وقال ابن عباس : كان العذاب فوق رؤوسهم قدر ثلثي ميل ، فلما رأوا ذلك أيقنوا
بالهلاك فطلبوا نبيهم فلم يجدوه فخرجوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم
ولبسوا المسوح وأظهروا التوبة ،(1)وفرقوا بين كل والدة وولدها .
قال ابن مسعود : بلغ من توبة أهل نينوى أن ترادوا(2)المظالم بينهم حتى أن
كان الرجل يأتي إلى الحجر وقد وضع عليه أساس بنيانه فيقلعه ويرده ، وروي أنه قال
شيخ من بقية علمائهم :(3)قولوا : " ياحي حين لاحي ، وياحي محيي الموتى ، وياحي
لا إله إلا أنت " فقالوها فكشف عنهم العذاب ، وقال ابن مسعود : لما ابتلعه الحوت ابتلع
الحوت حوت آخر فأهوى به إلى قرار الارض ، وكان في بطنه أربعين ليلة ، فنادى في الظلمات
أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجاب الله له فأمر الحوت فنبذه على
ساحل البحر وهو كالفرخ المتمعط ،(4)فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، فجعل يستظل
تحتها ، ووكل الله به وعلا(5)يشرب من لبنها إلى أن رده الله إلى قومه .(6)وقيل :
إنه عليه السلام أرسل إلى قوم غير قومه الاولين انتهى .(7)
وقال صاحب الكامل : كان يقطر عليه من شجرة اليقطين اللبن .(8)
وقال الشيخ في المصباح : في اليوم التاسع من المحرم أخرج الله يونس من بطن
الحوت .(9)
(1)في المصدر : وأظهروا الايمان والتوبة .
(2)" " : يرادوا .
(3)" " : وروى عن أبي مخلد انه قال : لما غشى قوم يونس العذاب مشوا إلى شيخ
من بقية علمائهم فقالوا له : لقد نزل بنا العذاب فما ترى ؟ قال : قولوا .
(4)المتمعط : الذي سقط شعره من داء يعرض له .
(5)الوعل : تيس الجبل .
(6)في المصدر : يشرب من لبنها فيبست الشجرة فبكى عليها ، فأوحى الله تعالى إليه : تبكي على
شجرة يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون ؟ أردت أن اهلكهم ؟ فخرج يونس فاذا هو بغلام
يرعى فقال : من أنت ؟ قال : من قوم يونس ، قال : اذا رجعت اليهم فأخبرهم أنك لقيت يونس
فاخبرهم الغلام ورد الله عليه بدنه ورجع إلى قومه وآمنوا به .
(7)مجمع البيان 5 : 135 و 136 .
(8)الكامل 1 : 126 .
(9)مصباح المتهجد : 528 .