بحار الأنوار ج69

ذلك مما لو خلي ونفسه لكان لا يقدم عليه .
الثالثة أن يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل ، كحضوره الجماعة قبل
القوم ، وقصد الصف الاول ، وتوجهه إلى يمين الامام ، وما يجري مجراه ، وكل
ذلك مما يعلم الله منه أنه لو حلي بنفسه لكان لا يبالي من أين وقف ومتي يحرم
بالصلاة ، فهذه درجات الرياء بالنسبة إلى ما يرائي به وبعضه أشد من بعض والكل
مذموم .
الركن الثالث : المرايا لاجله فان للمرائي مقصودا لا محالة ، فانما يرائي
لادراك مال أو جاه أو غرض من الاغرا ض لا محالة وله أيضا ثلاث درجات .
الاولى : وهي أشدها وأعظمها أن يكون مقصدة التمكن من معصيته كالذي
يرائي بعباداته ليعرف بالامانة فيولي القضاء أو الاوقاف أو أمول الايتام ، فيحكم
بغير الحق ويتصرف في الاموال بالباطل ، وأمثال ذلك كثيرة .
الثانية أن يكون غرضه نيل حظ مباح من مال أو نكاح امرأة جميلة أو
شريفة . فهذا رياء محظور لانه طلب بطاعة الله متاع الدنيا ولكنه دون الاول .
الثالثة أن لا يقصد نيل حظ وإدراك مال أو شبهه ، ولكن يظهر عبادته خيفة
من أن ينظر إليه بعين النقص ، ولا يعد من الخاصة والزهاد ، كأن يسبق إلى الضحك أويبدر منه المزاح فيخاف أن ينظر إليه بعين الاحتقار ، فيتبع ذلك بالاستغفار وتنفس الصعداء ، وإظهار الحزن ، ويقول : ما أعظم غفلة الانسان عن نفسه ، والله يعلم منه أنه لو كان في الخلوة لما كان يثقل عليه ذلك .
فهذه درجات الرياء ومراتب أصناف المرائين ، وجميعهم تحت مقت الله وغضبه
وهي من أشد المهلكات
وأما ما يحبط العمل من الرياء الخفي والجلي ومالا يحبط فنقول : إذا عقد
العبد العبادة على الاخلاص ثم ورد وارد الرياء ، فلا يخلو إما أن ورد عليه بعد
فراغه من العمل أو قبل الفراغ ، فان ورد بعد الفراغ سرور من غير إظهار فلا يحبط
العمل ، إذ العمل قد تم على نعت الاخلاص سالما من الرياء ، فما يطرء بعده فنرجو

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه