والجنة ، أو على أنه لا يدخلها إلا بعد زمان طويل تقطع فيه تلك المسافة .
وعلى التقادير لعله محمول على ما إذا كان الاحتجاب للتبر والاستهانة
بالمؤمن وتحقيره ، وعدم الاعتناء بشأنه لانه معلوم أنه لابد للمرء من ساعات
في اليوم والليلة يشتغل فيها الانسان باصلاح امور نفسه ومعاشه ومعاده ، لاسيما
العلماء لاضطرارهم إلى المطالعة والتفكر في المسائل الدينية وجمعها وتأليفها
وتنقيحها وجمع الاخبار وشرحها وتصحيحها وغير ذلك من الامور التي لابد لهم
من الخوض فيها ، والاعتزال عن الناس والتخلي في مكان لايشغلهم عنها أحد ، والادلة
في مدح العزلة والمعاشرة متعارضة ، وقد يقال : المراد بالجنة جنة معينة يدخل
فيها من لم يحجب المؤمن .
4 كا : عن علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه
عن إسماعيل بن محمد ، عن محمد بن سنان قال : كنت عند الرضا عليه السلام فقال لي : يا محمد
إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم
مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم ، فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال :
أين مولاك ؟ فقال ليس هو في البيت ، فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه
فقال له : من كان الذي قرع الباب ؟ قال : كان فلان فقلت له : لست في المنزل فسكت
ولم يكترث ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب ، وأقبلوا في
حديثهم .
فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة
لبعضهم ، فسلم عليهم ، قال : أنا معكم ، فقالوا : نعم ، ولم يعتذروا إليه وكان الرجل
محتاجا ضعيف الحال ، فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه
مطر فبادروا فلما استوت الغمامة على رؤوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة : أيتها
النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله ، فاذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة
نفر ، وبقي الرجل مرعوبا يعجب بما نزل بالقوم ، ولا يدري ما السبب .
فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نون فأخبره الخبر وما رأى وما سمع