بحار الأنوار ج14

كفرهم بالله عزوجل وعبادتهم غيره بعث الله عزوجل إليهم نبيا من بني إسرائيل من
ولد يهودا بن يعقوب ، فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عزوجل ومعرفة
ربوبيته(1)فلا يتبعونه ، فلما رأى شدة تماديهم في الغي والضلال وتركهم قبول ما
دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عيد قريتهم العظمى قال : يارب إن عبادك أبوا
إلا تكذيبي والكفر بك ،(2)وغدوا يعبدون شجرة لاتنفع ولاتضر ، فأيبس شجرهم أجمع ،
وأرهم قدرتك وسلطانك ، فأصبح القوم وقد يبس شجرهم كلها فهالهم ذلك وقطع بهم ،
وصاروا فرقتين : فرقة قالت : سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء
والارض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، وفرقة قالت : لا بل غضبت آلهتكم
حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها وبهاء‌ها
لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه ، فأجمع رأيهم على قتله ، فاتخذوا أنابيب(3)طوالا
من رصاص واسعة الافواه ، ثم أرسلوها في قرار العين(4)إلى أعلى الماء ، واحدة فوق
الاخرى مثل البرابخ ونزحوا ما فيها من الماء ، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل
عميقة ، وأرسلوا فيها نبيهم ،(5)وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثم أخرجوا الانابيب من الماء
وقالوا : نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها ، ويصدنا
عن عبادتها ، ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه ، فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان ، فبقوا
عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم ، وهو يقول : " سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة
كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي ، وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي "
حتى مات ، فقال الله جل جلاله لجبرئيل : ياجبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم


(1)في العرائس : ويعرفهم ربوبيته ، فلا يتبعونه ولا يسمعون مقالته ، فلما رأى شدة ما هم فيه
من الغي والضلالة .
(2)في العرائس : يارب ان عبادك أبوا تصديقي ودعوتي اليهم ، وما ارادوا الا تكذيبي و
الكفر بك ، ثم غدوا .
(3)انابيب جمع الانبوب : مابين العقدتين من القصب أو الرمح . ويستعار لكل اجوف مستدير
كالقصب ومنه انبوب الماء لقناته . والقناة : مايحفر في الارض ليجري فيه الماء .
(4)في نسخة من العيون : في قرار الارض .
(5)في العرائس : فرسوا فيها نبيهم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه