بحار الأنوار ج57

وأرذل ممن آثره بدونه ، لان إيثار الشئ مع وجود المضاد والمنا في أرجح وأبلغ
من إيثاره بدونه ، فيلزم أن يكون من آثر الكمال مع التمكن من النقصان أفضل وأكمل
ممن آثره بدونه .
وأما التمسك بقوله تعالى" ولقدكرمنا بني آدم " والتكريم المطلق لاحد
الاجناس يشعر بفضله على غيره ، فضعيف ، لان التكريم لا يوحب التفضيل سيما
مع قوله تعالى " وفضلناهم على كثير ممن خلقنا " فإنه يشير بعدم التفضيل على القليل
وليس غير الملائكة بالاجماع ، كيف وقد وصف الملائكة أيضا بأنهم عباد مكرمون .
ثم قال : واحتج المخالفون أيضا بوجوه نقلية وعقلية :
أما النقليات فمنها قوله تعالى " ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من
دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون(1)"
خصهم بالتواضع وترك الاستكبار في السجود ، وفيه إشارة إلى أن غير هم ليس كذلك
وأن أسبا ب التكبرو والتعظيم حاصلة لهم ، ووصفهم باستمرار الخوف وامتثال الاوامر
ومن جملتها اجتناب المنهيات .
ومنها : قوله تعالى" ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون
يسبحون الليل والنهار لايفترون(2)وصفهم بالقرب والشرف عنده ، وبالتواضع و
المواظبة على الطاعة والتسبيح
ومنها قوله تعالى " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعلمون
- إلى أن قال - وهم من خشيته مشفقون(3)" وصفهم بالكرامة المطلقة والامتثال والخشية
وهذه الامور أساس كافة الخيرات .
والجواب ، أن جميع ذلك إنما يدل على فضيلتهم لا على أفضليتهم لاسيما
على الانبياء .


(1)النحل : 49 - 50 .
(2)الانبياء : 19 - 20 .
(3)الانبياء : 26 - 28 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه