بحار الأنوار ج6

عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : لو أن البهائم يعلمون من الموت
ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سمينا . " ص 289 "
بيان : لا ينافي هذا الخبر ما سيأتي من الاخبار في أن الموت مما لم تبهم عنه
البهائم ، إذ المعنى فيه : لو علموا كما تعلمون من خصوصيات الموت وشدائده ، فلا ينافي
علمهم بأصل الموت ، أو المراد : أنهم لو كانوا مكلفين وعلموا ما أوعد الله من العقاب
لما كانوا غافلين كغفلتكم ، ولذا قال صلى الله عليه واله : من الموت .
32 - مص : قال الصادق عليه السلام : ذكر الموت يميت الشهوات في النفس ، ويقلع
منابت الغفلة ، ويقوي القلب بمواعد الله ، ويرق الطبع ، ويكسر أعلام الهوى ، و
يطفئ نار الحرص ، ويحقر الدنيا ، وهو معنى ما قال النبي صلى الله عليه واله : فكر ساعة خير من
عبادة سنة ، وذلك عندما يحل أطناب خيام الدنيا ، ويشدها في الآخرة ، ولا يشك بنزول
الرحمة على ذاكر الموت بهذه الصفة ، ومن لا يعتبر بالموت وقلة حيلته وكثرة عجزه و
طول مقامه في القبر وتحيره في القيامة فلا خير فيه .
* قال النبي صلى الله عليه واله : اذكروا هادم اللذات ، فقيل : وما هو يا رسول الله ؟ فقال :
الموت ، فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا ، ولا في شدة إلا اتسعت
عليه ، والموت أول منزل من منازل الآخرة ، وآخر منزل من منازل الدنيا ، فطوبى
لمن اكرم عند النزول بأولها ، وطوبى لمن احسن مشايعته في آخرها ، والموت اقرب
الاشياء من بني آدم وهو يعده أبعد ، فما أجرأ الانسان على نفسه ! وما أضعفه من
خلق ! وفي الموت نجاة المخلصين وهلاك المجرمين ، ولذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت
وكره من كره .
قال النبي صلى الله عليه واله : من أحب لقاء الله أحب الله لقاء‌ه ، ومن كره لقاء الله كره
الله لقاء‌ه .


(*)يحتمل أن يكون ذلك والحديث الاتى بعده من بقية كلام الامام الصادق عليه السلام استشهد
بهما على ما قال أولا من الترغيب في ذكر الموت ، أو يكونان خبرين مرسلين من جامع المصباح
والظاهر من المصنف الاول .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه