بحار الأنوار ج67

والتقوى ماينفجر من عين المعرفة بالله ، يحتاج إليه كل فن من العلم ، وهو لا
يحتاج إلا إلى تصحيح المعرفة ، بالخمود تحت هيبة الله وسلطانه ، ومزيد التقوى
يكون من أصل اطلاع الله عزوجل على سر العبد بلطفه .
فهذا أصل كل حق وأما الباطل فهو مايقطعك عن الله متفق عليه أيضا عند
كل فريق ، فاجتنب عنه ، وافرد سرك لله تعالى بلا علاقة قال النبي صلى الله عليه وآله :
أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد :
ألا كل شئ ماخلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
فالزم ماأجمع عليه أهل الصفا والتقى ، من اصول الدين وحقائق اليقين
والرضا والتسليم ، ولا تدخل في اختلاف الخلق ومقالاتهم ، فتعصب عليك ، وقد
اجتمعت الامة المختارة بأن الله واحد ليس كمثله شئ ، وأنه عدل في حكمه يفعل
مايشاء ويحكم مايريد ، ولا يقال له في شئ من صنعه : لم ؟ ولا كان ولا يكون
شئ إلا بمشيته ، وأنه قادر على مايشاء ، صادق في وعده ووعيده ، وأن القرآن
كلامه وأنه مخلوق ، وأنه كان قبل الكون والمكان والزمان ، وأن إحداث الكون
والفناء عنده سواء ، ماازداد بإحداثه علما ولا ينقص بفنائه ملكه ، عز سلطانه
وجل سبحانه .
فمن أورد عليه ماينقض هذا الاصل فلا تقبله ، وجرد باطنك لذلك ترى
بركاته عن قريب ، وتفوز مع الفائزين(1).
41 مص : قال الصادق عليه السلام : التقوى على ثلاثة أوجه : تقوى الله في الله
وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص ، وتقوى من الله وهو
ترك الشبهات فضلا عن حرام ، وهو تقوى الخاص ، وتقوى من خوف النار والعقاب
وهو ترك الحرام وهو تقوى العام ، ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه
الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر ، من كل لون
وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر ، على قدر جوهره وطعمه


(1)مصباح الشريعة ص 44 و 45 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه