فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الحسن (ع)

 

4 - رشيد الهجري(2)

تلميذ علي عليه السلام، وصاحبه المنقطع اليه، والعالم المعترف له بعلم البلايا والمنايا، يروي عنه ناس كثيرون، ولكنهم جميعاً سكتوا عن اسمه خوف السلطان الاموي، فلم ترو عنه علناً الا ابنته الوحيدة التي كانت قد حضرت مقتله، وهي التي جمعت أطرافه - يديه ورجليه - وقد قطعها ابن سمية !.

قالت تسأله حين قطعت أطرافه: «يا أبت هل تجد ألماً لما أصابك ؟ فقال: «لا يا بنيتي الا كالزحام بين الناس!».

______________________________

(2) رشيد [بالتصغير] وهجري (بفتح اوليه) نسبة الى بلاد الهجر - البحرين -.

[348]

أتي به الى زياد فقال له: «ما قال لك خليلك - يعني علياً عليه السلام - انا فاعلون بك ؟»، قال: «تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني»، فقال زياد: «أما واللّه لأكذبن حديثه، خلوا سبيله». فلما أراد أن يخرج، قال: «ردوه، لا نجد لك شيئاً أصلح مما قال صاحبك، انك لن تزال تبغي لنا سوءاً ان بقيت، اقطعوا يديه ورجليه»، فقطعوها وهو يتكلم !، فقال: «اصلبوه خنقاً في عنقه»، فقال رُشَيد: «قد بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه»، فقال زياد: «اقطعوا لسانه»، فلما أخرجوا لسانه قال: «نفّسوا عني حتى أتكلم كلمة واحدة»، فنفسوا عنه فقال: «هذا واللّه تصديق خبر أمير المؤمنين، أخبرني بقطع لساني».

وأخرج من القصر مقطعاً، فاجتمع الناس حوله، ومات من ليلته رضوان اللّه عليه.

قالت ابنته: «قلت لأبي: ما أشد اجتهادك !»، قال: «يا بنية يأتي قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهادنا».

وقال لها: «يا بنيتي أميتي الحديث بالكتمان، واجعلي القلب مسكن الامانة(1)».

* * *

______________________________

(1) سفينة البحار (ج 1 ص 522).