بحار الأنوار ج78

والخبر الثاني يدل على الاكتفاء بالاخذ بالجوانب الاربعة كيفما اتفق
ولا ينافي كون الهيئة المخصوصة أفضل والخبر يحتمل وجوها : الاول ان السنة
النبوية جرت بحمل الجنازة من أربعة جوانبها كيف اتفق ، والزائد على الاربعة
تطوع ، الثاني أن رعاية الهيئات المخصوصة في حملها تطوع ، الثالث أن يقال :
المعنى أن ما بعد ذلك كما وكيفا فهو تطوع ، الرابع أن يكون المراد بالحمل من
جوانبه الاربعة ، الهيئة المخصوصة المسنونة ، وبقوله ما بعد ذلك ، الزائد عنه أو
الاعم منه ومن النقص ، ومخالفة الكيفية المسنونة ، الخامس أن يراد به أن السنة
الاخذ باحدى القوائم الاربع كيف اتفق ، وما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية
أو الرعاية في الكيفية فهو تطوع ، ولعل الاول أظهر .
وروى الجمهور عن ابن مسعود أنه قال : إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ
بجوانب السرير الاربعة ، ثم ليتطوع بعد أو ليذر ، فانه من السنة .
واعلم أن السنة ماواظب عليه النبي صلى الله عليه وآله والتطوع ما صدر عنه وعن أوصيائه
عليهم السلام على جهة الاستحباب ، ولم يواظب صلى الله عليه وآله عليه رحمة للامة وليتميز ما
هو المؤكد من المستحبات ، وماليس كذلك منها ، ليختار المكلف مع عدم القدرة
على الاتيان بالجميع ما هو أفضل وآكد .
ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة كما عرفت بل ظاهر
بعضهم تحقق الاجماع على ذلك . وقال ابن الجنيد : يرفع الجنازة من اي جوانبها
قدر عليه ، واستدل له بهذاالخبر ، وقد عرفت أنه لا يدل على نفي استحباب التربيع
ووصف الجوانب بالاربع في الحديث لعله بتأويل الناحية وشبهها .
والخبر الثالث صريح فيما اخترناته إذاليد اليمنى المراد بها يد الميت اليمنى
الكائنة على أيسر السرير ، وقوله عليه السلام ثم ارجع من مكانك اي من موضع الرجل
اليمنى إلى ميامن الميت أي الجانب الذي فرغت منه ، وعبر عنه بميامن الميت
فهذا صريح في أن المراد يمين الميت لا يمين السرير ، وهذا الخبر يدل على أن
الفرق بيننا وبين المخالفين إنما هو في الترتيب لا في الابتداء .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه