بحار الأنوار ج3


(باب 5)

الخبر المروى عن المفضل بن عمرفى التوحيد المشتهر بالاهليلجة
حد ثني محرز بن سعيد النحوي بدمشق قال : حدثني محمد بن أبي مزهر(1)بالرملة
عن إبيه عن جده قال كتب المفضل بن عمر الجعفي إلى أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
يعلمه أن أقواما ظهروا من أهل هذه الملة يجحدون الربوبية ، ويجادلون على ذلك ،
ويسأله أن يرد عليهم قولهم ، ويحتج عليهم فيما ادعوا بحسب ما احتج به على غيرهم .
فكتب أبوعبدالله عليه السلام :
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد وفقنا الله وإياك لطاعته ، وأوجب لنا بذلك رضوانه
برحمته ، وصل كتابك تذكر فيه ما ظهر في ملتنا ، وذلك من قوم من أهل الالحاد بالربوبية
قد كثرت عدتهم واشتدت خصومتهم ، وتسأل أن أصنع للرد عليهم والنقض لما في
أيديهم كتابا على نحو ما رددت على غيرهم من أهل البدع والاختلاف ، ونحن نحمد الله
على النعم السابغة والحجج البالغة والبلاء المحمود عند الخاصة والعامة فكان من نعمه
العظام والائه الجسام التي أنعم بها تقريره قلوبهم بربوبيته ، وأخذه ميثاقهم بمعرفعته ،
وإنزاله عليهم كتابا " فيه شفاء لما في الصدور من أمراض الخواطر ومشتبهات الامور ، ولم
يدع لهم ولالشئ من خلقه حاجة إلى من سواه ، واستغنى عنهم ، وكان الله غنيا حميدا .
ولعمري ما أتي الجهال من قبل ربهم وأنهم ليرون الدلالات الواضحات و
العلامات البينات في خلقهم ، وما يعاينون من ملكوت السماوات والارض والصنع
العجيب المتقن الدال على الصانع ، ولكنهم قوم فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي
وسهلوا لها سبيل الشهوات ، فغلبت الاهواء على قلوبهم ، واستحوذ الشيطان بظلمهم
عليهم ، وكذلك يطبع الله على قلوب المعتدين . والعجب من مخلوق يزعم أن الله يخفى
على عباده وهو يرى أثر الصنع في نفسه بتركيب يبهر عقله ، وتأليف يبطل حجته


(1)وفى نسخة : محمد بن أبى مشتهر .
(2)وفى نسخة : وتاليف يبطل جحوده .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه