بحار الأنوار ج10

ما كنت أظن أن أحدا يدعي الاجماع على كفر عمر بن الخطاب حتى الآن ، فقال الشيخ :
فالآن قد علمت ذلك وتحققته ، ولعمري أن هذا مما لم يسبقني إلى استخراجه أحد ،
فإن كان عندك شئ فأورده ، فلم يأت بشئ .(1)
6 - ومن كلام الشيخ أدام الله علوه أيضا : حضر في دارالشريف أبي عبدالله محمد بن
محمد بن طاهر رحمه الله وحضر رجل من المتفقهة يعرف بالورثاني وهو من فهمائهم ، فقال
له الورثاني أليس من مذهبك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان معصوما من الخطاء ، مبرء‌ا من
الزلل ، مأمونا عليه السهور والغلط ، كاملا بنفسه ، غنيا عن رعيته ؟ فقال له الشيخ : بلى
كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فما تصنع في قول الله عزوجل :(وشاورهم في الامر
فإذا عزمت فتوكل على الله)أليس قد أمره الله تعالى بالاستعانة بهم في الرأي ، و
أفقره إليهم ؟ فكيف يصح لك ما ادعيت مع ظاهر القرآن وما فعله النبي صلى الله عليه وآله ؟ فقال
الشيخ : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يشاور أصحابه لفقر منه إلى رأيهم ، ولا حاجة دعته إلى
مشورتهم من حيث ظننت وتوهمت بل لامر آخر إنا نذكره لك بعدالايضاح عما
خبرتك به ، وذلك أنا قد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان معصوما من الكبائر ،(2)
وإن خالفت أنت في عصمته من الصغائر ، وكان أكمل الخلق باتفاق أهل الملة وأحسنهم
رأيا ، وأوفرهم عقلا ، وأحكمهم تدبيرا ، وكانت المواد بينه وبين الله تعالى متصلة ، و
الملائكة تتواتر عليه بالتوقيف(3)عن الله سبحانه والتهذيب ، والانباء له عن المصالح ،
وإذا كان بهذه الصفات لم يصح أن يدعوه داع إلى اقتباس الرأي من رعيته ، لانه
ليس أحد منهم إلا وهو دونه في سائر ما عددناه ، وإنما يستشير الحكيم غيره على طريق
الاستفادة والاستعانة برأيه إذا تيقن أنه أحسن رأيا منه ، وأجود تدبيرا ، وأكمل
عقلا ، أو ظن ذلك ، فأما إذا أحاط علما بأنه دونه فيما وصفناه لم يكن لاستعانته في
تدبيره برأيه معنى ، لان الكامل لايفتقر إلى الناقص فيما يحتاج فيه إلى الكمال ، كما


(1)الفصول المختارة 1 : 7 - 9 .
(2)في المصدر : كان معصوما من الكبائر والصغائر .
(3)في المصدر : والملائكة تتواتر عليه بالتوفيق عن الله .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه