بحار الأنوار ج56

للابتداء ، والثانية للبيان . وقال البيضاوي : السماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة
العلو(1). وقال الرازي : فإن قيل : أفتقولون إن الماء ينزل من السماء على
الحقيقة أو من السحاب أو تجوزون ما قاله بعضهم من أن الشمس تؤثر في الارض
فتخرج منها أبخرة متصاعدة ، فإذا وصلت الجو بردت فثقلت فنزلت من فضاء المحيط
إلى ضيق المركز اتصلت ، فتتولد من اتصال بعض تلك الذرات بالبعض قطرات
هي قطرات المطر . قلنا : بل نقول : إنه ينزل من السماء كما ذكر الله تعالى وهو
الصادق في خبره ، وإذا كان قادرا على إمساك الماء في السحاب فأي بعد في أن
يمسكه في السماء ؟ وأما قول من يقول إنه من بخار الارض فهذا ممكن في نفسه
لكن القطع بأنه كذلك لا يمكن إلا بعد القول بنفي الفاعل المختار وقدم العالم
وذلك كفر ، لانا متى جوزنا أن الفاعل المختار قادر على خلق الجسم فكيف
يمكننا مع إمكان هذا القسم أن نقطع بما قالوه ؟(2)(انتهى).
" فأحيى به الارض " أي بالنبات مجازا " وبث فيها من كل دابة " قال
البيضاوي : عطف على " أنزل " كأنه استدل بنزول المطر وتكون النبات به و
بث الحيوانات في الارض ، أو على " أحيى " فإن الداوب ينمون بالخصب و
يعيشون بالحيا ، والبث النشر والتفريق(3)وقال الرازي في تصريف الرياح
وجه الاستدلال أنها مخلوقه على وجه يقبل التصريف وهو الرقة اللطافة ، ثم
إنه سبحانه يصرفها على وجوه(4)يقع بها النفع العظيم في الانسان والحيوانات
ثم ذلك من وجوه : أحدها أنها مادة النفس التي لو انقطع ساعة عن الحيوان لمات
لا جرم كان وجدانه أسهل من وجدان كل شئ ، وبعد الهواء الماء ، لان الماء لابد


(1)انوار التنزيل : ج 1 ، ص 126 .
(2)مفاتيح الغيب : ج 2 ، ص 100 ، لكن مع وجود الدلائل القاطعة الحاصلة من
التجارب العلمية يمكن حصول العلم العادى به كحصول العلم بوجود سائر المعاليل الطبيعية
عند وجود عللها
(3)انوار التنزيل : ج 1 ، ص 126 .
(4)في المصدر : على وجه يقع به .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه