فان قيل(1): ما الفائدة في كتب أعمال العباد ؟
قلنا : ههنا مقامان(2):
المقام الاول : أن تفسير الكتبة بالمعنى المشهور من الكتب . قال المتكلمون :
الفائدة في تلك الصحف وزنها ، فإن رجحت كفة الطاعات ظهر للخلائق أنه من
أهل الجنة وبالضد(3)، قال القاضي : هذا يبعد(4)، لان الادلة قد دلت على
أن كل أحد قبل مماته عند المعاينة يعلم أنه من السعداء أو من الاشقياء ، فلا يجوز
توقيف حصول تلك المعرفة على الميزان . ثم أجاب(5)وقال : لا يمتنع مارويناه
لامر يرجع إلى حصول سروره عند الخلق العظيم أنه من أولياء الله في الجنة و
بالضد من ذلك في أعداء الله .
والمقام الثانى : وهو قول حكماء الاسلام أن الكتبة(6)عبارة عن نقوش
مخصوصة وضعت بالاصطلاح لتعريف(7)بعض المعاني المخصوصة ، فلو قدرنا تلك
النقوش دالة على تلك المعاني لاعيانها وذواتها كانت تلك الكتبة أقوى وأكمل
إذا ثبت هذا فنقول : إن الانسان إذا أتى بعمل من الاعمال مرات وكرات كثيرة
متوالية حصلت في نفسه بسبب تكرارها(8)ملكة قوية راسخة ، فإن كانت تلك الملكة
نافعة(9)في السعادات الروحانية عظم ابتهاجه بها بعد الموت ، وإن كانت تلك الملكة
ضارة في الاحوال الروحانية عظم تضرره بها بعد الموت ، إذا ثبت هذا فنقول : إن
التكرير الكثير لما كان سببا لحصول تلك الملكة الراسخة كان لكل واحد من
(1)في المصدر : السؤال الخامس .
(2)< < : مقامات : الاول . .
(3)< < : وإن كان بالضد فبالضد .
(4)< < : بعيد .
(5)< < : ثم اجاب القاضى عن هذا الكلام .
(6)كذا في النسخ ، وفي المصدر : أن الكتابة . .
(7)في المصدر : لتعريف المعانى . .
(8)< < < < وبعض النسخ : تكررها .
(9)< < < < : سارة بالاعمال النافعة .