بحار الأنوار ج102

تزايدا وتشتد آنا فآنا إلى أن بلغ مبلغا لم يكن في وسع البشر تحمله ، فشكوت إلى
الله تعالى في تلك الحالة العجيبة ، و تضرعت إليه وقلت : يارب أنك قلت في كتابك :
لايكلف الله نفسا إلا وسعها وقد علمت أنه نزل بي يارب في هذه الساعة ماقد
تكأدني ثقله ، وألم بي من الكرب والوجع الشديد ما قد بهظني حمله ، ففرج عني
برحمتك فرجا عاجلا قريبا ، ومن علي بالنجاة من هذه العلة ، والخلاص من هذه
الشدة ، أعاذنا الله وجميع المؤمنين من كرب السياق وجهد الانين ، وترادف الحشارج ،
وأعاننا عليه بفضله و جوده وكرمه إحسانه .
قال : فبينا أنا في هذه الحالة إذ أتاني آت في زي رجل جميل ، وجلس عند
رجلي ، وسئلني عن حالي ، فقلت له : مثل ماشكوت إلى ربي ، فلما سمع مني
الكلام وضع كفه على أصابع رجلي ، وقال : ما ترى ؟ هل سكن الوجع منك ؟ قلت :
أرى خفا وراحة فيما وضعت راحتك عليه ، وشدة فيما يعلوه في بدني فأخذ يرتقي
شيئا فشيئا إلى الفوق ، ويسئل مني الحال ، وأجبته بمثل ذلك المقال إلى أن بلغ
مواضع القلب من صدري فرأيت الالم بالمرة قد انتقل من جسدي .
وإذا بجسدي جثة ملقاة في ناحية بيتي ، وأنا واقف بحذائة أنظر إليه مثل
المتعجب الحيران ، والاهل والاحبة والجيران من حول النعش في الصراخ والعويل
يبكون ويندبون ، ويلتزمون الجسد بأنواع الشجون وأنا كلما أقول لهم ويحكم إنكم
كنتم مشغولين عني وأنا في مثل تلك الفجيعة الكابرة ، والبلية العظمى ، والآن تندبون
وتنوحون على وقد ارتفع ماكان بي من الالم ، وليس بي والحمد لله من بأس ولاسقم
وهم لايسمعون قولي ، ولايصغون نصيحتي ، ولايدعون شيئا من الجزع إلى أن تهيأ
الجميع ، وجاء‌وا بالعمارية ، ووضعوا النعش فيها ، وحملوها إلى المغتسل .
فبلغني عند ذلك أيضا من الوحشة والفزع ما بلغني إلى أن أقاموا عليها الصلاة ،
ثم حملوها إلى هذه التربة التي تراها ، وأنا في خلال جميع الاحوال سالك قدام
الجنازة ، حتى أرى ما يصنعون بها ، فلما نزلوا الجسد ، ووضعوه في ناحية من هذا
الموضع ، وجعلوا يعالجون موضع الحفيرة ، كنت أقول في نفسي لو أدخلوه في هذه

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه