" خلق الانسان من عجل " قال البيضاوي : كأنه خلق منه لفرط استعجاله و
قلة تأنيه ، كقولك : خلق زيد من الكرم ، وجعل ما طبع عليه بمنزلة المطبوع ، هو
منه مبالغة في لزومه له ، ولذلك قيل : إنه على القلب ، ومن عجلته مبادرته إلى الكفر
واستعجاله الوعيد(1)(انتهى)وفي تفسير علي بن إبراهيم قال : لما أجرى الله في
آدم الروح(2)من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر ، فقال الله : خلق
الانسان من عجل(3).
" خلق من الماء بشرا " قيل : يعني الذي خمر به طينة آدم ثم جعله جزءا من
من
مادة البشر ليجتمع ويسلس ويقبل الاشكال بسهولة ، أو النطفة " فجعله نسبا وصهرا "
أي فقسمه قسمين : ذوي نسب ، أي ذكورا ينسب إليهم ، وذوات صهر ، أي إناثا يصاهر
بهن " وكان ربك قديرا " حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع
متباعدة ، وجعله قسمين متقابلين .
وروي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال : إن الله تبارك وتعالى
خلق آدم من الماء العذب وخلق زوجته من سنخه فبرأها من أسفل أعضائه ، فجرى بذلك
الضلع بينهما سبب ونسب ثم زوجها إياه ، فجرى بينهما بسبب ذلك صهر ، فذلك
قوله " نسبا وصهرا " فالنسب ماكان بسبب الرجال ، والصهر ما كان بسبب النسآء ، وقد
أوردنا أخبارا كثيرة في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام : أنها نزلت في النبي وأميرالمؤمنين
وتزويج فاطمة صلوات الله عليهم .
" الله الذي خلقكم من ضعف " قيل : أي ابتداأكم ضعفاء ، أو خلقكم من أصل
ضعيف وهو النطفة " ثم جعل من بعد ضعف قوة " وهوبلوغكم الاشد " ثم جعل
من بعد قوة ضعفا وشيبة " إذا أخذ منكم السن " يخلق ما يشاء " من ضعف وقوة و
شيبة(4).
(1)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 82 .
(2)في المصدر : روحه .
(3)تفسير القمى : 429 .
(4)في بعض النسخ المخطوطة : شبيبة وشيبة .