يبق منها إلا شفافة كشفافة الاناء ، وجرعة كجرعة الاداوة ، لو تمززها الصديان لم تنقع
غلته ، فأزمعوا عباد الله على الرحيل عنها ، وأجمعوا متاركتها ، فما من حي يطمع
في بقاء ولا نفس إلا وقد أذعنت للمنون ، ولا يغلبنكم الامل ، ولا يطل عليكم
الامد فتقسو قلوبكم ، ولا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان وتسويفه ، فان الشيطان
عدوكم حريص على إهلاككم .
تعبدوا الله عباد الله أيام الحياة ، فوالله لو حننتم حنين الواله المعجال ، ودعوتم
دعاء الحمام ، وجأرتم جؤار متبتلى الرهبان ، وخرجتم إلى الله من الاموال و
الاولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة عنده ، وغفران سيئة أحصتها كتبته ، و
حفظتها رسله ، لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه ، وتخشون من عقابه ، وتالله لو
انماثت قلوبكم انمياثا ، وسالت من رهبة الله عيونكم دما ، ثم عمرتم عمر الدنيا
عى أفضل اجتهاد وعمل ، ما جزت أعمالكم حق نعمة الله عليكم ، ولا استحققتم
الجنة بسوى رحمة الله ومنه عليكم ، جعلنا الله وإياكم من المقسطين التائبين الاوابين .
ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة ، وبركته مأمولة ، والمغفرة فيه مرجوة
فأكثروا ذكر الله وتعرضوا لثوابه بالتوبة والانابة والخضوع والتضرع ، فانه يقبل التوبة
عن عباده ويفعو عن السيئات وهو الرحيم الودود ، ومن ضحى منكم فليضح بجذع
من الضأن ولا يجزي عنه جذع من المعز ومن تمام الاضحية استشراف اذنها وسلامة
عينها ، فاذا سلمت الاذن والعين سلمت الاضحية ، وتمت ، وإن كانت(1)عضباء
القرن تجر رجليها إلى المنسك(2).
(1)في بعض النسخ كما في النهج : ولو كانت عضباء القرن ، وسيأتي الكلام فيه .
(2)في الفقيه : وان كانت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا تجزي
والظاهر أن الصدوق قدس سره صحح العبارة بما يوافق المذهب فان عضباء القرن ، وهو
الذى انكسر مشاش قرنه ، لا يجزى عندنا .
وقد مر في ص 31 من هذا المجلد مثل هذا التصحيح في خطبة عيد الفطر المنقولة بهذه