الموت وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا الخبر(1).
ايضاح : في جمل أمورك أي جميعها وخادع نفسك اي حملها ما
ثقل عليها من الطاعات بلطف ومداراة من غير عنف ، حتى تتابعك وتوافقك عليها
وخذ عفوك اي ما فضل من أوقاتها عن ضرورياتها ، لتكون ناشطة فيها ، ولا
تكلفها فوق طاقتها وما يشق عليها فتمل وتضجر ، قال الجوهري : عفو المال مايفضل
عن النفقة .
15 المحاسن : عن عبدالرحمن بن حماد ، عن حنان بن سدير ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تعالى : ما تحبب إلي عبدي
بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، وإنه ليتحبب إلي بالنافلة حتى أحبه ، فاذا
أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده
التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، إذا دعانى أجبته ، وإذا سألني أعطيته ، وما
ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في موت المؤمن : يكره الموت وأنا أكره
مساءته(2).
تحقيق : هذا الخبر يحتمل وجوها : الاول أنه لكثرة تخلقه بأخلاق ربه
ووفور حبه لجناب قدسه ، تخلى عن شهوته وإرادته ، ولا ينظر إلى ما يحبه سبحانه
ولا يبطش إلا إلى ما يوصله إلى قربه تعالى وهكذا .
الثاني أن يكون المراد أنه تعالى أحب إليه من سمعه وبصره ولسانه ويده
ويبذل هذه الاعضاء الشريفة فيما يوجب رضاه ، فالمراد بكونه سمعه أنه في حبه
وإكرامه بمنزلة سمعه بل أعز منه ، لانه يبذل سمعه في رضاه وكذا البواقي .
الثالث : أن يكون المعنى : كنت نور سمعه وبصره ، وقوة يده ورجله
ولسانه .
والحاصل أنه لما استعمل نور بصره فيما يرضى ربه ، أعطاه بمقتضى وعده
(1)نهج البلاغة تحت الرقم 61 من قسم الرسائل ، واعلام الدين مخطوط .
(2)المحاسن : 291 .