بحار الأنوار ج56

بقلبه ، فكأنه نزل به على قلبه ، وقيل : معناه : لقبك الله حق تلقينه(1)وثبته
على قلبكوجعل قلبك وعاء له(2).
وقال البيضاوي : القلب إن أراد به الروح فذاك ، وإن أراد به العضو فتخصيصه
لان المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ، ثم تنتقل منه إلى القلب لما
بينهما من التعلق ، ثم تتصعد إلى الدماغ فينتقش بها لوح المتخيلة والروح الامين
جبرئيل فإنه أمين على وحيه " لتكون من المنذرين " عما يؤدي إلى عذاب من
فعل أو ترك(3).
" علمه شديد القوى " قال الطبرسي رحمه الله : يعنى بهجبرئيل عليه السلام
أي القوي في نفسه وخلقه " ذو مرة " أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي ، وقال :
من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الاسود فرفعها إلى السماء ثم قلبها ، و
من شدته صيحته لقوم ثمود حتى اهلكوا(4)وقيل : معناه ذوصحة وخلق حسن
عن ابن عباس وغيره . وقيل : شديد القوى في ذات الله " ذومرة " أي صحة في الجسم
سليم من الآفات والعيوب ، وقيل : ذومرة أي ذومرور في الهواء ذاهبا وجائيا نازلا
وصاعدا " فاستوى " جبرئيل على الصورة التى خلق عليها بعد انحداره إلى محمد صلى الله عليه وآله
وهو كناية عن جبرئيل أيضا " بالافق الاعلى " يعني افق المشرق ، والمراد بالاعلى
جانب المشرق ، وهو فوق جانب المغرب في صعيد الارض لا في الهواء : قالوا : إن
جبرئيل عليه السلام كان يأتي النبي صلى الله عليه وآله في صورة الآدميين ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله
أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها ، فأراه نفسه مرتين : مرة في الارض ، و
مرة في السماء ، أما في الارض ففي الافق الاعلى ، وذلك أن محمدا صلى الله عليه وآله كان
بحراء ، فطلع له جبرئيل عليه السلام من المشرق ، فسد الافق إلى المغرب ، فخر


(1)في المصدر : حتى تلقيته .
(2)مجمع البيان : ج 7 ، ص 204 .
(3)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 188 .(4)هلكوا(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه