بحار الأنوار ج72

بقوله : ولا تميلوا عليهم على بناء المجرد ، والتعدية بعلى للضرر أي لا
تعارضوهم إرادة للغلبة ، قال في المصباح : مال الحاكم في حكمه ميلا جار وظلم
فهو مائل ، ومال عليهم الدهر أصابهم بجوائحه ، وفي النهاية فيه : لا يهلك امتي
حتى يكون بينهم التمايل والتمايز ، أي لا يكون لهم سلطان يكف الناس عن التظالم
فيميل بعضهم على بعض بالاذى والحيف انتهى .
وقيل : هو على بناء الافعال أو التفيعل ، أي لا تعارضوهم لتميلوهم من
مذهب إلى مذهب آخر ، وهو تكلف ، وإن كان أنسب بما بعده ، وفي القاموس
رجل أبله بين البله والبلاهة ، غافل أو عن الشر ، أو أحمق لا تمييز له ، والميت
الداء أي من شره ميت ، والحسن الخلق القليل الفطنة لمداق الامور أو من غلبته
سلامة الصدر(1)وفي المصباح : صبرت صبرا من باب ضرب حبست النفس عن الجزع
وصبرت زيدا يستعمل لازما ومتعديا وصبرته بالتثقيل حملته على الصبر بوعد
الاجر ، أو قلت له : اصبر انتهى ، والحاصل أنه لفساد الزمان وغلبة أهل الباطل
يختار العزلة والخمول ، ولا يعارض الناس ولا يتعرض لهم ، ويتحمل منهم أنواع
الاذى ، حتى يظن الناس أن ذلك لبلاهته وقلة عقله .
109 كا : عن علي ، عن بعض أصحابه ذكره ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة
ابن منصور قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن قوما من الناس قلت مداراتهم
للناس فانفوا من قريش ، وأيم الله ما كان بأحسابهم بأس ، وإن قوما من غير
قريش حسنت مداراتهم فالحقوا بالبيت الرفيع ، قال : ثم قال : من كف يده عن
الناس فانما يكف عنهم يدا واحدة ، ويكفون عنه أيدي كثيرة(2).
بيان : قوله عليه السلام : فانفوا من قريش كذا في أكثر النسخ
وكأنه على بناء الافعال مشتقا من النفي بمعني الانتفاء ، فان النفي يكون لازما
ومتعديا لكن هذا البناء لم يأت في اللغة ، أو هو على بناء المفعول من أنف من
قولهم أنفه يأنفه ضرب أنفه فيدل على النفي مع مبالغة فيه ، وهو أظهر


(1)القاموس ج 4 ص 281 .(2)الكافى ج 2 ص 117 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه