بحار الأنوار ج4

والاثبات أيضا مما قدجف به القلم فلا يمحو إلا ما سبق في علمه وقضائه محوه ، ثم قال :
قالت الرافضة : البداء جائز على الله تعالى وهو أن يعتقد شيئا ثم يظهر له أن الامر بخلاف
ما اعتقده ، وتمسكوا فيه بقوله تعالى : " يمحو الله ما يشاء " انتهى كلامه لعنه الله .
ولاأدري من أين أخذ هذا القول الذي افترى عليهم مع أن كتب الامامية المتقدمين
عليه كالصدوق والمفيد والشيخ والمرتضى وغيرهم رضوان الله عليهم مشحونة بالتبري عن
ذلك ، ولا يقولون إلا ببعض ما ذكره سابقا أو بما هو أصوب منها كما ستعرف ، والعجب
أنهم في أكثر الموارد ينسبون إلى الرب تعالى مالا يليق به ، والامامية قدس الله
أسرارهم يبالغون في تنزيهه تعالى ويفحمونهم بالحجج البالغة ، ولما لم يظفروا في عقائدهم
بما يوجب نقصا يباهتونهم ويفترون عليهم بأمثال تلك الاقاويل الفاسدة ، وهل البهتان و
الافتراء إلادأب العاجزين ؟ ولو فرض أن بعضا من الجهلة المنتحلين للتشيع قال بذلك
فالامامية يتبرؤون منه ومن قوله كما يتبر ؤون من هذا الناصبي وأمثاله وأقاويلهم
الفاسدة .
فأما ماقيل في توجيه البداء فقد عرفت ما ذكره الصدوق والشيخ قدس الله روحهما
في ذلك(1)


(1)تقدم توجيه الصدون بعد الخبر الواقع تحت رقم 26 وكلام الشيخ بعد رقم 41 . ولهما
ولغيرهما من أعلام الشيعة حول مسألة البداء مقالات اخرى لا يخلو ذكرها عن فائدة .
قال الصدوق في كتاب العقائد : " باب الاعتقاد في البداء " إن اليهود قالوا : إن الله تبارك وتعالى
قد فرغ من الامر : قلنا : بل هو تعالى كل يوم هو في شأن ، لا يشغله شأن عن شأن ، يحيى ويميت ،
ويخلق ويرزق ، ويفعل ما يشاء ، وقلنا : " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " وأنه لا يمحو
إلا ما كان ، ولايثبت إلا مالم يكن ، وهذا ليس يبداء كما قالت اليهود واتباعهم فنسبنا في ذلك إلى
القول بالبداء ، وتبعهم على ذلك من خالفنا من أهل الاهواء المختلفة ، وقال الصادق عليه السلام :
" ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه الاقرار لله بالعبودية وخلع الانداد ، وان الله يؤخر ما يشاء ،
ويقدم ما يشاء " ونسخ الشرايع والاحكام بشريعة نبينا وأحكامه من ذلك ، ونسخ الكتب بالقرآن
من ذلك ، وقال الصادق عليه السلام : " من زغم أن الله عزوجل بدا في شئ ولم يعلمه أمس فأيرء منه "
وقال : " من زعم أن الله بداله من شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم " اه‍ .
وقال الشيخ الطوسى في العدة : البداء حقيقة في اللغة هو الظهور ، ولذلك يقال : بدالنا سور
المدينة ، وبدالنا وجه الرأي ، وقال الله تعالى : " وبدالهم سيئات ما عملوا ، وبدالهم سيئات *(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه