بحار الأنوار ج13

* * *
*(وفى ذكر النعم(1)التى انعم الله تعالى على بنى اسرائيل في التيه)*
قال الله سبحانه : " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي الذي أنعمت عليكم " أي على
أجدادكم وأسلافكم ، وذلك أن الله سبحانه وتعالى فلق البحر لهم ، وأنجاهم من فرعون ، و
أهلك عدوهم ، وأورثهم ديارهم وأموالهم ، وأنزل عليهم التوراة فيها بيان كل شئ يحتاجون
إليه ، وأعطاهم ما أعطاهم في التيه ، وذلك أنهم قالوا لموسى في التيه : أهلكتنا وأخرجتنا
من العمران والبنيان إلى مفازة لا ظل فيها ولاكن(2)فأنزل الله تعالى عليهم غماما أبيض
رقيقا وليس بغمام المطر أرق وأطيب(3)وأبرد منه فأظلهم ، وكان يسير معهم إذا ساروا ،
ويدوم عليهم(4)من فوقهم إذا نزلوا ، فذلك قوله تعالى : " وظللنا عليكم الغمام " يعني في
التيه تقيكم من حر الشمس ، ومنها أنه جعل لهم عمودا من نور يضئ لهم بالليل إذا لم
يكن ضوء القمر ، فقالوا : هذا الظل والنور قد حصل فأين الطعام ؟ فأنزل الله تعالى عليهم
المن ، واختلفوا فيه فقال مجاهد : هو شئ كالصمغ كان يقع على الاشجار وطعمه كالشهد ،
وقال الضحاك : هو الترنجبين ، وقال وهب : هو الخبز الرقاق ، وقال السدي : هو عسل
كان يقع على الشجر من الليل فيأكلون منه ، وقال عكرمة : هو شئ أنزله الله عليهم مثل
الرب الغليظ ، وقال الزجاج : جملة المن ما يمن الله به مما لا تعب فيه ولا نصب ، كقول النبي
صلى الله عليه وآله : " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين(5))قالوا : وكان ينزل عليهم هذا
المن كل ليلة يقع على أشجارهم مثل الثلج ، لكل إنسان منهم صاع كل ليلة ، فقالوا :
يا موسى قتلنا هذا المن حلاوته فادع لنا ربك يطعمنا اللحم ، فدعا موسى عليه السلام فأنزل
الله عليهم السلوى .


(1)في المصدر : باب في ذكر النعم .
(2)الكن بالكسر : البيت . وقاء كل شئ وستره .
(3)في المصدر : بل أرق وأطيب .
(4)في المصدر : وتدور عليهم .
(5)تقدم من اليعقوبى أنه كان مثل حب الكسبرة كانوا يطحنونه ويجعلونه ارغفة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه