ليس لهما مكان إلا مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهبا ولايرجعان فلم يرحعان ؟ وإن لم
يكونا مضطرين فلم لايصير الليل نهارا والنهار ليلا ؟ اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى
دوامهما ، والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر كنهما ، قال الزنديق : صدقت . ثم قال
أبوعبدالله عليه السلام : يا أخا أهل مصرالذي تذهبون إليه وتظنونه بالوهم فإن كان الدهر
يذهب بهم لم لايردهم ؟ وإن كان يردهم لم لايذهب بهم ؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر
السمائ مرفوعة ، والارض موضوعة ، لم لاتسقط السماء على الارض ؟ ولم لا تنحدر الارض
فوق طباقها فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما ؟ فقال الزنديق : أمسكهما والله ربهما
وسيدهما ، فامن الزنديق على يدي أبي عبدالله عليه السلام . فقال له حمران بن أعين : جعلت
فداك إن امنت الزنادقة على يديك فقد امنت الكفار على يدي أبيك . فقال المؤمن الذي
امن على يدي أبي عبدالله عليه السلام : اجعلني من تلامذتك . فقال أبوعبدالله عليه السلام لهشام
بن الحكم : خذه إليك فعلمه . فعلمه هشام فكان معلم أهل مصر وأهل الشام ، وحسنت
طهارته حتى رضي بها أبوعبداللله عليه السلام .
ج : عن هشام بن الحكم مثله .
ايضاح : قوله عليه السلام : فمن الملك لعله عليه السلام سلك أولا في الاحتجاج عليه
مسلك الجدل ، بنائه على الامر المشهور عندالناس أن الاسم مطابق لمعناه ، ويحتمل
أن يكون على سبيل المطائبة والمزاح لبيان عجزه عن فهم الواضحات ، ورد الجواب
عن أمثال تلك المطائبات ، أو يكون منبها على ما ارتكز في العقول من الاذعان بوجود
الصانع وإن أنكروه ظاهرا لكفرهم وعنادهم ثم ابتدأ عليه السلام بإ زالة إنكار الخصم و
إخراجه منه إلى الشك لتستعد نفسه لقبول الحق ، فأزال إنكاره بأنه غير عالم بما
تحت الارض وليس له سبيل إلى الجزم بأن ليس تحتها شئ ، ثم زاده بيانا بأن السماء
التي لم يصعدها كيف يكون له الجزم والمعرفة بما فيها وما ليس فيها ؟ وكذا المشرق والمغرب ،
فلما عرف قبح إنكاره وتنزل عنه وأقر بالشك بقوله : ولعل ذاك ، أخذ عليه السلام في هدايته و
قال : ليس للشاك دليل وللجاهل حجة ، فليس لك إلا طب ل الدليل فاستمع وتفهم
فإنا لا نشك فيه أبدا ، والمراد بولوج الشمس والقمر غروبهما ، أودخولهما بالحركات