الارض بالعدل ، وقيل : بنور يخلقه الله عزوجل يضئ به الارض يوم القيامة من غير
شمس ولا قمر " ووضع الكتاب " أي كتب الاعمال التي كتبتها الملائكة على بني آدم
توضع في أيديهم ليقرؤوا منها أعمالهم " وجيئ بالنبيين والشهداء " هم الذين يشهدون
للانبياء على الامم بأنهم قد بلغوا ، وأن الامم قد كذبوا ، وقيل : هم الذين استشهدوا
في سبيل الله ، وقيل : هم عدول الآخرة يشهدون على الامم بما شاهدوا ، وقيل : هم
الحفظة من الملائكة ، وقيل : هم جميع الشهداء من الجوارح والمكان والزمان وهي
قوله تعالى : " ذلك يوم الوعيد " أي ذلك اليوم يوم وقوع الوعيد الذي خوف الله به عباده .
" وجاءت كل نفس " أي تجئ كل نفس من المكلفين في يوم الوعيد " ومعها سائق "
من الملائكة يسوقها أي يحثها على السير إلى الحساب " وشهيد " من الملائكة يشهد
عليها بما يعلم من حالها وشاهد بما كتبه لها وعليها ، فلا يجدوا إلى الهرب ولا إلى
الجحود سبيلا ، وقيل : السائق من الملائكة ، والشهيد الجوارح تشهد عليه " لقد كنت
في غفلة " أي يقال له : لقد كنت في سهو ونسيان من هذا اليوم في الدنيا " فكشفنا عنك
غطاءك " الذي كان في الدنيا يغشى قلبك وسمعك وبصرك حتى ظهر لك الامر " فبصرك
اليوم حديد " أي فعينك اليوم حادة النظر لا يدخل عليها شك ولا شبهة ، وقيل : معناه :
فعلمك بما كنت فيه من أحوال الدنيا نافذ ، ولا يراد به بصر العين كما يقال : فلان بصير
بالنجوم والفقه .
وفي قوله تعالى : " واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب " أي اصغ إلى النداء
وتوقعه يعني صيحة يوم القيامة والبعث والنشور ، ينادي به المنادي وهي النفخة الثانية
ويجوز أن يكون المراد : واستمع ذكر حالهم يوم ينادي المنادي ، وقيل : إنه ينادي
مناد من صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية والاوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة
قومي لفصل القضاء وما أعد الله لك من الجزاء ، وقيل : إن المنادي إسرافيل عليه السلام يقول :
يامعشر الخلائق قوموا للحساب عن مقاتل ، وإنما قال : " من مكان قريب " لانه
يسمعه الخلائق كلهم على حد واحد فلا يخفى على أحد قريب ولا بعيد فكأنهم نودوا
من مكان يقرب منهم " يوم يسمعون الصيحة بالحق " الصيحة المرة الواحدة من الصوت