خرجت معه حتى أتيت الدار فسلمت على أمير المؤمنين وهو في مرقده فرد علي
السلام فسقطت فقال : تداخلك رعب ؟ قلت : نعم ياأمير المؤمنين فتركني ساعة حتى
سكنت ثم قال لي : صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر محمد وادفع إليه
ثلاثين ألف درهم ، واخلع عليه خمس خلع ، واحمله على ثلاثة مراكب ، وخيره
بين المقام معنا أو الرحيل عنا إلى أي بلد أراد وأحب .
فقلت : ياأمير المؤمنين تأمر باطلاق موسى بن جعفر ؟ قال : نعم فكررت
ذلك عليه ثلاث مرات فقال لي : نعم ويلك أتريد أن أنكث العهد ؟ فقلت : يا
أمير المؤمنين وما العهد ؟ قال : بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود مارأيت من
السودان أعظم منه ، فقعد على صدري وقبض على حلقي وقال لي : حبست موسى
ابن جعفر ظالما له ؟ فقلت : فأنا اطلقه وأهب له ، وأخلع عليه ، فأخذ علي عهد الله
عزوجل وميثاقه ، وقام عن صدري ، وقد كادت نفسي تخرج .
فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر عليه السلام وهو في حبسه فرأيته قائما
يصلي فجلست حتى سلم ثم أبلغته سلام أمير المؤمنين وأعلمته بالذي أمرني به في
أمره ، وأني قد أحضرت ماوصله به ، فقال : إن كنت امرت بشئ غير هذا فافعله ؟
فقلت : لا وحق جدك رسول الله ما امرت إلا بهذا فقال : لا حاجة لي في الخلع
والحملان والمال إذ كانت فيه حقوق الامة فقلت : ناشدتك بالله أن لا ترده فيغتاظ
فقال : اعمل به ماأحببت ، وأخذت بيده عليه السلام وأخرجته من السجن .
ثم قلت له : ياابن رسول الله أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من
هذا الرجل ، فقد وجب حقي عليك لبشارتي إياك ، ولما أجراه الله عزوجل
على يدي من هذا الامر فقال عليه السلام : رأيت النبي صلى الله عليه وآله ليلة الاربعآء في النوم فقال
لي : ياموسى أنت محبوس مظلوم ؟ فقلت : نعم يارسول الله محبوس مظلوم ، فكرر
علي ذلك ثلاثا ثم قال : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين (1)أصبح
غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس والجمعة ، فاذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة
(1)سورة الانبياء الاية : 111 .