بحار الأنوار ج11

فأراد الله أن يعرفهم أنهم قد أخطؤوا في ظنونهم واعتقاداتهم ، فخلق آدم وعلمه الاسماء
كلها ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها ، فأمر آدم أن ينبئهم بها وعرفهم فضله في العلم
عليهم .
ثم أخرج من صلب آدم ذرية(1)منهم الانبياء والرسل والخيار من عبادالله أفضلهم
محمد ثم آل محمد ، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار امة محمد ، وعرف الملائكة
بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حملوه من الاثقال(2)وقاسوا ماهم فيه
من تعرض أعوان الشياطين ،(3)ومجاهدة النفوس واحتمال أذى ثقل العيال والاجتهاد
في طلب الحلال ومعاناة مخاطرة الخوف من الاعداء(4)من لصوص مخوفين ، ومن سلاطين
جورة قاهرين ، وصعوبة في المسالك في المضائق والمخائق والمخاوف والاجزاع والجبال والتلال لتحصيل
أقوات الانفس والعيال من الطيب الحلال ، عرفهم الله عزوجل أن خيار المؤمنين يحتملون
هذه البلايا ويتخلصون منها ، ويتحاربون الشياطين ويهزمونهم(5)ويجاهدون أنفسهم
بدفعها عن شهواتها ، ويغلبونها مع ما ركب فيه من شهوة الفحولة وحب اللباس والطعام ،
والعز والرئاسة والفخر والخيلاء ، ومقاساة العناء والبلاء من إبليس لعنه الله وعفاريته ، و
خواطرهم وإغوائهم واستهوائهم ، ودفع ما يكيدونه(6)من ألم الصبر على سماع الطعن
من أعداء الله ، وسماع الملاهي والشتم لاولياء الله ، ومع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم ،
والهرب من أعداء دينهم ، أوالطلب لما يألمون معاملته(7)من مخالفيهم في دينهم ، قال الله
عزوجل : يا ملائكتي وأنتم من جميع ذلك بمعزل : لا شهوات الفحولة تزعجكم ،(8)ولا


(1)في نسخة : ثم أخرج من صلب آدم ذريته .
(2)< < : إذا احتملوا ما حملوا من الاثقال .
(3)في الاحتجاج : وقاسوا ماهم فيه بعرض يعرض من أعوان الشياطين .
(4)في نسخة : ومعاناة مقامات الخوف من الاعداء .
(5)في نسخة : ويحاربون الشياطين ويعرفونهم ، وفى النسخة المخطوطة ويحزمونهم بالحاء
ولعله - لولم يكن مصحفا - من حزم الفرس : شد حزامه ، والحزام : مايشد به وسط الدابة .
(6)في نسخة وفى الاحتجاج : ما يكابدونه أى ما يقاسونه ويتحملون من المشاق .
(7)في نسخة وفى الاحتجاج : لمن يأملون معاملته . وفى نسخة : معاملتهم .
(8)زعجه : أقلقه وقلعه من مكانه(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه