بحار الأنوار ج16

محمد أرفع ذكرا من ذلك ، جعلت فاطمة عليها السلام سيدة نساء العالمين من بناته ، والحسن و
الحسين عليهما السلام من ذريته ، وآتاه الكتاب المحفوظ لا يبدل ولا يغير(1)، وصبر يعقوب
عليه السلام على فراق ولده حتى كاد يحرض ، وصبر محمد صلى الله عليه واله على وفاة إبراهيم وعلى
ما علم من فحوى ما يجري على ذريته .
يوسف عليه السلام إن كان له جمال فلمحمد صلى الله عليه واله ملاحة وكمال ، قوله صلى الله عليه واله : كان
يوسف عليه السلام أحسن ولكنني أملح .
وإن كان يوسف في الليل نورانيا فمحمد في الدنيا والعقبى نوراني ، ففي الدنيا
يهدي الله لنوره ، وفي العقبى : " انظرونا نقتبس(2)" .
يوسف عليه السلام دعا لمالك بن ذعر ليكثر ماله وولده ، قال النبي صلى الله عليه واله : " ستدرك(3)
ولدا لي يسمى الباقر ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ، وقال لانس : اللهم أطل عمره ،
وأكثر ماله وولده " فبقي إلى أيام عمر بن عبدالعزيز ، وله عشرون من الذكور ، وثمانون
من الاناث ، وكانت شجراته كل حول ذوات ثمرتين .
صبر يوسف عليه السلام في الجب والحبس والفرقة والمعصية ، ومحمد قاسى من كثرة الغربة
والفرقة ، وحبس في الشعب ثلاث سنين ، وفي الغار ثلاث ليال ، وكان ليوسف عليه السلام رؤياه ،
ولمحمد : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام(4)" .
موسى عليه السلام أعطاه الله اثنتى عشرة عينا ، قوله : " فانفجرت منه اثنتا عشرة(5)
عينا " ومحمد أمر البراء بن عازب بغرس سهمه يوم الميضاة(6)بالحديبية في قليب جافة
فتفجرت اثنتا عشرة عينا حتى كفت ثمانية آلاف رجل ، وكان لموسى عليه السلام انفجار الماء
من الحجر ، ولمحمد عليه السلام انفجار الماء من بين أصابعه ، وهذا أعجب ، وأنزل الله لموسى


(1)أي لا ينسخ ، ولا يصل إليه يدى التصحيف والتحريف .
(2)الحديد : 13 .
(3)المخاطب جابر بن عبدالله الانصاري الصحابي .
(4)الفتح : 27 .
(5)البقرة : 60 .
(6)الميضأة والميضاء‌ة : الموضع يتوضأ فيه . المطهرة يتوضأ منها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه