بحار الأنوار ج76


يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين .
فالايات الشريفة بنفسها تنص على أن الجن كانوا يعملون التماثيل في بناء البيت
المقدس ، ولا معنى لاستعمالها في البيت الا كما ذكرناه ، وهو المعهود من بناء السلاطين
بعده ، والروايات الواردة في ذلك ، تؤيد هذا المعنى أيضا .
وأما أنه كيف جاز عمل الصور ؟
فالمسلم من الايات الشريفة التى تبحث عن ذلك ، أن التماثيل اذا نصبت للعبادة
وعكف الناس على عبادتها وخلقوا لذلك افكا ، فهى صنم ووثن ، كما عرفت في قوله تعالى
ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون وقوله بعده تالله لاكيدن اصنامكم بعد أن
تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا فان كانت التماثيل منصوبة للعابة ، يجب كسرها متابعة
لابراهيم خليل الله وان كانت أعيانها مملوكة للغير ، منصوبة في بيت لهم ، وانما يذكره الله
عزوجل ويطرى على فعله ذلك لانه مرضى الله عزوجل مطلوب له من العباد ، فاذا وجب
كسرها - وان كانت اعيانها مملوكة للغير - فالمنع من نحتها وعملها أيضا واجب
ضرورى .
وما روى عن النبى صلى الله عليه وآله كان يأمر سراياه بأن يكسروا التماثيل ويحمو نقوشها من
المعابد ، وجهه أن التماثيل الموجودة عند العرب لم تكن منصوبة الا للعبادة ، فكان الواجب
كسرها لمن ظفر عليها .
وأما نحتها وتصويرها لا للعبادة ، كما فعل ذلك سليمان بن داود عليه السلام فجعلها
في خدمة بيت الله المقدس ، ومعرض الهوان والذل والعبودية لله عزوجل بعدما كانت تعمل
عند الوثنيين للعبادة ويألهون اليها في حوائجهم ، فقد كان أمرا مستحسنا مرضيا لله عزوجل
والالم يقبله الله عزوجل شكرا لما أنعم عليه من الملك ، ولم يأمر به في قوله : اعملوا
آل داود شكرا ولم يمدحه بقوله : وقليل من عبادى الشكور .
فمن فعل كما فعل ابراهيم الخليل بالتماثيل المنصوبة للعبادة ، ففعله ممدوح :

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه