بحار الأنوار ج16

" واصطبر عليها " أي وأصبر على فعلها وعلى أمرهم بها " لا نسألك رزقا " لخلقنا ولا
لنفسك ، بل كلفناك للعبادة وأداء الرسالة ، وضمنا رزق جميع العباد " نحن نرزقك " الخطاب
للنبي صلى الله عليه واله ، والمراد به جميع الخلق ، أى نرزق جميعهم ولا نسترزقهم " والعاقبة للتقوى "
أى العاقبة المحمودة لاهل التقوى .(1)
قوله تعالى : " واخفض جناحك " أي لين جانبك لهم ، مستعار من خفض الطائر
جناحه : إذا أراد أن ينحط " الذى يراك حين تقوم " أي إلى التهجد ، أو للانذار
" وتقلبك في الساجدين " أى ترددك في تصفح أحوال المتهجدين ، كما روي أنه صلى الله عليه واله
لما نسخ فرض قيام الليل طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على
كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع من دندنتهم(2)بذكر الله والتلاوة ،
أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أمهم(3).
قال الطبرسي : وقيل معناه وتقلبك في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك
نبيا(4)، وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ، قالا : في أصلاب النبيين نبي
بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح ، من لدن آدم(5).
قوله تعالى : " إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر " أى سبب للانتهاء عن المعاصي
حال الاشتغال بها وغيرها ، من حيث أنها تذكر الله وتورث للنفس خشية منه ، أو الصلاة
الكاملة هي التي تكون كذلك ، فإن لم تكن كذلك فكأنها ليست بصلاة ، كما روى
الطبرسي(6)مرسلا عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم


(1)مجمع البيان 7 : 37 .
(2)دندن الرجل : نغم ولم يفهم منه كلام .
(3)الظاهر أنه مصحف ، والصحيح اممتهم بلفظة الخطاب .
(4)رواه عن ابن عباس في رواية عطاء وعكرمة .
(5)مجمع البيان 7 : 207 .
(6)مجمع البيان 8 : 285 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه