أو خبر كان ، و " لكم " لغو ، أو حال من المستكن في حسنة ، أوصلة لها ، لا لاسوة
لانها وصفت " إذا قالوا لقومهم " ظرف لخبر كان " إنا برآه منكم " جمع برئ
كظريف وظرفاء " ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم " أي بدينكم أو بمعبودكم
أو بكم وبه ، فلا نعتد بشأنكم وآلهتكم " وبدا بيننا " إلى قوله : " وحده " فتنقلب
العداوة والبغضاء ألفة ومحبة " إلا قول إبراهيم لابيه لاسغفرون لك " استثناء من
قوله : " أسوة حسنة " .
" ربنا عليك توكلنا " متصل بما قبل الاستثناء ، أوأمر من الله للمؤمنين بأن
يقولوه(1)" فتنة للذين كفروا " بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله " لقد
كان لكم " تكرير لمزيد الحث على التأسي بابراهيم ، ولذلك صدر بالقسم ، وأبدل
قوله " لمن كان يرجو الله " من " لكم " فإنه يدل على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك
التأسي بهم ، وأن تركه مؤذن بسوء العقيدة ، ولذلك عقبه بقوله : " ومن يتول
فإن الله هو الغني الحميد " فإنه جدير بأن يوعد به الكفرة(2).
قوله تعالى : " وبين الذين عاديتهم منهم " قال الطبرسي : أي من كفار مكة
" مودة " بالاسلام ، قال مقاتل : لما أمر الله سبحانه المؤمنين بعداوة الكفار عادوا
أقرباءهم فنزلت والمعنى أن موالاة الكفار لا تنفع ، والله سبحانه قادر على أن يوفقهم
للايمان ، ويحصل المودة بينكم وبينهم ، وقد فعل ذلك حين أسلموا عام الفتح(3)
" والله قدير " على نقل القلوب من العداوة إلى المودة " والله غفور " لذنوب عباده
" رحيم " بهم إذا تابوا وأسلموا " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم " أي ليس
ينهاكم عن مخالطة أهل العهد الذين عاهدوكم على ترك القتال وبرهم ومعاملتهم
بالعدل ، وهو قوله : " أن تبر وهم وتقسطوا إليهم " أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم
من الوفاء بالعهد ، وقيل : إن المسلمين استأمروا النبي صلى الله عليه واله في أن يبروا أقرباء هم
(1)زاد في المصدر : تتميما لما وصاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفار " ربنا لا تجعلنا " .
(2)انوار التنزيل 2 : 514 و 515 . واختصره المصنف
(3)في المصدر : وتحصيل المودة بينكم وبينهم فكونوا على رجاء وطمع من الله ان يفعل
ذلك وقد فعل ذلك حين اسملوا عام الفتح فحصلت المودة بينهم وبين المسلمين .