بحار الأنوار ج25

خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا ، ثم بعث إليهم النبيين مبشرين
ومنذرين يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ، ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم
ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم
بالفضل الذي لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات
الغالبة .
فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما واتخذه خليلا ، ومنهم من كلمه
تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ، ومنهم من أحيى الموتى باذن الله وأبرأ الاكمه
والابرص باذن الله ، ومنهم من علمه منطق الطير واوتي من كل شئ ، ثم بعث
محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وتم به نعمته وختم به أنبياء‌ه وأرسله إلى الناس كافة ، وأظهر
من صدقه ما ظهر ، وبين من آياته وعلاماته ما بين .
ثم قبضه صلى الله عليه وآله حميدا فقيدا سعيدا ، وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن
عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم إلى الاوصياء من ولده واحد بعد
واحد ، أحيى بهم دينه وأتم بهم نوره وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والادنين
فالادنين من ذوي أرحامهم فرقا بينا تعرف به الحجة من المحجوج ، والامام من
المأموم بأن عصمهم من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهرهم من الدنس ونزههم
من اللبس وجعلهم خزان علمه ومستودع حكمته وموضع سره ، وأيدهم بالدلائل
ولولا ذلك لكان الناس على سواء ، ولا دعى أمر الله عزوجل كل واحد(1)
ولما عرف الحق من الباطل ولا العلم من الجهل ، وقد ادعى هذا المبطل المدعي على
الله الكذب بما ادعاه .
فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه ؟ أبفقه في دين الله ؟ فوالله ما
يعرف حلالا من حرام ولا يفرق بين خطأ وصواب ، أم بعلم ؟ فما يعلم حقا من باطل
ولا محكما من متشابه ولا يعرف حد الصلاة ووقتها ، أم بورع فالله شهد(2) على تركه


(1) في المصدر : كل احد .
(2) في نسخة : شهيد . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه