بحار الأنوار ج57

" وسخرلكم الانهار " لما كان ماء البحر قلما ينتفع به في الزراعات لاجرم ذكر
تعالى إنعامه على الخلق بتفجير الانهار والعيون حتى ينبعث الماء منها إلى مواضع
الزروع والنبات . وأيضا ماء البحر لا يصلح للشرب والصالح لهذا مياه الانهار .
" وهو الذي سخر البحر " أي جعلها بحيث يتمكنون من الانتفاع به بالركوب
والاصطياد والغوص . " لتأكلوا منه لحما طريا " هو السمك ، ووصفه بالطراوة لانه
أرطب اللحوم فيسرع إليه الفساد فيسارع إلى أكله ولاظهار قدرته في خلقه عذبا طريا
في ماء زعاق . " حلية تلبسونها " كاللؤلؤ والمرجان . " وترى الفلك " أي السفن " مواخر
فيه " أي جواري فيه يشقه بخرومها من المخر وهو شق الماء ، وقيل : صوت جري
الفلك . " ولتبتغوا من فضله " أي من سعة رزقه بركوبها للتجارة " ولعلكم تشكرون "
أي تعرفون نعم الله فتقومون بحقها .
" وهو الذي مرج البحرين " قال البيضاوي : خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث
لايتمازجان ، من مرج دابته إذا خلاها . " هذا عذب فرات ، قامع للعطش من فرط
عذوبته " وهذا ملح اجاج " بليغ الملاحة(1)وجعل بينهما برزخا " حاجزا من
قدرته " وحجرا محجورا " وتنافرا بليغا كأن كلا منهما يقول للاخر ما يقوله المتعوذ
عليه ، وقيل : حدا محدودا ، وذلك كدجلة يدخل البحر فيشقه فيجري في خلاله
فراسخ لا يتغير طعمهما(2). وقيل : المراد بالبحر العذب النهر العظيم مثل النيل ، و
بالبحر الملح البحر الكبير ، وبالبرزخ ما يحول بينهما من الارض ، فتكون القدرة في
الفصل واختلاف الصفة ، مع أن مقتضى طبيعة أجزاء كل عنصر أن تضامت وتلاصقت و
تشابهت في الكيفيية(3)(انتهى)ويقال : إن نهر آمل تدخل بحر الخزر ويبقى على عذوبته
ولا يختلط بالماح ، ويأخذون منه الماء العذب في وسط البحر ، فيمكن على تقدير
صحته أن يكون داخلا تحت الاية أيضا .


(1)في المصدر : الملوحة .
(2)طعمها(خ).
(3)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 167

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه