بحار الأنوار ج13

الذي يطهر الارض من جالوت وجنوده ، وكانت الشيعة يعلمون أنه قد ولد وبلغ أشده
وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنه هو ، فخرج داود عليه السلام وإخوته وأبوهم لما فصل
طالوت بالجنود ، وتخلف عنهم داود ، وقال : ما يصنع بي في هذا الوجه ؟ واستهان به
إخوته وأبوه وأقام في غنم أبيه يرعاها ، فاشتدت الحرب وأصاب الناس جهد فرجع أبوه
وقال لداود : احمل إلى إخوتك طعاما يتقوون به على العدو ، وكان عليه السلام رجلا قصيرا ،
قليل الشعر ، طاهر القلب ، أخلاقه نقية ، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع
كل واحد منهم إلى مركزه ، فمر داود على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع : يا داود
خذني فاقتل بي جالوت ، فإني إنما خلقت لقتله ، فأخذه ووضعه في مخلاته التي كانت
يكون فيها حجارته التي كان يرمي بها غنمه ، فلما دخل العسكر سمعهم يعظمون أمر
جالوت ، فقال لهم : ما تعظمون من أمره ؟ فو الله إن عاينته لاقتلنه ، فتحدثوا بخبره حتى
ادخل على طالوت ، فقال له : يا فتى ما عندك من القوة وما جربت من نفسك ؟ قال : قد
كان الاسد يعدو على الشاة من غنمي فادركه وآخذ برأسه واقلب لحيه عنها(1)فآخذها
من فيه ، وقد كان الله تبارك وتعالى أوحى إلى طالوت أنه لا يقتل جالوت إلا من لبس درعك
فملاها ، فدعا بدرعه فلبسها داود فاستوت عليه ، فراع ذلك طالوت(2)ومن حضره من بني
إسرائيل ، فقال : عسى الله أن يقتل جالوت به ، فلما أصبحوا والتقى الناس قال داود :
أروني جالوت ، فلما رآه أخذ الحجر فرماه به فصك به بين عينيه فدمغه وتنكس عن
دابته ، فقال الناس : قتل داود جالوت ، وملكه الناس(3)حتى لم يكن يسمع لطالوت
ذكر ، واجتمعت عليه بنو إسرائيل وأنزل الله تبارك وتعالى عليه الزبور ، وعلمه صنعة الحديد
فلينه له ، وأمر الجبال والطير أن تسبح معه ، وأعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا ، واعطي
قوة في العبادة ، وأقام في بني إسرائيل نبيا .
ثم إن داود عليه السلام أراد أن يستخلف سليمان عليه السلام لان الله عزوجل أوحى إليه


(1)في المصدر : وأفك لحييه عنها . وهو الاصح . كما يأتى في خبر الحلبى أيضا .
(2)راعه الامر : أفزعه . أعجبه .
(3)أى صيروه ملكا .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه