الاختلاط وثوران النقع(1)فلو قال : اقتلوني والاشتر لقتلا جميعا ، فلما افترقا
قال الاشتر :
أعايش لو لا أنني كنت طاويا(2)* ثلاثا لالفيت ابن اختك هالكا
غداة ينادي والرماح تنوشه * كوقع الصياصي : اقتلوني ومالكا(3)
فنجاه مني شبعه وشبابه * وأني شيخ لم أكن متماسكا
ويقال : إن عائشة فقدت عبدالله فسألت عنه ، فقيل لها : عهدناه وهو معانق
للاشتر ، فقالت : واثكل أسماء . ومات الاشتر في سنة تسع وثلاثين متوجها إلى
مصر واليا عليها لعلي عليه السلام ، قيل : سقي سما ، وقيل : إنه لم يصح ذلك وإنما
مات حتف أنفه ، فأما ثناء أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا الفصل فقد بلغ فيه مع اختصاره
ما لا يبلغ بالكلام الطويل ، ولعمري لقد كان الاشتر أهلا لذلك ، كان شديد البأس
جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا ، وكان يجمع بين اللين والعنف ، فيسطوفي موضع
السطوة ويرفق في موضع الرفق(4).
أقول : وقال ابن أبي الحديد في شرح وصايا أوصى أميرالمؤمنين عليه السلام إلى
الحارث الهمداني : هو الحارث بن عبدالله بن كعب بن أسد بن مخلد بن حارث بن
سبيع بن معاوية الهمداني ، كان أحد الفقهاء(5)وصاحب علي عليه السلام ، وإليه تنسب
الشيعة الخطاب الذي خاطب به في قوله عليه السلام :
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا(6)
أقول : رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا : روي أنه دخل أبوأمامة الباهلي على
(1)النقع : الغبار .
(2)اى جائعا .
(3)ناش الشئ بالشئ : تعلق به . والصياصى جمع الصيصية : الوتد يقلع به التمر .
(4)شرح النهج 3 : 625 - 627 .
(5)في المصدر بعد ذلك : له قول في الفتيا وكان اه .
(6)شرح النهج 4 : 309 . *