بحار الأنوار ج83

أصبحت وربي محمود ، أصبحت لا اشرك بالله شيئا ، ولا أدعو مع الله أحدا
ولا أتخذ من دونه وليا ، أصبحت عبدا مملوكا لا أملك ألا ماملكني ربي ، أصبحت لا أستطيع أن أسوق إلى نفسي خير ما أرجو ، ولا أصرف عنه شر ما أحذر ، أصبحت
مرتهنا بعملي ، وأصبحت فقيرا لا أجد أفقر مني ، بالله اصبح وبالله امسي ، وبالله
أحيى وبالله أموت ، وإلى الله النشور(1).
تبيين :(أقرب إلى من حبل الوريد)إشارة إلى قوله سبحانه(ونحن أقرب
إليه من حبل الوريد)(2)والوريدان : عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها ،
متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه ، وقيل : سمى وريدا لان الروح ترده ، وقيل
هو عرق بين العنق والنكب ، والحبل العرق ، وإضافته للبيان أي نحن أعلم بحاله
ممن كان أقرب إليه من حبل الوريد والنسبة تجوز بقرب الذات لقرب العلم لانه
موجبه ، وحبل الوريد مثل في القرب قال الشاعر : والموت أدنى لي من الوريد كذا ذكره البضاوي ، وقيل : الوريد عرق متعلق بالقلب يعني نحن أقرب إليه من قلبه أو
نحن أقرب إليه من حبل وريده مع استيلائه عليه وقربه منه .
أقول : ويحتمل أن يكون النكتة في ذكر الوريد بيان جهة قربه سبحانه
وأنه القرب بالعلية لابحسب المكان ، فان قوام الشخص بهذا العرق ، وبقطعه يموت
الانسان ، ويظن الانسان أن بقاء‌ه وحياته به ، فقال تعالى : نحن أدخل في وجوده و
بقائه من ذلك العرق ، لانه أحد الاسباب الذي خلقه الله لبقائه ، وهو وسائر
العلل بيده .
(يامن يحول بين المرء وقلبه)أي يصرف قلبه عما يريده إلى غيره ، كما قال
أمير المؤمنين عليه السلام :(عرفت الله بفسخ العزائم)أو يذهله عما هو مخزون في قلبه : أو يعلم مما في قلب الانسان مالايعلمه فهو أقرب إلى قلبه منه ، فكأنه حائل بينه وبينه .


(1)الفيه ج 1 ص 22 .(2)ق : 16 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه