واحد لا من عدد ، ودائم لا بأمد ، وقائم لا بعمد ، ليس بجنس فتعادله الاجناس
ولا بشبح فتضارعه الاشباح ، ولا كالاشياء فتقع عليه الصفات ، قد ضلت العقول في
أمواج تيار إدراكه ، وتحيرت الاوهام عن إحاطة ذكر أزليته ، وحصرت الافهام
عن استشعار وصف قدرته ، وغرقت الاذهان في لجج أفلاك ملكوته .
مقتدر بالالاء ، ممتنع بالكبرياء ، ومتملك على الاشياء ، فلا دهر يخلقه ،
ولا وصف يحيط به ، قد خضعت له رقاب الصعاب في محل تخوم قرارها ، وأذعنت له
رواصن الاسباب في منتهى شواهق أقطارها ، مستشهد بكلية الاجناس على ربوبيته ،
وبعجزها على قدرته ، وبفطورها على قدمته ، وبزوالها على بقائه ، فلالها محيص
عن إدراكه إياها ، ولا خروج عن إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها ، ولا
امتناع من قدرته عليها ، كفى باتقان الصنع له آية ، وبتركيب الطبع عليه دلالة ،
وبحدوث الفطر عليه قدمة ، وبإحكام الصنعة عليه عبرة ، فلا إليه حد منسوب ، ولا
له مثل مضروب ، ولا شئ عنه بمحجوب ، تعالى عن ضرب الامثال له ، والصفات
المخلوقة علوا كبيرا .
وسبحان الله الذي خلق الدنيا للفناء والبيود ، والاخرة للبقاء والخلود
وسبحان الله الذي لا ينقصه ما أعطى فأسنى ، وإن جاز المدى في المنى ، وبلغ
الغاية القصوى ، ولا يجور في حكمه إذا قضى ، وسبحان الله الذى لا يرد ما قضى ، و
لا يصرف ما أمضى ، ولا يمنع ما أعطى ، ولا يهفو ولا ينسى ، ولا يعجل بل يمهلء
ويعنو ويغفر ، ويرحم ويصبر ، ولا يسئل عما يفعل وهم يسألون .
ولا إله إلا الله الشاكر للمطيع له ، المملي للمشرك به ، القريب ممن دعاه
على حال بعده ، والبر الرحيم لمن لجأ إلى ظله واعتصم بحبله ، ولا إله إلا
الله المجيب لمن ناداه بأخفص صوته ، السميع لمن ناجاه لاغمض سره ، الرؤف بمن
رجاه لتفريج همه القريب ممن دعاه لتنفيس كربه وغمه ، ولا إله إلا الله الحليم
عمن ألحد في آياته ، وانحرف عن بيناته ، ودان بالجحود في كل حالاته ، والله