بحار الأنوار ج47

وكان إسماعيل أكبر إخوته ، وكان أبوعبدالله عليه السلام شديدا المحبة له ، والبربه
والاشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه ، والخليفة له من
بعده ، إذ كان أكبر أخوته سنا ، ولميل أبيه إليه ، وإكرامه له ، فمات في حياة
أبيه عليه السلام بالعريض(1)وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة ، حتى دفن
بالبقيع(2).
وروي أن أبا عبدالله عليه السلام جزع عليه جزعا شديدا ، وحزن عليه حزنا
عظيما ، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء ، وأمر بوضع سريره على الارض مرارا
كثيرة ، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه ، يريد بذلك تحقيق أمروفاته عند الظانين
خلافته له من بعده ، وإزالة الشبهة عنه في حياته ، ولما مات إسماعيل رحمة الله عليه
انصرف عن القول بامامته بعد أبيه من كان يظن ذلك ويعتقده من أصحاب أبيه عليه السلام
وأقام على حياته شر ذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا من الاباعد
والاطراف ، فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بامامة موسى بن
جعفر عليه السلام بعد أبيه ، وافترق الباقون فرقتين : فريق منهم رجعوا على حياة
إسماعيل وقالوا : بامامة ابنه محمد بن إسماعيل ؟ ؟ أن الامامة كانت في أبيه
وأن الابن أحق بمقام الامامة من الاخ ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل
وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يؤمى إليه ، وهذان الفريقان يسميان
بالاسماعيلية ، والمعروف منهم الآن من يزعم أن الامامة بعد إسماعيل في ولده و
ولد ولده إلى آخر الزمان(3).
وكان عبدالله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم يكن منزلته عند أبيه
منزلة غيره من ولده في الاكرام ، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد فيقال
إنه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذاهب المرجئة ، وادعى بعد أبيه الامامة


(1)العريض كزبير تصغير عرض ، واد بالمدينة .
(2)الارشاد ص 303 .
(3)نفس المصدر ص 304 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه