استقبلك بما استقبلك به ثم أمرت له بثلاث مائة ألف ؟ قال : يا بني إن الحق
حقهم ، فمن أتاك منهم فاحث له(1).
(1)ومما يناسب اللباب ما ذكره سبط ابن الجوزى في التذكرة نقلا عن هشام بن محمد
الكلبي ، عن محمد بن اسحاق قال : بعث مروان بن الحكم وكان اليا على المدنية رسولا
إلى السحن عليه السلام فقال قل له : يقول لك مروان : أبوك الذى فرق الجماعة وقتل أمير
المؤمنين عثمان ، وأباد العلماء والزهاد يعنى الخوارج وأنت تفخر بغيرك : فاذا قيل
لك من أبوك ؟ تقول : خالى الفرس وفى رواية ابن سعد في الطبقات : ما اجد لك مثلا
الا البغلة يقال لها من أبوك فتقول : أخى الفرس .
فجاء الرسول إلى الحسن عليه السلام فقال له : يا أبا محمد ! انى أتيتك برسالة ممن
يخاف سطوته ، ويحذر سيفه ، فان كرهت لم أبلغك اياها ووقيتك بنفسى ، فقال الحسن :
لا بل تؤديها ، ونستعين عليه بالله . فأداها فقال له : تقول لمروان : ان كنت صادقا فالله
يجزيك بصدقك ، وان كنت كاذبا فالله أشد نقمة .
فخرج الرسول من عنده ، فلقيه الحسين فقال : من أين أقبلت ؟ فقال : من عند
أخيك الحسن ، فقال : وما كنت تصنع ؟ قال : أتيت برسالة من عند مروان ، فقال : وما
هى ؟ فامتنع الرسول من أدائها ، فقال : لتخبرنى أو لاقتلنك ! فسمع الحسن عليه السلام
فخرج وقال لاخيه : خل عن الرجل ، فقال : لا والله حتى أسمعها ، فأعادها الرسول فقال
له : قل يقول لك الحسين بن على ابن فاطمة : يا ابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق
ذى المجاز ، صاحبة الراية بسوق عكاظ ، يا ابن طريد رسول الله ولعينه ، اعرف من أنت ؟
ومن امك ؟ ومن أبوك ؟ فجاء الرسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا ، فقال له : ارجع
إلى الحسن وقل له : أشهد أنك ابن رسول الله ، وقل للحسين : أشهد أنك على بن
أبى طالب .
قال : قال الاصمعى : أما قول الحسين يا ابن الداعية إلى نفسها فذكر بان اسحاق
ان ام مروان اسمها أمية وكانت من البغايا في الجاهلية ، وكان لها رأية مثل رأية البيطار
تعرف بها ، وكانت تسمى أم حبتل الزرقاء ، وكان مروان لا يعرف له أب ، وانما تنسب له إلى
الحكم بن أبى العاص .
أقول : قال الفيروز آبادي ذو المجاز : سوق كانت لهم على فرسخ من عرفة ، بناحية
كبكب وعكاظ سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين
يوما تجتمع قبائل العرب فبتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون .