بحار الأنوار ج85

يأت بها ، فالظاهر أنه يجوز فعلها تبرعا عن الميت(1)والاستيجار له وإن لم يرد


(1)قد عرفت فيما سبق من أبحاثنا أن الصلاة دين لقوله تعالى : " ان الصلاة كانت
على المؤمنين كتابا موقوتا " وهكذا الصوم حيث يقول عزوجل : " كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم " وهكذا الحج ، حيث عبر عنه في القرآن العزيز كالتعبير عن
الحقوق المالية ، فقال : " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " الا أن الصلاة
والصوم دين على الابدان ، والحج دين في الاموال والابدان معا .
فاذا مات المؤمن وكان عليه صوم أو صلاة ، وجب على وليه أداء هذا الدين بنفسه
أو باستيجار شخص آخر يستاجره بمال نفسه . لا من مال الميت ، فانهما حق على الابدان
خاصة ، الا أنه اذا أوصى الميت بذلك أخرج وليه أجرة ذلك من ثلث ماله ، واما اذا لم يكن
له ولى يطالب بأداء هذا الدين جاز لسائر المؤمنين من اخوانه أن يتبرعوا بصلاته وصيامه
لقوله تعالى : " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " .
وأما الحج ، فلما كان ذا وجهين : له تعلق بالاموال وتعلق بالابدان وجب على
وليه تكفل ذلك بمعنى أنه يخرج من صلب مال الميت ما يكفى لمخارج الحج فقط وهو الشطر
الذى تعلق بماله ، ثم يحج الولى بنفسه وينفق ذاك المال في سفره من دون أن يأخذ لاعماله
البدنية عوضا من مال الميت ، فان هذا الشطر مما تعلق ببدنه ، وهذا وليه يطالب بذلك
على حد الصلاة والصوم .
نعم له أن لايحج بنفسه ويستأجر من ينوب عنه ويؤدى الزائد على المخارج الاصلى
من ماله ، الا أن يكون الميت أوصى بذلك فيخرج مؤنة ذلك من ثلث ماله ان وفى
بذلك .
وأما جواز النيابة في ذلك ، سواء كان تبرعا أو استيجارا - فلان الصلاة والصوم
والحج عبادات مجعولة ، بمعنى أن الشارع المقدس يتلقى فعل كل واحد منها عبادة له و
قربة منه ، لا أنه يكون قصد القربة من المتعبد محققا لعنوان العبادة فيهما ، على ما هو
الشأن في التوسليات ، ولذلك نحكم بحرمة الصلاة والصوم من الحائض ، وان لم يقصد
القربة بذلك ، أو قيل بأنه لا يتمشى منها قصد القربة ، وهكذا الصلاة من غير طهارة وان

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه