بحار الأنوار ج3

المهملة : الحكم الثابت . والخرق بالضم : ضد الرفق . والنزق : الطيش والخفة عند
الغضب . وقوله : استفرغنا لعله من الافراغ بمعنى الصب ، قال الفيروز آبادي : استفرغ
مجهوده : بذل طاقته ، والادحاض : الابطال .
قال المفضل : فخرجت من المسجد محزونا مفكرا فيما بلي به الاسلام وأهله من
كفر هذه العصابة وتعطيلها ،(1)فدخلت على مولاي صلوات الله عليه فرآني منكسرا ،
فقال : مالك ؟ فأخبرته بما سمعت من الدهريين(2)وبما رددت عليهما ، فقال : لالقين
إليك من حكمة الباري جل وعلا وتقدس اسمه في خلق العالم والسباع والبهائم و
الطير والهوام ، وكل ذي روح من الانعام ، والنبات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر
والحبوب والبقول المأكول من ذلك وغير المأكول ما يعتبر به المعتبرون ، ويسكن إى معرفته
المؤمنون ، ويتحير فيه الملحدون فبكر علي غدا .
قال المفضل : فانصرفت من عنده فرحا مسرورا وطالت علي تلك الليلة انتظارا
لما وعدني به ، فلما أصبحت غدوت فاستوذن لي فدخلت وقمت بين يديه ، فأمرني
بالجلوس فجلست ، ثم نهض إلى حجرة كان يخلو فيها ، فنهضت بنهوضه فقال : اتبعني
فتبعته فدخل ودخلت خلفه ، فجلس وجلست بين يديه ، فقال : يا مفضل : كأني بك وقد
طالت عليكم هذه الليلة انتظارا لما وعدتك ؟ فقلت : أجلت يا مولاي ، فقال : يا مفضل
إن الله كان ولا شئ قبله ، وهو باق ولا نهاية له ، فله الحمد على ما ألهمنا ، وله الشكر على
ما منحنا ، وقد خصنا من العلوم بأعلاها ومن المعالي بأسناها ، واصطفانا على جميع الخلق
بعلمه ، وجعلنا مهيمنين عليهم بحكمه ، فقلت : يا مولاي أتأذن لي أن أكتب ما تشرحه ؟
وكنت أعددت معي ما أكتب فيه فقال لي : افعل .
بيان : أسناها أي أرفعها أو أضوأها . والمهيمن : الامين والمؤتمن والشاهد .
يا مفضل إن الشكاك جهلوا الاسباب والمعاني في الخلقة ، وقصرت أفها مهم عن
تأمل الصواب والحكمة ، فيما ذرأ(3)الباري جل قدسه وبرأ(4)من صنوف خلقه في


(1)العصابة : الجماعة من الرجال .
(2)الدهرى : الملحد القائل : بأن العالم موجود أزلا وأبدا ، لا صانع له .
(3)أى خلق .
(4)أى خلقه من العدم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه