ويقال : إن للعقعق مخابى إلا أنه ينساها ، والنمل شديد الشم ، ومن أسباب هلاكه
نبات أجنحته فاذا صار النمل كذلك أخصبت العصافير لانها تصيدها في حال طيرانها
وقد أشار إلى ذلك أبوالعتاهية بقوله :
وإذا استوت للنمل أجنحة * حتى تطير فقد دنا عطبه
وكان الرشيد يتمثل بذلك كثيرا عند نكبة البرامكة .
وهو يحفر قرية بقوائمه وهي ست فاذا حفرها جعل فيها تعاويج لئلا يجرى
إليها ماء المطر ، وربما اتخذ قرية فوق قرية بسبب ذلك ، وإنما يفعل ذلك خوفا
على مايد خره من البلبل .
قال البيهقي في الشعب : وكان عدي بن حاتم الطائي يفت الخبز للنمل ويقول
إنهن جارات ولهن علينا حق الجوار .
وسيأتي في الوحوش عن الفتح بن خرشف الزاهد أنه كان يفت الخبز لهن في
كل يوم فاذا كان يوم عاشورا لم تأكله .
وليس في الحيوان ما يحمل ضعف بدنه مرارا غيره ، على أنه لا يرضى بأضعاف
الاضعاف حتى أنه تتكلف حمل(1)نوى التمر وهو لا ينتفع به ، وإنما يحمله على
حمله الحرص والشره وهو يجمع غذاء سنين لوعاش ولا يكون عمره أكثر من سنة ، و
من عجايبه اتخاذ القرية تحت الارض وفيها منازل ودهاليز وغرف وطبقات معلقات
يملاها حبوبا وذخائر للشتاء .
ومنها ما يسمي الفارسي(2)وهو من النمل بمنزلة الزنابير من النحل ، ومنها
ما يسمي نمل الاسد ، سمي بذلك لان مقدمه يشبه وجه الاسد ومؤخره يشبه
النمل ، وروى البخاري ومسلم وأبوداود والنسائى وابن ماجة عن أبى هريرة عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : نزل نبي من الانبياء عليهم السلام تحت شجرة فلذعته نملة فأمر
(1)في المصدر : لحمل نوى .
(2)في المصدر : الذر الفارسى .