أحببت أن اورد هيهنا فصلا من كتاب تلخيص الشافي(1)يتضمن كثيرا مما
أجاب به السيد رضي الله عنه في الشافي عن شبه المخالفين وأخبارا جمة مأخوذة من
كتبهم ، يؤيد ما أسلفناه من الاخبار ، حيث قال في الكلام في خلافة أبي بكر :
والطريقة الثانية بنوها على الاجماع ، وادعوا أن الامة أجمعت على إمامته
واختياره ، ولهم في ترتيب الاجماع طرق :
منها : أن يقولوا انتهى الامر في إمامته إلى أن لم يكن في الزمان إلاراض
بامامته ، وكاف عن النكير ، فلو لم يكن حقا لم يصح ذلك ، ولا فرق بين أن
نبين ذلك في أول الامر أو في بعض الاوقات ، وإنما يذكرون ذلك لادعائهم من
أن ما ظهر من العباس والزبير وأبي سفيان ، ووقع من تأخر أمير المؤمنين عليه السلام عن
بيعته ومن غيره ، وال كل ذلك .
والاخر أن يقول إن كل من يدعي عليه الخلاف قد ثبت عنه - فعلا وقولا -
الرضا والبيعة ممن يعتمد عليه ، ويذكرون أن سعد بن عبادة لم يبق على الخلاف
أولا يعتد بخلافه .
والثالث أن يقولوا إن إجماعهم على فرع لاصل يتضمن تثبيت الاصل ، وقد
استقر الاجماع في أيام عمر على إمامته ، وهي فرع لامامة أبي بكر ، فيجب بصحتها
صحة ذلك ، أو نبين أن أحدا لم يقل بصحة إمامة أحدهما دون الاخر ، ففي ثبوت
أحدهما ثبوت الاخر من جهة الاجماع الثاني .
قالوا : والكلام في هذا أوضح لان أيام عمر امتدت وظهر للناس الطاعة له و
القبول من قبله ، وحضور مجلسه والمعاضدة له في الامور ، لان سعد بن عبادة
مات في أوائل أيام عمر فاستقر الاجماع بعده بغير شبهة .
ولنا في الكلام على ابطال هذه الطريقة وجهان من الكلام .
(1)تلخيص الشافى 3 / 44 وما بعده(*).