يتعبدهم بألوان المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، أخراجا للتكبر من قلوبهم ، و
إسكانا للتذلل في نفوسهم ، وليجعل ذلك أبوابا فتحا(1)إلى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه ،
فالله الله في عاجل البغي ، وآجل وخامة الظلم وسوء عاقبة الكبر " إلى قوله عليه السلام " :
وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ومجاهدة الصيام في الايام
المفروضات تسكينا لاطرافهم ،(2)وتخشيعا لابصارهم ، وتذليلا لنفوسهم ، وتخفيضا
لقلوبهم ، وإذهابا للخيلاء عنهم ، لما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه(3)بالتراب
تواضعا ، وإلصاق كرائم الجوارح بالارض تصاغرا ، ولحوق البطون بالمتون(4)من
الصيام تذللا ، مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الارض وغير ذلك إلى أهل المسكنة
والفقر ، انظروا إلى ما في هذه الافعال من قمع نواجم الفخر ، وقدع طوالع الكبر .(5)
إلى آخر ما سيأتي مشروحا في آخر المجلد الخامس .(6)
(1)بضمتين أى مفتوحة موسعة
(2)المراد بالاطراف هنا الايدى والارجل .
(3)عتاق الوجوه : كرامها وحسانها ، وهو جمع عتيق من عتق : إذا رقت بشرته .
(4)المتون : الظهور .(5)القمع : القهر . النواجم : الطوالع جمع ناجمة . القدع : الكف والمنع .
(6)وهو كتاب النبوة ، في باب ما ورد بلفظ نبى من الانبياء وبعض نوادر أحوالهم .*