بحار الأنوار ج3

ثم قال : وغلا هشام بن الحكم في حق علي عليه السلام حتى قال : إنه إله واجب الطاعة
وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الاصول ، لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة فان
الرجل وراء ما يلزمه على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنه ألزم العلاف
فقال : إنك تقول : إن الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته فيشارك المحد ثات في أنه عالم
بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالما لاكالعالمين ، فلم لاتقول : هو جسم لا كالاجسام ؟
وصورة لا كالصور ، وله قدر لا كالاقدار ، إلى غير ذلك . انتهى .
أقول : فظهر أن نسبة هذين القولين إليهما إما لتخطئة رواة الشيعة وعلمائهم
لبيان سفاهة آرائهم ، أو أنهم لما ألزموهم في الاحتجاج أشياء إسكاتالهم نسبوها إليهم ،
والائمة عليهم السلام لم ينفوها عنهم إما للتبري عنهم إبقاء‌ا عليهم ، أو لمصالح اخر . ويمكن
أن يحمل هذاالخبر على أن المراد : ليس هذا القول الذي تقول ماقال الهشامان بل
قولهما مباين لذلك . ويحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلى الائمة عليهم السلام
والاخذ بقولهم ، فقد قيل : إن هشام بن الحكم كان قبل أن يلقي الصادق عليه السلام على رأي
جهم بن صفوان ، فلما تبعه عليه السلام تاب ورجع إلى الحق ، ويؤيده ما ذكره الكراجكي
في كنز الفوائد في الرد على القائلين بالجسم بمعنييه حيث قال : وأما موالاتنا هشاما
رحمه الله فهي لما شاع عنه واستفاض من تركه للقول بالجسم الذي كان ينصره ، ورجوعه
عنه ، وإقراره بخطائه فيه وتوبته منه ، وذلك حين قصد الامام جعفر بن محمد عليهما السلام إلى
المدينة فحجبه ، وقيل له : إنه أمرنا أن لا نوصلك إليه ما دمت قائلا بالجسم ، فقال :
والله ما قلت به إلا لاني ظننت أنه وفاق لقول إمامي ، فأما إذا أنكره علي فإنني
تائب إلى الله منه ، فأوصله الامام عليه السلام إليه ودعا له بخير وحفظ .
4 - عن الصادق عليه السلام أنه قال : لهشام : إن الله تعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ ،
وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه .
5 - وروي عنه أيضا أنه قال : سبحان من لا يعلم أحد كيف هوإلا هو ، ليس
كمثله شئ ، وهو السميع البصير ، لا يحد ولا يحس ، ولا يدركه الابصار ، ولا يحيط به
شئ ، ولا هو جسم ولا صورة ولابذي تخطيط ولا تحديد .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه