بحار الأنوار ج76


(1)قيل : ان المراد بالسكر ما يشرب من أنواع الاشربة مما يحل الرزق الحسن ما يؤكل
والحسن : اللذيذ .
وقد أخطأ من تعلق بهذه الاية في تحليل النبيذ ، لانه سبحانه انما أخبر عن فعل
كانوا يتعاطونه ، فأى رخصة في هذا اللفظ ، والوجه فيه أنه سبحانه أخبر أنه خلق هذه
الثمار لينتفعوا بها ، فاتخذوا منها ما هو محرم عليهم ، ولا فرق بين قوله هذا وبين قوله
تتخذون أيمانكم دخلا بينكم .
أقول : فرق بينهما لان قوله تعالى تتخذون منه سكرا في مقام الامتنان وقوله
تتخذون أيمانكم في مقام الانكار وقبله ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون امة هى أربى من امة نعم مثله في مقام الامتنان
قوله : تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله .
وأما قول ابن عباس ومن تبعه بأن الرزق الحسن ما أحل منها ، وفى مقابلة السكر
ما حرم منها يأباه المقام فانه في مقام الامتنان بالطيبات ، يشهد بذلك آيات قبله بانزال
الماء من السماء واسقاء اللبن من بين فرث ودم ، وآيات بعده باخراج العسل : شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس .
والظاهر أن السكر معرب شكر بالفارسية : فكما أن الشكر هو ماء قصب يؤخذ
ويغلى بالنار حتى يقول كالعسل فيؤتدم به هكذا صقر التمر وسقر العنب : يؤخذ ويغلى
بالنار حتى يقول ، ليؤتدم به ، وهو الدبس وكلها رزق حسن اتخذها البشر بالهام الله
عزوجل فعملها كذلك ، لئلا يطرؤها فساد الحموضة ، وتبقى للائتدام بها والارتزاق
سنين كثيرة .
وكثيرا ما يغلى دبس السكر شيره‌ء شكر زائدا حتى يعلوه رغوة وزبد يتحجر
كاللوح فتؤخذ عليحدة وتسمى بالفارسية شكرك وهو الذى سموه بالعربية سكرة
كقبرة أو هى لغة حبشية على ما يظن ، ويسمى دبس التمر والعنب صقرا وسقرا - بفتحتين
بالسين والصاد - أيضا ويشبهان لفظ شكر لفظا ومعنا ، ولعلهما تعربيان لكلمة شكر
بصورة أخرى ، وقد سمى جهنم سقر تشببها لموادها المذابة الدائمة الغليان بالشيرج

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه