بحار الأنوار ج63

الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء فجعلوا ينجون به صبيانهم ، حتى
اجتمع من ذلك جبل ، فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك يصبي لها ، فقال :
ويحكم اتقوا الله لا يغير ما بكم من نعمة ، فقالت : كأنك تخوفنا بالجوع ، أما ما
دام ثرثارنا يجرئ ، فانا لا نخاف الجوع ، قال : فأسف الله عزوجل وضعف لهم
الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ، ونبت الارض ، قال : فاحتاجوا إلى مافي أيديهم
فأكلوه ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل فان كان ليقسم بينهم بالميزان(1).
ومنه : عن محمد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن عمرو بن شمر مثله(2).
بيان : من المأدم في الكافي(3)" من المأدوم " وفي بعض نسخه " من الادم " وهما
أصوب ، وفي القاموس الثرثار نهر أو واد كبير بين سنجار وتكريت ، والهجاء بالتشديد
من هجأ جوعه كمنع هجأو هجوء‌ا : سكن وذهب ، فهو صفة للخبز ، أي صالحا لرفع
الجوع ، أو مصدر بمعنى الحمق ، أي فعلوا ذلك لحمقهم ، والهجأة كهمزة الاحمق
كما في القاموس : ولا يبعد أن يكون تصحيف هجانا أي خيارا جيادا كما روي عن
أمير المؤمنين عليه السلام " هذا جناي وهجانه فيه " والاسف السخط ، قال تعالى : " فلما
آسفونا انتقمنا منهم(4)" والاضعاف والتضعيف جعل الشئ ضعيفا أو مضاعفا ، والثاني
أنسب بكلام المرأة ، وبقوله عليه السلام : " لهم " دون عليهم وبقوله في الرواية الاخيرة(5)
" فأجرى الله الثرثار أضعف ما كان عليه وحبس عنهم بركة السماء " وذلك لانهم لما
اعتمدوا على النهر ، ضاعفه الله لهم ، وحبس عنهم القطر والزرع ، ليعلموا أن النهر
لا يغنيهم من الله ، وأنه لابد أن يكون الاعتماد على الله ، وستأتي الاخبار في كتاب
الطهارة مشروحة إن شاء الله(6).
(1 2)المحاسن : 586 587 .
(3)الكافى : 6 ر 301 .
(4)الزخرف : 55 .
(5)يعنى رواية عمرو بن شمر راجع نصه في المحاسن : 587 .
(6)راجع ج 80 ص 202 203 ، ولنا في الذيل كلام في تفسير الخبر لا بأس
بمراجعته .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه