بحار الأنوار ج4

ويلهم أولم يسمعوا يقول الله تعالي : " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف
الخبير " وقوله : " لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما
تجلى ربه للجبل جعله دكا " ؟ وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم
الخياط فدكدكت الارض وصعقت الجبال " فخر موسى صعقا " أي ميتا " فلما أفاق " ورد
عليه روحه " قال سبحانك تبت إليك " من قول من زعم أنك ترى ، ورجعت إلى معرفتي
بك أن الابصار لاتدركك " وأنا أول المؤمنين " وأول المقرين بأنك ترى ولاترى ، وأنت
بالمنظر الاعلى .
ثم قال عليه السلام : إن أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب والاقرار
له بالعبودية ، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره ، ولاشبيه له ولانظير ، وأن يعرف
أنه قديم مثبت موجود غير فقيد . موصوف من غير شبيه ولا مبطل ليس كمثله شئ وهو
السميع البصير ، وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبوة ، وأدنى معرفة الرسول الاقرار
بنبوته ، وإن ما أتى به من كتاب أوامر أو نهي فذلك من الله عزوجل ، وبعده معرفة
الامام الذي به تأتم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر ، وأدني معرفة الامام
أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ، ووارثه ، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله ، والتسليم
له في كل أمر ، والرد إليه ، والاخذ بقوله ، ويعلم أن الامام بعد رسول الله صلى الله عليه واله علي
ابن أبي طالب ، وبعده الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ،
ثم أنا ، ثم بعدي موسى ابني ، وبعده علي ابنه ، وبعد علي محمد ابنه ، وبعد محمد علي ابنه
وبعد علي الحسن ابنه ، والحجة من ولد الحسن . ثم قال : يا معاوية جعلت لك أصلا
في هذا فاعمل عليه ، فلو كنت تموت علي ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الاحوال فلا
يغرنك قول من زعم أن الله تعالى يرى بالبصر ، قال : وقد قالوا أعجب من هذا ، أولم
ينسبوا آدم عليه السلام إلى المكروه ؟ أولم ينسبوا إبراهيم عليه السلام إلى ما نسبوه ؟ أولم ينسبوا
داود عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير ؟ أولم ينسبوا يوسف الصديق إلى ما نسبوه
من حديث زليخا ؟ أولم ينسبوا موسى عليه السلام إلى ما نسبوه من القتل ؟ أولم ينسبوا
رسول الله صلى الله عليه واله إلى ما نسبوه من حديث زيد ؟ أولم ينسبوا علي بن أبي طالب عليه السلام إلى

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه