بحار الأنوار ج79

لا يعرفه ، ونجي هم ما كان يجده ، وتولدت فيه فتراب علل آنس ما كان بصحته .
ففزع إلى ما كان عوده الاطباء من تسكين الحار بالقار ، وتحريك البارد
بالحار ، فلم يطفئ ببارد إلا ثور حرارة ، ولا حرك بحار إلا هيج برودة ، ولا
اعتدل بممازج لتلك الطبائع إلا أمد منها كل ذات دآء حتى فترمعلله ، وذهل
ممرضه ، وتعايا أهله بصفة دائه ، وخرسوا عن جواب السائلين عنه ، وتنازعوا دونه شجى
خبر يكتمونه فقائل هو لما به ، وممن لهم إياب عافيته ، ومصبرلهم على فقده ،
يذكرهم اسى الماضين من قبله .
فبينا هو كذلك على جناح من فراق الدنيا ، وترك الاحبة ، إذ عرض له
عارض من غصصه ، فتحيرت نوافذ فطنته ، ويبست رطوبة لسانه ، فكم من مهم من
جواب عرفه فعي عن رده ، ودعاء مولم لقلبه سمعه فتصام عنه ، من كبير كان يعظمه
أو صغير كان يرحمه ، وإن للموت لغمرات هي أفظع من أن تستغرق بصفة ، أو تعتدل
على عقول أهل الدنيا(1).
بيان : قيل : نزلت سورة التكاثر في اليهود ، قالوا نحن أكثر من بني فلان
وبنو فلان أكثر من بني فلان ، حتى ماتوا ضلالا ، وقيل : في فخذ من الانصار
وقيل : في حيين من قريش : بني عبد مناف بن قصي وبني سهم بن عمرو ، تكاثرا
فعدوا أشرافهم فكثرهم بنو عبدمناف ثم قالوا : نعد موتانا حتى زاروا القبور
وقالوا هذا قبر فلان ، وهذا قبر فلان ، فكثرهم بنوسهم ، لانهم كانوا أكثر عددا
في الجاهلية .
وكلامه عليه السلام يدل على الاخير(ألهيكم التكاثر)أي شغلكم عن طاعة الله ،
وعن ذكر الاخرة التكاثر بالاموال والاولاد والتفاخر بكثرتها ،(حتى زرتم المقابر)
أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال ، ولم تنوبوا ، أو حتى عددتم الاموات
في القبور .
(يا له مراما ما أبعده)اللام للتعجب كقولهم يا للدواهي و(مراما وزورا


(1)نهج البلاغة تحت الرقم 219 من قسم الخطب .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه