وجعلته يحيي الموتى بإذني ، داود ! صفني لخلقي بالكرم والرحمة ، وإني على كل شئ
قدير ، داود ! من ذا الذي انقطع إلي فخيبته ؟ أو من ذا الذي أناب إلي فطردته عن باب
إنابتي ؟ مالكم لاتقدسون الله وهو مصوركم وخالقكم على ألوان شتى ؟ مالكم لاتحفظون
طاعة الله آناء الليل والنهار وتطردون المعاصي عن قلوبكم ، كأنكم لاتموتون ، وكأن
دنياكم باقيه لاتزول ولا تنقطع ،(1)ولكم في الجنة عندي أوسع وأخصب لو عقلتم وتفكرتم
وستعلمون إذا حضرتم وصرتم إلي أني بما تعمل الخلق بصير ، سبحان خالق النور .
وفي السورة العاشرة : أيها الناس لا تغفلوا عن الآخرة ، ولا تغرنكم الحياة لبهجة
الدنيا ونضارتها(2)بني إسرائيل ! لو تفكرتم في منقلبكم ومعادكم وذكرتم القيامة وما
أعددت فيها للعاصين قل ضحككم وكثر بكاؤكم ، ولكنكم غفلتم عن الموت ونبذتم عهدي
وراء ظهوركم ، واستخففتم بحقي كأنكم لستم بمسيئين ولا محاسبين ، كم تقولون ولا
تفعلون ؟ ! وكم تعدون فتخلفون ؟ ! وكم تعاهدون فتنقضون ؟ ! لو تفكرتم في خشونة
الثرى(3)ووحشة القبر وظلمته لقل كلامكم وكثر ذكركم واشتغالكم لي ، إن الكمال
كمال الآخرة ، وأما كمال الدنيا فمتغير وزائل ، لا تتفكرون في خلق السماوات والارض
وما أعددت فيها من الآيات والنذر وحبست الطير في جو السماء يسبحن ويسرحن(4)
في رزقي ؟ وأنا الغفور الرحيم ، سبحان خالق النور .
وفي السورة السابعة عشر : داود ! اسمع ما أقول ، ومر سليمان يقول بعدك : إن
الارض أورثها محمدا(5)وأمته وهم خلافكم ، ولا تكون صلاتهم بالطنابير ولا يقدسون
الاوتار ، فازدد من تقديسك ، وإذا زمرتم(6)بتقديسي فأكثروا البكاء بكل ساعة ،
(1)في المصدر : وكأن دنياكم باقية للازل ولا تنقطع .
(2)في نسخة : ولاتغرنكم الحياة الدنيا لبهجة الدنيا ونضارتها . وفي المصدر : ولا تغرنكم
الحياة وبهجة الدنيا ونضارتها ، يابني اسرائيل . اه
(3)في المصدر : لو تفكرتم في خسوفة الثرى .
(4)سرحت المواشي : ذهبت ترعى .
(5)في المصدر : يرثها محمد وامته .
(6)زمر : غنى بالنفخ في القصب ونحوه . زمر بالحديث : بثه وأذاعه . زمر النعام : صوت
ولعل المراد هنا هو الاخير . وفي المصدر : زفرتم .