بحار الأنوار ج21

أخبر بحلفهم قبل وقوعه " يهلكون أنفسهم " بما أسروه من الشرك(1)وقيل : باليمين
الكاذبة ، والعذر الباطل " والله يعلم إنهم لكاذبون " في هذا الاعتذار والحلف " عفا
الله عنك لم أذنت لهم " في التخلف عنك " حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم
الكاذبين " أي حتى تعرف من له العذر منهم في التخلف ، ومن لا عذر له ، فيكون
إذنك لمن أذنت له على علم ، قال ابن عباس وذلك أن رسول الله صلى الله عليه واله لم يكن
يعرف المنافقين يومئذ ، وقيل : إنه إنما خيرهم بين الظعن والاقامة متوعدا لهم
ولم يأذن لهم ، فاغتنم القوم ذلك ، وفي هذا إخبار من الله سبحانه أنه كان الاولى أن
يلزمهم الخروج معه حتى إذا لم يخرجوا ظهر نفاقهم ، لانه متى أذن لهم ثم تأخروا
لم يعلم أن للنفاق(2)كان تأخرهم أم لغيره . وكان الذين استأذنوه منافقين ، ومنهم
الجد بن قيس ومعتب بن قشير ، وهما من الانصار(3).
أقول : قد مر الكلام في هذه الآية في باب عصمتة صلى الله عليه واله .
وقال في قوله تعالى : " لا يستأذنك " أي في القعود ، وقيل : في الخروج لانه
مستغن عنه بدعائك ، بل يتأهب له " أن يجاهدوا " أي في أن يجاهدوا " وارتابت
قلوبهم " أي اضطربت وشكت " فهم في ريبهم يترددون " أي في شكهم يذهبون و
يرجعون ويتحيرون ، وأراد به المنافقين ، أي يتوقعون الاذن لشكهم في دين الله
وفيما وعد المجاهدون ، ولو كانوا مخلصين لوثقوا بالنصر وبثواب الله فبادروا إلى
الجهاد ولم يستأذونك فيه " ولو أرادوا الخروج " في الجهاد كالمؤمنين " لاعدوا له
عدة " أي أهبة الحرب(4)من الكراع والسلاح " ولكن كره الله انبعاثهم " أي
خروجهم إلى الغزو العلمه إنهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنميمة بين المسلمين ، وكانوا عيونا للمشركين . وكان الضرر في خروجهم أكثر من الفائدة " فثبطهم " عن


(1)في المصدر : بما آثروه من الشرك .
(2)في المصدر . ألنفاق كان .(3)مجمع البيان 5 : 30 - 34 .
(4)اهبة الحرب : عدته و لوازمه والكراع : الدواب ، كالفرس والخيل والبغال والحمير .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه