بحار الأنوار ج4

في حديث الاقرع والابرص والاعمى : بدا لله عزوجل أن يبتليهم أي قضى بذلك ، وهو معنى
البداء ههنا لان القضاء سابق والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم ، وذلك على الله
غير جائز انتهى .
وقد دلت الآية على الاجلين وفسرهما أخيرا بما عرفت ، وقد قال تعالى : " يمحو
الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " وقال هذا الناصبي في تفسيرها : في هذه الآية
قولان :
الاول : أنها عامة في كل شئ كما يقتضيه ظاهر اللفظ قالوا : " إن الله يمحو من
الرزق ويزيد فيه ، وكذا القول في الاجل والسعادة والشقاوة والايمان والكفر ، وهو
مذهب عمرو بن مسعود ، ورواه جابر عن رسول الله صلى الله عليه واله
والثانى : أنها خاصة في بعض الاشياء دون البعض ففيها وجوه : الاول : أن المراد
من المحو والاثبات نسخ الحكم المتقدم وإثبات حكم آخر بدلا عن الاول . الثاني : أنه
تعالى يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولاسيئة ، لانهم مأمورون بكتبة كل قول
وفعل ويثبت غيره . الثالث : أنه تعالى أراد بالمحو أن من أذنب أثبت ذلك الذنب في ديوانه ،
فإذا تاب عنه محا عن ديوانه الرابع : يمحو الله ما يشاء وهومن جاء أجله ، ويدع من
لم يجئ أجله ويثبته الخامس : أنه تعالى يثبت في أول السنة فإذا مضت السنة محيت
واثبت كتاب آخر للمستقبل . السادس : يمحو نور القمر ويثبت نور الشمس . السابع :
يمحو الدنيا ويثبت الآخرة . الثامن : أنه في الارزاق والمحن والمصائب يثبتها في الكتاب
ثم يزيلها بالدعاء والصدقة ، وفيه حث على الانقطاع إلى الله تعالى . التاسع : تعير أحوال
العبد فما مضى منها فهو المحو ، وما حضر وحصل فهو الاثبات العاشر : يزيل ما يشاء
من حكمه لا يطلع على غيبه أحد فهو المتفرد بالحكم كما يشاء ، وهو المستقل بالايجاد
والاعدام والاحياء والاماتة والاغناء والافقار بحيث لايطلع على تلك الغيوب أحد
من خلقه .
واعلم أن هذا الباب فيه مجال عظيم فإن قال قائل : ألستم تزعمون أن المقادير
سابقة قدجف بها القلم فكيف يستقيم مع هذا المعني المحو والاثبات ؟ قلنا : ذلك المحو

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه