بحار الأنوار ج20

فأرسلوا إليه سهيل بن عمر وحويطب بن عبدالعزى ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله
فأثيرت في وجوههم البدن ، فقالا : مجئ من جئت ؟ قال : " جئت لاطوف بالبيت ،
وأسعى بين الصفا والمروة ، وأنحر البدن ، وأخلي بينكم وبين لحمانها " فقالا : إن
قومك يناشدونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم ، وتقطع أرحامهم ،
وتجرئ عليهم عدوهم ، قال : فأبى عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يدخلها ، وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله أراد أن يبعث عمر(1)فقال : يا رسول الله إن عشيرتي قليل وإني
فيهم على ما تعلم ، ولكني أدلك على عثمان بن عفان ، فأرسل إليه رسول الله فقال :
" انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة "(2)فلما انطلق
عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخر عن السرج(3)، فحمل(4)عثمان بين يديه ودخل
عثمان فأعلمهم ، وكانت المناوشة ، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس
عثمان في عسكر المشركين ، وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين وضرب بإحدى يديه
على الاخرى لعثمان ، وقال المسلمون : طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة وأحل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " ما كان ليفعل " فلما جاء عثمان قال له
رسول الله صلى الله عليه وآله : " أطفت بالبيت ؟ " فقال : ما كنت لاطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله
لم يطف به ، ثم ذكر القضية(5)وما كان فيها .


(1)ذكر ذلك ايضا أصحاب السير في كتبهم . فتراه في حاله هذا لا يجرء على أن يأتى قريش ،
ويبلغهم رسالة النبى صلى الله عليه وآله ويقول صريحا كما في سيرة ابن هشام : " إنى أخاف قريشا
على نفسى " ولكن حين يرى انه التأم أمر الصلح يثب ويرفع عقيرته ويقول للنبى الاعظم صلى الله
عليه وآله : ألست برسول الله ؟ ألسنا بالمسلمين ؟ أوليسوا بالمشركين ؟ فعلام نعطى الدنية في
ديننا ؟ ! هذا دأب الخليفة الثانى ، يجبن في مواطن تحتاج إلى التجرؤ والشجاعة ، ويتشجع في
موطن تصلح فيه المداراة والاناة .
(2)في السيرة : بعثه إلى ابى سفيان اشراف قريش يخبرهم انه لم يأت لحرب ، وانه انما جاء
زائرا لهذا البيت ومعظما له .
(3)في المصدر : عن السرح . اقول أى عن الماشية .
(4)وحمل خ ل .
(5)القصة خ ل . أقول : يوجد ذلك في المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه