اقول : يحتمل أن يكون الخطاب متوجها إليه صلى الله عليه واله والمراد به غيره ، ويمكن
أن يكون المراد بالنسيان الترك ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى .
ثم قال في قوله : " وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا " : أي قل :
عسى أن يعطيني ربي من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب إلى الرشد وأدل
من قصة أصحاب الكهف(1).
قوله تعالى : " طه " ذهب أكثر المفسرين إلى أن معناه يا رجل بلسان الحبشية
أو النبطية(2)، وقيل : هو من أسماء النبي صلى الله عليه واله . وقال الطبرسي : روي عن الحسن
أنه قرأ " طه " بفتح الطاء وسكون الهاء ، فإن صح فأصله(طأ)فابدل من الهمزة
هآء ، ومعناه طأ الارض بقدميك جميعا ، فقد روي أن النبي صلى الله عليه واله كان يرفع إحدى رجليه
في الصلاة ليزيد تعبه ، فأنزل الله : " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فوضعها ، وروي
ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام ، وقال قتادة : كان يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى
لا يغلبه النوم ، فأمره الله سبحانه أن يخفف عن نفسه ، وذكر أنه ما أنزل عليه الوحي
ليتعب كل هذا التعب(3).
قوله تعالى : " ما أنزلنا عليك القران لتشقى " قال البيضاوي : ما أنزلناه عليك
لتتعب بفرط تأسفك على كفر قريس ، إذ ما عليك إلا أن تبلغ ، أو بكثرة الرياضة وكثرة
التهجد والقيام على ساق ، والشقآء شائع بمعنى التعب ، وقيل : رد وتكذيب للكفرة ،
فإنهم لما رأوا كثرة عبادته قالوا : إنك لتشقى بترك ديننا ، وإن القرآن انزل عليك
لتشقى به " إلا تذكرة " لكن تذكيرا ، وانتصابه على الاستثناء المنقطع " لمن يخشى " لمن في
قلبه خشية ورقة يتأثر بالانذار ، أو لمن علم الله منه أنه يخشى بالتخويف منه ، فإنه
المنتفع به(4).
(1)مجمع البيان 6 : 462 .
(2)وقال الكلبي : هي بلغة عك ، وأنشد لتميم بن نويرة : هتفت بطه في القتال فلم يجب *
فخفت لعمرى أن يكون موائلا . وقال الاخر : إن السفاهة طه من خلائفكم * لا بارك الله في القوم الملاعين .
قاله الطبرسي .
(3)مجمع البيان 7 : 2 .
(4)أنوار التنزيل 2 : 50 .(*)