بحار الأنوار ج13

الوعد بالامر لو لم يسألوا عن خصوص البقرة لامرهم ببقرة مطلقة ، فلما بادروا بالسؤال
شدد عليهم ، وهما بعيدان وارتكاب مثلهما فيها لهذا الخبر مع كونها أقوى وأكثر مشكل
والله يعلم حقيقة الامر .(1)
وقال الثعلبي : قال المفسرون : وجد قتيل في بني إسرائيل اسمه عاميل ولم يدروا
قاتله ، واختلفوا في قاتله وسبب قتله ، فقال عطا والسدي : كان في بني إسرائيل رجل كثير
المال وله ابن عم مسكين لا وارث له غيره ، فلما طال عليه حياته قتله ليرثه ، وقال بعضهم :
كان تحت عاميل بنت عم له ، كانت مثلا في بني إسرائيل بالحسن والجمال ، فقتله ابن عمه
لينكحها ، فلما قتله حمله من قريته إلى قرية اخرى فألقاه هناك ، وقال عكرمة : كان
لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا ، لكل سبط منهم باب فوجد قتيل على باب سبط قتل
وجر إلى باب سبط آخر ، فاختصم فيه السبطان ، وقال ابن سيرين : قتله القاتل ثم احتمله
فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يطلب بدمه ، وقيل : ألقاه بين قريتين فاختصم فيه
أهلهما فاشتبه أمر القتيل على موسى وكان ذلك قبل نزول القسامة ، فأمرهم الله بذبح البقرة
فشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، وإنما كان تشديدهم تقديرا من الله به وحكمة .
وكان السبب فيه على ما ذكره السدي وغيره أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا
بأبيه ، وبلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا ، وكان فيها فضل وربح ،
فقال للبائع :(2)إن أبي نائم ، ومفتاح الصندوق تحت رأسه ، فأمهلني حتى يستيقظ
فاعطيك الثمن ، قال : فأيقظ أباك وأعطني المال ، قال : ما كنت لافعل ، ولكن أزيدك عشرة
آلاف فأنظرني حتى ينتبه أبي ، فقال الرجل : فأنا أحط عنك عشرة آلاف إن أيقظت
أباك وعجلت النقد ، فقال : وأنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباهة أبي ، ففعل ولم


(1)في نسخة مخطوطة هنا زيادة لا تخلو عن تكرار وهى هكذا : ثم اعلم أن هذا الخبر
يدل صريحا على ما ذهب إليه السيد المرتضى رضى الله عنه وأتباعه من أن المكلف به أولا كان ما بينه
تعالى لهم أخيرا فينافى الاخبار السابقة ، ويمكن حمله على أن المراد به أنه تعالى لو لم يكن يعلم
سؤالهم بعد أمرهم بذبح البقرة لم يكلفهم الا بذبح بقرة غير معينة ، ولما علم سؤالهم كلفهم أولا بما بين
لهم أخيرا فالباعث على ذلك هو سؤالهم لعلمه به قبل وقوعه .
(2)في المصدر : فقال البائع : اعطنى ثمن اللؤلؤة فقال : إن ابى نائم .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه