بحار الأنوار ج74

جلائل الامور من ذوي الرأي والنصيحة والذهن ، أطواهم عنك لمكنون الاسرار
كشحا ممن لا تبطره الكرامة ولا تمحق به الدالة(*)فيجترى بها عليك في خلاء أو
يلتمس إظهارها في ملاء ، ولا تقصر به الغفلة(1)عن إيراد كتب الاطراف عليك ، و
إصدار جواباتك على الصواب عنك ، وفيما يأخذ لكويعطى منك ، ولا يضعف عقدا
اعتقده لك ، ولا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك ، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه في الامور ،
فإن الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل .
وول ما دون ذلك من رسائلك وجماعات كتب خرجك ودواوين جنودك قوما
تجتهد نفسك في اختيار هم ، فإنها رؤوس أمرك أجمعها لنفعك وأعمها لنفع رعيتك .
ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستنامتك(2)وحسن الظن بهم ، فإن
الرجال يعرفون فراساة الولاة بتضر عهم وخدمتهم(3)وليس وراء ذلك من النصيحة
والامانة شئ. ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك فأعمد لاحسنهم كان في
العامة أثرا وأعرفهم فيها بالنبل والامانة(4)فإن ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن
وليت أمره ، ثم مرهم بحسن الولاية ولين الكلمة واجعل لرأس كل أمر من امورك
رأسا منهم ، لا يقهره كبيرها(5)ولا يتشتت عليه كثيرها ، ثم تفقد ما غاب عنك من
حالاتهم وامور من يرد عليك رسله وذوي الحاجة وكيف ولا يتهم وقبولهم وليهم


المذكورة . وطوى الحديث : كتمه . وطوى كشحا عنه أى أعرض عنه وقاطعه . وبطر الرجل
يبطر بطرا محركة اذا دهش وتحير في الحق . وبالامر ثقل به . وبطره النعمة : أدهشه
(*)الدالة : الجرأة .
(1)أى ولا تكون غفلته موجبة لتقصيره في اطلاعك على ما يرد من أعمالك ولا في
اصدار الاجوبة عنه على وجه الصواب .
(2)الفراسة - بالكسر - : حسن النظر في الامور . والاستنامة . السكون والاستيناس
أى لا يكون انتخاب الكتاب تابعا لميلك الخاص .
(3)وفى النهج بتصنعهم وحسن خدمتهم .
(4)النبل - بالضم - . الذكاء و : النجابة والفضل .
(5)أى لا يقهره عظيم تلك الاعمال ولا يخرج عن ضبطه كثيرها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه