بحار الأنوار ج49

من المشركين ، وما زاد الله به في حدود دار المسلمين ، مما قد وردت أنباؤه عليكم
وقرئت به الكتب على منابركم ، وحملت أهل الآفاق عنكم ، إلى غيركم .
فانتهى شكر ذي الرئاستين بلاء أمير المؤمنين عنده ، وقيامه بحقه وابتذاله
مهجته ، ومهجة أخيه أبي محمد الحسن بن سهل الميمون النقيبة المحمود السياسة ، إلى
غاية تجاوز فيها الماضين ، وفاق بها الفائزين ، وانتهت مكافأة أمير المؤمنين إياه
إلى ما جعل له من الاموال والقطائع والجواهر ، وإن كان ذلك لا يفي بيوم من
أيامه ، ولا مقام من مقاماته ، فتركه زهدا فيه ، وارتفاعا من همته عنه ، وتوفيرا
له على المسلمين ، وإطراحا للدنيا ، واستصغارا لها ، وإيثارا الآخرة ، و
منافسة فيها .
وسأل أمير المؤمنين ما لم يزل له سائلا ، وإليه راغبا ، من التخلي والتزهد
فعظم ذلك عنده وعندنا ، لمعرفتنا بما جعل الله عزوجل في مكانه الذي هو به من
العز للدين ، والسلطان والقوة على صلاح المسلمين ، وجهاد المشركين ، وما
أرى الله به من تصديق نيته ، ويمن نقيبته ، وصحة تدبيره ، وقوة رأيه ، ونجح طلبته
ومعاونته على الحق والهدى ، والبر والتقوى .
فلما وثق أمير المؤمنين ، وثقنا منه بالنظر للدين وإيثار ما فيه صلاحه وأعطيناه
سؤله الذي يشبه قدره ، وكتبنا له كتاب حباء وشرط قد نسخ أسفل كتابي
هذا وأشهدنا الله عليه ومن حضرنا من أهل بيتنا والقواد والصحابة والقضاة والفقهاء
والخاصة والعامة ، ورأى أمير المؤمنين الكتاب به إلى الآفاق ليذيع ويشيع في
أهلها ، ويقرأ على منابرها ، ويثبت عند ولاتها وقضاتها ، فسألني أن أكتب بذلك
وأشرح معانيه ، وهي على ثلاثة أبواب :
ففي الباب الاول البيان عن كل آثاره التي أوجب الله بها حقه علينا وعلى
المسلمين .
والباب الثاني البيان عن مرتبته في إزاحة علته في كل ما دبر ودخل فيه
ولا سبيل عليه فيما ترك وكره ، وذلك ما ليس لخلق ممن في عنقه بيعة إلا له وحده

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه