بحار الأنوار ج40

ثم حاجة الناس إليه وغناه عنهم ، إنه لم ينزل بالناس ظلماء عمياء كان لها موضعا
غيره ، مثل مجيئ اليهود يسألونه ويتعنتونه ، ويخبر بما في التوراة وما يجدون
عندهم ، فكم يهودي(1)قد أسلم وكان سبب إسلامه هو .
و أما غناه عن الناس فإنه لم يوجد على باب أحد قط يساله عن كلمة ولا
يستفيد منه حرفا .
ثم الدفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف ، قال : ذكر الكوفيون أن سعيد بن
قيس الهمداني رآه يوما في فناء حائط(2)فقال : يا أميرالمؤمنين بهذه الساعة ؟ قال :
ما خرجت إلا لاعين مظلوما أو اغيث ملهوفا ، فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد
خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا ، حتى وقفت عليه فقالت : يا أميرالمؤمنين
ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني ، فاذهب معي إليه ، فطأطأ رأسه ثم رفعه
وهو يقول : حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع(3)، وأين منزلك ؟ قالت : في
موضع كذا وكذا ، فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها ، فقالت : هذا منزلي ،
قال : فسلم ، فخرج شاب عليه إزار ملونة ، فقال عليه السلام : اتق الله فقد أخفت
زوجتك . فقال : وما أنت وذاك والله لاحرقنها بالنار لكلامك ، قال : وكان
إذا ذهب إلى مكان أخذ الدرة بيده والسيف معلق تحت يده ، فمن حل عليه حكم
بالدرة ضربه ، ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله ، فلم يعلم الشاب إلا وقد أصلت
السيف وقال له : آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر وترد المعروف ؟ تب وإلا قتلتك
قال : وأقبل الناس من السكك يسألون عن أميرالمؤمنين عليه السلام حتى وقفوا عليه
قال : فاسقط في يده الشاب(4)وقال : يا أميرالمؤمنين اعف عني عفا الله عنك والله
لاكونن أرضا تطأني ، فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول :(لا خير في


(1)في المصدر : فكم من يهودى .
(2)في المصدر : رآه يوما في شدة الحر في فناء حائط .
(3)تعتعه : حركه بعنف وقلقله . تعتع في الكلام : تردد فيه من عى .
(4)سقط وأسقط في يده مجهولا : ندم على فعله .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه