بحار الأنوار ج11

قال مجاهد : أراد به محمد صلى الله عليه وآله فإنه فضله على أنبيائه بأن بعثه إلى جميع المكلفين من
الجن والانس بأم أعطاه جميع الآيات التي أعطاها من قبله من الانبياء ، وبأن خصه
بالقرآن وهو المعجزة القائمة إلى يوم القيامة ، وبأن جعله خاتم النبيين " البينات " أي
المعجزات " ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم " أي من بعد الرسل ، بأن كان يلجئهم إلى
الايمان ، لكنه ينا في التكليف ، وقيل : معناه : لو شاء الله ما أمرهم بالقتال " من بعد جاء‌تهم
البينات " من بعد وضوح الحجة ، فإن المقصود من بعثة الرسل قد حصل بإيمان من
آمن قبل القتال " ولو شاء الله ما اقتتلوا " كرر تأكيدا ، وقيل : الاول مشية الاكراه ،
والثاني الامر للمؤمنين بالكف عن قتالهم " ما يريد " أي ما تقتضيه المصلحة .(1)
" إن الله اصطفى " أي اختار واجتبى " آدم ونوحا " لنبوته " وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين " أي على عالمي زمانهم ، بأن جعل الانبياء منهم ، وقيل : اختار دينهم ، وقيل :
اختارهم بالتفضيل على غيرهم بالنبوة وغيرها من الامور الجليلة لمصالح الخلق . وقوله :
" وآل إبراهيم وآل عمران " قيل : أراد نفسهما ، وقيل : آل إبراهيم أولاده ، وفيهم من فيهم
من الانبياء ، وفيهم نبينا صلى الله عليه وآله ، وقيل : هم المتمسكون بدينه ، وأما آل عمران فقيل : هم
من آل إبراهيم أيضا ، فهم موسى وهارون ابنا عمران ، وهو عمران بن يصهربن ماهت(2)
ابن لاوي بن يعقوب ، وقيل بعني بآل عمران مريم وعيسى وهو عمران أشهم(3)بن
أمون من ولد سليمان عليه السلام ، وهو أبومريم ، وفي قراء‌ة أهل البيت عليهم السلام : " وآل محمد
على العالمين " وقالوا أيضا : إن آل إبراهيم هم آل محمد الذينهم أهله ، ويجب أن يكون
الذين اصطفاهم الله مطهرين معصومين عن القبائح ، لانه سبحانه لا يختار يصطفي إلا
من كان كذبك ، ويكون ظاهره مثل باطنه في الطهارة والعصمة ، فعلى هذا يختص الاصطفاء
بمن كان معصوما من آل إبراهيم وآل عمران سواء كان نبيا أو إماما ، ويقال : الاصطفاء
على وجهين : أحدهما أنه اصطفاه لنفسه ، أي جعله خالصا له يختص به ، والثاني أنه


(1)مجمع البيان 2 . 359 . م
(2)الصحيح كما في المصدر وفى العرائس للثعلبى : يصهر بن قاهت .
(3)في المصدر : الهشم ، وفى العرائس : عمران بن ساهم بن امور بن ميشا ، وحكى فيه عن
ابن عباس أنه عمران بن ماثان ، وبنو ماثان رؤوس بنى اسرائيل واحبارهم وملوكهم(*).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه