بحار الأنوار ج42

على أنه لم يبق كذلك ، قيل : ولعله عدل عن أن يقول : " يا من كان عندنا من ذوي الالباب "
إشعارا بأنه معدود في الحال أيضا عند الناس منهم . وأعذر : أبدى عذرا والهوادة :
الرخصة والسكون والمحاباة . قوله : " بإرادة " أي بمراد . والازاحة : الازالة
والابعاد . وقال الجزري : إن العرب كان يسيرون في ظعنهم ، فإذا مروا ببقعة
من الارض فيه كلا وعشب قال قائلهم : ألا ضحوا رويدا ، أي ارفقوابالابل حتى
تتضحى أي تنال من هذا المرعى ، ومنه كتاب علي عليه السلام إلى ابن عباس " ألاضح
رويدا فقد بلغت المدى " أي اصبر قليلا(1).
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " ولات حين مناص " أي ليس الحين حين مناص
و " لا " هي المشبهة بليس ، زيدت عليه تاء التأنيث للتأكيد . كما زيدت على رب
وثم ، وخصت بلزوم الاحيان وحذف أحد المعمولين ، وقيل : هي النافية للجنس ،
أي ولا حين مناص لهم ، وقيل : للفعل ، والنصب بإضماره ، أي ولا أرى حين مناص ،
إلى آخر ما حقق في ذلك(2)، والمناص : المنجى .
أقول : قال عبدالحميد بن بن أبي الحديد : اختلف الناس في المكتوب إليه
هذا الكتاب ، فقال الاكثرون : إنه عبدالله بن العباس كما تدل عليه عبارات الكتاب
وقد روى أرباب هذا القول : أن عبدالله بن العباس كتب إلى علي عليه السلام جوابا عن
هذا الكتاب ، قالوا : وكان جوابه :
أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة ، ولعمري
إن حقي في بيت المال لاكثر مما أخذت والسلام .
قالوا : فكتب إليه علي عليه السلام أما بعد فإن من العجب أن تزين لك نفسك
أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل(3)من المسلمين ! فقد
أفلحت لقد كان(4)تمنيك الباطل وادعاؤك مالا يكون ينجيك عن المآثم ويحل


(1)النهاية 3 : 13 و 14 .
(2)تفسير البيضاوى 2 : 137 .
(3)في المصدر : لرجل واحد اه‍ .
(4)" : إن كان . *

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه