أفواههم ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته ، وهويقول : بأبي
أنتم وامي كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء
ونسلكم خير نسل ، لايخزى ولايبزى
وروى زيد بن موسى قال : حدثني أبي ، عن جدي عليهم السلام قال : خطبت فاطمة
الصغرى بعد أن ردت من كربلا فقالت : الحمدلله عددالرمل والحصى ، وزنة
العرش إلى الثرى ، أحمده واؤمن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لاإله إلا الله
وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وأن ولده ذبحوا بشط الفرات
بغير ذحل ولاترات
اللهم إني أعوذبك أن أفتري عليك الكذب ، وأن أقول عليك خلاف ما
أنزلت من أخذ العهود لوصيه علي بن أبيطالب : المسلوب حقه ، المقتول من غير ذنب
كماقتل ولده بالامس في بيت من بيوت الله تعالى فيه معشر مسلمة بألسنتهم ، تعسا
لرؤوسهم مادفعت عنه ضيما في حياته ، ولاعند مماته ، حتى قبضته إليك محمود النقيبة
طيب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم يأخذه اللهم فيك لومة لائم
ولاعذل عاذل ، هديته يارب للاسلام صغيرا ، وحمدت مناقبه كبيرا ، ولم يزل ناصحالك
ولرسولك صلواتك عليه وآله حتى قبضته إليك زاهدا في الدنيا غير حريص عليها
راغبا في الآخرة : مجاهدا لك في سبيلك ، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط
مستقيم
أما بعد ياأهل الكوفة ، ياأهل المكر والغدر والخيلاء ، فانا أهل بيت ابتلانا
الله بكم ، وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا ، فنحن
عيبة علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجته في الارض لبلاده ولعباده ، أكرمنا الله
بكرامته ، وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا و
كفرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالا وأموالنانهبا ، كأنا أولاد ترك أوكابل ، كماقتلتم جدنا
بالامس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ، لحقد متقدم ، قرت بذلك عيونكم
وفرحت قلوبكم ، افتراء منكم على الله ، ومكرا مكرتم والله خير خير الماكرين ، فلا