بحار الأنوار ج20

انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله أدركه أبي خلف الجمحي وهو يقول : لا نجوت إن
نجوت ، فقال القوم يا رسول الله ألا يعطف عليه رجل منا ؟ فقال : دعوه حتى إذا
دنا منه ، وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول : عندي رمكة اعلفها كل
يوم فرق ذرة أقتلك عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " بل أنا أقتلك إن شاء الله تعالى "
فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وآله الحربة من الحرث بن الصمة ثم
استقبله فطعنه في عنقه ، فخدش خدشة فتدهدأ(1)عن فرسه ، وهو يخور خوار الثور
وهو يقول قتلني : محمد ، فاحتمله أصحابه وقالوا : ليس عليك بأس ، فقال : بلى لو
كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقلتهم(2)أليس قال لي : أقتلك ؟ فلو بزق علي بعد
تلك المقاله لقتلني ، فلم يلبث إلا يوما حتى مات ، قال : وفشا في الناس أن رسول
الله صلى الله عليه وآله قد قتل ، فقال بعض المسلمين : ليت لنا رسولا إلى عبدالله بن أبي فيأخذ
لنا أمانا من أبي سفيان ، وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم ، وقال أناس من أهل النفاق
فالحقوا بدينكم الاول وقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم إن كان محمد
قد قتل فإن رب محمد لم يقتل ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله ، وموتوا على ما مات عليه ، ثم قال : اللهم إني
أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء ، يعني المنافقين(3)، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ، يعني
المنافقين ، ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله انطلق إلى الصخرة
وهو يدعو الناس ، فأول من عرف رسول الله صلى الله عليه وآله كعب بن مالك قال : عرفت عينيه
تحت المغفر تزهران ، فناديت بأعلى صوتي : يا معاشر المسلمين هذا رسول الله(4)،
فأشار إلي : أن اسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي صلى الله عليه وآله على
الفرار فقالوا : يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر أنك قتلت(5)فرعبت


(1)في المصدر : فتدهده وهو الصحيح .
(2)قلت : هلك وفي المصدر يقتلهم .
(3)في المصدر : يعنى المسلمين .
(4)في المصدر يا معشر المسلمين ابشروا فهذا رسول الله .
(5)في المصدر : بانك قتلت .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه