الهادي المبين لما جاء به المنذر من عند الله ، وقد احتج قوم من المنافقين على الله تعالى " إن الله لا
يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها " وذلك أن الله تعالى لما أنزل على نبيه
" ولكل قوم هاد " قال طائفة من المنافقين " ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا " فأجابهم
الله تعالى بقوله : " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها " إلى قوله :
" يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ، وما يضل به إلا الفاسقين " فهذا معنى الضلال المنسوب
إليه تعالى لانه أقام لهم الامام الهادي لما جاء به المنذر فخالفوه وصرفوا عنه ، بعد
أن أقروا بفرض طاعته ، ولما بين لهم ما يأخذون وما يذرون فخالفوه ضلوا . هذا
مع علمهم بما قاله النبي صلى الله عليه وآله ، وهو قوله : لا تصلوا علي صلاة مبتورة(1)إذا صليتم
علي بل صلوا على أهل بيتي ولا تقطعوهم مني فإن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة
إلا سببى ونسبي . ولما خالفوا الله تعالى ضلوا فأضلوا فحذر الله تعالى الامة من اتباعهم
فقال سبحانه : " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل "
والسبيل ههنا الوصي ، وقال سبحانه : " ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله
ذلكم وصيكم به " الآية فخالفوا ما وصيهم الله تعالى به واتبعوا أهواءهم فحرفوا دين
الله جلت عظمته وشرائعه ، وبدلوا فرائضه وأحكامه وجميع ما أمروا به ، كما عدلوا
عمن أمروا بطاعته ، وأخذ عليهم العهد بموالاته ، واضطرهم ذلك استعمال الرأي
والقياس فزادهم ذلك حيرة والتباسا . ومنه قوله سبحانه : " وليقول الذين في قلوبهم
مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء " فكان تركهم اتباع
الدليل الذي أقام لهم ضلالة لهم فصار ذلك كأنه منسوب إليه تعالى لما خالفوا أمره
في اتباع الامام ، ثم افترقوا واختلفوا ، ولعن بعضهم بعضا واستحل بعضهم دماء بعض ،
فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تؤفكون . " ص 17 - 20 "
49 - نهج : قال عليه السلام - وقد سئل عن معنى قولهم : لا حول ولا قوة الا بالله - :