بحار الأنوار ج56

تتقد في الحطب وتشتعل ، فانها تأكل الحطب مجازا أي تكسره وتفنيه وتقلبه
ولا تشرب ماء‌بل هو مضادلها ، ونار الشجرة هي الكامنة مادتها أو أصلها في الشجر
الاخضر كما مر ، فإنها تشرب الماء ظاهرا وتصير سببا لنمو شجرتها ولا تأكل
ظاهرا ، وإن كان للتراب أيضا مدخل في نموها ، أو المعنى أن عند احتكاك الغصنين
الرطبين يظهر الماء ، فكان النار الظاهر منها يشربها . والقداحة والقداح الحجر الذي
يوري النار ذكره الجوهري . وقال : الحباحب بالضم اسم رجل بخيل كان لا يوقد
إلا نارا ضعيفة مخافة الضيفان ، فضربوا بها المثال حتى قالوا نار الحباحب لما تقدحه
الخيل بحوافرها ، وربما قالوا نار أبي حباحب وهو ذباب يطير بالليل كأنه نار
وربما جعلوا الحباحب اسما لتلك النار . وقال الفيروز آبادي : الحباحب(1)بالضم
ذباب يطير بالليل له شعاع كالسراج ومنه نار الحباحب ، أوهي ما اقتدح من شرر
النار في الهواء من تصادم الحجارة ، أو كان أبوحباحب من محارب وكان لا يوقد ناره
إلا بالحطب الشخت لئلا ترى ، أو هي من الحبحبة الضعف أو هي الشرر يسقط من
الزناد(انتهى)والمراد بهذه النار ما كمن منها ، أو من مادتها في الحجر والحديد
فإنها لا تصل إليها ماء ولا غذاء ، أو عند قدحها قبل اتقادها في قطن أو حطب لا تصادف
ماء ولا شيئا آخر .
3 الاحتجاج : عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال الزنديق
له : أخبرني عن السراج إذا انطفى أين يذهب نوره ؟ قال : يذهب ولا يعود ، قال :
فما أنكرت أن يكون الانسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع
إليه أبدا(2)؟ قال : لم تصب القياس ، إن النار في الاجسام كامنة والاجسام قائمة
بأعيانها كالحجر والحديد ، فاذا ضرب أحدهما الآخر(3)سطعت من بينهما نار تقتبس
منها سراج له الضوء ، فالنار ثابتة في أجسامها والضوء ذاهب(4)الخبر .


(1)في القاموس : الحبحاب .
(2)في المصدر : كما لا يرجع ضوء السراج اليه ابدا اذا انطفى .
(3)في المصدر : بالاخر .
(4)الاحتجاج : 191 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه