بحار الأنوار ج93

الناس منها .
فلم تزل ترمى بها الغربة من بلد إلى بلد حتى أتت بلخ ، وكان قدومها إليها
إبان الشتاء ، فقدمت بلخ في يوم شديد البرد ، ذي غيم وثلج ، فحين قدمت بلخ بقيت
متحيرة لاتدري أين تذهب ، ولاتعرف موضعا تأوي إليه يحفظها وبناتها من البرد
والثلج ، فقيل لها : إن بالبلد رجلا من أكابرها معروفا بالايمان والصلاح يأوي إليه
الغرباء وأهل المسكنة
فقصدت إليه العلوية وحولها بناتها ، فلقيته جالسا على باب داره وحوله
جلساؤه وغلمانه ، فسلمت عليه وقالت : أيها الملك إني امرأة علوية ، ومعي بنات
علويات ، ونحن غرباء ، وقدمنا إلى هذا البلد في هذا الوقت وليس لنا من نأوي إليه
ولابها من يعرفنا فنلجأ إليه ، والثلج والبرد قد أضرنا ، دللنا إليك فقصدناك
لتاوينا .
فقال : ومن يعرف أنك علوية ائتيني على ذلك بشهود !
فلما سمعت كلامه ، خرجت من عنده حزينة تبكي ودموعها تنتثر ، واقفة في
الطريق متحيرة لا تدري أين تذهب ، فمربها سوقي فقال : مالك أيتها المرأة
واقفة ، والثلج يقع عليك ، وعلى هذه الاطفال معك ؟ فقالت : إني امرأة غريبة
لا أعرف موضعا آوي إليه ، فقال لها : امضي خلفي حتى أدلك على الخان الذى
يأوي إليه الغرباء ، فمضت خلفه .
قال الراوي : وكان بمجلس ذلك الملك رجل مجوسي فلما رأى العلوية
وقدردها الملك وتعلل عليها بطلب الشهود ، وقعت لها الرحمة في قلبه فقام في طلبها
مسرعا فلحقها عن قريب ، فقال : إلى أين تذهبين أيتها العلوية ؟ قالت : خلف رجل
يدلني إلى الخان لاوي إليه فقال لها المجوسي : لابل ارجعي معي إلى منزلي ، فآوي
إليه فانه خير لك ، قالت : نعم فرجعت معه إلى منزله .
فأدخلها منزله ، وأفرد لها بيتا من خيار بيوته ، وأفرشه لها بأحسن الفرش

وأسكنها فيه ، وجاء بها بالنار والحطب ، وأشعل لها التنور وأعد لها جميع ما

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه