بحار الأنوار ج75

خلق امرء عبثا فيلهو ، ولا ترك سدى فيلغو ، وما دنياه التي تحسنت له بخلف
من الاخرة التي قبحها سوء ظنه عنده ، وما المغرور بزخرفها الذي بناج من عذاب
ربه عند مرده إليه .
56 - وقال عليه السلام : عليكم بالعلم فانه صلة بين الاخوان ، ودال على المروة
وتحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، ومونس في الغربة ، وإن الله تعالى يحب
المؤمن العالم الفقيه ، الزاهد الخاشع ، الحيي العليم ، الحسن الخلق ، المقتصد
المنصف .
57 - وقال عليه السلام : من تواضع للمتعلمين وذل للعلماء ساد بعلمه ، فالعلم يرفع
الوضيع ، وتركه يضع الرفيع ، ورأس العلم التواضع ، وبصره البراء‌ة من الحسد
وسمعه الفهم ، ولسانه الصدق ، وقلبه حسن النية ، وعقله معرفة أسباب الامور ، و
من ثمراته التقوى ، واجتناب الهوى ، واتباع الهدى ، ومجانبة الذنوب ، ومودة
الاخوان والاستماع من العلماء ، والقبول منهم ، ومن ثمراته ترك الانتقام عند القدرة
واستقباح مقارفة الباطل ، واستحسان متابعة الحق . وقول الصدق ، والتجافي عن
سرور في غفلة ، وعن فعل ما يعقب ندامة ، والعلم يزيد العاقل عقلا ، ويورث متعلمه
صفات حمد ، فيجعل الحليم أميرا ، وذا المشورة وزيرا ، ويقمع الحرص ، ويخلع
المكر ، ويميت البخل ، ويجعل مطلق الوحش مأسورا(1)وبعيد السداد قريبا .
58 - وقال عليه السلام(2)العقل عقلان عقل الطبع وعقل التجربة وكلاهما
يؤدي إلى المنفعة ، والموثوق به صاحب العقل والدين ، ومن فاته العقل والمروة
فرأس ماله المعصية ، وصديق كل امرء عقله ، وعدوه جهله ، وليس العاقل من
يعرف الخير من الشر ، ولكن العاقل من يعرف خير الشرين ، ومجالسة العقلاء
تزيد في الشرف ، والعقل الكامل قاهر الطبع السوء ، وعلى العاقل أن يحصي على
نفسه مساويها في الدين والرأي والاخلاق والادب فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب


(1)المأسور : الاسير .
(2)مطالب السؤول ص 49 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه