بحار الأنوار ج60

لا تظهر عن(1)الفاسق . ونقل النووي في زيادات الروضة عن المستولى(2)نحو ذلك
وينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه ، فإن كان متمسكا بالشريعة متجنبا
للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة ، وإلا فهو سحر ، لانه ينشأ عن
أحد أنواعه كاعانة الشياطين .
وقال القرطبي : السحر حيل صناعية يتوصل إليها بالاكتساب ، غير أنها
لدقتها لا يتوصل إليها إلا آحاد الناس . ومادتها الوقوف على خواص الاشياء ، والعلم
بوجوه تركيبتها وأوقاته ، وأكثرها تخييلات بغير حقيقة ، وإيهامات بغير ثبوت ، فيعظم
عند من لا يعرف ذلك ، كما قال الله تعالى عن سحرة فرعون " وجاؤا بسحر عظيم "(3)
مع أن حبالهم وعصيهم لم تخرج عن كونها حبالا وعصيا .
ثم قال : والحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرا في القلوب ، كالحب والبغض
وإلقاء الخير والشر في الابدان بالالم والسقم ، وإنما المنكر أن الجماد ينقلب
حيوانا وعكسه بسحر الساحر ونحو ذلك انتهى .
وقال شارح المقاصد : السحر إظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة
بمباشرة أعمال مخصوصة يجري فيها التعلم والتلمذ ، وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة
والكرامة ، وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المعترض ، وبأنه يختص ببعض الازمنة
أو الامكنة أو الشرائط ، وبأنه قد يتصدى لمعارضته ويبذل الجهد في الاتيان بمثله
وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق ، ويتصف بالرجس في الظاهر والباطن ، والخزي في
الدنيا والآخرة ، إلى غير ذلك من وجوه المفارقة . وهو عند أهل الحق جائز عقلا
ثابت سمعا وكذلك الاصابة بالعين .
وقالت المعتزلة : هو مجرد إراء‌ة مالا حقيقة له بمنزلة الشعبدة التي سببها خفة
حركات اليد أو خفاء وجه الحيلة فيه .


(1)في إكثر النسخ : على فاسق .
(2)المستوفى(خ).
(3)الاعراف : 116 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه