بحار الأنوار ج14

قراهم ، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون
على الشجرة التي بها كلة(1)من حرير فيها من أنواع الصور ، ثم يأتون بشاء(2)وبقر
فيذبحونها قربانا للشجرة ، ويشعلون فيها النيران بالحطب ، فإذا سطع دخان تلك الذبائح
وقتارها(3)في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا يبكون
ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجئ فيحرك أغصانها ويصيح من
ساقها صياح الصبي : أني قد رضيت عنكم عبادي ! فطيبوا نفسا ، وقروا عينا ، فيرفعون
رؤوسهم عند ذلك ، ويشربون الخمر ، ويضربون بالمعازف ،(4)ويأخذون الدستبند ،
فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون ، وإنما سمت العجم شهورها بأبان
ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد
شهر كذا ، وعيد شهر كذا ، حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى(5)اجتمع إليها صغيرهم
وكبيرهم ، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور ،
وجعلوا له اثني عشر بابا كل باب لاهل قرية منهم ، ويسجدون للصنوبرة خارجا من
السرادق ، ويقربون لها الذبائح أضعاف ماقربوا للشجرة التي في قراهم فيجئ إبليس
عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا ، ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ، و
يعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها ، فيرفعون رؤوسهم من السجود ،
وبهم من الفرح والنشاط ما لايفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف ،(6)فيكونون
على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ، ثم ينصرفون ، فلما طال


(1)الكلة بالكسر : الستر الرقيق . غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض ويعرف
(بالناموسية)ويقال بالفارسية(پشه بند)وفي العرائس : يضربون على تلك الشجرة مظلة من حرير
فيها اصناف الصور .
(2)جمع الشاة .
(3)القتار بضم : الدخان من المطبوخ .
(4)المعازف : آلات الطرب كالطنبور والعود .
(5)في العيون : عيد شهر قريتهم العظمى .
(6)في العرائس : ولا يتكلمون معه فيديمون الشرب والمعازف ويكونون .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه