حزب الشيطان ، وهذا التعارف إلهامات من الله من غير إشعار منهم بالسابقة(انتهى).
وقدمر كلام قطب الدين الراوندي - رحمه الله - في هذا الخبر .
اعلم أن ما تقدم من الاخبار المعتبرة في هذا الباب وما أسلفناه في أبواب بدء
خلق الرسول صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام - وهي قريبة من التواتر - دلت على تقادم(1)خلق
الارواح على الاجساد ، وما ذكروه من الادلة على حدوث الارواح عند خلق الابدان
مدخولة لايمكن رد تلك الروايات لاجلها(2).
(1)تقدم(خ).
(2)الكلام حول روايات خلق الارواح قبل الابدان يقع في جهات :
(الف)في صدورها : هل تكون مقطوعة الصدور أو لا ؟ وعلى فرض عدم القطع بصدورها
هل يوجد دليل على وجوب التعبد بها أولا
(ب)في دلالتها ، هل تدل دلالة صريحة على تقدم وجود الارواح على أبدانها خارجا
بالتقدم الزمانى أولا .
(ج)في توافقها مع الادلة العقلية .
فنقول : أما من الجهة الاولى فهى غير بالغة حد التواتر ، فلا يحصل القطع بصدورها عادة
وادلة حجية الخبر الواحد قاصرة عن غير ما يتعلق بالاحكام الفرعية العملية ، فلا يوجد دليل على
وجوب التعبد بها . وأما من الجهة الثانية فلا ريب في ظهورها في ذلك في حد نفسها وإن لم يبلغ
إلى مرتبة النص . وقد أول الشيخ المفيد - على مايأتى حكايته عنه - الخلق بالتقدير ، كما
أنه يمكن حملها على نوع من التمثيل والاستعارة إذا وجد دليل قطعى معارض لمد لولها . وأما
من الجهة الثالثة فقد دار البحث بين الفلاسفة حول حدوث النفس وقدمها ، وذهب أصحاب مدرسة
صدر المتألهين إلى انها تحدث بحدوث البدن غير بالغة حد التجرد العقلى متحركة نحوه ، ولامجال
لذكر أدلتهم ونقدها ههنا .
وهناك أمر يتعلق بمعرفة شؤون النفس يستعصى على الاذهان المتوغلة في الماديات : و
لعل إجادة التأمل فيه يعين على حل العويضة وهو أن النفس وإن كانت أمرا متعلقا بالمادة بل ناشئا
عنها ومتحدا بها وبهذا الاعتبار صح مقايستها بالحوادث واتصافها بالمقارنة والتقدم والتأخر
زمانا إلا أنها حين ما تدخل في حظيرة التجرد تجد نفسها محيطة بالبدن من ناحية البدء والنهاية
وأن شعاعها يمتد إلى ماقبل حدوث البدن كما انه يمتد إلى ما بعد انحلاله . فالذى ينظر إلى
جوهرها المجرد من فوق عالم الطبيعة يجدها خارجة عن وعاء الزمان محيطة به ، وإذا قايسها