ما أضافه إلى زيد ، وقدقرأ محمد بن السميع اليماني : " فعله كبيرهم " بتشديد اللام ، والمعنى
فلعله أي فلعل فاعل ذلك كبيرهم ، وقد جرت عادة العرب بحذف اللام الاولى من
لعل انتهى .(1)
الثاني : أنه لم يكن قصد إبراهيم عليه السلام إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى
الصنم ، وإنما قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على وجه تعريضي ، وهذا كما لو قال لك
صاحبك وقد كتبت كتابا بخط رشيق وأنت تحسن الخط : أنت كتبت هذا ؟ وصاحبك امي
لا يحسن الخط ، فقلت له : بل كتبت أنت ! كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء ،
لا نفيه عنك .
والثالث : أن إبراهيم عليه السلام غاظته تلك الاصنام حين أبصرها مصففة مرتبة ، فكان
غيظه من كبيرتها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم لها ، فأسند الفعل إليه لانه هو السبب في
استهانته وحطمه لها ، والفعل كما يسند إلى مباشره يسند إلى الحامل عليه .
والرابع : أن يكون حكاية لما يلزم على مذهبهم ، كأنه قال : نعم ما تنكرون أن
يفعله كبيرهم فإن من حق من يعبد أو يدعى إلها أن يقدر على هذا وأشد منه ، أو أنه
يلزمكم على قولكم أن لايقدر على كسرهم إلا إله أكبر منهم ، فإن غير الاله لا يقدر أن يكسر
الاله .
والخامس : أنه كناية عن غير مذكور ، أي فعله من فعله ، وكبيرهم ابتداء كلام .
والسادس : مايروى عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله : " كبيرهم " ثم يبتدء
فيقول : " هذا فاسئلوهم " والمعنى : بل فعله كبيرهم وعنى نفسه لان الانسان أكبر من
كل صنم .
أقول : قد مضى في باب العصمية الخبر الدال على الوجه الاول ، ويظهر من كثير
من الاخبار أن هذا صدر عنه عليه السلام على وجه التورية والمصلحة ، ويمكن توجيه التورية
ببعض الوجوه المتقدمة ، وروى الكليني ، عن أبي علي الاشعري ؟ عن محمد بن عبدالجبار ،
(1)تنزيه الانبياء : 24 .(*)