بحار الأنوار ج5

سدى ، ولا أظهر حكمته لعبا ، بذلك أخبر في قوله : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا " .
فإن قال قائل : فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى اختبرهم ؟ قلنا : بلى قد علم
ما يكون منهم قبل كونه ، وذلك قوله : " ولوردوا لعادوا لما نهوا عنه " وإنما اختبرهم
ليعلمهم عدله ولا يعذبهم إلا بحجة بعد الفعل ، وقد أخبر بقوله : " ولو أنا أهلكناهم
بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا " وقوله : " وما كنا معذبين حتى

نبعث رسولا " وقوله : " رسلا مبشرين ومنذرين " فالاختبار من الله بالاستطاعة التي
ملكها عبده وهو القول بين الجبر والتفويض بهذا نطق القرآن وجرت الاخبار عن
الائمة من آل الرسول .
فإن قالوا : ما الحجة في قول الله : " يهدي من يشاء ويضل من يشاء " وما
أشبهها ؟ قيل : مجاز هذه الآيات كلها على معنيين : أما أحدهما فإخبار عن قدرته أي
أنه قادر على هداية من يشاء وضلال من يشاء ، وإذا أجبرهم بقدرته على أحدهما لم
يجب لهم ثواب ولا عليهم عقاب على نحو ما شرحنا في الكتاب ، والمعنى الآخر أن الهداية
منه تعريفه كقوله : " وأما ثمود فهديناهم " أي عرفناهم " فاستحبوا العمى على الهدى "
فلو جبرهم على الهدى لم يقدروا أن يضلوا ، وليس كلما وردت آية مشتبهة كانت الآية
حجة على محكم الآيات اللواتي أمرنا بالاخذ بها ، من ذلك قوله : " منه آيات محكمات
هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين قي قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة وابتغاء تأويله " الآية ، وقال : " فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه " أي أحكمه وأشرحه " أولئك الذى هديهم الله وأولئك هم أولو الالباب "
وفقنا الله وإياكم من القول والعمل لما يحب ويرضى ، وجنبنا وإياكم معاصيه بمنه
وفضله ، والحمد لله كثيرا كما هو أهله ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين ، وحسبنا الله و
نعم الوكيل . " ص 458 - 475 "
بيان : قوله تعالى : فقد ظلم الله على بناء التفعيل أي نسبه إلى الظلم . قوله عليه السلام :
ومن زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب أي عموما بحيث لا يعاقب أحدا منهم كما
هو مقتضى الجبر ، فلا ينافي سقوط بعضها بالعفو أو الشفاعة . وقوله عليه السلام : ولما لزمت*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه