بحار الأنوار ج47

الفكرة يا أمير المؤمنين ؟ فقال لي : يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة وقد
بقي سيدهم وإمامهم .
فقلت له ، من ذلك ؟ قال : جعفر بن محمد الصادق فقلت له : يا أمير المؤمنين
إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة .
فقال : يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبامامته ، ولكن الملك عقيم ، وقد آليت
على نفسي أن لا امسي عشيتي هذه ، أو أفرغ منه ، قال محمد : والله لقد ضاقت علي
الارض برحبها ، ثم دعا سيافا وقال له : إذا أنا أحضرت أبا عبدالله الصادق
وشغلته بالحديث ، ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه .
ثم أحضر أبا عبدالله عليه السلام في تلك الساعة ، ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه
فلم أدر ما الذي قرأ ؟ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار ، فرأيت
أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين ، مكشوف الرأس ، قد اصطكت
أسنانه ، وارتعدت فرائصه ، يحمر ساعة ، ويصفر اخرى ، وأخذ بعضد أبي عبدالله
الصادق عليه السلام وأجلسه على سرير ملكه ، وجثا بين يديه ، كما يجثو العبد بين يدي
مولاه . ثم قال له : يا ابن رسول الله ما الذي جاء‌بك في هذه الساعة ؟ قال : جئتك
يا أمير المؤمنين طاعة لله عزوجل ولرسول الله صلى الله عليه وآله ولامير المؤمنين أدام الله عزه
قال : ما دعوتك والغلط من الرسول ، ثم قال : سل حاجتك ، فقال : أسألك أن
لا تدعوني لغير شغل ، قال : لك ذلك وغير ذلك .
ثم انصرف أبوعبدالله عليه السلام سريعا ، وحمدت الله عزوجل كثيرا ودعا
أبوجعفر المنصور بالدواويج ونام ، ولم ينتبه إلا في نصف الليل ، فلما انتبه كنت عند
رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي : لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي
فاحدثك بحديث ، فلما قضى صلاته أقبل علي وقال لي : لما أحضرت أبا عبدالله
الصادق ، وهممت به ما هممت من السوء ، رأيت تنينا قد حوى بذنبه جميع داري
وقصري ، وقد وضع شفتيه العليا في أعلاها ، والسفلى في أسفلها ، وهو يكلمني بلسان
طلق ذلق عربي مبين : يا منصور إن الله تعالى جده قد بعثني إليك ، وأمرني إن

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه