يخلق ذلك ولا أحد ينتفع بالعرش والماء(انتهى).
وفي بعض الاخبار أن المراد حمل علمه ودينه الماء ، وربما يؤول من قال
بالهيولى الماء بها .
(ليبلوكم أيكم أحسن عملا)أي خلقهن لحكمة بالغة وهي أن يجعلها مساكن
لعباده وينعم عليهم فيها بفنون النعم ويكلفهم ويعرضهم لثواب الآخرة ولما أشبه
ذلك اختبارالمختبر ، قال(ليبلوكم)أي ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لاحوالكم كيف
تعملون . وعن الصادق عليه السلام : ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا ، و
إنما الاصابة خشية الله والنية الصادقة .
(ما أشهدتهم خلق السماوات والارض)قال الطبرسي(1)ره أي ما
أحضرت إبليس وذريته خلق السماوات والارض ولا خلق أنفسهم مستعينا بهم
على ذلك ، ولا استعنت ببعضهم على خلق بعض ، وهذا إخبار عن كمال قدرته و
استغنائه عن الانصار والاعوان ، ويدل عليه قوله(وما كنت متخذ المضلين عضدا)
أي الشياطين الذين يضلون الناس أعوانا يعضدونني عليه ، وكثيرا ما يستعمل العضد
بمعنى العون(2). وقيل : المعنى أنكم اتبعتم الشياطين كما يتبع من يكون عنده
علم لا ينال إلا من جهته وأنا ما طلعتهم على خلق السماوات(3)ولا على خلق
أنفسهم ، ولم اعطهم العلم بأنه كيف يخلق الاشياء فمن أين يتبعونهم ؟ وقيل : معناه
ما أحضرت مشركي العرب وهؤلاء الكفار خلق السماوات والارض ولا بعضهم
خلق بعض بل لم يكونوا موجودين فخلقتهم فمن أين قالوا إن الملائكة بنات الله و
من أين ادعوا ذلك ؟(انتهى)
وزاد الرازي وجهين آخرين(4): أحدهما أن الضمير عائد إلى الكفار
(1)مجمع البيان ج 6 ص 476 في تفسير سورة الكهف ى 51 .
(2)وانما وحده هنا لوفاق الفواصل(مجمع البيان).
(3)والارض(مجمع البيان).
(4)نقل عن مفاتيح الغيب ، ج 5 ص 729 في تفسير سورة الكهف ملخصا .