بحار الأنوار ج21

الخروج الذي عزموا عليه ، لا عن الخروج الذي أمرهم به ، لان الاول كفر ، والثاني طاعة " وقيل اقعدوا مع القاعدين " أي مع النساء والصبيان والقائلون
أصحابهم الذين نهوهم عن الخروج مع النبي صلى الله عليه واله للجهاد أو النبي صلى الله عليه و اله على وجه
التهديد والوعيد ، لا على وجه الاذن ، ويجوز أن يكون على وجه الاذن لهم في
العقود الذي عاتبه الله عليه ، إذ كان الاولى أن لايأذن لهم ليظهر للناس نفاقهم ، ثم
بين سبحانه وجه الحكمة في كراهية انبعاثهم وتثبيطهم عن الخروج فقال : " لو
خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا " أي شرا وفسادا ، وقيل : غدرا و مكرا ، و
قيل : عجزا وجبنا ، أي أنهم كانوا يجبنونكم عن لقاء العدو بتهويل الامر عليكم
" ولاوضعوا خلالكم " أي لاسرعوا في الدخول بينكم بالتضريب والافساد والنميمة
يريد ولسعوا فيما بينكم بالتفريق بين المسلمين ، وقيل : أي لاوضعوا إبلهم خلالكم
يتخلل الراكب الرجلين حتى يدخل بينهما فيقول ما لا ينبغي " يبغونكم الفتنة " بعدو الابل وسطكم ، ومعنى يبغونكم لكم أو فيكم ، أي يطلبون لكم المحنة
باختلاف الكلمة والفرقة ، وقيل أي يبغونكم أن تكونوا مشركين ، والفتنة :
الشرك ، وقيل : أي يخو فونكم بالعدو ، ويخبر ونكم أنكم منهزمون(1)وأن عدوكم
سيظهر عليكم " وفيكم سماعون لهم " أي وفيكم عيون للمنافقين ينقلون إليهم ما
يسمعون منكم ، وقيل : معناه وفيكم قابلون منهم عند سماع قولهم ، يريد ضعفة
المسلمين " والله عليم بالظالمين " أي بهؤلاء المنافقين الذين ظلموا أنفسهم ، لما أضمروا
عليه من الفساد ، منهم عبدالله بن أبي ، وجد بن قيس ، وأوس بن قبطي(2)ثم
أقسم الله سبحانه فقال : " لقد ابتغوا الفتنه من قبل " الفتنة اسم يقع على كل سوء و
شر ، والمعنى لقد طلب هؤلاء المنافقون اختلاف كلمتكم ، و تشتيت أهوائكم ، و
افتراق آرائكم من قبل غزوة تبوك ، أي في يوم أحد حين انصرف عبدالله بن أبي
بأصحابه ، وخذل النبي صلى الله عليه واله فصرف الله سبحانه عن المسلمين فتنتهم ، وقيل : أراد


(1)مهزومون خ ل .
(2)هكذا في الكتاب ومصدره ، وفي السيرة : اوس بن قيظى .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه