بحار الأنوار ج63

ينتقل في مثله العين من التحليل لى التحريم ، أو من التحريم إلى التحليل وتأول
الشيخ رواية أبي بصير السابقة من قوله : " لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يقلبها " بأن
معناه إذا جعل فيها مايغلب عليه فيظن أنه خل ولا يكون كذلك ، مثل القليل
من الخمر يطرح عليه كثير من الخل فانه يصير بطعم الخل ، ومع هذا فلا يجوز
استعماله حتى يعزل من تلك الخمرة ويترك مفردا إلى أن يصير خلا ، فاذا صار خلا
حل حينئذ .
وأنكر ابن إدريس وغيره ذلك وقال ابن إدريس : لا وجه له للاجماع على أن
الخل يصير بمخالطة الخمر له نجسا ولادلالة على طهارته بعد ذلك ، لانه إنما يطهر
الخمر بالانقلاب إلى الخل ، فأما الخل فهو باق على حقيقته ، وليس له حالة ينقلب
إليها ليطهر بها ، وقال العلامة رحمه الله في المختلف : كلام الشيخ ليس بعيدا من الصواب
لان انقلاب الخمر إلى الخل يدل على تمامية استعداد انقلاب ذلك الخمر إلى
الخل ، والمزاج واحد ، بل استعداد الملقى في الخل لصيرورته خلا أتم ، ولكن لا يعلم
لا متزاجه بغيره فاذا انقلب الاصل المأخوذ منه علم انقلابه أيضا ، ونجاسة الخل
تابعة للخمرية ، وقد زالت فتزول النجاسة عنه كما في الخمر إذا انقلب ، قال : ونبه
شيخنا أبوعلي ابن الجنيد عليه .
وقال الشهيد الثاني : القول بطهر الخل إذا مضى زمان يعلم انقلاب الخمر
فيه إلى الخلية متجه إذا جوزنا العلاج ، وحكمنا بطهارته مع بقاء عين المعالج به
لان الخل لا يقصر عن تلك الاعيان المعالج بها ، حيث حكم بطهرها مع طهره
إلا أن إثبات الحكم من النص لا يخلو من إشكال ، واستفادته من إطلاق جواز علاجه
أعم من بقاء عين المعالج به انتهى .
وأقول : لا يبعد القول بحله مطلقا لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبدالعزيز
بن المهتدي قال : كتبت إلى الرضا عليه السلام جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصب عليه
الخل وشئ يغيره حتى يصير خلا ؟ قال : لا بأس(1).


(1)التهذيب 9 ر 117 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه