الفرات - وكلتا يديه يمين - فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها : منك أخلق النبيين و
المرسلين ، وعبادي الصالحين ، والائمة المهتدين ، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم
الدين ولا ابالى ، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون . ثم اغترف غرفة اخرى من الماء
المالح الاجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها : منك أخلق الجبارين ، والفراعنة ،
والعتاة ، وإخوان الشياطين ، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة وأشياعهم ولا أبالي ، ولا
أسأل عما أفعل وهم يسألون . قال : وشرط في ذلك البداء فيهم ، ولم يشترط في أصحاب
اليمين البداء ، ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلهما ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة
من طين . الخبر " ص 33 - 34 "
شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي
المقدام ، عن جابر مثله . " ص 46 "
بيان : قال الجزري : فيه : كلتا يديه يمين أي يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال
لا نقص في واحدة منهما ، لان الشمال ينقص عن اليمين ، وإطلاق هذه الاسماء إنما هو
على سبيل المجاز والاستعارة ، والله منزه من التشبيه والتجسيم انتهى .
أقول : لما كانت اليد كناية عن القدرة فيحتمل أن يكون المراد باليمين القدرة
على الرحمة والنعمة والفضل ، وبالشمال القدرة على العذاب والقهر والابتلاء ، فالمعنى : أن
عذابه وقهره وإمراضه وإماتته وسائر المصائب والعقوبات لطف ورحمة لاشتمالها على الحكم
الخفية والمصالح العامة ، وبه يمكن أن يفسر ما ورد في الدعاء : والخير في يديك .
والصلصال : الطين الحر خلط بالرمل ، فصار يتصلصل إذا جف . وسلالة الشئ : ما انسل
منه واستخرج بجذب ونزع .
17 - ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسن بن فضال ، عن بعض أصحابنا
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله عزوجل خلق ماءا عذبا فخلق منه أهل طاعته ، وجعل
ماءا مرا فخلق منه أهل معصيته ، ثم أمرهما فاختلطا ، فلولا ذلك ما ولد المؤمن إلا
مؤمنا ، ولا الكافر إلا كافرا . " ص 39 "