بحار الأنوار ج11

بنزول الغيث " ويزدكم قوة إلى قوتكم " فسرت القوة ههنا بالمال والولد والشدة ، وقيل :
قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم " ولا تتولوا " عما أدعوكم إليه " مجرمين " أي كافرين
" ببينة " أي بحجة ومعجزة " عن قولك " أي بقولك ، وإنما نفوا البينة عنادا وتقليدا
" إن نقول إلا اعتريك " أي لسنا نقول فيك إلا أنه أصابك بعض " آلهتنا بسوء " فخبل
عقلك لسبك إياها " فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون " أي فاحتالوا واجتهدوا أنتم وآلهتكم
في إنزال مكروه بي ثم لا تمهلوني ، وهذا من أعظم الآيات أن يكون الرسل وحده و
امته متعاونة عليه فلا يستطيع واحد منهم ضره " إلا هو آخذ بناصيتها " كناية عن القهر
والقدرة ، لان من أخذ بناصية غيره فقد قهره وأذله " إن ربي على صراط مستقيم " أي على
عدل فيها يعامل به عباده وفي تدبير عباده على طريق مستقيم لا عوج فيه " ويستخلف ربي
قوما غيركم " أي يهلككم ربي بكفركم ويستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه " ولا تضرونه "
إذا استخلف غيركم ، أو لا تضرونه بتوليكم وإعراضكم " شيئا " ولا ضرر عليه في إهلاككم
لانه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم " والذين آمنوا معه " قيل : كانوا أربعة آلاف " برحمة
منا " أي بما أريناهم من الهدى تعلق بآمنوا ، أو بنعمة إن تعلق بأنجينا " من عذاب
غليظ " أي عذاب الآخرة أو الدينا ، والغليظ : الثقيل العظيم " واتبعوا " أي بعد إهلاكهم
في الدنيا بالابعاد عن الرحمة ، فإن الله أبعدهم من رحمته وتعبد المؤمنين باللعن عليهم .(1)
" من بعدهم " أي من بعد قوم نوح " قرنا آخرين " القرن : أهل العصر ، يعني قوم هود ،
وقيل : ثمود لانهم اهلكوا بالصيحة " وأترفناهم " أي نعمناهم بضروب الملاذ " عما قليل "
أي عن قليل من الزمان ، و(ما)مزيدة ، أي عند نزول العذاب " فأخذتهم الصيحة " صاح بهم
جبرئيل عليه السلام صيحة واحدة ماتوا عن آخرهم " بالحق " باستحقاقهم العقاب " فجعلناهم
غثاء " هو ما جاء به السيل من نبات قد يبس أي فجعلناهم هلكى قد يبسوا كما يبس
الغثاء وهمدوا(2)" فبعدا " أي ألزم الله بعدا من الرحمة " للقوم الظالمين " المشركين " تترى "
أى متواترة يتبع بعضها بعضا " أحاديث " أي يتحدث بهم على طريق المثل في الشر .(3)


(1)مجمع البيان 5 : 170 - 171 . م
(2)همدالقوم : ماتوا . همد شجر الارض : بلى وذهب .
(3)مجمع البيان 7 : 106 - 108 . م(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه