بحار الأنوار ج3

وكيف عرفك نفسه ؟ فقال : لا تشبهه صورة ،(1)ولا يحس بالحواس ، ولا يقاس بالناس ،
قريب في بعده ، بعيد في قربه ، فوق كل شي ء ولا يقال شئ فوقه ، أمام كل شئ ولا
يقال له ، أمام ، داخل في الاشياء لاكشئ في شي داخل ، وخارج من الاشياء لا كشئ
من شئ خارج ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ، ولكل شئ مبدأ .(2)
سن : بعض أصحابنا ، عن صالح بن عقبة ، عن قيس بن سمعان ، عن أبي ربيحة
- مولى رسول الله صلى الله عليه وآله -(3)رفعه قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام وذكر مثله .
بيان : قريب من حيث إحاطة علمه وقدرته بالكل . في بعده أي مع بعده عن الكل
من حيث المبائنة في الذات والصفات فظهر أن قربه ليس بالمكان ، بعيد عن إحاطة العقول
والاوهام والافهام به من قربه حفظا وتربية ولطفا ورحمة ، وقد مرأنه يحتمل أن يكون
إشارة إلى أن جهة قربه أي بالعلية واحتياج الكل إليه هي جهة بعده عن مشابهة مخلوقاته
إذا الخالق لا يشابه المخلوق ، وكذاالعكس . فوق كل شئ أي بالقدرة والقهر والغلبة ، و
بالكمال والاتصاف بالصفات الحسنة ، ولايقال : شئ فوقه في الامرين ، وفيه إشعار بأنه
ليس المراد به الفوقية بحسب المكان وإلا لامكن أن يكون شئ فوقه . أمام كل شئ
أي علة كل شئ ومقدم عليها ، ويحتاج إليه كل موجود ، ويتضرع إليه ويعبده كل
مكلف ، أو كل شئ متوجه نحوه في الاستكمال ، والتشبه به في صفاته الكمالية ، و


(1)وفى نسخة : لا يشبه صورة .
(2)وفى نسخة : ولكل شئ مبتدء .
(3)هكذا في البحار والمحاسن المطبوعين . والصحيح - كما في الكافى - : على بن عقبة بن قيس بن
سمعان بن أبى ربيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله . فالسند مصحف بتبديل " ابن " " بعن "
في موضعين وتبديل " على " " بصالح ، . وضبط عقبة بضم العين الهملة ، وسكون القاف ، وفتح الباء ثم
الهاء . واختلف في ضبط ربيحة . قال الفاضل المامقانى في رجاله : ربيحة بالراء المهملة المضمومة ، والباء
الموحدة المفتوحة ، والمثناة الساكنة ، والحاء المهملة المفتوحة ، والهاء . وفى بعض النسخ : زنحة
بالزاى والنون والحاء المهملة ، وعن بعض كتب الرجال : بريحة بالباء الموحدة ثم الراء المهملة ،
وقيل : إن نسخ الكافى في كتاب التوحيد : أبوبريحة بالباء الموحدة المضمومة ، والراء المفتوحة و
الياء المثناة من تحت بعدها حاء مهملة ، وكذا ضبطه في الايضاح وقال : كذا وجدناها معربة في
كتاب البرقى . انتهى .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه