بحار الأنوار ج74

وأن يهديك لقصدك ، فعهدت إليك وصيتي بهذه .
واعلم مع ذلك يا بني أن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي إليك تقوى الله
والاقتصار على ما فرضه الله عليك ، والاخذ بما مضى عليه الاولون من آبائك و
الصالحون من أهل بيتك فانهم لن يدعوا أن ينظروا لانفسهم كما أنت ناظر ، وفكروا
كما أنت مفكر ، ثم ردهم آخر ذلك إلى الاخذ بما عرفوا ، والامساك عما لم يكلفوا
فان أبت نفسك عن أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك لذلك بتفهم و
تعلم لا بتور ط الشبهات وعلو الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك
عليه والرغبة إليه وفي توفيقك ونبذكل شائبة أدخلت عليك كل شبهة ، أو أسلمتك
إلى ضلالة فان أيقنت أن قد صفا لك قبلك فخشع وتم رأيك فاجتمع ، وكان همك في ذلك
هما واحدا ، فانظر فيما فسرت لك ، وإن لم يجتمع لك رأيك على ما تحب من نفسك
وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء(1) وتتورط
الظلماء(2)وليس طالب الدين من خبط ولا خلط ، والامساك عند ذلك أمثل(3).
وإن أول ما أبدؤك به في ذلك وآخره أني أحمد إليك الله إلهى وإله الاولين
والاخرين ورب من في السماوات والارضين بما هو أهله ، وكما يجب وينبغي له ، ونسأله
أن يصلي على سيدنا محمد النبي صلى الله عليه وآله ، وعلى أنبياء الله بجميع صلاة من صلى عليه من
خلقه ، وأن يتم نعمته علينا بما وفقنا له من مسألته بالاستجابة لنا فان بنعمته تتم
الصالحات .
يا بني قد أنبأتك عن الدنيا وحالها وانتقالها وزوالها بأهلها ، وأنبأتك عن
الاخرة وما أعد الله فيها لاهلها ، وضربت لك أمثالا لتعتبر وتحذو عليها الامثال


(1)العشواء : ضعيفة البصر أى تخبط خبط الناقة العشواء لا تأمن أن تسقط فيما
لا خلاص منه ، واشعار لفظ الخبط له باعتبار أنه طالب للعلم من غير استكمال شرائط الطلب
وعلى غير وجهه فهو متعسف ، سالك على غير طريق المطلوب كالناقة العشواء .
(2)أى تدخل في الورطة وهى الهلكة .
(3)لان كف النفس عن الخبط والخلط في أمر الدين أقرب إلى الخير وأفضل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه