بحار الأنوار ج67

ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ولم يشهد عليه ، ورجل يدعو على امرأته
وقد جعل الله تخلية سبيلها بيده ، ورجل يقعد في البيت يقول : يارب ارزقني ولا
يخرج يطلب الرزق ، فيقول الله عزوجل : عبدي ! أولم أجعل لك السبيل إلى
الطلب والضرب في الارض بجوارح صحيحة ؟ فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك
في الطلب لاتباع أمري ، ولكيلا تكون كلا على أهلك فان شئت رزقتك ، وإن
شئت قترت عليك ، وأنت معذور عندي ، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم
أقبل يدعو يارب ارزقني ، فيقول الله : ألم أرزقك رزقا واسعا ؟ أفلا اقتصدت فيه كما
أمرتك ، ولم تسرف كما نهيتك ، ورجل يدعو في قطيعة رحم .
ثم علم الله نبيه كيف ينفق ، وذلك أنه كان عنده أوقية من ذهب ، فكره
أن تبيت عنده فصدق وأصبح ليس عنده شئ ، وجاء‌ه من يسأله فلم يكن عنده ما
يعطيه ، فلامه السايل واغتم هو حيث لم يكن عنده مايعطيه ، وكان رحيما رفيقا
فأدب الله نبيه بأمره إياه فقال : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها
كل البسط فتقعد ملوما محسورا (1)يقول : إن الناس قد يسألونك ولا يعذرونك
فاذا أعطيت جميع ماعندك كنت قد حسرت من المال .
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من
المؤمنين ، وقال أبوبكر عند موته : اوصي بالخمس والخمس كثير فان الله قد رضي
بالخمس فأوصى بالخمس ، وقد جعل الله له الثلث عند موته ، ولو علم أن الثلث
خير(أ)له أوصى به .
ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده سليمان وأبوذر ، فأما سلمان فكان
إذا أخذ عطاء‌ه رفع منه قوته لسنته ، حتى يحضره عطاؤه من قابل ، فقيل له : يا
أبا عبدالله أنت في زهدك تصنع هذا ؟ وإنك لاتدري لعلك تموت اليوم أو غدا ، وكان
جوابه أن قال : مالكم لاترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء ، أو ما علمتم يا


(1)أسرى : 29 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه