وتدع أمرك وأموالك عند غيرك قيما فتصيره أميرا ،(1)يا بني إن الله رهن الناس
بأعمالهم ، فويل لهم مما كسبت أيديهم وأفئدتهم ، يا بني لا تأمن من الدنيا والذنوب
والشيطان فيها ، يا بني إنه قد افتتن الصالحون من الاولين فكيف تنجو منه الآخرون ؟
يا بني اجعل الدنيا سجنك فتكون الآخرة جنتك ، يا بني إنك لم تكلف أن تشيل
الجبال ،(2)ولم تكلف مالا تطيقه ، فلا تحمل البلاء على كتفك ، ولا تذبح نفسك بيدك ،
يا بني لا تجاورن الملوك فيقتلوك ، ولا تطعهم فتكفر ، يا بني جاور المساكين ، واخصص
الفقراء والمساكين من المسلمين ، يا بني كن لليتيم كالاب الرحيم ، وللارملة(3)كالزوج
العطوف ، يا بني إنه ليس كل من قال : اغفر لي غفر له ، إنه لا يغفر إلا لمن عمل بطاعة
ربه ، يا بني الجار ثم الدار ، يا بني الرفيق ثم الطريق ، يا بني لو كانت البيوت
على العمل(4)ما جاور رجل جار سوء أبدا ، يا بني الوحدة خير من صاحب السوء ،
يا بني الصاحب الصالح خير من الوحدة ، يا بني نقل الحجارة والحديد خير من
قرين السوء ، يا بني إني نقلت الحجارة والحديد فلم أجد شيئا أثقل من قرين
السوء ، يا بني إنه من يصحب قرين السوء لا يسلم ، ومن يدخل مداخل السوء يتهم ،
يا بني من لا يكف لسانه يندم ، يا بني المحسن تكافأ بإحسانه ، والمسئ يكفيك مساويه ،
لو جهدت أن تفعل به أكثر مما يفعله بنفسه ما قدرت عليه ، يا بني من ذا الذي عبد الله
فحذله ؟ ومن ذا الذي ابتغاه فلم يجده ؟ يا بني ومن ذا الذي ذكره فلم يذكره ؟ ومن
ذا الذي توكل على الله فوكله إلى غيره ؟ ومن ذا الذي تضرع إليه جل ذكره فلم يرحمه ؟
يا بني شاور الكبير ولا تستحي من مشاورة الصغير ، يا بني إياك ومصاحبة الفساق فإنما
هم كالكلاب ، إن وجدوا عندك شيئا أكلوه ، وإلا ذموك وفضحوك . وإنما حبهم بينهم
ساعة ، يا بني معاداة المؤمن خير من مصادقة الفاسق ، يا بني المؤمن تظلمه ولا يظلمك
وتطلب عليه ويرضى عنك ، والفاسق لا يراقب الله فكيف يراقبك ؟ ! يا بني استكثر من
(1)هكذا في النسخ وهو لا يخلو عن سقط ، ولعل الصحيح : يا بنى ان تخرج من الدنيا فقيرا
خير من أن تدع أمرك .
(2)أى أن ترفع الجبال .
(3)الارملة : من مات زوجه .
(4)في نسخة : على العمد .(*)