بحار الأنوار ج55

وما زال الحسن يحدثه والمعتصم يمازحه وينشطه حتى أظهر النهار وضربت نوبة
الصلاة ، فقام المعتصم ليتوضأ ، فقال الحسن : لاتخرج أميرالمؤمنين عن هذا المجلس
ويكون الوضوء والصلاة وكل ما تريد فيه ، حتى ينصرم اليوم . فجاء خادم ومعه
المشط والسواك ، فقال الحسن للخادم : امتشط بالمشط واستك بالسواك . فامتنع
وقال : كيف أتناول آلة أميرالمؤمنين ؟ قال المعتصم : ويلك ، امتثل قول الحسن ولا
تخالف . ففعل ، فسقطت ثناياه وانتفخ دماغه وخر مغشيا عليه ، ورفع ميتا وقام
الحسن ليخرج ، فاستدعاه المعتصم واحتضنه ولم يفارقه حتى قبل عينيه ، ورد على
بوران أملاكا وضياعا ، وكان ابن الزيات حلها عنها وذكر مله برواية اخرى .
وروى من كتاب الوزراء لمحمد بن عبدوس ، عن إسماعيل بن صبيح ، قال :
كنت أكتب يوما بين يدي يحيى بن خالد البرمكي فدخل عليه جعفر بن يحيى
فلما رآه صاح وأعرض بوجهه عنه وقطب وكره رؤيته ، فلما انصرف قلت
له : أطال الله بقاء‌ك ، تفعل هذا بابنك وحاله عند أميرالمؤمنين حالة لايقدم عليه
ولدا ولا وليا ؟ فقال : إليك عني أيها الرجل ! فوالله لايكون هلاك أهل هذا
البيت إلا بسببه . فلما كان بعد مدة من ذلك دخل عليه أيضا جعفر وأنا بحضرته
ففعل مثل ما فعل الاول ، وأكدت عليه القول ، فقال : أدن مني الدواة : فأدنيتها
وكتب كلمات يسيرة في رقعة وختمها ودفعها إلي ، وقال : بلي ، ليكن عندك ، فإذا
دخلت سنة سبع وثمانين ومائة ومضى فانظر فيها . فلما كان في صفر أوقع الرشيد
بهم فنظرت في الرقعة ، فكان الوقت الذي ذكره . قال إسماعيل : وكان يحيى أعلم
الناس بالنجوم . وروى أيضا عن محمد بن عبدوس من كتاب الوزراء عن موسى بن نصر
الوصيف ، عن أبيه ، قال : غدوت إلى يحيى بن خالد في آخر أمرهم اريد عيادته من
علة كان يجدها ، فودجت في دهليزه بغلا مسرجا ، فدخلت إليه فكان يأنس بي
ويفضي إلى بسره ، فوجدته مفكرا مهموما ، ورأيته مستخليا مشتغلا بحساب النجوم
وهو ينظر فيه ، فقلت له : إني لما رأيت بغلا مسر جاسرني ، لاني قدرت انصراف
العلة وأن عزمك الركوب ، ثم قدغمني ما أراه من همك ، قال : فقال لي : إن

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه