بحار الأنوار ج38

شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد
من دبر فكذبت وهو من الصادقين(1))أنه كان طفلا صغيرا في المهد أنطقه الله عزوجل
حتى برأ يوسف من الفحشاء وأزال عنه التهمة .
والناصبة إذا سمعت هذا الاحتجاج قالت : إن هذا الذي ذكرتموه(2)فيمن عددتموه
كان معجزا لخرقه العادة ودلالة لنبي من أنبياء الله عزوجل ، فلو كان أميرالمؤمنين عليه السلام
مشاركا لمن وصفتموه في خرق العادة لكان معجزا له عليه السلام وللنبي صلى الله عليه وآله ، وليس يجوز
أن يكون المعجزله ، ولو كان للنبي لجعله في معجزاته واحتج به في جملة بيناته ، ولجعله
المسلمون في آياته ، فلما لم يجعله رسول الله صلى الله عليه وآله لنفسه علما ولا عده المسلمون في
معجزاته ، علمنا أنه لم يجر فيه الامر على ماذكرتموه ، فيقال لهم : ليس كل ما خرق الله
به العادة وجب أن يكون علما ، ولا لزم أن يكون معجزا ، ولا شاع علمه في العالم ، ولا
عرف من جهة الاضطرار ، وإنما المعجز العلم هو خرق العادة عند دعوة داع أو براء‌ة
معروف(3)يجري براء‌ته مجرى التصديق له في مقاله ، بل هي تصديق في المعنى وإن لم
يكن تصديقا بنفس اللفظ والقول ، وكلام عيسى عليه السلام إنما كان معجزا لتصديقه له في
قوله :(إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا)مع كونه خرقا للعادة وشاهدا لبراء‌ة
امه من الفاحشة ، ولصدقها فيما ادعته من الطهارة ، وكانت حكمة يحيى عليه السلام في حال صغره
تصديقا له في دعوته في الحال ولدعوة أبيه زكريا ، فصارت مع كونها خرق العادة(4)
دليلا ومعجزا ، وكلام الطفل في براء‌ة يوسف إنما كان معجزا لخرق العادة بشهادته
ليوسف عليه السلام للصدق في براء‌ة ساحته ، ويوسف عليه السلام نبي مرسل ، فثبت أن الامر على
ما ذكرناه ، ولم يك كمال عقل أميرالمؤمنين عليه السلام شاهدا في شئ مما ادعاه(5)ولا استشهد


(1)سورة يوسف : 26 و 27 .
(2)في المصدر : أن الذى ذكرتموه .
(3)كذا في النسخ ، وهو سهو ، والصحيح ما في المصدر(أو براء‌ة مقذوف)وقذفه . رماه
واتهمه بربية .
(4)في المصدر : مع كونها خرقا للعادة .
(5)في المصدر : ممادعا عليه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه