بحار الأنوار ج18

وذهبوا إلى الصوت ، فإذا الصوت من خلفهم فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم ،
فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله سبحانه : " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن
خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون(1).
بيان : قال الطبرسي : بعد ذكر قصة ام جميل : قيل : كيف يجوز أن لا ترى
النبي صلى الله عليه وآله وقد رأت غيره ؟ فالجواب أنه يجوز أن يكون قد عكس الله شعاع عينيها أو
صلب الهواء فلم ينفذ فيه الشعاع ، أو فرق الشعاع فلم يتصل بالنبي صلى الله عليه وآله ، وروي أن
النبي قال : مازال ملك يسترني عنها انتهى(2).
وزاد الرازي على تلك الوجوه : أنه صلى الله عليه وآله لعله أعرض بوجهه عنها وولاها ظهره
ثم إنها لغاية غضبها لم تفتش ، أو لان الله ألقى في قلبها خوفا فصار ذلك صارف لها عن
النظر ، أو أن الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول صلى الله عليه وآله كما فعل بعيسى
عليه السلام(3).
27 - يج : من معجزاته ما هو مشهورأنه خرج في متوجهه ؟ إلى المدينة فأوى
إلى غار بقرب مكة تعتوره النزال وتأوي إليه الرعاء فلا تخلو من جماعة نازلين يستريحون
فيه ، فأقام صلى الله عليه وآله به ثلاثا لا يطرده بشر ، وخرج القوم في أثره وصدهم الله عنه بأن بعث
عنكبوتا فنسجت عليه فآيسهم من الطلب فيه ، فانصرفوا وهو نصب أعينهم .
28 - يج : من معجزاته صلى الله عليه وآله أنه لاقى أعدائه يوم بدر وهم ألف وهو في عصابة
كثلث أعدائه ، فلما التحمت الحرب(4)أخذ قبضة من التراب والقوم متفرقون في نواحي
عسكره ، فرمى به وجوههم ، فلم يبق منهم رجل إلا امتلات منه عيناه ، وإن كانت الريح
العاصف يومها إلى الليل لتعصف أعاصير التراب لا يصيب أحدا من عسكره ، وقد نطق به
القرآن ، وصدق به المؤمنون ، وشاهد الكفار ما نالهم منه .


(1)إعلام الورى : 18 و 20 ط 1 ، و 37 و 40 ط 2 . والاية في سورة يس : 9 .
(2)مجمع البيان 10 ، 560 .
(3)مفاتيح الغيب : سورة تبت .
(4)التحمت الحرب بينهم . اشتبكت .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه