الاول قوة الحس والحركة ، وفي الثاني قوة الحياة ، وفي الثالث قوة التغذية ،
والثلاثة ضرورية لبقاء الشخص ، وفي الرابع قوة التوليد وحفظ النسل المحتاج إليه
في بقاء النوع ، وبه يتم الهيئة والمزاج الذكورى والانوثي اللذين(1)هما من
العوارض اللازمة لانواع الحيوان . وكل من الثلاثة الاول مشتبك بالآخر محتاج
إليه :
إذ لولا الكبد وإهداره لسائر الاعضاء بالغذاء لا نحلت وانفشت ، ولولا ما
يتصل بالكبد من حرارة القلب لم يبق له جوهره الذي به يتم فعله ، ولولا تسخن
الدماغ بالشرايين وإغذاء الكبد بالعروق الصاعدة إليه لم يدم له طباعه الذي يكون به
فعله ، ولولا تحريك الدماغ لعضل الصدر لم يكن التنفس ولم يبق للقلب جوهره
الذي منه تنبعث الحرارة الغريزية في أبداننا ، ولكن الرئيس المطلق هو القلب ،
وهو أول ما يتكون في الحيوان ، ومنه يسري الروح الذى هو محل الحس والحركة
إلى الدماغ ، ثم يسري منه إلى سائر الاعضاء ، ومنه أيضا يسري الروح الذي هو
مبدأ التغدية(2)والنمو إلى الكبد ، ثم يسري منه إلى سائر الاعضاء . فتبارك الله
أحسن الخالقين .
ثم اعلم أن العظام أنواع : من طويل وقصير وعريض ودقيق ومصمت ومجوف
على حسب اختلاف المصالح والحكم . فمنها ما قياسه من البدن قياس الاساس وعليه
مبناه ، ومنها ما قياسه المجن والوقاية ، ومنها ما هو كالسلاح الذي يدفع به
المصادم ، ومنها ما هو حشوبين فرج المفاصل ، ومنها ما هو متعلق العضلات المحتاجة
إلى علاقة .
وجملة العظام دعامة وقوام البدن ولهذا خلقت صلبة . ثم مالا منفعة فيه
سوى هذه خلق مصمتا وإن كان فيه المسام والخلل والتي لابد منها . وما يحتاج
إليه لاجل الحركة أيضا فقد زيد في تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا ليكون
(1)كذا ، والصواب اللذان .
(2)التغذى(خ).