محمد : وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم(1).
تفسير : " الاعراب أشد كفرا ونفاقا " الاعراب سكان البادية الذين لم
يهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وآله ، قال الراغب : العرب أولاد إسماعيل ، والاعراب جمعه
في الاصل ، وصار ذلك إسما لسكان البادية ، قال تعالى : " قالت الاعراب آمنا "
وقال : " الاعراب أشد كفرا ونفاقا " انتهى(2).
وكونهم أشد كفرا ونفاقا من أهل الحضر لتوحشهم وقساوتهم وجفائهم و
نشوهم في بعد من مشاهدة العلماء وسماع التنزيل ، " وأجدر أن لا يعلموا " أي أحق
بأن لا يعلموا " حدود ما أنزل الله على رسوله " من الشرائع فراضها وسننها و
أحكامها " والله عليم " يعلم حال كل أحد من أهل والوبر والمدر ، " حكيم " فيما
يصيب به مسيئهم ومحسنهم عقابا وثوابا .
" ومن الاعراب من يتخذ " أي يعد " ما ينفق " أي يصرفه في سبيل الله ويتصدق
به ، " مغرما " أي غرامة وخسرانا إذ لا يحتسبه عندالله ، ولو يرجوا عليه ثوابا و
إنما ينفق رئاء وتقية ، " ويتربص بكم الدوائر " أي ينتظر بكم صروف الزمان
وحوادث الايام من الموت والقتل والمغلوبية ، فيرجع إلى دين المشركين و
يتخلص من الانفاق ، " عليهم دائرة السوء " اعتراض بالدعاء عليهم بنحو ما
يتربصونه أو إخبار عن وقوع ما يتربصون عليهم " والله سميع " لما يقولون عند
الانفاق وغيره " عليم " بما يضمرون .
" قربات " أي سبب قربات ، " وصلوات الرسول " أي وسبب دعواته ، لانه
كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ، ويستغفر لهم " ألا إنها قربة لهم " شهادة
من الله لهم بصحة معتقدهم ، وتصديق لرجائهم ، " سيدخلهم الله " وعدلهم باحاطة
الرحمة عليهم " إن الله غفور رحيم " تقرير له . .
(1)القتال : 38 .
(2)المفردات 238 ، وفيه العراب ولد اسماعيل .