بحار الأنوار ج13

" جسدا " أي مجسدا لا روح فيه ، وقيل : لحما ودما " له خوار " أي صوت ، وفي
كيفية خوار العجل مع أنه مصوغ من ذهب خلاف ، فقيل : أخذ السامري قبضة من تراب
أثر فرس جبرئيل عليه السلام يوم قطع البحر فقذف ذلك التراب في فم العجل فتحول لحما و
ودما وكان ذلك معتادا غير خارق للعادة ، وجاز أن يفعل الله ذلك بمجرى العادة ، وقيل :
إنه احتال بإدخال الريح كما تعمل هذه الآلات التي تصوت بالحيل " إنه لا يكلمهم "
بما يجدي عليهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا(1)" ولا يهديهم سبيلا " أي لا يهديهم إلى خير
ليأتوه ، ولا إلى شر ليجتنبوه " اتخذوه " أي إلها .(2)
" ولما سقط في أيديهم "(3)قال البيضاوي : أي اشتد ندمهم ، فإن النادم المتحسر
يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها " وألقى الالواح " طرحها من شدة الغضب وفرط
الزجر حمية للدين .(4)
وقال الطبرسي : روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : يرحم الله أخي موسى ، ليس
المخبر كالمعاين ، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد عرفت أن ما أخبره ربه حق ، وإنه على
ذلك لمتمسك بما في يديه ، فرجع إلى قومه ورآهم فغضب وألقى الالواح . " استضعفوني "
أي اتخذوني ضعيفا " وكادوا يقتلونني " أي هموا بقتلي " فلا تشمت بي الاعداء " أي
لا تسرهم بأن تفعل ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم " مع القوم الظالمين " أي مع عبدة العجل
ومن جملتهم في إظهار الغضب والموجدة(5)" وذلة في الحيوة الدنيا " أي صغر النفس والمهانة ،


(1)ويمكن أن يكون المعنى : أو لم يروا أنه لا ينطق كاحاد البشر ولا يتفوه بكلام بل يخرج
منه صوت البقر فقط فكيف يكون هذا خالقا وهو أعجز من اضعف المخلوقين ؟ .
(2)مجمع البيان 4 : 48 .
(3)انوار التنزيل 1 : 172 و 174 .
(3)قال السيد الرضى قدس الله روحه : هذه استعارة ولا شئ على الحقيقة هناك سقط
في ايديهم ، ويقال : أسقط يديه وسقط في يديه بمعنى واحد ، وذلك عندما يصيب الانسان من
الابلاس لتروق البلاء وغلبة الاعداء ، وربما قيل ذلك للنادم على فعل الشئ إذا وجد غب مضرته ووخيم
عاقبته ، والمعنى أن الامر المخوف حصل في أيديهم من مجنى ثمرة معاصيهم فوجدوه وجدان من
هو في يده إذ كانت أيديهم في مكروهه .
(4)أنوار التنزيل 1 : 173 و 174 .
(5)الموجدة : الغضب .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه