بحار الأنوار ج57

تقدم طلوع الكواكب وغروبها للمشرقيين على طلوعها وغروبها للمغربيين ، وفي
ما بين الشمال والجنوب ازدياد ارتفاع القطب الظاهر وانحطاط الخفي للواغلين في
الشمال ، وبالعكس للواغلين في الجنوب ، وتركب الاختلافين لمن يسير على سمت بين
السمتين ، إلى غير ذلك من الاعراض الخاصة بالاستدارة يستوي في ذلك راكب البرو
راكب البحر ، وهذه الجبال وإن شمخت لاتخرجها عن أصل الاستدارة ، لانها بمنزلة
الخشونة القادحة في ملاسة الكرة لافي استدارتها .
ومنها الاشياء المتولدة فيها من المعادن والنبات والحيوان والاثار العلوية
والسفلية ، ولا يعلم تفاصيلها إلا موجدها ، ومنها اختلاف بقاعها في الرخاوة والصلابة
والدماثة والوعورة بحسب اختلاف الحاجات والاغراض " وفي الارض قطع متجاورات "
ومنها اختلاف ألوانها " ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود "
ومنها انصداعها بالنبات " والارض ذات الصدع " ومنها جذبها للماء المنزل من السماء
" وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الارض ، ومنها العيون والانهار العظام
التي فيها " والارض مددناها " ومنها أن لها طبع الكرم والسماحة ، تأخذ واحدة
وترد سبعمائة " كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة " ومنها حياتها
وموتها " وآية لهم الارض الميتة أحييناها " ومنها الدواب المختلفة " وبث فيها من
كل دابة " ومنها النباتات المتنوعة " وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ، فاختلاف
ألوانها دلالة ، واختلاف طعومها دلالة ، واختلاف روائحها دلالة ، فمنها قوت البشر
ومنها الفواكه ، ومنها كسوة البشر نباتية كالقطن والكتان ، وحيوانية كالشعر والصوف
والابريسم والجلود ، ومنها الاحجار المختلفة بعضها للزينة وبعضها للابنية ، فانظر
إلى الحجر الذي تستخرج منه النار مع كثرته ، وانظر إلى الياقوت الاحمر مع عزته
وانظر إلى كثرة النفع بذلك الحقير ، وقلة النفع بهذا الخطير ، ومنها ما أودع الله تعالى
فيها من المعادن الشريفة كالذهب والفضة .
ثم تأمل أن البشر استنبطوا الحرف الدقيقة ، والصنائع الجليلة ، واستخرجوا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه