بحار الأنوار ج6

لم يعاين والاستحلال وذكر الله تعالى ، فيخرج روحه وذكر الله على لسانه فيرجى بذلك
حسن خاتمته ، رزقنا الله ذلك بمنه وكرمه .
قوله تعالى : " قل يوم الفتح " قال المفسرون : أي يوم القيامة فإنه يوم نصر
المسلمين على الكفرة ، والفصل بينهم . وقيل : يوم بدر ، أو يوم فتح مكة ، والمراد
بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنه لا ينفعهم إيمانهم حال القتل ولا يمهلون .
ثم اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير التوبة النصوح على أقوال :
منها أن المراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها ، لظهور آثارها
الجميلة في صاحبها ، أو ينصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا .
ومنها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم ، عسل نصوح :
إذا كان خالصا من الشمع ، بأن يندم على الذنوب لقبحها ، وكونها خلاف رضى الله
تعالى لا لخوف النار مثلا
ومنها أن النصوح من النصاحة وهي الخياطة لانها تنصح من الدين ما مزقته
الذنوب ، أو يجمع بين التائب وبين أوليائه وأحبائه ، كما تجمع الخياطة بين قطع
الثوب .(1)
ومنها أن النصوح وصف للتائب ، وإسناده إلى التوبة من قبيل الاسناد المجازي
أي توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها على أكمل ما ينبغي أن تكون عليه ، حتى
تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلية ، وسيأتي في الاخبار تفسيرها ببعض
تلك الوجوه .


(1)أو من نصح الغيث البلد : إذا سقاه حتى اتصل نبته فلم يكن فيه فضاء ، لان التوبة تسقى
وتحيى القلب الميت بارتكاب المعاصى والمحرمات ، وتصفيه من الكدورات العارضة من مزاولة
القبائح والمنكرات ، وتصقله وتجلوه عن رين الشبهات ، فتحيط به وتشغله ولم تترك فيه محلا للعزم
على الرجوع ، والعود إلى المحظور . وقيل : توبة نصوح أى صادقة . وقال الجزرى في النهاية :
وفى حديث ابي : سألت النبى صلى الله عليه وآله وسلم عن التوبة النصوح ، فقال : هى الخالصة
التى لا يعاود بعدها الذنب . وفعول من أبنية المبالغة يقع على الذكر والانثى ، فكأن الانسان
بالغ في نصح نفسه بها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه