بحار الأنوار ج4

الحقيقه ، ويقال : فلان واحد الناس أي لا نظيرله فيما يوصف به ، والله واحد لامن عدد
لانه عزوجل لايعد في الاجناس ، ولكنه واحد ليس له نظير ، وقال بعض الحكماء
في الواحد والاحد : إنما قيل : الواحد لانه متوحد ، والاول لاثاني له(1)ثم
ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم إلى بعض ، والواحد من العدد في الحساب ليس قبله
شئ بل هو قبل كل عدد ، والواحد كيف ما أردته أو جزأته لم يزد فيه شئ ولم ينقص منه
شئ ، تقول : واحد في واحد فلم يزد عليه شئ ولم يتغير اللفظ عن الواحد فدل أنه لا
شئ قبله ، وإذا دل أنه لا شئ قبله دل أنه محدث الشئ ، وإذا كان هو مفني الشئ دل
أنه لا شئ بعده فإذا لم يكن قبله شئ ولا بعده شئ فهو المتوحد بالازل فلذلك قيل :
واحد أحد ، وفي الاحد خصوصية ليست في الواحد تقول : ليس في الدار واحد يجوز
أن واحدا من الدواب أو الطير أو الوحوش أو الانس لايكون في الدار ، وكان الواحد
بعض الناس وغير الناس ، وإذا قلت : ليس في الدار أحد فهو مخصوص للآدميين دون
سائرهم ، والاحد ممتنع من الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شئ من الحساب ،
وهو متفرد بالاحدية ، والواحد منقاد للعدد والقسمة وغيرهما داخل في الحساب تقول :
واحد واثنان وثلاثة ، فهذا العدد والقسمة والواحد علة العدد وهو خارج من العدد و
ليس بعدد ، وتقول : واحد في اثنين أو ثلاثة فما فوقها ، وتقول في القسمة : واحد بين اثنين ،
أو ثلاثة لكل واحد من الاثنين واحد ونصف ، ومن الثلاثة ثلث فهذه القسمة ، والاحد
ممتنع في هذه كلها لايقال : أحد واثنان ، ولا أحد في أحد ، ولايقال : أحد بين اثنين ،
والاحد والواحد وغيرهما من هذه الالفاظ كلها مشتقة من الوحدة
" الصمد " : معناه السيد ، ومن ذهب إلى هذا المعنى جازله أن يقول له : لم يزل
صمدا ، ويقال للسيد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمرا دونه : صمد ، وقد قال الشاعر :
علوته بحسام ثم قلت له * خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وللصمد معنى ثان وهو أنه المصمود إليه في الحوائج يقال : صمدت صمد هذا
الامر أي قصدت قصده ، ومن ذهب إلى هذا المعنى لم يجزله أن يقول : لم يزل صمدا


(1)وفى نسخة : لاثانى معه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه