هناك من بنى هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر فلما حضروا قالوا بايعوا أبابكر
فقد بايعه الناس ، وأيم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف .
فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل رجل فجعل يبايع حتى لم يبق ممن
حضر لا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له : بابع أبابكر فقال علي : أنا أحق بهذا
الامر منه وأنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الامر من الانصار واحتججتم عليهم
بالقرابة من رسول الله ، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا ألستم زعمتم للانصار أنكم
أولى بهذا الامر منه لمكانكم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأعطوكم المقادة ، وسلموا
لكم الامارة ، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الانصار ، أنا أولى برسول الله حيا
وميتا وأنا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه ، وأنا الصديق الاكبر أول من
آمن به وصدقه ، وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين ، وأعرفكم بالكتاب والسنة
وأفقهكم في الدين وأعلمكم بعواقب الامور ، وأذربكم لسانا ، وأثبتكم جنانا
فعلام تنازعونا هذا الامر ، أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم وأعرفوا لنا
من الامر مثل ما عرفته الانصار لكم ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون .
فقال عمر : أما لك بأهل بيتك أسوة ؟ فقال علي عليه السلام سلوهم عن ذلك فابتدر القوم
الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا : ما بيعتنا بحجة على علي عليه السلام ، ومعاذ الله أن
نقول أنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد والمحل من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال
عمر : إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها ، فقال علي عليه السلام : احلب حلبا لك
شطره ، اشدد له اليوم ليرد عليك غدا ، إذا والله لا أقبل قولك ولا أحفل بمقامك
ولا ابايع فقال أبوبكر : مهلا يا أبا الحسن ما نشدد عليك ولا نكرهك ، فقام أبو
عبيدة إلى علي فقال : يا ابن عمر لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك
ولكنك حدث السن ، وكان لعلي عليه السلام يومئذ ثلاث وثلاثون سنة ، وأبوبكر
شيخ من مشايخ قومك ، وهو أحمل لثقل هذا الامر ، وقد مضى الامر بما فيه ، فسلم
= فضرب به الجدار . . . ثم ساق احتجاج على بمثل ما في الصلب وسيجئ متنه بطوله عن
قريب انشاء الله .(*)