يصفر وتحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات
المحدثين ، ويكون محدثا - عز الله تعالى عن ذلك - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فإذا بطل
ما ظننتموه من أن الله يحل في شئ فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم ، قال : فسكت القوم
وقالوا : سننظر في امورنا .
ثم أقبل على الفريق الثاني فقال : أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله
فسجدتم له وصليتم فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب بالسجود لها فما الذي أبقيتم
لرب العالمين ؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوى به عبده ؟
أرأيتم ملكا أو عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع أيكون
في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير ؟ فقالوا : نعم ، قال : أفلا
تعلمون أنكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب
العالمين ؟(1)قال : فسكت القوم بعد أن قالوا : سننظر في امورنا .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله للفريق الثالث : لقد ضربتم لنا مثلا وشبهتمونا بأنفسكم
ولا سواء ، وذلك أنا عباد الله(2)مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا ، وننزجر عما
زجرنا ، ونعبده من حيث يريده منا ، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعد
إلى غيره مما لم يأمرنا ولم يأذن لنا ، لانا لا ندري لعله أراد منا الاول وهو يكره
الثاني ، وقد نهانا أن نتقدم بين يديه ، فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا
ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا ، فلم نخرج
في شئ من ذلك عن اتباع أمره ، والله عزوجل حيث أمرنا بالسجود لآدم لم يأمر
بالسجود لصورته التي هي غيره ، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه ، لانكم لا تدرون
لعله يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به ، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : أرأيتم لو أذن لكم
رجل في دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره ؟ أو لكم أن
تدخلوا دارا له اخرى مثلها بغير أمره ؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من
(1)أى تعيبون عليه وتضعون من حقه .
(2)في نسخة وكذا في الاحتجاج : وذلك أنا عباد الله .