السحاب أو أبيضه ، أو ذو الماء انتهى وكأن التسمية هنا على التشبيه .
قيل : هذا الحديث كما يناسب ما قيل إن المراد بالطينة الاصول الممتزجات
المنتقلة في أطوار الخلقة ، كالنطفة وما قبلها من موادها مثل النبات ، والغذاء
وما بعدها من العلقة ، المضغة ، والمزاج : الانسان القابل للنفس الناطقة
المدبرة . كذلك يناسب ما ذكر من أن المراد بالطينة طينة الجنة لان طينة الجنة
اختمارها وتربيتها بهذه القطرة ، كما أنه بماء العذب الفرات المذكور سابقا
وبالجلمة خلقه من طينة الجنة ومزجها بماء الفرات أولا وتربيتها بماء المزن
ثانيا لطف منه تعالى بالنسبة إلى المؤمن ، ليحصل له الوصول إلى أعلى مراتب
القرب انتهى .
وقال بعض المحققين من أهل التأويل : الجنة تشتمل جنان الجبروت
والملكوت ، و " المزن " : السحاب ، وهو أيضا يعم سحاب ماء الرحمة والجود
والكرم وسحاب ماء المطر والخصب والديم وكما أن لكل قطرة من ماء المطر
صورة وسحابا انفصلت منه في عالم الملك ، كذلك له صورة وسحاب انفصلت منه
في عالمي الملكوت والجبروت ، وكما أن البقلة والثمرة تتربى بصورتها الملكية
كذلك تتربى بصورتيها الملكوتية والجبروتية ، المخلوقتين من ذكر الله تعالى
اللتين من شجرة المزن الجناني ، وكما أنهما تتربيان بها قبل الاكل كذلك
تتربيان بها عبد الاكل في بدن الآكل ، فانها مالم تستحل إلى صورة العضو
فهي بعد في التربية .
فالانسان إذا أكل بقة أو ثمرة ذكر الله عزوجل عندها وشكر الله عليها
وصرف قوتها في طاعة الله سبحانه ، والافكار الايمانية والخيالات الروحانية فقد
تربت تلك البقلة أو الثمرة في جسده بماء المزن الجناني فاذا فضلت من مادتها
فضلة منوية ، فهي من شجرة المزن التي في الجنة .
وإذا أكلها على غفلة من الله سبحانه ، ولم يشكر الله عليها ، وصرف قوتها
في معصية الله تعالى والافكار المموهة الدنيوية ، والخيالات الشهوانية فقد تربت