بحار الأنوار ج45

والنصوص المتواترة ، لامجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما
يصدر عنهم
على أنك لو تأملت حق التأمل ، علمت أنه عليه السلام فدى نفسه المقدسة دين
جده ، ولم يتزلزل أركان دول بني اميه إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم
وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته ، ولوكان عليه السلام يسالمهم ويوادعهم كان يقوى
سلطانهم ، ويشتبه على الناس أمرهم ، فيعود بعد حين أعلام الدين طامسة ، وآثار
الهداية مندرسة ، مع أنه قدظهر لك من الاخبار السابقة أنه عليه السلام هرب من
المدينة خوفا من القتل إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ماغلب على ظنه أنهم
يريدون غيلته وقتله ، حتى لم يتيسر له - فداه نفسي وأبي وامي وولدي - أن يتم
حجة ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب ، وقدكانوا لعنهم الله ضيقوا عليه جميع
الاقطار ، ولم يتركوا له موضعا للفرار
ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة(1)أن يزيد أنفذ عمروبن سعيد بن
العاص في عسكر عظيم وولاه أمر الموسم وأمره على الحاج كلهم ، وكان قدأوصاه
بقبض الحسين عليه السلام سرا وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة ، ثم إنه دس مع الحاج
في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني امية ، وأمرهم بقتل الحسين عليه السلام
على أي حال اتفق ، فلما علم الحسين عليه السلام بذلك ، حل من إحرام الحج ، جعلها
عمرة مفردة
وقدروي بأسانيد أنه لما منعه عليه السلام محمدبن الحنفية عن الخروج إلى الكوفة
قال : والله ياأخي لوكنت في جحر هامة من هوام الارض ، لاستخرجوني منه
حتى يقتلوني
بل الظاهر أنه صلوات الله عليه لوكان يسالمهم ويبايعهم لايتركونه لشدة
عداوتهم ، وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ، ويدفعونه بكل وسيلة
وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولالعلمهم بأنه لايوافقهم في ذلك ، ألا ترى


(1)كمافى المنتخب ص 304

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه