إليه ، وكان فيهم شاب حدث السن فقعدوا إليه فقالوا : يا أيوب لو أخبرتنا بذنبك لعل
الله كان يهلكنا إذا سألناه وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يتبل به أحد إلا من أمر كنت
تستره ، فقال أيوب : وعزة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أوضعيف يأكل معي ،
وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدهما على بدني ، فقال الشاب : سوأة لكم
عمدتم إلى نبي الله فعيرتموه حتى أظره من عبادة ربه(1)ما كان يسترها ؟ فقال أيوب :
يارب لو جلست مجلس الحكم منك لادليت بحجتي ، فبعث الله إليه غمامة فقال : يا أيوب
أدلني بحجتك فقد أقعدتك مقعد الحكم(2)وها أناذا قريب ولم أزل ، فقال : يارب إنك
لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي ، ألم
أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألن اسبحك ؟ قال : فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان : يا أيوب
من صيرك تعبد الله والناس عنه غافلون ؟ وتحمده وتسبحه وتكبره والناس عنه غافلون ؟
أتمن على الله بما لله المن فيه عليك ؟ .(3)
قال : فأخذ أيوب التراب فوضعه في فيه ، ثم قال : لك العتبى يارب أنت
الذي فعلت ذلك بي ، قال : فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله فخرج الماء فغسله
بذلك الماء ، فعاد أحسن ما كان وأطرأ ، وأنبت الله عليه روضة خضراء ، ورد عليه أهله وماله
وولده وزرعه ، وقعد معه الملك يحدثه ويؤنسه ، فأقبلت امرأته ومعها الكسر(4)فلما
انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير وإذا رجلان جالسان ، فبكت وصاحت وقالت : يا أيوب
مادهاك ؟ فناداها أيوب فأقبلت فلما رأته وقد رد الله عليه بدنه ونعمته سجدت لله شكرا ،
فرأى ذوائبها(5)مقطوعة ، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ماتحمله إلى أيوب من
الطعام وكانت حسنة الذؤابة فقالوا لها : تبيعينا ذؤابتك هذه حتى نعطيك ، فقطعتها و
(1)في نسخة : حتى اظهر من عبادة الله .
(2)في نسخة : فقد أقعدتك مقعد الخصم .
(3)في نسخة : وفى المصدر : بمالله فيه المنة عليك . م
(4)الكسر : الجزء من العضو . أو جزء من العظم مع ما عليه من اللحم .
(5)في نسخة : فرأى ذؤابتها مقطوعة .(*)