بحار الأنوار ج70

بيان : كن كيف شئت الظاهر أنه أمر على التهديد نحو قوله تعالى :
اعملوا ما شئتم وقيل : كن كما شئت أن يعمل معك وتتوقعه ، لقوله : كما
تدين تدان وقد مر معناه خفت مؤنته اي مشقته في طلب المال وحفظه

وزكت أي طهرت من الحرام مكسبته لان ترك الحرام والشبهة في القليل
اسهل ، أو نمت وحصلت فيه بركة مع قلته .
وخرج من حد الفجور اي من قرب الفجور والاشراف على الوقوع في
الحرام ، فان بين المال القليل والوقوع في الفجور فاصلة كثيرة ، لقلة الدواعي
وصاحب المال الكثير لكثرة دواعي الشرور والفجور فيه كأنه على حد هو منتهى
الحلال وبأدنى شئ يخرج منه إلى الفجور ، إما بالتقصير في الحقوق الواجبة
فيه ، أو بالطغيان اللازم له ، أو بالقدرة على المحرمات التي تدعو النفس إليها ، أو
بالحرص الحاصل منه ، فلا يكتفي بالحلال ويتجاوز إلى الحرام ، واشباه ذلك
ويحتمل أن يكون المعنى خرج من حد الفجور ، الذي تستلزمه كثرة المال إلى
الخير والصلاح اللازم لقلة المال والاول أبلغ وأتم .
17 كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عرفة ، عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : من لم يقنعه من الرزق إلا الكثيرلم يكفه من العمل
إلا الكثير ، ومن كفاه من الرزق القليل ، فانه يكفيه من العمل القليل(1).
18 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ابن ندم ! إن كنت تريد من
الدنيا ما يكفيك ، فان أيسر ما فيها يكفيك ، وان كنت انما تريد ما لا يكفيك
فان كل ما فيها لا يكفيك(2).
بيان : ما يكفيك اي ما تكتفي وتقنع به اي بقدر الكفاف والضرورة
وقوله : فان ايسر من قبيل وضع الدليل موضع المدلول أي فيحصل مرادك
لان ايسر ما في الدنيا يمكن أن يكتفي به وإن كنت تريد ما لا يكفيك أي


(21)الكافي ج 2 ص 138 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه