بحار الأنوار ج69

عظيم ، ولكن دون ماقبله ، وكأنه على الشطر من الاول وعقابه نصف عقابه .
القسم الثاني : الرياء بأوصاف العبادات لا باصولها وهي أيضا على ثلاث
درجات .
الاولى أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة ، كالذي غرضه أن يخفف
الركوع والسجود ولا يطول القراء‌ة فاذا رآه الناس أحسن الركوع ، وترك
الالتفات ، وتمم القعود بين السجدتين ، وقد قال ابن مسعود : من فعل ذلك فهو
استهانة يستهين بها ربه .
فهذا أيضا من الرياء المحظور لكنه دون الرياء باصول التطوعات ، فان
قال المرائي : إنما فعلت ذلك صيانة لالسنتهم عن الغيبة ، فانهم إذا رأوا تخفيف
الركوع والسجود وكثرة الالتفات أطلقوا اللسان بالذم والغيبة ، فانما قصدت
صيانتهم عن هذه المعصية ، فيقال له : هذه مكيدة للشيطان وتلبيس ، وليس الامر
كذلك ، فان ضررك من نقصان صلاتك وهي خدمة منك لمولاك ، أعظم من ضررك
من غيبة غيرك . فلو كان باعثك الدين لكان شفقتك على نفسك أكثر .
نعم للمرائي فيه حالتان إحداهما أن يطلب بذلك المنزلة والمحمدة عند
الناس ، وذلك حرام قطعا ، والثانية أن يقول : ليس يحضرني الاخلاص في تحسين
الركوع والسجود ، ولو خففت كان صلاتي عند الله ناقصة ، وآذاني الناس
بذمهم وغيبتهم ، وأستفيد بتحسين الهيئة دفع مذمتهم ولا أرجو عليه ثوابا هو خير
من أن أترك تحسين الصلاة فيفوت الثواب ، وتحصل المذمة ، فهذا فيه أدنى نظر
فالصحيح أن الواجب عليه أن يحسن ويخلص ، فان لم يحضره النية فينبغي أن
يستمر على عبادته في الخلوة وليس له أن يدفع الذم بالمراء‌ات بطاعة الله فان
ذلك استهزاء .
الثانية أن يرائي بفعل مالا نقصان في تركه ، ولكن فعله في حكم التكملة
والتتمة لعبادته ، كالتطويل في الركوع والسجود ، ومد القيام وتحسين الهيئة
في رفع اليدين ، والزيادة في القراء‌ة على السورة المعتادة ، وأمثال ذلك ، وكل

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه