بحار الأنوار ج87

العمق الاكبر الذي تحت التخوم الارضية وذكر ركود البحار والانهار وخضوع
الرياح وخمود النيران له تعالى دليل على كمال جماله وجمال كماله .
وفي اللوامع أن هذه المذكورة هي البسائط الاربع : النار والهواء والماء والارض
وكل منها محيط بالاخر والمركبات تخلق عن امتزاجها .
واعلم أن العمق الاكبر إشارة إلى العنصر الترابي والبحار والانهار إلى
المائي ; والرياح إلى الهوائي ، والنيران إلى الناري ، وهذا يسمى في علم البديع
بالترتيب ، وهو أن يعمد الشاعر أو الناثر إلى أوصاف شتى وموصوف واحد ، فيوردها
على ترتيبها في الخلقة الطبيعة .
وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور قال : السلطان مأخوذ
من السلاطة وهي القهر ، وهو فعلان يذكر ويؤنث ويجمع ، والسلطان أيضا الحجة
والبرهان وهو المعنى المراد هنا ولم يجمع لاجرائه مجرى المصدر ، وكل
سلطان في القرآن فمعناه الحجة النيرة ، واشتقاقه قيل من السليط وهو دهن الزيت
لاضاء‌ته ، والمراد بدهر الدهور هنا هو الابد الذي لا ابتداء له ولا نهاية ، والمعنى
أنه عليه السلام أقسم عليه سبحانه بحجته وبرهانه الغالبة أبد الدهر .
تجليت به للجبل قال : التجلي هنا عبارة عن ظهور اقتدراه تعالى للجبل ،
وتصدي أمره وإرادته فجعلته دكا أي مدكوكا وهو مصدر بمعنى مفعول ، وقال
العزيزي دكا أى مدكوكا أي مستويا مع وجه الارض ، ومنه يقال ناقة دكاء إذا كانت
مستوية السنام ، وأرض دكاء أي ملساء ، وقرئ دكاء بالمد والهمزة من غير تنوين
والدكاء الربوة الناشزة من الارض لا تبلغ أن تكون جبلا ، وأصل الدك الكسر .
وخر موسى صعقا أي خر مغشيا عليه غشية كالموت من هول ما رأى
وفي الدرر والغرر أنه لما ظهر نوره تعالى للجبل جعله دكا أي مستويا من الارض
وقيل ترابا وقيل ساخ في الارض ، وقيل بقي أربع قطع واحدة بالمشرق واخرى
بالمغرب وواحدة بالبحر واخرى صارت رملا ، وقيل صارت ستة أجبل بالمدينة ثلاثة :
احد وورقان ورضوى ، وبمكة ثلاثة : ثور وثبير وحرى ، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه