بحار الأنوار ج3

قال : سل يا أبا عمارة . فقال : يا محمد صف لي ربك ، فقال عليه السلام : إن الخالق لا يوصف
إلا بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي يعجز الحواس أن تدركه ، و
الاوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والابصار عن الاحاطة به ، جل عما يصفه
الواصفون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه كيف الكيفية فلا يقال له : كيف ، وأين الاين
فلا يقال : له : أين ، هو منقطع الكيفوفية والاينونية ، فهو الاحد الصمد كما وصف نفسه
والواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
قال : صدقت يا محمد أخبرني عن قولك : إنه واحد لا شبيه له ، أليس الله واحد
والانسان واحد ؟ فوحدانيته اشبهت وحدانية الانسان . فقال عليه السلام : الله واحد و
وأحدي المعنى ، والانسان واحد ثنوي المعنى ، جسم وعرض ، وبدن وروح ، فإنما
التشبيه في المعاني لا غير ، قال : صدقت يا محمد .
41 - يد : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن عيسى ،
عن هشام بن إبراهيم العباسي قال : قلت : له - يعني أبا الحسن عليه السلام - جعلت فداك
أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة ، قال : ومن هو ؟ قلت : الحسن بن سهل قال :
وفي أي شئ المسألة ؟ قلت : في التوحيد ، قال : وأي شئ من التوحيد ؟ قال : يسألك
عن الله جسم أولا جسم ؟ فقال لي : إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب . إثبات بتشبيه ،
ومذهب النفي ، ومذهب إثبات بلا تشبيه ، فمذهب الاثبات بتشبيه لا يجوز ، ومذهب
النفي لا يجوز ، والطريق في المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه
42 - يد : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن
يعقوب السراج قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل
الانسان وقال آخر إنه في صورة أمرد جعد قطط ! فخر أبوعبدالله عليه السلام ساجدا ثم
رفع رأسه فقال : سبحان الله الذي ليس كمثله شئ ، ولا تدركه الابصار ، ولا يحيط به
علم ، لم يلد لان الولد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن له من خلقه
كفوا أحد ، تعالى عن صفة من سواه علواكبيرا .
بيان : الجعد : ضد السبط ، قال الجزري في صفة شعره عليه السلام : ليس بالسبط

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه