بحار الأنوار ج63

أن يكون في بعض الاجزاء قوة نفوذ ، وفي بعضها قوة جذب وقبض ، فيدخل بتينك
القوتين وزوال المانع وحصول المعد ما هو من قبيل الاول فيما هو من قبيل الثاني ،
ويستحكم فيه ، كما قيل في سبب حصول السواد من ممازجة الزاج والعقص فتأمل .
وبالجملة تبين أن ذهاب الثلثين في العصير المذكور من حيث الكيل والحجم
يتحقق قبل ذهابهما فيه من حيث الوزن ، فيحتمل هاهنا أن يكون المعيار للثلث و
والثلثين ما هو بحسب الكيل ، لكونه معروفا بين الناس في أمثال ذلك ، ولسهولته
عليهم من حيث إمكان هذا النوع من التقدير لهم بالقصعة والقدر وأمثالهما من الادوات
الدايرة ، واستغنائه عن ميزان صحيح أو قبان مجرب لا يطمئن به إلا بعد تقويمات
وتدقيقات لا يهتدي إليها أكثر الناس ، وليتيسر تخمينهم الكيلية بين الذاهب والباقي
بحس البصر أيضا بدون احتياج إلى آلة أصلا .
ويدل عليه رواية عقبة بن خالد المتقدمة حيث اعتبر عليه السلام فيه الارطال ، و
الرطل يطلق غالبا على الكيل لا الوزن كما حققناه في رسالة الاوزان ، وكذا تدل
عليه الروايات الثلاث المتقدمة في كيفية الشراب الحلال ، فانها صريحة في أن المعتبر
في الثلث والثلثين الكيل دون الوزن ، وإن أمكن أن يكون الذهاب بحسب الكيل كافيا في
ترتب الفوايد التي أفادها عليه السلام لهذا الدواء ، بناء على ما احتملناه بل اخترناه أن
ذهاب الثلثين هاهنا ليس لتحقق الحلية بل لترتب الفوايد الطبية ، فان الاطباء
في كثير من الادوية المركبة يذكرون ذلك وغرضهم حصول مزاج ذلك المركب وعدم
إسراع الفساد إليه وترتب كمال الفوائد عليه ، نعم على مذهب من يختار أن ذهاب
الثلثين هنا للحلية هي صريحة في ذلك ، لكن على ما اخترناه أيضا فيه إيماه إليه ، و
ويمكن أن يقال أيضا : إنه لما ذكر الشارع ذهاب الثلثين ولم يصرح بالمراد ، فمتى
صدق عليه عرفا أنه ذهب ثلثاه يتحقق الحل ، ولا ريب في أنه يصدق عليه عرفا أنه
ذهب ثلثاه ، وفيه نظر .
ويحتمل أن يكون المعيار هيهنا هو التقدير الوزنى . أو ما في حكمه مما يطابقه
وذلك لان حكمهم عليهم السلام فيما روي عنهم في هذا الباب بترتب الحلية على ذهاب

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه