بحار الأنوار ج55

لهذا البغل قصة ، إني رأيت البارحة في النوم كأني راكبه حتى وافيت رأس الجسر
من الجانب الايسر ، فوقفت فإذا صائح يصيح من الجانب الآخر(شعر).
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر
قال : فضربت يدي على قربوس السرج ، وقلت(شعر):
بلى نحن كنا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر
ثم انتبهت فلجأت إلى أخذ الطالع ، فأخذته وضربت الامر ظهر البطن
فوقفت على أنه لابد من انقضاء مدتنا وزوال أمرنا . قال فما كان يكاد يفرغ من
كلامه حتى دخل عليه مسرور الخادم بخوان مغطاة وفيها رأس جعفر بن يحيى ، و
قال له : يقول : لك أميرالمؤمنين : كيف رأيت نقمة الله في الفاجر ؟ فقال له يحيى :
قل له : يا أميرالمؤمنين ! أرى أنك أفسدت عليه دنياه . وأفسد عليك آخرتك .
ثم قال : وممن رأيت ذكره في علماء النجوم وإن لم أعلم مذهبه إبراهيم بن
السندي بن شاهك ، وكان منجما طبيبا متكلما . ومن العلماء بالنجوم عضد الدولة
ابن بويه ، وكان منسوبا إلى التشيع ، ولعله كان يرى مذهب الزيدية . ومنهم
الشيخ المعظم محمود بن علي الحمصي ره كما حكينا عنه ، ومنهم جابر بن حبان
صاحب الصادق عليه السلام وذكره ابن النديم في رجال الشيعة ، وممن ذكر بعلم النجوم
من الوزراء أبوأيوب سليمان بن مخلد المورياني ، وممن ظهر منه العمل على النجوم
البرامكة ، ذكر عبدالرحمن بن المبارك أن جعفر لما عزم على الانتقال إلى قصره
الذي بناه وجمع المنجمين لاختيار وقت ينتقل فيه فاختاروا له وقتا من الليل ، فلما
حضر الوقت خرج على حمار من الموضع الذي ينزله إلى قصره ، والطرق خالية
والناس ساكنون ، فلما وصل إلى سوق يحيى رأى رجلا يقول :(شعر)
يدبر بالنجوم وليس يدري * ورب النجم يفعل ما يريد
فاستوحش ووقف ودعا بالرجل فقال له : أعد علي ما قلت ، فأعاده فقال : ما
أردت بهذا ؟ قال : والله ما أردت به معنى من المعاني ، لكنه عرض لي وجاء على لساني
فأمر له بدنانير .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه