المقدمة |
أول الكلام نقول: أن فصول الكتاب تدور حول التطبير بشكل خاص وعن الشعائر الحسينية بشكل عام لما كثر الكلام وأثيرت بعض الشكوك والاتهامات حوله. ولا أريد أن أزعم أني قد استوفيت البحث فيه، وهل يتمكن بشر عادي مثلي أن يدرك الحسين وحقائق الحسين وما يدور حول الحسين وهو الذي حير العقول والأفئدة وأذهل حتى ملائكة السماء!! فإن كل إنسان يتبحر أو يغوص في أعماق الحسين ومعانيه لا يصل يوماً إلى شاطئ أو قرار. وإذا ألح في الطلب لا يحس إلا بوجود معان عميقة ومحبّة مكنونة تجاه الحسين (عليه السلام) في قلبه ووجدانه لا يمكنه التعبير عنها، بل وتعجز كل الكلمات عن أداء معانيها، وبعدها لا يمتلك إلا أن يكوى ضميره بمصائبه ويصب دموعه عن اختيار أو بلا اختيار تضامناً معه!! ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (إن للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكنونة..)(1)، كما ورد (إن للحسين محبة مكتومة في قلوب المؤمنين)(2). ولا غرو في ذلك فإن الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) سر من الأسرار الإلهية في هذا الوجود، وخلاصة النبوة والإمامة معاً، فهل يمكن لإنسان محدود أن يدرك هذا الغور ويبلغ هذا العمق؟! إذن.. أنا مسبقاً أعلن عن عجزي وضعفي وقصوري عن أن أبلغ الحسين وما يرتبط بالحسين من شعائر ومراسم وطقوس، ولكني حاولت وبذلت غاية جهدي ومجهودي لكي تكون محاولتي البسيطة هذه جادة ومنطقية ودالة في نفس الوقت. فسعيت لأن أشير إلى التطبير - وهو ذروة الشعائر الحسينية وقمتها في الدلالة على المواساة والتضامن مع جراح الحسين وموقفه العجيب من عدة وجوه وجوانب، وستمر عليك مضامينها. وأخيراً أود أن أذكر الأخوة القراء أن هذا الجهد المتواضع الذي أضعه بين أيديهم هو خلاصة شديدة لما كتبناه عن التطبير دفاعاً عن الحسين ونصرة لمبادئه ومواساة لآلامه.. وقد هيئناه للطبع في حوالي ألف صفحة ولكن لما رأينا إن ذلك قد يصعب على العديد من أنصار الحسين وشيعته أقترح علينا بعض الأخوة تلخيص بعض مضامينه ليخرج بشكل عاجل في هذه الصورة وأما التفاصيل الأخرى نتركها إلى الكتاب الآخر والله من وراء القصد.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.
|
1- راجع الخصائص الحسينية العنوان الرابع القسم الأول الوجه السادس. 2- الخرائج والجرائح ج 2 ص 841 ص 842. وبحار الأنوار ج 43 باب 12 الحديث 39 ص 272. |