بحار الأنوار ج19

" ثم ان ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من
بعدها لغفور رحيم " مهاجرا من أرض الشرك فارا بدينه إلى الله ورسوله " ثم يدركه
الموت " قبل بلوغه دار الهجرة " فقد وقع أجره على الله " أي ثواب عمله وجزاء
هجرته على الله ، وروى الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : من فر بدينه من أرض
إلى أرض وإن كان شبرا من الارض استوجب الجنة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمد
صلى الله عليهما وآلهما .(1)
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " وإذ يمكر بك " قال المفسرون : إنها نزلت
في قصة دار الندوة ، وذلك أن نفر من قريش اجتمعوا فيها وهي دار قصي بن كلاب
وتآمروا في أمر النبي صلى الله عليه وآله ، فقال عروة بن هشام : نتربص به ريب المنون ،
وقال أبوالبختري : أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه ، وقال أبوجهل : ما هذا
برأي ، ولكن اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة
رجل واحد ، فنرضى حينئذ بنو هاشم بالدية ، فصوب إبليس هذا الرأي وكان قد
جاء‌هم في صورة شيخ كبير من أهل نجد ، وخطأ الاولين فاتفقوا على هذا الرأي
وأعدوا الرجال والسلاح ، وجاء جبرئيل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج إلى الغار
وأمر عليا عليه السلام فبات على فراشه ، فلما أصبحوا وفتشوا عن الفراش وجدوا عليا
وقد رد الله مكرهم ، فقالوا : أين محمد ; قال : لا أدري ، فاقتصوا أثره وأرسلوا في طلبه
فلما بلغوا الجبل ومروا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو كان
ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ، فمكث فيه ثلاثة أيام ثم قدم المدينة
" الذين كفروا " وهم مشركو العرب ، ومنهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والنضر بن
حارث ، وأبوجهل بن هشام ، وأبوالبختري بن هشام ، وزمعة بن الاسود ، وحكيم
بن حزام ، وامية بن خلف وغيرهم " ليثبتوك " أي ليقيدوك فيثبتوك في الوثاق أو في
الحبس ويسجنوك في بيت ، وقيل : ليثخنوك بالجراحة والضرب عن أبان بن


(1)مجمع البيان 3 : 98 - 100 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه