مكتبة الإمام الباقر (ع)

فهرس الكتاب

 

نماذج من تفسيره :

فسّر الإمام الباقر(عليه السلام) الهداية في قوله تعالى: ( وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)[1] بالولاية لأئمة أهل البيت حين قال : فو الله لو أن رجلاً عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ، ولم يجيء بولايتنا إلاّ أكبه الله في النار على وجهه »[2].

2 ـ وعن قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك )[3]. قال (عليه السلام) : إن الله أوحى إلى نبيّه أن يستخلف علياً فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره الله بأدائه[4].

3 ـ وفي قوله تعالى : ( تنزّل الملائكة والروح فيها )[5] قال (عليه السلام) : تنزّل الملائكة والكتبة الى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون في السنة من أمور ما يصيب العباد ، والأمر عنده موقوف له فيه على المشيئة، فيقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء، ويثبت، وعنده أم الكتاب »[6].

4 ـ وفي قوله تعالى : ( فكبكبوا فيها هم والغاوون )[7] ، قال الإمام أبو جعفر(عليه السلام) : « إنّها نزلت في قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ثم خالفوه الى غيره »[8].

5 ـ وفي قوله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )[9]. روى محمد ابن مسلم قال : قلت : للإمام أبي جعفر إن من عندنا يزعمون أن المعنيين بالآية هم اليهود والنصارى. قال : إذاً يدعونكم إلى دينهم ! ثم أشار (عليه السلام) الى صدره فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون[10].

6 ـ في قوله تعالى : ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم )[11] روى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال : لما نزلت هذه الآية قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : أنا رسول الله الى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي يقومون في الناس فيُكَذبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم واتّبعهم ، وصدقهم فهو مني ومعي، وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذّبهم فليس مني ، ولا معي ، وأنا منه بريء»[12].

7 ـ وسئُل الإمام أبو جعفر عن قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله)[13]فقال (عليه السلام) : السابق بالخيرات الإمام ، والمقتصد العارف للإمام ، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام[14].

8 ـ وعن المتوسّمين في قوله تعالى : ( إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين )[15]، قال (عليه السلام) : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) المتوسم ، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون »[16].

9 ـ وفي قوله تعالى : ( وألّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً )[17]قال (عليه السلام) : « يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) والأوصياء من ولده ، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماءاً غدقاً يعني أشربنا قلوبهم الإيمان ، والطريقة : هي الإيمان بولاية علي والأوصياء»[18].

10 ـ وفي ما يرتبط بقوله تعالى : ( قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب  )[19]، سأل بريد بن معاوية الإمام أبا جعفر (عليه السلام) عن المعنيين بقوله تعالى: (ومن عنده علم الكتاب )؟ فقال (عليه السلام) : « إيّانا عنى، وعليّ أوّلنا ، وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله) »[20].

التراث الحديثي للإمام الباقر (عليه السلام) :

يعدّ الحديث النبوي الشريف المصدر الثاني من مصادر التشريع الاسلامي بعد القرآن الكريم ، وله أهميته البالغة ودوره الكبير في بناء الصرح الثقافي للاُمة الإسلامية بشكل عام وبناء الصرح الفقهي والتشريع العملي للحياة الانسانية بشكل خاص .

وقد زاد من اهتمام أهل البيت(عليهم السلام) بنشر سنّة رسول الله وتبليغها ما واجهه الحديث النبوي الشريف من مآسي الدس والتزوير والوضع والتضييع خلال فترة منع الخلفاء من تدوينه وكتابته بل التحديث به في بعض الأحيان .

واعتنى الإمام الباقر (عليه السلام) بشكل خاص بحديث الرسول(عليه السلام) حتى روى عنه جابر بن يزيد الجعفي سبعين ألف حديث[21]، كما روى عنه أبان بن تغلب وغيره من تلامذته وأصحابه مجموعة كبيرة من هذا التراث الضخم .

ولم يكتف الإمام بنقل الحديث ونشره بل دعا الى الاهتمام بفهم الحديث والوقوف على معطياته ، حتى جعل المقياس في فضل الراوي هو فهم الحديث ودرايته بمعانيه وأسراره .

روى يزيد الرزّاز عن أبيه عن أبي عبدالله الصادق عن أبيه الباقر(عليهما السلام) أنه قال له : « اعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم; فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدراية للرواية يعلو المؤمن الى أقصى درجات الإيمان»[22].

وقد عرضنا نماذج من رواياته عن جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيما مرّ من بحوث سابقة فراجع[23].

[1] طه (20): 82 .

[2] مجمع البيان : 7 / 23 طبع بيروت .

[3] المائدة (5): 67 .

[4] مجمع البيان : 4 / 223 .

[5] القدر (97): 4 .

[6] دعائم الإسلام : 1 / 334 .

[7] الشعراء  (26): 94 .

[8] اصول الكافي : 1 / 47 .

[9] الانبياء (21) : 7 .

[10] اصول الكافي : 1 / 211 .

[11] الاسراء (17) : 71 .

[12] اصول الكافي : 1 / 215 .

[13] فاطر (35): 32 .

[14] اصول الكافي : 1 / 214 .

[15] سورة الحجر (15): 75 .

[16] أصول الكافي : 1 / 219 .

[17] الجن (72): 16 .

[18] اصول الكافي : 1 / 220 .

[19] الرعد (13): 43 .

[20] أصول الكافي : 1 / 229 مجمع البيان : 6 / 301 روى عن أبي جعفر أنها نزلت في آل البيت (عليهم السلام) .

[21] اُصول الكافي : 1 / 140 ، وراجع مقدمة صحيح مسلم.

[22] حياة الإمام محمد الباقر (عليه السلام) ، للاستاذ باقر شريف القرشي : 140 ـ 141 عن ناسخ التواريخ : 2 / 219 .

[23] الخصال : ص4 .