المجادلة منذ اليوم ولكن إن رأيت أن تبين عن فساد اختيار الناس الامام وأن
الامامة في آل بيت الرسول دون غيرهم ؟ قال هشام : أيها الوزير العلة تقطعني
عن ذلك ، ولعل معترضا يعترض ، فيكتسب المناظرة والخصومة قال : إن اعترض
معترض قبل أن تبلغ مرادك وغرضك ، فليس ذلك له بل عليه أن يحفظ المواضع
التي له فيها مطعن فيقفها إلى فراغك ولا يقطع عليك كلامك .
فبدأ هشام وساق الذكر لذلك وأطال ، واختصرنا منه موضع الحاجة ، فلمات
فرغ مما قد ابتدأ فيه من الكلام في فساد اختيار الناس الامام ، قال يحيى لسليمان
ابن جرير : سل أبا محمد عن شئ من هذا الباب ؟ قال سليمان لهشام : أخبرني عن
علي بن أبي طالب عليه السلام مفروض الطاعة ؟ فقال هشام : نعم .
قال : فان أمرك الذي بعده بالخروج بالسيف معه تفعل وتطيعه ؟ فقال
هشام : لايأمرني قال : ولم إذا كانت طاعته مفروضة عليك ، وعليك أن تطيعه ؟ فقال
هشام : عد عن هذا ، فقد تبين فيه الجواب ، قال سليمان : فلم يأمرك في حال تطيعه
وفي حال لاتطيعه ؟ فقال هشام : ويحك لم أقل لك إني لااطيعه فتقول : إن طاعته
مفروضة إنما قلت لك : لايأمرني .
قال سليمان : ليس أسألك إلا على سبيل سلطان الجدل ، ليس على الواجب
انه لايأمرك فقال هشام : كم تحول حول الحمى ، هل هو إلا أن أقول لك إن
أمرني فعلت ، فتنقطع أقبح الانقطاع ، ولا يكون عندك زيادة ، وأنا أعلم بما يجب
قولي ، وما إليه يؤل جوابي .
قال : فتغير وجه هارون ، وقال هارون : قد أفصح ، وقام الناس واغتنمها
هشام ، فخرج على وجهه إلى المدائن .
قال : فبلغنا أن هارون قال ليحيى : شد يدك بهذا وأصحابه ، وبعث إلى
أبي الحسن موسى عليه السلام فحبسه فكان هذا سبب حبسه مع غيره من الاسباب وإنما
أراد يحيى أن يهرب هشام فيموت مخفيا مادام الهارون سلطان قال : ثم صار هشام
إلى الكوفة وهو يعقب عليه ، ومات في دار ابن شرف بالكوفة رحمه الله .