بحار الأنوار ج66

الامر حاصلا ، وغاية ما يلزم من ذلك جواز الحكم بكون شخص واحد مؤمنا و
كافرا ، وهذا لامحذور فيه ، لانا نحكم بكفره ظاهرا وإمكان إيمانه باطنا فالموضوع
مختلف فلم يتحقق اجتماع المتقابلين ، ليكون محالا ، ونظير ذلك ما ذكرناه من
دلالة الاقرار على الايمان ، فيحكم به مع جواز كونه كافرا في نفس الامر .
وأقول أيضا : إن النقض المذكور لايرد على جامعية تعريف الكفر وذلك لانه
قدتبين أن العدم المأخوذ فيه أعم من أن يكون بالضد أو غيره ، وما ذكر من موارد
النقض داخل في غير الضد كما لايخفى وحينئذ فجامعيته سالمة لصدقه على الموارد
المذكورة ، والناقض والمجيب غفلا عن ذلك .
ويمكن الجواب عن مانعية تعريف الايمان أيضا بأن نقول : من عرف الايمان
بالتصديق المذكور ، جعل عدم الاتيان بشي ء من موارد النقض شرطا في اعتبار ذلك
التصديق شرعا ، وتحقق حقيقة الايمان ، والحاصل أنا لما وجدنا الشارع حكم
بايمان المصدق ، وحكم بكفر من ارتكب شيئا من الامور المذكورة مطلقا ، علمنا
أن ذلك التصديق إنما يعتبر في نظر الشارع إذا كان مجردا عن إرتكاب شئ من
موارد النقض وأمثالها . الموجبة للكفر ، فكان عدم الامور المذكورة شرطا في حصول
الايمان ، ولاريب أن المشروط عدم عند عدم شرطه ، وشروط المعرف التي يتوقف
عليها وجود ماهيته ملحوظة في التعريف ، وإن لم يصرح بها فيه ، للعلم باعتبارها
عقلا لما تقرر في بداهة العقول أنه بدون العلة لايوجب المعلول ، والشرط من
أجزاء العلة كما صرحوا به في بحثها ، والكل لايوجد بدون جزئه وهذا الجواب
واللذان قبله ، لم نجدها لغيرنا بل هي من هبات الواهب تعالى وتقدس ، ولم نعدم
لذلك مثلا وإن لم نكن له أهلا انتهى كلامه قدس سره .
وأقول : هذه التكلفات إنما يحتاج إليها إذا جعل الايمان نفس العقائد
ولم يدخل فيها الاعمال ، ومع القول بدخول الاعمال لاحاجة إليها مع أن هذا
التحقيق يهدم ما أسسه سابقا إذ يجري هذه الوجوه في سائر الاعمال والتروك التي
نفي كونها داخلة في الايمان ، وما ذكره عليه السلام في آخر الحديث من الالتزام على

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه