بحار الأنوار ج57

فبكى وقال : يا ذاالقرنين ! وما عبادتكم عند عبادتنا ؟ ! إن في السماء من الملائكة
من هو قائم أبدا لا يجلس ، ومنهم الساجد لايرفع رأسه أبدا . ومنهم الراكع لايستوي
قائما أبدا ، يقول : سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح ، ربنا ما عبدناك
حق عبادتك . فبكى ذو القرنين بكاء شديدا ثم قال : إني لاحب أن أعيش فأبلغ من
عبادة ربي حق طاعته ! فقال رفائيل : أو تحب ذلك يا ذا القرنين ؟ قال : نعم ، فقال
رفائيل : فإن لله تعالى عينا في الارض تسمى " عين الحياة " فيها من الله عزوجل عزيمة
أنه من شرب منها لم يمت أبدا حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت ! فقال ذوالقرنين
هل تعلمون أنتم موضع تلك العين ؟ فقال : لا ، غير أنا نتحدث في السماء أن لله تعالى
في الارض ظلمة لايطأها إنس ولاجان ، فنحن نظن أن تلك العين في تلك الظلمة
فجمع ذو القرنين علماء أهل الارض وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة فقال لهم :
أخبروني هل وجدتم في ما قرأتم من كتب الله تعالى وما جاء‌كم من أحاديث الانبياء و
من كان قبلكم من العلماء أن الله تعالى وضع في الارض عينا سماها " عين الحياة " ؟
فقالت العلماء : لا ، فقال عالم من العلماء - واسمه " فتحيز(1)" - إني قرأت وصية
آدم فوجدت فيها أن الله خلق في الارض ظلمة لم يطأها إنس ولاجان ووضع فيها عين
الخلد . فقال ذوالقرنين : صدقت . ثم حشد إليه الفقهاء والاشراف والملوك وسار
يطلب مطلع الشمس ، فسار اثني عشرة سنة إلى أن بلغ طرف الظلمة ، فإذا ظلمة تفور
مثل الدخان ليست بظلمة ليل ، فعسكر هناك ثم جمع علماء عسكره فقال : إني اريد
أن أسلك هذه الظلمة ! فقال العلماء : أيها الملك إنه من كان قبلك من الانبياء والملوك
لم يطلبوا هذه الظلمة فلا تطلبها ، فإنا نخاف أن ينفتق عليك أمر تكرهه ويكون فيه
فساد أهل الارض . فقال : لابد من أن أسلكها . فقالوا : أيها الملك كف عن هذه
الظلمة ولا تطلبها فإنا لو نعلم أنك إن طلبتها ظفرت بما تريد ولم يستحط الله علينا
لاتبعناك ولكنا نخاف العنت من الله تعالى وفسادا في الارض ومن عليها . فقال


(1)خضر(ظ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه