بحار الأنوار ج74

يقال لك ، واعلم أن الاعجاب ضد الصواب(1)وآفة الالباب ، وإذا هديت لقصدك
فكن أخشع ما تكون لربك وأسعى في كدحك ، ولا تكن خازنا لغيرك.
واعلم يا بني إن أمامك طريقا ذا مسافة بعيدة ، وأهوال شديدة ، وإنه
لاغنا بك عن حسن الارتياد ، وقدر بلاغك من الزاد(2)مع خفة الظهر ، فلا
تحملن على ظهرك فوق بلاغك ، فيكون ثقيلا ووبالا عليك ، وإذا وجدت من أهل
الحاجة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامةفيوافيك به غداحيث تحتاج إليه
فاغتنمه ، واغتنم من استقرضك في حال غناك وجعل قضاء‌ه لك في يوم عسرتك وحمله
إياه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه فلعلك تطلبه فلا تجدهواعلم أن أمامك
عقبة كؤودا(3)لا محالة أن مهبطها بك على جنة أو نار ، فارتد لنفسك قبل
نزولك .
وأعلم أن الذي بيده خزائن ملكوت الدنيا والاخرة قد أذن لدعائك ، وتكفل
لاجابتك ، وأمرك أن تسأله ليعطيك وهو رحيم كريم ، لم يجعل بينك وبينه من
يحجبك عنه ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه ، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة
ولم يعيرك بالانابة ، ولم يعا جلك بالنقمة ، ولم يفضحك حيث تعرضت للفضيحة
ولم يناقشك بالجريمة ، ولم يؤيسك من الرحمة ، ولم يشدد عليك في التوبة ، فجعل
توبتك التورع عن الذنب ، وحسب سيئتك واحدة وحسنتك عشرا ، وفتح لك باب
المتاب والاستعتاب ، فمتى شئت سمع ندإك ونجواك فأضيت إليه بحاجتك وأبثثته ذات
نفسك(4)وشكوت إليه همومك ، واستعنته على امورك ، ثم جعل في يدك مفاتيح
خزائنه بما أذن فيه من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه ، فألحح


(1)الاعجاب : استحسان ما يصدر عن النفس .
(2)الارتياد : الطلب أصله واوى من راديرود ، وحسن الارتياد : اتيانه من وجهه
والبلاغ - بالفتح - الكفاية اى ما يكفى من العيش ولا يفضل .
(3)الكؤود : صعبة شاقة المصعد .
(4)أفضيت : ألقيت وأبلغت اليه . وأبث فلانا الخير : اطلعه عليه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه