بحار الأنوار ج47

شجرة طاب أصلها ، وبسق فرعها ، وعذب ثمرها ، وبوركت في الذر ، وقد ست في
الزبر ، لكان مني إليه ما لا يحمد في العواقب ، لما يبغني عنه من شدة عيبه لنا ، و
سوء القول فينا .
فقال الصادق عليه السلام : لا تقبل في ذي رحمك ، وأهل الرعاية من
أهل بيتك ، قول من حرم الله عليه الجنة ، وجعل مأواه النار ، فان النمام شاهد
زور ، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس ، فقد قال الله تعالى : " يا أيها الذين
آمنوا إن جاء‌كم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم
نادمين "(1).
ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالمعروف و
الاحسان ، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان
وإن كان يجب عليك في سعة فهمك ، وكثرة علمك ، ومعرفتك بآداب الله ، أن تصل
من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، فان المكافي ليس بالواصل
إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها ، فصل رحمك يزد الله في عمرك ، ويخفف
عنك الحساب يوم حشرك .
فقال المنصور : قد صفحت عنك لقدرك ، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدنثي
عن نفسك ، بحديث أتعظ به ، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات ، فقال الصادق
عليه السلام : عليك بالحلم ، فانه ركن العلم واملك نفسك عند أسباب القدرة
فانك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا ، أو تداوى حقدا ، أويحب أن
يذكر بالصولة ، واعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا
العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر ، فقال
المنصور : وعظت فأحسنت ، وقلت فأوجزت ، فحدثني عن فضل جدك علي بن
أبي طالب عليه السلام حديثا لم تأثره العامة .
فقال الصادق عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول


(1)سورة الحجرات الاية : 35 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه