بحار الأنوار ج58

بالتعجب . وثانيها : أنه إذا أحس بحصول الملائم حصلت حالة مخصوصة وتتبعها أحوال
جسمانية ، وهي تمدد في عضلات الوجه مع أصوات مخصوصة وهي الضحك ، فإن أحس
بحصول المنافي والموذي حزن فانعصر دم قلبه في الداخل فينعصر أيضا دماغه ، وتنفصل عنه
قطرة من الماء وتخرج من العين وهي البكاء . وثالثها : أن الانسان إذا اعتقد في غيره
أنه اعتقد فيه أنه أقدم على شئ من القبائح حصلت حالة مخصوصة تسمى بالخجالة .
ورابعها : أنه إذا اعتقد في فعل مخصوص أنه قبيح فامتنع عنه لقبحه حصلت حالة مخصوصة
هي الحياء . وبالجملة فاستقصاء القول في تعديد الاحوال النفسانية مذكور في باب
الكيفيات النفسانية .
والنوع الرابع من خواص الانسان الحكم بحسن بعض الاشياء وقبح بعضها
إما لان صريح العقل يوجب ذلك عند من يقول به ، وإما لاجل أن المصلحة الحاصلة
بسبب المشاركة الانسانية اقتضت تقريرها ، لتبقى مصالح العالم مرعية . وأما سائر
الحيوانات فإنها إن تركت بعض الاشياء مثل الاسد فإنه لا يفترس صاحبه فليس ذلك
مشابها للحالة الحاصلة للانسان ، بل هيئة اخرى ، لان كل حيوان فهو يحب بالطبع
كل من ينفعه ، فلهذا السبب الشخص الذي أطعمه محبوب عنده ، فيصير ذلك مانعا
له عن افتراسه .
النوع الخامس من خواص الانسان تذكر الامور الماضية ، وقيل : إن هذه
الحالة لا تحصل لسائر الحيوانات ، والجزم في هذا الباب بالنفي والاثبات مشكل .
والنوع السادس : الفكر والروية ، وهذا الفكر على قسمين : أحدهما أن يتفكر
لاجل أن يعرف حاله . وهذا النوع من الفكر ممكن في الماضي والمستقبل والحاضر .
والنوع الثانى : التفكر في كيفية إيجاده وتكوينه . وهذا النوع من الفكر لا
يمكن في الواجب والممتنع ، وإنما يمكن في الممكن ، ثم لا يمكن في الممكن الماضي
والحاضر ، وإنما يمكن في الممكن المستقبل ، وإذا حكمت هذه القوة تبع حكمها
حصول الارادة الجازمة ، ويتبعها تأثير القوة والقدرة في تحريك البدن . وهل لشئ
من الحيوانات شئ من الكيفيات ؟ المشهور إنكاره ، وفيه موضع بحث ، فإنها راغبة في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه