يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، ترك العمل بهذا العموم في حق النبوة ، وفي حق
الفضل ، لقيام الدلائل على أن محمدا صلى الله عليه واله كان نبيا ، وما كان علي كذلك ولانعقاد
الاجماع على أن محمدا صلى الله عليه واله كان أفضل من علي فيبقى فيما سواه معمولا به ، ثم
الاجماع دل على أن محمدا صلى الله عليه واله كان أفضل من سائر الانبياء(1)، فهذا وجه الاستدلال
بظاهر هذه الآية ، ثم قال ، وتأكد الاستدلال بهذه الآية بالحديث المقبول عند
الموافق والمخالف وهو قوله : عليه السلام : " من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته
وإبراهيم في خلته ، وموسى في قربته ، وعيسى في صفوته فلينظر إلى علي بن أبي
طالب عليه السلام " فالحديث دل على أنه اجتمع فيه ما كان متفرقا فيهم ، وذلك يدل
على أن عليا أفضل من جميع الانبياء سوى محمد صلى الله عليه واله ، وأما سائر الشيعة فقد كانوا
قديما وحديثا يستدلون بهذه الآية على أن عليا صلى الله عليه واله أفضل من سائر الصحابة ، و
ذلك لان الآية لما دلت على أن نفس علي مثل نفس محمد صلى الله عليه واله إلا فيما خصه الدليل
وكان نفس محمد صلى الله عليه واله أفضل من الصحابة فوجب أن يكون نفس علي أفضل من سائر
صحابته . والجواب كما أنه انعقد الاجماع بين المسلمين على أن محمدا صلى الله عليه واله أفضل
من علي عليه السلام فكذلك انعقد الاجماع بينهم قبل ظهور هذا الانسان(2)على أن
النبي أفضل ممن ليس بنبي ، وأجمعوا على أن عليا ما كان نبيا ، فلزم القطع
بأن ظاهر الآية مخصوص(3)في حق محمد صلى الله عليه واله ، فكذلك مخصوص في حق سائر الانبياء
عليهم السلام انتهى(4).
(1)زاد في المصدر : فيلزم ان يكون على افضل من سائر الانبياء .
(2)ما كان القول بافضليته عليه السلام مختصا بالحمصى ولا بعصره ، بل كانت الشيعة منذ صدر .
الاسلام يرى ذلك ، وفي مقدمهم نفس على عليه السلام حيث كان يوعز إلى ذلك في بعض كلامه .
وسبقهم جميعا في ذلك نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله في الحديث المتقدم الذى نص
الرازى نفسه على انه مقبول عند الموافق والمخالف ، وفي غيره ، فكان المصدر الوحيد الذى
يرجع اليه قول الشيعة من عصرهم القادم قول نبيهم الذى لم يكن ينطق عن الهوى .
(3)في المصدر : كما انه مخصوص .(4)مفاتيح الغيب 2 : 471 و 472 .