بحار الأنوار ج42

والتحميد والتعظيم والتقديس ، ثم قاموا بين يديه قالوا : مرنا بأمرك يا أميرالمؤمنين و
خليفة رب العالمين صلوات الله عليك ، فقال عليه السلام : يا ملائكة ربي ائتوني الساعة بإبليس
الابالسة وفرعون الفراعنة ، قال : فوالله ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضروه
عنده ، فقال عليه السلام : ارفعوا أعينكم ، قال : فرفعنا أعيننا ونحن لا نستطيع أن ننظر إليه
من شعاع نور الملائكة فقلنا : يا أميرالمؤمنين الله الله في أبصارنا فما ننظر شيئا البتة ، وسمعنا
صلصلة(1)السلاسل واصطكاك الاغلال ، وهبت ريح عظيمة ، فقالت الملائكة : يا
خليفة الله زد الملعون لعنة وضاعف عليه العذاب ، فقلنا : يا أميرالمؤمنين الله الله في
أبصارنا ومسامعنا ، فوالله ما نقدر على احتمال هذا السر والقدر ، قال : فلما جروه
بين يديه قام وقال : واويلاه من ظلم آل محمد واويلاه من اجترائي عليهم ، ثم قال :
يا سيدي ارحمني فإني لا أحتمل هذا العذاب ، فقال عليه السلام : لا رحمك الله ولا غفر لك
أيها الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان ، ثم التفت إلينا وقال عليه السلام : أنتم
تعرفون هذا باسمه وجسمه ؟ قلنا : نعم يا أميرالمؤمنين ، فقال عليه السلام : سلوه حتى
يخبركم من هو ، فقالوا : من أنت ؟ فقال : أنا إبليس الابالسة وفرعون هذه الامة
أنا الذي جحدت سيدي ومولاي أميرالمؤمنين وخليفة رب العالمين ، وأنكرت
آياته ومعجزاته . ثم قال أميرالمؤمنين عليه السلام : يا قوم غمضوا أعينكم ، فغمضنا أعيننا
فتكلم عليه السلام بكلام أخفى ، فإذا نحن في الموضع الذي كنا فيه لا قصور ولا ماء ولا
غدران ولا أشجار .
قال الاصبغ بن نباتة رضي الله عنه : والذي أكرمني بما رأيت من تلك الدلائل
والمعجزات ما تفرق القوم حتى ارتابوا وشكوا ! وقال بعضهم : سحر وكهانة و
إفك ! فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : إن بني إسرائيل لم يعاقبوا ولم يمسخوا إلا بعد
ما سألوا الآيات والدلالات ، فقد حلت عقوبة الله بهم ، والآن حلت لعنة الله فيكم
وعقوبته عليكم ، قال الاصبغ بن نباته رضي الله عنه : إني أيقنت أن العقوبة حلت
بتكذيبهم الدلالات والمعجزات .


(1)الصلصلة : الصوت . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه