بحار الأنوار ج3

قولك . قلت : فما يمنعك منه ؟ قال : قد قبلته واستبان لي حقه وصدقه بأن الاشياء
المختلفة والاهليلجة لم يصنعن أنفسهن ، ولم يدبرن خلقهن ولكنه تعرض لي أن
الشجرة هي التي صنعت الاهليلجة لانها خرجت منها . قلت : فمن صنع الشجرة : قال :
الاهليلجة الاخرى قلت : اجعل لكلامك غاية أنتهي إليها فإما أن تقول : هو الله
سبحانه فيقبل منك ، وإما أن تقول : الاهليلجة فنسألك .
قال : سل . قلت : أخبرني عن الاهيلجة هل تنبت منها الشجرة إلا بعدما ماتت
وبليت وبادت ؟ قال : لا . قلت : إن الشجرة بقيت بعد هلاك الاهليلجة مائة سنة ، فمن
كان يحميها ويزيد فيها ، ويدبر خلقها ويربيها ، وينبت ورقها ؟ مالك بد من أن تقول :
هو الذي خلقها ، ولان قلت : الاهليلجة وهي حية قبل أن تهلك وتبلى وتصير ترابا ،
وقد ربت الشجرة وهي ميتة أن هذا القول مختلف . قال : لا أقول : ذلك . قلت أفتقر
بأن الله خلق الخلق أم قد بقي في نفسك شي من ذلك ؟ قال : إني من ذلك على حد وقوف
ما أتخلص إلى أمر ينفذ لي فيه الامر . قلت : أما إذا أبيت إلا الجهالة وزعمت أن الاشياء
لا يدرك إلا بالحواس فإني اخبرك أنه ليس للحواس دلالة على الاشياء ولا فيها معرفة
إلا بالقلب ، فإنه دليلها ومعرفها الاشياء التي تدعي أن القلب لا يعرفها إلا بها .
شرح : قوله عليه السلام : وامتثلت قال الفيروز ابادي : امتثل طريقته : تبعها فلم يعدها .
قوله : نقمت علي أي عبت وكرهت . قوله : من لحم قال الفيروز ابادي : لحم كل شئ لبه .
قوله تلك الارض أي أشار إلى الارض ، وقال اقر بوجود هذه الارض التي أرى والاهليلجة
الواحدة التي في يدى . قوله : كانت فيها متفرقة لعله اختار مذهب إنكسار غورس ومن
تبعه من الدهرية القائلين بالكمون والبروز ، وأن كل شئ كامن ، ويؤمي إليه
جوابه . قوله عليه السلام : في قمعها قال الفيروز ابادي : القمع محركة : بثرة تخرج في
اصول الاشفار ، وقال القمع بالفتح والكسر وكعنى : ما لا تزق بأسفل التمرة والبسرة
ونحوهما انتهى ، وعلى التقديرين استعير لما يبدو من الاهليلجة ابتداء‌ا في شجرها من
القشرة الرقيقة الصغيرة التي فيها ماء ، والاول أبلغ . قوله عليه السلام : غير مجموع بجسم
أي هل كان يزيد بغير أن يضم . إليه جسم آخر من خارج ، أو قمع آخر مثله ، أو بغير قمعه

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه