بحار الأنوار ج38

جماعة من خواص أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أعرفهم بالنصح لله ولرسوله ولكتابه ودينه الاسلام
يأتوني عودا وبدء(1)وعلانية وسرا فيدعوني إلى أخذ حقي ، ويبذلون أنفسهم في نصرتي
ليؤدوا إلي بذلك بيعتي في أعناقهم ، فأقول : رويدا وصبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك
عفوا بلا منازعة ولا إراقة الدماء ، فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وطمع
في الامر بعده من ليس له بأهل ، فقال كل قوم : منا أمير ! وما طمع القائلون في ذلك
إلا لتناول غيري الامر ، فلما دنت وفاة القائم(2)وانقضت أيامه صير الامر بعده لصاحبه
فكانت هذه اخت اختها ، ومحلها مني مثل محلها ، وأخذامني ما جعله الله لي ، فاجتمع
إلي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله من مضى رحمه الله ومن بقي(3)ممن أخره الله من اجتمع فقالوا
لي فيها مثل الذي قالوا في اختها ، فلم يعد قولي الثاني قولي الاول صبرا واحتسابا و
يقينا وإشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله صلى الله عليه وآله باللين مرة وبالشدة اخرى و
بالبذل مرة(4)وبالسيف اخرى ، حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في الكر و
الفرار(5)والشبع والري واللباس والوطاء والدثار(6)، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله لا سقوف
لبيوتنا ولا أبواب ولا ستور إلا الجرائد وما أشبهها ، ولا وطاء‌لنا ولا دثار عليناويتداول
الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا ، وتطوي(7)الليالي والايام جوعا عامتنا ، وربما
أتاناالشئ مما أفاء الله علينا وصيره لنا خاصة دون غيرنا ونحن على ما وصفت من حالنا
فيؤثر به رسول الله صلى الله عليه وآله أرباب النعم والاموال تألفا منه لهم ، فكنت أحق من لم يفرق
هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يحملها على الخطة(8)التي لا خلاص لها منها


(1)يقال : رجع عودا على بدء أى لم يتم ذهأبه حتى وصله برجوعه .
(2)أى القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله .
(3)في المصدر : ممن مضى وممن بقى اه‍ .
(4)في المصدر : وبالنذر مرة .
(5)الظاهر(والفر)كما يأتى في البيان .
(6)الوطاء : بكسر الواو وفتحها خلاف الغطاء أى ما تفترشه . والدثار : الثوب الذى يستد
فأبه من فوق الشعار ، ما يتغطى به النائم .
(7)في المصدر : ونطوى .
(8)الخطة : الامر المشكل الذى لا يهتدى اليه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه