إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال : ياأيها الذين آمنوا
كلوا من طيبات مارزقناكم (1)وقال : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات
واعملوا صالحا (2)وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض نسائه : مالي أراك شعثاء مرهاء
سلتاء(3)؟ قال عاصم : فلم اقتصرت ياأمير المؤمنين على لبس الخشن ، وأكل
الجشب ؟ قال : إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لانفسهم بالقوم
كيلا يتبيغ بالفقير فقره ، فما قام علي عليه السلام حتى نزع عاصم العباءة ولبس
ملاءة(4).
13 ف : دخل سفيان الثوري على أبي عبدالله عليه السلام فرأى عليه ثياب بياض
كأنها غرقئ البيض(5)فقال له : إن هذا(اللباس)ليس من لباسك ، فقال له :
اسمع مني وع ماأقول لك ، فانه خير لك عاجلا وآجلا ، إن كنت أنت مت على
السنة والحق ، ولم تمت على بدعة .
اخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفر جشب(6)فاذا أقبلت الدنيا
فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنها لا منافقوها ، ومسملوها لا كفارها
فما أنكرت ياثوري ؟ فوالله إني لمع ماترى ماأتى علي مذ عقلت صباح ولا مساء
ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته .
(1)المائدة : 87 .
(2)المؤمنون : 51 .
(3)الشعثاء : التى اغبر رأسها وتلبد شعرها وانتشر لقلة تعهده بالدهن ، والمرهاء :
التى تركت الاكتحال حتى تبيض بواطن أجفانها وفي بعض النسخ المرتاء وهى التي أزالت
الشعر من حاجبيها ، أو لاتختضبهما والسلتاء : هي التي لاتختضب .
(4)يعنى أنه ترك الثوب الخشن ولبس ثوبا واسعا ناعما أبيض .
(5)الغرقئ كزبرح القشرة الملتزقة ببياض البيض ، شبهه بها للطافتها وشفوفها
ونعومتها وبياضها .
(6)في الكافي : مقفر جدب ، يعنى عام الضيق والقحط .