بحار الأنوار ج74

فأي الخلق أشقى ؟ قال : من باع دينه بدنياه غيره ، قال : فأي الخلق أقوى ؟ قال :
الحليم ، قال : فأي الخلق أشح ؟ قال : من أخذ المال من غير حله فجعله في غير
حقه ، قال : فأي الناس أكيس ؟ قال : من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده ،
قال : فمن أحلم الناس ؟ قال : الذي لا يغضب ، قال : فأي الناس أثبت رأيا ؟ قال :
من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشوفها(1)قال : فأي الناس أحمق ؟
قال المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها ، قال : فأي الناس أشد
حسرة ؟ قال : الذي حرم الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين ، قال : فأي
الخلق أعمى ؟ قال : الذي عمل لغير الله ، يطلب بعمله الثواب من عند الله عزوجل
قال : فأي القنوع أفضل ؟ قال : القانع بما أعطاه الله ، قال : فأي المصائب أشد ؟
قال : المصيبة بالدين ، قال : فأي الاعمال أحب إلى الله عزوجل ؟ قال : انتظار
الفرج ، قال : فأي الناس خير عندالله عزوجل ؟ قال : أخوفهم الله وأعملهم بالتقوى
وأزهدهم في الدنيا ، قال : فأي الكلام أفضل عند الله عزوجل ؟ قال : كثرة ذكره
والتضرع إليه ودعاؤه ، قال : فأي القول أصدق ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله
قال : فأي الاعمال أعظم عند الله عزوجل ؟ قال : التسليم والورع ، قال : فأي
الناس أكرم ؟ قال : من صدق في المواطن .
ثم أقبل عليه السلام على الشيخ فقال : يا شيخ إن الله عزوجل خلق خلقا ضيق
الدنيا عليهم نظرا لهم ، فزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم
إليه ، وصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا على ما عند الله
من الكرامة ، وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا
الله وهو عنهم راض ، وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي ، فتزودوا لاخرتهم
غير الذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على القوت(2)وقدموا الفضل ، و


(1)التشوف : التزين .
(2)في المصدر فصبروا على الذل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه