الثالث من مذهبكم أن النار الصرفة لا لون لها البتة ، فهب أنه حصلت النارية بسبب
قوة المحاكة الحاصلة في أجزاء السحاب ، لكن من أين حدث ذلك اللون الاحمر ؟
فثبت أن السبب الذي ذكروه ضعيف ، وأن حدوث النار الخالصة في جرم السحاب
مع كونه ماء خالصا لا يمكن إلا بقدرة القادر الحكيم .
" وينشئ السحاب الثقال " السحاب اسم الجنس ، والواحدة سحابة والثقال :
جمع ثقيلة ، أي الثقال بالماء واعلم أن هذا أيضا من دلائل القدرة والحكمة ، وذلك
لان هذه الاجزاء المائية إما يقال إنها حدثت في جو الهواء ، أو يقال إنها تصاعدت
من وجه الارض ، فإن كان الاول وجب أن يكون حدوثها بإحداث محدث حكيم
قادر وهو المطلوب ، وإن كان الثاني وهو أن يقال إن تلك الاجزاء تصاعدت من
الارض فلما وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت ورجعت إلى الارض
فنقول : هذا باطل ، وذلك لان الامطار مختلفة ، فتارة تكون القطرات كبيرة
وتارة تكون صغيرة ، وتارة تكون متقاربة واخرى تكون متباعدة تارة تدوم مدة
نزول المطر زمانا طويلا وتارة قليلا ، فاختلاف الامطار في هذه الصفات مع أن
طبيعة الارض واحدة وطبيعة الاشعة المسخنة للبخارات واحدة لابد وأن يكون
بتخصيص الفاعل المختار . وأيضا فالتجربة دلت على أن للدعاء والتضرع في نزول
الغيث أثرا عظيما ، ولذلك شرعت صلاة الاستسقاء ، فعلمنا أن المؤثر فيه هو قدرة
الفاعل لا الطبيعة الخاصة(1)(انتهى).
" ويسبح الرعد بحمده " قال الطبرسي ره : تسبيح الرعد دلالته على
تنزيه الله تعالى ووجوب حمده ، فكأنه هو المسبح ، وقيل : إن الرعد هو الملك الذي
يسوق السحاب ويزجره بصوته ، فهو يسبح الله ويحمده . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال : إن ربكم سبحانه يقول : لو أن عبادي أطاعوني لاسقيتهم المطر بالليل
وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ، ولم اسمعهم صوت الرعد . وكان صلى الله عليه وآله إذا سمع
صوت الرعد قال : سبحان من يسبح الرعد بحمده . وكان ابن عباس يقول : سبحان
مفاتيح الغيب : ج 5 ، ص 279 .