قوله : " ولكل قوم هاد " أي أنت لكل قوم ، أو المعنى جعل الله لكل قوم هاديا
وستأتي الاخبار في ذلك في كتاب الامامة .
قوله تعالى : " وإما نرينك بعض الذي نعدهم " قال الطبرسي : أي نعد هؤلاء
الكفار من نصر المؤمنين عليهم ، وتمكينك منهم بالقتل والاسر واغتنام الاموال " أو
نتوفينك " أي نقبضنك إلينا قبل أن نريك ذلك ، وبين بذلك أن بعض ذلك في حياته ،
وبعضه بعد وفاته " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " أي عليك أن تبلغهم ما أرسلناك
به إليهم ، وتقوم بما أمرناك بالقيام به ، وعلينا حسابهم ومجازاتهم والانتقام منهم إما عاجلا
وإما آجلا ، وفي هذا دلالة على أن الاسلام سيظهر على سائر الاديان في أيامه(1)و
بعد وفاته ، وقد وقع المخبر به على وفق الخبر(2).
" ولا تحزن عليهم " أي على كفار قريش أن لم تؤمنوا ونزل بهم العذاب " واخفض
جناحك " أي تواضع " للمؤمنين " وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه بسط جناحه
ثم خفضه " فاصدع بما تؤمر " أي أظهر وأعلن وصرح بما امرت به غير خائف " وأعرض
عن المشركين " أي لا تخاصمهم إلى أن تؤمر بقتالهم ، أولا تلتفت إليهم ولا تخف منهم
" وكن من الساجدين " أي المصلين " حتى يأتيك اليقين " أي الموت المتيقن(3).
" بالحكمة " أي القرآن ، وقيل : هي المعرفة بمراتب الافعال في الحسن والقبح و
الصلاح والفساد " والموعظة الحسنة " هي الصرف عن القبيح على وجه الترغيب في تركه ،
والتزهيد في فعله " وجادلهم بالتي هي أحسن " أي ناظرهم بالقرآن وبأحسن ما عندك من
الحجج ، وقيل : هو أن يجادلهم على قدر ما يحتملونه ، كماجاء في الحديث " امرنا معاشر
الانبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم(4)" .
قوله تعالى : " نحن أعلم بما يستمعون به " قد مر تفسيره في كتاب الاحتجاج .
قوله : " لامبدل لكلماته " أي لآياته وكتبه أومواعيده وتقديراته أوأنبيائه وحججه
(1)في المصدر : سيظهرعلى سائر الاديان ويبطل الشرك في ايامه .
(2)مجمع البيان 6 : 298 و 299 .
(3)مجمع البيان 6 : 345 - 347 .
(4)مجمع البيان 6 : 392 و 393 .(*)