بحار الأنوار ج4

سميع بصير ؟ فقال أبو عبدالله عليه السلام : هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة ، وبصير بغير آلة ،
بل يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه ، وليس قولي : إنه يسمع بنفسه أنه شئ والنفس شئ
آخر ، ولكني أردت عبارة عن نفسي إذكنت مسؤولا ، وإفهاما لك إذ كنت سائلا
فأقول : يسمع بكله لا أن كله له بعض ، ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي ،
وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا
اختلاف معنى .
16 - يد : ابن الوليد ، عن الصفار وسعد معا ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، والحسين
ابن سعيد ، ومحمد البرقي ،(1)عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : دخلت على أبي عبد الله
عليه السلام فقال لي : أتنعت الله ؟ قلت : نعم ، قال : هات . فقلت : هو السميع البصير . قال :
هذه صفة يشترك فيها المخلوقون . قلت : فكيف ننعته ؟ فقال : هو نور لاظلمة فيه ، وحياة
لاموت فيه ، وعلم لاجهل فيه ، وحق لاباطل فيه ، فخرجت من عنده وأنا أعلم الناس
بالتوحيد .
قال الصدوق رحمه الله : إذا وصفنا الله تبارك وتعالى بصفات الذات فإنما ننفي عنه
بكل صفة منها ضدها ، فمتى قلنا : إنه حي نفينا عنه ضد الحياة وهو الموت ، ومتى قلنا :
عليم نفينا عنه ضد العلم وهو الجهل ، ومتى قلنا : سميع نفينا عنه ضد السمع وهو الصمم ،
ومتى قلنا : بصير نفينا عنه ضد البصر وهو العمى ، ومتى قلنا : عزيز نفينا عنه ضد العزة و
هو الذلة ، ومتى قلنا : حكيم نفينا عنه ضد الحكمة وهو الخطاء ، ومتى قلنا : غني نفينا
عنه ضد الغنى وهو الفقر ، ومتى قلنا : عدل نفينا عنه الجور وهو الظلم ، ومتى قلنا : حليم
نفينا عنه العجلة ، ومتى قلنا : قادر نفينا عنه العجز ، ولو لم نفعل ذلك أثبتنا معه أشياء لم
تزل معه ، ومتى قلنا : لم يزل حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما غنيا ملكا(2)فلما
جعلنا معنى كل صفة من هذه الصفات التي هي صفات ذاته نفي ضدها أثبتنا أن الله لم
يزل واحدا لا شئ معه . وليست الارادة والمشيئة والرضا والغضب وما يشبه ذلك من
صفات الافعال بمثابة صفات الذات فإنه لا يجوز أن يقال : لم يزل الله مريدا شائيا كما


(1)في بعض النسخ : عن أبيه عن ابن ابى عمير .
(2)في التوحيد المطبوع هكذا : لم يزل حيا عليما سميعا ملكا حليما عدلا كريما .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه