وأخذت غير حقك بلا بلاء كان منك ولا من آبائك في ديننا ولا سابقة كانت لكم ، بل
كفرتم بما جاء به محمد صلى الله عليه واله ، فأتعس الله منكم الجدود ، وأصعر منكم الخدود ، و
رد الحق إلى أهله ، فكانت كلمتنا هي العليا ونبينا هو المنصور على من ناواه ،
فوثبت قريش علينا من بعده حسدا لنا وبغيا ، فكنا بحمدالله ونعمته أهل بيت فيكم
بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان سيدنا فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون
من موسى ، وغايتنا الجنة وغايتكم النار ، فقال لها عمرو بن العاص : كفي أيتها
العجوز الضالة ، واقصري من قولك مع ذهاب عقلك ، إذ لا تجوز شهادتك وحدك !
فقالت : وأنت يا ابن الباغية تتكلم وامك أشهر بغي بمكة ، وأقلهم اجرة ! و
ادعاك خمسة من قريش ، فسئلت امك عن ذلك فقالت : كل أتاها فانظروا أشبههم
به فألحقوه به ! فغلب شبه العاص بن وائل جزار قريش ألامهم مكرا وأمهنهم خيرا
فما ألومك ببغضنا ، قال مروان بن الحكم : كفي أيتها العجوز واقصدي لما جئت
له ، فقالت : وأنت يا ابن الزرقاء تتكلم والله وأنت ببشير مولى ابن كلدة أشبه منك
بالحكم بن العاص ! وقد رأيت الحكم سبط الشعر مديد القامة ، وما بينكما قرابة
إلا كقرابة الفرس الضامر من الاتان المقرف ! فاسأل عما أخبرتك به امك فإنها
ستخبرك بذلك ، ثم التفتت إلى معاوية فقالت : والله ما جرأ هؤلاء غيرك ، وإن امك
القائلة في قتل حمزة :
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات السعر
إلى آخر الابيات ، فأجابتها ابنة عمي :
خزيت في بدر وغير بدر * يا بنت وقاع عظيم الكفر
إلى آخر الابيات ، فالتفت معاوية إلى مروان وعمرو وقال : والله ما جرأها
علي غيركما ، ولا أسمعني هذا الكلام سواكما ، ثم قال : يا خالة اقصدي لحاجتك
ودعي أساطير النساء عنك ، قالت : تعطيني ألفي دينار وألفي دينار ، قال :
ما تصنعين بألفي دينار ؟ قالت : أزوج بها فقراء بني الحارث بن عبدالمطلب ، قال :