بحار الأنوار ج74

وكثيرها قليلها ، نعم معقلة واخرى مهملة قد أضلت عقولها(1)وركبت مجهولها
سروح عاهة في داروعث(2)ليس لها راع يقيمها ، ألعبتهم الدنيا فلعبوا بها ، ونسوا
ما وراء‌ها ، رويدا حتى يسفر الظلام(3)كان ورب الكعبة يوشك من أسرع
أن يلحق .
واعلم أن كل من كانت مطيته الليل والنهار(4)فإنه يساربه وإن كان لا يسير ،
أبى الله إلاخراب الدنيا وعمارة الاخرة .
يا بني فإن تزهد زهد تك فيه وتعزف نفسك عنها(5)فهي أهل ذلك ،
وإن كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ولا تعدوأ جلك
فإنك في سبيل من كان قبلك فخفض(6)في الطلب ، وأجمل في المكتسب فانه رب
طلب قد جر إلى حرب(7)وليس كل طالب بناج ، وكل مجمل بمحتاج ، وأكرم


(1)النعم - محركة - : الابل أى أهلها على قسمين ، قسم كابل منعها عن الشر عقالها
وهم الضعفاء وأخرى مهملة تأتى من السوء ما تشاء وهم الاقوياء ، و معلقة من العقال وعقل
البعير شد وظيفه إلى ذراعه . وقوله أضلت عقولها أى اضاعت عقولها وركبت طريقها
المجهول لها .
(2)السروح - بالضم - جمع سرح - بفتح السين وسكون الراء - : المال السائم من
الابل ونحوها الماشية . والعاهة : الافة . والوعث : الطريق العسر يصعب السير فيه .
(3)رويدا مصدر أرود ، مصغرا تصغير الترخيم : مهلا . ويسفر أى يكشف والمعنى
عن قريب يكشف ظلام الجهل عما خفى من الحقيقة بحلول الموت .
(4)المطية : الدابة التى تركب .
(5)أى تزهد نفسك عنها ولا تشتهيها .
(6)أى فسهل من الخفض بمعنى السهل .
(7)الحرب - محركة - : سلب المال ، من حرب الرجل : سلبه ماله وتركه
بلا شئ . وأيضا بمعنى الهلاك والويل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه