بحار الأنوار ج13

الصعب الوعر المرتقى وعلى الشجر والعشب والشوك فينفرج ، وإذا أراد عبور نهر من الانهار
بلا سفينة ضربها عليه فانفلق وبدا له طريق مهيع يمشي فيه ، وكان يشرب أحيانا من إحدى
الشعبتين اللبن ومن الآخر العسل ، وكان إذا أعيا في طريقه يركبها فتحملها إلى أي
موضع شاء من غير ركض ولا تحريك رجل ، وكانت تدله على الطريق وتقاتل أعداء‌ه ، وإذا
احتاج موسى إلى الطيب فاح منها الطيب حتى يتطيب ثوبه ، وإذا كان في طريق فيه لصوص تخشى
الناس جانبهم تكلمه العصا وتقول له : خذ جانب كذا ، وكان يهش بها على غنمه ، ويدفع
بها السباع والحيات والحشرات ، وإذا سافر وضعها على عاتقه وعلق عليها جهازه ومتاعه
ومخلاته ومقلاعه وكساء‌ه وطعامه وسقاء‌ه .
قال مقاتل بن حيان : قال شعيب لموسى حين زوج ابنته وسلم إليه أغنامه يرعاها :
اذهب بهذه الاغنام ، فإذا بلغت مفرق الطريق فخذ على يسارك ولا تأخذ على يمينك ، وإن كان
الكلاء بها أكثر فإن هناك تنسينا عظيما أخشى عليك وعلى الاغنام منه ، فذهب موسى
بالاغنام فلما بلغ مفرق الطريقين أخذت الاغنام ذات اليمين فاجتهد موسى على أن يصرفها
إلى ذات الشمال فلم تطعه ، فنام موسى والاغنام ترعى ، فإذا بالتنين قد جاء فقامت عصا
موسى فحاربته فقتلته ، وأتت فاستلقت على جنب موسى وهي دامية ، فلما استيقظ موسى عليه السلام
رأى العصا دامية والتنين مقتولا ، فعلم أن في تلك العصا لله تعالى قدرة ، وعرف أن
لها شأنا ، فهذه مآرب موسى فيها إذا كانت عصا ، فأما إذا ألقاها موسى فيرى أنها تنقلب
حية كأعظم ما يكون من التنانين سوداء مدلهمة تدب على أربع قوائم ، تصير شعبتاها
فمها ، وفيه اثنا عشر أنيابا وأضراسا ، لها صريف وصرير ، يخرج منها لهب النار ، فتصير
محجنها عرفا لها كأمثال النيازك(1)تلتهب ، وعيناها تلمعان كما يلمع البرق ، تهب من
فيها ريح السموم ، لا تصيب شيئا إلا أحرقته ، تمر بالصخرة مثل الناقة الكوماء(2)فتبتلعها
حتى أن الصخور في جوفها تتقعقع(3)وتمر بالشجرة فتفطرها بأنيابها ثم تحطمها و


(1)جمع النيزك : شعلة ترى كالرمح ، وهو أحد أقسام الشهب المتساقطة .
(2)الكوماء : البعير الضخم السنام .
(3)تقعقع : صوت .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه