بحار الأنوار ج33

يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين الناكثين والقاسطين ثم يقتلك
الفئة الباغية .
قلت : يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك ؟ قال : نعم على
رضا الله ورضاي ويكون آخر زادك شربة من لبن تشربه .
فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أميرالمؤمنين عليه السلام
فقال له يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال ؟ قال : مهلا رحمك الله فلما كان
بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله فأعاده ثالثا فبكى أميرالمؤمنين عليه
السلام فنظر إليه عمار فقال : يا أميرالمؤمنين إنه اليوم الذي وصف لي رسول
الله صلى الله عليه وآله فنزل أميرالمؤمنين صلوات الله عليه عن بغلته وعانق
عمارا وودعه ثم قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن الله وعن نبيك خيرا فنعم
الاخ كنت ونعم الصاحب كنت ثم بكا عليه السلام وبكا عمار ثم قال : والله يا
أميرالمؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يقول يوم حنين : يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع
عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين .
فجزاك الله يا أميرالمؤمنين عن الاسلام أفضل الجزاء فلقد أديت وبلغت
ونصحت ثم ركب وركب أميرالمؤمنين عليه السلام ثم برز إلى القتال .
ثم دعا بشربة من ماء فقيل : مامعنا ماء فقام إليه رجل من الانصار فأسقاه
شربة من لبن فشربه ثم قال : هكذا عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن .
ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا فخرج إليه رجلان من أهل
الشام فطعنا فقتل رحمه الله .
فلما كان الليل طاف أميرالمؤمنين في القتلى فوجد عمارا ملقى فجعل
رأسه على فخذه ثم بكا عليه السلام وأنشأ يقول :
أيا موت كم هذا التفرق عنوة * فلست تبقى لي خليل خليل
أراك بصيرا بالذين أحبهم * كأنك تمضي نحوهم بدليل

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه