بحار الأنوار ج4

العلم بالامور المغيبة حتى ينفى خصوص ذلك عنهما ، هكذا حقق هذا الخبر وكن من
الشاكرين .
6 - فس : قوله : " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل
يداه مبسوطتان " قال : قالوا : قد فرغ الله من الامر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير
الاول ، فرد الله عليهم فقال : " بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء " أي يقدم ويؤخر
ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة .(1)
بيان : ذكر الرازي في الآية وجوها من التأويل :
الاول : أن القوم إنما قالوا ذلك على الالزام فإنهم لما سمعوا قوله تعالى :
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قالوا : لو احتاج إلى القرض لكان فقيرا عاجزا .
الثانى : أن القوم لما رأوا أصحاب الرسول صلى الله عليه واله في غاية الشدة والفقر قالوا على
سبيل الاستهزاء : إن إله محمد فقير مغلول اليد .
الثالث : قال المفسرون : إن اليهود كانوا أكثر الناس مالا وثروة فلما بعث الله
محمدا صلى الله عليه واله وكذبوا به ضيق الله عليهم المعيشة فعند ذلك قالت اليهود : يد الله مغلولة أي
مقبوضة عن العطاء .
الرابع : لعله كان فيهم من كان على مذهب الفلسفة وهو أن الله تعالى موجب
لذاته وأن حدوث الحوادث عنه لا يمكن إلا على نهج واحد وسنن واحد ، وأنه تعالى
غير قادر على إحداث الحوادث غير الوجوه التي عليها يقع(2)فعبروا عن عدم الاقتدار على
التغيير والتبديل بغل اليد .
الخامس : قال بعضهم : المراد هو قول اليهود : إن الله لا يعذبنا إلا قدر الايام التي
عبدنا فيها العجل فعبروا عنه بهذه العبارة .


(1)قال السيد الرضى في تلخيص البيان : هذه استعارة ومعناها أن اليهود أخرجوا هذا القول
مخرج الاستبخال لله سبحانه فكذبهم تعالى بقوله : " بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء " وليس المراد
بذكر اليدين ههنا الاثنتين اللتين هما اكثر من الواحدة ، وإنما المراد به المبالغة في وصف النعمة ،
كما يقول القائل : ليس لى بهذا الامر يدان . وليس يريد به الجارحتين ، وانما يريد به المبالغة في
نفى القوة على ذلك الامر ، وربما قيل : ان المراد بذلك نعمة الدنيا ونعمة الاخرة .
(2)هذا من النسب التى يتبرء منها أهل الفلسفة وانما هى ناشئة من سوء الفهم في المقاصد البرهانية . ط(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه