بحار الأنوار ج6

فساده ، وأنه مما يزيل الشكوك والشبهات عما ورد في كتاب الله من ثواب القبر وعقابه
فوجب المصير إليه فهذا هو الانسان في توجيه هذا القول .
أقول : ثم قال الرازي في تفسير آية آل عمران بعد اختيار القول الاول فيها
أيضا : يحتمل أن يكون الروح جسما مخصوصا ساريا في هذه الجثة سريان النار في
الفحم ، ويحتمل أن يكون جوهرا قائما بنفسه ، ليس بجسم ولا حال في الجسم ، وعلى
كلا المذهبين فإنه لا يبعد أنه لما مات البدن انفصل ذلك الشئ حيا ، وإن قلنا
أماته الله إلا أنه تعالى يعيد الحياة إليه ، وعلى هذا التقدير تزول الشبهات بالكلية
عن ثواب القبر كما في هذه الآية ، وعن عذابه كما في قوله تعالى : " اغرقوا فادخلوا
نارا " فثبت أنه لا امتناع في ذلك ، وظاهر الآية دالة عليه ، فوجب المصير إليه ، والذي
يؤكد ما قلناه القرآن والحديث والعقل ، أما القرآن فآيات : إحداها قوله تعالى :
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك "(1)الآية ، ولا شك أن المرد بقوله : " ارجعي
إلى ربك " بالموت ، ثم قال : " فادخلي في عبادي " وفاء التعقيب يدل على أن حصول هذه
الحالة يكون عقيب الموت . وثانيها قوله : " حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهم
لا يفرطون "(2)وهذا عبارة عن موت البدن ، ثم قال : " ثم ردوا إلى الله موليهم الحق "(3)
فقوله " ردوا " ضمير عنهم ، وإنما هوهو بحياته وذاته المخصوصة ، فدل على أن ذلك
باق بعد موت البدن . وثالثها قوله : " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة
نعيم "(4)وفاء التعقيب يدل على أن قيامة كل أحد حاصلة بعد موته ، وأما قيامته الكبرى
فهي حاصلة في الوقت المعلوم عند الله .
وأيضا روي أنه صلى الله عليه واله يوم بدر كان ينادي المقتولين ويقول : هل وجدتم ما وعد
ربكم حقا ؟ فقيل : يارسول الله إنهم أموات فكيف تناديهم ؟ فقال صلى الله عليه واله : إنهم أسمع
منكم ، وأيضا قال صلى الله عليه واله : أنبياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار .
وأما المعقول فمن وجوه : الاول أن وقت النوم يضعف البدن وضعفه لا يقتضي


(1)الفجر : 27 - 28 .
(2)الانعام : 61 .
(3)الانعام : 62 .
(4)الواقعة : 88 - 89 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه