بحار الأنوار ج60

وهم ينظرون إليه لا يصلون إليه إذا رجل معه في القبة ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا
الذي لا أقبل الرشى ، ولا أهاب الملوك ، فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبة .
قال : فمكثوا سنة يعملون له حتى بعث الله الارضة فأكلت منسأته .
وفي حديث آخر عن أبي عبدالله عليه السلام قال : فكان آصف يدبر أمره حتى دبت
الارضة " فلماخر " أي سقط سليمان ميتا " تبينت الجن " أي ظهرت الجن فانكشفت(1)
للناس " أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " معناه في الاعمال الشاقة .
وقيل : إن المعنى تبينت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساء‌هم لا يعلمون الغيب
لانهم كانوا يوهمونهم أنهم يعلمون الغيب .
وقيل معناه : تبينت الانس أن الجن كانوا لا يعلمون الغيب فانهم كانوا يوهمون
الانس أنا نعلم الغيب ، وإنما قال : " تبينت الجن " كما يقول من يناظر غيره
ويلزمه الحجة : هل تبين لك أنك باطل ؟(2)
ويؤيده قراء‌ة علي بن الحسين ، وأبي عبدالله عليه السلام ، وابن عباس ، والضحاك
" تبينت الانس "(3)
وأما الوجه في عمل الجن تلك الاعمال العظيمة ، فهو أن الله تعالى زاد في
أجسامهم وقوتهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون للطافتم ورقة أجسامهم
على سبيل الاعجاز الدال على نبوة سليمان ، فكانوا بمنزلة الاسراء في يده ، وكانوا
يتهيألهم الاعمال التي كان يكلفها إياهم ، ثم لما مات عليه السلام جعل الله خلقهم على ما
كانوا عليه فلا يتهيأ لهم في هذا الزمان من ذلك شئ(4).
وقال في قوله تعالى : " بل كانوا يعبدون الجن " بطاعتهم إياهم فيما دعوهم
إليه من عبادة الملائكة .


(1)في المصدر : فانكشف .
(2)في المصدر على باطل .
(3)ذكر الطبرسى هذه القراء‌ة في بحث القراء‌ة .
(4)مجمع البيان 8 : 380 و 382 384 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه