واحد منهم تاج بهاء ، قد انبثت(1)تلك الانوار في عرصات القيامة ، ودورها مسيرة
ثلاثمائة ألف سنة ، فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ، ومن
ظلمة الجهل أنقذوه ، ومن حيرة التيه أخرجوه ، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم
إلى العلو حتى يحاذي بهم فوق الجنان ثم ينزلهم على منازلهم المعدة في جوار
استاديهم ومعلميهم ، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا يدعون إليهم ، ولا يبقى ناصب من
النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عينه ، وصمت اذنه ، وأخرس لسانه
وتحول عليه(2)أشد من لهب النيران ، فيتحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية(3)فتدعوهم
إلى سواء الجحيم .
وقال أبومحمد الحسن العسكري عليه السلام : إن من محبي محمد وآل محمد صلوات الله
عليهم مساكين مواساتهم أفضل من مساواة مساكين الفقراء وهم الذين سكنت جوارحهم ،
وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم ، ويسفهون أحلامهم ،
ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه حتى أزال مسكنتهم ثم سلطهم على الاعداء الظاهرين النواصب ،
وعلى الاعداء الباطنين إبليس ومردته ، حتى يهزموهم عن دين الله ، ويذودوهم عن أولياء
آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، حول الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم ،
قضى الله تعالى بذلك قضاء حق على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله .
بيان : التيه بالكسر : الضلال . والتحول : التنقل ، وضمن معنى التسلط أى
انتقل إليه متسلطا عليه ، أو معنى الاقتدار . فيحملهم أى ذلك الشعاع أو شعبته . فتدعوهم
أى الزبانية أو الشعاع إلى سواء الجحيم أى وسطه . ويسفهون أحلامهم أى ينسبون
عقولهم إلى السفه . قوله عليه السلام : إلى شياطينهم أى شياطين هؤلاء العلماء الهادين .
14 - م ، ج : بالاسناد عن أبي محمد عليه السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من قوى
مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته على ناصب مخالف فأفحمه لعنه الله(4)يوم يدلى في
(1)أى انتشرت .
(2)وفى نسخة : وتحول اليه .
(3)الزبانية عند العرب الشرط ، وسموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار اليها .
(4)اى فهمه اياه مشافهة . *