بحار الأنوار ج66

وحملته واحتملته ، بمعنى وحملته بالتشديد فاحتمله ، والامتحان الاختبار
وامتحن الله قلبه أي شرحه ووسعه .
قال ابن أبي الحديد قال الله تعالى :(اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)(1)
يقال : امتحن فلان لامر كذا ، أي جرب للنهوض به ، فهو قوي على احتمال
مشاقه ويجوز أن يكون بمعنى المعرفة لان تحقيقك الشئ إنما يكون باختباره
فوضع موضعها فيتعلق اللام بمحذوف ، أي كائنة له ، وهي اللام التي في قولك
(أنت لهذا الامر)أي مختص به ويكون مع معمولها منصوبة على الحال ، ويجوز
أن يكون المعنى ضرب الله قلوبهم بأنواع المحن لاجل التقوى أي ليثبت ويظهر
تقواها ويعلم أنهم متقون ، لان التقوى لايعلم إلا عندالبصر على المحن والشدائد
أو أخلص قلوبهم للتقوى أي أذابه وصفاه . ووعيت الحديث أي حفظته وفهمته
والغرض حفظ الحديث عن الاذاعة ، وضبط الاسرار عن إفضائها إلى غير أهلها
أو الاذعان الكامل به ، وعدم التزلزل عند العجز عن المعرفة التفصيلية به ، فيكون
كالتفسير لما قبله ، والحلم بالكسر الاناة والعقل ، والرزانة : الوقار .
وحاصل الكلام أن شأنهم وماهم عليه من الكمال ، والقدرة على خوارق
العادات صعب لايحصل لغيرهم ، مستصعب الفهم على الخلق ، أوفهم علومهم وإدراك
أسرارهم مشكل يستصعبه أكثر الخلق ، فلا يقبله حق القبول بحيث لايخرج إلى
طرف الافراط بالغلو أو التفريط بعدم التصديق ، أو القول بعدم الحق لسوء الفهم
إلا قلب عبد شرحه الله وصفاه للايمان ، فيحمل كلما يأتون به على وجهه ، إذا
وجد له محملا ، ويصدق إجمالا بكل ما عجز عن معرفته تفصيلا ويرد علمه
إليهم عليهم السلام .
والمراد بطرق السماء الطرق التي يصعد منها الملائكة ويرفع فيها أعمال العباد ، أو
منازل سكان السماوات ومراتبهم ، أو الامور المستقبلة وما خفي على الناس مما لا
يعلم إلا بتعليم رباني فان مجاري نزولها في السماء ، أو أحكام الدين وقواعد الشريعة


(1)الحجرات : 3 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه