بحار الأنوار ج7

وعن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يؤتى برجل يوم القيامة إلى
الميزان ويؤتى له تسعة وتسعون سجل ، كل سجل منها مد البصر ، فيها خطاياه و
ذنوبه فتوضع في كفة الميزان ، ثم يخرج له قرطاس كالانملة فيها شهادة أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله فيوضع في الآخر فيرجح .
وعن الحسن : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم واضع رأسه في حجر عائشة قد اغفي
إذ سالت الدموع من عينها فقال : ما أصابك ؟ ما أبكاك ؟ قالت : ذكرت حشر الناس و
هل يذكر أحد أحدا ؟ فقال لها : يحشرون حفاة عراة ، وقرأ : " لكل امرئ منهم يومئذ
شأن يغنيه " لا يذكر فيها أحدا عند الصحف وعند وزن الحسنات والسيئات .
وعن عبيد بن عمير : يؤتى بالرجل العظيم الاكول الشروب فلا يكون له وزن بعوضة .

والقول الثاني وهو قول مجاهد والضحاك والاعمش أن المراد من الميزان العدل
والقضاء ، وكثير من المتأخرين ذهبوا إلى هذا القول ومالوا إليه . أما بيان أن حمل
لفظ الوزن على هذا المعنى جائز في اللغة فلان العدل في الاخذ والاعطاء لا يظهر
إلا بالكيل والوزن في الدنيا ، فلم يبعد جعل الوزن كناية عن العدل ، ومما يقوي
ذلك أن الرجل إذا لم يكن له قدر ولا قيمة عند غيره يقال : إن فلان لا يقيم لفلان وزنا
قال تعالى : " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " ويقال أيضا : فلان يستخف بفلان ، ويقال :
هذاالكلام في وزن هذا وفي وزانه أي يعادله ويساويه ، مع أنه ليس هناك وزن في
الحقيقة ، وقال الشاعر :
قد كنت قبل لقائكم ذا قوة * عندي لكل مخاصم ميزانه
أراد : عندي لكل مخاصم كلام يعادل كلامه ، فجعل الوزن مثلا للعدل ، إذا
ثبت هذا وجب أن يكون المراد من الآية هذا المعنى فقط ، والدليل عليه أن الميزان
إنما يراد ليتوصل به إلى معرفة مقدار الشئ ، ومقادير الثواب والعقاب لا يمكن
إظهارها بالميزان ، لان أعمال العباد أعراض وهي قد فنيت وعدمت ، ووزن
المعدوم محال ، وأيضا فبتقدير بقائها كان وزنها محالا ، وأما قوله : الموزون صحائف
الاعمال أو صور مخلوقة على حسب مقادير الاعمال فنقول : إن المكلف يوم القيامة إما

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه