بحار الأنوار ج62

والامر في(كلوا)للاباحة ولما كان في المأكول ما يحرم وما يحل بين ما يجب أن يكون
عليه من الصفة فقال :(حلالا)وقيل : الامر للوجوب نظرا إلى مراعاة القيد(طيبا)
قيل : هو الحلال أيضا ، جمع بينهما لاختلاف اللفظين تأكيدا ، وقيل : ما تستطيبونه
وتلذونه في العاجل والآجل وفي الكشاف والجوامع : طاهرا من كل شبهة ، قيل :
ولا يبعد على تقدير مفعولية(حلالا)وحاليته أن يراد بالحلال ما خلا من جهة الحظر
بحسب ذاته وأحواله الغالبة والطيب ما خلا من جهة الحظر من كل وجه(1).
وأقول : على تقدير حالية الطيب وحمل الامر على الرجحان الاظهر أن
يكون الحلال للاحتراز عن الحرام والطيب للاحتراز عن الشبهات ثم قوله :(حلالا)
إما مفعول(كلوا)و(من)حينئذا بتدائية أو بيانية وظاهر الكشاف أنها تبعيضية ، ومنع
منه التفتاراني لان من التبعضية في موقع المفعول أي كلوا بعض ما في الارض .
قال : فان قيل : لم لا يجوز أن يكون حالا من حلالا ؟ قلنا : لان كون(من)
التبعيضية ظرفا مستقرا وكون اللغو حالا مما لا تقول به النحاة ، وقيل : فيه نظر
لان كون(من)التبعيضية في موضع المفعول ليس معناه أنه مفعول به من حيث
الاعراب مغن عن المفعول به . بل إنما يتحد مع المفعول به انتهى .
أو حال من المفعول وهو(مما في الارض)فيكون المراد بما في الارض الماكولات
المحللة ، أو صفة مصدر محذوف أي كلوا أكلا حلالا و(من)للتبعيض او ابتدائية
أما كونه مفعولا له أو تميزا كما زعم بعضهم فغير واضح(وطيبا)مثل(حلالا)أو صفته .
أقول : هذا ما ذكره القوم والاظهر عندي أن(حلالا وطيبا)للتأكيد لا للتقييد
سواء جعلا حالين مؤكدتين أو غيره ، لان التقييد مع حمل الامر على الاباحة كما ذكره
الاكثر يجعل الكلام خاليا عن الفائدة إذ حاصله حينئذ : احل لكم ما احل لكم
إذ يجوز لكم الانتفاع بما احل لكم .
فان قيل : كيف يستقيم هذا مع أنه معلوم أن ما في الارض مشتمل على


(1)تفسير الكشاف .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه