الآيات : النحل 16 : وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا 14 .
فاطر 35 : ومن كل تأكلون لحما طريا 12 .
تفسير :(سخر البحر)قيل : أي جعله بحيث يتمكنون من الانتفاع به بالركوب
والاصطياد والغوص(لتأكلوا منه لحما طريا)سمى لحما جريا على اللغة ، وعرفا
يطلق مقيدا فيقال : لحم السمك ، ويقابل به المطلق فيقال : أكلت لحما وسمكا ،
وتقيده بالطري ليس مخصصاله بالتحليل للاجماع على حل غيره أيضا ، لكن لما
خرجت مخرج الامتنان وكان في طراوته ألذكان التقييد به أليق ، وقيل : وصفه
بالطري لسرعة تطرق التغيير إليه ، ولا ريب أنه أطرى اللحوم ، واستدل مالك و
الثوري بالآية على أن السمك لحم فاذا حلف لا يأكل لحما حنث بالسمك ، واجيب
بأنه لحم لغة لا عرفا ، والايمان مبنية على العرف لكونه طاريا على اللغة ناسخا
لحكمها ، وفيه إشكال(ومن كل)أي من البحرين(تأكلون لحما طريا)الكلام
فيه كمامر .
وقال الدميري : السمك من خلق الماء ، الواحدة سمكة ، والجمع أسماك و
سموك ، وهو أنواع كثيرة ، ولكل نوع اسم خاص ، قال النبي صلى الله عليه وآله : إن الله خلق
ألف امة : ستمائة منها في البحر ، وأربعمائة في البر ، ومن أنواع الاسماك ما لا يدرك
الطرف أولها وآخرها لكبرها ، ومالا يدركها الطرف لصغرها ، وكله يأوي الماء
ويستنشقه كما يستنشق بنو آدم وحيوان البر الهواء إلا أن حيوان البر يستنشق
الهواء بالانوف ، ويصل ذلك إلى قصبة الرئة ، والسمك يستنشق بأصداغه فيقوم له
المآء في تولد الروح الحيواني في قلبه مقام الهواء ، وإنما استغنى عن الهواء في إقامة