بحار الأنوار ج35

وقيل : إن معنى(مع)ههنا معنى(من)انتهى(1).
أقول : الصادق هو من لا يكذب في قوله ولا فعله ، والصدق في قراء‌ة سورة الحمد
فقط يوجب العصمة ، لانه يقول في كل يوم عشر مرات وأكثر :(إياك نعبد)وقدسمى
الله طاعة الشيطان عبادة في مواضع(2)، وكل معصية طاعة للشيطان(3)، وقس على
ذلك قوله :(وإياك نستعين)وسائر ما يقول الانسان ويدعيه من الايمان بالله واليوم
الآخر ، وحب الله تعالى والاخلاص له ، والتوكل عليه وغير ذلك ، وأخبار الخاصة و
العامة مشحونة بذلك ، فظهر أن الصادق حقيقة هو المعصوم ، وسيأتي تحقيق ذلك في
كتاب مكارم الاخلاق ، وأيضا قد ثبت بمامر في كتاب الامامة في بأب أنهم عليهم السلام صادقون
وفي هذا الباب من أخبار الفريقين أنهم المراد بالصادقين في الآية ، ولا ريب في أن المراد
بالكون معهم الاقتداء بهم وطاعتهم ومتابعتهم إذ ظاهر أن ليس المراد محض الكون معهم
بالجسم والبدن ، فيدل على إمامتهم ، إذلا يجب متابعة غير الامام في كل ما يقول وبفعل
بإجماع الامة .
وقال أبوالصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف بعد ذكر الآية : فأمر باتباع
المذكورين ، ولم يخص جهة الكون بشئ دون شئ ، فيجب اتباعهم في كل شئ ، و
ذلك يقتضي عصمتهم ، لقبح الامر بطاعة الفاسق أو من يجوز منه الفسق ، ولا أحذ ثبتت
له العصمة ولا ادعيت فيه غيرهم عليهم السلام ، فيجب القطع على إمامتهم واختصاصهم بالصفة
الواجبة للامامة(4)، ولانه لا أحد فرق بين دعوى العصمة لهم والامامة ، انتهى .
وأما قوله تعالى :(رجال صدقوا)فقد روى الطبرسي رحمه الله عن أبي القاسم
الحسكاني بالاسناد عن عمرو بن ثابت ، عن أبي إسحاق ، عن علي عليه السلام قال : فينا نزلت


(1)مجمع البيان 5 : 81 .
(2)منها قوله تعالى :(ألم أعبد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان)ص 60 . وقوله
(يا أبت لا تعبد الشيطان)مريم : 44 .
(3)فيقرر كذلك : المعصية طاعة للشيطان ، وطاعته عبادته ، فالمعصية عبادته .
(4)وهى العصمة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه