بحار الأنوار ج3

تبيين وتحقيق : اعلم أن هذه الاخبار لا سيما خبر ابن السكن تحتمل وجوها :
الاول : أن يكون المراد بالمعرف به ما يعرف الشئ به بأنه هوهو فمعنى اعرفوا الله بالله :
اعرفوه بأنه هو الله مسلوباعنه جميع ما يعرف به الخلق من الجواهر والاعراض ومشابهته
شئ منها ، وهذا هوالذي ذكره الكليني رحمه الله ، وعلى هذا فمعنى قوله : والرسول
بالرسالة : معرفة الرسول بأنه ارسل بهذه الشريعة وهذه الاحكام ، وهذا الدين ، وهذا
الكتاب ، ومعرفة كل من اولي الامر بأنه الآمر بالمعروف ، والعالم العامل به ، و
بالعدل أي لزوم الطريقة الوسطي في كل شئ ، والاحسان أي الشفقة على خلق الله و
التفضل عليهم ودفع الظلم عنهم . أو المعنى : اعرفوا الله بالله أي بما يناسب الوهيته من
التنزيه والتقديس ، والرسول بما يناسب رسالته من العصمة والفضل والكمال ، واولي
الامر بما يناسب درجتهم العالية التي هي الرئاسة العامة للدنيا والدين ، وبما يحكم
العقل به من اتصاف صاحب تلك الدرجة القصوى به من العلم والعصمة والفضل والمزية
على من سواه ، ويحتمل أن يكون الغرض عدم الخوض في معرفته تعالى ورسوله وحججه
بالعقول الناقصة فينتهي إلى نسبة ما لايليق به تعالى إليه ، وإلى الغلو في أمر الرسول و
الائمة صلوات الله عليهم .
وعلى هذا يحتمل وجهين : الاول أن يكون المراد : اعرفوا الله بعقولكم بمحض
أنه خالق إله ، والرسول بأنه رسول أرسله الله إلى الخلق ، واولي الامر بأنه المحتاج
إليه لاقامة المعروف والعدل والاحسان ، ثم عولوا في صفاته تعالى وصفات حججه
عليهم السلام على ما بينوا ووصفوا لكم من ذلك ولا تخوضوا فيها بعقولكم والثاني أن يكون
المعنى : اعرفوا الله بما وصف لكم في كتابه وعلى لسان نبيه ، والرسول بما أوضح لكم من
وصفه في رسالته إليكم ، والامام بما بين لكم من المعروف والعدل والاحسان كيف
اتصف بتلك الاوصاف والاخلاق الحسنة . ويحتمل الاخيرين وجها ثالثا ، وهو أن
يكون المراد لا تعرفواالرسول بما يخرج به عن الرسالة إلى درجة الالوهيته ، وكذا الامام .
الثانى : أن يكون المراد بما يعرف به ما يعرف باستعانته من قوى النفس العاقلة و
المدركة وما يكون بمنزلتها ويقوم مقامها ، فمعنى اعرفوا الله بالله : اعرفوه بنورالله المشرق

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه