بيان : هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون ، وقوله تعالى : " وما قدروا الله
حق قدره " متصل بقوله " والارض جميعا " فيكون على تأويله عليه السلام القول مقدرا أي
ما عظموا اله حق تعظيمه وقد قالوا : إن الارض جميعا ، ويؤيده أن العامة رووا أن
يهوديا أتى النبي صلى الله عليه واله وذكر نحوا من ذلك فضحك صلى الله عليه واله .
3 - يد : أحمد بن الهيثم العجلي ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن
ابن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران قال : سألت أبا عبدالله
عليه السلام عن قول الله عزوجل : " والارض جميعا قبضته يوم القيمة " فقال : يعني ملكه لا يملكها
معه أحد والقبض من الله تعالى في موضع آخر : المنع ، والبسط منه : الاعطاء والتوسيع
كما قال عزوجل : " والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون " يعني يعطي ويوسع ويمنع و
يضيق . والقبض منه عزوجل في وجه آخر : الاخذ في وجه القبول منه كما قال : " ويأخذ
الصدقات " أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها . قلت : فقوله عزوجل : " والسموات مطويات
بيمينه " قال : اليمين : اليد ، واليد : القدرة والقوة ، يقول عزوجل : والسموات
مطويات بقدرته وقوته ، سبحانه وتعالى عما يشركون .
بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه الله : القبضة في اللغة : ما قبضت عليه بجميع كفك
أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الارض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي
يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته ، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا
لانا نقول : هذا في قبضة فلان وفي يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه وإن لم يقبض عليه ،
وكذا قوله : " والسموات مطويات بيمينه " أي يطويها بقدرته كما يطوي أحدمنا الشئ
المقدور له طيه بيمينه ، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك ، كما قال :
" أو ما ملكت أيمانكم " أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال
وسائر الجسد ، وقيل : معناه انها محفوظات مصونات بقوته واليمين : القوة .(1)
(1)قال الرضى رضوان الله عليه في تلخيص البيان : وهاتان استعارتان ، ومعنى " قبضنا " ههنا أى ملك
له خالص قد ارتفعت عنه أيدى المالكين من بريته والمتصرفين فيه من خليفته ، وقدورت تعالى عباده ما *(*)