العقلية بالمفكرة ، بها تستنبط العلوم والصناعات ، وتقتض الحدود الوسطى باستعراض
ما في الحافظة .
خاتمة
قال بعض المحققين : قد علم بالتشريح أن الدماغ بطونا ثلاثة ، أعظمها البطن
المقدم ، وأصغرها البطن الاوسط ، وهو كمنفذ من البطن المقدم إلى البطن المؤخر .
فآلة الحس المشترك هو الروح المصبوب في مقدم البطن المقدم ، وآلة الخيال هو الروح
المصبوب في مؤخره ، ولما كان الوهم سلطان القوى الحسية ومستخدما لسائر القوى
الحيوانية كان الدماغ كله آلة له ، وإن كان له اختصاص بآخر التجويف الاوسط .
وآلة المتصرفة مقدم التجويف الاوسط ، وآلة الحافظة مقدم التجويف الاخير .
وأما مؤخر هذا التجويف فلم يودع فيه شئ من هذه القوى ، إذا لا حارس هناك من
الحواس الظاهرة ، فلواودع فيه شئ من هذه القوى لكثر فيه المصادمات الموجبة
لاختلال القوة .
قال المحقق الشريف : فانظر إلى حكمة البارئ حيث قدم ما يدرك به الصور
الجزئية ، ووضع تحته ما يحفظها ، وأخر ما يدرك به المعاني المنتزعة من تلك صور
وقرنه بما يحفظها ، وأقعد المتصرف فيهما بينهما فسبحانه جلت قدرته وعظمت حكمته
انتهى - .
وهو إشارة إلى ما قيل في تعيين محال تلك القوى بطريق الحكمة والغاية ، من
أن الحس المشترك ينبغي أن يكون في مقدم الدماغ ليكون قريبا من الحواس
الظاهرة فيكون التأدي إليه سهلا ، والخيال خلفه لان خزانة الشئ ينبغي أن يكون
كذلك . ثم ينبغي أن يكون الوهم بقرب الخيال ليكون الصور الجزئية بحذاء معانيها
الجزئية ، والحافظة بعده لانها خزانته ، والمتخيلة في الوسط لتكون قريبة من الصور
والمعاني فيمكنها الاخذ منهما(1)بسهولة .
وأما القوى المحركة فعندهم تنقسم إلى فاعلة وباعثة . أما الباعثة المسماة