عدم الاشتغال ببياض خصوص مصلحة ، فما بعد هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله تسلية له عن
عدم إيمانهم وامتنانا عليه وعلى المؤمنين بهدايتهم لدين الاسلام ، أو لما هو مقتضى
الحكمة والمصلحة ، ويجوز دخوله في الجواب توبيخا لهم ، وتبكيتا على عدم هدايتهم
لذلك مع ماتقدم ، كذا قيل .
ويحتمل أن يكون المراد أن المشرق والمغرب وما فيهما مخلوقه تعالى و
معلوله ، ولا اختصاص له بشئ منها حتى يتعين التوجه إليه ، فكلما علم المصلحة
من التوجه إلى جهة لقوم يأمرهم بذلك يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وهو
ماتقتضيه الحكمه والمصلحة من توجيههم تارة إلى بيت المقدس والاخرى إلى الكعبة .
وكذلك جعلناكم امة وسطا أي عدلا أو أشرف الامم ، فلذا هديناكم إلى
أشرف قبلة وأفضلها لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة وقد مر تفسير الآية في
كتاب الامامة (1)وأن الخطاب إلى الائمة ، وأن في قرائتهم عليهم السلام أئمة وسطا .
وماجعلنا القبلة التي كنت عليها قيل : الموصول ليس صفة للقبلة ، بل ثاني
مفعولي جعل ، أي وماجعلنا القبلة بيت المقدس إلا لامتحان الناس ، كأنه أراد
أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة ، واستقبالك بيت المقدس كان عارضا لغرض .
وقيل : يريد وماجعلنا القبلة الآن التي كنت عليها بمكة أي الكعبة وما
رددناك إليها إلا امتحانا ، لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي بمكة إلى الكعبة (2)
(1)راجع ج 23 ص 334 من هذه الطبعة الحديثة .
(2)قال الشعرانى مد ظله في بعض حواشيه على الوافى : ان بيت المقدس في جانب
الشمال لمن هو بمكة ، ومستقبله مستقبل للشمال ، فان كان المصلى في الناحية الجنوبية من
مكة شرفها الله واستقبل الشمال أمكن أن تكون الكعبة وبيت المقدس كلاهما قبلة له ،
ويكون مستقبلا لهما معا ، وأما ان كان المصلى في النواحى الاخر من تلك البلدة الشريفة
لم يمكن استقبالهما معا .
قال في الروض الانف : وفي الحديث دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلى بمكة
إلى بيت المقدس ، وهو قول ابن عباس ، وقالت طائفة : ما صلى إلى بيت المقدس الا =