بحار الأنوار ج42

جالسا في دكة القضاء إذ نهض إليه رجل يقال له صفوان الاكحل ، وقال له : أنا رجل
من شيعتك وعلي ذنوب فاريد أن تطهرني منها في الدنيا لاصل إلى الآخرة وما
معي ذنب ، فقال الامام عليه السلام : ما أعظم ذنوبك وما هي ؟ فقال : أنا ألوط الصبيان ،
فقال عليه السلام : أيما أحب إليك ضربة بذي الفقار أو اقلب عليك جدارا أو أرمي عليك
نارا ؟ فإن ذلك جزاء من ارتكب تلك المعصية ، فقال : يا مولاي احرقني بالنار لانجو من نار الآخرة ، فقال عليه السلام : يا عمار اجمع ألف حزمة(1)قصب لنضرمه غداة غد
بالنار ، ثم قال للرجل : انهض وأوص بمالك وبما عليك ، قال : فنهض الرجل و
أوصى بما له وما عليه ، وقسم أمواله على أولاده ، وأعطى كل ذي حق حقه ،
ثم بات على حجرة أميرالمؤمنين عليه السلام في بيت نوح شرقي جامع الكوفة ، فلما صلى
أميرالمؤمنين عليه السلام قال : يا عمار ناد بالكوفة : اخرجوا وانظروا حكم أميرالمؤمنين
عليه السلام فقال جماعة منهم : كيف يحرق رجلا من شيعته ومحبيه وهو الساعة يريد
يحرقه بالنار فبطلت إمامته ؟ ! فسمع بذلك أميرالمؤمنين عليه السلام قال عمار : فأخذ
الامام الرجل ورمى عليه ألف حزمة من القصب ، فأعطاه مقدحة وكبريتا وقال :
اقدح وأحرق نفسك ، فإن كنت من شيعتي ومحبي وعارفي فإنك لا تحترق بالنار
وإن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك ، فأوقد الرجل
على نفسه واحترق القصب ، وكان على الرجل ثياب بيض فلم تعلق بها النار ولم
تقربها الدخان ، فاستفتح الامام عليه السلام وقال : كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا
بعيدا ، ثم قال : إن شيعتنا منا وأنا قسيم الجنة والنار ، وأشهد لي بذلك رسول
الله صلى الله عليه واله في مواطن كثيرة(2).
17 - فر : علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن الاعمش قال : خرجت
حاجا إلى مكة ، فلما انصرفت بعيدا رأيت عمياء على ظهر الطريق تقول : بحق(3)محمد


(1)بالمهملة ثم المعجمة ما حزم وشد من الحطب وغيره .
(2)الفضائل : 77 و 78 .
(3)في المصدر : اللهم انى اسألك بحق اه‍ . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه