32 كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن
بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبدالله بن محمد الجعفي ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله
عليهما السلام قالا : أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقه كتب الله له بكل
خطوة حسنة ، ومحيت عنه سيئة ، ورفعت له درجة ، فاذا طرق الباب فتحت له
أبواب السماء ، فاذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه ، ثم باهى
بهما الملائكة فيقول : انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابا في حق علي ألا أعذبهما
بالنار ، بعد ذا الموقف فاذا انصرف شيعه ملائكة عدد نفسه وخطاه كلامه يحفظونه
عن بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل ، فان مات فيما بينهما
اعفي من الحساب ، وإن كان المزور يعرف من حق الزاير ما عرفه الزائر من
حق المزور كان له مثل أجره(1).
تبيان : قوله : يزوره حال مقدرة و عارفا حال محققة عن فاعل خرج
وكأن المراد بعرفان حقه أن يعلم فضله ، وأن له حق الزيارة ، والرعاية والاكرام
فيرجع إلى أنه زاره لذلك ، وأن الله جعل له حقا عليه ، لا للاغراض الدنيوية
والظاهر أن محو السيئة ليس من جهة الحبط ، بل هو تفضل زائد على الحسنة
وقال الجوهري : عانقه إذا جعل يديه على عنقه وضمه إلى نفسه وتعانقا واعتنقا
فهو عنيقه انتهى وكأنه لا خلاف بيننا في استحباب المعانقه إذا لم يكن فيها غرض
باطل ، أو داعي شهوة أو مظنة هيجان ذلك ، كالمعانقة مع الامرد ، وكذا
التقبيل .
واستحب المعانقة جماعة من العامة أيضا ، وأبوحنيفة كرهها ، ومالك رآها
بدعة ، وأنكر سفيان قول مالك ، واحتج عليه بمعانقته صلى الله عليه وآله جعفرا حين قدم من
الحبشة فقال مالك : هو خاص بجعفر ، فقال سفيان : مايخص جعفرا يعمنا فسكت
مالك ، قال الآبي : سكوته يدل على ظهور حجة سفيان حتى يقوم دليل على
التخصيص ، قال القرطبي : هذا الخلاف إنما هو في معانقة الكبير ، وأما معانقة .