بحار الأنوار ج53

فلما كان سحر تلك الليلة ، كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل فلما
أصبحنا به من نهار الخميس المذكور ، دخلت الحضرة حضرة مولانا علي صلوات الله
عليه على عادتي ، فورد علي من فضل الله وإقباله والمكاشفة ، ما كدت أسقط على
الارض ، ورجفت أعضائي واقدامي ، وارتعدت رعدة هائلة ، على عوائد فضله عندي
وعنايته لي ، وما أراني من بره لي ورفدي ، وأشرفت على الفناء ومفارقة دار الفناء
والانتقال إلى دار البقاء ، حتى حضر الجمال محمد بن كنيلة ، وأنا في تلك الحال
فسلم علي فعجزت عن مشاهدته ، وعن النظر إليه ، وإلى غيره ، وما تحققته بل سالت
عنه بعد ذلك ، فعرفوني به تحقيقا وتجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة ، و
بشارات جميلة .
وحدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته ، بعدة
بشارات رواها لي منها أنه رأى كأن شخصا يقص عليه في المنام مناما ، ويقول له :
قد رأيت كأن فلانا يعني عني(1)وكأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص
عليه راكب فرسا وأنت يعني الاخ الصالح الآوي ، وفارسان آخران قد صعدتم
جميعا إلى السماء قال : فقلت له : أنت تدري أحد الفارسين من هو ؟ فقال صاحب
المنام في حال النوم لا أدري ، فقلت : أنت يعني عني ذلك مولانا المهدي صلوات الله
وسلامه عليه .
وتوجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة ، فوصلنا ليلة الجمعة ، سابع
عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة ، فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة
المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له : عبدالمحسن ، من أهل السواد قد حضر
بالحلة وكر أنه قدلقيه مولانا المهدي صلوات الله عليه ظاهرا في اليقظة ، وقد
أرسله إلى عناى ؟ برسالة ، فنفذت قاصدا وهو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت
ثامن عشر من جمادي الآخرة المقدم ذكرها .


(1)قد تكرر في الحكاية قوله يعنى عنى وأمثاله ، وهي من لغة أهل العراق :
المولدين ، وكانه يستعمل يعني بمعنى يكنى أى يكنى بفلان عني .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه