ديوان
الإمام
الحسين (عليه
السلام)
نبزة عن
الإمام الحسين
بن علي (عليه
السلام)
في
اليوم
الثّالث من
شعبان، من
السّنة الرّابع
للهجرة ولد
المولود
الثّاني
لعليّ وفاطمة:، في بيت
الوحي
والولاية.
وحين
بلغ نبأ
ولادته
للنّبيّ(صلّى الله
عليه وآله
وسلم)،
جاء إلى بيت عليّ
وفاطمة (عليه
السلام)،
وطلب من
أسماء، أن
تأتي بإبنه،
فلفّته أسماء
بملاءة
بيضاء، وجاءت
به للنّبيّ(صلّى الله
عليه وآله
وسلم)،
فأذَّن في
أذنه اليمنى،
وأقام في اليسرى.
وفي
الايّام
الأولى من
ولادته
المباركة أو
اليوم السّابع
منها، هبط
الأمين جبرئيل
وقال: «إنّ
الله ـ عزّوجلّ
ذكره ـ يقرئك
السّلام
ويقول لك، إنّ
عليّاً منك
بمنزلة هارون
من موسى فسمّه
بإسم ابن
هارون، قال:
ما كان اسمه ؟
قال: شبير
قال: لساني
عربيّ، قال:
سمّه الحسين،
فسمّاه الحسين.
وعقّت
فاطمة (عليها
السلام)
عن ابنيها
وحلقت رؤوسهما
في اليوم
السّابع وتصدّقت
بوزن الشعّر
ورقا.
الحسين
(عليه
السلام)
والنبـيّ
(صلّى الله
عليه وآله
وسلم):
كان
الرّسول(صلّى
الله عليه
وآله وسلم) يؤكّد
على محبّته
وحنانه
للإمام
الحسين(عليه
السلام) في
مناسبات
عديدة، منذ
ولادته في
السّنة الرّابعة
للهجرة، حتّى
يوم وفاته(صلّى
الله عليه
وآله وسلم)،
الّتي تمتد
ستّة سنوات
وعدّة أشهر،
ويعرّف النّاس
بمقام الإمام
الثّالث
وسموّه.
يقول
سلمان
الفارسي: «كان
الحسين على
فخذ رسول الله
(صلّى
الله عليه
وآله وسلم) وهو
يقبّله ويقول:
أنت السّيد وإبن
السّيد أبو
السّادة، أنت الامام
وابن الإمام
أبو الأئمّة،
أنت الحجّة
أبو الحجج،
تسعة من صُلبك
وتاسعهم
قائمهم».
عن
أنس بن مالك،
قال: سئل
النّبيّ(صلّى الله
عليه وآله
وسلم)
أيّ أهل بيتك
أحبّ إليك
قال: الحسن
والحسين(عليهما
السلام)،
وكان يقول
لفاطمة: أدعي
لي إبنيَّ،
فيشّمهما
ويضمّهما
إليه.
عن
أبي هريرة:
قال خرج علينا
رسول الله(صلّى الله
عليه وآله
وسلم)
ومعه الحسن
والحسين هذا
على عاتقه
وهذا على عاتقه،
وهو يلثم هذا
مرّة ، وهذا
مرّة، حتى انتهى
إلينا، فقال:
من أحبّهما
فقد أحبّني،
ومن أبغضهما
فقد أبغضني.
وعن
مدى العلاقة
المعنويّة الملكوتيّة
بين النبيّ
والحسين، بما
تملكه من سموّ
وإنشداد
وتعبير، يمكن
التعرّف
عليها بهذه
الجملة الموجزة
المعبّرة
الّتي نطق بها
الرّسول(صلّى الله
عليه وآله
وسلم): «
حسين منّي
وأنا من حسين ».
"
ديوان الإمام
الحسين " من
الشعر
المنسوب إليه
:
الحسين
و الشعر :
يناقش
إمكانية نسبة
الشعر إلى ساحة
الإمام
الحسين (
عليه
السَّلام )
و يرى أن لا
مانع من ذلك ،
بل يؤكد أنه و
أبيه و أخيه ،
بل كلهم كانوا
شعراء ، إلا
أن لشعرهم خصوصية
.
أَأَقصُدُ بِالمَلامَةِ قَصدَ غَيري وَأَمري كُلُّهُ بادي الخِـلافِ
إِذا عاشَ اِمرُؤٌ خَمسينَ عاماً وَلَم يُرَ فيهِ آثـارُ العَفـافِ
فَلا يُرجى لَهُ أَبَـداً رَشـادٌ فَقَـد أَردى بِنِيَّتِـهِ التَجافـي
وَلِم لا أَبذُلُ الإِنصافَ مِنّـي وَأَبلُغُ طاقَتي في الإِنتِصـافِ
لِيَ الوَيلاتُ إِن نَفَعَت عِظاتي سِوايَ وَلَيسَ لي إِلّا القَوافي
أَلا إِنَّ السِباقَ سِبـاقُ زُهـدٍ وَما في غَيرِ ذَلِكَ مِن سِباقِ
وَيَفنى ما حَواهُ المُلكُ أَصلاً وَفِعلُ الخَيرِ عِندَ اللَهِ بـاقِ
سَتَألَفُكَ النَدامَةُ عَن قَريـبٍ وَتَشهَقُ حَسرَةً يَومَ المَسـاقِ
أَتَدري أَيُّ ذاكَ اليَومِ فَكِّـر وَأَيقِن أَنَّـهُ يَـومُ الفِـراقِ
فِراقٌ لَيسَ يُشبِهُـهُ فِـراقٌ قَدِ اِنقَطَعَ الرَجاءُ عَنِ التَلاقي
أَيَعتَزُّ الفَتى بِالمـالِ زَهـواً وَما فيها يَفوتُ عَنِ اِعتِزازِ
وَيَطلُبُ دَولَةَ الدُنيا جُنونـاً وَدَولَتُها مُخالِفَة المَخـازي
وَنَحنُ وَكُلُّ مَن فيها كَسفـرٍ دَنا مِنّا الرَحيلُ عَلى الوَفازِ
جَهِلناها كَأَن لَـم نَختَبِرهـا عَلى طولِ التَهاني وَالتَعازي
وَلَم نَعلَم بِأَن لا لَبثَ فيهـا وَلا تَعريجَ غَيرَ الإِجتِيـازِ
إِذا ما عَضَّكَ الدَهـرُ فَلا تَجنَح إِلـى خَلـقِ
وَلا تَسأَل سِوى اللَـهِ تَعالى قاسِـم الـرِزقِ
فَلَو عِشتَ وَطَوَّفـتَ مِنَ الغَربِ إِلى الشَرقِ
لَما صادَفتَ مَن يَقـدِ ر أَن يسعد أَو يشقـي
المَوتُ خَيرٌ مِن رُكوبِ العارِ وَالعارُ خَيرٌ مِن دُخولِ النارِ
وَاللَهُ مِن هَذا وَهَذا جـاري
عَجِبتُ لِذي التَجاربِ كَيفَ يَسهو وَيَتلـو اللَهـوَ بَعـدَ الإِحتِبـاكِ
وَمُرتَهنُ الفَضائِـحِ وَالخَطايـا يُقَصِّـرُ بِاِجتِـهـادٍ لِلفِـكـاكِ
وَموبِقُ نَفسِـهِ كَسَـلاً وَجَهَـلاً وَمورِدُهـا مَخوفـاتِ الهَـلاكِ
بِتَجديـدِ المَآثِـمِ كُـلَّ يَــومٍ وَقَصـدٍ لِلمُـحَـرَّمِ بِاِنتِـهـاكِ
سَيَعلَـمُ حيـنَ تَفجُـؤُهُ المَنايـا وَيَكثُفُ حَولَهُ جَمـعُ البَواكـي
غَدَرَ القَومُ وَقَد ما رَغِبـوا عَن ثَوابِ اللَهِ رَبِّ الثَقَلَيـن
قَتَلوا قَدَمـا عَلِيّـاً وَاِبنَـهُ حَسَنُ الخَيرِ كَريمِ الأَبَوَيـن
حَنقاً مِنهُم وَقالوا أَجمِعـوا نَفتِكُ الآنَ جَميعاً بِالحُسَيـن
يـا لقَـومٍ لأُنــاسٍ رُذَّلٍ جَمَعوا الجَمعَ لِأَهلِ الحَرَمَين
ثُمَّ ساروا وَتَواصَوا كُلُّهُـم بِاِجتِياحي لِلرِضا بِالمُلحدين
لَم يَخافوا اللَهَ في سَفكِ دَمي لِعُبَيدِ اللَهِ نَسـلُ الفاجِرَيـن
وَاِبنُ سَعدٍ قَد رَماني عنـوَةً بِجُنودٍ كَوُكوفُ الهاطِلَيـن
لا لِشَيءٍ كانَ مِنّي قَبـلَ ذا غَيرَ فَخري بِضِياءِ الفَرقَدَين
بِعَلِيِّ الخَيرِ مِن بَعدِ النَبِـيّ وَالنَبِيِّ القُرَشِـيِّ الوالِدَيـن
خيرَةُ اللَهِ مِنَ الخَلقِ أَبـي ثُمَّ أَمّي فَأَنا اِبنُ الخيرَتَيـن
فِضَّةٌ قَد خَلُصَت مِن ذَهَـبٍ فَأَنا الفِضَّةُ وَاِبـنُ الذَهَبَيـن
مَن لَهُ جَدٌّ كَجَدّي في الوَرى أَو كَشَيخي فَأَنا اِبنُ القَمَرَين
فاطِمُ الزَهراء أُمّي وَأَبـي قاصِمُ الكُفرِ بِبَدرٍ وَحُنَيـن
وَلَهُ في يَـومِ أُحـدٍ وَقعَـةٌ شَفَتِ الغُلَّ بِفَضِّ العَسكَرَين
ثُمَّ بِالأَحزابِ وَالفَتـحِ مَعـاً كانَ فيها حَتفُ أَهلِ القِبلَتَين
في سَبيلِ اللَهِ ماذا صَنَعَـت أُمَّةُ السوءِ مَعاً بِالعِترَتَيـن
عِترَةُ البِرِّ النَبِيِّ المُصطَفى وَعَلى الوَردِ بَينَ الجَحفَلَين
فَما رَسمٌ شَجانـي قَـد مَحَت آيـاتِ رَسمَيـهِ
سَفورٌ دَرَّجَـت ذَيلَيـنِ فـي بوغـاءِ قاعَـيـهِ
هَتوفٌ حَرجَفٌ تَتـرى عَلـى تَلبيـدِ ثَوبَـيـهِ
وَولّاجٌ مِـنَ الـمُـزنِ دَنـا نَـوءُ سِماكَـيـهِ
أَتى مُثعَنجـرَ الـوَدقِ بِجـودٍ فـي خلالَـيـهِ
وَقَـد أَحمَـد بَـرقـاهُ فَــلا ذَمٌّ لِبَـرقَـيـهِ
وَقَـد جَلَّـلَ رَعــداهُ فَــلا ذَمٌّ لِـرَعـدَيـهِ
ثَجيـجُ الرَعـدِ ثَجّـاجٍ إِذا أَرخـى نِطاقَـيـهِ
فَأَضحى دارِسـاً قَفـراً لِبَينـونَـةِ أَهـلـيـهِ
غُـلامٌ كـرَّمَ الرّحـم نُ بِالتّطهيـرِ جَـدَّيـهِ
كَسـاهُ القَمـرُ القمقـا مُ مِـن نـورِ سَنائيـهِ
وَقَد أَرصَنت مِن شِعري وَقَوّمـتُ عروضـيـهِ
لا ذَعَرتُ السَوامَ في غَلَسِ الصُب حِ مُغيـراً وَلا دَعَـوتُ يَزيـدا
يَومَ أُعطي مَخافَةَ المَوتِ ضَيمـاً وَالمَنايـا يَرصُدنَنـي أَن أَحيـدا
لِمَن يا أَيُّها المَغرورُ تَحوي مِنَ المالِ المُوَفَّرِ وَالأَثـاثِ
سَتَمضي غَيرَ مَحمودٍ فَريداً وَيَخلو بَعلُ عِرسِكَ بِالتُراثِ
وَيَخذُلُكَ الوَصِيُّ بِلا وَفـاءٍ وَلا إِصلاحِ أَمرٍ ذي اِلتِياثِ
لَقَد وَفَّرتَ وِزراً مَرَّ حينـاً يَسُدُّ عَلَيكَ سُبلَ الاِنبِعـاثِ
فَما لَكَ غَيرَ تَقوى اللَهِ حِرزٌ وَلا وزرٌ وَما لَكَ مِن غِياثِ
وَأَصلُ الحَـزمِ أَن تُضحـي وَرَبُّكَ عَنكَ في الحالاتِ راضِ
وَأَن تَعتاضَ بِالتَخليطِ رُشـداً فَإِنَّ الرُشدَ مِن خَيرِ اِعتِيـاضِ
وَدَع عَنكَ الَّذي يُغوي وَيُردي وَيورثُ طولَ حُزنٍ وَاِرتِماضِ
وَخُذ بِاللَيلِ حَظَّ النَفسِ وَاِطرُد عَنِ العَينَينِ مَحبوبَ الغِماضِ
فَإِنَّ الغافِليـنَ ذَوي التَوانـي نَظائِرُ لِلبَهائِمِ فـي الغِيـاضِ
وَكُن بَشّاً كَريماً ذا اِنبِسـاطٍ وَفيمَن يَرتَجيكَ جَميلَ رَأيِ
بَعيداً عَن سَماعِ الشَرِّ سَمحاً نَقِيَّ الكَفِّ عَن عَيبٍ وَثَـأيِ
مُعيناً لِلأَرامِـلِ وَاليَتامـى أَمينَ الجَيبِ عَن قُربٍ وَنَأيِ
وَصولاً غَيرَ مُحتَشِمٍ زَكِيّـاً حَميدَ السَعيِ في إِنجازِ وَأيِ
تَلَقَّ مَواعِظي بِقبولِ صِدقٍ تَفُز بِالأَمنِ عِندَ حُلـولِ لَأيِ
يا نَكَباتِ الدَهرِ دولي دولـي وَاِقصِري إِن شِئتِ أَو أَطيلي
رَمَيتنـي رَميَـةً لا مقـيـلَ بِكُلِّ خَطـبٍ فـادِحٍ جَليـلِ
وَكُـلِّ عِـبءٍ أَيَّـدٍ ثَقـيـلِ أَوَّلَ مـا رُزِئـتُ بِالرَسـولِ
وَبَعـدُ بِالطاهِـرَةِ البَـتـولِ وَالوالِدِ البرِّ بِنـا الوَصـولِ
وَبِالشَقيـقِ الحَسَـنِ الجَليـلِ وَالبَيتِ ذي التَأويلِ وَالتَنزيلِ
وَزورنا المَعروفَ مِن جِبريلِ فَما لَهُ في الرزءِ مِن عَديـلِ
ما لَكَ عَنّي اليَومَ مِن عَـدولٍ وَحَسبِيَ الرَحمَنُ مِن مُنيـلِ
أَبي عَلِيٌّ وَجَـدّي خاتَـمُ الرُسُـلِ وَالمُرتَضونَ لِدينِ اللَهِ مِـن قَبلـي
وَاللَـهُ يَعلَـمُ وَالقُـرآنُ يَنطُـقُـهُ إِنَّ الَّذي بِيَدي مَن لَيسَ يملكُ لـي
ما يُرتَجى بِاِمرئٍ لا قائِـل عَـذلا وَلا يَزيغُ إِلـى قَـولٍ وَلا عَمَـلِ
وَلا يَرى خائِفاً فـي سِـرِّهِ وَجـلاً وَلا يُحاذِرُ مِـن هَفـوٍ وَلا زَلَلِ
يا وَيحَ نَفسي مِمَّن لَيـسَ يَرحَمُهـا أَما لَهُ في كِتابِ اللَـهِ مِـن مَثَـلِ
أَما لَهُ في حَديثِ النـاسِ مُعتَبـرٌ مِـنَ العَمالِـقَـةِ العـادِيَـةِ الأُوَلِ
يا أَيُّها الرَجُـلُ المَغبـونُ شيمَتُـهُ أَنّى وَرِثتَ رَسولَ اللَهِ عَن رُسُـلِ
أَأَنتَ أَولى بِـهِ مِـن آلـهِ فيمـا ترى اِعتَلَلتَ وَما في الدينِ مِن عِلَلِ
أَلَم يَنزِلِ القُرآنُ خَلفَ بُيوتِنا صَباحاً وَمِنَ الصَباحِ مَسـاءُ
يُنازِعُني وَاللَهُ بَيني وَبَينَـهُ يَزيدٌ وَلَيسَ الأَمرُ حَيثُ يَشاءُ
فَيا نُصَحاءَ اللَهِ أَنتُم وُلاتُـهُ وَأَنتُم عَلـى أَديانِـهِ أُمَنـاءُ
بِأَيِّ كِتـابٍ أَم بِأَيَّـةِ سُنَّـةٍ تَناوَلَها عَن أَهلِهـا البُعَـداءُ
إِذا الإِنسانُ خانَ النَفسَ مِنهُ فَما يَرجوهُ راجٍ لِلحِفـاظِ
وَلا وَرَعٌ لَدَيهِ وَلا وَفـاءٌ وَلا الإِصغاءُ نَحوَ الإِتِّعاظِ
وَما زُهدُ الفَتى بِحَلقِ رَأسٍ وَلا بِلِباسِ أَثوابٍ غِـلاظِ
وَلَكِن بِالهُدى قَولاً وَفِعـلاً وَإِدمان التَجَشُّعِ في اللِحاظِ
وَإِعمالِ الَّذي يُنجي وَيُنمي بِوُسعٍ وَالفِرارُ مِنَ الشواظِ
إِغنَ عَنِ المَخلوقِ بِالخالِـقِ تَسُدُّ عَلى الكاذِبِ وَالصـادِقِ
وَاِستَرزِقِ الرَحمَنَ مِن فَضلِهِ فَلَيسَ غَير اللَهِ مِـن رازِقِ
مَن ظَنَّ أَنَّ النـاسَ يغنونَـهُ فَلَيـسَ بِالرَحمَـنِ بِالرائِـقِ
أَو ظَنَّ أَنَّ المالَ مِن كَسبِـهِ زَلَّت بِهِ النَعلان مِن حالِـقِ
تَبارَكَ ذو العُـلا وَالكِبرِيـاءِ تَفَـرَّدَ بِالجَـلالِ وَبِالبَـقـاءِ
وَسَوّى المَوتَ بَينَ الخَلقِ طُرّاً وَكُلُّهُـمُ رَهـائِـنُ لِلفَـنـاءِ
وَدُنيانـا وَإِن مِلنـا إِلَيـهـا وَطالَ بِها المَتاعُ إِلى اِنقِضاءِ
أَلا إِنَّ الرُكونَ عَلى غُـرورٍ إِلى دارِ الفَنـاءِ مِـنَ الفَنـاءِ
وَقاطِنُها سَريعُ الظَعنِ عَنهـا وَإِن كانَ الحَريصَ عَلى الثواءِ
عَظيمٌ هَولُهُ وَالنـاسُ فيـهِ حَيارى مِثلَ مَبثوثِ الفَراشِ
بِهِ تَتَغَيَّـرُ الأَلـوانُ خَوفـاً وَتَصطَكُّ الفَرائِصُ بِاِرتِعاشِ
هُنالِكَ كُلُّ ما قَدَّمـتَ يَبـدو فَعَيبُكَ ظاهِرٌ وَالسِرُّ فـاشِ
تَفَقَّد نَقصَ نَفسِكَ كُـلَّ يَـومٍ فَقَد أَودى بِها طَلَبُ المَعاشِ
أَلا لِم تَبتَغي الشَهَواتِ طَوراً وَطَوراً تَكتَسي لينَ الرِياشِ
فَـإِنَّ اللَـهَ تَـوّابٌ رَحـيـمٌ وَلِيُّ قَبولِ تَوبَةِ كُـلِّ غـاوي
أُؤَمِّـلُ أَن يُعافِيَنـي بِعَـفـوٍ وَيُسخِنَ عَينَ إِبليسَ المُنـاوي
وَيَنفَعَني بِمَوعِظَتـي وَقَولـي وَيَنفَعَ كُـلَّ مُستَمِـعٍ وَراوي
ذُنوبي قَد كَوَت جَنبـيّ كَيّـا أَلا إِنَّ الذُنوبَ هِيَ المَكـاوي
فَلَيسَ لِمَن كَواهُ الذَنبُ عَمـداً سِوى عَفوِ المُهَيمِنِ مِن مُداوي
فَما ساءَني شَيءٌ كَما ساءَني أَخي وَلَم أَرضَ لِلَهِ الَّذي كانَ صانِعـا
وَلَكِن إِذا ما اللَهُ أَمضى قَضـاءَهُ فَلا بُدَّ يَوماً أَن تَرى الأَمرَ واقِعـا
وَلَو أَنَّني شووِرتُ فيهِ لَمـا رَأَوا قَريبَهُم إِلّا عَـنِ الأَمـرِ شاسِعـا
وَلَم أَكُ أَرضى بِالَّذي قَد رَضَوا بِهِ وَلَو جَمَعَت كُل إِلَـيَّ المَجامِعـا
وَلَو حُزَّ أَنفي قَبـلَ ذَلِـكَ حَـزَّةً بِموسى لَما أَلقَيتُ لِلصُلـحِ تابِعـا
لَئِن كانَـتِ الدُنيـا تُعَـدُّ نَفيسَـةً فَدارُ ثَوابِ اللَـهِ أَعلـى وَأَنبَـلُ
وَإِن كانَتِ الأَبدانُ لِلمَوتِ أُنشِئَت فَقَتلُ اِمرِئٍ بِالسَيفِ في اللَهِ أَفضَلُ
وَإِن كانَتِ الأَرزاقُ شَيئاً مُقَـدَّراً فَقِلَّةُ سَعي المَرءِ في الرِزقِ أَجمَلُ
وَإِن كانَتِ الأَموالُ لِلتَركِ جَمعُها فَما بالُ مَتروكٍ بِهِ المَرءُ يَبخَـلُ
ما يَحفَـظِ اللَـهُ يَصُـن ما يَصنَـعِ اللَـهُ يَهُـن
مَن يُسعِـدِ اللَـهُ يَلِـن لَهُ الزَمـانُ إِن خَشُـن
أَخي اِعتَبِـر لا تَغتَـرِر كَيفَ تَرى صَرفَ الزَمَن
يُجزى بِما أوتـي مَـن فعـل قَبيـحٍ أَو حَسَـن
أَفلَـحَ عَبـدٌ كُشِـفَ ال غِطـاءُ عَنـهُ فَفَـطـن
وَقَـرَّ عَينـاً مَـن رَأى أَنَّ البَلاءَ فـي اللَسـن
فَمـازَ مِـن أَلفـاظِـهِ في كُـلِّ وَقـتٍ وَوَزن
وَخـافَ مِـن لِسـانِـهِ عَزبـاً حَديـداً فَحَـزن
وَمَـن يَـكُ مُعتَصِمـاً بِاللَهِ ذي العَـرشِ فَلَـن
يَضُـرُّهُ شَـيءٌ وَمـن يَعدي عَلى اللَـهِ وَمَـن
مَن يَأمَـنِ اللَـه يَخَـف وَخائِـفُ اللَـهِ أَمــن
وَمـا لِمـا يُثـمِـرُهُ ال خَوفُ مِـنَ اللَـهِ ثَمَـن
يـا عالِـمَ السِـرِّ كَمـا يَعلَـمُ حَقّـاً مـا عَلَـن
صَلِّ عَلى جَدّي أَبي ال قاسِمِ ذي النورِ المُبَـن
أَكرَمُ مِـن حَـيٍّ وَمِـن لُفِّفَ مَيتـاً فـي الكَفَـن
وَاِمنُن عَلَينـا بِالرِضـا فَأَنـتَ أَهـلٌ لِلمِـنَـن
وَاِعفِنـا فـي دينِـنـا مِن كُلِّ حُسـرٍ وَغُبُـن
ما خابَ مَن خابَ كَمَـن يَوماً إِلى الدُنيـا رَكَـن
طوبـى لِعَبـدٍ كُشِفَـت عَنهُ غِيابـاتِ الوَسَـن
وَالمَوعِـدُ اللَـه وَمـا يَقضي بِـهِ اللَـهُ مَكَـن
وَإِن صافَيتَ أَو خالَلـتَ خِـلّاً فَفي الرَحمَنِ فَاِجعَل مَن تُؤاخي
وَلا تَعدِل بِتَقـوى اللَـهِ شَيئـاً وَدَع عَنكَ الضَلالَةَ وَالتَراخـي
فَكَيفَ تَنالُ في الدُنيا سُـروراً وَأَيّـامُ الحَيـاةِ إِلـى اِنسِـلاخِ
وَإِنَّ سُرورَهـا فيمـا عَهِدنـا مَشـوبٌ بِالبُكـاءِ وَبِالصُـراخِ
فَقَد عَمِيَ اِبـنُ آدَمَ لا يَراهـا عَمىً أَفضى إِلى صَمَمِ الصماخِ
وَلَم يَطلُب عُلُوَّ القَـدرِ فيهـا وَعِزَّ النَفـسِ إِلّا كُـلُّ طـاغِ
وَإِن نالَ النُفوسَ مِنَ المَعالـي فَلَيسَ لِنَيلِها طيـبُ المَسـاغِ
إِذا بَلَغَ المُـراد عُـلاً وَعِـزّاً تَوَلّى وَاِضمَحَلَّ مَـعَ البَـلاغِ
كَقَصـرٍ قَـد تَهَـدَّمَ حافَتـاهُ إِذا صارَ البِناءُ إِلـى الفَـراغِ
أَقولُ وَقَد رَأَيتُ مُلوكَ عَصري ألا لا يَبغِيَـنَّ المُلـكَ بــاغِ
يُبَدِّرُ ما أَصابَ وَلا يُبالـي أَسُحتاً كانَ ذَلِكَ أَم حَـلالا
فَلا تَغتَرَّ بِالدُنيـا وَذَرهـا فَما تسوى لَكَ الدُنيا خِـلالا
أَتَبخَلُ تائِهاً شَرِهـاً بِمـالٍ يَكونُ عَلَيكَ بَعدَ غَدٍ وَبـالا
فَما كانَ الَّذي عُقبـاهُ شَـرٌّ وَما كانَ الخَسيسُ لَدَيكَ مالا
فَبِتُّ مِنَ الأُمورِ بِكُلِّ خَيـرٍ وَأَشرَفِها وَأَكمَلِها خِصـالا
أَخي قَد طالَ لُبثُكَ في الفَسادِ وَبِئسَ الـزادُ زادُكَ لِلمَعـادِ
صَبا فيكَ الفُؤادُ فَلَـم تَرعـهُ وَحِدتَ إِلى مُتابَعَـةِ الفُـؤادِ
وَقادَتكَ المَعاصي حَيثُ شاءَت وَأَلفَتكَ اِمرَءاً سَلِـسَ القِيـادِ
لَقَد نوديتَ لِلترحـالِ فَاِسمَـع وَلا تَتَصامَمَنَّ عَنِ المُنـادي
كَفاكَ مَشيبُ رَأسِكَ مِن نَذيرٍ وَغالَبَ لَونُـهُ لَـونَ السَـوادِ
أَنا الحُسَينُ بنُ عَلِيّ بنُ أَبي طالِب البَدر بِأَرضِ العَرَبِ
أَلَم تَرَوا وَتَعلَموا أَنَّ أَبي قاتِلُ عَمرٍو وَمُبيرمرحَبِ
وَلَم يَزَل قَبلَ كُشوفِ الكَربِ مُجَلِّياً ذَلِكَ عَن وَجهِ النَبِي
أَلَيسَ مِن أَعجَبِ عَجَبِ العَجَبِ أَن يَطلُبَ الأَبعَدُ ميراثَ النَبِي
وَاللَهُ قَد أَوصى بِحِفظِ الأَقرَبِ
إِذا اِستَنصَرَ المَرءُ اِمرَءاً لا يَدي لَهُ فَناصِـرُهُ وَالخـاذِلـونَ سَــواءُ
أَنا اِبنُ الَّذي قَـد تَعلَمـونَ مَكانَـهُ وَلَيسَ عَلى الحَقِّ المُبيـنِ طَخـاءُ
أَلَيسَ رَسولُ اللَهِ جَـدّي وَوالِـدي أَنا البَدرُ إِن خَـلا النُجـوم خَفـاءُ
يُنازِعُنـي وَاللَـهُ بَينـي وَبَيـنَـهُ يَزيدٌ وَلَيسَ الأَمـرُ حَيـثُ يَشـاءُ
فَيا نُصَحـاءَ اللَـهِ أَنتُـم وُلاتُـهُ وَأَنتُـم عَلـى أَديـانِـهِ أُمَـنـاءُ
بِـأَيِّ كِتـابٍ أَم بِـأَيَّـةِ سُـنَّـةٍ تَناوَلَهـا عَـن أَهلِهـا البُـعَـداءُ
إِلَـهٌ لا إِلَـهَ لَـنـا سِــواهُ رَؤوفٌ بِالبَرِيَّـةِ ذو اِمتِنـانِ
أُوَحِّـدُهُ بِإِخـلاصٍ وَحَـمـدٍ وَشُكرٍ بِالضَميـرِ وَبِاللِسـانِ
وَأَفنَيتُ الحَياةَ وَلَـم أَصُنهـا وَزُغتُ إِلى البَطالَةِ وَالتَوانـي
وَأَسأَلُهُ الرِضا عَنّـي فَإِنّـي ظَلَمتُ النَفسَ في طَلَبِ الأَماني
إِلَيهِ أَتوبُ مِن ذَنبي وَجَهلـي وَإِسرافـي وَخَلعـي لِلعنـانِ
تُعالِـجُ بِالتَطَـبُّـبِ كُــلَّ داءٍ وَلَيسَ لِداءِ ذَنبِـكَ مِـن عِـلاجِ
سِوى ضَرَعٍ إِلى الرَحمَنِ مَحضٍ بِنِيَّـةِ خـائِـفٍ وَيَقـيـنِ راجِ
وَطولِ تَهَجُّـدٍ بِطِـلابِ عَفـوٍ بِلَيـلٍ مُدلَـهِـمِّ السِـتـرِ داجِ
وَإِظهـارِ النَدامَـةِ كُـلَّ وَقـتٍ عَلى ما كُنتَ فيهِ مِنَ اِعوِجـاجِ
لَعَلَّكَ أَن تَكـونَ غَـداً عَظيمـاً بِبُلغَـةِ فائِـزٍ مَسـرور نـاجِ
عَلَيكَ بِظِلفِ نَفسِكَ عَن هَواها فَما شَيءٌ أَلَذّ مِـنَ الصَـلاحِ
تَأَهَّب لِلمَنِيَّـةِ حيـنَ تَغـدو كَأَنَّكَ لا تَعيشُ إِلى الـرَواحِ
فَكَم مِن رائِحٍ فينـا صَحيـحٍ نَعَتهُ نُعاتُـهُ قَبـلَ الصَبـاحِ
وَبادِر بِالإِنابَةِ قَبـلَ مَـوتٍ عَلى ما فيكَ مِن عِظَمِ الجُناحِ
وَلَيسَ أَخو الرَزانَةِ مَن تَجافى وَلَكِن مَـن تَشَمَّـرَ لِلفَـلاحِ
فَإِنَّ سُدورَهُ أَمسى غُروراً وَحَلَّ بِهِ مُلِمّاتُ الـزَوالِ
وَعُرّي عَن ثِيابٍ كانَ فيها وَأُلبِسَ بَعد أَثوابَ اِنتِقـالِ
وَبَعدَ رُكوبِهِ الأَفراسَ تيهاً يُهادى بَينَ أَعناقِ الرِجالِ
إِلى قَبرٍ يُغادَرُ فيهِ فَـرداً نَأى مِنهُ الأَقارِبُ وَالمَوالي
تَخَلّى عَن مُوَرِّثِهِ وَوَلّـى وَلَم تحجِبهُ مَأثَرَةُ المَعالي
كَفى بِالمَرءِ عـاراً أَن تَـراهُ مِنَ الشَأنِ الرَفيعِ إِلى اِنحِطاطِ
عَلى المَذمومِ مِن فِعلٍ حَريصاً عَلى الخَيراتِ مُنقَطِعَ النَشاطِ
يُشيـرُ بِكَفِّـهِ أَمـراً وَنَهيـاً إِلى الخُدّامِ مِن صَدرِ البِساطِ
يَرى أَنَّ المَعازِفَ وَالمَلاهـي مُسَبِّبَةُ الجَوازِ عَلى الصِراطِ
لَقَد خابَ الشَقِيُّ وَضَلَّ عَجزاً وَزالَ القَلبُ مِنهُ عَنِ النِيـاطِ
لَعَمرُكَ إِنَّنـي لَأُحِـبُّ داراً تَحلُّ بِها سَكينَـةُ وَالرَبـابُ
أُحِبُّهُما وَأَبذُلُ جُـلَّ مالـي وَلَيسَ بِلائِمي فيها عِتـابُ
وَلَستُ لَهُم وَإِن عَتِبوا مُطيعاً حَياتي أَو يُغَيِّبنـي التُـرابُ
نادَيتُ سُكّـانَ القُبـورِ فَأُسكِتـوا وَأَجابَني عَن صَمتِهِم تُربُ الحَصى
قالَت أَتَدري ما فَعَلـتُ بِساكِنـي مَزَّقتُ لَحمَهُـمُ وَخَرَّقـتُ الكِسـا
وَحَشَوتُ أَعيُنَهُـم تُرابـاً بَعدَمـا كانَت تَأَذّى بِاليَسيـرِ مِـنَ القَـذا
أَمّـا العِظـامُ فَإِنَّنـي مَزَّقتُـهـا حَتّى تَبايَنَـتِ المَفاصِـلُ وَالشـوا
قَطّعـتُ ذا زادٍ مِـن هَـذا كَـذا فَتَرَكتُها رمَماً يَطوفُ بِهـا البَـلا
وَدُنياكَ الَّتي غَرَّتكَ مِنهـا زَخارِفُها تَصيرُ إِلى اِنجِذاذِ
تَزَحزَح عَن مَهالِكِها بِجُهدٍ فَما أَصغى إِلَيها ذو نَفـاذِ
لَقَد مُزِجَت حَلاوَتُها بِسُـمٍّ فَما كَالحَذرِ مِنها مِن مَلاذِ
عَجِبتُ لِمُعجَبٍ بِنَعيمِ دُنيا وَمَغبـونٍ بِأَيّـامٍ لِــذاذِ
وَمُؤثِرٍ المُقامَ بِأَرضِ قَفـرٍ عَلى بَلَدٍ خَصيبٍ ذي رَذاذِ
وَلَم يَمرُر بِهِ يَـومٌ فَظيـعٌ أَشَدُّ عَلَيهِ مِن يَـومِ الحِمـامِ
وَيَومُ الحَشرِ أَفظَعُ مِنهُ هَولاً إِذا وَقَفَ الخَلائِـقُ بِالمَقـامِ
فَكَم مِن ظالِمٍ يَبقـى ذَليـلاً وَمَظلومٍ تَشَمَّـرَ لِلخِصـامِ
وَشَخصٍ كانَ في الدُنيا فَقيراً تَبَوَّأَ مَنزِلَ النُجـبِ الكِـرامِ
وَعَفوُ اللَهِ أَوسَعُ كُلّ شَـيءٍ تَعالى اللَـهُ خَـلّاقُ الأَنـامِ
يُحَوَّلُ عَن قَريبٍ مِن قُصورٍ مُزَخرَفَةٍ إِلى بَيتِ التُـرابِ
فَيُسلَمَ فيهِ مَهجـوراً فَريـداً أَحاطَ بِهِ شُحوبُ الإِغتِرابِ
وَهَولُ الحَشرِ أَفظَعُ كُلِّ أَمرٍ إِذا دُعِيَ اِبنُ آدَمَ لِلحِسـابِ
وَأَلفى كُلَّ صالِحَـةٍ أَتاهـا وَسَيِّئَةٍ جَناها فـي الكِتـابِ
لَقَد آنَ التَـزَوُّدُ إِن عَقِلنـا وَأَخذُ الحَظِّ مِن باقي الشَبابِ
أَفي السَبخاتِ يا مَغبونُ تَبني وَما أَبقى السِباخُ عَلى الأَساسِ
ذُنوبُكَ جَمَّةٌ تَتـرى عِظامـاً وَدَمعُكَ جامِدٌ وَالقَلبُ قاسـي
وَأَيّاماً عَصَيـتَ اللَـهَ فيهـا وَقَد حُفِظَت عَلَيكَ وَأَنتَ ناسي
فَكَيفَ تُطيقُ يَومَ الدينِ حَمـلاً لِأَوزارِ الكَبائِـرِ كَالرَواسـي
هُوَ اليَـومُ الَّـذي لا وُدَّ فيـهِ وَلا نَسَبٌ وَلا أَحَـدٌ مُواسـي
أَنا اِبنُ عَلَيِّ الحبرِ مِن آلِ هاشِـم كَفاني بِهَذا مَفخَـراً حيـنَ أَفخَـرُ
وَجَدّي رَسولُ اللَهِ أَكرَمُ مَن مَشـى وَنَحنُ سِراجُ اللَهِ في الأَرضِ يزهرُ
وَفاطِمَـة أُمّـي سُلالَـةُ أَحـمَـدٍ وَعَمّي يُدعى ذا الجَناحَينِ جَعفَـرُ
وَفينا كِتابُ اللَـهِ يَنـزِلُ صادِقـاً وَفينا الهُدى وَالوَحيُ وَالخَيرُ يُذكَـرُ
وَنَحنَ وُلاة الناسِ نَسقـي وُلاتنـا بِكَأسِ رَسولِ اللَهِ ما لَيـسَ يُنكَـرُ
وَشيعَتُنا في النـاسِ أَكـرَمُ شيعَـةٍ وَمُبغِضُنـا يَـومَ القِيامَـةِ يَخسَـرُ
إِذا جادَتِ الدُنيا عَلَيكَ فَجُد بِها عَلى الناسِ طُرّاً قَبلَ أَن تَتَفَلَّتِ
فَلا الجودُ يُغنيها إِذا هِيَ أَقبَلَت وَلا البُخلُ يُبقيها إِذا ما تَوَلَّتِ
اللَـهُ يَعلَـمُ أَنَّ مــا بِيَـدي يَزيـدَ لِغَيـرِهِ
وَبِأَنَّـهُ لَـم يَكتَسِـب هُ بِخَيـرِهِ وَبِمـيـرِهِ
لَو أَنصَفَ النَفسَ الخَؤو ن لَقَصّرَت مِن سَيـرِهِ
وَلَكانَ ذَلِـكَ مِنـهُ أَد نى شَرِّهِ مِـن خَيـرِهِ
ذَهَـبَ الَّذيـنَ أُحِبُّهُـم وَبَقيتُ فيمَـن لا أَحِبُّـه
فيمَـن أَراهُ يَسُبُّـنـي ظهرَ المَغيبِ وَلا أَسُبُّه
يَبغي فَسادي ما اِستَطاعَ وَآمُـرُهُ مِمّـا أَرُبُّــه
حَنقاً يَدُبُّ إِلى الضـرّا ءِ وَذاكَ مِمّـا لا أَدُبُّـه
وَيَرى ذُبابَ الشَرِّ مِـن حَولي يَطِنُّ وَلا يَذُبُّـه
وَإِذا خَبا وَغر الصُـدو رِ فَلا يَزالُ بِـهِ يُشِبُّـه
أَفَـلا يَعيـجُ بِعَقـلِـهِ أَفَلا يَثـوبُ إِلَيـهِ لُبُّـه
أَفَـلا يَـرى أَن فِعلـهُ مِمّا يَسورُ إِلَيـهِ غبُّـه
حَسبـي بِرَبّـي كافِيـاً ما أَختَشي وَالبَغيُ حَسبُه
وَلَعَلَّ مَن يَبغـي عَلَـي هِ فَما كَفاهُ اللَـهُ رَبُّـه
عَلَيكَ مِنَ الأُمورِ بِما يُـؤَدّي إِلى سُنَنِ السَلامَةِ وَالخَلاصِ
وَما تَرجو النَجاةَ بِهِ وَشيكـاً وَفَوزاً يَومَ يُؤخَذُ بِالنَواصـي
فَلَيسَ تَنـالُ عَفـوَ اللَـهِ إِلّا بِتَطهيرِ النُفوسِ مِنَ المَعاصي
وَبِرِّ المُؤمِنيـنَ بِكُـلِّ رِفـقٍ وَنُصحٍ لِلأَداني وَالأَقاصـي
وَإِن تَشدُد يَداً بِالخَيرِ تُفلِـح وَإِن تَعدِل فَما لَكَ مِن مَناصِ
فَعُقبى كُلِّ شَيءٍ نَحنُ فيـهِ مِنَ الجَمعِ الكَثيفِ إِلى شَتاتِ
وَما حُزناهُ مِن حلٍّ وَحُـرمٍ يُوَزَّعُ في البَنينِ وَفي البَناتِ
وَفيمَن لَـم نُؤَهِّلهُـم بِفلـسٍ وَقيمَةِ حَبَّـةٍ قَبـلَ المَمـاتِ
وَتَنسانا الأَحِبَّةُ بَعدَ عَشـرٍ وَقَد صِرنا عِظاماً بالِيـاتِ
كَأَنّـا لَـم نُعاشِرهُـم بِـوُدٍّ وَلَم يَكُ فيهِمُ خِـلٌّ مُـؤاتِ
كُلَّما زيدَ صاحِبُ المالِ مالاً زيدَ في هَمِّهِ وَفي الإِشتِغالِ
قَد عَرَفناكِ يا مُنَغّصَةَ العَي شِ وَيا دارَ كُلِّ فانٍ وَبالـي
لَيسَ يَصفو لِزاهِدٍ طَلَبُ الزُه دِ إِذا كانَ مُثقَـلاً بِالعِيـالِ
لِكلِّ تَفَـرّقِ الدُّنيـا اِجتِمـاع فَما بَعدَ المَنونِ مِنَ اِجتِمـاعِ
فِراقٌ فاصِلٌ وَنَوى شَطـونٌ وَشُغـلٌ لا يلبَّـث لِـلـوَداعِ
وَكُـلُّ أُخُـوَّةٍ لا بُـدَّ يَومـاً وَإِن طالَ الوِصالُ إِلى اِنقِطاعِ
وَإِنَّ مَتاعَ ذي الدُنيـا قَليـلٌ فَما يُجدي القَليلُ مِنَ المَتـاعِ
وَصارَ قَليلُها حَرِجاً عَسيـراً تَشَبَّث بَيـنَ أَنيـابِ السِبـاعِ
هَلِ الدُنيا وَما فيها جَميعـاً سِوى ظِلٍّ يَزولُ مَعَ النَهارِ
تَفَكَّر أَينَ أَصحابُ السَرايا وَأَربابُ الصَوافِنِ وَالعِشارِ
وَأَينَ الأَعظَمونَ يَداً وَبَأساً وَأَينَ السابِقونَ لِذي الفَخارِ
وَأَينَ القَرنُ بَعدَ القَرنِ مِنهُم مِنَ الخُلَفاءِ وَالشُمِّ الكِبـارِ
كَأَن لَم يُخلَقوا أَو لَم يَكونوا وَهَل أَحَدٌ يُصانُ مِنَ البَوارِ
وَقَعنا في الخَطايا وَالبَلايـا وَفي زَمَنِ اِنتِقاضٍ وَاِشتِباهِ
تَفانى الخَيرُ وَالصُلَحاءُ ذَلّوا وَعَزَّ بِذُلِّهِم أَهـلُ السَفـاهِ
وَباءَ الآمِرونَ بِكُلِّ عُـرف فَما عَن مُنكَرٍ في الناسِ ناهِ
فَصارَ الحُرُّ لِلمَملوكِ عَبداً فَما لِلحُرِّ مِن قَـدرٍ وَجـاهِ
فَهَذا شُغلُهُ طَمَـعٌ وَجَمـعٌ وَهَذا غافِـلٌ سَكـرانُ لاهِ
يا دَهرُ أُفٍّ لَكَ مِـن خَليـلِ كَم لَكَ في الإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن صاحِبٍ وَماجِـدٍ قَتيـلِ وَالدَهـرُ لا يَقنَـعُ بِالبَديـلِ
وَالأَمرُ في ذاكَ إِلى الجَليـلِ وَكُلُّ حَـيٍّ سالِـكُ السَبيـلِ