بحار الأنوار ج52

يا أميرالمؤمنين متى يخرج الدجال ؟ فقال له علي عليه السلام : اقعد فقد سمع الله كلامك
وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات
يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل وإن شئت أنبأتك بها قال : نعم يا أميرالمؤمنين .
فقال عليه السلام : احفظ فان علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الامانة
واستحلوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيدوا البنيان ، وباعوا
الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الارحام ، واتبعوا
الاهواء ، واستخفوا بالدماء .
وكان الحلم ضعفا ، والظلم فخرا ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة
والعرفاء خونة ، والقراء فسقة ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول
البهتان ، والاثم والطغيان .
وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطولت المنار ، واكرم الاشرار
وازدحمت الصفوف ، واختلفت الاهواء ، ونقضت العقود ، واقترب الموعود
وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا ، وعلت أصوات الفساق
واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتقي الفاجر مخافة شره ، وصدق الكاذب
واؤتمن الخائن ، واتخذت القيان والمعازف ، ولعن آخرهذه الامة أولها ، وركب
ذوات الفروج السروج .
وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد شاهد من غير أن يستشهد
وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه ، وتفقه لغير الدين ، وآثروا عمل
الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من
الجيف ، وأمر من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن
يومئذ بيت المقدس بيأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه .
فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال : يا أميرالمؤمنين من الدجال ؟ فقال : ألا
إن الدجال صائد بن الصيد(1)فالشقي من صدقه ، والسعيد من كذبه ، يخرج


(1)في المصدر المطبوع ج 2 ص 207 : صائد بن الصائد . ولعل الصحيح صائد *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه