بحار الأنوار ج12

بعضم أن نمرود كان من ولاة كيكاوس ; وبعضهم قال : كان ملكا برأسه ; وقيل لنمرود :
إنه يولد مولود في بلده هذه السنة يكون هلاكه وزوال ملكه على يده ، ثم اختلفوا فقال بعضهم :
إنما قالوا ذلك من طريق التنجيم والتكهن ; وقال آخرون : بل وجد ذلك في كتب الانبياء ;
وقال آخرون : رأى نمرود كأن كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس والقمر ، فسأل عنه فعبر
بأنه يولد غلام يذهب ملكه على يده ، عن السدي ، فعند ذلك أمر بقتل كل غلام يولد تلك
السنة ، وأمر بأن يعزل الرجال عن النساء ، وبأن يتفحص عن أحوال النساء ، فمن وجدت
حبلى تحبس حتى تلد ، فإن كان غلاما قتل ، وإن كانت جارية خليت ، حتى حبلت ام
إبراهيم فلما دنت ولادته خرجت هاربة فذهبت به إلى غار ولفته في خرقة ثم جعلت على
باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه ، فجعل الله رزقه في إبهامه فجعل يمصها فتشخب لبنا ، وجعل
يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة ، ويشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر ويشب في
الشهر كما يشب غيره في السنة ، فمكث ما شاء الله أن يمكث . وقيل : كانت تختلف إليه
امه فكان يمص أصابعه ، فوجدته يمص من إصبع ماء ومن إصبع لبنا ومن إصبع عسلا
ومن إصبع تمرا ومن إصبع سمنا ، عن أبي روق(1)ومحمد بن إسحاق ; ولما خرج من السرب
نظر إلى النجم وكان آخر الشهر فرأى الكوكب قبل القمر ثم رأى القمر ثم الشمس
فقال ما قال ، ولما رأى قومه يعبدون الاصنام خالفهم ، وكان يعيب آلهتهم حتى فشا أمره
وجرت المناظرات .(2)
" وحاجة قومه " أي جادلوه في الدين وخوفوه من ترك عبادة آلهتهم " قال " أي
إبراهيم " أتحاجوني في الله وقد هدان " أي وفقني لمعرفته ولطف لي في العلم بتوحيده و
إخلاص العبادة له " ولا أخاف ما تشركون به " أي لا أخاف منه ضررا إن كفرت به ولا
أرجو نفعا إن عبدته ، لانه بين صنم قد كسر فلا يدفع عن نفسه ، ونجم دل أفوله على
حدثه " إلا أن يشاء ربي شيئا " فيه قولان : أحدهما أن معناه ; إلا أن يقلب الله هذه
الاصنام فيحييها ويقدرها فتضر وتنفع فيكون ضررها ونفعها إذ ذاك دليلا على حدثها


(1)بفتح الراء وسكون الواو هو عطية بن حارث الهمدانى الكوفى صاحب التفسير .
(2)مجمع البيان 4 : 325 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه