بحار الأنوار ج56

الشهر الحرام هذا اليوم أم لا ، فقال قائل منهم ، لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر
الحرام ، ولا نرى أن تستحلوه لطمع اشفيتم عليه ، فشدوا على ابن الحضرمي
فقتلوه وغنموا عيره ، فبلغ ذلك كفار قريش فركب وفدهم حتى قدموا على
النبي صلى الله عليه وآله فقالوا : أيحل القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله تعالى " يسئلونك
عن الشهر الحرام قتال فيه الآية(1)" ويظهر من هذا الخبر كما ورد فيه بعض
السير ، أيضا أنهم إنما فعلوا ذلك بعد رؤية هلاك رجب وعلمهم بكونه منه ، واستشهاده
عليه السلام بأن الصحابة حكموا بعد رؤية الهلال بدخلول رجب ، فالليل سابق
على النهار ومحسوب مع اليوم الذي بعده يوما ، وما سبق من تقدم خلق النهار
على الليل لا ينافي ذلك كما لا يخفى .
الفائدة الرابعة : اعلم أنهم يقسمون كلا من اليوم الحقيقي واليوم الوسطي
إلى أربعة وعشرين قسما متساوية يسمونها بالساعات المستوية والمعتدلة ، وأقسام
اليوم الحقيقي تسمى بالحقيقية ، والوسطي بالوسطية وقد يقسمون كلا من
الليل والنهار في أي وقت كان باثنتي عشرة ساعة متساوية ، ويسمونها بالساعات
المعوجة لا ختلاف مقاديرها باختلاف الايام طولا وقصرا بخلاف المستوية
فانها تختلف أعدادها ولا تختلف مقاديرها ، والمعوجة بعكسها ، وتسمى المعوجة
بالساعات الزمانية أيضا لانها نصف سدس زمان النهار أو زمان الليل ، وكثير من
الاخبار مبنية على هذا الاصطلاح كما أو مأنا إليه ، والساعتان تستويان في خط
الاستواء أبدا ، وعند حلول الشمس أحد الاعتدالين في سائر الآفاق . وقد تطلق
الساعة في الاخبار على مقدار من أجزاء الليل والنهار مختص بحكم معين أو صفة
مخصوصة ، كساعة ما بين طلوع الفجر والشمس ، وساعة الزوال ، والساعة بعد العصر
وساعة آخر الليل ، وأشباه ذلك ، بل على مقدار من الزمان وإن لم يكن من
أجزاء الليل والنهار كالساعة التي تطلع على يوم القيامة ، كما أن اليوم قد يطلق
على مقدار من الزمان مخصوص بواقعة أو حكم كيوم القيامة ويوم حنين ، وقال


(1)البقرة : 217 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه