الآية بطولها نازلة فيه صلوات الله عليه ، أو فيه وفي أتباعه وهو سيدهم وأميرهم ، وهي
قوله تعالى : " محمد رسول الله " " والذين معه " معطوف على قوله : " محمد " وخبرهما " أشداء
على الكفار رحماء بينهم " أي يغلظون على من خالف دينهم ، ويتراحمون فيما بينهم كما
مرفي وصفه عليه السلام أيضا " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تراهم ركعا سجدا "
لانهم مشتغلون باصلاة في أكثر أوقاتهم " يبتغون فضلا من الله ورضوانا " أي
الثواب والرضى " سيما هم في وجوهم من أثر السجود " أي السمة التي تحدث في جباههم
من كثرة السجود ، أو التراب على الجباه ، لانهم يسجدون على التراب لاعلى الاثواب
أوالصفرة والنحول(1)، أونور وجوههم في القيامة " ذلك " إشارة إلى الوصف المذكور ،
أوإشارة مبهمة يفسرها " كزرع " " مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل " أي صفتهم العجيبة الشأن
المذكورة في الكتابين " كزرع أخرج شطأه " أي فراخه " فآزره " أي فقواه " فاستغلظ "
أي فصارمن الدقة إلى الغلظة " فاستوى على سوقه " فاستقام على قصبه ، جمع ساق " يعجب
الزراع " بغلظه وحس منظره ، مثل ضربه الله لقوته عليه السلام في الدين وتقويته للاسلام
وغلبته وإضرابه وإتباعه على الكفاركما قال : " ليغيظ بهم الكفار " علة لتشبيههم
بالزرع في ركامه(2)واستحكامه " وعدالله الذين آمنوا وعملواالصالحات منهم مغفرة و
أجرا عظيما " ولعل ضمير " منهم " راجع إلى مطلق الذين معه لا إلى الموصوفين
بالاوصاف المذكورة ، ولا يخفى أن وصفه تعالى إياه بتلك الاوصاف الشريفة فضل عظيم
يمنع تقديم غيره عليه إذا روعي مع سائر فضائله .
189 - كشف : ابن مردويه " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغيرما اكتسبوا(3)"
عن مقاتل بن سليمان أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أن نفرا من المنافقين
كانوا يؤذونه ويعذ بونه(4).
(1)الصفر - بضم الصاد - : الذهب والنحاص الاحمر . والنحول جمع النحل : الرقيق ، يقال : سيف رقيق ، والمراد هنا السيف .
(2)الركام : المتراكم بعضه فوق بعض .
(3)سورة الاحزاب : 58 .
(4)كشف الغمة 95 ، وفيه : كانوا بؤذونه ويكذبون عليه .