بحار الأنوار ج91

نفسه بالحجة في دعواه ، وخضع لك خضوع من يؤملك لآخرته ودنياه ، فلا تقطع
عصمة رجائي ، واسمع تضرعي ، واقبل دعائي ، وثبت حجتي على ما اثبت من
دعواي .
سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لاتيته ، فأناالمقر بما أحصيته وجنيته
وخالفت أمرك فيه فتعديته ، فهب لي ذنبي بالاعتراف ، ولا تردني في طلبتي عند
الانصراف ، سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت ، واسرفت على نفسي بما
قد علمت ، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته(1)وإما عاصيا فرحمته(2).
سيدي كأني بنفسي قد اضجعت بقعر حفرتها ، وانصرف عنها المشيعون من
جيرتها ، وبكى عليها الغريب لطول غربتها ، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها
وناداها من شفير القبر ذو مودتها ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها ، ولم يخف على
الناظرين إليها فرط فاقتها ، ولا على من قدرآها توسدت الثرى عجز حيلتها ، فقلت : ملائكتي
فريد نأى عنه الاقربون ، وبعيد جفاه الاهلون ووحيد فارقه المال والبنون نزل
بي قريبا ، وسكن اللحد غريبا ، وكان لي في دار الدنيا داعيا ، ولنظري له في هذا
اليوم راجيا ، فتحسن عند ذلك ضيافتي ، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي .
إلهي وسيدي لو اطبقت ذنوبي ما بين ثرى الارض إلى أعنان السماء ، وخرقت
النجوم إلى حد الانتهاء ، ماردني اليأس عن توقع غفرانك ، ولا صرفني القنوط
عن انتظار رضوانك ، سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه ، ووحدتك بالتوحيد
الذي أكرمتنيه ، ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه ، فلا ترحمني برحمتك الجزاء
الذي وعدتنيه ، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك ، ومن إتمامها أن
توجب لي محمودةجزائك .
سيدى أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون ، وليس أياس من رحمتك التي
يتوقها المحسنون ، وإلهي وسيدي انهملت بالسكب عبراتي ، حين ذكرت خطاياي
وعثراتي ، وما لها لا تنهمل وتجري وتفيض ماؤها وتذرى ولست ادري إلى ما يكون


(1)فاكرمتنى خ ل .(2)فرحمتنى خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه