بحار الأنوار ج14

" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " وقيل : سمي
بذلك لان الله تعالى بشر به في الكتب السالفة ، كما يقول الذي يخبر بالامر إذا خرج
موافقا لامره : قد جاء كلامي ، ومما جاء من البشارة به في التوراة " أتانا الله من سيناء ، و
أشرق من ساعير ، واستعلن من جبال فاران " وساعير هو الموضع الذي بعث منه المسيح عليه السلام
وقيل : لان الله يهدي به كما يهدي بكلمته .
والقول الثاني : أن الكلمة بمعنى البشارة ، كأنه قال : ببشارة منه ولد اسمه
المسيح ، والاول أقوى ، ويؤيده قوله : " إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته
ألقاها إلى مريم وروح منه " وإنما ذكر الضمير في اسمه وهو عائد إلى الكلمة لانه واقع
على مذكر فذهب إلى المعنى .
واختلف في أنه لم سمي بالمسيح فقيل : لانه مسح باليمن والبركة ، عن الحسن
وقتادة وسعيد ، وقيل : لانه مسح بالتطهير من الذنوب ، وقيل : لانه مسح بدهن زيت
بورك فيه ، وكانت الانبياء تتمسح به ، عن الجبائي ، وقيل : لانه مسحه جبرئيل بجناحه
وقت ولادته ليكون عوذة من الشيطان ، وقيل : لانه كان يمسح رأس اليتامى لله ، وقيل : لانه
يمسح(1)عين الاعمى فيبصر ، عن الكلبي ، وقيل : لانه كان لايمسح ذا عاهة بيده إلا أبرأه ، عن ابن
عباس في رواية عطاء والضحاك ، وقال أبوعبيدة : وهو بالسريانية مشيحا ، فعربته العرب " عيسى
ابن مريم " نسبه إلى أمه ردا على النصارى قولهم(2): إنه ابن الله " وجيها " ذا جاه وقدر
وشرف " في الدنيا والآخرة ومن المقربين " إلى ثواب الله وكرامته " ويكلم الناس في المهد " أي
صغيرا ، والمهد الموضع الذي يمهد لنوم الصبي ، ويعني بكلامه في المهد : " إني عبدالله
آتاني الكتاب " الآية ، ووجه كلامه في المهد أنه تنزيه لامه(3)مما قذفت به وجلالة
له بالمعجزة التي ظهرت فيه " وكهلا " أي يكلمهم كهلا بالوحي الذي يأتيه من الله ،


(1)في المصدر : لانه كان يمسح .
(2)في المصدر : في قولهم .
(3)" " : تبرأة لامه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه