بحار الأنوار ج40

أنطق إلا صادقا ، ولقد عهد إلي بذلك كله ، وبمهلك من يهلك ومنجا من ينجو ،
ومآل هذا الامر ، وما أبقى شيئا يمر على رأسي إلا أفرغه في اذني وأفضى به إلي
أيها الناس إني والله لا أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها ، ولا أنهاكم عن معصية
إلا وأتناهى قبلكم عنه(1).
قال ابن أبي الحديد في قوله :(إني أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وآله)
أي أخاف عليكم الغلو في أمري وأن تفضلوني على رسول الله صلى الله عليه وآله . ثم قال : وقد
ذكرنا فيما تقدم من إخباره عليه السلام عن الغيوب طرفا صالحا ، ومن عجيب ما وقفت
عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيهاالملاحم وهو يشير إلى القرامطة
(ينتحلون لنا الحب والهوى ، ويضمرون لنا البغض والقلى(2)، وآية ذلك قتلهم
وراثنا وهجرهم أحداثنا)وصح ما أخبره عليه السلام ، لان القرامطة قتلت من آل أبي
طالب عليه السلام خلقا كثيرة ، وأسماؤهم مذكورة في كتاب مقاتل الطالبيين لابي الفرج
الاصفهاني ، ومر أبوطاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغري وبالحائر
فلم يعرج على واحد منهما ولا دخل ولا وقف ، وفي هذه الخطبة قال وهو يشير إلى
السارية(3)التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة(كأني بالحجر الاسود منصوبا
ههنا ، ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه واسه ، يمكث ههنا برهة ثم
ههنا برهة وأشار إلى البحرين ثم يعود إلى مأواه وام مثواه)ووقع الامر في
الحجر الاسود بموجب ما أخبر به عليه السلام .
وقد وقفت له على خطب مختلفة فيها ذكر الملاحم ، فوجدتها تشتمل على ما
يجوز أن ينسب إليه وما لا يجوز أن ينسب إليه ، ووجدت في كثير منها اختلالا
ظاهرا ، وهذه المواضع التي أنقلها ليست من تلك الخطب المضطربة ، بل من كلام
له وجدته متفرقا في كتب مختلفة .


(1)نهج البلاغة(عبده ط مصر)1 : 345 و 346 .
(2)القلى : البغض .
(3)السارية : الاسطوانة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه