بحار الأنوار ج51

وروي أن خالد بن الوليد لما نزل على الحيرة وتحصن منه أهلها أرسل إليهم :
ابعثوا إلي رجلا من عقلائكم وذوي أنسابكم ، فبعثوا إليه عبد المسيح بن بقيلة
فأقبل يمشي حتى دنا من خالد فقال(له ): أنعم صباحا أيها الملك قال : قد أغنانا الله
عن تحيتك هذه فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟ قال : من ظهر أبي قال : فمن
أين خرجت ؟ قال : من بطن امي قال : فعلى م أنت ؟ قال : على الارض قال : ففيم
أنت قال : في ثيابي ، قال : أتعقل لا عقلت ، قال إي والله واقيد ، قال : ابن كم أنت ؟
قال ابن رجل واحد .
قال خالد : مارأيت كاليوم قط إني أسأله عن الشئ وينحو في غيره قال :
ماأجبتك إلا عما سألت فسل عما بدا لك قال : أعرب أنتم أم نبيط ؟ قال : عرب
استنبطنا ونبيط استعربنا قال :(أ )فحرب أنتم أم سلم قال : بل سلم قال : فما هذه
الحصون قال : بنيناها لسفيه نحذر منه حتى يجئ الحليم ينهاه ، قال : كم
أتى لك ؟ قال : خمسون وثلاث مائة سنة قال : فما أدركت ؟ قال : أدركت سفن
البحر ترفأ إلينا في هذا الجرف ، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج وتضع مكتلها
على رأسها لاتزود إلا رغيفا واحدا حتى تأتي الشام ثم قد أصبحت اليوم خرابا
يبابا وذلك دأب الله في العباد والبلاد .
قال : ومعه سم ساعة يقلبه في كفه فقال له خالد : ماهذا في كفك ؟ قال :
هذا السم قال : وماتصنع به ؟ قال : إن كان عندك ما يوافق قومي وأهل بلدي
حمدت الله تعالى وقبلته ، وإن كانت الاخرى لم أكن أول من ساق إليهم ذلا وبلاء
أشربه وأستريح من الحياة فانما بقي من عمري اليسير قال خالد : هاته فأخذه(ثم )
قال : بسم الله وبالله رب الارض والسماء الذي لايضر مع اسمه شئ ثم أكله فتجللته
غشية ثم ضرب بذقنه في صدره طويلا ثم عرف وأفاق كأنما نشط من عقال .
فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال : قد جئتكم من عند شيطان أكل سم ساعة
فلم يضره ، صانعوا القوم وأخرجوهم عنكم فان هذا أمر مصنوع لهم ، فصالحوهم
على مائة ألف درهم ، وأنشا ابن بقيلة يقول :

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه