بحار الأنوار ج24

تلك الامة ، فكل ما وقع من العذاب والهلاك البدني ومسخ الصور في الامم السالفة
فنظيرها في هذه الامة هلاكهم المعنوي بضلالتهم وحرمانهم عن العلم والكمالات
وموت قلوبهم ومسخها ، فهم وإن كانوا في صورة البشر فهم كالانعام بل هم أضل
وإن كانوا ظاهرا من الاحياء فهم أموات ولكن لايشعرون ، إذ لايسمعون الحق
ولايبصرونه ولايعقلونه ولاينطقون به ، ولايتأتى منهم أمر ينفعهم في آخرتهم
فعلى هذا التحقيق لاتنافي تلك التأويلات تفاسير ظواهر الآيات ، وهذا الوجه
يجري في أكثر الروايات المشتملة على غرائب التأويلات مما قدمضى وما هو آت .
11 - ير : علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو بن سعيد عن بعض أصحابنا عن
نصر بن قابوس قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل :(وظل ممدود
وماء مكسوب * وفاكهة كثيرة * لامقطوعة ولا ممنوعة)قال : يا نصر إنه ليس
حيث تذهب الناس ، إنما هو العالم وما يخرج منه(1).
خص : سعد عن علي بن إسماعيل مثله(2).
بيان : هذا من غرائب التأويل ، ولعل المراد أنه ليس حيث تذهب الناس
من انحصار جنة المؤمنين في الجنة الصورية الاخروية ، بل لهم في الدنيا أيضا
ببركة أئمتهم عليهم السلام جنات روحانية من ظل حمايتهم ، ولطفهم الممدود في الدنيا و
الآخرة ، وماء مكسوب من علومهم الحقة التي بها تحيى النفوس والارواح ، و
فواكه كثيرة من أنواع معارفهم التي لاتنقطع عن شيعتهم ولايمتعون منها ، وفرش
مرفوعة مما يلتذون بها من حكمهم وآدابهم ، بل لايلتذ المقربون في الآخرة أيضا
في الجنان الصورية إلا بتلك الملاذ المعنوية التي كانوا يتنعمون بها في الدنيا ، كما
يشهد به بعض الاخبار ، ومرت الاشارة إليه في كتاب المعاد . وأشبعنا القول فيه
في كتاب عين الحياة .


(1)بصائر الدرجات 148 . والايات في الواقعة : 30 - 33 .
(2)مختصر بصائر الدرجات : 57 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه