بحار الأنوار ج17

يعني في مجالس الكفار والفساق الذين يظهرون التكذيب بالقرآن والآيات والاستهزاء
بذلك ، قال الجبائي : وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول الامامية في جواز التقية على
الانبياء والائمة ، وأن النسيان لا يجوز على الانبياء ، وهذا القول غير صحيح ولا مستقيم ،
لان الامامية إنما تجوز التقية على الامام فيما يكون عليه دلالة قاطعة توصل إلى العلم
ويكون المكلف مزاح العلة في تكليفه ذلك ، فأما ما لا يعرف إلا بقول الامام من الاحكام
ولا يكون على ذلك دليل إلا من جهته فلا يجوز عليه التقية فيه ، وهذا كما إذا تقدم
من النبي صلى الله عليه واله بيان في شئ من أحكام الشريعة ، فإنه يجوز منه أن لا يبين في حال
اخرى لامته ذلك الشئ إذا اقتضته المصلحة ، وأما النسيان والسهو فلم يجوز وهما
عليهم فيما يؤدونه عن الله تعالى ، فأما ما سواه فقد جوزوا عليهم أن ينسوه أو يسهو عنه
ما لم يؤد ذلك إلى إخلال بالعقل ، وكيف لا يكون كذلك وقد جوزوا عليهم النوم و
الاغماء وهما من قبيل السهو ، فهذا ظن منه فاسد ، وبعض الظن إثم انتهى كلامه
رحمه الله(1).
وفيه من الغرابة ما لا يخفى ، فإنا لم نر من أصحابنا من جوز عليهم السهو مطلقا
في غير التبليغ ، وإنما جوز الصدوق وشيخه الاسهاء من الله لنوع من المصلحة ، ولم أر من
صرح بتجويز السهو الناشي من الشيطان عليهم ، مع أن ظاهر كلامه يوهم عدم القول
بنفي السهو مطلقا بين الامامية ، إلا أن يقال : مراده عدم اتفاقهم على ذلك ، وأما النوم
فستعرف ما فيه ، فالاصوب حمل الآية على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله ظاهرا ، والمراد غيره ،
أو هو من قبيل الخطاب العام(2)كما عرفت في الآيات السابقة في الباب المقدم ، و
العجب أن الرازي تعرض لتأويل الآية مع أنه لا يأبى عن ظاهره مذهبه : وهو رحمه الله
أعرض عنه .
قال الرازي في تفسيره : إنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد غيره ، وقيل : الخطاب
لغيره ، أي إذا رأيت أيها السامع " الذين يخوضون في آياتنا " ونقل الواحدي أن


(1)مجمع البيان 4 : 316 و 317 .
(2)ولا يشمله عمومه ، والا فيعود المحذور .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه