ونزلت عليهم السكينة ، وفتحت لهم أبواب السماء ، واعدت لهم مقاعد
الكرامات في مقام اطلع الله عليهم فيه فرضي سعيهم ، وحمد مقامهم ، يتنسمون
بدعائه روح التجاوز ، رهائن فاقة إلى فضله ، واسارى ذلة لعظمته جرح طول
الاسى قلوبهم ، وطول البكاء عيونهم ، لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة بها
يسألون من لاتضيق لديه المنادح ، ولايخيب عليه الراغبون ، فحاسب نفسك
لنفسك ، فان غيرها من الانفس لها حسيب غيرك(1).
تبيين : اللهو اللعب ، وألهاني الشئ أي شغلني ، والذكر يطلق على اللساني
والقلبي ولعل الظاهر من الكلمات الاتية أن المراد به ما يعم ذكره باللسان :
بالانذار عن عقابه سبحانه والبشارة بثوابه والامر بطاعته والنهي عن معصيته
وبالقلب : بمحاسبة النفس في طاعته ومعصيته ، والاقدام على طاعته بذكر رحمته
والانتهاء عن معصيته بذكر غضبه ، والاعتراف بالذنب والندم على المخالفة ، فان
الجميع مما ينبعث عن ذكره سبحانه بالقلب بالعظمة والجلال والمهابة والانعام
والاكرام .
وجلا فلان السيف والمرآة جلوا بالفتح وجلاء ككساء أي صقلهما ، والوقر
الثقل في الاذن وذهاب السمع كله ، والعشوة المرة من العشا بالفتح والقصر أي
سوء البصر بالليل والنهار أو العمى ، وقيل : أن لايبصر بالليل ويبصر بالنهار
وبرح فلان مكانه كفرح أي زال عنه ، وما برح أي دائما(وعزت آلاؤه)أي
عظمت وكرمت نعمه وعطاياه ، والبرهة بالضم كما في النسخ وبالفتح أيضا المدة
أو الزمان الطويل ، والفتره بالفتح ما بين كل نبيين من الزمان ، وقيل انقطاع
الوحي والمناجاة : المخاطبة سرا(في الكفر)أي الالهام ،(وكلمهم في ذات عقولهم)
أي في الباطن خفيا كما قيل في قوله تعالى(والله عليم بذات الصدور)(2)أي بنفس
الصدور ، أي ببواطنها وخفياتها والمصباح السراج ، واستصبح أي استسرج ، ونور
(1)نهج البلاغة ج 1 ص 473 تحت الرقم 220 من الخطب .
(2)آل عمران : 154 .