بحار الأنوار ج67

الاعمال التي وعد فيها كثرة المال ولايتوجه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي
الجلال ، وكذا من استولى عليه حب الجاه ليس مقصوده في أعماله إلا مايوجب
حصوله ، وكذا سائر الاغراض الباطلة الدنيوية ، فلا يخلص العمل لله سبحانه
وللآخرة إلا باخراج حب هذه الامور من القلب ، وتصفيته عما يوجب البعد
عن الحق .
فللناس في نياتهم مراتب شتى بل غير متناهية بحسب حالاتهم ، فمنها مايوجب
فساد العمل وبطلانه ، ومنها مايوجب صحته ، ومنها مايوجب كماله ، ومراتب
كماله أيضا كثيرة فأما مايوجب بطلانه فلا ريب في أنه إذا قصد الرئاء المحض أو
الغالب ، بحيث لو لم يكن رؤية الغير له لايعمل هذا العمل ، إنه باطل لايستحق
الثواب عليه ، بل يستحق العقاب ، كما دلت عليه الآيات والاخبار الكثيرة ، وأما
إذا ضم إلى القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة ، ولو لم تكن الضميمة يأتي بها
ففيه إشكال ، ولا تبعد الصحة ، ولو تعلق الرئاء ببعض صفاته المندوبة كاسباغ
الوضوء ، وتطويل الصلاة ، فأشد إشكالا .
ولو ضم إليها غير الرئاء كالتبريد ففيه أقوال ثالثها التفصيل بالصحة ، مع
كون القربة مقصودة بالذات والبطلان مع العكس ، قال في الذكرى : لو ضم إلى
النية منافيا فالاقرب البطلان ، كالرئاء ، والندب في الواجب لان تنافي المرادات
يستلزم تنافي الارادات ، وظاهر المرتضى الصحة بمعنى عدم الاعادة ، لا بمعنى حصول
الثواب ، ذكر ذلك في الصلاة المنوي بها الرئاء ، وهو يستلزم الصحة فيها وفي
غيرها مع ضم الرئاء إلى التقرب ، ولو ضم اللازم كالتبرد قطع الشيخ وصاحب
المعتبر بالصحة ، لانه فعل الواجب وزيادة غير منافية ، ويمكن البطلان لعدم
الاخلاص الذي هو شرط الصحة ، وكذا التسخن والنظافة انتهى .
وأقول : لو ضم إلى القربة بعض المطالب المباحة الدنيوية فهل تبطل عبادته ؟
ظاهر جماعة من الاصحاب البطلان ، ويشكل بأن صلوات الحاجة والاستخارة وتلاوة
القرآن والاذكار والدعوات المأثورة للمقاصد الدنيوية عبادات بلا ريب ، مع أن

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه