بينهم خلاف في قدم أهر من وحدوثه . ثم اختلفوا في مدة بقاء كيومرث في الوجود ، فقال
الاكثرون : ثلاثون سنة ، وقال الاقلون : أربعون سنة ، وقال قوم منهم : إن كيومرث
مكث في الجنة التي في السماء ثلاثة آلاف سنة ، وهي : ألف الحمل ، وألف الثور ، و
ألف الجوزاء ، ثم اهبط إلى الارض وكان بها آمنا مطمئنا ثلاثة آلاف سنة اخرى
وهي : ألف السرطان ، وألف الاسد ، وألف السنبلة ، ثم مكث بعد ذلك ثلاثين أو
أربعين سنة في حرب وخصام بينه وبين أهر من حتى هلك . واختلفوا في كيفية هلاكه
مع اتفاقهم على أنه هلك قتلا ، فالا كثرون قالوا : إنه قتل ابنا لاهر من يسمى " جزوذه "
فاستغاث أهر من منه إلى يزدان ، فلم يجدبدا من أن يقاصه حفظا للعهود التي كانت
بينه وبين أهرمن ، فقتله بابن أهرمن . وقال قوم : بل قتله أهر من في صراع كان بينه
وبين أهر من ، وذكروا في كيفيته أن كيومرث كان هو القاهر لاهر من في بادئ الحال
وأنه ركبه وجعل يطوف به في العالم إلى أن سأله أهر من عن أي لاشياء أخوف(1)
وأهولها عنده . فقال له : باب جهنم ، فلما بلغ به أهر من إليها جمح به حتى سقط
من فوقه ولم يستمسك ، فعلاه وسأله عن أي الجهات يبتدئ به في الاكل ، فقال له :
من جهة الرجل لاكون(2)ناظرا حسن العالم مده ما ، فابتدأه أهر من فأكله من عند
رأسه فبلغ إلى موضع الخصي ، و ؟ ؟ المني من الصلب ، فقطر من كيومرث قطر تانطفة
على الارض ، فنبت منهما ريباستان في جبل بإصطخر ، ثم ظهرت على تينك الريباستين
الاعضاء البشرية في أول الشهر التاسع وتمت أجزاؤه فتصور منهما بشران : ذكرو
انثى ، وهما ميشا وميشانه ، وهما بمنزلة آدم وحواء عند المليين ، ويسميهما مجوس
خوارزم : مرد ، ومردانه ، وزعموا أنهما مكثا خمسين سنة مستغنيين عن الطعام و
الشراب منعمين غير متأذيين بشئ حتى ظهر لهما أهر من في صورة شيخ كبير فحملهما
على تناول فواكه الاشجار وأكل منها وهما يبصرانه شيخا فعاد شابا ، فأكلا منهما حينئذ
فوقعا في البلايا ، وظهر فيهما الحرص حتى تزاوجا وولدلهما ولد فأكلاه حرصا ثم
(1)اخوف له(خ).
(2)فاكون(خ).