بحار الأنوار ج14

إلا خلا فيها نذير ، وقد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه وجحدوا كتابه ، قال :
ومن هو ؟ فإن الناس يزعمون أنه خالد بن سنان ، قال عليه السلام : إن خالدا كان عربيا بدويا
ماكان نبيا ، وإنما ذلك شئ يقوله الناس ، قال : أفزردشت ؟ قال : إن زردشت أتاهم
بزمزمة وادعى النبوة ، فآمن منهم قوم ، وجحده قوم فأخرجوه ، فأكلته السباع في برية
من الارض ، قال : فأخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دهرهم أم العرب ؟ قال :
العرب في الجاهلية كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس ، وذلك أن المجوس كفرت
بكل الانبياء ، وجحدت كتبها ، وأنكرت براهينها ، ولم تأخذ بشئ من سننها وآثارها(1)
وأن كيخسرو ملك المجوس في الدهر الاول قتل ثلاث مائة نبي ، وكانت المجوس لاتغتسل
من الجنابة ، والعرب كانت تغتسل ، والاغتسال من خالص شرائع الحنيفية ، وكانت المجوس
لاتختتن وهو من سنن الانبياء ، وأن أول من فعل ذلك إبراهيم خليل الله ، وكانت المجوس
لاتغسل موتاها ولاتكفنها ، وكانت العرب تفعل ذلك ، وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى
والنواويس ،(2)والعرب تواريها في قبورها وتلحد لها ، وكذلك السنة على الرسل ،
إن أول من حفر له قبر آدم أبوالبشر وألحد له لحد ، وكانت المجوس تأتي الامهات و
تنكح البنات والاخوات ، وحرمت ذلك العرب ، وأنكرت المجوس بيت الله الحرام وسمته
بيت الشيطان ، والعرب كانت تحجه وتعظمه ، وتقول : بيت ربنا ، وتقر بالتوراة و
الانجيل ، وتسأل أهل الكتاب(3)وتأخذ ، وكانت العرب في كل الاسباب أقرب إلى
الدين الحنيف(4)من المجوس ، قال : فإنهم احتجوا بإتيان الاخوات أنها سنة من
آدم ، قال : فما حجتهم في إتيان البنات والامهات وقد حرم ذلك آدم وكذلك نوح و
إبراهيم وموسى وعيسى وسائر الانبياء عليهم السلام .(5)


(1)في المصدر : وجحدت كتبهم وأنكرت براهينهم ولم تأخذ بشئ من سننهم وآثارهم .
(2)جمع الناووس والناؤوس : مقبرة النصارى ، ويطلق على حجر منقور تجعل فيه جثة الميت .
(3)في المصدر : أهل الكتب .
(4)" " : الدين الحنيفية . وفي كتاب الاحتجاجات : الدين الحنيفي .
(5)احتجاج الطبرسي : 189 ، والحديث طويل أخرجه المصنف في كتاب الاحتجاجات راجع
ج 10 : 165 192 وتقدم هناك شرح بعض ألفاظه الغريبة .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه