بحار الأنوار ج21

أعجبتكم كثرتكم " أي سرتكم وصرتم معجبين بكثرتكم ، وكان سبب انهزام
المسلمين يوم حنين أن بعضهم قال حين رأى كثرة المسلمين : لن نغلب اليوم من قلة
فانهزموا بعد ساعة ، وكانوا اثني عشر ألفا ، وقيل : عشرة آلاف ، وقيل : ثمانية
آلاف والاول أصح " فلم تغن عنكم شيئا " أي فلم تدفع عنكم كثرتكم سوء‌ا
" وضاقت عليكم الارض بما رحبت " أى برحبها(1)والباء بمعنى " مع " والمعنى
لم تجدوا من الارض موضعا للفرار إليه " ثم وليتم مدبرين " أي وليتم عن عدوكم
منهزمين " ثم أنزل الله سكينته " أي رحمة التي تسكن إليها النفس ويزول معها
الخوف " على رسوله وعلى المؤمنين " حين رجعوا إليهم وقاتلوهم ، وقيل : على
المؤمنين الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه واله : علي والعباس في نفر من بني هاشم عن
الضحاك ، وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال :
السكينة ريح من الجنة تخرج طيبة لها صورة كصورة وجه الانسان ، فتكون مع
الانبياء أورده العياشي مسندا . " وأنزل جمودا لم تروها " أراد به جنودا من
الملائكة ، وقيل : إن الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين وتشجيعهم
ولم يباشروا القتال يومئذ ، ولم يقاتلوا إلا يوم بدر خاصة " وعذب الذين كفروا "
بالقتل والاسرو سلب الاموال والاولاد " وذلك جزاء الكافرين " أي ذلك العذاب
جزاؤهم على كفرهم " ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء " أي يقبل توبة من
تاب عن الشرك ورجع إلى طاعة الله والاسلام ، وندم على ما فعل من القبيح ، أو
توبة من انهزم من بعد هزيمته(2).
وفي قوله تعالى : " ومنهم من يلمزك " قال : نزلت في قسمة غنائم حنين(3)
وذكر رواية أبي سعيد الخدري كما سيأتي بروايته في إعلام الورى ، وسيأتي تفسير
الآية في باب جمل ماجرى بينه وبين أصحابه صلى الله عليه واله .
1 - فس : " ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت


(1)في المصدر : برحبتها .(2)مجمع البيان 5 : 17 و 18 .
(3)مجمع البيان 5 : 40 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه