عائق في الاداة أو في الالة التي يعمل فيها الشئ فقد يحدث مثل في أولاد الحيوان
للاسباب التي وصفنا فيأتي الولد زائدا أو ناقصا أو مشوها ويسلم أكثرها فيأتي سويا
لا علة فيه ، فكما أن الذي يحدث في بعض الاعراض لعلة فيه لا توجب عليها
جميعا الاهمال وعدم الصانع كذلك ما يحدث على بعض الافعال الطبيعية لعائق يدخل
عليها لا يوجب أن يكون جميعها بالعرض والاتفاق ، فقول من قال في الاشياء إن كونها
بالعرض والاتفاق من قبل أن شيئا منها يأتي على خلاف الطبيعة يعرض له خطأ وخطل .
فإن قالوا : ولم صار مثل هذا يحدث في الاشياء ؟ قيل لهم : ليعلم أنه ليس كون
الاشياء باضطرار من الطبيعة ، ولا يمكن أن يكون سواه كما قال قائلون ، بل هو تقدير
وعمد من خالق حكيم ، إذ جعل الطبيعة تجري أكثر ذلك على مجرى ومنهاج معروف ،
ويزول أحيانا عن ذلك لاعراض تعرض لها فيستدل بذلك على أنها مصرفة مدبرة فقيرة
إلى إبداء الخالق وقدرته في بلوغ غايتها وإتمام عملها تبارك الله أحسن الخالقين .
يا مفضل خذ ما اتيتك واحفظ ما منحتك وكن لربك من الشاكرين ولآلائه
من الحامدين ، ولاوليائه من المطيعين فقد شرحت لك من الادلة على الخلق والشواهد
على صواب التدبير والعمد قليلا من كثير ، وجزءا من كل فتدبره وفكر فيه واعتبر به .
فقلت : بمعونتك يا مولاي أقوى على ذلك وأبلغه إن شاء الله ، فوضع يده على صدري فقال :
احفظ بمشية الله ولا تنس إن شاء الله .
فخررت مغشيا علي فلما أفقت قال : كيف ترى نفسك يا مفضل ؟ فقلت : قد
استغيت بمعونة مولاي وتأييده عن الكتاب الذي كتبته ، وصار ذلك بين يدي كأنما
أقرأه من كفي ، ولمولاي الحمد والشكر كما هو أهله ومستحقه .
فقال : يا مفضل فرغ قلبك واجمع إليك ذهنك وعقلك وطمأنينتك فسالقي إليك
من علم ملكوت السماوات والارض ، وما خلق الله بينهما ، وفيهما من عجائب خلقه و
أصناف الملائكة وصفوفهم ومقاماتهم ومراتبهم إلى سدرة المنتهى ، وسائر الخلق من
(1)وفي نسخة : فكما إن الذي يحدث في بعض الاعمال للاعراض