اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من أن أتكلف ما
لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، اللهم بديع السموات والارض
ذا الجلال والاكرام ، والعزة التي لا ترام ، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور
وجهك ، أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما عملتني ، وارزقني أن أتلوه على النحو
الذي يرضيك ، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري ، وتنطق به لساني ، وتفرج
به عن قلبي ، وتشرح به صدري ، وتستعمل به بدني ، وتقويني على ذلك ، وتعينني
عليه ، فانه لا يعينني على الخير غيرك ، ولا يوفق له إلا أنت .
فافعل ذلك ثلاث جمع ، أو خمسا أو سبعا تحفظ باذن الله وما أخطأ مؤمنا
قط ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظه القرآن والحديث
فقال النبي صلى الله عليه وآله : مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم أبا حسن(1).
وعن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النبي صلى الله عليه وآله ينتظرون وخروجه
ليؤذوه ، فشق ذلك عليه فأتاه جبرئيل بسورة يس وأمره بالخروج عليهم ، فأخذ كفا
من تراب وخرج ، وهو يقرأها ، ويذر التراب على رؤوسهم ، فما رأوه حتى
جاوز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب ، وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم ؟
قالوا : ننتظر محمدا ، فقال : لقد رأيته داخلا المسجد ، قال : قوموا فقد سحركم .
وعن عكرمة قال : كان ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم : لوقد
رأيت محمدا ، لفعلت به كذا وكذا ، ويقول بعضهم : لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا
وكذا فأتاهم النبي صلى الله عليه وآله وهم في حلقة في المسجد ، فوقف عليهم ، فقرأ عليهم
(يس والقرآن الحكيم حتى بلغ فهم لا يبصرون)ثم أخذ ترابا فجعل يذره على
رؤوسهم ، فما يرفع رجل منهم إليه طرفه ، ولا يتكلم كلمة ، ثم جاوز النبي صلى الله عليه وآله
فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم ، يقولون : والله ما سمعنا ، والله ما
أبصرنا ، والله ما عقلنا(2).
(1)الدر المنثور ج 5 ص 257 .
(2)الدر المنثور ج 5 ص 259 .