بحار الأنوار ج89

ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل ، عزوجل ربنا .
فجميع هذه الصفات محدثه غير حدوث الفعل منه ، عزوجل ربنا ، والقرآن
كلام الله غير مخلوق ، فيه خبر من كان قبلكم ، وخبر ما يكون بعدكم ، انزل
من عندالله على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله(1).
قال الصادق رحمه الله : كأن المراد من هذا الحديث ما كان فيه من ذكر
القرآن ، ومعنى ما فيه أنه غير مخلوق أي غير مكذوب ، ولا يعني به أنه غير
محدث ، لانه قد قال : محدث غير مخلوق ، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره
وقال أيضا : قد جاء في الكتاب أن القرآن كلام الله ، ووحي الله ، وقول الله
وكتاب الله ، ولم يجئ فيه أنه مخلوق ، وإنما ؟ ؟ من إطلاق المخلوق عليه
لان المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا ، ويقال : كلام مخلوق أي مكذوب
قال الله تبارك وتعالى :(إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا)(2)
أي كذبا ، وقال عزوجل حكاية عن منكري التوحيد :(ما سمعنا بهذا في الملة
الاخرة إن هذا إلا اختلاق)(3)أي افتعال وكذب ، فمن زعم أن القرآن مخلوق
بمعنى أنه مكذوب فقد كذب ، ومن قال : إنه غير مخلوق بمعنى أنه غير مكذوب
فقد صدق وقال الحق والصواب ، ومن زعم أنه غير مخلوق بمعنى أنه غير محدث
وغير منزل وغير محفوظ ، فقد أخطأ وقال غير الحق والصواب .
وقد أجمع أهل الاسلام على أن القرآن كلام الله عزوجل على الحقيقة
دون المجاز ، وأن من قال غير ذلك فقد قال منكرا وزورا ، ووجدنا القرآن
مفصلا وموصلا ، وبعضه غير بعض ، وبعضه قبل بعض ، كالناسخ التي يتأخر عن
المنسوخ ، فلولم يكن ما هذه صفته حادثا بطلت الدلالة على حدوث المحدثات ، وتعذر
إثبات محدثها ، بتناهيها وتفرقها واجتماعها .
وشئ آخر : وهو أن العقول قد شهدت ، والامة قد أجمعت : أن الله


(1)التوحيد : 158 . \ \ \(2)العنكبوت : 17 .
(3)سورة ص 1 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه