بحار الأنوار ج48

رسول الله ، فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر ، وعالم وجاهل ، ومقر ومنكر ، في
شرق الارض وغربها ، ولو جاز أن يكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا
الجنس لاتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لايجده ، ولو جاز أن يطلبه في
أجناس هذا الخلق من العجم وغيرهم لكان من حيث أراد الله أن يكون صلاحا
يكون فسادا ، ولا يجوز هذا في حكم الله تبارك وتعالى وعدله ، أن يفرض على الناس
فريضة لا توجد .
فلما لم يجز ذلك لم يجز إلا أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب
الملة والدعوة ، ولم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها
من صاحب الملة وهي قريش ، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه
القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب
الملة والدعوة ، ولما كثر أهل هذا البيت ، وتشاجروا في الامامة لعلوها وشرفها
ادعاها كل واحد منهم ، فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة والدعوة إليه إشارة
بعينه واسمه ونسبه لئلا يطمع فيها غيره .
وأما الاربع التي في نعت نفسه : أن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله
وسننه ، وأحكامه ، حتى لايخفى عليه منها دقيق ولا جليل ، وأن يكون معصوما من
الذنوب كلها ، وأن يكون أشجع الناس ، وأن يكون أسخى الناس ، قال : من أين
قلت : إنه أعلم الناس ؟ قال : لانه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله وأحكامه
وشرائعه وسننه ، لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حده ، و
من وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله حدا على ماأمر به ، فيكون من حيث أراد
الله صلاحا يقع فسادا .
قال : فمن أين قلت : إنه معصوم من الذنوب ؟ قال : لانه إن لم يكن
معصوما من الذنوب ، دخل في الخطاء فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ، ويكتم على
حميمه وقريبه ، ولا يحتج الله عزوجل بمثل هذا على خلقه .
قال : فمن أين قلت : إنه أشجع الناس ؟ قال : لانه فئة للمسلمين الذين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه