بحار الأنوار ج57

أنه ليس الاستشفاء بخصوص المبلول ، بل الغالب عدمه . وعلى أي حال لامحيص عن
العمل بما هو المشهور في ذلك .
قال المحقق الاردبيلي - قدس سره - الظاهر أنه لاخلاف في تحريم الطين ، و
ظاهر اللفظ عرفا ولغة أنه تراب مخلوط بالماء . ويؤيده صحيحة معمر بن خلاد - و
ذكر الخبر ثم قال - وهذه تدل على أنه بعد اليبوسة أيضا حرام ولا يشترط بقاء الرطوبة
ولكن لابد أن يكون ممتزجا فلا يحرم غير ذلك للاصل والمعمومات وحصر المحرمات
والمشهور بين المتفقهة أنه يحرم التراب والارض كلها حتى الرمل والاحجار . قال
في المسالك : المراد به ما يشمل التراب والمدر لما فيه من الاضرار بالبدن . والضرر
مطلقا غير واضح ، ولعل وجه المشهور أنه إذا كان الطين حراما وليس فيه إلا الماء
والتراب ومعلوم عدم تحريم الماء ولا معنى لتحريم شئ بسبب انضمام محلل ، فلولم يكن
التراب محرما لم يكن الطين كذلك ، وإنما التراب جزء الارض فيكون كلها حراما .
وفيه تأمل واضح فتأمل ولا تترك الاحتياط - انتهى - .
واقول : الوجه الذي حمل الخبر عليه غير ما ذكرنا ، ومع احتمال تلك الوجوه
بل أظهرية بعضها يشكل الاستدلال بهذا الوجه ، ثم الحكم بتحريم ما سوى الطين
والتراب من أجزاء الارض كالحجارة والياقوت والزبرجد وأنواع المعادن مما لاوجه
له ، والايات والاخبار دالة على أن الاصل في الاشياء الحل ، ولم يرد خبر بتحريم
هذه الاشياء ، وقياسها على التراب باطل . وأما المستثنى منه وهو حل طين قبر
الحسين عليه السلام فالظاهر أنه لاخلاف في حله في الجملة ، وإنما الكلام في شرائطه
وخصوصياية ولنشر إليها وإلى بعض الاحكام المستفادة من الاخبار :
الاول : المكان الذي يؤخذ منه التربة . ففي بعض الاخبار " طين القبر " وهي
تدل ظاهرا على أنها التربة المأخوذة من المواضع القريبة مما جاور القبر ، وفي بعضها
" طين حائر الحسين عليه السلام " فيدل على جواز أخذه من جميع الحائر وعدم دخول ماخرج
منه . وفي بعضها " عشرون ذراعا مكسرة " وهو أضيق ، وفي بعضها " خمسة وعشرون
ذراعا من كل جانب من جوانب القبر " وفي بعضها " تؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه