بحار الأنوار ج89

بقصيدة وأراد أن يؤمن ، فدافعه قريش وجعلوا يحدثونه بأسوء ما يقدرون عليه
وقالوا : إنه يحرم عليك الخمر والزنا ، فقال : لقد كبرت ومالي في الزنا من
حاجة ، فقالوا : أنشدنا ما مدحته به ، فأنشدهم .
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا
نبي يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجد
قالوا : إن أنشدته هذا لم يقبله منك ، فلم يزا لوا بالسعي حتى صدوه فقال :
أخرج إلى اليمامة ، ألزمه عامي هذا ، فمكث زمانا يسيرا ومات باليمامة .
وجاء لبيد(1)وآمن برسول الله صلى الله عليه وآله وترك قيل الشعر تعظيما لامر القرآن


قط الارفع في قدره ، فلما ورد عليهم قالواله : أين أردت يا أبا بصير ؟ قال : أردت صاحبكم
هذا لاسلم ، قالوا : انه ينهاك عن خلال ويحرمها عليك ، وكلها بك رافق ولك موافق ، قال :
وماهن ؟ فقال أبوسفيان بن حرب : الزنا ، قال : لقد تركنى الزنا وما تركته ، ثم ماذا ؟
قال : القمار ، قال : لعلى ان لقيته أن أصيب منه عوضا من القمار ، ثم ماذا ؟ قال : الربا
قال مادنت ولا ادنت ، ثم ماذا ؟ قال : الخمر ، قال : أوه ! أرجع إلى صبابة قد بقيت لى
في المهراس فأشربها(والمهراس حجر عظيم منقور يسع كثيرا من الماء)فقال له أبوسفيان :
هل لك في خير مما هممت به ؟ قال : وما هو ؟ قال : نحن وهو الان في هدنة ، فتأخذ مائة
من الابل ، وترجع إلى بلدتك سنتك هذه وتنظر ما يصير اليه أمرنا ، فان ظهرنا عليه كنت
قد أخذت خلفا ، وان ظهر علينا أتيته ، فقال : ما أكره هذا ، فقال أبوسفيان : يا معشر
قريش ! هذا الاعشى والله لئن أتى محمدا واتبعه ليضر من عليكم نير ان العرب بشعره ، فاجمعوا
له مائة من الابل ، ففعلوا ، فأخذها وانطلق إلى بلده ، فلما كان بقاع منفوحة قرية
مشهورة من نواحى اليمامة رمى به بعيره فقتله . راجع سيرة ابن هشام ج 1 ص 386
الاغانى ج 9 ص 125 .
(1)هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن
صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، أحد شعراء المخضرمين وهو من أشراف الشعراء المجيدين
الفرسان القراء المعمرين ، يقال انه عاش 145 سنة ، 90 سنة في الجاهلية وبقيتها في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه