ثم قال : والحكماء اليونانيون يسمونه هرمس الحكيم ، فعاش يرد بعد مولد
إدريس ثمانمائة سنة ، وولد له بنون وبنات فكان عمره تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة ،
وتوفي آدم عليه السلام بعد أن مضى من عمر إدريس ثلاثمائة سنة وثمان وستون . قال : وفي التوراه :
أن الله رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة وخمس وستين سنة من عمره ، وبعد أن مضى من عمر
أبيه خمسمائة سنة وسبع وعشرون سنة ، فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين
سنة ، تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة .(1)
ثم قال : ولد لخنوخ متوشلخ فعاش بعد ما ولد متوشلخ ثلاثمائة سنة ، ثم رفع
واستخلفه خنوخ على أمر ولده فعاش تسعمائة سنه وتسع عشرة سنة ،(2)ثم مات وأوصى
إلى ابنه لمك وهوأبونوح عليه السلام .(3)
وقال السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود : وجدت في صحف إدريس عليه السلام :
فكأنك بالموت قد نزل ، فاشتد أنينك ، وعرق جبينك ، وتقلصت شفتاك ، وانكسر لسانك ،
ويبس ريقك ، وعلا سواد عينيك بياض ، وأزبد فوك ، واهتز جميع بدنك ، وعالجت غصة الموت
وسكرته ومرارته وزعقته ،(4)ونوديت فلم تسمع ، ثم خرجت نفسك وصرت جيفة بين
أهلك ، إن فيك لعبرة لغيرك ، فاعتبر في معاني الموت ، إن الذى نزل نازل بك لا محالة ،
وكل عمر وإن طال فعن قليل يفنى ،(5)لان كل ما هو آت قريب لوقت معلوم ،
فاعتبر بالموت يامن يموت ،(6)واعلم أيها الانسان أن أشد الموت ما قبله ، والموت أهون
مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ، ثم ذكر من أحوال الصيحة والفناء ويوم القيامة ومواقف
الحساب والجزاء ما يعجز(7)عن سماعه قوة الاقوياء .(8)
(1)كامل التواريخ 1 : 24 . م
(2)في المصدر : تسعمائة سنة وسبع وعشرين سنة . م
(3)كامل التوراريخ 1 : 25 . م
(4)تقلص : انضم وانزوى . أزبد الفم : أخرج الزبد وقذف به . والزبد : ما يعلو الماء و
نحوه من الرغوة . الزعقة : الصيحة .
(5)في المصدر : وإن طال العمر فعن قليل يفنى . م
(6)في المصدر : بالموت ياابن آدم . م
(7)في المصدر : الحساب والخوف ما يعجز اه . م
(8)سعد السعود : 38 . م(*).