بحار الأنوار ج51

على العادة باطل مصنوع لايلتفت إلى مثله .
الجواب قيل له : أما من أبطل تطاول الاعمار من حيث الاحالة ، وأخرجه
عن باب الامكان ، فقوله ظاهر الفساد لانه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي
لدوامه إذا دام ، وانقطاعه متى انقطع ، لعلم من جواز امتداده ماعلمناه ، والعمر
هو استمرار كون من يجوز أن يكون حيا وغير حي حيا وإن شئت أن تقول :
هو استمرار كون الحي الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيا .
وإنما شرطنا الاستمرار لانه يبعد أن يوصف من كان في حالة واحدة حيا
بأن له عمرا ، بل لابد من أن يراعوا في ذلك ضربا من الامتداد والاستمرار ،
وإن قل .
وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حي أو يكون لكونه حيا
ابتداء ، احترازا من أن يلزم القديم تعالى جلت عظمته ممن لا يوصف بالعمر ، وإن
استمر كونه حيا .
فقد علمنا أن المختص بفعل الحياة هو القديم تعالى وفيما تحتاج إليه الحياة
من البنية ومن المعاني مايختص به جل وعز ، ولا يدخل إلا تحت مقدوره
تعالى ، كالرطوبة وما جرى مجراها ، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج
إليه من البنية ، وهي مما يجوز عليه البقاء وكذلك ماتحتاج إليه فليس ينتفى إلا
بضد يطرأ عليها أو بضد ينفي ماتحتاج إليه والاقوى أنه لا بضد لها في الحقيقة و
ربما ادعى قوم أنه ما تحتاج إليه ، ولو كان للحياة ضد على الحقيقة لم يخل بما
نقصده في هذا الباب .
فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدها أو ضد ماتحتاج إليه ، ولا نقض ناقض
بنية الحي استمر كون الحي حيا ، ولو كانت الحياة أيضا لاتبقى على مذهب
من رأى ذلك ، لكان ما قصدناه صحيحا لانه تعالى قادر على أن يفعلها حالا فحالا
ويوالي بين فعلها وبين فعل ما تحتاج إليه فيستمر كون الحي حيا .
فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلو السن وتناقص بنية الانسان

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه