والصلاة عليه ، قلت : هذا النقل لم نظفر به ، وإنزاله قد يتعذر كما في قصة زيد
انتهى كلامه رفع الله مقامه .
أقول : إن المتعرضين لهذا الخبر لم يتكلموا في معناه ، ولم يتفكروا في
مغزاه ، ولم ينظروا إلى ما يستنبط من فحواه ، فأقول وبالله التوفيق :
إن مبنى هذا الخبر على أنه يلزم المصلي أن يكون مستقبلا للقبلة ، وأن
يكون محاذيا بجانبه الايسر ، فان لم يتيسر ذلك فيلزمه مراعاة الجانب في الجملة
مع رعاية القبلة الاضطرارية ، وهو ما بين المشرق والمغرب فبين عليه السلام محتملات
ذلك في قبلة أهل العراق المائلة عن خط نصف النهار إلى جانب اليمين ، فأوضح
ذلك أبين إيضاح ، وأفصح أظهر إفصاح .
ففرض عليه السلام أولا كون وجه المصلوب إلى القبلة ، فقال : قم على منكبه
الايمن لانه لا يمكن محاذات الجانب الايسر مع رعاية القبلة ، فيلزم مراعاة
الجانب في الجملة ، فاذا قام محاذيا لمنكبه الايمن يكون وجهته داخلة فيما بين
المشرق والمغرب من جانب القبلة ، لميل قبلة أهل العراق إلى اليمين عن نقطة الجنوب
إذ لو كان المصلوب محاذيا لنقطة الجنوب كان الواقف على منكبه واقفا على خط
مقاطع الخط نصف النهار على زوايا قوائم ، فيكون مواجها لنقطة مشرق الاعتدال
فلما انحرف المصلوب عن تلك النقطة بقدر انحراف قبلة البلد الذي هو فيه ،
ينحرف الواقف على منكبه بقدر ذلك عن المشرق إلى الجنوب ، وما بين المشرق
والمغرب قبلة ، إما للمضطر كما هو المشهور وهذا المصلي مضطر أو مطلقا كما
هو ظاهر بعض الاخبار ، وظهر لك أن هذا المصلي لو وقف على منكبه الايسر
كان خارجا عما بين المشرق والمغرب ، محاذيا لنقطة من الافق منحرفا عن نقطة
مغرب الاعتدال إلى جانب الشمال بقدر انحراف القبلة .
ثم فرض عليه السلام كون المصلوب مستدبرا للقبلة ، فأمره حينئذ بالقيام على
منكبه الايسر ، ليكون مواجها لما بين المشرق والمغرب ، واقفا على منكبه
الايسر كما هو اللازم في حال الاختيار ، ثم بين علة الامر في كل من الشقين