وقال الرازي : احتج القائلون بأن السحر محض التمويه بهذه الآية . قال
القاضي : لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعينهم ، فثبت أن المراد أنهم
تخيلوا أحوالا عجيبة ، مع أن الامر في الحقيقة ما كان على وفق ما تخيلوه .
قال الواحدي : بل المراد سحروا أعين الناس أي قلبوها عن صحة إدراكها
بسبب تلك التمويهات(1).
وقال الطبرسي : " ولا يفلح الساحرون " أي لا يظفرون بحجة ، ولا يأتون
على ما يدعونه ببينة ، وإنما هو تمويه على الضعفة .
" ما جئتم به السحر " أي الذين جئتم به من الحبال والعصي السحر ، لا ما جئت
به . " إن الله سيبطل هذا السحر الذي عظمتموه(2). " إن الله لا يصلح عمل
المفسدين " إن الله لا يهيئ عمل من قصد إفساد الدين ولا يمضيه ، ويبطله حتى
يظهر الحق من الباطل(3).
وقال في قوله " لا تدخلوا من باب واحد " خاف عليهم العين ، لانهم كانوا
ذوي جمال ، وهيئة وكمال ، وهم إخوة ، أولاد رجل واحد ، عن ابن عباس والحسن
وقتادة والضحاك والسدي وأبومسلم . وقيل : خاف عليهم حسد الناس إياهم ، وأن
يبلغ الملك قوتهم وبطشهم ، فيحبسهم أو يقتلهم خوفا على ملكه ، عن الجبائي ،
وأنكر العين وذكر أنه لم يثبت بحجة ، وجوزه كثير من المحققين ، ورووا فيه الخبر
عن النبي صلى الله عليه وآله " إن العين حق تستنزل الحالق " والحالق المكان المرتفع من الجبل
وغيره ، فجعل عليه السلام العين كأنها تحط ذروة الجبل ، من قوة أخذها ، وشدة بطشها .
وورد في الخبر أنه صلى الله عليه وآله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام بأن يقول " اعيذكما
بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " وروي أن إبراهيم
تفسير الرازى ج 14 : 203 .
(2)في المصدر : فعلتموه .
(3)مجمع البيان : ج 5 : ص 126 .