يقولها بلسانه وليس لها حقيقة ، مثل قوله : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه(1)" " ومن ورائهم "
أي ومن بين أيديهم " برزخ " أي حاجز بين الموت والبعث في القيامة من القبور . وقيل :
حاجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا وهم فيه " إلى يوم يبعثون " وقيل : البرزخ :
الامهال إلى يوم القيامة وهو القبر ، وكل فصل بين شيئين فهو برزخ .
وقال رضي الله عنه في قوله تعالى : " قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " :
اختلف في معناه على وجوه : أحدها أن الاماتة الاولى في الدنيا بعد الحياة ،
والثانية في القبر قبل البعث ، والاحياء الاولى في القبر للمسألة ، والثانية في الحشر ،
عن السدي وهو اختيار البلخي .
وثانيها أن الاماتة الاولى حال كونهم نطفا فأحياهم الله في الدنيا ، ثم أماتهم
الموتة الثانية ، ثم أحياهم للبعث ، فهاتان حياتان ومماتان .
وثالثها أن الحياة الاولى في الدنيا ، والثانية في القبر ، ولم يرد الحياة يوم
القيامة ، والموتة الاولى في الدنيا ، والثانية في القبر انتهى .
أقول : اختار الرازي في تفسيره الوجه الاول ، ثم ذكر عليه وجوها من الاعتراض
وأجاب عنها ولا نطيل الكلام بذكرها .
وقال الشيخ البهائي قدس الله روحه : اشتهر الاحتجاج في الكتب الكلامية في
إثبات عذاب القبر بقوله تعالى : - حكاية عن الكفار - " ربنا أمتنا اثنتين " الآية ، وتقريره
أنه سبحانه حكى عنهم على وجه يشعر بتصديق الاعتراف بإماتتين إحيائين ، فإحدى
الاماتتين في الدنيا ، وإلاخرى في القبر بعد السؤال ، وأحد الاحيائين فيه للسؤال ،
والآخر في القيامة ، وأما الاحياء في الدنيا فإنما سكتوا لان غرضهم الاحياء الذي عرفوا
فيه قدرة الله سبحانه على البعث ، ولهذا قالوا : " فاعترفنا بذنوبنا " أي بالذنوب التي
حصلت بسبب إنكار الحشر ، والاحياء في الدنيا لم يكونوا فيه معترفين بذنوبهم .
قال المحقق الشريف في شرح المواقف : إن تفسير هذه الآية على هذا الوجه هو الشائع
المستفيض بين المفسرين ، ثم قال : وأما حمل الاماتة الاولى على خلقهم أمواتا في
أطوار النطفة ، وحمل الاماتة الثانية على الاماتة الطارية على الحياة ، وحمل الاحيائين