بحار الأنوار ج35

الثالث : أن الآية نازلة فيه عليه السلام وقد عرفت بما أوردنا من الاخبار تواترها من
طريق المخالف والمؤالف ، مع أن ما تركناه مخافة الاطناب وحجم الكتاب أكثر ما
أوردناه ، وعليه اجماع المفسرين وقدرواها الزمخشري والبيضاوي والرازي في تفاسيرهم(1)
مع شدة تعصبهم وكثرة إهتمامهم في إخفاء فضائله عليه السلام ، إذ كان هذا في الاشتهار كالشمس في
رائعة النهار(2)، فإخفاء ذلك مما يكشف الاستار عن الذي انطوت عليه ضمائرهم الخبيثة
من بغض الحيدر الكرار .
وقد روى الرازي ، عن ابن عباس برواية عكرمة وعن أبي ذر نحوا ممامر من
روايتهما ، وقد عرفت ما نقل في ذلك أكابر المفسرين والمحدثين من قدماء المخالفين الذين
عليهم مدار تفاسيرهم ،
وأما إطلاق الجمع على الواحد تعظيما فهو شائع ذائع في اللغة والعرف ، وقد ذكر
المفسرون هذا الوجه في كثير من الآيات الكريمة كما قال تعالى(والسماء بنيناها
بأيد(3))و(إنا أرسلنا نوحا(4))و(وإنا نحن نزلنا لاذكر(5))وقوله :(الذين
قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم(6))مع أن القائل كان واحدا ، وأمثالها
كثيرة ، ومن خطاب الملوك والرؤساء : فعلنا كذا ، وأمرنا بكذا ، ومن الخطاب الشائع
في عرف العرب والعجم إذا خاطبوا واحدا : فعلتم كذا ، وقلتم كذا ، تعظيما له .
وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح أن يكون لعلي واللفظ لفظ جماعة ؟
قلت : جئ به على لفظ الجمع - وإن كان السبب فيه رجلا واحدا - ليرغب الناس في
مثل فعله ، فينالوا مثل ثوابه ، ولينبه على أن سجية المؤمنين تجب أن يكون على هذه


(1)راجع الكشاف 1 : 422 . وانوار التنزيل 1 : 33 . ومفاتيح الغيب 3 : 431 .
(2)الربع من الضحى : بياضه وحسن بريقه .
(3)الذاريات : 47 .
(4)نوح : 1 .
(5)الحجر : 9 .
(6)آل عمران : 173 :

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه