بحار الأنوار ج67

وفي خلقكم ومايبث من دابة (1)أي في خلقه إياكم بما فيكم من
بدائع الصنعة ، وما يتعاقب عليكم من غرائب الاحوال ، من مبتدأ خلقكم إلى
انقضاء الآجال ، وفي خلق ماتفرق على وجه الارض من الحيوانات على اختلاف
أجناسها ومنافعها ، دلالات واضحات على ماذكرنا لقوم يوقنون أي يطلبون
علم اليقين بالتفكر والتدبر . لقوم يوقنون لانهم به(2)ينتفعون .
وفي الارض آيات للموقنين (3)أي دلائل تدل على عظمة الله وعلمه
وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته وفي أنفسكم أي وفي أنفسكم آيات إذ
مافي العالم شئ إلا وفي الانسان له نظير يدل دلالته مع ما انفرد به من الهيآت
النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة ، والتمكن من الافعال الغريبة ، واستنباط
الصنائع المختلفة ، واستجماع الكمالات المتنوعة ، وفي المجمع وتفسير علي بن
إبراهيم عن الصادق عليه السلام : يعني أنه خلقك سميعا بصيرا تغضب وترضى ، وتجوع
وتشبع ، وذلك كله من آيات الله(4) أفلا تبصرون أي تنظرون نظر من يعتبر .
إن هذا لهو حق اليقين قال في المجمع : أضاف الحق إلى اليقين ، وهما
واحد للتأكيد ، أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلاء الاصناف الثلاثة هو
الحق الذي لاشك فيه ، اليقين الذي لاشبهة فيه ، وقيل : تقديره حق الامر
اليقين(5).
كلا لو تعلمون علم اليقين قال الطبرسي قدس سره : أي لو تعلمون الامر
علما يقينا لشغلكم ماتعلمون من التفاخر والتباهي بالعز والكثرة ، وعلم اليقين هو


(1)الجاثية : 3 .
(2)أى بالقرآن ، والاية هكذا : هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون
الجاثية : 19 .
(3)الذاريات : 20 و 21 .
(4)مجمع البيان ج 9 ص 156 ، تفسير القمي 448 .
(5)مجمع البيان ج 9 ص 228 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه