بحار الأنوار ج4

بعضها من بعض والله سميع عليم " لا شرقية ولا غربية " يقول : لستم بيهود فتصلوا قبل
المغرب ، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق ، وأنتم على ملة إبراهيم صلوات الله عليه ، وقد
قال الله عزوجل : " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان
من المشركين " وقوله عزوجل : " يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله
لنوره من يشاء " يقول : مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر
من الزيتون ، يكاد زيتها يضيئ ، يقول : يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم
ملك .(1)
أقول : سيأتي الاخبار الكثيرة في تأويل تلك الآية في كتاب الامامة في باب أنهم
أنوار الله .
تنوير : قال البيضاوي : النور في الاصل كيفية تدركها الباصرة أولا ، وبواسطتها
سائر المبصرات ، كالكيفية الفائضة من النيرين على الاجرام الكثيفة المحاذية لهما ، و
هو بهذا المعني لا يصح إطلاقه على الله تعالي إلا بتقدير مضاف كقولك : زيد كرم بمعنى
ذو كرم ، أو على تجوز بمعنى منور السماوات والارض - وقد قرئ به - فإنه تعالى نورها
بالكواكب وما يفيض عنها من الانوار ، وبالملائكة والانبياء ، أو مدبرها من قولهم
للرئيس الفائق في التدبير : نور القوم لانهم يهتدون به في الامور ، أو موجدها فإن النور
ظاهر بذاته مظهر لغيره ، وأصل الظهور هو الوجود ، كما أن أصل الخفاء هو العدم ، والله
سبحانه موجود بذاته ، موجد لماعداه ، أو الذي به يدرك ، أو يدرك أهلها من حيث إنه
يطلق على الباصرة لتعلقها به ، أو لمشاركتها له في توقف الادراك عليه ثم على البصيرة لانها
أقوى إدراكا فإنها تدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات ، الموجودات و
المعدومات ، ويغوص في بواطنها ويتصرف فيها بالتركيب والتحليل . ثم إن هذه
الادراكات ليست بذاتها ، وإلا لما فارقتها فهي إذن من سبب يفيضها عليها ، وهو الله
تعالى ابتداء‌ا أو بتوسط من الملائكة والانبياء ، ولذلك سموا أنوارا . ويقرب منه قول


(1)الحديث ضعيف بعلى بن عباس وغيره .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه