أهلها بافتتان المؤمنين عن دينهم ومنعهم عن الهجرة " واجعل لنا " بألطافك وتأييدك
" من لدنك وليا " يلي أمرنا بالكفاية حتى ينقذنا من أيدي الظلمة " واجعل لنا من
لدنك نصيرا " ينصرنا على من ظلمنا ، فاستجاب سبحانه دعاءهم ، فلما فتح رسول الله
صلى الله عليه وآله مكة جعل الله سبحانه نبيه لهم وليا ، فاستعمل على مكة عتاب بن
أسيد فجعله لهم نصيرا ، وكان ينصف الضعيف من الشديد فأغاثهم الله تعالى ، وكانوا(1)
أعز بها من الظلمة قبل ذلك " فقاتلوا أولياء الشيطان " يعني جميع الكفار .(2)
وقال في قوله تعالى : فما لكم في المنافقين " : اختلفوا فيمن نزلت فيه هذه
الآية ، فقيل : نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا للمسلمين الاسلام ، ثم
رجعوا إلى مكة لانهم استوخموا المدينة(3)فأظهروا الشرك ، ثم سافروا ببضائع
المشركين إلى اليمامة ، فأراد المسلمون أن يغزوهم ، فاختلفوا فقال بعضهم : لا نفعل
فانهم مؤمنون ، وقال الآخرون : إنهم مشركون ، فأنزل الله فيهم الآية عن مجاهد
والحسن ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ، وقيل : نزلت في الذين تخلفوا عن
أحد وقالوا : لو نعلم قتالا لاتبعناكم " الآية فاختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
فيهم فقال فريق منهم : نقتلهم ، وقال آخرون : لا نقتلهم ، فنزلت الآية عن زيد بن
ثابت . " والله أركسهم " أي ردهم إلى حكم الكفار بما أظهروا من الكفر ، وقيل :
أهلكهم بكفرهم ، وقيل : خذلهم فأقاموا على كفرهم " أتريدون أن تهدوا " أي
تحكموا بهداية " من أضل الله " أي من حكم الله بضلاله أو خذله ولم يوفقه " ومن
يضلل الله " أي نسبه إلى الضلالة " فلن تجد له سبيلا " أي لن ينفعه أن يحكم غيره
بهدايته " ودوا " أي تمنى هؤلاء المنافقين الذين اختلفتم في أمرهم " لو تكفرون "
أنتم بالله ورسوله " كما كفروا فتكونون سواء " في الكفر " فلا تتخذوا منهم أولياء "
أي فلا تستنصروهم ولا تستنصحوهم ولا تستعينوا بهم في الامور " حتى يهاجروا "
(1)في المصدر : فكانوا .
(2)مجمع البيان 3 : 76 .
(3)أى وجدوها وخيمة . والوخيم من البلد : غير موافق للسكن .