وقال تعالى : يا أيها الناس آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر
منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و
اليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " 59 " .
وقال تعالى : ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم " 83 " .
تفسير : قوله تعالى : " أم يحسدون " قال الطبرسي رحمه الله : معناه بل
يحسدون الناس ؟ واختلف في معنى الناس هنا فقيل : أراد به النبي صلى الله عليه وآله ، حسدوه
على ما أعطاه الله من النبوة ، وإباحة تسعة نسوة وميله إليهن ، وقالوا : لو كان
نبيا لشغلته النبوة عن ذلك ، فبين الله سبحانه أن النبوة ليست ببدع في آل
إبراهيم .
وثانيها : إن المراد بالناس النبي وآله عليه السلام عن أبي جعفر عليه السلام ، والمراد
بالفضل فيه النبوة ، وفي آله الامامة(1).
أقول : ثم روى عن تفسير العياشي بعض ما سيأتي من الاخبار في ذلك .
وقال في قوله تعالى : " واولي الامر منكم " : للمفسرين فيه قولان : أحدهما
أنهم الامراء ، والآخر أنهم العلماء ، وأما أصحابنا فانهم رووا عن الباقر والصادق
عليهما السلام أن اولي الامر هم الائمة من آل محمد عليهم السلام ، أوجب الله طاعتهم
بالاطلاق ، كما أوجب طاعته وطاعة رسوله ، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد
على الاطلاق إلا من ثبتت عصمته ، وعلم أن باطنه كظاهره ؟ وأمن منه الغلط
والامر بالقبيح ، وليس ذلك بحاصل في الامراء ولا العلماء سواهم ، جل الله سبحانه
عن أن يأمر بطاعة من يعصيه ، أو بالانقياد للمختلفين للقول والفعل ، لانه محال أن
يطاع المختلفون ، كما أنه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه ، ومما يدل على ذلك أيضا
أن الله سبحانه لم يقرن طاعة اولي الامر بطاعة رسوله كما قرن طاعة رسوله بطاعته
إلا واولو الامر فوق الخلق جميعا ، كما أن الرسول فوق اولي الامر وفوق سائر
(1)مجمع البيان 3 : 61 طبعة صيداء .(*)