29 ين : الحسن بن محمد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول :
إن داود النبي عليه السلام كان ذات يوم في محرابه إذ مرت به دودة حمراء صغيرة تدب حتى
انتهت إلى موضع سجوده ، فنظر إليها داود وحدث في نفسه : لم خلقت هذه الدودة ؟ فأوحى
الله إليها : تكلمي ، فقالت له : ياداود هل سمعت حسي أواستبنت(1)على الصفا أثري ؟
فقال لها داود : لا ، قالت : فإن الله يسمع دبيبي ونفسي وحسي ويرى أثر مشيي فاخفض
من صوتك .(2)
عرائس الثعلبي : قال وهب : إن داود عليه السلام لما تاب الله عليه بكى على خطيئته
ثلاثين سنة لا يرقأ له دمعة(3)ليلا ولا نهارا ، فقسم الدهر على أربعة أيام : يوم للقضاء
بين بني إسرائيل ، ويوم لنسائه ، ويوم يسبح فيه في الفيافي والجبال والساحل ، ويوم يخلو
في دار له فيها أربعة آلاف محراب ، فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه ويساعدونه
على ذلك ، فإذا كان يوم سياحته يخرج إلى الفيافي فيرفع صوته بالمزامير فيبكي ويبكي
معه الشجر والمدر والرمال والطير والوحوش والحيتان ودواب البحر وطير الماء والسباع ،
ويبكي معه الجبال والحجارة والدواب والطير حتى يسيل من دموعهم مثل الانهار ، ثم
يجئ إلى البحار فيرفع صوته بالمزامير ويبكي فتبكي معه الحيتان ودواب البحر ، فإذا
أمسى رجع ، وإذا كان يوم نوحه على نفسه نادى مناديه : إن اليوم يوم نوح داود على
نفسه فليحضر من يساعده ، قال : فيدخل الدار التي فيها المحاريب فيبسط له ثلاثة فرش
من مسوح(4)حشوها الليف فيجلس عليها ويجئ الرهبان أربعة آلاف راهب عليهم
البرانس وفي أيديهم العصي ، فيجلسون في تلك المحاريب ، ثم يرفع داود صوته بالبكاء
والنوح على نفسه ويرفع الرهبان معه أصواتهم ، فلا يزال يبكي حتى يغرق الفراش من
(1)أي استوضحته وعرفته بينا .
(2)مخطوط أورده المسعودي أيضا في اثبات الوصية ، وفيه : فأوحى الله إليه أن تكلمه ،
فقالت له : أنا على صغري وتهاونك بي اكثر لذكر الله منك ، ياداود هل سمعت حسي أو تبينت أثري ؟
(3)أي لا يجف ولا ينقطع .
(4)جمع المسح : البلاس يقعد عليه .