بحار الأنوار ج52

فتأثرت لطول المدة ، ومكثت عندهم مقدار أربعين يوما أدعو الله ليلا ونهارا
بتعجيل مجيئها ، وأنا عندهم في غاية الاعزاز والاكرام ، ففي آخريوم من الاربعين
ضاق صدري لطول المدة فخرجت إلى شاطئ البحر ، أنظر إلى جهة المغرب التي
ذكروا أهل البلد أن ميرتهم تأتي إليهم من تلك الجهة .
فرأيت شبحامن بعيد يتحرك ، فسألت عن ذلك الشبح أهل البلد وقلت لهم :
هل يكون في البحر طير أبيض ؟ فقالوا لي : لا ، فهل رأيت شيئا ؟ قلت : نعم
فاستبشرواو قالوا : هذه المراكب التي تأتي إلينا في كل سنة من بلاد أولاد الامام
عليه السلام .
فما كان إلا قليل حتى قدمت تلك المراكب ، وعلى قولهم إن مجيئها كان
في غير الميعاد ، فقدم مركب كبير وتبعه آخر وآخر حتى كملت سبعا ، فصعد(1)
من المركب الكبير شيخ مربوع القامة ، بهي المنظر ، حسن الزي ، ودخل
المسجد فتوضأ الوضوء الكامل على الوجه المنقول عن أئمة الهدى عليهم السلام ، وصلى
الظهرين ، فلما فرغ من صلاته التفت نحوي مسلما علي فرددت عليه السلام فقال : ما اسمك وأظن أن اسمك علي ؟ قلت : صدقت فحادثني بالسر محادثة من يعرفني
فقال : ما اسم أبيك ؟ ويوشك أن يكون فاضلا ، قلت : نعم ، ولم أكن أشك في أنه
قد كان في صحبتنا من دمشق .
فقلت : أيها الشيخ ! ما أعرفك بي وبأبي ؟ هل كنت معنا حيث سافرنا من
دمشق الشام إلى مصر ؟ فقال : لا ، قلت : ولا من مصر إلى الاندلس ؟ قال : لا - ومولاي صاحب العصر ، قلت له : فمن أين تعرفني باسمي واسم أبي ؟ .
قال : اعلم أنه قد تقدم إلي وصفك ، وأصلك ، ومعرفة اسمك وشخصك و
هيئتك واسم أبيك ، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء .
فسررت بذلك حيث قد ذكرت ولي عندهم اسم ، وكان من عدته أنه لا يقيم
عندهم إلا ثلاثة أيام فأقام اسبوعا وأوصل الميرة إلى أصحابها المقررة لهم ، فلما


(1)أى صعد على الساحل . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه