بحار الأنوار ج7

أعمال الازكياء ، وقيل : أي لا يطهرهم من خبث أعمالهم بالمغفرة " ولهم عذاب أليم " أي
موجع " اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " أي استبدلوا الكفر بالنبي بالايمان
به ، أو كتمان أمره بإظهاره ، أو العذاب بالثواب وطريق الجنة " فما أصبرهم على النار "
فيه أقوال : أحدها معناه : ما أجرأهم على النار ! وهو المروي أيضا عن أبي عبدالله عليه السلام .
الثاني : ما أعملهم بأعمال أهل النار ! وهو المروي أيضا عن أبي عبدالله عليه السلام .
الثالث : ما أبقاهم على النار ! كما يقال ما أصبر فلانا على الحبس ! .
وفي قوله سبحانه : " والذين اتقوا فوقهم يوم القيمة " : أي الذين اجتنبوا
الكفر فوق الكفار في الدرجات ، وقيل : أراد أن تمتعهم بنعيم الآخرة أكثر من
استمتاع هؤلاء بنعيم الدنيا ، وقيل : إنه أراد أن حال المؤمنين في الهزؤ بالكفار
والضحك منهم فوق حال هؤلاء في الدنيا .
وفي قوله سبحانه : " إن الذين يشترون بعهد الله " : أي يستبدلون بأمر الله
سبحانه ما يلزمهم الوفاء به ، وقيل : معناه : إن الذين يحصلون بنكث عهد الله ونقضه
" وأيمانهم " أي وبالايمان الكاذبة " ثمنا قليلا " أي عوضا نزرا ، وسماه قليلا لانه قليل
في جنب ما يفوتهم من الثواب ويحصل لهم من العقاب " اولئك لا خلاق لهم " أي لا نصيب
لهم في نعيم الآخرة " ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة " أي لا يعطف عليهم
ولا يرحمهم ، كما يقول القائل للغير : انظر إلي ، يريد : ارحمني .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " : بياض
الوجه وسواده كنايتان عن ظهوره بهجة السرور وكأبة الخوف فيه ، وقيل : يوسم أهل
الحق ببياض الوجه والصحيفة(1)وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه ، و
أهل الباطل بأضداد ذلك " أكفرتم " أي فيقال لهم : أكفرتم ؟ والهمزة للتوبيخ والتعجيب
من حالهم " فذوقوا العذاب " أمر إهانة " ففي رحمة الله " يعني الجنة والثواب المخلد ،
عبر عن ذلك بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل
الجنة إلا برحمته وفضله .



(1)صحيفة الوجه : بشرة جلده .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه