بحار الأنوار ج1

معرض الضياع من الاهل والمال وغيرهما . وقال في النهاية : وضيعة الرجل : ما يكون
منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها ، ومنه الحديث : أفشى الله ضيعته أي
أكثر عليه معاشه انتهى ، فيحتمل أن يكون المراد صرفت عنه ضياعه وهلاكه بتضمين
معنى الاشفاق ، أو يكون " على " بمعنى " عن " ، أو صرفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه ،
أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع ، كما قال في النهاية : لا يكفها
أي لا يجمعها ولا يضمها ، ومنه الحديث : المؤمن أخ المؤمن يكف عليه ضيعته أي
يجمع عليه معيشته ويضمها إليه . وهذا المعنى أظهر لكن ما وجدت الكف بهذا المعنى
إلا في كلامه(1).
وقوله تعالى : وكنت له من وراء تجارة كل تاجر . يحتمل وجوها : الاول :
أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجار لاسوقها إليه . الثاني : أن يكون المراد
أني أكفي مهماته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين . الثالث : أن يكون معناه :
أناله عوضا عما فاته من منافع تجارة التاجرين . ولعل الاول أظهر .
يا هشام الغضب مفتاح الشر ، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وإن
خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك عليه العليا فافعل .
بيان : اليد العليا : المعطية أو المتعففة .
يا هشام عليك بالرفق ، فإن الرفق يمن والخرق شؤم(2)إن الرفق والبر و
حسن الخلق يعمر الديار ، ويزيد في الرزق .
بيان : قال الفيروزآبادي : الخرق بالضم وبالتحريك : ضد الرفق ، وأن لا يحسن
العمل ، والتصرف في الامور ، والحمق .
يا هشام قول الله : هل جزاء الاحسان إلا الاحسان جرت في المؤمن والكافر ،
والبر والفاجر ، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به ، وليست المكافاة أن تصنع


(1)بل هذا من المعاني التي ضبطها كتب اللغة .
(2)اليمن : البركة . والشؤم : ضده .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه