الموت وأكره مساءته ولابد منه ; وما يتقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ;
ولا يزال عبدي يبتهل إلي(1)حتى أحبه ، ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا و
موئلا ،(2)إن دعاني أجبته ، وإن سأني أعطيته ; وإن من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب
من العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح
إيمانه إلا بالفقر ، ولو أغنيته لافسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه
إلا بالغنى ولو أفقرته لافسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا
بالسقم ، ولو صححت جسمه لافسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه
إلا بالقسم ولو صححته جسمه لافسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه
إلا بالصحة ولو أسقمته لافسده ذلك ; إني ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإني عليم
خبير . " ص 15 - 16 "
بيان : قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : ما تضمنه هذا الحديث من نسبة
التردد إليه سبحانه يحتاج إلى التأويل وفيه وجوه : الاول أن في الكلام إضمارا ،
والتقدير : لو جاز علي التردد ما ترددت في شئ كترددي في وفات المؤمن .
الثاني أنه لما جرت العادة بأن يتردد الشخص في مساءة من يحترمه ويوقره
كالصديق الوفي والخل الصفي ، وأن لا يتردد في مساءة من ليس له عنده قدر ولا حرمة
كالعدو والحية والعقرب ، بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد ولا تأمل
صح أن يعبر بالتردد والتأمل في مساءة الشخص من توقيره واحترامه ، وبعدمهما
عن إذلاله واحتقاره ، فقوله سبحانه : " ما ترددت " المراد به - والله أعلم - : ليس لشئ
من مخلوقاتي عندي قدر وحرمة كقدر عبدي المؤمن وحرمته فالكلام من قبيل الاستعارة
التمثيلية
(1)أى يدعو ويتضرع . وفى الحديث : الابتهال : تبسط يديك وذراعيك إلى السماء حين ترى
أسباب البكاء . وفى حديث آخر : الابتهال : مد يده تلقاء وجهه إلى القبلة ، ولا يبتهل حتى تجرى الدمعة
وفى حديث آخر : الابتهال : رفع يديك تجاوز بهما رأسك .
(2)الموئل : الملجأ والمنجأ . *