بحار الأنوار ج63

وعلى هذه الرواية فالمراد كأنما يجر في بطنه نارا ، فقال : يجرجر طلبا لتضعف
اللفظ الدال على تكثير الفعل كما جاء في التنزيل " فكبكبوا فيهاهم والغاوون " و
المراد فكبوا ، فيجوز على هذا أن يقال : جر وجرجر كما يقال : كب وكبكب ،
وإن كان الوجه أن يقال : جرجر ، وقد جاء في كلام العرب جرجر فلان الماء إذا
جرعه جرعا متواترا له صوت كصوت جرجرة البعير ، فيكون المراد على هذا القول
كأنما يتجرع نار جهنم ، وهذا أصح التأويلين .
فأما آنية الذهب والفضة فلا يحل عندنا الاكل فيها ولا الشرب منها ، ولا
يجوز أيضا استعمالها في شي ء مما يؤدي إلى مصالح البدن نحو الادهان ، واتخاذ
الميل للاكتحال ، والمجمرة للبخور ، وكنت سألت شيخنا أبابكر محمد بن موسى الخوارزمي
رحمه الله عند انتهائي في القراء‌ة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة عن المدخنة
إذ لا خلاف في المجمرة ، فقال : القياس أنها غير مكروهة لانها تستعمل على وجه
التبع للمجمرة ، فهي غير مقصودة بالاستعمال ، لان المجمرة لوجردت من غيرها
في البخور لقامت بنفسها ، ولم يحتج إلى المدخنة ، مضافة إليها ، فأشبهت الشرب في
الاناء المضض إذا لم يضع فاه على موضع الفضة ، وفي هذه المسألة خلاف للشافعي
لانه يكره الشرب في الاناء المفضض .
وذهب داود الاصبهاني إلى كراهة الشرب في أوانى الذهب والفضة دون غيره
من الاكل والاستعمال في مصالح الجسم ، مضيا على نهجه في التعلق بظاهر الخبر
الوارد في كراهة الشرب خاصة ، وليس هذا موضع استقصاء الكلام في هذه المسألة
إلا أن المعتمد عليه كراهة استعمال هذه الاواني ، الخبر الذي قدمنا ذكره لما فيه من
تغليظ الوعيد ، وقد روي عنه عليه السلام أنه قال : " من شرب بها في الدنيا لم يشرب بها
في الآخرة " فثبت بهذين الخبرين ومايجري مجراهما كراهة الشرب فيها ، ثم صار
الاكل والادهان والاكتحال مقيسا على الشرب ، بعلة أن الجميع يؤدي إلى منافع
الجسم(1).


(1)المجازات النبوية 90 93 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه