كما هم على ظهرها ؟ وأقبل ملك الجبال فقال : السلام عليك يا رسول الله إن الله قد
أمرني أن اطعيك ، أفتأمرني أن آمر الجبال فتنقلب عليهم فتحطمهم ؟ وأقبل ملك البحار
فقال : السلام عليك يا رسول الله ، قد أمرني ربى أن اطيعك ، أفتأمرني أن آمر البحار
فتغرقهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : قد امرتم بطاعتي ؟ قالوا : نعم ، فرفع رأسه إلى السماء
ونادى : إني لم ابعث عذابا ، إنما بعثت رحمة للعالمين ، دعوني وقومي فإنهم لا يعلمون ،
ونظر جبرئيل عليه السلام إلى خديجة تجول في الوادي فقال : يا رسول الله ألا ترى إلى خديجة
قدأبكت لبكائها ملائكة السماء ؟ ادعها إليك فأقرئها مني السلام ، وقل لها : إن الله يقرئك
السلام ، وبشرها أن لها في الجنة بيتا من قصب لانصب فيه ولا صخب(1)، لؤلؤا مكللا
بالذهب ، فدعاها النبي صلى الله عليه وآله والدماء تسيل من وجهه على الارض ، وهو
يمسحها ويردها قالت فداك أبي وامي دع الدمع يقع على الارض ، قال : أخشى أن يغضب
رب الارض على من عليها ، فلما جن عليهم الليل انصرفت خديجة رضي الله عنها ورسول
الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ودخلت به منزلها ، فأقعدته على الموضع الذي فيه الصخرة ، وأظلته
بصخرة من فوق رأسه ، وقامت في وجهه تستره ببردها(2)، وأقبل المشركون يرمونه
بالحجارة ، فإذا جاءت من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة ، وإذا رموه من تحته وقته الجدران
الحيط ، وإذا رمي من بين يديه وقته خديجة - رضي الله عنها - بنفسها ، وجعلت تنادي
يامعشر قريش ترمى الحرة في منزلها ؟ فلماسمعوا ذلك انصرفوا عنه ، وأصبح رسول الله
صلى الله عليه وآله وغدا إلى المسجد يصلي ، وفي سنة ثمان من نبوته صلى الله عليه وآله نزلت " الم غلبت
الروم(3)" كما مرت قصته في باب إعجاز القرآن .
(1)في النهاية : في حديث خديجة : " بشر خديجة ببيت من قصب في الجنة " القصب في هذا
الحديث : لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف . والقصب من الجوهر : مااستطال منه في تجويف .
وقال : الصخب : الضجة واضطراب الاصوات للخصام .
(2)في المصدر : تستره ببردته .
(3)المنتقى في مولود المصطفى : الفصل الرابع في ذكر هجرة الحبشة ، والباب الرابع : فيما
كان في سنة ست وسنة سبع من نبوته صلى الله عليه وآله ، والباب الخامس : فيما كان في سنة
ثمان من نبوته صلى الله عليه وآله .(*)