التقى ، ومحل السخا وبحر الندى وطود النهى ومعدن العلم ونور في ظلم الدجا
وخير من آمن واتقى ، وأكمل من تقمص وارتدى ، وأفضل من شهد النجوى بعد
النبي المصطفى ، وما ازكي نفسي ولكن بنعمة ربي احدث(1) ، أنا صاحب القبلتين
وحامل الرايتين ، فهل يوازي في أحد وأنا أبوالسبطين ؟ فهل يساوي بي بشر وأنا زوج
خير النسوان ؟ فهل يفوقني أحد(2) وأنا القمر الزاهر بالعلم الذي علمني ربي
والفرات الزاخر اشبهت من القمر نوره وبهاءه ، ومن الفرات بذله وسخاءه .
أيها الناس بنا أنار الله السبل وأقام الميل ، وعبدالله في أرضه وتناهت إليه
معرفة خلقه ، وقدس الله جل وتعالى بإبلاغنا الالسن ، وابتهلت بدعوتنا الاذهان
فتوفى الله محمدا صلى الله عليه وآله سعيدا شهيدا هاديا مهديا قائما بما استكفاه ، حافظا لما استرعاه
تمم به الدين ، وأوضح به اليقين ، وأقرت العقول بدلالته ، وأبانت حجج أنبيائه
واندمغ الباطل زاهقا ، ووضح العدل ناطقا ، وعطل مظان الشيطان ، وأوضح الحق
والبرهان ، اللهم فاجعل فواضل صلواتك ونوامي بركاتك ورأفتك ورحمتك على محمد نبي
الرحمة وعلى أهل بيته الطاهرين(3) .
بيان قوله عليه السلام : خلقه ، الظاهر أن الضمير راجع إلى النبي صلى الله عليه وآله ، وقوله :
سبقت به السلالة ، لعل فيه تصحيفا ، ويحتمل أن يكون المراد أن السلالة إنما
سبقت خلقته لاجل ذلك النور ، وليكون محلا له .
والمراد بالسلالة آدم عليه السلام كما قال تعالى : " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من
طين " ويحتمل أن يكون صغت ، فصحف ، وفي القاموس : الجرم بالكسر : الجسد
قوله : بما أكننت أي دعاك مستشفعا بالنور الذي سترته فيه ، وقوله : قدرة ، إن لم
يكن تصحيفا فهو حال عن ضمير إجرامه .
وبرد هو الخامس من الاباء ، وقع هنا مكان زيادا وماردا وأيادا وادد في الاخبار
(1) اشارة إلى قوله تعالى : واما بنعمة ربك فحدث .
(2) في المصدر : فهل يفوقنى رجل .
(3) اثبات الوصية : 100 و 105 . *