المعاصي ، فدلت الاية على أن منع بركات السماء والارض بسبب الكفر و
المعاصي .
وهو الذي ينزل الغيث أي المطر الذي يغيثهم من الجدب ولذلك خص
بالنافع منها ، وقرئ ينزل على بناء الافعال والتفعيل من بعد ما قنطوا أي
أيسوا منه ، وقرئ بكسر النون في الشواذ وينشر رحمته أي المطر في كل شئ
من السهل والجبل والنبات والحيوان وهو الولي الذي يتولى عباده بإحسانه
ونشر رحمته الحميد أي المستحق للحمد على ذلك
فقلت استغفروا ربكم هذا كلام نوح عليه السلام لقومه أي اطلبوا منه المغفرة على
كفركم ومعاصيكم بعد التوبة ، إنه كان غفارا للتائبين ، قيل : لما طالت دعوتهم و
تمادى إصرارهم ، حبس الله عنهم القطر ، أربعين سنة وأعقم أرحام نسائهم فوعدهم بذلك
على الاستفعار عما كانوا عليه بقوله يرسل السماء أي السحاب أو المظلة لكون
المطر كله أو بعضه منها كما مر أو لكون أسبابه وتقديراته منها عليكم مدرارا
أي كثير الدرور ، ويستوى في هذا البناء المذكر والمؤنث ويمددكم بأموال وبنين
أي يكثر أموالكم وأولادكم الذكور ويجعل لكم جنات أي بساتين في الدنيا
ويجعل لكم أنهارا تسقون بها جناتكم ، والاية تدل على أن الاستغفار والتوبة
موجبان لكثرة الامطار وغزارة الانهار ، وكثرة البساتين والاشجار ، فينبغي في
الاستسقاء الاكثار من الاستغفار والتوبة من الذنوب .
وأن لو استقاموا على الطريقة أي على الايمان والاعمال الصالحة
لاسقيناهم ماء غدقا أي كثيرا ويدل على أن منع المطر بسبب الكفر والمعاصي
وأن التوبة والاعمال الصالحة توجب نزوله ،
ثم اعلم أن الاستسقاء هو طلب السقيا من الله تعالى عند الحاجة إليها ، و
استحبابه إجماعي عند علمائنا وقال في المنتهي : أجمع كل من يحفظ عنه العلم على
استحباب صلاة الاستسقاء إلا أبا حنيفة ، فانه قال : ليس لها صلاة بل مجرد الدعاء