بحار الأنوار ج65

الاسلام في الحكم وما معناه ؟ .
قلت : الاسلام يكفي في الحكم به ظاهرا الاقرار بالشهادتين ، مع عدم علم
الاستهزاء والشك من لمعتبر ، بخلاف الايمان ، فانه لا بد في الحكم به ظاهرا مع
ذلك من الاعتراف بأنه يعتقد الاصول الخمسة ، مع إقراره بها ، أو يقتصر على
الاقرار بها مع عدم علمنا منه بما ينافي ذلك من استهزاء أو شك ، فهو أخص حكما
من الاسلام ، وهذا الذي ذكرناه يشهد به كثير من الاحاديث ، وحكم علماء
الامامية أيضا باسلام أهل الخلاف وعدم إيمانهم ، يؤيد ما قلناه .
وأما على أن الاسلام في الحقيقة هو الايمان فبقوله تعالى فأخرجنا من كان
فيها من المؤمنين (1)الاية والتقريب ما تقدم في بيان استدلال أهل المذهب الاول
بها ، والاعتراض الاعترض ، لكن ما ذكر هناك من المعارضة بآية الاعراب لا يرد
هنا لانا بينا أنها إنما تدل على المغايرة في الحكم ، وهو لاينافي الاتحاد في الحقيقة
وأما هناك فلما كان المدعى الاتحاد مطلقا حكما وحقيقة ، أمكن المعارضة بها
في الجملة .
وقد تقدم في كلام المحقق الطوسي قدس سره : أنهم استدلوا على كون
حقيقتهما واحدة بقوله تعالى إن الدين عند الله الاسلام ويمكن تقريره بوجهين
أحدهما : أن الايمان هو الدين والدين هو الاسلام ، فالايمان هو الاسلام أما
الكبرى فللاية وأما الصغرى فلقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل
منه (2)ولا ريب أن الايمان مقبول من يبتغيه دينا للاجماع ، فيكون الايمان دينا
فيكون هو الاسلام ، وفيه أنه لا يلزم من صحة حمل الاسلام عليه كونهما واحدا في
الحقيقة لجواز كون المحمول أعم ، ويمكن الجواب بما ذكرناه سابقا من إفادة
مثل ذلك حصر الاسلام في الدين ، لكن يرد على دليل الصغرى أن اللازم منه كون
الايمان دينا أما كونه نفس الدين ليكون هو الاسلام ، فلا ، لجواز أن يكون جزء‌ا منه
أو جزئيا له ، أو شرعا كذلك ، ولا ريب أن جزء الشئ أو جزئيه أو شرطه


(1)الذاريات : 35 .(2)آل عمران : 85 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه