بحار الأنوار ج20

يقول : " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " فعلى هذا يمكن أن يكون صلى الله عليه وآله على
وجل من عنادهم وإصرارهم على الكفر ، فأخبر سبحانه أنه ليس إليه إلا ما أمر به
من تبليغ الرسالة ودعائهم إلى الهدى ، وذلك مثل قوله تعالى : " فلعلك باخع نفسك
أن لا يكونوا مؤمنين(1)" وقيل إنه صلى الله عليه وآله استأذن ربه تعالى في يوم أحد في الدعاء
عليهم فنزلت الآية ، فلم يدع عليهم بعذاب الاستيصال ، وإنما لم يؤذن له فيه لما كان
المعلوم من توبة بعضهم ، وقيل : أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدعو على المنهزمين عنه من
أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك وتاب عليهم أي(2)ليس لك أن تلعنهم وتدعو
عليهم ، وقيل : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله(3)ما فعل بأصحابه وبعمه حمزة من المثلة
من جدع الانوف والآذان وقطع المذاكير قال(4): " لئن أدالنا الله منهم لنفعلن
بهم مثل ما فعلوا ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلهم أحد من العرب بأحد قط "
فنزلت الآية ، وقيل : نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من قراء أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأميرهم المنذر بن عمرو ، بعثهم رسول الله صلى
الله عليه وآله إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر
من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم ، فقتلهم جميعا عامر بن الطفيل ، وكان فيهم
عامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، فوجد رسول الله صلى اله عليه وآله من ذلك وجدا شديدا وقنت
عليهم شهرا فنزلت ، والاصح أنها نزلت في أحد ، وإنما قال : " ليس لك من الامر
شئ " مع أن له صلى الله عليه وآله أن يدعوهم إلى الله ويؤدي إليهم ما أمره بتبليغه ، لان معناه
ليس لك شئ من أمر عقابهم أو استيصالهم أو الدعاء عليهم أو لعنهم حتى يقع(5)
إنابتهم " أو يتوب عليهم " أي يلطف لهم بما يقع معه توبتهم ، أو يقبل توبتهم إذا تابوا


(1)هكذا في النسخ ، والصحيح(لعلك)راجع سورة الشعراء : 2 .
(2)زاد في المصدر : ونزلت الاية : " ليس لك من الامر شئ " أى .
(3)زاد في المصدر : والمؤمنون
(4)في المصدر : قالوا .
(5)في المصدر : حتى تقع .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه