تكليف عام يشترك فيه عوامهم وخواصهم على أمر غامض لا يطلع عليه إلا الاوحدي
من المنجمين والهيويين بل لا يمكن معرفته على التحقيق لاحد كما مر بعيد
غاية البعد ، إلا أن يقال إنه عليه السلام علم قاعدته المعلى ولم يروها أو ترك الناس
روايتها وهو أيضا بعيد .
الرابع : أن يكون المراد ما اصطلح عليه الآن المنجمون وهو دخول الشمس
برج الحمل ، بأن يكون عليه السلام علم أن قاعدة الفرس في القديم كان كذلك فتركت
وأحروا الكبس إلى المائة والعشرين تسهيلا للامر . أو يقال : إن نيروز الفرس
هو أول فروردين مع رعاية الكبس بأي وجه كان في زمان قصير أو زمان طويل
فيشمل النيروز الجلالي عموما وإن لم يحدث بعد خصوص هذا النوع . ويؤيده
أن الاحكاميين من الفرس وغيرهم جعلوا مبدأ السنة تحويل الشمس إلى الحمل
كما قال كوشيار في كتاب مجمل الاصول " معلوم أن تحويل سنة العالم هو حلول
الشمس أول ثانية من الحمل وطالع ذلك طالع السنة " وأمثال ذلك من كلماتهم
وقد اشتمل الخبر على أن النيروز أول سنة الفرس ، وايد أيضا بما ورد أن
ابتداء خلق العالم كان الشمس في الحمل ، وبأنا إذا حسبنا على القهقرى وجدنا
عيد الغدير في السنة العاشرة من الهجرة مطابقا لنزول الشمس أول الحمل ، والظاهر
أن ذلك مبني على بعض الارصاد ، وعلى بعضها يتقدم بيوم كما أومأ إليه ابن
فهد رحمه الله وعلى بعضها بيومين كما أشار إليه غيره ، وموافقته على بعض
الارصاد كاف في ذلك ، وبأنه أول نمو أبدان الحيوانات والاشجار والنباتات كما
قال سبحانه " ألم تر أن الله يحيي الارض بعد موتها "(1)" وعنده تظهر قدرة
الصانع وحكمته ولطفه ، ورحمته ، فهو أولى بأن يشكر فيه الرب الكريم ، وأن
يجعل مبدأ السنة والعيد العظيم ، وقد مر الكلام في أكثر ذلك فيما مضى .
(1)الاية ليست كذلك ، ففى الاية(19)من سورة الروم " ويحيى الارض بعد موتها "
وفي الاية(50)منها " كيف يحيى الموتى " وفي الاية(17)من سورة الحديد " اعلموا أن
الله يحيى الارض بعد موتها " .