بحار الأنوار ج71

له رزقا ولكن الله عزوجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك
إياه ، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إيه كما أحسن الله إليك ، وإن
كرهته استبدلت به ، ولم تعذب خلق الله عزوجل ولا قوة إلا بالله .
وأما حق امك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك
من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع
وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم
لاجلك ، ووقتك الحر والبرد ، لتكون لها ، فانك لا تطيق شكرها إلا بعون الله و
توفيقه .
وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك ، وأنه لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك
مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله واشكره على قدر ذلك
ولا قوة إلا بالله .
وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و
شره ، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الادب والدلالة على ربه عزوجل
والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه
معاقب على الاساء‌ة إليه .
وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك ، فلا تتخذه سلاحا على
معصية الله ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه ، والنصيحة له فان
أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله .
وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من
ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفك عنك
قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك وتعلم
أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته(1)عليك واجبة بنفسك ، وما
احتاج إليه منك ، ولا قوة إلا بالله .


(1)وأن نصرتك : خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه