بجهادك ، وكأنك لم تكن على بينة من ربك ، وكأنك كنت تكيد هذه الامة
عن دنياهم ، وننوي غرتهم عن فيئهم ، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الامة أسرعت
الكرة ، وعاجلت الوثبة ، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لاراملهم
وأيتامهم اختطاف الذئب الازل دامية المعزى الكسيرة ، فحملته إلى الحجاز
رحيب الصدر بحمله غيرمتأثم من أخذه كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت على(1)
أهلك تراثك من أبيك وامك ، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف نقاش
الحساب ؟ أيها المعدود كان عندنا من ذوي الالباب كيف تسيغ شرابا وطعاما وأنت
تعلم أنك تأكل حراما وتشرب حراما ؟ وتبتاع الاماء وتنكح النساء من مال
اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين الذين أفاءالله عليهم هذه الاموال
وأحرز بهم هذه البلاد ؟ فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم ، فإنك إن لم
تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن إلى الله فيك . ولاضربنك بسيفي الذي ما ضربت
به أحدا إلا دخل النار ، والله لو أن الحسن والحسين عليهما السلام فعلا مثل الذي فعلت
ما كانت لهما عندي هوادة ، ولا ظفرا مني بإرادة حتى آخذ الحق منهما وازيح
الباطل من مظلمتها(2)، واقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم
حلال لي أتركه ميراثا لمن بعدي ، فضح رويدا ، فكأنك قد بلغت المدى ودفنت
تحت الثرى ، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة و
يتمني المضيع الرجعة ، ولات حين مناص ، والسلام(3).
توضيح : قوله عليه السلام : وكنت أشركتك في أمانتي ، أي في الخلافة التي
ائتمنني الله عليها ، حيث جعلتك واليا . وبطانة الرجل : صاحب سره الذي يشاوره
في أحواله . والمواساة : المشاركة والمساهمة . قوله : " قد كلب " بكسر اللام
(1)في المصدر : إلى .
(2)" : عن مظلمتهما .
(3)نهج البلاغة(عبده ط مصر)2 : 67 - 69 . وقد مضى عن معرفة اخبار الرجال
تحت الرقم 20 . *