زيادة . وقال قوم فيه : إن الجناح إشارة إلى الجهة ، وبيانه هو أن الله ليس فوقه
شئ وكل شئ فهو تحت قدرته ونعمته ، والملائكة لهم وجه إلى الله يأخذون منه
نعمه ويعطون من دونهم ما أخذوا بإذن الله ، كما قال تعالى " نزل به الروح الامين
على قلبك " وقوله " علمه شديد القوى " وقال تعالى في حقهم " فالمدبرات أمرا "
فهما جناحان ، وفيهم من يفعل الخير بواسطة ، وفيهم من يفعله لا بواسطة ، فالفاعل
بواسطة فيه ثلاث جهات ، وفيهم من له أربع جهات وأكثر ، والظاهر ما ذكرناه
أولا ، وهو الذي عليه إطباق المفسرين(1).
وقال في قوله تعالى " والصافات صفا الآيات " هذه الاشياء الثلاثة
المقسم بها يحتمل أن تكون صفات ثلاثة لموصوف واحد ، ويحتمل أن تكون أشياء
ثلاثة متبائنة ، أما على التقدير الاول ففيه وجوه :
الاول : أنها صفات الملائكة ، وتقريره أن الملائكة يقفون صفوفا إما في
السماوات لاداء العبادات كما أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا " وإنا لنحن الصافون "
وقيل : إنهم يصفون أجنحتهم في الهواء ويقفون منتظرين وصول أمر الله إليهم ، و
يحتمل أيضا أن يقال : معنى كونهم صفوفا أن لكل واحد منهم مرتبة ودرجة معينة
في الشرف والفضيلة ، أو في الذات والعلية(2)وتلك الدرجات المترتبة باقية غير
متغيرة ، وذلك نسبة(3)الصفوف . وأما قوله تعالى " فالزاجرات زجرا " فقال
الليث : زجرت البعير أزجره زجرا إذا حثثته ليمضي ، وزجرت فلانا عن سوء فانزجر
أي نهيته فانتهى ، فعلى هذا الزجر للبعير كالحث وللانسان كالنهي ، فنقول : في
وصف الملائكة بالزجر وجوه :
الاول : قال ابن عباس : يريد الملائكة التي وكلوا بالسحاب يزجرونها
بمعنى أنهم يأتون بها من موضع إلى موضع .
(1)مفاتيح الغيب : ج 7 ، ص 30 .
(2)في المصدر : والغلبة .
(3)في المصدر : يشبه الصفوف .