الآيات : الكهف : " آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا "(1).
مريم : " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا(2)" .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : الغداء طعام الغداء ، والعشاء طعام العشى ،
والانسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء ، وقال : قال المفسرون : ليس في الجنة
شمس ولا قمر فيكون لهم بكرة وعشيا ، والمراد أنهم يؤتون رزقهم على ما يعرفونه
من مقدار الغداة والعشاء ، وقيل : كانت العرب اذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجب به و
كانت تكره الوجبة وهدي الاكلة الواحدة في اليوم ، فأخبر الله تعالى أن لهم في الجنة
رزقهم بكرة وعشيا على قدر ذلك الوقت ، وليس ثم ليل ، وانما هو ضوء ونور عن
فتادة ، وقيل انهم يعرفون مقدار الليل بارخاء الحجب وفتح الابواب انتهى(3).
وأقول : يظهر من بعض الاخبار أن هذا وصف جنة الدنيا فلا اشكال ، قال على
بن ابراهيم : ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة ، والدليل على ذلك " بكرة وعشيا "
فالبكرة والعشي لا تكون في الآخرة في جنات الخلد ، وانما يكون الغدو والعشي
في جنات الدنيا التى تنتقل إليها أرواح المؤمنين ، وتطلع فيها الشمس والقمر
انتهى(4).
وعلى التقادير فيها ايماء إلى استحباب التغدي والتعشي والجمع بينهما والاكتفاء
بهما ، إذ لو كان يحسن الاكل بينهما ، لكان ذكره في مقام الامتنان أنسب ، وكأن البكرة
شامل لما قبل الزوال والتعشي لما بعده إلى مضي شئ من الليل أو إلى آخره كما مر مرارا .
(1)الكهف : 62 .
(2)مريم 62 .
(3)مجمع البيان 3 ر 521
(4)تفسير على بن ابراهيم : 412 .