إليه نفسه المجردة الباقية بعد خراب البدن ، ولا يضرنا كونه غير البدن الاول بحسب
الشخص ، ولا امتناع إعادة المعدوم بعينه ، وما شهد به النصوص من كون أهل الجنة
جردا مردا وكون ضرس الكافر مثل جبل احد يعضد ذلك ، وكذا قوله تعالى : " كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها "(1)ولا يبعد أن يكون قوله تعالى : " أوليس
الذي خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم "(2)إشارة إلى هذا .
فإن قيل : فعلى هذا يكون المثاب والمعاقب باللذات والآلام الجسمانية غير من
عمل الطاعة وارتكب المعصية . قلنا : العبرة في ذلك بالادراك ، وإنما هو للروح ولو
بواسطة الآلات وهو باق بعينه ، وكذا الاجزاء الاصلية من البدن ، ولذا يقال للشخص
من الصباء إلى الشيخوخة : إنه هو بعينه وإن تبدلت الصور والهيئات بل كثير من الاعضاء
والآلات ، ولا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب : إنها عقوبة لغير الجاني انتهى .
أقول : الاحوط والاولى التصديق بما تواتر في النصوص وعلم ضرورة من ثبوت
الحشر الجسماني ، وسائر ما ورد فيها من خصوصياته ، وعدم الخوض في أمثال ذلك ،
إذ لم نكلف بذلك ، وربما أفضى التفكر فيها إلى القول بشئ لم يطابق الواقع ولم نكن
معذورين في ذلك ، والله الموفق للحق والسداد في المبدء والمعاد .
(1)النساء : 55 .
(2)يس : 82 .(*)