بحار الأنوار ج12

بمصر وجعلت النساء(1)يتحدثن بحديثها ويعذلنها(2)ويذكرنها وهو قوله : " وقال
نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتها عن نفسه " فبلغ ذلك امرأة العزيز فبعثت إلى
كل امرأة رئيسة فجمعتهن(3)في منزلها وهيأت لهن مجلسا ، ودفعت إلى كل امرأة
أترجة وسكينا ، فقالت : اقطعن ، ثم قالت ليوسف : اخرج عليهن ، وكان في بيت فخرج
يوسف عليهن فلما نظرن(4)إليه أقبلن يقطعن أيديهن وقلن كما حكى الله عزوجل
" فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ " أي اترجة " وآتت " وأعطت
" كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما
رأينه أكبرنه " إلى قوله : " إن هذا
إلا ملك كريم " فقالت امرأة العزيز : " فذلكن الذي لمتنني فيه " في حبه " ولقد راودته
عن نفسه " أي دعوته " فاستعصم " أي امتنع ، ثم قالت : " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن و
ليكونا من الصاغرين " فما أمسى يوسف في ذلك البيت(5)حتى بعثت إليه كل امرأة
رأته تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك البيت فقال : " رب السجن أحب إلي مما
يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ، فاستجاب
له ربه فصرف عنه كيدهن " أي حيلتهن " أصب إليهن " أي أميل إليهن ، وأمرت امرأة
العزيز بحبسه فحبس في السجن .(6)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله : يسأل ويقال : كيف قال يوسف : " السجن أحب إلي
مما تدعونني إليه " ولا يجوز أن يراد السجن الذي هو المكان ، وإن عنى الجسن الذي
هو المصدر فإن السجن معصية كما أن ما دعونه إليه معصية فلا يجوز أن يريده ؟ فالجواب
أنه لم يرد المحبة التي هي الارادة ، وإنما أراد أن ذلك أخف علي وأسهل . ووجه


(1)في نسخة : وجعلن النساء .
(2)في نسخة : ويعيرنها .
(3)في نسخة : فجمعن .
(4)في نسخة : فلما أن نظرن اليه .
(5)في نسخة : في ذلك اليوم . وكذا فيما بعده .
(6)تفسير القمى 318 - 320 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه