بحار الأنوار ج12

إني قد جاء‌ني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويلا . يا أبت لا تعبد الشيطان
إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون
للشيطان وليا " ودفع السيئة بالحسنة وذلك لما قال أبوه : " أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم
لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا " فقال : في جواب أبيه : " سأستغفر لك(1)ربي إنه كان بي
حفيا " والتوكل بيان ذلك في قوله : " الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني و
يسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين . والذي أطمع أن يغفر
لي خطيئتي يوم الدين " .
ثم الحكم والانتماء إلى الصالحين في قوله : " رب هب لي حكما وألحقني
بالصالحين " يعني بالصالحين الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عزوجل ولا يحكمون
بالآراء والمقائيس حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك
في قوله : " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " أراد به هذه الامة الفاضلة ، فأجابه
الله وجعل له ولغيره من أنبيائه لسان صدق في الآخرين وهو علي بن أبي طالب عليه السلام و
ذلك قوله عزوجل : " وجعلنا لهم لسان صدق عليا " والمحنة في النفس حين جعل في المنجنيق
وقذف به في النار . ثم المحنة في الولد حين أمر بذبح ابنه إسماعيل . ثم المحنة بالاهل(2)
حين خلص الله عزوجل حرمته من عزازة(3)القبطي في الخبر المذكور في هذه القصة .
ثم الصبر على سوء خلق سارة . ثم استقصار النفس في الطاعة في قوله : " ولا تخزني يوم
يبعثون " ثم النزاهة في قوله عزوجل : " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان
حنيفا مسلما وما كان من المشركين " ثم الجمع لاشراط الطاعات في قوله : " إن صلاتي و
نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين "
فقد جمع في قوله : " محياي ومماتي لله رب العالمين " جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا يعزب
عنها عازبة ، ولا تغيب عن معانيها منها غائبة . ثم استجابة الله عزوجل دعوته حين قال :


(1)في نسخة : سلام عليك سأستغفر لك .
(2)في نسخة : ثم المحنة في الاهل .
(3)في نسخة : عزارة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه