بحار الأنوار ج1

يستكمل العقل ، ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته ، وما يضمر النبي في نفسه
أفضل من إجتهاد المجتهدين ، وما أدى العاقل فرائض الله حتى عقل منه ، ولا بلغ جميع
العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل ، إن العقلاء هم اولوا الالباب الذين قال الله
عزوجل : إنما يتذكر اولوا الالباب .
ايضاح : من شخوص الجاهل أي خروجه من بلده ومسافرته إلى البلاد طلبا لمرضاته
تعالى كالجهاد ، والحج ، وغيرهما . وما يضمر النبي في نفسه أي من النيات الصحيحة ،
والتفكرات الكاملة ، والعقائد اليقينية ، وما أدي العاقل فرائض الله حتى عقل منه أي
لا يعمل فريضة حتى يعقل من الله ويعلم أن الله أراد تلك منه ، ويعلم آداب إيقاعها ،
ويحتمل أن يكون المراد أعم من ذلك ، أي يعقل ويعرف ما يلزمه معرفته ، فمن إبتدائية
على التقديرين ، ويحتمل على بعد أن يكون تبعيضية : أي عقل من صفاته وعظمته و
جلاله ما يليق بفهمه ، ويناسب قابليته واستعداده . وفي أكثر النسخ وما أدى العقل و
يرجع إلى ما ذكرنا ، إذ العاقل يؤدي بالعقل . وفي الكافي وما أدى العبد فرائض الله
حتى عقل عنه . أي لا يمكن للعبد أداء الفرائض كما ينبغي إلا بأن يعقل ويعلم من جهة
مأخوذة عن الله بالوحي ، أو بأن يلهمه الله معرفته ، أو بأن يعطيه الله عقلا موهبيا ، به
يسلك سبيل النجاة .
13 - سن : بعض أصحابنا رفعه ، قال : ما يعبا من أهل هذا الدين بمن لا عقل له .
قال : قلت جعلت فداك إنا نأتي قوما لا بأس بهم عندنا ممن يصف هذا لامر ليست لهم
تلك العقول ، فقال : ليس هؤلاء ممن خاطب الله في قوله : يا اولي الالباب . إن الله خلق
العقل ، فقال له : أقبل فأقبل : ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت
شيئا أحسن منك ، وأحب إلي منك ، بك آخذ وبك اعطي .
بيان : ما يعبا أي لا يبالي ولا يعتني بشأن من لا عقل له من أهل هذا الدين ، فقال
السائل : عندنا قوم داخلون في هذا الدين ، غير كاملين في العقل فكيف حالهم ؟ فأجاب
عليه السلام بأنهم وإن حرموا عن فضائل أهل العقل لكن تكاليفهم أيضا أسهل وأخف ، وأكثر
المخاطبات في التكاليف الشاقة لاولي الالباب .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه