بحار الأنوار ج56

المجهول هذا القيد لا أصل التوكيل ، والمعنى : ولم نعمل توكيلك إياه بأي أمر من
امورك . وفيه بعض المنافاة لما يظهر من أكثر الاخبار من سعة علمهم عليهم السلام ، و
اطلاعهم على جمع العوالم أو المخلوقات ، وأن الله أراهم ملكوت الارضين والسماوات
إلا أن يقال إنه عليه السلام قال ذلك على سبيل التواضع والتذلل ، أو المعنى لا نعلمهم
من ظاهر الكتاب والسنة وإن علمنا من جهة اخرى لا مصلحة في إظهارها ، أو لا -
نعلم في هذا الوقت خصوص مكانه وعمله ، فإنه لا استبعاد في عدم علمهم عليهم السلام ببعض
تلك الخصوصيات الحادثة ، أو قال عليه السلام ذلك بلسان غيره ممن يتلو الدعاء ، فإنه
عليه السلام جمع الادعية وأملاها لذلك ، بل هو من أعظم نعمهم على شيعتهم صلوات
الله عليهم .
" وسكان الهواء والارض والماء " يدل على أن لكل منها سكانا من الملائكة
كما روى الشيخ بسنده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إنه نهى
أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة ، وقال : إن للماء أهلا . وفي
وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال : كره الله لامتي الغسل تحت السماء إلا بمئزر
وكره دخول الانهار إلا بمئزر ، فإن فيها سكانا من الملائكة . وفي رواية اخرى
رواها الصدوق في المجالس قال : في الانهار عمار وسكان من الملائكة . وروى
أيضا في العلل بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله عزوجل وكل ملائكة
بنبات الارض من الشجر والنخل فليس من شجرة ولا نخلة إلا ومعها من الله
عزوجل ملك يحفظها وما كان فيها ، ولولا أن معها من يمنعها لاكلها السباع
وهوام الارض إذا كان فيها ثمرها - الخبر -(1).
" ومن منهم على الخلق " أي الملائكة الذين هم مع الخلق أو مستولون
عليهم أو موكلون بهم من جملة سائر الملائكة ، وهم أصناف شتى قدمر أكثرها
كالمعقبات ، ومن يثني برقبة المتخلي ليعتبر بما صار إليه طعامه ، والمشيعين
لعائد المريض ولزائر المؤمن ، ومن يأتي منهم للسؤال ابتلاء ، ومن يمسح


(1)علل الشرائع : ج 1 ، ص 363 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه