بحار الأنوار ج59

ليكون له أن يتمدد وأن يتقلص كالدود . وباطن فوقه مغشي بالغشاء الذي يستبطن
الدماغ إلى حد المؤخر ، وهو مركب على زائدتين من الدماغ مستديرتين إحاطة
الطول كالفخذين ، يقربان إلى التماس ، ويتباعدان إلى الانفراج ، تركيبا بأربطة
تسمى وترات لئلا يزول عنها ، لتكون الدودة إذا تمددت وضاق عرضها ضغطت
هاتين الزائدتين إلى الاجتماع . فينسد المجرى ، وإذا تقلصت إلى القصر وازدادت
عرضا تباعدت إلى الافتراق ، فانفتح المجرى .
وما يلي منه مؤخر الدماغ أدق ، وإلى التحدب ما هو(1)، ويتهندم في مؤخر
الدماغ كالوالج منه في مولج ، ومقدمه أوسع من مؤخره على الهيئة التي يحتملها
الدماغ . والزائدتان المذكورتان تسميان القبتين ، ولا تزريد فيهما البتة ، بل
ملساوان ، ليكون شدهما وانطباقهما أشد ، ولتكون إجابتهما إلى التحريك بسبب
حركة شئ آخر أشبه بإجابة الشئ الواحد .
ولدفع فضول الدماغ مجريان : أحدهما في البطن المقدم عند الحد المشترك
بينه وبين الذي بعده ، والآخر في البطن الاوسط . وليس للبطن المؤخر مجرى
مفرد ، وذلك لانه موضوع في الطرف صغير أيضا بالقياس إلى المقدم لا يحتمل ثقبا
ويكفيه والاوسط مجرى مشترك بينهما ، وخصوصا وقد جعل مخرجا للنخاع يتحلل
بعض فضوله ويندفع من جهته .
وهذان المجريان إذا ابتدء‌ا من البطنين ونفذا في الدماغ نفسه توربا نحو الالتقاء
عند منفذ واحد عميق مبدأه الحجاب الرقيق ، وآخره وهو أسفله عند الحجاب الصلب
وهو مضيق كالقمع(2)يبتدئ من سعة ، مستديرة إلى مضيق ، ولذلك يسمى قمعا
ويسمى أيضا مستنقعا فإذا نفذ في الغشاء الصلب لاقى هناك مجرى في غدة كأنها
كرة مغمورة من جانبين متقابلين : من فوق ، وأسفل ، وهي بين الغشاء الصلب وبين


(1)كذا .
(2)القمع - بالفتح وبالكسر وكعنب - : آلة توضع على فم القارورة فتصب فيه
السوائل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه