بحار الأنوار ج75

نعيم الدنيا وزهرتها ، طوبى لعبد طلب الاخرة وسعى لها ، طوبى لمن لم تلهه الاماني
الكاذبة . ثم قال عليه السلام : رحم الله قوما كانوا سراجا ومنارا ، كانوا دعاة إلينا
بأعمالهم ومجهود طاقتهم ، ليس واكمن يذيع أسرارنا .
يا ابن جندب إنما المؤمنون الذين يخافون الله ، ويشفقون أن يسلبوا ما اعطوا
من الهدى ، فإذا ذكروا الله ونعماء‌ه وجلوا وأشفقوا ، وإذا تليت عليهم آياته
زادتهم إيمانا مما أظهره من نفاذ قدرته ، وعلى ربهم يتوكلون .
يا ابن جندب قديما عمر الجهل وقوي أساسه وذلك لا تخاذهم دين الله لعبا
حتى لقد كان المتقرب منهم إلى الله بعمله يريد سواه أولئك هم الظالمون .
يا ابن جندب لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة ، ولاظلهم الغمام ، و
لاشرقوا نهارا ، ولاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولما سألوا الله شيئا إلا
أعطاهم .
يا ابن جندب لا تقل في المذنبين من أهل دعوتكم إلا خيرا ، واستكينوا إلى
الله في توفيقهم ، وسلوا التوبة لهم ، فكل من قصدنا وتولانا ، ولم يوال عدونا
وقال ما يعلم ، وسكت عما لا يعلم أو أشكل عليه فهو في الجنة .
يا ابن جندب يهلك المتكل على عمله ، ولا ينجو المجترئ على الذنوب
الواثق برحمة الله . قلت : فمن ينجو ؟ قال : الذين هم بين الرجاء والخوف ، كأن
قلوبهم في مخلب طائر شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب .
يا ابن جندب من سره أن يزوجه الله الحور العين ، ويتوجه بالنور فليدخل
على أخيه المؤمن السرور .
يا ابن جندب أقل النوم بالليل والكلام بالنهار ، فما في الجسد شئ أقل
شكرا من العين واللسان ، فان ام سليمان قالت لسليمان عليه السلام : يا بني إياك و
النوم ، فإنه يفقرك يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم .
يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه(1)ومصائده


(1)فتحاموا شباكه : اجتنبوها وتوقوها . والشباك - جمع شبكة - بالتحريك - : شركة
الصياد يعنى حبائل الصيد .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه