بحار الأنوار ج75

يفعل كما يفعل الصبي .
فدعا الملك العلماء والمنجمين فقال : أخبروني خبرابني هذا فنظروا في شأنه
وأمره فأعياهم أمره ، فلم يكن عندهم فيه علم ، فلما رأى الملك أنه ليس عندهم
فيه علم دفعه إلى المرضعات فأخذن في إرضاعه إلا أن منجما منهم قال : إنه
سيكون إماما ، وجعل عليه حراسا لا يفارقونه حتى إذا شب انسل يوما من عند
مرضعيه والحرس فأتى السوق فإذا هو بجنازة فقال : ما هذا قالوا : إنسانا مات
قال : ما أماته ؟ قالوا : كبر وفنيت أيامه ودنى أجله فمات ، قال : وكان صحيحا حيا
يمشي ويأكل ويشرب ؟ قالوا : نعم ، ثم مضى فإذا هو برجل شيخ كبير فقام ينظر
إليه متعجبا منه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : رجل شيخ كبير قد فنى شبابه وكبر ،
قال : وكان صغيرا ثم شاب ؟ قالوا : نعم ، ثم مضى فإذا هو برجل مريض مستلقى
على ظهره ، فقام ينظر إليه ويتعجب منه ، فسألهم ما هذا ؟ قالوا : رجل مريض ،
فقال : أو كان هذا صحيحا ثم مرض ؟ قالوا : نعم قال : والله لئن كنتم صادقين فإن
الناس لمجنونون .
فافتقد الغلام عند ذلك فطلب فإذا هو بالسوق فأتوه فأخذوه وذهبوا به
فأدخلوه البيت ، فلما دخل البيت استلقى على قفاه ينظر إلى خشب سقف البيت و
يقول : كيف كان هذا ؟ قالوا : كانت شجرة ثم صارت خشبا ، ثم قطع ، ثم بني هذا
البيت ، ثم جعل هذا الخشب عليه ، فبينا هو في كلامه إذا رسل الملك إلى الموكلين
به : انظروا هل يتكلم أو يقول شيئا ؟ قالوا : نعم وقد وقع في كلام ما نظنه إلا
وسواسا ، فلما رأى الملك ذلك وسمع جميع ما لفظ به الغلام ، دعا العلماء فسألهم
فلم يجد فيه عندهم علما إلا الرجل الاول فأنكر قوله فقال بعضهم : أيها الملك
لو زوجته ذهب عنه الذي ترى ، وأقبل وعقل وأبصر فبعث الملك في الارض يطلب
ويلتمس له امرأة فوجدت له امرأة من أحسن الناس وأجملهم فزو جهامنه ، فلما أخذوا في
وليمة عرسه أخذ اللاعبون يلعبون والزمارون يزمرون ، فلما سمع الغلام جلبتهم(1)


(1)جلب القوم : ضجوا واختلطت اصواتهم . والجلاب والمجلب - بشد اللام - : المصوت .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه