بحار الأنوار ج90

من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لانهم بأمره يعملون
فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال
الله فيهم : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس (1).
فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من
أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة
والنقمة ، يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما يأتونه منسوب إليه ، وإذا
كان فعلهم فعل ملك الموت ، ففعل ملك الموت فعل الله ، لانه يتوفى الانفس على
يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ، ويثيب ويعاقب ، على يد من يشاء ، وإن فعل امنائه
فعله ، كما قال : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله (2).
وأما قوله : ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن (3)وقوله : وإني
لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (4)فان ذلك كله لا يغني إلا مع
الاهتداء ، وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به
الغواة ، ولوكان ذلك كذلك ، لنجت اليهود مع اعترافها ، بالتوحيد ، وإقرارها بالله
ونجا سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه مع الكفر ، وقد بين الله
ذلك بقوله : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم
مهتدون (5)وبقوله : الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم (6).
وللايمان حالات ومنازل يطول شرحها ، ومن ذلك أن الايمان قد يكون
على وجهين : إيمان بالقلب ، وإيمان باللسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله لما قهرهم السيف ، وشملهم الخوف ، فانهم آمنوا
بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، فالايمان بالقلب هو التسليم للرب ومن سلم الامور


(1)الحج : 75 .
(2)الانسان : 30 ، التكوير : 29 .
(3)الاحزاب : 72 .(4)طه : 82 .
(5)الانعام : 82 . * *(6)المائدة : 41 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه