بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد جائني كتابك تذكر فيه معرفة مالا ينبغي
تركه . وطاعة من رضا الله رضاه ، فقبلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة
لو تركته تعجب(1)إن رضا الله وطاعته ونصيحته لا تقبل ولا توجد ولا تعرف إلا
في عباد غرباء ، أخلاء من الناس ، قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات ،
وكان يقال : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار(2)
ولولا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا فتجعل فتنة الناس كعذاب الله ، واعيذك
بالله وإيانا من ذلك لقربت على بعد منزلتك .
واعلم رحمك الله أنا لا ننال محبة الله إلا ببغض كثير من الناس ولا ولايته
إلا بمعاداتهم ، وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون .
يا أخي إن الله عزوجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون
من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الاذى ، يجيبون داعي الله ، ويدعون إلى الله
فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة ، إنهم يحيون
بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله من العمى ، كم من قتيل لا بليس قد أحيوه ، وكم
من تائه ضال قد هدوه ، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد ، وما أحسن أثرهم على العباد
وأقبح آثار العباد عليهم .
4 - الدرة الباهرة(3)قال أبوجعفر الجواد عليه السلام : كيف يضيع من اله كافله ؟
(1)في بعض النسخ فعجب .
(2)المستفاد من قوله عليه السلام : تذكر فيه - إلى آخره - ان سعدا ذكر في
كتابه أنه عرف كذا وأنه قبل منه لنفسه كذا وانه تعجب من كذا بأن يكون إلى قوله :
ومن جيفة الحمار من كلام سعد ويحتمل أن يكون فعجب أو تعجب إلى اختلاف النسختين
من كلام الامام عليه السلام . وقوله : أخلاء . جمع خلو - بالكسر - وهو الخالى عن
الشئ ويكون بمعنى المنفرد ويقال : اخلاء اذا انفرد أى هم أخلاء عن أخلاق عامة الناس
وأطوارهم الباطلة أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم .(المرآة)
(3)مخطوط .