بحار الأنوار ج13

فذهب قارون مغاضبا ، واعتزل موسيل بأتباعه ، وجعل موسى يداريه للقرابة التي بينهما ،
وهو يؤذيه في كل وقت ، ولا يزيد كل يوم إلا كبرا ومخالفة ومعاداة لموسى عليه السلام حتى
بنى دارا وجعل بابها من الذهب ، وضرب على جدرانها صفائح الذهب وكان الملا من
بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون فيطعمهم الطعام ويحدثونه ويضاحكونه .
قال ابن عباس : ثم إن الله سبحانه وتعالى أنزل الزكاة على موسى عليه السلام فلما
أوجب الله سبحانه الزكاة عليهم أبى قارون فصالحه عن كل ألف دينار على دينار ، وعن كل
ألف درهم على درهم ، وعن كل ألف شاة على شاة ، وعن كل ألف شئ شيئا ، ثم رجع إلى
بيته فحسبه فوجده كثيرا فلم تسمح بذلك نفسه فجمع بني إسرائيل وقال لهم : يا بني
إسرائيل إن موسى قد أمركم بكل شئ فاطعتموه ، وهو الآن يريد أن يأخذ أموالكم
فقالوا له : أنت كبيرنا وسيدنا فمرنا بما شئت ، فقال : آمركم أن تجيؤوا بفلانة البغي
فنجعل لها جعلا على أن تقذفه بنفسها ، فإذا فعلت ذلك خرج عليه بنو إسرائيل ورفضوه
فاسترحنا منه ، فأتوا بها فجعل لها قارون ألف درهم ، وقيل ألف دينار ، وقيل طستا
من ذهب ، وقيل : حكمها وقال لها : إني امولك(1)واخلطك بنسائي على أن تقذفي
موسى بنفسك غدا إذا حضر بنو إسرائيل ، فلما أن كان الغد جمع قارون بني إسرائيل ،
ثم أتى موسى ، فقال له : إن بني إسرائيل قد اجتمعوا ينتظرون خروجك لتأمرهم و
تنهاهم وتبين لهم أعلام دينهم وأحكام شريعتهم ، فخرج إليهم موسى وهم في براح(2)من
الارض ، فقام فيهم خطيبا ووعظهم فيما قال :(3)يا بني إسرائيل من سرق قطعنا يده ، و
من افترى جلدناه ثمانين ، ومن زنا وليست له امراة جلدناه مائة ، ومن زنا وله امرأة رجمناه
حتى يموت ، فقال له قارون : وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا ، قال قارون : فإن
بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة ، قال : أنا ؟ ! قال : نعم ، قال : ادعوها ، فإن
قالت فهو كما قالت ، فلما أن جاء‌ت قال لها موسى : يا فلانة إنما أنا فعلت لك(4)ما


(1)في المصدر : أنا أمؤنك .
(2)البراح بفتح الراء : المتسع من الارض لا شجر فيه ولا بناء .
(3)في المصدر : وقال فيما قال .
(4)في المصدر : يا فلانة أنا فعلت بك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه