بحار الأنوار ج58

ير بعد ذلك ضاحكا حتى توفي(1).
أقول : وقد مرت أخبار كثيرة في ذلك . وقال الرازي : قال سعيد بن المسيب :
رأى رسول الله صلى الله عليه وآله بني امية ينزون على منبره نزو القردة فساء‌ه ذلك ، وهذا قول ابن
عباس في رواية عطا .
" ومن آياته منامكم بالليل والنهار " أي منامكم في الزمانين لاستراحة القوى
النفسانية ، وقوة القوى الطبيعية ، وطلب معاشكم فيهما ، أو منامكم بالليل وابتغاؤكم
بالنهار ، فلف وضم بين الزمانين والفعلين بعاطفين إشعارا بأن كلا من الزمانين وإن
اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة ، ويؤيده سائر الآيات الواردة فيه .
" إني أرى في المنام " يدل على أن نوم الانبياء عليهم السلام بمنزلة الوحي ، وكذا
الآية التالية . " إنما النجوى من الشيطان " قال الطبرسي رحمه الله يعني نجوى
المنافقين والكفار بما يسوء المؤمنين ويغمهم من وساوس الشيطان وبدعائه وإغوائه .
وقيل : المراد بها أحلام المنام التي يراها الانسان في منامه ويحزنه(2).
أقول : سيأتي ذلك في الرواية :
" وجعلنا نومكم سباتا " قال السيد المرتضى رحمه الله : إن سأل سائل عن
قوله تعالى : " وجعلنا نومكم سباتا " فقال : إذا كان المراد بالسبات هو النوم فكأنه قال :
وجعلنا نومكم نوما ، وهذا مما لا فائدة فيه . الجواب : قلنا : في هذه الآية وجوه : منها
أن يكون المراد بالسبات الراحة والدعة ، وقد قال قوم : إن اجتماع الخلق كان في يوم
الجمعة والفراغ منه في يوم السبت ، فسمي اليوم بالسبت للفراغ الذي كان فيه ، ولان
الله تعالى أمر بني إسرائيل فيه بالاستراحة من الاعمال . قيل : وأصل السبات التمدد
يقال " سبتت المرأة شعرها " إذا حلته من العقص وأرسلته . قال الشاعر :
وإن سبتته مال جثلا كأنه * سدى واهلات من نواسج خثعما
أراد : إن أرسلته . ومنها : أن يكون المراد بذل القطع . والسبت أيضا الحلق


(1)مجمع البيان : ج 6 ، ص 424 .
(2)مجمع البيان : ج 9 ، ص 251 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه