بحار الأنوار ج17

فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى ، هذا مع الرواية عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال : " لا صلوة لمن عليه صلاة " يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة
فصل : ولسنا ننكر أن يغلب النوم على الانبياء عليهم السلام في أوقات الصلوات حتى
تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص ، لانه ليس ينفك بشر من غلبة
النوم ولان النائم لا عيب عليه ، وليس كذلك السهو ، لانه نقص عن الكمال في الانسان ، وهو
عيب يختص به من اعتراه ، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره ، والنوم
لا يكون إلا من فعل الله تعالى ، فليس من مقدور العباد على حالة ، ولو كان من مقدورهم لم
يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر ، وليس كذلك السهو ، لانه يمكن التحرز
منه ، ولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان
ولا يمتنعون من إيداعه من تعتريه الامراض والاسقام ، ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه
ذووا السهو من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة والفطنة والذكاء و
الحذاقة ، فعلم فرق ما بين السهو النوم بما ذكرناه ، ولو جاز أن يسهو النبي صلى الله عليه وآله في
صلاته وهو قدوة فيها حتى يسلم قبل تمامها ، وينصرف عنها قبل إكمالها ، ويشهد الناس
ذلك فيه ويحيطوا به علما من جهته لجاز أن يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا
في شهر رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ، ويستدركون عليه الغلط ، وينبهونه عليه
بالتوقيف على ما جناه ، ولجاز أن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا ، ولم يؤمن عليه السهو
في مثل ذلك إلى وطي ذوات المحارم ساهيا ، ويسهو في الحج حتى يجامع في الاحرام ،
ويسعى قبل الطواف ، ولا يحيط علما بكيفية رمي الجمار ، ويتعدى من ذلك إلى السهو
في كل أعمال الشريعة حتى ينقلها عن حدودها ، ويضعها في غير أوقاتها ، ويأتي بها على
غير حقائقها ، ولم ينكر أن يسهو عن تحريم الخمر فيشربها ناسيا أو يظنها شرابا حلالا ،
ثم ينفصل بعد ذلك لما بين عليه من صفتها ، ولم ينكر أن يسهو فيما يخبر به عن نفسه
وعن غيره ممن ليس بربه بعد أن يكون منصوبا في الاداء ، ويكون مخصوصا بالاداء ، و
تكون العلة في جواز ذلك كله أنها عبادة مشتركة بينه وبين امته ، كما كانت الصلاة
عبادة مشتركة بينه وبينهم حسب اعتلال الرجل الذي ذكرت أيها الاخ عنه من إعلاله ،

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه