الاول : قال : كل حيوان استحق العوض عن(1)الله مما لحقه من الآلام و
كان ذلك العوض لم يصل إليه في الدنيا . فانه يجب على الله حشره(2)في الآخرة ليوفر
عليه العوض ، والذي لا يكون كذلك فانه لا يجب حشره عقلا إلا أنه تعالى أخبر أنه
يحشر الكل ، فمن حيث السمع يقطع بذلك ، وإنما قلنا : إن في الحيوانات من
لا يستحق العوض البتة لانه ربما بقيت مدة حياتها مصونة عن الآلام ، ثم إنه تعالى
يميتها من غير إيلام أصلا ، فانه لم يثبت بالدليل أن الموت لابد وأن يحصل معه
شئ من الالام(3)، وعلى هذا التقدير فانه لا يستحق العوض البتة .
الثاني : كل حيوان أذن الله في ذبحه فالعوض على الله ، وهي على أقسام :
منها : ماأذن في ذبحها لاجل الاكل ، ومنها : ما أذن في ذبحها لاجل كونها
مؤذية مثل السباع العادية والحشرات المؤذية ، ومنها : ما اوذي بالامراض(4).
ومنها : ما أذن الله في حمل الاحمال الثقيلة عليها واستعمالها بالافعال الشاقة ، وأما
إذا ظلمها الناس فذلك العوض على ذلك الظالم ، وإذا ظلم بعضها بعضا فذلك العوض على
ذلك الظالم .
فان قيل : إذا ذبح مايؤكل لحمه لا على وجه التذكية فعلى من العوض ؟
أجاب : بأن ذلك ظلم والعوض على الذابح ، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وآله
عن ذبح الحيوان إلا لاكله(5).
الثالث : المراد من العوض منافع عظيمة بلغت في الجلالة والرفعة إلى حيث
لو كانت هذه البهيمة عاقلة وعلمت أنه لا سبيل لها إلى تحصيل تلك المنفعة إلا بواسطة تحمل
ذلك الذبح فانها كانت ترضى به ، فهذا هو العوض الذي لاجله يحسن الايلام والاضرار .
(1)في المصدر : على الله .
(2)في المصدر : حشره عقلا .
(3)في المصدر : من الايلام .
(4)في المصدر : ما آلمهما بالامراض .
(5)في المصدر : الالمأكله .