بحار الأنوار ج4

ولحسن مزيده موجبا ، ونستعين به استعانة راج لفضله ، مؤمل لنفعه ، واثق بدفعه ،
معترف له بالطول ،(1)مذعن له بالعمل والقول ، ونؤمن به إيمان من رجاه موقتا ؟ ، وأناب
إليه مؤمنا ، وخنع له مذعنا وأخلص له موحدا ، وعظمه ممجدا ، ولاذبه راغبا مجتهدا ،
لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يتقدمه وقت
ولازمان ، ولم يتعاوره زيادة ولانقصان ، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن
والقضاء المبرم ، فمن شواهد خلقه خلق السموات موطدات بلاعمد ، قائمات بلاسند ،
دعاهن فأجبن طائعات مذعنات ، غير متلكئات ولامبطئات ،(2)ولولاإقرار هن له بالربوبية
وإذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه ، ولامسكنا لملائكته ، ولامصعدا للكلم
الطيب والعمل الصالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج
الاقطار لم يمنع ضوء نورها إدلهمام سجف الليل المظلم ، ولا استطاعت جلابيب(3)سواد
الحنادس أن ترد ما شاع في السموات من تلالؤ نور القمر ، فسجان من لايخفى عليه سواد غسق
داج ، ولاليل ساج في بقاع الارضين المتطاطئات ، ولافي يفاع السفع المتجاورات ، وما
يتجلجل به الرعد في افق السماء ، وما تلاشت عنه بروق الغمام ، وما تسقط من ورقة
تزيلها عن مسقطها عواصف الانواء وانهطال السماء ، ويعلم مسقط القطرة ومقرها ، و
مسحب الذرة ومجرها ، وما يكفي البعوضة من قوتها ، وما تحمل الانثى في بطنها .
والحمد لله الكائن قبل أن يكون كرسي أو عرش او سماء أو أرض أو جان أو إنس ، لايدرك
بوهم ، ولايقدر بفهم ، ولا يشغله سائل ، ولا ينقصه نائل ، ولا ينظر بعين ، ولايحد بأين ، و
لا يوصف بالازواج ، ولا يخلق بعلاج ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يقاس بالناس ، الذي
كلم موسى تكليما ، وأراه من آياته عظيما ، بلا جوارح ولاأدوات ، ولانطق ولالهوات
بل إن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف ربك فصف جبرئيل وميكائيل وجنود الملائكة
المقربين في حجرات القدس مرجحنين ، متولهة عقولهم أن يحدوا حسن الخالقين ، و


(1)الطول بفتح الطاء : الفضل .
(2)التلكؤ الاعتلال . وعن الامر : التباطوء والتوقف .
(3)الجلابيب : القميص او الثواب الواسع . وفى المغرب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه