خمسمائة سنة إلى أن قال ورأيت في عليين بحارا وأنوارا وحجبا وغيرها لولا تلك
لاحترق كل ما تحت العرش من نور العرش . قال : وفي الحديث أن جبرئيل
عليه السلام قال : لله دون العرش سبعون حجابا لودنونا من أحدها لاحرقتنا سبحات
وجه ربنا .
فذلكة : اعلم أنه قد تظافرت الاخبار العامية والخاصية في وجود الحجب
والسرادقات وكثرتها ، وفي القاموس : السرادق الذي يمد فوق صحن البيت ، و
الجمع سرادقات ، والبيت من الكرسف ، وبيت مسردق أعلاه وأسفله مشدود كله(1).
وفي النهاية : السرادق كل ما أحاط بشئ من حائط أو مضرب أو خباء(2)(انتهى)
وظاهر أكثر الاخبار أنها تحت العرش ويلوح من بعضها أنها فوقه ، ولا تنافي
بينها ، وروي من طرق المخالفين عن النبي صلى الله عليه وآله أن لله تبارك وتعالى سبعين ألف
حجاب من نور وظلمة لو كشفت لاحرقت سبحات وجهه مادونه . وقال الجزري :
فيه أن جبرئيل قال : لله دون العرش سبعون حجابا لودنونا من أحدها لاحرقتنا
سبحات وجهه(3). وفي حديث آخر : حجابه النور أو النار لو كشفه لاحرقت
سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره . سبحات الله : جلاله وعظمته ، وهي في الاصل
جمع(سبحة)وقيل : أضواء وجهه ، وقيل : سبحات الوجه محاسنه ، لانك إذا رأيت
الحسن الوجه قلت سبحان الله ، وقيل : معناه تنزيه له ، أي سبحانه وجهه ، وقيل :
إن سبحات وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول ، أي لو كشفها لاحرقت كل
شئ بصره كما تقول لو دخلت الملك البلد لقتل العياذ بالله كل من فيه ، و
أقرب من هذا كله أن المعنى : لو انكشف من أنوار الله التي تحجب العباد عنه شئ
لاهلك كل من وقع عليه ذلك النور كما خر موسى صعقا ، وتقطع الجبال دكا
لما تجلى الله سبحانه وتعالى(4). وقال النووي في شرح صحيح مسلم : سبحات
(1)القاموس : ج 3 ، ص 244 .
(2)النهاية : ج 2 ، ص 157 .
(3)في المصدر ، وجه ربنا .
(4)النهاية : ج 2 ، ص 141 .