بحار الأنوار ج42

إحداهما إلى الاخرى سعي المتحابين طالت غيبة أحدهما عن الآخر واشتد شوقه
وانضما ، فقال قوم من منافقي العسكر : إن عليا يضاهي في سحره رسول الله ابن
عمه ! ما ذاك رسول الله ولا هذا إمام ، وإنما هما ساحران ! لكنا سندور من خلفه
فننظر إلى عورته وما يخرج منه ، فأوصل الله عزو جل ذلك إلى اذن علي من قبلهم
فقال جهرا : يا قنبر إن المنافقين أرادوا مكايدة وصي رسول الله صلى الله عليه واله وظنوا أنه لا
يمتنع منهم إلا بالشجرتين ، فارجع إليهما - يعني الشجرتين - فقل لهما : إن وصي
رسول الله صلى الله عليه واله يأمر كما أن تعودا إلى مكانكما ، ففعل ما أمره به فانقلعتا وعدت(1)
كل واحدة تفارق الاخرى كهزيمة الجبان من الشجاع البطل ، ثم ذهب علي
عليه السلام ورفع ثوبه ليقعد ، وقد مضى من المنافقين جماعة لينظروا إليه ، فلما رفع
ثوبه أعمى الله تعالى أبصارهم فلم يبصروا شيئا ، فولوا عنه وجوههم فأبصروا كما كانوا
يبصرون ، فنظروا إلى جهته فعموا ، فما زالوا ينظرون إلى جهته ويعمون ويصرفون
عنه وجوههم ويبصرون إلى أن فرغ علي عليه السلام وقام ورجع ، وذلك ثمانون مرة
من كل واحدة . ثم ذهبوا ينظرون ما خرج عنه فاعتقلوا في مواضعهم فلم يقدروا
أن يروها ، فإذا انصرفوا أمكنهم الانصراف ، أصابهم ذلك مائة مرة حتى نودي فيهم
بالرحيل ، فرحلوا وما وصلوا إلى ما أرادوا من ذلك ، ولم يزدهم ذلك إلا عتوا
وطغيانا وتماريا في كفرهم وعنادهم .
فقال بعضهم لبعض : انظروا إلى هذا العجب من هذه آياته و معجزاته ويعجز(2)
عن معاوية وعمرو ويزيد ! فنظروا ، فأوصل الله عزوجل ذلك من قبلهم إلى اذنه
فقال علي عليه السلام : يا ملائكة(3)ايتوني بمعاوية وعمرو ويزيد ، فنظروا في الهواء
فإذا ملائكة كأنهم السودان قد علق كل واحد منهم بواحد ، فأنزلوهم إلى حضرته
فإذا أحدهم معاوية والآخر عمرو والآخر يزيد ، فقال علي عليه السلام : تعالوا فانظروا


(1)في المصدر : وعادت .
(2)" : يعجز .
(3)" : يا ملائكة ربى . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه