بحار الأنوار ج47

وهو يريد أن يمضيها ، فأفضلها ما أنفقه الانسان على والديه ، ثم الثانية على نفسه
وعياله ، ثم الثالثة على قرابته الفقراء ، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ، ثم
الخامسة في سبيل ، وهو أحسنها أجرا .
وقال صلى الله عليه وآله للانصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ، ولم
يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار : لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع
المسلمين يترك صبيته صغارا يتكففون الناس ! .
ثم قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ابدأ بمن تعول الادني فالادنى
ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ، ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم
قال :(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)(1)أفلا ترون
أن الله تبارك وتعالى قال غيرما أراكم تدعون الناس إليه من الاثرة على أنفسهم و
سمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا ، وفي غيرآية من كتاب الله يقول :(إنه لا يحب
المسرفين)(2)فنهاهم عن الاسراف ، ونهاهم عن التقتير ، لكن أمر بين الارمين لا
يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء
عن النبي صلى الله عليه وآله إن أصنافا من امتي لا يستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على
والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ، فلم يكتب عليه ، ولم يشهد
عليه ، ورجل يدعو على امرأته ، وقد جعل الله عزوجل تخلية سبيلها بيده ، و
رجل يقعد في بيته ويقول : رب ارزقني ولا يخرج ، ولا يطلب الرزق ، فيقول الله
عزوجل له : عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الارض بجوارح
صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكيلا
تكون كلا على أهلك فان شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك ، وأنت معذور
عندي . ورجل رزقه الله عزوجل مالا كثيرا فأنفقه ، ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني
فيقول الله عزوجل : ألم أرزقك واسعا ؟ فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ، ولم


(1)سورة الفرقان الاية : 67 .
(2)سورة الانعام الاية : 141 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه