بحار الأنوار ج14

" قالت نملة " وذلك أن النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والانثى فيميز
بينهما بعلامة نحو قولهم : حمامة ذكر ، وحمامة أنثى . انتهى(1)
وقال ابن الحاجب في بعض تصانيفه : إن تأنيث مثل الشاة والنملة والحمامة من
الحيوانات تأنيث لفظي ، ولذلك كان قول من زعم أن النملة في قوله تعالى : " قالت نملة "
أنثى لورود تاء التأنيث في " قالت " وهما ، لجواز أن يكون مذكرا في الحقيقة ، وورود تاء
التأنيث كورودها في فعل المؤنث اللفظي ، ولذا قيل : إفحام قتادة خير من جواب
أبي حنيفة .
أقول : هذا هو الحق وقد ارتضاه الرضي رضي الله عنه وغيره ، والحمد لله الذي
فضح من أراد أن يدعي رتبة أمير المؤمنين عليه السلام بهذه البضاعة من العلم ، وهذا
الناصبي الآخر الذي أراد أعوانه إثبات علو شأنه بأنه تكلم في بدء شبابه بمثل
ذلك .(2)
وقال الثعلبي في تفسيره : قال مقاتل : كان سليمان عليه السلام جالسا إذ مر به طائر
يطوف ، فقال لجلسائه : هل تدرون ما يقول هذا الطائر الذي مر بنا ؟ قالوا : أنت أعلم ،
فقال سليمان : إنه قال لي : السلام عليك أيها الملك المتسلط على بني إسرائيل ، أعطاك
الله سبحانه وتعالى الكرامة ، وأظهرك على عدوك ، إني منطلق إلى فروخي ، ثم أمر
بك الثانية ، وإنه سيرجع إلينا الثانية فانظروا إلى رجوعه ، قال : فنظر القوم طويلا
إذ مر بهم فقال : السلام عليك أيها الملك إن شئت أن تأذن لي كيما أكتسب على فروخي
حتى يشبوا ثم آتيك فافعل بي ماشئت ، فأخبرهم سليمان بما قال وأذن له .
وعن كعب قال : صاح ورشان(3)عند سليمان ، فقال : أتدرون ماتقول ؟ قالوا : لا ،
قال : فإنها تقول : لدوا للموت وابنوا للخراب . وصاحت فاختة فقال : تقول : ليت الخلق


(1)الكشاف 3 : 280 .
(2)ولو كان ما افاد صحيحا لما كان أيضا يدل على فضله وكماله ، لجواز أن يكون سمع ذلك
من غيره فحفظه . كل ذلك لو كان للقضية واقع فكيف لو كانت من اصلها مختلقة موضوعة .
(3)ورشان بفتح الواو والراء : نوع من الحمام البرى اكدر اللون فيه بياض فوق ذنبه . و
قال الدميري : هو ساق حر وهو ذكر القمارى .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه