والساجدون ، أو يكون ذلك أمرا لها بأن تعمل السجود والركوع معهم في الجماعة ، و
قيل : معناه : واسجدي لله شكرا واركعي أي وصلي مع المصلين ، ثم قال : " وما كنت لديهم
إذ يلقون أقلامهم " التي يكتبون بها التوراة في الماء ، وقيل : أقلامهم أقداحهم(1)
للاقتراع جعلوا عليها علامات يعرفون بها من يكفل مريم على جهة القرعة " أيهم يكفل
مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون " فيه دلالة على أنهم قد بلغوا في التشاح(2)عليها
إلى حد الخصومة . وفي وقت التشاح قولان :
أحدهما : حين ولادتها وحمل أمها إياها إلى الكنيسة ، فتشاحوا في الذي
يحضنها ويكفل تربيتها ، وقال بعضهم : كان ذلك وقت كبرها وعجز زكريا عن تربيتها .(3)
وقال رحمه الله في قوله تعالى : " إذ قالت امرأة عمران " اسمها حنة جدة عيسى ، وكانتا
أختين : إحداهما عند عمران بن أشهم(4)من ولد سليمان بن داود عليهما السلام وقيل : هو
عمران بن ماثان ، عن ابن عباس ومقاتل ، وليس عمران أبا موسى وبينهما ألف وثمان مائة
سنة ، وكان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل ، والاخرى كانت عند زكريا ايشاع(5)واسم
أبيها فاقود بن فتيل ، فيحيى ومريم ابنا خالة " رب إني نذرت لك ما في بطني محررا "
أي أوجبت لك أن أجعل مافي بطني محررا ، أي خادما للبيعة يخدم في متعبداتنا ، وقيل :
محررا للعبادة ، أي مخلصا لها ، وقيل : عتيقا خالصا لطاعتك لا أستعمله في منافعي ولا
أصرفه في الحوائج ، قالوا : وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة يقوم عليها ويكنسها
ويخدمها ، لا يبرح حتى يبلغ الحلم ، ثم يخير فإن أحب أن يقيم فيه أقام ، وإن
أحب أن يذهب ذهب حيث شاء ، قالوا : وكانت حنة قد أمسك عنها الولد حتى آيست ،
(1)الاقداح جمع القدح بالكسر فالسكون سهم الميسر .
(2)تشاحوا على الشئ : أراد كل منهم ان يستأثر به .
(3)مجمع البيان 2 : 440 و 441 .
(4)في المصدر : عمران بن الهشم . وفي تاريخ الطبري : عمران بن ياشهم . وفي العرائس :
عمران بن ساهم .
(5)هكذا في النسخ وفيه سقط ، والصحيح كما في المصدر : اسمها ايشاع .