بحار الأنوار ج18

السابع أن من الناس من يقول : إن الحيوان إنما يبصر المبصرات بخروج الشعاع
من البصر واتصالها بالمبصر ، فعلى قول هؤلاء انتقل شعاع العين من أبصارنا إلى زحل(1)
في تلك اللحظة اللطيفة ، وذلك يدل على أن الحركة الواقعة على هذا الحد من السرعة
من الممكنات ، لا من الممتنعات .
المقدمة الثانية : في بيان أن هذه الحركة لما كانت ممكنة الوجود في نفسها وجب
أن لا يكون حصولها في جسد محمد صلى الله عليه وآله ، لانا قد بينا أن الاجسام متماثلة في
تمام ماهيتها ، فلما صح حصول مثل هذه الحركة في حق بعض الاجسام وجب إمكان
حصولها في سائر الاجسام ، فيلزم من مجموع هذه المقدمات أن القول بثبوت هذا المعراج
أمر ممكن الوجود في نفسه ، أقصى ما في الباب أنه يبقى التعجب إلا أن هذا التعجب
غير مخصوص بهذا المقام ، بل هو حاصل في جميع المعجزات ، فانقلاب العصا ثعبانا ، يبتلع
سبعين ألف حبل من الحبال والعصي ثم تعود في الحال عصا صغيرة كما كانت أمر عجيب ،
وكذا سائر المعجزات .
وأما المقام الثاني : وهو وقوع المعراج فقد قال أهل التحقيق : الذي يدل على أنه
تعالى أسرى بروح محمد وجسده من مكة إلى المسجد الاقصى القرآن والخبر ، أما القرآن
فهو هذه الآية(2)، وتقرير الدليل أن العبد اسم للجسد والروح ، فيجب أن يكون
الاسراء حاصلا بجميع الجسد والروح ، ويؤيده قوله تعالى : " أرأيت الذي ينهى * عبدا
إذاصلى(3)، ولا شك أن المراد ههنا مجموع الروح والجسد ، وقال : أيضا في سورة الجن
" وإنه لما قام عبدالله(4)" والمراد مجموع الروح والجسد ، فكذاههنا ، وأما الخبر فهو الحديث
المروي في الصحاح وهو مشهور ، وهو يدل على الذهاب من مكة إلى بيت المقدس ، ثم
منه إلى السماوات انتهى ملخص كلامه(5).


(1)في المصدر : رجل .
(2)والايات التى أوردناها قبل ذلك .
(3)العلق : 9 و 10 .
(4)الاية : 19 .
(5)مفاتيح الغيب 5 : 365 و 366 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه