لزيادتهم عليه في الكفر والضلال أضعافا مضاعفة .
مع أنه لا شئ يوجب جهل المشبهة بالله عزوجل إلا وهو موجب جهل اليهود
والنصارى بالله ، ولا معنى يحصل لهم الحكم بالمعرفة مع إنكارهم لالهية مرسل محمد
صلى الله عليه وآله وكفرهم به ، إلا وهو يلزم صحة الحكم على المشبهة بالمعرفة ، وإن اعتقدوا أن
ربهم على صورة الانسان بعد أن يصفوه بما سوى ذلك من صفات الله عزوجل ، وهذا
ما لا يذهب إليه أحد من أهل المعرفة ، وإن ذهب علمه على جميع المقلدة .
على أنه ليس أحد من أهل الكتاب يوجب التسمية ، ولا يراها عند الذبيحة
فرضا ، وإن استعملها منهم إنسان فلعادة مخالطة ، مع أن مخالفينا لا يفرقون بين
ذبايح اليهود والنصارى ، وليس في جهل النصارى بالله عزوجل وعدم معرفتهم به لقولهم
بالاقانيم ، والجوهر والاب والابن والروح والاتحاد ، شك ولا ريب ، وإذا ثبت حظر
ذبايح النصارى بما وصفناه ، وجب حظر ذبايح اليهود ، للاتفاق على أنه لا فرق بينهما
في الاباحة والتحريم .
وشئ آخر وهو أنه متى ثبت لليهود والنصارى بالله عزوجل معرفة ، وجب
بمثل ذلك أن للمجوس الله تعالى معرفة ، ولعبدة الاصنام من قريش ، ومن شاركهم
في الاقرار بالله سبحانه ، واعتقادهم بعبادة الاصنام القربة إليه عز اسمه ، فان كان
كفر اليهود والنصارى لا يمنع من استباحة ذبايحهم لا قرارهم في الجملة بالله تعالى ،
فكفر من عددناه لا يمنع أيضا من ذلك ، وهذا خلاف للاجماع ، وليس بينه وبين ما
ذهب إليه الخصم فرق مع ما اعتمدنا من الاعتلال .
ومما يدل أيضا على حظر ذبايح اليهود وأهل الكتاب وجميع الكفار ، أن
الله جل اسمه جعل التسمية في الشريعة شرطا في استباحة الذبيحة ، وحظر الاستباحة
على الشك والريب ، فوجب اختصاصها بذبيحة الدائن بالشريعة المقر بفرضها دون
المكذب بها المنكر لواجباتها ، إذا كان غير مأمون على نبذها والتعمد لترك شروطها
لموضع كفره بها ، والقربة بافساد اصولها ، وهذا موضح عن حظر ذبايح كل من
رغب عن ملة الاسلام .