بحار الأنوار ج44

في عباس بن مرداس : اقطعوا لسانه عني .
وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدل على الحسين عليه السلام
فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وأنشأ :
لم يخب الآن من رجاك ومن حرك من دون بابك الحلقه
أنت جواد وأنت معتمد أبوك قد كان قاتل الفسقه
لولا الذي كان من أوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقه
قال : فسلم الحسين وقال : يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شئ ؟ قال : نعم
أربعة آلاف دينار ، فقال : هاتها قد جاء من هو أحق بها منا ، ثم نزع برديه ولف
الدنانير فيها وأخرج يده من شق الباب حياء من الاعرابي وأنشأ :
خذها فاني إليك معتذر واعلم بأني عليك ذو شفقه
لو كان في سيرنا الغداة عصا أمست سمانا عليك مندفقه
لكن ريب الزمان ذو غير والكف مني قليلة النفقه
قال : فأخذها الاعرابي وبكا فقال له : لعلك استقللت ما أعطيناك ، قال :
لا ، ولكن كيف يأكل التراب جودك ، وهو المروي عن الحسن بن علي عليهما السلام(1)
بيان : قوله : عصا ؟ لعل العصا كناية عن الامارة والحكم ، قال الجوهري
قولهم : لا ترفع عصاك عن أهلك ، يراد به الادب وإنه لضعيف العصا أي الترعية
ويقال أيضا : إنه للين العصا ، أي رفيق حسن السياسة لما ولي انتهي ، أي لو كان لنا
في سيرنا في هذه الغداة ولاية وحكم أو قوة لامست يد عطائنا عليك صابة ، والسماء
كناية عن يد الجود والعطاء ، والاندفاق الانصباب ، وريب الزمان حوادثه ، وغير الدهر
كعنب أحداثه ، أي حوادث الزمان تغير الامور ، قوله : كيف يأكل التراب جودك
أي كيف تموت وتبيت تحت التراب فتمحى وتذهب جودك .
3 قب : شعيب بن عبدالرحمن الخزاعي قال : وجد على ظهر الحسين بن
علي يوم الطف أثر فسألوا زين العابدين عليه السلام عن ذلك فقال : هذا مما كان ينقل


(1)مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 65 و 66 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه