قال : أمختلف هوأم مؤتلف ؟ قال : لايليق به الاختلاف ولا الايتلاف ، إنما يختلف
المتجزئ ، ويأتلف المتبعض ، فلايقال له : مؤتلف ولامختلف
قال : فكيف هوالله الواحد ؟ قال : واحد في ذاته ، فلاواحد كواحد ، لان ما
سواه من الواحد متجزئ ، وهو تبارك وتعالى واحد لامتجزئ(1)ولا يقع عليه العد .
قال : فلاي علة خلق الحلق وهو غير محتاج إليهم ، ولا مضطر إلى خلقهم ،
ولا يليق به العبث بنا ؟(2)قال : خلقهم لاظهار حكمته ، وإنفاذ علمه ، وإمضاء
تدبيره
قال : وكيف لا يقتصر على هذه الدار فيجعلها دارثوابه ومحتبس عقابه ؟ قال :
إن هذه الدار دارابتلاء ، ومتجر الثواب ، ومكتسب الرحمة ، ملئت آفات ، وطبقت
شهوات ليختبر فيها عبيده بالطاعة ، فلايكون دارعمل دار جزاء
قال : أفمن حكمته أن جعل لنفسه عدوا وقدكان ولاعدوله ؟ فخلق كمازعمت
إبليس فسلطه على عبيده يدعوهم إلى خلاف طاعته ، ويأمرهم بمعصيته ، وجعل له من
القوة كما زعمت يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم(3)فيوسوس إليهم فيشككهم في ربهم
ويلبس عليهم دينهم ، فيزيلهم عن معرفته حتى أنكر قوم لما وسوس إليهم ربوبيته و
عبدوا سواه ، فلم سلط عدوه على عبيده وجعل له السبيل إلى إغوائهم ؟
قال : إن هذا العدو الذي ذكرت لايضره عداوته ، ولا ينفعه ولايته ، عداوته
لاتنقص من ملكه شيئا ، وولايته لاتزيد فيه شيئا ، وإنما يتقى العدو إذا كان في قوة
يضر وينفع ، إن هم بملك أخذه ، أوبسلطان قهره فأما إبليس فعبد خلقه ليعبده و
يوحده ، وقد علم حين خلقه ماهو وإلى مايصير إليه ، فلم يزل يعبده مع ملائكته حتى
امتحنه بسجود آدم فامتنع من ذلك حسدا وشقاوة غلبت عليه فلعنه عندذلك و
أخرجه عن صفوف الملائكة ، وأنزله إلارض ملعونا مدحورا ، فصارعدو آدم وولده
(1)في المصدر : وهو تبارك وتعالى واحد لايتجزء
(2)في المصدر : ولايليق به التعبث بنا .
(3)في المصدر : ما يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم .(*)