بحار الأنوار ج89

قال الصادق عليه السلام وأعظم من هذا حسرة رجل جمع مالا عظيما بكد شديد
ومباشرة الاهوال ، وتعرض الاخطار ، ثم أفنى ماله صدقات ومبرات ، وأفنى شبانه
وقوته في عبادات وصلوات ، وهو مع ذلك لا يري لعلي بن أبي طالب عليه السلام حقه ، ولا
يعرف له في الاسلام محله ، ويرى أن من لا يعشره ولا يعشر عشير معشاره أفضل منه عليه السلام
يوقف على الحجج فلا يتأملها ، ويحتج عليه بالايات والاخبار فيأبى إلا تماديا
في غيه ، فذاك أعظم من كل حسرة ، يأتي يوم القيامة ، وصدقاته ممثلة له في مثال
الافاعي تنهشه ، وصلواته وعباداته ممثلة له في مثل الزبانية تتبعه ، حتى تدعه إلى
جهنم دعا .
يقول : يا ويلي ألم أك من المصلين ؟ ألم أك من المزكين ؟ ألم أك عن أموال
الناس من المتعففين ، فلما ذا دهيت ؟ فيقال له : يا شقي ما نفعك ما عملت
وقد ضيعت أعظم الفروض بعد توحيد الله ، والايمان بنبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله
ضيعت ما لزمك من معرفة حق علي ولي الله ، والتزمت ما حرم الله عليك من
الايتمام بعدو الله ، فلو كان بدل أعمالك هذه عبادة الدهر من أوله إلى آخره
وبدل صدقاتك الصدقة بكل أموال الدنيا بل بمل‌ء الارض ذهبا ، لما زادك ذلك من
رحمة الله إلا بعدا ، ومن سخط الله إلا قربا .
قال الامام الحسن عليه السلام : قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
قال الله تعالى : قولوا(إياك نستعين)على طاعتك وعبادتك ، وعلى رفع شرور
أعدائك ، ورد مكائدهم ، والمقام على ماأمرت به ، وقال صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله
عزوجل : يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاسألوني الهدى أهدكم ، وكلكم


من عنده حتى فاضنت نفسه .
ثم قال على عليه السلام : الحمدلله الذى أخرجه منها ملوما مليما ببطال جمعها
وفى حق منعها ، جمعها فأوعاها ، وشدها فأوكاها ، قطع فيها المفاوز والقفاز ، ولجج البحار
أيها الواقف لاتخدع كما خدع صويحبك بالامس ، ان أشد الناس حسرة يوم القيامة من
رأى ماله في ميزان غيره ، أدخل الله عزوجل هذا به الجنة وأدخل هذا به النار .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه