بحار الأنوار ج64

وإنما يدفع العقول عن إدراكها تغيير الابوين ، أو غيرهما .
واجيب عنه بأن حمل الفطرة على الاسلام لا يأباه العقل ، وظاهر الروايات
يدل عليه . وحملها على خلاف الظاهر لا وجه له من غير مستند .
5 - سن : عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله بن مسكان ، عن
زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام قول الله عزوجل : " فطرة الله التي فطر الناس
عليها " قال : فطرهم على معرفة أنه ربهم ، ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من
ربهم ومن رازقهم(1).
بيان : قال في المصباح المنير : فطر الله الخلق فطرا من باب قتل : خلقهم ، و
الاسم : الفطرة بالكسر ، قال الله تعالى " فطرة الله التي فطر الناس عليها " وقال صلى الله عليه وآله :
كل مولود يولد على الفطرة ، قيل : معناه الفطرة الاسلامية والدين الحق ، وإنما
أبواه يهودانه وينصرانه : أي ينقلانه إلى دينهما .
وهذا التفسير مشكل ، إن حمل اللفظ على حقيقته فقط ، لانه يلزم منه أن
لا يتوارث المشركون مع أولاده الصغار قبل أن يهودوهم وينصروهم ، واللازم
منتف بل الوجه حمله على حقيقته ومجازه معا .
أما حمله على مجازه فعلى ما قبل البلوغ ، وذلك أن إقامة الابوين على
دينهما سبب لجعل الولد تابعا لهما ، فلما كانت الاقامة سببا جعلت تهويدا وتنصيرا
مجازا ، ثم اسند إلى الابوين توبيخا لهما ، وتقبيحا عليهما كأنه قال : أبواه
بإقامتهما على الشرك يجعلانه مشركا ، ويفهم من هذا أنه لو أقام أحدهما على
الشرك ، وأسلم الآخر ، لا يكون مشركا بل مسلما ، وقد جعل البيهقي هذا معنى
الحديث ، فقال : قد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله حكم الاولاد قبل أن يختاروا لانفسهم
حكم الآباء ، فيما يتعلق بأحكام الدنيا ، وأما حلمه على الحقيقة فعلى ما بعد البلوغ
لوجود الكفر من الاولاد .
6 - كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن


(1)المحاسن : 241 والاية في الروم : 30 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه