بحار الأنوار ج16

وكانت تقول : لئن لم أره لارمين نفسي عن شاهق ، وجعلت تصيح : وا محمداه ، قالت :
فدخلت مكة على تلك الحال ، فرأيت شيخا متوكئا على عصا ، فسألني عن حالي فأخبرته
فقال : لا تبكي فأنا أدلك على من يرده عليك ، فأشار إلى هبل صنمهم الاعظم ، ودخل
البيت وطاف بهبل وقبل رأسه وقال : يا سيداه لم تزل منتك جسيمة ، رد محمدا على هذه
السعدية ، قال(1): فتساقطت الاصنام لما تفوه باسم محمد صلى الله عليه واله ، وسمع صوت : إن هلاكنا
على يدي محمد ، فخرج وأسنانه تصطك ، وخرجت إلى عبدالمطلب وأخبرته بالحال ، فخرج
وطاف بالبيت ، ودعا الله سبحانه فنودي واشعر بمكانه ، فأقبل عبدالمطلب فتلقاه ورقة بن
نوفل في الطريق ، فبيناهما يسيران إذا النبي صلى الله عليه واله قائم تحت شجرة يجذب الاغصان ،
ويعبث(2)بالورق ، فقال عبدالمطلب : فداك نفسي ، وحمله ورده إلى مكة(3).
وسادسها : ما روي أنه صلى الله عليه واله خرج مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة(4)غلام
خديجة ، فبينا هو راكب ذات ليلة ظلمآء إذ جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن
الطريق ، فجآء جبرئيل عليه السلام فنفخ إبليس(5)نفخة وقع منها إلى الحبشة ، ورده إلى
القافلة ، فمن الله عليه بذلك .
وسابعها : أن المعنى وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك
وأرشدهم إلى فضلك ، والاعتراف بصدقك ، والمراد أنك كنت خاملا لا تذكر ولا تعرف
فعرفك الله إلى الناس حتى عرفوك وعظموك .
" ووجدك عائلا " أي فقيرا لا مال لك " فأغنى " أي فأغناك بمال خديجة ، ثم
بالغنائم ، وقيل : فأغناك بالقناعة ، ورضاك بما أعطاك وروى العياشي بإسناده عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام في قوله : " ألم يجدك يتيما فآوى " قال عليه السلام : فردا لا مثل لك في
المخلوقين فآوى الناس إليك .


(1)قالت خ ل .
(2)في المصدر : ويلعب .
(3)ذكره في المصدر عن كعب .
(4)مسيرة خ ل ، أقول : هو وهم .
(5)في المصدر : فنفخ بابليس .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه