ومن زعم أنه إنما قال ذلك للوسوسة التي خالطت قلبه من الشيطان أو خيلت إليه أن
النداء كان من غير الملائكة فقد أخطأ ، لان الانبياء لابد أن يعرفوا الفرق بين كلام الملك
ووسوسة الشيطان ،(1)ولا يجوز أن يتلاعب الشيطان بهم حتى يختلط عليهم طريق
الافهام ، ثم سأل الله سبحانه علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ليزيد في العبادة شكرا ،
وقيل ليتعجل السرور " قال رب اجعل لي آية " أي علامة لوقت الحمل والولد ،
فجعل الله تلك العلامة في إمساك لسانه عن الكلام إلا إيماء من غير آفة حدثت فيه بقوله :
" قال آيتك " أي قال الله ، أو جبرئيل ، أي علامتك " أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا
رمزا " أي إيماء ، وقيل : الرمز تحريك الشفتين ، وقيل : أراد به صومه ثلاثة أيام لانهم
كانوا إذا صاموا لم يتكلموا إلا رمزا " واذكر ربك كثيرا " أي في هذه الايام الثلاثة ، و
معناه أنه لما منع عن الكلام عرف أنه لم يمنع عن الذكر لله سبحانه والتسبيح له وذلك
أبلغ في الاعجاز " وسبح " أي نزه الله ، وقيل : معناه : صل(2)" بالعشي والابكار " آخر
النهار وأوله .(3)
11 ن ، ل : ابن الوليد ، عن سعد ، عن أحمد بن حمزة الاشعري ، عن ياسر الخادم
قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : إن أوحش مايكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن : يوم
يلد فيخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث
فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلم الله على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وآمن
روعته فقال : " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " وقد سلم عيسى بن مريم
عليه السلام على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال : " والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت
ويوم أبعث حيا " .(4)
12 ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن الحسن بن القاسم ، عن ثبير بن(5)
(1)والا فيجوز ان يلقى الشيطان اليهم كلاما فيزعم أنه من الله ،(فيبايعه)؟ قومه فيعملون و
يضلون .
(2)اضاف في المصدر : كما يقال : فرغت من سبحتي أي صلاتي .
(3)مجمع البيان 2 : 438 439 و 440 .
(4)عيون الاخبار : 142 .
(5)هكذا في النسخ والمصدر ، قال ابن حجر في لسان الميزان ج 2 ص 82 : ثبين بن ابراهيم
ابن شيبان روى عن جعفر الصادق ، وعنه الحسين بن قاسم ، ذكره ابن عقدة في الشيعة فتأمل .