بحار الأنوار ج93

إنكم يا امة محمد أصغر القوم وخير الامم قال الله : وكذلك جعلنا كم امة
وسطا (1).
فقال لهم أوسطهم : اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا
فبطشوا به وضربوه ضربا مبرحا ، فلما أيقن الاخ أنهم يريدون قتله دخل معهم
في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع .
فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا ولم يقولوا إنشاء
الله ، فابتلاهم الله بذلك الذنب ، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا
عليه ، فأخبر عنهم في الكتاب قال : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا
ليصر منها مصبحين * ولا يستثنون * فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون *
فأصبحت كالصريم قال : كالمحترق .
فقال الرجل : ياابن عباس ما الصريم ؟ قال : الليل المظلم ، ثم قال : لاضوء
له ولا نور ، فلما أصبح القوم تنادوا مصبحين * أن اغدوا على حرثكم إن كنتم
صارمين قال : فانطلقوا وهم يتخافتون قال : وما التخافت يا ابن عباس ؟ قال :
يتشاورون يشاور بعضهم بعضا لكي لايسمع أحد غيرهم ، فقالوا : لا يدخلنها اليوم
عليكم مسكين * وغدوا على حرد قادرين وفي أنفسهم أن يصرموها ولا يعلمون
ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته .
فلما رأوها وعاينوا ما قد حل بهم قالوا إنا لضالون * بل نحن محرومون
فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ، ولم يظلمهم شيئا قال أو سطهم ألم أقل
لكم لولا تسبحون * قالوا سبحان ربنا أنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعض
يتلاومون قال : يلومون أنفسهم فيما عزموا عليه قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين *
عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون فقال الله : كذلك العذاب و
لعذاب الاخرة أكبر لوكانوا يعلمون (2).


(1)البقرة : 143 .
(2)تفسير القمى : 91 - 93 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه