بحار الأنوار ج26

من شرف عطاياك وعظيم فضلك وحنانك وكذلك من كرمت من عبادك المرسلين .
قال الله تبارك وتعالى : إني أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم العزيز الحكيم
عالم الغيوب ومضمرات القلوب ، أعلم ما لم يكن مما يكون كيف يكون ، وما لا يكون
لو كان كيف يكون .
وإني اطلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي فلم أر فيهم أطوع لي ولا
أنصح لخلقي من أنبيآئي ورسلي ، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي ، وألزمتهم
عب‌ء(1)حجتي ، واصطفيتهم على البرايا برسالتي ووحيي ، ثم ألقيت مكاناتهم تلك في
منازلهم قلوب حوامهم وأوصيآئهم من بعد ، فألحقتهم بأنبيائي ورسلي ، وجعلتهم من
ودائع حجتي والاساة(2)في بريتي ، لاجبر بهم كسر عبادي واقيم بهم أودهم(3)،
ذلك أني بهم وبقلوبهم لطيف وخبير .
ثم اطلعت على قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع لي ولا أنصح
لخلقي من محمد خيرتي وخالصتي ، فاخترته على علمي ورفعت ذكره إلى ذكري ، ثم
وجدت كذلك قلوب حامته اللائي من بعده على صفة قلبه فألحقتهم به وجعلتهم ورثة
كتابي ووحيي وأركان(4)حكمتي ونوري ، وآليت بي أن لا اعذب بناري من لقيني
معتصما بتوحيدي وحبل مودتهم أبدا .
قال آدم : فما هاتان الثلتان العظيمتان ؟ قال الله تقدس اسمه : هؤلآء امة
محمد صلى الله عليه وآله وسلم أدركت نبيها في علمه فآمنت به واتبعت فألبستها نورا من نوري ، ثم الذي
يلونهم كذلك حتى أرث الارض ومن عليها ولهم قيهاقسمت لهم من فضلي ورحمتي منازل
شتى فأفضلهم سابقهم إذا كان أعلمهم بي وأعملهم بطاعتي .


(1)العب‌ء : الثقل .
(2)الاساة جمع الاسوة القدوة .
(3)الاود : الاعوجاج والكد والتعب .
(4)في نسخة : وأوكار حكمتى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه