بحار الأنوار ج94

لله بالنهار أكبادكم ، ولجوعتم له بطونكم ، ولاسهرتم له ليلكم ، ولانصبتم فيه
أقدامكم وأبدانكم ، ولانفدتم بالصدقة أموالكم ، وعرضتم للتلف في الجهاد أرواحكم .
قالوا : وما هو يا رسول الله صلى الله عليه وآله فداك الاباء والامهات والبنون والبنات
والاهلون والقرابات ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت
تلك الاغصان من شجرة طوبى عادت إلى الجنة ، فنادى منادي ربنا خزانها : يا
ملائكتي ! انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان طوبى في هذا اليوم ، فانظروا
إلى مقدار منتهى ظل ذلك الغصن فأعطوه من جميع الجوانب مثل مساحته فصورا
ودورا وخيرات . فأعطوه ذلك ، فمنهم من اعطى مسيرة ألف سنة من كل جانب ، و
منهم من اعطي ثلاثة أضعافه ، وأربعة أضافه ، وأكثر من ذلك على قدر قوة
إيمانهم ، وجلالة أعمالهم ، ولقد رأيت صاحبكم زيد بن حارثة اعطي ألف ضعف ما
اعطي جميعهم ، على قدر فضله عليهم في قوة الايمان وجلالة الاعمال ، فلذلك
ضحكت واستبشرت .
ولقد رأيت تلك الاغصان من شجرة الزقوم عادت إلى جهنم فنادى منادي
ربنا خزانها : يا ملائكتي انظروا من تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقومفي هذا
اليوم فانظروا إلى منتهى مبلغ ظل ذلك الغصن وظلمته ، فابنوا له مقاعد من النار من
جميع الجوانب مثل مساحته قصور نيران وبقاع غيران(1)وحيات وعقارب وسلاسل
وأغلال ، وقيود وأنكال يعذب بها ، فمنهم من أعد فيها مسيرة سنة ، أو سنتين أو مائة
سنة أو أكثر على قدر ضعف إيمانهم وسوء أعمالهم ، ولقد رأيت لبعض المنافقين ألف
ضعف ما اعطي جميعهم على قدر زيادة كفره وشره ، فلذلك قطبت وعبست .
ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أقطار الارض وأكنافها فجعل يتعجب تارة ، وينزعج
تارة ثم أقبل على أصحابه فقال : طوبى للمطيعين كيف يكرمهم الله بملائكته ، والويل
للفاسقين كيف يخذلهم الله ، ويكلهم إلى شيطانهم ، والذي بعثني بالحق نبيا إني


(1)الغيران جمع غار : وهو كل مطمئن من الارض وقبل : الجحر يأوى اليه
الوحشى ، ومنه الكهف .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه