ترك القتال من حيث علم الله ذلك منهم وكتبه لانه كما علم أنهم لا يختارون ذلك علم أنهم
قادرون ، ولو وجب ذلك لوجب أن لا يكون تعالى قادرا على ما علم أنه لا يفعله ، و
القول بذلك كفر .
وقال رحمه الله : في قوله تعالى : " ثم قضى أجلا " أي كتب وقدر أجلا " وأجل مسمى
عنده " قيل : فيه أقوال : أحدها أنه يعني بالاجلين : أجل الحياة إلى الموت ، وأجل الموت
إلى البعث . وروى ابن عباس قال : قضى أجلا من مولده إلى مماته ، وأجل مسمى عنده
من الممات إلى البعث ، لا يعلم أحد ميقاته سواه ، فإذا كان الرجل صالحا واصلا لرحمه زاد
الله له في أجل الحياة من أجل الممات إلى البعث ، وإذا كان غير صالح ولا واصل نقصه الله
من أجل الحياة ، وزاد في أجل المبعث ، قال : وذلك قوله : " وما يعمر من معمر ولا
ينقص من عمره إلا في كتاب " .
وثانيها أنه الاجل الذي يحيي به أهل الدنيا إلى أن يموتوا ، وأجل مسمى
عنده يعنى الآخرة لانها أجل ممدود دائم لا آخر له .
وثالثها : أن أجلا يعني به أجل من مضى من الخلق ، وأجل مسمى عنده يعني به
آجال الباقين .
ورابعها : أن قوله : " قضى أجلا " عنى به النوم يقبض الروح فيه ثم يرجع عند
اليقظة ، والاجل المسمى هو أجل الموت ; والاصل في الاجل هو الوقت فأجل الحياة
هو الوقت الذي يكون فيه الحياة ، وأجل الموت أو القتل هو الوقت الذي يحدث فيه
الموت أو القتل ، وما يعلم الله تعالى أن المكلف يعيش إليه لو لم يقتل لا يسمى أجلا
حقيقة ، ويجوز أن يسمى ذلك مجازا ; وما جاء في الاخبار من أن صلة الرحم تزيد
في العمر والصدقة تزيد في الاجل وأن الله تعالى زاد في أجل قوم يونس وما أشبه
ذلك فلا مانع من ذلك . وقال في قوله تعالى : " ولكل أمة أجل " : أي لكل جماعة و
أهل عصر وقت لاستيصالهم . وقيل : المراد بالاجل أجل العمر الذي هو ملة الحياة .
قوله : " لا يستأخرن " أي لا يتأخرون ساعة من ذلك الوقت ولا يتقدمون ساعة .
وقيل : معناه : لا يبطلون التأخر عن ذلك الوقت للاياس عنه ولا يطلبون التقدم ; ومعنى .