بحار الأنوار ج4

الانعام " 6 " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم
تمترون 2
الرعد " 13 " لكل أجل كتاب * يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب 38 - 39


* والمصالح ، ومن هذا القبيل ايجاد الحوادث اليومية ، ويقرب منه قول ابن أثير في حديث الاقرع و
الابرص والاعمى : بدالله عزوجل أن يبتهليم ، أى قضى بذلك ، وهو معنى البداء ههنا ، لان القضاء سابق
والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم ، وذلك على الله عزوجل محال غير جائز . انتهى . ولعله أراد
بالقضاء الحكم بالوجود ، وأراد بكونه سابقا أن العلم به سابق كما يرشد إليه ظاهر التعليل المذكور
بعده .
ومنها ترجيح أحد المتقابلين والحكم بوجوده بعد تعلق الارادة بهما تعلقا غير حتمى ، لرجحان
مصلحته وشروطه على مصلحة الاخر وشروطه ، ومن هذا القبيل اجابة الداعى ، وتحقيق مطالبه ، و
تطويل العمر بصلة الرحم ، وارادة ابقاء قوم بعد ارادة اهلاكهم .
ومنها : محو ما ثبت وجوده في وقت محدود بشروط معلومة ومصلحة مخصوصة ، وقطع استمراره
بعدانقضاء ذلك الوقت والشروط والمصالح ، سواء اثبت بدله لتحقق الشروط والمصالح في إثباته
أولا ، ومن هذا القبيل الاحياء والاماتة والقبض والبسط في الامر التكوينى ، ونسخ الاحكام بلا بدل
أو معه في الامر التكليفى . والنسخ أيضا داخل في البداء كما صرح به الصدوق في كتابى التوحيد و
الاعتقادات . ومن أصحابنا من خص البداء بالامر التكوينى وأخرج النسخ عنه ، وليس لهذا التخصيص
وجه يعتدبه ، وإنما سميت هذه المعانى بداء‌ا لانها مستلزمة لظهور شئ على الخلق بعد ما كان مخفيا
عنهم ، ومن ثم عرف البداء بعض القوم بأنه أثرلم يعلم أحد من خلقه قبل صدوره عنه أنه يصدر عنه .
واليهود أنكروا البداء وقالوا : يدالله مغلولة - غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا - وهم يعنون
بذلك أنه تعالى فرغ من الامر فليس يحدث شيئا ، ونقل عنهم أيضا أنه تعالى لا يقضى يوم السبت
شيئا ، ويقرب منه قول النظام من المعتزلة : إن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هى
عليه الان : معادن ونباتات ، وحيوانات وإنسانا ، ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام على خلق أولاده
والتقدم والتاخر إنما يقع في ظهورها من مكانها دون حدوثها ووجودها ، وكأنه أخذ ذلك من
الكمون والظهور من مذهب الفلاسفة ، ونقل صاحب الكشاف عن الحسين بن الفضل ما يعود إلى هذا
المذهب ، وهو أن عبدالله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وذكر أن من آيات اشكلت عليه قوله عز
من قائل : " كل يوم هو في شأن " وقد صح " أن القلم جف بما هو كان إلى يوم القيامة " قال الحسين :
أما قوله : " كل يوم هو في شأن " فانها شؤون يبديها لاشؤون يبتديها . وهذه المذاهب عندنا باطلة
لانه تعالى يحدث بعد ما يشاء في أى وقت يشاء على وفق الحكمة والمصلحة ، كما دلت عليه روايات
هذا الباب ، ودلت عليه أيضا قول أمير المؤمنين عليه السلام : " الحمدلله الذى لا يموت ولا ينقضى
عجائبه ، لانه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن " فانه صريح في أنه تعالى يحدث في كل وقت
ما أراد إحداثه من الاشخاص والاحوال ، ولعل الحسين كالسائل فهم أن ابتداء‌ها واحداثها ينافى
ما صح من جفاف القلم ، وأنت تعلم أنه لا منافاة بينهما ، لان جفاف القلم دل على أن كل ما هو كائن *(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه