بحار الأنوار ج95

من لا ذبه وانقطع إليه ، أنت المحسن ونحن المسيئون ، فتجاوز يا رب عن قبيح
ما عندنا بجميل ما عندك ، فأي جهل يا رب لا يسعه جودك ؟ أو أي زمان أطول
من أناتك ، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك ؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها كرمك
بل كيف يضيق على المدنيين ما وصفته من رحمتك ؟
يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، فوعزتك يا سيدي لو انتهرتني
ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما انتهى إلى يا سيدي من المعرفة
بجودك وكرمك ، وأنت الفاعل لما تشاء تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء ، و
ترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء ، لا تسأل عن فعلك ، ولا تنازع في ملكك ولا
تشارك في أمرك ، ولا تضاد في حكمك ، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك ، لك
الخلق والامر تباركت يا رب العالمين ، أنت أحسن الخالقين ، ورب العالمين
يا رب هذا مقام من لا ذبك ، واستجار بكرمك ، وألف إحسانك ونعمك
وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك ، ولا ينقص فضلك ولا تقل رحمتك ، وقد توثقنا
منك بالصفح القديم ، والفضل العظيم ، والرحمة الواسعة
أفتراك يا رب تخلف ظنوننا ؟ أو تخيب آمالنا ؟ كلا يا كريم ! ليس
هذا ظننا بك ، ولا هذا طمعنا فيك يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا ، إن
لنا بك رجاء عظيما ، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا ، ودعوناك ونحن
نرجو أن تستجيب لنا ، فحقق رجاء‌نا يا مولانا ، فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا
ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك ، وإن كنا
غير مستوجبين لرحمتك ، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل سعتك
وامنن علينا بما أنت أهله ، وجد علينا بفضل إحسانك ، فانا محتاجون إلى نيلك
يا غفار ! بنورك اهتدينا ، وبفضلك استغنينا ، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا ذنوبنا بين
يديك ، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك ، تتحبب إلينا بالنعم ، ونعارضك بالذنوب
خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا
في كل يوم بعمل قبيح ، فلا يمنعك ما يأتي منا من ذلك ، أن تحوطنا برحمتك

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه