وقيل : معناه قواهم بنور الحجج والبرهان حتى اهتدوا للحق وعملوا به ، وقيل :
قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل ، وقيل : أيدهم بجبرئيل في
كثير من المواطن ينصرهم ويدفع عنهم(1).
وقال البيضاوي : بروح منه أي من عند الله ، وهو نور القلب أو القرآن
أو النصر على العدو ، وقيل : الضمير لللايمان فانه سبب لحياة القلب انتهى(2)وروي
عن طريق العامة أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم(3).
قال الازهري : معناه أنه لا يفارق ابن آدم مادام حيا كما لايفارقه دمه
وقال : هذا على طريق ضرب المثل ، وجمهورهم حملوه على ظاهره ، وقالوا : إن
الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الآدمي بلطافة هيئته فيجري في
العروق التي هي مجاري الدم إلى أن يصل إلى قلبه ، فيوسوسه على حسب ضعف
إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته ، ويبعد عنه ويقل تسلطه وسلوكه إلى باطنه
بمقدار قوته ويقظته ودوام ذكره وإخلاص توحيده .
ونقل عن ابن عباس أنه تعالى جعله بحيث يجري من بني آدم مجرى الدم
وصدور بني آدم مسكن له كما قال : من شر الوسواس الخ والجنة الشياطين
وكما قال النبي صلى الله عليه وآله : إن الشيطان ليجثم على قلب بني آدم له خرطوم كخرطوم
الكلب إذا ذكر العبد(ا)الله عزوجل خنس أي رجع على عقبيه ، وإذا غفل عن ذكر
الله وسوس(4)فاشتق له اسمان من فعليه : الوسواس من وسوسته عند غفلة العبد
والخناس من خنوسه عند ذكر العبد .
قيل : والناس عطف على الجنة ، والانس لايصل في وسوسته بذاته إلى باطن
(1)مجمع البيان ج 10 ص 255 .
(2)انوار التنزيل ص 426 .
(3)مجمع البيان ج 4 ص 409 في قوله تعالى انه يراكم هو وقبيله الاعراف : 27 .
(4)أخرجه السيوطي في الدر المنثور عن مجاميع حديثية .