أما إني أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل كان أجمل بنا ، ووفق الله هشاما للاسلام
يوم الفتح .(1)
قال : وفي سنة عشر من نبوته صلى الله عليه وآله توفي أبوطالب ، قال ابن عباس : عارض
رسول الله صلى الله عليه وآله جنازة أبي طالب ، فقال : وصلتك رحم ، وجزاك الله خيرا يا عم .
وفي هذه السنة توفيت خديجة بعد أبي طالب بأيام ، ولما مرضت مرضها الذي
توفيت فيه دخل عليها رسول الله فقال لها : بالكره مني ما أرى منك يا خديجة ، وقد
يجعل الله في الكره خيرا كثيرا ، أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم
بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ، قالت : وقد فعل الله ذلك
يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قالت : بالرفاء والبنين ، وتوفيت خديجة وهي بنت خمس
(1)ذكر في المصدر : هنا قصة الصحيفة مفصلا ، ولعل نسخة المصنف كانت ناقصة ، نذكرها
مزيدا للفائدة ، قال : ثم ان الله عزوجل برحمته أرسل على صحيفة قريش التى كتبوها - وفيها
تظاهرهم على بنى هاشم - الارضة ، فلم تدع فيها اسما هو لله عزوجل الا اكلته ، وبقى فيها الظلم
والقطيعة والبهتان ، فأخبر الله عزوجل بذلك رسوله محمدا صلى الله عليه وآله فأخبر أبا طالب ،
فقال أبوطالب : يا ابن أخى من حدثك هذا وليس يدخل إلينا أحد ، ولا تخرج أنت إلى
أحد ؟ ولست في نفسى من أهل الكذب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أخبرنى ربى
هذا ، فقال له عمه : إن ربك لحق ، وأنا أشهد انك صادق ، فجمع أبوطالب أهله ولم
يخبرهم بما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وآله كراهية أن يفشوا ذلك الخبر ، فيبلغ المشركين
فيحتالوا للصحيفة البحث والمكر ، فانطلق أبوطالب برهطه حتى دخلوا المسجد والمشركون
من قريش في ظل الكعبة ، فلما ابصروا تباشروا به وظنوا أن الحصر والبلاء حملهم على
أن يدفعوا إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيقتلوه ، فلما انتهى إليهم أبوطالب ورهطه
رحبوا بهم وقالوا : قد آن لك أن تطيب نفسك عن قتل رجل في قتله صلاحكم وجماعتكم
وفى حياته فرقتكم وفسادكم ، فقال أبوطالب : قد جئتكم في امر لعله يكون فيه صلاح و
جماعة ، فاقبلوا ذلك منا ، هلموا صحيفتكم التى فيها تظاهركم علينا ، فجاؤا بها ولا
يشكون الا انهم سيدفعون رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم إذا نشروها ، فلما جاؤا بصحيفتهم
قال أبوطالب : صحيفتكم بينى وبينكم ، فان ابن أخى قد اخبرنى ولم يكذبنى ان الله عزوجل
قد بعث على صحيفتكم الارضة ، فلم تدع لله فيها اسما الا أكلته ، وبقى فيها الظلم والقطيعة
والبهتان ، فان كان كاذبا فلكم على ان ادفعه إليكم تقتلونه ، وإن كان صادقا فهل ذلك - - >