من القبط يقال له عرارة ، فمر بعاشر له فاعترضه العاشر(1)ليعشر ما معه ، فلما انتهى
إلى العاشر ومعه التابوت قال العاشر لابراهيم عليه السلام : افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه ، فقال
له إبراهيم عليه السلام : قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه ، قال : فأبى العاشر
إلا فتحه ، قال : وغضب إبراهيم عليه السلام على فتحه ، فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن
والجمال قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟ قال إبراهيم : هي حرمتي وابنة خالتي ، فقال له
العاشر : فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت ؟ فقال إبراهيم عليه السلام : الغيرة عليها أن يراها
أحد ، فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها وحالك ، قال : فبعث رسولا إلى
الملك فأعلمه فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا به ، فقال لهم إبراهيم
عليه السلام : إني لست افارق التابوت حتى يفارق روحي جسدي ، فأخبروا الملك بذلك
فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه ، فحملوا إبراهيم عليه السلام والتابوت وجميع ماكان معه
حتى أدخل على الملك ، فقال له الملك : افتح التابوت ، فقال له إبراهيم عليه السلام : أيها الملك
إن فيه حرمتي وبنت خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع مامعي ، قال : فغصب الملك إبراهيم
على فتحه ، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها ، فأعرض إبراهيم عليه السلام
وجهه عنها وعنه غيرة منه وقال : اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي ، فلم تصل يده
إليها ولم ترجع إليه ، فقال له الملك : إن إلهك هو الذي فعل بي هذا ؟ فقال له : نعم إن
إلهي غيور يكره الحرام ، وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام ، فقال له الملك :
فادع إلهك يرد علي يدي فإن أجابك فلم أعرض لها ، فقال إبراهيم عليه السلام : إلهي رد إليه
يده ليكف عن حرمتي ، قال : فرد الله عزوجل إليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره ثم
عاد بيده نحوها ، فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه وقال : اللهم احبس يده عنها ، قال :
فيبست يده ولم تصل إليها ، فقال الملك لابراهيم عليه السلام : إن إلهك لغيور وإنك لغيور
فادع إلهك يرد علي يدي فإنه إن فعل لم أعد ، فقال إبراهيم عليه السلام : أسأله ذلك على
أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله ، فقال له الملك : نعم ، فقال إبراهيم : اللهم إن كان
صادقا فرد يده عليه فرجعت إليه يده ، فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية
(1)العاشر : آخذ العشر .(*)