ثم قال علي بن الحسين عليه السلام : جهلوا والله أمرالله وأمر أوليائه معه ، إن المراتب
الرفيعة لاتنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم
به ، إن أولياء الله صيروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم فجازاهم
الله عزوجل بأن أوجب لهم نحج جميع طلباتهم ، لكنهم مع ذلك لايريدون منه
إلا ما يريده لهم(1).
توضيح : يقال للشئ : أروح وأراح إذا تغيرت ريحه ، ومرن على الشئ :
تعوده ، والشقاء : المشقه والشدة .
أقول : قال الشيخ جعفر بن نماء في كتاب أحوال المختار : عن أبي بجير
عالم الاهواز ، وكان يقول بإمامة ابن الحنفية ، قال : حججت فلقيت إمامي
وكنت يوماعنده فمر به غلام شاب فسلم عليه ، فقام فتلقاه وقبل ما بين عينيه
وخاطبه بالسيادة ، ومضى الغلام ، وعاد محمد إلى مكانه ، فقلت له : عندالله أحتسب
عناي فقال : وكيف ذاك ؟ قلت : لانانعتقد أنك الامام المفترض الطاعة تقوم
تتلقى هذا الغلام وتقول له : يا سيدي ؟ فقال : نعم ، هو والله إمامي ، فقلت : ومن هذا ؟
قال : علي ابن أخي الحسين عليه السلام اعلم إني نازعته الامامة ونازعني ، فقال لي :
أترضى بالحجر الاسود حكما بيني وبينك ؟ فقلت : وكيف نحتكم إلى حجر جماد
فقال : إن إماما لايكلمه الجماد فليس بإمام ، فاستحييت من ذلك ، وقلت : بيني
وبينك الحجر الاسود ، فقصدنا الحجرو صلى وصليت ، وتقدم إليه وقال : أسألك
بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الامام منا ؟ فنطق
والله الحجر وقال : يا محمد سلم الامر إلى ابن أخيك ، فهو أحق به منك وهو إمامك
وتحلحل(2)حتى ظننته يسقط فأذعنت بإمامته ، ودنت له بفرض طاعته ؟ قال
أبوبجير : فانصرفت من عنده وقد دنت بإمامته علي بن الحسين عليهما السلام ، وتركت
(1)أمالى الصدوق ص 453 واخرجه الفتال في روضته ص 168 .
(2)تحلحل عن مكانه زال .