بحار الأنوار ج61

كفعل الطاووس ، ومنهم من يشبه الخنزير ، فانه لو القي إليه الطعام الطيب تركه وإذا أقام الرجل عن رجيعه ولغت(1)فيه ، وكذلك نجد من الآدميين من لوسمع
خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها ، فان أخطأت مرة واحدة حفظها ، ولم يجلس
مجلسا إلا رواه عنه .
ثم قال : فاعلم يا إخي أنك إنما تعاشر البهائم والسباع فبالغ في الاحتراز .
ثم قال : ذهب القائلون بالتناسخ إلى أن الارواح البشرية إن كانت سعيدة
مطيعة لله موصوفة بالمعارف الحقة وبالاخلاق الطاهرة فانها بعد موتها تنقل إلى
أبدان الملوك ، فربما قالوا : إنها تنقل إلى مخالطة عالم الملائكة ، وإن كانت شقية
جاهلة عاصية فانها تنقل إلى أبدان الحيوانات ، وكلما كانت تلك الارواح أكثر
شقاوة واستحقاقا للعذاب نقلت إلى بدن حيوان أخس وأكثر تعبا وشقاء واحتجوا
على صحة قولهم بهذه الآية فقالوا : صريح هذه الآية يدل على أنه لا دابة ولا طير
إلا وهي امم أمثالنا ، ولفظ المماثلة يقتضي حصول المساواة في جميع الصفات الذاتية
وأما الصفات العرضية المفارقة فالمساواة فيها غير معتبرة في حصول المماثلة .
ثم إن القائلين بهذا القول زادوا عليه وقالوا : قد ثبت بهذا أن أرواح جميع
الحيوانات عارفة بربها وعارفة بما تحصل لها من السعادة والشقاوة ، وأن الله تعالى
أرسل إلى كل جنس منهارسولا من جنسها .
واحتجوا عليه بأنه ثبت بهذه الآية أن الدواب والطيور امم ، ثم إنه
تعالى قال : " وإن من امة إلا خلافيها نذير "(2)وذلك تصريح بأن لكل طائفة
من هذه الحيوانات رسولا أرسله الله إليه ، ثم أكدوا ذلك بقصة الهدهد والنمل
وسائر القصص المذكورة في القرآن .
واعلم أن القول بالتناسخ قد أبطلناه بالدلائل الجيدة في علم الاصول ، وأما


(1)في المصدر : ولغ فيه .
(2)فاطر : 24 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه