56 - تفسير النعمانى : بالاسناد المتقدم في كتاب القرآن(1)عن أمير -
المؤمنين عليه السلام قال : كانت شريعتهم في الجاهلية أن المرءة إذا زنت حبست في بيت
واقيم بأودها حتى يأتي الموت ، وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه
وآذوه وعيروه ، ولم يكونوا يعرفون غير هذا(2).
وان لم يكن يعرفها فكيف لم يسأل عن وليها وعشيرتها أن يزوجوها منه وصدقها في قولها
بلا بينة .
واما القرينة على أن أبا عبدالله عليه السلام فرض المسألة هكذا قوله عليه السلام لانه
تقدم بعلم وتقدمت هى بعلم ، فالذى حدث به أبوبصير عن أبى عبدالله عليه السلام في ذيل
الحديث الثانى من خبرى الكشى محمول على ذلك مع أنه أبوبصير المرادى الخبيث الذى
يقول : ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد .
وأما حديثه الذى قال فيه : ان أمير المؤمنين عليه السلام ضرب الرجل الحد ، ثم
قال : لو علمت أنك علمت لفضخت رأسك بالحجارة ، ففيه الوهم والخبط ، لان الفضخ
- وهو كناية عن الرجم - يدور مع الاحصان وعدمه ، لا العلم ، ولو صح قوله لو علمت
وهو لا يعلم ، فكيف ضربه الحد .
فالخبر ساقط من الاصل متنا وسندا ، ولا وجه للتكلف في حمل الحد على التعزير
لتقصيره في التفتيش كما عن الشيخ رحمه الله .
(1)أورد رحمه الله رسالة النعمانى في تفسير القرآن الباب 128 من كتاب القرآن
(ج 92 ص 1 - 97)من هذه الطبعة)وترى سندها في الصفحة الثالثة .
(2)المشهور المسلم من تاريخ العرب خصوصا عند ظهور الاسلام أن الزنا كان رائجا
عندهم خفية وعلانية ، وكانت بمكة وطائف وغير ذلك بغايا يرفعن الرايات بذلك ويختلف
الناس عندهن من دون أى نكير ، وكانوا يلحقون ولد الزنا بأبيه ، بحكم القرعة أو القافة
أو رأى الزانية ، واختيارها ، وحسبك من ذلك استلحاق معاوية زيادا بحكم الجاهلية بعد
الاسلام بخمسين عاما .
على أن العرب حين جاء الاسلام كانوا مغرمين بشرب الخمر والزنا يفتخرون بذلك