بحار الأنوار ج14

وجوه قومه ، فكل من أطاعه على ذلك أعطاه وحباه وكساه ، وكل من لم يبايعه قتله
فاستجابوا له رأسا ، واتخذ لهم عيدا في كل سنة مرة ، فبيناهم ذات يوم في عيد و
البطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره إذ أتاه بطريق فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيه
فاغتم لذلك حتى سقط التاج عن رأسه(1)فنظر إليه أحد الثلاثة الذين كانوا عن يمينه
يقال له تمليخا وكان غلاما فقال في نفسه : لو كان دقيانوس إلها كما يزعم إذا ماكان يغتم
ولا يفزع ، وماكان يبول ولا يتغوط ، وما كان ينام ، وليس هذه من فعل الاله ، قال : وكان
الفتية الستة كل يوم عند أحدهم وكانوا ذلك اليوم عند تمليخا ، فاتخذ لهم من طيب
الطعام ، ثم قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شئ منعني الطعام والشراب والمنام ،
قالوا : وماذاك يا تمليخا ؟ قال : أطلت فكري في هذه السماء فقلت : من رفع سقفها محفوظة
بلا عمد ولا علاقة من فوقها ؟ ومن أجرى فيها شمسا وقمرا آيتان مبصرتان ؟(2)ومن زينها
بالنجوم ؟ ثم أطلت الفكر في الارض فقلت : من سطحها على ظهر اليم الزاخر ؟(3)ومن
حبسها بالجبال أن تميد على كل شئ ؟(4)وأطلت فكري في نفسي من أخرجني جنينا(5)
من بطن أمي ؟ ومن غذاني ؟ ومن رباني ؟ إن لها صانعا ومدبرا غير دقيوس الملك ،
وما هو إلا ملك الملوك ، وجبار السماوات ، فانكبت الفتية على رجليه يقبلونها ، وقالوا
بك هدانا الله من الضلالة إلى الهدى ، فأشر علينا ،(6)قال : فوثب تمليخا فباع تمرا من
حائط له بثلاثة الآف درهم وصرها في ردنه(7)وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة ،
. .(1)في نسخة : على ناحية .
(2)" " : آيتين مبصرتين .
(3)" " : على صميم الماء الزخار .
(4)في العرائس : ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد .
(5)في العرائس : فقلت : من اخرجني جنينا .
(6)" " : فأشر علينا فقال : يا اخواني ما أجد لي ولكم حيلة الا الهرب من هذا
الجبار إلى ملك السماوات والارض ، فقالوا : الرأي مارأيت ، فوثب تمليخا فابتاع تمرا بثلاثة
دراهم وصرها في ردائه .
(7)الردن : اصل الكم : طرفه الواسع وكانت العرب تضع فيه الدراهم والدنانير . وفي نسخة :
صرها في ردائه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه