به إلى رحله فرأى جماعة(1)فقال : على من هؤلاء الجماعة ؟ فقالوا : على هذا الذي
يزعم أنه نبي فأتاه فقال : يا محمد ما اشتملت النساء على ذي لهجة أكذب منك ، فلولا
أن يسميني العرب عجولا لقتلتك وسررت الناس بقتلك أجمعين ، فقال عمر : يا رسول
الله دعني أقتله ، فقال صلى الله عليه وآله : لا ، أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا ، ثم أقبل
الاعرابي على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن بك هذا
الضب(2)، وأخرج الضب من كمه فطرحه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : إن آمن
بك أمنت بك ، فقال صلى الله عليه وآله : يا ضب فكلمه الضب بلسان طلق فصيح عربي مبين
يفهمه القوم جميعا ، لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين ، فقال صلى الله عليه وآله : من تعبد :
قال الذي في السماء عرشه وفي الارض سلطانه وفي البحر سبيله وفي الجنة
رحمته وفي النار عذابه ، فقال صلى الله عليه وآله : فمن أنا يا ضب ؟ قال : أنت رسول الله وخاتم النبيين
قد أفلح من صدقك وقد خاب من كذبك ، فقال الاعرابي : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك
رسول الله حقا ، والله لقد أتيتك وما على وجه الارض أحد هو أبغض إلي منك ، والله
لانت الساعة أحب إلي من نفسي ومن ولدي ، فقد آمن بك شعري وبشري وداخلي
وخارجي وسري وعلانيتي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمدلله الذي هداك إلى هذا
الذي يعلو ولا يعلى عليه ، ولا يقبله الله إلا بصلاة ، ولا يقبل الصلاة إلا بقرآن ، قال :
فعلمني فعلمه النبي صلى الله عليه وآله سورة الفاتحة وسورة الاخلاص ، فقال : يا رسول الله ما سمعت
في البسيط ولا في الوجيز أحسن من هذا ، فقال صلى الله عليه وآله : إن هذا كلام رب العالمين ،
وليس بشعر إذا قرأت قل هو الله أحد فكأنما قرأت ثلث القرآن ، واذا قرأتها مرتين
فكأنما قرأث ثلثي القرآن ، وإذا قرأتها ثلاث فكأنما قرأت القرآن كله ، فقال الاعرابي :
إن إلهنا يقبل اليسير ويعطي الكثير ، ثم قال له النبي صلى الله عليه وآله : ألك مال ؟ فقال : ما في
بني سليم قاطبة رجل أفقر مني ، فقال صلى الله عليه وآله لاصحابه : أعطوه فأعطوه حتى أبطروه(3)،
(1)في المصدر : فرأى جماعة محتفين بالنبي صلى الله عليه وآله .
(2)في المصدر : حتى يؤمن هذا الضب .
(3)أبطره : صيره بطرا . والبطر : الدهشة والحيرة عند هجوم النعمة .