بحار الأنوار ج15

و - العواد ؟ وأين الطالبون والرواد ؟ كل له(1)معاد ، أقسم قس برب العباد ، وساطح المهاد ،
وخالق سبع الشداد ، سماوآت بلا عماد ، ليحشرن على الانفرد ، وعلى قرب وبعاد ،
إذا نفخ في الصور ، ونق في الناقور ، وأشرقت الارض بالنور ، فقد وعظ الواعظ ، وانتبه
القايظ(2)، وأبصر اللاحظ ، ولفظ اللافظ ، فويل لمن صدف عن الحق الاشهر ، وكذب
بيوم المحشر ، والسراج الازهر ، في يوم الفصل ، وميزان العدل ، ثم أنشأ يقول :
(شعر(3)):
يا ناعي الموت والاموات في جدث * عيهم من بقايا بزهم خرق
منهم عرات وموتى في ثيابهم * منها الجديد ومنها الاورق الخلق
دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم * كما ينبه من رقداته الصعق
حتى يجيئوا بحال غير حالهم * خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا
ثم أقبلت على اصحابه فقلت : على علم به آمنتم قبل مبعثه ، كما آمنت به أنا ،
فنصت إلى رجل منهم وأشارت إليه وقالوا : هذا صاحبه وطالبه على وجه لادهر ، وسالف
العصر ، وليس فينا خير منه ، ولا أفضل ، فبصرت به أغر أبلج ، قد وقذته الحكمة ، أعرف
ذلك في أسارير(4)وجهه ، وإن لم أحط علما بكنهه ، قلت : ومن هو ؟ قالوا : هذا سلمان
الفارسي ، ذوالبرهان العظيم ، والشأن القديم ، فقال سلمان : عرفته يا أخا عبدالقيس من
قبل إتيانه ، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه واله وهو يتلالا ويشرق وجهه نورا وسرورا ، فقلت :
يا رسول الله إن قسا كان ينتظر زمانك ، ويتوكف إبانك(5)، ويهتف ساسمك وأبيك(6)


(1)كل لهن خ ل .
(2)هكذا في الكتاب ومصدره ولعله مصحف : يقظه ، واستظهر المصنف في الهامش أنه
الياقظ .
(3)هكذا في النسخة ، والمصدر خال عن قوله : شعر . وهو خبر لمبتداء محذوف أى هذا شعر .
(4)الاسارير : الخطوط في الجبهة . محاسن الوجه .
(5)توكف الخبر : انتظر ظهوره . إبان الشئ بكسر الهمزة وتشديد الباء : أوله . حينه .
(6)في المصدر : وباسم أبيك .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه