قلت : وكل شئ هو عند الله مثبت في كتاب ؟ قال : نعم قلت : فأي شئ يكون بعده ؟
قال : سبحان الله ثم يحدث الله أيضا ما يشاء تبارك وتعالى .
10 - فس : " الم غلبت الروم في أدني الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في
بضع سنين " فإنه حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبيدة ، عن أبي
جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله : " الم غلبت الروم في أدنى الارض " قال : يا أبا عبيدة
إن لهذا تاويلا لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم من الائمة : إن رسول الله صلى الله عليه واله
لما هاجر إلى المدينة - وقد ظهر الاسلام - كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث إليه رسولا
يدعوه إلى الاسلام ، وكتب إلى ملك فارس كتابا وبعث إليه رسولا يدعوه إلى الاسلام
فأما ملك الروم فإنه عظم كتاب رسول الله صلى الله عليه واله وأكرم رسوله ، وأما ملك فارس
فإنه مزق كتابه واستخف برسول رسول الله صلى الله عليه واله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك
الروم وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس ، وكانوا لناحية ملك
الروم أرجى منهم لملك فارس ، فلما غلب ملك فارس ملك الروم بكى لذلك المسلمون
واغتموا ،(1)فأنزل الله " الم غلبت الروم في أدنى الارض " يعني غلبتها فارس في أدنى
الارض وهى الشامات وما حولها ، ثم قال : وفارس من بعد غلبهم الروم سيغلبون في
بضع سنين قوله : لله الامر من قبل أن يأمر ومن بعد أن يقضي بما يشاء . قوله :
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء قلت : أليس الله يقول : في بضع سنين ؟
وقد مضى للمسلمين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه واله ، وفي إمارة أبي بكر ، وإنما غلب
المؤمنون فارس في إمارة عمر فقال : ألم أقل لك : إن لهذا تاويلا وتفسيرا ؟ والقرآن
يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ ، أما تسمع قوله : " لله الامر من قبل ومن بعد " يعني إليه
المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر
فيه على المؤمنين ، وذلك قوله : " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء " .
بيان : قد قرئ في بعض الشواذ غلبت بالفتح وسيغلبون بالضم . قوله عليه السلام :
يعني غلبتها فارس الظاهر أن إضافة الغلبة إلى الضمير إضافة إلى المفعول ، أي مغلوبية .
(1)في التفسير المطبوع : كره لذلك المسلمون واغتموا به .(*)