بحار الأنوار ج6

المياه ، وتتحصن الناس في حصونهم منهم ، فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة
الدماء فيقولون : قد قهرنا أهل الارض وعلونا أهل السماء فيبعث الله نغفا(1)في أقفائهم
فتدخل في آذانهم فيهلكون بها ، فقال النبي صلى الله عليه واله : والذي نفس محمد بيده إن دواب
الارض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرا ،(2)وفي تفسير الكلبي : إن الخضر واليسع
يجتمعان كل ليلة على ذلك السد يحجبان يأجوج ومأجوج عن الخروج
" وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض " أي وتركنا يأجوج ومأجوج يوم انقضاء
أمر السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم ويكون حالهم كحال الماء الذي يتموج
باضطراب أمواجه ، وقيل : إنه أراد سائر الخلق الجن والانس أي تركنا الناس يوم
خروج يأجوج ومأجوج يختلط بعضهم ببعض لان ذلك علم للساعة .
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج " أي فتحت
جهتهم ، والمعنى انفرج سدهم بسقوط أو هدم أوكسر وذلك من أشراط الساعة " وهم
من كل حدب ينسلون " أي من كل نشز(3)من الارض يسرعون ، يعني أنهم يتفرقون
في الارض فلا ترى أكمة(4)إلا وقوم منهم يهبطون منها مسرعين " واقترب الوعد الحق "
أي الموعود الصدق وهو قيام الساعة ، فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا أي لا تكاد
تطرف من شدة ذلك اليوم وهوله ، " يقولون ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا " أي
اشتغلنا بامور الدنيا ، وغفلنا من هذا اليوم فلم نتفكر فيه ، بل كنا ظالمين بأن عصينا
الله تعالى وعبدنا غيره .
وقال في قوله تعالى : " وإذا وقع القول عليهم " أي وجب العذاب والوعيد عليهم ،
وقيل : معناه : إذا صاروا بحيث لا يفلح أحد منهم ولا أحد بسببهم . وقيل : إذا غضب الله
عليهم ، وقيل : إذا نزل العذاب بهم عند اقتراب الساعة فسمي المقول قولا " أخرجنا لهم


(1)النغفة : دود يكون في انوف الابل والغنم .
(2)أى تمتلئ ضرعها لبنا . وفى مجمع البيان المطبوع : وتسكر من لحومهم سكرا . ولعله
مصحف .
(3)النشز : المكان المرتفع .
(4)أكمة : التل .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه