أخبارهم حرفا حرفا ، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة ، ثم كان يخبرهم
بأسرارهم وما يعلمون في بيوتهم ، وجاء بآيات كثيرة لاتحصى ، قال رأس الجالوت : لم
يصح عندنا خبر عيسى ولاخبر محمد ؟ ولا يجوز لنا أن نقر لهما بمالم يصح ، قال الرضا
عليه السلام : فالشاهد الذي شهد لعيسى ولمحمد صلى الله عليهما شاهد زور ؟ فلم
يحر جوابا .
ثم دعى بالهربذ الاكبر فقال له الرضا عليه السلام : أخبرني عن ذرهشت(1)الذي
تزعم أنه نبي ماحجتك على نبوته ؟ قال : إنه أتى بمالم يأتنا به أحد قبله ولم نشهده
ولكن الاخبار من أسلافنا وردت علينا بأنه أحل لنا مالم يحله غيره فاتبعناه ، قال :
أفليس إنما أتتكم الاخبار فاتبعتموه ؟ قال : بلى ، قال : فكذلك سائر الامم السالفة
أتتهم الاخبار بما أتى به النبيون وأتى به موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم ،
فما عذركم في ترك الاقرار لهم ؟ إذ كنتم إنما أقررتم بزرهشت من قبل الاخبار
المتواترة بأنه جاء بمالم يجئ به غيره ، فانقطع الهربذ مكانه .
فقال الرضا عليه السلام : يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الاسلام وأراد أن يسأل
فليسأل غير محتشم ، فقال إليه عمران الصابئ وكان واحدا من المتكلمين فقال : يا عالم
الناس لولا أنك دعوت إلى مسألتك لم أقدم عليك بالمسائل ، فلقد دخلت الكوفة و
البصرة والشام والجزيرة ولقيت المتكلمين فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا ليس غيره
قائما بوحدانيته ،(2)أفتأذن لي أن أسألك ؟ قال الرضا عليه السلام : إن كان في الجماعة
عمران الصابئ فأنت هو ، قال : أنا هو ، قال : سل يا عمران وعليك بالنصفة ، وإياك
والخطل(3)والجور ، قال : والله ياسيدي ما اريد إلا أن تثبت لي شيئا أتعلق به فلا
أجوزه ، قال : سل عما بدالك ، فازدحم الناس وانضم بعضهم إلى بعض ، فقال عمران
الصابئ : أخبرني عن الكائن الاول وعما خلق ، قال : سألت فافهم ، أما الواحد فلم
(1)في المصدر : زردهشت ، وفى نسخة من العيون : زردشت وكذا فيما يأتى بعد ذلك .
(2)أى تكون وحدانيته عين ذاته .
(3)الخطل : الكلام الكثير الفاسد .(*)