وكل ما حفظته في نفسك فقد وعيته ، وما حفظته في غيرك(1)فقد أو عيته ، كقولك أو عيت
الشئ في الظرف ، وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام عند نزول هذه
الآية : سألت الله أن يجعلها اذنك يا علي ، قال علي عليه السلام : فما نسيت شيئا بعد وما كان
لي أن أنسى .
فإن قلت : لم قيل(اذن واعية)على التوحيد والتنكير ؟ قلت : للايذان بأن
الوعاة فيهم قلة(2)، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم ، وللدلالة على أن الاذن الواحدة
إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الاعظم عندالله ، وأن ما سواها لا يبالي بهم وإن ملؤوا
ما بين الخافقين . انتهى(3). ونحوذلك ذكر الرازي في تفسيره(4)، فدلت الآية باتفاق
الفريقين على كمال علمه واختصاصه من بين سائر الصحابة بذلك ، ولا يريب عاقل في أن
فضل الانسان بالعلم وأن العمدة في الخلافة التي هي رئاسة الدين والدنيا العلم ، و
الآيات والاخبار المتواترة مشحونة بذلك ، وقد اعترف المفسران المتعصبان بذلك ، كما
نقلنا آنفا ، فثبت أنه عليه السلام أولى بالخلافة من سائر الصحابة ، وأنه لا يجوز تفضيل غيره
عليه ، وسيأتي تمام القول في ذلك في باب علمه عليه السلام .
(1)في المصدر : في غير نفسك .
(2)اى بأن الحافظون لا حاديث النبى وما يعلمهم من الحقائق قليل .
(3)الكاشف 3 : 213 . وانظر كيف اجرى الله الحق على ألسنة تبعة الباطل ؟ وكيف جحدوا
به وقد استيقنته أنفسهم ؟ وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون .
(4)مفاتيح الغيب 8 : 199 .