قال الطرسي رحمه الله :(1)" فمنهم من قضى نحبه " يعني حمزة بن عبد
المطلب ، وجعفر بن أبيطالب ، " ومنهم من ينتظر " يعني علي بن أبيطالب عليه السلام .
وروي في الخصال(2)عن الباقر عليه السلام في حديث طويل قال : قال أمير المؤمنين
عليه السلام : لقد كنت عاهدت الله ورسوله أنا ، وعمي حمزة ، وأخي جعفر ، وابن
عمي عبيدة على أمر وفينا به لله تعالى ولرسوله ، فتقدمني أصحابي ، وتخلفت بعدهم
لما أراد الله تعالى ، فأنزل الله فينا " من المؤمنين رجال " الآية حمزة ، وجعفر ، و
عبيدة ، وأنا والله المنتظر وما بدلت تبديلا .
فاذا عرفت ذلك فاعلم أنه عليه السلام استدل بهذه الآية على أن المؤمنين صنفان
لانه تعالى قال : من المؤمنين رجلا ، فصنف منهم مؤمن صدق بعهد الله ، قيل :
الباء بمعنى " في " أي في عهدالله فقوله : " صدق " كنصر بالتخفيف ففيه إشارة إلى أن في
الآية أيضا الباء مقدرة أي صدقوا بما عاهدوا الله عليه ، ويمكن أن يقرأ صدق بالتشديد
بيانا لحاصل معنى الاية ، أي صدقوا بعهد الله وما وعدهم من الثواب ، وما اشترط في
الثواب من الايمان والعمل الصالح ، والاول أظهر ، والمراد بالعهد اصول الدين
من الاقرار بالتوحيد والنبوة والامامة والمعاد ، والوفاء بالشرط الاتيان بالمأمورات
والانتهاء عن المنهيات ، وقيل أراد بالعهد الميثاق بقوله : " ألست بربكم " وبالشرط
قوله تعالى " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم(3)" .
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بهما مامر في كتاب الامامة عنه عليه السلام حيث
قال : إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ، ولا تعرفون حتى تصدقوا ، ولا تصدقون
حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة ، و
(1)مجمع البيان ج 8 ص 349 ، وفيه : قال ابن عباس . من قضى نحبه حمزة بن
عبدالمطلب ، ومن قتل معه ، وأنس بن نضر وأصحابه ، وروى الحاكم أبوالقاسم الحسكانى
بالاسناد عن عمرو بن ثابت ، عن أبى اسحاق عن على عليه السلام قال : فينا نزلت رجال
صدقوا ما عاهدوا الله ، فأنا والله المنتظر . وما بدلت تبديلا . نعم ما نقله رحمه الله انما يوجد
في تفسير القمى ص 527 . / /(2)الخصال ج 2 : 21 . / /(3)النساء : 31 .