أو الجزية ، أو الاستسلام للقتل .(1)" واختار موسى قومه " اختلف في سبب اختياره إياهم
ووقته ، فقيل : إنه اختارهم حين خرج إلى الميقات ليكلمه الله سبحانه بحضرتهم ويعطيه
التوراة فيكونوا شهداء له عند بني إسرائيل لما لم يثقوا بخبره أن الله سبحانه يكلمه ،
فلما حضروا الميقات وسمعوا كلامه سألوا الرؤية فاصابتهم الصاعقة ثم أحياهم الله ، وقيل :
إنه اختارهم بعد الميقات الاول للميقات الثاني بعد عبادة العجل ليعتذروا من ذلك فلما
سمعوا كلام الله قالوا : أرنا الله جهرة " فأخذتهم الرجفة " وهي الرعدة والحركة الشديدة
حتى كادت أن تبين مفاصلهم ، وخاف موسى عليهم الموت فبكى ودعا وخاف أن يتهمه
بنو إسرائيل على السبعين إذا عاد إليهم ولم يصدقوه بأنهم ماتوا ، وقال ابن عباس : إن
السبعين الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة كانوا قبل السبعين
الذين أخذتهم الرجفة ، وإنما أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم
وبرز بهم ليدعوا ربهم ، فكان فيما دعوا أن قالوا : اللهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا ولا تعطيه
أحدا بعدنا ، فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة .
وروي(2)عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : إنما أخذتهم الرجفة من أجل
دعواهم على موسى قتل أخيه هارون ، وذلك أن موسى وهارون وشبر وشبير ابني هارون انطلقوا
إلى سفح جبل ، فنام هارون على سرير فتوفاه الله ، فلما مات دفنه موسى ، فلما رجع إلى
بني إسرائيل قالوا له : أين هارون ؟ قال : توفاه الله ، فقالوا : لا بل أنت قتلته ، حسدتنا
على خلقه ولينه ، قال : فاختاروا من شئتم ، فاختاروا منهم سبعين رجلا وذهب بهم ، فلما
انتهوا إلى القبر قال موسى : يا هارون أقتلت أم مت ؟ فقال : هارون ما قتلني أحد ولكن
توفاني الله ، فقالوا : لن تعصى بعد اليوم ، فأخذتهم الرجفة فصعقوا وماتوا ثم أحياهم الله
وجعلهم أنبياء .(3)
وقال وهب : لم تكن تلك الرجفة موتا ولكن القوم لما رأوا تلك الهيبة أخذتهم الرعدة
(1)مجمع البيان 4 : 482 و 483 ، وفيه : وقيل : إن الذلة أخذ الجزية ، وأخذ الجزية لم
يقع فيمن عبد العجل وانما أراد استسلامهم للقتل .
(2)في المصدر : رووا أى العامة .
(3)تقدم الاشكال في ذلك .(*)