بحار الأنوار ج14

بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى وجوههم فقال : ماذا
تقولون ؟ أتقولون إني لا أعلم ماصنعتم بأب هذا الفتى ؟ إني إذا لجاهل ، ثم قال :
فرقوهم وغطوا رؤوسهم ، ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين
المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة
ودواتا ، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء واجتمع الناس إليه ، فقال : إذا أنا كبرت
فكبروا ، ثم قال للناس : افرجوا ، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن

وجهه ، ثم قال لعبيد الله : اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له :
في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبوهذا الفتى معكم ؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال :
وفي أي شهر ؟ قال : في شهر كذا وكذا ،(1)قال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات
أبوهذا الفتى ؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي أي منزل مات ؟ قال : في منزل فلان
ابن فلان ، قال : وما كان من مرضه ؟(2)قال : كذا وكذا ، قال : كم يوما مرض ؟ قال :
كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان يمرضه ؟ وفي أي يوم مات ؟ ومن غسله ؟ و
أين غسله ؟ ومن كفنه ؟ وبما كفنتموه ؟ ومن صلى عليه ؟ ومن نزل قبره ؟ فلما سأله
عن جميع ما يريد كبر علي عليه السلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا
أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه وأن ينطلقوا به إلى الحبس ،
ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثم قال : كلا ، زعمت أني لا أعلم ما
صنعتم ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ، ولقد كنت كارها لقتله ، فأقر ،
ثم دعا بواحد بعد واحد وكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثم رد الذي كان أمر به إلى
السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم .
وقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود عليه السلام ؟ فقال : إن داود النبي
عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم : مات الدين ، فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام
ما اسمك ؟ فقال : اسمي مات الدين ، فقال له داود : من سماك بهذا الاسم ؟ قال : أمي ،


(1)في التهذيب زيادة وهي : فقال : في أي سنة ؟ قال : في سنة كذا وكذا .
(2)في التهذيب : وما كان مرضه ؟

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه