بحار الأنوار ج14

والله لقد قلنا قولا ذا شطط ، أي ذا بعد عن الحق ، مفرط في الظلم " عليهم " أي على عبادتهم(1)
" بسلطان بين " أي ببرهان ساطع ظاهر " وإذ اعتزلتموهم " هذا خطاب بعضهم لبعض ،
وقال ابن عباس : هذا قول تمليخا " من أمركم مرفقا " أي ماترفقون وتنتفعون به " تزاور
عن كهفهم " تميل عنه ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم ، لان الكهف كان(جنوبيا)؟ ، أو لان
الله زورها عنهم ، والزور : الميل " ذات اليمين " أي جهة اليمين " تقرضهم " أي تعدل عنهم
وتتركهم " وهم في فجوة منه " أي في متسع من الكهف يعني في وسطه بحيث ينالهم روح
الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حر الشمس ، وذلك أن باب الكهف كان في مقابلة بنات
نعش ، وأقرب المشارق والمغارب إلى محاذاته مشرق رأس السرطان ومغربه ، وأن الشمس
إذا كان مدارها مداره تطلع مائلة عنه مقابلة لجانبه الايمن ، وهو الذي يلي المغرب ، و
تغرب محاذية لجانبه الايسر ، فيقع شعاعها على جنبيه ، ويحلل عفونته ، ويعدل هواه ،
ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادهم ويبلي ثيابهم ، وقيل : بل الله صرف عنهم الشمس بقدرته
" وليا مرشدا " من يليه ويرشده " وتحسبهم أيقاظا " لانفتاح عيونهم ، أو لكثرة تقلبهم
" وهم رقود " أي نيام ، ونقلبهم كيلا تأكل الارض مايليها من أبدانهم " وكلبهم " أي
كلب الراعي الذي تبعهم ، وقيل : إنهم مروا بكلب فتبعهم فطردوه فعد ففعلوا ذلك
مرارا ، فقال لهم : ماتريدون مني ؟ لاتخشوا خيانتي فأنا أحب أولياء الله فنوموا حتى
أحرسكم ، وقيل : كان كلب صيدهم " بالوصيد " بفناء الكهف ، وقيل : الوصيد : الباب ،
وقيل : العتبة " ولملئت منهم رعبا " خوفا يملا صدرك لما ألبسهم الله من الهيبة ، أو لعظم
أجرامهم وانفتاح عيونهم ، وقيل : لوحشة مكانهم .
وقال الطبرسي : روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : غزوت مع معاوية نحو
الروم فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ، فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا
إليهم ، فقلت له : ليس هذا لك فقد منع ذلك من هو خير منك ، قال الله : " لو اطلعت "
الآية ، فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم ، فبعث رجالا فلما دخلوا الكهف أرسل الله
عليهم ريحا أخرجتهم .(2)
_________________________
(1)في المجمع : على عبادتهم غير الله .
(2)مجمع البيان 6 : 456 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه