بحار الأنوار ج22

التحريم لا يحصل إلا بأمر الله ونهيه ، ولا يصير الشئ حراما بتحريم من يحرمه
على نفسه إلا إذا حلف على تركه " والله غفور " لعباده " رحيم " بهم إذا رجعوا إلى
ما هو الاولى والاليق بالتقوى " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " أي قد قدر الله
لكم ما تحللون به أيمانكم إذا فعلتموها ، وشرع لكم الحنث فيها ، لان اليمين
ينحل بالحنث فسمى ذلك تحلة ، وقيل : أي بين الله لكم كفارة أيمانكم في سورة
المائدة ، عن مقاتل ، قال : أمر الله نبيه أن يكفر يمينه ويراجع وليدته ، فأعتق
رقبة وعاد إلى مارية ، وقيل : أي فرض الله عليكم كفارة أيمانكم " والله مولاكم "
أي وليكم يحفظكم وينصركم ، وهو أولى بأن تتبعوا(1)رضاه " وهو العليم "
بمصالحكم " الحكيم " في أوامره ونواهيه لكم ، وقيل : هو العليم بما قالت حفصة
لعايشة ، الحكيم في تدبيره " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه " وهي حفصة
" حديثا " كلاما أمرها بإخفائه " فلما نبأت به " أي أخبرت غيرها بما خبرها به
فأفشت سره " وأظهره الله عليه " أي واطلع الله نبيه على ما جرى من إفشاء سره
" عرف بعضه وأعرض عن بعض " أي عرف النبي صلى الله عليه وآله حفصة بعض ما ذكرت ، و
أخبرها ببعض ما ذكرت ، وأعرض عن بعض ما ذكرت ، أو عن بعض ما جرى من
الامر فلم يخبرها ، وكان صلى الله عليه وآله قد علم جميع ذلك ، لان الاعراض إنما يكون
بعد المعرفة ، لكنه صلى الله عليه وآله أخذ بمكارم الاخلاق والتغافل من شيم الكرام " فلما
نبأها به " أي فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله حفصة بما أظهره الله عليه قالت حفصة :
" من أنبأك هذا " أي من أخبرك بهذا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " نبأني العليم " بجميع
الامور " الخبير " بسرائر الصدور ، ثم خاطب سبحانه عايشة وحفصة فقال : " إن
تتوبا إلى الله " من التعاون على النبي صلى الله عليه وآله بالايذاء والتظاهر عليه فقد حق عليكما
التوبة ، ووجب عليكما الرجوع إلى الحق " فقد صغت قلوبكما " أي مالت قلوبكما
إلى الاثم ، عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : زاغت قلوبكما عن سبيل الاستقامة


(1)في المصدر : بان تبتغوا رضاه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه