العلم الذي يثلج به الصدر بعد اضطراب الشك فيه ، ولهذا لايوصف الله تعالى بأنه
متيقن لترون الجحيم يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها ثم
لترونها يعني بعد الدخول إليها عين اليقين كما يقال : حق اليقين ، ومحض
اليقين ، ومعناه ثم لترونها بالمشاهدة إذا ادخلتموها وعذبتم بها انتهى(1).
أقول : وجعل بعض المحققين لليقين ثلاث درجات : الاولى علم اليقين
وهو العلم الذي حصل بالدليل كمن علم وجود النار برؤية الدخان ، والثانية عين
اليقين ، وهو إذا وصل إلى حد المشاهدة كمن رأى النار ، والثالثة حق اليقين
وهو كمن دخل النار واتصف بصفاتها ، وسيأتي بعض القول فيها .
1 كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن
عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : ياأخا جعف إن الايمان
أفضل من الاسلام ، وإن اليقين أفضل من الايمان ، وما من شئ أعز من
اليقين(2).
بيان : ياأخا جعف أي ياجعفي وهم قبيلة من اليمن(3)وفي المصباح :
هو أخو تميم : أي واحد منهم ، وفضل الايمان على الاسلام إما باعتبار الولاية في
الاول أو الاذغان القلبي فيه مع الاعمال أو بدونها كما مر جميع ذلك ، وعلى
أي معنى أخذت يعتبر في الايمان مالايعتبر في الاسلام ، فهو أخص وأفضل ، وكذا
اليقين يعتبر فيه أعلا مراتب الجزم ، بحيث يترتب عليه الآثار ، ويوجب فعل
الطاعات وترك المناهي ، ولا يعتبر ذلك في الايمان أي في حقيقته ، حتى يكون
جميع أفراده ، فهو أخص وأفضل أفراد الايمان ، أو يعتبر في اليقين عدم احتمال
النقيض ولا يعتبر ذلك في الايمان مطلقا كما مر ، والاظهر أن التصديق الذي لا
(1)مجمع البيان ج 10 ص 534 .
(2)الكافي ج 2 ص 51 .
(3)جعفى بن سعد العشيرة : بطن من سعد العشيرة(من مذحج ، من القحطانية)
ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب ، والنسبة اليه كذلك جعفى .