بحار الأنوار ج56

معنى قوله تعالى " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل(1)" وقوله تعالى :
" يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل(2)" راجع إلى ذلك ، فإن
جهلوا ذلك كلو أو تجاهدوا لم يجدوا بدا من كون النصف النهار الاول ست ساعات ،
والنصف الاخير ست ساعات ، ولا يمكنهم التعامي عن ذلك لشيوع الخبر المأثور في
ذكر فضائل السابقين إلى الجامع يوم الجمعة وتفاضل أجورهم بتفاضلقصورهم
في الساعات الست التي هي أول النهار إلى وقت الزوال ، وذلك مقول على الساعات
الزمانية المعوجة دون المستوية التي تسمى المعتدلة ، فلو سامحناهم بالتسليم لهم في
دعواهم لوجب أن يكون استواء الليل والنهار حين تكون الشمس بجنبتي الانقلاب
الشتوي ويكون ذلك في بعض المواضع دون بعض ، وأن لا يكون الليل الشتوي
مساويا للنهار الصيفي ، وأن لا يكون نصف النهار موافاة الشمس منتصف ما بين الطلوع
والغروب ، وخلافات هذه اللوازم هي القضايا المقبولة عند من له أدنى بصر ، وليس
يتحقق لزوم هذه الشناعات إياهم إلا من له درية يسيرة بحركات الاكر(3).
فإن تعلق متعلق بقول الناس عند طلوع الفجر " قد أصبحنا وذهب الليل "
فأين هو عن قولهم عند تقارب غروب الشمس واصفرارها " قد أمسينا وذهب النهار و
جاء الليل " وإنما ذلك إنباء عن دنوه وإقباله وإدبار ما هم فيه ، وذلك جار على
طريق المجاز والاستعارة ، وجائز في اللغة كقول الله تبارك وتعالى " أتى أمر الله
فلا تستعجلوه(4)" ويشهد لصحة قولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " صلاة
النهار عجماء " وتسمية الناس صلاه الظهر بالاولى لانها الاولى من صلوتي النهار ،
وتسمية صلوة العصر بالوسطى لتوسطها بين الصلاة الاولى من صلاتي النهار وبين
الصلاة الاولى من صلوات الليل ، وليس قصدي فيما أوردته في هذا الموضع إلا نفي


(1)الحج : 16 .
(2)الزمر : 5 .
(3)الاكر كصرد جمع الكرة .
(4)النحل : 1 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه