بحار الأنوار ج13

وكذلك اليد اليسرى مع الرجل اليمنى ، قيل : أول من قطع الرجل وصلب فرعون
صلبهم في جذوع النخل على شاطئ نهر مصر " إنا إلى ربنا منقلبون " راجعون إلى ربنا
بالتوحيد والاخلاص ، والانقلاب إلى الله هو الانقلاب إلى جزائه ، وغرضهم التسلي في
الصبر على الشدة لما فيه من المثوبة مع مقابلة وعيده بوعيد أشد منه وهو عقاب الله " وما
تنقم منا " أي وما تطعن علينا وما تكره منا إلا إيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاء‌تنا
" ربنا أفرغ علينا صبرا " أي اصبب علينا الصبر عند القطع والصلب حتى لا نرجع كفارا
" وتوفنا مسلمين " أي وفقنا للثبات على الاسلام إلى وقت الوفاة ، قالوا : فصلبهم فرعون
من يومه فكانوا أول النهار كفارا سحرة ، وآخر النهار شهداء بررة ، وقيل أيضا : إنه لم
يصل إليهم وعصمهم الله منه .
" وقال الملا من قوم فرعون " لما أسلم السحرة " أتذر موسى وقومه " أي أتتركهم
أحياء ليظهروا خلافك ويدعوا الناس إلى مخالفتك ليغلبوا عليك فيفسد به ملكك ، وروي
عن ابن عباس أنه لما آمن السحرة أسلم من بني إسرائيل ستة مائة ألف نفس واتبعوه
" قال موسى لقومه " قال ابن عباس : كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل ، فلما كان من أمر
موسى ما كان أمر بإعادة القتل عليهم ، فشكا ذلك بنو إسرائيل إلى موسى فعند ذلك قال :
" استعينوا بالله " في دفع بلاء فرعون عنكم " واصبروا " على دينكم " يورثها من يشاء " أي
ينقلها إلى من يشاء نقل المواريث " والعاقبة للمتقين " أي تمسكوا بالتقوى فإن حسن العاقبة
في الدارين للمتقين " قالوا " أي بنو إسرائيل لموسى : " اوذينا من قبل أن تأتينا " أي عذبنا
فرعون بقتل الابناء واستخدام النساء قبل أن تأتينا بالرسالة " ومن بعدما جئتنا " أيضا ،
ويتوعدنا ويأخذ أموالنا ويكلفنا الاعمال الشاقة فلم ننتفع بمجيئك ، وهذا يدل على أنه
جرى فيهم القتل والتعذيب مرتين . قال الحسن : كان فرعون يأخذ الجزية قبل مجئ
موسى وبعده من بني إسرائيل ، وهذا كان استبطاء منهم لما وعدهم موسى من النجاة ، فجدد
لهم عليه السلام الوعد " قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم " وعسى من الله موجب(1)" ويستخلفكم
في الارض " أي يملككم ما كانوا يملكونه في الارض من بعدهم " فينظر كيف تعملون "
شكرا لما منحكم .


(1)في المصدر : قال الزجاج : عسى من الله طمع واشفاق الا ما يطمع الله فيه فهو واجب .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه