بحار الأنوار ج91

الضرب المقامع خلقت اعضائي أم لشرب الحميم خلقت أمعائي ، سيدي لو ان عبدا
استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك ، لكني أعلم أني لا أفوتك .
سيدي لو ان عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه غير اني أعلم
أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين ، ولا ينقص منه معصية العاصين ، سيدي ما أنا
وماخطري ؟ هب لي بفضلك ، وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك
إلهي وسيدي ارحمني مصروعا على الفراش تقلبني ايدي أحبتي ، وارحمني مطروحا
على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وارحمني محمولا قد تناول الاقرباء اطراف
جنازتي ، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي .
قال طاووس : فبكيت حتى علا نحيبي ، والتفت إلي فقال : ما يبكيك يا
يماني ؟ أو ليس هذا مقام المذنبين ؟ فقلت : حبيبي حقيق على الله أن لا يردك ، وجدك
محمد صلى الله عليه وآله قال : فبينا نحن كذلك إذ اقبل نفر من اصحابه فالتفت إليهم فقال : معاشر
اصحابي ! وأوصيكم بالآخرة ، ولست أوصيكم بالدنيا ، فانكم بها مستوصون ، وعليها
حريصون ، وبها مستمسكون ، معاشر اصحابي إن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر
فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا استاركم عند من لا يخفى عليه اسراركم
وأخرجوا من الدنيا قلوبكم ، قبل أن تخرج منها أبدانكم ، أما رأيتم وسمعتم ما
استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة ، والقرون الماضية ، ألم تروا كيف
فضح مستورهم ، وامطر مواطر الهوان عليهم ، بتبديل سرورهم ، بعد خفض عيشهم
ولين رفاهيتهم ، صاروا حصائد النقم ومدارج المثلات ، اقول قولي هذا واستغفر الله
لي ولكم(1).
2 لى : بهذا الاسناد عن طاووس قال : كان علي بن الحسين سيد العابدين
عليه السلام يدعو بهذا الدعاء :
إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك ، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر
عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين سرمد الابد بحمد


(1)امالى الصدوق ص 132 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه