بحار الأنوار ج35

أقول : لا أظن عاقلا يفهم من كلامه هذا سوى التعصب والعناد أو يحتاج إلى
بيان لخطائه لظهور الفساد ، ولعل النصب أعمى عينه عن سياق الآية وما عاتب الله تعالى
تاركي ذلك بقوله :(ء‌أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات)وقوله :(فإذ لم
تفعلوا وتاب الله عليكم)وعن افتخار أميرالمؤمنين عليه السلام بذلك ، إذ على ما زعمه هذا الشقي
كان اللازم عليه صلوات الله عليه الاعتذار لا الافتخار ، وعن تمني ابن صنمه الذي سبق في
الاخبار(1)، وعن أنه وإن فرض أنه يضيق قلب فقير لايقدر على الانفاق ، فهو يوسع
قلب فقير آخر يصل إليه هذا المال ويسره(2)، وعن أن الانس برسول ربه يجبر
وحشة هذا الغني المطبوع على قلبه لو سلم أن فيها مفسدة ، ولم يتفطن أن ذلك اعتراض
على الله في بعث هذا الحكم والخطاب ، وبعد أن يسقط(3)بزعمه عن صنميه ومناتيه(4)
اللوم والعتاب لايبالي بنسبة الخطاء إلى رب الارباب إن هذا لشئ عجاب ! ولوضوح
تعصبه في هذا الباب تعرض النيسابوري أيضا للجواب وقال : هذا الكلام لا يخلو عن تعصب
ما ، ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية علي عليه السلام في كل خصلة ؟ ولم لايجوز أن تحصل
له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة ؟ ثم ذكر رواية ابن عمر وتمنيه ثبوت هذه
الفپضيلة له ، ثم قال : وهل يجوز منصف أن مناجاة النبي منقصة(5)! على أنه لم يرد
في الآية النهي عن المناجاة وإنما ورد تقديم الصدقة على المناجاة ، فمن عمل بالآية حصلت
له الفضيلة من جهتين ، من وجهة سد خلة(6)بعض الفقراء ، ومن جهة محبة نجوى الرسول
صلى الله عليه وآله ففيها القربة منه وحل المسائل العويصة(7)وإظهار أن نجواه أحب
إلى المناجي من المال ، انتهى(8).


(1)راجع الخبر الاول وغيره .
(2)على ان ذلك جار في جميع الاحكام التى لها مساس بالثرة كالزكاة وغيرها .
(3)كذا في(ك)، وفى غيره : وبعد أن أسقط .
(4)مناة اسم صنم كانوا يعبدونه في الجاهلية .
(5)في المصدر : وهل يقول منصف ان مناجاة النبى نقيصة .
(6)الخلة : الحاجة والفقر .
(7)أى الصعبة .
(8)غرائب القرآن 3 : 412 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه