الاغذية والاشربة ونضجها ، وهي قائمة مقام الشمس والقمر في الليالي المظلمة ، وهي
الدافعة لضرر البرد . وأما المركبات فهي إما الاثار(1)العلوية ، وإما المعادن ، وإما
النبات ، وإما الحيوان . والانسان كالمستولي على كل هذه الاقسام والمنتفع بها
والمستسخر لكل أقسامها ، فهذا العالم بأسرها جرى مجرى قرية معمورة وخان مغلة(2)
وجميع منافعها ومصالحها مصروفة إلى الانسان والانسان فيه كالرئيس المخدوم والملك
المطاع ، وسائر الحيوانات بالنسبة إليه كالعبيد ، وكل ذلك يدل على كونه مخصوصا
من عند الله بمزيد التكريم والتفضيل .
وسابعها أن المخلوقات تنقسم إلى أربعة أقسام : إلى ما حصلت له هذه القوة
العقلية الحكمية ولم تحصل له القوة الشهوانية وهم الملائكة ، وإلى ما يكون بالعكس
وهم البهائم ، وإلى ما خلا عن القسمين وهو النبات والجمادات ، وإلى ما حصل النوعان
فيه وهو الانسان ، ولا شك أن الانسان لكونه مستجمعا للقوة العقلية القدسية
والقوة الشهوانيه البهيمية والغضبية السبعية يكون أفضل من البهيمة والسبع ، ولا
شك أيضا أنه أفضل من الاجسام الخالية عن القوتين مثل النبات والمعادن والجمادات
وإذا ثبت ذلك ظهر أن الله تعالى فضل الانسان على أكثر أقسام المخلوقات . بقي ههنا
بحث في أن الملك أفضل من(3)البشر ، والمعنى أن الجوهر البسيط الموصوف بالقوة
العقلية القدسية المحضة أفضل(4)من البشر المستجمع لها تين القوتين ، وذلك
بحث آخر .
وثامنها الموجود إما أن يكون أزليا وأبديا معا وهو الله سبحانه ، وإما أن
لا يكون أزليا ولا أبديا وهو عالم الدنيا مع كل ما فيه من المعادن والنبات والحيوان
وهذا أخس الاقسام ، وإما أن يكون أزليا ولايكون أبديا ، وهذا ممتنع الوجود
لان ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، وإما أن لا يكون أزليا ولكنه يكون أبديا وهو
(1)كذا في المصدر : وفى بعض النسخ " الاباء " وفى بعضها " الايات "
(2)في المصدر : معد .
(3 و 4)في المصدر " أم " في الموضعين .