بحار الأنوار ج75

أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في الدنيا ، المائلون
إليها ، المفتونون بها ، المقبلون عليها وعلى حطامها الهامد ، وهشيمها البائد
غدا(1)واحذروا ما حذركم الله منها ، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها ، ولا
تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من أعدها دارا وقرارا ، بالله إن لكم مما
فيهما عليها دليلا(2)من زينتها ، وتصريف أيامها ، وتغيير انقلابها ومثلاتها ،
وتلاعبها بأهلها ، إنها لترفع الخميل(3)وتضع الشريف ، وتورد النار أقواما غدا ،
ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه(4).
وإن الامور الواردة عليكم في كل يوم وليلة من مظلمات الفتن(5)وحوادث
البدع ، وسنن الجور ، وبوائق الزمان ، وهيبة السلطان ، ووسوسة الشيطان لتدبير
القلوب عن نيتها(6)وتذهلها عن موجود الهدى(7)ومعرفة أهل الحق إلا قليلا
ممن عصم الله عزوجل فليس يعرف تصرف أيامها ، وتقلب حالاتها ، وعاقبة ضرر
فتنتها إلا من عصمه الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك طريق القصد . ثم استعان على
ذلك بالزهد ، فكرر الفكر ، واتعظ بالعبر وازدجر ، فزهد في عاجل بهجة الدنيا ،


(1)الهامد : البالى المسود المتغير واليابس من النبات والشجر . والهشيم : اليابس
متكسر من كل شجر وكلاء ، أصله المكسور . والبائد : الهالك .
(2)في الروضة وامالى المفيد ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان وفى
الروضة والله لكم مما فيها عليها لدليلا وتنبيها من تصريف أيامها .
(3)الخميل : الخامل وهو الساقط الذى لا نباهة له .
(4)في بعض النسخ لمتنبه .
(5)في بعض النسخ الروضة ملمات الفتن وفى الامالى مضلات الفتن .
(6)في بعض النسخ لمثبطة القلوب وفى بعضها وفى الامالى ليذر القلوب عن
تنبيهها وفى بعض النسخ لتثبط القلوب عن نيتها وفى الروضة لتثبط القلوب عن
تنبيهها .
(7)من اضاقة الصفة إلى الموصوف . وفى الامالى عن وجود الهدى .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه