بحار الأنوار ج57

الوجه الخامس : أن يكون المراد بالجبال الرواسي الانبياء والاولياء
والعلماء ، وبالارض الدنيا . أما وجه التجوز بالجبال عن الانبياء والعلماء فلان
الجبال لما كانت على غاية من الثبات والاستقرار مانعة لما يكون تحتها من الحركة
والاضطراب عاصمة لما يلتجئ إليها من الحيوان عما يوجب له الهرب فيسكن بذلك
اضطرابه وقلقلته أشبهت الاوتاد من بعض هذه الجهات . ثم لما كانت الانبياء والعلماء هم
السبب في انتظام امور الدنيا وعدم اضطراب أحوال أهلها كانوا كالا وتاد للارض ، فلا جرم
صحت استعارة لفظ الجبال لهم ، ولذلك صح في العرف أن يقال : فلان جبل منيع
يأوي إليه كل ملهوف إذا كان يرجع إليه في المهمات والحوائج ، والعلماء أوتاد الله
في الارض .
الوجه السادس : أن يكون المقصود من جعل الجبال كالاوتاد في الارض أن
يهتدى بها إلى طرقها والمقاصد فيها ، فلا تميد جهاتها المشتبهة بأهلها ولا تميل بهم
فيتيهون فيها عن طرقهم ومقاصدهم . وهذه الوجوه الثلاثة ذكرها بعض المتعسفين ، و
هذا دأبه في أكثر الايات والاخبار حيث يؤولها بلاضرورة داعية وعلة مانعة عن
القول بظاهرها ، وهل هذا إلا ا ؟ على مالك يوم الدين ، وافتراء على حجج رب
العالمين ؟ !
الوجه السابع : أن يقال : المراد بالارض قطعاتها وبقاعها لامجموع كرة الارض
وبكون الجبال أوتادا لها أنها حافظة لهاعن الميدان والاضطراب بالزلزلة ونحوها
إما لحركة البخارات المحتقنة في داخلها بإذن الله تعالى ، أو لغير ذلك من الاسباب
التي يعلمها مبدعها ومنشئها . وهذا وجه قريب ويؤيده ما سيأتي في باب الزلزلة من
حديث ذي القرنين
أقول : وأما حديث ذي القرنين والسد وغيره من أحواله فقد مضى في المجلد
الخامس في باب أحواله ، ولنذكر هنا بعض ما مضى برواية اخرى :
قال الثعلبي في العرائس : روى وهب بن منبه وغيره من أهل الكتب قالوا :

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه