امرأة من بني سعد يقال لها : أم مسكين وكانت سيئة الحال ، فحملته فأدخلته منزلها ، فإذا هي قد أخصبت وحسن حالها ، فكانت تجئ كل يوم فتقبل رأسه .
قالت حليمة : ما نظرت في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو نائم إلا ورأيت عينيه مفتوحتين
كأنه يضحك ، وكان لا يصيبه حر ولا برد .
قالت حليمة : ما تمنيت شيئا قط في منزلي إلا اعطيته من الغد ، ولقد أخذ ذئب
عنيزة لي فتد اخلنى من ذلك حزن شديد ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله رافعا رأسه إلى السمآء ،
فما شعرت إلا والذئب والعنيزة على ظهره قدردها علي ما عقر(1)منها شيئا .
قالت حليمة : ما أخرجته قط في شمس إلا وسحابة تظله ، ولا في مطر إلا وسحابة
تكنه(2)من المطر .
قالت حليمة : فما زال من خيمتي نور ممدود بين السمآء والارض ، ولقد كان الناس
بصيبهم الحر والبرد فما أصابني حر ولا برد منذ كان عندي ، ولقد هممت يوما أن أغسل
رأسه فجئته وقد غسل رأسه ودهن وطيب ، وما غسلت له ثوبا قط ، وكلما هممت بغسل
ثوبه سبقت إليه فوجدت عليه ثوبا غيره جديدا .
قالت : ما كنت أخرج لمحمد ثديي إلا وسمعت له نغمة ، ولا شر قط إلا وسمعته
ينطق بشئ ، فتعجبت منه حتى إذا نطق وعقد كان يقول : بسم الله رب محمد إذا أكل ، و
في آخر ما يفرغ من أكله وشربه يقول : الحمد لله رب محمد(3).
13 يل : قال الواقدي : فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أشهر ماتت امه
آمنة رضي الله عنها ، فبقي صلى الله عليه وآله بلا أب ولا ام ، وهو من أبناء أربعة أشهر ، فبقي يتيما في
حجر جده عبدالمطلب ، فاشتد عليه(4)موت آمنة ليتم محمد صلى الله عليه وآله ، ولم يأكل ولم يشرب
ثلاثة ايام ، فبعث عبدالمطلب إلى بنيته ، عاتكة وصفية وقال لهما : خذ محمدا صلى الله عليه وآله ،
(1)عقره : جرحه .
(2)أى تستره .
(3)العدد : مخطوط .
(4)في المصدر : على عبدالمطلب .