بحار الأنوار ج42

إلى السرير من مؤخره وإذا مقدمه قد ارتفع ولا يرى حامله ، وكان حاملاه من
مقدمه جبرئيل وميكائيل ، فما مر بشئ على وجه الارض إلا انحنى له ساجدا
وخرج السرير من ماييل باب كندة ، فحملا مؤخره وسارا يتبعان مقدمه .
قال ابن الحنفية رضي الله عنه : والله لقد نظرت إلى السرير وإنه ليمر
بالحيطان والنخل فتنحني له خشوعا ، ومضى مستقيما إلى النجف إلى موضع قبره
الآن ، قال : وضجت الكوفة بالبكاء والنحيب ، وخرجن النساء يتبعنه لا طمات
حاسرات ، فمنعهم الحسن عليه السلام ونهاهم عن البكاء والعويل ، وردهن إلى أما كنهن
والحسين عليه السلام يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنا لله وإنا إليه راجعون
يا أباه واانقطاع ظهراه ، من أجلك تعلمت البكاء ، إلى الله المشتكى .
فلما انتهيا إلى قبره وإذا مقدم السرير قد وضع ، فوضع الحسن عليه السلام مؤخره
ثم قام الحسن عليه السلام وصلى عليه والجماعة خلفه ، فكبر سبعا كما أمره به أبوه عليه السلام
ثم زحزحنا سريره وكشفنا التراب وإذا نحن بقبر محفور ولحد مشقوق وساجة
منقورة مكتوب عليها : " هذا ما ادخره له جده نوح النبي للعبد الصالح الطاهر
المطهر " فلما أرادوا نزوله سمعوا هاتفا يقول : أنزلوه إلى التربة الطاهرة ، فقد
اشتاق الحبيب إلى الحبيب ، فدهش الناس عند ذلك وتحيروا ، والحد أميرالمؤمنين
عليه السلام قبل طلوع الفجر .
قال الراوي : لما الحد أميرالمؤمنين عليه السلام وقف صعصعة بن صوحان العبدي
رضي الله عنه على القبر ، ووضع إحدى يديه على فؤاده والاخرى قد أخذبها
التراب ويضرب به رأسه ، ثم قال : بأبي أنت وامي يا أميرالمؤمنين ، ثم قال : هنيئا
لك يا أبا الحسن ، فلقد طاب مولدك ، وقوي صبرك ، وعظم جهادك ، وظفرت
برأيك ، وربحت تجارتك ، وقدمت على خالقك ، فتلقاك الله ببشارته ، وحفتك
ملائكته ، واستقررت في جوار المصطفى ، فأكرمك الله بجواره ، ولحقت بدرجة
أخيك المصطفى ، وشربت بكأسه الاوفى ، فاسأل الله أن يمن علينا باقتفائنا أثرك
والعمل بسيرتك ، والموالاه لاوليائك ، والمعاداة لاعدائك ، وأن يحشرنا في زمرة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه