بحار الأنوار ج14

طعامهم وشرابهم فرجع إلى أصحابه وهو يبكي ومعه طعام قليل ، فلما أخبرهم فزعوا و
وقعوا سجودا يتضرعون إلى الله تعالى ، فقال يمليخا : يا إخوتاه ارفعوا رؤوسكم فاطعموا
منه ، وتوكلوا على ربكم ، فرفعوا رؤوسهم وأعينهم تفيض من الدمع حزنا وخوفا على
أنفسهم فطعموا منه ، وذلك مع غروب الشمس ، ثم جلسوا يتحدثون ويتدارسون ويذكر
بعضهم بعضا فبيناهم على ذلك إذ ضرب الله على آذانهم في الكهف ، وكلبهم باسط ذراعيه
بباب الكهف ، فأصابه ما أصابهم ونفقتهم عند رؤوسهم ، فلما كان من الغد تفقدهم دقيانوس
فأرسل إلى آبائهم فسألهم عنهم ، فقالوا له : أما نحن فلم نعصك ، فلم تقتلنا بقوم مردة
قد ذهبوا بأموالنا فأهلكوها في أسواق المدينة ؟ ثم انطلقوا(1)فارتقوا إلى جبل يدعى ينجلوس
فأمر بالكهف أن يسد عليهم ، وقال : دعوهم كما هم في الكهف يموتوا جوعا وعطشا .
ثم إن رجلين مؤمنين كانا في بيت الملك يكتمان إيمانهما اسمهما يندروس و
روياس ائتمرا أن يكتبا شأن الفتية وأنسابهم وأسماء‌هم وخبرهم في لوح من رصاص ، ثم
يجعلانه في تابوت من نحاس ، ثم يجعلان التابوت في البنيان ، وقالا : لعل الله يظهر على
هؤلاء الفتية قوما مؤمنين قبل يوم القيامة فيعلم من فتح عليهم حين يقرأ هذا الكتاب ، ففعلا
ثم بنيا عليه ، فبقي دقيانوس مابقي ثم مات وقومه ، وقرون بعده كثيرة ، وخلفت الملوك
بعد الملوك .
وقال عبيد بن عمير : كانوا فتيانا مطوقين مسورين ذوي ذوائب ، وكان معهم كلب
صيدهم ، فخرجوا في عيد لهم عظيم في زي وموكب وأخرجوا معهم آلهتهم وقد قذف الله
في قلوبهم الايمان ، وكان أحدهم وزير الملك فآمنوا وأخفى كل منهم إيمانه من أصحابه
فتفرقوا وعزم كل منهم على أن يخرج من بين القوم ، فاجتمعوا تحت شجرة فأظهروا
أمرهم فإذا هم على أمر واحد ، فانطلقوا إلى الكهف ، ففقدهم قومهم فطلبوهم فأعمى الله
عليهم أخبارهم فكتبوا أسماء‌هم وأنسابهم في لوح : فلان وفلان وفلان أبناء ملوكنا ،
فقدناهم في شهر كذا من سنة كذا في مملكة فلان بن فلان ، ووضعوا اللوح في خزانة
الملك .


(1)في نسخة : فارتفعوا .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه