طلوع الشمس ينظران إلى ماصار إليه القوم ، فلما دنوا من القوم واستقبلتهم الحطابون
والحماة(1)والرعاة بأغنامهم ونظروا إلى أهل القرية مطمئنين قال يونس لتنوخا :
ياتنوخا كذبني الوحي ، وكذبت وعدي لقومي ، ولا عزة لي ولا يرون لي وجها أبدا(2)
بعدما كذبني الوحي ، فانطلق يونس هاربا على وجهه مغاضبا لربه ناحية البحر مستنكرا(3)
فرارا من أن يراه أحد من قومه فيقول له : ياكذاب ، فلذلك قال الله : " وذا النون إذ
ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه " الآية ، ورجع تنوخا إلى القرية فلقي روبيل فقال له :
ياتنوخا أي الرأيين كان أصوب وأحق أن يتبع ؟ رأيي أو رأيك ؟ فقال له تنوخا : بل
رأيك كان أصوب ، ولقد كنت أشرت برأي الحكماء العلماء ،(4)فقال له تنوخا : أما
إني لم أزل أرى أني أفضل منك لزهدي وفضل عبادتي حتى استبان فضلك لفضل علمك
وما أعطاك الله ربك من الحكمة مع التقوى أفضل(5)من الزهد والعبادة بلا علم ، فاصطحبا
فلم يزالا مقيمين مع قومهما ، ومضى يونس على وجهه مغاضبا لربه فكان من قصته ماأخبر
الله به في كتابه إلى قوله : " فآمنوا فمتعناهم إلى حين " .
قال أبوعبيدة : قلت لابي جعفر عليه السلام : كم كان غاب يونس عن قومه حتى رجع
إليهم بالنبوة والرسالة فآمنوا به وصدقوه ؟ قال : أربعة أسابيع : سبعا منها في ذهابه إلى
البحر ، وسبعا منها في رجوعه إلى قومه ، فقلت له : وماهذه الاسابيع شهور أو أيام أو
ساعات ؟ فقال : ياعبيدة(6)إن العذاب أتاهم يوم الاربعاء في النصف من شوال ، وصرف
عنهم من يومهم ذلك ، فانطلق يونس مغاضبا فمضى يوم الخميس سبعة أيام في مسيره إلى
البحر ، وسبعة أيام في بطن الحوت ، وسبعة أيام تحت الشجرة بالعراء ، وسبعة أيام في
(1)في البرهان : والحمارة . قلت : هم أصحاب الحمير في السفر .
(2)" " : لا وعزة ربي لا يرون لي وجهي أبدا .
(3)" " : ناحية بحر ايلة متنكرا .
(4)" " : والعلماء .
(5)في البرهان : مع أن التقوى أفضل .
(6)هكذا في النسخ ، والصحيح كما في البرهان : يا باعبيدة .