بحار الأنوار ج41

فلما رأيته بادرت إليه فقلت : ما وراك ؟ فقال : إني صرت إلي الموضع ورميت
بالرقعة ، فحمل علي عدد منها فهالني أمرها ، ولم يكن لي قوة ، فجلست فرمحتني
أحدها في وجهي ، فقلت : اللهم اكفنيها ، وكلها تشد علي وتريد قتلي ، فانصرفت
عني ، فسقطت فجاء أخي فحملني ولست أعقل ، فلم أزل أتعالج حتى صلحت ، وهذا
الاثر في وجهي ، فقلت له : صر إلي عمر وأعلمه ، فصار إليه وعنده نفر ، فأخبره بما
كان فزبره(1)، فقال له : كذبت لم تذهب بكتابي ، فحلف الرجل لقد فعل ،
فأخرجه عنه .
قال ابن عباس : فمضيت به إلي أمير المؤمنين عليه السلام فتبسم ثم قال : ألم أقل
لك ؟ ثم أقبل على الرجل فقال له : إذا انصرفت إلي الموضع الذي هي فيه فقل :
" اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وأهل بيته الذين اخترتهم على علم
على العالمين ، اللهم ذلل لي صعوبتها واكفني شرها ، فإنك الكافي المعافي والغالب
القاهر " قال : فانصرف الرجل راجعا ، فلما كان من قابل قدم الجل ومعه
جملة من المال قد حملها من أثمانها إلى أمير المؤمنين عليه السلام وصار إليه وأنا معه ،
فقال عليه السلام : تخبرني أو اخبرك ؟ فقال الرجل : يا أمير المؤمنين بل تخبرني ، قال :
كأني بك وقد صرت إليها فجاء‌تك ولاذت بك خاضعة ذليلة ، فأخذت بنواصيها
واحدة واحدة ، فقال الرجل : صدقت يا أمير المؤمنين كأنك كنت معي هكذا كان
فتفضل بقبول ما جئتك به ، فقال : امض راشدا بارك الله لك ، وبلغ الخبر عمر فغمه
ذلك ، وانصرف الرجل ، وكان يحج كل سنة وقد أنمى الله ماله فقال أمير المؤمنين
عليه السلام : كل من استصعب عليه شئ من مال أو أهل أو ولد أو أمر فليبتهل إلى الله بهذا
الدعاء ، فإنه يكفي مما يخاف الله إن شاء الله(2).
قب : أبوالعزيز كادش العكبري بإسناده مثله ، وفي آخره : فبورك الرجل
في ماله حتى ضاق عليه رحاب بلده(3).


(1)أى انتهره .
(2)الخرائج والجرائح : 84 و 85 وفيه : ما يخاف .
(3)مناقب آل أبى طالب 1 : 455 والرحاب جمع الرحبة : الارض الواسعة المنبات المحلال .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه