بحار الأنوار ج2

بمكة فقال له : أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله ؟ فقال له موسى عليه السلام : لا يجوز له ذلك مع الاختيار . فقال له محمد بن الحسن : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا ؟ فقال
له : نعم ، فتضاحك محمد بن الحسن عن ذلك ، فقال له أبوالحسن موسى عليه السلام : أفتعجب
من سنة النبي صلى الله عليه واله وتستهزئ بها ، إن رسول الله صلى الله عليه واله كشف ظلاله في إحرامه ومشى
تحت الظلال وهو محرم ، إن أحكام ألله تعالى - يامحمد - لاتقاس ، فمن قاس بعضها على بعض
فقد ضل سواء السبيل . فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا .
7 - وقد جرى لابي يوسف مع أبي الحسن موسى عليه السلام بحضرة المهدي مايقرب
من ذلك ، وهو : أن موسى عليه السلام سأل أبايوسف عن مسألة ليس عنده فيها شئ فقال
لابي الحسن موسى عليه السلام : إني اريد أن أسألك عن شئ ، قال : هات . فقال : ما تقول
في التظليل للمحرم ؟ قال : لا يصلح . قال فيضرب الخباء في الارض فيدخل فيه ؟ قال :
نعم . قال : فما فرق بين هذا وذاك ؟ قال أبوالحسن موسى عليه السلام : ما تقول في الطامث تقضي الصلاة ؟ قال : لا . قال : تقضي الصوم ؟ قال : نعم . قال : ولم ؟ قال : إن هذاكذا جاء .
قال أبوالحسن عليه السلام : وكذلك هذا ، قال المهدي لابي يوسف : ما أراك صنعت شيئا ، قال
يا أميرالمؤمنين رماني بحجة .
8 - نهج : من خطبة له عليه السلام : إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأحكام
تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، ويتولى عليها رجال رجالا على غير دين الله ، فلو أن
الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين(1)، ولو أن الحق خلص من لبس
الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث(2)
فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى .


* * ابن الحسن ملازما للرشيد حتى خرج إلى الرى خرجته الاولى فخرج معه ومات برنبويه - قرية من
قرى الرى - سنة تسع وثمانين ومائة ، ومولده سنة خمس وثلاثين . وقيل : احدى وثلاثين . وقيل :
اثنتين وثلاثين ومائه . قاله ابن خلكان في وفيات الاعيان .
(1)المرتادين : الطالبين للحقيقة .
(2)الضغث بالكسر : قبضة حشيش مختلط فيها الرطب باليابس ، وهو مستعار للنصيب من الحق
والباطل . *

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه