بعضهم بعضا حتى ينتهوا إلى العرصة ، والجبار تبارك وتعالى على العرش ، قد نشرت
الدواوين ، ونصبت الموازين ، واحضر النبيون والشهداء وهم الائمة ، يشهد كل إمام
على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عزوجل ودعاهم إلى سبيل الله .
قال : فقال له رجل من قريش : يا بن رسول الله إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل
الكافر مظلمة أي شئ يأخذ من الكافر وهو من أهل النار ؟ قال : فقال له علي بن
الحسين عليهما السلام : يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ماله على الكافر ، فيعذب الكافر
بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمته .
قال : فقال له : القرشي ، فإذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم كيف يؤخذ
مظلمته من المسلم ؟ قال : يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم
فيزاد على حسنات المظلوم ، قال : فقال له القرشي ، فإن لم يكن للظالم حسنات ؟
قال : إن لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئات ، يؤخذ من سيئات المظلوم
فيزاد على سيئات الظالم . " الروضة ص 104 - 106 "
بيان : قال الجزري : فيه : يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا الغرل جمع
الاغرل وهو الاغلف . قوله عليه السلام : مهلا لعله من المهلة بمعنى السكينة والرفق ، كناية
عن الحيرة والدهشة ، أو المراد : مسرعين ، والماهل : السريع والمتقدم ، والاظهر أنه
تصحيف " بهما " كما ورد في روايات العامة ، قال الجزري : فيه : يحشر الناس يوم القيامة
عراة حفاة بهما ، جمع بهيم وهو في الاصل الذي لا يخالط لونه لون سواه ، يعني ليس فيهم
شئ من العاهات والاعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير
ذلك ، وإنما هي أجساد مصححة لخلود الابد في الجنة أو النار ، وقال بعضهم : روي
في تمام الحديث : قيل : وما البهم ؟ قال ليس معهم شئ ، يعني من أعراض الدنيا وهذا
لا يخالف الاول من حيث المعنى انتهى . والجرد بالضم جمع الاجرد وهو الذي لا
شعر عليه ، وكذا المرد بالضم جمع الامرد .
قوله عليه السلام : يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة أي يسوقهم نار من خلفهم يهربون
منه ، وجميعهم يمشون في الظلمة كما مر في أشراط الساعة ، أو إذا رأوا نورا مشوا ، و
إذا أظلم عليهم قاموا .