فيها كما مر في كتاب التوحيد ، وكثرة التفكر والخصومة فيها يقرب الانسان من
كثرة الانتقال من رأي إلى رأي لحيرة العقول فيها ، وعجزها عن إدراكها ، كما
ترى من الحكماء والمتكلمين المتصدين لذلك ، فانهم سلكوا مسالك شتى ، والاكتفاء
بما ورد في الكتاب والسنة ، وترك الخوض فيها أحوط وأولى .
ويحتمل أن يكون المراد الانتقال من الحق إلى الباطل ، ومن الايمان
إلى الكفر ، فان الجدال في الله والخوض في ذاته وكنه صفاته يورثان الشكوك
والشبهة ، قال الله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا
كتاب منير (1)وقال جل شأنه : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض
عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنك إذا مثلهم (2)إلى غير ذلك من الآيات
في ذلك .
و أولئك من أفعال المقاربة بمعنى القرب والدنو ، ومنهم من ذهب هنا
إلى ما يترتب على مطلق الخصومة مع الخلق ، وقال : الانتقال التحول من حال
إلى حال ، كالتحول من الخير إلى الشر ، ومن حسن الافعال إلى قبح الاعمال
المقتضية لفساد النظام ، وزوال الالفة والالتيام ، وقيل : المراد كثرة الحلف بالله
في الدعاوي والخصومات فانه أو شك أن ينتقل مما حلف عليه إلى ضده خوفا من
العقاب ، فيفتضح بذلك ، ولا يخفى ما فيهما .
8 كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن
عمار بن مروان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : لا تمارين حليما ولا سفيها ، فان
الحليم يقليك(3)والسفيه يؤذيك(4).
بيان : الحليم المعنيين المتقدمين اي العاقل والمتثبت المتأني في الامور
والسفيه يحتمل مقابليهما ، والمعنيان متلازمان غالبا ، وكذا مقابلاهما ، والحاصل
(1)(1)الحج : 8 .
(2)الانعام : 68 .
(3)يغلبك خ ل .(4)الكافي ج 2 ص 301 .