سبحانه به ولا يقدر عليه سواه " فبهت الذي كفر " أي تحير عند الانقطاع بما بان له من
ظهور الحجة .
فإن قيل : فهلا قال له نمرود : فليأت بها ربك من المغرب ؟ قيل : عن ذلك جوابان :
أحدهما : أنه لما علم بما رأى من الآيات أنه لواقترح ذلك لاتى به الله تصديقا لابراهيم
فكان يزداد بذلك فضيحة عدل عن ذلك . والثاني : أن الله خذله ولطف لابراهيم عليه السلام
حتى أنه لم يأت بشبهة ولم يلبس " والله لا يهدي القوم الظالمين " بالمعونة على بلوغ البغية
من الفساد أو إلى المحاجة ، أو إلى الجنة ، أو لا يهديهم بألطافه وتأييده إذا علم أنه لا
لطف لهم .
وفي تفسير ابن عباس أن الله سلط على نمرود بعوضة فعضت شفته فأهوى إليها
ليأخذها بيده فطارت في منخره ، فذهب ليستخرجها فطارت في دماغه فعذبه به الله بها أربعين
ليلة ثم أهلكه .(1)
" وكذلك نري إبراهيم " أي مثل ما وصفناه من قصة إبراهيم وقوله لابيه ما قال
" نري ملكوت السموات والارض " أي القدرة التي تقوى بها دلالته على توحيد الله ; وقيل :
معناه : ما أريناك يا محمد أريناه آثار قدرتنا فيما خلقنا من العلويات والسفليات ليستدل بها ;
وقيل : ملكوت السماوات والارض : ملكهما بالنبطية ; وقيل : اطلق الملكوت على المملوك
الذي هو في السماوات والارض . قال أبوجعفر عليه السلام : كشط الله له عن الارضين حتى رآهن وما
تحتهن ، وعن السماوات حتى رآهن وما فيهن من الملائكة وحملة العرش " وليكون من الموقنين "
أي المتيقنين بأن الله سبحانه هو خالق ذلك والمالك له .(2)
" فلما جن عليه الليل " أي أظلم وستر بظلامه كل ضياء " رأى كوكبا " قيل :
هو الزهرة ; وقيل : هو المشتري " فلما أفل " أي غرب " بازغا " أي طالعا " إني وجهت وجهي "
أى نفسي " حنيفا " أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الاخلاص .(3)
وذكر أهل التفسير والتاريخ أن إبراهيم عليه السلام ولد في زمن نمرود بن كنعان ، وزعم
(1)مجمع البيان 1 : 366 - 268 . م
(2)مجمع البيان 4 : 322 . م
(3)" " " : 323 - 324 . م(*)