فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الحسين

 

في ظلال القرآن والسنة

 

وعني الاسلام كتابا وسنة بشأن الامام الحسين (ع) وأولاه المزيد من العناية والاهتمام لانه من مراكز القيادة العليا في الاسلام التي تطل على هذا الكون فتشرق على معالمه، وتصلح من شأن الانسان، وتدفعه إلى السلوك النير، والمنهج السليم .

لقد قابل الاسلام بكل تكريم واحتفاء الامام الحسين كما عنى به مع أبويه وأخيه، فرفع ذكرهم وحث باصرار على اتباع سلوكهم، والاقتداء بهم، وضمن للامة أن لا تزيغ عن طريق الهدى اذا لم تتقدم عليهم في مجالات الحكم والتشريع وغيرهما، ونشير - بإيجاز - إلى بعض ما أثر في الكتاب والسنة في حقهم :

في ظلال القرآن :

أما كتاب الله العظيم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - فقد أعلن فضل الامام الحسين في اطار أهل البيت (ع) وله في كتاب الله غنى عن مدح المادحين ووصف الواصفين، وهذه بعض الآيات الناطقة في فضلهم .

آية التطهير :

قال تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"(1) ولابد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن هذه الآية .

أ - من هم أهل البيت؟

وأجمع المفسرون وثقاة الرواة (2) أن أهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء وهم:

سيد الكائنات الرسول (ص) وصنوه الجاري مجرى نفسه أمير المؤمنين (ع) وبضعته الطاهرة عديلة مريم بنت عمران سيدة النساء فاطمة الزهراء التي يرض الله لرضاها ويغضب لغضبها، وريحانتاه من الدنيا سبطاه الشهيدان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ولم يشاركهم أحد من الصحابة وغيرهم في هذه الآية، ويدل على هذا الاختصاص ما يلي :

اولا - إن أم سلمة قالت :

نزلت هذه الآية في بيتي، وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين فجللهم رسول الله (ص) بكساء كان عليه ثم قال :

" اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا " يكرر ذلك، وأم سلمة تسمع وترى فقالت :

وأنا معكم يا رسول الله ، ورفعت الكساء لتدخل فجذبه منها، وقال لها :

" انك على خير " وتواترت الصحاح بذلك(3)، وهي حسب رواية أم سلمة تدل - بوضوح - على الحصر بهم، وامتيازهم عن غيرهم بهذه المأثرة المشرفة .

ثانيا - إن الرسول (ص) قد سلك كل مسلك في اعلان اختصاص الآية بهم، فقد روى ابن عباس قال:

" شهدت رسول الله (ص) سبعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " الصلاة رحمكم الله، كل يوم خمس مرات "(4)، وروى أنس بن مالك أن النبي (ص) كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر اذا خرج إلى الفجر فيقول :

الصلاة يا أهل البيت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (5) وروى أبوبرزة قال :

صليت مع رسول الله (ص) سبعة أشهر فاذا خرج من بيته أتى باب فاطمة (ع) فقال :

السلام عليكم " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (6).

وقد أكد النبي (ص) اختصاص الآية بأهل بيته ونفاها عن غيرهم ارشادا للامة وإلزاما لها باتباعهم وتسليم قيادتها لهم .

ثالثا - احتجاج العترة الطاهرة على اختصاص الآية بهم، فقد قال الامام الحسن الزكي (ع) في بعض خطبه :

" وأنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل إلينا، ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا"(7) وتواترت الاخبار من طرق العترة الطاهرة معلنة اختصاص الآية بالخمسة من أصحاب الكساء وعدم تناولها لغيرهم من اسرة النبي .

ب - خروج نساء النبي :

وليس النساء النبي (ص) أي نصيب في هذه الآية فقد خرجن عنها موضوعا أو حكما - كما يقول علماء الاصول - وللتدليل على ذلك نذكر ما يلي :

1 - إن الاهل - في اللغة - موضوع لعشيرة الرجل وذوي قرباه(8) ولا يشمل الزوجة، وأكد هذا المعنى زيد بن أرقم حينما سئل عن أهل بيت النبي (ص) هل يشمل زوجاته ؟ فأنكر ذلك، وقال :

" لا - وأيم الله - إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها...

أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " (9).

2 - إنا لو سلمنا أن الاهل يشمل الزوجة ويطلق عليها فلابد من تخصيصه بالاخبار المتقدمة فانها توجب التخصيص من دون شك، فقد بلغت حد التواتر اللفظي أو المعنوي .

ج - مزاعم عكرمة ومقاتل :

وهناك جماعة من صنائع بني أمية ودعاة الخوارج حاولوا صرف الآية عن العترة الطاهرة، واختصاصها بنساء النبي (ص) متمسكين بسياق الآية ومن الذاهبين إلى ذلك عكرمة، ومقاتل بن سليمان، وكان عكرمة من أشد الناس تحاملا على أصحاب الكساء، وكان ينادي بذلك في السوق (10) وبلغ من اصراره وعناده أنه كان يقول :

" من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي " (11)، ومن الطبيعي أن نداءه في السوق، وعرضه للمباهلة انما يدل على بغضه الشديد للعترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم ، ولابد لنا من النظر في شؤون عكرمة ومقاتل حتى تبين اندفاعهما لما زعماه .

عكرمة في الميزان :

عكرمة البربري هو أبو عبد الله المدني أصله من البربر كان مولى للحصين ابن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس لما ولي البصرة من قبل الامام أمير المؤمنين (ع) وبقى رقا حتى توفي ابن عباس فباعه علي بن عبد الله ثم استرده (12) وقد جرح في عقيدته واتهم في سلوكه، فقد ذكر المترجمون له ما يلي :

1 - إنه كان من الخوارج (13) وقد وقف على باب المسجد فقال ما فيه إلا كافر (14) لان الخوارج ذهبوا إلى كفر المسلمين، أما موقفهم من الامام أمير المؤمنين فمعروف بالنصب والعداء .

2 - إنه عرف بالكذب، وعدم الحريجة منه، وقد اشتهر بهذه الظاهرة فعن ابن المسيب أنه قال لمولاه برد :

" لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس " (15)، وعن عثمان بن مرة أنه قال للقاسم :

إن عكرمة حدثنا عن ابن عباس كذا، فقال القاسم :

يابن أخي إن عكرمة كذاب يحدث غدوة حديثا يخالفه عشيا (16) .

ومع اتهامه بالكذب لا يمكن التعويل على أي رواية من رواياته فان اقتراف الكذب من أظهر الاسباب التي توجب القدح في الراوى .

3 - إنه كان فاسقا يسمع الغناء، ويلعب بالنرد، ويتهاون في الصلاة وكان خفيف العقل (17) .

4 - ان المسلمين قد نبذوه وجفوه، وقد توفي هو وكثير عزة في يوم واحد فشهد الناس جنازة كثير ولم يشهدوا جنازته (18) .

ومع هذه الطعون التي احتفت به كيف يمكن الاعتماد على روايته والوثوق بها وقد اعتمد عليه البخاري وتجنبه مسلم (19) قال البخاري :

ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة (20) ومن الغريب أن البخاري يعتمد في رواياته على عكرمة وأمثاله من المطعونين في دينهم، ويتحرج من رواية العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم .

مقاتل بن سليمان :

أما مقاتل بن سليمان بن بشير الازدي الخراساني، فهو كصاحبه عكرمة كان متهما في دينه، وذكر المترجمون له ما يلي :

1 - إنه كان كذابا، قال النسائي :

كان مقاتل يكذب (21) وكذلك قال وكيع :

وقال اسحاق بن ابراهيم الحنظلي :

أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم نظير - يعني في البدعة والكذب - :

جهم ومقاتل، وعمر بن صبح، وقال خارجة بن مصعب :

كان جهم ومقاتل عندنا فاسقين فاجرين (22) ومع اتهامه بالكذب لا يصح الاعتماد على روايته، ويسقط حديثه عن الاستدلال به .

2 - إنه كان متهما في دينه، وكان يقول بالتشبيه، قال ابن حبان :

كان مقاتل يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان مشبها يشبه الرب سبحانه بالمخلوقين وكان يكذب في الحديث (23) وقد استحل بعض الاخيار دمه يقول خارجة :

لم استحل دم يهودي ولا ذمي، ولو قدرت على مقاتل بن سليمان في موضع لا يرانا فيه أحد لقتلته(24) .

3 - عرف مقاتل بالنصب والعداء لامير المؤمنين (ع) وكان دأبه صرف فضائل الامام (ع) وقد أثر عن الامام أنه كان يقول :

" سلوني قبل أن تفقدوني " فأراد مقاتل أن يجاريه في ذلك فكان يقول :

" سلوني عما دون العرش " فقام إليه رجل فقال له :

إخبرني عن النملة أين أمعاؤها فسكت ولم يطق جوابا (25) وقال مرة :

سلوني عما دون العرش فقام إليه رجل فقال له :

إخبرنى من حلق رأس آدم حين حج ؟ فحار ولم يطق جوابا (26) .

وهذه البوادر تدل على فساد آرائه، وعدم التعويل على أي حديث من أحاديثه .

وهن استدلالهما :

واستدل عكرمة ومقاتل بسياق الآية على أنها نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله ولا تشمل أهل بيته، وقد عرض الامام شرف الدين بصورة موضوعية إلى ابطال ذلك، قال رحمه الله :

ولنا في رده وجوه :

" الاول " : إنه اجتهاد في مقابل النصوص الصريحة، والاحاديث المتواترة الصحيحة .

" الثاني " : إنها لو كانت خاصة في النساء - كما لا يزعم هؤلاء - لكان الخطاب في الآية بما يصلح للاناث، ولقال عز من قائل :

عنكن ويطهركن، كما في غيرهما في آياتهن، فتذكير ضمير الخطاب فيها دون غيرها من آيات النساء كاف في رد تضليلهم .

" الثالث " : إن الكلام البليغ يدخله الاستطراد والاعتراض وهو تخلل الجملة الاجنبية بين الكلام المتناسق، كقوله تعالى في حكاية خطاب العزيز لزوجته إذ يقول لها :

" إنه من كيدكن ان كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك " فقوله :

" يوسف أعرض عن هذا " مستطرد بين خطابيه معها - كما ترى - ومثله قوله تعالى :

" ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون " فقوله :

" وكذلك يفعلون " مستطرد من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس، ونحوه قوله عز من قائل :

" فلا أقسم بمواقع النجوم.

وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.

وإنه لقرآن كريم " تقديره أفلا أقسم بمواقع النجوم.

إنه لقرآن كريم، وما بينهما استطراد على استطراد وهذا كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب وغيرهم من البلغاء .

وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات النساء، فتبين بسبب استطرادها أن خطاب الله لهن بتلك الاوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن إلا لعناية الله تعالى بأهل البيت " أعني الخمسة " لئلا ينالهم " ولو من جهتهن " لوم أو ينسب إليهم " ولو بواسطة " هناة أو يكون عليهم للمنافقين " ولو بسببهن " سبيل ولو لا هذا الاستطراد ما حصلت النكتة الشريفة التي عظمت بها بلاغة الذكر الحكيم، وكمل اعجازه الباهر كما لا يخفى (27) .

ورأى الامام شرف الدين رأي وثيق فقد قطع به تأويل المتأولين ، ودحض به أو هام المعاندين، وتمت به الحجة على المناوئين .

دلالتها على العصمة :

ودلت الآية بوضوح على عصمة الخمسة من أهل البيت (ع) فقد أذهب تعالى عنهم الرجس - أي المعاصي - وطهرهم منها تطهيرا وهذا هو واقع العصمة وحقيقتها .

وقد تصدرت الآية للدلالة على ذلك بكلمة " إنما " التي هي من أقوى أدوات الحصر، ويضاف اليه دخول اللام في الكلام الخبري، وتكرار لفظ الطهارة، وكل ذلك يدل - بحسب الصناعة - على الحصر والاختصاص وارادة الله في ذلك إرادة تكوينية يستحيل فيها تخلف المراد عن الارادة " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .

ويقول الامام شرف الدين :

إنها دلت بالالتزام على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام لانه ادعى الخلافة لنفسه، وادعاها له الحسنان وفاطمة، ولا يكونون كاذبين، لان الكذب من الرجس الذي أذهبه الله عنهم، وطهرهم منه تطهيرا (28) .

آية المودة :

وفرض الله على المسلمين مودة أهل البيت (ع) قال تعالى :

" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور " (29) .

ذهب جمهور المسلمين إلى أن المراد بالقربى هم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين وان اقتراف الحسنة إنما هي في مودتهم ومحبتهم، وفيما يلي بعض ما أثر في ذلك :

1 - روى ابن عباس قال :

لما نزلت هذه الآية قالوا :

يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم ؟ قال (ص) :

" علي وفاطمة وابناهما " (30).

2 - روى جابر بن عبد الله قال :

جاء اعرابي إلى النبي (ص) فقال :

يا محمد اعرض علي الاسلام، فقال (ص) :

تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، قال الاعرابي :

تسألني عليه أجرا ؟ قال (ص) لا إلا المودة في القربى .

الاعرابي : قرباي أم قرباك ؟

الرسول (ص) : قرباي .

الاعرابي : هات أبايعك.

فعلى من لا يحبك، ولا يحب قرباك لعنة الله .

قال (ص) : (آمين) (31).

3 - روى ابن عباس قال :

لما نزل قوله تعالى :

" قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "، قال قوم في نفوسهم :

ما يريد إلا أن يحثنا على قرابته من بعده فأخبر جبرئيل النبي (ص) انهم اتهموه، فأنزل " أم يقولون افترى على الله كذبا "، فقال القوم :

يا رسول الله انك صادق فنزل " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " (32) .

4 - احتجاج العترة الطاهرة بأنها نزلت فيهم فقد خطب سبط الرسول صلى الله عليه وآله الاول وريحانته الاما الحسن (ع) فقال في جملة خطابه :

" وأنا من أهل البيت الذين أفترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى :

" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت " (33) .

واحتج بها سيد الساجدين والعابدين الامام علي بن الحسين (ع) لما جئ به أسيرا إلى الطاغية يزيد وأقيم على درج دمشق انبرى اليه رجل من أهل الشام فقال له :

" الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، وقطع قرني الفتنة " .

فنظر اليه الامام فرأه مغفلا قد خدعته الدعايات المضللة وحادت به عن الطريق القويم فقال له :

" اقرأت القرآن ؟ " .

" نعم " .

" اقرأت آل حم ؟ " .

" قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم " .

" ما قرأت (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ؟ " .

فذهل الرجل ومشت الرعدة باوصاله وسارع يقول :

" وانكم لانتم هم ؟ " .

" نعم " (34) .

وقال الامام أمير المؤمنين (ع) :

فينا آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرأ " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (35) كلمة الفخر الرازي .

وعلق الفخر الرازي على هذه الآية مشيدا بآل النبي (ص) قال ما نصه :

" واذا ثبت هذا - يعني اختصاص الآية بآل البيت (ع) - وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعطيم قال ويدل عليه وجوه :

" الاول " :

قوله تعالى :

" إلا المودة في القربى " ووجه الاستدلال به ما سبق وهو ما ذكره من قبل أن آل محمد (ص) هم الذين يؤول أمرهم اليه فكل من كان أمرهم اليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بهم وبين رسول الله (ص) أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل .

" الثاني " :

لا شك أن النبي (ص) كان يحب فاطمة (ع) قال (ص) :

" فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها " وثبت بالنقل المتواتر عن محمد (ص) أنه كان يحب عليا والحسن والحسين عليهم السلام، واذا ثبت ذلك وجب على كل الامة مثله لقوله تعالى :

" واتبعوه لعلكم تهتدون " .

ولقوله تعالى :

" فليحذر الذين يخالفون عن أمره " ولقوله :

" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله " ولقوله سبحانه :

" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .

" الثالث " :

إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله :

" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمدا وآل محمد " واجب... (36) .

ان مودة أهل البيت (ع) من أهم الواجبات الاسلامية، ومن أقدس الفروض الدينية يقول الامام محمد بن ادريس الشافعي :

يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر انكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له (37) وقال ابن العربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة * على رغم أهل البعد يورثني القربى فما طلب المبعوث أجرا على الهدى * بتبليغه إلا المودة في القربى ويقول شاعر الاسلام الكميت :

وجدنا لكم في آل حم آية * تأولها منا تقي ومعرب إن في مودة آل البيت (ع) أداءا لاجر الرسالة، وصلة للرسول الاعظم (ص) وشكرا له على ما لاقاه من عظيم العناء والجهد في سبيل انقاذ المسلمين من الشرك، وتحرير عقولهم من الخرافات، وقد جعل تعالى حق نبيه العظيم على هذه الامة أن توالي عترته، وتكن لها المودة والولاء .

آية المباهلة :

من آيات الله البينات التي أعلنت فضل أهل البيت عليهم السلام آية المباهلة قال تعالى :

" فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " (38).

واتفق المفسرون ورواة الحديث أنها نزلت في أهل البيت (39).

وان أبناءنا اشارة إلى (الحسنين) ونساءنا اشارة إلى (فاطمة) ، وأنفسنا إلى علي... نزلت الآية الكريمة في واقعة تاريخية بالغة الخطورة جرت بين قوى الاسلام وبين القوى الممثلة للنصارى، وموجز هذه الحادثة أن وفدا من نصارى نجران قدموا على رسول الله (ص) ليناظروه في الاسلام، وبعد حديث دار بينهم وبين النبي (ص) اتفقوا على الابتهال أمام الله ليجعل لعنته، وعذابه على الكاذبين والحائدين على الحق، وعينوا وقتا خاصا لذلك، وانصرف وفد النصارى على موعد للعودة للمباهلة حتى يستبين أمر الله ويظهر الحق ويزهق الباطل، وقد هامت نفوسهم بتيارات من الهواجس والاحاسيس، لا يعلمون أن النبي (ص) بمن يباهلم ؟ وفي اليوم الذي اتفقا عليه خرج النبي (ص) وقد اختار للمباهلة أفضل الناس وأكرمهم عند الله، وهم باب مدينة علمه وأبوسبطيه الامام أمير المؤمنين (ع) وبضعته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

وأقبل (ص) وقد احتضن الحسين، وأمسك بيده الاخرى الحسن وسارت خلفه الزهراء مغشاه بملاة من نور الله، يسير خلفها الامام أمير المؤمنين (ع) وهو باد الجلال...

وخرج السيد والعاقب بولديهما وعليهما الحلي والحلل، ومعهم نصارى نجران وفرسان بني الحرث على خيولهم وهم على أحسن هيأة واستعداد ، واحتشدت الجماهير وقد اشرأبت الاعناق تراقب الحادث الخطير، وساد الوجوم وصار الكلام همسا، ولما رأت النصارى هيأة الرسول مع أهل بيته، وهي تملا العيون، وتعنو لها الجباه امتلات نفوسهم رعبا وهلعا من هيبة الرسول وروعة طلعته، وجثا النبي صلى الله عليه وآله للمباهلة بخضوع فتقدم اليه السيد والعاقب وقد سرت الرعدة في نفوسهم قائلين :

" يا أبا القاسم بمن تباهلنا ؟ " .

فاجابهم (ص) بكلمات تمثلت فيها روعة الايمان والخشية من الله قائلا :

" أباهلكم بخير أهل الارض، وأكرمهم إلى الله، وأشار إلى علي وفاطمة والحسنين " .

وانبريا يسألان بتعجب قائلين :

" لم لا تباهلنا بأهل الكرامة، والكبر وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك ؟ ! ! " .

فانطلق الرسول (ص) يؤكد لهم أن أهل بيته أفضل بيته أفضل الخلق عند الله قائلا :

" أجل أباهلكم بهؤلاء خير أهل الارض وأفضل الخلق " .

فذهلوا، وعرفوا أن الرسول (ص) على حق، وقفلوا راجعين الى الاسقف زعيمهم يستشيرونه في الامر قائلين له :

" يا أبا حارثة ماذا ترى في الامر ؟ " " أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لازاله " ولا يكتفى بذلك، وانما دعهم قوله بالبرهان، واليمين قائلا :

" أفلا تنظرون محمدا رافعا يديه، ينظر ما تجيئان به، وحق المسيح - إن نطق فوه بكلمة - لا نرجع الى أهل، ولا الى مال ! ! ! " .

وجعل ينهاهم عن المباهلة ويهتف فيهم قائلا :

" ألا ترون الشمس قد تغير لونها، والافق تنجع فيه السحب الداكنة والريح تهب هائجة سوداء، حمراء، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان ، لقد أطل علينا العذاب، انظروا الى الطير وهي تقئ حواصلها والى الشجر كيف تتساقط أوراقها، والى هذه الارض كيف ترجف تحت أقدامنا ! ! ! " .

لقد غمرتهم تلك الوجوه العظيمة، رأوا بالعيان ما لها من مزيد الفضل والكرامة عند الله، ويتدارك النصاري الامر فاسرعوا الى النبى صلى الله عليه وآله قائلين :

" يا أبا القاسم.

إقلنا اقال الله عثرتك " .

ويخضعون لما شرطه النبي (ص) عليهم، وأعلن بعد ذلك أنهم لو استجابوا للمباهلة لهلكت النصاري قائلا :

" والذي نفسي بيده ان العذاب تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله، حتى الطير على الشجر، وما حال الحول على النصارى كلهم... " (40).

وأوضحت هذه الحادثة الخطيرة مدى أهمية أهل البيت (ع) وأنهم لا مثيل لهم في المجتمع الاسلامي الحافل آنذاك بالمجاهدين والمكافحين في سبيل الاسلام ولو أن النبي (ص) وجد من هو خير منهم ورعا وتقوى لاختارهم للمباهلة، بل لو كان هناك من يساويهم في الفضل لامتنع أن يقدم أهل بيته عليهم لقبح الترجيح بلا مرجح - كما يقول علماء الاصول - كما أنه (ص) لم ينتدب للمباهلة أحدا من عشيرته الاقربين فلم يدع صنو أبيه وعمه العباس بن عبد المطلب، ولم يدع أحدا من ابناء الهاشميين ليضمه إلى سبطيه وكذلك لم يدع واحدة من امهات المؤمنين وهن كن في حجراته بل لم يدع شقيقة أبيه صفية ولا غيرها ليضمها إلى بضعته سيدة نساء العالمين ولم يدع غيرها من عقائل الشرف وخفرات عمرو العلى وشيبة الحمد ولا واحدة من نساء الخلفاء الثلاثة وغيرهم من المهاجرين والانصار ، وجميع أسرته كانوا بمرأى منه ومسمع، والغرض من ذلك التدليل على فضل أهل بيته وعظيم شأنه عند الله " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " .

يقول الامام شرف الدين رحمه الله... " وأنت تعلم أن مباهلته (ص) بهم والتماسه منهم التأمين على دعائه بمجرده لفضل عظيم، وانتخابه إياهم لهذه المهمة العظيمة، واختصاصهم بهذا الشأن الكبير، وايثارهم فيه على من سواهم من أهل السوابق، فضل على فضل لم يسبقهم اليه سابق ولن يلحقهم فيه لاحق، ونزول القرآن العزيز آمرا بالمباهلة بهم بالخصوص فضل ثالث، يزيد فضل المباهلة ظهورا، ويضيف إلى شرف اختصاصهم بها شرفا، والى نوره نورا " (41).

كما دلت الآية - بوضوح - على أن الامام أمير المؤمنين هو نفس رسول الله (ص) ورسول الله أفضل من جميع خلق الله فعلي كذلك بمقتضى المساواة بينهما، وقد أدلى بهذا الفخر الرازي في تفسيره الكبير قال :

" كان في الري رجل يقال له محمد بن الحسن الحمصي، وكان معلم الاثنى عشرية وكان يزعم أن عليا أفضل من جميع الانبياء سوى محمد (ص) واستدل على ذلك بقوله تعالى :

" وأنفسنا وأنفسكم " إذ ليس المراد بقوله :

" وأنفسنا " نفس محمد (ص)، لان الانسان لا يدعو نفسه بل المراد غيرها، وأجمعوا على أن ذلك الغير كان علي بن أبي طالب، فدلت الآية على أن نفس علي هي نفس محمد، ولا يمكن أن يكون المراد أن هذه النفس هي عين تلك، فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي المساواة بينهما في جميع الوجوه، تركنا العمل بهذا العموم في حق النبوة ، وفي حق الفضل بقيام الدلائل على أن محمدا (ص) كان نبيا، وما كان علي كذلك، ولانعقاد الاجماع على أن محمدا (ص) كان أفضل من علي فبقي ما وراءه معمولا به، ثم الاجماع دل على أن محمدا (ص) كان أفضل من سائر الانبياء (ع) فيلزم أن يكون على أفضل من سائر الانبياء... " (42) .

آية الابرار :

من آيات الله الباهرات التي أشادت بفضل العترة الطاهرة، آية الابرار، قال تعالى :

" إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا " (43) .

روى جمهور المفسرين والمحدثين أنها نزلت في أهل البيت (ع) (44) وكان السبب في ذلك أن الحسن والحسين (ع) مرضا فعادهما جدهما الرسول صلى الله عليه وآله مع كوكبة من أصحابه، وطلبوا من علي أن ينذر لله صوما ان عافاهما مما ألم بهما من السقم فنذر أمير المؤمنين صوم ثلاثة أيام ، وتابعته الصديقة عليها السلام وجاريتها فضة في ذلك، ولما أبل الحسنان من المرض صاموا جميعا، ولم يكن عند الامام في ذلك الوقت شئ من الطعام ليجعله أفطارا لهم فاستقرض سلام الله عليه ثلاث أصواع من الشعير، فعمدت الصديقة في اليوم الاول إلى صاع فطحنته وخبزته فلما آن وقت الافطار وإذا بمسكين يطرق الباب يستمنحهم شيئا من الطعام فعمدوا جميعا إلى هبة قوتهم إلى المسكين واستمروا في صيامهم لم يتناولوا سوى الماء .

وفي اليوم الثاني عمدت بضعة النبي (ص) إلى تهيأة الطعام الذي كان قوامه خبز الشعير، ولما حان وقت الغروب واذا بيتيم قد أضناه الجوع وهو يطلب الاسعاف منهم فتبرعوا جميعا بقوتهم، ولم يتنالوا سوى الماء .

وفي اليوم الثالث قامت سيدة النساء فطحنت ما فضل من الطعام وخبزته فلما حان وقت الافطار قدمت لهم الطعام، وسرعان ما طرق الباب أسير قد ألم به الجوع فسحبوا أيديهم من الطعام ومنحوه له .

سبحانك اللهم أي مبرة أعظم من هذه المبرة ! ! ! أي إيثار أبلغ من هذا الايثار، إنه ايثار ما قصد به إلا وجه الله الكريم .

ووفد عليهم رسول الله (ص) في اليوم الرابع فرآهم، ويا لهول ما رأى رأى أجساما مرتعشة من الضعف ونفوسا قد ذابت من الجوع ، فتغير حالهه وطفق يقول :

" واغوثاه أهل بيت محمد يموتون جياعا ! ! ! " .

ولم ينه الرسول كلامه حتى هبط عليه أمين الوحي وهو يحمل المكافأة العظمى لاهل البيت والتقييم لايثارهم الخالد... إنها مكافأة لا توصف بكيف ولا تقدر بكم، فهي مغفرة ورحمة ورضوان من الله ليس لها حد، فقد " جزاهم بما صبروا جنة وحريرا.

متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا.

وانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا.

ويطاف عليهم بآنيه من فضة وأكواب كانت قواريرا، قوارير من فضة قدورها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا " .

إنه عطاء سمح وجزيل فقد حباهم ربهم في الدار الآخرة من عظيم النعم والكرامات، وأجزل لهم المزيد من مغفرته ورضوانه .

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الآيات الكريمة التي نزلت في أهل البيت (ع) ومما لا شك فيه أن الامام الحسين (ع) من المعنيين بتلك الآيات الكريمة النازلة من السماء، وقد أبرزت مدى مقامه العظيم عند الله .

في ظلال السنة :

في السنة النبوية كوكبة ضخمة من الاحاديث نطق بها الرسول العظيم صلى الله عليه وآله أبرزت معالم شخصية الامام الحسين (ع) وحددت أبعاد فضله على سائر المسلمين... وقد تضافرت النصوص بذلك، وتواترت وهي على طوائف بعضها ورد في أهل البيت (ع) مما هو شامل للامام الحسين قطعا، وبعضها الآخر ورد فيه وفي أخيه الحسن (ع)، وطائفة ثالثة وردت فيه خاصة، وفيما يلي ذلك :

الطائفة الاولى :

أما ما أثر عن النبي (ص) في فضل عترته ولزوم مودتهم فطائفة كبيرة من الاخبار وفيما يلي بعضها :

1 - روى أبوبكر قال رأيت رسول الله (ص) :

خيم خيمة وهو متكئ على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) فقال :

" معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم وولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ الولادة " (45) .

2 - روى زيد بن أرقم أن رسول الله (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام :

" أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم " (46) .

3 - روى أحمد بن حنبل بسنده أن النبي (ص) أخذ بيد الحسن والحسين وقال :

" من أحبني وأحب هذين وأباهما، وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة " (47) .

4 - روي جابر قال رسول الله (ص) :

ذات يوم بعرفات، وعلى تجاهه " ادنو مني يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها فمن تعلق بغصن منها أدخله الله الجنة... " (48) .

5 - روى ابن عباس قال :

قال رسول الله (ص) :

" النجوم أمان لاهل الارض من الغرق، وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف، فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس... " (49).

6 - روى زيد بن أرقم قال :

قال رسول الله (ص) :

" إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما... " (50) .

إن حديث الثقلين من أروع الاحاديث النبوية وأكثرها ذيوعا وانتشارا بين المسلمين، وقد تكرر هذا الحديث من النبي (ص) في مواضع كثيرة نشير إلى بعضها :

أ - أعلن (ص) ذلك وهو في حجة يوم عرفة فقد روى جابر بن عبد الله الانصاري قال :

رأيت رسول الله في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب فسمعه يقول :

" يا أيها الناس اني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي... " (51).

ب - انه (ص) أدلى بذلك في يوم الغدير، فقد روى زيد بن أرقم قال :

نزل رسول الله (ص) (الجحفة) ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال :

إني لا أجد النبي إلا نصف عمر الذي قبله ، وإني اوشك أن ادعى فاجيب، فما أنتم قائلون ؟ قالوا :

" نصحت " .

قال :

" اليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق، وأن النار حق ؟ " .

قالوا :

" نشهد " .

فرفع (ص) يده فوضعها على صدره، ثم قال :

" وأنا أشهد معكم " والتفت (ص) إليهم فقال :

" الا تسعمون ؟ " .

" نعم " .

" فاني فرط على الحوض، وأنتم واردون على الحوض، وان عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ؟ " .

فناداه مناد وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال (ص) :

" كتاب الله طرف بيد الله عزوجل وطرف بأديكم فتمسكوا به والآخر عشيرتي " (52) وان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما، ولا تعلموهما فهم أعلم منكم، ثم أخذ بيد علي (ع) فقال :

من كنت أولى به من نفسه، فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (53) .

ج - أعلن (ص) ذلك وهو على فراش الموت، فقد التفت (ص) إلى أصحابه فقال لهم :

" أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم إلا اني مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل، وعترتي أهل بيتي، ثم أخذ بيد علي فرفعها، فقال هذا علي مع القرآن، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسألهما ما خلفت فيهما... " (54) .

ان حديث الثقلين من أوثق الاحاديث النبوية وأوفرها صحة، وقد ذكر المناوي عن السمهودي أنه قال :

وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة (55)، وكلهم قد رووا هذا الحديث وقال ابن حجر :

ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بعض وعشرين صحابيا (56) .

ويدل هذا الحديث دلالة صريحة واضحة على حصر الامامة في أهل البيت (ع) وعلى عصمتهم من الآثام والاهواء لان النبي (ص) قرنهم بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن الطبيعي أن اي انحراف منهم عن الدين يعتبر افتراقا عن الكتاب العزيز ، وقد صرح (ص) بعدم افتراقهما حتى يردا عليه الحوض فدلالته على العصمة ظاهرة جليه لا خفاء فيها، كما أكد النبي (ص) في هذا الحديث على أمته أن لا تتقدم عليهم، وأن تسلم إليهم قيادتها لئلا تهلك في مجال هذه الحياة والبحث عن معطيات هذا الحديث الشريف يستدعي وضع كتاب خاص فيه، وقد عرض جماعة من العلماء بصورة موضوعية وشاملة للبحث عنه (57) .

7 - روى أبوسعيد الخدري، قال :

سمعت النبي (ص) يقول :

" إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له... " (58) .

وفي هذا الحديث دعوة خلافة وملزمة إلى التسمك بالعترة الطاهرة فانه ضمان لنجاة الامة وسلامتها، كما ان في البعد عنها غواية وهلاكا ، يقول الامام شرف الدين في بيان هذا الحديث .

" وأنت تعلم أن المراد من تشبيههم عليه السلام بسفينة نوح أن من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه وأصوله عن أئمتهم نجا من عذاب النار ومن تخلف عنهم كان كمن آوى " يوم الطوفان " إلى جبل ليعصمه من أمر الله، غير أن ذاك غرق في الماء، وهذا في الحميم - والعياذ بالله - والوجه في تشبيههم (ع) بباب حطة هو ان الله تعالى جعل ذلك الباب مظهرا من مظاهر التواضع لجلاله والبخوع لحكمه، وبهذا كان سببا للمغفرة هذا وجه الشبه، وقد حاوله ابن حجر إذ قال :

- بعد أن أورد هذه الاحاديث وغيرها من أمثالها - .

" ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة شرفهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم، وهلك في مفاوز الطغيان إلى أن قال:

" وباب حطة - يعني ووجه تشبيههم بباب حطة - ان الله جعل دخول ذلك الباب الذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع التواضع والاستغفار سببا للمغفرة، وجعل لهذه الامة مودة أهل البيت سببا لها... "(59) .

واستدل المتكلمون من الشيعة بهذا الحديث على حصر الامامة في أهل البيت (ع) لان النبي (ص) جعلهم كسفينة نوح تميزا لهم عن غيرهم فالرجوع إليهم سبب للنجاة والتخلف عنهم سبب للضلالة والهلاك .

8 - قال رسول الله (ص) :

معرفة آل محمد براءة من النار ، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب " (60) .

9 - قال صلى الله عليه وآله :

" من مات على حب آل محمد مات شهيدا، إلا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له، الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا، إلا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا، إلا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الايمان، إلا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير، إلا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، إلا ومن مات على حب آل محمد فتح في قبره بابان إلى الجنة، إلا ومن مات على حب آل محمد جعل قبره مزار ملائكة الرحمة، إلا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه :

آيس من رحمة الله... " (61) .

لقد دعا الرسول (ص) إلى موالاة عترته، وأن نكن لهم في اعماق نفوسنا أصدق آيات الحب والولاء، وأن يكون ذلك مستمرا حتى آخر لحظة من حياتنا .

10 - قال (ص) :

" اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين " (62).

11 - قال (ص) :

" لا تزول قدما عبد - يوم القيامة - حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه، ومن أين اكتسبه، وعن محبتنا أهل البيت " (63).

12 - قال (ص) :

" من سره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه ، وليعتد بأهل بيتي من بعدي فانهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي " (64) .

13 - قال علي (ع) أخبرني رسول الله (ص)، إن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين، قلت يا رسول الله فمحبونا قال : من ورائكم (65) .

14 - روى أبوسعيد الخدري أن النبي (ص) دخل على فاطمة عليها السلام، قفال :

إني إياك وهذا النائم - يعني عليا، وهما - يعني الحسن والحسين - لفي مكان واحد يوم القيامة (66) .

هذه بعض الاحاديث التي أثرت عن النبي (ص) في فضل عترته والمتأمل فيها يطل على الغاية التي ينشدها (ص) وهي جعل القيادة الاسلامية بيد أئمة أهل البيت (ع) الذين آثروا طاعة الله على كل شئ حتى لا تزيغ الامة في مسيرتها عن طريق الهدى والصلاح، ولا تنحرف عن سلوكها عما أمر الله به وتشيع في أوساطها العدالة والحق، وينسد الطريق أمام القوى الباغية من أن تنزو على منابر الحكم والخلافة الاسلامية .

الطائفة الثانية :

وحفلت مصادر السيرة النبوية والاحاديث بحشد كبير من الاخبار التي أثرت عن النبي (ص) في حق السبطين (ع) ومدى أهميتهما ومقامهما الكريم عنده ونعرض فيما يلي لبعضها :

1 - روى أبوأيوب قال :

دخلت على رسول الله (ص) والحسن والحسين عليهما السلام يلعبان بين يديه (أو في حجره) فقلت :

يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال :

وكيف لا أحبهما ! ! وهما ريحانتاي من الدنيا في مواطن عديدة ونشير إلى بعضها :

أ - روى سعيد بن راشد قال :

جاء الحسن والحسين (ع) يسعيان إلى رسول الله (ص) فأخذ أحدهما فضمه إلى إبطه، ثم جاء الآخر فضمه إلى إبطه الاخرى وقال :

هذان ريحانتاي من الدنيا من حبني فليحبهما (67) .

ب - قال سعد بن مالك :

دخلت على النبي (ص) والحسن والحسين يلعبان على ظهره فقلت :

يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال :

وما لي لا أحبهما وانهما ريحانتاي من الدنيا ؟ (68) .

ج - روى أنس بن مالك قال :

دخلت (أو ربما دخلت) على رسول الله (ص) والحسن والحسين يتقلبان على بطنه، ويقول :

ريحانتي من هذه الامة (69) .

د - روى أبوبكرة قال :

كان الحسن والحسين عليهما السلام يثبان على ظهر رسول الله (ص) في الصلاة فيمسكهما بيده حتى يرفع صلبه ، ويقومان على الارض، فلما فرغ أجلسهما في حجره ثم قال :

إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا (70) .

هـ - روى جابر أن رسول الله (ص) قال لعلي بن أبي طالب (ع) :

سلام عليك يا أبا الريحانتين، أوصيك بريحانتي من الدنيا خيرا فعن قليل ينهد ركناك، والله خليفتي عليك، قال فلما قبض النبي (ص) قال علي عليه السلام :

هذا أحد الركنين اللذين قال النبي (ص)، فلما ماتت فاطمة (ع)، قال علي : هذا الركن الآخر الذي قال النبي (ص) (71) .

و - روى البخاري بسنده عن ابن أبي نعم قال :

كنت شاهدا لابن عمرو وسأله رجل عن دم البعوض، فقال :

ممن أنت ؟ فقال : من أهل العراق، قال :

انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبي (ص) وسمعت النبي (ص) يقول :

هما ريحانتاي من الدنيا (72).

2 - روى انس بن مالك قال :

سئل رسول الله (ص) أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال (ص) الحسن والحسين، وكان يقول لفاطمة :

ادعي ابني فيشمهما ويضمهما اليه (73) .

3 - روى ابن عباس قال : بينا نحن ذات يوم مع النبي (ص) إذ أقبلت فاطمة (ع) تبكي فقال لها رسول الله (ص) :

فداك أبوك ، ما يبكيك ؟ قالت : إن الحسن والحسين خرجا، ولا أدري أين باتا ، فقال لها رسول (ص):

لا تبكين فإن خالقهما ألطف بهما مني ومنك ، ثم رفع يديه، فقال :

اللهم احفظهما وسلمهما، فهبط جبرئيل، وقال : يا محمد لا تحزم فانهما في حظيرة بني النجار نائمان، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما، فقام النبي ومعه أصحابه حتى أتى الحظيرة فاذا الحسن والحسين (ع) معتنقان نائمان، واذا الملك الموكل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما يظلهما، فأكب النبي يقبلهما حتى انتبها من نومهما، ثم جعل الحسن على عاتقه الايمن، والحسين على عاتقه الايسر ، فتلقاه أبوبكر، وقال :

يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أحمله عنك ، فقال (ص) :

نعم المطي مطيهما ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما حتى أتى المسجد فقام رسول الله (ص) على قدميه، وهما على عاتقيه، ثم قال :

" معاشر المسلمين، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة ؟ " .

فقالوا :

بلى يا رسول الله .

قال (ص) :

الحسن والحسين جدهما رسول الله (ص) خاتم المرسلين، وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة .

ثم قال (ص) : ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة ؟ ! ! قالوا :

بلى يا رسول الله .

قال (ص) : الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب .

ثم قال (ص) : أيها الناس، ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة ؟ قالوا :

بلى يا رسول الله .

قال صلى الله عليه وآله : الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينت بنت رسول الله .

ثم قال صلى الله عليه وآله : اللهم، انك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة، وعمهما في الجنة، وعمتهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة ، ومن أبغضهما في النار (74) .

وهذا الحديث الشريف دل بوضوح على مدى حبه صلى الله عليه وآله لسبطيه، وأنهما أحب أهل بيته اليه، كما أنهما أفضل الناس نسبا وحسبا وأن من أحبهما ينزل معهم مقاما كريما في الفردوس .

4 - روى عمر قال : رأيت الحسن والحسين (ع) على عاتقي النبي صلى الله عليه وآله : فقلت :

نعم الفرس تحتكما، فقال النبي صلى الله عليهه وآله : ونعم الفارسان هما (75) وبهذا المضمون روى جابر قال :

دخلت على النبي صلى الله عليه وآله : والحسن والحسين على ظهره وهو يقول :

" نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان انتما " (76) وقد نظم ذلك السيد الحميري بقوله :

أتى حسنا والحسين الرسول * وقد بــرزا ضحوة يلعـــــبان

فضمهمـــــا وتفــــداهـمــــــا * وكانا لديهـــه بذاك المكــــان

ومــــرا وتحتهما عاتقــــــاه * فنعـــــم المطية والــــراكبان

5 - روى أبوسعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة... " (77) .

6 - روى سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :

" الحسن والحسين ابناي من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار... " (78) .

7 - كان النبي صلى الله عليه وآله : يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران وهما يمشيان، ويعثران فنزل (ص) عن المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، وقال :

صدق الله إذ يقول : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان، ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي، ورفعتهما... " (79) .

8 - روى يعلي بن مرة قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله فضمهما وقال :

" ان الولد مبخلة مجبنة... " (80) .

9 - قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين سبطان (81) من الاسباط... " (82) .

10 - روى أنس أن النبى (ص) قال : " أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين... " (83) .

11 - روى أنس قال سئل النبى (ص) أي أهل بيتك أحب اليك ؟ قال : " الحسن والحسين " وكان يقول لفاطمة : ادعي لي ابني فيشمهما ويضمهما اليه... " (84) .

12 - قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين امامان إن قاما وإن قعدا... " (85).

لقد أضفى النبى (ص) على ريحانتيه حلة الامامة، وجعلها من ذاتياتهما سواء أقاما بالامر، وتقلدا شؤون الخلافة أم لا .

الولاء العميق:

وذكر الرواة بوادر كثيرة تدل على مدى تعلق النبى (ص) بسبطيه وشدة حبه لهما، وفيما يلي بعضها:

1 - إنه كان إذا غاب عنه الحسن والحسين اشتد شوقه إليهما ، وأمر بمن يدعوهما اليه فيأخذهما، ويشمهما، ويضمهما إلى صدره (86) .

2 - قال عبد الله بن جعفر :

كان رسول الله (ص) اذا قفل من سفر تلقى بي أو بالحسن أو بالحسين (87) .(88).

وبلغ من حبه (ص) لسبطيه أنه قبل بيعتهما له ضمن الثلاثة الصغار الذين بايعوه من أهل البيت، هما مع ابن عمهما عبد الله بن جعفر ولم يبايع صغيرا قط إلا هم (89) .

4 - وكان (ص) يحملهما على دابته فيجعل أحدهما قدامه والآخر خلفه... (90).

5 - وبلغ من حنانه (ص) وعطفه على سبطيه أنه كان يصلي العشاء فاذا سجد وثبا على ظهر، فاذا رفع رأسه أخذهما أخذا رقيقا فيضعهما على الارض فاذا عاد، عادا حتى اذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه... (91) لقد أولى النبى (ص) سبطيه رعايته ومحبته ليري المسلمين مدى مكانتهما عنده حتى تخفض لهما جناح المودة، وتقلدهما قيادتها الروحية والزمنية ليسيرا بها إلى مدارج الحياة الكريمة التي يجد فيها الانسان جميع ما يصبوا اليه .

الطائفة الثالثة :

وتواترت الاخبار التي أثرت عن النبي صلى الله عليه وآله :

في فضل ريحانته الامام الحسين (ع) وهي تحدد معالم شخصيته، كما تحمل جانبا كبيرا من اهتمام الرسول صلى الله عليه وآله به، وفيما يلي بعضها :

1 - روى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :

" من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين ابن علي... " (92) .

2 - روى أبوهريرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حامل الحسين بن علي، وهو يقول : " اللهم اني أحبه فاحبه " (93).

3 - روى يعلى بن مرة قال :

خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله إلى طعام دعونا له، فاذا حسين يلعب بالسكة فتقدم النبي صلى الله عليه وآله وبسط يديهه فجعل الغلام يفر ها هنا، وها هنا ويضاحكه النبى (ص) حتى أخذه فجعل احدى يديه تحت ذقنه والاخرى في فأس رأسه(94) فقبله وقال :

" حسين منى وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الاسباط... " (95).

ودلل النبى صلى الله عليه وآله بهذا الحديث الشريف على مدى الصلة العميقة التي بينه وبين وليده، وأكبر الظن أنه صلى الله عليه وآله لم يعن بقوله :

" حسين مني " الرابطة النسبية التي بينه وبينه، وإنما عنى أمرا آخر هو أدق وأعمق فالحسين منه لانه يحمل روحه وهديه، ويحمل اتجاهاته العظيمة الهادفة إلى اصلاح الانسان ورفع مستواه، وتطوير وسائل حياته على أساس الايمان بالله الذي يحمل جميع مفاهيم الخير والسلام في الارض ، كما عنى صلى الله عليه وآله بقوله :

" وأنا من حسين " أن ما يبذله السبط العظيم من التضحية والفداء في سبيل الدين، وما تؤديه تضحيته من الفعاليات الهائلة في تجديد رسالة الاسلام، وجعلها نابضة بالحياة على ممر الاجيال الصاعدة فكان النبى صلى الله عليه وآله بذلك حقا من الامام الحسين فهو المجدد لدينه، والمنقذ له من شر تلك الطغمة الحاكمة التي جهدت على محو الاسلام من خريطة هذا الكون، واعادة مفاهيم الجاهلية وخرافاتها على مسرح الحياة، وقد نسف الامام بنهضته أحلام الامويين ، وأعاد للاسلام نضارته وحياته، ورفع رايته عالية خفاقة في جميع الاجيال .

كما دلل صلى الله عليه وآله على عظمة حفيده بأن أضفى عليه كلمة السبط، وأراد بها أنه أمة من الامم بذاته، ومستقل بنفسه، فهو أمة من الامم في الخير وأمة من الشرف في جميع الاجيال والآباد.

5 - روى الصحابي العظيم سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله فاذا الحسين بن علي على فخذه، وهو يلثم فاه، ويقول : " أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أخو إمام، وأبوالائمة وأنت حجة الله، وابن جته، وأبوحجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم " (96) .

6 - قال النبي (ص) : " هذا - يعني الحسين - إمام ابن إمام أخو إمام، أبوأئمة تسعة... (97) .

7 - روى أبوالعباس قال : كنت عند النبى (ص) وعلى فخذه الايسر ابنه ابراهيم، وعلى فخذه الايمن الحسين بن علي، والنبى تارة يقبل هذا وأخرى يقبل هذا، إذا هبط عليه جبرئيل بوحي من رب العالمين ، فلما سرى عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال لي : يا محمد إن ربك يقرؤك السلام، ويقول لك : لست أجمعها لك، فافد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبى إلى ابراهيم فبكى، ثم قال : إن ابراهيم متى مات لم يحزن عليه غيري، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت ابنتي، وحزن ابن عمي، وحزنت أنا عليه، وأنا أوثر حزني على حزنهما، يا جبرئيل يقبض ابراهيم، فديت الحسين بابراهيم، وقبض ابراهيم بعد ثلاث، فكان النبي (ص) اذا رأى الحسين مقبلا قبله، وضمه إلى صدره، ورشف ثتاياه، وقال :

فديت من فديته بابني ابراهيم " (98).

8 - روى ابن عباس قال :

كان النبى صلى الله عليه وآله حامل الحسين على عاتقه، فقال له رجل :

" نعم المركب ركبت يا غلام ! ! " .

فأجابه الرسول صلى الله عليه وآله : " ونعم الراكب هو... " (99) .

9 - روى يزيد بن أبي زياد قال :

خرج النبى صلى الله عليه وآله من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكي، فالتاع (ص) من ذلك فقال لفاطمة :

" ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني... " (100).

10 - روى عبد الله بن شداد عن أبيه قال : سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدة أطالها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى اليه، فسألناه عن ذلك، فقال :

" كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته... " (101).

هذه بعض الاخبار التي أثرت عن النبى صلى الله عليه وآله في ريحانته وهي أوسمة شرف ومجد قلده بها، اشعارا منه بأن ظله، وحقيقته ستمثل في هذا الطفل، وسيكون صورة فذة لانسانيته العليا، وأسراره العظمى .

اخبار النبي بمقتله :

وأحاط النبي صلى الله عليه وآله أصحابه علما بمقتل ريحانته وسبطه ، وأذاع ذلك بين المسلمين، حتى بات عندهم من الامور المتيقنة التي لم يخالجهم فيها أدنى شك، يقول ابن عباس :

" ما كنا نشك، وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف " (102).

وقد بكى النبى (ص) أمر البكاء وأفجعه - في غير موطن - على ما سيحل بريحانته من الخطوب والكوارث التي تذوب منها القلوب، وفيما يلي عرضا لتلك الاخبار .

1 - روت أم الفضل بنت الحارث قالت : كان الحسين في حجري فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد حملت معي الحسنين ، فوضعته في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تهريقان من الدموع فقلت له :

" - يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - ما لك ؟ ! !

 - أتاني جبرائيل فأخبرني أن أمتى ستقل ابني هذا .

وذرعت أم الفضل، فانبرت تقول :

- تقتل هذا - وأشارت إلى الحسين - ؟ - نعم، وأتاني جبرئيل بتربة من تربته حمراء (103).

وغرقت ام الفضل بالبكاء وهامت في تيارات مذهلة من الاسى والحزن

2 - روت السيدة أم سلمة قالت :

إن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو خاثر (104)، ثم اضطجع فاستيقظ وهو خاثر دون ما رأيت به المرة الاولى، ثم اضطجع فاستيقظ، وفي يده تربة حمراء وهو يقبلها فقلت له:

- ما هذه التربة يا رسول الله ؟ - أخبرني جبرئيل إن هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض العراق فقلت لجبرئيل :

أرني تربة الارض التي يقتل بها، فهذه تربته (105).

3 - وروت أم سلمة قالت :

كان النبي (ص) جالسا ذات يوم في بيتي، فقال :

لا يدخلن علي أحد، فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي، فاذا الحسين في حجره " أو إلى جنبه " يمسح رأسه وهو يبكي فقلت له :

" والله ما علمت حتى دخل " .

فقال لي :

إن جبرئيل كان معنا في البيت، فقال :

أتحبه ؟ فقلت :

نعم، فقال :

إن امتك ستقتله بأرض يقال لها كربلا، فتناول جبرئيل من ترابها، فأراه النبي (106).

4 - روت عائشة قالت :

دخل الحسين بن علي على رسول الله (ص) وهو يوحى اليه، فنزا على رسول الله، وهو منكب، فقال جبرئيل :

أتحبه يا محمد ؟ قال :

وما لي لا أحب ابني ؟ قال :

فان امتك ستقتله من بعدك، فمد جبرئيل فأتاه بتربة بيضاء فقال :

في هذه الارض يقتل ابنك هذا، واسمها الطف، فلما ذهب جبرئيل من عند رسول الله (ص) والتربة في يده وهو يبكي فقال :

" يا عائشة إن جبرئيل أخبرني أن ابني حسينا مقتول في أرض الطف وان امتي ستفتن بعدي " .

ثم خرج إلى أصحابه وفيهم علي وأبوبكر، وعمر، وحذيفة، وعمار وأبوذر، وهو يبكى فبادروا اليه قائلين :

" ما يبكيك يا رسول الله ؟ ! ! " .

" أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني ان فيها مضجعه " (107).

5 - روت زينب بنت جحش زوج النبي (ص) قالت :

كان النبي نائما عندي، وحسين يحبو في البيت، فغفلت عنه حتى أتى النبي فصعد على بطنه، ثم قام النبي يصلي، واحتضنه فكان اذا ركع وسجد وضعه واذا قام حمله، فلما جلس جعل يدعو، ويرفع يديه ويقول... فلما قضى الصلاة قلت له :

" يا رسول الله لقد رأيتك تصنع اليوم شيئا ما رأيتك تصنعه ؟ " فقال :

" إن جبرئيل أتاني فأخبرني أن ابني يقتل، قلت :

فارني إذا فأتاني بتربة حمراء " (108).

6 - روى ابن عباس قال :

كان الحسين في حجر النبي (ص) فقال جبرئيل :

أتحبه ؟ فقال :

كيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي ؟ ! ! فقال :

إن امتك ستقتله، ألا اريك من موضع قبره ؟ فقبض قبضة فاذا تربة حمراء (109).

7 - روى ابوامامة قال :

قال رسول الله (ص) لنسائه :

لاتبكوا هذاالصبي - يعني حسينا - قال وكان يوم ام سلمة فنزل جبرئيل فدخل رسول الله (ص) الداخل، وقال لام سلمة لا تدعي احدا يدخل علي فجاء الحسين فلما نظر إلى النبي في البيت اراد ان يدخل فأخذته ام سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه، وتسكنه، فلما اشتد في البكاء خلت عنه، فدخل حتى جلس في حجر النبي (ص)، فال جبرئيل للنبي :

- إن امتك ستقتل ابنك هذا .

- يقتلونه وهم مؤمنون بي ؟ ! ! - نعم يقتلونه .

وتناول جبرئيل تربة، فقال له :

بمكان كذا وكذا يقتل، فخرج رسول الله (ص) قد احتضن حسينا وهو كاسف البال مغموم فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه، فقالت :

" يا نبي الله جعلت لك الفداء أنك قد قلت لا تبكوا هذا الصبي ، وأمرتني أن لا أدع أحدا يدخل عليك فجاء فخليت عنه فلم يجبها النبي بشئ، وخرج إلى أصحابه، وهو غارق في الهم والاسى فقال لهم :

" إن أمتي يقتلون هذا - وأشار الحسين - " .

فانبرى اليه أبوبكر وعمر فقالا له :

" يا نبي الله وهم مؤمنون ؟ ! ! " (110) .

" نعم وهذه تربته... " (111) .

8 - روى أنس بن الحارث عن النبي (ص) أنه قال :

" إن ابني ( ص) أنه قال :

" إن ابني هذا - وأشار إلى الحسين - يقتل بأرض يقال لها كربلا، فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

ولما خرج الحسين إلى كربلا خرج معه أنس، وأستشهد بين يديه (112) .

9 - روت أم سلمة قالت :

كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي في بيتي فنزل جبرئيل فقال يا محمد :

إن امتك تقتل ابنك هذا من بعدك - وأشار إلى الحسين - فبكى رسول الله (ص) وضمه إلى صدره وكان بيده تربة فجعل يشمها وهو يقول :

" ويح كرب وبلاء " وناولها أم سلمة فقال لها :

" إذا تحولت هذه التربة دما، فاعلمي ان ابني قد قتل " .

فجعلتها أم سلمة في قارورة، وجعلت تتعاهدها كل يوم وهي تقول :

" إن يوما تتحولين دما ليوم عظيم... " (113) .

10 - رأى النبي (ص) في منامه كأن كلبا أبقع يلغ في دمه ، فأوله بان رجلا يقتل ولده الحسين، فكان شمر بن ذي الجوشن الابرص هو الذي قتل الامام (114).

11 - روت أم سلمة قالت :

قال رسول الله (ص) :

" يقتل الحسين بن علي على رأس ستين من مهاجرتي " (115).

12 - روى معاذ بن جبل قال :

خرج علينا رسول الله (ص) فقال :

" أنا محمد أوتيت فواتح الكلام وخواتمه، فاطيعوني مادمت بين أظهركم فاذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عزوجل أحلوا حلاله، وحرموا حرامه أتتكم الموتة... أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رسل جاءت رسل، تناسخت النبوة، فصارت ملكا، رحم الله من أخذها بحقها وخرج منها كما دخلها، امسك يا معاذ، واحص، قال معاذ :

فأحصيت خمسة - يعني من الخلفاء - فقال النبي (ص) :

" يزيد، لا بارك الله في يزيد... " .

ثم ذرفت عيناه بالدموع، فقال (ص) :

" نعي إلي الحسين، وأتيت بتربته، وأخبرت بقاتله، لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلط عليهم أشرارهم، وألبسهم شيعا... " .

ثم قال (ص) :

" وآها لفراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف يقتل خلفي وخلف الخلف .

امسك يا معاذ، فلما بلغت عشرة - أي عشرة اشخاص من الذين يتولون الحكم من بعده - قال :

الوليد (116) اسم فرعون هادم شرايع الاسلام يبوء بدمه رجل من أهل بيته يسل الله سيفه فلا غماد له، واختلف الناس وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، ثم قال :

بعد العشرين ومائة موت سريع، وقتل ذريع، ففيه هلاكهم، ويلي عليهم رجل من ولد العباس (117) لقد استشف النبي (ص) من وراء الغيب ما تمنى به امته من بعده من الكوارث والفتن من جراء ما يحدث فيما بينها من الصراع الرهيب على الحكم، حتى يؤل أمر المسلمين، واذلالهم، كماأخبر بما سيجري على سبطه من القتل والتنكيل من يزيد بن معاوية، وأخبره (ص) عن زوال الحكم الاموي، وانتقاله إلى بني العباس، وعما تعانيه الامة في تلك الفترات العصبية من القتل والجور والظلم، وقد تحقق جميع ذلك على مسرح الحياة كما أخبر الصادق الامين .

13 - روى ابن عباس قال :

لما أتت على الحسين سنتان من مولده خرج النبي (ص) في سفر له، فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع ، ودمعت عيناه، فسئل عن ذلك ؟ فقال :

هذا يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها كربلا، يقتل بها ولدي الحسين بن فاطمة، فانبرى اليه نفر من أصحابه فقالوا له : " من يقتله يا رسول الله ؟ ! " .

فاندفع يجيبهم بنبرات متقطعة حزينة قائلا :

" رجل يقال له يزيد لا بارك الله في نفسه، وكأني أنظر إلى مصرعه ومدفنه بها، وقد أهدى برأسه، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه... " .

ولما قفل النبي من سفره كان مغموما، فصعد المنبر ووعظ المسلمين وقد حمل حفيديه وريحانتيه، فرفع رأسه صوب السماء وقال :

" اللهم إني محمد عبدك ونبيك، وهذا أطايب عترتي، وخيار ذريتي، وأرومتي، ومن أخلفهم في أمتي..

اللهم وقد أخبرني جبريل بأن ولدي هذا - وأشار إلى الحسين - مقتول مخذول، اللهم فبارك له في قتله، واجعله من سادات الشهداء، انك على كل شئ قدير، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله... " .

وانقلبت ساحة الجامع إلى صرخة مدوية من البكاء والعويل، فقال لهم النبي :

" أتبكون، ولا تنصرونه ؟ اللهم فكن أنت وليا وناصرا ! ! " .

قال ابن عباس :

وبقي النبي متغير اللون محمر الوجه، فصعد المنبر مرة أخرى وخطب الناس خطبة بليغة موجزة، وعيناه تهملان دموعا ، ثم قال :

" أيها الناس :

إني قد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وأرومتي ومراح مماتي (118) وثمرتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وأني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم المودة في القربى، فانظروا أن لا تلقوني غدا على الحوض، وقد ابغضتم عترتي .

ألا وأنه سيرد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الامة راية سوداء مظلمة قد فزعت لها الملائكة فتقف علي، فأقول :

من انتم ؟ فينسون ذكري، ويقولون : نحن من أهل التوحيد من العرب، فأقول : أنا أحمد نبي العرب والعجم، فيقولون نحن من أمتك يا أحمد : فأقول لهم كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي ؟ فيقولون :

أما الكتاب فضيعنا ومزقنا، وأما عترتك فحرصنا على أن يندهم (119) من جديد الارض فاولي عنهم وجهي فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم ثم ترد علي راية أخرى أشد سوادا من الاولى، فأقول لهم :

من أنتم ؟ فيقولون كما تقول الاولى : إنهم من أهل التوحيد نحن من امتك، فأقول لهم : كيف خلفتموني في الثقلين الاصغر والاكبر في كتاب الله وفي عترتي ؟ فيقولون :

أما الاكبر فخالفنا، وأما الاصغر فخذلنا، ومزقناهم كل ممزق فأقول اليكم عني :

فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم، ثم ترد علي راية أخرى تلمع نورا فأقول لهم :

من أنتم ؟ فيقولون :

نحن كلمة التوحيد، نحن أمة محمد، ونحن بقية أهل الحق الذي حملنا كتاب ربنا فأحللنا حلاله ، وحرمنا حرامه، وأحببنا ذرية نبينا محمد (ص) فنصرناهم بما نصرنا أنفسنا، وقاتلنا معهم، وقاتلنا من ناواهم فأقول لهم :

ابشروا فأنا نبيكم محمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين، إلا وان جبرئيل قد اخبرني بان امتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء الا فلعنة الله على قاتهل وخاذله إلى آخر الدهر... " .

ثم نزل عن المنبر ولم يبق أحد من المهاجرين والانصار الا واستيقن ان الحسين مقتول (120) .

هذه بعض الاخبار التي أعلن بها النبي (ص) عن مقتل سبطه وريحانته ويلمس فيها ذوب روحه أسى وحزنا عليه، وقد تأكد المسلمون من هذه الاخبار.

بقتل الامام ولم يخالجهم فيه أدنى شك، كما آمن بها الحسين (ع) وأعلن ذلك في كثير من المواقف التي سنعرض لها في غضون هذا الكتاب .

احتفاء الصحابة بالحسين :

واحتفت الصحابة بالامام الحسين احتفاء بالغا، وقابلوه بمزيد من التكريم والتعظيم، وأحلوه محل جده العظيم (ص) وقد وجدوا فيه ما يرومونه من العلم والتقوى والحريجة في الدين، ويقول المؤرخون :

إنه كان يحنو عليهم ويحدب على ضعفائهم، ويشاركهم في البأساء والضراء ، ويصفح عن مسيئهم ويتعهد جميع شؤونهم كما كان يصنع معهم جده الاعظم صلى الله عليه وآله .

وتسابق أعلام الصحابة ووجوههم للقيام بخدمته وخدمة أخيهه الزكي الامام أبي محمد الحسن (ع) وكانوا يرون أن أية خدمة تسدى لهما فإنما هي شرف ومجد لمن يقوم بها، فهذا عبد الله بن عباس حبر الامة على جلالة قدره وعظيم مكانته بين المسلمين كان اذا أراد الحسن والحسين أن يركبا بادر فامسك لهما الركاب، وسوى عليهما الثياب معتزا بذلك، وقد لامه على ذلك مدرك بن زياد أو ابن عمارة، فزجره ابن عباس وقال له :

" يا لكع أو تدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول الله (ص) أو ليس مما أنعم الله به علي أن أمسك لهما الركاب، وأسوي عليهما الثياب ؟ " (121) .

وبلغ من تعظيم المسلمين، وتكريمهم لهما أنهما لما كان يفدان إلى بيت الله الحرام ماشين يترجل الركب الذي يجتازان عليه تعظيما لهما، حتى شق المشي على كثير من الحجاج فكلموا أحد أعلام الصحابة، وطلبوا منه أن يعرض عليهما الركوب أو التنكب عن الطريق، فعرض عليهما ذلك فقالا لا نركب ولكن نتنكب عن الطريق، وسلكا طريقا آخر .

وكانا اذا طافا بالبيت الحرام يكاد الناس أن يحطموهما من كثرة السلام عليهما، والتبرك بزيارتهما (122) .

ومن الوان ذلك التقدير ان الامام الحسين (ع) اجتاز في مسجد جده على جماعة فيهم عبد الله بن عمرو بن العاص فسلم عليهم فردوا عليه السلام فانبرى إليه عبد الله فرد عليه السلام بصوت عال، وأقبل على القوم فقال لهم :

" ألا أخبركم بأحب أهل الارض إلى أهل السماء ؟ " .

" بلى " .

" هذا الماشي - وأشار إلى الحسين - ما كلمني كلمة منذ ليالي صفين ولئن يرضى عني أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم... ".

وانبرى اليه أبوسعيد الخدري، فقال :

ألا تعتذر اليه ؟ فاجابه إلى ذلك :

وخفا إلى بيت الامام، فاستأذنا منه فأذن لهما، ولما استقر بهما المجلس أقبل الامام على عبد الله فقال له :

" أعلمت يا عبد الله أني أحب أهل الارض إلى أهل السماء ؟".

فأسرع عبد الله مجيبا :

" أي ورب الكعبة " .

" ما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين، فوالله لابي كان خيرا مني ؟ ! " وألقى عبد الله معاذيره قائلا :

" أجل ولكن عمرو - يعني أباه - شكاني إلى رسول الله (ص) قال له :

إن عبد الله يقوم الليل، ويصوم النهار، فقال رسول الله (ص) :

" صل ونم، وصم، وافطر، واطع عمروا " فلما كان يوم صفين أقسم علي فخرجت أما والله ما اخترطت سيفا، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، وما زال يتلطف بالامام حتى رضي عنه (123)، وقد كان عذره في طاعة أبيه في محاربة الامام أمير المؤمنين (ع) لا يحمل طابعا من المشروعية فان طاعة الابوين لا تشرع في معصية الله حسب ما جاء في القرآن .

وعلى أي حال فقد كان الامام الحسين موضع عناية المسلمين واجلالهم ويقول المؤرخون :

إنه حضر تشييع جنازة فسارع أبوهريرة فجعل ينفض بثوبه التراب والغبار عن قدمه (124) وقد أوصى المقداد بن الاسود صاحب رسول الله (ص) وأحد السابقين الاولين للاسلام أن تدفع للحسين ستة وثلاثون الفا من تركته بعد وفاته (125) .

لقد رأت الصحابة أن الامام الحسين عليه السلام هو بقية الله في أرضه والمثل الاعلى لجده، فأولته المزيد من حبها وتقديرها، وراحت تتسابق للتشرف بخدمته وزيارته .

لمحات من مثل الامام الحسين عليه السلام وتجسدت في شخصية أبي الاحرار جميع القيم الانسانية، والمثل العليا والتقت به عناصر النبوة والامامة، فكان بحكم مثله وتهذيبه فذا من أفذاذ التكامل الانساني، ومثلا رائعا من أمثله الرسالة الاسلامية، فهو - بحق - الاطروحة الخالدة للاسلام بجميع طاقاته ومقوماته .

إن أية صفة من صفات أبي الشهداء أو نزعة من نزعاته الكريمة لترفعه عاليا على جميع عظماء العالم، وتدفع إلى القول - بلا مغالاة - أنه نسخة لا ثاني لها في تاريخ البشرية على الاطلاق ما عدا جده وأبيه ، ونعرض - بإيجاز - إلى بعض خصائصه وذاتياته .

 

(1) سورة الاحزاب آية 22.

(2) تفسير الفخر 6 / 783، النيسابوري في تفسير سورة الاحزاب صحيح مسلم 2 / 331، ما نزل من القرآن في أهل البيت (ص 41) ، من المخطوطات المصورة في مكتبة الامام الحكيم نقلت من الخزانة المستنصرية سنة (666 ه) تأليف الحسين بن الحكم الخنزي، الخصائص الكبرى 2 / 264، الرياض النضرة 2 / 188، خصائص النسائي، تفسير ابن جرير 22 / 5، مسند أحمد بن حنبل 4 / 107، سنن البيهقي 2 / 150 مشكل الاثار 1 / 334. وقد أورد جلال الدين السيوطي في (الدر المنثور) عشرين رواية من طرق مختلفة في اختصاص الآية بأهل البيت، وأورد ابن جرير في تفسيره خمس عشرة رواية بأسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم بالخصوص.

(3) مستدرك الحاكم 2 / 416، أسد الغابة 5 / 521 .

(4) الدر المنثور 5 / 199 .

(5) مجمع الزوائد 9 / 169، أنساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 157 .

(6) ذخائر العقبى (ص 24).

(7) مستدرك الحاكم 3 / 172 .

(8) القاموس المحيط 1 / 331، أقرب الموارد .

(9) تفسير ابن كثير 3 / 486، صحيح مسلم 2 / 238.

(10) أسباب النزول للواحدي (ص 268 )

(11) الدر المنثور 5 / 198 .

(12) تهذيب التهذيب 7 / 263

(13) ميزان الاعتدال 3 / 95، طبقات القراء 1 / 15، طبقات ابن سعد 5 / 216 .

(14) ميزان الاعتدال 3 / 95 .

(15) ميزان الاعتدال 3 / 96.

(16) معجم الادباء .

(17) تهذيب التهذيب 7 / 263 .

(18) تهذيب التهذيب 7 / 271

(19) ميزان الاعتدال 3 / 93 .

(20) تهذيب التهذيب 7 / 271 .

(21) ميزان الاعتدال 4 / 173.

(22) تهذيب التهذيب 10 / 281

(23) تهذيب التهذيب 10 / 284، ميزان الاعتدال 4 / 175

(24) تهذيب التهذيب 10 / 281

(25) تهذيب التهذيب 10 / 283

(26) وفيات الاعيان.

(27) الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء (ع) (ص 196 - 197).

(28) الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء (ع) (ص 201) .

(29) سورة آل حم الشورى : آية 23 .

(30) مجمع الزوائد 7 / 103، ذخائر العقبى (ص 25)، نور الابصار (ص 101)، الدر المنثور.

(31) حلية الاولياء 3 / 201 .

(32) الصواعق المحرقة (ص 102) .

(33) حياة الامام الحسن 1 / 68.

(34) تفسير الطبري 25 / 16 .

(35) كنز العمال 1 / 218، الصواعق المحرقة (ص 101).

(36) تفسير الرازي في ذيل تفسير آية المودة في سورة الشورى .

(37) الصواعق المحرقة (ص 88).

(38) سورة آل عمران : آية 60 .

(39) تفسير الرازي 2 / 699، تفسير البيضاوي (ص 76) تفسير الكشاف 1 / 49، تفسير روح البيان 1 / 457، تفسير الجلالين 1 / 35 ، صحيح الترمذي 2 / 166، سنن البيهقي 7 / 63، صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة، مسند أحمد بن حنبل 1 / 185، مصابيح السنة للبغوي 2 / 201، سير أعلام النبلاء 3 / 193.

(40) نور الابصار (ص 100)

(41) الكلمة الغراء (ص 184) .

(42) تفسير الرازي 2 / 488.

(43) سورة هل أتى .

(44) تفسير الفخر 8 / 392، أسباب النزول للواحدي (ص 133) النيسابوري في تفسير سورة هل أتى، روح البيان 6 / 546، الدر المنثور ينابيع المودة 1 / 93، الرياض النضرة 2 / 227، امتاع الاسماع للمقريزي (ص 502).

(45) الرياض النضرة 2 / 252 .

(46) صحيح الترمذي 2 / 319، وروى ابن ماجة في سننه 1 / 52 أنه (ص) قال : " أنا سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم " ومثله رواه الحاكم في مستدركه 3 / 149، وابن الاثير في أسد الغابة 5 / 523 ، ورواه أحمد في مسنده 2 / 442 بسنده عن أبي هريرة، وكذلك رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 7 / 36 .

(47) مسند أحمد 1 / 77، صحيح الترمذي 2 / 301، وجاء في تهذيب التهذيب 10 / 430 أن نصر بن علي حدث بهذا الحديث فأمر المتوكل بضربه ألف سوط، فكلمه فيه جعفر بن عبد الواحد، وجعل يقول له : هذا من أهل السنة، فلم يزل به حتى تركه .

(48) مسند أحمد 1 / 77 .

(49) مستدرك الحاكم 3 / 149، وفي كنز العمال 6 / 116، والصواعق المحرقة (ص 111) أنه (ص) قال : " النجوم أمان لاهل الارض وأهل بيتي أمان لامتي، ورواه المناوي في فيض القدير 6 / 297، والهيثمي في مجمعه 9 / 174 .

(50) صحيح الترمذي 2 / 308، أسد الغابة 2 / 12 .

(51) كنز العمال 1 / 48، صحيح الترمذي 2 / 308.

(52) في كنز العمال 1 / 48 لفظ " عترتي " .

(53) مجمع الهيثمي 9 / 163 .

(54) الصواعق (ص 75).

(55) فيض القدير 3 / 14 .

(56) الصواعق (ص 136) .

(57) يراجع في ذلك المراجعات (ص 49 - 52) الاصول العامة للفقه المقارن (ص 164 - 187) .

(58) مجمع الزوائد 9 / 168، ورواه الحاكم في مستدركه 2 / 43 عن حنش عن أبي ذر، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 / 19 بسنده عن أنس بن مالك، ورواه أبونعيم في الحلية 4 / 306 بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ورواه المتقى في كنز العمال بسنده عن ابن الزبير وابن عباس، ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص 20) بسنده عن علي، ورواه الطبراني في كتابيه الاصغر والاوسط عن أبي سعيد الخدري.

(59) المراجعات (ص 54) .

(60) المراجعات (ص 54) .

(61) المراجعات (ص 59) نقله عن الثعلبي في تفسير آية المودة من تفسير الكبير.

(62) المراجعات (ص 58) نقله عن الشرف المؤبد (ص 58) .

(63) المراجعات نقله عن السيوطي في احياء الميت والنبهاني في أربعينه

(64) كنز العمال 6 / 217 .

(65) مستدرك الحاكم 3 / 151 .

(66) مستدرك الحاكم 3 / 137.

(67) مجمع 9 / 181، ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 2 / 189 مع تغيير يسير، مختصر صفة الصفوة (ص 62) تاريخ ابن عساكر 13 / 39.

(68) ذخائر العقبى (ص 124) .

(69) كنز العمال 7 / 110 .

(70) خصائص النسائي (ص 37) وفي مسند الامام زيد (ص 469) الولد ريحانة، وريحانتي الحسن والحسين.

(71) كنز العمال 7 / 109 .

(72) حلية الاولياء 3 / 201.

(73) صحيح البخاري كتاب الادب، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 183 .

(74) صحيح الترمذي 2 / 306، فيض القدير 1 / 148.

(75) ذخائر العقبى (ص 130 )

(76) مجمع الزوائد 9 / 182، كنز العمال 7 / 108.

(77) كنز العمال 7 / 108، مجمع الزوائد 9 / 182 .

(78) صحيح الترمذي 2 / 306، مختصر صفة الصفوة (ص 62) مسند أحمد بن حنبل 3 / 62، حلية الاولياء 5 / 71، تاريخ بغداد 9 / 231، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 167 بسنده عن ابن عمر قال صلى الله عليه وآله : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما " وبهذا النص ورد في مسند الامام زيد : وفي الاصابة 1 / 266 روى جهم قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : " إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني وفي الجامع الكبير للسيوطي عن ابن عساكر بسنده عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أتاني ملك فسلم علي نزل من السماء لم ينزل قبلها فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. . ".

(79) مستدرك الحاكم 3 / 166، وبتغيير يسير رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 111، وكذلك رواه المتقي في كنز العمال 6 / 221، وفي سنن ابن ماجة عن ابي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : " من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني " وفي تهذيب التهذيب في ترجمة نصر بن علي الازدي روى علي بن الصواف عن عبد الله بن أحمد أن نصرا حدث أن رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين فقال : " من أحبني وأحب هذين وأباهما كان معي في درجتي يوم القيامة " فلما سمع ذلك المتوكل أمر بضربه الف سوط، فكلمه فيه جعفر ابن عبد الواحد، وجعل يقول له : هذا من أهل السنة، فلم يزل به حتى تركه .

(80) صحيح الترمذي 2 / 306، صحيح النسائي 1 / 201، مستدرك الحاكم 1 / 287، صحيح أبي داود 6 / 110، مسند أحمد بن حنبل 5 / 354، سنن البيهقي 3 / 218، أسد الغابة 2 / 12، كنز العمال

7 / 168، سنن النسائي 3 / 108.

(81) مستدرك الحاكم 3 / 168، مسند أحمد بن حنبل 4 / 172 ، ومعنى الحديث أن الولد يحمل أباه على البخل والجبن .

(82) السبطان : تثنية سبط، وفي لسان العرب 9 / 181 أن السبط أمة من الامم في الخير .

(83) كنز العمال 6 / 221، الصواعق المحرقة (ص 114)، الادب المفرد، وفي صبح الاعشى 1 / 430 ان الحسن والحسين (ع) أول من سميا بالسبطين في الاسلام .

(84) صحيح الترمذي .

(85) تيسير الوصول لابن الديبغ 3 / 376 .

(86) بحار الانوار 1078، وفي نزهة المجالس 2 / 184 ان رسول الله (ص) قال للحسن والحسين : " أنتما الامامان ولامكما الشفاعة" وورد هذا الحديث في الاتحاف بحب الاشراف (ص 129) .

(87) صحيح الترمذي .

(88) سنن الدارمي 2 / 285 .

(89) العقد الفريد 2 / 243 .

(90) صحيح مسلم 5 / 191.

(91) مسند الامام أحمد .

(92) تاريخ ابن عساكر 13 / 50، من مخطوطات مكتبة الامام أمير المؤمنين، سير أعلام النبلاء 3 / 190.

(93) مستدرك الحاكم 3 / 177، وفي نور الابصار (ص 129) لفظ الحديث " اللهم إني أحبه واحب كل من يحبه ".

(94) وفي رواية " فوضع احدى يديه تحت قفاه، والاخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه وهو يقول حسين منى. .. الخ .

(95) سنن ابن ماجة 1 / 51، مسند أحمد بن حنبل 4 / 172 ، أسد الغابة 2 / 19، تهذيب الكمال (ص 71)، تيسير الوصول 3 / 276 مستدرك الحاكم 3 / 177، أنساب الاشراف ج 1 ق 1 .

(96) المراجعات (ص 228) .

(97) منهاج السنة 4 / 210 .

(98) تاريخ بغداد 2 / 204.

(99) التاج الجامع للاصول 3 / 218 .

(100) مجمع الزوائد 9 / 201، سير أعلام النبلاء 3 / 191، المعجم الكبير للطبراني، ذخائر العقبى (ص 143) .

(101) تهذيب التهذيب 2 / 346، تيسير الوصول إلى جامع الاصول 3 / 285، سنن النسائي.

(102) مستدرك الحاكم 3 / 179 .

(103) مستدرك الحاكم 3 / 176، وفي رواية ابن عساكر 13 / 62 عن ام الفضل قالت : إن النبي (ص) دخل علي يوما وحسين معي فأخذه وجعل يلاعبه ساعة ثم ذرفت عيناه، فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال : هذا جبرئيل يخبرني ان امتي تقتل ابني هذا.

(104) الخاثر : المضطرب .

(105) مستدرك الحاكم 4 / 398، كنز العمال 7 / 106، سير اعلام النبلاء 3 / 15، ذخائر العقبى (ص 148) .

(106) كنز العمال 7 / 106، المعجم الكبير للطبراني.

(107) مجمع الزوائد 9 / 187، وفي تهذيب الكمال (ص 71) ان النبي (ص) أخذ التربة التي جاء بها جبرئيل فجعل يشمها ويقول : " ويح كرب وبلاء " .

(108) مجمع الزوائد 9 / 189.

(109) مجمع الزوائد 9 / 191 .

(110) مؤمنون : أي مسلمين.

(111) مجمع الزوائد 9 / 189 .

(112) تاريخ ابن الوردي 1 / 173 - 174 .

(113) المعجم الكبير للطبراني في ترجمة الامام الحسين .

(114) تاريخ الخميس 2 / 334 .

(115) المعجم الكبير للطبراني.

(116) الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان الملك الفاسق الذي انتهك جميع حرمات الله، أراد الحج لشرب الخمر فوق ظهر الكعبة، وهو أشد على هذههه الامة من فرعون على قومه، كما في الحديث، وهو الذي رشق المصحف بالسهام، وقد نقم عليه المسلمون لما اظهره من الالحاد والبدع والاستهتار بالفسق، وقد ثاروا عليه وقتلوه، جاء ذلك في تاريخ الخلفاء (ص 250 - 252).

(117) المعجم الكبير للطبراني في ترجمة الامام الحسين، مجمع الزوائد 9 / 190.

(118) هكذا في الاصل والصحيح (ومزاج مائي) .

(119) هكذا في الاصل والصحيح على أن نبيدهم.

(120) الفتوح 4 / 216 - 219.

(121) تاريخ ابن عساكر 13 / 212، مناقب ابن شهر اشوب 2 / 143.

(122) البداية والنهاية 8 / 37.

(123) أسد الغابة 2 / 34، كنز العمال 6 / 86، مجمع الزوائد 9 / 186 .

(124) سير أعلام النبلاء 3 / 193، وفي كفاية الطالب (ص 425) عن أبي المهزام قال : كنا في جنازة امرأة ومعنا أبوهريرة فجيئ بجنازة رجل فجعلها بين المرأة فصلى عليهما، فلما أقبلنا أعيى الحسين فقعد في الطريق فجعل أبوهريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه فقال الحسين : أتفعل هذا ؟ فقال أبوهريرة : دعني منك فوالله لو علم الناس منك ما اعلم لحملوك على رقابهم .

(125) سير اعلام النبلاء 1 / 280.