next page

fehrest page

back page

في محبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إياه و تحريضه على محبته و موالاته و نهيه عن بغضه

نقلت من مسند أحمد بن حنبل رحمه الله من المجلد الأول من الجزء السابع منه عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد حسن و حسين و قال من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة .

و من المسند عن زر بن حبيش قال : قال علي (عليه السلام) و الله إنه لما عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لا يبغضني إلا منافق و لا يحبني إلا مؤمن .

و من المسند من المجلد الثاني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى و كان يسمر مع علي (عليه السلام) قال : كان يلبس ثياب الصيف في الشتاء و ثياب الشتاء في الصيف فقيل له لو سألته فسأله فقال إن رسول الله ص بعث إلي و أنا أرمد العين فتفل في عيني و قال اللهم أذهب عنه الحر و البرد فما وجدت حرا و لا بردا منذ يومئذ و قال لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله ليس بفرار فتشرف لها أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأعطانيها .

و من المسند : قال علي كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منزلة لم تكن لأحد من الخلائق كنت آتيه كل سحر فأسلم عليه و في حديث آخر منه فأستأذن عليه فإن كان في صلاة سبح و إن كان في غير صلاة أذن لي .

و نقلت من كتاب الآل لابن خالويه عن حذيفة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت التي خلقها الله بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتول علي بن أبي طالب من بعدي .

و مثله عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من سره أن يحيا حياتي و يموت ميتتي و يتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها

[91]

الله ثم قال لها كوني فكانت فليتول علي بن أبي طالب من بعدي قلت رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء و تفرد به بشر عن شريك .

و من كتاب الآل في حديث أم سلمة رضي الله عنها لما أتت فاطمة (عليها السلام) بالعصيدة قال : أين علي و ابناه قالت في البيت قال ادعيهم لي فأقبل علي و الحسن و الحسين بين يديه و تناول الكساء على ما قلناه آنفا و قال اللهم إن هؤلاء أهل بيتي و أحب الخلق إلي الحديث بتمامه .

و من كتاب ابن خالويه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) حبك إيمان و بغضك نفاق و أول من يدخل الجنة محبك و أول من يدخل النار مبغضك و قد جعلك الله أهلا لذلك فأنت مني و أنا منك و لا نبي بعدي .

و منه أيضا عن عبد الله بن مسعود قال : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بيت زينب بنت جحش حتى أتى بيت أم سلمة فجاء داق فدق الباب فقال يا أم سلمة قومي فافتحي له قالت فقلت و من هذا يا رسول الله الذي بلغ من خطره أن أفتح له الباب و أتلقاه بمعاصمي و قد نزلت في بالأمس آيات من كتاب الله فقال يا أم سلمة إن طاعة الرسول طاعة الله و إن معصية الرسول معصية الله عز و جل و إن بالباب لرجلا [رجلا] ليس بنزق و لا خرق و ما كان ليدخل منزلا حتى لا يسمع حسا و هو يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله قالت ففتحت الباب فأخذ بعضادتي الباب ثم جئت حتى دخلت الخدر فلما أن لم يسمع وطئي دخل ثم سلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال يا أم سلمة و أنا من وراء الخدر أ تعرفين هذا قلت نعم هذا علي بن أبي طالب قال هو أخي سجيته سجيتي السجية الخلق و الطبيعة و لحمه من لحمي و دمه من دمي يا أم سلمة هذا قاضي عداتي من بعدي فاسمعي و اشهدي يا أم سلمة هذا وليي من بعدي فاسمعي و اشهدي يا أم

[92]

سلمة لو أن رجلا عبد الله ألف سنة بين الركن و المقام و لقي الله مبغضا لهذا أكبه الله عز و جل على وجهه في نار جهنم و قد رواه الخطيب في كتاب المناقب و فيه زيادة و دمه من دمي و هو عيبة علمي اسمعي و اشهدي هو قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين من بعدي اسمعي و اشهدي هو و الله محيي سنتي اسمعي و اشهدي لو أن عبدا عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن و المقام ثم لقي الله مبغضا لعلي أكبه الله على منخريه في نار جهنم .

و من كتاب الآل عن مالك بن حمامة قال : طلع علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم متبسما يضحك فقام عليه عبد الرحمن بن عوف فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله ما الذي أضحكك قال بشارة أتتني من عند الله في ابن عمي و أخي و ابنتي إن الله تعالى لما زوج فاطمة أمر رضوان فهز شجرة طوبى فحملت رقاقا يعني بذلك صكاكا و هي جمع صك و هو الكتاب بعدد محبينا أهل البيت ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور فأخذ كل ملك رقا فإذا استوت القيامة بأهلها هاجت الملائكة و الخلائق فلا يلقون محبا لنا محضا أهل البيت إلا أعطوه رقا فيه براءة من النار فنثار عمي و ابن أخي و ابن عمي و ابنتي فكاك رقاب رجال و نساء من أمتي من النار .

كان ينبغي أن أذكر هذا الحديث عند ذكر تزويج أمير المؤمنين بسيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام) و لكن جرى القلم بسطره و أينما ذكر فهو من أدلة شرفها و شرفه و فخرها و فخره و مهما ظن أنه مبالغة في أوصافهما فهو على الحقيقة دون قدرها و قدره.

خير البرايا كلها آدم *** و خير حي بعده هاشم

‏و صفوة الرحمن من خلفه *** محمد و ابنته فاطم‏

و بعلها الهادي و سبطاهما *** و قائم يتبعه قائم

‏منهم إلى الحشر فمن قال لا *** فقل له لا أفلح النادم

[93]

و من الكتاب المذكور عن شقيق بن سلمة عن عبد الله قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو آخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو يقول هذا وليي و أنا وليه عاديت من عادى و سالمت من سالم .

و روى الحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتابه مرفوعا إلى فاطمة (عليها السلام) قالت : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشية عرفة فقال إن الله عز و جل باهى بكم و غفر لكم عامة و لعلي خاصة و إني رسول الله عز و جل إليكم غير محاب لقرابتي إن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته و بعد موته .

قال كهمس : قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) يهلك في ثلاثة و ينجو في ثلاثة اللاعن و المستمع و المفرط و الملك المترف يتقرب إليه بلعني و يتبرأ إليه من ديني و يقضب عنده حسبي و إنما ديني دين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و حسبي حسب رسول الله و ينجو في ثلاثة المحب و الموالي لمن والاني و المعادي لمن عاداني فإن أحبني محب أحب محبي و أبغض مبغضي و شايع مشايعي فليمتحن أحدكم قلبه فإن الله عز و جل لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحب بأحدهما و يبغض بالآخر .

و روي : أنه قال سلمان لعلي (عليه السلام) ما جئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنا عنده إلا ضرب عضدي أو بين كتفي و قال (صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا سلمان هذا و حزبه المفلحون .

و من الفردوس عن معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : حب علي بن أبي طالب حسنة لا تضر معها سيئة و بغضه سيئة لا تنفع معها حسنة .

و منه ابن مسعود : حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة , و من مات عليه دخل الجنة . و قد تقدم ذكرنا له .

و منه أبو ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : علي باب علمي و هديي و مبين لأمتي ما أرسلت

[94]

به من بعدي حبه إيمان و بغضه نفاق و النظر إليه رأفة و مودته عبادة .

و عن أنس مما خرجه المحدث قال : كنت جالسا مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل علي (عليه السلام) فقال النبي أنا و هذا حجة الله على خلقه .

و روي أن أبا ذر رضي الله عنه و أرضاه قال لعلي (عليه السلام) : أشهد لك بالولاية و الإخاء و يزاد [زاد] الحكم و الوصية .

و نقلت من الأحاديث التي جمعها العز المحدث .

روى المنصور عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن عبد الله بن العباس قال : كنت أنا و أبي العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم جالسين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فسلم فرد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السلام و بش به و قام إليه و اعتنقه و قبل بين عينيه و أجلسه عن يمينه فقال العباس أ تحب هذا يا رسول الله قال يا عم رسول الله و الله لله أشد حبا له مني إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه و جعل ذريتي في صلب هذا .

و منه قال ابن عباس : نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال : أنت سيد في الدنيا و سيد في الآخرة من أحبك فقد أحبني و حبيبي حبيب الله و من أبغضك فقد أبغضني و بغيضي بغيض الله فالويل لمن أبغضك بعدي .

و منه قال ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي حبيب الله الحسن و الحسين صفوة الله فاطمة أمة الله على باغضهم لعنة الله .

و منه عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي : كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك .

و منه عن أبي ذر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا علي من فارقني فارق الله و من فارقك يا علي فارقني .

و منه عن عبد الله بن مسعود قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آخذا بيد علي و هو يقول :

[95]

الله وليي و أنا وليك و معادي من عاداك و مسالم من سالمك .

و منه قالت عائشة : سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أي الناس أحب إليك قال فاطمة فقلت و من الرجال قال زوجها .

و منه عن أبي علقمة مولى بني هاشم قال : صلى بنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الصبح ثم التفت إلينا فقال معاشر أصحابي رأيت البارحة عمي حمزة بن عبد المطلب و أخي جعفر بن أبي طالب و بين أيديهما طبق من نبق فأكلا ساعة ثم تحول النبق عنبا فأكلا ساعة ثم تحول العنب رطبا فأكلا ساعة فدنوت منهما و قلت بأبي و أمي أنتما أي الأعمال وجدتما أفضل قالا فديناك بالآباء و الأمهات وجدنا أفضل الأعمال الصلاة عليك و سقي الماء و حب علي بن أبي طالب و قد أورده الخوارزمي في مناقبه .

و نقلت من كتاب الأربعين الذي خرجه الحافظ أبو بكر محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني عن ابن عباس قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا بني هاشم إني سألت الله عز و جل لكم ثلاثا يهدي ضالكم و يعلم جاهلكم و يثبت قائلكم و سألت الله أن يجعلكم جوداء رحماء نجباء و لو أن رجلا صفن بين الركن و المقام فصلى و صام ثم مات و هو مبغض أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل النار .

و منه عن زيد بن أرقم : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي و فاطمة و حسن و حسين (عليهم السلام) أنا سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم .

و منه عن زيد بن أرقم قال : مر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على بيت فيه فاطمة و علي و حسن و حسين فقال :أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم .

[96]

و منه عن زياد بن مطرف عن زيد بن أرقم و ربما لم يذكر زيد بن أرقم قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحب أن يحيا حياتي و يموت ميتتي و يسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فإن ربي عز و جل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى و لن يدخلكم في ضلالة .

و نقلت من مناقب الخوارزمي عن عبد خير عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قنو موز فجعل يقشر الموزة و يجعلها في فمي فقال له قائل يا رسول الله إنك تحب عليا قال أ و ما علمت أن عليا مني و أنا منه .

قلت : قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مني و أنا منه يدل على مكانة أمير المؤمنين (عليه السلام) و منزلته و أنه قد بلغ من الشرف و الكمال إلى أقصى غايته و تسنم من كاهل المجد أعلى ذروته و رفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أثبته من تنبيهه على محله منه و نسبته و بيان هذه الجملة التي أسفر محياها و إيضاح هذه المنقبة التي تضوع عرفها و فاح رياها و كشف غطاء هذه الفضيلة التي اتفق لفظها و معناها أنه لما .

قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : سلمان منا أهل البيت .

حصل لسلمان رضي الله عنه بذلك شرف مد أطنابه و نصب على قمة الجوزاء قبابه و فاق به أمثاله من الأصحاب و أضرابه فلما ذكر عليا و خصه بأنت مني سما به عن تلك الرتبة و تجاوز به عن تلك المحلة و لو اختصر عليها كانت مع كونها متعالية عن رتبة سلمان قريبة منها فلما قال له فأنا منك تم المنقبة و كملها و زين سيرته بهذه الفريدة و جملها فإنها عظيمة المحل ظاهرة الفضل

[97]

تشهد لشرفه و مكانه و رجاحة فضله و ثقل ميزانه و ذلك لأنها دلت أن كل واحد منهما (صلى الله عليه وآله وسلم) أصل للآخر و نازل منزلته و أنه لم يرض أن يقتصر له (عليه السلام) بأن عليا منه حتى جعل نفسه من علي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

و قد أورد ابن جرير الطبري و ابن أثير الجزري في تاريخهما أنه كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي في يوم أحد و قد فر من الزحف من فر و قر مع النبي من قر : يا علي اكفني أمر هؤلاء اكفني أمر هؤلاء إشارة إلى الكفار و علي (عليه السلام) يجالد بين يديه باذلا نفسه دونه خائضا غمار الحرب في نصره صابرا على منازلة الأقران و مصاولة الشجعان و مقارعة صناديد العرب و مصارعة الفرسان الجاهلية بعزم لا ينثني و همة لا تني و بأس يذل مردة الطغيان و نجدة تقيد شياطين الكفر في أشطان الذل و الهوان فقال جبرئيل و الله يا محمد ما هذه المواساة فقال هو مني و أنا منه فقال و أنا منكما .

فانظر إلى هذه الحال التي خص بها الإمام (عليه السلام) ما أجلها و المنزلة التي طلب جبرئيل (عليه السلام) أن ينالها و يتفيأ ظلها و الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض .

و من كتاب المناقب عن عائشة قالت : رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التزم عليا و قبله و يقول ; بأبي الوحيد الشهيد .

[98]

و من المناقب أيضا عن علي بن أبي طالب قال : كنت أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة و هي الروضة ذات الشجر فقلت يا رسول الله ما أحسن هذه الحديقة فقال ما أحسنها و لك في الجنة أحسن منها ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت يا رسول الله ما أحسنها من حديقة فقال لك في الجنة أحسن منها حتى أتينا على سبع حدائق أقول يا رسول الله ما أحسنها فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم) لك في الجنة أحسن منها فلما خلا له الطريق اعتنقني و أجهش باكيا فقلت يا رسول الله ما يبكيك قال ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها إلا بعدي فقلت في سلامة من ديني قال في سلامة من دينك .

الجهش أن يفزع الإنسان إلى غيره و هو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه و قد تهيأ للبكاء يقال جهش إليه يجهش و الضغائن الأحقاد .

و منه عن أسامة بن زيد عن أبيه قال : اجتمع علي و جعفر و زيد بن حارثة فقال جعفر أنا أحبكم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال علي أنا أحبكم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال زيد أنا معتق النبي أنا أحبكم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فانطلقوا بنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنسأله قال أسامة فاستأذنوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنا عنده قال اخرج فانظر من هؤلاء فخرجت ثم جئت فقلت هذا جعفر و علي و زيد بن حارثة يستأذنون قال ائذن لهم فدخلوا فقالوا يا رسول الله جئنا نسألك من أحب الناس إليك قال فاطمة قالوا إنما نسألك عن الرجال فقال أما أنت يا جعفر فيشبه خلقك خلقي و خلقك

[99]

خلقي و أنت إلي و من شجرتي و أما أنت يا علي فختني و أبو ولدي و مني و إلي و أحب القوم إلي .

و قريب منه ما نقلته من مسند أحمد بن حنبل (رهـ) حين اختصم علي و جعفر و زيد في ابنة حمزة رضي الله عنه و قضى بها لخالتها قال لعلي : أنت مني و أنا منك ; و قال لجعفر أشبهت خلقي و خلقي ; و قال لزيد أنت أخونا و مولانا يريد عبدنا .

بل أراد (صلى الله عليه وآله وسلم) به حبيبنا و ناصرنا و ذو عهدنا و لا يقال إنه أخونا و عبدنا و إن كان عبدا فتبصر كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) و حسن مقصده و بلاغة لفظه و عذوبة مورده و اقطع بأنه أوتي جواهر الكلم فاختارها و انتقاها و حكم في الفصاحة فتسنم ذراها و افترع رباها فإنه أضاف عليا إلى نفسه فقال أنت مني و أجرى جعفرا مجراه فقال أشبهت خلقي و خلقي و لما لم يكن زيد رحمه الله من رجال هذا الميدان أولاه من لطفه إحسانا و أدبه بقوله أنت أخونا و مولانا فأضافه إلى نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) و إليهما بنون الجماعة ليعلم أن رتبته لا تبلغ تلك الرتب المنيفة و محله يقصر عن محالهم الشريفة و كيف و من أين يقع المولى موقع الخليفة .

و من كتاب المناقب عن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاءني جبرئيل من عند الله عز و جل بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض إني افترضت محبة علي بن أبي طالب على خلقي فبلغهم ذلك عني .

و منه عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب (عليه السلام) لما خلق الله عز و جل النار .

أقول : ربما وقف على هذا الحديث بعض من يميل إلى العناد طبعه و يتسع في الخلاف و النصب ذرعه فيرد عليه منه ما يضيق به [عنه] وسعه فيجزم بخفض مناره عند ما يعييه دفعه [رفعه] و يسارع إلى القدح في راويه و معتقده و ينكر على ناقله بلسانه و قلبه و يده و هو لا يعلم أنه إنما أصيب من

[100]

قبل طبعه الذميم و أتي من قبل تصوره السقيم و وجه تبيينه أن محبة علي (عليه السلام) فرع على محبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تصديقه في جميع ما جاء به و محبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تصديقه فرع على معرفة الله تعالى و وحدانيته و العمل بأوامره و اجتناب نواهيه و الأخذ بكتابه و سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) و من المعلوم أن الناس كافة لو خلقوا على هذه الفطرة لم يخلق الله النار و كيف يحب عليا من خالف مذهبه في علمه و حلمه و زهده و ورعه و صلاته و صيامه و مسارعته إلى طاعات الله و إقدامه و الأخذ بكتاب الله في تحليل حلاله و تحريم حرامه و مجاهدته في ذات الله شارعا لرمحه شاهرا لحسامه و قناعته بخشونة ملبسه و جشوبة مأكله و انتصابه في محرابه يقطع الليل بصالح عمله و هذه أوصاف لا يستطيعها غيره من العباد و لكنه .

قال (عليه السلام) أعينوني بورع و اجتهاد .

و قد وصف شيعته فقال.

إنهم خمص البطون من الطوى عمش العيون من البكاء .

و قال (عليه السلام) و قد سأله همام عن المؤمنين و كان همام هذا رجلا عابدا و الكلام مذكور في نهج البلاغة أذكر منه شيئا .

فالمتقون فيها - و الضمير للدنيا - ; هم أهل الفضائل منطقهم الصواب و ملبسهم الاقتصاد و مشيهم التواضع غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم و وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء و لو لا الأجل الذي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب و خوفا من العقاب عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم فهم و الجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون قلوبهم محزونة و شرورهم مأمونة و أجسادهم نحيفة و حاجتهم خفيفة و أنفسهم عفيفة صبروا أياما قصيرة أعقبتهم

[101]

راحة طويلة تجارة مربحة يسرها لهم ربهم أرادتهم الدنيا و لم يريدوها و أسرتهم ففدوا أنفسهم منها أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلون ترتيلا يحزنون به أنفسهم و يستثيرون به دواء دائهم فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا و تطلعت نفوسهم إليها شوقا و ظنوا أنها نصب أعينهم و إذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم و ظنوا أن زفير جهنم و شهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم و أكفهم و ركبهم و أطراف أقدامهم يطلبون إلى الله في فكاك رقابهم و أما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض و يقول قد خولطوا و لقد خالطهم أمر عظيم لا يرضون من أعمالهم القليل و لا يستكثرون الكثير فهم لأنفسهم متهمون و من أعمالهم مشفقون إذا زكا أحد منهم خاف مما يقال له فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري و ربي أعلم مني بنفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون و اجعلني أفضل مما يظنون و اغفر لي ما لا يعلمون فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين و حزما في لين و إيمانا في يقين و حرصا في علم و علما في حلم و قصدا في غنى و خشوعا في عبادة و تحملا في فاقة و صبرا في شدة

[102]

و طلبا في حلال و نشاطا في هدى و تحرجا في طمع إلى آخرها .

و هي من محاسن الكلام و بديعه و كيف لا و مصدرها من بحر العلوم و مرعاها جنى الشيخ و القيصوم سيد العرب و أميرها و وصي الرسالة و وزيرها .

و من كتاب المناقب لأبي المؤيد الخوارزمي (رهـ) عن علي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يا علي لو أن عبدا عبد الله عز و جل مثل ما قام نوح في قومه و كان له مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله و مد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه ثم قتل بين الصفا و المروة مظلوما ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنة و لم يدخلها .

و منه قال و أخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني مرفوعا إلى عائشة قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو في بيتي لما حضرته الوفاة ادعوا لي حبيبي فدعوت أبا بكر فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم وضع رأسه ثم قال ادعوا لي حبيبي فقلت ويلكم ادعوا له علي بن أبي طالب فو الله ما يريد غيره فلما رآه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه فلم يزل يحتضنه حتى قبض و يده عليه .

و منه عن معاوية بن ثعلبة قال : جاء رجل إلى أبي ذر و هو جالس في المسجد و علي يصلي أمامه فقال يا أبا ذر أ لا تحدثني بأحب الناس إليك فو الله لقد علمت أن أحبهم إليك أحبهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال أجل و الذي نفسي بيده إن أحبهم إلي أحبهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو ذاك الشيخ و أشار بيده إلى علي (عليه السلام) .

[103]

و من المناقب أيضا قال رجل لسلمان ما أشد حبك لعلي قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني .

و منه عن أم عطية : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث عليا في سرية قالت فرأيته رافعا يديه يقول اللهم لا تمتني حتى تريني عليا .

هذا حديث صحيح أخرجه أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه . و مثله من كتاب اليواقيت لأبي عمر الزاهد إلا أن فيه حتى تريني وجه علي .

و من المناقب قال أنبأني الإمام الحافظ صدر الحفاظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له و لمحبيه إلى يوم القيامة .

و منه عن الحسن البصري عن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب على الفردوس و هو جبل قد علا على الجنة و فوقه عرش رب العالمين و من سفحه تتفجر أنهار الجنة و تتفرق في الجنة و هو جالس على كرسي من نور يجري من بين يديه التسنيم لا يجوز أحد الصراط إلا و معه براءة بولايته و ولاية أهل بيته يشرف على الجنة و النار فيدخل محبيه الجنة و مبغضيه النار .

التسنيم ماء في الجنة سمي بذلك لأنه يجري فوق الغرف و القصور يقال تسنمه إذا علاه .

و منه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من اتخذ علي بن أبي طالب أخا من أهل السماء إسرافيل ثم ميكائيل ثم جبرئيل و أول من أحبه من أهل السماء حملة العرش ثم رضوان خازن الجنان ثم ملك الموت و إن ملك الموت يترحم على محبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما يترحم على الأنبياء (عليهم السلام) .

[104]

و منه عن أنس قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد رأيته في النوم ما حملك على أن لا تؤدي ما سمعت مني في علي بن أبي طالب حتى أدركتك العقوبة و لو لا استغفار علي بن أبي طالب لك ما شممت رائحة الجنة أبدا و لكن أبشر في بقية عمرك إن أولياء علي و ذريته و محبيهم السابقون الأولون إلى الجنة و هم جيران الله و أولياء الله حمزة و جعفر و الحسن و الحسين و أما علي فهو الصديق الأكبر لا يخشى القيامة من أحبه .

و منه عن ابن عمرقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحب عليا قبل الله عنه [منه] صلاته و صيامه و قيامه و استجاب دعاءه ألا و من أحب عليا أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة ألا و من أحب آل محمد أمن من الحساب و الميزان و الصراط ألا و من تاب على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ألا و من أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله .

و منه عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنهقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم إن الله أمرني أن أحب أربعة من أصحابي أخبرني أنه يحبهم قال فقلنا من هم يا رسول الله قال فإن منهم عليا ثم ذكر ذلك في اليوم الثاني مثل ما قال في اليوم الأول فقلنا من هم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال إن عليا منهم ثم قال

[105]

مثل ذلك في اليوم الثالث فقلنا من هم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال إن عليا منهم و أبا ذر الغفاري و مقداد بن الأسود الكندي و سلمان الفارسي رضي الله عنهم أجمعين .

و منه عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن أبيه الإمام محمد بن علي الباقر عن أبيه الإمام علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الإمام الحسين بن علي الشهيد ع قال : سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول من أحب أن يحيا حياتي و يموت ميتتي و يدخل الجنة التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب و ذريته الطاهرين أئمة الهدى و مصابيح الدجى من بعده فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة .

و منه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حب علي بن أبي طالب حسنة لا يضر معها سيئة و بغضه سيئة لا ينفع معها حسنة .

و منه عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول من زعم أنه آمن بي و بما جئت به و هو يبغض عليا فهو كاذب ليس بمؤمن .

و منه عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحب أن يستمسك بالقضيب الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن بيمينه فليستمسك بحب علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

و قد تقدم مثله .

و منه عن أبي برزة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و نحن جلوس ذات يوم و الذي نفسي بيده لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله تبارك و تعالى عن أربع عن عمره فيما أفناه و عن جسده فيما أبلاه و عن ماله مما كسبه و فيم أنفقه و عن حب أهل البيت فقال له عمر فما آية حبكم من بعدكم فوضع يده

[106]

على رأس علي (عليه السلام) و هو إلى جانبه فقال إن حبي من بعدي حب هذا .

و منه عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج قال خاطبني بلغة علي بن أبي طالب فألهمني أن قلت يا رب أنت خاطبتني أم علي فقال يا أحمد أنا شي‏ء لا كالأشياء و لا أقاس بالناس و لا أوصف بالأشياء خلقتك من نوري و خلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد إلى قلبك أحب من علي بن أبي طالب فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك .

في قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى من الكشاف روي أنها لما أنزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي و فاطمة و ابناهما .

و يدل عليه ما روي عن علي (عليه السلام) شكوت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسد الناس لي فقال أ ما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا و أنت و الحسن و الحسين و أزواجنا عن أيماننا و شمائلنا و ذرياتنا خلف أزواجنا .

و عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي و آذاني في عشيرتي و من اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب و لم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقيني يوم القيامة .

و روي : أن الأنصار قالوا فعلنا و فعلنا كأنهم افتخروا فقال عباس أو ابن عباس لنا الفضل عليكم فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاهم في مجالسهم فقال يا معشر الأنصار أ لم تكونوا أذلة فأعزكم الله بي قالوا بلى يا رسول الله قال أ لم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي قالوا بلى يا رسول الله قال أ فلا تجيبونني قالوا فما نقول

[107]

يا رسول الله قال أ فلا تقولون أ لم يخرجك قومك فآويناك أ و لم يكذبوك فصدقناك أ و لم يخذلوك فنصرناك قال فما زال يقول حتى جثوا على الركب و قالوا أموالنا و ما في أيدينا لله و لرسوله فنزلت الآية .

و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ألا من مات على حب آل محمد مات شهيدا ألا و من مات على حب آل محمد مات مغفورا له ألا و من مات على حب آل محمد مات تائبا ألا و من مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ألا و من مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة و منكر و نكير ألا و من مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ألا و من مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ألا و من مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ألا و من مات على حب آل محمد مات على السنة و الجماعة ألا و من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ألا و من مات على بغض آل محمد مات كافرا ألا و من مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة و قيل لم تكن بطن من بطون قريش إلا و بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و بينهم قربى فلما كذبوه و أبوا أن يبايعوه نزلت هذه الآية .

و من كتاب المناقب قال من المراسيل في معجم الطبراني بإسناده إلى فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله عز و جل باهى بكم و غفر لكم عامة و لعلي خاصة و إني رسول الله إليكم غير هائب لقومي و لا محاب لقرابتي هذا جبرئيل يخبرني أن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته و بعد موته و أن الشقي كل الشقي من أبغض عليا في حياته و بعد وفاته .

و منه قال :

قال البديع الهمداني :

يقولون لي ما تحب الوصي *** فقلت الثرى بفم الكاذب

‏أحب النبي و آل النبي *** و أختص آل أبي طالب

[108]

و نقلت من كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب تأليف الشيخ الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي و قرأته عليه بإربل في مجلسين آخرهما الخميس سادس عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان و أربعين و ستمائة و أجاز لي و خطه بذلك عندي قرأته عليه حدثني أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي بإربل أخبرنا عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي ببغداد و الشريف أبو تمام علي بن أبي الفخار بن الواثق بالله بالكرخ قالا حدثنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن النبطي قال حدثنا أحمد بن أحمد الحداد حدثنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله حدثنا أبو بكر الطلحي حدثنا محمد بن علي بن رحيم حدثنا عباد بن سعيد الجعفي حدثنا محمد بن عثمان بن أبي بهلول حدثنا صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن الأعمش الثقفي عن سلام الجعفي عن أبي بردة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) إن الله عهد إلي عهدا في علي بن أبي طالب فقلت يا رب بينه لي .

فقال : اسمع .

فقلت : سمعت .

فقال : إن عليا راية الهدى و منار الإيمان و إمام الأولياء و نور من أطاعني و هو الكلمة التي ألزمتها المتقين من أحبه أحبني و من أبغضه أبغضني ; فبشره بذلك .

فجاء علي فبشرته .

فقال : يا رسول الله أنا عبد الله و في قبضته فإن يعذبني فبذنوبي و إن يتم لي الذي بشرتني به فالله أولى بي .

قال : فقلت اللهم أجل قلبه و اجعل ربيعه الإيمان .

فقال الله عز و جل : قد فعلت به ذلك .

ثم إنه رفع إلي : أنه سيخصه من البلاء بشي‏ء لم يخص به أحدا من أصحابي .

فقلت : يا رب أخي و صاحبي .

فقال : إن هذا شي‏ء قد سبق أنه مبتلى و مبتلى به .

أخرجه الحافظ في الحلية .

و منه عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى من آمن بي و صدقني بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) من تولاه فقد تولاني و من تولاني فقد تولى الله عز و جل .

و منه عن أبي ذرقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يرد على الحوض راية أمير المؤمنين و إمام الغر المحجلين فأقوم آخذ بيده فيبيض وجهه و وجوه أصحابه فأقول ما

[109]

خلفتموني في الثقلين بعدي فيقولون تبعنا الأكبر و صدقناه و وازرنا الأصغر و نصرناه و قاتلنا معه فأقول ردوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمئون بعدها أبدا وجه إمامهم كالشمس الطالعة و وجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضواء نجم في السماء .

و منه عن عبد الله بن عباس : و كان سعيد بن جبير يقوده فمر على صفة زمزم فإذا قوم من أهل الشام يشتمون [يسبون] علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

فقال لسعيد بن جبير : ردني إليهم .

فوقف عليهم فقال : أيكم الساب لله عز و جل .

فقالوا : سبحان الله ما فينا أحد سب الله .

فقال : أيكم الساب رسول الله ?

قالوا : ما فينا أحد سب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

قال : فأيكم الساب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ?

قالوا : أما هذا فقد كان .

قال : فأشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سمعته أذناي و وعاه قلبي يقول لعلي بن أبي طالب : يا علي من سبك فقد سبني , و من سبني فقد سب الله , و من سب الله فقد كبه على منخريه في النار .

ثم ولى عنهم , و قال : يا بني ما ذا رأيتهم صنعوا ?

قال :قلت له يا أبة :

نظروا إليك بأعين محمرة *** نظر التيوس إلى شفار الجازر

فقال زدني فداك أبوك فقلت :

خزر العيون نواكس أبصارهم *** نظر الذليل إلى العزيز القاهر

فقال زدني فداك أبوك فقلت ليس عندي من مزيد فقال لكن عندي :

أحياؤهم عار على أمواتهم *** و الميتون مسبة للغابر

الغابر ; من الأضداد , الغابر هنا الباقون .

و منه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا بسب علي بن أبي طالب (عليه السلام)

[110]

فامتنع .

فقال ما منعك أن تسب أبا تراب ?

قال : أما ما ذكرت ثلاث قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلن أسبه ; لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم :

سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له و قد خلفه في بعض مغازيه فقال علي يا رسول الله خلفتني مع النساء و الصبيان .

فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .

و سمعته يقول له يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله .

قال فتطاولنا لها , فقال ادعوا لي عليا ; فأتي به أرمد , فبصق في عينه و دفع الراية إليه ففتح الله عليه .

و لما نزلت هذه الآية نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي .

هكذا رواه مسلم في صحيحه و غيره من الحفاظ .

قال محمد بن يوسف الكنجي : نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة و أورد صاحب كفاية الطالب بعد هذا الحديث هذا الذي أذكر و هو .

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ثم قرأ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ألا و إن أول من يكسى إبراهيم (عليه السلام) ألا و إن [أ] ناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي [أصحابي] قال فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح عيسى (عليه السلام) وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً

[111]

ما دُمْتُ فِيهِمْ
إلى قوله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

قلت هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث المغيرة بن النعمان رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن كثير عن سفيان و رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن بندار عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة و رزقناه بحمد الله عاليا من هذا الطريق هذا آخر كلامه و ليس هذا موضع هذا الحديث و لعله ذكره من أجل قوله نعوذ بالله من الحور بعد الكور .

و روى الحافظ أبو نعيم يرفعه بسنده في حليته عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ادع لي سيد العرب يعني عليا (عليه السلام) فقالت عائشة أ لست سيد العرب فقال أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب فلما جاءه أرسل إلى الأنصار فأتوه فقال لهم يا معشر الأنصار أ لا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبدا قالوا بلى يا رسول الله فقال هذا علي فأحبوه بحبي و أكرموه بكرامتي فإن جبرئيل (عليه السلام) أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز و علا .

next page

fehrest page

back page