بالحكيم " قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا " اعتراف بالعجز والقصور ، وإشعار بأن
سؤالهم كان استفسارا " قال ألم أقل لكم " استحضار لقوله : " أعلم مالا تعلمون " لكنه جاء
به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه ، فإنه تعالى لما علم ما خفي عليهم من امور
السماوات والارض وما ظهر لهم من الاحوال الظاهرة والباطنة علم مالا يعلمون ، وفيه تعريض
بمعاتبتهم على ترك الاولى وهو أن يتوقفوا مترصدين لان يبين لهم . وقيل : " ما تعبدون "
قولهم : " أتجعل فيها " و " ما تكتمون " استيطانهم أنهم أحقاء بالخلافة وأنه تعالى لا يخلق
خلقا أفضل منهم . وقيل : ما أظهروا من الطاعة وأسر منهم إبليس من المعصية .(1)
أقول : سيأتي تمام الكلام في تفسير تلك الآيات وسائر الآيات الواردة في ذلك و
دفع الشبه الواردة عليها في كتاب السماء والعالم .
قوله : " من نفس واحدة " قال الطبرسي رحمه الله . المراد بالنفس هنا آدم " وخلق
منها زوجها " ذهب أكثر المفسرين إلى أنها خلقت من ضلع من أضلاع آدم ، ورووا عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال : " خلقت المرأة من ضلع إن أقمتها كسرتها ، وإن تركتها وفيها عوج
استمتعت بها " وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : أن الله خلق حواء من فضل الطينة التي خلق
منها آدم . وفي تفسير علي بن إبراهيم : أنها خلقت من أسفل أضلاعه .(2)
" خلق الانسان من صلصال " قال البيضاوي : الصلصال الطين اليابس الذي له
صلصلة ، والفخار : الخزف ، وقد خلق الله آدم من تراب جعله طينا ثم حمأ مسنونا(3)
ثم صلصالا(4)فلا يخالف ذلك قوله : " خلقه من تراب " ونحوه .(5)
1 - فس : فقال الله " يا آدم أنبئهم بأسمائهم " فأقبل آدم يخبرهم ، فقال الله : " ألم أقل
لكم " الآية فجعل آدم حجة عليهم .(6)
(1)انوار التنزيل ج 1 : 18 و 19 و 20 . م
(2)مجمع البيان 2 : 204 . م
(3)اى طين اسود متغير منتن .
(4)الصلصال : طين يابس بذلك لانه يصل اى يسمع له صلصلة إذا نقربه .
(5)انوار التنزيل ج 2 : 204 . م
(6)تفسير القمى 38 . م(*).