بن سدير ، عن أبيه قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام إني لالقى الرجل لم أره ولم يرني
فيما مضى قبل يومه ذلك فاحبه حبا شديدا ، فإذا كلمته وجدته لي مثل ما أنا عليه
له ، ويخبرني أنه يجد لي مثل الذي أجد له . فقال : صدقت يا سدير ، إن ائتلاف
قلوب الابرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر الماء على
مياه الانهار ، وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم
كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على مزود واحد .
بيان : المزود - كمنبر - وعاء الزاد .
28 - الشهاب : قال رسول الله صلى لله عليه وآله : مثل المؤمن في توادهم وتراحهم كمثل
الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى .
29 - وقال صلى الله عليه وآله : مثل القلب مثل ريشة بأرض تقلبها الرياح .
الضوء : يقال " تداعت الحيطان " إذا تهادمت أو تهيأت للسقوط بأن تميل أو
تتهور . يقول صلى الله عليه وآله : المؤمنون متحدون متآزرون متضافرون كأنهم نفس واحدة
ولذلك قال صلى الله عليه وآله : المؤمن للمؤمن بمنزلة البنيان يشد بعضه بعضا . وقال صلى الله عليه وآله :
المؤمنون يد واحدة على من سواهم . شبه عليه السلام المؤمنين في اتحادهم وموازرتهم بالجسد
المجتمع من آلات وأعضاء ، إذا اشتكى بعضه كانت الجملة ألمة سقيمة مساهرة محمومة
لاتصال بعضه ببعض ، ولان الالم هو الجملة وهو في حكم الجزء الواحد بسبب الحياة
التي هي كالمسمار يضم أجزاءها وينتظهما ، ولفظ الحديث خبر وتشبيه ، والمعنى أمر
يأمرهم به أن يتوادوا ويتحابوا ويرحم بعضهم بعضا ، وفائدة الحديث الامر بالتناصر
والتعاون ، وراوي الحديث النعمان بن بشير . وقال - ره - في الحديث الثاني وروي
بأرض فلاة - : شبه عليه السلام القلب بريشة ساقطة بأرض عراء لا حاجز بها ولا مانع ، فالريح
تطيرها هنا وثم ، وذلك للاعتقادات والاحوال التي يتقلب لها ، ولسرعة انقلابه وقلة
ثبوته ودوامه على حالة واحدة . وقد قيل : إنما سمي قلبا لتقلبه . وفائدة الحديث
إعلام أن القلب سريع الانقلاب لا يبقى على وجه واحد . وراوي الحديث أنس بن
مالك .