بحار الأنوار ج8

جهتهم فنظروا إليهم ، وإنما قال كذلك لان نظرهم نظر عدواة فلا ينظرون إليهم إلا
إذا صرفت وجوههم إليهم قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين أي لا تجمعنا وإياهم
في النار . وروي أن في قراء‌ة ابن مسعود وسالم : وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار
قالوا ربنا عائذابك أن تجعلنا مع القوم الظالمين وري ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام .
ونادى أصحاب الاعراف رجالا من أصحاب النار يعرفونهم بسيماهم أي بصفاتهم
يدعونهم بأساميهم وكناهم ، ويسمون رؤساء المشركين ، عن ابن عباس ، وقيل : بعلاماتهم التي جعلها الله تعالى لهم من سواد الوجوه وتشويه الخلق وزرقة العين ، وقيل :
بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا قالوا ما أغنى عنكم جمعكم الاموال و
العدد في الدنيا وماكنتم تستكبرون أي واستكباركم من عبادة الله تعالى وعن قبول
الحق وقد كنا نصحناكم فاشتغلتم بجمع الاموال وتكبرتم فلم تقبلوا منا ، فأين ذلك
المال ؟ وأين ذلك التكبر ؟ وقيل : معناه : مانفعكم جماعتكم التي استندتم إليها وتجبر كم
عن الانقياد لانبياء‌الله في الدنيا أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة أي حلفتم أنهم
لا يصيبهم الله برحمة وخير ولا يدخلون الجنة كذبتم ، ثم يقولون لهؤلاء ادخلوا الجنة
لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون أي لا خائفين ولا محزونين ، على أكمل سرور وأتم
كرامة ، والمراد بهذا تقريع الذين أزروا على ضعفاء المؤمنين(1)حتى خلفوا أنهم
لا خيرلهم عندالله .
وقد اضطربت أقوال المفسرين في القائل لهذا القول ، فقال الاكثرون : إنه كلام
أصحاب الاعراف ، وقيل : هو كلام الله تعالى ، وقيل : كلام الملائكة ، والصحيح ما
ذكرناه لانه المروي عن الصادق عليه السلام .
ونادى أصحاب النار وهم المخلدون فيها أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من
الماء أي صبوا علينا من الماء نسكن به العطش ، أو ندفع به حرالنار أو مما رزقكم
الله أي أعطاكم الله من الطعام قالوا يعني أهل الجنة جوابا لهم : إن الله حرمهما
على الكافرين .


(1)أرزى عليه عمله : عاتبه أو عابه عليه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه