بحار الأنوار ج86

أربعة فراسخ وكان راجعا من يومه قصر واجبا ، وإن كان من غده فهو مخيربين القصر
والاتمام ، ونقله عن ابن بابويه .
فمرادهم بالغد إن كان معناه الحقيقي كان قولا آخر ، وان كان المراد به
ماعدا اليوم كان بعينه قول المفيد ، وحد المسافة ابن الجنيد بمسير يوم للماشي و
راكب السفينة .
ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الاخبار ففي كثير منها إناطة التقصير بثمانية
فراسخ ، وفي كثير منها بأربعة فراسخ ، واختلفوا في الجمع بينها ، فحمل الشيخ في
أحد وجهيه وجماعة أخبار الاربعة على ما إذا أراد المسافر الرجوع ليومه .
واحتجوا على ذلك بصحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التقصير
فقال : بريدذاهب وبريد جاء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتى ذبابا قصر(1)وذباب على
بريد ، وإنما فعل ذلك لانه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ . وأمثالها
ولا دلالة فيها على رجوع اليوم بوجه بل تدل على أن الذهاب والمجئ محسوبان معا
في مسافة البريدين .
مع أن الروايات المتضمنة لتوبيخ أهل عرفات على عدم التقصير تأبى عن
هذا الحمل ، إذا الظاهر أن خروجهم للحج بل بعضها صريح في ذلك ، ولايتحقق معه
رجوع اليوم ، نعم في فقه الرضا ما يدل على هذا الوجه ، ولعل الصدوق أخذه منه ،
وتبعه القوم .
وجمع الشيخ وغيره بينها بوجه آخر ، وهو تنزيل أخبار الثمانية على الوجوب
والاربعة على الجواز ، وحمل الشهيد الثاني أخبار الاربعة على الاستحباب ، وله
وجه فانه أنسب بالتوبيخ على الترك والامر بالفعل ، وإن كان بعيدا أيضا إذ التهديد
بالويل ، والتخويف بالعذاب لايناسب ترك المستحب إلا أن يقال : التوبيخ والتهديد
لاعتقادهم تعين الاتمام وإيقاعهم ذلك على وجه التعيين واللزوم .


(1)الفقيه ج 1 ص 287 والظاهر انتهاء الخبر هنا .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه