وأما قوله عزوجل : " وذاالنون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " إنما
ظن أن الله عزوجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عزوجل : " وأما إذا ما ابتلاه
فقدر عليه رزقه " ؟ أي ضيق عليه ، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر .
وأما قوله عزوجل في يوسف : " ولقد همت به وهم بها " فإنها همت بالمعصية ،
وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله :
" كذلك لنصرف عنه السوء " يعني القتل " والفحشاء " يعني الزنا .
وأما داود فما يقول من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن الجهم : يقولون : إن
داود كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من
الطيور ، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير
إلى السطح ، فصعد في طلبه فسقط الطير في دار اوريا بن حنان ، فاطلع داود
في أثر الطير فإذا بامرأة اوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ، وكان اوريا
قد أخرجه في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدم اوريا أمام الحرب ، فقدم فظفر
اوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب الثانية أن قدمه أمام التابوت ، فقتل
اوريا رحمه الله ، وتزوج داود بامرأته ، فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال : إنا
لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في
أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ! فقال : يابن رسول الله فما كانت خطيئته ؟ فقال :
ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عزوجل خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله عزوجل
إليه الملكين فتسورا المحرب فقالا : " خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق
ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة
واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب " فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال :
" لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه " فلم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على
المدعى عليه فيقول : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة حكمه ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع قول الله
عزوجل يقول : " يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق " إلى
آخر الآية ، فقلت : يابن رسول الله فما قصته مع اوريا ؟ فقال الرضا عليه السلام إن المراة