صرخن في وجهه ، فقص عليهن القصة وطلع ، وأخذ مفتاح القبة من الخازن
أبي عبدالله بن شهريار القمي ، وقعد على عادته ، بقي ثلاثة أيام ففى اليوم الثالث
أقبل رجل وبين كتفيه مخلاة كهيئة المشاة إلى طريق مكة ، فحلها وأخرج منها ثيابا
لبسها ، ودخل إلى القبة الشريفة وزار وصلى ، ودفع(1)إلي دينارا وقال : ائت
بطعام نتغدى(2)، فمضى القيم أبوالبقاء وأتى بخبز ولبن وتمر فقال له ما يوافق
لي(3)هذا ولكن امض به إلى أولادك يأكلونه ، وخذ هذا الدينار الآخر واشترلنا
به دجاجا وخبزا ، فأخذت له بذلك ، فلما كان وقت صلاة الظهر صلى الظهرين و
أتى إلى داره والرجل معه ، فأحضر الطعام وأكلا ، وغسل الرجل يديه وقال لي : ائتني بأوزان الذهب ، فطلع القيم أبوالبقاء إلى زيد بن واقصة - وهو صائغ على باب
دارالتقي بن اسامة العلوي النسابة - فأخذ منه الصينية وفيها أوزان الذهب وأوزان
الفضة فجمع الرجل جميع الاوزان فوضعها في الكفة حتى الشعير والارز وحبة الشبه
وأخرج كيسا مملوءا ذهبا ، وترك منه بحذاء الاوزان وصبه في حجر القيم ونهض ،
وشد ما تخلف معه ومد مداسه(4)، فقال له القيم : يا سيدي ما أصنع بهذا ؟ قال
له : هولك ، الذي(5)قال لك : " ارجع إلى حيث كنت " قال لي : " أعطه حذاء
الاوزان " ولو جئت بأكثر من هذه الاوزان لاعطيتك ، فوقع القيم مغشيا عليه ،
ومضى الرجل ، فزوج القيم بناته وعمر داره وحسنت حاله .
(1)في المصدر : قال : ودفع .
(2)" : نتغذى .
(3)" : مايؤكل .
(4)سيأتى معناه في البيان . وفي المصدر : وشد ما تخلف عنه وبدل لباسه .
(5)في المصدر : قال : ممن ؟ قال : من الذى ا ه . *