بحار الأنوار ج23

تتميم : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب الشافي حاكيا عن
الناصب الذي تصدى فيه لرد مزخرفاته وخرافاته : قال صاحب الكتاب : دليل
لهم آخر ، وربما تعلقوا بما روي عنه صلى الله عليه وآله من قوله : " إني تارك فيكم ما إن
تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض " وإن ذلك يدل على أن الامامة فيهم ، وكذلك العصمة ، وربما قووا
ذلك بما روي عنه صلى الله عليه وآله : " إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها
نجا ومن تخلف عنها غرق " وأن ذلك يدل على عصمتهم ، ووجوب طاعتهم ، و
حظر العدول عنهم ، قالوا : وذلك يقتضي النص على أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم قال :
وهذا إنما يدل على أن إجماع العترة لا يكون إلا حقا ، لانه لا يخلو من أن
يريد عليه السلام بذلك جملتهم أو كل واحد منهم ، وقد علمنا أنه لا يجوز أن يريد بذلك
إلا جملتهم ، ولا يجوز أن يريد كل واحد منهم ، لان الكلام يقتضي الجمع ، ولان
الخلاف قد يقع بينهم على ما علمناه من حالهم ، ولا يجوز أن يكون قول كل منهم(1)
حقا ، لان الحق لا يكون في الشئ وضده ، وقد ثبت اختلافهم فيما هذا حاله
ولا يجوز أن يقال : إنهم مع الاختلاف(2)لا يفارقون الكتاب ، وذلك يبين أن
المراد به أن ما أجمعوا عليه يكون حقا حتى يصح قوله : " لن يفترقا حتى يردا
علي الحوض " وذلك يمنع من أن المراد بالخبر الامامة لان الامامة لا تصح في
جميعهم ، وإنما يختص بها الواحد منهم ، وقد بينا أن المقصد بالخبر ما يرجع
إلى جميعهم ، ويبين ما قلناه : إن أحدا مما خالفنا في هذا الباب لا يقول في كل
واحد من العترة : إنه بهذه الصفة ، فلابد من أن يتركوا الظاهر إلى أمر آخر
يعلم به أن المراد بعض من بعض ، وذلك الامر لا يكون إلا ببينة ، وليس لهم أن
يقولوا : إذا دل على ثبوت العصمة فيهم ولم يصح إلا في أمير المؤمنين عليه السلام ثم في
واحد واحد من الائمة فيجب أن يكون هو المراد ، وذلك أن لقائل أن يقول :


(1)في المصدر : ولا يجوز ان يكون قول كل واحد منهم حقا .
(2)في المصدر : مع هذا الاختلاف .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه