بحار الأنوار ج6

فما رأيت شخوصه ؟(1)قلت : بلى ، قال : فإنما ينظر إليهم قال : قلت : جعلت فداك
قد يشخص المؤمن والكافر ، قال : ويحك إن الكافر يشخص منقلبا إلى خلفه لان ملك
الموت إنما يأتيه ليحمله من خلفه ، والمؤمن أمامه ، وينادي روحه مناد من قبل رب
العزة من بطنان العرش فوق الافق الاعلى ويقول : يا أيتها النفس المطمئنة إلى محمد
وآله - صلوات الله عليهم - ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي
جنتي ، فيقول ملك الموت : إني قد امرت أن اخيرك الرجوع إلى الدنيا والمضي ،
فليس شئ أحب إليه من إسلال روحه .(2)" ص 210 "
33 - نهج : لا ينزجر من الله بزاجر ، ولا يتعظ منه بواعظ ، وهو يرى المأخوذين
على الغرة(3)حيث لا إقالة ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون ، وجاء‌هم من
فراق الدنيا ما كانوا يأمنون ،(4)وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون ، فغير موصوف
ما نزل بهم ،(5)اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت ، ففترت لها أطرافهم ، و
تغيرت لها ألوانهم ، ثم ازداد الموت فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم وبين منطقه ، وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع باذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه ، ويفكر فيم
أفنى عمره ؟ وفيم أذهب دهره ؟ ويتذكر أموالا جمعها أغمض في مطالبها ،(6)وأخذها
من مصرحاتها(7)ومشتبهاتها ، قد لزمته تبعات جمعها ،(8)وأشرف على فراقها ، تبقى


(1)في المصدر : شخصه . م
(2)من سل الشئ من الشئ : إذا انتزعه وأخرجه برفق .
(3)بكسر الغين المعجمة أى بغتة وعلى غفلة .
(4)من الموت وما بعده ، لان الغافل حال انهماكه في لذات الدنيا واشتغاله باللهو واللعب
فيها لا يعرض له خوف الموت ، بل يكون آمنا منه وغافلا عنه .
(5)أى لا يمكن توصيف ما نزل بهم من الاهوال والحسرات حقيقة ، بل كل ما يقال في ذلك تمثيل
يقرب ذلك إلى ذهن الفاهم .
(6)أى تساهل في وجوه اكتسابها ، لم يفرق بين حلالها وحرامها ، فكأنه أغمض عينيه وأطبق
جفنيها فلم ينظر إلى حرامها ومشتبهها .
(7)الصرح : الخالص من كل شئ .
(8)تبعات بفتح فكسر : ما يطالبه به الناس من حقوقهم فيها أو ما يحاسبه به الله من منع حقه
منها وتخطى حدود شرعه في جمعها .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه