يمهلون وانطباقه جوابا عن سئوالهم من حيث المعنى باعتبار ماعرف من غرضهم(1)،
فإنهم لما أرادوا به الاستعجال تكذيبا واستهزاء أجيبوا بما يمنع الاستعجال " فأعرض
عنهم " ولا تبال بتكذيبهم ، وقيل : هو منسوخ بآية السيف " والنتظر " النصرة عليهم
" إنهم منتظرون " الغلبة عليك(2).
قوله تعالى : " إنا فتحنا " قال الطبرسي رضي الله عنه : أي قضينا عليك قضاء
ظاهرا ، أو يسرنا لك يسرا بينا ، أو أعلمناك علما ظاهرا ، فيما أنزلنا عليك من
القرآن ، وأخبر ناك به من الدين ، أوأرشدناك إلى الاسلام ، وفتحنا لك أمر الدين
ثم اختلف في هذه الفتح على وجوه : أحدها أن المراد به فتح مكة ، وعده الله ذلك
عام الحديبية عند انصرافه منها(3)، وتقديره قضينا لك بالنصر على أهلها ، وعن
جابر قال : ما كنا نعلم فتح مكة إلا يوم الحديبية .
وثانيها : أنه صلح الحديبية ، وثالثها : أنه خيبر ، ورابعها : أن الفتح
الظفر على الاعداء كلهم بالحجج والمعجزات الظاهرة . وإعلاء كلمة الاسلام(4).
وقال في قوله تعالى : " لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " نزلت في حاطب بن
أبي بلتعة ، وذلك أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله صلى الله عليه واله
من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : أمسلمة جئت ؟
قالت : لا ، قال : أمهاجرة جئت ؟ قالت : لا قال : فما جاء بك ؟ قالت : كنتم الاصل
والعشيرة والموالي ، وقد ذهبت موالي ، واحتجت حاجة شديدة ، فقدمت عليكم
لتعطوني وتسكوني وتحملوني ، قال : فأين أنت من شبان(5)مكة ؟ وكانت مغنية
نائحة ، قالت : ما طلب مني بعد وقعة بدر ، فحث رسول الله صلى الله عليه واله عليها بني عبدالمطلب
فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة ، وكان رسول الله صلى الله عليه واله يتجهز(6)لفتح مكة
(1)في المصدر : من اغراضهم .(2)انوار التنزيل 2 : 263 .
(3)في المصدر : وعدها الله ذلك عام الحديبية عند انكفائه منها .
(4)مجمع البيان : 109 و 110 . واختصره المصنف . راجع .
(5)من شباب خ ل .(6)بتهجر خ ل .