لكنى علمت أن الدين إذا يضيع ، فأحببت أن لا يتنهى ذلك إلا إلى ثقة .
إني لما اسرى بى إلى السماء السابعة ، فتح لي بصري إلى فرجة في العرش
تفور كما يفور القدر ، فلما أردت الانصراف ، اقعدت عند تلك الفرجة ، ثم نوديت
يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إنك أكرم خلقه عليه ، وعنده
علم قد زواه ، يعني خزنه ، عن جميع الانبياء وجميع اممهم غيرك ، وغير امتك ،
لمن ارتضيت لله منهم ، أن ينشره لمن بعده لمن ارتضى الله منهم أنه لا يصيبهم بعد ما
يقولونه ذنب كان قبله ، ولا مخافة ما يأتي ممن بعده ، ولذلك آمرك بكتمانه ، لئلا
يقول العاملون حسبا هذا من الطاعة .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس : ثم ذكر في جملة أسرار
هذا الدعاء ما هذا لفظه : يا محمد ومن هم بأمرين فأحب أن أختار له أرضاهما لي
فالزمه إياه ، فليقل حين يريد ذلك اللهم اخترلي بعلمك ، ووفقني بعلمك لرضاك
ومحبتك .
اللهم اخترلي بقدرتك وجنبني بقدرتك مقتك وسخطك ، اللهم اخترلي فيما اريد
من هذين الامرين - وتسميهما - أسرهما إلى وأحبهما إليك وأقر بهما منك و
أرضاهما لك اللهم إني أسئلك بالقدرة التي زويت بها علم الاشياء كلها عن جميع خلقك
فانك عالم بهواى وسريرتي وعلانيتي ، فصل على محمد وآله ، واسفع بناصيتي إلى
ماتراه لك رضا فيما استخرتك ، فيه حتى تلزمني من ذلك أمرا أرضى فيه بحكمك ، و
أتكل فيه على قضائك ، وأكتفى فيه بقدرتك ولا تقلبني وهواى لهواك مخالفا
ولا بما اريد لما تريد مجانبا ، اغلب بقدرتك التي تقضى بها ما أحببت على من أحببت
بهواك هواى ، ويسرني لليسرى التى ترضى بها عن صاحبها ، ولا تخذلني بعد تفويضى
إليك أمري برحمتك التي وسعت كل شئ ، اللهم أوقع خيرتك في قلبي ، وافتح
قلبى للزومها يا كريم ، آمين رب العالمين ، فانه إذا قال ذلك اخترت له منافعه في
العاجل والاجل .