بحار الأنوار ج63

تفسير : أقول : قد مر تفسيرها في باب النحل ، وجملته أن الوحي إما إلهام من الله
أو كناية عن جعله ذلك في غرائزها ، " ومما يعرشون " الضمير للناس ، والمراد بالعرش
رفع البناء كالسقوف والكروم " ذللا " جمع ذلول ، وهي حال من السبل ، أو من الضمير
في " فاسلكي " .
" فيه شفاء للناس " إما بنفسه كما في بعض الامراض البلغمية ، أو مع غيره كما
في ساير الامراض ، إذ قلما يوجد معجون لم يكن العسل جزء‌ا منه ، مع أن التنكير
يشعر بالتبعيض ، ويجوز أن يكون للتعظيم والتكثير ، وقيل : الضمير للقرآن
وهو بعيد .
" إن في ذلك لآية " الخ فان من تفكر في أحوال النحل وأفعاله ، ووجود العسل
وكيفية حصوله ، علم قطعا أن الله سبحانه هو المعلم له ، وأنه قادر مختار حكيم عليم
متصف بجميع صفات الكمال ، وليس فيه نقص بوجه ، وفيها دلالة على حل العسل
بل الشمع فانه قل ما ينفك عنه ، وجواز اتخاذ النحل للعسل مالم يمنع منه مانع
شرعي ، وجواز الاستشفاء منه مفردا ومركبا ، وأن الله يشفي بالدواء وإن كان قادرا
عليه بغيره لحكمة في ذلك ، وجواز طلب علم الطب ، بل علم الكلام ، والتفكر في
الافعال والاعمال ، والاستدلال بها على وجود الواجب وصفاته ، والحسن والقبح
العقليين ، وغير ذلك ، كذا ذكره بعض الافاضل وفي بعضها مجال مناقشة .
1 مجمع البيان : نقلا عن العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أن
رجلا قال له : إني موجع بطني ، فقال : ألك زوجة ؟ قال : نعم ، قال : استوهب منها
شيئا من مالها طيبة نفسها ثم اشتربه عسلا ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه ،
فاني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه : " وأنزلنا من السماء ماء مباركا " وقال : " يخرج
من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس " وقال : " وإن طبن لكم عن شئ منه
نفسا فكلوه هنيئا مريئا " وإذا اجتمعت البركة والشفا والهنيئ شفيت إنشاء الله(1).


(1)مجمع البيان 3 ر 6 . والايات في سورة ق : 9 ، النحل : 69 ، النساء : 4
ونص الحديث مسندا في العياشى 1 ر 218 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه