ثم أظهر الله نفاقهم على الآخرين(1)مع جهلهم فقال عزوجل : " وإذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنا " كانوا إذا لقوا سلمان والمقداد وأباذر وعمارا قالوا آمنا كإيمانكم إيمانا
بنبوة محمد ، مقرونا بالايمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب ، وبأنه أخوه الهادي ، ووزيره
الموافي ، وخليفته على امته ، ومنجز عدته(2)، والوافي بذمته ، والناهض بأعباء(3)سياسته
وقيم الخلق الذائد(4)لهم عن سخط الرحمن ، الموجب لهم إن أطاعوه رضى الرحمن ، وأن
خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة ، والاقمار المنيرة(5)، والشموس المضيئة الباهرة ، و
أن أوليائهم أولياء الله ، وأن أعدائهم أعداء الله ، ويقول بعضهم : نشهد أن محمدا صاحب
المعجزات ، ومقيم الدلالات الواضحات ، هو الذي لما تواطأت قريش على قتله وطلبوه
فقدا(6)لروحه أيبس الله أيديهم فلم تعمل ، وأرجلهم فلم تنهض ، حتى رجعوا عنه خائبين
مغلوبين ، لو شاء محمد وحده قتلهم أجمعين ، وهو الذي لما جاءته قريش وأشخصته إلى هبل
ليحكم عليه بصدقهم وكذبه ، خر هبل لوجهه ، وشهد له بنبوته ، ولعلي(7)أخيه بإمامته
ولاوليائه من بعده بوراثته ، والقيام بسياسته وإمامته ، وهو الذي لما ألجأته قريش إلى
الشعب ووكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت ، ومن خروج أحد عنه ، خوفا أن يطلب لهم
قوتا غذى هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المن والسلوى ، كلما اشتهى كل واحد منهم
من أنواع الاطعمة الطيبات ومن أصناف الحلاوات ، وكساهم أحسن الكسوات ، وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرهم إذا رآهم(8)وقد ضاق لضيق فجهم صدورهم قال(9)بيده هكذا بينماه
إلى الجبال وهكذا بيسراه إلى الجبال ، وقال لها : اندفعي فتندفع وتتأخر حتى يصيروا بذلك
(1)نفاقهم الاخر خ ل . وهو الموجود في المصدر المخطوط .
(2)في المصدر : عداته .
(3)الاعباء جمع العبء : الثقل والحمل .
(4)الذائد : الطارد والدافع .
(5)النيرة خ ل . وهو الموجود في المصدر المخطوط .
(6)قصدا خ ل وهو الموجود في نسخة من المصدر .
(7)وشهد لعلى خ ل . وهو الموجود في المصدر المخطوط .
(8)إذ رآهم خ ل .
(9)نشال خ ل .*