بحار الأنوار ج80

هو حال العبد الواقف بين يدي سيده ، وقيل : معناه النهي عن تمكينهم من الدخول
في المساجد ، وروى العياشي عن محمد بن يحيى(1)يعني لا يقبلون الايمان إلا والسيف
على رؤسهم .
(لهم في الدنيا خزي)قتل وسبي أو ذلة بضرب الجزية ، وقيل : أي بعد قيام
القائم ، والاولى التعميم بكل ما يصير سببا لمذلتهم في الدنيا .
أقول : تدل الاية بعمومها على عدم جواز منع ما يذكر الله به من الصلوات والدعوات
وتلاوة القرآن ونشر العلوم الدينية وأمثالها في المساجد ، وحرمة السعي في خرابها الصورى
بهدمها ، وإدخالها في الملك وغير ذلك ، بل تعطيلها ، وكل ما يوجب ذهاب رونقها و
إحداث البدع فيها ، وكل ما ينافي وضعها وحصول الذكر فيها .
(وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)(2)على بعض المحتملات يدل على رجحان
إتيان المساجد ، وسيأتي في باب القبلة .
(ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)(3)أي ما كانوا أهل ذلك ، ولا جاز
لهم ، أو ما صح ولا استقام لهم عمارة شئ من المساجد فضلا عن المسجد الحرام ، و
هو صدرها ومقدمها ، وقيل : هو المراد كما هو الظاهر على قراء‌ة ابن كثير وأبي عمرو
ويعقوب مسجد الله لقوله تعالى فيما بعد(وعمارة المسجد الحرام)وإنما جمع لانها قبلة المساجد
كلها وإمامها ، فعامرها كعامر جميعها ، أو لان كل بقعة منه مسجد .
(شاهدين على أنفسهم بالكفر)باظهار كفرهم ، ونصبهم الاصنام حول البيت
وقيل : هي اعترافهم بملة من ملل الكفر كالنصراني بأنه نصراني وروي في الجوامع
أن المسلمين عيروا اسارى بدر ، ووبخ علي عليه السلام العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وآله و
قطيعة الرحم ، فقال العباس : تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا ؟ فقالوا : أو لكم
محاسن ؟ قال : نعم ، إنا نعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة ، ونسقي الحجيج


(1)تفسير العياشى ج 1 ص 56 .
(2)الاعراف : 29 ، وقد مر في ص 165 ما يتعلق بها .
(3)براء‌ة : 17 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه