بحار الأنوار ج13

يا بني كن عبدا للاخيار ، ولا تكن ولدا للاشرار ، يا بني أد الامانة تسلم دنياك وآخرتك ،
وكن أمينا فإن الله تعالى جل وعلا لا يحب الخائنين ، يا بني لا تر الناس أنك تخشى
الله وقلبك فاجر .(1)
بيان : لا تقترب أي من الناس في المعاشرة كثيرا فيصير سببا لكثرة البعد عنهم ،
والغرض بيان أن ما ينبغي في معاشرتهم هو رعاية الوسط ، فإن كثرة الخلطة وبث الاسرار
أقرب إلى المفارقة ، والبعد عنهم يوجب الاهانة . قوله عليه السلام :(لا تنشر بزك)أي لا تعرض
متاعك من العلم والحكمة إلا عند طالبه ومن هو أهله .
12 - ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن
المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : لما وعظ لقمان ابنه فقال :
أنا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت(2)واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب من
دار أنت منها متباعد ، يا بني لا تطلب من الامر مدبرا ، ولا ترفض منه مقبلا ، فإن ذلك
يضل الرأي ويزري بالعقل ، يا بني ليكن مما تستظهر به على عدوك الورع عن المحارم ،
والفضل في دينك ، والصيانة لمروتك ،(3)والاكرام لنفسك أن تدنسها بمعاصي الرحمن
ومساوي الاخلاق وقبيح الافعال ، واكتم سرك ، وأحسن سريرتك ، فإنك إذا فعلت
ذلك أمنت بستر الله أن يصيب عدوك منك عورة ، أو يقدر منك على زلة ، ولا تأمنن مكره
فيصيب منك غرة(4)في بعض حالاتك ، وإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة ،
وليكن مما تتسلح به على عدوك إعلان الرضى عنه ، واستصغر الكثير في طلب المنفعة ،
واستعظم الصغير في ركوب المضرة ، يا بني لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملن
عليهم فوق طاقتهم فلا يزال جليسك عنك نافرا ، والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك ،
فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ، ولا أخ لك يعضدك ، فإذا بقيت وحيدا كنت


(1)قصص الانبياء مخطوط .
(2)استظهر في هامش المطبوع أن الصواب : استدبرتها .
(3)أصلها " المروء‌ة " أى كمال الرجولية ، ويقال بالفارسية " مردانگى " فقلب الهمزة واوا
ثم ادغم .
(4)الغرة بالكسر : الغفلة ، أى فيصيب منك غفلة في بعض حالاتك فيضرك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه