بحار الأنوار ج13

من يولد منهم ، ويعذب الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن ، وأسرع الموت في مشيخة
بني إسرائيل ، فدخل رؤوس القبط على فرعون فقالوا له : إن الموت قد وقع في بني إسرائيل
وأنت تذبح صغارهم ويموت كبارهم ، فيوشك أن يقع العمل علينا ، فأمر فرعون أن
يذبحوا سنة ويتركوا سنة ، فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها فترك ، وولد موسى
في السنة التي يذبحون فيها ، قالوا : فولدت هارون امه علانية آمنة ، فلما كان العام المقبل
حملت بموسى فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه واشتد غمها فأوحى الله تعالى إليها وحي
إلهام : " أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك و
جاعلوه من المرسلين " فلما وضعته في خفية أرضعته ، ثم اتخذت له تابوتا ، وجعلت مفتاح
التابوت من داخل وجعلته فيه .
قال مقاتل : وكان الذي صنع التابوت خربيل(1)مؤمن آل فرعون ، وقيل : إنه كان
من بردي(2)فاتخذت ام موسى التابوت وجعلت فيه قطنا محلوجا ووضعت فيه موسى و
قيرت رأسه وخصاصه ،(3)ثم ألقته في النيل ، فلما فعلت ذلك وتوارى عنها ابنها أتاها
الشيطان لعنه الله ووسوس إليها فقالت في نفسها : ماذا صنعت بابني ؟ لو ذبح عندي فواريته
وكفنته كان أحب إلي من أن القيه بيدي إلى دواب البحر ، فعصمها الله تعالى ، وانطلق
الماء بموسى يرفعه الموج مرة ويخفضه اخرى حتى أدخله بين أشجار عند دار فرعون إلى
فرضة(4)وهي مستقى(5)جواري آل فرعون ، وكان يشرب منها نهر كبير في دار فرعون و
بستانه ، فخرجت جواري آسية يغتسلن ويسقين فوجدن التابوت فأخذنه وظنن أن فيه
مالا فحملنه كهيئته حتى أدخلنه على آسية(6)فلما فتحته ورأت الغلام فألقى الله تعالى


(1)في المصدر : خرقيل وكذا فيما تقدم .
(2)بفتح الباء : نبات كالقصب كان قدماء المصريين يتخذون قشره للكتابة .
(3)الخصاص بالفتح : كل خلل او خرق في الباب وما شاكله . الفرج في البناء .
(4)الفرضة بالضم من النهر : الثلمة ينحدر منها الماء وتصعد منها السفن ويسقى منها .
(5)في نسخة : مسقى .
(6)قد سقط من العرائس المطبوع بمصر هنا ازيد من صفحة وهو من قوله : " فلما فتحته " إلى قوله :
فيما يأتى " فلما اخرجوه من التابوت عمدت بنت فرعون " .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه