بحار الأنوار ج44

قم يا اسامة فاقبض حائطك هنيأ مريئا ، فقام اسامة والهاشميون فجزوا معاوية خيرا .
فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال : لا جزاك الله عن الرحم خيرا
مازدت علي أن كذبت قولنا ، وفسخت حجتنا ، وأشمت بنا عدونا ، فقال معاوية :
ويحك يا عمرو ! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ، ذكرت
أعينهم تدور إلي من تحت المغافر بصفين ، وكاد يختلط علي عقلي ، وما يؤمني
يا ابن عثمان منهم وقد احلوا بأبيك ما أحلوا ، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت
منهم بعد نباء عظيم ، وخطب جسيم ، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك
إنشاء الله .
بيان : التلاحي : التخاصم والتنازع ، احب بالكسر المحبوب ، والسروات
جمع سراة وهي جمع سري ، والسري ، الشريف ، وجمع السرى على سراة عزيز .
أقول : قال ابن أبي الحديد : روى أبوجعفر محمد بن حبيب في أماليه عن ابن
عباس قال : دخل الحسن بن علي عليهما السلام على معاوية بعد عام الجماعة ، وهو جالس
في مجلس ضيق ، فجلس عند رجليه ، فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ، ثم قال :
عجبا لعائشة : تزعم أني في غير ما انا أهله ، وأن الذي أصبحت فيه ليس في الحق
ما لها ولهذا ؟ يغفر الله لها ، إنما كان ينازعني في هذا الامر أبوهذا الجالس ، وقد
استأثر الله به .
فقال الحسن عليه السلام : أو عجب ذلك يا معاوية ؟ قال : إي والله ، قال : أفلا
اخبرك بما هو أعجب من هذا ؟ قال : ما هو ؟ قال : جلوسك في صدر المجلس
وأنا عند رجليك ، فضحك معاوية وقال : يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا ، قال :
إن علي دينا ، قال : كم هو ؟ قال : مائة ألف ، فقال : قد أمرنا لك بثلاث مائة
ألف : مائة منها لدينك ، ومائة تقسمها في أهل بيتك ، ومائة لخاصة نفسك ، فقم
مكرما فاقبض صلتك .
فلما خرج الحسن عليه السلام قال يزيد بن معاوية لابيه : تالله ما رأيت ؟

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه