بحار الأنوار ج13

فانظر أي يوم هو ، وأعد له الجواب فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر
فإن الدهر طويل قصير ، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ليكون أطمع لك في الاجر ، فإن
ما هو آت من الدنيا كما قد ولى منها .(1)

بيان : طويل أي دهر الموعظة(2)وهو ما مضى من الدهور ، أو العمر من جهة الموعظة .
قصير أي دهر العمل أو من جهته . وقوله :(فإن ما هو آت)لعله تعليل لرؤية ثواب العمل
وتعجيل حلول أوانه .(3)
أقول : سيأتي في أبواب وفاة الرسول ووفاة أمير المؤمنين صلى الله عليهما مجئ
الخضر لتعزية أهل البيت عليهم السلام ، وفي أبواب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام أيضا مجيئه إليه
عليه السلام .
وأقول : وجدت في كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا أنه روي عن علي بن إبراهيم
عن أبيه قال : حججت إلى بيت الله الحرام فوردنا عند نزولنا الكوفة ، فدخلنا مسجد السهلة
فإذا نحن بشخص راكع ساجد ، فلما فرغ دعا بهذا الدعاء : " أنت الله لا إله إ أنت " إلى
آخر الدعاء ، ثم نهض إلى زاوية المسجد فوقف هناك وصلى ركعتين ونحن معه ، فلما
انفتل من الصلاة سبح ثم دعا فقال : " اللهم " إلى آخر الدعاء ، ثم نهض فسألناه عن المكان
فقال : إن هذا الموضع بيت إبراهيم الخليل الذي كان يخرج منه إلى العمالقة . ثم مضى
إلى الزاوية الغربية فصلى ركعتين ثم رفع يديه وقال : " اللهم " إلى آخر الدعاء ، ثم
قام ومضى إلى الزاوية الشرقية فصلى ركعتين ثم بسط كفيه وقال : " اللهم " إلى


(1)اصول الكافى 2 : 459 وفيه : أطمع لك في الاخرة . وفيه : كما هو قد ولى منها .
(2)هو طويل إن رأيته من جهة الاعتبار والموعظة ، فكم من عجائب وقعت فيها يمكن أن
يأخذ الانسان عنها موعظته وبصيرته ، وقصير ان رأيته لاحظا بقاء‌ك ومدة عملك فيه وتمتعك منه ،
أو هو طويل من حيت ذاته ، قصير بالنسبة إلى عيش المرء فيه . وأما على ما في الروضة فالمعنى
أن طويل الدهر لانقضائه قصير ، وقصيره للعمل طويل فكم ممن اشترى بقليل من الدنيا حياة سعيدة
أبدية ، أو شقاوة مهلكة أبدية .
(3)او لاخذ الموعظة مما مضى ، فان الباقى كالماضى لمن يريد أن ينظر اليه بعين الاعتبار .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه