أبي بصير قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام في السنة التي قبض فيها أبوعبدالله عليه السلام
فقلت : جعلت فداك ما لك ذبحت كبشا ونحر فلان بدنة ؟ فقال : يا أبا محمد إن نوحا
كان في السفينة وكان فيها ماشاء الله ، وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت وهو طواف
النساء وخلى سبيلها نوح ، فأوحى الله عزوجل إلى الجبال أني واضع سفينة نوح
عبدي على جبل منكن ، فتطاولت وشمخت وتواضع الجودي وهو جبل عندكم
فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل ، قال : فقال نوح عند ذلك : يا ماري أتقن ، وهو بالسريانية
رب أصلح ! قال : فظننت أن أبا الحسن عرض بنفسه(1).
تبيين في السنة التي قبض فيها أي بعد القبض ، وكان أول إمامته لا قبله
كما قيل : والمراد بفلان أحد الاشراف الذين كانوا يعدون أنفسهم من أقرانه
وكان أي نوح عليه السلام فيها أي في السفينة ماشاء الله من الزمان أي زمانا
طويلا ، ويحتمل أن يكون ما شاء الله اسم كان أي ماشاء الله حفظه من المؤمنين
والحيوانات والاشجار والحبوب وكل ما يحتاج إليه بنو ادم ، والاول أظهر
واختلف في مدة مكثه عليه السلام في السفينة فقيل : سبعة أيام كما روي عن
الصادق عليه السلام وفي رواية اخرى مائة وخمسون يوما ، وقيل : ستة أشهر ، وقيل :
خمسة أشهر .
وكانت السفينة مأمورة أي بأمر الله تعالى يذهب به حيث أراد ، وقيل :
بأمر نوح قالوا : كان إذا أراد وقوفها قال : بسم الله فوقفت ، وإذا أراد جريها
قال : بسم الله فجرت ، كما قال تعالى : بسم الله مجريها ومرسيها (2) فطافت
بالبيت كأنه لما دخلت السفينة الحرم ، أحرم عليه السلام بعمرة مفردة ، وطواف
النساء للاحلال منها ، بأن أتى ببقية الافعال قبله ، والتخصيص لبيان أن في شرعه
أيضا كان طواف النساء ، ويحتمل أن يكون في شرعه عليه السلام هذا مجزيا عن
طواف الزيارة ، والاول أظهر ، بل يحتمل أن يكون الاحرام للحج وأتى بجميع
أفعاله كما مر في كتاب النبوة عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : إن
(1)الكافى ج 2 124 .(2)هود : 41 .