قال ابن أبي الحديد : قد روى كثير من المحدثين أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
لعلي عليه السلام حين سقط ثم أقيم : " اكفني هؤلاء " لجماعة قصدت نحوه ، فحمل عليهم
فهزمهم ، وقتل منهم عبدالله بن حميد ، ثم حملت عليهم(1)طائفة أخرى فقال له :
اكفني هؤلاء ، فحمل عليهم فانهزموا من بين يديه وقتل منهم أمية بن حذيفة
المخزومي(2).
وقال : جميع من قتل يوم أحد من المشركين ثمانية وعشرون ، قتل علي
عليه السلام منهم ما اتفق عليه وما اختلف فيه اثنى عشر ، وهو إلى جملة القتلى كعدة
من قتل ببدر إلى جملة القتلى يومئذ وهو قريب من النصف(3).
ثم قال : القول فيمن ثبت من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد ، قال
الواقدي : حدثني موسى بن يعقوب ، عن عمته ، عن أمها ، عن المقداد قال : لما
تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله صلى الله عليه وآله تحت راية مصعب بن عمير ، فلما
قتل أصحاب اللواء هزم المشركون الهزيمة الاولى ، وأغار المسلمون على معسكرهم
ينهبونه ، ثم كر المشركون على المسلمين ، فأتوهم عن خلفهم ، فتفرق الناس ،
ونادى رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحاب الالوية فقتل مصعب حامل لوائه ، وأخذ راية
الخزرج سعد بن عبادة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله تحتها وأصحابه محدقون به ، ودفع
لواء المهاجرين إلى أبي الردم أحد بني عبدالدار آخر نهار ذلك اليوم ، ونظرت إلى
لواء الاوس مع أسيد بن حضير فناوشوا المشركين ساعة واقتتلوا على اختلاط من
الصفوف ، ونادى المشركين بشعارهم : يا للعزى يا لهبل ، فأوجعوا(4)والله فينا
قتلا ذريعا(5)، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما نالوا ، لا والذي بعثه بالحق مازال
(1)في المصدر : ثم حملت عليه .
(2)شرح نهج البلاغة 3 : 384 فيه : امية بن ابى حذيفة بن المغيرة المخزومى . وفى
سيرة ابن هشام 3 : 82 أبوامية بن ابى حذيفة بن المغيرة .
(3)شرح نهج البلاغة 3 : 401 .
(4)فارجعوا خ ل .
(5)قتل ذريع أى فظيع .