بحار الأنوار ج22

التي قادتني إلى معالي الحظوة عند الله عزوجل ، فنزل بي من وفاة رسول الله
صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، فرأيت
الناس من أهل بيتي بين جازع لا يملك جزعه ، ولا يضبط نفسه ، ولا يقوى على حمل
فادح ما نزل به ، قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم
والافهام والقول والاستماع ، وسائر الناس من غير بني عبدالمطلب بين معزي
يأمر بالصبر ، وبين مساعد باك لبكائهم ، جازع لجزعهم ، وحملت نفسي على الصبر
عند وفاته بلزوم الصمت ، والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه وتغسيله وتحنيطه
وتكفينه والصلاة عليه ، ووضعه في حفرته ، وجمع كتاب الله ، وعهده إلى خلقه
لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ، ولا هائج زفرة ، ولا لاذع حرقة ، ولا جزيل مصيبة
حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله علي ، وبلغت
منه الذي أمرني به ، واحتملته صابرا محتسبا ، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال :
أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين(1).
بيان : استنام إليه : سكن . الحظوة بالضم والكسر : المكانة ، والزفرة :
التنفس الشديد ويقال : لذع النار الشئ ، أي أحرقته .
12 - ك : علي بن أحمد الدقاق : عن حمزة بن القاسم ، عن علي بن الجنيد
الرازي ، عن أبي عوانة ، عن الحسين بن علي ، عن عبدالرزاق ، عن أبيه عن
مثيا(2)مولى عبدالرحمن بن عوف ، عن عبدالله بن مسعود قال : قلت للنبي صلى الله عليه وآله :
يا رسول الله من يغسلك إذا مت ؟ فقال : يغسل كل نبي وصيه ، قلت : فمن
وصيك يا رسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب ، فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول
الله ، قال : ثلاثين سنة ، فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة
وخرجت عليه صفراء(3)بنت شعيب زوج موسى فقالت : أنا أحق بالامر منك ، فقاتلها
فقتل مقاتلتها(4)وأسرها فأحسن أسرها ، وإن ابنة أبي بكر ستخرج على علي
في كذا وكذا ألفا من امتي ، فيقاتلها فيقتل مقاتلتها(5)ويأسرها فيحسن أسرها


(1)الخصال 2 : 17 .(2)هكذا في الكتاب وفيه وهم والصحيح : مينا .
(3)تقدم في كتاب النبوة ان اسمها صفوراء .(4 و 5)في المصدر : مقاتليها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه