بحار الأنوار ج9

اعترفت على نفسك أنك لا تؤمن إذا صعدت فكذلك حكم النزول ، ثم قلت : حتى تنزل
علينا كتابا نقرؤه ، ثم من بعد ذلك لا أدري اومن بك أو لا اومن بك ، فأنت يا عبدالله
مقر بأنك تعاند حجة الله عليك ، فلا دواء لك إلا تأديبه على يد أوليائه البشر ،(1)أو
ملائكته الزبانية ، وقد أنزل الله علي حكمة جامعة(2)لبطلان كل ما اقترحته ، فقال
تعالى : " قل " يا محمد : " سبحان ربي هل كنت إلابشرا رسولا " ما أبعد ربي عن أن
يفعل الاشياء على ما تقترحه الجهال بما يجوز وبما لا يجوز " وهل كنت إلا بشرا رسولا "
لا يلزمني إلا إقامة حجة الله التي أعطاني ، وليس لي أن آمر على ربي ولا أنهى
ولا اشير ، فأكون الذي بعثه ملك إلى قوم من مخالفيه فرجع إليه يأمره أن
يفعل بهم ما اقترحوه عليه .
فقال أبوجهل : يا محمد ههنا واحدة ، ألست زعمت أن قوم موسى احترقوا
بالصاعقة لما سألوه أن يريهم الله جهرة ؟ قال : بلى ، قال : فلو كنت نبيا لاحترقنا نحن
أيضا ، فقد سألنا أشد مما سأل قوم موسى ، لانهم زعمت أنهم قالوا :(3)" أرنا الله جهرة "
ونحن نقول(قلنا خ ل): لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا نعاينهم ! .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أبا جهل أما علمت قصة إبراهيم الخليل عليه السلام لما رفع
في الملكوت ؟ وذلك قول ربي : " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض
وليكون من الموقنين " قوى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الارض ومن
عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى رجلا وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك
فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا(4)ثم رأى آخرين فهم بالدعاء
عليهما فأوحى الله إليه : أن يا إبراهيم اكفف دعوتك عن عبادي وإمائي ، فإني أنا الغفور
الرحيم الجبار(5)الحليم ، لا تضرني ذنوب عبادي وإمائي كما لا تنفعني طاعتهم ، ولست


(1)في التفسير : اولياء‌ه من البشر .
(2)في التفسير : حكمة(كلمة خ ل)جامعة . وفى الاحتجاج : حكمة بالغة جامعة .
(3)كذا في النسخ .
(4)في المصدر اضاف ايضا : ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا .
(5)في التفسير : " الحنان " بدل " جبار " .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه