فاذا كان ذلك الزمان وجب التقدم في الوصية قبل نزول البلية ، ووجب تقديم
الصلاة في أول وقتها خشية فوتها في آخر وقتها ، فمن بلغ منكم ذلك الزمان فلا
يبيتن ليلة إلا على طهر ، وإن قدر أن لايكون في جميع أحواله إلا طاهرا فليفعل
= = فليلة الثلاثين يشك في ثبوت الهلال ، ولذلك يستهلون حتى يعلموا ذلك بأسهل الوسائل
والطرق الفطرية وهى الرؤية ، واماليلة التاسعة والعشرين فمعلوم عدمه واقعا ، وليلة الحادية
والثلاثين معلوم وجوده قطعا . فالاستهلال ومطالعة الافق ليلة الثلاثين استعلام بأنه هل ثبت و
خلق فيه الهلال أولا ؟ وكأن المستهلين يطالعون صفحة التقويم الفطرى : هل كتب فيها
أن هذه الليلة غرة الشهر القادم أولا ؟
وهذا الاستهلال واجب عقلا قضاء لحق الفطرة ، وكل تكليف أزيد من هذا حتى الاستخبار
من سائر الامصار ساقط عنهم كيف بنصب الارصاد ومعرفة منازل القمر الهيوية ودورانه وتعيين
عام الكبيسة على ما قيل . فانها كلها خارجة عن تناول المجتمع فطرة ، وانما تنال بالقسر
والتكلف ولايتأتى الا من قبل الخواص ، نعم اذا شهد أهل بلد آخر فلا بأس بقضاء ذلك اليوم
بعد ذلك فانه الاخذ بالاحتياط .
فاذا استهلوا ورأ واالهلال فقد ثبت بذلك عندهم حلول الشهر القادم بالفطرة ، وان لم يروا
كانوا على الميقات الاول . ومن الممكن أن يراه جيل في صقع ولا يراه آخرون في صقع
آخر ، فيكون لكل من الصقعين والجيلين حكم نفسه حتى اذا شملهم لواء الحج ببيت الله
الحرام شملهم حكم ذلك الصقع مجتمعا .
هذا ما قضى به الفطرة ، وتشهد به روايات كثيرة من طرق الفريقين بين طائفة تقول
صم للرؤية وأفطر للرؤية ، وطائفة تقول بأن يوم الشك يصام من شعبان فاذا شهد أهل بلد
آخر فاقضه ، وطائفة ترد على اهل الحساب من المنجمين كما ستعرف الوجه في ذلك .
وهناك أخبار أخر مبناها على الحساب والعدد - ما بين صحاح وضعاف : طائفة تحكم
بأن شهر رمضان تام ابداوشوال ناقص ابدا وهكذا كل الشهور شهر تام وشهر ناقص ، وطائفة
بأن اليوم المتمم للستين من هلال رجب اول شهر رمضان ، وطائفة ان اليوم الخامس من
أول شهر رمضان الماضى يومه الاول في العام الجارى ، غير ذلك مما هى مبتنية على أن = =