سهم رجلا من عظماء المشركين ثم قال : " اللهم إني حميت دينك صدر النهار فارحم
لحمي آخر النهار " ثم أحاط به المشركون فقتلوه وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من
سلافة بنت سعد ، وكانت نذرت أن تشرب في قحفه الخمر لانه قتل ابنيها يوم أحد فحمته
الدبر : فقالوا : امهلوه حتى يمسي فتذهب عنه ، فبعث الله الوادي فاحتمله ، فسمي
حمى الدبر ، وخرجوا بالنفر الثلاثة حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبدالله بن
طارق يده منهم وأخذ سيفه ، واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه ،
فقبر بمر الظهران ، وقدموا بخبيب وزيد مكة فابتاع حجير بن أبي أهاب خبيبا
لابن أخته عقبة بن الحارث ليقتله بأبيه ، وابتاع صفوان بن أمية زيدا ليقتله بأبيه
فحبسوهما حتى خرجت الاشهر الحرم ، ثم أخرجوهما إلى التنعيم فقتلوهما ، و
قال قائل لزيد عند قتله : أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا مكانك ؟ فقال :
والله ما أحب أن محمدا يشاك بشوكة وإني جالس في أهلي ، فقال أبوسفيان : والله
ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد .
وبإسناده عن أبي هريره قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عشرة عينا وأمر عليهم
عاصم بن ثابت حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال
لهم : بنو لحيان ، فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم ، فلما
أحس بهم عاصم وأصحابه لجاؤا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقاولوا لهم : انزلوا فأعطوا
بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا ، فقال عاصم : أيها القوم أما
أنا فلا أنزل في ذمة كافر ، اللهم أخبر عنا نبيك فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما ،
فنزل منهم ثلاثة على العهد منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر ، فلما استمكنوا
منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها ، قال الرجل الثالث : هذا والله أول الغدر والله
لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة ، يريد القتلى ، فجروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم
فقتلوه ، وانطلقوا بخبيب وزيد حتى باعوهما بمكة ، بعد وقعة بدر ، فلبث خبيب
عندهم أسيرا حتى أجمعوا على قتله ، فاستعار من بعض بنات(1)الحارث موسى
(1)ذكر اسمها في الامتاع قال : ماوية مولاة بنى عبد مناف .