أقول : قد مضى ما ينوط بهذا الباب في أبواب الصيام وفي أبواب الدعاء
من كتاب الصلاة وغيرها أيضا فلا تغفل
1 - قل : ومن ذلك ما يتعلق بوداع شهر رمضان ، فنقول : إن سأل سائل
فقال : ما معنى الوداع لشهر رمضان وليس هو من الحيوان ، الذي يخاطب أو يعقل
ما يقال له باللسان ، فاعلم أن عادة ذوى العقول قبل الرسول ومع الرسول وبعد
الرسول ، يخاطبون الديار والاوطان ، والشباب وأوقات الصفا والامان والاحسان
ببيان المقال ، وهو محادثة لها بلسان الحال ، فلما جاء أدب الاسلام أمضى ما
شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول والافهام ، ونطق به مقدس القرآن المجيد
فقال جل جلاله يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد فأخبر أن
جهنم رد الجواب بالمقال ، وهو إشارة إلى لسان الحال ، وذكر كثيرا في
القرآن الشريف المجيد وفي كلام النبي والائمة صلوات الله عليه وعليهم السلام وكلام
أهل التعريف فلا يحتاج ذوو الالباب إلى الاطالة في الجواب ، فلما كان شهر رمضان
قد صاحبه ذوو العناية به من أهل الاسلام والايمان ، أفضل لهم من صحبة الديار
والمنازل ، وأنفع من الاهل وأرفع من الاعيان والاماثل ، اقتضت دواعي لسان
الحال أن يودع عند الفراق والانفصال
ذكر ما نورده من طبقات أهل الوداع لشهر الصيام فنقول : اعلم أن الوداع
لشهر رمضان يحتاج إلى زيادة بيان ، والناس فيه على طبقات :
طبقة منهم كانوا في شهر رمضان على مراد الله - جل جلاله - وآدابه فيه في السر
والاعلان ، فهؤلاء يودعون شهر الصام وداع من صاحبه بالصفاء والوفاء وحفظ
الذمام كما تضمنه وداع مولانا زين العابدين عليه أفضل السلام