بحار الأنوار ج74

الذي لك عليه . لقد خاطر من استغنى برأيه(1).
والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم . ومن استقبل وجوه الآراء عرف
مواقف الخطاء(2). ومن أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول(3). ومن حصر
شهوته فقد صان قدره . ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال حاجته(4). وفي تقلب الاحوال
علم جواهر الرجال . والايام توضح لك السرائر الكامنة . وليس في البرق
الخاطف مستمتع لمن يخوض في الظلمة(5). ومن عرف بالحكمة لحظته العيون
بالوقار والهيبة . وأشرف الغنى ترك المنى . والصبر جنة من الفاقة . والحرص
علامة الفقر . والبخل جلباب المسكنة . والمودة قرابة مستفادة . ووصول معدم
خير من جاف مكثر(6).
والموعظة كهف لمن وعاها . ومن أطلق طرفه كثر أسفه(7). ومن ضاق خلقه


(1)يقال : خاطر بنفسه عرضها للخطر أى أشرف نفسه للهلاك .
(2)أى استشار الناس واقبل نحو آرائهم ولا حظها واحدا واحدا وتفكر فيها فمن
طلب الاراء من وجوهها الصحيحة انكشف له مواقع الخطاء واحترس منه .
(3)أى حكم القول بعد الة رأيه وصوابه .
(4)أمنه - بالفتح - أى أمن قومه من شره ، ويحتمل بالمد من باب الافعال أى آمن
من شر قومه أوعد قومه أمينا ونال الحاجة التى توهم حصولها في اطلاق اللسان .
(5)يقال : خطف البرق البصر : استلبه بسرعة وذهب به . والمستمتع : المنتفع و
المتلذذ ، يعنى لا ينفعك ما يبصر وما يسمع كالبرق الخاطف بل ينبغى أن تواظب وتستضئ
دائما بانوار الحكم لتخرجك من ظلمات الجهل ، ويحتمل أن يكون المراد لا ينفع ما يبصر
وما يسمع من الايات والمواعظ مع الانغماس في ظلمات المعاصى والذنوب .
(6)قد مضى هذه العبارة وبيان ما فيها في وصيته عليه السلام لابنه الحسين سلام الله
عليه ويحتمل أيضا أن يكون المراد أن الفقير المتودد خير من الغنى المتجافى . قوله :
وعاها أى حفظها وجمعها .
(7)الطرف - بسكون الراء : العين . و - بالتحريك : اللسان أى ومن اطلق عينه
ونظره كثر أسفه . وفى الروضة بعد هذاالكلام هكذا وقد أوجب الدهر شكره على من نال
سؤله وقل ما ينصفك اللسان في نشر قبيح أو احسان .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه