بحار الأنوار ج77

البعد ، ولهذا أعرض عنه المحققون من المفسرين إذلم يجر للخفين ذكر ، ولا
دلت عليهما قرينة ، وليس الغالب بين العرب لبسهما ، وسيما أهل مكة والمدينة
زادهما الله شرفا ، فكيف يقتصر سبحانه في ابتداء كيفية الوضوء على تعليم
كيفية وضوء لا بس الخفين فقط ، ويترك وضوء من سواه ، وهو الغالب الاهم .
وأما الحمل على جر الجوار ، فأول مافيه أن جر الجوار ضعيف جدا
حتى أن أكثر أهل العربية أنكروه ، ولم يعولوا عليه ، ولهذالم يذكره صاحب
الكشاف في توجيه قراء‌ة الجر وتمحل لها وجها آخرا .
وأيضا فان المجوزين له إنما جوزوه بشرطين : الاول عدم تأديته إلى
الالتباس على السامع ، كمافي المثال المشهور إذا الخرب إنما يوصف به الجحر
لا الضب ، والثاني أن لا يكون معه حرف العطف ، والشرطان مفقودان في الاية
الكريمة ، أما الاول فلان تجويز جر الجوار هنا يؤدي إلى التباس حكم الارجل
لتكافؤ احتمالي جرها بالجور المقتضي لغسلها ، وبالعطف على الاقرب
المقتضي لمسحها .
فان قلت : إنما يجئ اللبس لولم تكن في الاية قرينة على أنها مغسولة
لكن تحديدها بالغاية قرينة على غسلها ، إذ المناسب عطف ذي الغاية على ذي الغاية
لاعلى عديمها ، وتناسب المتعاطفين أمر مرغوب فيه في فن البلاغة .
قلت : هذه القرينة معارضة بقرينة اخرى ، دالة على كونها ممسوحة ، و
هي المحافظة على تناسب الجملتين المتعاطفتين فانه سبحانه لما عطف في الجملة
الاولى ذا الغاية على غير ذي الغاية ، ناسب أن يكون العطف في الجملة الثانية
أيضا على هذه الوتيرة ، وعند تعارض القرينتين يبقى اللبس بحاله .
وأما الشرط الثاني فأمره ظاهر .
فان قلت : قد جاء‌الجر بالجوار في قوله تعالى وحورعين (1)في


(1)سورة الواقعة : 23 - 17 والايات هكذا : يطوف عليهم ولدان مخلدون *
بأكواب وأباريق * وكاس من معين * لايصدعون عنها ولاينزفون * وفاكهة مما يتخيرون
ولحم طير مما يشتهون * وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه