بحار الأنوار ج14

وثالثها : أنهم كانوا صيادين يصيدون السمك ، عن ابن عباس والسدي .
ورابعها : أنهم كانوا خاصة الانبياء ، عن قتادة والضحاك ، وهذا أوجه لانهم
مدحوا بهذا الاسم كأنه ذهب إلى نقاء قلوبهم كنقاء الثوب الابيض بالتحوير ، وقال
الحسن : الحواري : الناصر ، والحواريون : الانصار ، وقال الكلبي : الحواريون :
أصفياء عيسى عليه السلام وكانوا اثني عشر رجلا ، وقال عبدالله بن المبارك : سموا حواريين
لانهم كانوا نورانيين ، عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها ، كما قال تعالى : " سيماهم في
وجوههم من أثر السجود(1)" .
" نحن أنصار الله " معناه : نحن أعوان الله على الكافرين من قومك ، أي أعوان رسول
الله أو أعوان دين الله " آمنا بالله " أي صدقنا أنه واحد لاشريك له " واشهد " يا عيسى
" بأنا مسلمون " أي كن شهيدا لنا عند الله ، اشهدوه على إسلامهم لان الانبياء شهداء
الله على خلقه يوم القيامة ، كما قال سبحانه : " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا(2)" .
" ربنا " أي يا ربنا " آمنا بما أنزلت " على عيسى " واتبعنا الرسول فاكتبنا
مع الشاهدين " أي في جملة الشاهدين بجميع ما أنزلت لنفوز بما فازوا به ، وننال ما نالوا
من كرامتك ، وقيل : معناه : واجعلنا مع محمد صلى الله عليه وآله وأمته ، عن ابن عباس ، وقد سماهم الله
شهداء بقوله : " لتكونوا شهداء على الناس(3)" أي من الشاهدين بالحق من عندك ، هذا
كله حكاية قول الحواريين .
وروي أنهم اتبعوا عيسى وكانوا إذا جاعوا قالوا : ياروح الله جعنا ، فيضرب بيده
على الارض سهلا كان أو جبلا فيخرج لكل إنسان منهم رغيفين يأكلهما ، فإذا عطشوا
قالوا : ياروح الله عطشنا ، فيضرب بيده على الارض سهلا كان أو جبلا فيخرج ماء فيشربون
قالوا : يا روح الله من أفضل منا ؟ إذا شئنا أطعمتنا وإذا شئنا سقيتنا ، وقد آمنا بك و
اتبعناك ، قال : أفضل منكم من يعمل بيده ، ويأكل من كسبه ، فصاروا يغسلون الثياب
بالكراء .(4)


(1)الفتح : 29 .
(2)النحل : 84 .
(3)البقرة : 143 .
(4)مجمع البيان 2 : 447 و 448 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه