بحار الأنوار ج28

كثير من صحابة نبيهم ، وهلاك أكثر أمته واختلال أموره بعد وفاته ، وهل
يرد ذلك من المسلمين إلا من هو شاك في قول الله وقول نبيه ، أو مكابر للعيان ،
وكيف يلام أو يذم من صدق الله ورسوله في ذم بعض أصحابه وأكثر امته


= حتى يشهروا ويخذلوا ، فنحكم على أعيانهم بالكفر والفسق وعلى سائر المسلمين بالايمان
والعدالة الاخلاص ، واذا كان الامر مشتبها ، فكلما سمينا أحدا من صحابة الرسول ص وأردنا
أن نأخذ منه دينه وسمته ونتبعه في سيرته وسنته ونحتج بحديثه عن الرسول الامين ص جوز -
العقل كونه منافقا ، فلا يصح للعاقل المحتاط لدينه أن يأخذ منه ويتبعه ويصدقه فيما يحدث
عن الرسول الاعظم ، الا أن يكون الله ورسوله ص قد عرفه ونص عليه بالايمان والاخلاص
والطهارة ، ولسنا نعرف بذلك الا اهل بيت النبى ص النازل فيهم آية التطهير وآية الولاية المصرح
باخلاصهم وحسن طويتهم سورة الدهر وساير الايات الكريمة النازلة فيهم وهى أكثر من أن
تحصى ، لا مجال للمقام لسردها والبحث عنها .
وان قلت : لم لم يعرف الله ورسوله المنافقين الخائنين ، ليحذرهم المؤمنون بعده ؟ قلت :
للقوم آراء ووجوه في ذلك يطلب من مظانه ، وعندى أن رسول الله ص على علم وعمد لم يعرف
المنافقين من اصحابه لينفذ بذلك ارادة الله عزوجل من بلوى الامة واختبارهم بعده ، فان
اخبار الله عزوجل وهكذا رسوله الامين الصادق بأن في اصحابه وامته منافقيه ظاهرين يخادعون
الله ورسوله ، من دون تعريف بهم ، وفى قبال ذلك نص القرآن الكريم بآية التطهير بالنسبة
إلى أهلبيته مضافا إلى سائر ما ورد فيهم من آيات الله البينات وتصديق ايمانهم واخلاص طويتهم
في سورة الدهر ، وهكذا هتاف الرسول بين الامة الاسلامية بأنه من كنت مولاه فهذا على مولاه
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وغير ذلك من النصوص .
ففى ذلك بلوى واختبار عظيم بالنسبة إلى المؤمنين ، فمن كان يرجو الله واليوم الاخر و
ينصح لنفسه ، لا يقتدى بأصحابه الا بمن شهد الله ورسوله بحقيقة ايمانه وحسن طويته وعلمه و
فهمه وقضائه وهم أهل بيته الذين طهرهم الله من كل رجس واوجب ولايتهم ، ومن كان يرجو
الحياة الدنيا وزينتها وزخرفها لا يقتدى بمن قدمه الله وانما يقتدى بمن لا يؤمن فيه النفاق ويخاف
عليه سوء النية في متابعة الرسول طمعا في حطام الدنيا ، فليقتدوا بمن شاؤا ليميز الله الخبيث من(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه