بحار الأنوار ج74

ملك الله فوقك ، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فان ذلك يطامن
إليك من طماحك(1)ويكف عنك من غربك ويفئ إليك ما عزب من عقلك . و
إياك ومساماته في عظمته(2)أو التشبه به في جبروته ، فان الله يذل كل جبار ، و
يهين كل مختال فخور .
أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصتك ومن أهلك ومن لك فيه
هوى من رعيتك ، فانك إن لا تفعل تظلم ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون
عباده ، ومن خاصمه الله أدحض حجته(3)وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب .
وليس شئ أدعى إلى تغيير نقمة وتعجيل نقمة من إقامة على ظلم ، فان الله
يسمع دعوة المظلومين وهو للظالمين بمرصاد ، ومن يكن كذلك فهو رهين هلاك في
الدنيا والآخرة .
وليكن أحب الامور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل وأجمعها(4)
للرعية فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة(5)وإن سخط الخاصة يغتفر مع
رضى العامة ، وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء ، وأقل له
معونة في البلاء ، وأكره للانصاف ، وأسأل بالالحاف(6)وأقل شكرا عند الاعطاء
وأبطأ عذرا عند المنع ، وأكره للانصاف ، وأضعف صبرا عند ملمات الامور من الخاصة


(1)يطامن أى يخفض ويسكن . والطماح : الفخر والنشوز والجماح . وارتفاع البصر
والغرب : الحدة . ويفئ : يرجع ما غاب عن عقلك .
(2)المساماة : المفاخرة والمباراة في السمو أى العلو .
(3)أدحض : أبطل . وحربا أى محاربا . وينزع أى يقلع عن ظلمه . وأدعى : أى
أشد دعوة .
(4)في النهج أجمعها لرضى الرعية .
(5)يجحف أى يذهب برضى الخاصة .
(6)الالحاف : الالحاح والشدة في السؤال .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه