بحار الأنوار ج17

الذر ويظهر منهم الغرائب في سائر أحوالهم على وجه الاعجاز جعلهم مشاركين مع سائر
الخلق في النمو وحالة الصبا والرضاع والبلوغ ، وإن كان بلوغهم لكمال عقولهم قبل غيرهم ،
ولم يكلفهم في حال رضاعهم وعدم تمكنهم من المشي والقيام بالصلاة وغيرها ، فإذا صاروا
في حد يتأتى ظاهرا منهم الافعال والتروك لا يصدر منهم معصية فعلا وتركا وعمدا وسهوا
وحالة النوم أيضا مثل ذلك ، ولا يشمل السهو تلك الحالة ، لكن فيه إشكال من جهة ما تقدم
من الاخبار وسيأتي أن نومه صلى الله عليه وآله كان كيقظته ، وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة ،
فكيف ترك صلى الله عليه وآله الصلاة مع علمه بدخول الوقت وخروجه ؟ ، وكيف عول على بلال في
ذلك مع أنه ما كان يحتاج إلى ذلك ؟ فمن هذه الجهة يمكن التوقف في تلك الاخبار ،
مع اشتهار القصة بين المخالفين . واحتمال صدورها تقية ، ويمكن الجواب عن الاشكال
بوجوه :
الاول : أن تكون تلك الحالة في غالب منامه صلى الله عليه وآله ، وقد يغلب الله عليه النوم
لمصلحة ، فلا يدري ما يقع ، ويكون في نومه ذلك كسائر الناس كما يشعر به بعض تلك
الاخبار .
الثاني : أن يكون مطلعا على ما يقع ، لكن لا يكون في تلك الحالة مكلفا بإيقاع
العبادات ، فإن معظم تكاليفهم تابع لتكاليف سائر الخلق ، فإنهم كانوا يعلمون كفر المنافقين
ونجاسة أكثر الخلق وأكثر الاشياء وما يقع عليهم وعلى غيرهم من المصائب وغيرها ولم
يكونوا مكلفين بالعمل بهذا العلم .
الثالث : أن يقال : كان مأمورا في ذلك الوقت من الله تعالى بترك الصلاة لمصلحة مع
علمه بدخول الوقت وخروجه .
الرابع : أن يقال : لا ينافي اطلاعه في النوم على الامور عدم قدرته على القيام ما لم
تزل عنه تلك الحالة ، فإن الاطلاع من الروح ، والنوم من أحوال الجسد .
قال القاضي عياض في الشفاء : فإن قلت : فما تقول في نومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة يوم
الوادي وقد قال : إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ؟
فاعلم أن للعلماء في ذلك أجوبة :

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه