بحار الأنوار ج74

فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه ، فألحح(1)ولا يقنطك إن أبطأت
عنك الاجابة فإن العطية على قدر المسألة ، وربما اخرت عنك الاجابة ليكون
أطول للمسألة وأجزل للعطية ، وربما ، سألت الشئ فلم تؤته وأوتيت خيرا منه
عاجلا وآجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك
لو اوتيته ، ولتكن مسألتك فيما يعنيك مما يبقى لك جماله(أ)وينفى عنك وباله
والمال لا يبقى لك ولا تبقى له ، فإنه يوشك أن ترى عاقبة أمرك حسنا أوسيئا أو
يعفو العفو الكريم .
واعلم أنك خلقت للاخرة لا للدنيا وللفناء لا لبقاء وللموت لا للحياة
وأنك في منزل قلعة ودار بلغة ، وطريق إلى الاخرة ، أنك طريد الموت الذي
لا ينجو منههاربه ولابد أنه يدر كك يوما ، فكن منه على حذر أن يدركك على
حال سيئة قد كنت تحدث نفسك فيها بالتوبة ، فتحول بينك وبين ذلك ، فإذا أنت
قد أهلكت نفسك .
أي بني أكثر ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه وتفضي بعد الموت إليه ، واجعله
أمامك حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك(2)ولا يأخذك على غرتك وأكثر ذكر
الاخرة وما فيها من النعيم والعذاب الاليم فإن ذلك يزهدك في الدنيا ويصغرها
عندك ، وقد نبأك الله عنها ونعتت لك نفسها(3)وكشفت عن مساويها ، فإياك أن
تغتر بما ترى من إخلاد أهلها إليها ، وتكالبهم عليها(4)وإنما أهلها كلاب عاوية


(8)يقال : ألح في السؤال : ألحف فيه وأقبل عليه مواظبا .
(2)الحذر - بالكسر - : الاحتراز والاحتراس . والغرة - بالكسر فالتشديد - ،
الغفلة .
(3)النعى : الاخبار بالموت والمراد أن الدنيا تخبر بحالها من التغير والتحول
عن فنائها .
(4)التكالب ، التواثب وتكالبهم عليها أى شدة حرصهم عليها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه