بحار الأنوار ج17

الاول : أن المراد بأن هذا حكم قلبه عند نومه وعينيه في غالب الاوقات ، وقد يندر
منه غير ذلك كما يندر من غيره خلاف عادته ، ويصحح هذا التأويل قوله في الحديث :
" إن الله قبض أرواحنا " وقول بلال فيه : " ما القيت على نومة مثلها قط " ولكن مثل هذا
إنما يكون منه لامر يريد الله من إثبات حكم وتأسيس سنة وإظهار شرع ، وكما قال في
الحديث الآخر : " ولو شاء الله لايقظنا ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم " .
والثاني : أن قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه ، لما روي أنه كان
ينام حتى ينفخ وحتى يسمع غطيطه ، ثم يصلي ولم يتوضأ ، وقيل : لا ينام من أجل أنه
يوحى إليه في النوم وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس ، وليس هذا
من فعل القلب ، وقد قال عليه السلام : " إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين
غير هذا " .
فإن قيل : فلولا عادته من استغراق النوم لما قال لبلال : اكلالنا الصبح
فقيل في الجواب : إنه كان من شأنه صلى الله عليه وآله التغليس بالصبح ، ومراعات أول الفجر
لا تصح ممن نامت عينه ، إذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة ، فوكل بلالا بمراعات
أوله ليعلم بذلك ، كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته انتهى كلامه(1).
ولم نتعرض لما فيه من الخطإ والفساد لظهوره ، ولنختم هذا الباب بإيراد رسالة
وصلت إلينا تنسب إلى الشيخ السديد المفيد ، أو السيد النقيب الجليل المرتضى قدس الله
روحهما ، وإلى المفيد أنسب ، وهذه صورة الرسالة بعينها كما وجدتها .
بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله الذي اصطفى محمدا لرسالته ، واختاره على علم
للاداء عنه ، وفضله على كافة خليقته ، وجعله قدوة في الدين ، وعصمه من الزلات ، وبرأه
من السيئات ، وحرسه من الشبهات ، وأكمل له الفضل ، ورفعه في أعلى الدرجات ، صلى

الله عليه وآله الذين بمودتهم تنم الصالحات .
وبعد وقفت أيها الاخ وفقك الله لمياسير الامور ، ووقانا وإياك المعسور على ما
كتبت به في معنى ما وجدته لبعض مشائخك بسنده إلى الحسن بن محبوب ، عن الرباطي ،


(1)شرح الشفاء 2 : 275 و 278 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه