بحار الأنوار ج13

يظهر لبنها ، فكانت القوابل لا يعرضن لها ، فلما كانت الليلة التي ولد فيها موسى ولدته
امه ولا رقيب عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد إلا اخته مريم ، وأوحى الله تعالى
إليها " أن أرضعيه " الآية ، قال : وكتمته امه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا
يتحرك ، فلما خافت عليه عملت له تابوتا مطبقا ومهدت له فيه ثم ألقته في البحر ليلا
كما أمرها الله تعالى .
" فالتقطه آل فرعون " أي أصابوه وأخذوه من غير طلب " ليكون لهم عدوا وحزنا "
أي ليكون لهم في عاقبة أمره كذلك ، لا أنهم أخذوه لذلك ، وكانت القصة في ذلك أن
النيل جاء بالتابوت إلى موضع فيه فرعون وامرأته على شط النيل ، فأمر فرعون به وفتحت
آسية بنت مزاحم بابه ، فلما نظرت إليه ألقى الله في قلبها محبة موسى ، وكانت آسية بنت
مزاحم امرأة من بني إسرائيل استنكحها فرعون ، وهي من خيار النساء ، ومن بنات
الانبياء ،(1)وكانت اما للمؤمنين ترحمهم وتتصدق عليهم يدخلون عليها ، فلما نظر
فرعون إلى موسى غاظه ذلك فقال : كيف أخطأ هذا الغلام الذبح ؟ ! قالت آسية وهي
قاعدة إلى جنبه : هذا الوليد أكبر من ابن سنة ، وإنما أمرت أن تذبح الولدان لهذه
السنة فدعه يكن قرة عين لي ولك ، وإنما قالت ذلك لانه لم يكن له ولد فأطمعته في
الولد " وهم لا يشعرون " أن هلاكهم على يديه " فارغا " أي خاليا من ذكر كل شئ إلا
من ذكر موسى ، أو من الحزن سكونا إلى ما وعدها الله به ، أو من الوحي الذي اوحي إليها
بنسيانها " إن كادت لتبدي به " أي أنها كادت تبدي بذكر موسى فتقول : يا ابناه من شدة
الوجد ، أوهمت بأن تقول أنها امه لما رأته عند دعاء فرعون إياها للارضاع لشدة
سرورها به " وقالت " أي ام موسى " لاخته " أي اخت موسى واسمها كليمة(3)" قصيه "


(1)قال الثعلبى في العرائس : قد استنكح فرعون من بنى اسرائيل امرأة يقال لها آسية بنت
مزاحم ، وبقال : هى آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد فرعون يوسف الاول ، ونص
الطبرى أيضا انها كانت من بنى اسرائيل وكانت من خيار النساء المعدودات ، ويأتى في الخبر
التاسع ايضا ذلك .
(2)في نسخة : كلهمة ، وفى المصدر : كلثمة ، وتقدم قبل ذلك أن اخته تسمى مريم ، ولعلها
اخت اخرى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه