بحار الأنوار ج82

تبيين
قوله عليه السلام :(لئلا يكون القرآن مهجورا)أي لولم يجب قراء‌ته في الصلاة
لتركوها لتساهلهم في المندوبات ، وليكون محفوظا لحفظ المعجز والمواعظ والاخبار
والحقايق والاحكام ، التي اشتمل القرآن عليها .
(وذلك أن قوله(الحمدلله)إنما هوأداء)أي لما علم الله سبحانه عجز عبيده
عن الاتيان بحمده ، حمد نفسه بدلا عن خلقه ، أو أنه تعالى علمهم ليشكروه وإلا لم
يعرفوا طريق حمده وشكره وقوله :(وشكر)تخصيص بعد التعميم أي شكر له على
جميع نعمه لاسيما نعمة التوفيق للعبادة(تمجيد له وتحميد)التمجيد ذكر مايدل
على المجد والعظمة والتحميد ذكر مايدل على النعمة ، ودلالته عليهما ظاهرة ، وأما
الاقرار بالتوحيد فلان العالم مايعلم به الصانع ، وهو كل ماسوى الله ، وجمع ليدل
على جميع أنواعه ، فاذا كان الله خالق الجميع ومدبرهم ومربيهم ، فيكون هو الواجب
وغيره من آثاره ، والاستعطاف لان ذكره تعالى بالرحمانية والرحيمية نوع من
طلب الرحمة ، بل أكمله .
وأقول : لما أشار الشهيدان رفع الله درجتهما في النفلية وشرحها إلى ما احتوى
عليه هذا الخبر من الحكم والفوائد ، نذكر كلامهما لايضاحه :
قالا : ويلزمه استحضار التوفيق للشكر عند أول الفاتحة ، وعند كل شكر ، لان
التوفيق لقوله :(الحمدلله)المشتمل على غرائب المعاني وجلائل الشكر نعمة من
الله تعالى على القارئ ، وفقه لها بتعليمه الشكر له ، بهذه الصيغة الشريفة ، وليستحضر
أن جملة الافراد المحمود عليها والنعم الظاهرة والباطنة عليه ، كلها من الله تعالى
إما بواسطة أو بغير واسطة فان الواسطة فيها كلها رشحة من رشحات جوده ، ونفحة
من نفحات فضله ، ليناسب كون جملة(الحمدلله الجواد)ويطابق المعنى المدلول
عليه للاعتقاد .
واستحضار التوحيد الحقيقي عند قوله :(رب العالمين)حيث وصفه بكونه
ربا ومالكا لجميع العالمين ، من الانس والجن والملائكة وغيرهم ، واستحضار

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه