بحار الأنوار ج19

لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل
وجدت بنفسي دونه وحميته * ودارأت(1)عنه بالذرى والكواهل(2)
فلا زال في الدنيا جمالا لاهلها * وشيئا لمن عادى وزين المحافل
حليما رشيدا حازما غير طائش * يوالي إله الحق ليس بما حل(3)
فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل
فلما سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه ، وكان أبوالعاص بن الربيع - وهو ختن
رسول الله - يأتي بالعير بالليل عليها البر والتمر إلى باب الشعب ، ثم يصيح بها فتدخل
الشعب فيأكله بنو هاشم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " لقد صاهرنا أبوالعاص فأحمدنا
صهره ، لقد كان يعمد إلى العير ونحن في الحصار فيرسلها في الشعب ليلا " ولما أتى
على رسول الله في الشعب أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الارض
فلحست جميع ما فيها من قطيعة وظلم ،(4)وتركت " باسمك اللهم(5)" ونزل
جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بذلك ، فأخبر رسول الله أبا طالب ، فقام أبوطالب
ولبس ثيابه ثم مشى حتى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه ، فلما أبصروه
قالوا : قد ضجر أبوطالب ، وجاء الآن ليسلم ابن أخيه ، فدنا منهم وسلم عليهم فقاموا
إليه وعظموه وقالوا : قد علمنا يا أبا طالب أنك أردت مواصلتنا ، والرجوع إلى
جماعتنا ، وأن تسلم ابن أخيك إلينا ، قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني
ولم يكذبني أن الله تعالى أخبره أنه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الارض فلحست


(1)أى دافعت عنه .
(2)في نسخة : والكواكل . أقول : الذرى : أعلى الشئ ، أراد به الرؤوس ، والكواهل جمع
الكاهل : أعلى الظهر مما يلى العنق . والكلاكل جمع الكلكل : الصدر أو ما بين الترقوتين .
(3)في النهاية : وما حل مصدق أى خصم يجادل ، وقيل : ساع ، من قولهم : محل بفلان :
إذا سعى به إلى السلطان :
(4)في المصدر : من قطيعة رحم وظلم وجور ، وتركت اسم الله .
(5)في نسخة : باسم إله .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه