بحار الأنوار ج7

القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة ، أو يتصايحون بالويل والثبور ، أو يتنادى أصحاب
الجنة وأصحاب النار كما حكي في الاعراف " يوم تولون " عن الموقف " مدبرين " منصرفين
عنه إلى النار ، وقيل : فارين عنها " ما لكم من الله من عاصم " يعصمكم من عذابه .
وفي قوله تعالى : " أزفت الآزفة " :(1)دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو
قوله : " اقتربت الساعة ليس لها من الله كاشفة " ليس لها نفس قادرة على كشفها
إذا وقعت إلا الله لكنه لا يكشفها ، أو الآن بتأخيرها إلا الله ، أو ليس لها كاشفة لوقتها
إلا الله ، إذ لا يطلع عليه سواه ، أو ليس لها من غير الله كشف على أنها مصدر كالعافية .
وفي قوله تعالى : " اقتربت الساعة وانشق القمر " : روي أن الكفار سألوا
رسول الله صلى الله عليه وآله آية فانشق القمر ، وقيل : سينشق القمر يوم القيامة ، ويؤيد الاول
أنه قرئ : وقد انشق القمر أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها انشقاق
القمر .
وفي قوله : " يوم يجمعكم ليوم الجمع " : أي لاجل ما فيه من الحساب والجزاء ،
والجمع جمع الملائكة والثقلين " ذلك يوم التغابن " يغبن فيه بعضهم بعضا لنزول السعداء
منازل الاشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس ، مستعار من تغابن التجار .
وفي قوله : " الحاقة " أي الساعة أو الحالة التي تحق وقوعها ، أو التي تحق
فيها الامور أي تعرف حقيقتها ، أو تقع فيها حواق الامور من الحساب والجزاء على
الاسناد المجازي ، وهي مبتدء خبرها : " ما الحاقة " وأصله : ما هي ؟ أي أي شئ هي ؟ على
التعظيم لشأنها والتهويل لها ، فوضع الظاهر موضع المضمر " وما أدريك ما الحاقة "
أي أي شئ أعلمك ما هي ؟ أي أنك لا تعلم كنهها فإنها أعظم من أن يبلغها دراية أحد ،
" كذبت ثمود وعاد بالقارعة "(2)بالحالة التي تقرع الناس بالافزاع والاجرام
بالانفطار والانتشار ، وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف شدتها .
وفي قوله : " إن أدري " : ما أدري " أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا "
غاية تطول مدتها .


(1)سميت الازفة لقربها مأخوذ من الازف وهو ضيق الوقت .
(2)القارعة : الداهية . النكبة المهلكة . القيامة لعلها سميت بها لانها تقرع القلوب بأهوالها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه