فلما كنت قريبا إذا أنا بأسود قاعد على الطريق فقال : من الرجل ؟ فقلت :
رجل من الحاج فقال : ما اسمك ؟ قلت : خلف بن حماد فقال : إدخل بغير إذن
فقد أمرني أن أقعد ههنا ، فاذا أتيت أذنت لك ، فدخلت فسلمت فرد علي السلام
وهو جالس على فراشه وحده ، مافي الفسطاط غيره ، فلما صرت بين يديه سألني و
سألته عن حاله .
فقلت له : إن رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث ، فلما افتضها
فافترعها سال الدم ، فمكث سائلا لاينقطع نحوا من عشرة أيام ، وإن القوابل
اختلفن في ذلك فقال بعضهم : دم الحيض وقال بعضهن : دم العذرة ، فما ينبغي لها
أن تصنع ؟ قال : فلتتق الله ، فان كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلاة حتى ترى
الطهر ، وليمسك عنها بعلها ، وإن كان من العذرة فلتتق الله ولتتوض ولتصل ويأتيها
بعلها إن أحب ذلك ، فقلت له : وكيف لهم أن يعلموا مما هي ؟ حتى يفعلوا
ماينبغي ؟
قال : فالتفت يمينا وشمالا في الفسطاط مخافة أن يسمع كلامه أحد قال :
ثم نهد إلي فقال : ياخلف سر الله ، فلا تذيعوه ، ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين
الله ، بل ارضوا لهم مارضي الله لهم من ضلال قال : ثم عقد بيده اليسرى تسعين ثم
قال : تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها إخراجا رفيقا فان كان الدم مطوقا
في القطنة فهو من العذرة ، وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض . قال خلف :
فاستخفني الفرح ، فبكيت فلما سكن بكائي فقال : ماأبكاك ؟ قلت : جعلت فداك
من كان يحسن هذا غيرك قال : فرفع يده إلى السماء وقال : والله إني ما اخبرك
إلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله عزوجل(1).
بيان : المعصر الجارية أول ماأدركت وحاضت ، أو هي التي قاربت الحيض
قوله عليه السلام وهدأت الرجل أي بعد مايسكن الناس عن المشي والاختلاف ، قوله :
ثم نهد إلي أي نهض ، قوله : ثم عقد بيده اليسرى تسعين أي موضع رأس ظفر