بحار الأنوار ج56

لحدة طبائهم ، لانهم خلقوا من حر النار : وعلى فلك المشتري خلق عظيم من
الروحانيين كذلك ، وهم خلق معتدل ساكن لانهم خلقوا من روح الماء ، ليس
لهم قسوة وفظاظة ، يدبرون فلك المشتري ، ويقبلون ويتحركون مع حركته
ويمجدون الذي خلقهم ، وفي فلك المريخ خلق عظيم من النورانيين ، وهم غلاظ
شداد ، لانهم خلقوا من نور النار اليابسة ، فلذلك لا رأفة لهم ولا رحمة ، يدبرون
ويقبلون مع المريخ في دوران الفلك لم يملكوا غير ذلك ، لانهم لا رحمة لهم ، و
لذلك لم يوكلوا بشئ من أعمال الناس ، وفي فلك الشمس خلق من الكروبيين
لهم قسوة وفظاظة لشدة طبائعهم ، لانهم خلقوا من الريح والروح ، ولهم أناة و
نور ، فهم موكلون بأعمال بني آدم على الحرث والنسل ، وهم الذين يحركون
الشمس ، وبحركتها يخرج البخار والدخان ، فيرفعون ذلك البخار إلى القمر
ثم إلى الشمس ، ثم يصدونه إلى الكواكب العالية ، فيكون لهم غذاء ، وهم على
الثمار والزروع وولادة الحيوان ، وهم المسلطون على جميع الروحانيين من تحتهم
يعملون بأمرهم ، وهم لطاف نورانيون يدورون مع فلك الشمس ، ويعملون معها
ويعملون في إصلاح العالم وتوالد المواليد ، وهم الذين يحفظون شيعة الشيطان و
ولده عن فساد العالم وخرابه ، وحفظ الحيوان منهم . وإنما سموا ملائكة لانهم
ملكوا زمام الشيطان لئلا يخربوا العالم ، وفي فلك الزهرة أيضا خلق من الروحانيين
لهم اعتدال وصلاح ، فهم أحسنهم وجوها ، ولهم ريح طيب وبشر حسن ، يحبون
الانس وجميع ما تحتهم من الحيوان حبا شديدا ، ولهم بهم رأفة ورحمة ورقة ، و
هم الذين يسعون في تاليف الذكران والاناث من كل شئ لمكان النسل والولادة
وبذلك وكلوا . وفي فلك عطارد روحانيون خلقوا من حر الريح الحارة ، فاتصلوا
بالروحانيين الذين خلقوا من النور ، وهم بين أيديهم مثل العبيد لا يغيبون عن
أعينهم طرفة عين ، يسارعون في خدمة ملائكة فلك الشمس ، ويعملون بمسرتهم(1)
فهم لهم شبيه الوزراء ، وهم الموكلون بالنبات وإصلاحه ، وحفظ النبت إذا طلع


(1)في بعض النسخ : بمسيرتهم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه