بحار الأنوار ج47

9 - لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن عبدالله النماونجي
عن عبدالجبار بن محمد ، عن داود الشعيري ، عن الربيع صاحب المنصور قال : بعث المنصور
إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشئ بلغه عنه ، فلما وافى بابه خرج إليه
الحاجب فقال : اعيذك بالله من سطوة هذا الجبار ، فإني رأيت حرده عليك شديدا
فقال الصادق عليه السلام : علي من الله جنة واقية ، تعينني عليه إن شاء الله ، استأذن لي
عليه ، فستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم فرد عليه السلام ثم قال له : يا جعفر قد علمت
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابيك علي بن أبي طالب عليه السلام : لولا أن تقول فيك طوائف
من امتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من
تراب قدميك ، يستشفون به ، وقال علي عليه السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي ، محب
غال ، ومبغض مفرط ؟ قال : قال ذلك ، اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي
والمفرط ، ولعمري إن عيسى بن مريم عليهما السلام لو سكت عما قالت فيه النصارى
لعذبه الله ، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان ، وإمساكك عن ذلك ورضاك
به سخط الديان ، زعم أوغاد الحجاز ، ورعاع الناس ، أنك حبر الدهر ، وناموسه
وحجة المعبود وترجمانه ، وعيبة علمه ، وميزان قسطه ، مصباحه الذي يقطع به
الطالب عرض الظلمة إلى ضيآء النور ، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في
الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا ، فنسبوك إلى غير حدك ، وقالوا فيك
ماليس فيك ، فقل فان أول من قال الحق جدك ، وأول من صدقه عليه أبو
وأنت حري أن تقتص آثارهما ، وتسلك سبيلهما .
فقال الصادق عليه السلام : أنا فرع من فرع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت
النبوة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكاة ، التي
فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر ، فالتفت المنصور إلى
جلسائه فقال : هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ، ولا يبلغ عمقه ، تحارفيه
العلماء ، ويغرق فيه السبحاء ، ويضيق بالسابح عرض الفضاء ، هذا الشجى المعترض
في حلوق الخلفاء ، الذي لا يجوز نفيه ، ولا يحل قتله ، ولولا ما يجمعني وإياه

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه