من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك ، فبين الله
سبحانه أن الفتنة في الدين وهو الشرك أعظم من قتل المشركين في الشهر الحرام
وإن كان غير جائز " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه "
نهي عن ابتدائهم بقتال أو قتل في الحرم حتى يبتدئ المشركون بذلك " فإن
قاتلوكم " أي بدأوكم بذلك " فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين " أن يقتلوا حيث
ما وجدوا " فإن انتهوا " أي امتنعوا من كفرهم بالتوبة " فإن الله غفور " لهم
" رحيم " بهم " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " أي شرك عن ابن عباس ، وهو
المروي عن أبي جعفر عليه السلام(1)" ويكون الدين لله " أي وحتى تكون الطاعة لله و
الانقياد لامره ، أو حتى يكون الاسلام لله " فإن انتهوا " عن الكفر " فلا عدوان
إلا على الظالمين " أي فلا عقوبة عليهم ، وإنما العقوبة بالقتل على الكافرين المقيمين
على الكفر فسمى القتل عدوانا من حيث كان عقوبة على العدوان وهو الظلم " الشهر
الحرام بالشهر الحرام " المراد به ههنا ذو القعدة وهو شهر الصد عام الحديبية ، و
الاشهرالحرم أربعة : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، كانوا يحرمون
فيها القتال ، وأنما قيل : ذو القعدة لقعودهم فيه عن القتال ، وقيل في تقديره :
وجهان : أحدهما : قتال الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام(2)فحذف المضاف(3)
وقيل : إنه الشهر الحرام على جهة العوض لما فات في السنة الاولى ، ومعناه الشهر
الحرام ذو القعدة الذي دخلتم فيه مكة واعتمرتم وقضيتم منها وطركم في سنة سبع
بالشهر الحرام ذي القعدة الذي صددتم فيه عن البيت ومنعتم من مرادكم سنة ست(4)
" والحرمات قصاص " فيه قولان : أحدهما : أن الحرمات قصاص بالمراغمة بدخول
البيت في الشهر الحرام ، قال مجاهد : لان قريشا فخرت بردها رسول الله عام الحديبية
(1)في المصدر : عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وهو المروى عن الصادق عليه السلام .
(2)في المصدر : قتال الشهر الحرام أى في الشهر الحرام بقتال الشهر الحرام .
(3)زاد في المصدر وفى الطبعتين من المصدر : واقام المضاف اليه مقامه .
(4)في المصدر : في سنة ست .