بحار الأنوار ج75

كفانا الله وإياك من الفتن ورحمك من النار ، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن
عرفك بها أن يرحمك ، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك ، وأطال من عمرك ،
وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه ، وفقهك فيه من دينه ، وعرفك من
سنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله ، فرض لك في كل نعمة أنعم بما عليك وفي كل حجة احتج
بها عليك الفرض فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك ، وأبدى فيه فضله عليك(1)
فقال : لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد(2) .
فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي الله فسألك عن نعمه عليك كيف
رعيتها ، وعن حججه عليك كيف قضيتها ، ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير ولا
راضيا منك بالتقصير ، هيهات هيهات ليس كذلك ، أخذ على العلماء في كتابه إذ
قال : لتبيننه للناس ولا تكتمونه(3) واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت
أن آنست وحشة الظالم ، وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت ، وإجابتك
له حين دعيت ، فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة ، وأن تسأل
عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة ، إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ،
ودنوت ممن لم يرد على أحد حقا ، ولم ترد باطلا حين أدناك ، وأحببت من
حاد الله(4)أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم ،
وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم وسلما إلى ضلالتهم ، داعيا إلى غيهم ، سالكا
سبيلهم ، يدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم ، فلم
يبلغ أخص وزرائهم ، ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم ،


(1)في بعض النسخ فرضى لك في كل نعمة أنعم بها عليك وفى كل حجة أحتج بها
عليك الفرض بما قضى الا ابتلى شكرك . الخ .
(2)سورة ابراهيم : 7 .
(3)سورة آل عمران : 187 .
(4)في بعض النسخ وأجبت من حاد الله .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه