بحار الأنوار ج79

ساجدا لعظمته .
ثم بعد طي تلك المقامات ، والوصول إلى درجة الشهود ، والاتصال بالرب
الودود ، رفع له الاستار من البين ، وقربه إلى مقام قاب قوسين ، فأكرمه بأن
يقرن اسمه باسمه في الشهادتين ، ثم حباه بالصلاة عليه وعليه أهل بيته المصطفين ،
فلما لم يكن بعد الوصول إلا السلام ، أكرمه بهذا الانعام ، أو أمره بأن يسلم على
مقربي جنابه الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام ، تشريفا له بانعامه ، وتأليفا بين
مقربي جنابه ، أو أنه لما أذنه بالرجوع عن مقام(لي مع الله)الذي لا يرحمه
فيه سواه ، ولم يخطر بباله غير مولاه ، التفت إليه فسلم عليهم ، كما يومي إليه
هذا الخبر .
فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد أن يتوجه إلى جنابه تعالى بعد تشبثه بالعلائق
الدنية ، وتوغله في العلائق الدنيوية ، أن يدفع عنه الانجاس الظاهرة والباطنة
ويتحلى بما يستر عورته الجسمانية والروحانية ، ويتعطر بروايح الاخلاق الحسنة
ويتطهر من دنس الذنوب والاخلاق الذميمة ، ويخرج من بيته الاصنام والكلاب
والصور والخمور الصورية ، وعن قلبه صور الاغيار ، وكلب النفس الامارة ، وسكر
الملك والمال والعزة ، وأصنام حب الذهب والفضة والاموال والاولاد والنساء
وسائر الشهوات الدنيوية .
ثم يتذكر بالاذان والاقامة ، ما نسيه بسبب الاشتغال بالشبهات والاعمال
من عظمة الله وجلاله ولطفه وقهره وفضل الصلاة وسائر العبادات مرة بعد
اخرى ، ويتذكر امور الاخرة وأهوالها وسعاداتها وشقاواتها عند الاستنجاء
والوضوء والغسل وأدعيتها إذا علم أسرارها ، ثم يتوجه إلى المساجد التي هي
بيوت الله في الارض ويخطر بباله عظمة صاحب البيت وجلاله ، إذا وصل إلى
أبوابها ، فلا يكون عنده أقل عظمة من أبواب الملوك الظاهرة التي إذا وصل إليها
دهش وتحير ارتعد وخضع واستكان .
فاذا دخل المسجد ، وقرب المحراب الذي هو محل مجاذبة النفس والشيطان

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه