بحار الأنوار ج39

إثباتها له ، وإنما استدلوا بكيفية ماجرى في الحال على ذلك لانه لايجوز أن يغضب
من فرار من فر وينكره ثم يقول : إني أدفع الراية إلى من عنده كذا وكذا وذلك
عند من تقدم ، ألا ترى أن بعض الملوك لو أرسل رسولا إلى غيره ففرط في أداء رسالته
وحرفها ولم يوردها(1)على حقها فغضب لذلك وأنكر فعله وقال : " لارسلن رسولا
حسن القيام بأداء رسالتي مضطلعا(2)بها لكنا نعلم(3)أن الذي أثبته منفي عن
الاول ؟ وقال : كما انتفي عمن تقدم فتح الحصن على أيديهم وعدم فرارهم كذلك
يجب أن ينتفي سائر ما أثبت له ، لان الكل خرج مخرجا واحدا أورد على طريقة
واحدة انتهى .
أقول : لايخفي متانة هذا الكلام على من راجع وجدانه وجانب تعسفه و
عدوانه ، فيلزم منه عدم كون الشخصين محببين لله ولرسوله ومن لم يحبهما فقد ابغضهما
ومن ابغضهما فقد كفر ، ويلزم منه ان لا يحبهما الله ورسوله ، ولا ريب في أن من كان
مؤمنا صالحا يحبه الله ورسوله ، بل يكفي الايمان في ذلك وقد قال تعالى : " والذين
آمنوا أشد حبا لله(4)" وقال : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(5)"
ويلزم منه أن لايقبل الله منهما شيئا من الطاعات لان الله تعالى يقول " إن الله يحب
الذين يقاتلون في سبيله صفا(6)" " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين(7)"
فلو كان الله تعالى قبل منهما الجهاد لكان يحبهما ، ولو كان قبل منهما توبتهما عن
الشرك لكان يحبهما ، ولو كانا متطهرين لكان يحبهما(،)؟ ويلزم أن لايكونا من الصابرين


(1)في المصدر : ولم يؤدها .
(2)اضطلع تحملة : نهض به وقوى عليه .
(3)جواب قوله : " ألا ترى " .
(4)سورة البقرة : 165 .
(5)سورة آل عمران : 31 .
(6)سورة الصف : 4 .
(7)سورة البقرة : 222 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه