بحار الأنوار ج7

إنا نزدري بهم وليس لهم عندنا وزن ومقدار . الثاني : لا نقيم لهم ميزانا لان الميزان
إنما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليميز مقدار الطاعات ومقدار
السيئات . الثالث قال القاضي : إن من غلب معاصيه صار ما فعله من الطاعة كأن لم يكن ،
فلا يدخل في الوزن شئ من طاعته ، وهذا التفسير بناء‌ا على قوله : بالاحباط والتفكير .
وقال في قوله سبحانه : " ونضع الموازين القسط " : وصفها الله بذلك لان الميزان
قد يكون مستقيما ، وقد يكون بخلافه ، فبين أن تلك الموازين تجري على حد العدل
والقسط ، وأكد بقوله : " فلا تظلم نفس شيئا " قال الفراء : القسط من صفة الموازين
كقولك للقوم : أنتم عدل ، وقال الزجاج : ونضع الموازين ذوات القسط ، وقوله :
" ليوم القيمة " قال الفراء : في يوم القيامة ، وقيل : لاهل يوم القيامة ، ثم قال : قال
أئمة السلف ، إنه سبحانه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الاعمال ، عن الحسن : وهو
ميزان لها كفتان ولسان وهو بيد جبرئيل عليه السلام .
وروي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان ، فلما رأى غشي عليه ثم
أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يزن بمل‌ء كفته حسنات ؟ فقال : يا داود إني
إذا رضيت عن عبد ملاتها بتمرة .
ثم قال : على هذا القول في كيفية وزن الاعمال طريقان : أحدهما أن توزن
صحائف الاعمال : والثاني أن يجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة ، وفي كفة
السيئات جواهر سود مظلمة ، ثم قال : والدليل على وجود الموازين الحقيقية أن
العدول عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة غير جائز ، لا سيما وقد جاء‌ت الاحاديث
الكثيرة بالاسانيد الصحيحة ، وإنما جمع الموازين لكثرة من يوزن أعمالهم وهذا تفخيم
ويجوز أن يرجع إلى الوزنات ، وأما قوله تعالى : " وإن كان مثقال حبة " فالمعنى أنه لا
ننقص من إحسان محسن ، ولا نزداد في إساء‌ة مسئ .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عزوجل : " فأما من ثقلت موازينه " أي رجحت
حسناته وكثرت خيراته " فهو في عيشة راضية " أي معيشة ذات رضى يرضاها صاحبها
" وأما من خفت موازينه " أي خفت حسناته وقلت طاعاته " فامه هاوية " أي فمأواه

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه