بحار الأنوار ج52

فكان هذا الرجل يغلق عليه الباب كل يوم ، ويذهب إلى الصحاري للتنزه
ولطلب الدراري التي تؤخذ منها ، فقال له في بعض الايام : إني قد ضاق صدري
واستوحشت من هذا المكان ، فاذهب بي اليوم واطرحني في مكان واذهب حيث
شئت .
قال : فأجابني إلى ذلك ، وحملني وذهب بي إلى مقام القائم صلوات الله عليه
خارج النجف فأجلسني هناك وغسل قميصه في الحوض وطرحها على شجرة كانت
هناك ، وذهب إلى الصحراء ، وبقيت وحدي مغموما افكر فيما يؤول إليه أمري
فاذا أنا بشاب صبيح الوجه ، أسمر اللون ، دخل الصحن . وسلم علي وذهب
إلى بيت المقام ، وصلى عند المحراب ركعات ، بخضوع وخشوع لم أر مثله قط
فلما فرغ من الصلاة خرج وأتاني وسألني عن حالي فقلت له : ابتليت ببلية ضقت
بها لا يشفيني الله فأسلم منها ، ولا يذهب بي فأستريح ، فقال : لا تحزن سيعطيك الله
كليهما ، وذهب .
فلما خرج رأيت القميص وقع على الارض ، فقمت وأخذت القميص وغسلتها
وطرحتها على الشجر ، فتفكرت في أمري وقلت : أنا كنت لا أقدر على القيام
والحركة ، فكيف صرت هكذا ؟ فنظرت إلى نفسي فلم أجد شيئا مما كان بي
فعلمت أنه كان القائم صلوات الله عليه ، فخرجت فنظرت في الصحراء فلم أر أحدا
فندمت ندامة شديدة .
فلما أتاني صاحب الحجرة ، سألني عن حالي وتحير في أمري فأخبرته بما
جرى فتحسر على مافات منه ومني ، ومشيت معه إلى الحجرة .
قالوا : فكان هكذا سليما حتى أتى الحاج ورفقاؤه ، فلما رآهم وكان معهم
قليلا ، مرض ومات ، ودفن في الصحن ، فظهر صحة ما أخبره عليه السلام من وقوع
الامرين معا .
وهذه القصة من المشهورات عند أهل المشهد ، وأخبرني به ثقاتهم وصلحاؤهم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه