بحار الأنوار ج1

24 - سن : النوفلي ، وجهم بن حكيم المدائني ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ،
عن آباء‌ه عليهم السلام - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا بلغكم عن رجل حسن حاله فانظروا
في حسن عقله فإنما يجازى بعقله .
أقول : في الكافي : حسن حال .
25 - مص : قال الصادق عليه السلام : الجهل صورة ركبت في بني آدم ، إقبالها ظلمة ،
وإدبارها نور ، والعبد متقلب معها(1)كتقلب الظل مع الشمس ألا ترى إلى الانسان ؟
تارة تجده جاهلا بخصال نفسه ، حامدا لها ، عارفا بعيبها ، في غيره ساخطا ، وتارة تجده
عالما بطباعه ، ساخطا لها ، حامدا لها في غيره ، فهو متقلب بين العصمة والخذلان ، فإن
قابلته العصمة أصاب ، وإن قابله الخذلان أخطأ ، ومفتاح الجهل الرضاء والاعتقاد
به ، ومفتاح العلم الاستبدال مع إصابة موافقة التوفيق ، وأدنى صفة الجاهل دعواه العلم
بلا إستحقاق ، وأوسطه جهله بالجهل ، وأقصاه جحوده العلم ، وليس شئ إثباته حقيقة
نفيه إلا الجهل والدنيا والحرص ، فالكل منهم كواحد ، والواحد منهم كالكل .
بيان : كتقلب الظل مع الشمس أي كما أن شعاع الشمس قد يغلب على الظل و
يضيئ مكانه وقد يكون بالعكس فكذلك العلم والعقل قد يستوليان على النفس فيظهر
له عيوب نفسه ، ويأول بعقله عيوب غيره ما أمكنه ، وقد يستولي الجهل فيرى محاسن
غيره مساوي ، ومساوي نفسه محاسن ، ومفتاح الجهل الرضاء بالجهل والاعتقاد به وبأنه
كمال لا ينبغي مفارقته ، ومفتاح العلم طلب تحصيل العلم بدلا عن الجهل ، والكمال
بدلا عن النقص ، وينبغي أن يعلم أن سعيه مع عدم مساعدة التوفيق لا ينفع فيتوسل
بجنابه تعالى ليوفقه . قوله عليه السلام : إثباته أي عرفانه قال الفيروزآبادي : أثبته : عرفه
حق المعرفة ، وظاهر أن معرفة تلك الامور كما هي مستلزمة لتركها ونفيها ، أو المعنى
أن كل من أقر بثبوت تلك الاشياء لا محالة ينفيها عن نفسه ، فالمراد بالدنيا حبها . و


(1)وفى نسخة : معهما . وقوله عليه السلام : الجهل صورة ركبت الخ لان طبيعة الانسان في
أصل فطرتها خالية عن الكمالات الفعلية والعلوم الثابتة ، فكأن الجهل عجنت في طينتها وركبت مع
طبيعتها ، ولكن في أصل فطرته له قوة كسب الكمالات بالعلوم والتنور والمعارف .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه