بحار الأنوار ج91

تضل من هذيت ، ولا تذل من واليت ، ولا يفقتر من أغنيت ولا يسعد من أشقيت
وعزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها ، وآنست نفسي ببشارتها
ومحال في عدل اقضيتك أن تسد اسباب رحمتك عن معتقدي محبتك .
سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون ، ولولا تسديدك لم ينج المستبصرون
أنت سهلت لهم السبيل حتى وصلوا ، وأنت أيدتهم بالتقوى حتى عملوا ، فالنعمة
عليهم منك جزيلة ، والمنة منك لديهم موصولة .
سيدي أسئلك مسألة مسكين ضارع ، مستكين خاضع ، أن تجعلني من الموقنين
خبرا وفهما ، والمحيطين معرفة وعلما ، إنك لم تنزل كتبك إلا بالحق ، ولم
ترسل رسلك إلا بالصدق ، ولم تترك عبادك هملا ولا سدى ، ولم تدعهم بغير بيان
ولا هدى(1)ولم ترض منهم بالجهالة والاضاعة ، بل خلقتهم ليعبدوك ، ورزقتهم
ليحمدوك ، ودللتهم على وحدانيتك ليوحدوك ، ولم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون
ولم تخاطبهم بما يجهلون ، بل هم بمنهجك عالمون ، وبحجتك مخصوصون ، أمرك
فيهم نافذ ، وقهرك بنواصيهم آخذ ، تجتبي من تشاء فتدنيه ، وتهدي من أناب إليك
من معاصيك فتنجيه ، تفضلا منك بجسيم نعمتك ، على من أدخلته في سعة رحمتك
يا أكرم الاكرمين ، وأرأف الراحمين .
سيدي خلقتني فأكملت تقديري ، وصورتني فاحسنت تصويري ، فصرت بعد
العدم موجودا وبعد المغيب شهيدا ، وجعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا ، وحفظتني
في المهد طفلا صبيا ، ورزقتني من الغذاء سائغا هنيئا(2)ثم وهبت لي رحمة
الآباء والامهات ، وعطفت علي قلوب الحواضن والمربيات ، كافيا لي شرور
الانس والجان ، مسلما لي من الزيادة والنقصان ، حتى افصحت ناطقا بالكلام
ثم أنبتني زائدة في كل عام ، وقد اسبغت علي ملابس الانعام .
ثم رزقتني من الطاف المعاش ، واصناف الرياش ، وكنفتني بالرعاية في
جميع مذاهبي ، وبلغتني ما أحاول من سائر مطالبي إتماما لنعمتك لدي ، وإيجابا


(1)الا إلى الطاعة خ ل .(2)مريئا خل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه