بحار الأنوار ج13

عليه محبة منها فرحمته آسية وأحبته حبا شديدا ، فلما سمع الذباحون أمره أقبلوا على
آسية بشفارهم ليذبحوا الصبي ، فقالت آسية للذباحين : انصرفوا فإن هذا الواحد لا يزيد
في بني إسرائيل ، فآتي فرعون فأستوهبه إياه فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم ، وإن أمر
بذبحه لم ألمكم ، فأتت به وقالت : " قرة عين لي ولك لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه
ولدا " فقال فرعون : قرة عين لك ، فأما أنا فلا حاجة لي فيه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي يحلف به لو أقر فرعون أن يكون قرة عين كما
أقرت به لهداه الله تعالى كما هدى به امرأته ولكن الله تعالى حرمه ذلك .
قالوا : فأراد فرعون أن يذبحه وقال : إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل ،
وأن يكون هذا هو الذي على يديه هلاكنا وزوال ملكنا ، فلم تزل آسية تكلمه حتى
وهبه لها ، فلما أمنت آسية أرادت أن تسميه باسم اقتضاه حاله وهو موشى لانه وجد
بين الماء والشجر و " مو " بلغة القبط الماء و " الشا "(1)الشجر فعرب فقيل موسى .
وروي عن ابن عباس أن بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا
بالمعاصي ، ووافق خيارهم شرارهم ، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ، فسلط الله
عليهم القبط فاستضعفوهم وساموهم سوء العذاب ، وذبحوا أبناء‌هم ، وقال وهب : بلغني أنه
ذبح في طلب موسى سبعين ألف وليد .
وعن ابن عباس أن ام موسى لما تقارب ولادتها وكانت قابلة من القوابل مصافية(2)
لها ، فلما ضربها الطلق أرسلت إليها فأتتها وقبلتها ،(3)فلما أن وقع موسى بالارض هالها
نور بين عيني موسى ، فارتعش كل مفصل منها ودخل حبه قلبها ، ثم قالت لها : يا هذه
ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن رأيي قتل مولودك وإخبار فرعون بذلك ، ولكن وجدت
لابنك هذا حبا ما وجدت مثله قط ، فاحفظي فإنه هو عدونا ، فلما خرجت القابلة من


(1)لعل الصحيح . شى .
(2)صافى فلانا : أخلص له الود .
(3)قبلت المرأة : كانت قابلة . قبلت القابلة الولد : تلقته عند الولادة . وقبلتها أى أخرجت
ولدها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه