بحار الأنوار ج22

نزلت آية التخيير ، وقيل : إن النبي خلا في يوم لعايشة مع جاريته ام إبراهيم
فوقفت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تعلمي لعايشة ذلك ، وحرم
مارية على نفسه ، فأعلمت حفصة عايشة بالخبر واستكتمتها(1)إياه ، فاطلع الله
نبيه على ذلك ، وهو قوله : " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا " يعني حفصة
عن الزجاج ، وقال : ولما حرم مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده
أبوبكر ثم عمر ، فعرفها بعض ما أفشت من الخبر ، وأعرض عن بعض ان أبابكر
وعمر يملكان من بعدي ، وقريب من ذلك ما رواه العياشي بالاسناد عن عبدالله بن
عطاء المكي عن أبي جعفر إلا أنه زاد في ذلك : إن كل واحدة منهما حدثت أباها
بذلك ، فعاتبهما في أمر مارية وما أفشتا عليه من ذلك ، وأعرض(2)أن يعاتبهما في
الامر الآخر " ما أحل الله لك " من الملاذ " تبتغي " أي تطلب " مرضات أزواجك "
وهن أحق بطلب مرضاتك ، وليس في هذا دلالة على وقوع ذنب منه صغير أو كبير
لان تحريم الرجل بعض نسائه أو بعض الملاذ بسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا
داخل في جملة الذنوب ، ولا يمتنع أن يكون خرج هذا القول مخرج التوجع له
صلى الله عليه وآله إذ بالغ في إرضاء أزواجه ، وتحمل في ذلك المشقة ، ولو أن
إنسانا أرضى بعض نسائه بتطليق بعضهن لجاز أن يقال له : لم فعلت ذلك وتحملت
فيه المشقة ؟ وإن كان لم يفعل قبيحا ، ولو قلنا : إنه صلى الله عليه وآله عوتب على ذلك لان
ترك التحريم كان أفضل من فعله لم يمتنع ، لانه يحسن أن يقال لتارك النفل : لم
لم تفعله ؟ ولم عدلت عنه ؟ ولان تطيب قلوب النساء مما لا تنكره العقول .
واختلف العلماء فيمن قال لامرأته : أنت علي حرام(3)وقال أصحابنا : إنه
لا يلزم به شئ ، ووجوده كعدمه ، وإنما أوجب الله فيه الكفارة ، لان النبي
صلى الله عليه وآله كان حلف أنه لا يقرب جاريته ، أو لا يشرب الشراب المذكور
فأوجب الله عليه أن يكفر عن يمينه ويعود إلى استباحة ما كان حرمه ، وبين أن


(1)واستكتمها خ ل .(2)في المصدر : واعرض عن ان يعاتبهما .
(3)ذكر في المصدر قول العامة في ذلك ، ولم يذكره المصنف اختصارا .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه