والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما (1)فالكتاب هو النبوة ، والحكمة هي السنة
والملك هو الخلافة ، فنحن آل إبراهيم ، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة .
وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة ، فليس كذلك وحجتنا أضوء من الشمس
وأنور من القمر ، كتاب الله معنا ، وسنة نبيه صلى الله عليه واله فينا ، وإنك لتعلم ذلك ، ولكن
ثنى عطفك وصعرك قتلنا أخاك وجدك خالك وعمك ، فلاتبك على أعظم حائلة
وأرواح في النار هالكة ، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك ، وأحلها الكفر ، ووضعها
الدين .
وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا ، وعدولهم عن الاجماع علينا ، فما حرموا
منا أعظم مما حرمنا منهم ، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه ، وزال باطله .
وأما افتخارك بالملك الزائل ، الذي توصلت إليه بالمحال الباطل ، فقد ملك
فرعون من قبلك فأهلكه الله ، وما تملكون يوما بنا بني امية إلا ونملك بعدكم
يومين ، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ، ولا حولا إلا ملكنا حولين .
وأما قولك : إنا لو ملكنا كان ملكنا أهلك للناس من ريح عاد وصاعقة ثمود
فقول الله يكذبك في ذلك قال الله عزوجل : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (2)
فنحن أهل بيته الادنون ، وظاهر العذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان
وسيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح العقيم ، ثم
ينتقم الله بأوليائه ، ويكون العاقبة للمتقين .
بيان : قال الجوهري يقال : ثنى فلان عني عطفه ، إذا اعرض عنك ، وقال
صعر خده ، وصاعر : أي أماله من الكبر .
12 ما : المفيد ، عن علي بن مالك النحوي ، عن أحمد بن علي المعدل
عن عثمان بن سعيد ، عن محمد بن سليمان الاصفهاني ، عن عمر بن قيس المكي ، عن
عكرمة صاحب ابن عباس قال : لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن
أبي وقاص عليه فقال لجلسائه : إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا عن علي بن أبي طالب
(1)النساء : 54 .(2)الانبياء : 107 .