بحار الأنوار ج91

أخفض جناح وألين مسير ، فان استطعت أن تكون وحدك فافعل حتى تأتي أبا عبدالله
جعفر بن محمد فقل له : هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن
نأت ، والحال وإن اختلفت فانا نرجع إلى رحم أمس من يمين بشمال ، ونعل
بقبال(1)وهو يسئلك المصير إليه في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك
وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الامر إليه في ذلك ، فان أمرك بالمصير إليه في تأن
فيسر ولا تعسر ، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل .
قال الربيع : فصرت إلى بابه ، فوجدته في دار خلوته ، فدخلت عليه من
غير استيذان ، فوجدته معفرا خديه مبتهلا بظهر يديه ، قد أثر التراب في وجهه
وخديه ، فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه ، ثم انصرف بوجهه
فقلت : السلام عليك يا أبا عبدالله ، فقال : وعليك السلام يا أخي ما جاء بك ؟ فقلت :
ابن عمك يقرأ عليك السلام ، ويقول حتى بلغت آخر الكلام .
فقال : ويحك يا ربيع ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد
فقست قلوبهم ؟ ويحك يا ربيع أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون
أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن
مكر الله إلا القوم الخاسرون ، قرأت على أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته
ثم اقبل على صلاته وانصرف إلي بوجهه .
فقلت : هل بعد السلام من مستعتب عليه أوإجابة ، فقال نعم قل له : أرأيت الذي
تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى أم لم ينبأ بما في صحف موسى
وإبراهيم الذي وفى الا تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن
سعيه سوف يرى إنا والله يا أمير المؤمنين قد خفناك ، وخافت لخوفنا النسوة اللاتي
أنت أعلم بهن ، ولا بد لنا من الايضاح به ، فان كففت وإلا أجرينا اسمك على الله
عزوجل في كل يوم خمس مرات ، وأنت حدثتنا عن ابيك ، عن جدك أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اربع دعوات لا يحجبن عن الله تعالى : دعاء الوالد لولده : والاخ


(1)قبال النعل ككتاب زمام بين الاصبع الوسطى والتي تليها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه