بحار الأنوار ج72

الثاني أظهر والتخصيص بالجوف لانه أضر وأسرع في قتله ، وفي التأييد الذي
ذكره نظر والمستتر في قوله : ما لم يحدث راجع إلى الجالس المفهوم من
الجلوس ، وهو على بناء الافعال ، والاغتياب منصوب ، وقال الجوهري : اغتابه
اغتيابا إذا وقع فيه ، والاسم الغيبة ، وهو أن يتكلم خلف إنسان مستور فما يغمه
لو سمعه ، فان كان صدقا سمي غيبة ، وإن كان كذبا سمي بهتانا .
أقول : هذا بحسب اللغة ، وأما بحسب عرف الشرع ، فهو ذكر الانسان
المعين أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه ، وهو حاصل فيه ، ويعد
نقصا في العرف بقصد الانتقاص والذم ، قولا أو إشارة أو كناية ، تعريضا أو تصريحا
فلا غيبة في غير معين كواحد مبهم من غير محصور كأحد أهل البلد ، وقال الشيخ
البهائي قدس سره : وبحكمه لا دراج المبهم من محصور كأحد قاضي البلد فاسق
مثلا ، فان الظاهر أنه غيبة ولم أجد أحدا تعرض له انتهى .
وقولنا : في غيبته لاخراج ما إذا كان في حضوره لانه ليس بغيبة ، وإن
كان إثما لا يذائه إلا بقصد الوعظ والنصيحة والتعريض حينئذ أولى إن نفع ، وقولنا :
بما يكره لا خراج غيبة من لا يكره نسبة الفسق ونحوه إليه ، بل ربما يفرح
بذلك ويعده كمالا ، وقولنا : وهو حاصل فيه لاخراج التهمة ، وإن كانت
أشد ، وقولنا ويعد نقصا لاخراج العيوب الشائعة التي لا يعدها أكثر الناس
نقصا مع كونها مخفية ، وعدم مبالاته بذكرها ، وعدم عد أكثر الناس نقصا
لشيوعها ، ففيه إشكال ، والاحوط ترك ذكرها وإن كان ظهار الاصحاب جوازه
وقولنا بقصد الانتقاص لخروج ما إذا كان للطبيب لقصد العلاج ، وللسلطان للترحم
أو للنهي عن المنكر .
وقال الشهيد الثاني رفع الله درجته : وأما في الاصطلاح ، فلها تعريفان : أحدهما
مشهور ، وهو ذكر الانسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصانا في العرف
بقصد الانتقاص والذم ، واحترز بالقيد الاخير ، وهو قصد الانتقاص عن ذكر العيب
للطبيب مثلا أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حق الزمن والاعمى بذكر

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه