بحار الأنوار ج28

واركعى من الراكعين (1).
ثم يبتدى بها الوجع ، فتمرض فيبعث الله عزوجل إليها مريم بنت عمران
تمرضها وتؤنسها في علتها ، فتقول عند ذلك : يا رب إني قد سئمت الحياة ، و
تبرمت بأهل الدنيا فألحقني بأبي ، فيلحقها الله عزوجل بي فتكون أول من
يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم على محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول
عند ذلك اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وذلل من أذلها ،
وخلد في نارك من ضرب جنبيها ، حتى ألقت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك
آمين .
وأما الحسن عليه السلام فانه ابني وولدي ، ومني وقرة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة
فؤادي ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الامة ، أمره أمري ، وقوله
قولي ، من تبعه فانه مني ، ومن عصاه فليس منى ، وإني لما نظرت إليه تذكرت
ما يجري عليه من الذل بعدي ، فلا يزال الامر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا
فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ، ويبكيه كل شئ حتى الطير
في جو السماء ، والحيتان في جوف الماء ، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون
ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه
على الصراط ، يوم تزل فيه الاقدام .
وأما الحسين عليه السلام فانه منى ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه
وهو إمام المسلمين ، ومولى المؤمنين ، وخليفة رب العالمين ، وغياث المستغيثين ،
وكهف المستجيرين ، وحجة الله على خلقه أجمعين ، وهو سيد شباب أهل الجنة
وباب نجاة الامة ، أمره أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فانه مني ، ومن عصاه
فليس مني ، وإني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار
بحرمي وقربي فلا يجار ، فأضمه في منامي إلى صدري وآمره بالرحلة عن دار
هجرتي ، وأبشره بالشهادة فير تحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ، أرض


(1)آل عمران : 43(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه