بحار الأنوار ج82

الثاني الجلوس على العقبين مطلقا كما هو الظاهر من كلام أكثر العامة ، الثالث ما اتفق

عليه كلام أصحابنا من وضع صدور القدمين على الارض ووضع الاليين على القدمين
ولعل مراد أكثر العامة أيضا هذا المعنى ، لان الجلوس على العقبين حقيقة لايتحقق
إلا بهذا الوجه ، فانه إذا جعل ظهر قدمه على الارض يقع الجلوس على بطن القدمين
لاعلى العقبين .
ويؤيده قول الجزري عند تفسير إقعائه صلى الله عليه وآله عند الاكل أنه كان
يجلس عند الاكل على وركيه مستوفزا غير متمكن ، فان المستعجل هكذا يجلس ، و
أما الجالس على بطون القدمين فهو متمكن مستقر وقال الجوهري : استوفز في قعدته
إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن ، ومثله ما ذكره البغوي في تفسير الاقعاء .
وأيضا اعتذار ابن عمر بالضعف والكبر يدل على ذلك ، فان الضعف يقتضي
عدم تغيير القدمين عما كانتا عليه في حالة السجود ، ولايتمكن من الجلوس ثم يعود
إلى السجود ، ولذا قال الخطابي : معناه أنه كان يضع يديه بالارض بين السجدتين
فلا تفارقان الارض حتى يعيد السجود ، وهكذا يفعل من أقعى ، وما هو المشاهد من
العوام من الفريقين ، حيث يجلسون هكذا بين السجدتين لسهولته عليهم ، شاهد بذلك .
وأما التشبيه باقعاء الكلب فلا يلزم أن يكون كاملا من كل جهة بل يكفي أنه
يشبهه في الانحناء عند الجلوس والاعتماد على الرجلين واليدين ، لاسيما إذا لم يرفع
يديه من الارض ، وأما الجلوس على القدمين بدون ذلك فهو أبعد من مشابهة إقعاء
الكلب كما لايخفى .
فاذا تمهد هذا فاعلم أن المعنى الاول خلاف ماهو المستحب من التورك ،
وأما إثبات كراهته فهو مشكل لانه لايدل على كراهته ظاهرا إلا أخبار الاقعاء ، و
هي ظاهرة في معنى آخر مشتهر بين الاصحاب ، ويؤيده ماورد في حديث زرارة عن
أبي جعفر عليه السلام : ولاتقع على قدميك . إذا الظاهر من الاقعاء على القدمين أن يكون الجلوس
عليهما ، وإن لم تكن ظاهرة في معنى آخر فمجرد الاحتمال لايكفي للاستدلال .
فان قلت : الاشتهار بين اللغويين يؤيده ، قلنا الشهرة بين علماء الفريقين في

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه