إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء ، فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك
العلاج فابرئ .
قال : فما بال ولد آدم فيهم شريف ووضيع ؟ قال : الشريف : المطيع ، والوضيع :
العاصي ، قال : أليس فيهم فاضل ومفضول ؟ قال : إنما يتفاضلون بالتقوى .
قال : فتقول : إن ولد آدم كلهم سواء في الاصل لايتفاضلون إلا بالتقوى ؟
قال : نعم إني وجدت أصل الخلق التراب ، والاب آدم ، والام حواء ، خلقهم
إله واحد وهم عبيده ، إن الله عزوجل اختار من ولد آدم اناسا طهر ميلادهم ،
وطيب أبدانهم ، وحفظهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، أخرج منهم الانبياء والرسل ،
فهم أزكى فروع آدم فعل ذلك لا لامر استحقوه من الله عزوجل ، ولكن علم الله
منهم حين ذرأهم أنهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا ، فهؤلاء بالطاعة نالوا
من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده ، وهؤلاء الذين لهم الشرف والفضل والحسب ،
وسائر الناس سواء ، ألامن اتقى الله أكرمه(1)ومن أطاعه أحبه ، ومن أحبه لم يعذبه
بالنار
قال : فأخبرني عن الله عزوجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين
وكان على ذلك قادرا ؟ قال عليه السلام : لوخلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب ، لان الطاعة
إذا ما كانت فعلهم ، ولم تكن جنة ولانار ، ولكن خلق فأمرهم بطاعته ونهاهم
عن معصيته ، واحتج عليهم برسله وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين يطيعون و
يعصون ويستوجبون بطاعتهم له الثواب وبمعصيتهم إياه العقاب .
قال : فالعمل الصالح من العبد هو فعله ؟ والعمل الشر من العبد هو فعله ؟ قال :
العمل الصالح العبد يفعله والله به أمره ، والعمل الشر العبد يفعله والله عنه نهاه . قال :
أليس فعله بالالة التي ركبها فيه ؟ قال : نعم ولكن بالآلة التي عمل بها الخير قدر بها
على الشر الذي نهاه عنه .
قال : فإلى العبد من الامرشئ ؟ قال : مانهاه الله عن شئ إلا وقد علم أنه يطيق
(1)في نسخة : وسائر الناس سواء إلا من اتقى الله ، فان من اتقى الله أكرمه اه .(*)