أحطت خبرا بما حكيته لك علمت أنه يمكن تأويلها بوجوه كثيرة لايتضمن شئ منها
إثبات ذنب له عليه السلام .
وأما قوله تعالى : " ولقد فتنا سليمان " فاختلف العلماء في فتنته وزلته والجسد
الذي ألقي على كرسيه على أقوال :
الاول : ماذكره الرازي عن بعض رواة المخالفين أن سليمان بلغه خبر مدينة
في البحر ، فخرج إليها بجنوده تحمله الريح فأخذها وقتل ملكها وأخذ بنتا له اسمها جرادة
من أحسن الناس وجها ، فاصطفاها لنفسه وأسلمت فأحبها ، وكانت تبكي على أبيها فأمر
سليمان الشيطان فمثل لها صورة أبيها فكستها مثل كسوته ، وكانت تذهب إلى تلك الصورة
بكرة وعشيا مع جواريها يسجدن له ، فأخبر آصف سليمان بذلك ، فكسر الصورة وعاقب
المرأة ، ثم خرج وحده إلى بلاده(1)وفرش الرماد وجلس عليه تائبا إلى الله تعالى ، وكانت
له أم ولد يقال لها أمينة ، إذا دخل للطهارة أو لاصابة امرأة وضع خاتمه عندها ،(2)فوضعه
عندها يوما وأتاها الشيطان صاحب البحر على صورة سليمان وقال : يا أمينة خاتمي ، فتختم
به وجلس على كرسي سليمان ، فأتاه الطير والجن والانس وتغيرت هيئة سليمان ، فأتى
أمينة لطلب الخاتم فأنكرته فطردته ، فعرف أن الخطيئة قد أدركته ، فكان يدور على البيوت
ويتكفف(3)وإذا قال : أنا سليمان حثوا عليه التراب وسبوه ، ثم أخذ يخدم
الصيادين(4)ينقل لهم السمك فيعطونه كل يوم سمكتين ، فمكث على هذه الحالة أربعين
يوما عدد ما عبد الوثن في بيته ، فأنكر آصف وعظماء بني إسرائيل حكم الشيطان وسأل آصف
نساء سليمان فقلن : مايدع امرأة منا في دمها ، ولايغتسل من جنابة ، وقيل : كان نفذ(5)
حكمه في كل شئ إلا فيهن ، ثم طار الشيطان وقذف الخاتم في البحر فابتلعته سمكة و
وقعت السمكة في يد سليمان فبقر بطنها فإذا هو بالخاتم فتختم به ووقع ساجدا لله ورجع
(1)هكذا في النسخ وفيه تصحيف والصحيح كما في المصدر : إلى فلاة .
(2)في المصدر زيادة وهي : وكان ملكه في خاتمه .
(3)اي يمد كفه اليهم يستعطى !
(4)في المصدر : السماكين . وهو أنسب بما بعده .
(5)" " : وقيل : بل نفذ حكمه .