بحار الأنوار ج53

ومن موبقات الاعمال ، ومرديات الفتن ، فانه عزوجل يقول : الم أحسب الناس
أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (1).
كيف يتساقطون في الفتنة ، ويترددون في الحيرة ، ويأخذون يمينا وشمالا
فارقوا دينهم أم ارتابوا ، أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاء‌ت به الروايات الصادقة
والاخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ، أما تعلمون أن الارض لا تخلو
من حجة إما ظاهرا ، وإما مغمورا ، أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله
واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الامر بأمر الله عزوجل إلى الماضي يعني الحسن
ابن علي صلوات الله عليه ، فقام مقام آبائه عليهم السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق
مستقيم .
كان نورا ساطعا وقمرا زهرا ، اختار الله عزوجل له ما عنده ، فمضى على
منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل ، على عهد عهده ، ووصية أوصى بها إلى
وصي ستره الله عزوجل بأمره إلى غاية ، وأخفى مكانه بمشيته ، للقضاء السابق
والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قد أذن الله عزوجل فيما قد منعه
وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه ، لاراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية ، وأبين
دلالة ، وأوضح علامة ، ولابان عن نفسه ، وقام بحجته ، ولكن أقدار الله عزوجل
لا تغالب ، وإرادته لا ترد ، وتوفيقه لا يسبق .
فليدعوا عنهم اتباع الهوى ، وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا
عما ستر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عزوجل فيندموا ، وليعلموا أن الحق
معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر ، ولا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي
فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون
التصريح ، إنشاء الله .
20 ك : محمد بن المظفر المصري ، عن محمد بن أحمد الداودي(2)، عن


(1)العنكبوت : 2 . والحديث في المصدر ج 2 ص 189 .
(2)كذا في المصدر ج 2 ص 198 وهكذا معاني الاخبار ص 286 وقد أخرجه

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه