التي فعلت وأنت من الكافرين " لي ، قال موسى : " فعلتها إذا وأنا من الضالين " عن الطريق
بوقوعي إلى مدينة من مدائنك " ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني
من المرسلين " وقد قال الله عزوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وآله : " ألم يجدك يتيما فآوى " يقول : ألم
يجدك وحيدا فآوى إليك الناس ؟ " ووجدك ضالا " يعني عند قومك " فهدى " أى هداهم
إلى معرفتك ؟ " ووجدك عائلا فأغنى " يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا .
قال المأمون : بارك الله فيك يابن رسول الله ، فما معنى قول الله عزوجل : " ولما جاء
موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني " الآية ، كيف يجوز
أن يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا تجوز عليه الرؤية حتى يسأله
هذا السؤال ؟ فقال الرضا عليه السلام : إن كليم الله موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى أعز(1)
من أن يرى بالابصار ، ولكنه لما كلمه الله عزوجل وقربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم
أن الله عزوجل كلمه وقربه وناجاه فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما
سمعت ، وكان القوم سبعمائة ألف رجل ، فاختار منهم سبعين ألفا ، ثم اختار منهم سبعة
آلاف ، ثم اختار منهم سبعمائة ، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه ، فخرج بهم إلى
طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل(2)وصعد موسى عليه السلام إلى الطور ، وسأل الله تبارك وتعالى
أن يكلمه ويسمعم كلامه ، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل و
يمين وشمال ووراء وأمام ، لان الله عزوجل أحدثه في الشجرة وجعله منبعثا منها حتى
سمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : " لن نؤمن لك " بأن هذا الذي سمعناه كلام الله " حتى
نرى الله جهرة " فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عزوجل عليهم
صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم
وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم لانك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجات الله إياك ؟
فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لوسألت الله أن يريك تنظر إليه لاجابك ، وكنت
تخبرنا كيف هو نعرفه حق معرفته ، فقال موسى عليه السلام : يا قوم إن الله لا يرى بالابصار
(1)في المصدر : منزه(اعز خ ل)عن ان يرى . م
(2)سفح الجبل " اصله واسفله . عرضه ومضجعه الذى يسفح اى ينصب فيه الماء(*).