بحار الأنوار ج14

جليس للملك ، فأتاه وحمل إليه مالا كثيرا فقال : اشفني ولك ما ههنا ، فقال : إني لا
أشفي أحدا ، ولكن يشفي الله ، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك . قال : فآمن فدعا الله
له فشفاه ، فذهب فجلس إلى الملك فقال : يافلان من شفاك ؟ قال : ربي ، قال : أنا ؟ قال :
لا ربي وربك الله ، قال : أو أن لك ربا غيري ؟ قال : نعم ربي وربك الله ، فأخذه فلم
يزل به(1)حتى دله على الغلام ، فبعث إلى الغلام فقال : لقد بلغ من أمرك أن
تشفي الاكمه والابرص ؟ قال : ما أشفي أحدا ، ولكن ربي يشفي ، قال : أو أن لك ربا
غيري ؟ قال نعم ربي وربك الله ، فأخذه فلم يزل به حتى دله على الراهب فوضع المنشار
عليه فنشره حتى وقع شقين ،(2)وقال للغلام : ارجع عن دينك ، فأبى فأرسل معه نفرا
فقال : اصعدوا به جبل كذا وكذا ، فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه منه ،(3)قال :
فعلوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بم شئت ، قال : فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون
وجاء إلى الملك فقال : ماصنع أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله ، فأرسل به مرة أخرى ، قال :
انطلقوا به فلججوه(4)في البحر ، فإن رجع وإلا فغرقوه ، فانطلقوا به في قرقور(5)
فلما توسطوا به البحر قال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، قال فانكفأت(6)بهم السفينة ،
وجاء حتى قام بين يدي الملك ، فقال : ماصنع أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله ، ثم قال :
إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به : اجمع الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ
سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس ثم قل : باسم رب الغلام ، فإنك ستقتلني ، قال :
فجمع الناس وصلبه ، ثم أخذ سهما من كنانته فوضعه على كبد القوس وقال : باسم رب
الغلام ، ورمى فوقع السهم في صدغه ومات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل له :


(1)في المطبوع : وفي رواية " فلم يزل يعذبه " في الموضعين . قلت : هو الموجود
في صحيح مسلم .
(2)في نسخة وفي الصحيح : حتى وقع شقاه .
(3)أي فدحرجوه منه .
(4)لعل الصحيح : فلججوا في البحر من لجج القوم : ركبوا اللجة .
(5)القرقور بالضم : السفينة الطويلة .
(6)أي فانقلبت .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه