ف : سأل يحيى بن أكثم . وذكر نحوه .(1)
14 م : إن الله خص بسورة الفاتحة محمدا صلى الله عليه وآله وشرفه بها ولم يشرك معه فيها
أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان عليه السلام فإنه أعطاه منها " بسم الله الرحمن الرحيم " ألا تراه
يحكي عن بلقيس حين قالت : " إني ألقي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه
بسم الله الرحمن الرحيم " .(2)
أقول : وقال الثعلبي في تفسيره : قالت العلماء بسير الانبياء : إن نبي الله سليمان
عليه السلام لما فرغ من بناء بيت المقدس عزم على الخروج إلى أرض الحرم فتجهز للمسير
واستصحب من الجن والانس والشياطين والطير والوحوش مابلغ معسكره مائة فرسخ ،
فأمر الريح الرخاء فحملتهم ، فلما وافى الحرم أقام به ماشاء الله أن يقيم ، فكان ينحر كل
يوم طول مقامه بمكة خمسة آلاف بدنة ، وخمسة آلاف ثور ، وعشرين ألف شاة ، وقال
لمن حضر من أشراف قومه : إن هذا مكان يخرج منه نبي عربي صفته كذا وكذا يعطى
النصر على جميع من ناواه ،(3)ويبلغ هيبته مسيرة شهر ، القريب والبعيد عنده في الحق
سواء ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، قالوا : فبأي دين يدين يانبي الله ؟ قال : بدين الحنيفية
فطوبى لمن أدركه وآمن به وصدقه ، قالوا : فكم بيننا وبين خروجه يا نبي الله ؟ قال :
ذهاب ألف عام ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ، فإنه سيد الانبياء وخاتم الرسل ، وإن
اسمه لمثبت في زبر الانبياء ، قالوا : فأقام بمكة حتى قضى نسكه ، ثم أحب أن يسير إلى
أرض اليمن فخرج من مكة صباحا وسار نحو اليمن يوم نجم سهيل ، فوافى صنعاء وقت
الزوال وذلك مسيرة شهر ، فرأى أرض حسنة تزهر خضرتها فأحب النزول بها ليصلي ويتغدى
فطلبوا الماء فلم يجدوا ، وكان دليله على الماء الهدهد ، كان يرى الماء من تحت الارض
فينقر الارض فيعرف موضع الماء وبعده ، ثم تجئ الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الاهاب ،(4)
ثم يستخرجون الماء ، قالوا : فلما نزل قال الهدهد : إن سليمان عليه السلام قد اشتغل
(1)تحف العقول : 476 و 478 ، وفيه : لتأكد الحجة على الخلق .
(2)تفسير الامام : 10 .
(3)اي من عاداه .
(4)الاهاب : الجلد أو ما لم يدبغ منه .