ثم إن هبة الله لما دفن آدم صلى الله عليه أتاه قابيل فقال : يا هبة الله إني
قد رأيت آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا ، وهو العلم الذي دعا به أخوك
هابيل فتقبل منه قربانه ، وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي
فيقولون : نحن أبناء الذي تقبل منه قربانه ، وأنتم أبناء الذي ترك قربانه ، و
إنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا ، قتلتك كما قتلت أخاك
هابيل ، فلبث هبة الله والعقب من بعده مستخفين بما عندهم من العلم والايمان و
الاسم الاكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة(1)حتى بعث الله نوحا وظهرت
وصية هبة الله(2)حين نظروا في وصية آدم ، فوجدوا نوحا نبيا قد بشر به أبوهم
آدم فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، وقد كان آدم أوصى إلى هبة الله أن يتعاهد هذه
الوصية عند رأس كل سنة ، فيكون يوم عيدهم فيتعاهدون بعث نوح وزمانه الذي
يخرج فيه ، وكذلك في وصية(3)كل نبي حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله .
قال هشام بن الحكم : قال أبوعبدالله عليه السلام : لما أمر الله آدم أن يوصي إلى
هبة الله أمره أن يستر ذلك فجرت السنة في ذلك بالكتمان ، فأوصى إليه وستر ذلك(4).
أقول : قد مضى الخبر بتمامه وطوله في باب جوامع(5)أحوال الانبياء عليهم السلام
من كتاب النبوة ، ومضى خبر آخر طويل في اتصال الوصية في باب أحوال(6)
ملوك الارض من ذلك الكتاب ، فلم نعدهما حذرا من التكرار والاطناب .
(1)في المصدر : واثار العلم والنبوة
(2)في المصدر : وصية هبة الله في ولده .
(3)في الاكمال : وكذلك جرى في وصيته .
(4)تفسير العياشى 1 : 309 - 311 .
(5)في ج 11 : 43 - 52 ، رواه المصنف هناك عن اكمال الدين وروضة الكافى .
راجعه .
(6)في ج 14 : 515 .(*)