ولما ذكر(1)أن أهل السماوات وأهل الارض يسبحون ذكر أن الذين
استقروا في الهواء وهو الطير يسبحون ، وذلك لان إعطاء الجرم الثقيل القوة
التي تقوى بها على الوقوف في جو السماء صافة باسطة أجنحتها بما فيها من القبض
والبسط من أعظم الدلائل على قدرة الصانع المدبر سبحانه ، وجعل طيرانها سجودا
منها له سبحانه وذلك يؤكد ماذكرناه أن المراد من التسبيح دلالة هذه الامور على
التنزيه لا النطق اللساني ، " كل قد علم " أي علم الله ويدل عليه قوله : " والله عليم
بما يفعلون " هو اختيار جمهور المتكلمين .
والثاني : أن يعود الضمير في علم ، والصلاة ، والتسبيح ، على لفظ " كل " أي
انهم يعلمون ما يجب عليهم من الصلاة والتسبيح .
والثالث : أن تكون الهاء راجعة إلى الله(2)، يعنى قدعلم كل مسبح وكل مصل
صلاته(3)التي كلفه إياها ، وعلى هذين التقديرين فقوله : " والله عليم " استيناف .
وروي عن أبي ثابت قال : كنت جالسا عندأبي جعفر(4)الباقر عليه السلام فقال لي : أتدرى
ما تقول هذه العصافير عند طلوع الشمس وبعد طلوعها ؟ قال(5): فانهن يقدسن ربهن
ويسألنه قوت يومهن .
واستبعد المتكلمون ذلك ، فقالوا : الطير لوكانت عارفة بالله لكانت كالعقلاء
الذين يفهمون كلامنا وإشارتنا ، لكنها ليست كذلك فانا نعلم بالضرورة أنها أشد نقصانا
(1)فيه اختصار ، وتمامه على مافى المصدر : اما قوله تعالى : " والطير صافات " فلقائل
أن يقول : ماوجه اتصال هذا بما قبله ؟ والجواب انه سبحانه لما ذكر .
(2)في المصدر : على ذكر الله .
(3)في المصدر : صلاة الله .
(4)في المصدر : " محمد بن جعفر الباقر " ولعله تصحيف من النساخ .
(5)في المصدر : قال : لا ، قال .