رسول الله صلى الله عليه وآله(1)حين أتاه ، فانطلقا ورجل رسول الله صلى الله عليه وآله تسيل(2)دما حتى
انتهى إلى الغار مع الصبع ، فدخلاه ، وأصبح الذين كانوا يرصدون رسول الله صلى الله عليه وآله
فدخلوا الدار ، وقام علي عليه السلام على فراشه(3)، فلما دنوا منه عرفوه فقالوا له :
أين صاحبك ؟ قال : لا أدري ، أو رقيبا كنت عليه ؟ أمرتموه بالخروج فخرج
فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ، ثم تركوه ونجا(4)
رسول الله صلى الله عليه وآله .
أقول : وما كان حيث لقيه يتهيأ أن يتركه النبي صلى الله عليه وآله يبعد منه خوفا أن
يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه وهو رجل جبان ، فيؤخذ النبي صلى الله عليه وآله ويذهب الاسلام
بكماله ، لان أبا بكر أراد الهرب من مكة ومفارقة النبي صلى الله عليه وآله قبل هجرته على
ما ذكره الطبري في حديث الهجرة ، فقال ما هذا لفظه : وكان أبوبكر كثيرا ما
يستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في الهجرة ، فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تعجل .(5)
أقول : فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفار له فكيف يؤمن منه الهرب
بعد الطلب ؟ وكان أخذه معه حيث أدركه من الضرورات التي اقتضاها الاستظهار
في حفظ النبي صلوات الله وسلامه عليه من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك
الساعة ، وقد جرت العادة أن الهرب مقام تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان
الضعيف ، ولا روي فيما علمت أن أبا بكر كان معه سلاح يدفع به عدوا عن النبي
صلى الله عليه وآله ولا حمل معه شيئا يحتاج إليه ، وما أدري كيف اعتقد المخالفون
(1)زاد في التاريخ : فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام حتى أتاه .
(2)في التاريخ : تستن دما أقول : أى تنصب . وفى المصدر : تثر ، لعله من ثر السحابة
أو العين : غزر ماؤها . وفى نسخة منه : تشر وهو مصحف .
(3)في نسخة : وقام على عليه السلام على فراشه . وفى نسخة من المصدر وفى التاريخ : وقام
على عليه السلام عن فراشه .
(4)في التاريخ : ونجى الله رسوله من مكرهم وأنزل عليه في ذلك : " وإذ يمكر بك الذين
كفروا " الاية انتهى ما في التاريخ .
(5)راجع تاريخ الطبرى 2 : 97 ، ففيه زيادة ، يظهر من ابن طاوس ان نسخته كانت
خالية عنها .