" إن لم يؤمنوا بهذا الحديث " أي القرآن " أسفا " أي حزنا وتلهفا(1).
وفي قوله تعالى : " فلا تمار فيهم " أي فلا تجادل الخائضين في أمر الفتية وعددهم
" إلا مرآء ظاهرا " أي إلا بما أظهرنا لك من أمرهم ، أي إلا بحجة ودلالة وإخبار من
الله سبحانه أو الامرآء يشهده الناس ويحضرونه ، فلو أخبرتهم في غير مرأى من الناس لكذبوا
عليك ، ولبسوا(2)على الضعفة ، فادعوا أنهم كانوا يعرفونه ، لان ذلك من غوامض علومهم
" ولا تستفت فيهم منهم أحدا " أي لا تستخبر في أهل الكهف وعددهم من أهل الكتاب أحدا
والخطاب له صلى الله عليه واله والمراد غيره " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله "
فيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه واله أن يقول : إني أفعل شيئا في الغد
إلا أن يقيد ذلك بمشية الله تعالى ، فيقول : إن شاء الله تعالى ، وفيه إضمار القول .
وثانيهما : أن قوله : " أن يشآء الله " بمعنى المصدر ، وتقديره : ولا تقولن إني
فاعل شيئا غدا إلا بمشية الله ، والمعنى لا تقل : إني أفعل إلا ما يشآء الله ويريده من
الطاعات(3)" واذكر ربك إذا نسيت " أي إذا نسيت الاستثنآء ثم تذكرت فقل : إن شآء الله ،
وإن كان بعد يوم أو شهر أو سنة ، وقد روي ذلك عن أئمتنا عليهم السلام ، ويمكن أن يكون
الوجه فيه أنه إذا استثنى بعد النسيان فإنه يحصل له ثواب المستثني من غير أن يؤثر
الاستثنآء بعد انفصال الكلام في الكلام ، وفي إبطال الحنث وسقوط الكفارة في اليمين ،
وقيل : معناه واذكر ربك إذا غضبت بالاستغفار ليزول عنك الغضب ، وقيل : إنه أمر
بالانقطاع إلى الله تعالى ، ومعناه واذكر ربك إذا نسيت شيئا بك إليه حاجة يذكره
لك ، وقيل : المراد به الصلاة ، والمعنى إذا نسيت صلاة فصلها إذ ذكرتها(4).
(1)مجمع البيان 6 : 450 .
(2)لبس عليه الامر : خلطه وجعله مشتبها بغيره خافيا .
(3)في المصدر : ويريده ، وإذا كان الله تعالى لا يشاء إلا الطاعات فكانه قال : لا تقل : إنى
أفعل إلا الطاعات .
(4)مجمع البيان 6 : 460 و 461 .(*)