بحار الأنوار ج57

في رؤية المرئي بسبب القرب والبعد إنما هو تابع لاختلاف الزاوية الحاصلة عند مركز
الجليدية في رأس المخروط الشعاعي بحسب التوهم أو بحسب الواقع عند انطباق قاعدته
على سطح المرئي ، فكلما قرب المرئي عظمت تلك الزاوية ، وكلما بعد صغرت . وقد
تقرر أيضا بين محققيهم أن رؤية الشئ على ما هو عليه إنما هو(1)في حالة يكون
البعد بين الرائي والمرئي على قدر يقتضي أن تكون الزواية المذكورة قائمة . فبناء
على ذلك إذا فرضت الزاوية المذكورة بالنسبة إلى مرئي قائمة يجب أن يكون البعد
بين رأس المخروط وقاعدته المحيط بالمرئي بقدر نصف قطر قاعدته على ما تقرر في
الاصول . فلما كان قطر الارض أزيد من ألفي فرسخ بلا شبهة لاتكون مرئية على
ما هي عليه من دون ألف فرسخ ومعلوم أن الجبال والوهاد المذكورة غير محسوسة
عادة عند هذا البعد من المسافة فلا يكون لها قدر محسوس عند الارض بالمعنى الذي
مهدنا .
ثم إنهم استعلموا بزعمهم مساحة الارض وأجزاء‌ها ودوائرها في زمان المأمون
وقبله فوجدوا مقدار محيط الدائرة العظمى من الارض ثمانية آلاف فرسخ ، وقصرها
ألفين وخمسمائة وخمسة وأربعين فرسخا ونصف فرسخ تقريبا ، مضروب القطر في
المحيط مساحة سطح الارض وهي عشرون ألف ألف وثلاثمائة وستون ألف فرسخ
وربع ذلك مساحة الربع المسكون من الارض . وأما القدر المعمور من الربع المسكون
وهوما بين خط الاستواء والموضع الذي عرضه بقدر تمام الميل الكلي فمساحته ثلاثة
آلاف ألف وسبعمائة وخمسة وستين ألفا وأربعمائة وعشرين فرسخا وهو قريب من
سدس سطح جميع الارض وسدس عشرة ، والفرسخ ثلاثة أميال بالاتفاق ، وكل ميل
أربعة آلاف ذراع عند المحدثين ، وثلاثة آلالف عند القدماء ، وكل ذراع أربع و
عشرون إصبعا عند المحدثين ، واثنان وثلاثون عند القد ماء ، وكل إصبع بالاتفاق
مقدارست شعيرات مضمومة بطون بعضها إلى ظهور بعض من الشعيرات المعتدلة .
وذكروا أن للارض ثلاث طبقات : الاولي : الارض الصرفة المحيطة بالمركز


(1)هى(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه