فيظر منه سوء أدب منه بالنسبة إلى الامام عليه السلام وهو ينافي علو شأنه ، ولعله كان
أمثال هذا في بدو استبصاره ، لانه كان أولا من فضلاء العامة ، ويمكن أن يقال :
المعنى أخبرني عن مستند علمك وقولك من الكتاب والسنة الذي تستدل به على
المخالفين المنكرين لامامتك ، حتى أحتج أنا أيضاعليهم به عند المناظرة(1).
وقرأ بعض مشايخنا قدس الله أرواحهم الفعلين بصيغة التكلم فمعناه أخبرني
بمستند علمي ودليل قولي ، فاني جازم بالمدعي ، غير عالم بدليله من غير جهة
قولك لاحتج به على العامة .
وضحكه عليه السلام إما من تقرير زرارة المطلب الذي لا خدشة فيه ، بمايوهم
سوء الادب لقلة علمه بآداب الكلام ، أو للتعجب منه أومن المخالفين بأنهم إلى
الان لم يفهموا كلام الله مع ظهوره في التبعيض ، أو من تعصبهم وإنكارهم عنادا مع
علمهم بدلالة الاية ، أو من تبهيمه فيما بعد بقوله : يا زرارة الخ .
(1)لما كانت المسألة خلافية فتوى وقراءة ، وتشاجر فيها الفريقان - حتى اليوم
لكونها مبتلى بها في اليوم والليلة مرات عديدة ، ورأى أن الامام عليه السلام يحكم ويفتى
بوجوب مسح الرأس والرجلين ، ويقول ببطلان الوضوء اذا غسل الرجلين .
مع ما اشتهر عنهم عليهم السلام أن كل شئ نقوله فهو في كتاب الله عزوجل ، ما
من أمر يختلف فيه اثنان الا وله اصل في كتاب الله لكن لا تبلغه عقول الرجال ، والله
ما نقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولا نقول الا ماقال ربنا ، اصول عندنا نكنزها كما يكنز
هؤلاء ذهبهم وفضتهم وغير ذلك .
استفهم متضرعا مستدعياأن يعرف وجه هذاالفتوى من القرآن العزيز ، ولم يتحتم
عليه أن يجيبه ، فقال : ألا تخبرنى من أين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس وبعض
الرجلين فهذا سؤال على محله ولذلك تبسم الامام عليه الصلاة والسلام ، ولولم يسئله هو - و
هوفقيه الاصحاب - فمن الذى يسأله من ذلك ، كما لم يسأله أحد غيره ، ولو لم يسأل
عن ذلك ، لما وصل الينا الوجه في ذلك ، ولما عرفنا أن الباء للاستعلاء ، والمسح يكون
على مقدمه وعلى ظهر الرجلين كما عرفت وجه البحث في ذلك .