بحار الأنوار ج16

على جميع الخلائق ، يسأل فيعطى ، ويشفع فيشفع ، وقد أجمع المفسرون على أن المقام المحمود
هو مقام الشفاعة ، وهو المقام الذي يشفع فيه للناس ، وهو المقام الذي يعطى فيه لواء الحمد ،
فيوضع في كفه ، وتجتمع تحته الانبيآء والملائكة ، فيكون صلى الله عليه واله أول شافع وأول مشفع
" وقل " يا محمد " رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق " المدخل والمخرج مصدر
الادخال والاخراج ، فالتقدير أدخلني إدخال صدق ، وأخرجني إخراج صدق ، وفي
معناه أقول :
أحدها : أن المعنى أدخلني في جميع ما أرسلتني به إدخال صدق ، وأخرجني منه
سالما إخراج صدق(1).
وثانيها : أدخلني المدينة ، وأخرجني منها إلى مكة للفتح .
وثالثها : أنه امر بهذا الدعاء إذا دخل في أمر ، أو خرج من أمر ، والمراد أدخلني
في كل أمر مدخل صدق .
ورابعها : أدخلني القبر مدخل صدق ، وأخرجني منه عند البعث مخرج صدق ، و
مدخل الصدق : ما تحمد عاقبته في الدنيا والدين " واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا "
أي اجعل لي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي عن إقامة فرائضك ، وقوة تنصرني بها
على من عاداني فيك ، وقيل : اجعل لي ملكا عزيزا أقهر به العصاة ، فنصر بالرعب حتى
خافه العدو على مسيرة شهر ، وقيل : حجة بينة أتقوى بها على سائر الاديان ، وسماه
نصيرا لانه يقع به(2)النصرة على الاعداء فهو كالمعين " وقل جاء الحق " أي ظهر الحق
وهو الاسلام والدين " وزهق " أي بطل " الباطل " وهو الشرك ، وروي عن عبدالله بن مسعود
أنه قال : دخل النبي صلى الله عليه واله مكة ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها
ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " أورده البخاري في الصحيح ،
قال الكلبي : فجعل(3)ينكب لوجهه إذا قال ذلك ، وأهل مكة يقولون : ما رأينا رجلا


(1)في المصدر زيادة هي : أي أعنى على الوحى والرسالة .
(2)في المصدر : تقع به .
(3)في المصدر : فجعل الصنم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه