بحار الأنوار ج14

الرجلين : أما أنا فقد آمنت بإلهكما وعلمت أن ما جئتما به هو الحق ، فقال الملك : و
أنا أيضا آمنت بإلهكما ، وآمن أهل مملكته كلهم .(1)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ
جاء‌ها المرسلون " : أي حين بعث الله إليهم المرسلين " إذ أرسلنا إليهم اثنين " أي رسولين
من رسلنا " فكذبوهما " قال ابن عباس : ضربوهما وسجنوهما " فعززنا بثالث " أي فقوينا(2)
وشددنا ظهورهما برسول ثالث ، قال شعبة : كان اسم الرسولين شمعون ويوحنا ، والثالث
بولس ، وقال ابن عباس وكعب : صادق وصدوق ، والثالث سلوم ، وقيل : إنهم رسل عيسى
وهم الحواريون ، عن وهب وكعب ، قالا : وإنما أضافهم إلى نفسه لان عيسى
عليه السلام أرسلهم بأمره " فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا " يعني أهل القرية : " ما
أنتم إلا بشر مثلنا " فلا تصلحون للرسالة " وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون *
قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون " وإنما قالوا ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة
فلم يقبلوها " وما علينا إلا البلاغ المبين * قالوا " أي هؤلاء الكفار : " إنا تطيرنا بكم "
أي تشاء‌منا بكم " لئن لم تنتهوا لنرجمنكم " بالحجارة أو لنشتمنكم " وليمسنكم
منا عذاب أليم * قالوا " يعني الرسل : " طائركم معكم " أي الشؤم كله معكم بإقامتكم
على الكفر بالله تعالى " أئن ذكرتم " أي أئن ذكرتم قلتم هذا القول ، وقيل : معناه : لئن
ذكرناكم هددتمونا وهو مثل الاول ، وقيل : معناه : إن تدبرتم عرفتم صحة ماقلناه لكم
" بل أنتم قوم مسرفون " معناه : ليس فينا مايوجب التشاء‌م بنا ، ولكنكم متجاوزون عن
الحد في التكذيب للرسل والمعصية " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " وكان اسمه حبيبا
النجار ، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين ، وكان قد آمن بالرسل عند ورودهم القرية ،
وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة ، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل و
هموا بقتلهم جاء يعدو ويشتد " قال ياقوم اتبعوا المرسلين " وإنما علم نبوتهم لانهم
لما دعوه قال : أتأخذون على ذلك أحرا ؟ قالوا : لا ، وقيل : إنه كان به زمانة أو جذام فأبرؤوه
فآمن بهم ، عن ابن عباس .


(1)تفسير القمي : 549 550 .
(2)في المصدر : فقويناهما .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه