وجوه المؤمنين فقال عليه السلام : ما كل أحد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك ، وإنما
فعلت ما فعلت إبقاء عليكم .
وروى عباس بن هشام ، عن أبيه ، عن أبي مخنف ، عن أبي الكنود عبد الرحمان
ابن عبيد قال : لما بايع الحسن عليه السلام معاوية أقبلت الشيعة تتلاقى باظهار الاسف
والحسرة على ترك القتال ، فخرجوا إليه بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال
له سليمان بن صرد الخزاعي : ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية ، ومعك أربعون
ألف مقاتل من أهل الكوفة ، كلهم يأخذ العطاء ، وهم على أبواب منازلهم ، ومعهم
مثلهم من أبنائهم ، وأتباعهم ، سوى شيعتك من أهل البصرة والحجاز .
ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ، ولا حظا من العطية ، فلو كنت إذ فعلت ما
فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب ، وكتبت عليه كتابا بأن الامر
لك بعده ، كان الامر علينا أيسر ، ولكنه أعطاك شيئا بينك وبينه ، لم يف به ، ثم
لم يلبث أن قال على رؤس الاشهاد : إني كنت شرطت شروطا ووعدت عداة إرادة
لاطفاء نار الحرب ، ومداراة لقطع الفتنة ، فلما أن جمع الله لنا الكلم والالفة فان
ذلك تحت قدمي والله ما عنى بذلك غيرك ، وما أراد إلا ما كان بينك وبينه ، وقد
نقض .
فإذا شئت فأعد الحرب خدعة ، وائذن لي في تقدمك إلى الكوفة ، فاخرج
عنها عامله وأظهر خلعه ، وتنبذ إليه على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين ، وتكلم
الباقون بمثل كلام سليمان .
فقال الحسن عليه السلام : أنتم شيعتنا وأهل مودتنا فلو كنت بالحزم في أمر الدنيا
أعمل ، ولسلطانها أركض وأنصب ، ما كان معاوية بأبأس مني بأسا ، ولا أشد شكيمة
وذكر ابن سعد في الطبقات : ان المختار قال لعمه سعد : هل لك في أمر تسود به
العرب ؟ قال : وما هو ؟ قال : دعنى أضرب عنق هذا يعنى الحسن وأذهب به إلى معاوية .
فقال له : قبحك الله ما هذا بلاؤهم عندنا أهل البيت .