بحار الأنوار ج44

يستبين ذلك في وجهي .
قال : رحم الله دمعتك أما إنك من الذين يعدون في أهل الجذع لنا والذين
يفرحون لفرحنا ، ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ، ويأمنون إذا أمنا أما
إنما سترى عند موتك وحضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك
به من البشارة : ما تقربه عينك قبل الموت ، فملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك
من الام الشفيقة على ولدها .
قال : ثم استعبر واستعبرت معه ، فقال : الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة
وخصنا أهل البيت بالرحمة ، يا مسمع إن الارض والسماء لتبكي منذ قتل
أمير المؤمنين رحمة لنا وما بكى لنا من الملائكة أكثر ، وما رقأت دموع الملائكة
منذ قتلنا ، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة
من عينه ، فإذا سال دموعه على خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم
لاطفأت حرها حتى لا يوجد لها حر .
وإن الموجع قلبه لنا ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة
في قلبه حتى يرد علينا الحوض ، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه ، حتى
أنه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه .
يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، ولم يشق بعدها أبدا وهو
في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل ، أحلى من العسل ، وألين من الزبد
وأصفى من الدمع ، وأذكى من العنبر ، يخرج من تسنيم ويمر بأنهار الجنان تجري
على رضراض الدر والياقوت ، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء ، يوجد
ريحه من مسيرة ألف عام ، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر ، يفوح في
وجه الشارب منه كل فائحة ، يقول الشارب منه : ليتني تركت ههنا لا أبغى بهذا
بدلا ، ولا عنه تحويلا .
أما إنك يا كردين ممن تروى منه ، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر
إلى الكوثر ، وسقيت منه ، من أحبنا فان الشارب(1)منه ليعطى من اللدة و


(1)وان الشارب منه ممن أحبنا خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه