قال : فتغير وجه الرشيد عند سماع الابيات ، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله
الذي لا إله إلا هو ، وبأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له .
فقال يحيى : والله ياأمير المؤمنين ما قاله غيره ، وما حلفت بالله كاذبا ولا
صادقا قبل هذا وإن الله إذا مجده العبد في يمينه استحيا أن يعاقبه ، فدعني احلفه
بيمين ماحلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل قال : حلفه قال : قل : برئت من حول
الله وقوته ، واعتصمت بحولي وقوتي ، وتقلدت الحول والقوة من دون الله استكبارا
على الله واستغناءا عنه ، واستعلاءا عليه إن كنت قلت هذا الشعر .
فامتنع عبدالله منه فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع : هنا شئ ماله
لايحلف إن كان صادقا ؟ فرفس الفضل عبدالله برجله وصاح به احلف ويحك ، وكان
له فيه هوى فحلف باليمين ووجهه متغير وهو يرعد ، فضرب يحيى بين كتفيه ثم
قال : ياابن مصعب قطعت والله عمرك ، والله لاتفلح بعدها ، فما برح من موضعه
حتى أصابه الجذام فتقطع ومات في اليوم الثالث ، فحضر الفضل جنازته ومشى معها
ومشى الناس معه ، فلما وضعوه في لحده ، وجعلوا اللبن فوقه ، انخسف القبر به و
خرجت منه غبرة عظيمة .
= حتى يثاب على الاحسان محسننا ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن
وتنقضى دولة أحكام قادتها فينا كأحكام قوم عابدى الوثن
فطالما قد بروا بالجور أعظمنا برى الصناع قداح النبع بالسفن
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا ان الخلافة فيكم يابنى الحسن
لا عز ركنا نزار عند سطوتها ان أسلمتك ولا ركنا ذوى يمن
ألست أكرمهم عودا اذا انتسبوا يوما وأطهرهم ثوبا من الدرن
وأعظم الناس عند الناس منزلة وأبعد الناس من عيب ومن وهن
وقد أخرج الابيات ابن عبد ربه في العقد الفريد ج 5 ص 87 طبع لجنة التأليف
والترجمة والنشر ونسبها إلى سديف مولى بنى هاشم ، وذكرها ابن أبي الحديد في شرح النهج
ج 4 ص 352 طبع مصر سنة 1329 نقلا عن الاصبهاني .