بحار الأنوار ج7

50 - نهج : اوصيكم عبادالله بتقوى الله فأنها الزمام والقوام ،(1)فتمسكو بوثائقها
، واعتصموا بحقائقها ، تؤول بكم إلى أكنان الدعة ،(2)وأوطان السعة ، ومعاقل
الحرز ، ومنازل العز ، في يوم تشخص فيه الابصار ، وتظلم له الاقطار ، ويعطل فيه
صروم العشار ،(3)وينفخ في الصور ، فتزهق كل مهجة ، وتبكم كل لهجة ، وتذل
الشم الشوامخ ، والصم الرواسخ ، فيصير صلدها سرابا رقرقا ، ومعهدها قاعا سملقا ،
فلا شفيع يشفع ، ولا حميم ينفع ، ولا معذرة تدفع .(4)
بيان : تشبيه التقوى بالزمام إما لانها المانعة عن الخطاء والزلل ، أو لانها
تقود إلى الجنة ، وسماها قواما لانه بها تقوم امور الدنيا والآخرة . والاكنان
جمع الكن وهو الستر . والمعقل : الملجأ ، والمعاقل : الحصون . والصروم جمع صرمة و
هي القطيعة من الابل نحو الثلاثين . والشمم محركة : ارتفاع الجبل ، أي تذل الجبال
العالية والاحجار الثابتة . والصلد : الصلب الشديد والرقرقة : بصيص الشراب وتلالؤه .
ومعهدها أي ما عهد منزلا للناس ومسكنا . والقاع : المستوي من الارض . والمسلق :
الارض المستوية الجرداء التي لا شجرفيها . فلا شفيع يشفع أي بغير أذن الله ، أو للكافرين .
51 - نهج : وإن السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم ، إذا رجفت
الراجفة ، وحقت بجلائلها القيامة ، ولحق بكل منسك أهله ، وبكل معبود عبدته ،
وبكل مطاع أهل طاعته ، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء ، ولا همس
قدم في الارض إلا بحقه ، فكم حجة يوم ذاك داحضة ، وعلائق عذر منقطعة ، فتحر من


(1)القوام بالفتح : العدل والاعتدال ، وبالفتح والكسر : ما يعيش به الانسان وما يكفيه من
القوت ، ولعل الثانى أولى بالمقام ، أى بالتقوى يعيش ويحيا به الابرار في الاخرة .
(2)الدعة : خفض العيش وسعته .
(3)العشار جمع عشراء - بضم ففتح - : الناقة مضى لحملها عشرة أشهر ، والمراد ان يوم القيامة
تهمل فيه نفائس الاموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه .
(4)في المطبوع : ولا حميم يدفع ، ولا معذرة تنفع . "(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه