بحار الأنوار ج57

بشرا سويا . " وصوركم فأحسن صوركم " قيل : أي فصوركم من جملة ماخلق في
السماوات والارض بأحسن صورة ، حيث زينكم بصفوة أوصاف الكائنات ، وخصكم
بخلاصة خصائص المبدعات ، وجعلكم انموذج جميع المخلوقات " وإليه المصير " فأحسنوا
سرائر كم حتى لايمسخ بالعذاب ظواهر كم . " وجعل لكم السمع " لتسمعوا المواعظ
" والابصار " لتنظروا صنائعه " والافئدة " لتعتبروا وتتفكروا " قليلا ما تشكرون "
باستعمالها في ما خلقت لاجلها .
" لا ترجون لله وقارا " قيل : أي لاتأملون له توقيرا أي تعظيما لمن عبده وأطاعه
فتكونوا على حال تأملون فيها تعظيمه إياكم " وقد خلقكم أطوارا " حال مقدرة للانكار
من حيث إنها موجبة للرجاء فان خلقهم أطوارا أي تارات ، إذ خلقهم أولا عناصر ، ثم
مركبات يغذي الانسان ، ثم أخلاطا ثم نطفا ، ثم علقا ، ثم مضغا ، ثم عظاما ولحوما ، ثم
أنشأهم خلقا آخر ، فإنه يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة اخرى فيعظمهم بالثواب
وعلى أنه تعالى عظيم القدرة ، تام الحكمة . وقال على بن إبراهيم : في رواية أبي
الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " لاترجون لله وفارا " يقول : لاتخافون لله عظمة .
وقال علي بن إبراهيم في قوله " وقد خلقكم أطوارا " قال : على اختلاف الاهواء و
الارادات والمشيات(1). " والله أنبتكم من الارض نباتا " قيل : أي أنشأكم منها ، فاستعير
الانبات للانشاء لانه أدل على الحدوث والتكوين من الارض ، وأصله : أنبتكم
إنباتا فنبتم نباتا ، فاختصر اكتفاء بالدلالة الالتزامية " ثم يعيد كم فيها " مقبورين
" ويخرجكم إخراجا " بالحشر ، وأكده بالمصدر كما أكد به الاول دلالة على أن
الاعادة محققة كالا بتداء وأنها تكون لا محالة . وقال علي بن إبراهيم : من الارض
أي قدره فعدله " فجعل منه الزوجين "
أي الصنفين .
" هل أتى على الانسان " قال البيضاوي : استفهام تقرير وتقريب ، ولذلك فسر


(1 و 2)تفسير القمى : 697 . وفيه : على وجه الارض .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه