مثل حالهم ، واكتسبت غنيمة وبقرات إلى أن حضرته الوفاة ، فقلت : إلى من توصي
بي ؟ قال : لا أعلم أحدا على مثل ما كنا عليه ، ولكن قد أظلك زمان بني يبعث من
الحرم ، مهاجره بين حرتين إلى أرض ذات سبخة ذات نخل ، وإن فيه علامات
لا تخفى : بين كتفيه خاتم النبوة ، يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، فإن استطعت
أن تمضي إلى تلك البلاد فافعل ، قال : فلما واريناه أقمت حتى مر رجال من
تجار العرب منكلب فقلت لهم : تحملوني معكم حتى تقدموني أرض العرب
واعطيكم غنيمتي هذه وبقراتي ، قالوا : نعم فأعطيتهم إياها وحملوني حتى إذا جاؤا
بي وادي القرى ظلموني وباعوني عبدا من رجل يهودي ، فوالله لقد رأيت النخل
وطمعت أن تكون البلد الذي نعت لي فيه صاحبي ، حتى قدم رجل من بني قريظة
من يهود وادي القرى ، فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده ، فخرج حتى قدم
بي المدينة ، فوالله ما هو إلا أن رأيتها وعرفت نعتها ، فأقمت مع صاحبي ، وبعث الله
رسوله بمكة لا يذكر لي شئ من أمره ، مع ما أنا فيه من الرق حتى قدم
رسول الله صلى الله عليه وآله قبا ، وأنا أعمل لصاحبي في نخل له ، فوالله إنى لكذلك
إذ جاء ابن عم له فقال : قاتل الله بني قيلة(1)، والله إنهم لفي قبا يجتمعون على رجل
جاء من مكة يزعمون أنه نبي ، فوالله ما هو إلا قد سمعتها فأخذتني الرعدة حتى
ظننت لاسقطن على صاحبي ، ونزلت أقول : ما هذا الخبر ؟ ما هو ؟ فرفع مولاي
يده فلكمني فقال : مالك ولهذا ؟ اقبل على عملك ، فلما أمسيت وكان عندي شئ
من طعام فحملته وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بقباء فقلت : بلغني أنك رجل صالح
وأن معك أصحابا ، وكان عندي شئ من الصدقة فها هو ذا فكل منه ، فأمسك رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال لاصحابه : كلوا ولم يأكل ، فقلت في نفسى : هذه خصلة(2)مما وصف لي
صاحبي ، ثم رجعت وتحول رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ، فجمعت شيئا كان عندي
ثم جئته به فقلت : إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية وكرامة ليست
بالصدقة ، فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله وأكل أصحابه ، فقلت : هاتان خلتان ، ثم جئت
(1)قيلة : ام الاوس والخزرج(2)خلة خ ل .