الكوكبان(1)ولو كانا ملكين لعصما فلم يعصيا ، وإنما سماهما الله عزوجل في
كتابه ملكين بمعنى أنهما خلقا ليكونا ملكين ، كما قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله
" إنك ميت وإنهم ميتون " بمعنى ستكون ميتا ويكونون موتى(2).
بيان : المطيف بالدنيا على بناء الافعال أي المحيط ، يقال : فلان يرشح
للوزارة أي يربى ويؤهل لها . ثم إن هذا الكلام إن كان قاله الاسدي من قبل
نفسه فيرد عليه أن الملائكة ليست أمرا تحصل لذات بعد أن لم تكن ، بل الظاهر
أنها من الحقائق التي لا تنفك كالانسانية والحيوانية ، إلا أن يكون مراده
أنهما لم يكونا من الملائكة ، بل كانا مما يصلحان ظاهرا أن يخلطا بالملائكة كالشيطان .
2 تفسير على بن إبراهيم : عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي
ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سأله عطا ونحن بمكة
عن هاروت وماروت ، فقال أبوجعفر عليه السلام : إن الملائكة كانوا ينزلون من السماء
إلى الارض في كل يوم وليلة ، يحفظون أعمال أوساط أهل الارض من ولد آدم و
الجن ، فيكتبون أعمالهم ويعرجون بها إلى السماء ، قال : فضج أهل السماء من
معاصي أهل أوساط الارض ، فتوامزوا(3)فيما بينهم مما يسمعون ويرون من افترائهم
الكذب على الله تبارك وتعالى وجزأتهم عليه ونزهوا الله مما يقول فيه خلقه ويصفون
فقالت طائفة من الملائكة : يا ربنا ما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك وما يصفون
فيك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي وقد نهيتهم عنها ، ثم أنت تحلم
عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك ، قال أبوجعفر عليه السلام : فأحب الله أن
يري الملائكة القدرة ونافذ أمره في جميع خلقه ، ويعرف الملائكة ما من به عليهم
(1)في المصدر : الكوكبان المعروفان بسهيل والزهرة وان هاروت وماروت كانا
روحانيين قد هيئا ورشحا للملائكة ولم ييلغ بهما حد الملائكة فاختارا المحنة والابتلاء
فكان من امرهما ما كان .
(2)العلل : ج 2 ، ص 175 .
(3)في بعض النسخ " فتغامزوا " وفي المصدر : فتآمروا " .