بحار الأنوار ج50

أشد الناس تواضعا ، أعظمهم حلما وأنداهم كفا وأمنعهم كنفا ، ورث عنهما
أوصياؤهما علمهما ، فاردد إليهما الامر ، وسلم إليهم ، أماتك الله مماتهم ، وأحياك
حياتهم . إذا شئت(1)رحمك الله .
قال فتح : فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد
السلام فقلت : يا ابن رسول الله أتأذن في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي ؟ قال :
سل ! وإن شرحتها فلي وإن أمسكتها فلي ، فصحح نظرك ، وتثبت في مسألتك
واصغ إلى جوابها سمعك ، ولاتسأل مسألة تعنيت واعتن بما تعتني به ، فان العالم
والمتعلم شريكان في الرشد ، مأموران بالنصيحة ، منهيان عن الغش .
وأما الذي اختلج في صدرك ، فان شاء العالم أنبأك ، إن الله لم يظهر على
غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ، فكل ما كان عندالرسول كان عند العالم
وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياء‌ه عليه ، كيلا تخلو أرضه من حجة
يكون معه علم يدل على صدق مقالته ، وجواز عدالته .
يافتح عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض ما أودعتك ، وشكك
في بعض ما أنبأتك ، حتى أراد إزالتك عن طريق الله ، وصراطه المستقيم ؟ فقلت :
" متى أيقنت أنهم كذا فهم أرباب ، " معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون ، مطيعون لله
داخرون راغبون ، فإذا جاء‌ك الشيطان من قبل ما جاء‌ك فاقمعه بما أنبأتك به .
فقلت له : جعلت فداك ! فرجت عني ، وكشفت مالبس الملعون علي
بشرحك فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب قال : فسجد أبوالحسن عليه السلام وهو
يقول في سجوده : راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا ، قال : فلم يزل كذلك حتى
ذهب ليلي .
ثم قال : يا فتح كدت أن تهلك وتهلك ، وماضر عيسى عليه السلام إذا هلك
من هلك(2)انصرف إذا شئت رحمك الله قال : فخرجت وأنا فرح بما كشف الله


(1)اى اذا شئت أن تخرج فاخرج .
(2)اذا هلك النصارى . خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه