بحار الأنوار ج89

يجب أن يكون ، وكيف يكون حالهم إذا خرجوا من القدرة عليه ، وهل يصح
أن يعجز البشر عما يصح أن يقدروا عليه ، وينظر فيما يمكن أن يتوصل إليه
بالحيلة ، وخفة اليد ، ويعلم ما السبب المؤدي إليه وما لا يمكن ذلك فيه .
فمن ذا أحاط علمه بهذه المقدورات عرف حينئذ ما يظهر من المعجزة عليهم
فيفصل بين حالها وبين ما يجي مجرى الشعوذة والمخرقة ، كالعجل الذي صاغه
السامري من ذهب لبس به على الناس ، فكانت له صوت وخوار ، إذ احتال
بادخال الريح فيه من مداخله ومجاريه ، كما نقل هذه للالات التي تصوت بالحيل
أو صندوق الساعات ، أو طاس الفصد الذي بعلم به مقدار الدم ، وإنما أضاف مقال
الصوت إليه لانه كان محله دخول الريح في جوفه .
فصل : واعلم أن الفلاسفة أخذوا اصول الاسلام ثم أخرجوها على آرائهم
فقالوا في الشرع والنبي : إنما اريدا كلاهما لا صلاح الدنيا ، فالانبياء يدبرون
للعوام في مصالح دنياهم ، والشرعيات تهذب أخلاقهم ، لا أن الشارع والدين كما
يقول المسلمون ، من أن النبي يراد لتعريف مصالح الدين تفصيلا ، وإن الشرعيات
ألطاف في التكليف العقلي ، فهم يوافقون المسلمين في الظاهر ، وإلا فكل ما
يذهبون إليه هدم للاسلام ، وإطفاء لنور شرعه ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو
كره الكافرون(1).


(1)راجع مختار الخرائج ص 267 274 ، ولنا في هذا الباب كلام في المقدمة
راجعه .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه