بحار الأنوار ج58

الحيوانية التي مصدر أكثر أفاعيلها الروح الدماغي ، فيكون كل الدماغ آلة . لكن
الاخص بها التجويف الاوسط ، لاستخدامها المتخيلة ، ومحلها مؤخر ذلك التجويف
ولا يستلزم كون الشئ آلة القوة كونه محلا لها ، ليلزم توارد القوى على محل
واحد كما توهم .
الرابع الحافظة وهي للوهم كالخيال للحس المشترك ، ووجه تغايرهما(1)أن
قوة القبول غير قوة الحفظ ، والحافظة للمعاني غير الحافظة للصور . والكلام فيه
كالكلام في ما تقدم . ويسميها قوم " ذاكرة " إذبها الذكر ، أعني ملاحظة المحفوظ بعد
الذهول ، و " متذكرة " إذبها التذكر أي الاحتيال لاستعراض الصور بعدما اندرست .
ومحلها أول التجويف الآخر من الدماغ .
والخامس المتخيلة المركبة للصور المحسوسة الجزئية المتعلقة بها
بعضها مع بعض ، والمفصلة بعضها عن بعض . تركيب الصور بالصورة كما في قولك
" صاحب هذا اللون المخصوص له هذا الطعم المخصوص " وتركيب المعنى بالمعنى كما في
قولك " ماله هذه العدواة له هذه النفرة " وتركيب الصورة بالمعنى كما في قولك " صاحب
هذه الصداقة له هذا اللون " وتفصيل الصورة عن الصورة كما في قولك " هذا اللون ليس
هذا الطعم " وقس على هذا . وقال بعضهم : هي مرتبة في مقدم التجويف الاوسط من
الدماغ ، من شأنها تركيب بعض ما في تركيب بعض ما في الخيال أو الحافظة من الصور والمعاني مع بعض
وتفصيل بعضها عن بعض ، فتجمع أجزاء أنواع مختلفة ، كجعلها حيوانا من رأس إنسان
وعنق جمل وظهر نمر ، ويفرق أجزاء نوع واحد كإنسان بلا رأس ، ولا يسكن عن
فعلها دائما لا نوما ولا يقظة ، وهي المحاكية للمدركات والهيئات المزاجية ، وتنتقل
إلى الضد والشبيه ، فما في القوى الباطنة أشد شيطنة منها ، ليس من شأنها أن يكون
عملها منتظما ، بل النفس هي التي تستعملها على أي نظام أرادت ، فتسمى عند
استعمال النفس إياها بواسطة الوهم بالمتخيلة ، وعند استعمالها إياها بواسطة القوة


(1)تغايرها(خ).

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه