بحار الأنوار ج12

فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الروات ، فقلت له : يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب
إبراهيم ، وإن رددناه لزمنا الحكم بتكذيب الرواة ، ولا شك أن صون إبراهيم عليه السلام عن
الكذب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب ، إذا عرفت هذا الاصل فنقول
للواحدي : ومن الذين يضمن لنا أن الذين نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرين كانوا
صادقين أم كاذبين ؟ !
المسألة الثانية في أن المراد بذلك البرهان ما هو ؟ أما المحققون المثبتون للعصمة
فقد فسروا رؤية البرهان بوجوه :
الاول : أنه حجة الله تعالى في تحريم الزنا ، والعلم بما على الزاني من
العقاب .
والثاني : أن الله تعالى طهر نفوس الانبياء عن الاخلاق الذميمة ، بل نقول : إنه
تعالى طهر نفوس المتصلين بهم عنها ، كما قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا "(1)فالمراد برؤية البرهان هو حصول تلك الاخلاق وتذكير
الاحوال الرادعة لهم عن الاقدام على المنكرات .
الثالث : أنه رأى مكتوبا في سقف البيت : " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة و
مقتا وساء سبيلا "(2).
الرابع : أنه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش ، والدليل عليه أن الانبياء بعثوا
لمنع الخلق عن القبائح والفضائح ، فلو أنهم منعوا الناس عنها ثم أقدموا على أقبح أنواعها
وأفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون .
كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون "(3)وأيضا إن الله تعالى عير اليهود بقوله : " أتأمرون
الناس بالبر وتنسون أنفسكم "(4)وما يكون عيبا في حق اليهود كيف ينسب إلى الرسول
المؤيد بالمعجزات ؟ !


(1)الاحزاب : 33 .
(2)الاسراء : 32 .
(3)الصف : 2 و 3 .
(4)البقرة : 44 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه