بحار الأنوار ج5

لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، هذا - يا إبراهيم - الحق من ربك فلا تكن من الممترين
هذا من حكم الملكوت .(1)
قلت : يابن رسول الله وما حكم الملكوت ؟ قال : حكم الله وحكم أنبيائه ، و
قصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه فقال : " إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف
تصبر على مالم تحط به خبرا " .
افهم يا إبراهيم واعقل ، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله(2)حتى قال
له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري ، إنما فعلته عن أمر الله عزوجل ، من هذا - ويحك
يا إبراهيم - قرآن يتلى ، وأخبار تؤثر عن الله عزوجل ، من رد منها حرفا فقد كفر و
أشرك ورد على الله عزوجل .
قال الليثي : فكأني لم أعقل الآيات - وأنا أقرؤها أربعين سنة - إلا ذلك اليوم ،
فقلت : يابن رسول الله ما أعجب هذا ! تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم ،
وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم ؟ قال : إي والله الذي لا إله إلا هو ، فالق
الحبة ، وبارئ النسمة ، وفاطر الارض والسماء ، ماأخبرتك إلا بالحق : وما أتيتك إلا
بالصدق ، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد ، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله .
قلت : هذا بعينه يوجد في القرآن ؟ قال : نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في
القرآن ، أتحب أن أقرأ ذلك عليك ؟ قلت : بلى يابن رسول الله ; فقال : قال الله عزوجل :
" وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من
خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " الآية .
أزيدك يا إبراهيم ؟ قلت : بلى يابن رسول الله قال : ليحملوا أوزارهم كاملة
يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون " أتحب أن أزيدك ؟ قلت :
بلى يابن رسول الله ، قال : " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا


(1)الملكوت : الملك العظيم . العز والسلطان . والملكوت السماوى هو محل القديسين
في السماء .
(2)استفظع الامر أى وجده فظيعا ، والامر الفظيع : الذى اشتدت شناعته وجاوز المقدار
في ذلك . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه