بحار الأنوار ج13

علمناه من لدنا علما * قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني(1)مما علمت رشدا " قال له
الخضر : " إنك لن تستطيع معي صبرا " لاني وكلت بعلم لا تطيقه ، ووكلت أنت بعلم لا
اطيقه ، قال موسى : بل أستطيع معك صبرا ، فقال له الخضر : إن القياس لا مجال له في
علم الله وأمره " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " قال موسى : " ستجدني إن شاء الله
صابرا ولا أعصي لك أمرا " فلما استثنى المشية قبله ، قال : " فإن اتبعتني فلا تسألني عن
شئ حتى احدث لك منه ذكرا " فقال موسى عليه السلام : لك ذلك علي " فانطلقا حتى إذا
ركبا في السفينة خرقها " الخضر عليه السلام فقال له موسى عليه السلام : " أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت
شيئا إمرا * قال ألم أقل " لك " إنك لن تستطيع معي صبرا " قال موسى : " لا تؤاخذني
بما نسيت " أي بما تركت من أمرك " ولا ترهقني من أمري عسرا * فانطلقا حتى إذا لقيا
غلاما فقتله " الخضر عليه السلام ، فغضب موسى وأخذ بتلبيبه وقال له : " أقتلت نفسا زكية بغير
نفس لقد جئت شيئا نكرا " قال له الخضر : إن العقول لا تحكم على أمر الله تعالى ذكره ،
بل أمر الله يحكم عليها فسلم لما ترى مني واصبر عليه ، فقد كنت علمت أنك لن تستطيع
معي صبرا ، قال موسى : " إن سألتك بعدها عن شئ(2)فلا تصاحبني قد بلغت من لدني
عذرا * فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية " وهي الناصرة وإليها تنسب النصارى " استطعما
أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض " فوضع الخضر عليه السلام يده عليه
" فأقامه " فقال له موسى : " لو شئت لتخذت عليه أجرا " قال له الخضر : " هذا فراق بيني
وبينك سانبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " فقال : " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون
في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراء‌هم ملك يأخذ كل سفينة " صالحة(3)" غصبا " فأردت
بما فعلت أن تبقى لهم ولا يغصبهم الملك عليها ، فنسب الابانة في هذا الفعل إلى نفسه لعلة
ذكر التعييب ، لانه أراد أن يعيبها عند الملك إذا شاهدها ، فلا يغصب المساكين عليها ، و
أراد الله عزوجل صلاحهم بما أمره به من ذلك .


(1)اثبات الياء في(تعلمنى)قرائة نافع وابى عمرو وصلا ، وابن كثير في الحالتين .
(2)هكذا في النسخ والصحيح كما في المصحف الشريف : " إن سألتك عن شئ بعدها " وفى
المصدر : " إن سألت بعدها عن شئ " ولعله اقتباس من الاية من غير ارادة حكايتها بألفاظها .
(3)المصدر يخلو عن لفظة(صالحة).(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه