بحار الأنوار ج13

بشرا فأنا صانعها خلقا ، فتبارك وجهي ، وتقدس صنعي ، ليس كمثلي شئ ، وأنا الحي الدائم لا
أزول . يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب
وجل ، وأحي بتوراتي أيام الحياة ، وأعلم الجاهلين محامدي ،(1)وذكرهم آلائي ونعمي ،
وقل لهم : لا يتمادون في غي ما هم فيه ، فإن أخذي أليم شديد .(2)
يا موسى إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام
العبد الحقير ، ذم نفسك وهي أولى بالذم ، ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي ، فكفى
بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى .
يا موسى ما دعوتني وجدتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبح
لي وجلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، وأرضي(3)تسبح لي طمعا ، وكل الخلق
يسبحون لي داخرين ، ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، و
ألحق بها ما منها(4)زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به
وجهي ، اقرن مع ذلك صلة الارحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم إني خلقتها
فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من
قطعها ، وواصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري .
يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير ، فإنه يأتيك من ليس
بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ، وكيف مواساتك
فيما خولتك ، فاخشع لي بالتضرع ، واهتف بولولة(5)الكتاب ، واعلم أني أدعوك دعاء
السيد مملوكه ليبلغ(6)به شرف المنازل ، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الاولين .
يا موسى لا تنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب


(1)في المصدر والروضة : وعلم الجهال محامدى .
(2)هكذا في النسخ والروضة ، وفى المصدر : فان اخذى لهم شديد .
(3)في المصدر والروضة : والارض .
(4)في المصدر والروضة : ما هو منها .
(5)الولولة بالفتح : رفع الصوت بالويل والبكاء والصياح .
(6)في المصدر : لتبلغ .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه