القبر فقام يصلي فأطال فنعس وهو ساجد .
فجاءه النبي وهو في منامه فأخذ الحسين وضمه إلى صدره وجعل يقبل بين
عينيه ، ويقول : بأبي أنت كأني أراك مرملا بدمك بين عصابة من هذه الامة ، يرجون
شفاعتي ، مالهم عندالله من خلاق ، يا بني إنك قادم على أبيك وأمك وأخيك
وهم مشتاقون إليك ، وإن لك في الجنة درجات لا تنالها إلا بالشهادة ،
فانتبه الحسين عليه السلام من نومه باكيا فأتى أهل بيته فأخبرهم بالرؤيا ، وودعهم
وحمل أخواته على المحامل ، وابنته وابن أخيه القاسم بن الحسن بن علي عليه السلام
ثم سار في أحد وعشرين رجلا من أصحابه وأهل بيته منهم أبوبكر بن علي ، ومحمد بن
علي ، وعثمان بن علي ، والعباس بن علي ، وعبدالله بن مسلم بن عقيل ، وعلي بن
الحسين الاكبر ، وعلي بن الحسين الاصغر .
وسمع عبدالله بن عمر بخروجه ، فقدم راحلته ، وخرج خلفه مسرعا فأدركه
في بعض المنازل ، فقال : أين تريد يا ابن رسول الله ؟ قال : العراق ، قال : مهلا ارجع
إلى حرم جدك ، فأبى الحسين عليه ، فلما رأى ابن عمر إباءه قال : يا با عبدالله
اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبله منك ، فكشف الحسين عليه السلام
عن سرته فقبلها ابن عمر ثلاثا وبكى ، وقال : أستودعك الله يا باعبدالله فانك مقتول
في وجهك هذا .
فسار الحسين عليه السلام وأصحابه فلما نزلوا ثعلبية ، ورد عليه رجل يقال
له : بشر بن غالب ، فقال : يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله عزوجل يوم
ندعوا كل اناس بإمامهم(1)قال : إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام
دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، وهو قوله عزوجل
فريق في الجنة وفريق في السعير(2).
ثم سار حتى نزل العذيب فقال فيها(3)قائلة الظهيرة ثم انتبه من نومه
(1)أسرى : 71 .(2)الشورى : 7 .
(3)أى نام قيلولة .