الدين " إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق " أي إلا أن يطلبوا منكم النصرة على قوم
من المشركين بينكم وبينهم أمان وعهد يجب الوفاء به فلا تنصروهم عليهم لما فيه
من نقض العهد " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " أي أنصار بعض أو أولى ببعض
في الميراث " إلا تفعلوه " أي ما امرتم به في الآية الاولى والثانية " تكن فتنة في
الارض وفساد كبير " على المؤمنين الذين لم يهاجروا ، والفتنة : المحنة بالميل إلى
الضلال ، والفساد الكبير : ضعف الايمان(1).
وقال في قوله تعالى : " إلا تنصروه فقد نصره الله " : أي إن لم تنصروا النبي
صلى الله عليه وآله على قتال العدو فقد فعل الله به النصر " إذ أخرجه الذين كفروا "
من مكة فخرج يريد المدينة " ثاني اثنين إذ هما في الغار " يعني أنه كان هو وأبوبكر
في الغار ليس معهما ثالث(2)، وأراد به هنا غار ثور ، وهو جبل بمكة " إذ يقول
لصاحبه " أي إذ يقول الرسول صلى الله عليه وآله لابي بكر : " لا تحزن " أي لا تخف " إن الله
معنا " يريد أنه مطلع علينا ، عالم بحالنا ، فهو يحفظنا وينصرنا ، قال الزهري :
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوبكر الغار أرسل الله زوجا من الحمام حتى باضا في
أسفل الثقب(3)، والعنكبوت حتى نسج بيتا ، فلما جاء سراقة بن مالك في طلبهما
فرأى بيض الحمام وبيت العنكبوت قال : لو دخله أحد لانكسر البيض وتفسخ(4)
بيت العنكبوت فانصرف ، وقال النبي صلى الله عليه وآله : " اللهم أعم أبصارهم " فعميت أبصارهم
عن دخوله ، وجعلوا يضربون يمينا وشمالا حول الغار . وقال أبوبكر : لو نظروا(5)
إلى أقدامهم لرأونا ، ونزل رجل من قريش فبال على باب الغار ، فقال أبوبكر :
قد أبصرونا يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لو أبصرونا ما استقبلونا بعوراتهم
(1)مجمع البيان 4 : 561 و 562 .
(2)زاد في المصدر : أى وهو احد اثنين ، ومعناه فقد نصره الله منفردا من كل شئ إلا
من ابى بكر .
(3)في نسخة : في اسفل النقب .
(4)في نسخة : وتفتح بيت العنكبوت .
(5)في نسخة ، لو نزلوا .