بحار الأنوار ج6

لنا الموت ، فقال : على الخبير سقطتم ، هو أحد ثلاثة امور يرد عليه : إما بشارة بنعيم
الابد ، وإما بشارة بعذاب الابد ، وإما تحزين(1)وتهويل وأمره مبهم ، لا تدري من
أي الفرق هو ، فأما ولينا المطيع لامرنا فهو المبشر بنعيم الابد ، وأما عدونا الخالف
علينا فهو المبشر بعذاب الابد ، وأما المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن
المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله ، يأتيه الخبر مبهما مخوفا ، ثم لن يسويه
الله عزوجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا ، فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا(2)
ولا تستصغروا عقوبة الله عزوجل فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب
ثلاثمائة ألف سنة .
وسئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام : ما الموت الذي جهلوه ؟ قال : أعظم
سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الابد ، وأعظم ثبور يرد على
الكافرين إذا نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد .
وقال علي بن الحسين عليهما السلام : لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام
نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لانهم كلما اشتد الامر تغيرت ألوانهم و
ارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين صلوات الله عليه وبعض من معه من
خصائصه تشرق ألوانهم ، وتهدئ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض :
انظروا لا يبالي بالموت ! فقال لهم الحسين عليه السلام : صبرا بني الكرام ! فما الموت إلا قنطرة
يعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسطة والنعيم الدائمة ، فأيكم يكره أن
ينتقل من سجن إلى قصر ؟ وما هو لاعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب ،
إن أبي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه واله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت
جسر هؤلاء إلى جنانهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت .


(1)في المصدر : تخوين(تخويف خ ل). م
(2)في المصدر : فاعلموا واطيعوا ولا تتكلموا . م
(3)في المصدر : الدنيا .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه