4 لى : القطان ، عن محمد بن سعيد بن أبي شحمة ، عن عبدالله بن سعيد بن هاشم
القناني ،(1)عن أحمد بن صالح ، عن حسان بن عبدالله الواسطي ، عن عبدالله بن لهيعة ، عن
أبي قبيل ، عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كان من زهد يحيى بن زكريا عليه السلام
أنه أتى بيت المقدس فنظر إلى المجتهدين من الاحبار والرهبان عليهم مدارع الشعر ، و
برانس الصوف ، وإذا هم قد خرقوا تراقيهم وسلكوا فيها السلاسل وشدوها إلى سواري
المسجد ، فلما نظر إلى ذلك أتى أمه فقال : يا أماه انسجي لي مدرعة من شعر وبرنسا
من صوف حتى آتي بيت المقدس فأعبدالله مع الاحبار والرهبان ، فقالت له أمه : حتى
يأتي نبي الله وأؤامره(2)في ذلك ، فلما دخل زكريا عليه السلام أخبرته بمقالة يحيى ، فقال
له زكريا : يابني مايدعوك إلى هذا وإنما أنت صبي صغير ؟ فقال له : يا أبه أما رأيت
من هو أصغر سنا مني قد ذاق الموت ؟ قال : بلى ، ثم قال لامه : انسجي له مدرعة من
شعر ، وبرنسا من صوف ، ففعلت فتدرع المدرعة على بدنه ، ووضع البرنس على رأسه ،
ثم أتى بيت المقدس فأقبل يعبد الله عزوجل مع الاحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه ،
فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه فبكى ، فأوحى الله عزوجل إليه : يايحيى أتبكي
مما قد نحل من جسمك ؟ وعزتي وجلالي لو اطلعت إلى النار اطلاعة لتدرعت مدرعة
الحديد فضلا عن المنسوج ، فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه ، وبدا للناظرين أضراسه
فبلغ ذلك أمه فدخلت عليه وأقبل زكريا عليه السلام واجتمع الاحبار والرهبان فأخبروه
بذهاب لحم خديه ، فقال : ما شعرت بذلك ، فقال زكريا عليه السلام : يا بني ما يدعوك إلى
هذا ؟ إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك عيني ، قال : أنت أمرتني بذلك ياأبه ، قال : و
متى ذلك يابني ؟ قال : ألست القائل : إن بين الجنة والنار لعقبة لا يجوزها إلا البكاؤون من
خشية الله ؟ قال : بلى ، فجد واجتهد وشأنك غير شأني ، فقام يحيى فنفض مدرعته(3)فأخذته أمه ،
(1)في نسخة : القنائي . وفي المصدر : القناني البغدادي سنة خمس وثمانين ومائتين . فهو
إما بفتح القاف ونونين بينهما ألف ، أو بضم القاف وفتح النون المشددة وبعد الالف ياء .
(2)أي اشاوره .
(3)أي اسقطها .