بحار الأنوار ج14

وقال وهب : جاء حواري عيسى عليه السلام إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها
فقيل له : إن على بابها صنما لايدخلها أحد إلا سجد له ، فكره أن يدخلها ، فأتى حماما
قريبا من تلك المدينة فكان يؤاجر نفسه من الحمامي ويعمل فيه ، ورأى صاحب الحمام
في حمامه البركة ، وجعل يقول عليه ، وعلقه فتية(1)من أهل المدينة ، فجعل يخبرهم خبر
السماء والارض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه ، وكانوا على مثل حاله ، وكان
يشترط على صاحب الحمام أن الليل لايحول بيني وبينه أحد ولا بين الصلاة ، وكان على ذلك
حتى أتى ابن الملك بامرأة فدخل بها الحمام فعيره الحواري وقال له : أنت ابن الملك
تدخل مع هذه ؟ فاستحيى فذهب فرجع مرة أمرى فقال له مثل ذلك فسبه وانتهره
ولم يلتفت حتى دخلا معا وماتا جميعا في الحمام ، فأتي الملك فقيل له : قتل صاحب الحمام
ابنك ، فالتمس فلم يقدر عليه ، فقال : من كان يصحبه ؟ فسمي الفتية ، فالتمسوا(2)فخرجوا
من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع وهو على مثل إيمانهم فذكروا له أنهم التمسوا
فانطلق معهم ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا وقالوا : نبيت ههنا و
نصبح إن شاء الله فترون رأيكم ، فضرب الله على آذانهم ، فخرج الملك في أصحابه يتبعونهم
حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف ، وكلما أراد الرجل منهم دخوله أرعب فلم يطق أحد
دخوله ، وقال قائل : أليس لو كنت قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى ، قال : فابن عليهم باب
الكهف واتركهم فيه يموتوا عطشا وجوعا ، ففعل .
قال وهب : وصبروا بعد ماسد عليهم باب الكهف زمانا بعد زمان ، ثم إن راعيا
أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف فأدخلته غنمي من المطر . فلم يزل
يعالجه حتى فتح ورد الله إليهم أرواحهم من الغد حين أصبحوا .
وقال محمد بن إسحاق : ثم ملك أهل تلك البلاد رجل صالح يقال له تندوسيس ،(3)


(1)قال الجوهري : العلق : الهوى ، وقد علقتها بالكسر وعلق حبها بقلبه أي هواها .
منه رحمه الله .
(2)أي طلبوا .
(3)في المحبر أنه تيديسوس .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه