الصدوق سماع تسميتهم عليها وساوى بينهم وبين المجوس في ذلك ، وصرح ابن أبى
عقيل بتحريم ذبيحة المجوس ، وخص الحكم باليهود والنصارى ، ولم يقيدهم بكونهم
أهل ذمة ، وكذلك الآخران .
ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات في ذلك ، وهي كثيرة من الطرفين .
فالمحرمون حملوا أخبار الحل على التقية لاشتهاره بين المخالفين ، وعليه عملهم
في الاعصار والامصار ، واعترض عليه بأن أحدا من العامة لا يشترط في حل ذبايحهم
أن يسمعهم يذكر اسم الله عليها ، والاخبار الصحيحة التي دلت على حلها على هذا
التقدير ، لا يمكن حملها على التقية .
وأقول : يحتمل أن تكون مما شاة معهم ، إذ يمكن أن تحصل التقية بهذا
القدر .
والمحللون حملوا أخبار التحريم والمنع على الكراهة ، والصدوق حملها على
عدم سماع التسمية ، وقال الشهيد الثاني : وهذا أيضا راجع إلى حل ذبيحتهم ، لان
الكلام في حلها من حيث أن الذابح كتابى ، لا من حيث أنه سمى أو لم يسم ، فان
المسلم لو لم يسم لم تؤكل ذبيحته ، اللهم إلا أن يفرق بأن الكتابى يعتبر سماع
تسميته ، والمسلم يعتبر فيه عدم العلم بعدم تسميته وفيه سؤال الفرق فقد صرح في
صحيحة جميل(1)بأكل مالم يعلم عدم تسميتهم كالمسلم انتهى .
واختلفوا أيضا في اشتراط إيمان الذابح زيادة على الاسلام ، فذهب الاكثر إلى
عدم اعتباره ، والاكتفاء في الحل باظهار الشهادتين على وجه يتحقق معه الاسلام ،
بشرط أن لا يعتقد ما يخرجه عند كالناصبي ، وبالغ القاضي فمنع من ذبيحة غير أهل الحق
وقصر ابن إدريس الحل على المؤمن والمستضعف الذي لامنا ولا من مخالفينا ، واستثنى
(1)روى الشيخ في التهذيب 9 ر 68 بالرقم 289 عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي
عمير عن جميل ومحمد بن حمران أنهما سألا أبا عبدالله عليه السلام عن ذبايح اليهود والنصارى و
المجوس فقال بعضهم : انهم لايسمون ، فقال : فان حضرتموهم فلم يسموا فلا تأكلوا ، وقال :
اذا غاب فكل .