بحار الأنوار ج7

وكفرهم ، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم ، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا
ينفعهم الكتمان ، وإنما يقولون : " والله ربنا ما كنا مشركين " في بعض الاحوال ،
فإن للقيامة مواطن وأحوالا ،(1)ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسا ، وفي موطن
ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي ظنا منهم أن ذلك ينفعهم ، وفي موطن يعترفون
بما فعلوه ، عن الحسن .
وثالثها أن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شئ من الله تعالى لان جوارحهم
تشهد عليهم بما فعلوه ، فالتقدير : لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه هم .
ورابعها أن المراد : ودوا لو تسوى بهم الارض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر
محمد صلى الله عليه وآله وبعثه ، عن عطا .
وخامسها أن الآية على ظاهرها ، فالمراد : ولا يكتمون الله شيئا لانهم ملجؤون
إلى ترك القبائح والكذب ، وقولهم : " والله ربنا ما كنا مشركين " عند أنفسنا لانهم كانوا
يظنون في الدنيا أن ذلك ليس بشرك من حيث تقربهم إلى الله ، عن البلخي . وفي قوله
تعالى : " ويوم نبعث من كل امة شهيدا " يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه
من كل امة شهيدا وهم الانبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم .
وقال الصادق عليه السلام : لكل زمان وامة إمام تبعث كل امة مع إمامها .
وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك أن ذلك أهول في النفس ، و
أعظم في تصور الحال ، وأشد في الفضيحة إذا قامت الشهادة بحضرة الملا مع جلالة
الشهود وعدالتهم عند الله تعالى ، ولانهم إذا علموا أن العدول عند الله يشهدون عليهم
بين يدي الخلائق فإن ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي ، وتقديره : واذكر يوم نبعث .
" ثم لا يؤذن للذين كفروا " أي لا يؤذن لهم في الكلام والاعتذار ، أولا يؤذن لهم في الرجوع
إلى الدنيا ، أو لا يسمع منهم العذر ، يقال : أذنت له أي استمعت " ولا هم يستعتبون "
أي لا يسترضون ولا يستصلحون ، لان الآخرة ليست بدار تكليف ، ومعناه : لا يسألون
أن يرضوا الله بالكف عن معصية يرتكبونها .


(1)يأتي شرح تلك المواطن في الاخبار ، راجع رقم 7 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه