بحار الأنوار ج11

ورحمتي إياهم أن تسألني أن امطر السماء عليهم فلم تسألني وبخلت عليهم بمسألتك إياي
فأذقتك الجوع(1)فقل عند ذلك صبرك وظهر جزعك ، فاهبط من موضعك فاطلب المعاش
لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك ، فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب اكلة من
جوع ، فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز
كبيرة وهي ترقق قرصتين لها على مقلاة(2)فقال لها : أيتها المرأه أطعميني فإني مجهود
من الجوع ، فقالت له : يا عبدالله ما تركت لنا عدوة إدريس فضلال نطعمه أحدا - وحلفت أنها
ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية ، قال لها : أطعميني منا امسك
به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب ، قالت : إنهما قرصتان : واحدة لي والاخرى
لابني فإن أطعمتك قوتي مت ، وإن أطعمتك قوت ابني مات ، وما هنا فضل اطعمكاه ،
فقال لها : إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيى بها ويجزيني النصف الآخر فأحيى
به وفي ذلك بلغة لي وله ، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين
ابنها ، فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصه اضطرب حتى مات ، قالت امه : يا عبدالله
قتلت علي ابني جزعا على قوته ؟ ! قال إدريس : فأنا احييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ،
ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال : أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن
الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله
فلما سمعت المرأة كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت
قالت : أشهد أنك إدريس النبي ، وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : ابشروا بالفرج
فقد دخل إدريس قريتكم ، ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الاول و
هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له : يا إدريس أما رحمتنا في هذه العشرين
سنة التي جهدنا فيها مسنا الجوع والجهد فيها ؟ فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا ، قال :
لا حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك ، فبلغ الجبار
قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس ، فأتوه فقالوا له : إن الجبار بعث إليك


(1)في المصدر : فادبتك بالجوع . م
(2)المقلاة : وعاء يقلى فيه الطعام(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه