فلما علم الله سبحانه تثاقل الناس أنزل الآية وعاتبهم على التثاقل . " أرضيتم " استفهام
إنكار ، أي آثرتم الحياة الدنيا الفانية على الحياة في الآخرة الباقية " فما متاع "
أي فما فوائد الدنيا ومقاصدها في فوائد الآخرة ومقاصدها " إلا قليل " لا نقطاع
هذه ودوام تلك " يعذبكم " أي في الآخرة أو في الدنيا " ويستبدل " بكم " قوما
غيركم " لا يتخلفون عن الجهاد ، قيل : هم أبناء فارس ، وقيل : أهل اليمن ، و
قيل : هم الذين أسلموا بعد نزول هذه الآية " ولا تضروه " أي ولا تضروا الله بهذا
القعود شيئا لانه غني ، أولا تضروا الرسول ، لان الله عاصمه وناصره بالملائكة
أو بقوم آخرين(1)" انفروا " أي اخرجوا إلى الغزو " خفافا وثقالا " أي شبانا و
شيوخا ، وقيل : نشاطا وغير نشاط ، أو مشاغيل وغير مشاغيل ، أو أغنياء وفقراء
وقيل : أراد بالخفاف أهل العسرة من المال وقلة العيال ، وبالثقال أهل الميسرة في
المال وكثرة العيال وقيل : ركبانا ومشاة ، وقيل : ذاضيعة وغير ذي ضيعة(2)
وقيل : عزابا ومتأهلين ، والوجه أن يحمل على الجميع " وجاهدوا بأموالكم
وأنفسكم في سبيل الله " وهذا يدل على أن الجهاد بالنفس والمال واجب على من
استطاع بهما ، ومن لم يستطع على الوجهين فعليه أن يجاهد بما استطاع " ذلكم خير
لكم " من التثاقل " إن كنتم تعلمون " أن الله صادق في وعده ووعيده ، قال السدي :
لما نزلت هذه الآية اشتد شأنها على الناس فنسخها الله بقوله : " ليس على الضعفاء " الآية .
" لو كان عرضا قريبا " أي لوكان مادعوتهم إليه غنيمة حاضرة " وسفرا قاصدا "
أي قريبا هينا ، وقيل : أي ذا قصد ، وقيل : سهلا متوسطا غير شاق " لاتبعوك " طمعا في المال " ولكن بعدت عليهم الشقة " أي المسافة ، يعني غزوة تبوك ، أمروا
فيها بالخروج إلى الشام " وسيحلفون بالله " فيه دلالة على صحة نبوته صلى الله عليه واله ، إذ
(1)في المصدر : لان الله عصمه من جميع الناس ، وينصره بالملائكة ، او بقوم آخرين
من المؤمنين .(2)في المصدر : ذا صنعة وغير ذى صنعة .