منهن واعتذرت منها وبقيت معها اثنتان وانصرف منهن جميع من حضر الروضة
المقدسة وغلقت الابواب ولم يبق في الرواق غيرهن ، فلما كان وقت السحر أرادت
صاحبتاها أكل السحور أو شرب التتن فاستحيتا من الضريح المقدس فتركتاها عند
الشباك المقابل للضريح المقدس في جانب القبلة وذهبتا إلى الباب الذي في جهة
خلفه عليه السلام يفتح إلى الصحن وخلفه الشباك فدخلتا هناك وأغلقتا الباب لحاجتهما
فلما رجعتا إليها بعد قضاء وطرهما لم تجداها في الموضع الذي تركتاها ملقاة فيه
فتحيرتا فمضتا يمينا وشمالا فإذا بها تمشي في نهاية الصحة والاعتدال ، فسئلتاها
عن حالها وما جرى عليها فأخبرتهما : إنكما لما انصرفتما عني رأيت تلك النسوة
اللاتي رأيتهن في المنام اقبلن وحملنني وأدخلنني داخل القبة المنورة وأنا لا أعلم
كيف دخلت ومن اين دخلت ، فلما قربت من الضريح المقدس سمعت صوتا من القبر
يقول : حر كن المرأة الصالحة وطفن بها ثلاث مرات فطفن بي ثلاث مرات حول القبر
ثم سمعت صوتا آخر أخرجن الصالحة من باب الفرج فأخرجنني من الجانب الغربى
الذي يكون خلف من يصلى بين البابين بحذاء الراس وخلف الباب شباك يمنع
الاستطراق ولم يكن الباب معروفا قبل ذلك بهذا الاسم ، قالت : فالآن مضين عني
وجئتماني وأنا لا أرى بي شيئا مما كان من المرض والالم والضعف وأنا في غاية
الصحة والقوة ، فلما كان آخر الليل جاء خازن الحضرة الشريفة وفتح الابواب
فرآهن تمشين بحيث لا يتميز واحدة منهن ، وإني سمعت من المولى الصالح التقي
مولانا محمد طاهر(1)الذي بيده مفاتيح الروضة المقدسة ومن جماعة كثيرة من
الصلحاء الذين كانوا حاضرين في تلك الليلة في الحضرة الشريفة أنهم رأوها في
(1)كان خازن الحرم العلوى في ستة 1072 وكان من علماء عصره وقد رؤيت
شهادته على تصديق اجتهاد الميرزا عماد الدين محمد حكيم أبي الخير بن عبدالله البافقى في
سنة 1071 وقد نظم الشيخ يوسف الحصرى المترجم في نشوة السلافة تلك الكرامة
التى ذكرها العلامة المجلسى في ارجوزة تزيد على مائة بيت وقد ذكرها صاحب النشوة
في ترجمة الحصرى المذكور .