بحار الأنوار ج13

تصريف نفسي في طاعتك " وأخي " أي وأخي كذلك لا يملك إلا نفسه ، أو لا أملك أيضا
إلا أخي لانه يجيبني إذا دعوت " فافرق " أي فافصل " بيننا " وبينهم بحكمك فإنها " أي
الارض المقدسة " محرمة عليهم " تحريم منع ، وقيل : تحريم تعبد " يتيهون " أي يتحيرون
في المسافة التي بينهم وبينها لا يهتدون إلى الخروج منها . وقال أكثر المفسرين : إن
موسى وهارون كانا معهم في التيه ، وقيل : لم يكونا فيه لان التيه عذاب وعذبوا عن كل
يوم عبدوا فيه العجل سنة ، والانبياء لا يعذبون ، قال الزجاج إن كانا في التيه فجائز أن
يكون الله سهل عليهما ذلك ، كما سهل على إبراهيم النار فجعلها عليه بردا وسلاما .
ومتى قيل : كيف يجوز على عقلاء كثيرين أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا
للخروج منها ؟ فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك بأن تحول الارض التي هم عليها إذا ناموا وردوا إلى
المكان الذي ابتدؤوا منه .
والآخر أن يكون بالاسباب المانعة عن الخروج عنها ، إما بأن تمحى العلامات
التي يستدل بها ، أو بأن يلقى شبه بعضها على بعض ، ويكون ذلك معجزا خارقا
للعادة .
وقال قتادة : لم يدخل بلد الحبارين أحد من القوم إلا يوشع وكالب بعد موت موسى
بشهرين ، وإنما دخلها أولادهم معهما " فلا تأس على القوم الفاسقين " أي لا تحزن على
هلاكهم لفسقهم .(1)
" يعكفون على أصنام لهم " أي يقبلون عليها ، ملازمين لها ، مقيمين عندها
يعبدونها ، قال قتادة : كان اولئك القوم من لخم(2)وكانوا نزولا بالرقة .(3)وقال
ابن جريح : كانت تماثيل بقر(4)وذلك أول شأن العجل " إنكم قوم تجهلون "


(1)مجمع البيان 3 : 178 - 182 .
(2)اسم لخم مالك بن عدى بن الحارث بن مرة بن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن
كهلان بن سأبن يشجب ين يعرب بن قحطان .
(3)الرقة بفتح أوله وثانيه وتشديده مدينة مشهورة على الفرات ، معدودة في بلاد الجزيرة .
(4)وقيل : وكانوا يعبدون المشترى ويحجون إلى صنم في مشارف الشام يقال له الاقيصر .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه