بحار الأنوار ج7

من شدة رفع الرأس ، وذلك من هول يوم القيامة . وقال مورخ :(1)معناه : ناكسي
رؤوسهم بلغة قريش . ، " لا يرتد إليهم طرفهم " أي لا ترجع إليهم أعينهم ولا يطبقونها ولا
يغمضونها ، وإنما هو نظر دائم " وأفئدتهم هواء "(2)أي قلوبهم خالية من كل شئ فزعا
وخوفا . ، وقيل : خالية من كل سرور وطمع في الخير لشدة ما يرون من الاهوال
كالهواء الذي بين السماء والارض . ، وقيل : زائلة عن مواضعها ، قد ارتفعت إلى حلوقهم
لا تخرج ولا تعود إلى أماكنها ، بمنزلة الشئ الذاهب في جهات مختلفة ، المتردد في
الهواء . ، وقيل : خالية عن عقولهم " وأنذر الناس " أي دم على إنذارك " يوم يأتيهم العذاب "
وهو يوم القيامة أو عذاب الاستيصال في الدنيا . ، وقيل : هو يوم المعاينة عند الموت ، و
الاول أظهر . " فيقول الذين ظلموا أنفسهم " بارتكاب المعاصي " ربنا أخرنا إلى أجل
قريب نجب دعوتك " أي ردنا إلى الدنيا واجعل ذلك مدة قريبة نجب دعوتك فيها
" ونتبع الرسل " أي نتبع رسلك فيما يدعوننا إليه فيقول الله مخاطبا لهم : أو تقول
الملائكة بأمره : " أو لم تكونوا أقسمتم " أي حلفتم من قبل في الدنيا ؟ " مالكم من
زوال " أي ليس لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة ، أو من الراحة إلى العذاب . ، وفي


(1)كذا في نسخة المصنف ، والصحيح : " مورج " وهو مورج بن عمرو أبوفيد السدوسى صاحب
العربية ، من أصحاب الخليل بن أحمد ، كان بخراسان وقدم بغداد مع المأمون ، له كتاب في غريب
القرآن ، قال الفيروز آبادى في وجه تسميته بذلك : لتأريجه الحرب بين بكر وتغلب . قلت : ترجمه
الخطيب في تاريخ بغداد . " ج 13 ص 258 " .
(2)في المجازات ص 98 : هذه استعارة ، والمراد بها صفة قلوبهم بالخلو من عزائم الصبر
والجلد ، لعظيم الاشفاق والوجل ، ومن عادة العرب أن يسموا الجبان يراعة جوفاء ، أي ليس بين
جوانحه قلب ، وعلى ذلك قول جرير يهجو قوما ويصفهم بالجبن : قل لخفيف القصبات الجوفان *
جيئوا بمثل عامر والعلهان . وإنما وصف الجبان بأنه لاقلب له لان القلب محل الشجاعة ، وإذا
نفى المحل فأولى أن ينتفى الحال فيه ، وهذا على المبالغة في صفة الجبن ، ويسمون الشئ إذا
كان خاليا : هواء ، أي ليس فيه ما يشغله إلا الهواء ، وعلى هذا قول الله سبحانه : " وأصبح فؤاد ام
موسى فارغا " أى خاليا من التجلد وعاطلا من التصبر : وقيل أيضا في ذلك أن أفئدتهم منحرفة
لا تعى شيئا للرعب الذى دخلها والهول الذى استولى عليها فهى كالهواء الرقيق في الانحراف
وبطلان الضبط والامتساك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه