فهرس الكتاب

 

القسم الثاني المحرمات المزعومة وجودها في الشعائر الحسينية

الباب الأول: الكذب في مراثي الإمام الحسين

(فالأول منها(1): الكذب بذكر الأمور المكذوبة المعلوم كذبها(2)، وعدم وجودها في خبر، ولا نقلها في كتاب، وهي تتلى على المنابر وفي المحافل بكرة وعشياً، ولا رادع(3) وسنذكر طرفاً منها في طي كلماتنا الآتية).

انتهى في الصفحة الثالثة.

وذكر في الصفحة الثالثة عشرة شطراً من الأخبار المكذوبة - بزعمه - منها: حديث (أين ظلّت مطيّتك يا حسان)، وحديث (خرجت أتفقد الثنايا والعقبات)، وحديث الطائر الذي أعلم بنت الحسين (عليه السلام) بقتله، وحديث دفن السجاد لأبيه مع بني أسد، وغيرها.

وأنا لا أريد تفنيد رأيه في بعض ما رمز إليه، ولكن لأنبّهه على أمور:

تعريف الكذب المحرم:

الأول: إنّ كذب القارئ هو أن يقرأ من تلقاء نفسه كلاماً زوّر معناه، وصاغ ألفاظه، ونسبه إلى غيره، من دون أن ترد به رواية - ولو مرسلة - ولا أدرج في كتاب معتبر.

وأما نقله للكذب فهو أن يقرأ كلاماً زوّره غيره وافتعله، مع علمه بذلك أو ظنه.

ولا ريب أن أحداً من قرّاء تعزية سيد الشهداء (عليه السلام) حتى الأصاغر وغير أهل الورع منهم لم يزوّر خبراً من نفسه، وإنما ينقل عن غيره من نقلة الحديث الموثوق بهم، غير المعلوم عنده كذب حديثهم، وعهدة مثل هذا الحديث على راويه، لا على ناقل روايته. فإذاً ليس هو بكاذب، وإن كان المقروء كذباً واقعاً، ولا ناقلاً لما هو معلوم الكذب.

وعسى أن يكون هذا هو السبب في عدم إنكار أحد من العلماء - قديماً وحديثاً - شيئاً من الأخبار التي تتلى على المنابر وفي المحافل بكرة وعشيّاً - كما يعترف به الكاتب -، ولو كانوا يرون ذلك كذباً لأنكروه، لكنهم أجلّ من أن ينكروا ما تقضي عليهم القواعد بعدم كونه كذباً، ولا مننقل الكذب.

التسامح في نقل أخبار القصص والفضائل والوقائع

الثاني: إنّ وقائع الطف وما احتفّ بها وما سواها مما يقرأه الذاكرون لم تتضمن أحكاماً إلزامية لينظر في سندها ويعرف أنّه من قسم الصحيح أو الموثق أو الحسن، ولا حكماً غير إلزامي ليقع الكلام في تحكيم أخبار التسامح في أدلة السنن فيها - كما هو المشهور - أو عدمه - كما هو مذهب بعض -، بل هي قسم ثالث من سنخ الرّخص، وإن لم تكن رخصاً حقيقة، وأعني بذلك القصص والمواعظ والفضائل والمصائب وأخبار الوقائع، فإنها نوع من الأخبار لا تدخل في ما تضمّن الأحكام الشرعية ليجري عليها حكمه من لزوم التصحيح وجواز المسامحة. وما يكون كذلك مما لا يترتب عليه حكم شرعي، لا ينبغي النظر في سنده إذا كان مما لا تنفيه فطرة العقول، وكان الضرر فيه مأموناً على تقدير كذبه في نفس الأمر.

وقد ادّعى الشهيد الأول (قدس سره) في (الذكرى) أنّ أهل العلم يتسامحون في أخبار الفضائل (4). ونسب الشهيد الثاني في (شرح الدراية). إلى الأكثر جواز العمل بالخبر الضعيف في القصص والمواعظ والفضائل، واستحسن ذلك ما لم يبلغ الخبر في الضعف حد الوضع والاختلاق(5). والمراد بالعمل بالخبر الضعيف في الفضائل والمصائب هو نقلها واستماعها وضبطها في القلب، وذلك مما لا محذور فيه عقلاً، لفرض أمن المضرّة فيه على تقدير الكذب، وشرعاً لأنه لا يعدّ عرفاً من الكذب حتى تترتب عليه أحكامه، وليس ثمّة عنوان آخر من العناوين المحرمة يشمله حتى يقال لأجله بعدم الجواز.

قال شيخنا المحقق الأنصاري(6)- بعد نقل العبارة المتقدمة عن الشهيد الثاني -: (المراد بالعمل بالخبر الضعيف(7) في القصص والمواعظ هو نقلها واستماعها وضبطها في القلب وترتيب الآثار عليها عدا ما يتعلق بالواجب والحرام. والحاصل أن العمل بكل شيء على حسب ذلك الشيء، وهذا أمر وجداني لا ينكر، ويدخل في ذلك [حكاية] فضائل أهل البيت ومصائبهم. ويدخل في العمل - أي: العمل بالخبر الضعيف في الفضائل والمصائب وشبهها - الإخبار(8) بوقوعها - أي: الفضائل والمصائب - من دون نسبة إلى الحكاية(9) على حد الاجتهاد بالأمور المذكورة الواردة بالطرق المعتمدة، كأن يقال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول كذا، ويبكي كذا، ونزل على مولانا سيد الشهداء كذا وكذا، ولا يجوز ذلك في الأخبار الكاذبة، وإن كان يجوز حكايتها فإنّ حكاية الخبر الكاذب ليست كذباً، مع أنّه لا يبعد عدم الجواز إلاّ مع بيان كونها كاذبة.

ثم إن الدليل(10) على جواز ما ذكرنا من طريق العقل، حسن العمل بهذه مع أمن المضرة فيها على تقدير الكذب، وأما من طريق النقل فرواية ابن طاووس(11) والنبوي(12) مضافاً إلى إجماع (الذكرى)(13) المعتضد بحكاية ذلك عن الأكثر)(14). انتهى كلام المحقق الأنصاري بنصه.

ومن هذا يعلم الوجه في ما جرى عليه العلماء قديماً وحديثاً من العمل - بالمعنى الذي ذكرناه - بالوقائع التاريخية، فإنها لم يصح السند في شيء منها، وإنما ترسل في كتب التاريخ مسلّمة، ولذلك إذا نقل المؤرخ في كتابه واقعة منها، لا يقال إنّها من الأمور المكذوبة، لأنه لم يسندها معنعنة إلى من شهد تلك الواقعة، وكذلك إذا نقل الواقعة نفسها ناقل من ذلك الكتاب، لا يعدّ من ناقلي الكذب لمجرد أنه نقل ما ليس مسنداً عن رجال قد زكّي كل واحد منهم بشهادة عدل أو عدلين.

الإرسال في أخبار وقائع الطف:

الثالث: إنّ وقائع الطف لم تصل إلينا - حتى التي تلقيناها بواسطة المفيد والشيخ والسيد وأضرابهم - إلا مرسلة، وأكثر ما يرسل المؤرخون وأوثقهم ابن جرير الطبري عن أبي مخنف، وهو لم يحضر الواقعة وكذلك غيره. وكثيراً ما اعتمدوا في النقل على هلال بن نافع وحميد بن مسلم وهلال بن معاوية وغيرهم ممن شهد حرب الحسين (عليه السلام) وكان مقاتلاً له.

وأيّ فرق - غير اختلاف مراتب الوثوق - بين ما ينقله المفيد ويرسله السيّد، وبين قوله في (البحار) وغيره من الجوامع (روي مرسلاً) أو (روى بعض الثقات) أو (روى بعض أصحابنا) أو (روي في بعض الكتب القديمة) أو (روي في بعض الكتب المعتبرة) وشبه ذلك من العبائر؟!

أم أيّ فرق - غير ذلك - بين ما تضمنته تلك العبارات، وبين ما يوجد في كتاب العالم الفاضل الأديب الشيخ حسن بن الشيخ علي السعدي، الكنّى بـ(أبي قفطان)(15) من مراسيل تلقاها من مشايخ أهل الكوفة وصاغ لها ألفاظاً من نفسه، وما القصور الذي يكون فيها بحيث تنحطّ عن درجة سائر المراسيل الموجودة في (المنتخب) وفي (الدمعة الساكبة) إلى حيث تسقط عن درجة الاعتبار من رأس؟ وإذا كان القارئ - على ما قلناه - نقل مضمون تلك المراسيل المروية في تلك الكتب، لا يكون كاذباً البتة، ولا ناقلاً لما هو معلوم الكذب، فما هو إذاً معنى قول الكاتب - مشيراً إلى ما يقرأه - الذاكرون من الأخبار - إنّها معلومة الكذب؟!

من ذا يا ترى - غير عالم الغيب - يعلم أنّ الأخبار مكذوبة. نعم إنّ تلك الأخبار غير معلومة الصدق، وهكذا جميع الأخبار بلا استثناء، وشتان بين معلوم الكذب وبين غير معلوم الصدق. ولو لزم الناس أن لا ينقل أحد منهم إلا الصادق أو معلوم الصدق - ولو بالطرق الظاهرية المعروفة في كتب الأصول والحديث - لانسدّ باب نقل الأخبار، وبطل الاحتجاج بأقوال المؤرخين، وذلك ما لا يلتزم به عالم ولا جاهل.

ولو أن الكاتب - سامحه الله - توسط في الأمر، فتوقف في الأخبار المزعوم كذبها، وردّ علمها إلى قائلها، لكان أدنى للحزم وأقرب إلى ما جاء عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من (إن حق الله على العباد أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عندما لا يعلمون)(16) وأنّه إذا جاءهم من يقول للّيل إنّه نهار، وللنهار إنّه ليل، لا يسعهم إلاّ ردُّ علمه إليهم، وإلاّ فإنه يكون مكذّباً لهم(17). وعن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام): (لا تكذبوا بحديث أتاكم به أحد، فإنكم لا تدرون لعلّه من الحق)(18). وعن علي المسناني عن أبي الحسين (عليه السلام): (لا تقل لما بلغك عنا، أو نسب إلينا: هذا باطل، وإن كنت تعرف خلافه(19) (20).

الأخبار المكذوبة!!

الأخبار المكذوبة - بزعم الكاتب - مما دخل في التعازي الحسينية معدودة محصورة، وقد ذكر منها في صفحة 13 نحو عشرة أخبار، فلتكن مائة بدل كونها عشرة، فإنها مهما كثرت لا يقرأها كل قارئ، بل الصغار قد يقرءون نبذة من بعضها في السنة مرة أو مرتين جهداً منهم بأنها مفتعلة، لأنهم ليسوا من أهل التمييز بين الأخبار، فاللازم على المصلحين تعيين تلك الأخبار والنهي عن قراءتها، لا التهويل على الشعائر الحسينية بأنها محرّمة، لأن فيها الكذب المحرّم الذي هو من الكبائر بإجماع المسلمين، فيما هذا إلا إرعاد يراد به إخفاء صوت الحقيقة الحقة التي لا تخفى بالتهاويل.

هذا مع أنّ بعض ما أشار إليه من الأخبار المختلقة - بزعمه - لا يقصر عن غيره من المراسيل والمسانيد التي يعتمد عليها في باب التاريخ كافة العلماء.

أما حديث الطيور البيض فقد رواه في محكي (العوالم)(21)، وفي (المنتخب)(22)، و(البحار) (23) وعبارتها هكذا: (روي من طريق أهل البيت أنه لما استشهد الحسين (عليه السلام) [بقي في كربلاء صريعاً، ودمه على الأرض مسفوحاً، و] إذا بطائر أبيض قد أتى وتمسّح بدمه...)(24) الحديث.

ومثله حديث الغراب(25) الذي أعلم فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) - بقتله، فقد نقله في محكي (العوالم)(26) وفي (البحار)(27) عن كتاب المناقب القديم، مسنداً(28) عن المفضل بن عمر الجعفي عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن علي بن الحسين (عليه السلام)(29).

وأما حديث (خرجت أتفقّد الثنايا) فقد نقله في (الدمعة الساكبة) وهذا لفظه: (عثرت على أشياء أرسلها بعض معاصرينا في مؤلفاتهم، فأحببت ذكرها، وإن لم أقف عليها في الكتب، منها ما عن المفيد قال: ...)(30) الحديث.

وهذا المعاصر هو العالم العامل الشيخ حسن الملقّب بأبي قفطان، فقد حكى أنّه روى أحاديث كثيرة، منها حديث (أتفقد الثنايا)، وحديث (أنا صاحب السيف الصقيل)، وحديث (أين ظلت مطيتك يا حسان) عن مشايخ من أهل الكوفة يروونها عن آبائهم ومشايخهم. وهذه لا تقصر عن المراسيل المروية في الكتب القديمة عن حميد بن مسلم وهلال بن نافع، وبين زمان تأليفها وزمن رواتها أكثر من خمسمائة عام.

وأما حديث دفن السجاد لأبيه فقد نقله في (الدمعة) عن بعض الكتب المعتبرة عن كتاب (أسرار الشهادات) (31)،(32).

وروى أبو عمرو الكشّي - في رجاله - عن الرضا (عليه السلام) ما يتضمن تقرير الواقعة بأن علي بن الحسين هو الذي دفن أباه(33).

ويؤيده ما روي عنهم من أنّ الإمام لا يلي أمره إلا إمام، إما ظاهراً وإما بطريق الخفاء (34).

وأما قول بعض قد مائنا بدفن بني أسد له، فيراد به معاونتهم للسجاد (عليه السلام) في دفن أبيه، وكذلك ما جاء من قول: (السلام على من دفنه أهل القرى) (35)، وقول النبي (صلى الله عليه وآله) عن الحسين (عليه السلام): (يدفنه الغرباء، ويزوره الغرباء)(36).

ومن الغريب القطع بأمر يعينه في شأن دفن الحسين (عليه السلام) بعد إرسال المفيد(37) والسيد(38) دفن بني أسد له، ورواية (الأسرار) بأن الذي دفنه هو السجاد (عليه السلام) (39)، وذلك مؤيد بما عرفت من رواية الكشي التي هي حجة مستقلة.

وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه والصدوق في مجالسه بأسانيد معتبرة أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي دفن الحسين (عليه السلام) (40).

فلماذا ولأيّ مرجح يكون الأول صادقاً ويجعل الكاذب ما عداه؟ مع أنّ الكل مروي مسنداً ومرسلاً عدا دفن بني أسد، فإنها لم ترد في رواية مرسلة، وإنما ذكر في الكتب قولاً كحادثة من التاريخ منقولة.

ومن غريب ما تركه الأول للآخر أنّ خاتمة المحدثين شيخنا النوري (قدس سره) و(ناهيك به إطلاعاً وإنكاراً للكذب) استقصى في كتابه (اللؤلؤ والمرجان) الأخبار المكذوبة(41)، وما عدّ منها حديث دفن السجاد لأبيه مجملاً ولا مفصلاً، ولا حديث الطيور البيض، ولا الغراب الذي طار من كربلاء إلى المدينة وغيرها مما سرّده الكاتب، وما ذلك إلا لاكتفائه في مقام النقل أن توجد الرواية في كتاب معتبر، ولو بعنوان (روى بعض أصحابنا) وشبه ذلك إذا كانت مما لا يأباها العقل، ولم تظهر عليها أمارات الوضع والافتعال. وكم له في بعض كتبه مثل ذلك.

إنّ شيخنا النوري (قدس سره) في كتابه المذكور بالغ في تقريع القرّاء باستعمال الكذب ونقل الأحاديث في ذمه، وها نحن نزيده من تقريعهم على الكذب - إذا شاء - ونؤكد ذمه وقبحه عقلاً ونقلاً، ولكن أين هو ممّا يقرءونه؟ إنّهم لم يتخطّوا قيد شبر عمّا رسمه لهم من الخطة المتبعة إذ يقول (ما ترجمته): (إنّ على الناقل أن ينقل عن ثقة مطمئن بنقله، وذلك بأن يكون متحرزاً عن الكذب، بانياً على الصدق، بحيث كان الصدق له ملكة أو عادة، حتى يكون معروفاً في ذلك بين من عرفه وعاشره، وأن لا يكون كثير النسيان والسهو، وأن يكون من أهل المعرفة والبصيرة)(42).

وفي مقام آخر - بعد نقل ما جاء في النهج في كتاب علي (عليه السلام) للحارث الهمداني: (ولا تحدّت الناس بكل ما سمعت، فكفى بذلك كذباً) وبما جاء في (كشف المحجة) عن رسائل ثقة الإسلام من قولهم: (ولا تحدّث إلاّ عن ثقة، فتكون كذاباً، والكذب ذل). ونحو ذلك - قال ما ترجمته: (وحاصل مفاد جميع هذه الأخبار المعتبرة أنّ تكليف الناقل في مقام نقل أي أمر ديني أو دنيوي لغيره، بنفسه أو بواسطة أو وسائط، أو من كتاب، أن ينقل عن شخص ثقة يطمأن بنقله)(43).

وهذا مما لا ينكره أحد، لكنه لا يوجب إلا ترك ما لا يطمأن بصدقه، أو علم كون راويه متعمداً للكذب أو كثير الخطأ في الأمور المحسوسة، فضلاً عن المنقولة، لا ما يحاوله الكاتب من الاقتصار على مرويّات المشاهير الأقدمين وأرباب التاريخ.

وأما ما ادعاه الكاتب في صحيفة 13 من فقرات ادعى كذبها، فإنّا لا نعرفها ولا سمعنا أحداً يقرأها في العراق، ولقد سألت كثيراً من القرّاء عنها، فلم يعرفها أحد، وكم سألني جمع منهم عنّها، فلم أدر بها.

وعسى أن تكون تلك صادرة من البحر الذي ورد منه قول الكاتب أن زين العابدين (عليه السلام) شاهد شمر بن ذي الجوشن يفري بسيفه وريدي الحسين (عليه السلام) حتى فصل رأسه المكرّم عن جسده(44).

وقوله ج 3 ص 6، وج 4 ص 3: أن الرّباب أخذت رأس الحسين (عليه السلام) ووضعتها في حجرها، وقبّلته وقالت:

واحسيـناً فلا نســـيت(45) حسيناً          أقصــــــدته أســــنة الأعداء(46)

وقوله ج 3 ص 119: بات أطفال الحسين (عليه السلام) في الليلة الحادية عشر جياعاً عطاشى.

وقوله ج 2 ص 47: كانت لحيته المباركة مخضوبة بالوسمة، كأنها سواد السبّح(47). فإن لفظ (سواد السبج) وقع في حديث مسلم الجصاص الذي جاء فيه: (نطحت جبينها بمقدّم المحمل)(48).

وقوله ج 3 ص 22 وج 4 ص 16: إنّ مروان أخذ رأس الحسين (عليه السلام) بعد قتله فوضعه بين يديه، وجعل يقول: (يا حبّذا بردك في اليدين). والله لكأني أنظر إلى أيام عثمان...)، مع أن من ذكر ذلك يظهر منه أنّ ذلك كان في المدينة، وهو بعيد عن الصحة. نعم جاء في كتب أصحابنا أنّ مروان لما نظر إلى الرأس الشريف في الشام جعل يهزّ أعطافه وينشد الأبيات، ولا كلمة بعدها.

وقوله في ج 2 ص 138 - تبعاً لبعض الروايات - : إنّ السجّاد عاش بعد أبيه أربعون سنة، وهو يبكي. مع أنّه يعلم بأنه (سلام الله عليه) على جميع الأقوال والروايات في وفاته، لم يعش بعد أبيه أزيد من خمس وثلاثين سنة.

وروايته ج 4 ص 22 وص 37 حديث جابر الجعفي في تغسيل الباقر (عليه السلام) أباه، وقوله: (لما جردته ثيابه، وجدت آثار الجامعة في عنقه). إلى غير ذلك مما لا أحبّ ذكره، ولا أطيل.

الكذب في الشعر:

يصرّح صاحب (المستند) بأن ما يتضمن من الشعر نسبة قول أو فعل إلى أحد الأئمة (عليهم السلام) يقطع بعدم صدوره، هو محرّم ومبطل للصوم، لأنه من الكذب على الإمام (عليه السلام)، إلاّ إذا كان داخلاً في باب مبالغات الشعر وإغراقاته(49)،(50).

وهذا من الغرائب، فإن الخلاص عن الكذب لا ينحصر بالمبالغة والإغراق، لأن الشعر أكثر ما يكون خيالاً أو متضمناً لحكاية، حال، نظير قوله تعالى: (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) على ما يرتئيه سيدنا المرتضى في (المسائل الطرابلسية)(51).

فمن الخيال قوله:

تريب المــــحيّا تظــــــنّ السّما          بأن علـــــى الأرض كــــيوانها

ومن حكاية الحال قوله:

وقال قفـــــي يا نفــــس وقفة واردٍ          حيــــاض الــرّدى لا وقفة المتردّد

وقوله:

وهوى علــــيه مــــا هنـــالك قائـلاً          اليــــوم بـــان عن اليمين حسامها

ومن أقسام الخيال إرسال القول أو الفعل مبنياً على إضمار (كأنّ) أو شبهها، كقوله:

عجّت بهم مذ على أبرادها اختلفت          أيدي الــــعدوّ ولكــــن من لها بهم

يريد (كأني بها عجّت بهم وهي تقول كذا..) ولا يقصد أنّ ذلك واقع منها واقعاً، فهو في الحقيقة يجري مجرى قول علي (عليه السلام) في إحدى خطبه في وصف الموتى (ولو استنطقت(52) عنهم عرصات تلك الديار الخاوية، والربوع الخالية، لقالت: ذهبوا في الأرض ضلاّلا..)(53) في كونه ليس من الكذب إن أريد به (كأنّي بها لو استنطقت..).

وكذا إذا لم يرد ذلك، لكنه يكون على هذا من حكاية الحال نحو (قالت نملة).

ولو أني ذهبت استقصي أمثال هذا من شعر حسّان بن ثابت، والكميت، والسيد(54) ودعبل، وغيرهم الذين أنشدوا بحضور النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لخرجت عن وضع الرسالة.

 

1- منها: من المنكرات. م

2- هذا القول نفسه كذب.

3- هذا قدح في العلماء من حيث عدم نهيهم عن المنكر. ودعوى عدم السماع منهم، مما لا ينبغي الإصغاء إليها في خصوص الأخبار المكذوبة، ولعل عدم الإنكار دليل على عدم كونها عندهم من الأخبار المكذوبة.

4- ذكرى الشيعة /68. م

5- الرعاية/ 94. م

6- في التنبيه الرابع من رسالته المعمولة في مسألة التسامح [صفحة 158 من المطبوع في ضمن (الرسائل الفقهية)].

7- المراد بالضعيف ما لم يعلم أو يظن بكونه مختلقاً، ولذا قيّد الشهيد ذلك بما لم يبلغ حد الوضع.

8- مصدر (أخبر)، لا جمع (خبر).

9- الإخبار مع النسبة إلى الرواية مما لا ينبغي الريب فيه بناءً على ما ذكر في جوازه لأنه لا كذب فيه، وإن كان فهو من الراوي لا الناقل، وحكاية الخبر الكاذب ليست بكذب، بل نقل الكفر ليس بكفر. أما الإخبار بالوقوع بلا نسبة ففي غاية الإشكال، إلاّ إذا اعتقد المخبر الوقوع، أو كان ذلك مظنوناً له بالظن الاطمئناني، وإن كان مخالفاً للواقع، أو كان من قصده النسبة إلى الرواية، لكنه لم يذكرها في اللفظ حتى يفهم ذلك كل سامع، لأن هذا كذكر شيء له ظاهر وإرادة غيره من دون قرينة في أن ناقله لا يعدّ كاذباً، ولا تترتب عليه شرعاً أحكام الكذب، وإن لم يكن كذلك لزم الإسناد، لما جاء في الكافي [1/52] عن علي (عليه السلام): (إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم، فإن كان حقاً فلكم، وإن كان كذاباً فعليه).

وهذا هو الذي اختاره بعض مشايخنا (قدس الله أسرارهم)، وبه صرح العلامة الفقيه الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري في كتابه (ذخيرة المعاد) / ص 368 - 369، وهذه ترجمة عبارته: هل يجوز في الفضائل والمصائب القراءة بلسان الحال ومقتضى شاهد الحال أم لا؟ وعلى تقدير الجواز هل يجب الإشعار والإعلام بذلك أم لا؟ وإذا نقل أحدٌ حكايات الفضائل من كتاب غير معتبر أو لسان بعض القرّاء، هل يجوز ذلك أم لا؟ وهل على القارئ إسناده أم لا؟ الجواب: ذكر المصائب بلسان الحال جائز إذا كان مناسباً للإمام (عليه السلام)، ولابد من الإشعار والإعلام بكونه لسان الحال، وإذا نقل من كتاب معتبر أو غير معتبر لابد من الإسناد إلى الناقل، ولا حاجة إلى تعيين الكتاب المنقول عنه).

10- قد لا يحتاج إلى بعض ما ذكره من الأدلة الشرعية، فإنه يكفي في الجواز شرعاً أن ذلك لا يعدّ كذباً عرفاً حتى تترتب عليه أحكامه، وليس سواه عنواناً محرّماً يعمه حتى يقال بالحرمة لأجله. وأما العقل فلا حاجة إلى تحسينه، بل يكفي عدم حكمه بقبحه، لفرض خلوه عن المضرة على تقدير الكذب، وببيان آخر يكفي في جوازه شرعاً الأصل، لعدم الدليل من العقل والنقل على حرمته.

11- مراده - على الظاهر - من رواية ابن طاووس ما رواه في (الإقبال) [صفحة 627] عن الصادق (عليه السلام) قال: (من بلغه شيء من الخير فعمل به، كان له [أجر] ذلك، وإن لم يكن الأمر كما بلغه).

12- ومراده بالنبوي ما نسبه الشهيد الثاني في الرعاية [صفحة 94] إلى النبي (صلى الله عليه وآله) من طريق الفريقين من أنه (صلى الله عليه وآله) قال: (من بلغه عن الله فضيلة، فأخذها وعمل بما فيها إيماناً بالله، ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك).

13- ومراده من إجماع (الذكرى) قول الشهيد فيها [صفحة 68]: (أخبار الفضائل يتسامح بها عند أهل العلم).

14- و[المراد] بالاعتضاد بالحكاية عن الأكثر، مما نقلناه عن الشهيد الثاني من أن (الأكثر جوّزوا العمل بالخبر الضعيف في نحو القصص والمواعظ وفضائل الأعمال، لا في صفات الله وأحكام الحرام والحلال، وهو حسن ما لم يبلغ حدّ الوضع والاختلاق). [الرعاية/94].

15- ولد الشيخ حسن المذكور في النجف في حدود سنة ألف ومائتين وبضع عشرة هجرية، وتلمذ في الأصول على جماعة، منهم الميرزا القمي - صاحب القوانين -، وفي الفقه على العلامة المحقق المدقق صاحب الجواهر (قدس سره)، وله يد طولى في الأدب وشعر كثير في مدائح أعيان عصره ومراثيهم، ومراجعات أدبية خالدة مع السيد راضي البغدادي والسيد حيدر الحلّي.

وقد أكثر من رثاء سيد الشهداء، بيد أن الموجود منه قليل، وله كتاب في مقتل الحسين (عليه السلام) يتضمن مراسيل غريبة، وقد أخفاه في حياته تحرّجاً، لأن بعض ما فيه لم يروه بلفظه، وتورّع عن النقل بالمعنى مع صوغ اللفظ من معدن أدبه.

وقد نقل عنه في (الدمعة) كثيراً، وهو من معاصري صاحبها، ولو كان معروفاً بالكذب - كما قد يتوهم - لعلم ذلك معاصره، ولم ينقل عنه. وللشيخ حسن المذكور ولد يدعى الشيخ أحمد، ذكره المحدث النوري في بعض كتبه بهذا اللفظ: (بديع الزمان في هذا الأوان، الجامع بين العلم والأدب والحسب الباذخ والنسب، أبو سهل الشيخ أحمد بن العالم العليم والفقيه الحكيم المقتدى المؤمن المؤتمن الشيخ حسن بن الشيخ علي بن الشيخ عبد الحسين الملقّب بـ(أبي قفطان) تغمده الله بالرحمة والرضوان).

وله أخوة، منهم الشيخ محمد والشيخ جعفر ولدا الشيخ علي السعدي، وكانت مهنتهم التي يعيشون بها نسخ كتب الفقه والحديث، وخاصة كتاب (جواهر الكلام) في الفقه، وكانوا يحسبون ذلك قرباً وزلفة. وهم رياحيون من سعد العشيرة من تميم الذين يقطنون في أطراف الدجيل قرب سامراء. انتقل والدهم الشيخ علي بن نجم الدين إلى قرية شرقي الكوفة، تبعد عنها نحو اثني عشر فرسخاً، ثم منها إلى النجف، وبها ولد الشيخ حسن المترجم وأخوته، ولازال بنوهم اليوم في النجف.

16- وسائل الشيعة 18/11، الحديث التاسع. م

17- لم أجد حديثاً بهذا المضمون، والذي وجدته أن سفيان بن السمط قال للإمام الصادق (عليه السلام): جعلت فداك! إن الرجل ليأتينا من قبلك، فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر، فيضيق بذلك صدورنا حتى نكذبه.

فقال الإمام له: أليس عني يحدثكم؟

فأجاب سفيان: بلى.

فقال الإمام: فيقول للّيل أنه نهار والنهار أنه ليل؟

فأجاب سفيان: لا.

فقال الإمام: رده إلينا، فإنك إن كذّبت، فإنما تكذبنا). بحار الأنوار 2/187. م

18- بحار الأنوار 2/186. م

19- بحار الأنوار 2/186. م

20- هذه الأخبار مذكورة في بصائر الدرجات وفي الوسائل أيضاً في أبواب متفرقة.

21- عوالم العلوم والمعارف 17/493-494 م.

22- لم أجده فيه. م

23- بحار الأنوار 45/191 - 192. م

24- بقيته: (وجاء والدم يقطر منه، فرأى طيوراً...، فقال لهم.. الحسين في أرض كربلاء في هذا الحرّ ملقى على الرمضاء، ضامئ مذبوح ودمه مسفوح... فلما رأته الطيور... تواقعن على دمه يتمرغن فيه، وأن طيراً من هذه الطيور قصد مدينة الرسول وجاء يرفرف حول قبر سيدنا رسول الله... يعلن بالنداء ألا قتل الحسين بكربلاء، ألا ذبح الحسين بكربلاء، فلما نظر أهل المدينة...). م

25- قد يستبعد عقلاً صدور هذا الخبر، لبعد وصول الطير المتمرغ بالدم من كربلاء إلى المدينة فضلاً عن وقوعه على جدران بيت فاطمة. ولكن يردّ هذا الاستبعاد أن نوعاً من الطيور في العراق تمعن في الطيران إلى أبعد من المدينة تسمى (حمام الهدى) و(حمام الرسائل). ويؤخذ من قول شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله المعمري - في كتاب: (التعريف)- أن أصل هذه الطيور من الموصل. وقد اعتنى بها الملوك الفاطميين إلى الغاية، وكانت الرسائل تعلّق بأرجلها وترسل، فتطير للمكان الذي اعتادته، مهما بعد، فإذا أخذ الكتاب منها عادت إلى المحل الذي جاءت منه مزودة بكتاب أيضاً أو غير مزودة. وأنا للآن لم أعثر على ما يدل على أثر لها في دولة بني أمية ولا في أوائل دولة بني العباس. وعن كتاب (تمائم الحمائم) نقل المحيي الدين بن عبد الظاهر أن أول من نقلها من الموصل من الملوك هو نور الدين محمود بن زنكي في سنة 575. وهذا خطأ يشهد به مراجعة تاريخ الفاطميين والعباسيين في القرن الثالث والرابع. ولعل هذه الطيور نوع من الغربان، أو أن المتمرغ طائرٌ صار بتمرغه بالدم والتراب بلون الغراب، فاتفق وقوعه على جدران بيت فاطمة. والذي يغلب على ظني - إن صح الحديث - أنه من معجزات سيد الشهداء وكراماته، وهي أول كرامة له بعد شهادته. وقد ذكره السيد هاشم البحراني في كتابه (مدينة المعاجز) [4/72-73] بأسانيد مختلفة ومتون متقاربة من معجزاته (عليه السلام)، وكرّر نقله في مواضع من الكتاب المذكور.

26- عوالم المعارف 17/490.

27- بحار الأنوار 45/171.

28- عن علي بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل بن محمد البيهقي، عن أبيه، عن أبي عبد الله الحافظ، عن يحيى بن محمد العلوي، عن أبي علي الطرطوسي [في نسخة الطرسوسي] عن الحسن بن علي الحلواني، عن علي بن يعمر، عن إسحاق بن عبادة، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام).

29- نصه: (لما قتل الحسين بن علي (عليهما السلام) جاء غراب، فوقع في دمه، ثم طار.. فوقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين بن علي (عليه السلام) وهي الصغرى، فرفعت رأسها، فنظرت إليه، فبكت بكاءً شديداً. م

30- الدمعة الساكبة 2/291. والذي فيه: لما نزل الحسين (عليه السلام) في كربلاء، كان أخص أصحابه وأكثرهم ملازمة له هلال بن نافع، سيما في مظان الاغتيال...، فخرج الحسين (عليه السلام) ذات ليلة إلى خارج الخيم حتى بعُد، فتقلد هلال سيفه وأسرع في مشيه حتى لحقه، فرآه يختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل، ثم التفت إلى خلفه فرأى هلال، فقال: من الرجل؟

هلال؟ فقال: نعم جعلني الله فداك، أزعجني خروجك ليلاً إلى جهة معكسر هذا الطاغي. م.

فقال: يا هلال! خرجتُ أتفقد هذه التلال مخافة أن تكون كنّاً لهجوم الخيل على مخيمنا يوم تحملون ويحملون.. ثم فارق الإمام هلال ودخل خيمة أخته.. قالت: أخي! هل استعلمت من أصحابك نيّاتهم؟..

فبكى (عليه السلام) وقال: أما والله لقد بلوتهم وليس فيهم إلا الأشوس الأقعس.. م

31- الدمعة الساكبة 2/317، أسرار الشهادة - للدربندي -/469 (المجلسي 19). م

32- لعل هذا غير كتاب (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي، ولا أعرف مؤلف.

33- ذكر ذلك في ترجمة ابن السراج وابن البطائني وابن المكاري، صفحة 289 في حديث طويل جاء فيه: (فقال له علي - يعني: ابن أبي حمزة البطائني -: إنّا روينا عن آبائك أن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله. فقال له أبو الحسن (عليه السلام): فأخبرني عن الحسين بن علي (عليه السلام) كان إماماً أو كان غير إمام؟

قال: كان إماماً.

قال: فمن ولي أمره؟

فقال: علي بن الحسين.

قال: وأين كان علي بن الحسين؟

قال: كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد في الكوفة، خرج وهم كانوا لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه، ثم انصرف.

فقال له أبو الحسن (عليه السلام): إن هذا الذي أمكن علي بن الحسين أن يأتي من كربلاء فيلي أمر أبيه فهو أمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه ثم ينصرف، وليس هو في حبس ولا في إساءة.

34- بحار الأنوار 27/288 - 291. و 45/169. وفيها أخبار تدل نصاً وتقريراً على ذلك. م

35- هذا السلام جزء من زيارة عاشوراء المعروفة بـ(زيارة الناحية المقدسة)، ذكرها الشيخ المفيد في كتاب (المزار الكبير) /165 - 171، ونقلها عنه في البحار 98/317 - 328. م

36- في البحار [98/44]: وجدت بخط محمد بن علي الجبعي، نقلاً عن خط الشهيد نقلاً من مصباح الشيخ أبي منصور (رحمه الله): روي أنه دخل النبي يوماً إلى فاطمة، (وساق الحديث إلى أن) قال: وأما الحسين (عليه السلام) فإنه يظلم، ويمنع حقه، وتقتل عترته، وتطؤه الخيل، وينهب رحلة، وتسبى نساؤه وذراريه، ويدفن مرمّلاً بدمه، ويدفنه الغرباء. قال علي (عليه السلام) فبكيت وقلت: هل يزوره أحد؟ فقال: يزوره الغرباء.

37- الإرشاد /243. وفيه: (ولما رحل ابن سعد، خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية، إلى الحسين وأصحابه (رحمة الله عليهم)، فصلّوا عليهم، ودفنوا الحسين (عليه السلام) حيث قبره الآن، ودفنوا...) م

38- اللهوف/127. م

39- أسرار الشهادة /469 (المجلس 19). م

40- روى الصدوق والشيخ في المجالس [صفحة 119] والأمالي [1/89] عن الصادق (عليه السلام) أن أم سلمة زوجة النبي أصبحت يوماً تبكي بكاءً شديداً، فقيل لها: ممّ بكاؤك؟ قالت: لقد قتل الحسين (عليه السلام) الليلة، وذلك أني ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ مضى إلا الليلة، فرأيته شاحباً كئيباً، فقلت: مالي أراك يا رسول الله شاحباً كئيباً؟. فقال: ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه.

وروى في الأمالي [1/322] عن أم سلمة أنها أصحبت تصرخ صراخاً عظيماً، وهي تقول: يا بنات عبد المطلب أسعدنني وابكينّ معي، فقد قتل سيد كنّ الحسين. فقيل لها: من أين علمت ذلك؟ فقالت: رأيت رسول الله شعثاً مذعوراً، فسألته عن شأنه، فقال: قتل ابني الحسين وأهل بيته، فدفنتهم، والساعة فرغت من دفنهم.

وروى ذلك في المناقب [لابن شهر آشوب 4/55] عن عدة طرق من طرق الجمهور.

وفي الأمالي [1/323] عن ابن عباس في رواية ابن جبير عن أم سلمة أيضاً في حديث طويل جاء فيه قول أم سلمة (فلما كانت الليلة القابلة، رأيت رسول الله أغبر أشعث، فسألته عن شأنه، فقال: ألم تعلمي أني فرغت من دفن الحسين وأصحابه؟

41- اللؤلؤ والمرجان /175 - 180. م

42- اللؤلؤ والمرجان / 136 - 137. م

43- اللؤلؤ والمرجان /137 - 138. م

44- في مجالسه ج 2 ص 47.

45- في نسخة (فلا عدمت..). م

46- هذا البيت وما ورد بعده ذكره الطبري في تاريخه وأبو الفرج في (الأغاني) ج 16 ص 126 لعاتكة بنت يزيد بن عمرو بن نفيل، وليس هو للرباب التي لم يؤثر عنها أنها وضعت رأس الحسين (عليه السلام) في حجرها، ولا قبّلته. إنما المروي لها في رثائه ما ذكره أبو الفرج في (الأغاني) ج 14 ص 158، وهو:

إن الذي كان نوراً يســــــتضاء به          بكربــــلاء قتــــــيلٌ غــــير مدفون

في أبيات خمسة مذكورة في المحل الذي ذكرناه من (الأغاني).

47- سواد السَّبج: حجر شديد السواد، يشبّه به سواد الشيء. م

48- بحار الأنوار 45/114، عوالم العلوم 17/373. وفيه: (.. أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين (عليه السلام)، وهو رأس زهريٌ قمريٌ، أشبه الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته كسواد السبج بها...، فالتفتت زينب (عليها السلام) فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمقدم المحل، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومأت إليه بخرقة..). ومقصود المؤلف أن كون لحية الإمام كسواد السبج ورد في حديث مسلم الجصّاص، وقد ورد في نفس هذا الحديث أن السيدة زينب بنت الإمام أمير المؤمنين جرحت رأسها في عزاء أخيها أمام الحسين. فإذا كان السيد الأمين يرى حرمة تجريح الرأس، فكيف اعتمد على حديث دال على جواز تجريح الرأس؟ م

49- كقوله:

وقفت له الأفلاك حين هويه          وتبــدلت حـركاتها بسكون

50- مستند الشيعة 2/109. م

51- رسائل الشريف المرتضى 1/356. حيث نفى المرتضى أن تكون النملة قد تكلمت فعلاً، بل أوّل الآية بأنها لما خافت من الضرر الذي أشرف النمل عليه، جاز أن يقول الحاكي لهذه الحال تلك الحكاية البليغة، لأنها لو كانت قائلة ناطقة ومحفوفة بلسان وبيان لما قالت إلا مثل هذا. م

52- في المصدر (استنطقوا). م

53- نهج البلاغة / لخطبة 221. م

54- المقصود هو السيد الحميري. م