من شأن يونس بن متى خر عداس ساجدا لله وجعل يقبل قدميه وهما تسيلان
الدماء ، فلما بصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهكا سكتا ، فلما أتاهما قالا له : ما شأنك
سجدت لمحمد ، وقبلت قدميه ولم نرك فعلته بأحد منا ؟ قال : هذا رجل صالح أخبرني
بشئ عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس بن متى ، فضحكا وقالا :
لا يفتننك عن نصرانيتك فإنه رجل خداع ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى مكة .
قال علي بن إبراهيم بن هاشم : ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من الطائف و
أشرف على مكة وهو معتمر كره أن يدخل مكة وليس له فيها مجير ، فنظر إلى
رجل من قريش قد كان أسلم سرا فقال له : ائت الاخنس بن شريق فقل له : إن
محمدا يسألك أن تجيره حتى يطوف ويسعى فإنه معتمر ، فأتاه وأدى إليه ما قال
رسول الله ، فقال الاخنس : إني لست من قريش ، وإنما أنا حليف فيهم ، والحليف
لا يجير على الصميم ، وأخاف أن يخفروا جواري فيكون ذلك مسبة(1)، فرجع إلى
رسول الله فأخبره ، وكان رسول الله في شعب حراء مختفيا مع زيد ، فقال له : ائت سهيل
ابن عمرو فاسأله أن يجيرني حتى أطوف بالبيت وأسعى ، فأتاه وأدى إليه قوله ، فقال
له : لا أفعل ، فقال له رسول الله : اذهب إلى مطعم بن عدي فاسأله أن يجيرني حتى
أطوف وأسعى ، فجاء إليه وأخبره ، فقال : أين محمد ؟ فكره أن يخبره بموضعه ، فقال :
هو قريب ، فقال : ائته فقل له : إني قد أجرتك ، فتعال وطف واسع ما شئت ، فأقبل
رسول الله صلى الله عليه وآله وقال مطعم لولده وأختانه(2)، وأخيه طعيمة بن عدي : خذوا سلاحكم
فإني قد أجرت محمدا ، وكونوا حول الكعبة حتى يطوف ويسعى ، وكانوا عشرة
فأخذوا السلاح وأقبل رسول الله حتى دخل المسجد ، ورآه أبوجهل فقال : يا معشر
قريش هذا محمد وحده ، وقد مات ناصره ، فشأنكم به ، فقال له : طعيمة بن عدي :
(1)يقال : هو من صميم القوم أى من أصلهم وخالصهم . وخفر فلانا وأخفره : نقض عهده
وغدر به . والمسبة : السب .
(2)أختان جمع الختن : زوج الابنة . كل من كان من قبل المرأة مثل الاب والاخ .