بحار الأنوار ج83

تقديم ما أمر الله بتأخيره وتأخير ما أمر بتقديمه ، والاسراف تجاوز الحد في الخطاء .
(أنت المقدم)أي الاشياء بحسب الازمنة والامكنة ، والمؤخر لها بحسبهما
أو بحسب المراتب الدنيوية ، فيرجعان إلى المغز والمذل أو الاخروية كما قدم
الانبياء والاوصياء أنهم أئمة واخر غيرهم عنهم فجعلهم أتباعا لهم ، ويحتمل أن
يراد بهما مايرجع إلى البداء ، ولعله أنسب بالمقام(بعلمك الغيب)الباء للقسم ويحتمل السببية(خشيتك في السر والعلانية)لعل المراد بالخشية أثرها ، وهو فعل الطاعة وترك
المعصية ، أي يظهر أثر الخشية مني في حضور الخلق وغيبتهم(في الغضب)أي عن
المخلوقين(والرضا)أي عنهم ، والمعنى لايكون غضبي على أحد سببا لان لا أقول الحق
فيه ، ولا رضاي عن أحد سببا لان اثبت له ماليس له ، والقصد التوسط في النفقة .
(نعيما لاينفد)أي في الاخرة أو في الدنيا أو الاعم بأن يتصل نعيم الدنيا
بنعيم الاخرة ، وهو أتم ، ومثله قرة العين وهو مايوجب السرور ، وقيل اريد به النسل
الذي لاينقطع لقوله تعالى(هب لنا من أزواجنا وذر ياتنا قرة أعين)(1)أو المحافظة
على الصلوات لقوله صلى الله عليه وآله(وقرة عيني في الصلاة).
وقال في النهاية : فيه الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ، أي لاتعب فيه ولا مشقة ، و
كل محبوب عندهم بارد ، والنظر إلى الوجه المراد به النظر بعين القلب إلى ذاته تعالى
أو بعين الرأس إلى حججه عليهما السلام فانهم وجه الله الذي يتوجه بهم إليه ، ومن أراد التوجه
إلى الله يتوجه إليهم ، وكذا المراد بلقائه تعالى أما لقاؤهم أو لقاء ثوابه ، وعلى التقديرين
اريد به الشوق إلى الموت والاخرة ، وقطع التعلق عن الدنيا .
وقوله :(من غير ضراء)متعلق به أي لايكون رضاي بالموت بسبب البلايا الشديدة
التي لايمكنني الصبر عليها ، فأتمنى الموت لها ،(والمضرة)تأكيد للضراء ، أو وصف
لها لانه لايكون الدنيا بدون الضراء في الجملة ، ولكن لايكون ضراء لايمكنني
الصبر عليها ، أو المراد بها مضرة الاخرة ، وقيل متعلق بأحيني ويحتمل تعلقه بالجميع
أي أعطني جميع ذلك من غير أن يكون بي ضراء شديدة .


(1)الفرقان : 74 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه