بحار الأنوار ج18

وروى الواحدي بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ما قرء رسول الله
صلى الله عليه وآله على الجن وما رآهم ، انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله في طائفة من أصحابه عامدين
إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء فرجعت الشياطين إلى قومهم
فقالوا : مالكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وارسلت علينا الشهب ، قالوا : ما ذاك
إلا من شئ حدث ، فاضربوا مشارق الارض ومغاربها ، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة
بالنبي صلى الله عليه وآله وهو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما
سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فرجعوا إلى
قومهم وقالوا : " إنا سمعنا قرآنا عجبا * بهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا
أحدا " فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله : " قل اوحي إلي أنه استمع
نفر من الجن " ورواه البخاري ومسلم .
وعن علقمة بن قيس قال : قلت لعبد الله بن مسعود : من كان منكم مع النبي صلى
الله عليه واله ليلة الجن ، فقال : ما كان منا معه أحد ، فقدناه ذات ليلة ونحن بمكة ،
فقلنا اغتيل رسول الله صلى الله عليه وآله أو استطير ، فانطلقنا نطلبه من الشعاب فلقيناه مقبلا من نحو
حرا ، فقلنا : يا رسول الله أين كنت لقد أشفقنا عليك ؟ وقلنا له بتنا الليلة بشر ليلة بات بها
قوم حين فقدناك ، فقال لنا : إنه أتاني داعي الجن فذهبت اقرئهم القرآن ، فذهب بنا فأرانا
آثارهم وآثار نيرانهم . فأما أن يكون صحبه منا أحد فلم يصحبه ، وعن أبي روق قال :
هم تسعة نفر من الجن قال أبوحمزة الثمالي : وبلغنا أنهم من بني الشيبان(1)وهم
أكثر الجن عددا ، وهم عامة جنود إبليس ، وقيل : كانوا سبعة نفر من جن نصيبين ،
رآهم النبي صلى الله عليه وآله فآمنوا به ، وأرسلهم إلى سائر الجن .
" وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا " أي تعالى جلال ربنا وعظمته
عن اتخاذ الصاحبة والولد ، أو تعالت صفاته أو قدرته أو ذكره أو فعله وأمره ، أو ملكه
أو آلاؤه ونعمه . والجميع يرجع إلى معنى واحد وهو العظمة والجلال ، وروي عن الباقر
والصادق عليهما السلام أنه ليس لله تعالى جد ، وإنما قالته الجن بجهالة ، فحكاه سبحانه كما


(1)في المصدر : من بنى الشيصبان .(*)
بحار الانوار - 5 -

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه