بحار الأنوار ج26

قال : قال آدم عليه السلام : حق لمن عرفك يا إلهي بنعمتك أن لا يعصيك بها ، ولمن
علم سعة رحمتك ومغفرتك أن لا ييئس منها .
قال : يا آدم أتحب أن اريك أبناء‌ك هؤلاء الذين كرمتهم واصطفيتهم على
العالمين ؟ قال : نعم أي رب ، فمثلهم الله تبارك وتعالى قدر منازلهم ومكانتهم من فضله
عليهم ونعمته ثم عرضهم عليه أشباحا في ذرياتهم وخاص أتباعهم من أممهم ، فنظر
إليهم آدم وبعضهم أعظم نورا من بعض ، وإذا فضل أنوار الخمسة أصحاب المقامات والشرائع
من الانبيآء كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وفضل العاقب محمد صلى الله عليه وآله وسلم
في عظم نوره على الخمسة كفضل الخمسة عى الانبيآء جميعا .
فنظر فإذا حامة(1)كل نبي وخاصته من قومه ورهطه آخذون بحجزة ذلك
النبي من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله ، تتلالا وجوهم وتشرق جباههم
نورا ، وذلك بحسب منزلة ذلك النبى من ربه وبقدر منزلة كل واحد من نبيه .
ثم نظر آدم عليه السلام إلى نور قد لمع فسد الجو المنخرق وأخذ بالمطالع من المشارق
ثم سرى حتى طبق المغارب ثم سما(2)حتى بلغ ملكوت السمآء ، فاذاالاكناف قد
تضوعت طيبا ، وإذا أنوار أربعة قد اكتنفته عن يمينه وشماله ومن خلفه وأمامه
أشبه به أرجا(3)ونورا يتلوها أنوار من بعدها يستمد منها ، وإذا هي شبيهة بها في
ضيائها وعظمها ونشرها ، ثم دنت منه فتكللت عليها وحفت بها .
ونظر فاذا أنوار من بعد ذلك في مثل عدد الكواكب ودون منازل الاوائل جدا
جدا ، ثم طلع(4)عليه سواد كالليل وكالسيل ينسلون(5)من كل وجه وأوب(6)


(1)الحامة : خاصة الرجل من اهله وولده .
(2)أى علا وارتفع .
(3)أى طيبا .
(4)في نسخة : ثم طبع عليه .
(5)أنسل : اسرع . القوم : تقدمهم .
(6)الاوب : الطريق . الجهة اى من كل طريق وجهة .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه