بحار الأنوار ج25

الملائكة إلى غير النبي ، مع أنه لا يجوز ذلك ، فأجاب عنه بالمعارضة بمدلول الاية
التي لا مرد لها .
وقوله عليه السلام : وأهل الارض ، جملة حالية ، قوله : فهل لهم بد ، لعله مؤيد
للدليل السابق بأنه كما أنه لابد من مؤيد ينزل إليه في ليلة القدر ، فكذلك لابد
من سيد يتحاكم العباد إليه ، فإن العقل يحكم بأن الفساد والنزاع بين الخلق
لا يرتفع إلا به ، فهذا مؤيد لنزول الملائكة والروح على رجل ليعلم ما يفصل به بين العباد
ويحتمل أن يكون استيناف دليل آخر على وجود الامام .
فإن قالوا : فإن الخليفة التي في كل عصر هو حكمهم ، بالتحريك ، فقل :
إذا لم يكن الخليفة مؤيدا معصوما محفوظا من الخطاء فكيف يخرجه الله ويخرج به
عباده من الظلمات إلى النور ؟ وقد قال سبحانه : " الله ولي الذين آمنوا(1) " الاية .
والحاصل أن من لم يكن عالما بجميع الاحكام وكان ممن يجوز عليه الخطاء
فهوا أيضا محتاج إلى خليفة آخر لرفع جهله والنزاع الناشي بينه وبين غيره .
وأقول : يمكن أن يكون الاستدلال بالاية من جهة أنه تعالى نسب إخراج
المؤمنين من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم إلى نفسه ، فلابد من أن يكون من
يهديهم منصوبا من قبل الله تعالى مؤيدا من عنده ، والمنصوب من قبل الناس طاغوت
يخرجهم من النور إلى الظلمات ، لعمري ، بالفتح قسم بالحياة ، إلا وهو مؤيد ، لقوله
تعالى : " يخرجهم "(2) ولما مر أنه لو لم يكن كذلك كان محتاجا إلى إمام آخر
كذلك ، لابد من وال : أي من يلي الامر ويتلقاه من الملائكة والروح .
فإن قالوا : لا نعرف هذا ، أي الوالي ، أو الاستدلال المذكور نظير قوله تعالى :
قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول "(3) وقولوا ما أحببتم نظير قوله تعالى : " اعملوا
ما شئتم(4) " وقوله : تمتعوا قليلا "(5) قوله ثم وقف : اي ترك أبي الكلام فقال ، أي


(1 و 2) البقرة : 257 .
(3) هود : 19 .(4) فصلت : 40 .
(5) المرسلات 46 . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه