المحتاجون إليه لمالهم فيه من الثواب والاجر " كريم " أي متفضل على عباده شاكرهم و
كافرهم وعاصيهم ومطيعهم ، لايمنعه كفرهم وعصيانهم من الافضال عليهم والاحسان إليهم
" قال " سليمان " نكروا لها عرشها " أي غيروا سريرها إلى حال تنكرها إذا رأته ، وأراد
بذلك اختبار عقلها على ماقيل " ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لايهتدون " أي أتهتدي
إلى معرفة عرشها بفطنتها بعد التغيير أم لاتهتدي إلى ذلك ، عن سعيد بن جبير وقتادة ، وقيل :
أتهتدي أي أتستدل بعرشها على قدرة الله وصحة نبوتي ، وتهتدي بذلك إلى طريق الايمان
والتوحيد أم لا ؟ عن الجبائي ، قال ابن عباس : فنزع ماكان على العرش من الفصوص و
الجواهر ، وقال مجاهد : غير ما كان أحمر وجعل أخضر ،(1)وما كان أخضر فجعل أحمر ،(2)
وقال عكرمة : زيد فيه شئ ونقص منه شئ " فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه
هو " فلم تثبته ولم تنكره فدل ذلك على كمال عقلها حيث لم تقل : لا ، إذ كان يشبه سريرها
لانها وجدت فيه ماتعرفه ، ولم تقل : نعم إذ وجدت فيه ماغير وبدل ولانها خلفته في
بيتها وحمله في تلك المدة إلى ذلك الموضع غير داخل في مقدور البشر ، قال مقاتل : عرفته
ولكن شبهوا عليها حين قالوا لها : " أهكذا عرشك " فشبهت حين قالت : " كأنه هو "
ولو قيل لها : أهذا عرشك ؟ لقالت : نعم ، قال عكرمة : كانت حكيمة ، قالت : إن
قلت : هوهو خشيت أن أكذب ، وإن قلت : لا خشيت أن أكذب ، فقالت :
كأنه هو ، شبهته به ، فقيل لها : فإنه عرشك ، فما أغنى عنك إغلاق الابواب ،
وكانت قد خلفته وراء سبعة أبواب لما خرجت ، فقالت : " وأوتينا العلم " بصحة نبوة
سليمان " من قبلها " أي من قبل الآية في العرش " وكنا مسلمين " طائعين لامر سليمان ،
وقيل : إنه من كلام سليمان ، عن مجاهد ،(3)ومعناه : أوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة
قبل مجيئها(4)" وصدها ما كانت تعبد من دون الله " أي منعها عبادة الشمس عن الايمان
بالله تعالى بعد رؤية تلك المعجزات ،(5)عن مجاهد ، فعلى هذا تكون " ما " موصولة مرفوعة
(1)في المصدر : فجعله أخضر .(2)في المصدر : فجعله أحمر .
(3)في نسخة بعد ذلك : ومعناه : واوتينا العلم بالله وقدرته على مايشاء من قبل هذه
المرة ، وكنا مسلمين مخلصين لله بالتوحيد ، وقيل : معناه اه .
(4)في المصدر : وقيل : انه من كلام قوم سليمان ، عن الجبائي .
(5)" " : بعد رؤية تلك المعجز .