أول مشهد شهده سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يومئذ حر ، قال : يا رسول الله إنا
كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا ، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون
حتى أحكموه .
فمما ظهر من دلائل النبوة في حفر الخندق ما رواه أبوعبدالله(1)الحافظ
بإسناده عن كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني قال : حدثني أبي ، عن أبيه
قال : خط رسول الله صلى الله عليه وآله الخندق عام الاحزاب أربعين ذراعا بين عشرة ، فاختلف
المهاجرون والانصار في سلمان ، وكان رجلا قويا ، فقالت الانصار : سلمان منا ،
وقالت المهاجرون ، سلمان منا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " سلمان منا أهل البيت " .
أقول : وساق الحديث في كسر الصخرة وظهور البرق ما مر برواية
الثعلبي .
ثم قال : ومما ظهر أيضا من آيات النبوة ما رواه أبوعبدالله الحافظ بالاسناد
عن عبدالواحد بن أيمن المخزومي قال : حدثني أيمن المخزومي قال : سمعت
جابر بن عبدالله قال : كنا يوم الخندق نحفر الخندق فعرضت فيه كدية(2)
وهي الجبل ، فقلنا : يا رسول الله إن كدية(3)عرضت فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
رشوا عليها ماء ثم قام فأتاها وبطنه معصوب بحجر من الجوع ، فأخذ المعول أو
المسحاة فسمى ثلاثا ثم ضرب فعادت كثيبا أهيل(4)فقلت له : أئذن لي يا رسول الله
إلى المنزل ، ففعل فقلت للمرأة : هل عندك من شئ ؟ فقال : عندي صاع من شعير
وعناق ، فطحنت الشعير وعجنته وذبحت(5)العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين
ذلك ثم أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجلست عنده ساعة ، ثم قلت : ائذن لي يا
(1)هو ابوعبدالله محمد بن عبدالله النيسابورى المعروف بالحاكم المتوفى سنة 405 ، رواه في
المستدرك 3 : 598 . راجعه .
(2 و 3)كذانة خ ل كداية خ ل . أقول : الكدية : الارض الصلبة الغليظة . الصفاة العظيمة
الشديدة .
(4)مهيلا خ ل .
(5)فذبحت خ ل .