بحار الأنوار ج14

" وسيدا " في العلم والعبادة ، وقيل : في الحلم والتقوى(1)وحسن الخلق ، وقيل : كريما على
ربه ، وقيل : فقيها عالما ، وقيل : مطيعا لربه ، وقيل : مطاعا ، وقيل : سيدا للمؤمنين بالرئاسة
عليهم ، والجميع يرجع إلى أصل واحد " وحصورا " وهو الذي لايأتي النساء ، عن ابن عباس و
ابن مسعود والحسن وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ،(2)ومعناه أنه يحصر نفسه
عن الشهوات أي يمنعها ، وقيل : الحصور إنه لايدخل(3)في اللعب والاباطيل ، عن المبرد
وقيل : العنين ، وهذا لا يجوز على الانبياء لانه عيب وذم ، ولان الكلام خرج مخرج
المدح " ونبيا من الصالحين " أي رسولا شريفا رفيع المنزلة من جملة الانبياء " قال رب
أنى يكون " أي من أين يكون ؟ وقيل : كيف يكون " لي غلام(4)وقد بلغني الكبر "
أي أصابني الشيب ونالني الهرم ، قال ابن عباس : كان يومئذ ابن عشرين ومائة سنة ، و
كانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة " وامرأتي عاقر " أي عقيم لا تلد ، فإن قيل : لم راجع
زكريا هذه المراجعة وقد بشره الله بأن يهب له ذرية طيبة ؟ قيل : إنما قال ذلك على سبيل
التعرف عن كيفية حصول الولد ، أيعطيهما وهما على ماكانا عليه من الشيب أم يصرفهما
إلى حال الشباب ثم يرزقهما الولد ؟ ويحتمل أن يكون اشتبه الامر عليه أن يعطيه الولد
من امرأته العجوز أم من امرأة أخرى شابة ، فقال تعالى : " كذلك " وتقديره كذلك الامر
الذي أنتما عليه وعلى تلك الحال " الله يفعل مايشاء " معناه : يرزقك الله الولد منها فإنه
هين عليه ، وقيل فيه وجه آخر وهو أنه إنما قال ذلك على سبيل الاستعظام لمقدور الله
تعالى والتعجب الذي يحصل للانسان عند ظهور آية عظيمة ، كمن يقول لغيره : كيف
سمحت نفسك لاخراج ذلك المال النفيس من يدك ؟ تعجبا من جوده ، وقيل : إنه قال
ذلك على وجه التعجب من أنه كيف أجابه الله إلى مراده فيما دعا وكيف استحق لذلك ،(5)


(1)في المصدر : في العلم والتقى .
(2)في المصدر : عن أبي عبدالله عليه السلام .
(3)في المصدر : الحصور : الذي لايدخل في اللعب .
(4)في المصدر : اي ولد .
(5)في المصدر وكيف استحق ذلك .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه