لم يدر أين يبني ، فبعث الله ريحا خجوجا(1)فكنست له ماحول الكعبة عن الاساس الاول
الذي كان البيت عليه قبل أن يرفع أيام الطوفان .
وقال الكلبي : بعث الله سبحانه على قدر البيت فيها رأس تتكلم فقامت بحيال الكعبة
وقالت : ياإبراهيم ابن على قدري ; وقيل : إن المعنى : جعلنا البيت مثواه ومسكنه " أن لا
تشرك بي شيئا " أي أوحينا إليه أن لا تعبد غيري " وطهربيتي " من الشرك وعبادة الاوثان
" والقائمين " أي المقمين بمكة ، أو القائمين في الصلاة " وأذن في الناس " أي أعلمهم بوجوب
الحج . واختلف في المخاطب به على قولين :
أحدهما : أنه إبراهيم عليه السلام ، عن علي عليه السلام وابن عباس ، قال : قام في المقام
فنادى : يا أيها الناس إن الله دعاكم إلى الحج ، فأجابوا : لبيك اللهم لبيك .
والثاني : آن المخاطب به نبينا صلى الله عليه وآله ، وجمهور المفسرين على الاول ، قالوا :
أسمع الله صوت إبراهيم كل من سبق علمه بأنه يحج إلى يوم القيامة ، كما أسمع
سليمان مع ارتفاع منزلته وكثرة جنوده حوله صوت النمل مع خفضه وسكونه ; وفي رواية
عطا عن ابن عباس قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس ووضع
إصبعيه في اذنيه وقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال ،
وأول من أجابه أهل اليمن .(2)
" وآتيناه أجره في الدنيا " وهو الذكر الحسن والولد الصالح ; أورضى أهل الاديان
به ; أو أنه أري مكانه في الجنة ; وقيل : بقاء ضيافته عند قبره .(3)
" المكرمين " عند الله ; وقيل : أكرمهم إبراهيم فرفع مجالسهم وخدمهم بنفسه ، و
اختلف في عددهم فقيل : كانوا اثني عشر ملكا ; وقيل : كان جبرئيل ومعه سبعة أملاك ;
وقيل : كانوا ثلاثة : جبرئيل وميكائيل وملك آخر . " قوم منكرون " أي قال في نفسه :
(1)قال في النهاية : في حديث على عليه السلام وذكر بناء الكعبة : " فبعث الله السكينة وهى ريح
خجوج فتطوفت بالبيت " هكذا قال الهروى ، وفى كتاب القتيبى : فتطوفت موضع البيت كالجحفة ،
يقال : ريح خجوج أى شديد المرور في غير استواء ، وأصل الخج الشق ; منه قدس سره .
(2)مجمع البيان 7 : 80 - 81 . م
(3)مجمع البيان 8 : 280 . م(*)