بحار الأنوار ج56

وذلك أنه اتفق له أن كان مجتازا بفلاة من الارض ، فوجد فيها فرخا من فراخ
البراصل - والبراصل هو طائر عطوف - فكان يصفر صفيرا حزينا بخلاف صفير سائر
البراصل ، فكانت البراصل تجيئه بلطائف الزيتون فتطرحها عنده ، فيأكل بعضها و
يفضل بعضها عن حاجته ، فوقف هذا الموسيقات(1)هناك وتأمل حال هذا الفرخ و
علم أن في صفيره المخالف لصفير البراصل ضربا من التوجع والاستعطاف ، حتى
رقت له الطيور وجاء‌ته بما يأكله ، فتلطف لعمل آلة تشبه الصفارة إذا استقبل الريح
بها أدت ذلك الصفير ، ولم يزل يجرب ذلك حتى وثق بها وجاء‌ته البراصل بالزيتون
كما كانت تجئ إلى ذلك الفرخ ، لانها تظن أن هناك فرخا من جنسها ، فلما
صح له ما أراد أظهر النسك وعمد إلى هيكل اورشليم ، وسأل عن الليلة التي دفن
فيها " اسطرحن(2)" الناسك القيم بعمارة ذلك الهيكل ، فاخبر أنه دفن في أول
ليلة من آب ، فأخذ(3)صورة من زجاج مجوف على هيئة البرصلة ، ونصبها فوق
ذلك الهيكل ، وجعل فوق تلك الصورة قبة ، وأمرهم بفتحها في أول آب ، فكان
يظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الريح في تلك الصورة ، وكانت البراصل تجئ
بالزيتون حتى كانت تمتلئ القبة كل يوم من ذلك الزيتون ، والناس اعتقدوا أنه
من كرامات ذلك المدفون ، ويدخل في هذا الباب أنواع كثيرة لا يليق شرحها في
هذا الموضع .
النوع السادس من السحر : الاستعانة بخواص الادوية من أن(4)يجعل في
طعامه بعض الادوية المبلدة المزيلة للعقل ، والدخن المسكرة نحود ماغ الحمار إذا تناول
الانسان تبلد عقله وقلت فطنته ، واعمل أنه لا سبيل إلى إنكار الخواص ، فإن أثر
المغناطيس مشاهد ، إلا أن الناس قد أكثروا فيه ، وخلطوا الصدق بالكذب ، والباطل
بالحق .


(1)في المصدر : الموسيقار .
(2)< < : اسطرخس .
(3)< < : فاتخذ .
(4)< < : مثل أن .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه