بحار الأنوار ج35

من سائر الانبياء ، وأخبارهم الدالة على ذلك مستفيضة عندهم ، لم يتصرف في سائر المقدمات
ولم يتعرض لمنعها ودفعها - مع أنه إمام المشككين عندهم - لغاية متانتها ووضوحها ،
ولنتعرض لدفع بعض الشبه الواهية والمنوع الباردة التي يمكن أن يخطر ببال بعض
المتعسفين .
فنقول : إن قال قائل : يمكن أن تكون الدعوة متعلقة بالنفس مجازا وما ارتكبتموه
من التجوز ليس بأولى من هذا المجاز(1)، فنقول : يمكن الجواب عنه بوجهين .
الاول أن التجوز في النفس أشهر وأشيع عند العرب والعجم ، فيقول أحدهم
لغيره : يا روحي ويا نفسي ! وفي خصوص هذه المادة وردت روايات كثيرة بهذا المعنى من
الجانبين ، كما سنذكره في باب اختصاصه عليه السلام به ، وقد ورد في صحاحهم أنه صلى الله عليه وآله قال
لعلي عليه السلام : أنت مني وأنا منك(2)، وقال : علي مني بمنزلة رأسي من جسدي ، وفي
رواية اخرى : بمنزلة روحي من جسدي ، وقوله صلى الله عليه وآله : لابعثن إليكم رجلا كنفسي ،
وأمثال ذلك كثيرة ، فكل ذلك قرينة مرجحة لهذا المجاز .
والثاني أن نقول : الآية على جميع محتملاتها تدل على فضله عليه السلام وكونه أولى
بالامامة ، لان قوله تعالى :(ندع)بصيغة التكلم(3)إما باعتبار دخول المخاطبين أو للتعظيم
أولدخول الامة أو الصحابة ، وعلى الاخيرين يكون المعنى : ندع أبناء‌نا وتدعوا أبناء كم ،
ولا يخفى أن الاول أظهر ، وهو أيضا في بادئ النظر يحتمل الوجهين : الاول أن يكون
المعنى : يدعو كل منا ومنكم أبناء‌ه ونساء‌ه ونفسه ، الثاني أن يكون المعنى : يدعو كل
منا ومنكم أبناء الجانبين وهكذا ، والاول أظهر كما صرح به أكثر المفسرين ، وهذه
الاحتمالات لامدخل لها فيما نحن بصدده ، وسيظهر حالها فيما سنورده في الوجوه الآتية
وأما جمعية الابناء والنساء والانفس فيحتمل أن تكون للتعظيم ، أو لدخول الامة أو


(1)وتوضيحه أنه لابد من ارتكاب المجاز اما في النفس بأن يراد منه اميرالمؤمنين عليه السلام
أو في الدعوة ، ولا رجحان لاحدهما على الاخر .
(2)اخرجه البخارى في الصحيح(ج 2 : 185)وستأتى الاشارة إلى سائر الروايات في باب
اخبار المنزلة وغيره .
(3)يعنى التكلم مع الغير .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه