بحار الأنوار ج12

يختبره ليعلم ما تكشف الايام عنه وهذا ما لا يصح ،(1)لانه عزوجل علام
الغيوب . والضرب الآخر من الابتلاء أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به فيكون ما يعطيه
من العطاء على سبيل الاستحقاق ، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به فيعلم من حكمة الله عز
وجل أنه لم يكل أسباب الامامة إلا إلى الكافي المستقل(2)الذي كشفت الايام عنه
بخير ، فأما الكلمات فمنها ما ذكرناه ، ومنها اليقين ، وذلك قول الله عزوجل : " وكذلك
نري إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين " .
ومنها المعرفة بقدم بارئه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حين نظر إلى الكوكب و
القمر والشمس ، واستدل بأفول كل واحد منها على حدثه ، وبحدثه على محدثه ، ثم
علمه بأن الحكم بالنجوم خطأ في قوله عزوجل : " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم "
وإنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة لان النظرة الواحدة لا توجب الخطاء إلا بعد
النظرة الثانية بدلالة قول النبي صلى الله عليه وآله لما قال لامير المؤمنين عليه السلام : يا علي أول النظرة
لك ، والثانية عليك لا لك .
ومنها الشجاعة وقد كشفت الاصنام عنه بدلالة قوله عزوجل : " إذ قال لابيه و
قومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباء‌نا لها عابدين . قال لقد
كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين . قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين . قال بل
ربكم رب السموات والارض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين . وتالله
لاكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين . فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه
يرجعون " ومقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عزوجل تمام الشجاعة . ثم الحلم
مضمن معناه في قوله عزوجل : " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " ثم السخاء وبيانه في
حديث ضيف إبراهيم المكرمين . ثم العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمن معناه في قوله :
" وأعتزلكم وما تدعون من دون الله " الآية . والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان ذلك
في قوله عزوجل : " يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت


(1)في نسخة : وهذا مما لا يصح .
(2)في نسخة : إلى الكافى المستقل بها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه