بحار الأنوار ج14

ويستعرضها ، فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس ، وفاتته صلاة العصر ، فاغتم من
ذلك غما شديدا ، فدعا الله عزوجل أن يرد عليه الشمس حتى يصلي العصر ، فرد الله
سبحانه عليه الشمس إلى وقت صلاة العصر حتى صلاها ، ثم دعا بالخيل فأقبل يضرب
أعناقها وسوقها بالسيف حتى قتلها كلها ، وهو قوله عز اسمه : " ردوها علي فطفق مسحا
بالسوق والاعناق * ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " إلى قوله :
" إنك أنت الوهاب " وهو أن سليمان لما تزوج باليمانية ولد منها ابن وكان يحبه ،
فنزل ملك الموت على سليمان وكان كثيرا ماينزل عليه ، فنظر إلى ابنه نظرا حديدا ،
ففزع سليمان من ذلك ، فقال لامه : إن ملك الموت نظر إلى ابني نظرة أظنه قد أمر
بقبض روحه ، فقال للجن والشياطين : هل لكم حيلة في أن تفروه من الموت ؟ فقال واحد
منهم : أنا أضعه تحت عين الشمس في المشرق ، فقال سليمان : إن ملك الموت يخرج مابين
المشرق والمغرب ، فقال واحد منهم : أنا أضعه في الارضين السابعة ،(1)فقال : إن ملك
الموت يبلغ ذلك ، فقال آخر : أنا أضعه في السحاب والهواء ،(2)فرفعه ووضعه في السحاب
فجاء ملك الموت فقبض روحه في السحاب ، فوقع ميتا على كرسي سليمان ، فعلم أنه قد
أخطأ ، فحكى الله ذلك في قوله : " وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب " فقال : " رب اغفر لي
وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجري
بأمره رخاء حيث أصاب " والرخاء : اللينة " والشياطين كل بناء وغواص " أي في البحر
" وآخرين مقرنين في الاصفاد " يعني مقيدين قد شد بعضهم إلى بعض ، وهم الذين عصوا
سليمان عليه السلام حين سلبه الله عزوجل ملكه .
وقال الصادق عليه السلام : جعل الله عزوجل ملك سليمان عليه السلام في خاتمه ، فكان إذا
لبسه حضرته الجن والانس والشياطين وجميع الطير والوحش وأطاعوه فيقعد على كرسيه
ويبعث الله عزوجل ريحا تحمل الكرسي بجميع ماعليه من الشياطين والطير والانس و
الدواب والخيل فتمر بها في الهواء إلى موضع يريده سليمان عليه السلام ، وكان يصلي الغداة


(1)في المصدر : في الارض السابعة .
(2)" " : في السحاب في الهواء .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه