بحار الأنوار ج90

وروي السكوني ، عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إياكم
ودعوة المظلوم ، فانها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله إليها ، فيقول : ارفعوها
حتى أستجيب له ، وإياكم ودعوة الوالد فانها أحد من السيف .
وعن الصادق عليه السلام : ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عزوجل : دعاء الوالد
لولده ، إذا بره ، وعليه إذا عقه ، ودعاء المظلوم على ظالمه ، ودعاؤه لمن انتصر
له منه ، ورجل مؤمن دعا لاخيه المؤمن إذا واساه فينا ، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه
مع القدرة عليه ، واضطرار أخيه إليه .
قال الشيخ ابن سينا : سبب إجابة الدعاء توافي الاسباب معا لحكمة إلهية
وهو أن يتوافى سبب دعاء رجل فيما يدعو فيه ، وسبب وجود ذلك الشئ معاعن
الباري فان قيل : فهل يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء ، وموافاته لذلك
الدعاء ؟ قلنا : لا ، لان علتهما واحدة ، وهوالباري الذي جعل سبب وجود ذلك
الشئ الدعاء كما جعل سبب صحة المريض شرب الدواء ، ومالم يشرب الدواء
لم يصح ، وكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ فلحكمة ما توافيا معا على
حسب ما قدر وقضا ، فالدعاء واجب وتوقع الاجابة واجب ، فان انبعاثها للدعاء
يكون سببه من هناك ويصير الدعاء سببا للاجابة ، وموافاة الدعاء لحدوث الامر
المدعو لاجله هما معلولا علة واحدة ، وربما يكون أحدهما بواسطة الآخر .
وقد يتوهم أن السماويات تنفعل من الارضية ، وذلك أنا ندعوها فتستجيب
لنا ، ونحن معلولها وهي علتنا ، والمعلول لا تفعل في العلة البتة ، وإنما سبب
الدعاء من هناك أيضا لانها تبعثنا على الدعاء ، وهما معلولا علة واحدة ، وإذا
ثم يستجب الدعاء لذلك الرجل ، وإن كان يرى الغاية التي يدعو لاجلها نافعة
فالسبب فيه أن الغاية النافعة إنما يكون بحسب نظام الكل ، لا بحسب مراد ذلك
الرجل ، فربما لا تكون الغاية بحسب مراده نافعة ، ولذلك لايصح استجابة
دعائه .
والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الاول قوة تصيربها مؤثرة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه