بحار الأنوار ج61

أحد الطرفين على الآخرإلا لمرجح ، فمن(1)الناس من قال : المراد هنا المعنى الثاني
لان اللائق بالدابة ليس له إلا هذا السجود ، ومنهم من قال : المراد هو المعنى الاول
لانه اللائق بالملائكة ، ومنهم من قال : هو لفظ مشترك وحمل المشترك على معنييه جائز
وهو ضعيف(2).
وقال في قوله تعالى : " ألم يروا إلى الطير " هذا دليل آخر على كمال قدرة
الله تعالى وحكمته ، فانه لولا أنه تعالى خلق الطير خلقة معها يمكنه الطيران ، و
خلق الجو خلقة معها يمكن الطيران فيها(3)لما أمكن ذلك ، فانه تعالى أعطى الطير
جناحا يبسطه مرة ويكسره اخرى ، مثل ما يعمل السابح في الماء ، وخلق الهواء
خلقة لطيفة رقيقة يسهل خرقه(4)والنفاذ فيه ، ولولا ذلك لما كان الطيران ممكنا ،
" ما يمسكهن إلا الله " المعنى أن جسد الطير جسم ثقيل ، والجسم الثقيل يمتنع
بقاؤه في الجو معلقا من غيردعامة تحته ولاعلاقة فوقه ، فوجب أن يكون الممسك له
في ذلك الجو هو الله تعالى ، قال القاضي : إنما أضاف الله تعالى هذا الامساك إلى نفسه
لانه تعالى هو الذي أعطى الآيات التي لاجلها يتمكن الطير من تلك الافعال ، فلما
كان تعالى هو السبب لذلك لاجرم صحت الاضافة انتهى(5).
قوله تعالى : " والطير " أي والطير أيضا تسبح ، وقد مر أن تسبيحها إما محمول
على الحقيقة بناء على شعورها ، أو جعلهاالله في هذا الوقت ذات شعور معجزة لدواد
عليه السلام ، أو تسبيحها بلسان الحال ، كما مر في تسبيح الجمادات ، أو هو من السباحة
قال الرازي : وأما الطير فلا امتناع في أن يصدر عنهاالكلام ، ولكن أجمعت الامة على


(1)نقله المصنف من هنا إلى آخر كلامه باختصار .
(2)تفسير الرازى 20 : 42 و 44 .
(3)في المصدر : الطيران فيه .
(4)في المصدر : يسهل بسببها خرقه .
(5)تفسير الرازى 2 : 90 و 91 فيه : فلما كان تعالى هو المسبب لذلك لاجرم صحت
هذه الاضافة إلى الله تعالى .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه