من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إليهم ، لانها مما خلقوا منه ، ثم تلا هذه
الآية " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب
مرقوم *(1) ويل يومئذ للمكذبين ".(2)
بيان : قد مر الخبر وشرحه في باب خلق أبدان الائمة عليهم السلام(3).
وقال بعض أرباب التأويل : كل ما يدركه الانسان بحواسه يرتفع منه أثر
إلى روحه ، ويجتمع في صحيفة ذاته وخزانة مدركاته ، وكذلك كل مثقال ذرة
من خير أو شر يعمله يرى أثره مكتوبا ثمة ، وسيما ما رسخت بسبب الهيئات
وتأكدت به الصفات ، وصار خلقا وملكة .
فالافاعيل المتكررة ، والعقائد الراسخة في النفوس ، وهي بمنزلة النقوش
الكتابية في الالواح ، كما قال الله تعالى " اولئك كتب في قلوبهم الايمان "(4)
وهذه الالواح النفيسة يقال لها : صحائف الاعمال ، وإليه الاشارة بقوله سبحانه
" وإذا الصحف نشرت "(5)وقوله عزوجل " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه
ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا "(6)فيقال له : " قد كنت في غفلة من
هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد "(7)" هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق
إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " .(8)
فمن كان من أهل السعادة وأصحاب اليمين ، وكانت معلوماته امورا قدسية
وأخلاقه زكية ، وأعماله صالحة ، " فقد اوتي كتابه بيمينه "(9)اعني من الجانب
(1)المطففين : 7 - 10 .
(2)الكافى ج 2 ص 4 .
(3)كتاب الامامة المجلد السابع
(4)المجادلة : 22 .
(5)كورت 10 .
(6)أسرى : 13 .
(7)ق : 22 .
(8)الجاثية : 28 .
(9)أسرى : 71 - الحاقة : 19 .