بحار الأنوار ج13

وجاعلوه من المرسلين ، فوضعته في التابوت وأطبقت عليه وألقته في النيل ، وكان
لفرعون قصر على شط النيل متنزه(1)فنظر من قصره - ومعه آسية امرأته - إلى سواد
في النيل ترفعه الامواج وتضربه الرياح حتى جاء‌ت به على باب قصر فرعون ، فأمر
فرعون بأخذه فاخذ التابوت ورفع إليه فلما فتحه وجد فيه صبيا ، فقال : هذا
إسرائيلي ، فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية ، وأراد
أن يقتله(2)فقالت آسية : " لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " وهم لا يشعرون أنه
موسى ولم يكن لفوعرن ولد ، فقال : التمسوا له(3)ظئرا تربيه ، فجاؤوا بعدة نساء قد قتل
أولادهن فلم يشرب لبن أحد من النساء ، وهو قول الله : " وحرمنا عليه المراضع من قبل "
وبلغ امه أن فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله : " وأصبح فؤاد ام موسى
فارغا إن كادت لتبدي به " يعني كادت أن تخبرهم بخبره ، أو تموت ثم ضبطت نفسها ،
فكانت كما قال : " لو لا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين " ثم قالت لاخت موسى :
قصيه ، أي اتبعيه ، فجاء‌ت اخته إليه فبصرت به عن جنب ، أي عن بعد وهم لا يشعرون ،
فلما لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحد من النساء اغتم فرعون غما شديدا فقالت اخته :
" هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فقالوا : نعم ، فجاء‌ت بامه ، فلما
أخذته في حجرها وألقمته ثديها التقمه وشرب ففرح فرعون وأهله وأكرموا امه فقالوا
لها : ربيه لنا فإنا نفعل بك ونفعل(4)وذلك قول الله : " فرددناه إلى امه كي تقر عينها
ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون " وكان فرعون يقتل أولاد
بني إسرائيل كل ما يلدون ، ويربي موسى ويكرمه ، ولا يعلم أن هلاكه على يده ، فلما
درج(5)موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال : " الحمد لله رب العالمين " فأنكر فرعون
ذلك عليه ولطمه وقال : ما هذا الذي تقول ؟ فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية


(1)في نسخة : وكان لفرعون قصور على شط النيل متنزهات .
(2)في نسخة : وأراد فرعون أن يقتله .
(3)في نسخة : فقالت ، وفى المصدر : فقال : ائتوا له اه‍ والظئر : المرضعة .
(4)في المصدر : فانا نفعل بك ما نفعل .
(5)درج الصبى : مشى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه