مكتبة الإمام العسكري (ع)

فهرس الكتاب

 

 

عبادات

الزيارة عبادة(1):

حدّثنا أبوالقاسم بن أبي حليس، قال: كنت أزور العسكر في شعبان في أوّله ثمّ أزور الحسين (عليه السلام) في النصف، فلمّا كان في سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان وظننت أنّي لا أزوره في شعبان. فلما دخل شعبان قلت: لا أدع زيارة كنت أزورها، وخرجت إلى العسكر وكنت إذا وافيت العسكر أعلمتم برقعة أو برسالة، فلمّا كان في هذه المرّة قلت: أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها، وقلت لصاحب المنزل: أحب أن لا تعلمهم بقدومي. فلمّا أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين وهو يبتسم متعجباً ويقول: بعث اليّ بهذين الدينارين وقيل لي: ادفعهما إلى الحليسي وقل له:

من كان في حاجة الله كان الله في حاجته.

المؤمن في الصلاة(2):

إذا توجه [المؤمن] الى مصلاه ليصلّى قال الله عزّوجلّ لملائكته: يا ملائكتي أما ترون هذا عبدي كيف قد انقطع عن جميع الخلائق اليّ وأمّل رحمتي وجودي ورأفتي؟ اشهدكم إني اختصه برحمتي وكراماتي. فإذا رفع يديه وقال: (الله اكبر) واثنى على الله تعالى بعده قال الله لملائكته: أما ترون عبدي هذا كيف كبّرني وعظّمني ونزّهني عن أن يكون لي شريك أوشبيه أو نظير، ورفع يديه وتبرّء عما يقوله اعدائي من الاشراك بي؟ اشهدكم يا ملائكتي إني سأكبّره واعظّمه في دار جلالي وانزّهه في متنزهات دار كرامتي، وابرءه من آثامه وذنوبه و من عذاب جهنم ونيرانها.

فإذا قال: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين) فقرأ فاتحة الكتاب وسورة، قال الله تعالى لملائكته: أما ترون عبدي هذا كيف تلذّذ بقراءة كلامي؟ اشهدكم يا ملائكتي لأقولنّ له يوم القيامة: اقرأ في جناني وارق درجاتها فلا يزال يقرأ ويرقى درجة بعدد كل حرف درجة من ذهب، ودرجة من فضة، ودرجة من لؤلؤ، ودرجة من جوهر، ودرجة من زبرجد أخضر، ودرجة من زمرّد أخضر، ودرجة من نور رب العالمين.

فإذا ركع قال الله لملائكته: يا ملائكتي اما ترونه كيف تواضع لجلال عظمتي؟ اشهدكم لا عظّمنه في دار كبريائي وجلالي، فإذا رفع رأسه من الركوع قال الله تعالى: اما ترونه يا ملائكتي كيف يقول: اترفع على اعدائك كما اتواضع لأوليائك، وانتصب لخدمتك؟ اشهدكم يا ملائكتي لا جعلنّ جميل العاقبة، له، ولا صيّرنّه الى جناني.

فإذا سجد قال الله تعالى لملائكته: يا ملائكتي أما ترونه كيف تواضع بعد ارتفاعه؟ وقال إني وان كنت جليلاً مكيناً في دنياك، فأنا ذليل عند الحق إذا ظهر لي؟ سوف ارفعه بالحق وادفع به الباطل فإذا رفع رأسه من السجدة الاولى قال الله تعالى: يا ملائكتي أما ترونه كيف قال: وإني وان تواضعت لك فسوف اخلط الانتصاب في طاعتك بالذل بين يديك، فإذا سجد ثانية، قال الله عزّوجلّ: يا ملائكتي أما ترون عبدي هذا كيف عاد الى التواضع لي؟ لاعيدن اليه رحمتي، فإذا رفع رأسه قائماً قال الله: يا ملائكتي لأرفعنّه بتواضعه، كما ارتفع الى صلاته.

ثم لا يزال يقول الله لملائكته هكذا في كل ركعة، حتى إذا قعد للتشهد الأول والتشهد الثاني، قال الله تعالى: يا ملائكتي قد قضى خدمتي وعبادتي، وقعد يثني عليّ ويصلّي على محمد نبيّي، لاثنينّ عليه في ملكوت السماوات والأرض، ولاصلينّ على روحه في الأرواح، فإذا صلّى على أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاته: قال الله له: لاصلينّ عليك كما صليت عليه، ولا جعلنه شفيعك كما استشفعت به، فإذا سلّم من صلاته سلّم الله عليه وسلّم عليه ملائكته.

متى تصلّى النوافل؟(3):

ان للقلوب اقبالاً وإدباراً، فإذا اقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا ادبرت فاقصروها على الفرائض.

الصلاة أيام الأسبوع(4):

- صلاة يوم السبت

قرأت من كتب آبائي (عليهم السلام): من صلّى يوم السبت اربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله احد وآية الكرسي كتبه الله عزّوجلّ في درجة النبيّين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.

- صلاة يوم الأحد

من صلّى يوم الأحد أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة الملك بوّأه الله في الجنة حيث يشاء.

- صلاة يوم الاثنين

من صلّى يوم الاثنين عشر ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشراً جعل الله له يوم القيامة نوراً يضىء منه الموقف حتى يغبطه به جميع من خلق الله في ذلك اليوم.

- صلاة يوم الثلاثاء

من صلّى يوم الثلاثاء ست ركعات يقرء في كل ركعة (فاتحة الكتاب) و (آمن الرسول)(5) الى آخرها، و(اذا زلزلت) مرة واحدة غفر الله له ذنوبه حتى يخرج منها كيوم ولدته امّه.

- صلاة يوم الأربعاء

من صلّى يوم الأربعاء اربع ركعات يقرء في كل ركعة الحمد والاخلاص وسورة القدر مرّة واحدة، تاب الله عليه من كلّ ذنب وزوّجة بزوجة من الحور العين.

- صلاة يوم الخميس

من صلّى يوم الخميس عشر ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشراً، قالت له الملائكة: سل تعط.

- صلاة يوم الجمعة

من صلّى يوم الجمعة اربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وتبارك الذي بيده الملك وحم السجدة ادخله الله تعالى جنّته وشفّعه في أهل بيته ووقاه ضغطة القبر وأهوال يوم القيامة.

قال: فقلت للحسن بن علي (عليه السلام): في أي وقت أصلي هذه الصلاة؟

فقال: ما بين طلوع الشمس الى زوالها.

القنوت والدعاء فيه(6):

كان مولانا الوفي الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) يقنت بهذا الدعاء:

يا من غشي نوره الظلمات، يا من اضاءت بقدسه الفجاج المتوعرات، يا من خشع له أهل الأرض والسماوات، يا من بخع له بالطاعة كل متجبّرعات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شيء رحمة وعلماً، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، وعاجلهم بنصرك الذي وعدتهم انك لا تخلف الميعاد، وعجّل اللّهم اجتياح اهل الكيد، وآوهم الى شرّ دار في أعظم نكال، واقبح مثاب.

اللّهم إنّك حاضر اسرار خلقك، وعالم بضمائرهم، ومستغن لولا الندب باللجأ إلى تنجز ما وعدته اللاجي عن كشف مكامنهم، وقد تعلم يا رب ما اسرّه وابديه وانشره واطويه واظهره واخفيه على متصرفات أوقاتي واصناف حركاتي من جميع حاجاتي وقد ترى يا رب ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، واستمر عليهم من اعدائك، غير ظنين في كرم، ولا ضنين بنعم، ولكن الجهد يبعث على الاستزادة، وما أمرت به من الدعاء إذا أخلص لك اللجا يقتضي احسانك شرط الزيادة، وهذه النواصي والاعناق خاضعة لك بذلّ العبودية، والاعتراف بملكة الربوبية، داعية بقلوبها ومشخصات اليك في تعجيل الانالة، وما شئت كان، وما تشاء كائن أنت المدعوّ المرجو المأمول المسئول لا ينقصك نائل وان اتسع، ولا يلحفك سائل وان الحّ وضرع، ملكك لا يلحقه التنفيد، وعزّك الباقي على التأييد ومافي الاعصار من مشيّتك بمقدار، وأنت الله لا إله إلاّ أنت الرؤوف الجبّار.

اللّهم ايّدنا بعونك، واكنفنا بصونك، وانلنا منال المعتصمين بحبلك المستظلّين بظلّك.

الشكوى في القنوت(7):

ودعا (عليه السلام) في قنوته وأمر أهل قم بذلك لما شكوا من موسى بن بغا:

الحمد لله شكراً لنعمائه، واستدعاءاً لمزيده واستخلاصاً به دون غيره، وعياذاً به من كفرانه، والالحاد في عظمته وكبريائه، حمد من يعلم ان ما به من نعماء فمن عند ربّه، وما مسّه من عقوبة فبسوء جناية يده، وصلّى الله على محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وذريعة المؤمنين الى رحمته، وآله الطاهرين ولاة أمره.

اللّهم انك ندبت الي فضلك، وأمرت بدعائك، وضمنت الاجابة لعبادك، ولم تخيّب من فزع اليك برغبة، وقصد اليك بحاجة، ولم ترجع يد طالبة صفراً من عطائك، ولا خائبة من نحل هباتك، واي راحل رحل اليك فلم يجدك قريباً، أو أيّ وافد وفد عليك فاقتطعة عوائق الرد دونك بل أي محتفر من فضلك لم يمهه فيض جودك وأي مستنبط لمزيدك أكدى دون استماحة سجال عطيّتك.

اللّهم وقد قصدت اليك برغبتي، وقرعت باب فضلك يد مسألتي وناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، ووجدتك خير شفيعٍ لي اليك، وقد علمت ما يحدث من طلبتي قبل ان يخطر بفكري، أو يقع في خلدي فصل اللّهم دعائي اياك باجابتي، واشفع مسألتي نجح طلبتي، اللّهم وقد شملنا زيغ الفتن، واستولت علينا غشوة، الحيرة، وقارعنا الذل والصغار، وحكم علينا غير المأمونين في دينك، وابتزّ امورنا معادن الابن ممن عطّل حكمك وسعى في اتلاف عبادك، وافساد بلادك.

اللّهم وقد عاد فينا دولة بعد القسمة، وامارتنا غلبة بعد المشورة وعدنا ميراثاً بعد الاختيار للامّة، فاشتريت الملاهي والمعازف بسهم اليتيم والأرملة، وحكم في ابشار المؤمنين أهل الذمة، وولىالقيام بامورهم فاسق كل قبيلة، فلا ذائدٌ يذودهم عن هلكة، ولا راع ينظر اليهم بعين الرحمة، ولا ذو شفقة يشبع الكبد الحرى من مسغبة، فهم اولوا ضرع بدار مضيعة، واسراء مسكنة وحلفاء كآبة وذلة.

اللّهم وقد استحصد زرع الباطل، وبلغ نهايته، واستحكم عموده واستجمع طريده، وخذرف وليده، وبسق فرعه، وضرب بجرانه، اللّهم فأتح له من الحق يداً حاصدة تصرع قائمه، وتهشم سوقه وتجب سنامه وتجدع مراغمه، ليستخفي الباطل بقبح صورته، ويظهر الحق بحسن حليته.

اللّهم ولا تدع للجور دعامة إلاّ قصمتها، ولا جنّة إلاّ هتكتها ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرقتها، ولا سريّة ثقل إلاّ خففتها، ولا قائمة علو إلاّ حططتها، ولا رافعة علم إلاّ نكستها، ولا خضراء إلاّ ابرتها.

اللّهم فكوّر شمسه، وحط نوره، واطمس ذكره، وارم بالحق رأسه، وفضّ جيوشه، وارعب قلوب أهله، اللّهم ولا تدع منه بقيّة إلاّ أفنيت، ولا بنية إلاّ سويّت ولا حلقه إلاّ فصمت، ولا سلاحاً إلاّ أكللت ولا حدّاً إلا أفللت ولا كراعاً إلاّ اجتحت، ولا حاملة علم إلاّ نكست.

اللّهم وارنا انصاره بعاد بعد الالفة، وشتى بعد اجتماع الكلمة ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الامة، واسفرلنا عن نهار العدل وارناه سرمداً لا ظلمة فيه، ونوراً لا شوب معه، واهطل علينا ناشئته وانزل علينا بركته، وادل له ممن ناواه، وانصره على من عاداه.

اللّهم واظهر به الحق واصبح به في غسق الظلم وبهم الحيرة اللّهم وأحي به القلوب الميتة، واجمع به الأهواء المتفرقة، والآراء المختلفة، واقم به الحدود المعطلة، والاحكام المهملة واشبع به الخماص الساغبة، وارح به الابدان المتعبة، كما الهجتنا بذكره واخطرت ببالنا دعاءك له، ووفقتنا للدعاء اليه وحياشة أهل الغفلة عنه، واسكنت في قلوبنا محبّته، والطمع فيه، وحسن الظن بك، لاقامة مراسمه، اللّهم فآت لنا منه على أحسن يقين يا محقق الظنون الحسنة ويا مصدق الآمال المبطنة.

اللّهم واكذب به المتألين عليك فيه، واخلف به ظنون القانطين من رحمتك والآيسين منه، اللّهم اجعلنا سبباً من اسبابه، وعلماً من أعلامه ومعقلاً من معاقله، ونضّر وجوهنا بتحليته، واكرمنا بنصرته، واجعل فينا خيراً تظهرنا له وبه، ولا تشمت بنا حاسدي النعم، والمتربصين بنا حلول الندم، ونزول المثل، فقد ترى يارب براءة ساحتنا، وخلوّ ذرعنا من الاضمار لهم على احنة، والتمنّي لهم وقوع جائحة، وما تنازل من تحصينهم بالعافية، وما اضبّوا لنا من انتهاز الفرصة، وطلب الوثوب بنا عند الغفلة، اللّهم وقد عرفتنا من أنفسنا، وبصرتنا من عيوبنا خلالاً نخشى ان تقعد بنا عن استيهال اجابتك، وأنت المتفضل على غير المستحقين، والمبتدىء بالاحسان غير السائلين فآت لنا من امرنا على حسب كرمك وجودك وفضلك وامتنانك، انّك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، إنّا اليك راغبون، ومن جميع ذنوبنا تائبون.

اللّهم والداعي اليك، والقائم بالقسط من عبادك، الفقير الى رحمتك، المحتاج الى معونتك على طاعتك إذا ابتدأته بنعمتك، والبسته اثواب كرامتك، والقيت عليه محبة طاعتك، وثبّتّ وطأته في القلوب من محبتك، ووفقته للقيام بما اغمض فيه أهل زمانه من امرك، وجعلته مفزعاً لمظلوم عبادك، وناصراً لمن لا يجد له ناصراً غيرك، ومجدّداً لما عطل من أحكام كتابك، ومشيداً لما ردّ من اعلام سنن نبيّك عليه وآله سلامك وصلواتك ورحمتك وبركاتك، فاجعله اللّهم في حصانة من بأس المعتدين واشرق به القلوب المختلفة من بغاة الدين، وبلغ به أفضل ما بلغت به القائمين بقسطك من أتباع النبيين.

اللّهم وأذلل به من لم تسهم له في الرجوع الى محبتك، ومن نصب له العداوة، وارم بحجرك الدامغ من اراد التأليب على دينك باذلاله وتشتيت امره، واغضب لمن لا ترة له ولا طائلة، وعادى الأقربين والأبعدين فيك منّاً عليه لا منّاً منه عليك.

اللّهم فكما نصب نفسه غرضاً فيك للأبعدين، وجاد ببذل مهجته لك فى الذب عن حريم المؤمنين، وردّ شر بغاة المرتدين المريبين، حتى أخفى ما كان جهر به من المعاصي، وابدى ما كان نبذه العلماء وراء ظهورهم مما أخذت ميثاقهم على أن يبيّنوه للناس ولا يكتموه، ودعا الى افرادك بالطاعة، والاّ يجعل لك شريكاً من خلقك يعلو أمره على أمرك مع ما يتجرّعه فيك من مرارات الغيظ الجارحة بحواس القلوب، وما يعتوره من الغموم، ويفرغ من احداث الخطوب، ويشرق به من الغصص التي لا تبتلعها الحلوق، ولا تحنوا عليها الضلوع، من نظرة الى امر من امرك ولا تناله يده بتغييره وردّه الى محبّتك.

فاشدد اللّهم ازره بنصرك، واطل باعه فيما قصر عنه من اطراد الراتعين في حماك، وزده في قوّته بسطة من تأييدك، ولا توحشنا من انسه، ولا تخترمه دون امله من الصلاح الفاشي في أهل ملته، والعدل الظاهر في امته.

اللّهم وشرّف بما استقبل به من القيام بأمرك لدى موقف الحساب مقامه وسرّ نبيّك محمداً صلواتك عليه وآله برؤيته، ومن تبعه على دعوته واجزل له على ما رأيته قائماً به من أمرك ثوابه، وابن قرب دنوّه منك في حياته، وارحم استكانتنا من بعده، واستخذاءنا لمن كنا نقمعه به إذ افقدتنا وجهه، وبسطت ايدي من كنا نبسط ايدينا عليه لنرده عن معصيته، وافتراقا بعد الالفة والاجتماع تحت ظلّ كنفه، وتلهفنا عند الفوت على ما اقعدتنا عنه من نصرته، وطلبنا من القيام بحق مالا سبيل لنا الى رجعته.

واجعله اللّهم في أمن مما يشفق عليه منه، وردّ عنه من سهام المكائد ما يوجّهه أهل الشنئان اليه، والى شركائه في امره ومعاونيه على طاعة ربّه، الذين جعلتهم سلاحهه وحصنه ومفزعه وانسه الذين سلوا عن الأهل والأولاد، وجفوا الوطن، وعطلوا الوثير من المهاد ورفضوا تجاراتهم، واضرّوا بمعايشهم، وفقدوا في انديتهم بغير غيبة عن مصرهم، وخالفوا البعيد ممن عاضدهم على أمرهم، وقلوا القريب ممن صدّ عن وجهتهم، فائتلفوا بعد التدابر والتقاطع في دهرهم وقطعوا الاسباب المتصلة بعاجل حطام الدنيا، فاجعلهم اللّهم في أمن حرزك، وظلّ كنفك، وردّ عنهم بأس من قصد اليهم بالعداوة من عبادك، واجزل لهم على دعوتهم من كفايتك ومعونتك، وامدهم بتأييدك ونصرك، وازهق بحقّهم باطل من اراد اطفاء نورك، اللّهم واملأ بهم كل افق من الافاق وقطرٍ من الاقطار قسطاً وعدلاً ومرحمةً وفضلاً، واشكرهم على حسب كرمك وجودك وما مننت به على القائمين بالقسط من عبادك وادخرت لهم من ثوابك ما يرفع لهم به الدرجات، انك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد.

من اسرار الصوم(8):

كتبت الى أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن الرضا)عليه السلام( أسأله لم فرض الله تعالى الصوم؟ فكتب اليّ:

فرض الله تعالى الصوم ليجد الغنيّ مسّ الجوع ليحنو على الفقير.

في زيارة الباقرين (عليهماالسلام)(9):

من زار جعفراً وأباه لم يشتك عينه، ولم يصبه سقم، ولم يمت مبتلى.

زيارة ثالث شعبان(10):

اللّهم إنّي اسئلك بحق المولود في هذا اليوم، الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بكته السماء ومن فيها، والأرض ومن عليها ولمّا يطأ لابتيها، قتيل العبرة، وسيد الاسرة، المدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله ان الائمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في اوبته، والاوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته، حتى يدركوا الأوتار، ويثاروا الثار، ويرضوا الجبّار، ويكونوا خير أنصار، صلّى الله عليهم مع اختلاف اللّيل والنهار.

اللّهم فبحقّهم اليك اتوسل، وأسأل سؤال مقترفٍ معترفٍ مسيءٍ الى نفسه مما فرط في يومه وامسه، يسألك العصمة الى محل رمسه، اللّهم فصل على محمد وعترته، واحشرنا في زمرته، وبوّئنا معه دار الكرامة ومحل الإقامة.

اللّهم وكما أكرمتنا بمعرفته، فأكرمنا بزلفته، وارزقنا مرافقته وسابقته واجعلنا ممن يسلم لأمره، ويكثر الصلاة عليه عند ذكره، وعلى جميع اوصيائه وأهل اصفيائه، الممدودين منك بالعدد الاثنى عشر، النجوم الزهّر والحجج على جميع البشر.

اللّهم وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة، وانجح لنا فيه كل طلبة كما وهبت الحسين لمحمد جدّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعاذ فطرس بمهده فنحن عائذون بقبره من بعده نشهد تربته، وننتظر اوبته آمين رب العالمين.

ثم تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين)عليه السلام( وهو آخر دعاء دعا به الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء: اللّهم أنت متعالي المكان عظيم الجبروت، شديد المحال، غني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما يشاء قريب الرحمة صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب اذا دعيت محيط بما خلقت قابل التوبة لمن تاب اليك، قادر على ما اردت، ومدرك ما طلبت، وشكور اذا شكرت، وذكور اذا ذكرت، ادعوك محتاجاً وارغب اليك فقيراً، وافزع اليك خائفاً، وابكي اليك مكروباً، واستعين بك ضعيفاً واتوكل عليك كافياً، احكم بيننا وبين قومنا بالحق، فإنّهم غرّونا وخدعونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا ونحن عترة نبيّك وولد حبيبك محمد بن عبدالله الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاً برحمتك يا ارحم الراحمين.

 

1 - الخرائج والجرائح 1/443، ح 24، وكمال الدين 2/493، ح 18: روى أبو سليمان قال.

2 - تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) 522-524 ح 319 وبحار الأنوار 82/221: قال (عليه السلام).

3 - إعلام الدين 99: قال الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).

4 - جمال الأسبوع 40-41 الفصل 4: قال: حدث الشريف زيد بن جعفر العلوي عن الحسين بن الجعفر الحميري، عن الحسين بن احمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن موسى السلامي، عن علي بن إبراهيم البغدادي، عن عبد الله بن محمد القرشي قال: سمعت أبا الحسن العلوي يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العلوي وهو الذي تسميه الإمامية المؤدي يعني صاحب العسكر الآخر (عليه السلام) يقول:

5 - البقرة: 285.

6 - مهج الدعوات 62 – 63.

7 - مهج الدعوات 63 – 67.

8 - كشف الغمة 3/273: روى الحافظ عبد العزيز عن رجاله قال القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن هارون الضبي إملاء قال: وجدت في كتاب والدي حدثنا جعفر بن محمد بن حمزة العلوي قال.

9 - التهذيب 6/78 ب 26 ح 2: روى عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) انه قال.

10 - إقبال الأعمال 689 – 690: خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد (عليه السلام) ان مولانا الحسين (عليه السلام) ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء.