ويكون ذلك أيضا لاعلام الخلق أنه مخلوق ليس بقديم معبود ، وليكون حجة على الغلاة
الذين اتخذوه ربا وليكون أيضا سببا لتعليم الخلق أحكام السهو في جميع ما عددناه من
الشريعة ، كما كان سببا في تعليم الخلق حكم السهو في الصلاة ، وهذا ما لا يذهب إليه مسلم
ولا غال ولا موحد ، ولا يجيزه على التقدير في النبوة ملحد ، وهو لازم لمن حكيت عنه ما
حكيت فيما أفتى به من سهو النبي صلى الله عليه وآله واعتل به ، ودل على ضعف عقله ، وسوء اختياره ،
وفساد تخيله ، وينبغي أن يكون كل(1)من منع السهو على النبي صلى الله عليه وآله غاليا خارجا
عن حد الاقتصاد ، وكفى بمن صار إلى هذا المقال خزيا .
فصل : ثم العجب حكمه بأن سهو النبي صلى الله عليه وآله من الله ، وسهو من سواه من امته
وكافة البشر من غيرها من الشيطان بغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد
من العقلاء ، اللهم إلا أن يدعى الوحي في ذلك ، ويتبين به عن ضعف عقله لكافة الالباء
ثم العجب من قوله : إن سهو النبي صلى الله عليه وآله من الله دون الشيطان ، لانه ليس للشيطان
على النبي صلى الله عليه وآله سلطان ، وإنما زعم أن سلطانه على الذين يتولونه والذينهم به مشركون
وعلى من اتبعه من الغاوين ، ثم هو يقول : إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم
جميع البشر سوى الانبياء والائمة عليهم السلام ، فكلهم أولياء الشيطان ، وأنهم غاوون ، إذ كان
للشيطان عليهم سلطان ، وكان سهوهم منه دون الرحمن ، ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب
كان في عداد الاموات .
فصل : فأما قول الرجل المذكور : إن ذا اليدين معروف فإنه يقال له : أبومحمد
عمير بن عبد عمرو ، وقد روى عنه الناس فليس الامر كما ذكر ، وقد عرفه بما يرفع
معرفته من تكنيته وتسميته بغير معروف بذلك ، ولو أنه يعرفه بذي اليدين لكان اولى من
تعريفه بتسميته بعمير ، فإن المنكر له يقول له من ذواليدين ؟ ومن هو عمير ؟ ومن هو عبد عمرو ؟
وهذا كله مجهول غير معروف ، ودعواه أنه قد روى الناس عنه دعوى لا برهان عليها ، وما
وجدنا في اصول الفقهاء ولا الرواة حديثا عن هذا الرجل ولا ذكرا له ، ولو كان معروفا
كمعاذ بن جبل وعبدالله بن مسعود وأبي هريرة وأمثالهم لكان ما تفرد به غير معمول عليه
(1)استظهر المصنف في الهامش أن الصحيح : وحكمه بكون كل من منع .*