أي أخلص الود لمن أخلص له الود ، قال في المصباح : صفا : خلص من الكدر و
أصفيته الوداد أخلصته ، وفي القاموس : صافاه : صدقه الاخاء ، كأصفاه .
" وعاد من عاداه " أي في الدين ، أو الاعم إذا كان الاخ محقا ، وإنما
أطلق لان المؤمن الكامل لا يكون إلا محقا ، ويؤيد هاتين الفقرتين ما روي عنه
في النهج(1): أنه قال : أصدقاؤك ثلاثة ، وأعداؤك ثلاثة ، فأصدقاؤك : صديقك ،
وصديق صديقك ، وعدو عدوك ، وأعداؤك : عدوك ، وعدو صديقك ، وصديق
عدوك .
" واكتم سره " أي ما أمرك بإخفائه ، أو تعلم أن إظهاره يضره ، " وعيبه "
أي إن كان له عيب نادرا ، أو ما يعيبه الناس عليه ولم يكن قبيحا واقعا كالفقر
والامراض الخفية ، " وأظهر منه الحسن " بالتحريك أي ماهو حسن ممدوح عقلا
وشرعا ، من الصفات والاخلاق والاعمال ، ويمكن أن يقرء بالضم .
" فإنك تصيب لذتك منهم " أي تلتذ بحسن صحبتهم ومؤانستهم ، وتحصيل
بعض المنافع الدنيوية منهم ، بل الاخروية أيضا أحيانا بمذاكرتهم ومفاوضتهم
فلا تقطعن ذلك الحظ منهم بالاستيحاش عنهم ، وترك مصاحبتهم ، فتصير وحيدا
لندرة النوع الاول ، كما قال عليه السلام في حديث آخر : زهدك في راغب فيك نقصان
حظ ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس .
" ولا تطلبن ماوراء ذلك من ضميرهم " أي ما يضمرون في أنفسهم فلعله يظهر
لك منهم حسد وعداوة ونفاق ، فتترك مصاحبتهم فيفوتك ذلك الحظ منهم ، أو يظهر
لك منهم سوء عقيدة وفساد رأي فتضطر إلى مفارقتهم لذلك .
أو المعنى : لا تتوقع منهم موافقة ضميرهم لك وحبهم الواقعي ، واكتف
بالمعاشرة الظاهرة وإن علمت عدم موافقة قلبهم للسانهم ، كما يرشد إليه قوله
عليه السلام : " وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه " أي تهلله وإظهار فرحه
برؤيتك وتبسمه .
(1)نهج البلاغة ج 2 ص 217 تحت الرقم 295 من الحكم والمواعظ .