إذا عرفت هذا فقيل : إنه على هذا يلزم أن يكون الحج عام مولده صلى الله عليه واله في
جميدي الاولى ، لانه صلى الله عليه واله توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة ، ودوره النسئ أربعة و
عشرون سنة ضعف عدد الشهور ، فإذا أخذنا من السنة الثانية والستين ورجعنا تصير السنة
الخامس عشر ابتداء الدورة ، لانه إذا نقص من اثنين وستين ورجعنا تصير السنة
الخامس عشر ابتداء الدورة ، لانه إذا نقص من اثنين وستين ثمانية وأربعون تبقى أربعة
عشر ، الاثنتان الاخيرتان منها لذي العقدة ، واثنتان قبلهما لشوال ، وهكذا فتكون
الاوليان منها لجميدي الاولى ، فكان الحج عام مولد النلي صلى الله عليه واله وهو عام الفيل في جميدي
الاولى ، فإذا فرض أنه صلى الله عليه واله حملت به امه في الثاني عشر منه ، ووضعت في الثاني عشر
من ربيع الاول تكون مدة الحمل عشرة أشهر بلا مزيد ولا نقيصة .
أقول : ويرد عليه أنه قد أخطأ رحمه الله في حساب الدورة ، وجعلها أربعة و
عشرين سنة ، إذا الدورة على ما ذكر إنما تتم في خمسة وعشرين سنة ، إذ في كل سنتين يسقط
شهر من شهور السنة باعتبار النسئ ، ففي كل خمسة وعشرين سنة تحصل أربعة وعشرون
حجة تمام الدورة ، وأيضا على ما ذكره يكون مدة الحمل أحد عشر شهرا ، إذ لما كان عام
مولده أول حج في جمادي الاولى يكون في عام الحمل الحج في ربيع الثاني ، فالصواب
أن يقال : كان في عام حمله صلى الله عليه واله الحج في جمادي الاولى ، وفي عام مولده في جمادي الثانية ،
فعلى ما ذكرنا يتم من عام مولده إلى خمسين سنة من عمره صلى الله عليه واله دورتان في الحادية والخمسين ،
تبتدئ الدورة الثالثة من جمادي الثانية ، وتكون لكل شهر حجتان إلى أن ينتهي إلى
الحادية والستين والثانية والستين ، فيكون الحج فيهما في ذي القعدة ، ويكون في حجة
الوداع الحج في ذي الحجة ، فتكون مدة الحمل عشرة أشهر .
فإن قلت : على ما قررت من أن في كل دورة متأخر سنة ففي نصف الدورة تتاخر
ستة أشهر ، ومن ريع الاول الذي هو شهر المولد إلى جميدي الثانية التي هي شهر الحج
نحو من ثلاثة أشهر ، فكيف يستقيم الحساب على ما ذكرت ؟ قلت : تاريخ السنة محسوبة
بن شهر الولادة ، فمن ربيع الاول من سنة الولادة إلى مثله من سنة ثلاث و ستين تتم
ثنتان وستون ، ويكون السابع عشر منه ابتداء سنة الثالث والستين ، وفي الشهر
لعاشر من تلك السنة أعني ذي الحجة وقع الحج الحادي والستون ، وتوفي قبل إتمام