أهلوهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا .
وفي تفسير أهل البيت عليهم الصلاة والسلام : كانت المائدة تنزل عليهم فيجتمعون
عليها ويأكلون منها ثم يرفع ،(1)فقال كبراؤهم ومترفوهم : لا ندع سفلتنا يأكلون
منها معنا ، فرفع الله المائدة ببغيهم ومسخوا قردة وخنازير انتهى كلامه رحمه الله .(2)
وقال الثعلبي في تفسيره : قالت العلماء بأخبار الانبياء : بعث عيسى عليه السلام رسولين
من الحواريين إلى أنطاكية ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب
صاحب ياسين ، فسلما عليه ، فقال الشيخ لهما : من أنتما ؟ قالا : رسولا عيسى ندعوكم
من عبادة الاوثان إلى عبادة الرحمن ، فقال : أمعكما آية ؟ قالا : نعم ، نحن نشفي المريض
ونبرئ الاكمه والابرص بإذن الله ، فقال الشيخ : إن لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ
سنين ، قالا : فانطلق بنا إلى منزلك نتطلع حاله ، فأتى بهما إلى منزله فمسحا ابنه فقام
في الوقت بإذن الله صحيحا ، ففشا الخبر في المدينة وشفى الله على يديهما كثيرا من المرضى
وكان لهم ملك يقال له شلاحن ،(3)وكان من ملوك الروم يعبد الاصنام ، قالوا : فأنهى
الخبر إليه فدعاهما فقال لهما : من أنتما ؟ قالا : رسولا عيسى ، قال : وما آيتكما ؟ قالا :
نبرئ الاكمه والابرص ، ونشفي المرضى بإذن الله ، قال : وفيم جئتما ؟ قالا : جئناك
ندعوك من عبادة مالا يسمع ولا يبصر إلى عبادة من يسمع ويبصر ، فقال الملك : ولنا إله
سوى آلهتنا ؟ قالا : نعم ، من أوجدك وآلهتك ، قال : قوما حتى أنظر في أمركما ، فتتبعهما
ناس فأخذوهما وضربوهما في السوق .
وقال وهب بن منبه : بعث عيسى عليه السلام هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها ولم
يصلا إلى ملكها ، فطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكر الله ، فغضب الملك
وأمر بهما فأخذا وحبسا وجلد كل واحد منهما مائة جلدة ، قالوا : فلما كذب الرسولان
وضربا بعث عيسى رأس الحواريين شمعون الصفا(4)على أثرهما لينصرهما ، فدخل
(1)في المصدر : ثم ترتفع .
(2)مجمع البيان 3 : 264 267 .
(3)لم يذكر اسمه في مجمع البيان .
(4)الصفا : الحجر والنصارى يسمونه پطرس باليونانية ، وبالسريانية : كيفاس ، وهما بمعنى
الحجر . وكان تلامذة المسيح يسمون بالحجر لابتناء المسيحية والكنيسة عليهم .