بحار الأنوار ج79

ما يظهر منه قلة الادب ، لو وقع من غيرهم ، ولذلك بحث طويل ، وشواهد من الكتاب
والسنة يخرج ذكره عن مناسبة المقام .
وقال أبان بن تغلب : دخلت على امرء‌ة وقد نزل بابنها الموت ، فقامت إليه
فغمضته وسجته ، ثم قالت يا بني ما الجزع فيما لا يزول ، وما البكاء فيما ينزل
بك غدا ، يا بني تذوق ما ذاق أبوك ، وستذوقه من بعدك امك ، وإن أعظم
الراحة لهذا الجسد النوم والنوم أخو الموت ، فما عليك إن كنت نائما على فراشك ،
أو على غيره ، وإن غدا السؤال والجنة أو النار ، فان كنت من أهل الجنة فما
ضرك الموت ، وإن كنت من أهل النار فما ينفعك الحياة ، ولو كنت أطول
الناس عمرا ، يا بنى لو لا أن الموت أشرف الاشياء لابن آدم لما أمات الله نبيه صلى الله عليه وآله
وأبقى عدوه إبليس .
وعن مسلم بن يسار قال : قدمت البحرين ، فأضافتني امرء‌ة لها بنون ورقيق
ومال ويسار ، وكنت أراها محزونة فغبت عنها مدة طويلة ، ثم أتيتها فلم أرببابها
إنسا ، فاستأذنت عليها فاذا هي ضاحكة مسرورة ، فقلت لها : ما شأنك ؟ قالت :
إنك لما غبت عنا لم نرسل شيئا في البحر إلا غرق ، ولا في البر شيئا إلا عطب
وذهب الرقيق ، ومات البنون ، فقلت لها يرحمك الله رأيتك محزونة في ذلك اليوم
ومسرورة في هذا اليوم ؟ فقالت : نعم إنى لما كنت فيما كنت فيه من سعة الدنيا
خشيت أن يكون الله قد عجل لي حسناتي في الدنيا فلما ذهب مالي وولدي
ورقيقي ، رجوت أن يكون الله قد ذخر لي عنده شيئا .
وعن بعضهم قال : خرجت أنا وصديق لي إلى البادية ، فضللنا الطريق ،
فاذا نحن بخيمة عن يمين الطريق ، فقصدنا نحوها فسلمنا فاذا بامرء‌ة ترد علينا
السلام وقالت : من أنتم ؟ قلنا : ضالون فأتيناكم فاستأنسنا بكم ، فقالت : يا هؤلاء
ولوا وجوهكم عني ، حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل ، ففعلنا فألقت لنا
مسحا فقالت اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني ، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة و

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه