بحار الأنوار ج75

شغلا يستفرغ عليه أحزانه ، ويذهله عن دنياه ، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه ،
فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه ، مستوقف على حسابه ، لا وزير له يمنعه ، ولا
ظهير عنه يدفعه ، ويومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في
إيمانها خيرا ، قل انتظروا إنا منتظرون .
اوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى
ما يحب ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من
ذنوبهم ، ويأمن العقوبة من ذنبه ، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال
ما عنده إلا بطاعته إن شاء‌الله .
4 - كشف(1): خطب الحسين عليه السلام فقال : أيها الناس نافسوا في المكارم ،
وسارعوا في المغانم ، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا ، واكسبوا الحمد بالنجح ،
ولا تكتسبوا بالمطل ذما ، فمهما يكن لاحد عند أحد صنيعة له رأى أنه لا يقوم
بشكرها فالله له بمكافأته ، فإنه أجزل عطاء وأعظم أجرا ، واعلموا أن حوائج
الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتحور نقما(2)، واعلموا أن
المعروف مكسب حمدا ، ومعقب أجرا ، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا
جميلا تسر الناظرين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا(3)مشوها تنفر منه القلوب
وتغض دونه الابصار .
أيها الناس من جاد ساد ، ومن بخل رذل ، وإن أجود الناس من أعطى من
لا يرجوه ، وإن أعفى الناس من عفا عن قدرة ، وإن أوصل الناس من وصل من


بدهشة . اى لو كانت الدنيا آخر أمركم وليس وراء‌ها شئ لجدير بأن الانسان يجد
ويتعب ويسعى لطلب الخلاص من الموت وتبعاته ويشغل عن غيره .
(1)كشف النعمة ج 2 ص 241 .
(2)حار يحور حورا : رجع .
(3)السمج : القبيح .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه