بحار الأنوار ج41

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا حاجة لكم إلى ذلك ، ولوى عنق بغلته نحو القبلة و
أشار بهم إلى مكان يقرب من الدير فقال(1): اكشفوا الارض في هذا المكان ، فعدل
منهم جماعة إلى الموضع فكشفوه بالمساحي ، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع ، فقالوا :
يا أمير المؤمنين ههنا صخرة لاتعمل فيها المساحي ، فقال لهم : إن هذه الصخرة على
الماء ، فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء ، فاجتهدوا في قلعها فاجتمعوا القوم(2)و
راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا ، واستصعبت عليهم ، فلما رآهم عليه السلام
قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة واستصعبت عليهم ، لوى رجله عن سرجه
حتى صار على الارض ، ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة
فحركها ، ثم قلعها بيده ودحا بها(3)أذرعا كثيرة ، فلما زالت من مكانها ظهر لهم
بياض الماء ، فبادروا إليه فشربوا منه ، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده
وأصفاه ، فقال لهم : تزودوا وارتووا ، ففعلوا ذلك . ثم جاء إلى الصخرة فتناولها
بيده ووضعها حيث كانت ، فأمر أن يعفى أثرها بالتراب والراهب ينظر من فوق
ديره ، فلما استوفى علم ما حرى نادى : أيها الناس أنزلوني أنزلوني ، فاحتالوا في
إنزاله ، فوقف بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا هذا أنت نبي مرسل ؟ قال :
لا ، قال : فملك مقرب ؟ قال : لا ، قال : فمن أنت ؟ قال : أنا وصي رسول الله محمد
ابن عبدالله خاتم النبيين صلى الله عليه وآله قال : ابسط يدك اسلم لله تبارك وتعالى على يديك ،
فبسط أميرالمؤمنين عليه السلام يده وقال له : اشهد الشهادتين ، فقال : أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله
وأحق الناس بالامر من بعده ، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام عليه شرائط الاسلام ، ثم
قال له : ما الذي دعاك الآن إلى الاسلام بعد طول مقامك في هذا الدير(4)على


(1)في الارشاد : فقال لهم .
(2)في المصدرين : فاجتمع القوم .
(3)دحا الحجر بيده : رمى به .
(4)في(ك): في هذا الدين .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه