بل ببعضها فقط ، ولعل الاحوط ترك ما لا يفى الوقت بها ، وإن كان الاقوى جواز إيقاعها
والله يعلم .
وأما اذا ترك السنة وراء ظهره كأنه لا يعبأ بها ، أو حولها عن وجهها كأنه يرى نقصا
فيها فيتمها من عنده ، أو خللا فيصلحها ويسدها برأيه ، فقد خالف سنة النبى صلى الله عليه وآله وتعداها
ومن خالف سنة النبي متعمدا فقد كفر ومن تعداها جهلا أخذ بناصيته ورد إلى السنة ،
والا فلا يعبأ بأعماله ولا ينصب لها ميزان ، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام : لا عمل الا
بنية ولا نية الا باصابة السنة .
وأما الفقهاء والمحدثون من الاصحاب رضوان الله عليهم فانما نقلوا هذه الاحاديث
وماضاهاها في كتبهم المدونة لاعمال اليوم والليلة مع اعترافهم بضعف سندها ، تعولا على
قاعدة التسامح في أدلة السنن المبتنية على أحاديث من بلغ ، زعما منهم أنها تشمل كل حديث
روى فيه ثواب على عمل ، مطلقا ، وان كان العمل مخالفا للسنة القطعية ، وليس كذلك ،
والا لكان مفادها تصويب البدع والحكم بمشروعيتها ، والكذب المفترع على أئمة الدين و
حماته ، وهذا كما ترى مخالف لضرورة المذهب .
فالمراد من العمل الذي يروى له ثواب من الله انما هو العمل الثابت بالسنة القطعية
كالنوافل المرتبة والتعقيبات والاذكار التى يؤيدها الكتاب والسنة ، فاذا ورد في حديث أن
صلاة الليل تزيد في الرزق ، أو نافلة المغرب تسرع في قضاء حاجته وأن تسبيح فاطمة
الزهراء عليها السلام عند المنام خير من خادم يخدم البيت طول النهار ، فافتتن المكلف
بالحديث وعمل ذاك الخير التماس تلك العائدة ورجاء ذلك الثواب المخصوص ، آتاه الله
ذلك الثواب تكرما ، وان لم يكن الحديث كما بلغه .
على أن هذه الاحاديث أحاديث من بلغ لو كانت لها اطلاقا فانما تنظر إلى العوام
والمقلدين البسطاء ، الذين لا يعرفون الحق من الباطل ، ولا يكلفون التمييز بين الصحيح و
السقيم ، وانما يتعولون في دينهم على رأى الفقهاء والمحدثين ، وأما الفقهاء والمحدثون
فوظيفتهم الذب عن حوزة الدين ، ومعرفة الصحيح من السقيم وطرح الاحاديث والروايات
التى لا توجب علما ولا عملا ، لضعف سندها وطعن العلماء في رواتها بالفسق والغلو والجهالة ،