بحار الأنوار ج14

الله صلى الله عليه وآله وخديجة رضي الله(عنها)؟ وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة
ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله ، فقلت : يارسول الله ماهذه الرنة ؟
فقال : هذا الشيطان قد أيس(1)من عبادته ، إنك تسمع ما أسمع ، وترى ماأرى ، إلا
أنك لست بنبي ولكنك وزير ، وإنك لعلى خير .
ولقد كنت معه صلى الله عليه وآله لما أتاه الملا من قريش فقالوا له : يا محمد إنك قد ادعيت
عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه
علمنا أنك نبي ورسول ، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب ، فقال صلى الله عليه وآله لهم : وما
تسألون ؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها ، وتقف بين يديك ، فقال صلى الله عليه وآله :
أن الله على كل شئ قدير ، فإن فعل الله ذلك لكم أتؤمنون وتشهدون بالحق ؟ قالوا :
نعم ، قال : فإني سأريكم ماتطلبون ، وإني لاعلم أنكم لاتفيئون إلى خير ، وإن فيكم
من يطرح في القليب ، ومن يحزب الاحزاب .(2)
ثم قال : يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول
الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله ، فوالذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها
وجاء‌ت ولها دوي شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وآله مرفرفة ، وألقت بغصنها الاعلى على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وببعض أغصانها على
منكبي وكنت عن يمينه صلى الله عليه وآله ، فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكبارا :
فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال ، وأشده
دويا ، فكادت(3)تلتف برسول الله صلى الله عليه وآله ، فقالوا كفرا وعتوا : فمر هذا النصف فليرجع
إلى نصفه كما كان ، فأمره صلى الله عليه وآله فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلا الله ، إني أول(4)مؤمن
بك يارسول الله ، وأول من أقر(5)بأن الشجرة فعلت مافعلت بأمر الله تبارك وتعالى ،


(1)المصدر خلى عن لفظة " قد " .
(2)قال الجزري : الاحزاب جمع حزب بالكسر : الطوائف من الناس ، ومنه حديث ابن
الزبير أن يحزبهم أي يقويهم ويشد منهم ، أو يجعلهم من حزبه ، أو يجعلهم أحزابا . منه رحمه الله .
(3)في نسخة : فكانت .
(4)في المصدر : فاني .
(5)في نسخة : وأول من آمن .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه