بحار الأنوار ج74

فاصغاك(1)من فرغ عن جورهم ، وأمن من الطمع فيهم ، فهو مقبل على شأنه ، مدار
لاهل زمانه .
ومن صفة العالم أن لا يعظ إلا من يقبل عظته ، ولا ينصح معجبا برأيه ، ولا يخبر
بما يخاف إذا عته .
ولا تودع سرك إلا عند كل ثقة ، ولا تلفظ إلا بما يتعارفون به الناس ، ولا
تخالطهم إلا بما يفعلون ، فاحذر كل الحذر وكن فردا وحيدا .
واعلم أن من نظر في عيب نفسه شغل عن عيب غيره ، ومن كابد الامور عطب
ومن اقتحم اللجج غرق ، ومن أعجب برأيه ضل ، ومن استغنى بعقله زل ، ومن تكبر
على الناس ذل . ومن مزح استخف به ، ومن كثر من شئ عرف به ، ومن كثر كلامه
كثر خطاؤه ، ومن كثر خطاؤه قل حياء‌ه ، ومن قل حياؤه ، قل ورعه ، ومن قل
ورعه قل دينه ، ومن قل دينه مات قلبه ، ومن مات قلبه دخل النار .
قيل : وقف رجل على الحسن بن علي عليهما السلام فقال : يا ابن أمير المؤمنين
بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي مانلتها منه بشفيع منك إليه ، بل إنعاما منه عليك
إلا ماأنصفتني من خصمي فانه غشوم ظلوم ، لا يوقر الشيخ الكبير ولا يرحم الطفل
الصغير .
وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له : من خصمك حتى أنتصف لك منه ؟
فقال له : الفقر ، فأطرق عليه السلام ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال : احضر ما عندك
من موجود ، فأحضر خمسة آلاف درهم فقال : ادفعها إليه ، ثم قال : له بحق هذه
الاقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني منه متظلما .
بيان :(2).


(1)كذا .
(2)كان هنا بياض مقدار صفحة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه