الوجه السادس : أنه اخرج من الجنة بسبب وسوسة الشيطان وإزلاله جزاء على
ما أقدم عليه ، وذلك يدل على كونه فاعلا للكبيرة . واجيب بأن ما ذكر إنما يكون
عقوبة إذا كان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، ولعله كان على وجه المصلحة بأن يكون
الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم في الجنة مالم يتناول من الشجرة ، فإذا تناول
منها تغيرت المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة ، وكذا القول
في سلب اللباس .
الوجه السابع : أنه لولا مغفرة الله إياه لكان من الخاسرين لقوله : " وإن لم
تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وذلك يقتضي كونه صاحب كبيرة . والجواب :
أن الخسران ضد الربح ، ولا شك أن من نقص ثوابه فقد خسر ، فالخسران الذي كان
يستعيذ منه هو نقص الثواب على تقدير عدم قبول التوبة .
وإنما بسطنا الكلام في هذا المقام ونسينا ما عهدنا من العزم على الختصار التام لان
شبهات المخالفين في هذا الباب قد تعلقت بقلوب الخاص والعام ، وعمدة ما تمسكوا به هو
خطيئة آدم على نبينا وآله وعليه السلام ، وأيضا ما ذكرنا ههنا أكثره يجري فيما نسبوا إلى
سائر الانبياء لهم التحية ولاكرام وعلى نبينا وآله وعليهم صلوات الله الملك العلام .