وقال : الذي قالته خديجة ، فقام النبي صلى الله عليه واله وأفرغ عليه الخلعة ، وزاده خلعة اخرى ،
فلما خرج ورقة تعجب الناس من حسنه وجماله ، ثم أخذت خديجة في جهازها ، واعتدت
صوافي(1)الذهب والفضة ، وفيها الطيب والمسك والعنبر ، فلما كانت الليلة الثالثة دخل
عليها عمات النبي صلى الله عليه واله واجتمع السادات والاكابر في اليوم الثالث كعادتهم ، ونهض
العباس وهو يقول :
أبشروا بالمواهب آل(2)فهر وغالب ! * افخروا يا آل قومنا بالثنآء(3)والرغائب
شاع في الناس فضلكم وعلى(4)في المراتب * قد فخرتم بأحمد زين كل الاطايب
فهو كالبدر نوره مشرق(5)غير غائب * قد ظفرتي خديجة بجليل المواهب
بفتى هاشم الذي ماله من مناسب * جمع الله شملكم فهو رب المطالب
أحمد سيد الورى خير ماش وراكب * فعليه الصلاة ما سار عيس(6)براكب
ثم إن خديجة قالت : اعلموا أن شأن محمد صلى الله عليه واله عظيم ، وفضله عميم ، وجوده
جسيم ، ثم نثرت عليهن(7)من المال والطيب ما دهش الحاضرين ، وشجر طوبى تنثر في
الجنة على الحور العين ، فجعلن يلتقطن النثار ، ثم يتهادينه ، ثم إن خديجة أنفذت إلى
أبي طالب غنما كثيرا ودنانير ودراهم وثيابا وطيبا ، وعمل أبوطالب وليمة عظيمة ، ووقف
النبي صلى الله عليه واله وشد وسطه ، وألزم نفسه خدمة جميع الناس ، وأقام لاهل مكة الوليمة ثلاثة
أيام ، وأعمام النبي صلى الله عليه واله تحته في الخدمة ، وأنفذت خديجة إلى الطائف وغيره ، ودعت
أهل الصنايع إلى منزلها ، وصاغت المصاغ والحلي ، وفصلت الثياب ، وعملت الشمع بالعنبر
(1)صوانى خ ل .
(2)يا آل خ ل .
(3)بالسناء خ ل .
(4)علا خ ل .
(5)طالع خ ل .
(6)العيس : الابل البيض يخالط بياضها سواد خفيف . كرام الابل .
(7)عليهم خ ل .(*)