بحار الأنوار ج12

بيان : بينه وبين خبر الشامي تناف ظاهرا ، ويمكن الجمع بأن يكون المراد به
أن سائر الانبياء غير اولي العزم لم يكونوا يحتاجون إلى الختان فكيف يحتاج إبراهيم
إليه مع أنه ولد مختونا ؟ ويحتمل أن يكون تبقى لغلفهم بقية تسقط في اليوم السابع .
23 - ص : كان على عهد إبراهيم عليه السلام رجل يقال : له ما ريا بن أوس قد أتت عليه
ستمائة سنة وستون سنة ، وكان يكون في عيضة(1)له بينه وبين الناس خليج من ماء
غمر ، وكان يخرج إلى الناس في كل ثلاث سنين فيقيم في الصحراء في محراب له يصلي
فيه ، فخرج ذات يوم فيما كان يخرج فإذا هو بغنم كان عليها الدهن(2)فأعجب بها وفيها
شاب كان وجهه شقة قمر ، فقال : يا فتى لمن هذا الغنم ؟ قال : لابراهيم خليل الرحمن ، قال :
فمن أنت ؟ قال أنا ابنه إسحاق ; فقال : ما ريا في نفسه : اللهم أرني عبدك وخليلك حتى أراه قبل
الموت ، ثم رجع إلى مكانه ، ورفع إسحاق ابنه خبره إلى أبيه فأخبره بخبره ، فكان إبراهيم يتعاهد
ذلك المكان الذي هو فيه ويصلي فيه ،(3)فسأله إبراهيم عن اسمه وما أتى عليه من السنين
فخبره ، فقال : أين تسكن ؟ فقال : في غيضة ، فقال إبراهيم : إني أحب أن آتي موضعك
فأنظر إليه وكيف عيشك فيها ، قال : إني أيبس من الثمار الرطب ما يكفيني إلى قابل ،
لا تقدر أن تصل إلى ذلك الموضع فإنه خليج وماء غمر ، فقال له إبراهيم : فمالك فيه معبر ؟
قال : لا ، قال : فكيف تعبر ؟ قال : أمشي على الماء ، قال إبراهيم : لعل الذي سخر لك
الماء يسخره لي ، قال : فانطلق وبدأ ماريا فوضع رجله في الماء وقال : بسم الله ، قال إبراهيم :
بسم الله ، فالتفت ماريا وإذا إبراهيم يمشي كما يمشي هو ، فتعجب من ذلك فدخل الغيضة
فأقام معه إبراهيم ثلاثة أيام لا يعلمه من هو ، ثم قال له : ياماريا ما أحسن موضعك ! هل
لك أن تدعو الله أن يجمع بيننا في هذا الموضع ؟ فقال : ما كنت لافعل ، قال : ولم ؟ قال :
لاني دعوته بدعوة منذ ثلاث سنين لم يجبني فيها ، قال : وما الذي دعوته ؟ فقص عليه


-(1)الغيضة : الاجمة . مجتمع الشجر في مغيض الماء .
(2)كناية اما عن سمنها أى ملئت دهنا ، أو صفائها أى طليت به .
(3)في الهامش : كان ههنا سقطا كما سيظهر مما سيأتى في سائر الروايات في باب جمل احواله
عليه السلام . منه دام ظله .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه