بحار الأنوار ج18

ليتلوه على الناس ، وهذا الجمع مؤيد بالاخبار ، ويمكن الجمع بوجوه اخر سيأتي تحقيقها
في باب ليلة القدر وغيره ، فقوله رحمه الله : إن الله تعالى أعطى نبيه صلى الله عليه وآله العلم جملة لا
يعني به أنه أعطاه بمحض النزول إلى البيت المعمور ليرد عليه ما أورده رحمه الله ، ولا أن
المراد بالنزول إلى البيت المعمور أنه علمه النبي صلى الله عليه وآله ، وهذا منه رحمه الله غريب ، وأما
اللوح الذي ذكره أولا أنه يضرب جبين إسرافيل عليه السلام فيحتمل أن يكون المراد به
اللوح المحفوظ ، ويكون ذلك عند أول النزول إلى البيت المعمور ، أو يكون المراد اللوح
الذي ثبت فيه القرآن في السماء الرابعة ، ولعله بعد نظر إسرافيل في اللوح على الوجهين
يجد فيه علامة يعرف بها مقدار ما يلزمه إنزالها ، أو يكون لوحا آخر ينقش فيه شئ
فشئ عند إرادة الوحي ، ولا ينافي انتقاش الاشياء فيه كونه ملكا كما اعترض عليه المفيد
رحمه الله وإن كان بعيدا .
3 - فس : " وما كان لبشر أن يكلمه الله " الآية ، قال : وحي مشافهة ، ووحي
إلهام ، وهو الذى يقع في القلب " أو من وراء حجاب " كما كلم الله نبيه صلى الله عليه وآله ، وكما
كلم الله موسى عليه السلام من النار " أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء " قال : وحي مشافهة
يعني إلى الناس ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت
تدري ما الكتاب ولا الايمان " قال : روح القدس ، هي التي قال الصادق عليه السلام في قوله :
" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي(1)" قال : هو ملك أعظم من جبرئيل
وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو مع الائمة(2).
أقول : سيأتي في تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : وأما تفسير وحي
النبوة والرسالة فهو قوله تعالى : " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من
بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل(3)" إلى آخر الآية ، وأما وحي الالهام فهو قوله
عزوجل : " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما


(1)الاسراء : 85 .
(2)تفسير القمى : 605 و 606 .
(3)النساء : 163 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه