بحار الأنوار ج19

والله رؤوف بالعباد(1)" .
أقول : وساق حديث الغار إلى أن قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله حين أتى الغار دعا
بشجرة فأتته فأمرها أن تكون على باب الغار ، وبعث الله حمامتين فكانتا على فم الغار ، و
نسج العنكبوت على فم الغار ، ثم أقبل فتيان قريش ، وكان أبوجهل قد أمر مناديا ينادي
بأعلى مكة وأسفلها : من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير ، أو جاء بابن أبي قحافة
أو دل عليه فله مائة بعير ، فلما رأوا الحمامتين ونسج العنكبوت على فم الغار انصرفوا
فدعا النبي صلى الله عليه وآله للحمام ، وفرض جزاء‌هن ، وانحدرن في الحرم ، ونهى عن قتل
العنكبوت ، وقال : هي جند من جنود الله .
وروي عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله كان لا يتطير ، وكان
يتفأل ، وكانت قريش جعلت مائة من الابل فيمن يأخذ نبي الله صلى الله عليه وآله فيرده عليهم
حين توجه إلى المدينة ، فركب بريدة(2)في سبعين راكبا من أهل بيته من بني
سهم ، فتلقى نبي الله صلى الله عليه وآله ، فقال نبي الله صلى الله عليه وآله : من أنت ؟ قال : أنا بريدة ، فالتفت
إلى أبي بكر فقال : يا أبا بكر برد أمرنا وصلح ، ثم قال : وممن أنت ؟ قال : من أسلم
قال صلى الله عليه وآله : سلمنا ، قال : ممن ؟ قال : من بني سهم ، قال : خرج سهمك ، فقال بريدة
للنبي صلى الله عليه وآله : من أنت ؟ فقال : أنا محمد بن عبدالله رسول الله ، فقال بريدة : أشهد أن
لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعا
فلما أصبح قال بريدة للنبي صلى الله عليه وآله : لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء ، فحل عمامته
ثم شدها في رمح ، ثم مشى بين يديه فقال : يا نبي الله تنزل علي ؟ فقال له النبي
صلى الله عليه وآله : إن ناقتي هذه مأمورة ، قال بريدة : الحمد لله أسلمت بنو سهم
طائعين غير مكرهين(3).


(1)البقرة : 207 .
(2)من المدينة متوجها إلى مكة . والرجل هو بريدة بن الحصيب ابوسهل الاسلمى .
(3)المنتقى في مولد المصطفى : الفصل الثانى في خروجه صلى الله عليه وآله وخروج
ابى بكر إلى الغار .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه