بحار الأنوار ج44

لم يكن للبر إمام بر قاهر أو مقهور ، فمات ميتة جاهلية ، إذا مات وليس
يعرف إمامه .

فان قيل : فما تأويل عهد الحسن عليه السلام وشرطه على معاوية بأن لا يقيم عنده

شهادة لا يجاب الله عليه عزوجل إقامة الشهادة بما علمه ، قبل شرطه على معاوية بأن
لا يقيم عنده شهادة قيل : إن لاقامة الشهادة من الشاهد شرائط : وهي حدودها
التي لا يجوز تعديها لان من تعدى حدود الله عزوجل فقد ظلم نفسه ، وأوكد
شرائطها إقامتها عند قاض فصل ، وحكم عدل ، ثم الثقة من الشاهد أن يقيمها
عند من يجر(1)بشهادته حقا ويميت بها أثرة ، ويزيل بها ظلما ، فإذا لم يكن من
يشهد عنده سقط عنه فرض إقامة الشهادة .
ولم يكن معاوية عند الحسن عليه السلام أميرا اقامه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله
أو حاكما من ولاة الحكم ، فلو كان حاكما من قبل الله وقبل رسوله ، ثم علم
الحسن عليه السلام أن الحكم هو الامير ، والامير هو الحكم ، وقد شرط عليه الحسن
أن لا يؤمر ، حين شرط ألا يسميه أمير المؤمنين ، فكيف يقيم الشهادة عند من
أزال عنه الامرة بشرط أن لا يسميه أمير المؤمنين ، وإذا زال ذلك عنه بالشرط أزال
عنه الحكم ، لان الامير هو الحاكم ، وهو المقيم للحاكم ، ومن ليس له تأمير ولا
تحاكم ، فحكمه هذر ، ولا تقام الشهادة عند من حكمه هذر .
فان قال : فما تأويل عهد الحسن عليه السلام على معاوية وشرطه عليه أن لا يتعقب
على شيعة علي عليه السلام شيئا ؟ قيل : إن الحسن عليه السلام علم أن القوم جوزوا لانفسهم
التأويل ، وسوغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء ، وإن كان الله
عزوجل حقنه ، وحقن ما أرادوا حقنه ، وإن كان الله عزوجل أراقه في حكمه .
فأراد الحسن عليه السلام أن يبين أن تأويل معاوية على شيعة علي عليه السلام بتعقبه
عليهم ما يتعقبه زائل مضمحل فاسد ، كما أنه أزال إمرته عنه وعن المؤمنين ، بشرط


(1)عند من يحيى بشهادته حقا . ظ ، بقرينة قوله يميت وما في الصلب مطابق
للنسخ والمصدر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه