بحار الأنوار ج66

والنقصان ، وأنت خبير بأن هذا مما لايختلف في صحته اثنان .
وقد ذكر بعض العلماء أن هذا النزاع إنما يتمشى على قول من جعل
الطاعات من الايمان ، وأقول : الذي يقتضيه النظر أنه لايتمشى على قولهم أيضا
وذلك أن ما اعتبروه في الايمان من الطاعات إما أن يريدوا به توقف حصول
الايمان على جميع ما اعتبروه ، أو عليه في الجملة ، وعلى الاول يلزم كون
حقيقته واحدة ، فاذا ترك فرضا من تلك الطاعات يخرج من الايمان ، وعلى الثاني
يلزم كون ما يتحقق به الايمان من تلك الطاعات داخلا في حقيقته ، وما زاد عليه
خارجا فتكون واحدة على التقديرين فليس الزيادة والنقصان إلا في الكمال على
جميع الاقوال انتهى كلامه رفع الله مقامه .
وقال شارح المقاصد : ظاهر الكتاب والسنة وهو مذهب الاشاعرة والمعتزلة
والمحكي عن الشافعي وكثير من العلماء أن الايمان يزيد وينقص ، وعند
أبي حنيفة وأصحابه وكثير من العلماء وهو اختيار إمام الحرمين أنه لايزيد ولا
ينقص ، لانه اسم للتصديق البالغ حد الجزم والاذعان ، ولايتصور فيه الزيادة
والنقصان ، والمصدق إذا ضم الطاعات إليه أو ارتكب المعاصي ، فتصديقه بحاله لم
يتغير أصلا وإنما يتفاوت إذا كان اسما للطاعات المتفاوتة قلة وكثرة ، ولهذا قال
الامام الرازي وغيره : إن هذا الخلاف فرع تفسير الايمان ، فان قلنا : هو التصديق
فلا تتفاوت ، وإن قلنا : هو الاعمال فمتفاوت ، وقال إمام الحرمين : إذا حملنا الايمان على
التصديق فلا يفضل تصديق تصديقا كما لايفضل علم علما ، ومن حمله على الطاعة
سرا وعلنا وقد مال إليه القلانسي فلا يبعد إطلاق القول بأنه يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية ، ونحن لانؤثر هذا .
ثم قال : ولقائل أن يقول : لانسلم أن التصديق لايتفاوت ، بل يتفاوت
قوة وضعفا كما في التصديق بطلوع الشمس ، والتصديق بحدوث العالم ، لانه
إما نفس الاعتقاد القابل للتفاوت ، أو مبني عليه قلة وكثرة كما في التصديق الاجمالي
والتفصيلي الملاحظ لبعض التفاصيل وأكثر ، فان ذلك من الايمان لكونه تصديقا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه