أن يكون ما أمر به المستحسن للشئ عند الرؤية من تعويذه بالله والصلاة على رسول الله
صلى الله عليه وآله قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشئ المستحسن ، فلا تغيير(1)عند
ذلك ، لان الرائي لذلك قد أظهر الرجوع إلى الله تعالى والاعاذة به فكأنه غير راكن
إلى الدنيا ، ولا مغتر بها - انتهى كلامه رضي الله عنه - .
" وما اغني عنكم من الله من شئ " أي وما أدفع من قضاء الله من شئ ، إن
كان قد قضا عليكم الاصابة بالعين أو غير ذلك . " إن الحكم إلا لله " أي ما الحكم
إلا لله . " عليه توكلت " فهو القادر على أن يحفظكم من العين ، أو من الحسد ، ويردكم
علي سالمين .
" وعليه فليتوكل المتوكلون " أي ليفوضوا امورهم(2)إليه وليثقوا به . " ولما
دخلوا مصر من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم
يعقوب " ما كان يغني عنهم - إلخ - " أي لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني عنهم(3)
أي يدفع عنهم شيئا أراد إيقاعه ، من حسد أو إصابة عين ، وهو عليه السلام كان عالما
بأنه لا ينفع حذر من قدر ، ولكن كان ما قاله لبنيه حاجة في قلبه ، فقضى يعقوب
تلك الحاجة ، أي أزال به اضطراب قلبه ، لان لا يحال على العين مكروه يصيبهم .
وقيل : معناه أن العين لو قدر أن تصيبهم لاصابتهم وهم متفرقون ، كما تصيبهم
مجتمعين .
قال : " وحاجة " استثناء ليس من الاول بمعنى ولكن حاجة " وإنه لذوعلم "
أي لذو يقين ومعرفة بالله " لما علمناه " من أجل تعليمنا إياه ، أو يعلم ما علمناه فيعمل
به " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " مرتبة يعقوب في العلم(4).
(1)فلا يغتر(خ).
(2)أمرهم(خ).
(3)في المصدر : أو .
(4)مجمع البيان : ج 5 ، ص 249 - 250 .