بحار الأنوار ج20

فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأعتقهم ، عن أنس وقيل : كان رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في ظل
شجرة وبين يديه علي عليه السلام يكتب كتاب الصلح فخرج ثلاثون شابا عليهم السلاح ،
فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله فأخذ الله تعالى بأبصارهم فقمنا فأخذناهم فخلى صلى الله عليه وآله سبيلهم ،
فنزلت هذه الآية عن عبدالله بن المغفل " وأيديكم عنهم " بالنهي " من بعد أن أظفركم
عليهم " ذكر الله تعالى منته على المؤمنين بحجزه بين الفريقين حتى لم يقتتلا ، وحتى
اتفق بينهم الصلح الذي كان أعظم من الفتح " وصدوكم عن المسجد الحرام " أن
تطوفوا وتحلوا من عمرتكم ، يعني قريشا " والهدي معكوفا أن يبلغ محله " أي و
صدوا الهدي وهي البدن التي ساقها رسول الله صلى الله عليه وآله معه ، وكانت سبعين بدنة حتى
بلغ ذا الحليفة ، فقلد البدن التي ساقها وأشعرها وأحرم بالعمرة حتى نزل بالحديبية
ومنعه المشركون ، وكان الصلح ، فلما تم الصلح نحروا البدن ، وذلك قوله :
" معكوفا " أي محبوسا من " أن يبلغ محله "(1)أي منحره يعني مكة " ولولا رجال
مؤمنون ونساء مؤمنات " يعني المستضعفين الذين كانوا بمكة بين الكفار من أهل
الايمان " لم تعلموهم " بأعيانهم لاختلاطهم بغيرهم " أن تطؤهم " بالقتل وتوقعوا بهم
" فتصيبكم منهم معرة " أي إثم وجناية ، أو عيب يعيبكم المشركون بأنهم قتلوا أهل
دينهم ، وقيل : هي غرم الدية والكفارة في قتل الخطاء عن ابن عباس ، وذلك أنهم
لو كبسوا(2)مكة وفيها قوم مؤمنون لم يتميزوا من الكفار ولم يأمنوا أن يقتلوا
المؤمنين فتلزمهم الكفارة ، وتلحقهم السيئة بقتل من على دينهم ، فهذه المعرة التي
صان الله المؤمنين عنها ، وجواب " لولا " محذوف وتقديره : لولا المؤمنون الذين لم تعلموهم
لوطأتم رقاب المشركين بنصرنا إياكم ، وقوله : " بغير علم " موضعه التقديم ،
لان التقدير لولا أن تطؤهم بغير علم وقوله : " ليدخل الله في رحمته من يشاء " اللام
متعلق بمحذوف دل عليه معنى الكلام ، تقديره فحال بينكم وبينهم ليدخل الله في
رحمته من يشاء ، يعني من أسلم من الكفار بعد الصلح ، وقيل : ليدخل الله في رحمته أولئك


(1)في المصدر : فذلك قوله " معكوفا " اى محبوسا عن " ان يبلغ محله " .
(2)الغرم : ما يلزم اداؤه من المال . كبسوا مكة اى هجموا عليها بغتة .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه