بحار الأنوار ج59

الزراد صانعها - انتهى - فشبهوا اتصال بطون الدماغ بعضها ببعض وتداخلها
بالدروع ونسجها .
قال في القانون : للدماغ في طوله ثلاثة بطون ، وإن كان كل بطن في عرضه
ذا جزئين ، والجزء المقدم محسوس الانفصال إلى جزئين يمنة ويسرة . وهذا الجزء
يعين على الاستنشاق ؟ ، وعلى نفض الفضل بالعطاس ، وعلى توزيع أكثر الروح الحساس
وعلى أفعال القوى المتصورة من قوى الادراك الباطن .
وأما البطن المؤخر فهو أيضا عظيم ، لانه يملا تجويف عضو عظيم ، ولانه
مبدء شئ عظيم أعني النخاع ومنه يتوزع أكثر الروح المتحركة . وهناك أفعال القوة
الحافظة ، لكنه أصغر من المقدم بل كل واحد من بطني المقدم ، ومع ذلك فإنه
يتصغر تصغرا مدرجا إلى النخاع ، ويتكاثف تكاثفا إلى الصلابة .
فأما البطن الوسط فإنه كمنفذ من الجزء المقدم إلى الجزء المؤخر ، كدهليز
مضروب بينهما . وقد عظم لذلك ، وطول لانه مؤد من عظيم إلى عظيم ، وبه يتصل
الروح المقدم بالروح المؤخر ، ويتأدى أيضا الاشباح المتذكرة . ويتسقف
مبدأ هذا البطن الاوسط بسقف كري الباطن كالازج(1)- ويسمى به - ليكون
منفذا ، ومع ذلك مبتعدا بتدويره عن الآفات ، وقويا على حمل ما يعتمد عليه من
الحجاب المدرج .
وهناك يجتمع بطنا الدماغ المقدمان اجتماعا يتراء‌يان للمؤخر في هذا المنفذ
وذلك الموضع يسمى مجمع البطنين وهذا المنفذ نفسه بطن . ولما كان منفذا
يؤدي التصور إلى الحفظ كان أحسن موضع للفكر والتخيل على ما علمت . ويستدل
على أن هذه البطون مواضع قوى تصدر عنها هذه الافعال من جهة ما يعرض لها من
الآفات ، فيبطل مع آفة كل جزء فعله ، أو يدخله خلافه .
والغشاء الرقيق يستبطن بعضه فيغشى بطون الدماغ إلى القمحدوة (2)التي


(1)الازج - محركة بيت يبنى طولا .
(2)القمحدوة : الهنة الناشزة فوق القفا وأعلى القذال خلف الاذنين .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه