بحار الأنوار ج37

غير مانع من صحة الكلام واستقامته .
ومنها أن القول لو اقتضى منزلة واحدة إما الخلافة في السفر أو ما ينافي إرجاف
المنافقين من المحبة فكيف يصح الاستثناء ؟ لان ظاهره لا يقتضي تناول الكلام لاكثر
من منزلة واحدة ، ألا ترى أنه لا يحسن(1)أن يقول أحدنا لغيره : " منزلتك مني في
الشركة في المتاع المخصوص دون غيرها منزلة فلان من فلان إلا أنك لست بجاري " و
إن كان الجوار ثابتا بينه وبين من ذكره ، من حيث لم يصح تناول قوله الاول ما يصح
دخول منزلة الجوار فيه ، وكذلك لا يصح أن يقول : " ضربت غلامي زيدا إلا غلامي
عمرا " وإن صح أن يقول : " ضربت غلماني إلا غلامي عمرا " من حيث تناول اللفظ الواحد
دون الجميع .
وبهذا الوجه يسقط قول من ادعى أن الخبر يقتضي منزلة واحدة لان(2)ظاهر اللفظ
لم يتناول أكثر من المنزلة الواحدة وأنه لو أراد منازل كثيرة لقال : " أنت مني بمنازل
هارون من موسى " وذلك(3)أن اعتبار الاستثناء يدل على أن الكلام يتناول أكثر من
منزلة واحدة ، والعادة في الاستعمال جارية بأن يستعمل مثل هذا الخطاب ، وإن كان المراد
المنازلة الكثيرة ، لانهم يقولون : " منزلة فلان من الامير كمنزلة فلان منه " وإن أشاروا إلى
أحوال مختلفة ومنازل كثيرة ، ولا يكادون يقولون بدلا مما ذكرناه : " منازل فلان كمنازل
فلان " وإنما حسن منهم ذلك من حيث اعتقدوا أن ذوي المنازل الكثيرة والرتب المختلفة
قد حصل لهم بمجموعها منزلة واحدة كأنها جملة متفرعة إلى غيرها ، فتقع الاشارة منهم
إلى الجملة بلفظ الوحدة .
وباعتبار ما اعتبرناه من الاستثناء يبطل قول من حمل الكلام على منزلة يقتضيها
العهد أو العرف ، ولانه ليس في العرف أن لا يستعمل لفظ " منزلة " إلا في شئ مخصوص
دون ما عداه ، لان لا حال من الاحوال يحصل لاحد مع غيره من نسب وجوار وولاية


(1)كذا في المصدر و(ت)، وفى النسخ " بحسن " وهو سهو ظاهر .
(2)بيان الاقتضاء للمنزلة الواحدة .
(3)بيان وجه السقوط .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه