بحار الأنوار ج11

للسجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا وسماه إبليس(1)" وكان الكافرين " أي كان كافرا
في الاصل ، أو كان في علمه تعالى منهم ، أو صار منهم .(2)
" ولقد خلقناكم ثم صورناكم " أي خلقنا أباكم وصورناه ، وقيل : خلقنا آدم ثم
صورناكم في ظهره ، وقيل : إن الترتيب وقع في الاخبار ، أي ثم نخبركم أنا قلنا
للملائكة اسجدوا " مامنعك أن لا تسجد " لا زائدة ، أو المعنى : ما دعاك إلى أن لا تسجد ؟
" خلقتني من نار " قال ابن عباس : أول من قاس إبليس فأخطأ القياس ، فمن قاس الدين
بشئ من رأيه قرنه الله بإبليس ، ووجه دخول الشبهة على إبليس أنه ظن أن النار إذا
كانت أشرف من الطين لم يجز أن يسجد الاشرف للادون ، وهذا خطأ ،(3)لان ذلك
تابع لما يعلم الله سبحانه من مصالح العباد ، وقد قيل أيضا : إن الطين خير من النار ، لانه
أكثر منافع للخلق من حيث إن الارض مستقر الخلق وفيها معائشهم ومنها تخرج أنواع
أرزاقهم ، والخيرية إنما يراد بها كثرة المنافع " فاهبط " أي انزل وانحدر " منها " أي
من السماء ، وقيل : من الجنة ، وقيل : انزل عما أنت عليه من الدرجة الرفيعة إلى الدرجة
الدنية التي هي درجة العاصين " فما يكون لك أن تتكبر " عن أمر الله " فيها " أي
الجنة أو في السماء ، فإنها ليست بموضع المتكبرين " فاخرج " من المكان الذي أنت
فيه ، أو المنزلة التي أنت عليها " إنك من الصاغرين " أي من الاذلاء بالمعصية ، وهذا
الكلام إنما صدر من الله سبحانه على لسان بعض الملائكة ، وقيل : إن إبليس رأى
معجزة تدله على أن ذلك كلام الله " قال أنظرني " أي أخرني في الاجل " إلى يوم
يبعثون " أي من قبورهم للجزاء ، قال الكلبي : أراد الخبيث أن لا يذوق الموت في النفخة
الاولى ، واجيب بالانظار إلى يوم الوقت المعلوم ، وهي النفخة الاولى(4)ليذوق


(1)قال الراغب : الابلاس : الحزن المعترض من شدة اليأس ، يقال : أبلس ، ومنه اشتق
إبليس فيما قيل .
(2)مجمع البيان 1 : 83 . م
(3)وأخطأ أيضا حيث ظن أن الفضيلة تكون بواسطة المادة فقال : خلقتنى من نار وخلقته
من طين ، مع أن الفضيلة تكون بما هو منشأ للاثار ومصدر والامور والافعال ، وإليه أشارالله
تعالى بقوله :(وإذا نقخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين)أضاف الروح إلى نفسه تشريفا وتعظيما
له ، وإيعازا إلى أنه الموجب لاستحقاق السجود والتعظيم .
(4)أو ظهور المهدى عليه السلام على ماروى(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه