والثاني : أن لفظه الخبر ومعناه الامر ، " قل استهزؤا " أمر على الوعيد " إن
الله مخرج ما تحذرون " أي مبين لنبيه صلى الله عليه واله باطن حالكم ونفاقكم " ولئن سألتهم "
عن طعنهم في الدين واستهزائهم بالنبي صلى الله عليه واله وبالمسلمين " ليقولن إنما كنا نخوض
ونلعب " اللام للتأكيد والقسم ، أي لقالوا كنا نخوض خوض الركب في الطريق
لا على طريق الجد " قل أبالله وآياته " أي حججه وبيناته وكتابه ورسوله
" كنتم تستهزؤن " ثم أمر الله نبيه أن يقول لهم : " لا تعتذروا " بالمعاذير الكاذبة
" قد كفرتهم بعد إيمانكم " أي بعد إظهاركم الايمان " إن نعف عن طائفة منكم "
إذا تابوا " نعذب طائفة " لم يتوبوا " بأنهم كانوا مجرمين " أي كافرين مصرين
على النفاق(1).
قوله تعالى : " يحلفون بالله ما قالوا " أقول : قد مر في باب إعجاز القرآن
أنها نزلت في غزوة تبوك وقصصها ، قال : يعني أنهم حلفوا كاذبين : ما قالوا ما حكي
عنهم ، ثم حقق عليهم وأقسم بأنهم قالوا ذلك " وكفروا بعد إسلامهم " يعني ظهر
كفرهم بعد أن كانا باطنا . " وهموا بمالم ينالوا " فيه أقوال .
أحدها أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه واله ليلة العقبة والتنفير بناقته .
وثانيها : أنهم هموا بإخراج الرسول صلى الله عليه واله من المدينة فلم يبلغوا ذلك .
وثالثها : أنهم هموا بالفساد والتضريب بين أصحابه . ونقم منه شيئا ، أي أنكروعاب . " فرح المخلفون " أي المنافقون الذين خلفهم النبي صلى الله عليه واله ولم يخرجهم
معه إلى تبوك لما استأذنوه في التأخر " بمقعدهم " أي بقعودهم عن الجهاد " خلاف
رسول الله " أي بعده ، وقيل : بمخالفتهم(2)" وقالوا " أي للمسلمين ، أو بعضهم
لبعض : " لا تنفروا " أي لا تخرجوا إلى الغزو " في الحر قل نار جهنم " التي
وجبت لهم بالتخلف عن أمر الله " أشد حرا " من هذا الحر " لو كانوا يفقهون "
أوامر الله وعده ووعيده " فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا " هذا تهديد لهم في
(1)مجمع البيان 5 : 46 و 47 .
(2)في المصدر : لمخالفتهم النبى صلى الله عليه وآله .