قال جابر رضوان الله عليه : فقلت : سيدي ومولاي كيف ترعبهم وهم أكثر
من أن يحصوا ؟ فقال الباقر عليه السلام : امض بنا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لاريك
قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها ، وما من به علينا من دون الناس .
فقال جابر رضوان الله عليه : فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع
خده على التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا فاحت
منه رائحة المسك ، فكان في المنظر أدق من سم الخياط ، ثم قال لي : خذ يا جابر
إليك طرف الخيط وامض رويدا ، وإياك أن تحركه ، قال : فأخذت طرف الخيط
ومشيت رويدا ، فقال عليه السلام : قف يا جابر فوقفت ، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا
ما ظننت أنه حركه من لينه ، ثم قال عليه السلام : ناولني طرف الخيط فناولته وقلت :
ما فعلت به يا سيدي ؟ قال : ويحك اخرج فانظر ما حال الناس .
قال جابر رضوان الله عليه : فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد
والصائحة من كل جانب ، فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة شديدة وأخذتهم الرجفة
والهدمة ، وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا رجالا
ونساء دون الولدان ، وإذ الناس في صياح وبكاء وعويل ، وهم يقولون إنا لله وإنا
إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها ، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول
الله صلى الله عليه وآله وهم يقولون : كانت هدمة عظيمة ، وبعضهم يقول : قد كانت زلزلة ، وبعضهم
يقول : كيف لانخسف وقد تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وظهر فينا
الفسق والفجور ، وظلم آل رسول الله صلى الله عليه وآله ليزلزل بنا أشد من هذا وأعظم
أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا .
قال جابر ره : فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس حيارى يبكون ، فأبكاني
بكاؤهم وهم لايدرون من أين اتوا ، فانصرفت إلى الباقر عليه السلام وقد حف به الناس
في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يقولون يا ابن رسول الله أما ترى إلى ما نزل بنا ؟
فادع الله لنا ، فقال لهم : افزعوا إلى الصلاة والدعاء والصدقة ، ثم أخذ عليه السلام
بيدي وساربي ، فقال لي : ما حال الناس ؟ فقلت : لا تسأل يا ابن رسول الله ، خربت