4 تفسير على بن ابراهيم : " الذى جعل لكم من الشجر الاخضر نارا
فإذا أنتم منه توقدون " وهو المرخ والعفار يكون في ناحية بلاد العرب ،(1)فاذا
أرادوا أن يستوقدوا أخذوا من ذلك الشجر ثم أخذوا عودا فحركوه فيه ، فيستوقدوا
منه النار(2).
فائدة : اعلم أن المشهور بين الحكماء والمتكلمين أن العناصر أربعة : النار
والهواء ، والماء ، والارض ، كما تشهد به الشواهد الحسية والتجربية ، والتأمل
في أحوال التركيبات والتحليلات ، ولقد ماء الفلاسفة فيها اختلافات ، فمنهم من
جعل أصل العناصر واحدا والبواقي تحصل بالاستحالة ، فقيل هو النار ، وقيل
الهواء ، وقيل الماء ، وقيل الارض ، وقيل البخار ، ومنهم من جعله اثنين ، فقيل
النار والارض ، وقيل الماء والارض ، وقيل الهواء والارض ، ومنهم من جعله
ثلاثة ، فقيل النار والهواء والارض ، وإنما الماء هواء متكاثف ، وقيل الهواء والماء و
الارض وإنما النار هواء شديد الحرارة ، وهذه الاقوال عندهم ضعيفة ، وقدمر
في الاخبار ما يدل على كون أصل العناصر بل الافلاك الماء ، أو هو مع النار ، أو هما
مع الهواء ، وبالجملة لا ريب في وجود تلك العناصر الاربعة تحت فلك القمر وإنما
الاشكال في وجود كرة النار ، وعلى تقدير وجودها هل كانت هواء انقلبت نارا بحركة
الفلك ، أو كانت في الاصل نارا ، والمشهور أن هذه الاربعة عناصر المركبات
النامة واسطقساتها ، ومنها تتركب وإليها تنحل . وقيل : النار غير موجودة في
المركبات ، لانها لا تنزل عن الاثير إلا بالقسر ، ولا قاسر هناك .
ثم المشهور أن صور البسائط باقية في المركبات ، وقال الشيخ في الشفاء :
لكن قوما اخترعوا في قريب من زماننا هذا مذهبا غرييا ، قالوا : إن البسائط
إذا امتزجت وانفعل بعضها من بعض تأدى ذلك بها إلى أن يخلع صورها فلا تكون
لواحد منها صورته الخاصة ، وليست حينئذ صورة خاصة واحدة فيصير لها هيولى
(1)في المصدر : بلاد المغرب فاذا ارادوا ان يستوقدوا نارا .
(2)تفسير على بن ابراهيم : 554 .