أنهم قد شتموه فقال : " أما أنهم لو رأوني ما قالوا شيئا مما سمعت " وأقبل ثم قال :
" يا إخوة القردة إنا إذا نزلنا بساحة قوم فسآء صباح المنذرين ، يا عباد الطواغيت ،
اخسأوا أخسأكم الله " فصاحوا يمينا وشمالا : يا أبا القاسم ما كنت فحاشا ،
فما بدالك ؟
قال الصادق عليه السلام : فسقطت العنزة من يده ، وسقط رداؤه من خلفه ، ورجع
يمشي إلى ورائه حيآء مما قال لهم(1).
27 - أقول : قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : فأما الجراحة
التي جرحها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد(2)فإنها أجل من أن يقال : جليلة ،
وأعظم من أن يقال : عظيمة ، وما هي إلا كما قال شيخنا أبوالهذيل ، وقد سأله سائل :
أيما أعظم منزلة عند الله ؟ علي أم أبوبكر فقال : يا ابن أخي والله لمبازرة علي عمروا
يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والانصار وطاعاتهم كلها ، فضلا عن أبي بكر
وحده ، وقد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا بل ما هو أبلغ منه ، ثم ذكر
خبر حذيفة كما مر في رواية المفيد رحمه الله ، وذكر أكثر الروايات التي رواها
المفيد في هذا الباب ، وقال : وجآء في الحديث المرفوع أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذلك
اليوم حين برز إليه : " برز الايمان كله إلى الشرك كله " وفي الحديث المرفوع
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال عند قتل عمرو : " ذهب ريحهم ولا يغزوننا بعد اليوم ونحن
نغزوهم إنشاء الله "(3).
ثم ساق القصة إلى أن قال : فقال عمرو : من أنت ؟ وكان شيخا كبيرا قد جاوز
(1)اعلام الورى : 59(ط 1)و 102(ط 2).
(2)يقال لعمرو بن عبد ود ايضا عمرو بن عبد .
(3)ذكر البخارى ذلك ايضا في صحيحه 5 : 141 ، ولكن ما راقه أن يذكر الموطن الذى
قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ، فقال في رواية : " قال النبى صلى الله عليه وآله
يوم الاحزاب : " نغزوهم ولا يغزوننا " وفى اخرى : يقول حين اجلى الاحزاب عنه : الان
نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير اليهم .