بحار الأنوار ج64

بيان : الخلق يكون بمعنى التكوين ، وبمعنى التقدير ، وفي النهاية : طين
عليه : أي جبل ويقال : طانه الله على طينته : خلقه على جبلته ، وطينة الرجل : خلقه
وأصله ، وقال : " عليون " اسم للسماء السابعة ، وقيل اسم لديوان الملائكة الحفظة
ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد .
وقيل : أراد أعلى الامكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله تعالى في الدار
الآخرة ، وتعرب بالحروف والحركات كقنسرين وأشباهها ، على أنها جمع أو
واحد . انتهى .
وإضافة الطينة إما بتقدير اللام ، أو من ، أو في " قلوبهم وأبدانهم " بدل النبيين
ويحتمل أن يراد بالقلب هنا العضو المعروف الذي يتعلق الروح أولا بالبخار
اللطيف المنبعث منه ، فلا ينافي ما مر في باب خلق أبدان الائمة عليهم السلام من أن
أجسادهم مخلوقة من طينة عليين ، وأرواحهم مخلوقة من فوق ذلك .
على أنه لو اريد به الروح أمكن الجمع بجعل الطينة مبدء‌ا لها مجازا باعتبار
القرب والتعلق ، أو بتخصيص النبيين بغير نبينا صلى الله عليه وآله ويؤيده بعض
الاخبار ، وفي القاموس : سجين كسكين موضع فيه كتاب الفجار وواد في جهنم
أو حجر في الارض السابعة ، وفي النهاية اسم علم للنار فعيل من السجن .
" فخلط الطينتين " أي في جسد آدم عليه السلام فلذا حصل في ذريته قابلية المرتبتين
واستعداد الدرجتين ، " ومن ههنا يصيب المؤمن السيئة " لخلط طينته بطينة الكافر
وكذا العكس ، " فقلوب المؤمنين تحن " : أي تميل وتشتاق ، قال الجوهري :
الحنين : الشوق وتوقان النفس " إلى ما خلقوا منه " أي إلى الاعمال المناسبة لما
خلقوا منه المؤدية إليها ، أو إلى الانبياء والاوصياء عليه السلام ، المخلوقين من الطينة
التي خلق منها قلوبهم ، وكذا الفقرة الثانية تحتمل الوجهين ، وقد مر الكلام
منا في أمثال هذا الخبر في كتاب العدل .
وقال بعض المحدثين في تأويله : إن الله تعالى لما علم في الازل الارواح
التي تختار الايمان باختيارها ، والتي تختار ، سواء خلقوا من طينة

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه