بحار الأنوار ج64

بيان قال : في النهاية : فيه كل مولود يولد على الفطرة ، الفطر : الابتداء
والاختراع ، والفطرة منه الحالة كالجلسة والركبة ، والمعنى أنه يولد على نوع
من الجبلة والطبع المتهيأ لقبول الدين ، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ، ولم
يفارقها إلى غيرها وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد ، ثم
تمثل بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم ، والميل إلى أديانهم ، عن مقتضى
الفطرة السليمة .
وقيل : معناه كل مولود يولد على معرفة الله والاقرار به ، فلا تجد أحدا
إلا وهو يقر بأن الله صانعه ، وإن سماه بغير اسمه ، وأو عبد معه غيره ، ومنه حديث
حذيفة " على غير فطرة محمد " أراد دين الاسلام الذي هو منسوب إليه انتهى .
وقيل : الفطرة بالكسر مصدر للنوع من الايجاد ، وهو إيجاد الانسان على
نوع مخصوص من الكمال ، وهو التوحيد ومعرفة الربوبية ، مأخوذا عليهم ميثاق
العبودية ، والاستقامة على سنن العدل .
وقال بعض العامة : الفطرة ما سبق من سعادة أو شقاوة ، فمن علم الله سعادته
ولد على فطرة الاسلام ، ومن علم شقاوته ، ولد على فطرة الكفر ، تعلق بقوله تعالى
" لا تبديل لخلق "(1)وبحديث الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام ، طبع يوم طبع
كافرا ، فانه يمنع من كون تولده على فطرة الاسلام .
واجيب عن الاول بأن معنى لا تبديل لا تغيير ، يعني لا يكون بعضهم على
فطرة الكفر ، وبعضهم على فطرة الاسلام ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله " كل مولود يولد
على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه " فان المراد بهذه الفطرة فطرة الاسلام .
وعن الثاني : بأن المراد بالطبع حالة ثانية طرأت ، وهي التهيؤ للكفر
عن الفطرة التي ولد عليها .
وقال بعضهم : المراد بالفطرة : كونه خلقا قابلا للهداية ، ومتهيئا لها ، لما
أو جد فيه من القوة القابلة لها ، لان فطرة الاسلام وصوابها موضوع في العقول


(1)الروم : 30 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه