وأكثرهم ورعا ، وأشدهم اجتهادا في العبادة ؟ قالوا : من ؟ قال : علي بن ابي طالب عليه السلام
قال : فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه ، ثم انتدب له رجل
من الانصار فقال له : يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها
فقال أبوالدرداء : يا قوم إني قائل ما رأيت ، وليقل كل قوم منكم ما رأوا شهدت علي
ابن ابي طالب بشويحطات النجار ، وقد اعتزل من مواليه ، واختفى ممن يليه ،
واستتر بمغيلات النخل ، فافتقدته وبعد علي مكانه ، فقلت : لحق بمنزله فاذا أنا
بصوت حزين ونغمة شجي ، وهو يقول :
إلهي كم من موبقة حملت عني مقابلتها بنعمتك ، وكم من جريرة تكرمت
عن كشفها بكرمك ، إلهي إن طال في عصيانك عمري ، وعظم في الصحف ذنبي ، فما أنا
أؤمل غير غفرانك ، ولا أنا براج غير رضوانك .
فشغلني الصوت واقتفيت الاثر فاذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام بعينه ، فاستترت
له وأخملت الحركة ، فركع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء
ولو بقى لكان له ذكر بعد قتل عثمان اما في الاعتزال واما في مباشرة القتال ولم يسمع له
بذكر فيهما البتة والله أعلم ، قاله ابن الاثير .
واما عروة بن الزبير فهو عروة بن الزبير بن العوام أبوعبدالله القرشى الاسدى كان
من التابعين روى عن أبيه وأمه أسماء وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة ، وروى عنه ابنه هشام
كما ذكر في هذا الحديث والزهرى شهاب بن مسلم وغيرهما ، وقد ولد سنة اثنتين وعشرين
22 من الهجرة ، وعلى هذا ففى لقائه واجتماعه بأبى الدرداء في مسجد رسول الله تأمل
واضح حيث كان لعروة في آخر أيام أبي الدرداء احدى عشر سنة ، ولا يناسب سنه هذا قوله
كنا جلوسا في مسجد رسول الله فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان .
على أن الظاهر من الحديث أن الجلسة هذه كانت بعد شهادة علي بن ابي طالب عليه السلام
فذكر أبوالدرداء ما رآه منه عليه السلام تفضيلا له على غيره ، وقد سمعت أن أبا الدرداء مات
قبل شهادة أمير المؤمنين بسنوات كثيرة ، ولا أقل أنه مات بعد صفين سنة 9 / 38 وعلى بن
أبي طالب حى لم يستشهد بعد .