فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الجواد (ع)

 

2 ـ الحياة السياسية :

لقد كانت الحياة السياسية في عصر الإمام أبي جعفر(عليه السلام) سيئة وكانت الظروف حرجة للغاية لا للإمام فحسب وإنّما كانت كذلك لعموم المسلمين وذلك لما وقع فيها من الأحداث الجسام ، فقد مُنيت الاُمّة بموجات عارمة من الفتن والاضطرابات ، وقبل أن نتحدّث عنها نرى من اللازم أن نعرض لمنهج الحكم في العصر العباسي وغيره ممّا يتصل بالموضوع وفيما يلي ذلك :

 منهج الحكم : فقد كان على غرار الحكم الأموي، في الأهداف والأساليب وقد وصفه (نكلسون) بأنّه نظام استبدادي ، وانّ العباسيين حكموا البلد حكماً مطلقاً على النحو الذي كان يحكم به ملوك آل ساسان قبلهم [1]  .

لقد كان الحكم خاضعاً لرغبات ملوك العباسيين واُمرائهم ، ولم يكن له أي إلتقاء مع معايير الدين الإسلامي ، فقد شذّت تصرّفاتهم الادارية والاقتصادية والسياسية عمّا قنّنه الإسلام في هذه المجالات . 

واستبدّ ملوك بني العباس بشؤون المسلمين وأقاموا فيهم حكماً ارهابياً لا يعرف الرحمة والرأفة ، وهو بعيد كلّ البعد عمّا شرّعه الإسلام من الأنظمة والقوانين الهادفة إلى بسط العدل ، ونشر المساواة والحق بين الناس .

الخلافة والوراثة : لم تخضع الخلافة الاسلامية حسب قيمها الأصلية لقانون الوراثة ولا لأي لون من ألوان المحاباة أو الاندفاع وراء الأهواء والعصبيات ، فقد حارب الإسلام جميع هذه المظاهر واعتبرها من عوامل الانحطاط والتأخر الفكري والاجتماعي ، وأناط الخلافة بالقيم الكريمة ، والمُثل العُليا ، والقدرة على ادارة شؤون الاُمّة ، فمن يتصف بها فهو المرشّح لهذا المنصب الخطير الذي تدور عليه سلامة الاُمّة وسعادتها .

وأمّا الشيعة فقد خصَّصت الخلافة بالأئمّة الطاهرين من أهل البيت (عليهم السلام) لا لقرابتهم من الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وكونهم ألصق الناس به وأقربهم إليه ، وإنّما لمواهبهم الربّانية ، وما اتصفوا به من الفضائل التي لم يتصف بها أحد غيرهم فضلاً عن النصّ عليهم، بما لا يدع مجالاً للاختيار.

وأمّا الذين تمسكوا بعنصر الوراثة فهم العباسيّون ، على غرار الاُمويين فاعتبروها القاعدة الصلبة لاستحقاقهم للخلافة بحجة أنّهم أبناء عم الرسول(صلى الله عليه وآله) وقد بذلوا الأموال الطائلة لأجهزة الاعلام لنشر ذلك واذاعته بين الناس .

وقد هبّت إلى تأييد ودعم الوسط العباسي الأوساط المرتزقة من خلال انتقاص العلويين فتتقرب اليهم بذلك وتشهد بأنّ ذئاب بني العباس أولى بالنبي(صلى الله عليه وآله) من السادة الأطهار من آل الرسول(صلى الله عليه وآله)[2].  

تصرّفات شاذّة : ولمّا التزم العباسيّون بقانون الوراثة ، قاموا بتصرفات شاذّة تسي الى مصلحة الاُمّة وكان من بينها :

1 ـ اسناد الخلافة إلى من لم يبلغ الرشد ، فقد عهد الرشيد بالخلافة إلى ابنه الأمين ، وكان له من العمر خمس سنين ، وإلى ابنه المأمون وكان عمره ثلاث عشرة سنة، من دون أن يكونا قد حازا العلم والحكمة والحنكة الادارية والسياسية، حتى كان يسيّرهما مَن سواهما من أصحاب البلاط.

علماً بأن الإمامة والخلافة للرسول(صلى الله عليه وآله) منصب ربّاني وعهد إلهي لا يرتقي إليه إلاّ من اعتدلت فطرته وسلمت سيرته من الخطل والخطأ والانحراف في كل مجالات حياته، ليكون قادراً على قيادة الاُمة الى طرق الرشاد.

وهكذا انحرف العبّاسيون بذلك عمّا قرّره الإسلام من انّ منصب الخلافة إنّما يُسند إلى من يتمتع بالحكمة والصيانة والمعرفة بالشؤون الاجتماعية والدراية التامة بما تحتاج إليه الاُمّة في جميع شؤونها .

2 ـ اسناد ولاية العهد الى أكثر من واحد فانّ في ذلك تمزيقاً لشمل الاُمّة وتصديعاً لوحدتها وقد شذّ الرشيد عن ذلك فقد أسند الخلافة من بعده إلى الأمين والمأمون ، وقد ألقى الصراع بينهما ، وعرّض الاُمّة إلى الأزمات الحادّة ، والفتن الخطيرة ، وسنعرض لها في البحوث الآتية .

 الوزارة: من الأجهزة الحساسة في الدولة العباسية هي الوزارة ، فكانت ـ على الأكثر  ـ وزارة تفويض ، فكان الخليفة يعهد إلى الوزير بالتصرف في جميع شؤون دولته ويتفرغ هو للّهو والعبث والمجون ، فقد استوزر المهدي العباسي يعقوب بن داود ، وفوّض إليه جميع شؤون رعيّته وانصرف إلى ملذّاته .

واستوزر الرشيد يحيى بن خالد البرمكي ومنحه جميع الصلاحيات واتجه نحو ملاذّه وشهواته فكانت لياليه الحمراء في بغداد شاهدة على ذلك .

وتصرّف يحيى في شؤون الدولة الواسعة الأطراف حسب رغباته ، فقد أنفق الأموال الطائلة على الشعراء المادحين له ، واتخذ من العمارات والضِياع التي كانت تدرّ عليه بالملايين ، الكثير الكثير وهي التي سببت قيام هارون الرشيد باعتقاله ، وقتل ابنه جعفر ومصادرة جميع أموالهم .

وفي عهد المأمون أطلق يد وزيره الفضل بن سهل في اُمور الدولة فتصرّف فيها كيفما شاء ، وكان الوزير يكتسب الثراء الفاحش بما يقترفه من النهب والرشوات ، وقد عانت الاُمّة من ضروب المحن والبلاء في عهدهم مما لا يوصف فكانوا الأداة الضاربة للشعب ، فقد استخدمتهم الملوك لنهب ثروات الناس واذلالهم وارغامهم على ما يكرهون .

وكان الوزراء معرّضين للسخط والانتقام وذلك لما يقترفونه من الظلم والجور ، وقد نصح دعبل الخزاعي الفضلَ بن مروان أحد وزراء العباسيين فأوصاه باسداء المعروف والاحسان إلى الناس ، وقد ضرب له مثلاً بثلاثة وزراء ممّن شاركوه في الاسم وسبقوه إلى كرسي الحكم ، وهم الفضل بن يحيى ، والفضل بن الربيع ، والفضل بن سهل ، فانّهم لمّا جاروا في الحكم تعرّضوا إلى النقمة والسخط .

ومن غرائب ما اقترفه الوزراء من الخيانة انّ الخاقاني وزير المقتدر بالله العباسي ولّى في يوم واحد تسعة عشر ناظراً للكوفة وأخذ من كلّ واحد رشوة [3]الى غير ذلك من هذه الفضائح والمنكرات الكثيرة عند بعض وزراء العباسيين.[4]

اضطهاد العلويّين: اضطهدت أكثر الحكومات العبّاسيّة رسمياً العلويّين ، وقابلتهم بمنتهى القسوة والشدّة ، وقد رأوا من العذاب ما لم يروه في العهد الاُموي وأوّل من فتح باب الشر والتنكيل بهم الطاغية فرعون هذه الاُمّة المنصور الدوانيقي [5] وهو القائل : «قتلت من ذريّة فاطمة ألفاً أو يزيدون وتركت سيّدهم ومولاهم جعفر بن محمّد»[6] وهو صاحب خزانة رؤوس العلويّين التي تركها لابنه المهدي تثبيتاً لملكه وسلطانه وقد ضمّت تلك الخزانة رؤوس الأطفال والشباب والشيوخ من العلويّين [7] !!

وهو الذي وضع أعلام العلويّين واعيانهم في سجونه الرهيبة حتى قتلتهم الروائح الكريهة وردم على بعضهم السجون حتى توفّوا دفناً تحت أطنان الأتربة والأحجار!!

لقد اقترف هذا الطاغية السفّاك جميع ألوان التصفية الجسدية مع العلويّين ، وعانوا في ظلال حكمه من صنوف الارهاب والتنكيل ما لا يوصف لفضاعته وقسوته .

أمّا موسى الهادي فقد زاد على سلفه المنصور ، وهو صاحب واقعة فخ التي لا تقل في مشاهدها الحزينة عن واقعة كربلاء ، وقد ارتكب فيها هذا السفاك من الجرائم ما لم يُشاهد مثله ، فقد أوعز بقتل الأطفال واعدام الأسرى ، وظلّ يطارد العلويّين ، ويلحّ في طلبهم فمن ظفر به قتله ، ولكن لم تطل أيام هذا الجلاّد حتى قصم الله ظهره .

أمّا هارون الرشيد فهو لم يقلّ عن أسلافه في عدائه لأهل البيت (عليه السلام) والتنكيل بهم وهو القائل : «حتام اصبر على آل بني أبي طالب ، والله
لأقتلنّهم ولأقتلنّ شيعتهم ، ولأفعلنّ وأفعلنّ»[8] وهو الذي سجن الإمام الاعظم موسى بن جعفر (عليه السلام) عدة سنين ، ودسّ إليه السمّ حتى توفّي في سجنه ، لقد جهد الرشيد في ظلم العلويّين وإرهاقهم ، فعانوا في عهده من الارهاب ما لا يقلّ فضاعة عمّا عانوه في أيام المنصور .

ولما آلت الخلافة إلى المأمون رفع عنهم المراقبة ، وأجرى لهم الأرزاق وشملهم برعايته وعنايته ، ولكن لم يدم ذلك طويلاً إذ انّه بعد ما اغتال الإمام الرضا (عليه السلام) بالسمّ ، أخذ في مطاردة العلويّين والتنكيل بهم كما فعل معهم أسلافه .

وعلى أيّة حال فإنّ من أعظم المشاكل السياسية التي اُمتحن بها المسلمون امتحاناً عسيراً هي التنكيل بعترة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وذرّيته وقتلهم بيد الزمرة العبّاسية الغاشمة والتي فاقت في قسوتها وشرورها أعمال بني اُميّة ، حتى انتهى الأمر بأبناء النبيّ العظيم(صلى الله عليه وآله) أنّهم كانوا يتضورون جوعاً وسغباً، سوى المآسي الاُخرى التي حلّت بهم ، وكان من الطبيعي أن تؤلم هذه الحالة قلب الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام) ، وتصيبه بالأسى والحزن [9].

 مشكلة خلق القرآن: لعلّ من أعقد المشاكل السياسية التي اُبتلي بها المسلمون في ذلك العصر هي محنة خلق القرآن التي أوجدت الفتن والخطوب في البلاد .

فقد أظهر المأمون هذه المسألة في سنة ( 212 هـ )  . واُمتحن بها العلماء امتحاناً شديداً ،  وارهقوا إلى حدّ بعيد فمن لا يقول بمقالة المأمون سجَنه أو نفاه أو قتله وقد حمل الناس على ما يذهب إليه بالقوّة والقهر  .

إنّ هذه المسألة تعتبر من أهمّ الأحداث الخطيرة التي حدثت في ذلك العصر ، وقد تعرّض الفلاسفة والمتكلّمون إلى بسطها وإيضاح غوامضها  . [10]

 

 3 ـ الحياة الاقتصادية :

اهتم الإسلام بالحالة الاقتصادية وازدهارها ، واعتبر الفقر كارثة مدمّرة يجب القضاء عليه بكافة الطرق والوسائل ، وألزم ولاة الاُمور والمسؤولين أن يعملوا جاهدين على تنمية الاقتصاد العام ، وزيادة دخل الفرد ، وبسط الرخاء والرفاهية بين الناس ليسلم المسلمون من الشذوذ والانحراف الذي هو ـ  على الأكثر ـ وليد الفقر والحرمان ، وكان من بين ما عنى به أنّه حرّم على ولاة الاُمور إنفاق أموال الدولة في غير صالح المسلمين ، ومنعهم أن يصطفوا منها لأنفسهم وأقربائهم ، ومن يمتّ إليهم ، ولكن ملوك بني العبّاس تجاهلوا ما أمر به الإسلام في هذا المجال فاتّخذوا مال الله دولاً وعباد الله خولاً ، وأنفقوا أموال المسلمين على شهواتهم وملاذهم من دون تحرج!! ، وقد أدّت هذه السياسة المنحرفة إلى أزمات حادّة في الاقتصاد العام ، حيث انقسم المجتمع إلى طبقتين : الاُولى وهي الطبقة الراقية في الثراء التي لا عمل لها إلاّ اللهو واللعب ، والاُخرى الطبقة الكادحة التي تزرع الأرض ، وتعمل في الصناعة ، وتشقى في سبيل اُولئك السادة ولا تحصل بجهدها إلاّ على ما يسدّ رمقها ، وترتّب على فقدان التوازن في الحياة الاقتصادية انعدام الاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية على السواء [11] وفيما يلي نتحدث ـ بإيجاز ـ عن الحياة الاقتصادية في ذلك العصر :

واردات الدولة : كانت واردات الدولة الإسلامية في العصر العبّاسي الذي عاش فيه الإمام أبو جعفر الجواد(عليه السلام)  ضخمة للغاية ، فقد أحصى ابن خلدون الخراج في عهد المأمون فكان مجموعه ما يزيد على ( 400 ) مليون درهم [12] ، وقد بلغ من كثرة المال ووفرته أنّه كان لا يُعدّ ، وإنّما كان يوزن ، فكانوا يقولون : إنّه بلغ ستة أو سبعة آلاف قنطار من الذهب [13] ، وقد حسب عامل المعتصم على الروم خراجها فكان اقلّ من ثلاثة آلاف ألف ، فكتب إليه المعتصم يعاتبه ، وممّا جاء في عتابه : «إنّ أخسّ ناحية عليها أخس عبيدي خراجها أكثر من خراج أرضك[14]» . ومن المؤسف أنّ هذه الأموال الوفيرة لم تنفق على تحسين أوضاع المسلمين وتطوير حياتهم ، وإنّما كان الكثير منها يصرف على الشهوات والملذّات ، وقد عكست تلك الانفاقات الهائلة ترف بغداد في ذلك العصر ذلك الترف الذي تحكيه قصص (ألف ليلة وليلة) التي مثّلت حياة اللهو في ذلك العصر  .

التهالك على جمع المال : وتهالك الناس في ذلك العصر على جمع المال بكلّ وسيلة كانت، مشروعة أم غير مشروعة ، فقد أصبح المال هو المقياس في قيم الرجال ، وأخذ يتردّد في الأمثلة الجارية في بغداد « المال مال ، وما سواه محال » وتوسّل الناس إلى جمعه بكلّ طريق لا يعفون عن محرم ، ولا يتورّعون عن خبيث ، وأصبح الخداع والغشّ هو الوسيلة في جمعه [15]  .

تضخّم الثروات : وتضخّمت الثروات الهائلة عند بعض الناس خصوصاً في بغداد  عاصمة العالم الإسلامي آنذاك ، فقد وجدت فيها طبقة رأسمالية كانت تملك الملايين ، وكذلك البصرة فقد ضمّت طبقة كبيرة من أهل الثراء العريض وكانت البصرة ثغر العراق والمركز التجاري الخطير الذي يصل بين الشرق والغرب ، وتستقبل متاجر الهند ، وجزر البحار الشرقية ، ومن أجل ذلك سمّيت البصرة أرض الهند واُمّ العراق [16]  .

نفقات المأمون في زواجه : وكان من مظاهر ذلك الاسراف والبذخ والتصرف الظالم في أموال المسلمين ما انفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيّدة بوران فقد أمهرها ألف ألف دينار ، وشرط عليه أبوها الحسن بن سهل أن يبني بها في قريته الواقعة بفم الصلح فأجابه إلى ذلك ، ولمّا أراد الزواج سافر إلى فم الصلح ونثر على العسكر الذي كان معه ألف ألف دينار وكان معه في سفره ثلاثون ألفاً من الغلمان الصغار والخدم الصغار والكبار وسبعة آلاف جارية . . . وعرض العسكر الذي كان معه فكان اربعمائة ألف فارس ، وثلثمائة ألف راجل . . وكان الحسن بن سهل يذبح لضيوفه ثلاثين ألف رأس من الغنم ، ومثليها من الدجاج ، واربعمائة بقرة ، وأربعمائة جمل وسمّى الناس هذه الدعوة « دعوة الإسلام » وهو ليس من الإسلام في شيء ، فإنّ الإسلام احتاط كأشدّ ما يكون الاحتياط في بيت مال المسلمين فحرم انفاق أي شيء في غير صالحهم .

وحينما بنى المأمون ببوران نثروا من سطح دار الحسن بن سهل بنادق عنبر فاستخفّ بها الناس ، وزهدوا فيها ، ونادى شخص من السطح قائلاً : كلّ من وقعت بيده بندقة فليكسرها فإنّه يجد فيها رقعة ، وما فيها له وكسر الناس البنادق فوجدوا فيها رقاعاً في بعضها تحويل بألف دينار وفي اُخرى خمسمائة دينار إلى أن تصل إلى المائة دينار ، وفي بعضها عشرة أثواب من الديباج ، وفي بعضها خمسة أثواب ، وفي بعضهاغلام ، وفي بعضها جارية ، وحمل كلّ من وقعت بيده رقعة إلى الديوان واستلم ما فيها [17]  كما أنفق على قادة الجيش فقط خمسين ألف ألف درهم [18].

وفي ساعة الزفاف اُجلست بوران على حصير منسوج من الذهب ودخل عليها المأمون ومعه عمّاته وجمهرة من العبّاسيّات فنثر الحسن بن سهل على المأمون وزوجته ثلثمائة لؤلؤة وزن كلّ واحدة مثقال ، وما مدّ أحد يده لالتقاطها ، وأمر المأمون عمّاته بالتقاطها ، ومدّ يده فأخذ واحدة منها « فالتقطتها العبّاسيّات » .

لقد أنفق الحسن والمأمون هذه الأموال الطائلة على هذا الزواج من بيت مال المسلمين ، وقد أمر الله بانفاقه على مكافحة الفقر ومطاردة البؤس والحرمان  . 

هبات وعطايا : ووهب ملوك بني العبّاس أموال المسلمين بسخاء إلى المغنّين والمغنّيات والخدم والعملاء ، فقد غنّى إبراهيم بن المهدي العبّاسي محمّد الأمين صوتاً فأعطاه ثلاثمائة ألف ألف درهم فاستكثرها إبراهيم ، وقال له : يا سيّدي لو قد أمرت لي بعشرين ألف ألف درهم فقال له الخليفة : هل هي إلاّ خراج بعض الكور [19] ، وغنّى ابن محرز عند الرشيد بأبيات مطلعها « واذكر أيام الحمى ثمّ انثن » فاستخفّ به الطرب فأمر له بمائة ألف درهم ، وأعطى مثل ذلك للمغنّي دحمان الأشقر [20] ولمّا تقلّد المهدي العبّاسي الخلافة وزّع محتويات إحدى خزانات بيت المال بين مواليه وخدمه [21] إلى غير ذلك من الهبات والهدايا التي كانت من الخزينة المركزية التي كان ملزماً شرعاً بإنفاقها على المشاريع الحيوية التي تزدهر بها البلاد .

[1] اتّجاهات الشعر العربي : 49 .

[2] راجع حياة الإمام محمّد الجواد : 190 بتصرف بسيط .

[3] تاريخ التمدّن الإسلامي : 4 / 182 .

[4] راجع حياة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) : 188 ـ 192 .

[5] تاريخ الخلفاء للسيوطي : 261 .

[6] الأدب في ظلّ التشيّع : 68 .

[7] تاريخ الطبري 10 / 446 .

[8] حياة الإمام موسى بن جعفر : 2 / 47 .

[9] الحدائق الوردية : 2 / 220 .

[10] راجع : حياة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) : 203 ـ 205 .

[11] الإدارة الإسلامية في عزّ العرب : 82 .

[12] المقدّمة : 179 ـ 180 .

[13] المقدّمة : 179 ـ 180 .

[14] أحسن التقاسيم للمقدسي : 64 (طبع ليدن) .

[15] مقدّمة البخلاء : 24 .

[16] مقدّمة البخلاء : 24 .

[17] تاريخ الطبري : 7 / 149 ، وابن الأثير : 4 / 206 .

[18] تزيين الأسواق للأنطاكي 3 / 117 .

[19] الإسلام والحضارة العربية 2 / 231 .

[20] المستطرف : 182 ـ 184 .

[21] تاريخ بغداد: 5 / 393 .