بحار الأنوار ج61

بالتحريم بعضا دون بعض فقد لزمتهم الحجة ، ثم قال : " نبئونى بعلم إن كنتم صادقين "
معناه أخبروني بعلم عما ذكرتموه من تحريم ماحرمتموه وتحليل ما حللتموه إن
كنتم صادقين في ذلك ، " ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين قل " يا محمد " : آلذكرين
حرم الله منهما " أم الاثنيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين أم كنتم شهداء " أي
حضورا " إذ وصاكم الله بهذا " أي أمركم به وحرمه عليكم حتى تضيفوه إليه ، وإنما
ذكر ذلك لان طرق العلم إما الدليل الذي يشترك العقلاء في إدراك الحق به ، أو
المشاهده التي يختص بها بعضهم دون بعض ، فاذا لم يكن أحد من الامرين سقط
المذهب ، " فمن أظلم " لنفسه " ممن افترى على الله كذبا " أي أضاف إليه تحريم
مالم يحرمه وتحليل مالم يحلله ، " ليضل الناس بغيرعلم " أي يعمل عمل القاصد
إلى إضلالهم من أجل دعائه إياهم إلى مالايثق بصحته مما لا يأمن أن يكون فيه
هلاكهم وإن لم يقصد إضلالهم ، " إن الله لايهدي القوم الظالمين " إلى الثواب لانهم
مستحقون العقاب الدائم بكفرهم وضلالهم(1).
أقول : وسيأتي تفسير سائر الآيات في الابواب الآتية .
" والانعام خلقها " قال الطبرسي قدس سره : معناه وخلق الانعام من الماء
كما خلقكم منه لقوله : " والله خلق كل دابة من ماء "(2). وأكثر ما يتناول الانعام
الابل ويتناول البقر والغنم أيضا وفي اللغة هى ذوات الاخفاف والاظلاف دون ذوات
الحوافر ، " لكم فيها دف‌ء " أي لباس عن ابن عباس وغيره ، وقيل : ما يستدفأ به مما
يعمل من صوفها ووبرها وشعرها ، فيدخل فيه الاكيسة واللحف والملبوسات
والمبسوطات(3)وغيرها ، قال الزجاج : أخبر سبحانه أن في الانعام ما يدفئنا ، ولم
يقل : ولكم فيها ما يكنكم من البرد ، لان ما ستر من الحر ستر من البرد ، وقال


(1)مجمع البيان 4 : 377 .
(2)النور : 45 .
(3)في المصدر : والملبوسات وغيرها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه