بحار الأنوار ج13

الملك وحمل الجارية وأبويها إلى بلاد إصطخر ، واجتمعت إليه الشيعة واستبشروا به ففرج
الله عنهم ما كانوا فيه من حيرة غيبته ، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بإذن
الله تعالى ذكره ، فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة ويأخذون عنه معالم دينهم ، ثم غيب
الله عزوجل آصف غيبة طال أمدها ، ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله ، ثم إنه ودعهم
فقالوا له : أين الملتقى ؟ قال : على الصراط ، وغاب عنهم ما شاء الله ، واشتدت البلوى على
بني إسرائيل بغيبته وتسلط عليهم بخت نصر فجعل يقتل من يظفر به منهم ويطلب من
يهرب ، ويسبي ذراريهم ، فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال ،
واصطفى من ولد هارون عزيرا ، وهم حينئذ صبية صغار ، فمكثوا في يده وبنو إسرائيل في
العذاب المهين ، والحجة دانيال أسير في يد بخت نصر تسعين سنة ، فلما عرف فضله وسمع
أن بني إسرائيل ينتظرون خروجه ويرجون الفرج في ظهوره وعلى يده أمر أن يجعل في
جب عظيم واسع ويجعل معه الاسد ليأكله ، فلم يقربه ، وأمر أن لا يطعم ، فكان الله تعالى
يأتيه بطعامه وشرابه على يد نبي من أنبياء بني إسرائيل ، فكان يصوم دانيال النهار ، ويفطر
الليل(1)على ما يدلى إليه من الطعام ، واشتدت البلوى على شيعته وقومه المنتظرين
لظهوره ، وشك أكثرهم في الدين لطول الامد ، فلما تناهى البلاء بدانيال وبقومه رأى
بخت نصر في المنام كأن ملائكة من السماء قد هبطت إلى الارض أفواجا إلى الجب الذي
فيه دانيال مسلمين عليه ، يبشرونه بالفرج ، فلما أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال ، فأمر
أن يخرج من الجب فلما اخرج اعتذر إليه مما ارتكب منه من التعذيب ، ثم فوض إليه
النظر في امور ممالكه والقضاء بين الناس ، فظهر من كان مستترا من بني إسرائيل ، ورفعوا
رؤوسهم ، واجتمعوا إلى دانيال عليه السلام موقنين بالفرج ، فلم يلبث إلا القليل على تلك الحال
حتى مضى لسبيله ، وأفضى الامر بعده إلى عزير ، وكانوا يجتمعون إليه ، ويأنسون به ،
ويأخذون عنه معالم دينهم ، فغيب الله عنهم شخصه مائة عام ، ثم بعثه وغابت الحجج بعده ،
واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتى ولد يحيى بن زكريا عليه السلام وترعرع وظهر وله
سبع سنين ، فقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكرهم بأيام الله ، وأخبرهم أن


(1)في المصدر : ويفطر بالليل .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه