بحار الأنوار ج66

نعيم الصحاف قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : لم يكون الرجل عندالله مؤمنا قد ثبت
له الايمان عنده ثم ينقله الله بعد من الايمان إلى الكفر ؟ قال : فقال : إن الله عزوجل
هوالعدل ، إنما دعا العباد إلى الايمان به لا إلى الكفر ، ولايدعو أحدا إلى
الكفر به ، فمن آمن بالله ثم ثبت له الايمان عندالله لم ينقله الله عزوجل بعد ذلك
من الايمان إلى الكفر .
قلت له : فيكون الرجل كافرا قد ثبت له الكفر عندالله ثم ينقله الله بعد ذلك
من الكفر إلى الايمان ؟ قال : فقال : إن الله عزوجل خلق الناس كلهم على
الفطرة التي فطرهم عليها ، لايعرفون إيمانا بشريعة ، ولاكفرا بجحود ، ثم بعث الله
الرسل تدعو العباد إلى الايمان به ، فمنهم من هدى الله ومنهم من لم يهده الله(1).
بيان : يمكن أن يكون بناء الجوابين على أمر واحد ، وهو أن هدايته تعالى
وخذلانه المعبر عنه بالاضلال ليسا علتين مستقلتين للنقل من الكفر إلى الايمان
ومن الايمان إلى الكفر ، بل كل منهما باختيار العبد ، والهدايات الخاصة لبعض
لاتصيره مجبورا على الايمان ، وترك تلك الهدايات لبعض لعدم استحقاقه لها لايصيره
مجبورا على الكفر كما مر تحقيقه .
ويحتمل أن يكون بناؤها على الفرق بينهما ، فحاصل الجواب الاول أن
المؤمن الواقعي الذي ثبت إيمانه عندالله ، ولم يكن منافقا ومستودعا لايسلب الله
منه توفيقه وهدايته ، ولايرجع عن الايمان أبدا ، ومن تراه يرجع فليس بمؤمن
واقعي بل هو ممن يظهر الايمان ، ولم يستقر في قلبه ، كما اختاره بعض المتكلمين
وحاصل الثاني أن الكفر لما كان أمرا عدميا والناس في بدو الفطرة لم يتصفوا
بالايمان ، لكنهم على الفطرة القابلة للايمان ، وللكفر بمعنى الجحود لا الكفر
بمعنى عدم الايمان ، فانه متصف به قبل التصديق والاذعان ، فعبث الله الرسل
لاتمام الحجة عليهم ، ثم بعد ذلك بعضهم يستحق الهدايات والالطاف الخاصة
بحسن اختياره ، وعدم إبطاله الفطرة الاصلية ، فتشمله تلك الالطاف فيختار الايمان


(1)الكافى ج 2 ص 416 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه