بحار الأنوار ج79

تبيين : اورد عليه إشكالان : الاول أنه وردت أخبار دالة على فضل الحج
على الصلاة فما وجه التوفيق بينهما ؟ الثاني أن الحج مشتمل على الصلاة أيضا
والحج وإن كان مندوبا فالصلاة فيه فرض ، فما معنى تفضيل الصلاة الفريضة على
عشرين حجة ؟ .
ويمكن الجواب عن الاول بوجوه :
الاول : حمل الثواب في الصلاة على التفضلي وفي الحج على الاستحقاقي
أي يتفضل الله سبحانه على المصلي بأزيد مما يستحقه المؤمن بعشرين حجة ، فلا
ينافي كون ما يتفضل به على الحاج أضعاف ما يعطي المصلي .
فان قيل : قد مر ما يدل على أن الانسان لا يستحق شيئا بعمله ، وإنما
يتفضل الله تعالى بالثواب عليه ؟ قلنا يمكن أن يكون للتفضل أيضا مراتب إحداها
ما يتوقعه الانسان في عمله وإن كان على سبيل التفضل ، أوما يظنه الناس أنه يتفضل
به عليه . ثم بحسب كرم الكريم وسعة جوده للتفضل مراتب لاتحصى ، فيمكن أن
يسمى الاولى استحقاقيا كما إذا مدح شاعر كريما فهو لا يستحق شيئا عقلا ولا
شرعا ، لكن الناس يتوقعون له بحسب ما يعرفونه من كرم الكريم أنه يعطيه مائة
درهم ، فاذا أعطاه ألفا يقولون أعطاه عشرة أضعاف استحقاقه .
الثانى : أن تحمل الفريضة على الصلوات الخمس اليومية كما هو المتبادر
في أكثر الموارد ، والصلاة التي فضل عليها الحج ، على غيرها بقرينة أن الاذان
والاقامة المشتملين على حى على خير العمل مختصان بها ، فيكون الغرض الحث
على الصلوات اليومية والمحافظة عليها والاتيان بشرايطها وحدودها وآدابها وحفظ
مواقيتها ، فان كثيرا من الحاج يضيعون فرائضهم اليومية في طريقهم إلى الحج
إما بتفويت أوقاتها أو بأدائها على المركب أو في المحمل أو بالتيمم أو مع عدم طهارة
الثوب أو البدن إلى غير ذلك .
فان قيل : فماوجه الجمع بين هذا الخبر على هذا الوجه ، وبين الخبر المشهور

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه