بحار الأنوار ج37

فإن قال : قد اتفق المسلمون على أن المعنى قوله : لا بني بعدي " هو أنه لا نبي
بعد وفاتي إلى يوم القيامة ، فكذلك(1)يقال له في كل خبر وأثر روي فيه(2)أنه
لا نبي بعده .
فإن قال : إن قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : " أنت مني بمنزلة هارون من
موسى " إنما كان حيث خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى غزوة تبوك فاستخلف عليا ، فقال : يا
رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا ترضى أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى ،
قيل : هذا غلط في النظر ، لانك لا تروي خبرا تخصص به معنى الخبر المجمع عليه إلا
وروينا بإزائه ما ينقضه ويخصص الخبر المجمع عليه على المعنى الذي ندعيه دون ما تذهب
إليه ، ولا يكون لك ولا لنا في ذلك حجة ، لان الخبرين مخصوصان ويبقى الخبر على عمومه
ويكون دلالته وما يوجبه ووروده عموما لنا دونك ، لانا نروي بإزاء ما رويته أن النبي
صلى الله عليه وآله جمع المسلمين وقال لهم : وقد استخلفت عليا عليكم بعد وفاتي وقلدته أمركم وذلك

بوحي من الله عزوجل إلي فيه ، ثم قال له بعقب هذا القول مؤكدا له : أنت مني بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، فيكون هذا القول بعد ذلك الشرح بينا مقاوما
لخبركم المخصوص(3)ويبقى الخبر الذي أجمعنا عليه وعلى نقله من أن البني صلى الله عليه وآله قال
لعلي عليه السلام : " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " بحاله نتكلم
في معناه(4)على ما تحمله اللغة والمشهور من التفاهم ، وهو ما تكلمنا فيه وشرحناه و


مافر منه الخصم ، لانه يثبت بذلك أن ظرف اثبات المنزلة لعلى عليه السلام ايضا يشمل على ما بعد
الحياة كما يشمل حال الحياة للزوم تطابق المستثنى والمستثنى منه . وسيأتى التعرض إلى ما ذكرناه
في آخر ما نقله عن الشافى .
(1)هذا جواب الاشكال .
(2)في المصدر : يؤمى فيه .
(3)وكذلك يستفاد من بعض روايات الباب كالرواية 39 أن النبى صلى الله عليه وآله قال
له ذلك غير مرة .
(4)في المصدر : بحالة يتكلم في معناه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه