يتضرعون * فلولا إذ جائهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان
ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا
فرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فاذاهم مبلسون(1).
تفسير : " أم حسبتم " قال في المجمع :(2)أي أظننتم وخلتم أيها المؤمنون
" أن تدخلوا الجنة " ولما تمتحنوا وتبتلوا بمثل ما امتحن الذين مضوا من قبلكم به
فتصبروا كما صبروا ، وهذا استدعاء إلى الصبر ، وبعده الوعد بالنصر .
ثم ذكر سبحانه ما أصاب اولئك فقال : " مستهم البأساء والضراء " والمس
واللمس واحد ، البأساء نقيض النعماء ، والضراء نقيض السراء ، وقيل : البأساء :
القتل ، والضراء : الفقر ، " وزلزلوا " أي حركوا بأنواع البلايا ، وقيل : معناه
هنا ازعجوا بالمخافة من العدو ، وذلك لفرط الحيرة .
" متى نصر الله " قيل : هذا استعجال للموعود كما يفعله الممتحن ، وإنما قال
الرسول استبطاء للنصر ، وقيل : إن معناه الدعاء لله بالنصر ولا يجوز أن يكون
على جهة الاستبطاء لنصر الله ، لان الرسول يعلم أن الله لا يؤخره عن الوقت
الذي توجبه الحكمة ، ثم أخبر الله أنه ناصر لاوليائه ، فقال : " ألا إن نصر الله
قريب " .
وقيل : إن هذا من كلامهم فانهم قالوا عند الاياس : منى نصر الله ، ثم
تفكروا وعملوا أن الله منجز وعده ، فقالوا : ألا إن نصر الله قريب ، وقيل : إنه
ذكر كلام الرسول والمؤمنين جملة وتفصيله : وقال المؤمنون متى نصر الله ، وقال
الرسول : ألا إن نصر الله قريب انتهى .
وأقول : روى في الخرائج عن زين العابدين ، عن آبائه عليهم السلام قال : فما
تمدون أعينكم ؟ لقد كان من قبلكم ممن هو على ما أنتم عليه ، يؤخذ فتقطع يده
ورجله ويصلب ثم تلا : " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة " الآية .
(1)الانعام : 44 - 46 .
(2)مجمع البيان ج 2 ص 308 ، وفيه : معناه : بل أظننم وخلتم الخ .