بحار الأنوار ج79

على ماكان مشتملا على الباطل ، أوالمحرم ، لان نياحة الجاهلية كانت كذلك
غالبا ، ثم قال : المراثي المنظومة جائزة عندنا ، وقد سمع الائمة عليهم السلام المراثي
ولم ينكروها .
ثم قال روح الله روحه : لايعذب الميت بالبكاء عليه ، سواء كان بكاء مباحا
أومحرما ، لقوله تعالى(ولا تزر وازرة وزر اخرى)(1)وما في البخاري ومسلم
في خبر عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الميت ليعذب ببكاء أهله ، و
في رواية اخرى : إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله ، ويروى أن حفصة بكت
على عمر فقال : مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الميت يعذب
ببكاء أهله عليه ، مؤول .
قيل : وأحسنه أن أهل الجاهلية كانوا ينوحون ويعدون جرائمه كالقتل وشن
الغارات ، وهم يظنونها خصالا محمودة ، فهو يعذب بما يبكون عليه ، ويشكل أن
الحديث ظاهر في المنع عن البكاء بسبب استلزامه عذاب الميت ، بحيث ينتفي التعذيب
بسبب انتفاء البكاء قضية للعلية ، والتعذيب بجرائمه غير منتف ، بكي عليه أولا .
وقيل : لانهم كانوا يوصون بالندب والنياحة ، وذلك حمل منهم على المعصية
وهو ذنب ، فاذا عمل بوصيتهم زيدوا عذابا ، ورد بأن ذنب الميت الحمل على
الحرام والامر به ، فلا يختلف عذابه بالامتثال وعدمه ، ولو كان للامتثال أثر لبقي
الاشكال بحاله .
وقيل : لانهم إذا ندبوه يقال له : كنت كما يقولون ؟ ورد بأن هذا توبيخ

وتخويف له ، وهو نوع من العذاب ، فليس في هذا سوى بيان نوع التعذيب ، فلم
يعذب بما يفعلون ؟
وعن عائشة : رحم الله ابن عمر ، والله ما كذب ، ولكنه أخطأ أونسي ، إنما مر
رسول الله صلى الله عليه وآله بقبر يهودية وهم يبكون عليها ، فقال : إنهم يبكون وإنها لتعذب
بجرمه ، وفي هذا نسبة الراوي إلى الخطاء وهو علة من العلل المخرجة للحديث


(1)فاطر : 18 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه