الصفحة 210
في دوي كالنهر يملؤه التسبيح ينساب مـن ربـى شـلال
لكن الإزاحة عند الشيخ علي الفرج جاءت متشابكة مع الأقتراب المطابق حيث استخدم
التركيب كاملا ( دوي النحل ) وأضاف اليه ظاهرة الأهتزاز أيضاً ليصورهما في بيت
محبوك بحنكة ودراية وتأمل :
عجب أن أرى لديك ( دوي النحل ) يـهتز مـن إسود الغـاب
وقصارى القول أن التحام الشاعر مع هذه الليلة الجليلة القدر يتم بوجل وخوف وخصوصاً
عندما يتم اختيار الشعر لتوثيق الواقعة أو توصيلها بشكلها الشعري ، فكما هو معلوم ،
فالشاعر ليس مدوّناً ولا موثقاً ولا مسجلا للأحداث ، لكنه كائن نوعي ينفعل بواقعة
عظيمة فيختار أن يوصلها عبر قنوات التعبير الفني والجمالي.
4 ـ القصائد ونقدها
الصفحة 213
1 ـ للشيخ ابراهيم النصيراوي (1)
ليلة الحزن
يـا لـيلةَ الحزنِ خُطي للنُهى iiعلم فـقد كـتبناكِ فـي أعـماقِنا iiألما
ثـارت بك الاُسدُ والعلياءُ iiمقصدُها لِـتحصُدَ الغيَّ مِمنْ عاثَ أو iiظلما
هـزَّتْ عـروشَ بني سفيان قاطبة ًبصرخة أسمعت من يشتكي الصمَما
قـومٌ قـليلونَ لـكنْ عزمهُم iiجبلٌ إذا دنـا السيفُ منهم رنَّ iiوارتطما
اُولاءِ سُـلاّكُ درب قـصده وهـج مِـنَ الضميرِ يرى فيضَ الدما iiنِعَما
يـحدو بـهم لـلمنايا نصرُ iiمبدئِهم فـعانقوا الفجرَ يَسقونَ العدى iiحِمما
مـازّل يـوماً لـهم في موقف iiقدمٌ ومـا أقـروا عـلى ظُلم لِمَنْ حكما
يـستبشرون وهـم في ليلة iiمُلئتْ رُعـباً كـأنّ الـمنايا كانت iiالحُلما
جَـنَّ الظلامُ وأرضُ الطفِ iiمشرقةٌ بـأوجه لـم يُـخالِط حُسنها iiالسأما
تـدنو المنيةُ والاصحابُ في iiشُغل عـن الـحياةِ ولـم يَـبدو لها iiندما
ويـعجبُ الناسُ إن الليلَ حين iiبدا يَـمدُ جُـنحاً مـن الظلماءِ iiمُحتدما
قـال الحسينُ لهم خُفّوا على iiعجل فـما سُـوايَ أرادَ الـمعتدونَ iiدما
____________
(1) هو : الخطيب الشاعر الفاضل الشيخ إبراهيم بن علوان النصيراوي ، ولد سنة 1376 هـ
في محافظة العمارة ـ العراق ، أكمل دراسته الاعدادية ثم التحق بالحوزة العلمية في
النجف الاشرف عام 1399 هـ ، وبعد أن أكمل مراحلها الاولى حضر درس السيد الخوئي (قدس
سره) ، ومن تأليفاته : 1 ـ حديث كربلاء 2 ـ القواعد النحوية 3 ـ أعلام الفقهاء 4 ـ
ديوان شعر (مخطوط) ، وله مشاركات في النوادي الادبية والثقافية والدينية.
الصفحة 214
هَبّــوا وأعُينهـم بالدمعِ ناطقةٌ واللهِ دونكَ نرجو الساعةَ العدما
لو قطَّعونا بأسياف لهــم إربا ًلَمـا رضخنا ونمضي للفدا قُدُما
إنَّا على العهد لم نخذلكَ في غدنا وكيفَ يخذلُ مَنْ في حُبكم فُطما
* * *
ثـم انـثنى لبنات الوحي iiينظرها رأى الـجلال على تلك الوجوه سما
قـد جـللتهن أيـدي المكرمات iiفما أرجفن في القول أو ثبطن من عزما
تـقودهن إلـى الـعلياء iiزيـنبهم تـلك التي ورثت من حيدر iiعظما
قـد ودّعـت إخوة عزت iiنظائرها بـأدمع الـبشر منها سال iiوانتظما
تـظم فـي كـفها قـلبا لها iiوجلا وعـزمها يـتحدى ظـالماً iiرغـما
تـحكي عـلياً ويـوم الروع يعرفه يـعطي الـبسالة حقاً صارماً iiوفما
مـا احـتج إلا وكـان الند iiمنكسرا أو كـر إلا وكـان الخصم iiمنهزما
وهــؤلاء بـنوه الـوارثون iiأبـاً بـسيفه وبـه جـبريل قـد iiقسما
هـم هـؤلاء لهم يهوى العلا iiشرفا هـم هـؤلاء رقوا في مجدهم iiقمما
قـد جنهم ليل حزن حاملا iiغصصاً لو مست الطود أضحى صلده رمما
جيشان جيش يحاكي الشمس iiمنظره وآخر راح في درب الضلال iiعمى
يـعمرون لـهم ديـناً عـلى iiوهم وإن أخـسر شـيء من بنى iiوهما
إبراهيم النصيراوي
8 / ذو القعدة / 1416 هـ
الصفحة 215
الشيخ إبراهيم النصيراوي
هناك قلّة من خطباء المنبر الحسيني من يستطيع أن يفلت من متطلبات الخطابة عندما
ينظم ، فهم ـ ومنهم النصيراوي ـ ذوو حس يتفوق عليهم فيوظّفون كل معارفهم لخدمة هذه
الوسيلة المباركة للاتصال المحاطة بالعناية الالهية المسددة.
فلا محيص من التسليم بنفور الشعر من أن يصغي ويعمل وفقاً لشروط ومتطلبات من خارج
قوانينه ، فلذا تتميز القصيدة المنبرية بمميزات سنشرحُها عندما نتعرض لنصوص الشيخ
محد سعيد المنصوري وإني آمل من خلال معرفتي برغبة ونزوع الشيخ النصيراوي لتطوير
قابليته الشعرية والخطابية أن يكون من القلّة من الخطباء الشعراء
وأنوّه أن للنصيراوي قصائد ولائية أخرى نلمس فيها بدقة هذا المنحى الذي لانجده في
قصيدته هذه عن ليلة عاشوراء.
الصفحة 216
2 ـ للشيخ ابن حمّاد ـ رحمه الله ـ
وفاء الأصحاب
لست أنساهُ حين أيقن iiبالموت دعـاهم فـقام فـيهم iiخطيبا
ثـم قـال الحقوا بأهليكم iiإذ ليس غيري أرى لهم مطلوبا
شـكر الله سعيكم إذ iiنصحتم ثـم أحـسنتم لي المصحوبا
فـأجابوه ما وفيناك إن iiنحن تـركناك بـالطفوف iiغريبا
أي عـذر لـنا يـوم iiنـلقى الله والطهر جدّك iiالمندوبا(1)
حاش لله بل نواسيك أو iiيأخذ كـلّ مـن الـمنون iiنصيبا
فـبكى ثم قال جزيتم iiالخير فـما كـان سعيكم أن iiيخيبا
ثم قال اجمعوا الرجال iiوشبّوا الـنار فيها حتى تصير iiلهيبا
وغدا للقتال في يوم عاشوراء فـأبدى طعناً وضرباً iiمُصيبا
فكأنّي بصحبه حوله iiصرعى لـدى كربلا شباباً وشيبا(2)
____________
(1) هكذا ورد في المنتخب وواضح أن صدر البيت جاء على مجزوء المتدراك المرفّل أي (
فاعلن فاعلن فاعلاتن ) وليس من بحر الخفيف الذي نظمت عليه القصيدة.
(2) المنتخب للطريحي : ص399 ـ 400.
الصفحة 217
3 ـ للشيخ ابن مغامس ـ رحمه الله ـ
الإمام المفدّى
فديتك من ناع إلى الناس نفسَهُ وموذنِ أهليـه بوشكِ وبــال
كأن حياةَ النفسِ غيــر أحينة فمالك لا تـرنو لهـا بوصـالِ
لعمرك إن الموتَ مـُرُّ مـذاقُه فما بالُ طعم الموتِ عندك حالي
فديتُ وحيداً قد أحاط برحــلهِ لال أبي سفــيان جيشُ ظلالِ
يقـول لانصـار له قـد أبحتُكُمْ ذمامي وعهدي فاسمعـوا لمقالِ
ألا فارحلوا فالليلُ مـرخ سدولَهُ عليكم ومنهاجُ البسيـطةِ خـالِ
فمالهم مــن مطلب قـد تألَّبوا عليه سوى قتلي ونهبِ رحالـي
فقالوا جميعاً ما يُقــال لنا وما نقولُ جـواباً عــندَ ردِّ سؤالِ
تقيكَ مـن الموتِ الشديدِ نفوسُنا ويرخصُ عندَ النفسِ ما هو غالِ
أمِنْ فــَرَق نبغي الفريق وكلُّنا لاولاده والعيــش بعـدك قالِ
فطوبى لهـم قد فاز والله سعيُهُم
فكلُهم في روضة وظـلالِ
(1)
____________
(1) المنتخب للطريحي : ص301.
الصفحة 218
4 ـ للسيد أحمد العطار (1) ـ رحمه الله ـ
اللؤلؤُ المنثور
لـست أنسى إذ قام في iiصحبه يـنثر مـن فيه لؤلؤاً iiمنثورا
قـائلاً ليس للعدى بغية iiغيري ولا بُــدَّ أن أردّى iiعـفـيرا
اذهبوا فالدجى ستيرٌ وما الوقت هـجيراً ولا الـسبيل iiخطيرا
فـأجابوه حـاش لله بل iiنفديك والـموت فـيك لـيس iiكثيرا
لا سـلمنا إذن اذا نـحن اسلم نـاك وتراً بين العدى iiموتورا
انـخليّك فـي الـعدو وحـيدا ًونـولّي الادبـار عنك iiنفورا
لا أرانـا الالـه ذلـك iiواختا روا بـدار الـبقاء مُلكاً iiكبيرا
بـذلوا الجهد في جهاد الاعادي وغـدا بعضهم لبعض iiظهيرا
ورموا حزب آل حرب iiبحرب مـأزقٌ كـان شـره iiمستطيرا
كـم أراقـوا مـنهم دماً iiوكأي مـن كـمّي قـد دمروا تدميرا
فـدعاهم داعي المنون iiفسّروّا فـكأن الـمنون جاءت iiبشيرا
____________
(1) هو : الحجة الفاضل السيد أحمد بن محمد بن علي بن سيف الدين الحسني البغدادي
الشهير بالسيد أحمد العطار ، ولد في النجف الاشرف سنة 1128 هـ ، كان فاضلاً فقيهاً
اصولياً رجالياً ، أديباً شاعراً ، عَلماً من اعلام عصره ، وله مؤلفات في الفقه
والادب منها 1 ـ التحقيق في الفقه 2 ـ اصول الفقه في مجلدين 3 ـ رياض الجنان في
اعمال شهر رمضان 4 ـ الرائق في الشعر والادب ، توفي عليه الرحمة في النجف الاشرف
سنة 1215 هـ راجع : ادب الطف للسيد جواد شبر : ج6 ص69 ـ 70.
الصفحة 219
فـاجأبوه مـسرعين إلـى iiالـقتل وقــد كــان حـظهم iiمـوفورا
فـلئن عـانقوا الـسيوف ففي iiمق عــدِ صـدق يُـعانقون iiالـحورا
ولئن غودروا على الترب iiصرعى فـسـيجزون جـنـةً iiوحـريـرا
وغــداً يـشربون كـأساً iiدهـاقا ويُـلـقّون نـظـرةً iiوســرورا
كــان هــذا لـهم جـزاءً مـن الله وقـد كـان سـعيهم iiمـشكورا
فغدا السبط بعدهم في عراص الطف يـبـغي مــن الـعدو iiنـصيرا
كــان غـوثاً لـلعالمين iiفـأمسى مـستغيثاً يـا لـلورى iiمـستجيرا
فـأتاه سـهمٌ مـشومٌ بـه iiانـقضّ جـديـلاً عـلى الـصعيد iiعـفيرا
فـاصـأب الـفـؤاد مـنـه iiلـقد اخـطأ مـن قـد رماه خطأ iiكبيرا
فـأتـاه شـمرٌ وشَـمَّر عـن سـا عــد أحـقـاد صـدره iiتـشميرا
وارتـقى صـدره اجـتراءً iiعـلى الله وكـان الـخبُّ الـلئيم iiجسورا
وحـسين يقول ان كنت من iiيجهل قــدري فـاسأل بـذاك iiخـبيرا
فـبرى رأسـه الـشريف iiوعـلاّ ه عـلى الـرمح وهو يُشرق iiنورا
ذبــح الـعـلمَ والـتقى إذ iiبـراه وغــدا الـحـقّ بـعده iiمـقهورا
عـجباً كـيف تـلفح الشمس iiشمسا لـيس يـنفك ضـوؤها مـستنيرا
عـجباً لـلسماء كـيف iiاسـتقرت ولـبـدر الـسـماء يـبدو مـنيرا
كـيف من بعده يضيء اليس iiالبدر مــن نــوره وجـهه مـستعيرا
غـادروه على الثرى وهو ظل iiالله فـي أرضـه يـقاسي iiالحرورا(1)
____________
(1) أدب الطف للسيد جواد شبر : ج6 ، ص64 ـ 66.
الصفحة 220
5 ـ للاُستاذ بولس سلامه (1)
(1)
مناجاة الحسين (عليه السلام)
نـاولوني الـقرآن قـال حـسين ii: لـذويـه » وجـدَّ فـي iiالـركعات
ِفـرأى فـي الـكتاب سِـفرَ iiعزاء ومـشى قـلبه عـلى iiالـصفحاتِ
لـيس فـي الـقارئين مثلُ iiحسين عـالـماً بـالـجواهر iiالـغـاليات
ِفـهو يدري خلف السطورا سطوراً اًلـيس كـلُ الاعـجاز في iiالكلمات
ِللبيان العُلوي ، في اُنفس الاطهار ii، مـسرى يـفوقُ مـسرى iiالـلغات
ِوهو وقفٌ على البصيرة ، فالابصار ُتـعشو ، فـي الانـجم iiالـباهرات
ِيـقذف الـبحرُ لـلشواطىء iiرملا ًوالـلالي تـغوص فـي iiالـلُّجاتِ
والـمصلُّون فـي الـتلاوة iiأشـباه وإنَّ الــفــروق iiبـالـنـيّـاتِ
فـالـمناجاة شـعـلةٌ مـن iiفـؤاد صـادق الـحس مُـرهف الخلجات
____________
(1) هو : الاديب اللبناني الكبير الاستاذ بولس سلامه ،ولد سنة 1910 م في قضاء جزين
ـ لبنان ، درس الحقوق في الجامعة اليسوعية ، وعمل قاضياً سنة 1928 م ، وتوفي سنة
1979 م ، له عدة دراسات أدبية وفكرية معروفة ، من مؤلفاته : 1 ـ أيام العرب ( ملحمة
) ، 2 ـ عيد الغدير (ملحمة إسلامية) ، تناول فيها سيرة أهل البيت (عليهم السلام) في
أهم ما يتصل بهم واختتمها بمأساة كربلاء ، وقد انتج هذه الملحمة على فراش الالم كما
يُذكر ، وذلك باقتراح من المرحوم الحجة السيد عبدالحسين شرف الدين (قدس سره).
الصفحة 221
ِفإذا لم تكن سوى رجع قول فـهي لهوُ الشفاه iiبالتمتمات
ِإنما الساجد المُصلي iiحسين طاهرُ الذيل ، طيّب النفحات
ِفـتقبّلْ جبريلُ أثمارَ iiوحي أنـت حُـمّلتهُ إلى iiالكائناتِ
إذ تـلـقَّاه جــدُّه iiوتـلاه مُعجزات ترنُّ في السجعاتِ
وأبـوه مُدوّن الذكر ، iiاجراه ضـياءً عـلى سوادِ iiالدواةِ
فـالحسين الـفقيهُ نجلُ iiفقيه أرشـد المؤمنين iiللصلواتِ
أطلق السبط قلبه في iiصلاة فالاريج الزكي في iiالنسماتِ
الـمناجاة ألـسُنٌ من iiضياء ِنحو عرش العليِّ iiمرتفعاتِ
الامام الحسين (عليه السلام) يرى جدّه (صلى الله عليه وآله)
وهـمت نـعمةُ الـقدير iiسـلاما ًوسـكـوناً لـلاجـفن الـقلقاتِ
ودعــاهُ إلـى الـرقاد iiهـدوء ٌكـهُدوءِ الاسـحار في iiالربواتِ
وصـحـا غـبَّ سـاعة iiهـاتفاً «اخـتاهُ بـنت العواتك iiالفاطماتِ
إنـني قـد رأيـت جـدي iiواُمي وأبـي والـشقيقُ فـي iiالـجناتِ
بَـشّروني أنـي إلـيهم iiسـأغدو مُـشرقَ الوجه طائرَ iiالخطواتِ»
فـبكت والـدموع في عين iiاُخت نـفثات الـبُركان فـي عـبراتِ
صرختْ :ويلتاه ، قال:خلاك الشرُّ فـالـويل مـن نـصيب الـعتاةِ
الامام الحسين (عليه السلام) يأذن لاصحابه بالتفرّق عنه
الصفحة 222
ودعــا صـحـبَه فـخفُّوا iiإلـيه فـغدا الـنسر فـي إطـار iiالـبُزاةِ
قــال إنـي لـقيت مـنكم iiوفـاءً وثـبـاتاً فـي الـهول iiوالـنائباتِ
حـسـبكم مـا لـقيتم مـن iiعـناء فـدعـوني فـالقوم يـبغون ذاتـي
وخذوا عترتي ،وهيموا بجُنح الليل ، فـالـلـيل درعُــكـم لـلـنجاةِ
إن تـظـلوا مـعـي فـإن iiأديـم الارض هــذا يـغصُ iiبـالامواتِ
جواب الانصار للحسين (عليه السلام)
هـتفوا يـا حـسين لسنا iiلئاماً فَـنخلّيك مُـفرداً فـي iiالـفلاةِ
فـتقول الاجيال ُ ويلٌ iiلصحب خـلَّفوا شـيخهم أسـير الطغاةِ
فَـنكونُ الاقذارَ في صفحةِ التأ ريـخ والعارَ في حديثِ iiالرُواةِ
أو سُـباباً عـلى لسان iiعجوز أو لسان القصّاص في السهراتِ
يـتوارى أبـناؤنا فـي الزوايا مـن ألـيم الـهجاء iiواللعناتِ
سـترانا غـداً نـشرّفُ iiحَـدَّ السيفِ حتى يَذوبَ في iiالهبواتِ
يـشتكي من سواعد iiصاعقات وزنــود سـخيّةِ iiالـضرباتِ
إن عطشنا فليس تَعطشُ iiأسياف ٌتـعبُّ الـسخين في iiالمهجاتِ
لا تـرانا نـرمي البواتر iiحتى لا نُـبقّي منها سوى iiالقبضاتِ
لـيتنا يا حسين نسقط صرعى ثـم تـحيا الجسوم في iiحيواتِ
وسـنُفديك مـرةً بـعد iiاُخرى ونُـضـحّي دمـاءنا iiمـرّاتِ
* * *
الصفحة 223
أصبحوا هانئين كالقوم في عرس سـكـوت مُـعطّل الـزغرداتِ
إن درع الايـمان بـالحق iiدرعٌ نـسـجته أصـابعُ الـمُعجزات
يُـرجع الـسيف خـائباً ، iiويردُ الـرمح ، فالنصلُ هازىء بالقناةِ
مـثلما يـطعن الـهواء iiغـبي ٌّفـيـجيب الاثـيرُ iiبـالبسماتِ
يـغلب الـموتَ هـازئاً iiبـحياة لا يـراهـا إلاّ عـميق iiسُـباتِ
فاللبيبُ اللبيبُ فيها يجوبُ iiالعمر فــي زحـمة مـن iiالـترّهاتِ
ويـعيش الـفتى غـريقاً iiبجهل فـإذا شـاخ عـاش iiبالذكرياتِ
ألـمٌ فـي شـبابه ، فمتى iiولّى فـدمعُ الـحرمان فـي iiاللفتاتِ
إن مـا يـكسب الـشهيدُ iiمضاءً أمــل كـالجنائن iiالـضاحكاتِ
فهو يطوي تحت الاخامص iiدُنيا لـيـنال الـعُلى بـدهر آتِ(1)
____________
(1) عيد الغدير لبولس سلامة : ص 262 ـ 265.
|