حكى ابن حمزة في كتابه في قضاء الصلاة عن الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسين
الشوهاني أنه كان يجوز الاستيجار عن الميت ، واستدل ابن زهرة على وجوب قضاء
الولي الصلاة بالاجماع على أنها تجري مجرى الصوم والحج ، وقد سبقه ابن الجنيد
بهذا الكلام حيث قال : والعليل إذا وجبت عليه الصلاة وأخرها عن وقتها إلى أن
فاتت قضاها عنه وليه كما يقضي حجة الاسلام والصيام ، قال : وكذلك روى أبويحيى
إبراهيم بن سليم عن أبي عبدالله عليه السلام ، فقد سويا بين الصلاة وبين الحج ، ولا ريب
في جواز الاستيجار على الحج .
قلت : هذه المسألة أعني الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الوفات ،
مبنية على مقدمتين إحداهما جواز الصلاة عن الميت ، وهذه إجماعية ، والاخبار
الصحيحة ناطقة بها كما تلوناه ، والثانية أنه كلما جازت الصلاة عن الميت جاز
الاستيجار عنه .
وهذه المقدمة داخلة في عموم الاستيجار على الاعمال المباحة التي يمكن
أن تقع للمستأجر ، ولا يخالف فيها أحد من الامامية ، بل ولا من غيرهم ، لان
المخالف من العامة إنما منع لزعمه أنه لا يمكن وقوعها للمستأجر عنه ، أما من
يقول بامكان وقوعها له ، وهم جميع الامامية ، فلا يمكنه القول بمنع الاستيجار إلا
أن يخرق الاجماع في إحدى المقدمتين ، على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع
من الامامية الخلف والسلف من عهد المصنف وما قبله إلى زماننا هذا ، وقد تقرر
أن إجماعهم حجة قطعية .
فان قلت : فهلا اشتهر الاستيجار على ذلك والعمل به عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة
عليهم السلام كما اشتهر الاستيجار على الحج حتى علم من المذهب ضرورة .
قلت : ليس كل واقع يجب اشتهاره ، ولا كل مشهور يجب الجزم بصحته فرب
مشهور لا أصل له ، ورب متأصل لم يشتهر ، إما لعدم الحاجة إليه في بعض الاحيان
أو لندور وقوعه ، والامر في الصلاة كذلك فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة