مبدأ الاقدام على الاهوال والشوق إلى التسلط والترفع ، وتسمى السبعية والنفس
اللوامة ، وقوة نطقية هي مبدأ إدراك الحقائق والشوق إلى النظر في العواقب ليتميز
بين المصالح والمفاسد . ويحدث من اعتدال حركة الاولى العفة ، وهي أن تكون تصرفات
البهيمية على وفق اقتضاء النطقية ، ليسلم عن أن تستعبدها الهوى ، وتستخدمها اللذات
ولها طرف إفراط هي الخلاعة والفجور ، أي الوقوع في ازدياد اللذات على مالا ينبغي
وطرف تفريط هي الخمود ، أي السكون عن طلب مارخص فيه العقل والشرع من
اللذات إيثارا لا خلقة . ومن اعتدال حركة السبعية الشجاعة ، وهي انقيادها للنطقية
ليكون إقدامها على حسب الروية من غير اضطراب في الامور الهائلة ، ولها طرف إفراط
هو التهور أي الاقدام على مالا ينبغي ، وتفريط هو الجبن أي الحذر عما لا ينبغي .
ومن اعتدال حركة النطقية وهي معرفة الحقائق على ما هي بقدر الاستطاعة ، و
طرف إفراطها الجربزة ، وهي استعمال الفكر فيما لا ينبغي ، وطرف تفريطها الغباوة
وهي تعطيل الفكر بالارادة والوقوف على اكتساب العلوم ، فالاوساط فضائل والاطراف
رذائل ، وإذا امتزجت الفضائل حصل من اجتماعها حال متشابهة هي العدالة . فاصول
الفضائل : العفة ، والشجاعة ، والحكمة ، والعدالة . ولكل منها شعب وفروع مذكورة
في كتب الاخلاق ، وكذا الرذائل الستة(انتهى).
تتميم
قال الرازي في " المطالب العالية " في تعديد خواص النفس الانسانية : ونحن
نذكر منها عشرة : القسم الاول من الخواص النطق وفيه أبحاث :
الاول : أن الانسان الواحد لو لم يكن في الوجود إلا هو وإلا الامور الموجودة
في الطبيعة لهلك أو ساءت معيشته ، بل الانسان محتاج إلى امور أزيد مما في الطبيعة مثل
الغذاء المعمول ، فإن الاغذية الطبيعية لا يلائم الانسان ، والملابس أيضا لا يصلح
للانسان إلا بعد صيرورتها صناعية ، فكذلك يحتاج الانسان إلى جملة من الصناعات
حتى تنتظم أسباب معيشته ، والانسان الواحد لا يمكنه القيام بمجموع تلك الصناعات