بحار الأنوار ج89

ما بينكم(1).
وقال عليه السلام في خطبة طويلة يذكر فيها بعثة الانبياء عليهم السلام قال عليه السلام :
إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وآله لا نجاز عدته ، وتمام نبوته ، مأخوذا على النبيين
ميثاقه ، مشهورة سماته(2)كريما ميلاده ، وأهل الارض يومئذ ملل متفرقة
وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتتة ، بين مشبه لله بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو
مشير إلى غيره ، فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة .
ثم اختار سبحانه لمحمد صلى الله عليه وآله لقاء ورضي له ما عنده ، فأكرمه عن دار
الدنيا ، ورغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما ، وخلف فيكم ما خلفت
الانبياء في اممها ، إذ لم يتركوهم هملا ، بغير طريق واضح ، ولا علم قائم
كتاب ربكم مبينا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه
ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه
ومتشابهه ، مفسرا جملته ، ومبينا غوامضه .
بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب
فرضه ، معلوم في السنة نسخه ، وواجب في السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه
وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله .
ومباين بين محارمه ، من كبير أو عد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه
وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه(3).
وقال عليه السلام : وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه ، وبين لا تهدم
أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه(4).


(1)نهج البلاغة الرقم 313 من الحكم .
(2)السمات جمع سمة : العلامة ، وهى التى ذكرت في الكتاب السالفة المبشرة به .
(3)نهج البلاغة في أواخر الخطبة الاولى .
(4)نهج البلاغة الرقم 131 من الخطب .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه