بحار الأنوار ج15

النمل ، فلما رأى عبدالمطلب هذا عرف موضع زمزم ، فقال لقريش : إني عبرت(1)في
أربع ليال في حفر زمزم فهي مآثرتنا وعزنا فهلموا تحرها ، فلم يجيبوه إلى ذلك ، فأقبل
يحفرها هو بنفسه ، وكان له ابن واحد وهو الحارث ، وكان يعينه على الحفر ، فلما صعب
ذلك عليه تقدم إلى باب الكعبة ثم رفع يديه ودعا الله عزوجل ، ونذر له إن رزقه عشر
بنين أن ينحر أحبهم إليه تقربا إلى الله عزوجل ، فلما حفر وبلغ الطوي طوي
إسماعيل وعلم أنه قد وقع على الماء كبر وكبرت قريش فقالوا : يا أبا الحارث هذه
مآثرتنا ولنا فيها نصيب ، قال لهم : لم تعينوني على حفرها هي لي ولولدي إلى آخر
الابد(2).
تبيين : عمى عليه الامر : التبس ، قال الجزري : في حديث زمزم أتاه آت فقال :
احفر برة سماه برة لكثرة منافعها وسعة مائها ، وقال الفيروزآبادي : طيبة بالكسر : اسم زمزم ،
وقال الجزري : فيه احفر المضنونة ، أي التي يضن بها لنفاستها وعزتها ، وقال : فيه أرى
عبدالمطلب في منامه احفر زمزم لا تنزف ولا تذم ، أي لا يفنى ماء‌ها على كثرة الاستسقاء ،
ولا تذم ، أي لا تعاب ، أولا تلفى مذموما من أذممته : إذا وجدته مذموما ، وقيل : لا يوجد
ماء‌ها قليلا من قولهم : بئر ذمة : إذا كانت قليلة الماء : وقال : الغراب الاعصم : الابيض
الجناحين ، وقيل : الابيض الرجلين انتهى .
والمآثرة بفتح الثاء وضمها : المكرمة ، والطوي على فعيل : البئر المطوية
بالحجارة .
96 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده
الحسن بن راشد قال : سمعت أبا إبراهيم عليه السلام يقول : لما احتفر عبدالمطلب زمزم وانتهى إلى قعرها
خرجت عليه من أحد جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته فأبى أن ينثني(3)وخرج ابنه الحارث
عنه ، ثم حفر حتى أمعن(4)فوجد في قعرها عينا تخرج عليه برائحة المسك ، ثم احتفر


(1)قد عبرت خ ل وفي المصدر : إنى امرت .
(2)فروع الكافى 1 : 225 و 226 .
(3)أى فأبى أن ينصرف .
(4)أمعن في الطلب : أبعد وبالغ في الاستقصاء .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه