بحار الأنوار ج3

متن : قال : إن هذا لقول ، ولكني لمنكر مالم تدركه حواسي فتؤديه إلى قلبى
فلما اعتصم بهذه المقالة ولزم هذه الحجة قلت : أما إذ أبيت إلا أن تعتصم بالجهالة ،
وتجعل المحاجزة حجة فقد دخلت في مثل ماعبت وامتثلت ما كرهت ، حيث قلت : إني
اخترت الدعوى لنفسي لان كل شئ لم تدركه حواسي عندي بلا شئ .
قال : وكيف ذلك ؟ قلت : لانك نقمت على الادعاء ودخلت فيه فادعيت أمرا
لم تحط به خبرا ولم تقله علما فكيف استجزت لنفسك الدعوى في إنكارك الله ، ودفعك
أعلام النبوة والحجة الواضحة وعبتها علي ؟ أخبرني هل أحطت بالجهات كلها وبلغت
منتهاها ؟ قال : لا : قلت : فهل رقيت إلى السماء التي ترى ؟ أو انحدرت إلى الارض السفلى
فجلت في أقطارها ؟ أو هل خضت في غمرات البحور واخترقت نواحي الهواء فيما
فوق السماء وتحتها إلى الارض وما أسفل منها فوجدت ذلك خلاء من مدبر حكيم عالم
بصير ؟ قال : لا . قلت : فما يدريك لعل الذي أنكره قلبك هو في بعض ما لم تدركه
حواسك ولم يحط به علمك .
قال : لا أدري لعل في بعض ما ذكرت مدبرا ، وما أدري لعله ليس في شي من
ذلك شئ ، قلت : أما إذ خرجت من حد الانكار إلى منزلة الشك فإني أرجو أن تخرج
إلى المعرفة .
قال : فإنما دخل علي الشك لسؤالك إياي عما لم يحط به علمي ، ولكن من
أين يدخل علي اليقين بما لم تدركه حواسي ؟ قلت : من قبل إهليلجتك هذه .
قال : ذاك إذا أثبت للحجة ، لانها من اداب الطب الذي اذعن بمعرفته 3
قلت : إنما أردت ان اتيك به من قبلها لانها أقرب الاشياء إليك ، ولو كان شئ أقرب
إليك منها لاتيتك من قبله ، لان في كل شي أثر تركيب وحكمة ، وشاهدا يدل على


(1)وفى نسخة : فدرت في أقطارها .
(2)وفى نسخة : هل غصت في غمرات البحور .
(3)وفى نسخة : لانها من أداة الطب الذى أدعى معرفته .
(4)وفى نسخة : لانبأتك من قبله .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه