بحار الأنوار ج17

الاول : إنه صلى الله عليه وآله طردهم والله تعالى نهاه عن ذلك الطرد ، وكان ذلك الطرد
ذنبا .
والثاني : إنه تعالى قال : " فتطردهم فتكون من الظالمين " وقد ثبت أنه طردهم ،
فيلزم أن يقال : إنه كان من الظالمين .
والثالث : إنه تعالى حكى عن نوح عليه السلام أنه قال : " وما أنا بطارد المؤمنين(1)"
ثم إنه تعالى أمر محمدا صلى الله عليه وآله بمتابعة الانبياء في جميع الاعمال الحسنة ، إنه قال :(2)
" الئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده(3)" وبهذا الطريق وجب على محمد صلى الله عليه وآله أن لا يطردهم ،
فلما طردهم كان ذلك ذنبا .
الرابع : إنه تعالى ذكر هذه الآية في سورة الكهف فزاد فيها فقال : " تريد زينة
الحياة الدنيا(4)" ثم إنه تعالى نهاه عن الالتفات إلى زينة الحياة الدنيا في آية اخرى
فقال : " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا(5)" فكان
ذلك ذنبا .
والخامس : نقل أن اولئك الفقراء كلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله بعد هذه الواقعة
فكان صلى الله عليه وآله يقول : مرحبا بمن عاتبني ربي فيهم ، أو لفظا هذا معناه ، وذلك يدل أيضا على
الذنب .
والجواب عن الاول إنه صلى الله عليه وآله ما طردهم لاجل الاستخفاف بهم ، والاستنكاف من
فقرهم ، وإنما عين(6)لجلوسهم وقتا معينا سوى الوقت الذي كان يحضر فيه أكابر قريش ،


(1)الشعراء : 114 .
(2)في المصدر : حيث قال .
(3)الانعام : 90 .
(4)الكهف : 28 .
(5)طه : 132 .
(6)وقد عرفت قبلا أنه كان باشارة بعض أصحابه كعمر ، وكان صلى الله عليه وآله يشاور أصحابه
في الامور ، وربما كان يعمل على طبق آرائهم تحبيبا لهم ومصلحة لاستجماعهم ، ولعله تعالى نهاه عن
ذلك إشارة إلى خطاء من كان يحرصه على ذلك .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه