بحار الأنوار ج47

وكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب إلى المأمون ، وينصرفون بانصرافه(1).
وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال : أتى إلى محمد بن جعفر فقيل له : إن
غلمان ذي الرياستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه ، فخرج متزرا ببردتين
ومعه هراوة وهو يرتجز ويقول :
(الموت خير لك من عيش بذل).
وتبعه الناس حتى ضرب غلمان ذي الرياستين ، وأخذ الحطب منهم ، فرفع
الخبر إلى المأمون فبعث إلى ذي الرياستين فقال له : ائت محمد بن جعفر فاعتذر
إليه وحكمه في غلمانك ، قال : فهخرج ذوالرياستين إلى محمد بن جعفر فقال له
موسى بن سلمة : كنت عند محمد بن جعفر جالسا حتى أتى فقيل له : هذا ذوالرياستين
فقال : لا يجلس إلا على الارض ، فتناول بساطا كان في البيت فرمي به هو ومن
معه ناحية ، ولم يبق في البيت إلا وسادة جلس عليها محمد بن جعفر ، فلما دخل
عليه ذوالرياستين وسع له محمد على الوسادة ، فأبى أن يجلس عليها ، وجلس على
الارض واعتذر إليه ، وحكمه في غلمانه ، وتوفي محمد بن جعفر في خراسان مع
المأمون ، فركب المأمون ليشهده ، فلقيهم وقد خرجوا به ، فلما نظر إلى السرير
نزل فترجل ، ومشى حتى دخل بين العمودين ، فلم يزل بينهما حتى وضع به
فتقدم فصلى عليه ، ثم حمله حتى بلغ به القبر ، ثم دخل قبره ولم يزل فيه حتى
بني عليه ، ثم خرج فقام على قبره حتى دفن ، فقال له عبيدالله بن الحسين ودعاله :
يا أميرالمؤمنين إنك قد تعبت فلور كبت ، فقال له المأمون : إن هذء رحم قطعت
من مأتي سنة .
وروي عن إسماعيل بن محمد بن جعفر أنه قال : قلت لاخي وهو إلى
جنبي والمأمون قائم على القبر : لو كلمناه في دين الشيخ ، ولا نجده أقرب منه في
وقته هذا ، فابتدأنا المأمون فقال : كم ترك أبوجعفر من الدين ؟ فقلت له : خمسة
وعشرون ألف دينار فقال : قد قضى الله عنه دينه ، إلى من وصى ؟ قلت : إلى ابن


(1)الارشاد ص 305 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه