بحار الأنوار ج60

رسول الله صلى الله عليه وآله فما عمل فيه السحر ، وهذا معارض ذلك .
ثم قال قدس سره : إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا لا يجب عليه
القود ، وبه قال أبوحنيفة ، وقال الشافعى : يجب عليه القود . دليلنا أن الاصل براء‌ة
الذمة ، وأن هذا مما يقتل به يحتاج إلى دليل .
وأيضا فقد بينا أن الواحد لا يصح أن يقتل غيره بما لا يباشره به ، إلا أن
يسقيه ما يقتل به على العادة مثل السم ، وليس السحر بشئ من ذلك .
وقد روى أصحابنا أن الساحر يقتل ، والوجه فيه أن هذا فساد في الارض
والسعي فيها به ، فلاجل ذلك وجب فيه(1)القتل .
وقال العلامة نور الله مرقده في التحرير : السحر عقد ورمي كلام يتكلم
به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة ، وقد
يحصل به القتل والمرض والتفريق بين الرجل والمرأة وبغض أحدهما لصاحبه ومحبة
أحد الشخصين للآخر ، وهل له حقيقة أم لا ؟ فيه نظر .
ثم قال : والسحر الذي يجب فيه(2)القتل هو ما يعد في العرف سحرا ، كما
نقل الاموي في مغازيه أن النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد
فهام مع الوحش ، فلم يزل معها إلى أمارة عمر بن الخطاب ، فأمسكه إنسان ، فقال :
خلني وإلا مت ، فلم يخله فمات من ساعته .
وقيل : إن ساحرة أخذها بعض الامراء ، فجاء زوجها كالهائم ، فقال قولوا لها
تخل عني ، فقالت : ائتوني بخيوط وباب ، فأتوا بذلك فجلست وجعلت تعقد ، فطار
بها الباب فلم يقدروا عليها ، وأمثال ذلك . وأما الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه
يجمع الجن ويأسرها فتطيعه ، فلا يتعلق به حكم ، والذي يحل السحر بشئ من
القرآن والذكر والاقسام فلا بإس به ، وإن كان بالسحر حرم على إشكال .
وقال في موضع آخر منه : الذي اختاره الشيخ رحمه الله أنه لا حقيقة


(1)به(خ).
(2)الخلاف 2 : 423 و 424 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه