بحار الأنوار ج26

عبدالله عليه السلام فقلنا له : جعلنا فداك سمعناك تقول : كذا وكذا في أمر خادمتك ، ونحن
نعلم أنك تعلم علما كثيرا لا ينسب(1)إلى علم الغيب ، قال : فقال : يا سدير ما تقرأ
القرآن ؟ قال : قلت قرأناه جعلت فداك ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله :
" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " ؟(2)
قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل وعلمت ما كان
عنده من علم الكتاب ؟ قال : قلت : فأخبرني حتى أعلم ، قال : قدر قطرة من المطر
الجود في البحر الاخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب ؟
قال : قلت جعلت فداك ما أقل هذا ؟ قال : يا سدير ما أكثره لمن لم ينسبه إلى
العلم الذي اخبرك به ياسدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله : " قل كفى
بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "(3)كله ؟ قال : وأومأ بيده إلى
صدره فقال : علم الكتاب كله والله عندنا : ثلاثا(4)
بيان : وهو مغضب : على المجهول أي غضبا ربانيا على جماعة يزعمون أنه الرب
أو أنه يعلم جميع الغيوب وفي جميع الاحوال أو على الجارية ، فما عرفتها لعله عليه السلام
قال ذلك تورية لئلا ينسب إلى الربوبية ، وأراد علما مستندا إلى الاسباب الظاهرة أو علما
غير مستفاد ، مع أنه يحتمل أن يكون الله تعالى أخفى عليه ذلك في تلك الحال لنوع من
المصلحة ، لا ينسب إلى علم الغيب أي ليس منه ، لان الغيب ما اختص الله بعلمه أو ما حصل
بغير استفادة وفي الكافي : " ولا ننسبك " .(5)قدر قطرة ، إنما لم يخبر عليه السلام عن الرجل لعدم
الاهتمام به وعدم مدخليته فيما هو بصدد بيانه . والجود بالفتح المطر الغزير : والبحر
الاخضر هو المحيط سمي به لخضرته وسواده بسبب كثرة الماء ، ما أكثره : رد لما يفهم من


(1)في المصدر : ولا ننسبكوفى الطريق الاخر : ولاننسبنك .
(2)النحل : 40 .
(3)الرعد : 43 .
(4)بصائر الدرجات : 58 .
(5)اصول الكافى : 1 : 257 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه