ثم اعلم أن منافع الجبال كثيرة : منها كونها أوتادا للارض كما مر ، ومنها
أن انبعاث العيون والسحب المستلزمة للخيرات الكثيرة منها أكثر من غيرها ، بل لا تنفجر
العيون إلا من أرض صلبة أو صلبة أو من جوار أرض صلبة كما قال في الشفاء : إذا تتبعت
الاودية المعروفة في العالم وجدتها كلها منبعثه من عيون جبلية ومنها الجواهر
المعدنية منها ومنها إنباتها النباتات الكثيرة والاشجار العظيمة ، ومنها المغارات
الحادثة فيها فإنها مأوى الحيوانات بل بعض الناس . ومنها كونها أسبابا لاهتداء الخلق
في طرقهم وسبلهم ، ومنها اتخاذ الاحجار منها للارحية والابنيه وغيرها ، إلى غير
ذلك من المنافع الكثيرة التي تصل عقول الخلق إلى بعضها وتعجز عن أكثر . قال
الصادق عليه السلام في خبر التوحيد الذي رواه عنه المفضل بن عمر : انظر يا مفضل إلى هذه
الجبال المركومة من الطين والحجارة التي يحسبها الغافلون فضلا لاحاجة إليها ، والمنافع
فيهاكثيرة : فمن ذلك أن يسقط عليها الثلوج ، فتبقى في قلالها لمن يحتاج إليه ويذوب
ماذاب منه فتجري منه العيون الغزيرة التي تجتمع منها الانهار العظام ، وتنبت فيها
ضروب من النبات والعقاقير التي لاينبت منها في السهل ، وتكون فيها كهوف ومقائل
للو حوش من السباع العادية ، ويتخذ منها الحصون والقلاع المنيعة للتحر زمن الاعداء
وينحت منها الحجارة لبناء والارحاء وتوجد فيها معادن لضروب من الجواهر ، و
فيها خلال اخرى لايعرفها إلا المقدار لهافي سابق علمه .
بيان : " المقائل " كأنه من القيلولة وفي بعض النسخ بالغين المعجمة من الغيل
وهو الشجر الملتف ، وفي بعضها " معاقل " جمع معقل وهو الشجر الملتف(1)-
الفائدة الرابعة : قالوا في علة حدوث الزلزلة والرجفة : إذا غلظ البخارو
بعض الادخنة والرياح في الارض بحيث الاينفذ في مجاريها لشدة استحصافها(2)و
تكاثفها اجتمع طالبا للخروج ولم يمكنه النفوذ فزلزلت الارض ، وربما اشتدت الزلزلة
(1)كذا في جميع النسخ ، والظاهر انه سهو القلم ، فان المعقل بمعنى الملجا و
مكان عقل الابل والجبل المرتفع ، والمناسب للعبارة هو " معاقل " بمعنى الملاجى " .
(2)اى استحكامها .