بيني وبينك رجلا ؟ قالت : نعم ، فأرسل إلى عمر فلما أن دخل عليهما قال لها :
تكلمي ، قالت : يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقا ، فرفع عمر يده فوجأ وجهها
ثم رفع يده فوجأ وجهها ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : كف ، فقال عمر : يا عدوة الله
النبي لا يقول إلا حقا ، والذي بعثه بالحق لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي
فقام النبي صلى الله عليه وآله فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نسائه يتغدى و
يتعشى فيها فأنزل الله تعالى هذه الآيات " إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها "
أي سعة العيش في الدنيا وكثرة حكن " أي اطلقكن " سراحا جميلا " أي طلاقا من
غير خصومة ولا مشاجرة " وإن كنتن تردن الله ورسوله " أي طاعتهما والصبر على
ضيق العيش " والدار الآخرة " أي الجنة " فإن الله أعد للمحسنات " أي العارفات
المريدات الاحسان ، المطيعات له " منكن أجرا عظيما " واختلف في هذا التخيير
فقيل : إنه خيرهن بين الدنيا والآخرة ، فإن هن اخترن الدنيا استأنف حينئذ
طلاقهن بقوله : " امتعكن واسرحكن " وقيل : خيرهن بين الطلاق والمقام
معه ، واختلف العلماء في حكم التخيير على أقوال : أحدها : أن الرجل إذا خير
امرأته فاختارت زوجها فلا شئ ، وإن اختارت نفسها تقع تطليقة واحدة(1).
وثانيها : إنه إذا اختارت نفسها تقع ثلاث تطليقات ، وإن اختارت زوجها
تقع واحدة(2).
وثالثها : إنه إن نوى الطلاق كان طلاقا وإلا فلا(3).
ورابعها : إنه لا يقع بالتخيير طلاق ، وإنما كان ذلك للنبي صلى الله عليه وآله خاصة
ولو اخترن أنفسهن لبن منه ، فأما غيره فلا يجوز له ذلك ، وهو المروي عن
أتمتنا عليهم السلام .
(1)في المصدر : وهو قول عمر بن الخطاب وابن مسعود واليه ذهب ابوحنيفة واصحابه .
(2)في المصدر : وهو قول زيد بن ثابت ، واليه ذهب مالك .
(3)في المصدر : وهو مذهب الشافعى .