بحار الأنوار ج79

الملك ، والبرزخ الحاجز بين الشيئين ، وما بين الدنيا والاخرة من وقت الموت إلى
البعث ، فالمراد هنا القبر لانه حاجز بين الميت والدنيا ، ويحتمل الثاني أي بطون
القبور الواقعة في البرزخ ، وفي بعض النسخ وفي بطون القبور ، والفجوة هي الفرجة
المتسعة بين الشيئين .
(جمادا لا ينمون)من النمو ويروى بتشديد الميم من النميمة وهي الهمس
والحركة ، وقال في النهاية : المال الضمار : الغائب الذي لا يرجى ، وإذا رجي فليس
بضمار من أضمرت الشئ إذا غيبته ، فعال بمعنى فاعل ومفعل .
(ولا يحزنهم تنكر الاحوال)أي الاحوال الحادثة في الدنيا وأسباب الحزن
لاهلها ، أو اندراس أجزاء أبدانهم وتشتتها ، ولا ينافي عذاب القبر(ولا يحفلون)
أي لا يبالون(بالرواجف)أي الزلازل(ولا يأذنون للقواصف)أي لا يسمعون
الاصوات الشديدة يقال : رعد قاصف ، أي شديد الصوت .
(غيبا لا ينتظرون)على بناء المجهول أي لا ينتظر الناس حضورهم ، أو المعلوم
أي لا يطمع الموتى في حضور الناس عندهم ،(وشهودا لا يحضرون)إذ أبدانهم
شاهدة وأرواحهم غائبة ،(وما عن طول عهدهم)أي ليس عدم علمنا بأخبارهم وعدم
سماعهم للاصوات ، أو عدم سماعنا صوتا منهم في قبورهم ، لطول عهد بيننا وبينهم
كالمسافر الذي يغيب عنا خبره ولا نسمع صوته ، أولا يسمع صوتنا ، فانهم حال موتهم
بلاتراخي زمان كذلك بل لانهم سقوا كأس الموت فصار نطقهم مبدلا بالخرس ، و
سمعهم بالصمم ، ونسبة الصمم إلى ديارهم التي هى القبور تجوز .
وقوله عليه السلام :(وبالسمع صمما)يدل على أن المراد بقوله(صمت ديارهم)
عدم سماعهم صوتنا ، لاعدم سماعنا صوتهم .
قوله عليه السلام :(في ارتجال الصفة)قال الجوهرى : ارتجال الخطبة والشعر
ابتداؤه من غير تهيئة قبل ذلك انتهى ، أي ولو وصفهم واصف بلا تهيئة وتأمل بل
بحسب ما يبدوله في بادي الرأي لقال : هم سقطوا على الارض لسبات والسبات نوم
للمريض والشيخ المسن ، وهو النوسة الخفيفة ، وأصله من السبت ، وهو القطع

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه