بحار الأنوار ج12

إليه إلا بالاحرام ، وقيل : لانه حرم فيه ماأحل في غيره من البيوت من الجماع و
الملابسة بشئ من الاقذار والدماء ; وقيل : معناه : العظيم الحرمة " فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم " هذا سؤال من إبراهيم عليه السلام أن يجعل الله قلوب الخلق تحن إلى ذلك الموضع
ليكون في ذلك أنس لذريته ، وليدر أرزاقهم على مرور الاوقات . وعن الباقر عليه السلام أنه
قال : إما امر الناس أن يطوفوا بهذه الاحجار ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ، و
يعرضوا علينا نصرهم ، ثم قرأ هذه الآية " الحمد لله الذي وهب لي على الكبر " قال ابن
عباس : ولد له إسماعيل وهو ابن تسع وتسعين سنة ، وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتي
عشرة سنة ، وقال ابن جبير : لم يولد لابراهيم إلا بعد مائة وسبع عشرة سنة " ولوالدي "
استدل أصحابنا بهذا على ما ذهبوا إليه من أن أبوي إبراهيم لم يكونا كافرين ، لانه
إنما سأل المغفرة لهما يوم القيامة ، فلو كانا كافرين لما سأل ذلك .(1)
" فلما اعتزلهم " أي فارقهم وهاجرهم إلى الارض المقدسة " وهبنا له إسحق "
ولدا " ويعقوب " ولد ولد " وكلا " من هذين " جعلنا نبيا " يقتدي به في الدين " ووهبنا
لهم من رحمتنا " أي نعمتنا سوى الاولاد والنبوة من نعم الدين والدنيا " وجعلنا لهم لسان
صدق " أي ثناء حسنا في الناس " عليا " مرتفعا سائرا في الناس ، فكل أهل الاديان
يتولون إبراهيم وذريته ويثنون عليهم ويدعون أنهم على دينهم ; وقيل : معناه : وأعلينا
ذكرهم بأن محمدا وامته يذكرونهم بالجميل إلى قيام القيامة بقولهم : كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم .(2)
" وكلا جعلنا صالحين " للنبوة والرسالة ، أو حكمنا بكونهم صالحين " وكانوا لنا
عابدين " أي مخلصين في العبادة .(3)
" وإذ بوأنا لابراهيم " أي واذكر يا محمد إذ وطأنا لابراهيم " مكان البيت "
وعرفناه ذلك بما جعلنا له من العلامة ، قال السدي : إن الله تعالى لما أمره ببناء البيت


(1)مجمع البيان 6 : 318 - 319 . م
(2)مجمع البيان 6 : 517 . م
(3)مجمع البيان 7 : 56 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه