بحار الأنوار ج14

بتنا بأفضل ليلة منذ خلقنا ، فألحقهم بدانيال وأكرمهم بكرامته حتى مرت بهم ثلاثون
سنة .(1)
8 ص : بالاسناد المتقدم عن وهب قال : ثم إن بخت نصر رأى رؤيا أهول من
الرؤيا الاولى ونسيها أيضا ، فدعا علماء قومه قال : رأيت رؤيا أخشى أن يكون فيها هلاككم
وهلاكي فما تأويلها ؟ فعجزوا وجعلوا علة عجزهم دانيال ، فأخرجهم ودعا دانيال عليه السلام
فسأله فقال : رأيت شجرة عظيمة شديدة الخضرة ، فرعها في السماء ، عليها طير السماء ، وفي
ظلها وحوش الارض وسباعها ، فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبتك بهجتها إذ أقبل ملك
يحمل حديدة كالفأس على عنقه وصرخ بملك آخر في باب من أبواب السماء يقول له : كيف
أمرك الله أن تفعل بالشجرة ؟ أمرك أن تجتثها من أصلها أم أمرك أن تأخذ بعضها ؟
فناداه الملك الاعلى : إن الله تعالى يقول : خذ منها وأبق ، فنظرت إلى الملك حتى ضرب
رأسها بفأسه فانقطع وتفرق ما كان عليها من الطير ، وما كان تحتها من السباع والوحوش ،
وبقي الجذع لا هيئة له ولا حسن ، فقال بخت نصر : فهذه الرؤيا رأيتها فما تأويلها ؟
قال : أنت الشجرة وما رأيت في رأسها من الطيور فولدك وأهلك ، وأما مارأيت في
ظلها من السباع والوحوش فخولك ورعيتك ، وكنت قد أغضبت الله فيما تابعت قومك من
عمل الصنم ، فقال بخت نصر : كيف يفعل ربك بي ؟ قال : يبتليك ببدنك فيمسخك سبع
سنين فإذا مضت رجعت إنسانا كما كنت أول مرة ، فقعد بخت نصر يبكي سبعة أيام ،
فلما فرغ من البكاء ظهر فوق بيته فمسخه الله عقابا فطار ، وكان دانيال عليه السلام يأمر ولده وأهل
مملكته أن لا يغيروا من أمره شيئا حتى يرجع إليهم ، ثم مسخه الله في آخر عمره بعوضة
فأقبل يطير حتى دخل بيته فحوله الله إنسانا فاغتسل بالماء ولبس المسوح ثم أمر بالناس
فجمعوا فقال : إني وإياكم كنا نعبد من دون الله ما لاينفعنا ولايضرنا ، وإنه قد تبين
لي من قدرة الله تعالى جل وعلا في نفسي أنه لا إله إلا الله إله بني إسرائيل ، فمن تبعني
فإنه مني وأنا وهو في الحق سواء ، ومن خالفني ضربته بسيفي حتى يحكم الله بيني و
بينكم ، وإني قد أجلتكم إلى الليلة فإذا أصبحتم فأجيبوني ، ثم انصرف ودخل بيته و


(1)قصص الانبياء مخطوط .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه