بحار الأنوار ج16

أسحر من محمد " إن الباطل كان زهوقا " أي مضمحلا ذاهبا هالكا لا ثبات له(1).
وفي قوله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " : أي نعمة عليهم ، قال ابن عباس :
رحمة للبر والفاجر والمؤمن والكافر ، فهو رحمة للمؤمن في الدنيا والآخرة ، ورحمة للكافر
بأن عوفي مما أصاب الامم من الخسف والمسخ ، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال
لجبرئيل لما نزلت هذه الآية : هل أصابك من هذه الرحمة شئ ؟ قال : نعم ، إي كنت
أخشى عاقبة الامر فآمنت بك لما أثنى(2)علي بقوله : " ذي قوة عند ذي العرش مكين(3)"
وقد قال صلى الله عليه واله : " إنما أنا رحمة مهداة " وقيل : إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه
عرضه للايمان والثواب الدائم وهداه وإن لم يهتد ، كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل
فإنه منعم عليه وإن لم يقبل(4).
وفي قوله تعالى : " النبي صلى الله عليه واله أولى بالمؤمنين من أنفسهم " : قيل : فيه أقوال :
أحدها : أنه أحق بتدبيرهم ، وحكمه عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم لوجوب
طاعته(5).
وثانيها : أنه أولى بهم في الدعوة ، فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه واله إلى شئ ودعتهم
أنفسهم إلى شئ كانت طاعته أولى لهم من طاعة أنفسهم(6).
وثالثها أن حكمه أنفذ عليهم من حكم بعضهم على بعض ، وروي أن النبي صلى الله عليه واله
لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم : نستأذن آباء‌نا وامهاتنا ، فنزلت .
وروي عن ابي وابن مسعود وابن عباس أنهم كانوا يقرؤون : " النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم " وكذلك هو في مصحف ابي ، وروي ذلك عن


(1)مجمع البيان 6 : 434 و 435 .
(2)في المصدر : لما أثنى الله .
(3)التكوير : 20 .
(4)مجمع البيان 7 : 67 .
(5)في المصدر : وحكمه أنفذ عليهم من حكمهم على أنفسهم خلاف ما يحكم به ، لوجوب طاعته
التى هو مقرونة بطاعة الله تعالى .
(6)وهذا قريب من الاول .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه