والنساء يبكون في وجهه ، فرق لهم ، وفقالوا : يا بالبابة أترى أن ننزل على حكم
محمد ؟ قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح ، قال أبولبابة : فوالله ما زالت
قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ، ثم انطلق أبولبابة على وجهه ولم يأت
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده ، قال : لا أبرح مكاني حتى
يتوب الله علي مما صنعت ، وعاهد الله لا يطأ بني قريظة أبدا ، ولا يراني(1)الله في بلد
خنت الله ورسوله فيه أبدا ،(2)فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله خبره وأبطأ عليه(3)قال :
" أما إنه لو جاءني لا ستغفرت له ، فأما إذا فعل(4)ما فعل ما أنا بالذي أطلقه عن
مكانه حتى يتوب الله عليه " ثم إن الله أنزل توبة أبي لبابة على رسول الله صلى الله عليه وآله(5)
وهو في بيت أم سلمة ، قالت أم سلمة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يضحك ، فقلت :
مم تضحك يا رسول الله ؟ أضحك الله سنك ، قال : تيب على أبي لبابة ، فقلت : ألا
أبشره بذلك يا رسول الله ؟ قال : بلى إن شئت ، قال فقامت على باب حجرتها و
ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، فقالت : يا بالبابة أبشر فقد تاب الله عليك ، قال :
فثار الناس عليه ليطلقوه ، قال : لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي يطلقني
بيده ، فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله خارجا إلى الصبح أطلقه(6).
(1)في السيرة : واعاهد الله ان لا أطأ بنى قريظة ابدا ، ولا ارى خ ل .
(2)زاد ابن هشام في السيرة من غير طريق ابن اسحاق : فأنزل الله تعالى في ابى لبابة فيما قال
سفيان بن عيينة ، عن اسماعيل بن ابى خالد عن عبد الله بن ابى قتاده : " يا ايها الذين آمنوا
لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون " .
(3)في السيرة : وكان قد استبطأه .
(4)في السيرة : فاما اذ قد فعل ما فعل .
(5)زاد في السيرة : من السحر .
(6)زاد في السيرة من غير طريق ابن اسحاق : اقام ابولبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه
امراته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، فيما حدثنى بعض اهل العلم ،
والاية التى نزلت في توبته : قول الله عزوجل : " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا
وآخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم " . وفي الامتاع : 245 : فكان كذلك
(اى مرتبطا)خمس عشرة ليلة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد استعمله على القتال
فاستعمل بدله اسيد بن حضير .