بحار الأنوار ج56

يده على قلب المصاب ليسكنه ، والموكلين بالدعاء للصائمين ، والذين يمسحون
وجه الصائم في شدة الحر ويبشرونه والملائكة الساكنين في حرم حائر الحسين
عليه السلام يشيعون الزائرين ويعودون مرضاهم ويؤمنون على دعائهم ، والذين
يدفعون وساوس الشياطين عن المؤمنين وأمثال ذلك كثيرة في الاخبار . وهذا بناء
على أن الخلق بمعنى المخلوق ، ويمكن حمله على المعنى المصدري ، فيكون
إشارة إلى ما روي في أخبار كثيرة أن لله ملكين خلاقين ، فإذا أراد أن يخلق خلقا
أمر اولئك الخلاقين فأخذوا من التربة التي قال الله تعالى في كتابه " منها خلقناكم
وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى "(1)فعجنوها في النطفة المسكنة في
الرحم ، فإذا عجنت النطفة بالتربة قالا : يا رب ما تخلق ؟ قال : فيوحي الله تبارك
وتعالى ما يريد من ذلك - الخبر - " فصل عليهم يوم تأتي كل نفس " " يوم " ظرف
للصلوة ، وربما يومئ إلى أن هذا الحكم يعم الملائكة أيضا غير السائق و
الشهيد ، وذكر اليوم بهذا الوصف لبيان أن الملائكة في هذا اليوم أيضا لهم أشغال
عظيمة ، أو لبيان أن هذا اليوم يوم الاحتياج إلى الملائكة " معها سائق وشهيد "
هما ملكان أحدهما يسوقه إلى المحشر ، والآخر يشهد بعمله ، وقيل : ملك واحد
جامع للوصفين ، وقيل : السائق كاتب السيئات ، والشهيد كاتب الحسنات ، وقيل :
السائق نفسه ، والشهيد جوارحه وأعماله ، ومحل " معها " النصب على الحالية
من " كل " لاضافته إلى ما هو في حكم المعرفة ، ذكره البيضاوي عند قوله تعالى
" وجاء‌ت كل نفس معها سائق وشهيد " وفي بعض النسخ " قائم " مكان السائق
والسائق أوفق بالآية ، ولا يتغير المعنى ، إذ المراد بالقائم من يقوم بأمره و
يسوقه إلى محشره ، ولعل المراد أقل من يكون مع كل أحد ، أو المراد بهما
الجنس ، إذ ورد في كثير من الاخبار أنه يشايع الاخيار آلاف من الملائكة ، و
مع بعض الاشرار أيضا كذلك لشدة تعذيبهم ، وكذا الشهداء من الملائكة في أكثر
الاخبار أكثر من واحد . " وصل عليهم " تأكيد لما سبق " صلوة تزيدهم كرامة


(1)طه : 55 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه