بحار الأنوار ج17

ومن ذلك أنه توجه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش فلما كان بحيال
بحير(1)الراهب نزلوا بفناء ديره ، وكان عالما بالكتب وقد كان قرأ في التوراة مرور النبي
صلى الله عليه وآله به ، وعرف أوان ذلك ، فأمر فدعي إلى طعامه ، فأقبل يطلب الصفة في
القوم فلم يجدها ، فقال : هل بقي في رحالكم أحد ، فقالوا : غلام يتيم ، فقام بحير الراهب
فاطلع فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وآله نائم وقد أظلته سحابة ، فقال للقوم : ادعوا هذا اليتيم
ففعلوا ، وبحير مشرف عليه وهو يسير والسحابة قد أظلته ، فأخبر القوم بشأنه وأنه سيبعث
فيهم رسولا وما يكون من حاله وأمره ، فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويجلونه ، فلما
قدموا أخبروا قريشا بذلك(2)، وكان معهم عبد خديجة بنت خويلد ، فرغبت في تزويجه
وهي سيدة نساء قريش ، وقد خطبها كل صنديد ورئيس قد ابتهم ، فزوجته نفسها بالذي
بانها من خبر بحير(3).
ومن ذلك أنه كان بمكة قبل الهجرة أيام ألبت عليه قومه وعشائره ، فأمر عليا
أن يأمر خديجة أن تتخذ له طعاما ففعلت ، ثم أمره أن يدعو له أقرباء‌ه من بني عبدالمطلب
فدعا أربعين رجلا ، فقال : احضر لهم طعاما ياعلي ، فأتاه بثريدة وطعام يأكله الثلاثة و
الاربعة ، فقدمه إليهم ، وقال : كلوا وسموا ، فسمى(4)ولم يسم القوم ، فأكلوا و
صدروا شبعى(5)، فقال أبوجهل : جاد ما سحركم محمد ، يطعم من طعام ثلاثة رجال أربعين
رجلا ، هذا والله السحر(6)الذي لا بعده ، فقال علي عليه السلام : ثم أمرني بعد أيام فاتخذت
له مثله ودعوتهم بأعيانهم فطعموا وصدروا(7).


(1)في نسخة من المصدر : بحيراء ، وكذا فيما يأتى بعد .
(2)تقدم خبره مع بحيرا في الباب الرابع راجع ج 15 : 408 .
(3)تقدم تزوجه بخديجة في الباب الرابع راجع ج 16 : 1 - 81
(4)في نسخة من المصدر : فسميا . أقول : أى النبى صلى الله عليه وآله وعلى عليه السلام .
(5)وشبعوا خ ل وهو الموجود في المصدر .
(6)هو السحر خ ل .
(7)أى رجعوا إلى منازلهم .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه