بحار الأنوار ج4

السابقة أي قسم وأحصى وعدد ، وتكون تناهي الغاية بهم كناية عن موتهم ، ويحتمل
أن يكون المراد : مستقرهم ومأواهم على ظهر الارض ومستودعهم في بطنها بعد الموت
ويكون " من " بمعنى " مذ " أي مذ زمان كونهم في الارحام والظهور إلى أن تناهي الغاية أي
إلى أن يحشروا في القيامة وصاروا إلى النعيم أو إلى الجحيم ، ويحتمل أن يكون المراد
بالمستقر والمستودع من استقر فيه الايمان ومن استودع الايمان ثم يسلب كما دلت
عليه الاخبار الكثيرة ، وتوجيه الظرفين بعد مامر غير خفي .
قوله عليه السلام : في سعة رحمته أي في حال سعة رحمته على أوليائه ، واتسعت رحمته
لاوليائه في حال شدة نقمته على أعدائه ، فالمراد تنزيهه تعالى عن صفة المخلوقين فإن
رحمتهم لاتكون في حال غضبهم وبالعكس ، أو اشتدت نقمته على أعدائه في حال سعة رحمته
عليهم فإن رحمته تعالى شاملة لهم في دنياهم ، وهم فيها يستعدون للنقمة الشديدة ، و
لايخفى بعده . والمعازة : المغالبة والمدمر : المهلك . والمشاقة : المعاداة والمنازعة .
قوله عليه السلام : وتنفسوا قبل ضيق الخناق استعار لفظ التنفس لتحصيل الراحة
والبهجة في الجنة بالاعمال الصالحة في الدنيا ، واستعار لفظ الخناق من الحبل المخصوص
للموت أي انتهزوا لفرصة للعمل قبل تعذره بزوال وقته . قوله عليه السلام : قبل عنف السياق
أي السوق العنيف عند قبض الروح ، أو في القيامة إلى الحساب .
قوله عليه السلام : من لم يعن على بناء المجهول أي لم يعنه الله على نفسه حتى يجعل له
منها واعظا وزاجرا لم يمنعه المنع والزجر من غيرها ، أو على بناء المعلوم كما روي أيضا
أي من لم يعن الواعظين له والمنذرين على نفسه لم ينتفع بالوعظ والزجر لان هوى نفسه
يغلب وعظ كل واعظ .
39 - نهج : ومن خطبة له عليه السلام : لايشغله شأن ، ولايغيره زمان ، ولا يحويه مكان ،
ولا يصفه لسان ، ولا يعزب عنه قطر الماء ، ولا نجوم السماء ولاسوا في الريح في الهواء ،(1)
ولادبيب النمل على الصفا ، ولا مقيل الذر في الليلة الظلماء ، يعلم مساقط الاوراق وخفي
طرف الاحداق .


(1)السوافى جمع سافية ، يقال سفت الريح التراب والورق أى حملته .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه