بحار الأنوار ج69

الاعم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك ، والظاهر اختصاص الحكم بالغائط
لكونه أشد ضررا وربما يعم ليشمل البول والمشهور بين الاصحاب كراهة ذلك
وظاهر الخبر التحريم ، إذ فاعل المكروه لايتسحق اللعن ، وقد يقال : اللعن البعد من
رحمة الله وهو يحصل بفعل المكروه أيضا في الجملة .
ولايبعد القول بالحرمة إن لم يكن إجماع على خلافه للضرر العظيم فيه
على المسلمين ، لاسيما إذا كان وقفا فانه تصرف مناف لغرض الواقف ومصلحة
الوقف ، ولايبعد القول بهذا التفصيل أيضا ، ويمكن حمل الخبر على أن الناس يلعنونه
ويشتمونه ، لكن يقل فائدة الخبر إلا أن يقال : الغرض بيان علة النهي
عن الفعل .
قال في النهاية : فيه اتقوا الملاعن الثلاث هي جمع ملعنة ، وهي الفعلة التي
يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحصل له ، وهو أن يتغوط الانسان على قارعة
الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر فاذا مر بها الناس لعنوا فاعلها ومنه الحديث
اتقوا اللاعنين أي الامرين الجالبين للعن الباعثين للناس عليه ، فانه سبب للعن
من فعله في هذه المواضع ، وليس كل ظل ، وإنما هو الظل الذي يستظل به
الناس ويتخذونه مقيلا ومناخا وأصل اللعن الطرد والابعاد من الله تعالى ، ومن
الخلق السب والدعاء انتهى .
والمانع الماء المنتاب الماء مفعول أول لمانع إما مجرور بالاضافة من
باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية ، والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب
النوبة ، فهو مفعول ثان ، وهو من الانتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون
اسم مفعول صفة للماء من انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى .
والماء المنتاب هو الماء الذي يرد عليه الناس متناوبة ومتبادلة لعدم اختصاصه
بأحدهم كالماء المملوك المشترك بين جماعة ، فلعن المانع لاحدهم في نوبته والماء المباح الذي
ليس ملكا لاحدهم كالغدران والابار في البوادي فاذا ورد عليه الواردون كانوا فيه سواء
فيحرم لاحدهم منع الغير من التصرف فيه ، على قدر الحاجة ، لان في المنع

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه