بحار الأنوار ج46

اضطرابا شديدا ، ثم قال : هلا زعمت أنك لست من علمائها ؟ فقال له أبي : ولا
من جهالها ، وأصحاب هشام يسمعون ذلك .
فقال لابي : أسألك عن مسألة اخرى فقال له أبي : سل .
فقال : من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية موجودة غير معدومة
عند جميع أهل الجنة ؟ وما الدليل عليه من شاهد لايجهل ؟ ،
فقال له أبي : دليل ما ندعي أن ترابنا أبدا يكون غضا طريا موجودا غير
معدوم عند جميع أهل الدنيا لاينقطع ، فاضطرب اضطرابا شديدا ، ثم قال : هلا
زعمت أنك لست من علمائها ؟ فقال له أبي : ولا من جهالها .
فقال له : أسألك عن مسألة ؟ فقال : سل ، فقال : أخبرني عن ساعة لامن
ساعات الليل ولا من ساعات النهار .

فقال له أبي : هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يهدأ فيها
المبتلى ، ويرقد فيها الساهر ، ويفيق المغمى عليه ، جعلها الله في الدنيا رغبة للراغبين
وفي الآخرة للعالمين لها دليلا واضحا وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين
التاركين لها .
قال : فصاح النصراني صيحة ثم قال : بقيت مسألة واحدة والله لاسألك عن
مسألة لاتهدي إلى الجواب عنها أبدا .
قال له أبي : سل فانك حانث في يمينك .
فقال : أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد عمر
أحدهما خمسون سنة وعمر الآخر مائة وخمسون سنة في دار الدنيا .
فقال له أبي : ذلك عزيز وعزيرة ولدا في يوم واحد ، فلما بلغا مبلغ الرجال
خمسة وعشرين عام ، مر عزيز على حماره راكبا على قرية بأنطاكية وهي خاوية
على عروشها(قال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها)(1)وقد كان اصطفاه وهداه
فلما قال ذلك القول غضب الله عليه فأماته الله مائة عام سخطا عليه بما قال : ثم بعثه


(1)سورة البقرة الاية : 259 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه