عبد من عبيدالله ، لا أعلم إلا ما علمني ربي ثم قال : أذن لهم فدخلوا عليه ، فقال :
أتسألوني عما جئتم له أم انبئكم ؟ قالوا : نبئنا ، قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين ،
قالوا : نعم ، قال : كان غلاما من أهل الروم ، ثم ملك وأتى مطلع الشمس ومغربها ، ثم بنى
السد فيها ، قالوا : نشهد أن هذا كذا .
ومن ذلك أن وابصة بن معبد الاسدي أتاه فقال : لا أدع من البر والاثم شيئا إلا
سألته عنه ، فلما أتاه قال له بعض أصحابه : إليك ياوابصة عن رسول الله ، فقال النبي
صلى الله عليه وآله : دعه ، ادنه ياوابصة ، فدنوت ، فقال : أتسأل عما جئت له أو أخبرك ؟
قال : أخبرني ، قال : جئت تسأل عن البر والاثم ، قال : نعم ، فضرب بيده على صدره ثم
قال : ياوابصة البر ما اطمأنت به النفس ، والبر ما اطمأن به الصدر ، والاثم ما تردد
في الصدر وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفتوك .
ومن ذلك أنه أتاه وفد عبدالقيس فدخلوا عليه ، فلما أدركوا حاجتهم عنده قال : ائتوني
بتمر أهلكم مما معكم ، فأتاه كل رجل منهم بنوع منه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : هذا يسمى كذا
وهذا يسمى كذا ، فقالوا : أنت أعلم بتمر أرضنا ، فوصف لهم أرضهم ، فقالوا أدخلتها ؟ قال
لا ، ولكن فسح لي فنظرت إليها ، فقام رجل منهم فقال : يارسول الله هذا خالي وبه خبل(1)
فأخذ بردائه ، ثم قال : اخرج عدو الله ثلاثا ثم أرسله فبرأ ، وأتوه بشاة هرمة فأخذ أحد
اذنيها بين أصابعه فصار لها ميسما ، ثم قال : خذوها فإن هذه السمة في آذان ما تلد إلى
يوم القيامة ، فهي توالد وتلك في آذانها معروفة غير مجهولة .
ومن ذلك أنه كان في سفر فمر على بعير قد أعيا(2)وقام مبركا(3)على أصحابه
فدعا بماء فتمضمض منه في إناء وتوضأ وقال : افتح فاه فصب في فيه ، فمر ذلك الماء على
رأسه وحاركه ، ثم قال : اللهم احمل خلادا وعامرا ورفيقهما(4)وهما صاحبا الجمل ،
(1)الخبل : الجنون .
(2)أى قد تعب وكل .
(3)في المصدر : وقاء منزلا على أصحابه .
(4)في المصدر : ورفيقيهما .*