أو جاء بمعنى الواو(1)كما قيل في قوله تعالى وأرسلناه إلى مائة ألف أو
يزيدون (2).
الثاني قال البيضاوي : وجه هذا التقسيم أن المترخص بالتيمم إما محدث
أو جنب ، والحال المتقضية له في غالب الامر إما مرض أو سفر ، والجنب لما سبق
على أن الجنب كمايظهر من الاخبار كان يطلق في عرف العرب ولسانهم على
من أنزل وصار قذرا بعيدا من الطهارة ، ولذلك كانوا يغتسلون منها اتباعا لسنة ابراهيم
الخليل عليه السلام ، وأما المباشرة من دون انزال وأقله بالتقاء الختانين وغيبوبة الحشفة
فلا يعدونها موجبة للقذارة ، ولذلك كانوا يختصمون ويقولون انما الماء من الماء ، فعلى
هذا لا تكون الملامسة داخلة في مفهوم الجنابة لا لغة ومنطوقا ، ولا عرفا واطلاقا فوجب
الفرق بينهما .
فحكم الملامسة في حال الاضطرار كالمجيئ من الغائط ، اذا لم يجدا ماء يجب
عليهما التيمم ، واما في حال الاختيار ، فالاية الكريمة ساكتة عن ذلك غير أنها ملحقة بالجنابة
بدليل السنة ، وسيجئ أخباره في الباب .
(1)وفيه أن مجيئ أو بمعنى الواو لم يثبت ، وما استدل به الكوفيون والاخفش
والجرمى مدخول فيه ، على أن مجيئها بمعنى الواو في قوله تعالى أو جاء أحد منكم يدفعه
السياق ، حيث ان لفظة أو تكررت في جملة واحدة ثلاث مرات ، والاولى منها والثالثة
بمعنى الترديد والتقسيم وهو المعنى الاصلى ، فكيف تكون الثانية بينهما بمعنى الجمع ، وهل
يكون ذلك الا الغازا وتعمية في حكم تكليفى توجه إلى عامة المؤمنين ؟
(2)الصافات 147 ، قال الطبرسى : وقيل في معنى قوله أو يزيدون وجوه :
أحدها أنه على طريق الابهام على المخاطبين ، وثانيها أن أو للتخيير كأن الرائى خير بين
أن يقول هم مائة ألف أو يزيدون ، عن سيبويه ، والمعنى أنهم كانوا عددا لو نظر اليهم الناظر
لقال هم مائة ألف أو يزيدون ، وثالثها أن أو بمعنى الواو كأنه قال : ويزيدون عن
بعض الكوفيين ، وقال بعضهم بل يزيدون .
وهذان القولان الاخيران غير مرضيين عند المحققين ، وأجود الاقوال الثاني ، انتهى .