أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي يدرج(1)،
فقلت : يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم ؟ قال : على رسلك(2). ثم
جلس مستندا إلى الحائط . ثم قال : توق شطوط الانهار ومساقط الثمار وأفنية
المساجد وقارعة الطريق(3). وتوار خلف جدار ، وشل ثوبك(4)ولا تستقبل القبلة
ولا تستدبرها ، وضع حيث شئت ، فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له ، ما اسمك ؟
فقال : أنا موسى بن جعفربن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . فقلت
له : يا غلام ممن المعصية ؟ فقال عليه السلام إن السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث :
إما أن تكون من الله - وليست منه - فلا ينبغي للرب أن يعذب العبد على مالا
رسول الله لاخذ بكثير من قولى ، ونقل الخطيب في تاريخ بغداد بعضها ويعاب عليه
بقواعد العربية . مات سنة 150 واتفق أنه في يوم وفاته ولد الشافعى ودفن في مقبرة الخيزران
ببغداد وهى مشهورة معروفة عند العامة بالامام الاعظم وبنى شرف الملك أبوسعد محمد بن منصور
الخوارزمى مستوفى مملكة السلطان ملكشاه السلجوقى على قبره مشهدا وقبة وبنى عنده
مدرسة كبيرة للحنفية وقيل : ان الذى أمر ببناء هذه العمارة هو الب أرسلان محمد والد السلطان
ملكشاه وكان الامير أبوسعد نائبا عليها . وفى الاخبار : ان أبا حنيفة : جاء يوما إلى الصادق
عليه السلام ليسمع منه وخرج عليه السلام يتوكأ على عصا فقال له أبوحنيفة يا ابن رسول الله
ما بلغت من السن ما يحتاج منه إلى العصا قال : هو كذلك ولكنها عصا رسول الله صلى الله عليه وآله
اردت أتبرك بها فوثب أبوحنيفة اليها وقال له : اقبلها يا ابن رسول الله ؟ فحسر عليه السلام عن
ذراعه وقال : والله لقد علمت أن هذا بشر رسول الله صلى الله عليه وآله وان هذا من شعره فما
قبلته وتقبل عصاه .
(1)درج الصبى : مشى قليلا في أول ما يمشى .
(2)الرسل والرسلة : الرفق والتمهل . يقال : على رسلك يا رجل أى على مهلك .
(3)قارعة الطريق : أعلاه ومعظمه وهى موضع قرع المارة .
(4)أى ارفع ثوبك . - من شال يشول شولا الشئ أى رفعه .