بحار الأنوار ج17

لا تختلف باختلاف الملل والشرائع .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ " أي ينخسنك
منه نخس ، أي وسوسة تحملك على خلاف ما امرت به كاعثراء غضب وفكر(1).
وقال الرازي : احتج الطاعنون في عصمة الانبياء عليهم السلام بهذه الآية وقالوا : لولا
أنه يجوز من الرسول الاقدام على المعصية والذنب لم يقل له ذلك .
والجواب عنه من وجوه :
الاول أن حاصل هذا الكلام أنه تعالى قال : إن حصل في قلبك من الشيطان
نزغ ، ولم يدل ذلك على الحصول ، كما أنه تعالى قال : " لئن أشركت ليحبطن عملك(2)"
ولم يدل ذلك على أنه أشرك ، وقال " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا(3)" ولم يدل
ذلك على أنه حصل فيهما آلهة .
الثاني : هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس إلى الرسول صلى الله عليه وآله ، إلا أن هذا لا
يقدح في عصمته صلى الله عليه وآله ، إنما القادح في عصمته لو قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسوسته ، والآية لا
تدل على ذلك ، وعن الشعبي قال : قال رسول الله : صلى الله عليه وآله : " ما من إنسان إلا ومعه شيطان
قالوا : وأنت يارسول الله ؟ قال : وأنا ، لكنه أسلم بعون الله ، ولقد أتاني فأخذت بحلقه ،
ولولا دعوة سليمان عليه السلام لاصبحن في المسجد طريحا ، " وهذا كالدلالة على أن الشيطان
يوسوس إلى الرسول صلى الله عليه وآله .
الثالث : هب أنا سلمنا أن الشيطان يوسوس إليه ، وأنه صلى الله عليه وآله يقبل أثر وسوسته ،
إلا أنا نخص هذه الحالة بترك الافضل والاولى ، قال صلى الله عليه وآله : " وإنه ليران(4)على قلبي
وإني لاستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة " انتهي(5).


(1)
أنوار التنزيل 1 : 461 .
(2)الزمر : 65 .
(3)الانبياء 22 .
(4)في المصدر : ليفان . أقول : أى ليغشى .
(5)مفاتيح الغيب 4 : 496 و 497 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه