وأما كسرى فلما بلغه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله قرأه فمزقه ، فدعا عليهم رسول
الله صلى الله عليه وآله أن يمزقوا كل ممزق .
وروي عن محمد بن إسحاق قال : قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عبدالله بن حذافة
بن قيس إلى كسرى بن هرمز ملك فارس ، وكتب : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من
محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وامن بالله ورسوله ،
وشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأدعوك بداعية
الله عزوجل ، فإني أنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس كافة ، لانذر من
كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس(1)
عليك " .
فلما قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله شققه(2)وقال : يكتب إلي بهذا الكتاب
وهو عبدي ؟ فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : " مزق الله ملكه " حين بلغه أنه شقق
كتابه ، ثم كتب كسرى إلى باذان وهو على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الذي
بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتياني به .
وفي رواية كتب إلى باذان أن بلغني أن في أرضك رجلا يتنبأ فاربطه وابعث
(1)قد اخرجنا قبل ذلك لفظ كتابه صلى الله عليه وآله عن تاريخ اليعقوبى وغيره .
(2)يظهر من تاريخ اليعقوبى انه لم يشقق كتابه ، بل كتب اليه صلى الله عليه وآله كتابا
جعله بين سرقتى حرير وجعل فيهما مسكا ، فلما دفعه الرسول الله إلى النبى صلى الله عليه وآله فتحه
فأخذ قبضة من المسك فشمه وناوله اصحابه ، وقال : " لا حاجة لنا في هذا الحرير ليس من لباسنا "
وقال : " لتدخلن في امرى او لاتينك بنفسى ومن معى ، وامر الله اسرع من ذلك ، فاما كتابك
فانا اعلم به منك ، فيه كذا وكذا " ولم يفتحه ، ولم يقرأه ورجع الرسول إلى كسرى فاخبره .
ولم نظفر بذلك في غيره من التواريخ ، نعم يوجد في مسند احمد باسناده عن على بن ابى طالب
عليه السلام انه قال : " اهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وآله فقبل منه ، واهدى قيصر
لرسول الله صلى الله عليه وآله فقبل منه ، واهدت الملوك فقبل منهم " راجع الحديث : 747
و 1234 من مسند أحمد .