ثمود(1)وسمعه اقشعر جلده(2)، وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته ، ثم قام و
مضى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش ، فقالت قريش : ياباالحكم صبا(3)أبوعبدشمس
إلى دين محمد ، أما تراه لم يرجع إلينا وقد قبل قوله ومضى إلى منزله ، فاغتمت قريش
من ذلك غما شديدا ، وغدا عليه أبوجهل فقال : ياعم نكست برؤوسنا وفضحتنا ، قال : وما
ذاك ياابن أخ ؟ قال : صبوت إلى دين محمد ، قال : ما صبوت وإني على دين قومي وآبائي
ولكني سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود ، قال أبوجهل : ، أشعر هو ؟ قال : ما هو
بشعر ، قال : فخطب هي ؟ قال : لا ، إن الخطب كلام متصل ، وهذا كلام منثور ، ولا يشبه
بعضه بعضا ، له طلاوة ، قال : فكهانة ، هي ؟ قال : لا قال : فما هو ؟ قال : دعني افكر فيه ،
فلما كان من الغد قالوا : يا أباعبدشمس ما تقول ؟ قال : قولوا هو سحر ، فإنه آخذ
بقلوب الناس ، فأنزل الله تعالى فيه " ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين
شهودا " إلى قوله : " عليها تسعة عشر "(4).
وفي حديث حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عكرمة قال : جاء الوليد بن المغيرة إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له : اقرأ علي فقرأ عليه : " إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء
ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون(5)فقال : أعد ،
فأعاد ، فقال : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، إن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمعذق
وما يقول هذا بشر(3).
بيان : صبأ فلان : إذا خرج من دين إلى دين غيره ، وقد يترك الهمز ، والطلاوة
بالكسر والفتح : الرونق والحسن ، وأعذق الشجر ، أي صارت لها عذوق وشعب ، أو
أزهر .
(1)فصلت : 13 .
(2)في المصدر : فلما سمعه اقشعر جلده .
(3)أى مال وحن إليه . ويحتمل كونه مهموزا كما يأتى من المصنف .
(4)المدثر : 11 - 30 .
(5)النحل : 90 .
(6)إعلام الورى : 27 و 28 .*