بحار الأنوار ج12

شيئا ولا ينفعك ولا يضرك " صراطا سويا " أي طريقا مستقيما " عصيا " أي عاصيا " أن
يمسك " أي يصيبك " فتكون للشيطان وليا " أى موكولا إليه وهو لا يغني عنك شيئا ;
وقيل : أي لا حقا بالشيطان في اللعن والخذلان " أراغب " أي معرض " أنت عن " عبادة
" آلهتي لارجمنك " بالحجارة ; وقيل : لارمينك بالذنب والعيب وأشتمنك ; وقيل :
لاقتلنك " واهجرني مليا " أي فارقني دهرا طويلا ; وقيل : مليا سويا سليما من عقوبتي " قال
سلام عليك " سلام توديع وهجر على ألطف الوجوه ; وقيل : سلام إكرام وبر تأدية لحق
الابوة .
" سأستغفر لك ربي " فيه أقوال : أحدها : أنه إنما وعده بالاستغفار على مقتضى
العقل ، ولم يكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين . وثانيها : أنه قال : سأستغفر
لك على ما يصح ويجوز من تركك عبادة الاوثان ، وثالثها : أن معناه : سأدعو الله أن لا
يعذبك في الدنيا .
" إنه كان بي حفيا " أي بارا لطيفا رحيما " واعتزلكم وما تدعون من دون
الله " أي اتنحى منكم جانبا وأعتزل عبادة الاصنام " وأدعو ربي " أي وأعبده " عسى
ألا أكون بدعاء ربي شقيا " كما شقيتم بدعاء الاصنام ، وإنما ذكر عسى على وجه
الخضوع ; وقيل : معناه : لعله يقبل طاعتي ولا أشقى بالرد ، فإن المؤمن بين الرجاء و
الخوف .(1)
" رشده " أي الحجج التي توصله إلى الرشد بمعرفة الله وتوحيده ، أو هداه أي هديناه
صغيرا ; وقيل : هو النبوة " من قبل " أي من قبل موسى أو محمد ، أو من قبل بلوغه " وكنا
به عالمين " أنه أهل لذلك " إذ قال لابيه وقومه " حين رآهم يعبدون الاصنام " ما هذه
التماثيل التي أنتم لها عاكفون " أي ما هذه الصور التي أنتم مقيمون على عبادتها ، والتمثال
اسم للشئ المصنوع مشبها بخلق من خلق الله ; قيل : إنهم جعلوها أمثلة لعلمائهم الذين
انقرضوا ; وقيل : للاجسام العلوية " قالوا وجدنا " اعترفوا بالتقليد إذ لم يجدوا حجة
لعبادتهم إياها " في ضلال مبين " في ذهاب عن الحق ظاهر " قالوا أجئتنا بالحق " أي


(1)مجمع البيان 6 : 516 - 517 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه