بحار الأنوار ج20

بسلامتهم من القتل ، ويدخل هؤلاء في رحمته بسلامتهم من الطعن والعيب " لو تزيلوا "
أي لو تميز المؤمنون من الكافرين " لعذبنا الذين كفروا منهم " أي من أهل مكة
" عذابا أليما " بالسيف والقتل بأيديكم ، ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار " إذ
جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية " إذ يتعلق بقوله : " لعذبنا " أي لعذبنا الذين
كفروا وآذنا لك في قتالهم حين جعلوا قلوبهم الانفة التي تحمى الانسان ، أي حميت
قلوبهم بالغضب ، ثم فسر تلك الحمية فقال : " حمية الجاهلية " أي عادة آبائهم
في الجاهلية أن لا يذعنوا لاحد ولا ينقادوا له ، وذلك أن كفار مكة قالوا :
قد قتل محمد وأصحابه اباء‌نا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا فتتحدث العرب أنهم
دخلوا علينا على رغم أنفنا ، واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، فهذه حمية الجاهلية
التي دخلت قلوبهم ، وقيل : هي أنفتهم من الاقرار لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ، والاستفتاح
ببسم الله الرحمن الرحيم ، حيث أراد أن يكتب كتاب العهد بينهم عن الزهري " فأنزل
الله سكينته " إلى قوله : " كلمة التقوى " وهي قول : لا إله إلا الله " وكانوا أحق بها
وأهلها " قيل : إن فيه تقديما وتأخيرا ، والتقدير كانوا أهلها وأحق بها ، أي كان
المؤمنون أهل تلك الكلمة وأحق بها من المشركين ، وقيل : كانوا أحق بنزول
السكينة عليهم وأهلا لها ، وقيل : كانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها " وكان الله
بكل شئ عليما " لما ذم الكفار بالحمية ، ومدح المؤمنين بلزوم الكلمة والسكينة
بين علمه ببواطن سرائرهم وما ينطوي عليه عقد ضمائرهم " لقد صدق الله رسوله الرؤيا
بالحق " قالوا : إن الله تعالى أرى نبيه في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية
أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام ، فأخبر بذلك أصحابه ، ففرحوا وحسبوا
أنهم دخلو مكة عامهم ذلك ، فلما انصرفوا ولم يدخلوا مكة قال المنافقون : ما
حلقنا ولا قصرنا ولا دخلنا المسجد الحرام ، فأنزل الله هذه الآية ، وأخبر أنه أرى
رسوله الصدق في منامه لا الباطل ، وإنهم يدخلونه ، وأقسم على ذلك فقال : " لتدخلن
المسجد الحرام " يعني العام المقبل " إن شاء الله " قال أبوالعباس :(1)استثنى الله فيما يعلم


(1)في المصدر : قال ابوالعباس ثعلب .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه