بحار الأنوار ج75

وأصواتهم قال : ما هذا ؟ قالوا : هؤلاء لعابون وزمارون جمعوا لعرسك ، فسكت الغلام ،
فلما فرغوا من العرس وأمسوا ، دعا الملك امرأة ابنه فقال لها : إنه لم يكن لي
ولد غير هذا الغلام ، فلما دخلت عليه فألطفي به وأقربي منه وتحببي إليه ، فلما
دخلت المرأة عليه أخذت تدنو منه وتتقرب إليه ، فقال الغلام على رسلك(1)فإن
الليل طويل ، بارك الله فيك ، واصبري حتى نأكل ونشرب ، فدعا بالطعام فجعل
يأكل فلما فرغ جعلت المرأة تشرب فلما أخذ الشراب منها نامت .
فقام الغلام فخرج من البيت ، وانسل من الحرس والبوابين حتى خرج
وتردد في المدينة ، فلقيه غلام مثله من أهل المدينة فأتبعه وألقى ابن الملك عنه
تلك الثياب التي كانت عليه ولبس ثياب الغلام ، وتنكر جهده وخرجا جميعا من
المدينة فسارا ليلتهما حتى إذا قرب الصبح خشيا الطلب فكمنا ، فاتيت الجارية
عند الصبح فوجدوها نائمة فسألوها أين زوجك ؟ قالت : كان عندي الساعة ، فطلب
الغلام فلم يقدر عليه ، فلما أمسى الغلام وصاحبه سارا ثم جعلا يسيران الليل ويكمنان
النهار حتى خرجا من سلطان أبيه ، ووقعا في ملك سلطان آخر .
وقد كان لذلك الملك الذي صاراإلى سلطانه ابنة قد جعل لها أن لا يزوجها
أحدا إلا من هوته ورضيته ، وبنى لها غرفة عالية مشرفة على الطريق فهي فيها
جالسة تنظر إلى كل من أقبل وأدبر فبينما هي كذلك إذ نظرت إلى الغلام يطوف
في السوق وصاحبه معه في خلقانه ، فأرسلت إلى أبيها إني قد هويت رجلا فإن
كنت مزوجي أحدا من الناس فزوجني منه واتيت ام الجارية فقيل لها : إن ابنتك
قد هويت رجلا وهي تقول كذا وكذا ، فأقبلت إليها فرحة حتى تنظر إلى الغلام
فأروها إياه فنزلت امها مسرعة حتى دخلت على الملك ، فقالت : إن ابنتك قد
هويت غلاما فأقبل الملك ينظر إليه ، ثم قال أرونيه فأروه من بعد فأمر أن يلبس
ثيابا اخرى ونزل فسأله واستنطقه وقال : من أنت ومن أين أنت ؟ قال الغلام : وما سؤالك
عني أنا رجل من مساكين الناس ، فقال : إنك لغريب ، وما يشبه لونك ألوان


(1)أى على مهلك يعنى امهل وتأن .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه