بحار الأنوار ج67

فعالهم ، فقد كان مباحا جائزا ، ولم يكونوا نهوا عنه ، وثوابهم منه على الله ، وذلك
أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ماعملوا به ، فصار أمره ناسخا لفعلهم ، وكان
نهي الله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين ، ونظرا ، لكي لايضروا بأنفسهم وعيالاتهم
منهم الضعفة الصغار ، والولدان ، والشيخ الفان ، والعجوز الكبيرة ، الذين لايصبرون
على الجوع ، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ، ضاعوا وهلكوا جوعا .
فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خمس تمرات أو خمس قرص أو
دنانير أو دراهم يملكها الانسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ماأنفقه الانسان على
والديه ، ثم الثانية على نفسه وعياله ، ثم الثالثة القرابة وإخوانه المؤمنين ، ثم
الرابعة على جيرانه الفقراء ، ثم الخامس في سبيل الله وهو أخسها أجرا .
وقال النبي صلى الله عليه وآله للانصاري حيث أعتق عند موته خمسة أو ستة من
الرقيق ، ولم يكن يملك غيرهم ، وله أولاد صغار : لو أعلمتموني أمره ماتركتكم
تدفنونه مع المسلمين ، ترك صبية صغارا يتكففون الناس ثم قال : حدثني أبي أن
النبي صلى الله عليه وآله قال : ابدأ بمن تعول الادنى فالادنى .
ثم هذا مانطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه ، مفروض من الله العزيز
الحكيم ، قال : الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (1)
أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ماأراكم تدعون(الناس إليه من الاثرة
على أنفسهم ، وسمى من فعل ماتدعون)(2)إليه مسرفا ؟ وفي غير آية من كتاب
الله يقول : إنه لايحب المسرفين (3)فنهاهم عن الاسراف ، ونهاهم عن التقتير
لكن أمر بين أمرين : لايعطي جميع ماعنده ، ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب
له للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله .
إن أصنافا من امتي لايستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على والديه


(1)الفرقان : 67 .
(2)مابين العلامتين ساقط من نسخة التحف والكمبانى ، أضفناه من نسخة الكافي .
(3)الانعام : 141 ، الاعراف : 31 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه