الطبرسي قدس سره : فان قيل : ما معنى قوله : ونحن له مسلمون بعدما سبق الاقرار
بالايمان على التفصيل ؟ قلنا : معناه ونحن له مسلمون بالطاعة والانقياد في جميع
ما أمر به ونهى عنه ، وأيضا فان أهل الملل المخالفة للاسلام ، كانوا يقرون كلهم
بالايمان ، ولكن لم يقروا بلفظة الاسلام ، فلهذا قال : ونحن له مسلمون . ومن
يبتغ أي يطلب غير الاسلام دينا يدين به فلن يقبل منه بل يعاقب عليه وهو
في الاخرة من الخاسرين أي من الهالكين لان الخسران ذهاب رأس المال ، وفي
هذا دلالة على أن من ابتغى غير الاسلام دينا لن يقبل منه ، فدل ذلك على أن
الدين والاسلام والايمان واحد ، وهي عبارات عن معبر واحد انتهى(1).
حق تقاته (2)أي حق تقواه وما يجب منها ، وهو استفراغ الوسع في
القيام بالواجبات ، والاجتناب عن المحرمات ، وفي المعانى(3)والعياشي(4)سئل
الصادق عليه السلام عن هذه الاية قال : يطاع ولا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا
يكفر ، والعياشي(5)عنه عليه السلام أنه سئل عنها فقال : منسوخة ، قيل : وما نسخها ؟
قال : قول الله فاتقوا الله ما استطعتم (6). ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون أي لا تكونن
على حال سوى حال الاسلام إذا أدرككم الموت ، في المجمع عن الصادق عليه السلام و
أنتم مسلمون بالتشديد ، ومعناه مستسلمون لما أتى به النبي صلى الله عليه وآله منقادون له(7)
والعياشي(8)عن الكاظم عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه : كيف تقرأ هذه الاية يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم ماذا ؟ قال : مسلمون
فقال : سبحان الله يوقع عليهم الايمان فيسميهم مؤمنين ، ثم يسألهم الاسلام ، و
الايمان قوق الاسلام ، قال : هكذا يقرأ في قراءة زيد ، قال : إنما هي في قراءة
علي عليه السلام وهو التنزيل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله إلا وأنتم
(1)مجمع البيان ج 2 ص 470 .
(2)آل عمران : 102 .
(3)معانى الاخبار ص 240 .(4 و 5 و 8)تفسير العياشى ج 1 ص 194 .
(6)التغابن : 16 .(7)مجمع البيان ج 2 ص 482 .