قال المحقق الدواني : المشبهة منهم من قال : إنه جسم حقيقة ، ثم افترقوا فقال
بعضهم : إنه مركب من لحم ودم . وقال بعضهم : هو نور متلالئ كالسبيكة البيضاء ، طوله
سبعة أشبار بشبر نفسه . ومنهم من قال : إنه على صورة إنسان ، فمنهم من يقول : إنه
شاب أمرد جعد قطط ،(1)ومنهم من قال : إنه شيخ أشمط الرأس واللحية ،(2)ومنهم
من قال : هو في جهة الفوق مماس للصفحة العليا من العرش ، ويجوز عليه الحركة والانتقال
وتبدل الجهات ، وتئط العرش تحته أطيط الرجل الجديد تحت الراكب الثقيل ، وهو
يفضل عن العرش بقدر أربع أصابع ، ومنهم من قال : هو محاذ للعرش غير مماس له ، وبعده
عنه بمسافة متناهية ، وقيل : بمسافة غير متناهية ، ولم يستنكف هذا القائل عن جعل
غير المتناهي محصورا بين حاضرين ، ومنهم من تستر بالكفة(3)فقال : هوجسم لا كالاجسام
وله حيز لا كالاحياز ، ونسبته إلى حيزه ليس كنسبة الاجسام إلى أحيازها ، وهكذا
ينفي ، جميع خواص الجسم عنه حتى لا يبقى إلا اسم الجسم ، وهؤلاء لا يكفرون بخلاف
المصرحين بالجسمية انتهى .
وقال الشهرستاني : حكى الكعبي عن هشام بن الحكم أنه قال : هو جسم ذو
أبعاض ، له قدر من الاقدار ، ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا تشبهه ، ونقل عنه أنه
قال : هو سبعة أشبار بشبر نفسه ، وأنه في مكان مخصوص وجهة مخصوصة ، وأنه يتحرك
وحركته فعله ، وليست من مكان إلى مكان ، وقال : هو متناه بالذات غير متناه بالقدر ! .
وحكى عنه أبوعيسى الوراق أنه قال : إن الله تعالى مماس لعرشه لا يفضل منه
شئ من العرش ولا يفضل عنه شئ .
وقال هشام بن سالم : إنه تعالى على صورة إنسان ، أعلاه مجوف ، وأسفله
مصمت ، وهو نور ساطع يتلالا ، وله حواس خمس ويد رجل وأنف واذن وعين وفم
وله وفرة سوداء ،(4)وهو نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم .
(1)الجعد من الشعر : خلاف الاسترسال . وقط الشعر : كان قصيرا جعدا فهو قطط .
(2)شمط شمطا : خالط بياض رأسه سوادفهو(أشمط).
(3)الكفة - بضم الكاف - حاشية الشئ ، وكفة القميص ما استدار حول الذيل . وفى نسخة :
" البلفكة " ولم نجد له معنى .
(4)الوفرة : ماسال من الشعر على الاذنين .