بعد الوفاة ، والمنزلة التي توجب النبوة في حال الحياة التي لم ينتف النبوة فيها ، فلو
كان(1)استثناء النبوة بعد الوفاة مع وجوب الفضيلة والمنزلة في حال الحياة لوجب أن
يكون نبيا في حياته ، ففسد ذلك ووجب أن يكون استثناء النبوة إنما هو في الوقت
الذي جعل النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام المنزلة فيه ، لئلا يستحق النبوة مع ما استحقه
من الفضيلة والمنزلة .
ومما يزيد ذلك بيانا أن النبي صلى الله عليه وآله لو قال : " علي مني بعد وفاتي بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي معي في حياتي " لوجب بهذا القول أن لا يمتنع علي أن
يكون نبيا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله لانه إنما منعه ذلك في حياته وأوجب له أن يكون
نبيا بعد وفاته ، لان إحدى منازل هارون أن كان نبيا ، فلما كان كذلك وجب أن
النبي إنما نفى أن يكون علي نبيا في الوقت الذي جعل له فيه الفضيلة ، لان بسببها
احتاج(2)إلى نفي النبوة ، وإذا وجب أن المنزلة هي في وقت نفي النبوة وجب أنها بعد
الوفاة ، لان نفي النبوة بعد الوفاة ، وإذا وجب أن عليا عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة
هارون من موسى في حياة موسى فقد وجبت له الخلافة على المسلمين وفرض الطاعة وأنه
أعلمهم وأفضلهم ، لان هذه كانت منازل هارون من موسى في حياة موسى .
فإن قال قائل : لعل قول النبي صلى الله عليه وآله " بعدي " إنما دل به على بعد نبوتي
ولم يرد بعد وفاتي ، قيل له : لو جاز ذلك لجاز أن يكون كل خبر رواه المسلمين من أنه
لا بني بعد محمد صلى الله عليه وآله أنه إنما هو لا نبي بعد نبوته ، وأنه قد يجوز أن يكون بعد وفاته
أنبياء(3).
(1)هذا رد آخر لما ادعاه الخصم ، وتوضيحه أن المعنى على ذلك يصير كذا : أنت منى بمنزلة
هارون من موسى في حال حياتي الا أنه لا نبى بعد وفاتى ، وهذا فاسد بالضرورة لاستلزامه كون
أمير المؤمنين نبيا في حياة النبى ، لان هارون كان نبيا في حياة موسى .
(2)في النسخ والمصدر " ما احتاج " وهو سهو كما أشرنا إليه .
(3)فان المعنى يصير على هذا التقدير كذلك " أنت منى بمنزلة هارون من موسى في حياتى
الا انه لا نبى بعد نبوتى " وهذا لا ينافى أن يكون بعده انبياء ، فان قيل : إن بعد حياة النبى يصدق
عليه أنه بعد نبوته ، فاذا نفى وجود نبى بعد نبوته فيشمل بعد حياته ايضا ، يقال : هذا كر على