كما قالوا فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا "
إلى قوله : " وجيها " .(1)
بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه الله : اختلفوا فيما اوذي به موسى على أقوال :
أحدها : أن موسى وهارون صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل : أنت
قتلته ، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته
حتى عرفوا أنه قد مات وبرأه الله من ذلك ، عن علي عليه السلام وابن عباس ، واختاره
الجبائي .
وثانيها : أن موسى عليه السلام كان حييا يغتسل وحده ، فقالوا : ما يتستر منا إلا لعيب
بجلده : إما برص وإما ادرة ، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر فمر الحجر
بثوبه فطلبه موسى فرآه بنو إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا ، فبرأه الله مما قالوا ،
رواه أبوهريرة مرفوعا ، وقال قوم : إن ذلك لا يجوز لان فيها إشهار النبي وإبداء سوءته
على رؤوس الاشهاد وذلك ينفر عنه .
وثالثها : أن قارون استأجر مومسة(2)لتقذف موسى بنفسها على رؤوس الملا ، فعصمه
الله تعالى من ذلك ، عن أبي العالية .
ورابعها : أنهم آذوه من حيث إنهم نسبوه إلى السحر والجنون والكذب بعدما رأوا
الآيات ، عن أبي مسلم . انتهى .(3)
والسيد قدس سره رد الثاني بأنه ليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيه ما ذكروه
من هتك العورة لتنزيهه من عاهة اخرى ، فإنه تعالى قادر على أن ينزهه مما قذفوه به على
وجه لا يلحقه معه فضيحة اخرى ، وليس يرمي بذلك أنبياء الله من يعرف أقدارهم .
ثم قال : والذي روي في ذلك من الصحيح معروف ، وهو أن بني إسرائيل لما مات هارون
(1)تفسير القمى : 535 . م
(2)قال الفيروزآبادى : الماموسة : الحمقاء الخرقاء . وفى النهاية : المومسة : الفاجرة .
(3)مجمع البيان 8 : 372 . م(*)