بحار الأنوار ج6

من عندك حتى ترق قلوبنا ، وتسلو أنفسنا عن الدنيا ، ويهون علينا ما في أيدي الناس
من هذه الاموال ، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا ! قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : إنما هي القلوب(1)مرة تصعب ، ومرة تسهل ، ثم قال
أبوجعفر عليه السلام : أما إن أصحاب محمد صلى الله عليه واله قالوا : يارسول الله نخاف علينا النفاق ،
قال : فقال : ولم تخافون ذلك ؟ قالوا : إذا كنا عندك فذكرتنا ورغبتنا وجلنا ونسينا
الدنيا وزهدنا حتى كأننا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك ، فإذا خرجنا
من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الاولاد ورأينا العيال والاهل يكاد أن نحول عن
الحالة التي كنا عليها عندك ، حتى كأنا لم نكن على شئ ، أفتخاف علينا أن يكون
ذلك نفاقا ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم
في الدنيا ، والله لو تدومو على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة
ومشيتم على الماء ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا
ثم يستغفروا لله فيغفر لهم ، إن المؤمن مفتن تواب ، أما سمعت قول الله عزوجل : " إن
الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " وقال : " استغفروا ربكم ثم توبوا إليه " .
" ج 2 ص 423 - 424 "
*(اختتام فيه مباحث رائقة)*
الاول : في وجوب التوبة ، ولا خلاف في وجوبها في الجملة ، والاظهر أنها إنما
تجب لما لم يكفر من الذنوب ، كالكبائر والصغائر التي أصرت عليها ، فإنها ملحقة
بالكبائر ، والصغائر التي لم يجتنب معها الكبائر ، فأما مع اجتناب الكبائر فهي مكفرة
إذا لم يصر عليها ولا يحتاج إلى التوبة عنها ، لقوله تعالى : " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون
عنه نكفر عنكم سيئاتكم " وسيأتي تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر إن شاء الله تعالى .
قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد : التوبة واجبة لدفعها الضرر .
ولوجوب الندم على كل قبيح أو إخلال بواجب .


(1)قال المصنف قدس سره في شرح الحديث في كتابه مرآت العقول : إنما هي القلوب أى
إنما سمى بالقلب لتقلب أحواله ، مرة تصعب اه‍ .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه