بحار الأنوار ج67

الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب
به ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقل شيئا فنزلت الآية ، قال عطا : عن ابن عباس
إن الله تعالى قال : ولايشرك(بعبادة ربه أحدا ولم يقل ولا يشرك)به لانه أراد
العمل الذي يعمل له ، ويحب أن يحمد عليه ، قال : ولذلك يستحب للرجل
أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيلا يعظمه من يصله بها .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : قال الله عزوجل : أنا أغنى الشركاء عن
الشرك ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه برئ ، فهو للذي أشرك ، أورده
مسلم في الصحيح وروي عن عبادة بن الصامت وشداد بن أوس قالا : سمعنا رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ، ومن صام صوما
يرائي به ، فقد أشرك ، ثم قرأ هذه الآية ، وروي أن أبا الحسن الرضا عليه السلام
دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء ، فقال :
لاتشرك بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون الغلام ، وتولى إتمام وضوئه بنفسه
وقيل : إن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن انتهى(1).
وأقول : الرواية الاخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الاستعانة في
العبادة ، وهو مخالف لسائر الاخبار ، ويمكن الجمع بحملها على الاعم منها
فان الاخلاص التام هو أن لايشرك في القصد ولا في العمل غيره سبحانه .
إنه كان مخلصا (2)في المجمع أخلص العبادة لله أو أخلص نفسه لاداء
الرسالة وقربناه نجيا أي مناجيا كليما قال ابن عباس : قربه الله وكلمه ، ومعنى
هذا التقريب أنه أسمعه كلامه وقيل : قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتبت به
التوراة ، وقيل : وقربناه أي ورفعنا منزلته وأعلينا محله حتى صار محله منا
في الكرامة والمنزلة محل من قربه مولاه في مجلس كرامته ، فهو تقريب كرامة
واصطفاء لاتقريب مسافة وإدناء ، إذ هو سبحانه لايوصف بالحلول في مكان فيقرب


(1)مجمع البيان ج 6 ص 499 ومابين العلامتين أضفناه من المصدر .
(2)مريم : 51 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه