بحار الأنوار ج18

أيها الناس إني رسول الله ، ثلاثا فرمقه الناس بأبصارهم ، ورماه أبوجهل قبحه الله بحجر
فشج بين عينيه ، وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتى أتى الجبل فاستند إلى موضع
يقال له : المتكأ وجاء المشركون في طلبه ، وجاء رجل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام و
قال : يا علي قد قتل محمد ، فانطلق إلى منزل خديجة - رضي الله عنها - فدق الباب فقالت
خديجة : من هذا ؟ قال : أنا علي قالت : يا علي ما فعل محمد ؟ قال : لا أدري إلا أن المشركين
قد رموه بالحجارة ، وما أدري أحي هو أم ميت ، فأعطيني شيئا فيه ماء وخذي معك شيئا
من هيس(1)وانطلقي بنا نلتمس رسول الله صلى الله عليه وآله فإنا نجده جائعا عطشانا ، فمضى حتى
جاز الجبل وخديجة معه فقال علي : يا خديجة استبطني(2)الوادي حتى أستظهره ، فجعل
ينادي : يا محمداه ، يا رسول الله ، نفسي لك الفداء في أي واد أنت ملقى ؟ وجعلت خديجة :
تنادي من أحس لي النبي المصطفى ؟ من أحس لي الربيع المرتضى ؟ من أحس لي المطرود
في الله ؟ من أحس لي أبا القاسم ؟ وهبط عليه جبرئيل عليه السلام فلما نظر إليه النبي صلى الله عليه وآله
بكى وقال : ماترى ما صنع بي قومي ؟ كذبوني وطردوني وخرجوا علي ، فقال يا محمد
ناولني يدك فأخذ يده فأقعده على الجبل ، ثم أخرج من تحت جناحه درنوكا(3)من درانيك
الجنة منسوجا بالدر والياقوت وبسطه حتى جلل به جبال تهامة ، ثم أخذ بيد رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى أقعده عليه ، ثم قال له جبرئيل : يا محمد أتريد أن تعلم كرامتك على الله ؟ قال
نعم ، قال : فادع إليك تلك الشجرة تجبك ، فدعاها فأقبلت حتى خرت بين يديه ساجدة ،
فقال : يا محمد مرها ترجع فأمرها فرجعت إلى مكانها ، وهبط عليه إسماعيل حارس السماء الدنيا
فقال : السلام عليك يا رسول الله ، قد أمرني ربي أن اطيعك ، أفتأمرني أن أنثر عليهم
النجوم فأحرقهم ، وأقبل ملك الشمس فقال : السلام عليك يا رسول الله ، أتأمرني أن آخذ
عليهم الشمس فأجمعها على رؤوسهم فتحرقهم ، وأقبل ملك الارض فقال : السلام عليك يا رسول
الله : إن الله عزوجل قد أمرني أن اطيعك ، أفتأمرني أن آمر الارض فتجعلهم في بطنها


(1)هكذا في النسخة ومصدره ، ولعله مصحف حيس ، قال الفيروز آبادى : الحيس : الخلط
وتمر يخلط بسمن واقط فيعجن شديدا ثم يندر منه نواه وربما جعل فيه سويق .
(2)أى أدخلى أنت بطن الوادى حتى أعلو أنا ظهره .
(3)الدرنوك والدرنيك : نوع من البسط له خمل .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه