بحار الأنوار ج12

يكون الله تعالى قوى بصره ، ورفع له كل منخفض وكشط له عن أطباق السماء
والارض حتى رأى مافيهما ببصره ، وأن يكون المراد رؤية القلب بأن أنار قلبه حتى أحاط
بها علما ، والاول أظهر نقلا والثاني عقلا ، والظاهر على التقديرين أنه أحاط علما
بكل مافيهما من الحوادث والكائنات ، وأما حمله على أنه رأى الكواكب وما خلقه الله
في الارض على وجه الاعتبار والاستبصار واستدل بها على إثبات الصانع فلا يخفى بعده
عما يظهر من الاخبار .
7 - ع ، ل : سمعت محمد بن عبدالله بن محمد بن طيفور يقول في قول إبراهيم عليه السلام : " رب
أرني كيف تحيي الموتى " الآية : إن الله عزوجل أمر إبراهيم عليه السلام أن يزور عبدا من عباده
الصالحين فزاره ، فلما كلمه قال له : إن الله تبارك وتعالى في الدنيا عبدا يقال له إبراهيم اتخذه
خليلا ، قال إبراهيم : وما علامة ذلك العبد ؟ قال : يحيي له الموتى ، فوقع لابراهيم أنه هو ،
فسأله أن يحيي له الموتى ، قال : " أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " يعني على
الخلة ، ويقال : إنه أراد أن يكون له في ذلك معجزة كما كانت للرسل وإن إبراهيم
سأل ربه عزوجل أن يحيي له الميت ، فأمره الله عزوجل أن يميت لاجله الحي سواء
بسواء ، وهو لما أمره بذبح ابنه إسماعيل وإن الله عزوجل أمر إبراهيم عليه السلام بذبح
أربعة من الطير : طاووسا ونسرا وديكا وبطا ، فالطاووس بريد به زينة الدنيا ، والنسر يريد
به أمل الطويل ، والبط يريد به الحرص ، والديك يريد به الشهوة(1)يقول الله عزوجل :
إن أحببت أن يحيي قلبك ويطمئن معي فاخرج عن هذه الاشياء الاربعة ، فإذا كانت هذه
الاشياء في قلب فإنه لا يطمئن معي . وسألته كيف قال : " أو لم تؤمن " مع علمه بسره وحاله ؟
فقال : إنه لما قال : " رب أرني كيف تحيي الموتى " كان ظاهر هذه اللفظة توهم أنه لم
يكن بيقين ، فقرره الله عزوجل بسؤاله عنه إسقاطا للتهمة عنه وتنزيها له من الشك(2)
8 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن الحكم


(1)هذا تأويل للاية ذكره محمد بن عبدالله بن طيفور من عند نفسه لم يصححه خبر ولا رواية ،
ولعله تأويل لانتخاب تلك الاربعة من بين الطيور .
(2)علل الشرائع : 24 ، الخصال 1 : 127 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه