بحار الأنوار ج94

مع علمه بامكان اللحاق ، فانه قد عرف أن جماعة كانوا مثله من الرعية ففازوا
للسياسة العظيمة النبوية وبلغوا غايات من المقام العاليات ، وفيهم من كان غلاما يخدم
أولياء الله جل جلاله في الابواب ، وما كان جليسا ولا نديما لهم ، ولا ملازما في
جميع الاسباب فما الذى يقتضي أن يرضى من جاء بعدهم بالدون ، وبصفقة المغبون
وأقل مراتب المراد منه أن يجري الله جل جلاله ورسوله صلوات عليه مجري
صديق يحب القرب منه ، ويستحيئ منه وهو حاذر من الاعراض ، فاذا قال
العبد : ما أقدر على هذا التوفيق ، وهو يقدر عليه مع الصديق ، فهو يعلم من نفسه
أنه ما كفاه الرضا بالنقصان والخسران ، حتى صار يتلقى الله جل جلاله و
رسوله صلى الله عليه وآله بالبهتان والكذب والعدوان .
فصل فيما نذكره من صفات كمال الصوم من طريق الاخبار .
رويت ذلك عن جماعة من الشيوخ المعتبرين إلى جماعة من العلماء الماضين
وأنا أذكر لفظ محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه وعنهم أجمعين(1)فقال : باسناده
في كتاب الصوم من كتاب الكافي إلى محمد بن مسلم قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا
صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك ، وعدد أشياء غير هذا وقال : لا يكون
يوم صومك كيوم فطرك .
وباسناد محمد بن يعقوب في كتابه إلى جراح المدايني عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، ثم قال : قالت مريم :(إنني
نذرت للرحمن صوما)أي صمتا . فاذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم
ولا تنازعوا ولا تحاسدوا .
قال : وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة ، فدعا رسول الله
صلى الله عليه وآله بطعام فقال : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : كيف تكونين صائمة
وقد سببت جاريتك ؟ إن الصوم ليس من الطعام والشراب .
قال : وقال أبوعبدالله عليه السلام : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام


(1)راجع ج 4 ص 87 باب أدب الصائم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه