بحار الأنوار ج79

بعضها ركعتين ؟ ولم يزد على بعضها شئ ؟ قيل : لان أصل الصلاة إنما هي ركعة
واحدة ، لان أصل العدد واحد ، فاذا نقصت من واحد فليست هي صلاة ، فعلم
الله عزوجل أن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها
بكمالها وتمامها والاقبال عليها ، فقرن إليها ركعة ، ليتم بالثانية ما نقص من
الاولى ، ففرض الله عزوجل أصل الصلاة ركعتين .
ثم علم رسول الله صلى الله عليه وآله أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا
به وكماله ، فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الاخرة ركعتين ركعتين ، ليكون فيهما تمام
الركعتين الاوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف
إلى الاوطان ، والاكل والوضوء والتهيئة للمبيت ، فزاد فيها ركعة واحدة ،
ليكون أخف عليهم ، ولان تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا .
ثم ترك الغداة على حالها ، لان الاشتغال في وقتها أكثر ، والمبادرة إلى
الحوائج فيها أعم ، ولان القلوب فيها أخلى من الفكر ، لقلة معاملات الناس
بالليل ، ولقلة الاخذ والاعطاء ، فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من
الصلوات ، لان الفكر قد تقدم العمل من الليل .
فان قال : فلم جعل ركعة وسجدتين ؟ قيل لان الركوع من فعل القيام ،
والسجود من فعل القعود ، و صلاة القاعد على النصف من صلاة القيام فضوعف
السجود ليستوي بالركوع ، فلا يكون بينهما تفاوت ، لان الصلاة إنما هي ركوع
وسجود(1).
بيان : الاقرار بالربوبية لان الصلاة مشتملة على الاقرار بما ذكر ، أو
لان أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للانداد ، وإقرار بالربوبية كما مر ، و
كذا الطلب في الاقالة والطلب للدين والدنيا ، قوله :(وهو صلاح)الضمير
راجع إلى الاقرار ، والقيام عطف على الاقرار ، والبطر الطغيان بالنعمة وكراهة
الشئ من غير أن يستحق الكراهة .


(1)علل الشرايع ج 1 ص 248 ، عيون الاخبار ج 2 ص 107 و 108 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه