فأخبرني عما تحفظ منها ؟ فقال الراهب : لا والله الذي أنزل التوراة على موسى
وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر اولي الالباب ، وجعل محمدا بركة ورحمة
وجعل عليها عليه السلام عبرة وبصيرة ، وجعل الاوصياء من نسله ونسل محمد صلى الله عليه وآله
ماأدري ، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك .
فقال له أبوإبراهيم عليه السلام : عد إلى حديث الهندي ، فقال له الراهب : سمعت
بهذه الاسماء ولا أدري مابطائنها ولا شرائحها ، ولا أدري ماهي ، ولا كيف هي ، ولا
بدعائها فانطلقت حتى قدمت سندان الهند ، فسألت عن الرجل فقيل لي : إنه بنى ديرا
في جبل فصار لايخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين ، وزعمت الهند أن الله تعالى
فجر له عينا في ديره ، وزعمت الهند أنه يزرع له من غير زرع يلقيه ، ويحرث له
من غير حرث يعمله ، فانتهيت إلى بابه ، فأقمت ثلاثا لا أدق الباب ، ولا اعالج
الباب .
فلما كان اليوم الرابع فتح الله باب ، وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها
يكاد يخرج مافي ضرعها من اللبن ، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت ، فوجدت
الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي ، وينظر إلى الارض فيبكي ، وينظر إلى
الجبال فيبكي ، فقلت : سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا فقال لي : والله ما أنا
إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك .
فقلت له : اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تعالى تبلغ به في كل يوم و
ليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك ، فقال لي : فهل تعرف البيت المقدس ؟ فقلت :
لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام ، فقال : ليس بيت المقدس ولكنه البيت
المقدس وهو بيت آل محمد فقلت له : أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس
فقال لي : تلك محاريب الانبيآء ، وإنما كان يقال لها حظيرة المحاريب حتى
جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما ، وقرب البلاء من أهل
الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين ، فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الاسماء