فأنك ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال : ياأمير المؤمنين على
الباب رجل زعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه ، والامين والمؤتمن وسائر القواد
فقال : احفظوا على أنفسكم ، ثم قال لآذنه ائذن له ، ولاينزل إلا على بساطي .
فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد
كلم(1)السجود وجهه وأنفه ، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه
فصاح الرشيد : لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه
بأجمعنا بالاجلال والاعظام ، فما زال يسير على حماره حتى سار إلى البساط ، و
الحجاب والقواد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط
وقبل وجهه ، وعينيه ، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس ، وأجلسه معه فيه ، و
جعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ، ويسأله عن أحواله .
ثم قال : ياأبا الحسن ماعليك من العيال ؟ فقال : يزيدون على الخمسمائة
قال : أولاد كلهم ؟ قال : لا ، أكثرهم موالي وحشم ، فأما الولد فلي نيف وثلاثون
الذكران منهم كذا ، والنسوان منهم كذا ، قال : فلم لاتزوج النسوان من بني
عمومتهن وأكفائهن ؟ قال : اليد تقصر عن ذلك قال : فما حال الضيعة ؟ قال :
تعطي في وقت وتمنع في آخر ، قال : فهل عليك دين ؟ قال : نعم قال : كم ؟ قال :
نحو من عشرة آلاف دينار .
فقال الرشيد : ياابن عم أنا اعطيك من الما ماتزوج به الذكران والنسوان
وتعمر الضياع فقال له : وصلتك رحم ياابن عم ، وشكر الله لك هذه النية الجميلة
والرحم ماسة ، والقرابة واشجة ، والنسب واحد ، والعباس عم النبي صلى الله عليه وآله ، و
صنو أبيه ، وعم علي بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه ، وماأبعدك الله من أن تفعل ذلك
وقد بسط يدك ، وأكرم عنصرك ، وأعلى محتدك فقال : أفعل ذلك ياأبا الحسن
وكرامة .
(1)الكلم : مصدر الجرح ، جمع كلوم وكلام .