بحار الأنوار ج75

وطاشت حلومهم وذهلت عقولهم(1)فاذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالاعمال
الزاكية ، لا يرضون بالقليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لانفسهم متهمون ، ومن
أعمالهم مشفقون ، إن زكي أحدهم خاف الله وغايلة التزكية(2)قال : وأنا أعلم
بنفسي من غيري وربي أعلم بي مني ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني
كما يظنون ، واغفرلي مالا يعلمون .
ومن علامات أحدهم أن يكون له حزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص
في تقوى ، وفهم في فقه ، وحلم في علم ، وكيس في رفق ، وقصد في غنى ، وخشوع في عبادة
وتحمل في فاقة ، وصبر في شدة وإعطاء في حق ، وطلب لحلال ، ونشاط في
هدى ، وتحرج عن طمع ، وتنزه عن طبع ، وبر في استقامة ، واعتصام بالله من
متابعة الشهوات ، واستعاذة به من الشيطان الرجيم ، يمسي وهمه الشكر ، ويصبح
وشغله الفكر(3)اولئك الامنون المطمئنون الذين يسقون من كأس لا لغو فيها
ولا تأثيم(4)
90 - وقال عليه السلام : المؤمنون هم الذين عرفوا أمامهم ، فذبلت شفاههم
وغشيت عيونهم ، وشحبت ألوانهم(5)حتى عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين . فهم
عبادالله الذين مشوا على الارض هونا ، واتخذوها بساطا ، وترابها فراشا ، فرفضوا
الدنيا وأقبلوا على الاخرة على منهاج المسيح بن مريم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن
غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، صوام الهواجر ، قوام الدياجر(6)


(1)وجف الشئ اضطرب ، والقلب : خفق . وطاش أى ذهب عقله . والحلوم جمع
حلم وهو العقل . والذهول . النيسان والغيبة .
(2)الغائلة الداهية والفساد والمهلكة . وغائلة التزكية عطف على الله يعنى خاف
الله أولا وغائلة التزكية ثانيا .
(3)في بعض النسخ يمسى وهمته الشكر ويصبح وشغله الذكر .
(4)أثمه من باب التفعيل نسبه إلى الاثم .
(5)شحبت لونه : تغير من جوع أو مرض ونحوهما .
(6)الهواجر جمع الهاجرة وهى شدة حرارة النهار . والديجور : الظلام .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه