بحار الأنوار ج59

منه ، وذلك غير جائز ، بل يترك نفسه حتى يموت ولا يميت الغير . ومنها الطالب
للذة ، كما ذهب إليه جمع من الاصحاب .
وأما العادي فقيل : هو الذي يقطع الطريق ، وقيل : هوالذي يتجاوز
مقدار الضرورة ، وقيل : الذي يتجاوز مقدار الشبع . وفي بعض الروايات عن الصادق
عليه السلام أنه قال : الباغي الذي يخرج على الامام ، والعادي الذي يقطع الطريق
لا تحل لهما الميتة . وستأتي الاخبار في ذلك وغيره .
وقوله سبحانه غير متجانف لاثم أي غير مائل إلى إثم ، بأن يأكل زيادة
على الحاجة ، أو للتلذذ ، أو غير متعمد لذلك ولا مستحل ، أو غير عاص بأن يكون
باغيا على الامام أو عاديا متجاوزا عن قدر الضرورة ، أو عما شرع الله بأن يقصد اللذة
لاسد الرمق . وسيأتي تمام القول في ذلك في محله إنشاء الله .
واختلف فيما إذا كانت الضرورة من جهة التداوي هل هي داخلة في عموم تلك
الآيات ؟ وهل يجوز التداوي بالحرام عند انحصار الدواء فيه ؟ فذهب بعض الاصحاب
إلى عدم جواز التداوي بالحرام مطلقا ، وبعضهم إلى عدم جواز التداوي بالخمر وسائر
المسكرات وجواز التداوي بسائر المحرمات ، وبعضهم إلى جواز التداوي بكل محرم
عند انحصار الدواء فيه .
قال المحقق - قدس الله روحه - في الشرائع : ولو اضطر إلى خمر وبول قدم
البول ، ولو لم يوجد إلا الخمر قال الشيخ في المبسوط : لا يجوز دفع الضرورة بها ، وفي
النهاية : يجوز ، وهو الاشبه . ولا يجوز التداوي بها ولا بشئ من الانبذة ولا بشئ
من الادوية معها شئ من المسكر أكلا وشربا ، ويجوز عند الضرورة أن يتداوى
بها للعين .
وقال الشهيد الثاني - رفع الله درجته - هذا هو المشهور بين الاصحاب ، بل
ادعى عليه في الخلاف الاجماع ، وأطلق ابن البراج جواز التداوي به إذا لم يكن له
عنه مندوحة ، وجعل الاحوط تركه . وكذا أطلق في الدروس جوازه للعلاج كالترياق
والاقوى الجواز مع خوف التلف بدونه . وتحريمه بدون ذلك . وهو اختيار العلامة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه