بحار الأنوار ج59

وليس للشفتين قوة إلا باللسان(1)، وليس يستغني بعضها عن بعض . والكلام لايحسن
إلا بترجيعه في الانف ، لان الانف يزين الكلام كما يزين النافخ(2)في المزمار
وكذلك المنخران ، وهما ثقبتا(3)الانف ، يدخلان على الملك مما يحب من الرياح
الطيبة ، فإذا جاء‌ت ريح تسوء على الملك أوحى إلى اليدين فحجبا بين الملك وتلك
الريح .
وللملك مع هذا ثواب وعقاب ، فعذابه أشد من عذاب الملوك الظاهرة القاهرة
في الدنيا ، وثوابه أفضل من ثوابهم ! فأما عذابه فالحزن ، وأما ثوابه فالفرح ، وأصل
الحزن في الطحال ، وأصل الفرح في الثرب والكليتين ، ومنهما عرقان موصلان إلى
الوجه ،
فمن هناك يظهر الفرح والحزن ، فترى علامتهما في الوجه . وهذه العروق
كلها طرق من العمال إلى الملك ومن الملك إلى العمال ، ومصداق ذلك أنك(4)
إذا تناولت الدواء أدته العروق إلى موضع الداء بإعانتها .
واعلم يا أمير المؤمنين أن الجسد بمنزلة الارض الطيبة ، متى تعوهدت بالعمارة
والسقي من حيث لا يزداد في الماء فتغرق . ولا ينقص منه فتعطش ، دامت عمارتها . و
كثر ريعها ، وزكى زرعها ، وإن تغوفل عنها فسدت ، ولم ينبت فيها العشب ، فالجسد
بهذه المنزلة .
وبالتدبير في الاغذية والاشربة يصلح ويصح ، وتزكو العافية فيهفانظر
يا أمير المؤمنين ما يوافقك ، ويوافق معدنك ، ويقوى عليه بدنك ، ويستمر له من الطعام
فقدره لنفسك واجعله غذاء‌ك .


(1)في المصدر وبعض النسخ الكتاب : بالاسنان .
(2)النفخ(خ).
(3)ثقبتان للانف(خ).
(4)أنه(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه