بحار الأنوار ج56

يكون ذلك السبب مزيلا لتعلق قدرة الله تعالى بذلك المقدور ، فيكون الحادث
سببا لعجز الله ، وهو محال . فثبت أنه يستحيل وقوع شئ من الممكنات إلا بقدرة
الله ، وعنده يبطل كل ما قاله الصابئة .
قالوا : إذا ثبت هذا النوع فندعي أنه لا يمتنع وقوع هذه الخوارق بإجراء العادة
عند سحر السحرة ، فقد احتجوا(1)على وقوع هذا النوع من السحر بالقرآن
والخبر . أما القرآن فقوله تعالى في هذه الآية " وماهم بضارين به من أحد إلا
بإذن الله " والاستثناء يدل على حصول الآثار بسببه . وأما الاخبار(2)فأحدها
ما روي أنه عليه السلام سحر ، وأن السحر عمل فيه حتى قال : إنه ليخيل إلي أني
أقول الشئ وأفعله ولم أقله ولم أفعله . وإن امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك
السحر تحت راعوفة البئر ، فلما استخرج ذلك زال عن النبي صلى الله عليه وآله ذلك العارض
ونزلت(3)المعوذتان بسببه .
وثانيها : أن امرأة أتت عائشة فقالت لها : إني ساحرة ، فهل لي من توبة ؟
فقالت : وما سحرك ؟ فقالت : صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل
أتعلم علم السحر(4)، فقالا لي : يا أمة الله ! لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا
فأبيت ، فقالا لي : اذهبي فبولي على ذلك الرماد ، فذهبت لابول عليه ، ففكرت
في نفسي فقلت : لا فعلت(5)، وجئت إليهما فقلت : قد فعلت ، فقالا لي : ما رأيت
لما فعلت ، فقلت : ما رأيت شيئا ، فقالا لي : أنت على رأس أمرك ، فاتقي الله ولا
تفعلي ، فأبيت ، فقالا لي : اذهبي فافعلي ، فذهبت ففعلت ، فرأيت : كأن فارسا
مقنعا بالحديد قد خرج من فرجي فصعد إلى السماء ، فجئتهما فأخبرتهما ، فقالا :


(1)اجتمعوا(خ).
(2)في المصدر : فهى ورادة عنه صلى الله عليه وآله متواترة وآحادا ، احدها . .
(3)في المصدر : وانزل .
(4)في المصدر : لطلب علم . .
(5)في المصدر : لا أفعل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه