وأزوالوا الامر(1)عن وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وأقروه فيمن لم يره الله ولا رسوله
لذلك أهلا ، لا جرم والله لن يفلحوا بعدها أبدا .
فنزل حذيفة من منبره فقال : يا أخا الانصار إن الامر كان أعظم مما تظن
أنه عزب والله البصر ، وذهب اليقين ، وكثر المخالف ، وقل الناصر لاهل الحق
فقال له الفتى : فهلا انتضيتم أسيافكم ، ووضعتموها على رقابكم ، وضربتم بها الزائلين
عن الحق قدما قدما حتى تموتوا أو تدركوا الامر الذي تحبونه من طاعة الله عزوجل
وطاعة رسوله ، فقال له : أيها الفتى إنه اخذو الله بأسماعنا وأبصارنا ، وكرهنا
الموت ، وزينت عندنا الدنيا ، وسبق علم الله بامرة الظالمين ، ونحن نسأل الله
التغمد لذنوبنا ، والعصمة فيما بقي من آجالنا ، فانه مالك رحيم ، ثم انصرف
حذيفة إلى منزله وتقرق الناس .
قال عبدالله بن سلمة :(2)فبينا أنا ذات يوم عند حذيفة أعوده في مرضه الذي
مات فيه ، وقد كان يوم قدمت فيه من الكوفة من قبل قدوم علي عليه السلام إلى العراق ، فبينما
أنا عنده إذ جاء الفتى الانصاري فدخل على حذيفة فرحب به وأدناه وقربه من مجلسه ، وخرج من كان عند حذيفة من عواده ، وأقبل عليه الفتى فقال : يا أبا
عبدالله سمعتك يوما تحدث عن بريدة بن الحصيب الاسلمي أنه سمع بعض القوم
الذين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يسلموا على على بامرة المؤمنين يقول لصاحبه : أما
رأيت القوم ما صنع محمد بابن عمه من التشريف وعلو المنزلة ، حتى لو قدر أن
يجعله نبيا لفعل ، فأجابه صاحبه فقال : لا يكبرن عليك ، فلو فقدنا محمدا لكان قوله
تحت أقدامنا ، وقد ظننت نداء بريدة لهما ، وهما على المنبر أنهما صاحبا القول
قال حذيفة : أجل ، القائل عمر ، والمجيب أبوبكر ، فقال الفتى : إنا لله وإنا إليه
راجعون ، هلك والله القوم ، وبطلت أعمالهم ، قال حذيفة : ولم يزل القوم على ذلك
الارتداد وما يعلم الله منهم أكثر .
(1)وأزالوا الامر عمن رضى به الله ورسوله خ ل .
(2)قد مر عن كشف اليقين أن اسم الراوى هو عبيد الله بن سلمة(*).