بحار الأنوار ج47

فقلت : ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور ، والله لآتينه ولا عطينه الطلاق
والعتاق والايمان المغلظة أن لا أظلم أحدا ولا أجور ، ولاعدلن قال : فأتيته فقلت :
جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي فظننت أنك إنما كرهت ذلك مخافة أن
أجور أو أظلم ، وإن كل امرأة لي طالق ، وكل مملوك ، لي حر ، وعلي وعلي
إن ظلمت أحدا ، أو جرت عليه ، وإن لم أعدل ، قال : كيف قلت ؟ قال : فأعدت عيه
الايمان ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السمآء أيسر عليك من ذلك(1).
107 كا : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن كثير بن يونس
عن عبدالرحمان بن سيابة قال : لما أن هلك أبي سيابة جآء رجل من إخوانه
إلي فضرب الباب علي فخرجت إليه فعزاني وقال لي : هل ترك أبوك شيئا ؟
فقلت له : لا ، فدفع إلي كيسا فيه ألف درهم وقال لي : أحسن حفظها وكل فضلها
فدخلت إلى امي وأنا فرح فأخبرتها ، فلما كان بالعشي أتيت صديقا كان لابي
فاشترى لي بضايع سابريا(2)وجلست في حانوت ، فرزق الله عزوجل فيها خيرا
وحضر الحج فوقع في قلبي ، فجئت إلى امي فقلت لها : إنه قد وقع في قلبي أن
أخرج إلى مكة فقالت لي : فرد دراهم فلان عليه ، فهياتها وجئت لها إليه ، فدفعتها
إليه ، فكأني وهبتها له ، فقال : لعلك استقللتها ؟ فأزيدك ؟ قلت : لا ولكن وقع في
قلبي الحج ، وأحببت أن يكون شيئا عندك ، ثم خرجت فقضيت نسكي ، ثم
رجعت إلى المدينة فدخلت مع الناس على أبي عبدالله عليه السلام ، وكان يأذن إذنا عاما
فجلست في مواخير(3)الناس ، وكنت حدثا فأخذ الناس يسألونه ويجيبهم .
فلما خف الناس عنه أشار إلي فدنوت إليه فقال لي : ألك حاجة ؟ فقلت له :
جعلت فداك أنا عبدالرحمان بن سيابة فقال : ما فعل أبوك ؟ فقلت : هلك قال :
فتوجع وترحم قال : ثم قال لي : أفترك شيئا ؟ قلت : لا قال : فمن أين حججت


(1)نفس المصدر ج 5 ص 107 .
(2)السابرى : ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور موضع بفارس .
(3)المواخير : جلس في مواخير الناس أى في مؤخر تهم .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه