بحار الأنوار ج69

قال : فمن أفضل عندك من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ، ووقاه
بنفسه ؟ أن الله عزوجل أمر النبي صلى الله عليه وآله أن يأمر عليا عليه السلام بالنوم على فراشه
وأن يقي النبي صلى الله عليه وآله بنفسه فأمره بذلك ، فبكى علي فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما
يبكيك يا علي قال : الخوف عليك أفتسلم يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فاستبشر علي
عليه السلام وقال : سمعا وطاعة لربي طابت نفسي بالفداء لك يا رسول الله ، ثم
أتى علي مضعجه فاضطجع وتسجى بثوبه وجاء المشركون من قريش فاحدقوا به
ولا يشكون أن النبي صلى الله عليه وآله حاصل في أيديهم قد أجمعوا أن يضربه كل بطن من
قريش بالسيف لئلا يطلب بنو هاشم بطنا من بطون قريش بدمه ، وهو يسمع ما القوم
فيه من تلف نفسه ، فلم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار ، ولم يزل
صابرا محتسبا ، وبعث الله اليه ملائكة تمنعه من مشركي قريش حتى أصبح فلما
أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمد ؟ قال : لا أعلم أين هو ؟ قالوا : لا نراك
إلا كنت تغرنا منذ الليلة ، ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وآله فلم يزل علي أفضل لما بدا منه
يزيد ولا ينقص حتى قبضه الله إليه .
يا إسحاق أتروي حديث الولاية ؟ قلت : نعم قال : اروه فرويته ، فقال :
أليس هذا الحديث قد أوجب لعلي على أبي بكر وعمر ما لم يجب لهما عليه ؟
قلت : نعم إلا أن الناس لا يقولون بذلك وقالوا بأن : هذا الحديث إنما كان
بسبب زيد بن حارثة لشئ جرى بينه وبين علي فأنكر ولاء علي فقال النبي صلى الله عليه وآله
هذا القول عند ذلك ، قال : يا سبحان الله لهذه العقول ! متى قال رسول الله صلى الله عليه وآله
لعلي عليه السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه وفي أي موضع ؟ قلت : بغدير خم عند
منصرفه من حجة الوداع قال : أجل ، فمتى قتل زيد بن حارثة ؟ قال : موضع بموته

قال : فكم كان بين قتل زيد وبين غدير خم ؟ قلت : سبع أو ثماني سنين(1)قال :
ويحك كيف رضيت لنفسك بهذا وقد علمت أن خطابه للمسلمين كافة ألست أولى
بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم
وال من والاه وعاد من عاده . ويلكم لاتجعلوا فقهاء‌كم أربابكم إن الله عزوجل


(1)بل سنتان فان غزوة مؤتة كانت سنة ثمان للهجرة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه