بحار الأنوار ج5

به ؟ فقال : الله أكرم من أن يستغلق عبده . وفي نسخة أبي الحسن الاول عليه السلام :
يستقلق عبده .
توضيح : قوله : من أن يستغلق عبده أي يكلفه ويجبره فيما لم يكن له فيه
اختيار ، قال الفيروز آبادي : استغلقني في بيعته : لم يجعل لي خيارا في رده . قوله : و
في نسخة أبي الحسن الاول يستقلق لعله كان الحديث في بعض الاصول مرويا عن أبي
الحسن عليه السلام ، وفيه كان " يستقلق " بالقاف ، من القلق بمعنى الانزعاج والاضطراب ، و
يرجع إلى الاول بتكلف .
تذنيب : قال السيد المرتضى رضي الله عنه : إن سأل سائل عن قوله تعالى :
" ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون "(1)كيف نفى استطاعتهم للسمع و
الابصار ، وأكثرهم كان يسمع باذنه ويرى بعينه ؟ قلنا : فيه وجوه :
أحدها أن يكون المعنى : يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا
يسمعون ، وبما كانوا يستطيعون الابصار فلا يبصرون عنادا للحق ، فاسقطت الباء من
الكلام ، وذلك جائز ، كما جاز في قولهم : لاجزينك بما عملت ، ولاجزينك ما عملت ;
ولاحدثنك بما عملت ، ولاحدثنك ما عملت .
والثاني أنهم لاستثقالهم استماع آيات الله وكراهتهم تذكرها وتدبرها وتفهمها
جروا مجرى من لا يستطيع السمع كما يقول القائل : ما يستطيع فلان أن ينظر لشدة
عداوته إلى فلان ، وما يقدر أن يكلمه . ومعنى ما كانوا يبصرون : أن إبصارهم لم يكن
نافعا لهم ولا مجديا عليهم مع الاعراض عن تأمل آيات الله تعالى وتدبرها ، فلما
انتفت عنهم منفعة الابصار جاز أن ينفى عنهم الابصار نفسه .
والثالث أن يكون معنى نفي السمع والبصر راجعا إلى آلهتهم لا إليهم ، و
تقدير الكلام : اولئك وآلهتهم لم يكونوا معجزين في الارض ، يضاعف لهم العذاب ،
ثم قال مخبرا عن الآلهة : ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ، وهذا الوجه
يروى عن ابن عباس ، وفيه أدنى بعد . ويمكن في الآية وجه آخر وهو أن تكون " ما "


(1)هود : 20 . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه