بيان : المعروف من مذهب الاصحاب تحريم الاكل على مائدة يشرب عليها
شئ من المسكرات أو الفقاع ، قال : في المسالك : يدل على تحريم الاكل على مائدة
يشرب عليها الخمر قول الصادق عليه السلام في رواية هارون بن الجهم أن النبى صلى الله عليه وآله
قال : ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها الخمر ، وفي رواية اخرى ملعون من
جلس طائعا على مائدة يشرب عليها الخمر وروى جراح المدائنى عن أبى عبدالله عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة
يشرب عليها الخمر .(1)والرواية الاولى تضمنت تحريم الجلوس عليها سواء أكل
أم لا ، والاخيرة دلت على تحريم الاكل منها ، سواء كان جالسا أم لا ، والاعتماد
على الاولى لصحتها وعداه العلامة إلى الاجتماع على الفساد واللهو .
وقال ابن إدريس : لا يجوز الاكل من طعام يعصى الله به أو عليه ولم نقف على
مأخذه ، والقياس باطل ، وطريق الحكم مختلف ، وعلل بأن القيام يستلزم النهي عن
المنكر من حيث أنه إعراض عن فاعله ، وإعانة له ، فيجب لذلك ، ويحرم تركه
بالمقام عليها ، وفيه نظر ، لان النهي عن المنكر إنما يجب بشرايط من جملتها
تجويز التأثير ، ومقضتي الروايات تحريم الجلوس والاكل حينئذ وإن لم ينته عن
المنكر ، ولم يجوز تأثيره ، وأيضا فالنهي عن المنكر لا يتقيد بالقيام بل بحسب
مراتبه المعلومة على التدريج ، وإما لم يكن القيام من مراتبه لا يجب فعله وأما إلحاق
الفقاع بالخمر ، فانه وإن لم يرد عليه نص بخصوصه ، لكن ورد أنه بمنزلة الخمر ،
فانه خمر مجهول ، وأنه خمر استصغره الناس ، فجاز إلحاقه به في هذا الحكم .
وقال المحقق الاردبيلي رحمه الله : هل يحرم الطعام الذي كان عليها ، أو
الجلوس حرام أكل أم لا ، أو الاكل جلس أم لا ؟ صريح الصحيحة الثانية أن
الجلوس حرام ويمكن فهم تحريم الاكل أيضا ، ويؤيده التصريح في الثالثة ، وأما
تحريم أصل الطعام فلا يعلم ، فيكون كالاكل في آنية الذهب والفضة يكون الاكل
حراما لا المأكول أيضا ، فتأمل ولكن مادام في تلك المايدة ويحتمل بعيدا مطلقا .
(1)راجع الكافى 6 ر 268 المحاسن 584 585 .