مكتبة الإمام الحسين

فهرس الكتاب

 

مبادئ وآليات في التطوير

 

1- التطوير ضمن خصائص المنبر ، وضمن الدور الذي يفترض أن يؤديه : ينبغي أن يكون حادي المطالبين بتطويره وسائقهم .

ربما يطرح البعض وسائل للتطوير بعيدة عن خصائص المنبر ، مثل أن يتحول إلى ندوة أو محاضرة تتخللها المناقشات والمداخلات .. أقول بعيدة عن خصائصه فإن المأخوذ في المنبر أن يكون فيه جانب الوعظ والتلقي والارشاد .. بينما ليس كذلك ـ بالضرورة ـ في الندوة أو النقاش المفتوح . أو قد يطرح فيه أمر القراءة على الورقة المكتوبة ، بينما المألوف فيه والأكثر تأثيرا هو الخطاب المباشر ارتجالا ـ والارتجال لا يعني بالضرورة عدم الاتقان أو عدم التحضير ـ .

2- لا للتطوير القفزي والقسري : مع إيماننا بضرورة التطوير ، إلا أن المقبول منه أيضا ينبغي أن يكون تطويرا تدريجيا حتى يتقبله المجتمع بصورة سلسة ، فإنه ليس أعسر على الناس من تغيير عاداتهم ، ومألوفهم .

إن الحق مع وضوحه لكنه مع ذلك يحتاج إلى أسلوب مناسب في إيصاله إلى الناس و ( بلاغ مبين ) ويحتاج ( قولا لينا ) . وتكوير المنبر وتجديده ، وإضفاء عناصر القوة عليه أيضا يحتاج إلى عمل تدريجي بحيث يستقبله الناس .

إن الصورة التي نراها اليوم للمنبر الحسيني ليس هي نفس الصورة التي كان عليها قبل مئات السنين، بل ولا قبل عشرات السنين ، وإنما تعرض لتطوير ـ كما سنتعرض إليه ـ على مدى سنوات ، من مجرد كونه فترة رثائية إلى ما نراه اليوم من كونه ، إضافة إلى مساحة الحزن التي يحتلها ، مشعلا ثقافيا وعلميا .

3- الحاجة إلى العمل بالوسائل الحديثة العامة في التطوير : بالرغم من أن الدعوة إلى تطوير المنبر ينبغي أن يستشعر بها كل ممارس لهذه المهمة المقدسة ، وأن يقوم بتطوير منبره ، وتحسين أدائه فيه باندفاع ذاتي ، إلا أن ذلك لا يغني عن الدعوة إلى التطوير العام ، باستخدام الطرق الحديثة التي يعتمدها العلم اليوم .

فمن المهم مثلا أن تقام دورات تخصصية في فن الخطابة ـ سواء في الجانب الرثائي والعزائي أو جانب الموضوع وكيفية إعداده أوطرق التأثير على الناس ـ . فإن ما سوى الجانب الأول توجد فيه كتب ومتخصصون ، ومع أن في منابرنا جانبا خاصا سواء لجهة المستمعين أو نوعية الحديث إلا أن ذلك لا يمنع من الاستفادة من الأمور العامة التي لا تخص خطابا دون غيره .

بل ينبغي أن يسعى إلى تأسيس معاهد وكليات للخطابة ، ولو في الحوزات العلمية ، وأن تعقد مجالس خاصة للخطباء يتم فيها تداول أمر المنبر الحسيني ، سواء في تقييم الدور الذي يقوم به في كل مجتمع ، أو في المواضيع التي ينبغي أن تطرح ، ولأجل استفادة كل جيل من خبرات الجيل الذي سبقه .

ونحن نحمد الله أن هناك حركة طيبة بهذا الاتجاه ، فهناك مجلات تخصصية تعنى بشأن المنبر الحسيني، وهناك دورات كثيرة قد تأسست في الحوزات والمدارس الدينية ، وهناك مكاتب تخصصية(1) .. وإن كانت المهمة أعظم من هذا المقدار الموجود ، كماً وكيفاً ، لكنه عمل يبشر بالكثير من الخير المستقبلي ، جزى الله القائمين عليها خير الأجر والثواب .

 

1- نشير هنا بإكبار للعمل الموسوعي الضخم الذي يقوم به المحقق الشيخ الكلباسي في كتابه ( دائرة المعارف الحسينية ) الذي يفترض أن يزيد على الخمسمائة مجلد .