بحار الأنوار ج7

الاعمال ، خضوعا قياما قد ألجمهم العرق ، ورجفت بهم الارض ، فأحسنهم حالا من وجد
لقدميه موضعا ، ولنفسه متسعا .
بيان : نقاش الحساب : المناقشة والتدقيق فيه .
49 - نهج : حتى إذا بلغ الكتاب أجله ، والامر مقاديره ، والحق آخر الخلق
بأوله ، وجاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه ، أماد السماء وفطرها ، وأرج الارض
وأرجفها ، وقلع جبالها ونسفها ، ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته ، ومخوف سطوته ،
وأخرج من فيها فجددهم بعد إخلاقهم ،(1)وجمعهم بعد تفرقيهم ، ثم ميزهم لما يريد
من مسائلتهم عن خفايا الاعمال ، وخبايا الافعال : وجعلهم فريقين : أنعم على هؤلاء ،
وانتقم من هؤلاء ، فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره ، وخلدهم في داره ، حيث لا يظعن
النزال ، ولا تتغير بهم الحال ، ولا تنوبهم الافزاع ، ولا تنالهم الاسقام ، ولا تعرض لهم
الاخطار ، ولا تشخصهم الاسفار ، وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار ، وغل الايدي
إلى الاعناق ، وقرن النواصي بالاقدام ، وألبسهم سرابيل القطران ، ومقطعات
النيران في عذاب قد اشتد حره ، وباب قد اطبق على أهله في نار لها كلب وجلب(لجب خ ل)،
ولهب ساطع ، وقصيف هائل ، لا يظعن مقيمها ، ولا يفادى أسيرها ، ولا تفصم كبولها ،
لا مدة للدار فتفنى ، ولا أجل قوم فيقضي ،
بيان : بلغ الكتاب أجله أي بلغ الزمان المكتوب المقدر إلى منتهاه . والحق
آخر الخلق بأوله أي تساوى الكل في شمول الموت والفناء لهم . أماد السماء أي حركها ،
ويروى أمار بالراء بمعناه ، كما قال تعالى : " يوم تمور السماء مورا " وأرج الارض
زلزلها ، وكذا قوله : أرجفها ونسفها أي قلعها من اصولها . ودك بعضها بعضا أي صدمه
ودقه حتى تكسره ، إشارة إلى قوله تعالى : " فدكتا دكة واحدة " لا يظعن أي لا يرحل . ولا
تنوبهم أي لا تنزل بهم . والاخطار جمع الخطر وهو ما يشرف به على الهلكة . والكلب
بالتحريك : الشدة . والجلب واللجب : الصوت . والقصيف : الصوت الشديد . لا تفصم
كبولها أي لا تكسر قيودها .


(1)الخلق - بكسراللام - : البالى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه