النبي صلى الله عليه وآله يكون شاهدا لصدقه ، فعلى هذا يكون أخبار النبي والائمة عن الغايبات
أعلاما لصدقهم .
فصل : ومعنى الغيب ما غاب عن الحس ، أو ما غاب علمه عن النفس ، ولا
يمكن الوصول إليه إلا بخبر الصادق الذي يعلم الغيوب ، وليس كل ما غاب عن الحس
لا يمكن الوصول إلى علمه إلا بجبرئيل ، لان منه ما يعلم بالاستدلال عليه بما شوهد
وما هو مبني على ما شوهد ، والنوع الذي كان الخبر عنه حجة مما لا دليل عليه
من الشاهد ، وكذلك ، كان معجزا .
فان قيل : ما أنكرتم أن لا يدل خبره عن الغايبات على صدقه لان قوله :
(تبت يدا أبي لهب)حكم عليه بالخسران ، ولو آمن كان له أن يقول : إنما
أردت أن يكون ذلك حكمه إن لم يؤمن كقوله :(ومن يشرك بالله فقد حرم الله
عليه الجنة)فان المراد منه إذا مات عليه ، ولم يقل إن أبا لهب يموت على كفره
وكان ذلك . وعيدا له كما لسائر الكفار .
الجواب أن قوله :(تبت يدا أبي لهب)يفارق لما ذكرتم ، لانه خبر
عن وقوع العذاب به لا محالة ، وليس هذا من الوعيد الذي يفرق بالشريطة ، يدل
عليه(سيصلى نارا ذات لهب)من حيث قطع على دخوله النار لا محالة ، فلما مات
على كفره ، كان ذلك دليلا على نبوته .
فان قيل : إخباره عن خسران أبي لهب كان على حسب ما رأى من خسران الشرك
جرت به العادة في أمثاله قلنا : كون خسرانه منه لا تدل على أن يغفل عنه إلى غيره .
ثم إن المنجم يخبر بما خبر ، حتى يقع واحد على ما قال صدقا ، وقد
أخبر النبي صلى الله عليه وآله نيفا وعشرين سنة ، وكان جميع ما أخبر به صدقا ، وأخبر عن
ضماير قوم ، وكان كما قال صلى الله عليه وآله .
باب آخر في مقالهم والكلام عليها في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم
على الظاهر ومن لا يقول ، والكلام عليها ، ومن الفلاسفة من يقال لمحاصلة أهل الاسلام
أن الطريق إلى معرفة صدق المدعي للنبوة هو أن يعلم أن ما أتى به مطابق لما