بحار الأنوار ج17

واللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان ، وعلم الاحوال ، وعلم الاخلاق ، وما شئت
وأما قوله : " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا " فإنه يدل على إعجاز القرآن وصحة
نبوة محمد صلى الله عليه وآله من وجوه : ،
أحدها : أنا نعلم بالتواتر أن العرب كانوا يعادونه أشد المعاداة ، ويتهالكون
في إبطال أمره ، وفراق الاوطان والعشيرة ، وبذل النفوس والمهج منهم ، من أقوى ما يدل
على ذلك ، فإذا انضاف إليه مثل هذا التقريع وهو قوله : " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا "
فلو أمكنهم الاتيان بمثله لاتوا به ، وحيث لم يأتوا به ظهر كونه معجزا .
وثانيها : أنه صلى الله عليه وآله إن كان متهما عندهم فيما يتعلق بالنبوة فقد كان معلوم الحال
في وفور العقل ، فلو خاف عاقبة أمره لتهمة فيه حاشاه عن ذلك لم يبالغ في التحدي إلى
هذه الغاية .
وثالثها : أنه لو لم يكن قاطعا بنبوته لكان يجوز خلافه ، وبتقدير وقوع خلافه
يظهر كذبه ، فالمبطل المزور لا يقطع في الكلام قطعا ، وحيث جزم دل على صدقه .
ورابعها : أن قوله : " ولن تفعلوا " وفي(لن)تأكيد بليغ في نفي المستقبل إلى
يوم الدين إخبار بالغيب ، وقد وقع كما قال ، لان أحدا لو عارضه لامتنع أن لا يتواصفه
الناس ويتناقلوه عادة ، لاسيما والطاعنون فيه أكثف عددا من الذابين عنه ، وإذا لم تقع
المعارضة إلى الآن حصل الجزم بأنها لا تقع أبدا ، لاستقرار الاسلام ، وقلة شوكة الطاعنين
انتهى .
وقال البيضاوي : " من مثله " صفة سورة ، أي بسورة كائنة من مثله ، والضمير لما نزلنا
و(من)للتبعيض أو للتبيين ، وزائدة عند الاخفش ، أي بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة و
حسن النظم ، أو لعبدنا و(من)للابتداء ، أي بسورة كائنة ممن هو على حاله صلى الله عليه وآله
من كونه بشرا اميا لم يقرأ الكتب ، ولم يتعلم العلوم ، أو صلة فأتوا والضمير للعبد ، و
الرد إلى المنزل أوجه " وادعوا شهداء‌كم من دون الله " أمر بأن يستعينوا بكل من
ينصرهم ويعينهم ، والشهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر ، أو القائم بالشهادة ، أو الناصر ،
أو الامام ، و(من)متعلقة ب‍(ادعوا)، والمعنى وادعوا لمعارضته من حضركم أو رجوتم معونته

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه