بحار الأنوار ج11

" بكل ريع " أي بكل مكان مرتفع ، أو بكل طريق " آية تعبثون " أي بناء لا
تحتاجون إليه لسكناكم ، وقيل : إنهم كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة
والسابلة(1)فيسخروا منهم ويعبثوا بهم ، وقيل : إن هذا في بنيان الحمام أنكر هود عليهم
اتخاذهم بروجا للحمام عبثا " وتتخذون مصانع " أي حصونا وقصورا مشيدة ، وقيل :
مأخذ الماء تحت الرض " لعلكم تخلدون " أي كأنكم تخلدون فيها " وإذا بطشتم " البطش :
الاخذ باليد ، أي إذا بطشتم بأحد تريدون إنزال عقوبة به عاقبتموه عقوبة من يريد التجبر
بارتكاب العظائم ، وقيل : أي إذا عاقبتم قتلتم " أمدكم " الامداد : إتباع الثاني بما قبله

شيئا بعد شئ على انتظام " إن هذا إلا خلق الاولين " أي كذب الاولين الذين ادعوا
النبوة ، أو هذا الذي نحن عليه مما ذكرت عادة الاولين من قبلنا .(2)
" في أيام نحسات " أي نكدات مشومات ،(3)وقيل : ذوات غبار وتراب حتى لا
يكاد يبصر بعضهم بعضا ، وقيل : باردات ، والعرب يسمي البرد نحسا .(4)
" لتأفكنا " أي لتصرفنا " إنما العلم عندالله " إي هو يعلم متى يأتيكم العذاب " عارضا "
أي سحابا يعرض في ناحية السماء ثم يطبق السماء " مستقبل أوديتهم " قالوا : كانت عاد
قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء أخرجت عليهم من واد لهم يقال
له المغيث " فلما رأوه " استبشروا " وقالوا هذا عارض ممطرنا " فقال هود : " بل هو ما استعجلتم
به " من العذاب " تدمر " أي تهلك كل شئ مرت به من الناس والدواب والاموال ، واعتزل
هود ومن معه في حظيرة من تلك الريح إلا ماتلين على الجلود وتلتذ به الانفس
وإنما لتمر على عاد بالظعن ما بين السماء والارض حتى ترى الظعينة كأنها جرادة " فيما
إن مكناهم فيه " أي في الذي ما مكناكم فيه من قوة الابدان وبسطة الاجسام وطول العمر


(1)السابلة : الطريق المسلوكة ، المارون عليه .
(2)مجمع البيان 7 : 198 . م
(3)النحس : نقيض السعد . الغبار في أقطار السماء . الريح الباردة اذا أوبرت . ويأتى
تفسيره بالاول في الخبر الثامن .
(4)مجمع البيان 9 : 8 . وفيه : هذا قول ابى مسلم . م(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه