بحار الأنوار ج4

معنى ثان أنه المحاسب لعباده ، يحاسبهم بأعمالهم ويجازيهم عليها ، وهو فعيل على معنى
مفاعل مثل جليس ومجالس . ومعنى ثالث أنه الكافي ، والله حسبي وحسبك أي كافينا ، و
أحسبني هذا الشئ أي كفاني ، وأحسبته أي أعطيته حتى قال : حسبي ، ومنه قوله عز
وجل : " جزاء من ربك عطاء‌ا حسابا "(1)أي كافيا
" الحميد " الحميد معناه المحمود وهو فعيل في معنى مفعول ، والحمد : نقيض
الذم ، ويقال : حمدت فلانا إذا رضيت فعله ونشرته في الناس .
" الحفى " الحفي معناه العالم ، ومنه قوله عزوجل : " يسئلونك كأنك حفي
عنها "(2)أي يسألونك عن الساعة كأنك عالم بوقت مجيئها . ومعنى ثان أنه اللطيف ،
والحفاية مصدر ، الحفي : اللطيف المحتفي بك ببرك وبلطفك .
" الرب " الرب المالك ، وكل من ملك شيئا فهو ربه ، ومنه قوله عزوجل .
" ارجع إلى ربك "(3)أي إلى سيدك ومليكك ، وقال قائل يوم حنين : لان يربني
رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن . يريد : إن يملكني ويصير لي
ربا ومالكا . ولا يقال لمخلوق الرب بالالف واللام لان الالف واللام دالتان على
العموم ، وإنما يقال للمخلوق : رب كذا فيعرف بالاضافة لانه لايملك غيره فينسب إلى
ملكيته ، والربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة للرب في معنى الربوبية له ، والربيون
الذين صبروا مع الانبياء عليهم الصلاة والسلام .
" الرحمن " الرحمن معناه الواسع الرحمة على عباده يعمهم بالرزق والانعام
عليهم ، ويقال : هو اسم من أسماء الله تبارك وتعالى في الكتب لاسمي له فيه ، ويقال
للرجل : رحيم القلب ، ولا يقال : رحمن لان الرحمن يقدر على كشف البلوى ، ولا يقدر
الرحيم من خلقه على ذلك ، وقد جوز قوم أن يقال للرجل : رحمن ، وأرادوا به الغاية
في الرحمة ، وهذا خطأ ، والرحمن : هو لجميع العالم ، والرحيم هو للمؤمنين خاصة .
" الرحيم " الرحيم معناه أنه رحيم بالمؤمنين يخصهم برحمته في عاقبة أمرهم


(1)النبأ : 36 .
(2)الاعراف : 187
(3)يوسف : 50 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه