بحار الأنوار ج79

المحبين الذين كان يسر بهم الناظرون ، وتقربهم العيون ، أضحوا قد اخترمتهم الايام
ونزل بهم الحمام ، فخلفوا الخلوف ، وأودت بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر
الموتى ، متجاورون في غير محلة التجاور ، ولا صلات بينهم ولا تزاور ، لا يتلاقون
عن قرب جوارهم ، أجسامهم نائية من أهلها ، خالية من أربابها ، قد أخشعها إخوانها
فلم أر مثل دارها دارا ، ولا مثل قرارها قرارا ، في بيوت موحشة ، وحلول مضجعة
قد صارت في تلك الديار الموحشة ، وخرجت من الديار المونسة ، ففارقتها من غير
قلى ، فاستودعتها للبلى ، وكانت أمة مملوكة سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الاولون
وسيصير إليها الاخرون ، والسلام(1).
بيان : فعند الله(أحتسبها)أي أحتسب الاجر بصبري على مصيبتها ، وفجعته
المصيبة : أي أوجعته وكذلك التفجيع ، والحفاوة المبالغة في السؤال عن الرجل
والعناية في أمره واخترمهم الدهر : أي اقتطعهم واستأصلهم ، والحمام بالكسر قدر
الموت ، وقال الفيروزآبادي(2)الخلف بالتحريك والسكون كل من يجئ
بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر ، وفي حديث ابن مسعود
ثم إنه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف .
وأودى به الموت ذهب ، والحتوف بالضم جمع الحتف وهو الموت ، وعن في
قوله(عن قرب جوارهم)لعلها للتعليل ، أي لا يقع منهم الملاقات الناشية عن
قرب الجوار ، بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم ، قوله عليه السلام قد
أخشعها كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام ، وفي بعضها بالجيم ، والجشع الجزع
لفراق الالف ، ولا يبعد أن يكون تصحيف اجتنبها ، والحلول بالضم جمع حال
من قولهم حل بالمكان أي نزل فيه ، ومضجعه بضم الجيم من أضجعه وضع جنبه
إلى الارض ، وفي أكثر النسخ مخضعه ، والقلى بالكسر البغض .
55 ثواب الاعمال : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن


(1)أمالى الطوسى ج 1 ص 205 .
(2)هذا من سهوالقلم ، والصحيح قال الجزرى .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه