السقوط منه يوجب سقوطه منه ، فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة .
وأيضا إن الانسان إذا تصور كون فلان مؤذيا له حصل في قلبه ، وسخن
مزاجه ، فمبدء تلك السخونة ليس إلا ذاك التصور النفساني . ولان مبدء الحركات
البدنية ليس إلا التصورات النفسانية . ولما ثبت أن تصور النفس يوجب تغير بدنه
الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدى تأثيراتها إلى سائر الابدان .
فثبت أنه لا يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر الابدان . وأيضا جواهر النفوس
مختلفة بالماهية ، فلا يمتنع أن تكون بعض النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان
آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه . فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل ، والتجارب من الزمن
الاقدم ساعدت عليه ، والنصوص النبوية نطقت به ، فعند هذا لا يبقى في وقوعه
شك . وإذا ثبت هذا ثبت أن الذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه
الآية بإصابة العين كلام حق لا يمكن رده .(1)
قوله تعالى : " يخيل " قال الطبرسي : الضمير(2)راجع إلى موسى عليه السلام وقيل :
إلى فرعون ، أي يرى الحبال والعصي من سحرهم أنها تسعى(3)وتعدو مثل سير
الحيات . وإنما قال " يخيل إليه " لانها لم تكن تسعى حقيقة ، وإنما تحركت
لانهم جعلوا داخلها الزئبق ، فلما حميت الشمس طلب الزئبق الصعود فحركت الشمس
ذلك فظن أنها تسعى(4).
" إنما صنعوا " أي إن الذي صنعوه أو إن صنيعهم " كيد ساحر " أي مكره و
حيلته . " ولا يفلح الساحر " أي لا يظفر ببغيته ، إذ لا حقيقة للسحر " حيث أتى "
أي حيث كان من الارض ، وقيل : لا يفوز الساحر حيث أتى بسحره ، لان الحق
يبطله(5).
(1)تفسير الرازي 18 : 172 - 174 .
(2)في المصدر : الضمير في " اليه " .
(3)فيه : تسير وتعدو .
(4)مجمع البيان : ج 7 ، ص 18 .
(5)المصدر : ج 7 ، ص 20 .