البقرة " 2 " إن الذين كفروا سواء عليهمءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون *
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم *(1)ومن
الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين
آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا و
لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا إنما
نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا كما
آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون * وإذا لقوا
الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن * الله
يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون *(2)اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما
ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين 6 16 " وقال تعالى " : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي
(1)الختم : الاستيثاق من الشئ والمنع منه ، وحيث إن قلوبهم لاينفذ فيها الانذار وأن
أسماعهم تنبو عن الاصغاء إلى قول الحق وعيونهم لا تعتبر بالعبر ولا تنتفع بالنظر كانه استوثقت بالختم
وغشيت بالغطاء .
(2)العمه : التردد في الامر من التحير ، قال الرضى في التلخيص " ص 5 " : هاتان استعارتان :
فالاولى منها إطلاق صفة الاستهزاء على الله سبحانه ، والمراد بها أنه تعالى يجازيهم على استهزائهم
بارصاد العقوبة لهم فسمى الجزاء على الاستهزاء باسمه ، إذ كان واقعا في مقابلته ، وإنما قلنا : إن
الوصف بحقيقة الاستهزاء غير جائز عليه تعالى لانه عكس أوصاف الحكيم وضد طرائق الحليم ،
والاستعارة الاخرى قوله : " ويمدهم في طغيانهم يعمهون " أى يمد لهم كأنه يخليهم ، والامتداد في
عمههم والجماح في غيهم إيجابا للحجة وانتظارا للمراجعة ، تشبيها بمن أرخى الطول للفرس أو
الراحلة ليتنفس خناقها ويتسع مجالها .