هي النار ، إني والله لو طمعت أن أموت قبلك ما باليت ، ولكني أخاف أن أبقى بعدك
فقال لي : مكانك ، ثم قام إلى ستر في البيت فرفعه ودخل ، فمكث قليلا ثم صاح
بي : يا فيض ادخل ، فدخلت فاذا هو بمسجد قد صلى وانحرف عن القبلة ، فجلست
بين يديه ، فدخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو يومئذ غلام في يده درة فأقعده
على فخذه ، وقال له : بأبي أنت وامي ما هذه المخفقة التي بيدك ؟ فقال : مررت بعلي
أخي وهو في يده وهو يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده ، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام :
يا فيض إن رسول الله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى فائتمن عليها عليا ثم
ائتمن عليها علي الحسن ، ثم ائتمن عليها الحسن الحسين ، وائتمن الحسين عليها علي
ابن الحسين ، ثم ائتمن عليها علي بن الحسين محمد بن علي ، وائتمن الحسين عليها أبي ، فكانت
عندي ، ولهذا ائتمنت ابني هذا عليها على حداثته وهي عنده ، فعرفت ما أراد .
فقلت : جعلت فداك زدني فقال : يا فيض إن أبي كان إذا أراد أن لا ترد له
دعوة أجلسني عن يمينه ودعا فأمنت فلا ترد له دعوة ، وكذلك أصنع بابني هذا
وقد ذكرت أمس بالموقف فذكرتك بخير ، قال فيض : فبكيت سرورا .
ثم قلت له : يا سيدي زدني فقال : إن أبي كان إذا أراد سفا وأنا معه فنعس
وكان على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسدته ذراعي الميل والميلين حتى
يقضي وطره من النوم ، وكذلك يصنع بي ولدي هذا ، فقلت : زدني جعلت فداك
فقال : يا فيض إني لاجد بابني هذا ما كان يعقوب يجده من يوسف ، فقلت : سيدي
زدني فقال : هو صاحبك الذي سألت عنه قم فأقر له بحقه ، فقمت حتى قبلت
يده ورأسه ودعوت الله له ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما إنه لم يؤذن لي في المرة
الاولى منك .
فقلت : جعلت فداك اخبر به عنك ؟ قال : نعم أهلك وولدك ورفقاءك وكان
معي أهلي وولدي وكان معي يونس بن ظبيان من رفقائي ، فلما أخبرتهم وحمدوا
الله على ذلك ، وقال يونس : لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت فيه عجلة ، فخرج
فاتبعته ، فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول له - وقد سبقني