لاجل لطف الغير ، مع العوض الذي يختار المكلف لو عرض عليه ؟ قال أبوهاشم :
نعم ، وأبوالحسين منع ذلك ، وتبعه المصنف .
ولا يشترط في حسن الالم المفعول ابتداء من الله تعالى اختيار المتألم للعوض
الزائد عليه بالفعل ، وقيد الخلو عن تعظيم وإجلال ، فيخرج به الثواب .
والوجه التي يستحق به العوض على الله تعالى امور :
الاول : إنزال الآلام بالعبد كالمرض وغيره .
الثاني : تفويت المنافع ، إذا كانت منه تعالى لمصلحة الغير ، فلو أمات الله
تعالى ابنا لزيد وكان في معلومه تعالى أنه لو عاش لا ينفع به زد لاستحق عليه تعالى
العوض عما فاته من منافع ولده ، ولو كان في معلومه تعالى عدم انتفاعه به ، لانه
يموت قبل الانتفاع منه لم يستحق منه عوضا ، لعدم تفويت المنفعة منه تعالى ، و
لذلك لو أهلك ماله استحق العوض بذلك ، سواء أشعر بهلاك ماله أو لم يشعر ، لان
تفويت المنفعة كإنزال الالم ، ولم آلمه ولم يشعر به لاستحق العوض وكذا لو فوت
عليه منفعة لم يشعربها ، وعندي في هذا الوجه نظر .
الثالث : إنزال الغموم بأن يفعل الله تعالى أسباب الغم ، أما الغم الحاصل من
العبد نفسه فانه لا عوض فيه عليه تعالى .
الرابع أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان ، أو إباحته ، سواء كان الامر
للايجاب ، أو للندب فان العوض في ذلك كله على الله تعالى .
الخامس : تمكين غير العاقل ، مثل سباع الوحش ، وسباع الطير ، والهوام
وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال : فذهب بعضهم إلى أن العوض على
الله تعالى مطلقا ، ويعزى إلى الجبائي ، وقال آخرون : إن العوض على فاعل الالم
عن أبي علي ، وقال آخرون : لا عوض هنا على الله تعالى ولا على الحيوان .
وقال القاضي : إن كان الحيوان ملجأ إلى الايلام كان العوض عليه تعالى
وإن لم يكن ملجأ كان العوض على الحيوان ، وإذا طرحنا صبيا في النار فاحترق
فان الفاعل للالم هو الله تعالى ، والعوض علينا ويحسن ، لان فعل الالم واجب