بحار الأنوار ج17

لو تمنوا لنقل(1)واشتهر فإن التمني ليس من عمل القلب ليخفى ، بل هو أن يقول : ليت
كذا ، وإن كان بالقلب لقالوا : تمنينا ، وعن النبي صلى الله عليه وآله : لو تمنوا الموت لغص كل
إنسان بريقه فمات مكانه ، وما بقي على وجه الارض يهودي(2).
وقال الطبرسي رحمه الله : هذه القصة شبيه بقصة المباهلة ، وإن النبي صلى الله عليه وآله لما دعا
النصارى إلى المباهلة امتنعوا لقلة ثقتهم بما هم عليه ، وخوفهم من صدق النبي صلى الله عليه وآله
لو باهلوني(3)لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا ، فلما لم يتمن اليهود الموت افتضحوا ، كما
أن النصارى لما أحجموا(4)عن المباهلة افتضحوا ، وظهر الحق انتهى(5):
قوله تعالى : " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم " أقول : ظاهره أنهم كانوا يسرون
خيانتهم ويخفونها فأبداها الله تعالى إذ نسبة الله تعالى هذا العلم إلى نفسه يدل على خفائها
كما لا يخفى ، فهذا أيضا من الاخبار بالغيب .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " قل للذين كفروا ستغلبون " أي قل لمشركي
مكة ستغلبون يعني يوم بدر ، وقيل لليهود فإنه صلى الله عليه واله جمعهم بعد بدر في سوق بني قينقاع(6)
فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش ، فقالوا : لا يغرنك أنك أصبت أغمارا لا علم لهم
بالحرب ، لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس ، فنزلت ، وقد صدق الله وعده بقتل قريظة و
إجلاء بني النظير ، وفتح خيبر ، وضرب الجزية على من عداهم ، وهو من دلائل
النبوة(7).
قوله تعالى : " قل اللهم مالك الملك " قال الطبرسي رحمه الله قيل : لما فتح رسول
الله صلى الله عليه وآله مكة ووعد امته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود هيهات من أين لمحمد


(1)في المصدر : لو تمنوا الموت لنقل .
(2)أنوار التنزيل 1 : 98 و 99 .
(3)في المصدر : في قوله : لو باهلونى .
(4)أحجم عن الشئ : كف أو نكص هيبة .
(5)مجمع البيان 1 : : 164 .
(6)بنو قينقاع بفتح القاف وتثليت النون : شعب من اليهود كانوا بالمدينة .
(7)أنوار التنزيل 1 : 195 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه