بحار الأنوار ج63

وقال صاحب الكشف : أراد أنه ليس من باب عطف جملة على جملة لتطلب
مناسبة الثانية مع السابقة ، بل من باب ضم الجملة مسوقة إلى أخرى .
وقال صاحب الكشاف أيضا عند تفسير قوله تعالى " وبشر الذين آمنوا وعملوا
الصالحات "(1)فان قلت على م عطف هذا الامر ولم يسبق أمر ولا نهي ليصح عطفه
عليه ؟ قلت : ليس الذي يعتمد بالعطف هو الامر حتى يطلب له شاكل من أمر أو نهى
يعطف عليه إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين ، فهى معطوفة على
جملة وصف عقاب الكافرين كما يقال : زيد يعاقب بالقيد والازهاق ، وبشر عمرا
بالعفو والاطلاق انتهى .
وقال السيد في شرح المفتاح بعد ما قررناه : لا يشترط في عطف القصة على القصة
تناسب الجملتين في الخبرية والانشائية ، فليكن ذلك على ذكر منك ، فانه ينجيك
من تكلفات باردة في مواضع شتى .
وقد يقال في إبطال كون الواو هنا للحال أن التأكيد بان والامر غير مناسب
للجملة ، لان الحال بمعنى الظرف كما نص عليه النجاة ، فالمعنى - والله أعلم - : ولا
تأكلوا ممالم يذكر اسم الله عليه إذا كان فسقا فليس المقام حينئذ مقام التأكيد ،
إذ ليس الغرض النهي عنه في وقت كون الحكم بكونه فسقا مؤكدا كما هو مقتضي
رجوع النفي إلى القيد في نحو ماجاء زيد ماشيا ، ولا تضرب زيدا راكبا ، ولهذا لم
يجعلوا جملة " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " بعد قوله جل شأنه : " فلا أقسم
بمواقع النجوم "(2)حالية ، وإنما حكموا بأنها معترضة بين القسم وجوابه لئلا
يلزم ما قلنا ههنا .
وعندى في هذا الكلام نظر إذ لا مانع من تقييد النهي عن كل مالم يذكر اسم
الله عليه ، بترتيب الحكم المؤكد بكون أكله فسقا ، والجملة الحالية تؤكد كما


(1)البقرة 25 .
(2)الواقعة : 76 و 75 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه