بحار الأنوار ج13

أبوحمزة : وبلغنا أيضا - والله أعلم - أنه امية بن أبي الصلت الثقفي ، وكان قد قرأ
الكتب ، وعلم أنه سبحانه مرسل رسولا في ذلك الوقت ، فلما ارسل محمد صلى الله عليه وآله حسده
ومر على قتل بدر فسأل عنهم فقيل : قتلهم محمد ، فقال : لو كان نبيا ما قتل أقرباء‌ه ،
وقيل : إنه أبوعامر الراهب الذي سماه النبي الفاسق ،(1)وقيل : المعني بن منافقو
أهل الكتاب : وقال أبوجعفر عليه السلام : الاصل في ذلك بلعم ، ثم ضربه الله مثلا لكل
مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة .
" ولو شئنا لرفعناه بها " أي بتلك الآيات ، أي ولو شئنا لرفعنا منزلته بإيمانه
ومعرفته قبل أن يكفر ، ولكن بقيناه ليزداد الايمان فكفر ، وقيل : معناه : ولو شئنا
لحلنا بينه وبين ما اختاره من المعصية " ولكنه أخلد إلى الارض " أي ركن إلى الدنيا
" إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث " أي صفته كصفة الكلب ، إن طردته وشددت عليه
يخرج لسانه من فمه ، وكذا إن تركته ولم تطرده ، و " تحمل عليه " من الحملة لا من الحمل
والمعنى : إن وعظته فهو ضال وإن لم تعظه فهو ضال ، وقيل : إنما شبه بالكلب في
الخسة وقصور الهمة ، ثم وصف الكلب باللهث على عادة العرب في تشبيههم الشئ بالشئ
ثم يأخذون في وصف المشبه به وإن لم يكن ذلك في المشبه ، وقيل : شبهه بالكلب إذا
أخرج لسانه ، لايذائه الناس بلسانه ، حملت عليه أو تركته ، يقال لمن آذى الناس بلسانه :
فلان أخرج لسانه من الفم مثل الكلب ، ولهثه في هذا الموضع : صياحه ونباحه .(2)


(1)الذى أسس مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المسلمين ، فامر الله نبيه بهدمه ، وسمى بعد
ذلك المسجد الضرار .
(2)مجمع البيان 4 : 499 - 501 .(*)

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه