بحار الأنوار ج21

يجاهدوا مع المسلمين ، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن فعلوا فاقبل منهم
واكفف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ، وإن إنت حاصرت أهل حصن أو
مدينة فأرادوا إن تستنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ، وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادواأن تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله
ولكن اجعل لهم دمتك وذمة أبيك وذمة أصحابك ، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم
آبائكم خير لكم من أن تخفروا وذمة الله وذمة رسوله .
قال الواقدي : وروى أبوصفوان عن خالدبن بريد(1)قال : خرج النبي
صلى الله عليه واله مشيعا لاهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع فوقف ووقفوا حوله ، فقال : " اغزوا
بسم الله فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام ، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين
الناس فلاتعرضوا لهم ، وستجدون آخرين للشيطان في رؤسهم مفاحص(2)فاقلعوها
بالسيوف ، لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا ، ولا كبيرا فانيا ، ولا تقطعن نخلا ولا
شجرا ، ولا تهد من بناء " قال : فلما ودع عبدالله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه واله قال
له : مرني(3)بشئ أحفظه عنك ، قال : " إنك قادم غدا بلدا السجود به قليل
فأكثر(4)السجود " فقال : عبدالله : زدني يا رسول الله ، قال ، " اذكر الله فإنه عون
لك على ما تطلب " فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهبا رجع ، فقال : يا رسول الله
إن الله وتريحب الوتر ، فقال : " يا ابن رواحة ما عجزت فلا تعجز - إن أسأت عشرا -
أن تحسن واحدة " فقال ابن رواحة : لا أسألك عن شئ بعدها .


(1)في المصدر : وحدثنى ابوصفوان عن خالد بن يزيد .
(2)في النهاية : المفحص مفعل من الفحص كالافحوص وجمعه مفاحص ، ومنه الحديث انه
اوصى امراء جيش مؤته : ستجدون آخرين للشيطان في رؤسهم مفاحص فافلقوها بالسيوف ، اى
ان الشيطان قد استوطن رؤسهم فجعله له مفاحص كما تستوطن القطا مفاحصها ، وهو من الاستعارات
اللطيفة لان من كلامهم اذا وصفوا انسانا بشدة الغى والانهماك في الشر قالوا : قد فرخ الشيطان في
رأسه . وعشش في قلبه .
(3)في المصدر : اؤ مرنى .(4)في المصدر : فاكثروا السجود .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه