أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم ، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه ، وروي أنه أرميا النبي ، فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فاذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم ، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا : سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ، وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت ، والملك والسلطان في بيت آخر ، لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد ، فمن ذلك قالوا : (1) " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " فقال لهم نبيهم : " هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا " وكان كما قال الله تبارك وتعالى : " فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم " (2) فقال لهم نبيهم : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " فغضبوا من ذلك وقالوا : " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال " وكانت النبوة في ولد لاوي ، والملك في ولد يوسف ، وكان طالوت من ولد ابن يامين (3) أخي يوسف لامه ، لم يكن من بيت النبوة ، ولا من بيت المملكة ، فقال لهم نبيهم : " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وكان أعظمهم جسما وكان شجاعا قويا وكان أعلمهم إلا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر ، فقالوا : " لم يؤت سعة من المال " فقال لهم نبيهم : " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " وكان التابوت الذي أنزله الله على موسى فوضعته فيه امه وألقته في اليم ، فكان في بني إسرائيل بتبركون به ، (4) فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الالواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به ، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل
(1) في المصدر : فمن ذلك قالوا لنبى لهم : " ابعث اه " . (2) قد ذكر في المصدر تتمة الاية وهى : " والله عليم بالظالمين " . (3) هكذا في النسخ والمصدر ، وهو مصحف بنيامين ، وفى المصدر : أخو يوسف لامه و أبيه ، وتقدم الخلاف في ذلك في باب قصص يوسف عليه السلام . (4) في المصدر : وكان في بنى اسرائيل معظما يتبركون به . (*)