بحار الأنوار ج43

اجتمعهم في نادي قومك ، وتذاكرتم ماجرى بينكم على جهل وخرق منكم ، فزعمتم
أن محمدا صنبور(1)والعرب قاطبة تبغضه ، ولا طالب له بثاره ، وزعمت أنك قاتله
وكان في قومك مؤنته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه
تريد قتله ، فعسر عليك مسلكك ، وعمي عليك بصرك ، وأبيت إلا ذلك فأتيتنا خوفا
من أن يشتهر وإنك إنماجئت بخير يراد بك .
انبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة اشتد منها
ظلماؤها وأطلت سماؤها ، وأعصر سحابها ، فبقيت محرنجما كالاشقر إن تقدم نحر
وإن تأخر عقر ،(2)لاتسمع لواطئ حسا ولا لنا فخ نارجرسا ، تراكمت عليك
غيومها ، وتوارت عنك نجومها . فلا تهتدي بنجم طالع ، ولا بعلم لا مع ، تقطع
محجة وتهبط لجة في ديمومة قفر بعيدة القعر ، مجحفة بالسفر إذا علوت مصعدا
ازددت بعدا ، الريح تخطفك ، والشوك تخبطك ، في ريح عاصف ، وبرق خاطف ، قد
أو حشتك آكامها ، وقطعتك سلامها ، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك ، وظهر
رينك ، وذهب أنينك .
قال : من أين قلت يا غلام هذا ؟ كأنك كشفت عن سويد(3)قلبي ، ولقد
كنت كأنك شاهدتني ، وما خفي عليك شئ من أمري وكأنه علم الغيب ف‍قال
له : ما الاسلام ؟ فقال الحسن عليه السلام : الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك
له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم وحسن إسلامه ، وعلمه رسول الله صلى الله عليه واله شيئا
من القرآن فقال : يارسول الله أرجع إلى قومي فاعرفهم ذلك ؟ فأذن له ، فانصرف
ورجع ومعه جماعة من قومه ، فدخلوا في الاسلام فكان الناس إذا نظروا إلى


(1)قال الجزرى : فيه : أن قريشا كانوا يقولون ان محمدا صنبور . أى أبتر لاعقب
له . وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الارض وقيل : هى النخلة المنفردة التى
يدق أسفلها . أرادوا أنه اذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لانه لاعقب له .
(2)من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان على فرس أشقر ، يقول : ان جريت على
طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك وان أسرعت فتأخرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك ،
فاثبت والزم الوقار . راجع مجمع الامثال ج 2 ص 140 .
(3)سويد : بتصغير الترخيم ، أصله أسيود تصغير أسود .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه