وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : اجتبوا أهل الشقاق ، وذرية النفاق
وحشو النار ، وحصب جهنم ، عن البدر الزاهر ، والبحر الزاخر ، والشهاب الثاقب
وشهاب المؤمنين ، والصراط المستقيم ، من قبل أن تطمس وجوه فترد على أدبارها
أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .
ثم قال بعد كلام : أبصنو رسول الله تستهزؤن ؟ أم بيعسوت الدين تلمزون ؟
وأي سبيل بعده تسلكون ؟ وأي حزن بعده تدفعون ؟ هيهات هيهات برز والله بالسبق
وفاز بالخصل ، واستوى على الغاية ، وأحرز الخطار ، فانحسرت عنه الابصار ، و
خضعت دونه الرقاب ، وفرع الذروة العليا ، فكذب من رام من نفسه السعي وأعياه
الطلب ، فأنى لهم التناوش من مكان بيعد ، وقال :
أقلوا عليهم لا أبا لابيكم * من اللوم أوسد وامكان الذي سدوا
اولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا * وإن عاهدوا أوفوا إن عقدوا شدوا
فأنى يسد ثلمة أخي رسول الله إذ شفعوا ، وشقيقه إذ نسبوا ، ونديده إذ
فشلوا ، وذي قرني كنزها إذ فتحوا ، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا ، والمشهود له
بالايمان إذ كفروا ، والمدعى لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا ، والخليفة على المهاد
ليلة الحصار إذ جزعوا ، والمستودع لاسرار ساعة الوداع ، إلى آخر كلامه(1).
توضيح : أهل الشقاق أي يا أهل الشقاق عن البدر الزهر أي عن سوء القول
فيه ، وذخر البحر أي مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه ، والثاقب : المضئ ، و
الصنو : بالكسر المثل وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد ، واللمز : العيب و
الوقوع في الناس ، برز والله بالسبق : أي ظهر وخرج من بينهم بأن سبقهم في
جميع الفضائل .
قوله عليه السلام : بالخصل أي بالغلبة على من راهنه في إحراز سبق الكمال . قال
الفيروز آبادي(2)الخصل إصابة القرطاس وتخاصلوا تراهنوا على النضال وأحرز
(1)المناقب ج 3 ص 334 .
(2)القاموس ج 3 ص 368 وفيه بعده : أو أن يقع السهم بلزق القرطاس .