الحال ، وقبل سكون الامر(1).
وقال البيضاوي في قوله تعالى : ويأتوكم من فورهم هذا (2)أي من
ساعتهم هذه ، وهو في الاصل مصدر فارت القدر إذا غلت ، فاستعير للسرعة ثم
أطلق للحال التي لا ريث فيها ولا تراخي ، والمعنى أن يأتوكم في الحال(3)وقال
في المصباح : فار الماء يفور فورا نبع وجرى ، وفارت القدر فورا وفورانا ، وقولهم
الشفعة على الفور من هذا اي على الوقت الحاضر الذي لا تأخير فيه ، ثم استعمل
في الحالة التي لا بطئ فيها ، يقال : جاء فلان في حاجته ، ثم رجع من فوره
اي من حركته التي وصل فيها ، ولم يسكن بعدها ، وحقيقته أن يصل ما بعد المجئ
بما قبله من غير لبث انتهى .
وضمير فوره للرجل وقيل : للغضب : والاول أنسب بالآية ، و ذلك صفة
فوره فانه سيذهب كيمنع والرجز فاعله أو علي بناء الافعال ، والضمير المستتر
فاعله ، وراجع إى مصدر فليجلس و الرجز مفعوله ، وفي النهاية الرجز
بكسر الراء العذاب والاثم والذنب ورجز الشيطان وساوسه انتهى .
وذهاب ذلك بالجلوس مجرب كما أن من جلس عند حملة الكلب وجده
ساكنا لا يحوم حوله ، وفيه سر لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ، وربما
يقال : السر فيه هو الاشعار بأنه من التراب ، وعبد ذليل لا يليق به الغضب ، أو
التوسل بسكون الارض وثبوتها .
وأقول : كأنه لقلة دواعيه إلى المشي للقتل والضرب وأشباههما ، أو
للانتقال من حال إلى حال أخرى ، والاشتغال بأمر آخر فانهما مما يذهل عن الغضب
في الجملة ، ولذا ألحق بعض العلماء الاضطجاع والقيام إذا كان جالسا ، والوضوء
بالماء البارد وشربه بالجلوس في ذهاب الرجز .
(1)مفردات غريب القرآن 387 .
(2)آل عمران : 125 .
(3)أنوار التنزيل : 81 .