فكتب إليه أبي : إني قد بعثت إليك بما رأيت فإن شئت كان ما طلبت ، وإن
شئت لم يكن ، فصدقه عبدالملك ، وجمع أهل الشام وقال : هذا متاع رسول الله صلى الله عليه وآله
قد أتيت به ، ثم أخذ زيدا وقيده وبعث به ، وقال له : لو لا أني اريد لا أبتلي بدم
أحد منكم لقتلتك ، وكتب إلى أبي بعثت إليك بابن عمك فأحسن أدبه ، فلما
أتى به قال أبي : ويحك يا زيد ما أعظم ما تاتي به ، وما يجري على يديك ، إني
لاعرف الشجرة التي نحت منها ، ولكن هكذا قدر فويل لمن أجرى الله على يديه
الشر ، فاسرج له فركب أبي ونزل متور ما فأمر بأكفان له ، وكان فيه ثياب أبيض
أحرم فيه وقال : اجعلوه في أكفاني ، وعاش ثلاثا ، ثم مضى عليه السلام لسبيله وذلك
السرج عند آل محمد معلق ، ثم إن زيد بن الحسن بقي بعده أياما فعرض له داء
فلم يزل يتخبط ويهوي ، وترك الصلاة حتى مات(1).
بيان : الظاهر أنه سقط من آخر الخبر شئ ، ويظهر منه أن إهانة زيد و
بعثه إلى الباقر عليه السلام إنما كان على وجه المصلحة ، وكان قد واطأه على أن يركبه
عليه السلام على سرج مسموم بعث به إليه معه ، فأظهر عليه السلام علمه بذلك حيث
قال : أعرف الشجرة التي نحت السرج منها ، فكيف لاأعرف ما جعل فيه من السلم
ولكن قدر أن تكون شهادتي هكذا ، فلذا قال عليه السلام السرج معلق عندهم ، لئلا
يقربه أحد ، أو ليكون حاضرا يوم ينتقم من الكافر في الرجعة .
قوله : يتخبطه أي يفسده الداء ويذهب عقله ، ويهوي أي ينزل في جسده
ولعله كان يهذي من الهذيان ، ثم إنه يشكل بأنه يخالف ما مر من التاريخ وما
سيأتي ، ولعله كان هشام بن عبدالملك قسقط من الرواة والنساخ .
12 يج : عن الباقر عليه السلام قال : إن عبدالملك لما نزل به الموت مسخ وزغا
فكان عنده ولده ، ولم يدروا كيف يصنعون ، وذهب ثم فقدوه ، فأجمعوا على أن
أخذوا جذعا فصنعوه كهيئة رجل ففعلوا ذلك ، وألبسوا الجذع ، ثم كفنوه في
(1)الخرائج والجرائح ص 230 .