بحار الأنوار ج9

في السماء ، أي تصعد في االسماء ، ولن نؤمن لرقيك ، أي لصعودك حتى تنزل علينا
كتابا نقرؤه : من الله العزيز الحكيم إلى عبدالله بن أبي امية المخزومي ومن معه
بأن آمنوا بمحمد بن عبدالله بن عبدالمطلب ، فإنه رسولي فصدقوه في مقاله ، فإنه
من عندي ، ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله اومن بك أولا اومن بك ، بل لو رفعتنا
إلى السماء وفتحت أبوابها وأدخلتناها لقلنا : إنما سكرت أبصارنا أو سحرتنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عبدالله أبقي شئ من كلامك ؟ فقال : يا محمد أوليس
فيما أوردته عليك كفاية وبلاغ ؟ ما بقي شئ ، فقل : ما بدا لك وافصح عن نفسك إن
كانت لك حجة ، وأتنا بما سألناك .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم أنت السامع لكل صوت ، والعالم بكل شئ ، تعلم
ما قاله عبادك ، فأنزل الله عليه : يامحمد " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في
الاسواق " إلى قوله : " رجلا مسحورا " ثم قال الله تعالى : " انظر كيف ضربوا لك
الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " ثم قال : يا محمد " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا
من ذلك جنات تجري من تحتها الانهار ويجعل لك قصورا " وأنزل عليه : يا محمد
" فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " الآية ، وأنزل عليه : يا محمد
" وقالوا لولا انزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر " إلى قوله : " وللبسنا عليهم
ما يلبسون " فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عبدالله أما ما ذكرت من أني آكل الطعام كما
تأكلون ، وزعمت أنه لا يجوز لاجل هذه أن أكون لله رسولا ؟ فإنما الامر لله ، يفعل
ما يشاء ويحكم ما يريد وهو محمود ، وليس لك ولا لاحد الاعتراض عليه بلم وكيف
ألا ترى أن الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا ، وأعز بعضا وأذل بعضا ، وأصح بعضا وأسقم
بعضا ، وشرف بعضا ووضع بعضا ، وكلهم ممن يأكل الطعام ، ثم ليس للفقراء أن يقولوا :
لم أفقرتنا وأغنيتهم ؟ ولا للوضعاء أن يقولوا : لم وضعتنا وشرفتهم ، لا للزمنى والضعفاء
أن يقولوا : لم أزمنتنا وأضعفتتنا وصححتهم ؟ ولا للاذلاء أن يقولوا : لم أذللتنا و
أعززتهم ؟ ولا لقباح الصور أن يقولوا لم أقبحتنا وجملتهم ؟ بل إن قالوا ذلك كانوا
على ربهم رادين ، وله في أحكامه منازعين وبه كافرين ، ولكان جوابه لهم : أنا

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه