فلما أصبحت أقبل أبوها إلى البستان فرأى بنتا تدورولم يعلم أنها ابنته
فسألها أنه كان لي في البستان ابنة عليلة لم تقدر أن تتحرك ، فقالت ابنته : والله
أنا ابنتك ، فلما سمع كلامها وقع مغشيا عليه ، فلما أفاق قام على قدميه فأتت
به إلى ذلك الطير ، فرآه واكرا على الشجرة يئن من قلب حزين محترق مما
رأى مما فعل بالحسين عليه السلام
فقال له اليهودي : أقسمت عليك - بالذي خلقك أيها الطير ! - أن تكلمني
بقدرة الله تعالى ، فنطق الطير مستعبرا ثم قال : إني كنت واكرا على بعض الاشجار
مع جملة الطيور عند الظهيرة ، وإذا بطير ساقط علينا ، وهويقول : أيها الطيور تأكلون
وتتنعمون ، والحسين في أرض كربلا في هذا الحر على الرمضاء طريحا ظامئا
والنحر دام ، ورأسه مقطوع ، على الرمح مرفوع ، ونساؤه سبايا ، حفاة عرايا فلما
سمعن بذلك تطايرن إلى كربلا فرأيناه في ذلك الوادي طريحا : الغسل من دمه
والكفن الرمل السافي عليه ، فوقعنا كلنا عليه ننوح ونتمرغ بدمه الشريف وكان
كل منا طار إلى ناحية ، فوقعت أنافي هذا المكان
فلما سمع اليهودي ذلك تعجب وقال : لولم يكن الحسين ذاقدر رفيع عندالله
ماكان دمه شفاء من كل داء ، ثم أسلم اليهودي وأسلمت البنت وأسلم خمسمائة
من قومه
وقال : حكي عن رجل أسدي قال : كنت زارعا على نهر العلقمي بعدارتحال
العسكر عسكربني امية فرأيت عجائب لاأقدر أحكي إلا بعضها ، منها أنه إذاهبت
الرياح ، تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر ، إذا سكنت أرى نجوماتنزل من
السماء إلى الارض ويرقى من الارض إلى السماء مثلها ، وأنا منفرد مع عيالي ولا
أرى أحدا أساله عن ذلك ، وعند غروب الشمس يقبل أسد من القبلة فأولي عنه إلى
منزلي ، فإذا أصبح وطلعت الشمس وذهبت من منزلي أراه مستقبل القبلة ذاهبا
فقلت في نفسي : إن هؤلاء خوارج قد خرجوا على عبيدالله بن زياد فأمر بقتلهم وأرى
منهم مالم أره من سائر القتلى ، فوالله هذه الليلة لابد من المساهرة لابصر هذا