بحار الأنوار ج70

بيان : يقال : ناجيته اي ساررته عمن ملكتك عليه أي من العبيد والاماء
أو الرعية أو الاعم ، وهو أولى ، وغضب الخلق ثوران النفس وحركتها بسبب
تصور المؤذي والضار إلى الانتقام والمدافعة ، وغضب الخالق عقابه التابع لعلمه
بمخالفة أوامره ونواهيه وغيرهما ، وفيه إشارة إلى نوع من معالجة الغضب وهو
أن يذكر الانسان عند غضبه على الغير غضبه تعالى عليه ، فان ذلك يبعثه على الرضا
والعفو طلبا لرضاه سبحانه وعفوه لنفسه .
29 كا : عدة من اصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن
يحيى بن عمرو ، عن عبدالله بن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : أوحى الله عزوجل
إلى بعض أنبيائه : يا ابن آدم اذكرني في غضبك اذكرك في غضبي ، لا أمحقك
فيمن أمحق ، وارض بي منتصرا فان انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك(1).
بيان : المراد بذكره له تعالى ذكر قدرته سبحانه عليه وعقابه وبذكر الله
له ذكر عفوه عن أخيه ، فيعفو عن زلاته ومعاصيه ، جزاء بما صنع وقوله : لا
أمحقك بالجزم بدل من أذكرك والمحق هنا إبطال عمله وتعذيبه ، ومحو
ذكره أو لحراقه ، في القاموس محقه كمنعه أبطله ومحاه كمحقه فتمحق وامتحق
وامحق كافتعل والله الشئ ذهب ببركته والحر الشئ أحرقه ، وفي النهاية المحق
النقص والمحو والابطال ، والانتصار الانتقام ، ولما كان الغرض من إمضاء الغضب
غالبا هو الانتقام من الظالم ، رغب سبحانه في تركه بأني منتقم من الظالم لك
وانتقامي خير من انتقامك ، والخيرية من وجوه شتى :
الاول أن انتقامه على قدر قدرته وانتقامه سبحانه أشد وأبقى ، الثاني
أن انتقامه يفوت ثوابه ، وانتقامه تعالى لا يفوته ، الثالث أن انتقامه يمكن أن
يتعدى إلى مالا يستحقه فيعاقب عليه ، الرابع أن انتقامه يؤدي غالبا إلى المفاسد
الكلية والجزئية بانتهاض الخصم للمعادات بخلاف انتقامه تعالى .
30 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال ، عن


(3)الكافي ج 2 ص 303 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه