بحار الأنوار ج43

وشنأتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد ، وقرع الصفاة
وصدع القناة ، وخطل الاراء ، وزلل الاهواء ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم
أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وحملتهم
أوقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ، وعقرا ، وبعدا للقوم الظالمين .
ويحهم أنى زغرعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط
الروح الامين ، والطبين بامور الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين .
وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته
بحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله .
وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة
لردهم إليها ، وحملهم عليها ، ولساربهم سيرا سجحا لايكلم خشاشه ، ولايكل سائره ، ولا
يمل راكبه ، ولاوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضغتاه ، ولا يترنق جانباه
ولا صدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا وإعلانا ، ولم يكن يحلي من الغني بطائل ، ولا
يحظي من الدنيا بنائل ، غيرري الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من
الراغب ، والصادق من الكاذب ، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم
بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين
ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ، ألا هلم فاستمع وما
عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فعجب قولهم ، ليت شعري إلى أي سناد استندوا
وعلى أي عماد اعتمدوا ، وبأية عروة تمسكوا . وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا
لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، و
العجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم
المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن
لايهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون .
أما لعمري لقد لقحت فنظره ريثما تنتج ، ثم احتلبوا مل‌ء القعب دما عبيطا
وذعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما أسس الاولون

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه