بحار الأنوار ج90

مايجوز على غيرهم من الذنوب كلها ، والاول باطل ، لقوله : واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا (1)وقوله تعالى : ولقد راودته عن نفسه فاستعصم(2)
أي امتنع ، لان العصم هو المنع ، وقد غلط من أجرى الرسل والانبياء مجرى
العباد ، يقع منهم الافعال الذميمة من أربعة وجوه : من الحسد والحرص والشهوة
والغضب ، فجميع تصرفات الناس التي هي من قبل الاجساد لا يحدث إلا من أحد
هذه الوجوه الاربعة .
والانبياء والرسل والاوصياء عليهم السلام لا يقع منهم فعل من جهة الحسد لان
الحاسد إنما يحسد من هو فوقه ، وليس فوق الانبياء والرسل والاوصياء أحد
منزله أعلا من منازلهم فيحسدوه عليها ، ولايجوز أن يقع منهم فعل من جهة الحرص
في الدنيا على شئ من أحوالها لان الحرص مقرون به الامل ، وحال الامل منقطعة
عنهم لانهم يعرفون مواضعهم من كرامة الله عزوجل .
وأما الشهوة فجعلها الله تعالى فيهم لماأراده من بقائهم في الدنيا ، وانقطاع
الخلائق لهم ، وفاقتهم إليهم ، فلولا موضع الشهوة لما أكلوا ، فبطل قوة أجسامهم
عن تكليفاتهم ، ويبطل حال النكاح فلا يكون لهم نسل ولا ولد ، وما جرى مجرى
ذلك ، فالشهوة مركبة فيهم لذلك ، وهم معصومون مما يعرض لغيرهم من قبيح
الشهوات .
ويكون الاصطبار وترك الغضب فيهم ، فهم لا يغضبون إلا في طاعة الله تعالى قال
الله سبحانه : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة (3)فالفصل يقع
بين الانبياء والرسل والاوصياء من جهة الغضب ، ولا يكون غضبهم إلا لله تعالى
وفي الله سبحانه ، فهذا معنى عصمة الله تعالى الانبياء والرسل والاوصياء ، فهم صلوات
الله عليهم يجتمعون مع العباد في الشهوة والغضب على الاسماء ويباينونهم في المعنى .


(1)آل عمران : 103 .
(2)يوسف : 32 . * *(3)براء‌ة : 123 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه