بحار الأنوار ج55

الذين أحسنوا)أي فعلوا الاعمال الحسنة(بالحسنى)أي بالمثوبة الحسنى ، أو
بأحسن من أعمالهم وجزائها ، أو بسبب الفعلة الحسنى ، فالباء في الموضعين إما للصلة
أو للسببية فالظرفان متعلقان بالجزاء ، وتعلقهما بأساؤوا وأحسنوا كما توهم بعيد
وأوسط التقادير الثلاثة المتقدمة أظهر ، لدلالته على جزاء السيئة بالمثل والحسنة
بأضعافها .
(اللهم)أصله يا الله ، حذف حرف النداء وعوض عنه الميم المشددة(فلك
الحمد)لما حمده سبحانه على خلق مطلق الليل والنهار حمده تعالى على خصوص اليوم
الذي هو فيه والنعم التي اشتمل عليها ، وتقديم الظرف للحصر(على مافلقت)أي
شققت(لنا)أي لانتفاعنا(من الاصباح)وهو في الاصل مصدر(أصبح)أي دخل
في الصباح ، سمي به الصبح(ومتعتنا به)أي على ما صيرتنا ذوي تمتع وانتفاع
بسببه(من ضوء النهار)الاضافة بتقدير اللام أو بيانية(وبصرتنا)أي على ما
جعلتنا مبصرين له وبصراء به بسبب النهار(من مطالب الاقوات)بالاضافة البيانية
أو اللامية ، أي المواضع التي يطلب منها القوت ، والاعمال التي هي مظنة حصوله
والقوت : يا يقوم به بدن الانسان من الطعام(ووقيتنا)أي وعلى ما وقيتنا وحفظتنا
منه في ذلك الصبح(من طوارق الآفات)بالاضافة البيانية أو إضافة الصفة إلى
الموصوف ، والطارق في الاصل من يأتي بالليل لاحتياجه إلى طرف الباب غالبا ، و
يستعمل غالبا في الشرور الواقعة بالليل وقديعم بما يشمل ما يقع بالنهار أيضا ، فالمراد
هنا آفات البارحة أو مطلقا . ثم اعلم أن لفظة(ما)الظاهرة في الفقرة الاولى
والمقدرة فيما بعدها من الجمل الثلاث موصولة ، وضمير(به)المذكورة في الجملتين
والمقدر في غيرهما عائد إليها ، و(من)في المواضع الاربعة لبيان الموصول ، ويمكن
أن تكون(ما)مصدرية في الجميع أو في سوى الاولى ، والضمائر راجعة إلى
الاصباح أو فلقه فيكون(من)في قوله(من مطالب)بمعنى الباء كما في قوله تعالى
(ينظرون من طرف خفي(1))ثم الحمد في الفقرة الثانية يشمل العميان أيضا فانهم


(1)الشورى : 45 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه