بحار الأنوار ج57

به الشريعة ممكن غير مستحيل ولا استبعاد أيضا فيها ولا يلزم أن يكون حدوث لياقته
واستعداده لتعلقها مما يحصل له شيئا فشيئا ككونه أو لا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم
عظاما ثم طفلا إلى تمام الخلقة حسب ما يقتضيه التوالد والتناسل ، فإن ذلك نحو خاص
من الحدوث ، والحدوث لاينحصر للانسان في هذا النحو ، لجواز أن يتكون دفعة تاما
كاملا لاجل خصوصية بعض الازمنة والاوقات ، والاوضاع الفلكية ترجح إرادة الله


= ولن تجد لسنة الله تحويلا . نعم ، من الاسباب ما يكون واضحا وكيفية تأثيره وشرائط معروفة
ومنها ما يكون خفيا لايطلع عليها إلا الخواص بعد جهد بالغ وتجارب كثيرة ، ومنها ما يكون
غير عادى لايستطاع الحصول عليه إلا لمن شاء الله تعالى فربما يدعى من لايعرف هذين النوعين
من الاسباب انحصار سبب شى ء في ما هو الواضح المتعارف كما كان الناس يزعمون استحالة
كثير من الامور التى حصلت اليوم ببركة العلم الحديث ، وكما كان كثير من الاقوام يزعمون
استحاله حدوث بعض الايات قبل مشاهدتها ويسندونها إلى سحر الاعين بعد رؤيتها . لكن العقل
السليم لايأبى وجود اسباب خفية على الناس وغير طائعة لهم كما لاينكر تأثير نفوس قدسية بأمر
الله تعالى ولا يعد المعجزات وخوارق العادات تجويزا للمحال ولا ناقضا لقانون العلية ، لكن
يأبى استناد الحوادث أياما كانت بلا واسطة إلى الله تعالى لاستلزام ذلك اختلال سلسلة العلل و
المعاليل وتقدر الفيض من غير مقدر والترجح بلا مرجح وأما مرجحية ارادة الله تعالى و
مقدريتها للفيض فالارادة ان فرضت حادثة في ذاته سبحانه استلزمت صيرورة الدات محلا للحوادث
ومعرضا للكيفيات - جل وتعالى عن ذلك علوا كبيرا - وان فرضت حادثة في خارج ذاته
كانت مخلوقه له محتاجه إلى ارادة اخرى متسلسلة وتغيير العبادة والتعبير بالمشيئة لايحل المشكلة
وان فرضت قديمة لزم انفكاك المعلول عن العلة وأما الارادة المنتزعة عن مقام الفعل فمنشأ
انتزاعها نفس الفعل فلا تكون مرجحة له وهذا ليس بمعنى اشتراط قدرته تعالى على الفعل
بحصول الاسباب واجتماع الشرائط واستعداد المواد ، فان قدرته تعالى ليست محدودة بشئ
ولا متوقفة على شئ ، بل بمعنى نقص المقدور ومحدوديته ذاتا وتأخره عن علله رتبة وارتباطه
بها ثبوتا ، ويعبارة اخرى المعلول الخاص هو الذى يكون محدودا بحدود وقيود خاصة وإلا
لم يكن ذاك المعلول لان أن الله تعالى لايكون قادرا على ايجاد هذا المعلول إلا بهذه الخصوصيات
كما انه لاينافى تكون الاشياء بنفس امر الله تعالى ، فان أمره يوجب وجودها في ظروفها و =

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه