بحار الأنوار ج12

الشمس " وجدها تغرب " أي كأنها تغرب " في عين حمئة " وإن كانت تغرب وراء‌ها ، لان
الشمس لا تزائل الفلك ولا تدخل عين الماء ، ولكن لما بلغ ذلك الموضع تراء‌ى له كأن
الشمس تغرب في عين ، كما أن من كان في البحر يراها كأنها تغرب في الماء ، ومن كان في
البر يراها كأنها تغرب في الارض الملساء ، والعين الحمئة : هي ذات الحمأ وهي الطين
الاسود المنتن . والحامية : الحارة ، وعن كعب قال : أجدها في التوراة : تغرب في ماء وطين
" إما أن تعذب " أي بالقتل من أقام منهم على الشرك " وإما أن تتخذ فيهم حسنا " أي
تأسرهم وتمسكهم بعد الاسر لتعلمهم الهدى ; وقيل : معناه : وإما أن تعفو عنهم ، واستدل
من ذهب إلى أنه كان نبيا بهذا ، وقيل : ألهمه ولم يوح إليه " أما من ظلم " أي أشرك
" فسوف نعذبه " أي نقتله إذا لم يسلم " نكرا " أي منكرا غير معهود في النار " فله جزاء الحسنى "
أي له المثوبة الحسنى جزاء " وسنقول له من أمرنا يسرا " أي قولا جميلا ، وسنأمره بما
يتيسر عليه " ثم أتبع سببا " أي طريقا آخر من الارض يوصله إلى مطلع الشمس " حتى
إذا بلغ مطلع الشمس " أي ابتداء المعمورة من جانب المشرق .(1)
" كذلك " قال البيضاوي : أي أمر ذي القرنين كما وصفناه في رفعة المكان وبسطة
الملك ، أو أمره فيهم كأمره في أهل المغرب من التخيير والاختيار " وقد أحطنا بما لديه " من
الجنود والآلات والعدد والاسباب " خبرا " أي علما تعلق بظواهره وخفاياه ، والمراد أن
كثرة ذلك بلغت مبلغا لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير " ثم أتبع سببا " يعني طريقا ثالثا
معترضا بين المشرق والمغرب آخذا من الجنوب إلى الشمال " حتى إذا بلغ بين السدين "
بين الجبلين المبني عليهما سده ، وهما جبلا أرمنية وآذربيجان ; وقيل : جبلان في
أواخر الشمال في منقطع أرض الترك ، من ورائهما يأجوج ومأجوج " لا يكادون يفقهون قولا "
لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم " قالوا يا ذاالقرنين " أي قال مترجمهم ; وفي مصحف ابن مسعود :
قال الذين من دونهم " فهل نجعل لك خرجا " أي جعلا نخرجه من أموالنا ؟ " قال ما مكني
فيه ربي خير " أي ما جعلنا فيه مكينا من المال والملك خير مما تبذلون لي من الخراج ، ولا
حاجة بي إليه " فأعينوني بقوة " أي بفعلة ، أو بما أتقوى به من الآلات " ردما " أي حاجزا


(1)مجمع البيان 6 : 489 - 491 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه