الله عزوجل إليه : يا موسى أجبهم إلى ما اقترحوا ، وسلني أن ابين لهم القاتل ليقتل ويسلم غيره
من التهمة والغرامة ، فإني إنما اريد بإجابتهم إلى ما اقترحا توسعة الرزق على رجل من
خيار امتك ، دينه الصلاة على محمد وآله الطيبين ، والتفضيل لمحمد وعلي بعده على
سائر البرايا ، اغنيه في هذه الدنيا في هذه القضية ليكون بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمد
وآله .
فقال موسى : يا رب بين لنا قاتله ، فأوحى الله تعالى إليه : قل لبني إسرائيل إن
الله يبين لكم ذلك بأن يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوا ببعضها المقتول فيحيى فتسلمون
لرب العالمين ذلك ، وإلا فكفوا عن المسألة والتزموا ظاهر حكمي ، فذلك ما حكى الله
عزوجل . " وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم " أي سيأمركم أن تذبحوا بقرة إن
أردتم الوقوف على القاتل وتضربوا المقتول ببعضها ليحيى ويخبر بالقاتل ، فقالوا : يا موسى
أتتخذنا هزوا وسخرية ؟ تزعم أن الله يأمر أن نذبح بقرة ونأخذ قطعة من ميت ونضرب
بها ميتا فيحيى أحد الميتين بملاقاة بعض الميت الآخر له ؟ كيف يكون هذا ؟ قال
موسى : " أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " أنسب إلى الله عزوجل ما لم يقل لي ، وأن
أكون من الجاهلين ، اعارض أمر الله بقياسي على ما شاهدت دافعا لقول الله تعالى وأمره .
ثم قال موسى عليه السلام : أوليس ماء الرجل نطفة ميت وماء المرأة ميت يلتقيان(1)
فيحدث الله من التقاء الميتين بشرا حيا سويا ؟ أوليس بذوركم التي تزرعونها في أرضكم
تتفسخ في أرضيكم وتعفن(2)وهي ميتة ، ثم يخرج الله منها هذه السنابل الحسنة البهجة
وهذه الاشجار الباسقة المؤنقة ؟(3)فلما بهرهم(4)موسى عليه السلام قالوا له : " يا موسى ادع
لنا ربك يبين لنا ما هي " أي ما صفتها لنقف عليها ، فسأل موسى ربه عزوجل فقال :
(1)في نسخة وفى المصدر : أوليس ماء الرجل نطفة ميتة وماء المرأة كذلك ميتان
يلتقيان ؟ .
(2)في المصدر : تتعفن .
(3)بسق النخل : ارتفعت أغصانه وطال فهو باسق . مؤنقة أى حسنة معجبة .
(4)أى غلبهم .(*)