بحار الأنوار ج4

لانه قد وصفه عز وجل بصفة من صفات فعله وهو مصيب أيضا ، والصمد : الذي ليس
بجسم ولاجوف له .
اقول : وقد أخرجت في معنى الصمد في تفسير قل هو الله أحد في هذا الكتاب معاني
اخرى لم احب إعادتها في هذا الباب
" الاول والاخر " ألاول والآخر معناهما أنه الاول بغير ابتداء ، والآخر بغير
انتهاء .
" السميع " السميع معناه إذا وجد المسموع كان له سامعا ، ومعنى ثان أنه سميع
الدعاء أي مجيب الدعاء ، وأما السامع فإنه يتعدى إلى مسموع ويوجب وجوده ،
ولا يجوز فيه بهذا المعنى لم يزل ، والباري عزوجل سميع لذاته .
" البصير " البصير معناه إذا كانت المبصرات كان لها مبصرا فلذلك جاز أن يقال :
لم يزل بصيرا ، ولم يجز أن يقال : لم يزل مبصرا لانه يتعدى إلى مبصر ويوجب وجوده ،
والبصارة في اللغة مصدر البصيرة وبصر بصارة ، والله عزوجل بصير لذاته ، وليس وصفنا
له تبارك وتعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا ،
وهذه الصفة صفة كل حي لا آفة به .
بيان : أي ليس السمع والبصر مطلق العلم بل العلم بالجزئيات المخصوصة أو نوع
خاص من العلم وقد مر تحقيقه
" القدير والقاهر " القدير والقاهر معناهما أن الاشياء لاتظيق الامتناع
منه ومما يريد الانفاذ فيها ، وقد قيل : إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في
حكم الممنوع ، والقهر : الغلبة ، والقدرة مصدر قولك : قدر قدرة أي ملك فهو قدير قادر
مقتدر ، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه لها ، وقد قال
عز ذكره : " مالك يوم الدين " ويوم الدين لم يوجد بعد ، ويقال : إنه عزوجل قاهر
لم يزل ، ومعناه أن الاشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد إنفاذه فيها ، ولم يزل
مقتدرا عليها ، ولم تكن موجودة كما يقال : مالك يوم الدين ويوم الدين لم يوجد .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه