بحار الأنوار ج17

السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا(1)" وقال : " وما يتبع أكثرهم إلا
ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا(2)" وقال : " إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا
يخرصون(3)" وأمثال ذلك في القرآن مما يتضمن الوعيد على القول في دين الله بغير علم ،
والذم والتهديد لمن عمل فيه بالظن ، واللوم له على ذلك ، وإذا كان الخبر بأن النبي صلى الله عليه وآله
سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظن عاملا حرم الاعتقاد لصحته ، ولم يجز
القطع به ، ووجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله صلى الله عليه وآله وعصمته ، وحراسة الله
له من الخطاء في عمله ، والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته ، وفي هذا القدر كفاية
في إبطال حكم من حكم على النبي صلى الله عليه وآله بالسهو في صلاته .
فصل : على أنهم اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه صلى الله عليه وآله سها فيها ، فقال بعضهم
هي الظهر وقال بعضهم هي العصر ، وقال بعض آخر منهم : بل كانت عشاء الآخرة ، و
اختلافهم في الصلاة دليل على وهن الحديث ، وحجة في سقوطه ، ووجوب ترك العمل به
وإطراحه .
فصل : على أن في الخبر نفسه ما يدل على اختلاقه ، وهو ما رووه من أن ذا اليدين
قال للنبي صلى الله عليه وآله لما سلم في الركعتين الاوليين من الصلاة الرباعية : أقصرت الصلاة يا
رسول الله أم نسيت ؟ فقال صلى الله عليه وآله ما زعم ؟(4)6 كل ذلك لم يكن ، فنفى صلى الله عليه وآله أن تكون الصلاة
قصرت ، ونفى أن يكون قد سها فيها ، فليس يجوز عندنا وعند الحشوية المجيزين عليه
السهو أن يكذب النبي صلى الله عليه وآله متعمدا ولا ساهيا ، وإذا كان أخبر أنه لم يسه وكان صادقا
في خبره فقد ثبت كذب من أضاف إليه السهو ، ووضح بطلان دعواه في ذلك بلا ارتياب
فصل : وقد تأول بعضهم ما حكوه من قوله : " كل ذلك لم يكن " على ما يخرجه
عن الكذب مع سهوه في الصلاة ، بأن قالوا : إنه صلى الله عليه وآله نفى أن يكون وقع الامران معا ،


(1)الاسراء : 26 .
(2)يونس : 36 .
(3)يونس : 66 .
(4)هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في الطبعة الحروفية : على ما زعم .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه