بحار الأنوار ج21

فقلت : احتمليني فديتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : " قد شكرالله تعالى سعيه ، وأجرت
من أجارت أم هانئ لمكانها من علي بن أبي طالب " .
قال أبان : وحدثني بشير النبال عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما كان فتح
مكة قال رسول الله صلى الله عليه واله : " عند من المفتاح ؟ " قالوا : عند أم شبية . فدعا شبية
فقال : " اذهب إلى أمك فقل لها : ترسل بالمفتاح " فقالت : قل له : قتلت مقاتلنا
وتريد أن تأخذ منا مكرمتنا ؟ فقال : لترسلن به أولا قتلنك ، فوضعته في يد
الغلام ، فأخذه ودعا عمر فقال له : " هذا تأويل رؤياي من قبل " .
ثم قام صلى الله عليه واله ففتحه وستره ، فمن يومئذ يستر ، ثم دعا الغلام فبسط رداء‌ه
فجعل فيه المفتاح ، وقال : رده إلى أمك ، قال : ودخل صناديد قريش الكعبة و
هم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم ، فأنى رسول الله صلى الله عليه واله البيت وأخذ بعضادتي(1)
الباب ثم قال : " لا إله إلا الله أنجز وعده ، ونصر عبده ، وغلب الاحزاب وحده "
ثم قال : " ما تظنون ؟ وما أنتم قائلون ؟ " فقال سهيل بن عمرو : نقول خيرا و
نظن خيرا ، أخ كريم وابن عم ، قال : " فإني أقول لكم كما قال أحي يوسف :
لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، ألا إن كل دم ومال و
مأثرة كان في الجاهلية فإنه موضوع تحت قدمي إلا سدانة(2)الكعبة وسقاية
الحاج فإنهما مردودتان إلى أهليهما ، ألا إن مكة محرمة بتحريم الله لم تحل لاحد كان قبلي ، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار فهي محرمة إلى أن تقوم الساعة ، لا يختلى
خلاها ، ولا يقطع شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد " ثم قال :
" ألا لبئس جيران النبي كنتم ، لقد كذبتم وطردتم ، وأخرجتم وفللتم ، ثم ما
رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني ، فاذهبوا فأنتم الطلقاء " فخرج القوم
كأنما أنشروا من القبور ، ودخلوا في الاسلام .
قال : ودخل رسول الله صلى الله عليه واله مكة بغير إحرام ، وعليهم السلاح . ودخل


(1)عضادتا الباب : خشبتاه من جانبيه .
(2)سدانة الكعبة : خدمتها وحجابتها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه