بحار الأنوار ج70

كما أن ويل كلمة عذاب وبعض اللغويين يستعمل كلا منهما مكان الاخرى
والطاغوت فلعوت من الطغيان ، وهو تجاوز الحد ، وأصله طغيوت فقدموا لامه
على عينه ، على خلاف القياس ، ثم قلبوا الياء ألفا فصار طاغوت ، وهو يطلق
على الكاهن والشيطان والاصنام ، وعلى كل رئيس في الضلالة ، وعلى كل ما
يصد عن عبادة الله تعالى ، وعلى ما عبد من دون الله ، ويجئ مفردا لقوله تعالى :
يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به (1)وجمعا
كقوله تعالى : والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى
الظلمات (2).
وقال قدس سره : لعلك تظن أن ما تضمنه هذا الحديث من أن الطاعة
لاهل المعاصي عبادة لهم ، جار على ضرب من التجوز لا الحقيقة ، وليس كذلك
بل هو حقيقة ، فان العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ، ولهذا
جعل سبحانه اتباع الهوى والانقياد إليه عبادة للهوى ، فقال : أرأيت من اتخذ
إلهه هويه (3)وجعل طاعة الشيطان عبادة له ، فقال تعالى : ألم أعهد إليكم يا
بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان (4).
ثم نقل أخبارا كثيرة في ذلك فقال بعد ذلك : وإذا كان اتباع الغير والانقياد
إليه عبادة له فأكثر الخلق عند التحقيق مقيمون على عبادة أهواء نفوسهم الخسيسة
الدنية وشهواتهم البهيمية والسبعية على كثرة أنواعها واختلاف أجناسها ، وهي
أصنامهم التي هم عليها عاكفون ، والانداد التي هم لها من دون الله عابدون ، وهذا
هو الشرك الخفي نسال الله سبحانه أن يعصمنا عنه ويطهر نفوسنا عنه بمنه وكرمه .
وغفلة عطف على خوف وعطفه على عبادة الطاغوت بعيد في لهو


(1)النساء : 60 .
(2)البقرة : 257 .
(3)الفرقان : 43 .
(4)يس : 60 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه