بحار الأنوار ج85

عزوجل " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا "(1)قلت : كيف تعرف
توبته ؟ قال : يكذب نفسه حين يضرب ويستغفر ربه ، فاذا فعل ذلك فقد ظهر توبته
ومثله كثير .
ثم اعلم أن المتأخرين من علمائنا اعتبروا في العدالة الملكة ، وهي صفة
راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة ، ولم أجدها في النصوص ، ولا
في كلام من تقدم على العلامة من علمائنا ، ولا وجه لاعتبارها .
بقي الكلام في أن المعتبر في العدالة المشروطة في إمام الجماعة والشاهد ،
هل هو الظن الغالب بحصول العدالة المستند إلى البحث والتفتيش ، أم يكفى في ذلك
ظهور الايمان ، وعدم ظهور ما يقدح في العدالة .
المشهور بين المتأخرين الاول ، وجوز بعض الاصحاب التعويل فيها على
حسن الظاهر ، وقال ابن الجنيد : كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها ، و
ذهب الشيخ في الخلاف وابن الجنيد والمفيد في كتاب الاشراف إلى أنه يكفي في
قبول الشهادة ظاهر الاسلام ، مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة ، ومال إليه في المبسوط
وهو ظاهر الاستبصار ، بل ادعى في الخلاف الاجماع والاخبار .
وقال : البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي صلى الله عليه وآله ولا أيام الصحابة
ولا أيام التابعين ، وإنما شئ أحدثه شريك بن عبدالله القاضي ، ولو كان شرطا لما أجمع
أهل الامصار على تركه ، والظاهر عدم القائل بالفصل في باب الامامة والشهادة
فما يدل على حال في أحدهما يدل على الحال في الآخر ، والقول الاخير أقوى
لاخبار كثيرة دلت عليه .
فقد روي عن الرضا عليه السلام(2)بسند صحيح : كل من ولد على الفطرة ، وعرف
بالصلاح في نفسه جازت شهادته .
وروى الشيخ(3)عن أبي عبدالله عليه السلام بسند معتبر أنه قال : خمسة أشياء يجب


(1)النور : 4 .
(2 - 3)الفقيه ج 3 ص 28 ، التهذيب ج 6 ص 383 ط نجف .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه