بحار الأنوار ج17

على هذا الجبل ، وعلى هذا الجبل ، فقال اناس : سحرنا محمد ، فقال رجل : إن كان سحركم
فلم يسحر الناس كلهم ،
وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة ، منهم عبدالله بن مسعود ، و
أنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وعبدالله بن عمر ، و
عليه جماعة من المفسرين إلا ما روي عن عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال : معناه وسينشق
القمر ، وروي ذلك عن الحسن ، وأنكره أيضا البلخي ، وهذا لا يصح ، لان المسلمين
أجمعوا على ذلك فلا يعتد بخلاف من خالف فيه ، ولان اشتهاره بين الصحابة يمنع من
القول بخلافه ، ومن طعن في ذلك بأنه لو وقع لما كان يخفى على أحد من أهل الاقطار
فقوله باطل ، لانه يجوز أن يكون الله تعالى قد حجبه عن أكثرهم بغيم وما يجري مجراه
ولانه قد وقع ذلك ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا بذلك ، على أن
الناس ليس كلهم يتأملون ما يحدث في السماء وفي الجو من آية وعلامة ، فيكون مثل
انقضاض الكواكب وغيره مما يغفل الناس عنه ، وإنما ذكر سبحانه " اقتربت الساعة " مع
" انشق القمر(1)" لان انشقاقه من علامة نبوة نبينا صلى الله عليه وآله ، ونبوته وزمانه من أشراط
الساعة(2)" وإن يروا آية يعرضوا " هذا إخبار من الله تعالى عن عناد كفار قريش ، و
إنهم إذا رأوا آية معجزة أعرضوا عن تأملها ، والانقياد لصحتها عنادا وحسدا " ويقولوا
سحر مستمر " أي قوي شديد يعلو على كل سحر ، وهو من إمرار الحبل وهو شدة فتله ،
واستمر الشئ : إذا قوي واستحكم ، وقيل : معناه ذاهب(3)مضمحل لا يبقى ،
وقال المفسرون : لما انشق القمر قال مشركوا قريش : سحرنا محمد ، فقال الله سبحانه :
" وإن يروا آية يعرضوا " عن التصديق والايمان بها ، قال الزجاج : وفي هذا دلالة على
أن ذلك قد كان ووقع .
وأقول : ولانه تعالى قد بين أنه يكون آية على وجه الاعجاز ، وإنما يحتاج


(1)في المصدر : مما يغفل اكثر الناس عنه ، وإنما ذكر سبحانه اقتراب الساعة مع انشقاقه
(2)في المصدر : من أشراط اقتراب الساعة أقول : الاشراط : العلامات .
(3)في المصدر : سحر ذاهب .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه