دعا عليه السلام بالاسد فمسح جبينه فعطس من أنفه زوج سنور . وكان الذين آمنوا به
من جميع الدنيا ثمانين رجلا . وفي حديث آخر : إنهم شكوا إليه العذرة فأمر الفيل فعطس
فسقط الخنزير .(1)
" حتى إذا أمرنا " أي فذلك حاله وحالهم حتى إذا جاء قضاؤنا بنزول
العذاب " وفار التنور " بالماء أي ارتفع الماء بشدة اندفاع " قلنا احمل فيها من كل زوجين
اثنين " أي من كل جنس من الحيوان زوجين أي ذكروانثى " وأهلك " أي واحمل أهلك
وولدك " إلا من سبق عليه القول " أي من سبق الوعد بإهلاكه والاخبار بأنه لا يؤمن
وهي امرأته الخائنة ، واسمها واغلة ، وابنه كنعان " ومن آمن " أي واحمل فيها من آمن
بالله من غير أهلك " وما آمن معه إلا قليل " أي إلا نفر قليل ، وكان فيمن أدخل السفينة
بنوه الثلاثة سام وحام ويافث ، وثلاث كنائن له ،(2)فالعرب والروم وفارس وأصناف
العجم ولد سام ، والسودان من الحبش والزنج وغيرهم ولد حام ، والترك والصين والصقالبة
ويأجون ومأحوج ولد يافث " بسم الله مجريها ومرسها " أي متبركين باسم الله ، أو قائلين :
بسم الله وقت إجرائها وإرسائها ، أي إثباتها وحبسها ، وقيل : بسم الله إجراؤها وإرساؤها .
وقال الضحاك : كانوا إذا أرادوا أن تجري السفينة قالوا : " بسم الله مجريها " فجرت وإذا
أرادوا أن تقف السفينة قالوا : " بسم الله مرسيها " فوقفت " في موج كالجبال " دل تشبيهها
بالجبال على أن ذلك لم يكن موجا واحدا بل كان كثيرا ، وروي عن الحسن أن الماء
ارتفع فوق كل شئ وفوق كل جبل ثلاثين ذراعا ، وقال غيره : وخمس عشر ذراعا ، وروى
أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام أن نوحا ركب السفينة في أول يوم من رجب فصام ، وأمر
من معه أن يصوموا ذلك اليوم " ونادى نوح ابنه " واسمه كنعان ، وقيل : يام " وكان
في معزل " أي في قطعة من الارض غير القطعة التي كان نوح فيها حين ناداه ، أو كان في ناحية
من دين أبيه ، وكان نوح عليه السلام يظن أنه مسلم فلذلك دعاه ، وقيل : كان في معزل من
السفينة " يا بني اركب معنا " قال الحسن : كان ينافق أباه فلذلك دعاه ، وقال مسلم :(3)
(1)مجمع البيان 5 : 159 و 160 . م
(2)الكنائن جمع الكن بالفتح وهى امرأة الابن ، منه رحمه الله .
(3)في المصدر : " ابومسلم " وهو الصحيح . م(*).