فلم يحفر إلا ذراعا حتى تجلاه النوم فأرى رجلا طويل الباع(1)، حسن الشعر ، جميل الوجه ،
جيد الثوب ، طيب الرائحة يقول(2): احفر تغنم ، وجد تسلم ، ولا تذخرها للمقسم ،
الاسياف لغيرك ، والتبر(3)لك ، أنت أعظم العرب قدرا ، ومنك يخرج نبيها ووليها
والاسباط ، والنجباء الحكماء العلماء البصراء ، والسيوف لهم ، وليسوا اليوم منك ولا لك ،
ولكن في القرن الثاني منك ، بهم ينير الله الارض ، ويخرج الشياطين من أقطارها ، ويذلها
في عزها ، ويهلكها بعد قوتها ، ويذل الاوثان ويقتل عبادها حيث كانوا ، ثم يبقى بعده
نسل من نسلك هو أخوه ووزيره ودونه في السن ، وقد كان القادر على الاوثان ، لا يعصيه
حرفا ، ولا يكتمه شيئا ، ويشاوره في كل أمر حجم عليه(4)، واستعيا عنها عبدالمطلب فوجد
ثلاثة عشر سيفا مسندة إلى جنبه فأخذها ، وأراد أن يبث(5)فقال : وكيف ولم أبلغ الماء ، ثم حفر
فلم يحفر شبرا(6)حتى بداله قرن الغزال ورأسه فاستخرجه وفيه طبع : لا إله إلا الله ، محمد
رسول الله ، علي ولي الله ، فلان خليفة الله ، فسألته فقلت : فلان متى كان ؟ قبله أو بعده ؟
قال : لم يجئ بعد ، ولا جاء شئ من أشراطه(7)، فخرج عبدالمطلب وقد استخرج الماء
وأدرك وهو يصعد ، فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بدارا إلى فوق ، فضربه فقطع أكثر
ذنبه ، ثم طلبه ففاته ، وفلان قاتله إن شاء الله ، ومن راي عبدالمطلب أن يبطل الرؤيا التي
رآها في البئر ، ويضرب السيوف صفايح للبيت(8)، فأتاه الله بالنوم فغشيه وهو في حجر
الكعبه فرأى ذلك الرجل بعينه وهو يقول : يا شيبة الحمد احمد ربك ، فإنه سيجعلك
(1)الباع : قدرمد اليدين ، يقال : طويل الباع ورحب الباع ، أى كريم مقتدر .
(2)في المصدر : وهو يقول .
(3)البشر لك خ ل .
(4)هجم عليه : انتهى اليه بغتة على غفلة منه .
(5)أن يشب خ ل ، وهو الموجود في المصدر .
(6)في المصدر : إلا شبرا .
(7)الاشراط : العلامات .
(8)مفاتيح للبيت خ ل وفي المصدر : صفايح البيت .