بحار الأنوار ج12

فثبت لما ذكرنا أن أول الآية وآخرها يدل على أن الذبيح هو إسحاق عليه السلام .
الحجة الثانية : ما اشتهر من كتاب يعقوب عليه السلام :(1)من يعقوب إسرائيل الله ابن
إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله .
فهذا جملة الكلام في هذا الباب ، وكان الزجاج يقول : الله أعلم أيهما الذبيح .
واعلم أنه يتفرع على ما ذكرناه اختلافهم في موضع الذبح ، فالذين قالوا : الذبيح
هو إسماعيل قالوا : كان المذبح بمنى ، والذين قالوا : إنه إسحاق قالوا : هو بالشام ، وقيل
بيت المقدس . والله أعلم انتهى .(2)
وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي قدس الله روحه بعد ذكر القولين : وكلا القولين
قد رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم السلام إلا أن الاظهر في الروايات أنه إسماعيل . ثم ذكر بعض
مامر من الوجوه ثم قال : وحجة من قال : إنه إسحاق أن أهل الكتابين أجمعوا على ذلك ،
وجوابه أن إجماعهم ليس بحجة ، وقولهم غير مقبول ، وروى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب
القرظي(3)قال : كنت عند عمر بن عبدالعزيز فسألني عن الذبيح ، فقلت : إسماعيل و
استدللت بقوله : " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " فأرسل إلى رجل بالشام كان
يهوديا وأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء اليهود فسأله عمر بن عبدالعزيز عن
ذلك وأنا عنده فقال : إسماعيل ، ثم قال : والله يا أمير المؤمنين إن اليهود ليعلم ذلك
ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أبوكم الذي كان من أمر الله فيه ماكان ،
فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لان إسحاق أبوهم انتهى .(4)
أقول : لا يخفى ضعف ما احتجوا به على القول الاخير سوى الاخبار الدالة على ذلك
لكن يعارضها ماهو أكثر وأصح منها ، ويؤيدها ماذكر من الوجوه أولا وإن كان بعضها
لايخلو من وهن ، واشتهار هذا القول بين علماء الشيعة ومحدثيهم في جميع الاعصار .


(1)في المصدر : من كتاب يعقوب عليه السلام إلى يوسف . م
(2)مفاتيح الغيب 7 : 155 - 156 . م
(3)بضم القاف وفتح الراء نسبة إلى قريظة .
(4)مجمع البيان 8 : 453 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه