والامراء فجرة ، والوزراء كذبة ، والامناء خونة ، والاعوان ظلمة ، و
القراء فسقة ، وظهر الجور ، وكثر الطلاق وموت الفجأة ، وحليت المصاحف ،
وزخرفت المساجد ، وطولت المنابر ، ونقضت العهود ، وخربت القلوب ، و
استحلوا المعازف ، وشربت الخمور ، وركبت الذكور ، واشتغل النساء وشار كن
أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا ، وعلت الفروج السروج ، ويشبهن
بالرجال ، فحينئذ عدوا أنفسكم في الموتى ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإن الناس
اثنان بر تقي وآخر شقي ، والدار داران لا ثالث لهما ، والكتاب واحد لا يغادر صغيرة
ولا كبيرة إلا أحصاها ، ألا وإن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وباب كل بلية
ومجمع كل فتنة ، وداعية كل ريبة ، الويل لمن جمع الدنيا وأورثها من لا يحمده ، وقدم
على من لا يعذره ، الدنيا دار المنافقين ، وليست بدار المتقين ، فلتكن حظك من الدنيا
قوام صلبك ، وإمساك نفسك ، وتزود لمعادك .
87 - وقال عليه السلام : يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت ، أم إلي تشوقت ، هيهات
هيهات غري غيري قد بتتك ثلاثة ، لا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير ، وعيشك حقير
وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد ، ووحشة الطريق .
88 - وقال عليه السلام : احذروا الدنيا فإن في حلالها حساب وفي حرامها عقاب
وأولها عناء وآخرها فناء ، من صح فيها هرم ، ومن مرض فيها ندم ، ومن استغنى
فيها فتن ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن أتاها فاتته ، ومن بعد عنها أتته ، ومن نظر
إليها أعمته ، ومن بصر بها بصرته ، إن أقبلت غرت ، وإن أدبرت ضرت .
89 - في وصفه المؤمنين(1)قال عليه السلام ، المؤمنون هم أهل الفضائل
هديهم السكوت ، وهيئتهم الخشوع ، وسمتهم التواضع(2)خاشعين ، غاضين أبصارهم
عما حرم الله عليهم ، رافعين أسماعهم إلى العلم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كما نزلت
في الرخاء ، لولا الاجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة
(1)مطالب السؤول ص 53 .
(2)الهدى - بالفتح - : الطريقة والسيرة . والسمت : هيئه أهل الخير .