بحار الأنوار ج6

الامور جارية على مقتضى العدل وذلك قوله : " ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " .
وفي قوله : " ما لها من فواق " أي لا يكون لتلك الصيحة إفاقة بالرجوع إلى
الدنيا ، وقيل : معناه : مالها مثنوية أي صرف ورد ، وقيل : مالها من فتور كما يفتر
المريض .
وفي قوله تعالى : " وما قدروا الله حق قدره " أي ما عظموا الله حق عظمته
" والارض جميعا قبضته يوم القيمة " القبضة في اللغة : ما قبضت عليه بجميع كفك ، أخبر
الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الارض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي
يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته ، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما
بيننا لانا نقول : هذا في قبضة فلان وفي يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه وإن لم يقبض
عليه ، وكذا قوله : " والسموات مطويات بيمينه " أي يطويها بقدرته كما يطوي أحد
منا الشئ المقدور له طيه بيمينه ، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك ،
كما قال تعالى : " أو ما ملكت أيمانكم " وقيل : معناه إنها محفوظات مصونات بقوته ،
واليمين : القوة " سبحانه وتعالى عما يشركون " أي عما يضيفونه إليه من الشبيه والمثل
" ونفخ في الصور " وهو قرن ينفخ فيه إسرافيل ، ووجه الحكمة في ذلك أنها علامة
جعلها الله ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف فشبه ذلك بما يتعارفونه من
بوق الرحيل والنزول " فصعق من في السموات والارض " أي يموت من شدة تلك
الصيحة التى تخرج من الصور جميع من في السموات والارض ، يقال : صعق فلان :
إذا مات بحال هائلة شبيهة بالصيحة العظيمة " إلا من شاء الله " قيل : هم جبرئيل و
ميكائيل وإسرافيل وملك الموت وهو المروي ، وقيل : هم الشهداء " ثم نفخ فيه اخرى "
يعني نفخة البعث وهي النفخة الثانية ، قال قتادة في حديث رفعه : إن ما بين النفختين
أربعين سنة ، وقيل : إن الله تعالى يفني الاجسام كلها بعد الصعق وموت الخلق ثم يعيدها
" فإذا هم قيام " إخبار عن سرعة إيجادهم لانه سبحانه إذا نفخ الثانية أعادهم عقيب
ذلك ، فيقومون من قبورهم أحياء‌ا " ينظرون " أي ينتظرون ما يفعل بهم وما يؤمرون به
" وأشرقت الارض بنور ربها " أي أضاء‌ت الارض بعدل ربها يوم القيامة لان نور

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه