بحار الأنوار ج46

تجلبب بالوقار ، ونبذ الشنار(1)وعاف(2)العار ، وعمد الانصاف ، وأبد الاوصاف
وحصن الاطراف ، وتألف الاشراف ، وأزال الشكوك في الله بشرح ما استودعه
الرسول من مكنون العلم الذي نزل به الناموس(3)وحيا من ربه ولم يفتر(4)
طرفا ، ولم يصمت الفا ، ولم ينطق خلفا ، الذي شرفه فوق شرفه ، وسلفه في الجاهلية
أكرم من سلفه ، لاتعرف الماديات في الجاهلية إلا بهم ، ولا الفضل إلا فيهم ، صفة
من اصطفاه الله واختارها .

فلا يغتر الجاهل بأنه قعد عن الخلافة بمثابرة من ثابر عليها ، وجالد بها
والسلال المارقة ، والاعوان الظالمة ، ولئن قلتم ذلك كذلك إنما استحقها بالسبق
تالله ما لكم الحجة في ذلك ، هلا سبق صاحبكم إلى المواضع الصعبة ، والمنازل
الشعبة ، والمعارك المرة ، كماسبق إليها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، الذي
لم يكن بالقبعة ولا الهبعة ، ولا مضطغنا آل الله ، ولامنافقا رسول الله .
كان يدرؤ عن الاسلام كل أصبوحة ويذب عنه كل أمسية ، ويلج بنفسه في
الليل الديجور المظلم الحلكوك ، مرصدا للعدو . هو ذل تارة وتضكضك اخرى ، و
يا رب لزبة آتية قسية وأو ان آن أرونان قذف بنفسه في لهوات وشيجة ، وعليه
زغفة ابن عمه الفضفاضة ، وبيده خطية عليها سنان لهذم ، فبرز عمرو بن ود القرم
الاود ، والخصم الالد ، والفارس الاشد ، على فرس عنجوج ، كأنما نجر نجره
باليلنجوج ، فضرب قونسه ضربة قنع منها عنقه ، او نسيتم عمرو بن معدي كرب
الزبيدي إذ أقبل يسحب ذلاذل درعه ، مدلا بنفسه ، قد زحزح الناس عن أماكنهم
ونهضهم عن مواضعهم ، ينادي أين المبارزون يمينا وشمالا ؟ فانقض عليه كسوذنيق
أو كصيخودة منجنيق ، فوقصه وقص القطام بحجره الحمام ، وأتى به إلى رسول الله


(1)الشنار : بالفتح أقبح العيب والعار .
(2)عاف الشئ كرهه .
(3)الناموس الملك الذى يجئ بالوحى كجبرئيل عليه السلام .
(4)فتر فتورا سكن بعد حدة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه