بحار الأنوار ج52

يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة ، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع ، فاسترحت
فيه إلى وقت العصر ، وإذا أنا بالموكل بي قد أتى إلي وقال لي : لا تبرح من
مكانك حتى يأتيك السيد وأصحابه لاجل العشاء معك ، فقلت : سمعا وطاعة .
فما كان إلا قليل وإذا بالسيد سلمه الله قد أقبل ، ومعه أصحابه ، فجلسوا
ومدت المائدة فأكلنا ونهضنا إلى المسجد مع السيد لاجل صلاة المغرب والعشاء
فلما فرغنا من الصلاتين ذهب السيد إلى منزله ، ورجعت إلى مكاني وأقمت على
هذه الحال مدة ثمانية عشر يوما ونحن في صحبته أطال الله بقاء‌ه .
فأول جمعة صليتها معهم رأيت السيد سلمه الله صلى الجمعة ركعتين فريضة
واجبة ، فلما انقضت الصلاة قلت : يا سيدي قد رأيتكم صليتم الجمعة ركعتين فريضة
واجبة ؟ قال : نعم لان شروطها المعلومة قد حضرت فوجبت فقلت في نفسي : ربما
كان الامام عليه السلام حاضرا .
ثم في وقت آخر سألت منه في الخلوة : هل كان الامام حاضرا ؟ فقال : لا
ولكني أنا النائب الخاص بأمر صدر عنه عليه السلام فقلت : يا سيدي وهل رأيت الامام
عليه السلام ؟ قال : لا ، ولكني حدثني أبي - رحمه الله - أنه سمع حديثه ولم ير شخصه
وأن جدي - رحمه الله - سمع حديثه ورأى شخصه .
فقلت له : ولم ذاك يا سيدي يختص بذلك رجل دون آخر ؟ فقال لي : يا
أخي إن الله سبحانه وتعالى يؤتي الفضل من يشاء من عباده ، وذلك لحكمة بالغة
وعظمة قاهرة ، كما أن الله تعالى اختص من عباده الانبياء والمرسلين ، والاوصياء
المنتجبين ، وجعلهم أعلاما لخلقه ، وحججا على بريته ، ووسيلة بينهم وبينه ليهلك
من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة ، ولم يخل أرضه بغير حجة على عباده
للطفه بهم ، ولا بد لكل حجة من سفير يبلغ عنه .
ثم إن السيد سلمه الله أخذ بيدي إلى خارج مدينتهم ، وجعل يسير معي
نحو البساتين ، فرأيت فيها أنهارا جارية ، وبساتين كثيرة ، مشتملة على أنواع
الفواكه ، عظيمة الحسن والحلاوة ، من العنب والرمان ، والكمثرى وغيرها

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه