بحار الأنوار ج21

يريد الله أن يملي لهم فيها ليعذبهم " وتزهق أنفسهم " أي تهلك " وهم كافرون " في
موضع الحال " ويحلفون بالله إنهم لمنكم " أي يقسم هؤلاء المنافقون إنهم من جملتكم
أي مؤمنون أمثالكم " وما هم منكم " أي ليسوا مؤمنين بالله " ولكنهم قوم يفرقون "
أي يخافون القتل والاسر إن لم يظهروا الايمان " لو يجدون ملجأ " أي حرزا أو
حصنا " أو مغارات " أي غيرانا في الجبال أو سراديب " أو مدخلا " أي موصع دخول
يأوون إليه ، وقيل : نفقا كنفق اليربوع ، وقيل : أسرابا في الارض عن ابن عباس
وأبي جعفر عليه السلام ، وقيل : وجها يدخلونه على خلاف رسول الله صلى الله عليه واله " لولوا إليه "
أي لعدلوا إليه ، وقيل : لاعرضوا عنكم إليه " وهم يجمحون " أي يسرعون في
الذهاب إليه(1)" ومنهم الذين " قيل : إنها نزلت في رهط من المنافقين تخلفوا عن
غزوة تبوك ، فلما رجع رسول الله أنوا المؤمنين يعتذرون إليهم من تخلفهم ويعتلون
ويحلفون فنزلت(2).
أقول : سيأتي تفسير الآيات في باب جمل ماجرى بينه وبين أصحابه صلى الله عليه واله .
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " يحذر المنافقون " قيل : نزلت في اثني عشر
رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه واله عند رجوعه من تبوك ، فأخبر
جبرئيل عليه السلام رسول الله بذلك ، وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم ، و
عمار كان يقود دابة رسول الله صلى الله عليه واله وحذيفة يسوقها ، فقال لحذيفة : اضرب وجوه
رواحلهم ، فضربها حتى نحاهم ، فلما نزل قال لحذيفة : من عرفت من القوم
فقال : لم أعرف منهم أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : إنه فلان وفلان حتى عدهم
كلهم ، فقال حذيفة : ألا تبعث إليهم فتقتلهم ؟ فقال : أكره أن تقول العرب : لما
ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم عن ابن كيسان ، وروي عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه
قال : ائتمروا بينهم ليقتلوه ، وقال بعضهم لبعض : إن فطن نقول : إنما كنا نخوض
ونلعب ، وإن لم يفطن نقتله ، وقيل : إن جماعة من المنافقين قالوا في غزوة تبوك :


(1)مجمع البيان 5 : 34 - 40 .
(2)مجمع البيان 5 : 44 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه