بحار الأنوار ج41

الكوفة دعا بدعوات ، فإذا حصى المسجد د وياقوت ، فقال لهما : ما الذي تريان ؟
قالا : هذا در وياقوت ، فقال : لو أقسمت على ربي فيما هو أعظم من هذا لابر
قسمي ، فرجع أحدهما كافرا ، وأما الآخر فثبت ، فقال عليه السلام له : إن أخذت شيئا
ندمت وإن تركت ندمت ، فلم يدعه حرصه حتى أخذ درة فصيرها في كمه ، حتى
إذا أصبح نظر إليها فإذا هي درة بيضاء لم ينظر الناس إلى مثلها ، فقال : يا أمير المؤمنين
إني أخذت من ذلك الدر واحدة ، قال : وما دعاك إلى ذلك ؟ قال : أحببت أن أعلم
أحق هو أم باطل ، قال : إنك إن رددتها إلى الموضع الذي أخذتها منه عوضك الله
الجنة ، وإن أنت لم تردها عوضك الله النار ، فقام الرجل فردها إلى موضعها
الذي أخذها منه ، فحولها الله حصاة كما كان ، فبعضهم قال : كان هذا ميثم التمار
وقال بعضهم : بل كان عمرو بن الحمق الخزاعي(1).
21 - عم ، شا : من معجزات أمير المؤمنين عليه السلام ما رواه اهل السير واشتهر
به الخبر في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء ورواه الفهماء
والعلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة ، وشهرته تغني عن تكلف
إيراد الاسناد له ، وذلك أن الجماعة روت أن أمير المؤمنين عليه السلام لما توجه
إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد ، ونفد ما كان عندهم من الماء ، فأخذوا يمينا
وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا ، فعدل بهم أمير المؤمنين عليه السلام عن الجادة
وسار قليلا ، ولاح(2)لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا صار في فنائه
أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم ، فنادوه فأطلع ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام :
هل قرب قائمك هذا من ماء يتغوث به هؤلاء القوم ؟ فقال : هيهات بيني وبين الماء
أكثر من فرسخين ، وما بالقرب مني شئ من الماء ، ولولا أنني اوتي بماء يكفيني
كل شهر على التقتير لتلفت عطشا ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أسمعتم ما قال الراهب ؟
قالوا : نعم ، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أوما إليه لعلنا أن ندرك الماء(3)وبنا قوة ؟


(1)لم نجده في الخرائج المطبوع .
(2)في المصدرين : فلاح .
(3)في الارشاد : لعلنا ندرك الماء .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه