بحار الأنوار ج49

مغفورا له .
ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح
من موضعه ، ودخل الدار ، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية
فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا
قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة ، وسأل ثوبا من ثياب
الرضا عليه السلام ليتبرك به ، ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا عليه السلام جبة خز مع
الصرة ، وقال للخادم : قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني
فيها .
فأخذ دعبل الصرة والجبة ، وانصرف وصار من مرو في قافلة ، فلما بلغ
ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل
فيمن كتف ، وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بيهنم ، فقال رجل من القوم
متمثلا بقول دعبل في قصيدته :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات
فسمعه دعبل فقال لهم دعبل : لمن هذا البيت ؟ فقال لرجل من خزاعة ، يقال
له دعبل بن علي ، قال دعبل : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت
فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل ، وكان من الشيعة ، وأخبره
فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له ، أنت دعبل ؟ فقال : نعم ، فقال له : أنشد
القصيدة فأنشدها فحل كتافه ، وكتاف جميع أهل القافلة ، ورد إليهم جميع
ما أخذوا منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن
ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع .
فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع
بشئ كثير ، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار ، فامتنع من
ذلك ، فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم ، وسار عن قم .
فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب ، وأخذوا الجبة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه