بحار الأنوار ج13

الصدر . والمراد بالابانة في المواضع إما طلب الامتياز وإظهار الفضل أو إظهار أصل الفعل ،
وربما يقرء الانانية في المواضع .(1)
قوله :(لعلة ذكر التعييب)أي إنما لم ينسب الفعل إليه تعالى رعاية للادب ،
لان نسبة التعييب إليه تعالى غير مناسب ، وأما ما يناسب أن ينسب إليه تعالى فهو إرادة
صلاحهم بهذا التعييب . قوله :(وإنما اشترك في الابانة)الغرض بيان أنه لم قال : " فخشينا
وأردنا " مع أنه كان الانسب نسبة الخشية إلى نفسه والارادة إليه تعالى ، أو كان المناسب
نسبة المصالح جميعا إليه تعالى ؟ ويمكن تقريره بوجهين :
الاول : أنه لما أمره تعالى بقتل الغلام وأخبره بأنه سيقع منه كفر ولم يأمن
البداء فيما اخبر به فلذا عبر عنه بالخشية ، ولما كان ذلك بإخباره تعالى فقد راعى الجهتين ،
ونسب إلى نفسه لكون الخشية من جهته ، ونسب إلى الرب تعالى أيضا ليعلم أنه إنما
علم ذلك بإخباره تعالى ، فخشية الحيلوله كناية عن احتمال البداء ، أو يقال : إنه لما لم
يأمن النسخ في الامر بالقتل وعلى تقديره كان يتحقق طغيانه بوالديه ويحرم الخضر عن
امتثال هذا الامر فكأنه قال : إنما بادرت إلى ذلك أو فعلت ذلك مبادرا لاني خشيت
أن ينسخ هذا الامر فيرهقهما طغيانا ولم أفز بثواب هذه الطاعة ، أو خشيت أن يحول مانع
بيني وبينه وإن لم ينسخ فلم يتأت مني فعله وأكون محروما من ثوابه ، وأما نسبته إلى الرب
فالوجه فيه ما ذكرنا أولا .
وأما قوله : " فأردنا " فلما لم يكن فيه هذه النكتة نسبه إلى البشرية ، أي إنما
عبر عن الارادة كذلك لانه عمل فيه البشرية في وسط الكلام ، إذ التعبير عن الخشية لم
يكن من البشرية ، وفي آخر الكلام نسب الابدال إلى الرب ، وإنما كان عمل البشرية
في التعبير عن الارادة في وسط الكلام .
الثاني : أن يكون الاشتراك في الخشية والارادة كلتيهما منسوبا إلى البشرية ،
فيكون قوله :(لانه خشي)تعليلا لاحد جزئي الاشتراك ، أعني نسبة الخشية إلى
نفسه . وقوله :(فعمل فيه)تعليل لنسبة الخشية إلى الرب ونسبة الارادة إلى نفسه


(1)وهو بعيد في الغاية .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه