فهي ههنا بمعنى الامام ، ويشهد بذلك قوله تعالى : " من ورائه جهنم "(1)يعنى من قدامه
وبين يديه ، وقال الشاعر :
ليس على طول الحياة ندم * ومن وراء المرء ما يعلم(2)
ولا شبهة في أن المراد بجميع ذلك القدام ، وقال بعض أهل العربية : إنما صلح أن
يعبر بالوراء عن الامام إذا كان الشئ المخبر عنه بالوراء يعلم أنه لابد من بلوغه ثم سبقه
وتخليفه .(3)
ووجه آخر : أنه يجوز أن يريد أن ملكا ظالما كان خلفهم وفي طريقهم عند
رجوعهم على وجه لا انفكاك لهم منه ولا طريق لهم غير المرور به ، فخرق السفينة حتى لا يأخذها
إذا عادوا عليه ، ويمكن أن يكون وراءهم على وجه الاتباع والطلب ، والله أعلم بمراده .(4)
53 - مهج : روي أن الخضر وإلياس يجتمعان في كل موسم فيفترقان عن هذا
الدعاء وهو : بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، ما شاء الله كل نعمة فمن الله ، ما شاء الله الخير
كله بيد الله عزوجل ، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله .(5)
54 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال الخضر لموسى عليه السلام : يا موسى إن أصلح يوميك(6)الذي هو أمامك ،
(1)ابراهيم : 16 .
(2)في المصدر : ومن وراء المرء مالا يعلم . وهو الصحيح وبعده : وقال الاخر :
أليس ورائى إن تراخت منيتى * لزوم العصا تحنى عليها الاصابع
(3)في المصدر ههنا زيادة وهى هذه : فتقول العرب : البرد وراءك وهو يعنى قدامك لانه قد علم
أنه لابد من أن يبلغ البرد ثم يسبق .
(4)تنزيه الانبياء : 81 - 87 .
(5)مهج الدعوات : 463 .
(6)أى يوم الدنيا ويوم الاخرة ، واليوم الذى أمامه الاخرة ، وكونه أصلح المراد به أنه أحرى و
أولى بان يراعى ويسعى في اصلاحه ويتوقع النفع منه فانه ومنافعه أبدى ، والدنيا ومنافعه فان ، فانظر
أى يوم هو أى يوم راحة او يوم تعب ومشقة ، أو المراد باليوم الثانى يوم القيامة وبقوله فانظر أى يوم هو أى
تذكر احوال هذا اليوم واهواله وصعوبته والسؤال والحساب فيه ، فأعد له وحاسب نفسك قبل ذلك ، وخذ
موعظتك من الدهر واهله بالتفكر في فنائها وسرعة انقضائها والنظر في عواقب السعداء والاشقياء . قاله
المصنف في المرآت . وقد ذكره الكلينى باسناد آخر في الروضة : 46 في حديث طويل وهو هكذا : وإن
أصلح ايامك الذى هو أمامك ، فانظر أى يوم هو فأعد له الجواب ، فانك موقوف ومسؤول ،
وخذ موعظتك من الدهر وأهله فان الدهر طويله قصير وقصيره طويل ، وكل شئ فان ، فاعمل
كانك ترى ثواب عملك اه .(*)