قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : يا إسحاق كم ترى اصحاب هذه الآية إن أعطوا
منها رضوا وإن لم يعطوا منها اذا هم يسخطون (1)ثم قال لي : هم أكثر من
ثلثي الناس .
وبهذا الاسناد قال : سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول في هذه الآية : ولولا
أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة
ومعارج عليها يظهرون (2)قال : لو فعل لكفر الناس جميعا .
119 ين : عن ابن علوان ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : كنت جالسا
عند أمير المؤمنين عليه السلام فجاء إليه رجل فشكا إليه الدنيا وذمها ، فقال أمير المؤمنين
عليه السلام : إن الدنيا منزل صدق لمن صدقها ، ودار غنى لمن تزود منها ، ودار
عاقبة لمن فهم عنها ، مسجد أحباء الله ، ومهبط وحي الله ، ومصلى ملائكته ، ومتجر
أوليائه ، اكتسبوا فيها الجنة ، وربحوا فيها الرحمة ، فلماذا تذمها ؟ وقد آذنت
ببينها ، ونادت بانقطاعها ، ونعت نفسها وأهلها ، فمثلت ببلائها إلى البلاء ، وشوقت
بسرورها إلى السرور ، راحت بفجيعة ، وابتكرت بعافية ، تحذيرا ، وترغيبا
وتخويفا ، فذمها رجال غداة الندامة ، وحمدها آخرون يوم القيامة.
ذكرتهم فذكروا ، وحدثتهم فصدقوا : فيا أيها الذام للدنيا ، المعتل
بتغريرها ، متى استذمت إليك الدنيا وغرتك ؟ أبمنازل آبائك من الثرى ، أم
بمضاجع أمهاتك من البلى ، كم مرضت بكفيك ، وكم عللت بيديك ، تبتغي له
الشفاء ، وتستوصف له الاطباء ، لم ينفعه إشفاقك ، ولم تعقه طلبتك ، مثلت لك
به الدنيا نفسك ، وبمصرعه مصرعك ، فجدير بك أن لا يفنى به بكاؤك ، وقد علمت
أنه لا ينفعك أحباؤك(3).
120 ين : عن ابن المغيرة ، عن طلحة بن زيد ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال :
(1)براءة : 58 .
(2)الزخرف : 33 .
(3)كتاب المؤمن مخطوط ، وتراه في النهج تحت الرقم 131 من قسم الحكم .