بحار الأنوار ج46

دينار(1)فلما أن دخلنا مكة رأينا الماء ضيقا ، وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث
ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألونا أن نستسقي لهم ، فأتينا الكعبة وطفنا بها
ثم سألنا الله خاضعين متضرعين بها ، فمنعنا الاجابة ، فبينما نحن كذلك إذا نحن
بفتى قد أقبل قد أكربته أحزانه ، وأقلقته أشجانه ، فطاف بالكعبة أشواطا ، ثم أقبل
علينا فقال : يا مالك بن دينار ، ويا ثبات البناني ، ويا أيوب السجستاني ، ويا صالح
المري ، ويا عتبة الغلام ، ويا حبيب الفارسي ، وياسعد ، وياعمر ، ويا صالح الاعمى
ويارابعة ، ويا سعدانة ، وياجعفر بن سليمان ، فقلنا : لبيك وسعديك يافتى فقال :
أما فيكم أحد يحبه الرحمان ؟ فقلنا : يا فتى علينا الدعاء وعليه الاجابة ، فقال :
ابعدوا من الكعبة ، فلو كان فيكم أحد يحبه الرحمان لاجابه ، ثم أتى الكعبة
فخر ساجدا فسمعته يقول في سجوده : سيدي بحبك لي إلا سقيتهم الغيث ، قال :
فما استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب ، فقلت يا فتى : من أين علمت
أنه يحبك ؟ قال : لو لم يحبني لم يستزرني ، فلما استزارني علمت أنه يحبني
فسألته بحبه لي فأجابني ثم ولى عنا وأنشأ يقول :
من عرف الرب فلم تغنه * معرفة الرب فذاك الشقي
ما ضر في الطاعة ما ناله * في طاعة الله وماذا لقي
ما يصنع العبد بغيرالتقى * والعز كل العز لمتقي
فقلت : يا أهل مكة من هذا الفتى ؟ قالوا : علي بن الحسين عليهما السلام ابن علي


= ساكنى البصرة ، كان صاحب المكرمات ، مجاب الدعوات وكان سبب اقباله على الاجلة
وا ؟ تقاله عن العاجلة ، حضوره مجلس الحسن بن أبى الحسن فوقعت موعظته من قلبه . .
وتصدق بأربعين ألفا في أربع دفعات .
(1)مالك بن دينار أبويحيى وصفه أبونعيم في الحليلة بقوله : العارف النظار ، الخائف
الجبار . . كان لشهوات الدنيا تاركا ، وللنفس عند غلبتها مالكا . وقد اطال في ذكره ج 2
من ص 357 إلى ص 389 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه