بحار الأنوار ج57

واحدة كحركة السفينة إذا كانت سائرة من غير اضطراب ، وأما إذا تحركت في جهات
مختلفة واضطربت فيحس بها كحركة السفينة عند تلاطم البحر واضطرابه ، وهذا هو
الفرق بين حالة الزلزلة وبين حركة الارض في الظهور وعدمه ، فأنا لوفرضنا قطعة منها
سائرة غير مضطربة في سير لما احس بها كما لايحس بحركة كلها بل باضطراب
الحركة وكونها في جهات مختلفة تحس الحركة ، سواء كان محلها كل الارض أو بعضها .
الوجه الثانى : ما ذكره الفاضل المقدم ذكره أيضا في تفسيره واختاره حيث
قال : والذي عندي في هذا الموضع المشكل أن يقال : إنه ثبت بالدلائل اليقينية أن
الارض كرة وأن هذه الجبال على سطح هذه الكرة جارية مجرى خشونات وتضريسات
تحصل على وجه هذه الكرة . إذا ثبت هذا فنقول : إذا فرضنا أن هذه الخشونات ما كانت
حاصله بل كانت الارض كره حقيقية خالية عن هذه الخشونات والتضريسات لصارت
بحيث تتحرك بالاستدارة بأدنى سبب ، لان الجرم البسيط المستدير وإن لم يجب كونه
متحركا بالاستدارة عقلا ، إلا أنه بأدنى سبب تتحرك على هذا الوجه ، أما إذا حصل
على سطح كرة الارض هذه الجبال وكانت كالخشونات الواقعة على وجه الكرة ، فكل
واحد من هذه الجبال إنما يتوجه بطبعه إلى مركز العالم ، وتوجه ذلك الجبل نحو
مركز العالم بثقله العظيم وقوته الشديدة يكون جاريا مجرى الوتد الذي يمنع كرة
الارض من الاستدارة ، فكان تخليق هذه الجبال على الارض كالا وناد المغروزة في الكرة
المانعة لها عن الحركة المستديرة وكانت مانعة للارض عن الميد والميل والاضطراب بمعنى أنها منعت الارض عن الحركة المستديرة ، فهذا ما وصل إليه خاطري(1)في هذا
الباب والله أعلم(2)(انتهى).
واعترض عليه بأن كلامه لايخلو عن تشويش واضطراب ، والذي يظهر من
أوائل كلامه هوأنه جعل المناط في استقرار الارض الخشونات والتضريسات من حيث
إنها خشونات وتضريسات ، وذلك إما لممانعة الاجزاء المائية الملاصقة لتلك التضريسات


(1)في المصدر : بحثى .
(2)مفاتيح الغيب : ج 20 ، ص 9 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه