بحار الأنوار ج44

قال ابن عباس : وكنت أول من انصرف ، فسمعت اللغظ(1)وخفت أن يعجل
الحسين على من قد أقبل ، ورأيت شخصا علمت الشر فيه ، فأقبلت مبادرا فإذا أنا
بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال .
فلما رأتني قالت : إلي إلي يا ابن عباس ! لقد اجترأتم علي في الدنيا
تؤذونني مرة بعد اخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا احب ، فقلت :
واسوأتاه يوم على بغل ، ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئي نور الله ، وتقاتلي أولياء
الله ، وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله عزوجل
المؤنة ، ودفن الحسن عليه السلام إلى جنب امه ، فلم يزدد من الله تعالى إلا قربا ، وما
ازددتم منه والله إلا بعدا ، يا سوأتاه انصرفى فقد رأيت ما سرك .
قال : فقطبت في وجهي ، ونادت بأعلى صوتها : أوما نسيتم الجمل ، يا ابن عباس
إنكم لذوو أحقاد ، فقلت : أم والله ما نسيته أهل السماء ، فكيف تنساه أهل الارض
فانصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالاياب المسافر(2)
بيان : الرحل للبعير ، كالسرج للفرس ، ولعل المراد بالمرحل هنا المسرج
ويحتمل أن يكون من الرحالة ككتابة وهي السرج ، والنوى الوجه الذي ينويه
المسافر من قرب أو بعد ، ويقال : استقرت نواهم أي أقاموا .
23 يج : روي عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام أن الحسن عليه السلام قال لاهل
بيته : إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا : ومن يفعل ذلك ؟ قال :
امرأتي جعدة بنت الاشعث بن قيس ، فان معاوية يدس إليها ويأمرها بذلك ، قالوا :
أخرجها من منزلك ، وباعدها من نفسك ، قال : كيف اخرجها ولم تفعل بعد شيئا


(1)اللغط : الصوت والجلبة ، وقيل : أصوات مبهمة لا تفهم ، وقيل : الكلام الذى
لا يبين ، وفى بعض النسخ اللفظ وهو تصحيف .
(2)ذكر الامدى أن البيت لمعقر بن حمار البارقى ، وقوله ألقت عصاها أى اقام
وترك الاسفار ، وهو مثل . راجع الصحاح ص 2428 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه