بحار الأنوار ج74

والاشجار فلتثمرن ، وثمار الجنة فلتدلين(1)ولامرن ريحا من الرياح التي
تحت العرش فلتحملن جبال من الكافور والمسك الاذفر فلتصيرن وقودا من غير
النار ، فلتدخلن به ، ولا يكون بيني وبين روحه ستر فأقول له عند قبض روحه :
مرحبا وأهلا بقدومك علي ، اصعد بالكرامة والبشرى والرحمة والرضوان ، و
جنات لهم فيها نعيم مقيم ، خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم . فلو رأيت
الملائكة كيف يأخذبها واحد ويعطيها الاخر .
يا أحمد إن أهل الآخرة لايهناؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم ، ولا يشغلهم
مصيبة منذ عرفوا سيئاتهم ، يبكون على خطاياهم ، يتعبون أنفسهم ولا يريحونها ، وأن
راحة أهل الجنة في الموت ، والاخرة مستراح العابدين ، مونسهم دموعهم التي تفيض
على خدودهم ، وجلو سهم مع الملائكة الذين عن أيمانهم وعن شمائلهم ، ومناجاتهم
مع الجليل الذي فوق عرشه ، وأن أهل الاخرة قلوبهم في أجوافهم قد قرحت(2)
يقولون متى نستريح من دارا الفناء إلى دار البقاء .
يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الاخرة ؟ قال : لا يا رب ، قال :
يبعث الخلق ويناقشون بالحساب ، وهم من ذلك آمنون ، إن أدنى ما اعطي
للزاهدين في الاخرة أن اعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاؤوا
ولا أحجب عنهم وجهي ولا نعمنهم بألوان التلذذ من كلامي ، ولا جلسنهم في مقعد
صدق وأذكرنهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح لهم أربعة أبواب : باب تدخل
عليهم الهدايا منه بكرة وعشيا من عندي ، وباب ينظرون منه إلي كيف شاؤوا
بلا صعوبة ، وباب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون
وباب تدخل عليهم منه الوصايف(3)والحور العين ، قال : يا رب من هؤلاء الزاهدون
الذين وصفتهم ؟ قال : الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه ، ولا له


(1)أى فلترسلن وتنزلن .
(2)أى جرحت من الحزن والهم بالاخرة .
(3)الوصايف جمع الوصيفة وهى الخادمة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه