الكرم الوفاء بالذمم ، والصدود آية المقت(1)وكثرة آية البخل ، ولبعض
إمساكك على أخيك مع لطف خير من بذل مع جنف(2)ومن الكرم صلة الرحم
ومن يثق بك أوير جوصلتك إذا قطعت قرابتك ؟(3)التجرم وجه القطيعة ، احمل
نفسك من أخيك عند صرمه إياك على الصلة(4)، وعند صدوره على لطف المسألة ، وعند
جموده على البذل(5)وعند تباعده على الدنو ، وعند شدته على اللين ، وعند تجرمه(6)
على الاعذار حتى كأنك له عبد وكأنه ذوالنعمة عليك ، وإياك أن تصنع ذلك
في غير موضعه ، أو تفعله في غير أهله .
ولا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ، ولا تعمل بالخديعة فانه خلق
لئيم ، وامحض أخاك النصيحة ، حسنة كانت أو قبيحة ، وساعده على كل حال ، وزل
معه حيث زال ، ولا تطلبن مجازاة أخيك وإن حثا التراب بفيك(7)وجد على عدوك
بالفضل فانه أحرى للظفر ، وتسلم من الدنيا بحسن الخلق وتجرع الغيظ ، فاني لم
أرجرعة أحلى منه عاقبة ولا ألذمنها مغبة(8)ولا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه
(1)الذمم - بكسر الاول وفتح الثانى - : جمع الذمة : العهد والامان والضمان ، والصدود
الاعراض والميل عن الشئ . والمقت شدة البغض .
(2)الجنف : الجور ، وربما كان الامساك مع حسن الخلق خير من البذل مع الجور
قال الله تعالى في سورة البقرة : 265 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى .
(3)يعنى بعد اذ أنت قطعت رحمك فمن ذا الذى يثق بك أوير جوصلتك ؟ . وقوله
والتجرم وجه القطيعة لان التجرم اتيان الجرم أو حصوله مرة بعد مرة وذلك موجب
للقطيعة .
(4)الصرم - بالضم اوالفتح - القطيعة . وقوله على الصلة متعلق باحمل نفسك أى
ألزم نفسك بصلة صديقك اذا قطعك وهكذا بعده .
(5)المراد بالجمود : البخل .
(6)التجرم : تفعل من باب جرم بمعنى حصول الجرم مرة بعد مرة .
(7)حثا التراب أى صبه .
(8)المغبة - بشد الباء الموحدة - : العاقبة . أى لكظم الغيظ لذة تجدها النفس عند الافاقة
منه ، وهى ألذ وأحلى من لذة الانتفام وهى الخلاص من الضرر المعقب لفعل الغضب .