بحار الأنوار ج57

الصلوة تغير لونه ، فسئل عن ذلك فقال : حضر وقت أمانة عرضها الله على السماوات و
الارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها .
ومما يدل على يكون كون المراد بها الامانة المعروفة ما في نهج البلاغة في جملة وصاياه
للمسلمين : ثم أداء الامانة ، فقد خاب من ليس من أهلها ، إنها عرضت على السماوات
المبنية ، والارض المدحوة ، والجبال ذات الطول المنصوبة ، فلا أطول ولا أعرض ولا
أعظم منها ، ولو امتنع شئ منها بطول أو عرض أو قوة أو عز لا متنعن ، ولكن أشفقن
من العقوبة ، وعقلن ما جهل من هوأضعف منهن وهو الانسان ، إنه كان ظلوما جهولا .
وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول : ابتع لي ثوبا ، فيطلب
في السوق فيكون عنده مثل ما يجدله في السوق ، فيعطيه من عنده ، قال : لا يقربن هذا
ولا يدنس نفسه ، إن الله عزوجل يقول : " إنا عرضنا الامانة - الاية - "
والحق أن الجميع داخل في الاية بحسب بطونها ، كما قيل : إن المراد بالامانة
التكليف بالعبودية لله على وجهها والتقرب بها إلى الله سبحانه كما ينبغي لكل عبد
بحسب استعداده لها ، وأعظمها الخلافة الالهية لاهلها ، ثم تسليم من لم يكن من
أهلها لاهلها ، وعدم ادعاء منزلتها لنفسه ثم سائر التكاليف ، والمراد بعرضها على
السماوات والارض والجبال النظر إلى استعداد هن لذلك ، وبإ بائهن الاباء الطبيعي
الذي هو عبارة عن عدم اللياقة وتحمل الانسان إياها تحمله لهامن غير استحقاق تكبرا
على أهلها ، أومع تقصيره بحسب وصف الجنس باعتبار الاغلب ، فهذه معانيها الكلية
وكل ماورد في تأويلها في مقام يرجع إلى هذه الحقائق كما يظهر عند التدبر والتوفيق
من الله سبحانه .
قال السيد المرتضى - رضي الله عنه - في أجوبة المسائل العكبرية حيث سئل
عن تفسير هذه الاية : إنه لم يكن عرض في الحقيقة على السماوات والارض والجبال
بقول صريح أو دليل ينوب مناب القول ، وإنما الكلام في هذه الاية مجاز اريد به
الايضاح عن عظم الامانة وثقل التكليف بها وشدته على الانسان ، وإن السماوات
والارض والجبال لو كانت مما يقبل لابت حمل الامانة ولم تؤد مع ذلك حقها ، و

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه