بحار الأنوار ج16

شيئا لما احتمله الناس من حسنه ، قلت : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه واله يصلي بالناس ويرفع
صوته بالقرآن ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه واله كان يحمل الناس من خلفه(1)ما
يطيقون(2).
23 - كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن سيف ، عن عمرو بن شمر ،
عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : صف لي نبي الله صلى الله عليه واله ، قال : كان نبي الله أبيض
مشرب حمرة ، أدعج العينين ، مقرون الحاجبين ، شثن الاطراف ، كأن الذهب أفرغ
على براثنه ، عظيم مشاشة المنكبين ، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله ، سربته(3)
سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة ، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة ،
يكاد أنفه إذا شرب أن يرد المآء ، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب ، لم ير مثل نبي الله
صلى الله عليه وآله قبله ولا بعده صلى الله عليه واله(4).
بيان : قوله عليه السلام : كأن الذهب افرغ على براثنه ، لعل المراد وصف صلابة
كفه صلى الله عليه واله وشدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض ، فإن الذهب لها جهة صلابة
ولين ، ويحتمل أن يكون التشبيه في الحمرة أو في النور ، وفي إعلام الورى : على تراقيه ،
وقد مر مثله . قوله عليه السلام : من شدة استرساله ، الاسترسال . الاستيناس والطمأنينة إلى
الانسان ، والثقة به فيما يحدثه ذكره الجزرى ، وهذا يدل على أن التفاته صلى الله عليه واله جميعا
إنما كان لعدم نخوته ، وشدة لطفه ، وحسن خلقه ، لا كما ظنه الاكثر أنه إنما كان
يفعل ذلك لمتانته ووقاره كما مر ، والسربة بالضم : الشعر وسط الصدر إلى البطن .
وقوله عليه السلام : كأنها وسط الفضة ، تشبيه بليغ ، حيث شبه هذا الخيط من الشعر في وسط
البطن بما يتخيل الانسان من خط أسود في وسط الفضة المصقولة إذا كانت فيها حدبة
فلا تغفل .


(1)من خلقه خ ل .
(2)الاصول 2 : 615 .
(3)سرته خ ل . أقول : هو مصحف .
(4)الاصول 1 : 443 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه