بحار الأنوار ج16

بشر به عيسى عليه السلام ، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ، وهو يملك الارض
بأسرها ، وقال ميسرة : يا محمد لقد جزنا عقبات بليلة كنا نجوزها بأيام كثيرة ، وربحنا في
هذه السفرة ما لم نربح من أربعين(1)سنة ببركتك يا محمد ، فاستقبل خديجة ، وأبشرها
بربحنا ، وكانت وقتئذ جالسة على منظرة لها ، فرأت راكبا على يمينه ملك مصلت سيفه ،
وفوقه سحابة معلق عليها قنديل من زبرجدة ، وحوله قبة من ياقوتة حمرآء فظنت ملكا
يأتي بخطبتها وقالت : اللهم إلي وإلى داري ، فلما أتى كان محمدا وبشرها بالارباح ،
فقالت : وأين ميسرة ؟ قال : يقفو أثري ، قالت : فارجع إليه وكن معه ، ومقصودها
لتستيقن حال السحابة ، فكانت السحابة تمر معه ، فأقبل ميسرة إلى خديجة وأخبرها
بحاله ، وقال لها : إني كنت آكل معه حتى يشبع(2)ويبقي الطعام كما هو ، وكنت
أرى وقت الهاجرة ملكين يظللانه ، فدعت خديجة بطبق عليه رطب ، ودعت رجالا ورسول
الله صلى الله عليه وآله فأكلوا حتى شبعوا ، ولم ينقص شيئا ، فأعتقت ميسرة وأولاده وأعطته عشرة
آلاف درهم لتلك البشارة ، ورتبت الخطبة من عمرو بن أسد عمها .
قال النسوي في تاريخه : أنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد ، فخطب أبوطالب
بما رواه الخركوشي في شرف المصطفى ، والزمخشري في ربيع الابرار ، وفي تفسيره الكشاف ،
وابن بطة في الابانة ، والجويني في السير عن الحسن ، والواقدي وأبي صالح والعتبي فقال :
" الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم الخليل ، ومن ذرية الصفي إسماعيل ، وصئصئ(3)
معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسواس(4)حرمه ، وجعل مسكننا بيتا محجوجا ،
وحرما أمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبدالله لا يوازن
برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، وإن كان في المال مقلا ،


(1)في أربعين خ ل .
(2)في المناقب : حتى نشبع ويبقى الطعام بحاله .
(3)ضئصئ خ ل .
(4)قوله : حضنة البيت أى مربيه وكافله . وسواس جمع السائس : المدبر والمتولى لامر القوم
ومن يصلح الخلق بارشادهم إلى الطريق المنجى في عاجلهم وآجلهم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه