بحار الأنوار ج9

صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم
فإنه لا يسلطك عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أي شي ء تقتله ؟ فصدقه صاحبنا وتركه و
رجع إلينا وأخبرنا بذلك ، وقوي بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس ، فلهذا
نتخذه عدوا ، وميكائيل عدو لجبرئيل .
فقال سلمان : ياابن صوريا بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم ، أرأيتم
أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصر وقد أخبر الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله
أنه يملك ويخرب بيت المقدس ؟ أرادوا تكذيب أنبياء الله تعالى في اخبارهم واتهموهم
في اخبارهم أو صدقوهم في الخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله ؟ هل كان هؤلاء و
من وجهوه إلا كفارا بالله ؟ وأي عداوة تجوز أن يعتقد لجبرئيل وهو يصد عن مغالبة
الله عزوجل وينهى عن تكذيب خبر الله تعالى ؟ فقال ابن صوريا : قد كان الله تعالى
أخبر بذلك على ألسن أنبيائه ، لكنه يمحو ما يشاء ويثبت .
قال سلمان : فإذا لا تثقوا بشئ مما في التوراة من الاخبار عما مضى وما يستأنف
فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت ، وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة
وأبطلا في دعوتهما لان الله يمحو ما يشاء ويثبت ، ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون
لا يكون ، وما أخبراكم أنه لا يكون يكون ، وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن ،
وما أخبراكم أنه لم يكن لعله كان ، ولعل ما وعده من الثواب يمحوه ، ولعل ما توعد به
من العقاب يمحوه فإنه يمحو ما يشاء ويثبت ، إنكم جهلتم معنى يمحو اللله ما يشاء ويثبت ،
فلذلكم أنتم بالله كافرون ، ولاخباره عن الغيوب مكذبون ، وعن دين الله منسلخون .
ثم قال سلمان : فإني أشهد أن من كان عدوا لجبرئيل فإنه عدو لميكائيل ،
وأنهما جميعا عدوان لمن عاداهما ، سلمان لمن سالمهما ، فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا
لقول سلمان رحمة الله عليه : " قل من كان عدوا لجبريل " في مظاهرته لاولياء الله على أعدائه
ونزوله بفضائل علي ولي الله من عند الله " فإنه نزله " فإن جبرئيل نزل هذا القرآن
" على قلبك بإذن الله " وأمره " مصدقا لما بين يديه " من سائر كتب الله " وهدى " من
الضلالة " وبشرى للمؤمنين " بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وولاية علي ومن بعده من الائمة بأنهم

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه