بحار الأنوار ج19

يا أبا أمامة يقول لك خالك : لا تأتنا في نادينا(1)، ولا تفسد شباننا ، واحذر الاوس
على نفسك ، فقال مصعب : أو تجلس فنعرض عليك أمرا ، فان أحببته دخلت فيه ،
وإن كرهته نحينا عنك ما تكره ، فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن فقال : كيف
تصنعون إذا دخلتم في هذا الامر ؟ قال : نغتسل ونلبس ثوبين طاهرين ، ونشهد
الشهادتين ، ونصلي ركعتين ، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر ، ثم خرج وعصر ثوبه
ثم قال : اعرض علي ، فعرض عليه شهادة " أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله "
فقالها ثم صلى ركعتين ، ثم قال لاسعد : يا أبا أمامة أنا أبعث إليك الآن خالك ، و
أحتال عليه في أن يجيئك(2)، فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ فلما نظر إليه سعد
قال : اقسم أن أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا ، وآتاهم
سعد بن معاذ فقرأ عليه مصعب " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم(3)" فلما سمعها قال
مصعب : والله لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلم ، فبعث إلى منزله وأتى بثوبين
طاهرين ، واغتسل وشهد الشهادتين ، وصلى ركعتين ، ثم قام وأخذ بيد مصعب و
حوله إليه ، وقال : أظهر أمرك ، ولا تهابن أحدا ، ثم جاء فوقف في بني عمرو بن
عوف وصاح : يا بني عمرو بن عوف لا يبقين رجل ولا امرأة ولا بكر ولا ذات بعل ولا
شيخ ولا صبي إلا أن خرج ، فليس هذا يوم ستر ولا حجاب ، فلما اجتمعوا قال :
كيف حالي عندكم ؟ قالوا : أنت سيدنا ، والمطاع فينا ، ولا نرد لك أمرا ، فمرنا
بما شئت ، فقال : كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام حتى تشهدوا أن
لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فالحمد لله الذي أكرمنا بذلك ، وهو الذي كانت
اليهود تخبرنا به ، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا وفيها
مسلم أو مسلمة ، وحول مصعب بن عمير إليه ، وقال له : أظهر أمرك ، وادع الناس
علانية ، وشاع الاسلام بالمدينة ، وكثر ، ودخل فيه من البطنين جميعا أشرافهم ، و


(1)النادى : مجلس القوم ومجتمعهم .
(2)في المصدر : وأحتال عليه في أن يجيبك .
(3)فصلت : 1 و 2 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه