بحار الأنوار ج93

فاذا كان ذلك الزمان انتفخت الاهلة تارة حتى يرى هلال ليلتين وخفيت
تارة حتى يفطر شهر رمضان في أوله ، ويصام العيد في آخره(1)فالحذر الحذر
حينئذ من أخذ الله على غفلة ، فان من وراء ذلك موت ذريع يختطف الناس اختطافا
حتى أن الرجل ليصبح سالما ويمسي دفينا ، ويمسي حيا ويصبح ميتا .


(1)ولا بأس أن نشير ههنا عند ختام البحث إلى بعض ما لعله ينفع في المقام فنقول :
قال الله عزوجل : يسألونك عن الاهلة قل هى مواقيت للناس والحج : سئل عن
الاهلة وهى جمع هلال(وهو القوس المنير من القمر لاول ليلة يبدو بعد المحاق)فأجاب
والحج ليشمل مصالح الدنيا والدين : فبما خلقهم مفطورين على الاجتماع والتمدن جعل
لهم الاهلة لتقويم حقوقهم المدنية وهو الخلاق العليم ، وبماانزل عليهم الكتاب وكلفهم
العبادات وأهمها فريضة الحج ، جعل لهم الاهلة لتقويم وظائفهم الشرعية ، ذلك تقدير العزيز
العليم ، هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب
ما خلق الله ذلك الا بالحق .
فالاهلة مواقيت طبيعية وتقويم فطرى يعرفه كل بيئة ومجتمع ، اذا طالعوا صفحة الافق
واستهلوا لرؤية الهلال ، بخلاف تقويم المنجمين ومواقيتهم الاعتبارية ، فانها مع اختلاف
أرصادهم ومبانيهم مختص بهم ، لايعرف الامن قبلهم ، فلو استغنى الناس عن التقويم الالهى
الفطرى بمعرفة فروردين ارديبهشت كالاعاجم ، وتشرين الاول والثانى كالروم وغير ذلك من
الشهور والسنين الاعتبارية ، فلا مندوحة للمؤمنين بالدين الفطرى - وهو الاسلام - عن أن يكون
عبرتهم بالتقويم الفطرى وهو معرفة الاهلة .
لكن المسلم في الفطرة أن المدار على الهلال الواقعى الثابت في الافق وأن الشهور
يتحقق بتحقق الاهلة ، لابتحقق الرؤية ، ولذلك ترى الناس يستهلون في الليلة التى يشك
فيها : وهى ليلة الثلاثين . ولا يستهلون في ليلة التاسعة والعشرين قبلها ولا في ليلة الحادية
والثلاثين بعدها ، فان المعلوم من سنة الله وتقدير منازل القمر ، أنه لا يكون شهر أقل
من تسعة وعشرين ولا أزيد من ثلاثين . وليس ذلك الا لان المدار على ثبوت الهلال واقعا = =

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه