بحار الأنوار ج7

وقال الطبرسى رحمه الله في قوله تعالى : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة " :
اختلف في معناه : فقيل : يجعل ما بخل به من المال طوقا في عنقه ، والآية نزلت في
مانعي الزكاة وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ما
من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل في عنقه شجاع(1)يوم القيامة ، ثم تلا هذه الآية ،
وقيل : معناه : يجعل في عنقه يوم القيامة طوق من نار ، وقيل : معناه : يكلفون يوم
القيامة أن يأتوا بما بخلوا من أموالهم ، وقيل : هو كقوله : " يوم يحمى عليها في نار جهنم
فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " فمعناه أنه يجعل طوقا فيعذب بها ، وقيل ، معناه
أنه يعود عليهم وباله فيصير طوقا لاعناقهم ، كقوله : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه "
والعرب تعبر بالرقبة والعنق عن جميع البدن .
وفي قوله تعالى : " من قبل أن نطمس وجوها "(2): اختلف فيه على أقول :
أحدها أن معناه : من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالاقفية ، ونجعل عيونها
في أقفيتها فتمشي القهقرى ، عن ابن عباس وعطية ، وثانيها أن معناه : نطمسها عن
الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها ، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا ، رواه أبو الجارود
عن أبي جعفر عليه السلام . ثالثها : نجعل في وجوههم الشعر كوجوه القرود .
فإن قيل : على القول الاول كيف أوعد الله سبحانه ولم يفعل ؟ فجوابه أن هذا
الوعيد كان متوجها إليهم لولم يؤمن واحد منهم ، فلما آمن منهم جماعة رفع عن الباقين ،
أو أن الوعيد يقع بهم في الآخرة .
وفي قوله سبحانه : " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " : يعني ما صدقوا فيه في
دار التكليف ، وقيل : إنه الصدق في الآخرة ، وإنه ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله فالمراد
به صدقهم في الشهادة لانبيائهم بالبلاغ .


(1)بضم الشين وكسرها : ضرب من الحيات .
(2)قال السيد الرضى قدس سره في تلخيص البيان " ص 25 " : هذه استعارة وهى عبارة عن
مسخ الوجوه ، أي يزيل تخطيطها ومعارفها تشبيها بالصحيفة المطموسة التي عميت سطورها
واشكلت حروفها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه