بحار الأنوار ج75

فأذم إليك أيها الملك الدنيا الاخذة ما تعطي ، والمورثة بعد ذلك التبعة ،
السالبة لمن تكسو ، والمورثة بعد ذلك العرى ، المواضعة لمن ترفع ، والمورثة
بعد ذلك الجزع ، التاركة لمن يعشقها ، والمورثة بعد ذلك الشقوة ، المغوية لمن
أطاعها واغتر بها ، الغدارة بمن ائتمنها وركن إليها ، هي المركب القموص(1)
والصاحب الخؤون ، والطريق الزلق ، والمهبط المهوي ، هي المكرمة التي لا تكرم
أحدا إلا أهانته ، المحبوبة التي لا تحب أحدا ، الملزومة التي لا تلزم أحدا ، يوفى
لها وتغدر ، ويصدق لها وتكذب ، وينجز لها وتخلف ، هي المعوجة لمن استقام
بها ، المتلاعبة بمن استمكنت(2)منه ، بينا هي تطعمه إذ حولته مأكولا ، وبيناهي
تخدمه إذ جعلته خادما ، وبيناهي تضحكه إذ ضحكت منه ، وبيناهي تشتمه إذ شتمت
منه(3)وبيناهي تبكيه إذا بكت عليه ، وبيناهي قد بسطت يده بالعطية إذ بسطتها
بالمسألة ، وبيناهو فيها عزيز إذ أذلته ، وبيناهو فيها مكرم إذ أهانته ، وبيناهو فيها
معظم إذ صار محقورا ، وبيناهو فيها رفيع إذ وضعته ، وبيناهي له مطيعة إذ عصته ،
وبينا هو فيها مسرور إذ أخزنته ، وبينا هو فيها شبعان إذ أجاعته ، وبينا هو فيها
حي إذ أماتته .
فأف لها من دار إذ كان هذا فعالها ، وهذه صفتها ، تضع التاج على رأسه غدوة
وتعفر خده بالتراب عشية ، وتجعلها في الاغلال غدوة تحلى الايدي بأسوره
الذهب عشية ، وتجعلها في الاغلال غدوة - خ لوتقعد الرجل على السرير
غدوة ، وترمي به في السجن عشية ، تفرش له الديباج عشية ، وتفرش له التراب
غدوة ، وتجمع له الملاهي والمعازف غدوة ، وتجمع عليه النوائح والنوادب عشية
تحبب إلى أهله قربه عشية وتحبب إليهم بعده غدوة ، تطيب ريحه غدوة وتنتن
ريحه عشية ، فهو متوقع لسطواتها ، غير ناج من فتنتها وبلائها ، تمتع نفسه من


(1)القموص - على وزن چموش - وبمعناه .
(2)في بعض النسخ استمسكت .
(3)في بعض النسخ وبينا هي تشمته اذا تشمت منه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه