بحار الأنوار ج58

وتقلع عيناه ، وتقطع اذناه ، إلى غيرها من الاعضاء ، فإن ذلك الانسان يجد من قلبه
وعقله أنه هو عين ذلك الانسان من غير تفاوت البته ، حتى أنه يقول : أنا ذلك الانسان
الذي كنت موجودا قبل ذلك ، إلا أنهم قطعوا يدي ورجلي ، وذلك برهان يقيني
على أن ذلك الانسان شئ مغائر لهذه الاعضاء والابعاض ، وذلك يبطل قول من يقول :
الانسان عبارة عن هذه البنية المخصوصة .
الثالث عشر : أن القرآن والاحاديث يدلان على أن جماعة من اليهود قد
مسخهم الله ، وجعلهم في صورة القردة والخنازير ، فنقول : ذلك الانسان هل بقي حال
ذلك المسخ أولم يبق ؟ فإن لم يبق كان هذا إماتة الانسان وخلق خنزير أوقردة
وليس هذا من المسخ في شئ وإن قلنا : إن ذلك الانسان بقي حال حصول ذلك المسخ
فنقول : فعلى هذا التقدير الانسان باق وتلك البنية وذلك الهيكل غير باق ، فوجب أن
يكون ذلك الانسان شيئا مغائر التلك البنية .
الرابع عشر : أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى جبرئيل في صورة دحية الكلبي
وكان يرى إبليس في صورة الشيخ النجدي ، فهنا بنية الانسان وهيكله وشكله حاصل
مع أن الحقيقة(1)الانسانية غير حاصلة ، وهذا يدل على أن الانسان ليس عبارة
عن هذه البنية وهذا الهيكل .
الخامس عشر : أن الزاني يزني بفرجه ويضرب على ظهره ، فوجب أن يكون
الانسان شيئا آخر سوى الفرج وسوى الظهر ، ويقال : إن ذلك الشئ يستعمل الفرج
في عمل والظهر في عمل آخر ، فيكون الملتذ والمتألم هو ذلك الشئ ، إلا أنه يحصل
اللذة بواسطة ذلك العضو ويتألم بواسطة الضرب على هذا العضو .
السادس عشر : أني إذا تكلمت مع زيد وقلت له : افعل كذا ، ولا تفعل كذا !
فالمخاطب بهذا الخطاب والمأموروالمنهئ ليس هو جبهة زيد ولا حدقته ولا أنفه ولافمه
ولا شئ من أعضائه بعينه ، فوجب أن يكون المأمور والمنهي والمخاطب شيئا مغائرا
لهذه الاعضاء ، وذلك يدل على أن ذلك المأمور والمنهي غير هذا الجسد . فإن قالوا :


(1)في المصدر : حقيقة الانسان .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه