دمشق فيقيل بإصطخر من أرض إصفهان(1)وبينهما مسيرة شهر للمسرع ، وتروح من إصطخر ،
فتبيت بكابل وبينهما مسيرة شهر تحمله الريح مع جنوده ، أعطاه الله الريح بدلا من الصافنات
الجياد " وأسلنا له عين القطر " أي أذبنا له عين النحاس وأظهرنا له ، قالوا : جرت له عين
الصفر ثلاثة أيام بلياليهن جعلها الله له كالماء ، وإنما يعمل الناس بما أعطي لسليمان
منه(2)" ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه " المعنى : وسخرنا له من الجن من
يعمل بحضرته وأمام عينه ما يأمرهم به من الاعمال كما يعمل الآدمي بين يدي الآدمي
بأمر ربه تعالى ، وكان يكلفهم الاعمال الشاقة مثل عمل الطين وغيره ، وقال ابن عباس :
سخرهم الله لسليمان وأمرهم بطاعته فيما يأمرهم به ، وفي هذا دلالة على أنه قد كان من
الجن من هو غير مسخر له " ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير " المعنى : و
من يعدل من هؤلاء الجن الذين سخرناهم لسليمان عما أمرناهم به من طاعة سليمان
نذقه من عذاب السعير ، أي عذاب النار في الآخرة ، عن أكثر المفسرين ، وفي هذا دلالة
على أنهم قد كانوا مكلفين ، وقيل : معناه : نذيقه العذاب في الدنيا ، وأن الله سبحانه
وكل بهم ملكا بيده سوط من نار فمن زاغ منهم عن طاعة سليمان ضربه ضربة أحرقته
" يعملون له ما يشاء من محاريب " وهي البيوت الشريفة ،(3)وقيل : هي القصور و
المساجد يتعبد فيها ، عن قتادة والجبائي ، قال : وكان مما عملوه بيت المقدس ، وقد كان الله
عزوجل سلط على بني إسرائيل الطاعون ، فهلك خلق كثير في يوم واحد ، فأمرهم
داود عليه السلام أن يغتسلوا ويبرزوا إلى الصعيد بالذراري والاهلين ويتضرعوا إلى الله تعالى
لعله يرحمهم ، وذلك صعيد بيت المقدس قبل بناء المسجد ، وارتفع داود عليه السلام فوق الصخرة
فخر ساجدا يبتهل إلى الله سبحانه وسجدوا معه ، فلم يرفعوا رؤوسهم حتى كشف الله عنهم
الطاعون ، فلما أن شفع الله(4)داود في بني إسرائيل جمعهم داود بعد ثلاث وقال لهم :
(1)هكذا في نسخ وفي المصدر ، وفي نسخة : من أرض همدان ، والصحيح أنها من مدن
فارس ، بينه وبين شيراز اكثر من عشرة فراسخ .
(2)في المصدر : بما اعطى سليمان منه .
(3)في المصدر : وهي بيوت الشريعة .
(4)أي قبل شفاعته فيهم .