بحار الأنوار ج41

جاوزنا الشجرة ووردنا الماء فأدلى البراء بن عازب دلوه في البئر فاستقى دلوا أو
دلوين ، ثم انقطع الدلو فوقع في القليب ، والقليب ضيق مظلم بعيد القعر ، فسمعنا
في أسفل القليب قهقهة وضحكا شديدا ، فقال علي عليه السلام : من يرجع إلى عسكرنا
فيأتينا بدلو ورشا ؟ فقال أصحابه : من يستطيع ذلك ؟ فائتزر بمئزر ونزل في القليب
وما تزداد القهقهة إلا علوا ، وجعل ينحدر في مراقي القليب إذ زلت رجله فسقط
فيه ، ثم سمعنا وجبة شديدة واضطرابا وغطيطا كغطيط المخنوق(1)، ثم نادى
علي : الله أكبر الله أكبر أنا عبدالله وأخو رسول الله ، هلموا قربكم فأفعمها
وأصعدها على عنقه شيئا فشيئا ، ومضى بين أيدينا فلم نر شيئا ، فسمعنا صوتا :
أي فتى ليل أخي روعات * وأي سباق إلى الغايات -

لله در الغرر السادات * من هاشم الهامات والقامات -
مثل رسول الله ذي الآيات * أو كعلي كاشف الكربات -
كذا يكون المرء في الحاجات
فارتجز أمير المؤمنين عليه السلام :
الليل هول يرهب المهيبا * ويذهل المشجع اللهيبا -
فإنني أهول منه دينا * ولست أخشى الروع والخطوبا -
إذا هززت الصارم القضيبا * أبصرت منه عجبا عجيبا
وانتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وله زجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ماذا رأيت في طريقك
يا علي ؟ فأخبره بخبره كله ، فقال : إن الذي رأيته مثل ضربه الله لي ولمن حضر
معي في وجهي هذا ، قال علي عليه السلام اشرحه لي يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله : أما الرؤوس
التي رأيتم لها ضجة ولالسنتها لجلجة فذلك مثل قوم معي يقولون بأفواهم ماليس
في قلوبهم ، ولا يقبل الله منهم صرفا وعدلا ، ولا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ، وأما
النيران بغير حطب ففتنة تكون في امتي بعدي ، القائم فيها والقاعد سواء ، لا يقبل الله
لهم عملا ولا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ، وأما الهاتف الذي هتف بك فذاك سلقعة وهو


(1)الغطيط : النخير . وفي(ك): كغطيط المجنون .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه