1 نهج البلاغة : من خطبة له عليه السلام يذكر فيه عجيب خلقة الطاووس :
ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات وساكن وذي حركات ، فأقام من شواهد
البينات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة
له ، ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيته ، وما ذرأ من مختلف صور الاطيار التي
أسكنها أخاديد الارض وخروق فجاجها ورواسي أعلامها من ذوات أجنحة مختلفة(1)
وهيئآت مختلفة متباينة مصرفة في زمام التسخير ، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو
المنفسح والفضاء المنفرج ، كونها بعد إذلم تكن في عجائب صور ظاهرة ، وركبها في
حقاق مفاصل محتجبة ، ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في الهواء خفوفا وجعله
يدف دفيفا ، ونسقها على اختلافها في الاصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته فمنها مغموس
في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، ومنها مغموس في لون صبغ قد طوق
بخلاف ما صبغ به .
ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل ، ونضد ألوانه في أحسن
تنضيد بجناح أشرج قصبه وذنب أطال مسحبه إذا درج إلى الانثى نشره من طيه وسمابه
مطلا على رأسه(2)، كأنه قلع داري عنجه نوتيه ، يختال بألوانه ويميس يزيفانه ، يفضي
كافضاء الديكة ، ويؤر بملاقحة أر الفحول المغتلمة للضراب ، احيلك من ذلك على
معاينة لا كمن يحيل على ضعيف إسناده ، ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة
تسفحها مدامعه ، فتقف في ضفتي جفونه ، وإن انثاه تطعم ذلك ثم يبيض ، لا من لقاح
(1)في المصدر : من ذات اجنحة مختلفة وهيئات متباينة .
(2)في المصدر : مظلا على رأسه .