مدبرين نافرين ، والمعني بذلك كفار قريش ، وقيل هم الشياطين عن ابن عباس ، وقيل
معناه إذا سمعوا بسم الله الرحمن الرحيم(1)ولوا .
(ولاتجهر بصلوتك)فيه أقوال : أحدها أن معناه لاتجهر باشاعة صلاتك عند
من يؤذيك ، ولاتخافت بها عند من يلتمسها منك ، قال الطبرسي ره روي أن النبي
صلى الله عليه وآله كان إذا صلى جهر في صلاته حتى يسمع المشركون ، فشتموه و
آذوه فأمره سبحانه بترك الجهر ، وكان ذلك بمكة في أول الامر ، وروي ذلك عن
أبى جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام(2)وقال في الكشاف : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع
صوته بقراءته ، فاذا سمعه المشركون لغوا وسبوا ، فأمره بأن يخفض من صوته ، و
المعنى ولاتجهر حتى تسمع المشركين ولاتخافت بها حتى لاتسمع من خلفك ، وابتغ
بين الجهر والمخافتة سبيلا وسطا .
وثانيها : لاتجهر بصلاتك كلها ولاتخافت بها كلها(وابتغ بين ذلك سبيلا)أي
التبعيض على ماعين من السنة .
وثالثها : أن المراد بالصلاة الدعاء وهو بعيد .
ورابعها : أن يكون خطابا لكل واحد من المكلفين أو من باب إياك أعني
واسمعي يا جارة أي لاتعلنها إعلانا يوهم الريا ولا تسترها بحيث يظن بك تركها
والتهاون بها .
وخامسها : لاتجهر جهرا يشتغل به من يصلي بقربك ، ولاتخافت حتى لا
تسمع نفسك كما قال أصحابنا إن الجهر أن ترفع صوتك شديدا والمخافتة ما دون
سمعك ، وابتغ بين ذلك سبيلا أي بين الجهر الشديد والمخافتة ، فلا يجوز الافراط
ولا التفريط ، ويجب الوسط والعدل ، لكن قد علم من السنة الشريفة اختيار بعض
أفراد هذا الوسط في بعض الصلوات كالجهر غير العالي شديدا للرجل في الصبح واوليي
(1)مجمع البيان ج 6 ص 418 .
(2)مجمع البيان ج 6 ص 446 .