بحار الأنوار ج13

واختلفوا فيه : فقال ابن عباس وأكثر الناس : هو طائر يشبه السمانى ، وقال أبوالعالية
ومقاتل : هي طير حمر بعث الله سبحانه سحابة فمطرت السمانى عليهم في عرض ميل(1)وقدر طول
رمح في السماء بعضها على بعض وكانت السماء تمطر عليهم ذلك ، وقيل : كانت طيرا مثل
فراخ الحمام طيبا وسمنا قد تمعط(2)ريشها وزغبها فكانت الريح تأتي بها إليهم فيصبحون
وهو في معسكرهم ، وقيل : إنها طير كانت تأتيهم فتسترسل لهم فيأخذونها بأيديهم ،
وقال عكرمة : هي طير تكون بالهند أكبر من العصفور ، وقيل :(3)هو العسل بلغة
كنانة ، فكان الله تعالى يرسل عليهم المن والسلوى فيأخذ كل واحد منهما(4)ما يكفيه
يوما وليلة ، فإذا كان يوم الجمعة أخذ ما يكفيه يومين ، لانه لم يكن ينزل عليهم يوم
السبت ، فذلك قوله تعالى : " وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا " أي وقلنا لهم : كلوا " من
طيبات " حلالات " ما رزقناكم " ولا تدخروا لغد ، فخبوا لغد وتدود وفسد ما ادخروا
وقطع الله عنهم ذلك ، قال الله تعالى : " وما ظلمونا " أي ما يضرونا بالمعصية ومخالفة الامر
" ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " يضرون باستيجابهم قطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم
بلا مؤونة ولا مشقة في الدنيا ، ولا حساب ولا تبعة في العقبى .
ومنها أنهم عطشوا في التيه فقالوا : يا موسى من أين لنا الشراب ؟ فاستسقى لهم
موسى عليه السلام فأوحى الله سبحانه إليه : " أن اضرب بعصاك الحجر " واختلف العلماء فيه فقال
وهب : كان موسى عليه السلام يقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فتنفجر عيونا ، لكل سبط
عين ، وكانوا اثني عشر سبطا ، ثم تسيل كل عين في جدول إلى سبط ، فقالوا : إن فقد موسى
عصاه متنا عطشا ، فأوحى الله عزوجل إلى موسى : لا تقرعن الحجارة بالعصا ولكن كلمها
تطعك لعلهم يعتبرون ، وكان يفعل ذلك ، فقالوا : كيف بنا لو افضينا إلى الوحل وإلى
الارض التي ليست فيها حجارة ؟ فأمر موسى فحمل معه حجرا فحيث ما نزلوا ألقاه .


(1)هكذا في النسخ وفيه تصحيف ، والصواب ما في المصدر وهو هكذا : هو طير أحمر بعثه
الله عليهم فأمر به السماء في عرض ميل .
(2)أى تساقط . والزغب : أول ما يبدو من الريش أو الشعر .
(3)في المصدر : وقال المؤرخ ، وهو وهم والصحيح " مؤرج " بالجيم ، وهو عمرو بن الحارث
أبوفيد السدوسى ، سمى بذلك لتأريجه الحرب بين بكر وتغلب .
(4)في المصدر : وكان أحدهم يأخذ ما يكفيه يومه وليلته .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه