بحار الأنوار ج52

ما لم أرها في العراقين ، ولا في الشامات كلها .
فبينما نحن نسيرمن بستان إلى آخر إذ مربنا رجل بهي الصورة ، مشتمل
ببردتين من صوف أبيض فلما قرب منا سلم علينا وانصرف عنا ، فأعجبتني هيئته
فقلت للسيد سلمه الله : من هذا الرجل ؟ قال لي : أتنظر إلى هذا الجبل الشاهق ؟
قلت : نعم ، قال : إن في وسطه لمكانا حسنا وفيه عين جارية ، تحت شجرة ذات
أغصان كثيرة ، وعندها قبة مبنية بالآجر ، وإن هذا الرجل مع رفيق له خادمان
لتلك القبة ، وأنا أمضي إلى هناك في كل صباح جمعة ، وأزور الامام عليه السلام منها
واصلي ركعتين ، وأجد هناك ورقة مكتوب فيها ما أحتاج إليه من المحاكمة بين
المؤمنين ، فمهما تضمنته الورقة أعمل به ، فينبغي لك أن تذهب إلى هناك وتزور
الامام عليه السلام من القبة .
فذهبت إلى الجبل فرأيت القبة على ما وصف لي سلمه الله ، ووجدت هناك
خادمين ، فرحب بي الذي مر علينا وأنكرني الآخر فقال له : لا تنكره فاني
رأيته في صحبة السيد شمس الدين العالم ، فتوجه إلي ورحب بي وحادثاني وأتيالي
بخبز وعنب فأكلت وشربت من ماء تلك العين التي عند تلك القبة ، وتوضأت و
صليت ركعتين .
وسألت الخادمين عن رؤية الامام عليه السلام فقالا لي : الرؤية غير ممكنة وليس
معنا إذن في إخبار أحد ، فطلبت منهم الدعاء ، فدعيا لي ، وانصرفت عنهما ، ونزلت
من ذلك الجبل إلى أن وصلت إلى المدينة .
فلما وصلت إليها ذهبت إلى دار السيد شمس الدين العالم ، فقيل لي : إنه

خرج في حاجة له ، فذهبت إلى دارالشيخ محمد الذي جئت معه في المركب فاجتمعت
به وحكيت له عن مسيري إلى الجبل ، واجتماعي بالخادمين ، وإنكار الخادم علي
فقال لي : ليس لاحد رخصة في الصعود إلى ذلك المكان ، سوى السيد شمس الدين
وأمثاله ، فلهذا وقع الانكار منه لك ، فسألته عن أحوال السيد شمس الدين أدام الله
إفضاله ، فقال : إنه من أولاد أولاد الامام ، وإن بينه وبين الامام عليه السلام خمسة آباء

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه