إلهي وسيدي أنت تعلم أنى مابكيت خوفا من نارك ، ولا شوقا إلى جنتك ، ولكن عقد
حبك على قلبي فلست أصبر أوأراك ، فأوحى الله جل جلاله إليه : أما إذا كان هذا هكذا
فمن أجل هذا ساخدمك كليمي موسى بن عمران .
قال الصدوق رضي الله عنه : يعني بذلك : لا أزال أبكي أو أراك قد قبلتني
حبيبا .(1)
بيان : كلمة " أو " بمعنى " إلى أن " أو " إلا أن " أي إلى أن يحصل لي غاية العرفان
والايقان المعبر عنها بالرؤية ، وهي رؤية القلب لا البصر ، والحاصل طلب كمال المعرفة
بحسب الاستعداد والقابلية والوسع والطاقة ،(2)وقد مضى توضيح ذلك في كتاب التوحيد .
2 - فس : بعث الله شعيبا إلى مدين وهي قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به ،
وحكى الله قولهم : " قالوا يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " إلى قوله : الحليم
الرشيد " قال : قالوا : إنك لانت السفيه الجاهل ، فحكى الله عزوجل قولهم : " إنك لانت
الحليم الرشيد " وإنما أهلكهم الله تعالى بنقص المكيال والميزان .(3)
بيان : قال البيضاوي في قوله تعالى : " إنك لانت الحليم الرشيد " تحكموا به و
قصدوا وصفه بضد ذلك ، أو عللوا إنكار ماسمعوا منه واستبعادهم بأنه موسوم بالحلم و
الرشد المانعين عن المبادرة إلى أمثال ذلك . انتهى .(4)
أقول : ما ذكر في تفسير علي بن إبراهيم غير الوجهين ، وحاصله أنه تعالى عبر
عما قالوه بضد قولهم إيماء إلى أن ما قالوه مما لا يمكن ذكره لاستهجانه
وركاكته .(5)
3 - فس : " وإنا لنراك فينا ضعيفا " وقد كان ضعف بصره " وارتقبوا " أي انتظروا
(1)علل الشرائع : 30 - 31 . م
(2)ويمكن أن يكون كناية عن الموت أى إلى أن أموت .
(3)تفسير القمى 313 . م
(4)انوار التنزيل 1 : 224 . م
(5)وأمكن أن قالوا ذلك على سبيل الاستفهام انكارا عليه بأن ذلك لا يصدر عن الحليم الرشيد
فكانهم قالوا : " انت الحليم الرشيد مع قولك هذا ؟ !(*)