بحار الأنوار ج75

صبور ، وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا
يدعي ما ليس له ، ولا يجحد حقا عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، ولا
يضيع ما استحفظ ، ولا يرغب فيما لا تدعوه الضرورة إليه ، لا يتنابز بالالقاب ، ولا
يبغي على أحد ، ولا يهزء بمخلوق ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، مؤدب
بأداء الامانات ، مسارع إلى الطاعات ، محافظ على الصلوات ، بطئ في المنكرات .
لا يدخل على الامور بجهل ، ولا يخرج ، عن الحق بعجز ، إن صمت فلا
يغمه الصمت ، وإن نطق لا يقول الخطأ ، وإن ضحك فلا تعلو صوتع سمعه ، ولا
يجمح به الغضب(1)ولا تغلبه الهوى ، ولا يقهره الشح ، ولا تملكه الشهوة ، يخالط
الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ينصت إلى الخير ليعمل به ، ولا يتكلم
به ليفخر على ماسواه ، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ، يتعب نفسه لاخرته
ويعصي هواه لطاعة ربه ، بعده عمن تباعد منه نزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين
ورحمة ، ليس بعده بكبر ، والاقربه خديعة ، مقتدبمن كان قبله من أهل الايمان ،
إمام لمن بعده من البررة المتقين .
93 - وقال عليه السلام : طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الاخرة ، اولئك
قوم اتخذوا أرض الله مهادا ، وترابها وسادا ، وماء‌ها طيبا ، وجعلوا الكتاب شعارا
والدعاء دثارا ، وإن الله أوحى إلى عبده المسيح عليه السلام أن قل لبني إسرائيل لا تدخلوا
بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة ، وأبصار خاشعة ، وأكف نقية ، وأعلمهم أني
لا اجيب لاحد منهم دعوة ، ولاحد من خلقي قبله مظلمة .
94 - وقال عليه السلام : المؤمن وقور عند الهزاهز ، ثبوت عند المكاره ، صبور
عند البلاء ، شكور عند الرخاء ، قانع بما رزقه الله ، لا يظلم الاعداء ، ولا يتحامل
للاصدقاء(2)، الناس منه راحة ونفسه منه في تعب ، العلم خليله ، والعقل قرينه


(1)جمح الفرس : تغلب على راكبه ولا ينقاد له .
(2)أى لا يحتمل الوزر لاجلهم ، أو يتحمل عنهم مالا يطيق الاتيان به من الامور
المشاقة فيعجز عنها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه