بحار الأنوار ج72

المندوبات مطلقا ، وهذا ظاهر بحسب الاعتبار أيضا فانه سبحانه أعلم بالاسباب التي
توجب القرب إلى محبته وكرامته ، فلما أكد في الفرائض وأوعد على تركها
علمنا أنها أفضل مما خيرنا في فعله وتركه ، ووعد على فعله ولم يتوعد على تركه .
قال الشيخ البهائي قدس سره : فان قلت : مدلول هذا الكلام هو أن غير
الواجب ليس أحب إلى الله سبحانه من الواجب ، لا أن الواجب أحب إليه من
غيره ، فلعلهما متساويان ، قلت : الذي يستفيده أهل اللسان من مثل هذا الكلام
هو تفضيل الواجب على غيره ، كما تقول ليس في البلد أحسن من زيد ، لا تريد
محجرد نفي وجود من هو أحسن منه فيه ، بل تريد نفي من يساوية في الحسن
وإثبات أنه أحسن أهل البلد ، وإرادة هذا المعنى من مثل هذا الكلام شايع متعارف
في أكثر اللغات انتهى .
وقال الشهيد رحمه الله في القواعد : الواجب أفضل من الندب غالبا لاختصاصه
بمصلحة زائدة ، ولقوله تعالى في الحديث القدسي ما تقرب إلى عبدي بمثل أداء
ما افترضت عليه ، وقد تخلف ذلك في صور كالابراء من الدين الندب وإنظار المعسر
الواجب وإعادة المنفرد صلاته جماعة ، فان الجماعة مطلقا تفضل صلاة المنفرد بسبع
وعشرين درجة ، فصلاة الجماعة مستحبة ، وهي أفضل من الصلاة التي سبقت وهي
واجبة ، وكذلك الصلاة في البقاع الشريفة فانها مستحبة وهي أفضل من غيرها
مائة ألف إلى اثنتي عشرة صلاة ، والصلاة بالسواك والخشوع في الصلاة مستحب
ويترك لاجله سرعة المبادرة إلى الجمعة ، وإن فات بعضها مع أنها واجبة لانه إذا
اشتد سيعه شغله الانبهار عن الخشوع ، وكل ذلك في الحقيقة غير معارض لاصل
الواجب وزيادته ، لاشتماله على مصلحة أزيد من فعل الواجب ، لا بذلك القيد انتهي .
وأقول : ما ذكره قدس سره لا يصلح جوابا للجميع ويمكن الجواب
عن الاول بأن الواجب أحد الامرين والابراء أفضل الفردين ، وعن الثاني بأنا
لانسلم كون هذه الجماعة أفضل من المنفرد ، ولو سلم فيمكن أن يكون الفضل لكون
أصلها واجبة وانضمت إلى تلك الفضيلة مع أنه قد ورد أنه تعالى يقبل أفضلهما واحتمل

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه