بحار الأنوار ج67

وإرشاد الجاهلين ، بل لايكون تدريسه إلا لتحصيل تلك المقاصد الواهية ، و
الاغراض الفاسدة ، وإن قال بلسانه ادرس قربة إلى اللله ، وتصور ذلك بقلبه و
أثبته في ضميره ، ومادام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه لا عبرة بنيته أصلا .
وكذلك إذا كان قبلك عند نية الصلاة منهمكا في امور الدنيا ، والتهالك
عليها ، والانبعاث في طلبها ، فلا يتيسر لك توجيهه بكليته ، وتحصيل الميل
الصادق إليها ، والاقبال الحقيقي عليها ، بل يكون دخولك فيها دخول متكلف لها
متبرم بها ويكون قولك اصلي قربة إلى الله كقول الشبعان أشتهي الطعام ، وقول
الفارغ أعشق فلانا مثلا .
والحاصل أنه لا يحصل لك النية الكاملة المعتد بها في العبادات ، من دون
ذلك الميل والاقبال ، وقمع مايضاده من الصوارف والاشغال ، وهو لايتيسر
الا إذا صرفت قلبك عن الامور الدنيوية ، وطهرت نفسك عن الصفات الذميمة
الدنية ، وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلية .

وأقول : أمر النية قد اشتبه على كثير من علمائنا رضوان الله عليهم لاشتباهه
على المخالفين ، ولم يحققوا ذلك على الحق واليقين ، وقد حقق شيخنا البهائى
قدس الله روحه شيئا من ذلك في شرح الاربعين ، وحققنا كثيرا من غوامض
أسرارها في كتاب عين الحيوة ، ورسالة العقائد ، فمن أراد تحقيق ذلك فليرجع
إليهما .
2 كا : عن على ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نية المؤمن خير من عمله ، ونية الكافر
شر من عمله ، وكل عامل يعمل على نيته(1).
بيان : هذا الحديث من الاخبار المشهورة بين الخاصة والعامة ، وقد قيل
فيه وجوه :
الاول أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق ولا ريب أنه خير من أعماله


(1)الكافي ج 2 ص 84 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه