بحار الأنوار ج78

فقال بعض القوم : يا رسول الله صلى الله عليه وآله عجبا لعبد الله بن رواحة وتعرضه في
غير موطن للشهادة ، فلم يرزقها حتى يقبض على فراشه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ومن الشهيد من أمتي ؟ فقالوا : أليس هو الذي يقتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن شهداء أمتي إذا لقليل ، الشهيد الذي ذكرتم ، والطعين
والمبطون ، وصاحب الهدم والغرق ، والمرء‌ة تموت جمعا .
قالوا : وكيف تموت جمعا يا رسول الله ؟ قال : يعترض ولدها في بطنها .
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد عبدالله بن رواحة خفة فأخبر النبي صلى الله عليه وآله
فوقف فقال : يا عبدالله حدث بما رأيت ، فقد رأيت عجبا ، فقال : يا رسول الله رأيت
ملكا من الملائكة بيده مقمعة من حديد تأجج نارا كلما صرخت صارخة يا جبلاه
أهوى بها لهامتي ، وقال أنت جبلها فأقول لا بل الله ، فيكف بعد إهوائها وإذا
صرخت صارخة يا عزاه أهوى بها لهامتي وقال أنت عزها ، فأقول : لا بل الله
فكيف بعد إهوائها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صدق عبدالله فما بال موتاكم يبتلون
بقول أحيائكم(1).
بيان : عجز هذا الحديث يخالف بعض أصولنا ، وسيأتي عدم تعذيب الميت
ببكاء الحي ، ولعل الخبر على تقدير صحته محمول على أن الميت كان مستحقا
ببعض أعماله لنوع من العذاب ، فعذب بهذا الوجه ، أو فعل ذلك به لتخفيف سيئاته
أو لانه كان آمرا أو راضيا به ، ولعل الخبر عامي .
وقال في النهاية في حديث الشهداء : والمرء‌ة تموت بجمع أي تموت وفي
بطنها ولد ، وقيل التي تموت بكرا ، والجمع بالضم بمعنى المجموع كالذخر
بمعنى المدخور ، ويكسر الكسائي الجيم ، والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها
غير منفصل عنها من حمل أو بكارة .
31 مصباح الانوار : عن ابن أبي رافع ، عن أبيه ، عن أمه سلمى قال :
اشتكت فاطمة عليها السلام بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله بستة اشهر قالت : فكنت أمرضها


(1)دعائم الاسلام ج 1 ص 225 و 226 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه