بحار الأنوار ج54

وأما غير هم فقيل : أولها الماء ، كما يدل عليه أكثر الاخبار المتقدمة ، و نقلنا ذلك سابقا عن(ثاليس الملطي)ورأيت في كتاب(علل الاشياء)المنسوب إلى(بليناس الحكيم)أنه قال : إن الخالق تبارك وتعالى كان قبل الخلق ، و أراد أن يخلق الخلق ، فقال : ليكن كذا وكذا فكانت هذه الكلمة علة الخلق ، و سائر المخلوقات معلول ، وكلام الله عزوجل أعلى وأعظم وأجل من أن يكون شيئا تدركه الحواس ، لانه ليس بطبيعة ، ولا جوهر ، ولا حار ، ولا بارد ، ولا رطب ، ولا يابس . ثم قال بعده : إن أول ما حدث بعد كلام الله تعالى الفعل ، فدل بالفعل على الحركة ، ودل بالحركة على الحرارة ، ثم لما نقصت الحرارة جاء السكون عند فنائها ، فدل بالسكون على البرد ، ثم ذكر بعد ذلك أن طبائع العناصر الاربعة إنما كانت من هاتين القوتين أعني الحر والبرد ، قال : وذلك أن الحرارة حدث منها اللين ، ومن البرودة اليبس ، فكانت أربع قوى مفردات فامتزج بعضها ببعض فحدث من امتزاجها الطبائع ، وكانت هذه الكيفيات قائمة ______________________________
= مثل ما ورد في كونه نور النبي صلى الله عليه وآله أو العقل أو القلم لكن فيها ما يفسر سائر الروايات ويوضحها كما ورد في ان نور النبي صلى الله عليه وآله خلق قبل خلق المكان ، وقد اسلفنا ان تنزهه عن لوازم المادة من الزمان والمكان دليل تجرده عنها ، والتجرد لا ينفك عن العقل كما ثبت في محله . وفي الروايات اشارات إلى تجرد العقل والقلم أيضا ولعنا نوفق للتنبيه عليها ان شاء الله تعالى فالجمع بين ما يدل على كون اول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وآله أو العقل أو قلم وبين ما يدل على كونه الماء مثلا بحمل الاول على اول المجردات والثانى على اول
كونه العلل أو القلم فان قيل بوحدة الجميع أو كونها مراتب حقيقة واحدة فواضح وإلا فحمل الاولية على الاضافية دون الحقيقية . وقد مر تصريح ثلة من اساطين العلم والحكمة على كون خلق المحلوق الاول قبل خلق الزمان بل على جواز وجود موجودات كثيرة قبل وجود الزمان ، وقد اشرنا عند ذكر كلامهم إلى ان ذلك لا ينفك عن تجرد الصادر الاول أو كل ما وجد بلا زمان فتذكر(*).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه