بحار الأنوار ج6

يفسد قولهم من بعد مادل على أن الانسان المأمور المنهي هو الجوهر البسيط ، وأن
الاجزاء المؤلفة لا يصح أن تكون فعالة ، ودلائل ذلك يطول بإثباتها الكتاب ، وفيما
أومأنا إليه منها كفاية فيما تعلق به السؤال وبالله التوفيق .
وسئل عنه قدس الله روحه في المسائل العكبرية عن قول الله تعالى : " ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله " الآية ، هل يكون الرزق لغير جسم ؟ وما صورة هذه الحياة ؟
فإنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا ، فما الفرق حينئذ في الحياة بين المؤمن
والكافر ؟ فأجاب رحمه الله بأن الرزق لا يكون عندنا إلا للحيوان ، والحيوان عندنا ليسوا
بأجسام بل ذوات اخرجوا في هذه الدار إلى الاجساد ، وتعذر عليهم كثير من الافعال
إلا بها ، فإن اغنوا عنها بعد الوفات جاز أن يرزقوا مع عدمها رزقا يحصل لهم به اللذات ،
وإن افتقروا إليها كان الرزق لهم حينئذ بحسبه في الدنيا على السواء ، فأما قوله :
ما صورة هذه الحياة ؟ فالحياة لا صورة لها لانها عرض من الاعراض وهي تقوم بالذات
الفعالة دون الاجساد التي تقوم بها حياة النمو دون الحياة التي هي شرط في العلم
والقدرة ونحوهما من الاعراض ، وقوله : إنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا
فليس ذلك كما ظن ، ولو كان كما توهم لم يمتنع أن توجد الحياة لبعض الجواهر وترفع
عن بعض ، كما توجد حياة النمو لبعض الاجساد وترفع من بعض بالاتفاق ، ولو قلنا :
إن الحياة بعد النقلة من هذه الدار تعم أهل الكفر والايمان لم يفسد ذلك علينا أصلا
في الدين ، فكانت الحياة لاهل الايمان شرطا في وصول اللذات إليهم ، والحياة لاهل
الكفر شرطا في وصول الآلام إليهم بالعقاب انتهى .
وقال شارح المقاصد : اتفق الاسلاميون على حقيقة سؤال منكر ونكير في
القبر وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه ، ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة ، قال بعض
المتأخرين منهم : حكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو ، وإنما نسب إلى المعتزلة
- وهم برآء منه - لمخالطة ضرار إياهم ، وتبعه قوم من السفهاء من المعاندين للحق و
نحوه ، قال في المواقف : وقال المحقق الدواني في شرح العقائد العضدية : عذاب
القبر للمؤمن والفاسق والكافر حق لقوله تعالى : " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا "

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه