صهيبا قال لاهل مكة : أنا رجل كبير إن كنت معكم لم أنفعكم ، وإن كنت عليكم
لم أضرركم ، فخذوا مالي ودعوني ، فأعطاهم ماله ، وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ،
فقال له أبوبكر : ربح البيع يا صهيب(1)" لنبوئنهم في الدنيا حسنة " أي بلدة حسنة
وهي المدينة ، أو حالة حسنة وهي النصر على الاعداء(2).
وقال في قوله تعالى : " إلا من اكره " : نزل في جماعة اكرهوا ، وهم عمار
وياسر أبوه وامه سمية ، وصهيب وبلال وخباب عذبوا ، وقتل أبوعمار وأمه
فأعطاهم عمار بلسانه مما أرادوا منه ، ثم اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال قوم :
كفر عمار ، فقال صلى الله عليه وآله : كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط
الايمان بلحمه ودمه ، وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكي فقال صلى الله عليه وآله : ما
وراك ، قال : شر يا رسول الله ، ما تركت حتى نلت منك ، وذكرت آلهتهم بخير
فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه ويقول : إن عادوا لك فعد لهم بما قلت ، فنزلت
الآية ، عن ابن عباس وقتادة ، وقيل : نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا وخرجوا
يريدون المدينة فأدركهم قريش وفتنوهم فتكلموا بكلمة الكفر كارهين عن مجاهد
وقيل : إن ياسر وسمية أبوا(3)عمار أول شهيدين في الاسلام ، وقوله : " من كفر
بالله * ومن شرح بالكفر صدرا " هو عبدالله بن سعيد(4)بن أبي سرح من بني عامر بن
لوي ، وأما قوله : " ثم إن ربك للذين هاجروا " الآية ، قيل : إنها نزلت في
عباس(5)بن أبي ربيعة أخي أبي جهل من الرضاعة ، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو
(1)في سيرة ابن هشام 2 : 89 : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ربح صهيب ،
ربح صهيب .
(2)مجمع البيان 6 : 361 .
(3)في المصدر : أبوى عمار .
(4)في المصدر : عبدالله بن سعد .
(5)في المصدر : عياش ، وهو الصحيح ، والرجل هو عياش بن أبى ربيعة بن المغيرة بن
عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى ، واسم ابيه عمرو ويلقب ذا الرمحين ، أسلم قديما
وهاجر الهجرتين . استشهد باليمامة وقيل : باليرموك ، وقيل : مات سنة 15 .