بحار الأنوار ج14

للجد لامر عظيم ، ثم قال : " وحنانا من لدنا " يعني تحننا ورحمة على والديه وسائر
عبادنا " وزكوة " يعني طهارة لمن آمن به وصدقه " وكان تقيا " يتقي الشرور والمعاصي
" وبرا بوالديه " محسنا إليهما ، مطيعا لهما " ولم يكن جبارا عصيا " يقتل على الغضب و
يضرب على الغضب ، لكنه مامن عبد لله(1)عزوجل إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ماخلا
يحيى بن زكريا عليه السلام ، فإنه لم يذنب ولم يهم بذنب ، ثم قال الله عزوجل : " وسلام
عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " .
وقال أيضا في قصة يحيى :(2)" هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من
لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " يعني لما رأى زكريا عليه السلام عند مريم فاكهة الشتاء
في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء وقال لها : " يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن
الله يرزق من يشاء بغير حساب " وأيقن زكريا أنه من عند الله إذ كان لايدخل عليها أحد
غيره قال عند ذلك في نفسه : إن الذي يقدر أن يأتي مريم بفاكهة الشتاء في الصيف و
فاكهة الصيف في الشتاء لقادر أن يهب لي ولدا وإن كنت شيخا وكانت امرأتي عاقرا ، فهنالك
دعا زكريا ربه فقال : " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " قال الله
عزوجل : " فنادته الملائكة " يعني نادت زكريا " وهو قائم يصلي في المحراب أن الله
يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله " قال : مصدقا بعيسى ، يصدق يحيى بعيسى(3)
" وسيدا " يعني رئيسا في طاعة الله على أهل طاعته " وحصورا " وهو الذي لايأتي النساء
" ونبيا من الصالحين " قال : وكان أول تصديق يحيى بعيسى أن زكريا كان لايصعد
إلى مريم في تلك الصومعة غيره يصعد إليها بسلم ، فإذا نزل أقفل عليها ثم فتح لها من
فوق الباب كوة صغيرة يدخل عليها منها الريح ، فلما وجد مريم وقد حبلت ساء‌ه ذلك و
قال في نفسه : ماكان يصعد إلى هذه أحد غيري وقد حبلت ، والآن أفتضح في بني إسرائيل
لايشكون أني أحبلتها ، فجاء إلى امرأته فقال لها ذلك ، فقالت : يا زكريا لاتخف فإن


(1)في المصدر : ماعبد عبد لله .
(2)" " : في قصة يحيى وزكريا .
(3)المصدر : خلى عن قوله : يصدق يحيى بعيسى .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه