صلى الله عليه وآله إن الاول كان من فعل الله وصنعه ، والثاني كان من فعلك .
وقال جابر : إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله يستطعمه فطعمه وسق شعير ، فما زال
الرجل يأكل منه وامرأته ووصيفهما حتى كاله ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره ، فقال : لو لم
تكليوه لاكلتم منه ، ولقام بكم .
جابر بن عبدالله والبراء بن عازب وسلمة بن الاكوع والمسوربن مخرمة : فلما :
نزل النبي صلى الله عليه وآله بالحديبية في ألف وخمسمأة وذلك في حر شديد قالوا : يا رسول الله ما
بها من ماء ، والوادي يابس ، وقريش في بلدح(1)في ماء كثير ، فدعا بدلو من ماء فتوضأ
من الدلو ومضمض فاه ، ثم مج فيه ، وأمر أن يصب في البئر ، فجاشت فسقينا واستقينا .
وفي رواية ، فنزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون
بأيديهم منها وهم جلوس على شفتها .
أبوعوانة وأبوهريرة أنه صلى الله عليه وآله أعطى ناجية بن عمر ونشابة وأمر أن يغرزها في البئر
فامتلا البئر ماء ، فأتته امرأة وأنشأت :
يا أيها الماتح دلوي دونكا * إني رأيت الناس يحمدونكا
يثنون خيرا ويمجدونكا * أرجوك للخير كما يرجونكا
فأجابها ناجية :
قد علمت جارية بمائية(2)* أني الماتح واسمي ناجيه
وطعنة ذات رشاش واهية * طعنتها تحت صدور العاتيه
وفي رواية أنه دفعها إلى البراء بن عازب فقال : أغرز هذا السهم في بعض قلب(3)
الحديبية ، فجاءت قريش ومعهم سبيل بن عمرو فأشرفوا على القليب ، والعيون تنبع تحت
السهم ، فقالت : ما رأينا كاليوم قط ، وهذا من سحر محمد قليل ، فلما أمر الناس بالرحيل
قال : خذوا حاجتكم من الماء ، ثم قال للبراء : اذهب فرد السهم ، فلما فرغوا وارتحلوا
(1)بلدح : واد قبل مكة من جهة المغرب .
(2)في المصدر : يمانية وفى سيرة ابن هشام : المائح في الموضعين .
(3)القلب جمع القليب : البئر .(*)