بحار الأنوار ج44

مصر على العناد في تكذيب الحديث ، فنام ذلك الرجل تلك الليلة فرأى في منامه
كأن القيامة قد قامت ، وحشر الناس في صعيد صفصف لا ترى فيها عوجا ولا أمتا
وقد نصبت الموازين ، وامتد الصراط ، ووضع الحساب ، ونشرت الكتب ، واسعرت
النيران ، وزخرفت الجنان ، واشتد الحر عليه ، وإذا هو قد عطش عطشا شديدا
وبقي يطلب الماء ، فلا يجده ،


فليس هذه الاحاديث الا موضوعة من قبل الغلاة ، ودسهم في أخبار أهل البيت ، ترويجا
لمرامهم الفاسد ، ومسلكهم في أن ولاء أهل البيت انما هو محبتهم ، لا الدخول تحت سلطانهم
وأمرهم ونهيهم على ما هو الصحيح من معنى الولاية .
وبعضهم الاخر الذين يروون الحديث ولا يعقلون فيه ولا يتدبرون أخذ بالاطلاق ، وادعى
أن من بكى على الحسين أو أبكى أوتباكى فله الجنة حتى في زماننا هذا وعصرنا كائنا
من كان ، ثم شد على المنكرين بأنهم كفرا وخرجوا عن المذهب ولم يعرفوا الائمة حق
معرفتهم و . . . ثم اذا الزم بالاشكال أخذ في تأويل الاحاديث وأخرجها عن معانيها
ومغزاها ، أو سرد في الجواب بعض الاقاصيص والرؤى .
والحق ان هذه الاحاديث بين صحاح وحسان وضعاف مستفيضة بل متواترة
لا تتطرق اليها يد الجرح والتأويل ، لكنها صدرت حينما كان ذكر الحسين ، والبكاء عليه
وزيارته ، ورثاؤه ، وانشاد الشعر فيه ، انكارا للمنكر ، ومجاهدة في ذات الله ، ومحاربة
مع أعداء الله : بنى أمية الظالمة الغشوم ، وهدما لاساسهم ، وتقبيحا وتنفيرا من سيرتهم الكافرة
بالقرآن والرسول .
ولذلك كانت الائمة عليهم السلام يرغبون الشيعة في تلك الجهاد المقدس باعلاء كلمة
الحسين واحياء أمره بأى نحو كان بالرثاء والمديح والزيارة والبكاء عليه ، وفى مقابلهم
بنو أمية تعرج على اماتة ذكر الحسين ، ويمنع من زيارته ورثائه والبكاء عليه فمن وجدوه
يفعل شيئا من ذلك أخذوه وشردهوه وقتلوه وهدموا داره ولا جل تلك المحاربة القائمة بين
الفريقين : أنصار الدين ، وأنصار الكفر ، أباد المتوكل قبر الحسين وسواه مع الارض وأجرى
الماء عليه ليطفئ نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه