بحار الأنوار ج12

أم من حكمتك تبصر العقاب الصيد البعيد ، وأصبح في أماكن القتلى ؟(1)
فقال أيوب عليه السلام : قصرت عن هذا الامر الذي تعرض علي ، ليت الارض انشقت
لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشئ يسخط ربي اجتمع علي البلاء(2)إلهي قد جعلتني لك
مثل العدو ، وقد كنت تكرمني ، وتعرف نصحي ، وقد علمت أن كل الذي ذكرت صنع
يديك وتدبير حكمتك ، وأعظم من هذا لو شئت عملت ، لا يعجزك شئ ، ولايخفى عليك
خافية ، ولا يغيب عنك غائبة ، من هذا الذي يظن أن يسر عنك سرا وأنت تعلم ما تخطر
على القلوب ؟(3)وإنما تكلمت لتعذرني ، وسكت حين سكت لترحمني ، كلمة زلت عن
لساني فلن أعود ، وقد وضعت يدي على فمي ، وعضضت على لساني ، وألصقت بالتراب خدي
ودمست فيه وجهي لصغاري ، وسكت كما أسكتتني خطيئتي ، فاغفر لي ما قلت فلن أعود
لشئ تكرهه مني .
فقال الله تعالى : يا أيوب نفذ فيك علمي ، وسبقت رحمتي غضبي ، إذا خطئت فقد
غفرت لك(4)ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آية ، وتكون
عبرة لاهل البلاء ، وعزا للصابرين ،(5)اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ، فيه
شفاء ، وقرب عن صحابتك قربانا ، واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك . فركض برجله
فانفجرت له عين فدخل فيها فاغتسل فأذهب الله تعالى عنه كل ما كان به من البلاء ، ثم
خرج فجلس وأقبلت امرأته فقامت تلتمسه في مضجعه فلم تجده ، فقامت مترددة
كالواله(6)ثم قالت : يا عبدالله هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان ههنا ؟ فقال لها : فهل
تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : نعم ، ومالي لا أعرفه ، فتبسم وقال : أنا هو ، فعرفته بمضحكه


(1)قد أسقط المصنف من هنا قطعة يطول ذكرها فمن شاء فليراجع المصدر .
(2)في المصدر : حين اجتمع على البلاء .
(3)في المصدر زيادة وهى هذه وقد علمت منك في بلائى هذا مالم أكن أعلم ، وخفت أن يكون
أمر أكثر مما كنت أخاف ، انما كنت أسمع بصوتك فاما الان فهو نظر العين .
(4)في المصدر : فقد غفرت لك ماقلت ورحمتك ورددت .
(5)في المصدر : وعزاء للصابرين ، فاركض اه‍ .
(6)في المصدر : فقامت متكدرة كالوالهة فمرت به فقالت : يا عبدالله .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه