وكل ذي قرن في الشاهد إذا أخذ بقرنه فقد أخذ به ، وقد يعبر عن الملك بالآخذ
بالناصيه كما قال عزوجل : " مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها(1)" ومعناه على هذا
أنه عليه السلام مالك حكم الدنيا في إنصاف المظلومين والاخذ على أيدي الظالمين ، و
في إقامة الحدود إذا وجبت وتركها إذا لم تجب ، وفي الحل والعقد وفي النقض و
الابرام ، وفي الحظر والاباحة ، وفي الاخذ والاعطاء ، وفي الحبس والاطلاق ، وفي
الترغيب والترهيب .
وفي وجه آخر معناه أنه عليه السلام ذو قرني هذه الامة كما كان ذو القرنين لاهل
وقته ، وذلك أن ذا القرنين ضرب على قرنه الايمن فغاب ثم حضر ، فضرب على قرنه
الآخر ، وتصديق ذلك قول الصادق عليه السلام : " إن ذا القرنين لم يكن نبيا ولا ملكا
وإنما كان عبدا أحب الله فأحبه الله ونصح لله فنصحه الله وفيكم مثله " يعني بذلك
أمير المؤمنين عليه السلام وهذه المعاني كلها صحيحة يتناولها ظاهر قوله صلى الله عليه وآله : " لك كنز
في الجنة وأنت ذو قرنيها " .(2)
14 قب : أبوعبيد في غريب الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله قال لامير المؤمنين عليه السلام :
إن لك(3)بيتا في الجنة وإنك لذو قرنيها .
سويد بن غفلة وأبوالطفيل : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إن ذا القرنين كان ملكا
عادلا فأحبه الله وناصح لله فنصحه الله ، أمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه بالسيف
فغاب عنهم ماشاء الله ، ثم رجع إليهم فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر بالسيف
فذلك قرناه وفيكم مثله ، يعني نفسه لانه ضرب على رأسه ضربتين : أحدهما يوم
الخندق والثاني ضربة ابن ملجم لعنه الله .
الرضي في مجازات الآثار النبوية : عنى رأس الامة ، إن القرنين إنما
يكونان فيه ، وهذا يدل على أنه كان رأس أمته ورئيس أسرته ، ويقال : أي
(1)سورة هود : 56 .
(2)معاني الاخبار : 205 207 .
(3)في المصدر :(لى)ظ .