بحار الأنوار ج60

وقال البيضاوي : اللمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما
لا يستقل به اللانسان ، وذلك لا يستتب إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس ،
فإن التناسب شرط في التضام والتعاون ، وبهذا يميز الساحر عن النبيي والوليي .
وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والادوية أو يريه صاحب
خفة اليد فغير مذموم ، وتسميته سحرآ على التجوز ، أو لما فيه من الدقة لانه
في اللاصل لما خفي سببه(1).
وقال الشيخ - قدس سره - في التبيان : قيل في معنى السحر أربعة أقوال : أحدها
أنه خدع ومخاريق وتمويهات لا حقيقة لها ، يخيل إلى المسحور أن لها حقيقة .
والثاني أنه أخذ بالعين على وجه الحيلة . والثالث أنه قلب الحيوان من صورة إلى
صورة ، وإنشاء الاجسام على وجه الاختراع ، فيمكن الساحر أن يقلب الانسان حمارا
وينشئ أجساما . والرابع أنه ضرب من خدمة الجن . وأقرب الاقوال الاول لان
كل شئ خرج عن العادة الجارية فإنه سحر لا يجوز أن يتأتى من الساحر ، ومن
جوز شيئا من هذا فقد كفر ، لانه لا يمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة
على النبوات ، لانه أجازمثله على جهة الحيلة والسحر(2).
وقال النيسابوري : السحر في اللغة عبار عن كل ما لطف مأخذه وخفي سببه ،
ومنه الساحر العالم ، وسحره خدعه ، والسحر الرئة . وفي الشرع مختص بكل أمر
يختفي سببه ويتخيل على غير حقيقته ، ويجري مجرى التمويه والخداع . وقد
يستعمل مقيدا فيما يمدح ويحمد ، وهو السحر الحلال . قال صلى الله عليه وآله : إن من البيان
لسحرا .
ثم السحر على أقسام : منها سحر الكلدانيين الذين كانوا في قديم الدهر ، وهم
قوم يعبدون الكواكب ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم ، ومنها تصدر الخيرات


(1)أنوار التنزيل : ج 1 ، ص 102 .
(2)التبيان 1 : 374 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه