بحار الأنوار ج58

لطيفا ، فيستقيم أيضا ، لان الارواح مالم تتعلق بالابدان فهي مستقلة بنفسها ، أرواح
من جهة وأجساد من جهة ، فهي أبدان نورانية لم تتعلق بها أرواح اخر ، وعلى هذا
فظل النور أيضا النور أيضا إضافته للبيان أولامية ، والمراد بالنور نور ذاته تعالى ، فإنها من
آئار ذلك النور الاقدس وضلاله ، والمعنى دقيق . وربما يؤول النار بالعقل الفعال
على طريقة الفلاسة .
" وكان مؤيدا بروح واحد " أيفي عالم الارواح ، أو في عالم الاجساد ، والاول
أظهر " ولذلك " أي لتأيدهم بذلك الروح في أول الفطرة الروحانية خلقهم في الفطرة
الجسمانية " حلماء علماء - إلخ - " " ويصلون " كأنه تأكيد لمامر ، أو المراد بقوله " خلقهم "
خلقهم في عالم الارواح ، أي كانوا يعبدون الله في هذا العالم وكانوا فيه علماء بخلاف
سائر الارواح لتأيدهم حينئذ بروح القدس ، فقوله عليه السلام " ويصلون " أي في عالم
الاجساد فلا تكرار .
اقول : قد مرت أخبار كثيرة في ذلك في باب حدوث العالم .
قال شارح المقاصد : النفوس الانسانية سواء جعلناها مجردة أو مادية ، حادثة
عندنا لكونها أثر القادر المختار . وإنما الكلام في أن حدوثها قبل البدن لقوله صلى الله عليه وآله :
" خلق الله الارواح قبل الاجساد بألفي عام " أو بعده لقوله تعالى - بعد ذكر أطوار البدن - :
" ثم أنشأناه خلقا آخر "(1)إشارة إلى إفاضة النفس ، ولا دلالة في الحديث مع كونه
خبر واحد على أن المراد بالارواح النفوس البشرية أوالجوهر(2)العلوية ، ولا
في الآية على أن المراد إحداث النفس أو إحداث تعلقها بالبدن . وأما الفلاسفة فمنهم
من جعلها قديمة ، وذهب أرسطو وشيعته إلى أنها حادثة . ثم ذكر دلائل الطرفين
واعتراض عليها بوجوه أعرضنا عن ذكرها .


(1)المؤمنون : 14 .
(2)كذا في بعض النسخ ، وفى بعضها " الجوهرية العلوية " والظاهران الصواب " الجواهر
العلوية " .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه