بحار الأنوار ج88

الاوقات التي كنت مقيما بدار السلام ، فأشار بعض الاقوام بلقاء بعض أبناء الدنيا
من ولاة البلاد الحلية ، فأقمت بالحلة لشغل كان لي شهرا فكنت كل يوم أستصلحه
للقائه أستخير الله جل جلاله أول النهار وآخره في لقائه في ذلك الوقت فتأتي
الاستخارة لا تفعل ، فتكملت نحو خمسين استخارة في مدة إقامتي كلها لا تفعل ، فهل
يبقى مع هذا عندي ريب لو كنت لا أعلم حال الاستخارة أن هذا صادر عن الله جل
جلاله العالم بمصلحتي ، هذا مع ما ظهر بذلك من سعادتى ، وهل يقبل العقل أن
يستخير الانسان خمسين استخارة تطلع كلها اتفاقا لا تفعل .
ومما وجدت من عجايب الاستخارات أننى قد بلغت من العمر نحو ثلاث و
خمسين سنة ولم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات وما وقع أبدا فيها خلل ،
ولا ما أكره ، ولا ما يخالف السعادات والعنايات ، فأنا فيها كما قال بعضهم :
قلت للعاذل لما جاء‌نى - من طريق النصح يبدي ويعيد
أيها الناصح لي في زعمه - لا ترد نصحا لمن ليس يريد
فالذي أنت له مستقبح - ما على استحسانه عندي مزيد
وإذا نحن تباينا كذا - فاستماع العذل شئ لا يفيد
ومنه : قال أخبرنى شيخى الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبدالقاهر
الاصفهانى باسنادهما ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبدالرحمن

ابن سيابة قال : خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا ، فقال بعض أصحابنا :
ابعث به إلى اليمن وبعض أصحابنا : ابعث به إلى مصرظ فذكرت ذلك لابي
عبدالله عليه السلام فقال : لى ساهم بين مصر واليمن ، ثم فوض أمرك إلى الله ، فأي البلدين
خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك ، فقلت : كيف اساهم ؟ قال : اكتب في رقعة
بسم الله الرحمن الرحمى إنه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم و
أنا المتعلم فانظر في أي الامرين خير لى حتى أتوكل عليك فيه ، فأعمل به ثم
اكتب مصرا إنشاء الله ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن إن شاء الله
ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب يحبس إنشاء الله ولا يبعث به إلى بلدة منهما

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه