بحار الأنوار ج22

على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى
" وجئ بالنبيين والشهداء(1)" وقال : " ويوم يقوم الاشهاد(2)" وقيل : الاشهاد
أربعة : الملائكة والانبياء وامة محمد صلى الله عليه وآله والجوارح ، والثاني أن المعنى لتكونوا
حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين ، ويكون الرسول شهيدا مؤديا إليكم .
والثالث : إنهم يشهدون للانبياء على اممهم المكذبين لهم بأن قد بلغوا ، وجاز
ذلك لاعلام النبي صلى الله عليه وآله إياهم بذلك " ويكون الرسول عليكم شهيدا " أي شاهدا
عليكم بما يكون من أعمالكم ، وقيل : حجة عليكم ، وقيل شهيدا لكم بأنكم قد
صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به(3). " كنتم خير امة " قيل : هل أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله خاصة ، وقيل : هو خطاب للصحابة ، ولكنه يعم سائر الامة(4)" هو اجتباكم "
اي اختاركم واصطفاكم لدينه " من حرج " اي من ضيق لا مخرج منه ولا مخلص من
عقابه ، بل جعل التوبة والكفارات ورد المطالم مخلصا من الذنوب ، وقيل : لم
يضيق عليكم أمر الدين فلم يكلفكم مالا تطيقون ، بل كلف دون الوسع ، وقيل :
يعني الرخص عند الضرورات كالقصر والتيمم وأكل الميتة " ملة أبيكم إبراهيم "
أي دينه ، لان ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد صلى الله عليه وآله ، وإنما سماه أبا للجميع لان
حرمته على المسلمين كحرمة الوالد على الولد : أو لان العرب من ولد إسماعيل
وأكثر العجم من ولد إسحاق ، فالغالب عليهم أنهم أولاده " هو سماكم المسلمين "
اي الله سماكم المسلمين ، وقيل : ابراهيم " من قبل " أي من قبل إنزال القرآن
" وفي هذا " أي في القرآن " ليكون الرسول شهيدا عليكم " بالطاعة والقبول ، فإذا
شهد لكم به صرتم عدولا تستشهدون على الامم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم
الرسالة وإنهم لم يقبلوا " واعتصموا بالله " أي تمسكوا بدين الله ، أو امتنعوا بطاعة
الله عن معصيته ، أو بالله من أعدائكم ، أثقوا بالله وتوكلوا عليه " هو مولاكم " أي
وليكم وناصركم والمتولي لاموركم ، ومالككم " فنعم المولى " هو لمن تولاه


(1)الزمر : 69 .(2)غافر : 51 .
(3)مجمع البيان 1 : 224 و 225 .(4)مجمع البيان 2 : 486 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه