الصحابة وخيار المؤمنين " وهو العزيز " الذي لا يغالب " الحكيم " في جميع أفعاله " ذلك
فضل الله " يعني النبوة التي خص الله بها رسوله " يؤتيه " أي يعطيه " من يشآء " بحسب ما يعلمه
من صلاحه للبعثة وتحمل أعبآء(1)الرسالة " والله ذو الفضل العظيم " ذو المن العظيم على
خلقه ببعث محمد صلى الله عليه واله(2).
وفي قوله تعالى : " قد أنزل الله إليكم ذكرا " يعني القرآن ، وقيل : يعني الرسول ،
روي ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام " رسولا " إما بدل من " ذكرا " فالرسول إما جبرئيل أو محمد
صلى الله عليه وآله ، أو مفعول محذوف ، أي أرسل رسولا ، فالرسول محمد صلى الله عليه واله ، أو مفعول
قوله : " ذكرا " أي أنزل إليكم أن ذكر رسولا ، فالرسول يحتمل الوجهين ، ويجوز على
الاول أن يكون المراد بالذكر الشرف ، أي ذا ذكر ، والظلمات الكفر والجهل ، والنور
الايمان والعلم(3).
وفي قوله تعالى : " إنا أعطيناك الكوثر " : اختلفوا في تفسير الكوثر ، فقيل : هو
نهر في الجنة ، وروي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضا
من ابنه .
وقيل : هو حوض النبي صلى الله عليه واله الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة وقيل : الكوثر : الخير
الكثير ، وقيل : هو النبوة والكتاب ، وقيل : هو القرآن ، وقيل : هو كثرة الاشياع و
الاتباع(4)، وقيل : هو كثرة النسل والذرية ، وقيل : هو الشفاعة ، رووه عن الصادق عليه السلام ،
واللفظ محتمل للكل(5)، فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الاقوال ، فقد أعطاه الله
سبحانه الخير الكثير في الدنيا ، ووعده الخير الكثير في الآخرة " فصل لربك وانحر "
أمره سبحانه بالشكر على هذه النعمة العظيمة بأن قال : " فصل " صلاة العيد " وانحر "
(1)الاعباء جمع العبء : الثقل والحمل .
(2)مجمع البيان 10 : 284 .
(3)مجمع البيان 10 : 310 .
(4)في المصدر : كثرة الاصحاب والاشياع .
(5)وان كان المعنى السابع أنسب لسبب النزول وأظهر لقوله : ان شانئك هو الابتر .(*)