بحار الأنوار ج74

عند فراغها ، ومن كانت غده شر يوميه فمحروم ، ومن لم يبال ما رزء(1)من
آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه
الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له .
يا شيخ إن الدنيا خضرة حلوة ولها أهل وإن الاخرة لها أهل ، ظلفت
أنفسهم عن مفاخرة أهل الدنيا(2)لا يتنافسون في الدنيا ، ولا يفرحون بغضارتها ،
ولا يحزنون لبؤسها .
يا شيخ من خاف البيات قل نومه ، ما أسرع الليالي والايام في عمر العبد ، فاخزن
لسانك ، وعد كلامك يقل كلامك إلا بخير .
يا شيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك ، وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتي
إليك .
ثم أقبل على أصحابه فقال : أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون
ويصبحون على أحوال شتى ، فبين صريع يتلوى ، وبين عائد ومعود(3)وآخر بنفسه
يجود ، وآخر لا يرجى وآخر مسجى(4)وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل و
ليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي يصير الباقي .
فقال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى ؟
قال : الهوى قال : فأي ذل أذل ؟ قال : الحرص على الدنيا ، قال : فأي فقر
أشد ؟ قال : الكفر بعد الايمان ، قال : فأي دعوة أضل ؟ قال : الداعي بما لا يكون
قال : فأي عمل أفضل ؟ قال : التقوى ، قال فأي عمل أنجح ؟ قال : طلب
ما عند الله ، قال : فأي صاحب شر ؟ قال : المزين لك معصية الله ، قال :


(1)رزأه : أصابه ونقصه .
(2)ظلف نفسه عن الشئ : كف عنه .
(3)تلوى أى انعطف وانطوى . والصريع : المطروح على الارض . والمعود الذى
يعوده الناس في مرض .
(4)سجى الميت تسجية : مد عليه ثوبا يستره .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه