" فأنزل الله سكينته عليه " يعني على محمد صلى الله عليه وآله ، أي ألقى في قلبه ما سكن به " وأيده
بجنود لم تروها " أي بملائكة يضربون وجوه الكفار وأبصارهم عن أن يروه ، وقيل :
قواه بالملائكة(1)يدعون الله تعالى له ، وقيل : أعانه بالملائكة يوم بدر ، وقال بعضهم :
يجوز أن يكون الهاء في " عليه " راجعة إلى أبي بكر ، وهذا بعيد ، لان الضمائر
قبل هذا وبعده تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله بلا خلاف(2)، فكيف يتخللها ضمير عائد إلى
غيره هذا وقد قال سبحانه في هذه السورة " ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى
المؤمنين(3)" وقال في سورة الفتح كذلك(4)، فتخصيص النبي في هذه الآية بالسكينة
يدل على عدم إيمان من معه(5)" وجعل كلمة الذين كفروا السفلى " المراد بكلمتهم
وعيدهم النبي صلى الله عليه وآله وتخويفهم له ، أو كلمة الشرك ، وكلمة الله وعده بالنصر ، أو
كلمة التوحيد(6).
وقال في قوله تعالى : " والذين هاجروا في الله " : نزلت في المعذبين بمكة
مثل صهيب وبلال وعمار وخباب(7)وغيرهم ، مكنهم الله في المدينة ، وذكر أن
(1)في المصدر : بملائكة .
(2)في المصدر : وذلك في قوله : " إلا تنصروه فقد نصره الله " وفى قوله : " إذ اخرجه "
وقوله : " لصاحبه " وقوله فيما بعده : " وأيده " .
(3)الاية : 28 .
(4)في المصدر : وقال في سورة الفتح : " فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين "
أقول : هذا هو الصحيح راجع سورة الفتح 48 : 26 .
(5)لم نجد قوله : " فتخصيص النبى صلى الله عليه وآله " إلى هما في المصدر ، بل الموجود
مكانه هكذا : وقد ذكرت الشيعة في تخصيص النبى صلى الله عليه وآله في هذه الاية بالسكينة
كلا ما رأينا الاضراب عن ذكره أحرى لئلا ينسبنا ناسب إلى شئ انتهى .
(6)مجمع البيان 5 : 31 و 32 .
(7)خباب بتشديد الباء الاول كشداد هو خباب بن الارت التميمى أبوعبدالله من السابقين
إلى الاسلام ، وكان يعذب في الله ، شهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها سنة 37 " وقيل : 39 "
وترحم عليه أميرالمؤمنين عليه السلام وقال : رحم الله خبابا ، أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش
مجاهدا ، وابتلى في جسمه احوالا ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا .(*)