بحار الأنوار ج79

ما يتقرب به العباد إلى ربهم ، فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ،
ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم قال :(وأوصاني بالصلاة)(1).
وسئل النبي صلى الله عليه وآله عن أفضل الاعمال قال : الصلاة لاول وقتها .
بيان(بعد المعرفة)أي معرفة الله أو معرفة الامام ، فانها المتبادر منها في عرفهم
عليهم السلام ، أو الاعم منهما ومن سائر المعارف الدينية ، والاول يستلزم
الاخيرين غالبا ولذا يطلقونها في الاكثر ، والاخير هنا أظهر والعبارة تحتمل معنيين
أحدهما أن المعرفة أفضل الاعمال ، وبعدها في المرتبة ليس شئ أفضل من
الصلاة ، والحاصل أنها أفضل العبادات البدنية ، والثاني أن الاعمال التي يأتي
بها العبد بعد تحصيل المعارف الخمس صلوات أفضل منها ، إذ لا فضل للعمل بدون
المعرفة حتى يكون للصلاة ، أو تكون أفضل من غيرها مع أنه يقتضي أن يكون
لغيرها فضل أيضا .
وقال الشيخ البهائي زاد الله في بهائه : ما قصده عليه السلام من أفضلية الصلاة على
غيرها من الاعمال ، وإن لم يدل عليها منطوق الكلام إلا أن المفهوم منه بحسب
العرف ذلك ، كما يفهم من قولنا ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم
وإن كان منطوقة نفي أفضليتهم عليه ، وهو لا يمنع المساواة .
هذا وفي جعله عليه السلام قول عيسى على نبينا وآله وعليه السلام(وأوصاني
بالصلاة)الاية مؤيدا لافضلية الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الاعمال نوع
خفاء ، ولعل وجهه ما يستفاده من تقديمه عليه السلام ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح
كلامه ، ثم إردافه ذلك بالاعمال البدنية والمالية ، وتصديره لها بالصلاة مقدما
لها على الزكاة .
ولا يبعد أن يكون التأييد لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الاعمال
من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ، ويؤيده عدم إيراده عليه السلام صدر الاية في صدر
التأييد ، والاية هكذا :(قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني


(1)مريم : 31 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه