في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين
يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (1)فبين
سبحانه أن متابعة الهوى أي ماتهون الانفس مخالفة لاتباع سبيل الله
وسلوك طريق الحق ، ثم بين أن متابعة الهوى متفرع على نسيان يوم الحساب
فان من تذكر الآخرة ونعيمها وعذابها ، لايتبع الاهواء النفسانية ، والدواعي
الشهوانية .
وقال سبحانه : فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا فان الجحيم هي المآوى *
وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى (2).
فأشار إلى أن إيثار الحياة الدنيا مقابل لنهي النفس عن الهوى ، واتباع الهوى
إيثار الحياة الدنيا ولذاتها على الآخرة ، وقال سبحانه : أفرأيت من اتخذ إلهه
هواه أفأنت تكون عليه وكيلا (3)وقال عز من قائل : فان لم يستجيبوا لك
فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (4)
ومثله في الكتاب العزيز غير عزيز .
قوله عليه السلام : إلا كففت عليه ضيعته قال في النهاية فيه : امرت أن لا أكلف شعرا
ولا ثوبا ، يعني في الصلاة يحتمل أن يكون بمعنى المنع ، أي لاأمنعهما من الاسترسال
حال السجود ليقعا على الارض ، ويحتمل أن يكون بمعنى الجمع أي لايجمعهما
ويضمهما ومنه الحديث : المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ، أي يجمع عليه معيشته
ويضمها إليه ، وقال في حديث سعد : إني أخاف على الاعقاب الضيعة أي أنها
تضيع وتتلف ، والضيعة في الاصل المرة من الضياع ، وضيعة الرجل في غير هذا
مايكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك ، ومنه الحديث : أفشى الله
(1)سورة ص : 26 .
(2)النازعات : 38 41 .
(3)الجاثية : 23 .
(4)القصص : 50 .