بحار الأنوار ج38

قال : إنه سبق إلى الهجرة ومعلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله منهم عثمان بن
مظعون وغيره ، وقدهاجروا في صحبة النبي صلى الله عليه وآله(1)وتخلف علي عليه السلام فبات على
فراش رسول الله ومكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده ثم هاجر بعد ذلك ؟ والجواب
أنه لم يقل(وسبقت كل الناس)وإنما قال(وسبقت)فقط ، ولا يدل ذلك على سبقه
للناس كافة ، ولا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة ، ولم يهاجر قبله أحد إلا
نفر يسير جدا ، وأيضا فقد قلنا : إنه علل أفضليته وتحريم البراء‌ة منه مع الاكراه
بمجموع امور ، منها ولادته على الفطرة ، ومنها سبقه إلى الايمان ، ومنها سبقه إلى الهجرة
وهذه الامور الثلاثة لم تجتمع لاحد غيره ، فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من
الناس ، وأيضا فإن اللام في الهجرة يجوز أن لا تكون للمعهود السابق بل تكون للجنس ،
وأميرالمؤمنين عليه السلام سبق أبابكر وغيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة ، فإن النبي
صلى الله عليه وآله هاجر من مكة مرارا يطوف على أحياء العرب ، وينتقل من أرض قوم
إلى غيرها ، وكان علي معه دون غيره ، أما هجرته إلى بني شيبان فما اختلف أحد من أهل
السيرة ان عليا كان معه وأبوبكر ، وأنهم غابوا عن مكة ثلاثا عشر يوما ، وعادوا إليها
لما لم يجدوا عند بني شيبان ما أرادوه من النصرة ، وروى المدائني في كتاب الامثال عن
المفضل الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج عن مكة يعرض نفسه على قبائل العرب
خرج إلى ربيعة ومعه علي وأبوبكر ، فأما هجرته إلى الطائف فكان معه علي عليه السلام وزيد
ابن حارثة في رواية أبي الحسن المدائني ولم يكن معهم أبوبكر ، وأما رواية محمد بن إسحاق
فإنه قال : كان معه زيد بن حارثة وحده ، وغاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بني عامر بن صعصعة(2)
وإخوانهم من قيس وغيلان وإنه لم يكن معه إلا علي وحده ، وذلك عقيب وفاة أبي طالب
اوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله : اخرج منها فقد مات ناصرك ، فخرج إلى بني عامر بن صعصعة
ومعه علي وحده ، فعرض نفسه عليهم وسألهم النصرة وتلا عليهم القرآن فلم يجيبوه ، فعاد


(1)في المصدر : وقد هاجر أبوبكر قبله لانه هاجر في صحبة النبى صلى الله عليه وآله .
(2)في المصدر : وغاب رسول الله عن مكة في هذه الهجرة أربعين يوما ودخل اليها في جوار
مطعم بن عدى ، وأما هجرته إلى بنى عامر بن صعصعة اه‍ .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه