بحار الأنوار ج58

" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون(1)كما أن البدن بل اللحم الصنوبري
من عالم الخلق وهو نقيض ذلك " ألاله الخلق والامر "(2)وقد يعبر عنها بالنفس الناطقة
" ونفس ما سواها فألهمها فجورها وتقواها "(3)وبالروح " قل الروح من أمر ربي "(4)، " و
نفخت فيه من روحي(5)- ثم قال بعد تفسير السمع والبصر - : والحق عندي أن نسبة البصر
إلى العين نسبة البصيرة إلى القلب ، ولكل من القلب والعين نور ، أما نورالعين فمنطبع
فيها لانه من عالم الخلق ، فهو نور جزئي ، ومدركه في ذلك النور . ولكل منهما بل
لكل فرد منهما حد ينتهي إليه بحسب شدته وضعفه ويتدرج في الضعف بحسب تباعد
المرئي حتى لا يدركه أو يدر كه أصغر مما هو عليه - انتهى - .
أقول : وقد مضى تفسير الختم وتأويله في كتاب العدل .
" لا تعلمون شيئا " قال الزمخشري : هو في موضع الحال ، أي غير عالمين شيئا
من حق المنعم الذي خلقكم في البطون وسواكم ثم أخرجكم من الضيق إلى السعة
" وجعل لكم " معناه : وركب فيكم هذه الاشياء آلات لازالة الجهل الذي ولدتم عليه
واجتلاب العلم والعمل به من شكر المنعم وعبادته والقيام بحقوقه والترقي إلى
مايسعدكم .
وقال النيسابوري ، اعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الانسان في مبدأ فطرته
خال عن المعارف والعلوم ، إلا أنه تعالى خلق السممع والبصر والفؤاد وسائر القوى
المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك الماهيات
وحضرت صورها في ذهنه . ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافيا في جزم الذهن
بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الاحكام علوم بديهية . وإن لم يكن


(1)يس : 82 . والاية كانت في المتن بجميع نسخه هكذا : إنما أمر نالشئ إذا اردناه
ان نقول له كن فيكون .
(2)الاعراف : 54 .
(3)الشمس : 7 - 8 .
(4)الاسراء : 85 .
(5)ص 72 : الجر : 29 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه