قال الشيخ المفيد - قدس سره - في كتاب المقالات : أقول : إن الطباع معان
تحل الجسم يتهيأ بها للانفعال كالبصر ومافيه من الطبيعة التي بها يتهيأ لحلول الحس
فيه والا دراك . ثم قال : وإن ما يتولد بالطبع فإنما هو لمسببه بالفعل في المطبوع
وأنه لافعل على الحقيقة لشئ من الطباع ، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي ، وهو
خلاف مذهب المعتزلة في الطباع وخلاف الملحدين أيضا في ما ذهبوا إليه من
أفعال الطباع . ثم قال : قد ذهب كثير من الموحدين إلى أن الاجسام كلها مركبة من
الطبائع الاربع ، وهي : الحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة . واحتجوا في
ذلك بانحلال كل جسم إليها وبما يشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا ، والبخار
ماءا ، والموات حيوانا ، والحيوان مواتا ، ووجود النارية والمائية الهوائية و
الترابية في كل جسم وأنه لاينفك جسم من الاجسام من ذلك ولا يعقل على خلافه
ولاينحل إلا إليه ، وهذا ظاهر مكشوف لست أجد لدفعه حجة أعتمد عليها ، ولاأراه
مفسدا لشئ من التوحيد أو العدل أو الوعيد أو النبوات أو الشرائع فأطرحه لذلك بل
= من كل فيلسوف ليس بحيث يعد وحيا منزلا ونصا محكما يستحق بذل الجهود في تفسيره وتأويله
والتوفيق بينه وبين آراء سائر الحكماء وتطبيقه على المعارف الدينية الحقيقية .
2 - ان كثيرا من مدارك التأييد والطعن ينتهى إلى ما ترجم عن كتب لا يعرف مؤلفها
ومصنفها ، ولا يوثق بنا قلها ومترجمها ، مثل ما ينسبه طبيب إلى جالينوس ، أو شكاك إلى سقراط !
فربما ينسب كتاب إلى فيلسوف ويترجم بما انه حاك عن آراء مكتب خاص من المكاتب الفلسفية
ثم بعد حين يشكك في النسبة وفى الترجمة وينسب إلى فيلسوف آخر من مكتب مخالف للمكتب
الاول ، ويلتمس له شواهد وقرائن ربما لا تترجح على شواهد النسبة الاولى . وما ندرى لعله
لعبت بكثير من هذه التراجم أيدى خائنة ، أو حرفتها اقلام قاصرة أو مقصرة ، أضف إلى ذلك
عويصة الاصطلاحات العلمية ونقلها إلى لسان آخر . فكيف نعتمد على مثلها في تعظيم رجال
أو تحطيمهم ؟ لاسيما إذاانجر الامر إلى تقديسهم والحكم بلزوم اتباعهم والاقثداء بهم بما
أنهم ائمة المعرفة وأصحاب الكشف واليقين ، او إلى تكفير هم والحكم عليهم بالخلود في النار
ومضاعفة العذاب !
3 - انه لوسلم إلحاد متفلسف وانكاره للشرائع والنبوات فليس ذلك بحيث يسرى الحاده
إلى كل من سمي فيلسوفا حتى وان كان مصرحا بتصديق الانبياء ثم يجب علينا ان لا نقصر في =