على صلح معاوية خرج حتى لقيه فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر
الحسن عليه السلام أن يقول أسفل منه بدرجة ، ثم تكلم معاوية فقال : أيها الناس هذا
الحسن بن علي وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم يرنفسه لها أهلا ، وقد أتانا ليبايع
طوعا ، ثم قال : قم يا حسن ، فقام الحسن عليه السلام فخطب فقال :
الحمدلله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء ، وصارف الشدائد(1)والبلاء عند
الفهماء وغير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه ، وعلوه عن لحوق
الاوهام ببقائه ، المرتفع عن كنه طيات المخلوقين(2)من أن تحيط بمكنون غيبه رويات
عقول الرائين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته ووجوده ووحدانيته ، صمد الا
شريك له ، فردا لا ظهير له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اصطفاه وانتجبه وارتضاه ،
وبعثه داعيا إلى الحق سراجا منيرا ، وللعباد مما يخافون نذيرا ، ولما يأملون بشيرا ،
فنصح للامة ، وصدع بالرسالة ، وأبان لهم درجات العمالة ، شهادة عليها امات واحشر ،
وبها في الآجلة اقرب وأحبر .
وأقول : معشر الخلائق فاسمعوا ، ولكم أفئدة وأسماع فعوا ، إنا أهل بيت
أكرمنا الله بالاسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عناالرجس وطهرنا تطهيرا
والرجس هو الشك ، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا ، وطهرنا من كل أفن وغية
مخلصين إلى آدم نعمة منه ، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما ، فأدت
الامور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله للنبوة ، واختاره للرسالة ، وأنزل
عليه كتابا ، ثم أمره بالدعاء إلى الله عزوجل فكان أبي عليه السلام أول من استجاب لله
تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله ، وأول من آمن وصدق الله ورسوله ، وقد قال الله تعالى في كتابه
المنزل على نبيه المرسل :(أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه)فرسول الله
الذي على بينة من ربه ، وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه ، وقد قال له رسوله صلى الله عليه وآله
(1)في نسخه : وصارف(صوارف ظ)الشدائد .
(2)في المصدر وكذا في نسخة : عن كنه ظنانة المخلوقين .(*)