بحار الأنوار ج61

وقيل إن ذاالمروء‌ة من يصون نفسه عن الادناس ولا يشينها عندالناس ، وقيل من يسير
بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه . قال الدارمي : قيل المروء‌ة في الحرفة ، وقيل في آداب الدين
كالاكل والصياح في الجم الغفير ، وانتهار الشايل ، وقلة فعل الخير مع القدرة عليه ،
وكثرة الاستهزاء والضحك ونحو ذلك انتهى .
وروي عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه كان في بني إسرائيل رجل صالح وكان
له مع الله معاملة حسنة وكان له زوجه وكان ضنينا بها ، وكانت من أجمل أهل زمانها
مفرطة في الجمال والحسن ، وكان يقفل عليها الباب ، فنظرت يوما شابا فهويته وهواها
فعمل لها مفتاحا على باب دارها ، وكان يخرج ويدخل ليلا ونهارا متى شاء ، وزوجها
لم يشعر بذلك .
فبقيا على ذلك زمانا طويلا فقال لها زوجهايوما وكان أعبد بني إسرائيل و
أزهدهم إنك قدتغيرت على ولم أعلم ما سببه وقد توسوس قلبى علي وكان قدأخذها
بكرا ثم قال وأشتهى منك أنك تحلفى لى أنك لم تعرفى رجلا غيرى ، وكان لبنى إسرائيل
جبل يقسمون به ويتحاكمون عنده ، وكان الجبل خارج المدينة عنده نهر جار ، وكان
لا يحلف عنده أحد كاذبا إلا هلك فقالت له : ويطيب قلبك إذا حلفت لك عند الجبل ؟
قال : نعم ، قالت متى شئت فعلت .
فلما خرج العابد لقضاء حاجته دخل عليها الشاب فأخبرته بماجرى لها مع
زوجها ، وأنها تريد أن تحلف له عند الجبل ، وقالت ما يمكننى أن أحلف كاذبة ولا
أقول لزوجى ، فبهت الشاب وتحير ، وقال : فما تصنعين ؟ فقالت بكر غدا والبس ثوب
مكار وخذ حمارا واجلس على باب المدينة ، فاذا خرجنا فأنا أدعه يكترى منك الحمار
فاذا اكتراه منك بادر واحملني وارفعني فوق الحمار حتى أحلف له وأنا صادقة أنه
ما مسنى أحدغيرك وغير هذا المكارى ، فقال : حبا وكرامة ، وإنه لما جاء زوجها ، قال
لها قومى إلى الجبل لتحلفي به ، قالت مالي طاقة بالمشي ، فقال اخرجى فان وجدت
مكاريا اكتريت لك ، فقامت ولم تلبس لباسها .
فلما خرج العابد وزوجته ، رأت الشاب ينتظرها فصاحت به : يا مكاري أكتري

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه