فيكم شئ من الكبائر ، فاشهدوا أنكم في الجنة ، قلت : أي شئ الكبائر ؟ فقال :
أكبر الكبائر الشرك ، وعقوق الوالدين ، والتعرب بعد الهجرة ، وقذف المحصنة ، و
الفرار من الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، والربا بعد البينة ، وقتل المؤمن ، فقلت :
الزنا والسرقة ؟ قال : ليس من ذلك .
وقد وقع في الاخبار في خصوص بعض ، أنها كبائر كالغناء والحيف في الوصية
والكذب على الله ورسوله والائمة عليهم السلام ، ومعونة الظالمين ، وغيرها .
واختلف أيضا في معنى الاصرار على الصغائر فقيل : هو الاكثار منها سواء كان
من نوع واحد أو من أنواع مختلفة ، وقيل : المداومة على نوع واحد منها ، ونقل
بعضهم قولا بأن المراد به عدم التوبة وهو ضعيف .
وقسم بعض علمائنا الاصرار إلى فعلي وحكمي فالفعلي هو الدوام على نوع
واحد منها بلا توبة أو الاكثار من جنسها بلا توبة ، والحكمي هو العزم على فعل تلك
الصغيرة بعد الفراغ منها .
وهذا مما ارتضاه جماعة من المتأخرين ، والنص خال عن بيان ذلك ، لكن
الانسب بالمعنى اللغوى المداومة على نوع واحد منها والعزم على المعاودة إليها ،
قال الجوهري : أصررت على الشئ أي أقمت ودمت ، وقال في النهاية : أصر على
الشئ يصر إصرارا إذا لزمه وداومه وثبت عليه ، وفي القاموس أصر على الامر لزم ،
وأما الاكثار من الذنوب وإن لم يكن من نوع واحد بحيث يكون ارتكابه للذنب
أكثر من اجتنابه عنه ، إذا عن له من غير توبة ، فالظاهر أنه قادح في العدالة بلا خلاف
في ذلك بينهم .
وفي كون العزم على الفعل بعد الفراغ منه قادحا فيه محل إشكال ، لكن روى
الكليني(1)عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل " ولم يصروا على
ما فعلوا وهم يعلمون "(2)قال : الاصرار أن يذنب الذنب ولا يستغفر ، ولا يحدث نفسه
(1)الكافى ج 2 ص 288 .
(2)آل عمران : 135 .