بحار الأنوار ج14

وقيل : إن تلك النخلة كانت برنية ،(1)وقيل : كانت عجوة(2)وهو المروي عن
أبي عبدالله عليه السلام " فكلي واشربي " أي كلي يامريم من هذا الرطب ، واشربي من هذا الماء
" وقري عينا " جاء في التفسير : وطيبي نفسا ، وقيل : معناه : لتبرد عينك سرورا بهذا الولد
الذي ترين ، لان دمعة السرور باردة ، ودمعة الحزن حارة ، وقيل : معناه : لتسكن عينك
سكون سرور برؤيتك ماتحبين " فإما ترين من البشر أحدا " فسألك عن ولدك " فقولي إني
نذرت للرحمن صوما " أي صمتا ، عن ابن عباس ، والمعنى : أوجبت على نفسي لله أن لا أتكلم ، وقيل
صوما ، أي إمساكا عن الطعام والشراب والكلام ، عن قتادة ، وإنما أمرت بالصمت ليكفيها
الكلام ولدها بما يبرئ ساحتها(3)عن ابن مسعود وابن زيد ووهب ، وقيل : كان في
بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم الصائم
حتى يمسي ، يدل على هذا قوله : " فلن أكلم اليوم إنسيا " أي إني صائمة فلا أكلم
اليوم أحدا ، وكان قد أذن لها أن تتكلم بهذا القدر ثم تسكت ولا تتكلم بشئ آخر ، عن
السدي ، وقيل : كان الله تعالى أمرها أن تنذر لله الصمت ، وإذا كلمها أحد تؤمي بأنها
نذرت صمتا ، لانه لا يجوز أن يأمرها بأن تخبر بأنها نذرت ولم تنذر لان ذلك كذب
عن الجبائي " فأتت به قومها تحمله " أي فأتت مريم بعيسى حاملة له ، وذلك أنها لفته
في خرقة وحملته إلى قومها " قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا " أي أمرا عظيما بديعا ،
إذ لم تلد أنثى قبلك من غير رجل ، عن قتادة ومجاهد والسدي ، وقيل : أمرا قبيحا منكرا
من الافتراء وهو الكذب ، عن الجبائي .
" يااخت هارون " قيل فيه أقوال : أحدها أن هارون كان رجلا صالحا في بني إسرائيل
ينسب إليه كل من عرف بالصلاح ، عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد ، والمغيرة بن شعبة
رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وقيل : إنه لما مات شيع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمى هارون ،
فقولهم : " يا أخت هارون " معناه : ياشبيهة هارون في الصلاح ماكان هذا معروفا منك .


(1)قال الفيروزآبادي : البرني : تمر ، معرب أصله برنيك أي الحمل الجيد . وقال غيره :
نوع من أجود التمر .
(2)العجوة : التمر المحشى . وتمر بالمدينة . وهي ضرب من أجود التمر .
(3)في المصدر : بما يبرئ به ساحتها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه