بحار الأنوار ج14

ولو صبر لكان أفضل ، فأراد الله لنبيه صلى الله عليه وآله أفضل المنازل وأعلاها . انتهى .(1)
أقول : لما كان الظاهر من أكثر الاخبار أنه كان هجرته عن القوم بعد العلم
بتوبتهم وصرف العذاب عنهم فيحتمل أن يكون غضبه كناية عن حزنه وأسفه على طلب
العذاب لهم ، وخوفه من أن يكذبوه بعد رجوعه إليهم حيث لم يقع ما أخبر به ، وأما
قوله تعالى : " فظن أن لن نقدر عليه " فالاكثر على أنه بمعنى التضييق كما مر . وقد
قيل فيه وجوه أخر :
الاول : أن يكون هذا من باب التمثيل ، يعني كانت حاله ومثله كحالة من ظن
أن لن نقدر عليه في خروجه من قومه من غير انتظار لامر الله .(2)
والثاني : أن يفسر القدر بالقضاء ، فالمعنى : فظن أن لن نقضي عليه بشدة وهو
قول مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي ، ورواية العوفي عن ابن عباس ، واختيار الفراء و
الزجاج ، ويؤيده أنه قرئ في الشواذ بضم النون وتشديد الدال المكسورة .
والثالث : أن المعنى : فظن أن لن نعمل فيه قدرتنا ، لان بين القدرة والفعل مناسبة
فلايبعد جعل أحدهما مجازا عن الآخر .
الرابع : أنه استفهام بمعنى التوبيخ .
ثم اختلفوا في الظلمات فقيل : أي في الظلمة الشديدة المتكاثفة في بطن الحوت ،
وقيل : ظلمة الليل والبحر والحوت ، وقيل : كان حوت(3)في بطن حوت .
8 ل : الفامي وابن مسرور ، عن ابن بطة ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن
حماد ، عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أول من سوهم عليه مريم بنت
عمران وهو قول الله تعالى : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " و
السهام ستة ، ثم استهموا في يونس لما ركب مع القوم فوقفت السفينة في اللجة فاستهموا
فوقع السهم على يونس ثلاث مرات ، قال : فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت
فاتح فاه فرمى بنفسه . الخبر .(4)


(1)تنزيه الانبياء : 100 و 101 .
(2)كما يقول السلطان فيمن فر من خوفه : إنه ظن أن خرج من سلطاني ؟ لا يكون ذلك ، بل
هو في قبضتي وسلطاني .
(3)كذا في النسخ .(4)الخصال 1 : 75 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه