بحار الأنوار ج14

ستون سنة عند اليهود والنصارى ، ويذكرون أن ذلك في كتبهم وأسفارهم ، ويوافقهم
المجوس في مدة غز وبخت نصر بني إسرائيل إلى موت الاسكندر ، ويخالفهم في مدة
مابين موت الاسكندر ومولد يحيى فيزعمون أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة .
انتهى .(1)
أقول : ستعرف أن أخبارنا أيضا مختلفة في ذلك ، لانه يظهر من خبر ابن عمارة
وخبر ملاقاة داود دانيال وغيرهما كون بخت نصر متصلا بزمان سليمان عليه السلام ، ويظهر
من خبر هارون بن خارجة وأبي بصير وغيرهما كون خروج بخت نصر بعد قتل يحيى عليه السلام
ولايبعد كون بخت نصر معمرا(2)وكذا دانيال فيكونا قد أدركا الوقتين معا ، ويمكن أن يكون
إحداهما محمولة على التقية ، والاخبار الدالة على كون خروجه بعد قتل يحيى عليه السلام
أقوى سندا وقد سبق بعضها في قصة يحيى والله يعلم .


(1)الكامل 1 : 104 . قلت : ذكر ذلك أيضا الثعلبي في العرائس ثم قال : وإنما الصحيح
في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق بن يسار قال : عمرت بنو اسرائيل بيت المقدس بعد ما عمرت
الشام : وعاد اليها ملكها بعد خراب بخت نصر اياها وسبيهم منها ، فجعلوا يحدثون الاحداث بعد
مهلك عزير عليه السلام ، فبعث الله فيهم الانبياء ، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون ، حتى كان آخر
من بعث إليهم من انبيائهم زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وكانوا من آل داود عليه السلام ،
فمات زكريا وقتل يحيى فلما رفع عيسى من بين ظهورهم وقتلوا يحيى عليه السلام بعث الله عليهم
ملكا من ملوك بابل يقال له كردوس ، فسار إليهم بأهل بابل حتى دخل عليهم الشام ، فلما دخل
عليهم أمر رئيسا من رؤوس جنوده يقال له بنوا رازادان صاحب القتل ، فقال له : إني حلفت بالههم
لئن ظهرت وظفرت على أهل بيت المقدس لاقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري ، فامره
أن يقتلهم ، ثم ان بنوارازادان دخل بيت المقدس فاقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم
فوجد فيها دما يغلي ، فسألهم عنه فقالوا : هذا دم قربان قربناه فلم يقبل منا ، فقال : ماصدقتموني . الخبر اه‍
ثم ذكر نحو ما تقدم في قصة بخت نصر . ويظهر من المسعودي في اثبات الوصية أن الذي قتل
الناس لقتلهم يحيى عليه السلام هو بخت نصر بن ملت نصر بن بخت نصر الاكبر ، وبذلك يرتفع
الاشكال بحذافيره .
(2)وربما يؤيد ذلك ما ذكره الثعلبي في العرائس من أن عمر بخت نصر كان أيام مسخه نيفا
وخمسمائة عام وخمسين يوما ، فتامل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه