بحار الأنوار ج17

بيان : لعل المعنى أنه ليس المراد ذنبك إذ ليس لك ذنب ، بل ذنوب امتك ، أو
نسبتهم إليك بالذنب ، أو غير ذلك مما مر .
أقول : قد مضت دلائل عصمته صلى الله عليه واله في كتاب أحوال الانبياء عليهم السلام وسيأتي في
كتاب الامامة ، وسائر أبواب هذا المجلد مشحون بالاخبار والآيات الدالة عليها ، و
الامر أوضح من أن يحتاج إلى البيان ، فلذا اكتفينا في هذا الباب بتأويل بعض ما يوهم
خلاف ذلك والله المستعان .
تذنيب : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في التنزيه فإن قيل : ما معنى قوله
تعالى : " ووجدك ضالا فهدى " قلنا : في معنى هذه الآية أجوبة :
أولها : أنه أراد وجدك ضالا عن النبوة فهداك إليها ، أو عن شريعة الاسلام التي
نزلت عليه وامر بتبليغها إلى الخلق ، وبإرشاده صلى الله عليه واله إلى ما ذكرناه أعظم النعمة عليه ،
فالكلام في الآية خارج مخرج الامتنان والتذكير بالنعم(1).
وثانيها : أن يكون أراد الضلال عن المعيشة ، وطريق التكسب ، يقال للرجل
الذي لا يهتدي طريق معيشته ووجه مكسبه : هو ضال لا يدري ما يصنع ، ولا أين يذهب
فامتن الله عليه بأن رزقه وأغناه وكفاه .
وثالثها : وجدك ضالا بين مكة والمدينة عند الهجرة فهداك وسلمك من أعدائك ،
وهذا الوجه قريب(2)لولا أن السورة مكية ، إلا أن يحمل على أن المراد سيجدك(3)
على مذهب القرب في حمل الماضي على المستقبل .
ورابعها : وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك ،
يقال : فلان ضال في قومه وبين أهله إذاكان مضلولا عنه .


(1)زاد في المصدر : وليس لاحد أن يقول : ان الظاهر بخلاف ذلك لانه لابد في الظاهر من
تقدير محذوف يتعلق به الضلال ، لان الضلال هو الذهاب والانصراف ، فلابد من أمر يكون منصرفا
عنه ، فمن ذهب إلى أنه أراد الذهاب عن الدين فلا بد له من أن يقدر هذه اللفظة ثم يحذفها ليتعلق
بها لفظ الضلال ، وليس هو في ذلك أولى منا فيما قدرناه وحذفناه .
(2)أو وجدك ضالا حين حملتك حليمة إلى مكة كما تقدم قصتها سابقا .
(3)في المصدر : لولا أن السورة مكية وهى مقدمة للهجرة إلى المدينة ، اللهم الا أن يحمل
قوله تعالى : " وجدك " على أنه سيجدك .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه