بحار الأنوار ج64

عليين أو من طينة سجين ، فلما علم ذلك أعطى أبدان الارواح التي علم أنهم
يختارون الايمان باختيارهاكيفية عليين لمناسبة ، وأعطى أبدان الارواح التي
علم أنها تختار الكفر باختيارها كيفية السجين ، من غير أن يكون للامرين مدخل
في اختيارهم الايمان والكفر ، وخلط مابين الطينتين من غير أن يكون لذلك الخلط
مدخل في اختيار الحسنة والسيئة .
وقال بعض أرباب التأويل من المحققين(1): المراد بعلين أشرف المراتب
وأقربها من الله تعالى وله درجات كما يدل عليه ما ورد في بعض الاخبار من قولهم :
أعلى عليين ، وكما وقع التنبيه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والابدان كليهما
إليه ، مع اختلافهما في الرتبة .
فيشبه أن يراد بهما عالم الجبروت والملكوت ، جميعا اللذين هما فوق عالم
الملك أي عالم العقل والنفس وخلق قلوب النبيين من الجبروت معلوم لانهم
المقربون ، وأما خلق أبدانهم من الملكوت ، فذلك لان أبدانهم الحقيقة هي التي
في باطن هذه الجلود المدبرة لهذه الابدان ، وإنما أبدانهم العنصرية أبدان
أبدانهم ، لا علاقة لهم بها ، فكأنهم وهم في جلابيب من هذه الابدان ، قد نفضوها
وتجردوا منها لعدم ركونهم إليها ، وشدة شوقهم إلى النشأة الاخرى ، ولهذا نعموا
بالوصول إلى الآخرة ومفارقة هذه الادنى ، ومن هنا ورد في الحديث : " الدنيا
سجن المؤمن وجنة الكافر(2).


(1)يريد به الفيلسوف المشهور ملا صدرا الشيرازي .
(2)قال العلامة الطباطبائى مدظله في بعض كلامه : الاخبار مستفيضة في أن الله تعالى
خلق السعداء من طينة عليين وخلق الاشقياء من طينة سجين - من النار - وكل يرجع إلى
حكم طينته من السعادة والشقاء ، وقد اورد عليها اولا بمخالفة الكتاب وثانيا باستلزام
الجبر الباطل .
أما البحث الاول فقد قال الله تعالى : " هو الذى خلقكم من طين " وقال : " بدأ خلق
الانسان من طين " فأفاد أن الانسان مخلوق من طين ، ثم قال تعالى : " ولكل وجهة هو =

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه