بحار الأنوار ج72

ويحقره واداعاء الكمال لنفسه ضمنا ، وهذا إدلال وتفاخر وتكبر فلذا لا يقبله
الشيطان لكونه أقبح فعالا منه ، على أن الشيطان لا يعتمد على ولايته له ، لان
شانه نقض الولاية لا عن شئ ، فلذلك لا يقبله انتهى .
ولا يخفى ما في هذه الوجوه ، لا سيما في الاخيرين ، على من له أدنى مسكة
بل المراد إما المحبة والنصرة ، فيقطع الله عنه محبته ونصرته ويكله إلى الشيطان
الذي اختار تسويله ، وخالف أمر ربه ، وعدم قبول الشيطان له ، لانه ليس غرضه
من إضلال بني آدم كثرة الاتباع والمحبين ، فيودهم وينصرهم إذا تابعوه ، بل
مقصوده إهلاكهم وجعلهم مستوجبين للعذاب للعداوة القديمة بينه وبين أبيهم ، فاذا
حصل غرضه منهم يتركهم ويشمت بهم ، ولا يعينهم في شئ لا في الدنيا كما قال
سبحانه : فمثله كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ
منك (1)وكما هو المشهور من قصة برصيصا وغيره ، ولا في الاخرة لقوله :
فلا تلوموني ولوموا أنفسكم (2)أو المراد التولي والسلطنة أي يخرجه الله
من حزبه وعداد أوليائه ويعده من أحزاب الشيطان ، وهو لا يقبله لانه يتبرا
منه كما عرفت ، ويحتمل أن يكون عدم قبول الشيطان كناية عن عدم الرضا بذلك
منه ، بل يريد أن يكفره ويجعله مستوجبا للخلود في النار .
41 كا : عنه ، عن أحمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان
قال : قلت له : عورة المؤمن على المؤمن حرام ؟ قال : نعم ، قلت : تعني سفليه ؟
قال : ليس حيث تذهب إنما هو إذاعة سره(3).
بيان : الضمير في له للصادق عليه السلام وفي النهاية العورة كل ما يستحيى منه إذا
ظهر انتهى ، وغرضه عليه السلام أن المراد بهذا الخبر إفشاء السر لا أن النظر
إلى عورته ليس بحرام ، والمراد بحرمة العورة حرمة ذكرها وإفشائها ، والسفلين
العورتين وكنى عنهما لقبح التصريح بهما .
______________________________
(1)الحشر : 16 .(2)ابراهيم : 22 .
(3)الكافى ج 2 ص 358 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه