بحار الأنوار ج15

نعم ، فلا أهلا بك ولا سهلا ، يا ابنة اللخناء(1)، قالت : أين نور الذى كان في غرتك ؟
قال : في بطن زوجتي آمنة بنت وهب ، قالت : لا شك أنها لذلك أهل ، ثم نادت برفيع
صوتها : يا ذوي العز والمراتب إن الوقت متقارب ، وإن الامر لواقع ، ما له من دافع ،
فتفرقوا عني ، فقد جاء المسآء ، وفي الصباح يسمع مني الاخبار ، وأوقفكم على حقيقة
الآثار ، فتفرقوا عنها .
قال : فلما مضى من الليل شطره مضت إلى سطيح ، وقد خرج من مكة فقالت له : ما ترى ؟
قال : أرى العجب ، والوقت قد قرب ، وحدثها بما قد جرى من قريش ، قالت له : ما تشير به
علي ؟ قال لها : أما أنا فقد كبر سني ولو لاخيفة العار لامرت من يريحني منالحياة ، ولكني
سأذهب إلى الشام ، واقيم بها حتى يأتيني الحمام ، فإنه لا طاقة لي به ، فإنه المؤيد المنصور ،
ومن يعاديه مقهور ، قالت : يا سطيح وأين أعوانك ؟ لم لا يساعدونك على هذا الامر ، و
يعينونك على هلاك آمنة قبل أن يخرج من الاحشاء ؟ قال لها : يا زرقآء وهل يقدر أحد
أن يتعرض لآمنة ، فإن من تعرض لها عاجلة التدمير ، من اللطيف الخبير ، أما أنا
وأصحابي فلا نتعرض لها ، والآن أنصحك ، فإياك أن تصلي إلى آمنة ، فإن حافظها
رب السمآاوات والارض ، فإن لم تقبلي ، نصيحتي فدعيني وما أنا عليه ، فلعلي(2)أموت
الليلة أو غدا ، فلما سمعت مقالته أعرضت عنه ، وباتت ليلتها ساهرة ، فلما أصبح الصباح
أقبلت إلى بني هاشم ، وقالت : أنعم الله لكم الصباح ، لقد أشرفت بكم المحافل(3)، ووفقتم ،
إذ ظهر فيكم المنعوت في التوراة والانجيل والزبور والفرقان ، فياويل من يعاديه(4)،


(1)بعده في المصدر : قالت : فما فعل النور الذى كان في وجهك ، فقال : جزاك الله ، ان أبى
زوجني بآمنة بنت وهب ، وانتقل النور اليها ، وانها لذلك أهل ، فقالت : صدقت ، ولا شك فيما
ذكرت ، فنادت بأعلى صوتها .
(2)في المصدر : فلا نتعرض لهذا الامر ، لا ننا لا نقدر عليه ، ولا نجد فيه حيلة ، والان قد
أعلمتك ونصحتك ، فاقبلى نصيحتى ، فانك لا تصلين إلى آمنة وحافظها ربها ، ولا يقدر عليها أحد ،
فان لم تقبلى نصيحتى فدعينى وما أنا عليه من البلا ، وضعف القوى ، فلعلى إه‍ .
(3)البطاح خ ل فقلت : البطاح جمع البطحاء .
(4)عائدة خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه