بحار الأنوار ج75

المشرب والكسوة التي تصلي فيها وتصل بها والهدية التي تهديها إلى الله تعالى عزوجل
وإلى رسوله صلى الله عليه وآله من أطيب كسبك ، يا عبدالله اجهد أن لا تكنز ذهبا ولا فضة فتكون
من أهل هذه الاية التي قال الله عزوجل الذين يكنزون الذهب والفضة ولا
ينفقونها في سبيل الله(1) ولا تستصغرن من حلو أو فضل طعام تصرفه في بطون خالية
لتسكن بها غضب الله تبارك وتعالى .
واعلم أني سمعت من أبي يحدث من آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه سمع
النبي صلى الله عليه وآله يقول لاصحابه يوما : ما آمن بالله واليوم الاخر من بات شبعان و
جاره جائع فقلنا : هلكنا يا رسول الله ، فقال : من فضل طعامكم ومن فضل تمركم
ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفئون بها غضب الرب(2)وسانبئك بهوان الدنيا وهوان
شرفها على ما مضى من السلف والتابعين .
فقد حدثني محمد بن علي بن الحسين قال عليه السلام : لما تجهز الحسين عليه السلام إلى
الكوفة أتاه ابن عباس فنا شده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطف فقال : أنا
أعروف بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إلا فراقها(3)، ألا اخبرك يا ابن
عباس بحديث أمير المؤمنين عليه السلام والدنيا ؟ فقال له : بلى لعمري إني لاحب أن
تحدثني بأمرها ، فقال أبي : قال علي بن الحسين عليه السلام : سمعت أبا عبدالله
الحسين عليه السلام يقول : حدثني أميرالمؤمنين عليه السلام قال : إني كنت بفدك في بعض
حيطانها ، وقد صارت لفاطمة عليها السلام قال : فاذا أنا بامرأة قد هجمت علي وفي يدي
مسحاة وأنا أعمل بها ، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها فشبهتها
ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل نساء قريش فقالت : يا ابن أبي طالب هل


(1)التوبة : 35 .
(2)قوله : فقلنا هلكنا أى هكنا بما قلت ، أو نحن نشبع وجيراننا يبيتون
جياعا وليس عندنا ما يشبعهم ، فقال صلى الله عليه وآله : من فضل طعامكم أى انفقوا فضل طعامكم
وفضل ثيابكم وان كان خلقا باليا خرقا ، تسكن به غضب ربكم .
(3)الوكد - كفلس - : المراد ، والمقصد ، والهم . و - كقفل - : السعى والجهد .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه