شبرا واحدا ، إنه لفي وجه العدو تثوب إليه طائفة من أصحابه مرة ، وتتفرق عنه
مرة فربما رأيته قائما يرمي حتى تحاجزوا(1)، وكانت العصابة التي ثبتت مع
رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة عشر رجلا : سبعة من المهاجرين ، وسبعة من الانصار ، فأما
المهاجرون فعلي عليه السلام وأبوبكر وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و
طلحة بن عبيدالله وأبوعبيدة بن الجراح والزبير بن العوام ، وأما الانصار فالحباب
بن المنذر وأبودجانة وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسعد
بن معاذ وأسيد بن حضير .
قال الواقدي : وقد روي أن سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة ثبتا يومئذ ولم
يفرا ، ومن روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير .
قال الواقدي : وبايعه يومئذ على الموت ثمانية : ثلاثة من المهاجرين : علي
وطلحة والزبير ، وخمسة من الانصار : أبودجانة والحارث بن الصمة والحباب
بن المنذر وعاصم بن ثابت وسهل بن حنيف ، ولم يقتل منهم ذلك اليوم أحد ، وأما
باقي المسلمين ففروا ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوهم في أخراهم حتى انتهى من انتهى(2)
منهم إلى قريب من المهراس .
قال الواقدي : وحدثني عتبة بن جبيرة ، عن يعقوب بن عمر بن قتادة(3)
قال : ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول : وجهي دون وجهك ، ونفسي
دون نفسك ، وعليك السلام غير مودع .
قلت : قد اختلف في عمر بن الخطاب هل ثبت يومئذ أم لا ، مع اتفاق الرواة
كافة على أن عثمان لم يثبت ، فالواقدي ذكر أنه لم يثبت ، وأما محمد بن إسحاق
والبلاذري فجعلاه مع من ثبت ولم يفر ، واتفقوا كلهم على أن ضرار بن الخطاب
الفهري قرع رأسه بالرمح وقال : إنها نعمة مشكورة يا ابن الخطاب ، إني آليت
(1)تثوب : أى ترجع وتجتمع . تحاجز . أى تمانع وتدافع .
(2)المصدر خال عن قوله : من انتهى .
(3)في المصدر : يعقوب بن عمير بن قتادة .