بحار الأنوار ج48

من الفتيا مدة طويلة ، وأجمع على إنفاذ ماأراد في يحيى .
فروي عن رجل كان مع يحيى في المطبق قال : كنت منه قريبا فكان في أضيق
البيوت وأظلمها ، فبينا نحن ذات ليلة كذلك إذ سمعنا صوت الاقفال ، وقد مضى من
الليل هجعة ، فاذا هارون قد أقبل على برذون له فوقف ثم قال : أين هذا ؟ يعني
يحيى قالوا : في هذا البيت قال : علي به فادني إليه فجعل هارون يكلمه بشئ
لم أفهمه فقال : خذوه ، فاخذ فضربه مائة عصا ، ويحيى يناشده الله والرحم والقرابة
من رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول : بقرابتي منك فيقول : مابيني وبينك قرابة .
ثم حمل فرد إلى موضعه فقال : كم أجريتم عليه ؟ قالوا : أربعة أرغفة
وثمانية أرطال ماء قال : اجعلوه على النصف ، ثم خرج ومكث ليالي ثم سمعنا
وقعا فاذا نحن به حتى دخل ، فوقف موقفه فقال : علي به فاخرج ففعل به مثل
فعله ذلك ، وضربه مائة عصا اخرى ، ويحيى يناشده فقال : كم أجريتم عليه ؟ قالوا :
رغيفين وأربعة أرطال ماء قال : اجعلوه على النصف ، ثم خرج وعاود الثالثة ، وقد
مرض يحيى وثقل .
فلما دخل قال : علي به قالوا : هو عليل مدنف لمابه ، قال : كم أجريتم
عليه ؟ قالوا : رغيفا ورطلين ماء قال : اجعلوه على النصف ثم خرج ، فلم يلبث
يحيى أن مات فاخرج إلى الناس فدفن .
وعن إبراهيم بن رياح أنه بنى عليه اسطوانة بالرافقة(1)وهو حي .
وعن علي بن محمد بن سليمان أنه دس إليه في الليل من خنقه حتى تلف
قال : وبلغني أنه سقاه سما .


(1)الرافقة : بلد متصل البناء بالرقة وهما على ضفة الفراب وبينهما مقدار ثلاثمائة ذراع
. . قال ياقوت هكذا كانت أولا ، فأما الان فان الرقة خربت وغلب اسمها على الرافقة وصار
اسم المدينة الرقة وهي من اعمال الجزيرة . . قال أحمد بن يحيى : لم يكن للرافقة
أثر قديم انما بناها المنصور في سنة 155 على بناء مدينة بغداد ، ورتب بها حندأ من أهل
خراسان الخ .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه