عمر والضحاك والسدى ، والمروي عن أئمتنا عليهم السلام فانهم قالوا : هنا الكلب المعلم
خاصة أحل الله صيدها إن أدركه صاحبه وقد قتل لقوله(فكلوا مما أمسكن
عليكم)(1).
وقوله :(مكلبين)منصوب على الحال ، وقوله(تعلمونهن)حال ثانية
أو استيناف(مما علمكم الله)متعلق(بتعلمونهن)أي مما ألهمكم الله من الحيل
وطرق التأديب ، فان العلم به إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية
من الله تعالى أيضا ، وقيل : أي مما عرفكم الله أن تعلموهن من اتباع الصيد بارسال
صاحبه وانزجاره بزجره وانصرافه بدعائه(فكلوا مما أمسكن عليكم)متفرع
على ما تقدم ، ويحتمل كونه جزاء لقوله :(وما علمتم)فتكون ما شرطية ، أي
كلوا مما أمسكت الجوارح عليكم .
قال البيضاوي : وهو مالم يأكل منه لقوله صلى الله عليه وآله لعدي بن حاتم :(وإن
أكل منه فلا تأكل إنما أمسك على نفسه)فاشترط في حله أن يكون الكلب ما أكل
منه فلو أكل حرم .
ثم قال : وإليه ذهب أكثر الفقهاء ، وقال بعضهم : لا يشترط ذلك في سباع الطير
لان تأديبها إلى هذا الحد متعذر ، وقال آخرون : لا يشترط مطلقا انتهى(2).
(واذكروا اسم الله عليه)الضمير لما علمتم ، والمعنى سموا عليه عند إرساله
أو لما أمسكن بمعنى سموا عليه إذا أدركتم ذكاته ، أو سموا عند أكله ، والاول
أظهر وأشهر كما سيأتي(واتقوا الله)في أوامره ونواهيه فلا تخالفوها بوجه(إن
الله سريع الحساب)لانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض يعلم
خائنة الاعين وما تخفي الصدور ، وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ،
والعبد في مقام التقصير فيما دق وجل ، ففيه كمال التنبيه على كمال الغفلة وغاية
الاهتمام بسرعة الامتثال فقد أعذر من أنذر ، كذا قيل ، ثم اعلم أنه يستفاد من الآيات
(1)مجمع البيان 3 : 161 فيه : احله الله اذا ادركه صاحبه وقد قتله .
(2)انوار التنزيل 1 : 324 .