بحار الأنوار ج56

الخلق كان في يوم الجمعة والفراغ منه في يوم السبت ، فسمي اليوم بالسبت للفراغ
الذي كان فيه ، ولان الله تعالى أمر بني إسرائيل فيه بالاستراحة من الاعمال ، قيل :
وأصل السبات التمدد ، يقال سبتت المرأة شعرها إذا حلته من العقص وأرسلته .
ومنها : أن يكون المراد بذلك القطع ، لان السبت القطع ، والسبت أيضا
الحلق ، يقال سبت شعره إذا حلقه وهو يرجع إلى معنى القطع ، والنعال السبتية
التي لا شعر عليها ، فالمعنى : جعلنا نومكم قطعا لاعمالكم وتصرفكم . ومن أجاب
بهذا الجواب يقول : إنما سمي يوم السبت بذلك لان بدء الخلق كان يوم الاحد
وجمع يوم الجمعة ، وقطع يوم السبت ، فترجع التسمية إلى معنى القطع . وقد
اختلف الناس في ابتداء الخلق ، فقال أهل التورية : إن الله تعالى ابتدأه في يوم
الاحد ، فكان الخلق يوم الاحد والاثنين والثلثاء والاربعاء والخميس والجمعة
ثم فرغ في يوم السبت ، وهذا قول أهل التورية . وقال آخرون : إن الابتداء كان
في يوم الاثنين إلى السبت ، وفرغ في يوم الاحد ، وهذا قول أهل الانجيل ، فأما
قول أهل الاسلام فهو أن ابتداء الخلق كان في يوم السبت واتصل إلى الخميس
وجعلت الجمعة عيدا ، فعلى هذا القول يمكن أن يسمى اليوم بالسبت من حيث
قطع فيه بعض خلق الارض ، فقد روى أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : إن
الله خلق التربة في يوم السبت ، وخلق الجبال فيها يوم الاحد . إلى آخر ما أفاده
ره وما ذكره من كون ابتداء الخلق يوم السبت خلاف المشهور بين الفريقين .
وبالجملة يوم السبت يوم مبارك صالح لجميع الاعمال ، والبكور فيه أسعد
وأيمن كما عرفت ، لاسيما للسفر وطلب الحوائج ، ويومه عند الاحكاميين
متعلق بزحل ، وليلته بالمريخ ، واسمه بالعربية القديمة " شيار " كتاب .
ويوم الاحد : وكان يسمى في القديم بالاول ، وسمي أحدا لانه أول
الايام ، أو اليوم الاول من خلق العالم ، وهو يوم متوسط لاكثر الاعمال ، وذمه
ومدحه متعارضان ، بل مدحه أقوى ، وعند الاحكاميين يومه متعلق بالشمس ، و
ليلته بعطارد .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه