بحار الأنوار ج3

شيئا ، وهموا بقتل سواع فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ود ، وأنا
ابنه ، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم فلم يلبث
سواع أن مات ، وخلف إبنا يقال له : " يغوث " فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال : أناالذي
صورت لكم صورة ود ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد
أن يغيره ؟ قالوا : فافعل ، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنا سمي
ذلك العود خلافا ، لان إبليس عمل صورة سواع على خلاف صورة ود ، قال : فسجدوا
له وعظموه ، وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كماكاد أبوك مثال
ود ، فوضعوا عى البيت حراسا وحجابا ، ثم كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ، ويعظمونه
أشد ما كانوا يعظمون سواعا ، فلما رأي ذلك يغوث قتل الحرسة والحجاب ليلا ، وجعل
الصنم رميما ، فلما بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأسوه وعظموه
ثم مات وخلف إبنا يقال له : يعوق فأتاهم إبليس فقال : قد بلغني موت يغوث ، وأنا
جاعل لكم مثاله في شئ لا يقدرأحد أن يغيره قالوا : فافعل ، فعمد الخبيث إلى حجر
أبيض فنقره بالحديد حتى صور لهم مثال يغوث فعظموه أشد مما مضى ، وبنوا عليه
بيتا من حجر ، وتبايعوا أن لا يفتحوا باب ذلك البيت إلا في رأس كل سنة ، وسميت
البيعة يومئذ لانهم تبايعوا وتعاقدوا عليه ، فاشتد ذلك على يعوق فعمد إلى ريطة وخلق
فألقاها في الحائر ، ثم رماها بالنار ليلا فأصبح القوم وقد احترق البيت والصنم والحرس
وأرفض الصنم ملقى فجزعواوهموا بقتل يعوق فقال لهم : إن قتلتم رئيسكم فسدت
اموركم ، فكفوا فلم يلبث أن مات يعوق وخلف إبنا يقال له : نسر ، فأتاهم إبليس
فقال : بلغني موت عظيمكم فأنا جاعل لكم مثال يعوق في شئ لا يبلى فقالوا : افعل فعمد
إلى الذهب وأوقد عليه النار حتى صار كالماء ، وعمل مثالا من الطين على صورة يعوق
ثم أفرغ الذهب فيه ، ثم نصبه لهم في ديرهم واشتد ذلك على نسر ، ولم يقدر على دخول
تلك الدير فانحاز عنهم في فرقة قليلة من إخوته يعبدون نسرا ، والآخرون يعبدون
الصنم حتى مات نسر ، وظهرت نبوة إدريس فبلغه حال القوم وأنهم يعبدون جسما
على مثال يعوق ، وأن نسرا كان يعبد من دون الله ، فسار إليهم بمن معه حتى نزل مدينة

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه