إخواننا ، بشروني بظهوره عليه السلام بصابر .
فصرت إلى صابر فلما أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا فدخلت القصر
فوقفت أرقب الامر إلى أن صليت العشائين وأنا أدعو وأتضرع وأسأل فاذا أنا ببدر
الخادم يصيح بي : يا عيسى بن مهدي الجوهري ادخل ، فكبرت وهللت وأكثرت
من حمدالله عزوجل والثناء عليه .
فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة فمر بي الخادم إليها فأجلسني
عليها ، وقال لي : مولاك يأمرك أن تأكل مااشتهيت في علتك وأنت خارج من فيد
فقلت : حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي ؟ فصاح : يا عيسى
كل من طعامك فانك تراني .
فجلست على المائدة فنظرت فاذا عليها سمك حار يفور و تمر إلى جانبه أشبه
التمور بتمورنا ، وبجانب التمر لبن فقلت في نفسي : عليل وسمك وتمر ولبن فصاح
بي : يا عيسى أتشك في أمرنا ؟ أفأنت أعلم بما ينفعك ويضرك ؟ فبكيت واستغفرت الله
تعالى وأكلت من الجميع ، وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه فوجدته
أطيب ماذقته في الدنيا فأكلت منه كثيرا حتى استحييت فصاح بي : لا تستحي يا عيسى
فانه من طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق : فأكلت فرأيت نفسي لا ينتهي عنه من أكله .
فقلت : يا مولاي حسبي فصاح : أقبل إلي فقلت في نفسي : آتي مولاي
ولم اغسل يدي ، فصاح بي : يا عيسى وهل لما أكلت غمر ؟ فشممت يدي وإذا هي أعطر
من المسك والكافور ، فدنوت منه عليه السلام فبدا لي نور غشي بصري ، ورهبت حتى
ظننت أن عقلي قداختلط ، فقال لي : يا عيسى ما كان لك أن تراني لولا المكذبون
القائلون بأين هو ؟ ومتى كان ؟ وأين ولد ؟ ومن رآه ؟ وما الذي خرج إليكم منه ؟
وبأي شئ نبأكم ؟ وأي معجز أتاكم ؟ أما و الله لقد دفعوا أميرالمؤمنين مع مارووه
وقدموا عليه ، وكادوه وقتلوه ، وكذلك آبائي عليهم السلام ولم يصدقوهم ونسبوهم إلى
السحر وخدمة الجن إلى ماتبين .