بحار الأنوار ج12

هذا الحجر ، فقال ذو القرنين : فأخبرنا به وبينه لنا ، فتناول الخضر الميزان فوضع الحجر
الذي جاء به ذو القرنين في كفة الميزان ، ثم وضع حجرا آخر في كفة اخرى ، ثم وضع
كفة تراب على حجر ذي القرنين يزيده ثقلا ثم رفع الميزان فاعتدل ، وعجبوا وخروا
سجدا لله تعالى وقالوا : أيها الملك هذا أمر لم يبلغه علمنا وإنا لنعلم أن الخضر ليس بساحر
فكيف هذا وقد وضعنا معه ألف حجر كلها مثله فمال بها وهذا قد اعتدل به وزاده ترابا ؟
قال ذوالقرنين : بين يا خضر لنا أمر هذا الحجر ، قال الخضر : أيها الملك إن أمر الله نافذ
في عباده ، وسلطانه قاهر ، وحكمه فاصل وإن الله ابتلى عباده بعضهم ببعض ، وابتلى
العالم بالعالم ، والجاهل بالجاهل ، والعالم بالجاهل ، والجاهل بالعالم ، وإنه ابتلاني بك ،
وابتلاك بي ، فقال ذو القرنين : يرحمك الله يا خضر إنما تقول : ابتلاني بك حين جعلت أعلم
مني وجعلت تحت يدي أخبرني يرحمك الله عن أمر هذا الحجر ، فقال الخضر : أيها الملك
إن هذا الحجر مثل ضربه لك صاحب الصور ، يقول : إن مثل بني آدم مثل هذا الحجر
الذي وضع ووضع معه ألف حجر فمال بها ، ثم إذا وضع عليه التراب شبع وعاد حجرا مثله ،
فيقول : كذلك مثلك أعطاك الله من الملك ما أعطاك فلم ترض به حتى طلبت أمرا لم يطلبه
أبدا من كان قبلك ، ودخلت مدخلا لم يدخله إنس ولا جان ، يقول : كذلك ابن آدم ولا
يشبع حتى يحثى عليه التراب ، قال : فبكى ذو القرنين بكاء شديدا وقال : صدقت ياخضر
يضرب لي هذا المثل ، لا جرم إني لا أطلب أثرا في البلاد بعد مسلكي هذا ، ثم انصرف
راجعا في الظلمة فبيناهم يسيرون إذ سمعوا خشخشة تحت سنابك(1)خيلهم ، فقالوا : أيها
الملك ما هذا ؟ فقال : خذوا منه ، فمن أخذ منه ندم ، ومن تركه ندم ، فأخذ بعض وترك
بعض ، فلما خرجوا من الظلمة إذاهم بالزبرجد فندم الآخذ والتارك ، ورجع ذوالقرنين
إلى دومة الجندل وكان بها منزله ، فلم يزل بها حتى قبضه الله إليه . قال : وكان صلى الله عليه وآله(2)
إذا حدث بهذا الحديث قال : رحم الله أخي ذا القرنين ما كان مخطئا إذ سلك ما سلك وطلب ماطلب .
ولو ظفر بوادي الزبرجد في مذهبه لما ترك فيه شيئا إلا أخرجه إلى الناس لانه كان راغبا ،


(1)جمع السنبك : طرف الحافر .
(2)في نسخة : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه