فلما أن رآها رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما يبكيك يا بنية ؟ قالت : وكيف لا أبكي و
أنا أرى ما بك من الضعف ، فمن لنا بعدك يا رسول الله ؟ قال لها : لكم الله ، فتوكلي
عليه واصبري كما صبر آباؤك من الانبياء ، وامهاتك من أزواجهم ، يا فاطمة أو
ما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا ، وبعثه رسولا ، ثم عليا فزوجتك
إياه وجعله وصيا ، فهو أعظم الناس حقا على المسلمين بعد أبيك ، وأقدمهم سلما
وأعزهم خطرا وأجملهم خلقا ، وأشدهم في الله وفي غضبا ، وأشجعهم قلبا ، وأثبتهم
وأربطهم جاشا ، وأسخاها كفا ، ففرحت بذلك الزهراء عليها السلام فرحا شديدا ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : هل سررت(1)يا بنية ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، لقد سررتني
وأحزنتني ، قال : كذلك امور الدنيا يشوب سرورها بحزنها ، قال ، أفلا أزيدك
في زوجك من مزيد الخير كله ؟ قالت : بلى يا رسول الله ، قال : إن عليا أول من
آمن بالله ، وهو ابن عم رسول الله ، وأخ الرسول ، ووصي رسول الله ، وزوج بنت
رسول الله ، وابناه سبطا رسول الله ، وعمه سيد الشهداء عم رسول الله ، وأخوه
جعفر الطيار في الجنة ابن عم رسول الله ، والمهدي الذي يصلي عيسى خلفه منك
ومنه ، فهذه يا بنية خصال لم يعطها أحد قبله ، ولا أحد بعده ، يا بنتي هل سررتك ؟
قالت : نعم يا رسول الله ، قال : أولا أزيدك مزيد(2)الخير كله ؟ قالت بلى ، قال :
إن الله تعالى خلق الخلق قسمين ، فجعلني وزوجك في أخيرهما قسما ، وذلك قوله
عزوجل : " وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة " ثم جعل الاثنين ثلثا فجعلني وزوجك
في أخيرها ثلثا وذلك قوله : " والسابقون السابقون اولئك المقربون * في جنات
النعيم(3)" .
44 - أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس ، عن أبان بن أبي عياش ، عن
سليم قال : إني لعند عبدالله بن عباس في بيته ، وعنده رهط من الشيعة ، فذكروا
(1)في المصدر : هل سررتك .
(2)= : اولا ازيدك في زوجك مزيد الخير كله ؟ .
(3)تفسير فرات : 179 . والاية في سورة الواقعة : 8 .