ورغبتم فيها ، لتكون لكم ذخرا في القيامة ، وقيل : المراد بالتقديم طلب الولد
الصالح ، والسعي في حصوله ، وقيل : المراد تقديم التسمية عند الجماع ، وقيل
تقديم الدعاء عنده .
واعلموا أنكم ملاقوه اي ملاقوا ثوابه إن أطعتم ، وعقابه إن عصيتم .
وقال الشيخ البهائي رحمه الله : قد استنبط بعض المتأخرين من الآية
الاولى أحكاما ثلاثة : أولها أن دم الحيض نجس ، لان الاذى بمعنى المستقذر
وثانيها أن نجاسته مغلظة لا يعفى عن قليلها ، أعني ما دون الدرهم للمبالغة
المفهومة من قوله سبحانه هو اذى ، وثالثها أنه من الاحداث الموجبة للغسل ،
لاطلاق الطهارة المتعلقة به .
وفي دلالة الآية على هذه الاحكام نظر أما الاولان فلعدم نجاسة كل مستقذر
فان القيح والقئ من المستقذرات ، وهما طاهران عندنا ، وأيضا فهذا المستنبط
قائل كغيره من المفسرين بارجاع الضمير في قوله تعالى : هو أذى إلى المحيض
بالمعنى المصدري ، لا إلى الدم ، وارتكاب الاستخدام فيه مجرد احتمال لم ينقل
عن المفسرين فكيف يستنبط منه حكم شرعي .
وأما الثالث فلان الآية غير دالة على الامر بالغسل ، بشئ من الدلالات
ولا سبيل إلى استفادة وجوبه عن كونه مقدمة للواجب ، أعني تمكين الزوج من
الوطي ، لان جمهور فقهائنا رضوان الله عليهم على جوازه قبل الغسل بعد النقاء
الاتيان في الحرث طلب الولد ، بانزال الماء في الحرث لا عزله ليتحقق معنى الحرث
بكماله .
وانما عبر كذلك لان الولد ان سقط او مات في الصغر كان فرطا له على الحوض و
أوجر بمصيبته الجنة ، وان بقى ، فان كان طالحا كان وزره على نفسه ، وان كان صالحا
نفعه صلاحه ، والمال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا
وخير أملا .