بحار الأنوار ج14

هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب * وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب 34 40 .
تفسير : قال المفسرون : الارض التي باركنا فيها هي الشام ، ووجه وصف الريح
تارة بالعاصفة وأخرى بالرخاء بوجوه : الاول : أنها كانت تارة كذا وتارة كذا بحسب
إرادته ، والثاني : أنها كانت في بدء الامر عاصفة لرفع البساط وقلعه ، ثم كانت تصير رخاء
عند تسييرها ، والثالث : أن العصف عبارة عن سرعة سيرها والرخاوة عن كونها لينة
طيبة في نفسها ، الرابع : أن الرخاوة كناية عن انقيادها له في كل ما أمرها به .
وقال الطبرسي رحمه الله : وقيل : كانت الريح تجري به في الغداة مسيرة شهر ، وفي
الرواح كذلك ، وكان يسكن بعلبك ،(1)ويبنى له بيت المقدس ، ويحتاج إلى الخروج
إليها وإلى غيرها ، قال وهب : وكان سليمان يخرج إلى مجلسه فتعكف عليه الطير ويقوم
له الانس والجن حتى يجلس على سريره ويجتمع معه جنوده ، ثم تحمله الريح إلى
حيث أراد .
قوله تعالى : " من يغوصون له " أي في البحر فيخرجون له الجواهر واللآلي " و
يعملون عملا دون ذلك " أي سوى ذلك من الابنية كالمحاريب والتماثيل وغيرهما " وكنا
لهم حافظين " لئلا يهربوا منه ويمتنعوا عليه ، وقيل : من أن يفسدوا ماعملوه .(2)
قوله : " علما " قال : أي بالقضاء بين الخلق وبكلام الطير والدواب " وورث سليمان "
فيه دلالة على أن الانبياء يورثون المال كتوريث غيرهم ، وقيل : إنه ورثه علمه ونبوته
وملكه دون سائر أولاده ،(3)والصحيح عند أهل البيت عليهم السلام هو الاول " علمنا منطق
الطير " أهل العربية يقولون : لا يطلق النطق على غير بني آدم ، وإنما يقال الصوت ،


(1)بعلبك بالفتح ثم السكون وفتح اللام والباء ثم الكاف مشددة : مدينة قديمة فيها ابنية عجيبة
وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرخام لا نظير لها في الدنيا ، بينها وبين دمشق ثلاثة ايام ، و
قيل : اثنا عشر فرسخا من جهة الساحل ، وهو اسم مركب من بعل اسم صنم وبك ، اما اسم رجل
او جعلوه يبك الاعناق اي يدقها . قاله ياقوت .
(2)مجمع البيان 7 : 59 .
(3)في المصدر : ومعنى الميراث هنا انه قام مقامه في ذلك فاطلق عليه اسم الارث كما اطلق
على الجنة اسم الارث ، عن الجبائي ، وهذا خلاف للظاهر ، والصحيح اه‍ .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه