بحار الأنوار ج22

فأراد صلى الله عليه وآله أن يبطل ذلك بالكلية وينسخ سنة الجاهلية ، فكان يخفي في نفسه
تزويجها لهذا الغرض كيلا يقول الناس : إن تزوج امرأة ابنه ويقرفونه(1)بما
هو منزه عنه ، ولهذا قال : " أمسك عليك زوجك " عن أبي مسلم ، ويشهد لهذا
التأويل قوله فيما بعد : " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " الآية ، ومعناه
فلما قضى زيد حاجته من نكاحها فطلقها وانقضت عدتها فلم يكن في قبله ميل إليها
ولا وحشة من فراقها ، فإن معنى القضاء هو الفراغ من الشئ على التمام ، أذنا
لك في تزويجها ، وإنما فعلنا ذلك توسعة على المؤمنين حتى لا يكون(2)إثم في
أن يتزوجوا أزواج أدعيائهم الذين تبنوهم إذا قضى الادعياء منهن حاجتهم و
فارقوهن " وكان أمر الله مفعولا " أي كائنا لا محالة ، وفي الحديث أن زينب كانت
تفتخر على سائر نساء النبي صلى الله عليه وآله وتقول : زوجني الله من النبي ، وأنتن إنما
زوجكن أولياؤكن .
ورى ثابت عن أنس بن مالك قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لزيد : اذهب فاذكرها علي ، قال زيد : فانطلقت فقلت : يا زينب أبشري قد
أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله يذكرك ، ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل عليها
بغير إذن لقوله : " زوجناكها " .
وفي رواية اخرى : قال زيد : فانطلقت فإذا هي تخمر عجينها ، فلما رأيتها
عظمت في نفسي حتى ما أستطيع أن أنظر إليها حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكرها
فوليتها ظهري وقلت : يا زينب ابشري ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله يخطبك ، ففرحت
بذلك وقالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى اوامر ربي ، فقامت إلى مسجدها ونزل :
" زوجناكها " فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله ودخل بها ، وما أولم على امرأة من نسائه
ما أولم عليها ، ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد(3)النهار .


(1)في المصدر : يقذفونه .
(2)في المصدر : حتى لا يكون عليهم اثم .
(3)حتى اشتد خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه