بحار الأنوار ج8

ضموا إلى إيمانهم وطاعاتهم ارتكاب المعاصي ، فقال سبحانه : إنهم معاقبون في النار
إلا ماشاء ربك من إخراجهم إلى الجنة وإيصال ثواب طاعاتهم إليهم .
ويجوز أن يريد بالذين شقوا جميع الداخلين إلى جهنم ثم استثنى بقوله : إلا
ماشاء ربك أهل الطاعات منهم ممن قد استحق الثواب ، ولا بدأن يوصل إليه ، و
تقديره : إلا ماشاء ربك أن يخرجه بتوحيده من النار ويدخله الجنة ، وقد يكون
(ما)بمعنى(من)وأما في أهل الجنة فهو استثناء من خلودهم أيضا لما ذكرناه لان
من ينقل إلى الجنة من النار وخلد فيها لابد في الاخبار عنه بتأبيد خلوده أيضا من
استثناء ماتقدم ، فكأنه قال : خالدين فيها إلا ماشاء ربك من الوقت الذي أدخلهم
فيه النار قبل أن ينقلهم إلى الجنة ، فما في قوله : ماشاء ربك ههنا على بابه ، والاستثناء من الزمان ، والا ستثناء في الاول عن الاعيان ، والذين شقوا على هذا القول
هم الذين سعدوا بأعيانهم وإنما اجرى عليهم كل لفظ في الحال التي تليق به ، فإذا
ادخلوا النار وعوقبوا فيها فهم من أهل الشقاوة ، وإذانقلوا منها إلى الجنة فهم من
أهل السعادة ، وهذا القول عن ابن عباس وجابربن عبدالله وأبي سعيد الخدري وقتادة
والسدي والضحاك وجماعة من المفسرين ، وروى أبوروق ،(1)عن الضحاك ، عن
ابن عباس قال : الذين شقوا ليس فيهم كافر ، وإنما هم قوم من أهل التوحيد يدخلون
النار بذنوبهم ، ثم يتفضل الله عليهم فيخرجهم من النار إلى الجنة ، فيكونون أشقياء
في حال ، سعداء في حال اخرى . وقال قتادة : الله أعلم بثنياه(2)ذكرلنا أن ناسا
يصيبهم سفع من النار بذنوبهم ثم يدخلهم الله الجنة برحمته يسمون الجهنميين وهم
الذين أنفذ فيهم الوعيد ، ثم أخرجهم الله بالشفاعة .
وسادسها أن تعليق ذلك بالمشية على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج


بفتح الراء وسكون الواو ، هوعطية بن الحارث الهمداني الكوفى صاحب التفسير قال ابن
حجرفى التقريب ص 363 صدوق من الخامسة ، وفي تعقيب التقريب : قال ابن عبدالبر وثقه
الكوفيون بلاجرح وصدقه أحمد وأبوحاتم انتهى . وقال العلامة في القسم الاول من الخلاصة ص 6
عطية بن الحارث أبوروق الهمدانى الكوفى تابعى ، قال ابن عقدة : إنه كان يقول بولاية أهل
البيت عليهم السلام .
(2)الثنية : الاستثناء .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه