بحار الأنوار ج89

لا عن آراء المجادلين وقياس القائسين ، فأما من قال في القرآن برأيه ، فان اتفق له
مصادفة صواب فقد جهل في أخذه عن غير أهله ، وكان كمن سلك طريقا مسبعا من
غير حفاظ يحفظونه ، فان اتفقت له السلامة ، فهو لا يعدم من العقلاء الذم والتوبيخ
وإن اتفق له افتراس السبع فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيرين الفاضلين
وعند العوام الجاهلين ، وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار
وكان مثله مثل من ركب بحرا هائجا بلا ملاح ولا سفينة صحيحة ، لا يسمع
لهلاكه أحد إلا قال : هو أهل لما لحقه ، ومستحق لما أصابه .
وقال صلى الله عليه وآله : ما أنعم الله عزوجل على عبد بعد الايمان بالله أفضل من العلم
بكتاب الله ، والمعرفة بتأويله ، ومن جعل الله له من ذلك حظا ثم ظن أن أحدا
لم يفعل به ما فعل به ، وقد فضل عليه ، فقد حقر نعم الله عليه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى :(يا أيها الناس قد جائكم موعظة
من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته
فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعون)(1)قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فضل الله عز
وجل القرآن والعلم بتأويله ورحمته توفيقه لموالاة محمد وآله الطاهرين ، ومعاداة
أعدائهم ، ثم قال صلى الله عليه وآله : وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون ، وهو ثمن الجنة
ونعيمها فانه يكتسب بها رضوان الله الذي هو أفضل من الجنة ، ويستحق الكون
بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة ، إن محمدا وآل محمد الطيبين
أشرف زينة الجنان .
ثم قال صلى الله عليه وآله : يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله وبموالاتنا أهل البيت
والتبري من أعدائنا أقواما ، فيجعلهم قادة وأئمة في الخير ، تقتص آثارهم ، وترمق
أعمالهم ، ويقتدا بفعالهم ، ترغب الملائكة في خلتهم ، وتمسحها بأجنحتهم ، وفي
صلواتها تبارك عليهم وتستغفر لهم ، حتى كل رطب ويابس : تستغفر لهم حيتان البحر


(1)يونس : 57 58 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه