سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة : أنا
الهادي ، وأنا المهتدي ، وأنا أبواليتامى والمساكين وزوج الارامل ، وأنا ملجأ كل
ضعيف ، ومأمن كل خائف ، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة ، وأنا حبل الله المتين ، وأنا عروة
الله الوثقى وكلمة التقوى ، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده ، وأنا جنب الله الذي يقول :
" أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة
والمغفرة ، وأنا باب حطة ، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه لاني وصي نبيه في أرضه ،
وحجته على خلقه ، لا ينكر هذا إلا راد على الله ورسوله .
قال الصدوق : الجنب : الطاعة في لغة العرب ، يقال : هذا صغير في جنب الله أي
في طاعة الله عزوجل ، فمعنى قول أمير المؤمنين عليه السلام : أنا جنب الله أي أنا الذي ولايتي
طاعة الله ، قال الله عزوجل : " أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " أي في
طاعة الله عزوجل .
بيان : روي عن الباقر عليه السلام أنه قال : معنى جنب الله أنه ليس شئ أقرب إلى الله
من رسوله ، ولا أقرب إلى رسوله من وصية ، فهو في القرب كالجنب ، وقد بين الله تعالى
ذلك في كتابه بقوله : " أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله " يعني في ولاية
أوليائه . وقال الطبرسي رحمه الله : الجنب : القرب أي يا حسرتى على ما فرطت في قرب الله
وجواره ، وفلان في جنب فلان أي في قربه وجواره ، ومنه قوله تعالى : " والصاحب بالجنب "
وهو الرفيق في السفر ، وهو الذي يصحب الانسان بأن يحصل بجنبه لكونه رفيقه قريبا منه
ملا صقاله . انتهى .(1)والعين أيضا من المجازات الشائعة أي لما كان شاهدا على عباده مطلعا
(1)قال السيد الرضى رضى الله عنه : وهذه استعارة وقد اختلف في المراد بالجنب ههنا ، فقال
قوم : معناه في ذات الله ، وقال قوم : معناه في طاعة الله وفى أمر الله ، إلا أنه ذكر الجنب على مجرى
العادة في قولهم : هذا الامر صغير في جنب ذلك الامر أى في جهته ، لانه اذا عبر عنه بهذه العبارة دل
على اختصاصه به من وجه قريب من معنى صفته ، وقال بعضهم : معنى " في جنب الله " أى في سبيل الله
أو في الجانب الاقرب إلى مرضاته بالاوصل إلى طاعاته ، ولما كان الامر كله يتشعب إلى طريقين :
احديهما هدى ورشاد ، والاخرى غى وضلال ، وكل واحد منهما مجانب لصاحبه ، أى هو في جانب
والاخر في جانب ، وكان الجنب والجانب بمعنى واحد حسنت العبارة ههنا عن سبيل الله بجنب الله على
النحو الذي ذكرناه .(*)