بحار الأنوار ج14

وقيل : إن المراد بالآية خروج الازهار والثمار من الاشجار على اختلاف ألوانها وطعومها ،
وقيل : إنها كانت ثلاث عشرة قرية في كل قرية نبي يدعوهم إلى الله سبحانه يقولون
لهم : " كلوا من رزق ربكم واشكروا له " أي كلوا مما رزقكم الله في هذه الجنان و
اشكروا له يزدكم من نعمه واستغفروه يغفر لكم " بلدة طيبة " أي هذه بلدة مخصبة نزهة
أرضها عذبة ، تخرج النبات وليست بسبخة ، وليس فيها شي ء من الهوام الموذية ، وقيل :
أراد به صحة هوائها ، وعذوبة مائها ، وسلامة تربتها ، وأنه ليس فيها حر يؤذي في القيظ
ولا برد يؤذي في الشتاء " ورب غفور " أي كثير المغفرة للذنوب " فأعرضوا " عن الحق ولم
يشكروا الله سبحانه ولم يقبلوا ممن دعاهم إلى الله من أنبيائه " فأرسلنا عليهم سيل العرم "
وذلك أن الماء كان يأتي أرض سبأ من أودية اليمن ، وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر
والسيول بينهما ، فسدوا مابين الجبلين فإذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السد بقدر الحاجة ،
فكانوا يسقون زروعهم وبساتينهم فلما كذبوا رسلهم وتركوا أمر الله بعث الله جرذا نقب ذلك
الردم وفاض الماء عليهم فأغرقهم ، عن وهب .(1)
وقال البيضاوي : " سيل العرم " أي سيل الامر العرم ، أي الصعب ، من عرم الرجل
فهو عارم وعرم : إذا شرس خلقه وصعب ، أو المطر الشديد ، أو الجرذ ، أضاف إليه السيل
لانه نقب عليهم سكرا(2)ضربت لهم بلقيس فحقنت(3)به ماء الشجر ، وتركت فيه نقبا
على مقدار مايحتاجون إليه ، أو المسناة(4)التي عقدت سكرا على أنه جمع عرمة . وهي
الحجارة المركومة ، وقيل : اسم واد جاء السيل من قبله ، وكان ذلك بين عيسى عليه السلام و
محمد صلى الله عليه وآله .
" وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط " مر بشع ،(5)فإن الخمط
كل نبت أخذ طعما من مرارة ، وقيل : الاراك ، أو كل شجر لا شوك له " وأثل وشئ


(1)مجمع البيان 8 : 386 . وفيه : نقبت ذلك الردم . قلت : الردم : السد .
(2)في نسخة : سدا . والسكر بالكسر فالسكون : السد .
(3)أي حبست .
(4)المسناة : ما يبني في وجه السيل .
(5)في المصدر وفي نسخة : ثمر بشع . قلت : شئ بشع أي كريه الطعم يأخذ بالحلق .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه