بحار الأنوار ج6

وقال العلامة رحمه الله في شرحه : التوبة هي الندم على المعصية لكونها معصية ،
والعزم على ترك المعاودة في المستقبل لان ترك العزم يكشف عن نفي الندم ، وهي واجبة
بالاجماع ، لكن اختلفوا فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنها تجب من الكبائر المعلوم
كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك ، ولا تجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر ، وقال
آخرون : إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل ، وقال آخرون : إنها تجب من
كل صغير وكبير من المعاصي ، أو الاخلال بالواجب ، سواء تاب منها قبل أو لم يتب .
وقد استدل المصنف على وجوبها بأمرين : الاول أنها دافعة للضرر الذي
هو العقاب أو الخوف فيه ، ودفع الضرر واجب . الثاني أنا نعلم قطعا وجوب الندم على
فعل القبيح أو الاخلال بالواجب ، إذا عرفت هذا فنقول : إنها تجب من كل ذنب ، لانها
تجب من المعصية لكونها معصية ، ومن الاخلال بواجب لكونه كذلك ، وهذا عام في كل
ذنب وإخلال بواجب . انتهى .
أقول : ظاهر كلامه وجوب التوبة عن الذنب الذي تاب منه ، ولعله نظر إلى أن
الندم على القبيح واجب في كل حال وكذا ترك العزم على الحرام واجب دائما ، وفيه
أن العزم على الحرام ما لم يأت به لا يترتب عليه إثم ، كما دلت عليه الاخبار الكثيرة ،
إلا أن يقول : إن العفو عنه تفضلا لا ينافي كونه منهيا عنه كالصغائر المكفرة ، وأما الندم
على ما صدر عنه فلا نسلم وجوبه بعد تحقق الندم سابقا وسقوط العقاب ، وإن كان
القول بوجوبه أقوى .
الثانى : اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا ، والاول أقوى لعموم
النصوص وضعف المعارض .
قال المحقق في التجريد : ويندم على القبيح لقبحه ، وإلا انتفت ، وخوف النار
إن كان الغاية فكذلك ، وكذا الاخلال ، فلا تصح من البعض ، ولا يتم القياس على
الواجب ، ولو اعتقد فيه الحسن صحت وكذا المستحقر ، والتحقيق أن ترجيح الداعي
إلى الندم عن البعض يبعث عليه ، وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الداعي
إلى الفعل ، ولو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم ، وبه يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه