فيجوز أن يكون التقدير : فمكث في مكان غير بعيد ، قال ابن عباس : فأتاه الهدهد بحجة
فقال : " أحطت بما لم تحط به " أي اطلعت على ما لم تطلع عليه " وجئتك من سبأ بنبأ
يقين " أي بخبر صادق ، وسبأ : مدينة بأرض اليمن ، عن قتادة ، وقيل : إن الله بعث إلى سبأ
اثني عشر نبيا ، عن السدي .
وروى علقمة عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن سبأ فقال : هو رجل
ولد له عشرة من العرب ئيامن(1)منهم ستة ، وتشاءم منهم أربعة ، فالذين تشاءموا : لخم
وجذام ، وغسان ، وعاملة ، والذين تيامنوا : كندة ، والاشعرون ، والازد
وحمير ، ومذحج ، وأنمار ، ومن الانمار خثعم ، وبجيلة " إني وجدت امرأة تملكهم " أي
تتصرف فيهم بحيث لا يعترض عليها أحد " وأوتيت من كل شئ " وهذا إخبار عن سعة
ملكها ، أي من كل شئ من الاموال وما يحتاج إليه الملوك من زينة الدنيا ، قال الحسن :
وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ ، وقيل : شرحيل(2)ولدها أربعون ملكا آخرهم
أبوها ، قال قتادة : وكان أولو مشورتها ثلاث مائة واثني عشر قبيلا ، كل قبيل(3)منهم تحت
رايته ألف مقاتل " ولها عرش عظيم " أي سرير أعظم من سريرك ، وكان مقدمه من ذهب
مرصع بالياقوت الاحمر والزمرد الاخضر ، ومؤخره من فضة مكللة(4)بألوان
الجواهر ، وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق ، وعن ابن عباس قال : كان عرش
بلقيس ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا ، وطوله في الهواء ثلاثون ذراعا ، وقال أبومسلم : المراد
بالعرش الملك(5)" وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم "
أي عبادتهم للشمس من دون الله " فصدهم عن السبيل " أي صرفهم عن سبيل الحق " فهم لا
يهتدون * ألا يسجدوا " قرأ أبوجعفر والكسائي ورويس عن يعقوب " ألا يسجدوا "
خفيفة اللام ، والباقون بالتشديد ، فعلى الاول إنما هو على معنى الامر بالسجود ودخلت
الياء للتنبيه ، أو على تقدير ألا ياقوم اسجدوا لله ، وقيل : إنه أمر من الله تعالى لجميع
(1)يمن ويأمن لقومه وعلى قومه : كان مباركا عليهم .
(2)في المصدر : شرحبيل .
(3)الصحيح كما في المصدر " ثلاثمائة واثنى عشر قيلا كل قيل اه " والقيل بالفتح : الرئيس .
(4)في المصدر : مكلل .
(5)ذلك المعنى لا يناسب قوله تعالى : " أيكم يأتيني بعرشها "