بحار الأنوار ج52

قال سعد : فحمدنا الله جل ذكره على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك إلى
منزل مولانا عليه السلام أياما ، فلانرى الغلام بين يديه ، فلما كان يوم الوداع دخلت
أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أرضنا ، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه
قائما وقال : ياابن رسول الله قد دنت الرحلة ، واشتدت المحنة ، ونحن نسأل الله
أن يصلى على المصطفى جدك ، وعلى المرتضى أبيك ، وعلى سيدة النساء امك
وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك ، وعلى الائمة الطاهرين من بعدهما
آبائك ، وأن يصلي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك ، ويكبت
عدوك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك .
قال : فلما قال هذه الكلمة ، استعبر مولانا عليه السلام حتى استهلت دموعه ، و
تقاطرت عبراته ، ثم قال : يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا فانك ملاق الله
في صدرك(1)هذا فخر أحمد مغشيا عليه ، فلما أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة
جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا فأدخل مولانا عليه السلام يده تحت البساط فأخرج
ثلاثة عشر درهما فقال : خذها ولا تنفق على نفسك غيرها ، فانك لن تعدم ما سألت
وإن الله تبارك وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا .
قال سعد : فلما صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا عليه السلام من حلوان على
ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق وصارت عليه علة صبعة أيس من حياته فيها ، فلما
وردنا حلوان ، ونزلنا في بعض الخانات ، دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده
كان قاطنا بها ثم قال : تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه
ورجع كل واحد منا إلى مرقده .
قال سعد : فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح ، أصابتني فكرة ففتحت
عني فإذا أنا بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد عليه السلام وهو يقول : أحسن الله بالخير
عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم قد فرغنا من غسل صاحبكم وتكفينه(2)فقوموا


(1)في المصدر : في سفرك . راجع ج 2 ص 138 .
(2)ما تضمنه الخبر من موت أحمد بن إسحاق خلاف ما صرح به الرجاليون في بقائه
بعد أبى محمد عليه السلام . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه