بحار الأنوار ج14

أخرجت الحوت رأسها وابتلعته ، وقالت : ياسليمان أين تمام قوتي اليوم ؟ هذا بعض قوتي !
فعجب سليمان عليه السلام فقال لها : هل في البحر دابة مثلك ؟ فقالت : ألف أمة ، فقال سليمان :
سبحان الله الملك العظيم .
وروى غيره أن سليمان عليه السلام رأى عصفورا يقول لعصفورة : لم تمنعين نفسك مني ؟
ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر ، فتبسم سليمان عليه السلام من كلامه
ثم دعاهما وقال للعصفور : أتطيق أن تفعل ذلك ؟ فقال : لا يارسول الله ، ولكن المرء قد
يزين نفسه ويعظمها عند زوجته ، والمحب لايلام على ما يقول ، فقال سليمان عليه السلام
للعصفورة : لم تمنعينه من نفسك وهو يحبك ؟ فقالت : يانبي الله إنه ليس محبا ولكنه
مدع ، لانه يحب معي غيري ، فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان ، وبكى بكاء شديدا
واحتجب عن الناس أربعين يوما يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته وأن لا يخالطها بمحبة
غيره .
وروي أنه عليه السلام سمع يوما عصفورا يقول لزوجته : ادني مني حتى أجامعك
لعل الله يرزقنا ولدا يذكر الله تعالى فإنا كبرنا ، فتعجب سليمان من كلامه وقال : هذه
النية خير من مملكتي .
وقال البيضاوي : حكي أنه مر ببلبل يتصوت ويترقص ، فقال : يقول : إذا
أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء ،(1)وصاحت فاختة فقال : إنها تقول : ليت الخلق
لم يخلقوا .(2)
وقال الزمخشري : روي أن قتادة دخل الكوفة والتف عليه الناس ،(3)فقال :
سلوا عما شئتم ، وكان أبوحنيفة حاضرا وهو غلام حدث(4)فقال : سلوه عن نملة سليمان
أكانت ذكرا أم أنثى ؟ فسألوه فأفحم ، فقال أبوحنيفة : كانت أنثى بدليل قوله تعالى :


(1)العفاء : التراب .
(2)أنوار التنزيل 2 : 194 .
(3)اي تجمعوا .
(4)الحدث : الشاب .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه