بحار الأنوار ج66

ولانه أقرب إلى الوقوع على الصواب ، وأما الجواب عن العلاوة فلانه لما كان
الطريق إلى العمل بالفروع إنما هو النقل ، ساغ لنا التقليد فيها ، ولم يقدح
احتمال كذب المخبر ، وإلا لانسد باب العلم والعمل بها ، بخلاف الاعتقاديات
فان الطريق إليها بالنظر ميسر .
ثم قال رحمه الله بعد إطالة الكلام في الجواب عن حجة الخصام : وأما المقام
الثاني وهو أن الاعمال ليست جزء‌ا من الايمان ولانفسه ، فالدليل عليه من الكتاب
العزيز والسنة المطهرة والاجماع ، أما الكتاب فمن قوله تعالى(إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات)(1)فان العطف يقتضي المغايرة ، وعدم دخول المعطوف في المعطوف
عليه ، فلو كان عمل الصالحات جزء‌ا من الايمان أو نفسه ، لزم خلو العطف عن الفائدة ،
لكونه تكرارا ، ورد بأن الصالحات جمع معرف يشمل الفرض والنفل ، والقائل
بكون الطاعات جزء‌ا من الايمان يريد بها فعل الواجبات واجتناب المحرمات وحينئذ
فيصح العطف لحصول المغايرة المفيد لعموم المعطوف ، فلم يدخل كله في المعطوف
عليه نعم يصلح دليلا على إبطال مذهب القائلين بكون المندوب داخلا في حقيقة
الايمان كالخوارج .
ومنه قوله تعالى(ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن)(2)أي حالة إيمانه
وهذا يقتضي المغايرة ، ومنه قوله تعالى(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)(3)
فانه أثبت الايمان لمن ارتكب بعض المعاصي ، فلا يكون ترك المنهيات جزء‌ا
من الايمان ، ومنه قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)(4)
فان أمرهم بالتقوى الذي لاتحصل إلا بفعل الطاعات ، والانزجار عن المنهيات
مع وصفهم بالايمان يدل على عدم حصول التقوى لهم ، وإلا لكان أمرا بتحصيل


(1)ترى نصه في آيات كثيرة منها : البقرة : 277 .
(2)طه : 112 .
(3)الحجرات : 9 .
(4)براء‌ة : 119 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه