وذلك التمكن إن كان بفكر واجتهاد فكا الشجرة الزيتونة ، وإن كان بالحدس فكالزيت ،
وإن كان بقوة قدسية فكا الذي يكاد زيتها يضيئ لانها تكاد تعلم وإن لم تتصل بملك
الوحي والالهام الذي مثله النار من حيث إن العقول تشتعل عنها ، ثم إذا حصلت
لها العلوم بحيث يتمكن من استحضارها متى شاءت كان كالمصباح ، فإذا استحضرها كان
نورا على نور يهدي الله لنوره الثاقب من يشاء ، فإن الاسباب دون مشيئته لاغية ، إذبها
تمامها " ويضرب الله الامثال للناس " إدناءا للمعقول من المحسوس توضيحا وبيانا " والله
بكل شئ عليم " معقولا كان أو محسوسا ، ظاهرا أو خفيا ، وفيه وعدو وعيد لمن تدبرها
ولمن لم يكترث بها . انتهى .
وقال الطبرسي رحمه الله : اختلف في هذا التشبيه والمشبه به على أقوال : أحدها
أنه مثل ضربه الله لنبيه محمد صلى الله عليه واله فالمشكاة صدره ، والزجاجة قلبه ، والمصباح فيه
النبوة ، لا شرقية ولا غربية أي لا يهودية ولا نصرانية ، يوقد من شجرة مباركة يعني
شجرة النبوة وهي إبراهيم ، يكاد نور محمد يتبين ولو لم يتكلم به كما أن ذلك الزيت يكاد
يضيئ ولو لم تمسسه نار أي تصيبه النار . وقيل : إن المشكاة إبراهيم ، والزجاجة
إسماعيل ، والمصباح محمد ، كما سمي سراجا في موضع آخر ، من شجرة مباركة يعني
إبراهيم لان أكثر الانبياء من صلبه ، لا شرقية ولا غربية : لا نصرانية ولا يهودية ،
لان النصارى تصلي إلى المشرق ، واليهود تصلي إلى المغرب ، يكاد زيتها يضيئ أي
يكاد محاسن محمد تظهر قبل أن يوحى إليه ، نور على نور أي نبي من نسل نبي . وقيل : إن
المشكاة عبدالمطلب ، والزجاجة عبدالله ، والمصباح هو النبي صلى الله عليه واله ، لا شرقية ولا غربية
بل مكية لان مكة وسط الدنيا . وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال : نحن المشكاة ، والمصباح
محمد صلى الله عليه واله يهدي الله لولايتنا من أحب .
وثانيها : أنها مثل ضربه الله للمؤمن ، المشكاة نفسه ، والزجاجة صدره ، والمصباح
الايمان ، والقرآن في قلبه ، توقد من شجرة مباركة هي الاخلاص لله وحده لاشريك له ،
فهي خضراء ناعمة كشجرة التفت بها الشجر فلا يصيبها الشمس على أي حال كانت لا إذا
طلعت ولا إذا غربت ، وكذلك المؤمن قد احترز من أن يصيبه شئ من الفتن ، فهو بين أربع