فقوم خرجوا على سبيل العصبية والحمية للقبايل والعشاير لا للدين .
قال : فانبرى له ضرار بن عمرو الضبي وكان من المعتزلة ممن يزعم أن
عقد الامام ليس بفرض ولا واجب ، وإنما هي ندبة حسنة إن فعلوها جاز ، وإن
لم يفعلوها جاز ، فقال : أسألك يا هشام قال : إذا تكون ظالما في السؤال ، قال :
ولم ؟ قال : لانكم مجمعون على رفع إمامة صاحبي ، وخلافي في الاصل ، وقد
سألتم مسألة فيجب أن أسألكم قال له : سل قال : أخبرني عن الله عزوجل لو كلف
الاعمى قراءة الكتب والنظر في المصاحف ، وكلف المقعد المشئ إلى المساجد والجهاد
في سبيل الله ، وكلف ذوي الزمانات ما لا يوجد في وسعهم أكان جابرا أم عادلا ؟ قال : لم
يكن ليفعل ذلك ، قال : قد علمت أن الله عزوجل لا يفعل ذلك ، ولكني سألتك
على طريق الجدل والخصومة لو فعل ذلك كان جابرا أم عادلا ، قال : بل جابرا
قال : أصبت فخبرني الان هل كلف الله العباد من أمر الدين أمرا واحدا يسألهم عنه
يوم القيامة لا اختلاف فيه ؟ قال : نعم ، قال : فجعل لهم على ما أصابه ذلك دليلا
فيكون داخلا في باب العدل ؟ أم لا فيكون داخلا في باب الجور ؟ فأطرق ضرار
ساعة ثم رفع رأسه وقال : لابد من دليل ، وليس بصاحبك ، فتبسم هشام وقال :
صرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك ، إلا في التسمية ، قال : فاني
أرجع سائلا قال هشام : سل .
قال ضرار : كيف تعقد الامامة ؟ قال : كما عقد الله عزوجل النبوة ، قال ضرار :
فهو إذا نبي قال هشام : لا إن النبوة يعقدها بالملائكة والامامة بالانبياء ، فعقد
النبوة إلى جبرئيل ، وعقد الامامة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكل من عقد الله ، قال
ضرار : فما الدليل على ذلك الرجل بعينه إذا كان الامر إلى الله ورسوله .
قال : ثمانية أدلة أربعة في نعت نفسه ، وأربعة في نعت نسبه ، فأما التي في نعت
نسبه فهو أن يكون مشهور الجنس ، مشهور النسب ، مشهور القبيلة ، مشهور البيت ، وأما
التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الناس بدقيق الاشياء وجليلها ، معصوما من
الذنوب صغيرها وكبيرها ، أسخى أهل زمانه ، وأشجع أهل زمانه .