بحار الأنوار ج8

ويسأل فيقال : كيف يتنادى أهل الجنة وأهل النار وأهل الجنة في السماء على
ماجاء‌ت به الرواية وأهل النار في الارض وبينهما أبعد الغايات من البعد ؟ واجيب عن
ذلك بأنه يجوز أن يزيل الله تعالى عنهم مايمنع من السماع ، ويجوز أن يقوي الله أصواتهم
فيسمع بعضهم كلام بعض .
الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا أي أعدوا دينهم الذي أمرهم الله تعالى به
اللهو واللعب دون التدين به ، وقيل : اتخذوا دينهم الذي كان يلزمهم التدين به و
التجنب من محظوراته لعبا ولهوا ، فحرموا ماشاؤوا واستحلوا ماشاؤوا بشهواتهم .
وغرتهم الحياط الدنيا أي اغتروا بها وبطول البقاء فيها ، فكأن الدنيا
غرتهم فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا أي نتركهم في العذاب كما تركوا
التأهب والعمل للقاء هذا اليوم ، وقيل : أي نعاملهم معاملة المنسي في النار ، فلا نجيب
لهم دعوة ، ولا نرحم لهم عبرة كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم وتعرضوا للنسيان
ماكانوا بآياتنا يجحدون (ما)في الموضعين يمعنى المصدر وتقديره : كنسيانهم لقاء يومهم
هذا وكونهم جاحدين لآياتنا ، واختلف في هذه الآية فقيل : إن الجميع كلام الله تعالى
على غير وجه الحكاية عن أهل الجنة وتم كلام أهل الجنة عند قوله : حرمهما على
الكافرين وقيل : إنه من كلام أهل الجنة إلى قوله : الحياة الدنيا ثم استأنف سبحانه
الكلام بقوله : فاليوم ننساهم انتهى كلامه رحمه الله .
أقول : الذي يظهرلي من الآيات والاخبار هو أن الله تعالى بعد خرق السماوات
وطيهاينزل الجنة والعرش قريبا من الارض فيكون سقف الجنة العرش ، ولا يبعد
أن يكون هذا هوالمراد بقوله تعالى : وازلفت الجنة للمتقين وتتحول البحارنيرانا
فيوضع الصراط من الارض إلى الجنة . والاعراف : درجات ومنازل بين الجنة والنار ،
وبهذا يندفع كثير من الاوهام ، والاستبعادات التي تخطر في أذهان أقوام في كثير مما
ورد في أحوال الجنة والنار ، والصراط ومرور الخلق عليه ، ودخولهم الجنة بعده ،
وإحضار العرش يوم القيامة وأمثالها ، وبه يقل أيضا الاستبعاد الذي مر في كلام السائل
وإن كان يحتاج إلى أحد الوجهين اللذين ذكرهما أو مثلهما ، ليرفع الا ستبعاد رأسا
والله يعلم .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه