بحار الأنوار ج61

من الصبي الذين لا يعرف هذه الامور ، فبأن يمتنع ذلك فيها أولى ، وإذا ثبت أنها
لا تعرف الله استحال كونها مسبحة له بالنطق فثبت أنها لا تسبح الله إلا بلسان الحال .
ثم ذكر كثيرا من الحيل الدقيقة الصادرة عن الحيوانات كما سيأتي ، واستدل
بهاعلى شعورها وعقلها ، ثم قال : والاكياس من العقلاء يعجزون عن أمثال هذه
الحيل ، فاذا جاز ذلك فلم لا يجوز أن يقال : إنها ملهمة عن الله سبحانه بمعرفته والثناء
عليه وكانت(1)غير عارفة بسائر الامور التي يعرفها الناس ؟ ولله در شهاب السمعاني حيث
قال : جل جناب العز والجلال ، عن أن يوزن بميزان الاعتزال(2).
وقال في قوله سبحانه : " والله خلق كل دابة من ماء " في هذه الآية سئوالات :
الاول : قال الله : " خلق كل دابة من ماء " مع أن كثيرامن الحيوانات غير
مخلوقة من الماء كالملائكة(3)، وهو أعظم المخلوقات عددا ، وأنهم(4)مخلوقون
من النور ، وأما الجن فهم مخلوقون من النار ، وخلق الله آدم من التراب(5)
وخلق الله عيسى من الريح لقوله : " فنفخنا فيه من روحنا "(6).
وأيضا نرى أن كثيرا من الحيوانات يتولد لا عن النطفة .
والجواب من وجوه :
أحدها وهو الاحسن ماقاله القفال : وهو أن " من ماء " صلة " كل دابة "

وليس هو من صلة " خلق " والمعنى أن كل دابة متولدة من الماء فهى مخلوقة لله .
وثانيها : أن أصل جميع المخلوقات الماء على ما روي " أول ما خلق الله تعالى
جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء ثم من ذلك الماء خلق النار والهواء والنور "


(1)في المصدر : وان كانت .
(2)تفسير الرازى 24 : 10 - 12 .
(3)في المصدر : اما الملائكة .
(4)في المصدر : وهم مخلوقون .
(5)زاد في المصدر : لقوله : " خلقه من تراب " أقول : الاية في آل عمران : 59 .
(6)التحريم : 12 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه