بحار الأنوار ج47

قال : درهمان ونصف قلنا : والله ما تقول المرجئة هذا فقال : والله ما أدري ما
تقول المرجئة ، قال : فخرجنا ضلالا ما ندري إلى أين نتوجه أنا وأبوجعفر
الاحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة ناكسين لا ندري أين نتوجه وإلى من
نقصد ، نقول : إلى المرجئة أم إلى القدرية أم إلى المعتزلة أم إلى الزيدية .
فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده ، فخفت أن يكون
عينا من عيون أبي جعفر المنصور ، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من
تجتمع بعد جعفر الناس إليه ، فيؤخذ ويضرب عنقه ، فخفت أن يكون ذلك منهم
فقلت للاحول : تنح فاني خائف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس يريدك
فتنح عني لا تهلك فتعين على نفسك ، فتنحى بعيدا ، وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت
أني لا أقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت ، حتى ورد بي
على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى ، فاذا خادم بالباب قال لي :
ادخل رحمك الله ، فدخلت فاذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتدء‌ا منه : إلي
إلي لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الزيدية ولا إلى
الخوراج .
قلت : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : نعم ، قلت : مضى موتا قال : نعم ، قلت :
فمن لنا من بعده ؟ قال : إن شاء الله تعالى أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك إن
عبدالله أخاك يزعم أنه الامام بعد أبيه فقال : عبدالله يريد أن لا يعبدالله ، قلت :
جعلت فداك فمن لنا بعده ؟ قال : إن شاء الله أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك
أنت هو ؟ قال : لا أقول ذلك ، قال : فقلت في نفسي : لم اصب طريق المسألة ، ثم قلت
له : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال : لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة
ثم قلت له : جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك ؟ قال : اسأل تخبر ولا تذع
فان أذعت فهو الذبح فسألته ، فاذا هو بحر لا ينزف .
فقلت : جعلت فداك شيعة أبيك ضلال فالقي إليهم هذا الامر وأدعوهم إليك
فقد أخذت علي الكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشدا فألق إليه وخذ عليه الكتمان

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه