بحار الأنوار ج4

فعند ذلك اثيبوا بدخول الجنة والنظر إلي ما وعدهم الله عزوجل ، فذلك قوله : " إلى
ربها ناظرة " والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : " فناظرة
بم يرجع المرسلون " أي منتظرة بم يرجع المرسلون
وأما قوله : " ولقد رآه نزلة اخري عند سدرة المنتهى " يعني محمدا صلى الله عليه وآله حين كان
عند سدرة المنتهى ، حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عزوجل . وقوله في آخر الآية :
" ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى " رأي جبرئيل عليه السلام في صورته
مرتين : هذه المرة ومرة اخري ، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين
الذين لايدرك خلقهم وصورتهم(1)إلا رب العالمين . الخبر .
بيان : الوعث والوعثاء : المشقة . قوله صلوات الله عليه : والنظر إلى ما وعدهم الله
يحتمل أن يكون المراد بالنظر الانتظار ، فيكون قوله : والناظرة في بعض اللغة تتمة
وتأييدا للتوجيه الاول ، والاظهر أنه عليه السلام أشار إلي تأويلين : الاول تقدير مصاف في
الكلام أي ناظرة إلي ثواب ربها فيكون النظر بمعنى الابصار . والثاني أن يكون النظر
بمعنى الانتظار ، ويؤيده ما في التوحيد في تتمة التوجيه الاول : فذلك قوله : " إلى ربها
ناظرة " وإنما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى ، وأرجع عليه السلام الضمير في
قوله تعالى : " ولقد رآه نزلة اخرى " إلى جبرئيل عليه السلام سيأتي القول فيه .
10 - ج : يونس بن ظبيان قال : دخل رجل على أبي عبدالله عليه السلام قال : أرأيت
الله حين عبدته ؟ قال له : ما كنت أعبد شيئا لم أره . قال : وكيف رأيته ؟ قال : لم تره
الابصار بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ، لايدرك بالحواس ، ولايقاس
بالناس ، معروف بغير تشبيه
11 - ج : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " لا تدركه الابصار "
قال : إحاطة الوهم ، ألا ترى إلى قوله : " قد جائكم بصائر من ربكم " ليس يعني بصر
العيون " فمن أبصر فلنفسه " ليس يعني من البصر بعينه " ومن عمي فعليها " ليس يعني عمى
العيون ، إنما عني إحاطة الوهم ، كما يقال : فلان بصير بالشعر ، وفلان بصير بالفقه ،


(1)وفى نسخة : لا يدرك خلقهم وصفتهم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه