بحار الأنوار ج5

مختلفة جاز أن يوقع الاستثناء على المعنى فيقول : إلا أن يشاء الله أن نتفق في الملة بأن
ترجعوا أنتم إلى الحق .
فإن قيل : وكان الله ما شاء أن ترجع الكفار إلى الحق ؟ قلنا : بلى قد شاء ذلك
إلا أنه ما شاء على كل حال ، بل من وجه دون وجه ، وهو أن يؤمنوا ويصيروا إلى الحق
مختارين ليستحقوا الثواب الذي أجرى بالتكليف إليه ، ولو شاء‌ه على كل حال لما جاز
أن لا يقع منهم .(1)
وسادسها أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا ويخلي بينكم
وبينه فنعود إلى إظهارها مكرهين ، ويقوي هذا الوجه قوله تعالى : " أولو كنا كارهين " .
وسابعها أن يكون المعنى : إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بإظهار ملتكم مع الاكراه
لان إظهار كلمة الكفر قد يحسن في بعض الاحوال إذا تعبد الله تعالى بإظهاره ; وقوله :
" أولو كنا كارهين " يقوي هذا الوجه أيضا .
فإن قيل : فكيف يجوز من نبي من أنبياء الله تعالى أن يتعبد بإظهار الكفر و
خلاف ما جاء به من الشرع ؟ قلنا : يجوز أن يكون لم يرد بالاستثناء نفسه بل قومه فكأنه
قال : وما يكون لي ولا لامتي أ ن نعود فيها إلا يشاء الله أن يتعبد امتي باظهار ملتكم
على سبيل الاكراه ، وهذا جائز غير ممتنع .
وقال طيب الله رمسه : إن سأل سائل عن تأويل قوله تعالى : " فلا تعجبك أموالهم
ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحيوة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون "(2)
فقال : كيف يعذبهم بالاموال والاولاد ومعلوم أن لهم فيها سرورا ولذة ؟ وما تأويل


(1)وفيه بعد ذلك زيادة وهى قوله : فكان شعيبا عليه السلام قال : ان ملتنا لا تكون واحدة أبدا الا
أن يشاء الله أن يلجئكم إلى الاجتماع معنا على ديننا وموافقتنا في ملتنا ، والفائدة في ذلك واضحة ،
لانه لو اطلق أنا لا نتفق أبدا ولا تصير ملتنا واحدة لتوهم متوهم أن ذلك مما لا يمكن على حال من
الاحوال فافاد بتعليقه له بالمشية هذا الوجه ، ويجرى قوله تعالى : " الا أن يشاء الله " مجرى قوله تعالى :
" ولو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا " . ج 2 ص 65 .
(2)التوبة : 55 . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه