بحار الأنوار ج13

جعل الله تعالى رزقه في إبهامه يمصه لبنا ، فألقى الله حبه في قلبها وأحبه فرعون ،(1)
فلما أخرجوه عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرئت ،
فقبلته وضمته إلى صدرها ، فقال الغواة من قوم فرعون : أيها الملك إنا نظن أن ذلك
المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل هو هذا ، رمي به في البحر فرقا منك ،(2)فهم
فرعون بقتله فاستوهبته آسية فوهبه لها ، ثم قال لها : سميه ، فقالت : سميته موشى لانه
وجد بين الماء والشجر .
قالوا : وقالت ام موسى لاخته - وكانت تسمى مريم - : قصيه ، أي اتبعي أثره واطلبيه
هل تسمعين له ذكرا ؟ أحي ابني أم قد أكلته دواب البحر ؟ ونسيت وعد الله تعالى " فبصرت
به عن جنب وهم لا يشعرون " أنها اخته .(3)فلما امتنع أن يأخذ من المراضع ثديا قالت :
" هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فلما أتت بامه ثار إلى ثديها
حتى امتلا جنباه ، فقالت : امكثي عندي ترضعين ابني هذا ، فقالت : لا أستطيع أن أدع


(1)إلى هنا سقط عن العرائس المطبوع بمصر .
(2)أى خوفا منك .
(3)في المصدر : عن جنب أى عن بعدوهم لا يشعرون أنها اخته . وفى المصدر هنا زيادة لم تكن في نسخة
المؤلف قدس سره أو اراد الاختصار ، ونحن نوردها بألفاظها وهى هذه : وكانت آسية قد أرسلت إلى
من حولها من كل انثى بها لبن لتختار له ظئرا تربى موسى ، فجعل كلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم
يقبل ثديها حتى أشفقت آسية أن يمتنع من اللبن فيموت ، فأحزنها ذلك فأمرت به فاخرج إلى السوق
لتجتمع عليه الناس ترجو أن تصيب له ظئرا يقبلها ويأخذ ثديها ويرضع منها ، فلم يقبل ثدى امرأة
فذلك قوله عزوجل " وحرمنا عليه المراضع من قبل " فقالت اخت موسى حين أعياهم أمره وأعيا
الظؤورة : " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فأخذوها وقالوا لها : وما
يدريك بنصحهم له ؟ ولعلك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله ، فقالت : ما أعرفهم ، وانما نصحهم
له وشفقتهم عليه من أجل رغبتهم في ظؤورة الملك ورجاء منفعته ، فتركوها ، فانطلقت إلى امها
فاخبرتها بالخبر فأتت ، فلما وضعتها على ثديها في حجرها نزل اللبن من ثديها حتى ملا جنبيه ،
فانطلق البشير إلى آسية يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئرا ، فارسلت اليها فأتى بها ، فلما رأت
ما يصنع بها قالت لها : امكثى عندى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه