أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه مثل ما على هذا الجاهل المتحير في جهله و
كلاهما حائر بائر مضل مفتون ، مبتور ما هم فيه(1)وباطل ما كانوا يعملون .
عبادالله ! لا ترتابوا فتشكوا . ولا تشكوا فتكفروا . ولا تكفروا فتندموا ولا
ترخصوا لانفسكم فتد هنوا(2)وتذهب بكم الرخص مذاهب الظلمة فتهلكوا . ولا
تداهنوا في الحق إذا ورد عليكم وعرفتموه فتخسروا خسرانا مبينا .
عبادالله ! إن من الحزم أن تتقوا الله . وإن من العصمة ألا تغتروا بالله .
عباد الله ! إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه وأغشهم لنفسه أعصاهم له .
عبادالله ! إنه من يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعصه يخب ويندم ولا يسلم .
عبادالله ! سلوا الله اليقين ، فان اليقين رأس الدين وارغبوا إليه في العافية ، فان
أعظم النعمة العافية ، فاغتنموها للدنيا والاخرة وارغبوا إليه في التوفيق ، فإنه اس
وثيق(3)واعلموا أن خير ما لزم القلب اليقين ، وأحسن اليقين التقى ، وأفضل امور
الحق عزائمها ، وشرها محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وبالبداع
هدم السنن . المغبون من غبن دينه . والمغبوط من سلم له دينه وحسن يقينه . والسعيد
من وعظ بغيره . والشقي من انخدع لهواه .
عبادالله ! اعلموا أن يسير الرياء شرك . وأن إخلاص العمل اليقين . والهوى
يقود إلى النار . ومجالسة أهل اللهو ينسي القرآن ويحضر الشيطان . والنسئ زيادة
في الفكر(4)وأعمال العصاة تدعوا إلى سخط الرحمن . وسخط الرحمن يدعو
إلى النار . ومحادثة النساء تدعو إلى البلاء ويزيع القلوب . والرمق لهن يخطف
(1)البائر : الفاسد ، الهالك ، الذى لا خير فيه وفى المثل حائر بائر أى لا يطيع
مرشدا ولا يتجه لشئ . والمبتور : المقطوع .
(2)لا ترخصوا أى لا تجعله رخيصا والرخصة - بالضم : التسهيل والتخفيف .
والادهان : المصانعة كالمداهنة أى المساهلة .
(3)الاس - بالتثليث : الاساس .
(4)النسيئ التأخير .