بحار الأنوار ج57

كان ظلوما " حيث لم يف بها ولم يراع حقها " جهولا " بكنه عاقبتها ، وهذا وصف
للجنس باعتبار الاغلب(1)(انتهى).
وقال الطبرسي - قدس سره - : إنه على وجه التقدير أجرى(2)عليه لفظ
الواقع ، لان الواقع أبلغ من المقدر ، معنا : لوكانت السماوات والارض والجبال
عاقلة ثم عرضت عليها الامانة وهي وظائف الدين اصولا وفروعا عرض تخيير لاستثقلت
ذلك مع كبر أجسامها وشدتها وقوتها ، ولا متنعت من حملها خوفا من القصور عن أداء
حقها ، ثم حملها الانسان مع ضعف جسمه ، ولم يخف الوعيد لظلمه وجهله ، وعلى هذا
يحمل ماروي عن ابن عباس أنها عرضت على نفس السماوات والارض فامتنعت
من حملها .
والرابع أن معنى العرض والاباء ليس هو على ما يفهم بظاهر الكلام بل المراد
تعظيم شأن الامانة ، لامخاطبة الجماد ، والعرب تقول " سألت الربع وخاطبت الدار فامتنعت
عن الجواب وإنما هو إخبار عن الحال عبر عنه بذكر الجواب والسؤال ، وتقول
" أتى فلان بكذب لاتحمله الجبال " وقال سبحانه " فقال لهاوللارض ائتيا طوعا أو
كرها قالتا أتينا طائعين " وخطاب من لا يفهم لايصح . فالامانة على هذا ما أودع الله
سبحانه السماوات والارض والجبال من الدلائل على وحدانيته وربوبيته فأظهرتها
والانسان الكافر كتمها وجحدها لظلمه(3). ويرجع إليه ما قيل : المراد بالامانة الطاعة
التي نعم الطبيعية والاختيارية ، وبعرضها استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من
المختار وإرادة صدوره من غيره ، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها ، ومنه
قولهم " حامل الامانة ومحتملها " لمن لايؤديها فتبرأ ذمته ، قيكون الا باء عنه إتيانا بما
يمكن أن يتأتى منه ، والظلم والجهالة للخيانة والتقصير .
والخامس ما قيل : إنه تعالى لما خلق هذه الاجرام فيها فهما(4)وقال لها :


(1)انوار التنزيل : ج 2 ص 281 - 282 .
(2)في المصدر : الا انه اجرى .
(3)مجمع البيان : ج 8 ، ص 374 .
(4)كذافى جميع النسخ التى بأيدينا والظاهر " جعل فيها فهما " .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه