بحار الأنوار ج17

وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه بعد نقل هذا الخبر وخبر ابن سنان : وربما يظن
تطرق الضعف إليهما لتضمنهما لما يوهم القدح في العصمة ، لكن قال شيخنا في الذكرى
أنه لم يطلع على راد لهما من هذه الجهة ، وهو يعطي تجويز الاصحاب صدور ذلك و
أمثاله عن المعصوم ، وللنظر فيه مجال واسع انتهى .
تبيين : اعلم بعدما أحطت خبرا بما أسلفناه من الاخبار والاقوال أنا قد قدمنا
القول في عصمة الانبياء صلوات الله عليهم في كتاب النبوة ، وذكرت هناك أن أصحابنا
الامامية أجمعوا على عصمة الانبياء والائمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة
عمدا وخطأ ونسيانا قبل النبوة والامامة وبعدهما : بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله
سبحانه ، ولم يخالف فيه إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدس الله روحهما
فجوزا الاسهاء من الله تعالى ، لا السهو الذي يكون من الشيطان ، ولعل خروجهما
لا يخل بالاجماع ، لكونهما معروفي النسب ، وأما السهو في غير ما يتعلق بالواجبات و
المحرمات كالمباحات والمكروهات فظاهر أكثر أصحابنا أيضا الاجماع على عدم صدوره
عنهم ، ويدل على جملة ذلك كونه سببا لتنفير الخلق منهم ، ولما عرفت من بعض الآيات
والاخبار في ذلك ، لاسيما في أقوالهم عليهم السلام لقوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى * إن
هو إلا وحي يوحى(1)" وقوله تعالى : " إن أتبع إلا ما يوحى إلي(2)" ولعموم ما دل
على التأسي بهم عليهم السلام في جميع أقوالهم وأفعالهم ، وما ورد في وجوب متابعتهم ، وفي الخبر
المشهور عن الرضا عليه السلام في وصف الامام " فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن من
الخطاء والزلل والعثار " وسيأتي في تفسير النعماني في كتاب القرآن بإسناده عن
إسماعيل بن جابر ، عن الصادق عليه السلام ، عن أمير المؤمنين عليه السلام في بيان صفات الامام قال :
" فمنها أن يعلم الامام المتولي عليه أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، لا


(1)النجم : 3 و 4 .
(2)الانعام : 50 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه