قال فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية فنسخت ، ولولم
أعمل بها - حتى كان عملي بها سببا للتوبة عليهم لنزل العذاب عند امتناع الكل عن
العمل بها .
وقال القاضي الطرثيثى : إنهم عصوا في ذلك إلا علي ، فنسخه عنهم ، يدل
عليه قوله : " فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم(1)" ولقد استحقوا العذاب لقوله :
" ءأشفقتم " وقال مجاهد : ماكان إلا ساعة . وقال مقاتل بن حيان : كان ذلك ليالي
عشر ، وكانت الصدقة مفوضة إليهم غير مقدرة .
سفيان بإسناده عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله : فيما استطعت تصدقت . وروى
الثعلبي عن أبي هريرة وابن عمر أنه قال عمر بن الخطاب : كان لعلي ثلاث لو كان
لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية
يوم خيبر ، وآية النجوى .
وأنفق على ثلاث ضيفان من الطعام قوت ثلاث ليال ، فنزل فيه ثلاثين آية ،
ونص على عصمته وستره ومراده وقبول صدقته ، وكفاك من جوده قوله : " عينا يشرب
بها عباد الله(2)" الآية ، وإطعام الاسير خاصة وهو عدواللهفي الدين .
وحدث أبوهريرة أنه كان في المدينة مجاعة ، ومر بي يوم وليلة لم أذق شيئا
وسألت أبابكر آية كنت أعرف بتأويلها منه ، ومضيت معه إلى بابه وردعني ، وانصرفت
جائعا يومي ، وأصبحت وسألت عمر آية كنت أعرف منه بها ، صنع كما صنع أبوبكر
فجئت اليوم الثالث إلى علي عليه السلام وسألته ما يعلمه فقط ، فلما أردت أن أنصرف
دعاني إلى بيته فأطعمني رغيفين وسمنا ، فلما شبعت انصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فلما بصر بي ضحك في وجهي وقال : أنت تحدثني أو أحدثك ؟ ثم قص علي
ماجرى وقال لي : جبرئيل عرفني .
(1)سورة المجادلة : 13 .
(2)سورة الانسان : 6 .(*)