بحار الأنوار ج85

بتوبة ، فذلك الاصرار .
والحديث المشهور " لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار " يومي إلى أن
الاصرار يحصل بعدم الاستغفار ، بقرينة المقابلة ، وفي العرف يقال : فلان مصر على هذا
الامر إذا كان عازما على العود إليه ، فالقول بكون العزم داخلا في الاصرار لا يخلو
من قوة .
والمشهور لا سيما بين المتأخرين اعتبار المروة في الامامة والشهادة ، ولا شاهد
له من جهة النصوص ، وفي ضبط معناها عبارات لهم متقاربة المعنى ، وحاصلها مجانبة
ما يؤذن بخسة النفس ، ودناء‌ة الهمة من المباحات والمكروهات ، وصغائر المحرمات
التي لا تبلغ حد الاصرار كالاكل في الاسواق والمجامع ، في أكثر البلاد ، والبول في
الشوارع المسلوكة ، وكشف الرأس في المجامع ، وتقبيل أمته وزوجته في المحاضر
ولبس الفقيه لباس الجندي ، والاكثار من المضحكات ، والمضايقة في اليسير التي
لا تناسب حاله ، ويختلف ذلك بحسب اختلاف الاشخاص والاعصار والامصار والعادات
المختلفة .
والحق أن مالم يخالف ذلك الشرع ولم يرد فيه نهى لا يقدح في العدالة ، ولا
دليل عليه ، وليس في الاخبار منه أثر ، بل ورد خلافه في أخبار كثيرة ، ومن كان أشرف
من رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يركب الحمار العاري ويردف خلفه ، ويأكل ماشيا إلى الصلاة ،
كما روي ، وكأنهم اقتفوا في ذلك أثر العامة فانها مذكورة في كتبهم ، ولذا لم يذكر
المحقق - ره - ذلك في معناها ، وأعرض منه كثير من القدماء والمتأخرين .
ولا يعتبر في العدالة الاتيان بالمندوبات إلا أن يبلغ تركها حدا يؤذن بقلة
المبالات بالدين ، كترك المندوبات أجمع ، قال الشهيد الثاني : ولو اعتاد ترك صنف
منها كالجماعة والنوافل ونحو ذلك ، فكترك الجميع لاشتراكها في العلة المقتضية لذلك
نعم لو تركها أحيانا لم يضر .
وإذا زالت العدالة بارتكاب ما يقدح فيها فتعود بالتوبة بغير خلاف ظاهرا ، وكذلك
من حد في معصية ثم تاب رجعت عدالته وقبلت شهادته ، ونقل بعض الاصحاب إجماع

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه