بحار الأنوار ج16

أقل لك : غيبه ؟ فقال : قد غيبته في وعاء حريز ، فقال : إياك وأن تعود لمثل هذا ، ثم
اعلم أن الله قد حرم على النار لحمك ودمك لما اختلط بدمي ولحمي ، واستهزأ به أربعون
نفرا من المنافقين ، فقال صلى الله عليه واله : أما إن الله يعذبهم بالدم ، فلحقهم الرعاف الدائم ، و
سيلان الدماء من أضراسهم ، فكان طعامهم وشرابهم يختلط بدمائهم ، فبقوا كذلك أربعين
صباحا ، ثم هلكوا .
قوله : " اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء(1)" واعطي أفضل منه ، وهو أن نورا
كان عن يمينه حيث ما جلس ، وكان يراه الناس كلهم ، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة ،
وكان يحب أن يأتيه الحسنان ، فيناديهما : هلما إلي ، فيقبلان نحوه من البعد قد بلغهما صوته ،
فيقول بسبابته هكذا ، يخرجهما من الباب ، فتضئ لهما أحسن من ضوء القمر والشمس ،
فيأتيان ، ثم تعود الاصبع كما كانت ، وتفعل في إنصرافهما مثل ذلك قوله : " وأن ألق عصاك(2)"
وله ما روي أن الزبير بن العوام انكسر سيفه في بعض الغزوات فأخذ النبي صلى الله عليه واله خشبة فمسحها
من جانبيه ، فصارت سيفا أجود ما يكون وأضربها(3)، فكان يقاتل به ، وإن الله تعالى قلب جذوع
سقوف يهود نازعوه أفاعي ، وهي أكثر من مائة جذع ، وقصدت نحوهم ، والتقمت متاع
بيتهم ، فمات منهم أربعة ، وخبل جماعة(4)وأسلم آخرون ، وقالوا : اللهم بجاه محمد الذي
اصطفيته ، وعلي الذي ارتضيته ، وأوليائهما الذين من سلم لهم أمرهم اجتبيته ، فأنشر الله
الاربعة . قوله : " فاضرب بعصاك البحر(5)" قال أمير المؤمنين عليه السلام : خرجنا معه يعني
النبي صلى الله عليه واله إلى خيبر ، فإذا نحن بواد يشخب فقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة ، فقالوا :
يا رسول الله العدو من ورائنا ، والوادي أمامنا ، كما قال أصحاب موسى عليه السلام : " إنا
لمدركون(6)" فنزل رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال : " اللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة


(1)القصص : 32 .
(2)القصص : 31 .
(3)استظهر المصنف في الهامش أن الصحيح : وأعطاها .
(4)أصابهم جنون .
(5)الصحيح كما في المصحف الشريف :(أن اضرب)راجع سورة الشعراء : 63 .
(6)الشعراء : 61 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه