بحار الأنوار ج55

فما فعل ، وقال : لابد من أن أصل . ولم احب أن احدثه في الانصراف على أي
وجه كان إلا بأمرك ، وقد عرفته بأنه قد رسم لي أن لايصل إليه أحد من خلق الله
أجمعين ، فقال : الذي حضرت له بشارة ولايجوز أن يتأخر وقوفه عليها ، فعرفه
هذا عني واستأذنه لي في الوصول إليه . فقلت له بضعيف صوت وكلام خفيف :
يريد أن يقول لي قد بلغ الكوكب الفلاني الموضع الفلاني ، ويهدي إلي من
هذا الجنس ما يضيق به صدري . ويزيد به همي ، وما أقدر على سماع كلامك
فانصرف . فخرج الحاجب ورجع إلي مستعجلا وقال : إما أن يكون أبوالحسين
الصوفي قد جن أو معه أمر عظيم ! فإني قد عرفته بما قال مولانا ، فقال : ارجع
إليه وقل له : والله لو أمرت بضرب عنقي ما انصرفت أو أصل إليك ، ووالله ما اكلمك
في معنى النجوم بكلمة واحدة . فعجبت من ذلك عجبا شديدا مع علمي بعقل أبي الحسين
وأنه مما لايخرق معي في شئ ، وتطلعت نفسي إلى ما يقوله فقلت : أدخله فلما
دخل إلي قبل الارض وبكى وقال : أنت والله في عافية لابأس عليك ، واليوم
تبرء ومعي معجزة في ذلك ! فقلت له : ما هي ؟ فقال : رأيت البارحة في منامي
أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والناس يهرعون إليه يسألونه حوائجهم ، و
كان قد تقدمت إليه وقلت : يا أميرالمؤمنين ! أنا رجل غريب في هذا البلد ، تركت
نعمتي بالري وتجارتي ، وتعلقت بحب هذا الامير الذي أنا معه ، وقد بلغ إلى
حد الاياس من العلة ، وقد أشفقت أن أهلك بهلاكه ، فادع الله تعالى بالعافية له .
فقال : تعني فنا خسرو بن الحسن بن بويه ؟ قلت : نعم ، يا أميرالمؤمنين . فقال :
امض إليه غدا وقل له : أنسيت ما أخبرتك به امك عني في المنام الذي رأته وهي
حامل بك ؟ أليس قد أخبرتك(1)بمدة عمرك ، وأنك ستعتل إذا بلغت كذا وكذا
سنة علة يأيس منها أطباؤك وأهلك ثم تبرأ منها ؟ وأنت تصلح من هذه العلة غدا
وتبرأ ، وأرى صلاحك أن تركب وتعاود عاداتك كلها في كذا وكذا يوما ، ولا
قطع عليك قبل الاجل الذي خبرتك به امك عني . قال لي عضد الدولة : وقد


(1)أخبرتها(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه