نهيه ، فمن أجل ذلك حرمه ثوابه ، وأنزل به عقابه ، وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا
تفويض وبذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الاسدي حين سأله عن
الاستطاعة التي بها يقوم ويقعد ويفعل ، فقال له أمير المؤمنين : سألت عن الاستطاعة
تملكها من دون الله أو مع الله ؟ فسكت عباية ، فقال له أمير المؤمنين : قل ياعباية ، قال
وما أقول ؟ قال عليه السلام : إن قلت إنك تملكها مع الله قتلتك وإن قلت : تملكها دون
الله قتلتك قال عباية : فما أقول يا أميرالمؤمنين عليه السلام ؟ قال عليه السلام : تقول : إنك تملكها بالله
الذي يملكها من دونك ، فإن يملكها إياك كان ذلك من عطائه ، وإن يسلبكها كان
ذلك من بلائه هو المالك لما ملكك ، والقادر على ما عليه أقدرك ، أما سمعت الناس
يسألون الحول والقوة حين يقولون : لاحول ولا قوة إلا بالله ؟ قال عباية : وما
تأويلها يا أمير المؤمنين ؟ قال : عليه السلام لا حول عن معاصي الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة لنا
على طاعة الله إلا بعون الله ، قال : فوثب عباية فقبل يديه ورجليه .
وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة الله قال : يا أمير
المؤمنين بماذا عرفت ربك ؟ قال عليه السلام : بالتمييز الذي خولني ،(1)والعقل الذي
دلني ، قال : أفمجبول أنت عليه ؟ قال : لو كنت مجبولا ماكنت محمودا على إحسان ،
ولا مذموما على إساءة ، وكان المحسن أولى باللائمة من المسئ ، فعلمت أن الله قائم
باق ، وما دونه حدث حائل زائل ، وليس القديم الباقي كالحدث الزائل . قال نجدة :
أجدك أصبحت حكيما يا أميرالمؤمنين قال : أصبحت مخيرا فإن أتيت السيئة بمكان
الحسنة فأنا المعاقب عليها .
وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام فقال :
ياأمير المؤمنين أخبرنا عن خروجنا إلى الشام بقضاء وقدر ؟ قال : نعم ياشيخ ما علوتم
تلعة ولا هبطتم واديا إلا بقضاء وقدر من الله ، فقال الشيخ : عندالله أحتسب عنائي يا
أميرالمؤمنين ، فقال : مه ياشيخ فإن الله قد عظم أجركم في مسيركم وأنتم سائرون ،
وفى مقامكم وأنتم مقيمون ، وفي انصرافكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شئ من اموركم
(1)خوله الشئ : أعطاه إياه متفضلا ، أوملكه إياه . *