133 نهج : قال عليه السلام : إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان ، وسبيلان
مختلفان ، فمن أحب الدنيا وتولاها ابغض الآخرة وعاداها ، وهما بمنزلة
المشرق والمغرب ، وماش بينهما ، كلما قرب من واحد بعد من الآخر ، وهما
بعد ضرتان(1).
134 نهج : قال عليه السلام : مثل الدنيا كمثل الحية : لين مسها ، والسم
الناقع في جوفها ، يهوى إليها الغر الجاهل ، ويحذرها ذواللب العاقل(2).
135 نهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد سمع رجلا يذم الدنيا : أيها
الذام للدنيا ، المغتر بغرورها ، المنخدع بأباطيلها ، أتغتر بالدنيا ثم تذمها ؟
أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ؟ متى استهوتك ؟ أم متى غرتك ؟
أبمصارع آبائك من البلى ؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم عللت بكفيك
وكم مرضت بيديك ، تبغي لهم الشفاء ، وتستوصف لهم الاطباء ، لم ينفع أحدهم
إشفاقك ، ولم تسعف فيه بطلبتك ، ولم تدفع عنهم بقوتك ، قد مثلت لك به الدنيا
نفسك ، وبمصرعه مصرعك .
إن الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار عافية لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن
تزود منها ، ودار موعظة لمن اتعظ بها ، مسجد أحباء الله ، ومصلى ملائكة الله
ومهبط وحي الله ، ومتجر أولياء الله ، اكتسبوا فيها الرحمة ، وربحوا فيها الجنة
فمن ذا يذمها ؟ وقد آذنت ببينها ، ونادت بفراقها ، ونعت نفسها وأهلها ، فمثلت
لهم ببلائها البلاء ، وشوقتهم بسرورها إلى السرور ، راحت بعافية ، وابتكرت
بفجيعة ، ترغيبا وترهيبا ، وتخويفا وتحذيرا ، فذمها رجال غداة الندامة ، وحمدها
آخرون يوم القيامة ، ذكرتهم الدنيا فذكروا ، وحدثتهم فصدقوا ، ووعظتهم
فاتعظوا(3).
(1)نهج البلاغة الرقم 103 من الحكم .
(2)نهج البلاغة الرقم 119 من الحكم .
(3)نهج البلاغة الرقم 131 من الحكم .