بحار الأنوار ج38

حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك
منكم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله(1))ذكر المؤمنين ثم المهاجرين
ثم المجاهدين ، وفضل عليهم كلهم فقال :(واولو الارحام بعضهم أولى ببعض)فعلي
عليه السلام سبقهم بالايمان ثم بالهجرة إلى الشعب ثم بالجهاد ، ثم سبقهم بعد هذه الثلاثة
الرتب بكونه من ذوي الارحام .
فأما أبوبكر فقد هاجر إلى المدينة إلا أن لعلي مزايا فيها عليه ، وذلك أن
النبي صلى الله عليه وآله أخرجه مع نفسه أو خرج هو لعلة وترك عليا للمبيت باذلا مهجته ، فيذل النفس
أعظم من الاتقاء على النفس في الهرب إلى الغار ، وقد روى أبوالمفضل الشيباني(2)
بإسناده عن مجاهد قال : فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله في الغار ، فقال عبدالله
بن شداد بن الهاد : فأين أنت مع علي بن أبي طالب حيث نام في مكانه وهو يرى أنه يقتل
فسكتت ولم تحر جوابا ، وشتان بين قوله :(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات
الله(3))وبين قوله :(لا تحزن إن الله معنا(4))وكان النبي صلى الله عليه وآله معه يقوي قلبه ولم
يكن مع علي ، وهو لم يصبه وجع وعلي يرمى بالحجارة ، وهو مختف في الغار وعلي ظاهر
للكفار ، واستخلفه الرسول لرد الودائع لانه كان أمينا ، فلما أداها قام على الكعبة فنادى
بصوت رفيع يا أيها الناس هل من صاحب أمانة ؟ هل من صاحب وصية هل من صاحب عدة له
قبل رسول الله فلما لم يأت أحد لحق بالنبي صلى الله عليه وآله وكان ذلك(5)دلالة على خلافته وأمانته
وشجاعته .
وحمل نساء الرسول خلفه بعد ثلاثة أيام ، وفيهن عائشة ، فله المنة على أبي بكر
بحفظ ولده ، ولعلي عليه السلام المنة عليه في هجرته ، وعلي ذو الهجرتين والشجاع البائت بين


(1)سورة الانفال : 74 و 75 .
(2)هو محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن المطلب ، وترجمته مذكور في
كتب التراجم .
(3)سورة البقرة : 207 .
(4)سورة التوبة : 40 .
(5)في المصدر : وكان في ذلك .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه