بحار الأنوار ج48

يرجعون إليه في الحروب وقال الله عزوجل ومن لولهم يومئذ دبره إلا متحرفا
لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد بآء بغضب من الله (1)فان لم يكن شجاعا فر فيبوء
بغضب من الله ، فلا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله حجة لله على خلقه .
قال : فمن أين قلت : إنه أسخى الناس ؟ قال : لانه خازن المسلمين ، فان
لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم فأخذها ، فكان خائنا ، ولا يجوز أن يحتج
الله على خلقه بخائن ، فقال عند ذلك ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟
فقال : صاحب العصر أمير المؤمنين وكان هارون الرشيد : قد سمع الكلام كله
فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك ياجعفر وكان جعفر بن
يحيى جالسا معه في الستر من يعني بهذا ؟ قال : ياأمير المؤمنين يعني موسى بن
جعفر قال : ماعنى بها غير أهلها ، ثم عض على شفته ، وقال : مثل هذا حي ويبقى
لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف
سيف .
وعلم يحيى أن هشاما قد اتي فدخل الستر فقال : ويحك ياعباسي من هذا
الرجل ؟ فقال : ياأمير المؤمنين تكفى تكفى ، ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فعلم هشام
أنه قد اتى فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة ، فلبس نعليه وانسل ، ومر ببنيه
وأمرهم بالتواري ، وهرب ، ومر من فوره نحو الكوفة ، ونزل على بشير النبال
وكان من حملة الحديث من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام فأخبره الخبر ، ثم اعتل علة
شديدة فقال له بشير : آتيك بطبيب ؟ قال لا : أنا ميت .
فلما حضره الموت قال لبشير : إذا فرغت من جهازي فاحملني في جوف الليل
وضعني بالكناسة ، واكتب رقعة وقل هذا هشام بن الحكم الذي طلبه أمير المؤمنين
مات حتف أنفه ، وكان هارون قد بعث إلى إخوانه وأصحابه ، فأخذ الخلق به
فلما أصبح أهل الكوفة رأوه ، وحضر القاضي ، وصاحب المعونة ، والعامل
والمعدلون بالكوفة ، وكتب إلى الرشيد بذلك فقال : الحمد لله الذي كفانا أمره


(1)سورة الانفال الاية : 16 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه