بحار الأنوار ج69

فما آتاك الله قيل : الفاء للتفريع على قوله : إني رجل منقطع إليكم
فقوله : ما آتاك الله المودة ، وقيل : هو الفقر والاول أظهر مما أخذ منك
أي المال إلى لئام خلقه اللئام جمع اللئيم ، وفي المصباح لؤم بضم الهمزة لؤما
فهو لئيم يقال ذلك للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم ، لان اللؤم ضد الكرم
ويومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا لذلك ، وغيره ممدوح وذمه
لان اللئيم لا يقضي حاجة أحد وربما يلومه في رفع الحاجة إليه ، وإذا قضاه لا
يخلو من منة ، ويمكن أن يشمل الظالم والفاسق المعلن بفسقه ، وفي كثير من
الادعية اللهم لا تجعل لظالم ولا فاسق على يدا ولا منة ، وذلك لان القلب مجبول
على حب من أحسن اليه ، وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى : ولا
تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار (1).
3 كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عمن ذكره
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الفقر الموت الاحمر ، فقلت لابي عبدالله عليه السلام : الفقر
من الدينار والدرهم ؟ فقال : لا ، ولكن من الدين(2).
بيان : قال في النهاية ، وفيه : تعلمون ما في هذه الامة من الموت الاحمر
يعنى القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال : موت أحمر أي شديد ، ومنه
حديث علي عليه السلام : كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله(3)أي إذا اشتدت
الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب
وتسعرت كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار ، وكثيرا ما
يطلقون الحمرة على الشدة .
ولكن من الدين نظيره قول أميرالمؤمنين عليه السلام : الفقر والغنى بعد
العرض على الله(4)والمعنى أنهما يظهران بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وآله


(1)هود : 13 .
(2)الكافي ج 2 ص 266 .
(3)نهج البلاغة ج 2 ص 206 .
(4)نهج البلاغة ج 2 ص 250 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه