عند الطاق ، وأما ما وراء فصلابته تكفيه تغشية الحجاب إياه . فأما التزريد
الذي في بطون الدماغ فليكون للروح النفساني نفوذ في جوهر الدماغ كما في بطونه
إذ ليس في كل وقت تكون البطون متسعة منفتحة ، أو الروح قليلا بحيث يسع
البطون فقط ، ولان الروح إنما تكمل استحالة عن المزاج الذي للقلب إلى المزاج
الذي للدماغ ، بأن ينطبخ فيه انطباخا يأخذ به من مزاجه ، وهو أول مما يتأدى(1)
إلى الدماغ يتأدى إلى بطنه الاول لينطبخ فيه ، ثم ينفذ إلى البطن الاوسط فيزداد
فيه انطباخا ، ثم يتم انطباخه في البطن المؤخر والانطباخ الفاضل إنما يكون
بممازجة ومخالطة ونفوذ في أجزاء الطابخ كحال الغذاء في الكبد .
لكن زرد المقدم أكثر أفرادا من زرد المؤخر ، لان نسبة الزرد إلى الزرد
كنسبة العضو إلى العضو بالتقريب ، والسبب المصغر للمؤخر من المقدم(2)موجود
في الزرد ، وبين هذا البطن وبين البطن المؤخر ومن تحتهما مكان هو متوزع العرقين
العظيمين الصاعدين إلى الدماغ اللذين سنذكرهما إلى شعبهما التي ينتسج منها المشيمة
من تحت الدماغ .
وقد عمدت تلك الشعب بجرم من جنس الغدد يملا ما بينها ويدعمها كالحال في
سائر المتوزعات العرقية ، فإن من شأن الخلا الذي يقع بينها أن يملا أيضا بلحم
غددي . وهذه الغدة تتشكل بشكل الشعب المذكورة على هيئة التوزع الموصوف ، فكما
أن التشعب أو التوزع المذكور يبتدى ء من ضيق ويتفرع إلى سعة توجبها الانبساط
كذلك صارت هذه الغدة صنوبرية رأسها يلي مبدأ التوزع من فوق ، وتذهب متوجهة
نحو غايتها إلى أن يتم تدلي الشعب ، ويكون هناك منتسج على مثال المنتسج في المشيمة
فيستقر فيه .
فالجزء من الدماغ المشتمل على هذا البطن الاوسط عامة وأجزاؤه التي هى
من فوق دوري الشكل ، مزردة من زرد موضوعة في طوله ، مربوطة بعضها ببعض
(1)أول ما يتادى(ظ).
(2)أى السبب الذى من أجله صار المؤخر أصغر من المقدم .