بحار الأنوار ج14

الآيات ، وأن لايقدموا بين يدي الله ورسوله ، لان الله تعالى قد أراهم البراهين والمعجزات
بإحياء الموتى وغيره مما هو أوكد مما سألوه وطلبوه ، عن الزجاج .
" قالوا " أي قال الحواريون : " نريد أن نأكل منها " قيل في معناه قولان :
أحدهما أن يكون الارادة التي هي من أفعال القلوب ، ويكون التقدير فيه : نريد السؤال
من أجل هذا الذي ذكرنا ، والآخر أن تكون الارادة هنا بمعنى المحبة التي هي ميل
الطباع ، أي نحب ذلك " وتطمئن قلوبنا " يجوز أن يكونوا قالوه وهم مستبصرون في
دينهم ، ومعناه : نريد أن نزداد يقينا ، وذلك أن الدلائل كلما كثرت مكنت المعرفة في
النفس ، عن عطاء " ونعلم أن قد صدقتنا " بأنك رسول الله ، وهذا يقوي قول من قال : إن
هذا كان في ابتداء أمرهم ، والصحيح أنهم طلبوا المعاينة والعلم الضروري والتأكيد في
الاعجاز " ونكون عليها من الشاهدين " لله بالتوحيد ، ولك بالنبوة ، وقيل : من الشاهدين
لك عند بني إسرائيل إذا رجعنا إليهم . ثم أخبر سبحانه عن سؤال عيسى إياه فقال :
" قال عيسى بن مريم " عن قومه لما التمسوا عنه ، وقيل : إنه إنما سأل ربه ذلك حين
أذن له في السؤال : " اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء " أي خوانا عليه طعام من
السماء " تكون لنا عيدا " قيل في معناه قولان : أحدهما : نتخذ اليوم الذي تنزل فيه
عيدا نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا ، عن السدي وقتادة وابن جريح وهو قول أبي علي
الجبائي . الثاني : أن معناه : يكون عائدة فضل من الله(1)ونعمة منه لنا ، والاول هو الوجه
" لاولنا وآخرنا " أي لاهل زماننا ومن يجئ بعدنا ، وقيل : معناه : يأكل منها آخر
الناس كما يأكل أولهم ، عن ابن عباس " وآية منك " أي دلالة منك عظيمة الشأن في إزعاج
قلوب العباد إلى الاقرار بمدلولها ، والاعتراف بالحق الذي يشهد به ظاهرها يدل(2)
على توحيدك وصحة نبوة نبيك " وارزقنا " أي واجعل ذلك رزقا لنا ، وقيل : معناه : و
ارزقنا الشكر عليها ، عن الجبائي " وأنت خير الرازقين " وفي هذا دلالة على أن العباد قد يرزق
بعضهم بعضا ، لانه لو لم يكن كذلك لم يصح أن يقال له سبحانه : " أنت خير الرازقين "


(1)في المصدر : تكون عائدة فضل من الله علينا .
(2)" " : تدل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه