بعمامته متوكيا على قوسه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
معاشر أصحابي أي نبي كنت لكم ؟ ألم اجاهد بين أظهركم ؟ ألم تكسر رباعيتي ؟
ألم يعفر جبيني ؟ ألم تسل الدماء على حر وجهي حتى كنفت(1)لحيتي ؟ ألم اكابد
الشدة والجهد مع جهال قومي ؟ ألم أربط حجر المجاعة على بطني ؟ قالوا : بلى يا
رسول الله ، لقد كنت لله صابرا ، وعن منكر بلاء ناهيا ، فجزاك الله عنا أفضل
الجزاء قال : وأنتم فجزاكم الله ، ثم قال : إن ربي عزوجل حكم وأقسم أن
لا يجوزه ظلم ظالم فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام
فليقتص منه ، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على
رؤوس الملائكة والانبياء ، فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له : سوادة بن قيس
فقال له : فداك أبي وامي يا رسول الله إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على
ناقتك العضباء ، وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة
فأصاب بطني ، فلا أدري عمدا أو خطأ ، فقال : معاذ الله أن أكون تعمدت ثم قال :
يا بلال قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق ، فخرج بلال وهو ينادي في
سكك المدينة : معاشر الناس من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة
فهذا محمد يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة وطرق بلال الباب على فاطمة عليها السلام
وهو يقول : يا فاطمة قومي ! فوالدك يريد القضيب الممشوق ، فأقبلت فاطمة عليها السلام
وهي تقول : يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب ، وليس هذا يوم القضيب ؟ فقال بلال :
يا فاطمة أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودع أهل الدين والدنيا ، فصاحت
فاطمة عليها السلام وقالت : واغماه لغمك يا أبتاه ، من للفقراء والمساكين وابن السبيل
يا حبيب الله ، وحبيب القلوب ؟ ثم ناولت بلالا القضيب ، فخرج حتى ناوله
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أين الشيخ ؟ فقال الشيخ : ها أنا ذا يا رسول الله
بأبي أنت وامي فقال : تعال فاقتص مني حتى ترضى ، فقال الشيخ ، فاكشف لي
عن بطنك يا رسول الله ، فكشف صلى الله عليه وآله عن بطنه ، فقال الشيخ : بأبي أنت وامي يا