بحار الأنوار ج13

وقيل : كانوا سبعين " وإنكم لمن المقربين " أي وإنكم مع حصول الاجر لكم لمن المقربين ،
إلى المنازل الجليلة .
" قالوا يا موسى " أي قالت السحرة لموسى : " إما أن تلقي " ما معك من العصا أولا
" وإما أن نكون نحن الملقين " لما معنا من العصي والحبال أولا " قال ألقوا " هذا أمر تهديد
وتقريع " سحروا أعين الناس " أي احتالوا في تحريك العصي والحبال بما جعلوا فيها من
الزيبق حتى تحركت بحرارة الشمس وغير ذلك من الحيل وأنواع التمويه والتلبيس ،
وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية " واسترهبوهم " أي استدعوا رهبتهم
حتى رهبهم الناس " فإذا هي تلقف ما يأفكون " أي فألقاها فصارت ثعبانا فإذا هي تبتلغ
ما يكذبون فيه أنها حيات " فوقع الحق " أي ظهر لانهم لما رأوا تلك الآيات الباهرة
علموا أنه أمر سماوي لا يقدر عليه غير الله تعالى ، فمنها قلب العصا حية ، ومنها أكلها
حبالهم وعصيهم مع كثرتها ، ومنها فناء حبالهم وعصيهم في بطنه إما بالتفرق وإما
بالفناء عند من جوزه ، ومنها عودها عصا كما كانت من غير زيادة ولا نقصان ، وكل من
هذه الامور يعلم كل عاقل أنه لا يدخل تحت مقدور البشر ، فاعترفوا بالتوحيد والنبوة
وصار إسلامهم حجة على فرعون وقومه " فغلبوا هنالك " أي قهر فرعون وقومه عند ذلك
المجمع ، وبهت فرعون وخلى سبيل موسى ومن تبعه " وانقلبوا صاغرين " أي انصرفوا
أذلاء مقهورين " والقي السحرة ساجدين " ألهمهم الله ذلك .
وقيل : إن موسى وهارون سجدا لله شكرا له على ظهور الحق فاقتدوا بهما فسجدوا
معهما ، وإنما قال : " القي " على ما لم يسم فاعله للاشارة إلى أنه ألقاهم مارأوا من
عظيم الآيات حيث لم يتمالكوا أنفسهم عند ذلك أن وقعوا ساجدين " رب موسى وهارون "
خصوهما لانهما دعوا إلى الايمان ولتفضيلهما ، أو لئلا يتوهم متوهم أنهم سجدوا
لفرعون : لانه كان يدعي أنه رب العالمين " إن هذا لمكر " أراد به التلبيس على الناس
وإيهامهم أن إيمان السحرة لم يكن عن علم ، ولكن لتواطؤ منهم ليذهبوا بأموالكم و
ملككم " فسوف تعلمون " عاقبة أمركم " لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " أي من
كل شق طرفا ، قال الحسن : هو أن يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ، وقال غيره :

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه