بحار الأنوار ج20

إن رجعوا أن تكون الغلبة للمسلمين ، وأن يكون قد التأم إليهم من كان تأخر
عنهم ، وانضم إليهم غيرهم ، فدسوا نعيم بن مسعود الاشجعي حتى يصدهم بتعظيم
أمر قريش ، وأسرعوا في الذهاب إلى مكة ، وكفى الله المسلمين أمرهم ، ولذلك قال
قوم من المفسرين : إن جميعهم ثمانية آلاف ، وقال الحسن : إن جميعهم خمسة آلاف
منهم ثلاثة آلاف المنزلين ، على أن الظاهر يقتضي أن الامداد بثلاثة آلاف كان يوم
بدر(1)، ثم استأنف حكم يوم أحد فقال : " بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من
فورهم هذا " أي إن رجعوا إليكم بعد انصرافكم " أمدكم ربكم بخمسة آلاف من
الملائكة مسومين " وهذا قول البلخي ، رواه عن عكرمة(2)، قال : لم يمدوا يوم
أحد ولا بملك واحد ، وعلى هذا فلا تنافي بين الآيتين " مسومين " أي معلمين ،
أو مرسلين " وما جعله الله إلا بشرى لكم " أي ما جعل الله الامداد والوعد به إلا بشارة
لكم " ولتطمئن قلوبكم به " فلا تخافوا كثرة عدد العدو " وما النصر إلا من عند الله "
معناه إن الحاجة إلى الله سبحانه لازمة في المعونة وإن أمدكم بالملائكة فلا استغناء
لكم عن معونته طرفة عين(3).
وقال البيضاوي : وهو تنبيه على أنه لا حاجة في نصرهم إلى مدد ، وإنما أمدهم
ووعد لهم(4)بشارة لهم وربطا على قلوبهم من حيث أن نظر العامة إلى الاسباب أكثر
وأحث على أن لا يبالوا بمن تأخر عنهم(5).
" ليقطع طرفا من الذين كفروا " .
قال الطبرسي : اختلف في وجه اتصاله بما قبله ، فقيل : يتصل بقوله : " وما


(1)زاد في المصدر : لان قوله : " اذ تقول للمؤمنين " الاية ، يتعلق بقوله : " ولقد نصركم
الله ببدر " الاية .
(2)في المصدر : رواه عن عمرو بن دينار عن عكروة .
(3)مجمع البيان 2 : 499 .(4)في المصدر : ووعد لهم به .
(5)انوار التنزيل 1 : 231 فيه : وحث على ان لا يبالوا .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه