بحار الأنوار ج14

كما لايجوز أن يقال : أنت خير الآلهة ، لما لم يكن غيره إلها " قال الله " مجيبا له إلى ما
التمسه : " إني منزلها " يعني المائدة " عليكم فمن يكفر بعد منكم " أي بعد إنزالها
عليكم " فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين " قيل في معناه أقوال :
أحدها : أراد عالمي زمانهم(1)فجحد القوم وكفروا بعد نزولها فمسخوا قردة و
خنازير ، عن قتادة ، وروي عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنهم مسخوا خنازير .
وثانيها أنه أراد عذاب الاستيصال .
وثالثها : أنه أراد جنسا من العذاب لا يعذب به أحدا غيرهم ، وإنما استحقوا
هذا النوع من العذاب بعد نزول المائدة لانهم كفروا بعد ما رأوا الآية التي هي من أزجر
الآيات عن الكفر بعد سؤالهم لها ، فاقتضت الحكمة اختصاصهم بفن من العذاب عظيم
الموقع ، كما اختصت آيتهم بفن من الزجر عظيم الموقع .
القصة . اختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا ؟ فقال الحسن ومجاهد : إنها لم
تنزل ، وإن القوم لما سمعوا الشرط استعفوا من نزولها ، وقالوا : لانريدها ولاحاجة لنا
فيها ، فلم تنزل ، والصحيح أنها نزلت لقوله سبحانه : " إني منزلها عليكم " ولايجوز أن
يقع في خبره الخلف ، ولان الاخبار قد استفاضت عن النبي والصحابة والتابعين في
أنها نزلت ، قال كعب : إنها نزلت يوم الاحد ، ولذلك اتخذه النصارى عيدا ، واختلفوا
في كيفية نزولها وما عليها ، فروي عن عمار بن ياسر ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : نزلت المائدة
خبزا ولحما ، وذلك أنهم سألوا عيسى عليه السلام طعاما لاينفد يأكلون منها ، قال : فقيل لهم :
فإنها مقيمة لكم مالم تخونوا أو تخبؤوا(2)وترفعوا ، فإن فعلتم ذلك عذبتم ، قال :
فما مضى يومهم حتى خبؤوا ورفعوا وخانوا .
وقال ابن عباس : إن عيسى بن مريم قال لبني إسرائيل : صوموا ثلاثين يوما ، ثم
سلوا الله ماشئتم يعطكموه ،(3)فصاموا ثلاثين يوما ، فلما فرغوا قالوا : ياعيسى إنا لو عملنا


(1)في المصدر : إنه أراد عالمي زمانه .
(2)" " : وتخبؤوا .
(3)" " : ثم اسألوا الله ماشئتم يعطيكم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه