وقيل : هو أن يفرق الله شمله ، ويقتر عليه ما أولاه من نعمه انتهى .
وأقول : مع التتمة التي في هذا الخبر لا يحتمل المعنى الاول ، بل المعنى
أن ديارهم تخلو منهم إما بموتهم وانقراضهم ، أو بجلائهم عنها وتفرقهم أيدي سبا(1)
والظاهر أن المراد بالديار ديار القاطعين ، لا البلدان والقرى لسراية شومهما
كما توهم .
وتنقل الرحم الضمير المرفوع راجع إلى القطيعة ، ويحتمل الرجوع إلى
كل واحد لكنه بعيد والتعبير عن انقطاع النسل بنقل الرحم لانه حينئذ تنقل
القرابة من أولاده إلى سائر أقاربه ، ويمكن أن يقرأ تنقل على بناء المفعول
فالواو للحال وقيل : هو من النقل بالتحريك ، وهو داء في خف البعير يمنع المشي
ولا يخفى بعده ، وقيل : الواو إما للحال من القطيعة أو للعطف على قوله وإن
اليمين إن جوز عطف الفعلية على الاسمية ، وإلا فليقدر وإن قطيعة الرحم تنقل
بقرينة المذكورة لا على قوله لتذران لان هذا مختص بالقطيعة ، ولعل المراد
بنقل الرحم نقلها عن الوصلة إلى الفرقة ، ومن التعاون والمحبة إلى التدابر والعداوة
وهذه الامور من أصباب نقص العمر ، وانقطاع النسل ، كما صرح على سبيل
التأكيد والمبالغة ، بقوله وإن نقل الرحم انقطاع النسل من باب حمل المسبب
على السبب ، مبالغة في السببية انتهى ، وهو كما ترى .
وأقول : سيأتي في باب اليمين الكاذبة من كتاب الايمان والنذور بهذا السند
عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن في كتاب علي عليه السلام أن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم
تذران الديار بلاقع من أهلها ، وتنقل الرحم يعني انقطاع النسل ، وهناك في أكثر
النسخ بالغين المعجمة ، قال في النهاية النغل بالتحريك الفساد ، وقد نغل الاديم
(1)قال الفيروز آبادى : وتفرقوا أيدى سبا ، وأيادى سبا : تبددوا ، بنوه على
السكون وليس بتخفيف عن سبأ ، وانما هو بدل ، ضرب المثل بهم لانه لما غرق مكانهم وذهبت
جناتهم تبددوا في البلاد . وللميدانى في مجمع الامثال كلام طويل راجع ان شئت ج 1 : 275
ولفظه : ذهبوا أيدى سبا ، وتفرقوا أيدى سبا في مادة ذهب .