وقال آخرون : هي معطوفة على الرؤوس والاية مقصورة على الوضوء الذي
يمسح فيه الخفان ، وليس المراد بهابيان كيفية مطلق الوضوء .
ولم يرتض الزمخشري في الكشاف شيئا من الوجهين ، واخترع وجها
آخر حيث قال : فان قلت : تصنع بقراءة الجر ودخول الارجل في حكم المسح ؟
قلت : الارجل من بين الاعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها ، فكانت
مظنة للاسراف المذموم المنهي عنه ، فعطفت على الرابع الممسوح لا لتمسح ، و
لكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها ، وقيل : إلى الكعبين
فجئ بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة ، لان المسح لم تضرب له غاية في
الشريعة انتهى .
وأما الجامعون بين الغسل والمسح فهم يوافقون الامامية في استفادة المسح
من الاية على كل من القرائتين ، وأما المخيرون فرئيسهم أعني الحسن لم يقرأ
بنصب الارجل ولا بجرها ، وإنما قرأها بالرفع على تقدير وأرجلكم مغسولة
أو ممسوحة ، وباقيهم وافقوا الامامية على ما استفادوه من الاية .
ومن وفقه الله لسلوك جادة الانصاف ، ومجانبة جانت الاعتساف ، لا يعتريه
ريب في أن الاية الكريمة ظاهرة في المسح ، شديدة البعد عن إفادة الغسل ،
وأن ماتمحله الغاسلون في توجيه قراءة النصب من عطف الارجل على الوجوه
يوجب خروج الكلام عن حلية الانتظام ، لصيرورته بذلك من قبيل قول القائل
ضربت زيدا وعمرا وأكرمت خالدا وبكرا بجعل بكرا معطوفا على زيد
لقصد الاعلام بأنه مضروب لا مكرم ، ولا يخفى أن مثل هذا الكلام في غاية الاستهجان
عند أهل اللسان ، فكيف يجنح إليه أو تحمل الاية عليه .
وأما ما تكلفوه من تقدير واغسلوا فلا يخفى مافيه ، فان التقدير
خلاف الاصل ، وإنما يحسن ارتكابه عند عدم المندوحة عنه ، وفد عرفت أنا العطف
على المحل طريق واضح ، ومذهب راجح .
وأما المحملان اللذان حملوا عليهما قراءة الجر ، فهما بمراحل عن جادة
السداد ، أما الحمل على أن المراد تعليم مسح الخفين ، فلا يخفى مافيه من