بحار الأنوار ج89

فقال : يا أبا بصير ، إنا قد شرطنا لهم شرطا ونحن وافون لهم بشرطهم ، والله سيجعل
لك مخرجا ، فدفعه إلى الرجلين .
فخرج معهما فلما بلغوا ذا الحليفة أخرج أبا بصير جرابا كان معه فيه كسر
وتمرات ، فقال لهما : ادنوا فأصيبا من هذا الطعام فامتنعا ، فقال : أما لو دعوتماني
إلى طعامكما لاجبتكما ، فدنيا فأكلا ومع أحدهما سيف قد علقه في الجدار ، فقال
له أبوبصير : أصارم سيفك هذا ؟ قال : نعم ، قال : ناولنيه فدع إليه قائمة السيف
فسله فعلاه به فقتله وفر الاخر ورجع إلى المدينة فدخل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال : يا محمد إن صاحبكم قتل صاحبي وماكدت أن أفلت منه إلا بشغله بسلبه .
فوافى أبوبصير ومعه راحلته وسلاحه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أبا بصير
اخرج من المدينة فان قريشا تنسب ذلك إلي فخرج إلى الساحل وجمع جمعا
من الاعراب ، فكان يقطع على عير قريش ويقتل من قدر عليه ، حتى اجتمع إليه
سبعون رجلا ، وكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسألوه أن يأذن لابي بصير وأصحابه
في دخول المدينة ، وقد أحلوه من ذلك ، فوافاه الكتاب وأبوبصير قد مرض وهو
في آخر رمق ، فمات وقبره هناك ودخل أصحابه المدينة .
وكانت هذه سبيل من جاء‌ه ، وكانت امرأة يقال لها : كلثم بنت عقبة بمكة
وهي بنت عقبة بن أبي معيط مؤمنة تكتم إيمانها ، وكان أخواها كافرين أهلها يعذبونها
ويأمرونها بالرجوع عن الاسلام ، فهربت إلى المدينة ، وحملها رجل من خزاعة
حتى وافى بها إلى المدينة ، فدخلت على ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله فقالت :
يا ام سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد شرط لقريش أن يرد إليهم الرجال ولم
يشرط لهم في النساء شيئا ، والنساء إلى ضعف ، وإن ردني رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم
فتنوني وعذبوني وأخاف على نفسي فاسألي رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يرد ني إليهم .
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله على ام سلمة وهي عندها فأخبرته ام سلمة خبرها
فقالت : يا رسول الله هذه كلثم بنت عقبة ، وقد فرت بدينها ، فلم يجبها رسول الله
صلى الله عليه وآله بشئ ، ونزل عليه الوحي :(يا أيها الذين آمنوا إذا جائم

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه