بحار الأنوار ج64

وقال بعضهم : الصالحات معلولات للايمان وثمرات له ، فيستدل بوجوده
في قلب العبد على ملازمته للصالحات استدلالا بالعلة على المعلول وبصدورها عن
العبد على وجوده في القلب استدلالا بالمعلول على العلة .
وعلى هذا الوجه يكون الايمان في الموضعين بالمعنى اللغوي ، وحينئذ يمكن
أن يكون المعنى : يستدل بالايمان على الصالحات ، أو يكون الايمان دليلا
للانسان نفسه ، وقائدا يؤديه إلى فعل الصالحات ، وبأعماله الصالحة يعلم غيره
أنه من المؤمنين ، فالاستدلال في الموضعين ليس بمعنى واحد .
ويمكن أن يراد بالثاني أن مشاهدة الاعمال الصالحة يؤدي من يشاهدها
إلى الايمان .
ويحتمل أن يكون المراد أن الايمان يهدي إلى صالح الاعمال ، والاعمال
الصالحة تورث كمال الايمان ، أو الايمان يقود الانسان إلى الاعمال الصالحة
والاعمال الصالحة الناشية من حسن السريرة وخلوص النية ، تورث توفيق الكافر
للايمان .
أو يستدل بايمان الرجل اذا علم ، على حسن عمله ، وبقدر أعماله على قدر
إيمانه وكماله ، أو يستدل بكل منهما إذا علم على الآخر ، وهذا قريب من الثاني
والغرض بيان شدة الارتباط والتلازم بينهما .
" وبالايمان يعمر العلم " : فان العلم الخالي من الايمان كالخراب لا ينتفع
به وقيل : لان حسن العمل من أجزاء الايمان ، والعلم بلا عمل كالخراب لا
فائدة فيه .
" وبالعلم يرهب الموت " : أي يخشى عقاب الله بعد الموت كما قال الله تعالى
" إنما يخشى الله من عباده العلماء "(1)" وبالموت تختم الدنيا " : والموت لا
مهرب منه ، فلا بد من القطع بانقطاع الدنيا ، ولا ينبغي للعاقل أن تكون همته
مقصورة عليها .


(1)فاطر : 28 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه