بحار الأنوار ج13

وأجمع المفسرون إلا شرذمة يسيرة أن الله تعالى لم يكن أمات موسى عليه السلام كما
أمات قومه ، ولكن غشي عليه بدلالة قوله تعالى : " فلما أفاق " واستدل بها على جواز
الرجعة .(1)
" وإذ أخذنا ميثاقكم " باتباع موسى والعمل بالتوراة " ورفعنا فوقكم الطور " قال
أبوزيد : هذا حين رجع موسى من الطور فأتى بالالواح فقال لقومه : جئتكم بالالواح ،
وفيها التوراة والحلال والحرام فاعملوا بها ، قالوا : ومن يقبل قولك ؟ فأرسل الله الملائكة
حتى نتقوا الجبل(2)فوق رؤوسهم ، فقال موسى عليه السلام : إن قبلتم ما أتيتكم به وإلا ارسل
الجبل عليكم ، فأخذوا التوراة وسجدوا لله تعالى ملاحظين إلى الجبل ، فمن ثم يسجد
اليهود على أحد شقي وجوههم . قيل : وهذا هو معنى أخذ الميثاق لان في هذه الحال
قيل لهم : " خذوا ما آتيناكم بقوة " يعني التوراة بجد ويقين ، وروى العياشي أنه سئل
الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى : " خذوا ما آتيناكم بقوة " أبقوة بالابدان أو بقوة بالقلب ؟
فقال : بهما جميعا . " واذكروا ما فيه " الضمير لما آتينا ، أي احفظوا ما في التوراة من الحلال
والحرام ولا تنسوه ، وقيل : اذكروا ما في تركه من العقوبة وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام
وقيل : أي اعملوا بما فيه ولا تتركوه " ثم توليتم " أي نقضتم العهد الذي أخذناه عليكم
" فلولا فضل الله عليكم " بالتوبة " ورحمته " بالتجاوز .(3)
" واسمعوا " أي اقبلوا ما سمعتم واعملوا به ، أو استمعوا لتسمعوا " قالوا سمعنا و
عصينا " أي قالوا استهزاء : سمعنا قولك ، وعصينا أمرك ، أو حالهم كحال من قال ذلك .(4)
" واشربوا في قلوبهم العجل(5)" قال البيضاوي : أي تداخلهم حبه ، ورسخ في قلوبهم
صورته لفرط شعفهم به ، كما يتداخل الصبغ الثوب ، والشراب أعماق البدن " وفي قلوبهم "
بيان لمكان الاشراب ، كقوله : " إنما يأكلون في بطونهم نارا " .


(1)مجمع البيان 1 : 114 و 115 .
(2)أى قلعوه .
(3)مجمع البيان 1 : 128 .
(4)مجمع البيان 1 : 162 و 163 .
(5)قال السيد الرضى قدس الله روحه : هذه استعارة والمراد بها صفة قلوبهم بالمبالغة في
حب العجل ، فكانها تشرب حبه فمازجها ممازجة المشروب وخالطها مخالطة الشئ الملذوذ ، و
حذف حب العجل لدلالة الكلام عليه ، لان القلوب لا يصح وصفها بتشرب العجل على الحقيقة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه