بحار الأنوار ج65

من أجزاء الايمان ، وهو الاقرار الظاهري ، فهو بمنزلة إقرار الانسان على نفسه
فانه لا يكلف بينة على إقراره ، بل يحكم بمحض الاقرار عليه ، وإن شهدت البينة
على خلافه ، بخلاف إظهار الايمان والتكلم به ، فانه وإن أتى بجزء من الايمان
وهو الاقرار الظاهري ، لكن عمدة أجزائه التصديق القلبي ، وهو في ذلك مدع
لا بد له من شاهد من عمل الجوارح عند الناس ، ومن النية والتصديق عند الله ، فاذا
اتفق الشاهدان ، وهما التصديق والعمل ، ثبت إيمانه عند الله ، ولما كان التصديق
القلبي أمرا لا يطلع عليه غير الله ، لم يكلف الناس في الحكم بايمانه إلا بالاقرار
الظاهري والعمل ، فانهما شاهدان عدلان يحكم بهما ظاهرا وإن كانا كاذبين عند الله .
والحاصل أنه عليه السلام شبه الاقرار الظاهري بالدعوى في سائر الدعاوي
وكما أن الدعوى في سائر الدعاوي لا تقبل إلا ببينة ، فكذا جعل الله تعالى هذه
الدعوى غير مقبولة إلا بشاهدين من قلبه وجوارحه ، فلا يثبت عنده إلا بهما ، وأما
عند الناس فيكفيهم في الحكم الاقرار والعمل الظاهري ، كما يكتفي عند الضرورة
بالشاهد واليمين ، فالايمان مركب من ثلاثة أجزاء ولا يثبت الايمان الواقعي إلا
يتحقق الجميع ، فهو من هذه الجهة يشبه سائر الدعاوي للزوم ثلاثة أشياء في تحققها :
الدعوى ، والشاهدين ، ويمكن أن يكون الاصل في الايمان الامر القلبي ولما
لم يكن ظهوره للناس إلا بالاقرار والعمل ، فجعلهما الله من اجزء الايمان أو من
شرائطه ولوازمه وقد أصاب أي حكم بالحكم والصواب .
56 - كا(1): عن علي بن إبر اهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله
ابن سنان قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر
فيموت ، هل يخرجه ذلك من الاسلام ، وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين
أم له مدة وانقطاع ؟ فقال عليه السلام : من ارتكب كبيرة من الكبائر ، فزعم أنها
حلال أخرجه ذلك من الاسلام ، وعذب أشد العذاب ، وإن كان معترفا أنه أذنب


(1)الكافى ج 2 ص 285 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه