بحار الأنوار ج21

عليهم ، فقال : فداكم أبي . أمي لقد سرني ما رأيت منكم ، وما في العرب أحد
غيركم ، والله ما في محمد مثلكم ، ولقد قل المقام وطعامكم كثير ، وماؤكم وافر
لا تخافون قطعه ، فلما خرج قال ثقيف لابي محجن : فإنا قد كرهنا دخوله ، و
خشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا ، فقال أبومحجن : أنا كنت
أعرف به ، ليس أحد منا أشد على محمد منه وإن كان معه ، فلما رجع إلى رسول الله
صلى الله عليه واله قال : قلت لهم : ادخلوا في الاسلام ، فوالله لا يبرح محمد من عقر داركم حتى
تنزلوا ، فخذوا لانفسكم أمانا فخذلتهم ما استطعت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : لقد
كذبت ، لقد قلت لهم : كذا وكذا ، وعاتبه جماعة من الصحابة ، وقال : أستغفر الله
وأتوب إليه ولا أعود أبدا .
بيان : عقد الدار باضم : وسطها وأصلها قد يفتح .
6 - شا : ثم كانت غزاة(1)حنين استظهر رسول الله فيها بكثرة الجمع
فخرج صلى الله عليه واله متوجها إلى القوم في عشرة آلاف من المسلمين ، فظن أكثرهم أنهم
لم يغلبوا(2)لما شاهدوه من جمعهم وكثرة عدتهم(3)وسلاحهم ، وأعجب أبابكر
الكثرة يومئذ فقال : لن نغلب اليوم من قلة ، وكان الامر في ذلك بخلاف ما ظنوا(4)
وعانهم أبوبكر بعجبه بهم ، فلما التقوا مع المشركين لم يلبثوا حتى انهزموا
بأجمعهم ، ولم يبق منهم مع النبي صلى الله عليه واله إلا عشرة أنفس :(5)تسعة من بني هاشم
خاصة ، وعاشرهم أيمن بن أم أيمن ، فقتل أيمن رحمة الله عليه ، وثبتت التسعة(6)
الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله صلى الله عليه واله من كان انهزم ، فرجعوا أولا فأولا
حتى تلاحقوا ، وكانت لهم الكرة على المشركين ، وفي ذلك أنزل الله تعالى وفي
إعجاب أبي بكر بالكثرة : " ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا "
وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على


(1)غزوة خ ل .(2)لن يغبلوا خ ل .
(3)عددهم خ ل .(4)ما ظنوه خ ل .
(5)نفر خ ل .(6)النفر خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه