بحار الأنوار ج28

وقال بعض المخالفين : إن السبب في قوله : إنكن صويحبات يوسف
أنه صلى الله عليه وآله لما أوذن بالصلاة وقال مروا أبابكر ليصلي بالناس ، فقالت له : عائشة
إن أبابكر رجل أسيف لا يحتمل قلبه أن يقوم مقامك في الصلاة ، ولكن تأمر
عمر أن يصلى بالناس ، فقال عند ذلك إنكن صويحبات يوسف (1)وهذا
ليس بشئ لان النبى لا يجوز أن يكون أمثاله إلا وفقا لاغراضه ، وقد علمنا أن
صويحيات يوسف لم يكن منهن خلاف على يوسف ولا مراجعة له في شئ أمرهن به ،
وإنما افتتن بأسرهن بحسنه ، وأرادت كل واحدة منهن مثل ما أرادته صاحبتها
فأشبهت حالهن حال عائشة في تقديها أباها للصلاة للتجمل والشرف بمقام رسول
الله صلى الله عليه وآله ، ولما يعود بذلك عليها وعلى أبيها من الفخر وجميل الذكر .
ولا عبرة بمن حمل نفسه من المخالفين على أن يدعى أن الرسول صلى الله عليه وآله
لما خرج إلى المسجد لم يعزل أبابكر عن الصلاة وأقره في مقامه ، لان هذا من
قائله غلط فظيع ، من حيث يستحيل أن يكون النبى صلى الله عليه وآله وهو الامام المتبع في
ساير الدين متعبا مأموما في حال من الاحوال(2)وكيف يجوز أن يتقدم على


(1)وقال الشيخ المفيد قدس سره على ما في مختار العيون والمحاسن ص 90 : لا
خلاف أن النبى ص كان من أحكم الحكماء وأفصح الفصحاء ولم يكن يشبه الشئ بخلافه و
يمثله بضده ، وانما كان يضع المثل في موضعه فلا يخرم مما مثله به في معناه شيئا ، ونحن
نعلم أن صويحبات يوسف انما عصين الله تعالى وخالفنه بأن أرادت كل واحدة منهم من يوسف
ما أرادته الاخرى وفتنت به كما فتنت به صاحبتها ، فلو كانت عائشة دفعت الامر عن أبيها ولم
ترد شرف ذلك المقام له ولم تفتتن بمحبة الرئاسة وعلو المنزلة ، لكان النبى في تشبيهها
بصويحبات يوسف قد وضع المثل في غير موضعه وشبه الشئ بضده وخلافه ، ورسول الله
يجل عن هذه الصفة .
(2)بل وقد مرص 148 في حديث أخرجه مسلم ج 2 ص 25 أن أبابكر نفسه صلى صلاة
أمها بالمسلمين حيث أحسن بأن النبى ص قد جاء إلى الصلاة أبطل صلاته وتأخر إلى داخل(*)=

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه