بحار الأنوار ج44

شيئا إلا وقد اوتيته ، غير أنك قد أبيت بشرفك وكرمك إلا أن تفضلني ، وقد
سبق في ذلك قول الاول :
وكل كريم للكرام مفضل * يراه له أهلا وإن كان فاضلا
وأما ما ذكرت من عدوي عليك بصفين ، فوالله لو لم أفعل ذلك لكنت من
ألام العالمين ، أكانت نفسك تحدثك يا معاوية أني أخذل ابن عمي أمير المؤمنين
وسيد المسلمين ، وقد حشد له المهاجرون والانصار ، والمصطفون الاخيار ، لم
يا معاوية ؟ أشك في ديني أم حيرة في سجيتي أم ضن بنفسي .
وأما ما ذكرت من خذلان عثمان ، فقد خذله من كان أمس رحما به مني
ولي في الاقربين والابعدين اسوة ، وإني لم اعد عليه فيمن عدا ، بل كففت عنه
كما كف أهل المروعات والحجى .
وأما ما ذكرت من سعيي على عائشة ، فان الله تبارك وتعالى أمرها أن تقر
في بيتها وتحتجب بسترها ، فلما كشفت جلباب الحياء ، وخالفت نبيها صلى الله عليه واله وسعنا
ما كان منا إليها .
وأما ما ذكرت من نفي زياد ، فاني لم أنفه بل نفاه رسول الله صلى الله عليه واله إذ قال :
الولد للفراش وللعاهر الحجر وإني من بعد هذا لاحب ما سرك في جميع
امورك .
فتكلم عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين والله ما أحبك ساعة قط غير
أنه قد اعطي لسانا ذربا يقلبه كيف شاء وإن مثلك ومثله كما قال الاول ، وذكر
بيت شعر ، فقال ابن عباس : إن عمرا داخل بين العظم واللحم ، والعصا واللحا(1)
وقد تكلم فليستمع ، فقد وافق قرنا .


(1)مثل يضرب لمن يدخل بين المتخالين المتصافيين ، ويسعى بينهما ، فانه لا يأتى
بشئ البتة ، فاللحم ملتصق بالعظم لا يدخل بينهما شئ كما أن اللحا وهو قشر العصا ملتصق
به لا يدخل بينهما شئ ، راجع الصحاح ص 2480 ، مجمع الامثال ج 2 ص 231 :
الرقم 3594 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه