بحار الأنوار ج65

داؤه ، كاظما غيظه ، صافيا خلقه ، آمنا منه جاره ، سهلا أمره ، معدوما كبره
بينا صبره ، كثيرا ذكره ، لا يعمل شيئا من الخير رئاء ، ولا يتر كه حياء .
الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان بين الغافلين كتب في
الذاكرين ، وإن كان مع الذاكرين لم يكتب من الغافلين ، يعفو عمن ظلمه ، ويعطي
من حرمه ، ويصل من قطعه ، قريب معروفه ، صادق قوله ، حسن فعله ، مقبل خيره
مدبر شره ، غايب مكره ، في الزلا زل وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء
شكور ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدعي ما ليس له ، ولا
يجحد ما عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه ، لا يضيع ما استحفظه ، ولا ينابز
بالالقاب ، لا يببغي على أحد ، ولا يغلبه الحسد ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصاب
مؤد للامانات ، عامل بالطاعات ، سريع إلى الخيرات ، بطئ عن المنكرات ، يأمر
بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويجتنبه ، لا يدخل في الامور بجهل ولا يخرج
من الحق بعجز ، إن صمت لم يعيه الصمت ، وإن نطق لم يعيه اللفظ ، وإن ضحك لم يعل
به صوته ، فانع بالذي قدر له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى ، ولا يقهره الشح
يخالط الناس بعلم ، ويفارقهم بسلم ، يتكلم ليغنم ، ويسأل ليفهم ، نفسه منه في عناء
والناس منه في راحة ، أراح الناس من نفسه ، وأتعبها لاخرته ، إن بغي عليه صبر
ليكون الله تعالى هو المنتصر له ، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله ، فهو قذوة
لمن خلف من طالب البر بعده اولئك عمال الله ، ومطايا أمره وطاعته ، وسرج أرضه
وبريته ، اولئك شيعتنا وأحبتنا ، ومنا ومعنا ، ألا ها شوقا إليهم ، فصاح همام بن
عبادة صيحة وقع مغشيا عليه فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه .
فاستعبر الربيع باكيا وقال : لاسرع ما أودت موعظتك يا أمير المؤمنين بابن
أخي ولوددت لو أني بمكانه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هكذا تصنع المواعظ
البالغة بأهلها ، أما والله لقد كنت أخافها عليه ، فقال له قائل : فما بالك أنت يا
أمير المؤمنين ؟ فقال : ويحك ، إن لكل واحد أجلا لن يعدوه ، وسببا لن يجاوزه .
فمهلا لا تعد لها ، فانما نفثها على لسانك الشيطان ، قال : فصلى عليه أمير المؤمنين

اللاحق   السابق   فهرست  الكتاب   الحديث وعلومه