بحار الأنوار ج44

مؤمن وأنا أمير ، فإذا لم أكن أميرك لم أكن للمؤمنين أيضا أميرا وهذه حيلة منك
تزيل أمري عنك ، وتدفع حكمي لك وعليك ، فلو كان قوله يحارب من حارب
مطلقا ولم يكن شرطه إن قاتلك من هو شر منك قاتلته ، وإن قاتلك من هو مثلك
في الشر وأنت أقرب منه إليه لم اقاتله ولان شرط الله على الحسن وعلى جميع
عباده التعاون على البر والتقوي ، وترك التعاون على الاثم والعدوان ، وإن
قتال(1)من طلب الحق فأخطأه ، مع من طلب الباطل فوجده ، تعاون على الاثم
والعدوان(2).
فان قال : هذا حديث ابن سيرين يرويه محمد بن إسحاق بن خزيمة قال :
حدثنا ابن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن أنس بن سيرين قال : حدثنا الحسن بن
علي يوم كلم فقال : ما بين جابرس وجابلق رجل جده نبي غيري وغير أخي
وإني رأيت أن اصلح بين امة محمد ، وكنت أحقهم بذلك ، فانا بايعنا معاوية
ولعله فتنة لكم ومتاع إلى حين .
قلنا : ألا ترى إلى قول أنس كيف يقول : يوم كلم الحسن ولم يقل :
يوم بايع إذ لم يكن عنده بيعة حقيقة ، وإنما كانت مهادنة كما يكون بين
أولياء الله وأعدائه ، لا مبايعة تكون بين أوليائه وأوليائه فرأى الحسن عليه السلام رفع
السيف مع العجز بينه وبين معاوية ، كما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله رفع السيف بينه
وبين أبي سفيان وسهيل بن عمرو ، ولو لم يكن رسول الله مضطرا إلى تلك المصالحة
والموادعة لما فعل .
فان قال : قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين سهيل وأبي سفيان مدة ، ولم
يجعل الحسن بينه وبين معاوية مدة ، قلنا : بل ضرب الحسن عليه السلام أيضا بينه وبين
معاوية مدة وإن جهلناها ولم نعلمها ، وهي ارتفاع الفتنة وانتهاء مدتها ، وهو
متاع إلى حين .


(1)في الاصل المطبوع : وان قاتل وان صح فيكون جوابه تعاون على الاثم .
(2)زاد في المصدر ص 208 بعده : والمبايع غير المبايع ، والمؤازر غير المؤازر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه