بحار الأنوار ج53

والده وجده عليهما السلام ومغيبه لما اراد الله إنفاذ أمره ، وإنجاز وعده ، أكثر
البلاد موطئا للحجج بعد طيبة وأم القرى ، وأفضلها عندهم لطيب الهواء وقلة
الداء وعذوبة الماء الممدوح بلسان الهادي عليه السلام وأخرجت إليها كرها ولو
أخرجت عنها أخرجت كرها (1)المدعو تارة بسامرا ، وأخرى بسر من رأى
طهرها الله تعالى من الارجاس ، وجعلها شاغرة عن أشباه الناس ، كان يختلج في
خاطري ، ويتردد في خلدي ، أن أبتغي وسيلة بقدر الوسع والميسور ، إلى صاحب
هذا القصر المشيد ، والبيت المعمور ، فلم أهتد إلى ذلك المرام سبيلا ، ولم أجد لما
أتمناه هاديا ولا دليلا .
مفضى على ذلك عشر سنين ، فقلت يا نفس : هذا والله هوالخسران المبين
إن كنت لا تجدين ما يليق عرضه على هذا السلطان ، العظيم القدر والشان ، فلا تقصرين
عن قبرة أهدى جرادة إلى سليمان ، وهو بمقام من الرأفة والكرم ، لا يحوم
حوله نبي ولا رسول من الروح إلى آدم ، فكيف بغيره من طبقات الامم ، يقبل
البضاعة ولو كانت مزجاة ، ويتأسى بجده الاطهر في إجابة الدعوات ، ولو إلى
كراع شاة .
فبينما أنا بين اليأس والطمع ، والصبر والجزع ، إذ وقع في خاطري أنه قد سقط
عن قلم العلامة المجلسي رضوان الله عليه في باب من رآه عليه السلام في الغيبة من المجلد
الثالث عشر من البحار ، جماعة فازوا بشرف اللقاء ، وحالزوا السبق الاعلى والقدح
المعلى ، فلو ضبط أساميهم الشريفة ، ونقل قصصهم الطريفة ، وغيرهم من الابرار
الذين نالوا المنى بعد صاحب البحار ، فيكون كالمستدرك للباب المذكور ، والمتمم


(1)اشارة إلى ما روى عنه عليه السلام أنه قال يوما لابي موسى من أصحابه : أخرجت
إلى سر من رأى كرها ، ولو اخرجت عنها اخرجت كرها ، قال : قلت : ولم يا سيدي ؟
فقال : لطيب هوائها ، وعذوبة مائها وقلة دائها ، ثم قال : تخرب سر من رأى حتى يكون
فيها خان وقفا للمارة ، وعلامة خرابها تدارك العمارة في مشهدي بعدي . راجع مناقب
آل أبي طالب ج 4 ص 417 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه