بحار الأنوار ج86

تفسير :(وإذا ضربتم في الارض)أي سافرتم فيها(فليس عليكم جناح)أي
حرج وإثم في(أن تقتصروا)قال في الكشاف في محل النصب بنزع الخافض ، وقيل :


(فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فاذا اطمأننتم فأقيموا
الصلاة ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا).
فالمراد بالضرب في الارض هو السفر كناية ، وذلك لان المسافة التى كانت تقطع
في يوم واحد ، هى مرحلة واحدة ثمان فراسخ ، ولم يكن يمكنهم طى هذه المسافة على المعتاد
المتعارف الابضرب الراحلة والجد في المشى بضرب الاقدام .
وأما قوله عزوجل :(فلا جناح عليكم)فسيأتى الكلام فيه مستوفى انشاء الله
تبارك وتعالى .
وأما قوله عزوجل :(أن تقصروا من الصلاة)فلما كان القصر متعديا بنفسه ، كان
تعديته بمن مفيدا لتضمينه معنى القطع والافراز ، ولما كان لفظ الصلاة في اطلاق القرآن
العزيز ينصرف إلى الركعتين الاولتين المفروضتين ، كما مرت الاشارة اليه مرارا ، كان
قصر الصلاة بتنصيف الصلاة واتيان ركعة واحدة ، كما هو واضح ، وينص على ذلك روايات
أهل البيت عليهم السلام ، على ما سيجئ في باب صلاة الخوف .
وأما قوله عزوجل :(ان خفتم أن يفتنكم)الخ فهو نص في الاشتراط ثانيا ، أى
اذا سافرتم وكنتم معذلك خائفين من أن يهجم عليكم الذين كفروا ، فصلوا ركعة واحدة
مكان ركعتين .
ولكن يظهر من سياق الايات أن هذا الحكم انما هو اذا كان المؤمنون منفردين
في السفر من دون امام يجمع شملهم ، فحينئذ يصلى كل واحد منهم ركعة واحدة بالانفراد ،
ثم يشتغل عوض الركعة المتروكة بذكر الله عزوجل كما سيأتى في شرح الاية الثالثة ، و
اما اذا كانوا مع امام يجمع شملهم وكانوا ذوى عدة ، فعليهم أن يحتالوا في رفع الخوف
من هجومهم ومباغتتهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بحكم الاية الثانية .
فتبين كون فرض الاية ومفادها أن الصلاة في السفر انما فرضت ركعتين ، واذا كان

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه