بحار الأنوار ج12

وبشر إبراهيم عليه السلام بعد ذلك بإسحاق ، ومر في باب الذبح قوله تعالى : " سلاما " أي نسلم
عليك سلاما أو سلمنا سلاما .
قوله : " أبشرتموني على أن مسني الكبر " تعجب من أن يولد له مع الكبر " فبم
تبشرون " أي فبأي اعجوبة تبشروني ، أو أبأمر الله أم من جهة أنفسكم ; وكان استعجابه عليه السلام
باعتبار العادة دون القدرة ; وقيل : كان غرضه أن يعلم أنه هل يولد له على تلك
الحال أويرد إلى الشباب . قوله : " فما خطبكم " أي فما شأنكم الذي ارسلتم لاجله
سوى البشارة . قوله تعالى : " لمن الغابرين " أي الباقين مع الكفرة لتهلك معهم . قوله :
" منكرون " أي ينكركم نفسي وينفر عنكم مخافة أن تطرقوني ؟ أو لا أعرفكم فعرفوني
أنفسكم . قوله : " بما كانوا فيه يمترون " أي بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه إذا وعدتهم
" فأسر بأهلك " أي فاذهب بهم الليل " بقطع من الليل " في طائفة من الليل ; وقيل : في آخره ،
وعلى الاول يحمل تفسيره عليه السلام أي المراد بقطع نصف الليل . وقوله : " إلا امرأتك " ليس
في خلال تلك الآيات ،(1)وإنما ذكره عليه السلام لبيان أنه كان المراد بالاهل غيرها ، أو
أنها هلكت في حال الخروج حيث التفتت فأصابها العذاب كما روي . قوله : " إن دابر هؤلاء "
أي آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح ، أي إنهم مستأصلون بالعذاب وقت الصباح على
وجه لايبقى منهم أثر ولا نسل ولا عقب .
وقال الفيروز آبادي : حنذ الشاة يحنذها حنذا وتحناذا : شواها ، وجعل فوقها
حجارة محماة لينضجها فهي حنيذ ، أو هو الحال(2)الذي يقطر ماؤه انتهى .
والايجاس : الادراك أو الاضمار . اختلف في سبب الخوف فقيل : إنه لما رآهم شبانا
أقوياء وكان ينزل طرفا من البلد وكانوا يمتنعون من تناول طعامه لم يأمن أن يكون ذلك
لبلاء ، وذلك أن أهل ذلك الزمان إذا أكل بعضهم طعام بعض أمنه صاحب الطعام على
نفسه وماله ، ولهذا يقال : تحرم فلان بطعامنا ، أي أثبتت الحرمة بيننا بأكله الطعام ; و
قيل : إنه ظنهم لصوصا يريدون به سوء‌ا ; وقيل إنه ظن أنهم ليسوا من البشر جاؤوا
لامر عظيم ; وقيل : علم أنهم ملائكة فخاف أن يكون قومه المقصودين بالعذاب حتى


(1)راجع ما قدمنا ذيل الايات .
(2)كذا في النسخ ، وفى القاموس أو هو الحار الذى اه‍ . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه