بحار الأنوار ج11

فقال : المأمون : لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عزوجل : " ليغفرلك
الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " قال الرضا عليه السلام : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة
أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله ، لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين صنما ،
فلما جاء‌هم صلى الله عليه وآله بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم ، وقالوا : " أجعل
الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب * وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على
آلهتكم إن هذا لشئ يراد * ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق " فلما
فتح الله عزوجل علي نبية مكة قال له : يا محمد " إنا فتحنا لك " مكة " فتحا مبينا * ليغفر
لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " عند مشركي أهل مكة بدعائك إلى توحيد الله
فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم
لم يقدر على إنكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه ، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا
بظهوره عليهم .
فقال المأمون : لله درك يا أباالحسن ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : " عفا الله
عنك لم أذنت لهم " قال الرضا عليه السلام : هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، خاطب
الله عزوجل بذلك نبيه صلى الله عليه وآله وأراد به امته ، فكذلك قوله عزوجل : " لئن لقد أشركت
ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وقوله عزوجل : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت
تركن إليهم شيئا قليلا " قال : صدقت يابن رسول الله ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : " و
إذ تقول للذي أنهم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك
ماالله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " قال الرضا عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قصد دار زيد بن حارثة بن شراجيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال
لها : سبحان الذي خلقك ، وإنما أراد بذلك تنزيه الله تبارك وتعالى عن قول من زعم أن
الملائكة بنات الله . فقال الله عزوجل : " أفأصفكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا
إنكم لتقولون قولا عظيما " فقال النبي صلى الله عليه وآله لما رآها تغتسل : سبحان الذي خلقك أن
يتخذ ولدا يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال ، فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته
بمجئ رسول الله صلى الله عليه وآله وقوله لها : سبحان الذي خلقك ، فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، وظن

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه