لكن لما كان الشاخص قد يكون بقد ذراع ، وقد يكون بقدر ذراعين ، أو بقدر
قدم أو قدمين ، فلذا قيل إذا كان الظل ذراعا أي في الشاخص الذي يكون ذراعا
وهكذا ، وقوله فاذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا حمله على ان المعنى
أنه إذا كان الشاخص ذراعا ، وكان الظل المتخلف ذراعا ، فبعد تلك الذراع
يحسب الذراع المقصود ، وإن كان المتخلف أقل من الذراع فبعده يحسب الذراع
والذراع الذي هو الظل الزايد ذراع أبدا لا يختلف ، وإنما يختلف ما يضم إليه
من الظل المتخلف ، ولا يخفى بعد هذا الوجه ، وظهور ما ذكرنا على العارف بأساليب
الكلام ، المتتبع لاخبار أئمة الانام عليهم السلام .
وفي التهذيب فسر القامة في هذا الخبر بما يبقى عند الزوال من زوال
الظل سواء كان ذراعا أو أقل أو أكثر ، وجعل التحديد بصيرورة الفئ الزايد
مثل الظل الباقي كائنا ما كان ، واعترض عليه بأنه يقتضي اختلافا فاحشا في الوقت
بل يقتضي التكليف بعبادة يقصر عنها الوقت ، كما إذا كان الباقي شيئا يسيرا جدا
بل يستلزم الخلو عن التوقيت في اليوم الذي تسامت فيه الشمس رأس الشخص ،
لانعدام الظل الاول حينئذ ويعني بالعبادة النافلة لان هذا التأخير عن الزوال
إنما هو للاتيان بها .
أقول : ويرد عليه أيضا أنه يأبى عنه قوله(فاذا كان ظل القامة أقل أو
أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين)لانه على تفسيره يكون محصورا
بمقدار ظل القامة كائنا ما كان ، وأيضا ينافي ساير الاخبار الواردة في هذا
الباب ، وعلى ما حملنا عليه يكون جامعا بين الاخبار المختلفة الواردة في هذا
الباب ، ويؤيده ما رواه(1)الشيخ عن الصادق عليه السلام أنه قال له أبوبصير : كم
القامة ؟ فقال : ذراع ، أن قامة رحل رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا ، وعنه عليه السلام قال :
القامة هي الذراع(2)وعن عليه السلام(3)قال : القامة والقامتين الذراع والذراعين في
كتاب علي عليه السلام ونصبهما على الحكاية .
(1 - 3)التهذيب ج 1 ص 140 .