بحار الأنوار ج12

وتقديره : أعصر عنب خمر ، أي العنب الذي يكون عصيره خمرا ، فحذف المضاف ، قال
الزجاج وابن الانباري : والعرب تسمي الشئ باسم مابؤول إليه وإذا وضح المعنى ولم يلتبس ،
يقولون : فلان يطبخ الآجر ويطبخ الدبس ، وإنما يطبخ اللبن والعصير ; وقال قوم : إن
بعض العرب يسمون العنب خمرا حكى الاصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابيا
ومعه عنب فقال له : مامعك ؟ قال خمر . وهو قول الضحاك ، فيكون معناه إني أعصر عنبا
وروي في قراء‌ة عبدالله وابي جميعا : " إني رأيتني أعصر عنبا " وقال صاحب الطعام : إني
رأيت كان فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وأنواع الاطعمة ، وسباع الطير تنهش منه(1)
وأما تعبير رؤيا الساقي فروي أنه قال : أما العناقيد الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تبقي في
السجن ثم يخرجك الملك في اليوم الرابع وتعود إلى ما كنت عليه ، وأجرى على مالكه
صفة الرب لانه عبده فأضافه إليه ، كما يقال : رب الدار ، ورب الضيعة ; وأما صاحب
الطعام فروي أنه قال له : بئسما رأيت ، أما السلال الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى في
السجن ثم يخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك . فقال عند ذلك : ما رأيت شيئا
وكنت ألعب ، فقال يوسف : " قضي الامر الذي فيه تستفتيان " أي فرغ من الامر الذي
تساء‌لان وتطلبان معرفته ، وما قلته لكما فإنه نازل بكما وهو كائن لا محالة ، وفي هذا
دلالة على أنه كان يقول ذلك على جهة الاخبار عن الغيب بما يوحى إليه لا كما يعبر
أحدنا الرؤيا على جهة التأويل انتهى .(2)
أقول : لا يخفى أن ظاهر الآيات هو أنهما كانا رأيا في المنام ما ذكره عليه السلام على
وجه التعبير . فإن كان ما أورده علي بن إبراهيم خبرا كما فهمه رحمه الله فلتأويله وجه
وإلا فلا .(3)
5 - فس : قال علي بن إبراهيم : ووكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه ، فلما


(1)نهش اللحم : أخذه بمقدم أسنانه ونتفه .
(2)تفسير القمى : 232 - 234 . م
(3)يمكن استظهار كلا الموضوعين عن قوله تعالى : " قضى الامر الذى فيه تستفتيان " و
يستظهر الثانى أيضا من قوله : " ذلكما مما علمنى ربى " .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه