من السبق يعرض للزمان بالذات وأما إثبات أنه لا يعرض لغير الزمان إلا بواسطة فلا سبيل لهم إليهم . والمشهور بين المتكلمين في جواب هذا الدليل إثبات قسم آخر للسبق سموه بالسبق بالذات ، وهو في مقام المنع حسن ، وإن اريد إثباته فمشكل . قال المحقق الطوسي - ره - في قواعد العقائد : التقدم يكون بالذات كتقدم الموجد على ما يوجد ، أو بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين ، أو بالزمان كتقدم الماضي على الحاضر ، أو بالشرف كتقدم العالم(1)على المتعلم أو بالوضع كتقدم الاقرب إلى مبدء على الابعد ، والمتكلمون يزيدون على ذلك التقدم بالرتبة كتقدم الامس على اليوم . وقال الرازي في الاربعين : إنا نثبت نوعا آخر من التقدم وراء هه الاقسام الخمسة ، والدليل عليه أنا ببديهة العقل نعلم أن الامس متقدم على اليوم وليس
تقدما بالعلية ، ولا بالذات ، ولا بالشرف ، ولا بالمكان ، ولا يمكن أن يكون تقدما بالزمان ، وإلا لزم أن يكون ذلك الزمان حاصلا في زمان آخر ، ثم الكلام في الزمان الثاني كما في الاول فيفضي إلى أن تحصل أزمنة لا نهاية لها دفعة واحدة ويكون لكل منها ظرفا للاخر وذلك محال ، فهو تقدم خارج عن هذه الاقسام فنقول تقدم عدم العالم على وجوده وتقدم وجود الله على وجود العالم يكون على هذا الوجه ، ويزول الاشكال(انتهى). وأقول : لهم شبهه واهية اخرى يظهر جوابها للمتأمل فيما أوردناه ، وأنت بعدما أحطت خبرا بما حققناه ، وتركت تقليد السادة والكبراء ، والتمسك بالشكوك والاهواء ، لا أظنك تستريب في قوة دلائل الحدوث وضعف شبه القدم ولو لم تكن أقوى فلا ريب في أنها متعارضة ، فلو كانت متكافئة أيضا كيف تجترئ على مخالفة الكتب السماوية ، والاخبار المتواترة النبوية ، والآثار المتظافرة المأثورة عن الائمة الهادية ، والعتبرة الطاهرة ، الذين هم معادن الحكمة والوحي