أهيب لهم في صدور الاعداء ، قال : فهذه عمامتي على رأس علي عليه السلام فمره فليردها
علي ، فقال : ويحك إن يعلم الله فيك خيرا يعوضك أحسن العوض .
أفلا ترون أن هذا الحديث يؤيد ما تقدم ويؤكد القول بأن أمير المؤمنين
عليه السلام كان أشجع البرية ، وأنه بلغ من بأسه وخوف الاعداء منه عليه السلام أن
جعل الله عزوجل الملائكة على صورته ، ليكون ذلك أرعب لقلوبهم ، وأن هذا
المعنى لم يحصل لبشر قبله ولا بعده ، ويؤيد ما رويناه ماجاء من الاثر عن أبي
جعفر محمد بن علي عليهما السلام في حديث بدر فقال : لقد كان يسأل الجريح من المشركين
فيقال : من جرحك ؟ فيقول : علي بن أبي طالب . فإذا قالها : مات . وفي بلاء
أمير المؤمنين عليه السلام يوم بدر يقول أبوهاشم السيد بن محمد الحميري :
من كعلي الذي يبارزه * الاقران إذ بالسيوف يصطلم -
إذا الوغى نارها مسعرة * يحرق فرسانها إذا اقتحموا -
في يوم بدر وفي مشاهده * العظمى ونار الحرب تضطرم -
بارز أبطالها وسادتها * قعصا لهم بالحسام قد علموا(1)-
دعوه كي تدركون عزته * فما علوا ذلكم ولا سلموا -
جذ بسيف النبي هامات * أقوام هم سادة وهم قدم -
سيدنا الماجد الجليل أبو * السبطين رأس الانام والعلم -
إن عليا وإن فاطمة * وإن سبطيهما وإن ظلموا -
لصفوة الله بعد صفوته * لا عرب مثلهم ولا عجم
انتهى(2).
وقال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : قال نصر : وحدثنا
عمرو بن شمر عن جابر بن نمير الانصاري قال : والله لكأني أسمع عليا عليه السلام يوم
الهرير وذلك بعد ما طحنت رحى مذحج فيما بينها وبين عك ولخم وحذام و
(1)قعصه : قتله مكانه . والقعص : الموت الوحى .
(2)الفصول المختارة 2 : 79 - 81 .(*)