بحار الأنوار ج44

ومن كلامه عليه السلام ما كتبه في كتاب الصلح الذي استقر بينه وبين معاوية حيث
رأى حقن الدماء وإطفاء الفتنة ، وهو :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب
معاوية بن أبي سفيان : صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين ، على أن يعمل فيهم
بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسيرة الخلفاء الصالحين(1)وليس لمعاوية بن أبي
سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهدا بل يكون الامر من بعده شورى بين المسلمين
وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم ، وعراقهم وحجازهم
ويمنهم ، وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم
وأولادهم .
وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على أحد من
خلقه بالوفاء ، وبما أعطى الله من نفسه ، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولاخيه
الحسين ولا لاحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله غائلة سرا ولا جهرا ، ولا يخيف
أحدا منهم في افق من الآفاق .
هد عليه بذلك وكفى بالله شهيدا فلان وفلان والسلام .
ولما تم الصلح وانبرم الامر ، التمس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلم
بمجمع من الناس ويعلمهم أنه قد بايع معاوية وسلم الامر إليه فأجابه إلى ذلك فخطب
وقد حشد الناس خطبة حمد الله تعالى وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله فيها ، وهي من
كلامه المنقول عنه عليه السلام وقال :
أيها الناس إن أكيس الكيس التقى ، وأحمق الحمق الفجور(2)وإنكم
لو طلبتم بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما وجدتموه غيري وغير
أخي الحسين ، وقد علمتم أن الله هداكم بجدي محمد ، فأنقذكم به من الضلالة


(1)في المصدر ج 2 ص 145 ، الخلفاء الراشدين الصالحين.
(2)هذا هو الصحيح ، وفى بعض نسخ الرواية : وان اعجز العجز الفجور كما في
اسد الغابة ج 2 ص 14 ، وهو تصحيف .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه