لا بأس كل ، قال : قلت : إنهم يقولون : إذا أكل منه فانما أمسك على نفسه فلا تأكله
فقال : كل ، أو ليس قدجا معوكم على أن قتله ذكاته ؟ قال : قلت بلى ، قال : فما تقولون
في شاة ذبحها رجل أذكاها ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فان السبع جاء بعدما ذكاها فأكل
بعضها ، أتؤكل البقية ؟ قلت : نعم ، قال : فاذا أجابوك إلى هذا فقل لهم : كيف تقولون
إذا ذكى ذلك فأكل منها لم تأكلوا ، وإذا ذكى هذا وأكل أكلتم ؟).
وحمل الشيخ هذا الاخبار على الاكل نادرا وهو بعيد ، وفرق ابن الجنيد بين
أكله منه قبل موت الصيد وبعده ، وجعل الاول قادحا في التعليم دون الثاني ، وهذا
أيضا وجه للجمع بين الاخبار ، وكأنه يؤمي إليه خبر ابن حكيم ، والعامة أيضا
مختلفون في هذا الحكم بسبب اختلاف الاحاديث النبوية ، وإن كان الاشهر بينهم الاشتراط
وقد يستدل على الاشتراط بقوله تعالى :(وما أكل السبع إلا ما ذكيتم)والظاهر أنه
مخصص بقوله تعالى :(وما علمتم من الجوارح مكلبين)بشهادة الاخبار الكثيرة ،
وعلى القول باعتبار عدم الاكل لا يضر شرب الدم ، والامور المعتبرة في التعليم لابد
أن تتكرر مرة بعد اخرى ليغلب على الظن تأرب الكلب ، ولم يقدر أكثر الاصحاب
عدد المرات ، واكتفى بعضهم بالتكرار مرتين ، واعتبر آخرون ثلاث مرات ، وكأن
الاقوى الرجوع في أمثاله إلى العرف لفقد النص على التحديد ، وحيث تحقق التعليم
لو خالف في بعض الصفات مرة لم يقدح فيه ، فان عاد ثانيا بني على أن التعلم هل يكفي
فيه المرتان أم لا ، فان اكتفينا بهما زال بهما ، وإن اعتبرنا الثلاث فكذلك هنا ، وكذا
إن اعتبرنا العرف ، كذا ذكره الشهيد الثاني قدس الله روحه .
الخامس : الآية تؤمي إلى عدم حل صيد الكفار لان الخطاب فيها متوجه
إلى المسلمين ، فكأنه قيد الحل بما أمسك على المسلمين ، ولا خلاف في تحريم صيد
غير أهل الكتاب من الكفار ، وأما أهل الكتاب فالخلاف فيهم هنا كالخلاف فيهم في
ذبائحهم كما سيأتى .
السادس : المشهور بين الاصحاب أن الاعتبار في حل الصيد بالمرسل لا المعلم
فان كان المرسل مسلما فقتل حل ، ولوكان المعلم مجوسيا أو وثنيا ، ولو كان المرسل