بحار الأنوار ج20

وإن كان الاحرام بالحج فمحله منى يوم النحر ، وإن كان الاحرام بالعمرة
فمحلة مكة(1).
قوله تعالى : " ليبلونكم الله بشئ من الصيد "
قال البيضاوي : نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد ، وكانت الوحوش
تغشاهم في رحابهم(2)بحيث يتمكنون من صيدها آخذا بأيديهم ، وطعنا برماحهم وهم
محرمون ، والتقليل والتحقير في " بشئ " للتنبيه على أنه ليس من العظائم التي تدخص
الاقدام كالابتلاء ببذل الانفس والاموال ، فمن لم يثبت عنده كيف يثبت عند ما هو
أشد منه " ليعلم الله من يخافه بالغيب " ليتميز الخائف من عفا به وهو غائب منتظر
لقوة إيمانه ممن لا يخافه لضعف قلبه وقلة إيمانه ، فذكر العلم وأراد وقوع المعلوم
وظهوره ، أو تعلق العلم " فمن اعتدى بعد ذلك " بعد ذلك الابتلاء بالصيد(3).
قوله تعالى " وما لهم أن لا يعذبهم الله " قال البيضاوي : أي وما لهم مما يمنع
تعذيبهم متى ذلك ؟(4)وكيف لا يعذبون " وهم يصدون عن المسجد الحرام " و
حالهم ذلك ، ومن صدهم عنه الجآء الرسول صلى الله عليه وآله والمؤمنين إلى الهجرة ، وإحصارهم
عام الحديبية " وما كانوا أولياء‌ه " مستحقين ولاية أمره مع شركهم ، وهو رد لما
كانوا يقولون : نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء " إن أولياؤه
إلا المتقون " من الشرك الذين لا يعبدون فيه غيره ، وقيل : الضميران لله " ولكن
أكثرهم لا يعلمون " أن لا ولاية لهم عليه(5).
" إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله " لا يريد به حالا ولا استقبالا ،
وإنما يريد استمرار الصد منهم ، ولذلك حسن عطفه على الماضي ، والمسجد الحرام


(1)مجمع البيان 2 : 284 - 288 و 290 . وفيه اختصار راجع المصدر .
(2)الرحاب جمع الرحبة ، وفى المصدر : في رحالهم .
(3)انوارالتنزيل 1 : 357 و 358 .
(4)في المصدر : متى زال ذلك ؟
(5)انوار التنزيل 1 : 474 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه