ياموسى أما المتقربون إلي بالبكاء من خشيتي ، فهم في الرفيق الاعلى لايشركهم
فيه أحد وأما المتعبدون لي بالورع عن محارمي فاني افتش الناس عن أعمالهم
ولا افتشهم حياء منهم ، وأما المتقربون إلي بالزهد في الدنيا فاني ابيحهم
الجنة بحذافيرها ، يتبوؤن منها حيث يشاؤن(1).
18 سن : أبي رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لرجل : أحكم أهل الآخرة
(أمر آخرتهم)كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم فانما جعلت الدنيا شاهدا يعرف بها
ماغاب عنها من الآخرة ، فاعرف الآخرة بها ، ولاتنظر إلى الدنيا إلا باعتبار(2).
19 ضا : أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إن الدنيا قد ترحلت مدبرة
وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحد منهما بنون ، فكونوا من أبناء
الآخرة ، ولاتكونوا من أبناء الدنيا ، وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين
في الآخرة ، لان الزاهدين اتخذوا الارض بساطا ، والتراب فراشا ، والماء طيبا
وقرضوا الدنيا تقريضا .
ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات
ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصائب ، ألا إن لله عبادا شرورهم مأمونة(وقلوبهم)
محزونة وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، صبروا أياما فصارت لهم العقبى راحة طويلة
أما آناء الليل ، فصافوا على أقدامهم ، وآناء النهار فخلصوا مخلصا وهم عابدون يسعون
في فكاك رقابهم ، بررة أتقياء كأنهم القداح ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى .
وروي عن المسيح عليه السلام أنه قال للحواريين : أكلي ماأنبتته الارض للبهايم
وشربي ماء الفرات بكفي ، وسراجي القمر ، وفراشي التراب ، ووسادتي المدر
ولبسي الشعر ، ليس لي ولد يموت ، ولا لي امرأة تحزن ، ولا بيت يخرب ، ولا
مال يتلف ، فأنا أغنى ولد آدم .
وأروي عن العالم عليه اللسام أنه سئل عن قول الله تبارك وتعالى : وكان تحته
(1)ثواب الاعمال ص 156 .
(2)المحاسن ص 299 وفيه أحكم أمر الاخرة كما الخ .