بحار الأنوار ج3

الحكم ، لانه لا يحتاج إلى الحاكم إلا مغلوب ، أو جاهل ، أو مظلوم ، وهذه مقالة
المدقونية(1)والحكاية عنهم تطول .
قال : فما قصة ماني ؟ قال : متفحص أخذ بعض المجوسية فشابها ببعض
النصرانية ،(2)فأخطأ الملتين ولم يصب مذهبا واحدا منهما ، وزعم أن العالم دبر من إليهن :
نور وظلمة ، وأن النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منه فكذبته النصارى وقبلته
المجوس . الخبر .(3)
توضيح وتحقيق : اعلم أنه عليه السلام أشار في هذاالخبر إلى إبطال مذاهب ثلاث
فرق من الثنوية ولنحقق أصل مذاهبهم ليتضح ماأفاده عليه السلام في الرد عليهم .
الاول : مذهب الديصانية وهم أصحاب ديصان ، وهم أثبتوا أصلين : نورا و
ظلاما ، فالنور يفعل الخير قصدا واختيارا ، والظلام يفعل الشر طبعاواضطرارا ، فما
كان من خير ونفع وطيب وحسن فمن النور ، وما كان من شر وضر ونتن وقبح فمن
الظلام ، وزعمواأن النور حي عالم قادر حساس دراك ، ومنه تكون الحركة والحياة ،
والظلام ميت جاهل عاجز جماد موات ، لا فعل لها ولا تمييز ، وزعموا أن الشر بقع منه
طباعا ، وزعموا أن النور جنس واحد ، وكذلك الظلام جنس واحد وأن إدراك النور
إدراك متفق ، وأن سمعه وبصره هو حواسه ، وإنما قيل : سميع بصير لاختلاف التركيب
لا لانهما في نفسهما شيئان مختلفان .
وزعموا أن اللون هو الطعم وهو الرائحة وهو المجسة(4)وأنما وجده لونا لان
الظلمة خالطته ضربا من المخالطة ، ووجده طعمالانها خالطته بخلاف ذلك الضرب ،
وكذلك يقول في لون الظلمة وطعمها ورائحتهاو مجستها ، وزعموا أن النور بياض
كله ، وأن الظلمة سوادكلها ، وزعموا أن النور لم يزل يلقي الظلمة بأسفل صفيحة منه ،
وأن الظلمة لم تزل تلقاه بأعلى صفيحة منها .


(1)وفى نسخة : وهذه مقالة المرقوبية .
(2)اى زادها ببعض النصرانية .
(3)قال الفيروز آبادي : مجوس كصبور رجل صغير الاذنين وضع ذينا ودعا إليه ، معرب " ميج كوش "
(4)المجس والمجسة : موضع اللمس .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه