بحار الأنوار ج18

يريدك فادفعه بالقوة التي أعطاك الله إياها ، وتحصن منه(1)بأسماء الله التي خصك
بعلمها وأنفذ معه مأة رجل من أخلاط الناس ، وقال لهم : كونوا معه ، وامتثلوا أمره ،
فتوجه أميرالمؤمنين عليه السلام إلى الوادي ، فلما قارب(2)شفيره أمر المأة الذين صحبوه أن يقفوا
بقرب الشفير ولا يحدثوا شيئا حتى يأذن لهم ، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله
من أعدائه ، وسماه بأحسن أسمائه ، وأومأ إلى القوم الذين تبعوه أن يقربوا منه فقربوا
وكان بينه وبينهم فرجة مسافتها غلوة ، ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف
كاد القوم أن يقعوا على وجوههم لشدتها ولم تثبت أقدامهم على الارض من هول مالحقهم ،
فصاح أميرالمؤمنين عليه السلام : أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب وصي رسول الله وابن عمه
اثبتوا إن شئتم ، وظهر للقوم أشخاص كالزط تخيل في أيديهم شعل النار ، قد اطمأنوا
بجنبات الوادي(3)، فتوغل(4)أميرالمؤمنين عليه السلام بطن الوادي وهو يتلو القرآن ، و
يؤمئ بسيفه يمينا وشمالا ، فما لبثت الاشخاص حتى صارت كالدخان الاسود ، وكبر
أمير المؤمنين عليه السلام ثم صعد من حيث هبط ، فقام مع القوم الذين تبعوه حتى أسفر الموضع
عما اعتراه ، فقال له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : ما لقيت يا أبا الحسن فقد كدنا نهلك خوفا و
إشفاقا عليك ؟ فقال عليه السلام : لما تراء‌ى لي العدو جهرت فيهم بأسماء الله فتضاء‌لوا ، وعلمت
ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادي غير خائف منهم ، ولو بقوا على هيئاتهم لاتيت
على آخرهم ، وكفى الله كيدهم ، وكفى المسلمين شرهم ، وسيسبقني بقيتهم إلى النبي
صلى الله عليه وآله فيؤمنوا به ، وانصرف أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فأخبره الخبر فسري عنه ، ودعا له بخير ، وقال له : قد سبقك يا علي إلي من أخافه الله
بك ، فأسلم وقبلت إسلامه(5).


(1)في المصدر : تحصن منهم .
(2)في المصدر : قرب .
(3)في المصدر : قد اطمأنوا فأطافوا بجنبات الوادى .
(4)توغل : ذهب وابعد
(5)اعلام الورى : 107 و 108 ط 1 و 182 و 183 ط 2(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه