من التحكيم وكان موافقته عليه السلام لهم خوفا منهم على أن يقتلوه فجهل
الاشعث أو تجاهل أن المصلحة قد تترك لامر أعظم منها فاعترضه .
قوله عليه السلام :(حائك بن حائك)قيل : كان الاشعث وأبوه
ينسجان برود اليمن .
وقيل إنه كان من أكابر كندة وأبناء ملوكها وإنما عبر عنه عليه السلام
بذلك لانه كان إذا مشى يحرك منكبيه ويفحج بين رجليه وهذه المشية تعرف
بالحياكة وعلى هذا فلعل الاقرب أنه كناية عن نقصان عقله .
وذكر ابن أبي الحديد(1): أن أهل اليمن يعيرون بالحياكة وليس هذا مما
يخص الاشعث .
وأما التعبير بالحياكة فقيل : إنه لنقصان عقولهم . وقيل : لانه مظنة الخيانة
والكذب .
ويمكن أن يكون المراد بالحياكة نسج الكلام فيكون كناية عن كونه كذابا .
كما روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه ذكر عنده عليه السلام أن الحائك
ملعون فقال : إنما ذاك الذي يحوك الكذب على الله وعلى رسوله .
قوله عليه السلام :(أسرك)إلى قوله :(فما فداك)أي ما نجاك من الوقوع
فيها مالك ولا حسبك .
ولم يرد الفداء الحقيقي فإن مرادا لما قتلت أباه خرج الاشعث طالبا بدمه
فأسر ففدى نفسه بثلاثة آلاف بعير وهذا هو المراد بأسره في الكفر .
وأما أسره في الاسلام فإنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ارتد
بحضر موت ومنع أهلها تسليم الصدقة فبعث أبوبكر إليه زياد بن لبيد ثم
أردفه بعكرمة بن أبي جهل في جم غفير من المسلمين فقاتلهم الاشعث بقبائل
(1)ذكره وما بعده ابن أبي الحديد في شرح المختار :(19)من نهج البلاغة : ج 1 ،
ص 239 ط الحديث ببيروت .