بحار الأنوار ج77

أوجب بعضهم مسح كل الرأس ، واكتفى بعضهم ببعضه ، وأما عند الامامية فالباء
عندهم للتبعيض(1)كما تدل عليه أخبارهم(2)ولا يلتفت إلى إنكار بعض
المخالفين مجي الباء للتبعيض ، لاعتراف فحول علمائهم بمجيئة كالفيروزآبادى
وهو من أفاخم اللغويين الذين يعتمدون عليهم في جل أحكامهم ، حيث قال في


* معانيه فلا وجه لذكره عليحدة لانه معنى ضمنى يستفاد من وصلة الفعل إلى مفعوله بسبب
الباء ، أو بنفسه ، لا أنه معنى خالص بالباء ، وقولهم في الالصاق الحقيقى أمسكت بزيد
فقد ضمن أمسكت معنى تعلقت ، وهو ظاهر لمن تأمل ، وقولهم في الالصاق المجازى
مررت بزيد فالباء للاستعلاء ، كما في قوله تعالى : واذا مروا بهم يتغامزون فانه
ضمن معنى الاشراف وقوله : أرب يبول الثعلبان برأسه .
فالمعنى امسحوا على رؤسكم وعلى أرجلكم إلى الكعبين ، وانما قيد الارجل بقوله
إلى الكعبين لان الرجل يشمل الساقين والفخذين أيضا فقيده إلى الكعبين ليعلم أن
المسح الواجب يكون على ظهر الرجل ولايجاوز الكعبين إلى الساقين ، كماقيد اليدين
في قوله : اغسلوا وجوهكم وأيديكمم إلى المرافق ليعلم أن الغسل لايجاوز المرافق
إلى العضدين .
(1)بل التبعيض انما يفهم بقرينة ذكر الباء ، لا أن الباء نفسها للتبعيض ، أما في
الاية الكريمة وامسحوا برؤسكم وأرجلكم فلانها بعد ماكانت بمعنى الاستعلاء كان
المعنى : امسحوا على رؤسكم وأرجلكم ، فيكفى في مصداقه مسح ما من دون استيعاب
الرأس والرجلين ، الا لقال عزوجل امسحوا رؤسكم وأرجلكم ليشمل بظاهره تمام
الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وأما في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله وقد
استشهدوا بها لمجيئ الباء للتبعيض ، فالظاهر أنه للسببية ، ضمن الشرب معنى الرى ،
والمعنى : عينا يروى بها عباد الله اذا شربوا منها شربة ، وهكذا الكلام في البيتين اللتين
استشهد بهما على ما سيجيئ .
(2)سيأتى متن الاحاديث ، وفيها أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء وليس ذلك
بصريح في أن الباء للتبعيض كما هو ظاهر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه