بحار الأنوار ج70

32 كا : عن عدة من اصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن إبراهيم ، عن
أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ابي حمزة الثمالي ، عن أبي
جعفر عليه السلام قال : إن هذا الغضب جمرة من الشيطان ، توقد في قلب ابن آدم ، وإن
أحدكم إذا غضب احمرت عيناه وانتفخت أوداجه ، ودخل الشيطان فيه ، فاذا خاف
أحدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض ، فان رجز الشيطان ليذهب عنه عند ذلك(1).
بيان : الجمرة القطعة الملتهبة من النار ، شبه بها الغضب في الاحراق والاهلاك
ونسبها إلى الشيطان لان بنفخ نزغاته ووساوسه تحدث وتشتد ، وتوقد في قلب
ابن آدم ، وتلتهب التهابا عظيما ، ويغلى بها دم القلب غليانا شديدا كغلي الحميم
فيحدث منه دخان بتحليل الرطوبات ، وينتشر في العروق ، ويرتفع إلى أعالي
البدن والدماغ والوجه ، كما يرتفع الماء والدخان في القدر ، فلذلك تحمر العين والوجه
والبشرة ، وتنتفخ الاوداج والعروق وحينئذ يتسلط عليه الشيطان كمال التسلط
ويدخل فيه ويحمله على ما يريد ، فيصدر منه أفعال شبيهة بأفعال المجانين ، ولزوم
الارض يشمل الجلوس والاضطجاع والسجود كما عرفت .
33 كا : عدة من اصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن بعض اصحابه
رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : الغضب ممحقة لقلب الحكيم ، وقال : من لم يملك
غضبه لم يملك عقله(2).
بيان : الممحقة مفعلة من المحق ، وهو النقص والمحو والابطال اي مظنة
له ، وإنماخص قلب الحكيم بالذكر لان المحق الذي هو إزالة النور إنما يتعلق
بقلب له نور ، وقلب غير الحكيم يعلم بالاولوية ، وإذا عرفت أن الغضب يمحق
قلب الحكيم يعني عقله ، ظهر لك حقيقة قوله : من لم يملك غضبه لم يملك عقله .
قال بعض المحققين : مهما اشتدت نار الغضب وقوي اضطرامها . أعمى
صاحبه وأصمه عن كل موعظة ، فاذا وعظ لم يسمع بل تزيده الموعظة غيظا ، وإن


(1)الكافي ج 2 ص 304 .
(2)الكافي ج 2 ص 305 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه