بحار الأنوار ج14

وثانيها . أن هارون كان أخاها لابيها ليس من أمها ، وكان معروفا بحسن الطريقة
عن الكلبي .
وثالثها : أنه هارون أخو موسى عليه السلام فنسبت إليه لانها من ولده كما يقال :
يا أخا تميم ، عن السدي .
ورابعها : أنه كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر والفساد فنسبت إليه ، وقيل لها :
ياشبيهته في قبح فعله ، عن سعيد بن جبير .
" ماكان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا " أي كان أبواك صالحين ، فمن أين
جئت بهذا الولد ؟ " فأشارت إليه " أي فأومأت إلى عيسى بأن كلموه واستشهدوه على
براء‌ة ساحتي ، فتعجبوا من ذلك ثم قالوا : " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " معناه
كيف نكلم صبيا في المهد ؟ وقيل : صبيا في الحجر رضيعا ؟ وكان المهد حجر أمه الذي
تربيه فيه إذ لم تكن هيأت له مهدا ، عن قتادة ، وقيل : إنهم غضبوا عند إشارتها إليه ، و
قالوا : لسخريتها بنا أشد علينا من زناها ، فلما تكلم عيسى عليه السلام قالوا : إن هذا الامر
عظيم ، عن السدي .
" قال " عيسى بن مريم : " إني عبدالله " قدم إقراره بالعبودية ليبطل به قول من
يدعي له الربوبية ، وكان الله سبحانه أنطقه بذلك لعلمه بما يقوله الغالون فيه ، ثم قال
" آتاني الكتاب وجعلني نبيا " أي حكم لي بإيتاء الكتاب والنبوة ، وقيل : إن الله
سبحانه أكمل عقله في صغره وأرسله إلى عباده وكان نبيا مبعوثا إلى الناس في ذلك الوقت
ملكفا عاقلا ، ولذلك كانت له تلك المعجزة ، عن الحسن والجبائي ، وقيل : إنه كلمهم
وهو ابن أربعين يوما ، عن وهب ، وقيل : يوم ولد ، عن ابن عباس وأكثر المفسرين وهو الظاهر
وقيل : إن معناه إني عبدالله سيؤتيني الكتاب وسيجعلني نبيا ، وكان ذلك معجزة لمريم
عليها السلام على براء‌ة ساحتها " وجعلني مباركا أينما كنت " أي وجعلني معلما للخير
عن مجاهد ، وقيل : نفاعا حيثما توجهت ،(1)والبركة : نماء الخير ، والمبارك : الذي
ينمي الخير به ، وقيل : ثابتا دائما على الايمان والطاعة ، وأصل البركة الثبوت ، عن


(1)وهو المروي عن ابي عبدالله عليه السلام كما تقدم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه