الامواج ، تحفزه الرياح بأذيالها ، وتحمله على أهوالها ، فما غرق منها فليس
بمستدرك ، وما نجا منها فالى مهلك .
عباد الله الآن فاعملوا والالسن مطلقة ، والابدان صحيحة ، والاعضاء لدنة
والمتقلب فسيح ، والمجال عريض ، قبل إرهاق الفوت ، وحلول الموت ، فحققوا
عليكم نزوله ، ولا تنتظروا قدومه(1).
138 نهج : من كلام له عليه السلام : أيها الناس إنما الدنيا دار مجاز
والآخرة دار قرار ، فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا أستاركم ، عند من
يعلم أسراركم ، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم ، من قبل أن تخرج منها أبدانكم
ففيها اختبرتم ، ولغيرها خلقتم ، إن المرء إذا هلك قال الناس ما ترك ؟ وقالت
الملائكة ما قدم ؟ لله آباؤكم فقدموا بعضا يكن لكم قرضا ، ولا تخلفوا كلا
فيكون عليكم كلا(2).
ومن كلام له عليه السلام كثيرا ما ينادي به أصحابه : تجهزوا رحمكم الله فقد نودي
فيكم بالرحيل ، وأقلوا العرجة على الدنيا ، وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من الزاد
فان أمامكم عقبة كؤودا ، ومنازل مخوفة مهولة ، لا بد من الورود عليها ، والوقوف
عندها .
واعلموا أن ملاحظ المنية نحوكم دانية ، وكأنكم بمخالبها وقد نشبتت
فيكم ، وقد دهمتكم منها مفظعات الامور ، ومعضلات المحذور ، فقطعوا علائق
الدنيا ، واستظهروا بزاد التقوى(3).
139 نهج : الحمد لله غير مقنوط من رحمته ، ولا مخلو من نعمته ، ولا
عليه ، فهو وان نجا من هذه المهلكة في البحر ، تترقبه مهلكة أخرى في البر ليفنيها
فهو أيضا ليس بناج .
(1)نهج البلاغة الرقم 194 من الخطب .
(2)نهج البلاغة الرقم 201 من الخطب وفيه : فرضا عليكم .
(3)نهج البلاغة الرقم 202 من الخطب .