بحار الأنوار ج57

كان ذوالقرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائز هم ليس لها ولد غيره وكان اسمه
" اسكندروس " ويقال : كان اسمه " عياش " وكان عبدا صالحا ، فلما استحكم ملكه
واستجمع أمره أوحى الله إليه : يا ذا القرنين ! إني بعثتك إلى جميع الخلق ما بين الخافقين
وجعلتك حجتي عليهم ، وهذا تأويل رؤياك وإني باعثك إلى امم الارض كلهم
وهم سبع امم مختلفة ألسنتهم ، منهم امتان بينهما عرض الارض ، وامتان بينهما طول
الارض ، وثلاث امم في وسط الارض ، وهم الجن والانس ويأجوج ومأجوج .
فأما الامتان اللتان بينهما طول الارض فامة عند المغرب يقال لها " ناسك " وامة اخرى
بحيا لها عند مطلع الشمس يقال لها " منسك " وأما اللتان بينهما عرض الارض فامة
في قطر الارض الايمن يقال لها " هاويل " وامة في قطر الارض الايسر يقال لها
" قاويل " فلما قال الله سبحانه ذلك قال ذوالقرنين : إلهي إنك قدندبتني إلى أمر عظيم
لا يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن الامم التي بعثتني أليها بأي قوة اكاثر هم ؟ أو بأي
جمع وحيلة اكابرهم ؟ وبأي صبرا قاسيهم ؟ وبأي لسان اناطقهم ؟ وكيف لي بأن أفهم
لغاتهم ؟ وبأي سمع أسمع أقوالهم ؟ وبأي بصرا نفذهم ؟ وبأي حجة اخاصمهم ؟
وبأي عقل أعقل عنهم ؟ وبأي قلب وحكمة ادبر امورهم ؟ وبأي قسط أعدل بينهم ؟
وبأي حلم اصابرهم ؟ وبأي معرفة أفصل بينهم ؟ وبأي علم اتقن امورهم ؟ وبأي
يد أستطيل عليهم ؟ وبأي رجل أطأهم ؟ وبأي طاقة احصيهم ؟ وبأي جند اقاتلهم ؟
وبأي رفق أتألفهم ؟ وليس عندي يا إلهي شئ مما ذكرت يقوم لهم ويقوى عليهم و
أنت الرؤف الرحيم الذي لاتكلف نفسا إلا وسعها ولاتكلفها إلا طاقتها . فقال الله عز
وجل : إني ساطوقك ما حملتك : أشرح لك سمعك فتسمع كل شئ وتعي كل شئ
وأشرح لك فهمك فنفقة كل شئ ، وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شئ ، وأفتح لك
بصرك فتنفذ كل شئ واحصي لك فلا يفوتك شئ ، وأشد لك عضدك فلا يهولك شئ
وأشد لك ركنك فلا يغلبك شئ ، وأشد لك قلبك فلا يفزعك شئ ، وأشد لك
يدك فتسطو فوق كل شئ وأشد لك وطأتك فتهد على كل شئ ، وألبسك الهيبة فلا
يروعك شئ ، واسخر الظلمة من ورائك . فلما قيل له ذلك حدث نفسه بالمسير وألح

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه