بحار الأنوار ج56

يسيرا يظهر في أيام كثيرة ، لكن اليوم بالاصطلاحين لا يختلف باختلاف الآفاق ، و
بعضهم يأخذون اليوم من طلوع الشمس إلى طلوعها ، وبعضهم من غروبها إلى
غروبها ، وذلك يختلف باختلاف الآفاق كما تقرر في محله .
قال أبوريحان البيروني : إن اليوم بليلته هو عودة الشمس بدوران الكل
إلى دائرة فرضت ابتداء لذلك اليوم بليلته أي دائرة كانت إذا وقع عليها الاصطلاح
وكانت عظيمة ، لان كل واحدة من العظام افق بالقوة أعني بالقوة أنه يمكن
فيها أن يكون افقا لمسكن ما ، وبدوران الكل حركة الفلك بما فيه المرئية من
المشرق إلى المغرب على قطبيه .
ثم إن العرب فرضت أول مجموع اليوم والليلة نقط المغارب على دائرة
الافق ، فصار اليوم عندهم بليلته من لدن غروب الشمس عن الافق إلى غروبها من
الغد ، والذي دعاهم إلى ذلك هو أن شهورهم مبتنية على مسير القمر ، مستخرجة
من حركاته المختلفة ، مقيدة برؤية الاهلة لا الحساب ، وهي ترى لدى غروب
الشمس ورؤيتها عندهم أول الشهر فصارت الليلة عندهم قبل النهار ، وعلى ذلك
جرت عادتهم في تقديم الليالي على الايام إذا نسبوها إلى أسماء الاسابيع . واحتج
لهم من وافقهم على ذلك بأن الظلمة أقدم في المرتبة من النور ، وأن النور طار
على الظلمة ، فالاقدم أولى أن يبتدأ به ، وغلبوا السكون لذلك على الحركة
بإضافة الراحة والدعة ، وأن الحركة لحاجة وضرورة ، والتعب عقيب الضرورة
فالتعب نتيجة الحركة ، وبأن السكون إذا دام في الاسطقسات مدة لم يولد فسادا
فإذا دامت الحركة فيها واستحكمت أفسدت وحدثت الزلازل والعواصف والامواج
وأشباهها . فأما عند غيرهم من الروم والفرس ومن وافقهم فإن الاصطلاح واقع
بينهم على أن اليوم بليلته هو من لدن طلوعها من افق المشرق إلى طلوعها منه
بالغد ، إذ كانت شهورهم مستخرجة بالحساب غير متعلقة بأحوال القمر ولا غيره من
الكواكب ، وابتداؤها من أول النهار ، فصار النهار عندهم قبل الليل . واحتجوا
بأن النور وجود والظلمة عدم ، ومقدموا النور على الظلمة يقولون بتغليب

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه