وثانيها دخولهم في قوله تعالى : *(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل
ما اعتدى عليكم)*(1).
قوله عليه السلام :(ولا تصيبوا معورا)قال ابن ميثم : أعور الصيد
أمكن من نفسه . وأعور الفارس : ظهر فيه موضع خلل للضرب ثم قال : أي لا
تصيبوا الذي أمكنتكم الفرصة في قتله بعد إنكسار العدو كالمعور من الصيد .
وقال ابن أبي الحديد : هو الذي يعتصم منك في الحرب بإظهار عورته
لتكف عنه ويجوز أن يكون المعور هنا المريب الذي يظن أنه من القوم وأنه
حضر للحرب وليس منهم لعله حضر لامر آخر .
(1)هذا تلخيص كلام ابن ميثم رحمه الله في شرح المختار :(14)من الباب الثاني من
نهج البلاغة : ج 4 ص 383 ط 3 ، ولاجل التوضيح نذكر بيانه حرفيا قال :
وقد وصى(أمير المؤمنين عليه السلام جيشه)في هذا الفصل بأمور :
أحدها أن لايقاتلوها إلى أن يبدؤهم(أهل الشام)بالقتال ، وأشار إلى أن ذلك
يكون حجة ثانية عليهم .
وأومى بالحجة الاولى إلى قوله تعالى :(فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا
التي تبغي حتى تفئ إلى أمرالله)(9 / الحجرات)وظاهر أن هؤلاء(كانوا)بغاة على
الامام الحق فوجب قتالهم .
وأما(الحجة)الثانية : فهي تركهم حتى يبدؤا بالحرب ، وبيان هذه الحجة من
وجهين :
أحدهما أنهم إذا بدؤا(الامام أو جيشه)بالحرب فقد تحقق دخولهم في حرب الله
وحرب رسوله لقوله صلى الله عليه وآله :(يا علي حربك حربي)وتحقق سعيهم في
الارض بالفساد بقتلهم النفس التي حرم الله(قتلها)ابتداءا بغير حق ، وكل من تحقق
دخوله في ذلك دخل في عموم قوله : *(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون
في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أن ينفوا
من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)*(33 / المائدة):
الثاني أن البادي بالحرب ابتداء(من غير مسوغ)معتد ، وكل معتد كذلك يجب
الاعتداء عليه لقوله تعالى : *(فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى
عليكم)* 194 / البقرة : 2)فوجب الاعتداء عليهم إذا بدؤا بالحرب .