كونه أفضل فلان حب الله تعالى ليس إلا كثرة الثواب والتوفيق والهداية المترتبة على
كثرة الطاعة والاتصاف بالصفات الحسنة كما برهن في محله أنه تعالى منزه عن الانفعالات
والتغيرات ، وإنما اتصافه بالحب والبغض وأمثالهما باعتبار الغايات ، وقد مر تحقيق
ذلك في كتاب التوحيد ، وأنه ليس إثابته ، تعالى وإكرامه بدون فضيلة وخصلة كريمة
وأعمال حسنة توجب ذلك ، لحكم العقل بقبح تفضيل الناقص على الكامل والعاصي على
المطيع والجاهل على العالم والفائق في الكمالات على القاصر فيها ، وقد قال تعالى :(قل
إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله(1))فظهر أن حبه تعالى إنما يترتب على
متابعة الرسول صلى الله عليه وآله فثبت أنه صلوات الله عليه أفضل من جميع الخلق ، وإنما خص
الرسول بالاجماع وبقرينة أنه كان هو القائل لذلك ، فالظاهر أن مراده : أحب سائر
الخلق إليه تعالى .
وأما كونه أحق بالخلافة فلان من كان أفضل من جميع الصحابة بل من سائر
الانبياء والاوصياء لا يجوز العقل تقدم غيره عليه ، لا سيما تقدم من لا يثبت له فضيلة
واحدة إلا بروايات المعاندين التي تظهر عليها أما رات الوضع والافتراء واختيار رضى
سلاطين الجور على طاعة رب الارض والسماء .
وقد نوقش في دلالة الخبر على أفضليته صلوات الله عليه بوجهين : الاول أنه
يحتمل أن يكون أراد صلى الله عليه وآله أحب خلق الله إليه في أكل هذا الطير لا أحب الخلق إليه
مطلقا ! والجواب عنه وإن كان لوهنه وركاكته لا يحتاج إلى الجواب وقائله لا يستحق
الخطاب هو أن قوله صلى الله عليه وآله :(يأكل)جواب للامر ، ولا يفهم أحد له أدنى انس بكلام
العرب منه سوى هذا المعنى ، فلو خصص الحب بذلك(2)لكان تخصيصا من غير قرينة
تدل عليه ، وبرهان يدعو إليه ، ولو جعل(يأكل)قيدا للحب فمع بعده محتاج إلى تقدير
(في أن يأكل)وهو خلاف الاصل لا يصار إليه إلا بدليل ، على أن في بعض الروايات
ليس(يأكل)اصلا ، وفي بعضها(حتى يأكل)وهما لا يحتملان ذلك .
(1)سورة آل عمران : 31 .
(2)أى بأكل الطائر .