بحار الأنوار ج74

قوت الموت .
أي بني لاتؤيس مذنبا ، فكم من عا كف على ذنبه ختم له بخير ، وكم من
مقبل على عمله مفسد في آخر عمره ، صائر إلى النار ، نعوذ بالله منها .
أي بني كم من عاص نجا ، وكم من عامل هوى ، ومن تحرى الصدق
خفت عليه المؤن(1)في خلاف النفس رشدها ، الساعات تنقص الاعمار ، ويل
للباغين من أحكم الحاكمين ، وعالم ضمير المضمرين .
يا بني بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد ، في كل جرعة شرق
وفي كل اكلة غصص(2)لن تنال نعمة إلا بفراق اخرى ، ماأقرب الراحة من
النصب ، والبؤس من النعيم ، والموت من الحياة ، والسقم من الصحة .
فطوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه وحبه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه و
صمته وفعله وقوله . وبخ بخ(3)لعالم عمل فجد ، وخاف البيات فأعد واستعد ، إن
سئل نصح وإن ترك صمت ، كلامه صواب وسكوته من غيرعي جواب(4)والويل
كل الويل لمن بلي بحرمان وخذلان وعصيان ، فاستحسن لنفسه ما يكرهه من
غيره وأزرى على الناس بمثل ما يأتي(5).
واعلم أي بني أنه من لانت كلمته وجبت محبته ، وفقك الله لرشده وجعلك
من أهل طاعته بقدرته إنه جواد كريم .
بيان :(6).


(1)التحرى : القصد والاجتهاد في الطلب . والمؤن - بضم الميم وفتح الهمزة - :
جمع المؤونة وهى القوت أو الشدة والثقل .
(2)الشرق : الغصة وهى اعتراض الشئ في الحلق وعدم اساغته ويطلق الاول في
المشروبات والثانى في المأكولات .
(3) بخ اسم فعل للمدح واظهار الرضى بالشئ ويكرر للمبالغة ، فيقال : بخ بخ
بالكسر والتنوين .(4)العى : العجز عن الكلام .
(5)أزرى عليه عمله . أى عاتبه وعابه عليه .
(6)كان هنا بياض مقدار نصف صفحة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه