بحار الأنوار ج7

ما بين أيديهم من أحوال الآخرة وما خلفهم من أحوال الدنيا " ولا يحيطون به علما " أي
لا يحيطون هم بالله علما ، أي بمقدرواته ومعلوماته ، أو بكنه عظمته في ذاته وأفعاله " وعنت
الوجوه للحي القيوم " أي خضعت وذلت حضوع الاسير في يد من قهره ، والمراد أرباب
الوجوه ، وقيل : المراد بالوجوه الرؤساء والقادة والملكوك " وقد خاب " عن ثواب الله " من حمل
ظلما " أي شركا " ومن يعمل من الصالحات " أي شيئا من الطاعات وهو مؤمن مصدق
بما يجب التصديق به " فلا يخاف ظلما " بأن يزاد في سيئاته " ولا هضما " بأن ينقص
من حسناته ، والهضم : النقص .
وفي قوله : عزوجل : " يوم نطوي السماء "(1): المراد بالطي ههنا هو الطي المعروف
فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته ، وقيل : إن طي السماء ذهابها " كطي السجل
للكتب " السجل : صحيفة فيها الكتب ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : إن السجل
ملك يكتب أعمال العباد ، عن أبي عمرو والسدي ، وقيل هو ملك يطوي كتب بني آدم
إذا رفعت إليه ، عن عطاء ، وقيل : هو اسم كاتب كان للنبي صلى الله عليه وآله " كما بدأنا أول خلق
نعيده " أي حفاة عراتا غرلا ، وقيل : معناه : نهلك كل شئ كما كان أول مرة .
وفي قوله تعالى سبحانه : " يا أيها الناس اتقوا ربكم " : أي عذابه " إن زلزلة
الساعة "(2)أي زلزلة الارض يوم القيامة ، والمعنى أنها تقارن قيام الساعة وتكون معها ،


(1)قال السيد الرضى رضى الله عنه في المجازات : ص 147 : هذه استعارة ، والمراة بها
على احد القولين ابطال السماء ونقض بنيتها واعدام جملتها من قولهم : طوى الدهر آل فلان إذا
اهلكهم وعفى آثارهم ، وعلى القول الاخر يكون الطى ههنا على حقيقته فيكون المعنى : ان عرض
السماء يطوى حتى يجمع بعد انتشاره ويتقارب بعد تباعد اقطاره فيصير كالسجل المطوى ، وهو ما يكتب
فيه من جلد او قرطاس او ثوب او ما يجرى مجرى ذلك ، والكتاب ههنا مصدر كقولهم : كتب كتابا
وكتابة وكتبا ، فيكون المعنى : يوم نطوى السماء كطى السجل ليكتب فيه ، فكانه قال : كطى
السجل للكتابه ، لان الاغلب في هذه الاشياء التى اومأنا اليها أن تطوى قبل ان تقع الكتابة فيها ،
لان الطى ابلغ في التمكن منها .
(2)قال الرضى قدس الله روحه : المراد بزلزلة الساعة رجفان القلوب من خوفها ، واضطراب
الاقدام من روعة موقعها ، ويشهد بذلك قوله سبحانه من بعد : " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى "
يريد تعالى من شدة الخوف والوجل والذهول والوهل .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه