بحار الأنوار ج77

على مضارع الغائب من باب الافعلال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية ، وأن يقرء
بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على
المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني رفع الله درجته والاول هو المضبوط في كتب
الدعاء ، المسموع عن المشايخ الاجلاء .
ثم الظاهر أن التكرير للالحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في
الدعاء ، فانه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن يكون الثانية تأسيسا
على التنزل فان ابيضاض الوجوه تنور فيها زايدا على الحالة الطبيعية ، فكأنه يقول
إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولاتسودها .
والكتاب كتاب الحسنات ، وإعطاؤه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة ،
كما قال تعالى : فأما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا و
ينقلب إلى أهله مسرورا (1)وقوله عليه السلام : والخلد في الجنان بيساري
يحتمل وجوها :
الاول أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان
على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لاعطني كما روي عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بأيمانهم ، وبراء‌ة الخلد في
الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه .
والثاني أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كماقال تعالى : وسنيسره
لليسرى (2)فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة ، من غير أن يتقدمه عذاب النار
وأهوال يوم القيامة ، أو سهولة الاعمال الموجبة له .
الثالث أن يراد باليسار مقابل الاعسار أي اليسار بالطاعات أي أعطني الخلد
في الجنان بكثرة طاعاتي ، فالباء للسببية ، فيكون في الكلام إيهام التناسب ، وهو
الجمع بين المعنيين المتباينين بلفظين لهما معنيان متناسبان كما قيل في قوله تعالى :


(1)الانشقاق : 9 .
(2)الليل 7 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه