وإنما زوجه النبي صلى الله عليه وآله على ظاهر الاسلام ، ثم إنه تغير بعد ذلك ولم يكن على
النبي صلى الله عليه وآله تبعة فيما يحدث في العاقبة ، هذا على قول بعض أصحابنا وعلى قول فريق
آخر : إنه زوجه على الظاهر ، وكان باطنه مستورا عنه ويمكن(1)أن يستر الله عن
نبيه صلى الله عليه وآله نفاق كثير من المنافقين ، وقد قال الله سبحانه : " ومن أهل المدينة مردوا
على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم(2)" فلا ينكر أن يكون في أهل مكة كذلك ،
والنكاح على الظاهر دون الباطن ، وأيضا يمكن أن يكون الله تعالى قد أباحه مناكحة
من يظاهر الاسلام(3)وإن علم من باطنه النفاق ، وخصه بذلك ، ورخص له فيه
كما خصه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح ، وأباحه أن ينكح بغير
مهر ، ولم يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا الصلاة(4)بعد قيامه من النوم بغير وضوء
وأشباه ذلك مما خص به وحظر على غيره من عامة الناس ، فهذه أجوبة ثلاثة عن
تزويج النبي صلى الله عليه وآله عثمان ، وكل واحد منها كاف بنفسه ، مستغن عما سواه ، والله
الموفق للصواب . انتهى كلامه ، طوبى له وحسن مآب(5).
وقال السيد المرتضى رحمه الله في الشافي : فإن قيل : إذا كان جحد النص
كفرا عندكم وكان الكافر على مذاهبكم لا يجوز أن يتقدم منه إيمان ولا إسلام .
والنبي صلى الله عليه وآله عالم بكل ذلك ، فكيف يجوز أن ينكح ابنته من يعرف من باطنه
خلاف الايمان ؟
قلنا : ليس كل من قال بالنص على أمير المؤمنين عليه السلام يكفر دافعيه ، ولا
كل من كفر دافعيه يقول بالموافاة ، وإن الموافي بالكفر لا يجوز أن يتقدم منه
إيمان ، ومن قال بالامرين لا يمتنع أن يجوز كون النبي صلى الله عليه وآله غير عالم بحال
دافعي النص على سبيل التفصيل ، فإذا علم ذلك علم ما يوجب تكفيرهم ، ومتى لم
يعلم جوز أن يتوبوا كما يجوز أن يموتوا على حالهم ، وذلك يمنع من القطع في
(1)في المصدر : وليس بمكنر .(2)سورة التوبة : 101 .
(3)في المصدر : من ظاهره الاسلام .(4)في المصدر : ولا في الصلاة .
(5)المسائل السروية : 62 - 64 .