فاذا لم ير شيئا قتلهم قلا تهولنك ، وأخبر بأنك تعاجله واشترط عليه فعالجه ولا
ترده أول يوم من كحلة فانه سيقول لك : زدني فلا تفعل ثم اكحله من الغد اخرى
فانك سترى ما تحب فيقول لك زدني فلا تفعل فاذا كان الثالث فاكحله فانك سترى
ما تحبه فيقول ذلك زدني فلا تفعل ، فلما أن فعل ذلك برأ فقال أفدتني ملكي و
رددنه علي وقد زوجتك ابنتي قال : إن لي اما قال فأقم معي ما بدا لك فاذا أردت
الخروج فاخرج .
قال : فأقام في ملكه سنة يدبره بأحسن تدبير وأحسن سيرة ، فلما أن حال
عليه الحول قال له : إني اريد الانصراف فلم يدع شيئا إلا زوده من كراع وغنم
وآنية ومتاع ثم خرج حتى انتهى إلى الموضع الذي رأى فيه الرجل ، فاذا الرجل قاعد على
حاله ، فقال : ما وفيت فقال الرجل فاجعلني في حل مما مضى قال : ثم جمع الاشياء
ففرقها فرقتين ثم قال تخير فتخير أحدهما ثم قال وفيت ؟ قال : لا قال : ولم ؟
قال المرأة مما أصبت قال : صدقت فخذ ما في يدي لك مكان المرأة ، قال لا ، ولا
آخذ ما ليس لي ولا أتكثر به ، قال : فوضع على رأسها المنشار ثم قال أجد ؟(1)
فقال : قد وفيت ، وكلما معك وكلما جئت به فهو لك ، وإنما بعثني الله تبارك وتعالى
لاكافيك عن الميت الذي كان على الطريق فهذا مكافاتك عليه(2).
35 - نهج : ومن كلام له عليه السلام وليس لواضع المعروف في غير حقه وعند
غير أهله من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام ، وثناء الاشرار ، ومقالة الجهال مادام
منعما عليهم : ما أجود يده ، وهو عن ذات الله بخيل ، فمن آتاه الله مالا فليصل به
القرابة ، وليحسن منه الضيافة وليفك به الاسير والعاني ، وليعط منه الفقير والغارم
وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب فان فوزا بهذه الخصال شرف
مكارم الدنيا ، ودرك فضائل الاخرة(3).
(1)المنشار آلة حديدية ذات أسنان يجذ - اى يقطع - بها الاخشاب والاشجار .
(2)الاختصاص : 214 .
(3)نهج البلاغة ج 1 ص 278 .