بحار الأنوار ج63

كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته ، ومعنى الحديث أني إذا
أكلت لم أقعد متكئا فعل من يريد الاستكثار منه ، ولكن آكل بلغة ، فيكون قعودي
له مستوفزا ، ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين ، تأوله على مذهب الطب
فانه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنيئا ، وربما تأذي به ، ومنه
الحديث الآخر هذا الابيض المتكئ المرتفق ، يريد الجالس المتمكن في جلوسه .
وقال الفيروز آبادي : توكأ عليه تحمل واعتمد كأوكأ ، وقوله صلى الله عليه وآله : أما أنا
فلا آكل متكئا : أي جالسا جلوس المتمكن المتربع ونحوه من الهيآت المستدعية
لكثرة الاكل ، بل كان جلوسه للاكل مستوفزا مقعيا غير متربع ، وليس المراد الميل
على شق كما يظنه عوام الطلبة .
وقال في المصباح : اتكأ جلس متمكنا ، وفي التنزيل " وسررا عليها يتكئون "
أي يجلسون وقال : " وأعتدت لهن متكئا " أي مجلسا يجلس عليه ، قال ابن الاثير
والعامة لا تعرف الاتكاء إلا الميل في القعود معتمدا على أحد الشقين ، وهو يستعمل في
المعنيين جميعا ، يقال : اتكأ إذا أسند ظهره أو جنبه إلى شئ معتمدا عليه ، وكل من
اعتمد على شئ فقد اتكأ عليه وقال السرقسطى : أتكأته : أعطيته مايتكئ عليه :
أي يجلس عليه ، وضربته حتى أتكأته أي سقط على جانبه انتهى .
وقال البيضاوي : في قوله تعالى : " وأعتدت لهن متكئا " : ما يتكئن عليه من
الوسائد ، وقيل : طعاما أو مجلس طعام ، فانهم كانوا يتكئون للطعام والشراب تترفا ،
ولذلك نهى عنه .
وقال ابن حجر : اختلف في صفة الاتكاء فقيل : أن يتمكن في الجلوس للاكل
على أي صفة كان ، وقيل : أن يميل على أحد شقيه ، وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى
من الارض ، قال الخطابي : تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه ،
وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته ، قال : ومعنى قوله عليه السلام : إنى
لا آكل متكئا أني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الاكل فعل من يستكثر من الطعام ،
فاني لآكل إلا البلغة من الزاد ، فلذلك أقعد مستوفزا ، وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وآله

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه