بحار الأنوار ج14

قال : مافعل الملك دقيانوس ؟ قالا له : ليس نعرف اليوم ملكا يسمى دقيانوس على وجه
الارض ، ولم يكن إلا ملك قد هلك منذ زمان ودهر طويل وهلكت بعده قرون كثيرة
فقال يمليخا : والله ماهو بمصدقي أحد من الناس بما أقول ،(1)لقد كنا فتية وأن الملك
أكرهنا على عبادة الاوثان والذبح للطواغيت فهربنا منه عشية أمس فنمنا ، فلما انتبهنا
خرجت لاشتري لاصحابي طعاما وأتجسس الاخبار فإذا أنا كما ترون ، فانطلقوا معي
إلى الكهف الذي في جبل ينجلوس أريكم أصحابي .
فلما سمع أربوس ذلك قال : ياقوم هذه آية(2)من آيات الله عزوجل جعلها
لكم على يدي هذا الفتى ، فانطلقوا جميعا معه نحو أصحاب الكهف ، فلما رأى الفتية أن
يمليخا قد احتبس عليهم بطعامهم ظنوا أنه قد أخذه دقيانوس ، فبيناهم يظنون و
يتخوفون إذ سمعوا الاصوات وظنوا أنهم رسل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة وسلم
بعضهم إلى بعض ، وقالوا : انطلقوا بنا نأت أخانا يمليخا فإنه الآن بين يدي الجبار ، فلم
يروا إلا أربوس وأصحابه وقوفا على باب الكهف وسبقهم يمليخا فدخل عليهم يبكي
وقص عليهم النبأ كله ، فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نياما بأمر الله ذلك الزمان كله ، و
إنما أوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقا للبعث .
ثم دخل أربوس فرأى تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة ، ففتح التابوت
فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوب فيهما : أن مكسملينا ومجسملينا ويمليخا و
مرطونس وكسوطونس وبيورس وبكرنوس وبطينوس كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس
الجبار مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف ، فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف
فسد عليهم بالحجارة ، وإنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم ،(3)
فلما رأوه عجبوا وحمدوا الله الذي أراهم آية البعث ، ثم دخلوا عليهم فوجدوهم جلوسا
مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم ، فخر أربوس وأصحابه سجدا .


(1)في نسخة : ما أحد من الناس بمصدقي بما أقول .
(2)" " : يا قوم لعل هذه آية .
(4)أي إن اطلع عليهم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه