بحار الأنوار ج12

رجلا ليستقي لهم الماء من الجب ، فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو فجروه فنظروا
إلى غلام من أحسن الناس وجها فعدوا إلى صاحبهم فقالوا : " يا بشرى هذا غلام " فنخرجه
ونبيعه ونجعله بضاعة لنا ، فبلغ إخوته فجاؤوا فقالو : هذا عبد لنا أبق ، ثم قالوا ليوسف :
لئن لم تقر بالعبودية لنقتلنك ، فقالت السيارة ليوسف : ماتقول ؟ قال : أنا عبدهم ، فقالت
السيارة : فتبيعوه(1)منا ؟ قالوا : نعم ، فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر " وشروه
بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين " قال : الذي بيع بها يوسف ثمانية عشر
درهما ، وكان عندهم كما قال الله : " وكانوا فيه من الزاهدين " .
أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن
الرضا عليه السلام في قول الله : " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة " قال : كانت عشرين درهما ،
والبخس : النقص ، وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل ، كان قيمته عشرين درهما .(2)
ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى مثله .(3)


* تبسم رئيت النور في ضواحكه : واذا تكلم رئيت في كلامه شعاع النور يلتهب عن ثناياه ، ولا
يستطيع أحد وصفه ، وكان حسنه كضوء النهار عن الليل ، وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه الله
وصوره ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية " وقال يا بشرى " بشر نفسه ; وقيل
هو اسم رجل من اصحابه ناداه " وأسروه بضاعة " أى وأسروا يوسف الذين وجدوه من رفقائهم
من التجار مخافة شركتهم ، فقالوا : هذه بضاعة لاهل الماء دفعوه الينا لنبيه لهم ; وقيل : وأسر
إخوته يكتمون أنه أخوهم فقالوا : هو عبد لنا قد أبق ، وقالوا بالعبرانية : " لئن قلت : أنا أخوهم
قتلناك " فتابعهم على ذلك لئلا يقتلوه ، عن ابن عباس " وشروه بثمن بخس " أى ناقص قليل " دراهم
معدودة " أى قليلة ، وذكر العدد عبارة عن القلة ، وقيل إنهم كانوا لا يزنون الدراهم ما دون الاوقية
وهى الاربعون ، ويزنون الاوقية فمازاد عليها " وكانوا فيه من الزاهدين " قيل : يعنى ان الذين
اشتروه كانوا غير الراغبين في شرائه لانهم وجدوا عليه علامة الاحرار ; وقيل : يعنى ان الذين
باعوه من اخوته كانوا غير راغبين في يوسف ولا في ثمنه ولكنهم باعوه حتى لا يظهر ما فعلوا به ;
وقيل : كانوا من الزاهدين فيه لم يعرفوا موضعه من الله وكرامته منه طاب الله ثراه .
(1)هكذا في النسخ وفى المصدر .
(2)تفسير القمى : 317 - 318 . م
(3)مخطوط .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه