بحار الأنوار ج59

يداوي يقول صلى الله عليه وآله : تعالجوا ولا تتكلموا(1)، فإن الله الذي أمرض قد خلق
الاودية المتعالج بها بلطيف صنعه ، وجعل بعض الحشائش والخشب والصموغ والاحجار
أسبابا للشفاء من العلل والادواء ، فهي تدل على عظيم قدرته وواسع رحمته .
وهذا الحديث يدل على خطاء من ادعى التوكل في الامراض ولم يتعالج .
ووصف صلى الله عليه وآله الشبرم (2)بأنه حار يار . فلولا أن التعالج بالادوية صحيح لما
وصف الشبرم بذلك . وفائدة الحديث الحث على معالجة الامراض بالادوية . وراوي
الحديث أبوهريرة .
وقال : الشفاء البرء من الداء ، وقد شفاه الله . فهو مصدر سمى(3)كما ترى
يقول : كما أن الداء من الله تعالى فكذلك الشفاء منه ، بخلاف ما يقوله الطبيعيون
من أن الداء من الاغذية والشفاء من الادوية . ولئن قيل : إن الله تعالى قد أجرى
العادة بأنه يستضر بعض الناس ببعض الاغذية وفي بعض الاحوال فلعمري إنه لصحيح
ولكنه من فعل الله تعالى ، وإن كان تناول تلك الطعام السبب في ذلك .
وسئل طبيب العرب الحارث بن كلدة عن إدخال الطعام على الطعام ، فقال :
هو الذي أهلك البرية ، وأهلك السباع في البرية ، فجعل إدخال الطعام على الطعام
الذي لم ينضج في المعدة ولم ينزل منها ، داء مهلكا . وهذا على عادة أكثرية أجراها


(1)كذا ، والظاهر انه مصحف والصواب ولا تتكلوا من الاتكال ، أى لا تتركوا
الداء بلا علاج .
قال في النهاية : في حديث أم سلمة انها شربت الشبرم ، فقال انه حار جار
بالجيم في الثانى)الشبرم حب يشبه الحمص يطبخ ويشرب ماؤه للتداوى وقيل انه نوع
من الشيح . وقال في مادة جر جار اتباع لحار ، ومنهم من يرويه بار وهو اتباع
أيضا .
(3)كذا في أكثر النسخ ، وفى بعضها ميمى وهو كما ترى ، والظاهر أنه مصحف
شفى ذكره تنبيها على أنه ليس بمعنى الدواء .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه