منه فيلزم زيادة الفرع على الاصل ، فيكون تتمة للوجه الاول . قوله عليه السلام :(فالنبي
إمام نبي)أقول : يحتمل وجهين .
الاول أن يكون من تتمة الوجوه السابقة ، فالمعنى أن عليا لما لم يطق ما يطيقه
النبي صلى الله عليه واله(1)ولم يكن له طاقة تلك المرتبة العظمى من النبوة فلو كان رفع النبي
صلى الله عليه واله به كان أفضل منه . لانه حينئذ كان مبينا لفضل النبي صلى الله عليه واله وكان النبي صلى الله عليه واله
به مشرفا ومرتفعا ، وهوكان غيربالغ رتبته ، فكيف يكون أفضل منه .
الثاني أن يكون علة اخرى لاصل المطلوب ، وهي أنه عليه السلام لم يكن ليقدر على
حمله لكونه حاملا لما لايطيق حمله من أعباء النبوة . ولما كان جواب ما اعترض به السائل
من ركوبه على الناقة والبراق ظاهرا في نفسه وقد تبين في عرض الكلام أيضا لم يتعرض
له ، إذ هذا الثقل لم يكن من قبيل ثقل الاجسام ليظهر على غير ذوي العقول ، بل لا
يظهر إلا لمن كان عارفا بتلك الدرجة القصوى حق معرفتها مدانيا لها ، ويكون حمله
الجسماني مقرونا بالحمل الروحاني ويكون لتجرده وتقدسه وروحانيته واجدا لثقل
الرتب والمعاني ، فيكون الحمل عليه كالانتقاش على العقول والنفوس المجردة ، وبالجملة
هذا من الاسرار التي لا يطلع عليها إلا من كان عالما بغرائب أحوالهم .
قوله عليه السلام :(إنه أبوولده)أي لما كانت الذرية في صلب الانسان ورفعه النبي
صلى الله عليه واله فوق صلبه عرف الناس أنه عال على الذرية ووالدهم وإمامهم . قوله :(وقد قال
النبي صلى الله عليه واله)أقول : ما سيذكر بعد ذلك يحتمل وجوها : الاول أن يكون مؤيدات
لما دل عليه الحمل من عصمته ، لانه قال النبي صلى الله عليه واله :(حملني ذنوب شيعتك)ولو كان
له ذنب لكان ذنبه أولى بالحمل ، فيدل على أنه عليه السلام كن معصوما . الثاني أن يكون عليه السلام
ذكر بعض فضائله استطرادا أو تأييدا لفضائله ، ولم يكن المراد إثبات العصمة . الثالث أن
يكون وجها آخر للحمل ، وهو أنه لما كان حمل علي مستلزما لحمل ذنوب شيعته ولم
يكن هذا لائقا بعصمته(2)غفرها الله تعالى ، فصار هذاالحمل سببا لغفران ذنوب شيعة
(1)أى من النبوة .
(2)لان المعصوم لايحتمل ذنبا كما أنه لا يذنب .