بحار الأنوار ج22

يا من لا يخلف الميعاد اقبضني إلى رحمتك ، وأنزلني دار كرامتك ، فأنا أشهد
أن لا إله الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فلما كمل
شهادته قضى نحبه ، لقي ربه رضي الله تعالى عنه ، قال : فبينا نحن كذلك إذ أتى
رجل على بغلة شهباء متلثما فسلم علينا ، فرددنا السلام عليه ، فقال : يا أصبغ جدوا
في أمر سلمان ، فأخذنا(1)في أمره ، فأخذ معه حنوطا وكفنا ، فقال : هلموا فإن
عندي ما ينوب عنه ، فأتيناه بماء ومغسل ، فلم يزل يغسله بيده حتى فرغ ، وكفنه
وصلينا عليه ودفناه ولحده علي عليه السلام بيده ، فلما فرغ من دفنه وهم بالانصراف
تعلقت بثوبه وقلت له : يا أمير المؤمنين كيف كان مجيئك ؟ ومن أعلمك بموت سلمان ؟
قال : فالتفت عليه السلام إلي وقال : آخذ عليك يا أصبغ ، عهد الله وميثاقه أنك لا تحدث
به أحدا ما دمت حيا في دار الدنيا ، فقلت : يا أمير المؤمنين أموت قبلك ؟ فقال :
لا يا أصبغ ، بل يطوع عمرك ، قلت له : يا أمير المؤمنين خذ علي عهدا وميثاقا ، فإني
لك سامع مطيع ، إني لا احدث به حتى يقضي الله من أمرك ما يقضي ، وهو على
كل شئ قدير ، فقال لي : يا أصبغ بهذا عهدني رسول الله ، فإني قد صليت هذه
الساعة بالكوفة ، وقد خرجت اريد منزلي ، فلما وصلت إلى منزلي اضطجعت فأتاني
آت في منامي ، وقال : يا علي إن سلمان قد قضى نحبه ، فركبت بغلتي ، وأخذت
معي ما يصلح للموتى ، فجعلت أسير فقرب الله لي البعيد ، فجئت كما تراني ، وبهذا
أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إنه دفنه وواراه ، فلم أر صعد إلى السماء أم في الارض
نزل فأتى الكوفة والمنادي ينادي لصلاة المغرب ، فحضر عندهم علي عليه السلام ، وهذا
ما كان من حديث وفاة سلمان الفارسي رضي الله عنه(2).
بيان : العرنين بالكسر : الانف كله ، أو ما صلب من عظمه .
أقول : وجدت هذا الخبر في بعض مؤلفات أصحابنا ، وساقه نحوا مما مر إلى
قوله : وأوسع لحدي مد البصر ، ومضى عني ، وأنا يا سلمان لم أجد عند الله شيئا


(1)في نسخة من المصدر : واردنا ان نأخذ .
(2)الفضائل : 113 - 122 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه