بحار الأنوار ج3

الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما ، مع أن متن الخبرين شاهدا صدق على صحتهما ،(1).
وأيضا بهما يشتملان على براهين لاتتوقف إفادتها العلم على صحة الخبر .


* الاعتبار ، فان الاعتناء بقول سابق الانبياء والاولياء عليهم أفضل السلام موافق فطرة
العقول والاحلام . وقال في ص 78 من كتابه الامان من أخطار الاسفار والازمان : ويصحب معه كتاب
الاهليلجة وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه السلام الهندى في معرفة الله جل جلاله بطريق غريبة
عجيبة ضرورية ، حتى أقر الهندى بالالهية والواحدانية ، ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذى
رواه عن الصادق عليه السلام في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي وأسراره ، فانه عجيب
في معناه . أقول : وعده النجاشى من كتبه كتاب في بدء الخق والحث على الاعتبار وصية
المفضل ، وذكر طريقه إليه هكذا : أخبرنى أبوعبدالله ببن شاذان ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى
عن أبيه ، عن عمران بن موسى ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل . انتهى . ولعل
المراد منه هو كتاب توحيده هذا .
(1)أما متن الخبر الاول المشتهر بتوحيد المفضل فهو مطابق لجل الاخبار المروية عن أئمة أهل
البيت عليهم السلام المطابقة لمعارف العزيز وما يشتمل عليه من الادلة براهين تامة لاغبار
عليها . وأما خبر الاهليلجة فمحصل ما فيه إثبات جحية حكم العقل وعدم كفاية الحواس في الاحكام ،
واثبات وجود الصانع من طريق السببية ، واثبات وحدته من طريق اتصال التدبير وهذا لا شك فيه
من جهة العقل ولا من جهة مطابقته لسائر النقل ، غير أنه مشتمل على تفاصيل لا شاهد عليها من النقل و
العقل بل الامر بالعكس ، كاشتماله على كون علوم الهيئة وأحكام النجوم مستندا إلى الوحى ، وكذا كون
علم الطب والقرابادين مستندين إلى الوحى مستدلا بأن إنسانا واحدا لا يقدر على هذا التتبع العظيم
والتجارب الوسيع . مع أن ذلك مستند إلى أرصاد كثيرة ومحاسبات علمية وتجاربات ممتدة من امم
مختلفة في أعصار وقرون طويلة تراكمت حتى تكونت في صورة فن أنتجه مجموع تلك المجاهدات
العظيمة ، والدليل عليه أن النهضة الاخيرة سبكت على الهيئة والطب في قالب جديد أوسع من
قالبهما القديم بما لا يقدر من الوسعة ، ولا مستند له الا الارصاد والتجارب والمحاسبات العليمة ، وكذا
ما هو مثلهما في الوسعة كالكيميا والطبيعيات وعلم النبات والحيوان وغير ذلك ، نعم من الممكن
استناد أصلهما إلى الوحى وبيان النبى .
ومما يشتمل عليه الخبر كون البحار باقية على حال واحدة دائما من غير زيادة ونقيصة مع أن
التغيرات الكلية فيها مما هو اليوم من الواضحات . على أن الكتاب والسنة يساعدانه أيضا .
والذى أظنه والله أعلم أن أصل الخبر مما صدر عنه عليه السلام لكنه لم يخل عن تصرف المتصرفين
فزادوا ونقصوا بما أخرجه عن استقامته الاصلية ، ويشهد على ذلك النسخ المختلفة العجيبة التى سينقلها
المصغف رحمه الله فان النسخ يمكن أن تختلف بالكلمة والكلمتين والجلمة والجملتين لسهو من الراوى
في ضبطه أو من الكاتب في استنساخه ، وأما بنحو الورقة والورقتين وخمسين سطرا ومائة سطر
فمن المستبعد جدا ، الا أن يستند إلى تصرف عمدى ، ومما يشهد على ذلك أيضا الاندماج وعسر البيان
الذى يشاهد في أوائل الخبر وأواسطه . والله أعلم . ط

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه