بحار الأنوار ج56

بذلك ، ولقد علم هؤلاء المتعلمون " لمن اشتراه " بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه " ماله
في الآخرة من خلاق " أي من نصيب في ثواب الجنة . ثم قال عزوجل " ولبئس
ماشروابه أنفسهم " وهنوها(1)بالعذاب " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا الآخرة
وتركوا نصيبهم من الجنة ، لان المتعلمين لهذا السحرهم الذين يعتقدون أن لا
رسول ، ولا إله ، ولا بعث ، ولا نشور . فقال " ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة
من خلاق " لانهم يعتقدون أن لا آخرة . فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق
لهم في دار بعد الدنيا ، وإن كان بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم
فيها . ثم قال " ولبئس ماشروا به أنفسهم " إذ باعوا الآخرة بالدنيا ورهنوا بالعذاب
الدائم أنفسهم " لو كانوا يعلمون " أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب ، ولكن لا يعلمون
ذلك لكفرهم به ، فلما تركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا عذابهم على اعتقادهم
الباطل وجحدهم الحق . قال يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار عن أبويهما
أنهما قالا . فقلنا للحسن أبي القائم عليه السلام : فإن قوما عندنا يزعمون أن هاروت
وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم ، وأنزلهما الله مع ثالث
لهما إلى(2)الدنيا ، وأنهما افتتنا بالزهرة ، وأرادا الزنابها ، وشربا الخمر ، و
قتلا النفس المحترمة ، وأن الله تبارك وتعالى يعذبهما ببابل ، وأن السحرة منهما
يتعلمون السحر ، وأن الله مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة ، فقال
الامام عليه السلام : معاذ الله من ذلك ، إن ملائكة الله معصومون محفوظون من الكفرو
القبائح بألطاف الله ، قال الله عزوجل فيهم " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون
ما يؤمرون " وقال عزوجل " وله ما في السماوات والارض ومن عنده " يعني من
الملائكة " لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون "
وقال عزوجل في الملائكة أيضا " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته


(1)في المصدر : ورهنوها .
(2)في المصدر : إلى دار الدنيا .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه