بكم ، وإنهم لهم الفصحاء العقلاء البالغون العالمون بالله وأيامه .
ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت ألسنتهم ، وانقطعت أفئدتهم ، وطاشت
عقولهم ، وهامت حلومهم ، إعزازا لله ، وإعظاما وإجلالا له فاذا أفاقوا من ذلك
استبقوا إلى الله بالاعمال الزاكية ، يعدون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين ، و
إنهم برآء من المقصرين والمفرطين ، إلا أنهم لا يرضون لله بالقليل ، ولا يستكثرون
لله الكثير ، ولا يدلون(1)عليه بالاعمال فهم فيما(2)رأيتهم مهيمون مروعون
خائفون مشفقون وجلون فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين ألم تعلموا أن أعلم
الناس بالقدر أسكتهم منه ، وأن أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه .
يا معشر المبتدعين(3)هذا يوم غرة شعبان الكريم سماه ربنا شعبان لتشعب
الخيرات فيه ، قد فتح ربكم فيه أبواب جنانه ، وعرض عليكم قصورها وخيراتها
بأرخص الاثمان ، وأسهل الامور ، فأبيتموها ، وعرض لكم إبليس اللعين تشعب
شروره وبلاياه فأنتم دائبا تنهمكون في الغي والطغيان ، تتمسكون بشعب إبليس
وتحيدون عن شعب الخير المفتوح لكم أبوابه .
هذا غرة شعبان وشعب خيراته الصلاة والصوم والزكاة والامر بالمعروف ،
والنهي عن المنكر ، وبر الوالدين والقرابات والجيران ، وإصلاح ذات البين ، والصدقة
على الفقراء والمساكين ، تتكلفون ما قد وضع عنكم وما قد نهيتم عن الخوض
فيه ، من كشف سرائر الله التي من فتش عنها كان من الهالكين أما إنكم لو وقفتم
على ما قد أعد ربنا عزوجل للمطيعين من عباده في هذا اليوم ، لقصرتم عما أنتم
فيه ، وشرعتم فيما امرتم به .
قالوا : يا أميرالمؤمنين وما الذي اعده الله في هذا اليوم للمطيعين له ؟ قال
(1)من الدلال وهو المنة والغنج .
(2)في المصدر المطبوع : فهم متى ما رأيتهم مهمومون . الخ ، والمهيم : المحب
المفرط الفانى في المحبوب ، والمهيمون : العشاق الموسوسون .
(3)ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى .