بحار الأنوار ج8

أكل منها ثمرة يجدها أمر من الصبر ، وأنتن من الجيف ، وأشد من الحديد ، فإذا واقعت
بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم ، فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام
فبيناهم كذلك إذ تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا في ظلم متراكبة ، فإذا استقر وافي
النار سمع لهم صوت كصيح السمك على المقلى ،(1)أو كقضيب القصب ، ثم يرمي بنفسه
من الشجرة في أودية مذابة من صفر من نار وأشد حرا من النار ، تغلي بهم الاودية ،
ترمي بهم في سواحلها ، ولها سواحل كسواحل بحركم هذا ، فأبعدهم منها باع ، والثاني
ذراع ، والثالى فتر(2)فيحمل عليهم هوام النار الحيات والعقارب كأمثال البغال الدلم ، لكل عقرب ستون فقارا ، في كل فقار قلة من سم ، وحيات سود زرق أمثال
البخاتي ، فيتعلق بالرجل سبعون ألف حية ، وسبعون ألف عقرب ، ثم كب في النار
سبعين ألف عام لا تحرقه قد اكتفى بسهمته(بسمهاظ)ثم تعلق على كل غصن من الزقوم
سبعون ألف رجل ماينحني ولا ينكسر ، فيدخل النار من أدبارهم ، فتطلع على الافئدة ،
تقلص الشفاه ، وتطير الجنان ، وتنضج الجلود ، وتذوب الشحوم ، ويغضب الحي
القيوم فيقول :
يامالك قل لهم : ذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ، يامالك سعر سعر فقد اشتد
غضبي على من شتمني على عرشي ، واستخف بحقي ، وأنا الملك الجبار ، فينادي مالك :
ياأهل الضلال والاستكبار والنعمة في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر ؟ قال :
فيقولون : قد أنضجت قلوبنا ، وأكلت لحومنا ، وحطمت عظامنا ، فليس لنا مستغيث ،
ولا لنا معين ، قال : فيقول مالك : وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا ، فيقولون : إن عذبنا
ربنا لم يظلمنا شيئا ، قال : فيقول مالك : فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ،
يعني بعدا لاصحاب السعير ، ثم يغضب الجبار فيقول : يامالك سعر سعر ، فيغضب
مالك فيبعث عليهم سحابة سوداء يظل أهل النار كلهم ، ثم يناديهم فيسمعها أولهم
وآخرهم وأفضلهم وأناداهم ، فيقول : ماذا تريدون أن امطركم ؟ فيقولون : الماء البارد


(1)وعاء يقلى فيه الطعام .
(2)الباع : قدر مداليدين . والفتر تقدم معناه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه