بحار الأنوار ج94

والقبيح ، ودع المراء ، وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم
صومك يوم فطرك .
ورأيت في أصل من كتب أصحابنا قال : وسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن
الكذبة ليفطر الصيام ، والنظرة بعد النظرة ، والظلم كله قليله وكثيره .
ومن كتاب علي بن عبدالواحد النهدي رحمه الله باسناده إلى عثمان بن عيسى
عن محمد بن عجلان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ليس الصيام من الطعام و
الشراب أن لا يأكل الانسان ولا يشرب ، فقط ، ولكن إذا صمت فليصم سمعك
وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك ، واحفظ يدك وفرجك وأكثر السكوت إلا
من خير ، وارفق بخادمك .
ومن كتاب النهدي باسناده إلى أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : أيسر ما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام والشراب .
أقول : فانظر قول النبي صلى الله عليه وآله : إن أيسر واجبات الصوم ترك المطعوم والمشروب
ورأيت أهمه ترك ذلك ، ففارقت سبيل علام الغيوب .
أقول : والاخبار كثيرة في هذه الباب ، فينبغي لذوي الالباب حيث قد عرفوا
أن صوم الجوارح وصونها عن السيئات من جملة المهمات ، أن يراعوا جوارحهم
مراعاة الراعي الشفيق على رعيته ، وأن يحفظوها من كل ما يفطرها ويخرجها
من قبول عبادته ، وإلا فليعلم كل من كان عارفا بشروط كمال الصيام ، ورضي
لنفسه بالاهمال أنه مستخف بصومه ، ومخاطر بما يتعقب فيه من الاعمال ، وليكن
على خاطره أن سقم الغفلة والذنوب يطوف حول أعماله ، ويحاول أن يحول
بينه وبين مالك إقباله ، فيمسي في صيامه في كثير من الاوقات ، وقلبه قد أفطر في
الجنايات الجهالات والغفلات ، ولسانه قد أفطر بالكلام بالغيبة أو بمعونة على ظلم
أو تعمد إثم ، وبما لا يليق بالمراقبات ، وعينه قد أفطرت بالنظر إلى ما لا يحل عليه
أو بالغفلة عن مراعاة المنعم الذي يتواصل إحسانه إليه ، وسمعه قد أفطر بسماع
ما لا يجوز الاصغاء إليه ، ويده قد أفطرت باستعمالها فيما لم يخلق لاجله ، وقدمه

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه