فأنت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حداثا فاستحت فانصرفت ، قال : فعلم النبي
صلى الله عليه وآله أنها جاءت لحاجة ، قال : فغدا علينا ونحن في لفاعنا ، فقال :
السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم فسكتنا ، ثم قال :
السلام عليكم فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف ، وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فان اذن له
وإلا انصرف فقلت : وعليك السلام يا رسول الله صلى الله عليه وآله ادخل .
فلم يعد أن يجلس عند رؤوسنا ، فقال : يا فاطمة ماكانت حاجتك أمس عند محمد ،
قال : فخشيت إن لم تجبه أن يقوم قال : فأخرجت رأسي فقلت : أنا والله اخبرك يا
رسول الله صلى الله عليه وآله إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها ، وجرت بالرحا حتى مجلت
يداها وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها
فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرما أنت فيه من هذا العمل .
قال صلى الله عليه وآله : أفلا اعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما
فسبحا ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، قال : فأخرجت عليها السلام
رأسها فقالت : رضيت عن الله ورسوله ، رضيت عن الله ورسوله ، رضيت عن الله
ورسوله(1).
بيان :(من أحب أهله)الضمير راجع إلى الرسول بقرينة المقام ، وقال الجزري
في النهاية يقال : مجلت يده تمجل مجلا ومجلت إذا ثخن جلدها ونعجر وظهر
فيه شبه البثر من العمل بالاشياء الصلبة الخشنة ، ومنه حديث فاطمة عليها السلام إنها شكت
إلى على مجل يديها من الطحن انتهى ، وكسحت البيت بالمهملتين أي كنست .
وقال الجوهري : الدكنة بالضم لون يضرب إلى السواد ، وقد دكن الثوب
يدكن دكنا وقال في النهاية : في شرح هذا الخبر : دكن الثوب إذا اتسخ واغبر لونه .
قوله عليه السلام(لوأتيت)(لو)للتمني أو للغرض أو الجزاء محذوف لدلالة
المقام عليه .
وفي النهاية في حديث علي عليه السلام : إنه قال لفاطمة لوأتيت النبي صلى الله عليه وآله فسألتيه
(1)علل الشرايع ج 2 ص 54 - 55 .