بحار الأنوار ج14

داود ! قل لبني إسرائيل ، لاتجمعوا المال من الحرام فإني لا أقبل صلاتهم ، واهجر أباك
على المعاصي وأخاك على الحرام ، واتل على بني إسرائيل نبأ رجلين كانا على عهد إدريس
فجاء‌ت لهما تجارة وقد فرضت عليهما صلاة مكتوبة فقال الواحد : أبدأ بأمر الله ، وقال
الآخر : أبدأ بتجارتي وألحق أمر الله ، فذهب هذا لتجارته ، وهذا لصلاته ، فأوحيت إلى
السحاب فنفخت(1)وأطلقت نارا وأحاطت واشتغل الرجل(2)بالسحاب والظلمة فذهبت
تجارته وصلاته ، وكتب على بابه : انظروا ماتصنع الدنيا والتكاثر بصاحبه .
داود ! إن الكبائر والكبر حرد(3)لا يتغير أبدا ، فإذا رأيت ظالما قد رفعته
الدنيا فلا تغبطه فإنه لابد له من أحد الامرين : إما أن أسلط عليه ظالما أظلم منه
فينتقم منه ، وإما ألزمه رد التبعات يوم القيامة . داود ! لو رأيت صاحب التبعات قد جعل
في عنقه طوق من نار ، فحاسبوا نفوسكم ، وأنصفوا الناس ، ودعوا الدنيا وزينتها ، يا أيها
الغفول ما تصنع بدنيا يخرج منها الرجل صحيحا(4)ويرجع سقيما ، ويخرج فيجبى(5)
جباية فيكبل بالحديد والاغلال ، ويخرج الرجل صحيحا فيرد قتيلا . ويحكم لو رأيتم
الجنة وما أعددت فيها لاوليائي من النعيم لما ذقتم دواء‌ها بشهوة(6)، أين المشتاقون
إلى لذيذ الطعام والشراب ؟ أين الذين جعلوا مع الضحك بكاء ؟ أين الذين هجموا على
مساجدي في الصيف والشتاء ؟ انظروا اليوم ماترى أعينكم فطال ما كنتم تسهرون والناس
نيام ، فاستمتعوا اليوم ماأردتم فإني قد رضيت عنكم أجمعين ، ولقد كانت أعمالكم الزاكية
تدفع سخطي عن أهل الدنيا يارضوان اسقهم من الشراب الآن فيشربون ، وتزداد وجوههم
نضرة ، فيقول رضوان : هل تدرون لم فعلت هذا ؟ لانه لم تطأ فروجكم فروج الحرام ، ولم


(1)في نسخة : ففتحت .
(2)في المصدر : واشتعل الرجل ، قلت : مافي المتن أصح . واشتعل فلان : التهب غضبا .
(3)في نسخة : ان التكاثر والكبر حرب . وفي المصدر : ان البكاء والكبر خود لا يتغير . و
الكل مصحف .
(4)الصحيح كما في المصدر : يدخلها الرجل صحيحا .
(5)جبا يجبو وجبى يجبى الخراج : جمعه . وفي المصدر : فيحيى حياته . قوله : فيكبل اي يقيد .
(6)هكذا في نسخة وفي المصدر ، وفي نسخة اخرى : لماذقتم ذوقا بشهوة .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه