بحار الأنوار ج65

في زمان واحد ، والاقرار باللسان دون القلب يجامع الكفر فلا يكون إسلاما
حقيقة ، ولعل هذا هو السر في إحالة الاخبار بالاسلام على قول الاعراب دون
قوله تعالى ، كما أشرنا إليه سابقا ،
إن قلت : إذا لم يكن إسلام الاعراب إسلاما عند الله تعالى كان مغريا لهم
بالكذب حيث أمرهم أن يخبروا عن أنفسهم بالاسلام فقال : قولوا أسلمنا وهو
محال عليه تعالى .
قلت : إنما أمرهم أمرا إرشاديا بأن يخبروا بالاسلام الظاهري وهو
حق في الظاهر ، فلم يكن مغريا لهم بالكذب . حيث لم يأمرهم بأن يخبروا بأنهم
مسلمون عند الله تعالى بالاسلام مطلقا ، وقد تقدم ما يصلح دليلا لما ادعيناه من
التخصيص ، على أنه يمكن أن يقال إن الله سبحانه وتعالى لم يأمرهم بالاخبار أصلا
لا ظاهرا ، ولا غيره ، بل أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يأمرهم ، حيث قال تعالى قل لم
تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا (1)أي ولكن قل لهم قولوا أسلمنا ، فالامر لهم بقول
أسلمنا إنما هو من النبي صلى الله عليه وآله لا من الله تعالى لما تقرر في الاصول من أن
الامر بالامر بالشئ ليس أمرا بذلك الشئ .
واحتج أهل المذهب الثالث على كل من جزء‌ي مدعاهم أما على أن
الاسلام أعم في الحكم فبآية الاعراب المتقدمة ، والتقريب ما تقدم ، لكن لا
يرد عليهم شئ مما أوردناه على استدلال أهل المذهب الثاني بها لانهم يدعون
دلالتها على مغايرة الاسلام للايمان حقيقة ، وهم يدعون المغايرة في الحكم
ظاهرا دون الحقيقة ، بل ما ذكرناه من الايرادات محقق لاستدلالهم بها ، إذ لا
يتم لهم بدونه كما لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه في بيان معنى هذاه الاية مما
من به الواهب الكريم .
إن قلت : إن الشارع حكم بايمان من أقر بالمعارف الاصولية ظاهرا وإن
كان في نفس الامر غير معتقد لذلك ، إذا لم يطلع عليه ، على حد ما ذكرتم في الاسلام
فكما أن الايمان والاسلام الاعتقاديين متحدان فكذا الظاهريان ، فما وجه عموم


(1)الحجرات : 13 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه