بحار الأنوار ج56

الذي سبحت له . وروى سالم بن عبدالله ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
سمع الرعد والصواعق قال : اللهم لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا
قبل ذلك ، قال ابن عباس : من سمع الرعد فقال " سبحان الذي يسبح الرعد بحمده
والملائكة من خيفته وهو على كل شئ قدير " فإن أصابته صاعقة فعلي ذنبه(1).
" والملائكة من خيفته " أي وتسبح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته .
قال ابن عباس : إنهم خائفون من الله ليس كخوف ابن آدم ، لا يعرف أحدهم من
على يمينه ومن على يساره ، لا يشغله عن عبادة الله طعام ولا شراب ولا شئ . " ويرسل
الصواعق فيصيب بها من يشاء " ويصرفها عمن يشاء ، إلا أنه حذف ، ورووا عن
أبي جعفر الباقر عليه السلام أن الصواعق تصيب المسلم وغير المسلم ، ولا تصيب ذاكرا
(انتهى)(2).
وقال الرازي : في قوله تعالى " ويسبح الرعد بحمده " أقوال : الاول أن
الرعد اسم ملك من الملائكة ، والصوت المسموع هو صوت ذلك الملك بالتسبيح
والتهليل . عن ابن عباس أن اليهود سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الرعد ما هو ؟ فقال :
ملك من الملائكة موكل بالسحاب ، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث
يشاء الله تعالى . قالوا : فالصوت الذي يسمع ؟ قال : زجرة السحاب . وعن الحسن
أنه خلق من الله ليس بملك ، فعلى هذا القول الرعد اسم للملك الموكل بالسحاب
وصوته تسبيح لله تعالى ، وذلك الصوت أيضا مسمى بالرعد ، ويؤكد هذا ما روي
عن ابن عباس : كان إذا سمع الرعد قال : سبحان الذي سبحت له . وعن النبي صلى الله عليه وآله
أن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ، ويضحك أحسن الضحك ، فنطقه
الرعد ، وضحكه البرق . واعلم أن هذا القول غير مستبعد ، وذلك لان عند أهل
السنة البنية ليست شرطا لحصول الحياة ، فلا يبعد من الله تعالى أن يخلق الحياة
والعلم والقدرة والنطق في أجزاء السحاب فيكون هذا الصوت المسموع فعلا له فكيف


(1)في المصدر : ديته .
(2)مجمع البيان : ج 5 ، ص 283 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه