عن أبي الاسلمي ، عن النبي صلى الله عليه وآله(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)قال : فوضع يده
على منكب علي فقال : هذا الهادي من بعدى(1).
وأقول : إذا عرفت ذلك فإعلم أن قوله تعالى :(إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)
يحتمل بحسب ظاهر اللفظ وجهين : أحدهما أن يكون قوله(هاد)خبرا لقوله :(أنت)
أي أنت هاد لكل قوم(2)، والثاني أن يكون(هاد)مبتدءا والظرف خبره ، فقيل :
إن المراد بالهادي هو الله تعالى ، وقيل(3): المراد كل نبي في قومه ، والحق أن
المعنى : أن لكل قوم في كل زمان إمام هاد يهديهم إلى مراشدهم ، نزلت في أميرالمؤمنين
عليه السلام ثم جرت في الاوصياء بعده ، كما دلت عليه الاخبار المستفيضة من الخاصة والعامة
في هذا الباب ، وقدمر كثير منها في كتاب الامامة .
وروى الطبرسي نزوله في علي عليه السلام عن ابن عباس ، وقتادة ، والزجات ، وابن زيد
وروى عن أبي القاسم الحسكاني مثل مامر برواية ابن شهر آشوب(4). وقال الرازي في
تفسيره : ذكروا ههنا أقوالا إلى أن قال : والثالث : المنذر : النبي والهادي علي ،
قال ابن عباس : وضع رسول الله يده على صدره فقال : أنا المنذر وأوما(5)إلى منكب علي
وقال : أنت الهادي ، يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي . انتهى(6).
ولا يخفى دلالة الآية بعد ورود تلك الاخبار على أنه لايخلو كل زمان من إمام
هاد ، وأن أميرالمؤمنين عليه السلام هو الهادي والخليفة والامام بعد النبي صلى الله عليه وآله لاغيره بوجوه
شتى :
الاول : مقابلته للنبي بأنه منذر وعلي هاد ، ولا يريب عاقل عارف بأساليب(7)
الكلام أن هذا يدل على كونه بعده قائما بما كان يقوم به ، بل وأكثر لانه نسب صلى الله عليه وآله
(1)سعد السعود : 99 .
(2)وعلى هذا فتكون الواو عاطفة ، بخلاف الاحتمال الثانى فتكون للاستيناف .
(3)أى على الاحتمال الثانى .
(4)مجمع البيان 6 : 278 .
(5)في المصدر : ثم أوما .
(6)مفاتيح الغيب 5 : 190 . وفيه : من بعدى .
(7)جمع الاسلوب : الفن . الطريق .