توحيده وصق رسوله لانها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها(1)كما تتمخض
المرأة ، ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها ، وكان لها شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي
كله وتسقيهم اللبن بدله ، ولهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم ، وقيل : إنما أضافها
إلى الله لانه لم يكن لها مالك سواه تعالى ، قال الحسن : كانت ناقة من النوق وكان وجه
الاعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم " تتخذون من سهولها " السهل :
خلاف الجبل ، وهو ما ليس فيه مشقة على النفس ، أي تبنون في سهولها الدور والقصور ،
وإنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها(2)" وتنحتون الجبال بيوتا " قال ابن عباس :
كانوا يبنون القصور بكل موضع وينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم
في الشتاء أحصن وأدفأ . ويروى أنهم لطول أعمارهم يحتاجون إلى أن ينحتوا بيوتا في الجبال
لان السقوف والابنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم " ولا تعثوا في الارض مفسدين(3)"
أي لا تضطربوا بالفساد في الارض ولا تبالغوا فيه " للذين استضعفوا " أي للذين استضعفوهم
من المؤمنين " لمن آمن منهم " بدل من قوله : " للذين استضعفوا " " فعقروا الناقة " قال الازهري :
العقر عند العرب : قطع عرقوب(4)البعير ، ثم جعل النحر عقر الان ناحر البعير يعقره
ثم ينحره " وعتوا " أي تجاوزوا الحد في الفساد .(5)
وكانت ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام ، وكانت عاد باليمن .
" واستعمركم فيها " أي جعلكم عمار الارض ، أو عمرها لكم مدة أعماركم من
العمرى ، أو أطال فيها أعماركم ، قال الضحاك : وكانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاث
مائة سنة أوأمركم من عماراتها بما تحتاجون إليه من المساكن والزراعات وغرس الاشجار
" قد كنت فينا مرجوا " أي كنا نرجو منك الخير ، فالآن يئسنامنك بإبداعك ما أبدعت ،
أو نظنك عونا لنا على ديننا " مريب " موجب للريبة والتهمة " رحمة " أي النبوة " غير تخسير "
(1)تمخضت الحامل : دنا ولادها وأخذها الطلق .
(2)أى ليقيموا بها في زمن الصيف .
(3)العثو : المبالغة في الفساد أو الكفر أو الكبر .
(4)العرقوب : عصب غليظ فوق العقب .
(5)مجمع البيان 4 : 440 - 441 . وفيه : في الفساد والمعصية . م(*).