بحار الأنوار ج67

والحواس ومن اتبعن أي وأسلم من اتبعنى .
ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها (1)قال في المجمع : قيل في معناه
أقوال : أحدها أن المراد من عمل للدنيا لم نحرمه ماقسمنا له فيها من غير حظ في
الآخرة عن أبي إسحاق أي فلا تغتر بحاله في الدنيا ، وثانيها من أراد بجهاده
ثواب الدنيا وهو النصيب من الغنيمة نؤته منها ، فبين أن حصول الدنيا للانسان
ليس بموضع غبطة لانها مبذولة للبر والفاجر عن أبي علي الجبائي ، وثالثها من
تعرض لثواب الدنيا بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في الدنيا دون
الآخرة لاحباط عمله بفسقه ، وهذا على مذهب من يقول بالاحباط .
ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها أي من يرد بالجهاد وأعماله ثواب
الآخرة نؤته منها ، فلا ينبغي لاحد أن يطلب بطاعاته غير ثواب الله تعالى ومثله
قوله تعالى : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه (2)الآية ، وقريب
منه قول النبي صلى الله عليه وآله : من طلب الدنيا بعمل الآخرة فماله في الآخرة من نصيب
وسنجزي الشاكرين أي نعطيهم جزاء الشكر ، وقيل : معناه سنجزي الشاكرين
من الرزق في الدنيا لئلا يتوهم أن الشاكر يحرم مايعطى الكافر من نعيم الدنيا
انتهى(3).
وأقول : الآية على أظهر الوجوه تدل على اشتراط ثواب الآخرة بقصد
القربة ، وأما على بطلان العمل ففيه إشكال إلا أن يظهر التلازم بين الصحة
واستحقاق الثواب الاخروي ، ويدل على أن قصد الثواب لاينافي القربة كما زعمه
جماعة وعلى أن الثواب الدنيوي قد يترتب على العبادات الفاسدة كعبادة إبليس
وبعض الكفار .
ولا تشركوا به شيئا (4)أي لاتشركوا في عبادته غيره ، وهو يشمل الشرك


(1)آل عمران : 145 .
(2)الشورى : 20 .
(3)مجمع البيان ج 2 ص 515 .
(4)النساء : 35 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه