بحار الأنوار ج14

بيتا للدهقان فيه صفان من جرار ، فأمر عيسى عليه السلام يده على أفواهها وهو يمشي فامتلات
شرابا ، وعمره حينئذ اثنتا عشرة سنة ، وكان في الكتاب يحدث الصبيان بما يصنع أهلوهم وبما
يأكلون ، قال وهب : بينما عيسى عليه السلام يلعب مع الصبيان إذ وثب غلام على صبي فضربه
على رجله فقتله ، فألقاه بين رجلي المسيح متلطخا بالدم ،(1)فانطلقوا به إلى الحاكم في
ذلك البلد وقالوا : قتل صبينا ، فسأله الحاكم فقال : ماقتلته ، فأرادوا أن يبطشوا به فقال :
ايتوني بالصبي حتى أسأله من قتله ، فعجبوا من قوله وأحضروه عند القتيل ،(2)فدعا
الله تعالى وأحياه ، فقال : من قتلك ؟ فقال : قتلني فلان ،(3)فقال بنو إسرائيل للقتيل :
من هذا ؟ قال : عيسى بن مريم ، ثم مات من ساعته .
وقال عطاء : سلمت مريم عيسى عليه السلام إلى صباغ يتعلم عنده ، فاجتمع عند الصباغ
ثياب وعرض له حاجة ، فقال للمسيح عليه السلام : هذه ثياب مختلفة الالوان ، وقد جعلت في
كل ثوب خيطا على اللون الذي تصبغ به فاصبغها حتى أعود من حاجتي هذه ، فأخذها
المسيح وألقاها في حب واحد ، فلما عاد الصباغ سأله عن الثياب فقال : صبغتها ، فقال :
أين هي ؟ قال : في هذا الحب ، قال : كلها ؟ قال : نعم ، قال : قد أفسدتها على أصحابها
وتغيظ عليه ، فقال له المسيح : لاتعجل وانظر إليها ، فقام وأخرج كل ثوب منها على
اللون الذي أراد صاحبه ، فتعجب الصباغ منه ، وعلم أن ذلك من الله تعالى .
ولما عاد عيسى وأمه إلى الشام(4)نزلا بقرية يقال لها ناصرة وبها سميت


(1)في العرائس زيادة وهي : فاطلع الناس عليه فاتهموه به فأخذوه .
(2)في المجمع : فتعجبوا من قوله وأحضروا عنده القتيل فدعا الله تعالى فاحياه .
(3)في المصدر زيادة : يعني الذي قتله .
(4)في العرائس : قال وهب : لما مات هردوس الملك بعد اثنتى عشر سنة من مولد عيسى عليه
السلام أوحى الله تعالى إلى مريم يخبرها بموت هردوس ويأمرها مع ابن عمها يوسف النجار إلى
الشام ، فرجع عيسى وامه وسكنا في جبل الخليل في قرية يقال لها ناصرة وبها سميت النصارى وكان
عيسى عليه السلام يتعلم في الساعة علم يوم ، وفي اليوم علم شهر ، وفي الشهر علم سنة ، فلما تمت
ثلاثون سنة أوحى الله تعالى اليه اه‍ .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه