وعن أبي جعفر محمد بن على صلوات الله عليه أنه قال لجارية عنده : لا تردوا
سائلا ، فقال له بعض من حضره : يا ابن رسول الله إنه قد يسأل من لا يستحق فقال :
إن رددنا من نرى أنه لايستحق خفنا أن نمنع من يستحق ، فيحل بنا ما حل
بيعقوب النبي عليه السلام .
قيل له : وما حل به يا ابن رسول الله ؟ قال : اعتر ببابه(1)نبي من الانبياء
كان كتم أمر نفسه ، ولا يسعى في شئ من أمر الدنيا إلا الله ، إذا أجهده الجوع وقف
إلى أبواب الانبياء والصالحين فسألهم فاذا أصاب ما يمسك رمقه كف عن المسألة فوقف
ليلة بباب يعقوب فأطال الوقوف يسأل فغفلوا عنه ، فلا هم أعطوه ولا هم صرفوه .
حتى أدر كه الجهد والضعف ، فخر إلى الارض وغشي عليه ، فرآه بعض من
مربه ، فأحياه بشئ وانصرف .
فاتي يعقوب تلك الليلة في منامه فقيل له : يا يعقوب يعتر ببابك نبي كريم
على الله ، فتعرض أنت وأهلك عنه ، وعندكم من فضل ربكم كبير ، ؟ الله
عزوجل بك عقوبة تكون من أجلها حديثا في الاخرين .
فأصبح يعقوب مذعورا وجاءه بنوه يومئذ يسألونه ماسألوه من أمر يوسف ، وكان
من أحبهم إليه ، فوقع في نفسه أن الذي تواعده الله به يكون فيه ، فقال لاخوته
ما قال ، وذكر عليه السلام قصة يوسف إلى آخرها .
وعن علي صلوات الله عليه أنه قال : أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة نفر فقال
أحدهم : يا رسول الله صلى الله عليه وآله لي مائة اوقية من ذهب فهذه عشرة أواقي منها صدقة ، و
جاء بعده آخر فقال : لي مائة دينار فهذه عشرة دنانير منها صدقة يا رسول الله ، وجاء
الثالث فقال : يا رسول الله لي عشرة دنانير فهذا دينار منها صدقة ، فقال لهم رسول
الله صلى الله عليه وآله : كلكم في الاجر سواء ، كلكم تصدق بعشر ماله .
(1)اعتره واعتربه وببابه : اعترض للمعروف من غير أن يسأل ، ولعله كان ليعقوب
عليه السلام مضيف أو دهليز يجئ طلاب الطعام فيقفون فيه اعترارا للطعام فيطعمون وهذا
النبى أيضا جاء إلى ذلك المكان طالبا للقرى فوقف طويلا ينتظر ، من دون أن يسألهم باللسان .