بحار الأنوار ج17

ظاهرا ، وأما النسيان فأخبر صلى الله عليه وآله عن اعتقاده وأنه لم ينس في ظنه ، فكأنه قصد بهذا
الخبر عن ظنه
ومنها : أن قوله : " لم أنس " راجع إلى السلم ، أي أني سلمت قصدا ، وسهوت عن
العدد .
ومنها : أن المراد لم يجتمع القصر والنسيان ، بل كان أحدهما ، ومفهوم اللفظ
خلافه .
ومنها : أن المراد ما نسيت ولكن انسيت كما ورد في الحديث : " لست أنسي
ولكن انسي .
ومنها : أنه نفى النسيان وهو غفلة وآفة ، ولكنه سها ، والسهو إنما هو شغل
بال(1).
وأما ما يتعلق بالجوارح من الاعمال فأجمع المسلمون على عصمة الانبياء عليهم السلام
من الفواحش والكبائر الموبقات ، وأما الصغائر فجوزها جماعة من السلف وغيرهم على
الانبياء ، وذهب طائفة اخرى إلى الوقف ، وذهب طائفة اخرى من المحققين(2)من الفقهاء
والمتكلمين إلى عصمتهم من الصغائر أيضا ، وقال بعض أئمتنا : ولا يجب على القولين أن
يختلف أنهم معصومون عن تكرار الصغائر وكثرتها ، إذ يلحقها ذلك بالكبائر ، ولا في
صغيرة أدت إلى إزالة الحشمة ، وأسقطت المروء‌ة وأوجبت الازراء والخساسة ، فهذا أيضا
مما يعصم عنه الانبياء إجماعا ، وقد ذهب بعضهم إلى عصمتهم من مواقعة المكروه قصدا(3).
وقد اختلف في عصمتهم من المعاصي قبل النبوة فمنعها قوم(4)، وجوزها آخرون ،
والصحيح تنزيههم من كل عيب ، وعصمتهم من كل ما يوجب الريب(5).
ثم قال : هذا حكم ما يكون المخالفة فيه من الاعمال عن قصد ، وما يكون بغير قصد
وتعمد كالسهو والنسيان في الوظائف الشرعية فأحوال الانبياء عليهم السلام في ترك المؤاخذة به


(1)شرح الشفاء 2 : 245 - 250 .
(2)وذهبت الطائفة الامامية إلى ذلك .
(3)شرح الشفاء 2 : 256 - 259 .
(4)والشيعة الامامية قائلون بعصمتهم عنها أيضا .
(5)شرح الشفاء 2 : 264 .*

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه