أكثر ، ثم إنه يرد على القول الثاني أن خشية العود إلى الماء مع تعجل
الاغتسال ، ربما كانت أكثر ، لان الاعجال موجب لتلاحق الاجزاء المنفصلة
عن البدن من الماء ، وذلك أقرب إلى الجريان والعود ، ومع الابطاء يكون
تساقطها على سبيل التدريج ، فربما بعدت بذلك من الجريان كما لا يخفى .
وأما ما ذكره الشهيد من أن الفائدة هي الاكتفاء بترديده عن إكثار معاودة
الماء ، ففيه إشعار بأنه جعل الغرض من ذلك التحرز من تقاطر ماء الغسل عن
بعض الاعضاء المغسولة في الماء الذي يغتسل منه عند المعاودة ، وقد عرفت تصريح
بعض المانعين من المستعمل بعدم تأثير مثله ، ودلالة الاخبار أيضا عليه ، فالظاهر
أن محل البحث هنا هو رجوع المنفصل عن بدن المغتسل بأجمعه إلى الماء ، أو
عن أكثره ، وعلى كل حال فالخطب في هذا عند من لا يرى المنع من المستعمل
سهل ، لان الاخبار الواردة بذلك محمولة على الاستحباب عنده ، كما ذكره
العلامة في المنتهى ، مقربا له بما رواه الشيخ في الحسن عن عبدالله بن يحيى الكاهلي
وذكر مامر .
ووجه التقريب على مايؤذن به سوق كلامه ، أن الاتفاق واقع على عدم
المنع من المستعمل في الوضوء ، فالامر بالنضح له في هذا الحديث محمول على
الاستحباب عند الكل ، فلا بعد في كون الاوامر الواردة في تلك الاخبار كذلك
ويمكن المناقشة فيه من حيث شيوع إطلاق الوضوء في الاخبار على الاستنجاء(1)
فلا يبعد إرادته هنا من الرواية ، ومعه يفوت التقريب ، ولكن الحاجة ليست
داعية إليه ، فان حمل أخبار الباب على الاستحباب ، بعد القول بعدم المنع من
المستعمل ، متعين .
ويؤيده أن أصح مافي الاخبار رواية علي بن جعفر ، وآخرها صريح في
(1)لا يخفى أنه لا ينفع الحمل على الاستنجاء في ذلك ، اذ غسالته أيضا طاهرة .
الا أن يحمل الاستنجاء على ازالة المنى ، وفيه مافيه ، منه عفى عنه ، كذا وجدناه بخطه
قدس سره في هامش المخطوطة .