ويمكن أن يفسر أنه أراد بالفطرة العصمة ، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحا
ولا كان كافرا طرفة عين ، ولا مخطئا ولا غالطا في شئ من الاشياء المتعلقة بالدين
وهذا تفسير الامامية . انتهى كلامه(1).
وأقول : الاخبار في البراءة من طرق الخاصة والعامة مختلفة ، والاظهر في
الجمع بينها أن يقال : بجواز التكلم بها عند الضرورة الشديدة وجواز الامتناع عنه
وتحمل ما تترتب عليه ، وأما أن أيهما أولى ففيه إشكال ، بل لايبعد القول بذلك
في السب أيضا ، وذهب إلى ماذكرناه في البراءة جماعة من علمائنا ، وأما ما نسبه ابن
أبي الحديد إليهم جميعا من تحريم القول بالبراءة فلعله اشتبه عليه ما ذكروه من
تحريم الحلف بالبراءة اختيارا ، فإنهم قطعوا بتحريم ذلك وإن كان صادقا ، ولا
تعلق له بأحكام المضطر .
وقال الشيخ الشهيد في قواعده : التقية تنقسم بانقسام الاحكام الخمسة ،
فالواجب إذا علم أو ظن نزول الضرر بتركها به أو ببعض المؤمنين ، والمستحب إذا كان
لايخاف ضررا عاجلا ويتوهم ضررا آجلا أو ضررا سهلا ، أو كان تقية في المستحب
كالترتيب في تسبيح الزهراء عليها السلام وترك بعض فصول الاذان ، والمكروه التقية في
المستحب حيث لاضرر عاجلا ولا آجلا ، ويخاف منه الالتباس على عوام المذهب ،
والحرام التقية حيث يؤمن الضرر عاجلا وآجلا أو في قتل مسلم ، قال أبوجعفر عليه السلام
" إنما جعلت التقية ليحقن بها الدماء فإذا بلغ الدم فلا تقية " والمباح التقية في
بعض المباحات التي رجحها العامة(2)ولايصل بتركها ضرر(3).
ثم قال رحمه الله : التقية يبيح كل شئ حتى إظهار كلمة الكفر ، ولو تركها
حينئذ أثم إلا في هذا المقام ومقام التبري من أهل البيت عليهم السلام فإنه لايأثم بتركها
بل صبره إما مباح أو مستحب ، وخصوصا إذا كان ممن يقتدى به(4).
(1)شرح النهج 1 : 487 492 .
(2)في المصدر : يرجحها العامة وفي(م)و(د): ريجها العامة .
(3)في المصدر : ولا يصير تركها ضررا .
(4)القواعد والفوائد : 261 .