بحار الأنوار ج14

أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان : عابد وعالم ، وكان اسم أحدهما مليخا ،(1)والآخر
اسمه روبيل ، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول : لا
تدع عليهم فإن الله يستجيب لك ، ولا يحب هلاك عباده ، فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم
فدعا عليهم ، فأوحى الله إليه : يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا ، في شهر كذا وكذا ، في يوم كذا
وكذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد ، وبقي العالم فيها ، فلما كان في ذلك
اليوم نزل العذاب ، فقال العالم لهم : يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم ويرد العذاب
عنكم ،(2)فقالوا : كيف نصنع ؟ قال : اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء و
الاولاد ، وبين الابل وأولادها ، وبين البقر وأولادها ، وبين الغنم وأولادها ، ثم ابكوا وادعوا ،
فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال
وقد كان نزل وقرب منهم ، فأقبل يونس ينظر(3)كيف أهلكهم الله فرأى الزارعون يزرعون
في أرضهم ، قال لهم : ما فعل قوم يونس ؟ فقالوا له ولم يعرفوه : إن يونس دعا عليهم
فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا فدعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم
وفرق العذاب على الجبال ، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به ، فغضب يونس ومر على
وجهه مغاضبا به(4)كما حكى الله ، حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة قد شحنت(5)
وأرادوا أن يدفعوها فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه ، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا
عظيما فحبس عليهم السفينة من قدامها ، فنظر إليه يونس ففزع منه وصار(6)إلى مؤخر
السفينة فدار إليه الحوت(7)وفتح فاه فخرج(8)أهل السفينة فقالوا : فينا عاص فتساهموا


(1)يأتي في خبر أبي عبيدة الحذاء أن اسمه تنوخا وهو العابد .
(2)في نسخة : فيرد العذاب عنكم .
(3)في نسخة : وينظر . وفي اخرى : لينظر .
(4)في المصدر : مغاضبا لله .
(5)شحن السفينة : ملاء‌ها .
(6)في نسخة : فصار .
(7)" " : فدار الحوت .
(8)في نسخ : فخرج .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه