على الستر له عن غيره ، والتخصيص له به دون من سواه ، وإذا اضيف إلى الله تعالى كان
فيما يخص به الرسل صلى الله عليهم خاصة دون من سواهم(1)على عرف الاسلام و
شريعة النبي صلى الله عليه وآله ، قال الله تعالى : " وأوحينا إلى ام موسى أن أرضعيه(2)" الآية ،
فاتفق أهل الاسلام على أن الوحي كان رؤيا مناما وكلاما(3)سمعته ام موسى على الاختصاص
وقال تعالى : " وأوحى ربك إلى النحل(4)" الآية ، يريد به الالهام الخفي إذ كان
خالصا لمن أفرده(5)دون من سواه ، فكان علمه حاصلا للنحل بغير كلام جهر به المتكلم
فأسمعه غيره ، وقال تعالى : " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم(6)" بمعنى يوسوسون
إلى أوليائهم بما يلقونه من الكلام في أقصى أسماعهم ، فيخصون بعلمهم دون من سواهم ،
وقال : " فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم(7)" يريد به أشار إليهم من غير إفصاج
(1)اعلم أن الوحى قد يطلق ويراد به الكلمة المقدسة الالهية التى تلقى إلى انبياء الله و
رسله صلواته عليهم في بيان شرائع الله وأحكامه ، اما بتبليغ ملك يتمثل لهم فيروه ، كتمثل جبرئيل
كثيرا لنبينا صلوات الله عليه ، أو يلقيها في روعهم بلا مشاهدة ، كقوله تعالى : " نزل به الروح
الامين * على قلبك " وقوله صلى الله عليه وآله : " إن روح القدس نفث ؟ ؟ في روعى " أو بلا
واسطة ملك باسماع الله تعالى نبيه تلك الكلمة ، أو القائه في روعه ، والهامه إليه ، كل ذلك إما
في حال اليقظة أو النوم ، والوحى بهذا المعنى يختص بالانبياء عليهم السلام ولا يعم غيرهم ، وقد
يراد به تلك الكلمة لكن في غير موضع الشرائع والاحكام ، بالالقاء في الروع والالهام ، وذلك
المعنى يعم الانبياء عليهم السلام وغيرهم ، كما قال الله تعالى : " وأوحينا إلى ام موسى أن أرضعيه "
وقد يطلق ويراد به التسخير وذلك في غير ذوى العقول كقوله تعالى : " وأوحى ربك إلى النحل "
وقوله : " بان ربك أوحى لها " كما يطلق ويراد به الوسواس كقوله تعالى : " ان الشياطين
ليوحون إلى أوليائهم " وذلك يختص بالشياطين ولا يضاف الا اليهم ، وسيأتى عن أمير المؤمنين
عليه السلام الايعاز إلى معان أخر عن قريب .
(2)القصص : 7 .
(3)في المصدر : أو كلاما .
(4)النحل : 67 .
(5)في المصدر : اذا كان خاصا بمن أفرده .
(6)الانعام : 121 .
(7)مريم : 11 .(*)