بحار الأنوار ج48

فسمعنا وجيبا شديدا وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلا إلى المسجد معه جماعة
فقلنا : كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا ، ودخل هذا الرجل المصلي وخرج
ذاك الرجل ولم نره ، فأمر بنا فأمسكنا ، ثم تقدم إلى موسى وهو قائم في المحراب
فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال : ياويحك كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك
من وراء الابواب والاغلاق والاقفال وأردك ، فلو كنت هربت كان أحب إلي من
وقوفك ههنا أتريد ياموسى أن يقتلني الخليفة ؟ .
قال : فقال موسى ونحن والله نسمع كلامه : كيف أهرب ولله في أيديكم موقت
لي يسوق إليها أقداره ، وكرامتي على أيديكم في كلامه قال : فأخذ السندي
بيده ومشى ثم قال للقوم : دعوا هذين واخرجوا إلى الطريق فامنعوا أحدا يمر
من الناس حتى أتم أنا وهذا إلى الدار .
وفي كتاب الانوار قال العامري : إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن
جعفر جارية خصيفة ، لها جمال ووضاء‌ة لتخدمه في السجن فقال قل له بل أنتم
يهديتكم تفرحون (1)لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها ، قال : فاستطار هارون
غضبا وقال : ارجع إليه وقل له : ليس برضاك حبسناك ، ولا برضاك أخذناك ، و
اترك الجارية عنده وانصرف ، قال : فمضى ورجع ثم قام هارون عن مجلسه وأنفذ
الخادم إليه ليستفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لاترفع رأسها تقول : قدوس
سبحانك سبحانك .

فقال هارون : سحرها والله موسى بن جعفر بسحره ، علي بها ، فاتي بها وهي
ترعد شاخصة نحو السماء بصرها فقال : ماشأنك ؟ قالت : شأني الشأن البديع إني
كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره ، فلما انصرف عن صلاته بوجهه وهو
يسبح الله ويقدسه قلت : ياسيدي هل لك حاجة اعطيكها ؟ قال : وما حاجتي إليك ؟
قلت : إني ادخلت عليك لحوائجك قال : فما بال هؤلاء ؟ قالت : فالتفت فاذا روضة


(1)سورة النمل الاية : 36 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه