في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا ، وأول من أباح الله عزوجل
له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود ، فذلك الذي شق على اوريا .
وأما محمد نبيه صلى الله عليه وآله وقول الله عزوجل له : " وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى
الناس والله أحق أن تخشاه " فإن الله عزوجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا ،
وأسماء أزواجه في الآخرة ، وأنهن امهات المؤمنين ، وأحد من سمى له زينب بنت جحش
وهي يومئذ تحت زيدبن حارثة ، فأخفى صلى الله عليه وآله اسمها في نفسه ولم يبد له لكيلا يقول أحد
من منافقين ، إنه قال في امرأة في بيت رجل : إنها أحد أزواجه من امهات المؤمنين ،
وخشي قول المنافقين ، قال الله عزوجل : " والله أحق أن تخشاه " في نفسك ، وأن الله
عزوجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا ترويج حواء من آدم ، وزينب من رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وفاطمة من علي عليه السلام ، قال : فبكى علي بن الجهم وقال : يابن رسول الله أنا
تائب إلى الله عزوجل أن أنطق في أنبياء الله عزوجل بعد يومي هذا إلا بما ذكرته .(1)
ن : الهمداني والمكتب والوارق جميعا عن علي بن إبراهيم إلى آخر الخبر .(2)
بيان : قوله عليه السلام :(وكانت المعصية من آدم في الجنة)ظاهره يوهم تجويز الخطيئة
عليه على بعض الجهات ، إما لانها كانت في الجنة وإنما تجب عصمتهم في الدنيا ، أو
لانها كانت قبل البعثة وإنما تجب عصمتهم بعد النبوة ، وكلاهما خلاف ما أجمعت عليه
الامامية رضوان الله عليهم من وجوب عصمتهم على جميع الاحوال ، ودلت عليه الاخبار
المستفيضة على ما سيأتى في هذا الكتاب وكتاب الامامة وغيرهما ، فيمكن أن يحمل
كلامه عليه السلام على أن المراد بالخطيئة ارتكاب المكروه ويكونون بعد البعثة معصومين عن
مثلها أيضا ، ويكون ذكر الجنة لبيان كون النهي تنزيهيا وإرشاديا إذ لم تكن دار
تكليف حتى يتصور فيها النهي التحريمي .
ويحتمل أن يكون إيراد الكلام على هذا النحو لنوح من التقية مما شاة مع العامة
لموافقة بعض أقوالهم كما سنشير إليه ، أو على سبيل التنزل والاستظهار ردا على من جوز
(1)امالى الصدوق 55 - 57 . م
(2)عيون الاخبار : 107 - 108 . وبينهما اختلافات يسيرة . م(*).