بحار الأنوار ج100

وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين
إما داعي الله فما عند الله خير له ، وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه
وحسبه ، وإن المال والنبين حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد
يجمعها الله لاقوام .
فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، واخشوه خشية ليست بتعذير ،
واعلموا في غير رياء ولا سمعة ، فانه من يعمل لغير الله يكله الله إلى من عمل له ، ونسأل
الله منازل الشهداء ومعايشة السعداء ومرافقة الانبياء الخطبة(1) .
قال السيد رضى الله عنه : العفيرة ههنا الزيادة والكثرة من قولهم للجمع
الكثير الجم الغفير ، ويروى عفوة من أهل أو مال ، والعفوة الخيار من الشئ يقال
أكلت عفوة الطعام أى خياره(2) .
88 - وقال عليه السلام في وصية للحسن : وأعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ، ولن
تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك فحفض في الطلب ، وأجمل في المكتسب
فانه رب طلب قد جر إلى حرب ، فليس كل طالب بمرزوق ، ولا كل مجمل
بمحروم .
وأكرم نفسك عن كل دينه وإن ساقتك إلى الرغائب ، فانك لن
تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ، وما
خير خير لا يوجد إلا بشر ويسر لا ينال إلا بعسر ، وإياك أن وتوجف بك مطايا
الطمع فنوردك مناهل الهلكة .
وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فانك مدرك قسمك
وآخذ سمعك ، وإن اليسير من الله سبحانه أكرم وأعظم من الكثير من خلقه ، وإن
كان كل منه .
وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ


(1) نفس المصدر ج 1 ص 56 .
(2) نفس المصدر ج 1 ص 58 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه