المسلمون فقالوا : يا رسول الله قد غرقت الارض ، وتهدمت البيوت ، وانقطعت السبل
فادع الله تعالى أن يصرفها عنها ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على المنبر حتى بدت
نواجده تعجبا لسرعة ملالة ابن آدم ، ثم رفع يديه ثم قال : " حوالينا ولا علينا ،
اللهم على رؤوس الظراب ومنابت الشجر وبطون الاودية ، وظهور الآكام " فتصدعت
عن المدينة حتى كانت في مثل الترس عليها كالفسطاط تمطر مراعيها ولا تمطر فيها
قطرة .
وفي بعض الروايات : إنه لما صارت المدينة كالفسطاط ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى بدت نواجده ، ثم قال : " لله أبي طالب . لو كان حيا قرت عيناه ، من الذي
ينشدنا قوله ؟ " فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا رسول الله كأنك أردت :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة(1)وفواضل
كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نقاتل دونه ونناضل(2)
ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " أجل " فقام رجل من كنانة فقال :
لك الحمد والشكر ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة * إليه وأشخص منه البصر
فلم يك إلا كالقا(3)الردا * وأسرع حتى رأينا المطر
دفاق العزايل جم البعاق * أغاث به الله عليا مضر
و كان كما قاله عمه * أبوطالب أبيض ذو غرر
(1)ذكر ابن هشام تلك القصيدة بطولها في السيرة : 1 : 286 - 298 وفيه : في رحمة
وفواضل .
(2)في السيرة : كذبتم وبيت الله نبزى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل .
أقول : أى نغلب عليه ونسلبه . ونناضل اى نرامى بالسهام .
(3)قصر لاجل الشعر .