وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا ، قلت : فمن يناولني الماء ؟ قال :
الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شئ مني ، فإنه لا يحل له ولا لغيره من
الرجال والنساء النظر إلى عورتي ، وهي حرام عليهم ، فإذا فرغت من غسلي
فضعني على لوح ، وافرغ علي من بئري بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الافواه -
قال عيسى : أو قال : أربعين قربة ، شككت أنا في ذلك - قال : ثم ضع يدك يا علي
على صدري ، وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من غير أن ينظروا إلى
شئ من عورتي ، ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إنشاء الله تعالى
أقبلت يا علي ؟ قال : نعم ، قال : اللهم فاشهد ، قال : يا علي ما أنت صانع لو قد
تأمر القوم عليك بعدي ، وتقدموا عليك ، وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة
ثم لببت بثوبك تقادكما يقاد الشارد من الابل مذموما(1)مخذولا محزونا مهموما
وبعد ذلك ينزل بهذه الذل ؟
قال : فلما سمعت فاطمة ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله صرخت وبكت ، فبكى رسول
الله صلى الله عليه وآله لبكائها ، وقال : يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة ، هذا
جبرئيل بكى لبكائك ، وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل ، يا بنية لا تبكين فقد
بكت السماوات والارض لبكائك ، فقال علي عليه السلام : يا رسول الله أنقاد للقوم ، و
أصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ، مالم اصب أعوانا لم اناجز القوم(2)فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم اشهد ، فقال : يا علي ما أنت صانع بالقرآن والعزائم و
الفرائض ؟ فقال : يا رسول الله أجمعه ، ثم آتيهم به ، فإن قبلوه وإلا أشهدت الله
عزوجل وأشهدتك عليه(3)قال : أشهد .
قال : وكان فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدفن في بيته الذي قبض فيه
ويكفن بثلاثة أثواب : أحدها يمان ، ولا يدخل قبره غير علي عليه السلام ، ثم قال :
(1)في المصدر : مرمولا أقول : رمل هرول في مشيه . ولم نجده متعديا .
(2)= : مالم اصب عليهم اعوانا لم اناظر القوم .
(3)= : اشهدت الله عليهم واشهدتك عليهم .