بحار الأنوار ج72

استقرار إيمانه في قلبه ، أو المراد بالكفر كفر نعمة الاخوة ، فهو مع هذا القصد
قريب من الكفر ، ويتحقق الكفر بوقوع التعنيف بل ينبغي للاخ في الله إذا عرف
من أخيه عثرة أن ينظر أولا إلى عثرات نفسه ، ويطهر نفسه عنها ، ثم ينصح أخاه
بالرفق واللطف والشفقة ، ليترك تلك العثرات ، وتكمل الاخوة والصداقة .
ويمكن أن يكون المراد بتلك العثرات ما ينافي حسن الصحبة والعشرة
وأما ما ينافي الدين من الذنوب ، فلا يعنفه على رؤوس الخلائق ، ولكن يجب عليه
من باب النهي عن المنكر زجره عنها ، على الشروط والتفاصيل التي سنذكرها في
محلها إنشاء الله تعالى .
21 كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن علي بن النعمان ، عن إسحاق بن عمار
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه واله : يا معشر من أسلم بلسانه
ولم يخلص الايمان إلى قبله ! لا تذموا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فانه من
تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته(1).
بيان : المعشر الجماعة من الناس والجمع معاشر ، والاضافة من قبيل إضافة
متعدد إلى جنسها ، وخلص إليه الشئ كنصر : وصل ، وفيه دلالة على أن من
أصر على المعاصي فهو كالمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم : قالت الاعراب آمنا
قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم (2)إذ لو دخل
الايمان قلبه واستقر فيه ، ظهرت آثاره في جوارحه ، وإن أمكن أن يكون
الخطاب للمنافقين الذين كانوا بين المسلمين وكانوا يؤذونهم ويتبعون عثراتهم .
وقوله : ولا تتبعوا من باب التفعيل بحذف إحدى التائين في المصباح
تتبعت أحواله تطلبتها شيئا بعد شئ في مهلة ، والعورة كل أمر قبيح يستره الانسان
أنفة أو حياء ، والمراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه وكشف ستره ، ومنع
الملائكة عن ستر ذنوبه وعيوبه ، فهو يفتضح في السماء والارض ولو أخفاها
وفعلها في جوف بيته واهتم باخفائها ، او المعنى ولو كانت فضيحته عند أهل بيته


(1)الكافى ج 2 ص 354 .(2)الحجرات : 13 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه