30 - مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن
وهب قال : دخلت علي أبي عبدالله عليه السلام وهو في مصلاه فجلست حتى قضى صلاته
فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : يا من خصنا بالكرامة ، ووعدنا الشفاعة
وحملنا الرسالة ، وجعلنا ورثة الانبياء ، وختم بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية
وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفرلي
ولاخواني وزوار قبر أبي الحسين بن علي صلوات الله عليهما الذين أنفقوا أموالهم
وأشخصوا أبدانهم ، رغبة في برنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه
على نبيك محمد صلى الله عليه واله ، وإجابة منهم لامرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، أرادوا
بذلك رضوانك . فكافهم عنا بالرضوان ، واكلاهم بالليل والنهار ، واخلف على
أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، واصحبهم واكفهم شر كل جبار
عنيد ، وكل ضعيف من خلقك أو شديد ، وشر شياطين الانس والجن وأعطهم أفضل
ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم .
اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص
إلينا خلافا عليهم ، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود
التي تقلب على قبر أبي عبدالله عليه السلام ، وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة
لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي
كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من
الحوض يوم العطش .
فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد ، فلما انصرف
قلت له : جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن
النار لا تطعم منه شيئا أبدا ، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج ، فقال
لي : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ؟ يا معاوية لا تدع ذلك ، قلت : جعلت
فداك فلم أدر أن الامر يبلغ هذا كله .
فقال : يا معاوية ومن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في