بحار الأنوار ج39

وأخبرني عن قرنه أمن ذهب كان أم من فضة ؟ فقال له : لم يكن نبيا ولا ملكا ولم
يكن قرناه من ذهب ولا فضة(1)، ولكنه كان عبدا أحب الله فأحبه الله ونصح لله
ونصحه الله ، وإنما سمي ذا القرنين لانه دعا قومه إلى الله عزوجل فضربوه على
قرنه فغاب عنهم حينا ثم عاد إليهم ، فضرب على قرنه الآخر ، وفيكم مثله .(2)
بيان : قوله :(وفيكم مثله)يعني نفسه عليه السلام وقد اشتهر في الحديث أنه
ذو قرني هذه الامة ، وفيه وجوه :
أحدها أنه عاش قرنين : قرنا مع الرسول صلى الله عليه وآله وقرنا بعده ، وهذا الخبر
لايحتمله .(3)
وثانيها أنه يشبهه في كونه عبدا صالحا مؤيدا ملهما بإلهام الله تعالى ، مطاعا
للخلق بإذنه تعالى ، مع كونه غير نبي ، وعليه تدل الاخبار الكثيرة التي أوردناها
في كتاب الامامة في باب مفرد .
وثالثها أنه يشبهه في أنه ضرب على قرنيه .
ورابعها أنه صاحب القوتين العظيمتين في الدنيا والدين .
وخامسها أنه يشبهه في أنه دعاهم فضربوه على قرنه ، وسيرجع إلى الدنيا
وينقاد له شرق الارض وغربها .
وسادسها أنه خلق الله تعالى له طرفي الارض : شرقها وغربها ، وسيملكهما إياه
وخلق له طرفي الجنة ، فهو قسيمها .
وقال الجزري في النهاية : فيه أنه قال لعلي عليه السلام " إن لك بيتا في الجنة
وإنك ذو قرنيها " أي طرفي الجنة وجانبيها ، قال أبوعبيد : وأنا أحسب أنه أراد


(1)في المصدر : ولا من فضة .
(2)علل الشرائع : 25 . وقد مضت الرواية في المجلد 12 ص 180 عن تفسير العياشي و
عن الاحتجاج : 122 وعن كمال الدين : 220 .
(3)لان الغيبة لم تتوسط بين هذين القرنين ولم يضرب عليه السلام بقرنه عندئذ . وأنت
خبير بأن أقوى المحتملات وارجحها هو الاحتمال الخامس بل هو المتعين .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه