بحار الأنوار ج17

أصواتهم أعلى من أصواتنا ، فلما فرغوا أجازهم(1)رسول الله صلى الله عليه وآله فأحسن جوائزهم و
أسلموا عن ابن إسحاق ، وقيل : إنهم ناس من بني العنبر كان النبي صلى الله عليه وآله أصاب من ذراريهم ،
فأقبلوا في فدائهم فقدموا المدينة ، ودخلوا المسجد ، وعجلوا أن يخرج إليهم النبي
صلى الله عليه وآله ، فجعلوا يقولون : يامحمد اخرج إلينا ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن عكرمة ،
عن ابن عباس
" بين يدي الله ورسوله " بين اليدين عبارة عن الامام ، ومعناه لا تقطعوا أمرا دون
الله ورسوله ، ولا تعجلوا به ، وقدم هاهنا بمعنى تقدم وهو لازم ، وقيل : معناه لا تمكنوا
أحدا يمشي أمام رسول الله صلى الله عليه وآله ، بل كونوا تبعا له وأخروا أقوالكم وأفعالكم عن قوله
وفعله ، وقال الحسن : نزل في قوم ذبحوا الاضحية قبل العيد فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله
بالاعادة ، وقال ابن عباس : نهوا أن يتكلموا قبل كلامه ، أي إذا كنتم جالسين في
مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله فسئل عن مسألة فلا تسبقوه بالجواب حتى يجيب النبي صلى الله عليه وآله
أولا ، وقيل : معناه لا تسبقوه بقول ولا فعل حتى يأمركم به ، والاولى حمل الآية
على الجميع " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " لان فيه أحد شيئين : إما نوع
استخفاف به فهو الكفر ، وإما سوء الادب فهو خلاف التعظيم المأمور به " ولا تجهروا له
بالقول " أي غضوا أصواتكم عند مخاطبتكم إياه وفي مجلسه ، فإنه ليس مثلكم إذ يجب
تعظيمه وتوقيره من كل وجه ، وقيل : معناه لا تقولوا له : يامحمد كما يخاطب بعضكم بعضا ،
بل خاطبوه بالتعظيم والتبجيل ، وقولوا : يارسول الله " أن تحبط أعمالكم " أي كراهة
أن تحبط ، أو لئلا تحبط " وأنتم لا تشعرون " أنكم أحبطتم أعمالكم بجهر صوتكم على
صوته ، وترك تعظيمه " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله " أي يخفضون أصواتهم في
مجلسه إجلالا له ، " اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى " أي اختبرها فأخلصها للتقوى
وقيل : معناه إنه علم خلوص نياتهم ، وقيل : معناه عاملهم معاملة المختبر بما تعبدهم به
من هذه العبادة فخلصوا على الاختبار كما يخلص جيد الذهب بالنار " لهم مغفرة " من
الله لذنوبهم " وأجر عظيم " على طاعاتهم " إن الذين ينادوتك من وراء الحجرات ، وهم


(1)أى أعطاهم الجائزة .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه