إلى أن يتلقاه ، ويعده من الغنائم المؤدية إلى إدراك المأمول ، فيكون
في الكلام استعارة تمثيلية .
وأما وجوهه عند العامة فهي أيضا ثلاثة :
الاول أن معناه : ما تردد عبدي المؤمن في شئ أنا فاعله كتردده في
قبض روحه ، فانه متردد بين إرادته للبقاء وإرادتي للموت ، فأنا الطفه وابشره
حتى أصرفه عن كراهة الموت ، فأضاف سبحانه تردد نفس وليه إلى ذاته المقدسة
كرامة وتعظيما له ، كما يقول غدا يوم القيامة لبعض من يعاتبه من المؤمنين في
تقصيره عن تعاهد ولي من أوليائه : عبدي ! مرضت فلم تعدني ؟ فيقول : كيف
تمرض وأنت رب العالمين ، فيقول : مرض عبدي فلان فلم تعده ، فلو عدته لوجدتني
عنده ، وكما أضاف مرض وليه وسقمه إلى عزيز ذاته المقدسة عن نعوت
خلقه إعظاما لقدر عبده ، وتنويها بكرامة منزلته ، كذلك أضاف التردد إلى
ذاته لذلك .
الثاني أن " ترددت " في اللغة بمعنى " رددت " مثل قولهم : فكرت
وتفكرت ، ودبرت وتدبرت فكأنه يقول : ما رددت ملائكتي ورسلي في أمر حكمت
بفعله ، مثل ما رددتهم عند قبض روح عبدي المؤمن ، فارددهم في إعلامه بقبضي له
وتبشيره بلقائي ، وبما أعددت له عندي ، كما ردد ملك الموت عليه السلام إلى إبراهيم
وموسى عليهما السلام في القصتين المشهورتين إلى أن اختار الموت فقبضهما ، كذلك خواص
المؤمنين من الاولياء يرددهم إليهم رفقا وكرامة ، ليميلوا إلى الموت ، ويحبوا
لقاءه تعالى .
الثالث أن معناه ما رددت الاعلال والامراض والبر واللطف والرفق ، حتى
يرى بالبر عطفي وكرمي ، فيميمل إلى لقائي طمعا ، وبالبلايا والعلل فيتبرم بالدنيا
ولا يكره الخروج منها .
وما دل عليه هذا الحديث من أن المؤمن يكره الموت ، لا ينافي ما دلت
الروايات الكثيرة عليه من أن المؤمن يحب لقاء الله ، ولا يكرهه ، إما لما ذكره