بحار الأنوار ج22

والاختلاف ، فمضى حتى قدم عثمان ، فلما دخل عليه قال له : لا قرب الله
بعمرو عينا ، فقال أبوذر : والله ما سماني أبواي عمروا ، ولكن لا قرب الله من
عصاه ، وخالف أمره ، وارتكب هواه ، فقام إليه كعب الاحبار فقال له : ألا تتقي
الله يا شيخ تجبه(1)أمير المؤمنين بهذا الكلام ؟ فرفع أبوذر عصا كانت في يده فضرب
بها رأس كعب ، ثم قال له : يا ابن اليهوديين ، ما كلامكم مع المسلمين ؟ فوالله
ما خرجت اليهودية من قلبك بعد ، فقال عثمان : والله لا جمعتني وإياك دار ، قد
خرفت وذهب عقلك ، أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ، ثم
انجوا به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة ، فنزلوه بها من غير أنيس ، حتى
يقضي الله فيه ما هو قاض ، فأخرجوه متعتعا ملهوزا(2)بالعصي ، وتقدم ألا يشيعه
أحد من الناس ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فبكى حتى بل
لحيته بدموعه ، ثم قال : أهكذى يضع بصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ إنا لله وإنا إليه
راجعون ، ثم نهض ومعه الحسن والحسين عليهما السلام وعبدالله بن العباس والفضل و
قثم وعبيدالله حتى لحقوا أبا ذر فشيعوه ، فلما بضربهم أبوذر رحمه الله حن إليهم
وبكى عليهم ، وقال : بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وشملتني
البركة برؤيتها ، ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إني احبهم ، ولو قطعت
إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة ، فارجعوا رحمكم الله
والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة ، فودعه القوم ورجعوا وهم يبكون على
فراقه(3).
بيان : الكور بالضم : الرحل . والانساع جمع النسع بالكسر ، وهو سير
ينسج عريضا على هيئة أعنه البغال ، تشد به الرحال ، وشقق الكلام : أخرجه
أحسن مخرج ، وزرئ عليه : عابه ، كأزرى . قوله : ثم انجوا أي أسرعوا ،


(1)في المصدر : وتجيب .(2)في المصدر : موهونا .
(3)مجالس المفيد : 95 - 98 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه