بحار الأنوار ج2

قالوا : فوقع علينا من الفرح والسرور مالا يعلمه إلا الله تعالى ، وعلى الرجل والمتعصبين
له من الحزن والغم مثل مالحقنامن السرور ، فلما رجعنا إلى الامام قال لنا : إن
الذي في السماوات من الفرح والطرب بكسرهذا العدو لله كان أكثر مماكان بحضرتكم
والذي كان بحضرة إبليس وعتاة(1)مردته من الشياطين من الحزن والغم أشد مماكان
بحضرتهم ، ولقد صلى على هذا الكاسرله ملائكة السماء والحجب والكرسي ، وقابلها
الله بالاجابة فأكرم إيابه وعظم ثوابه ، ولقد لعنت تلك الملائكة عدو الله المكسور وقابلها
الله بالاجابة فشدد حسابه وأطال عذابه .
بيان : التسمع : الاستماع . وأكسر غرته أى غلبته وشوكته . والفل : الكسر .
والحد : طرف السيف وغيره ، ومن الرجل بأسه وشدته أى أكسرحدته وبأسه ، ولاتبق
له باقية أى حجة باقية . فأكرم إيابه أى رجوعه إلى الله عزوجل .
24 - م : قال أبومحمد الحسن العسكري عليه السلام إن رجلا جاء إلى علي بن الحسين عليهما السلام
برجل يزعم أنه قاتل أبيه ، فاعترف ، فأوجب عليه القصاص ، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه
فكأن نفسه لم تطب بذلك ، فقال علي بن الحسين عليه السلام للمدعي للدم الولي المستحق
للقصاص : إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلا فهب له هذه الجناية واغفر له هذا
الذنب . قال : ياابن رسول الله له على حق ولكن لم يبلغ أن أعفو له عن قتل والدي . قال :

فتريد ماذا ؟ قال : اريد القود(2)، فإن أراد لحقه على أن اصالحه على الدية صالحته وعفوت
عنه ، فقال على بن الحسين عليهما السلام : فماذا حقه عليك ؟ قال : ياابن رسول الله لقنني توحيد
الله ونبوة محمد رسول الله ، وإمامة علي والائمة عليهم السلام ، فقال علي بن الحسين عليهما السلام :
فهذا لا يفي بدم أبيك ؟ بلى والله هذا يفي بدماء أهل الارض كلهم من الاولين والآخرين
سوى الانبياء والائمة عليهم السلام إن قتلوا ، فإنه لايفي بدمائهم شئ أن يقنع منه بالدية .
قال : بلى ، قال علي بن الحسين للقاتل : أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتى أبذل لك الدية
فتنجو بها من القتل ؟ قال : ياابن رسول الله أنا محتاج إليها ، وأنت مستغن عنها فإن


(1)العتات جمع عاة : من استكبر وجاوز الحد .
(2)القود بفتح القاف والواو : القصاص وقتل القاتل بدل القتيل . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه