بحار الأنوار ج60

على صدقه صلى الله عليه وآله كيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ؟ ! ولو قدروا على ذلك لقتلوه
وقتلا كثيرا من المؤمنين مع شده عداوتهم لهم !
وقال في قوله سبحانه " ومن شر النفاثات في العقد " معناه : ومن شر النساء
الساحرات اللاتي ينفثن في العقد . وإنما امر بالتعوذ من شر السحرة لايهامهم أنهم
يمرضون ويصحون ويفعلون أشياء(1)من النفع والضرر والخير والشر وعامة الناس
يصدقونهم ، فيعظم بذلك الضرر في الدين ، ولانهم يموهون(2)أنهم يخدمون الجن
ويعلمون الغيب ، وذلك فساد في الدين ظاهر ، فلاجل هذا الضرر امر بالتعوذ
من شرهم .
وقال أبومسلم : النفاثات النساء اللاتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن
مرادهم ويردونهم إلى آرائهن ، لان العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد ، فعبر عن
حلهما بالنفث ، فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه .
" ومن شر حاسد إذا حسد " فإنه يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ،
فامر بالتعوذ من شره . وقيل : إنه أراد من شر نفس الحاسد ومن شر عينه
فإنه ربما أصاب بهما فعان وضر . وقد جاء في الحديث أن العين حق . وقد مضى
الكلام فيه .
وروي أن العضباء ناقة النبي صلى الله عليه وآله لم تكن تسبق ، فجاء أعرابي على قعود له
فسابق بها فسبقها ، فشق ذلك على الصحابة ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : حق على الله أن لا يرفع
شيئا من الدنيا إلا وضعه ، وروى أنس أن النبيي صلى الله عليه وآله قال : من رأى شيئا يعجبه فقال :
" الله الصمد ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله " لم يضر شيئا . وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وآله
كان كثيرا ما يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام بهاتين السورتين انتهى(3).


(1)فيه : شيئا .
(2)فيه : يوهمون .
(3)مجمع البيان : ج 10 ، ص 568 569 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه