والنظر في أحكام المسلمين ، قول الله أصدق من قولك ، حيث قال : " الذين يكنزون
الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب إليم * يوم يحمى عليها
في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا
ما كنتم تكنزون(1)" فقال عثمان : يابا ذر إنك شيخ خرفت وذهب عقلك ، ولو لا
صحبتك لرسول الله صلى الله عليه وآله لقتلتك ، فقال : كذبت يا عثمان ، أخبرني حبيبي رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال " لا يفتنونك يا أبا ذر ولا يقتلونك " وأما عقلي فقد بقي منه
ما أحفظ حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فيك وفي قومك ، قال : وما سمعت من
رسول الله صلى الله عليه وآله في وفي قومي ؟ قال : سمعت يقول صلى الله عليه وآله : " إذا بلغ آل أبي العاص
ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا ، وكتاب الله دغلا(2)، وعباده خولا ، والفاسقين
حزبا ، والصالحين حربا " فقال عثمان : يا معشر أصحاب محمد هل سمع أحد منكم
هذا من رسول الله ؟ فقالوا : لا ما سمعنا هذا ، فقال عثمان : ادع(3)عليا ، فجآء
أمير المؤمنين فقال له عثمان : يا أبا الحسن انظر ما يقول هذا الشيخ الكذاب ، فقال
أمير المؤمنين عليه السلام : مه يا عثمان لا تقل : كذاب ، فإنى سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على
ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله صدق
علي عليه السلام ، فقد سمعنا هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فبكى أبوذر عند ذلك فقال :
ويلكم كلكم قد مد عنقه(4)إلى هذا المال ، ظننتم أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله
ثم نظر إليهم فقال : من خيركم ؟ فقال(5): أنت تقول : إنك خيرنا ، قال : نعم
خلفت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه الجبة وهي علي بعد ، وأنتم قد أحدثتم أحداثا
كثيرة(6)، والله سائلكم عن ذلك ولا يسألني ، فقال عثمان : يا أبا ذر أسألك بحق
رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ما أخبرتني عن شئ أسألك عنه ، فقال أبوذر : والله لو لم تسألني
(1)التوبة : 34 و 35 .
(2)دخلا خ ل .(3)ادعوا خ ل .
(4)في المصدر : عنقكم .(5)في المصدر : فقالوا .
(6)في المصدر : احداثا كبيرة .