بحار الأنوار ج13

" فيها هدى " أي بيان للحق ودلالة على الاحكام " ونور " أي ضياء لكل ما تشابه
عليهم ، وقيل : أي بيان أن أمر النبي صلى الله عليه وآله حق .
" يحكم بها النبيون الذين أسلموا " أي يحكم بالتوراة النبيون الذين أذعنوا
لحكم الله وأقروا به " للذين هادوا " أي تابوا من الكفر ، أو لليهود ، واللام فيه متعلق
بيحكم أي يحكمون بالتوراة لهم وفيما بينهم " والربانيون " أي يحكم بها الربانيون
الذين علت درجاتهم في العلم ، وقيل : الذين يعملون بما يعلمون " والاحبار " العلماء الكبار
" بما استحفظوا " أي بما استودعوا من كتاب الله ، أو بما امروا بحفظ ذلك والقيام به وترك
تضييعه " وكانوا عليه شهداء " أي رقباء لا يتركون أن يغير ، أو يبينون ما يخفى
منه .(1)
" اخلفني " أي كن خليفتي " في قومي وأصلح " فيما بينهم ، وأجر على طريقتك في
الصلاح ، أو أصلح فاسدهم " ولا تتبع سبيل المفسدين " أي لا تسلك طريقة العاصين ، ولا تكن
عونا للظالمين .
" قال رب أرني " اختلف في وجه هذا السؤال على أقوال نذكر منها وجهين :
أحدهما ما قاله الجمهور وهو الاقوى : إنه لم يسأل لنفسه وإنما سألها لقومه ،
حين قالوا : " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " ولذا قال عليه السلام : " أتهلكنا بما فعل السفهاء
منا " .
وثانيهما : أنه لم يسأل الرؤية بالبصر ، ولكن سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار
بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة ، ويستغني عن الاستدلال " قال لن تراني "
أبدا " فإن استقر مكانه " علق رؤيته باستقرار الجبل الذي علمنا أنه لم يستقر من قبيل
التعليق على المحال " وخر موسى صعقا "(2)أي سقط مغشيا عليه ، وروي عن ابن عباس


(1)مجمع البيان 197 و 198 .
(2)قال السيد الرضى رضوان الله تعالى عليه في قوله عز اسمه : " فلما تجلى ربه " هذه استعارة
على احد وجهى التأويل ، وهو أن يكون المعنى : فلما حقق تعالى بمعرفته لحاضرى الجبل بالايات
التى أحدثها في الجبل زالت عنهم في العلم بحقيقته عوارض الشبه وخوالج الريب ، وكان معرفته
سبحانه تجلت لهم من غطاء أو برزت لهم من حجاب ، وأما التأويل الاخر وهو أن يقدر في الكلام *(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه