بحار الأنوار ج88

اخرى ، وقوله : إلا إذا انقضت السورة يدل على أن انقضاء السورة علة لقراء‌تها
فيحتمل أن يكون كلاهما على الاجتماع علة ، وأن يكون كل منهما علة كما ذهب
إليه جماعة بين كل ركعتين أي ركوعين إن الله بكسرة همزة إن ، وفي الاية
بالفتح ، لكونه فيها مفعول الرؤية ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن
في الارض (1)قيل أي يتسخر لقدرته ولا يتأبى عن تدبيره ، أو يذل بذله على
عظمة مدبره ، و من يجوز أن يعم اولى العقل وغيرهم على التغليب ، فيكون
قوله والشمس والقمر الخ إفرادا لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها .
وكثر من الناس عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد
من مفهوميه باعتبار أحدهما إلى أمر ، وباعتبار الاخر إلى آخر ، فان تخصيص
الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم ، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه خبر
قسيمه . نحو حق له الثواب ، أو فاعل فعل مضمر أي يسجد له كثير من الناس وكثير
حق عليه العذاب بكفره وإبائه عن الطاعة ، ويجوز أن يجعل وكثير تكريرا
للاول مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب ، وأن يعطف على الساجدين بالمعنى العام
موصوفا بما بعده .
أقول : هذا ما ذكره البيضاوي وغيره من المفسرين ويخطر بالبال معنى آخر
وهو أن السجود لما كان عبارة عن غاية الخضوع والتذلل ، فغيرذوى القول سجودهم
ليس بتامظ إلا أن ما يريد منهم اضطرارا وتكوينا لا يتأبون منه ، وأما ذوو العقول
فهم ذو واجهتين ، لان لهم إرادة واختيارا ، فالمعصومون منهم سجودهم وخضوعهم تام
لانهم لا يأبون عما يريد منهم اختيارا ولا اضطرار ، وغير المعصومين من جهة
الاضطرار ساجدون ، ومن جهة الاختيار عاصون ، فلا يكمل سجودهم وخضوعهم
فلذا أخرجهم .
وقال : وكثير من الناس وبين المخرجين بقوله سبحانه : وكثير حق
عليه العذاب فلا يلزم في هذا الوجه تكلف ، ولا استعمال المشترك في معنييه ، فخذ


(1)الحج : 18 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه