وله قبلهم تبعات ، فيقول : عبادي ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم ، فهبوا بعضكم تبعات
بعض ، وادخلوا الجنة جميعا برحمتي .
17 - مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ،
عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كل محاسب معذب ، فقال له قائل : يا
رسول الله فأين قول الله عزوجل : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قال : ذاك العرض
يعني التصفح . " ص 76 - 77 "
بيان : يعني أن الحساب اليسير هو تصفح أعماله وعرضها على الله ، أو على صاحبه ،
من غير أن يناقش عليها ويؤخذ بكل حقير وجليل من غير عفو ، فإن من فعل الله تعالى
ذلك به هلك ، إذ لايقوم فعل أحد من الخلق بحق نعم الله عليه لا سيما إذا انضم إليها
فعل الخطايا والآثام ، فالمراد بالحساب في أول الخبر المحاسبة على هذا الوجه ، كما
هو دأب المحاسبين في الدنيا ، ولذا ورد في بعض الاخبار مكانه : نوقش في الحساب . فقد
روى الحسين بن مسعود في شرح السنة بإسناده عن البخاري ، عن سفيان بن أبي مريم ،
عن نافع ، عن ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله كانت لا تسمع شيئا
لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، وأن النبي صلى الله عليه وآله قال : من حوسب عذب ، قالت
عائشة : فقلت : أوليس يقول الله تعالى : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قالت : فقال :
إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يهلك . هذا حديث متفق على صحته
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر ، عن إسماعيل بن علية ، عن أيوب ،
عن عبدالله بن أبي مليكة . قوله عليه السلام : من نوقش الحساب يهلك المناقشة : الاستقصاء
في الحساب حتى لا يترك منه شئ ، يقال : انتقشت منه حقي أجمع ، ومنه نقش الشوك
من الرجل وهو استخراجه منها ، انتهى كلامه .
وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : من نوقش الحساب يوم القيامة
عذب . وقال بعض شراحه : قال القاضي : قوله عذب له معنيان : أحدهما أن نفس
المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ ، والثاني أنه
يفضي إلى العذاب بالنار ، ويؤيده قوله في الرواية الاخرى : " هلك " مكان " عذب " هذا