بحار الأنوار ج35

فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله الابناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله ابنيه
خاصة ؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله ابنته وحدها ؟ فألا جاز(1)
أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لامير
المؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل ، قال : فقال له الرضا عليه السلام : ليس يصح(2)ما ذكرت
- يا أميرالمؤمنين - وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره كما أن الآمر آمر لغيره(3)
ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة كما لايكون آمرا لها في الحقيقة ، وإذا لم يدع
رسول الله صلى الله عليه وآله في المباهلة رجلا إلا أميرالمؤمنين عليه السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله
سبحانه في كتابه ، وجعل حكمه ذلك في تنزيله ، قال : فقال المأمون : إذا ورد الجواب
سقط السؤال(4).
وقال الزمخشري في كتاب الكشاف : روي أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى
نرجع وننظر فنأتيك غدا ، فلما تخالوا(5)قالوا للعاقب - وكان ذارأيهم - : يا عبدالمسيح
ماترى ؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاء كم بالفصل
من أمر صاحبكم ، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم
لتهلكن ، فإن أبيتم إلا إلف(6)دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فواد عوا الرجل و
انصرفوا إلى بلادكم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وقد غدا محتضنا(7)الحسين آخذا بيد الحسن
وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا ، فقال اسقف(8)


(1)في المصدر : فلم لاجاز . اه‍
(2)في المصدر : ليس بصحيح .
(3)في المصدر : كما يكون الامر آمرا لغيره .
(4)الفصول المختارة 1 : 16 و 17 .
(5)في(ك)و(د): فلما تخالفوا .
(6)الالف - بكسر الهمزة - : الصداقة والموانسة .
(7)احتضن الصبى : جعله في حضنه وضمه إلى صدره .
(8)الاسقف - بضم الهمزة وتشديد الفاء وتخفيفه - : فوق القسيس ودون المطران .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه