ويؤيده ما سيأتي في باب حب الدنيا مثله(1)هكذا بأفسد فيها من حب
المال والشرف في دين المسلم .
وقيل : في دين المسلم حال عن الرياسة قدم عليه ، ولا يخفى ما فيه ، وفيه تحذير
عن طلب الرياسة ، وللرياسة أنواع شتى ، منها ممدوحة ، ومنها مذمومة ، فالممدوحة
منها الرياسة التي أعطاها الله تعالى خواص خلقه من الانبياء والاوصياء عليهم السلام
لهداية الخلق وإرشادهم ، ودفع الفساد عنهم ، ولما كانوا معصومين مؤيدين بالعنايات
الربانية ، فهم مأمونون من أن يكون غرضهم من ذلك تحصيل الاغراض الدنية
والاغراض الدنيوية ، فاذا طلبوا ذلك ليس غرضهم إلا الشفقة على خلق الله
وإنقاذهم من المهالك الدنيوية والاخروية ، كما قال يوسف عليه السلام : اجعلني على
خزائن الارض إني حفيظ عليم (2).
وأما ساير الخلق فلهم رياسات حقة ، ورياسات باطلة ، وهي مشتبهة بحسب
نياتهم ، واختلاف حالاتهم ، فمنها القضاء والحكم بين الناس وهذا أمر خطير
وللشيطان فيه تسويلات ، ولذا وقع التحذير عنه في كثير من الاخبار وأما من يأمن
ذلك من نفسه ، ويظن أنه لا ينخدع من الشيطان ، فاذا كان في زمان حضور الامام
عليه السلام وبسط يده عليه السلام وكلفه ذلك يجب عليه قبوله ، وأما في زمان الغيبة
فالمشهور أنه يجب على الفقيه الجامع لشرايط الحكم والفتوى ارتكاب ذلك ، إما
عينا وإما كفاية .
فان كان غرضه من ارتكاب ذلك إطاعة امامه والشفقة على عباد الله ، وإحقاق
حقوقهم ، وحفظ فروجهم وأموالهم وأعراضهم عن التلف ، ولم يكن غرضه الترفع
على الناس ، والتسلط عليهم ، ولا جلب قلوبهم ، وكسب المحمدة منهم ، فليست رياسته
رياسة باطلة ، بل رياسة حقة أطاع الله تعالى فيهاونصح إمامه .
(1)يعني باب حب الدنيا من الكافي ج 2 ص 315 ، وقد مر في الباب 122 تحت
الرقم : 14 .
(2)يوسف : 55 .