بحار الأنوار ج3

أو جناية من غير جان ؟ وإن شئت قلت : في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج
لها حدقتين قمراوين ، وجعل لها السمع الخفي ، وفتح لها الفم السوي ، وجعل لها
الحس القوي ، ونابين بهما تقرض ، ومنجلين بهما تقبض ، ترهبها الزراع في زرعهم
ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم ، حتى ترد الحرث في نزواتها ، وتقضي منه
شهواتها ، وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدقة ، فتبارك الذي يسجد له من في السماوات
والارض طوعا وكرها ، ويعفر له خدا ووجها ، ويلقي بالطاعة إليه سلما وضعفا ، و
يعطي له القياد رهبة وخوفا ، فالطير مسخرة لامره ، أحصى عدد الريش منها والنفس ،
وأرسى قوائهما على الندى واليبس ، قدر أقواتها ، وأحصى أجناسها ، فهذا غراب ، وهذا عقاب
وهذا حمام ، وهذا نعام ، دعا كل طائر باسمه ، وكفل له برزقه ، وأنشأ السحاب الثقال
فأهطل ديمها ، وعدد قسمها فبل الارض بعد جفوفها ، وأخرج نبتها بعد جدوبها .
ايضاح : مدخولة أي معيبة من الدخل - بالتحريك - وهو العيب والغش والفساد
والفلق أي شق . والبشر : ظاهر جلد الانسان . ولا بمستدرك الفكر إما مصدر ميمي أي
بإدراك الكفر ، أو اسم مفعول من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف(1)أي بإدراك الفكر
الذي يدركه الانسان بغايه سعيه ، أو اسم مكان والباء بمعنى في أي في محل إدراكه ،
والغرض المبالغة في صغرها بحيث لا يمكن إدراك تفاصيل أعضائه لا بالنظر ولا بالفكر
كيف دبت أي مشت . وضنت بالضاد المعجمة والنون أي بخلت ، وفي بعض النسخ :
صببت بالصاد المهملة والباء الموحدة على بناء المجهول ، إما على القلب أي صب عليها
الرزق ، أو كناية عن هجومها واجتماعها على رزقها بإلهامه تعالى فكأنها صبت على
الرزق ، ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم من الصبابة وهي حرارة الشوق . لصدرها
الصدر - بالتحريك - رجوع المسافر من مقصده ، والشاربة من الورد أي تجمع في أيام
التمكن من الحركة لايام العجز عنها ، فإنها تخفى في شدة الشتاء لعجزها عن البرد .
والمنان : هو كثير المن والعطاء . والديان : القهار والقاضى والحاكم والسائس و


(1)في بعض النسخ : إلى الموصوف الخاص ، والمراد بالفكر الذى يدركه الانسان بغاية سعيه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه