يا شيخ أردت أن تقول ربع الناس(1)وذلك يوم قتل هابيل ، كانوا أربعة : قابيل وهابيل و
آدم وحواء عليهم السلام فهلك ربعهم ، فقال : أصبت ووهمت أنا ، فأيهما كان الاب للناس القاتل
أو المقتول ؟ قال : لا واحد منها ، بل أبوهم شيث بن آدم عليه السلام .(2)
بيان : لعل المراد الناس الموجودون في ذلك الزمان ، لئلا ينافي مامر في خبر
ابن أبي الديلم(3)أنه لم يرث منه ولده إلا عبادة النيران بأن تكون أولاده قد انقرضوا
في زمن نوح عليه السلام أو قبله ، لكن الجمع بين ذلك الخبر والخبر الثاني من الباب لا يخلو من
إشكال إلا أن يتجوز في الاولاد ، أو يقال : لعله وقع له أيضا تزويج من جنية أو
غيرها ، أو يقال : يمكن أن يكون أولاده من الزنا ، ويؤيد الاوسط مامر من كتاب
المحتضر وما سيأتي من خبر الحضرمي وخبر سليمان بن خالد . وقال ابن الاثير في
الكامل : ثم انقرض ولد قابيل ولم يتركوا عقبا إلا قليلا ، وذرية آدم كلهم جهلت
أنسابهم وانقطع نسلهم إلا ما كان من شيث فمنه كان النسل ، وأنساب الناس اليوم كلهم
إليه دون أبيه آدم عليه السلام .(4)
33 - ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال : لما أراد قابيل أن يقتل
أخاه ولم يدر كيف يصنع عمد إبليس إلى طائر فرضح رأسه بحجر(5)فقتله فتعلم قابيل ،
فساعة قتله ارعش جسده ولم يعلم ما يصنع أقبل غراب يهوي على الحجر الذي دمغ
أخاه(6)فجعل يمسع الدم بمنقاره ، وأقبل غراب آخر حتى وقع بين يديه فوثب الاول
على الثاني فقتله ، ثم هز بمنقاره فواراه فتعلم قابيل .(7)
34 - وروي أنه لم يوار سوأة أخيه وانطلق هاربا حتى أتى واديا من أودية اليمن في
شرقي عدن ، فكمن فيه زمانا ، وبلغ آدم عليه السلام ما صنع قابيل بهابيل ، فأقبل فوجده قتيلا
ثم دفنه ، وفيه وفي إبليس نزلت : " ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما
(1)راجع ما تقدم بعد الخبر السابع وذيله .
(2 و 7)قصص الانبياء مخطوط . م
(3)المتقدم تحت رقم 16 .
(4)كامل التواريخ ج 1 : 23 . م
(5)أى دق رأسه . وفى نسخة : ورضخ بالخاء المعجمة ومعناهما واحد .
(6)دمغه : شجه حتى بلغت الشجة دماغه فهلكه(*).