بحار الأنوار ج77

وفيه ما لا يخفى ، وقيل : الطهور هنا اسم آلة بمعنى مايتطهر به كالوضوء لما
يتوضؤ به ، والوقود لما يتوقد به ، بقرينة أن الامتنان بها أتم حينئذ .
قال في الكشاف : طهورا بليغا في طهارته ، وعن أحمد بن يحيى هو ما
كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فان كان ما قاله شرحا لبلاغة في الطهارة كان
سديدا ، ويعضده قوله تعالى : وينزل عليكم من السمآء مآء ليطهركم به (1)
وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ ، والطهور في العربية على وجهين : صفة و
اسم غير صفة : فالصفة ماء طهور ، كقولك طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهربه
طهور كالوضوء والوقود لما يتوضأ به ويتوقد به النار ، وقولهم تطهرت طهورا
حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ، ومنه قوله صلى الله عليه وآله : لا صلاة إلا بطهور
أي بطهارة انتهى .
واعترضه النيشابوري بأنه حيث سلم أن الطهور في العربية على وجهين
اندفع النزاع ، لان كون المآء مما يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره ، فكأنه
سبحانه قال : وأنزلنا من السماء ماء هو آلة الطهارة ، ويلزمه أن يكون طاهرا
في نفسه ، قال : ومما يؤكد هذا التقسير أنه تعالى ذكره في معرض الانعام ،
فوجب حمله على الوصف الاكمل ، وظاهر أن المطهر أكمل من الطهارة
انتهى(2).
والحق أن المناقشة في كون الطهور بمعنى المطهر ، وإن صحت نظرا
إلى قياس اللغة ، لكن تتبع الروايات واستعمالات البلغاء يورث ظنا قويا بأن
الطهور في إطلاقاتهم المراد به المطهر ، إما لكونه صفة بهذا المعنى أو اسما لما
يتطهر به ، ، وعلى التقديرين يثبت المرام ، وسيأتي من الاخبار في هذا الكتاب
ما ينبهك عليه .


(1)الانفال : 11 .
(2)راجع مسالك الافهام للفاضل الجواد ج 1 ص 90 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه