وأما ثانيا فبأنه على تقدير تسليم تحقق الاجماع والعلم في تلك الازمنة
فلا يتحقق ذلك إلا في قليل من المسائل ، فكيف يحصل تحفظهم عن الخطاء بذلك ؟
وأما ثالثا فبأنه لايخفى على عاقل أن الظاهر من الآية أن المأمورين
بالكون غير من امروا بالكون معهم ، وعلى ماذكره يلزم اتحادهما .
وأما رابعا فبأن المراد بالصادق إما الصادق في الجملة فهو يصدق على جميع
المسلمين ، فإنهم صادقون في كلمة التوحيد لامحالة ، أوفي جميع الاقوال ، والاول
لايمكن أن يكون مرادا لانه يلزم أن يكونوا مأمورين باتباع كل من آحاد
المسلمين كما هو الظاهر من عموم الجمع المحلى باللام ، فتعين الثاني وهو لازم
العصمة ، وأما الذي اختاره من إطلاق الصادقين على المجموع من حيث المجموع من
جهة أنهم من حيث الاجتماع ليسوا بكاذبين فهذا احتمال لايجوزه كردي لم يأنس
بكلام العرب قط .
وأما خامسا فبأن تمسكه في نفي ما يدعيه الشيعة في معرفة الامام لايخفى
سخافته ، إذ كل جاهل وضال ومبتدع في الدين يمكن أن يتمسك بهذا في عدم
وجوب اختيار الحق ، والتزام الشرائع ، فلليهود أن يقولوا : لوكان محمد صلى الله عليه وآله نبيا
لكنا عالمين بنبوته ، ولكنا نعلم ضرورة أنا غير عالمين به ، وكذا سائر فرق الكفر
والضلالة ، وليس ذلك إلا لتعصبهم ومعاندتهم وتقصيرهم في طلب الحق ، ولو رفعوا
أغشية العصبية عن أبصارهم ونظروا في دلائل إمامتهم ومعجزاتهم ومحاسن أخلاقهم
وأطوارهم لابصروا ما هو الحق في كل باب ، ولم يبق لهم شك ولا ارتياب ، و
كفى بهذه الآية على ماقرر الكلام فيها دليلا على لزوم الامام في كل عصر وزمان .
11 - ما : بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم
في قوله تعالى :(فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه)قال :
الصدق ولايتنا أهل البيت(1).
قب : عن أميرالمؤمنين عليه السلام مثله(2).
(1)امالى ابن الشيخ : 232 . والاية في الزمر : 32 .
(2)مناقب آل ابيطالب 2 : 288 .(*)