بحار الأنوار ج79


20 . (باب النوادر)

1 نهج البلاغة : من كلام له عليه السلام بعد تلاوته(ألهيكم التكاثر حتى
زرتم المقابر):
يا له مراما ما أبعده ، وزورا ما أغفله ، وخطرا ما أفظعه ، لقد استخلوا منهم
أي مدكر ، وتناوشوهم من مكان بعيد ، أفبمصارع آبائهم يفخرون ، أم بعديد
الهلكى يتكاثرون ؟ يرتجعون منهم أجسادا خوت ، وحركات سكنت ، ولان يكونوا
عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا ، ولان يهبطوا بهم جناب ذلة أحجى من أن
يقوموا بهم مقام عزة .
لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة ، وضربوا منهم في غمرة جهالة ، ولو استنطقوا
عنهم عرصات تلك الديار الخاوية ، والربوع الخالية ، لقالت ذهبوا في الارض
ضلالا ، وذهبتم في أعقابهم جهلا : تطأون في هامهم ، وتستثبتون في أجسادهم ، و
ترتعون فيما لفظوا ، وتسكنون فيما خربوا ، وإنما الايام بينهم وبينكم ، بواك
ونوائح عليكم .
اولئكم سلف غايتكم ، وفراط مناهلكم ، الذين كانت لهم مقاوم العز ، وحلبات
الفخر ، ملوكا وسوقا ، سلكوا في بطون البرزخ سبيلا ، سلطت الارض عليهم فيه ،
فأكلت من لحومهم ، وشربت من دمائهم ، فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا لا
ينمون ، وضمارا لا يوجدون ، لا يفرغهم ورود الاهوال ، ولا يحزنهم تنكر الاحوال
ولا يحفلون بالرواجف ، ولا يأذنون للقواصف .
غيبا لا ينتظرون ، وشهودا لا يحضرون ، وإنما كانوا جميعا فتشتتوا والافا
فافترقوا ، وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم عميت أخبارهم ، وصمت ديارهم ،
ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا ، وبالسمع صمما ، وبالحركات سكونا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه