بحار الأنوار ج6

فإن قال : فلم جعل القراء‌ة في الركعتين الاوليين والتسبيح في الاخريين ؟ قيل :
للفرق بين ما فرضه الله عزوجل من عنده وما فرضه من عند رسوله .
فإن قال : فلم جعلت الجماعة ؟ قيل : لان لا يكون الاخلاص والتوحيد والاسلام و
العبادة لله إلا ظاهرا مكشوفا مشهودا ، لان في إظهاره حجة على أهل الشرق والغرب لله
عزوجل ، وليكون المنافق المستخف مؤديا لما أقر به يظهر الاسلام(1)والمراقبة ، ولتكون
شهادات الناس بالاسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة ، مع ما فيه من المساعدة على البر
والتقوى والزجر عن كثير من معاصي الله عزوجل .
فإن قال : فلم جعل الجهر في بعض الصلاة ولم يجعل في بعض ؟ قيل : لان الصلوات
التي يجهر فيها إنما هي صلوات تصلى في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ، لان
يمر المار فيعلم أن ههنا جماعة ، فإن أراد أن يصلي صلى ، ولانه إن لم ير جماعة تصلي
سمع وعلم ذلك من جهة السماع ، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما فإنهما بالنهار ،
وفي أوقات مضيئة فهي تدرك من جهة الرؤية ، فلا يحتاج فيها إلى السماع .
فإن قال : فلم جعلت الصلوات في هذه الاوقات ولم تقدم ولم تؤخر ؟ قيل :
لان الاوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الارض فيعرفها الجاهل والعالم أربعة :
غروب الشمس معروف(2)تجب عنده المغرب ، وسقوط الشفق مشهور تجب عنده العشاء
الآخرة ، وطلوع الفجر مشهور معلوم تجب عنده الغداة ، وزوال الشمس مشهور معلوم
تجب عنده الظهر ، ولم يكن للعصر وقت معروف مشهور مثل هذه الاوقات الاربعة
فجعل وقتها عند الفراغ من الصلاة التي قبلها ،(3)وعلة اخرى أن الله عزوجل أحب أن


(1)في المصدرين : بظاهر الاسلام . م
(2)في العلل : مشهور معرفتها . م
(3)الموجود في العلل هكذا : وزوال الشمس وإيفاء الفئ معلوم فوجب عنده الظهر ، ولم
يكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الاوقات الاربعة فجعل وقتها الفراغ من الصلاة التى قبلها
إلى أن يصير الظل من كل شئ أربعة أضعافه انتهى . والظاهر أن الجملة الاخيرة سقطت من قلم
النساخ من المتن ، لما أن المصنف سيشير في شرحه للحديث إليها .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه