بحار الأنوار ج104

كانت وفاة شيخنا الاعظم الشهيد الاكرم أعنى شمس الدين محمدبن مكى قدس
سره وفي حظيرة القدس سره تاسع جمادى الاولى سنة ست وثمانين وسبعمائة ، قتل
بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم احرق ببلدة دمشق ، لعن الله الفاعلين لذلك والراضين
به في دولة بيدمر وسلطنة برقوق بفتوى المالكي يسمى برهان الدين وعباد بن
جماعة الشافعي ، وتعصب عليه في ذلك جماعة كثيرة بعد أن حبس في القلعة الدمشقية
سنة كاملة
وكان سبب حبسه أن وشى به تقى الدين الخيامي بعد جنونه وظهوره أمارة
الارتداد منه أنه كان عاملا ثم بعد وفات هذا الواشي قام على طريقته شخص اسمه
يوسف بن يحيى وارتد عن مذهب الامامية وكتب محضرا شنع فيه على الشيخ شمس
الدين محمدبن مكى ماقالته الشيعة ومعتقداتهم ، وأنه كان أفتى بها الشيخ ابن مكى وكتب

في ذلك المحضر سبعون نفسا من أهل الجبل ممن يقول بالامامة والتشيع ، وارتدوا
عن ذلك ، وكتبوا خطوطهم تعصبا مع يوسف بن يحيى في هذا الشأن وكتب في هذا ما
يزيد على الالف من أهل السواحل من المتسنين وأثبتوا ذلك عند قاضي بيروت ، و
قيل قاضي صيدا ، وأتوا بالمحضر إلى القاضي ابن جماعة لعنه الله بدمشق فنفذه إلى
القاضي المالكى وقال له : تحكم فيه بمذهبك ، وإلا عزلتك
فجمع ملك الامراء بيدمر لعنه الله القضاء والشيوخ لعنهم الله جميعا وأحضروا
الشيخ رحمه الله وأحضرو المختصر وقرئ عليه ، فأنكر ذلك وذكر أنه غير معتقد له
مراعيا للتقيه الواجبة ، فلم يقبل ذلك منه ، وقيل له : قد ثبت ذلك شرعا ولا ينتقض
حكم القاضي
فقال الشيخ للقاضي ابن جماعة : إني شافعى المذهب وأنت إمام المذهب و
قاضيه ، فاحكم في بمذهبك ، وإنما قال الشيخ ذلك لان الشافعي يجوز توبة المرتد
عنده ، فقال ابن جماعة : حينئذ على مذهبي يجب حبسك سنة كاملة ، ثم استتابتك
أما الحبس فقد حبست ولكن أنت استغفر الله حتى أحكم باسلامك ، فقال الشيخ : مافعلت
ما يوجب الاستغفار خوفا من أن يستغفر فيثبتوا عليه الذنب ، فاستغلطه ابن جماعة لعنه الله

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه