بحار الأنوار ج101

ضلالة ، فهو فتنة لمن افتتن به ، ضال عن هدى من كان قبله ، مضل لمن
اقتدى به في حياته وبعد وفاته ، حمال خطايا غيره ، رهن بخطيئة ، ورجل قمش
جهلا موضع في جهال الامة ، غار في أغباش الفتنة ، عم بما في عقد الهدنة ، قد سماه
أشباه الناس عالما وليس به ، بكر فاستكثر من جمع ماقل منه خير مما كثر ، حتى
إذا ارتوى من آجن ، واكتنز من غير طائل ، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص
ما التبس على غيره ، فان نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوارثا من رأيه ، ثم
قطع به ، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت ، لا يدري أصاب أم أخطأ
إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب ، جاهل
خباط جهالات ، عاش ركاب عشوات ، لم يعض على العلم بضرس قاطع ، يذرى
الروايات إذراء الريح الهشيم ، لا ملئ والله باصدار ما ورد عليه ، لا يحسب العلم في شئ
مما أنكره ، ولا يرى أن من وراه ما بلغ منه مذهبا لغيره ، وإن أظلم عليه أمر
اكتتم به ، لما يعلم من جهل نفسه ، تصرخ من جور قضائه الدماء ، وتعج منه المواريث
إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا ، ويموتون ضلالا ، ليس فيهم سلعة أبور
من كتاب الله إذا تلى حق تلاوته ، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا منه إذا حرف
عن مواضعه ، ولا عندهم أنكر من المعروف ، ولا أعرف من المنكر(1)
22 نهج : في عهده عليه السلام للاشتر رضي الله عنه : ثم اختر للحكم بين
الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الامور ، ولا يمحكه الخصوم ، ولا
يتمادي في الزلة ، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على
طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ، أوقفهم في الشبهات ، وآخذهم بالحجج ،
وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشف الامور ، وأصرمهم عند
إيضاح الحكم ، ممن لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ، واولئك قليل ، ثم أكثر
تعاهد قضائه ، وافسح له في البذل مما يزيح علته ، وتقل معه حاجته إلى الناس
وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ، ليأمن بذلك اغتيال


(1)نهج البلاغة ج 1 ص 47

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه