لعدد الاستغفار لا إلى الرين(1) ، وقوله : " حسنات الابرار سيئات المقربين " .
ونزيده إيضاحا من لفظه ليكون أبلغ من التأويل ويظهر من قوله عليه السلام : أعقمتني
والعقيم : الذي لا يولد له ، والذي يولد من السفاح لا يكون ولدا ، فقد بان بهذا أنه
كان يعد اشتغاله في وقت ما بما هو ضرورة للابدان معصية ويستغفر الله منها . وعلى هذا
فقس البواقي وكل ما يرد عليك من أمثالها ، وهذا معنى شريف يكشف بمدلوله حجاب
الشبه ، ويهدي به الله من حسر عن بصره وبصيرته رين العمى والعمه .(2)
وليت السيد رحمه الله كان حيا لاهدي هذه العقيلة إليه ، وأجلو عرائسها عليه
فما أظن . أن هذا المعنى اتضح من لفظ الدعاء لغيري ، ولا أن أحدا سار في إيضاح
مشكله وفتح مقفله مثل سيري ، وقد ينتج الخاطر العقيم فيأتي بالعجائب ، وقديما ما
قيل : مع الخواطئ سهم صائب(3) .
بيان : عقم في بعض ما عندنا من كتب اللغة جاء لازما ومتعديا قال الفيروز
آبادي : عقم كفرح ونصر وكرم وعني . وعقمها الله يعقمها وأعقمها انتهى وما ذكره
رحمه الله وجه حسن في تأويل ما نسبوا إلى أنفسهم المقدسة من الذنب والخطاء والعصيان
وسيأتي تمام القول في ذلك .
17 - ختص : باسناده عن أبي الحسين الاسدي عن صالح بن أبي حماد رفعه
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا
وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه
= السنة ميسرا غير معسر لم يكن له بد من النزول إلى الرخص والالتفات إلى حظوظ النفس مع
ما كان ممتنعا به من احكام البشرية فكانه اذا تعاطى شيئا من ذلك اسرعت كدورة ما إلى القلب
لكمال رقته وفرط نورانيته فان الشئ كلما كان اصفى كانت الكدورة عليه ابين واهدى ،
وكان صلى الله عليه وآله اذا احس بشئ من ذلك عده على النفس ذنبا فاستغفر منه .
(1) في نسخة من المصدر : لا إلى الغين .
(2) حسر : كشف . الرين : الدنس . والعمه : التحير والتردد .
(3) كشف الغمه : 254 و 255 . *