أخرجوه من مكة أنزل الله سبحانه " وما لهم أن لا يعذبهم الله " الآية ، فهذبهم الله بالسيف
يوم بدر وقتلوا ، وقيل : معناه لو استغفروا لم يعذبهم ، وفي ذلك استدعاء للاستغفار ، وقال
مجاهد : وفي أصلابهم من يستغفر " وما كانوا " أي المشركون " أولياءه " أي أولياء المسجد
الحرام " إن أولياءه " أي ما أولياء المسجد الحرام " إلا المتقون " هذا هو المروي عن أبي
جعفر عليه السلام " وما كان صلاتهم " أي صلاة هؤلاء المشركين الصادين عن المسجد الحرام
" إلا مكاء وتصدية " .
قال ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون : وصلاتهم معناه
دعاؤهم ، أي يقيمون المكاء والتصدية مكان الدعاء والتسبيح ، وقيل : أراد ليست لهم صلاة
ولا عبادة ، وإنما يحصل منهم ما هو ضرب من اللهو واللعب ، فالمسلمون الذين يطيعون
الله ويعبدونه عند هذا البيت أحق بمنع المشركين منه .
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من
بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ، ورجلان عن يساره فيصفقان بأيديهما ، فيخلطان عليه
صلاته ، فقتلهم الله جميعاببدر ، ولهم يقول ولبقية بني عبد الدار : " فذوقوا العذاب " أي
عذاب السيف يوم بدر ، أو عذاب الآخرة(1).
" بعض الذي نعدهم " أي من العقوبة في الدنيا ومنها وقعة بدر " أو نتوفينك " أي
نميتنك قبل أن ينزل ذلك بهم ، قيل : إن الله سبحانه وعد نبيه صلى الله عليه وآله أن ينتقم له منهم
إما في حياته أو بعد وفاته ، ولم يحده بوقت .
قوله تعالى : " وإن كنت من قبله " أي قبل الوحي أو القرآن " لمن الغافلين " عن الحكم
والقصص التي في القرآن .
" قل هذه سبيلي " أي طريقتي وسنتي " أدعو إلى الله " أي إلى توحيده وعدله
ودينه " على بصيرة " على يقين ومعرفة وحجة ، لا على وجه التقليد والظن " أنا ومن
اتبعني " أي أدعوكم أنا ، ويدعوكم أيضا من آمن بي واتبعني ، وسيأتي أن المراد به
أمير المؤمنين عليه السلام " وسبحان الله " أي سبح الله تسبيحا ، أو قل : سبحان الله ، وقيل :
اعتراض بين الكلامين .
(1)مجمع البيان 4 : 539 - 541 . بحار الانوار - 10 -(*)