بحار الأنوار ج35

أبي طالب عليه السلام فلحقه فأخذ(1)منه الصحيفة وقال : ارجع إلى النبي ، فقال أبوبكر : هل
حدث في شئ ؟ فقال : سيخبرك رسول الله ، فرجع أبوبكر إلى النبي فقال : يا رسول الله
ماكنت ترى أني مؤد عنك هدة الرسالة ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله : أبي الله أن يؤديها إلا
علي بن أبي طالب عليه السلام فأكثر أبوبكر عليه من الكلام فقال له النبي صلى الله عليه وآله : كيف
تؤديها وأنت صاحبي في الغار(2)! قال : فانطلق علي عليه السلام حتى قدم مكة ، ثم وافى
عرفات ، ثم رجع إلى جمع ، ثم إلى منى ، ثم ذبح وحلق ، وصعد على الجبل المشرف
المعروف بالشعب فأذن ثلاث مرات : ألا تسمعون يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم ؟
ثم قال :(براء‌ة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة
أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله)إلى
قوله :(إن الله غفور رحيم)تسع آيات من أولها ، ثم لمع بسيفه(3)فأسمع الناس و
كررها فقال الناس : من هذا الذي ينادي في الناس ؟ فقالوا : علي بن أبي طالب ، وقال من
عرفه من الناس : هذا ابن عم محمد ، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمد ، فأقام أيام
التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرأ على الناس غدوة وعشية ، فناداه الناس من المشركين :
أبلغ ابن عمك أن ليس له عندنا إلا ضربا بالسيف وطعنا بالرماح .
ثم انصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله يقصد في السير ، وابطئ الوحي عن رسول
الله صلى الله عليه وآله في أمر علي عليه السلام وما كان منه ، فاغتم النبي صلى الله عليه وآله لذلك غما شديدا حتى
رئي ذلك في وجهه ، وكف عن النساء من اللهم والغم ، فقال بعضهم لبعض : لعله قد نعيت
إليه نفسه(4)أو عرض له مرض ، فقالوا لابي ذر : قد نعلم منزلتك من رسول الله ، وقدترى


(1)في المصدر : واخذ .
(2)هذا تعيير لابى بكر وتشنيع له ، وايهام بانك كنت معى في الغار خائفا فزعا مع استظهارك
بى وعدم علم أحد من الناس إلى مكانك فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملاء من الناس يوم
الحج الاكبر ؟ ولنعم ما قيل :
خلق الله للحروب رجالا * ورجالا لقصعة وثريد .
وتأتى الاشارة إله بعيد هذا .
(3)لمع بسيفه : اشار .
(4)اى اخبر بوفاته .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه