بيان : الاقتحام : الهجوم والدخول مغالبة . والسدد جمع السدة وهي الباب المغلق
وفيه إشكال لدلالته على أن الراسخين في العلم في الآية غير معطوف على المستثنى ، كما
دلت عليه الاخبار الكثيرة ، وسيأتي القول في كتاب الامامة ،(1)إلا أن يقال : إن
هذا إلزام على من يفسر الآية كذلك ، أو يقال : بالجمع بين التفسيرين على وجهين مختلفين ،
وسيأتي تمام القول في ذلك محله إن شاء الله تعالى .
2 - ج : روي عن هشام أنه سأل الزنديق عن الصادق عليه السلام : أن الله تعالى ما هو ؟
فقال عليه السلام : هو شئ بخلاف الاشياء ،(2)أرجع بقولي : شئ إلى أنه شئ بحقيقة الشيئية
غير أنه لا جسم ولا صورة ، ولا يحس ولا يجس ،(3)ولا يدرك بالحواس الخمس ، لا تدركه
الاوهام ، ولا تنقصه الدهور ، ولا تغيره الازمان . الخبر .
بيان : أعلم أن الشئ مساو للموجود إذا اخذالوجود أعم من الذهني والخارجي ،
والمخلوط بالوجود من حيث الخلط شئ ، وشيئيته كونه ماهية قابلة له ، وقيل : إن الوجود
عين الشيئية . فإذا عرفت هذا فالمراد بقوله : بحقيقة الشيئية أي بالشيئية الحقة الثابتة
له في حد ذاته لانه تعالى هو الذي يحق أن يقال له : شئ أو موجود ، لكون وجوده
بذاته ممتنع الانفكاك عنه ، وغيره تعالى في معرض العدم والفناء ، وليس وجودهم إلا من
غيرهم ، أو المراد أنه يجب معرفته بمحض أنه شئ ، لا أن يثبت له حقيقة معلومة مفهومة
يتصدى لمعرفتها فإنه يمتنع معرفة كنه ذاته وصفاته ، وقيل : إنه إشارة إلى أن الوجود
عين ذاته تعالى .
(1)قدبينا في تفسير " الميزان " انه هو المتيقين في الاية ، وتكلمنا في الاخبار الكثيرة التى يشير
إليها . ط
(2)أى هو موجود يخالف سائر الموجودات ، فإن سائر الموجودات لها وجود وماهية زائدة على
وجودها ، ولكن الله تعالى حقيقته صرف الوجود ، وعين الوجود ، وله حقيقة الشيئية وهى الوجود . ثم بين
عليه السلام وجه اختلافه تعالى مع سائر الاشياء بقوله : غير أنه لا جسم الخ . ولعله عليه السلام أشار بقوله :
هو شئ بخلاف الاشياء إلى أنه لا يعرف أحد حقيقة ذاته وصفاته ، وإنما يعرف بمفهوم سلبى وهوأنه
موجود مغاير لخلقه في الذات والصفات ، مثل الامكان والحدوث والجسمية وغيرها .
(3)بالجيم إما من جسة بيده أي مسه بيده ليتعرفه ، أو بعينه أى أحد النظر إليه ليتبينه ، وإما من
جس الاخبار والامور أى بحث وتفحص عنها .