بحار الأنوار ج42

جمالا للحج ، فرأى امرأة علوية على بعض المزابل تنتف ريش بطة ميتة ، قال :
فتقدمت إليها فقلت : ولم تفعلين هذا ؟ فقالت : يا عبدالله لا تسأل عما لا يعنيك ، قال :
فوقع في خاطري من كلامها شئ ، فألححت عليها فقالت : يا عبدالله قد ألجأتني إلى
كشف سري إليك . أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامى ، مات أبوهن من قريب
وهذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئا ، وقد حلت لنا الميتة ، فأخذت هذه البطة اصلحها
وأحملها إلى بناتي يأكلنها ، قال : فقلت في نفسي : ويحك يا ابن المبارك أين أنت عن
هذه ؟ فقلت : افتحي حجرك ، ففتحت فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مطرقة
لا تلتفت ، قال : ومضيت إلى المنزل ونزع الله قلبي من شهوة الحج في ذلك العام

ثم تجهزت إلى بلادي فأقمت حتى حج الناس وعادوا ، فخرجت أتلقى جيراني
وأصحابي ، فجعل كل من أقول له : قبل الله حجك وشكر سعيك ، يقول لي : وأنت
قبل الله حجك وشكر سعيك ، إنا قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا ، وأكثر
الناس علي في القول ، فبت متفكرا فرأيت رسول الله صلى الله عليه واله في المنام وهو يقول لي :
يا عبدالله لا تعجب فإنك أغثت ملهوفة من ولدي ، فسألت الله أن يخلق على صورتك
ملكا يحج عنك كل عام إلى يوم القيامة ، فإن شئت أن تحج وإن شئت لا تحج .
ونقل ابن الجوزي(1)في كتابه قال : قرأت في الملتقط - وهو كتاب لجده أبي -
الفرج بن الجوزي - قال : كان ببلخ رجل من العلويين نازلا بها وله زوجة وبنات
فتوفي ، قالت المرأة : فخرجت بالبنات إلى سمرقند خوفا من شماتة الاعداء ، و
اتفق وصولي في شدة البرد ، فأدخلت البنات مسجدا فمضيت لاحتال في القوت ،
فرأيت الناس مجتمعين على شيخ ، فسألت عنه فقالوا : هذا شيخ البلد ، فشرحت له
حالي فقال : أقيمي عندي البينة أنك علوية ، ولم يلتفت إلي ، فيسئت منه وعدت
إلى المسجد ، فرأيت في طريقي شيخا(2)جالسا على دكة وحوله جماعة ، فقلت :


(1)يعنى سبط ابن الجوزى مؤلف تذكرة الخواص ومن هنا يعرف أنهم قد يطلقون " ابن
الجوزى " على سبطه بتلك القرينة .(2)في المصدر : شخصا . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه