جعلوه كوصي سليمان عليه السلام ؟ حكم الله بيننا وبين من جحد حقنا وأنكر فضلنا(1)
أقول : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي برد الله مضجعه في قوله تعالى : " وتفقد
الطير " أي طلبه عند غيبته " فقال مالي لا أرى الهدهد " أي ما للهدهد لا أراه ؟ واختلف
في سبب تفقده فقيل : إنه احتاج إليه في سفره ليدله على الماء ، يقال : إنه يرى الماء في
بطن الارض كما نراه في القارورة ، عن ابن عباس ، وروى العياشي بالاسناد قال : قال
أبوحنيفة لابي عبدالله عليه السلام : كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير ؟ قال : لان الهدهد يرى
الماء في بطن الارض كما يرى أحدكم الدهن في القارورة ؟ فنظر أبوحنيفة إلى أصحابه
وضحك ! فقال أبوعبدالله عليه السلام : مايضحكك ؟ قال : ظفرت بك جعلت فداك ؟ قال : وكيف
ذاك ؟ قال : الذي يرى الماء في بطن الارض لايرى الفخ في التراب حتى تأخذ بعنقه ؟(2)
فقال أبوعبدالله عليه السلام : يانعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر أغشى البصر .
وقيل : إنما تفقده لاخلاله بنوبته ، عن وهب ، وقيل : كانت الطيور تظله من الشمس
فلما أخل الهدهد بمكانه بان بطلوع الشمس عليه " أم كان من الغائبين " معناه : أتأخر عصيانا
أم غاب لعذر وحاجة ؟ قال المبرد : لما تفقد سليمان الطير ولم ير الهدهد قال : مالي لا
أرى الهدهد ؟ على تقدير أنه مع جنوده وهو لايراه ، ثم أدركه الشك فشك في غيبته عن
ذلك الجمع بحيث لم يره فقال : " أم كان من الغائبين " أي بل بل أكان من الغائبين ؟ كأنه
ترك الكلام الاول واستفهم عن حاله وغيبته ، ثم أوعده على غيبته فقال : " لاعذبنه
عذابا شديدا " أي بنتف ريشه وإلقائه في الشمس ، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد ، وقيل :
بأن أجعله بين أضداده ، وكما صح نطق الطير وتكليفه في زمانه معجزة له جازت معاتبته
على ماوقع منه من تقصير فإنه كان مأمورا بطاعته فاستحق العقاب على غيبته " أو
لاذبحنه " أو لاقطعن(3)حلقه عقوبة له على عصيانه " أو ليأتيني بسلطان مبين " أي
بحجة واضحة تكون عذرا له في الغيبة " فمكث غير بعيد " أي فلم يلبث سليمان إلا زمانا
يسيرا حتى جاء الهدهد ، وقيل : معناه : فلبث الهدهد في غيبته قليلا ثم رجع ، وعلى هذا
(1)الاختصاص مخطوط .
(2)في المصدر : حتى يؤخذ بعنقه
(3)" " : أي لاقطعن .