بحار الأنوار ج13

يطمئن إليها ؟ ! " وكان أبوهما صالحا " كان بينهما وبين هذا الاب الصالح سبعون أبا ،
فحفظهما الله بصلاحه ، ثم قال : " فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما " فتبرأ
من الابانة في آخر القصص ونسب الارادة كلها إلى الله تعالى ذكره في ذلك ، لانه لم يكن
بقي شئ مما فعله فيخبر به بعد ويصير موسى عليه السلام به مخبرا ومصغيا إلى كلامه تابعا له
فتجرد من الابانة والارادة تجرد العبد المخلص ، ثم صار متصلا(1)مما أتاه من نسبة
الابانة في أول القصة ومن ادعاء الاشتراك في ثاني القصة فقال : " رحمة من ربك وما فعلته
عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " .
ثم قال جعفر بن محمد عليه السلام : إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقائيس ، ومن
حمل أمر الله على المقائيس هلك وأهلك ، إن أول معصية ظهرت الابانة من إبليس اللعين
حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم ، فسجدوا وأبي إبليس اللعين أن يسجد ،
فقال عزوجل : " ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته
من طين " فكان أول كفره قوله : " أنا خير منه " ثم قياسه بقوله : " خلقتني من نار وخلقته
من طين " فرده الله عزوجل عن جواره ولعنه وسماه رجيما ، وأقسم بعزته لا يقيس أحد
في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار .
قال الصدوق رحمه الله : إن موسى عليه السلام مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى
ذكره لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر عليه السلام حتى اشتبه عليه وجه
الامر فيه ، وسخط جميع ما كان يشاهده حتى اخبر بتأويله فرضي ، ولو لم يخبر بتأويله
لما أدركه ولو بقي في الفكر عمره ، فإذا لم يجز لانبياء الله ورسله صلوات الله عليهم القياس
والاستنباط والاستخراج كان من دونهم من الامم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك .(2)
بيان : التلبيب : ما في موضع اللبب من الثياب .(3)واللبب : هو موضع القلادة من


(1)هكذا في النسخ وفى المصدر ، وفى هامش المصدر : " متنصلا " وهو الصحيح ، وهو من تنصل
إلى فلان من الجناية أى خرج وتبرأ عنده منها .
(2)علل الشرائع : 31 و 32 .
(3)ويعرف بالطوق .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه