بحار الأنوار ج5

ما أخفوه من مصون أسرارهم ومكنون ضمائرهم ، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا ،
فيكون الثواب جزاء‌ا والعقاب بواء‌ا .
بيان : قال في النهاية : الجراحات بواء أي سواء في القصاص ، ومنه حديث علي
عليه السلام : والعقاب بواء ; وأصل البوء : اللزوم .
12 - ل : أبي ، عن الحميري ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر بن محمد ،
عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لولا ثلاث في ابن آدم ما طأطأ رأسه شئ :(1)
المرض ، والفقر ، والموت ، وكلهم فيه وإنه معهم لو ثاب . " ج 1 ص 55 "
13 - ج : وروي أنه اتصل بأمير المؤمنين عليه السلام أن قوما من أصحابه خاضوا
في التعديل والتجوير ،(2)فخرج حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس !
إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة ، وأخلاف
شريفة ، فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلا بأن يعرفهم مالهم وما عليهم ، والتعريف لا
يكون إلا بالامر والنهي ، والامر والنهي لا يجتمعان إلا بالوعد والوعيد ، والوعد لا يكون
إلا بالترغيب ، والوعيد لا يكون إلا بالترهيب ، والترغيب لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم
وتلذه أعينهم ، والترهيب لا يكون إلا بضد ذلك ، ثم خلقهم في داره وأراهم طرفا(3)
من اللذات ليستدلوا به على ما ورائهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم ، ألا وهي
الجنة ; وأراهم طرفا من الآلام ليستدلوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا
يشوبها لذة ، ألا وهي النار ; فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها ، وسرورها
ممزوجا بكدرها وغمومها .


(1)طأطأ الرأس : خفضه ، أى لولا ثلاث في ابن آدم ما تواضع ولا خضع ، وكان يتكبر و
يعجب بنفسه .
(2)في المصدر : والتجريح . م
(3)الطرف بفتح الطاء والراء : طائفة من الشئ . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه