بحار الأنوار ج49

أما رأيت ما جاء به صديقك لا والله ما ظننت أن علي بن موسى خاض في شئ من هذا
قط ولا عرفناه به ، إنه كان يتكلم بالمدينة أو يجتمع إليه أصحاب الكلام ؟ قلت :
قد كان الحاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم ، وربما كلم
من يأتيه يحاجه .
فقال محمد بن جعفر : يا با محمد إني أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمه
أو يفعل به بلية ، فأشر عليه بالامساك عن هذه الاشياء قلت : إذا لا يقبل مني ، وما
أراد الرجل إلا امتحانه ليعلم هل عنده شئ من علوم آبائه عليهم السلام فقال لي : قل له :
إن عمك قد كره هذا الباب ، وأحب أن تمسك عن هذه الاشياء لخصال شتى .
فلما انقلبت إلى منزل الرضا عليه السلام أخبرته بما كان من عمه محمد بن جعفر
فتبسم عليه السلام ثم قال : حفظ الله عمي ما أعرفني به لم كره ذلك ، يا غلام صر إلى
عمران الصابي فائتني به فقلت : جعلت فداك أنا أعرف موضعه وهو عند بعض إخواننا
من الشيعة ، قال : فلا بأس قربوا إليه دابة فصرت إلى عمران فأتيته به فرحب به
ودعا بكسوة فخلعها عليه وحمله ودعا بعشرة آلاف درهم ، فوصله بها .
فقلت : جعلت فداك حكيت فعل جدك أمير المؤمنين عليه السلام قال : هكذا يجب
ثم دعا عليه السلام بالعشاء فأجلسني عن يمينه وأجلس عمران عن يساره ، حتى إذا فرغنا
قال لعمران : انصرف مصاحبا وبكر علينا نطعمك طعام المدينة ، فكان عمران بعد
ذلك يجتمع إليه المتكلمون من أصحاب المقالات ، فيبطل أمرهم حتى اجتنبوه
ووصله المأمون بعشرة آلاف درهم ، وأعطاه الفضل مالا وحمله وولاه الرضا عليه السلام
صدقات بلخ فأصاب الرغائب(1).
13 ن : بالاسناد المتقدم عن الحسن بن محمد النوفلي قال : قدم سليمان
المروزي متكلم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله ، ثم قال له : إن ابن عمي
علي بن موسى عليه السلام قدم علي من الحجاز ، وهو يحب الكلام وأصحابه فلا عليك أن
تصير إلينا يوم التروية لمناظرته ، فقال سليمان يا أمير المؤمنين إني أكره أن


(1)عيون أخبار الرضا ج 1 ص 154 178 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه