بحار الأنوار ج14

لركوب المعاصي ، والحلماء لترك التناهي ، ألا وقد قطعتم قيد الاسلام ، وعطلتم حدوده
وأمتم أحكامه .
ألا وقد أمرني الله بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الارض ، فأما الناكثون
فقد قاتلت ، وأما القاسطون فقد جاهدت ، وأما المارقة(1)فقد دوخت ، وأما شيطان الردهة
فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ، ورجة صدره ، وبقيت بقية من أهل البغي ،(2)
ولئن أذن الله تعالى في الكرة(3)عليهم لاديلن منهم إلا ما يتشذر في أطراف البلاد
تشذرا .
أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب ،(4)وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر ، وقد
علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره
وأنا وليد(5)يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ،(6)ويمسني جسده ، ويشمني
عرفه ، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه ، وماوجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ،(7)
ولقد قرن الله سبحانه به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ،
يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه ،(8)ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في
كل سنة بحراء(9)فأراه ولايراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول


(1)الناكثون : أصحاب الجمل . القاسطون : معاوية وأصحابه . المارقون : الخوارج ومن
حاربه في النهروان .
(2)هم معاوية ومن بقى بعد صفين .
(3)الكرة : الحملة في الحرب .
(4)أي اكابرهم .
(5)في المصدر : وأنا ولد .
(6)" " : ويكنفني إلى فراشه .
(7)الخطلة واحدة الخطل : الخطأ ينشأ من عدم الروية .
(8)في المصدر : من أخلاقه علما .
(9)قال ابن ميثم : الحراء بالكسر والمد : جبل بمكة يذكر ويونث يصرف ولايصرف .
منه رحمه الله .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه