بحار الأنوار ج49

فقال الرضا عليه السلام : ما أدفع عبا الله عن التحدث بنعم الله علي وإن كنت
لا أبغي أثرا ولا بطرا ، وأما ذكرك صاحبك الذي أجلني فما أحلني إلا المحل الذي
أحله ملك مصر يوسف الصديق عليه السلام وكانت حالهما ما قد علمت .
فغضب الحاجب عند ذلك فقال : يا ابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قرك
أن بعث الله تعالى بمطر مقد روقته لا يتقدم ولا يتاخر جعلته آية تستبطل بها ، وصولة
تصول بها ، كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم عليه السلام لما أخذ رؤس الطير بيده
ودعا أعضاء‌ها التي كان فرفها على الجبال فأتينه سعيا وتركبن على الرؤس ، وخفقن
وطرن باذن الله ؟ فان كنت صادقا فيما توهم فأحي هذين وسلطهما علي فان ذلك
يكون حينئذ آية معجزة ، فأما المطر المعتاد مجيئه فلست أحق بأن يكون جاء
بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه ، وكانا متقابلين على المسند .
فغضب علي بن موسى الرضا عليه السلام وصاح بالصورتين : دونكما الفاجر ! فافترساه
ولا تبقياله عينا ولا أثرا فوثب الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب وعضاه
ورضاه وهشماه وأكلاه ولحسادمه ، والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون ، فلما
فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا : يا ولي الله في أرضه ! ماذا تأمرنا نفعل بهذا
أنفعل به فعلنا بهذا ؟ يشيران إلى المأمون فغشى على المأمون مما سمع منهما ، فقال
الرضا عليه السلام : قفا فوقفا .
ثم قال الرضا عليه السلام : صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ، ففعل ذلك به ، وعاد
الاسدان يقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه ؟ قال : لا ، فان لله عز
وجل فيه تدبيرا هو ممضية ، فقالا : ماذا تأمرنا ؟ فقال : عود إلى مقركما كما كنتما
فعادا إلى المسند ، وصارا صورتين كما كانتا .
فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران يعني الرجل
المفترس ثم قال للرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الامر لجدكم رسول
الله صلى الله عليه وآله ثم لكم ، فلو شئت لنزلت عنه لك ، فقال الرضا عليه السلام : لو شئت لما ناظرتك

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه