" أفرأيتم النار التي تورون " أي تستخرجونها(1)بزنادكم من الشجر " ءأنتم
أنشأتم شجرتها " التي تنقدح النار منها " أم نحن المنشئون " لها ، فلا يمكن أحدا
أن يقول أنه أنشأ تلك الشجرة غير الله تعالى . والعرب تقدح بالزند والزندة
وهو خشب يحك بعضه ببعض فتخرج منه النار " نحن جعلناها تذكرة " أي نحن
جعلنا هذه النار تذكرة للنار الكبرى ، فإذا رآها الرائي ذكر جهنم واستعاذ
بالله منها ، وقيل تذكرة لقدرة الله تعالى على المعاد " ومتاعا للمقوين " أي بلغة و
منفعة للسمافرين ، يعني الذين نزلوا الارض القي وهو القفر ، وقيل : للمستمتعين
بها من الناس أجمعين المسافرين والحاضرين ، والمعنى أن جميعهم يستضيؤون بها في
الظلمة ، ويصطلون في البرد ، وينتفعون بها في الطبخ والخبز ، وعلى هذا فيكون
المقوي من الاضداد ، أي الذي صار ذاقوة من المال والنعمة ، والذاهب ماله النازل
بالقواء من الارض ، أي متاعا للاغنياء والفقراء(2)(انتهى).
وقال الرازي في شجرة النار وجوه : أحدها أنها الشجرة التي توري النار
منها بالزند والزندة . وثانيها الشجرة التي تصلح لايقاد النار كالحطب ، فإنها لو
لم تكن لم يسهل إيقاد النار ، لان النار لا تتعلق بكل شئ كما تتعلق بالحطب .
وثالثها اصول شعلها وفروعها شجرتها ، ولولا أنها ذات(3)شعب لما صلحت
لانضاج الاشياء(4).
وقال البيضاوي " نحن جعلناها تذكرة " أي تبصرة في أمر البعث ، أو في
الظلام أو تذكيراأو انموذجا لنار جهنم " ومتاعا " أي منفعة " للمقوين "
للذين ينزلون القوى وهي القفراء ، وللذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام
من أقوت الدار إذا خلت من ساكنيها(5)(انتهى).
(1)في المصدر : وتقدحونها .
(2)مجمع البيان : ج 9 ، ص 224 .
(3)في المصدر : ووقود شجرتها ولولا كونها ذات شغل . .
(4)مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 93 .
(5)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 493 .