قال له اليهودي : فإن عيسى يزعمون أنه خلق من الطين كهيئة الطير فينفخ
فيه فيكون طيرا بإذن الله عزوجل فقال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله
قد فعل ماهو شبيه بهذا أخذ يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا ، ثم
قال صلى الله عليه وآله للحجر : انفلق فانفلق ثلاث فلق ، نسمع لكل فلقة منها تسبيحا لايسمع
للاخرى .
ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته ولكل غصن منها تسبيح وتهليل و
تقديس ، ثم قال لها : انشقي فانشقت نصفين ، ثم قال لها : التزقي فالتزقت ، ثم قال
لها : اشهدي لي بالنبوة فشهدت ، ثم قال لها : ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل
والتقديس ففعلت ، وكان موضعها بجنب الجزارين بمكة .
قال له اليهودي : فإن عيسى يزعمون أنه كان سياحا . فقال له علي عليه السلام : لقد
كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله كانت سياحته في الجهاد ، واستنفر في عشر سنين مالا يحصى من
حاضر وباد ، وأفنى فئاما عن العرب من منعوت بالسيف ، لايداري بالكلام ولا ينام إلا
عن دم ، ولايسافر إلا وهو متجهز لقتال عدوه .
قال له اليهودي : فإن عيسى يزعمون أنه كان زاهدا . قال له علي عليه السلام : لقد
كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله أزهد الا نبياء عليهم السلام كان له ثلاث عشرة زوجة سوى من يطيف
به من الاماء مارفعت له مائدة قط وعليها طعام ، وما أكل خبز بر قط ، ولاشبع من
خبز شعير ثلاث ليال متواليات قط ، توفي ودرعه مر هونة عند يهودي بأربعة دراهم ، ماترك
صفراء ولابيضاء مع ماوطئ له من البلاد ومكن له من غنائم العباد ، ولقد كان يقسم
في اليوم الواحد ثلاث مائة ألف وأربعمائة ألف ، ويأتيه السائل بالعشي فيقول : و
الذي بعث محمدا بالحق ما أمسى في آل محمد صاع من شعير ولاصاع من بر ولادرهم
ولادينار .
قال له اليهودي : فإني أشهد أن لاإله إلا الله ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله
وأشهد أنه ما أعطى الله نبيا درجة ولا مرسلا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد صلى الله عليه وآله ،
وزاد محمدا صلى الله عليه وآله على الانبياء صلوات الله عليهم أضعاف درجة .