بحار الأنوار ج61

في موضع آخر : " سرابيل تقيكم الحر "(1)فعلم أنها تقي البرد أيضا فكذلك
ههنا ، وقيل : إن معناه وخلق الانعام لكم ، أي لمنافعكم ، ثم ابتدأ وأخبر فقال :
" فيهادف‌ء ومنافع " أي ولكم فيها منافع اخر من الحمل والركوب وإثارة الارض
والدر(2)والنسل ، " ومنها تأكلون " أي ومن لحومها تأكلون ، " ولكم فيها جمال "
أي حسن منظر وزينة ، " حين تريحون " أي حين تردونها إلى مراحها وهو حيث
تأوي إليه ليلا ، " وحين تسرحون " أي ترسلونها بالغداة إلى مراعيها وأحسن ما
تكون إذا راحت عظاما ضروعها ممتلية بطونها منتصبة أسنمتها(3)وكذلك إذا سرحت
إلى المرعي رافعة رؤوسها فيقول الناس : هذا جمال فلان ومواشيه ، فيكون له فيها
جمال ، " وتحمل أثقالكم " أي أمتعتكم " إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق
الانفس " أي وتحمل الابل وبعض البقر أحمالكم الثقيلة إلى بلد بعيد لايمكنكم أن
تبلغوه من دون الاحمال الا بمشقة وكلفة تلحق أنفسكم ، فكيف تبلغونه مع الاحمال
لولا أن الله سخر هذه الانعام لكم حتى حملت أثقالكم إلى أين شئتم ، وقيل : إن
الشق معناه الشطر والنصف ، فيكون المراد إلا بأن يذهب شطر قوتكم ، أي نصف
قوة الانفس ، وقيل : معناه تحمل أثقالكم إلى مكة لانها من بلاد الفلوات ، عن
ابن عباس وعكرمة " إن ربكم لرؤف رحيم " أي ذورأفة ورحمة ، ولذلك أنعم عليكم
بخلق هذه الانعام ابتداء منه بهذا الانعام(4).
" والخيل " أي وخلق لكم الخيل " البغال والحمير لتركبوها " في حوائجكم
وتصرفاتكم " وزينة " أي ولتتزينوا بها ، من الله سبحانه على خلقه ، بأن خلق لهم من
الحيوان ما يركبونه ويتجملون به ، وليس في هذا مايدل على تحريم أكل لحومها


(1)النحل : 81 .
(2)هكذا في النسخ وفى المصدر : والزرع .
(3)جمع السنام : حدبة في ظهر البعير .
(4)مجمع البيان 6 : 350 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه