بحار الأنوار ج23

وفاتهما الحكمة ، فحقهما حق الحياة الروحانية ، فإن حياة الروح بالعلم
والحكمة ، وحق والدي الجسم لمدخليتهما في الحياة الجسمانية منقضية
بالموت ، وتلك باقية أبدية ، وميراث الاخيرين المال الذي لا ينتفع به إلا في الحياة
الفانية ، وميراث الاولين العلم والحكمة الباقيان في ملك الابد ، فهما أولى بالذكر
والشكر والطاعة ، والدليل على ذلك ، أي على أن المراد بالوالدين النبي والوصي
صلى الله عليهما لفظ الوالدين ، فإن المجاز في التغليب ليس بأولى من المجاز في
أصل الكلمة ، والمرجحات المذكورة ترجح الثاني ، فالحمل عليه أظهر ، و
يحتمل إرجاع الاشارة إلى كون المصير إلى الله أو كيفية ، وعلى التقادير قوله :
" حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين " يأبى عن هذا التأويل ، ويمكن أن
يتكلف بوجوه :
الاول أن تكون جملة " حملته امه " معترضة لبيان أشدية حق الوالدين في
العلم على والدي النسب بأن لهما مدخلية في التربية في زمان قليل في قوام البدن
الفاني ، والوالدان الروحانيان حقوقهما باقية عليه ما بقي الدنيا وفي
الآخرة أبدا .
والثاني أن يراد بالوالدين أولا المعنى الحقيقي ، وثانيا المعنى المجازي
بتقدير عطف أو فعل ، بأن يكون الباء في " بوالديه " سببية لاصلة ، أي وصيناه
بسبب رعاية والديه الجسمانيين ، ووجوب رعايتهما عقلا ونقلا الشكر لوالديه
الروحانيين ، فإنهما أحرى بذلك ، ويؤيده ضم الشكر لله في الثاني دون الاول .
الثالث أن يكون ظهر الآية للوالدين الجسمانيين ، وبطنهما للروحانيين
بتوسط أنهما أحق بذلك ، وهذا وجه قريب يجري في كثير من التأويلات الواردة في
الآيات ، ثم عطف القول : أي صرف الكلام . ابن حنتمة : وهو عمر ، وصاحبه
أبوبكر قال الفيروزآبادي : حنتمة بنت ذي الرمحين ام عمر بن الخطاب .
قوله عليه السلام : في الخاص والعام ، أي الخطاب متوجه إلى الرسول حيث
جادلوه في الوصية إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، ويعم الخطاب أيضا كل من كلفاه

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه