أحد " أنعاما " يعني الابل والبقر والغنم " فهم لها مالكون " ولولم نخلقها(1)لما ملكوها
ولما انتفعوا بها وبألبانها وركوبها ولحومها ، وقيل : فهم لها ضابطون قاهرون لم نخلقها
وحشية نافرة منهم لا يقدرون على ضبطها فهي مسخرة لهم وهو قوله : " وذللنا هالهم "
أي سخرناها لهم حتى صارت منقادة " فمنها ركوبهم ومنها يأكلون " قسم الانعام بأن جعل
منها مايركب ، ومنها مايذبح فينتفع بلحمه ويؤكل ، قال مقاتل : الركوب الحمولة
يعني الابل والبقر " ولهم فيها منافع ومشارب " فمن منافعها لبس أصوافها وأشعارها
وأوبارها وأكل لحومها وركوب ظهرها(2)إلى غير ذلك من أنواع المنافع الكثيرة فيها
والمشارب من ألبانها " أفلا يشكرون " الله على هذه النعم(3).
" وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج " فيه وجوه :
أحدها : أن معنى الانزال هنا الاحداث والانشاء كقوله : " قد أنزلنا عليكم
لباسا "(4)ولم ينزل اللباس ولكن أنزل الماء الذي هو سبب القطن والصوف ، واللباس
يكون منهما ، فكذلك الانعام تكون بالنبات والنبات بالماء .
والثاني : أنه أنزلها بعدأن خلقها في الجنة ، عن الجبائي ، قال : وفي الخبر
الشاة من دواب الجنة ، والابل من دواب الجنة والثالث : أن المعنى جعلها نزلا و
رزقا لكم ، ويعني بالازواج الثمانية من الانعام : الابل والبقر والغنم : الضأن والمعز من
كل صنف اثنان هما زوجان(5).
أقول : وقال البيضاوي : " وأنزل لكم " أي وقضي أو قسم لكم فان قضاياه توصف
بالنزول من السماء حيث كبت في اللوح ، أو أحدث بأسباب نازلة منها كأشعة
(1)في المصدر : اى ولولم نخلقها .
(2)في المصدر : وركوب ظهورها .
(3)مجمع البيان 8 : 433 .
(4)الاعراف : 26 .
(5)مجمع البيان 8 : 490 .