قوله تعالى : " وسبح بحمد ربك " قيل : أي وصل وأنت حامد لربك على هدايته
وتوفيقه ، أو نزهه عن الشرك وعن سائر ما يضيفون إليه من النقائص حامدا له على ما ميزك
بالهدى ، معترفا بأنه المولى للنعم كلها " قبل طلوع الشمس " يعني الفجر " وقبل غروبها "
يعني الظهر والعصر ، لانهما في آخر النهار(1)، أو العصر وحده " ومن آناء الليل "
ساعاته " فسبح " يعني المغرب والعشآء ، وقيل : صلاة الليل " وأطراف النهار " تكرير
لصلاتي الصبح والمغرب ، إرادة الاختصاص ، أو أمر بصلاة الظهر ، فإنه نهاية النصف
الاول من النهار ، وبداية النصف الاخير " لعلك ترضى " أي سبح في هذه الاوقات طمعا
أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك " ولا تمدن عينيك " أي نظر عينيك " إلى ما متعنا به "
استحسانا وتمنيا أن يكون لك مثله " أزواجا منهم " أصنافا من الكفرة " زهرة الحيوة
الدنيا " الزهرة : الزينة والبهجة ، منصوب بمحذوف دل عليه " متعنا " أو به على تضمينه
معنى أعطينا " لنفتنهم فيه " أي لنبلوهم ونختبرهم فيه ، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه
" ورزق ربك " وما ادخره لك في الآخرة ، أو ما رزقك من الهدى والنبوة " خير " مما
منحهم في الدنيا " وأبقى " فإنه لا ينقطع(2).
" وأمر أهلك بالصلاة " قال الطبرسي : أي أهل بيتك وأهل دينك بالصلوة ، روى
أبوسعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كان رسول الله صلى الله عليه واله يأتي باب فاطمة وعلي
تسعة أشهر وقت كل صلاة(3)فيقول : الصلاة يرحمكم الله ، إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . ورواه ابن عقدة من طرق كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام
وعن غيرهم ، مثل أبي بردة(4)، وأبي رافع .
وقال أبوجعفر عليه السلام : أمره الله تعالى أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن
لاهله عند الله منزلة ليست للناس ، فأمرهم مع الناس عامة ، وأمرهم خاصة .
(1)في المصدر : من آخر النهار .
(2)أنوار التنزيل 2 : 73 .
(3)في المصدر : وقت كل صلاة ، وفيه : رحمكم الله .
(4)في المصدر : أبى برزة .(*)