بحار الأنوار ج13

يأمره بذلك ، فلما أخبر بني إسرائيل ضجوا من ذلك ، وقالوا : يستخلف علينا حدثا
وفينا من هو أكبر منه ! فدعا أسباط بني إسرائيل فقال لهم : قد بلغتني مقالتكم فأروني
عصيكم ، فأي عصا أثمرت فصاحبها ولي الامر بعدي ، فقالوا : رضينا ، وقال : ليكتب
كل واحد منكم اسمه على عصاه فكتبوا ، ثم جاء سليمان بعصاه فكتب عليها اسمه ثم
ادخلت بيتا واغلق الباب وحرسه رؤوس أسباط بني إسرائيل ، فلما أصبح صلى بهم الغداة ،
ثم أقبل ففتح الباب فأخرج عصيهم وقد أورقت عصا سليمان وقد أثمرت ، فسلموا ذلك
لداود ، فاختبره بحضرة بني إسرائيل فقال له : يا بني أي شئ أبرد ؟ قال : عفو الله عن الناس
وعفو الناس بعضهم عن بعض ، قال : يا بني فأي شئ أحلى ؟ قال : المحبة وهي روح الله
في عباده ، فافتر داود ضاحكا فسار به في بني إسرائيل فقال : هذا خليفتي فيكم من بعدي
ثم أخفى سليمان بعد ذلك أمره وتزوج بامرأة واستتر من شيعته ما شاء الله أن يستتر ،
ثم إن امرأته قالت له ذات يوم : بأبي أنت وامي ما أكمل خصالك وأطيب ريحك !
ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلا أنك في مؤونة أبي ، فلو دخلت السوق فتعرضت لرزق الله
رجوت أن لا يخيبك ، فقال لها سليمان : إني والله ما عملت عملا قط ولا احسنه ، فدخل
السوق فجال يومه ذلك ثم رجع فلم يصب شيئا ، فقال لها : ما أصبت شيئا ، قالت : لا عليك
إن لم يكن اليوم كان غدا ، فلما كان من الغد خرج إلى السوق فجال فيه فلم يقدر على شئ
ورجع فأخبرها فقالت : يكون غدا إن شاء الله ، فلما كان في اليوم الثالث مضى حتى انتهى
إلى ساحل البحر فإذا هو بصياد فقال له : هل لك أن اعينك وتعطينا شيئا ؟ قال : نعم ،
فأعانه فلما فرغ أعطاه الصياد سمكتين فأخذهما وحمد الله عزوجل ، ثم إنه شق بطن
إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنها ، فأخذه فصيره في ثوبه(1)وحمد الله ، وأصلح السمكتين
وجاء بهما إلى منزله ، وفرحت امرأته بذلك ، وقالت له : إني اريد أن تدعو أبوي حتى
يعلما أنك قد كسبت ، فدعاهما فأكلا معه ، فلما فرغوا قال لهم : هل تعرفوني ؟ قالوا :
لا والله إلا أنا لم نر خيرا منك ،(2)فأخرج خاتمه فلبسه فخر عليه الطير والريح وغشيه


(1)في المصدر : فصره في ثوبه وهو الاصح ، والمعنى : فربطه في ثوبه .
(2)في المصدر : لا والله الا أنا لم نر الا خيرا منك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه