بحار الأنوار ج71

إلى الاعلى كما هو عادة العرب ، وعليه جرى قوله تعالى ولا أصغر من ذلك ولا
أكبر (1)وقوله سبحانه لا تأخذه سنة ولا نوم (2)ويحتمل العكس أيضا بأن
يكون المراد بالمقاعدة من يلازم القعود كقوله تعالى : عن اليمين وعن الشمال
قعيد (3)أو يكون المراد بأحدهما حقيقة المقاعدة ، وبالاخرى مطلق
المصاحبة .
وقد ذكروا وجوها من الفرق بين القعود والجلوس ، لكن مناسبته لهذا المقام
محل تأمل ، وإن أمكن تحصيلها بتكلف قال في المصباح الجلوس غير القعود فالجلوس
هو الانتقال من سفل إلى علو والقعود هو الانتقال من علو إلى سفل ، فعلى الاول
يقال لمن هو نائم أو ساجد : اجلس ، وعلى الثاني لمن هو قائم : اقعد ، وقد يكون جلس
بمعنى قعد متربعا وقد يفارقه ، ومنه جلس بين شعبها أي حصل وتمكن إذ لا يسمى
هذا قعودا فان الرجل حينئذ يكون متعمدا على أعضائه اللاربع ، ويقال جلس متكئا
ولا يقال قعد متكئا بمعنى الاعتماد على أحد الجانبين وقال الفارابي وجماعة : الجلوس
نقيض القيام فهو أعم من القعود ، وقد يستعملان بمعنى الكون والحصول ، فيكونان
بمعنى واحد ، ومنه يقال جلس متربعا وقعد متربعا ، والجليس من يجالسك ، فعيل
بمعنى فاعل .
في فتياه قيل في للتعليل نحو قوله : فذلكن الذي لمتنني فيه (4)
وقال الجوهري الرث الشئ البالي ، وقال صد عنه صدودا أعرض ، وصده عن الامر
صدا منعه وصرفه عنه ، والمراد بمن يصد عنهم أعم من ذلك المجلس وغيره ، لقوله
وانت تعلم أي وأنت تعمل أنه ممن يصدعنا ، فان لم تعلم فلا حرج عليك في مجالسته
قال ثم تلا الضمير في قال راجع إلى كل من الاخ والعم ولذلك تكلف بعضهم
وقال الاخ والعم واحد ، والمراد الاخ الرضاعي ولا يخفى بعده أو قال كفه
الترديد من الراوي أي أو قال مكان في فيه في كفه ، وعلى التقديرين الغرض التعجب


(1)سبا : 3 .(2)البقرة : 255 .
(3)ق : 17 .(4)يوسف : 31 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه