بحار الأنوار ج90

يعملوا بطاعته فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في صوابه شيئا ، فصاروا منسيين
من الخير ، وكذلك تفسير قوله عزوجل : فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم
هذا (1)يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياء‌ه الذين كانوا في دار الدنيا
مطيعين ذاكرين ، حين آمنوا به وبرسوله ، وخافوه بالغيب .
وأما قوله : وما كان ربك نسيا (2)فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا
ليس بالذي ينسى ولا يغفل ، بل هو الحفيظ العليم ، وقد يقول العرب في باب
النسيان ، قد نسينا فلان ، فلا يذكرنا ، أي أنه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم
به ، فهل فهمت ما ذكر الله عزوجل ؟ قال : نعم فرجت عني فرج الله عنك
وحللت عني عقدة ، فعظم الله أجرك .
قال : وأما قوله : يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من
أذن له الرحمن وقال صوابا (3)وقوله : والله ربنا ما كنا مشركين (4)
وقوله : يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا (5)وقوله : إن
ذلك الحق تخاصم أهل النار (6)وقوله : لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم
بالوعيد (7)وقوله : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم
بما كانوا يكسبون (8)فان ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي
كان مقداره خمسين ألف سنة .
يجمع الله عزوجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون ، ويكلم بعضهم
بعضا ، ويستغفر بعضهم لبعض ، اولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا من
الرؤسا والاتباع ، ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء ، وتعاونوا على


(1)الاعراف : 51 . * *(2)مريم : 64 .
(3)النبأ : 38 . * *(4)الانعا : 10 .
(5)العنكبوت : 25 . * *(6)ص : 64 .
(7)ق : 28 .
(8)يس : 65 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه