وأما إذا تمكن في القلب فذلك غي وضلالة وكفر ، والله عزوجل دعا عباده
باللطف دعوة ، وعرفهم عداوته ، فقال عز من قائل إن الشيطان لكم عدو
مبين (1)وقال : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا (2)الاية .
فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه ، وكذلك
إذا أتاك الشيطان موسوسا ليصدك عن سبيل الحق ، وينسك ذكر الله فاستعذ
بربك وربه منه ، فانه يؤيد الحق على الباطل ، وينصر المظلوم لقوله عزوجل
إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (3)ولن تقدر على هذا ومعرفة إتيانه ومذهب وسوسته إلا بدوام المراقبة ، والاستقامة على بساط الخدمة
وهيبة المطلع ، وكثرة الذكر ، وأما المهمل لاوقاته فهو صيد الشيطان
لامحالة .
واعتبر بما فعل بنفسه من الاغراء والاستكبار من حيث غره وأعجبه عمله
وعبادته وبصيرته ورأيه ، قد أورثه عمله ومعرفته واستلاله بمعقوله عليه اللعنة
إلى الابد ، فما ظنك بنصيحته ودعوته غيره ، فاعتصم بحبل الله الاوثق ، وهو
الالتجاء والاضطرار بصحة الافتقار إلى الله في كل نفس ، ولايغرنك تزيينه
الطاعات عليك ، فانه يفتح لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة
فقابله بالخلاف والصد عن سبيله ، والمضادة باستهزائه(4).
3 شى : قال الحسين بن الحكم الواسطي : كتبت إلى بعض الصالحين أشكو
الشك فقال : إنما الشك فيما لايعرف ، فاذا جاء اليقين فلا شك يقول الله وما
وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين)(5)نزلت في
الشكاك(6).
(1)لفظ الايات انه لكم عدو مبين .
(2)فاطر : 6 .
(3)النحل : 99 .(4)مصباح الشريعة ص 26 .
(5)الاعراف : 102 .
(6)تفسير العياشي ج 2 ص 23 .