بحار الأنوار ج13

" والسلوى " قيل : هو السمانى ،(1)وقيل : طائر أبيض يشبه السمانى " كلوا من طيبات ما
رزقناكم " أي قلنا لهم : كلوا من الشهي اللذيذ ، وقيل : المباح الحلال ، وقيل : المباح
الذي يستلذ أكله " وما ظلمونا " أي فكفروا هذه النعمة وما نقصونا بكفرانهم أنعمنا
" ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ينقصون ، وقيل : أي ما ضرونا ولكن كانوا أنفسهم يضرون .
وكان سبب إنزال المن والسلوى عليهم أنه لما ابتلاهم الله بالتيه إذ قالوا لموسى : " اذهب
أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " حين أمرهم بالمسير إلى بيت المقدس وحرب العمالقة
بقوله : " ادخلوا الارض المقدسة " فوقعوا في التيه فصاروا كلما ساروا تاهوا في قدر خمسة
فراسخ أو ستة ، وكلما أصبحوا ساروا غادين فأمسوا فإذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا منه ،
كذلك حتى تمت المدة وبقوا فيها أربعين سنة ، وفي التيه توفي موسى وهارون ، ثم
خرج يوشع بن نون ، وقيل : كان الله يرد الجانب الذي انتهوا إليه من الارض
إلى الجانب الذي ساروا منه ، فكانوا يضلون على الطريق ، لانهم كانوا خلقا عظيما ، فلا
يجوز أن يضلوا كلهم عن الطريق في هذه المدة المديدة ، وفي هذا المقدار من الارض ، ولما
حصلوا في التيه ندموا على ما فعلوه ، فألطف الله بهم بالغمام لما شكوا حرا لشمس ، وأنزل
عليهم المن من وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وكانوا يأخذون منها ما يكفيهم ليومهم
وقال الصادق عليه السلام : كان ينزل المن على بني إسرائيل من بعد الفجر إلى طلوع
الشمس ، فمن نام في ذلك الوقت لم ينزل نصيبه ، فلذلك يكره النوم في هذا الوقت إلى
طلوع الشمس .
وقال ابن جريج : وكان الرجل منهم إن أخذ من المن والسلوى زيادة على طعام يوم
واحد فسد إلا يوم الجمعة ، فإنهم إذا أخذوا طعام يومين لم يفسد ، وكانوا يأخذون منها
ما يكفيهم ليوم الجمعة والسبت لانه كان لا يأتيهم يوم السبت ، وكانوا يخبزونه مثل القرصة
ويوجد له طعم كالشهد المعجون بالسمن ، وكان الله تعالى يبعث لهم السحاب بالنهار
فيدفع عنهم حر الشمس ، وكان ينزل عليهم في الليل من السماء عمود من نور يضئ لهم
مكان السراج ، وإذا ولد فيهم مولود يكون عليه ثوب يطول بطوله كالجلد " حيث شئتم " أي


(1)السمانى بضم السين : نوع من الطيور معروف في بلاد الشام بالفرى .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه