منها إلا ماقدرت ، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني
لايؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والارضين
رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ، وأتته الدنيا وهي راغمة(1).
بيان : وعزتي أقسم سبحانه تأكيدا لتحقيق مضمون الخطاب ، وتثبيته
في قلوب السامعين ، أولا بعزته وهي القوة والغلبة وخلاف الذلة وعدم المثل
والنظير ، وثانيا بجلاله وهو التنزه من النقائص أو عن أن يصل إليه عقول الخلق
أو القدرة التي تصغر لديها قدرة كل ذي قدرة ، وثالثا بعظمته وهي تنصرف إلى عظمة
الشأن والقدر الذي يذل عندها شأن كل ذي شأن أو هو أعظم من أن يصل إلى كنه صفاته
احد ، ورابعا بكبريائه وهو كون جميع الخلائق مقهورا له منقادا لارادته ، وخامسا
بنوره وهو هدايته التي بها يهتدي أهل السماوات والارضين إليه وإلى مصالحهم
ومراشدهم كما يهتدى بالنور ، وسادسا بعلوه أي كونه أرفع من أن يصل إليه
العقول والافهام أو كونه فوق الممكنات بالعلية أو تعاليه عن الاتصاف بصفات
المخلوقين ، وسابعا بارتفاع مكانه وهو كونه أرفع من أن يصل إليه وصف الواصفين
أو يبلغه نعت الناعتين ، وكان بعضها تأكيد لبعض .
لايؤثر أي لايختار عبد هواه أي مايحبه ويهواه على هواي أي
على ماأرضاه وأمرت به إلا شتت عليه أمره على بناء المجرد أو التفعيل ، في
القاموس شت يشت شتا وشتاتا وشتيتا فرق وافترق كانشت وتشتت وشتته الله
وأشته(2)وأقول : تشتت أمره إما كناية عن تحيره في أمر دينه ، فان الذين
يتبعون الاهواء الباطلة في سبل الضلالة يتيهون ، وفي طرق الغواية يهيمون ، أو
كناية عن عدم انتظام امور دنياهم ، فان من اتبع الشهوات لاينظر في العواقب
فيختل عليه امور معاشه ، ويسلب الله البركة عما في يده أو الاعم منهما وعلى
الثاني الفقرة الثانية تأكيد ، وعلى الثالث تخصيص بعد التعميم ولبست عليه
(1)الكافي ج 2 ص 335 .
(2)القاموس ج 1 ص 151 .