بحار الأنوار ج19

لدخول الخوف عليهم بذلك على ما يكون من طبع البشر ، ويحتمل أن يكون قالوا(1)
ذلك استفهاما لا إنكارا ، وقيل : إنما قالوا ذلك لانهم ركنوا إلى الدنيا ، وآثروا
نعيمها " لولا أخرتنا " أي هلا أخرتنا " إلى أجل قريب " وهو إلى أن نموت
بآجالنا ، والفتيل : ما تفتله بيدك من الوسخ ثم تلقيه عن ابن عباس ، وقيل : ما
في شق النواة ، لانه كالخيط المفتول ، والبروج : القصور ، وقيل : بروج السماء
وقيل : البيوت التي فوق الحصون ، وقيل : الحصون والقلاع ، والمشيدة : المجصصة
أو المزينة ، وقيل : المطولة في ارتفاع " وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله "
قيل : القائلون هم اليهود قالوا : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم
علينا هذا الرجل ، فالمراد بالحسنة الخصب والمطر ، وبالسيئة الجدب والقحط ، و
قيل : هم المنافقون عبدالله بن ابي وأصحابه الذين تخلفوا عن القتال يوم احد
قالوا(2)للذين قتلوا في الجهاد : " لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا " فالمعنى إن
يصبهم ظفر وغنيمة قالوا هذه من عند الله ، وإن يصبهم مكروه وهزيمة قالوا : هذه
من عندك ، وبسوء تدبيرك ، وقيل : هو عام في اليهود والمنافقين ، وقيل : هو
حكاية عمن سبق ذكرهم قبل الآية ، وهم الذين يقولون : " ربنا لم كتبت علينا
القتال(3)" .
قوله تعالى : " يسألونك عن الانفال " قال الطبرسي رحمه الله اختلف المفسرون
في الانفال ههنا فقيل : هي الغنائم التي غنمها النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر عن ابن عباس
وصحت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام أنهما قالا : إن الانفال كل ما
اخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال ، وميراث
من لا وارث له ، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب ، والآجام وبطون
الاودية ، والارضون الموات وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه ، وقالا : هي لله


(1)في المصدر : أن يكونوا قالوا .
(2)في المصدر : وقالوا .
(3)مجمع البيان 3 : 77 و 78 . والمنقول في الكتاب مختصر ومختار من المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه