بحار الأنوار ج21

أقول : انعقاد الاجماع على كون النبي أفضل ممن ليس ببني مطلقا
ممنوع ، كيف وأكثر علماء الامامية بل كلهم قائلون بأن أئمتنا عليهم السلام أفضل من
سائر الانبياء سوى نبينا صلى الله عليه واله ، ولو سلم فلا نسلم حجية مثل هذا الاجماع الذي
لم يتحقق دخول المعصوم فيه كيف وأخبار أئمتنا عليهم السلام مستفيضة(1)بخلافه ، ولنعم
ما فعل حيث أعرض عن الجواب في حق الصحابة إذ لم يجد عنه محيصا .
ثم قال : هذه الآية دلت على صحة نبوة النبي صلى الله عليه واله من وجهين : أحدهما
أنه صلى الله عليه واله خوفهم بنزول العذاب ، ولو لم يكن واثقا بذلك لكان ذلك منه سعيا في
إظهار كذب نفسه ، لان بتقدير أن رغبوا في مباهلته ثم لاينزل العذاب فحينئذكان
يظهر كذبه ، فلما أصر(2)على ذلك علمنا أنه إنما أصر عليه لكونه واثقا بنزول
العذاب عليهم .
والثاني : أن القوم لماتر كوا مباهلته فلولا أنهم عرفوا من التوراة والانجيل
ما يدل على نبوته لما أحجموا عن مباهلته .
فإن قيل : لعلهم كانوا شاكين فتركوا مباهلته خوفا من أن يكون صادقا
فينزل بهم ما ذكر من العذاب ، قلنا : هذا مدفوع من وجهين ، الاول : أن القوم
كانوا يبذلون النفوس والاموال في المنارعة مع رسول الله صلى الله عليه واله ، فلو كانوا شاكين
لما فعلوا ذلك .
الثاني : فقد نقل عن تلك النصارى أنهم قالوا : والله هو النبي المبشر به في
التوراة والانجيل ، وإنه(3)لو باهلتموه لحصل الاستيصال ، وكان ذلك تصريحا
منهم بأن الامتناع عن المباهلة كان لاجل علمهم بأنه نبي مرسل من عندالله تعالى
انتهى كلامه(4).


(1)بل يوجد في اخبارهم ايضا احاديث كثيرة في ذلك .
(2)في المصدر : كان يظهر كذبه فيما اخبر ، ومعلوم ان محمدا صلى الله عليه وآله
كان من اعقل الناس فلا يليق به ان يعمل عملا يفضى إلى ظهور كذبه ، فلما اصر .
(3)في المصدر : وانكم .(4)مفاتيح الغيب 2 : 473 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه