1 فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي(1)وعتوا عن أمر ربهم أراد الله
أن يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم ، فأوحى الله إلى أرميا ياأرميا مابلد انتخبته من بين البلدان
وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا ؟ فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل
فقالوا له : راجع ربك ليخبرنا مامعنى هذا المثل ، فصام أرميا سبعا فأوحى الله إليه : ياأرميا
أما البلد فبيت المقدس ، وأما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها ، فعملوا
بالمعاصي ، وغيروا ديني ، وبدلوا نعمتي كفرا ، فبي حلفت لامتحننهم بفتنة يظل الحكيم
فيها حيران ،(2)ولاسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاما ، فليتسلطن عليهم
بالجبرية فيقتل مقاتليهم ، ويسبي حريمهم ، ويخرب بيتهم الذي يعتزون به ، ويلقي
حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة ، فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل
فقالوا له : راجع ربك فقل له : ماذنب الفقراء والمساكين والضعفاء ؟ فصام أرميا سبعا ثم
أكل أكلة فلم يوح إليه شئ ، ثم صام سبعا وأكل أكلة ولم يوح إليه شئ ، ثم صام
سبعا فأوحى الله إليه : يا أرميا لتكفن عن هذا أو لاردن وجهك إلى قفاك ، قال : ثم
أوحى الله إليه : قل لهم : لانكم رأيتم المنكر فلم تنكروه ، فقال أرميا : رب أعلمني من
هو حتى آتيه وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أمانا ، قال : ايت موضع كذا وكذا ، فانظر
إلى غلام أشدهم زمانة ، وأخبثهم ولادة ، وأضعفهم جسما ، وأشرهم غذاء فهو ذاك ، فأتى
أرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على مزبلة وسط الخان ، وإذا له أم
تزبي(3)بالكسر ، وتفت الكسر في القصعة ، وتحلب عليه خنزيرة لها ، ثم تدنيه من
ذلك الغلام فيأكله ، فقال أرميا : إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا ، فدنا منه فقال
له : مااسمك ؟ فقال : بخت نصر ، فعرف أنه هو ، فعالجه حتى برئ ، ثم قال له : أتعرفني
(1)في المصدر : المعاصي .
(2)" " : يظل فيها الحكيم حيرانا .
(3)في المصدر وفي نسخة " تربي " وهو مصحف وصحيحه بالزاي المعجمة يقال : زبى اللحم
اي نثره في الزبية ، والزبية : حفيرة يشتوى فيها ويخبز .