بحار الأنوار ج62

ومضمون باقي الآية تعليق وجوب الشكر لله على عبادتهم إياه ، وتلخيصه أن
العبادة له ان كانت واجبة عليكم لانه الهكم فالشكر له أيضا واجب عليكم فانه منعم
محسن إليكم كذا ذكره الطبرسي(1)رحمه الله وقال الرازي : فيه وجوه : أحدها :
واشكروا الله إن كنتم عارفين بالله ونعمه ، فعبر عن معرفة الله تعالى بعبادته
اطلاقا لاسم الاثر على المؤثر .
وثانيها : معناه إن كنتم تريدون أن تعبدوا الله فاشكروه فان الشكر رئيس
العبادات .
وثالثها : واشكروا الله الذي رزقكم هذه النعمة إن كنتم إياه تعبدون ، أي
إن صح أنكم تخصونه بالعبادة وتقرون أنه هو سبحانه الهكم لا غير انتهى(2).
وأقول : يحتمل أن يكون الغرض أن شكركم إنما يصح ويستقيم بترك الشرك
وإخلاص العبادة له تعالى .
(إنما حرم عليكم الميتة)كأن هذه الآية كالاستثناء عن عموم ما تقدم أو أنه
سبحانه لما أمر في الآية بأكل الطيبات بين في هذه الآية الخبائب ليعلم أن ماسواها
من الطيبات ، و(إنما)على المشهور بين أهل العربية والاصوليين للحصر فيدل على
حصر المحرمات من الماكولات في هذه الاشيآء ، فهي حجة في حل ما سواها إلا ما
أخرجه الدليل .
وقال البيضاوى : المراد قصر الحرمة على ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا أو قصر
حرمته على حال الاختيار كأنه قيل إنما حرم عليكم هذه الاشياء مالم تضطروا
إليها انتهى(3).
ويمكن أن يكون التحريم في هذا الوقت مقصورا على ما ذكر فحرم بعد ذلك
غيرها كمامر ، والاول من المحرمات في تلك الآية الميتة ، وهي على المشهور ما فارقه


(1)مجمع البيان 2 : 252 .
(2)تفسير الرازى .
(3)انوار التنزيل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه