بحار الأنوار ج55

وصرنا بالمدائن وكنت يومئذ مسائرا له إذ خرج إليه قوم من أهل المدائن من
دهاقينهم معهم براذين(1)قد جاؤوا بها هدية(2)إليه فقبلها ، وكان فيمن تلقاه
دهقان من دهاقين المدائن يدعى(سرسفيل)وكانت الفرس تحكم برأيه فيما مضى
وترجع إلى قوله فيما سلف ، فلما بصر بأميرالمؤمنين عليه السلام قال له : يا أميرالمؤمنين
لترجع عما قصدت ! قال : ولم ذاك يا دهقان ؟ قال : يا أميرالمؤمنين ! تناحست
النجوم الطوامع ، فنحس أصحاب السعود ، وسعد أصحاب النحوس ، ولزم الحكيم
في مثل هذا اليوم الاستخفاء والجلوس ، وإن يومك هذا يوم مميت ، قد اقترن فيه
كوكبان قتالان ، وشرف فيه بهرام في برج الميزان ، واتقدت من برجك النيران
وليس الحرب لك بمكان . فتبسم أميرالمؤمنين عليه السلام ثم قال أيها الدهقان المنبئ
بالاخبار ، والمحذر من الاقدار ، ما نزل البارحة في آخر الميزان ؟ وأي نجم
حل في السرطان ؟ قال : سأنظر ذلك ، واستخرج من كمه اسطرلابا وتقويما ، قال
له أميرالمؤمنين عليه السلام : أنت مسير الجاريات ؟ قال : لا ، قال : فأنت تقضي على
الثابتات ؟ قال : لا ، قال : فأخبرني عن طول الاسد وتباعده من المطالع والمراجع
وما الزهرة من التوابع والجوامع ؟ قال : لاعلم لي بذلك . قال فما بين السراري(3)
إلى الدراري ؟ وما بين الساعات إلى المعجرات ؟ وكم قدر شعاع المبدرات ؟
وكم تصحل الفجر في الغدوات ؟ قال : لاعلم لي بذلك ، قال : فهل علمت يا

دهقان أن الملك اليوم انتقل من بيت إلى بيت بالصين ، وانقلب برج ماجين ، و
احترق دور بالزنج ، وطفح جب سرانديب ، وتهدم حصن الاندلس ، وهاج
نمل الشيح ، وانهزم مراق الهندي ، وفقد ديان اليهود بإيلة ، وهدم بطريق
الروم برومية ، وعمي راعب عمورية ، وسقطت شرفات القسطنطنية أفعالم أنت بهذه
الحواث وما الذي أحدثها شرقيها أو غربيها من الفلك ؟ قال : لاعلم لي بذلك


(1)براذين : جمع(برذون)بكسر الباء الموحدة وفتح الذال المعجمة دابة الحمل
الثقيلة .
(2)الهدية كالعطية .
(3)السوارى(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه