بيان : رواهما العلامة أعلى الله مقامه من طرقهم(1)، واعتراض بعض النواصب على
الاول(2)بأنه إذا اريد به أبوجهل يكون الاستثناء منقطعا ولم يقل به أحد ، فالمراد
منه جميع أفراد الانسان ، وعلى هذا لايصح تخصيص المؤمنين بعلي عليه السلام وسلمان ، فإن
غير هم من المؤمنين ليسوا في خسر ، والجواب أن قوله . " لم يقل به أحد " دعوى باطل ،
إذا حمل الاستثناء على المنقطع كثير من المفسرين منهم النيسابوري حيث قال : عن مقاتل
إنه أبولهب ، وفي خبر مرفوع أنه أبوجهل ، كانوا يقولون : إن محمد لفي خسر ، فأقسم
الله تعالى أن الامر بالضد مما توهموه ، وعلي هذا يكون الاستثناء منقطعا . انتهى(3).
وأما قوله : " إن غيرهما من المؤمنين ليسوا في خسر " فغير مسلم ، وإنما يكون كذلك
لو اريد بالخسر الكفر ، ولو اريد به مطلق الذنب والتقصير فلا ، والنيسابوري ترقى
عن هذا المقام أيضا وقال : إن كان العبد مشغولا بالمباحات فهو أيضا في شئ من الخسر ،
لانه يمكنه أن يعمل فيه عملا يبقى أثره ولذته دائما ، وإن كان مشغولا بالطاعات
فلا طاعة إلا ويمكن الاتيان بها على وجه أحسن(4).
واعتراض على الثاني(5)بأن الصبر صفة من الاوصاف وليس هو من الاسامي
حتى يراد شخص ، والجواب أن الاعتراض نشأ من سوء فهم السائل أوشدة تعصبه ، بل
الظاهر أن يكون المراد الصبر على مشاق الولاية كما مر مصرحا في الاخبار السابقة ،
وهذا يحتمل وجهين : الاول أن يكون المراد بالذين آمنوا أميرالمؤمنين عليه السلام تعظيما
وتفخيما ، فيكون موافقا للخبر السابق . الثاني أن يكون تفسيرا للحق أي المراد بالحق
ولايته عليه السلام ، ولو سلم أنه تفسير للصبر فهوأ يضا يستقيم بوجهين : الاول أن يكون كني
عنه بالصبر لكماله فيه ، فكانه صارعين تلك الصفة ، والثاني أن يكون المراد بالصبر
(1)راجع كشف الحق 1 : 96 ، وكشف اليقين : 125 .
(2)أى كون المراد من الذين آمنوا على وسلمان .
(3 و 4)غرائب القرآن 3 : 534 .
(5)أى كون المراد من " تواصوا بالصبر " على عليه السلام .