بحار الأنوار ج24

5 - قب : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه السلام فسأله عليه السلام عن أشيآء لم يعرف
الجواب عنها ، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن قول الله تعالى :(وقدرنا فيها
السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين)(1)أي موضع هو ؟ قال : هو مابين مكة والمدينة
فقال عليه السلام نشدتكم(2)بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة لاتأمنون على دمائكم من
القتل ، وعلى أموالكم من السرق ؟ ثم قال : وأخبرني عن قوله :(ومن دخله
كان آمنا)(3)أي موضع هو ؟ قال : ذاك بيت الله الحرام ، فقال : نشدتكم بالله
هل تعلمون أن عبدالله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل ؟ قال :
فاعفني يابن رسول الله(4).
بيان : أقول : التأويل الوارد في تلك الاخبار من غرائب التأويل ، ولعل
الوجه فيها ما أشرنا إليه مرارا ، من أن ما ذكره سبحانه في القرآن الكريم من
القصص إنما هو لزجر هذه الامة(5)عن أشباه أعمالهم وتحذيرهم عن أمثال ما
نزل بهم من العقوبات ، ولم يقع في الامم السابقي شئ إلا وقد وقع نظيره في هذه
الامة ، كقصة هارون مع العجل والسامري ، وما وقع على أميرالمؤمنين عليه السلام
من أبي بكر وعمر ، وكقارون وعثمان ، وصفورا والحميراء ، وأشباه ذلك مما
قد أشرنا إليه في كتاب النبوة ، لكن بعضها ظاهر الانطباق على ما مضى ، وبعضها
يحتاج إلى تنبيه ، وأمثال ذلك من القسم الثاني ، فإن نظير ما وقع على قوم
سبا من حرمانهم لنعم الله تعالى لكفرانهم وتعويضهم بالخمط(6)والاثل أن الله


(1)سبأ : 12 .
(2)في نسخة : ناشدتكمأقول نشده الله وبالله : استحلفه أى سأله وأقسم عليه
بالله . ناشده : حلفه
(3)آل عمران : 97 .
(4)مناقب آل ابى طالب 3 : 377 .
(5)ويشير إلى ذلك قوله تعالى في صدر القصة : لقد كان لسبأ في مساكنهم آيةوقوله :
ان في ذلك لايات لكل صبار شكور .
(6)الخمط : الحامض او المر من كل شئ . الحمل القليل من كل شجر : الاثل :
شجر يشبه الطرفاء الا انه اعظم منها وخشبه صلب جيد تصنع منه القصاء والجفان .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه