بحار الأنوار ج72

الاخذ بأعلاها في باب نيل الثواب .
وقال المحقق الاردبيلي قدس الله روحه بعد ذكر بعض تلك الايات :
فيها دلالة على جواز القصاص في النفس والطرف والجروح ، بل جواز التعويض
مطلقا حتى ضرب المضروب ، وشتم المشتوم ، بمثل فعلهما ، فيخرج ما لا يجوز
التعويض والقصاص فيه ، مثل كسر العظام ، والجرح والضرب في محل الخوف
والقذف ونحو ذلك وبقي الباقي ، وأيضا تدل على جواز ذلك من غير إذن الحاكم
والاثبات عنده والشهود وغيرها ، وتدل على عدم التجاوز عما فعل به ، وتحريم
الظلم والتعدي ، وعلى حسن العفو ، وعدم الانتقام ، وأنه موجب للاجر العظيم
انتهى .(1).
وأقول : ربما يشعر كلام بعض الاصحاب بعدم جواز المقابلة ، وأنه أيضا
يستحق التعزير كما مر في كلام الراوندي وقال الشهيد الثاني رحمه الله عند شرح
قول المحقق قدس سره قيل : لا يعزر الكافر مع التنابز بالالقاب والتعيير بالامراض
إلا أن يخشى حدوث فتنة فيحسمها الامام بما يراه : القول بعدم تعزيرهم على ذلك
مع أن المسلم يستحق التعزير به ، هو المشهور بين الاصحاب ، بل لم يذكر كثير
منهم فيه خلافا وكأن وجهه تكافؤ السب والهجاء من الجانبين ، كما يسقط الحد
عن المسلمين بالتقاذف لذلك ولجواز الاعراض عنهم في الحدود والاحكام فهنا أولى
ونسب القول إلى القيل مؤذنا بعدم قبوله ، ووجهه أن ذلك فعل محرم يستحق
فاعله التعزير ، والاصل عدم سقوطه بماقبلة الاخر بمثله ، بل يجب على كل منهما
ما اقتضاه فعله ، فسقوطه يحتاج إلى دليل كما يسقط عن المتقاذفين بالنص انتهى .
ولا يخفى عليك ضعفه بعد ما ذكرنا ، وأما رواية أبي مخلد السراج عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل دعا آخر ابن المجنون
فقال له الاخر : أنت ابن المجنون ، فأمر الاول أن يجلد صاحبه عشرين جلدة
وقال له : اعلم أنك ستعقب مثلها عشرين فلما جلده أعطى المجلود السوط فجلده


(1)زبدة البيان كتاب الجنايات في الاية التاسعة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه