بحار الأنوار ج60

شئ في قولهم إلا بصره ، وهو معنى خارج عن ذلك . قال : والحق أن الله يخلق عند
بصر العاين إليه وإعجابه(به)إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة ، وقد يصرفه قبل وقوعه
بالاستعاذة أو بغيرها ، وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية أو بالاغتسال أو بغير ذلك انتهى
كلامه .
وفيه :(بعض)ما يتعقب ، فإن الذي مثل بالافعى لم يرد أنها تلامس
المصاب حتى يتصل به من سمها ، وإنما أراد أن جنسا من الافاعي اشتهر أنها إذا
وقع بصرها على الانسان هلك ، فكذلك العاين . وليس مراد الخطابي بالتأثير المعنى
الذي تذهب إليه الفلاسفة ، بل ما أجرى الله به العادة من حصول الضرر للمعيون . وقد
أخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال : أكثر من يموت بعد قضاء الله وقدره
بالنفس . قال الراوي : يعني بالعين . وقد أجرى الله العادة بوجود كثير من القوى
والخواص في الاجسام والارواح ، كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل ،
فترى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك ، وكذا الاصفرار عند روية من يخافه ،
وكثير من الناس يسقم بمجرد النظر إليه ويضعف قواه ، وكل ذلك بواسطة ما خلق
الله تعالى في الارواح من التأثيرات ، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين ،
وليست هي المؤثرة ، وإنما التأثير للروح . والارواح مختلفة في طبائعها وقواها
وكيفياتها وخواصها ، فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية من غير اتصال به ،
لشدة خبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة .
والحاصل أن التأثير بأرادة الله تعالى وخلقه ليس مقصورا على الاتصال
الجسماني ، بل يكون تارة به ، وتارة بالمقابلة ، واخرى بمجرد الرؤية ، واخرى
بتوجه الروح كالذي يحدث من الادعية والرقى والالتجاء إلى الله تعالى ، وتارة يقع
ذلك بالتوهم والتخيل . والذي يخرج من عين العاين سهم معنوي إن صادف بدنا
لاوقاية له أثر فيه ، وإلا لم ينفذ السهم بل ربما رد على صاحبه كالسهم الحسي سواء .
وقال في بيان السحر : قال الراغب وغيره : السحر يطلق على معان : أحدها

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه