وفتن فهو مفتون إذا أصابته فتنة فيذهب ماله أو عقله ، وكذلك إذا اختبر ، وإنما
نهى عليه السلام عن الابداء لانه قد يوجد ذلك في قلب العدو بغير اختياره وتكليف
عامة الخلق به حرج ينافي الشريعة السمحة ، والابداء يكون بالفعل كاظهار السرور
والبشاشة والضحك عند المصاب ، وفي غيبته ، وبالقول مثل الهزء والسخرية به
وعقوبته في الدنيا أن الله تعالى يبتليه بمثله غيرة للمؤمن ، وانتصارا له ، وأيضا
هو نوع بغي وعقوبة البغي عاجلة سريعة .
20 كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن إبراهيم والفضل ابني
يزيد الاشعريين ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام وأبي
عبدالله عليه السلام قال : أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين
فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما(1).
بيان : أقرب مبتدأ وما مصدرية ، ويكون من الافعال التامة وإلى متعلق
بأقرب و أن في قوله : أن يواخي مصدرية ، وهو في موضع ظرف الزمان مثل
رأيته مجئ الحاج وهو خبر المبتدأ ، والعثرة الكبوة في المشي ، استعير للذنب مطلقا
أو الخطاء منه ، وقريب منه الزلة ويمكن تخصيص إحداهما بالذنوب ، والاخرى
بمخالفة العادات والاداب ، والتعنيف والتعيير واللوم ، وهذا من أعظم الخيانة في الصداقة
والاخوة ، ولذا قال بعض العارفين : لابد من أن تأخذ صديقا معتمدا موافقا
مأمونا شره ، ولا يحصل ذلك إلا بعد اعتبارك إياه قبل الصداقة آونة من الزمان
في جميع أقواله وأفعاله مع بني نوعه ، ومع ذلك لابد بعد الصداقة من أن تخفي
كثيرا من أحوالك وأسرارك منه ، فانه ليس بمعصوم ، فلعل بعد المفارقة منك
لامر قليل يوجب زوال الصداقة يعنفك بأمر تكرهه .
والمراد باحصاء العثرات والزلات حفظها وضبطها في الخاطر أو الدفاتر
ليعيره بها يوما من الايام ، ويفهم منه أن كمال قربه من الكفر بمجرد الاحصاء
بهذا القصد ، وإن لم يقع منه ، وقيل : وجه قربه من الكفر أن ذلك منه باعتبار عدم