أي يخرجوا من دار الشرك ويفارقوا أهلها " في سبيل الله " أي في ابتغاء دينه " فإن
تولوا " عن الهجرة " فخذوهم " أيها المؤمنون " واقتلوهم حيث وجدتموهم " من
أرض الله من الحل والحرم " ولا تتخذوا منهم وليا " أي خليلا " ولا نصيرا " ينصركم
على أعدائكم " إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق " أي إلا من وصل من
هؤلاء إلى قوم بينكم وبينهم موادعة وعهد فدخلوا فيهم بالحلف والجوار ، فحكمهم
حكم اولئك في حقن دمائهم ، واختلف في هؤلاء ، فالمروي عن أبي جعفر عليه السلام : أنه قال المراد
بقوله : " قوم بينكم وبينهم ميثاق " هو هلال بن عويم السلمي ،(1)واثق عن قومه
رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال في موادعته : علي أن لا تحيف يا محمد من أتانا ، ولا نحيف
من أتاك ،(2)فنهى الله سبحانه أن يعرض(3)لاحد عهد إليهم ، وبه قال السدي وابن
زيد ، وقيل : هم بنو مدلج(4)، وكان سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي جاء إلى النبي
صلى الله عليه وآله بعد احد ، فقال : أنشدك الله والنعمة ، وأخذ منه ميثاقا أن لا
يغزو قومه ، فإن أسلم قريش أسلموا ، لانهم كانوا في عقد قريش ، فحكم الله فيهم
ما حكم في قريش ، ففيهم نزل هذا ، ذكره عمر بن شيبة ، ثم استثنى لهم حالة اخرى
فقال : " أو جاؤكم حصرت صدورهم " أي ضاقت قلوبهم من " أن يقاتلوكم أو يقاتلوا
قومهم " فلا عليكم ولا عليهم وإنما عنى به أشجع(5)فإنهم قدموا المدينة في
(1)في المصدر : هو هلال بن عويمر السلمى .
(2)حاف عليه : جار عليه وظلمه . تحيف الشئ : تنقصه . وفى نسخة : على أن لا تخيف
يامحمد من أتانا ، ولا نخيف من أتاك .
(3)في المصدر : أن يتعرض .
(4)بنو مدلج بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام : ينتسب إلى مدلج بن مرة بن عبد مناة
ابن كنانة ، وهم بطن كبير من كنانة . ومنهم كان علم القيافة .
(5)أشج : حى من غلفان من العدنانية ، غلب عليهم اسم ابيهم . فقيل لهم : أشجع ، وهم
ينو أشجع بن ريث بن غلفان ، وفى العبر : وكانوا هم عرب المدينة النبوية ، وكان سيدهم معقل بن
سنان الصحابى . راجع نهاية الارب : 42 .