فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الحسن (ع)

 

فاجعته في المسلمين

حج معاوية بعد قتله حجراً وأصحابه فمر بعائشة «واستأذن عليها

[337]

فأذنت له، فلما قعد قالت له: يا معاوية أأمنت ان اخبئ لك من يقتلك ؟ قال: بيت الامن دخلت، قالت: يا معاوية أما خشيت اللّه في قتل حجر وأصحابه ؟(1)». وقالت: «لولا انا لم نغير شيئاً الا صارت بنا الامور الى ما هو اشد منه لغيَّرنا قتل حجر، أما واللّه ان كان ما علمتُ لمسلماً حجاجاً معتمراً(2)».

وكتب شريح بن هاني الى معاوية يذكر حجراً ويفتيه بحرمة دمه وماله ويقول فيه: «انه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال(3)».

وكان ابن عمر - منذ أخذ حجر - يتخبر عنه فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي(4).

ودخل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية وقد قتل حجراً وأصحابه، فقال له: «أين غاب عنك حلم أبي سفيان !؟» قال: «غاب عني حين غاب عني مثلك من حلماء قومي، وحملني ابن سمية فاحتملت !!» قال: «واللّه لا تعد لك العرب حلماً بعد هذا أبداً ولا رأياً، قتلت قوماً بعث بهم اليك أسارى من المسلمين..».

وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجراً، وقد اجتمع اليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير، فقال: «واللّه لنحن اغنى عن معاوية من معاوية عنا وانا لنجد في قومه(5) منه بدلاً ولا يجد منا في الناس خلفاً..».

وقيل لابي اسحق السبيعي: «متى ذل الناس ؟» فقال: «حين مات الحسن، وادُّعي زياد، وقتل حجر بن عدي(6)».

وقال الحسن البصري: «أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه

______________________________

(1) الطبري (ج 6 ص 156).

(2) ابن الاثير (ج 3 ص 193).

(3) و(4) الطبري (ج 6 ص 153).

(5) يعني بني هاشم.

(6) ابن ابي الحديد (ج 4 ص 18).

[338]

منهن الا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الامة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها - يعني الخلافة - بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زياداً، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجراً. ويل له من حجر وأصحاب حجر - مرتين -(1)».

ومات الربيع بن زياد الحارثي غماً لمقتل حجر، وكان عاملاً لمعاوية على خراسان. قال ابن الاثير (ج 3 ص 195): «وكان سبب موته أنه سخط قتل حجر بن عدي، حتى انه قال: لا تزال العرب تقتل صبراً بعده، ولو نفرت عند قتله، لم يقتل رجل منهم صبراً، ولكنها قرت فذلت، ثم مكث بعد هذا الكلام جمعة، ثم خرج يوم الجمعة فقال: أيها الناس، انى قد مللت الحياة فاني داع بدعوة فأمنوا. ثم رفع يديه بعد الصلاة فقال: اللهم ان كان لي عندك خير فاقبضني اليك عاجلاً، وأمن الناس - ثم خرج، فما توارت ثيابه حتى سقط(2)».

وكتب الحسين عليه السلام الى معاوية في رسالة له: «ألست القاتل حجراً أخا كندة، والمصلين العابدين، الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في اللّه لومة لائم ؟. قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعدما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة [يشير الى نصوص المادة الخامسة من معاهدة الصلح] أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا باحنة تجدها في نفسك عليهم(3)».

ثم جاء دور التاريخ فخصص نصر بن مزاحم المنقري كتاباً في مقتل حجر بن عدي، ولوط بن يحيى بن سعيد الازدي كتاباً(4)، وهشام بن محمد

______________________________

(1) الطبري (ج 6 ص 157) وغيره.

(2) وذكر ذلك كل من الاستيعاب واسد الغابة والدرجات الرفيعة والشيخ في الامالي.

(3) البحار (ج 10 ص 149).

(4) فهرست ابن النديم (ص 136).

[339]

ابن السائب كتاباً في حجر، وكتاباً آخر في مقتل رشيد وميثم وجويرية بن مشهر(1)».

______________________________

(1) النجاشي (ص 306).