بحار الأنوار ج74

الحمد لله الذي أعجز الاوهام أن تنال إلا وجوه ، وحجب العقول أن تتخيل
ذاته في امتناعها من الشبه والشكل ، بل هو الذي لم يتفاوت في ذاته ، ولم يتبعض
بتجزئة العدد في كماله ، فارق الاشياء لا على اختلاف الاماكن ، وتمكن منها لا على
الممازجة ، وعلمها لابأداة ، لا يكون العلم إلا بها ، وليس بينه وبين معلومة علم

غيره ، إن قيل : كان فعلى تأويل أزلية الوجود ، وإن قيل : لم يزل فعلى تأويل
نقي العدم ، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا .
نحمده بالحمد الذي ارتضاه لخلقه وأوجب قبوله على نفسه ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، شهادتان ترفعان القول
وتضاعفان العمل ، خف ميزان ترفعان منه ، وثقل ميزان توضعان فيه ، وبهما الفوز
بالجنة ، والنجاة من النار ، والجوار على الصراط ، وبالشهادتين تدخلون الجنة
وبالصلاة تنالون الرحمة ، فأكثروا من الصلاة على نبيكم وآله إن الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما أيها الناس إنه
لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى . ولا معقل آحرز من الورع ،
ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا كنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم ، ولا حسب
أبلغ من الادب ، ولا نصب أوضع من الغضب ، ولا جمال أزين من العقل ، ولا سوء‌ة
أسوء من الكذب ، ولا حافظ أحفظ من الصمت ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا غائب
أقرب من الموت .
أيها الناس من مشى على وجه الارض فانه يصير إلى بطنها ، والليل
والنهار مسرعان في هدم الاعمار ، ولك ذي رمق قوت ، ولكل حبة آكل ، وأنت
قوت الموت ، وإن من عرف الايام لم يغفل عن الاستعداد ، لن ينجو من الموت
غني بماله ، ولا فقير لاقلاله ، أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه ، ومن لم يرع
في كلامه أظهر هجره ، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم(1)، ما أصغر
المصيبة مع عظم الفاقة غدا ، هيهات هيهات وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي


(1)في المجالس بهيمة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه