بحار الأنوار ج8

تفسير : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : تجري من تحتها أي من
تحت أشجارها ومساكنها الانهار واستعمل الجري في النهر توسعا لانه موضع
الجري كلما رزقوا منها أي من الجنات ، والمعنى : من أشجارها من ثمرة رزقا
أي اعطوا من ثمارها عطاء ، أو اطعموا منها طعاما ، لان الرزق عبارة عما يصح
الانتفاع به ولا يكون لاحد المنع منه قالوا هذاالذي رزقنا من قبل فيه وجوه :
أحدها أن ثمار الجنة إذا جنيت من أشجار ها عاد مكانها مثلها فيشتبه عليهم فيقولون :
هذا الذي رزقنا من قبل عن أبي عبيدة ويحيى بن أبي كثير .
وثانيها : أن معناه : هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا ، عن ابن عباس وابن
مسعود . وقيل : هذا هوالذي وعدنا به في الدنيا .
وثالثها : معناه : هذا الذي رزقناه من قبل في الجنة ، أي كالذي رزقناو هم
يعلمون أنه غيره ، ولكنهم شبهوه به في طعمه ولونه وريحه وطيبه وجودته ، عن الحسن
وواصل .
قال لشيخ أبوجعفر رحمه الله : وأقوى الاقوال قول ابن عباس لانه تعالى قال :
كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا فعم ولم يخص ، فأول ما اتوابه لا يتقدر فيه
هذا القول إلا بأن يكون إشارة إلى ماتقدم رزقه في الدنيا ، ويكون التقدير : هذا
مثل الذي رزقناه في الدنيا ، لان مارزقو في الدنيا فقد عدم ، فأقام المضاف إليه
مقام المضاف .
واتوا به متشابها فيه وجوه : أحدها : أنه أراد مشتبها في اللون مختلفا
في العظم . وثانيها : أن كلها متشابه خيار لا رذل فيه . وثالثها : أنه يشبه ثمرالدنيا
غير أن ثمر الجنة أطيب . ورابعها : أنه يشبه بعضه بعضا في اللذة وجميع الصفات .
وخامسها : أن التشابه من حيث الموافقة ، فالخادم يوافق المسكن ، والمسكن يوافق
الفرش ، وكذلك جميع ما يليق به ولهم فيها أزواج من الحورالعين ، وقيل : من
نساء الدنيا ، قال الحسن : هن عجائزكم الغمص الرمص العمش(1)طهرن من قذرات


(1)الغمص بضم الاول وسكون الثاني جمع غمصاء وهى التى سال من عينها الغمص أى الرمص ،
والرمص هو وسخ أبيض في مجرى الدمع من العين ، والعمش جمع عمشاء وهى التى ضعف بصرها
مع سيلان دمعها في أكثر الاوقات .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه