بحار الأنوار ج81

معا ، وجعل التغميض أفضل ، والمحقق عمل بخبر حماد ، والشهيد في الذكرى ، جمع
بين الخبرين بأن الناظر إلى مابين قدميه يقرب صورته من صورة المغمض ، وليس
ببعيد إن قلنا إنه صلى الله عليه وآله اكتفى بالفعل ولم يبين بالقول ، والقول بالتخيير أظهر .
فقال سبحان ربي العظيم وبحمده إي انزه ربي عما لايليق بعز جلاله
تنزيها ، وأنا متلبس بحمده على ماوفقني له من تنزيهه وعبادته ، كأنه لما أسند
التسبيح إلى نفسه خاف أن يكون في هذا الاسناد نوع تبجح بأنه مصدر لهذا الفعل
فتدارك ذلك بقوله وأنا متلبس بحمده ، على أن صيرني أهلا لتسبيحه ، وقابلا لعبادته .
فسبحان مصدر بمعنى التنزيه كغفران ، ولا يكاد يستعمل إلا مضافا منصوبا بفعل
مضمر ، كمعاذ الله ، وهو هنا مضاف إلى المفعول ، وربما جوز كونه مضافا إلى الفاعل
بمعنى التنزه ، والوا في وبحمده للحالية ، وربما جعلت عاطفة (1)وقيل : زائدة
والباء للمصاحبة والحمد مضافا إلى المفعول ، ومتعلق الجار عامل المصدر أي سبحت الله
حامدا ، والمعنى نزته عما لايليق به وأثبت له مايليق به ، ويحتمل كونها للاستعانة
والحمد مضافا إلى الفاعل أي سبحته بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه محمودا
وقيل : الواو عاطفة ومتعلق الجار محذوف أي وبحمده سبحته لا بحولي وقوتي ،
فيكون مما اقيم فيه المسبب مقام السبب ، ويحتمل تعلق الجار بعامل المصدر على
هذا التقدير أيضا ويكون المعطوف عليه محذوفا يشعر به العظيم ، وحاصله أنزه تنزيها
ربي العظيم بصفات عظمته وبحمده ، والعظيم في صفاته تعالى من يقصر عنه كل شئ
سواه ، أو من اجتمعت له صفات الكمال ، أو من انتفت عنه صفات النقص .
قال سمع الله لمن حمده أي استجاب لكل من حمده ، وعدي باللام
لتضمينه معنى الاستجابة كما عدي بالى لتضمينه معنى الاصغاء في قوله تعالى : لا
يسمعون إلى الملاء الاعلى (2)وفي النهاية أي أجاب حمده وتقبله يقال اسمع دعائي
أي أجب لان غرض السائل الاجابة والقبول انتهى .


(1)زاد في ط الكمبانى فيكون من قبيل عطف الجملة الاسمية على الفعلية لكن
المؤلف ره ضرب عليه في الاصل ، ولذلك أسقطناه . (2)الصافات : 8 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه