بحار الأنوار ج63

شرط ملة الاسلام ، والمعرفة بمن سماه ، ثبت حظر ذبايح أهل الكتاب ، لعدم
استحقاقهم من الوصف بما شرحناه ، ولحوقهم في المعنى الذي ذكرناه بشركائهم في
الكفر من المجوس والصابئين وغيرهما من أصناف المشركين والكفار .
سؤال : فان قال قائل : فان اليهود تعرف الله جل اسمه وتدين بالتوحيد
وتقربه ، وتذكر اسمه على ذبائحها ، وهذا يوجب الحكم عليها بأنها حلال .
الجواب : قيل له : ليس الامر على ما ذكرت ، لا اليهود من أهل المعرفة بالله
عزوجل حسب ما قدرت ، ولا هي مقرة بالتوحيد في الحقيقة ، وإن كان تدعى ذلك
لانفسها ، بدلالة كفرها بمرسل محمد صلى الله عليه وآله وجحدها لربوبيته ، وإنكارها لالهيته من
حيث اعتقدت كذبه صلى الله عليه وآله ودانت ببطلان نبوته وليس يصح الاقرار بالله عزوجل في
حالة الانكار له ، ولا المعرفة به في حد الجهل بوجوده ، وقد قال الله تعالى " لا تجد
قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله "(1)وقال : " ولو
كانوا يؤمنون باللهوالنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء(2)" وقال " فلا وربك
لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت
ويسلموا تسليما(3)" .
ولو كانت اليهود عارفة بالله تعالى وله موحدة لكانت به مؤمنة ، وفي نفى القرآن
عنها الايمان ، دليل على بطلان ما تخيله الخصم .
على أن ما يظهر اليهود من الاقرار بالله عز اسمه وتوحيده قد يظهر من مستحل
الخمر بالشبهة ، ويقترن إلى ذلك باقراره بنبوة محمد صلى الله عليه وآله والتدين بما جاء به في
الجملة وقد أجمع علماء الامة على أن ذبيحة هذا محرمة ، وأنه خارج من جملة
من أباح الله تعالى أكل ذبيحته بالتسمية ، فاليهود أولى بأن يكون ذبائحهم محرمة


(1)المجادلة 22 .
(2)المائدة 81 وما بين العلامتين ساقط من المطبوعة .
(3)النساء : 65 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه