الطعام ، قال القرطبي : فيه دليل على جواز الشبع ، وماجاء من النهي عنه محمول
على الشبع الذي يثقل المعدة ، ويثبط صاحبه عن القيام بالعبادة ، ويفضي إلى البطر
والاشر والنوم والكسل ، وقد تنتهي كراهته إلى التحريم بحسب ما يترتب عليه من
المفسدة ، وذكر الكرماني تبعا لابن المنير أن الشبع المذكور محمول على شبعهم
المعتاد منهم ، وهو ما رواه المقدام بن معدي كرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :
ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن ، حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه ، فان غلب
الآدمي نفسه فثلث للطعام ، وثلث للشراب ، وثلث للنفس(1).
قال القرطبي : لو سمع بقراط بهذه القسمة لعجب من هذه الحكمة ، وقال
الغزالي قبله : ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال : ما سمعت كلاما في قلة الاكل
أحكم من هذا ، ولا شك في أن أثر الحكمة في الحديث المذكور واضح ، وإنما خص
الثلاثة بالذكر لانها أسباب حياة الحيوان ، ولانه لا يدخل البطن سواها ، وهل
المراد بالثلث التساوي على ظاهر الخبر أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة ، محل
احتمال ، والاول أولى ، ويحتمل أن يكون لمح بذكر الغلبة إلى قوله في الحديث
الآخر " الثلث كثير " .
وقال بعضهم : مراتب الشبع تنحصر في سبع : الاول ما تقوم به الحياة ، الثاني
أن يزيد حتى يصوم ويصلي عن قيام وهذان واجبان ، الثالث أن يزيد حتى يقوى
على أداء النوافل ، الرابع أن يزيد حتى يقدر على التكسب وهذان مستحبان ،
الخامس أن يملا الثلث وهذا جايز ، السادس أن يزيد على ذلك وبه يثقل البدن ،
ويكثر النوم ، وهذا مكروه ، السابع أن يزيد حتى يتضرر ، وهي البطنة المنهي
عنها ، وهذا حرام ، ويمكن إدخال الاول في الثاني والثالث في الرابع .
4 الشهاب : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن .
الضوء : وذلك لانه إذا ملا بطنه تثاقل عن الطاعات ، وكسل عن العبادات ،
(1)راجع سنن الترمذى كتاب الزهد الباب 47 ، سنن ابن ماجة كتاب الاطعمة