بحار الأنوار ج36

صلى الله عليه وآله وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية ، فقال فيه - وقد ندبه(1)لفتح خيبر بعد أن
رد عنها حامل الراية إليها مرة بعد اخرى وهو يجبن الناس ويجبنونه - : لاعطين
الراية غدا رجلا يجب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، لا يرجع حتى
يفتح الله على يديه ، ثم أعطاها إياه . وأما الوصف باللين على أهل الايمان والشدة
على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم فمما لايمكن أحدا دفع
علي عن استحقاق ذلك ، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ونكايته فيهم ، و
مقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين ، ويؤكد ذلك(2)إنذار
رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بقتال علي عليه السلام لهم من بعده ، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة
منهم فقالوا له : يا محمد إن أرقاء‌نا لحقوا بك فارددهم علينا ، فقال رسول الله : صلى الله عليه وآله لتنتهن
يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على
تنزيله ، فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله ، أبوبكر ؟ قال لا ولكنه خاصف
النعل(3)في الحجرة - وكان علي على السلام يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله - وروي عن علي
عليه السلام أنه قال يوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم ، وتلا هذه الآية ،
ثم روى عن الثعلبي حديث الحوض الدال على ارتداد الصحابة إنتهى(4).
أقول : ويؤيده أيضا ما أوردته في كتاب الفتن بأسانيد جمة عن جابر الانصاري
وأبي سعيد الخدري وابن عباس وغيرهم ، واللفظ لجابر قال : قام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح
خطيبا فقال : أيها الناس لا أعرفنكم ترجعون بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ،
ولئن فعلتم ذلك لتعرفنني في كتيبة أضربكم بالسيف ، ثم التفت عن يمينه ، فقال الناس ،
لقنه جبرئيل عليه السلام شيئا ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : هذا جبرئيل عليه السلام يقول : أو علي .
أقول : دعا النصب والعناد الرازي(5)إمام النواصب في هذا المقام إلى خرافات و


(1)ندب فلانا للامر : دعاه ورشحه للقيام به وحثه عليه .
(2)في المصدر : ويؤيد ذلك ايضا .
(3)خصف النعل : اطبق عليها مثلها وخرزها بالمخصف .
(4)مجمع البيان 3 : 208 .
(5)راجع مفاتيح الغيب 3 : 427 - 429 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه