بحار الأنوار ج3

البصر أي كل . والناموس : صاحب السر المطلع على أمرك ، أو صاحب سر الخير ، و
جبرئيل عليه السلام ، والحاذق ومن يلطف مدخله ، ذكرها الفيروز آبادي ، ومراده هنا الرب
تعالى شأنه .
وخمل ذكره : خفي . والخامل : الساقط الذي لا نباهة له . وقوله : الذي
يمشى به أي يذهب إلى دين محمد صلى الله عليه وآله وغيره بسببه ، أو يهتدى به كقوله تعالى : نورا
يمشي به في الناس .(1)وفي بعض النسخ " يسمى " إما بالتشديد أي يذكر اسمه ، أو
بالتخفيف أي يرتفع الناس به ويدعون الانتساب إليه .
قال المفضل : فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا(2)فقلت : يا عدو الله ألحدت
في دين الله ، وأنكرت الباري جل قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم ، وصورك في أتم
صورة ، نقلك في أحوالك حتى بلغ بك إلى حيث انتهيت ، فلو تفكرت في نفسك و
صدقك لطيف حسك لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة ، وشواهده جل
وتقدس في خلقك واضحة ، براهينه لك لائحة . فقال : يا هذا إن كنت من أهل الكلام
كلمناك ، فإن ثبت لك حجة تبعناك ، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك ، وإن كنت من
أصاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا يخاطبنا ، ولا بمثل دليلك يجادلنا ، ولقد سمع
من كلامنا أكثر مما سمعت ، فما أفحش في خطابنا ولا تعدى في جوابنا ، وإنه للحليم
الرزين العاقل الرصين ، لا يعتريه(3)خرق ولا طيش ولا نزق ، ويسمع كلامنها ويصغي إلينا
ويستعرف حجتنا حتى استفرغنا ما عندنا وظننا أنا قد قطعناه أدحض حجتنا بكلام
يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجة ، ويقطع العذر ، ولا نستطيع لجوابه ردا ، فإن كنت
من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه .
بيان : وصدقك بالتخفيف أي قال لك صدقا . لطيف حسك أي حسك اللطيف
أي لم يلتبس على حسك غرائب صنع الله فيك لمعاندتك للحق ، وفي بعض النسخ حسنك
فالمراد بصدق الحسن ظهور ما أخفى الله فيه منه على الناظر ، وعلى الوجهين يمكن أن يقرأ
صدقك بالتشديد بتكلف لا يخفى على المتأمل . والرزين : الوقور ، والرصين بالصاد


(1)الانعام : 122 .
(2)الحنق : شدة الاغتياظ .
(3)أى لا يصيبه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه