بحار الأنوار ج44

أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الاسلام محمود ، وأنت ابن حزب من
الاحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الله حسيبك ، فسترد فتعلم
لمن عقبى الدار : وبالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك وما الله
بظلام للعبيد .
إن عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ، ويوم من الله عليه بالاسلام
ويوم يبعث حيا ولاني المسلمون الامر بعده ، فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة
شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته ، وإنما حملني على الكتاب إليك
الاعذار فيما بيني وبين الله عزوجل في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم
والصلاح للمسلمين ، فدع التمادي في الباطل ، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي
فانك تعلم أني أحق بهذا الامر منك عند الله ، وعند كل أواب حفيظ ، ومن له
قلب منيب .
واتق الله ! ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فو الله مالك من خير في أن
تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لا قيه به ، وادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع
الامر أهله ومن هو أحق به ، منك ليطفئ الله النائرة بذلك ، ويجمع الكلمة ، ويصلح
ذات البين ، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك ، سرت إليك بالمسلمين ، فحاكمتك
حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
أقول : ثم ذكر جواب معاوية ، وما أظهر فيه من الكفر والالحاد إلى قوله :
وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح ، فلو علمت أنك أضبط مني للرعية
وأحوط على هذه الامة ، وأحسن سياسة ، وأقوى على جمع الاموال ، وأكيد
للعدو ، لاجبتك إلى ما دعوتني إليه ، ورأيتك لذلك أهلا ، ولكن قد علمت أني
أطول منك ولاية ، وأقدم منك لهذه الامة تجربة ، وأكبر منك سنا فأنت أحق أن
تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ولك الامر من بعدي
ولك ما في بيت مال العراق بالغا ما بلغ ، تحمله إلى حيث أحببت ، ولك خراج
أي كور العراق شئت ، معونة لك على نفقتك ، يجبيها أمينك ، ويحملها إليك في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه