بحار الأنوار ج69

فقال أبي : فهبنا كما تقولون ، افتحوا لنا الباب ، وشارونا وبايعونا كما تشارون
وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس ، فقالوا : أنتم أشر من اليهود والنصارى
والمجوس ، لان هؤلاء يؤدون الجزية ، وأنتم ما تؤدون ، فقال لهم أبي : افتحوا
لنا الباب وأنزلونا ، وخذوا منا الجزية كما تأخذون منهم ، فقالوا : لا نفتح ولا
كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا مياعا(1)وتموت دوابكم
تحتكم .
فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا قال : فثنى أبي برجله عن سرجه وقال
لي : مكانك يا جعفر لا تبرح ، ثم صعد الجبل المطل على مدينة مدين ، وأهل
مدين ينظرون إليه ما يصنع ؟ فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وحده ثم
وضع أصبعيه في اذنيه ، ثم نادى باعلا صوته :
وإلى مدين أخاهم شعيبا إلى قوله : بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين (2)
نحن والله بقية الله في أرضه . فأمر الله ريحا سوداء مظلمة فهبت واحتملت صوت
أبي فطرحته في أسماع الرجال والنساء والصبيان ، فما بقي أحد من الرجال والنساء
والصبيان إلا صعد السطوح وأبي مشرف عليهم ، وصعد فيمن صعد شيخ من أهل
مدين كبير السن ، فنظر إلى أبي على الجبل ، فنادى باعلا صوته : اتقوا الله يا أهل
مدين ، فانه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلام حين دعى على قومه
فان أنتم لم تفتحوا الباب ولم تنزلوه ، جائكم من العذاب وأتى عليكم ، وقد أعذر
من أنذر .
ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا وكتب العامل بجميع ذلك إلى هشام ، فارتحلنا
في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ فيطموه(3)فاخذوه


(1)لعله اتباع كما يقال : كثير بثير ، وشزر مزر ، وأكثر ما يكون بلا واو .
(2)هود : 84 86 . .
(3)يعني أن يأخذوه ويدفنوه في حفيرة حيا ، كما هو نص المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه