بحار الأنوار ج74

موسى كهف الخاطئين وجليس المضطرين ، ومستغفر للمذنبين ، إنك مني بالمكان
الرضي فادعني بالقلب النقي واللسان الصادق ، وكن كما أمرتك أطع أمري
ولا تستطل على عبادي بما ليس منك مبتداه ، وتقرب إلي فإني منك قريب فاني لم
أسألك ما يؤذيك ثقله ولا حمله ، إنما سألتك أن تدعوني فاجبيك وأن تسألني
فأعطيك وأن تتقرب إلي بما مني أخذت تأويله وعلي تمام تنزيله .
يا موسى انظر إلى الارض فانها عنقريب قبرك . وارفع عينيك إلى السماء
فإن فوقك فيها ملكا عظيما ، وابك على نفسك مادمت في الدنيا وتخوف العطب(1)
والمهالك ولا تغرنك زينة الدنيا وزهرتها ولا ترض بالظلم ولا تكن ظالما فإني
للظالم رصيد حتى اديل منه المظلوم .
يا موسى إن الحسنة عشرة أضعاف ومن السيئة الواحدة الهلاك ولا تشرك بي
لا يحل لك أن تشرك بي ، قارب وسدد(2)وادع دعاء الطامع الراغب فيما عندي ، النادم
على ما قدمت يداه ، فإن سواد الليل يمحوه النهار ، وكذلك السيئة تمحوها
الحسنة ، وعشوة الليل(3)تأتي على ضوء النهار ، وكذلك السيئة تأتي على الحسنة
الجليلة فتسودها .
8 - قال السيد(4)قدس الله روحه في كتاب سعد السعود(5): رأيت في الزبور في
السورة الثالثة والثلاثين : ثياب العاصي ثقال على الابدان ووسخ على الوجه ووسخ
الابدان ينقطع بالماء ووسخ الذنوب لا ينقطع إلا بالمغفرة ، طوبي للذين كان
باطنهم أحسن من ظاهرهم ، ومن كانت له ودائع فرح بها يوم الآزفة ، ومن عمل


(1)العطب - بالتحريك - : الهلاك .
(2)قال في النهاية وفيه قاربوا وسددوا أى اقتصدوا في الامور كلها واتركوا
العلوفيها والتقصير . يقال قارب فلان في الامور اذا اقتصد ، وقال في السبن والدال :
قاربوا وسددوا أى اطلبوا باعمالكم السداد والاستقامة وهو القصد في الامر والعدل فيه .
(3)عشوة الليل : ظلمته .
(4)يعنى ابن طاووس .
(5)المصدر ص 50

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه