بحار الأنوار ج60

تسعى "(1)يدل على أنه لا حقيقة للسحر ، وإنما هو تخييل وتمويه .
قلنا : يجوز أن يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل وقد تحقق ، ولو سلم فكون
أثره في تلك الصورة هو التخييل لا يدل على أنه لا حقيقة له أصلا .
وأما الاصابة بالعين وهو أن يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذا استحسنت
شيئا لحقه الآفة ، فثبوتها يكاد يجري مجرى المشاهدات التي لا تفتقر إلى حجة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله " العين حق يدخل الرجل القبر والجمل القدر " وقد ذهب كثير
من المفسرين إلى أن قوله تعالى " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما
سمعوا الذكر ويقولون(2)الآية " نزلت في ذلك .
وقالوا : كان العين في بني أسد ، فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام ، فلا
يمر به شئ يقول فيه " لم أركاليوم " إلا عانه ، فالتمس الكفار من بعض من كانت له
هذه الصنعة أن يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ، فعصمه الله .
واعترض الجبائي أن القوم ما كانوا ينظرون إلى النبي صلى الله عليه واله نظر استحسان
بل مقت ونقص .
والجواب أنهم كانوا يستحسنون منه الفصاحة وكثيرا من الصفات ، وإن كانوا
يبغضونه من جهة الدين .
ثم للقائلين بالسحر والعين اختلاف في جواز الاستعانة بالرقى والعوذ ، وفي جواز
تعليق التمائم ، وفي جواز النفث والمسح . ولكل من الطرفين أخبار وآثار ، والجواز
هو الارجح ، والمسألة بالفقهيات أشبه انتهى .
وأقول : الذي ظهر لنا مما مضى من الآيات والاخبار والآثار أن . للسحر
تأثيرا ما في بعض الاشخاص والابدان ، كإحداث حب أو بغض أو هم أو فرح ، وأما
تأثيره في إحياء شخص ، أو قلب حقيقة إلى أخرى ، كجعل الانسان بهيمة ، فلا ريب
في نفيهما ، وأنهما من المعجزات . وكذا في كل ما يكون من هذا القبيل ، كإبراء


(1)طه : 66 .
(2)القلم :(51).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه