يا أمة الله ؟ فبكت وقالت : أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة ، لا أدري
أضاع أم ما فعل ،(1)قال لها أيوب : ما كان منك ؟ فبكت فقالت : بعلي فهل رأيته ؟ قال :
وهل تعرفينه إذا رأيته ؟ قالت : وهل يخفى على أحد ربه ؟ ثم جعلت تنظر إليه(2)وهي
تهابه ، ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا ، قال : فإني أنا أيوب
الذي أمرتني أن أذبح لابليس ، وإني أطعت الله تعالى وعصيت الشيطان ودعوت الله تعالى
فرد علي ما ترين .
وقال كعب : كان أيوب في بلائه سبع سنين ; وقال وهب : لبث أيوب في ذلك البلاء
ثلاث سنين لم يزد يوما واحدا ، فلما غلب أيوب إبليس ولم يستطع منه شيئا اعترض امرأته
في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال على مركب ليس من مراكب
الناس له عظم وبهاء وجمال ، فقال : أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى ؟ قالت : نعم ،
قال : فهل تعرفيني ؟ قالت : لا ، قال : فأنا إله الارض ، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت
وذلك أنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني ، ولو سجد لي واحدة رددت عليه وعليك كل
ماكان لكما من مال وولد فإنه عندي ، ثم أراها إياهم فيما ترى ببطن الوادي الذي
لقيها فيه ; قال وهب : وقد سمعت أنه قال : لو أن صاحبك أكل طعاما ولم يسم عليه
لعوفي مما به من البلاء ، والله أعلم ، وأراد عدو الله أن يأتيه من قبلها .
ورأيت في بعض الكتب أن إبليس لعنه الله قال لرحمة : وإن شئت فاسجدي لي سجدة
واحدة حتى أرد عليك المال والاولاد وأعافي زوجك ، فرجعت إلى أيوب عليه الصلاة و
السلام فأخبرته بما قال لها وما أرها ، قال : لقد أتاك عدو الله لنفتنك عن دينك ، ثم أقسم
إن عافاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة ، وقال عند ذلك : " مسني الضر " في طمع إبليس
في سجود رحمة له ودعائه إياها وإياي إلى الكفر ، قالوا : ثم إن الله تعالى رحم رحمة
امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عنها ، وأراد أن يبر يمين أيوب فأمره أن
يأخذ جماعة من الشجرة يبلغ مائة قضيب خفافا لطافا فيضربها بها ضربة واحدة ، كما قال
(1)في المصدر : أم ماذا فعل به ؟
(2)في المصدر : وهل يخفى على ؟ انها جعلت تنظر اليه .(*)