بكت فاطمة بكاء شديدا ، وقالت : يا أبت متى يكون ذلك ؟ قال : في زمان
خال مني ومنك ومن علي ، فاشتد بكاؤها وقالت : يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن
يلتزم باقامة العزاء له ؟ .
فقال النبي : يا فاطمة إن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ، رجالهم
يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجددون العزاء جيلا ، بعد جيل ، في كل سنة
فإذا كان القيامة تسفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال وكل من بكى منهم على
مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة .
يا فاطمة ! كل عين باكية يوم القيامة ، إلا عين بكت على مصاب الحسين
فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة .
أقول : سيأتي بعض الاخبار في ذلك في باب بكاء السماء والارض عليه
عليه السلام .
38 ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه حكي عن السيد علي الحسيني
قال : كنت مجاورا في مشهد مولاي علي بن موسى الرضا عليها السلام مع جماعة من
المؤمنين ، فلما كان اليوم العاشر من شهر عاشورا ابتدأ رجل من أصحابنا يقرء
مقتل الحسين عليه السلام فوردت رواية عن الباقر عليه السلام أنه قال : من ذرفت عيناه على
مصاب الحسين ولو مثل جناح البعوضة غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر .
وكان في المجلس معنا جاهل مركب يدعي العلم ، ولا يعرفه ، فقال : ليس
هذا بصحيح والعقل لا يعتقده(1)وكثر البحث بيننا وافترقنا عن ذلك المجلس ، وهو
(1)توهم الجهال أن لهذه الاحاديث اطلاقا يشمل كل ظرف وزمان ، فأنكرها
بعض أشد الانكار ، وقال لو صوح هذه الاحاديث لاتى على بنيان المذهب وقواعده ، ولا دى
إلى تعطيل الفرائض والاحكام ، وترك الصلاة والصيام كما نرى الفساق والفجار يتكلون
في ارتكاب السيئات والاقتحام في جرائمهم الشنيعة على ولاء الحسين ومحبته ، والبكاء عليه
من دون أن ينتهوا عن ظلمهم وغيهم واعتسافهم .