بحار الأنوار ج55

نفس الامر ، وعدم اشتماله على قاعدة مخالفة لما ظهر من الشريعة ، وإلا فيكون
بعضها داخلا في القول بغير علم ، أو فيما حرم اتباعه لمخالفة الشريعة وأما الآيات
الدالة على التفكر في خلق السماوات والارض فالظاهر أن المراد بها التفكر فيها
من جهة دلالتها على وجود الصانع وعلمه وقدرته وحكمته ، لامن جهة نضدها و
ترتيبها وكيفيات حركاتها ، وإن احتمل شمولها لها أيضا .
ومنها الحكم بالكسوف والخسوف وأوائل الاهلة والمحاق وأشباه ذلك
فالظاهر جوازه وإن كان الاحوط اجتناب ذلك أيضا ، فإن الاحكام الشرعية
فيها مبتنية على الرؤية لا على أحكام المنجمين بذلك . وبالجملة ينبغي للمتدين
المتبع لاهل بيت العصمة عليهم السلام المدعي لكونه شيعة لهم مقتديا لآثارهم أن لايتعرض
لشئ من ذلك إلا في قليل منه يتعلق بمعرفة أوقات الصلوات وسائر العبادات ، و
تعيين جهة القبلة وأشباه ذلك ، ولوكانت هذه العلوم والاعمال مما له مدخلية في
صلاح الدين لامر أئمتناعليهم السلام شيعتهم بذلك ، ورغبوهم فيها ، وحثوهم عليها
وعلموهم قواعدها ، ولم ينقل من عادة أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم الرجوع إلى
الساعات واستعلامها ، أو بيانها لشيعتهم ، واحترازهم عن ساعة بسبب أنها نحس
بحسب النجوم ، بل كانوا يأمرونهم بالصدقة والدعاء والتضرع والتوسل إلى الله
سبحانه في الاحتراز عن البلايا والآفات ، والمنحوسة من الساعات ، وفي هذه
الازمان تركوا جميع ذلك واكتفوا بالرجوع إلى التقاويم وأصحاب النجوم ، و
اتكلوا عليها . وأيضا لعلمهم بأخبار المنجمين بأوقات الكسوفات والخسوفات لا
يحصل لهم في وقوعها فزع ، ولايتضرعون إلى الله في رفعها ودفع شرها ، مع أنه
يصير في أكثر الناس سببا للقول بتأثير النجوم وحياتها وتدبيرها في العالم ، أعاذنا
الله وسائر المؤمنين من ذلك ، وإنما أطنبنا الكلام قليلا في هذا المقام لكثرة ولوع
الناس بهذا العلم والعمل به ، وتقربهم إلى الملوك بذلك ، فيوقعون الناس به في
المهالك ، والله العاصم من فتن المبتدعين ، والهادي إلى الحق واليقين .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه