بحار الأنوار ج57

أن يقول له كن فيكون(1). وهو سبحانه جعل للاشياء منافع وتأثيرات وخواص
أودعها فيها ، وتأثيراتهامشروطة بإذن الله تعالى وعدم تعلق إرادته القاهرة بخلافها ، كما
أنه أجرى عادته بخلق الانسان من اجتماع الذكر والانثى وتولد النطفة منهما وقرارها
في رحم الانثى وتدر جها علقة ومضغة وهكذا فإذا أراد غير ذلك فهو قادر على أن يخلق
من غير أب كعيسى ، ومن غيرام أيضا كآدم وحواء ، وكخفاش عيسى وطير إبراهيم
وغير ذلك من المعجزات المتواترة عن الانبياء في إحياء الموتى . وجعل الاحراق في
النار ، فلما أراد غير ذلك قال للنار : كوني بردا وسلاما على إبراهيم . وجعل الثقيل
يرسب في الماء وينحدر من الهواء ، فأظهر قدرته بمشي كثير على الماء ورفعهم إلى السماء
وجعل في طبع الماء الانحدار فأجرى حكمه عليه بأن تقف أمثال الجبال منه في الهواء
حتى تعبر بنو إسرائيل من البحر . ومع عدم القول بذلك لايمكن تصديق شئ من _____________________________
(1)لا بأس بتذييل لهذا التتميم يجعل نفعه اعم وفائدته أتم ، فنقول :
هناك امور لامجال للارتياب فيها لمن له قدم في العلوم الالهية .
(الاول)كل ما سوى الله تعالى مخلوق له محتاج إليه في جميع شؤونه الوجودية ، سواء
في ذلك الشؤون العلمية والارادية وغيرها .
(الثانى)ان الله تعالى غنى عن جميع ماسواه ولايحتاج إلى غيره في شئ أصلا ، وليس
لقدرته تعالى حدونهاية ، فهو القادر على كل امر ممكن في ذاته ، وليس لقدرته على شئ
من الاشياء شرط ولا مانع ، سبحانه وتعالى عما يصفون .
(الثالث)كل ممكن في ذاته يستوى نسبته إلى الوجود والعدم ، ولابد في ترجح أحدهما
من مرجح وهذا حكم ضرورى لا يكاد يشك فيه عاقل فضلا عن الانكار اللهم الامن لم يتصور
طرفى القضية او عرض له شبهة لم يستطع دفعها أو مكابر ينكر باللسان ما يعترف به قلبا . و
هذاأساس جل براهين التوحيد بل المعارف الحقة .
(الرابع)طريق معرفة العلل والمرجحات - سوى ما يعرفه الانسان وجدانا وبالضرورة -
اختبار ارتباط وجود شئ بشئ وكشف حدود ذاك الارتباط ، وهذا من معرفة صنع الله تعالى
وكشف مجارى مشيئته في خلقه ، لامن باب كشف شرائط قدرته تعالى على الاشياء فتفطن . و
من الواضع ان معرفة سبب مالشئ لاتنفى سببية شئ آخر له وقد ثبت في محله ان هذا ليس = =

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه