بحار الأنوار ج3

شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة
وأبا * متاعا لكم ولانعامكم 25 - 32
الغاشية : أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت *
وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الارض كيف سطحت 17 - 20
1 - ج : عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولو فكروا في عظيم القدرة ، وجسيم النعمة
لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة والابصار مدخولة ،(1)
أفلا ينظرون إلى صغير ما خلق ؟ كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السمع والبصر
وسوى له العظم والبشر ، انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال
بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبت على أرضها ، وضنت على رزقها ،(2)
تنقل الحبة إلى جحرها وتعدها في مستقرها ، تجمع في حرها لبردها وفي ورودها
لصدورها(3)مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنان ولا يحرمها الديان ولو
في الصفا اليابس والحجر الجامس ، لو فكرت في مجاري أكلها ، وفي علوها وسفلها ،
وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها واذنها لقضيت من خلقها
عجبا ولقيت من وصفها تعبا ، فتعالى الذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ،
لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقها قادر ، ولو ضربت في مذاهب فكرك
لتبلغ غاياته ما دلتك الدلالة إلا على أن فاطر النملة هو فاطر النحلة لدقيق تفصيل
كل شئ وغامض اختلاف كل حي ، وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي
والضعيف في خلقه إلا سواء ، كذلك السماء والهواء والريح والماء ، فانظر إلى الشمس
والقمر والنبات والشجر والماء والحجر ، واختلاف هذا الليل والنهار ، وتفجر هذه البحار
وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرق هذه اللغات والالسن المختلفات ، فالويل
لمن أنكر المقدر ، وجحد المدبر ، زعموا أنهم كالنبات مالهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم
صانع ، لم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا ، ولاتحقيق لما وعوا ، وهل يكون بناء من غير بان


(1)وفي نسخة : والبصائر مدخولة .
(2)وفي نسخة من الكتاب والاحتجاج المطبوع : كيف صبت على زرقها .
(3)وفي نسخة : لصدرها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه