لم أسأل عن غيره، قالوا: حدِّثنا يا عمّار، قال: لقد علمتم أنّي نسي، إلاّ أن أُذكَّر.

قال: فقال أبو ذر: أنا أُحدِّثكم بحديث سمعتموه، أو من سمعه منكم تشهدون أنّه حقّ; ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمداً عبده و رسوله،وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، وأنّ البعث حقّ،وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ؟

قالوا: نشهد على ذلك قال: وأنا معكم من الشاهدين.

قال: ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ حدّثنا أنّ شرار الأوّلين والآخرين اثنا عشر: ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين؟

ثمّ سمّى الأوّلين: ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون، وهامان، وقارون، والسامريّ، والدجّال ـ اسمه في الأوّلين ويخرج في الآخرين ـ و سمّى الآخرين ستّة: العجل،وفرعون، وهامان، وقارون، والسامريّ، والأبتر.

قالوا: نشهد على ذلك. قال: وأنا على ذلك من الشاهدين.

قال: ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: إنّ أُمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات، وهي : راية العجل فأقوم إليه ف آخذ بيده، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورَجَفَتْ قدماه وخفقت أحشاؤه وفُعل ذلك بمن تبعه. فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر ومزّقناه واضطهدنا الأصغر وابتززناه . فأقول: اسلكوا ذات الشمال فينصرفون ظماءً مظمئين مسودّة وجوههم،لا يطعمون منه قطرة.


( 523 )
ثمّ ترد علي راية فرعون أُمّتي وهم أكثر الناس و منهم البهارجيّون.(1)

قال أبو ذر: قلت: يا رسول اللّه وما البهارجيون أبهرجوا الطريق؟ قال: لا ولكن بهرجوا دينهم وهم الذين يصنعون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون . فأقوم ف آخذ بيد صاحبكم; وذكر مثل الأوّل فيقولون: كذّبنا الأكبر ومزقناه، وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم فينصرفون ظماءً مظمئين مسودّة وجوهُهم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية فلان ـ و سمّاه ـ وهو إمام خمسين ألفاً من أُمّتي ف آخذ بيده وذكر مثل الأوّل، فيقولون: كذّبنا الأكبر وخذلنا الأصغر وعدلنا عنه، فيكون سبيلهم سبيل من تقدّمهم .

ثمّ ترد عليّ راية فلان ـ و سمّاه ـ و هو إمام سبعين ألفاً من أُمّتي فأقوم ف آخذ بيده وذكر مثل ذلك، فيقولون: كذّبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه فيكون سبيلهم سبيل من تقدّمهم.

ثمّ ترد عليّ راية أمير المؤمنين و إمام الغرّ المحجّلين ، فأقوم ف آخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه، فأقول: ردوا فيشربون شربة لا يظمأُون بعدها أبداً ولا ينصبون ولا يفزعون، وجه إمامهم كالشمس الطالعة و وجوهم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء. فقال أبو ذر: وهو أنت يا عليّ . قال أبو النعمان: قال لي صخر إشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدَّثتك به عن حنان. وقال حنان لصخر: اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدّثتك به عن ربيع بن جميل.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- المبهرجون: الخصال.


( 524 )
قال: وقال ربيع لحنان: اشهد بهذا علي عند اللّه أنّي حدّثتك بهذا عن مالك بن ضمرة. وقال مالك بن ضمرة لربيع: اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدّثتك به عن أبي ذر عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ . وقال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لأبي ذر: اشهد بهذا عليّ عند اللّه أنّي حدثتك بهذا ليس بيني وبين أبي ذر وبين اللّه أحد.(1) انتهى الباب بتمام ألفاظه.

ثمّ قال: الباب التاسع والستّون بعد المائة: فيما نذكره من جزء عتيق عليه مكتوب: «في هذا الجزء: حديث الرايات وخطبة أُبي بن كعب» و عليه سماع تاريخه: في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعمائة في تسمية رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ مولانا عليّاً ـ عليه السَّلام ـ أمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجّلين، فقد تقدّم هذا الحديث بغير هذا الاسناد فقال ما هذا لفظه:

حدّثنا القاضي أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن الحسين الجعفي قراءة عليه فأقرّ به، قال: أخبرنا أبو عبد اللّه الحسين بن محمد بن الفرزدق القطعي الفزاري، قال: حدّثنا الحسين بن علي بن بزيع، قال: حدّثنا يحيى بن الحسن بن الفرات الفزاري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن(2)عبد اللّه بن عبد الملك، عن الحارث بن حصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري،عن حيان بن الحارث الأزدي يكنّى أبا عقيل، عن الربيع بن جميل الضبّي، عن مالك بن ضمرة الرواسي، عن أبي ذر الغفاري، أنّه اجتمع هو و علي بن أبي طالب وعبد اللّه بن مسعود والمقداد بن الأسود، و عمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان.

قال: فقال أبو ذر: حدّثونا حديثاً نذكر به رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فنشهد له وندعو له

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- اليقين: 363 ـ 366، الباب 129.
2- «عن»: المصدر.


( 525 )
ونصدّقه، فقالوا: حدِّثنا يا عليّ،قال: فقال عليّ ـ عليه السَّلام ـ : لقد علمتم ما هذا زمان حديثي، قالوا: صدقت.

قال: فقالوا: حدّثنا يا حذيفة، قال: لقد علمتم أنّي سئلت عن المعضلات فحذرتهنّ قالوا: صدقت.

قال: فقالوا: حدّثنا يا ابن مسعود، قال: لقد علمتم أنّي قرأت القرآن لم أسأل عن غيره قالوا: صدقت.

قال: فقالوا: حدّثنا يا مقداد، قال: لقد علمتم إنّما كنت فارساً بين يدي رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ أُقاتل ولكن أنتم أصحاب الحديث، فقالوا: صدقت.

قال: فقالوا: حدِّثنا يا عمّار، قال: لقد علمتم أنّي إنسان نسّاء إلاّ أن أُذكَّر فأذكر، قالوا: صدقت.

قال: فقال أبو ذر رحمة اللّه عليه: أنا أُحدّثكم بحديث سمعتموه أومن سمعه منكم بلغ: ألستم تشهدون أن لاإله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ اللّه يبعث من في القبور، وأنّ البعث حقّ، وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النّار حقّ؟ قالوا: نشهد، قال: وأنا من الشاهدين.

قال: ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ حدّثنا أنّ شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر: ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين.

ثمّ سمّى من الأوّلين: ابن آدم النبيّ; الذي قتل أخاه، وفرعون، وهامان، وقارون، والسامري، والدجّال اسمه في الأوّلين ويخرج في الآخرين.

وسمّى من الآخرين ستّة: العجل وهو عثمان، وفرعون وهو معاوية، وهامان وهو زياد بن أبي سفيان ، وقارون وهو سعد بن أبي وقّاص، و السامري وهو


( 526 )
عبداللّه بن قيس أبو موسى. قيل: وما السامريّ؟ قال: لا مساس. قال: يقولون: لاقتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص، أفتشهدون على ذلك(1) .

فقالوا: نشهد على ذلك، قال: وأنا على ذلك من الشاهدين.

ثمّ قال: ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: إنّ أُمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات. أُولاهنّ راية العجل فأقوم ف آخذ بيده فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك بمن(2) تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر ومزّقناه واضطهدناه، والأصغر فابتززناه حقّه. فأقول: اسلكوا ذات الشمال، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية فرعون أُمتي وهم أكثر الناس البهرجيون، فقلت: يا رسول اللّه وما البهرجيون أبهرجوا الطريق؟ قال: لا ولكن بهرجوا دينهم و هم الذين يغضبون للدنيا، ولها يرضون، ولها يسخطون، و لها ينصبون فأقوم ف آخذ بيد صاحبهم فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك بمن تبعه، فأقول: ماخلّفتموني في الثقلين؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر ومزّقناه، وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية عبد اللّه بن قيس و هو إمام خمسين ألفاً من أُمّتي ، فأقوم ف آخذ بيده فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه و رجفت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك بمن تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- منالخصال، وفي الأصل: قالوا: أبترها؟ قال بعينها، لا دين و لا نسب.
2- «بمن» من المصدر.


( 527 )
وعصيناه، وخذلنا الأصغر وخذلنا عنه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية المخدج وهو إمام سبعين ألفاًمن أُمّتي فأقوم ف آخذ بيده فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه و فعل ذلك بمن تبعه فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر وعصيناه، وقاتلنا الأصغر وقتلناه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.

ثمّ ترد عليّ راية عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام الغرّ المحجّلين فأقوم ف آخذ بيده فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدّقناه، ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه، فأقول: ردوا رواءً مرويّين،فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبداً، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم(1) في السماء.

ثمّ قال: ألستم تشهدون على ذلك قالوا: بلى، قال: وأنا على ذلك من الشاهدين.

قال لنا القاضي محمد بن عبد اللّه: اشهدوا عليّ عند اللّه أنّ الحسين بن محمد بن الفرزدق حدّثني بهذا. وقال الحسين بن محمد: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ الحسين بن علي بن بزيع حدّثني به.

وقال الحسين بن علي بن بزيع: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ يحيى بن حسن حدّثني بهذا.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- نجُم و أنجُم: جمع نجم.


( 528 )
وقال يحيى بن حسن: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا عبد الرحمن حدّثني بهذا عن الحارث بن حصيرة.

وقال أبو عبد الرحمن(1): اشهدوا بهذا عند اللّه أنّ الحارث بن حصيرة حدّثني بهذا عن صخر بن الحكم.

وقال الحارث بن حصيرة: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ صخر بن الحكم حدّثني بهذا عن حنان(2)بن الحارث.

وقال صخر بن الحكم: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ حنان بن الحارث حدّثني بهذا عن الربيع بن جميل الضبّي.

وقال الربيع بن جميل الضبّي: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ مالك بن حمزة حدّثني بهذا عن أبي ذرّ الغفاري.

وقال مالك بن ضمرة: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ أبا ذرّالغفاري حدّثني بهذا عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ .

وقال أبو ذر: اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ حدّثني بهذا عن جبرئيل.

وقال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : اشهدوا عليّ بهذا عند اللّه أنّ جبرئيل حدّثني بهذا عناللّه جلّوجهه وتقدّست أسماؤه.

وقال يوسف بن كليب ومحمد بن حنبل: إنّ أبا عبد الرحمن حدّثه بهذا الحديث وبهذا الاسناد، و بهذا الكلام.

قال الحسن بن عليّ بن بزيع: وزعم إسماعيل بن أبان أنّه سمع هذا

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «عبد اللّه بن عبد الملك»: المصدر وكلا الاسمين لرجل واحد.
2- «حيان»: المصدر.


( 529 )
الحديث، حديث الرايات، من أبي عبد الرحمن المسعودي(1). انتهى الباب بألفاظه.

وهذه الأبواب هي جميع ما تضمّن حديث الرايات من هذا الكتاب إلاّ باباً واحداً هو الباب الخمسون بعد المائة تركته لكونه عين بعض ما ذكرناه معنى، ولما اختلفت الألفاظ وكانت النسخ التي عندنا سقيمة متروكاً فيها ذكر بعض الرايات.

وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر ابن بابويه رحمه اللّه في باب الاثني عشر من كتاب «الخصال»، عن الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي(2)، عن فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، عن عبيد بن كثير، عن يحيى بن الحسن; وعباد بن يعقوب; و محمد بن الجنيد، عن أبي عبد الرّحمن المسعودي، عن أبي ذرّ الغفاري بالاسناد المحكي عن كتاب «اليقين» هذا الخبر الذي حكيناه أخيراً بعينه، إلاّ أنّ في بعض الألفاظ مفاوتة لا يضرّ بالمعنى، وفيه زيادة راية أُخرى في تفصيل الرايات مع الاتفاق في الإجمال على الخمس، فقال بعد راية فرعون الأُمّة: ثمّ ترد عليّ راية هامان أُمّتي فأقوم ف آخذ بيده، فإذا أخذت بيده اسودّوجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه و من فعل فعله تبعه، فأقول : بما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: كذّبنا الأكبر ومزّقناه، وخذلنا الأصغر وعصيناه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة.(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- اليقين: 443 ـ 447، الباب 169; الخصال:457 ح2; والبحار:37/344ذ ح1 ب 55.
2- «محمد بن الحسن بن سعيد الهاشمي الكوفي»: المصدر.
3- الصدوق: الخصال: 457 ح2، باب «شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر».


( 530 )
وروى علي بن إبراهيم بن هاشم رحمه اللّه في تفسير سورة المائدة من تفسيره، عن أبيه، عن مسلم بن خالد، عن محمد بن جابر، عن ابن مسعود قال: قال لي رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لمّا رجع من حجّة الوداع: يا ابن مسعود قد قرب الأجل ونعيت إليّ نفسي فمن لذلك بعدي؟ فأقبلتُ أعد عليه رجلاً رجلاً، فبكى ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ثمّ قال: ثكلتك الثواكل فأين أنت عن علي بن أبي طالب لم لا تقدّمه على الخلق أجمعين؟ يا ابن مسعود إنّه إذا كان يوم القيامة رفعت لهذه الأُمّة أعلام فأوّل الأعلام لوائي الأعظم مع علي بن أبي طالب، والنّاس جميعاً تحت لوائه ينادي مناد: هذا الفضل يا ابن أبي طالب.(1)

هذه هي التي حضرتني من روايات الخمس رايات على التفصيل.

وأمّا المجملة منها، فهي أيضاً كثيرة لا نطوّل الكتاب بذكرها ففيما نقلناه كفاية.

وفي كتاب «مقتل الحسين» صلوات اللّه عليه للشيخ موفق بن أحمد المكي أخطب خطباء خوارزم في خبر طويل عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : ألا و أنّه سترد عليّ في القيامة ثلاث رايات من هذه الأُمّة: راية سوداء مظلمة فتقف عليّ فأقول: من أنتم؟ فينسون ذكري و يقولون: نحن أهل التوحيد من العرب.

فأقول: أنا أحمد نبيّ العرب والعجم. فيقولون: نحن من أُمّتك يا أحمد.

فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربّي؟

فيقولون: أمّا الكتاب فضيّعنا ومزّقنا، وأمّا عترتك فحرصنا على أن نبيدهم

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسير القمي: 1/175.


( 531 )
عن جديد الأرض فأولّي وجهي عنهم فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.

ثمّ ترد عليّ راية أُخرى أشدّ سواداً من الأُولى فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني وقالوا: نحن أُمّتك.

فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟

فيقولون: أمّاالأكبر فخالفنا، وأمّا الأصغر فخذلنا ومزقناهم كلّ ممزّق.

فأقول لهم: إليكم عنّي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودّة وجوههم.

ثمّ ترد عليّ راية أُخرى تلمع نوراً فأقول لهم:من أنتم؟

فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى، نحن أُمّة محمّد و نحن بقيّة أهل الحقّ الذين حملنا كتاب ربّنا فأحللنا حلاله وحرّمنا حرامه و أحببنا ذرّيته فنصرناهم من كلّ ما نصرنا منه أنفسنا، و قاتلنا معهم وقتلنا من ناوأهم.

فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيّكم محمّد ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم; ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون رواء (1).

المعاني:

فيه مسائل:

الأُولى: عدل عن أن يجعل المحكوم عليه ابتداء هو الرايات، لأنّ مقصوده بالذات بيان حال الناس والحكم عليهم بالافتراق خمس فرق، ولأنّ المقام مقام إطناب و مقام إبهام ثمّ تفسير، ولا شكّ أنّ في ذكر الناس أوّلاً ثمّ ذكر الرايات،

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- و رواه ابن نماالحلي في مثيرالأحزان:9.


( 532 )
إبهاماً بعده تفسير.

الثانية: تذكير هالك و إفراده، للإبهام.

الثالثة: في تعريف كلّ من العجل وأخويه دلالة على كونهم معروفين معهودين بهذه الألقاب.

الرابعة: قطع المشنع عن موصوفه للمبالغة في الذم والتوجيه والقافية.

الخامسة: تقديم المفعول في «للزور والبهتان قد أبدعوا»(1) للوزن والقافية والحصر والاهتمام والإيضاح بعد الإبهام.

السادسة: العدول عن مضجعه إلى له مضجعاً إن كان له حالاً عن «مضجعاً» للإبهام ثمّ الإيضاح والوزن والتقفية، وتعميم المضجع لتعميم الدعاء والتوجيه. وإن كان التنوين في «مضجعاً» عوضاً عن المضاف إليه فالعدول عن الإضافة إلى التنوين في مضجعاً للاختصار والوزن والقافية والاستغناء عن المضاف إليه بما تقدّم من قوله «له»و التوجيه والتصوير بصورة النكرة المفيدة للعموم.

السابعة: حذف ما أُضيف إليه أربعة، إن كان تنوينه عوضاً عن الإضافة، للوزن والاختصار والاستغناءعنها بالقرينة والتوجيه من وجوه.

الثامنة: تقديم الظرف أعني «في سقر» على «و أودعوا» إن كان متعلّقاً به للتوجيه والوزن والتقفية والحصر و الاهتمام.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- في المخطوطة: «أبدعا» وما في المتن من نصّ القصيدة.


( 533 )

البيان:

إطلاق الراية على ذي الراية مجاز مرسل من باب إطلاق اسم أحد المتجاورين على الآخر.

إسناد «الهلاك» إلى «الراية» إن لم يرد بها ذو الراية ولم يرد بالهالك المصاحب للهلاك مجازي.

كلّ من العجل والفرعون والسامري والحبتر والنعثل إن لم تكن ألقاباً، استعارة مصرّحة، إلاّ السامري إن كان منسوباً إلى السامري، فإنّ النسبة فيه بمعنى المشابهة ففيه حينئذ تشبيه .