عفان ، آوى إليه عمه الحكم بن العاص ، وولده مروان ، والحارث بن الحكم ، و
وجه عماله في الامصار ، وكان فيمن وجه عمر بن سفيان بن المغيرة بن أبى العاص
ابن امية إلى مشكان ، والحارث بن الحكم إلى المداين ، فأقام فيها مدة يتعسف
أهلها ويسئ معاملتهم ، فوفد منهم إلى عثمان وفد شكوا إليه ، وأعلموه بسوء ما
يعاملهم به ، وأغلظوا عليه في القول ، فولى حذيفة بن اليمان عليهم وذلك في آخر
أيامه ، فلم ينصرف حذيفة بن اليمان من المدائن إلى أن قتل عثمان ، واستخلف
علي بن أبي طالب عليه السلام فأقام حذيفة عليها وكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم من
عبدالله على أمير المؤمنين عليه السلام إلى حذيفة بن اليمان ، سلام عليك فاني وليتك ما
كنت تليه لمن كان قبل من حرف المداين ، وقد جعلت إليك أعمال الخراج والرستاق
وجباية أهل الذمة ، فاجمع إليك ثقاتك ومن أحببت ممن ترضى دينه وأمانته ، و
= مولانا على بما هذا لفظه ، فقال له : أيها الفتى انه أخذو الله بأسماعنا وأبصارنا ، و
كرهنا الموت وزينت عندنا الحياة الدنيا وسبق علم الله بامرة الظالمين ونحن نسأل
الله التغمد لذنوبنا والعصمة فيما بقى من آجالنا فانه مالك ذلك وسيأتى نصه في ص 94
بلفظه .
وهكذا رواه السيد بن طاوس في كتاب الاقبال 454 - 459 ، نقلا عن كتاب النشر
والطى بتقديم وتأخير في سرد القصص .
وكيف كان ، فالغرض من نقل هذا الحديث بطوله الاشارة إلى تلك الصحيفة
الملعونة التى كتبوها وتعاقدوا بها فيما بينهم ان أمات الله محمدا - أو قتل - لا نرد
هذا الامر إلى أهل بيته وأما ساير الواقعات التى تقدمها أو تأخرها ، فانما نقلها المؤلف
العلامة ليتبين أنه كيف تآمروا بذلك وكيف عملوا على منهاج صحيفتهم ، ولذلك أضربنا
عن تخريج هذه الواقعات المشهورة كحجة الوداع وحديث الثقلين وغدير خم وأمثالها
مما ذكر في الحديث تبعا وسردا ، فانها مما تبين في محالها من هذا الكتاب الجامع
بحار الانوار بما لا مزيد عليه ، وبعضها الاخر كتخلفهم عن جيش أسامة وصلاة أبى بكر
بالناس ووقعة الجمل ، سيأتى أبحاثها في محالها انشاء الله تعالى(*).