بحار الأنوار ج8

سعتها وعظمها ، والعرب إذا وصفت الشئ بالسعة وصفته بالعرض . ويسأل فيقال :
إذا كانت الجنة عرضها كعرض السماء والارض فأين تكون النار ؟ فجوابه أنه روي
أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن ذلك فقال : سبحان الله ! إذا جاء النهار فأين الليل ؟ و
هذه معارضة فيها إسقاط المسألة ، لان القادر على أن يذهب بالليل حيث يشاء قادر
على أن يخلق النار حيث شاء .
ويسأل أيضا : إذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون لها هذا العرض ؟ والجواب أنه قيل : إن الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش عن أنس بن مالك .
وقد قيل : إن الجنة فوق السماوات السبع وإن النار تحت الارضين السبع ، عن
قتادة . وقيل : معنى قولهم : إن الجنة في السماء أنها في ناحية السماء وجهة السماء لا أن السماء تحويها ، ولا ينكر أن يخلق الله في العلو أمثال السماوات والارضين ،
وإن صح الخبر أنها في السماء الرابعة كان كما يقال : في الدار بستان لا تصاله
بها وكونه في ناحية منها أويشرع إليه بابها وإن كان أضعاف الدار . وقيل : إن الله تعالى
يزيد في عرضها يوم القيامة فيكون المراد : عرضها السماوات والارض يوم القيامة لا في
الحال ، عن أبي بكر أحمد بن علي مع تسليمه أنها في السماء اعدت للمتقين أي المطيعين لله
ولرسوله باجتناب المقبحات وفعل الطاعات ، وهذا يدل على أن الجنة مخلوقة اليوم
لانها لا تكون معدة إلا وهي مخلوقة .
أقول : وقال الرازي في تفسير هذه الآية : وههنا سؤالات : الاول : ما معنى
أن عرضها مثل عرض السماوات والارض ؟ فيه وجوه : الاول : أن المراد : لوجعلت

السماوات والارضوان طبقا طبقا بحيث يكون كل واحد من تلك الطبقات سطحا
مؤلفا من أجزاء لا يتجزى ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض
الجنة ، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله . الثاني أن الجنة التي تكون عرضها
مثل عرض السماوات والارض إنما يكون للرجل الواحد لان الانسان إنما يرغب
فيما يصير ملكا له ، فلا بد وأن تكون الجنة المملو كة لكل واحد مقدار هذا ، ثم

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه