بحار الأنوار ج57

يكون عبارة عن الضعف أو عن معناه .
ورابعها ما حكي أن أبا الحسن الا خفش أجاب به ، وهو أن يكون المراد
أن الانسان خلق من تعجيل الامر ، لانه تعالى قال : " إنما قولنا لشئ إذا أردناه
أن نقول له كن فيكون(1)" فأن قيل : كيف يطابق هذا الجواب قوله من بعد " فلا
تستعجلون " ؟ قلنا : يمكن أن يكون وجه المطابقة أنه لما استعجلوا بالايات واستبطؤوها
أعلمهم تعالى أنه ممن لايعجزه شئ أراده ولا يمتنع عليه ، وأن من خلق الانسان
بلا كلفة ولا مؤونة بأن قال له كن فكان ، مع ما فيه من بدائع الصنعة وعجائب الحكمة
التي يعجز عنها كل قادر ويحار فيها كل ناظر لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الايات .
وخامسها ما أجاب به بعضهم من أن العجل الطين ، فكأنه تعالى قال : خلق
الانسان من طين ، كما قال في موضع آخر " بدأ خلق الانسان من طين(2)" واستشهد
بقول الشاعر :
والنبع يخرج بين الصخر ضاحية * والنخل ينبت بين الماء والعجل
ووجدنا يطعنون في هذا الجواب ويقولون : ليس بمعرف أن العجل هو
الطين ، وقد حكى صاحب كتاب العين عن بعضهم أن العجل الحمأة ، ولم يستشهد عليه
إلا أن البيت الذي أنشدناه يمكن أن يكون شاهدا له ، وقد رواه تغلب عن ابن الاعرابي
وخالف في شئ من ألفاظه وإذا صح هذا الجواب فوجه المطابقة بين ذلك وبين قوله
تعالى " فلا تستعجلون " على نحو ما ذكرناه ، وهو أن من خلق الانسان مع الحكمة
الظاهرة فيه من الطين لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الايات ، أو يكون المعنى أنه
لا يجب بمن خلق من الطين المهين وكان أصله هذا الاصل الحقير الضعيف أن يهز أبرسل
الله تعالى وآياته وشرائعه ، لانه تعالى قال قبل هذه الاية : " وإذا رآك الذين
كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم(3).


(1)النحل : 40 .
(2)ألم السجدة : 7 .
(3)الانبياء : 36 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه