بحار الأنوار ج14

لا يمكنه الوفاء به ، فاسمع له وأطعه في كل مايقول ، فلما أصبحوا قال عيسى عليه السلام
للغلام : اذهب إلى باب الملك ، فإذا أتى خواص الملك ووزراؤه ليدخلوا عليه قل لهم :
أبلغوا الملك عني أني جئته خاطبا كريمته ، ثم ائتني وأخبرني بما جرى بينك وبين
الملك ، فأتى الغلام باب الملك ، فلما قال ذلك لخاصة الملك ضحكوا وتعجبوا من قوله و
دخلوا على الملك وأخبروه بما قال الغلام مستهزئين به ، فاستحضره الملك ، فلما دخل على
الملك وخطب ابنته قال الملك مستهزئا به : أنا لا أعطيك ابنتي إلا أن تأتيني من اللآلي
واليواقيت والجواهر الكبار كذا وكذا ، ووصف له ما لا يوجد في خزانة ملك من ملوك
الدنيا ، فقال الغلام : أنا أذهب وآتيك بجواب هذا الكلام ، فرجع إلى عيسى عليه السلام
فأخبره بما جرى ، فذهب به عيسى عليه السلام إلى خربة كانت فيها أحجار ومدر كبار ، فدعا
الله تعالى فصيرها كلها من جنس ماطلب الملك وأحسن منها ، فقال : ياغلام خذ منها ما
تريد واذهب به إلى الملك ، فلما أتى الملك بها تحير الملك وأهل مجلسه في أمره ، وقالوا
لايكفينا هذا ، فرجع إلى عيسى عليه السلام فأخبره ، فقال : اذهب إلى الخربة وخذ منها ماتريد
واذهب بها إليهم ، فلما رجع بأضعاف ماأتى به أولا زادت حيرتهم ، وقال الملك : إن
لهذا شأنا غريبا ، فخلا بالغلام واستخبره عن الحال ، فأخبره بكل ماجرى بينه وبين عيسى
عليه السلام وما كان من عشقه لابنته ، فعلم الملك أن الضيف هو عيسى عليه السلام ، فقال : قل
لضيفك : يأتيني ويزوجك ابنتي ، فحضر عيسى عليه السلام وزوجها منه ، وبعث الملك ثيابا
فاخرة إلى الغلام فألبسها إياه وجمع بينه وبين ابنته تلك الليلة ، فلما أصبح طلب الغلام
وكلمه فوجده عاقلا فهما ذكيا ولم يكن للملك ولد غير هذه الابنة فجعل الغلام ولي عهده(1)
ووارث ملكه ، وأمر خواصه وأعيان مملكته ببيعته وطاعته .
فلما كانت الليلة الثانية مات الملك فجأة وأجلسوا الغلام على سرير الملك وأطاعوه
وسلموا إليه خزائنه ، فأتاه عيسى عليه السلام في اليوم الثالث ليودعه ، فقال الغلام : أيها
الحكيم إن لك علي حقوقا لا أقوم بشكر واحد منها لو بقيت أبد الدهر ، ولكن عرض
في قلبي البارحة أمر لو لم تجبني عنه لاأنتفع بشئ مما حصلتها لي ، فقال : وماهو ؟ قال


(1)ولي العهد : وريث الملك .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه