بحار الأنوار ج28

جعل إليكم مهاجرته ، وفيكم محل أزواجه ، فليس أحد من الناس بعد المهاجرين
الاولين بمنزلتكم ، فهم الامراء وأنتم الوزراء .
فقام الحباب بن المنذر الانصاري فقال : يا معشر الانصار أملكوا على أيديكم
وإنما الناس في فيئكم وضلالكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولن يصدر
الناس إلا عن رأيكم ، وأثنى على الانصار ، ثم قال : فان أبي هولاء تأميركم
عليهم ، فلسنا نرضى تأميرهم علينا ، ولا نقنع بدون أن يكون من أمير ومنهم
أمير .
فقام عمر بن الخطاب فقال : هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد ، إنه لا
ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمتنع أن تولي
أمرها من كانت النبوة فيهم ، ولنا بذلك على من خالفنا الحجة الظاهرة ،
والسلطان البين ، فما ينازعنا في سلطان محمد صلى الله عليه وآله ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل
بباطل أو متجانف لاثم ، أو متورط في الهلاكة محب للفتنة .
فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال : يا معاشر الانصار أمسكوا على أيديكم ،
ولا تسمعوا مقالة هذا الجاهل وأصحابه ، فيذهبوا بنصيبكم من هذا
الامر ، وإن أبوأن يكون منا أمير ومنهم أمير ، فأجلوهم عن بلادكم ، وتولوا
هذا الامر عليهم ، فأنتم والله أحق به منهم ، فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من
لم يكن يدين بغيرها ، وأنا جذيلها المحك وعذيقها المرجب ، والله لئن رد أحد
قولى لاحطمن أنفه بالسيف .
قال عمر بن الخطاب : فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه
كلام ، فانه جرت بينى وبينه منازعة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فنهاني
رسول الله صلى الله عليه وآله عن مهاترته فحلفت أن لا أكلمه أبدا ، ثم قال عمر لابى عبيدة :
يا أبا عبيدة تكلم فقام أبوعبيدة بن الجراح وتكلم بكلام كثير ذكر فيه فضايل الانصار
فكان بشير بن سعد(1)سيدا من سادات الانصار ، لما رأى اجتماع الانصار على سعد


(1)قد مر في ص 111 أن بشيرا هذا كان من أصحاب الصحيفة المعهودة(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه