بحار الأنوار ج13

فخرج إليهم الناس فعجزوا عن دفنهم ، فحظروا عليهم حظيرة(1)دون السباع ، وتركوهم
فيها ، قالوا : وأتى على ذلك مدة حتى بليت أجسادهم ، وعريت عظامهم ، وقطعت(2)
أوصالهم ، فمر عليهم حزقيل فجعل يتفكر فيهم متعجبا منهم ، فأوحى الله إليه : يا
حزقيل تريد أن اريك آية ؟ واريك كيف احيي الموتى ؟ قال : نعم ، فأحياهم الله عزوجل ،
وقيل : إنهم كانوا قوم حزقيل فأحياهم الله بعد ثمانية أيام ، وذلك أنه لما أصابهم ذلك
خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى فبكى ، ثم قال : يا رب كنت في قوم يحمدونك
ويسبحونك ويقدسونك ، فبقيت وحيدا لا قوم لي ، فأوحى الله تعالى إليه : قد جعلنا
حياتهم إليك . فقال حزقيل : احيوا بإذن الله ، فعاشوا .(3)
6 - كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد وغيره
عن بعضهم عن أبي عبدالله وبعضهم عن أبي جعفر عليهما السلام في قول الله عزوجل : " ألم تر إلى
الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " فقال :
إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام ، وكانوا سبعين ألف بيت ، وكان الطاعون يقع فيهم
في كل أوان ، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الاغنياء لقوتهم ، وبقي فيها الفقراء
لضعفهم ، فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا :
لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت ، ويقول الذين أقاموا : لو كنا خرجنا لقل فينا الموت ،
قال : فاجتمع رأيهم جميعا على أنه إذا وقع الطاعون وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة ،
قلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فصاروا في البلاد(4)
ما شاء الله ، ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها ،
فلما حطوا رحالهم واطمأنوا قال لهم الله عزوجل : موتوا جميعا ، فماتوا من ساعتهم وصاروا
رميما يلوح ، وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع ، فمر


(1)أى فبنوا عليهم حظيرة ، وهى الموضع الذى يحاط عليه لتأوى اليه الماشية فيقيها البرد
والريح والسباع .
(2)في نسخة : انقطعت . وفى المصدر : تقطعت .
(3)مجمع البيان 2 : 346 : 347 .
(4)في المصدر : فساروا في البلاد .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه