ذكرناه ، وقد يجوز أن الخبر(1)بنزول القرآن جملة في ليلة القدر المراد به أنه نزل
جملة منه في ليلة القدر ، ثم تلاه مانزل منه إلى وفاة النبي صلى الله عليه وآله ، فأما أن يكون نزل
بأسره وجميعه في ليلة القدرفهو بعيد مما يقتضيه ظاهر القرآن ، والتواتر من الاخبار ، و
إجماع العلماء على اختلافها(2)في الآراء ، وأما قوله تعالى : " ولا تعجل بالقرآن " ففيه
وجهان غير ماذكره أبوجعفر وعول فيه على حديث شاذ :
أحدهما : أن الله تعالى نهاه عن التسرع إلى تأويل القرآن قبل الوحي إليه به ،
وإن كان في الامكان من جهة اللغة ما لو قالوه(3)على مذهب أهل اللسان .
والوجه الآخر : أن جبرئيل عليه السلام كان يوحي إليه بالقرآن فيتلوه معه حرفا
بحرف ، فأمره الله تعالى أن لا يفعل ذلك ، ويصغي إلى ما يأتيه به جبرئيل أو ينزله الله
تعالى عليه بغير واسطة حتى يحصل الفراغ منه ، فإذا تم(4)الوحي به تلاوة ونطق به
فاقرأه ، فأما ما ذكره المعول على الحديث من التأويل فبعيد ، لانه لا وجه لنهي الله
تعالى عن العجلة بالقرآن الذي هو في السماء(5)الرابعة حتى يقضى إليه وحيه ، لانه
لم يكن محيطا علما بما في السماء الرابعة قبل الوحي به إليه ، فلا معنى لنهيه عما ليس
في إمكانه ، اللهم إلا أن يقول قائل ذلك : إنه كان محيطا بعلم القرآن المودع في السماء
الرابعة فينتقض كلامه ومذهبه أنه كان في السماء الرابعة ، لان ما في صدر رسول الله صلى الله عليه وآله
وحفظه في الارض فلا معنى لاختصاصه بالسماء ، ولو كان ما في حفظ رسول الله صلى الله عليه وآله يوصف
بأنه في السماء الرابعة خاصة لكان ما في حفظ غيره موصوفا بذلك ، ولا وجه حينئذ يكون
(1)في المصدر : ان الخبر الوارد .
(2)في المصدر : على اختلافهم .
(3)في المصدر : ماقالوه وهو الصحيح .
(4)في المصدر : فاذا اتم الوحى .
(5)لم يرد الصدوق ذلك ، بل أراد أنه تعالى نهاه عن العجلة بالقرآن الذى علمه جملة واحدة
بعد مانزل إلى البيت المعمور ، وبعبارة ان الله تعالى أنزل في ليلة القدر القرآن جملة واحدة إلى
البيت المعمور ، ثم أعلم النبي ذلك وعلمه القرآن بجملته ، فلا يحتاج إلى احاطته بالسماء الرابعة حتى
ينه ؟ ؟ عنه ، ولا ينتقض كلامه أنه كان في السماء الرابعة .(*)