فسألته بعزة الله أن لا يأخذ منها شيئا حتى تتضرع إلى الله تعالى وتضرعت فأمره الله
تعالى بالانصراف عنها ، فأمر الله ميكائيل فاقشعرت وتضرعت وسألت فأمره الله تعالى
بالانصراف عنها ، فأمر الله إسرافيل بذلك فاقشعرت وسألت وتضرعت فأمره الله
بالانصراف عنها ، فأمر عزرائيل فاقشعرت وتضرعت فقال : قد أمرني ربي بأمر أنا ماض
له ، سرك ذاك أم ساءك ، فقبض منها كما أمر الله ، ثم صعدبها إلى موقفه فقال الله له : كما
وليت قبضها من الارض وهي كارهة كذلك تلي قبض أرواح كل من عليها وكل ما قضيت
عليه الموت من اليوم إلى يوم القيامة ، فلما كان صباح يوم الاحد الثاني اليوم الثامن من
خلق الدنيا فأمر الله ملكا فعجن طينة آدم فخلط بعضها ببعض ، ثم خمرها أربعين سنة ،
ثم جعلها لازبا ،(1)ثم جعلها حمأ مسنونا أربعين سنة ، ثم جعلها صلصالا(2)كالفخار
أربعين سنة ، ثم قال للملائكة بعد عشرين ومائة سنة مذخمر طينة آدم : " إنى خالق بشرا
من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " فقالوا : نعم ، فقال في
الصحف ما هذا لفظه : فخلق الله آدم على صورته التي صورها في اللوح المحفوظ .
يقول علي بن طاوس : فأسقط بعض المسلمين بعض هذا الكلام وقال :(إن الله خلق
آدم على صورته)فاعتقد الجسم ، فاحتاج المسلمون إلى تأويلات الحديث .
وقال في الصف : ثم جعلها جسدا ملقى على طريق الملائكة التي(الذي خ ل)
تصعد فيه إلى السماء أربعين سنه . ثم ذكر تناسل الجن وفسادهم ، وهرب إبليس منهم إلى
الله وسؤاله أن يكون مع الملائكة وإجابة سؤاله ، وما وقع من الجن حتى أمر الله إبليس
أن ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل وطردهم عن الارض التي أفسدوا فيها ، وشرح كيفية
خلق الروح في أعضاء آدم واستوائه جالسا ، وأمر الله الملائكة بالسجود فسجدوا له إلا
إبليس كان من الجن فلم يسجد له . فعطس آدم فقال الله : يا آدم قل : الحمد لله رب العالمين
فقال : الحمد لله رب العالمين ، قال الله : رحمك الله ، لهذا خلقتك لتوحدني وتعبدني وتحمدني
وتؤمن بي ، ولا تكفربي ولا تشرك بي شيئا .(3)
اقول : تمامه في كتاب السماء والعالم .
(1)اللازب : اللاصق اى الطين الملتزج المتماسك الذى يلزم بعضه بعضا .
(2)تقدم قريبا معنى الصلصال وغيره .
(3)سعد السعود 33 - 34(*).