بحار الأنوار ج23

في كل حال وممكنة إصابتها في كل زمان وجب مثل ذلك في قول العترة المقرون
بها ، والمحكوم له بمثل حكمها ، وهذا لا يتم إلا بأن يكون فيها في كل حال من
قوله حجة ، لان إجماعها على الامور ليس بواجب على ما بيناه ، والرجوع(1)
إليهما مع الاختلاف وفقد المعصوم لا يصح ، فلابد مما ذكرناه .
وأما الاخبار الثلاثة التي أوردها على سبيل المعارضة للخبر الذي تعلقنا به
فأول ما فيها أنها لا تجري مجرى خبرنا في القوة والصحة ، لان خبرنا مما
نقله المختلفون ، وسلمه المتنازعون ، وتلقته الامة بالقبول ، وإنما وقع اختلافهم
في تأويله ، والاخبار التي عارض بها لا يجري هذا المجرى ، لانها مما تفرد المخالف
بنقله ، وليس فيها إلا ما إذا كشفت عن أصله وفتشت عن سنده ظهر لك انحراف
من راويه ، وعصبية من مدعيه ، وقد بينا فيما تقدم سقوط المعارضة بما يجري
هذا المجرى من الاخبار .
فأما ما رواه من قوله : " اقتدوا بالذين من بعدي " فقد تقدم الكلام عليه
عند معارضته بهذا الخبر استدلالنا بخبر الغدير واستقصيناه هناك فلا معنى لاعادته(2).


(1)في المصدر : والرجوع اليها .
(2)فذكر بعد بيان ان هذا الخبر لا يدانى خبر الغدير لانه من الاخبار الاحاد ، و
خبر الغدير من الاخبار المتواترة ، ومما اجمعت الامة على قبوله وجوها في تضعيفه وعدم
دلالته ، منها ان راوى الخبر عبدالملك بن عمير وهو من شيع بنى امية وممن تولى القضاء
لهم وكان شديد النصب والانحراف عن اهل البيت ظنينا في نفسه وامانته ، وروى انه كان
يمر على اصحاب الحسين عليه السلام وهم جرحى فيجهز عليهم فلما عوتب قال : اريد ان اريحهم
ومنها ان الامر بالرجلين يستحيل لانهما مختلفان في كثير من احكامهما وافعالهما ، والاقتداء
بالمختلفين والاتباع لهما متعذر غير ممكن ، ومنها ان ذلك يقتضى عصمتهما وليس هذا بقول
لاحد فيهما ، ومنها انه لو كان ثابتا لاحتج به أبوبكر لنفسه في السقيفة ولما يعدل إلى رواية
ان الائمة من قريش ، ولاحتج به أيضا على طلحة لما نازعه على نصبه لعمر ، ولما احتج بقوله :
اقول : يا رب وليت عليهم خير اهلك ، وأيضا لو كان الخبر صحيحا لكان حاظرا مخالفة الرجلين
وموجبا لموافقتهما في جميع اقوالهما وافعالهما مع ان كثيرا من الصحابة قد خالفهما في كثير
من احكامهما ، وكان يجب ان ينبها المخالفين على مقتضى هذا الخبر ان مخالفتهما محظورو(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه