بحار الأنوار ج74

الذي قدمناه وبين الشيخ محمد بن يعقوب في رسالة أبيك أمير المؤمنين عليه السلام إلى ولده تفاوتا
فنحن نوردها برواية محمد بن يعقوب الكليني فهو أجمل وأفضل فيما قصدناه ، فذكر محمد بن
يعقوب الكليني في كتاب الرسائل باسناده إلى جعفر بن عنبسة عن عبادبن زياد الاسدي
عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما أقبل أمير المؤمنين عليه السلام من صفين
كتب إلى ابنه الحسن عليه وعلى جده وأبيه وامه وأخيه الصلاة والسلام .
بسم الله الرحمن الرحيم من الوالد الفان ، المقر للزمان(1)المدبر العمر
المستسلم للدهر(2)الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، الظاعن عنها غدا(3)
إلى الولد المؤمل ما لا يدرك(4)السالك سبيل من قدهلك ، غرض الاسقام ، ورهينة
الايام ، ورمية المصائب(5)وعبد الدنيا ، وتاجر الغرور ، وغريم المنايا(6)وأسير الموت


(1)حذفت الياء ههنا للازدواج بين الفان والزمان . وقوله المقر للزمان أى المقر
له بالغلبة والقهر ، المعترف بالعجز في يد تصرفاته كانه قدره خصما ذابأس . وقوله المدبر
العمر لانه عليه السلام حين ذاك مضى من عمره ازيد من ستين سنة ولم يبق من عمره عليه السلام
الا أقل قليل .
(2)عبارة اخرى عن قوله المقر للزمان وهو آكد منه . لانه قد يقر الانسان
لخصمه ولا يستسلم .
(3)يريد عليه السلام قرب الرحيل ، والظاعن : الراحل .
(4)أى يؤمل البقاء في الدنيا وهو مما لا يدر كه احد من أبناء آدم وغيره من موجودات
هذا العالم .
(5)الرهينة : المرهونة أى أنه في قبضتها وحكمها : والرمية في الاصل اسم للصيد و
يجوزان يكون اسما لما يرمى وما أصابه السهم . ولهذا الحق به الهاء كالذبيحة والانسان
كالهدف لافات الدنيا ولا محالة يدركه الموت .
(6)قال ابن أبى الحديد قوله عبدالدنيا وتاجر الغرور وغريم المنايا لان الانسان
طوع شهواته فهو عبدالدنيا ، وحركاته فيها مبنية على غرور لا أصل له ، فهو تاجر الغرور
لامحالة ، ولما كانت المنايا(أى الموت والهلاك)تطالبه بالرحيل عن هذه الدار كانت غريما
له يقتضيه ما لا بد له من أدائه . انتهى .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه