بحار الأنوار ج57

قوله : نشرا " أي منتشرة متفرقة ، فجزء من أجزاء الريح يذهب يمنة ، وجزء
آخر يذهب يسرة ، وكذا القول في سائر الاجزاء فإن كل واحد منها يذهب إلى
جانب آخر فنقول : لاشك أن طبيعة الهواء طبيعة واحدة ونسبة الا فلاك والانجم
والطبائع إلى كل واحد من الاجزاء من ذلك الريح نسبة واحدة ، فاختصاص بعض
أجزاء الريح بالذهاب يمنة والجزء الاخر بالذهاب يسرة وجب أن لا يكون ذلك إلا
بتخصيص الفاعل المختار(1).
بين يدى رحمته " أي بين يدي المطر الذي هو رحمته ، فإن قيل : فقد نجد
المطر ولا تتقدمه الرياح ، قلنا : ليس في الاية أن هذا التقدم حاصل في كل الاحوال
فلم يتوجه السؤال . وأيضا فيجوز أن تتقدمه هذه الرياح وإن كنا لا نشعر بها . وعن
ابن عمر : الرياح ثمان ، أربع منها عذاب وهو : القاصف ، والعاصف ، والصرصر ، و
العقيم ، وأربع منها رحمة : الناشرات ، والمبشرات ، والمرسلات ، والذاريات ، وعن
النبي صلى عليه وسلم : نصرت بالصبا ، واهلك عاد بالدبور ، والجنوب عن من ريح الجنة . و
عن كعب : لو حبس الله الريح عن عباده ثلاثة أيام لانتن أكثر الارض(2).
" فير سل عليكم قاصفا من الريح " قال الطبرسى - ره - أي فإذا ركبتم البحر
أرسل عليكم ريحا شديده كاسرة للسفينة ، وقيل : الحاصب : الريح المهلكة في البر
والقاصف : المهلكة في البحر . فيغرقكم بما كفرتم " من نعم الله(3).
أن يرسل الرياح " قال البيضاوي : أي الشمال والصبا والجنوب ، فإنها
رياح الرحمة ، وأما الدبور فريح العذاب ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " اللهم اجعلها رياحا
ولا تجعلها ريحا " وقرأ ابن كثير والحمزة والكسائي " الريح " على إرادة الجنس
مبشرات " بالمطر " وليذ يقكم من رحمته " يعني المنافع التابعة ، لها ، وقيل : الخصب
التابع لنزول المطر المسبب عنها أو الروح الذي هو مع هبوبها ، والعطف على علة


(1)مفاتيح الغيب : ج 14 ، ص 140(من المطبوع بمصر).
(2)مفاتيح الغيب : ج 14 ، ص 141 .
(3)مجمع البيان ، ج 6 ، ص 428 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه