بحار الأنوار ج90

الله لهم ضلالة لهم ، فصار ذلك كأنه منسوب إليه تعالى ، لما خالفوا أمره في اتباع
الامام ، ثم افترقوا واختلفوا ، ولعن بعضهم بعضا ، واستحل بعضهم دماء بعض ، فماذا
بعد الحق إلا الضلال ، فأنى يؤفكون .
ولما أردت قتل الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لاقامة الحجة عليهم
قلت : يا معشر الخوارج أنشد كم الله ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا
ومحكما ومتشابها ، وخاصا وعاما ؟ قالوا : اللهم نعم فقلت : اللهم اشهد عليهم
ثم قلت : أنشدكم الله هل تعلمون ناسخ القرآن ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه
وخاصه وعامه ؟ قالوا : اللهم لا ، قلت : أنشدكم الله هل تعلمون أني أعلم ناسخه
ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، وخاصه وعامه ؟ قالوا : اللهم نعم ، فقلت :
من أضل منكم إذ قد أقررتم بذلك ، ثم قلت : اللهم إنك تعلم أني حكمت فيهم
بما أعلمه .
ثم قال صلوات الله عليه : وأوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا علي إن وجدت
فئة تقاتل بهم فاطلب حقك ، وإلا فالزم بيتك ، فاني قد أخذت لك العهد يوم
غديرخم بأنك خليفتي ووصيي ، وأولى الناس بالناس من بعدي ، فمثلك كمثل
بيت الله الحرام ، يأتونك الناس ولا تأتيهم .
يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة ، وإنما أعني بهذا
المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الايتمام بالامام الخفي المكان ، المستور
عن الاعيان فهم بامامته مقرون ، وبعروته مستمسكون ، ولخروجه منتظرون
موقنون غير شاكين صابرون مسلمون وإنما ضلوا عن مكان إمامهم وعن معرفة
شخصه .
يدل على ذلك أن الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها
دليلا على أوقات الصلاة ، فموسع عليهم تأخير الوقت ، ليتبين لهم الوقت بظهورها
ويستيقنوا أنه قد زالت ، فكذلك المنتظر لخروج الامام عليه السلام المتمسك بامامته
موسع عليه ، جميع فرائض الله الواجبة عليه مقبولة منه بحدودها غير خارج عن

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه