بحار الأنوار ج43

أحدهما عن صاحبه ، فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار وارتفع عن موضعه ، وصار
في الموضع عين ماء وجنتان(1)فتوضئا وقضيا ما أرادا .
ثم انطلقا حتى صارا في بعض الطريق عرض لهما رجل فظ غليظ فقال لهما :
ما خفتما عدوكما ؟ من أين جئتما ؟ فقالا إنهما جاء‌ا(2)من الخلاء فهم بهما
فسمعوا صوتا يقول : يا شيطان أتريد أن تناوي ابني محمد ، وقد علمت بالامس ما فعلت
وناويت امهما ، وأحدثت في دين الله ، وسلكت(3)عن الطريق ، وأغلظ له
الحسين أيضا فهوى بيده ليضرب به وجه الحسين ، فأيبسها الله من منكبه ، فأهوى
باليسرى ففعل الله به مثل ذلك فقال : أسألكما بحق أبيكما وجدكما لما دعوتما
الله أن يطلقني ، فقال الحسين : اللهم أطلقه واجعل له في هذا عبرة ، واجعل ذلك
عليه حجة ، فأطلق الله يده .
فانطلق قد امهما حتى أتيا عليا وأقبل عليه بالخصومة فقال : أين دسستهما
وكان - هذا بعد يوم السقيفة بقليل - فقال علي عليه السلام : ما خرجا إلا للخلاء ، وجذب
رجل منهم عليا حتى شق رداء‌ه فقال الحسين للرجل : لا أخرجك الله من الدنيا
حتى تبتلي بالدياثة في أهلك وولدك ، وقد كان الرجل قاد ابنته إلى رجل من
العراق .
فلما خرجا إلى منزلهما قال الحسين للحسن : سمعت جدي يقول : إنما
مثلكما مثل يونس إذا أخرجه الله من بطن الحوت ، وألقاه بظهر الارض ، وأنبت
عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عينا من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين ، و
يشرب من ماء العين ، وسمعت جدي يقول : أما العين فلكم ، وأما اليقطين فأنتم
عنه أغنياء ، وقد قال الله في يونس أرسلناه إلى مائة ألف أويزيدون فآمنوا افمتعناهم


(1)اجانتان(خ ل)والاجانة - بالكسر أناء تغسل فيه الثياب
(2)انناجئنا خ ل .
(3)أى نبكت عن الصراط المستقيم وعدلت عنه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه