بحار الأنوار ج13

ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلات مريب ، لعله أن يكون عينا(1)للصوص ،
أو يكون هو الشيطان الذي يحيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى ،
فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى مالا يرى الغائب ، يا بني
فإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ ، وصلها واسترح منها ، فإنها دين ، وصل في
جماعة ولو على رأس زج ،(2)ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها ، وليس
ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا
قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدء بعلفها قبل نفسك ، وإذا أردت النزول فعليك
من بقاع الارض بأحسنها لونا ، وألينها تربة ، وأكثرها عشبا ، وإذا نزلت فصل ركعتين
قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الارض ، فإذا ارتحلت فصل
ركعتين ، وودع الارض التي حللت بها ، وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا
من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدء فتتصدق منه فافعل ، وعليك
بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا ، وعليك بالدعاء
ما دمت خاليا ، وإياك والسير من أول الليل ، وعليك بالتعريس والدلجة(3)من لدن
نصف الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك .(4)
أقول : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي : اختلف في لقمان فقيل : إنه كان
حكيما ولم يكن نبيا ، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين ، وقيل : إنه كان
نبيا ، عن عكرمة والسدي والشعبي ، وفسروا الحكمة في الآية بالنبوة ، وقيل : إنه كان
عبدا أسود حبشيا ، غليظ المشافر ،(5)مشقوق الرجلين في زمن داود عليه السلام ، وقال له بعض
الناس : ألست كنت ترعى الغنم معنا ؟ فقال : نعم ، فقال : من أين اوتيت ما أرى ؟ قال :


(1)العين : الديدبان والجاسوس .
(2)الزج : الحديدة التى في أسفل الرمح .
(3)من عرس القوم : نزلوا من السفر لاستراحة ثم يرتحلون . والدجلة من قولهم : أدلج
القوم : ساروا الليل كله أو في آخره ، والاسم الدلجة بضم الدال وفتحها .
(4)روضة الكافى : 348 و 349 .
(5)المشافر جمع المشفر : الشفة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه