بحار الأنوار ج47

رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل فقال : اجلس ، فجلست قال : فدعا غلاما
له ، ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه : اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني ، قال :
فأتاه الرسول فقال : قد اقبل بهم ، فقام جعفر عليه السلام فوقف وراء ستر شعر أبيض
من ورائه فطلع بعبدالله بن الحسن وإبراهيم بن الحسن وجميع أهلهم ، كل واحد
منهم معادله مسود ، فلما نظر إليهم جعفر بن محمد عليهما السلام هملت عيناه ، حتى جرت
دموعه على لحيته ، ثم أقبل علي فقال : يا أبا عبدالله ، والله لا تحفظ لله حرمة بعد
هذا ، والله ما وفت الانصار ولا أبنآء الانصار لرسول الله صلى الله عليه وآله بما أعطوه من البيعة
على العقبة .
ثم قال جعفر عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
ابن أبي عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله قال له : خذ عليهم البيعة بالعقبة فقال : كيف
آخذ عليهم ؟ قال : خذ عليهم يبايعون الله ورسوله ، قال ابن الجعد في حديثه :
على أن يطاع الله فلا يعصى ، وقال الآخرون : على أن يمنعوا رسول الله وذريته
مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم قال : فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم
ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الانصار .
وبإسناده إلى علي بن إسماعيل أن عيسى بن موسى لما قدم قال جعفر بن
محمد عليه السلام : أهو هو ؟ قيل : من تعني يا أبا عبدالله ؟ قال : المتلعب بدمائنا والله لا يحلا
منها بشئ(1).
وبإسناده إلى سعيد الرومي مولى جعفر بن محمد قال : أرسلني جعفر بن محمد
عليه السلام أنظر ما يصنعون ، فجئته فأخبرته أن محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين
أبي زياد ، فنكس طويلا ثم قال : ما يدعو عيسى إلى أن يسئ بنا ، ويقطع أرحامنا ؟
فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا(2).


(1)مقاتل الطالبيين ص 272 بتفاوت يسير وحلاء عن الحوض صد ومنع من وروده
(2)نفس المصدر ص 273 . وفيه " فأبلس " بدل " فنكس " وزيادة قوله " أبدا "
في آخره .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه