وإذا بجبرئيل قد نزل وقال : يا رسول الله إنك لتحب الحسن والحسين ؟ فقال :
وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي من الدنيا وقرتا عيني .
فقال جبرئيل : يا نبي الله إن الله قد حكم عليهما بأمر فاصبر له ، فقال : وما
هو يا أخي ؟ فقال : قد حكم على هذا الحسن أن يموت مسموما ، وعلى هذا الحسين
أن يموت مذبوحا وإن لكل نبي دعوة مستجابة ، فان شئت كانت دعوتك لولديك
الحسن والحسين فادع الله أن يسلمهما من السم والقتل ، وإن شئت كانت مصيبتهما
ذخيرة في شفاعتك للعصاة من امتك يوم القيامة .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا جبرئيل أنا راض بحكم ربي لا اريد إلا ما يريده ، وقد
أحببت أن تكون دعوتي ذخيرة لشفاعتي في العصاة من امتي ويقضي الله في ولدي
ما يشاء .
36 وروي أن رسول الله كان يوما مع جماعة من أصحابه مارا في بعض
الطريق ، وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق ، فجلس النبي صلى الله عليه وآله عند صبي منهم
وجعل يقبل ما بين عينيه ويلاطفه ، ثم أقعده على حجره وكان يكثر تقبيله ، فسئل
عن علة ذلك ، فقال صلى الله عليه وآله : إني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين ورأيته
يرفع التراب من تحت قدميه ، ويمسح به وجهه وعينيه ، فأنا احبه لحبه لولدي
الحسين ، ولقد أخبرني جبرئيل أنه يكون من أنصاره في وقعة كربلا .
37 وروي مرسلا أن آدم لما هبط إلى الارض لم يرحوا فصار يطوف
الارض في طلبها فمر بكربلا فاغتم ، وضاق صدره من غير سبب ، وعثر في الموضع
الذي قتل فيه الحسين ، حتى سال الدم من رجله ، فرفع رأسه إلى السماء وقال :
إلهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به ؟ فاني طفت جميع الارض ، وما أصابني
سوء مثل ما أصابني في هذه الارض .
فأوحى الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب ، ولكن يقتل في هذه الارض ولدك
الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه ، فقال آدم : يا رب أيكون الحسين نبيا
قال : لا ، ولكنه سبط النبي محمد ، فقال : ومن القاتل له ؟ قال : قاتله يزيد لعين