بحار الأنوار ج52

وكيف يأبى ؟ فأوحى إلي يامحمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك
وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدك ، وألقيت محبته في
قلبك ، وجعلته أبا لولدك ، فحقه بعدك على امتك ، كحقك عليهم في حياتك
فمن جحد حقه جحد حقك ، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنة .
فخررت لله عزوجل ساجدا شكرا لما أنعم علي ، فاذا مناد ينادي : يا محمد !
ارفع رأسك ! سلني اعطك ، فقلت : إلهي أجمع امتي من بعدي على ولاية علي بن
أبي طالب ، ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة .
فأوحى إلي : يا محمد ! إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي
ما ض فيهم ، لاهلك به من أشاء ، وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك
وجعلته وزيرك ، وخليفتك من بعدك على أهلك وامتك ، عزيمة ، مني : لا يدخل
الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته من بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن
أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبه فقد
أحبك ، ومن أحبك فقد أحبني .
وقد جعلت(له)هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن اخرج من صلبه أحد عشر
مهديا ، كلهم من ذريتك ، من البكر البتول ، آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى
ابن مريم ، يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلمنا . انجي به من الهلكة
واهدي به من الضلالة ، وابرئ الاعمى ، واشفي به المريض .
قلت : إلهي فمتى يكون ذلك ؟ فأوحى إلي عزوجل : يكون ذلك إذا
رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القراء ، وقل العمل ، وكثر الفتك(1)وقل
الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة الخونة ، وكثر الشعراء .
واتخذ امتك قبور هم مساجد ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وكثر
الجور والفساد ، وظهر المنكر ، وأمر امتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى


(1)في نسخة كمال الدين ج 1 ص 363 وهكذا فيما مر عليك في ج 51 ص 70 :
القتل . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه