قال : فلما دنا أجل آدم أوحى الله إليه أن يا آدم إني متوفيك ورافع روحك
إلي يوم كذا وكذا ، فأوص إلى خير ولدك وهو هبتي الذي وهبته لك ، فأوص
إليه ، وسلم إليه ما علمناك من الاسماء والاسم الاعظم ، فاجعل ذلك في تابوت ، فاني
احب أن لا يخلو أرضي(1)من عالم يعلم علمي ، ويقضي بحكمي ، أجعله حجتي
على خلقي .
قال : فجمع آدم إليه جميع ولده من الرجال والنساء ، فقال لهم : ياو لدي
إن الله أوحى إلي انه رافع إليه روحي ، وأمرني أن اوصي إلى خير ولدي ، وإنه
هبة الله ، وأن الله اختاره لي ولكم من بعدي ، اسمعوا له وأطيعوا أمره ، فانه
وصيي وخليفتي عليكم ، فقالوا جميعا : نسمع له ونطيع أمره ولا نخالفه ، قال :
فأمر بالتابوت(2)فعمل ثم جعل فيه علمه والاسماء والوصية ، وثم دفعه إلى هبة
الله ، وتقدم إليه في ذلك ، وقال له : انظر يا هبة الله إذا أنا مت فاغسلني وكفني
وصلى علي ، وأدخلني في حفرتي ، فإذا مضى بعد وفاتي أربعون يوما فاخرج
عظامي كلها من حفرتي فاجمعها جميعا ثم اجعلها في التابوت واحتفظ به ولا تأمنن
عليه أحدا غيرك ، فإذا حضرت وفاتك وأحسست(3)بذلك من نفسك فالتمس خير
ولدك ، وألزمهم لك صحبة ، وأفضلهم عندك قبل ذلك فأوص إليه بمثل ما أوصيت
به إليك ، ولا تدعن الارض بغير عالم منا أهل البيت .
يا بني إن الله تباك وتعالى أهبطني إلى الارض وجعلني خليفته فيها حجة
له على خلقه ، فقد أوصيت إليك بأمر الله ، وجعلتك حجة الله على خلقه في أرضه
بعدي فلا تخرج من الدنيا حتى تدع لله حجة ووصيا وتسلم إليه التابوت وما
فيه كما سلمته إليك ، وأعلمه أنه سيكون من ذريتي رجل اسمه نوح يكون في
نبوته الطوفان والغرق ، فمن ركب في فلكه نجا ، ومن تخلف عن فلكه غرق ، و
(1)في نسخة : فانى لا احب أن يخلو ارضى .
(2)التابوت : الصندوق .
(3)في نسخة : وخشيت .(*)