من الليل إذا هاتف يهتف بنا ويقول :
يا أيها الركب السراع الاربعه * خلوا سبيل النافر المفزعه
خلوا عن العضباء في الوادي معه * لا تذبحن الظبية المروعه
فيها لايتام صغار منفعه
قال : فخليت سبيلها ، ثم انطلقنا حتى أتينا الشام فقضينا حوائجنا ثم أقبلنا حتى
إذا كنا بالمكان الذي كنا فيه هتف هاتف من خلفنا :
إياك لا تعجل وخذها من ثقه * فإن شر السير سير الحقحقه
قد لاح نجم وأضاء مشرقه * يخرج من ظلماء عسف موبقه(1)
ذاك رسول مفلح من صدقه * الله أعلى أمره وحققه(1)
بيان : السدف بالضم : الطائفة من الليل ، والسدف محركة : سواد الليل .
3 - ختص : أبومحمد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الاصبغ بن
نباتة قال : كنا مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمعة في المسجد بعد العصر
إذ أقبل رجل طوال كأنه بدوي ، فسلم عليه ، فقال له علي عليه السلام : ما فعل جنيك الذي كان
يأتيك ؟ قال : إنه ليأتيني إلى أن وقفت بين يديك يا أمير المؤمنين ، قال علي عليه السلام فحدث
القوم بما كان منه ، فجلس وسمعنا له ، فقال : إني لراقد باليمن قبل أن يبعث الله نبيه صلى الله عليه وآله
فاذا جني أتاني نصف الليل فرفسني(2)برجله وقال : اجلس ، فجلست ذعرا ، فقال :
اسمع ، قلت : وما أسمع ؟ قال :
عجبت للجن وإبلاسها * وركبها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما طاهر الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم * وارم بعينيك إلى رأسها
قال : فقلت : والله لقد حدث في ولد هاشم شئ أو يحدث ، وما أفصح(3)لي وإني
(1)المنتقى في مولود المصطفى : القسم الثالث : باب فيما كان من زمان نبوته ومدة إقامته
بمكة .
(2)رفسه : ضربه في صدره .
(3)أى ما بين مراده ولا أوضحه .(*)