بحار الأنوار ج74

قال الله تعالى : الذين تتوفيهم الملئكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة
بما كنتم تعملون (1).
ويقول : الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم فأقلوا السلم ما كنا نعمل
من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها
فلبئس مثوى المتكبرين (2).
يا عباد الله إن الموت ليس منه فوت فاحذروه قبل وقوعه وأعدوا له عدته
فإنكم طرد الموت ، إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم
من ظلكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تطوي خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت
عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات وكفى بالموت واعظا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فقال : أكثروا ذكر الموت فإنه هاذم اللذات
حائل بينكم وبين الشهوات .
يا عبادالله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت ، القبر فاحذروا ضيقه
وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب
أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوام ، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من
حفر النيران ، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الارض : مرحبا وأهلا ، قد كنت ممن
أحب أن تمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فيتسع له مد
البصر . وإن الكافر إذا دفن قالت له الارض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، لقد كنت من أبغض
من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمه حتى تلتقي
أضلاعه ، وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر ، إنه يسلط
على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ، يترددن عليه
كذلك إلى يوم يبعث ، لو أن تنينا منها تنفخ في الارض لم تنبت زرعا أبدا .
اعملوايا عبادالله إن أنفسكم الضعيفة وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي


(1)النحل : 34 .
(2)النحل : 30 و 31 .
(3)الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه