بحار الأنوار ج57

31 - النهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة التوحيد : لايجري عليه السكون
والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما
هو أحدثه ؟ إذا لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولا متنع من الازل معناه ، ولكان له
وراء إذا وجد له أمام ، ولا لتمس التمام إذ لزمه النقصان(1).
بيان : قال بعض شراح النهج في قوله عليه السلام " ولتجزأ كنهه " إشارة إلى نفي
الجوهر الفرد ، وقال : قوله عليه السلام " ولكان له وراء إذ كان له أمام " يؤكد ذلك لان
من أثبته يقول يصح أن تحلة الحركة ولايكون أحد وجهيه غير الاخر .
فائدة
اعلم أن الطبيعيين والرياضيين اتفقوا على أن الارض كروية بحسب الحس
وكذا الماء المحيط بها ، وصارا بمنزلة كرة واحدة ، فالماء ليس بتام الاستدارة بل هو
على هيئة كرة مجوفة قطع بعض منها وملئت الارض على وجه صارت الارض مع الماء
بمنزلة كرة واحدة ، ومع ذلك ليس شئ من سطحيه صحيح الاستدارة ، أما المحدب
فلما فيه من الامواج ، وأما المقعر فللتضار يس فيه من الارض . وقد أخرج الله تعالى
قريبا من الربع من الارض من الماء بمحض عنايتة الكاملة ، أو لبعض الاسباب المتقدمة
لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسة وغيرها من المركبات المحوجة إلى غلبة العنصر اليا بس
الصلب لحفظ الصور والاشكال وربط الاعضاء والاوصال . ومما يدل على كروية
الارض ما أومأنا إليه سابقا من طلوع الكواكب وغروبها في البقاع الشرقية قبل طلوعها
وغروبها في الغربية بقدر ما تقتضيه أبعاد تلك البقاع في الجهتين على ما علم من ارصاد
كسوفات بعينها لاسيما القمرية في بقاع مختلفة ، فإن ذلك ليس في ساعات متساوية
البعد من نصف النهار على الوجه المذكور ، وكون الاختلاف متقدرا بقدر الا بعاد دليل
على الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التي يتلو بعضها بعضاعلى قياس واحد
بين الخافقين ، وازدياد ارتفاع القطب والكواكب الشمالية والنحطاط الجنوبية للسائرين


(1)نهج البلاغه : ج 1 ، ص 356 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه