بحار الأنوار ج42

على عظيم مصابك ، ثم ادخل عليه السلام إلى حجرته وجلس في محرابه .
قال الراوي : واقبلت زينب وام كلثوم حتى جلستا معه على فراشه ، وأقبلتا
تند بانه وتقولان : يا أبتاه من للصغير حتى يكبر ؟ ومن للكبير بين الملا ؟ يا أبتاه
حزننا عليك طويل ، وعبرتنا لا ترقأ(1)، قال : فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب ، وفاضت دموع أميرالمؤمنين عليه السلام عند ذلك ، وجعل يقلب طرفه
وينظر إلى أهل بيته وأولاده ، ثم دعا الحسن والحسين عليهما السلام وجعل يحضنهما و
يقبلهما ، ثم اغمي عليه ساعة طويلة وأفاق ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه واله يغمى
عليه ساعة طويلة ويفيق اخرى ، لانه صلى الله عليه واله كان مسموما ، فلما أفاق ناوله الحسن
عليه السلام قعبا من لبن ، فشرب منه قليلا ثم نحاه عن فيه وقال : احملوه إلى
أسيركم ، ثم قال للحسن عليه السلام : بحقي عليك يا بني إلا ما طيبتم مطعمه ومشربه ،
وارفقوا به إلى حين موتي ، وتطعمه مماتأكل وتسقيه مما تشرب حتى تكون أكرم
منه ، فعند ذلك حملوا إليه اللبن وأخبروه بما قال أميرالمؤمنين عليه السلام في حقه ، فأخذ
اللعين وشربه .
قال : ولما حمل أميرالمؤمنين عليه السلام إلى منزله جاؤا باللعين مكتوفا إلى
بيت من بيوت القصر فحبسوه فيه ، فقالت له ام كلثوم وهي تبكي : يا ويلك أما
أبي فإنه لا بأس عليه ، وإن الله مخزيك في الدنيا والآخرة ، وإن مصيرك إلى
النار خالدا فيها ، فقال لها ابن ملجم لعنه الله : ابكي إن كنت باكية فوالله لقد اشتريت
سيفي هذا بألف وسممته بألف ، ولو كانت ضربتي هذه لجميع أهل الكوفة مانجا
منهم أحد . وفي ذلك يقول الفرزدق :
" شعر " :
فلا غرو للاشراف إن ظفرت بها(2)* ذئاب الاعادي من فصيح وأعجمي


(1)رقا الدمع : جف وانقطع .
(2)كذا في النسخ ، والظاهر : فلا عز للاشراف . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه