بحار الأنوار ج57

الشؤون المختلفة التي جعلها الله في الانسان بتبعية ما جعل فيه من العناصر المختلفة
والصفات المتضادة ، والمواد المتبائنه
من ماء مهين " نطفة قذرة ذليلة ، وقال علي بن إبراهيم : منتن " في قرار مكين "
قال : في الرحم(1).
" إلى قدر معلوم " أي إلى قدر(2)معلوم من الوقت قدره الله للولادة " فقدرنا "
على ذلك أو فقدرناه ، ويدل عليه قراء‌ة نافع والكسائي بالتشديد " فنعم القادرون "
نحن " فويل يومئذ للمكذبين " بقدرتناعلى ذلك أو على الاعادة . " وخلقناكم أزواجا "
أي ذكرا وانثى " قتل الانسان ما أكفره " قيل : دعاء عليه بأشنع الدعوات وتعجب من
إفراطه في الكفران " من أي شئ خلقه " بيان لما أنعم عليه خصوصا من مبدأ حدوثه
واستفهام للتحقير ، ولذلك أجاب عنه بقوله " من نطفة خلقه فقدره " أي فهيأه لمايصلح
له من الاعضاء والاشكال ، أو فقدر أطوارا إلى أن تم خلقه " ثم السبيل يسره " أي
ثم سهل مخرجه من بطن أمه بأن فتح فوهة الرحم ، وألهمه أن ينتكس ، أو ذلل(3)
له سبيل الخير والشر ، وفيه - على المعنى الاخير - إيماء بأن الدنيا طريق والمقصد
غيرها ، ولذا عقبه بقوله " ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره " عد الاماتة والاقبار في
النعم لان الاماتة وصلة في الجملة إلى الحياة الابدية واللذات الخالصة ، والامر
بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع .
" ما غرك بربك الكريم " أي أي شئ خدعك وجرأك على عصيانه ؟ قيل :
ذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار والاشعار بمابه يغره الشيطان ، فإنه يقول
له : افعل ماشئت فإن ربك كريم لايعذب أحدا ، وقيل : إنما قال سبحانه " الكريم "
دون سائر أسمائه وصفاته لانه كأنه لقنه الجواب حتى يقول : غرني كرم الكريم .
وفي مجمع البيان : روى أن النبي صلى الله عليه وآله لماتلاهذه الاية قال : جهله(4).


(1)تفسيرالقمى : 708 .
(2)مقدار(خ).
(3)دلل(خ).
(4)مجمع البيان : ج 10 ، ص 449 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه