بحار الأنوار ج67

أربعمائة رجل ، فكان يسل عليهم بالغداة والعشي فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف
نعله ، ومنهم من يرقع ثوبه ، ومنهم من يتفلى(1)وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يرزقهم
مدا مدا من تمر في كل يوم .
فقام رجل منهم فقال : يارسول الله التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا فقال
رسول الله : أما إني لو استطعت أن اطعمكم الدنيا لاطعمتكم ، ولكن من عاش منكم
من بعدي يغدى عليه بالجفان ويراح عليه بالجفان ، ويغدو أحدكم في قميصة و
يروح في اخرى ، وتنجدون بيوتكم كما تنجد الكعبة(2)فقام رجل فقال : يا
رسول الله أنا إلى ذلك الزمان بالاشواق فمتى هو ؟ قال صلى الله عليه وآله : زمانكم هذا خير
من ذلك الزمان ، إنكم إن ملاتم بطونكم من الحلال ، توشكون أن تملاؤها
من الحرام .
فقام سعد بن أشج فقال : يارسول الله مايعف بنا بعد الموت ؟ قال الحساب
والقبر ، ثم ضيقه بعد ذلك أو سعته ، فقال : يارسول الله هل تخاف أنت ذلك ؟
فقال : لا ولكن أستحيي من النعم المتظاهرة التي لااجازيها ولا جزء‌ا من سبعة ، فقال
سعد بن أشج إني اشهد الله واشهد رسوله ومن حضرني أن نوم الليل علي حرام
(والاكل بالنهار علي حرام ، ولباس الليل علي حرام ، ومخالطة الناس علي حرام
وإتيان النساء علي حرام)(3)فقال رسول الله : ياسعد لم تصنع شيئا كيف تأمر بالمعروف
وتنهى عن المنكر ، إذا لم تخالط الناس ، وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة . نم
بالليل ، وكل بالنهار ، والبس مالم يكن ذهبا أو حريرا أو معصفرا ، وآت النساء .
ياسعد اذهب إلى بني المصطلق فانهم قد ردوا رسولي فذهب إليهم فجاء بصدقة
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : كيف رأيتهم ؟ قال : خير قوم مارأيت قوما قط أحسن أخلاقا
فيما بينهم من قوم بعثتني إليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه لاينبغي لاولياء الله
تعالى من أهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم أن يكونوا أولياء


(1)تفلى : أى نقى رأسه وثيابه من القمل ونحوه .
(2)نجد البيت من باب التفعيل زينه وعبارة اللسان : نجدت البيت : بسطته
بثياب موشبة .(3)زيادة من المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه