بحار الأنوار ج57

ومجاهدة الكفار ، والعطف على محذوف دل عليه ما قبله ، فإنه حال يتضمن تعليلا
أو اللام صلة لمحذوف ، أي أنزله ليعلم الله " بالغيب " حال من المستكن في " ينصره " .
" إن الله قوي " على إهلاك من أراد أهلاكه " عزيز " لا يفتقر إلى نصرة ، وإنما أمرهم
بالجهاد لينتفعوا به ويستو جبوا ثواب الامتثال فيه .
وقال الرازي : وأما الحديد ففيه البأس الشديد فإن آلات الحرب متخذة
منه ، وفيه أيضا منافع كثيرة منها قوله تعالى " وعلمناه صنعة لبوس لكم " ومنها أن
مصالح العالم إما اصول وإما فروع ، أما الاصول فأربعة : الزراعة ، والحياكة وبناء
البيوت ، والسلطنة . وذلك لان الانسان يضطر إلى طعام يأكله وثوب يلبسه
بناء يسكن فيه ، والانسان مدني بالطبع فلا تتم مصلحته إلا عند اجتماع جمع من
أبناء جنسه ليشتغل كل واحد منهم بمهم خاص فحينئذ ينتظم من الكل مصالح الكل
وذلك الانتظام لابد وأن يفضي إلى المزاحمة ولابد من شخص يدفع ضرر البعض عن البعض
وذلك هو السلطان ، فثبت أنه لاتنتظم مصلحة العالم إلا بهذا الاصول الاربعة . أما
الزراعة فمحتاجة إلى الحديد ذلك من كرب الارض وحفرها ثم عند تكون هذه
الحبوب وتولدهالابد من جزها وتنقيتها وذلك لاتيم إلا بالحديد(1). ثم لابد
من خبزها ولايتم إلا بالنار ولابد فيها من المقدحة الحديدية . وأما الفواكه فلا بد
من تنظيفها من قشورها وقطعها على الوجوه الموافقة للاكل ولايتم ذلك إلا بالحديد .
ثم يحتاج في آلات الحياكة إلى الحديد ثم نفزع(2)في قطع الثياب وخياطتها إلى
الحديد ، والذهب لايقوم مقام الحديد في شئ من هذه المصالح ، فلو لم بوجد الذهب في
الدنيا ما كان يختل شئ من مصالح الدنيا ، ولو لم يوجد الحديد لاختل جميع مصالح
الدنيا . ثم إن الحديد لما كانت الحاجة إليه شديدة جعله سهل الوجدان كثير الوجود
والذهب لما قلت الحاجة إليه جعله عزيز الوجود ، وعند هذا يظهر أثر جود الله ورحمته
على عبيده ، فإن كل ما كانت حاجاتهم إليه أكثر جعل وجدانه أسهل . ولهذا قال بعض


(1)في المصدر : ثم الحبوب لابد من طحنها وذلك لايتم الا بالحديد
(2)في المصدر : يحتاج .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه