اعلم أن الخلوة بالنساء في أول شهر الصيام من جملة العبادات فلا تخرجها
بطاعة الطبع عن العبادة إلى عبادة الشهوات ولا تشغلك الخلوة بالنساء تلك الليلة عن
مقامات السعادات ، وإن قصرت بك ضعف الارادات ، فاستعن بالله القادر على تقوية
الضعيف ، وتأهليك لمقام التشريف .
فمن الرواية في ذلك ما رويناه باسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه الله
من كتاب من لا يحضره الفقيه فقال ما هذا لفظه : وقال أميرالمؤمنين عليه السلام يستحب
للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان(1).
أقول : ولعل مراد صاحب الاداب من هذه الحال وتخصيص الالمام بالنساء
قبل الدخول في الصيام ليكون خاطر الانسان في ابتداء شهر رمضان موفرا على
الاخلاص ، ومقام الاختصاص ، وطاهرا من وساوس الشيطان ، ولعل ذلك لاجل أنه
كان محرما في صدر الاسلام ، فيراد من العبد إظهار تحليله ونسخ تحريمه ، أو لعل
المراد إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وآله بالنكاح في أول ليلة من شهر الصيام ، ويمكن ذكر
وجوه غير هذه الاقسام ، لكن هذا الذي ذكرناه ربما كان أقرب إلى الافهام .
فصل : فيما نذكره مما يختم به كل ليلة من شهر رمضان ، اعلم أن حديث
كل ضيف مع صاحب ضيافته وكل مستخفر بخفيره فحديثه مع المقصود بخفارته
وإذا كان الانسان ي شهر رمضان قد اتخذ خفيرا وحاميا كما تقدم التنبيه عليه
فينبغي كل ليلة عند فراغ عمله أن يقصد بقلبه خفيره ومضيفه ، ويعرض عمله
عليه ، ويتوجه إلى الله جل جلاله بالحامي والخفير والمضيف ، وبكل من يعز
عليه وبكل وسيلة إليه ، في أن يبلغ الحمي أنه متوجه بالله جل جلاله ، وبكل
وسيلة إليه في أن يكون هو المتولي لتكميل عمله من النقصان ، والوسيط بينه وبين
الله جل جلاله في تسليم العمل إليه من باب قبول أهل الاخلاص والامان .
أقول : ومن وظائف كل ليلة أن يبدء العبد في كل دعاء مبرور ، ويختم في
كل عمل مشكور ، بذكر من يعتقد أنه نائب الله جل جلاله في عباده وبلاده ،
(1)الفقيه ج 2 ص 112 : الكافى ج 4 ص 180 .