غيبي وسري ولا أعلم غيبك وسرك ، وإنما ذكر النفس لمزاوجة الكلام ، والعادة جارية
بأن الانسان يسر في نفسه فصار قوله : " ما في نفسي " عبارة عن الاخفاء ،(1)ثم قال :
" ما في نفسك " على جهة المقابلة ، وإلا فالله منزه عن أن يكون له نفس أو قلب تحل فيه
المعاني .(2)
15 يه : قال الصادق عليه السلام : قيل لعيسى بن مريم مالك لا تتزوج ؟ فقال : وما
أصنع بالتزويج ؟ قالوا : يولد لك ، قال : وما أصنع بالاولاد ؟ إن عاشوا فتنوا ، وإن ماتوا
حزنوا .(3)
بيان : حزنه(4)بمعنى أحزنه .
16 نهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه : وإن شئت قلت في عيسى بن
مريم عليه السلام ، فلقد كان يتوسد الحجر ، ويلبس الخشن ،(5)وكان إدامه الجوع ، وسراجه
بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الارض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ماتنبت الارض
للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذله ، دابته
رجلاه ، وخادمه يداه .(6)
بيان :(كان إدامه الجوع)لعل المعنى أن الانسان إنما يحتاج إلى الادام لانه
يعسر على النفس أكل الخبز خاليا عنه ، فأما مع الجوع الشديد فيلتذ بالخبز ولا يطلب
غيره ، فهو بمنزلة الادام ، أو أنه كان يأكل الخبز دون الشبع فكان الجوع مخلوطا به
كالادام . ولفته يلفته : لواه وصرفه عن رأيه .
(1)لعل المراد بقوله : " ما في نفسي " على هذا الوجه نفسي ونفس أمثالي من سائر الانبياء
عليهم السلام ، أو المراد ما يخصني من اثنين وسبعين حرفا ، فلا ينافى ماورد في سائر الاخبار من
اختصاصه عليه السلام ببعض تلك الاسماء والله يعلم . منه طاب ثراه .
(2)مجمع البيان 3 : 268 و 269 .
(3)الفقيه : 459 ، باب نوادر النكاح .
(4)يحتمل كونه بالتخفيف والتشديد .
(5)في المصدر بعده : ويأكل الجشب .
(6)نهج البلاغة 1 : 293 .