والتكبر يقال على وجهين : أحدهما أن تكون الافعال الحسنة كثيرة في
الحقيقة ، وزائدة على محاسن غيره ، وعلى هذا وصف الله تعالى بالمتكبر وقال
تعالى : العزيز الجبار المتكبر (1)الثاني أن يكون متكلفا لذلك متشبعا
وذلك في وصف عامة الناس نحو قوله عزوجل : فبئس مثوى المتكبرين (2)
وقوله تعالى : كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (3)ومن وصف
بالتكبر على الوجه الاول فمحمود ، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم .
ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الانسان بذلك ، ولا يكون مذموما
قوله تعالى : سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق (4)فجعل
المتكبرين بغير الحق مصروفا .
والكبرياء هي الترفع عن الانقياد ، وذلك لا يستحقه غيرالله قال تعالى وله
الكبرياء في السموات والارض وهو العزيز الحكيم (5)ولما قلنا روي عنه عليه السلام
يقول عن الله تعالى : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ، فمن نازعني في شئ منهما قصمته
قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا وتكون لكما الكبرياء في الارض ، وما
نحن لكما بمؤمنين (6)انتهى(7).
واقول : الآيات والاخبار في ذم الكبر ومدح التواضع ، أكثر من أن تحصى
قال الشهيد قدس الله روحه : الكبر معصية والاخبار كثيرة في ذلك قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من الكبر . فقالوا : يا
رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا وفعله حسنا فقال : إن الله جميل
يحب الجمال ولكن الكبر بطر الحق وغمص الناس .
بطر الحق رده على قائله ، والغمص بالصاد المهملة الاحتقار والحديث مؤول
بما يؤدي إلى الكفر ، أو يراد أنه لا يدخل الجنة مع دخول غير المتكبر بل بعده
(1)الحشر : 23(2)الزمر : 72 .
(3)غافر : 35 .(4)الاعراف : 146 .
(5)الجاثية : 37 .(6)يونس : 78 .
(7)مفردات غريب القرآن 421 و 422 .