بحار الأنوار ج35

لم يذوقوا سوى الماء .
فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي الحسن بيده اليمنى والحسين
باليسرى وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، فلما بصر
به النبي صلى الله عليه وآله قال : يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ! ما أرى بكم ؟ انطلق إلى ابنتي(1)
فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي ، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت
عيناها ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله قال : واغوثاه بالله ! يا أهل بيت محمد تموتون جوعا ؟ !
فهبط جبرئيل وقال : خذ يا محمد هنأك الله في أهل بيتك ، قال . وما آخذ يا جبرئيل ؟ فأقرأه
(هل أتى على الانسان)إلى قوله :(إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا
شكورا)إلى آخر . السورة .
قال الخطيب الخوارزمي حاكيا عنه وعن البراوي : وزادني ابن مهران الباهلي
في هذا الحديث : فوثب النبي(2)صلى الله عليه وآله حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، فلما رأى ما بهم
انكب عليهم يبكي ، وقال : أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم ؟ ! فهبط جبرئيل
بهذه الآيات :(إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد
الله يفجرونها تفجيرا)قال : هي عين في دار النبي صلى الله عليه وآله يفجر(3)إلى دور الانبياء
والمومنين .
وروى الخطيب في هذا رواية اخرى وقال في آخرها : فنزل فيهم :(ويطعمون
الطعام على حبه)أي على شدة شهوة(مسكينا)قرص ملة ، والملة(4): الرماد(ويتيما)
خزيرة(وأسيرا)حيسا(إنما نطعمكم)يخبر عن ضمائرهم(لوجه الله)يقول : إرادة
ما عندالله من الثواب ،(لا نريد منكم)، يعني في الدنيا(جزاء)ثوابا ،(ولا
شكورا(5).


(1)في المصدر : إلى ابنتى فاطمة .
(2)وثب : نهض وقام .
(3)في المصدر : تفجر .
(4)بفتح الميم .
(5)كشف الغمة : 88 و 89 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه