إلي أتكف ؟ قال : نعم فدعا أبي عليه السلام الشجرة فأقبلت تخذ الارض حتى
أظلتهم ثم قالت : يا زيد أنت ظالم ومحمد أحق بالامر منك فكف عنه ، وإلا قتلتك
فغشي على زيد ، فأخذ أبي بيده ، وانصرفت الشجرة إلى موضعها ، فحلف زيد أن
لا يعرض لابي ولا يخاصمه ، فانصرف وخرج زيد من يومه إلى عبدالملك بن مروان
فدخل عليه وقال : أتيتك من عند ساحر كذاب لا يحل لك تركه ، وقص عليه
ما رأى ، وكتب عبدالملك إلى عامل المدينة ، أن ابعث إلي محمد بن علي مقيدا
وقال لزيد : أرأيتك إن وليتك قتله قتلته ؟ قال : نعم .
قال : فلما انتهى الكتاب إلى العامل أجاب عبدالملك : ليس كتابي هذا خلافا
عليك يا أميرالمؤمنين ، ولا أرد أمرك ، ولكن رأيت أن اراجعك في الكتاب نصيحة
لك ، وشفقة عليك ، وإن الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الارض أعف
منه ولا أزهد ولا أورع منه ، وإنه ليقرء في محرابه ، فيجتمع الطير والسباع تعجبا
لصوته وإن قراءته كشبه مزامير داود ، وإنه من أعلم الناس ، وأرق الناس وأشد
الناس اجتهادا وعبادة ، وكرهت لاميرالمؤمنين التعرض له فان الله لا يغير ما بقوم
حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فلما ورد الكتاب على عبدالملك سر بما أنهى إليه الوالي
وعلم أنه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب ، فقال : أعطاه وأرضاه
فقال عبدالملك : فهل تعرف أمرا غير هذا ؟ قال : نعم عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله
وسيفه ، ودرعه ، وخاتمه ، وعصاه ، وتركته ، فاكتب إليه فيه ، فإن هو لم يبعث
به فقد وجدت إلى قتله سبيلا .
فكتب عبدالملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمد بن علي ألف ألف
درهم ، وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى العامل منزل أبي
فأقرأه الكتاب فقال : أجلني أياما قال : نعم فهيأ أبي متاعا ثم حمله ودفعه إلى
العامل ، فبعث به إلى عبدالملك ، وسر به سرورا شديدا فأرسل إلى زيد ، فعرض
عليه ، فقال زيد ، والله ما بعث إليك من متاع رسول الله صلى الله عليه وآله قليلا ولا كثيرا
فكتب عبدالملك إلى أبي إنك أخذت مالنا ، ولم ترسل إلينا بما طلبنا .