بحار الأنوار ج89

اصفرار من رياض جنات الدنيا ، ويبس من أغصانها ، وانتشار من ورقها ، ويأس
من ثمرتها ، واغورار من مائها .
قد درست أعلام الهدى ، وظهرت أعلام الردى ، والدنيا متجهمة في وجوه
أهلها ، مكفهرة ، مدبرة غير مقبله ، ثمرتها الفتنة ، وطعامها الجيفة ، وشعارها
الخوف ، ودثار ها السيف ، قدمزقهم كل ممزق ، فقد أعمت عيون أهلها ، وأظلمت
عليهم أيامها ، قد قطعوا أرحامهم ، وسفكوا دماء‌هم ، ودفنوا في التراب الموؤدة
بينهم من أولادهم ، يختار دونهم طيب العيش ، ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون
من الله ثوابا ، ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى نجس ، وميتهم في النار
مبلس .
فجاء‌هم نبيه صلى الله عليه وآله بنسخة ما في الصحف الاولى ، وتصديق الذي بين يديه
وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن فاستنطقوه ، ولن ينطق لكم
اخبركم ، فيه علم ما مضى ، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم
وبيان ماأصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتموني عنه لاخبرتكم عنه ، لاني
أعلمكم(1).
أقول : قد سبقت أخبار الثقلين في كتاب الامامة .
12 ج : عن أبي الجارود قال : قال أبوجعفر عليه السلام : إذا حدثتكم بشئ
فسألوني من كتاب الله ، ثم قال في بعض حديثه : إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن القيل
والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال ، فقيل له : يا ابن رسول الله أين هذا من
كتاب الله عزوجل ؟ قال : قوله :(لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة
أو معروف أو إصلاح بين الناس)(2)وقال :(ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم قياما)(3)وقال :(لا تسئلوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم)(4).


(1)تفسير القمى : 4 .
(2)النساء : 114 .
(3)النساء : 5 .
(4)الاحتجاج : 193 ، والاية في سورة المائدة : 101 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه