بحار الأنوار ج10

فقال اليهودي : فإن هذا يوسف عليه السلام قاسى مرارة الفرقة ، وحبس في السجن
توقيا للمعصية ، فالقي في الجب وحيدا . قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، محمد صلى الله عليه وآله
قاسى مرارة الغربة وفارق الاهل والا ولاد والمال مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه
فلما رأى الله عزوجل كأبته واستشعاره الحزن(1)أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا
توازي رؤيا يوسف عليه السلام في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها ، فقال :(لقد صدق
الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم و
مقصرين لا تخافون)ولئن كان يوسف عليه السلام حبس في السجن فلقد حبس رسول الله
صلى الله عليه وآله نفسه في الشعب ثلاثة سنين ، وقطع منه أقار به وذووا الرحم ، و
ألجؤوه إلى أضيق المضيق ، فلقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا ، إذبعث أضعف
خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه ، ولئن كان يوسف عليه السلام القي في
الجب فلقد حبس محمد صلى الله عليه وآله نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال لصاحبه :(لاتحزن
إن الله معنا)ومدحه الله بذلك في كتابه .
فقال له اليهودي : فهذا موسى بن عمران عليه السلام آتاه الله التوراة التي فيها حكم(2)
قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله اعطي ماهو أفضل منه ، أعطى محمدا
صلى الله عليه وآله سورة البقرة والمائدة بالانجيل ، وطواسين وطه ونصف المفصل و
الحواميم بالتوراة ، وأعطى نصف المفصل والتسابيح بالزبور ، وأعطى سورة بني
إسرائيل وبراء‌ة بصحف إبراهيم عليه السلام وصحف موسى عليه السلام ، وزاد الله عزذكره محمدا
صلى الله عليه وآله السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم
وأعطى الكتاب والحكمة .
قال له اليهودى : فإن موسى عليه السلام ناجاه الله عزوجل على طورسيناء .
قال له علي عليه السلام : لقد كان كذلك ، ولقد أوحى الله عزوجل إلى محمد صلى الله عليه وآله عند
سدرة المنتهى ، فمقامه في السماء محمود ، وعند منتهى العرش مذكور .
قال له اليهودي فلقد ألقى الله على موسى عليه السلام محبة منه . قال له علي عليه السلام


(1)الكأبة : الغم وسوء الحال والانكسار من الحزن . استشعر الخوف أى جعله شعار قلبه .
(2)في المصدر : فيها حكمه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه