بحار الأنوار ج38

ذلك مثل إنكاحه ابنته الزهراء سيدة نساء العالمين ، ومواخاته إياه بنفسه ، وإنه لم يندبه
لامر مهم ولا بعثه في جيش قط إلى آخر عمره إلا كان هو الوالي عليه المقدم فيه ، ولم
يول عليه أحدا من أصحابه وأقربيه ، وأنه لم ينقم(1)عليه شيئا من أمره مع طول صحبته
إياه ، ولا أنكر منه فعلا ولا استبطأه ولا استزاده في صغير من الامور ولا كبير ، هذا مع
كثرة ما عاتب سواه من أصحابه إما تصريحا وإما تلويحا .
واما ما يجري في هذه الافعال من الاقوال الصادرة عنه صلى الله عليه وآله الدالة على تميزه
ممن سواه المنبئة عن كمال عصمته وعلو رتبته فكثيرة ، ممها قوله يوم احد وقد انهزم
الناس وبقي علي عليه السلام يقاتل القوم حتى فض جمعهم(2)وانهزموا فقال جبرئيل : إن
هذه لهي المواساة ، فقال صلى الله عليه وآله لجبرئيل : علي مني وأنا منه ، فقال جبرئيل : وأنا منكما
فأجراه مجرى نفسه كما جعله الله سبحانه نفس النبي في آية المباهلة بقوله :(وأنفسنا(3)).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله لبريدة : يا بريدة لا تبغض عليا فإنه مني وأنا منه ، إن الناس
خلقوا من أشجار شتى وخلقت أنار و علي من شجرة واحدة .
ومنها قوله صلى الله عليه وآله : علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار .
ومنها ما اشتهرت به الرواية من حديث الطائر وقوله صلى الله عليه وآله : اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء علي عليه السلام .
ومنها قوله صلى الله عليه وآله لابنته الزهراء لما عيرتها نساء قريش بفقر علي : أما ترضين يا
فاطمة أني زوجتك أفدمهم سلما وأكثرهم علما ؟ إن الله عزوجل اطلع إلى أهل
الارض(4)اطلاعة فاختار منهم أباك فجعله نبيا ، واطلع عليهم ثانية فاختار منهم بعلك
فجعله وصيا ، وأوحى إلي أن انكحكه ، أما علمت يا فاطمة أنك بكرامة الله إياك زوجتك
أعظمهم حلما وأكثرهم علما وأقدمهم سلما ؟ فضحكت فاطمة عليهما السلام واستبشرت ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : يا فاطمة إن لعلي ثمانية أضراس قواطع لم تجعل لاحد من الاولين


(1)نقم الامر على فلان : أنكره عليه وعابه وكرهه أشد الكراهة لسوء فعله .
(2)فض القوم : فرقهم .
(3)سورة آل عمران : 61 .
(4)في المصدر : على أهل الارض .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه