وقيل : كادوا أن لا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها ، فقد حكي عن ابن عباس أنهم اشتروها بملء
جلدها ذهبا من مال المقتول ، وعن السدي : بوزنها عشر مرات ذهبا ، وقال عكرمة : وما
كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير . انتهى .(1)
وقال البيضاوي : ولعله تعالى إنما لم يحيه ابتداء وشرط فيه ما شرط لما فيه من
التقرب وأداء الواجب ونفع اليتيم والتنبيه على بركة التوكل والشفقة على الاولاد ، و
إن من حق الطالب أن يقدم قربة ، ومن حق المتقرب أن يتحرى الاحسن ويغالي
بثمنه ، وإن المؤثر في الحقيقة هو الله تعالى والاسباب أمارات لا أثر لها ، وإن من أراد
أن يعرف أعدى عدوه الساعي في إماتته الموت الحقيقي فطريقه أن يذبح بقرة نفسه التي
هي القوة الشهوية حين زال عنها شره الصبا ولم يلحقها ضعف الكبر ، وكانت معجبة
رائقة المنظر ، غير مذللة في طلب الدنيا ، مسلمة عن دنسها ، لا سمة بها من مقابحها بحيث
يصل أثره إلى نفسه فيحيى حياد طيبة ، ويعرب عما به ينكشف الحال ويرتفع ما بين العقل
والوهم من التدارء والنزاع .(2)
2 - ن : أبي ، عن الكميداني ومحمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي قال :
سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول : إن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له ثم أخذه
فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ، ثم جاء يطلب بدمه ، فقالوا
لموسى عليه السلام : إن سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله ، قال : ائتوني ببقرة ، قالوا :
" أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " ولو أنهم عمدوا إلى بقرة(3)
أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم " قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول
إنها بقرة لا فارض ولا بكر " يعني لا كبيرة ولا صغيرة " عوان بين ذلك " ولو أنهم عمدوا
إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم " قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها
قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين " ولو أنهم عمدوا إلى بقرة لاجزأتهم
(1)مجمع البيان 1 : 136 .
(2)انوار التنزيل 1 : 90 ، قلت : التدارء : التدافع في الخصومة .
(3)في المصدر : ولو أنهم عمدوا أى بقرة . وهكذا فيما يأتى .(*)