بحار الأنوار ج64

" من روحي " أي من ورح اصطفيته واخترته ، أو من عالم المجردات ، بناء
على تجرد النفس ، قيل : الروح الاول النفس والثاني جبرئيل ، ولا يخفى ما فيه .
" وطبيعتك " أي خلقتك الجسمانية البدنية أو صفاتها التابعة لها " خلاف
كينونتي " أي وجودي فانها من عالم الماديات ، ولا تناسب عالم المجردات ، و
الخطاء والوهم ناش منها .
وقيل : الكينونة هنا مصدر كان الناقصة ، والاضافة أيضا للتشريف : أي
صفاتك البدنية مخالفة للآداب المرضية لي ، ككونك صابرا وقانعا وراضيا
بقضائه تعالى ، " والجبلة " بكسر الجيم والباء وتشديد اللام : الخلقة ، قوله " وبضعف
طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به " في بعض النسخ : وبضعف قوتك تكلمت .
والحاصل أن حكمك بأنهم إذا كانوا على صفات واحدة كان أقرب إلى
الحكمة والصواب ، إنما نشأمن الاوهام التابعة للقوى البدنية ، فانهم لو كانوا
كذلك ، لم يتيسر التكليف المعرض لهم لارفع الدرجات ، ولم يبق نظام النوع ولم
يرتكبوا الصناعات الشاقة التي بها بقاء نوعهم ، إلى غير ذلك من الحكم والمصالح .
" بعلمي خالفت بين خلقهم " إذ علمت أن في مخالفة خلقتهم صلاحهم وبقاء
نوعهم ، " وبمشيتي " أي إرادتي التابعة لحكمتي ، " يمضي فيهم أمري " أي الامر
التكويني أو التكليفي أو الاعم ، " لا تبديل لخلقي " : أي لتقديري أولما قررت
فيهم من القابليات والاستعدادات .
وقيل : أي من حسنت أحواله في ذلك الوقت ، حسنت أحواله في الدنيا ومن
حسنت أحواله في الدنيا ، حسنت أحواله في الآخرة ، ومن قبحت أحواله في ذلك
الوقت قبحت أحواله في الموطنين الآخرين ، لا يتبدل هؤلاء إلى هؤلاء ، ولا هؤلاء
إلى هؤلاء .
اقول : قد مر وسيأتي الكلام في تفسير قوله تعالى : " لا تبديل لخلق الله "(1)
وكأن هذا إشارة إليه . " وإنما خلقت الجن والانس ليعبدوني " إشارة إلى قوله


(1)الروم : 30 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه