بحار الأنوار ج8

وثانيها أن الفترة لماكانت بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وبعث الله محمد صلى الله عليه وآله أنزل الله
سبحانه جبرئيل بالوحي ، فلما نزلت ظنت الملائكة أنه نزل بشئ من أمر الساعة
فصعقوا لذلك ، فجعل جبرئيل يمربكل سماء ويكشف عنهم الفزع فرفعوا رؤوسهم و
قال بعضهم لبعض : ماذاقال ربكم قالوا الحق يعني الوحي .
ثالثها أن الله إذا أوحى إلى بعض ملائكته لحق الملائكة غشي عند سماع الوحي ،
ويصعقون ويخرون سجدا اللاية العظيمة ، فإذا فزع عن قلوبهم سألت الملائكة ذلك
الملك الذي أوحي إليه : ماذاقال ربك ؟ أويسأل بعضهم بعضا فيعلمون أن الامر في غيرهم .
وفي قوله تعالى : يوم لايغني مولى عن مولى شيئا المولى : الصاحب الذي
من شأنه أن يتولى معونه صاحبه على اموره ، فيدخل في ذلك ابن العم والناصر و
الحليف وغيرهم ، أي لا يغني فيه ولي عن ولي شيئا ، ولا يدفع عنه عذاب الله ولاهم
ينصرون وهذالا ينافي ماذهب إليه أكثر الامة من إثبات الشفاعة ، لانها لاتحصل
إلا بأمر الله تعالى وإذنه ، والمراد بالآية أنه ليس لهم من يدفع عنهم العذاب وينصر هم
من غير أن يأذن الله لهم فيه ، ويدل عليه قوله : إلامن رحم الله أي إلاالذين رحمهم
الله من المؤمنين ، فإنه إماأن يسقط عقابهم ابتداء‌ا أويأذن بالشفاعة فيهم .
وفي قوله تعالى : إلامن بعدأن يأذن الله أي للملائكة في الشفاعة لمن يشاء
ويرضى لهم أن يشفعوافيه .
وفي قوله تعالي : فماتنفعهم شفاعة الشافعين أي شفاعة الملائكة والنبيين كما
نفعت الموحدين ، عن ابن عباس . وقال الحسن : لم تنفعهم شفاعة ملك ولاشهيد ولا مؤمن ،
ويعضد هذا الاجماع على أن عقاب الكفر لا يسقط بالشفاعة ، وقد صحت الرواية عن ابن
مسعود قال : يشفع نبيكم رابع أربعة : جبرئيل ، ثم إبراهيم ، ثم موسى أوعيسى ، ثم
نبيكم ، لا يشفع أحدأكثر مما يشفع فيه نبيكم ، ثم النبيون ، ثم الصديقون ، ثم الشهداء ،
ويبقى قوم في جنهم فيقال لهم : ما سلككم في سقر إلى قوله : قماتنفعهم شفاعة
الشافعين قال ابن مسعود : فهؤالاء الذين يبقون في جهنم . وعن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال : يقول : الرجل من أهل الجنة يوم القيامة : أي رب عبدك فلان سقاني شربة من

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه