بحار الأنوار ج12

فهلكوا " مطرا " أي نوعا من المطر عجيبا ، أي حجارة من سجيل ; قيل : خسف بالمقيمين
منهم وامطرت الحجارة على مسافريهم .(1)
وقال الطبرسى رحمه الله : " سئ بهم " أى ساء‌ه مجيئهم لانه خاف عليهم من قومه
" وضاق بهم ذرعا " أى ضاق بمجيئهم ذرعه ، أى قلبه ، لما رأى لهم من حسن الصورة وقد
دعوه إلى الضيافة ، وقومه كانوا يسارعون إلى أمثالهم بالفاحشة ; وقيل : ضاق بحفظهم من
قومه ذرعه حيث لم يجد سبيلا إلى حفظهم وقد أتوه في صورة الغلمان المرد ، وأصله أن
الشئ إذا ضاق ذرعه لم يتسع له مااتسع ، فاستعير ضيق الذرع عند تعذر الامكان " يوم
عصيب " أى شديد ، من عصبه : إذا شده " يهرعون إليه " أي يسرعون في المشي لطلب الفاحشة ;
وقيل : أي يساقون وليس هناك سائق غيرهم ، فكأن بعضهم يسوق بعضا " ومن قبل " أي
قبل إتيان الملائكة ، أو قبل مجئ قوم لوط إلى ضيفانه ، أو قبل بعثة لوط إليهم " كانوا
يعملون السيئات " أي الفواحش مع الذكور " ولا تخزون في ضيفي " أي لا تلزموني عارا و
فضيحة ولا تخجلوني بالهجوم على أضيافي " أليس منكم رجل رشيد " قد أصاب الرشد فيعمل
بالمعروف وينهى عن المنكر ، أو مرشد يرشد كم إلى الحق " لو أن لي بكم قوة " أي منعة
وقدرة وجماعة أتقوى بهم عليكم " أو آوي إلى ركن شديد " أي أنضم إلى عشيرة منيعة ;
قال قتادة : ذكر لنا أن الله تعالى لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في عز من عشيرته ومنعة من
قومه " ولا يلتفت منكم أحد " أي لا ينظر أحد منكم وراء‌ه أو لا يلتفت أحد منكم إلى ماله
ولا متاعه بالمدينة ، أولا يتخلف أحد ، وقيل : أمرهم أن لا يلتفتوا إذا سمعوا الرجفة والهدة .
" إن امرأتك " قيل : إنها التفتت حين سمعت الرجفة وقالت : يا قوماه ، أفصابها حجر
فقتلتها ; وقيل : إلا امرأتك لا تسر بها " عند ربك " أي في علمه أوخزائنة التى لا
يتصرف فيها أحد إلا بأمره " وما هي من الظالمين ببعيد " أي وما تلك الحجارة من الظالمين
من أمتك يا محمد ببعيد ; وقيل : يعنى بذلك قوم لوط وذكر أن حجرا بقي معلقا بين
السماء والارض أربعين يوما يتوقع به من رجل من قوم لوط كان في الحرم حتى خرج منه


(1)انوار التنزيل 1 : 168 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه