الكفار ما قالوا قال الله : يا محمد " تلك أمانيهم " التي يتمنونها بلا حجة " قل هاتوا
برهانكم " وحجتكم على دعواكم " إن كنتم صادقين " كما أتى محمدا ببراهينه التي
سمعتموها ، ثم قال : " بلى من أسلم وجهه لله " يعني كما فعل هؤلاء الذين آمنوا
برسول الله صلى الله عليه وآله لما سمعوا براهينه وحججه " وهو محسن " في عمله لله " فله أجره " ثوابه
" عند ربه " يوم فصل القضاء " ولا خوف عليهم " حين يخاف الكافرون ما(مما خ ل)
يشاهدونه من العذاب " ولا هم يحزنون " عند الموت لان البشارة بالجنان تأتيهم عند
ذلك .(1)
ج : بإسناده إلى أبي محمد عليه السلام قال : ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين
وأن رسول الله صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام قد نهوا عنه . وساق الحديث إلى قوله : وقالوا :
ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول الله .(2)
بيان : قوله صلى الله عليه وآله :(من الخلة أو الخلة)والاولى بالفتح وهي بمعنى الفقر و
الحاجة ، والثانية بالضم وهي بمعنى غاية الصداقة والمحبة ، اشتق من الخلال ، لان
المحبة تخللت قلبه فصارت خلاله ، أي في باطنه ، وقد ذكر اللغويون أنه يحتمل
كون الخليل مشتقا من الخلة بالفتح أو الضم .
قوله صلى الله عليه وآله :(قد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار)تدرج عليه السلام في
الاحتجاج فنزلهم أولا عن مرتبة الانكار إلى مدرجة الشك بهذا الكلام ، وحاصله
أنكم كثيرا ما تحكمون بأشياء لم تروها كحكمكم هذا بعدم اجتماع الليل والنهار فيما
سبق من الازمان ، فليس لكم أن تجعلوا عدم مشاهدتكم لشئ حجة للجزم بإنكاره .
(فلا تنكروا لله قدرة)أي فلا تنكروا أن الاشياء مقدورة لله تعالى وأن الله خالقها
أولا تنكروا قدرة الله على إحداثها من كتم العدم ومن غير مادة ، ثم أخذ صلى الله عليه وآله في
إقامة البرهان على حدوثها وهو يحتمل وجهين :
الاول : أن يكون إلى آخر الكلام برهانا واحدا ، حاصله أنه لا يخلو من أن
يكون الليل والنهار أي الزمان غير متناه من طرف الازل منتهيا إلينا ، أو متناهيا من
(1)تفسير العسكرى : 218 - 226 .
(2)بل ذكره بتمامه ، راجع الاحتجاج : 7 - 13 .