بحار الأنوار ج16

بالغيوب من قبل نفسه " إلا ما شاء الله " من ذلك فيلهمني إياه ويوفقني له " ولو كنت
أعلم الغيب " أي لو كنت أعلمه لخالفت حالي ما هي عليه من استكثار المنافع واجتناب
المضار حتي لا يمسني سوء ، ويحتمل أن يكون المعنى لو كنت أعلم الغيب من قبل نفسي
يغير وحي من الله لكنت أستعمله في جلب المنافع ودفع المضار ، ولكني لماكنت أعلمه
بالوحي لا جرم أني راض بقضائه تعالى ، ولا أسعى في دفع ما أعلم وقوعه علي من المصائب
بقضائه تعالى ، فلا ينافي ما سيأتي أنهم عليهم السلام كانوا يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ،
كذا خطر بالبال والله يعلم حقيقة الحال . " واذكروا " الخطاب للمهاجرين أو للعرب
" إذا أنتم قليل مستضعفون " في أرض مكة تستضعفكم قريش أو العرب ، كانوا أذلاء في أيدي
الروم " تخافون أن يتخطفكم الناس " التخطف : الاخذ بسرعة ، والناس : كفار قريش
أو من عداهم ، فإنهم كانوا جميعا معادين مضادين لهم " فآواكم إلى المدينة ، أو جعل لكم
مأوى يتحصنون به عن أعاديكم " وأيدكم بنصره " على الكفار ، أو بمظاهرة الانصار ،
أو بإمداد الملائكة يوم بدر " ورزقكم من الطيبات " يعني الغنائم أحلها لكم ، ولم
يحلها لاحد قبلكم ، أو الاعم مما أعطاهم من الاطعمة اللذيدة " لعلكم تشكرون " هذه
النعم " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " أي ما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستيصال
وأنت مقيم بين أظهرهم لفضلك ، ويحتمل الاعم ، كما سيأتي في الاخبار أنه صلى الله عليه واله و
أهل بيته عليهم السلام أمان لاهل الارض من عذاب الاستيصال " وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون " المراد باستغفارهم إما استغفار من بقي فيهم من المؤمنين لم يهاجروا ، فلما
خرجوا أذن الله في فتح مكة ، أو الاعم بالنسبة إلى جميع أهل البلاد والازمان " من يحادد
الله " المحادة : المشاقة والمخالفة .
" لقد جاء‌كم رسول من أنفسكم " قال الطبرسي رحمه الله : القراء‌ة المشهورة " من
أنفسكم " بضم الفاء ، وقرأ ابن عباس وابن علية وابن محيصن والزهري " من أنفسكم
بفتح الفآء ، وقيل : إنها قراء‌ة فاطمة عليه السلام(1)، أي من أشرافكم ومن خياركم ، وعلى


(1)لعلها سمعت عنها عليها السلام حين خطبت خطبة التى ألقاها على أبي بكر وجماعة من
الصحابة بعد فوت أبيها صلى الله عليه وآله . وفيها تلك الاية .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه