بحار الأنوار ج77

والمد والصاع كانت في الاصل مكائيل معينة ، فقد رت بوزن الدارهم وشبهها
صونا عن التغيير الذي كثيرا ما يتطرق إلى المكائيل ، ومعلوم أن الاجسام
المختلفة يختلف قدرها بالنسبة إلى كيل معين ، فلا يمكن أن يكون الصاع من


* المدينة وهم من مهاجرة اليمن الاولى رطلا آخر بينهم وهو ثلاثة أرباع المكى والمكى
رطل وثلث بالمدنى ، ثم عرفوا في العراق بعد فتحه رطلا آخر وهو نصف الرطل المكى
وثلئا الرطل المدنى ، فالمكى رطلان بالعراقى والمدنى رطل ونصف به .
وأما رسول الله صلى الله عليه وآله : اختار الرطل المكى حيث كان يطابق المكيال الطبيعى
الفطرى وهو مل‌ء الكفين حنطة وشعيرا ، وسماه مدا بمناسبة أن الكائل يمد يده بهما إلى
المكتال ، وهو الذى يشبع نفسا واحدة ليوم وليلة ، فقدر به بعض الكفارات ككفارة الاطعام
في القسم .
ثم جعل الصاع أربعة أمداد ، وهو الذى يشبع عائلة بين العيلتين : من زوج وثلاثة
أولاد ، فقدر به فطر الصائم ، ولانعلم أن صاعه هذا كان من المكاييل المقدرة قبلا ، وهو
الذى أشيربه في قوله تعالى نفقد صواع الملك أو كان عنده صلى الله عليه وآله ظرفا يسع أربعة أمداد
فقدره لذلك ، وكيف كان ، لا ريب أن مده وصاعه صلى الله عليه وآله كان لتقدير الحبوبات ، لا للماء
كما هو ظاهر .
فمعنى أنه كان صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع : أنه يملا المدماء ويتوضأ به ، ويملا
الصاع ماء ويغتسل به ، ومعلوم أن الماء يزيد وزنه على الشعير والحنطة بثمن وزنه كما
وزنته بل واكثر ، فالمد الشرعى اذا كان للوضوء يزن رطلا وثمنا بالمكى ورطلين وربعا
بالعراقى كماعليه الاجماع واذا كان لكفارة الاطعام يسقط عنه الكسور .
ويدل على ما ذكرناه موثقة سماعة أيضا وقد طرحوها حيث لم يتدبروا فيها فلم يعرفوا
وجهها قال : سألته عن الذى يجزى من الماء للغسل فقال : اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله
بصاع وتوضأ بمد ، وكان الصاع على عهده صلى الله عليه وآله خمسة أمداد ، وكان المدقدر رطل وثلاث
أواق .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه