بحار الأنوار ج9

كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه ، ثم إن ما في هذا الكتاب يبطل عليكم
هذا الذي زعمتم أن عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له ، لانكم قلتم : إنما قلنا :
إنه ابنه لانه اختصه بما لم يختص به غيره ، وأنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى
لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى : أذهب إلى أبي وأبيكم ، فبطل أن يكون
الاختصاص لعيسى ، لانه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى
وأنتم إنما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها ، لانه إذا قال : أبي وأبيكم
فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه ،(1)وما يدريكم لعله عنى : أذهب إلى آدم أو إلى
نوح إن الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم ، وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح ، بل ما أراد
غير هذا ، فسكتت النصارى وقالوا : ما رأينا كاليوم مجادلا ولا مخاصما وسننظر
في امورنا .
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الدهرية فقال : وأنتم فما الذي دعاكم إلى القول
بأن الاشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال ؟ فقالوا : لانا لا نحكم إلا بما نشاهد
ولم نجد للاشياء محدثا(2)فحكمنا بأنها لم تزل ، ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا
بأنها لا تزال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أفوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبد الابد ؟(3)
فإن قلتم : إنكم وجدتم ذلك أثبتتم(4)لانفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم(5)وعقولكم
بلا نهاية ولا تزالون كذلك ، ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذبكم العالمون الذين
يشاهدونكم ، قالوا : بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الابد ،(6)قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائما ؟ لانكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضاء‌ها أولى
من تارك التميز لها مثلكم ، فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع ، لانه لم يشاهد لها


(1)في المصدر : تأولتموه(خ ل).
(2)في نسخة : وفى الاحتجاج حدثا .
(3)في المصدر : أبدا الاباد .
(4)في نسخة : وفى الاحتجاج : أنهضتم لانفسكم .
(5)في نسخة : لم تزالوا على ذهنكم وعقولكم .
(6)في المصدر : ابد الاباد .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه