بحار الأنوار ج78

كلام البلغاء او على حذف مضاف ، أي مواضع الصلاة ، والمعنى والله أعلم : لا
تقربوا المساجد في حالتين إحداهما حالة السكر ، فان الاغلب أن الذي يأتي
المسجد انما يأتيه للصلاة ، وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان
بهاعلى وجهها ، والحالة الثانية حالة الجنابة ، واستثني من هذا الحالة ما إذا
كنتم عابري سبيل اي مارين في المسجد ، ومجتازين فيه ، والعبور الاجتياز ، و
السبيل الطريق .
الثاني ما نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير ، وربما رواه
بعضهم عن أمير المؤمنين عليه السلام وهوأن المراد والله أعلم : لا تصلوا في حالين :
حال السكر وحالة الجنابة ، واستثني من حال الجنابة ما إذا كنتم عابري سبيل
أي مسافرين غير واجدين للماء ، كما هو الغالب من حال المسافرين ، فيجوز
لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث ، وإنما يباح به الدخول
في الصلاة .
لما صح عنه عليه الصلاة والسلام نزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه و
من الحروف المحتملة في الاية قراء‌ة الصلاة بضم الصاد واللام أو بضم الصاد وفتح اللام
مفردا أوجمعا ومطلع ذلك قوله تعالى في سورة الحج : 40 لهدمت صوامع وبيع و
صلوة ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ، فان المقطوع فيها أن المراد بالصلاة مواضع
الصلاة حقيقة أو مجازا على الخلاف فيه .
ولا يذهب عليك أن هذا الحرف لا يناقض الحرف المشهور عند العامة ، بل كل
الحروف السبعة كذلك لا ينقض بعضها بعضا ، الا أن بعضها مستور وبعضها مشهور ، فالاحكام
المذكورة للصلاة في هذه الاية ثابتة بكلا الحرفين : الصلاة بمعنى الماهية المجعولة
عبادة ، والمصلى الذي تقام فيها تلك العبادة وهي المساجد ، ولذلك جيئ في الاستثناء
بلفظ يوافق كلا المعنيين ، ولو قال بدل قوله الا عابرى سبيل : الا مسافرين لم
يوافق الصلاة بمعنى المساجد ، كما هو ظاهر . وسيجئ تتمة البحث في باب التيمم عند
تعرض المؤلف لذيل الاية الشريفة ان شاء الله تعالى .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه