بحار الأنوار ج3

الخاصة في بروجهما ، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الاخر ، أو دخول
بعض من كل منهما في الاخر بحسب الفصول .
وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا
فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية كما هو المشاهد من أحوال ذوي الا رادات من
الممكنات ، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية ، فان الطبيعة العادمة للشعور
لاتختلف مقتضياتها كما نشاهد من حركات العناصر ، كما قالوا : إن الطبيعة الواحدة
لاتقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنه ، ويمكن أن يقال : حاصل الدليل راجع إلى
مايحكم به الوجدان ، من أن مثل تلك الافعال المحكمة المتقنة الجارية على قانون
الحكمة لايصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والاراده ، وإلى هذا يرحع قوله
عليه السلام : إن كان الدهر يذهب بهم أي الدهر العديم الشعور كيف يصدر عنه الذهاب الموافق
للحكمة ولايصدر عنه بدله الرجوع ؟ أوالمراد أنه لم يقتضي طبعه ذهاب شئ ولا يقتضي
رده وبالعكس ، بناء‌ا على أن مقتضيات الطبائع تابعة لتاثير الفاعل القادر القاهر ،
ويمكن أن يكون المراد بالذهاب بهم إعدامهم ، وبرد هم إيجادهم ، والمراد بالدهر الطبيعة ،
كما هو ظاهر كلام أكثر الدهرية ، أي نسبة الوجود والعدم إلى الطبائع الامكانية
على السواء ، فإن كان الشئ يوجد بطبعه فلم لايعدم : فترجح أحدهما ترجح بلا مرجح
يحكم العقل باستحالته ويجري حميع تلك الاحتمالات في قوله عليه السلام : السماء مرفوعة
إلى اخر كلامه عليه السلام . وقوله عليه السلام : لم لاتسقط السماء‌على الارض أي لاتتحرك بالحركة
المستقيمة حتى تقع على الارض . وقوله : ولم لاتتحدر الارض ؟ أي تتحرك إلى جهة
التحت حتى تقع على أطباق السماء ، أوالمرادالحركة الدورية فيغرق الناس في الماء ، فيكون
ضمير طباقها راجعا إلى الارض وطباق الارض : أعلاها أي تنحدر الارض بحيث تصير فوق
ماعلا منها الان . قوله عليه السلام . فلا يتماسكان أي في صورة السقوط والانحدار ، أو المراد فظهر
أنه لايمكنهما التمسك بأنفسهما بل لابد من ماسك يمسكهما .
أقول ؟ تفصيل القول في شرح تلك الاخبار الغامضة يقتضي مقاما اخر وإنما
نشير في هذا الكتاب إلى مالعله يتبصر به اولوا الاذهان الثاقبة من اولي الالباب ،

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه