بحار الأنوار ج14

أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك ، آمن الناس ، فأمر بالاخدود فخددت على أفواه
السكك ، ثم أضرمها نارا فقال : من رجع عن دينه فدعوه ومن أبى فاقحموه فيها ، فجعلوا

يقتحمونها ، وجاء‌ت امرأة بابن لها فقال لها : ياأمة اصبري فإنك على الحق .(1)
وقال ابن المسيب : كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه أنهم احتفروا فوجدوا
ذلك الغلام وهو واضع يده على صدغه ، فكلما مدت يده عادت إلى صدغه ، فكتب عمر :
واروه حيث وجدتموه .
وروى سعيد بن جبير قال : لما انهزم أهل اسفندهان قال عمر بن الخطاب : ماهم
بيهود ولا نصارى ، ولا لهم كتاب وكانوا مجوسا ، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : بلى قد كان
لهم كتاب ولكنه رفع ، وذلك أن ملكا لهم سكر فوقع على ابنته أو قال : على
أخته فلما أفاق قال لها : كيف المخرج مما وقعت فيه ؟ قالت : تجمع أهل مملكتك و
تخبرهم أنك ترى نكاح البنات وتأمرهم أن يحلوه ، فجمعهم فأخبرهم ، فأبوا أن يتابعوه
فخد لهم أخدودا في الارض وأوقد فيه النيران وعرضهم عليها ، فمن أبى قبول ذلك قذفه
في النار ، ومن أجاب خلى سبيله .
وقال الحسن : كان النبي صلى الله عليه وآله إذا ذكر عنده أصحاب الاخدود تعوذ بالله من
جهد البلاء .
وروى العياشي بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أرسل علي عليه السلام
إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الاخدود فأخبره بشئ ، فقال علي عليه السلام : ليس
كما ذكرت ، ولكن سأخبرك عنهم ، إن الله بعث رجلا حبشيا نبيا وهم حبشية فكذبوه
فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه وأسروا أصحابه ، ثم بنوا له حيرا ،(2)ثم ملؤوه نارا ، ثم
جمعوا الناس فقالوا : من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل ، ومن كان على دين هؤلاء فليرم
نفسه في النار معه ، فجعل أصحابه يتهافتون في النار ، فجاء‌ت امرأة معها صبي لها ابن شهر ،
فلما هجمت على النار هابت ورقت على ابنها ، فناداها الصبي : لاتهابي وارمي بي وبنفسك


(1)إلى هنا تم الخبر في صحيح مسلم وفيه اختلافات كثيرة راجعه .
(2)الحير : الحظيرة . والموضع الذي يتحير فيه الماء .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه