بحار الأنوار ج91

فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت علي جارية فسلمت علي ، فقلت : من
أنت ؟ فقالت : أنا جارية من ولد عمار بن ياسر ، وأنا زوجة ابي جعفر محمد بن علي
الرضا عليه السلام ، زوجك ، فدخلني من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك ، وهممت
أن أخرج وأسيح في البلاد ، وكان الشيطان يحملني على الاساء‌ة إليها ، فكظمت غيظي
وأحسنت رفدها وكسوتها ، فلما خرجت . من عندي المرء‌ة ، نهضت ودخلت على أبي
وأخبرته بالخبر وكان سكران لا يعقل ، فقال : يا غلام علي بالسيف ، فأتي به
فركب ، وقال : والله لاقتلنه فلما رأيت ذلك قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا
صنعت بنفسي وبزوجي ، وجعلت ألطم حر وجهي(1)فدخل عليه والدي ، وما زال
يضربه بالسيف حتى قطعه ، ثم خرج من عنده ، وخرجت هاربة من خلفه فلم ارقد
ليلتي .
فلما ارتفع النهار أتيت ابي فقلت : أتدري ما صنعت البارحة ؟ قال : وما صنعت ؟
قلت : قتلت ابن الرضا فبرق عينه ، وغشي عليه ، ثم أفاق بعد حين ، وقال :
ويلك ما تقولين ؟ قلت : نعم ، والله يا أبت دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى
قتلته ، فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا ، وقال : علي بياسر الخادم ، فجاء يا سر فنظر
إليه المأمون وقال : ويلك ما هذا الذي تقول هذه ابنتي ؟ قال : صدقت يا أمير المؤمنين
فضرب بيده على صدره وخده ، وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلكنا بالله
وعطبنا وافتضحنا إلى آخر الابد ، ويلك يا ياسر ! فانظر ما الخبر والقصة عنه ؟
وعجل علي بالخبر ، فان نفسي تكاد أن تخرج الساعة .
فخرج ياسر وأنا ألطم حر وجهي فما كان باسرع من أن رجع ياسر فقال :
البشرى يا أمير المؤمنين ، قال : لك البشرى فما عندك ؟ قال ياسر : دخلت عليه
فاذا هو جالس وعليه قميص ودواج(2)وهو يستاك فسلمت عليه وقلت : يا ابن رسول
الله أحب أن تهب لي قميصك هذا أصلي فيه ، وأتبرك به ، وإنما أردت أن أنظر


(1)حر الوجه بالضم ما بدامن الوجنة .
(2)الدواج كزنار وغراب : اللحاف الذي يلبس .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه