بحار الأنوار ج14

لا يحتملون ذلك ، وإني سأفعل ، وارتفع إليه رجلان فاستعداه(1)أحدهما على الآخر
فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ففعل ، فاستعظمت بنو إسرائيل
ذلك وقالت : رجل جاء يتظلم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه ! فقال : رب أنقذني
من هذه الورطة ،(2)قال : فأوحى الله تعالى إليه : يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين
عبادي بما هو عندي الحق ، وإن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه ، فأمرت
فضربت(3)عنقه قودا بأبيه وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت شجرة كذا ، فأته فناده
باسمه فإنه سيجيبك فسله ، قال : فخرج داود عليه السلام وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله
فقال لبني إسرائيل : قد فرج الله ، فمشى ومشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى : يافلان ،
فقال : لبيك يانبي الله ، قال : من قتلك ؟ قال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل : لسمعناه
يقول : يانبي الله ، فنحن نقول كما قال ، فأوحى الله تعالى إليه : ياداود إن العباد لا يطيقون
الحكم بما هو عندي الحكم ، فسل المدعي البينة ، وأضف المدعى عليه إلى اسمي .(4)
13 ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى
عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه
قضية من قضايا الآخرة ، فأوحى الله إليه : يا داود إن الذي سألتني لم أطلع عليه(5)
أحدا من خلقي ولا ينبغي لاحد أن يقضي به غيري ، قال : فلم يمنعه ذلك أن عاد فسأل
الله أن يريه قضية من قضايا الآخرة ، قال : فأتاه جبرائيل فقال : لقد سألت ربك شيئا ما
سأله قبلك نبي من أنبيائه صلوات الله عليهم ، يا داود إن الذي سألت لم يطلع الله عليه
أحدا من خلقه ، ولا ينبغي لاحد أن يقضي به غيره ، فقد أجاب الله تعالى دعوتك وأعطاك
ما سألت ، إن أول خصمين يردان عليك غدا القضية فيهما من قضايا الآخرة ، فلما أصبح


(1)اي استعان به واستنصره .
(2)الورطة : كل امر تعسر النجاة منه .
(3)هكذا في النسخ ، ولعله مصحف(فضرب)وان كان العنق قد يؤنث ، ويمكن ان يقرأ
بالخطاب . والقود : القصاص وقتل القاتل بدل القتيل .
(4)قصص الانبياء مخطوط . اضاف الشئ إلى الشئ : اماله واسنده وضمه .
(5)أطلعه عليه : أظهره له .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه