بحار الأنوار ج90

الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ، ويلعن
بعضهم بعضا ، والكفر في هذه الآية البراء‌ة ، يقول : فيبرأ بعضهم من بعض ، ونظيرها
في سورة إبراهيم عليه السلام قول الشيطان : إني كفرت بما أشركتمون من
قبل (1)وقول إبراهيم خليل الرحمن كفرنا بكم (2)يعني تبرأنا منكم .
ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فيه فلو أن تلك الاصوات بدت لاهل
الدنيا لاذهلت جميع الخلق عن معايشهم ، ولتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله ، فلا
يزالون يبكون الدم .
ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون : والله ربنا ما كنا
مشركين فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الايدي والارجل
والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منهم ، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون
لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ (3).
ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض فذلك قوله
عزوجل : يوم يفر المرء‌من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبينه (4)فيستنطقون
فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا فيقوم الرسل صلى الله عليهم
فيشهدون في هذا الموطن ، فذلك قوله تعالى : فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (5).
ثم يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو المقام المحمود
فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثني على الملائكة
كلهم ، فلا يبقي ملك إلا أثنى عليه محمد صلى الله عليه وآله ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم
أحد مثله ، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين
فيحمده أهل السماوات وأهل الارض ، وذلك قوله عزوجل : عسى أن يبعثك


(1)ابراهيم : 22 . * *(2)الممتحنة : 4 .
(3)فصلت : 21 . * *(4)عبس : 36 38 .(5)النساء 41 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه