بحار الأنوار ج102

الفسوى قدس سره وأروى عنه من مؤلفاته الادبية مناولة انتهى ، وبالجملة فهو
من أجلة العلماء المعروفين .
واعلم أنا لو أردنا شرح هؤلاء العلماء الذين مر ذكرهم لخرجنا عن وضع
الرسالة ، وإنما استطردنا بعض حالات بعضهم لندرة مأخذه أو لخمول ذكره ، وقد رأيت
أن أختم الفصل بشرح حال المولى محمد رفيع(1)المتقدم ذكره أحد أصهار هذه السلسلة
أداء لحقه في الدين وإحياء لدراس اسمه في لسان المؤمنين ، وقد ذكره في اللؤلؤة ولم
يزد في ترجمة على اسمه ولقبه ، مع كونه من مشايخه .
قال الفاضل الكامل في تتميم أمل الامل : مولانا محمد رفيع بن فرج الجيلاني
الرشتي المجاور لمشهد الرضا عليه السلام طلع شارق فضيلته فاستضاء منه جملة من يني آدم
وأضاء بارق تحقيقه فاستنار منه العالم ، مواضع أقلامه مع كونها سوادا أزاحت ظلمات
الجهالة ومواقع مداده مع كونها قطرات أجرت بحار العلوم في القلوب فأزالت ختالات
الضلالة الكتاب المحكم العزيز قد شرح بتفسيره فانكان الزمخشري والبيضاوي
موجودين في زمنه أخذا الفوايد من تقريره ، اصول الفقه صارت بافاداته مشيدة
البنيان نيرة البرهان ، فعلى الحاجبي والعضدي وأمثالهما مع كونهم الفحول أن
يستفيدوا منه الاتقان ، المسائل الفقهية روضات جنات رايعة إن لم يدبرها لم يكن لها
رواء ، والقواعد الحكمية قوانين متينة لو لم يكن ناظرإليها لكانت سخافا مراضا ،
لم يكن لها إتقان ولاشفاء . وكذلك الحال في ساير الفنون التي لها شجون وغصون ،
وبالجملة صارت العلوم الغامضة بسبب نظره متقنة ومحكمة وموضحة مبينة ذات
شواهد بينة فيحق أن يقال : إنه معلم العلوم ورئيسها ومرجع أهلها في تشييدها
وتأسيسها .
هذا شأنه في تكميل القوة النظرية وأما القوة العملية ففي الاخلاق الحسنة
لم يكن لها نظير ولا عديل وفي أعمال العبادات الشرعية لم يوجد له مثيل وبديل ،
هذب النفس وزكاها ، ونهاها عن هواها ، وعمل من الطاعات والقربات مالم يبلغ أحد


(1)قد مضى ترجمته في ص 89 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه