بحار الأنوار ج38

الجب الآخر ، ثم جعل يناديهم مرة بعد مرة : ما تقولون ؟ فيجيبون : فاقض(1)ما
أنت قاض ، حتى ماتوا .
قال : ثم انصرف فسار بفعله الركبان(2)وتحدث به الناس ، فبينما هو ذات
يوم في المسجد إذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب ، قد أقر له من في يثرب من اليهود أنه
أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل ، قال : وقدم على أميرالمؤمنين عليه السلام في عدة من أهل
بيته ، فلما انتهوا إلى المسجد الاعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد
وأرسلوا إلى أميرالمؤمنين عليه السلام : إنا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة فهل
تخرج إلينا أم ندخل إليك ؟ قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون(3)
باليمين ، فما حاجتكم ؟(4)فقال له عظيمهم : يا ابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت
في دين محمد ؟ فقال له : وأية بدعة ؟ فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز أنك عمدت
إلى قوم شهدوا أن لا إله إلا الله ولم يقروا أن محمدا رسوله فقتلتهم بالدخان ، فقال له
أميرالمؤمنين عليه السلام : فنشدتك بالتسع الآيات التي انزلت على موسى عليه السلام بطور سيناء
وبحق الكنائس الخمس القدس وبحق السمت(5)الديان هل تعلم أن يوشع بن نون
أتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لاإله إلا الله ولم يقروا أن موسى رسول الله فقتلهم
بمثل هذه القتلة ؟ فقال له اليهودي : نعم أشهد أنك ناموس موسى(6)، قال ، ثم أخرج
من قبائه كتابا فدفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام ففضه ونظر فيه وبكى ، فقال له اليهودي :
ما يبكيك يا ابن أبي طالب ؟ إنما نظرت في هذا الكتاب وهو كتاب سرياني وأنت رجل
عربي فهل تدري ما هو ؟ فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام : نعم هذا اسمي مثبت ، فقال له اليهودي


(1)في المصدر : اقض .
(2)أى حمل الركبان والقوافل هذاالخبر إلى اطراف الارض .
(3)يتسابقون خ ل . أى يبتدرن بأيمانهم البيعة أو يستأنفون الاسلام لليمين التى اقسم بها عليهم
والاول أظهر .
(4)أى قال : فما حاجتكم ؟
(5)قد سبق معناه ولا يناسب المقام ، والظاهر أنه كان في لغتهم بمعنى الصمد .
(6)أى صاحب سره المطلع على باطن أمره وعلومه وأسراره .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه