بحار الأنوار ج14

إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية فألبست الجواري الاقبية والمناطق(1)وألبست
الغلمان في سواعدهم أساور من ذهب ، وفي أعناقهم أطواقا من ذهب ، وفي آذانهم أقراطا
وشنوفا(2)مرصعات بأنواع الجواهر ، وحملت الجواري على خمسمائة رمكة والغلمان
على خمسمائة برذون ،(3)على كل فرس لجام من ذهب مرصع بالجواهر ، وبعثت إليه
خمسمائة لبنة من ذهب وخمسمائة لبنة من فضة ، وتاجا مكللا بالدر والياقوت المرتفع ،
وعمدت إلى حقة فجعلت فيها درة يتيمة غير مثقوبة وخرزة جزعية مثقوبة معوجة الثقب ،
ودعت رجلا من أشراف قومها اسمه المنذر بن عمرو وضمت إليه رجالا من قومها أصحاب
رأي وعقل ، وكتبت إليه كتابا بنسخة الهدية ، قالت فيها : إن كنت نبيا فميز بين
الوصفاء والوصائف ، وأخبر بما في الحقة قبل أن تفتحها ، واثقب الدرة ثقبا مستويا ، و
أدخل الخرزة خيطا من غير علاج إنس ولا جن ، وقالت للرسول : انظر إليه إذا دخلت عليه
فإن نظر إليك نظر غضب فاعلم أنه ملك ، فلا يهولنك أمره ، فأنا أعز منه ، وإن نظر
إليك نظر لطف فاعلم أنه نبي مرسل .
فانطلق الرسول بالهدايا وأقبل الهدهد مسرعا إلى سليمان فأخبره الخبر ، فأمر
سليمان الجن أن يضربوا لبنات الذهب ولبنات الفضة ففعلوا ، ثم أمرهم أن يبسطوا من
موضعه الذي هو فيه إلى بضع فراسخ ميدانا واحدا بلبنات الذهب والفضة ، وأن يجعلوا
حول الميدان حائطا شرفها من الذهب والفضة ففعلوا ، ثم قال للجن : علي بأولادكم
فاجتمع خلق كثير فأقامهم عن يمين الميدان ويساره ، ثم قعد سليمان عليه السلام في مجلسه
على سريره ، ووضع له أربعة آلاف كرسي عن يمينه ومثلها عن يساره ، وأمر الشياطين
أن يصطفوا صفوفا فراسخ ، وأمر الانس فاصطفوا فراسخ ، وأمر الوحش والسباع والهوام
والطير فاصطفوا فراسخ عن يمينه ويساره ، فلما دنا القوم من الميدان ونظروا إلى ملك
سليمان تقاصرت إليهم أنفسهم ،(4)ورموا بما معهم من الهدايا ، فلما وقفوا بين يدي


(1)الاقبية جمع القباء . والمناطق جمع المنطقة : ما يشد به الانسان وسطه ، يقال بالفارسية :
كمربند
(2)أقراط : جمع القرط وهو مايعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها ، يقال بالفارسية ، كوشواره
وشنوف جمع الشنف : حلى الاذن أيضا ، وقيل : مايعلق في أعلاها .
(3)الرمكة : الفرس تتخذ للنسل . والبرذون : دابة الحمل الثقيلة .
(4)تقاصرت نفسه : تضاء‌لت وصغرت .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه