بحار الأنوار ج58

وقطعه . والمقدار الذي ذكره ابن الانباري لا يقدح في جواب ابن قتيبة ، لانه لا ينكر
أن يكون السبات هو الراحة والدعة إذا كانتا عن نوم ، وإن لم توصف كل راحة بأنها
سبات ، ويكون هذا الاسم يخص الراحة إذا كانت على هذا الوجه ، ولهذا نظائر كثيرة
في الاسماء ، وإذا أمكن ذلك لم يكن في امتناع قولهم سبت الرجل ، بمعنى استراح
في كل موضع دلالة على أن السبات لا يكون اسما للراحة عند النوم ، والذي يبقى على
ابن قتيبة أن يبين أن السبات هو الراحة والدعة ، ويستشهد على ذلك بشعر أولغة
فإن البيت الذي ذكره يمكن أن يكون المراد به القطع ، دون التمدد والاسترسال .
فإن قيل : فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكر تموه أخيرا ؟
قلنا : الفرق بينهما بين ، لان ابن قتيبة جعل السبات نفسه راحة ، وجعله عبارة عنها
وأخذ يستشهد على ذلك بالتمدد دون غيره ، ونحن جعلنا السبات نفسه من صفات النوم
والراحة واقعة عنده للامتداد وطول السكون فيه ، فلا يلزمنا أن نقول : سبت الرجل
بمعنى استراح ، لان الشئ لايسمى بما يقع عنده حقيقة ، والاستراحة تقع على
جوابنا عند السبات ، وليس السبات إياها بعينها . على أن في الجواب الذي اختاره ابن
الانباري ضربا من الكلام ، لان السبت وإن كان القطع على ما ذكره فلم يسمع فيه
البناء الذي ذكره وهو السبات ، ويحتاج في إثبات مثل هذا البناء إلى سمع عن أهل
اللغة ، وقد كان يجب أن يورد من أي وجه إذا كان السبت هو القطع جاز أن يقال سبات
على هذا المعنى ، ولم نره فعل ذلك(1).
1 - مجالس الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب ، عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه عبدالله بن محمد بن عمربن علي بن أبي طالب عليه السلام
عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الرجل ينام فيرى
الرؤيا فر بما كانت حقا ، وربما كانت باطلا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ياعلي ما من عبد
ينام إلاعرج بروحه إلى رب العالمين ، فما رأى عند رب العالمين فهو حق ، ثم إذا
أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى حسده ، فصارت الروح بين السماء والارض ، فما


(1)الغرر والدر ج 1 ص 337 - 340 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه