بحار الأنوار ج70

فرمس في الماء أي غمس فيه على بناء المجهول فيهما ، لا يقال : سيأتي عدم
المؤاخذة بالخطورات القلبية وقصد المعصية ، وهنا أخذ بها ، لان الظاهر أن
قوله فقال المراد به الكلام النفسي ، لانا نقول : الافعال القلبية(1)التي
لا مؤاخذة بها هي التي تتعلق بارادة المعاصي أو كان محض خطور من غير أن يصير سببا
لشكه في العقايد الايمانية ، أو حدث خلل فيها ، وههنا ليس كذلك ، مع أنه لا يدل
ما سيأتي إلا على أنه لا يعاقب بها ، وهو لا ينافي حط منزلته عن صدر مثل هذه
الغرائب منه .
وقوله عليه السلام : يا قصير ! دل على جواز مخاطبة الانسان ببعض أوصافه المشهورة
لا على وجه الاستهزاء والظاهر أن ذلك كان تأديبا له ، قوله عليه السلام وعاد أي
في نفسه واعتقاده إلى مرتبته أي الاقرار بحط نفسه عن الارتقاء إلى درجة النبوة
وسلم لعيسى عليه السلام فضله ونبوته ، وترك الحسد له .
4 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب
القدر(2).
بيان : قوله : كاد الفقر أن يكون كفرا أقول : هذه الفقرة تحتمل وجوها
الاول ما خطر بالبال أن المراد به الفقر إلى الناس ، وهذا هو الفقر
المذموم فان سؤال الخلق ، وعدم التوجه إلى خالقه ، ومن ضمن رزقه ، في
طلب الرزق وسائر الحوائج نوع من الكفر والشرك ، لعدم الاعتماد على
الله سبحانه وضمانه ، وظنه أن المخلوق العاجز قادر على إنجاح حوائجه وسوق
الرزق إليه ، بدون تقديره وتيسيره وتسبيبه ، فبعضها يقرب من الكفر ، وبعضها
من الشرك .
الثاني أن المراد به الفقر القاطع لعنان الاصطبار ، وقد وقعت الاستعاذة منه .
وأما الفقر الممدوح ، فهو المقرون بالصبر ، قال الغزالي : سبب ذلك أن


(1)ما بين العلامتين أضفناه من شرح الكافي ج 2 ص 288 .
(2)الكافي ج 2 ص 307 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه