بحار الأنوار ج14

فلما رجع دقيوس(1)من عيده سأل عن الفتية فأخبر أنهم خرجوا هرابا فركب في ثمانين
ألف حصان ،(2)فلم يزل يقفو أثرهم حتى علا فانحط إلى كهفهم فلما نظر إليهم إذا هم
نيام ، فقال الملك : لو أردت أن أعاقبهم بشئ لما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم ، و
لكن ايتوني بالبنائين فسد باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لاصحابه : قولوا لهم :
يقولوا لالههم الذي في السماء لينجيهم وأن يخرجهم من هذا الموضع .
قال علي عليه السلام : يا أخا اليهود فمكثوا ثلاث مائة سنة وتسع سنين ، فلما أراد
الله أن يحييهم أمر إسرافيل الملك أن ينفخ فيهم الروح ، فنفخ فقاموا من رقدتهم ، فلما أن
بزغت الشمس قال بعضهم : قد غفلنا في هذه الليلة عن عبادة إله السماء ، فقاموا فإذا العين قد
غارت ، وإذا الاشجار قد يبست ، فقال بعضهم : إن أمورنا لعجب ، مثل تلك العين الغزيرة
قد غارت والاشجار قد يبست في ليلة واحدة ! ومسهم الجوع فقالوا : ابعثوا بورقكم هذه إلى
المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا ،
قال تمليخا : لا يذهب في حوائجكم غيري ، ولكن ادفع أيها الراعي ثيابك إلي ، قال :
فدفع الراعي ثيابه ومضى يؤم المدينة ، فجعل يرى مواضع لايعرفها ، وطريقا هو ينكرها
حتى أتى باب المدينة وإذا عليه علم أخضر مكتوب عليه : لا إله إلا الله عيسى رسول الله ، قال :
فجعل ينظر إلى العلم وجعل يمسح عينيه ويقول : أراني نائما ، ثم دخل المدينة حتى
أتى السوق فأتى رجلا خبازا فقال : أيها الخباز ما اسم مدينتكم هذه ؟ قال : أقسوس
قال : ومااسم ملككم ؟ قال : عبدالرحمن ، قال : ادفع إلي بهذه الورق طعاما ، فجعل الخباز
يتعجب من ثقل الدراهم ومن كبرها . قال فوثب اليهودي وقال : يا علي وما كان وزن
كل درهم منها ؟ قال : وزن كل درهم عشرة دراهم وثلثي درهم ،(3)فقال الخباز : يا
هذا أنت أصبت كنزا ؟ فقال تمليخا : ماهذا إلا ثمن تمر بعتها منذ ثلاث ، وخرجت من هذه


(1)تقدم ان دقيانوس ودقيوس كلاهما صحيح .
(2)في نسخة وفي العرائس : ثمانين الف فارس .
(3)في العرائس : ثلثا درهم . وهو الصواب .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه