بحار الأنوار ج13

وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما " إلى قوله : " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه
صبرا " .(1)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وإذ قال موسى لفتاه " : أكثر المفسرين
على أنه موسى بن عمران ، وفتاه يوشع بن نون ، وسماه فتاه لانه صحبه ولازمه سفرا و
حضرا للتعلم منه ، وقيل : لانه كان يخدمه . وقال محمد بن إسحاق : يقول أهل الكتاب :
إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف ، وكان نبيا في بني إسرائيل
قبل موسى بن عمران ، إلا أن الذي عليه الجمهور أنه موسى بن عمران " لا أبرح حتى
أبلغ مجمع البحرين " معناه : لا أزال أمضي وأمشي فلا أسلك طريقا آخر حتى أبلغ ملتقى
البحرين : بحر فارس وبحر الروم ، وقال محمد بن كعب : هو طنجة ،(2)وروي عنه ،
إفريقية .(3)
أقول : قال البيضاوي : وقيل : البحران موسى وخضر عليهما السلام : فإن موسى كان
بحر علم الظاهر وخضر كان بحر علم الباطن ، وقال في قوله : " أو أمضي حقبا " : أو أسير
زمانا طويلا ، والمعنى : حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضي الحقب أو حتى أبلغ إلى
أن أمضي زمانا أتيقن معه فوات المجمع ، والحقب : الدهر ، وقيل : ثمانون سنة ، وقيل :
سبعون .
وروي أن موسى خطب الناس بعد هلاك القبط ودخوله المصر خطبة بليغة(4)
فأعجب بها فقيل له : هل تعلم أحدا أعلم منك ؟ فقال : لا ، فأوحى الله إليه بلى عبدنا الخضر
وهو بمجمع البحرين ، وكان الخضر في أيام إفريدون ، وكان على مقدمة ذي القرنين
الاكبر ، وبقي إلى أيام موسى ، وقيل : إن موسى سأل ربه : أي عبادك أحب إليك ؟
فقال : الذي يذكرني ولا ينساني ، قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا


(1)تفسير القمى : 398 - 401 .
(2)بفتح أوله وسكون النون ثم الجيم : بلد على ساحل بحر المغرب مقابل الجزيرة الخضراء
وهو من البر الاعظم وبلاد البربر .
(3)مجمع البيان 6 : 480 .
(4)في نسخة : خطبة طويلة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه