رويا هذا الحديث ولم يعللاه ولا ذكرا فقهه ولا نبها على الجواز ولا المنع ، ولعل هذا
أمر يخصها عليها السلام ، وانما استدل الفقهاء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته ، باآ
عليا غسل فاطمة عليهما السلام وهو مشهور .
أقول : هذا الحديث مع كونه مرفوعا يناقض الاخبار القطعية من أن عليا عليه السلام
غسلها ودفنها في البيت ، ولا يجرى فيه ما ذكرناه قبلا في حديث الامالى كما لا يجرى في
حديث المتن المنقول من مصباح الانوار .
بل ويظهر من قولها فاحتملت في ثيابها فغيبت في حديث ابن بابويه ، أن قولها
في حديث الامالى فحملها يغسلها مصحف عن قولها فحملها فغيبها والمراد أنه عليها السلام
حملها إلى البقيع ودفنها ، والا فلا معنى لحملها من وسط البيت إلى خارج البيت لتغسل
ولم يكن لهما الا بيت واحد .
ومما يسلم هذا هو حديث المصباح حيث قال : فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به ثم
دعت بأثواب كفنها فتلفقت بها ثم قالت : اذا أنامت فادفنوني كما أنا ولا تغسلوني الخ فلو
كان المراد بالغسل النظافة لئلا يكشف قميصها فما معنى الحنوط وأثواب الكفن وقولها
ادفنوني كما أنا ولا تغسلوني ؟ .
وعندي أن هذا الحديث وسائر ماقيل في كيفية غسلها ودفنها من أساطير القصاصين ،
حيث كان تجهيزها خفية بحيث لم يشعر بذلك أحد الا بعد غد ، وكل من سئل عن كيفية
ذلك ولم يكن ليعترف بجهله اختلق حديثا ورواه للناس ، فبعض ذكر أسماء بنت عميس
زوجة أبي بكر ، وقد عرفت مافيه ص 250 252 وبعض ذكر سلمى امرءة أبي رافع وأتى بهذه
العجيبة : وهي وصيتها أن لا تكشف وتوارى كما هى ، وحاشا فاطمة صلوات الله عليها أن تجهل
أن الغسل انمايجب بسبب الموت وفيضان النفس ، وحاشا عليا صلوات الله عليه أن يواريها
من دون دفن ، ويخالف بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله .
وراوي المصباح زاد على ذلك الحنوط ، وأن كثير بن عباس كتب في اطراف كفنها صلوات
الله عليها أنها تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وقد ذهب عليه أن كثيرا