بحار الأنوار ج57

" يخلقكم في بطون امهاتكم " بيان لكيفية خلق ما ذكر من الاناسي والانعام
إظهارا لما فيه من عجائب القدرة ، غيرأنه غلب اولي العقل أو خصهم بالخطاب لانهم
المقصودون " خلقا من بعد خلق " حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما ، من بعد
عظام عارية ، من بعد مضغ ، من بعد علق ، من بعد نطف " في ظلمات ثلاث " ظلمة "
البطن والرحم والمشيمة ، أو الصلب والرحم والبطن .
اقول : الاول رواه الطبرسي - رحمه الله - عن أبي جعفر عليه السلام(1).
" ثم لتبلغوا " أي ثم يبقيكم لتبلغوا ، وكذا قوله تعالى " ثم لتكونوا " . " من
قبل " أي من قبل الشيخوخة(2)أو بلوغ الاشد " ولتبلغوا " قيل : أي ويفعل ذلك
لتبلغوا " أجلا مسمى " هو وقت الموت أو يوم القيامة " ولعلكم تعقلون " ما في ذلك
من الحجج والعبر .
" يهب لمن يشاء إناثا " قال البيضاوي : المعنى يجعل أحوال العباد في الاولاد
مختلفة على مقتضى المشية ، فيهب لبعض إما صنفا واحدا من ذكر أو انثى أو الصنفين
جميعا ويعقم آخرين ، ولعل تقديم الاناث لانه(3)أكثر لتكثير النسل ، أو لان
مساق الاية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشية الله تعالىلا مشية الانسان
والاناث كذلك ، أو لان الكلام في البلاء والعرب تعد هن بلاء ، أو لتطييب قلوب
آبائهن ، وأو للمحافظة على الفواصل(4).
" هو أعلم بكم " أي أعلم بأحوالكم منكم " إذ أنشأكم " أي علم أحوالكم ومصارف
اموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم ، وحين ما صوركم في الارحام . " من
نطفة إذا تمنى " أي تدفق في الرحم أو تخلق أو يقدر منها الولد من مني إذا قدر .
" أفرأيتم ما تمنون " أي تقذفونه في الارحام من النطف " ء‌أنتم تخلقونه " أي تجعلونه


(1)مجمع البيان : ج 8 ، ص 491
(2)الشيخوخية(خ).
(3)في المصدر : لانها .
(4)انوار التنزيل ، ج 2 ، ص 401 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه