بحار الأنوار ج94

الذي ليس لفضله دافع ، ولا لعطائه مانع ، ولا كصنعه صنع صانع ، وهو الجواد
الواسع ، فطر أجناس البدائع ، وأتقن بحكمته الصنائع ، لا يخفى عليه الطلائع
ولا يضيع عنده الودائع ، والمجزي لكل صانع ، والرازق لكل مانع ، وراحم
كل ضارع ، منزل المنافع ، والكتاب الجامع ، بالنور الساطع ، الذي هو
للدعوات سامع ، وللمكرمات رافع ، وللجبابرة قامع ، لا إله غيره ، ولا شئ بعده
ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، اللطيف الخبير على كل شئ قدير .
اللهم إني أرغب إليك ، وأشهد لك مقرا بأنك ربي ، وإليك مردي ،
ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا ، خلقتني وأنا من التراب ، وأسكنتني
وأنا من الاصلاب آمنا لريب المنون ، واختلاف الدهر ، فلم أزل ظاعنا من صلب
إلى صلب إلى رحم في تقادم الايام الماضية ، والقرون الخالية ، لم تخرجني بلطفك
لي وإحسانك إلى في دولة أئمة الكفر ، الذين نقضوا عهدك ، وكذبوا رسلك
لكنك أخرجتني رأفة منك ، وتحننا على للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني
وعليه أنشأتني من قبل ذلك رأفة بي ، بجميل صنعك ، وسوابغ نعمتك(1).
ابتدعت خلقي من مني يمنى ، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث ، بين لحم وجلد
ودم ، لم تشهرني بخلقي ، ولم تجعل لي شيئا من أمري ، ثم أخرجتني إلى الدنيا
تاما سويا ، وحفظتني في المهد طفلا صبيا ، ورزقتني من الغذاء لبنا مريئا ، وعطفت
على قلوب الحواضن ، وكفلتني بالامهات الرحائم ، وكلاتني من طوارق الحدثان
وسلمتني من الزيادة والنقصان ، فتعاليت ربنا يا أرحم الراحمين .
حتى إذا استهللت بالكلام ، أتممت على بالانعام ، وربيتني متزائذا في كل
عام ، حتى إذا أكملت فطرتي ، واعتدلت قوتي أوجبت على حجتك ، بأن ألهمتني
معرفتك وروعتني بعجائب رحمتك وأيقظتني بما ذرأت في سمائك وأرضك في بدائع
خلقك ، ونبهتني لشكرك وذكرك ، وأوجبت طاعتك وعبادتك ، فهمتني ما جاء‌ت
به رسلك ، ومننت على بجميع ذلك بعونك ولطفك .


(1)نعمك خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه