بحار الأنوار ج44

إن علي بن الحسين كان سيد العابدين ، وإماما وحجة على الخلق بعد آبائه
الماضين ، ولكنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولم يسمع منه ، وكان علمه وراثة عن أبيه
عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله ، وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قد
شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله في أحوال تتوالى ، فكانوا متى نظروا إلى أحد
منهم تذكروا حاله من رسول الله صلى الله عليه وآله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله له وفيه ، فلما مضوا
فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عز وجل ، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم
إلا في فقد الحسين عليه السلام لانه مضى في آخرهم ، فلذلك صار يومه أعظم الايام
مصيبة .
قال عبدالله بن الفضل الهاشمي : فقلت له : يا ابن رسول الله فكيف سمت العامة
يوم عاشورا يوم بركة ؟ فبكى عليه السلام ثم قال : لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس
بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الاخبار وأخذوا عليها الجوائز من الاموال ، فكان
مما وضعوا له أمر هذا اليوم ، وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء
والمصيبة والحزن ، إلى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه ، حكم الله بيننا
وبينهم .
قال : ثم قال عليه السلام : يا ابن عم وإن ذلك لاقل ضررا على الاسلام وأهله مما
وضعه قوم انتحلوا مودتنا وزعموا أنهم يدينون بموالاتنا ويقولون بامامتنا : زعموا
أن الحسين عليه السلام لم يقتل وأنه شبه للناس أمره كعيسى بن مريم فلا لائمة إذا
على بني امية ولا عتب على زعمهم ، يا ابن عم من زعم أن الحسين لم يقتل فقد كذب
رسول الله وعليا وكذب من بعده من الائمة عليهم السلام في إخبارهم بقتله ، ومن كذبهم
فهو كافر بالله العظيم ، ودمه مباح لكل من سمع ذلك منه .
قال عبد الله بن الفضل : فقلت له : يا ابن رسول الله فما تقول في قوم من شيعتك
يقولون به ؟ فقال عليه السلام : ما هؤلاء من شيعتي ، وأنا برئ منهم ، قال : فقلت :
فقول الله عزوجل : ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه