يوم جالس مع ابن الحنفية ، إذ قال : يا محمد ائتني باناء ماء أتوضأ للصلاة ، فأتاه
محمد باناء ، فأكفى بيده اليمنى على يده اليسرى ، ثم قال : بسم الله والحمدلله
الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا قال : ثم استنجى(1)فقال : اللهم حصن
فرجي وأعفه ، واستر عورتي وحرمني على النار قال : ثم تمضمض فقال :
اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك ثم استنشق فقال : اللهم
لا تحرم علي ريح الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها .
قال : ثم غسل وجهه فقال : اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه
ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ثم غسل يده اليمنى فقال : اللهم
أعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري ، وحاسبني حسابا يسيرا
ثم غسل يده اليسرى فقال : اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ، ولا من وراء
ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذبك من مقطعات النيران .
(1)قد عرفت فيما سبق أن المصانع والمتوضئات لم يكن في ذاك العهد ، وكانوا
عند الحاجة يذهبون ويطوفون ليرتادوا موضع خلوة ، فان كانت معهم أداوة ماء ومطهرة
تطهروا واستنجوا والا تمسحوا بالتراب ، فاذا وجدوا ماءا استنجوا من البول وجوباو
من الغائط ندبا ، ولذلك تراه عليه السلام بعد ماكان جالسا مع أصحابه دعا بماء وطهر
يديه ثم استنجى من البول ، ثم تمضمض واستنشق وتوضأ وضوء الصلاة .
وانمايجب الاستنجاء من البول بالماء لان البول من جنس الماء الذى هو من ألطف
العناصر ، فلا يزول بالتراب الذى هو أكثف منه ، بل يزول بالماء الذى هو أطهر منه
مادة فقط .
مع أن التراب كلما مسح بالبول الذى هو على رأس الحشفة صار طينا نجسا وخرج عن
كونه مطهرا ، واذا نشف البول بتمسح الاحجار ، فليس هناك بول حتى يطهره التراب ، بل
يبقى رأس الحشفة متلطخا بالتراب النجس ، وييبس البول على رأس الحشفة من دون ازالة
كاملة ، نعم ، ينفع مسح التراب للتنشيف لئلا يتجاوز وينجس الثياب وسائر الاعضاء
المجاورة .