بحار الأنوار ج12

الله تعالى : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث " وقال : كانت امرأة أيوب تكتسب له
وتعمل للناس وتجيئه بقوته ، فلما طال عليها البلاء وسئمها الناس فلم يستعملها التمست له
يوما من الايام ماتطعمه فما وجدت شيئا ، فجزت قرنا من رأسها فباعته برغيف فأتته به ،
فقال لها : أين قرنك ؟ فأخبرته فقال عند ذلك : " مسني الضر " .
وقيل : إنما قال ذلك حين قصدت الدود قلبه ولسانه فخشي أن يبقى خاليا عن الذكر
والفكر ; وقيل : إنما قال ذلك حين وقعت دودة من فخذه فرفعها وردها إلى موضعها
فقال لها : قد جعلني الله طعامك ، فعضته عضة زاد ألمها على جميع ما قاسى من عض
الديدان .
وقال عبدالله بن عبيد الله بن عمير :(1)كان لايوب عليه السلام أخوان فأتياه فقاما من بعيد
لا يقدران الدنو منه من ريحه ، فقال أحدهما لصاحبه : لو كان الله تعالى علم في أيوب خيرا
ما ابتلاه بمانرى ، قال : فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة ، وما جزع
من شئ أصابه جزعه من تلك الكلمة ، فعند ذلك قال : " مسني الضر " ثم قال : اللهم
إنك تعلم(2)أني لم أبت ليلة شبعان قط وأنا أعلم مكان جائع ، فصدقني ، فصدق و
هما يسمعان ، ثم قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أتخذ قميصي قط وأنا أعلم مكان
عارفصد قني ، فصدق وهما يسمعان ، فخر ساجدا . وقيل : معناه : مسني الضر من شماتة
الاعداء ، يدل عليه ما روي أنه قيل بعد ما عوفي : ما كان أشد عليك في بلائك ؟ قال :
شماتة الاعداء .
قوله تعالى : " فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة " اختلف العلماء
في كيفية ذلك ، فقال :(3)إنما أتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا ، فأما
الذين هلكوا فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا ، وإنما وعدالله تعالى أيوب أن يؤتيه إياهم
في الآخرة . قال وهب : كان له سبع بنات وثلاثة بنين ; وقال آخرون : بل ردهم الله تعالى


(1)في المصدر : قال عبدالله بن عمر .
(2)في المصدر : اللهم ان كنت تعلم .
(3)في المصدر : فقال قوم اه‍ .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه