بحار الأنوار ج13

يمشي وراءه ، فاجتازوا على قوم فقالوا : هذا شيخ قاسي القلب ، قليل الرحمة ، يركب هو الدابة وهو أقوى من هذا الصبي ، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه ، وإن هذا بئس التدبير ! فقال لولده : سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك ؟ فقال : نعم ، فقال : اركب أنت يا ولدي حتى أمشي أنا ، فركب ولده ومشى لقمان ، فاجتازوا على جماعة اخرى فقالوا : هذا بئس الوالد وهذا بئس الولد ، أما أبوه فإنه ما أدب هذا الصبي حتى يركب الدابة ويترك والده يمشي وراءه ، والوالد أحق بالاحترام والركوب ، وأما الولد فإنه عق والده بهذه الحال ، فكلاهما أساءا في الفعال ! فقال لقمان لولده : سمعت ؟ فقال : نعم ، فقال : نركب معا الدابة ، فركبا معا فاجتازا على جماعة فقالوا : ما في قلب هذين الراكبين رحمة ، ولا عندهم من الله خير ، يركبان معا الدابة يقطعان ظهرها و يحملانها مالا تطيق ، لو كان قد ركب واحد ومشى واحد كان أصلح وأجود ، فقال : سمعت ؟ فقال : نعم ، فقال : هات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا ، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان فاجتازا على جماعة فقالوا : هذا عجيب من هذين الشخصين ، يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان ! وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ما كان ، فقال لولده : ترى في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال ؟ فلا تلتفت إليهم ، واشتغل برضى الله جل جلاله ، ففيه شغل شاغل ، وسعادة وإقبال في الدنيا ويوم الحساب والسؤال . (1) ____________________________
(1) فتح الابواب مخطوط . (*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه