فبعث أربوس بريدا إلى ملكهم الصالح تندوسيس أن اعجل لعلك تنظر إلى آية
من آيات الله أظهرها الله في ملكك وجعلها آية للعالمين ليكون نورا وضياء وتصديقا
للبعث ، فاعجل على فتية بعثهم الله وقد كان توفاهم أكثر من ثلاث مائة سنة ، فلما أتى
الملك الخبر قام ورجع إليه عقله وذهب عنه همه ، وقال : أحمدك الله(1)رب السماوات و
الارض ، وأعبدك وأسبح لك ، تطولت علي ورحمتني برحمتك ، فلم تطفئ النور الذي
كنت جعلت لآبائي ، فأتاهم مع أهل مدينته .
فلما رأى الفتية تندوسيس فرحوا به وخروا سجدا على وجوههم ، وقام الملك
قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الارض يسبحون الله عزوجل و
يحمدونه ، ثم قالوا للملك : نستودعك الله ، ونقرء عليك السلام ، حفظك الله وحفظ ملكك
ونعيذك بالله من شر الجن والانس ، فبينا الملك قائم إذ رجعوا إلى مضاجعهم فناموا و
توفى الله أنفسهم ، وقام الملك إليهم فجعل ثيابه عليهم ، وأمر أن يجعلوا لكل رجل منهم
تابوتا من ذهب ، فلما أمسوا ونام أتوه في المنام فقالوا : إنا لم نخلق من ذهب ولا فضة ،
ولكنا خلقنا من تراب ، وإلى التراب نصير ، فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب
حتى يبعثنا الله عزوجل منه ، فأمر الملك حينئذ بتوابيت من ساج فجعلوا فيها ، وحجبهم
الله تعالى حين خرجوا من عندهم بالرعب ، فلم يقدر أحد على أن يدخل عليهم وأمر الملك
فجعل على باب الكهف مسجدا يصلى فيه ، وجعل لهم عيدا عظيما ، وأمر أن يؤتى كل
سنة .(2)
(1)في نسخة : أحمدك اللهم .
(2)الكشف والبيان مخطوط .