بحار الأنوار ج21

الفعلة الحسنى من التوسعة على أهل الضعف والعلة من المسلمين ، فأطلع الله نبيه
على خبث سريرتهم فقال : " والله يشهد إنهم لكاذبون " فوجه رسول الله صلى الله عليه واله عند
قدومه من تبوك عاصم بن عوف العجلاني ومالك بن الدخشم ، وكان مالك من بني
عمرو بن عوف فقال : لهما : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحر قاه
وروي أنه بعث عمار بن ياسر ووحشيا فحرقاه ، وأمر بأن يتخذ كناسة تلقى
فيه الجيف ، ثم نهى الله نبيه أن يقوم في هذا المسجد فقال : " لا تقم فيه أبدا " أي
لا تصل . ثم أقسم فقال : " لمسجد " أي والله لمسجد " أسس على التقوى " أي بني
أصله على تقوى الله وطاعته " من أول يوم " أي منذ أول يوم وضع أساسه " أحق
أن تقوم فيه " أي أولى بأن تصلي فيه ، واختلف في هذا المسجد فقيل : هو مسجد
قباء وقيل : مسجد رسول الله صلى الله عليه واله ، وقيل : كل مسجد بني للاسلام وأريد به
وجه الله تعالى " فيه " أي في هذا المسجد " رجال يحبون أن يتطهروا " أي يصلوا
لله متطهرين بأبلغ الطهارة ، وقيل : يحبون أن يتطهروا من الذنوب ، وقيل :
يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط والبول ، وهو المروي عن السيدين الباقر
والصادق عليهما السلام وروي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال لاهل قباء : ماذا تفعلون في طهركم
فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء ؟ قالوا : نغسل أثر الغائط ، فقال : أنزل الله
فيكم " والله يحب المطهرين " أي المتطهرين " أفمن أسس بنيانه " إلى قوله :
" شفا جرف هار " الشفا : جرف الشئ وشفيرة ، وجرف الوادي : جانبه الذي
ينحفر بالماء أصله ، وهار الجرف يهور هورا فهو هائر ، وتهور وانهار ، وهار أصله
هائر ، وهو من المقلوب ، كما يقال : شاكي السلاح ، أي شائك ، وتهور البناء :
تساقط ، فالله تعالى شبه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذه صفته
" فانهار به في نار جهنم " أي يوقعه ذلك البناء في نار جهنم ، وروي عن جابر بن
عبدالله أنه قال : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان " لا يزال بنيانهم
الذي بنوا ريبة في قلوبهم " أي شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم وثباتا على

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه