بحار الأنوار ج67

وإذا صح الخوف هرب ، وإذا هرب نجا ، وإذا أشرق نور اليقين في القلب شاهد
الفضل ، وإذا تمكن من رؤية الفضل رجا ، وإذا وجد حلاوة الرجاء طلب ، وإذا
وفق للطلب وجد ، وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة ، وإذا هاج
ريح المحبة استأنس ظلال المحبوب ، وآثر المحبوب على ماسواه ، وباشر أوامره
(وأجتنب نواهيه واختارهما على كل شئ غيرهما ، وإذا استقام على بساط الانس
بالمحبوب مع أداء أوامره واجتناب نواهيه)(1)وصل إلى روح المناجاة والقرب
ومثال هذه الاصولة الثلاثة كالحرم والمسجد والكعبة ، فمن دخل الحرم أمن من
الخلق ، ومن دخل المسجد أمنت جوارحه أن يستعملها في المعصية ، ومن دخل
الكعبة أمن قبله من أن يشغله بغير ذكر الله .
فانظر أيها المؤمن فان كانت حالتك حالة ترضاها لحلول الموت ، فاشكر الله
على توفيقه وعصمته ، وإن تكن الاخرى فانتقل عنها بصحة العزيمة ، واندم على
ماسلف من عمرك في الغفلة ، واستعن بالله على تطهير الظاهر من الذنوب ، وتنظيف
الباطن من العيوب ، واقطع زيادة الغفلة عن نفسك ، واطف نار الشهوة من نفسك(2).
23 مص : قال الصادق عليه السلام : حب الله إذا أضاء على سر عبد أخلاه عن
كل شاغل وكل ذكر سوى الله عند ظلمة ، والمحب أخلص الناس سر الله ، وأصدقهم
قولا ، وأوفاهم عهدا ، وأزكاهم عملا ، وأصفاهم ذكرا ، وأعبدهم نفسا تتباهى
الملائكة عند مناجاته وتفتخر برؤيته ، وبه يعمر الله تعالى بلاده ، وبكرامته يكرم
عباده ، يعطيهم إذا سألوه بحقه ، ويدفع عنهم البلايا برحمته ، فلو علم الخلق ما
محله عند الله ومنزلته لديه ماتقربوا إلى الله إلا بتراب قدميه .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : حب الله نار لايمر على شئ إلا احترق
ونور الله لايطلع على شئ إلا أضاء ، وسحاب(3)الله مايظهر من تحته شئ إلا غطاه
وريح الله ماتهب في شئ إلا حركته ، وماء الله يحيى به كل شئ ، وأرض الله


(1)مابين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى .
(2)مصباح الشريعة ص 2 و 3 .(3)سماء الله خ .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه