بحار الأنوار ج74

ياأحمد إن في الجنة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة ، ودرة فوق درة ليس
فيها قصم ولا وصل ، فيها الخواص ، أنظر إليهم كل يوم سبعين مرة واكلمهم ، كلما
نظرت إليهم أزيد في ملكهم سبعين ضعفا ، وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب
تلذذوا بكلامي وذكري وحديثي . قال : يارب ما علامات اولئك ؟ قال : هم في
الدنيا مسجونون ، قد سجنوا ألسنتهم من فضول الكلام ، وبطونهم من فضول الطعام .
يا أحمد إن المحبة لله هي المحبة للفقراء والتقرب إليهم ، قال : يا رب و
من الفقراء ؟ قال : الذين رضوا بالقليل ، وصبروا على الجوع ، وشكروا على
الرخاء ، ولم يشكروا جوعهم ولاظمأهم ، ولم يكذبوا بألسنتهم ، ولم يغضبوا على ربهم
ولم يغتموا على ما فاتهم ، ولم يفرحوا بما آتاهم .
يا أحمد محبتي محبة للفقراء فادن الفقراء وقري مجلسهم منك ادنك ، و
بعد الاغنياء ، وبعد مجلسهم منك فان الفقراء أحبائي .
يا أحمد لا تتزين بلين اللباس ، وطيب الطعام ، ولين الوطاء ، فان النفس
مأوى كل شر ، وهي رفيق كل سوء ، تجرها إلى طاعة الله ، وتجرك إلى معصية
وتخالفك في طاعته . وتطيعك فيما تكره ، وتطغى إذا شبعت ، وتشكو إذا جاعت ، و
تغضب إذا افتقرت ، وتتكبر إذا استغنت ، وتنسى إذا كبرت ، وتغفل إذا أمنت
وهي قرينة الشيطان ، ومثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير وإذا حمل عليها
لا تطير ، ومثل الدفلي(1)لونه حسن وطعمه مر .
يا أحمد أبغض الدنيا وأهلها وأحب الآخرة وأهلها ، قال : يارب ومن أهل
الدنيا ومن أهل الآخرة ؟ قال : أهل الدنيا من كثر أكله وضحكه ونومه وغضبه
قليل الرضا لا يعتذر إلى من أساء إليه ، ولا يقبل معذرة من اعتذر إليه ، كسلان
عند الطاعة ، شجاع عند المعصية ، أمله بعيد وأجله قريب ، لا يحاسب نفسه ، قليل
المنفعة ، كثير الكلام ، قليل الخوف ، كثير الفرح عند الطعام ، وإن أهل الدنيا


(1)بكسر الدال وسكون الفاء والف مقصورة نبت زهره كالورد الاحمر . يقال له
بالفارسية(خر زهره)ورقها كورق الخلاف مرالطعم محلل نافع من الحكة والجرب .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه