بحار الأنوار ج17

فإن ديدنه التسلل(1)والفرار ، ولتعظيم الجرم في الذهاب عن مجلسه بغير إذنه ، ولذلك
أعاده مؤكدا على اسلوب أبلغ فقال : " إن الذين يستأذنونك اولئك الذين يؤمنون بالله
ورسوله " فإنه يفيد أن المستأذن مؤمن لا محالة ، وإن الذاهب بغير إذن ليس كذلك " فإذا
استأذنوك لبعض شأنهم " ما يعرض لهم من المهام ، وفيه أيضا مبالغة وتضييق للامر " فأذن
لمن شئت منهم " تفويض للامر إلى رأي الرسول صلى الله عليه وآله ، واستدل به على أن بعض الاحكام
مفوضة إلى رأيه ، ومن منع ذلك قيد المشية بأن تكون تابعة لعلمه بصدقه ، وكأن المعنى
فأذن لمن علمت أن له عذرا " واستغفر لهم الله " بعد الاذن ، فإن الاستيذان ولو لعذر قصور ،
لانه تقديم لامر الدنيا على أمر الدين " إن الله غفور " لفرطات العباد " رحيم " بالتيسير عليهم
" لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " لا تقيسوا دعائه إياكم على دعاء بعضكم
بعضا في جواز الاعراض والمساهلة في الاجابة ، والرجوع بغير إذن ، فإن المبادرة إلى إجابته
واجبة ، والمراجعة بغير إذنه محرمة ، وقيل : لا تجعلوا انداء‌ه وتسميته كنداء بعضكم بعضا باسمه ،
ورفع الصوت(2)والنداء وراء الحجرات ، ولكن بلقبه المعظم مثل يانبي الله ويارسول
الله ، مع التوقير والتواضع ، وخفض الصوت ، أولا تجعلوا دعاء‌ه عليكم كدعاء بعضكم على
بعض فلا تبالوا بسخطه ، فإنه مستجاب(3)، أو لا تجعلوا دعائه لله كدعاء صغيركم كبيركم
يجيبه مرة ويرده اخرى ، فإن دعاء‌ه موجب(4)" قد يعلم الله الذين يتسللون منكم "
يتسللون قليلا قليلا من الجماعة ، ونظير تسلل : تدرج(5)" لواذا " ملاوذة بأن يستتر بعضهم
ببعض حتى يخرج ، أو يلوذ بمن يؤذن له فينطلق معه ، كأنه تابعه ، وانتصابه على
الحال " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " بترك مقتضاه ، ويذهبون سمتا على خلاف سمته ،
و(عن)لتضمنه معنى الاعراض ، أو يصدون عن أمره دون المؤمنين من خالفه عن الامر
إذا صد عنه دونه ، وحذف المفعول لان المقصود بيان المخالف عنه ، والضمير لله فإن الامر


(1)التسلل : الخروج خفية واحدا بعد واحد .
(2)ورفع الصوت به .
(3)في المصدر : فلا تنالوا بسخطه فان دعاء‌ه موجب .
(4)فان دعاء‌ه مستجاب .
(5)في المصدر : تدرج وتدخل .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه