بحار الأنوار ج12

حصينا ، وهو أكبرمن السد " زبر الحديد " أي قطعه " بين الصدفين " أي بين جانبي الجبلين
بتنضيدها " قال انفخوا " أي قال للعملة : انفخوا في الاكوار والحديد " حتى إذا جعله " أي
جعل المنفوخ فيه " نارا " أي كالنار بالاحماء " قال آتوني افرغ عليه قطرا " أي آتوني قطرا ،
أي نحاسا مذابا أفرغ عليه قطرا ، فحذف الاول لدلالة الثاني عليه " فما اسطاعوا " بحذف
التاء حذرا من تلاقي متقاربين " أن يظهروه " أي أن يعلوه بالصعود لارتفاعه وانملاسه " وما
استطاعوا له نقبا " لثخنه وصلابته ; قيل : حفر للاساس حتى بلغ الماء ، وجعله من الصخرة
والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى ساوى أعلى الجبلين
ثم وضع المنافخ حتى صارت كالنار فصب النحاس المذاب عليها ، فاختلط والتصق بعضها
ببعض وصار جبلا صلدا ; وقيل : بناه من الصخور مرتبطا بعضها ببعض بكلاليب من حديد
ونحاس مذاب في تجاويفها " قال هذا " السد أو الاقدار على تسويته " رحمة من ربي " على عباده
" فإذا جاء وعد ربي " وقت وعده بخروج يأجوج ومأجوج ، أو بقيام الساعة بأن شارف يوم
القيامة " جلعه دكاء " مدكو كا مسويا بالارض .(1)
وقال : الطبرسي رحمه الله : قيل : إن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي
مؤخرهما البحر المحيط ، وقيل : إنه وراء دربند وخزران من ناحية أرمنية وآذربيجان ،
وقيل : إن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع ، وعرض الحائط نحو من خمسين ذراعا ; وجاء
في الحديث : إنهم يدابون في حفره نهارهم حتى إذا أمسوا وكادوا يبصرون شعاع الشمس
قالوا نرجع غدا ونفتحه ولا يستثنون فيعودون من الغد وقد استوى كما كان ، حتى إذا جاء
وعدالله قالوا : غدا نفتح ونخرج إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه بالامس
فيخرقونه فيخرجون على الناس فينشفون المياه ، وتتحصن الناس في حصونهم منهم ،
فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع وفيها كهيئة الدماء فيقولون : قد قهرنا أهل الارض وعلونا
أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفا(2)في أقفائهم فتدخل في آذانهم فيهلكون بها ، فقال


(1)انوار التنزيل 2 : 11 - 12 . م
(2)قال في القاموس : النغف محركة : دود في انوف الابل والغنم ، الواحدة النغفة ; أودود
أبيض يكون في النوى المنقع ; أو دود عقف ينسلخ عن الخنافس ونحوها .
وقال في النهاية : في حديث يأجوج مأجوج : " فيرسل الله عليهم النغف " هو بالتحريك : دود يكون
في انوف الابل والغنم ، واحدتها نغفة . منه طاب ثراه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه