بحار الأنوار ج14

العراق ، قال سعيد بن المسيب : لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس تغلقت أبوابه فعالجها
سليمان فلم تنفتح حتى قال في دعائه : بصلوات أبي داود إلا فتحت الابواب ، ففرغ له
سليمان(1)عشرة آلاف من قراء بني إسرائيل خمسة آلاف بالليل وخمسة آلاف بالنهار
ولا تأتي ساعة من ليل ولا نهار إلا ويعبد الله فيها " وثماثيل " يعني صورا من نحاس و
شبه(2)وزجاج ورخام كانت الجن تعملها .
ثم اختلفوا فقال بعضهم : كانت صورا للحيوانات ، وقال آخرون : كانوا يعملون
صور السباع والبهائم على كرسيه ليكون أهيب له ، فذكروا أنهم صوروا أسدين أسفل
كرسيه ، ونسرين فوق عمودي كرسيه ، فكان إذا أراد أن يصعد على الكرسي بسط الاسدان
ذراعيهما ، وإذا علا على الكرسي نشر النسران أجنحتهما فظللاه من الشمس ، ويقال : إن
ذلك كان مما لا يعرفه أحد من الناس ، فلما حاول بخت نصر صعود الكرسي بعد سليمان
حين غلب على بني إسرائيل لم يعرف كيف كان يصعد سليمان عليه السلام فرفع الاسد ذراعيه
فضرب ساقه فقدها فخر مغشيا عليه ، فما جسر أحد بعده أن يصعد ذلك الكرسي ،
قال الحسن : ولم تكن يومئذ التصاوير محرمة وهي محظورة في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله فإنه
قال : " لعن الله المصورين " ويجوز أن يكره ذلك في زمن دون زمن ، وقد بين الله سبحانه
أن المسيح عليه السلام كان يصور بأمر الله من الطين كهيئة الطير ، وقال ابن عباس : كانوا
يعملون صور الانبياء والعباد في المساجد ليقتدى بهم ، وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال :
والله ماهي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وما أشبهه .
" وجفان كالجواب " أي صحاف كالحياض التي يجبى فيها الماء أي يجمع ، وكان
سليمان عليه السلام يصلح طعام جيشه في مثل هذه الجفان ، فإنه لم يمكنه أن يطعمهم في مثل
قصع الناس لكثرتهم ، وقيل : إنه كان يجمع على كل جفنة ألف رجل يأكلون بين يديه
" وقدور راسيات " أي ثابتات لاتزلن عن أمكنتهن لعظمهن ، عن قتادة ، وكانت باليمن ، و
قيل : كانت عظيمة كالجبال يحملونها مع أنفسهم ، وكان سليمان عليه السلام يطعم جنده انتهى .(3)


(1)في المصدر : ففتحت ففرغ له سليمان .
(2)الشبه : النحاس الاصفر .
(3)مجمع البيان 8 : 382 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه