قال الفتى : قد كنت أحب أن أتعرف هذا الامر من فعلهم ، ولكنى أجدك
مريضا وأنا أكره أن أملك بحديثي ومسئلتي ، وقام لينصرف فقال حذيفة : لابل
اجلس يا ابن أخى ، وتلق مني حديثهم ، وإن كربني ذلك ، فلا أحسبنى إلا
مفارقكم إني لا أحب أن تغتر بمنزلتهما في الناس ، فهذا ما أقدر عليه من النصيحة
لك ، ولاميرالمؤمنين عليه السلام من الطاعة له ، ولرسول الله صلى الله عليه وآله وذكر منزلته ، فقال :
يا أبا عبدالله حدثنى بما عندك من امورهم ، لاكون على بصيرة من ذلك فقال حذيفة :
إذا والله لاخبرنك بخبر سمعته ورأيته ، ولقد والله دلنا على ذلك من فعلهم على
أنهم والله ما آمنوا بالله ولا برسوله طرفة عين .
واخبرك أن الله تعالى أمر رسوله في سنة عشر من مهاجرته من مكة إلى
المدينة أن يحج هو ويحج الناس معه ، فأوحى إليه بذلك وأذن في الناس بالحج
يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (1)فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله
المؤذنين فأذنوا في أهل السافلة والعالية : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد عزم على
الحج في عامه هذا ليفهم الناس حجهم ، ويعلمهم مناسكهم ، فيكون سنة لهم إلى
آخر الدهر ، قال فلم يبق أحد ممن دخل في الاسلام إلا حج مع رسل الله صلى الله عليه وآله
لسنة عشر ، ليشهدوا منافع لهم ، ويعلمهم حجهم ، ويعرفهم مناسكهم ، وخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس وخرج بنسائه معه ، وهي حجة الوداع فلما استتم حجهم
وقضوا مناسكهم ، وعرف الناس جميع ما يحتاجون إليه ، وأعلمهم أنه قد أقام لهم
ملة إبراهيم عليه السلام ، وقد أزال عنهم جميع ما أحدثه المشركون بعده ، ورد الحجر
الحجإلى حالته الاولى .
ودخل مكة فأقام بها يوما واحدا ، فهبط جبرئيل عليه السلام بأول سورة العنكبوت
فقال : يا محمد اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا
آمنا ، وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و
ليعلمن الكاذبين ، أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون فقال