بحار الأنوار ج17

عبس " 80 " : عبس وتولى * أن جاء‌ه الاعمى * وما يدريك لعله يزكي * أو
يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى *
وأما من جاء‌ك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى * كلا إنها تذكرة * فمن شاء
ذكره 1 - 12
تفسير : قوله : " لئن اتبعت أهواء‌هم " هذه الشرطية لا تنافي عصمته صلى الله عليه وآله ، فإنها
تصدق مع استحالة المقدم أيضا ، والغرض منه يأسهم عن أن يتبعهم صلى الله عليه وآله في أهوائهم
الباطلة ، وقطع أطماعهم عن ذلك ، والتنبيه على سوء حالهم ، وشدة عذابهم ، لان النبي
مع غاية قربه في جنابه تعالى إذا كان حاله على تقدير هذا الفعل كذلك فكيف يكون
حال غيره ، كما ورد أنه نزل القرآن بإياك أعني واسمعي ياجارة .
قوله تعالى : " فلا تكونن من الممترين " قال البيضاوي : أي الشاكين في أنه هل
من ربك ، أو في كتمانهم الحق عالمين به ، وليس المراد به نهي الرسول صلى الله عليه وآله عن الشك
فيه ، لانه غير متوقع منه ، وليس بقصد واختيار ، بل إما تحقيق الامر وأنه لا يشك
فيه ناظر ، أو أمر الامة باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الابلغ(1).
وقال في قوله تعالى : " ليس لك من الامر شئ " اعتراض " أو يتوب عليهم أو
يعذبهم " عطف على قوله : " أو يكبتهم " والمعني أن الله مالك أمرهم ، فإما يهلكهم ، أو
يكبتكم ، أو يتوب عليهم إن أسلموا ، أو يعذبهم إن أصروا ، وليس لك من أمرهم شئ ،
وإنما أنت عبد مأمور لانذارهم وجهادهم ، ويحتمل أن يكون معطوفا على الامر ، أو شئ
بإضمار(أن)أي ليس لك من أمرهم أو من التوبة عليهم أو من تعذيبهم شئ ، أو ليس لك
من أمرهم شئ ، أو التوبة عليهم أو تعذيبهم ، وأن تكون(أو)بمعني(إلا أن)أي ليس
لك من أمرهم شئ إلا أن يتوب عليهم فتسر به ، أو يعذبهم فتشتفي منهم ، روي أن عتبة
ابن أبي وقاص شجه يوم احد وكسر رباعيته ، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : كيف
يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم ؟ فنزلت ، وقيل : هم أن يدعو عليهم فنهاه الله لعلمه
بأن فيهم من يؤمن " فإنهم ظالمون " قد استحقوا التعذيب بظلمهم انتهى(2).


(1)أنوار التنزيل 1 : 122
(2)أنوار التنزيل 1 : 231 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه