كنتم قوما فاسقين " أي إنما لم يتقبل منكم لانكم كنتم متمردين عن طاعة الله
" وما منعهم " أي ما يمنع هؤلاء المنافقين أن يثابوا على نفقاتهم إلا كفرهم بالله و
برسوله ، وذلك مما يحبط الاعمال " ولا يأنون الصلاة إلا وهم كسالى " أي متثاقلين
" ولا ينفقون إلا وهم كارهون " لذلك لانهم إنما يصلون وينفقون للرياء والتستر
بالاسلام ، لا لابتغاء مرضاة الله " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادكم " الخطاب
للنبي صلى الله عليه واله والمراد جميع المؤمنين ، وقيل : لا تعجبك إيها السامع ، أي لا تأخذ(1)
بقلبك ما تراه من كثرة أموال هؤلاء المنافقين وأولادهم(2)ولا تنظر إليهم بعين
الاعجاب " إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا " فيه وجوه : أحدها أن فيه
تقديما وتاخيرا ، أي لا نسرك أموالهم(3)وأولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله
ليعذبهم بها في الآخرة ، عن ابن عباس وقتادة .
وثانيها : إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا بالتشديد عليهم في التكليف
وأمرهم بالانفاق في الزكاة والغزو فيؤدونها على كره منهم ، ومشقة ، إذ لايرجون
به ثوابا في الآخرة فيكون ذلك عذابا لهم .
وثالثها : أن معناه إنما يريد الله ليعذبهم بها في الدنيا ، أي بسبي الاولاد
وغنيمة الاموال عند تمكن المؤمنين من أخذها وغنمها فيتحسرون عليها ، ويكون
ذلك جزاء على كفرهم .
ورابعها : أن المراد : يعذبهم بجمعها وحفظها وحبها والبخل بها والحزن عليها
وكل هذا عذاب ، وكذلك خروجهم عنها بالموت ، لانهم يفارقونها ولا يدرون
إلى ما ذا يصيرون .
وخامسها : إنما يريد الله ليعذبهم بحفظها والمصائب فيها مع حرمان المنفعة
بها(4)واللام في قوله : " ليعذبهم " يحتمل أن تكون لام العاقبة(5)والتقدير إنما
(1)في المصدر : اى لا يأخذ .(2)في المصدر : وكثرة اولادهم .
(3)في المصدر : اى لا يسرك أموالهم .
(4)راجع المصدر ففيه تقديم وتأخير .
(5)في المصدر : واللام في قوله : " ليعذبهم " يحتمل ان يكون بمعنى أن ، ويحتمل
ان يكون لام العاقبة .