بحار الأنوار ج20

قوله : " ليولن الادبار " أي ينهزمون أو يسلمونهم " ثم لا ينصرون " أي لو
كان لهم هذه القوة وفعلوا لم ينتفع أولئك بنصرتهم نزلت الآية قبل إخراج بني
النضير ، وأخرجوا بعد ذلك وقوتلوا فلم يخرج معهم منافق ولم ينصروهم كما أخبر الله
تعالى بذلك ، وقيل : أراد بقوله لاخوانهم بني النضير وبني قريظة . فأخرج بنو النضير
ولم يخرجوا معهم ، وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم " لانتم أشد رهبة " أي خوفا " في
صدورهم " أي في قلوب هؤلاء المنافقين " من الله " المعنى أن خوفهم منكم أشد من
خوفهم من الله " ذلك بأنهم قوم لا يفقهون " الحق ولا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه
لا يقاتلونكم جميعا " معاشر المؤمين " إلا في قرى محصنة " أي ممتنعة حصينة ، أي
لا يبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى " أو من وراء جدر " أي يرمونكم
من وراء الجدران بالنبل والحجر " بأسهم بينهم شديد " أي عدواة بعضهم لبعض
شديدة ، أي ليسوا بمتفقي القلوب ، أو قوتهم فيما بينهم شديدة ، فإذا لاقوكم جبنوا
وفزعوا(1)منكم بما قدف الله في قلوبهم من الرعب " تحسبهم جميعا " أي مجتمعين
في الظاهر " وقلوبهم شتى " أي مختلفه متفرقة خذلهم الله باختلاف كلمتهم ، وقيل :
إنه عنى بذلك قلوب المنافقين وأهل الكتاب " ذلك بأنهم قوم لا يعقلون " ما فيه
الرشد مما فيه الغي(2)" كمثل الذين من قبلهم قريبا " أي مثلهم في اغترارهم بعددهم
وقوتهم كمثل الذين من قبلهم يعني المشركين الذين قتلوا ببدر وذلك قبل غزاة
بني النضير بستة أشهر عن الزهري وغيره ، وقيل : يعني بني قينقاع عن ابن عباس ،
وذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله
أن يخرجوا ، فقال عبدالله بن أبي : لا تخرجوا فإني آتي النبي صلى الله عليه وآله فأكلمه
فيكم ، أو أدخل معكم الحصن ، فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبدالله بن أبي إليهم


(1)تفرقوا خ ل أقول : في المصدر : وتفرغوا .
(2)في المصدر زيادة لم يذكره المصنف اختصارا وهى : وانما كان قلوب من يعمل بخلاف
العقل شتى لاختلاف دواعيهم واهوائهم ، وداعى الحق واحد ، وهو العقل الذى يدعوا إلى طاعة
الله والاحسان في الفعل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه