بحار الأنوار ج3

ستين فلسا ، ويكون بالاجزاء كثيرا ، وكذلك يكون العبد عبدا واحدا ولا يكون
عبدين بوجه ، ويكون شخصا واحداولا يكون شخصين بوجه ، ويكون أجزاء‌ا كثيرة
وأبعاضا كثيرة ، وكل بعض من أبعاضه يكون جواهر كثيرة متحدة اتحد بعضها ببعض
وتركب بعضها مع بعض ، ولا يكون العبد واحدا وإن كان كل واحد منه في نفسه إنما هو
عبد واحد ، وإنما لم يكن العبد واحدا لانه ما من عبد الاوله مثل في الوجود أو في
المقدور ، وإنما صح أن يكون للعبد مثل لانه لم يتوحد بأوصافه التي من أجلها صار
عبدا مملوكا ، ووجب لذلك أن يكون الله عزوجل متوحدا بأوصافه العلى وأسمائه
الحسنى ليكون إلها واحدا فلا يكون له مثل ويكون واحدا لا شريك له ولاإله غيره ،
فالله تبارك وتعالى إله واحد لا إله إلا هو ، وقديم واحد لا قديم إلا هو ، وموجود واحد
ليس بحال ولا محل ، ولا موجود كذلك إلا هو ، وشئ واحد لا يجانسه ولا يشاكله شئ
ولا يشبه شئ ، ولا شئ كذلك إلا هو ، فهو كذلك موجود غير منقسم في الوجود ولا في الوهم ،
وشئ لا يشبه شئ بوجه ، وإله لا إله غير بوجه ، وصار قولنا : يا واحديا أحد في الشريعة اسما
خاصا له دون غيره ، لا يسمى به إلا هو عزوجل ، كما أن قولنا : الله اسم لا يسمى به غيره .
وفصل آخر في ذلك وهو أن الشئ قد يعد مع ما جانسه وشاكله وماثله ، يقال : هذا
رجل ، وهذان رجلان ، وثلاثة رجال . وهذا عبد ، وهذا سواد ، وهذا عبدان ، و
هذا سوادان . ولا يجوز على هذا الاصل أن يقال : هذا إلهان إذ لا إله إلا إله واحد ،
فالله لايعد على هذا الوجه ، ولا يدخل في العدد من هذا الوجه بوجه . وقد يعد الشئ
مع مالا يجانسه ولا يشاكله ، يقال : هذا بياض ، وهذان بياض وسواد ، وهذا محدث ، و
هذان محدثان ، وهذان ليسا بمحدثين ولا بمخلوقين . بل أحدهما قديم والآخر محدث ،
وأحدهما رب والآخر مربوب ، فعلى هذا الوجه يصح دخوله في العدد ، وعلى هذا النحو
قال الله تبارك وتعالى : " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم
ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا " الاية . وكما أن قولنا : فلان إنما هو
رجل واحد لا يدل على فضله بمجرده كذلك قولنا : فلان ثاني فلان لا يدل بمجرده

إلا على كونه ، وإنما يدل على فضله متى قيل : إنه ثانية في الفضل ، أو في الكمال ، أو العلم .


(1)المجادلة : 7 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه