بحار الأنوار ج28

على أن التمسك بصلاته صلى الله عليه وآله خلف أبي بكر في إثبات الفضل لابي بكر حماقة
عجيبة ، إذ هو من قبيل الاستدلال بمقدمة مع الاعتراف بنقيضها ، فان التقدم في
الصلاة لو دل على فضل الامام لكان أبوبكر أفضل من الرسول صلى الله عليه وآله ، وإلا فانقلع
الاساس من أصله ، وقد نبهناك عليه فلا تغفل .
ثم قال السيد رضي الله عنه : ومما يدل على بطلان هذه الدعوي أنه صلى الله عليه وآله
لو لم يعز له عند خروجه عن الصلاة ، لما كان فيما وردت به الرواية من الاختلاف
في أنه صلى الله عليه وآله لما صلى بالناس ابتدء من القرآن من حيث ابتدء أبوبكر أو من

حيث انتهى معنى ، على أنا لا نعلم لو تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه وجها يكون منه
خبر الصلاة شبهة في النص ، مع تسليم أن النبى صلى الله عليه وآله أمر بها أيضا ، لان الصلاة
ولاية مخصوصة في حالة مخصوصة لا تعلق لها بالامامة ، لان الامامة تشتمل على
ولايات كثيرة من جملتها الصلاة ، ثم هي مستمرة في الاوقات كلها ، فأي نسبة مع
ما ذكرناه بين الامرين .
على أنه لو كانت الصلاة دالة على النص ، لم يخل من أن يكون دالة من
حيث كانت تقديما في الصلاة ، أو من حيث اختصت ، مع أنها تقديم فيها بحال المرض
فان دلت من الوجه الاول ، وجب أن يكون جميع من قدمه الرسول في طول
حياته للصلاة إماما للمسلمين ، وقد علمنا أنه صلى الله عليه وآله قد ولي الصلاة جماعة لا
يجب شئ من هذا فيهم ، وإن دلت من الوجه الثاني فالمرض لا تأثير له في إيجاب
الامامة ، فلو دل تقديمه في الصلاة في حال المرض على الامامة ، لدل على مثله
التقديم في حال الصحة ، ولو كان للمرض تأثير لوجب أن يكون تأميره اسامة بن
زيد وتأكيده أمره في حال المرض - مع أن ولايته تشتمل على الصلاة وغيرها -
موجبا للامامة ، لانه لا خلاف في أن النبى صلى الله عليه وآله كان يقول إلى أن
فاضت نفسه الكريمة صلوات الله عليه وآله : نفذوا جيش اسامة ويكرر ذلك
ويردده .
فان قيل لم تدل الصلاة على الامامة من الوجهين اللذين أفسدتموهما ، لكن

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه