السمسم ، ونفاذ ماء الورد في جسم الورد ، ونفاذ تلك الاجسام(1)السماوية في جوهر
البدن هوالمراد بقوله " ونفخت فيه من روحي(2)" . ثم إن البدن مادام يبقى سليما
قابلا لنفاذ تلك الاجسام الشريفة فيه بقي حيا ، فإذا تولد في البدن أخلاط غليظة
منعت تلك الاخلاط الغليظة من سريان تلك الاجسام الشريفة ، فانفصلت عن هذا البدن
فحينئذ يعرض الموت ، فهذا مذهب قوي وقول شريف يجب التأمل فيه ، فإنه شديد
المطابقة لما ورد في الكتب الالهية من أحوال الموت والحياة ، فهذا تفصيل مذاهب
القائلين بأن الانسان جسم موجود في داخل البدن ، وأما أن الانسان جسم موجود
خارج البدن فلا أعرف ذهب إلى هذا القول .
واما القسم الثانى : وهو أن يقال : الانسان عرض حال في البدن فهذا لايقوله
عاقل ، لانه من المعلوم بالضرورة أن الانسان جوهر لانه موصوف بالعلم والقدرة
والتدبيروالتصرف ، وكل من كان هذا شأنه كان جوهرا ، والجوهر لايكون عرضا ،
بل الذي يمكن أن يقال له عاقل هو الانسان بشرط(3)أن يكون موصوفا بأعضاء
مخصوصة . وعلى هذا التقدير فللناس فيه أقوال :
القول الاول : أن العناصر الاربعة إذا امتزجت وانكسرت سورة كل واحد
منها بسورة اخرى حصلت كيفية معتدلة هي المزاج ، ومراتب هذا المزاج غير متناهية ،
فبعضها هي الانسانية ، وبعضها هي الفرسية ، فالانسان عبارة عن أجسام موصوفة
بكيفياب مخصوصة متولدة عن امتزاجات أجزاء العناصر بمقدار مخصوص ، وهذا قول
جمهور الاطباء ومنكري بقاء النفس ، ومن المعتزلة قول أبي الحسين البصري .
والقول الثانى : أن الانسان عبارة عن أجزاء مخصوصة بشرط كونهاموصوفة
بصفة الحياة والعلم والقدرة ، والحياة عرض قائم بالجسم ، وهؤلاء أنكروا الروح والنفس
(1)في بعض النسخ " الاجزاء " .
(2)الحجر : 29 ، ص : 72 .
(3)كذا في نسخ الكتاب ، وفى المصدر " بل الذى يمكن ان يقول به كل عاقل هو ان
الانسان يشترط . . "