ودفناها في لحده عند موضع قاله .
18 - شا : كان الرضا علي بن موسى عليه السلام يكثر وعظ المأمون إذا خلا به
ويخوفه بالله ، ويقبح له ما يركبه من خلافه ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك منه
ويبطن كراهيته واستثقاله ، ودخل الرضا عليه السلام يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة
والغلام يصب الماء على يديه ، فقال : لا تشرك ياأميرالمؤمنين بعبادة ربك أحدا
فصرف المأمون الغلام وتولى تمام وضوء نفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده .
وكان عليه السلام يزري على الفضل والحسن ابني سهل عندالمأمون ، إذا ذكرهما
ويصف له مساويهما وينهاه عن الاصغاء إلى قولهما ، وعرفا ذلك منه ، فجعلا يخطئان
عليه عند المأمون ، ويذكران له عنده ما يبعده منه ، ويخو فانه من حمل الناس عليه
فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه ، وعمل على قتله عليه السلام .
فاتفق أنه أكل هو والمأمون يوما طعاما فاعتل منه الرضا عليه السلام وأظهر
المأمون تمارضا فذكر محمد بن علي بن حمزه ، عن منصور بن بشر ، عن أخيه عبدالله
ابن بشر قال : أمرني المأمون أن اطول أظفاري على العادة ، ولا اظهر ذلك لاحد
ففعلت ، ثم استدعاني فأخرج إلي شيئا يشبه التمرالهندي فقال لي : اعجن هذا
بيديك جميعا ففعلت ثم قام وتركني ودخل على الرضا عليه السلام وقال له : ما خبرك ؟
قال : أرجو أن أكوان صالحا قال له : أنا اليوم بحمد الله أيضا صالح ، فهل جاءك
أحد من المترفقين في هذااليوم ؟ قال : لا ، فغضب المأمون وصاح على غمانه
ثم قال : فخذماء الرمان الساعة فانه مما لا يستغنى عنه ، ثم دعاني فقال : ائتنا
برمان فأتيته به ، فقال لي : اعصر بيديك ، ففعلت وسقاه المأمون الرضا عليه السلام بيده
وكان ذلك سبب وفاته ، فلم يلبث إلا يومين حتى مات عليه السلام .
وذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال : دخلت على الرضا عليه السلام وقد خرج
المأمون من عنده ، فقال لي : يا أباالصلت قد فعلوها ، وجعل يوحد الله ويمجده .
وروي عن محمد بن الجهم أنه قال : كان الرضا عليه السلام يعجبه العنب فأخذله