وقيل : معناه : تكفل بها في تربيتها والقيام بشأنها ، عن الحسن . وقبوله إياها أنه ماعرتها
علة ساعة في ليل أو نهار " بقبول حسن " أصله : بتقبل حسن ، وقيل : معناه : سلك بها طريق
السعداء ، عن ابن عباس " وأنبتها نباتا حسنا " أي جعل نشوءها نشوءا حسنا ، وقيل : سوى
خلقها فكانت تنبت في يوم ماينبت غيرها في عام ، عن ابن عباس ، وقيل : أنبتها في رزقها و
غذائها حتى تمت امرأة بالغة تامة ، عن بان جريح .
وقال ابن عباس : لما بلغت تسع سنين صامت النهار وقامت الليل وتبتلت حتى
غلبت الاحبار " وكفلها زكريا " بالتشديد أي ضمها الله عز اسمه إلى زكريا وجعله
كفيلها ليقوم بها ، وبالتخفيف معناه : ضمها زكريا إلى نفسه ، وضمن القيام بأمرها ، وقالوا
إن أم مريم أتت بها ملفوفة في خرقة إلى المسجد وقالت : دونكم النذيرة ، فتنافس
فيها الاحبار لانها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم ، فقال لهم زكريا عليه السلام : أنا
أحق بها لان خالتها عندي ، فقالت له الاحبار : إنها لو تركت لاحق الناس بها
لتركت لامها التي ولدتها ، ولكنا نقرع عليها فتكون عند من خرج سهمه ، فانطلقوا
وهم تسعة وعشرون رجلا إلى نهر جار فألقوا أقلامهم في الماء فارتفع قلم زكريا فوق الماء و
رسبت أقلامهم ، عن ابن إسحاق وجماعة ، وقيل : بل تلبث قلم زكريا(1)وقام فوق الماء كأنه في
طين ، وجرت أقلامهم مع جرية الماء فذهب بها الماء ، عن السدي ، فسهمهم زكريا وقرعهم
وكان رأس الاحبار ونبيهم فذلك قوله تعالى : " وكفلها زكريا " .
قالوا : فلما ضم زكريا مريم إلى نفسه بنى لها بيتا واسترضع لها ، وقال محمد بن
إسحاق : ضمها إلى خالتها أم يحيى حتى إذا شبت وبلغت مبلغ النساء بنى لها محرابا
في المسجد وجعل بابه في وسطها لا يرقى إليها إلا بسلم مثل باب الكعبة ، ولا يصعد إليها غيره ،
وكان يأتيها بطعامها وشرابها ودهنها كل يوم " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها
رزقا " يعني وجد زكريا عندها فاكهة في غير أوانها ، فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء
في الصيف غضا طريا ، وقيل : إنها لم ترضع قط وإنما كان يأتيها رزقها من الجنة
" قال يامريم أنى لك هذا " يعني قال لها زكريا : كيف لك ومن أين لك هذا ؟
(1)في المصدر : بل ثبت قلم زكريا .