12- قمر الرحمة والود
قَمَــرٌ يَتَبَسَّـمُ في المهْدِ رَيْحَانَةُ أَحْمَدَ مَوْلِدُها |
|
بِرِيَــاضِ الرَّحـمَةِ والوِدِّ بِدِمَشْقَ تَفَتَّحَ كَالوَرْدِ |
الهوامش:
(1) إن من يقرأ سيرة السيدة زينب(ع) لا بد أن ينتبه إلى علمها الوفير؛ فكبار رواة
الأحاديث مثل ابن عباس يروي خطبة الزهراء(ع) عن السيدة زينب(ع) التي حفظتها وهي ابنة
ست سنين، ورغم كونها ابنة بيت الرسول مجمع العلوم كافّة ومن يكون في هذا الموقع
لا بدَّ أن يرث علماً كبيراً، إلاّ أنّ الإمام علي بن الحسين زين العابدين(ع) قد
أكّد على خصوصية علم السيدة زينب بقوله لها:
(أنت بحمد الله عالمة غير مُعلـَّمة، فهمة غير مُفهَّمة). (الاحتجاج ص305)
وهذا يدل على إنّ علم السيدة زينب(ع) ذو طبيعة تختلف عن طبيعة العلم الاكتسابي لذا
يجب النظر إلى كل ما صدر عنها من تعاليم بطريقة خاصّة نظراً لخصوصية مصدر علمها،
وهذا يفسِّر المكانة الخاصة التي تبوّأتها أيام حكم أبيها في الكوفة إذ قامت بتكميل
مسيرة أبيها التنويرية والتبليغية على صعيد المرأة وتخرَّجت على يديها نساء
مجاهدات تشهد لهنَّ كتب التاريخ والأدب بالشجاعة أمام الجائرين والظلمة أمثال:
ـ آمنة بنت الشريد ( زوجة الصحابي عمرو بن الحمق الخزاعي ).
ـ أم الخير بنت حريش بن سراقة. وغيرهنّ كثير…
ومَن يقارن بين ما قالته هؤلاء النسوة وخطب السيدة زينب يجدهن قد استقين أساليبهن
منها وبذا تكون السيدة زينب قد أسَّست أول مدرسة فكرية نسائية في الإسلام.
(2) من أحداث كربلاء التي تناقلها التاريخ تأدية السيدة زينب لصلاة الليل عقب
المعركة غير آبهة بالمصائب التي حلـَّت بها ، ولا عجب فهي من بيت عُرف بالشجاعة والإباء، إضافة إلى دورها التبليغي التكويني الذي يجعلها رسالية التصرفات؛ فمن
كلماتها الخالدة أمام جسد أخيها: (اللهم تقبَّل منَّا هذا القربان… اللهم إن كان
هذا يرضيك فخذ حتَّى ترضى)،
إلى صـلاتـها هذه التي أوصـاها الإمام الحسين(ع) بالدعاء
له فيها حيث قال لها:
(يا أختاه لا تنسيني في صلاة الليل). (زينب الكبرى للنقدي ص62)
وعن الإمام زين العابدين(ع) أنه قال:
(إنّ عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من
الكوفة إلى الشام وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس فسألتها عن سبب ذلك فقالت
أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال لأنها كانت تقسم ما يصيبها من
الطعام على الأطفال، لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفاً واحداً من الخبز
في اليوم والليلة).
(المصدر السابق ص 62-63)
و انطلاقاً من حرص السيدة زينب(ع) على إقامة هذه الصلاة التي جاءت بها توصية خاصة في
سورة المزمل، نتوجّه إلى موالي أهل البيت(ع) بأن يواسوا سيدتهم ويؤدوا نافلة الليل
ليلةَ الحادي عشر من المحرم ويعتبروها واحدة من الشعائر الحسينية الفضيلة التي
يقيمونها كل عام.