بحار الأنوار ج12

سعي إبراهيم ، والمعنى : بلغ إلى أن يتصرف ويمشي معه ويعينه على اموره ، قالوا : وكان
يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة .
وقيل : يعني بالسعي العمل لله والعبادة " إني أرى في المنام " أي أبصرت في المنام
رؤيا تأويلها الامر بذبحك فانظر ماذا تراه من الرأي ، والاولى أن يكون الله تعالى قد
أوحى إليه في اليقظة بأن يمضي ما يأمره به في حال نومه من حيث إن منامات الانبياء
لا تكون إلا صحيحة " فلما أسلما " أي استسلما لامر الله ورضيابه " وتله للجبين " أي أضجعه
على جبينه ; وقيل : وضع جبينه على الارض لئلايرى وجهه فتلحقه رقة الآباء ، وروي
أنه قال : إذ بحني وأنا ساجد لا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني " قد صدقت الرؤيا " أي
فعلت ما أمرت به في الرؤيا " إن هذا لهو البلاء المبين " أي الامتحان الظاهر والاختبار
الشديد ، أو النعمة الظاهرة " وفديناه بذبح عظيم " الذبح هو المذبوح ، فقيل : كان كبشا من
الغنم ، قال ابن عباس : هو الكبش الذي تقبل من هابيل حين قر به .(1)
وقيل : فدي بو عل(2)اهبط عليه من ثبير ،(3)وسمي عظيما لانه كان مقبولا
أو لان قدر غيره من الكباش يصغر بالاضافة إليه ; وقيل : لانه رعى في الجنة أربعين
خريفا ; وقيل : لانه كان من عند الله كونه ولم يكن عن نسل ; وقيل : لانه فداء عبد
عظيم " وبشرناه بإسحق " من قال : إن الذبيح إسحاق قال : يعني : بشرناه بنبوة إسحاق
بصبره " وباركنا عليه وعلى إسحق " أي وجعلنا فيما أعطيناهما من الخير البركة والنماء
والثبات ، ويجوز أن يكون أراد كثرة ولدهما وبقاء‌هم قرنا بعد قرن إلى أن تقوم الساعة
" ومن ذريتهما " أي ومن أولاد إبراهيم وإسحاق " محسن " بالايمان والطاعة " وظالم لنفسه "
بالكفر والمعاصي " مبين " بين الظلم .(4)
1 - ن ، ل : القطان ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه


(1)فعليه وصفه بالعظيم لانه وقع موقع القبول حين قر به هابيل ، أو لانه قتل بسببه هابيل .
(2)الوعل : تيس الجبل قال البغدادي في المحبر : كان اسم كبش ابراهيم : جرير .
(3)ثبير كشريف : اسم جبل بمكة .
(4)مجمع البيان 8 : 452 - 454 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه