بحار الأنوار ج56

من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم ، وهي الخالقة لما فيه من الحوادث
والخيراتوالشرور فإنه يكون كافرا على الاطلاق ، وهذا هو النوع الاول
من السحر ، وأما النوع الثاني وهو أن يعتقد أنه قد يبلغ روح الانسان في التصفية
والقوة إلى حيث يقدر بها على إيجاد الاجسام والحياة والقدرة وتغيير البنية
والشكل فالاظهر إجماع الامة أيضا على تكفيره ، أما النوع الثالث وهو أن يعتقد
الساحر أنه قد يبلغ في التصفية وقراء‌ة الرقي وتدخين بعض الادوية إلى حيث
يخلق الله تعالى في عقب أفعاله على سبيل العادة الاجسام والحياة والقدرة(1)و
تغيير البنية والشكل ، فهنا المعتزلة اتفقوا على تكفير من يجوز ذلك ، قالوا :
لانه مع هذا الاعتقاد لا يمكنه أن يعرف صدق الانبياء والرسل ، وهذا ركيك
من القول ، فإن لقائل أن يقول : إن الانسان لوادعى النبوة وكان كاذبا في دعواه فإنه
لا يجوز من الله تعالى إظهار هذه الاشياء على يده لئلا يحصل التلبيس ، أما إذا لم
يدع النبوة وظهرت هذه الاشياء على يده لم يفض ذلك إلى التلبيس ، لان المحق
يتميز عن المبطل ، بما أن المحق تحصل له هذه الاشياء مع ادعاء النبوة ، وأما
سائر الانواع التي عددناه من السحر فلا شك أنه ليس بكفر .
فان قيل : إن اليهود لما أضافوا السحر إلى سليمان ، قال الله تعالى تنزيها
عنه " وما كفر سليمان " وهذا يدل على أن السحر على الاطلاق كفر ، وأيضا قال :
" ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر " وهذا أيضا يقتضي أن يكون السحر
على الاطلاق كفرا . وحكى عن الملكين أنهما لا يعلمان أحدا السحر حتى يقولا إنما
نحن فتنة فلا تكفر ، وهو يدل على أن السحر كفر على الاطلاق .
قلنا : حكاية الحال يكفي في صدقها صورة واحدة فنحملها على سحر من يعتقد
إلهية النجوم .
ثم قال بعد إيراد المسألة الرابعة عشر(2)في حكم قتل الساحر : فهذا هو


(1)في بعض النسخ وكذا في المصدر : والعقل .
(2)في المصدر : المسألة السابعة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه