جعلني الله فداك ، فوالله إني لاحبكم واحب من يحبكم ، ووالله ما احبكم واحب
من يحبكم لطمع في دنيا ، وإني لابغض عدوكم وأبرأمنه ، ووالله ما ابغضه وأبرأ
منه لوتر كان بيني وبينه ، والله إني لاحل حلالكم واحرم حرامكم ، وأنتظر
أمركم ، فهل ترجولي جعلني الله فداك ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام إلي إلي حتى أقعده
إلى جنبه .
ثم قال : أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين عليه السلام أتاه رجل فسأله عن مثل
الذي سألتني عنه فقال له أبي عليه السلام : إن تمت ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي
والحسن والحسين ، وعلى علي بن الحسين ، ويثلج قلبك ، ويبرد فؤادك وتقر عينك
وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك ههنا وأهوى
بيده إلى حلقه وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك ، وتكون معنا في السنام الاعلي .
قال الشيخ : قلت : كيف يا أبا جعفر ؟ فأعاد عليه الكلام فقال الشيخ : الله أكبر
يا أبا جعفر إن أنا مت أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي والحسن والحسين
وعلي بن الحسين ، وتقر عيني ؟ ويثلج قلبي ، ويبرد فؤادي ، واستقبل بالروح
والريحان مع الكرام الكاتبين ، لوقد بلغت نفسي ههنا ، وإن أعش أرى ما يقر الله
به عيني ، فأكون معكم في السنام الاعلى ؟ ثم أقبل الشيخ ينتحب ، ينشج هاهاها
حتى لصق بالارض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون ، لما يرون من حال
الشيخ ، وأقبل أبوجعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه
وينفصها .
ثم رفع الشيخ رأسه فقال لابي جعفر عليه السلام : يا ابن رسول الله ناولني يدك
جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبلها ، ووضعها على عينيه وخده ، ثم حسر عن بطنه
وصدره ، فوضع يده على بطنه وصدره ، ثم قام ، فقال : السلام عليكم ، وأقبل
أبوجعفر عليه السلام ، ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثم أقبل بوجهه على القوم فقال : من أحب
أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا ، فقال الحكم بن عتيبة : لم أر