بحار الأنوار ج49

فرميت نفسي في موضع من الدار .
فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده و رجع إلى
داره ثم رأيت الآمر قد خرج من عند المأمون باحضارالاطباء والمترفقين ، قلت
ما هذا فقيل لي : علة عرضت لابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام فكان الناس
في شك وكنت على يقين ، لما أعرف منه .
قال : فلما كان من الثلث الثاني من الليل علا الصياح ، وسمعت الوجبة
من الدارفأسرعت فيمن أسرع ، فاذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محل الازرار
قائما على قدميه ينتحب ويبكي ، قال : فوقفت فيمن وقفوا وأنا أتنفس الصعداء
ثم أصبحنا فجلس المأمون للتعزية ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا عليه السلام
فقال : أصلحوا لنا موضعا فاني اريد أن اغسله فدنوت منه فقلت له ما قاله سيدي
بسب الغسل والتكفين والدفن ، فقال لي : لست أعرض لذلك ، ثم قال : شانك
يا هرثمة .
قال : فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب ، فوقفت من ظاهره وكل
من في الدار دوني ، وأنا أسمع التكبير والتهليل والتسبيح ، وتردد الاواني
وصب الماء وتضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه قال : فاذا أنا بالمأمون قد أشرف
علي من بعض علالي داره ، فصاح بي : يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لايغسله
إلا إمام مثله ؟ فأين محمد بن علي ابنه عنه ؟ وهو بمدينة الرسول وهذا بطوس
بخراسان ؟
قال : قلت له : يا أميرالمؤمنين إنا نقول إن الامام لايجب أن يغسله إلا
إمام مثله ، فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا
بطلت إمامة الامام الذي بعده ، بأن غلب على غسل أبيه ، ولو ترك أبوالحسن علي
ابن موسى الرضا عليها السلام بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا ولا يغسله الآن أيضا إلا هو
من حيث يخفى .
قال : فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط فاذا أنا بسيدي عليه السلام مدرج في أكفانه

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه