بحار الأنوار ج79

تردها إلى أن رفعته مرة ، فقالت أسأل الله بركة المقبل ، أما البعير فبعير ابني ،
وأما الراكب فليس هوبه .
قال : فوقف الراكب عليها وقال : يا ام عقيل عظم الله أجرك في عقيل
ولدك ، فقالت له : ويحك مات قال : نعم ، قالت : وما سبب موته ؟ قال : ازدحمت
عليه الابل فرمت به في البئر فقالت : انزل واقض ذمام القوم ، ودفعت إليه كبشا
فذبحه وأصلحه وقرب إلينا الطعام ، فجعلنا نأكل ونتعجب من صبرها ، فلما
فرغنا خرجت إلينا وقالت : يا قوم هل فيكم من يحسن من كتاب الله شيئا ؟ فقلت
نعم ، قالت فاقرأ علي آيات أتعزي بها عن ولدي .
فقلت : يقول الله عزوجل(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة
قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم
المهتدون)قالت بالله إنها في كتاب الله هكذا ؟ قلت والله إنها لفي كتاب الله
هكذا ، فقالت السلام عليكم ، ثم صفت قدميها وصلت ركعات ، ثم قالت :(اللهم
إني قد فعلت ما أمرتني به فأنجزلي ما وعدتني به ، ولو بقي أحد لاحد قال :
فقلت في نفسي : لبقي ابني لحاجتي إليه فقالت : لبقي محمد صلى الله عليه وآله لامته .
فخرجت وأنا أقول : ما رأيت أكمل منها ولا أجزل ، ذكرت ربها بأكمل
خصاله وأجمل خلاله ، ثم إنها لما علمت أن الموت لا مدفع له ، ولا محيص عنه
وأن الجزع لا يجدي نفعا والبكاء لا يرد هالكا ، رجعت إلى الصبر الجميل ، و
احتسبت ابنها عند الله ذخيرة نافعة ليوم الفقر والفاقة .
وروي أن يونس عليه السلام قال لجبرئيل عليه السلام دلني على أعبد أهل الارض
فدله على رجل قد قطع الجذام يديه ورجليه ، وذهب ببصرة وسمعه ، وهو
يقول : متعتني بها ما شئت ، وسلبتني ما شئت ، وأبقيت لي فيك الامل يا بر
يا وصول .
وروي أن عيسى عليه السلام مر برجل أعمى أبرص مقعد ، مضروب الجنين
بالفالج ، وقد تناثر لحمه من الجذام ، وهو يقول :(الحمد لله الذي عافاني مما

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه