بحار الأنوار ج14

وأما الطيور فلا دليل على عدم تمييزها وقابليتها للتسبيح ، مع أن كثيرا من الاخبار دلت
على أن لها تسبيحا ، وما سيأتي من قصة النمل يؤيده .
ثم قال رحمه الله : وقيل : معناه سيري معه ، فكانت الجبال والطير تسير معه أينما
سار . والتأويب : السير بالنهار ، وقيل : معناه : ارجعي إلى مراد داود فيما يريده من حفر
بئر ، واستنباط عين ، واستخراج معدن(1)" أن اعمل سابغات " أي قلنا له : اعمل من
الحديد دروعا تامات " وقدر في السرد " أي عدل في نسج الدروع ، ومنه قيل لصانعها
سراد وزراد ، والمعنى : لا تجعل المسامير دقاقا فتنفلق ، ولا غلاظا فتكسر الحلق ،(2)
وقيل : السرد : المسامير التي في حلق الدروع .(3)
9 فس : " وعلمناه صنعة لبوس لكم " أي الزرد(4)" لتحصنكم من بأسكم فهل
أنتم شاكرون "(5)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن
والطير " : قيل : معناه سيرنا الجبال مع داود حيث سار ، فعبر عن ذلك بالتسبيح لما فيه
من الآية العظيمة التي تدعو إلى تسبيح الله تعالى وتعظيمه وتنزيهه عن كل ما لايليق به ،
وكذلك تسخير الطير له تسبيح يدل على أن مسخرها قادر لايجوز عليه مايجوز على العباد ، عن
الجبائي وعلي بن عيسى ، وقيل : إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبيح ، وكذلك الطير تسبح
معه بالغداة والعشي معجزة له ، عن وهب ، وفي قوله : " وعلمناه صنعة لبوس لكم " أي
علمناه كيف يصنع الدرع ، قال قتادة : أول من صنع الدرع داود ، إنما كانت صفائح ، جعل
الله سبحانه الحديد في يده كالعجين ، فهو أول من سردها وحلقها فجمعت الخفة والتحصين
وهو قوله : " لتحصنكم من بأسكم " أي ليحرزكم ويمنعكم من وقع السلاح فيكم ،


(1)في المصدر زيادة وهي : ووضع طريق " وألنا له الحديد " فصار في يده كالشمع يعمل به ما
شاء من غير أن يدخله النار ولا أن يضربه بالمطرقة ، عن قتادة .
(2)انفلق : انشق ، وفي المصدر فتفلق أي فتشق . وفي نسخة : فتنكسر الحلق .
(3)مجمع البيان 8 : 381 و 382 .
(4)في المصدر : يعني الدرع .
(5)تفسير القمي : 431 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه