قلت إنك أكرم على الله عزوجل وأقرب منزلة أو نبي الله أيوب صلوات الله
وسلامه عليه ؟ فقال : بل أيوب أكرم على الله تعالى مني وأعظم عند الله منزلة
مني ، فقلت إنه ابتلاه الله تعالى فصبر حتى استوحش منه من كان يأنس به ، و
كان غرضا لمرار الطريق واعلم أن ابنك الذي أخبرتني به وسألتني أن أطلبه لك
افترسه السبع ، فأعظم الله أجرك فيه .
فقال : الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا ، ثم شهق شهقة و
سقط على وجهه ، فجلست ساعة ثم حركته فاذا هوميت فقلت : إنا لله وإنا إليه
راجعون ، كيف أعمل في أمره ؟ ومن يعينني على غسله وكفنه وحفر قبره ودفنه ؟
فبينما أنا كذلك إذا أنا بركب يريدون الرباط ، فأشرت إليهم ، فأقبلوا نحوي حتى
وقفوا علي فقالوا ما أنت ؟ وما هذا ؟ فأخبرتهم بقصتي ، فعقلوا رواحلهم ، و
أعانوني حتى غسلناه بماء البحر ، وكفناه بأثواب كانت معهم ، وتقدمت فصليت
عليه مع الجماعة ودفناه في مظلته ، وجلست عند قبره آنسا به أقرء القرآن إلى
أن مضى من الليل ساعة .
فغفوت غفوة فرأيت صاحبي في أحسن صورة وأجمل زي ، في روضة خضراء
عليه ثياب خضر ، قائما يتلو القرآن ، فقلت له ألست بصاحبي ؟ قال : بلى قلت :
فما الذي صيرك إلى ما أرى ؟ فقال : اعلم أنني وردت مع الصابرين لله عزو
جل في درجة لم ينالوها إلا بالصبر على البلاء ، والشكر عند الرخاء ،
فانتبهت .
وروي في عيون المجالس عن معاوية بن قرة قال : كان أبوطلحة يحب
ابنه حبا شديدا ، فمرض فخافت ام سليم على أبي طلحة الجزع ، حين قرب موت
الولد ، فبعثته إلى النبي صلى الله عليه وآله فلما خرج أبوطلحة من داره توفي الولد ؟ فسجته
ام سليم بثوب ، وعزلته في ناحية من البيت ، ثم تقدمت إلى أهل بيتها وقالت لهم
لا تخبروا أبا طلحة بشئ ثم إنها صنعت طعاما ثم مست شيئا من الطيب .
فجاء أبوطلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : ما فعل ابني ؟ فقالت له : هدأت