قال أبوالحكم : فحدثني عبدالله بن آدم(1)الجعفري عن يزيد بن سليط قال :
كان أبوعمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدمه إخوته إلى الطلحي
القاضي فقال العباس بن موسى : أصلحك الله وأمتع بك إن في أسفل هذا الكتاب كنزا
وجوهرا ويريد أن يحتجبه ويأخذه دوننا : ولم يدع أبونا رحمه الله شيئا إلا ألجأه
إليه وتركنا عالة ، ولو لا أني أكف نفسي لاخبرتك بشئ على رؤس الملا .
فوثب إليه إبراهيم بن محمد فقال : إذا والله تخبر بما لا نقبله منك ، ولا نصدقك
عليه ، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا ، وكان أبوك
أعرف بك ، لو كان فيك خير ، وإن كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن ، وما كان
ليأمنك على تمرتين .
ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له : إنك لسفيه ضعيف
أحمق أجمع هذا مع ما كان بالامس منك وأعانه القوم أجمعون فقال أبوعمران
القاضي لعلي : قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد سمع لك أبوك ، ولا
والله ما أحد أعرف بالولد من والده ، ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله
ولا ضعيف في رأيه .
فقال العباس للقاضي : أصلحك الله فض الخاتم واقرأ ما تحته فقال أبوعمران
لا أفضه حسبي ما لعنني أبوك منذ اليوم ، فقال العباس : فأنا أفضه فقال : ذاك إليك
ففض العباس الخاتم فاذا فيه إخراجهم وإقرار علي بها وحده ، وإدخاله إياهم
في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا ، وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها ، وكان
فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة ، ولعلي عليه السلام خيرة ، وكان في الوصية التي فض
العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود إبراهيم بن محمد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن
صالح ، وسعيد بن عمران .
وأبرزوا وجه ام أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنها ليست إياها حتى
كشفوا عنها وعرفوها ، فقالت عند ذلك : قد والله قال سيدي هذا : إنك ستؤخذين
(1)قد مر في صدر السند أنه عبدالله بن ابراهيم الجعفرى .