الاكمه والابرص ، وإسقاط يد بغير جارحة ، أو وصل يد مقطوع ، أو إجراء الماء
الكثير من بين الاصابع أو من حجر صغير وأشباه ذلك .
والظاهر أن الاماتة أيضا كذلك ، فإنه بعيد أن يقدر الانسان على أن يقتل
رجلا بغير ضرب وجرح وسم وتأثير ظاهر في بدنه ، وإن أمكن أن يكون الله تعالى
جعل لبعض الاشياء تأثيرا في ذلك ونهى عن فعله ، كما أنه سبحانه جعل الخمر مسكرا
ونهى عن شربه ، وجعل الحديد قاطعا ومنع من استعماله في غير ما أحله ، وكذا التمريض ، لكنه أقل استبعادا .
فان قيل : مع تجويز ذلك يبطل كثير من المعجزات ، ويحتمل فيه السحر .
قلنا : قد مر أن المعجزة تحدث عند طلبها بلا آلات وأدوات ومرور زمان
يمكن فيه تلك الاعمال ، بخلاف السحر ، فإنه لا يحصل إلا بعد استعمال تلك الامور
ومرور زمان . وأيضا الفرق بين السحر والمعجز(ة) بين عند العارف بالسحر وحقيقته
ولذا حكم بعض الاصحاب بوجوب تعلمه كفاية . ويروى عن شيخنا البهائي قدس الله
روحه أنه لو كان خروج الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وآله مع قبض يده وصم أصابعه
إلى كفه كان يحتمل السحر ، وأما مع بسط الاصابع وتفريجها فلا يحتمل السحر ،
وذلك واضح وعند من له دربة(1)في صناعة السحر .
وأيضا معجزات الانبياء لا تقع على وجه تكون فيه شبهة لاحد ، إلا أن يقول
معاند بلسانه ما ليس في قلبه ، فإن الساحر ربما يخيل ويظهر قطرات من الماء من
بين أصابعه أو كفه أن من حجرصغير ، وأما أن يجري أنهار كبيرة بمحض ضرب العصا
أو يروي كثيرا من الناس والدواب بما يجري من بين أصابعه بلا معاناة عمل أو استعانة
بآلة ، فهذا مما يعرف كل عاقل أنه لا يكون من السحر . وكذا إذا دعا على أحد
فمات أو مرض من ساعته ، فإن مثل هذا لا يكون سحرا بديهة .
وأما جهة تأثيره فما كان من قبيل التخييلات والشعبدة فأسبابها ظاهرة عند
العاملين بها تفصيلا ، وعند غيرهم إجمالا ، كما مر في سحر سحرة فرعون ، واستعانتهم
(1)درب دربا ودربة : كان حاذقا في صناعته .