بحار الأنوار ج56

الرصدية أن انحطاط الشمس من الافق عند طلوع الصبح الاول وآخر غروب
الشفق يكون ثمانية عشر درجة من دائرة الارتفاع المارة بمركز الشمس في جميع
الآفاق ، ولكن لاختلاف مطالع قوس الانحطاط تختلف الساعات التي بين طلوع
الصبح والشمس ، وكذا بين غروب الشمس والشفق .
قال العلامة رحمه الله في كتاب المنتهى : اعلم أن ضوء النهار من ضياء الشمس
وإنما يستضيئ بها ما كان كذا في نفسه كثيفا في جوهره كالارض والقمر وأجزاء
الارض المتصلة والمنفصلة ، وكلما يستضيئ من جهة الشمس فإنه يقع له ظل
من ورائه ، وقد قدر الله تعالى بلطف حكمته دوران الشمس حول الارض(1)فإذا
كانت تحتها وقع ظلها فوق الارض على شكل مخروط ، ويكون الهواء المستضيئ
بضياء الشمس محيطا بجوانب ذلك المخروط ، فتستضيئ نهايات الظل بذلك الهواء
المضيئ ، لكن ضوء الهواء ضعيف إذ هو مستعار ، فلا ينفذ كثيرا في أجزاء المخروط
بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا ، فإذن متى تكون في وسط المخروط تكون في أشد
الظلام ، فإذا قربت الشمس من الافق الشرقي مال مخروط الظل عن سمت الرأس
وقربت الاجزاء المستضيئة في حواشي الظل بضياء الهواء من البصر ، وفيه أدنى
قوة فيدركه البصر عند قرب الصباح ، وعلى هذا كلما ازدادت الشمس قربا من
الافق ازداد ضوء نهايات الظل قربا من البصر إلى أن تطلع الشمس ، وأول ما
يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقا مستطيلا كالعمود ، ويسمى الصبح الكاذب
ويشبه بذنب السرحان لدقته واستطالته ، ويسمى الاول لسبقه على الثاني ، و
الكاذب لكون الافق مظلما ، أي لو كان يصدق أنه نور الشمس لكان المنير مما يلي
الشمس دون ما يبعد منه ، ويكون ضعيفا دقيقا ويبقى وجه الارض على ظلامه بظل
الارض ، ثم يزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا وعرضا فينبسط في أرض الافق
كنصف دائرة وهو الفجر الثاني الصادق لانه صدقك عن الصبح وبينه لك .
1 الكافى : عن علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن


(1)على ما كان يراه مشهور قدماء الفلكيين .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه