الحوت ، عن ابن عباس ، فعلى هذا يجوز أن يكون أرسل على قوم بعد قوم ، ويجوز أن
يكون أرسل إلى الاولين بشريعة فآمنوا بها .
وقيل في معنى " أو " في قوله : " أو يزيدون " وجوه :
أحدها أنه على طريق الابهام على المخاطبين ، كأنه قال : أرسلناه إلى إحدى
العدتين .
وثانيها : أن " أو " تخيير كأن الرائي خير بين أن يقول : هم مائة ألف أو يزيدون
عن سيبويه ، والمعنى أنهم كانوا عددا لو نظر إليهم الناظر لقال : هم مائة ألف أو يزيدون .
وثالثها : أن " أو " بمعنى الواو ، كأنه قال : ويزيدون ، عن بعض الكوفيين ، وقال
بعضهم : معناه : بل يزيدون ، وهذان القولان الاخيران غير مرضيين عند المحققين ، وأجود
الاقوال الاول والثاني .
واختلف في الزيادة على مائة ألف كم هي ؟ فقيل : عشرون ألفا ، عن ابن عباس و
مقاتل ، وقيل : بضع وثلاثون ألفا ، عن الحسن والربيع ، وقيل : سبعون ألفا ، عن مقاتل بن
حيان .
" فآمنوا فمتعناهم إلى حين " حكى سبحانه عنهم أنهم آمنوا بالله وراجعوا التوبة
فكشف عنهم العذاب ، ومتعهم بالمنافع واللذات إلى انقضاء آجالهم .(1)
وقال رحمه الله : إن قوم يونس كانوا بأرض نينوى من أرض الموصل ، وكان يدعوهم
إلى الاسلام فأبوا ، فأخبرهم أن العذاب مصبحهم إلى ثلاث إن لم يتوبوا ، فقالوا : إنا
لم نجرب عليه كذبا ، فإن بات(2)فيكم تلك الليلة فليس بشئ ، وإن لم يبت فاعلموا
أن العذاب مصبحكم ، فلما كان في جوف الليل خرج يونس من بين أظهرهم ، فلما
أصبحوا تغشاهم العذاب ، قال وهب : أغامت السماء(3)غيما أسود هائلا يدخن دخانا
شديدا ، فهبط حتى غشي مدينتهم واسودت سطوحهم .
(1)مجمع البيان 8 : 458 و 459 .
(2)في المصدر : فانظروا فان بات .
(3)اغامت السماء : كانت ذات غيم .