بحار الأنوار ج12

" على ماتصفون " ثم قال يعقوب : ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على
قميصه حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه ؟ ! قال : فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز
مصر ،(1)فقال العزيز " لامرأته أكرمي مثوبه " أي مكانه " عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا "
ولم يكن له ولد فأكرموه وربوه ، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز ، وكانت لا تنظر
إلى يوسف امرأة إلا هوته ، ولا رجل إلا أحبه ، وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر ، فراودته
امرأة العزيز وهو قوله : " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت
لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون " فما زالت تخدعه حتى كان
كما قال الله تعالى : " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " فقامت امرأة العزيز
وغلقت الابواب فلما هما(2)رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه يقول :
يايوسف أنت في السماء مكتوب في النبيين ، وتريد أن تكتب في الارض من الزناة ؟ ! فعلم
أنه قد أخطأ وتعدى .
وحدثني أبي ، عن بعض رجاله رفعه قال : قال أبوعبدالله : لما همت به وهم بها
قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه ملاء‌ة لها ، فقال له يوسف : ماتعملين ؟ فقالت : القي
على هذا الصنم ثوبا لايرانا فإني أستحيي منه ، فقال يوسف : أنت تستحيين من صنم لا يسمع
ولا يبصر ولا أستحيي أنا من ربي ؟ ! فوثب وعدا وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على
هذه الحالة وهو قول الله : " واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب "


(1)قال الطبرسى في قوله تعالى : " وقال الذى اشتراه من مصر " : أى من أهل مصر وكان
المشترى خازن فرعون مصر وخليفته ، واسمه قطفير ، وقيل : اطفير ، وكان يلقب بالعزيز ، وباعه
مالك بن زعر منه بأربعين دينارا وزوج نعل وثوبين أبيضين ، عن ابن عباس ; وقيل : تزايدوا حتى
بلغ وزنه ورقا ومسكا وحريرا ، واسم امرأة العزيز راعيل ولقبها زليخا ، والملك كان إلريان بن
الوليد : وقيل : لم يمت حتى آمن بيوسف ، وملك بعده قابوس من مصعب ، فدعاه يوسف إلى الاسلام
فأبى ، وقال ابن عباس : العزيز ملك مصر " وراودته " أى طلبت منه أن يواقعها " وغلقت الابواب "
قالوا : كانت سبعة " وقالت هيت لك " أى أقبل وبادر " انه ربي " الضمير عائد إلى زوجها فالرب
بمعنى السيد انه كان مالكه ظاهرا أو إلى الرب تعالى . منه طاب ثراه .
(2)في المصدر : فلماهم . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه