بحار الأنوار ج20

لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الايمان حين يخالط بشاشة
القلوب ، وسألتك هل يغدر ؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك بما
يأمركم ؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة
الاوثان ، ويأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف ، فإن كان ما تقول حقا فسيملك
موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني
أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاه ، ولو كنت عنده لغسلت قدمه ، ثم دعا بكتاب
رسول الله صلى الله عليه وآله الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى(1)فدفعه إلى هرقل فقرأه
فإذا فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله عبده ورسوله إلى هرقل عظيم الروم
وسلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم ، أسلم(2)
يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين(3)، ويا أهل الكتاب
تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ، ولا نشرك به شيئا ، ولا يتخذ
بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون " .
قال أبوسفيان : فلما قال ما قال وفرغ من قراء‌ة الكتاب كثر عنده الصخب
وارتفعت الاصوات فأخرجنا ، فقلت لاصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي
كبشة ، إنه يخافه ملك بني الاصفر ، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله
على الاسلام(4).


(1)بصرى بالضم والقصر : موضع بالشام من اعمال دمشق ، وهى قصبة كورة حران .
(2)خلى المصدر عن كلمة(اسلم)الثانية .
(3)في الطبعة الحروفية : الاريسيين ، ويأتى ذلك ايضا في بيان المصنف
(4)قال اليعقوبي في تاريخه 2 : 62 : فكتب هرقل : " إلى احمد رسول الله الذى بشر به
عيسى من قيصر ملك الروم ، انه جاء‌نى كتابك مع رسولك ، وانى اشهد انك رسول الله ، نجدك
عندنا في الانجيل بشرنا بك عيسى بن مريم ، وانى دعوت الروم إلى ان يؤمنوا بك فابوا ولو
أطاعونى لكان خيرا لهم ، ولوددت انى عندك فاخدمك واغسل قدميك " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
يبقى ملكهم ما بقى كتابى عندهم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه