مصالحه منوطة بفعله ، ومفاسده مترتبة على تركه ، كان ذلك مقويا لداعيه على
فعله غاية التقوية يعني من حق المسلم الكامل في إسلامه أن يجمع بين علم اليقين ، و
العمل الخالص ، ليحط رحله في المحل الارفع ، ويجاور الرفيق الاعلى .
وقال الشهيد الثاني رفع الله درجته في رسالة حقائق الايمان بعد إيراد هذا
الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام ما هذا لفظه : البحث عن هذا الكلام يتعلق بأمرين الاول
ما المراد من هذا النسبة ؟ الثاني ما المراد من هذا المنسوب ؟
أما الاول فقد ذكر بعض الشارحين أن هذه النسبة بالتعريف أشبه منها
بالقياس ، فعرف الاسلام بأنه التسليم لله ، والدخول في طاعته ، وهو تفسير لفظ
بلفظه أعرف منه ، والتسليم بأنه اليقين ، وهو تعريف بلازم مساو ، إذ التسليم الحق
إنما يكون ممن تيقن صدق من سلم له ، واستحقاقه التسليم ، واليقين بأنه التصديق
أي التصديق الجازم المطابق البرهاني ، فذكر جنسه ونبه بذلك على حده أو رسمه
والتصديق بأنه الاقرار بالله ورسله ، وما جاء من البينات وهو تعريف لفظ بلفظ
أعرف ، والاقرار بأنه الاداء أي أداء ما أقر به من الطاعات ، وهو تعريف بخاصة
له ، والاداء بأنه العمل ، وهو تعريف له ببعض خواصه انتهى .
أقول : هذا بناء على أن المراد من الاسلام المعرف في كلامه عليه السلام ما هو
الاسلام حقيقة عند الله تعالى في نفس الامر أو الاسلام الكامل عند الله تعالى أيضا و
إلا فلا يخفى أن الاسلام يكفي في تحققه في ظاهر الشرع الاقرار بالشهادتين ، سواء
علم من المقر التصديق بالله تعالى والدخول في طاعته أم لا ؟ كما صرحوا به في
تعريف الاسلام في كتب الفروع وغيرها ، فعلم أن الحكم بكون تعريف الاسلام
بالتسليم لله الخ تعريفا لفظيا ، إنما يتم على المعنى الاول ، وهو الاسلام في نفس
الامر أو الكامل .
ويمكن أن يقال إن التعريف حقيقي وذلك لان الاسلام لغة هو مطلق
الانقياد والتسليم ، فاذا قيد التسليم بكونه لله تعالى والدخول في طاعته كان بيانا
للماهية التي اعتبرها الشارع إسلاما فهو من قبيل ما ذكر جنسه ونبه على حده