88 - نهج : قال عليه السلام وقد توفي سهل بن حنيف الانصاري رحمه الله بالكوفة
مرجعه معه من صفين ، وكان من أحب الناس إليه : لو أحبني جبل لتهافت .
قال السيد رضي الله عنه : ومعنى ذلك : أن المحبة تغلظ عليه ، فتسرع
المصائب إليه ، ولا يفعل ذلك إلا بالاتقياء الابرار ، والمصطفين الاخيار ، وهذا
مثل قوله عليه السلام : من أحبنا أهل البيت فليستعد للفقر جلبابا ، وقد تؤول ذلك على
معنى آخر ليس هذا موضع ذكره(1).
تبيان : " مرجعه " منصوب على الظرفية ، " والتهافت " : التساقط قطعة
قطعة ، من هفت كضرب ، إذا سقط كذلك ، وقيل هفت أي تطاير لخفته ، والمراد
تلاشي الاجزاء ، وتفرقها ، لعدم الطاقة ، و " تغلظ " في بعض النسخ على صيغة المجهول من باب التفعيل ، وفي بعضها على صيغة المجرد المعلوم ، يقال : غلظ الشئ
ككرم ضد رق ، كما في النسخة ، وجاء كضرب ، والاستعداد للشئ التهيؤ له .
ولفظ الرواية على ما ذكره ابن الاثير في النهاية أظهر قال : في حديث علي
عليه السلام : من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا(2)أي ليزهد في الدنيا ، وليصبر
على الفقر والعلة ، و " الجلباب " الازار ، والرداء ، وقيل : هو كالمقنعة ، تغطي به
المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، وجمعه جلابيب ، كنى به عن الصبر ، لانه يستر
الفقر ، كما يستر الجلباب البدن .
وقيل : إنما كني بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس إزار الفقر ، و
يكون منه على حالة تعمه وتشمله ، لان الغنا من أحوال أهل الدنيا ، ولايتهيا
الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت النتهى .
قال ابن أبي الحديد(3): قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا يحبك إلا مؤمن
(1)نهج البلاغة ج 2 ص 168 تحت الرقم 111 من الحكم والمواعظ .
(2)قد مر في ذيل ص 227 حديث عن المعانى ، يقول فيه الصادق عليه السلام أن أصل
الحديث " من أحبنا فليعده للفقر جلبابا ، فراجع .
(3)راجع شرح النهج ج 4 ص 289 ط مصر .