حساب وحرامها عقاب ، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ، ويتحرج من
الكلام فيما لا يعينه كما يتحرج من الحرام ، ويتحرج من كثرة الاكل كما
يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها ، ويتحرج من حطام الدنيا و زينتها كما يتجنب
النار أن يغشاها ، وأن يقصر أمله وكان بين عينييه أجله .
قلت : يا جبرئيل فما تفسير الاخلاص ؟ قال : المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا
حتى يجد ، وإذا وجد رضي ، وإذا بقي عنده شئ أعطاه الله ، فان لم يسئل المخلوق
فقد أقر لله بالعبودية ، وإذا وجد أقرض فهو عن الله راض ، والله تبارك وتعالى
عنه راض ، وإذا أعطاه الله فهو جدير .
قلت : فما تفسير اليقين ؟ قال : الموقن الذي يعمل لله كأنه يراه ، وإن
لم يكن يرى الله فإن الله يراه ، وأن يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن
ما أخطاه لم يكن ليصيبه ، وهذا كله أغصان ومدرجه الزهد(1) .
25 - وروي عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ، قال : هو قول الرجل : لو لا فلان لهلكت ،
ولو لا فلان لما أصبت كذا وكذا ، ولو لا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنه قد جعل لله
شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه ، قلت : فتقول : لو لا أن الله من علي بفلان لهلكت
قال : نعم لا بأس(2) .
26 - وعن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : امتي في الدنيا على
ثلاثة أطباق أما الطبق الاول : فلا يحبون جمع المال وادخاره ولا يسعون في اقتنائه
واحتكاره وإنما رضاهم من الدنيا سد جوعة وستر عورة ، وغناهم منها ما بلغ بهم
الاخرة فاولئك الامنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
وأما الطبق الثاني : فانهم يحبون جمع المال من أطيب وجوهه وأحسن
سبله ، يصلون به أرحامهم ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقراءهم ولعض أحدهم
(1) عدة الداعى ص 65 .
(2) عدة الداعى ص 70