بحار الأنوار ج44

فصار الحق في ذلك الزمان عندهم باطلا والبطال حقا ، والكذب صدقا والصدق
كذبا .
فلما ما مات الحسن بن على عليهما السلام ازداد البلاء والفتنة فلم يبق لله ولى إلا
خائف على نفسه ، أو مقتول أوطريد أو شريد .
فلما كان قبل موت معاوية بسنتين حج الحسين بن على عليهما السلام وعبدالله بن
جعفر ، وعبدالله بن عباس معه ، وقد جمع الحسين بن على عليهما السلام بني هاشم رجالهم
ونساء‌هم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج ، ومن بالامصار ممن
يعفرفونه وأهل بيته ، ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله ومن أبنائهم
والتابعين ومن الانصار المعروفين بالصلاح والنسك إلا جمعهم فاجتمع إليهم بمنى
أكثر من ألف رجل ، والحسين بن على عليهما السلام في سرادقه عامتهم التابعون وأبناء
الصحابة .
فقام الحسين عليه السلام فيهم خطيبا فحمدالله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فان
هذا الطاغية ، قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم ، ورأيتهم ، وشهدتم ، وبلغكم .
وإني اريد أن أسألكم عن أشياء فان صدقت فصدقوني ، وإن كذبت فكذبونى
اسمعوا مقالتي واكتموا قولي ، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، من أمنتم ووثقتم
به فادعوهم إلى ما تعلمون ، فاني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب ، والله متم
نوره ولو كره الكافرون .
فما ترك الحسين عليه السلام شيئا أنزل الله فيهم من القرآن إلا قاله وفسره ، ولا
شيئا قاله الرسول صلى الله عليه واله في أبيه وامه وأهل بيته إلا رواه ، وكل ذلك يقول
الصحابة : اللهم نعم قد سمعناه شهدناه ، ويقول التابعون : اللهم قد حدثناه من
نصدقه ونأتمنه ، حتى لم يترك شيئا إلا قاله .
ثم قال : أنشدكم بالله إلا رجعتم وحدثتم به من تثقون به ، ثم نزل
وتفرق الناس عن ذلك(1).


(1)الاحتجاج ص : 150 151 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه