طاعته وجميع ما يأمركم به ، وقيل : معناه سلموا عليه بالدعاء ، أي قولوا : السلام عليك
يارسول الله
" إن الذين يؤذون الله ورسوله " قيل : هم المنافقون والكافرون ، والذين وصفوا الله
بما لا يليق به ، وكذبوا رسله ، وكذبوا عليه(1)، وإن الله عزوجل لا يلحقه أذى ، ولكن
لما كانت مخالفة الامر فيما بيننا تسمى إيذاء خوطبنا بما نتعارفه(2)، وقيل : معناه يؤذون
رسول الله ، فقدم ذكر الله على وجه التعظيم إذ جعل أذى له تشريفا له وتكريما ،
" لعنهم الله في الدنيا والآخرة " أي يبعدهم الله من رحمته ، ويحل بهم وبال نقمته بحرمان
زيادات الهدى في الدنيا ، والخلود في النار في الآخرة " وأعد لهم " في الآخرة " عذابا مهينا "
أي مذلا " ولا تكونوا كالذين آذوا موسى " أي لا تؤذوا محمدا كما آذى بنو إسرائيل
موسى عليه السلام(3).
أقول : قد مضى إيذائهم موسى عليه السلام في كتاب النبوة .
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " وتعزروه " أي تنصروه بالسيف واللسان ، والهاء
تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله " وتوقروه " أي تعظموه وتبجلوه " وتسبحوه بكرة وأصيلا "
أي تصلوا لله بالغدوة والعشي(4)، وكثير من القراء اختاروا الوقف على " وتوقروه "
لاختلاف الضمير فيه وفيما بعده ، وقيل : " وتعزروه " أي وتنصروا الله " وتوقروه " أي
وتعظموه وتطيعوه ، فتكون الكنايات متفقة(5)
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا " نزلت في وفد تميم
وهم عطارد بن حاجب بن زرارة في أشراف من بني تميم ، منهم الاقرع بن حابس ، والزبرقان
ابن بدر ، وعمرو بن الاهتم ، وقيس بن عاصم في وفد عظيم : فلما دخلوا المسجد نادوا
(1)في المصدر بعد قوله : كذبوا عليه : فعلى هذا يكون معنى يؤذون الله يخالفون أمره و
يصفونه بما هو منزه عنه ويشبهونه بغيره ، فإن الله عز اسمه لا يلحقه أذى .
(2)زاد في المصدر هنا ، وقيل يؤذون الله يلحدون في اسمائه وصفاته .
(3)مجمع البيان 8 : 369 - 372 .
(4)زاد هنا في المصدر : وقيل معناه وتنزهوه عما لا يليق به .
(5)مجمع 9 : 112 .*