بحار الأنوار ج57

الثانية : الطبقة الطينية وهي المجاورة للماء : الثالثة . الطبقة المنكشفة من الماء وهي
التي تحتبس فيها الابخرة والادخنة وتتولد منها المعادن والنباتات والحيوانات .
وزعموا أن البسائط كلها شفافة لا تحجب عن إبصار ماورائها ماعدا الكواكب ، وأن
الارض الصرفة المتجاورة(1)للمركز أيضا شفافة ، والطبقتان الاخريان ليستا بسيطتين
فهما كثيفتان . فالارض جعل الله الطبقة الظاهرة منها ملونة كثيفة غبراء لتقبل الضياء
وخلق ما فوقها من العناصرمشفة لطيفة بالطباع لينفذ فيها ويصل إلى غيرها ساطع
الشعاع فإن الكواكب وسيما الشمس والقمر أكثر تأثيراتها في العوالم السفلى
بوسيلة أشعتها المستقيمة والمنعطفة والمنعكسة بإذن الله تعالى . وقالوا : الارض في
وسط السماء كالمركز في الكرة فينطبق مركزحجمها على مركز العالم ، وذلك لتساوي
ارتفاع الكواكب وانحطاطها مدة ظهورها وظهور النصف من الفلك دائما وتطابق
أظلال الشمس في وقتي طلوعها وغروبها عند كونها على المدار الذي يتساوى فيه زمان
ظهورها وخفائها على مستقيم ، أو عند كونها في جزئين متقابلين من الدائرة التي
يقطعها بسيرها الخاص بها ، وانخساف القمرفي مقاطراته(2)الحقيقية للشمس ، فإن
الاول يمنع ميلها إلى أحد الخافقين ، والثاني إلى أحد السمتين : الرأس والقدم ، و
الثالث إلى أحد القطبين ، والرابع إلى شئ منها أو من غير ها من الجهات كما لايخفى .
وكما أن مركز حجمهامنطبق على مركز العالم فكذا مركز ثقلها ، وذلك لان الثقال
تميل بطبعها إلى الوسط كما دلت عليه التجربة فهي إذن لا تتحرك عن الوسط ، بل
هي ساكنة فيه متدافعة بأجزائها من جميع الجوانب إلى المركز تدافعا متساويا ، فلا
محالة ينطبق مركز ثقلها الحقيقي المتحد بمركز حجمها التقر يبي على مركز العالم
ومستقر ها عند وسط العالم لتكافؤ القوى بلا تزلزل واضطراب يحدث فيها لثباتها بالسبب
المذكور ، ولكون الاثقال المنتقلة من جانب منها إلى الاخر في غاية الصغر بالقياس
إليها لايوجب انتقال مركز ثقلها من نقطة إلى اخرى بحركة شئ منها ، وكذا الاجزاء


(1)المجاورة(خ).
(2)المقاطرة : مقابلة القطرين .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه