فقال المأمون مالكم سكتم ؟ قالوا : قد استقصينا .
قال المأمون : فاني أسألكم خبروني أي الاعمال كان أفضل يوم بعث الله
نبيه صلى الله عليه وآله ؟ قالوا : السبق إلى الاسلام لان الله تبارك وتعالى يقول :(السابقون
السابقون اولئك المقربون)(1)قال : فهل علمتم أحدا أسبق من علي عليه السلام إلى
الاسلام ؟ قالوا : إنه سبق حدثا لم يجر عليه حكم ، وأبوبكر أسلم كهلا قد جرى
عليه الحكم ، وبين هاتين الحالتين فرق .
قال المأمون : فخبروني عن إسلام علي عليه السلام أبا لهام من قبل الله عزوجل
أم بدعاء النبي صلى الله عليه وآله فان قلتم بإلهام فقد فضلتموه على النبي صلى الله عليه وآله لان النبي
لم يلهم بل أتاه جبرئيل عليه السلام عن الله عزوجل داعيا ومعرفا وإن قلتم بدعاء
النبي صلى الله عليه وآله فهل دعاه من قبل نفسه أم بأمر الله عزوجل .
فان قلتم من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله عزوجل نبيه عليه السلام في قوله
تعالى(وما أنا من المتكلفين)(2). وفي قوله عزوجل(وما ينطق عن الهوى)(3)
وإن كان من قبل الله عزوجل فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله بدعاء علي
من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم فدعاء ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى إياه .
وخلة اخرى خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه مالا يطيقون ؟
فان قلتم نعم كفرتم ، وإن قلتم لا فكيف يجوز إن يأمر نبيه صلى الله عليه وآله بدعاء من
لم يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثه سنة وضعفه عن القبول .
وخلة اخرى هل رأيتم النبي صلى الله عليه وآله دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم
فيكون اسوة علي عليه السلام ؟ فان زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه السلام
على جميع صبيان الناس .
ثم قال : أي الاعمال أفضل بعد السبق إلى الايمان ؟ قالوا : الجهاد في
سبيل الله ، قال فهل تحدثون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه السلام في جميع
مواقف النبي صلى الله عليه وآله من الاثر ؟ هذه بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا
(1)الواقعة : 10 .(2)ص : 8 .(3)النجم : 3 .