بحار الأنوار ج61

أن المكلفين إما الجن أو الانس أو الملائكة فيمتنع فيها أن تبلغ في العقل إلى درجة
التكليف ، بل يكون حاله(1)كحال الطفل في أن يؤمر وينهى وإن لم يكن مكلفا فصار ذلك معجزة من حيث جعلها في الفهم بمنزلة المرافق(2).
وقال الطبرسي رحمه الله : تسخير الطير له تسبيح يدل على أن مسخرها قادر
لا يجوز عليه مايجوز على العباد ، عن الجبائي وعلي بن عيسى ، وقيل : إن الطير
كانت تسبح معه بالغداة والعشي معجزة له عن وهب ، " وكنا فاعلين " أي قادرين
على فعل هذه الاشياء ، ففعلنا ها دلالة على نبوته(3).
قوله سبحانه : " ألم تر " قال الرازي : أي ألم تعلم ، وظاهره الاستفهام والمراد به
التقرير والبيان .
واعلم : أنه إماأن يكون المراد من التسبيح دلالته بهذه الاشياء(4)على كونه تعالى منزها عن النقائص موصوفا بنعوت الجلال(5)، وإما أن يكون المراد منه في
حق البعض الدلالة على التنزيه ، وفي حق الباقين النطق باللسان ، والاول : أقرب
وأما القسم الثالث : فهو أن يقال : استعمل اللفظ الواحد في الحقيقة والمجاز معا وهو
غير جائز فلم يبق إلا الاول .
فان قيل : فالتسبيح بها المعنى حاصل لجميع المخلوقات فما وجه تخصيصه هنا
بالعقلآء ؟
قلنا : لان خلقة العقلاء أشد دلالة على وجود الصانع سبحانه ، لان العجائب
فيها أكثر(6).


(1)في المصدر : بل تكون على حالة .
(2)تفسير الرازى 22 : 200 .
(3)مجمع البيان 7 : 58 .
(4)في المصدر : دلالة هذه الاشياء .
(5)زاد في المصدر : واما ان يكون المراد منه أنها تنطق بالتسبيح وتتكلم به .
(6)في المصدر : لان العجائب والغرائب في خلقهم أكثروهى العقل والنطق والفهم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه