بحار الأنوار ج10

رؤوف الرحمة لايوصف بالرقة ، مؤمن لابعبادة ، مدرك لابمجسة ،(1)قائل لابلفظ ،
هو في الاشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، فوق كل شئ ولا يقال
شئ فوقه ، أمام كل شئ ولا يقال له أمام ، داخل في الاشياء لاكشئ في شئ داخل ،
وخارج منها لا كشئ من شئ خارج . فخر ذعلب مغشيا عليه فقال : تالله ماسمعت
بمثل هذا الجواب ، والله لاعدت إلى مثلها .
ثم قال عليه السلام : سلوني قبل أن تفقدوني ، فقام إليه الاشعث بن قيس فقال : يا
أميرالمؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ؟
فقال : بلى يا أشعث قد أنزل الله تعالى عليهم كتابا وبعث إليهم نبيا ،(2)وكان لهم ملك
سكرذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا
إلى بابه فقالوا : أيها الملك دنست علينا ديننا فأهلكته ، فاخرج نطهرك ونقم
عليك الحد .
فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم ،
فاجتمعوا فقال لهم : هل علمتم أن الله عزوجل لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم و
امناحواء ؟ قالوا : صدقت أيهاالملك . قال : أفليس قد زوج بنيه بناته وبناته ومن بنيه ؟
قالوا : صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك ، فمحاالله ما في صدورهم من العلم ، ورفع
عنهم الكتاب ، فهم الكفرة يدخلون النار بلاحساب ، والمنافقون أشد حالا منهم .
فقال الاشعث : والله ماسمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت إلى مثلها أبدا
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني . فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكيا
على عكازة(3)فلم يزل يتخطي الناس حتى دنامنه فقال : يا أميرالمؤمنين دلني على عمل إذا
أنا عملته نجاني الله من النار . فقال له : اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن ، قامت الدنيا
بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل لعلمه ، وبغني لايبخل بماله على أهل دين الله عزوجل ، و
بفقير صابر . فإذاكتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير فعندها الويل والثبور ،


(1)المجسة : موضع اللمس . أى مدرك لابالحواس
(2)في التوحيد : وبعث إليهم رسولا .
(3)في التوحيد : على عصاه(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه