بحار الأنوار ج45

فلماطال بالغلامين المكث حتى صارا في السنة ، قال أحدهما لصاحبه : يا
أخي قد طال بنا مكثنا ، ويوشك أن تفنى أعمارنا ، وتبلى أبداننا ، فاذا جاء الشيخ
فأعلمه مكاننا ، وتقرب إليه بمحمد صلى الله عليه وآله لعله يوسع علينا في طعامنا ، ويزيدنا
في شرابنا
فلما جنهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير ، وكوز من ماء
القراح فقال له الغلام الصغير : ياشيخ أتعرف محمدا ؟ قال : فكيف لاأعرف محمدا
وهونبيي ؟ قال : أفتعرف جعفربن أبي طالب ؟ قال : وكيف لاأعرف جعفرا
وقدأنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء ؟ قال : أفتعرف
علي بن أبي طالب ؟ قال : وكيف لاأعرف عليا وهوابن عم نبيي وأخو نبيي ؟
قال له : ياشيخ فنحن من عترة نبيك محمد صلى الله عليه وآله ونحن من ولد
مسلم بن عقيل بن أبي طالب بيدك اسارى نسألك من طيب الطعام فلاتطعمنا ، ومن
بارد الشراب فلاتسقينا ، وقد ضيقت علينا سجننا ، فانكب الشيخ على أقدامهما
يقبلهما ويقول : نفسي لنفسكما الفداء ، ووجهي لوجهكما الوقاء ، ياعترة نبي الله
المصطفى ، هذا باب السجن بين يديكما مفتوح ، فخذا أي طريق شئتما
فلما جنهماالليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح ، ووقفهما
على الطريق ، وقال لهما : سيرا ياحبيبي الليل ، واكمنا النهار حتى يجعل الله
عزوجل لكمامن أمركما فرجا ومخرجا ، ففعل الغلامان ذلك
فلما جنهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب فقالالها : ياعجوز إناغلامان
صغيران غريبان حدثان ، غير خبيرين بالطريق ، وهذا الليل ، قدجننا أضيفينا سواد
ليلتنا هذه فإذا أصبحنا لزمنا الطريق ، فقالت لهما : فمن أنتما ياحبيبي فقد شممت
الروائح كلها فما شممت رائحة هي أطيب من رائحتكما ؟ فقالالها : ياعجوز نحن
من عترة نبيك محمد صلى الله عليه وآله هربنا من سجن عبيدالله بن زيادمن القتل قالت العجوز :
ياحبيبي إن لي ختنا فاسقا قدشهد الوقعة مع عبيدالله بن زياد أتخوف أن يصيبكما
ههنا فيقتلكما . قالا : سواد ليلتنا هذه فاذا أصبحنا لزمنا الطريق فقالت : سآتيكما

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه