بحار الأنوار ج24

(ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر ثم لاينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا)إن
الله تبارك وتعالى إنما أحب أن يعرف بالرجال ، وأن يطاع بطاعتهم فجعلهم سبيله
ووجهه الذي يؤتى منه ، لايقبل الله من العباد غير ذلك ، لايسأل عما يفعل وهم
يسألون ، فقال فيما أوجب(1)ذلك من محبته لذلك :(من يطع الرسول فقد أطاع
الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا)(2)فمن قال لك : إن هذه الفريضة
كلها إنما هي رجل وهو يعرف حدما يتكلم به فقد صدق ، ومن قال على الصفة
التي ذكرت بغير الطاعة فلا يغني التمسك في الاصل بترك الفروع ، كما لاتغني
شهادة أن لا إله إلا الله بترك شهادة أن محمدا رسول الله ، ولم يبعث الله نبيا قط إلا
بالبر والعدل والمكارم ومحاسن الاخلاق ومحاسن الاعمال والنهي عن الفواحش
ماظهر منها وما بطن ، فالباطن منه ولاية أهل الباطل ، والظاهر منه فروعهم ، ولم
يبعث الله نبيا قط يدعو إلى معرفة ليس معها طاعة في أمر ونهي ، فإنما يقبل الله
من العباد العمل بالفرائض التي افترضها الله على حدودها مع معرفة من جاء‌هم به
من عنده ودعاهم إليه ، فأول ذلك معرفة من دعاء إليه ، ثم طاعته فيما يقربه بمن
الطاعة له ، وإنه من عرف أطاع ، ومن أطاع حرم الحرام ظاهره وباطنه ، ولا
يكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر ، إنما حرم الظاهر بالباطن والباطن
بالظاهر معا جميعا ، ولا يكون الاصل والفروع وباطن الحرام حرام وظاهره
حلال ولايحرم الباطن ويستحل الظاهر ، وكذلك لايستقيم أن يعرف صلاة
الباطن ولايعرف صلاة الظاهر ، وكذلك لايستقيم أن يعرف صلاة
الباطن ولايعرف صلاة الظاهر ، ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة ولا
المسجد الحرام وجميع(3)حرمات الله وشعائره وأن يترك معرفة الباطن ، لان
باطنه ظهره ، ولايستقيم إن ترك(4)واحدة منها إذا كان الباطن حراما خبيثا


(1)في المصدر : فيمن اوجب .
(2)النساء : 80 .
(3)في المختصر : ولاجميع حرمات الله ولاشعائره .
(4)في نسخة : ان يترك .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه