بحار الأنوار ج76


ذلك حرام محرم في مذهبهم ، وأن متعاطى ذلك ومشتريه ماله في الاخرة من خلاق .
والظاهر عندى - بعد تتبع ما ورد من لفظ التلاوة وتصاريفها في القرآن المجيد - أن
التلاوة هى القراء‌ة بالترتيل والطمأنينة مع طنطنة خاصة تنشأ من تعظيم نفس المتكلم وخشوعه
بالنسبة إلى عظمه ما يتلوه ، كأن خطيبا يخطب في مهم اجتماعى ويلقى كلمته على السامعين
ليعوه ويحفظوه ، فتارة يخفض صوته وتارة يعلو بها حسبما اقتضى المقام ، ليقع المعنى في
قلب السامع موقعه ، ويأخذ بسمه مآخذه ، وربما كرر جملة من كلامه مع ترتيل وتتابع
بين كلماته بحيث يسع المخاطب أن يعرف مغزى الكلام .
وهذا النحو من القراء‌ة ، وهى التلاوة ، خاص عند الناس بالقاء الفرامين المولوية
والمواعظ الحكمية ، والخطابات التى يلقونها في أندية العلماء ، تحقيقا لامر اجتماعى
أو أدبى أو غير ذلك ، مما يراد بها التأثير في السامعين والاخذ بأسماعهم وأبصارهم
وقلوبهم .
ومن أجل ذلك نفسه كثر استعمال التلاوة في قراء‌ة القرآن وسائر الكتب المنزلة
من عند الله عزوجل ، ولذلك أمر النبى صلى الله عليه وآله في مواضع من القرآن العزيز أن يتلوه
على الناس من دون أن يأمره بالقراء‌ة عليهم ، حتى في آية واحدة اللهم الا في قوله تعالى
لتقرأه على الناس على مكث وفيه مفهوم التلاوة .
والمراد بالشياطين شياطين الانس ، سموا شيطانا لكفرهم بالله ، وآياته وافترائهم
على ملك سليمان بأنه كان بالسحر ، ثم ادعاؤهم افتراء على الله أن السحر نازل من السماء
إلى سليمان ، فهو جائز تعليمه وتعلمه ، ثم قراء‌تهم صحف السحر والاباطيل بصورة
التلاوة كما يتلى كتب الله المنزلة تمويها على العوام ، مع ما كانوا يؤذون الناس بسحرهم و
يفرقون به بين المرء وزوجه .
وفى قوله تعالى : وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر
نزل السحر منزلة الكفر ، وبين وجه كفر الشياطين بأنهم يعلمون الناس السحر
فقوله هذا بمنزلة أن يقال : وما سحر سليمان مدى ملكه وحشمته ولكن الشياطين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه