مرة حمرة وردية ، وتارة خضرة زبر جدية ، وأحيانا صفرة عسجدية ، فكيف تصل
إلى صفة هذا عمائق الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين ؟
وأقل أجزائه قد أعجز الاوهام أن تدركه والالسنة أن تصفه فسبحان الذي بهر العقول
عن وصف خلق جلاه للعيون فأدركته محدودا مكونا ومؤلفا ملونا ، وأعجز الالسن
عن تلخيص صفته وقعد بها عن تأدية نعته ، وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة
إلى ما فوقهما من خلق الحيتان والافيلة ، ووأى على نفسه أن لا يضطرب شبح مما أو لج
فيه الروح إلا وجعل الحمام موعده والفناء غايته(1).
قال السيد رضي الله عنه : تفسير بعض ما جاء فيها من الغريب :(ويؤر
بملاقحة)الار كناية عن النكاح ، يقال : أر المرأة(2)يؤرها : إذا نكحها زوجها
وقوله :(كأنه قلع داري عنجه نوتيه)القلع : شراع السفينة ، وداري منسوب
إلى دارين وهي بلدة على البحر يجلب منها الطيب ، وعنجه أي عطفه ، يقال :
عنجت الناقة أعنجها عنجا : إذا عطفتها ، والنوتي : الملاح ، وقوله عليه السلام :(ضفتي
جفونه)أراد جانبي جفونه والضفتان : الجانبان ، وقوله عليه السلام :(وفلذ الزبرجد)
الفلذ جمع فلذة وهي القطعة وقوله :(كبائس اللؤلؤ الرطب)الكبائس جمع الكباسة
العذق ، والعساليج الغصون واحدها عسلوج(3).
توضيح : الطاووس على فاعول وتصغيره طويس ، وطوست المرأة أي تزينت ،
والحيوان بالتحريك : جنس الحي ويكون بمعنى الحياة ، والموات . كسحاب :
مالا روح فيه ، وأرض لم تحي بعد ، والتي لا مالك لها ولا ساكن كالارض والجبال
وذي حركات كالماء والنار ، أي المتحرك بطبعه ، أو الاعم ، ولا يضر التداخل ،
واللطيف : الدقيق و(ما)مفعول(أقام)والضمير عائد إلى ما في(به)و(له)
راجع إلى الله ، ويحتمل أن يعود إلى(ما)و(نعقت)أي صاحت والغرض الاشعار
(1)نهج البلاغة : 420 525(طبع فيض)فيه : والفيلة .
(2)في المصدر : أر الرجل المرأة .
(3)نهج البلاغة : 529(طبع فيض).