بحار الأنوار ج61

يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار لا يكون شئ من الحيوانات أصغر منها ، و
الوالع غيرمذكور في كتب اللغة ، والظاهر أنه أيضا صنف من البعوض . وقال الدميري :
البعوض : دويبة . وقال الجوهري : إنه البق الواحدة بعوضة ، وهو وهم ، والحق
أنهما صنفان صنف كالقراد ، لكن له أرجل خفية(1)ورطوبة ظاهرة يسمى بالعراق
والشام الجرجس ، قال الجوهري : وهو لغة في القرقس وهو البعوض الصغار . والبعوض
على خلقة الفيل إلا أنه أكثر أعضاء منه ، فان للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا
وللبعوض مع هذه الاعضاء رجلان زائدتان وأربعة أجنحة ، وخرطوم الفيل مصمت و
خرطومة مجوف نافذ للجوف ، فاذا طعن به جسد الانسان استقى الدم وقذف به إلى
جوفه ، فهو له كالبلعوم والحلقوم ، فلذلك اشتد عضها وقويت على خرق الجلود
الغلاظ ، ومما ألهمة الله تعالى أنه إذا جلس على عضو من أعضاء الانسان لا يزال يتوخى
بخرطومه المسام التي يخرج منها العرق لانها أرق بشرة من جلد الانسان ، فاذا
وجدها وضع خرطومه فيها وفيه من الشرة أن يمص الدم إلى ينشق ويموت
أو إلى أن يعجز عن الطيران فيكون ذلك سبب هلاكه ، ومن ظريف(2)أمره أنه
ربما قتل البعير وغيره من ذوات الاربع فيبقى طريحا في الصحراء فيجتمع حوله
السباع والطيرمما يأكل الجيف(3)، فمتى أكل منها شيئا مات لوقته . وكان بعض
جبابرة الملوك بالعراق يعذب بالبعوض فيأخذ من يريد قتله فيخرجه مجردا إلى
بعض الآجام التي بالبطائح ويتركه فيها مكتوفا فيقتل في أسرع وقت .
وروى الترمدي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح
بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء .
وروى وهب بن منبه : أرسل الله(4)البعوض على نمرود ، واجتمع منه في عسكره


(1)في المصدر : خفيفة .
(2)في المصدر : ومن عجيب امره .
(3)في المصدر : والطير التى تأكل الجيف .
(4)في المصدر : " لما ارسل الله البعوض على النمرود اجتمع " .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه