الريح تنفخه ، والحر ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، ثم أقبل الحسن عليه السلام فرجع
في كلامه الاول فقال :
أنا ابن مستجاب الدعوة ، أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أول من ينفض عن
الرأس التراب ، أنا ابن من يقرع باب الجنة : فيفتح له ، أنا ابن من قاتل معه
الملائكة وأحل له المغنم ، ونصر بالرعب من مسيرة شهر .
فأكثر في هذا النوع من الكلام ، ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية
وعرف الحسن عليه السلام من لم يكن يعرفه من أهل الشام وغيرهم ، ثم نزل فقال له
معاوية : أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة ولست هناك ، فقال
الحسن عليه السلام : أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه واله وعمل بطاعة الله عزو جل
ليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا اما وأبا ، ولكن ذلك
ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا وكان قد انقطع عنه فاتخم لذته وبقيت عليه
تبعته ، وكان كما قال الله تبارك وتعالى : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين (1)
فأومأبيده إلى معاوية ثم قام فانصرف ، فقال معاوية لعمرو : والله ما أردت إلا
شيني حين أمرتني بما أمرتني ، والله ماكان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في
حسب ولا غيره ، حتى قال الحسن ما قال ، قال عمرو : هذا شئ لايستطاع دفنه ولا تغييره
لشهرته في الناس واتضاحه ، فسكت معاوية لعنه الله .
بيان : الاتخام : الثقل الحاصل من كثرة أكل الطعام أي اتخم من لذته .
32 - قب : القاضي النعمان في شرح الاخبار بالاسناد ، عن عبادة بن الصامت
ورواه جماعة ، عن غيره أنه سأل أعرابي أبابكر فقال : إني أصبت بيض نعام
فشويته وأكلته وأنا محرم فما يجب علي ؟ فقال له : يا أعرابي أشكلت علي
في قضيتك ، فدله على عمر ، ودله عمر على عبدالرحمان فلما عجزوا قالوا : عليك
بالاصلع فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : سل أي الغلامين شئت ، فقال الحسن : يا أعرابي
ألك إبل ؟ قال : نعم ، قال : فاعمد إلى عدد ما أكلت من ا لبيض نوقا فاضربهن بالفحول