بحار الأنوار ج63

ذكره نجم الائمة الشيخ الرضي ومثل بقولنا لقيته إن عليه جبة ، وعد من ذلك
قوله تعالى في بحث الحروف المشبهة بالفعل " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم "(1).
هذا وظني أن وجه التأكيد في هاتين الجملتين أن كلا منهما كلام برأسه ،
ملقى إلى المؤمنين ، فهو رائج عندهم متقبل لديهم كما ذكره صاحب الكشاف عند
قوله تعالى " إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا "(2).
وأما ما قيل من أن وجه التأكيد في الآية التي نحن فيها ، هو أن الكفار
منكرون كون أكل مالم يذكر اسم الله عليه فسقا ، فليس بشئ لان المخاطب بالآية
الكريمة المؤمنون ، وهم لا ينكرون كون أكل الميتة فسقا ، والمنكر لذلك هم غير
المخاطبين بها ، فحينئذ تأكيد الكلام الملقى إلى غير المنكرين لكون غير المخاطبين
منكرين ، اختراع لا يعرفه أحد من علماء المعاني .
والجواب عما روي من أكله صلى الله عليه وآله من اللحم الذي أهدته اليهودية ، بأن الرواية
لم تثبت صحتها عندنا ، واحتمال علمه صلى الله عليه وآله بشراء تلك اليهودية ذلك اللحم من
جزار مسلم ، إما باخبار أحد من الصحابة أو بالهام ونحوه قايم ، والتقريب لا يتم بدون
بيان انتفائه .
وأما ما أختاره ابن بابويه من إباحة ذبيحة اليهود والنصارى والمجوس إذا
سمعنا منهم التسمية عند الذبح ، فقد استدل عنه ببعض الروايات ، وبقوله سبحانه " فكلوا
مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين "(3)وهذا قد ذكر اسم الله عليه ، و
ليس في الآية الكريمة تقييد الذاكر بكونه مسلما ، فتدخل الاصناف الثلاثة ، وأما
غيرهم من الكفار ، فهم خارجون ، باجماع المسلمين على تحريم ذبائحهم ، ولو لا أن
قوله هذا مخالف للروايات المتضافرة ، وعمل جماهير علمائنا ، لكان العمل به غير
بعيد عن الصواب ، إن ألحقنا المجوس بأهل الكتاب ، انتهى كلامه رفع الله مقامه .


(1)الفرقان : 20 .
(2)البقرة : 14
(3)الانعام : 118 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه