بحار الأنوار ج91

ابن المهدي ، وذكرت ما جرى منه في أهل بيته ، وأنا مشفق من غوائله ، فقال
لي : لتطب نفسك ياموسى ، فما جعل الله لموسى عليك سبيلا ، فبينما هو يحدثني
إذ أخذ بيدي وقال لي : قد أهلك الله آنفا عدوك فليحسن لله شكرك ، قال : ثم
استقبل أبوالحسن القبلة ورفع يديه إلى السماء يدعو .
فقال أبوالوضاح : فحدثني أبي قال : كان جماعة من خاصة ابي الحسن عليه السلام
من أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه ، ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف
وأميال(1)فاذا نطق أبوالحسن عليه السلام بكلمة أو افتى في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه
في ذلك ، قال : فسمعناه وهو يقول في دعائه شكرا لله جلت عظمته :
الدعاء ، إلهي كم من عدو انتقضى علي سيف عداوته ، وشحذ لي ظبة مديته
وارهف لي شبا حده ، وداف لي قواتل سمومه ، وسدد نحوي صوائب(2)سهامه
ولم تنم عني عين حراسته ، واضمر أن يسومني المكروه ، ويجرعني ذعاف
مرارته ، فنظرت إلى ضعفي عن احتمال الفوادح ، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني
بمحاربته ، ووحدتي في كثير من ناواني ، وإرصادهم لي فيما لم أعمل فيه فكري
في الارصاد لهم بمثله ، فأيدتني بقوتك ، وشددت أزري بنصرك ، وفللت شبا حده
وخذلته بعد جمع عديده(3)وحشده ، وأعليت كعبي عليه ، ووجهت ماسدد
إلي من مكائده إليه ، ورددته ولم يشف غليله ، ولم تبرد حزازات غيظه ، وقد
عض علي أنامله ، وأدبر موليا قد أخفقت سراياه .
فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب ، وذي أناة لا يعجل ، صل على محمد
وآل محمد ، واجعلني لانعمك من الشاكرين ، ولآلائك من الذاكرين .
إلهي وكم من باغ بغاني بمكائده ، ونصب لي اشراك مصائده ، ووكل بي
تفقد رعايته ، وأضبأ إلي إضباء السبع(4)لطريدته ، انتظارا لانتهاز فرصته ، وهو


(1)جمع ميل : الملمول الذى يكتحل به ، وكانوا يكتبون به على الالواح .
(2)انتقضى سيفه : استله من غمده ، والمدية : الشفرة : والظبة بالضم والتخفيف :
حد السيف والسنان ومثله الشبا والشحذ : التحديد كالتشحيذ ومثله الارهاف . والدوف :
تخليط الدواء ، والصوائب جمع الصائب : وهو من السهام : الذي لا يخطئ .
(3)عدده خ ل .(4)أضبأ الصائد : اختبأ واستتر ليختل .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه