بحار الأنوار ج16

كل يوم مرارا لفقد رسول الله صلى الله عليه واله ، فلما كان في كمال الاربعين هبط جبرئيل عليه السلام
فقال : يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ، وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته ، قال
النبي صلى الله عليه واله : يا جبرئيل وما تحفة رب العالمين ؟ وما تحيته ؟ قال : لا علم لي ، قال : فبينا
النبي صلى الله عليه واله كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس ، أو قال : إستبرق ،
فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه واله ، وأقبل جبرئيل عليه السلام وقال : يا محمد يأمرك ربك أن تجعل
الليلة إفطارك على هذا الطعام ، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام : كان النبي صلى الله عليه واله إذ أراد
أن يفطر أمرني أن افتح الباب لمن يرد إلى الافطار ، فلما كان في تلك الليلة أقعدني
النبي صلى الله عليه واله على باب المنزل ، وقال : يا بن أبي طالب إنه طعام محرم إلا علي ، قال علي عليه السلام :
فجلست على الباب وخلا النبي صلى الله عليه واله بالطعام ، وكشف الطبق ، فإذا عذق(1)من رطب ،
وعنقود من عنب ، فأكل النبي صلى الله عليه واله منه شبعا ، وشرب من الماء ريا ، ومد يده للغسل
فأفاض المآء عليه جبرئيل ، وغسل يده ميكائيل ، وتمند له إسرافيل ، وارتفع فاضل الطعام
مع الاناء إلى السماء ، ثم قام النبي صلى الله عليه واله ليصلي فأقبل عليه جبرئيل ، وقال : الصلاة محرمة
عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها ، فإن الله عزوجل آلى(2)على
نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة ، فوثب رسول الله صلى الله عليه واله إلى منزل
خديجة ، قالت خديجة رضوان الله عليها : وكنت قد ألفت الوحدة ، فكان إذا جنتني الليل
غطيت رأسي ، وأسجفت(3)ستري ، وغلقت بأبي ، وصليت وردي(4)، واطفأت مصباحي ،
وآويت إلى فراشي ، فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي
صلى الله عليه وآله فقرع الباب ، فناديت : من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد صلى الله عليه واله ؟
قالت خديجة : فنادى النبي صلى الله عليه واله بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه : افتحي يا خديجة
فإني محمد ، قالت خديجة : فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه واله ، وفتحت الباب ، ودخل


(1)العذق بالكسر : عنقود العنب والرطب ، يقال بالفارسية : " خوشه " .
(2)أي حلف .
(3)قال الجوهري : اسجفت الستر : أرسلته . منه .
(4)الورد : الصلاة ، أو الجزء من القرآن يقوم به الانسان كل ليلة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه