برحمتك عليهم(1)فإنهم لا يعقلون . فأوحى الله إليه أني مرسل قطر السماء
ومختبرهم بعد أربعين يوما . فأذاعوا ذلك وأفشوه ، فحبس عنهم القطر أربعين سنة
وأنتم قد قرب أمركم فأذعتموه في مجالسكم .
يا أبا جعفر مالكم وللناس كفوا عن الناس ، ولا تدعوا أحدا إلى هذا
الامر(2)، فوالله لو أن أهل السماوات والارضاجتمعوا على أن يضلوا عبدا
يريد الله هداه ما استطاعوا أن يضلوه . كفوا عن الناس ولا يقل : أحدكم أخي
وعمي وجاري . فإن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه ، فلا يسمع
معروفا إلا عرفه ، ولا منكرا إلا أنكره ، ثم قذف الله في قلبه كلمة يجمع بها
أمره .
يا ابن النعمان إن أردت أن يصفولك ود أخيك فلا تمازحنه ، ولا تمارينه ،
ولا تباهينه(3)ولا تشارنه ، ولا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع
عليه عدوك لم يضرك ، فإن الصديق قد يكون عدوك يوما .
يا ابن النعمان لا يكون العبد مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث سنن : سنة من
الله وسنة من رسوله وسنة من الامام ، فأما السنة من الله عزوجل فهو أن
(1)تحنن عليه : ترحم عليه .
(2)أى كفوا عن دعوتهم إلى دين الحق في زمن شدة التقية . قال عليه السلام هذا
الكلام في زمان العسرة والشدة على المؤمنين في دولة العباسية ، وحاصل الكلام أن من يريد
الله هدايته لن يستطيع أحد أن يضله وهكذا من لم يرد الله أن يهديه لن يستطيع أحد أن
يهديه . ورواه الكلينى في الكافى ج 2 ص 213 عن ثابت بن سعيد وفيه لا تدعو أحدا
إلى أمركم فوالله لو أن أهل الارضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما
استطاعوا على أن يهدوه ولو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يضلوا
عبدا . . الخ .
(3)أى لا تفاخرنه . و لا تشارنه أى ولا تخاصمنه .