فخرج وأبوجعفر عليه السلام له سبع سنين فكتب إليه المأمون : لا تأخذ على طريق الكوفة
وقم ، فحمل على طريق البصرة ، والاهواز ، وفارس حتى وافى مرو .
فلما وافى مرو عرض عليه المأمون أن يتقلد الامرة والخلافة ، فأبى الرضا
عليه السلام في ذلك ، وجرت في هذا مخاطبات كثيرة ، وبقوا في ذلك نحوا من
شهرين كل ذلك يأبى عليه أبوالحسن علي بن موسى عليه السلام أن يقبل ما يعرض
عليه .
فلما أكثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون : فولاية العهد ؟ فأجابه إلى
ذلك وقال له : على شروط أسألكها ، فقال المأمون : سل ما شئت ، قالوا : فكتب الرضا
عليه السلام : إني أدخل في ولاية العهد على أن أمر ولا أنهى ولا أقضي ولا اغير
شيئا مما هو قائم ، وتعفيني عن ذلك كله . فأجابه المأمون إلى ذلك ، وقبلها على
كل هذه الشروط ، ودعا المأمون القواد والقضاة والشاكرية(1)وولد العباس
إلى ذلك ، فاضطربوا عليه فأخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة
نفر من قواده أبوا ذلك : أحدهم الجلودي ، وعلي بن عمران ، وابن مويس(2)
فانهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام فحبسهم وبويع للرضا عليه السلام وكتب
بذلك إلى البلدان ، وضربت الدنانير والدراهم باسمه ، وخطب له على المنابر
وأنفق المأمون على ذلك أموالا كثيرة .
فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر
العيد ويخطب لتطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضله ، وتقر قلوبهم على هذه الدولة
المباركة ، فبعث إليه الرضا عليه السلام وقال : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط
في دخولي في هذه الامر ، فقال المأمون : إنما اريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة
والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله تعالى به فلم
يزل يراده الكلام في ذلك .
(1)الشاكرية جمع الشاكرى معرب(چاكر)بالفارسية ، وهو الاجير والمستخدم .
(2)ابويونس خ ، أبومونس خ .