مجامع اللّدم(1)
وهي النوادي الخاصة المنعقدة لأجل اللطم على الصدور بالأيدي، وهذه كالمآتم لا ريب في كونها مظهر الحزن والجزع، وربما يقال بكونها ابلغ في إظهار الحزن من البكاء وحده، هذه أيضاً لا كلام فيها، وفي كون اللطم بها وبغيرها صلة للرسول (صلى الله عليه وآله) وإسعاداً للزهراء البتول. وإذا كانت زيارته (سلام الله عليه) برّاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) باعتبار كونها توقيراً واحتراماً لفــلذة كبده كمـــا في الأخــــبار(2)، فلا ريب أنّ ذلك النوح الدائم أولى منها ولا شك إن أولئك الرجال اللاطمون هم من أظهر مصاديق قول الصادق (عليه السلام): يا مسمع…إن الموجع قلبه لنا(3). وقوله: الجازع لمصابنا والحزين لحزننا. وأظهر من ينطبق عليه قول النبي (صلى الله عليه وآله) كما في الخبر: لما أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديداً وقالت: يا أبت متى يكون ذلك؟! قال: في زمان خال مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها وقالت: يا أبت فمن يبكي عليه ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟ فقال النبي: فاطمة إنّ نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كلّ سنة - الحديث(4). فإنّ العزاء المتجدّد كلّ سنة هو ذلك اللطم والشبيه والمواكب التي تكون في عموم بلدان الشيعة سنوياً لا يومياً مثل المآتم. إنّ لطم الخدود وشق الجيوب مما لا ريب في مرجوحيّته على غير الحسين (عليه السلام) وأما عليه (عليه السلام) ففضلاً عن جوازه قد رغب فيه كثير من الأخبار، كالمروي في التهذيب، عن خالد بن سدير، عن الصادق (عليه السلام) وفيه: ولقد شققن الجيوب والطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي (عليه السلام) وعلى مثله (تلطم الخدود وتشق الجيوب)(5). وإذا كان لطم الخدود مندوباً كان لدم الصدور أولى بالرجحان، وسيأتي في بعض التذكارات الآتية عد ّلطم الصدر في بعض الأخبار من الجزع وفيه تعرف أن الجزع نفسه في مصاب الحسين (عليه السلام) مرغّب فيه مندوب إليه. |
1 - اللّدم: أي الضرب،والمراد هنا ضرب الصدور، واللّدم بمعنى واحد، ويكثر استعمال اللّدم لضرب الصدور، واللطم لضرب الخدود. 2 - كما في الحديث الذي مرّ عليك في حاشية رقم 10 عن كامل الزيارات. 3 - بحار الأنوار: ج 44 ص 289 ح 3 ب 34. 4 - بحار الأنوار: ج 44 ص 292 ب 34. 5 - التهذيب: ج 8 ص 325 ح 23 ب 4. |