بحار الأنوار ج20

وجدوا مس الارض وقعوا نياما ، وإنما فعل ذلك ليشتغل الناس عن الحديث الذي
خرج من ابن أبي ، ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز فويق البقيع يقال
له : بقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها ، وضلت ناقة رسول الله وذلك ليلا ،
فقال صلى الله عليه وآله : " مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة " قيل : من هو ؟ قال : رفاعة ،
فقال رجل من المنافقين : كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته ؟ ألا يخبره
الذي يأتيه بالوحي ؟ فأتاه جبرئيل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة ، وأخبر
رسول الله بذلك أصحابه ، وقال : " ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه ، ولكن الله
تعالى أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي هي في الشعب " فإذا هي كما قال فجاؤا بها
وآمن ذلك المنافق ، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد في التابوت(1)أحد
بني قينقاع وكان من عظماء اليهود قد مات ذلك(2)اليوم .
قال زيد بن أرقم : فلما وافى رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة جلست في البيت لما بي
من الهم والحياء ، فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبدالله ، ثم أخذ
رسول الله صلى الله عليه وآله بأذن زيد فرفعه عن الرحل ثم قال : " يا غلام صدق فوك ووعت
أذناك ، ووعى قلبك(3)، وقد أنزل الله فيما قلت قرآنا " .
وكان عبدالله بن أبي بقرب المدينة فلما أرأد أن يدخلها جاء ابنه عبدالله بن
عبدالله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة ، فقال : مالك ويلك ؟ قال والله(4)لا
تدخلها إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولتعلمن اليوم من الاعز ومن الاذل ، فشكا
عبدالله ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إليه أن خل عنه يدخل ، فقال : أما إذا جاء
أمر رسول الله فنعم ، فدخل فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات ، فلما
نزلت هذه الآيات وبان كذب عبدالله قيل له : إنه نزل فيك آي شداد فاذهب إلى


(1)في السيرة : رفاعة بن زيد بن التابوت .
(2)في ذلك خ ل .
(3)في السيرة : قال . هذا الذى اوفى لله باذنه .
(4)فقال : لا والله خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه