بحار الأنوار ج72

والاول أظهر ، فيدل على أنه لا بأس بسب غير المؤمن إذا لم يكن قذفا بل يمكن
أن يكون المراد بالمؤمن من لا يتظاهر بارتكاب الكبائر ، ولا يكون مبتدعا مستحقا
للاستخفاف .
قال المحقق في الشرايع : كل تعريض بما يكرهه المواجه ، ولم يوضع
للقذف لغة ولا عرفا يثبت به التعزير إلى قوله : ولو كان المقول له مستحقا
للاستخفاف ، فلا حد ولا تعزير ، وكذا كل ما يوجب أذى كقوله : يا أجذم أو
يا أبرص .
وقال الشهيد الثاني رحمه الله في شرحه : لما كان أذى المسلم الغير المستحق
للاستخفاف محرما فكل كلمة تقال له ويحصل له بها الاذى ، ولم تكن موضوعة
للقذف بالزنا وما في حكمه لغة ولاعرفا ، يجب بها التعزير بفعل المحرم كغيره
من المحرمات ومنه التعيير بالامراض ، وفي صحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله
قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل سب رجلا بغير قذف يعرض به ، هل يجلد ؟
قال : عليه التعزير(1)والمراد بكون المقول له مستحقا للاستخفاف أن يكون
فاسقا متظاهرا بفسقه ، فانه لاحرمة له حينئذ لما روي عن الصادق عليه السلام إذا جاهر
الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة ، وفي بعض الاخبار من تمام العبادة الوقيعة
في أهل الريب ، وفي الصحيح عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا
رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي ، فأظهروا البراء‌ة منهم ، وأكثروا من سبهم والقول
فيهم ، والوقيعة ، وباهتوهم لئلا يطغوا في الفساد في الاسلام ، ويحذرهم الناس ، ولا
يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ، ويرفع لكم به الدرجات في
الاخرة(2)والفسق في اللغة الخروج عن الطاعة مطلقا ، لكن يطلق غالبا في الكتاب
والسنة على الكفر ، أو ارتكاب الكبائر العظيمة ، قال في المصباح : فسق فسوقا من
باب قعد خرج عن الطاعة ، والاسم الفسق ، ويفسق بالكسر لغة ، ويقال : أصله خروج
الشئ من الشئ على وجه الفساد ، ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها


(1)الكافى ج 7 ص 240 .(2)الكافى ج 2 ص 375 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه