بحار الأنوار ج79

وترك الاعمال ، أو الراحة والسكون .
(أحباء لا يتزاورون)الاحباء بالموحدة جمع حبيب ، كخليل ، وأخلاء ،
أى هم أحباء لتقاربهم بأبدانهم أو لانهم كانوا أحباء قبل موتهم في الدنيا ، وفي
بعض النسخ المصححة الاحياء بالمثناة التحتانية ، فالظاهر أنه جمع حي
بمعنى القبيلة ، قال الجوهري : الحي واحد أحياء العرب ، ويحتمل أن يراد
أنهم أحياء بنفوسهم لا يتزاورون بأبدانهم .
(بليت بينهم)أي اندرست أسباب التعارف بينهم ، والسبب في الاصل الحبل
ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شئ ذكره الجزرى ، وقيل : لفظة جنب موضوعة
في الاصل للمباعدة ، ومنه قولهم الجار الجنب أي جارك من قوم آخرين ، ولذا
يقولون فلان في جانب الهجر ، وفي جانب القطيعة ، ولا يقولون في جانب
المواصلة ، والظعن السير ، والجديدان الليل والنهار ، والسرمد الدائم .
وقال ابن أبي الحديد : ليس المراد أنهم وهم موتى يشعرون . بالوقت الذي
ماتوافيه ، ولا يشعرون بما يتعقبه من الاوقات ، بل المراد أن صورة ذلك الوقت
لو بقيت عندهم لبقيت من غير أن يزيلها وقت آخر يطرؤ عليها ، ويجوز أن يفسر على
مذهب من قال ببقاء الانفس فيقال : إن النفس التي تفارق ليلا تبقى الليلة والظلمة
حاصلة عندها أبدا ، ولا تزول بطريان نهار عليها ، لانها قد فارقت الحواس فلا سبيل لها
إلى أن يرتسم فيها شئ من المحسوسات بعد المفارقة ، وإنما حصل ما حصل من
غير زيادة عليه وكذلك الانفس التي تفارق نهارا .
(مما قدروا)أى تصوروا وجعلوا له مقدارا بأوهامهم .
(فكلا الغايتين)اللام العهدى في الكلام إشارة إلى الغايتين المعهودتين
بين المتكلم والمخاطب . أي غاية السعداء والاشقياء ، ويحتمل أن يكون المراد
بالغاية امتداد المسافة أي مدة البرزخ أو منتهى الامتداد وهو البرزخلانه غاية حياة
الدنيا ، وهو يمتد إلى أن ينتهى إلى مباء‌ة هي الجنة أو النار .
ويحتمل أن يكون إشارة إلى الغايتين المفهومتين من الفقرتين السابقتين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه