عن إبراهيم بن مهزم قال : وجد في زمن وهب بن منبه حجر فيه كتاب بغير العربية
فطلب من يقرأه فلم يوجد ، حتى أتى به ابن منبه وكان صاحب كتب فقرأه
فاذا فيه :
يا ابن آدم لو رأيت قصر ما بقي من أجلك ، لزهدت في طول ما ترجو من
أملك ، ولقل حرصك وطلبك ، ورغبت في الزيادة في عملك ، فانك إنما تلقى
يومك لو قد زلت قدمك ، فلا أنت إلى أهلك براجع ، ولا في عملك بزائد ، فاعمل
ليوم القيامة ، قبل الحسرة والندامة(1).
26 مص : قال الصادق عليه السلام : لا تحرص على شئ لو تركته لوصل إليك
وكنت عند الله مستريحا محمودا بتركه ، ومذموما باستعجالك في طلبه ، وترك التوكل
عليه ، والرضا بالقسم ، فان الدنيا خلقها الله تعالى بمنزلة ظلك : إن طلبته أتعبك
ولا تلحقه أبدا ، وإن تركته تبعك ، وانت مستريح .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : الحريص محروم ، وهو مع حرمانه مذموم ، في أي
شئ كان ، وكيف لا يكون محروما وقد فر من وثاق الله ، وخالف قول الله عز
وجل ، حيث يقول الله : الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم (2)
والحريص بين سبع آفات صعبة : فكر يضر بدنه ولا ينفعه ، وهم لا يتم له أقصاه
وتعب لا يستريح منه إلا عند الموت ، ويكون عند الراحة أشد تعبا ، وخوف لا يورثه
إلا الوقوع فيه ، وحزن قد كدر عليه عيشه بلا فائدة ، وحساب لا يخصله من عذاب الله
إلا أن يعفو الله عنه ، وعقاب لا مفر له منه ولا حيلة ، والمتوكل على الله يمسي
ويصبح في كنفه ، وهو منه في عافية ، وقد عجل له كفايته ، وهيئ له من الدرجات
ما الله به عليم .
والحرص ما يجري في منافذ غضب الله ، وما لم يحرم العبد اليقين لا يكون
(1)علل الشرايع ج 2 ص 151 .
(2)الروم : 40 .