بحار الأنوار ج64

فلذلك خلقت الدنيا والآخرة ، والحياة والموت ، والطاعة والمعصية ، والجنة
والنار .
وكذلك أردت في تقديري وتدبيري ، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم
وأجسامهم ، وألوانهم وأعمارهم ، وأرزاقهم ، وطاعتهم ومعصيتهم ، فجعلت منهم الشقي
والسعيد ، والبصير والاعمى ، والقصير والطويل ، والجميل والدميم ، والعالم والجاهل
والغني والفقير ، والمطيع والعاصي ، والصحيح والسقيم ، ومن به الزمانة ، ومن
لاعاهة به .
فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة ، فيحمدني على عافيته ، وينظر الذي به
العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ، ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل
عطائي ، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني ، وينظر الفقير إلى الغني
فيدعوني ويسألني ، وينظر المؤمن إلى الكافر ، فيحمدني على ما هديته .
فلذلك(1)خلقتهم لابلوهم في السراء والضراء ، وفيما اعافيهم ، وفيما أبتليهم
وفيما اعطيهم ، وفيما أمنعهم ، وأنا الله الملك القادر ، ولي أن أمضي جميع ما قدرت
على ما دبرت ، ولي أن اغير من ذلك ما شئت إلى ما شئت ، واقدم من ذلك ما
أخرت ، واؤخر من ذلك ما قدمت ، وأنا الله الفعال لما اريد ، لا اسأل عما أفعل
وأنا أسأل خلقي عماهم فاعلون(2).
تبيين : قوله " فكان " و " ثم قال " و " فنظر " الكل معطوف على أخرج ، وقوله :
" قال آدم " جواب لما ، و " لامرما " أي لامر عظيم ، قوله " يعبدونني " أي اريد منهم
أن يعبدوني ، قوله " لا يشركون بي شيئا " حال أو استيناف بياني .
قوله " وكذلك خلقتهم " في بعض النسخ " لذلك " أي لاجل الاختلاف كما
قال سبحانه " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "(3)على بعض
التفاسير ، أو لان يعبدوني ولا يشركوا بى شيئا .


(1)فكذلك ظ ، وزان قوله فيما سبق وكذلك خلقتهم ، وكذلك أردت في تقديرى .
(2)الكافى ج 2 ص 8 10 / /(3)هود : 118 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه