بحار الأنوار ج14

إلى ملكه وأخذ ذلك الشيطان فحبسها في صخرة وألقاها في البحر ، فهؤلاء قالوا : قوله :
" وألقينا على كرسيه جسدا " هو جلوس ذلك الشيطان على كرسيه عقوبة له ، ثم قال :
واعلم أن أهل التحقيق استبعدوا هذا الكلام من وجوه :
الاول : أن الشيطان لو قدر على أن يتشبه بالصورة والخلقة بالانبياء فحينئذ
لايبقى اعتماد على شئ قطعا ، فلعل هؤلاء الذين رأوهم الناس في صورة محمد وموسى و
عيسى عليهم السلام ماكانوا أولئك ، بل كانوا شياطين تشبهوا بهم في الصورة ،(1)ومعلوم أن ذلك
يبطل الدين بالكلية .
الثاني : أن الشيطان لو قدر على أن يعامل نبي الله تعالى بمثل هذه المعاملة لوجب
أن يقدر على مثلها مع جميع العلماء والزهاد ، وحينئذ وجب أن يقتلهم ويمزق تصانيفهم
ويخرب ديارهم .
الثالث : كيف يليق بحكمة الله وإحسانه أن يسلط الشيطان على أزواج سليمان ،(2)
ولاشك أنه قبيح .
الرابع : لو قلنا : إن سليمان عليه السلام أذن لتلك المرأة في عبادة تلك الصورة فهذا كفر
منه ، وإن لم يأذن فيه فالذنب على تلك المرأة ، فكيف يؤاخذ الله سليمان عليه السلام بفعل لم
يصدر عنه ؟ !(3)وقال السيد قدس الله روحه : أما مارواه القصاص الجهال في هذا الباب
فليس مما يذهب على عاقل بطلانه ، وأن مثله لايجوز على الانبياء عليهم السلام ، وأن النبوة
لاتكون في خاتم يسلبها الجني ، وأن الله تعالى لايمكن الجني من التمثل بصورة النبي
ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي .(4)
أقول : ثم ذكر رحمه الله وجوها ذكر الطبرسي رحمة الله عليه مختصرا منها مع
غيرها ، منها : أن سليمان عليه السلام قال يوما في مجلسه : لاطوفن الليلة على سبعين امرأة
تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ، ولم يقل : إن شاء الله ، فطاف


(1)في المصدر هنا زيادة وهي : لاجل الاغواء والاضلال .
(2)وكيف يجعله فقيرا حتى يتكفف ؟ !
(3)مفاتيح الغيب 7 : 136 .
(4)تنزيه الانبياء : 95 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه