ابن الضحاك قال : كان الرضا عليه السلام في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من
تلاوة القرآن فاذا مر بآية فيها ذكر جنة أو ناربكا ، وسأل الله الجنة ، وتعوذ
به من النار ، وكان عليه السلام يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلاته بالليل
والنهار ، وكان إذا قرأ(قل هو الله أحد)قال سرا : الله أحد . فاذا فرغ منها
قال :(كذلك الله ربنا)ثلاثا وكان إذا قرء سورة الجحد قال في نفسه سراء :(يا أيها
الكافرون)فاذا فرغ منها قال :(ربي الله وديني الاسلام)ثلاثا ، وكان إذا قرأ
(والتين والزيتون)قال عند الفراغ منها : بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ، وكان
إذا قرأ(لا اقسم بيوم القيمة)قال عند الفراغ منها : سبحانك اللهم وبلى ، وكان
يقرأ في سورة الجمعة(قل ما عندالله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا
والله خير الرازقين)وكان إذا فرغ من الفاتحة قال : الحمدلله رب العالمين(1)
فوجد النبى صلى الله عليه وآله فراغا لا متثال الامر ، فقال(الله أحد الله الصمد)ولما
أوحى جبرئيل تمام السورة ، امتثل ذلك اشارة بقوله(كذلك الله ربى كذلك الله ربى)لئلا
يتكرر الفاظ السورة ، واذا تدبرت هذين المثالين تعرف في كل آية وسورة مشابهة لهما كيف
تمتثل أمرالله في قراءة القرآن .
(1)انما كان أهل البيت عليهم السلام وهكذا شيعتهم يقولون ذلك عند الفراغ من قراءة
الفاتحة ، لانهم اذا فرغوا من قراءه آياتها السبع وتفكروا فيها ، وجدوا أنفسهم متلبسة
بمعانيها ، متحققة لمضامينها . عارفين بالله ، ورحمانيته ، مقرين بيوم الجزاء ومالكيته
عابدين لله خالصا ، مستعينين منه غير مشركين ، آخذين بالنمط الاوسط : لا من الضلال ولا
من المغضوب عليهم ، وكل من تفكر في ذلك ووجد نفسه كذلك يجب عليه أن يحمدالله
رب العالمين على ذلك ، كما حمدواهم وكذلك تحمده شيعتهم ، فانهم في زمرتهم ، وباتباعهم
متحققين لتلك الصفات .
ومن الناس من اذا تفكر في سورة الفاتحة وآياتها ، وجد نفسه بمعزل عن ذلك أو
شاكا في تحقق آياتها في نفسه وروحه ، فبادر عند اتمامها بقوله(آمين)يطلب من الله
تعالى أن يهديه إلى سواء الطريق .