بحار الأنوار ج17

قوله تعالى : " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك " قال الرازي في تفسيره : اختلف
المفسرون في أن المخاطب بهذا الخطاب من هو ، فقيل : هو النبي صلى الله عليه وآله ، وقيل : غيره ،
فأما من قال بالاول فاختلوا فيه على وجوه :
الاول : أن الخطاب مع النبي صلى الله عليه وآله في الظاهر ، والمراد غيره كقوله تعالى : " يا
أيها النبي إذا طلقتم النساء(1)" وكقوله : " ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين و
المنافقين(2)" وكقوله : " لئن أشركت ليحبطن عملك(3)" وكقوله لعيسى عليه السلام " ء‌أنت
قلت للناس(4)" ومن الامثلة المشهورة : إياك أعني واسمعي ياجارة ، والذي يدل على
صحة ما ذكرناه وجوه : الاول : قوله تعالى في آخر السورة : " ياأيها الناس إن كنتم في
شك من ديني(5)" فبين أن المذكور في أول الآية على سبيل الرمز هم المذكورون في
هذه الآية على سبيل التصريح .
والثاني : أن الرسول لو كان شاكا في نبوة نفسه لكان شك غيره في نبوته أولى ، و
هذا يوجب سقوط الشريعة بالكلية .
والثالث : أن بتقدير أن يكون شاكا في نبوة نفسه فكيف تزول ذلك الشك
بإخبار أهل الكتاب عن نبوته ؟ مع أنهم في الاكثر كانوا كفارا ، وإن حصل فيهم من
كان مؤمنا ، إلا أن قوله ليس بحجة ، لاسيما وقد تقرر أن ما في أيديهم من التوراة و
الانجيل مصحف محرف ، فثبت أن الحق هو أن هذا الخطاب وإن كان في الظاهر مع
الرسول إلا أن المراد هو الامة ، ومثل هذا معتاد فإن السلطان الكبير إذاكان له أمير
وكان تحت رأية ذلك الامير جمع فإذا أراد أن يأمر الرعية بأمر مخصوص فإنه لا يوجه
خطابه عليهم ، بل يوجه ذلك الخطاب على ذلك الامير الذي أمره عليهم(6)، ليكون


(1)الطلاق : 1 .
(2)الاحزاب : 1 .
(3)الزمر : 65 .
(4)المائدة : 116 .
(5)يونس : 104 .
(6)في المصدر : على ذلك الامير الذي جعله أميرا عليهم .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه