بحار الأنوار ج18

الكلام ، شبه ذلك بالوحي لخفائه عمن سوى المخاطبين ، ولستره عمن سواهم ، وقديري
الله في المنام خلقا كثيرا ما يصح تأويله ويثبت حقه ، لكنه لا يطلق - بعد استقرار الشريعة -
عليه اسم الوحي ، ولا يقال في هذا الوقت لمن طبعه الله(1)على علم شئ : إنه يوحى إليه
وعندنا أن الله تعالى يسمع الحجج بعد نبيه صلى الله عليهم كلاما يلقيه إليهم في علم ما
يكون ، لكنه لا يطلق عليه اسم الوحي ، لما قدمناه من إجماع المسلمين على أنه لا وحي
لاحد بعد نبينا ، وإنه لا يقال في شئ مما ذكرنا : إنه أوحى إلى أحد ، ولله تعالى أن يبيح
إطلاق الكلام أحيانا ، ويحظره أحيانا ، ويمنع السمات بشئ حينا ويطلقها حينا ، وأما
المعاني فإنها لا تتغير عن حقائقها على ما قدمناه ، وأما الوحي من الله تعالى إلى نبيه
فقد كان تارة بإسماعه الكلام من غير واسطة ، وتارة بإسماعه الكلام على ألسن الملائكة
والذي ذكره أبوجعفر - رحمه الله - من اللوح والقلم وما يثبت فيه فقد جاء به حديث إلا أنا
لا نعزم على القول به ، ولا نقطع على الله بصحته ، ولا نشهد منه إلا بما علمناه ، وليس
الخبر به متواتر يقطع العذر ، ولا عليه إجماع ، ولا نطق القرآن به ، ولا ثبت عن حجة الله
تعالى فينقاد له ، والوجه أن نقف فيه ونجوزه ولا نقطع به ولا نرده ، ونجعله في حيز الممكن
فأما قطع أبي جعفر به وعلمه على اعتقاده فهو مستند إلى ضرب من التقليد ، ولسنا من
التقليد في شئ(2).
3 - عد : الاعتقاد في نزول القرآن : اعتقادنا في ذلك أن القرآن نزل في شهر رمضان
في ليلة القدر جملة واحدة إلى البيت المعمور ، ثم نزل من البيت المعمور في مدة عشرين
سنة ، وأن الله تبارك وتعالى أعطى نبيه العلم جملة واحدة ، ثم قال له : " ولا تعجل بالقرآن


(1)في نسخة من المصدر : اطلعه الله
(2)الظاهر من كلام الصدوق قدس الله روحه انه بعد ما اعتقد أن الوحى قد يكون باسماع
الله تعالى نبيه ، وقد يكون بتوسيط الملك أراد أن يبين كيفية علم الملائكة واطلاعهم على الوحى
وأنه كيف يلقى الله إليهم ذلك فما ذكره مذكور في بعض الاحاديث ، وستأتى في الاخبار كيفية
اخرى في ذلك .
(3)تصحيح الاعتقادات : 56 و 57 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه