" السلام " السلام معناه المسلم ، وهو توسع لان السلام مصدر ، والمراد به أن
السلامة تنال من قبله ، والسلام والسلامة مثل الرضاع والرضاعة واللذاذ واللذاذة . ومعنى
ثان أنه يوصف بهذه الصفة لسلامته مما يلحق الخلق من العيب والنقص والزوال والانتقال
والفناء والموت ، وقوله عزوجل : " لهم دار السلام عند ربهم "(1)والسلام : هو الله عز
وجل ، وداره الجنة ، ويجوز أن يكون سماها سلاما لان الصائر إليها يسلم فيها من
كل ما يكون في الدنيا من مرض ووصب وموت وهرم وأشباه ذلك ، فهي دار السلامة
من الآفات والعاهات ، وقوله عزوجل : " فسلام لك من أصحاب اليمين "(2)يقول :
فسلامة لك منهم أي تخبرك عنهم سلامة ، والسلامة في اللغة : الصواب والسداد أيضا ،
ومنه قوله عزوجل : " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما "(3)أي سدادا وصوابا ، و
يقال : سمي الصواب من القول سلاما لانه يسلم من العيب والاثم .
" المؤمن " المؤمن معناه المصدق ، والايمان : التصديق في اللغة ، يدل على ذلك
قوله عزوجل حكاية عن إخوة يوسف على نبينا وآله وعليه السلام : " وما أنت بمؤمن
لنا ولو كنا صادقين "(4)فالعبد مؤمن مصدق بتوحيد الله وآياته ، والله مؤمن مصدق
لما وعده ومحققه . ومعنى ثان أنه محقق حقق وحدانيته بآياته عند خلقهم وعرفهم
حقيقته لما أبدى من علاماته وأبان من بيناته وعجائب تدبيره ولطائف تقديره . ومعنى
ثالث أنه آمنهم من الظلم والجور ، وقال الصادق عليه السلام : سمي الباري عزوجل مؤمنا
لانه يؤمن من عذابه من أطاعه ، وسمي العبد مؤمنا لانه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه ،
وقال عليه السلام : المؤمن من آمن جاره بوائقه . وقال عليه السلام : المؤمن الذي يأتمنه المسلمون
على أموالهم ودمائهم .(5)
" المهيمن " المهيمن معناه الشاهد ، وهو كقوله عزوجل " ومهيمنا عليه "(6)أي
(1)الانعام : 127 .
(2)الواقعة : 91 .
(3)الفرقان : 63 .
(4)يوسف : 17 .
(5)وفى نسخة : على أموالهم وانفسهم .
(6)المائدة : 48 .(*)