يواسون من القليل ، فاذا اجتمعوا على الاكل آثر بعضهم بعضا على نفسه ، وقد يكون
في القوم من قد اشتد جوعه ، فربما قرن بين التمرتين أو عظم اللقمة ، فأرشدهم
إلى الاذن فيه لتطيب به أنفس الباقين .
ومنه حديث جبله قال : كنا في المدينة في بعث العراق فكان ابن الزبير يرزقنا
التمر وكان ابن عمر يمر فيقول : لاتقارنوا إلا أن يستأذن الرجل أخاه هذا لاجل
ما فيه من الغبن ، ولان ملكهم فيه سواء ، وروى نحوه عن أبي هريرة في أصحاب
الصفة انتهى .
وقال الكرمانى : النهي للتحريم أو الكراهية بحسب الاحوال والاذن وقال
الطيبى ولاحاجة إلى الاذن عند الاتساع وكذا إذا كان الطعام كثيرا يشبع الجميع
لكن الادب حسن .
وقال في إكمال في رواية مسلم(1)عن ابن عمر أنه قال : لاتقارنوا فان
رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الاقران إلا أن يستأذن الرجل صاحبه ، هذا النهى متفق
عليه حتى يستأذنهم ، فإذا أذنوا فلا بأس ، واختلفوا في أن هذا النهي على التحريم
أو على الكراهة والادب ، فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم ، وعن
غيرهم أنه للكراهة والادب .
والصواب التفصيل : فإن كان الطعام مشتركا بينهم ، فالقران حرام ، إلا
برضاهم ، ويحصل الرضا بتصريحهم أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو
إدلال عليهم كلهم ، بحيث يعلم يقينا أو ظنا قويا أنهم يرضون به ومتى شك في
(1)روى مسلم في كتاب الاشربة تحت الرقم 150 ج 3 1617 باسناده عن شعبة
قال : سمعت جبلة بن سحيم قال : كان ابن الزبير يرزقنا التمر ، قال : وقد كان أصاب الناس
يومئذ جهد ، وكنا نأكل ، فيمر علينا ابن عمرو نحن نأكل فيقول : لا تقارنوا ، فان رسول الله
صلى الله عليه وآله نهى عن الاقران الا أن يستأذن الرجل أخاه ، قال شعبة : لا أرى هذه
الكلمة الا من كلمة ابن عمر ، يعنى الاستيذان .