أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ، قال مجاهد : وكل نبي أب لامته ، ولذلك صار المؤمنين
إخوة(1).
وفي قوله تعالى : " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " : الذين لم يلدهم ، وفي هذا بيان
أنه ليس بأب لزيد فيحرم عليه زوجته(2)، فلهذا أشار إليهم فقال : " من رجالكم " وقد
ولد له صلى الله عليه واله أولاد ذكور : إبراهيم ، والقاسم ، والطيب ، والمطهر ، فكان أباهم ، وقد صح
أنه قال للحسن عليه السلام : " إن ابني هذا سيد " وقال أيضا للحسن والحسين عليهما السلام : " ابناي
هذان إمامان قاما أو قعدا " وقال صلى الله عليه واله : " إن كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد
فاطمة فإني أنا أبوهم " وقيل : أراد بقوله : " رجالكم " البالغين من رجال ذلك الوقت ،
ولم يكن أحد من أبنائه رجلا في ذلك الوقت " ولكن رسول الله " أي ولكن كان رسول الله
لا يترك ما أباحه الله تعالى بقول الجهال ، وقيل : إن الوجه في اتصاله بما قبله أنه أراد
سبحانه ليس يلزم طاعته صلى الله عليه واله وتعظيمه لمكان النسب بينه وبينكم ، ولمكان الابوة ، بل
إنما يجب ذلك عليكم لمكان النبوة " وخاتم النبيين " أي وآخر النبيين ، ختمت النبوة
به ، فشريعته باقية إلى يوم الدين(3).
وفي قوله تعالى : " إنا أرسلناك شاهدا " : على امتك فيما يفعلونه من طاعة و
معصية وإيمان وكفر ، لتشهد لهم وعليهم يوم القيامة " ومبشرا " لمن أطاعني وأطاعك بالجنة
" ونذيرا " لمن عصاني وعصاك بالنار " وداعيا إلى الله " والاقرار بوحدانيته(4)، وامتثال
أوامره ونواهيه " بإذنه " أي بعلمه وأمره " وسراجا منيرا " يهتدى بك في الدين كما يهتدى
بالسراج ، والمنير الذي يصدر النور من جهته إما بفعله ، وإما لانه سبب له ، فالقمر
منير ، والسراج منير بهذا المعنى ، والله منير السماوات والارض ، وقيل : عنى بالسراج
المنير القرآن ، والتقدير ذا سراج(5).
(1)مجمع البيان 8 : 338 .
(2)في المصدر : فتحرم عليه زوجته .
(3)مجمع البيان 8 : 361 و 362 .
(4)في المصدر : أي وبعثناك داعيا إلى الله والاقرار بوحدانيته .
(5)مجمع البيان 8 : 363 .(*)