بحار الأنوار ج19

والمنادى في " ياليتني " محذوف ، أي يا قوم ، وقيل : يا أطلق للتنبيه على الاتساع
" فأفوز " نصب على جواب التمني " الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة " أي الذين
يبيعونها بها ، والمعنى إن بطئ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم
في طلب الآخرة أو الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطؤن ، والمعنى
حثهم على ترك ما حكى عنهم " والمستضعفين " عطف على " الله " أي وفي سبيل
المستضعفين وهو تخليصهم من الاسر وصونهم عن العدو ، أو على " السبيل " بحذف
المضاف ، أي وفي خلاص المستضعفين . ويجوز نصبه على الاختصاص ، فإن سبيل الله
تعالى يعم أبواب الخير ، وتخليص ضعفة المسلمين من أيدي الكفار أعظمها وأخصها
" من الرجال والنساء والولدان " بيان للمستضعفين وهم المسلمون الذين بقوا بمكة
لصد المشركين أو ضعفهم عن الهجرة مستذلين ممتحنين ، وإنما ذكر الولدان مبالغة
في الحث ، وتنبيها على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذا هم الصبيان ، وقيل :
المراد به العبيد والاماء وهو جمع وليد .(1)
وقال الطبرسي رحمه الله : قيل : يريد بذلك قوما من المسلمين بقوا بمكة ولم
يستطيعوا الهجرة ، منهم سلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة
وأبوجندل بن سهيل ، وجماعة كانوا يدعون الله أن يخلصهم من أيدي المشركين
ويخرجهم من مكة وهم " الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها "
أي يقولون في دعائهم : ربنا سهل لنا الخروج من هذه القرية يعني مكة التي ظلم


(1)يتمنى الحضور لا لنصرتكم وانما يتمنى النفع لنفسه ، وقيل : ان الكلام في موضعه من غير
تقديم وتأخير ، ومعناه : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن هذا المبطئ قول من لا تكون بينه
وبين المسلمين مودة ، أى كانه لم يعاقدكم على الايمان ، ولم يظهر لكم مودة على حال يا ليتنى
كنت معهم ، أى يتمنى الغنيمة دون شهود الحرب ، وليس هذا من قول المخلصين ، فقد عدوا
التخلف في احدى الحالتين نقمة من الله ، تمنوا الخروج معهم في احدى الحالتين لاجل الغنيمة ،
وليس ذلك من أمارة المودة إه‍ .
(1)انوار التنزيل 1 : 286 - 288 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه