بحار الأنوار ج13

لبكائك ، فقال : نعم ذكرت إلياس النبي عليه السلام وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل ، فقلت
كما كان يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه(1)بالسريانية فما رأينا والله قسا ولا جاثليقا(2)
أفصح لهجة منه به ، ثم فسره لنا بالعربية فقال : كان يقول في سجوده : " أتراك معذبي
وقد أظمأت لك هو اجري ؟ أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ؟ أتراك
معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ؟ أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي ؟ " قال : فأوحى الله
إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك قال : فقال : إن قلت : لا اعذبك ثم عذبتني
ماذا ؟ ألست عبدك وأنت ربي ؟ فأوحى الله إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، فإني
إذا وعدت وعدا وفيت به .(3)
2 - ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده عن وهب بن منبه ، عن ابن عباس
رضي الله عنه قال : إن يوشع بن نون بوأ بني إسرائيل الشام بعد موسى عليه السلام وقسمها بينهم
فسار منهم سبط ببعلبك بأرضها ، وهو السبط الذي منه إلياس النبي ، فبعثه الله إليهم
وعليهم يومئذ ملك(4)فتنهم بعبادة صنم يقال له بعل ، وذلك قوله : " وإن إلياس لمن
المرسلين * إذ قال لقومه ألا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين * الله ربكم
ورب آبائكم الاولين * فكذبوه " وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها إذا غاب فتقضي
بين الناس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاث مائة مؤمن كانت تريد قتلهم ،
ولم يعلم على وجه الارض انثى أزنى منها ، وقد تزوجت سبعة ملوك من بني إسرائيل
حتى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولدها ، وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل ، وكان
له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرة فاغتنمت
امرأته وقتلت العبد الصالح وأخذت بستانه غصبا من أهله وولده ، وكان ذلك سبب سخط
الله عليهم ، فلما قدم زوجها أخبرته الخبر فقال لها : ما أصبت ، فبعث الله إلياس النبي
يدعوهم إلى عبادة الله فكذبوه وطردوه وأهانوه وأخافوه ، وصبر عليهم واحتمل أذاهم و


(1)اندفع الرجل في الحديث : أفاض .
(2)القس : من كان بين الاسقف والشماس . الجانليق : متقدم الاساقفة .
(3)اصول الكافى 1 : 227 و 228 .
(4)في العرائس : اسمه لاجب .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه