2 ـ حكمة لسليمان :وحكى (عليه السلام) لأصحابه حكمة رائعة لنبي الله سليمان بن داود فقال (عليه السلام): « قال سليمان بن داود : اُوتينا ما اُوتي الناس ، وما لم يؤتوا ، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا ، فلم نجد شيئاً أفضل من خشية الله في الغيب والمشهد ، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا والغضب ، والتضرع الى الله عزّوجلّ في كل حال»[1]. 3 ـ حكمة في التوراة :ونقل (عليه السلام) لأصحابه حكمة مكتوبة في التوراة فقال (عليه السلام) : « إنّ في التوراة مكتوباً يا موسى إني خلقتك ، واصطفيتك ، وقويتك ، وأمرتك بطاعتي ونهيتك عن معصيتي فإن أطعتني اعنتك على طاعتي ، وان عصيتني لم أعنك على معصيتي ، يا موسى ولي المنة عليك في طاعتك لي ، ولي الحجة عليك في معصيتك لي»[2]. 4 ـ تسمية نوح بالعبد الشكور :روى محمد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال : « إنّ نوحاً إنما سمي عبداً شكوراً لأنه كان يقول إذا أمسى وأصبح : اللهم إني اُشهدك أنه ما أُمسي وأصبح بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد والشكر بها عليّ حتى ترضى»[3]. 5 ـ دعاء نوح على قومه :سأل سدير الإمام أبا جعفر (عليه السلام) عن دعاء نوح على قومه فقال له : أرأيت نوحاً حين دعا على قومه فقال : ( رب لا تذر على الارض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلاّ فاجراً كفاراً ) إنه كان عالماً بهم ؟ فأجابه (عليه السلام) : « أوحى الله اليه: انه لا يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن. فعند ذلك دعا عليهم بهذا الدعاء»[4]. 6 ـ اسماعيل أول من تكلم بالعربية :ونقل الإمام أبو جعفر (عليه السلام) لأصحابه أنّ نبيّ الله إسماعيل هو أول من فتق لسانه باللغة العربية ، بقوله (عليه السلام) : « أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل ، وهو ابن عشر سنة»[5]. 7 ـ نفي الاُميّة عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) :روى علي بن اسباط فقال : قلت لأبي جعفر(عليه السلام) : إن الناس يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكتب ، ولم يقرأ! فأنكر (عليه السلام) ذلك وقال : « أنّى يكون ذلك ؟ ! ! وقد قال الله تعالى : ( هو الذي بعث في الاُميّين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )[6]. كيف يعلمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب ؟! » . وانبرى علي بن اسباط فقال للإمام : لمَ سُمّي النبيّ الاُمّي ؟ فأجابه الإمام : « لأنه نسب الى مكة ، وذلك قول الله عزّوجلّ : ( لتنذر اُم القرى ومن حولها ) فاُم القرى مكة ، فقيل اُمي»[7]. مع السيرة النبوّية المباركة :1 ـ استعارة النبي(صلى الله عليه وآله) السلاح من صفوان : وروى الطبري بسنده عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال : لما أجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) السير الى هوازن ليلقاهم ذكر له أن عند صفوان بن اُمية أدراعاً وسلاحاً ، فأرسل اليه فقال : يا أبا اُمية ـ وهو يومئذ مشرك ـ أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدوّنا غداً. فقال له صفوان : أغصباً يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة ، حتى نؤديها إليك ، قال: ليس بهذا بأس ، فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح ، وزعموا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سأله أن يكفيه حملها ففعل . قال الإمام أبو جعفر(عليه السلام) : فمضت السُنّة أن العارية مضمونة[8]. وقد ألمع الإمام الى أن هذه الحادثة قد استفيد منها القاعدة الفقهية وهو ان العارية مضمونة مع التفريط ، فمن استعار شيئاً فقد ضمنه حتى يؤديه الى صاحبه . 2 ـ مسيرة خالد الى بني جذيمة :وروى ابن هشام بسنده عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة حين فتح مكة داعياً الى الله ، ولم يبعثه مقاتلاً إلاّ أنّ خالداً أغار عليهم فأوجسوا منه خيفة فبادروا الى أسلحتهم فحملوها ، فلما رأى خالد ذلك قال لهم : ضعوا السلاح ، فإن الناس قد أسلموا ، ووثقوا بقوله ، فوضعوا سلاحهم ، إلاّ أ نّه غدر بهم ، فأمر بتكتيفهم ثم عرضهم على السيف ، فقتل منهم من قتل ، ولما انتهى خبرهم الى النبي (صلى الله عليه وآله) بلغ به الحزن أقصاه ورفع يديه بالدعاء ، وقال : « اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد». ودعا النبي (صلى الله عليه وآله) الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له : «اخرج الى هؤلاء القوم ، فانظر في أمرهم ، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك». وخرج عليّ (عليه السلام) حتى جاءهم، ومعه مال، فَودى لهم الدماء ، وما اُصيب لهم من الأموال ، حتى انه ليدي ميلغة الكلب[9] حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلاّ ودّاه ، وبقيت معه بقية من المال، فقال لهم عليّ : هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يؤدَّ لكم ؟ قالوا: لا . قال: فإني اُعطيكم هذه البقية من هذا المال، احتياطاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مما يعلم ولا تعلمون ، فأعطاهم ثم رجع الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر، فقال (صلى الله عليه وآله): أصبت وأحسنت، وقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاستقبل القبلة شاهراً يديه ، حتى كان يرى ما تحت منكبيه ، وهو يقول : « اللهم إني ابرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد » وكرر ذلك ثلاث مرات[10]. هذه بعض رواياته عن السيرة النبوية المباركة ، وقد آثرنا الايجاز والإشارة فحسب. |
[1] الخصال : 219 . [2] أمالي الصدوق : 274 . [3] علل الشرائع : 29 . [4] علل الشرائع : 31 . [5] البيان والتبيين : 3 / 290 . [6] الجمعة (62) : 2 . [7] علل الشرايع : 125 . [8] تأريخ الطبري : 3 / 73 طبع دار المعارف . [9] الميلغة : الاناء يلغ فيه الكلب أو يسقى فيه . فقد أعطى عليٌّ (عليه السلام) ديته. [10] السيرة النبوية لابن هشام : 2 / 429 ـ 430 . |