والبلاء ، فقوله على ما كان متعلق بالمظلم ، أي كونه مظلما بناء على ما كان من
جهد أي مشقة وفاقة فالمعنى أن القرآن في أحوال الشدة والفاقة منور للقلب ، و
مذهب للهم لما فيه من المواعظ والنصائح ، ولانه يورث الزهد في الدنيا فلا يبالي
بما وقع فيها ، ويحتمل أن يكون المعنى أنه نور في ظلم الجهالة والضلالة ، وعلى
أي حال كان من أحوال الدنيا ، من مشقة وفقر وغير ذلك ، أي ينبغي أن يرضى
بالشدة والفاقة مع نور الحق والهداية ، و من في قوله من جهد للبيان أو التبعيض
والتفريع في قوله فإذا حضرت بهذا ألصق وقال ابن ميثم : أراد بالفاقة الحاجة
إلى ما ينبغي من الهداية والكمال النفساني(1)ولا يخفى ما فيه .
والمراد بالبلية ما يمكن دفعه بالمال ، وبالنازلة ما لا يمكن دفعه إلا ببذل النفس
أو ببذل الدين ، أو البلية في امور الدنيا ، والنازلة في امور الاخرة ، والمراد بها مالا
تقية فيه ، وإلا فالتقية واجبة من هلك دينه إما بذهابه بالمرة أو بنقصه بترك الفرائض
وارتكاب الكبائر ، أو الاعم وفي المصباح حرب حربا من باب تعب اخذ جميع ما له
فهو حريب ، وحرب على البناء للمفعول فهو محروب ، وفي القاموس حربه حربا
كطلبه طلبا أسلب ماله فهو محروب وحريب ، والجمع حربى وحرباء ، وحريبته ماله
الذي سلب أو ماله الذي يعيش به لا فقر بعد الجنة أي بعد فعل ما يوجبها ، وكذا
قوله بعد النار أي بعد فعل ما يوجبها .
ثم بين عليه السلام عدم الغناء مع استحقاق النار ببيان شدة عذابها ، من حيث
إن أسيرها والمقيد فيها بالسلاسل والاغلال لا يفك أبدا ولا يبرأ ضريرها أي
من عمي عينه فيها أو من ابتلي فيها بالضر ، أو المراد عدم فك أسيرها في الدنيا من
قيد الشهوات وعدم برء من عمي قلبه في الدنيا بالكفر ، والاول أظهر ، وفي القاموس
الضرير الذاهب البصر ، والمريض المهزول ، وكل ما خالطه ضر .
3 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن
أبي جعفر عليه السلام قال : سلامة الدين وصحة البدن خير من المال ، والمال زينة من
(1)في قوله ليس لاحد بعد القرآن من فاقة راجع الخطبة 174 .