حين نظر إلى عسى عليه السلام جازه : بسم الله ، بصحه يقين منه فمشى(1)على الماء ولحق
بعيسى عليه السلام .
فدخله العجب بنفسه ، فقال : هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي
على الماء ، فما فضله علي ؟ قال : فرمس في الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء
فأخرجه ثم قال له : ما قلت يا قصير ؟ قال : قلت : هذا روح الله يمشي على الماء وانا
أمشي فدخلني من ذلك عجب ، فقال له عيسى : لقد وضعت نفسك في غير الموضع
الذي وضعك الله فيه ، فمقتك الله على ما قلت ، فتب إلى الله عزوجل مما قلت
قال : فتاب الرجل وعاد إلى المرتبة التي وضعه الله فيها ، فاتقوا الله ولا يحسدن
بعضكم بعضا(2).
بيان : في القاموس ساح الماء يسيح سيحا وسيحانا جرى على وجه الارض
والسياحة بالكسر والسيح الذهاب في الارض للعبادة ومنه المسيح انتهى .
وأقول : كان من شرايع عيسى عليه السلام : السياحة في الارض للاطلاع على عجائب
قدرة الله وهداية عبادالله ، والفرار من أعدائه ، وملاقاة أوليائه ، فنسخ ذلك في شرعنا
وقد روي لا سياحة في الاسلام ، وسياحة هذه الامة الصيام .
فدخله العجب فإن قيل : هذا إما عجب كما صرح به أو غبطة حيث تمنى
منزلة عيسى عليه السلام لكنه تجاوز عن حد نفسه حيث لم يكن له أن يتمنى تلك الدرجة
الرفيعة التي لا يمكن حصولها له ، فكيف فرعه عليه السلام على النهي عن الحسد ؟ قلت
الظاهر أنه كان الحامل له على الجرأة على هذا التمني الحسد بمنزلة عيسى
واختصاصه بالنبوة حيث قال : فما فضله علي ؟ أو أنه لما رأى مساواته لعيسى عليه السلام
في فضيلة واحدة ، حسد عيسى عليه السلام على نبوته وأنكر فضله عليه ، كما قال بعض
الكفار أنؤمن لبشرين مثلنا (3).
(1)ما بين العلامتين أضفناه من المصدر .
(2)الكافي ج 2 ص 306 .
(3)المؤمنون : 48 .