خير له من النشاة الاخرى ، والحياة خير له من الموت ، فأزال عليه السلام وهمه بأن
الله سبحانه ورحمته خير لابنك منك ومما تتوهم من نفع توصله إليه على تقدير
الحياة ، والموت مع رحمة الله خيرمن الحياة ، وثانيهما توقع النفع منه مع حياته
أو الاستيناس به ، فأبطل عليه السلام ذلك بأن ما عوضك الله تعالى من الثواب على فقده
خير لك من كل نفع توهمته أوقدرته في حياته .
قوله :(فعاد إليه)يفهم منه استحباب تكرار التعزيه مع بقاء الجزع .
قوله عليه السلام :(فما لك به اسوة)قال في القاموس : الاسوة وتضم القدوة ،
وما يأتسي به الحزين ، والجمع إسى ويضم وأساه تأسية فتأسى عزاه فتعزى
وفي النهاية الاسوة بكسر الهمزة وضمها القدوة ، إذا عرفت ذلك فاعلم أن الكلام
يحتمل وجهين :
الاول أن يكون المراد بالاسوة القدوة ، والمعنى أنك تتأسى به ولابد لك
من التأسي بهفي الموت فلاي شئ تجزع إذ بعد الموت تجتمع مع ابنك . والحاصل أنه
لو كان لاحد بقاء في الدنيا كان ذلك لاشرف الخلق ، فاذا لم يخلد هو في الدنيا
فكيف تطمع أنت في البقاء ، ومع تيقن الموت لا ينبغي الجزع لما ذكر ، أو أنه
ينبغي لك مع علمك بالموت أن تصلح أحوال نفسك ، ولا تحزن على فقد غيرك .
الثاني أن يكون المراد بالاسوة ما يأتسي به الحزين أى ينبغي أن يحصل
لك به وبسبب مصيبته وتذكرها تأس وتعز عن كل مصيبة ، لانه من أعظم
المصائب ، وتذكر عظام المصائب يهون صغارها ، كما مر ، وقيل أراد أنك
من أهل التأسي به صلى الله عليه وآله ومن امته ، فينبغي أن تكون مصيبتك بفقده أعظم ، وما
ذكرنا أظهر .
قوله :(إنه كان مراهقا)في بعض النسخ مرهقا كما في الكافي ، فهو على
بناء المجهول من باب التفعيل ، أو من الافعال على البنائين ، قال في النهاية : الرهق
السفه ، وغشيان المحارم ، وفيه فلان مرهق أي متهم بسوء وسفه ، ويروى
مرهق أي ذورهق ، وفي القاموس الرهق محركة السفه ، والنوك ، والخفة ، و