بحار الأنوار ج28

ظن المجتهد كافيا في مسألة الامامة كما في الفروع الفقيهة ، لزم عدم جواز تخطئة
المجتهد الذي ظن أن أبابكر لم يكن إماما ، وكان تقليد ذلك المجتهد جائزا ،
مع أنهم لا يقولون به(1).
وأيضا الاستخلاف لا يقتضي الدوام ، إذ الفعل لا دلالة له على التكرار والدوام
إن ثبت خلافته بالفعل ، وإن ثبت بالقول فكذلك ، كيف وقد جرت العادة بالتبعية
مدة غيبتة المستخلفة ، والانعزال بعد حضوره .
وأيضا ذلك معارض بأنه صلى الله عليه وآله استخلف عليا عليه السلام في غزوة تبوك في المدينة ،
ولم يعز له ، وإذا كان خليفة على المدينة كان خليفة في ساير وظايف الامة ، لانه
لا قائل بالفصل ، والترجيح معنا ، لان استخلافه عليه السلام على المدينة أقرب إلى الامامة
الكبرى ، لانه متضمن لامور الدين والدنيا بخلاف الاستخلاف في الصلاة
كما مر .
وبعد تسليم ذلك كله نقول إن إجماع الامة بأجمعهم على إمامة أبي بكر
لم يتحقق في وقت واحد ، وهذا واضح مع قطع النظر عن عدم حضور أهل البيت
عليهم السلام ، وسعد بن عبادة سيد الانصار وأولاده وأصحابه ، ولذا قال صاحب
المواقف وشارحه السيد الشريف : وإذا ثبت حصول الامامة بالاختيار والبيعة ،
فاعلم أن ذلك الحصول لا يفتقر إلى الاجماع من جميع أهل الحل والعقد ، إذ لم
يقم عليه دليل من العقل والسمع ، بل الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف
في ثبوت الامامة ، ووجوب اتباع الامام على أهل الاسلام ، وذلك لعلمنا بأن
الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا في عقد الامامة بذلك ، كعقد عمر لابي بكر
وعقد عبدالرحمن بن عوف لعثمان ، ولم يشترطوا في عقدها اجتماع من في المدينة
من أهل الحل والعقد ، فضلا عن إجماع الامة من علماء الامصار ، هذا ولم ينكر
عليهم أحد ، وعليه - أي علي الاكتفاء بالواحد والاثنين في عقد الامامة - انطوت


(1)وزاد في الاحقاق : مع أنه لو قال أحد عندهم : أنى اعتقد امامة على عليه السلام لظن
غلب على او تقليدا للمجتهد الفلانى ، لا يخطئونه بل يقتلونه .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه