بحار الأنوار ج12

يتعبدالله بها ، فكأنه قال : ليس لنا أن نعود في ملتكم إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بها وينسخ
مانحن فيه من الشريعة .
وثانيها : أنه علق ما لا يكون بما علم أنه لا يكون على وجه التبعيد كما قال :
" ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " .(1)
وثالثها : إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا ، ويخلي بينكم وبينه فنعود
إلى إظهارها مكرهين .
ورابعها : أن تعود الهاء إلى القرية ، أي سنخرج من قريتكم ولا نعود فيها إلا
أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الاظهار عليكم والظفر بكم فنعود فيها .
وخامسها : أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يرد كم إلى الحق فنكون جميعا
على ملة واحدة ، لانه لما قال حاكيا عنهم : " أولتعودن في ملتنا " كان معناه : أو لنكونن
على ملة واحدة ، فحسن أن يقول من بعد : إلا أن يشاء الله أن يجمعكم معنا على ملة واحدة
" على الله توكلنا " في الانتصار منكم وفي كل أمورنا " ربنا افتح " سؤال نم شعيب ورغبة
منه إلى الله تعالى في أن يحكم بينه وبين قومه بالحق على سبيل الانقطاع إليه ، وإن كان
من المعلوم أن الله سيفعله لا محالة ; وقيل : أي اكشف بيننا وبين قومنا وبين أننا على حق
وهذه استعجال منه للنصر " وأنت خير الفاتحين " أى الحاكمين والفاصلين " إذا لخاسرون "
أى يمنزلة من ذهب رأس ماله ; وقيل : مغبونون ; وقيل : هالكون " جاثمين " أي ميتين
ملقين على وجوههم " كأن لم يغنوا فيها " أي كأن لم يقيموا بها قط ، لان المهلك يصير
كأن لم يكن " فتولى عنهم " أي أعرض عنهم لما رأى إقبال العذاب عليهم إعراض الآيس منهم
" فكيف آسى " أي أحزن " على قوم كافرين " حل العذاب بهم مع استحقاقهم له .(2)
" إني أراكم بخير " أي برخص السعر والحصب ; وقيل : أراد بالخير المال وزينة
الدنيا فحذرهم الغلاء وزيادة السعر وزوال النعمة ; أو المعنى : أراكم في كثرة الاموال وسعة
الرزق فلا حاجة لكم إلى نقصان الكيل والوزن " يوم محيط " أي يوم القيامة يحيط عذابه


(1)الاعراف : 40 .
(2)مجمع البيان 4 : 447 - 450 . م(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه