بحار الأنوار ج16

واقبل الميسور منها ، وقيل : هو العفو في قبول العذر من المعتذر ، وترك المؤاخذة بالاساء‌ة
" وأمر بالعرف " يعني بالمعروف ، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو الشرع " وأعرض
عن الجاهلين " أي أعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم ، والاياس من قبولهم ، ولا تقابلهم
بالسفه صيانة لقدرك(1).
وفي قوله تعالى : " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن " أي يستمع إلى
ما يقال له ويصغى إليه ويقبله " قل اذن خير لكم " أي يستمع إلى ما هو خير لكم وهو
الوحي(2)، أو هو يسمع الخير ويعمل به ومنهم من قرأ : " اذن خير لكم " بالرفع والتنوين
فيهما ، فالمعنى أن كونه اذنا أصلح لكم ، لانه يقبل عذركم ، ويستمع إليكم ، ولو لم
يقبل عذركم لكان شرا لكم ، فكيف تعيبونه بما هو أصلح لكم ؟ " يؤمن بالله ويؤمن
للمؤمنين " أي لا يضره كونه اذنا فإنه اذن خير فلا يقبل إلا الخير الصادق من الله ، و
يصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه ، ويقبل منهم ، دون المنافقين ، وقيل : " يؤمن للمؤمنين "
أي يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الامان " ورحمة للذين آمنوا منكم " أي وهو رحمة لهم
لانهم إنما نالوا الايمان بهدايته ودعائه إياهم(3).
وفي قوله تعالى : " واصبر " : أى فيما تبلغه من الرسالة ، وفيما تلقاه من الاذى
" وما صبرك إلا بالله " أى بتوفيقه وتيسيره وترغيبه فيه " ولا تحزن عليهم " أى على المشركين
في إعراضهم عنك ، فإنه يكون الظفر والنصرة لك عليهم ، ولا عتب عليك في إعراضهم
" ولا تك في ضيق مما يمكرون " أى لا يكن صدرك في ضيق من مكرهم بك وبأصحابك ،
فإن الله يرد كيدهم في نحورهم(4).
وفي قوله : " فعلك باخع نفسك على آثارهم " أي مهلك وقاتل نفسك على آثار
قومك الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا ، تمردا منهم على ربهم


(1)مجمع البيان 4 : 512 .
(2)في المصدر : أى هو اذن خير يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحى .
(3)مجمع البيان 5 : 44 و 45 .
(4)مجمع البيان 6 : 393 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه