بحار الأنوار ج47

واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين ، فتابعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبدالله
عليه السلام ، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القوم بامامة أخيه موسى عليه السلام لما
تبينوا ضعف دعواه ، وقوة أمر أبي الحسن ، ودلالة حقيقته ، وبراهين إمامته وأقام
نفر يسير منهم على أمرهم ودانوا بامامة عبدالله ، وهم الطائفة الملقبة بالفطحية ، وإنما
لزمهم هذا اللقب لقولهم بامامة عبدالله ، وكان أفطح الرجلين ويقال إنهم لقبوا
بذلك لان داعيهم إلى إمامة عبدالله كان يقال له عبدالله بن أفطح(1).
وكان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد ، وروى
عنه الناس الحديث والآثار ، وكان ابن كاسب(2)إذا حدث عنه يقول حدثني
الثقة(3)الرضي إسحاق بن جعفر عليهما السلام وكان إسحاق يقول بامامة أخيه موسى
ابن جعفر عليهما السلام ، وروى عن أبيه النص بالامامة على أخيه موسى عليه السلام .
وكان محمد بن جعفر سخيا شجاعا ، وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما ، ويرى رأي
الزيدية بالخروج بالسيف ، وروى عن زوجته خديجة بنت عبدالله بن الحسن أنها
قالت : ما خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه ، وكان
يذبح في كل يوم كبشا لاضيافه ، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة
بمكة ، واتبعته الزيدية الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه
وأنفذه إلى المأمون ، فلما وصل إليه أكرمه المأمون ، وأدنى مجلسه منه ، ووصله
وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في مركب من بني عمه ، وكان
المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته ، وروي أن المأمون أنكرر كوبه
إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على المأمون في سنة المأتين ، فأمنهم و
خرج التوقيع إليهم : لا تركبوا مع محمد بن جعفر ! واركبوا مع عبيدالله بن
الحسين فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلها ، فخرج التوقيع : اركبوا مع من أحببتم


(1)الارشاد ص 304 .
(2)لم نقف على ترجمته رغم الفحص والمراجعة عاجلا .
(3)ما بين القوسين زيادة من المصدر .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه