المعاهدة مع الكفار كما عرفت ، ويحتمل التعميم ، وكون قطع الارحام سببا
لجعل الاموال في أيدي الاشرار مجرب وله أسباب باطنة وظاهرة ، فعمدة الباطنة
قطع لطف الله تعالى عنهم ، ومن الظاهرة أنهم لا يتعاونون في دفع الظلم ، فيتسلط
عليهم الاشرار ، ويأخذون الاموال منهم ، ومنها أنهم يدلون بأموالهم إلى الحكام
الجائرين لغلبة بعضهم على بعض ، فينتقل أموالهم إليهم .
وإذا لم يأمروا بالمعروف قيل : يحتمل ترتب التسليط على ترك كل
واحد منهما أوتركهما معا ، وأقول : الثاني اظهر مع أنكلا منهما يستلزم الآخر
فان ترك كل معروف منكر ، وترك كل منكر معروف ، والمراد بالخيار الفاعلون
للمعروف الآمرون به ، والتاركون للمنكر الناهون عنه ، وعدم استجابة دعائهم
لاستحكام الغضب وبلوغه حد الحتم والابرام ، الا يرى أنه لم تقبل شفاعة خليل
الرحمن عليه السلام لقوم لوط ؟ ويحتمل أن يكون المراد بالخيار الذين لم يتركوا
المعروف ولم يرتكبوا المنكر لكنهم لم يأمروا ولم ينهوا . فعدم استجابة دعائهم
لذلك كأصحاب السبت فان العذاب نزل على المعتدين والذين لم ينهوا معا ، وعدم
استجابة دعاء المؤمنين لظهور القائم عليه السلام يحتمل الوجهين .
واعلم أن عمدة ترك النهي عن المنكر في هذه الامة ما صدر عنهم بعد الرسول
صلى الله عليه وآله في مداهنة خلفاء الجور ، وعدم اتباع أئمة الحق عليهم
فتسلط عليهم خلفاء الجور من التيمي والعدوي وبني أميه وبني العباس ، وسائر
الملوك الجائرين ، فكانوا يدعون ويتضرعون فلا يستجاب لهم ، وربما يخص
الخبر بذلك لقوله : ولم يتبعوا الاخيار من أهل بيتي والتعميم أولى .
4 ب : عن هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : إن الله
تبارك وتعالى أنزل كتابا من كتبه على نبي من أنبيائه ، وفيه أنه سيكون خلق
من خلقي يلحسون الدنيا بالدين ، يلبسون مسوك الضأن على قلوب كقلوب الذئاب
أشد مرارة من الصبر ، ألسنتهم أحلا من العسل ، وأعمالهم الباطنة أنتن من الجيف
أفبي يغترون ؟ أم إياي يخدعون ؟ أم علي يتجبرون ؟ فبعزتي حلفت لابتعثن