بحار الأنوار ج75

يضمحل عندهم كل فتنة ، وينجلي عنهم كل شبهة ، اولئك أصحابي فاطلبوهم في
أطراف الارضين ، فإن لقيتم منهم أحدا فاسألوه أن يستغفر لكم .
- 91 وقال عليه السلام(1): شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا
المتوازرون في أمرنا ، الذين إن غضبوا لم يظلموا ، وإن رضوا لم يسرفوا ، بركة على
من جاوروه ، سلم لمن خالطوه ، اولئك هم السائحون الناحلون ، الزابلون ،
ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم(2)متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم كثير بكاؤهم
جارية دموعهم . يفرح الناس ويحزنون ، وينام الناس ويسهرون ، إذا شهدوا لم
يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا خطبوا الابكار لم يزوجوا ، قلوبهم محزونة
وشرورهم مأمونة ، وأنفسهم عفيفة ، وحوائجهم خفيفة ، ذبل الشفاه من العطش
خمص البطون من الجوع ، عمش العيون من السهر ، الرهبانية عليهم لايحة ، والخشية
لهم لازمة ، كلما ذهب منهم سلف خلف في موضعه خلف ، اولئك الذين يردون القيامة
وجوههم كالقمر ليلة البدر . تغبطهم الاولون والاخرون ، ولا خوف عليهم ولا
يحزنون .
92 - وقال عليه السلام : المؤمن يرغب فيما يبقى ويزهذ فيما يفنى ، يمزج الحلم
بالعلم ، والعلم بالعمل ، بعيد كسله ، دائم نشاطه ، قريب أمله ، حي قلبه ، ذاكر
لسانه ، لا يحدث بما لا يؤتمن عليه الاصدقاء ، ولا يكتم شهادة الاعداء ، لا يعمل
شيئا من الخير رياء ولا يتركه حياء ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان
في الذاكرين لم يكتب في الغافلين ، وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، ويعفو
عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، ويحسن إلى من أساء إليه ، لا يعزب
حلمه ، ولا يعجل فيما يريبه ، بعيد جهله ، لين قوله ، قريب معروفه ، غائب منكره
صادق كلامه ، حسن فعله مقبل خيره ، مدبر شره ، في الزلازل وقور ، وفي المكاره


(1)مطالب السؤول ص 53 .
(2)نحل جسمه أى سقم ، والناحل الرقيق الجسم من مرض أو تعب . وذبل النبات :
قل ماؤه وذهبت نضارته . والذبل : اليابسة الشفه . والخميصة أى الضامرة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه