كان والله فينا كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، ويقربنا إذا زرناه
لا يغلق له دوننا باب ، ولايحجبنا عنه حاجب ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا
لا نكلمه لهيبته . ولا نبتديه لعظمته ، فإذا تبسم فمن مثل اللؤلؤ المنظوم ، فقال
معاوية : زدني في صفته ، فقال ضرار : رحم الله عليا كان والله طويل السهاد(1)قليل
الرقاد ، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ، ويجود لله بمهجته ، ويبوء إليه
بعبرته ، لا تغلق له الستور ، ولايدخر عنا البدور ، ولا يستلين الاتكاء ولا يستخشن
الجفاء ولو رأيته إذ مثل في محرابه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على
لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وهو يقول : يا دنيا أبي تعرضت(2)
أم إلي تشوقت هيهات هيهات لا حاجة لي فيك أبنتك ثلاثا لارجعة لي عليك ، ثم
يقول : واه واه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق ، قال : فبكى معاوية
وقال : حسبك يا ضرار ، كذلك والله كان علي ، رحم الله أبا الحسن(3).
بيان : البدور جمع البدرة . والسدول جمع السدل ، وهو الستر ، شبه ظلم
الليل بالاستار المسدولة . وتململ : تقلب والسليم : من لدغته الحية .
أقول : سيأتي في مكارم أخلاق علي بن الحسين عن الباقر عليهم السلام أنه قال :
كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل
أمير المؤمنين عليه السلام ، كان له خمسمائة نخلة ، فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين .
7 - ب : الطيالسي ، عن ابن بكير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان علي
عليه السلام قد اتخذ بيتا في داره ليس بالكبير ولا بالصغير ، وكان إذا أراد أن يصلي من
آخر الليل أخذ معه صبيا لا يحتشم منه ، ثم يذهب معه إلى ذلك البيت فيصلي(4).
8 - يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبي الحسن
(1)سهد : أرق ولم ينم .
(2)في المصدر و(م): ألى تعرضت .
(3)أمالى الصدوق : 371 .
(4)قرب الاسناد : 75 .(*)