بحار الأنوار ج97

حسن البيان ، عارفا بتفاوت أخلاقهم ، لينزل كلا منزلته ، بصيرا بمكر النفس ، و
مكائد الشيطان ، صابرا على ما يلحقه لا يكافيهم بها ولا يشكو منهم ، ولا يستعمل الحمية
ولا يغتاظ لنفسه ، مجردا نيته لله مستعينا به ومبتغيا لوجهه ، فان خالفوه وجفوه
صبر ، وإن وافقوه وقبلوامنه شكر ، مفوضا أمره إلى الله ناظرا إلى عيبه(1).
53 مص : قال الصادق عليه السلام : أحسن المواعظ ما لا يجاوز القول حد
الصدق ، والفعل حد الاخلاص ، فان مثل الواعظ والموعوظ كاليقظان والراقد
فمن استيقظ عن رقدته وغفلته ومخالفته ومعاصيه ، صلح أن يوقظ غيره من ذلك
الرقاد ، وأما السائر في مفاوز الاعتداء والخائض في مراتع الغي وترك الحياء
باستحباب السمعة والرياء والشهرة والتصنع في الخلق المتزيي بزي الصالحين
المظهر بكلامه عمارة باطنه ، وهو في الحقيقة خال عنها ، قد غمرتها وحشة حب المحمدة
وغشيتها ظلمة الطمع ، فما أفتنه بهواه واضل الناس بمقاله قال الله عزجل :
لبئس المولى ولبئس العشير وأما من عصمه الله بنور التأييد ، وحسن التوفيق
وطهر قلبه من الدنس ، فلا يفارق المعرفة والتقى ، فيستمع الكلام من الاصل
ويترك قائله كيف ما كان ، قالت الحكماء : خذ الحكمة ولو من أفواه المجانين
قال عيسى عليه السلام : جالسوا من تذكركم الله رؤيته ولقاؤه ، فضلا عن الكلام ، و
لا تجالسوا من يوافقه ظاهركم ، ويخالفه باطنكم ، فان ذلك المدعي بما ليس له
إن كنتم صادقين في استفادتكم ، فاذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته ولقاء‌ه
ومجالسته ولو ساعة ، فان ذلك يؤثر في دينك وقلبك وعبادتك بركاته ، قوله لا يجاوز
فعله ، وفعله لا يجاوز صدقه ، وصدقه لا ينازع ربه ، فجالسه بالحرمة ، وانتظر
الرحمة والبركة ، واحذر لزوم الحجة عليك ، وراع وقته كيلا تلومه فتخسر ، وانظر
إليه بعين فضل الله عليه ، وتخصيصه له ، وكرامته إياه(2).
55 شى : عن يعقوب بن شعيب ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال : قلت أتأمرون


(1)نفس المصدر ص 42 والاية في سورة المائدة : 105 .
(2)نفس المصدر ص 49 بادنى تفاوت والاية في سورة الحج : 130 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه