بحار الأنوار ج8

فنعم عقبى الدار فبيناهم كذلك إذ يسمعون صوتا من تحت العرش : يا أهل الجنة
كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون : خيرالمنقلب منقلبنا وخيرالثواب ثوابنا ، قد سمعنا
الصوت واشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو اعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف
الميعاد ، فيأمر الله الحجب فيقوم سبعون ألف حجاب فيركبون على النوق والبراذين و
عليهم الحلي والحلل فيسيرون في ظل الشجر حتى ينتهوا إلى دار السلام ، وهي دار
الله دارالبهاء والنور والسرور والكرامة ، فيسمعون الصوت فيقولون : يا سيدنا
سمعنا لذاذة منطقك ، فأرنا نور وجهك ، فيتجلى لهم سبحانه وتعالى حتى ينظرون إلى
نور وجهه - تبارك وتعالى - المكنون من عين كل ناظر ، فلا يتمالكون حتى يخروا
على وجوههم سجدا فيقولون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم .
قال : فيقول : عبادي ! ارفعوا رؤوسكم ليس هذه بدار عمل إنما هي دار كرامة
ومسألة ونعيم قد ذهبت عنكم اللغوب والنصب ، فإذا رفعوها رفعوها وقد أشرقت
وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ، ثم يقول تبارك وتعالى : يا ملائكتي أطعموهم و
اسقوهم ، فيؤتون بألوان الاطعمة لم يروا مثلها قط في طعم الشهد وبياض الثلج ولين
الزيد ، فإذا أكلوه قال بعضهم لبعض : كان طعامنا الذي خلفناه في الجنة عند هذا
حلما .
قال : ثم يقول الجبار تبارك وتعالى : يا ملائكتي اسقوهم ، قال : فيؤتون بأشربة
فيقبضها ولي الله فيشرب شربة لم يشرب مثلها قط ، قال : ثم يقول : يا ملائكتي طيبوهم
فتأتيهم ريح من تحت العرش بمسك أشد بياضا من الثلج تغير وجوههم وجباههم
وجنوبهم تسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى نور وجهه ، فيقولون : يا سيدنا
حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى نور وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي به حولا ، فيقول
الرب تبارك وتعالى : إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون ، وأن أزواجكم إليكم
مشتاقات ، فيقولون : يا سيدنا ما أعلمك بما في نفوس عبادك ؟ ! فيقول : كيف لا أعلم
وأنا خلقتكم ، وأسكنت أرواحكم في أبدانكم ، ثم رددتها عليكم بعد الوفاة فقلت :
اسكني في عبادي خير مسكن ، ارجعوا إلى أزواجكم ، قال : فيقولون : ياسيدنا اجعل

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه