ربكم وعظمته ، أو نعمة ربكم فيما صنع بكم " متبر " أي مدمر مهلك " ما هم فيه " من عبادة
الاصنام " أبغيكم " أي ألتمس لكم " على العالمين " أي على عالمي زمانكم ، وقيل : أي خصكم
بفضائل لم يعطها أحدا غيركم ، وهو أن أرسل إليكم رجلين منكم لتكونوا أقرب إلى
القبول ، وخلصكم من أذى فرعون وقومه على أعجب وجه وأورثكم أرضهم وديارهم و
أموالهم .(1)
" ومن قوم موسى امة يهدون بالحق " أي جماعة يدعون إلى الحق " وبه يعدلون "
أي وبالحق يحكمون ويعدلون في حكمهم ، واختلف فيهم على أقوال :
أحدها : أنهم قوم من وراء الصين لم يغيروا ولم يبدلوا ، وهو المروي عن أبي
جعفر عليه السلام .
قالوا : وليس لاحد منهم مال دون صاحبه ، يمطرون بالليل ، ويضحون بالنهار و
يزرعون لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا ، وهم على الحق .
قال ابن جريح : بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني
عشر سبط تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم ، ففتح
الله لهم نفقا(2)في الارض فساروا فيه سنة ونصف سنة حتى خرجوا من وراء الصين ! فهم
هناك حنفاء مسلمون يستقبلون قبلتنا .
وقيل : إن جبرئيل انطلق بالنبي صلى الله عليه وآله ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن
عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدقوه ، وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت ،
وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم تكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا .
وروى أصحابنا أنهم يخرجون مع قائم آل محمد عليهم السلام ، وروي أن ذا القرنين رآهم(3)
فقال : لو امرت بالمقام لسرني أن اقيم بين أظهركم .
(1)مجمع البيان 4 : 471 و 472 .
(2)أى سربا في الارض .
(3)تقدم في باب قصص ذى القرنين أنه رآهم .(*)