هذا أيضا إلى كونهم أقرب الخلق وأحبهم إلى الله ، فيكونون أفضل من غبرهم ، فيقبح
عقلا تقديم غيرهم عليهم ، وأيضا لما ثبت أنه المقصود بنفس الرسول الله صلى الله عليه وآله في هذه الآية
وليس المراد النفسية الحقيقية لامتناع اتحاد الاثنين ، وأقرب المجازات إلى الحقيقة
اشتراكهما في الصفات والكمالات ، وخرجت النبوة بالدليل فبقي غيرها ، ومن جملتها وجوب
الطاعة والرئاسة العامة ، والفضل على من سواه ، وسائر الفضائل ، ولو تنزلنا عن ذلك
فالمجاز الشائع الذائع في استعمال هذا اللفظ كون الرجل عزيزا على غيره ، وأحب الخلق
إليه كنفسه ، فيدل أيضا على أفضليته وإمامته بمامر من التقرير .
* أقول : وذكر إمامهم الرازي في التفسير والاربعين(1)الاستدلال بهذه على كون
أميرالمؤمنين عليه السلام أفضل من الانبياء وسائر الصحابة عن بعض الامامية بمامر ، لكن على
وجه مبسوط ، ثم قال في الجواب(2): كما أن الاجماع إنعقد على أن النبي أفضل من
الانبياء فكذلك انعقد الاجماع على أن الانبياء أفضل من غيرهم ، وأعرض عن ذكر الصحابة
لانه لم يكن عنده فيهم جواب ! وما ذكره في الجواب عن الانبياء فهو في غاية الوهن ، لان
الاجماع الذي ادعاه إن أراد به إجماعهم فحجيته عند الامامية ممنوعة ، وإن أراد إجماع
الامة فتحققه عندهم ممنوع ، لان أكثر الامامية قائلون بكون أئمتنا عليهم السلام أفضل
(*)من هنا إلى قوله(وفى المقام تحقيقات طريفة)يوجد في هامش(ك)و(د)فقط .
(1)مفاتيح الغيب 2 : 489 . الاربعين : 465 ولنذكر ما قاله في الاربعين فانه لا يخلو عن
فائدة : قال فيه ما هذا لفظه :
وأما الشيعة فقد احتجوا على أن عليا أفضل الصحابة بوجوه : الحجة الاولى التمسك بقوله
تعالى :(فقل تعالوا)الاية وثبت بالاخبار الصحيحة ان المراد من قوله(وأنفسنا)هو على ، ومن
المعلوم انه يمتنع أن تكون نفس على هى نفس محمد بعينه ، فلا بد وان يكون المراد هو المساواة
بين النفسين ، وهذا يقتضى ان كل ما حصل لمحمد من الفضائل والمناقب فقد حصل مثله لعلى ، ترك
العمل بهذا في فضيلة النبوة فوجب ان تحصل المساواة بينهما فيما وراء هذه الصفة ، ثم لا شك ان
محمدا صلى الله عليه وآله كان أفضل الخلق في سائر الفضائل ، فلما كان على مساويا له في تلك
الفضائل وجب أن يكون أفضل الخلق ، لان المساوى للافضل يجب أن يكون أفضل .
(2)أى في الجواب عن كون اميرالمؤمنين عليه السلام أفضل من جميع الناس غير النبى
صلى الله عليه وآله .