بحار الأنوار ج64

سماوات ومن الارض مثلهن "(1).
قوله عليه السلام " ففلق الطين فلقتين " ضمير فلق إما راجع إلى الله أو إلى جبرئيل
وكذا قوله " فذرا " وفي القاموس : فلقه يفلقه شقه كفلقه ، وفالق الحب خالقه
أو شاقه بإخراج الورق منه ، وقال : ذرت الريح الشئ أو أذرته ، وذرته أطارته
وأذهبته وذرا هو بنفسه .
اقول : الكلام يحتمل وجوها :
الاول أن يكون قوله " ففلق " تفريعا وتأكيدا لما مضى أي فصار بقبض
بعض الطين باليمين وبعضه بالشمال الطين صنفين . ففرق من الارض أي ما كان في
يده من طين الارض ، وكذا الثاني ، فقال الله أو جبرئيل للذي بيمينه قبل الذرو
أو للذي كان بيمينه بعده .
الثاني أن يكون المعنى ففلق كل طين من الطينتين فلقه ، أي جعل كلا
منهما حصتين ففرق من كل طين حصة ليكون طينة للمستضعفين والاطفال و
المجانين ، وقال لما بقي في اليمين : " منك الرسل " الخ ولما بقي في الشمال " منك
الجبارون " الخ وعلى هذا لعل إرجاع الضمائر إلى الله أولى ، فيقرء " اريد "
في الموضعين بصيغة المتكلم ، وعلى الوجه الآخر يقرء بصيغة الغائب المجهول .
الثالث ما ذكره بعض الافاضل حيث قال : كأن الفلق كناية عن إفراز ما
يصلح من المادتين لخلق الانسان ، وإنما ذرا من كل منهما ما ذرا ، لانه كان
فيهما ما ليس له مدخل في خلق الانسان وإنما كان مادة لسائر الاكوان خاصة .
قوله عليه السلام : " ثم إن الطينتين خلطتا " أي ما كان في اليدين أو جميع
الطينتين المذروء منهما وغير المذروء .
قوله عليه السلام : " فالحب طينة المؤمن " هذا بطن من بطون الاية ، وعلى
هذا التأويل المراد بالفلق شق كل منهما وإخراج الآخر منه ، أو شق كل منهما


(1)الطلاق : 12 ، ولكنها لا تدل على أن الارض ذات طباق كالسماوات ولعل المراد
مثلهن عددا ، أو مثلهن قطعا فينطبق مع سبع قارات لارضنا هذه التى نحن عليها .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه