الناس منه ، فنادى : يا بني هاشم ، ويا بني غالب اركبوا فقد محمد ، وحلف أن لا أنزل حتى
أجد محمدا ، أو أقتل ألف أعرابي ومأة قرشي ، وكان يطوف حول الكعبة ، وينشد أشعارا
منها : يا رب رد راكبي محمدا * رد إلي واتخذ(1)عندي يدا
يا رب إن محمدا لن يوجدا * تصبح قريش كلهم مبددا
فسمع نداء : إن الله لا يضيع محمدا ، فقال : أين هو ؟ قال : في وادي فلان ، تحت
شجرة ام غيلان ، قال ابن مسعود(2): فأتينا الوادي فرأيناه يأكل الرطب من ام
غيلان ، وحوله شابان ، فلما قربنا منه ذهب الشابان وكانا جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ،
فسألناه من أنت ؟ وماذا تصنع ؟ قال : أنا بن عبدالله بن عبدالمطلب ، فحمله عبدالمطلب على
عنقه وطاف به حول الكعبة ، وكانت النسآء اجتمعن عند آمنة على مصيبته ، فلما رآها
تمسك بها ، وما التفت إلى أحد .
وكان عبدالمطلب أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رعاته في إبل قد ندت له(3)
يجمعها ، فلما أبطأ عليه نفذ ورائه في كل طريق وكل شعب ، وأخذ بحلقة باب الكعبة
وهو يقول : يا رب إن تهلك(4)آلك ، إن تفعل فأمر ما بدا لك ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله
بالابل ، فلما رآه أخذه فقبله ، فقال : بأبي لاوجهتك بعد هذا في شئ ، فإني أخاف
أن تغتال فتقتل(5).
بيان : قال الجزري : في حديث المولد أنه كان يتيما في حجر أبي طالب ، وكان
يقرب إلى الصبيان تصبيحهم فيختلسون ويكف ، أي غدائهم ، وهو اسم على تفعيل كالترغيب
(1)في نسخة من المصدر : واصطنع .
(2)فيه وهم ظاهر ، لان ابن مسعود مات في سنة 32(أو)33 ، وكان عمره يوم توفى بضعا
وستين سنة ، فعليه فكان عمر النبى حين ولد ابن مسعود قريبا من عشرين سنة ، فكيف رأى النبى و
هو صلى الله عليه وآله كان طفلا ؟ .
(3)ندالبعير : نفر وذهب شاردا .
(4)أتهلك ؟ .
(5)مناقب آل أبى طالب 1 : 24 .