بحار الأنوار ج75

واختلاف الخاصة والعامة إليهم . فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ، وما
أيسر ما عمروا لك ، فيكف ما خربوا عليك . فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك
وحاسبها حساب رجل مسؤول .
وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا ، فما أخوفني أن تكون
كما قال الله في كتابه : فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا
الادنى ويقولون سيغفر لنا(1) إنك لست في دار مقام . أنت في دار قد آذنت
برحيل ، فما بقاء المرء بعد قرنائه . طوبى لمن كان في الدنيا على وجل ، يابؤس
لمن يموت وتبقى ذنوبه من بعده .
احذر فقد نبئت ، وبادر فقد اجلت ، إنك تعامل من لا يجهل ، وإن الذي
يحفظ عليك لا يغفل ، تجهز فقد دنا منك سفر بعيد ، وداو ذنبك فقد دخله سقم
شديد .
ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك(2)لكني أردت أن ينعش
الله ما قدفات من رأيك ، ويرد إليك ما عزب من دينك(3)وذكرت قول الله
تعالى في كتابه : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين(4) .
أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب(5).
أنظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت ، أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه ، أم هل تراهم


(1)سورة الاعراف : 168 .
(2)عنفه : لامه وعتب عليه ولم يرفق به . وينعش الله مافات أى يجبر ويتدارك .
(3)عزب - بالعين المهملة والزاى المعجمة - : بعد .
(4)سورة الذاريات : 55 .
(5)الاعضب : المسكور القرن . ولعل المراد : بقيت كاحد قرنى الاعضب . والعضباء :
الشاة المكسورة القرن .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه