حبا له أي لكونه محبا له والمحب يطلب رضا المحبوب ، أو يعبده ليصل إلى
درجة المحبين ، ويفوز بمحبة رب العالمين ، والاول أظهر .
فتلك عبادة الاحرار أي الذين تحرروا من رق الشهوات ، وخلعوا من
رقابهم طوق طاعة النفس الامارة بالسوء ، الطالبة للذات والشهوات ، فهم لايقصدون
في عبادتهم شيئا سوى رضا عالم الاسرار ، وتحصيل قرب الكريم الغفار ، ولاينظرون
إلى الجنة والنار ، وكونها أفضل العبادة لايخفى على اولي الابصار ، وفي صيغة
التفضيل دلالة على أن كلا من الوجهين السابقين أيضا عبادة صحيحة ، ولها فضل في
الجملة ، فهو حجة على من قال ببطلان عبادة من قصد التحرز عن العقاب أو الفوز
بالثواب .
13 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ماأقبح الفقر بعد الغنى ، وأقبح الخطيئة
بعد المسكنة ، وأقبح من ذلك العابد لله ثم يدع عبادته(1).
بيان : ماأقبح الفقر بعد الغنا لعل المعنى قبحه عند الناس ، وإن كان
ممدوحا عند الله ، أو يكون محمولا على من فعل ذلك باختياره بالاسراف والتبذير
أو ترك الكسب وأشباهه ، أو يكون المراد التعيش بعيش الفقراء بعد حصول الغنا
على سياق قوله عليه السلام : وأقبح الخطيئة بعد المسكنة فان الظاهر أن المراد
به بيان قبح ارتكاب الخطايا بعد حصول المسكنة ، لضعف الدواعي وقلة الآلات
والادوات ، وإن احتمل أن يكون الغرض بيان قبح الذنوب بعد كونه مبتلى بالفقر
والمسكنة ، فأغناه الله فارتكب بعد ذلك الخطايا لتضمنه كفران النعمة ، ونسيان
الحالة السابقة ويحتمل أن يكون المراد بالمسكنة التذلل لله بترك المعصية ، فيكون
نسب بما قبله وبعده .
وأقبح مبتدأ أو خبر فالعابد أيضا يحتملهما و ثم يدع عطف على العابد
إد اللام في اسم الفاعل بمعنى الذي فهو بتقدير الذي يعبد الله ثم يدع .