بحار الأنوار ج13

وتهلكون ، فقالت القبط : فما يعرفكم ربكم إلا بهذه العلامات ؟ فقالوا : هكذا أمرنا نبينا ،
فاصبحوا وقد طعن أبكار آل فرعون وماتوا كلهم في ليلة واحدة وكانوا سبعين ألفا ، واشتغلوا
بدفنهم وبما نالهم من الحزن على المصيبة ، وسرى موسى بقومه متوجهين إلى البحر وهم ستمائة
ألف وعشرون ألفا لا يعد فيهم ابن سبعين سنة لكبره ، ولا ابن عشرين سنة لصغره ، وهم
المقاتلة سوى الذرية ، وكان موسى عليه السلام على الساقة ، وهارون على المقدمة ، فلما فرغت
القبط من دفن أبكارهم وبلغهم خروج بني إسرائيل قال فرعون : هذا عمل موسى قتلوا أبكارنا
من أنفسنا وأموالنا ، ثم خرجوا ولم يرضوا أن ساروا بأنفسهم حتى ذهبوا بأموالنا معهم ،
فنادى في قومه كما قال الله سبحانه : " فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء
لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون " ثم تبعهم فرعون بجنوده
وعلى مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف ، كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة
وبيده حربة .
وقال ابن جريج : أرسل فرعون في أثر موسى وقومه ألف ألف وخمسمائة ألف ملك
مسور(1)مع كل ملك ألف ، ثم خرج فرعون خلفهم في الدهم(2)وكانوا مائة ألف رجل
كل واحد منهم راكبا حصانا أدهم ، فكان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم ، وذلك
حين طلعت الشمس وأشرقت ، كما قال الله سبحانه " فأتبعوهم مشرقين " فلما تراء‌ى الجمعان
ورأت بنو إسرائيل غبار عسكر فرعون قالوا : يا موسى أين ما وعدتنا من النصر والظفر ؟
هذا البحر أمامنا ، إن دخلناه غرقنا ، وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا ، ولقد اوذينا من
قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا ، فقال موسى : استعينوا(3)بالله واصبروا إن الارض لله
يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، وقال : عسى ربكم أن يهلك عدوكم و
يستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون .(4)
قالوا : فلما انتهى موسى عليه السلام إلى البحر هاجت الريح ترمي بموج كالجبال ،


(1)ملك مسور : مسود قدير .
(2)الدهم : العدد الكثير .
(3)في المصدر : فقال موسى لقومه : يا قوم استعينوا اه‍ . م
(4)العرائس : 123 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه