بحار الأنوار ج17

المشركين كانوا إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله صلى الله عليه وآله والقرآن ، فشتموا واستهزؤا
فأمرهم أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انتهى(1).
وأما النسيان في الآية الثانية فيحتمل(2)أن يكون المراد به الترك ، كما ورد
كثيرا في الآيات ، وهو مصرح به في كتب اللغة ، والآية الثالثة إخبار بعدم النسيان ،
وأما الاستثناء بالمشية فقال البيضاوي : " إلا ما شاء الله " نسيانه بأن ينسخ تلاوته ، و
قيل : المراد به القلة والندرة ، لما روي أنه صلى الله عليه واله أسقط آية في قراء‌ته في الصلاة ، فحسب
ابي أنها نسخت فسأله فقال : نسيتها ، أو نفي النسيان رأسا فإن القلة تستعمل للنفي
انتهى(3).
وقال الرازي في تفسيره : قال الواحدي : " سنقرئك " أي سنجعلك قاريا بأن
نلهمك القراء‌ة " فلا تنسى " ما تقرؤه وكان جبرئيل لا يفرغ من آخر الوحي حتى يتكلم
هو بأوله مخافة النسيان ، فقال الله : " سنقرئك فلا تنسى " أي سنعلمك هذا القرآن حتى
تحفظه ، ثم ذكروا في كيفية ذلك وجوها :
أحدها : أن جبرئيل سيقرأ عليك القرآن مرات حتى تحفظه حفظا لا تنساه .
وثانيها : أنا نشرح صدرك ونقوي خاطرك حتى تحفظه بالمرة الواحدة حفظا لا
تنساه(4)، وقيل : قوله : " فلا تنسى " معناه النهي ، والالف مزيدة للفاصلة ، يعني فلا
تغفل عن قراء‌ته وتكريره(5)أما قوله : " إلا ما شاء الله " ففيه احتمالان :
أحدهما : أن يقال : هذه الاستثناء غير حاصل في الحقيقة ، وأنه لم ينس بعد نزول


(1)مفاتيح الغيب 4 : 92 .
(2)احتمال بعيد لا يوافق سياق الآية ومعناها .
(3)أنوار التنزيل 2 : 598 .
(4)في المصدر : وثالثها : انه تعالى لما أمره في أول السورة بالتسبيح فكأنه تعالى قال : واظب
على ذلك ودم عليه ، فانا سنقرؤك القرآن الجامع لعلوم الاولين والاخرين ، ويكون فيه ذكرك
وذكر قومك ، ونجمعه في قلبك ، ونيسرك لليسرى وهو العمل به .
(5)في المصدر : والقول المشهور أن هذا خبر ، والمعنى سنقرؤك إلى أن تصير بحيث لا تنسى
وتأمن النسيان .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه