ابتلى به كثيرا من خلقه)فقال له عيسى عليه السلام : يا هذا وأي شئ من البلاء أراه
مصروفا عنك ؟ فقال : يا روح الله أنا خير ممن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في
قلبي من معرفته ، فقال له : صدقت ، هات يدك ، فناوله يده ، فاذا هو أحسن الناس
وجها وأفضلهم هيئة ، قد أذهب الله عنه ما كان به فصحب عيسى عليه السلام وتعبد معه .
وروي أنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عابد عالم مجتهد ، وكانت له
امرءة وكان بها معجبا ، فماتت فوجد عليها وجدا شديدا حتى خلافي بيت وأغلق
على نفسه ، واحتجب عن الناس ، فلم يكن يدخل عليه أحد ، ثم إن امرءة من بني
إسرائيل سمعت به فجائته فقالت لي إليه حاجة أستفتيه فيها ليس يجزئني إلا أن
اشافهه بها فذهب الناس ولزمت الباب فاخبر فأذن لها ، فقالت أستفتيك في أمر
قال : ما هو ؟ قالت : إني استعرت من جارة لي حليا فكنت ألبسه زمانا ثم إنهم أرسلوا
إلى أفأرده إليهم ؟ قال : نعم ، والله ، قالت : إنه قد مكث عندي زمانا قال : ذاك
أحق بردك إياه ، فقالت له : رحمك الله أفتأسف على ما أعارك الله عزوجل ثم
أخذه منك وهو أحق به منك ؟ فأبصر ما كان فيه ، ونفعه الله بقولها .
وعن أبي الدرداء قال : كان لسليمان بن داود عليه السلام ابن يحبه حباشديدا ،
فمات فحزن عليه حزنا شديدا ، فبعث الله عزوجل إليه ملكين في هيئة البشر فقال
ما أنتما ؟ قالا : خصمان ، قال : اجلسا بمجلس الخصوم ، فقال أحدهما إني
زرعت زرعا فأتى هذا فأفسده ، فقال سليمان عليه السلام : ما يقول هذا ؟ قال أصلحك
الله إنه زرع في الطريق ، وإني مررت فنظرت يمينا وشمالا فاذا الزرع ، فركبت
قارعة الطريق ، وكان في ذلك فساد زرعه ، فقال سليمان ما حملك على أن تزرع
في الطريق ؟ أما علمت أن الطريق سبيل الناس ، ولابد للناس من أن يسلكوا
سبيلهم .
فقال له : أحد الملكين أو ما علمت يا سليمان أن الموت سبيل الناس ، ولابد
للناس أن يسلكوا سبيلهم ؟ قال : فكأنما كشف عن سليمان عليه السلام الغطاء ، ولم
يجزع على ولده بعد ذلك ، رواه ابن أبي الدنيا .