بحار الأنوار ج17

ومن ذلك أنه أقبل من تبوك فجهدوا عطشا وبادر الناس إليه يقولون : الماء الماء
يارسول الله ، فقال لابي هريرة : هل معك من الماء شئ ؟ قال : كقدر قدح في ميضاتي قال :
هلم ميضاتك ، فصب ما فيه في قدح ودعا وأوعاه(1)وقال : ناد من أراد الماء . فأقبلوا
يقولون : الماء يارسول الله ، فما زال يسكب وأبوهريرة يسقي حتى روي القوم أجمعون ، و
ملاوا ما معهم ، ثم قال لابي هريرة : اشرب ، فقال : بل آخركم شربا ، فشرب رسول
الله صلى الله عليه وآله وشرب .
ومن ذلك أن اخت عبدالله بن رواحة الانصاري مرت به أيام حفرهم الخندق
فقال لها : أين تريدين(2)؟ قالت : إلى عبدالله بهذه التمرات ، فقال : هاتيهن فنثرت في
كفه ، ثم دعا بالانطاع وفرقها عليها وغطاها بالازر ، وقام وصلى ففاض التمر على
الانطاع ، ثم نادى هلموا وكلوا ، فأكلوا وشبعوا وحملوا معهم ودفع ما بقي إليها .
ومن ذلك أنه كان في سفر فأجهدوا جوعا ، فقال : من كان معه زاد فليأتنا به فأتاه نفر
منهم بمقدار صاع ، فدعا بالازر والانطاع ثم صب(3)التمر عليها(4)، ودعا ربه فأكثر
الله ذلك التمر حتى كان أزوادهم إلى المدينة .
ومن ذلك أنه أقبل من بعض أسفاره فأتاه قوم فقالوا : يارسول الله إن لنا بئرا إذا
كان القيظ(5)اجتمعنا عليها ، وإذا كان الشتاء تفرقنا على مياه حولنا ، وقد صار من حولنا
عدوا لنا فادع الله في بئرنا فتفل صلى الله عليه وآله في بئرهم ففاضت المياه المغيبة ، وكانوا لا يقدرون أن
ينظروا إلى قعرها بعد من كثرة مائها ، فبلغ ذلك مسيلمة الكذاب فحاول مثله من قليب
قليل ماؤه فتفل الانكد في القليب فغار ماؤه ، وصار كالجبوب .
ومن ذلك أن سراقة بن جعشم حين وجهه قريش في طلبه ناوله نبلا من كنانته و
قال له : ستمر برعاتي فإذا وصلت إليهم فهذا علامتي ، اطعم عندهم واشرب ، فلما انتهى


(1)ووعاه خ ل وأعاده خ ل صح ، والمصدر مثل الاخير . ومعنى دعا واوعاه : دعا بالبركة و
الوفور ثم ستر القدح لئلا يرونه .
(2)إلى أين تريد بن خ ل . وهو الموجود في المصدر .
(3)ضعف خ ل .
(4)عليهما خ ل .
(5)القيض ح ل .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه