بيان : قيل : قوله كافرا حال عن العبد ، فلا يلزم أن يكون كفره مخلوقا
لله تعالى .
أقول : كأنه على المجاز ، فانه تعالى لما خلقه عالما بأنه سيكفر فكأنه
خلقه كافرا ، أو الخلق بمعنى التقدير ، والمعاصي يتعلق بها التقدير ببعض المعاني كما مر
تحقيقه ، وكذا تحبيب الشر إليه مجاز فانه لما سلب عنه التوفيق لسوء أعماله
وخلى بينه وبين نفسه وبين الشيطان ، فأحب الشر ، فكأن الله حببه إليه قال
سبحانه حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق
والعصيان (1)وإن كان الظاهر أن الخطاب لخلص المؤمنين .
فيقرب منه اي العبد من الشر أو الشر من العبد وعلى التقديرين كأنه
كناية عن ارتكابه ، وقال الجوهري : يقال فيه جبرية وجبروة وجبروت وجبورة
مثال فروجه أي كبر(2)وغلظ الوجه كناية عن العبوس أو الخشونة وقلة الحياء
وكشف الله ستره كناية عن ظهور عيوبه للناس ، وقيل : المراد كشف ستره
الحاجز بينه وبين القبايح ، وهو الحياء ، فيكون تأكيدا لما قبله ، واقول : الاول
اظهر كما ورد في الخبر .
وركب المحارم اي الصغائر مصرا عليها لقوله فلم ينزع عنها أي
لم يتركها ثم ركب معاصي الله أي الكبائر ، وقيل : المراد بالاول الذنوب
مطلقا ، وبالثاني حبها أو استحلالها بقرينة قوله وأبغض طاعته لان بغض الطاعة
يستلزم حب المعصية ، أو المراد بها ذنوبه بالنسبة إلى الخلق ، والوثوب على الناس
كناية عن المجادلات والمعارضات .
2 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن ابي عبدالله
عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لمتان : لمة من الشيطان ، ولمة من الملك
(1)الحجرات : 7 .
(2)الصحاح ص 608 .