بحار الأنوار ج49

أهل الحديث ، وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين
رجلا ثم مضيت بهم فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ، ففعلوا
فأعلمته فأمرني بادخالهم ففعلت فدخلوا وسلموا فحدثهم ساعة ، وآنسهم .
ثم قال إني اريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة
فمن كان حاقنا أوله حاجة فليقم إلى قضاء حاجته ، وانبسطوا وسلوا أخفافكم
وضعوا أرديتكم ، ففعلوا ما إمروا به ، فقال : يإ أيها اليوم إنما استحضرتكم لاحتج
بكم عند الله عزوجل فاتقوا الله وانظروا لانفسكم وإمامكم ولا تمنعكم جلالتي
ومكاني من قول الحق حيث كان ، ورد الباطل على من أتى به ، وأشفقوا على أنفسكم
من النار ، وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه ، وإيثار طاعته ، فما أحد تقرب إلى
مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه الله عليه فناظروني بجميع عقولكم .
إني رجل أزعم أن عليا خير البشر بعد النبي صلى الله عليه وآله فان كنت مصيبا فصوبوا
قولي ، وإن كنت مخطئا فردوا علي ، وهلموا ، فان شئتم سألتكم ، وإن شئتم
سألتموني ، فقال له الذين يقولون بالحديث : بل نسألك فقال : هاتوا وقلدوا كلامكم
رجلا منكم ، فاذا تكلم فان كان عند أحدكم زيادة فليزد ، وإن أتى بخلل
فسددوه .
فقال قائل منهم : أما نحن فنزعم أن خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله أبوبكر من
قبل أن الرواية المجمع عليها جاء‌ت عن الرسول صلى الله عليه وآله قال : اقتدوا بالذين من
بعدي أبي بكر وعمر ، فلما أمرني الرجمة بالاقتداء بهما ، علمنا أنه لم يأمر
بالاقتداء إلا بخير الناس .
فقال المأمون : الروايات كثيرة ولا بد من أن يكون كلها حقا أو كلها باطلا
أو بعضها حقا وبعضها باطلا ، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا ، من قبل أن
بعضها ينقض بعضا ولو كانت كلها باطلا في بطلانها بطلان الدين ، ودروس
الشريعة ، فلما بطل الوجهان ، ثبت الثالث بالاضطرار ، وهو أن بعضها حق وبعضها

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه