بحار الأنوار ج45

الجواب قلنا : قدعلمنا أن الامام متى غلب على ظنه أنه يصل إلى حقه
والقيام بما فوض إليه بضرب من الفعل ، وجب عليه ذلك ، وإن كان فيه ضرب من
المشقة يتحمل مثلها ، وسيدنا أبوعبدالله عليه السلام لم يسر طالبا الكوفة إلا بعد توثق
من القوم ، وعهود وعقود ، وبعد أن كاتبوه عليه السلام طائعين غير مكرهين ومبتدئين غير
مجيبين ، وقدكانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرائها تقدمت إليه
في أيام معاوية ، وبعد الصلح الواقع بينه وبين الحسن عليه السلام فدفعهم ، وقال في
الجواب ما وجب ، ثم كاتبوه بعد وفاة الحسن عليه السلام ومعاوية باق فوعدهم ومناهم
وكانت أيام معاوية صعبة لايطمع في مثلها
فلما مضى معاوية وأعادوا المكاتبة ، وبذلواالطاعة وكرروا الطلب والرغبة
ورأى عليه السلام من قوتهم على ماكان يليهم في الحال من قبل يزيد ، وتسلطهم عليه
وضعفه عنهم ماقوي في ظنه أن المسير هوالواجب ، تعين عليه مافعله من الاجتها د
والتسبب ، ولم يكن في حسبانه عليه السلام أن القوم يغدر بعضهم ، ويضعف أهل الحق
عن نصرته ، ويتفق مااتفق من الامور الغربية ، فان مسلم بن عقيل لمادخل
الكوفة أخذ البيعة على أكثر أهلها
ولماوردها عبيدالله بن زياد - وقد سمع بخبر مسلم ، ودخوله الكوفة
وحصوله في دارهانئ بن عروة المرادي على ماشرح في السيرة - وحصل شريك بن
الاعوربها ، جاء ابن زياد عائدا ، وقدكان شريك وافق مسلم بن عقيل على قتل ابن
زيادعند حضوره لعيادة شريك ، وأمكنه ذلك ، وتيسر له ، فما فعل واعتذر بعد
فوت الامر إلى شريك بأن ذلك فتك وأن النبي صلى الله عليه وآله قال : " إن الايمان قيد
الفتك "(1)ولوكان فعل مسلم من قتل ابن زياد ماتمكن منه ، ووافقه شريك عليه
لبطل الامر ، ودخل الحسين عليه السلام الكوفة غير مدافع عنها ، وحسركل أحد قناعه
في نصرته ، واجتمع له من كان في قلبه نصرته ، وظاهره مع أعدائه
وقدكان مسلم بن عقيل أيضا لما حبس ابن زياد هانئا سار إليه في جماعة من
(1)مرذكر الحديث في ج 44 ص 344 فراجع

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه