قبل أجله ، وانطلق كعب بن الاشرف(1)إلى مكة في ستين راكبا فوافقهم ، و
أجمعوا أمرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله لتكونن كلمتنا واحدة ، ثم رجعوا إلى المدينة
فأنزل الله فيهم هذه الآية ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس(2).
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " قد كان لكم آية " : نزلت الآية في قصة بدر
وكانت المسلمون ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا
معه النهر ، سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين ، ومائتان وستة وثلاثون رجلا من
الانصار ، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وآله والمهاجرين علي بن أبي طالب عليه السلام ، و
صاحب راية الانصار سعد بن عبادة ،(3)وكانت الابل في جيش رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين
بعيرا ، والخيل فرسين : فرس للمقداد بن الاسود ، وفرس لمرثد بن أبي مرثد ، و
كان معهم من السلاح ستة أدرع ، وثمانية سيوف ، وجميع من استشهد يومئذ أربعة
عشر : ستة من المهاجرين ، وثمانية من الانصار ، واختلف في عدة المشركين فروي
عن علي عليه السلام وابن مسعود أنهم كانوا ألفا ، وعن قتادة وعروة بن الزبير والربيع
كانوا بين تسعمائة إلى ألف ، وكان خيلهم مائة فرس ، ورئيسهم عتبة بن ربيعة بن عبد
شمس ، وكان حرب بدر أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكان سبب ذلك عير
أبي سفيان ، والخطاب في الآية لليهود الذين نقضوا العهد ، أو للناس جميعا ممن حضر
الوقعة ، وقيل : للمشركين واليهود " آية " أي حجة وعلامة ومعجزة دالة على
صدق محمد صلى الله عليه وآله " في فئتين التقتا " أي فرقتين اجتمعتا ببدر من المسلمين والكافرين
" فئة تقاتل في سبيل الله " أي في دينه وطاعته وهم الرسول وأصحابه " واخرى " أي
وفرقة اخرى " كافرة " وهم مشركوا أهل مكة " يرونهم مثليهم رأي العين " أي في
ظاهر العين ، اختلف في معناه ، فقيل : معناه يرى المسلمون المشركين مثلي عدد
(1)هو من اليهود الذين يحقدون على النبى صلى الله عليه وآله ، كان من طيئ ثم
احد بنى نبهان وامه من بنى النضير .
(2)مجمع البيان 2 : 413 .
(3)وقال في ص 498 وقيل : سعد بن معاذ .