بحار الأنوار ج49

ثم قال عليه السلام : يا أباالصلت غداأدخل على هذاالفاجر ، فان أنا خرجت
مكشوف الرأس فتكلم أكلمك ، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني قال
أبوالصلت : فلما أصبحنا من الغدلبس ثيابه ، وجلس فجعل في محرابه ينظر ، فبينا
هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون ، فقال له : أجب أميرالمؤمنين ، فلبس نعله
ورداء‌ه ، وقام ومشى وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون ، وبين يديه طبق عليه عنب
وأطباق فاكهة ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه ، وبقي بعضه .
فلماأبصر الرضا عليه السلام وثب إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه معه ثم
ناوله العنقود ، وقال : ياابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا ، فقال له الرضا
عليه السلام : ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة فقال له : كل منه ، فقال له الرضا
عليه السلام : تعفيني عنه ، فقال : لابد من ذلك وما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشئ
فتناول العنقود فأكل منه ، ثم ناوله فأكل منه الرضا عليه السلام ثلاث حبات ثم رمى به
وقام فقال المأمون : إلى أين ؟ فقال : إلى حيث وجهتني ، وخرج مغطى الرأس فلم
اكلمه حتى دخل الدار فأمر أن يغلق الباب فغلق ثم نام على فراشه ومكثت واقفا
في صحن الدار مهموما محزونا .
فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه ، قطط الشعر ، أشبه الناس
بالرضا عليه السلام فبادرت إليه وقلت له : من أين دخلت والباب مغلق ؟ فقال : الذي
جاء‌بي من المدينة في هذاالوقت هوالذي أدخلني الدار والباب مغلق ، فقلت له :
ومن أنت ؟ فقال لي : أنا حجة الله عليك ، يا أباالصلت أنا محمد بن علي . ثم مضى
نحو أبيه عليه السلام فدخل وأمرني بالدخول معه ، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام وثب إليه
فعانقه وضمه إلى صدره ، وقبل ما بين عينيه ، ثم سحبه سحبا في فراشه وأكب
عليه محمد بن علي عليها السلام يقبله ويساره بشئ لم أفهمه .
ورأيت في شفتي الرضا عليه السلام زبداأشد بياضامن الثلج ، ورأيت أبا جعفر عليه السلام
يلحسه بلسانه ثم أدخل يده بين ثوبيه وصدره ، فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور
فابتلعه أبوجعفر ومضى الرضا عليه السلام فقال أبوجعفر عليه السلام : يا أبا الصلت قم ائتني

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه