بحار الأنوار ج5

فإذا اجتمعا قويا وصلحا وحسنا وملحا ، كذلك القدر والعمل ، فلو لم يكن
القدر واقعا على العمل لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر
لم يمض ولم يتم ، ولكن باجتماعهما قويا وصلحا ولله فيه العون لعباده الصالحين . ثم
تلا هذه الآية : " ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم " الآية ، ثم قال عليه السلام :
وجدت ابن آدم بين الله وبين الشيطان ، فإن أحبه الله تقدست أسماؤه خلصه واستخلصه ،(1)
وإلا خلا بينه وبين عدوه .
97 - وقيل للعالم عليه السلام : إن بعض أصحابنا يقول بالجبر وبعضهم يقولون
بالاستطاعة ، قال : فأمر أن يكتب : بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عزوجل : يابن آدم بمشيتي
كنت أنت الذي تشاء . وساق إلى آخر ما سيأتي في خبر البزنطي .(2)
98 - شى : عن الحسن(3)بن محمد الجمال ، عن بعض أصحابنا قال : بعث عبدالملك
ابن مروان إلى عامل المدينة أن وجه إلي محمد بن علي بن الحسين ولا تهيجه ولا تروعه ،
واقض له حوائجه ، وقد كان ورد على عبدالملك رجل من القدرية فحضر جميع من كان بالشام
فأعياهم جميعا ، فقال : ما لهذا إلا محمد بن علي ، فكتب إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن
علي إليه ، فأتاه صاحب المدينة بكتابه ، فقال أبوجعفر عليه السلام : إني شيخ كبير لا أقوى على
الخروج ، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي فوجهه إليه ، فلما قدم على الاموي أزراه لصغره ،
وكره أن يجمع بينه وبين القدري مخافة أن يغلبه ، وتسامع الناس بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة
القدرية ، فلما كان من الغد اجتمع الناس بخصومتهما ، فقال الاموي لابي عبدالله عليه السلام
إنه قد أعيانا أمر هذا القدري ، وإنما كتبت إليه لاجمع بينه وبينه ، فإنه لم يدع
عندنا أحدا إلا خصمه ، فقال : إن الله يكفيناه ، قال : فلما اجتمعوا قال القدري
لابي عبدالله عليه السلام : سل عما شئت فقال له : اقرأ سورة الحمد ، قال : فقرأها ، وقال
الاموي وإنا معه ما في سورة الحمد غلبنا ، إنا لله وإنا اليه راجعون قال : فجعل القدري


(1)بتوفيقه وتسديده وتأييده وعدم إيكاله على نفسه ، وتوجيه الاسباب له نحو مطلوب الخير
وإلا فتركه بحاله ، ولم ينصره على عدوه ، وهذا معنى التوفيق والخذلان ، والهداية والاضلال .
(2)الاتى تحت رقم 104 .
(3)في نسخة : الحسين . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه