بحار الأنوار ج64

تزايده إلى حد الرضا عند كل عاقل ، وعلينا تجب مساواته .
وقال العلامة نور الله ضريحه في شرحه : اعلم أنا قد بينا وجوب الالطاف
والمصالح ، وهي ضربان : مصالح في الدين ، ومصالح في الدنيا ، أعني المنافع
الدنياوية ، ومصالح الدين إما مضار ، أو منافع ، والمضار منها آلام وأمراض و
غيرهما ، كالآجال والغلاء ، والمنافع : الصحة ، والسعة في الرزق والرخص .
واختلف الناس في قبح الالم وحسنه ، فذهبت الثنوية إلى قبح جميع الآلام
وذهبت المجبرة إلى حسن جميعها من الله تعالى ، وذهب البكرية ، وأهل التناسخ
والعدلية إلى حسن بعضها ، وقبح الباقي ، واختلفوا في وجه الحسن .
إلى أن قال : وقالت المعتزلة : إنه يحسن عند شروطه : أحدها : أن يكون
مستحقا ، وثانيها : أن يكون نفع عظيم يوفى عليها ، وثالثها : أن يكون فيها دفع
ضرر أعظم منها ورابعها : أن يكون مفعولا على مجرى العادة : كما يفعله الله
تعالى بالحي إذا ألقيناه في النار وخامسها : أن يكون مفعولا على سبيل الدفع
عن النفس ، كما إذا آلمنا من يقصد قتلنا ، لانا متى علمنا اشتمال الالم على أحد
هذه الوجوه ، حكمنا بحسنه قطعا ، وشرط حسن الالم المبتدأ الذي يفعله الله تعالى
كونه مشتملا على اللطف ، إما للمتألم أو لغيره ، لان خلوا الالم عن النفع الزائد
الذي يختار المولم معه الامل ، يستلزم الظلم ، وخلوه عن اللطف يستلزم العبث وهما
قبيحان ، ولذا أوجب أبوهاشم في أمراض الصبيان مع الاعواض الزائدة اشتمالها
على اللطف لمكلف آخر .
وجوز المصنف كأبي الحسين البصري : أن تقع الآلام في الكفار والفساق
عقابا للكافر والفاسق ، ومنه قاضي القضاة من ذلك ، وجزم بكون أمراضهم محنا
لا عقوبات ، وذهب المصنف كالقاضي والشيخين إلى أنه لا يكفي اللطف في ألم المكلف
في الحسن ، بل لابد من عوض ، خلافا لجماعة اكتفوا باللطف ، ولو فرضنا اشتمال
اللذة على اللطف الذي اشتمل عليه الالم ، هل يحسن منه تعالى فعل الالم بالحي

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه