المخلوقين بنظري إليهم ، ولا يرفعوا الحوائج إلى الخلق ، بطونهم خفيفة من أكل
الحلال ، نعيمهم في الدنيا ذكري ، ومحبتي ورضاي عنهم
يا أحمد إن أحببت أن تكون أورع الناس فازهد في الدنيا وارغب في الاخرة
فقال : يا إلهي كيف أزهد في الدنيا وأرغب في الاخرة ؟ قال : خذ من الدنيا خفا(1)
من الطعام والشراب واللباس ولا تدخر لغد ، ودم على ذكري . فقال : يارب و
كيف أدوم على ذكرك ؟ فقال : بالخلوة عن الناس ، وبغضك الحلو والحامض ، و
فراغ بطنك وبيتك من الدنيا .
يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الاخضر والاصفر أحبه
وإذا اعطى شئ من الحلو والحامض اغتربه ، فقال : يارب دلني على عمل أتقرب
به إليك ، قال : اجعل ليلك نهارا ، ونهارك ليلا ، قال : يا رب كيف ذلك ؟ قال :
اجعل نومك صلاة ، وطعامك الجوع .
يا أحمد وعزتي وجلالي ما من عبد مؤمن ، ضمن لي بأربع خصال إلا أدخلته
الجنة : يطوي لسانه فلا يفتحه إلابما يعنيه ، ويحفظ قلبه من الوسواس ، يحفظ
علمي ونظري إليه ، وتكون قرة عينه الجوع .
يا أحمد لو(2)ذقت حلاوة الجوع والصمت والخلوة وما ورثوا منها ، قال :
يا رب ما ميراث الجوع ؟ قال : الحكمة ، وحفظ القلب ، والتقرب إلي ، والحزن
الدائم وخفة المؤمنة بين الناس ، وقول الحق ، ولا يبالي عاش بيسر أو بعسر .
يا أحمد هل تدري بأي وقت يتقرب العبد إلى الله ؟ قال : لا يارب ، قال :
إذا كان جايعا أوساجدا .
يا أحمد عجبت من ثلاثة عبيد : عبد دخل في الصلاة وهو يعلم إلى من يرفع
يديه وقدام من هو ، وهو ينعس(3)وعجبت من عبدله قوت يوم من الحشيش أو غيره
وهويهتم لغد ، وعجبت من عبد لا يدري أني راض عنه أم ساخط عليه وهو يضحك .
(1)بكسر الخاء من الخفيف .(2)للتمنى .
(3)النعاس أول النوم وهو الحالة التى يحتاج الانسان فيها إلى النوم .