في البدن ليس للخبز ، وليس شئ منهما يغني عن الماء ، وهكذا .
ثم تلك الاغذية تختلف بحسب شدة حاجة البدن إليها وضعفها ، فأن منها
مالا تبقى الحياة بدونها ، ومنهاما يضعف البدن بدونها ، لكن يبقى الحياة مع تركها
فكما أن لبدن الانسان أعضاء رئيسة وغير رئيسة ، منها ما لا يبقى الشخص بدونها
كالرأس والقلب والكبد والدماغ ، ومنها ما يبقى مع فقدها لكن لا ينتفع بالحياة
بدونها ، كالعين والسمع واللسان واليد والرجل ، ومنها ما ينتفع بدونها بالحياة
لكنه ناقص عن درجة الكمال كما إذا فقد بعض الاصابع أو الاذن أو الاسنان
وكذلك له أغذية لا تبقى حياته بدونها كالماء والخبز واللحم ، وأغذية يبقى
بدونها مع ضعف كالسمن والارز ، وأغذية يتروح بها كالفواكه والحلاوات ،
وتعرض له أمراض مهلكة وغير مهلكة وخلق الله له أدوية يتداوى بها إذا لم تكن
مهلكة ، وكذا له أثواب يتزين بها ، ودواب يتقوى بها ، وخدم يستعين بهم ، و
أصدقاء يتزين بمجالستهم .
فكذا الايمان بمنزلة شخص له جميع هذه الاشياء فأعضاؤه الرئيسة هي
عقايده التي إذا فقد شيئا منها يزول رأسا كالاصول الخمسة ، والاعضاء الغير
الرئيسة هي العقايد والعلوم التي بها يقوى الايمان ، ويترتب عليه الاثار على
اختلاف مراتبها في ذلك ، فمنها ما يجب الاعتقاد بها ، ومنها ما يحسن ويتزين
الايمان بها وكذا له أغذية من الاعمال الصالحة ، فمنها ما لا يبقى بدونها وهي
الفرائض كالصلاة والصوم والحج والزكاة ، ومنها ما يبقى بدونها مع ضعف
شديد يزول ثمرته معه وهي ساير الواجبات وأما النوافل فهي كالفواكه والاشربة
والادوية المقوية ، ومنها ما هي بمنزلة الالبسة والحلي ، وله مراكب من
الاخلاق الحسنة يتقوى بها ، وأصدقاء من مرافقة العلماء والصلحاء بهم يحتزر
عن كيد الشياطين ، والذنوب بمنزلة الامراض المهلكة وغير المهلكة ، فالمهلكة
منها هي الكبائر وغير المهلكة الصغاير ، والتوبة والتضرع والخشوع أدوية لها
إذا لم يصل إلى حد لا ينفع فيه الدواء ، والعيوب التي لا تؤثر في زواله لكن تحطه