بحار الأنوار ج14

الحديث مايتكلفه الانسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة ، وإنما كره ذلك لما يدخله
من الرياء والتصنع لما تخالطه من الكذب انتهى .
أقول : وعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم أيض بأن يكون الضميران
راجعين إلى الرسول صلى الله عليه وآله .
الثالث : أن يكون المعنى أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام كما يقال : فلان
يحسن صرف الكلام ، أي تفضيل(1)بعضه على بعض ، فأصل الصرف والتمييز ليس بحرام
بل هو من الكلام ، وإنما الحرام مايصدر عن بعض الصيارفة من الغش والرباء و
غيرهما .
الرابع : أن يكون ذكره عليه السلام ذلك بعد رد قول الحسن أمرا بالتقية بأن أصحاب
الكهف كانوا صيارفة كلام يصرفونه عن ظاهره في مقام التقية ، وعليه يمكن أن يحمل
خبر الكاهلي .
تتمة : قال الثعلبي في تفسيره : قال محمد بن إسحاق : مرج(2)أهل الانجيل و
كثرت فيهم الخطايا حتى عبدوا الاصنام وذبحوا للطواغيت ، وفيهم بقايا على دين
المسيح عليه السلام متمسكين بعبادة الله عزوجل وتوحيده حتى ظهر فيهم ملك يقال له
دقيانوس ، كان ينزل قرى الروم ولا يترك في قرية ينزلها أحدا إلا فتنه أن يعبد الاصنام ،
ويذبح للطواغيت ، حتى نزل مدينة أصحاب الكهف وهي أفسوس ، فلما نزلها كبر ذلك
على أهل الايمان وهربوا في كل وجه ، فبعث الشرط يتبعونهم فيقدمهم إلى الجامع الذي
يذبح فيه للطواغيت فيخيرهم بين القتل وبين عبادة الاصنام والذبح للطواغيت ، فمنهم من
يرغب في الحياة ، ومنهم من يأبى أن يعبد غير الله تعالى فيقتل ، فلما رأى ذلك أهل الشدة في
الايمان بالله عزوجل جعلوا يسلمون أنفسهم للعذاب والقتل فيقتلون ويقطعون ، ثم
يربط ما قطع من أجسادهم على سور المدينة من نواحيها كلها ، وعلى كل باب من أبوابها


(1)في نسخة : أي يفضل . والظاهر أن كلاهما مصحفان والصحيح " تفصيل " بالصاد ، يقال :
صرف الكلام أي اشتق بعضه من بعض .
(2)أي فسد .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه