بحار الأنوار ج81

ومعنى الآية أن الصحيح يصلي قائما ، والمريض يصلي قاعدا ، ومن لم يقدر أن يصلي
قاعدا صلى مضطجعا ، ويومي إيماء فهذه رخصة جاء‌ت بعد العزيمة (1).
بيان : المشهور بين الاصحاب أنه مع العجز عن الاستقلال في القيام يعتمد على
شئ ، فمع العجز عن القيام مطلقا حتى مع الانحناء والاتكاء يصلي قاعدا ، ونقلوا على
تلك الاحكام الاجماع ، لكن اختلفوا في حد العجز المسوغ للقعود فالمشهور أنه العجز
عن القيام أصلا وهو مستند إلى علمه بنفسه ونقل عن المفيد أن حده أن لايتمكن

من المشي بمقدار الصلاة ، لما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص (2)المروزي قال : قال
الفقيه عليه السلام : المريض إنما يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي لايقدر فيها أن يمشي مقدار
صلاته إلى أن يفرغ قائما .
والخبر يحتمل وجهين : أحدهما أن من يقدر على المشي بقدر الصلاة
يقدر على الصلاة قائما ، وثانيهما أن من قدر على المشي مصليا ولم يقدر على القيام
مستقرا فالصلاة ماشيا أفضل من الصلاة جالسا ، ولو حمل على الاول بناء على الغالب
لاينافي المشهور كثيرا .
ثم إنهم اختلفوا فيما إذا قدر على الصلاة مستقرا متكئا وعليها ماشيا فالاكثر
رجحوا الاستقرار ، ونقل عن العلامة ترجيح المشي ، وكذا اختلفوا فيما إذا قدر
على المشي فقط ، هل هو مقدم على الجلوس أم الجلوس مقدم عليه ؟ فذهب الشهيد و
جماعة إلى الثاني ، والشهيد الثاني إلى الاول بحمل الرواية على المعنى الثاني مؤيدا
له بأن مع المشي يفوت وصف القيام ومع الجلوس أصله ، ولايخفى مافيه ، إذا لاستقرار
واجب برأسه يجتمع هو وضده مع القيام والقعود معا .
والمسألة في غاية الاشكال ، ولايبعد أن يكون الصلاة جالسا أوفق لفحوى
الاخبار كما لايخفى على المتأهل فيها ، والخبر المتقدم له محملان متعادلان يشكل
الاستدلال به على أحدهما .


(1)تفسير النعماني المطبوع في البحار ج 93 ص 28 .
(2)التهذيب ج 1 ص 305 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه