والسلامة من ضررها . ثم فيها خلة اخرى وهي أنها مما خص به الانسان دون جميع
الحيوان لماله فيها من المصلحة ، فإنه لوفقد النار لعظم ما يدخل عليه من الضررفي
معاشه فأما البهائم فلا تستعمل النار ولا تستمتع بها ، ولما قدرالله عزوجل أن يكون
هذا هكذا خلق للانسان كفا وأصابع مهيأة لقدح النار واستعمالها ، ولم يعط البهائم
مثل ذلك ، لكنها اغنيت بالصبر على الجفاء والخلل في المعاش لكيلا ينالها في فقد
النار ما ينال الانسان . وانبئك من منافع النار على خلة صغيرة عظيم موقعها ، وهي
هذا المصباح الذي يتخذه الناس فيقضون به حوائجهم ما شاؤوا من ليلهم ، ولولا هذه
الخلة لكان الناس تصرف أعمارهم بمنزلة من في القبور ، فمن كان يستطيع أن يكتب أو
يحفظ أو ينسج في ظلمة الليل ؟ وكيف كانت حال من عرض له وجع في وقت من أوقات
الليل فاحتاج إلى أن يعالج ضمادا أو سفوفا أو شيئا يستشفى به ؟ فأما منافعها في نضج
الاطعمة ودفأ الابدان وتجفيف أشياء وتحليل أشياء وأشباه ذلك فأكثر من أن تحصى
وأظهر من أن تخفى .
تبيان(1): العقاقير اصول الادوية ، والغناء - بالفتح - : المنفعة ، والخاوية :
الخالية ، والفدفد : الفلاة والمكان الصلب الغليظ والمرتفع والارض المستوية ، والفسحة
- بالضم - : السعة ، ويقال : لي عن هذا الامر مندوحة ومنتدح أي سعة ، وحزبه
أمر أى أصابه ، والراتبة : الثابتة ، والراكنة : الساكنة ، وهدأ هدء وهدوء : سكن ، و
قوله عليه السلام : رجراجة : أي متزلزلة متحركة ، والتكفي : الانقلاب والتمايل والتحريك
والارتجاج : الاضطراب ، والارعواء : الرجوع عن الجهل والكف عن القبيح ، و
الصلد - ويكسر - : الصلب الاملس قوله عليه السلام " إن مهب الشمال أرفع " أي بعد
ما خرجت الارض من الكروية الحقيقة صار مايلي الشمال منها في أكثر المعمورة أرفع
مما يلي الجنوب ، ولذا ترى أكثر الانهار - كدجلة والفرات وغيرهما - تجري من
الشمال إلى الجنوب ، ولما كان الماء الساكن في جوف الارض تابعا للارض في ارتفاعه
وانخفاضه فلذا صارت العيون المنفجرة تجري هكذا من الشمال إلى الجنوب حتى