بعض الاصحاب نية الوجوب فيها أيضا وكان بعض مشايخنا يحتمل هنا عدول نية
الصلاة إلى الاستحباب بناء على جواز عدول النية بعد الفعل كما يظهر من بعض الاخبار .
ومما ذكروه نقضا على تلك القاعدة الابتداء بالتسليم ورده فان الاول
أفضل مع وجوب الثاني ، والاشكال فيه أصعب ويمكن الجواب بأن الابتداء بالسلام
أفضل من الترك ، وانتظار تسليم الغير ، ولا نسلم أنه أفضل من الرد الواجب ، بل
يمكن أن يقال إن إكرام المؤمن وترك إهانته واجب ، وهو يتحقق في امور شتى
منها ابتداء التسليم أورده ، فلو تركهما عصى ، وفي الاتيان بكل منهما يتحقق ترك
الاهانة ، لكن اختيار الابتداء أفضل ، فظهر أنه يمكن إجراء جوابه رحمه الله
في الجميع .
وأقول : يمكن تخصيص الاخبار وكلام الاصحاب بكون الواجب أفضل
من المستحب من نوعه وصنفه ، كصلاة الفريضة والنافلة ، فلا يلزم كون رد السلام
أفضل من الحج المندوب ، ولا من صلاة جعفر رضي الله عنه ، ولا من بناء قنطرة عظيمة
أو مدرسة كبيرة ، وبالجمله فروع هذه المسألة كثيرة ، ولم أر من تعرض لتحقيقها
كما ينبغي ، والخوض فيها يوجب بسطا من الكلام ، لا يناسب المقام ، وسيأتي شرح
باقي الخبر في الخبر الاتى .
26 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن
محمد بن أبي حمزة عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من حقر مؤمنا مسكينا
لم يزل الله عزوجل حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن حقرته إياه(1).
بيان : في القاموس الحقر لذله كالحقرية بالضم والحقارة مثلثة ، والمحقرة
والفعل كضرب وكرم ، والاذلال كالتحقير والاحتقار والاستحقار ، والفعل كضرب
وقال : مقته مقتا ومقاتة أبغضه كمقته ، والتحقير يكون بالقلب فقط وإظهاره أشد
وهو إما بقول كرهه أو بالاستهزاء به ، أو بشتمه أو بضربه ، أو بفعل يستلزم إهانته
أو بترك قول أو فعل يستلزمها وأمثال ذلك .
(1)الكافى ج 2 ص 351 ، وفيه عن محقرته .