بحار الأنوار ج16

السابعة ليلة المعراج ، ولما نزلت السورة أخبر بذلك عتبة بن أبي لهب ، فجاء إلى النبي
صلى الله عليه وآله وطلق ابنته وتفل في وجهه ، وقال : كفرت بالنجم وبرب النجم ،
فدعا صلى الله عليه واله عليه وقال : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " فخرج عتبة إلى الشام فنزل .
في بعض الطريق ، وألقى الله عليه الرعب ، فقال لاصحابه : أنيموني بينكم(1)، ففعلوا
فجاء أسد فافترسه من بين الناس .
" ما ضل صاحبكم وما غوى " يعني النبي صلى الله عليه وآله ، أي ما عدل عن
الحق وما فارق الهدى ، وما غوى فيما يؤديه إليكم ، ومعنى غوى ضل ، وإنما أعاده
تأكيدا ، وقيل : معناه ما خاب عن إصابة الرشد ، وقيل : ما خاب سعيه بل ينال ثواب الله
وكرامته " وما ينطق عن الهوى " أي وليس ينطق بالهوى وميل الطبع " إن هو إلا وحي
يوحى " أي ما القرآن وما ينطق به من الاحكام إلا وحي من الله يوحى إليه ، أي يأتيه به
جبرئيل وهو قوله : " علمه شديد القوى " يعني جبرئيل ، أي القوي في نفسه وخلقته
" ذو مرة " أي ذو قوة وشدة في خلقه عن الكلبي ، قال : ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط
من الماء الاسود فرفعها إلى السمآء ، ثم قلبها ، ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا ،
وقيل : معناه ذو صحة وخلق حسن ، وقيل : شديد القوى في ذات الله ، ذو مرة ، أي صحة
من الجسم ، سليم من الآفات والعيوب ، وقيل : ذو مرة ، أي ذو مرور في الهواء ، ذهابا(2)
وجائيا ونازلا وصاعدا " فاستوى " جبرئيل عليه السلام على صورته التي خلق عليها بعد انحداره
إلى محمد صلى الله عليه واله(3).
وفي قوله تعالى : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " أي ما أعطاكم
الرسول من الفئ فخذوه وارضوا به ، وما أمركم به فافعلوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا ،
فإنه لا يأمر ولا ينهى إلا عن أمر الله ، وروى زيد الشحام عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما
أعطى الله نبيا من الانبياء شيئا إلا وقد أعطى محمدا صلى الله عليه واله ، قال لسليمآن عليه السلام : " فامنن


(1)في المصدر : أنيمونى بينكم ليلا .
(2)هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في الطبعة الحروفية والمصدر : ذاهبا .
(3)مجمع البيان 9 : 172 و 173 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه