بحار الأنوار ج59

35 - وعن علي عليه السلام أنه قال : اعتل الحسن عليه السلام فاشتد وجعه فاحتملته
فاطمة عليها السلام فأتت به النبي صلى الله عليه وآله مستغيثة مستجيرة ، وقالت له : يا رسول الله ، ادع
الله لابنك أن يشفيه ، ووضعته بين يديه . فقال صلى الله عليه وآله حتى جلس عند رأسه ثم قال :
يا فاطمة ! يا بنية ، إن الله هو الذي وهبه لك وهو قادر على أن يشفيه . فهبط عليه
جبرئيل فقال : يا محمد ، إن الله عزوجل لم ينزل عليك سورة من القرآن إلا وفيها فاء
وكا فاء من آفة ، ما خلا الحمد فإنه ليس فيها فاء ، فادع قدحا من ماء فأقرأ فيه
الحمد أربعين مرة ثم صبه عليه ، فإن الله يشفيه ، ففعل ذلك ، فكأنما انشط من
عقال .
35 - الشهاب : الحمى رائد الموت ، الحمى من فيح جهنم ، الحمى حظ
كل مؤمن من النار .
الضوء : الحمى عبارة عن التهاب الحرارة على البدن وهي فعلى من حممت
الماء أحمه ، وأحممته أي أسخنته والحميم الماء الحار ، يقال حم الرجل ، وأحمه الله
وهو محموم وهو شاذ ، مثل : زكم الرجل ، وأزكمه الله ، فهو مزكوم . والرائد
الذي يتقدم القوم يطلب لهم الماء والكلا . وفي المثل : الرائد لا يكذب أهله .
والموت عبارة عن تعطل الجسد من حلية الحياة ، وهو عند المحققين ليس بذات ،
إنما المرجع فيه إلى النفي . يعني صلى الله عليه وآله أن الحمى عنوان الموت ورسول الذي
قدمه ، وما أقرب وصول المرسل بالمرسل ! وفيه إعلام أن العاقل ينبغي أن يكون
متأهبا لامره ، مستعدا لشأنه ، مرتبا أحواله أحسن الترتيب ، حتى لا يخترمه الموت
عن أمور متشعثة ، وأحوال غير منتظمة ، وحسرات غير مجدية ، فالواجب عليه أن
يعتقد أن حماه النازلة به هي القالعة له من الاهل والولد ، والمعطلة من القوة
والجلد .
وفائدة الحديث الامر بالاستشعار من الموت ، والحذر منه ، والتوقع لهجومه
وقلة الاخلاد إلى الحياة الفانية والوثوق بها ، وسوء الظن بأدنى مرض يعتري ، و
حسبان أنه مرض الموت . وراوي الحديث الحسن ، وتمامه : وهي سجن الله في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه