بحار الأنوار ج5

ومنها قوله تعالى : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "(1)ولا يتوجه على المولود
التكليف حتى يبلغ فيلزم الحجة انتهى .
وروى الحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة بإسناده عن أبي هريرة قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أطفال المشركين ، قال : الله أعلم بما كانوا فاعلين . وقال : هذا
حديث متفق على صحته .
وروي بإسناد آخر عن صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله من يولد يولد على الفطرة ، وأبواه يهودانه وينصرانه ، كما تنتجون
البهيمة ، هل تجدون فيها جدعاء(2)حتى تكونوا أنتم تجدعونها ؟ قالوا : يارسول الله
أفرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين .
ثم قال : هذا حديث متفق على صحته . ثم قال في شرح الخبر : قلت : أطفال
المشركين لا يحكم لهم بجنة ولا نار ، بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم ، كما أفتى به
الرسول صلى الله عليه وآله ، وجملة الامر أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من
السعادة والشقاوة . وقيل : حكم أطفال المؤمنين والمشركين حكم آبائهم وهو المراد
بقوله : الله أعلم بما كانوا عاملين ، يدل عليه ما روي مفسرا عن عايشة أنها قالت : قلت
يارسول الله ذراري المؤمنين ؟ قال : من آبائهم ، فقلت : يا رسول الله بلا عمل ؟ قال :
الله أعلم بما كانوا عاملين ، قلت : فذراري المشركين ؟ قال : من آبائهم ، قلت : بلا عمل ؟
قال : الله أعلم بما كانوا عاملين .
وقال معمر ، عن قتادة ، عن الحسن : إن سلمان قال : أولاد المشركين خدم
أهل الجنة ، قال الحسن : أتعجبون ؟ أكرمهم الله وأكرمهم به . انتهى .
أقول : فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم ، وقد أولها
أئمتنا عليهم السلام بما مر في الاخبار السابقة . ثم أعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال
المؤمنين يدخلون الجنة ، وذهب المتكلمون منا إلى أطفال الكفار لا يدخلون النار


(1)اسرى : 15 .
(2)أى مقطوغ الاذن وناقص الاعضاء . وفى نسخة ؟ المصنف : من جدعاء . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه