بحار الأنوار ج13

ومع كثرة المال كثرة الذنوب ، الارض مطيعة ، والسماء مطيعة ، والبحار مطيعة ، فمن
عصاني شقي ، فأنا الرحمن رحمن كل زمان ،(1)آتي بالشدة بعد الرخاء ، وبالرخاء بعد
الشدة ، وبالملوك بعد الملوك ، وملكي قائم دائم لا يزول ، ولا يخفى علي شئ في الارض ولا
في السماء ، وكيف يخفى علي ما مني مبتدؤه ؟ ! وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي
ترجع لا محالة ؟ !
يا موسى اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزل من الصالحات ، وخفني ولا تخف غيري
إلي المصير .
يا موسى عجل التوبة ، وأخر الذنب ، وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ، ولا
ترج غيري ، اتخذني جنة للشدائد ، وحصنا لملمات الامور .(2)
يا موسى نافس في الخير أهله ، فإن الخير كاسمه ،(3)ودع الشر لكل مفتون .
يا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ،
ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار .
يا موسى أطب الكلام لاهل الترك للذنوب ، وكن لهم جليسا ، واتخذهم لغيبك
إخوانا ، وجد معهم يجدون معك .(4)
يا موسى ما اريد به وجهي فكثير قليله ، وما اريد به غيري فقليل كثيره ، وإن
أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو فأعد له الجواب فإنك موقوف و
مسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويله قصير ، وقصيره طويل ، وكل
شئ فان ، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن
ما بقي من الدنيا كما ولى منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال ،(5)فكن مرتادا


(1)في نسخة من المصدر وفى الروضة : فانا الرحمن الرحيم ، رحمن كل زمان .
(2)أى شدائدها ونوازل السوء من نوازل الدنيا .
(3)سيأتى تفسيره من المصنف ذيل الخبر 52 .
(4)هكذا في النسخ ، والظاهر أن الصواب كما في نسخة من الروضة : يجودون معك . من جاد
يجود ، ويحتمل على بعد كونه من جد يجد : اجتهد . اهتم .
(5)تقدم شرح تلك الجمل قبل ذلك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه