بحار الأنوار ج19

بعيدا ، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ، والذي صدق قوله ونجز(1)وعده
لا خلف لذلك فإنه يقول : " ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد(2)" فاتقوا
الله في عاجل أمره(3)وآجله ، في السر والعلانية ، فإنه من يتق الله يكفر عنه
سيئاته ، ويعظم له أجرا ، ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما ، وإن تقوى الله توقي
مقته وتوقي عقوبته وتوقي سخطه(4)، وإن تقوى الله تبيض الوجوه ، وترضي الرب ،
وترفع الدرجة ، خذوا بحظكم ، ولا تفرطوا في جنب الله ، فقد علمكم الله كتابه ، ونهج
لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين ، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم ، و
عادوا أعداء‌ه ، وجاهدوا في الله(5)حق جهاده ، وهو اجتباكم وسماكم المسلمين
ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة ، ولا جول(6)ولا قوة إلا
بالله ، فأكثروا ذكر الله ،(7)واعملوا لما بعد الموت فإنه من يصلح ما بينه وبين الله
يكفه الله ما يبنه وبين الناس ، ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه ، و
يملك من الناس ولا يملكون منه ، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم(8)" .
فلهذا صارت الخطبة شرطا في انعقاد الجمعة(9)انتهى .


(1)نجز ونجز الحاجة : قضاها . نجز بالوعد : عجله . وفى تاريخ الطبرى : انجز .
(2)ق : 29 .
(3)في المصدر وفى تاريخ الطبرى : أمركم .
(4)في تاريخ الطبرى : تقوى في المواضع . وكذا الافعال الاتية بعد كلها بالتذكير .
(5)في المصدر : في سبيل الله .
(6)خلا التارخ عن قوله : ولا حول .
(7)في نسخة بعد ذلك : واعلموا انه خير من الدنيا وما فيها .
(8)في المصدر . الله أكبر ولا قوة إلا بالله العلى العظيم . ومثله تاريخ الطبرى الا انه خلا
عن كلمة : العلى .
(9)مجمع البيان 10 : 286 و 287 . أقول : ذكر ابن هشام والمقريزى أول خطبته صلى الله
عليه وسلم في السيرة وامتاع الاسماع والمذكور فيهما يخالف ذلك ، وهى هكذا قالا : وكانت أول - - >

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه