إلى حال ، وفي التبديل من نقصان إلى كمال ، والتغير والتبدل من أمارات الحدوث .
فقول " قل الروح من أمر ربي " يدل على أنهم سألوا أن الروح هل هي حادثة أم لا ؟
فأجاب بأنها حادثة واقعة بتخليق الله وتكوينه ، ثم استدل على حدوث الارواح بتغيرها
من حال إلى حال ، فهذا ما نقوله في هذا الباب ، والله أعلم بالصواب(1).
اقول : ثم ذكر الاقوال الاخرى في تفسير الروح في هذه الآية فمنها أنه القرآن
كما مر ، ومنها أنه ملك من الملائكة هو أعظمهم قدرا وقوة ، وهو المراد من قوله
تعالى : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا "(2)، ونقلوا عن علي عليه السلام أنه قال : هو ملك
له سبعون ألف وجه ، ولكل وجه سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة
يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها ، ويخلق الله من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة
إلى يوم القيامة . قالوا : ولم يخلق الله خلقا أعظم من الروح غير العرش ، ولو شاء الله
يبتلع السماوات السبع والارضين السبع بلقمة واحدة . ثم اعترض على هذا الوجه و
على الرواية بوجوه سخيفة ، ثم ذكر من الوجوه أنه جبرئيل عليه السلام ، ووجها رابعا عن
مجاهد : أنه خلق ليسوا بالملائكة على صورة بنى آدم ، يأكلون ولهم أيد وأرجل و
رؤوس ، وقال أبوصالح : يشبهون الناس وليسوا بالناس ، ولم أجد في القرآن ولا في
الاخبار الصحيحة شيئا يمكن التمسك به في إثبات هذا القول .
ثم قال في شرح مذاهب الناس في حقيقة الانسان : اعلم أن العلم الضرورى
حاصل بأن ههنا شيئا إليه يشير الانسان بقوله " أنا " وإذا قال الانسان " علمت وفهمت
وأبصرت وسمعت وذقت وشممت ولمست وغضبت " فالمشار إليه لكل أحد بقوله " أنا "
إما أن يكون جسما أو عرضا ، أو مجموع الجسم والعرض ، أو ما تركب(3)من الجسم و
العرض ، وذلك الشئ الثالث ، فهذا ضبط معقول . أما القسم الاول وهو أن يقال :
الانسان جسم ، فذلك الجسم إما أن يكون هو هذه البنية ، أو جسما داخلا في هذه
(1)مفاتيح الغيب : ج 21 ، ص 37 - 38(ملخصا).
(2)النبأ : 38 .
(3)في المصدر : أو شيئا مغائرا للجسم والعرض أو من ذلك الشى ء الثالث .