بحار الأنوار ج11

ولا كيفية له ، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله ، فقال
موسى عليه السلام : يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله
جل جلاله إليه : يا موسى سلني ماسألوك فلن اؤاخذك بجهلهم . فعند ذلك قال موسى :
" رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكان " وهو يهوي
" فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل " بآية من آياته " جعله دكا وخر موسى صعقا *
فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك " يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي " وأنا
أول المؤمنين " منهم بأنك لاترى .
فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : " ولقد همت
به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " فقال الرضا عليه السلام : لقد همت به ولولا أن رأى
برهان ربه لهم بها كما همت ، لكنه كان معصوما ،(1)والمعصوم لايهم بذنب ولا يأتيه ،
ولقد حدثني أبي عن أبيه الصادق عليه السلام أنه قال : همت بأن تفعل ، وهم بأن يفعل ،
فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : " وذاالنون
إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " قال الرضا عليه السلام : ذاك يونس بن متى عليه السلام " ذهب
مغاضبا " لقومه " فظن " بمعنى استيقن " أن لن نقدر عليه " أن لن نضيق عليه رزقه ، ومنه
قول الله عزوجل : " وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه " أي ضيق وقتر " فنادى في الظلمات "
ظلمة الليل وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت " أن لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت
من الظالمين " بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوث ، فاستجاب الله
له وقال عزوجل : " فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " .
فقال المأمون : لله درك يا أباالحسن ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : " حتى إذا
استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاء‌هم نصرنا " قال الرضا عليه السلام : يقول عزوجل :
حتى إذا استيأس الرسل من قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا جاء الرسل
نصرنا .


(1)تقدم في الخبر الاول عنه عليه السلام : انها همت بالمعصية ، وهم يوسف عليه السلام بالقتل
إن اجبرته لعظم ما داخله(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه