رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتبع جنازة وعليه شملتان ، وهو في أصحابه ، فاستدرت به
لانظر إلى الخاتم في ظهره ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله استدبرته عرف أني أستثبت
شيئا قد وصف لي ، فرفع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف
لي صاحبي ، فأكببت عليه اقبله وأبكي ، فقال : تحول يا سلمان هنا ، فتحولت
وجلست بين يديه ، وأحب(1)أن يسمع أصحابه حديثي عنه ، فحدثته يا ابن عباس
كما حدثتك ، فلما فرغت قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كات يا سلمان ، فكاتبت صاحبي
على ثلاثمائة نخلة احييها له ، وأربعين اوقية ، فأعانني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بالنخلة
ثلاثين ودية ، وعشرين ودية ، كل رجل على قدر ما عنده ، فقال لي رسول الله
صلى الله عليه وآله : أنا أضعها بيدي ، فحفرت لها حيث توضع ، ثم جئت رسول الله
صلى الله عليه وآله فقلت : قد فرغت منها فخرج معي حتى جاءها ، فكنا نحمل إليه
الودي فيضعه بيده فيسوي عليها ، فوالذي بعثه بالحق نبيا ما مات منها ودية واحدة
وبقيت علي الدراهم ، فأتاه رجل من بعض المغازي(2)بمثل البيضة من الذهب ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : أين الفارسي المكاتب المسلم ؟ فدعيت له ، فقال : خذ هذه يا سلمان
فأدها مما عليك فقلت : يا رسول الله أين تقع هذه مما علي ؟ فقال : إن الله عزوجل سيوفي
بها عنك فوالذي نفس سلمان بيده لوزنت لهم منها اربعين اوقية فأديتها إليهم ، وعتق
سلمان قال : وكان الرق قد حبسني حتى فاتني مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدر واحد ، ثم
عتقت فشهدت الخندق ، ولم يفتني معه مشهد .
وفي رواية عن سلمان رضي الله عنه أن صاحب عمورية لما حضرته الوفاة قال :
ائت غيضتين من أرض الشام ، فإن رجلا يخرج من إحداهما إلى الاخرى في كل
سنة ليلة يعترضه ذوو الاسقام فلا يدعو لاحد مرض إلا شفي ، فاسأله عن هذا الدين الذي
(1)أى أحب النبى ان يسمع أصحابه ما أحدث عنه ، أى عن أحواله وما سمعت الرهانبة
فيه ، ويمكن أن يقرأ أحب بصيغة المتكلم ، أى كنت احب ان يخبر أحوالى بعلم النبوة فيسمع
الاصحاب عنه ، لكنه لم يفعل ، والاول أظهر منه .
(2)المعادن خ ل .