لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل " أي قال الله بالحديبية قبل خيبر وقبل مرجعنا
إليكم : إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية لا يشركهم فيها غيرهم " فسيقولون بل
تحسدوننا " أن نشارككم في الغنيمة " بل كانوا لا يفقهون " الحق " إلا قليلا " أي إلا
فقها قليلا أو شيئا قليلا(1).
قوله تعالى : " إلى قوم أولي بأس شديد " قد مر تفسيره في باب نوادر الغزوات .
" ليس على الاعمى حرج " أي ضيق في ترك الحضور(2)مع المؤمنين في الجهاد
قال مقاتل : عذر الله أهل الزمانة والآفات الذين تخلفوا عن المسير إلى الحديبية
بهذه الآية .
قوله تعالى : " إذ يبايعونك تحت الشجرة " يعني بيعة الحديبية تحت الشجرة
المعروفة ، وهي شجرة السمرة ، وتسمى بيعة الرضوان لهذه الآية ، ورضى الله سبحانه
عنهم هو إرادته تعظيمهم وإثابتهم " فعلم ما في قلوبهم " من صدق النية في القتال
والكراهة له لانه بايعهم على القتال . وقيل : ما في قلوبهم من الصبر واليقين والوفاء
" فأنزل السكينة عليهم " وهي اللطف المقوي لقلوبهم والطمأنينة " وأثابهم فتحا
قربيا " يعني فتح خيبر ، وقيل : فتح مكة " ومغانم كثيرة يأخذونها " يعني غنائم
خيبر ، فإنها كانت مشهورة بكثرة المال والعقار ، وقيل : يعني غنائم هوازن بعد
فتح مكة(3).
أقول : قد مضى تفسير بقية الآيات في باب نوادر الغزوات .
قوله تعالى : " وهو الذي كف أيديهم عنكم " أي بالرعب ، قيل : سبب نزوله
أن المشركين بعثوا أربعين رجلا عام الحديبية ليصيبوا من المسلمين ، فأتي بهم إلى
النبي صلى الله عليه وآله أسارى فخلى سبيلهم عن ابن عباس ، وقيل : إنهم كانوا ثمانين رجلا
من أهل مكة هبطوا من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم ،
(1)مجمع البيان 9 : 114 و 115 .
(2)في المصدر : في ترك الخروج مع المؤمنين .
(3)مجمع البيان 9 : 116 .