بحار الأنوار ج74

له(1)فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ، ومعهم و
ليسوا معهم ، وذلك لان الضلالة لا توافق الهدى ، وإن اجتمعا وقد اجتمع القوم
على الفرقة ، وافترقوا على الجماعة ، وقد ولو أمرهم أمر دينهم من يعمل فيهم
بالمكر والمنكر . والرشاء والقتل ، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ، لم يبق
عندهم من الحق إلا اسمه ، ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره(2)يدخل
الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين ينتقل
من دين ملك إلى دين ملك ، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك ، ومن طاعة ملك إلى
طاعة ملك ، ومن عهود ملك إلى عهود ملك ، فاستدرجهم الله تعالى من حيث
لا يعلمون وإن كيدة متين بالامل والرجاء(3)حتى توالدوا في المعصية ، ودانوا
بالجور .
والكتاب لم يضرب عن شئ منه صفحا ، ضلا لا تائهين ، قد دانوا بغير دين الله
عز ذكره وأدانوا لغير الله(4).
مساجد هم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة ، خربة من الهدى وفقراؤها
وعمارها أخائب خلق الله وخليقته ، ومن عند هم جرت الضلالة وإليهم تعود ، وحضور
مساجد هم والمشئ إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالتهم ، فصارت
مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خر به من الهدى ، عامرة من الضلالة ، قد بدلت


(1) واها كلمة تلهف وتوجع . قوله : لما يعملان في بعض نسخ المصدر لم
يعمدان له بالدال أى العلة الغائية من خلقها .
(2)بكسر الزاى وسكون الباء أى كتابته . وقوله : يدخل الداخل أى في الدين وخروجه
لما يرى من عدم عمل أهله به وبدعهم وجورهم .
(3)متعلق بقوله استدرجهم واستدراج الله تعالى عباده أنه كلما جدد العبد خطيئة جددله
نعمة وأنساه الاستغفار وأن يأخذه قليلا قليلا ويباغته .
(4) دانوا أى أمروا بطاعة غيره تعالى . و أدانوا لم يرد هذا البناء فيما عند نا من كتب اللغة و
في النسخة القديمة وكانوا لغير الله (منه).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه