بحار الأنوار ج6

الذين يلحقون بهم مشتملون على عدم الحزن ، والاستبشار هنا إنما يقع بعدم خوف
هؤلاء اللاحقين ، ومعناه : لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم لان الله تعالى يتولاهم
" ولا هم يحزنون " على ما خلفوا من أموالهم لان الله قد أجزل لهم ما عوضهم . وقيل :
معناه : لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه لان الله تعالى محص ذنوبهم بالشهادة ، ولا هم
يحزنون على مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة " ويستبشرون " يعني هؤلاء الذين قتلوا
في سبيل " بنعمة من الله وفضل " الفضل والنعمة عبارتان يعبر بهما عن معنى واحد .
وقيل : النعمة : ما استحقوه بطاعتهم ، والفضل : ما زادهم سبحانه من المضاعفة .
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " يثبت الله الذين آمنوا " أي يثبتهم في كرامته
وثوابه بقولهم الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الايمان ، لانه ثابت بالحجج والادلة .
وقيل : معناه : يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد وحرمتها في الحياة الدنيا حتى
لا يزلوا ولا يضلوا عن طريق الحق ، ويثبتهم بها في الآخرة حتى لا يزلوا ولا يضلوا عن
طريق الجنة . وقيل : معناه : يثبتهم بالتمكين في الارض والنصرة والفتح في الدنيا ،
وبإسكانهم الجنة في الآخرة . وقال أكثر المفسرين أن المراد بقوله : " في الآخرة " في القبر
والآية وردت في سؤال القبر ، وهو قول ابن عباس وابن مسعود ، وهو المروي عن
أئمتنا عليهم السلام .
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " حتى إذا جاء أحدهم الموت " يعني أن هؤلاء الكفار
إذا أشرفوا على الموت سألوا الله تعالى عند ذلك الرجعة إلى دار التكليف ، فيقول أحدهم :
" رب ارجعون " وفي معناه قولان : أحدهما أنهم استغاثوا أولا بالله ثم رجعوا إلى
مسألة الملائكة فقال لهم : ارجعوني ، أي ردوني إلى الدنيا : والآخر أنه على عادة
العرب في تعظيم المخاطب " لعلي أعمل صالحا فيما تركت " أي في تركتي ، أو في دنياي ،
فإنه ترك الدنيا وصار إلى الآخرة ، أو فيما ضيعت وفرطت أي في صلاتي وصيامي
وطاعاتي ، ثم قال سبحانه في الجواب عن سؤالهم : " كلا " أي لا يرجع إلى الدنيا " إنها "
أي مسألة الرجعة " كلمة هو قائلها " أي كلام يقوله ولا فائدة له في ذلك ، أو كلمة

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه