بحار الأنوار ج11

وعن العجب بأن مدح النفس غير ممنوع منه مطلقا ، كما قال تعالى : " وأما بنعمة
ربك فحدث " على أنهم إنما ذكروه لتتمة تقرير الشبهة .
وعن الاعتذار بأنه لا يستلزم الذنب بل قد يكون لترك الاولى .
ثم إن العلماء ذكروا في إخبار الملائكة عن الفساد والسفك وجوها .
منها : أنهم قالوا ذلك ظنا لما رأوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم عليه السلام في
الارض ، وهو المروي عن ابن عباس والكلبي ، ويؤيده ما رويناه عن تفسير الامام عليه السلام
سابقا ، أو أنهم عرفوا خلقته وعلموا أنه مركب من الاركان المتخالفة والاخلاط المتنافية
الموجبة للشهوة التي منها الفساد والغضب الذي منه سفك الدماء .
ومنها أنهم قالوا ذلك على اليقين ، لما يروى عن ابن مسعود وغيره أنه تعالى لما قال
للملائكة : " إني جاعل في الارض خليفة " قالوا ربنا : وما يكون الخليفة ؟ قال : تكون
له ذرية يفسدون في الارض ، ويتحاسدون ، ويقتل بعضهم بعضا ، فعند ذلك قالوا : ربنا
أتجعل فيها ، أو أنه تعالى كان قد أعلم الملائكة أنه إذا كان في الارض خلق عظيم أفسدوا
فيها ، ويسفك الدماء ،(1)أو أنه لما كتب القلم في اللوح ما هو كائن إلى يوم القيامة فلعلهم
طالعوا اللوح فعرفوا ذلك ، أو لان معنى الخليفة إذا كان النائب عن الله في الحكم والقضاء ،
والاحتياج(2)إنما يكون عند التنازع والتظالم ، كأن الاخبار عن وجود الخليفة إخبار
عن وقوع الفساد والشر بطريق الالتزام ، وقيل : لما خلق الله النار خافت الملائكة خوفا
شديدا فقالوا : لم خلقت هذه النار ؟ قال : لمن عصاني من خلقي ، ولم يكن يومئذلله خلق
إلا الملائكة ، فلما قال : " إني جاعل في الارض خليفة " عرفوا أن المعصية منهم ، وجملة
القول في ذلك أنه لما ثبت بالنصوص وإجماع الفرقة المحقة عصمة الملائكة لابد من تأويل
ما يوهم صدور المعصية منهم على نحو مامر في عصمة الانبياء عليهم السلام .
57 - ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان(3)


(1)في المطبوع : وأسفكوا الدماء .
(2)أى والاحتياج بوجود الخليفة .
(3)الحديث ضعيف بمقاتل بن سليمان ، والرجل هو مقاتل بن سليمان بن بشير الازدى الخراسانى
ابوالحسن البلخى المفسر نزيل مرو ، يقال له ابن دوال دوز ، عدوه أصحابنا في كتبهم الرجالية
من البترية ومن العامة ، ورماه العامة ، ورماه العامة بالكذب والتجسيم ، راجع تقريب ابن حجر ص 505(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه