بحار الأنوار ج48

فصرفني عنه ، فقال : هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا

أرحامكم (1)ثم حول وجهه فدخل بابا .
فانتبهت مذعورا لذلك ! فقلت : ياأمير المؤمنين أمرتني أن القي علي بن
موسى للسباع قال : ويلك ألقيته ؟ فقلت : إي والله ، فقال : امض وانظر ماحاله
فأخذت الشمع بين يدي وطالعته فإذا هو قائم يصلي ، والسباع حوله ، فعدت إليه
فأخبرته فلم يصدقني ، ونهض واطلع إليه فشاهده في تلك الحال : فقال : السلام
عليك ياابن عم ، فلم يجبه حتى فرغ من صلاته ، ثم قال : وعليك السلام يا ابن عم
قد كنت أرجو أن لاتسلم علي في مثل هذا الموضع فقال : أقلني فاني معتذر إليك
فقال له : قد نجانا الله تعالى بلطفه فله الحمد ، ثم أمر باخراجه فاخرج فقال :
فلا والله ماتبعه سبع .
فلما حضر بين يدي الرشيد عانقه ، ثم حمله إلى مجلسه ورفعه فوق سريره
وقال : يا ابن عم إن أردت المقام عندنا ففي الرحب والسعة ، وقد أمرنا لك ولاهلك
بمال وثياب ، فقال له : لا حاجة لي في المال ولا الثياب ، ولكن في قريش نفر يفرق
ذلك عليهم ، وذكر له قوما فأمر له بصلة وكسوة .
ثم سأله أن يركبه على بغال البريد إلى الموضع الذي يحب فأجابه إلى
ذلك ، وقال لي : شيعه فشيعته إلى بعض الطريق ، وقلت له ياسيدي إن رأيت أن
تطول علي بالعوذة فقال : منعنا أن ندفع عوذنا وتسبيحنا إلى كل أحد ، ولكن
لك علي حق الصحبة والخدمة فاحتفظ بها فكتبتها في دفتر وشددتها في منديل في كمي
فما دخلت إلى أمير المؤمنين إلا ضحك إلي وقضى حوائجي ، ولا سافرت إلا كانت
حرزا وأمانا من كل مخوف ، ولا وقعت في الشدة إلا دعوت بها ، ففرج عني ثم
ذكرها(2).


(1)سورة محمد الاية : 22 .
(2)مهج الدعوات ص 248 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه