بحار الأنوار ج66

وبذلك يسهل الخطب في الحكم بايمان أكثر العوام الذين لايتيسر لانفسهم
الاتصاف بالعلم الذي لايقبل تشكيك المشكك ، فان علم الطمأنينة متيسر لكل
واحد ، وعلى هذا فيكون ما تشعر النفس به من الازدياد في التصديق والاطمينان عند
ما تشاهده من برهان أو عيان إنما هو انتقال في أفراد تلك الحقيقة وتبدل واحد
بآخر ، والحقيقة واحدة .
لايقال : أفراد الحقيقة الواحدة لاتنافي الاجتماع في القوة العاقلة ، فان
أفراد الحيوان والانسان يصلح اجتماعها في القوة العاقلة ، وما نحن فيه ليس
كذلك إذلا يمكن اتصاف النفس بحصول علم الطمأنينة وعلم اليقين في حالة واحدة
لتضادهما ، ولهذا يزول الاول بحصول الثاني ، فلا يكون ماذكرت أفراد حقيقة
واحدة بل حقائق .
قلت : لانسلم أن أفراد كل حقيقة يصح اجتماعها في الحصول عند القوة
العاقلة ، بل قد لايصح ذلك لما بينها من التضاد كما في البياض والسواد ، فانهما
فردان لحقيقة واحدة هي اللون ، مع عدم صحة اجتماعهما في محل واحد لاخارجا
ولاذهنا .
بقي ههنا شئ وهو أنه لاريب في تحقق الايمان الشرعي بالتصديق الجازم
الثابت ، وإن أخل المتصف به ببعض الطاعات ، وقارف بعض المنهيات عند من
يكتفي في حصول الايمان باذعان الجنان ، وإذا كان الامر كذلك فلا معنى للنزاع
عند هؤلاء في أن حقيقة الايمان هل تقبل الزيادة والنقصان إذ لو قبلت شيئا منهما
لم تكن واحدة بل متعددة ، لان القابل غير المقبول ، والعارض غير المعروض
فان دخل الزائد في مفهوم الحقيقة بحيث صار ذاتيا لها تعددت وتبدلت ، وكذا
الناقص إذا خرج عنها فلا تكون واحدة ، وقد فرضناها كذلك هذا خلف ، وإن لم
يدخل ولم يخرج شئ منهما كانت واحدة من غير نقصان وزيادة فيها ، بل هما
راجعان إلى الكمال وعدمه ، وحينئذ فيبقى محل النزاع هل يقبل كمالها الزيادة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه