بحار الأنوار ج35

فإني أرى رجلا مقبلا لايحكم شططا أبدا(1)، فقال له : أنت وذاك ، فتلقى شرحبيل
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك ، قال : وماهو ؟ قال : احكمك(2)
اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح ، فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية .
وأخرج أبونعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن وفد
نجران من النصاري قدموا على رسول الله وهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، منهم السيد
وهو الكبير ، والعاقب وهو الذي يكون بعده صاحب رأيهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أسلما
قالا : أسلمنا ، قال : ما أسلمتما ، قالا : بلى قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما يمنعكما من
الاسلام ثلاث فيكما : عبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ، وزعمكما أن لله ولدا ، فنزل
(إن مثل عيسى)الآية ، فلما قرأها عليهم قالوا : ما نعرف ما تقول ، فنزل(فمن حاجك
فيه من بعد ما جاء‌ك من العلم)يقول : من جادلك في أمر عيسى من بعده ماجاء‌ك من القرآن
(فقل تعالوا)إلى قوله :(ثم نبتهل)يقول : نجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو
الحق وأن الذي يقولون هو الباطل ، فقال لهم : إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن
اباهلكم ، فقالوا : يا أباالقاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك فخلا بعضهم ببعض
ليصادقوا(3)، فيما بينهم : قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل نبي ، فلو لا عنتموه
لاستؤصلتم(4)، وما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم ونبت صغيرهم(5)، فإن أنتم لم تتبعوه
وأبيتم إلا إلف دينكم فوا دعوه وارجعوا إلى بلادكم ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج و
معه علي والحسن والحسين وفاطمه عليهم السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أنا دعوت فأمنوا
أنتم ، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية .


(1)في المصدر : رجلا لا يحكم شططا أبدا . والشطط : التباعد عن الحق .
(2)في المصدر : حكمك .
(3)في المصدر : وتصادقوا .
(4)في المصدر : نبى مرسل ولئن لا عنتموه انه ليستأ صلكم .
(5)في المصدر : فبقى كبيرهم ولانبت صغيرهم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه