للحسنات وعلامات للسيئات في الكفتين فتراها الناس ، عن الجبائي ، وقيل : تظهر
للحسنات صورة حسنة ، وللسيئات صورة سيئة ، عن ابن عباس ، وقيل : توزن نفس
المؤمن والكافر ، عن عبيد بن عمير ، قال : يؤتى بالرجل العظيم الجثة فلا يزن جناح بعوضة .
وثالثها : أن المراد بالوزن ظهور مقدار المؤمن في العظم ومقدار الكافر في الذلة كما
قال سبحانه : " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " فمن أتى بالعمل الصالح الذي يثقل وزنه
أي يعظم قدره فقد أفلح ، ومن أتى بالعمل السيئ الذي لا وزن له ولا قيمة فقد خسر
" فمن ثقلت موزاينه " إنما جمع الموازين لانه يجوز أن يكون لكل نوع من أنواع
الطاعات يوم القيامة ميزان ، ويجوز أن يكون كل ميزان صنفا من أصناف أعماله ، و
يؤيد هذا ما جاء في الخبر ، إن الصلاة ميزان فمن وفى استوفى .
وقال الرازي في تفسيره : في وزن الافعال قولان : الاول في الخبر : أنه تعالى
ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة يوزن به أعمال العباد خيرها وشرها ، قال
ابن عباس : أما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان فتثقل
حسناته على سيئاته ، فذلك قوله : " فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون " الناجون
قال : وهذا كما قال في سورة الانبياء : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم
نفس شيئا " .
وأما كيفية وزن الاعمال على هذا القول ففيه وجهان : الاول : أن أعمال
المؤمن تتصور بصورة حسنة ، وأعمال الكافر تتصور بصورة قبيحة فتوزن تلك الصورة كما
ذكره ابن عباس . والثاني أن الوزن يعود إلى الصحف التي تكون فيها أعمال العباد
مكتوبة .
وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عما يوزن يوم القيامة فقال : الصحف ، وهذا القول مذهب
المفسرين في هذه الآية ، وعن عبدالله بن سلام أن ميزان رب العالمين ينصب بين الجن
والانس يستقبل به العرش ، إحدى كفتي الميزان على الجنة ، والاخرى على جهنم ،
ولو وضعت السماوات والارض في إحديهما لوسعتهن ، وجبرئيل آخذ بعموده و
ينظر إلى لسانه .