بحار الأنوار ج14

عن قتادة ، وقيل : معناه : قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته ويرجع إليك ، قال سعيد بن
جبير : قال لسليمان : انظر إلى السماء فما طرف حتى جاء به فوضعه بين يديه ، والمعنى : حتى
يرتد إليك طرفك بعد مده إلى السماء ، وقيل : ارتداد الطرف إدامة النظر حتى يرتد
طرفه خاسئا ، عن مجاهد ، فعلى هذا معناه أن سليمان عليه السلام مد بصره إلى أقصاه وهو
يديم النظر فقبل أن ينقلب إليه بصره حسيرا يكون قد أتي بالعرش .(1)وقال الكلبي :
خر آصف ساجدا ودعا باسم الله الاعظم فغار عرشها تحت الارض حتى نبع عند كرسي
سليمان ، وذكر العلماء في ذلك وجوها :
أحدها : أن الملائكة حملته بأمر الله تعالى . والثاني : أن الريح حملته . والثالث :
أن الله تعالى خلق فيه حركات متوالية . والرابع : أنه انخرق مكانه حيث هو هناك ، ثم
نبع بين يدي سليمان . والخامس : أن الارض طويت له ، وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام .
والسادس : أنه أعدمه الله في موضعه وأعاده في مجلس سليمان ، وهذا لايصح على مذهب
أبي هاشم ، ويصح على مذهب أبي علي الجبائي فإنه يجوز فناء بعض الاجسام دون
بعض .
وفي الكلام حذف كثير لان التقدير : قال سليمان له : افعل ، فسأل الله تعالى في ذلك
فحضر العرش فرآه سليمان مستقرا عنده(2)أي فلما رأى سليمان العرش محمولا إليه
موضوعا بين يديه في مقدار رجع البصر " قال هذا من فضل ربي " أي من نعمته علي و
إحسانه لدي لان تيسير ذلك وتسخيره مع صعوبته وتعذره معجزة له ودلالة على علو
قدره وجلالته وشرف منزلته عند الله تعالى " ليبلونئ أشكر أم أكفر " أي ليختبرني هل
أقوم بشكر هذه النعمة أم أكفر بها " ومن شكر فإنما يشكر لنفسه " لان عائدة شكره
ومنفعته ترجعان إليه وتخصانه دون غيره ، وهذا مثل قوله : " إن أحسنتم أحسنتم
لانفسكم " .
" ومن كفر فإن ربي غني " يعني غني عن شكر العباد ، غير محتاج إليه ، بل هم


(1)في نسخة : قد أتاه بالعرش .
(2)في المصدر : فرآه سليمان مستقرا عنده " فلما رآه مستقرا عنده " أي فلما رأى .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه