بحار الأنوار ج13

عندها أبصرها بعض العيون فجاؤوا إلى بابها ليدخلوا على ام موسى ، فقالت اخته : هذه
الحرس بالباب ، فطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع خوفا عليه ، فلفته في خرقة ووضعته في التنور
- وهو مسجور - بإلهامه تعالى ، فدخلوا فإذا التنور مسجور .
وروي أن ام موسى لم يتغير لها لون ولم يظهر لها لبن ، فقالوا : ما أدخل عليك
القابلة ؟ قالت : هي مصافية لي فدخلت علي زائرة ، فخرجوا من عندها فرجع إليها عقلها
فقالت لاخت موسى : فأين الصبي ؟ قالت : لا أدري ، فسمعت بكاء الصبي من التنور فانطلقت
إليه وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما ، فاحتملته .
وعن ابن عباس قال : انطلقت ام موسى إلى نجار من قوم فرعون فاشترت منه
تابوتا صغيرا ، فقال لها : ما تصنعين به ؟ قالت : ابن لي أخبؤه فيه ،(1)وكرهت أن تكذب
فانطلق النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمرها ، فلما هم بالكلام أمسك الله لسانه وجعل
يشير بيده فلم يدر الامناء ، فلما أعياهم أمره قال كبيرهم : اضربوه ، فضربوه وأخرجوه ،
فوقع في واد يهوى فيه(2)حيران ، فجعل الله عليه أن رد لسانه وبصره إن لا يدل عليه و
يكون معه يحفظه ، فرد الله عليه بصره ولسانه ، فآمن به وصدقه ، فانطلقت ام
موسى وألقته في البحر ، وذلك بعدما أرضعته ثلاثة أشهر ، وكان لفرعون يومئذ بنت
ولم يكن له ولد غيرها ، وكانت من أكرم الناس عليه ، وكان بها برص شديد وقد قالت
أطباء المصر والسحرة : إنها لا تبرء إلا من قبل البحر يوجد منه شبه الانسان فيؤخذ من
ريقه فيلطخ به برصها فتبرء من ذلك ، وذلك في يوم كذا وساعة كذا حين تشرق ، فلما
كان يوم الاثنين غدا فرعون إلى مجلس كان له على شفير النيل ومعه آسية ، فأقبلت بنت
فرعون في جواريها حتى جلست على شاطئ النيل مع جواريها تلاعبهن إذ أقبل النيل
بالتابوت تضربه الامواج ، فأخذوه فدنت آسية فرأت في جوف التابوت نورا لم يره
غيرها ، للذي أراد الله أن يكرمها ،(3)فعالجته ففتحت الباب ، فإذا نوره بين عينيه ، وقد


(1)أى اخفيه فيه .
(2)هوى في الارض : ذهب فيها .
(3)علة لرؤيتها دون غيرها .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه