حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا " يعني لحوم الابل وشحوم
البقر والغنم ، هكذا أنزلها الله فاقرؤوها هكذا ، وما كان الله ليحل شيئا في كتابه ثم يحرمه
بعدما أحله ، ولا يحرم شيئا ثم يحله بعدما حرمه ، قلت : وكذلك أيضا قوله : " ومن
البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما " ؟ قال : نعم ، قلت : فقوله : " إلا ما حرم إسرائيل على
نفسه " قال : إن إسرائيل كان إذا أكل من لحم الابل هيج عليه وجع الخاصرة فحرم
على نفسه لحم الابل ، وذلك من قبل أن تنزل التوراة فلما نزلت التوراة لم يحرمه ولم
يأكله .(1)
بيان : لعله عليه السلام قرأ " حرمنا " بالتخفيف ، أي جعلناهم محرومين ، وتعديته بعلى
لتضمين معنى السخط أو نحوه ، واستدل عليه السلام على ذلك بأن ظلم اليهود كان بعد موسى عليه السلام
ولم ينسخ شريعته إلا بشريعة عيسى ، واليهود لم يؤمنوا به ، فلابد من أن يكون " حرمنا "
بالتخفيف أي سلبنا عنهم التوفيق حتى ابتدعوا في دين الله ، وحرموا على أنفسهم الطيبات
التي كانت حلالا عليهم افتراء على الله ، ولم أر تلك القراءة في الشواذ أيضا .
قوله عليه السلام :(ولم يأكله)أي موسى للنزاهة أو لاشتراك العلة ، ويمكن أن يقرأ
يؤكله على بناء التفعيل بأن يكون الضميران راجعين إلى الله تعالى أو بالتاء بإرجاعهما إلى
التوراة ، وبالياء يحتمل ذلك أيضا ، وعلى التاء يمكن أن يقرأ الثاني بالتخفيف بإرجاعهما
إلى بني إسرائيل .
2 - فس : " تماما على الذي أحسن " يعني تم له الكتاب لما أحسن .(2)
3 - فس : " وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر " يعني اليهود حرم الله عليهم
لحوم الطير ، وحرم عليهم الشحوم وكانوا يحبونها إلا ما كان على ظهور الغنم أو في جانبه
خارجا من البطن ، وهو قوله : " حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا "
يعني في الجنين " أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم " أي كان(3)ملوك بني إسرائيل
(1)تفسير القمى : 146 - 147 .
(2)تفسير القمى : 209 .
(3)في المصدر : ذلك جزيناهم ببغيهم وانا لصادقون ، ومعنى قوله :(جزيناهم ببغيهم وانا)
أى كان اه .(*)