والغضب دخله التغيير ، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الابادة ، ولو كان ذلك كذلك
لم يعرف المكون من المكون ، ولا القادر من المقدور ، ولا الخالق من المخلوق ، تعالى الله
عن هذا القول علوا كبيرا . هو الخالق للاشياء لالحاجة ، فإذا كان لالحاجة استحال
الحد والكيف فيه ، فافهم ذلك إن شاء الله .
بيان : قال الطبرسي رحمه الله : " فلما آسفونا " أي أغضبونا عن ابن عباس ومجاهد
وغضب الله سبحانه على العصاة إرادة عقابهم ، ورضاه عن المطيعين إرادة ثوابهم ، وقيل :
معناه آسفوا رسلنا لان الاسف بمعنى الحزن لا يجوز على الله تعالى . انتهى .
وقوله عليه السلام : وهو الذي أحدثهما إشارة إلى وجه آخر لاستحاله ذلك كما مر في
بعض الاخبار : أن الله لا يوصف بخلقه ، وأشار عليه السلام آخرا إلى أن الاحتياج إلى الغير
ينافي الخالقية ووجوب الوجود كما هو المشهور .
7 - يد ، مع : ابن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ،
عن هشام بن الحكم أن رجلا سأل أبا عبدالله عليه السلام عن الله تبارك وتعالى له رضى
وسخط ؟ قال : نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين وذلك لان الرضا والغضب
دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، معتمل مركب للاشياء فيه مدخل ، وخالقنا
لا مدخل للاشياء فيه ، واحد أحدي الذات وأحدي المعنى ، فرضاه ثوابه ، وسخطه
عقابه ، من غير شئ يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال فإن ذلك صفة المخلوقين
العاجزين المحتاجين ، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز ، لا حاجة به إلى شئ مما خلق ،
وخلقه جميعا محتاجون إليه ، إنما خلق الاشياء لامن حاجة(1)ولا سبب اختراعا وابتداعا .
بيان : في الكافي هكذا : فينقله من حال إلى حال لان المخلوق أجوف معتمل .
وهو الظاهر .
والحاصل أن عروض تلك الاحوال والتغيرات إنما يكون لمخلوق أجوف له
قابلية ما يحصل فيه ويدخله ، معتمل يعمل بأعمال صفاته وآلاته ، مركب من امور
مختلفة وجهات مختلفة للاشياء من الصفات والجهات والآلات فيه مدخل ، وخالقنا تبارك
(1)في التوحيد المطبوع : انما خلق الاشياء من غير حاجة .(*)