وثانيهما : أن من خذله الله وأهلكه فلا حاجة لكم إلى قتله ، ولعله أراد به المعنى
الاول ، وخيل إليهم الثاني لتلين شكيمتهم ،(1)وعرض به لفرعون بأنه مسرف كذاب
لا يهديه الله سبيل الصواب " ظاهرين " غالبين عالين في الارض أرض مصر " فمن ينصرنا من
بأس الله " أي فلا تفسدوا أمركم ولا تتعرضوا لبأس الله فإنه إن جاءنا لم يمنعنا عنه أحد
" ما اريكم " ما اشير إليكم " إلا ما أرى " وأستصوبه من قتله " إني أخاف عليكم " في تكذيبه
والتعرض له " مثل يوم الاحزاب " مثل أيام الامم الماضية ، يعني وقائعهم " مثل دأب قوم
نوح " مثل جزاء ما كانوا عليه دائبين من الكفر وإيذاء الرسل " يوم التناد " يوم القيامة ينادي
فيه بعضهم بعضا للاستغاثة ، أو يتصايحون بالويل والثبور ، أو يتنادى أصحاب الجنة و
أصحاب النار " يوم تولون " عن الموقف " مدبرين " منصرفين عنه إلى النار ، وقيل : فارين
عنها " من عاصم " يعصمكم من عذابه " ولقد جاءكم يوسف " أي يوسف بن يعقوب ، على أن
فرعونه فرعون موسى ، أو على نسبة أحوال الآباء إلى الاولاد ، أو سبطه يوسف بن إبراهيم
ابن يوسف " من قبل " من قبل موسى " من هو مسرف " في العصيان " مرتاب " شاك فيما تشهد
له البينات " وقال الذي آمن " يعني مؤمن آل فرعون . وقيل : موسى " سبيل الرشاد " أي
سبيلا يصل سالكه إلى المقصود " متاع " أي تمتع يسير لسرعة زوالها " بغير حساب " أي بغير
تقدير وموازنة بالعمل ، بل أضعافا مضاعفة " ما ليس لي به " أي بربوبيته علم ، والمراد نفي
المعلوم " لا جرم " لا رد لما دعوه إليه ، وجرم فعل بمعنى حق ، وفاعله " أن ما تدعونني إليه
ليس له دعوة " أي حق عدم دعوة آلهتكم إلى عبادتها أصلا ، وقيل : جرم بمعنى كسب ،
وفاعله مستكن فيه ، أي كسب ذلك الدعاء إليه أن لا دعوة له ، بمعنى ما حصل من ذلك
إلا ظهور بطلان دعوته ، وقيل : من الجرم بمعنى القطع والمعنى : لا قطع لبطلان دعوة الوهية
الاصنام أي لا ينقطع في وقت ما فينقلب حقا " وأن مردنا إلى الله " بالموت " وأن المسرفين " في
الضلالة والطغيان " وافوض أمري إلى الله " ليعصمني من كل سوء " إن الله بصير بالعباد "
فيحرسهم " فوقاه الله سيئات ما مكروا " شدائد مكرهم ، وقيل : الضمير لموسى " وحاق بآل
فرعون " أي بفرعون وقومه ، واستغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك ، وقيل :
(1)الشكيمة : الانفة . وفلان شديد الشكيمة اى أنوف أبى لا ينقاد .(*)