أبي عبدالله عليه السلام في مرضة مرضها ، لم يبق منه إلا رأسه ، فقال : يا فضل إنني كثيرا
ما أقول : ما على رجل عرفه الله هذا الامر ، لو كان في رأس جبل حتى يأتيه
الموت ، يا فضيل بن يسار إن الناس أخذوا يمينا وشمالا ، وإنا وشيعتنا هدينا
الصراط المستقيم .
يا فضيل بن يسار إن المؤمن لو أصبح له(1)ما بين المشرق والمغرب كان ذلك
خيرا له ولو أصبح مقطعا أعضاؤه كان ذلك خيرا له ، يا فضيل بن يسار ! إن الله
لا يفعل بالمومن إلا ما هو خير له ، يا فضيل بن يسار ! لو عدلت الدنيا عندالله
جناح بعوضة ، ما سقى عدوه منها شربة ماء ، يا فضيل بن يسار ! إنه من كان همه
هما واحدا ، كفاه الله همه(2)ومن كان همه في كل واد ، لم يبال الله بأي واد
هلك(3).
محص : عن الفضيل مثله ، بأدنى تغيير واختصار .
بيان : " في مرضة " بالفتح أو بالتحريك ، وكلاهما مصدر " مرضها " أي مرض بها
وقيل : البارز في " مرضها " مفعول مطلق للنوع ، " لم يبق منه إلا رأسه " من للتبعيض
والضمير للامام عليه السلام أي من أعضائه ، أو للتعليل والضمير للمرض ، والاول أظهر
والمعنى : أنه نحف جميع أعضائه وهزلت ، حتى كأنه لم يبق منها شئ الا رأسه
فانه لقلة لحمه لا يعتريه الهزال كثيرا ، أو المراد : أنه لم يبق قوة الحركة في
شئ من أعضائه إلا في رأسه ، والاول أظهر .
" كثيرا ما أقول " " ما " زائدة للابهام ، و " ما " في قوله : " ما على رجل "
نافية أو استفهامية للانكار ، وحاصلهما واحد ، أي لا ضرر ولا وحشة عليه ، " أخذوا
يمينا وشمالا " أي عدلوا عن الصراط المستقيم إلى أحد جانبيه ، من الافراط
كالخوارج ، أو التفريط كالمخالفين له ، " ما بين المشرق " أي والحال أن له
ما بينهما ، أو " أصبح " بمعنى صار ، " مقطعا " على بناء المفعول للتكثير " أعضاؤه "
(1)في التمحيص : لو أصبح له ملك ما بين المشرق الخ .
(2)في التمحيص : كفاه الله ما أهمه .
(3)الكافى ج 2 ص 246 .