سخاريب إلى باب بيت المقدس بستمائة ألف راية ، فدعا الله شعيا فبرئ الملك ومات جمع
سخاريب ولم ينج منهم إلا خمسة نفر ، منهم سخاريب ، فهرب وأرسلوا خلفه من أخذه
ثم أمر الله بإطلاقه ليخبر قومه بما نزل بهم فأطلقوه وملك سخاريب بعد ذلك سبع
سنين ،(1)واستخلف بخت نصر ابن ابنه فلبث سبع عشرة سنة ، وهلك ملك بني إسرائيل
ومرج أمرهم وتنافسوا في الملك ، وقتل بعضهم بعضا ، فقام شعيا فيهم خطيبا فوعظهم فهموا
بقتله فهرب ودخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار ، فبعث الله إليهم أرميا من سبط هارون
ثم خرج من بينهم لما رأى من أمرهم ، ودخل بخت نصر وجنوده بيت المقدس وفعل مافعل
ثم رجع إلى بابل بسبا يابني إسرائيل ، فكانت هذه الدفعة الاولى ، وقيل أيضا : إن سبب ذلك
كان قتل يحيى بن زكريا عليه السلام وإنه دم يحيى لم يزل يغلي حتى قتل بخت نصر منهم
سبعين ألفا أو اثنين وسبعين ألفا ، ثم سكن الدم ، وذكر الجميع أن يحيى بن زكريا عليه السلام
هو المقتول في الفساد الثاني ، قال مقاتل : وكان بين الفساد الثاني والاول مائتا سنة وعشر
سنين ، وقيل : إنما غزا بني إسرائيل في المرة الاولى بخت نصر ، والمرة الثانية ملوك
فارس والروم ، وذلك حين قتلوا يحيى عليه السلام فقتلوا منهم مائة ألف وثمانين ألفا ، وخرب
بيت المقدس ، فلم يزل بعد ذلك خرابا حتى بناه عمر بن الخطاب ، فلم يدخله بعد ذلك
رومي إلا خائفا ، وقيل : إنما غزاهم في المرة الاولى جالوت ، وفي الثانية بخت نصر .
انتهى .(2)
وقال صاحب الكامل : ما روي من أن بخت نصر هو الذي خرب بيت المقدس و
قتل بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا عليه السلام باطل عند أهل السير والتواريخ
وأهل العلم بأمور الماضين ، وذلك بأنهم مجمعون على أن بخت نصر غزا بني إسرائيل
عند قتل نبيهم شعيا في عهد أرميا ، وبين عهد أرميا وقتل يحيى(3)أربعمائة سنة وإحدى و
(1)في المصدر : وهلك سنحاريب بعد ذلك بسبع سنين .
(2)مجمع البيان 6 : 339 و 400 .
(3)وهو عليه السلام قتل بعد ميلاد المسيح عليه السلام بثلاثين سنة تقريبا .