بحار الأنوار ج71

وأما حق السائل فاعطاؤه إذا تهبأت صدقه ، وقدرت على سد حاجته والدعاء
له فيما نزل له ، والمعاونة له على طلبته ، وإن شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة له
لم تعزم على ذلك ، ولم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك
ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك . وتركته بستره ، ورددته ردا جميلا وإن غلبت
نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه ، فان ذلك من عزم الامور .
وأما حق المسؤول إن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له ، والمعرفة
لفضله ، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه إن منع ماله منع ، وأن
ليس التثريب في ماله وإن كان ظالما فان الانسان لظلوم كفار .
وأما حق من سرك الله به وعلى يديه ، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا
ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء ، وأرصدت
له المكافأة ، وإن لم يكن تعمدها حمدت الله وشكرته ، وعلمت أنه منه توحدك بها
وأحببت هذا إذا كان سببا من أسباب نعم الله عليك ، وترجو له بعد ذلك خيرا فان
أسباب النعم بركة حيث ماكانت وإن كان لم يتعمد ولا قوة إلا بالله .
وأما حق من ساء‌ك القضاء على يديه بقول أو فعل ، فان كان تعمدها كان العفو
أولى بك ، لما فيه له من القمع وحسن الادب ، مع كبير أمثاله من الخلق فان الله
يقول : ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل إلى قوله من عزم
الامور (1)وقال عزوجل : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وإن صبرتم
لهو خير للصابرين (2)هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه
فتكون . كافأته في تعمد على خطاء ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه ، ولا
قوة إلا بالله .
وأما حق أهل بيتك عامة فاضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرفق
بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك ، فان إحسانه
إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه ، وكفاك مؤنته ، وحبس عنك نفسه ، فعمهم


(1)الشورى : 40 .(2)النحل : 126 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه