بحار الأنوار ج74

ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه(1)ليمحق ما يكون من إحسان المحسن .
وإياك والمن على رعيتك بإحسان أو التزيد فيما كان من فعلك(2)أوتعدهم
فتتبع موعدك بخلفك أو التسرع إلى الرعية بلسانك(3)فان المن يبطل الاحسان(4)
والخلف يوجب المقت ، وقد قال الله جل ثناؤه : كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا
تفعلون (5).
إياك والعجلة بالامور قبل أوانها ، والتساقط فيها عند زمانها(6)واللجاجة
فيها إذا تنكرت(7)والوهن فيها إذا أوضحت ، فضع كل أمر موضعه ، وأوقع كل
عمل موقعه .
وإياك والاستئثار بما للناس فيه يعينك ، والتغابي
عما يعنى به(8)مما قد وضح لعيون الناظرين ، فانه مأخوذ لغيرك ، وعما
قليل تكشف عنك أغطية الامور ، ويبرز الجبار بعظمته ، فينتصف المظلومون من
الظالمين .
ثم أملك حمية أنفك(9)وسورة حدتك ، وسطوة يدك ، وغرب لسانك ، و


(1)الاطراء : المبالغة في المدح والثناء . الفرص : جمع الفرصة - بالضم - : الوقت
المناسب للوصول إلى المقصد .
(2)التزيد - كالتقيد - : اظهار الزيادة وتكلفها في الاعمال عن الواقع منها .
(3)التسرع : المبادرة والتعجيل .
(4)في النهج بعد هذه العبارة والتزيد يذهب بنور الحق . والمقت : السخط والبغض .
(5)سورة الصف : 4 .
(6)التساقط : تتابع السقوط والمراد به هنا التهاون وقيل : من ساقط الفرس اذا جاء
مسترخيا وفى النهج التساقط فيها عند امكانها والوهن عنها اذا استوضحت .
(7)أى لم يعرف وجه الصواب فيها . والوهن . الضعف .
(8)التغابى : التغافل عما يهتمم به و يعنى على صيغة المفعول .
(9)الحمية : الانفة والنخوة وفلان حمى الانف : اذا كان ابيا يأنف الضيم . والسورة
بفتح فسكون - : السطوة . والحدة - بالفتح - من الانسان : بأسه وما يعتريه من الغضب . والغرب :
الحدة والنشاط وأيضا بمعنى الحد .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه