بحار الأنوار ج14

لم يكن على وجه الضنة بل على وجه الشفقة ، لان ملك الدنيا في نظرهم خسيس دني لا
يليق بالمقربين قربه ، ولما رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطرارا ومنعه عن غيره إشفاقا
عليهم ، أو يقال : إن كلامه مخصوص بمن عدا الانبياء والاوصياء وهو قريب من الثاني ،
ويحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الاطناب .

(باب 7) (قصة مروره عليه السلام بوادى النمل وتكلمه معها

وسائر ماوصل اليه من أصوات الحيوانات)

الايات ، النم " 27 " وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم
يوزعون * حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا
يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني
أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك
في عبادك الصالحين 17 19 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " على واد النمل " هو واد بالطائف ، وقيل : بالشام
" قالت نملة " أي صاحت بصوت خلق الله لها ، ولما كان الصوت مفهوما لسليمان عليه السلام
عبر عنه بالقول ، وقيل : كانت رئيسة النمل " لايحطمنكم " أي لايكسرنكم " سليمان
وجنوده وهم لايشعرون " بحطمكم ووطئكم فإنهم لو علموا بمكانكم لو يطؤوكم ، وهذا
يدل على أن سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الارض ولم تحملهم الريح ، لان
الريح لو حملتهم بين السماء والارض لما خافت النملة أن يطؤوها بأرجلهم ، ولعل هذه القصة
كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان عليه السلام : فإن قيل : كيف عرفت النملة سليمان وجنوده
حتى قالت هذه المقالة ؟ قلنا : إذا كانت مأمورة بطاعته فلابد أن يخلق الله لها من الفهم ما


* زيادة الثواب وارتقاء الرتبة ، كما شكر ذلك بعد ما اعطاه الله في قوله : " رب أوزعني ان اشكر نعمتك
التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين " ولعله
انسب الوجوه ، ولا يوجب منقصة ، وليست فيه ضنة ولا شح .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه