بحار الأنوار ج11

قومهم قد كذبوهم تكذيبا عاما حتى أنه لا يصلح واحد منهم ، عن عائشة والحسن و
قتادة وأبي علي الجبائي . ومن خفف فمعناه : ظن الامم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم
به من نصر الله تعالى إيامهم ، وإهلاك أعدائهم ، عن ابن عباس وابن مسعود وابن جبير و
مجاهد وابن زيد والضحاك وأبي مسلم . وقيل : يجوز أن يكون الضمير في " ظنوا "
راجعا إلى الرسل أيضا ، ويكون معناه : وعلم الرسل أن الذين وعدوهم الايمان من قومهم
أخلفوهم ، أو كذبوا فيما أظهروه من الايمان ، وروي أن سعيد بن جبير والضحاك
اجتمعا في دعوة ، فسئل سعيد بن جبير عن هذه الآية كيف تقرؤها ؟ فقال : " وظنوا
أنهم قد كذبوا " بالتخفيف بمعنى : وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم ، فقال الضحاك
ما رأيت كاليوم قط ، لو رحلت في هذه إلى اليمن كان قليلا .
وروى ابن مليكة ، عن ابن عباس قال : كانوا بشرا فضعفوا ويئسوا وظنوا
أنهم أخلفوا ، ثم أخلفوا ، ثم تلا قوله تعالى : " حتى يقول الرسل والذين آمنوا معه
متى نصرالله " الآية ، وهذا باطل لايجوز أن ينسب مثله إلى الانبياء عليهم السلام انتهى .
أقول : ماذكره عليه السلام غير تلك الوجوه وتوجيهه واضح ، ويمكن إرجاعه إلى
أول وجهي التخفيف كما روي عن ابن عباس ، بأن يقرأ " كذبوا " على المعلوم ، فيكون
بيانا لحاصل المعنى ، لكنه بعيد .
وأما ما ذكره عليه السلام في قوله تعالى : " ليغفر لك الله " فالظاهر أن الغفر فيه بمعنى
الستر كما هو معناه في أصل اللغة ، وسيأتي الكلام فيه وفي غيره في مواضعها مفصلا إن شاء
الله تعالى ، وسيجئ بعض أخبار هذا الباب في ذكر أحوال الانبياء عليهم السلام ، وسيجئ خبر
آدم وأنه وهب عمره لداود في خبر الثمالي ، ويدل على جواز السهو على بعض الانبياء
عليهم السلام وسنتكلم عليه .
9 - فس : قوله : " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاء‌هم نصرنا "
فإنه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : وكلهم
الله إلى أنفسهم فظنوا أن الشيطان قد تمثل لهم في صورة الملائكة .(1)


(1)تفسير القمى : 335 . وفيه : ان الشياطين قد تمثلت . م(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه