فهرس الكتاب

 

الارض والتربة الحسينية

للمجتهد الاكبر الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

مقدمة المجمع

مقدمة المجمع

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله الطاهرين.

بين يدي القارئ الكريم رسالة الارض والتربة الحسينية للامام العلاّمة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وهو من مراجع الشيعة العظام الذين أسدو خدمات جليلة للحوزة العلمية في النجف الاشرف ودفعوا بالحركة الفكرية والثقافية إلى الامام، وتركوا آثاراً قيمة.

وهذه الرسالة القيمة كتبها المصنف استجابة لطلبات وردت عليه فضمّنها تاريخ التربة الحسينية وما ورد فيها من فضل. وقد نشرت بعد ذلك عدة مرات من دون تحقيق ولا تعليق ودون تخريج للاحاديث والنصوص.

وقد أخذ المجمع العالمي لاهل البيت(عليهم السلام) على عاتقه مهمة اعادة طباعتها وتقديمها إلى القراء الاعزاء بحلة رشيقة مزينة بالهوامش والتخريجات اللازمة، عسى أن يكون بذلك قد أسدى خدمة لهذا السفر ولمؤلفه الكبير.

المعاونية الثقافية               

للمجمع العالمي لاهل البيت(عليهم السلام)

 

تقدمة

ورد على سماحة مولانا الامام كاشف الغطاء رسالة في أول رجب سنة 1365 من الفاضل المهذب أحمد بدران (مترجم مديرية الميناء في البصرة) فذكر فيها أن جماعة من المستشرقين الانجليز مشغولون بتأليف دائرة معارف يضمّنونها شتى المعلومات والمعارف، وأنه كلف من قبل من اتصلوا به أن يبحث لهم عن مصدر يُزودهم بالمعلومات الكافية عن تأريخ التربة الحسينية، وكيف نشأت من بعد مقتل الحسين(عليه السلام). وهل كان لها تأريخ من قبل؟ وما إلى ذلك من المعلومات التي تخص هذا الموضوع، ليقوم بترجمته إلى اللغة الانجليزية فيكون مصدراً شافياً عن موضوع، هذه التربة، بعد أن يدرجها المستشزفون في دائرة معارفهم الجديدة، وهذا نص الرسالة:

 

الرسالة الاولى:

سماحة حجة الاسلام الاكبر آية الله الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء دام ظله آمين.

بعد أن ألثم هاتيك الانامل الشريفة التي أقر بالرق كتاب الانام لها، وأتبرّك بالدعاء لتلك الطلعة الغرّاء التي انجاب بها عن سماء الاسلام الظلْم والظلَم.

أعرض لسماحتكم أن أحد المستشرقين من علماء الافرنج قد أخذ على عاتقه تأليف دائرة معارف كبرى يضمنها المنقول والمعقول; وقد أراد أن يلم بتأريخ التربة الحسينية إلماماً واسعاً، بحيث يكون مرجعاً للتأريخ في المستقبل. فهو يريد أن يعرف السبب الحقيقي في نشأتها، وكيف أنها وجدت بعد عهد الحسين(عليه السلام) وهي لم تكن قبله ولا في عهده، ومن أول من صلى عليها من المسلمين؟ وخلاصة الامر أنه يريد تأريخاً حقيقياً شاملاً لجميع نواحي هذه التربة الحسينية لدرجه في دائرة المعارف الانجليزية، طلب هذا العالم إلى أحد موظفي الميناء أن يزوده بهذا التأريخ، وهذا الموظف كلفني بدوره أن أتقصى ذلك، وما كان مني إلا أن يممت العالم الجليل السيد عباس شبّر، وبعد أن عرضت المسألة عليه رأى من الاجدر أن تعرض على سماحتكم، علماً منه بأنكم خير من يقصد للاستفسار في مثل هذه المسائل، وعلى هذا فإني أضرع لسماحتكم أن تتكرموا بإرسال تأريخ مفصل عن هذه التربة الحسينية بوساطة العالم الجليل السيد عباس شبّر في البصرة لكي اتمكن من ترجمته وإرساله إلى العالم الانجليزي.

وغير خفي على سماحتكم أن في ذلك إظهاراً للحق وإزالة للباطل، ودفعاً للشبهة والشك والظن والتقول، وأن الكتاب الذي سيؤلفه هذا العالم سوف تطالعه ملايين من البشر، وسيعرفون حقيقة هذه التربة، وسيضربون عرض الحائط ما علق بأذهانهم عنها حتى الان.

هذا وختاماً تكرموا يا صاحب السماحة بقبول فائق شكري واحترامي وإخلاصي، وتحيات العالم الجليل السيد عباس شبّر ودمتم ذخراً وركناً للمسلمين جميعاً.

خادمكم المخلص       

أحمد بدران          

مترجم مديرية الميناء  

* * *

 

ثم كتب فضيلة السيد عباس شبّر الحسيني كتاباً ورد إلى الامام، أوضح فيه حضرته أن الاديب الفاضل صاحب الرسالة المذكور من قبل هذا قد راجعه في هذا الامر، وطلب إليه أن يهديه إلى المرجع الثقة في هذا الموضوع، فأشار عليه بذلك، ثم استعجل سماحة الامام بإنجاز هذا البحث الذي سيكون مرجعاً وثيقاً ينهل منه طالبو الحقيقة وهذا نص الرسالة:

 

الرسالة الثانية:

صاحب السماحة الامام آية الله العلاّمة الاكبر الشيخ محمد الحسين دام ظله.

سلام الله الاسنى وتحاياه الزاكيات الحسنى على مولانا ورحمة الله وبركاته.

المعروض على خاطركم الكريم أنه سبق منذ مدة قد تكون طويلة أن الاديب اللامع أحمد بدران، وهو من شبابنا المثقف النبيل الغيور على دينه وأمته، ووظيفته الترجمة في دائرة ميناء البصرة، أخبرني أن مستشرقاً كبيراً انجليزياً قد عزم على المساهمة في الكتابة بموسوعة (دائرة المعارف الانجليزية الجديدة). وقد اختار أن تكون كتابته في موضوع التربة الحسينية وتأريخها عند الشيعة الامامية، ولاجل الحصول على المعلومات الكافية راجع دائرة ميناء البصرة يطلب منها أن تأخذ له المعلومات الصحيحة عن أحد علماء الشيعة، وكانت هذه الدائرة في الوقت قد راجعت بعض المعممين، فكتب في الجواب ما لا يسمن ولا يغني، فلم يرتح هذا الشاب النبيل للجواب عندما عرض عليه للترجمة، وطلب من رئيس الادارة أن يراجع في الامر غير هذا الكاتب، بالنظر لاهمية الموضوع، فاجيب طلبه فعرض ما كتب جواباً علي ليتعرف على رأيي، فأشرت عليه بأن يراجع سماحتكم، وقلت له: لا يجوز فيما أرى لغير قلم مولانا كاشف الغطاء أن يتناول هذا الموضوع الذي يخص مائة مليون من المسلمين، وعليه فقد استمهل الادارة وكتب لسماحتكم. وقد اخبرني انه طلب ان يكون إرسال الجواب اليه بواسطتي، وهو لا يزال يسألني عن وصول الجواب، لان الادارة تلحّ عليه بالتعجيل، فالرجاء ان تتفضلوا بتحرير ما ترونه مناسباً في مثل هذا المقام مجملاً. وبالختام تقبلوا فائق الاحترام والسلام.

من المخلص      

عباس شبّر الحسيني  

* * *

 

وكان سماحة الامام قد بدأ في تأليف رسالة وافية في هذا الموضوع، لما رأى في ذلك من إنارة أفكار القراء الاجانب، ولفت نظرهم إلى موضوع خطير من مواضيع مذهب الامامية الاثني عشرية، الذي يعد سماحته العلم الاكبر بين أعلامه، بما في ذلك من رفع الجهل أو التجاهل بحقائق مذهب الطائفة النبيلة، الذي ظهرت آثاره في التأريخ الخاص منها والعام، نتيجة لسوء البحث أو لسوء النية. وبعد أن بعث سماحته بهذه الرسالة عند إنجازها إلى فضيلة السيد عباس شبّر جاء منه الكتاب التالي:

 

الرسالة الثالثة:

سماحة العلاّمة الاكبر آية الله الشيخ محمد الحسين دام ظلّه العالي.

السلام على مولانا ورحمة الله وبركاته، وتحياته الصالحات المباركات، والابتهال إلى الله سبحانه من صميم القلب أن يمتّعنا والعالم الاسلامي أجمع بدوام ظلّكم على مدى الايام:

بقيتَ بقاء الدهر يا غوثَ أهله     وذاك دعاء للبرية شامل

تشرّفت الساعة برسالتكم العزيزة في البريد المسجل، وتلوتها بكل إعجاب وإكبار، شاكراً داعياً لسماحتكم، وسأجتمع في أقرب فرصة إن شاء الله بأحمد بدران، وأؤكدّ عليه بالاهتمام التام في هذه النفحة القدسية والعبقة السماوية التي خص بها يراع المجاهد، اليراع الذي اختاره الله سبحانه لنصرة دينه وإرشاد عباده فكان آية من آياته:

يَراعٌ يُراعُ به الجاحدون     ويرعى به المؤمن المتّقي

حسام جراز غداة الكفاح     وفي السلم كالغصن المورق

تخيره الله للمعضلات     وفتح مقفلها المغلق

فأصبح في عصرنا المستنير     معجزة الدين والمنطق

وبعد، فما عساني أن أقول في نعت هذا اليراع الكريم الملهم، ووصف رشحاته التي يقصر دون إطرائها البيان وان (هذه من علاه إحدى المعالي، وما عسى أن يقال في وصف صحاح الجوهر؟ أستغفر الله ما قيمة الجوهر) إلى جانب هذه السموط الفردوسية وهي (من جوهر التراب) فاقترح على الاستاذ أحمد بدران عرضها بعد ترجمتها على لجنة من شبابنا المتأدب باللغتين العربية والانجليزية، لاخراج الترجمة تخريجاً عالياً كما تحبون ونحب إن شاء الله، وسوف نرسل لسماحتكم نسخة من الاصل ونسخة من الترجمة، تشرّفت قبل رسالتكم هذهِ بكتابين من سماحتكم، كان ثانيهما جواباً لكتابي الذي أرسلته إليكم، وقد كان لي شبه عزم على زيارة النصف من شعبان، فأكون أنا جواب الجواب، ذلك ما أخّرني عن الاجابة بوقته، وكان كتابي إليكم قبل تشرّفي بكتابكم الاول. وبالختام تقبّلوا فائق الثناء والاحترام والسلام.

من المخلص          

عباس شبرّ الحسيني     

* * *

 

ثم تلاه الكتاب الرابع من فضيلة السيد عباس شبر أيضاً وهذا نصه:

 

الرسالة الرابعة:

سماحة العلاّمة الاكبر ملاذ الاسلام ومرجع المسلمين آية الله الشيخ محمد الحسين دام ظلّه:

بك ازدانت الاعياد وافترّ ثغرها     وعمّت كما عمّت مآثرك الخلقا

فغرّد في روض الشرور هزارها     يهنّي بك الاسلام والدين والشرقا

بعد السلام على مولاي ورحمة الله وبركاته، وتقديم أجمل التهاني وأزكاها وأطيب التمنيات وأعلاها بمناسبة هذا العيد السعيد، والابتهال إلى الله سبحانه أن يجعل أيامنا كلها بوجود مولانا أعياداً تتجدد بالخير والمسرة والبركات.

غرَّد طير البشر لما بدا     هلال شوال بأفق السعود

فاسلم ودم ظلاًّ لنا شاملاً     وافطر بعيد الفطر قلب الحسود

سبق أن أرسلت لمولاي رسالة عرفته فيها بوصول رسالته الثمينة في التربة الحسينية، وقد دفعتها لاحمد بدران ليستنسخها ويترجمها، ولاعرض الترجمة على لجنة أختارها ممن يجيد اللغتين، وأرسل الاصل العربي ونسخة من الترجمة لسماحتكم. وقد اجتمعت بابن بدران في شهر رمضان مرّتين، وألححت عليه بالاسراع في إنجاز الترجمة، فوعد خيراً، ولكنه أخبرني اليوم بأنه لم يكمل الترجمة بعد لطاري صحي، وأنه سيكملها في القريب العاجل، فطلبت منه أن يدفع لي الاصل العربي أو نسخة منه لارسالها مقدماً لسماحتكم لتطبع. وأخبرته بالكتاب الذي تناولته بالامس من الاستاذ الشيخ عبد الغني الخضري في ذلك، فأخبرني أن الاصل والصور التي استنسخها بالالة الطابعة في دائرة الميناء، وسيجيء إلي بنسخة بعد عطلة العيد بلا تأخير، وسأتسلمها منه وأرسلها إليكم على الفور إن شاء الله، ثم أرسل نسخة من الترجمة بعد إكمالها وتمحيصها بأنظار اللجنة التي اختارها للنظر في مطابقتها للاصل. وختاماً تفضلوا بقبول فائق التهاني والاحترام والسلام.

من المخلص الصميم   

عباس شبّر الحسيني  

* * *

 

وهذه الرسالة التي دبّجتها يراع الامام جواباً على ذلك الطلب إنما هي، حقاً بحث واف في موضوع خطير لم يسبق أن اهتم به أحد من الاعلام. إما لعجز يعذر معه، أو لتعاجز إزاء خدمة هذه الطائفة وإبلاغ حقائق مذهبها إلى العالمين. أما سماحة الامام فهو الرجل الذي لم يتوان جهده في اغتنام الفرص والعمل المجيد حيال الواجب الديني المقدس، الذي لم يشأ أحد من أئمة المذهب ليوقف شيئاً من جهده لتدعيم مظاهره وبث حقائقه، إلا الصفوة القليلة من رجال العلم والفضيلة وحملة نور الايمان، ممن يعدّ سماحة الامام مولانا الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء على رأسهم وفي مقدمتهم. فهي بحث طريف في موضوع بكر لم يسبقه إليه سابق، ولا يستطيعه لاحق. وقد توسّع فيه إلى البحث عن مطلق الارض وخيراتها وأركانها وقدسيتها بنحو بديع، ديني، أدبي، تأريخي، ثم تخلص منه إلى التربة الحسينية.

وحيثما يضع سماحة هذا الامام الفذ قلمه يأت بالمعجز والمدهش، كما تشهد لذلك عامة مؤلفاته التي أنافت على الثمانين. وستكون لهذه الرسالة السامية نتائج معنوية كبرى هي أهل بمقام الامام وجهاده.

حسين محمد الطيب  

 

الرسالة

وهذا نص البيان الذي تفضل به يراع الامام ورشح به قلمه المبارك.

يقول الله جل شأنه في فرقانه المجيد: (وكأيّن من آية في السماوات والارض يمرّون عليها وهم عنها معرضون)(1).

حقاً إن من أعظم تلك الايات التي نمرّ عليها في كل وقت وعلى كل حال هي هذه الارض التي نعيش عليها ونعيش منها ونعيش بها، منها بِدؤنا وإليها معادنا. (منها خلقناكم وفيها نعيدكم)(2). لا نزال نمشي على الارض، ونثير ترابها في الحرث والنسل، ونقلبها للغرس والزرع، ونتقلب عليها للضرع والمرع، ونزاولها في عامة شؤون الحياة. ولا تزال تدر علينا بخيراتها وبركاتها، ونحن ساهون لاهون، وعن آياتها معرضون، غافلون عما فيها من عظيم القدرة وباهر الصنعة ودلائل العظمة والقوة، هذا التراب الذي قد نعدّه من أحقر الاشياء وأهونها، والذي هو في رأي العين شيء واحد وعنصر فرد، كم يحتوي على عناصر لا تحصى وخواص لا تتناهى، تنثر فيه حب القمح مثلاً فيعطيك أضعافاً من نوعه، وتنثر فيه الفول والعدس وأمثالهما من القطانيات المختلفة في الطعوم والخواص فتعيدها إليك مضاعفة مترادفة، وتغرس في نفس ذلك التراب نواة النخل وبذرة الكرم وأقلام التين والتفاح وأمثالها من الفواكه فتثمر تلك الثمار الشهية المختلفة الاذواق المتغايرة الخواص.

التراب يخرج لك البطيخ بأنواعه: أصفره وأحمره وأبيضه بتلك الروائح الطبيعية العطرة وكلّه حلو منعش، ويخرج لك الحنظل وكلّه مر مهلك، كل هذا والشكل متشابه والخضرة متماثلة والماء واحد والتربة واحدة، كما في القرآن (يسقى بماء واحد) والماء ماء، ولما يستوي الشجر، التراب واحد والمستقى واحد والثمرات والنتائج مختلفة; فمن أين جاء هذا الاختلاف العظيم؟ أليست كلها عناصر في الارض يأخذ كل واحد من تلك البذور ما يلائمه من تلك العناصر الكامنة في التراب المكونة لتلك الثمرة والانواع المختلفة لا يختلط واحد بالاخر ولا يشتبه نوع بنوع؟ كل ذلك على نظام متسق، ووزن متفق، وعيار معين، كل فاكهة في فصلها وموسمها، فربيعية لا تدرك في الخريف، وخريفية لا تنضج في الصيف، وصيفية لا توجد في الشتاء. وأعظم من هذا أثراً وعبراً ما تخرجه الارض من المعادن. انظر إلى هذه المعادن الثمينة والاحجار الكريمة من الذهب والفضة والياقوت والفيروزج ونظائرها، هل هي إلا من التراب ومن ثمرات الارض؟ بل ذكر لي بعض المولعين بالصنعة القديمة «علم الكيمياء» ان الاكسير الاعظم الذي يتطلبه أهل هذا الفن وبه يحولون الفلزات من واحد لاخر حتى ينتهي إلى الذهب هو أيضاً من التراب، ولقد أبدع العارف الرباني الشيخ محمود الشبستري في رسالته المنظومة الموسوعة (كلشن راز) حيث يقول فيها:

شعاع آفتاب أزجرم أفلاك     نگردد منعكس جزبر سرخاك

توبودى عكس معبود ملائك     از آن گشته تومسجود ملائك

وملخص ترجمته: ان الشمس وهي في الفلك الرابع (على الهيئة القديمة) لا ينعكس شعاعها إلا على التراب، ولو لا التراب لما كان لاشعة الشمس فائدة وأثر. ثم يقول: انعكست فيك صفات معبود الملائك أيها الانسان، لهذا صرت محل سجود الملائكة. نعم نعود إلى الارض فنقول: والارض هي أم المواليد الثلاثة: الجماد، والنبات، والحيوان، وتحوطها العناية بالروافد الثلاثة: الماء، والهواء، والشمس، فهي الحياة وهي الممات وفيها الداء ومنها الدواء، وقد تحصى نجوم السماء أما نجوم الارض فلا تحصى.

نعم لا تحصى نجوم الارض ولا معادن الارض ولا عناصر الارض، ولا تزال الشريعة الاسلامية قرآنها وحديثها يعظم شأن الارض وينوِّه عنها صراحة وتلميحاً فيقول: (ألمْ نجعل الارضَ كفاتاً * أحياءً وأمواتاً)(3). (والارضَ بعدَ ذلِكَ دحاها * أخرج منها ماءَها ومرعاها)(4). (فلينظرِ الانسانُ إلى طعامِه * أنا صببْنا الماءَ صبّاً * ثم شققْنا الارضَ شقّاً * فأنبتْنا فيها حبّاً وعِنباً وقَضباً * وزيتوناً ونخلاً * وحدائق غلباً * وفاكهةً وأبّاً)(5).

دع عنك ما تخرجه الارض من نبات وأشجار وحبوب وثمار ومعادن وأحجار، ولكن هلمّ إلى هذا الانسان ذي العقل الجبار، الذي سخر الاثير والبخار والكهرباء والذرة، فهل يكون إلا من التراب؟ وهل عناصره وأجزاؤه التي التام جسمه منها إلا من التراب؟ وهل يتلاشى ويعود إلا إلى التراب؟

ولعلّ من أجل شرف التراب وقداسته وعظيم خيراته وبركاته كنّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وصيه وأحب الخلق اليه علياً(عليه السلام) بأبي تراب، وكانت أحب الكنى إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)(6)، ومنها قد استخرج عبد الباقي العمري معنى شعرياً عرفانياً حيث قال:

خلق الله آدماً من تراب     فهو ابن له وأنت أبوه(7)ولعلّ من هنا أيضاً ينكشف سرّ تقبيل الارض بين يدي الملوك تعظيماً لهم، يعني قدس الارض التي أنشأتك ومنها تكوّنت. وقال الحكيم العارف (الخيّام) في بعض رباعياته:

أى خاك أگر سينه تو بشكافند     بس گوهر قيمتى است در سينه تو

وترجمته: أيها التراب لو يشقون عن قلبك وينظرون إلى باطنك لوجدوا فيه الكثير من الجواهر الكريمة ذوات القيمة العظيمة، وأبدع من هذا قول بعض أكابر العرفان الشامخين في (ترجيع بند) له فيه بدائع الاسرار والحكم يقول فيه:

دل هل ذره كه بشكافى     افتابيش در ميان بينى

وترجمته: قلب كل ذرة إذا شققته ونظرت فيه تجد شمسا منيرة فيه. وقد حاول بعض الرجال البارزين من المصريين ممن له إلمام بالادب الفارسي أن يجعل هذا النظم إشارة إلى الذرة التي هي من مخترعات هذه العصور. أما هذا العاجز فلا شك أنه أراد هذه الذرة التي ملات الاجزاء ومنها تكونت الاشياء، وأراد بالشمس تلك الشمس التي أشرقت منها الشموس والاقمار فعميت عن إدراكها البصائر والابصار.

نعم فهذه الارض المباركة ذات الايات الباهرة ألا تستحق التكريم والتعظيم والتعزيز والتقديس؟ وفي الاحاديث النبوية أيضاً إشارة إلى ذلك حيث يقول(صلى الله عليه وآله): «تمسحوا بالارض فإنها بكم برّة»(8). وفي آخر: «تحفّظوا من الارض فانها أمّكم»(9). و«اكرموا النخلة فإنها عمتكم»(10). و«خلق الله عزوجل النخلة من فضلة طينة آدم(عليه السلام)»(11). وهذه كلها رموز وإشارات لا تخفى مغازيها على اللبيب، إذاً فلا يتبين من هذا سر أمر الباري جل شأنه للملائكة جميعاً أن يسجدوا لادم الذي خلقه من تراب وأنشأه من الارض، وأودع فيه جميع خواصها وعناصرها، وفيه انطوى العالم الاكبر. وقد حدثتنا الكتب السماوية عن السجود لادم بأساليبها المختلفة، فليسجدوا لادم عبادة لله وتقديساً وتكريماً للارض ذات الخيرات والبركات والمحيا والممات. ومنه تعرف أيضاً سر امتناع إبليس المخلوق من النار عن السجود للارض، والعداء والنفرة طبيعي بين النار والارض.

الارض مجمعة والنار مفرقة، والجمع قوة والفرقة ضعف، الارض باردة معتدلة والنار محرقة مشتعلة، الارض نمو وزيادة والنار إفناء وإبادة، الارض يعيش بها كل حي والنار يهلك بها كل حي، إذاً فليسجد الملائكة لادم وليسجد أبناؤه لله على الارض فإنها أمهم البرّة الحنون.

ومن سموّ الارض على النار وشرفها الذي أشرنا إلى طرف منه ومن بعض نواحيه يتضح لك أيضاً اندفاع مغالطة الشاعر القديم بشار بن برد في انتصاره لابليس في تفضيل النار على الارض بقوله من أبيات:

الارض مظلمة والنار مشرقة     والنار معبودة مذ كانت النار

وهذه الحجّة الواهية تستند إلى دعامتين ساقطتين، الاُولى: أن الارض مظلمة. ومما تلوناه عليك من منافع الارض وبركاتها تعرف أن الارض هي المشرقة والنار هي المظلمة، الارض حياة والحياة هي النور، والنار لا حياة فيها بل تنعدم بها الحياة وعدم الحياة ظلمة، الارض أم الحياة والنار أم الموت، وأين الحياة من الموت؟ وكفى بالنار أن الله جعلها عقاباً ومآباً للعاصين، وكفى بالارض أن جعلها جنّة عدن للمتقين.

الثانية: ان النار معبودة مذ كانت النار. وهذه اسقط من سابقتها، فأن النار لم يعبدها من الامم إلاّ المجوس حتى قيل:

مثل المجوسي في ظلالته     تحرقه النار وهو يعبدها

وأما الارض فلم تزل معبودة على أوليات الدهر بأصنامها وأوثانها وهياكلها ونواديها، والجميع من الارض، ولا تزال أكثر الامم وثنية إلى اليوم. وحيث تجلّى شرف الارض وقداستها، إذن فليسجد الملائكة الذين ليسوا هم من الارض لادم وليد الارض، ولا يجوز السجود في شريعة الاسلام ـ سجود عبادة ـ إلا لله وإلا على الارض أو نبات الارض، ومن أجل ما في الارض من المواد المعقمة والعناصر المنقية، جعلها الشارع في الاسلام مطهرة من الحدث تارة، أي القذارة المعنوية التي لا يزيلها إلا الماء، فإذا لم يوجد الماء أو لم يمكن استعماله (فلمْ تجدوا ماءً فتيمَّموا صعيداً طيّباً)(12)، اقصدوا تراباً خالصاً نظيفاً طيباً فامسحوا فيه الجبين، الذي هو واليدان أحوج الاعضاء إلى النظافة وإماطة الغبار والاكدار عنهما، لمزاولة اليد للاعمال ومباشرتها للاجسام المختلفة في الاسناخ والاوساخ فالتراب يقوم مقام الماء، التراب أخو الماء والارض أخته، ومطهرة من الخبث أخرى، حتى مع التمكّن من الماء، فتطهر باطن الحذاء والقدم، وكثيراً من أمثالها، كأسفل العصا ونحوها. فلو تنجّس باطن القدم أو الحذاء ومشيت على الارض خطوات وزالت العين طهرت القدم، ولا حاجة إلى تطهيرها بالماء(13). فالارض مسجد والارض طهور، وإليه قصد الحديث النبوي المشهور «جعلت لي الارض مسجداً وطهوراً»(14) أي أينما أدركتني الصلوة سجدت وصلّيت، ومتى أعوزني الماء بها تطهرت فهي طاهرة ومطهرة. نعم وهي مطهرة بما هو أوسع وأدق وأعمق معاني التطهير، فإنّ فيها المواد المعقمة والعناصر المهلكة لجميع جراثيم الاوبئة والامراض. ومن أجل هذه الصفة والخصوصية في الارض أوجبت الشرائع السماوية وبالاخص شريعة الاسلام دفن الاموات فيها، ولا يجوز دفن الميت في غيرها، وأن يوضع خده على الارض، ولا يجوز حتى إلقاؤه في البحر مع التمكّن من دفنه بالارض بل ولا إحراقه بالنار، مع أن المتبادر بادئ النظر إنه أبلغ في قمع جراثيم الاموات المضرّة بالاحياء، كما يصنعه البراهمة الذين يحرقون أمواتهم، ولكن أليس من الجائز القريب أن يكون جثمان الانسان يحمل أو تحمل فيه عند مفارقته الحياة مواد من ناشرات الاوبئة التي لو أحست بحرارة النار تطايرت في الفضاء قبل أن تحترق، فتأخذ مفعولها في نشر الامراض وتلويث الهواء؟ وكذا لو ألقيت في البحار أو الانهار تنمو وتشتد، بخلاف ما لو دفنت في التراب. ولعل فيه مواد من خاصيتها تلف تلك الجراثيم المختلفة الانواع التي لو انتشرت لاهلكت كل حي حتى النبات. وقد أيّد العلم الحديث هذه النظرية، حيث اكتشف بعض علماء الغرب ـ حسبما نقل ـ أن في التراب مادة تقتل مكروب كل مرض من الامراض كالسل والتيفوئيد والملاريا وغيرهما، ولو لا تلك المادة المعقمة في التراب لا نتشر من جسد كل ميت أنواع من الامراض تقضي بالفناء على كل الاحياء، أو لعل إليه الاشارة بقوله تعالى: (ألم نجعل الارض كفاتاً * أحياءً وأمواتاً).

فقد ذكر اللغويون أن معاني «الكفت»: الجمع والضم والاماتة(15). يقال كفته الله أي أماته، فيكون المعنى المشار إليه في الاية أن الارض تجمع وتضم الاحياء، ثم تجمع جراثيمها بعد الموت وتميتها، فإن تمت هذه الاستفادة فهي إحدى معجزات القرآن، وهل ترى أن قدماء الفلاسفة ومتأخّريهم من اليونان والهند والفرس وغيرهم فيما استخرجوه من خواص الارض ومعادنها وحيوانها قد أحصوا كل ما أودعه الصانع الحكيم فيها من الكنوز والرموز والخزائن والدفائن؟ كلا ولا عشر معاشر منها، ولعل نسبة ما وصلوا إليه مما تمنّع عليهم نسبة الذرة من الفضاء والقطرة من الدماء، ولا يزال العلم والبحث يأتي بالعجائب ولا تنتهي حتى تنتهي الدنيا ولن تنتهي.

وإنما الغرض الاشارة إلى أنّ هذه الارض هي من أعظم آيات الله الباهرة، نمرّ عليها ليلاً ونهاراً ونحن عنها معرضون، ولو عرفنا اليسير من منافعها وطبائعها لتجلّى لنا أنها الام الحنون البارّة بنا، التي ولدتنا وأرضعتنا من أخلاف نعمها وخيراتها. وما هذا البشر إلا غرس من غرسها وشجرة نامية من أشجارها، أولدتنا على ظهرها، وغذتنا من منتوجاتها، وتردنا إلى أحشائها. وفي الحديث النبوي «إن الارض بكم برّة تتيمّمون منها، وتصلّون عليها في الحياة الدنيا، وهي لكم كفات في الممات، وذلك من نعمة الله له الحمد، وأفضل ما يسجد عليه المصلّي الارض النقية»(16).

وقد نوّه عن بعض تلك المزايا الشاعر الحكيم العربي القديم الذي أدرك أول بزوغ شمس الاسلام ولم يسلم، لانه كان قد رشّح نفسه للنبوة ولم تساعده العناية، وتخطّته إلى من هو أحق بها وأجدر، ذلك أمية بن أبي الصلت، وكان ينظم المطولات الرنانة في السماء والعالم، والمبدأ والمعاد، والقبر والبرزخ، والحشر والنشر، والافلاك والاملاك. ففي بعض مطوّلاته يقول عن الارض:

الارض معقلنا وكانت أمنا     فيها مقابرنا ومنها نولد

وفي أخرى:

هي القرار فما نبغي بها بدلاً     ما أرحم الارض إلا أننا كفر

منها خُلقنا وكانت أمنا خلقت     ونحن أبناؤها لو أننا شكر

ومن الايام الزكية في شريعة الاسلام هو يوم (دحو الارض)، وهو اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام، وهو من الايام التي يستحب فيها الصيام، وفيه دحا الله الارض من تحت الكعبة (أي بسطها ومدها). وفيه دعاء جليل أوله: «اللهم داحي الكعبة، وفالق الحبة، وصارف اللَّزْبة، وكاشف كل كربة، أسألك في هذا اليوم من أيامك، التي أعظمت حقها، وأقدمت سبقها، وجعلتها عند المؤمنين وديعة وإليك ذريعة»(17) إلى آخر الدعاء. وإليه الاشارة بقوله تعالى: (والارض بعد ذلك دحاها).

نعود فنقول أليست هذه الارض حرية إذاً بالتقديس والكرامة والاجلال والعظمة؟ وأن نسجد عبودية لله على النظيف منها تكريماً لها، وشكراً لعظيم نعمته تعالى علينا بها، وتنشيطاً للحركة الفكرية للانتقال من عظمتها إلى عظمة خالقها، والتفاتاً إلى أنها مع عجز العقول والافكار والايدي العاملة في تحليل جميع عناصرها واستخراج كل جواهرها، ليست هي بالنسبة إلى سائر الكرات والكواكب والانظمة الشمسية التي أحصي منها الملايين، وما أحصي إلا اليسير منها، ما هي إلا ذرة تسبح في بحر هذا الفضاء غير المتناهي. فما أعظم الخالق؟ وما أدهش قدرته وعظمته وأبدع صنائعه وخليقته؟

وكل ما ذكرنا من فضل هذه الكرة السابحة في بحر هذا الكون الذي لا ساحل له وهي الارض معلوم واضح، كما أن من المعلوم الواضح أن هذه الارض مع وحدتها وتساوي بقاعها وأجزائها ظاهراً ولكنها في الامتحان وفي ظاهر العيان أيضاً مختلفة أشد الاختلاف في البقاع والطباع والاوضاع، ففيها الطيبة والخبيثة، والحلوة والمالحة، والسبخة والمرة، وإليه الاشارة بقوله تعالى: (وفي الارض قطع متجاورات)(18). وهذا الاختلاف شيء محسوس، فقد يلقي الحارث في أرض قبضة قمح فيعود عليه ريعها بأضعاف البذر سبعين مرة، وقد يلقيه في أخرى فيخيس ويحترق ولا يحصل حتى على البذر. ولا شك أن الطيب النافع هو الحري بالكرامة والتقديس، ولا يبعد أن تكون تربة العراق على الاجمال من أطيب بقاع الارض في دماثة طينتها وسعة سهولها، وكثرة أشجارها ونخيلها، وجريان الرافدين عليها، وما يجلبان من الابليز وهو الذهب الابريز، واللجين الجاري والياقوت والذهب الاسود. ثم لو تحرّينا هذه السهول العراقية وجدنا من القريب إلى السداد القول إن أسمى تلك البقاع، أنقاها تربة، واطيبها طينة، وأذكاها نفحة هي تربة كربلاء تلك التربة الحمراء الزكية(19). وكانت قبل الاسلام قد اتخذت نواويس ومعابد ومدافن للامم الغابرة(20)، كما يشعر به كلام الحسين سلام الله عليه في إحدى خطبه المشهورة حيث يقول:

«كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلاء»(21).

وهذه التربة هي التي يسميها أبو ريحان البيروني في كتابه الجليل (الاثار الباقية) التربة المسعودة في كربلاء(22).

نعم، وإنما يعرف طيب كلّ شيء بطيب آثاره، وكثرة منافعه، وغزارة فوائده. ويدل على طيب الارض وامتيازها على غيرها طيب ثمارها، ورواء أشجارها، وقوة ينعها وريعها. وقد امتازت تربة كربلاء من حيث المادة والمنفعة بكثرة الفواكه وتنوعها وجودتها وغزارتها، حتى أنها في الغالب هي التي تمون أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار اليانعة التي تختصها ولا توجد في غيرها.

إذاً أفليس من صميم الحق والحق الصميم أن تكون أطيب بقعة في الارض مرقداً وضريحاً لاكرم شخصية في الدهر؟ نعم لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد في الانسانية وأجمع ذات لاحسن ما يمكن من مزايا العبقرية في الطبيعة البشرية وأسمى روح ملكوتية في اصقاع الملكوت وجوامع الجبروت فولدت نوراً واحداً شطرته نصفين سيد الانبياء محمداً(صلى الله عليه وآله)، وسيد الاوصياء علياً(عليه السلام) ثم جمعتهما ثانياً فكان الحسين(عليه السلام) مجمع النورين وخلاصة الجوهرين كما قال(صلى الله عليه وآله): «حسين مني وأنا من حسين»(23) ثم عقمت أن تلد لهم الانداد أبد الاباد، وإذا كان من حق الارض السجود عليها وعدم السجود على غيرها، أفليس من الافضل والاحرى أن يكون السجود على أفضل وأطهر تربة من الارض؟ وهي التربة الحسينية، وما ذلك إلا لانها أكرم مادة وأطهر عنصراً وأصفى جوهراً من سائر البقاع. فكيف وقد انضم شرفها الجوهري إلى طيبها العنصري؟ ولما تسامت الروح والمادة وتساوت الحقيقة والصورة صارت هي أشرف بقاع الارض بالضرورة، كما صرح بذلك بعض الافاضل من كتاب هذا العصر(24)، وشهد به الكثير من الاخبار والاثار، وإليه أشار السيد(قدس سره) في منظومة الفقه الشهيرة بالبيت المشهور:

ومن حديث كربلا والكعبة     لكربلا بان علوّ الرتبة

وقد تلاقفت ذلك الشعراء من زمن الشهادة إلى اليوم، وتفننوا في بيان فضل هذه التربة وقداستها وشرفها واستطالتها على جميع بقاع الارض بالفضل والشرف، ولو جمع كل ما قيل فيها لجاء مجلداً ضخماً. وفي زيارة الشهداء مع الحسين سلام الله عليه وعليهم «اشهد لقد طبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم»(25). وقد اتفقت كلمات فقهائنا في مؤلفاتهم ـ مختصرة ومطولة ـ على أن السجود لا يجوز إلا على الارض أو ما ينبت منها، غير المأكول والملبوس، وأفضله السجود على التربة الحسينية. ومن تلك المؤلفات الجليلة (سفينة النجاة) لاخينا المرجع الاعظم في عصره الشيخ أحمد كاشف الغطاء(قدس سره) وقد طبعنا في العام الماضي جزأه الاول مع تعليقاتنا عليه، وأكملنا بتوفيقه تعالى تعاليق الجزء الثاني وهو جاهز للطبع. وقد علقنا على تلك الفقرة من الكتاب قبل أن يردنا هذا السؤال ونتصدى لتحرير هذا الجواب بما نصه بحرفه:

(ولعل السر في التزام الشيعة الامامية السجود على التربة الحسينية مضافاً إلى ما ورد في فضلها من الاخبار، ومضافاً إلى أنها أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود على سائر الاراضي، وما يطرح عليها من الفرش والبواري والحصر الملوثة والمملوءة غالباً بالغبار والمكروبات الكامنة فيها، مضافاً إلى كل ذلك لعل من جملة الاغراض العالية والمقاصد السامية أن يتذكر المصلّي حين يضع جبهته على تلك التربة تضحية ذلك الامام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ، وتحطّم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد; ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفي الحديث «أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد»(26). مناسب أن يتذكر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية أولئك الذين وضعوا أجسامهم عليها ضحايا للحق، وارتفعت أرواحهم إلى الملا الاعلى، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة. ولعل هذا المقصود من أن السجود عليها يخرق الحجب السبع ـ كما في الخبر الاتي ذكره ـ فيكون حينئذ في السجود سر الصعود والعروج من التراب إلى رب الارباب، إلى غير ذلك من لطائف الحكم ودقائق الاسرار انتهى).

فإذا وقفت على بعض ما للارض والتربة الحسينية من المزايا والخواص لم يبق لك عجب واستغراب إذا قيل إن الشفاء قد يحصل من التراب، وإن تربة الحسين(عليه السلام) هي تربة الشفاء(27) كما ورد في كثير من الاخبار والاثار التي تكاد تكون متواترة كتواتر الحوادث والوقائع التي حصل الشفاء فيها لمن استشفى بها من الامراض التي عجز الاطباء عن شفائها، أفلا يجوز أن تكون تلك الطينة عناصر كيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة من الاسقام قاتلة للميكروبات؟ وقد اتفق علماء الامامية وتضافرت الاخبار بحرمة أكل الطين إلا من تربة قبر الحسين(عليه السلام) بآداب مخصوصة وبمقدار معين، وهو أن يكون أقل من حمصة، وأن يكون أخذها من القبر بكيفية خاصة وأدعية معينة(28).

ولا نكران ولا غرابة، فتلك وصفة روحية من طبيب ربّاني، يرى بنور الوحي والالهام ما في طبائع الاشياء، ويعرف أسرار الطبيعة وكنوزها الدفينة التي لم تصل إليها عقول البشر بعد. ولعل البحث والتحرّي والمثابرة سوف يوصل إليها ويكشف سرها ويحل طلسمها، كما اكتشف سر كثير من العناصر ذات الاثر العظيم مما لم تصل إليه معارف الاقدمين، ولم يكن ليخطر على بال واحد منهم مع تقدمهم وسمو أفكارهم وعظم آثارهم. وكم من سر دفين ومنفعة جليلة في موجودات حقيرة وضئيلة لم تزل مجهولة لا تخطر على بال ولا تمر على خيال؟ وكفى (بالبنسلين) وأشباهه شاهداً على ذلك. نعم لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أن يأذن الله للباحثين بحل رموزها واستخراج كنوزها، والامور مرهونة بأوقاتها، ولكل كتاب أجل ولكل أجل كتاب. ولا يزال العلم في تجدد، فلا تبادر إلى الانكار إذا بلغك أن بعض المرضى عجز الاطباء عن علاجهم وحصل لهم الشفاء بقوة روحية وأصابع خفية من استعمال التربة الحسينية، أو من الدعاء والالتجاء إلى القدرة الازلية، أو ببركة دعاء بعض الصالحين. نعم ليس من الحزم البدار إلى الانكار فضلاً عن السخرية، بل اللازم الرجوع في أمثال هذه القضايا والحوادث الغريبة إلى قاعدة الشيخ الرئيس المشهورة «كلما فزع سمعك من غرايب الاكوان فذره في بقعة الامكان حتى يذودك عنه قائم البرهان» هذا بعض ما تيسّر للقلم أن ينفث به مترسلاً بذكر شيء من مزايا الارض وفلسفة السجود عليها وعلى التربة الحسينية، بعد أن اتضح أن الشيعة يقولون بوجوب السجود عليها، وعدم جواز السجود على غيرها من الارض الطاهرة النقية. وإنما يقولون إن السجود على الارض فريضة وعلى التربة الحسينية سنّة وفضيلة; ومن السخافة أو العصبية الحمقاء قول بعض من يحمل أسوأ البغض للشيعة إن هذه التربة التي يسجدون عليها صنم يسجدون له. هذا مع أن الشيعة لا يزالون يهتفون ويعلنون في ألسنتهم ومؤلفاتهم أن السجود لا يجوز إلا لله تعالى، وأن السجود على التربة سجود له عليها لا سجود لها. ولكن أولئك الضعفاء من المسلمين لا يحسنون الفرق بين السجود للشيء والسجود على الشيء، السجود لله عز شأنه، ولكن على الارض المقدسة والتربة الطاهرة، وسجود الملائكة كان لله وبأمر من الله تكريماً لادم، نعم قد صار السجود على التربة الحسينية من عهد قديم شعاراً شائعاً لهذه الطائفة (الشيعية) يحملون ألواحها في جيوبهم للصلاة عليها، ويضعونها في سجّاداتهم ومساجدهم، وتجدها منثورة في مساجدهم ومعابدهم، وربما يتخيل بعض عوامهم ان الصلاة لا تصح إلا بالسجود عليها، ومنشأ هذا الانتشار ومبدأ تكوّن هذه العادة والعبادة وكيفية نشوئها ونموها، وتعيين أول من صلّى عليها من المسلمين، ثم شاعت وانتشرت هذا الانتشار الغريب هو أن في بدء بزوغ شمس الاسلام في المدينة، أعني في السنة الثالثة من الهجرة، وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش في (أحد) وانهدّ فيها أعظم ركن للاسلام وأقوى حامية من حماته، وهو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأخوه من الرضاعة، فعظمت مصيبته على النبي(صلى الله عليه وآله) وعلى عموم المسلمين، ولا سيما وقد مثّلت به بنو أمية، أعني هنداً أم معاوية، تلك المثلة الشنيعة فقطعت أعضاءه واستخرجت كبده فلاكتها ثم لفظتها(29)، وأمر النبي(صلى الله عليه وآله) نساء المسلمين بالنياحة عليه في كل مأتم(30)، واتسع الامر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبرّكون به(31)ويسجدون عليه لله تعالى، ويعملون المسبحات منه. وتنص بعض المصادر أن فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) جرت على ذلك أو لعلها أول من ابتدأ بهذا العمل في حياة أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولعلّ بعض المسلمين اقتدى بها. وكان لقب حمزة يومئذ سيد الشهداء، وسماه النبي(صلى الله عليه وآله) أسد الله وأسد رسوله(32). ويعلق بخاطري عن بعض المصادر ما نصه تقريباً: ]حمزة دفن في أحد، وكان يسمى سيد الشهداء، ويسجدون على تراب قبره. ولما قتل الحسين(عليه السلام)صار هو سيد الشهداء وصاروا يسجدون على تربته[ انتهى.

ويؤيده ما في مزار البحار للمجلسي(قدس سره) ونصه: ]عن ابراهيم بن محمد الثقفي عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: إن فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانت سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت(عليها السلام)تديرها بيدها تكبّر وتسبّح حتى قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته وعملت منها التسابيح، فاستعملها الناس، فلما قتل الحسين صلوات الله عليه عدل بالامر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية[(33) انتهى.

أما أول من صلّى عليها من المسلمين بل من أئمة المسلمين فالذي استفدته من الاثار وتلقيته من حملة أخبار أهل البيت(عليهم السلام) ومهرة الحديث من أساتيذي الاساطين الذين تخرّجت عليهم برهة من العمر هو أن زين العابدين علي بن الحسين(عليهما السلام) بعد أن فرغ من دفن أبيه وأهل بيته وأنصاره أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها الجسد الشريف الذي بضعته السيوف كلحم على وضم فشد تلك التربة في صرة وعمل منها سجادة ومسبحة، وهي السبحة التي كان يديرها بيده حين أدخلوه الشام على يزيد، فسأله ما هذه التي تديرها بيدك؟ فروى له عن جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) خبراً محصله: أن من يحمل السبحة صباحاً ويقرأ الدعاء المخصوص لا يزال يكتب له ثواب التسبيح وإن لم يسبح(34). ولما رجع الامام(عليه السلام) هو وأهل بيته إلى المدينة صار يتبرّك بتلك التربة ويسجد عليها، ويعالج بعض مرضى عائلته بها، فشاع هذا عند العلويين وأتباعهم ومن يقتدي بهم. فأول من صلّى على هذه التربة واستعملها هو زين العابدين(عليه السلام)الامام الرابع من أئمة الشيعة الاثني عشر المعصومين(عليهم السلام). ويشير إلى ذلك المجلسي في البحار في أحوال الامام المزبور(35). ثم تلاه ولده محمد الباقر(عليه السلام) الخامس من الائمة(عليهم السلام) وتأثر في هذه الدعوة، فبالغ في حث أصحابه عليها ونشر فضلها وبركاتها(36). ثم زاد على ذلك ولده جعفر الصادق(عليه السلام) فإنه نوّه بها لشيعته، وكانت الشيعة قد تكاثرت في عهده وصارت من كبريات طوائف المسلمين وحملة العلم والاثار، كما أوعزنا إليه في رسائلنا (أصل الشيعة)(37)، وقد التزم الامام(عليه السلام)ولازم السجود عليها بنفسه. ففي (مصباح المتهجد) لشيخ الطائفة الشيخ الطوسي(قدس سره)روى بسنده أنه: كان لابي عبدالله ]الصادق[7 خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبدالله ]الحسين[7 فكان إذا حضر الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليه، ثم قال(عليه السلام): السجود على تربة أبي عبدالله(عليه السلام)يخرق الحجب السبع(38). ولعل المراد بالحجب السبع هي الحاءات السبع من الرذائل التي تحجب النفس عن الاستضاءة بأنوار الحق وهي: (الحقد، الحسد، الحرص، الحدة، الحماقة، الحيلة، الحقارة) فالسجود على التربة من عظيم التواضع والتوسل بأصفياء الحق يمزقها ويخرقها ويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل وهي: (الحكمة، الحزم، الحلم، الحنان، الحصافة، الحياء، الحب). ولذا يروي صاحب الوسائل عن الديلمي قال: كان الصادق(عليه السلام) لا يسجد إلا على تراب من تربة الحسين(عليه السلام)تذلّلاً لله تعالى واستكانة إليه(39). ولم تزل الائمة(عليهم السلام)من أولاده وأحفاده تحرّك العواطف وتحفّز الهمم وتوفّر الدواعي إلى السجود عليها والالتزام بها وبيان تضاعف الاجر والثواب في التبرّك بها والمواظبة عليها حتى التزمت بها الشيعة إلى اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام. ولم يمض على زمن الصادق(عليه السلام) قرن واحد حتى صارت الشيعة تصنعها ألواحاً وتضعها في جيوبها كما هو المتعارف اليوم.

فقد روي في الوسائل عن الامام الثاني عشر الحجة(عليه السلام) أن الحميري كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسين(عليه السلام) هل فيه فضل؟ فأجاب(عليه السلام): يجوز لك وفيه الفضل. ثم سأله عن السبحة فأجاب بمثل ذلك(40); فيظهر أن صنع التربة أقراصاً وألواحاً كما هو المتعارف اليوم كان متعارفاً من ذلك العصر، أي وسط القرن الثالث حدود المائتين وخمسين هجرية، وفيها قال: روي عن الصادق(عليه السلام): «أن السجود على طين قبر الحسين ينوّر الارضين السبع، ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين كتب مسبحاً وإن لم يسبح فيها»(41)، وليست أحاديث فضل هذه التربة الحسينية وقداستها منحصرة بالشيعة وأحاديثهم عن أئمتهم(عليهم السلام)، بل لها في أمهات كتب حديث علماء السنة شهرة وافرة وأخبار متضافرة، وتشهد بمجموعها أن لها في عصر جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) نبأً شائعاً وذكراً واسعاً، والحسين(عليه السلام) يومئذ طفل صغير يدرج. بل لعل بعضها قبل ولادته والنبي(صلى الله عليه وآله)ينوّه بقتل الحسين(عليه السلام) وآل بيته وأنصاره فيها، وإذا أردت الوقوف على صدق هذه الدعوى ومكانها من الصحة فراجع كتاب الخصائص الكبرى للسيوطي طبع حيدر آباد سنة 1320 هـ في باب إخبار النبي بقتل الحسين(عليه السلام)(42).

فقد روى فيه ما يناهز العشرين حديثاً عن أكابر الثقات من رواة علماء السنّة ومشاهيرهم، كالحاكم(43) والبيهقي(44) وأبي نعيم(45)وأضرابهم(46) عن أم الفضل بنت الحارث وأم سلمة وعائشة وأنس، وأكثرها عن ابن عباس وأم سلمة وأنس صاحب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وخادمه الخاص به. يقول الراوي في أكثرها: إنه دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) والحسين في حجره وعينا رسول الله تهرقان الدموع وفي يده تربة حمراء، فيقول الراوي: ما هذه التربة يا رسول الله؟ فقال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا، وأتاني بتربة من تربته حمراء وهي هذه. وفي طائفة أخرى أنه يقتل بأرض العراق وهذه تربتها وأنه أودع تلك التربة عند أم سلمة زوجته فقال(صلى الله عليه وآله): إذا رأيتيها وقد فاضت دماً فاعلمي أن الحسين قتل. وكانت تتعهدها حتى إذا كان يوم عاشوراء عام شهادة الحسين وجدتها قد فاضت دماً، فعلمت أن الحسين قد قتل. بل في هذا الكتاب (الخصائص) وفي (العقد الفريد) لابن عبد ربه أخرج البيهقي وأبو نعيم عن الزهري قال: بلغني أنه يوم قتل الحسين لم يقلب حجر من أحجار بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط(47).

وعن أم حيان: يوم قتل الحسين اظلمت الدنيا ثلاثاً ولم يمس أحدهم من زعفرانهم شيئاً إلا احترق، ولم يقلب حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط(48).

أما أحاديث التربة الحسينية وقارورة أم سلمة وغيرها وشيوع ذكرها في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) وإخباره عن فضلها وعن قتل الحسين(عليه السلام)فيها قبل ولادة الحسين(عليه السلام) وبعد ولادته وهو طفل صغير، المروية في كتب الشيعة والتأريخ والمقاتل فهي كثيرة مشهورة متضافرة، بل متواترة لو اجتمعت لجاءت كتاباً مستقلاً(49). ومن باب الاستطراد والمناسبة نقول: إن نبينا(صلى الله عليه وآله) كما أخبر بقتل ولده الحسين(عليه السلام) في كربلاء قبل وقوعه، ودفع لزوجته أم سلمة من تربتها وأراها لجملة من أصحابه، كذلك أخبر بحوادث كثيرة ووقائع خطيرة قبل وقوعها، فوقع بعضها في حياته وبعضها بعد رحلته من الدنيا.

(فمن الاول) إخباره بفتح مكة ودخولهم المسجد الحرام آمنين مطمئنين، كما في القرآن الكريم، وإخباره بغلبة الروم على الفرس في بضع سنين كما في القرآن أيضاً، وإخباره بأن كسرى قد مات أو قتل(50)، وإخباره بالكتاب الذي مع حاطب بن بلتعة(51)، وكثير من أمثالها.

(ومن الثاني) إخباره بأن أصحابه يفتحون ممالك كسرى وقيصر، وأن أصحابه يختلفون في الخلافة من بعده، وإخباره بمقتل عثمان، وشهادة أمير المؤمنين(عليه السلام) بسيف ابن ملجم، وبسم ولده الحسن(عليه السلام)، وغلبة بني أمية على الامة، وبشهادة قيس بن ثابت الشماس، وبفتح الحيرة البيضاء، وقضية المرأة التي وهبها لبعض أصحابه، ولما فتح الحيرة خالد بن الوليد طلبها منه واستشهد بشاهدين من الصحابة فدفعها له، وهي الشماء أخت عبد المسيح بن بقيلة كبير النصارى وقسهم الاعظم، إلى كثير من أمثال هذه الوقائع التي لو جمعت لكانت كتاباً مستقلاً أيضاً.

(1) سورة يوسف: 105.

(2) سورة طه: 55.

(3) المرسلات: 25 ـ 26.

(4) النازعات: 30 ـ 31.

(5) عبس: 24 ـ 31.

(6) صحيح مسلم، ج: 15، كتاب الفضائل، باب فضائل علي(عليه السلام)، ص: 182.

(7) الاميني، الغدير، ج: 6، ص: 338.

(8) المجلسي، بحار الانوار، ج: 82، كتاب الصلاة، باب ما يصح السجود عليه، ح: 6، ص: 158، عن المجازات البنوية.

(9) المصدر السابق، ج: 7، كتاب العدل والمعاد، باب صفة المحشر، ص: 97.

(10) المصدر السابق، ج: 63، كتاب السماء والعالم، باب التمر، ح: 61، ص: 142.

(11) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 4، ح: 5702، ص: 327.

(12) سورة النساء: 43.

(13) راجع: الوسائل للحر العاملي، ج: 1، كتاب طهارة، باب طهارة باطن القدم والنعل والخف، ص: 457 ـ 459.

(14) الكليني، الكافي، ج: 2، كتاب الايمان، باب الشرائع، ح: 1، ص: 17، وابن رشد في بداية المجتهد، ص: 65.

(15) الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ج: 1، مادة (كفت)، ص: 156.

(16) النعمان المغربي، دعائم الاسلام، ج: 1، ص: 178، والبحار للمجلسي، ج: 82، كتاب الصلاة، باب ما يصح السجود عليه، ج: 20،ص: 156 عنه.

(17) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 669.

(18) سورة الرعد: 4.

(19) راجع: كامل الزيارات لابن قولويه، باب (88) فضل كربلاء وزيارة الحسين(عليه السلام)، ص: 259 ـ 271، والبحار للمجلسي، ج: 28، كتاب الفتن والملاحم، باب (2)، ح: 23، ص: 58 عنه.

(20) راجع: تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي، ج: 6، كتاب المزار، باب 22، ح: 138، ص: 73، والبحار للمجلسي، ج: 98، ح: 42، ص: 116 عنه.

(21) الاربلي، كشف الغمة، ج: 2، ص: 241، والبحار للمجلسي، ج: 44، تأريخ الحسين(عليه السلام)، ص: 367 عنه.

(22) البيروني، الاثار الباقية، ص: 329.

(23) ابن قولويه، كامل الزيارات، باب (14) حب رسول الله(صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين(عليهما السلام)، ح: 11، ص: 52، والبحار للمجلسي، ج: 43، تأريخ الحسن والحسين(عليهما السلام)، ح: 35، ص: 271 عنه، وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ج: 3، فضائل الحسين(عليه السلام)، ص: 177، وقال حديث صحيح ولم يخرجاه.

(24) هو عبدالله العلايلي في كتابه (الامام الحسين)، والعقاد في (أبو الشهداء) في صفحة: 154 جاء فيه ما نصه: فهي (أي كربلاء) اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكرى، ويزوره غير المسلمين للنظر والمشاهدة، ولكنها لو أعطيت حقها من التنويه والتخليد لحق لها أن تصبح مزاراً لكل آدمّـي يعرف لبني نوعه نصيباً من القداسة وحظاً من الفضيلة; لاننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الارض يقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقب أسمى وألزم لنوم الانسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء بعد مصرع الحسين فيها.

(25) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 722، والبحار للمجلسي، ج: 98، كتاب المزار، باب 35، ص: 201 عنه.

(26) الشيخ الصدوق، ثواب الاعمال، ص: 60، والبحار للمجلسي، ج: 82، كتاب الصلاة، باب فضل السجود، ص: 163 عنه.

(27) راجع: البحار للمجلسي، ج: 75، كتاب السماء والعالم، باب تحريم أكل الطين وما يحل أكله منه، ص: 150 ـ 163.

(28) المصدر السابق.

(29) ابن الاثير، الكامل في التأريخ، ج: 2، غزوة أحد، ص: 159.

(30) ابن الاثير الجزري، أُسد الغابة، ج: 2، ص: 53.

(31) راجع: الغدير للاميني، ج: 5، زيارة حمزة، ص: 161.

(32) الصدوق، الخصال، ج: 1، باب الاربعة، ص: 204، وذخائر العقبى، ص: 230.

(33) المجلسي، بحار الانوار، ج: 98، كتاب المزار، باب تربته(عليه السلام)، ح: 64، ص: 133.

(34) المجلسي، بحار الانوار ج: 78، ص: 136 عن دعوات الراوندي.

(35) المصدر السابق، ج: 46،تأريخ علي السجاد(عليه السلام)،باب (5) مكارم أخلاقه وعلمه، = = ح: 75، ص: 79.

(36) المصدر السابق، ج: 98، كتاب المزار، باب تربته(عليه السلام)، ح: 83، ص: 138 عن المزار الكبير.

(37) محمد الحسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة واصولها، ص: 123.

(38) الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، ص: 733، والبحار للمجلسي، ج: 98، ح: 74، ص: 135، وج: 82، ح: 14، ص: 153 عنه.

(39) الديلمي، ارشاد القلوب، ج: 1، باب 32، ص: 115، والوسائل للحر العاملي، ج: 5، ح: 6809، ص: 366 عنه.

(40) الطبرسي، الاحتجاج، ج: 2، أجوبته(عليه السلام) لمسائل محمد بن جعفر الحميري الفقهية، ص: 583، ووسائل الشيعة للحر العاملي، ج: 5، كتاب الصلاة، باب السجود على تربة الحسين(عليه السلام)، ح: 6807، ص: 366 عنه.

(41) الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج: 1، باب ما يصح السجود عليه، ح: 829، ص: 268، وفي الوسائل للحر العاملي، ج: 5، باب السجود على تربة الحسين(عليه السلام)، ح: 6806، ص: 365 عنه.

(42) السيوطي، الخصائص الكبرى، ج: 2، باب اخباره(صلى الله عليه وآله) بقتل الحسين(عليه السلام)، ص: 212 ـ 216.

(43) الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ج: 3، كتاب معرفة الصحابة، فضائل الحسين(عليه السلام)، ص: 176 ـ 180.

 (44) البيهقي، دلائل النبوة، ج: 6، باب اخباره بقتل ابن بنته الحسين(عليه السلام)، ص: 468 ـ 472.

 (45) ابو نعيم، دلائل النبوة، ج: 2، ذكر أخباره(صلى الله عليه وآله) عن قتل الحسين(عليه السلام)، ص: 709 ـ 710.

(46) أحمد بن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ج: 1، ص: 242 و 283، ج: 3، ص: 242 و 265، ج: 6، ص: 294.

(47) ابن عبد ربه الاندلسي، العقد الفريد، ج: 5، حديث الزهـري في قتل الحسين(عليه السلام)، ص: 127.

(48) السيوطي، الخصائص الكبرى، ج: 2، باب اخباره(صلى الله عليه وآله) بقتل الحسين(عليه السلام)، ص: 214.

(49) راجع على سبيل المثال: البحار للمجلسي، ج: 44، تأريخ الحسين(عليه السلام)، باب اخبار الله بشهادته(عليه السلام)، ص: 223 ـ 249.

(50) الراوندي، الخرائج والجرائح، ج: 1، معجزات النبي(صلى الله عليه وآله)، رقم 218، ص: 132.

(51) صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب 141، وكتاب المغازي، باب 46، وكتاب التفسير، باب سورة 60، ومسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب 161، وأحمد في مسنده، ج: 1، ص: 79.