التعليم ، فلم لا يجوز أن يكون العمل به منهيا عنه وأما تعليمه لغرض التنبيه على
فساده فإنه يكون مأمورا به .
السمألة الثانية : قرأ الحسن " الملكين " بكسر اللام ، وهو مروي أيضا عن
الضحاك وابن عباس . ثم اختلقوا ، فقال الحسن : كانا عجلين أقلفين بباتل يعلمان
الناس السحر ، وقيل : كانا رجلين صالحين من الملوك ، والقراءة المشهورة بفتح اللام ، وهما
كانا ملكين نزلا من السماء ، وهاروت وماروت اسمان لهما . ثم قيل : هما جبرئيل
وميكائيل عليهم السلام ، وقيل : غيرهما ، أما الذين كسروا اللام فقد احتجوا بوجوه :
أحدها أنه لا يليق بالملائكة تعليم السحر . وثانيها كيف يجوز إنزال الملكين مع
قوله " ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون " وثالثها لو أنزل الملكين لكان إما أن
يجعلهما في صورة رجلين أولا يجعلهما كذلك ، فإن جعلهما في صورة رجلين مع أنهما
ليسا برجلين كان ذلك تجهيلا وتلبيسا وهو غير جائز ، ولو جاز ذلك فلم لا يجوز أن يكون
كل واحد من الناس الذين نشاهدهم لا يكون في الحقيقة إنسانا بل ملكا من الملائكة !
وإن لم يجعلهما في صورة الرجلين قدح ذلك في قوله تعالى " ولو جعلناه ملكا لجعلناه
رجلا " والجواب عن الاول أنا سنبين وجه الحكمة وإنزال الملائكة لتعليم السحر
وعن الثاني أن هذه الآية عامة ، وقراءة الملكين بفتح اللام متواترة وخاصة ، و
الخاص يقدم على العام . وعن الثالث أن الله تعالى ينزلهما في صورة رجلين ، وكان
الواجب على المكلفين في زمان الانبياء أن لا يقطعوا على من صورته صورة الانسان
بكونه إنسانا ، كما أن في زمان الرسول صلى الله عليه وآله كان الواجب على من شاهد دحية
الكلي أن لا يقطع بكونه من البشر ، بل الواجب التوقف فيه .
المسألة الثاثة : إذا قلنا بأنهما كانا من الملائكة فقد اختلفوا في سبب
نزولهما ، فروي عن ابن عباس أن الملائكة لما قالت " أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء " فأجابهم الله تعالى بقوله " إني أعلم مالا تعلمون " ثم إن الله وكل
عليهم جمعا من الملائكة وهم الكرام الكاتبون فكانوا يعرجون بأعمالهم الخبيثة فعجبت
الملائكة منهم ، ومن تبقية الله إياهم مع ما يظهر منهم من القبائح ، ثم أضافوا إليها