بحار الأنوار ج3

بيان : الاديم : الجلد . والطلق : وجع الولادة . ويقال : أزعجه أي قلعه عن مكانه
ويقال : تلمظ إذا خرج لسانه فمسح به شفتيه ، وتلمظت الحية إذا أخرجت لسانها
كتلمظت الاكل . والاداوة بالكسر : إناء صغير من جلد يتخذ للماء . والطواحن :
الاضراس ، ويطلق الاضراس غالبا على المآخير ، والانسان على المقاديم كما هو الظاهر هنا ،
وإن لم يفرق اللغويون بينهما ، والمراد بالطواحن هنا جميع الاسنان . والاساغة : الاكل
والشرب بسهولة .
اعتبر يا مفضل فيما يدبر به الانسان في هذه الاحوال المختلفة ، هل ترى يمكن
أن يكون بالاهمال ؟ أفرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم وهو في الرحم ألم يكن سيذوي
ويجف كما يجف النبات إذا فقد الماء ؟ ولو لم يزعجه المخاض(1)عند استحكامه ألم يكن
سيبقى في الرحم كالموؤود في الارض ؟ ولو لم يوافقه اللبن مع ولادته ألم يكن سيموت
جوعا ، أو يغتذي بغذاء لا يلائمه ولا يصلح عليه بدنه ؟ ولو لم تطلع عليه الاسنان في وقتها
ألم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام وإساغته ، أو يقيمه على الرضاع فلا يشد بدنه ولا
يصلح لعمل ؟ ثم كان تشتغل امه بنفسه عن تربية غيره من الاولاد ، ولو لم يخرج الشعر
في وجهه في وقته ألم يكن سيبقى في هيئة الصبيان والنساء فلاترى له جلالة ولاوقارا ؟ .
فقال المفضل : فقلت : يا مولاي فقد رأيت من يبقى على حالته ولا ينبت الشعر
في وجهه وإن بلغ حال الكبر ، فقال : ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام
للعبيد ، فمن هذا الذي يرصده حتى يوافيه بكل شي من هذه المآرب إلا الذي أنشأه خلقا
بعد أن لم يكن ، ثم توكل له بمصحلته بعد أن كان فإن كان الاهمال يأتي بمثل هذا التدبير
فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال لانهما ضدا الاهمال ، وهذا
فظيع(2)من القول وجهل من قائله ، لان الاهمال لا يأتي بالصواب ، والتضاد لا يأتي
بالنظام ، تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا ، ولو كان المولود يولد فهما عاقلا
لانكر العالم عند ولادته ولبقي حيران تائه العقل(3)إذا رأى مالم يعرف وورد عليه
(1)المخاض : وجع الولادة وهو الطلق .
(2)فظع الامر : اشتدت شناعته وجاوز المقدار في ذلك .
(3)أى ضايع العقل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه