بحار الأنوار ج11

أبيك السلام يا شيث أما إنه قد قبض ، وإنما نزلت لشأنه فغطم الله على مصيبتك فيه
أجرك ، وأحسن على العزاء منه صبرك ، وآنس بمكانه منك عظيم وحشتك ، ارجع فرجع
معهم ومعهم كل ما يصلح به أمر آدم عليه السلام قد جاؤوا به من الجنة ، فلما صاروا إلى آدم
عليه السلام كان أول ما صنع شيث أن أخذ صحيفة الوصية من تحت رأس آدم عليه السلام
فشدها على بطنه فقال جبرئيل عليه السلام : من مثلك يا شيث قد أعطاك الله سرور كرامته وألبسك
لباس عافيته ؟ فلعمري لقد خصك الله منه بأمر جليل . ثم إن جبرئيل عليه السلام
وشيثا أخذا في غسله وأراه جبرئيل كيف يغسله حتى فرغ ، ثم أراه كيف يكفنه
ويحنطه حتى فرغ ، ثم أراه كيف بحفر له ، ثم إن جبرئيل أخذ بيد شيث فأقامه
للصلاة عليه كما نقوم اليوم نحن ، ثم قال : كبر على أبيك سبعين تكبيرة وعلمه كيف يصنع
ثم إن جبرئيل عليه السلام أمر الملائكة أن يصطفوا قياما خلف شيث كما يصطف اليوم خلف
المصلي على الميت ، فقال شيث عليه السلام : يا جبرئيل ويستقيم هذا لي وأنت من الله بالمكان
الذي أنت ومعك عظماء الملائكة ؟ فقال جبرئيل : يا شيث ألم تعلم أن الله تعالى لما خلق أباك
آدم أوقفه بين الملائكة وأمرنا بالسجود له فكان إمامنا ليكون ذلك سنة في ذريته ، وقد قبضه
اليوم وأنت وصيه ووارث علمه وأنت تقوم مقامه ، فكيف نتقدمك وأنت إمامنا ؟ فصلى بهم عليه
كما أمره ، ثم أراه كيف يدفنه فلما فرغ من دفنه وذهب جبرئيل عليه السلام ومن معه ليصعدوا من
حيث جاؤوا بكى شيث ونادى : يا وحشتاه ، فقال له جبرئيل : لا وحشة عليك مع الله تعالى
يا شيث ، بل نحن نازلون عليك بأمر ربك وهو يؤنسك فلا تحزن وأحسن ظنك بربك
فإنه بك لطيف وعليك شفيق . ثم صعد جبرئيل ومن معه ، وهبط قابيل من الجبل وكان على
الجبل هاربا من أبيه آدم عليه السلام أيام حياته لا يقدر أن ينظر إليه ، فلقي شيثا فقال : يا شيث
إني إنما قتلت هابيل أخي لان قربانه تقبل ولم يتقبل قرباني ، وخفت أن يصير بالمكان
الذي قد صرت أنت اليوم فيه ، وقد صرت بحيث أكره وإن تكلمت بشئ مما عهد إليك
به أبي لاقتلنك كما قتلت هابيل .
قال زرارة : ثم قال أبوعبدالله عليه السلام بيده إلى فمه فأمسكه يعلمنا ، أي هكذا
أنا ساكت فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة معشر شيعتنا ! فتمكنوا عدوكم من رقابكم

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه