بحار الأنوار ج59

شيئين عندما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل ، فتبطل به استقامة نفوذ
المجرى إلى التقاطع ، ويعرض قبل الحد المشترك حد مشترك آخر لانكسار العصبة
وكذلك كل من استرخى أعضاؤه وتمايلت حدقتاه كالسكارى .
ومن هذا القبيل الاحساس بشيئين عن شئ واحد لمن يلوي إصبعه الوسطى
على السبابة وأدار بهما شيئا مدورا فإن الوسطى تحس عن محاذاة الاعلى ، والسبابة
عن محاذاة الاسفل ، ولان يستدعم كل عصبة بالاخرى ويستند إليها ويصير كأنها نبتت
من قرب الحدقة ، فيكون اندفاع النور إلى العين أقوى ، مثل مجمع الماء الذي يتخذ
للماء القليل ، ولانه لولا هذا الالتقاء لكانت العصبتان عند كل نظرة وتحديق والتفات
تتمايلان وتتزايل إحدى الحدقتين عن محاذاة الاخرى ، فيكون أكثر الناس في أكثر
الاحوال يرى الشئ الواحد شيئين .
واما الجفن فمنشأه من الجلد الذي على ظاهر القحف ، وفائدته أن يمنع
نكاية ما يلاقي الحدقة من خارج ، ويمنع عند انطباقها وصول الغبار والدخان
والشعاع ، ويصقل الحدقة دائما ويبعد عنها ما أصابها من الهباء والقذى . وجعل
الاسفل أصغر من الاعلى لان الاعلى يستر الحدقة مرة ويكشفها أخرى بتحركه
وأما الاسفل فغير متحرك ، فلو زيد على هذا القدر يستر شيئا من الحدقة دائما وكان(1)
تجتمع فيه الفضول ولا تسيل .
واما الاهداب فتمنع من الحدقة بعض الاشياء التي لا يمنعها الجفن مع
انفتاح العين ، كما يرى عند هبوب الرياح التي تأتي بالقذى ، فيفتح أدنى فتح ، وتتصل
الاهداب الفوقانية بالسفلانية ، فيحصل له شبه شباك ينظر من ورائها فتحصل الرؤية
مع اندفاع القذى .
واما الاذن فهو مخلوق من العصب واللحم والغضروف ، وخلق مرتفعا
كالشراع(2)ليجتمع فيه الهواء الذي يتحرك من قوة صوت الصائت ويطن فيه


(1)لكان(خ).
(2)الشراع - بالكسر - : الملاء‌ة الواسعة التى تنصب على السفينة فتهب فيها الرياح
فتمضى بها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه