بحار الأنوار ج52

إذا غيبها السحاب عن الابصار .
الرابع : أن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد ، من ظهورها
لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الازمان ، فلذا غاب عنهم .
الخامس : أن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب ، وربما
عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة ، عن الاحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدسة
وبما يكون ظهوره أضر لبصائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم
الايمان به في غيبته ، كما ينظر الانسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر
بذلك .
السادس : أن الشمس قد يخرج من السحاب وينظر اليه واحد دون واحد
فكذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض .
السابع : أنهم عليهم السلام كالشمس في عموم النفع وإنما لا ينتفع بهم من كان
أعمى كما فسربه في الاخبار قوله تعالى : من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة
أعمى وأضل سبيلا (1).
الثامن : أن الشمس كما أن شعاعها تدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن
والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك إنما ينتفعون بأنوار
هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من
الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي
الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الامر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء
يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب .
فقد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب ، ولقد فتح الله علي .
بفضله ثمانية اخرى تضيق العبارة عن ذكرها ، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في
معرفتهم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب .
9 - ك : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميري معا ، عن ابن عيسى


(1)أسرى : 72 . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه