فأرسله على دراجة ، فغاب عن عينه غيبة طويلة ، ثم عاد من الجو وفي منقاره سمكة
صغيرة وبها بقايا الحياة ، فعجب الخليفة من ذلك غاية العجب ، ثم أخذها في يده
إلى داره في الطريق الذى أقبل منه ، فلما وصل إلى ذلك المكان وجد الصبيان على
حالهم ، فانصرفوا كما فعلوا أول مرة ، وأبوجعفر لم ينصرف ووقف كما وقف
أولا ، فلما دنا منه الخليفة قال : يا محمد ! قال : لبيك يا أميرالمؤمنين ، قال : ما
في يدي ؟ فألهمه الله عزوجل أن قال : يا أميرالمؤمنين إن الله تعالى خلق بمشيته في
بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك والخلفاء ، فيختبرون بها سلالة أهل
النبوة ! فلما سمع المأمون كلامه عجب منه وجعل يطيل نظره إليه ، وقال : أنت
ابن الرضا حقا ! وضاعف إحسانه إليه .
قال علي بن عيسى : إني رأيت في كتاب لم يحضرني الآن اسمه أن البزاة
عادت وفي أرجلها حيات خضر ، وأنه سئل بعض الائمة فقال قبل أن يفصح عن
السؤال : إن بين السماء والارض حيات خضر تصديها بزاة شهب يمتحن بها أولاد
الانبياء وما هذا معناه والله أعلم(1).
7 الدلائل للطبري : عن علي بن هبة الله ، عن الصدوق ، عن محمد بن
موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد البرقي ، عن أبيه
عن محمد بن سنان ، عن داوود بن كثير الرقي ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه لما خرج
من عند المنصور نزل الحيرة ، فبينا هوبها إذ أتاه الربيع فقال : أجب أميرالمؤمنين
فركب إليه وقد كان وجد في الصحراء صورة عجيبة لا تعرف خلقتها ذكر من
وجدها أنه رآها وقد سقطت مع المطر ، فلما دخل عليه قال له : يا أبا عبدالله أخبرني
عن الهواء أي شئ فيه ؟ قال : بحر مكفوف ، قال له : فله سكان ؟ قال : نعم
قال : وما سكانه ؟ قال : أبدانهم أبدان الحيتان ، ورؤوسهم رؤوس الطير ، ولهم
(1)وفي مفتاح الفلاح كما سيأتى نقله في الباب الاتى " ان الغيم حين اخذ من ماه
البحر تداخله سمك صغار فتسقط منه فيصطادها الملوك فيمتحنون بها سلالة النبوة " . والرواية
كما تقدم مرسلة على ان نظائرها لا تخلو غالبا عن ضعف او ارسال والله اعلم بحقيقة الحال .