بحار الأنوار ج60

عليه السلام عوذ ابنيه ، وأن موسى عليه السلام عوذ ابني هارون بهذه العوذة ، وروي أن بني
جعفر بن أبيطالب كانوا غلمانا بيضا ، فقالت أسماء بنت عميس : يا رسول الله ، إن
العين إليهم سريعة ، أفأسترقي لهم من العين ؟ فقال صلى الله عليه وآله : نعم . وروي أن جبرئيل
عليه السلام رقى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه الرقية ، وهي : " بسم الله أرقيك من كل عين حاسد
الله يشفيك " وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : لو كان شي ء يسبق القدر لسبقته العين .
ثم اختلفوا في وجه تأثير الاصابة بالعين ، فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه
قال : لا ينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلى الشئ المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به
وتؤثر فيه ، ويكون هذا المعنى خاصة في بعض الاعين كالخواص في بعض الاشياء .
وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الاشياء دون بعض ،
ولان الاجزاء تكون جواهر ، والجواهر متماثلة ، ولا يؤثر بعضها في بعض . وقال
أبوهاشم : إنه فعل الله بالعادة لضرب من المصلحة ، وهو قول القاضي .
ورأيت في شرح هذا للشريف الاجل الرضي الموسوي - قدس الله روحه -
كلاما أحببت إيراده في هذا الموضع . قال : إن الله يفعل المصالح بعباده على حسب
ما يعلمه من الصلاح لهم في تلك الافعال التي يفعلها ، فغير ممتنع أن يكون تغييره
نعمة زيد مصلحة لعمرو ، وإذا كان تعالى يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا
نعمته أقبل على الدنيا بوجهه ، ونأى عن الآخرة بعطفه . وإذا سلب نعمة زيد للعلة
التي ذكرناها عوضه(3)عنها ، وأعطاه بدلا منها عاجلا وآجلا ، فيمكن أن يتأول
قوله عليه السلام " العين حق " على هذا الوجه . على أنه قد روي عنه عليه السلام ما يدل على
أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع الله قدره ، وصغر أمره ، وإذا كان الامر على
هذا فلا ينكر تغيير حال بعض الاشياء عند نظر بعض الناظرين إليه ، واستحسانه له ،
وعظمه في صدره ، وفخامته في عينه ، كما روي أنه قال - لما سبقت ناقته العضباء ،
وكانت إذا سوبق بها لم تسبق - : " ما رفع العباد من شئ إلا وضع الله منه " ويجوز


(1)فيه عوضه غيرها وأعطاه بدلا منها عاجلا أو آجلا .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه