بحار الأنوار ج65

من الباطل إلى الحق ، أو الموافقة لملة إبراهيم عليه السلام قال في النهاية : الحنيف عند العرب
من كان على دين إبراهيم وأصل الحنف الميل ، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة
السهلة ، وفي القاموس : السمحة الملة التي ما فيها ضيق .
وفي النهاية : فيه لا رهبانية في الاسلام ، وهي من رهبنة النصارى ، وأصله
من الرهبة الخوف ، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا ، وترك ملاذها و
الزهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعمد مشاقها ، حتى أن منهم من كان يخصي
نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب ، فنفاها النبي صلى الله عليه وآله
عن الاسلام ونهى المسلمين عنها انتهى .
وقال الطبرسي قدس سره في قوله تعالى : ورهبانية ابتدعوها (1): هي
الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسة ، أو انفراد عن الجماعة
أو غير ذلك من الامور التي يظهر فيها نسك صاحبه ، والمعنى ابتدعوا رهبانية
لم نكتبها عليهم ، وقيل إن الرهبانية التي ابتدعوها في رفض النساء ، واتخاذ
الصوامع عن قتادة ، قال : وتقديره ورهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها
ابتغاء رضوان الله ، فما رعوها حق رعايتها ، وقيل إن الرهبانية التي ابتدعوها
لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله فما رعوها الذين بعدهم
حق رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وآله عن ابن عباس ، وقيل : إن الرهبانية


< شريعة ولكن اختص كل واحد منهم لاقتضاء الجو والمحيط بخصيصة ممتازة ظهر فيها كونه
صاحب عزم وارادة كما خصص كل واحد منهم بمعجزة خاصة تظهره على أهل زمانه .
فقد قام نوح عليه السلام في جو الشرك وأهل الاشراك فخص بالتوحيد وكان جل
سعيه وراء ذلك ، وقام ابراهيم عليه السلام بالاخلاص في العبادة وموسى بخلع الانداد
مثل فرعون ذى الاوتاد ، وعيسى بالفطرة وتطهير الوجدان ، وخص محمد صلى الله عليه
وآله بالحنيفية السمحة ، لا رهبانية ولا سياحة : وهى احلال الطيبات وتحريم الخبائث
إلى آخر ما ذكر عليه السلام فتفطن .
(1)الحديد : 27 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه