بحار الأنوار ج1

المؤمنين صلوات الله عليه : إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشبته ، وأسكتتهم عن النطق
وإنهم لفصحاء عقلاء ، يستبقون إلى الله بالاعمال الزكية ، لا يستكثرون له الكثير ، ولا
يرضون له من أنفسهم بالقليل ، يرون في أنفسهم أنهم أشرار ، وإنهم لاكياس(1)وأبرار .
بيان : لعل المراد بالعجز الترك ، وتعجيز النفس والكسل لا عدم القدرة أي إن الله
يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة . والاستباق :
المسابقة في الرهان ، أي يسبق بعضهم بعضا في التقرب إلى الله بالاعمال الطاهرة من
آفاتها ، أو النامية . والكياسة : العقل والفطنة .
يا هشام الحياء من الايمان والايمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء
في النار .
بيان : البذاء بفتح الباء ممدودا . الفحش وكل كلام قبيح . والجفاء ممدودا :
خلاف البر والصلة ، وقد يطلق على البعد عن الآداب ، قال المطرزي : الجفاء : الغلظ في
العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق .
يا هشام المتكلمون ثلاثة : فرابح ، وسالم ، وشاجب : فأما الرابح فالذاكر لله
وأما السالم فالساكت ، وأما الشاجب فالذي يخوض في الباطل إن الله حرم الجنة
على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه . وكان أبوذر رضي الله عنه
يقول : يا ميتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ، ومفتاح شر ، فاختم على فيك كما
تختم على ذهبك وورقك(2).
بيان : المراد بالمتكلمين القادرون على التكلم ، أو المتكلمون والمجالسون معهم
تغليبا ، والحاصل أن الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف . والشجب : الهلاك و
الحزن والعيب . قال الجزري : في حديث الحسن : المجالس ثلاثة : فسالم وغانم و
شاجب أي هالك يقال : شجب يشجب فهو شاجب ، وشجب يشجب فهو شجب . أي إما
سالم من الاثم ، أو غانم للاجر ، وإما هالك آثم .


(1)جمع الكيس : الظريف ، الفطن ، الحسن الفهم والادب .
(2)بالواو المثلثة وسكون الراء وبفتح الواو مع كسر الراء : الدراهم المضروبة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه