بحار الأنوار ج67

واليقين خطرات . وأروي ماقسم بين الناس أقل من اليقين ، وروي أن الله يبغض
من عباده المائلين ، فلا تزلوا عن الحق فمن استبدل بالحق هلك وفاتته الدنيا
وخرج منها ساخطا .
45 مص : قال الصادق عليه السلام : اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني ومقام
عجيب ، كذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى
ابن مريم كان يمشي على الماء ، فقال : لو زاد يقينه لمشى في الهواء ، يدل بهذا أن
الانبياء مع جلالة محلهم من الله كانت تتفاضل على حقيقة اليقين لا غير ، ولا نهاية
بزيادة اليقين على الابد ، والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين وضعفه ، فمن
قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول والقوة إلا بالله ، والاستقامة على أمر
الله وعبادته ظاهرا وباطنا ، قد استوت عنده حالة العدم والوجود(والزيادة والنقصان
والمدح والذم والعز والذل لانه يرى كلها من عين واحدة ، ومن ضعف يقينه
تعلق)(1)بالاسباب ورخص لنفسه بذلك واتبع العادات ، وأقاويل الناس بغير
حقيقة ، وسعى في امور الدنيا وجمعها وإمساكها : مقر باللسان أنه لا مانع
ولا معطي إلا الله وأن العبد لايصيب إلا مارزق وقسم له ، والجهد لايزيد
الرزق ، وينكر ذلك بفعله وقلبه ، قال الله عزوجل : يقولون بأفواههم ماليس
في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (2).
وإنما عطف الله تعالى بعباده حيث أذن لهم في الكسب والحركات في باب العيش
مالم يتعدوا حدوده ، ولايتركوا فرائضه وسنن نبيه عليه السلام في جميع حركاتهم
ولايعدلوا عن محجة التوكل ، ولا يقفوا في ميدان الحرص ، فأما إذا نسوا ذلك
وارتبطوا بخلاف ماحد لهم ، كانوا من الهالكين الذين ليس لهم في الحاصل إلا
الدعاوي الكاذبة ، وكل مكتسب لايكون متوكلا فلا يستجلب من كسبه إلى نفسه
إلا حراما وشبهة ، وعلامته أن يؤثر مايحصل من كسبه ويجوع ، ولاينفق في


(1)مابين العلامتين ساقط عن الاصل .
(2)آل عمران : 167 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه