بحار الأنوار ج12

والحجارة الخشنة فلم يزل يحكها حتى نغل لحمه(1)وتقطع وتغير وأنتن ، فأخرجه
أهل القرية فجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشا ، ورفضه خلق الله كلهم غير امرأتة وهي
رحمة بنت افرائيم بن يوسف ين يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه
على نبينا وعليهم ، وكانت تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه ، فلما رأت الثلاثة من أصحابه
وهم يفن وبلدد وصافن(2)ما ابتلاه الله تعالى به اتهموه ورفضوه من غير أن يتركوا دينه ،
فلما طال به البلاء انطلقوا إليه وهو في بلائه فبكتوه(3)ولاموه وقالوا له : تب إلى الله عز
وجل من الذنب الذي عوقبت به .
قالا : وحضره معهم فتى حديث السن وكان قد آمن به وصدقه فقال لهم : إنكم
تكلمتم أيها الكهول وكنتم أحق بالكلام لاسنانكم ، ولكن قد تر كتم من القول أحسن
من الذي قلتم ، ومن الرأي أصوب من الذي رأيتم ، ومن الامر أجمل من الذي أتيتم ، وقد
كان لايوب عليه السلام عليكم من الحق والذمام أفضل من الذي وصفتم ، فهل تدرون أيها
الكهول حق من انتقصتم ؟ وحرمة من انهتكتم ؟ ومن الرجل الذي عبتم واتهمتم ؟ ألم
تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته وصفوته(4)من أهل الارض يومكم هذا ؟ ثم لم تعلموا
ولم يطلعكم الله تعالى على أنه سخط شيئا من أمره منذ أتاه ما أتاه إلى يومكم هذا ،
ولا على أنه نزع منه(5)شيئا من الكرامة التى أكرمه بها ، ولا أن أيوب فعل غير الحق

في طول ما صحبتموه إلى يومكم هذا ، فإن كان البلاء هو الذي أزرى عندكم(6)ووضعه
في أنفسكم فقد علمتم أن الله تعالى يبتلي النبيين والشهداء والصالحين ، ثم ليس بلاؤه


(1)أى أفسد .
(2)في المصدر : فلما رأى أصحابه له ثلاثة ما ابتلاه الله . قلت : تقدم أن اسمهم يفن ومالك
وظافر .
(3)أى عنفوه وقرعوه .
(4)في المصدر : أن أيوب نبى الله وحبيبه وصفوته .
(5)في المصدر : ولا علمتم انه نزع منه شيئا .
(6)أزرى بالامر : تهاون . أزرى به وأزراه عابه ووضع من حقه ، . وفى المصدر : أزرى
به عندكم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه