بحار الأنوار ج16

فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، وما لا
يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ، ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ولا عثراته(1)،
ولا يتكلم إلا فيما رجا(2)ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ،
وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم انصتوا له حتى يفرغ(3)،
حديثهم عنده حديث اوليهم(4)، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون
منه ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ،
ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه(5)، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا
يقطع على أحد كلامه حتى يجوز(6)فيقطعه بنهي(7)أو قيام .
قال : فسألته عن سكوت رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : كان سكوته على أربع : على
الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكير(8)، فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين
الناس ، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى ، وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شئ ولا
يستفزه ، وجمع له الحذر في أربع(9): أخذه الحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى
عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح(10)امته ، والقيام فيما جمع(11)لهم خير الدنيا و
الآخرة(12).


(1)في العيون والمعانى : عثراته ولا عورته .
(2)في العيون والمكارم : يرجو .
(3)في العيون : وإذا تكلم عنده أحد انصتوا له حتى يفرغ من حديثه .
(4)أولهم خ ل .
(5)فأوفدوه خ ل . وهو الموجود أيضا في نسخة من العيون .
(6)يجوزه خ ل .
(7)بانتهاء خ ل ، أقول : يوجد ذلك في نسخة من المكارم ، وفيه : كلام ، بدل قيام .
(8)في المصادر : التفكر .
(9)في الحذر أربع خ ل .
(10)في العيون : في اصلاح . وفي المكارم : فيما أصلح .
(11)بما جمع .
(12)عيون الاخبار : 176 - 178 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه