بحار الأنوار ج67

عليه ضيعته أي أكثر عليه معاشه(1)انتهى .
وأقول : هذه الفقرة تحتمل وجوها :
الاول ماذكره في النهاية أي جمعت عليه ضيعته ومعيشته ، والتعدية بعلى
لتضمين معنى البركة أو الشفقة ونحوهما ، أو على بمعنى إلى كما أومأ إليه في النهاية
فيحتاج أيضا إلى تضمين .
الثاني أن يكون الكف بمعنى المنع ، وعلى بمعنى عن ، والضيعة بمعنى الضياع
أي أمنع عنه ضياع نفسه وماله وولده وسائر مايتعلق به ، ويؤيده ماسيأتي في
رواية الصدوق رحمه الله : وكففت عنه ضيعته .
الثالث ماذكره بعض المحققين وتبعه غيره أنه من الكفاف وهو ما يفي
بمعيشته مباركا عليه كفافا له ، ولا يخفى بعده لفظا إذ لاتساعده اللغة .
قوله تعالى : وضمنت على صيغة المتكلم من باب التفعيل أي جعلت
السماوات والارض ضامنتين لرزقه كناية عن تسبيب الاسباب السماوية والارضية له
وربما يقرأ بصيغة الغايب على بناء المجرد ، ورفع السماوات والارض ، وهو
بعيد وكنت له من وراء تجارة كل تاجر الوراء فعال ، ولامه همزة عند سيبويه
وأبي علي الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى قدام ، وخلف ، والتجارة
مصدر بمعنى البيع والشراء ، للنفع ، وقد يراد بها مايتجر فيه من الامتعة ونحوها
على تسمية المفعول باسم لمصدر ، وهذه الفقرة أيضا تحتمل وجوها :
الاول أن يكون المعنى كنت له عقب تجارة كل تاجر أسوقها إليه أي القي محبته
في قلوب التجار ليتجروا له ويكفوا مهماته . الثاني أن يكون المعنى كنت له عوضا
من تجارة كل تاجر فان كل تاجر يتجر لمنفعة دنيوية أواخروية ولما أعرض عن
جميع ذلك كفلت أنا ربح تجارته ، وهذا معنى دقيق خطر بالبال لايناسب إلا من


(1)قال في اللسان : أفشى الله ضيعته : أى كثر عليه معاشه ليشغله عن الاخرة ، وروى
أفسد بالسين والمعروف المروى أفشى ، أقول والظاهر من الاستعمال أنه دعاء عليه ، قال
في الاساس : فشت عليه ضيعته : اذا انتشرت عليه أموره لايدرى بأيها يبدأ .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه