النفي في المستقبل - كما صرح به الزمخشري في انموزجه - فيكون نصافي أن موسى عليه السلام
لايراه أبدا ، أو تأكيده - على ما صرح به في الكشاف - فيكون ظاهرا في ذلك لان المتبادر
في مثله عموم الاوقات ، وإذا لم يره موسى لم يره غيره إجماعا ، وإن نوقش في كونها
للتأكيد أو للتأبيد فكفاك شاهدا استدلال أئمتنا عليهم السلام بها على نفي الرؤية مطلقا ،
لانهم أفصح الفصحاء طرا باتفاق الفريقين ، مع أنا لكثرة براهيننا لانحتاج إلى الاكثار
في دلالة هذه الآية على المطلوب
28 - يد : الدقاق : عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن
عبدالله بن زاهر ، عن الحسين بن يحيى الكوفي ، عن قثم بن قتادة ، عن عبدالله بن يونس ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة إذقام إليه
رجل يقال له : ذعلب ذرب اللسان بليغ في الخطاب شجاع القلب فقال : يا أمير المؤمنين
هل رأيت ربك ؟ فقال : ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره . قال : يا أمير المؤمنين
كيف رأيته ؟ قال يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق
الايمان .(1)
أقول : تمامه في باب جوامع التوحيد .
29 - نهج : من كلام له عليه السلام - وقد سأله ذعلب اليماني - فقال : هل رأيت ربك
يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام : أفأ عبد مالا أرى ؟(2)قال : وكيف تراه ؟ قال : لاتدركه العيون
بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان ،(3)قريب من الاشياء غير
(1)تقدم الحديث باسناد آخر تحت رقم 2 .
(2)استفهام إنكارى لعبادة مالا يدرك وفيه إزراء على السائل .
(3)قال ابن ميثم : تنزيه له عن الرؤية بحاسة البصر وشرح لكيفية الرؤية الممكنة ، ولما كان
تعالى منزها عن الجسمية ولواحقها من الجهة وتوجيه البصر إليه وإدراكه به وانما يري ويدرك
بحسب ما يمكن لبصيرة العقل لاجرم نزهه عن تلك وأثبت له هذه ، فقال : لا تدركه العيون إلى
قوله : بحقائق الايمان ، وأراد بحقائق الايمان أركانه ، وهى التصديق بوجود الله ووحدانيته و
سائر صفاته ، واعتبارات أسمائه الحسنى ، وعد من جملتها اعتبارات يدركه بها :
أحدها كونه قريبا من الاشياء ، ولما كان المفهوم من القرب المطلق الملامسة والالتصاق
- وهما من عوارض الجسمية - نزه قربه تعالى عنها ، فقال : غير ملامس فأخرجت هذه القرينة ذلك
اللفط عن حقيقته إلى مجازه وهو اتصاله بالاشياء وقربه منها بعلمه المحيط وقدرته التامة .
الثانى : كونه بعيدا منها ، ولما كان البعد يستلزم المباينة - وهى أيضا من لواحق الجسمية - نزهه *(*)