وأبلغ ، وقيل : كأنه صيغة مجهول من الانفة بمعنى الاستنكاف إذ لم يأت الانفاء
بمعنى النفي انتهى .
وأقول : هذا أيضا لا يستقيم لان الفساد مشترك ، إذ لم يأت أنف بهذا المعنى
على بناء المجهول ، فان يقال : أنف منه كفرح أنفا وأنفة أي استنكف ، وفي كثير
من النسخ فالقوا أي اخرجوا واطرحوا منهم ، وفي الخصال فنفوا(1)وهو أظهر
ثم أشار عليه السلام مؤكدا بالقسم إلى أن ذلك الالقاء كان باعتبار سوء معاشرتهم
وفوات حسب أنفسهم ومآثرها ، لا باعتبار قدح في نسبهم أو في حسب آبائهم
ومآثر أسلافهم بقوله : وايم الله ما كان بأحسابهم بأس .
قال الجوهري : اليمين القسم والجمع أيمن وأيمان ثم قال : وأيمن الله
اسم وضع للقسم هكذا بضم ألميم والنون وألفه ألف وصل عند أكثر النحويين
ولم يجئ في الاسماعء ألف الوصل مفتوحة غيرها ، وقد تدخل عليه اللام لتأكيد
الابتداء ، تقول : ليمن الله فتذهب الالف في الوصل ، وهو مرفوع بالابتداء
وخبره محذوف ، والتقدير ليمن الله قسمي ، وليمن الله ما اقسم به ، وإذا خاطبت
قلت ليمنك ، وربما حذفوا منه النون قالوا : أيم الله وإيم الله بكسر الهمزة وربما
حذفوا منه الياء قالوا : أم الله وربما أبقوا الميم وحدها(مضمومة)قالوا : م الله
ثم يكسرونها لانها صارت حرفا واحد فيشبهونها بالباء ، فيقولون : م الله وربما
قالوا من الله بضم الميم والنون ومن الله بفتحهما ومن الله بكسرهما . قال أبوعبيد :
وكانوا يحلفون باليمين يقولون : يمين الله لا أفعل ثم يجمع اليمين على ايمن ثم حلفوا
به فقالوا : أيمن الله لافلعن كذا ، قال : فهذا هو الاصل في أيمن الله ، ثم كثر هذا في
كلامهم وخف على ألسنتهم حتى حذفوا منه النون كما حذفوا في قوله لم يكن
فقالوا : لم يك ، قال وفيها لغات كثيرة سوى هذه وإلى هذا ذهب ابن كيسان
وابن درستويه فقالا : ألف أيمن ألف قطع وهو جمع يمين ، وإنما خففت(همزتها)
وطرحت في الوصل لكثرة استعمالهم لها(2).
وقال : الحسب ما يعده الانسان من مفاخر آبائه ويقال حسبه دينه ، ويقال :
(1)مر تحت الرقم : 73 ص 419 .(2)الصحاح ص 2 / 2221 .