الباب السابع: الصياح في الشعائر الحسينية |
الفصل الأول: صياح النساء في مجالس التعزية السابع(1): صياح النساء بمسمع من الرجال الأجانب. يقول الكاتب: (صياح النساء بمسمع من الرجال الأجانب محرّم، لأن صوتها عورة، ولو فرض عدم تحريمه فهو معيب شائن مناف للآداب والمروءة، يجب تنزيه المآتم عنه)(2) انتهى. النقد: لست أدري، ولا المنجم يدري في أي كتاب وسنة ورد (صوت المرأة عورة) حتى يبحث عن معناه؟ والكاتب يظهر منه كون ذلك حديثاً، أو مقعد إجماع حصّله(3)، أو قاعدة مستفادة من الأخبار المعمول بها، وإلاّ فما هو الوجه في تعليل التحريم بذلك؟ وهل المحرّم - في رأيه - تكلم المرأة بحيث يسمع صوتها الأجانب؟ أو هو صياحها بعنوانه الخاص؟ أو سماع الأجانب صوتها؟ أو استماعهم له؟ فإن محل كلام فقهائنا في التحريم نفياً وإثباتاً، إطلاقاً وتقييداً هو الاستماع لا غيره(4). وأما التكلم والسماع بلا استماع من الرجل، فليس بمحرم البتة. والأخبار الصادرة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) وإن تضمن بعضها النهي عن تكلم المرأة مع غير محرم عليها، إلاّ أن أكثرها صريح بجوازه. وهي مؤيّدة بما ثبت من تكلم النساء معهم (عليهم السلام) بمحضر أصحابهم بلا ضرورة(5)، وربما جرت عليه سيرة العلماء من الصدر الأول إلى زماننا من التكلم مع النساء بما يزيد على القدر الضروري. نعم ربما حرّم البعض منّا صياح المرأة على الموتى، لا لأن صوتها عورة، بل لأنه من الجزع الذي جاء في الأخبار الصحيحة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) أنهم قالوا: (كل الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين)(6). إن كل ما تعمله الشيعة من الضرب بسلاسل الحديد على الظهور وجرح الرؤوس بالسيوف - فضلاً عن الصياح والضجيج - هو مظهر من مظاهر الجزع، وليس بجزع حقيقة، فإن الجزع أمر معروف في اللغة والعرف، وهو ضد الصبر، نحو أن ينتحر الرجل العاقل أو يلقي بنفسه من شاهق، لحادثة تغلب صبره وتورده الهلاك. وأين هذا من جرح الرأس بسيف أو مدية جرحاً خفيفاً يوجب خروج الدم، ولا يؤلم إلاّ بمقدار ما تؤلمه الحجامة وغيرها مما يرتكب لأغراض عقلائية سياسية أو طبية؟ وبهذا الاعتبار كان بعض العظماء يصحح المرسل المتضمن لكون بعض عيال الحسين (عليه السلام) ممن لا يشك في عصمتها وعظمتها، لما لاح لها رأسه، نطحت(7) جبينها بمقدم المحمل حتى سال دمها(8)، إذ أن ذلك لا بعد فيه إلا من جهة ظهور الجزع منها وإيلام نفسها والإيلام غير المؤدي إلى الهلاك أو المرض لا دليل على حرمته. والجزع مندوب ومرغوب فيه في الأخبار الكثيرة(9)، بل الظاهر من الأخبار جواز (الهلع) أيضاً، وهو - على ما ذكره أئمة اللغة - أفحش الجزع وأشدّه. ويظهر من خبر قدامة بن زائدة أن السجاد (عليه السلام) قد صدر منه الهلع(10) وكيف لا يهلع من إذا أخذ إناءً ليشرب، يبكي حتى يملأه دماً؟(11) وإذا ساغ للسجاد أن يسيّل الدم باختياره من أرقّ وأعزّ أعضائه، فما هو شأن ما يصدر من الشيعة من ضرب السلاسل والسيوف، فضلاً عن الصياح الذي ينكر اليوم؟ ولو أن الكاتب اعتمد في ما ذكر في حرمة صياح المرأة على ما ورد في بعض الأخبار من أنه (لا ينبغي الصراخ على الميت)، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن الرنّة في المصيبة، وما ورد من تحديد أشد الجزع بالصراخ والعويل والويل، ولطم الوجه والصدر، وجزّ الشعر من النواصي، وبالنواحة، التي جاء فيها: (من أقام النواحة، فقد ترك الصبر)، وما ورد في الأخبار المستفيضة من النهي عن دعاء المرأة بالويل والثبور عند المصيبة، لكان أنسب بقواعد الفن، أخذاً بإطلاق هذه المضامين(12). ولكان (مع قطع النظر عن قول صاحب الحدائق(13) (قدس سره) أن ظاهر أكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها، وحملها على محمل آخر، فإن القول بالتحريم مذهب كثير من أصحاب الحديث من الجمهور) مردوداً(14) بوجوه: أولاً: بأن ذلك لا يقتضي إلا حرمة نفس الصراخ، لا حرمة المآتم والتمثيلات التي يقع فيها ذلك، لأنه من الأمور الخارجة عن المآتم والتمثيل المقارنة لهما، والمحرّم الخارج المقارن لا يقتضي بوجه حرمة ما يقارنه، وقد روى في (الكافي) صحيحاً عن زرارة قال: حضر أبو جعفر (عليه السلام) جنازة رجل من قريش، وأنا معه، وكان في الناس عطاء(15). فصرخت صارخة. فقال عطاء: لتسكتنّ أو لنرجعنّ. فلم تسكت، فرجع عطاء. فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن عطاء رجع لمكان صراخ الصارخة...، فقال: (امض بنا، فلو أنّا إذا رأينا شيئاً من الباطل [مع الحق]، تركنا له الحق، لم نقض حق مسلم)(16)... الحديث. وهذا من وضوح الدلالة على ما أشرنا إليه بحيث لا يحتاج إلى تقريب. وثانياً: بأن الصياح والصراخ إنما يكره أو يحرم على غير الحسين (عليه السلام)،(17) وأما عليه، فلا حرمة ولا كراهة، لأنه من مظاهر الجزع عليه، وهو مندوب إليه، كيف وأعظم المعدودات في تحديد الجزع هو لطم الوجه والصدر والنواحة؟ وهذه الأخيرة مما طفحت الأخبار باستحبابها، وإلاّ لزم سد المآتم عامة. أما لطم الخد - فضلاً عن الصدر - فقد دل على جوازه خبر خالد بن سدير عن الصادق (عليه السلام)، وفيه: (ولقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين [بن علي] (عليه السلام)، وعلى مثله تلطم الخدود وتشقّ الجيوب)(18). هذا مضافاً إلى إطلاق قول الحجة (عليه السلام) في دعاء الندبة: (فعلى الأطايب من أهل بيت محمد وعلي فليبك الباكون، وإيّاهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف الدموع، وليصرخ الصارخون، ويضجّ الضاجّون، ويعجّ العاجّون)(19). وفي حديث معاوية بن وهب عن الصادق (عليه السلام): (اللّهمّ ارحم تلك الصرخة التي كانت لنا)(20). قال في (القاموس): الصرخة: الصيحة الشديدة(21). وثالثاً: بأن هذه الشعائر العزائية التي يقع فيها صياح النساء بمسمع من الرجال الأجانب قد عقدها الأئمة (عليهم السلام) في دورهم وأمروا بها. فقد روى الصدوق في (العيون)(22) أن دعبل بن علي لما أنشد الرضا (عليه السلام) - تائيته المشهورة وانتهى إلى قوله: أفاطم لو خــــلت الحســــين مجدّلاً***وقـــد مـــات عطــشاناً بشط فرات إذاً للطـــمت الخــــد فـــــاطم عنده***وأجريت دمـــع العين في الوجنات لطمت النساء وعلا صراخ من وراء الستر، وبكى الرضا (عليه السلام) بكاءً شديداً حتى أغمي عليه مرتين. وروى أبو الفرج(23) بسند معتبر أنه لما دخل السيد الحميري على الصادق (عليه السلام)، أقعد حرمه خلف الستر، ثم استنشده في رثاء جده الحسين (عليه السلام) فأنشده أبيات كثيرة قال - يعني راوي الحديث -(24): فرأيت دموع جعفر تنحدر على خديه، وارتفع الصراخ من داره حتى أمره بالإمساك، فأمسك الحديث. وإنا إذا رجعنا إلى قواميس اللغة، وجدنا الصراخ: الصوت، أو شديده(25). و(الجمع) يقول: الصراخ هو الصياح باستغاثة وَجْدٍ وشدّة(26). وقد جرى نحو هذه المآتم التي تصرخ فيها النساء بمسمع من الرجال، للصادق (عليه السلام) في غير قصة الحميري، ولكن اللفظ الذي جاء في هذه تارة هكذا: (فبكى الصادق (عليه السلام) وتهايج النساء)(27). وتارة هكذا (فلما انتهيت بالإنشاد إلى... صاحت باكية من وراء الستر: يا أبتاه)(28). ولأعد من بعد هذا لتتميم الكلام السابق في دعوى الكاتب أن (صوت المرأة عورة) الفقرة التي لم نعثر في ما لدينا من كتب الحديث عليها. ولا أظن الكاتب وجدها في غير كتب الفقه عبارةً لفقيه(29). ويبعد كل البعد أن يلتبس الأمر عليه بما ورد من أن (المرأة عورة) من جهة وجوب الستر عليها، فيتوهم كون صوتها كذلك من جهة وجوب إخفائه. كيف ومتن الرواية التي رواها هشام عن الصادق (عليه السلام) هكذا: (النساء عي(30) وعورة، فاستروا العورات بالبيوت، واستروا العيّ بالسكوت)(31). وهي صريحة في أن الأمر بالسكوت لعيّها، لا لكونها عورة، أو أن صوتها عورة، وأنه إنما يلزم من جهة كونها عورة سترها بالبيت لإخفاء صوتها(32). إن هذه من غرائب الفقه قوله: (لو فرض عدم تحريمه - أي الصياح -، وجب تنزيه المآتم عنه، لكونه معيباً شائناً)، إذ أنه إذا كان بالفرض غير محرّم، فما هو الوجه في وجوب تركه، وغير المحرم لا يجب تركه؟ وإذا كان واجب الترك لكونه معيباً وشائناً - كما يقول - كان فعله محرماً لا محالة، وقد فرض عدم تحريمه. إن كونه معيباً وشائناً ومناف للمروءة والأدب و... و... و... إلى آخره ما تفنى برقمه الطروس، إن كان يصلح علة لوجوب الترك، كان فعله حراماً، وإلاّ لم يكن تركه واجباً، فما هذا إلاّ كالمتناقض، وهل هو إلا إفتاء بوجوب الترك بلا حجّة؟ إنه كان اللازم على الكاتب عندما يفرض عدم حرمته، أن يتمهل في الحكم بوجوب تركه، ولا يتسرع إلى التهويل بكونه معيباً شائناً لأن الأئمة (عليهم السلام) في ما إذا أمروا به وفعلوه، لم يروه معيباً وشائناً، فما هو معنى معيب وشائن؟ شائن ومعيب لأي شيء في رأيه؟ وهل يوجد في العناوين المحرّمة الشرعية أو العقلية كون الشيء معيباً وشائناً؟ لعمري أنه شائن ومعيب للفقيه أن يفتي بغير دليل وأن يستعمل التهاويل. وإذا أخذنا كونه شائناً ومعيباً قضية مسلّمة الحكم بالحرمة، فماذا يكون إذا صاحت المرأة عندما تسمع بأذنيها رزية سيد الشهداء، أو ترى نصب عينيها تمثيل مصيبته؟ أيكون صياحها وحده محرماً لأن صوتها عورة ومناف للأدب - كما يقول-؟ أم يكون التمثيل والقراءة محرمين؟ فإن كان الأول، بطل ما يرمز إليه بقوله(33): (إن تلك الأمور المحرمة دخلت في الشعائر قصداً لإفساد منافعها، وإبطال ثوابها). وإن كان الثاني، كان محجوجاً بما قضت به القواعد الأصولية من أن المحرّم المقارن ما لم يكن ملازماً لذات الواجب، أو عنواناً ثانوياً يتعنون به الراجح، لا يوجب حرمته ولا مرجوحيته، وأن الأعراض المفارقة الاتفاقية لو كانت في مورد اقترانها بالراجح، لا يوجب حرمته ولا مرجوحيته، وأن الأعراض المفارقة الاتفاقية لو كانت في مورد اقترانها بالراجح توجب حرمته، لحرمت الصلاة في بعض الصور(34)، ومنع الحج، ولكان المنع من زيارة ذلك الشهيد الأعظم الكريم على الله تعالى، أولى بالمنع، لما فيها من صياح النساء، ومزاحمتهنّ للرجال، وبروزهنّ في وسط تلك المشاهد الشريفة المقدّسة مكشفات الوجوه، بملأ من الناس وبمرأى منهم ومسمع.
الفصل الثاني: رفع الصوت في الندبة على الإمام الثامن(35): الصياح والزعيق بالأصوات المنكرة القبيحة كما وقف قلم الكاتب هنا عن إقامة دليل إقناعي - فضلاً عن برهان عقلي - على حرمة الصياح والزعيق، يقف قلمي أيضاً وقلم كل كاتب عن تلفيق أي حجة تهويلية على ذلك(36). إنه لا يريد بكلمته هذه أن ينعى على قرّاء التعزية في المآتم استكراه أصواتهم، لأنه كان من قبل الساعة ينكر عليهم استعمال الغناء، فلا شك أنه يشير إلى ما يستعمله اللادمون صدورهم في الدور والأزقة من ندبة سيد الشهداء بلغتهم الدارجة العرفية، أو الفصيحة بصوت مرتفع في الجملة، أو إلى ضوضاء ترتفع لهم أحياناً. وقد فاته أن يعلم أن الشرع في ما استحب فيه رفع الصوت - كالتلبية والأذان - لم يشترط فيه كون الصوت حسناً أو غير مستكره، فلماذا ولأي سبب يشترط هذا الكاتب - وقد جوّز ندبة سيد الشهداء - أن تكون بصوت غير مرتفع وغير مستكره؟ لعمري أن صياح وزعيق أولئك لا يزيد شيئاً في الارتفاع والاستكراه من حيث نفس الصوت، عن قول الحاج برفيع الصوت (لبيك)، إذ الحاج ليس كلهم حسن الصوت، بل الغالب على أصوات غير الشبان الاستكراه، برثاء تكلموا أم تلبية أم بأذان. نعم إذا كان صوت أولئك الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم لمواساة أئمّتهم في أحزانهم وأفراحهم موجباً لإضرار الناس من جهة فزع أفئدتهم بأصواتهم المنكرة، كان للقول بحرمتها وجه، لا من جهة نفس قبح الصوت، بل من باب إضرار الغير.
|
1- أي: السابع من المنكرات التي ادّعى السيد محسن الأمين دخولها في الشعائر الحسينية. م 2- ص 4 من رسالته. 3- أما الإجماع المنقول في بعض شروح القواعد، فلا اعتبار به من وجوه. 4- مطلقاً أو إذا كانت عن تلذّذ وريبة، وبه قطع العلامة في (التذكرة)، واستجوده الشهيد الثاني وصاحبا الكفاية والمفاتيح، وجلّ من تأخّر عنهم. 5- من ذلك خبر أبي بصير المروي في (الكافي) قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله (عليه السلام)، فاستأذنت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر. فقال أبو عبد الله: أيسرك أن تسمع كلامها؟ فقلت: نعم. فأذن لها، وأجلسني معه على الطنفسة. قال: ثم دخلت، فتكلمت، فإذا هي امرأة بليغة. وقد طفحت السيرة بنياحة النساء وبكائهنّ على حمزة بمسمع النبي وبأمره. والنياحة ليست بكاءً مجرداً مع الصوت فقط، بل هي ندبة بمقاطيع من الشعر، تلقيها النساء إنشاداً أو إنشاءً، فتبكي لها - كما يعلم من السيرة -. وربما تخلل ذلك صياح وزعيق، كما يعلم من صياح فاطمة على أبيها، وصياح بناتها يوم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام). ومن الغريب أنّ الكاتب صرّح في إقناعه - ص 59 - بأن المحرّم هو استماع الأجنبي صوت المرأة مع تمييز الصوت، وحكم بإباحة ما عدا ذلك للأصل. وهاهنا ألهاه الغضب عن التقييد، فأطلق الحرمة وجعل موضوعها صياح النساء. ولعله تحقق عنده أن الأصل في صوت المرأة هو الحرمة، كما أن الأصل في الجرح الحرمة (!!). 6- بهذا اللفظ رواه الشيخ في (الأمالي) [1/162] عن معاوية بن وهب عن الصادق (عليه السلام)، ونقله في (الوسائل) [10/395] عن الشيخ أيضاً عن معاوية بن وهب في حديث: أنه (عليه السلام) قال لشيخ: أين أنت عن قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السلام)؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف إتيانك له؟ قال: إني لآتيه وأكثر. قال (عليه السلام): ذاك دم يطلب الله به. ثم قال: (كل الجزع والبكاء مكروه، ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين). وروى ابن قولويه في (الكامل) [صفحة 100] عن أبيه، عن سعد، مسنداً إلى أبي حمزة [عن أبيه] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء [والجزع] على الحسين (عليه السلام) فإنه [فيه] مأجور). وفي خبر مسمع كردين عن الصادق (عليه السلام): (أما إنك من الذين يعدّون من أهل الجزع لنا). [كامل الزيارات / 101]. وفي ما رواه الشيخ في (المصباح) [صفحة 714] مسنداً عن أبي جعفر (عليه السلام) في من يزور الحسين عن بعد في يوم عاشوراء: (ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه). 7- نطحت: ضربت. م 8- بحار الأنوار 45/114، عوالم العلوم 17/373، المنتخب في جمع المراثي 2/464 (المجلس 10). 9- مرّ ذكر بعضها في التعليقة في صفحة. م 10- الحديث المذكور رواه في (كامل الزيارات)، وجاء فيه من قول السجاد (عليه السلام) في خطاب عمته (كيف لا أجزع وأهلع، وقد أرى أبي وعمومتي وولد عمي صرعى لا يوارون)؟ 11- مرّ في مسألة بكاء السجاد (عليه السلام) نقل هذا الخبر عن (المناقب)، ونقله عنه في (البحار)، وفي (جلاء العيون). [الموجود في النسخ المطبوعة من كتابي (البحار) و(المناقب) أن الإناء كان يمتلأ (دمعاً) لا (دماً). ولا يوجد ذلك أيضاً في (جلاء العيون) بل الموجود فيه (في صفحة 498) مضمون ما في (البحار) و(المناقب). ولعل تحريفاً ما وقع عند الطباعة]. 12- مقصود المؤلف - رحمه الله - مما يذكره هو أن ما استدل به السيد محسن الأمين لإثبات حرمة صياح النساء هو كون صوت المرأة عورة، لكن هذا لم يرد في خبر معتبر، ولا في كلمات الفقهاء بمقدار يحصل معه الإجماع، ولا في قاعدة فقهية مصطيدة من النصوص، بل كان الأنسب الاستدلال للحرمة بإطلاقات الأخبار المشار إليها في المتن. لكنه مع ذلك، فإن الاستدلال بهذه الروايات لإثبات حرمة صياح النساء، مردود بوجوه، هي: 1- مفاد الأخبار حرمة خصوص الصراخ، لا ما فيه الصراخ من المآتم والتمثيليات. 2- اختصاص الحرمة بغير الإمام الحسين، فإن كان الصياح لهذا الإمام فلا تحريم، لتخصيص ما دل على استحباب الجزع على هذا الإمام لهذه الأخبار، لكون الصياح عليه مظهراً للجزع عليه. 3- تقرير الأئمة (عليهم السلام). هذا كله على فرض صحة هذه الأخبار - المشار إليها في الصفحة السابقة وحجيتها. لكن المشهور من الفقهاء الشيعة أعرضوا عنها بالكلية، وحملوها على أمور كالتقية، وحينئذ فهذه الأخبار ساقطة عن الحجية بالكلية، فلا يوجد أي دليل مثبت لتحريم صياح النساء. وحتى بناءً على عدم وهن إعراض المشهور، فهذه الأخبار مشتملة على قرائن الصدور تقية، لا لبيان الحكم الواقعي، ومع عدم تحقق أصالة الجد فيها، لا يشملها دليل حجية الخبر. م 13- في باب أحكام الموتى من كتاب الطهارة. [4/168]. 14- قوله (مردوداً) خبر (كان). 15- عطاء هذا كان من كبار بني أمية ومفتي بلاطهم. م 16- هذا الحديث مروي في (الكافي) [3/171 - 172]، ونقله في (الوسائل) [2/818] في أبواب تشييع الجنازة. 17- لأن ما دل على جواز الصياح والصراخ والضجيج على الحسين أخص مطلقاً من نحو قوله (لا ينبغي الصراخ على الميت)، وما هو عام منها. وإن كان معارضته له بالعموم من وجه، لكنه أرجح من معارضه من وجوه عديدة لا تخفى على المتدرب المتدبر في الأخبار. 18- روى ذلك الشيخ في (التهذيب (8/325) عن خالد بن سدير. ولا يخفى أن لطم الخدود لا ينفك عن احمرارها باللطم، بل اسودادها وخروج الدم منها، ولا يكاد يقع لطم الوجه بدون ذلك، إلاّ أن يراد من لطم الوجه، مسحه باليد، كما يمسح الرأس والرجل بالماء. 19- إقبال الأعمال /295. م 20- كامل الزيارات / 117. م 21- القاموس المحيط 1/273. م 22- ليس عندي الآن كتاب (العيون)، وإنما نقلت ذلك عن كتب مشايخنا وأصحابنا. نعم نقل ذلك الفاضل العباسي في كتاب (معاهد التنصيص) في ترجمة دعبل بن علي الخزاعي. 23- في الأغاني ج 7، ص 7. 24- وهو إسماعيل التميمي، والد علي بن إسماعيل راوي الحديث. 25- الصحاح 1/426. م 26- مجمع البحرين 2/437. م 27- روي ذلك في (الكامل) عن أبي هارون المكفوف، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: (أنشدني). فأنشدته. فقال: (لا، كما تنشدون، وكما ترثيه عند قبره)، فأنشدته: امرر على جدث الحسين وقل لأعظمه الزكية. فبكى. فلما بكى أمسكت، فقال: مر. فمررت، ثم قال: (زدني). فأنشدته: يا مريم قومـــي واندبي مولاك***وعلــى الحسين فأعولي ببكاك فبكى وتهايج النساء. [كامل الزيارات 105 - 106]. 28- رواه في (الكامل) أيضاً بسنده عن عبد الله بن غالب قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فأنشدته مرثية الحسين بن علي، فلما انتهيت إلى هذا الموضع: فيا لــــــيلة تسقــــو حــــســيناً***بمســــقاة الـثرى عفر التراب صاحت باكية من وراء الستر: يا أبتاه! [كامل الزيارات /106] ونحو هذا كثير. 29- هذه الكلمة ذكرت في بعض المتون الفقهية - كالشرائع [2/496]، ولم أجد أحداً من الشراح إلا وهو راد لها، مانع لمعناها، ومن الغريب أن كاشف اللثام ادعى الإجماع عليها، مع أن التتبع يكذب هذا النقل للإجماع، ولذا لم يعتن به أحد ممن تأخّر عنه. وقد رده في (الجواهر) بالسيرة المستمرة من العلماء والمتدينين على خلافه، وبالمتواتر أو المعلوم من كلام الزهراء وبناتها بحضور الأجانب، ومن مخاطبة النساء للنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة على وجه لا يمكن إحصاؤه، ولا تنزيله على الاضطرار لدين أو دنيا. ثم قال: (ولعله لذا وغيره صرح جماعة كالكركي، والفاضل - في المحكي عن التذكرة - وغيرهما ممن تأخّر عنه كالمجلسي وغيره بجواز سماع صوتها، بل بملاحظة ذلك يحصل للفقيه القطع بالجواز). انتهى. [جواهر الكلام 29/ 98]. 30- العي: الليّ، أو العجز عن البيان أو الكلام. م 31- هذا اللفظ مستفيض الرواية عن الأئمة (عليهم السلام)، ففي (الكافي) [5/ 535] عن علي (عليه السلام)، [عن النبي (صلى الله عليه وآله)]: (النساء عيٌّ وعورة). وفي (الفقيه) [3/ 247] ما يقرب منه. وفي (أمالي الشيخ) عن علي، عن النبي (صلى الله عليه وآله): (النساء عيّ وعورات، فداووا عيّهن بالسكوت، وعوراتهنّ بالبيوت). وفي (الكافي) [5/ 535] عن علي (عليه السلام): (لا تبدؤوا النساء بالسلام، ولا تدعوهنّ إلى الطعام، [فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: النساء عيّ وعورة فاستروا عيّهن بالسكوت] واستروا عوراتهنّ بالبيوت) ونحو هذه غيرها. 32- هنا لا ينبغي أن ينسى بكاء فاطمة الذي تأذى منه أهل المدينة [الخصال 1/273] الذي لولا مقارنته للصياح، لما أوجب قلق راحة شيوخ المدينة. ولا ينسى ما حدث لها في اليوم الثامن من وفاة أبيها، إذ خرجت وصرخت، فتبادرت النساء، وخرجت الولائد والولدان، وضج الناس، وجاءوا من كل مكان، وأطفئت المصابيح، لكي لا تبين صفحات النساء. [بحار الأنوار 43/175]. وكذ لا ينسى ما فعلته زينب العقيلة وسائر بنات علي (عليه السلام) عند وفاته (عليه السلام)، فقد روي أنها خرجت وجميع النساء، وقد شققن الجيوب، ولطمن الخدود، ووقعت الصيحة منهنّ، حتى جاء الناس يهرعون، وصاحوا صياحاً عظيماً ارتجت له الكوفة بأهلها. [بحار الأنوار 4/293]. 33- في ص 3. 34- كما في صورة النظر إلى الأجنبية حال الصلاة، وكذا الحج لو نظر إليها فيه، أو وقع فيه ظلم أحد، أو سبّه، وهكذا الصوم والوضوء والغسل وسائر العبادات. 35- أي: الثامن من المنكرات التي ادعى السيد محسن الأمين دخولها في الشعائر الحسينية. م 36- نعم جاء في القرآن (اقصد في مشيك واغضض من صوتك) وهذا - لا شك - طلب أدب، لا تكليف. ومع ذلك وارد لبيان ما يقتضيه الصوت في حد ذاته مع قطع النظر عن عروض ما يوجب استحباب رفعه، كما في الأذان والتلبية والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله). والحاصل: إن الكاتب في مقام إنكار المنكر، والآية في مقام بيان محاسن الأخلاق، وشتان بين الأمرين. وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أنّ رفع الصوت بالصلاة على النبي يذهب النفاق [ثواب الأعمال /190]، وأنّ رفع الصوت بالأذان في المنزل ينفي الأمراض ويكثر الولد. روى ذلك الصدوق في (المقنع) [صفحة 27]، ويحيى بن سعد الحلي في (الجامع) [/73]، والراوندي في (الدعوات) [صفحة 116]. وروي أن أمير المؤمنين ليلة شهادته علا المئذنة، ووضع سبابتيه في أذنيه، ثم أذّن، وكان إذا أذّن لا يبقى في الكوفة بيت إلا اخترقه صوته. |