الاخير ما سيأتي وما ورد في بعض الاخبار الدالة على تأثيرها في الجملة ، وما ورد
في بعض الادعية من الاستعاذة منها . قال الجزري في النهاية : الطيرة بكسر الطاء
وفتح الياء وقد تسكن هي التشؤم بالشئ ، وهو مصدر تطير ، يقال : تطير طيرة
كتخير خيرة ، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، وأصله فيما يقال : التطير
بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما ، فكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم
فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ودفع ضر ، و
منه الحديث(ثلاث لايسلم(1)منها أحد : الطيرة ، والحسد ، والظن ، قيل : فما
نصنع ؟ قال : إذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق(2)).
وقال في قوله(ولاهامة)الهامة الرأس واسم طائر وهو المراد في الحديث ، و
ذلك أنهم كانوا يتشأمون بها ، وهي من طير الليل وقيل هي البومة ، وقيل : إن العرب
كانت تزعم أن روح القتيل الذي لايدرك بثأره تصير هامة فتقول : اسقوني ، اسقوني
فإذا ادرك بثأره طارت ، وقيل : كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصيرهامة
ويسمونه(الصدى)فنفاه الاسلام ونهاهم عنه(3)(انتهى)وقيل : هي البومة إذا
سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له أو لبعض أهله ، وهو بتخفيف الميم على المشهور
وقيل بتشديدها .
وقوله(ولا شؤم)هو كالتأكيد لما سبق ، قال الجزري فيه أيضا : قال إن كان
الشؤم في شئ ففي ثلاث : المرأة ، والدار ، والفرس . أي إن كان ما يكره ويخاف
عاقبته ففي هذه الثلاث ، وتخصيصه لها لانه لما أبطل مذهب العرب في التطير
بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ، ونحوهما قال : فإن كانت لاحدكم دار يكره
سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها ، بأن ينتقل عن الدار
ويطلق المرأة ، ويبيع الفرس . وقيل : إن شوم الدار ضيقها وسوء جارها ، وشوم
(1)في المصدر : لايسلم منهن أحد .
(2)النهاية : ج 3 ، ص 51 .
(3)النهاية : ج 4 ، ص 258 .