بحار الأنوار ج10

الله عزوجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ، ولقد غارت الصخرة تحت يده
ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين ، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته
قال له اليهودي : فإن هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه
لخوفه . قال له علي عليه السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله اعطي ما هو افضل من هذا ،
إنه كان إذاقام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الا ثافي من
شدة البكاء وقدأمنه الله عزوجل من عقابه ، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه ، ويكون
إماما لمن اقتدى به ولقد قام عليه وآله السلام عشر سنين على أصراف أصابعة حتى
تورمت قدماه واصفر وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل
(طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)بل لتسعد به ، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه ،
فقيل له : يا رسول الله أليس الله عزوجل قد غفرلك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟
قال : بلى أفلا أكون عبدأ شكورا ؟ ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل محمد صلى الله عليه وآله
ما هو أفضل من هذا إذكنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له : قر فليس
عليك إلا نبي وصديق شهيد ، فقر الجبل مجيبا لامره ومنتهيا إلى طاعته ، ولقد
مررنامعه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه فقال له النبي صلى الله عليه وآله : ما يبكيك يا جبل
فقال : يارسول الله كان المسيح مربي وهو يخوف الناس بنار(1)وقودها الناس والحجارة
فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة ، قال له : لاتخف تلك حجارة الكبريت ،
فقر الجبل وسكن وهدأ ، وأجاب لقوله صلى الله عليه وآله
قال له اليهودي : فإن هذا سليمان ، اعطي ملكا لاينبغي لاحد من بعده
فقال له علي عليه السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى الله عليه وآله اعطي ماهو أفضل من هذا ، إنه هبط
إليه ملك لم يهبط إلى الارض قبله وهو ميكائيل ؟ فقال له : يا محمد عش ملكا منعما ،
وهذه مفاتيح خزائن الارض معك ، وتسير معك جبالها ذهبا وفضة ، لاينقص لك
فيماادخر لكفي الآخرة شئ ، فأومأ إلى جبرئيل عليه السلام وكان خليله من
الملائكة - فأشار إليه : أن تواضع فقال : بل أعيش نبيا عبدا ، آكل يوما ولا آكل


(1)في المصدر : وهو يخوف الناس من نار اه‍(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه