بحار الأنوار ج45

قال : ثم تجهز محمدبن علي وخرج من المدينة وسار حتى قدم على يزيدبن
معاوية بالشام ، فلما استأذن أذن له وقربه وأدناه وأجلسه معه على سريره ، ثم أقبل
عليه بوجهه فقال : ياأبا القاسم آجرنا الله وإياك في أبي عبدالله الحسين بن علي فوالله
لئن كان نقصك فقد نقصني ، ولئن كان أو جعك فقد أوجعني ، ولوكنت أنا المتولي لحربه
لماقتلته ، ولدفعت عنه القتل ولوبحز أصابعي وذهاب بصري ، ولفديته بجميع ما
ملكت يدي ، وإن كان قد ظلمني وقطع رحمي ونازعني حقي ، ولكن عبيد الله بن
زيادلم يعلم رأيي في ذلك فعجل عليه بالقتل فقتله ، ولم يستدرك مافات ، وبعد
فانه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ولم يكن يجب على أخيك أن
ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا ، وعزيز علي ماناله والسلام فهات الآن ما
عندك ياأبا القاسم
قال : فتكلم محمدبن علي فحمدالله وأثنى عليه ، ثم قال : إني قد سمعت كلامك
فوصل الله رحمك ، ورحم حسينا وبارك له فيما صار إليه من ثواب ربه ، والخلد الدائم
الطويل ، في جوار الملك الجليل ، وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك ، وماعراك فقد
عرانا من فرح وترح ، وكذا أظن أن لوشهدت ذلك بنفسك لاخترت أفضل الرأي
والعمل ، ولجانبت أسوء الفعل والخطل ، والآن فان حاجتي إليك أن لاتسمعني فيه
ماأكره ، فانه أخي وشقيقي وابن أبي ، وإن زعمت أنه قدكان ظلمك وكان
عدوا لك كماتقول
قال : فقال له يزيد : إنك لن تسمع مني إلاخيرا ، ولكن هلم فبايعني
واذكر ماعليك من الدين حتى أقضيه عنك ، قال : فقال له محمدبن علي رضي الله عنه :
أما البيعة فقد بايعتك وأما ماذكرت من أمر الدين فماعلى دين والحمدلله ، وإني
من الله تبارك وتعالى في كل نعمة سابغة ، لاأقوم بشكرها
قال : فالتفت يزيد لعنه الله إلى ابنه خالد فقال : يابني إن ابن عمك هذا بعيد
من الخب واللؤم والدنس والكذب ، ولوكان غيره كبعض من عرفت لقال علي من الدين
كذا وكذا ، ليستغنم أخذ أموالنا قال : ثم أقبل عليه يزيد فقال : بايعتني ياأبا القاسم ؟

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه