بحار الأنوار ج62

25 الدر المنثور : عن ابن عباس قال الحواريون لعيسى بن مريم : لو بعثت
لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها ، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثب(1)من تراب
فأخذ كفا من ذلك التراب وقال : أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :
هذا كعب حام بن نوح ، فضرب الكثيب بعصاه وقال : قم باذان الله ، فاذا هو قائم ينفض
التراب عن رأسه قد شاب(2)، قال له عيسى : هكذا هلكت ؟ قال : لا ، مت وأنا شاب
ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت ، قال : حدثنا عن سفينة نوح ، قال :
كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع ، كانت ثلاث طبقات : فطبقة
فيها الدواب والوحش ، وطبقة فيها الانس ، وطبقة فيها الطير ، فلما كثرت أرواث
الدواب أوحى الله إلى نوح : أن اغمزذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة
فأقبلا على الروث ، فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى الله إلى نوح : أن
اضرب عيني الاسد فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر ، فقال له عيسى :
كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة
فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ، ثم بعث الحمامة فجاء‌ت بورق
زيتون بمنقارها وطين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها
ودعا لها أن تكون في انس وأمان فمن ثم تألف البيوت ، فقالوا : يا روح الله ألا تنطلق
به إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ، ثم قال
له : عد باذن الله ، فعاد ترابا .
وعن عكرمة قال : لما حمل نوح في السفينة الاسد قال : يا رب إنه يسألني
الطعام من أين أطعمه ؟ قال : إني سوف أشغله عن الطعام ، فسلط الله عليه الحمى
فكان نوح يأتي بالكبش فيقول : كل ، فيقول الاسد : آه .
وعن وهب بن منبه قال : لما امر نوح أن يحمل من كل زوجين اثنين قال :


(1)الكثب : التل من الرمل .
(2)شاب : ابيض شعره .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه