قال البيضاوي : لا يعلمون سر القدر ، وأنه لا يغني عنه الحذر(1).
وقال الرازي : قال جمهور المفسرين إنه خاف من العين عليهم ، ولنا ههنا
مقامان :
المقام الاول إثبات أن العين حق . والذي يدل عليه وجهان : الاول
إطباق المتقدمين من المفسرين على أن المراد من هذه الآية ذلك . والثاني ما روي
أن النبي صلى الله عليه وإله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام . ثم ذكر بعض ما مر من الاحبار
- إلى أن قال - : والخامس دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بيت ام سلمة وعندها صبي يشتكي
فقال(2): يا رسول الله أصابته العين ، فقال صلى الله عليه وآله : أما تسترقون له من العين ؟
السادس قوله صلى الله عليه وآله " العين حق ، ولو كان شئ يسبق القدر لسبقت العين القدر " .
السابع قالت عائشة : كان يأمر العاين أن يتوضأ ثم يغتسل منه المعين الذي اصيب
بالعين .
المقام الثاني في الكشف عن ماهيته ، فنقول : إن الجبائي أنكر هذا المعنى
إنكارا بليغا ، ولم يذكر في إنكاره شبهة فضلا عن حجة . وأما الذين اعترفوا به وأقروا
بوجوده فقد ذكروا فيه وجوها :
الاول قال الجاحظ : تمتد من العين أجزاء ، فتتصل بالشخص المستحسن ،
فتؤثر وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار ، وإن كان مخالفا في وجه التأثير لهذه
الاشياء . قال القاضيي : وهذا ضعيف ، لانه لو كان الامر كما قال لوجب أن يؤثر
في الشخص الذي لا يستحسن كتأثيره في المستحسن .
واعلم أن هذا الاعتراض ضعيف ، وذلك لانه إذا استحسن شيئا فقد يحب بقاءه
كما إذا استحسن ولد نفسه وبستان نفسه ، وقد يكره بقاءه ، كما إذا استحسن الحاسد
بحصول شئ حسن لعدوه ، فإن كان الاول فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان خوف
(1)أنوار التنزيل : ج 1 ، ص 603 .
(2)فقالت(ظ).