لا تعرفين من تربين هو أطيب الطيبين ، وأطهر الطاهرين ، وما علونا تلعة(1)ولا هبطنا
واديا إلا سلموا عليه ، فعرفت(2)البركة والزيادة في معاشنا ورياشنا حتى أثرينا وكثرت
مواشينا وأموالنا ، ولم يحدث في ثيابه ، ولم تبدعورته ، ولم يحتج في يوم إا مرة ، وكان
مسرورا مختونا ، وكنت أرى شابا على فراشه يعدله ثيابه ، فربيته خمس سنين ويومين ، فقال
لي يوما : أين يذهب إخواني كل يوم ؟ قلت : يرعون غنما فقال : إنني اليوم اوافقهم(3)،
فلما ذهب معهم أخذه ملائكة وعلوه على قلة جبل ، وقاموا بغسله وتنظيفه ، فأتاني ابني
وقال : ادركي محمدا فإنه قد سلب ، فأتيته فإذا هو بنور يسطع في السمآء فقبلته فقلت :
ما أصابك ؟ قال : لاحزني إن الله معنا ، وقص عليها قصته ، فانتشر منه فوح مسك
أذفر ، وقال الناس : غلبت عليه الشياطين ، وهو يقول : ما أصابني شئ ، وما علي من بأس ،
فرآه كاهن وصاح وقال : هذا الذي يقهر الملوك ، ويفرق العرب(4).
ايضاح : قوله : واختار اليمين ، أي صاحب اليمن والبركة ، والغث : المهزول ،
والمراد هنا المصدر ، ويقال : أثرى الرجل : إذا كثرت أمواله .
3 قب : روي عن حليمة أنه جلس محمد وهو ابن ثلاثة أشهر ، ولعب مع الصبيان
وهو ابن تسعة ، وطلب مني أن يسير مع الغنم يرعى وهو ابن عشرة ، وناضل(5)الغلمان
بالنبل وهو ابن خمشة عشر ، وصارع الغلمان وهو ابن ثلاثين ، ثم رددته إلى جده .
ابن عباس : إنه كان يقرب إلى الصبيان تصبيحهم فيخلسون(6)ويكف ، ويصبح
الصبيان غمصا رمصا ، ويصبح صقيلا دهينا ، ونادى شيخ على الكعبة : يا عبدالمطلب إن
حليمة امرأة عربية ، وقد فقدت ابنا(7)اسمه محمد ، فغضب عبدالمطلب وكان إذا غضب خاف
(1)التلعة : ما علا من الارض .
(2)في المصدر : فعرفنا .
(3)في المصدر : ارافقهم .
(4)مناقب آل أبى طالب 1 : 23 و 24 .
(5)ناضلة : باراه في رمى السهام .
(6)في المصدر : فيختلسون .
(7)في المصدر : ابنها .