أنه قال : أخذته الغشية عشية الخميس يوم عرفة وأفاق عشية الجمعة ، وفيه نزلت عليه
التوراة ، وقيل : معناه : خر ميتا " فلما أفاق " من صعقته " قال سبحانك " أي تنزيها لك
عن أن يجوز عليك مالا يليق بك " تبت إليك " من التقدم في المسألة قبل الاذن فيها .
وقيل : إنما قاله على وجه الانقطاع إلى الله سبحانه كما يذكر التسبيح والتهليل
ونحو ذلك من الالفاظ عند ظهور الامور الجليلة " وأنا أول المؤمنين " بأنه لا يراك أحد
من خلقك ، عن ابن عباس . وروي مثله عن أبي عبدالله عليه السلام قال : معناه : أنا أول
من آمن وصدقك بأنك لا ترى . وقيل : أنا أول المؤمنين من قومي باستعظام
سؤال الرؤية .
" برسالاتي " من غير كلام " وبكلامي " من غير رسالة ، قيل : إنه سبحانه كلم موسى
على الطور ، وكلم نبينا عند سدرة المنتهى .
" فخذ ما آتيتك " أي أعطيتك من التوراة وتمسك بما أمرتك " وكن من الشاكرين "
أي من المعترفين بنعمتي القائمين بشكرها " في الالواح " يعني بالالواح التوراة ، وقيل :
كانت من خشب نزلت من السماء ، وقيل : كانت من زمرد طولها عشرة أذرع ، وقيل : كانت
من زبرجدة خضراء وياقوته حمراء ، وقيل : إنهما كانا لوحين .
" من كل شئ " قال الزجاج : أعلم الله سبحانه أنه أعطاه من كل شئ يحتاج
إليه من أمر الدين مع ما أراه من الآيات " موعظة " هذا تفسير لقوله : " كل شئ " وبيان
لبعض ما دخل تحته " وتفصيلا لكل شئ " يحتاج إليه في الدين من الاوامر والنواهي
والحلال والحرام وغير ذلك " يأخذوا بأحسنها " أي بما فيها من أحسن المحاسن وهي الفرائض
والنوافل ، فإنها أحسن من المباحات ، وقيل : بالناسخ دون المنسوخ ، وقيل : المراد
بالاحسن الحسن وكلها حسن .(1)
* محذوف هو سلطانه أو أمره سبحانه ، ويكون تقدير الكلام : فلما تجلى أمر ربه أو سلطان ربه
للجبل ، ويكون ذلك مثل قوله : " وجاء ربك " أي جاء ملائكة ربك ، أو أمر ربك ، أو عقاب ربك
وهذه استعارة من وجه آخر وهو من حيث وصف الامر أو السلطان بالتجلى وانما المتجلى حاملهما
والوارد بهما .
(1)مجمع البيان 4 : 473 و 474 و 475 و 476 و 477 .(*)