بحار الأنوار ج56

الثانى : المراد منه أن الملائكة لهم تأثيرات في قلوب بني آدم على سبيل
الالهامات ، فهم يزجرونهم عن المعاصي زجرا .
الثالث : لعل الملائكة أيضا يزجرون الشياطين عن التعرض لبني آدم بالشر(1)
والايذاء
وأقول : قد ثبت في العلوم العقلية أن الموجودات على ثلاثة أقسام : مؤثر لا يقبل
الاثر وهو الله سبحانه وهو أشرف الموجودات ، ومتأثر لا يؤثر ، وهو عالم الاجسام وهو
أخس الموجودات ، وموجود يؤثر في شئ ويتأثر عن شئ آخر وهو عالم الارواح ، و
ذلك لانها تقبل الاثر عن عالم كبرياء الله ثم إنها تؤثر في عالم الاجسام . واعلم
أن الجهة التي باعتبارها تقبل الاثر من عالم كبرياء الله غير الجهة التي باعتبارها
تستولي على عالم الاجسام وتقدر على التصرف فيها ، وقوله " فالتاليات ذكرا "
إشارة إلى الاشرف من الجهة التي بإعتبارها يقوى على التأثير في عالم الاجسام
إذا عرفت هذا فقوله " والصافات صفا " إشارة إلى وقوفها صفا صفا في مقام
العبودية والطاعة والخضوع والخشوع ، وهو الجهة التي باعتبارها تقبل تلك
الجواهر القدسية أصناف الانوار الالهية والكمالات الصمدية ، وقوله تعالى
" فالزاجرات زجرا " إشارة إلى تأثير الجواهر الملكية في تنوير الارواح
القدسية البشرية ، وإخراجها من القوة إلى الفعل ، وذلك أنه(1)كالقطرة
بالنسبة إلى البحر ، وكالشعلة بالنسبة إلى الشمس ، وأن هذه الارواح
البشرية إنما تنتقل من القوة إلى الفعل في المعارف الالهية والكمالات
الروحانية بتأثيرات جواهر الملائكة ، ونظيرة قوله تعالى : " ينزل الملائكة بالروح
من أمره على من يشاء من عباده "(3)وقوله " نزل به الروح الامين على قلبك(4)" و


(1)في بعض النسخ : بالشرك والايذاء .
(2)في المصدر : لما ثبت ان هذه الارواح النطقية البشرية بالنسبة إلى أرواح الملائكة
كالقطرة . .
(3)النحل : 2 .
(4)الشعراء : 193 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه