بحار الأنوار ج74

نفسك عن دنية وإن ساقتك إلى الرغائب(1)فانك لن تعتاض بما تبذل شيئا من
دينك وعرضك بثمن وإن جل ، ومن خير حظ امرء قرين صالح ، فقارن أهل الخير
تكن منهم ، وباين أهل الشر تبن عنهم ، لا يغلبن عليك سوء الظن فانه لا يدع
بينك وبين صديق صفحا(2)بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف أفحش الظلم ، والفاحشة
كاسمها ، والتصبر على المكروه يعصم القلب ، وإذا كان الرفق خرفا كان الخرق
رفقا(3)وربما كان الداء ودواء ، وربما نصح غير الناصح ، وغش المستنصح(4)
وإياك والاتكال على المنى فإنها بضائع النوكى(5)ومطل عن الاخرة والدنيا(6)
زك قلبك بالاذب كما يذكى النار بالحطب ، ولا تكن كحاطب الليل وغثاء
السيل(7).


الدنية مؤنث الدنى : الساقط الضعيف والخصلة المذمومة والنقيصة . والمراد أن
طلب المال لصيانة النفس وحفظه فلو أتعبت وبذلت نفسك لتحصيل المال فقد ضيعت ما هو
المقصود منه فلا عوض لما ضيع . والرغائب : جمع الرغيبة وهى الامر المرغوب فيه ، والعطاء
الكثير . وقوله فانك لن تعتاض اى لن تجد عوضا عما تبذل .
(2)الصفح الاعراض .
(3)الخرق بضم الخاء وسكون الراء - وبالتحريك ضد الرفق ، والعنف يعنى اذا
كان العنف في مقام يلزمه لمصلحة كمقام التأديب واجراء الحدود يكون ابداله بالرفق
عنفا ويكون العنف في هذا المقام من الرفق . فلا يجوز وضع كل منهما موضع الاخر .
(4)المستنصح : المطلوب منه النصح .
(5)المنى جمع المنية - بالضم فالسكون - : ما يتمناه الانسان لنفسه ويعلل نفسه باحتمال
الوصول اليه . والبضائع جمع بضاعة وهى من المال ما اعد للتجارة . والنوكى - كسكرى -
جمع الانوك أى الاحمق وأيضا المقهور والمغلوب والمراد هنا الضعيف النفس في الرأى
والعمل .
(6)المطل : التسويف والتعويق وفى المصدر وتثبط في الاخرة والدنيا وفى التحف
وتثبط عن الاخرة والدنيا ولعله هو الصواب والتثبط : ايضا التعويق .
(7)الحاطب الذى يجمع الحطب . واذا كان ذلك في ظلمة الليل خلط الحابل بالنابل
وهو مثل يضرب لمن خلط في كلامه . والغثاء بالغين المعجمة والثاء المثلثة - الزبد و
البالى من ورق الشجر المخالط زبد السيل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه