عمودا من السماء يضئ لهم ليلتهم ، ويرتفع نهارهم ، ورسول الله أعطى بعض أصحابه عصا
تضئ أمامه وبين يديه ، وأعطى قتادة بن النعمان عرجونا(1)، فكان العرجون يضئ
أمامه عشرا .
قوله : " ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات(2)" قال ابن عباس والضحاك :
اليد ، والعصا ، والحجر ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ،
يروى أن النبي صلى الله عليه واله استتر للوضوء في بعض أسفاره إلى الشام فأحاط به اليهود بالسيوف ،
فأثار الله من تحت رجله جرادا فاحتوشتهم(3)، وجعلت تأكلهم حتى أتت على جملتهم ، وكانوا
مأتي نفر ، وقال عليه السلام : " إن بين الركن والصفا قبور سبعين نبيا ما ماتوا إلا بضر
الجوع والقمل " وتبعه قوم يوما خاليا فنظر أحدهم إلى ثياب نفسه وفيها قمل ، ثم
جعل بدنه يحكه ، فأنف من أصحابه ، وانسل(4)، وأبصر آخر وآخر مثل ذلك حتى
وجد كلهم من نفسه ، ثم زاد ذلك عليهم حتى استولى ذلك عليهم فماتوا كلهم من خمسة
أيام إلى شهرين ، وهم جماعة بقتله فخرجوا نحو المدينة من مكة فسلط الله على مزاودهم
ورواياهم وسطائحهم الجرذان فخرقتها ونقبتها وسال مياهها ، فلما عطشوا شعروا فرجعوا
القهقرى إلى الحياض التي كانوا تزودوا منها تلك المياة ، وإذا الجرذان قد سبقتهم إليها
فنقبت اصولها وسال في الحرة(5)مياهها ، فتماوتوا ، ولم ينفلت منهم إلا واحد لا يزال
يقول : يا رب محمد وآل محمد ، قد تبت من أذاه ، ففرج عني بجاه محمد وآل محمد ، فوردت عليه
قافلة فسقوه وحملوه وأمتعة القوم(6)، فآمن بالنبي صلى الله عليه واله ، فجعل رسول الله صلى الله عليه واله له تلك
الجمال والاموال ، واحتجم النبي صلى الله عليه واله مرة فدفع الدم الخارج منه إلى أبي سعيد
الخدري ، وقال : غيبه ، فذهب فشربه ، فقال : ماذا صنعت به ؟ قال : شربته ، قال : أو لم
(1)العرجون : أصل العذق الذي يعوج ويبقى على النخل يابسا بعد أن تقطع عنه المشاريخ .
(2)الاسراء : 101 .
(3)أي أحدقت بهم وجعلتهم في وسطها .
(4)انسل أي انطلق مستخفيا .
(5)الحرة : الارض ذات حجارة نخرة سود كانها احرقت بالنار .
(6)أي وحملوا أمتعة القوم .(*)