مولانا علي عليه السلام بمهجته ، وأنه سمح(1)بما لم يمسح به خواص ملائكته .
ومنها : أن الله جل جلاله زاد مولانا عليا عليه السلام من القوة الالهية والقدرة
الربانية إلى أنه ما قنع له أن يفدي النبي صلى الله عليه وآله بنفسه الشريفة ، حتى أمره
أن يكون مقيما بعده في مكة مهاجرا للاعداء قد هربه منهم وستره بالمبيت على
الفراش ، وغطاه عنهم ، وهذا ما لا يحتمله قوة البشر إلا بآيات باهرة من واهب
النفع ودافع الضرر .
ومنها : أن الله جل جلاله لم يقنع لمولانا علي عليه السلام بهذه الغاية الجليلة
حتى زاده من المناقب الجميلة ، وجعله أهلا أن يقيم ثلاثة أيام بمكة لحفظ عيال
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن يسير بهم ظاهرا على رغم الاعداء وهو وحيد من
رجاله(2)، ومن يساعده على ما بلغ من المخاطرة إليه .
ومنها : أن هذا الاستسلام من مولانا علي عليه السلام للقتل وفديه النبي صلى الله عليه وآله
أظهر مقاما وأعظم تماما(3)من استسلام جده الذبيح إسماعيل لابراهيم الخليل عليه
وعليهما السلام ، لان ذلك استسلام لوالد شفيق يجوز معه أن يرحمه الله جل جلاله
ويقيله من ذبح ولده كما جرى الحال عليه من التوفيق ، ومولانا علي عليه السلام استسلم
للاعداء الذين لا يرحمون ولا يرجون لمسامحة في البلاء .
(1)أى جاد .
(2)قال ابن شهر آشوب في المناقب 1 : 335 : محمد الواقدى وأبوالفرج النجدى و
أبوالحسن البكرى وإسحاق الطبرانى ، إن عليا لما عزم على الهجرة قال له العباس : إن محمدا
ما خرج الا خفيا وقد طلبته قريش أشد طلب ، وأنت تخرج جهارا في اناث وهوادج ومال ورجال
ونساء ، وتقطع بهم السباسب والشعاب من بين قبائل قريش ؟ ما أرى لك أن تمضى الا في خفارة
خزاعة ، فقال على عليه السلام :
ان المنية شربة مورودة * لا تنز عن وشد للترحيل
ان ابن آمنة النبى محمدا * رجل صدوق قال عن جبريل
أرخ الزمام ولا تخف عن عائق * فالله يرديهم عن التنكيل
إنى بربى واثق وبأحمد * وسبيله متلاحق بسبيلى
(3)في نسخة : وأعظم شأنا .