بحار الأنوار ج79

(واصطبر عليها)بالمداومة عليها واحتمال مشاقها ، بل الامر بها واحتمال
مشاقه أيضا فهو صلى الله عليه وآله مأمور بها على أبلغ وجه(لا نسألك رزقا)
لا نكلفك شيئا من الرزق لا لنفسك ولا لغيرك(نحن نرزقك)ما يكفيك وأهلك ،
فيحتمل أن يكون المراد ترك التوصل إلى تحصيل الرزق وكسب المعيشة بالكلية ، ويكون
من خصائصه صلى الله عليه وآله لمنافاة تحصيل الرزق ، لتعرض أشغال النبوة وتحمل أعبائها
ويحتمل العموم كما ورد : من كان الله كان الله له ، ومن أصلح أمر دينه أصلح الله
أمر دنياه ، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس . وقال تعالى :
(ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)(1)ولعل الاولى
حينئذ أن يراد ترك الاعتناء والاهتمام ، لا ترك الطلب بالكلية وسيأتي تمام القول
فيه في محله(والعاقبة للتقوى)أي العاقبة المحمودة لاهل التقوى .
(الذين إن مكناهم في الارض)(2)ورد في الاخبار الكثيرة أنها نزلت
في الائمة وقائمهم عليهم السلام .
(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)(3)قال الطبرسي ره(4)في
هذا دلالة على أن فعل الصلاة لطف للمكلف في ترك القبيح والمعاصي التي ينكرها
العقل والشرع ، فان انتهى عن القبيح يكون توفيقا وإلا فقد اتي المكلف من
قبل نفسه ، وقيل : إن الصلاة بمنزلة الناهي بالقول إذا قال لا تفعل الفحشاء و
المنكر ، وذلك أن فيها التكبير والتسبيح والتهليل والقراء‌ة ، والوقوف بين يدي
الله سبحانه ، وغير ذلك من صنوف العبادة ، وكل ذلك يدعو إلى شكره ، ويصرف
عن ضده ، فيكون مثل الامر والنهي بالقول ، وكل دليل مؤد إلى المعرفة
بالحق فهو داع إليه ، وصارف عن الباطل الذي هو ضده .


(1)الطلاق : 3 .
(2)الحج : 41 .
(3)العنكبوت : 45 .
(4)مجمع البيان ج 8 ص 285 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه