12 - وبهذا الاسناد قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : نحن وجه الله لا يهلك .
13 - يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن
أبي سعيد المكاري ،(1)عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النصري(2)قال : سألت
أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " كل شئ هالك إلا وجهه " قال : كل شئ هالك إلا
من أخذ طريق الحق .
بيان : ذكر المفسرون فيه وجهين : أحدهما أن المراد به إلا ذاته كما يقال : وجه
هذا الامر أي حقيقته . وثانيهما أن المعنى ما اريد به وجه الله من العمل . واختلف على
الاول في الهلاك هل هو الانعدام حقيقة ، أو أنه لامكانه في معرض الفناء والعدم ، وعلى
ماورد في تلك الاخبار يكون المراد بالوجه الجهة كما هو في أصل اللغة ، فيمكن أن يراد
به دين الله إذبه يتوسل إلى الله ويتوجه إلى رضوانه ، أو أئمة الدين فإنهم جهة الله ،
وبهم يتوجه إلى الله ورضوانه ومن أراد طاعة الله تعالى يتوجه إليهم .(3)
(1)قد وقع الخلاف في اسمه فسماه النجاشى والعلامة هاشم بن حيان ، والشيخ هشام بن حيان ،
والرجل كوفى مولى بنى عقيل ، روى عن أبى عبدالله عليه السلام ، وكان هو وابنه الحسين وجهين في
الواقفة ، نص على ذلك النجاشى في ترجمة ابنه .
(2)النصرى - بالنون المفتوحة والصاد المهملة - من بنى نصر بن معاوية ، يكنى أبا على ،
بصرى ثقة ثقة ، روي عن الباقر والصادق وموسى بن جعفر عليهم السلام وزيد بن على . وروى الكشى
وغيره روايات تدل على مدحه ووثاقته .
(3)قال السيد الرضى ذيل قوله تعالى " كل شئ هالك إلا وجهه " : وهذه استعارة والوجه
ههنا عبارة عن ذات الشئ ونفسه ، وعلى هذا قوله تعالى في السورة التى فيها الرحمن سبحانه :
" ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام " أى ويبقى ذات ربك ، ومن الدليل على ذلك الرفع في قوله :
" ذو الجلال والاكرام " لانه صفة للوجه الذى هو الذات : ولو كان الوجه ههنا بمعنى العضو المخصوص
على ما ظنه الجهال لكان " ويبقى وجه ربك ذى الجلال والاكرام " فيكون " ذى " صفة للجملة لاصفة للوجه
الذى هو التخاطيط المخصوص ، كما يقول القائل : رأيت وجه الاميرذى الطول والانعام ، ولا يقول :
" ذا " لان الطول والانعام من صفات جملته ، لا من صفات وجهه ، ويوضع ذلك قوله في هذه السورة :
" تبارك اسم ربك ذى الجلال والاكرام " لما كان الاسم غير المسمى وصف سبحانه المضاف إليه ، ولما كان
الوجه في الاية المتقدمة هو النفس والذات قال تعالى : " ذو الجلال " ولم يقل : " ذى الجلال والاكرام "
ويقولون : عين الشئ ونفس الشئ على هذا النحو . وقد قيل في ذلك وجه آخر وهو أن يراد
بالوجه ههنا ما قصدالله به من العمل الصالح والمتجر الرابح على طريق القربة وطلب الزلفة وعلى
ذلك قول الشاعر : " استغفر الله ذنبالست محصيه * رب العباد اليه الوجه والعمل " أى اليه تعالى قصد
الفعل الذى يستنزل به فضله ودرجات عفوه ، فأعلمنا سبحانه أن كل شئ هالك الاوجه دينه الذى
يوصل إليه منه ، ويستزلف عنده به ويجعل وسيلة إلى رضوانه وسببا لغفرانه .(*)