بحار الأنوار ج14

وعرف جزعها " فناداها من تحتها " وكان أسفل منها تحت الاكمة : " أن لاتحزني " وهو
قول السدي وقتادة والضحاك أن المنادي جبرئيل ناداها من سفح الجبل ، وقيل : ناداها
عيسى ، عن مجاهد والحسن ووهب وسعيد بن جبير وابن زيد وابن جرير والجبائي . و
إنما تمنت الموت كراهية لان يعصى الله فيها ، وقيل : استحياء من الناس أن يظنوا بها
سوء‌ا ، عن السدي ، وروي عن الصادق عليه السلام : لانها لم تر في قومها رشيدا ذا فراسة ينزهها
عن السوء " قد جعل ربك تحتك سريا " أي ناداها جبرئيل أو عيسى ليزول ماعندها من
الغم والجزع : لا تغتمي قد جعل ربك تحت قدميك نهرا تشربين منه وتطهرين من
النفاس ، عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير ، قالوا : وكان نهرا قد انقطع الماء عنه ،
فأرسل الله الماء فيه لمريم وأحيا ذلك الجذع حتى أثمر وأورق ، وقيل : ضرب جبرئيل
برجله فظهر ماء عذب ، وقيل : بل ضرب عيسى برجله فظهر عين ماء تجري وهو المروي
عن أبي جعفر عليه السلام ، وقيل : السري : عيسى عليه السلام ، عن الحسن وابن زيد والجبائي ، و
السري هو الرفيع الشريف ، قال الحسن : كان والله عبدا سريا " وهزي إليك بجذع النخلة "
معناه : اجذبي إليك ، والباء مزيدة ، وقال الفراء : تقول العرب : هزه وهز به " تساقط
عليك رطبا جنيا " الجني بمعنى المجتنى ، من جنيت الثمرة واجتنيتها : إذا قطعتها ، وقال
الباقر عليه السلام : لم تستشف النفساء بمثل الرطب ، إن الله تعالى أطعمه مريم في نفاسها ،
قال :(1)إن الجذع كان يابسا لا ثمر عليه إذ لو كان عليه ثمر لهزته من غير أن تؤمر به ،
وكان في الشتاء فصار معجزة لخروج الرطب في غير أوانه ولخروجه دفعة واحدة ، فإن
العادة أن يكون نورا أولا ، ثم يصير بلحا ، ثم بسرا .(2)وروي أنه لم يكن للجذع رأس
وضربته برجلها فأورق(3)وأثمر وانتثر عليها الرطب جنيا ، والشجرة التي لا رأس لها
لاتثمر في العادة .


(1)في المصدر : قالوا .
(2)النور بالفتح : الزهر ، وبالفارسية : شكوفه البلح بالفتح : ثمر النخل مادام أخضر و
لم ينضج وهو كالحصرم من العنب . فاذا اخذ إلى الطول والتلون إلى الحمرة والصفرة فهو بسر
قال الثعالبي في ترتيب حمل النخل : أطلعت ، ثم أبلحت ، ثم ابسرت ، ثم أزهت ، ثم أمعت ، ثم
أرطبت ، ثم أتمرت .
(3)في المصدر : فأورقت . وكذا فيما بعده .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه