والبث والشكوى ، فكان مما به الله ناجا أن قال :
إلهى أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم
علي بليتي .
ثم قال : آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أناناسيها ، وأنت محصيها ،
فتقول خذوه ، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته ، يرحمه الملا إذا
أذن فيه بالنداء ثم قال : آه من نار تنضج الاكباد والكلى ، آه من نار نزاعة
للشوى آه من غمرة من ملهبات لظى قال : ثم أنعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا
حركة فقلت غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر .
قال أبوالدرداء : فأتيته فاذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك ، وزويته
فلم ينزو فقلت : إنالله وإنا إليه راجعون ، مات والله علي بن ابي طالب .
قال : فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم فقالت فاطمة عليها السلام : يا ابا الدرداء ماكان
من شأنه ومن قضيته ؟ فأخبرتها الخبر ، فقالت هي : والله يا أبا الدرداء الغشية
التي تأخذه من خشية الله ، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه ، فأفاق ونظر إلي وأنا
أبكي ، فقال : مما بكاؤك يا أبا الدرداء ؟ فقلت : مما اراه تنزله بنفسك ، فقال : يا
أبا الدرداء فكيف ولو رأيتني ودعي بي إلى الحساب ، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب
واحتوشتنى ملائكة غلاظ ، وزبانية فظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبار ، قد أسلمني
الاحباء ، ورحمني أهل الدنيا ، لكنت اشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه
خافية ، فقال أبوالدرداء : فوالله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله(1).
بيان : قد مر شرح الخبر في المجلد التاسع(2)قوله عليه السلام : فكم من موبقه
أي خطيئة مهلكة للدين هادمة له حملت عني مقابلتها في بعض النسخ القديمة
حلمت عني مقابلتها بنقمتك فيمكن أن يقرأ بصيغة الخطاب ، و مقابلتها بالنصب
(1)أمالى الصدوق ص 48 و 49 .
(2)راجع ج 41 ص 11 و 12 من هذه الطبعة .