بحار الأنوار ج44

الكندي عدو الله المال ، وقلب على الحسن ، وصار إلى معاوية في مائتي رجل من
خاصته وأهل بيته .
فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقام خطيبا وقال : هذا الكندي توجه إلى معاوية وغدر
بي وبكم ، وقد أخبرتكم مرة بعد مرة أنه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا : وأنا
موجه رجلا آخر مكانه ، وإني أعلم أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه ، ولا يراقب
الله في ولا فيكم ، فبعث إليه رجلا من مراد في أربعة آلاف ، وتقدم إليه بمشهد
من الناس ، وتوكد عليه وأخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي فحلف له بالايمان
التي لا تقوم لها الجبال : أنه لا يفعل . فقال الحسن : إنه سيغدر .
فلما توجه إلى الانبار ، أرسل معاوية إليه رسلا وكتب إليه بمثل ما كتب
إلى صاحبه ، وبعث إليه بخمسة آلاف درهم ، ومناه أي ولاية أحب من كور الشام
والجزيرة ، فقلب على الحسن ، وأخذ طريقه إلى معاوية ، ولم يحفظ ما أخذ عليه
من العهود ، وبلغ الحسن ما فعل المرادي فقام خطيبا فقال : قد أخبرتكم مرة بعد
اخرى أنكم لا تفون لله بعهود ، وهذا صاحبكم المرادي غدر بي وبكم ، وصار
إلى معاوية .
ثم كتب معاوية إلى الحسن : يا ابن عم ، لا تقطع الرحم الذي بينك وبيني
فان الناس قد غدروا بك وبأبيك من قبلك .
فقالوا : إن خانك الرجلان وغدروا بك فانا مناصحون لك ، فقال لهم الحسن :
لاعودن هذه المرة فيما بيني وبينكم ، وإني لاعلم أنكم غادرون ما بيني وبينكم
إن معسكري بالنخيلة فوافوني هناك ، والله لا تفون لي بعهدي ، ولتنقضن الميثاق
بيني وبينكم .
ثم إن الحسن أخذ طريق النخيلة ، فعسكر عشرة أيام ، فلم يحضره إلا
أربعة آلاف ، فانصرف إلى الكوفة فصعد المنبر وقال : يا عجبا من قوم لا حياء لهم
ولا دين ، ولو سلمت له الامر فأيم الله ترون فرجا أبدا مع بني امية ، والله
ليسومونكم سوء العذاب حتى تتمنوا أن عليكم جيشا جيشا ولو وجدت أعوانا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه