إليه من ضيق الجهالة إلى سعة معرفته(1)ورحمته ولطفه ، وفي ذلك فليتنافس
المتنافسون .
وكذا ما ورد من السنة المطهرة مما يشعر بقبوله الزيادة والنقصان يمكن
حمله على ما ذكرناه كحديث الجوارح ذكره في الكافي باسناده ، عن أبي عمرو
الزبيري ، عن أبي عبدالله عليه السلام(2)قال : قلت : صفه لي يعني الايمان جعلت فداك
حتى أفهمه فقال : الايمان حالات ودرجات - إلى قوله - وبالنقصان دخل المفرطون
النار انتهى .
ثم قال - رحمه الله - : اعلم أن سند الحديث ضعيف لان في طريقه بكربن
صالح الرازي وهو ضعيف جدا كثير التفرد بالغرائب وأبوعمرو الزبيري وهو
مجهول فسقط الاستدلال به . ولو سلم سنده فلا دلالة فيه على اختلاف نفس حقيقة
الايمان ألا ترى أنه قال عليه السلام :(ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة)
فأشار بذلك إلى نفس حقيقة الايمان التي يترتب عليها النجاة ، وجعل الناقص عنها
مما يترتب عليه دخول النار ، فلم يكن إيمانا وإلا لم يدخل صاحبه النار لقوله
تعالى :(وعدالله المؤمنين والمؤمنات جنات)(3)وجعل الزيادة في الايمان مما يوجب
التفاضل في الدرجات ، ولاريب أن هذه الزيادة لوتركت ، واقتصر المكلف على ما
يحصل به التمام ، لم يعاقب على ترك هذه الزيادة ، ولانه عليه السلام جعل التمام
موجبا للجنة ، فكيف يوجب العقاب ترك الزيادة ، مع أن ما دونه وهو التمام
يوجب الجنة ، وعلى هذا فتكون الزيادة غير مكلف بها ، فلم تكن داخلة في أصل
حقيقة الايمان ، لانه مكلف به بالنص والاجماع ، فيكون من الكمال ، فظهر
بذلك كون هذا الحديث دليلا على عدم قبول حقيقة الايمان للزيادة والنقصان لا
دليلا على قبولهما .
(1)مغفرته خ ل .
(2)مر تحت الرقم 6 ص 23 فراجع .
(3)براءة : 72