يرقا فينشقا ، ولم يغلظا فيثقلا ، تطير وولدها لا صق بها لاجئ إليها يقع إذا وقعت
ويرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتى تشد أركانها ويحمله للنهوض جناحه ، ويعرف
مذاهب عيشه ومصالح نفسه ، فسبحان البارئ لكل شئ على غير مثال خلا من
غيره(1).
تبيان : الخفاش كرمان معروف ، وحسر حسورا كقعد : كل لطول مدى و
نحوه . وحسرته أنا يتعدى ولايتعدى ، وانحسرت أي كلت وأعيت وكنه الشئ :
حقيقته ونهايته ، وردعت كمنعت لفظا ومعنا والمساغ : المسلك ، والملكوت : العز
والسلطان ، والحق : المتحقق وجوده ، أوالموجود حقيقة ، وأبين أي أوضح ، وكونه
سبحانه أحق وأبين مما ترى العيون ، لان العلم بوجوده سبحانه عقلي يقيني لا
يتطرق إليه ما يتطرق إلى المحسوسات من الغلط ، والحد في اللغة : المنع ، والحاجزين
الشيئين ونهاية الشئ وطرفه ، وفي عرف المنطقيين : التعريف بالذاتي ، والمراد بالتحديد
هنا إما إثبات النهاية والطرف المستلزم للمشابهة بالاجسام ، أوالتحديد المنطقي
والاول أنسب بعرفهم والتقدير : إثبات المقدار ، وكأن المراد بالتمثل إيجاد الخلق
على حذو ما قد خلقه غيره ، أوأنه لم يجعل لخلقه مثالا قبل الايجاد كما يفعله البناء
تصويرا لما يريد بناءه ، والمشهورة : مفعلة من أشار إليه بكذا ، أي أمره به ، والمشهورة
بضم الشين كما في بعض النسخ والشورى بمعناه والمعونة الاسم من أعانه وعونه ، فتم
خلقه : أى بلغ كل مخلوق إلى كماله الذي أراده الله سبحانه منه ، أو خرج جميع ما
أراده من العدم إلى الموجود بمجرد أمره ، وأذعن أي خضع وأقر وأسرع في الطاعة
وانقاد ، والجملتان كالتفسير للاذعان ، ولعل المراد بالاذعان دخوله تحت القدرة
الالهية وعدم الاستطاعة للامتناع .
وقوله عليه السلام : " لم يدافع " بيان للاجابة ، كما أن " لم ينازع " بيان للانقياد ، وإلا
لكان العكس أنسب ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى تسبيحهم بلسان الحال كقوله تعالى
(1)نهج البلاغة تحت الرقم 153 من قسم الخطب .