بحار الأنوار ج22

حقوقا ، فإني قد وهبت له ما فرضت عليه من حقوقي ، فهب له ما فرضت عليه من
حقوقك ، فإنك أولى بالحق وأكرم(1)مني ، وكانت لابي ذر غنيمات يعيش
هو وعياله منها ، فأصابها داء يقال لها : النقاب(2)فماتت كلها فأصاب أبا ذر وابنته
الجوع وماتت أهله ، فقالت ابنته : أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا
فقال لي أبي : يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت وهو نبت له حب ، فصرنا
إلى الرمل فلم نجد شيئا ، فجمع أبي رملا ووضع رأسه عليه ، ورأيت عينيه قد
انقلبت ، فبكيت فقلت له : يا أبه كيف أصنع بك وأنا وحيدة ؟ فقال : يا بنتي لا
تخافي فإني إذا مت جاء‌ك من أهل العراق من يكفيك أمري فإني(3)أخبرني
حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك فقال لي : " يابا ذر تعيش وحدك ، وتموت
وحدك ، وتبعث وحدك ، وتدخل الجنة وحدك ، يسعد بك أقوام من أهل العراق
يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك " فإذا أنا مت فمدي الكساء على وجهي ، ثم
اقعدي على طريق العراق ، فإذا أقبل ركب فقومي إليهم وقولي : هذا أبوذر
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد توفي قالت(4)فدخل إليه قوم من أهل الربذة فقالوا :
يا أبا ذر ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ، قالوا : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي ، قالوا :
هل لك بطبيب(5)؟ قال : الطبيب أمرضني ، قالت ابنته : فلما عاين سمعته يقول :
مرحبا بحبيب أتى على فاقة ، لا أفلح من ندم ، اللهم خنقني خناقك فوحقك انك
لتعلم أني احب لقاء‌ك ، قالت : ابنته : فلما مات مددت الكساء على وجهه ، ثم قعدت
على طريق العراق فجاء نفر فقلت لهم : يا معشر المسلمين هذا أبوذر صاحب رسول
الله صلى الله عليه وآله قد توفي ، فنزلوا ومشوا يبكون فجاؤا فغسلوه وكفنوه ودفنوه ، و
كان فيهم الاشتر ، فروي أنه قال كفنته في حلة كانت معي قيمته أربعة آلاف درهم
فقالت ابنته : فكنت اصلي بصلاته وأصوم بصيامه ، فبينا أنا ذات ليلة نائمة عند قبره


(1)والكرم خ ل .(2)في المصدر : يقال له : النقاز .
(3)في المصدر : فانه .(4)وكان قد دخل .
(5)فهل لك في طبيب خ ل .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه