القائل بالفرق ، أما الثاني فلان متابعة المذنب حرام .
الثالث : أنه لو صدر عنه ذنب لوجب منعه وزجره والانكار عليه لعموم أدلة الامر
بالمعروف والني عن المنكر ، ولكنه حرام لاستلزام إيذائه المحرم بالاجماع ، ولقوله
تعالى : " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة " .(1)
الرابع : أنه لو أقدم على الفسق لزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى : " إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "(2)وللاجماع على عدم قبول شهادة الفاسق ، فيلزم أن يكون
أدون حالا من آحاد الامة ، مع أن شهادته تقبل في الدين القويم ، وهو شاهد على
الكل يوم القيامة ، قال الله تعالى : " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم
شهيدا " .(3)
الخامس : أنه يلزم أن يكونوا أقل درجة من عصاة الامة ، فإن درجاتهم في غاية
الرفعة والجلالة ، ونعم الله سبحانه بالاصطفاء على الناس وجعلهم امناء على وحيه وخلفاء
في عباده وبلاده وغير ذلك عليهم أتم وأبلغ ، فارتكبهم المعاصي والاعراض عن أوامر ربهم
ونواهيه للذة فانية أفحش وأشنع من عصيان هؤلاء ، ولايلتزنه عاقل .
السادس : أنه يلزم استحقاقه العذاب واللعن واستيجابه التوبيخ واللوم لعموم قوله
تعالى : " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين(4)"
وقوله تعالى : " ألالعنة الله على الظالمين(5)" وهو باطل بالضرورة والاجماع .
السابع : أنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله ، فهم لولم يطيعوا لدخلوا تحت قوله
تعالى : " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون(6)"
واللازم باطل بإلاجماع ، ولكونه من أعظم المنفرات ، فإن كل واعظ لم يعمل بما يعظ
الناس به لا يرغب الناس في الاستماع منه وحضور مجلسه ولا يعبؤون بقوله .
الثامن : أنه تعالى حكى عن إبليس قوله : " فبعزتك لا غوينهم أجمعين * إلا
(1)الاحزاب : 57
(2)الحجرات : 6 .
(3)البقرة : 143
(4)النساء : 14 .
(5)هود : 18 .
(6)البقرة : 44(*).