الجهة الاخرى . والكواكب التي عرضها مساو للميل كله تماس الافق في دور واحد
من الحركة الثانية مرة واحدة إما من فوق وإما من تحت ، ولا يكون لها ولا للتي
يزيد عرضها في أحد جانبي فلك البروج على الميل الكلي طلوع ولا غروب ، بل تكون
إما ظاهرة أبدا وإما خفية أبدا .
الفائدة الثالثة : قالوا : السبب الاكثري في تولد الاحجار والجبال عمل
الحرارة في الطين اللزج بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه بإذن الله تعالى . وقد ينعقد
الماء السيال حجرا إما لقوة معدنية محجرة أو لا رضية غالبة على ذلك الماء . فإذا
صادف الحر العظيم طينا كثيرا الرخا إما دفعة وإما على مرور الايام تكون الحجر
العطيم . فأذا ارتفع بأن يجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الارض تلا من التلال ، أو
يحصل من تراكم عمارات تخربت ثم تحجرت ، أو يكون الطين المتحجر مختلف
الاجزاء في الصلابة والرخاوة فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح وتغور تلك الحفر
بالتدريح غورا شديدا وتبقى الصلبة مرتفعة أو بغير ذلك من الاسباب فهو الجبل . و
قد يرى بعض الجبال منضودة ساقا فساقا كأنها سافات الجدار ، فيشبه أن يكون حدوث
مادة الفوقاني بعد تحجر التحتاني وقد سال على كل ساف من خلاف جوهره ماصار
حائلا بينه وبين الاخر . وقد يوجد في كثير من الاحجار عند كسرها أجزاء الحيوانات
المائية فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الدهر مغمورة في البحر فحصل
الطين اللزج الكثير وتحجر بعد الانكشاف ، ولذلك كثر الجبال ، ويكون انحفار
مابينهما بأسباب تقتضيه كالسيول والرياح ، كذاقيل ، وقد مر بعض الكلام فيه سابقا .
والحق أن الله تعالى خلقها بفضله وقدرته إمابغير أسباب ظاهرة أو بأسباب لانعلمها .
وهذه الاسباب المذكورة ناقصة ، ولو كانت هذه أسبابها فلم لايحدث من الازمنة التي
أحصى الحكماء تلك الجبال إلى تلك الازمان جبل آخر ، إلا أن يقال : لما كان في
بدء خلق الارض زلزلة ورجفة واضطراب عظيم في الارض صارت أسبابا لحدوث تلك
الجبال ، فلما حدثت استقرت الارض وسكنت ، فلهذا لا يحدث بعدها مثلها كما دلت .
عليه الايات والاخبار .