الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها ، فإن خرج منها بعمل صالح قدمه أو برحمة
تداركه نجا منها إلى عقبة اخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل
عقبة فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا
حياة لا موت فيها أبدا ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبدا ، وسكن في جوار الله مع أنبيائه
وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ، وإن حبس على عقبة فطولب بحق
قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه ولا أدركته من الله عزوجل رحمة زلت به قدمه
عن العقبة فهوى في جهنم - نعوذ بالله منها - وهذه العقبات كلها على الصراط ، اسم عقبة
منها الولاية ، يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والائمة من
بعده عليهم السلام ، فمن أتى بها نجا وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى ، وذلك قول الله عزوجل :
" وقفوهم أنهم مسئولون " وأهم عقبة منها المرصاد وهو قول الله عزوجل : " إن ربك
لبالمرصاد " ويقول عزوجل : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ، واسم عقبة منها
الرحم ، واسم عقبة منها الامانة ، واسم عقبة منها الصلاة ، وباسم كل فرض أو أمر
أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل .
أقول : قال الشيخ المفيد رحمه الله في شرحه : العقبات عبارة عن الاعمال الواجبة
والمسألة عنها والمواقفة عليها ، وليس المراد به جبال في الارض تقطع ، وإنما هي الاعمال
شبهت بالعقبات ، وجعل الوصف لما يلحق الانسان في تخلصه من تقصيره في طاعة الله
تعالى ، كالعقبة التي تجهده صعودها وقطعها قال الله تعالى : " فلا اقتحم العقبة وما أدريك
ما العقبة فك رقبة " فسمى سبحانه الاعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات
والجبال ، لما يلحق الانسان في أدائها من المشاق ، كما يلحقه في صعود العقبات وقطعها ،
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إن أمامكم عقبة كؤودا ، ومنازل مهولة لا بد من
الممر بها ، والوقوف عليها ، فإما برحمة الله نجوتم ، وإما بهلكة ليس بعدها انجبار .
أراد عليه السلام بالعقبة تخلص الانسان من العقبات التي عليه ، وليس كما ظنه الحشوية
من أن في الآخرة جبالا وعقبات يحتاج الانسان إلى قطعها ماشيا وراكبا ، وذلك لا
معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء ، ولا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة والزكاة