جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم(1)، فنظر إليه نظرة فجازه ، فلما كان في
الشوط الثاني قال في نفسه : ما أجد أجهل مني(2)؟ أيكون مثل هذا الحديث بمكة
فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فاخبرهم ، ثم أخذ القطن من اذنيه ورمى به ، و
قال لرسول الله : أنعم صباحا ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه إليه وقال : قد أبدلنا الله
به ما هو أحسن من هذا ، تحية أهل الجنة : السلام عليكم ، فقال له أسعد : إن
عهدك بهذا لقريب ، إلى ما تدعو يا محمد ؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول -
الله ، وأدعوكم إلى " أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم
من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا
النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون * ولا تقربوا
مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط
لا نكلف نفسا إلا وسعها ، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم
وصاكم به لعلكم تذكرون(2)" .
فلما سمع أسعد هذا قال له : أشهد أن لا إله إلا الله . وأنك رسول الله ، يا
رسول الله بأبي أنت وأمي ، أنا من أهل يثرب من الخزرج ، وبيننا وبين إخوتنا من
الاوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، ولا أجد أعز منك ، ومعي رجل من قومي
فإن دخل في هذا الامر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك ، والله يا رسول الله لقد كنا
نسمع من اليهود خبرك ، ويبشروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك ، وأرجو أن
يكون دارنا دار هجرتك عندنا(4)، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد لله الذي ساقني
إليك ، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا ، وقد آتانا الله بأفضل مما أتيت له
ثم أقبل ذكوان فقال له أسعد : هذا رسول الله الذي كانت اليهود يبشرنا به ، وتخبرنا
(1)في نسخة : وعنده قوم من بنى هاشم .
(2)في نسخة : ما أحد أجهل منى .
(3)الانعام : 151 و 152 .
(4)في المصدر ، عندنا مقامك .