بحار الأنوار ج65

إن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض(1)ولا يعطي هذا الامر إلا صفوته من خلقه
أنتم والله على ديني ودين آبائي إبراهيم وإسماعيل ، لا أعني علي بن الحسين ولا
محمد بن علي وإن كان هؤلاء على دين هؤلاء(2).
تبيان : من يحب ومن يبغض أي من يحبه الله ومن يبغضه الله ، أو من يحب
الله ومن يبغض الله ، والاول أظهر ، ولا يعطي هذا الامر أي الاعتقاد بالولاية
واختيار دين الامامية إلا صفوته من خلقه أي من اصطفاه واختاره وفضله من
جميع خلقه بسبب طيب روحه وطينته كما مر ، أو المعنى أن ذا المال والجاه و
النعمة في الدنيا يمكن أن يكون محبوبا لله أو مبغوضا لله ، وليست سببا لحب الله ولا
علامة له ، بخلاف دين الحق فان من اوتيه يكون لا محالة محبوبا لله مختارا
عنده ، وعلى الوجهين الغرض بيان فضل الولاية والشكر عليها ، وعدم الشكاية بعد
حصولها عن فقر الدنيا وذلها وشدائدها ، وحقارة الدنيا واهلها عند الله ، وأنها
ليست مناط الشرف والفضل .
قوله عليه السلام : ودين آبائي والمعنى أن اصول الدين مشتركة في ملل جميع
الانبياء ، وإنما الاختلاف في بعض الخصوصيات فان الاعتقاد بالتوحيد والعدل و
المعاد مما اشترك فيه جميع الملل ، وكذا التصديق بنبوة الانبياء ، والاذعان بجميع
ما جاؤا به ، وأهمها الايمان بأوصيائهم ; ومتابعتهم في جميع الامور ، وعدم العدول
عنهم إلى غيرهم ، كان لازما في جميع الملل ، وإنما الاختلاف في خصوص النبي و
خصوص الاوصياء وخصوص بعض العبادات فمن أقر بنبينا صلى الله عليه وآله وبجميع ما جاء


(1)قال بعض المحشين : الحب انجذاب خاص من المحب نحو المحبوب ليجده ، ففيه
شوب من معنى الانفعال وهو بهذا المعنى وان امتنع أن يتصف به الله سبحانه لكنه تعالى
يتصف به من حيث الاثر كسائر الصفات من الرحمة والغضب وغيرهما ، فهو تعالى يحب خلقه
من حيث انه يريد أن يجده وينعم عليه بالوجود والرزق ونحوهما ، وهو تعالى يحب عبده
المؤمن من حيث أنه يريد أن يجده ولا يفوته فينعم عليه بنعمة السعادة والعاقبة الحسنى
فالمراد بالمحبة في هذه الروايات المحبة الخاصة .
(2)الكافى ج 2 ص 215 .

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه