العرب ، كانوا نورا مشرقا حول عرش ربهم فأمرهم فسبحوا فسبح أهل السماوات
بتسبيحهم ، ثم أهبطوا إلى الارض فأمرهم فسبحوا فسبح أهل الارض بتسبيحهم ، فانهم
لهم الصافون وإنهم لهم المسبحون ، فمن أوفى بذمتهم فقد أوفى بذمة الله ، ومن
عرف حقهم فقد عرف حق الله .
هم ولاة أمر الله وخزان وحي الله وورثة كتاب الله وهم المصطفون بسر الله و
الامنآء على وحي الله ، هؤلآء أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة والمستأنسون بخفق
أجنحة الملائكة ، من كان يغذوهم جبرئيل من الملك الجليل بخبر التنزيل وبرهان
التأويل .
هؤلآء أهل بيت أكرمهم الله بسره وشرفهم بكرامته وأعزهم بالهدى وثبتهم
بالوحي وجعلهم أئمة هدى ونورا في الظلم للنجاة ، واختصهم لدينه وفضلهم بعلمه
وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين ، وجعلهم عمادا لدينه ومستودعا لمكنون سره
وامنآء على وحيه ونجبآء من خلقه وشهداء على بريته .
اختارهم الله وحباهم وخصهم واصطفاهم وفضلهم وارتضاهم وانتجبهم وانتقاهم
وجعلهم للبلاد والعباد عمارا ، وأدلاء للامة على الصراط ، فهم أئمة الهدى والدعاة
إلى التقوى وكلمة الله العليا وحجته العظمى ، وهم النجاة والزلفى ،(1)هم الخيرة
الكرام ، الاصفيآء الحكام ، هم النجوم الاعلام ، هم الصراط المستقيم هم السبيل
الاقوم ، الراغب عنهم مارق والمقصر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق .
نور الله في قلوب المؤمنين والبحار السائغة للشاربين ، أمن لمن التجأ إليهم
وأمان لمن تمسك بهم ، إلى الله يدعون وله يسلمون وبأمره يعملون وبكتابه
يحكمون ، منهم بعث الله رسوله ، وعليهم هبطت ملائكته ، وفيهم نزلت سكينته
وإليهم بعث الروح الامين ، منا من الله عليهم ، فضلهم به وخصهم ، واصول مباركة
(1)الزلفى : القربة . الدرجة . المنزلة . أى بهم يقرب إلى الله ويوصل إلى الدرجة
والمنزلة .(*)