أن هذا الحيوان كان أعظم الحيوانات وقعا في قلوب العرب ولذلك جعلو ادية(1)قتل
الانسان إبلا وكان ملوكهم إذا أرادو(2)المبالغة في إعطاء الشاعر الذي جاء من المكان
البعيد أعطوه مأة(3)بعير لان امتلاء العين منه أشد من امتلاء العين من غيره ، ولهذا
قال : " ولكم فيها جمال "(4)الآية ، ومنها : أني كنت مع جماعة في مفازة فضللنا الطريق فقدموا
جملا وتبعوه فكان ذلك الابل(5)ينعطف من تل إلى تل ومن جانب إلى جانب ، والجميع
كانوا يتبعونه حتى وصل إلى الطريق بعد زمان طويل ، وهذا من قوة(6)تخيل
ذلك الحيوان بالمرة الواحدة(7)كيف انحفظت في خياله صورة تلك المعاطف ، حتى
أن الذى عجز جمع من العقلاء إلى الاهتداء إليه فان ذلك الحيوان اهتدى إليه .
ومنها : أنها مع كونها في غاية القوة على العمل مباينة لغيرها في الانقياد والطاعة
لاضعف الحيوانات كالصبي ، ومباينة لغيرها أيضا في أنها يحمل عليهاوهي باركة ثم
تقوم ، فهذه الصفات الكثيرة الموجودة فيها توجب على العاقل أن ينظر في خلقتها وتركيبها
ويستدل بذلك على وجود الصانع الحكيم سبحانه ، ثم إن العرب من أعرف الناس
بأحوال الابل في صحتها وسقمها ومنافعها ومضارها ، فلهذه الاسباب حسن من
الحكيم تعالى أن يأمر بالتأمل في خلقتها(8).
اقول : وقال الدميري في حياة الحيوان : الابل الجمال وهي اسم واحد يقع على
(1)في المصدر : ولذلك فانهم جعلوا .
(2)في المصدر : وكان الواحد من ملوكهم اذا أراد .
(3)في المصدر :(جاءه)وفيه : اعطاء مائة بعير .
(4)النحل : 6 .
(5)في المصدر : ذلك الجمل .
(6)في المصدر : فتعجبنا من قوة .
(7)في المصدر : انه بالمرة الواحدة .
(8)تفسير الرازى 31 : 156 و 157 .