استعن بهم على أعمالك ، فان ذلك أعز لك ولوليك ، وأكبت لعدوك .
وإنى آمرك بتقوى الله وطاعته في السر والعلانية ، فاحذر عقابه في المغيب
والمشهد ، وأتقدم إليك بالاحسان إلى المحسن ، والشدة على المعاند ، وآمرك
بالرفق في امورك ، واللين والعدل في رعيتك ، فانك مسؤول عن ذلك ، وإنصاف
المظلوم ، والعفو عن الناس ، وحسن السيرة ما استطعت ، فالله يجزي المحسنين وآمرك
أن تجبى خراج الارضين على الحق والنصفة ، ولا تتجاوز ما تقدمت به إليك ،
ولا تدع منه شيئا ، ولا تبتدع فيه أمرا ، ثم اقسمه بين أهله بالسوية والعدل ،
واخفض لرعيتك جناحك ، وواس بينهم في مجلسك ، وليكن القريب والبعيد عندك
في الحق سواء ، واحكم بين الناس بالحق وأقم فيهم بالقسط ، ولا تتبع الهوى و
لا تخف في الله لومة لائم ، فان الله مع الذين اتقوا والذينهم محسنون .
وقد وجهت إليك كتابا لتقرأه على أهل مملكتك ليعلموا رأينا فيهم وفي
جميع المسلمين ، فأحضرهم واقرأ عليهم ، وخذ البيعة لنا على الصغير والكبير منهم
إنشاء الله تعالى .
فلما وصل عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى حذيفة جمع الناس فصلى بهم ثم أمر
بالكتاب فقرى عليهم وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي
هذا من المسلمين ، سلام عليكم فانى أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله
أن يصلي على محمد وآله ، فأما بعد ، فان الله تعالى اختار الاسلام دينا لنفسه و
ملائكته ورسله وإحكاما لصنعه وحسن تدبيره ، ونظرا منه لعباده ، وخص منه من
أحب من خلقه ، فبعث إليهم محمدا صلى الله عليه وآله فعلمهم الكتاب والحكمة إكراما وتفضلا
لهذه الامة ، وأدبهم لكى يهتدوا ، وجمعهم لئلا يتفرقوا ، وفقههم لئلا يجوروا
فلما قضى ما كان عليه من ذلك مضى إلى رحمة ربه حميدا محمودا .
ثم إن بعض المسلمين أقاموا بعده رجلين رضوا بهديهما وسيرتهما ، قاما