بحار الأنوار ج48

فلما تناهوا إلى هذا الموضع قال لهم يحيى بن خالد : أترضون فيما بينكم
هشاما حكما ؟ قالوا : قد رضينا أيها الوزير ، فأنى لنا به وهو عليل ، فقال يحيى
فأنا اوجه إليه ، فأرسله أن يتجشم المشي فوجه إليه فأخره بحضورهم وأنه

إنما منعه أن يحضروه أول المجلس إبقاء‌ا عليه من العلة وإن القوم قد اختلفوا في
المسائل والاجوبة ، وتراضوا بك حكما بينهم فان رأيت أن تتفضل ، وتحمل على
نفسك فافعل .
فلما صار الرسول إلى هشام قال لي : يايونس قلبي ينكر هذا القول
ولست آمن أن يكون ههنا أمرا لا أقف عليه ، لان هذا الملعون يحيى بن
خالد قد تغير علي لامور شتى ، وقد كنت عزمت إن من الله علي بالخروج
من هذه العلة أن أشخص إلى الكوفة ، واحرم الكلام بتة ، وألزم المسجد ليقطع
عني مشاهدة هذا الملعون يعني يحيى بن خالد قال : قلت : جعلت فداك لايكون
إلا خيرا ، فتحرز ماأمكنك فقال لي : يايونس أترى التحرز عن أمر يريد
الله إظهاره على لساني ، أنى يكون ذلك ، ولكن قم بنا على حول الله وقوته .
فركب هشام بغلا كان مع رسوله ، وربكت أنا حمارا كان لهشام قال :
فدخلنا المجلس فاذا هو مشحون بالمتكلمين قال : فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه
وسلم على القوم ، وجلس قريبا منه ، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس .
قال : فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة فقال : إن القوم حضروا وكنا مع
حضورهم نحب أن تحضر ، لا لان نتاظر بل لان نأنس بحضورك ، إن كانت العلة
تقطعك عن المناظرة ، وأنت بحمد الله صالح ، ولست علتك بقاطعة من المناظرة ، و
هؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم .
قال : فقال هشام : ماالموضع الذي تناهت به المناظرة ؟ فأخبره كل فريق
منهم بموضع مقطعه ، فكان من ذلك أن حكم لبعض على بعض ، فكان من المحكومين
عليه سليمان بن جرير ، فحقدها على هشام .
قال : ثم إن يحيى بن خالد قال لهشام : إنا قد أعرضنا عن المناظرة و

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه