فقاء عين صحيح(1)وأقطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد ؟ قال : إنما أنا رجل عالم
بمباعث الانبياء ! قال : فأخبرني عن قول الله تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى
فرعون : لعله يتذكر أو يخشى . ولعل منك شك ؟ قال : نعم ، قال : فكذلك من الله شك
إذ قال : لعله ؟ قال أبوحنيفه : لا علم لي ! قال عليه السلام : تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست
ممن ورثه ، وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس إبليس ، ولم يبن دين الاسلام على القياس ، وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله صلى الله عليه واله صوابا ومن دونه
خطاءا ، لان الله تعالى قال : احكم بينهم بما أراك الله . ولم يقل ذلك لغيره ، وتزعم أنك صاحب حدود ومن أنزلت على أولى بعلمها منك ، وتزعم أنك عالم بمباعث الانبياء و
لخاتم الانبياء أعلم بمباعثهم منك ، لولا أن يقال دخل على ابن رسول الله فلم يسأله عن شئ
ما سألتك عن شئ فقس إن كنت مقيسا . قال : لا تكلمت بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا
المجلس . قال : كلا إن حب الرئاسة غير تاركك لم يترك من كان قبلك . تمام الخبر .
بيان : غرضه عليه السلام بيان جهله وعجزه عن استنباط الاحكام الشرعية بدون
الرجوع إلى إمام الحق . والمقيس لعله اسم آلة أو اسم مكان . وسيأتي شرح كل جزء من
أجزاء الخبر في المقام المناسب لذكره ، وذكرها هناك موجب للتكرار .
5 - ج : عن عيسى بن عبدالله القرشي ، قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه السلام
فقال : يا أباحنيفة قد بلغني أنك تقيس ، فقال : نعم . فقال : لاتقس فإن أول من قاس
إبليس لعنه الله حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين . فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس
نورية آدم بنورية النار عرف ما بين النورين وضياء أحدهما على الآخر .
ايضاح : يحتمل أن يكون المراد بالقياس هنا أعم من القياس الفقهي من
الاستحسانات العقلية والآراء الواهية التي لم تؤخذ من الكتاب والسنة ، ويكون
المراد أن طريق العقل مما يقع فيه الخطأ كثيرا فلايجوز الاتكال عليه في امور الدين ،
بل يجب الرجوع في جميع ذلك إلى أوصياء سيد المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين
وهذا هو الظاهر في أكثر أخبار هذا الباب ، فالمراد بالقياس هنا القياس اللغوي ، ويرجع قياس