فاستوى أبوعبدالله عليه السلام جالسا وأقبل علي كالمغضب ثم قال : لا دين لمن دان بولاية
إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله ، قلت :
لا دين لاولئك ، ولا عتب على هؤلاء(1)؟ ثم قال : ألا تسمع قول الله عزوجل
" الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " من ظلمات(2)الذنوب
إلى نور التوبة أو المغفرة لولايتهم كل إمام عادل ، من الله قال(3): والذين كفروا
أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " فأي نور يكون للكافر
فيخرج منه ؟ إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام ، فلما توالوا كل إمام
جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياهم من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب
الله لهم النار مع الكفار فقال : اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون(4).
بيان : العجب بالتحريك : التعجب ، والعتب بالفتح : الغضب ، والملامة .
وبالتحريك : الامر الكريه ، والشدة ، ولعل المعنى لا عتب عليهم يوجب خلودهم
في النار ، أو العذاب الشديد ، أو عدم استحقاق المغفرة ، وربما يحمل المؤمنون
على غير المصرين على الكبائر من ظلمات الذنوب ، كأنه عليه السلام استدل بأنه
تعالى لما قال : " آمنوا " بصيغة الماضي و " يخرجهم " بصيغة المستقبل دل على أنه
ليس المراد الخروج من الايمان . فإنه كان ثابتا ، ولما كان " الظلمات " جمعا
معرفا باللام مفيدا للعموم يشمل الذنوب كما يشمل الجهالات ، فإما إن يوفقهم
للتوبة فيتوب عليهم ، أو يغفر لهم بغير توبة إن ماتوا كذلك ، ويحتمل التخصيص
بالاول ، لكنه بعيد عن السياق .
كانوا على نور الاسلام ، أي على فطرة الاسلام ، فإن كل مولود يولد على
الفطرة ، أو الآية في قوم كانوا على الاسلام قبل وفات الرسول فارتد وابعده باتباع
(1)زاد في نسخة من المصدر : فقال : نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء ، ثم قال :
الا سمعت :
(2)يعنى من ظلمات الذنوب .
(3)في المصدر : لولايتهم كل امام عادل ، ثم قال .
(4)عيبة النعمانى : 65 .(*)