بحار الأنوار ج20

أشجع والدئل ، حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب ، أو بصد ، وأحرم بالعمرة ،
وساق معه الهدي ليعلم الناس أنه لا يريد حربا ، فتثاقل عنه كثير من الاعراب فقالوا :
نذهب معه إلى قوم قد جاؤه وقتلوا أصحابه فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل ، فقال
سبحانه : إنهم يقولون لك إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم على التخلف عنك : " شغلتنا أموالنا
وأهلونا " عن الخروج معك " فاستغفر لنا " في قعودنا عنك فكذبهم الله تعالى فقال :
" يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم " أي لا يبالون استغفر لهم النبي أم لا " قل فمن
يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا " أي غنيمة(1)، وذلك
أنهم ظنوا أن تخلفهم عن النبي صلى الله عليه وآله يدفع عنهم الضر ، أو يعجل لهم النفع
بالسلامة في أنفسهم وأموالهم ، فأخبرهم سبحانه أنه إن أراد بهم شيئا من ذلك لم
يقدر أحد على دفعه عنهم " بل كان الله بما تعملون خيبرا " أي عالما بما كنتم تعملون
في تخلفكم " بل ظننتم أن لن يتقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا " أي ظننتم
أنهم لا يرجعون إلى من خلفوا بالمدينة من الاهل والاولاد ، لان العدو يستأصلهم
ويصطلمهم " وزين ذلك في قلوبكم " أي زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم " و
ظننتم ظن السوء " في هلاك النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين ، وكل هذا من الغيب الذي
لا يطلع عليه أحد إلا الله ، فصار معجزا لنبينا صلى الله عليه وآله " وكنتم قوما بورا " أي هلكى
لا تصلحون لخير ، وقيل : قوما فاسدين .
" سيقول المخلفون " يعني هؤلاء " إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها " يعني
غنائم خيبر " ذرونا نتبعكم أي اتركونا نجئ معكم ، وذلك أنهم لما انصرفوا من
الحديبية بالصلح وعدهم الله سبحانه فتح خيبر وخص بغنائمها من شهد الحديبية ،
فلما انطلقوا اليها قال هؤلاء المخلفون : " ذرونا نتبعكم " فقال سبحانه : " يريدون أن
يبدلوا كلام الله " أي مواعيد الله لاهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة ، أرادوا تغيير
ذلك بأن يشاركوهم فيها ، وقيل : يريد أمر الله لنبيه أن لا يسير معه منهم أحد " قل


(1)فيه اختصار ، والموجود في المصدر : اى فمن يمنعكم من عذاب الله ان اراد بكم سوء‌ا
او نفعا ، اى غنيمة ، عن ابن عباس .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه