بحار الأنوار ج47

إن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي له الاموال .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال له : تحلف
على برائتك من ذلك ؟ قال : نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شئ ، قال أبوجعفر :
لابل تحلف بالطلاق والعتاق ، فقال أبوعبدالله : أما ترضى يمني بالله الذي لا إله
إلا هو ؟ ! قال أبوجعفر : فلا تفقه علي ! فقال أبوعبدالله عليه السلام : فأين يذهب
بالفقه مني يا أمير المؤمنين ! ؟ قال له : دع عنك هذا ، فاني أجمع الساعة بينك
وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك ، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة
جعفر فقال : نعم هذا صحيح ، وهذا جعفر بن محمد ، والذي قلت فيه كما قلت
فقال أبوعبدالله عليه السلام : تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح ؟ قال : نعم .
ثم ابتدأ الرجل باليمين فقال : والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب ، الحي
القيوم ، فقال له جعفر عليه السلام : لا تعجل في يمينك ، فاني أنا أستحلف .
قال المنصور : وما أنكرت من هذه اليمين ؟ قال : إن الله تعالى حيي كريم
يستحيي من عبده إذا أثنى عليه ، أن يعاجله بالعقوبة ، لمدحه له ، ولكن قل يا
أيها الرجل : أبرأ إلى الله من حوله وقوته ، وألجأ إلى حولي وقوتي إني لصادق
بر فيما أقول ، فقال المنصور المقرشي : احلف بما استحلفك به أبوعبدالله ، فحلف
الرجل بهذه اليمين ، فلم يستنم الكلام ، حتى أجذم وخر ميتا ، فراع أبا جعفر
ذلك ، وارتعدت فرائصه فقال : يا أبا عبدالله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت
ذلك ، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك ، فوالله لا قبلت عليك
قول أحد بعدها أبدا(1).
بيان : تلوم في الامر : تمكث وانتظر ، وقوله : لم نأل أي لم نقصر .
42 - مهج : روى محمد بن عبيدالله الاسكندري أنه قال : كنت من جملة
ندماء أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر وخواصه ، وكنت صاحب سره من بين
الجميع ، فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا فقلت : ما هذه


(1)مهج الدعوات ص 198 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه