بحار الأنوار ج66

العلم والمعرفة .
وفصل بعضهم زيادة التفصيل ، وقال : التصديق عبارة عن ربط القلب بما علم
من إخبار المخبر ، وهو أمر كسبي يثبت باختيار المصدق ، ولهذا يؤجر ويثاب عليه
بل يجعل رأس العبادات ، بخلاف المعرفة ، فانها ربما تحصل بلا كسب كمن
وقع بصره على جسم فحصل له معرفة أنه جدار أو حجر ، وحققه بعض المتأخرين
زيادة تحقيق فقال : المعتبر في الايمان هو التصديق الاختياري ، ومعناه نسبة التصديق
إلى المتكلم اختيارا وبهذا القيد يمتاز عن التصديق المنطقي المقابل للتصور فانه قد
يخلو عن الاختيار ، كما إذا ادعى النبي النبوة وأظهر المعجزة فوقع في القلب
صدقه ضرورة ، من غير أن ينسب إليه اختيارا ، فانه لايقال في اللغة أنه صدقه فلا
يكون إيمانا شرعيا ، كيف ؟ والتصديق مأمور به ، فيكون فعلا اختياريا زائدا على
العلم ، لكونه كيفية نفسانية أو انفعالا وهو حصول المعنى في القلب ، والفعل
القلبي ليس كذلك ، بل هو إيقاع النسبة اختيارا الذي هو كلام النفس ويسمى
عقد القلب ، فالسو فسطائي عالم بوجود النهار ، وكذا بعض الكفار بنبوة النبي صلى الله عليه وآله
لكنهم ليسوا بمصدقين لانهم لايحكمون اختيارا بل ينكرون .
وكلام هذا القائل ، متردد يميل تارة إلى أن التصديق المعتبر في الايمان
نوع من التصديق المنطقي ، لكونه مقيدا بالاختيار ، وكون التصديق العلمي أعم
لافرق بينهما إلا بلزوم الاختيار وعدمه ، وتارة إلى أنه ليس من جنس العلم أصلا
لكونه فعلا اختياريا وكون العلم كيفية أو انفعالا وعلى هذا الاخير أصر بعض المعتنبن
بتحقيق الايمان ، وجزم بأن التسليم الذي فسر به الغزالى التصديق ليس من جنس
العلم ، بل أمر وراء‌ه معناه(كردن دادن ، وكرويدن ، وحق دانستن مر آنرا كه
حق دانسته باشى).
ويؤيده ما ذكره إمام الحرمين أن التصديق على التحقيق كلام النفس لكن
لايثبت كلام النفس إلا مع العلم ، ونحن نقول : لاشك أن التصديق المعتبر في الايمان
هو ما يعبر عنه في الفارسية(بگرويدن ، وباور كردن ، وراست گوى دانستن)إذا

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه