بحار الأنوار ج14

فلقها(1)وذر عليها ملحا ، ووضع إلى جنبه مطهرة ملا ماء ، وجلس على ركبتيه وأخذ
لقمة فلما رفعها إلى فيه قال : بسم الله ، فلما ازدردها(2)قال : الحمد لله ، ثم فعل ذلك
بأخرى وأخرى ، ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله ، فلما وضعه قال : الحمد لله ،
يارب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ماأوليتني ؟ قد صححت بصري وسمعي وبدني
وقويتني حتى ذهبت إلى الشجر لم أغرسه(3)ولم أهتم لحفظه جعلته لي رزقا ، وسقت
إلي من اشتراه مني فاشتريت بثمنه طعاما لم أزرعه ، وسخرت لي النار فأنضجته ، و
جعلتني آكله بشهوة أقوى به على طاعتك فلك الحمد ، قال : ثم بكى ، قال داود : يابني
قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا .(4)
بيان : قال الجزري : النقير : أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى
عليه الماء ليصير نبيذا .
17 فس : " وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق " يعني هرب " إلى الفلك المشحون
فساهم " أي ألقى السهام " فكان من المدحضين " أي من المغوصين " فالتقمه الحوت وهو مليم
وأنبتنا عليه شجرة من يقطين " قال : الدباء .(5)
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " إذ أبق إلى الفلك المشحون " أي فر من قومه
إلى السفينة المملوء‌ة من الناس والاحمال خوفا من أن ينزل العذاب وهو مقيم فيهم " فساهم "
يونس القوم بأن ألقوا السهام على سبيل القرعة ، أي قارعهم " فكان من المدحضين " أي من
المقروعين ، عن الحسن وابن عباس ، وقيل : من المسهومين ، عن مجاهد ، والمراد : من الملقين
في البحر ، واختلف في سبب ذلك فقيل : إنهم أشرفوا على الغرق فرأوا أنهم إن طرحوا


(1)في المصدر : فلفها .
(2)أي بلعها .
(3)في المصدر : حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه .
(4)تنبيه الخواطر 1 : 18 و 19 .
(5)تفسير القمي : 560 . قلت : الدباء بالضم وتشديد الباء والمد وقيل : يجوز القصر :
القرع ، وقيل : الدباء اعم من القرع لان القرع لا يطلق الا على الرطب . وقيل : الدباء هو
اليابس منه .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه