بحار الأنوار ج9

فإن هذا من المحال الذي لا خفاء به ، لان ربنا عزوجل ليس كالمخلوقين يجئ و
يذهب ويتحرك ويقابل شيئا حتى يؤتى به ، فقد سألتموه بهذا المحال ، وإنما هذا
الذي دعوت إليه صفة أصنامكم الضعيفة المنقوصة التي لاتسمع ولا تبصر ولا تعلم ولا
تغني عنكم شيئا ولا عن أحد ، ياعبدالله أوليس لك ضياع وجنات بالطائف وعقار بمكة
وقوام عليها ؟ قال : بلى ، قال : أفتشاهد جميع أحوالها بنفسك أو بسفراء بينك وبين
معامليك ؟ قال بسفراء ، قال : أرأيت لو قال معاملوك واكرتك وخدمك لسفرائك : لا
نصدقكم في هذه السفارة إلا أن تأتونا بعبدالله بن أبي امية لنشاهده فنسمع ما تقولون
عنه شفاها كنت تسوغهم هذا ، أو كان يجوز لهم عندك ذلك ؟ قال : لا ، قال : فما الذي
يجب على سفرائك ؟ أليس أن يأتوهم عنك بعلامة صحيحة تدلهم على صدقهم يجب
عليهم أن يصدقوهم ؟ قال : بلى ، قال : يا عبدالله أرأيت سفيرك لو أنه لما سمع منهم
هذا عاد إليك وقال : قم معي فإنهم قد اقترحوا علي مجيئك معي أليس يكون لك
مخالفا ؟ وتقول له : إنما أنت رسول لا مشير وآمر ؟ قال : بلى ، قال : فكيف صرت
تقترح على رسول رب العالمين ما لا تسوغ على اكرتك ومعامليك أن يقترحوه على
رسولك إليهم ؟ وكيف أردت من رسول رب العالمين أن يستذم على ربه(1)بأن
يأمر عليه وينهى وأنت لا تسوغ مثل هذا على رسولك إلى اكرتك وقوامك ؟ هذه
حجة قاطعة لابطال جميع ما ذكرته في كل ما اقترحته يا عبدالله .
وأما قولك يا عبدالله : أويكون لك بيت من زخرف وهو الذهب أما بلغك
أن لعظيم مصر(2)بيوتا من زخرف ؟ قال : بلى ، قال : أفصار بذلك نبيا ؟ قال : لا ،
قال : فكذلك لا توجب لمحمد لو كانت له نبوة(3)ومحمد لا يغتنم جهلك بحجج الله .
وأما قولك يا عبدالله : أو ترقى في السماء ، ثم قلت : ولن نؤمن لرقيك حتى
تنزل علينا كتابا نقرؤه ، يا عبدالله الصعود إلى السماء أصعب من النزول عنها ، وإذا


(1)في التفسير : أن يستقدم(يتقدم خ ل)إلى ربه .
(2)في السير : لعزيز(لعظيم خ ل)مصر .
(3)في الاحتجاج : فكذلك لا يوجب لمحمد نبوة لو كان له بيوت .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه