آخر المعنى : لو كان مما اريد لكان إرادتي له أشد . وقيل : إن معناه : توطيني النفس على
السجن أحب إلي من توطيني النفس على الزنا .
ثم قال : فإن قيل : ما معنى سؤال يوسف اللطف من الله وهو عالم بأن الله يعلمه
لا محاله ؟ فالجواب : إنه يجوز أن تتعلق المصلحة بالالطاف عند الدعاء المجدد . ومتى
قيل : كيف علم أنه لولا اللطف لركب الفاحشة وإذا وجد اللطف امتنع ؟ قلنا : لما وجد
في نفسه من الشهوة وعلم أنه لولا لطف الله ارتكب القبيح ، وعلم أن الله يعصم أنبياءه بالالطاف
وأن من لا يكون له لطف لا يبعثه الله نبيا .(1)
4 - فس : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " ثم بدا لهم من
بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين " فالآيات : شهادة الصبي ، والقميص المخرق من
دبر ، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب ، فلما عصاها لم تزل مولعة
لزوجها حتى حبسه " ودخل معه السجن فتيان " يقول : عبدان للملك :(2)أحدهما خبازه
والآخر صاحب الشراب ، والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز .(3)
ايضاح : قال الطبرسي رحمه الله : كان يوسف عليه السلام لما دخل السجن قال لاهله :
إني اعبر الرؤيا ، فقال أحد العبدين لصاحبه : هلم فلنجربه ، فسألاه من غير أن يكون
رأيا شيئا ، عن ابن مسعود ; وقيل : بل رأيا على صحة وحقيقة ولكنهما كذبا في الانكار
عن مجاهد والجبائي ; وقيل : إن المصلوب منهما كان كاذبا والآخر صادقا ، عن أبي مجاز(4)
ورواه علي بن إبراهيم أيضا في تفسيره عنهم عليهم السلام والمعنى : قال أحدهما وهو الساقي : رأيت
أصل حبلة(5)عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك فسقيته إياها
(1)مجمع البيان 5 : 231 . م
(2)أى للملك الاكبر واسمه الوليدبن ريان ، فنمى اليه أن صاحب الطعام يريد أن يسمه ،
والاخر ساعده عليه ، كذا قيل : منه رحمه الله .
(3)تفسير القمى : 320 - 321 . م
(4)هكذا في النسخ : والصحيح كما في المصدر : أبى مجلز ، وهو كمنبر كنية لا حق بن حميد
البصرى التابعى .
(5)واحدة الحبل : شجر العنب أو قضبانه .(*)