آخر الدعاء ، وعفر خديه على الارض وقام فخرج فسألناه بم يعرف هذا المكان ؟ فقال :
إنه مقام الصالحين والانبياء والمرسلين ، قال : فاتبعناه وإذا به قد دخل إلى مسجد صغير بين
يدي السهلة فصلى فيه ركعتين بسكينة ووقار كما صلى أول مرة ثم بسط كفيه وقال :
" إلهي " إلى آخر الدعاء ، ثم بكى وعفر خديه وقال : " ارحم من أساء واقترف واستكان(1)
واعترف " ثم قلب خده الايسر ودعا ثم خرج فاتبعته وقلت له : يا سيدي بم يعرف هذا
المسجد ؟ فقال : إنه مسجد زيد بن صوحان صاحب علي بن أبي طالب عليه السلام ثم غاب عنا
ولم نره . فقال لي صاحبي : إنه الخضر عليه السلام .(2)
55 - وروى الديلمي في كتاب أعلام الدين عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذات
يوم لاصحابه : ألا احدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينا هو يمشي في سوق
من أسواق بني إسرائيل إذ بصر به مسكين فقال : تصدق علي بارك الله فيك ، قال الخضر :
آمنت بالله ، ما يقضي الله يكون ، ما عندي من شئ اعطيكه ، قال المسكين : بوجه الله لما
تصدقت علي إني رأيت الخير في وجهك ورجوت الخير عندك ، قال الخضر : آمنت بالله
إنك سألتني بأمر عظيم ما عندي من شئ اعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني ، قال المسكين :
وهل يستقيم هذا ؟ قال : الحق أقول لك إنك سألتني بأمر عظيم ، سألتني بوجه ربي عز
وجل ، أما إني لا اخيبك في مسألتي بوجه ربي فبعني ، فقدمه إلى السوق فباعه
بأربعمائة درهم ، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شئ ، فقال الخضر عليه السلام : إنما
ابتعتني التماس خدمتي فمرني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ،
قال : لست تشق علي ، قال : فقم فانقل هذه الحجارة - قال : وكان لا ينقلها دون ستة نفر
في يوم - فقام فنقل الحجارة في ساعته فقال له : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم يطقه أحد
قال : ثم عرض للرجل سفر فقال : إني أحسبك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ،
وإني أكره أن أشق عليك ، قال : لست تشق علي ، قال : فاضرب من اللبن شيئا حتى
أرجع إليك ، قال : فخرج الرجل لسفره ورجع وقد شيد بناءه ، فقال له الرجل : أسألك
(1)استكان : ذل وخضع .
(2)المزار مخطوط .(*)