بحار الأنوار ج14

تطو بالحجارة والآجر فهو رس ، وكان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان ، وكان
بأرضهم جبل يقال له فتح ، مصعدا في السماء ميلا ، وكانت العنقاء ينتابه(1)وهي
كأعظم مايكون من الطير ، وفيها من كل لون ، وسموها العنقاء لطول عنقها ، وكانت
تكون في ذلك الجبل تنقض على الطير تأكلها ، فجاعت ذات يوم فأعوزها الطير(2)فانقضت
على صبي فذهبت به ، ثم إنها انقضت على جارية حين ترعرعت فأخذتها فضمتها إلى
جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين ، فشكوا إلى نبيهم ، فقال : اللهم خذها
واقطع نسلها وسلط عليها آية تذهب بها ، فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر فضربتها
العرب(3)مثلا في أشعارها وحكمها وأمثالها ، ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبيهم فأهلكهم
الله تعالى .
وقال بعض العلماء : بلغني أنه كان رسان : أما أحدهما فكان أهله أهل بدو و
أصحاب غنم ومواش فبعث الله إليهم نبيا فقتلوه ، ثم(4)بعث إليهم رسولا آخر وعضده
بولي فقتلوا الرسول ، وجاهدهم الولي حتى أفحمهم ، وكانوا يقولون : إلهنا في البحر ،
وكانوا على شفيره ، وكان يخرج إليهم من البحر شيطان في كل شهر خرجة فيذبحون عنده
ويتخذونه عيدا ، فقال لهم الولي : أرأيتم إن خرج إلهكم الذين تدعونه وتعبدونه إلي
وأطاعني أتجيبونني إلى مادعوتكم إليه ؟ فقالوا : بلى ، وأعطوه على ذلك العهود والمواثيق ،
فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكبا أربعة أحوات ، وله عنق مستعلية ،
وعلى رأسه مثل التاج ، فلما نظروا إليه خروا له سجدا ، وخرج الولي إليه ، فقال :
ايتني طوعا أو كرها ، بسم الله الكريم ، فنزل عند ذلك عن أحواته ، فقال له الولي : ايتني
عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك ، فأتى الحوت وأتين به حتى أفيضن به إلى البر
يجرونه ، فكذبوه بعد مارأوا ذلك ، ونقضوا العهد ، فأرسل الله تعالى عليهم ريحا فقذفتهم
في البحر ومواشيهم جميعا وما كانوا يملكون من ذهب وفضة ، فأتى الولي الصالح إلى


(1)انتابه : أتاه بعد اخرى . قصد اليه . وفي المصدر : تبيت به .
(2)اي اعجزه وصعب عليه نيله .
(3)في المصدر : فلم ير لها أثر بعد ذلك فضربت بها العرب مثلا .
(4)قد سقط عن المصدر من هنا إلى قوله : واما الاخر .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه