بحار الأنوار ج57

" من طين ثم جعل نسله " أي ذريته ، سميت به لانها تنسل منه أي تنفصل " من
سلالة من ماء مهين " أي ممتهن . وقال الطبرسي - رحمه الله - أي ضعيف ، وقيل :
حقير مهان أشار إلى أنه من شئ حقير لاقيمة له وإنما يصير ذا قيمة بالعلم
والعمل(1).
" ثم سواه " قال البيضاوي : أي قومه بتصوير أعظائه على ما ينبغي " ونفخ من
روحه " أضافه إلى نفسه تشريفا ، وإظهارا(2)بأنه خلق عجيب ، وأن له شأنا له
مناسبة إلى الحضرة الربوبية ، ولا جله من عرف نفسه فقد عرف ربه " وجعل لكم
السمع والابصار والافئدة " خصوصا لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا " قليلا ما تشكرون "
أي تشكرون شكرا قليلا(3).
" من تراب " بخلق آدم منه " ثم من نطفة " بخلق ذريته منها " ثم جعلكم
أزواجا " ذكرانا وأناثا " إلا بعلمه " أي إلا معلومة له " وما يعمر من معمر " أي و
ما يمد في عمر من مصيره إلى الكبر " ولا ينقص من عمره " من عمر المعمر لغيره بأن
يعطى له عمر ناقص من عمره ، أولا ينقص من عمر المنقوص عمره بجعله ناقصا ، والضمير
له وإن لم يذكر لدلالة مقابله عليه ، أو للمعمر على التسامح فيه ثقة بفهم السامع كقولهم :
لا يثيب الله عبدا ولا يعاقبه إلا بحق . وقيل : الزيادة والنقصان في عمر واحد باعتبار
أسباب مختلفة اثبتت في اللوح ، مثل أن يكون فيه : إن حج واعتمر(4)فعمره ستون
سنة وإلا فأربعون . وقيل : المراد بالنقصان ما يمر من عمره وينقص ، فإنه يكتب
في صحيفة عمره يوما فيوما " إلا في كتاب " هو علم الله أو اللوح أو الصحيفة " إن ذلك
على الله يسير " إشارة إلى الحفظ أو الزيادة والنقص(5).


(1)مجمع البيان : ج 8 ، ص 327 .
(2)في المصدر : إشعارا .
(3)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 260 .
(4)في المصدر : ان حج عمر وفعمره .
(5)انوار التنزيل : ج 2 ، ص 299 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه