بحار الأنوار ج21

ففرحوا واستبشروا ، وسمعها العباس فبكى ، فقال صلى الله عليه واله : " ما يبكيك يا عم " فقال :
أظن أنه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله ، فقال : " إنه لكما تقول " فعاش بعدها سنتين
ما رؤي فيهما ضاحكا مستبشرا ، قال : وهذه السورة تسمى سورة التوديع ، وقال
ابن عباس : لما نزلت " إذا جاء نصر الله " قال صلى الله عليه واله : نعيت إلي نفسي بأنها مقبوضة
في هذه السنة ، واختلف في أنهم من أي وجه علموا ذلك وليس في ظاهره نعي
فقيل : لان التقدير فسبح بحمد ربك فإنك حينئذ لا حق بالله وذائق الموت كما
ذاق من قبلك من الرسل ، وعند الكمال يرقب الزوال ، كما قيل : إذا تم أمردنا(1)نقصه * توقع زوالا إذا قيل : تم
وقيل : لانه سبحانه أمره بتجديد التوحيد ، واستدراك الفائت بالاستغفار
وذلك مما يلزم عند الانتقال من هذه الدرا إلى دار الابرار ، وعن عبدالله بن مسعود
قال : لما نزلت السورة كان النبي صلى الله عليه واله يقول كثيرا ، " سبحانك اللهم وبحمدك
اللهم اغفرلي إنك أنت التواب الرحيم " .
وعن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه واله بآخره لا يقوم ولا يقعد ولا يجئ
ولا يذهب إلا قال : سبحان الله وبحمده ، أستغفرالله وأتوب إليه ، فسألناه عن ذلك
فقال : إني أمرت بها ، ثم قرأ : " إذا جاء نصرالله والفتح " .
وفي رواية عائشة أنه كان يقول ، " سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب
إليك " .
ثم قال رحمه الله : لما صالح رسول الله صلى الله عليه واله قريشا عام الحديبية كان في
أشراطهم أنه من أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه واله دخل فيه ، فدخلت خزاعة
في عهد(2)رسول الله صلى الله عليه واله ، ودخلت بنوبكر في عهد(3)قريش ، وكان بين القبيلتين
شر قديم ، ثم وقعت فيما بعد بين بني بكر وخزاعة مقاتلة ، ورفدت قريش بني
بكر بالسلاح ، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا ، وكان ممن أعان


(1)في المصدر : بدانقصه .
(2 و 3)عقد خ ل . أقول : يوجد ذلك في المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه