وذلك أنه يفرق بين الارواح والجسد ، فردت الروح والنور إلى القدرة(1)الاولى
وترك الجسد لانه من شأن الدنيا . وإنما فسدالجسد في الدنيا لان الريح تنشف
الماء فييبس ، فيبقى الطين فيصير رفاتا ويبلى ويرجع كل إلى جوهره الاول . وتحركت
الروح بالنفس حركتها من الريح ، فما كان من نفس المؤمن فهو تور مؤيد بالعقل ، وما
كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء ، فهذه صورة نار ، وهذه صورة نور . والموت
رحمة من الله عزوجل لعباده المؤمنين ، ونقمة(2)على الكافرين . ولله عقوبتان :
إحداهما منأمر الروح ، والاخرى تسليط بعض الناس على بعض ، فما كان من قبل
الروح فهو السقم والفقر ، وما كان من تسليط فهو النقمة ، وذلك قوله تعالى " وكذلك
نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "(3)من الذنوب . فما كان من ذنب الروح ،
من ذلك سقم وفقر ، وما كان من تسليط فهو النقمة ، وكل ذلك للمؤمن عقوبة له في الدنيا
وعذاب له فيها ، وأما الكافر فنقمة عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة ، ولا يكون
ذلك إلا بذنب ، والذنب من الشهوة ، وهي من المؤمن خطأ ونسيان وأن يكون مستكرها
وما لا يطيق ، وما كان في الكافر فعمد وجحود واعتداء وحسد ، وذلك قول الله عزوجل
" كفارا حسدا من عند أنفسهم "(4).
بيان : " أو قال " الترديد من الراوي ، والحطم : الكسر ، " ولولا الريح " أي التي
تدخل المعدة مع الطعام والشراب ، أو المتولدة في المعدة ، أو الالتهاب من الاولى ، و
خروج الثفل من الثانية ، كما ذكر الاطباء أن الرياح المتولدة فيها تعين على إحدار
الثفل . " فالطين صورته " أي مادته التي تقبل صورته . وقال الفيروز ابادي : وتستعمل
الصور بمعنى النوع والصفة . " خلق من شأن الدنيا " أي البدن " وشأن الآخرة " أي الروح
" فإذا جمع الله بينهما " أي بين النشأتين " صارت حياته في الارض " أي تعلقت روحه السماوية
(1)القدس(خ)
(2)نقمته(خ)
(3)سورة الانعام ، الاية 129 .
(4)العلل : ج 1 ، ص 101 102 ، والاية في سورة البقرة : 109 .