بحار الأنوار ج79

عمله ، وينزل منه رزقه ، فاذا مات بكيا عليه ، وذلك قول الله عزوجل :(فما
بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين)(1).
وقال الكراجكي ره بعد إيراد الخبر : هذه الاية نزلت في قوم فرعون
وإهلاكهم ، وفيها وجوه من التأويل أحدها ماورد في هذا الخبر ، ومعنى البكاء
ههنها الاخبار عن الاختلال بعده ، كما يقال بكى منزل فلان بعده . قال مزاحم
العقيلي :
بكت دارهم من بعدهم فتهللت
دموعي فأي الجازعين ألوم
أمستعبرا يبكي من الهون والبلا * وآخر يبكي شجوه ويهيم
فاذا لم يكن لهؤلاء القوم الذين أخبر الله تعالى ببوارهم مقام صالح في الارض
ولا عمل كريم يرفع إلى السماء جاز أن يقال : فما بكت عليهم السماء والارض ، و
قد روي عن ابن عباس أنه قيل له : وقد سئل عن هذه الاية أتبكي السماء والارض
على أحد ؟ فقال : نعم ، مصلاه في الارض ومصعد عمله في السماء .
والثاني أن يكون تعالى أراد المبالغة في وصف القوم بصغر القدر وسقوط
المنزلة ، لان العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالهالك ، قالت : كسفت لفقده
الشمس ، وأظلم القمر ، وبكاه الليل والنهار والسماء والارض قال جرير يرثي
عمر بن عبدالعزيز :
الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل والقمر
والثالث أن يكون الله تعالى أراد ببكائهما بكاء أهلهما كما في قوله تعالى :
(واسأل القرية)(2).
والرابع أن يكون المعنى لم يأخذ آخذ بثارهم ، ولا أحد انتصرلهم لان
العرب كانت لاتبكي على قتيل إلا بعد الاخذ بثاره ، فكني بهذا اللفظ عن فقد
الانتصار والاخذ بالثار ، على مذهب القوم الذين خوطبوا بالقرآن .


(1)الدخان : 29 .
(2)يوسف : 82 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه