وآيات النمل قد مر تفسيرها وتدل على شرافة في الجملة للنملة وعلى بعض ما سيأتي ذكره ، وكذا آيات الهدهد تدل على كرامته وبعض ما سيأتي من أحواله
وقد مضت قصته وسيأتي بعضها .
وقال الدميري في حياة الحيوان : النحل : ذباب العسل ، وقد تقدم أن النبى
صلى الله عليه وآله قال : " الذباب كله في النار إلا النحل " وواحدة النحل نحلة ، و
قرأ يحيى بن وثاب : " وأوحى ربك إلى النحل " بفتح الحاء والجمهور بالاسكان
قال الزجاج في تفسير سورة النسآء : سميت نحلا لان الله تعالى نحل الناس العسل
الذي يخرج منها ، إذا النحلة العطية ، وكفاها شرفا قول الله عزوجل : " وأوحى
ربك إلى النحل " فأوحى الله سبحانه وتعالى إليها فأثنى عليها ، فعلمت مساقط الانوار
من وراء البيداء فتقع هناك على كل نورة عبقة وزهرة أنقة ثم تصدر عنها بما تحفظه
رضابا وتلفظه شرابا(1).
قال في عجائب المخلوقات : يقال ليوم عيد الفطر : " يوم الرحمة " إذ أوحى الله
تعالى فيه إلى النحل صنعة العسل فبين سبحانه أن في النحل أعظم اعتبار ، وهو
حيوان فهيم ذوكيس وشجاعة ونظر في العواقب ومعرفة بفصول السنة وأوقات المطر
وتدبير المراتع والمطاعم ، والطاعة لكبيرة والاستكانة لاميره وقائده ، وبديع الصنعة و
عجيب الفطرة .
قال أرسطو : النحل تسعة أصناف : منها ستة يأوي بعضها إلى بعض وغذاؤها
من الفضول الحلوة والرطوبات التي ترشح بها الزهر والورق ، ويجمع ذلك
كله ويدخره وهو العسل وأوعيته ، ويجمع مع ذلك رطوبات دسمة يتخذ منها بيوت
العسل وهي الشمع ، وهو يلقطها بخرطومه ويحملها على فخذيه وينقلها من فخذيه
إلى صلبه هكذا .
قال : والقرآن يدل على أنها ترعى الزهر فيستحيل في جوفها عسلا وتلقيه
(1)في المصدر : قال القزوينى في عجائب المخلوقات .