بحار الأنوار ج11

على خلقي ، فقالت الملائكة : " سبحانك أتجعل فيها من يفسد فيها " كما أفسد بنو الجان(1)
ويسفكون الدماء كما سفكت بنوالجان ، ويتحاسدون ويتباغضون ، فاجعل ذلك الخليفة
منا فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نفسك الدماء " ونسبح بحمدك ونقدس لك " فقال جل
وعز : " إني أعلم مالا تعلمون " إني اريد أن أخلق خلقا بيدي ، وأجعل من ذريته أنبياء
ومرسلين ، وعبادا صالحين ، وأئمة مهتدين ، أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضى ينهونهم عن
معصيتي ، وينذرونهم من عذابي ، ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم سبيلى ،(2)وأجعلهم
لي حجة عليهم وعذرا ونذرا ، وابين النسناس عن أرضي(3)واطهرها منهم ، وأنقل مردة
الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي ، واسكنهم في الهواء وفي أقطار الارض فلا يجاورون
نسل خلقي ، وأجعل بين الجن وبين خلفي حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم
ولا يخالطونهم ، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم اسكنهم مساكن العصاة و
أوردتهم مواردهم ولا ابالي . قال : فقالت الملائكة : ياربنا افعل ما شئت " لا علم لنا إلا
ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " قال : فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام ، قال :
فلاذوا بالعرش فأشاروا بالاصابع ، فنظر الرب جل جلاله إليهم ونزلت الرحمة فوضع
لهم البيت المعمور فقال : طوفوا به ، ودعوا العرش فإنه لي رضا . فطافوا به وهو البيت الذي
يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا ، فوضع الله البيت المعمور توبة
لاهل السماء ، ووضع الكعبة توبة لاهل الارض ، فقال الله تبارك وتعالى : " إني خالق
بشرا من صلصال من حمأ مسنون * فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "
قال : وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف
ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات - وكلتا يديه يمين - فصلصلها في كفه
حتى جمدت ،(4)فقال لها : منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والائمة المهتدين


(1)في نسخة : كما افسدت بنوالجان .
(2)في نسخة : ويسلكون بهم طريق سبيلى .
(3)اى افصل النسناس من ارضى . وفى نسخة : ابير . وفى اخرى والمصدر : ابيد اى اهلكهم .
(4)في نسخة : فجمدت(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه