بحار الأنوار ج41

الفضل والمزية من أول وقتها ، ويقوي هذا الوجه شيئان : أحدهما الرواية الاخرى
لان قوله " حين تفوته " صريح في أن الفوت لم يقع وإنما قارب وكاد ، الامر
الآخر(1)قوله : " وقد دنت للمغرب " يعني الشمس وهذا أيضا يقتضي أنها لم تغرب
وإنما دنت وقاربت الغروب .
فإن قيل : إذا كانت لم تفته فأي معنى للدعاء بردها حتى يصلي في الوقت
وهو قد صلى فيه ؟ قلنا : الفائدة في ردها ليدرك فضيلة الصلاة في أول وقتها ، ثم
ليكون ذلك دلالة على سمو محله وجلالة قدره في خرق العادة من أجله .
فإن قيل : إذا كان النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي بردها له فالعادة إنما اخرقت
للنبي صلى الله عليه وآله لا لغيره ، قلنا : إذا كان النبي صلى الله عليه إنما دعا بردها لاجل أمير المؤمنين
عليه السلام ليدرك(2)ما فاته من فضل الصلاة فشرف انخراق العادة والفضيلة تنقسم(3)
بينهما عليهما السلام .
فإن قيل : كيف يصح رد الشمس وأصحاب الهيئة والفلك يقولون ذلك
محال لا تناله قدرة ، وهبه كان جائزا على مذاهب أهل الاسلام أليس لوردت الشمس
من وقت الغروب إلى وقت الزوال لكان يجب أن يعلم أهل الشرق والغرب(4)بذلك
لانها تبطئ بالطلوع على بعض أهل البلاد ، فيطول ليلهم على وجه خارق للعادة ،
وتمتد من نهار قوم آخرين مالم يكن ممتدا ، ولا يجوز أن يخفى على أهل البلاد
غروبها ثم عودها طالعة بعد الغروب ، وكانت الاخبار تنتشر بذلك ويؤرخ هذا
الحديث(5)العظيم في التواريخ ، ويكون أبهر وأعظم من الطوفان ، قلنا : قد دلت
الادلة الصحيحة الواضحة على أن الفلك وما فيه من شمس وقمر ونجوم غير متحرك


(1)في المصدر : وكاد . والامر الاخر .
(2)= = : بردها له وليدرك .
(3)= = : والفضيلة به منقسم .
(4)= = : المشرق والمغرب .
(5)= = : الحادث .(*)

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه