وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا ، فإن بعضهم قد بغوا علينا ، ليحكم
بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه ، وخذ علي العهود والمواثيق المؤكدة أني أرده إليك
سالما في غداة إلا أن يحدث علي حادثة من قبل الله ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : من أنت
ومن قومك ؟ قال : أنا عرفطة بن سمراخ(1)أحد بني كاخ من الجن المؤمنين ، أنا
وجماعة من أهلي كنا نسترق السمع ، فلما منعنا ذلك وبعثك الله نبيا آمنا بك و
صدقنا قولك ، وقد خالفنا بعض القوم وأقاموا على ما كانوا عليه ، فوقع بيننا وبينهم
الخلاف ، وهم أكثر منا عددا وقوة ، وقد غلبوا على الماء والمراعي وأضروا بنا و
بدوابنا ، فابعث معي من يحكم بيننا بالحق . فقال له النبي صلى الله عليه وآله اكشف لنا عن
وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها ، فكشف لنا عن صورته فنظرنا إلى
شخص عليه شعر كثير ، وإذا رأسه طويل ، طويل العينين ، عيناه في طول رأسه ، صغير
الحدقتين ، في فيه أسنان كأسنان السباع ، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله أخذ عليه العهد والميثاق
على أن يرد عليه من غد(2)من يبعث معه به .
فلما فرغ من ذلك التفت إلى أبي بكر وقال : سر مع أخينا عرفطة وتشرف
على قومه وتنظر(3)إلى ماهم على فاحكم بينهم بالحق ، فقال : يا رسول الله وأين
هم ؟ قال : هم تحت الارض ، فقال أبوبكر : وكيف أطيق النزول في الارض ؟ و
كيف أحكم بينهم ولا أحسن كلامهم ؟ فالتفت إلى عمر بن الخطاب وقال له مثل
قوله لابي بكر ، فأجاب بمثل جواب أبي بكر ، ثم استدعى بعلي عليه السلام وقال له :
يا علي سر مع أخينا عرفطة وتشرف على قومه وتنظر إلى ماهم عليه وتحكم بينهم
بالحق ، فقام علي عليه السلام مع عرفطة وقد تقلد سيفه ، وتبعه أبوسعيد الخدري وسلمان
الفارسي ، قالا : نحن أتبعناهما إلى أن صاروا إلى واد ، فلما توسطاه نظر إلينا
(1)في المصدر : شمراخ .
(2)كذا في(ك). وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : في غد .
(3)تنظره : تأمله بعينه . تأنى عليه وانتظره في مهلة .