بحار الأنوار ج9

أسوسهم بشفاء الغيظ(1)كسياستك ، فاكفف دعوتك عن عبادي ،(2)فإنما أنت عبد
نذير ، لا شريك في المملكة ، ولا مهيمن علي ،(3)وعبادي معي بين خلال(4)ثلاث :
إما تابوا إلي فتبت عليهم وغفرت ذنوبهم وسترت عيوبهم ، وإما كففت عنهم عذابي
لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون ، فأرفق بالآباء الكافرين ، وأتأنى
بالامهات الكافرات وأرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم ، فإذا تزايلوا
حق بهم(5)عذابي وحاق بهم بلائي ، وإن لم يكن هذا ولا هذا فإن الذي أعددته
لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم ، فإن عذابي لعبادي على حسب جلالي وكبريائي ، يا
إبراهيم فخل بيني وبين عبادي ، فإني أرحم بهم منك ، وخل بيني وبين عبادي فإني
أنا الجبار الحليم العلام الحكيم ، ادبرهم بعلمي وانفذ فيهم قضائي وقدري .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله يا أبا جهل إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه
سيخرج من صلبك ذرية طيبة : عكرمة ابنك ، وسيلي من امور المسلمين ما إن أطاع
الله فيه كان عند الله جليلا ، وإلا فالعذاب نازل عليك ، وكذلك سائر قريش السائلين
لما سألوا من هذا إنما امهلوا لان الله علم أن بعضهم سيؤمن بمحمد وينال به السعادة
فهو لا يقتطعه عن تلك السعادة ولا يبخل بها عليه ، أو من يولد منه مؤمن فهو ينظر أباه(6)
لايصال ابنه إلى السعادة ، ولولا ذلك لنزل العذاب بكافتكم ، فانظر نحو السماء ،
فنظر إلى أكنافها وإذا أبوابها مفتحة ، وإذا النيران نازلة منها مسامتة(7)لرؤوس
القوم تدنو منهم حتى وجدوا حرها بين أكتافهم ، فارتعدت فرائص أبي جهل والجماعة


(1)اى ادبرهم واتولى امرهم بما يشفى غيظى .
(2)في المصدر : عن عبادى وإمائى .
(3)اى ولا الرقيب على وعلى عبادى ولا القائم على عبادى بأعمالهم وارزاقهم وآجالهم .
(4)الخلال : الخصال .
(5)في المصدر : حل بهم عذابى . قلت : تزايلوا أى تفرقوا وخرجوا من أصلابهم . حاق
بهم . أحاط بهم .
(6)أى يمهله .
(7)أى مقابلة وموازاة لرؤوسهم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه