بحار الأنوار ج5

الاشياء أي الخطايا والذنوب ، وفي بعض النسخ الاسماء وهو أوفق بما روي عنه عليه السلام
في موضع آخر أي لا يصح إطلاق المؤمن والكافر والصالح والطالح وأشباهها على
الحقيقة .
فذلكة : اعلم أن الذى استفاض عن الائمة عليهم السلام هو نفي الجبر والتفويض ، و
إثبات الامر بين الامرين ، وقد اعترف به بعض المخالفين أيضا ، قال إمامهم الرازي :
حال هذه المسألة عجيبة فإن الناس كانوا مختلفين فيها أبدا بسبب أن ما يمكن الرجوع
فيها إليها متعارضة متدافعة : فمعول الجبرية على أنه لابد لترجيح الفعل على الترك
من مرجح ليس من العبد ; ومعول القدرية على أن العبد لو لم يكن قادرا على فعل لما
حسن المدح والذم والامر والنهي ، وهما مقدمتان بديهيتان ، ثم من الادلة العقلية
اعتماد الجبرية على أن تفاصيل أحوال الافعال غير معلومة للعبد ، واعتماد القدرية
على أن أفعال العباد واقعة على وفق تصورهم ودواعيهم وهما متعارضتان ، ومن
الالزامات الخطابية أن القدرة على الايجاد صفة كمال لا يليق بالعبد الذي هو منبع
النقصان ، وأن أفعال العباد تكون سفها وعبثا ، فلا يليق بالمتعالي عن النقصان ، وأما
الدلائل السمعية فالقرآن مملو بما يوهم بالامرين وكذا الآثار ، فإن أمة من الامم
لم تكن خالية من الفرقتين ، وكذا الاوضاع والحكايات متدافعة من الجانبين ، حتى
قيل : إن وضع النرد على الجبر ، ووضع الشطرنج على القدر ، إلا أن مذهبنا أقوى بسبب
أن القدح في قولنا : لا يترجح الممكن إلا بمرجح يوجب انسداد باب إثبات الصانع ،
ونحن نقول : الحق ما قال بعض أئمة الدين : إنه لا جبر ولا تفويض ، ولكن أمر بين
أمرين ، وذلك أن مبنى المبادي القريبة لافعال العبد على قدرته واختياره ، والمبادي
البعيدة على عجزه واضطراره فالانسان مضطر في صورة مختار كالقلم في يد الكاتب و
الوتد في شق الحائط ، وفي كلام العقلاء : قال الحائط للوتد : لم تشقني ؟ فقال : سل من
يدقني انتهى .
وأما معنى الجبر فهو ما ذهبت إليه الاشاعرة من أن الله تعالى أجرى الاعمال
على أيدي العباد من غير قدرة مؤثرة لهم فيها ، وعذبهم عليها .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه