بحار الأنوار ج7

الكفار بعيدا ، لانهم لا يعتقدون صحته ، وكل ما هو آت فهو قريب دان .
وفي قوله سبحانه : " كلا " : زجر ، تقديره : لا تفعلوا هكذا ، ثم خوفهم فقال :
" إذا دكت الارض دكا دكا " أي كسر كل شئ على ظهرها من جبل أو بناء أو شجر ،
حتى زلزلت فلم يبق عليها شئ ، يفعل ذلك مرة بعد مرة ، وقيل : " دكت الارض "
أي مدت يوم القيامة مد الاديم عن ابن عباس ، وقيل : دقت جبالها وأنشازها حتى استوت
عن ابن قتيبة ، والمعنى : استوت في انفراشها ، فذهب دورها وقصورها وسائر أبنيتها حتى
تصير كالصحراء الملساء " وجاء ربك " أي أمر ربك وقضاؤه ومحاسبته ، وقيل : جاء أمره
الذي لا أمر معه ، بخلاف حال الدنيا ، وقيل جاء جلائل آياته ، فجعل مجيئها مجيئه
تفخيما لامرها ، وقال بعض المحققين : المعنى : وجاء ظهور ربك ، لضرورة المعرفة به ،
لان ظهور المعرفة بالشئ يقوم مقام ظهوره ورؤيته ، ولما صارت المعارف بالله في ذلك
اليوم ضرورية صار ذ لك كظهوره وتجليه للخلق ، فقيل : " وجاء ربك " أي زالت الشبهة و
ارتفع الشك ، كما ترتفع عند مجئ الشئ الذي كان يشك فيه ، جل وتقدس عن
المجئ والذهاب " والملك " أي وتجئ الملائكة " صفا صفا " يريد صفوف الملائكة و
أهل كل سماء صف على حدة عن عطاء ، وقال الضحاك : أهل كل سماء إذا زلزلوا
يوم القيامة كانوا صفا محيطين بالارض وبمن فيها ، فيكونون سبع صفوف ، وقيل : معناه :
مصطفين كصفوف الناس في الصلاة : يأتي الصف الاول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم على
هذا الترتيب ، لان ذلك أشبه بحال الاستواء من التشويش ، فالتعديل والتقويم أولى في
الامور " وجئ يومئذ بجهنم " أي واحضرت في ذلك اليوم جهنم ليعاقب بها المستحقون
لها ، ويرى أهل الموقف هولها وعظم منظرها .
وروي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية تغير لون
رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعرف في وجهه ، حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله ، وانطلق
بعضهم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله ،
فجاء علي عليه السلام فاحتضنه من خلفه ، وقبل بين عاتقيه ، ثم قال : يا نبي الله بأبي أنت و
امي ما الذي حدث اليوم ؟ قال : جاء جبرئيل فأقرأني : " وجيئ يومئذ بجهنم " فقال :

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه