بحار الأنوار ج42

أوليائك ، فقد نلت مالم ينله أحد ، وأدركت مالم يدركه أحد ، وجاهدت في سبيل
ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده ، وقمت بدين الله حق القيام ، حتى
أقمت السنن ، وأبرت الفتن(1)واستقام الاسلام ، وانتظم الايمان ، فعليك مني
أفضل الصلاة والسلام ، بك اشتد ظهر المؤمنين ، واتضحت أعلام السبل ، واقيمت
السنن ، وما جمع لاحد مناقبك وخصالك ، سبقت إلى إجابة النبي صلى الله عليه واله مقدما
مؤثرا ، وسارعت إلى نصرته ، ووقيته بنفسك ، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن
الخوف والحذر ، قصم الله بك(كل جبار عنيد ، ودل بك)كل ذي بأس شديد
وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى ، وقتل بك أهل الضلال
من العدى ، فهنيئا لك يا أميرالمؤمنين ، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه واله قربا
وأولهم سلما ، وأكثر هم علما وفهما ، فهنيئا لك يا أباالحسن ، لقد شرف الله مقامك
وكنت أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه واله نسبا ، وأولهم إسلاما ، وأوفاهم يقينا ،
وأشدهم قلبا ، وأبذلهم لنفسه مجاهدا ، وأعظمهم في الخير نصيبا ، فلا حرمنا الله
أجرك ولا أذلنا بعدك ، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر ، وإن
يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير ، ولو أن الناس قبلوا منك لاكلوا
من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة .
ثم بكى بكاء شديدا وأبكى كل من كان معه ، وعدلوا إلى الحسن والحسين
ومحمد وجعفر والعباس ويحيى وعون وعبدالله عليهم السلام فعزوهم في أبيهم صلوات الله
عليه ، وانصرف الناس ، ورجع أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام وشيعتهم إلى الكوفة ، ولم
يشعر بهم أحد من الناس ، فلما طلع الصباح وبزغت الشمس أخرجوا تابوتا من
دار أميرالمؤمنين عليه السلام وأتوا به إلى المصلى بظاهر الكوفة ، ثم تقدم الحسن عليه السلام
وصلى عليه ، ورفعه على ناقة وسيرها مع بعض العبيد .
قال الراوي : فلما كان الغداة اجتمعوا لاجل قتل الملعون ، قال أبومخنف :


(1)أبره : أصلحه . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه