بحار الأنوار ج35

تذنيب : قال الطبرسي رحمه الله : اختلف في المراد(1)على وجوه : أحدها أن معناه
لما وصف ابن مريم شبيها في العذاب بالآلهة - أي فيما قالوه وعلى زعمهم - وذلك أنه لما
نزل قوله :(إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم(2))قال المشركون : قد رضينا
أن تكون آلهتنا حيث يكون عيسى ، وذلك قوله :(إذا قومك منه يصدون)أي يضجون
ضجيج المجادلة حيث خاصموك وهو قوله :(وقالواء‌آلهتنا خير أم هو)أي ليست آلهتنا
خيرا من عيسى ، فإن كان عيسى في النار بأنه يعبد من دون الله فكذلك آلهتنا . عن ابن
عباس ومقاتل .
وثانيها أن معناه : لما ضرب الله المسيح مثلا بآدم في قوله :(إن مثل عيسى عند
الله كمثل آدم خلقه من تراب(2))أي من قدر على أن ينشئ آدم من غير أب وام قادر
على إنشاء المسيح من غير أب ، اعترض على النبي صلى الله عليه وآله بذلك قوم من كفار قريش فنزلت
هذه الآية .
وثالثها أن معناه : أن النبي صلى الله عليه وآله لما مدح المسيح وامه وأنه كآدم في الخاصية
قالوا : إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى المسيح ، عن قتادة .
ورابعها ما رواه سادة أهل البيت عن علي عليه السلام ، ثم ذكر نحوا من الاخبار
السابقة(4).
أقول : لا يخفى أن ماروي في أخبار الخاصة والعامة بطرق متعددة أو ثق من
المحتملات الغير المستندة إلى خبر ، مع أن ما ذكرنا أشد انطباقا على مجموع الآية مما
ذكروه .
ثم اعلم أنها تدل على فضل جليل لا يشبه شيئا من الفضائل ، وتدل على أن
النبي صلى الله عليه وآله مع كثرة ما مدحه وصدع(5)بفضائله صلوات الله عليه أخفى كثيرا منها خوفا


(1)في المصدر : في المراد به .
(2)الانبياء : 98 .
(3)آل عمران : 59 .
(4)مجمع البيان : 9 : 52 و 53 .
(5)صدع الامر : كشفه وبينه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه