بحار الأنوار ج37

الامامة تكون في الاكبر ، وهذا حديث لم يرو قط إلا مشروطا ، وهو أنه قد ورد أن الامامة
تكون في الاكبر ما لم تكن به عاهة ، وأهل الامامة القائلون بإمامة موسى عليه السلام متواترون
بأن عبدالله كان به عاهة في الدين ، لانه كان يذهب إلى مذهب المرجئة الذين يقفون
في علي عليه السلام وعثمان ، وأن أبا عبدالله عليه السلام قال وقد خرج من عنده عبدالله : " هذا
مرجئ كبر ؟ " وأنه دخل عليه يوما(1)وهو يحدث أصحابه فلما رآه سكت حتى
خرج ، فسئل عن ذلك فقال : أو ما علمتم أنه من المرجئة ؟ هذا مع أنه لم يكن له من
العلم ما يتخصص به من العامة ، ولا روي عنه شئ من الحلال والحرام ، ولا كان بمنزلة
من يستفتى في الاحكام ، وقد ادعى الامامة بعد أبيه فامتحن بمسائل صغار فلم يجب عنها
ولا تأتى للجواب ، فأي علة أكثر مما ذكرناه تمنع من إمامة هذا الرجل ؟ مع أنه
لو لم يكن علة تمنع من إمامته لما جاز من أبيه صرف النص عنه ، ولو لم يكن قد صرفه
عنه لاظهر فيه ، ولو أظهر لنقل وكان معروفا في أصحابه ، وفي عجز القوم عن التعلق
بالنص عليه دليل على بطلان ما ذهبوا إليه .
قال الشيخ أدام الله عزه : ثم لم تزل الامامية بعد من ذكرناه على نظام الامامة
حتى قبض موسى بن جعفر عليهما السلام فافترقت بعد وفاته فرقا ، قال جمهورهم بإمامة أبي
الحسن الرضا عليه السلام ودانوا بالنص على وسلكوا الطريقة المثلى(2)في ذلك ، وقال جماعة
منهم بالوقف على أبي حسن موسى عليه السلام ، وادعوا حياته وزعموا أنه هو المهدي المنتظر
وقال فريق منهم : أنه قد مات وسيبعث وهو القائم بعده ، واختلفت الواقفة في الرضا عليه السلام
ومن قام من آل محمد بعد أبي الحسن موسى عليه السلام(3)فقال بعضهم : هؤلاء خلفاء أبي الحسن
وامراؤه وقضاته إلى أوان خروجه ، وإنهم ليسوا بأئمة وما ادعوا الامامة قط ، وقال
الباقون : إنهم ضالون مخطؤون ظالمون ، وقالوا في الرضا عليه السلام خاصة قولا عظيما ،
وأطلقوا تكفيره وتكفير من قام بعده من ولده ! وشذت فرقة ممن كان على الحق إلى


(1)في المصدر : وانه دخل عليه عبدالله يوما .
(2)مؤنت الامثل : الافضل .
(3)في المصدر : واختلفت الواقفة في الرضا عيله السلام بعد أبيه أبى الحسن موسى عليه السلام .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه