بحار الأنوار ج69

دون إرادة الله والثواب ، وإما أن يكون مع إرادة الثواب فان كان كذلك فلا يخلو إما أن يكون إرادة الثواب أقوى وأغلب أو أضعف أو مساويا لاراء‌ة العباد ، فيكون
الدرجات أربعا .
الاولى : وهي أغلظها أن لا يكون مراده الثواب أصلا كالذي يصلي بين أظهر
الناس ولو انفرد لكان لا يصلي ، فهذه الدرجة العليا من الرياء .
الثانية أن يكون له قصد الثواب أيضا ولكن قصدا ضعيفا بحيث لو كان في
الخلوة لكان لا يفعله ولا يحمله ذلك القصد على العمل . ولو لم يكن الثواب لكان
قصد الرياء يحمله على العمل . فهذا قريب مما قبله .
الثالثة أن يكون قصد الرياء وقصد الثواب متساويين بحيث لو كان كل
واحد خاليا عن الاخر لم يبعثه على العمل ، فلما اجتمعا انبعثت الرغبة فكان كل
واحد لو انفرد لا يستقل بحمله على العمل ، فهذا قد أفسد مثل ما أصلح فنرجو
أن يسلم رأسا برأس لا له ولا عليه ، أو يكون له من الثواب مثل ما عليه من
العقاب ، وظواهر الاخبار تدل على أنه لا يسلم .
الرابعة أن يكون اطلاع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه ، ولو لم يكن
لكان لا يترك العبادة ، ولو كان قصد الرياء لما أقدم والذي نظنه والعلم عند الله
أنه لا يحبط أصل الثواب ولكنه ينقص منه أو يعاقب على مقدار قصد الرياء ، ويثاب
على مقدار قصد الثواب . وأما قوله تعالى : أنا أغنى الاغنياء عن الشرك فهو محمول
على ما إذا تساوى القصدان أو كان قصد الرياء أرجح .
الركن الثاني : المرائا به ، وهي الطاعات وذلك ينقسم إلى الرياء باصول
العبادات وإلى الرياء بأوصافها .
القسم الاول : وهو الاغلظ الرياء بالاصول وهو على ثلاث درجات : الاولى الرياء بأصل الايمان هو أغلظ أبواب الرياء ، وصاحبه مخلد
في النار ، وهو الذي يظهر كلمتي الشهادة وباطنه مشحون بالتكذيب ، ولكنه يرائي
بظاهر الاسلام ، وهم المنافقون الذين ذمهم الله سبحانه في مواضع كثيرة ، وقد قال :

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه