بحار الأنوار ج65

والايمان عموم من وجه ، لتحققهما فيمن صدق بالمسائل الاصولية ، وأتى بالطاعات
مخلصا ، وانفراد الاسلام فيمن أقر بالشهادتين ظاهرا مع كونه غير مصدق بقلبه
وانفراد الايمان فيمن صدق بقلبه بالمعارف ، وترك الطاعات غير مستحل ، فانه
لا دين له حيث لم يقم الصلاة ولا آتى الزكاة كما هو المفروض ، فلا إسلام له ، لان
الدين عند الله الاسلام ، وهو في غاية البعد والاستهجان ولم يذهب أحد إلى أنه قد يكون
المكلف مؤمنا ولا يكون مسلما .
هذا إن اعتبرنا النسبة بين مطلق الاسلام والايمان حقيقيا أو ظاهريا وإن
اعتبرنا النسبة بين الحقيقيين فقط أي ما هو إسلام وإيمان عند الله تعالى ، كانا متحدين
عند من جعلهما الطاعات ، وعند من اكتفى بالتصديق يكون الايمان أعم مطلقا وهو
أيضا غريب ، إذ لم يذهب إليه أحد ، ولا مخلص له عن هذا الالزام إلا بالتزامه
إذ يدعي أن تارك الطاعات غير مستحل مسلم أيضا ويتأول الدين في قوله تعالى وذلك
دين القيمة بالدين الكامل ، ويكون المراد بالدين في قوله تعالى : إن الدين عند
الله الاسلام الدين الاصلي الذي لا يتحقق أصل الايمان إلا به ، وحينئذ فيكون
الاسلام والايمان الحقيقيان متحدين أيضا عنده ، ويؤيد ذلك ما ذكره بعضهم من
أن الاستدلال بآية الاخلاص إنما يتم باضمار لفظ المذكر ، ونحوه ، فان الاشارة في
قوله تعالى : وذلك دين القيمة يرجع إلى متعدد ، وهو العبادة مع الاخلاص في
الدين ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، بل مع جميع الطاعات ، بناء على أنه اكتفى
عن ذكرها بذكر الاعظم منها ، وأنها قد ذكرت إجمالا في قوله تعالى : ليعبدوا
وذكر إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة لشدة الاعتناء بهما فكان حق الاشارة أن يكون
اولئك ونحوه تطابقا بين الاشارة والمشار إليه ، ولما كانت الاشارة مفردة ارتكب
المذكور ، وحيث لا بد من الاضمار فللخصم أن يضمر الاخلاص أو التدين المدلول
عليهما بقوله مخلصين له الدين والترجيح لهذه ، لقربه من المعنى اللغوى
للايمان ، وبعد ذلك فلم يكن في الاية دلالة على أن الطاعات هي الايمان ، فلم يتكرر
الاوسط في قولنا عبادة الله تعالى مع الاخلاص وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة كالدين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه