يدبر أيضا فيه مع تدبيره ووجود خبره في عالم آخر أو عدمه مما لا يذهب إليه وهم واهم ،
فإن الوجوب يقتضي العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ، ومع هذه الصفات الكمالية
يمتنع عدم الاعلام ونشر الآثار بحيث يبلغ إلينا وجوده ، وأما ما زعمت الثنوية من
الاله الثاني فليس بهذه المثابة . ومما يرسل ويحكم فيهم وإن قالوا بوجود الواجب
الآخر فقد نفوا لازمه فهو باطل بحكم العقل .
وقد أثبتنا في كتاب الروضه فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه الحسن صلوات الله
عليهما ما يؤمي إلى هذا الدليل ، حيث قال عليه السلام : واعلم أنه لو كان لربك شريك
لاتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت صفته وفعاله ، ولكنه إله واحد كما
وصف نفسه ، لا يضاده في ذلك أحد ولا يحاجه ، وأنه خالق كل شئ .
السابع : الادلة السمعية من الكتاب والسنة وهي أكثر من أن تحصى ، وقد مر
بعضها ، ولا محذور في التمسك بالادلة السمعية في باب التوحيد ، وهذه هي المعتمد
عليها عندي . وبسط الكلام في تلك الادلة وما سواها ممالم نشر إليها موكول إلى مظانها ،
ولنرجع إلى حل الخبر وشرحه ، وقد قيل فيه وجوه :
الاول : أن المراد بالقوي القوي على فعل الكل بالارادة مع إرادة استبداده به ،
والمراد بالضعيف الذي لا يقوى على فعل الكل ، ولا يستبد به ولا يقاوم القوي ، فان كانا
قويين فلم لا يدفع كل منهما صاحبه ويتفرد به ، أى يلزم من قوتهما انفراد كل بالتدبير ،
ويلزم منه عدم وقوع الفعل ، وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد
أي المبدأ للعالم واحد لعجز الضعيف عن المقاومة والتأثير ، وثبت احتياج الضعيف إلى العلة
الموجدة لان القوي أقوى وجودا من الضعيف ، وضعف الوجود لا يتصور إلا بجواز
خلو الماهية عن الوجود ، ويلزم منه الاحتياج إلى المبدأ المبائن الموجد له .
وإن قلت : إنهما اثنان أي المبدأ اثنان ، وهذا هو الشق الثاني ، أي كونهما ضعيفين
بأن يقدر ويقوى كل منهما على بعض ، أو يفعل بعضا دون بعض بالارادة ، وإن كان يقدر
على الكل وفي هذاالشق لايخلو من أن يكونا متفقين أي في الحقيقة من كل جهة ، ويلزم
من هذا عدم الامتياز بالتعين للزوم المغايرة بين الحقيقة والتعينين المختلفين ، واستحالة