بحار الأنوار ج14

بيان : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وبكفرهم " : أي بجحود هؤلاء
بعيسى " وقولهم على مريم بهتانا عظيما " أي أعظم كذب وأشنعه ، وهو رميهم إياها
بالفاحشة ، عن ابن عباس والسدي ، قال الكلبي : مر عيسى عليه السلام برهط فقال بعضهم
لبعض : قد جاء‌كم الساحر ابن الساحرة ، والفاعل ابن الفاعلة ! فقذفوه بأمه ، فسمع ذلك
عيسى عليه السلام فقال : " اللهم أنت ربي خلقتني ولم أتهم من تلقاء نفسي ، اللهم العن من
سبني وسب والدتي " فاستجاب الله دعوته فمسخهم خنازير " وقولهم إنا قتلنا المسيح
عيسى بن مريم رسول الله " يعني وقول اليهود إنا قتلنا عيسى بن مريم رسول الله حكاه الله
سبحانه عنهم ، أي رسول الله في زعمه ، وقيل : إنه من قول الله سبحانه لا على وجه الحكاية
لهم ، وتقديره : الذي هو رسولي " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " اختلفوا في
كيفية التشبيه ، فروي عن ابن عباس أنه قال : لما مسخ الله الذين سبوا عيسى وأمه
بدعائه بلغ ذلك يهودا وهو رأس اليهود فخاف أن يدعو عليه ، فجمع اليهود واتفقوا على
قتله ، فبعث الله جبرئل يمنعه منهم ويعينه عليهم ، وذلك معنى قوله : " وأيدناه بروح القدس "
فاجتمع اليهود حول عيسى عليه السلام فجعلوا يسألونه فيقول لهم : يامعشر اليهود إن الله
تعالى يبغضكم ، فثاروا إليه(1)ليقتلوه ، فأدخله جبرئيل عليه السلام خوخة البيت(2)الداخل
لها روزنة في سفقها فرفعه جبرئيل إلى السماء ، فبعث يهودا رأس اليهود رجلا من أصحابه

اسمه ططيانوس(3)ليدخل عليه الخوخة فيقتله فدخل فلم يره فأبطأ عليهم فظنوا أنه
يقاتله في الخوخة ، فألقى الله عليه شبه عيسى عليه السلام ، فلما خرج على أصحابه قتلوه وصلبوه ،
وقيل : ألقي عليه شبه وجه عيسى ولم يلق عليه شبه جسده ، فقال بعض القوم : إن الوجه
وجه عيسى والجسد جسد ططيانوس ، وقال بعضهم : إن كان هذا ططيانوس فأين عيسى ؟ وإن
كان هذا عيسى فأين ططيانوس ؟ فاشتبه الامر عليهم ، وقال وهب بن منبه : أتى عيسى عليه السلام
ومعه سبعة عشر من الحواريين(4)في بيت ، فأحاطوا بهم فلما دخلوا عليهم صيرهم الله


(1)في المطبوع " فشاروا إليه " وهو وهم . وفي المصدر : فساروا إليه .
(2)في المصدر : في خوخة البيت .
(3)في المصدر : طيطانوس ، وكذا فيما يأتي بعده . وفي الكامل : نطليانوس .
(4)" " : ومعه سبعة من الحواريين .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه