بحار الأنوار ج69

قال أبي : من هؤلاء ؟ قال الحجاب : هؤلاء القسيسون والرهبان ، وهذا
عالم لهم يقعد اليهم في كل سنة يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم ، فلف أبي عند ذلك
رأسه بفاضل ردائه ، وفعلت أنا فعل أبي ، فاقبل نحوهم حتى قعد نحوهم ، وقعدت
وراء أبي ، ورفع ذلك في الخبر إلى هشام فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي .
فاقبل وأقبل عدد من المسلمين فأحاطوا بنا ، وأقبل عالم النصارى وقد شد حاجبيه
بحريرة صفراء حتى توسطنا فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه
فجاء إلى صدر المجلس ، فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي وأنا بينهم فأدار نظره ثم
قال لابي : أمنا أم من هذه الامة المرحومة ؟ فقال أبي : بل من هذه الامة المرحومة
فقال : من أين أنت من علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي : لست من جهالها فاضطرب
اضطرابا شديدا ثم قال له : أسالك ؟ فقال له أبي : سل ، فقال : من أين ادعيتم أن أهل
الجنة يطعمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون ؟ وما الدليل فيما تدعون من
شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي : دليل ما ندعي من شاهد لا يجهل الجنين في بطن
امه ، يطعم ولا يحدث ، قال : فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا ثم قال : كلا
زعمت إنك ليست من علمائها ، فقال له أبي : ولا من جهالها(1)وأصحاب هشام
يسمعون ذلك ؟
فقال لابي : أسألك عن مسألة اخرى ؟ فقال له أبي : سل ، فقال : من أين
ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة طرية موجودة غير معدومة ، عند جميع أهل
الجنة ، لا تنقطع ، وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي :
دليل ما ندعي أن قرآننا(2)أبدا غض طري موجود غير معدوم عند جميع المسلمين
لا ينقطع ، فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال : كلا زعمت إنك لست من علمائها
فقال له أبي : ولا من جهالها .
فقال : أسألك عن مسألة ؟ فقال له : سل قال : أخبرني عن ساعة من ساعات


(1)في المصدر : فقال أبي : قلت لست من جهالها : وهكذا فيما ياتي .
(2)في المصدر : الفرات .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه