على نفسك ، لانك قد ركبت جهلك ، وتحرصت على نقض عهدك ، ولعمري ما
وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح
والايمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ولم تفعل
ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقنا ، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم
مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا .
فأبشر يا معاوية بالقصاص ، واستيقن بالحساب ، واعلم أن لله تعالى كتابا لا
يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وليس الله بناس لاخذك بالظنة ، وقتلك
أولياءه على التهم ، ونفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك الناس ببيعة
ابنك غلام حدث : يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك
وبترت دينك وغششت رعيتك وأخزيت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل
وأخفت الورع التقي لاجلهم والسلام .
فلما قرأ معاوية الكتاب قال : لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به فقال يزيد :
يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه وتذكر فيه أباه بشر فعله ، قال : ودخل
عبدالله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية : أما رأيت ما كتب به الحسين ؟ قال : وما
هو ؟ قال : فأقرأه الكتاب ، فقال : وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه ، وإنما
قال ذلك في هوى معاوية ، فقال يزيد : كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي ؟ فضحك معاوية
فقال : أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك ، قال عبدالله : فقد أصاب يزيد فقال معاوية :
أخطأتما أريأتما لو أني ذهبت لعيب علي(1)محقا ما عسيت أن أقول فيه ، ومثلي
لا يحسن أن يعيب بالباطل ، وما لا يعرف ، ومتى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس
لم يحفل بصاحبه ، ولا يراه الناس شيئا وكذبوه ، وما عسيت أن أعيب حسينا ووالله
ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده أتهدده ، ثم رأيت ان
لا أفعل ولا أمحكه .
(1)في الاحتجاج ص 153 أردت أن أعيب عليا .