3 ولما تزوج الرضا عليه السلام ابنة المأمون خطب لنفسه فقال : الحمد لله
متمم النعم برحمته ، والهادي إلى شكره بمنه ، وصلى الله على محمد خير خلقه ،
الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله ، وجعل تراثه إلى من خصه
بخلافته وسلم تسليما ، وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عزوجل
للمسلمات على المؤمنين من إمساك بمعروف أو تسريح باحسان ، وبذلت لها من
الصداق ما بذله رسول الله صلى الله عليه وآله لازواجه وهو اثنتا عشرة أوقية ونش على تمام
الخمسمائة ، وقد نحلتها من مالي مائة ألف درهم ، زوجتني يا أمير المؤمنين ؟
قال : بلى ، قال : قبلت ورضيت(1) .
4 ويستحب أن يخطب بخطبة الرضا عليه السلام تبركا بها لانها جامعة في معناها
وهو : الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه ، وافتتح بالحمد كتابه ، وجعل الحمد أول
محل نعمته ، وآخر جزاء أهل طاعته ، وصلى الله على محمد خير البرية ، وعلى
آله أئمة الرحمة ، ومعادن الحكمة ، والحمد لله الذي كان في نبائه الصادق ، وكتابه
الناطق ، إن من أحق الاسباب بالصلة ، وأولى الامور بالتقدمة سببا أوجب نسبا
وأمرا أعقب غنى ، فقال جل ثناؤه : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا
وصهرا وكان ربك قديرا وقال جل ثناؤه : وأنكحوا الايامي منكم والصالحين
من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم .
ولو لم تكن في المناكحة والمصاهرة آية منزلة ، ولا ستة متبعة ، لكان ما جعل
الله فيه من بر القريب وتألف البعيد ما رغب فيه العاقل اللبيب وسارع إليه الموفق
المصيب ، فأولى الناس بالله من اتبع أمره ، وأنفذ حكمه ، وأمضى قضاءه ورجا
جزاءه ، ونحن نسأل الله تعالى أن يعزم لنا ولكم على أوفق الامور .
ثم إن فلان بن فلان من قد عرفتم مروءته وعقله وصلاحه ونيته وفضله ،
وقد أحب شركتكم ، وخطب كريمتكم فلانة ، وبذل لها من الصداق كذا
فشفعوا شافعكم وأنكحوا خاطبكم في يسر غير عسر ، أقول قولي هذا وأستغفر الله
(1) مكارم الاخلاق ص 235 .