بحار الأنوار ج4

قوله عليه السلام أضاء بنوره كل ظلام الظلام إما محسوس فإضاء‌ته بأنوار الكواكب
والنيرين ، أو معقول وهو ظلام الجهل فإضاء‌ته بأنوار العلم والشرائع قوله : وأظلم
بظلمته كل نور إذ جميع الانوار المحسوسة أو المعقوله مضمحلة في نور علمه ، وظلام
بالنسبة إلى نور براهينه في جميع مخلوقاته الكاشفة عن وجوده ، وقال ابن أبي الحديد :
تحت قوله عليه السلام معنى دقيق وسر خفي وهو أن كل رذيلة في الخلق البشري غير مخرجة
عن حد الايمان مع معرفته بالادلة البرهانية ، غير مؤثرة نحو أن يكون العارف
بخيلا أو جبانا ، وكل فضيلة مع الجهل به سبحانه ليست بفضيلة في الحقيقة ، لان
الجهل به يكشف تلك الانوار نحو أن يكون الجاهل به جوادا أو شجاعا . ويمكن
أن يكون الظلام والنور كنايتين عن الوجود والعدم ، ويحتمل على بعد أن يكون الضمير
في قوله : بظلمته راجعا إلى كل نور لتقدمه رتبة فيرجع حاصل الفقرتين حينئذ إلى
أن النور هو ما ينسب إليه تعالى فبتلك الجهة نور ، وأما الجهات الراجعة إلى الممكنات
فكلها ظلمة .
41 - نهج : في وصيته للحسن المجتبى صلوات الله عليهما : واعلم يا بني أنه لو
كان لربك شريك لاتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ،
ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضاده في ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ، ولم يزل
أو لاقبل الاشياء بلا أولية ، وآخرا بعد الاشياء بلا نهاية ،(1)عظم عن أن تثبت ربوبيته
بإحاطة قلب أو بصر .
42 - نهج : من خطبة له عليه السلام الحمد لله الذي انحسرت الاوصاف عن كنه
معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ، هو الله الحق
المبين ، أحق وأبين مماتراه العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ، ولم تقع
عليه الاوهام بتقدير فيكون ممثلا ، خلق الخلق على غير تمثيل ولا مشورة مشير ، ولا
معونة معين ، فتم خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدافع ، وانقاد ولم ينازع .
43 - نهج : من خطبة له عليه السلام : كل شئ خاشع له ، وكل شئ قائم به ، غنى


(1)في نسخة : أول قبل الاشياء بلا أولية ، وآخر بعد الاشياء بلا نهاية .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه