ثم أقبل علينا فقال : والله مامعنا من الله براءة ، ولا بيننا وبين الله قرابة
ولا لنا على الله حجة ، ولا يتقرب(1)إلى الله إلا بالطاعة ، فمن كان منكم مطيعا
لله تنفعه ولايتنا ، ومن كان منكم عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا ، ويحكم لاتغتروا
ويحكم لاتغتروا(2).
بيان : قال الجوهري : النمرقة وسادة صغيرة ، وكذلك النمرقة بالكسر لغة
حكاها يعقوب ، وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل نمرقة عن أبي عبيد(3)
وفي القاموس النمرق والنمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة فوق
الرحل ، والنمرقة بالكسر من السحاب ماكان بينه فتوق انتهى(4)وكأن التشبيه
بالنمرقة باعتبار أنها محل الاعتماد ، والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الافراد
والتفريط ، أو التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه
يلحق به ويتوجه إليه من على الجانبين .
وقيل : المراد كونوا أهل النمرقة الوسطى ، وقيل : المراد إنه كما كانت
الوسادة التي يتوسد عليها الرحل إذا كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا لاتصلح
للتوسد ، بل لابد لها من حد من الارتفاع والانخفاض حتى يصلح لذلك ، كذلك
أنتم في دينكم وأئمتكم لاتكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم الله عليها
أو جعلهم أهلا لها ، وهي الامامة والوصاية النازلتان عن الالوهية والنبوة كالنصارى
الغالين في المسيح المعتقدين فيه الالوهية أو النبوة للاله ، ولا تكونوا أيضا
مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم ، وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل ، كالمقصرين
من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته ، بل كونوا كالنمرقة الوسطى وهي
المقتصدة للتوسد يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي .
(1)نتقرب خ ل .
(2)الكافي ج 2 ص 75 .
(3)الصحاح ج 4 ص 1561 .
(4)القاموس ج 3 ص 286 .