بحار الأنوار ج57

العلق : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم
الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم(1)-
تفسير : وإذ قال ربك للملائكة " هذه الايات مما استدل به على تفضيل
الانسان على الملائكة ، وسيأتي وجه الاستدلال بها . " من نفس واحدة " أي من آدم
عليه السلام لان الله تعالى خلقنا منه جميعا ، وخلق حواء من فضل طينته ، أو من ضلع
من أضلاعه ، ومن علينا بهذا لان الناس إذا رجعوا إلى أصل واحد كانوا أقرب إلى
التألف " فمستقر ومستودع " أي مستقر في الرحم إلى أن يولد ومستودع في القبر ، أو
مستقر في بطون الامهات ومستودع في الاصلاب ، أو مستقر على ظهر الارض في الدنيا
ومستودع عند الله في الاخرة ، أو مستقرها أيام حياتها ومستودعها حيث(2)يموت
وحيث يبعث ، أو مستقر في القبر ومستودع في الدنيا ، أومستقر فيه الايمان ومستودع
يسلب منه كما ورد في الخبر .
" من صلصال " أي طين يا بس يصلصل أي يصوت إذا نقر ، وقيل : من صلصل إذا
نتن تضعيف صل . " من حمأ " من طين تغير واسود من طول مجاورة الماء . " مسنون "
أي مصور من سنة الوجه ، أو مصبوب لييبس ، أو مصور كالجواهر المذابة تصب في القوالب
من السن وهو الصب ، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف ، قيبس حتى
نقر وصلصل ، ثم غير ذلك طورا بعد طور حتى سواه ونفخ فيه من روحه ، أو منتن من
سننت الحجر على الحجر إذا حككته به فإن ما يسيل منهما يكون منتنا يسمى سنين .
" ولقد كرمنا بني آدم " قال الرازي : اعلم أن الانسان جوهر مركب من
النفس والبدن ، فالنفس الانسانية أشرف النفوس الموجودة في العالم السفلي ، لان النفس
النباتية قواها الاصلية ثلاثة وهي : الاغتذاء ، والنمو ، والتوليد . والنفس الحيوانية
لها قوتان اخريان : الحاسة ، والمحركة بالاختيار . ثم إن النفس الانسانية مختصة

بقوة ، اخرى ، وهي القوة العاقلة المدركة لحقائق الاشياء كما هي ، وهي التي يتجلى


(1)العلق : 5 - 1 .
(2)حين(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه