بحار الأنوار ج5

ظهر آدم عليه السلام ! قلنا : عندنا البنية ليست شرطا لحصول الحياة والجوهر الفرد والجزء
الذي لا يتجزى قابل للحياة والعقل ، فإذا جعلنا كل واحد من تلك الذرات جوهرا فردا
فلم قلتم : إن ظهر آدم لا يتسع لمجموعها ; إلا أن هذا الجواب لا يتم إلا إذا قلنا :
الانسان جوهر فرد وجزء لا يتجزى في البدن على ما هو مذهب بعض القدماء ، وأما
إذا قلنا : الانسان هو النفس الناطقه وأنه جوهر غير متحيز ولا حال في متحيز فالسؤال
زائل .
وأما الوجه الثالث وهو قوله : فائدة أخذ الميثاق هي أن تكون حجة في ذلك
الوقت ، أو في الحياة الدنيا ، فجوابنا أن نقول : يفعل الله ما يشاء ويحكم ما يريد ، وأيضا
أليس أن من المعتزلة إذا أرادوا تصحيح القول بوزن الاعمال وإنطاق الجوارح قالوا :
لا يبعد أن يكون لبعض المكلفين في إسماع هذه الاشياء لطف فكذا ههنا لا يبعد أن
يكون لبعض الملائكة من تميز السعداء من الاشقياء في وقت أخذ الميثاق لطف . وقيل
أيضا : إن الله تعالى يذكرهم ذلك الميثاق يوم القيامة ; وبقية الوجوه ضعيفة والكلام
عليها سهل هين .
وأما المقام الثاني وهو أن بتقدير أن يصح القول بأخذ الميثاق من الذر فهل
يمكن جعله تفسيرا لالفاظ هذه الاية فنقول : الوجوه الثلاثة المذكورة أولا دافعة لذلك ،
لان قوله : " أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " فقد بينا أن المراد منه :
وإذ أخذ ربك من ظهور بني آدم ; وأيضا لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال :
من ظهره ذريته ولم يقل : " من ظهورهم ذريتهم " أجاب الناصرون لذلك القول بأنه
صحت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه فسر هذه الآية بهذا الوجه ، والطعن في تفسير
رسول الله صلى الله عليه وآله غير ممكن ، فنقول : ظاهر الآية تدل على أنه تعالى أخرج ذرا من ظهور
بني آدم فيحنمل ذلك على أنه تعالى يعلم أن الشخص الفلاني يتولد منه فلان ، ومن ذلك
الفلان فلان آخر ، فعلى الترتيب الذي علم دخولهم في الوجود يخرجهم ويميز بعضهم
من بعض ، وأما أنه تعالى يخرج كل تلك الذرية من صلب آدم فليس في لفظ آية ما يدل
على ثبوته ، وليس في الآية أيضا ما يدل علي بطلانه ، إلا أن الخبر قد دل عليه فثبت

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه