مرضا كان فيه حتفه فانكسرت فيه خواطر جميع أهل الاسلام في رزيته وعظمت مصيبته
في قلوب عموم أحبته ، وخصوص أهل بلدته ، فاغلقت المساجد والابواب ، واقيمت
مراسم التعزية إلى سبعة أيام طباق ، وكنت أنا أيضا من جملة المشتغلين بمراسم ذلك
العزاء ، ذاهلا عما وقع بيني وبينه من المعاهدة والبناء ، حتى انقضى الاسبوع من
يوم رحلته فأتيت تربته الزكية فيمن أتاها بقصد زيارته .
فلما قضيت الوطر من البكاء والتحسر عليه ، وقراءة ماتيسر من القرآن والدعاء
لديه ، غلبني المنام عند مرقده الشريف ، فرأيته في الواقعة كأنه خارج من مضجعه
المنيف ، واقف على حضرته في أجمل هيئته وأنم زينته ، فتذكرت أنه كان ميتا فعدوت
إليه وسلمت عليه ، والتزمت بابهامي يديه(1)وقلت : ياسيدي بلغ المجهود ، و
حان حين الموعود فأخبرني بماقد ساقت المنية إليك ، ورأيته عند الموت وبعد الموت
بعينك ، وسمعت باذنيك ثم عما ظهر من حقيقة الامر المعهود عليك .
فقال : نعم يا ولدي ! اعلم أني لما مرضت مرض الموت أخذت العلة مني
(1)قال قطب الدين محمد بن شيخعلى اللاهيجى الاشكورى في محبوب القلوب : ان
امسال اليد في النوم عند استخبار حقايق النشأة الباقية وما ذاق من كيفية الموت ومرارته
عن الموتى والجائهم عند الاجابة كما هو المجرب المشهور والدائر في الالسن فمما لايبعد بناء
على تأثير النفس الناطقة عما يرتسم في قواها الجرمية الجسمية كما هو مزعوم جم غفير من
العلماء .
وذلك لان للنفوس المتعلقة بهذه الاجساد مشابهة ومشاكلة مع النفوس المفارقة عن
الاجساد فيكون لتلك المفارقة نيل إلى النفوس التى لم تفارق وله أيضا تعلق ما بهذه الابدان
بسبب ما بينها وبين نفوسها من المؤالفة والمشابهة فلا عجب أن يعترى للنفوس المفارقة
بسبب امساك أيدى الاحياء في النوم انقباض وانزجار وهذا الانقباض موجب لالجائهم إلى
اجانة السؤال حتى تخلصوا وتنجوا من أيديهم المنقبضة الموجبة لتردد النفس بسبب ارتكاب
ماهو الموجب للوبال والنكال ويقولون بلسان الحال الذى هو انطق من لسان المقال :
ما هرچه ميكشيم زدست تو ميكشيم منه ره .