بحار الأنوار ج61

الناس إذا اختلفوا في ذلك الطريق وقدموا الجمل وتبعوه وجدوا الطريق المستقيم
عند متابعته .
وأيضا أن الانسان لايمكنه الانتقال من بلد إلى بلد إلا عند الاستدلال
بالعلامات المخصوصة ، إما الارضية كالجبال والرياح ، أو السماوية كأحوال الشمس
والقمر . وأما القطا فانه يطير في الهواء من بلد إلى بلد طيرانا سويا من غير غلط
ولا خطاء ، وكذلك الكراكي تنتقل من طرف أطراف العالم إلى آخر لطلب
الهواء الموافق من غير غلط البتة ، فهذا فعل يعجز عنه أفضل البشر وهذاالنوع
من الحيوان قادرعليه .
السادس : أن الدب إذاأراد أن يفترس الثور علم أنه لا يمكنه أن يقصده
ظاهرا ، فيقال : إنه يستلقي في ممر ذلك الثور ، فاذا قرب الثور وأراد نطحه جعل
قرنيه فيمابين ذراعيه ولا يزال ينهش ما بين ذراعيه حتى يثخنه ، وأيضا أنه يأخذ
العصا ويضرب الانسان حتى يتوهم أنه مات فيتركه وربما عاد يشمه ويتجسس
نفسه(1)وأيضا يصعد الشجر أخف صعود ويأخذ الجوزيين كفيه ويضرب ما في أحد
كفيه على ما في الكف الآخر ثم ينفخ فيه ويزيل القشور ويأكل اللب .
السابع : أن الثعلب إذا اجتمع البق الكثير والبعوض الكثير على جلده
أخذ بفيه قطعة من جلدحيوان ميت ، ثم إنه يضع يده ورجليه في الماء ولا يزال
يغوص فيه قليلا قليلا فاذا أحس البق والبعوض بالماء أخذت تصعد إلى المواضع
الخارجة من الثعلب من الماء ، ثم إن الثعلب لايزال يغوص قليلا قليلا وتلك
الحيوانات ترتفع قليلا قليلا ، فاذا غاص كل بدنه في الماء وبقي رأسه خارج الماء
تصاعد كل تلك الحيوانات إلى الراس ثم إنه يغوص رأسه في الماء قليلا قليلا فتلك
الحيوانات تنتقل إلى تلك الجلدة الميتة وتجتمع فيها فاذاأحس الثعلب بانتقالها
إلى تلك الجلدة رماها في الماء وخرج من الماء سليما فارغا عن تلك الحيوانات
الموذية ، ولا شك أنها حيلة عجيبة في دفع الموذيات .


(1)في النسخة المخطوطة : ويتحس نفسه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه