بحار الأنوار ج98

الفتال ، وعاجلوك النزال ، ورشقوك بالسهام والنبال ، وبسطوا إليك أكف
الاصطلام ، ولم يرعوا لك ذماما ، ولا راقبوا فيك أثاما ، في قتلهم أولياء‌ك ، ونهبهم
رحالك ، وأنت مقدم في الهبوات ، ومحتمل للاذيات ، قد عجبت من صبرك ملائكة
السماوات .
فأحدقوا بك من كل الجهات ، وأثخنوك بالجراح ، وحالوا بينك وبين
الرواح ، ولم يبق لك ناصر ، وأنت محتسب صابر ، تذب عن نسوتك وأولادك
حتى نكسوك عن جوادك ، فهويت إلى الارض جريحا ، تطؤك الخيول بحوافرها
أو تعلوك الطغاة ببواترها .
قد رشح للموت جبينك ، واختلف بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك
تدير طرفا خفيفا إلى رحلك وبيتك ، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك وأسرع
فرسك شاردا ، إلى خيامك قاصدا ، محمحما باكيا .
فلما رأين النساء جوادك مخزيا ، ونظرن سرجك عليه ملويا ، برزن من
الخدور ، ناشرات الشعور ، على الخدود لاطمات الوجوه سافرات ، وبالعويل داعيات
وبعد العز مذللات ، وإلى مصرعك مبادرات .
والشمر جالس على صدرك ، ومولغ سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك
بيده ، ذابح لك بمهنده ، قد سكنت حواسك ، وخفيت أنفاسك ، ورفع على القناة
رأسك ، وسبي أهلك كالعبيد ، وصفدوا في الحديد ، فوق أقتاب المطيات ، تلفح
وجوههم حر الهاجرات ، يساقون في البراري والفلوات ، أيديهم مغلولة إلى الاعناق
يطاف بهم في الاسواق .
فالويل للعصاة الفساق ، لقد قتلوا بقتلك الاسلام ، وعطلوا الصلاة والصيام
ونقضوا السنن والاحكام ، وهدموا قواعد الايمان ، وحرفوا آيات القرآن ، و
هملجوا في البغي والعدوان .
لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه واله موتورا ، وعاد كتاب الله عزوجل مهجورا
وغودر الحق إذا قهرت مقهورا ، وفقد بفقدك التكبير والتهليل ، والتحريم والتحليل

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه