بحار الأنوار ج14

الطير منتنا(1)وأخبثه ريحا ، قال : إنه يبصر الماء من وراء الصفا الاصم : فقال : وكيف
يبصر الماء من وراء الصفا وإنما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعقبه ؟(2)
فقال سليمان : قف ياوقاف إنه إذا جاء القدر حال دون البصر .(3)
بيان : قوله :(حتى يأخذ بعقبه)أي يأخذ الفخ برجله ، وفي بعض النسخ : بعنقه ،
وفي بعضها : رقبته ، أي يأخذ الفخ أو الصائد رقبته .
وقال الفيروزآبادي : الوقاف : المتأني . والمحجم عن القتال .
أقول : ما ذكره علي بن إبراهيم في تأويل تلك الآيات كلها موافقة لروايات
المخالفين ، وإنما أولها علماؤنا على وجوه أخر : قال الصدوق رحمه الله في الفقيه : قال
زرارة والفضيل : قلنا لابي جعفر عليه السلام : أرأيت قول الله عزوجل : " إن الصلاة كانت على
المؤمنين كتابا موقوتا " ؟ قال : يعني كتابا مفروضا ، وليس يعني وقت فوتها إن جاز ذلك
الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة ، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام
حين صلاها بغير وقتها ، ولكنه متى ذكرها صلاها .
ثم قال رحمه الله : إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه السلام اشتغل
ذات يوم بعرض الخيل حتى توارث الشمس بالحجاب ، ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب
سوقها وأعناقها ، وقال : إنها شغلتني عن ذكر ربي ، وليس كما يقولون ، جل نبي الله
سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل ، لانه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها
لانها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله ، وإنما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة .
والصحيح في ذلك ماروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : إن سليمان بن داود عليه السلام
عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل ، فاشتغل بالنظر إليها حتى توارث الشمس بالحجاب
فقال للملائكة : ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها ، فردوها فقام فطفق مسح
ساقيه وعنقه ، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك ، وكان ذلك وضوؤهم


(1)في المصدر : وهو أخس الطير منبتا .
(2)في نسخة : حتى يؤخذ بعنقه .
(3)تفسير القمي : 565 568 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه