بحار الأنوار ج74

ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم(1)وفي
فئ الله لكل سعة ، ولكل على الوالي حق بقدر يصلحه وليس يخرج الوالي من
حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلا بالاهتمام والاستعانة بالله وتوطين نفسك على لزوم
الحق والصبر فيما خف عليه وثقل . فول من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله
ولامامك وأنقاهم جيبا(2)وأفضلهم حلما وأجمعهم علما وسياسة ممن يبطئ عن الغضب
ويسرع إلى العذر ، ويرأف بالضعفاء وينبوعلى الاقوياء(3)ممن لا يثيره العنف ولا
يقعد به الضعف ، ثم ألصق بذوي الاحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة
ثم أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة ، فإنهم جماع من الكرم(4)وشعب
من العرف ، يهدون إلى حسن الظن بالله والايمان بقدره . ثم تفقد أمورهم بما
يتفقد الوالد من ولده ، ولا يتفا قمن في نفسك شئ قويتهم به(5)ولا تحقرن لطفا
تعاهدتهم به وإن قل ، فانه داعية لهم إلى بذل النصيحة وحسن الظن بك . فلاتدع
تفقد لطيف أمورهم اتكالا على جسميها ، فان لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به
وللجسيم موقعا لا يستغنون عنه .


(1)الرفد : العطاء والمعونة .
(2)الجيب من القميص : طوقة . وأيضا : الصدر والقلب ، يقال : فلان نقى الجيب
أى أمين الصدر والقلب . وأيضا : الامين ، يقال : رجل ناصح الجيب أى أمين لاغش فيه
وقد يقرء في بعض النسخ اتقاهم .
(3)النبو : العلو والارتفاع وينبو أى يشتد ويعلو عليهم ليكف أيديهم عن الظلم .
والعنف - مثلثة العين - : الشدة والمشقة ، ضد الرفق . ويحتمل أن يكون بمعنى اللوم كما
جاء في اللغة أيضا .
(4)أى مجموع منه . والعرف : المعروف . ومراده عليه السلام شرح أوصاف الذين
يؤخذ منهم الجند ويكون منهم رؤساؤه .
(5)تفاقم الامر : عظم أى لا تعد ما قويتهم به عظيما ولا ما تلطغك حقيرا بل لكل
موضع وموقع .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه