بحار الأنوار ج65

كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، فهم يعطون الرجاء وعلى هذا ينبغي أن لا يهمز لفظ
المرجئة ، وفرقهم خمس اليونسية ، أصحاب يونس النميري قالوا الايمان هو المعرفة
بالله ، والخضوع له ، والمحبة بالقلب ، فمن اجتمعت فيه هذه الصفات فهو مؤمن ، و
لا يضر معها ترك الطاعات وارتكاب المعاصي ولا يعاقب عليها والعبيدية أصحاب العبيد
المكذب ، زادوا على اليونسية أن علم الله لا يزال شيئا معه غيره ، وأنه تعالى على
صورة الانسان ، والغسانسية أصحاب غسان الكوفي قالوا : الايمان هو المعرفة بالله
ورسوله ، وبما جاء من عندهما إجمالا لا تفصيلا ، وهو لا يزيد ولا ينقص وغسان كان
يحكيه عن أبي حنيفة وهو افتراء عليه فانه لما قال : الايمان هو التصديق ولا يزيد
ولا ينقص ظن به الارجاء بتأخير العمل عن الايمان ، والثوبانية أصحاب ثوبان
المرجي قالوا : الايمان هو المعرفة والاقرار بالله ورسوله ، وبكل ما لا يجوز في العقل
أن يعقله ، وأما ما جاز في العقل أن يعقله فليس الاعتقاد به من الايمان ، وأخروا
العمل كله من الايمان ، والثومنية أصحاب أبي معاذ الثومني قالوا : الايمان هو المعرفة
والتصديق والمحبة والاخلاص والاقرار بما جاء به الرسول ، وترك كله أو بعضه كفر
وليس بعضه إيمانا ولا بعض إيمان وكل معصية لم يجمع على أنه كفر فصاحبه
يقال إنه فسق وعصى ، وأنه فاسق ، ومن ترك الصلاة مستحلا كفر لتكذيبه بما جاء
به النبي صلى الله عليه وآله ومن تركها بنية القضاء لم يكفر ، وقالوا السجود للصنم ليس كفرا
بل هو علامة الكفر ، فهذه في المرجئة الخالصة ، ومنهم من جمع إلى الارجاء
القدر انتهى .
قوله كما أن الكافر كأنه قاس الايمان بالكفر فان من أنكر ضروريا
من ضروريات الدين ظاهرا من غير تقية فهو كافر ، وإن لم يعتقد ذلك ، فاذا أقر
بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله يجب أن يكون مؤمنا غير معذب ، وإن لم يعتقد بقلبه شيئا
من ذلك ، ولم يضم إليه أفعال الجوارح من الطاعات وترك المعاصي ، فأجاب عليه السلام
بأنه مع بطلان القياس لا سيما في المسائل الاصولية فهو قياس مع الفارق ، ثم
شبه عليه السلام الامرين بالاقرار والانكار ، ليظهر الفرق فان إنكار الضروري مستلزم لترك جزء

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه