بحار الأنوار ج77

لان معنى اجتنابها كونه في جانب غير جانبها ، فيستلزم المنع من أكله و
ملاقاته ، وتطهير المحل بازالته ، ولا معنى للنجس إلا ذلك ، ذكرهما المحقق
والعلامة .
ورد الاول بأن الرجس لا نسلم أنه مرادف للنجس ، وقول الشيخ في
التهذيب : الرجس هو النجس بلا خلاف لا حجة فيه ، لان أهل اللغة لم يذكروا
النجس في معناه ، بل ذكروا له معاني اخرى لا تقرب منه أيضا ، سوى ما ذكروا
من القذر ، والظاهر أنه ليس النجس المصطلح بل هو ما يستقذره الطبع ، مع
أن في الاية الكريمة وقع خبرا عن الخمر والميسر والانصاب والازلام جميعا
في الظاهر .
فلا يخلو إما أن يقدر مضاف محذوف ليصح حمله على الجميع ، مثل التعاطي
ونحوه وعلى هذا ظاهر أنه لا يصح جعله بمعنى النجس ، بل لابد من حمله
على معنى آخر مثل المأثم ، لانه من بعض معانيه ، أو العمل المستقذر أو القذر
الذي يعاف منه العقول ، كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين ، أو يقال : إن
المراد أن كل واحد رجس ، وحينئذ لا يصح الحمل على النجس ، وإلا يلزم
استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين ، بل الحقيقي والمجازي ، أو يجعل الرجس
المذكور خبرا عن الخمر فقط ، ويقدر لكل من الامور الاخر خبر آخر ، وعلى
هذا أيضا لا يصح حمل الرجس على النجس ، لان القرينة على التقدير دلالة
المذكور عليه ، ولو حمل الرجس على النجس يلزم أن يكون المقدر كذلك ولو
فرض جواز الاكتفاء في الدلالة بمجرد الاشتراك في اللفظ ، وإن لم يكن المعنى
في الجميع واحدا ، فلا ريب أنه المرجوح بالنسبة إلى الاحتمالات السابقة ، ولا أقل
من الستاوي ، وعلى هذا كيف يستقيم الاستدلال .


* انه مشترك لفظى ، بل بما تفرع عليه من وجوب الاجتناب وقوله تعالى فاجتنبوه بالنسبة
إلى الخمر ، له اطلاق من حيث الشرب وغيره من أنواع الاقتراب كالبيع والشراء والاتخاذ
والاصابة فافهم ذلك .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه