بحار الأنوار ج35

وأحب الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته أيضا بكذب خصمه
حتى يهلك(1)مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمعت المباهلة ، وخص الابناء
والنساء لانهم أعز الاهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم
حتى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعاين(2)في الحروب لتمنعهم من الهرب
ويسمون الذادة عنها حماة الحقائق(3)، وقد مهم في الذكر على الانفس لينبه على لطف
مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن(4)بأنهم مقدمون على الانفس مفدون بها ، وفيه دليل
لاشئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام ، وفيه برهان واضح على صحة نبوة
النبي صلى الله عليه وآله لانه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك ، انتهى كلام
الزمخشري(5).
وقال السيد بن طاوس في الطرائف : ذكر النقاش في تفسيره شفاء الصدور ما هذا
لفظه : قوله عزوجل :(قل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم)قال أبوبكر : جاء‌ت الاخبار
بأن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ بيد الحسن وحمل الحسين عليهما السلام على صدره - ويقال : بيده الاخرى
وعلي عليه السلام معه وفاطمة عليها السلام من ورائهم ، فحصلت هذه الفضيلة للحسن والحسين عليهما السلام
من بين جميع أبناء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وأبناء امته ، وحصلت هذه الفضيلة لفاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وآله من بين بنات النبي وبنات أهل بيته وبنات امته ، وحصلت هذه الفضيلة
لاميرالمؤمنين علي عليه السلام من بين أقارب رسول الله ومن أهل بيته وامته بأن جعله رسول الله
صلى الله عليه وآله كنفسه ، يقول :(وأنفسنا وأنفسكم).
جرير عن الاعمش قال : كانت المباهلة ليلة إحدى وعشرين من ذي الحجة ، وكان


(1)في المصدر : حتى يهلك خصمه اه‍ .
(2)جمع الظعينة : الزوجة او المرأة مادامت في الهودج أو عموما .
(3)الذادة جمع ذائد : المدافع . والحماة جمع الحامى وفى المصدر : ويسمون الذادة عنها
بأرواحهم حماة الحقائق . وكأن المراد ان المراة تذود وتحمى بروحها حيث تحرض الرجل على
الحرب وتقوى عزمه على القتال .
(4)آذنه : أعلمه .
(5)الكشاف 1 : 307 و 308 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه