بحار الأنوار ج14

ويقول له : ياهذا اتق الله لايحل لك هذا ، ثم غلى الدم في الطست حتى فاض إلى الارض
فخرج يغلي ولا يسكن ، وكان بين قتل يحيى وخروج بخت نصر مائة سنة ، ولم يزل
بخت نصر يقتلهم ، وكان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان
والدم يغلي حتى أفنى من ثم ،(1)فقال : بقي أحد في هذه البلاد ؟ قالوا : عجوز في
موضع كذا وكذا ، فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن ، وكانت آخر من بقي .
ثم أتى بابل فبنى بها مدينة وأقام وحفر بئرا فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة ،
فجعلت اللبوة تأكل طين البئر ويشرب دانيال لبنها ، فلبث بذلك زمانا ، فأوحى الله إلى
النبي الذي كان ببيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال واقرأه مني
السلام ، قال : وأين دانيال يارب ؟(2)فقال : في بئر بابل(3)في موضع كذا وكذا . قال :
فأتاه فأطلع في البئر فقال : يادانيال ، قال : لبيك صوت غريب ، قال : إن ربك يقرؤك
السلام وقد بعث إليك بالطعام والشراب ، فدلاه إليه ،(4)قال : فقال دانيال : الحمد لله
الذي لاينسى من ذكره ، الحمد لله الذي لايخيب من دعاه ، الحمد لله الذي من توكل عليه
كفاه ، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره ، الحمد لله الذي يجزي بالاحسان
إحسانا ، الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة ، الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا
والحمد لله الذي هو ثقتنا حين ينقطع الحيل منا ،(5)والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين
ساء ظننا بأعمالنا .
قال : فأري بخت نصر في نومه كأن رأسه من حديد ، ورجليه من نحاس ، وصدره
من ذهب ، قال : فدعا المنجمين فقال لهم : مارأيت ؟ فقالوا : ماندري ولكن قص علينا ما


(1)في نسخة وفي المصدر : حتى أفناهم من ثم .
(2)" " : وأين هو يارب .
(3)في المصدر : في بئر ببابل .
(4)دلا الدلو : أرسلها في البئر . دلاه بالحبل من السطح : أرسله فتدلى .
(5)في المصدر : حين تنقطع الحيل منا .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه