والله لينزلن بها من صنوف العذاب مانزل بسائر الامم المتمردة من أول
الدهر إلى آخره ، ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله
ولا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف ، فالويل لمن اتخذ بها مسكنا فان المقيم بها
يبقى لشقائه ، والخارج منها برحمة الله .
والله ليبقى من أهلها في الدنيا حتى يقال : إنها هي الدنيا ، وإن دورها
وقصورها هي الجنة ، وإن بناتهاهن الحور العين ، وإن ولدانها هم الولدان
وليظنن أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها ، وليظهرن فيها من الامراء على الله
وعلى رسوله صلى الله عليه وآله ، والحكم بغير كتابه ، ومن شهادات الزور ، وشرب الخمور
و إتيانالفجور ، وأكل السحت وسفك الدماء ما لايكون في الدنيا كلها إلا
دونه ، ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الرايات ، حتى ليمر عليها المار فيقول :
ههنا كانت الزوراء .
ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم ! يصيح بصوت له فصيح
يا آل أحمد أجيبوا الملهوف ، والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله يا لطالقان
كنوز وأي كنوز ، ليست من فضة ولا ذهب ، بل هي رجال كزبر الحديد ، على
البراذين الشهب ، بأيديهم الحراب ، ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة
وقد صفا أكثر الارض ، فيجعلها له معقلا .
فيتصل به وبأصحابه خبر المهدي عليه السلام ، ويقولون : يا ابن رسول الله من هذا
الذي قد نزل بساحتنا ، فيقول : اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو ؟ وما يريد ؟
وهو والله يعلم أنه المهدي ، وأنه ليعرفه ، ولم يرد بذلك الامر إلا ليعرف أصحابه
من هو ؟
فيخرج الحسني فيقول : إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول
الله صلى الله عليه وآله وخاتمه ، وبردته ، ودرعه الفاضل ، وعمامته السحاب ، وفرسه اليربوع
وناقته العضباء ، وبغلته الدلدل ، وحماره اليعفور ، ونجيبه البراق ، ومصحف
أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد