بحار الأنوار ج89

من يسمى بذلك .
والجواب عما ذكره ، خبر أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعاف قول الشعر قد أمره
الله تعالى بذلك لئلا يتوهم الكفار أن القرآن من قبله ، وليخلص قلبه ولسانه
للقرآن ، ويصون الوحي عن صنعة الشعر ، لان المشركين كانوا يقولون في القرآن
أنه شعر ، وهم يعلمون أنه ليس بشعر ، ولو كان معروفا بصنعة الشعر لنقموا عليه
بذلك ، وعابوه ، وقد سئل أبوعبيدة عن ذلك فقال : هو كلام وافق وزنه وزن
الشعر إلا أنه لم يقصد به الشعر ، ولا قار به بأمثاله ، والقليل من الكلام مما يتزن
بوزن الشعر ، وروي(أنا النبي لا كذب)(وهل أنت إلا أصبع دميت)فقد اخرج
عن وزن الشعر .
فصل : وربما قالوا : إذا كان أخبار المنجمين والكهنة قد تتفق مخبراتها
كما أخبروا ، كذلك أخبار الانبياء والاوصياء ، فبما ذا يعرف الفرق بينهما ؟
الجواب أن أخبار الانبياء والاوصياء وأوصياؤهم إنما كانت متعلقة مخبراتها
على التفصيل دون الجملة ، من غير أن يكون قد اطلع عليها بتكلف معالجة واستعانة
عليه بآلة وأداة ، ولا حدس ولا تخمين ، فيتفق في جميع ذلك أن يكون مخبراتها
على حسب ما تعلق به الخبر ، من غير أن يقع به خلف أو كذب في شئ منها ، فأما
أخبار المنجمين فانه يقع بحساب ، وبالنظر في كل طالع بحدس وتخمين ، ثم
قد يتفق في بعضها الاصابة دون بعض ، كما يتفق إصابة أصحاب الفأل والزوج
والفرد ، من غير أن يكون ذلك على أصل معتمد ، وأمر موثق به ، فاذا وقعت
الاخبار منهم على هذا ، لم يوجب العلم ، ولم يكن معتمدا ، ولا علما معجزا ، ولا دالة
على صدقهم ، ومتى كان على هذا الوجه الذي أصاب في الكل ، كان علما معجزا
ودلالة قاطعة ، لان العادات لم تجر بأن يجري المخبر عن الغايبات فيتفق ويكون
جميعها على ما أخبر به على التفصيل ، من غير أن تقع في شئ منها خلف أو كذب
فمتى وقعت المخبرات كذلك كان دليل الصدق ، ناقضا للعادات ، فدلنا ذلك على أنه
من عندالله خصه بعلمه ، ليجعله علما على نبوته ، وكذلك ما يظهر على يد وصي

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه