بحار الأنوار ج42

الله جميعا ، خليفتي عليكم الله وكفى بالله خليفة . ثم قال : وعليكم السلام يا رسل
ربي ، ثم قال : " لمثل هذا فليعمل العاملون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم
محسنون " وعرق جبينه وهو يذكرالله كثيرا ، وما زال يذكر الله كثيرا ويتشهد
الشهادتين ، ثم استقبل القبلة وغمض عينيه ومد رجليه ويديه وقال : أشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم قضى نحبه عليه السلام ، و
كانت وفاته في ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ، وكانت ليلة الجمعة سنة أربعين
من الهجرة .
قال : فعند ذلك صرخت زينب بنت علي عليه السلام وام كلثوم وجميع نسائه ، وقد
شقوا الجيوب ولطموا الخدود ، وارتفعت الصيحة في القصر ، فعلم أهل الكوفة أن
أميرالمؤمنين عليه السلام قد قبض ، فأقبل النساء والرجال يهرعون أفواجا أفواجا ، و
صاحوا صيحة عظيمة ، فارتجت الكوفة بأهلها وكثر البكاء والنحيب ، وكثر الضجيج
بالكوفة وقبائلهاو دورها وجميع أقطارها ، فكان ذلك كيوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه واله
فلما أظلم الليل تغير افق السماء وارتجت الارض وجميع من عليها بكوه وكنا
نسمع جلبة وتسبيحا في الهواء ، فعلمنا أنها من أصوات الملائكة ، فلم يزل كذلك إلى
أن طلع الفجر ، ثم ارتفعت الاصوات وسمعنا هاتفا بصوت يسمعه الحاضرون ولا
يرون شخصه يقول :
بنفسي ومالي ثم أهلي واسرتي * فداء لمن أضحى قتيل ابن ملجم
علي رقي فوق الخلائق في الوغى * فهدت به أركان بيت المحرم
علي أميرالمؤمنين ومن بكت * لمقتله البطحا وأكناف زمزم
يكاد الصفا والمشعران كلاهما * يهدا وبان النقص في ماء زمزم
وأصبحت الشمس المنير ضياؤها * لقتل علي لونها لون دلهم(1)


(1)الدلهم : المظلم . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه