بحار الأنوار ج7

وإن كان لئيما أسلمك ، ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تحشر إلا معه ، ولاتسأل إلا عنه ،
فلا تجعله إلا صالحا ، فإنه إن صلح آنست به ، وإن فسد لاتستوحش إلا منه ، وهو
فعلك ، الخبر .
ثم قال : قال بعض أصحاب القلوب : إن الحيات والعقارب بل والنيران التي تظهر
في القبر والقيامة هي بعينها الاعمال القبيحة والاخلاق الذميمة والعقائد الباطلة التي
ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة ، وتجلببت بهذه الجلابيب ، كما أن الروح والريحان
والحور والثمار هي الاخلاق الزكية والاعمال الصالحة والاعتقادات الحقة التي
برزت في هذا العالم بهذا الزي وتسمت بهذا الاسم ، إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها
باختلاف الاماكن ، فتحلى في كل موطن بحلية ، وتزيى في كل نشأة بزي ، وقالوا :
إن اسم الفاعل في قوله تعالى : " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين "
ليس بمعنى الاستقبال بأن يكون المراد أنها ستحيط بهم في النشأة اخرى ، كما
ذكره الظاهريون من المفسرين ، بل هو على حقيقته أي معنى الحال فإن قبائحم
الخلقية والعملية والاعتقادية محيطة بهم في هذه النشأة ، وهي بعينها جهنم التي
ستظهر عليهم في النشأة الاخروية بصورة النار وعقاربها وحياتها ، وقس على ذلك
قوله تعالى : " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " و
كذلك قوله تعالى : " يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضرا " ليس المراد أنها تجد
جزاء‌ه بل تجده بعينه لكن ظاهرا في جلباب آخر ، وقوله تعالى : " فاليوم لا تظلم نفس
شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون " كالصريح في ذلك ومثله في القرآن العزيز كثير ،
وورد في الاحاديث النبوية منه ما لايحصى كقوله صلى الله عليه وآله : الذي يشرب في آنية الذهب
والفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم ، وقوله صلى الله عليه وآله : الظلم ظلمات يوم القيامة ،
وقوله صلى الله عليه وآله : الجنة قيعان وإن غراسها : سبحان الله وبحمده ، إلى غير ذلك من
الاحاديث المتكثرة ، والله الهادي ، انتهى كلامه رفع الله مقامه .
اقول : القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا والعرض جوهرا في تلك النشأة مع
القول بإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة إذا النشأة الآخرة ليست إلا مثل تلك

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه