بحار الأنوار ج56

السماء أنه أتى به عن نجود الارض والبلاد وأعاليهما ، فإن من هبط من نجد من
البلاد إلى غورها يقال نزل وهبط وما جرى هذا المجرى .
فأما قوله تعالى " وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " فيحتمل وجوها :
منها : أن يريد تعالى بالاذن العلم من قولهم " أذنت فلانا بكذا وكذا " إذا أعلمته
و " أذنت بكذا وكذا " إذا أسمعته وعلمته ، وقال الشاعر :
في سماع يأذن الشيخ له * وحديث ماذي مشار
ومنها : أن يكون " إلا " زائدة ، ويكون المعنى : وماهم بضارين به من
أحد إلا بأن يخلي الله تعالى بينهم وبينه ، ولو شاء لمنعهم بالقهر والقسر زائدا على منعهم
بالنهي والزجر .
ومنها : أن يكون الضرر الذي عنى به أنه لا يكون إلا بإذنه ، وأضافه إليه
ما هويلحق المسحور عن الادوية والاغذية التي أطعمه إياه السحرة ، ويدعون
أنها موجبة لما يقصدونه فيه من الامور ، ومعلوم أن الضرر الحاصل عن ذلك من
فعل الله تعالى بالعادة ، لان الاغذية لا توجب ضررا ولا نفعا ، وإن كان المعرض
للضرر من حيث كان كالفاعل له هو المستحق للذم ، وعليه يجب العوض .
ومنها : أن يكون الضرر المذكور إنما هو ما يحصل من التفريق بين الازواج
لانه أقرب إليه في ترتيب الكلام ، والمعنى أنهم إذ أغروا أحد الزوجين فكفر
فبانت منه زوجته فاستضر بذلك كانوا ضارين له بما حسنوا له من الكفر ، إلا أن
الفرقة لم تكن إلا بإذن الله وحكمه ، لانه تعالى هو الذي حكم وأمر بالتفريق بين
المختلفتين الاديان ، فلهذا قوله تعالى " وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله "
والمعنى أنه لولا حكم الله تعالى وإذنه في الفرقة بين هذين الزوجين باختلاف الملة
لم يكونوا بضارين له هذا الضرر من الضرر الحاصل عند الفرقة ، ويقوي هذا الوجه
ما روي أنه كان من دين سليمان أنه من سحر بانت منه امرأته .
وأما قوله تعالى " ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الآخرة من خلاق " ثم
قوله تعالى " لو كانوا يعلمون " ففيه وجوه : أولها : أن يكون الذين علموا غير الذين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه