بحار الأنوار ج56

لها من صنوف الآفات ، فهذا كلام ذكره محققوا الفلاسفة ، وإذا كان الامر كذلك
علمنا أن الذي وردت به الشريعة أمر معقول مقبول عند الكل ، فكيف يمكن
استنكاره من الشريعة ؟
فان قيل(1): ما الفائدة في اختصاص هؤلاء الملائكة مع بني آدم وتسليطهم عليهم ؟
قلنا : فيه وجوه :
الاول : أن الشياطين يدعون إلى الشرور والمعاصي ، وهؤلاء الملائكة يدعون
إلى الخيرات والطاعات .
الثانى : قال مجاهد : ما من عبد إلا ومعه ملك موكل يحفظه من الجن
والانس والهوام في نومه ويقظته .
الثالث : أنا نرى أن الانسان قد يقع في قلبه داع قوي من غير سبب ، ثم
يظهر بالآخرة أن وقوع تلك الداعية في قلبه كان سببا من أسباب مصلحته(2)و
خيراته ، وقد ينكشف أيصا بالاخرة أنه كان سببا لوقوعه في آفة أو معصية ومفسدة
فظهر أن الداعي إلى الامر الاول كان مريدا للخير والراحة ، وإلى الامر الثاني
كان مريدا للفساد والمحنة ، والاول هو الملك الهادي ، والثاني هو الشيطان المغوي .

الرابع : أن الانسان إذا علم أن الملائكة تحصي عليه أعماله كان إلى الحذر
من المعاصي أفرب ، لان من آمن يعتقد جلالة الملائكة وعلو مراتبهم ، فإذا حاول
الاقدام على معصية واعتقد أنهم يشاهدونها زجره الحياء منهم عن الاقدام عليها
كما يزجره إذا حضر(3)من يعظمه من البشر ، وإذا علم أن الملائكة(4)يكتبونها
كان الردع أكمل .


(1)في المصدر : ثم في اختصاص هؤلاء الملائكة وتسلطهم على بنى آدم فوائد كثيرة
سوى التى مرذكرها من قبل . الاول . .
(2)في المصدر : مصالحة .
(3)في المصدر : كما يزجره عنها اذا حضره . .
(4)< < < < : واذا علم ان الملائكة تحصى عليه الاعمال كان ذلك أيضا رادعا له
عنها ، وإذا علم أن الملائكة يكتبونها . .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه