نعمي عليه وبين عمله ، فتستغرق النعم العمل ; فيقولون : قد استغرق النعم العمل ،
فيقول : هبوا له النعم ، وقيسوا بين الخير والشر منه ، فإن استوى العملان أذهب الله
الشر بالخير ، وأدخله الجنة ، وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل و
هو من أهل التقوى ولم يشرك بالله تعالى واتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة يغفر الله
له برحمته إن شاء ، ويتفضل عليه بعفوه .
عد : اعتقادنا في الوعد والوعيد هو أن من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه ،
ومن وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ، إن عذبه فبعدله ، وإن عفا عنه فبفضله ، و
ما الله بظلام للعبيد ، وقد قال الله عزوجل : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء " .(1)" ص 86 "
واعتقادنا في العدل هو أن الله تبارك وتعالى أمرنا بالعدل ، وعاملنا بما هو فوقه
وهو التفضل ، وذلك أنه عزوجل يقول : " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون " .(2)" ص 86 - 87 "
بيان : قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح القول الاخير : العدل هو الجزاء
على العمل بقدر المستحق عليه ، والظلم هو منع الحقوق ، والله تعالى كريم ، جواد ،
متفضل ، رحيم ، قد ضمن الجزاء على الاعمال ، والعوض على المبتدأ من الآلام ، ووعد
التفضل بعد ذلك بزيادة من عنده ، فقال تعالى : " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة "(3)
فخبر أن للمحسن الثواب المستحق وزيادة من عنده ، وقال : " من جاء بالحسنة فله عشر
أمثالها " يعني له عشر أمثال ما يستحق عليها " ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم
لا يظلمون " يريد أنه لا يجازيه بأكثر مما يستحقه . ثم ضمن بعد ذلك العفو ، ووعد
بالغفران ، فقال سبحانه : " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم "(4)وقال : " إن الله
لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "(5)وقال : " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك
فليفرحوا "(6)والحق الذي للعبد هو ما جعل الله حقا له واقتضاء جود الله وكرمه ، وإن
(1)النساء : 48 و 116 .(2)الانعام : 160 .
(3)يونس : 26 .(4)الرعد : 6 .
(5)النساء : 47 .(6)يونس : 58 . *