بحار الأنوار ج46

بيان : أخلص الله لي هواي : أي جعل الله محبتي خالصة لكم ، فصار تأييده
تعالى سببا لان لا اخطئ الهدف ، واصيب كلما اريده من مدحكم ، وإن لم
ابالغ فيه ، يقال : أغرق النازع في القوس إذا استوفى مدها ، ثم استعير لكل من
بالغ في شئ ويقال : طاش السهم عن الهدف أي عدل ، وإنما غير عليه السلام شعره
لايهامه بتقصير وعدم اعتناء في مدحهم ، أو لان الاغراق في النزع لامدخل له في
إصابة الهدف ، بل الامر بالعكس ، مع أن فيما ذكره عليه السلام معنى لطيفا كاملا
وهو أن المداحين إذا بالغوا في مدح ممدوحهم ، خرجوا عن الحق ، وكذبوا فيما
يثبتون له ، كما أن الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف ، وإني كلما ابالغ
في مدحكم ، لا يعدل سهمي عن هدف الحق والصدق .
28 قب : بكر بن صالح ، أن عبدالله بن المبارك أتى أبا جعفر عليه السلام فقال :
إني رويت عن آبائك عليهم السلام أن كل فتح بضلال فهو للامام ، فقال : نعم ، قلت :
جلعت فداك فإنهم أتوابي من بعض فتوح الضلال ، وقد تخلصت ممن ملكوني
بسبب وقد أتيتك مسترقا مستعبدا قال عليه السلام : قد قبلت ، فلما كان وقت خروجه
إلى مكة قال : إني مذحججت فتزوجت ومسكبي مما يعطف علي أخواني ، لاشئ
لي غيره ، فمرني بأمرك فقال عليه السلام : انصرف إلى بلادك ، وأنت من حجك وتزويجك
وكسبك في حل ، ثم أتاه بعد ست سنين ، وذكر له العبودية التي ألزمها نفسه
فقال : أنت حر لوجه الله تعالى ، فقال : اكتب لي به عهدا فخرج كتابه بسم الله
الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي العلوي لعبدالله بن المبارك فتاه
إني أعتقتك لوجه الله ، والدار الآخرة ، لارب لك إلا الله ، وليس عليك سيد و
أنت مولاي ومولى عقبي من بعدي ، وكتب في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائة ، و
وقع فيه محمد بن علي بخط يده وختمه بخاتمه(1).
29 كا : محمد بن يحيى ، ومحمد بن أحمد عن السياري ، عن أحمد بن زكريا
الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة ، من أهل بست وسجستان قال : رافقت أباء


(1)المناقب ج 3 ص 338 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه