بحار الأنوار ج11

فيما بيني وبينك من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، قال إدريس : لي إليك حاجة ، فقال : وما
هي ؟ قال : تصعد بي إلى السماء ، فاستأذن ملك الموت ربه في ذلك فأذن له ، فحمله على
جناحه فصعد به إلى السماء ، ثم قال له إدريس عليه السلام : إن لي إليك حاجة اخرى ، قال :
وما هي ؟ قال : بلغني من الموت شدة فاحب أن تذيقني منه طرفا فأنظر هو كما بلغني ،
فاستأذن ربه له فأذن فأخذ بنفسه ساعة ثم خلى عنه ، فقال له : كيف رأيت ؟ قال : بلغني
عنه شدة وأنه لاشد مما بلغني ، ولي إليك حاجة اخرى تريني النار ، فاستأذن ملك
الموت صاحب النار ، ففتح له فلما رآها إدريس عليه السلام سقط مغشيا عليه ، ثم قال : لي إليك
حاجة اخرى تريني الجنة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنة فدخلها فلما نظر إليها قال :
يا ملك الموت ما كنت لاخرج منها ، إن الله تعالى يقول : " كل نفس ذائقة الموت " وقد
ذقته ، ويقول : " وإن منكم إلا واردها " وقد وردتها ، ويقول في الجنة : " وماهم بخارجين
منها " .(1)
بيان : الخبران السابقان أقوى وأصح سندا كما لا يخفى فالمعول عليها ، وهذا
أوفق بروايات العامة .
9 - ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب بن المنبه قال : إن إدريس
كان رجلا طويلا ، ضخم البطن ، وعظيم الصدر ، قليل الصوت ، رقيق المنطق ، قريب الخطى
إذا مشى - وساق الحديث إلى آخر مامر في صدر الباب - ثم قال : وأنزل الله على
إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة ، وهو أول من خط بالقلم ، وأول من خاط الثياب ولبسها ،
وكان من قبله يلبسون الجلود ، وكان كلما خاط سبح الله وهلله وكبره ووحده و
مجده ، وكان يصعد إلى السماء من عمله في كل يوم مثل أعمال أهل زمانه كلهم ، قال :
وكانت الملائكة في زمان إدريس عليه السلام يصافحون الناس ويسلمون عليهم ويكلمونهم و
يجالسونهم وذلك لصلاح الزمان وأهله ، فلم يزل الناس على ذلك حتى كان زمن نوح
عليه السلام وقومه ثم انقطع ذلك ، وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنة ،
فقال له ربه : إن إدريس إنما حاجك فحجك بوحيي وأنا الذي هيأت له تعجيل دخول


(1)مخطوط . م(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه