بحار الأنوار ج21

قالوا : بلى ، ولله ولرسوله المن والطول والفضل علينا ، قال : " ألم آتكم و
أنتم أعدآء فألف الله بين قلوبكم بي ؟ " قالوا : أجل ، ثم قال : " ألم آتكم وأنتم
قليل فكثر كم الله بي ؟ " وقال ماشاء‌الله أن يقول ، ثم سكت ، ثم قال : " ألا تجيبوني ؟ "
قالوا : بم نجيبك يا رسول الله فداك أبونا وأمنا ؟ لك المن والفضل والطول ، قال :
" بل لوشئتم قلتم : جئتنا طريدا مكذبا فآويناك وصدقناك ، وجئتنا خائفا فآمناك "
فارتفعت أصواتهم(1)وقام إليه شيوخهم ، فقبلوا يديه ورجليه وركبتيه ، ثم قالوا :

رضينا عن الله وعن رسوله ، وهذه أموالنا أيضا بين يديك فاقسمها بين قومك إن شئت
فقال : " يا معشر الانصار أوجدتم في أنفسكم إذا قسمت مالا أتألف به قوما ، ووكلتم
إلى إيمانكم ؟ أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم ، ورجعتم أنتم ورسول الله
في سهمكم ؟ " ثم قال صلى الله عليه واله : " الانصار كرشي وعيبتي ، لوسلك الناس واديا وسلك
الانصار شعبا لسلكت شعب الانصار ، اللهم اغفر للانصار ، ولابناء الانصار ، ولابناء
أبناء الانصار " . قال : وقد كان فيما سبي أخته بنت حليمة ، فلما قامت على
رأسه قالت : يا محمد أختك سبي بنت حليمة ، قال : فنزع رسول الله صلى الله عليه واله برده فبسطه
لها فأجلسها عليه ، ثم أكب عليها(2)يسائلها ، وهي التي كانت تحضنه إذا كانت(3)
أمها ترضعه .
وأدرك وفد هوازن رسول الله صلى الله عليه واله بالجعرانة وقد أسلموا ، فقالوا : يا رسول
الله لنا أصل وعشيرة ، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك ، فامنن علينا من الله
عليك ، وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال : يا رسول الله إنا لو ملحنا الحارث بن
أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم ولى منا مثل الذي وليت لعاد علينا بفضله وعطفه
وأنت خير المكفولين ، وإنما في الحظائر(4)خالاتك وبنات خالاتك ، وحواضنك
وبنات حواضنك اللاتي أرضعنك ، ولسنا نسألك مالا إنما نسألكهن ، وقد كان


(1)في المصدر : فارتفعت إليه أصواتهم .
(2)اى أقبل عليها ولزمها .(3)في المصدر : إذا كانت .
(4)الحظائر جمع حظيرة ، وأصلها ما يصنع للابل والغنم ليكفها ويمنعها الانفلات .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه