بحار الأنوار ج86

في موضع جر على تقدير حرف الجر ، لان الحرف حذف لطول الكلام ، وما حذف
لذلك فهو في حكم الثابت ، وقرئ في الشواذ(تقصروا)من الاقصار ،(وتقصروا)
من التقصير(من الصلاة)(من)زائدة وقال سيبويه صفة موصوف محذوف أي شيئا
من الصلاة .


معه الخوف من فتنة الاعداء يكون الصلاة ركعة واحدة الا أن الاول على الاصل بالمفهوم
الضمنى ، والثانى بالمنطوق صريحا .
وأما قوله عزوجل :(وإذا كانت فيهم فأقمت لهم الصلاة)الاية ، فالظاهر من تحويل
السياق أنها بصدد بيان حكم خاص يتفرع على المسألة قبلها ، والمعنى أنه اذا كان المؤمنون
مسافرين وهم معذلك خائفون من العدو وهجومهم ، وكنت أنت فيهم تجمع شملهم ، فأردت
أن تقيم لهم الصلاة ركعتين ، فاحتل لرفع الخوف من بادرتهم بأن تفرق المؤمنين فرقتين :
فرقة تقوم بازاء العدو ترصدهم والطائفة الاخرى يصلون معك ركعة جماعة وركعة أخرى
تمام صلاتهم بالانفراد ، ثم تقوم هذه الطائفة حذاء العدو ترصدهم ولتأت الطائفة الاخرى
لم يصلوا فليصلوا معك ركعة جماعة وركعة اخرى منفردين ، فتكونوا جميعا قد صليتم ركعتين
في السفر ، لارتفاع الشرط الثانى وهو المخافة .
فعلى هذا لاريب في أن فرض هذه الاية هو صلاة السفر من دون المخافة من العدو ،
ولو احتيالا في رفعها ، ويستنتج من هذا الفرع أن صلاة السفر ، اذا لم يكن هناك خوف
أبدا ، لابد وأن تكون ركعتين بطريق أولى ، وهو واضح بحمدالله .
ولايذهب عليك أن نزول هذه الاية كان في غزوة ذات الرقاع سنة أربع أو خمس .
على ما سيجئ في باب صلاة الخوف ، لقوله عزوجل فيها :(ود الذين كفروا لو تغفلون
عن أسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة)فانه اخبار عن واقعة خارجية ، الا أن
حكم الاية عام لكل امام يخاف مباغتة الخصم يأمره بأن يحتال في رفع المخافة كما بين الله عز
وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وجه الحيلة في ذلك .
ومما ينص على أن حكم الاية عام ذيل الاية الكريمة :(ولاجناح عليكم ان كان بكم

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه