بحار الأنوار ج57

أي كما لكم في القوة والعقل ، جمع شدة . " ومنكم من يتوقى " عند بلوغ الاشد أو
قبله " ومنكم من يردإلى أرذل العمر " أي الهرم والخرف " لكيلا يعلم من بعد علم
شيئا " أي ليعود كهيئته الاولى في أوان الطفولية من سخافة العقل وقلة الفهم فينسي ماعلمه
وينكر من عرفه ، وأنه استدلال ثان على إمكان البعث بما يعتري الانسان في أسنانه
من الامور المختلفة والاحوال المتضادة ، فإن من قدر على ذلك قدر على نظائره(1).
" من سلالة " من خلاصة سلت من بين الكدر " من طين " متعلق بمحذوف لانه
صفة لسلالة أو بمعنى سلالة ، لانها في معنى مسلولة ، فتكون ابتدائية كالاول ، و
الانسان آدم خلق من صفوة سلت من الطين ، أو الجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت
نطفابعد أدوار ، وقيل : المراد بالطين آدم لانه خلق منه ، والسلالة نطفته " ثم جعلناه "
أي ثم جعلنا نسله ، فحذف المضاف " نطفة " بأن خلقناه منها ، أوثم جعلنا السلالة
نطفة ، وتذكير الضمير على تأويل الجوهر أو المسلول أو الماء " في قرار مكين " أي مستقر
حصين يعني الرحم " ثم خلقنا النطفة علقة " بأن أحلنا النطفة البيضاء علقة حمراء " فخلقنا
العلقة مضغة " أي فصيرناها قطعة لحم " فخلقنا المضغة عظاما " بأن صلبناها " فكسونا
العظام لحما " مما بقي من المضغة ، أو مما أنبتنا عليها مما يصل إليها ، واختلاف العواطف
لتفاوت الاستحالات ، والجمع لاختلافها في الهيئة والصلابة " ثمخ أنشأناه خلقا آخر "
هو صورة البدن والروح والقوى بنفخة فيه أو المجموع ، و " ثم " لما بين الخلقتين من
التفاوت " أحسن الخالقين " أي المقدرين تقديرا . " ثم إذا أنتم بشر " أي ثم فاجأتم
وقت كونكم بشرا منتشرين في الارض . " وهنا " أي ذات وهن أو تهن وهنا " على وهن "
أي تضعف ضعفا فوق ضعف ، فإنها لاتزال يتضاعف ضعفها ، والجملة في موضع الحال
" وفصاله في عامين " أي وفطامه في انقضاء عامين .
" الذي أحسن كل شئ خلقه " أي خلقه موفرا عليه ما يستعده ويليق به على
وفق الحكمة والمصلحة ، و " خلقه " بدل من " كل " بدل الاشتمال وقيل : علم كيف
يخلقه . وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف " وبدأ خلق الانسان " يعني آدم


(1)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 95 - 96 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه