قوله صلى الله عليه وآله : يعبدونني بايمان ، كأنه عليه السلام فسر الشرك باعتقاد النبوة في
الخليفة ، فمن قال غير ذلك : هذا تفسير لقوله : ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون "
يعني ومن كفر بهذا الوعد بأن قال : مثل هذا الخليفة لا يكون إلا نبيا ، ولا نبي
بعد محمد فالوعد غير صادق ، أو كفر بالموعود بأن قال إذا ظهر أمره : هذا نبي ، أو قال :
ليس بخليفة لانكار العامة المرتبة المتوسطة بين النبوة وآحاد الرعية .
فقد مكن ، إشارة إلى قوله : " ليمكنن لهم " فهذا يشمل جميعهم ، وقوله :
" وليبدلنهم " إشارة إلى غلبتهم في زمان القائم عليه السلام . فظاهر ، أي في كل زمان ، و
أما إبان أجلنا ، أي تبديل الامن بالخوف .
قوله : وكان الامر ، أي الدين واحدا لا اختلاف فيه . قوله عليه السلام : ولذلك
إي لعدم الاختلاف جعلهم شهداء لان شهادة بعضهم على بعض بالحقية لا يكون إلا مع
التوافق ، وكذا على غيرهم لا يتأتى إلا مع ذلك إذ الاختلاف في الشهادة موجب لرد
الحكم ، ويحتمل أن يكون المراد بالمؤمنين الائمة عليهم السلام ، أي حكم الله حكما حتما
أن لا يكون بين أئمة المسلمين اختلاف ، وأن يكونوا مؤيدين من عنده تعالى
ولكونهم كذلك جعلهم شهداء على الناس ، قوله : لمن علم ، أي كون الدفع لكمال
عذاب الآخرة وشدته ، إنما هو لمن علم أنه لا يتوب ، وأما من علم أنه يتوب فإنما
يدفع عنه لعلمه بأنه يتوب . قوله(1) عليه السلام : والجوار ، أي المحافظة على الذمة
والامان ، أو رعاية حق المجاورين في المنزل ، أو مطلق المجاورين والمعاشرين والتقية
منهم وحسن المعاشرة معهم ، والصبر على أذاهم .
قوله عليه السلام : الامر واليسر ، لعل المراد أنه كان يعلم العلوم على الوجه الكلي
الذي يمكنه استنباط الجزئيات منه ، وإنما يأتيه في ليلة القدر تفصيل أفراد تلك
الكليات لمزيد التوضيح ولتسهيل الامر عليه في استعلام الجزئيات ، ثم ذكر عليه السلام
بعد ذلك فائدة اخرى لنزول ليلة القدر وهي أن إخبار ما يلزمهم إخباره وإمضاء ما امروا
به من التكاليف موقوف على تكرير الاعلام في ليلة القدر ، ويحتمل أن يكون المراد
(1) في الحديث المتقدم تحت رقم : 68 . *