في الكافي يمكن أن يقرأ(صدقت)على بناء المعلوم المخاطب ، أي القول الذي
ذكرت عنهم صدق وحق ، أوصدقت في أنهم لايخرجون من الايمان رأسا بحيث
تنتفي المناكحة والموارثة وأمثالهما أو في أنهم لايخرجون بمحض ارتكاب الذنب
بل بالاصرار عليه ، أو المعلوم الغائب والضمير للناس بتأويل ، أو المجهول المخاطب
أي صدقوك فيما أخبروك .
والاستدلال بالكتاب إما بالايات المذكورة أو غيرها من الايات الدالة على
حصر المؤمن في جماعة موصوفين بصفات مخصوصة ، وعلى الاول كما هو الظاهر
الاستدلال بأن الظاهر من التقسيم وما يأتي بعده أن يكون التقسيم إلى الانبياء
والاوصياء وإلى المؤمنين وإلى الكافرين ، ووصف أصحاب اليمين وجزاءهم بأوصاف
لاتليق إلا بمن لم يستحق عقوبة ولم يرتكب كبيرة موجبة للنار ، فلابد من
دخول المصرين على الكبائر في أصحاب الشمال أو بأنه تعالى ذكر في وصف أصحاب
الشمال الذين يصرون على الحنث العظيم(1)فالاصرار على الذنب العظيم يخرج
من الايمان .
قوله عليه السلام :(جعل الله فيهم خمسة أرواح)أقول : الروح يطلق
على النفس الناطقة ، وعلى الروح الحيوانية السارية في البدن ، وعلى خلق عظيم
إما من جنس الملائكة أو أعظم منهم كما قال تعالى :(يوم يقوم الروح والملائكة
صفا)(2)والارواح المذكورة هنا يمكن أن تكون أرواحا مختلفة متبائنة ، بعضها
في البدن ، وبعضها خارجة عنه ، أو يكون المراد بالجميع النفس الناطقة الانسانية
باعتبار أعمالها ودرجاتها ومراتبها ، أو اطلقت على تلك الاحوال والدرجات
كما أنه يطلق عليها النفس الامارة واللوامة والمطمئنة والملهمة بحسب
درجاتها ومراتبها في الطاعة ، والعقل الهيولائي وبالملكة ، وبالفعل ، والمستفاد
بحسب مراتبها في العلم والمعرفة ، ويحتمل أن تكون روح القوة والشهوة
والمدرج كلها الروح الحيوانية ، وروح الايمان وروح القدس النفس الناطقة
(1)الواقعة : 46 . / /(2)النبأ : 38 .