بحار الأنوار ج72

دولة الحق غالب ظاهر ، فهو آدم ، وهي دولة الحكومة التي رضي الله لعباده
وكانت في الموضعين تامة فإذا علم الله صلاح العباد في أن يعبدوه ظاهرا سبب
أسباب ظهور دولة الحق فكانت كدولة آدم ، وإذا علم صلاحهم في أن يعبدوه سرا
وتقية وكلهم إلى أنفسهم فاختاروا الدنيا ، وغلب الباطل على الحق فمن أظهر الحق
وترك التقية في دولة الباطل لم يرض بقضاء الله ، وخالف أمر الله ، وضيع مصلحة
الله التي اختارها لعباده فهو مارق أي خارج عن الدين غير عامل بمقتضاه ، أو
خارج عن العبادة غير عامل بها ، قال في القاموس : مرق السهم من الرمية مروقا
خرج من الجانب الاخر ، والخوارج مارقة لخروجهم عن الدين .
44 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن
عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من استفتح نهاره باذاعة
سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس(1).
بيان : كأن استفتاح النهار على المثال ، أو لكونه أشد أو كناية عن كون
هذا منه على العمد والقصد ، لا على الغفلة والسهو ، ويحتمل أن يكون الاستفتاح
بمعنى الاستنصار وطلب النصرة كما قال تعالى : وكانوا من قبل يستفتحون على
الذين كفروا (2)وقال : إن تستفتحوا فقد جائكم الفتح (3)أي يظهر الفتح
ويهدد المخالفين بذكر الاسرار التي ذكرها الائمة عليهم السلام تسلية للشيعة كانقراض
دولة بني امية أو بنى العباس في وقت كذا ، فقوله : نهاره أي في جميع نهاره
لبيان المداومة عليه حر الحديد أي ألمه وشدته من سيف أو شبهه ، والعرب
تعبر عن الراحة بالبرد ، وعن الشدة والالم بالحر ، قال في النهاية في حديث
علي عليه السلام إنه قال لفاطمة عليها السلام : لو أتيت النبي صلى الله عليه وآله فسألته خادما يقيك حر
ما أنت فيه من العمل ، وفي رواية : حار ماأنت فيه ، يعنى التعب والمشقة من
خدمة البيت ، لان الحرارة مقرونة بهما ، كما أن البرد مقرون بالراحة


(1)الكافى ج 2 ص 372 .(2)البقرة : 89
(3)الانفال : 19 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه