النحر لعشر من ذي القعدة إلى عشر من شهر ربيع الاول لان الحج في تلك
السنة كان في ذلك الوقت ، ثم صار في السنة الثانية في ذي الحجة ، وفيها حجة
الوداع ، وكان سبب ذلك النسيئ ، واعلم أنه أجمع المفسرون ونقلة الاخبار أنه
لما نزلت براءة دفعها رسول الله صلى الله عليه واله إلى أبي بكر ، ثم أخذها منه ودفعها إلى
علي بن أبي طالب عليه السلام ، واختلفوا في تفضيل ذلك فقيل : إنه بعثه وأمره أن
يقرأ عشر آيات من أول هذه السورة ، وأن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده ، ثم بعث
عليا عليه السلام خلفه ليأخذها ويقرأها على الناس(1)، فخرج على ناقة رسول الله صلى الله عليه واله
العضباء حتى أدرك أبابكر بذي الحليفة فأخذها منه ، وقيل : إن أبابكر رجع
فقال : هل نزل في شئ ؟ فقال صلى الله عليه واله لا إلا خيرا ، ولكن لا يؤدي عني إلا أنا
أو رجل مني ، وقيل : إنه قرأ علي عليه السلام براءة على الناس ، وكان أبوبكر أميرا
على الموسم ، وقيل : إنه أخذها من أبي بكر قبل الخروج ودفعها إلى علي
وقال : لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ، وروى أصحابنا أن النبي صلى الله عليه واله ولاه
أيضا الموسم ، وأنه حين أخذ البراءة من أبي بكر رجع أبوبكر ، وروى الحاكم
أبوالقاسم الحسكاني بإسناده عن سماك بن حرب ، عن أنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه واله بعث برءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه
فرده ، وقال لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي ، فبعث عليا . وروى الشعبي
عن محرز ، عن أبيه أبي هريرة قال : كنت أنادي مع علي حين أذن المشركين
وكان إذا صحل(2)صوته فيما ينادي دعوت مكانه ، قال : فقلت : يا أبه أي شئ كنتم
(1)علله المقريزى في الامتاع بان العرب كان إذا تخالف سيدهم او رئيسهم لم ينقض ذلك
الا الذى يحالف أو اقرب الناس قرابة منه ، وكان على رضى الله عنه هو الذى عاهد المشركين
فلذلك بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله ببراءة : انتهى . أقول : ليس يخفى ان العهود ونقضها
تكون من شئون الخلافة والدولة ، فلا يعاهد عهدا ولا ينقضه الا السلطان او خليفته ومن ينوب عنه .
(2)في القاموس : صحل صوته كفرح فهو أصحل وصحل : بح أو احتد في بحح ، أو الصحل
محركة : خشونة في الصوت : وانشقاق في الصوت من غير أن يستقيم . والبحة : الخشونة و
الغلظة في الصوت . منه ره . أقول : الموجود في القاموس : خشونة في الصدر .