له : إن الحارث حصل له بين كتفيه ضربة بقدر الكف ، وهي تنشق وتمنعه القرار
فلم يكن وقت الصباح إلا وقد مات ، وشاهده بهذه الحال أربعون نفسا(1).
وكان ببلد الموصل شخص يقال له أحمد بن حمدون(2)بن الحارث العدوي ،
كان شديد العناد كثير البغض لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام فأراد بعض أهل الموصل
الحج ، فجاء إليه يودعه ، فقال له : إني قد عزمت(3)على الخروج إلى الحج فإن
كان لك حاجة تعرفني حتى أقضيها لك ، فقال : إن لي حاجة مهمة وهي سهلة
عليك ، فقال له : مرني بها حتى أفعلها ، فقال : إذا قضيت الحج ووردت المدينة
وزرت النبي صلى الله عليه واله فخاطبه عني وقل : يا رسول الله ما أعجبك من علي بن أبي طالب
حتى تزوجته(4)بابنتك ؟ عظم بطنه أو دقة ساقه أو صلعة رأسه ؟ وحلفه وعزم عليه
أن يبلغه هذا الكلام ، فلما ورد المدينة وقضى حوائجه أنسى تلك الوصية ، فرأى
أميرالمؤمنين عليه السلام في منامه فقال له : ألا تبلغ وصية فلان إليك ؟ فانتبه ومشى لوقته
إلى القبر المقدس وخاطب النبي صلى الله عليه واله بما أمره(5)ذلك الرجل به ثم نام فرأى أمير -
المؤمنين عليه السلام فأخذه ومشى هو وإياه إلى منزل ذلك الرجل ، وفتح الابواب وأخذ
مدية(6)فذبحه عليه السلام بها ، ثم مسح المدية بملحفة كانت عليه ، ثم أتى سقف باب
الدار(7)فرفعه بيده ووضع المدية تحته وخرج ، فانتبه الحاج منزعجا من ذلك ، و
كتب صورة المنام هو وأصحابه ، وانتبه سلطان الموصل في تلك الليلة وأخذ الجيران
والمشتبهين ورماهم في السجن ، وتعجب أهل الموصل من قتله حيث لا يجدوا(8)نقبا
ولا تسليقا على حائط ولا بابا مفتوحا ولا قفلا ، وبقي السلطان متحيرا في أمره ما
(1)في المصدر : بهذا الحال اربعون نقيبا .
(2)" : حمدويه .
(3)" : ويقول له : اننى قد آذنت .
(4)" : زوجته .
(5)" : كما أمره .
(6)المدية - مثلثة الميم - : الشفرة الكبيرة .
(7)في المصدر : ثم جاء إلى باب سقف الدار .
(8)" : لم يجدوا . *