وقال في قوله تعالى : " وأنذر " : أي عظ وخوف " به " أى بالقرآن ، وقيل : بالله
" الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم " يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة وما فيها
من شدة الاهوال ، وقيل : معناه يعلمون ، وقيل : يخافون أن يحشروا علما بأنه
سيكون عن الفراء ، قال : ولذلك فسره المفسرون بيعلمون ، وإنما خص الذين
يخافون الحشر لان الحجة عليهم أوجب لاعترافهم بالمعاد ، وقال الصادق عليه السلام :
أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده ، فإن القرآن شافع
مشفع .
وقال في قوله : " ثم ردوا إلى الله " : أى إلى الموضع الذي لا يملك الحكم فيه
إلا هو " موليهم الحق " أي أمره كله حق لا يشوبه باطل ، وجد لا يجاوره هزل ، فيكون
مصدرا وصف به ، وقيل : الحق بمعنى المحق ، وقيل : الثابت الباقي الذى لا فناء له ،
وقيل : معناه : ذوالحق يريد أن أفعاله وأقواله حق ، وقال : " لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون "
معناه : لكي يؤمنوا بجزاء ربهم فسمي الجزاء لقاء الله تفخيما لشأنه مع ما فيه من الايجاز
والاختصار : وقيل : معنى اللقاء الرجوع إلى ملكه وسلطانه يوم لا يملك أحد سواه
شيئا .
وقال في قوله تعالى : " فيها تحيون " : أي في الارض تعيشون " ومنها تخرجون "
عند البعث يوم القيامة ، قال الجبائي : في الآية دلالة على أن الله سبحانه يخرج العباد يوم
القيامة من هذه الارض التي حيوا فيها بعد موتهم ، وأنه يفنيها بعد أن يخرج العباد
منها في يوم الحشر ، فإذا أراد إفناءها زجرهم منها زجرة فيصيرون إلى أرض اخرى
يقال لها : الساهرة . ويفني هذه كما قال : " فإذا هم بالساهرة " .
وقال في قوله : " كما بدأكم تعودون " أي ليس بعثكم بأشد من ابتدائكم ، أو
كما بدأكم لا تملكون شيئا كذلك تبعثون يوم القيمة ، ويروى عن النبي صلى الله عليه واله أنه
قال : تحشرون يوم القيامة عراة حفاة عزلا " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا
كنا فاعلين " وقيل : معناه : تبعثون على ما متم عليه : المؤمن على إيمانه ، والكافر على
كفره عن ، ابن عباس وجابر .