بحار الأنوار ج14

عليهن فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاء‌ت بشق ولد ، رواه أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وآله
قال : ثم قال : فو الذي نفس محمد بيده لو قال : " إن شاء الله " لجاهدوا في سبيل الله فرسانا ،
فالجسد الذي ألقي على كرسيه كان هذا ، ثم أناب إلى الله تعالى وفرغ إلى الصلاة(1)
والدعاء على وجه الانقطاع إليه سبحانه ، وهذا لا يقتضي أنه وقع منه معصية صغيرة ولا
كبيرة ، لانه عليه السلام وإن لم يستثن ذكره(2)لفظا فلا بد من أن يكون استثناه ضميرا
واعتقادا ، إذ لو كان قاطعا للقول بذلك لكان مطلقا لما لا يأمن أن يكون كذبا إلا أنه لما
لم يذكر لفظة الاستثناء عوتب على ذلك من حيث ترك ماهو مندوب إليه .
ومنها ماروي أن الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليه السلام ابن قال بعضهم لبعض :
إن عاش له ولد لنلقين منه مالقينا من أبيه من البلاء ، فأشفق عليه السلام منهم عليه ، فاسترضعه
في المزن وهو السحاب ، فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على أن الحذر
لاينفع عن القدر ، وإنما عوتب عليه السلام على خوفه من الشياطين ، عن الشعبي وهو المروي
عن أبي عبدالله عليه السلام .
ومنها أنه ولد له ميت جسد بلا روح فألقي على سريره ، عن الجبائي .
ومنها أن الجسد المذكور هو جسد سليمان لمرض امتحنه الله تعالى به ، وتقدير
الكلام : وألقيناه على كرسيه جسدا لشدة المرض ، فيكون جسدا منصوبا على الحال ،
والعرب يقول في الانسان إذا كان ضعيفا : هو جسد بلا روح ولحم على وضم(3)" ثم أناب "
أي رجع إلى حال الصحة ، عن أبي مسلم . وأما(4)ماذكر عن ابن عباس أنه ألقي شيطان
اسمه صخر على كرسيه وكان ماردا عظيما لا يقوى عليه جميع الشياطين ، وكان نبي الله
سليمان لا يدخل الكنيف بخاتمه ، فجاء صخر في صورة سليمان حتى أخذ الخاتم من امرأة
من نسائه ، وأقام أربعين يوما في ملكه وسليمان هارب ، وعن مجاهد أن شيطانا اسمه


(1)في نسخة وفي المصدر : فزع إلى الصلاة . اي لجأ اليها .
(2)" " : وان لم يستثن ذلك .
(3)الوضم : خشبة الجزار التي يقطع عليها اللحم .
(4)جواب أما يأتي بعيد هذا وهو قوله : فان جميع ذلك اه‍ .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه