بحار الأنوار ج78

فلا تغفل(1).
ثم اعلم أنه اختلفت الامة في المراد بالاعتزال في الآية ، فقال فريق منهم :
المراد ترك الوطي لا غير ، لما روي من أن أهل الجاهلية كانوا يجتنبون مؤاكلة
الحيض ومشاربتهن ومساكنتهن كفعل اليهود والمجوس ، فلما نزلت الآية الكريمة
عمل المسلمون بظاهر الاعتزال لهن وعدم القرب منهن فأخرجوهن من بيوتهم
فقال ناس من الاعراب : يا رسول الله البرد شديد ، والثياب قليلة ، فان آثرناهن
بالثياب هلك ساير أهل البيت ، وإن استأثرنا بها هلك الحيض ، فقال صلى الله عليه وآله :
إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ، ولم يأمركم باخراجهن من البيوت
كفعل الاعاجم .
وأكثر علمائنا قائلون بذلك ، ويخصون الوطي المحرم بالوطي في موضع
الدم أعني القبل لا غير ، ويجوزون الاستمتاع بما عداه ، ووافقهم أحمد بن حنبل
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه : يحرم على زوجها الاستمتاع بما بين سرتها
وركبتها ، ووافقه بقية أصحاب المذاهب الاربعة .
واستدل العلامة طاب ثراه على ذلك في المنتهى بما حاصله أن المحيض
في قوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض إما أن يراد به المعنى المصدري ، أو
زمان الحيض ، أو مكانه ، وعلى الاول يحتاج إلى الاضمار ، إذ لا معنى لكون
المعنى المصدري ظرفا للاعتزال ، فلا بد من إضمار زمانه أو مكانه ، لكن الاضمار
خلاف الاصل ، وعلى تقديره إضمار المكان أولى ، إذ إضمار الزمان يقتضي بظاهره


(1)لكنك عرفت في ج 80 ص 88 أن دم الحيض نجس لا يعفى عنه في الصلاة لكونه
دما مسفوحا ، وعرفت آنفا أن المراد بالتطهر في ني القرآن هو الاغتسال واذا كان
التطهر للصلاة واجبة في مورد الجنابة بعنوان الشرط لقوله تعالى : وان كنتم جنبا
فاطهروا افاد أن خلاف التطهر أياما كان مانع عن الدخول في الصلاة ، واذا كانت
الحائض غير متطهر بحكم الاية لزمها القعود عن الصلاة حتى يطهر ويطهر بالاغتسال ، ومثلها
المستحاضة والنفساء بحكم السنة .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه