بحار الأنوار ج13

دعاهم إلى الله تعالى فلم يزدهم إلا طغيانا ، فآلى الله(1)على نفسه أن يهلك الملك والزانية
إن لم يتوبوا إليه ، وأخبرهما بذلك ، فاشتد غضبهم عليه وهموا بتعذيبه وقتله ، فهرب ،
منهم فلحق بأصعب جبل فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الارض وثمار الشجر
والله يخفي مكانه ، فأمرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتى يئس منه ، وكان أعز ولده
إليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ،(2)فبعثوا الناس إلى حد الجبل
الذي فيه إلياس عليه السلام فكانوا يقولون : اهبط إلينا واشفع لنا ، فنزل إلياس من الجبل و
قال : إن الله أرسلني إليكم وإلى من ورائكم ، فاسمعوا رسالة ربكم ، يقول
الله : ارجعوا إلى الملك فقولوا له : إني أنا الله لا إله إلا أنا إله بني إسرائيل الذي
خلقهم ، وأنا الذي أرزقهم واحييهم واميتهم وأضرهم وأنفعهم ، وتطلب
الشفاء لابنك من غيري ؟ فلما صاروا إلى الملك وقصوا عليه القصة امتلا غيظا فقال :
ما الذي منعكم أن تبطشوا به حين لقيتموه وتوثقوه وتأتوني به فإنه عدوي ، قالوا :
لما صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب(3)خمسين من قومه من ذوي البطش و
أوصاهم بالاحتيال له وإطماعه في أنهم آمنوا به ليغتر بهم فيمكنهم من نفسه ، فانطلقوا
حتى ارتقوا ذلك الجبل الذي فيه إلياس عليه السلام ثم تفرقوا فيه وهم ينادونه بأعلى صوتهم
ويقولون : يا نبي الله ابرز لنا فإنا آمنا بك ، فلما سمع إلياس مقالتهم طمع في إيمانهم
فكان في مغازة فقال : اللهم إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي في النزول إليهم ، وإن
كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتم قوله حتى حصبوا بالنار من
فوقهم فاحترقوا ، فبلغ الملك خبرهم فاشتد غيظه فانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه
جماعة إلى الجبل وقال له : قد آن أن أتوب ، فانطلق لنا إليه حتى يرجع إلينا يأمرنا


(1)أى حلف .
(2)في العرائس ما حاصله : فلما طال عليه المرض قالوا : إن في ناحية الشام آلهة اخرى
فابعث اليها ولعلها أن تشفع لك إلى بعل فانه غضبان عليك ، ولولا غضبه عليك لكان قد أجابك
وشفى مرض ابنك ، فقال لاجب : لاى شئ غضب على ؟ قالوا : من أجل أنك لم تقتل الياس حتى
نجا سالما وهو كافر بالهك .
(3)أى وجه خمسين من قومه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه