بحار الأنوار ج4

أي يعلم ما يصوت به الرعد ، ويعلم ما يضمحل عنه البرق . فإن قلت : هو سبحانه عالم
بما يضيئه البرق وبما لايضيئه فلم خص عليه السلام ما يتلاشي عنه البرق ؟ قلت : لان علمه
بما ليس يضئ أعجب وأغرب لان ما يضيئه البرق يمكن أن يعلمه اولوا الابصار الصحيحة
قوله عليه السلام : عواصف الانواء(1)الانواء جمع نوء وهو سقوط نجم من منازل القمر
الثمانية والعشرين في المغرب مع الفجر ، وطلوع رقيبه من المشرق مقابلا له من ساعته ،
ومدة النوء ثلاثة عشر يوما إلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يوما ، وإنما سمي نوء‌ا
لانه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق أي نهض وطلع ، وقيل : أراد
بالنوء الغروب وهو من الاضداد . قال أبوعبيدة : ولم يسمع في النوء أنه السقوط إلا في
هذا الموضع . وإنما أضاف العواصف إليها لان العرب تضيف الرياح والامطار والحر
والبرد إلى الساقط منها ، أو لان أكثر ما يكون عصفا فيها ، والانهطال : الانصباب ، و
سحبه كمنعه : جره على وجه الارض ، وأكل وشرب أكلا وشربا شديدا .
قوله عليه السلام : ولا يشغله سائل أي عن سائل آخر ، والنائل : العطاء أي لاينقص
خزائنه عطاء . قوله عليه السلام : لا يوصف بالازواج أي بالامثال أو الاضداد أو بصفات
الازواج ، أو ليس فيه تركب وازدواج أمرين كما مر تحقيقه ، أو بأن له صاحبة .
قوله عليه السلام : تكليما مصدر للتأكيد لازالة توهم السامع التجوز في كلامه
تعالى ، والمراد بالآيات إما الآيات التسع أو الآيات التي ظهرت عند التكليم من سماع الصوت
من الجهات الست وغيره ، ويؤيد الثاني قوله عليه السلام : بلا جوارح إلى قوله : ولا لهوات ،
إذالظاهر تعلقه بالتكليم ، ويحتمل تعلقه بالجميع على اللف والنشر غير المرتب .
قوله عليه السلام مرجحنين(2)أي مائلين إلى جهة التحت خضوعا لجلال الباري عز
سلطانه ، ويحتمل أن يكون كناية عن عظمة شأنهم ورزانة قدرهم أو عن نزولهم وقتا
بعد وقت بأمره تعالى ، قال الجزري : ارجحن الشئ : إذامال من ثقله وتحرك . قوله
عليه السلام : أمد حده الاضافة بيانية ، وحمل الحد على النهايات والاطراف بعيد جدا .


(1)العواصف : الرياح الشديدة .
(2)بتقديم الجيم المعجمة على الحاء المهملة كمقشعرين .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه