سبيلا ، فكيف يقدرون على الخلق في الارحام ؟ فتبارك الله أحسن الخالقين . وهذا
الاستدلال مروي عن جعفر بن محمد عليهما السلام(1). " من نفس واحدة " أي آدم " وخلق
منها زوجها " حواء كمامر " وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " أي نشرو فرق من
هاتين النفسين على وجه التناسل رجالا كثيرا ونساء . وقال البيضاوي : واكتفى بوصف
الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها إذا لحكمة تقتضي أن يكن أكثر ، وذكر " كثيرا "
حملا على الجمع(2).
" خلقكم من طين " قيل أي ابتدأ خلقكم منه ، فإنه المادة الاولى ، أو إن
آدم الذي هو أصل البشر خلق منه ، أو خلق أباكم ، فحذف المضاف إليه(انتهى)و
يحتمل أن يكون المراد الطين الذي سيأتي في الاخبار أنه يذر في النطفة . " هو أنشأكم
من الارض " قيل : أي هوكو نكم منها لا غيره ، فإنه خلق آدم ومواد النطف التي
خلق نسله منها من الارض . " واستعمركم فيها " قيل : أي عمر كم فيها واستبقاكم من
العمر ، أو أقدركم على عمارتها وأمركم بها . وقيل : هو من العمرى ، بمعنى أعمركم
فيها دياركم ويرثها منكم بعد انصرام أعماركم ، أو جعلكم معمر ين دياركم تسكنونها
مدة عمركم ثم تتركونها لغير كم .
" الله يعلم ما تحمل كل انثى " قال الطبرسي - رحمه الله - يعلم ما في بطن كل
حامل من ذكر أوا انثى تام أو غير تام ، ويعلم لونه وصفاته " وما تغيض الارحام "
أي يعلم الوقت الذي تنقصه الارحام من المدة التي هي تسعة أشهر " وما تزداد " على
ذلك ، عن أكثر المفسرين ، وقيل : ما تغيض الولد الذي تأتي به المرأة لاقل من ستة
أشهر ، وما تزداد الولد الذي تأتي به لاقصى مدة الحمل ، وقيل : معناه ما تنقص
الارحام من دم الحيض وهو انقطاع الحيض ، وما تزداد بدم النفاس بعد الوضع(4).
(1)مجمع البيان : ج 2 ، ص 408 .
(2)انوار التنزيل : ج 1 ، ص 255 .
(3)انوار التنزيل : ج 1 ، ص 369 .
(4)مجمع البيان : ج 6 ، ص 280 .