بحار الأنوار ج80

ويظهر منه أن الاعتبار عنده بغيبوبة القرص ، وإليه ذهب في الاستبصار على
أحد الوجهين في الجمع بين الاخبار ، وهو مختار السيد المرتضى وابن الجنيد و
ابن بابويه في كتاب علل الشرايع(1)وظاهر اختياره في الفقيه(2)حيث نقل
الاحاديث الدالة عليه ، واختاره بعض المتأخرين .
وقال ابن أبي عقيل : أول وقت المغرب سقوط القرص ، وعلامة سقوط القرص
أن يسود افق السماء من المشرق ، وذلك عند إقبال الليل وتقوية الظلمة في الجو ،
واشتباك النجوم ، ولعله أراد ما يقرب القول الاول والاخبار المعتبرة الكثيرة
تدل على القول الثاني ، وهو استتار القرص ، ولعل الاكثر إنما عدلوا عنها
لموافقتها لمذاهب العامة : فحملوها على التقية ، وتأويلها بذهاب الحمرة في غاية
البعد ، لكن العمل بها ، وحمل ما يعارضها على الاستحباب وجه قوي به يجمع بين
(1)علل الشرايع ج 2 ص 38 باب العلة التى من أجلها صار وقت المغرب اذا
ذهبت الحمرة من المشرق ، وكما ترى عنوان الباب يوافق المشهور وان كان في طى
الباب احاديث تحكم بأن غروب الشمس باستتار القرص والذى عندى أن الغروب هو
استتار القرص لا عن وجه الارض فقط ، بل عنها وعن كل ما علاها من الجو الذى يتعلق بها
وهو منتهى ما يمكن للانسان أن يعيش فيه ويتنفس من الهواء المحيط بالارض ، وذلك لان
سلطان الشمس ونفوذها انما هو في الهواء ، ولولاه لم يكن للشمس ضياء ولا بهاء ، فاللازم
أن يعتبر الغروب بالنسبة لى الهواء الذى يعلو كل قطعة من الارض .
فلو قيل بأن الغروب هو استتار الشمس عن نظر الرائى الذى قام على وجه الارض
لوجب على ذاك الرائى صلاة المغرب ، ولم يجب على من ارتفع إلى الطبقة الثانية ، واذا
غربت الشمس من الطبقة الثانية ولم تغرب من الثالثة عاد الاشكال والمحذور وهكذا في
كل طبقة بالنسبة إلى طبقة أخرى تعلوها ، الا اذا اعتبر غروب الشمس عن الطبقة العالية
التى ليس بعدها هواء ولا للشمس فيها شعاع وضياء . ولا يعرف غروبها عن تلك الطبقة
الا بذهاب الحمرة المشرقية عن قمة الرأس .
(2)الفقيه ج 1 ص 141 - 142 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه