إليه المفيد والشهيد الثاني قدس الله روحهما .
وأيضا يمكن أن يقال : لما كان تلك الازمنة عليهم شبهة في الجملة يجري
عليهم في الدنيا حكم الاسلام ، فإذا ظهر في زمانه عليه السلام الحق الصريح بالبينات
والمعجزات ولم تبق لهم شبهة وأنكروه التحقوا بسائر الكفار ، وأخبار هذا المطلب
متفرقة في أبواب هذا الكتاب وأزواجو من الله أن يوفقني لتأليف كتاب مفرد في ذلك إن
شاءالله تعالى ، وبعض الاخبار المشعرة بخلاف ما ذكرنا محمول على المستضعفين كما عرفت .
وقال شارح المقاصد : اختلف أهل الاسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين
ومات قبل التوبة فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب ، بل كلاهما في مشية
الله تعالى ، لكن على تقديرالتعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة ، لا
بطريق الوجوب على الله تعالى بل مقتضى ماسبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد
أهل الجنة ، وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم من غير عفو ولا إخراج من النار ،
وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عندالمعتزلة ليس في الجنة ولا
في النار فغلط نشأمن قولهم : إن له المنزلة بين المنزلتين ،(1)أي حالة غير الايمان
والكفر ، وأما ماذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة(2)من أن عصاة المؤمنين
لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص
العذاب بالكفار مثل قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى .(3)إن الخزي
(1)تقدم الايعاز إلى معنى ذلك .
(2)تقدم الاشارة إلى مذهب المرجئة ، واما مقاتل بن سليمان فهو مقاتل بن سليمان بن بشير
الازدى الخراسانى ابوالحسن البلخى يقال له : ابن دوال دوز ، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة
ودخل بغداد وحدث بها وكان مشهورا بتفسير كتاب الله العزيز ، ترجمه ابن حجر في التقريب :
ص 505 وقال : كذبوه وحجروه ورمى بالتجسيم من السابعة ، مات سنة 150 . وعده ابن النديم
من المحدثين والفراء من الزيدية ونسب إليه كتبا في فنون القرآن وغيره منها تفسيره الكبير ،
وأورده الطوسى في رجاله تارة في أصحاب الامام الباقر عليه السلام وقال : تبرى ، واخرى في
أصحاب الامام الصادق عليه السلام ، وترجمه أصحابنا في كتبهم الرجالية ونصوا على أنه عامى يروى
عنه ابن محبوب في باب الوصية من لدن آدم من الفقيه ، وبعد حديث القباب في روضة الكافي .
(3)طه : 48 .