يريد تسكين الغضب ، فانه إذا أراد الغاضب تسكين غضبه يدنو من المغضوب عليه
وإذا اراد المغضوب عليهتسكين غضب الغاضب يدنو منه .
24 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود بن
فرقد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : الغضب مفتاح كل شر(1).
بيان : مفتاح كل شر إذ يتولد منه الحقد والحسد والشماتة والتحقير
والاقوال الفاحشة ، وهتك الاستار ، والسخرية والطرد والضرب والقتل والنهب
ومنع الحقوق إلى غير ذلك مما لا يحصى .
25 كا : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابيه ، عن النضر بن
سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن ابي عبدالله عليه السلام قال : سمعت أبي عليه السلام يقول :
أتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل بدوي فقال : إني أسكن البادية فعلمني جوامع الكلام
فقال : آمرك أن لا تغضب فأعاد عليه الاعرابي المسألة ثلاث مرات حتى رجع الرجل
إلى نفسه فقال : لا أسأل عن شئ بعد هذا ، ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله إلا بالخير
قال : وكان أبي يقول : اي شئ أشد من الغضب ؟ إن الرجل يغضب فيقتل النفس
التي حرم الله ويقذف المحصنة(2).
بيان : قال في النهاية : فيه أوتيت جوامع الكلم ، يعني القرآن جمع الله بلطفه
في الالفاظ اليسيرة منه معاني كثيرة ، واحدها جامعة أي كلمة جامعة ، ومنه الحديث
في صفته إنه كان يتكلم بجوامع الكلم أي إنه كان كثير المعاني قليل الالفاظ .
فأعاد عليه الاعرابي المسألة ثلاث مرات كأن أصل السؤال كان ثلاث
مرات ، فالاعادة مرتان اطلقت على الثلاث تغليبا ، والمعنى أنه صلى الله عليه وآله في كل
ذلك يجيبه بمثل الجواب الاول حتى رجع الرجل أي تفكر في أن تكرار السؤال
بعد اكتفائه صلى الله عليه وآله بجواب واحد غير مستحسن ، فأمسك وعلم أنه صلى الله عليه وآله لم يجبه
بما أجابه إلا لعلمه بفوائد هذه النصيحة ، وأنها تكفيه ، أو تفكر في مفاسد الغضب
فعلم أن تخصيصه صلى الله عليه وآله الغضب بالذكر لتلك الامور .