بحار الأنوار ج20

أرادوا فيه العمرة وكانوا ألفا وأربعمائة فساروا حتى نزلوا الحديبية فصدهم المشركون
عن البيت الحرام فنحروا الهدي بالحديبية ، ثم صالحم المشركون على أن يرجع
في عامه(1)ويعود العام القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما
يشاء ، فيرجع إلى المدينة من فوره ، فلما كان العام المقبل تجهز النبي صلى الله عليه وآله و
أصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك ، وأن يصدوهم عن البيت
الحرام ويقاتلوهم ، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله قتالهم في الشهر الحرام في الحرم ، فأنزل
الله هذه الآية ، وعن الربيع بن أنس وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم هذه أولى آية(2)
نزلت في القتال ، فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقاتل من قاتله و
يكف عمن كف عنه حتى نزلت : " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " فنسخت
هذه الآية " ولا تعتدوا " أي لا تجاوزوا(3)من قتال من هو أهل القتال إلى قتال من
لم تؤمروا بقتاله ، وقيل : معناه لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال " إن الله لا يحب
المعتدين " واختلف في الآية فقال بعضهم : منسوخة كما ذكرنا ، وروي عن ابن
عباس ومجاهد أنها غير منسوخة بل هي خاصة في النساء والذراري ، وقيل : أمر
بقتال أهل مكة ، وروي عن أئمتنا عليهما السلام أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى : " كفوا
أيديكم وأقيموا الصلاة "(4)وكذلك قوله : " واقتلوهم حيث ثقفتموهم " ناسخ لقوله :
" ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم "(5).
" واقتلوهم " أي الكفار " حيث ثقفتموهم " أي وجدتموهم " وأخرجوهم من
خرجوكم " يعني أخرجوهم من مكة كما أخرجوكم منها " والفتنة أشد من
القتل " أي شركهم بالله وبرسوله أعظم من القتل في الشهر الحرام ، وذلك أن رجلا(6)


(1)في المصدر : من عامه .(2)في المصدر : هذه أول آية .
(3)في المصدر : اى ولا تجاوزوا .
(4)النساء : 77 .
(5)الاحزاب : 48 .
(6)تقدم شرح ذلك في باب نوادر الغزوات .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه