بحار الأنوار ج22

خديه(1)على راحته ، والريح يضرب طرف الثوب على وجه علي عليه السلام ، قال :
والناس على الباب وفي المسجد ينتحبون ويبكون ، وإذا سمعنا صوتا في البيت : إن
نبيكم طاهر مطهر فادفنوه ولا تغسلوه ، قال : فرأيت عليا عليه السلام حين رفع رأسه
فزعا فقال : اخسأ عدو الله ، فإنه أمرني بغسله وكفنه ودفنه ، وذاك سنة ، قال :
ثم نادى مناد آخر غير تلك النغمة : يا علي بن أبي طالب استر عورة نبيك ، ولا
تنزع القميص(2).
54 - نهج : إلا إن لي في التأسي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك موضع
تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك ، إنا لله
وإنا إليه راجعون(3).
55 - نهج : من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وتجهيزه :
بأبي أنت وامي لقد انقطع بموتك مالم ينقطع بموت غيرك من النبوة والانبآء
وأخبار السمآء خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك ، وعممت حتى صار الناس فيك
سوآء ، ولو لا أنك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع لانفدنا(4)عليك مآء الشؤن
ولكان الدآء مماطلا ، والكمد محالفا ، وقلالك ، ولكنه مالا يملك رده ، ولا يستطاع
دفعه ، بأبي أنت وامي اذكرنا عند ربك ، واجعلنا من بالك(5).
بيان : قوله عليه السلام : مالم ينقطع ، إذ في موت غيره صلى الله عليه وآله من الانبيآء كان
يرجى نزول الوحي على غيره فأما هو صلى الله عليه وآله فلما كان خاتم الانبيآء لم يرج ذلك .
قوله عليه السلام : خصصت ، أي في المصيبة ، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة
بين المصائب حتى صار تذكرها مسليا عما سواها ، وعمت مصيبتك الانام بحيث
لا يختص بها أحد دون غيره . قوله : لانفذنا ، أي أفنينا وأذهبنا حتى لا يبقى شئ


(1)الضميران راجعان إلى على عليه السلام . منه رحمه الله .
(2)تهذيب الاحكام 1 : 132 .
(3)نهج البلاغة القسم الاول : 417 . والاية في البقرة : 156 .
(4)في المصدر : لانفذنا ولعله مصحف .
(5)نهج البلاغة القسم الاول : 491 و 492 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه