فهذه قصة حواء صلوات الله عليها .(1)
بيان : الغرمول بالضم : الذكر . والسبات كغراب : النوم .
علم أن المشهور بين العامة مؤرخيهم ومفسريهم أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام
ويدل عليه بعض أخبارنا أيضا ، ويدل هذا الخبر وغيره من الاخبار على نفي ذلك ، فالاخبار
الواردة موافقة للعامة إما محمولة على التقية ، أو على أنها خلقت من فضلة طينة أضلاعه .
قال الرازي في تفسير قوله تعالى : " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من
نفس واحدة وخلق منها زوجها(2)" المراد من هذا الزوج هو حواء ، وفي كون حواء
مخلوقة من آدم قولان : الاول : وهو الذي عليه الاكثرون أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه
النوم ، ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى ، فلما استيقظ رآها ومال إليها وألفها
لانها كانت مخلوقة من أجزائه ، واحتجوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وآله : إن المرأة
خلقت من ضلع ، فإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها .
والقول الثاني وهو اختيار أبي مسلم الاصفهاني أن المراد من قوله : " وخلق منها
زوجها " أي من جنسها ، وهو كقوله تعالى : والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا(3)" و
كقوله : " إذا بعث فيهم رسولا منهم(4)" وقوله : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم(5)" قال
القاضي : والقول الاول أقوى لكي يصح قوله : " خلقكم من نفس واحدة " إذلو كان حواء مخلوقة
ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين لامن نفس واحدة ، ويمكن أن يجاب عنه بأن كلمة
من لا بتداء الغاوية ، فلما كان ابتداء التخليق ولايجاد وقع بآدم عليه السلام صح أن يقال :
" خلقكم من نفس واحدة " وأيضا فلما ثبت أنه تعالى قادر على خلق آدم من التراب
كان قادرا على خلق حواء من التراب ، وإذا كان الامر كذلك فأي فائدة في خلقها من ضلع من
أضلاع آدم عليه السلام ، انتهى .(6)
(1)علل الشرائع : 17 - 18 . م
(2)النساء : 2 .
(3)النحل : 72 .
(4)التوبة : 128 .
(5)آل عمران : 164 .
(6)مفاتيح الغيب ج 3 : 191 - 192 . م(*).