بحار الأنوار ج72

يحتمل وجوها أشرنا إلى بعضها مرارا :
الاول أن يكون المراد به الكفر الذي يطلق على مرتكبي الكبائر في
مصطلح الايات والاخبار ، الثاني أن يعود الضمير إلى الذنب أو الخطا المفهوم من
السياق لا إلى الكفر ، الثالث عود الضمير إلى التكفير لا إلى الكفر ، يعني تكفيره
لاخيه تكفير لنفسه ، لانه لما كفر مؤمنا فكأنه كفر نفسه ، واورد عليه أن
التكفير حينئذ غير مختص بأحدهما لتعلقه بهما جميعا ، ولا يخفى ما فيه وفي الثالث
من التكلف ، الرابع ما قيل : إن الضمير يعود إلى الكفر الحقيقي لان القائل
اعتقد أن ما عليه المقول له من الايمان كفر ، فقد كفر لقوله تعالى : ومن يكفر
بالايمان فقد حبط عمله (1)ويرد عليه أن القائل بكفر أخيه لم يجعل الايمان
كفرا ، بل أثبت له بدل الايمان كفرا ، توبيخا وتعييرا به بترك الايمان ، وأخذ
الكفر بدلا ، منه ، وبينهما بون بعيد ، نعم بمكن تخصيصه بما إذا كان سبب التكفير
اعتقاده بشئ من اصول الذي يصير إنكاره سببا للكفر باعتقاد القائل ، كما إذا كفر
عالم قائل بالاختيار عالما آخر قائلا بالجبر ، أو كفر قائل بالحدوث قائلا بالقدم
أو قائل بالمعاد الجسماني منكرا له وأمثال ذلك ، وهذا وجه وجيه ، وإن كان
في التخصيص بعد .
وقال الجزري في النهاية : فيه من قال لاخيه : يا كافر فقد باء به أحدهما
لانه إما أن يصدق عليه أو يكذب ، فان صدق فهو كافر ، وإن كذب عاد الكفر إليه
بتكفيره أخاه المسلم ، والكفر صنفان أحدهما الكفر بأصل الايمان ، وهو ضده
والاخر الكفر بفرع من فروع الاسلام ، فلا يخرج به عن أصل الايمان ، وقيل : الكفر
على أربعة أنحاء : كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به ، وكفر جحود
ككفر إبليس يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه ، وكفر عناد وهو أن يعرف بقلبه
ويعترف بلسانه ، ولا يدين به حسدا وبغيا ككفر أبي جهل وأضرابه ، وكفر نفاق
وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد بقلبه .


(1)المائدة : 5 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه