أحب إلي من أن أعصي الله واطيعك
قال الشيخ : لايلي قتلكما أحد غيري ، وأخذ السيف ومشى أمامهما ، فلما
صار إلى شاطئ الفرات سل السيف عن جفنه فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا
اغرورقت أعينهما وقالا له : ياشيخ انطلق بناإلى السوق واستمتع بأثماننا ولاترد
أن يكون محمد خصمك في القيامة غدا فقال : لا ، ولكن أقتلكما وأذهب برؤوسكما
إلى عبيدالله بن زياد وآخذ جائزة ألفين ، فقالا له : ياشيخ أماتحفظ قرابتنا من
رسول الله ؟ فقال : مالكما من رسول الله قرابة ، قالا له : ياشيخ فائت بناإلى عبيدالله
ابن زياد ، حتى يحكم فينا بأمره ، قال : ماإلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما
قالاله : ياشيخ أما ترحم صغر سننا ؟ قال : ماجعل الله لكما في قلبي من
الرحمة شيئا
قالا ياشيخ : إن كان ولابد ، فدعنا نصلي ركعات ، قال : فصليا ماشئتما
إن نفعتكما الصلاة ، فصلى الغلامان أربع ركعات ، ثم رفعا طرفيهما إلى السماء
فناديا : ياحي ياحليم(1)ياأحكم الحاكمين ، احكم بيننا وبينه بالحق فقام
إلى الاكبر فضرب عنقه وأخذ برأسه ووضعه في المخلاة ، وأقبل الغلام الصغير
يتمرغ في دم أخيه وهويقول : حتى ألقى رسول الله وأنا مختضب بدم أخي فقال :
لاعليك ، سوف الحقك بأخيك ، ثم قام إلى الغلام الصغير ، فضرب عنقه وأخذ
رأسه ، ووضعه في المخلاة ، ورمى ببدنهما في الماء ، وهما يقطران دما ومر حتى
أتى بهما عبيدالله بن زياد ، وهوقاعد على كرسي له ، وبيده قضيب خيزران ، فوضع
الرأسين بين يديه
فلما نظر إليهما قام ثم قعد(ثم قام ثم قعد)ثلاثا ثم قال : الويل لك أين
ظفرت بهما ؟ قال : أضافتهما عجوزلنا ، قال : فماعرفت لهما حق الضيافة ؟ قال :
لا ، قال : فأي شي ء قالا لك ؟ قال : قالا ياشيخ اذهب بنا إلى السوق فبعنا فانتفع
بأثماننا ولاترد أن يكون محمد خصمك في القيامة ، قال : فأي شئ قلت لهما ؟ قال :
(1)في المصدر المطبوع " ياحكيم " وهكذا فيما يأتى