بحار الأنوار ج75

القناعة باتقاء الحرص(1)وادفع عظيم الحرص بإيثار القناعة ، واستجلب حلاوة
الزهادة بقصر الامل ، واقطع أسباب الطمع ببرد اليأس ، وسد سبيل العجب
بمعرفة النفس ، وتخلص إلى راحة النفس بصحة التفويض ، واطلب راحة البدن
بإجمام القلب(2)وتخلص إلى إجمام القلب بقلة الخطأ ، وتعرض لرقة القلب

بكثرة الذكر في الخلوات ، واستجلب نور القلب بدوام الحزن ، وتحرز من
إبليس بالخوف الصادق ، وإياك والرجاء الكاذب ، فإنه يوقعك في الخوف الصادق
وتزين لله عزوجل بالصدق في الاعمال ، وتحبب إليه بتعجيل الانتقال ، و
إياك والتسويف فإنه بحر يغرق فيه الهلكي ، وإياك والغفلة ففيها تكون قساوة
القلب ، وإياك والتواني فيما لا عذر لك فيه ، فإليه يلجأ النادمون ، واسترجع
سالف الذنوب بشدة الندم وكثرة الاستغفار ، وتعرض للرحمة وعفو الله بحسن
المراجعة ، واستعن على حسن المراجعة بخالص الدعاء والمناجات في الظلم ، و
تخلص إلى عظيم الشكر باستكثار قليل الرزق واستقلال كثير الطاعة ، واستجلب
زيادة النعم بعظيم الشكر ، وتوسل إلى عظيم الشكر بخوف زوال النعم ، واطلب
بقاء العز بإماتة الطمع ، وادفع ذل الطمع بعز اليأس ، واستجلب عز اليأس
ببعد الهمة ، وتزود من الدنيا بقصر الامل ، وبادر بإنتهاز البغية(3)عند إمكان
الفرصة ، ولا إمكان كالايام الخالية مع صحة الابدان ، وإياك والثقة بغير
المأمون فإن للشر ضراوة كضراوة الغذاء .(4)
واعلم أنه لا علم كطلب السلامة ، ولا سلامة كسلامة القلب ، ولا عقل
كمخالفة الهوى . ولا خوف كخوف حاجز ، ولا رجاء كرجاء معين ، ولا فقر


(1)في بعض النسخ وانزل ساعة القناعة بانفاء الحرص .
(2)الجمام - بالفتح - : الراحة . وأجم نفسه أى أتركها .
(3)البغية : مصدر بغى الشئ اى طلبه . وانتهاز البغية : اغتنامها والنهوض اليها
مبادرا .
(4)الضراوة : الاعتياد ، مصدر ضرى بالشئ : أى اعتاده .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه