بحار الأنوار ج76


وفرقة يستخرجون الذهب واليواقيت من معادنها ، وفرقة يقلعون الجواهر والاحجار من
أماكنها ، وفرقة يأتون بالدرر من البحار ، ثم أمرهم بنحت الاحجار أساطين وألواحا من
معالجة تلك الجواهر واللالى بأقدار هندسية كالمثمن والمسدس وغير ذل ، وبنى المسجد
الاعظم بألوان الرخام وعمده بأساطين المها وسقفه بألواح الجواهر ، وفضض سقوفه و
حيطانه باللالى واليواقيت والدرر .
ومما عملت الشياطين في تلك الابنية المحاريب وهى جمع المحراب بمعنى الغرفة
العالية كالقصر ، ولا يسمى الغرفة محرابا الا اذا كان في الطبقة العالية : الثانية أو الثالثة
وأكثر ، اذا قدروا عليه ، فالمراد بالمحاريب الغرف فوق الغرف ، ومنه يظهر أن البيت
المقدس وهو نفس المسجد ، كان ذا طبقات عالية بعضها فوق بعض ولم تكن العامة تقدر على
ذلك ، ولا شاهدوه .
ومما علمت الشياطين في تلك الابنية تحت الرخام وسائر الاحجار الكريمة بصورة
الحيوانات ذوات الارواح وتمثيلها بصورة مهيبة ، واستعمالها في قواعد البيت ، كأن ترى
اسطوانة على صورة انسان عجيب الخلقة ، واضعا قدميه على ظهر أسد معمولة من الرخام
كأنه قاعدة البيت ، ورافعا على رأسه قاعدة من قواعد الغرف العالية ، وهكذا .
ومما عملت الشياطين في حوائج ذلك البيت المقدس نحت الجفان وهى من عظمتها
كالجواب وقدور كبيرة لا يقدر على حملها أحد ، راسيات .
فقال عزوجل حينذاك اعملوا آل داود في بناء البيت وتمامه وأنجزوا ما جعلتم على
أنفسكم شكرا لما وهبتكم من الملك الذى لا ينبغى لاحد من بعدكم ، فقد أوزعتكم
وامهلتكم لبناء هذا البيت كما سألتمونى ، وقليل من عبادى الشكور .
فلما قضينا عليه الموت ولم يتم بعد تزيين البيت ، قبضناه متكئا على منسأته قائما كانه
حى ينظر إلى عملة الشياطين والجن ، ولما تم البناء والتزيين ، وحق القول في ايزاعه
وامهالها ما دلهم على موته الادابة الارض تأكل منسأته ، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه