بحار الأنوار ج56

" وما كان ربك نسيا " أي تار كألك ، أي ما كان عدم النزول إلا لعدم الامر به ، ولم
يكن ذلك عن ترك الله لك وتوديعه إياك كما زعمت الكفرة ، وإنما كان لحكمة
رآها فيه(1)" ولا يستحسرون " أي لا يعبؤن منها " لا يفترون " حال من الواو في
يسبحون " .
" وقالوا اتخذ الرحمن ولدا " نزلت في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله
سبحانه ، تنزيه له عن ذلك " بل عباد " أي بل هم عباد من حيث هم مخلوقون ، و
ليسوا بأولاد " مكرمون " مقربون . " لا يسبقونه بالقول " لا يقولون شيئا حتى يقوله
كما هو ديدن العبيد المقربين(2)" وهم بأمره يعملون " ولا يعملون قط مالم يأمرهم
به " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، " لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا أو هو
كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده ، فإنه لاحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون
أحوالهم " وهم من خشيته " من عظمته ومهابته " مشفقون " مرتعدون ، وأصل
الخشية خوف مع تعظيم ، ولذلك خص بها العلماء ، والاشفاق خوف مع اعتناء
فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإن عدي بعلى فبالعكس .
" ومن يقل منهم " أي من الملائكة أو من الخلائق " كذلك نجزي الظالمين "
أي من ظلم بالاشراك وادعاء الربوبية ، وعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الملائكة
لا ينافي عصمتهم ، فإن الفرض لا ينافي امتناع الوقوع ، كقوله تعالى " لئن أشركت
ليحبطن عملك "(3).
" عليها " أي على النار " ملائكة " يلي أمرها وهم الزبانية " غلاظ شداد "
غلاظ الاقوال ، شداد الافعال ، أو غلاظ الخلق ، شداد الخلق ، أقوياء على الافعال
الشديدة " لا يعصون الله ما أمرهم " فيما مضى " ويفعلون ما يؤمرون " فيما يستقبل
أولا يمتنعون عن قبول الاوامر والتزامها ، ويؤدون ما يؤمرون به .


(1)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 42 .
(2)المؤدبين(خ).
(3)الزمر : 65 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه