بحار الأنوار ج18

علينا الحساب(1).
" إنا أوحينا إليك كما أوحينا " : قال البيضاوي : جواب لاهل الكتاب عن
اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر
الانبياء " لكن الله يشهد " استدراك عن مفهوم ما قبله ، وكأنه لما تعنتوا عليه بسؤال كتاب
ينزل عليهم من السماء ، واحتج عليهم بقوله : " إنا أوحينا إليك " قال : إنهم لا يشهدون
ولكن الله يشهد ، أو إنهم أنكروه ولكن الله يثبته ويقرره " بما أنزل إليك " من القرآن
المعجز الدال على نبوتك ، روي أنه لما نزلت " إنا أوحينا إليك " قالوا : ما نشهد لك ،
فنزلت ، " أنزله بعلمه " أنزله متلبسا بعلمه الخاص به ، وهو العلم بتأليفه على نظم يعجز
عنه كل بليغ ، أو بحال من يستعد النبوة ويستأهل نزول الكتاب عليه ، أو بعلمه
الذي يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم " والملائكة يشهدون " أيضا بنبوتك " وكفى
بالله شهيدا " أي وكفى بما أقام من الحجج على صحة نبوتك عن الاستشهاد بغيره(2).
قوله تعالى : " بلغ ما انزل إليك من ربك " أقول : سيأتي أنها نزلت في ولاية
أمير المؤمنين عليه السلام .
" والله يعلم ما تبدون وما تكتمون " أي من تصديق أو تكذيب أو الاعم .
قوله تعالى : " قل أغير الله " قال الطبرسي رحمه الله : قيل : إن أهل مكة قالوا
لرسول الله صلى الله عليه وآله : يا محمد تركت ملة قومك وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر ،
فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا ، فنزلت(3).
قوله تعالى : " قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون " قال الطبرسي رحمه الله ، أي ما
يقولون : إنك شاعر أو مجنون ، وأشباه ذلك " فإنهم لا يكذبونك " قرأ نافع والكسائي
والاعشي عن أبي بكر " لا يكذبونك " بالتخفيف ، وهو قراء‌ة علي عليه السلام والمروي عن
الصادق عليه السلام ، والباقون بفتح الكاف والتشديد ، واختلف في معناه على وجوه :
أحدها : لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا ، وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا


(1)انوار التنزيل 1 : 22 .
(2)انوار التنزيل 1 : 317 و 318 .
(3)مجمع البيان 4 : 279 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه