مستغرقة لجميع ركعاتها ، دون باقي الصلاة ، أو لان القراءة فيها أهم مرغب
فيها أكثر منها في غيرها ، ولذلك كانت أطول الصلاة قراءة ، فكأنها تغلب باقي
أجزائها ، فغلب في الاسم ، وكرر التعبير عنها به تنبيها عليه وترغيبا فيه . وهذا
أظهر ، ففيها دلالة على استحباب قراءة السور الطوال فيها كما ورد في الاخبار
أيضا .
(إن قرآن الفجر كان مشهودا)أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار كما
مر في الخبر ، أو من حقه أن يشهده الجم الغفير كما قيل ، أو يشهده الكثير من
المصلين في العادة أو هو المشهود بشواهد القدرة ، وبدايع الصنع ، ولطايف التدبير
من تبدل الظلمة بالضياء ، والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه الذي هو ارتجاع
الحياة ، وحدوث الضوء المستطيل على الاستقامة في طول الفلك ، واستعقاب غلس
الظلام ، ثم انتشار الضياء المستطير المعترض في عرض الافق كما قيل ، ومافي
الخبر هو المؤثر .
(فأوحى إليهم)(1)قال الطبرسي أي أشار إليهم وقيل : كتب لهم في الارض
(أن سبحوا بكرة وعشيا)أي صلوا فيهما ، وتسمى الصلاة سبحة وتسبيحا لما
فيها من التسبيح ، وقيل أراد التسبيح بعينه(2).
(وسبح)(3)المراد بالتسبيح إما ظاهره فيراد المداومة على التسبيح و
(1)مريم : 11 .
(2)مجمع البيان ج 6 ص 505 .
(3)طه : 130 ، يعنى قوله تعالى :(واصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل
طلوع الشمس)الخ ، لكن خطاب الاية الشريفة متوجه إلى النبى صلى الله عليه وآله فلا يكون الافرضا
عليه ، الا أن السورة مكية نزلت قبل سورة الاسراء بسور أربعة أو خمسة ، فالمراد من
التسبيح هو ذكر التسبيح على ما نشير اليه في هذه الاوقات كالورد حتى نزلت فريضة
الصلاة عليه ، فجعلها صلى الله عليه وآله في ركوع الصلوات وسجودها حيثما أمكن ، وما لم يوافق وقته
وقت الصلاة جعله في صلاة التطوع ، تأويلا للمتشابهات ، ولعل الله يوفقنا الشرح ذلك في