بحار الأنوار ج75

وتعالى عن اتخاذ صاحبة وأولاد ، هوالباقي بغير مدة ، والمنشئ لا بأعوان ، لا بآلة
فطر ، ولا بجوارح صرف ماخلق ، لا يحتاج إلى محاولة التفكير ، ولا مزاولة مثال
ولا تقدير ، أحدثهم على صنوف من التخطيط والتصوير ، لا بروية ولا ضمير ، سبق
علمه في كل الامور ، ونفذت مشيته في كل ما يريد في الازمنة والدهور ، وانفرد
بصنعة الاشياء فأتقنها بلطائف التدبير ، سبحانه من لطيف خبير ، ليس كمثله شئ
وهو السميع البصير .
117 - كتاب الغارات(1)لابراهيم بن محمد الثقفي ، عن عبدالرحمن بن
نعيم عن أشياخ من قومه إن عليا عليه السلام كان كثيرا ما يقول في خطبته : أيها الناس إن الدنيا
قد أدبرت وآذنت أهلها بوداع ، وإن الاخرة قد أقبلت وآذنت باطلاع ، ألا وإن
المضمار اليوم والسباق غدا ، ألا وإن السبق الجنة ، والغاية النار ، ألا وإنكم في
إيام مهل من ورائه أجل يحثه عجل ، فمن عمل في أيام مهله قبل حضور أجله نفعه
عمله ، ولم يضره أمله ، ألا وإن الامل يسهي القلب ويكذب الوعد ويكثر الغفلة
ويورث الحسرة ، فاعزبوا عن الدنيا(2)كاشد ما أنتم عن شئ تعزبون ، فإنها
من ورود صاحبها منها في غطاء معنى ، وافزعوا إلى قوام دينكم بإقامة الصلاة لوقتها و
أداء الزكاة لاهلها(3)والتضرع إلى الله والخشوع له ، وصلة الرحم ، وخوف المعاد
وإعطاء السائل ، وإكرام الضيف ، وتعلموا القرآن واعملوا به ، واصدقوا الحديث
وآثروه ، وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم وأدوا الامانة إذا ائتمنتم ، وارغبوا في ثواب الله
وخافوا عقابه فاني لم أر كالجنة نام طالبها ، ولا كالنار نام هاربها ، فتزودوا من
الدنيا ما تحوزوا به أنفسكم غدا من النار ، واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز
أهل الخير بالخير .


(1)مخلوط .
(2)عزب : بعد وغاب وخفى .
(3)في بعض النسخ أداء الزكاة لمحلها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه