بحار الأنوار ج70

من عادته إذا رجع من قنصه لا يدخل إلى أهله بعد أن يطوف بالبيت ، فمر
على تلك المولاة فأخبرته الخبر ، وقيل : أخبرته مولاة أخته صفية قالت له :
إنه صب التراب على رأسه ، وألقى عليه فرثا ، ووطئ برجله على عاتقه ، وعلى
إلقاء الفرث عليه اقتصر أبوحيان ، فقال لها حمزة : أنت رايت هذا الذي تقولين ؟
قالت : نعم .
فاحتمل حمزة الغضب ودخل المسجد فرأى أبا جهل جالسا في القوم فأقبل
نحوه حتى قام على رأسه ورفع القوس فضربه فشجه شجة منكرة ، ثم قال : أتشتمه
وأنا على دينه ، أقول ما يقول ؟ فرد علي ذلك إن استطعت ، وفي لفظ : إن
حمزة لما قام على راس أبي جهل بالقوس صار أبوجهل يتضرع إليه ويقول : سفه
عقولنا ، وسب آلهتنا ، وخالف آباء‌نا ، فقال : ومن أسفه منكم ؟ تعبدون الحجارة
من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا : ما نراك
إلا قد صبأت ، فقال حمزة : ما يمنعني وقد استبان لي منه ، أنا أشهد أنه رسول الله
وأن الذي يقوله حق ، والله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين ، فقال لهم أبوجهل :
دعوا أبا يعلى فاني والله قد اسمعت ابن أخيه شيئا قبيحا .
وتم حمزة على إسلامه ، فقال لنفسه لما رجع إلى بيته : أنت سيد قريش
اتبعت هذا الصابي وتركت دين آبائك ؟ الموت خير لك مما صنعت ؟ ثم قال : اللهم
إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا
فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى اصبح .
فغدا إلى رسول الله فقال : يا ابن اخي إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج
منه ، وإقامة مثلي على مالا ادري أرشد هو أم غي شديد ، فأقبل عليه رسول الله
صلى الله عليه وآله فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقى الله في قلبه الايمان بما قال
رسول الله صلى الله لعيه وآله ، فقال : أشهد أنك لصادق ، فأظهر يا ابن اخي دينك ، وقد قال
ابن عباس : في ذلك نزل أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه