وسيرت الجبال فكانت سرابا انتهى(1)، وقد يقال : المراد بالكذاب هنا من
يكذب على الله ورسوله بالفتاوى الباطلة ، ويمكن أن يكون إشارة إلى قوله تعالى
والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة الخ .
وقوله عليه السلام يقرب استيناف لبيان وجه الشبه ، والمستتر فيه راجع إلى
الكذاب ، والمعنى أنه بكذبه يقرب إليك البعيد عن الحق والواقع أو عن العقل
وكذا العكس فانه بائعك على صيغة اسم الفاعل أو فعل ماض من المبايعة بمعنى
البيعة ، والاول أظهر والاكلة إما بالفتح أي بأكلة واحدة أو بالضم أي لقمة قال
الجوهري أكلت الطعام أكلا ومأكلا والاكلة المرة الواحدة حتى تشبع ، والاكلة
بالضم اللقمة تقول أكلت أكلة واحدة أي لقمة ، وهي القرصة أيضا وهذا الشئ اكلة
لك أي طعمة انتهى وقد يقرأ بأكله بالاضافة إلى الضمير الراجع إلى الفاسق كناية
عن مال الدنيا ، فقوله وأقل من ذلك الصيت والذكر عند الناس وهو بعيد والاول
أصوب كما روي في النهج(2)عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابنه الحسن يا بني إياك
ومصادقة الاحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك ، وإياك ومصادقة البخيل فانه يقعد عنك
أحوج ما تكون إليه ، وإياك ومصادقة الفاجر فانه يبيعك بالتافه ، وإياك ومصادقة
الكذاب فانه كالسراب يقرب عليك البعيد ، ويبعد عنك القريب .
والتافه اليسير الحقير ، وذلك لانه لا يخاف الله ، ويسهل عليه خلاف الديانة
فلا يحفظ حق المصادقة فانه يخذلك في ماله أي يترك نصرتك بسبب ماله أحوج
ما تكون إليه قيل أحوج منصوب بنيابة ظرف الزمان لاضافته إلى المصدر ، لكون
ما مصدرية وكما أن المصدر يكون نائبا لظرف الزمان مثل رأيته قدوم الحاج كذلك
يكون المضاف إليه أيضا نائبا ، وتكون تامة ونسبة الحاجة إلى المصدر مجاز
والمقصود نسبته إلى الفاعل ، وإليه متعلق بالاحوج ، والضمير راجع إلى البخيل أو
إلى ماله ، وقيل أحوج منصوب على الحال من الكاف في ثلاث مواضع كذا في أكثر النسخ
(1)المفردات ص 229 ، والايتان في النور : 39 ، النبأ : 20 .
(2)مر تحت الرقم 35 ، فراجع .