المؤمنون قد أشركوا من حيث لا يعلمون(1).
وفي قوله : " أومن كان ميتا " قيل : إنها نزلت في حمزة بن عبدالمطلب وأبي جهل
وذلك أن أباجهل آذى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فاخبر بذلك حمزة وهو على دين قومه ، فغضب و
جاء ومعه قوس فضرب بها رأس أبي جهل وآمن ، عن ابن عباس ، وقيل : نزلت في عماربن
ياسر حين آمن وأبي جهل ، عن عكرمة ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ، وقيل : إنها
عامة في كل مؤمن وكافر(2).
قوله تعالى : " إني رسول الله إليكم " قال البيضاوي : الخطاب عام ، وكان رسول الله
مبعوثا إلى كافة الثقلين وسائر الرسل إلى أقوامهم " جميعا " حال من إليكم " الذي له ملك
السماوات والارض " صفة لله ، أو مدح منصوب ، أومرفوع ، أو مبتدأ خبره " لا إله إلا هو " و
على الوجوه الاول بيان لما قبله " يحيي ويميت " مزيد تقرير لاختصاصه بالالوهية(3).
قوله تعالى : " وإذ قالوا اللهم " قال الطبرسي رحمه الله : القائل لذلك النضر بن الحارث
وروي في الصحيحين أنه من قول أبي جهل ، " وما كان الله ليعذبهم " أي أهل مكة بعذاب
الاستيصال " وأنت فيهم " أي وأنت مقيم بن أظهرهم ، قال ابن عباس إن الله لم يعذب قومه
حتى أخرجوه منها " وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون " أي وفيهم بقية المؤمنين بعد
خروجك من مكة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لما خرج من مكة بقيت فيها بقية من المؤمنين
لم يهاجروا لعذر وكانوا على عزم الهجرة ، فرفع الله العذاب عن مشركي مكة لحرمة
استغفارهم ، فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة ، وقيل : معناه وما يعذبهم الله بعذاب الاستيصال
في الدنيا وهم يقولون : غفرانك ربنا ، وإنما يعذبهم على شركهم في الآخرة ، وفي تفسير
علي بن إبراهيم لما قال النبي صلى الله عليه وآله لقريش : إني أقتل جميع ملوك الدنيا ، وأجر الملك
إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكون بها العرب ، ويدين لكم العجم ، فقال أبو
جهل : " اللهم إن كان هذا هو الحق ، الآية حسدا لرسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : غفرانك
اللهم ربنا ، فأنزل الله " وما كان الله ليعذبهم " الآية ، ولما هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله و
(1)مجمع البيان 4 : 347 .
(2)مجمع البيان 4 : 359 .
(3)أنوار التنزيل 1 : 450 و 451 .(*)