بحار الأنوار ج66

ولما كان ما في الكافي أجمع وأصح اكتفينا به ، وفي الكافي أيضا كان فرقة على
بابين(1)فجمعتهما لاتصالهما معنى ، واتصال سندهما ، ورواه الشيخ الجليل جعفر
ابن محمد بن قولويه ، عن سعد بن عبدالله باسناده ، عن الصادق عليه السلام ، عن أميرالمؤمنين
صلوات الله عليه فيما ذكر من أنواع آيات القرآن بأدنى تفاوت ، وسيأتي مثله
برواية النعماني أيضا عن أميرالمؤمنين عليه السلام فهذا المضمون مستفيض مؤيد بأخبار
اخر أيضا .
قوله عليه السلام(الايمان بالله)هو مبتدأ و(أعلى)خبره ، ويحتمل أن يكون
المراد به جميع العقائد الايمانية اكتفى بذكر أشرفها وأعظمها للزومها لسائرها
مع أن كون التوحيد أشرف لاينافي وجوب البقية ، واشتراطه بها والسنا الضوء
وبالمد الرفعة ، والحظ النصيب والمراد بالقول التصديق القلبي أو هو مع الاقرار
اللساني بالعقائد الايمانية وقيل : هو الذي يعبر عنه بالكلام النفسى ، وقد يستدل
بقوله :(عمل كله)على أن التصديق المكلف به ليس محض العلم إذ هو من قبيل
الانفعال بل هو فعل قلبي .
قال شارح المقاصد : والمذهب أنه غير العلم والمعرفة ، لان من الكفار
من كان يعرف الحق ولايصدق به عنادا واستكبارا قال الله تعالى :(الذين آتيناهم
الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناء‌هم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)(2)
وقال :(وإن الذين اوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل
عما يعملون)(3)وقال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام لفرعون :(ولقد علمت ما أنزل
هؤلاء إلا رب السموات والارض)(4)فاحتيج إلى الفرق بين العلم بماجاء به النبي
صلى الله عليه وآله وهو معرفته ، وبين التصديق ، ليصح كون الاول حاصلا
للمعاندين دون الثاني ، وكون الثاني إيمانا دون الاول ، فاقتصر بعضهم على أن
ضد التصديق هو الانكار والتكذيب ، وضد المعرفة النكارة والجهالة ، وإليه أشار
الغزالي حيث فسر التصديق بالتسليم ، فانه لايكون مع الانكار والاستكبار ، بخلاف


(1)باب أن الايمان مبثوث لجوارح البدن كلها ، وباب السبق إلى الايمان .
(2)البقرة : 146 . / /(3)البقرة : 144 . / /(4)أسرى 102 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه