وإجبار الناس ، فسخر الله عزوجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، وجعل
غدوها شهرا ورواحها شهرا ، وسخر الله عزوجل له الشياطين كل بناء وغواص وعلم
منطق الطير ، ومكن في الارض ، فعلم الناس في وقته وبعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك
المختارين(1)من قبل الناس والمالكين بالغلبة والجور . قال : فقلت له : فقول رسول الله صلى الله عليه وآله :
رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله ؟ !(2)فقال : لقوله عليه السلام وجهان : أحدهما
ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه ، والوجه الآخر : يقول : ماكان أبخله إن كان أراد
مايذهب إليه الجهال . ثم قال عليه السلام : قدوالله أوتينا ما أوتي سليمان ومالم يؤت سليمان
ومالم يؤت أحد من الانبياء ، قال الله عزوجل في قصة سليمان : " هذا عطاؤنا فامنن أو
أمسك بغير حساب " وقال عزوجل في قصة محمد صلى الله عليه وآله : " ما آتاكم الرسول فخذوه و
مانهاكم عنه فانتهوا " .(3)
بيان : تأويله عليه السلام للآية الكريمة يحتمل وجهين : الاول أن يكون عليه السلام
قدر في الآية شيئا وهو قوله : أن يقول ، أي هب لي ملكا يكون لعظمته(4)بحيث لا يقدر
أحد على أن يقول : إنه كملك سائر الملوك مأخوذ بالجور والغلبة . ويؤيده الوجه الاول
من وجهي تأويل الخبر حيث بخل بعرضه في هذا الدعاء ، وسأل الله أن يرفع عنه ألسن
الناس بأن ملكه مأخوذ بالجور ، ولا يكون عرضه عرضة لملام لئام الخلق .
الثاني : أن يكون المعنى أنه عليه السلام سأل ربه ملكا لا يتهيأ للملوك الجائرين(5)
تحصيله بالجور والغلبة ليكون معجزا له على نبوته وآية على خلافته ، فلا يمنع هذا
الكلام أن يعطي الله من بعده من الانبياء والاوصياء أضعاف ما أعطاه ، فيكون قوله :(لا
ينبغي لاحد من بعدي أن يقول)بيانا لحاصل المعنى ولازمه لا تقديرا في الكلام ، أي طلب
(1)في نسخة : الجبارين .
(2)لم يرو هذا الخبر في اصولنا المتلقاة من المعصومين ، ولا في شئ من اخبارنا ، وهو من
مرويات العامة القائلين بجواز صدور امثاله من نبي في حق نبي آخر ، وسيأتي بعد ذلك ايعاز من
المصنف إلى ان الامام عليه السلام لم اوله ولم يصرح بانه موضوع .
(3)معاني الاخبار : 100 101 علل الشرائع : 35 .
(4)هكذا في النسخ ، والصحيح : يكون عظمته .
(5)في نسخة : للملوك الجبارين .