الى اجزاء البحار الى المكتبة الهاشمية الى الصفحة الرئيسية

بحار الانوار الجزء 31

العلامة المجلسي


[1]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار


[3]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي (قدس سره) الجزء الحادى والثلاثون تحقيق الشيخ عبد الزهراء العلوي دار الرضا بيروت - لبنان


 

[5]

عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (الاحزاب: 4) ; قال علي بن أبي طالب عليه السلام: لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فيحب بهذا ويبغض بهذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شاركه في حبنا حب عدونا فليس منا ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين. بحار الانوار: 27 / 51 - حديث 1. تفسير القمي: 514 (2 / 171 - 172)


 

[6]

عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لانك لا تجد رجلا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم إنكم تتولونا وإنكم من شيعتنا. علل الشرايع: 200 ثواب الاعمال: 200 معاني الاخبار: 104 قريب منه. بحار الانوار: 27 / 232 - 233 حديث 42


 

[7]

الطعن الرابع عشر: أنه أبدع في الدين بدعا كثيرة: منها: صلاة التراويح، فإنه كانت بدعة (1)، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أيها الناس ! إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من الناقلة جماعة بدعة (2)، وصلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان في النافلة، ولا تصلوا صلاة الضحى، فإن قليلا في سنة خير من كثير في بدعة، ألا وإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار (3). وقد روي أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأى المصابيح في المسجد، فقال: ما هذا ؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع، فقال: بدعة ونعمت البدعة (4). وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن

 

(1) نص الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم على أن أول من سن التراويح عمر بن الخطاب، كما في محاضرات الاوائل: 149 - طبع سنة 1311 - و: 98 - طبع سنة - 1300. وشرح المواهب للرزقاني 7 / 149. (2) وكذا صرح الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم بأن إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر. انظر: طرح التثريب 3 / 92. (3) جاءت في الشافي 4 / 219، وشرح ابن أبي الحديد 12 / 283. وذيلها مستفيضة عند العامة وضرورية من ضروريات المذهب عند الخاصة. انظر: سنن أبي داود 2 / 261، ومقدمة سنن ابن ماجة: 46، وغيرهما. (4) ذيل الحديث أخرجه البخاري في صحيحه 4 / 218 في صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان، ومالك في الموطأ 1 / 114 في الصلاة في رمضان باب ما جاء في قيام رمضان. وأورده ابن الاثير في جامع الاصول 6 / 122 حديث 4222، والقسطلاني في إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري 5 / 4، وقال: سماها بدعة لان رسول الله (ص) لم يسن لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصديق، ولا أول الليل، ولا هذا العدد !.

 

[8]

ينصب له (1) إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة، فتركوه واجتمعوا لانفسهم وقدموا بعضهم، فبعث إليهم الحسن عليه السلام، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة، فلما رأوه تبادروا الابواب وصاحوا: وا عمراه ؟ !. هذه الروايات أوردها السيد رحمه الله في الشافي (2). وحاصل الاستدلال أن التراويح كانت بدعة جماعتها، بل أصلها، و (3) وضعها وأمر بها عمر وكل بدعة حرام، أما الاولى فلاعترافه بكونه بدعة كما مر. وروى عنه صاحب النهاية (4) وغيره (5) من علمائهم. وروى البخاري (6) ومسلم (7) في صحيحهما، وصاحب جامع الاصول (8)، عن أبي سلمة أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] في رمضان ؟. فقالت (9): ما كان (10) يزيد في رمضان ولافي غيرها على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل (11) عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا (12)، فقلت: يا رسول الله ! أتنام قبل أن

 

(1) كذا. والظاهر: لهم. (2) الشافي 4 / 219، وتلخيص الشافي 4 / 5، وغيرهما. (3) لا توجد الواوفي (ك)، وذكرت بعد أسطر من دون تعليم عليها: وهي بحاجة إلى الواو. (4) النهاية 1 / 106 - 107. (5) كالباجي والسيوطي والسكتواري والقسطلاني وصاحب محاضرات الاوائل وغيرهم كثير قد سلف منا في اول هذا الطعن، فليراجع. (6) صحيح البخاري 3 / 16 كتاب التهجد باب كيفية صلاة النبي (ص). (7) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي (ص)، وقد أوردها والرواية الاتية برقم 736 و 738 [1 / 509]. (8) جامع الاصول 6 / 93 ضمن حديث 4198. (9) في المصادر: قالت. (10) في (س): كانت، وفي صحيح مسلم: قالت: ما كان رسول الله (ص). (11) في الجامع: لا تسأل - بدون فاء -. (12) هنا زيادة: قالت عائشة، جاءت في المصادر.

 

[9]

توتر ؟. قال: يا عائشة ! إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. وروي مسلم (1) وصاحب الجامع (2) - أيضا -، عن أبي سلمة، قال: أتيت عائشة، فقلت: أي أمة ! أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] ؟. فقالت: كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشر ركعة بالليل، منها ركعتا ورويا (3) رويات أخر قريبة من ذلك. وروى في جامع الاصول (4)، عن زيد بن ثابت، قال: احتجر النبي صلى الله عليه [وآله] حجيرة بخصفة أو حصير، قلا عفان: في المسجد، وقال عبد الاعلى: في رمضان، فخرج رسول الله صلى الله عليه [وآله] يصلي فيها، قال: فتبع (5) إليه رجال وجاؤا يصلون بصلاته، قال: ثم جاؤا إليه (6) فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه [وآله] عنهم فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب (7) فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] مغضبا، فقال لهم: ما زال بكم صنيعكم حتى طننت أنه ستكتب (8) عليكم، فعليكم بالصلاة في

 

(1) صحيح مسلم 1 / 510 بنصه، وقد تقدم. (2) جامع الاصول 6 / 94 ضمن حديث 4198. (3) صحيح مسلم - كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل 1 / 508 - 512، وجامع الاصول: 6، في صلاة الليل - الفرع الثالث: في صفتها: 77 - 108. (4) جامع الاصول 6 / 188 - 119 حديث 4218. (5) في المصدر: فتتبع. (6) في جامع الاصول نسخة: ليلة، بدلا من: إليه ز وهو الظاهر. (7) قال في الصحاح 1 / 12: الحصباء: الحصى.. وحصبت المسجد تحصيبا: إذا فرشته بها. أقول: أنه قد ضمن في هذه اللفظة معنى الجلوس، أي حصبوا وجلسوا في الباب، ويحتمل أن يكون المعنى: إنهم رموا الباب بالحصى ليخرج إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نحو الاعلان، وهذا - وإن كان لا يليق بالمسلم العارف بحق النبي صلى الله عليه وآله بل بمن تأدب بآداب الاسلام - إلا أن أكثرهم كانوا لا يفقهون وينادونه (ص) من وراء الحجرات ز (8) في المصدر: سيكتب.

 

[10]

بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة. أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) وأخرج أبو داود (3) ولم يذكر: في رمضان. وفي رواية النسائي (4): ان رسول صلى الله عليه [وآله] اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] فيها ليالي فاجتمع (5) إليه ناس ثم فقد (6) صوته ليلة فأنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج فلم يخرج، فلما خرج للصبح قال: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (7). وعن أنس (8)، قال: كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] يصلي (9) في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل فقام أيضا حتى كنا رهطا، فلما أحس النبي صلى الله عليه [وآله] أنا خلفه جعل يتجوز (10) في الصلاة، ثم دخل رحله

 

(1) صحيح البخاري 10 / 430 كتاب الادب باب ما يجوز من الغضب، وجاء أيضا في كتاب الجماعة باب إذا كان بين الامام وبين القوم حائط أو سترة، وفي كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال. (2) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين باب استحباب صلاة النافلة في بيته حديث 781. (3) سنن أبي داود كتاب الصلاة باب فضل التطوع في البيت حديث 1447. (4) سنن النسائي 3 / 198 كتاب قيام الليل باب الحث على الصلاة في البيوت. ولا زال الكلام لابن الاثير في جامع الاصول. (5) في (ك) نسخة بدل: واجتمع. وفي الشافي نسخة: حتى اجتمع إليه الناس. (6) في جامع الاصول: فقدوا. (7) كما جاء في جامع الاصول 6 / 119 ذيل حديث 4218: وقد سلف قريبا. (8) في المصدر: يقدم. وهو الظاهر. (10) جاء في حاشية (ك): تجوز في صلاته: خفف. ذكره الفيروز آبادي. [منه (رحمه الله)]. انظر: القاموس 2 / 170.

 

[11]

فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قلا: قلنا له حين خرج (1): أفطنت بنا (2) الليلة ؟. قال: نعم، ذاك الذي حملني على ما صنعت. وقد ذكر (3) أخبارا كثيرة نحوا مما ذكرنا تركناها لقلة الجدوى في تكرارها. فظهر من بعض (4) أخبارهم أنه صلى الله عليه وآله ما كان يزيد في شهر رمضان شيئا من النوافل، ومن بعضها أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض بإيقاع النافلة جماعة، فإبداع هذا العدد المخصوص في الشريعة (5) وجلعها سنة أكيدة بدعة لم يأمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يأت بها، فظهر أن قول بعضهم - أن النبي صلى الله عليه وآله أتى بها ثم تركها من غير نسخ - لامستند له، ولو كانت سنة مرغوبا فيها ومندوبا إليها، فلم كان يتركه رسول الله صلى الله عليه وآله ويخرج إليهم مغضبا، ويقول: عليكم بالصلاة في بيوتكم ؟ ! ولا كان يترك صلاته ويهرب منهم، ولا خلاف في أن الجماعة - في كل صلاة تجوز فيها - عبادة، ولها فضل عظيم، فلو جازت في هذه الصلاة وفي غيرها من النوافل لما أغضبه الاجتماع، ولاكان يأمر بالصلاة في بيوتهم في غير المكتوبة. وأما التعليل الوارد في رواياتهم المروية عن الكذابين المشهورين فلا يخفى على عاقل أنه من مفترياتهم، وليس في أخبار أهل البيت عليهم السلام شئ من ذلك، فإن المواظبة على الخير والاجتماع على الفعل المندوب إليه ولا يصير سببا لان يفرض على الناس، وليس الرب تعالى غافلا عن وجوه المصالح حتى يتفطن بذلك

 

(1) في المصدر: فقلنا له حين أصبحنا. (2) في جامع الاصول: لنا، بدلا من: بنا. (3) ابن الاثير في جامع الاصول 6 / 114 - 125 من حديث 4215 - 4226، في قيام شهر رمضان، وهو التراويح. (4) لا توجد: بعض، في (س). (5) قال القسطلاني في شرح البخاري 5 / 4 عند قول عمر لصلاة التطوع جماعة: بدعة ونعمت البدعة -: لان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها ولا كانت في زمن الصديق، ولا أول الليل، ولاهذا العدد.

 

[12]

الاجتماع، ويظهر له الجهة المحسنة لايجاب الفعل، وكيف أمرهم صلى الله عليه وآله مع ذلك الخوف بأن يصلوها في بيوتهم ؟ ولم لم يأمرهم بترك الرواتب خشية الافتراض (1). ثم المناسب لهذا التعليل أن يقول: خشيت أن يفرض عليكم الجماعة فيها، لاأن يفرض عليكم صلاة الليل، كما في بعض رواياتهم. وقد ذهبوا إلى أن الجماعة مستحبة في بعض النوافل كصلاة العيد والكسوف والاستسقاء والجنازة، ولم يصر (2) الاجتماع فيها سببا للافتراض، ولم ينه عن الجماعة فيها لذلك، فلو صحت الرواية لكانت محمولة على أن المراد النهي عن تكلف ما لم يأمر الله به، والتحذير من أن يوجب عليهم صلاة الليل لارتكاب البدعة في الدين، ففيه دلالة واضحة على قبح فعلهم وأنه مظنة العقاب، وإذا كان كذلك فلا يجوز ارتكابه بعد ارتفاع الوحي أيضا. وأما أن عمر ابتدعها، فلا خلاف فيه (3). وأما أن كل بدعة ضلالة، فقد استفيض (4) في أخبار الخاصة (5) والعامة.

 

(1) في (ك): الاقراض. (2) في (ك): لم يضر - بالضاد المعجمة -. (3) وقد صرح كل المخالفين: أنها من مبدعات عمر. انظر: تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي: 54، تاريخ ابن سمنة حوادث سنة 23 ه‍، تاريخ الخلفاء للسيوطي. وعدها من أوليات عمر في: طبقات ابن سعد 3 / 281، قال: وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين، قارئا يصلي بالرجال وقارئا يصلي بالنساء، وتاريخ الطبري 5 / 22، والكامل لابن الاثير 2 / 41. وقد تقدم في أول البحث عن محاضرات الاوائل، وإرشاد الساري وغيرهما. (4) كدا، والظاهر: استفاض. (5) فصلها شيخنا المصنف - رحمه الله - في بحار الانوار 2 / 261 و 263 و 266، 301، 309، 32 / 222 و 257، و 47 / 217، و 74 / 203، 77 / 122، و 78 / 217، وغيرها.

 

[13]

فروى مسلم (1) في صحيحه، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] يقول في خطبته: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (2). وروى البخاري (3) ومسلم (4)، عنه صلى الله عليه [وآله] أنه قال: من رغب عن سنتي فليس مني (5). ورويا (6) أيضا عنه صلى الله عليه [وآله]، أنه قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه، فوالله إني لاعلمهم (7) بالله وأشدهم له خشية (8). ورويا (9) - أيضا - له، عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من عمل عملا

 

(1) صحيح مسلم 12 / 37، وانظر: شرحه للنووي 4 / 266. (2) وقريب منه في صحيح البخاري كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، ونقله عنه ابن الاثير في جامع الاصول 1 / 298 حديث 74. (3) صحيح البخاري - كتاب النكاح 6 / 112 الحديث الاول [7 / 2 - دار الشعب]، وانظره في شرح القسطلاني إرشاد الساري 4 / 8، وشرح العسقلاني فتح الباري 9 / 90، وشرح العيني عمدة القاري 9 / 354. (4) صحيح مسلم 5 / 13، وشرحه النووي 5 / 94. (5) وذكره النسائي في سننه والدارمي كذلك في كتاب النكاح، وأورده احمد بن حنبل في مسنده 2 / 158، 3 / 241، 259 و 258 و 285، 5 / 409. (6) صحيح البخاري 8 / 136 [دار الشعب 9 / 120] كتاب الاعتصام، وجاء أيضا في 7 / 91 كتاب الادب. وانظر إرشاد الساري 10 / 378 و 9 / 77، وفتح الباري 13 / 235 و 10 / 427، وعمدة القاري 11 / 136 و 10 / 91، وصحيح مسلم 2 / 221 كتاب الفضائل، وشرحه للنووي 9 / 269 باختلاف يسير. (7) في صحيح البخاري: أعلمهم - بدون لام -. (8) أقول: جاء عن عائشة - كما أورده البخاري في كتاب البيوع أيضا باب النجش - معلقا، ووصله في كتاب الصلح 4 / 289 و 5 / 221، وصحيح مسلم كتاب الاقضية، باب نقص الاحكام الباطلة حديث 1718، وغيرهما. (9) صحيح البخاري 8 / 147 باب ما ذكر النبي (ص)..، وأورده القسطلاني في إرشاده 10 / 411، والعسقلاني في فتحه 13 / 276، والعيني في عمدته 11 / 498. وفي صحيح مسلم 2 / 42 كتاب الاقضية، وأورد شرحه النووي في شرح صحيح مسلم =

 

[14]

ليس عليه أمرنا فهورد (1) وحكى في جامع جامع الاصول (2)، عن الترمذي (3) وأبي داود (4)، عن العرباض ابن سارية: إياكم ومحدثات الامور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (5). وقال في فتح الباري - شرح البخاري - (6): قد أخرج احمد بسند جيد، عن عصيف بن الحارث، قال..: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع من السنة مثلها. وأخبارنا في ذلك متواترة (7)، وما زعمه بعض فقهاء العامة (8) من انقسام البدعة بالاقسام الخمسة لاوجه له (9)، بل يظهر من عموم النصوص أن كل ما أحدث في الدين مما لم يرد في الشريعة خصوصا أو عموما فهو بدعة محرمة، فكل ما فعل على وجه العبادة ولم يكن مستفادا من دليل شرعي عام أو خاص فهو بدعة وتشريع، سواء كان فعلا مستقلا أو وصفا لعبادة متلقاة من الشارع، كفعل

 

= 7 / 335. (1) وجاء - أيضا - في سنن أبي داود كتاب السنة باب لزوم السنة 2 / 506، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة تعظيم حديث رسول الله (ص) برقم 14، وحكاه ابن الاثير في جامع الاصول 1 / 289 - 290 حديث 75. (2) جامع الاصول 1 / 279 ذيل حديث 67. (3) سنن الترمذي كتاب العلم باب 16 حديث 2678. (4) سنن أبي داود كتاب السنة باب لزوم السنة حديث 4607. (5) وأخرجه أحمد بن حنبل في المسند 4 / 126 - 127، وابن ماجة في المقدمة برقم 42 باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، وانظر: جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب الحنبلي (6) فتح الباري 13 / 214. (7) بحار الانوار 2 / 261 - 268 روايات الباب 22. وانظر: ابحار 32 / 221، 257، وغيرهما. (8) كما ذكره القرافي في كتابه الفروق 4 / 202 - 205، والغزالي في إحياء العلوم 1 / 126. (9) قال الشهيد الاول في القواعد والفوائد 1 / 144 - 146، القاعدة [205] مانصه: محدثات الامور بعد عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنقسم أقساما لا يطلق اسم البدعة عندنا إلا على ما هو محرم منها.. ثم قسم محدثات الامور إلى الاحكام الخمسة وذكر لكل منها شاهدا.

 

[15]

الواجب على وجه الندب وبالعكس، وإيجاب وصف خاص في عبادة مخصوصة، فلو أوجب أحد إيقاع الطواف مثلا جماعة، أو زعمه مستحبا، أو استحب عددا مخصوصا في الصلاة. وبالجملة، كل فعل أو وصف في فعل أتى به المكلف على غير الوجه الذي وردت به الشريعة، وتضمن تغيير حكم شرعي - وإن كان بالقصد والنية - فلا ريب في أنه بدعة وضلالة. وأما مادل عليه دليل شرعي سواء كان قولا أو فعلا عاما أو خاصا فهو من السنة. وقد ظهر من رواياتهم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يصل عشرين ركعة يسمونها: التراويح، وإنما كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، ولم يدل شئ من رواياتهم التي ظفرنا بها على استحباب هذا العدد المخصوص فضلا عن الجماعة فيها، والصلاة - وإن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها وكثيرها - إلا أن القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص على وجه الخصوص بدعة وضلالة، ولاريب في أن المتبعون لسنة عمر يزعمونها على هذا الوجه سنة وكيدة، بل عزيمة، ويجعلونها من شعائر دينهم. ولو سلمنا انقسام البدعة بالاقسام الخمسة وتخصيص كونها ضلالة بالبدعة المحرمة، فلا ريب أن هذا مما عدوه من البدع المحرمة لما عرفت، والاقسام الاخرى من البدع التي عدوها ليست من هذا القبيل، بل هي مما ورد في الشريعة عموما أو خصوصا فلا ينفعهم التقسيم، والله الهادي إلى الصراط المستقيم. ومنها: أنه وضع الخراج على أرض السواد ولم يعط أرباب الخميس منها خمسهم، وجعلها موقوفة على كافة المسلمين (1)، وقد اعترف بجميع ذلك

 

(1) خمس أرض السواد المفتوحة عنوة للاصناف الستة التي استعرضتها آية الخمس من سورة الانفال، والاربعة - أخماس الاخرى - تكون للمسلمين قاطبة الفاتحين وغيرهم.

 

[16]

المخالفون، وقد صرح بها ابن أبي الحديد (1) وغيره، وكل ذلك مخالف للكتاب والسنة وبدعة في الدين. قال العلامة رحمه الله في كتاب منتهى المطلب (2): أرض السواد هي الارض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب، وهي سواد العراق، وحده في العرض من منقطع الجبال بحلوان (3) إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب، ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة، فأما الغربي الذي يليه البصرة فأسلامي (4) مثل شط عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها (5) ابن أبي العاص وسميت هذه الارض: سوادا، لان الجيش لما خرجوا من البادية رأوا هذه الارض والتفاف شجرها فسموها: السواد لذلك (6)، وهذه الارض فتحت عنوة، فتحها عمر بن الخطاب ثم بعث إليها بعد فتحه ثلاث أنفس: عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الارض، وفرض لهم في كل يوم شاة شطرها (7) مع السواقط لعمار، وشطرها للاخرين (8)،

 

(1) في شرحه على النهج 12 / 287. وقال فيه: فأما حديث الخراج فقد ذكره أرباب علم الخراج والكتاب وذكره الفقهاء أيضا في كتبهم. وانظر: سنن النسائي - كتاب الفئ - والجصاص في كتابه أحكام القرآن وغيرهم تجد نصوص كثيرة، ونص عليه السيوطي في الدر المنثور 3 / 158 والقوشجي في شرح التجريد: 108 وعده من مستحدثات عمر. (") منتهى المطلب 2 / 937 - 938 - حجرية -. (3) في المصدر: متى ينقطع الحال علوان. ولعله سهو في هذه النسخة. (4) في منتهى المطلب: قائما هو اسلامي، بدلا من: فإسلامي. (5) في المصدر زيادة: عثمان. (6) في منتهى المطلب: كذلك. (7) في المصدر: شاط تنظرها. (8) في (س): للاخر. وفي المصدر: وشطوها للاخرين. وجاءت فيه زيادة بعدها وهي: وقال: ما أرى قرنها يوجد منها كل يوم شاة لاسريع في خربها. وفيه أيضا: وفتح، بدلا من: ومسح.

 

[17]

ومسح عثمان بن حنيف أرض الخراج، واختلفوا في مبلغها (1)، فقال الساجي (2): اثنان وثلاثون ألف ألف جريب، وقال أبو عبيدة: ستة وثلاثون ألف ألف جريب، ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم، وعلى الكرم ثمانية دراهم (3)، وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم، وعلى الحنطة أربعة دراهم، وعلى الشعير درهمين، ثم كتب (4) بذلك الا عمر فأمضاه (5). وروي أن ارتفاعهما كان في عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم، فلما كان زمن الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم (6)، فلما ولي عمر بن عبد العزيز رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أول سنة، وفي الثانية بلغ ستين ألف ألف درهم، فقال: لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى (7) ما كان في أيام عمر، فمات في (8) تلك السنة، فلما أفضي الامر إلى أمير المؤمنين (ع) أمضى ذلك، لانه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه. قال الشيخ - رحمة الله -: والذي يقتضيه المذهب أن هذه الاراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لارباب الخمس وأربعة الاخماس الباقية تكون للمسليمن قاطلبة، الغانمون وغيرهم سواء في ذلك، ويكون للامام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعهما (9) ويصرفه في مصالح المسلمين وما

 

(1) في المصدر: في مثلها. (2) في منتهى المطلب: الساحي. (3) لا توجد في المصدر: وعلى الكرم ثمانية دراهم. (4) في منتهى المطلب: تجب. ولا معنى لها. (5) وانظر: معجم البلدان 3 / 272 - 275، ومراصد الاطلاع 2 / 750 - 751. (6) لا توجد: درهم، في المصدر. (7) في المصدر لا توجد: إلى. (8) لا توجد في المصدر: في. (9) في المصدر: ارباعها.

 

[18]

ينوبهم من (1) سد الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر (2) وغير ذلك من المصالح، وليس للغانمين في هذه الارضين على وجه التخصيص شئ، بل هم والمسلمون فيه سواء، ولا يصح بيع شئ من (3) هذه الارضين ولاهبته ولا معاوضته ولا تملكه ولاوقفه ولا رهنه ولا أجارته ولا إرثه، ولا يصح أن يبنى دورا ومنازل ومساجد وسقايات ولاغير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع (4) الملك، ومتى فعل شئ من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق على الاصل. ثم قال رحمه الله: وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقه عزت (5) بغير أمر الامام فغنمت تكون الغنيمة للامام خاصة، تكون هذه الارضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلى الله عليه وآله إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين عليه السلام إن صح شئ من ذلك (6) للامام خاصة، وتكون من جمله الانفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره. انتهى كلامه رفع الله مقامه. أقول: فالبدعة فيه من وجوه: أحدها: منع أرباب الخمس حقهم، وهو مخالف لصريح آية الخمس وللسنة أيضا، حيث ذكر ابن أبي الحديد (7) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم خيبر وصيرها غنيمة وأخرج خمسها لاهل الخمس (8).

 

(1) في (ك) نسخة: في، بدل: من. (2) في المصدر: القناطير. (3) جاءت في (س): في، بدل: من. (4) في المصدر: يمنع. (5) في المصدر: عرب. ولا معنى لها. (6) زيادة: يكون، جاءت في المصدر. (7) ذكره في شرحه على النهج 12 / 287. وأورده المصنف - رحمه الله - نقلا بالمعنى. (8) وأخرج أبو داود في صحيحه في بيان مواضع قسم الخمس بسنده عن يزيد بن هرمز: أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى، ويقول: لمن تراه ؟ قال ابن عباس: لقربي رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه =

 

[19]

وكان الباعث على ذلك إضعاف جانب بني هاشم، والحذر من أن يميل الناس إليهم لنيل الحطام فينتقل إليهم الخلافة فينهدم ما أسسوه يوم السقيفة وشيدوه بكتابة الصحيفة. وثانيها: منع الغانمين حقوهم (1) من أرض الخراج وجعلها موقوفة على مصالح المسلمين، وهذا إلزامي (2) عليهم لما اعترفوا به من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم الارض المفتوحة عنوة بين الغانمين (3)، وبه أفتى الشافعي (4) وأنس بن مالك (5) والزبير وبلال كما ذكره المخالفون (6).

 

= وأبينا أن نقبله. وجاء في مسند احمد بن حنبل 1 / 320، وسنن البيهقي 6 / 344 و 345 بطريقين باختلاف في اللفظ، وأورده البيهقي في سننه المجلد السادس باب سهم ذي القربى بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيت عليا عليه السلام عند أحجار الزيت، فقلت له، بأبي وأمي ! ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس.. إلى أن قال: إن عمر قال: لكم حق ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله، فإن شئتم أعطيتكم منه بقدرها ما أرى لكم، فأبينا عليه إلا كله، فأبى أن يعطينا كله. ورواه الشافعي في المسند في كتاب قسم الفئ: 187، وقريب منه ما ذكره في كنز العمال 2 / 305، وقد حكاها في السبعة من السلف 108 - 109. (1) نسخة بدل في (ك): حقهم. (2) الكلمة مشوشة في (س). (3) انظر: سنن أبي داود كتاب الخراج والامارة، باب ما جاء في حكم أرض خيبر حديث 3010، وجامع الاصول 2 / 671 - 678، وفيه جملة روايات، وفصل المسألة في بداية المجتهد 1 / 401، فراجع. (4) كما جاء في كتاب الام 4 / 181. (5) وذهب في بداية المجتهد 1 / 401 إلى أن قول مالك هو عدم القسمة، ولاحظ ما ذكره في الكافي: 219، والمغني وشرحه الكبير 2 / 577، وغيرها. (6) وقد تعرض في المغني وشرحه 2 / 578 إلى قول بلال والزبير، واعتراض الاول على الخليفة الثاني في عدم قسمة أراضي الشام، وإنكار الثاني عليه لعدم قسمته لاراضي مصر، وجاء في المغني - أيضا قبل ذلك - 2 / 577 إلى أن النبي (ص) قسم نصف خيبر، ووقف نصفها لنوابئه. أقول: قال ابن حزم في المحلي 7 / 344: روينا من طريق أحمد... قال أبو هريرة: قال رسول الله (ص): أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصمت الله ورسوله =

 

[20]

وما ذكروه من أنه عوض الغانمين ووقفها فهو (1) دعوى بلا ثبت، بل يظهر من كلام الاكثر خلافه، كما يستفاد من كلام ابن أبي الحديد (2) وغيره. وثالثها: أن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وفي (3) الاراضي المفتوحة عنوة كانت أخذ حصته عليه السلام من غلتها دون الدراهم المعينة، وسيأتي (4) بعض القول في ذلك في باب العلة التي لم يغير عليه السلام بعض البدع في زمانه. ومنها: أنه زاد الجزية عما قررها رسول الله صلى الله عليه وآله (5)، وهو حرام على مذهب فقهائهم الاربعة إلا احمد في رواية (6). ومنها تغريب نصر بن الحجاج وأبي ذويب من غير ذنب من المدينة، فقد روى ان أبي الحديد في شرح النهج (7)، عن محمد بن سعيد، قال: بينا عمر يطوف في بعض سكك المدينة أذا سمع امرأة تهتف من خدرها:

 

= فإن خمسها لله ورسوله، ثم هي لكم. قال: وهذا نص جلي لا محيص عنه، وقد صح أن النبي (ص) قسم أرض بي قريظة وخيبر، ثم العجب كله أن مالكا قلد هاهنا عمر ثم فيما ذكرتم وقف ولم يخبر كيف يعمل في خراجها ؟ !. (1) في (س): هو. (2) لم نجد في شرحه على النهج بل نص فيه 12 / 289 على: أن التعويض ذكر في الفقه في كتاب الحاوي، وفي شرح المزني للطبري. ولعل الاستفادة من كتابه الاخر، أو كان ذلك في النسخة التي كانت عند المصنف، أو اشتبه كلام المنقول بكلام المختار. (3) في (س): هي، بدلا من: في. (4) بحار الانوار 8 / 704 - 706 [طبعة كمباني، ولازال هذا لم يطبع بعد]. (5) كما اورده ابن الاثير في جامع الاصول 2 / 696 كتاب الفئ وسهم رسول الله (ص) عن جملة مصادر. (6) جاء في كتاب المغني 1 / 566 قول الشافعي وأبي حنيفة، وذكر رواية عن احمد قوله: أنها مقدرة بمقدار لا يزيد عليها ولا ينقص منه.. إلى آخره. نعم جاء في الكتاب 1 / 567 رواية أخرى عن احمد بن حنبل أنه قال: أقلها مقدر بدينار وأكثرها غير مقدر، لان عمر زاد.. إلى آخره. (7) شرح نهج البلاغة 12 / 28 - 30 بتصرف.

 

[21]

هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم له سبيل إلى نصر بن حجاج إلى فتى ماجد الاعراق مقتبل * سهل المحيا كريم غير ملجاج تمنيه أعراق (1) صدق حين تنسبه * أخي (2) قداح عن المكروب فياج (3) سامي النواظر من بهر له (4) قدم * يضئ صورته في الحالك الداجي فقال (5): ألا لا أرى (6) معي رجلا تهتف به العواتق في خدروهن ! علي بنصر بن حجاج، فأتي به، وإذا هو أحسن الناس وجها وعينا وشعرا، فأمر بشعره فجز، فخرجت له وجنتان كأنهما قمر، فأمره أن يعتم فأعتم، ففتن النساء (7) بعينيه، فقال عمر: لا والله لا تساكنني بأرض أنا بها. فقال: ولم يا أمير المؤمنين ؟ !. قال: هو ما أقول لك، فسيره إلى البصرة. وخافت المرأة (8) التي تسمع (9) عمر منها ما سمع أن يبدر إليها منه شئ،

 

(1) جاء في حاشية (ك) ما يلي: الاعراق: جمع العرق - بالكسر - وهو الاصل. ورجل مقتبل الشباب - بالفتح - لم يظهر فيه اثر كبر. المحيا: الوجه. والملجاج - بالكسر -: مفعال من اللجاجة يعني الخصومة. والبهر: الاضاءة والغلبة. والحالك: الشديد السواد. الداجي: المظلم. [منه (قدس سره)]. انظر: لسان العرب 10 / 241 - 249، و 11 / 545 و 2 / 354، ومجمع البحرين 5 / 213 و 263، و 3 / 231، و 1 / 134، والصحاح 5 / 1797، و 6 / 2325، و 2 / 598 - 599، و 4 / 1581، تاج العروس 10 / 107، و 2 / 92. (2) في مطبوع البحار: أخو قداح. (3) في المصدر: فراج، وهي في مطبوع البحار نسخة بدل وجعل بعدها في (ك) رمز استظهار (ظ). قال في تاج العروس 2 / 89: ناقة فياجة: تفيج برجليها. (4) في شرح النهج: من بهزله. (5) زيادة: عمر، في المصدر بعد: قال - بلا فاء -. (6) في المصدر: لا أدري. وفي (س): أرى - من دون لا -. (7) توجد نسخة في (ك): الناس، بدلا من: النساء. (8) ذكروا أن المرأة المتمنية هي الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي. كما جاء في حاشية المصدر. (9) في شرح النهج: سمع.

 

[22]

فدست إليه أبياتا: قل للامير الذي يخشى بوادره * مالي وللخمر أو نصر بن حجاج إني بليت أبا حفص بغيرهما * شرب الحليب وطرف فاتر ساجي لا تجعل الظن حقا أو تبينه * إن السبيل سبيل الخائف الراجي ما منية قلتها عرضا بضائرة * والناس من هالك قدما ومن ناجي إن الهوى رمية التقوى فقيده * حفظي أقر بألجام وأسراجي (1) فبكى عمر، وقال: الحمد لله الذي قيد الهوى بالتقوى. وكان لنصر أم فأتى عليه حين واشتد عليها غيبة ابنها، فتعرضت لعمر بين الاذان والاقامة، فقعدت له على الطريق، فلما خرج يريد الصلاة هتفت به وقالت: يا أمير المؤمنين ! لاجاثينك (2) غدا بين يدي الله عزوجل، ولا خاصمنك إليه، أجلست عاصما (3) وعبد الله إلى جانبيك وبيني وبين ابني الفيافي (4) والقفار المفاوز والاميال (5) ؟ !. قال: من هذه ؟. قيل: أم نصر بن الحجاج. فقال لها: يا أم نصر ! إن عاصما وعبد الله لم يهتف بهما العواتق من وراء الخدور. قال (6): وروى عبد الله بن يزيد (7)، قال: بينا عمر يعس ذات ليلة إذ (8) انتهى إلى باب مجاف وامرأة تغني بشعر:

 

(1) جاء البيت في المصدر هكذا: إن الهوى رعية التقوى تقيده * حتى أقر بألجام وأسراج (2) قال في القاموس 4 / 311: جثا - كدعا ورمى - جثوا وجثيا - بضمهما -: جلس على ركبتيه أو قام على اطراف اصابعه، واجثاه غيره. ومثله في مجمع البحرين 1 / 81. (3) في شرح النهج: يبيت عاصم. (4) الفيافي: الصحاري التي لاماء فيها، كما في القاموس 3 / 182، ومثله في الصحاح 4 / 1413. (5) في المصدر: الجبال، بدلا من: الاميال. (6) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 12 / 27 بتصرف يسير. (7) في المصدر: عبد الله بن بريدة. (8) لا توجد: إذ، في شرح النهج.

 

[23]

هل من سبيل إلى خمر فأشربها * أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج.. وذكر نحو ما مر. ثم (1) روى عن الاصمعي.. أن نصر بن الحجاج كتب إلى عمر كتابا هذه صورته: لعبدالله عمر أمير المؤمنين من نصر بن حجاج: سلام عليك، أما بعد، يا أمير المؤمنين ! لعمري لئن سيرتني أو (2) حرمتني * لما نلت من عرضي عليك حرام أئن (3) غنت الذلفاء (4) يوما بمنية * وبعض أماني النساء غرام ظننت بي الظن الذي ليس بعده * بقاء فما لي في الندي كلام (5) وأصبحت منفيا (6) على غير ريبة (7) * وقد كان لي بالمكتين مقام سيمنعني عما (8) تظن تكرمي * وآباء صدق صالحون (9) كرام

 

(1) في شرح النهج 12 / 27 - 28 بتصرف يسير. (2) في (س): و. (3) في مطبوع البحار: إن. (4) الذلف: قصر الانف وصغره فهو اذلف وامرأة ذلفاء. وفي القاموس 3 / 142:.. محركة صغر الانف واستواء الارنبة، وقريب منه في الصحاح 4 / 1362، وغيره. وفي مطبوع البحار: الدلفاء - بالدال المهملة - ولا مناسبة هنا لها. (5) جاء في حاشية (ك) ما يلي: قال الفيروز آبادي: أجفت الباب: رددته. وقال: الغرام: الولوع والشر الدائم والهلاك والعذاب. وقال: الندي - كغني - مجلس القوم. والجب: القطع. [منه (قدس سره)]. نص عليها في القاموس 3 / 125، 4 / 156 و 349، و 1 / 43. وانظر: لسان العرب 9 / 35 و 12 / 436، و 10 / 363 و 1 / 171، مجمع البحرين 1 / 412، و 2 / 21، وتاج العروس 9 / 3، و 10 / 363، و 1 / 171. (6) في (س): منيغا. (7) في مطبوع البحار: ريبته. والظاهر ما أثبتناه. (8) في المصدر: مما. (9) في شرح النهج: سالفون.

 

[24]

ويمنعها مما تمنت صلاتها * وحال لها في دينها وصيام (1) فهاتان حالانا فهل (2) أنت راجع * فقد جب (3) مني كاهل وسنام فقال عمر: أما ولي إمارة (4) فلا، واقطعه أرضا بالبصرة ودارا، فلما قتل عمر ركب راحلته ولحق بالمدينة. قال (5): وروى عبد الله بن يزيد (6): أن عمر خرج ليلة (7) يعس فإذا نسوة يتحدثن، وإذا هن يقلن: أي فتيان المدينة أصبح ؟. فقالت امرأة منهن: أبو ذؤيب والله، فلما أصبح عمر سأل عنه، فإذا هو من بني سليم، وإذا هو ابن عم نصر بن حجاج، فأتي (8) إليه، فحضر، فإذا هو أجمل الناس وأملحهم، فلما نظر إليه قال: أنت والله ذئبهن ! - ويكررها (9) ويرددها - لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أبدا. فقال: يا أمير المؤمنين ! إن كنت لابد مسيري فسيرني حيث سيرت ابن عمي نصر بن الحجاج (10)، فأمر بتسييره إلى بصرة، فأشخص إليها. انتهى ما حكاه ابن أبي الحديد. وقد روى قصة نصر بن حجاج جل أرباب السير (11)، وربما عد أحباء عمر

 

(1) كذا جاء هذا البيت في المصدر. وفي مطبوع البحار: وتمعني أم أتمت صلاتها * وحال لها في دينها وصيام (2) في مطبوع البحار: حالان هل. (3) قال في الصحاح 1 / 92: الجب: القطع.. وبعير اجب بين الجبب.. أي مقطوع السنام، ونحوه في النهاية 1 / 233، والقاموس 1 / 43، ومجمع البحرين 2 / 21. (4) في المصدر: ولاية. (5) شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 30 - 31. (6) في المصدور: عبد الله بن بريدة. (7) في شرح النهج: ليلا. (8) جاء في المصدر: فأرسل. (9) في شرح النهج: ذئبها يكررها. (10) بلا ألف ولام في المصدر. (11) انظر مثالا: طبقات ابن سعد 3 / 285، تاريخ الطبري 4 / 557، وغيرهما.

 

[25]

ذلك من حسن سياسته. ووجه البدعة فيه ظاهر، فإن إخراج نصر من المدينة وتغريبه ونفيه عن وطنه بمجرد أن امرإة غنت بما يدل على هواها فيه ورغبتها إليه مخالف لضرورة الدين، لقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (1)، ولاريب في (2) أن التغريب تعذيب عنيف وعقوبة عظيمة، ولم يجعل الله تعالى في دين من الاديان حسن الوجه ولا قبحه منشأ لاستحقاق العذاب لا في الدنيا ولا في الاخرة، وقد كان يمكنه دفع ما زعمه مفسدة من افتتان (3) النساء به بأمر أخف من التغريب وإن كان بدعة أيضا، وهو أن يأمره بالحجاب وستر وجهه عن النساء أو مطلقا حتى لا يفتنن به أحد. ثم ليت شعري ما الفائدة في تسيير نصر إلى البصرة، فهل كانت نساء البصرة أعف وأتقى من نساء المدينة، مع أنها (مهبط إبليس ومغرس الفتنة) (4) ؟ !. اللهم إلا أن يقال: لما كانت المدينة يومئذ مستقر سلطنة عمر كان القاطنون بها أقرب إلى الضلال ممن نشأ في مغرس الفتنة، وقد حمل أصحابنا على ما يناسب هذا المقام ما روي في فضائل عمر: مالقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك، وكأنه المصداق لما قيل: وكنت امرء من جند إبليس فارتقت * بي الحال حتى صار إبليس من جندي وهذه البدعة من فروع بدعة أخرى له عدوها (5) من فضائله، قالوا: هو أول من عس في عمله بنفسه، وهي مخالفة للنهي الصريح في قوله تعالى: (ولا

 

(1) قد جاءت في: الانعام: 164، والاسراء: 15، وفاطر: 18، والزمر: 7. (2) لا توجد: في، في (س). (3) في (ك): افتنان. (4) استشهاد بكلام أمير المؤمنين عليه السلام، انظر: نهج البلاغة 3 / 18 لمحمد عبدة، وصفحة: 375 في طبعة صبحي الصالح، في كتابه عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وفيه: الفتن، بدلا من الفتنه. (5) قد عدها ابن الجوزي من مناقب عمر، وتبعه شاعر النيل حافظ ابراهيم ونظمها قصيدته العمرية تحت عنوان: مثال رجوعه إلى الحق !.

 

[26]

تجسسوا...) (1). ومنها: بدعة الطلاق، روى في جامع الاصول (2)، عن طاووس، قال: إن أبا الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس، قال: أما علمت أن الرجل إذا (3) طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر ؟. قال ابن عباس: بل (4) كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر (5)، فلما أن (6) رأى الناس قد تتابعوا عليها (7) قال: أجيزوهن عليهم (8). وفي رواية مسلم (9): إن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك (10)، ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأبي بكر واحدة ؟. فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع (11) الناس في الطلاق

 

(1) الحجرات: 12. (2) جامع الاصول 7 / 597 - 598 حديث 5757. (3) في المصدر: كان إذا.. (4) في المصدر: بلى، وهو الظاهر. (5) من قوله: قال ابن عباس.. إلى قوله: إمارة عمر، لا توجد في (س). (6) لا توجد: ان، في المصدر. (7) في جامع الاصول: قد تتايعوا فيها. أقول: التتايع: التهافت في الشر واللجاج ولايكون الا في الشر. جاء في الصحاح 3 / 1192، وقال ابن الاثير في النهاية 1 / 202: التتايع: الوقوع في الشر من غير فكر ولا روية، مثله في القاموس 3 / 10، ومجمع البحرين 4 / 309. (8) وجاء في سنن أبي داود 1 / 344، سنن البيهقي 7 / 339، وتيسير الوصول 2 / 162، والدار المنثور 1 / 279، ورواه قبله الدار قطني في سننه: 444. (9) صحيح مسلم 1 / 574 كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث حديث 1472. (10) هنات: خصلات شر، كما في الصحاح 6 / 2537، كأنه أراد خصلات شر كانت عنده ولو لم تكن له ومنه. (11) في جامع الاصول: تتايع. أقول: إن هذا والتي مرت روايته ضبطها بعضهم: تتابع، كما في المتن.

 

[27]

فأجازه عليهم (1). وفي رواية (2) عنه: أن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم.. فأمضاه عليهم (3). وفي أخري (4): أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كان الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وثلاثا من إمارة عمر ؟. فقال ابن عباس: نعم (5). وأخرج أبو داود (6) أيضا، والنسائي (7) هذه الرواية الاخيرة. النتهى كلام جامع الاصول (8). ووجه البدعة في جعل الواحدة ثلاثا واضح، وسيأتي تفصيل أحكام تلك

 

(1) ورواه البيهقي في سننه 7 / 336، وأوردها الدار قطني في سننه، 433 أيضا. (2) صحيح مسلم 1 / 574. (3) وجاء في مسند احمد بن حنبل 1 / 314، وسنن البيهقي 7 / 336، ومستدرك الحاكم 2 / 196، وتفسير القرطبي 3 / 130، وإرشاد الساري 8 / 127، والدر المنثور 1 / 279، وغيرها. (4) صحيح مسلم 1 / 574. (5) وأورده الجصاص في أحكام القرآن 1 / 459، والبيهقي في سننه 7 / 336، والسيوطي في الدر المنثور 1 / 279، والطحاوي في شرح معاني الاثار 2 / 31، والدار قطني في سننه: 444 و 445 بطرق عديدة، والشافعي في مسنده في كتاب الطلاق: 112، والهندي في كنز العمال 5 / 162 و 163. (6) سنن أبي داود 1 / 344 كتاب الطلاق باب طلاق الثلاث المتفرقة قبل الدخول بالزوجة. (8) وانظر ما قاله النووي في شرح صحيح مسلم حول هذا الحديث، وما قاله المنذري في مختصر سنن أبي داود 3 / 124، وشيخنا الاميني - رحمه الله - بعد نقل الاخبار الواردة في هذا الموضوع ناقش مفصلا في الغدير 6 / 178 - 183.

 

[28]

المسألة في كتاب الطلاق (1) إن شاء الله تعالى (2). ومنها تحويل المقام عن موضعه، كما ورد في كثير من أخبارنا، وقال ابن أبي الحديد (3): قال المؤرخون: إن عمر أول من سن قيام شهر (4) رمضان في جماعة وكتب به إلى البلدان، وأول من ضرب (5) في الخمر ثمانين، وأحرق بيت رويشد الثقفي - وكان نباذا - وأول من عس في عمله بنفسه (6)، وأول من حمل الدرة وأدب بها -، وقيل بعده: كان درة عمر أهيب من سيف الحجاج (7) -.

 

بحار الانوار 104 / 136 - 160. (2) بمناسبة المقام نتعرض مجملا إلى جهل عمر بمسألة طلاق الامة، فقد نقل الكنجي في الكفاية: 129، عن الحافظين الدارقطني وابن عساكر: أن رجلين أتيا عمر بن الخطاب وسألاه عن طلاق الامة، فمشى حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجل أصلع، فقال: أيها الاصلع ! ما ترى في طلاق الامة ؟، فرفع رأسه ثم أومى إليه بالسبابة والوسطى، قال لهما عمر: تطليقتان. فقال أحدهما: سبحان الله ! جئناك وأنت أمير المؤمنين فمشيت معنا حتى وقفت على هذا الرجل فسألته فرضيت منه أن أومى اليك ؟. فقال لهما: تدريان من هذا ؟. قالا: لا. قال: هذا علي بن أبي طالب، أشهد على رسول الله (ص) لسمعته - وهو يقول -: أن السماوات السبع والارضين السبع لو وضعا في كفة ثم وضع ايمان علي في كفه لرجح ايمان علي بن أبي طالب. قال: هذا حسن ثابت. ورواه الخوارزمي في المناقب: 78 من طريق الزمخشري، ونقله العلامة الاميني في الغدير 2 / 299 عن الدار قطني والزمخشري، وعن السيد علي الهمداني في كتابه مودة القربى. (3) شرح ابن أبي الحديد 12 / 75 [3 / 113 - أربعة مجلدات]. (4) لا توجد: شهر، في المصدر. (5) في المصدر: وأقام الحد، بدلا من: وأول من ضرب. وجاء كونه أولا في هذا الاقدام في محاضرات الاوائل: 111 - طبع سنة 1300 [وفي طبعة اخرى: 169]، وأوليات العسكري، وتاريخ ابن كثير 7 / 132، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 93، وتاريخ القرماني - هامش الكامل 1 / 203، وقال الحلبي في سيرته 2 / 314: والثمانون طريقة عمر... لما رآه من كثرة شرب الناس للخمر ! ؟ (6) جاءت في المصدر بدل هذه الجملة: وأقام في عمله بنفسه. (7) هذه قولة مشهورة، ولها موارد كثيرة جدا، والمضحك أنهم يتبجحون بها ناسين أو متناسين أن سيف الحجاج ما قام إلا ظلما وإجحافا، ودرة عمر أكثر منه.. وهي كلمة حق، إذ لولا فتح باب المظالم والتعدي من الاوائل لما أمكن الحجاج وغيره أن يفعلوا ما فعلوا. ولنسرد لك جملة من الموارد لدرة الخليفة، وقد سبق بعضها وسنرجع لها في خشونته وجلفيته: =

 

[29]

 

 

= منها: أن أحد المجاهدين المسلمين قال: إنا لما فتحنا المداين أصبنا كتابا فيه علم من علوم الفرس وكلام معجب، فدعا عمر بالدرة فجعل يضربه بها.. إلى آخر القصة التي أوردها المتقي في كنز العمال 1 / 95، وابن الجوزي في سيرة عمر: 107، وابن أبي الحديد في شرحه للنهج 3 / 122، وغيرهم. ومنها: ما أورده ابن الجوزية في سيرة عمر: 174 عن أبي عمر والشيباني، قال: خبر عمر بن الخطاب برجل يصوم الدهر، فجعل يضربه بمخففته - أي درته - ويقول: كل ! يا دهر يا دهر. ومنها: أنه ضرب رجلين بالدرة لزيارتهما بيت المقدس، كما أورده في كنز العمال 7 / 157، مع ما هناك من نصوص متظافرة في أنه لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، ومنها بيت المقدس. ومنها ضربه لعماله على البلاد بالدرة، كما في قصة والي البحرين أبي هريرة التي أوردها ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 3 / 113، بل قد ضرب بالدرة بغير موجب جمع من الاصحاب والوجهاء كل ذلك تنفيسا لعقده، وبسطا لهيمنته وسلطانه، وإخافة لصحبته ومن حوله، فهاهو يضرب ولده عبد الله بلا موجب وسبب، كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي: 96، وضربه للجارود العامري - سيد ربيعة - كما في سيرة عمر لابن الجوزي: 178، وشرح النهج لابن أبي الحديد 3 / 112، وكنز العمال 2 / 167، وضربه لمعاوية عليهما اللعنة والهاوية، كما أورده ابن كثير في تاريخه 8 / 125، وابن حجر في الاصابة 3 / 434، وضربه بالجريدة للربيع بن زياد الحارثي، كما نص عليه في الطبقات 3 / 280، وانظر جملة من قصصه هناك في صفحة: 2308 مع أبي موسى الاشعري. ومنها: ضربه لجمع لاكلهم اللحم ! كما في سيرة عمر لابن الجوزي: 68، وكنز العمال 3 / 111، والفتوحات الاسلامية 2 / 424، ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 5 / 35. ومنها: ضربه لجمع من نسائه ونساء المهاجرين والانصار لبكائهم على أمواتهم، وقد فصلنا الحديث عنه، وهذه من بطولات الخليفة التي تحدثت بها الركبان ! !. ومنها: ضربه لجمع - كتميم الداري والسائب بن يزيد وغيرهما - لصلاتهما بعد العصر، كما سيأتي مصادرها. ومنها: سأل رجل عن قوله تعالى: (وفاكهة وأبا)، فجهل الخليفة وأجابه الصحابة، فأقبل عليهم بالدرة ! !. مجمع الزوائد 5 / 8. ومنها: ما ذكره ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية: 45 من أمر الخليفة بضرب غلام خاصم أمه - وهو على حق - وردعه ما حكم به يعسوب الدين وامام المتقين صلوات الله عليه في الواقعة، وقد فصلها العلامة الاميني في غديره 6 / 104 - 105، فلاحظ. ومنها: ما عن عبد الله بن عم، قال: كان عمر يأتي مجزرة الزبير بن العوام بالبقيع، ولم يكن =

 

[30]

 

 

= بالمدينة مجزرة غيرها، فيأتي معه بالدرة، فإذا رأي رجلا اشترى لحما يومين متتابعين ضربه بالدرة، وقال: ألا ضويت بطنك يومين. انظر: سيرة عمر لابن الجوزي: 68، وكنز العمال 3 / 111، والفتوحات الاسلامية 2 / 424، وما جاء في مجمع الزوائد 5 / 35. ومنها: الستدعى عمر امرأة ليسألها عن أمر - وكانت حاملا - فلشدة هيبته ألقت ما في بطنها فأجهضت به جنينا ميتا، فاستفتى عمر أكابر الصحابة في ذلك، فقالوا: لا شئ عليك إنما أنت مؤدب. فقال له علي عليه السلام: إن كانوا راقبوك فقد غشوك، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا عليك غرة - يعني عتق رقبة - فرجع عمر والصحابة إلى قوله، كما أخرجه ابن الجوزي في سيرة عمر: 117، وأبو عمر في العلم، السيوطي، كما في ترتيب جمع الجوامع 7 / 300، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 / 58 [أربع مجلدات]. ومنها: ما رواه جمع من الحفاظ عن بعض الصحابة قال: رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعونها في الطعام، كما أورده في كنز العمال 4 / 321، ومجمع الزوائد 3 / 191 وغيرهما، وناقشه شيخنا الاميني في غديره 6 / 282 - 290. ومنها: ما حكي عن الشهاب في كتابه شفاء العليل فيما في لغة العرب من الدخيل عن بعض حواشي الكشاف: أن عمر ضرب كاتبا كتب بين يديه: بسم الله الرحمن الرحيم.. ولم يبين السين... إلى غير ذلك من الموارد الاتية السالفة والتي تركناها خوف الاطالة. أقول: وبعد كل هذا وغيره فإن خشونة الرجل وفضاضته وجلفه أغضب رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من مرة، فقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد 8 / 216 عن ابن عباس، قال: لما توفى ابن لصفية عمة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فبكت عليه وصاحت.. إلى أن قال: فاستقبلها عمر بن الخطاب، فقال: يا صفية ! قد سمعت صراخك، إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه و [وآله] وسلم - وكان يكرمها ويحبها -، فقال: يا عمة ! أتبكين وقد قلت لك ما قلت ؟ !، قالت: ليس ذاك أبكاني يا رسول الله، استقبلني عمر بن الخطاب فقال: إن قرابتك من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم لن تغني عنك من الله شيئا. قال: فغضب النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم.. إلى أن قال: فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع، كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبط، فإنها موصولة في الدينا والاخرة.. الحديث. وأورده السيوطي في الدر المنثور 3 / 451، ذيل قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين..) (التوبة 60). قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني.. في قصة عيينة =

 

[31]

* (هامش) = ابن حصن والاقرع بن حابس، وكتابة أبي بكر لهما كتابا وتناول عمر له تفله فيه ومحوه إياه، وقولهم له مقالة سيئة. وزاد في ذيله المتقط الهندي في كنز العمال 2 / 189:.. فأقبلا إلى أبي بكر - وهما يتذمران - فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر. فقال: بل هو، ولو شاء كان. قال: أخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه ويعقوب بن سفيان وابن عساكر، وذكره العسقلاني أيضا في الاصابة 5 / 56، وأورده أيضا في كنز العمال 6 / 335 باختلاف يسير. ومنها: قصة الدرة - التي هي أهيب من سيف الحجاج، كما قالوا - خير شاهد على خشونته وقساوته، وقد مرت قبلا. وهو يضرب تارة: بدرته، وأخري، بمخفقته، وثالثة: بجريدته و... و.. ومنها ما أخرجه ابن ماجة في أبواب النكاح باب ضرب النساء، بسنده عن الاشعث بن قيس، قال: ضفت عمر، فلما كان في جوف الليل قام الي امرأته يضربها، فحجزت بينهما، فلما اوى إلى فراشه امرأته.. ! الحديث. وقد رواه احمد بن حنبل في مسنده 1 / 20 خاليا من حجز الاشعث بين الخليفة وزوجته. أقول: هذه من تقولاته على رسول الله (ص) بلاشبهة، ولاشك بكونها تتنافى مع روح الاسلام، وضرورة العقل والفطرة، قال في السبعة من السلف: 110 - 111:.. فالذي أحتمله قويا - بل أجزم به - أنه ضرب امرأته في تلك الليلة ظلما وعدوانا، وقد عرف ذلك منه الاشعث، فافترى هذا الحديث على النبي صلى الله عليه وآله لا يعترض عليه بما ارتكبه ويعاتبه على مالا ينبغي صدوره من قبله. أقول: هذا حديث لايعرف إلا منه، كقوله، إن الميت يعذب ببكاء الحي.. وغيرهما كلها شاهد صدق على مدى ما بلغ الرجل من الشدة والخبث، وكم ضرب نساءه - وأبناءه كما مر وسيأتي - كضربه لزوجته عاتكة بنت زيد حتى نغض رأسها، كما جاء في الطبقات لابن سعد 3 / 308. ومنها: ما ذكره الطبري في تاريخه 4 / 206: في سنة 17 من الهجرة: اعتمر عمر بن الخطاب وبنى المسجد الحرام ووسع فيه، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على أقوام من جيران المسجد أبو أن يبيعوا... وانظر: فتوح البلدان للبلاذري: 53، وسنن البيهقي 6 / 168، والكامل لابن الاثير 2 / 227، وتذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 7، والدر المنثور 4 / 159، ووفاء الوفاء 1 / 341 - 349، وغيرها. أقول: ثم إنه قد نهى الخليفة عن البكاء على الميت ونهى عن نهيه صاحب الرسالة وما انتهى، وبقيت عقدة ذلك إلى أن مات، حتى اضطر إلى أن جعل حديثا على لسان رسول الله (ص) من: = (*)


 

[32]

وأول (1) من قاسم العمال وشاطرهم أموالهم، (2) وهو الذي هدم مسجد رسول الله

 

= أن الميت ليعذب ببكاء الحي، وقد ناقشة بما لا مزيد عليه شيخنا الاميني في غديره 6 / 156 - 167، و... وفي أكثر من رواية وبألفاظ مختلفة وفي زمن صاحب الرسالة نهى عن البكاء حيث إن نساء المهاجرين والانصار لما بكين عند موت زينب ورقية بنتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل عمر يضربهن بالسوط، وأخذ رسول الله (ص) يده وقال: مهلا يا عمر ! دعهن يبكين..، كما أوردها ابن حنبل في مسنده 1 / 237 و 335، 3 / 333، و 4 / 408، ومستدرك الحاكم 1 / 381، و 3 / 191، ومسند الطيالسي: 351، والاستيعاب - ترجمة عثمان بن مظنون - 2 / 482، ومجمع الزوائد 3 / 17، والسنن الكبرى 4 / 70، وعمدة القارئ 4 / 87. وقال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 181 [1 / 60 - أربع مجلدات]: إن أول من ضرب عمر بالدرة أم فروة بنت قحافة، مات أبو بكر فناح النساء عليه وفيهن أخته أم فروة، فنهاهن عمر مرارا، وهن يعاودن، فأخرج أم فروة من بينهن وعلاها بالدرة.. أقول: هذا لعله أول مرة بعد تولية الخلاقة، والا كم ضرب قبلها، وحسبنا السقيفة وعند دار فاطمة سلام الله عليها، وقصته مع خالد في واقعة مالك بن نويرة وغيرهم، وأما بعدها فحدث ولاحرج. ولعل أوج قساوته وغاية حدته حده لابنه بعد الحد ! ثم قتله، وهو ما رواه البيهقي في السنن الكبرى 8 / 312، وابن عبد البر في العقد الفريد 3 / 470، والخطيب البغدادي في تاريخه 5 / 455، وابن الجوزي في سيرة عمر: 170، والمحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 32، والقسطلاني في إرشاد الساري 9 / 439، وأبو عمر وفي الاستيعاب 2 / 349، وابن حجر في الاصابة 2 / 349 وغيرهم، وحاصل القصة أن عبد الرحمن بن عمر الاوسط وهو أبو شحمة، وهو الذي ضربه عمرو بن العاص بمصر في الخمر بأمر الخليفة، ثم حمله إلى المدينة على قتب وحده، وفي بعض الروايات: فجعل عبد الرحمن يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فضربه الحد ثانيا وحبسه، ثم مرض فمات.. وفيها موارد للدقة والعجب، أعرضنا عن ذكرها فصل بعضها شيخنا الاميني في غديره 6 / 316 - 319. (1) هنا قبل: وأول، سقط قريب نصف الصفحة جاء في المصدر. (2) سقط سطر هنا، وهو: وكان يستعمل قوما ويدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل، وقال: أكره أن أدنس هؤلاء بالعمل !. أقول: قد جاء ذكر سبق عمر في مقاسمة العمال ومشاطرتهم أموالهم في غيره، وإليك جملة من المصادر: فتوح البلدان: 286، تاريخ الطبري 4 / 56، العقد الفريد 1 / 18 - 21، معجم البلدان 2 / 75، صبح الاعشى 6 / 386، سيرة عمر لابن الجوزي: 44، تاريخ ابن كثير 7 / 18 و 115 و 9 / 113، السيرة الحلبية 3 / 220، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 96، الفتوحات =

 

[33]

صلى الله عليه وآله وزاد فيه، وأدخل دار العباس فيما زاد (1)، وهو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم وكان ملصقا بالبيت.. إلى آخر ما ذكره. وقد أشار إلى تحويل المقام صاحب الكشاف (2)، قال: إن عمر سأل المطلب بن أبي وداعة: هل تدري أين كان موضعه الاول ؟. نعم، فأراه موضعه اليوم. وروى ثقة الاسلام في الكافي (3)، بإسناده عن زرارة، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أدركت (4) الحسين صلوات الله عليه ؟. قال: نعم، أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يقومون على المقام يخرج الخارج يقول: قد ذهب به (5)، ويخرج منه الخارج فيقول: هو مكانه، قال فقال لي: يا فلان ! ما صنع هؤلاء ؟. فقلت له: أصلحك الله ! يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقام. فقال: ناد: إن الله قد جعله (6) علما لم يكن ليذهب به فاستقروا، وكان موضع المقام الذي وضعه ابراهيم عليه السلام عند جدار البيت، فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه ابراهيم عليه السلام، فلم يزل

 

= الاسلامية 2 / 480، وغيرها كثير.. ثم إنه قد سبق ضربه بالدرة على البحرين أبي هريرة، وكذا ما صنعه مع سعد بن أبي وقاص، وأبي موسى الاشعري واليه على البصرة، وعمر وبن العاص واليه على مصر، وخالد بن الوليد واليه على الشام وغيرهم، وقد نص البلاذري على عشرين منهم، وهم يزيدون على ذلك، كما في كتب السير والتاريخ. (1) هنا أيضا سقط قدر سطرين جاء في المصدر. (2) تفسير الكشاف 1 / 185، ذيل آية: 125 من سورة البقرة. (3) الكافي 4 / 223 حديث 2 كتاب الحج، باب في قوله تعالى: (فيه آيات بينات..). (4) في المصدر: قد أدركت.. (5) في الكافي زيادة: السيل.

 

[34]

هناك إلى أن ولي عمر بن الخطاب، فسأل الناس: من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام ؟. فقال رجل: أنا، قد كنت أخذت مقداره بنسع (1) فهو عندي، فقال: تأتيني به، فأتاه به فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان. ومنها: تغيير الجزية عن النصارى، فقد روي عن الصادق عليه السلام (2) أنه قال: إن بني تغلب من نصارى العرب (3) أنفوا واستنكفوا من قبول الجزية وسألوا عمر أن يعفيهم عن الجزية ويؤدوا الزكاة مضاعفا، فخشي أن يلحقوا بالروم، فصالحهم على أن صرف ذلك عن رؤوسهم وضاعف عليهم الصدقة فرضوا بذلك. وقال البغوي في شرح السنة: روي أن عمر بن الخطاب رام نصارى العرب على الجزية، فقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم، ولكن خذ مناكما يأخذ بعضكم من بعض - يعنون الصدقة -. فقال عمر: هذا فرض الله على المسلمين. قالوا: فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، فراضاهم على أن ضعف عليهم الصدقة (4). النتهى. فهؤلاء ليسوا بأهل ذمة لمنع الجزية، وقد جعل الله الجزية على أهل الذمة

 

(1) قال في النهاية 5 / 48: النسعة - بالكسر -: سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره، والجمع: نسع ونسع وانساع، وجاء في مجمع البحرين 4 / 397، والقاموس 3 / 88، وقال الجوهري في الصحاح 3 / 1290: النسع: الحبل. (2) وسائل الشيعة 16 / 286 حديث 22 [مؤسسة آل البيت (ع): 24 / 58 - 59] وفيه: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تأكل من ذبيحة المجوسي، قال وقال: لا تأكل ذبيحة نصارى تغلب فإنهم مشركوا العرب. وانظر: التهذيب 9 / 65 حديث 275، والاستبصار 4 / 82 حديث 308. وعن الرضا عليه السلام أنه قال: إن بني تغلب أنفوا من الجزية، وسألوا عمر أن يعفيهم، فخشي أن يلحقوا بالروم، فصالحهم على أن صرف ذلك عن رؤوسهم، وضاعف عليهم الصدقة فعليهم ما صالحوا عليه ورضوا به إلى أن يظهر الحق. كما في كتاب من لا يحضره الفقيه 2 / 29 باب 101 حديث 1611، وأورده الحر في وسائل الشيعة 11 / 116 باب 68 حديث 6. (3) في (س): الغرب. (4) شرح السنة للبغوي.....

 

[35]

ليكونوا أذلاء صاغرين، وليس في أحد من الزكاة صغار وذل، فكان عليه أن يقاتلهم ويسبي ذراريهم لو أصروا على الاستنكاف والاستكبار. ومنها: ما روي أن عمر أطلق تزويج قريش في سائر العجم، ومنع العرب من التزويج في قريش، ومنع العجم من التزويج في العرب (1). فأنزل العرب مع قريش، والعجم مع العرب مع العرب منزلة اليهود والنصارى، إذ أطلق تعالى للمسلمين التزويج في أهل الكتاب، ولم يطلق تزويج أهل الكتاب في المسلمين (2). وقد زوج (3) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد بن الاسود الكندي - وكان مولى لبني كندة - ثم قال: أتعلمون لم زوجت ضباعة بنت عمي من المقداد ؟. قالوا: لا. قال: ليتضع النكاح فيناله كل مسلم، ولتعلموا (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (4)، فهذه سنة، وقد قال رسول

 

(1) انظر لمزيد من الاطلاع: الايضاح: 153 - 158، والمسترشد للطبري: 142، والاستغاثة في بدع الثلاثة: 53 - 54، وكتاب سليم بن قيس: 102 - 104، والكافي 5 / 318 حديث 59، وغيرها. (2) لاحظ: وسائل الشيعة 14 / 46 حديث 4، والكافي 5 / 318 حديث 59. (3) قد ذكر قصة تزويج ضباعة في الكافي 5 / 344 حديث 1، والتهذيب 7 / 359 حديث 1582، وانظر: وسائل الشيعة 14 / 45 - 47 باب 26 - أنه يجوز لغير الهاشمي تزويج الهاشمية والاعجمي والعربي القرشية الهاشمية وغير ذلك، ومستدرك الوسائل 14 / 183 - 186. (4) الحجرات: 13. وقد أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله ملاك التفوق في موارد متعددة، فمنها: قوله صلى الله عليه وآله في خطبة في الحج الاكبر: أيها الناس ! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لادم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد. قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد الغائب. وقد جاء في البيان والتبيين 2 / 25، والعقد الفريد 2 / 85، وتاريخ اليعقوبي 2 / 91، وقريب منه في مجمع الزوايد 3 / 266، وغيره.

 

[36]

الله صلى الله عليه وآله: من رغب عن سنتي فليس مني (1). وقيل (2) لامير المؤمنين عليه السلام: أتزوج (3) الموالي بالعربيات ؟ !. فقال: تتكافا دماؤكم ولا تتكافأ فروجكم ؟ !. وقال سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة) (4)، وقال: (إن أكرمكم عند الله أتقيكم) (5). ومنها: المسح على الخفين، كما رواه الشيخ في التهذيب (6)، بإسناده عن رقبة (7) بن مصقلة، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام، فسألته عن أشياء، فقال: إني أراك ممن يفتي في مسجد العراق ؟. فقلت: نعم. قال: فقال لي: من أنت ؟. فقلت: ابن عم لصعصعة. فقال: مرحبا بك يا ابن عم صعصعة. فقلت له: ما تقول في المسح على الخفين ؟. فقال: كان عمر يراه ثلاثا للمسافر ويوما وليلة للمقيم، وكان أبي لا يراه في سفر ولاحضر، فلما خرجت من عنده فقمت على عتبة الباب، فقال لي: أقبل يا ابن عم صعصعة، فأقبلت عليه، فقال: إن

 

(1) هذا من ضروريات مذهب الخاصة، وأورده جملة من الحفاظ من العامة كالبخاري في صحيحة 7 / 2 كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح حديث 1، ومسلم في صحيحه كتاب النكاح باب 5، والنسائي في صحيحه كتاب النكاح باب 4، والدارمي في سننه كتاب النكاح باب 3، واحمد بن حنبل في مسنده 2 / 158 و 3 / 246 و 259، 5 / 409 وغيرها. (2) كما جاء في مستدرك الوسائل 14 / 186. وقريب منه ما في الكافي 5 / 345 حديث 5، والتهذيب 7 / 395 حديث 1583. (3) في (ك) نسخة بدل: أيجوز تزويج. (4) الحجرات: 10. (5) الحجرات: 13. (6) التهذيب 1 / 361 في صفة الوضوء والفرض منه حديث 1089. (7) وفي بعض النسخ: رقيد، وفي (س): لرقية، ولعله: رفيد بن مصقلة العبدي الكوفي، وهو عامي، وكان مفتي العامة في العراق، وعده الشيخ الطوسي رحنه الله في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام، ولم يستبعد الوحيد، كما في معجم رجال الحديث 7 / 201 اتحاده مع: رقبة، وكون كليهما واحدا، ولم أجد لرقيد اسم في الرجال، فلاحظ.

 

[37]

القوم كانوا يقولون برأيهم فيخطؤون ويصيبون، وكان أبي لا يقول برأيه (1). وبإسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعته يقول: جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وفيهم علي عليه السلام، وقال: ما تقولون في المسح على الخفين ؟. فقام المغيرة بن شعبة، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح على الخفين. فقال علي عليه السلام: قبل (المائدة) أو بعدها ؟. فقال: لا أدري. فقال علي عليه السلام: سبق الكتاب الخفين، إنما أنزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة (2). أقول: لعل الترديد من الراوي، أو لكون ذلك مما اختلفوا فيه، فتردد عليه السلام إلزاما على الفريقين. ومخالفة هذه الرأي للقرآن واضح، فإن الخف ليس بالرجل الذي أمر الله بمسحه، كم أن (الكم) ليس باليد، والنقاب ليس بالوجه، ولو غسلهما أحد لم يكن آتيا بالمأمور به، كما أشار عليه السلام إليه بقوله: سبق الكتاب الخفين. وقد ورد المنع من المسح على الخفين في كثير من أخبارهم، فعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره (3).

 

(1) التهذيب 1 / 361 حديث 1091. وانظر: جامع أحاديث الشيعة 2 / 319 باب 26 حديث 2188 - 2228 عن جملة مصادر، فراجعها. (2) وقد نصت على ذلك روايات العامة وأن المسح على الخف كان قبل نزول المائدة، ما جاء عن جرير بن عبد الله، على ما رواه البخاري في صحيحه 1 / 415 في كتاب الصلاة في الثياب باب الصلاة في الخف، والنسائي في سننه 1 / 81 كتاب الطهارة باب المسح على الخفين، وذكره ابن الاثير في جامع الاصول 7 / 238 ذيل حديث 5274 عن جملة مصادر. انظر: الدر المنثور 2 / 465 عند قوله تعالى: (فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم..)، وقد نقل عن ابن عباس أنه قال: أبى الناس إلا الغسل، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح، وعن أنس والشعبي: إن القرآن نزل بالمسح. ولا حظ تفاسير العامة حول هذه الاية. (3) من لا يحضره الفقيه 1 / 30 حديث 96.

 

[38]

وروي عنها، أنها قالت: لان أمسح على ظهر عير (1) بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي (2). وعنها، قالت: لان يقطع رجلاي بالمواسي أحب إلي من أن أمسح على الخفين (3). ورووا المنع منه، عن أمير المؤمنين عليه السلام (4) وابن عباس (5) وغيرهما، وسيأتي (6) بعض القول فيه في محله. ومنها: نقص (7) تكبير من الصلاة على الجنائز وجعلها أربعا، قال: ابن حزم في كتاب المحلى (8): واحتج من منع أكثر من أربع بخبر رويناه من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، قال: جمع عمر بن الخطاب الناس فاستشارهم في التكبير على الجنازة، فقالوا: كبر النبي صلى الله عليه وآله سبعا وخمسا وأربعا، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات (9).

 

(1) في (س): غير. ولا معنى له، والعير: الحمار، وغلب على الوحشي، كما في القاموس 2 / 98، وفي الصحاح 2 / 762 قال: الحمار الوحشي: والاهلي أيضا. (2) من لا يحضره الفقيه 1 / 30 حديث 97. (3) كما في المصنف لعبد الرزاق 1 / 21 حديث 860، وانظر: التفسير الكبير 11 / 163، بتفاوت يسير. وجاء في المصنف لابن أبي شيبة 1 / 185 عن عائشة أنها قالت: لان أخرجهما بالسكاكين أحب الي من أن أمسح عليهما، ونحوه في صفحة: 186 من ذلك المجلد. (4) فقد روي عنه سلام الله عليه أنه قال: نسخ الكتاب المسح على الخفين، كما جاء في سنن البيهقي 1 / 272، وتفسير ابن كثير 2 / 30، وجاء في التهذيب 1 / 361 حديث 1091. (5) فقد جاء عن ابن عباس قوله: سبق كتاب الله المسح على الخفين، كما أورده المحقق في المعتبر: 38، ونحوه في مسند احمد بن حنبل 1 / 323، والجعفريات: 24، وتفسير العياشي 1 / 202. (6) بحار الانوار 80 / 300 - 328. (7) في (س): نقض. (8) المحلى 5 / 124 - المكتب التجاري بيروت -. (9) وقريب منه ما في سنن البيهقي 4 / 37، وفتح الباري 3 / 157، وإرشاد الساري 2 / 417، وعمدة القاري 4 / 129.

 

[39]

وهو خلاف ما فعله رسول الله (ص)، كما رواه مسلم في (1) صحيحه (2)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (3)، قال: كان زيد يكبر على جنائزنا أربعا، وأنه كبر على جنازة خمسا، فسألته، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] يكبرها. ورواه في جامع الاصول (4)، عن مسلم والنسائي (5) وأبي داود (6) والترمذي (7)، وقال (8): وفي رواية النسائي: أن زيد بن أرقم صلى على جنازة فكبر عليها خمسا وقال: كبرها رسول الله صلى الله عليه [وآله]. وروى ابن شيرويه في الفردوس (9) أن النبي صلى الله عليه [وآله] كان يصلي على الميت خمس تكبيرات (10). فالروايات - كما ترى - صريحة في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكبر خمس تكبيرات، وظاهر (كان) الدوام، ولو سلم أنه قد كان يكبر أربعا فلا ريب

 

= وذكر جمع: أن عمر أول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات، كما قاله العسكري في الاوائل، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 93، والكرماني في تاريخه 1 / 203 - هامش الكامل - وغيرهم. (1) لا توجد في (س): في. (2) صحيح مسلم كتاب الجنائز باب الصلاة على القبر حديث 957. (3) جاء في (س): أبي عبد الرحمن أبي ليلى. وهو غلط. (4) جامع الاصول 6 / 216 حديث 4304. (5) سنن النسائي 4 / 72. (6) سنن أبي داود كتاب الجنائز باب التكبير على الجنائر باب ما جاء حديث 3197. (7) صحيح الترمذي كتاب الجنائز باب ما جاء في التكبير على الجنازة حديث 1023. (8) ابن الاثير في جامع الاصول 6 / 216. (9) الفردوس، ولم نجد الرواية فيه. (10) وقريب منه ما أورده احمد بن حنبل في مسنده 4 / 368 و 370، وابن حجر في الاصابة 2 / 22، والطحاوي في عمدة القاري 4 / 129، والبيهقي في السنن الكبرى 4 / 34، وابن ماجة في سننه 1 / 458 وغيرهم، وما ذكره ابن القيم الجوزية في زاد المعاد 1 / 145، وما في هامش المواهب للزرقاني 2 / 70 حري بالملاحظة.

 

[40]

في جواز الخمس، فالمنع من الزيادة على الاربع من أسوء البدع. ومنها: ما رواه مالك في الموطأ (1) وحكاه في جامع الاصول (2)، عن ابن المسيب، قال: أبى عمر أن يورث أحدا (3) من الاعاجم إلا أحدا ولد في العرب. قال: وزاد رزين (4) و (5) امرأة جاءت حاملا فولدت في العرب فهو يرثها إن ماتت وترثه إن مات ميراثه من كتاب الله. انتهى. ومضادة هذا المنع للايات والاخبار، بل مخالفته لما علم ضرورة من دين الاسلام (6) من ثبوت التوارث بين المسلمين مما لا يريب فيه أحد. ومنها: القول بالعول والتعصب في الميراث كما سيأتي، وروت الخاصة والعامة ذلك بأسانيد جمة يأتي (7) بعضه، ولنورد هنا خبرا واحدا رواه الشهيد الثاني رحمه الله (8) وغيره (9): عن أبي طالب الانباري، عن أبي بكر الحافظ، عن علي بن محمد بن الحصين (10)، عن يعقوب بن ابراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن

 

(1) الموطأ لمالك - إمام المالكية - 2 / 12 [2 / 520] كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الملل. (2) جامع الاصول 9 / 603 - 604 حديث 7380. (3) في (ك) ونسخة بدل في (س): احد - بالرفع -. (4) في (س): زرين، وهو غلط. (5) في جامع الاصول: أو. (6) أورده أبو داود في سننه 2 / 332: قال رسول الله (ص) ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على العصبية، وليس منا من مات عصبية.. وكم له من نظائر. (7) بحار الانوار 104 / 331، وفيه: عن ابن عباس: إن أول من أعال الفرائض عمر. (8) المسالك 2 / 323، وأورده في الروضة البهية في شرح اللمعة في شرح اللمعة الدمشقية 8 / 89 - 92 باختلاف في المتن وحذف للاسناد. (9) جاء في الكافي 7 / 79 - 80 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 4 / 187، وكنز العمال 11 / 19 - 20 حديث 121 باختلاف يسير، وكذا في أحكام القرآن للجصاص 2 / 109، ومستدرك الحاكم 4 / 340، والسنن الكبرى 6 / 253 وغيرها. (10) لا توجد: بن الحصين، في المصدر.

 

[41]

أبي اسحاق، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، قال: دخلت على (1) ابن عباس، فجرى ذكر الفرائض والمواريث، فقال ابن عباس: سبحان الله العظيم ! أترون (2) الذي أحصى رمل عالج (3) عددا جعل في ما نصفين (4) وثلثا وربعا - أو قال: نصفا ونصفا وثلثا - وهذان النصفان قد ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث ؟ !. فقال له زفر بن أوس البصري: يا أبا العباس ! فمن أول من أعال الفرائض ؟. فقال: عمر بن الخطاب (5)، لما التفت عنده الفرائض ودفع (6) بعضها بعضا، فقال: والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر، وما أجد شيئا هو أوسع إلا أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص، وأدخل على كل ذي حق مادخل عليه من عول الفريضة، وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخرمن أخر الله ما عالت فريضة (7). فقال له زفر بن أوس: فأيها قدم وأيهاا أخر ؟. فقال: كل فريضة (8) لم يهبطها الله عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة، فهذا ما قدم الله. وأما ما أخر

 

(1) في المسالك: إلى، بدل، على. (2) في المصدر: أيرون. (3) رمل عاجل: هو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض، ونقل أن رمل عالج جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء، والدهناء بقرب يمامة، وأسفلها بنجد، وفي كلام البعض: رمل عالج محيط بأكثر أرض العرب. قاله الطريحي في مجمعه 2 / 318. وهناك ثمة أقوال أخر تجدها في معجم البلدان 4 / 69 - 70، ومراصد الاطلاع 2 / 911. (4) في المسالك: نصف. (5) قد نص على ذلك السيوطي في أوائله وتاريخه: 93، والجصاص في أحكام القرآن 2 / 109، والحاكم في المستدرك 4 / 340، والبيهقي في السنن الكبرى 6 / 253، والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 7، والسكتواري في محاضرات الاوائل: 152.. وغيرهم ويعد أول من أعال الفرائض لما التوت عليه ودافع بعضها بعضا. (6) في (ك): رفع. (7) في المصدر: الفريضة - بالالف واللام -. (8) في (ك) هنا زيادة: فرضها الله.

 

[42]

فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي، فتلك التي أخر، وأما (1) الذي قدم، فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ، والزوجة لها الربع فإذا زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ، والام لها الثلث فإذا زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ، فهذه الفرائض التي قدم الله عزوجل، وأما التي أخر، ففريضة البنات والاخوات لهن النصف والثلثان، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي، فتلك التي أخر، فإذا اجتمع ما قدم الله تعالى وما أخر (2)، بدئ بما قدم الله فأعطي حقه كاملا، فإن بقي شئ كان لمن أخر (3)، وإن لم يبق شئ فلا شئ له، فقال له زفر ابن أوس: فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر ؟. فقاال: هبته (4)، والله وكان امرءا مهيبا، قال الزهري: والله لولا أن تقدم ابن عباس امام عدل كان أمره على الورع أمضى أمرا وحكم به وأمضاه لما اختلف لما اختلف على ابن عباس اثنان (5).

 

(1) في (س): فأما. وفي الروضة: فأما التي. (2) في المصدر: وما االله أخر، بدلا من: الله تعالى وما أخر. (3) زيادة: الله، بعد: أخر، جاءت في المصدر. (4) إلى هنا جاء في المصادر السالفة باختلاف في اللفظ. (5) نذيل هذا المقام بذكر قضيتين: الاولى: ما رواها الحاكم في المستدرك 4 / 339، بسنده عن معمر عن الزهري عن ابن سلمة، قال: جاء إلى ابن عباس رجل، فقال: رجل توفى وترك بنته وأخته لابيه وأمه ؟. فقال: لابنته النصف وليس لاخته شئ. قال الرجل: فإن عمر قضى بغير ذلك، جعل للابنة وللاخت النصف. قال ابن عباس: أنتم أعلم أم الله ؟ !. فلم أدر ما وجه هذا حتى لقيت ابن طاوس، فذكرت له حديث الزهري، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول: قال الله عزوجل: (إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فله نصف ما ترك..) قال ابن عباس: فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد. قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وقد جااء أيضا فيه 2 / 310 باختلاف يسير في اللفظ، وقد رواه البيهقي في سننه 6 / 233 أيضا. وقال السيد الفيروز آبادي في السبعة من السلف: 92: إن هذا الافتاء من عمر كان على وجه الجهل بالاية الكريمة، وإلا فبعيد منه أنه مع العلم بها يفتي بخلاف ما أنزل الله، والله أعلم. ولعل مراده رحمه الله أن يجهر بالمخالفة، وهذا غريب منه مع صراحة آية المتعة والتيمم وغيرهما. =

 

[43]

ومنها: التثويب، وهو قول: الصلاة خير من النوم، في الاذان. فقد (1) روى في جامع الاصول (2) مما رواه عن الموطأ (3)، قال (4) عن مالك أنه بلغه المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلهما في الصبح. ويظهر منها أن ما رووه أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالتثويب من مفترياتهم، ويؤيده أن رواياتهم (5) في الاذان خالية عن التثويب (6).

 

= الثانية: أخرج البيهقي في سننه 6 / 255 بعدة طرق، والدارمي في سننه 1 / 154، وأبو عمر في العمل: 139، وآخرين، عن مسعود الثقفي، قال: شهدت عمر بن الخطاب أشرك الاخوة من الاب والام ومع أخوة من الام في الثلث، فقال له رجل: قضيت في هذا عام أول بغير هذا. قال: كيف قضيت ؟. قال: جعلته للاخوة من الام ولم تجعل للاخوة من الاب والام شيئا. قال: تلك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا !. وفي لفظ: تلك على ما قضينا يومئذ وهذه على ما قضينا اليوم !. أقول: كيف يسوغ لمثل الخليفة أن يجهل أحكاام الدين وهو القائل: ليس أبغض إلى الله ولا أعم ضرا من جهل امام وخرقه، كما نقله عنه ابن الجوزي في سيرة عمر: 100، 102، 161. وكيف يشتغل بمنصب الامارة قبل أن يتفقه في دين الله، وهو القائل: تفقهوا قبل أن تسودوا، ذكره البخاري في صحيحه في باب الاغتباط في العلم 1 / 38. (1) لا توجد: فقد، في (س). (2) جامع الاصول 5 / 286 حديث 3360. (3) موطأ مالك 1 / 72 كتاب الصلاة باب ما جاء في النداء للصلاة. (4) خط على كلمة: قال، في (ك)، وجاءت زيادة: ان، بعد لفظة: بلغه، في الجامع. (5) انظر مثالا إلى: سنن أبي داود كتاب الصلاة باب كيفية الاذان حديث 499 وباب بدء الاذان حديث 500 - 507، وسنن الترمذي كتاب الصلاة باب ما جاء في بدء الاذان حديث 189، وباب ما جاء أن الاقامة مثنى مثنى حديث 194، وباب ما جاء في الترجيع بالصلاة في الاذان حديث 191، ومسند احمد بن حنبل 5 / 246، وصحيح مسلم كتاب الصلاة باب صفة الاذان حديث 379، وسنن النسائي 2 / 4 في الاذان. (6) أخرج الطبري في المستبين، والقوشجي في شرح التجريد: 879 في بحث الامامة، والبياض في الصراط المستقيم وغيرهم، عن عمر، أنه قال: ثلاث كن على عهد رسول الله (ص): أنا محرمهن ومعاقب عليهن: متهة الحج، ومتهة النساء، وحي على خير العمل في الاذان. =

 

[44]

الطعن الخامس عشر: أنه كان يعطي من بيت المال ما لا يجوز، فأعطى عايشة وحفصة عشرة آلاف درهم في كل سنة (1)، وحرم أهل البيت عليهم السلام خمسهم الذي جعله الله لهم (2)، وكان عليه ثمانون ألف درهم من بيت المال يوم مات على سبيل القرض (3)، ولم يجز شئ من ذلك، أما الاول فلان الفئ والغنائم ونحو ذلك

 

= وهذا تصرفه الاخر في الاذان. قال الاميني - رحمه الله - في الغدير 6 / 110: كان أحكام القضايا تدور مدار ما صدر عن رأي الخليفة سواء أصاب الشريعة أم أخطأ، وكان الخليفة له أن يحكم بما شاء وأراد وليس هناك حكم يتبع وقانون مطرد في الاسلام، ولعل هذا أفظع من التصويب المدحوض بالبرهنة القاطعة. ومن محدثات الخليفة: أن جعل معرفة البلوغ بالقياس بالاشبار، فإن وجد ستة أشبار فهو بالغ وإلا فلا ! !، كما أورده في السنن الكبرى 5 / 54 و 59، وأخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ومسدد وابن المنذر في الاوسط، كما في كنز العمال 3 / 116. وأما تلاعبه بالحدود تقليلا وزيادة فلو راجعت المسانيد والسنن لوجدت منها العجب العجاب. وكفاك منها شاهدا ما أورده في كنز العمال 3 / 196 وما بعدها عن جملة مصادر. (1) قد اتفق المؤرخون أن عمر مفرق لا يقسم بالسوية - وإن اختلفوا في كمية وكيفية تفرقته في العطاء - راجع تفصيل ذلك في: أخبار عمر للطنطاوي: 122، فتوح البلدان للبلاذري: 435، والفخري للطقطقي: 60، وطبقات ابن سعد 3 / 233، والخراج لابي يوسف: 51، والكامل لابن الاثير 2 / 247، وشرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي 12 / 214 [3 / 153 طبعة مصر - أربع مجلدات]. وانظر أيضا: تاريخ الطبري 3 / 614، والاحكام السلطانية: 177، والاموال لابي عبيدة: 226 وغيرها. (2) كما جاء في تفسير الكشاف عند تفسير آية الخمس، وتفسير النسفي 2 / 616، وتفسير المنار 1 / 15، وأخبار عمر للطنطاوي: 105، وشرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 214 [3 / 153]. وانظر: كتاب الاموال لابي عبيد حديث 40 و 842، وسيذكر المصنف - رحمة الله - مصادر أخرى في المتن، فانتظر. (3) قد نقل ابن أبي الحديد في شرحه 4 / 528 قول عمر لابنه: يا عبد الله بن عمر ! انظر ما علي من الذين ؟. فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألف درهم (أو نحوه). وبنفس هذا المضمون رواه المتقي في كنز العمال 6 / 362 في وفاة عمر. وأورد أصل الاقتراض

 

[45]

ليست من الاموال المباحة التي يجوز لكل أحد التصرف (1) فيها كيف شاء، بل هي من حقوق المسلمين يجب صرفه إليهم على الوجه الذي دلت عليه الشريعة المقدسة، فالتصرف فيها محظور إلا على الوجه الذي قام عليه دليل شرعي، وتفضيل طائفة في القسمة وإعطاؤها أكثر مما جرت السنة عليه لا يمكن إلا بمنع من استحق بالشرع حقه، وهو غصب لمال الغير وصرف له في غير أهله، وقد جرت السنة النبوية بالاتفاق على القسم بالتسوية. وأول من فضل قوما في العطاء هو عمر بن الخطاب كما اعترف به ابن أبي الحديد (2) وغيره (3) من علمائهم. قال ابن أبي الحديد (4): روى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: استشار عمر اصحابة بمن يبدأ في القسم والفريضة ؟، فقالوا: ابدأ بنفسك. فقال: بل أبدأ بآل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وذوي قرابته، فبدأ بالعباس، قال ابن الجوزي: وقد وقع الاتفاق على أنه

 

= الطبري في تاريخه 5 / 22، وابن الاثير في الكامل 3 / 29، وغيرهما كثير. (1) في (ك): التصريف. (2) شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 213. (3) كابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 282 وغيره، وذكر أبو هلال العسكري في كتابه الاوائل: 114: أن عمر جعل لعائشة اثني عشر ألفا في كل سنة، وكتب أزواج النبي في عشرة آلاف لكل واحدة، وكتب بعد أزواج النبي عليا عليه السلام في خمسة آلاف و [من] شهد بدرا من بني هاشم، وكتب عثمان في خمسة آلاف، ومن شهد بدرا من موالي بني أمية على سواء، ثم قال بمن نبدأ ؟. قالوا: بنفسك !. قال: بل نبدأ بآل أبي بكر، فكتب طلحة في خمسة آلاف، وبلالا في مثلها، ثم كتب لنفسه ومن شهد بدرا من بطون قريش خمسة آلاف.. خمسة آلاف، ثم كتب الانصار في أربعة آلاف. فقالوا: قصرت بنا على إخواننا ؟ !. قال: أجعل الذين قال الله لهم: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا) - الحشر: 8 - مثل من أتته الهجرة في داره ؟ !. قالوا: رضينا. ثم كتب لمن شهد فتح مكة في ألفين.. إلى آخره. (4) في شرحه على النهج 12 / 214 - 215 بتصرف.

 

[46]

لم يفرض لاحد أكثر مما فرض له، روي أنه فرض له خمسة عشر ألفا (1)، وروي أنه فرض له اثني عشر ألفا، وهو الاصلح، ثم فرض لزوجات رسول الله صلى الله عليه [وآله] لكل واحدة عشرة آلاف، وفضل عائشة عليهن بألفين فأبت (2)، فقال: ذلك لفضل (3) منزلتك عند رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فإذا أخذت فشأنك، واستثنى عن الزوجات جويرية وصفية وميمونة ففرض (4) لكل واحدة منهن ستة آلاف، فقالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] يعدل بيننا، فعدل عمر بينهن وألحق هؤلاء الثلاث بسائرهن، ثم فرض للمهاجرين الذين شهدوا بدرا لكل واحد خمسة آلاف، ولمن شهدها من الانصار لكل واحد أربعة آلاف. وقد روي أنه فرض لكل واحد ممن شهد بدرا من المهاجرين أو من الانصار أو غيرهم من القبائل خمسة آلاف، ثم فرض لمن شهد أحدا وما بعدها إلى الحديبية أربعة آلاف، ثم فرض لكل من شهد المشاهد بعد الحديبية ثلاثة آلاف، ثم فرض لكل من شهد المشاهد بعد (5) رسول الله صلى الله عليه [وآله] ألفين وخمسمائة، وألفين، وألفا وخمسمائة، وألفا واحدا.. إلى مائتين.. وهم أهل هجر (6)، ومات عمر على ذلك. قال ابن الجوزي: وأدخل عمر في أهل بدر ممن لم يحضر بدرا أربعة، وهم الحسن والحسين عليهما السلام وأبو ذر وسلمان، ففرض لكل واحد منهم خمسة

 

(1) لا توجد من قوله: روى.. إلى هنا، في المصدر، والظاهر كونه سقط منه. (2) وذكر أبو عبيد في كتاب الاموال: 226 فرضه لعائشة اثنى عشر ألف درهم. (3) في شرح النهج: بفضل. (4) في (س): فرض. (5) في المصدر زيادة: وفاة. (6) هجر: اسم بلد معروف بالبحرين.. وقرية من قرى المدينة، قاله ابن الاثير في نهايته 5 / 247. وهناك ثمة أقوال أوردها في مراصد الاطلاع 3 / 1452، ومعجم البلدان 5 / 392 - 393، فراجع.

 

[47]

آلاف (1). قال ابن الجوزي: فأما ما اعتمده في النساء فإنه جعل نساء أهل بدر على خمسمائة.. خمسمائة (2)، ونساء من بعد بدر إلى الحديبية على أربعمائة.. أربعمائة (3)، ونساء من بعد ذلك على ثلاثمائة.. ثلاثمائة (4)، وجعل نساء أهل القادسية على مائتين (5)، ثم سواى بين النساء بعد ذلك. انتهى. وروى البخاري (6) ومسلم (7) وغيرهما (8) بأسانيد عديدة أن النبي صلى الله عليه وآله قال للانصار في مقام التسلية قريبا من وفاته: ستلقون بعدي إثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. وهل يريب عاقل في أن هذا القول - بعد أن كان يسوي بين المهاجرين والانصار مدة حياته - إخبار بما يكون بعده (9) من التفضيل، ويتضمن عدم إباحته وعدم رضاه صلى الله عليه وآله به. ويؤيد حظر التفضيل ومخالفة السنة في القسمة أن أمير المؤمنين عليه السلام ألطل سيرة عمر في ذلك، ورد الناس إلى السنة والقسم بالسوية (10)، وهو عليه

 

(1) هنا سقط يراجع المصدر. (2 و 3 و 4) لم تتكرر كلمات: خمسمائة، أربعمائة، ثلاثمائة، في المصدر. (5) تكررت كلمة: مائتين، في المصدر. (6) صحيح البخاري 7 / 89 و 90 في فضائل أصحاب النبي (ص)، وباب قول النبي (ص) للانصار: اصبروا، وكتاب الفتن باب قول النبي (ص): سترون بعدي أمورا تنكرونها. (7) صحيح مسلم كتاب الامارة باب الامر بالصبر عند ظلم الولاة حديث 1845. (8) والترمذي في سننه كتاب الفتن، باب ما جاء في الامرة حديث 2190، والنسائي في سننه 8 / 224 و 225 كتاب القضاء باب ترك استعمال من يحرض على القضاء، وابن الاثير في جامع الاصول 9 / 168 حديث 6727. (9) في (س): بعد - بلا ضمير -. (10) كما جاء في خطبة له عليه السلام: لو كان المال لي فسويت بينهم فكيف والمال مال الله.. انظر: نهج البلاغة لمحمد عبده 1 / 260 [1 / 140]، ولصبحي صالح: 183 خطبة 126.

 

[48]

السلام يدور مع الحق ويدور الحق معه حيثما دار بنص الرسول صلى الله عليه وآله (1)، كما تضافرت (2) به الروايات من طرف المخالف والمؤالف، ومع ذلك احتج عليه السلام على المهاجرين والانصار لما كرهوا عدله في القسمة وأنكروه عليه، بمخالفة التفضيل للشريعة، وألزمهم العدل في القسمة، فلم يرده عليه أحد منهم، بل أذعنوا له وصدقوا قوله، ثم فارقه طلحة والزبير ومن يقفوا إثرهما رغبة في الدنيا وكراهة للحق، كما سيأتي (3) في باب بيعته عليه السلام وغيره. وقد قال ابن أبي الحديد (4) - في بعض كلامه -: فإن قلت: إن أبا بكر قد قسم بالسوية (5)، كما قسمه أمير المؤمنين عليه السلام، ولم ينكروا عليه كما أنكروا على أمير المؤمنين عليه السلام ؟. قلت: إن أبا بكر قسم محتذيا بقسم رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فلما ولي عمر الخلافة وفضل قوما على قوم ألفوا ذلك ونسوا تلك القسمة الاولى، وطالت أيام عمر، وأشربت قلوبهم حب المال وكثرة العطاء، وأما الذين اهتضموا فقنعوا ومرنوا على القناعة، ولم يخطر لاحد من الفريقين أن هذه الحال تنتقض (6) أو تتغير بوجه ما، فلما ولي عثمان أجرى (7) الامر على ما كان عمر يجريه، فازداد وثوق العوام بذلك، ومن ألف أمرا أشق (8) عليه فراقه وتغيير العادة فيه، فلما ولي (1) مرت مصادر الحديث في أول تحقيقاتنا. (2) توجد حاشية في (ك) وهي: المضافرة - بالضاد والفاء -: التألب، وقد تضافر القوم، وتضافروا: إذا تألبوا. وقد تألبوا:.. أي اجتمعوا. النهاية. انظر: النهاية لابن الاثير 3 / 93 وفيه: وتظافروا - بالظاء أخت الطاء -، و 1 / 59. (3) بحار الانوار 32 / 145 - 148. (4) شرح النهج لابن أبي الحديد 7 / 42 - 43، بتفاوت كثير أشرنا إلى بعضه. (5) في المصدر: بالسواء. (6) في (س): تنقض. (7) في (ك): أجر. (8) جاءت في (ك): شق.


 

[49]

أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يرد الامر إلى ماكان في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر، وقد نسي ذلك ورفض، وتخلل بين الزمانين اثنتان وعشرون سنة، فشق ذلك عليهم وأكبروه (1) حتى حدث ما حدث من نقض البيعة ومفارقة الطاعة، ولله أمر هو بالغه !. وقال أمير المؤمنين عليه السلام (2) في بعض احتجاجه على طلحة والزبير: وأما ما ذكرتما من أمر الاسؤة (3) فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد فرغ منه فلم أحتج إليكما فيما (4) فرغ الله من قسمه، والله (5) أمضى فيه حكمه فليس لكما - والله - عندي ولا لغير كما في هذا عتبى، أخذ الله بقلوبكم وقلوبنا (6) إلى الحق وألهمنا وإياكم الصبر. وقال ابن أبي الحديد في شرح هذا الكلام (7): قد (8) تكلم عليه السلام في معنى النفل و (9) العطاء: فقال: أني علمت بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك، وصدق عليه السلام، فإن رسول الله صلى الله عليه [وآله] سوى بين الناس في العطاء (10) وهو مذهب أبي بكر.

 

(1) في شرح النهج: وأنكروه وأكبروه. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 185، صبحي الصالح: 322 برقم 205. (3) مصداق الاسوة هنا هو التسوية بين المسلمين في قسمة الاموال، وكان ذلك سببا لغضبهما على ما روي. (4) زيادة جاءت في: صبحي الصالح: قد. (5) لا توجد: والله، في نسختي النهج. (6) في النهج: قلوبنا وقلوبكم. (7) شرح النهج للمعزلي 11 / 10. (8) في المصدر: ثم. (9) في المصدر: التنفيل في، بدلا من: النفل و. (10) في الشرح: في العطاء بين الناس - بتقديم وتأخيره.

 

[50]

ثم قال (1): إن طلحة والزبير قد نقما عليه (2) الاستبداد وترك المشاورة، وانتقلا من ذلك إلى الوقيعة فيه بمساواة الناس في قسمة المال، وأثنيا على عمر وحمدا سيرته وصوبا رأيه، وقالا: إنه كان يفضل أهل السوابق.. وضللا عليا فيما رأى، وقالا: إنه أخطإ.. وإنه خالف سيرة عمر وهي السيرة المحمودة.. (3). واستنجدا عليه بالرؤساء من المسلمين الذين (4) كان عمر يفضلهم وينفلهم في القسم على غيرهم، والناس أبناء الدنيا، ويحبون المال حبا جما، فتنكرت على أمير المؤمنين عليه السلام بتنكرهما قلوب كثيرة، ونغلت (5) عليه نيات كانت من قلب (6) سليمة. انتهى. وبالجملة، من راجع السير والاخبار لم يبق له ريب في أن سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في القسمة هو العدل تأسيا برسول الله صلى عليه [وآله] واتباعا لكتابه، وقد احتج عليه السلام على المصوبين لسيرة عمر في تركه العدل بأن التفضيل مخالف للسنة، فلم يقدر أحد على رده، وصرح عليه السلام أن التفضيل جور وبذل المال في غير حقه تبذير وإسراف كما سيأتي. وروى ابن أبي الحديد (7)، عن هارون بن سعد (8)، قال: قال عبد الله بن جعفر (9) لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين ! لو أمرت لي بمعونة أو نفقة !، فوالله ما لي نفقة إلا أن أبيع دابتي. فقال: لا والله، ما أجد لك شيئا إلا أن تأمر عمك

 

(1) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 11 / 11. (2) جاءت العبارة في المصدر هكذا: وتنقما عليه. أقول: مرجع الضمير: طلحة والزبير. (3) هنا سقط جاء في الشرح. (4) لا توجد: الذين، في المصدر. (5) في (س): نقلت. وجاء في حاشية (ك): نفلت نياتهم أي فسدت صحاح. انظر: الصحاح 5 / 1832. (6) خ. ل: كان من قبل. وفي المصدر: كانت من قبل، وهو الانسب. (7) في شرح النهج 2 / 200. (8) في (س): مبعد، وفي المصدر: سعيد. (9) زيادة: ابن أبي طالب، جاءت في الشرح.

 

[51]

أن (1) يسرق فيعطيك. وذكر ابن أبي الحديد (2) - أيضا - أن عمر أشار (3) على أبي بكر في أيام خلافته بترك التسوية فلم يقبل، وقال: إن الله لم يفضل أحدا على أحد، وقال: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) (4) ولم يخص قوما دون قوم. ثم لم يستند عمر فيما زعمه صوابا إلى شبهة فضلا عن حجة، ولو أقام حجة على ما زعمه لحكاه الناصرون له. وقد روى ابن الاثير في الكامل (5) ذلك، إلا أنه لم يصرح بالمشير سترا عليه (6). وهل يرتاب عاقل في أنه لو كان إلى جواز التفضيل ومصانعة الرؤساء

 

(1) لا توجد في (س): ان. (2) شرح النهج لابن أبي الحديد 8 / 111 بتصرف. (3) في المصدر: وقد كان أشار. (4) التوبة: 60. (5) الكامل 2 / 290. (6) وها هو يأخذ الزكاة من الخيل مع عدم أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا أبو بكر، وقد وردت روايات في ذلك عن طريق العامة، كما في موطأ مالك 1 / 206، ومسند احمد 1 / 14، وسنن البيهقي 4 / 118، ومستدرك الحاكم 1 / 401، ومجمع الزوائد 3 / 69، بل عد العسكري في أوائله، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 93 وغيرهما: أن عمر أول من أخذ زكاة الخيل. ومن هنا وقع الشجار بينهم وبين من اتبع السنة النبوية عي عدم تعلق الزكاة بالخيل أن الخليفة يسن للامة مالا أصل له في الدين كزكاة الخيل وصلاة التراويح وغيرهما، وقد ينقض السنة الثابتة للصادع الكريم خشية ظن الامة الوجوب !. قال الشافعي في كتاب الام 2 / 189: قد بلغنا أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما فيظن من رآهما أنها واجبة. وجاء في مختصر المزني - هامش كتاب الام - 5 / 210. وفي رواية أخرى: مخافة أن يستن بهما، كما في السنن الكبرى للبيهقي 9 / 265، والكبير للطبراني، والمجمع للهيثمي 4 / 18 من طريق الطبراني، وقال رجاله صحيح. وذكره السيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه 3 / 45 نقلا عن ابن أبي الدنيا في الاضاحي، والحاكم في الكنى، وأبي بكر عبد الله بن محمد النيسابوري في الزيادات، ثم قال: قال ابن كثير: إسناده صحيح. وقال الهندي في كنز العمال 3 / 45 نقلا عن الشعبي: أن أبا بكر وعمر شهدا الموسم فلم يضحيا. وها هو ينقض السنة الثابتة من الصادع الكريم خشية ظن الامة الوجوب ويسن لها ما لا =

 

[52]

والاشراف للمصالح سبيل لما عدل أمير المؤمنين عليه السلام إلى العدل والتسوية، مع ما رأه عيانا من تفرق أصحابه عنه لذلك وميلهم إلى معاوية بقبضه عنهم ما عودهم به عمر بن الخطاب كما سيأتي (1)، ولم يكن يختار أمرا يوجب حدوث الفتن وإراقة الدماء، ولما كان يمنع عقيلا صاعا من بر فيذهب إلى معاوية. فإن قيل: فلم كان الحسنان عليهما السلام يقبلان التفضيل، وأبوهما عليه السلام لم رضي بذلك ؟. قلنا: أما للتقية كما مرمرارا، أو لان عمر لما حرمهم حقهم من الخمس والفئ والانفال فلعلهما أخذا ما أخذا عوضا من حقوقهم. ويمكن أن يقال: لما كان أمير المؤمنين عليه السلام ولي الامر فلعل ما أخذاه صرفه عليه السلام في مصارفه، وكان الاخذ من قبيل الاستنقاذ من الغاصب والاستخلاص من السارق. ثم من غريب ما ارتكبه عمر من المناقضة في هذه القصة أنه نبذ سنة (2) رسول الله صلى الله عليه وآله وراء ظهره وأعرض عنه رأسا، وفضل من شاء على غيره، ثم لما قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعدل بيننا، عدل بين الثلاث وبين غيرهن سوى عائشة، وقد كان فضل عائشة بألفين (3)، فكيف كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وآله في التسوية بين ثمان من الزوجات حجة، ولم تكن حجة في العدل بين التسع، ولا بين المهاجرين والانصار وغيرهم ؟. واعلم أن أكثر الفتن الحادثة في الاسلام من فروع هذه البدعة، فإنه لو استمر الناس على ما عودهم الرسول من العدل وجرى عليه الامر في أيام أبي بكر

 

= أصل له في الدين كزكاة الخيل وصلاة التراويح وغيرهما من أحداث كثيرة ! !. (1) بحار الانوار: في عدة موارد منها ما مر صفحة 44 وما سيأتي قريبا 40 / 107 و 41 / 116، وعن العامة في احقاق الحق 8 / 532 - 573، فراجع. (2) لا توجد: سنة، في (س). (3) قد مرت المصادر في أول الطعن، وجاءت في طبقات ابن سعد 3 / 304 أيضا.

 

[53]

لما نكث طلحة والزبير بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ولم تقم فتنة الجمل، ولم يستقر الامر لمعاوية، ولا تطرق الفتور إلى اتباع أمير المؤمنين عليه السلام وأنصاره، ولو كان المنازع له في أول خلافته معاوية لدفعه بسهولة ولم ينتقل الامر إلى بني أمية، ولم يحدث ما أثمرته تلك الشجرة الملعونة من إراقة الدماء المعصومة، وقتل الحسين عليه السلام، وشيوع سب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر، ثم انتقال الخلافة إلى بني العباس وما جرى من الظلم والجور على أهل البيت عليهم السلام وعلى سائر أهل الاسلام. وقد كان من الدواعي على الفتن والشرور بدعته الاخرى وهي الشورى، إذ جعل طلحة والزبير مرشحين للخلافة نظيرين لامير المؤمنين عليه السلام، قشق عليهما طاعته والصبر على الاسوة والعدل، وهذا في غاية الوضوح (1). وقد روى ابن عبد ربه في كتاب العقد (2) - على ما حكاه العلالمة رحمه الله عنه في كشف الحق (3) -، قال: إن معاوية قال (4) لابن الحصين (5): أخبرني: ما الري شتت أمر المسلمين وجماعتهم (6) ومزق ملاهم، وخالف بينهم ؟ !. فقال: قتل عثمان (7). قا: ما صنعت شيئا ؟. قال: فسير (8) علي إليك (9). قال: ما صنعت شيئا (10) ؟. قال: ما عندي غير هذا يا أمير المؤمنين. قال: فأنا أخبرك،

 

(1) ستأتي مفصلا في الطعن الثامن عشر. (2) العقد الفريد 4 / 281 [3 / 75 طبعة أخرى]. (3) كشف الحق (نهج الحق وكشف الصدق): 355. (4) لا توجد: قال، في (س). (5) هو: عمران بن حصين. وفي العقد: حضين. (6) لا توجد: وجماعتهم، في العقد. (7) كذا في الكشف، وفي العقد: قال: نعم، قتل الناس عثمان. (8) في المصدرين: فمسير. (9) في العقد زيادة: وقتاله إياك. (10) في الكشف والعقد زيادة: قال: فمسير طلحة والزبير وعائشة وقتال علي إياهم. قال: ما صنعت شيئا.

 

[54]

إنه لم يشتت بين المسلمين ولافرق أهواءهم إلا الشورى التي جعلها عمر في (1) ستة.. ثم فسر معاوية ذلك، فقال: لم يكن من الستة رجل إلا (2) رجاها لنفسه، ورجاها (3) لقومه، وتطلعت إلى ذلك نفوسهم (4)، ولو أن عمر استخلف (5) كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك اختلاف. وقد حكى ابن أبي الحديد (6) - أيضا - ذلك عن معاوية وقد تمم إثارة الفتنة بإغواء معاوية وعمر وبن العاص وأطماعهما (7) في الخلافة، وكان معاوية عامله على الشام وعمروبن العاص أميره وعامله على مصر، فخاف أن يصير الامر إلى علي عليه السلام. فقال - لما طعن وعلم بأنه سيموت (8) -: يا أصحاب محمد ! تناصحوا فإن (9) لم تفعلوا غلبكم عليها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان، روى ذلك ابن أبي الحديد (10). ثم حكى (11) عن شيخنا المفيد رحمه الله، أنه قال: كان غرض عمر بإلقاء هذه الكلمة إلى الناس أن تصل إلى عمرو بن العاص ومعاوية فيتغلبا على مصر والشام لو أفضي الامر إلى علي عليه السلام. وبالجملة، جميع ما كان وما يكون في الاسلام من الشرور إلى يوم النشور

 

(1) في العقد: إلى ستة. (2) في العقد: لم يكن رجل منهم إلا.. (3) في المصدرين زيادة: له، هنا. (4) في الكشف: أنفسهم، وفي العقد: نفسه. (5) في العقد زيادة: عليهم. (6) في شرحه على نهج البلاغة 3 / 99. (7) في (س): أطماعها. وهو سهو. (8) جاءت العبارة في المصدر هكذا: ان عمر بن الخطاب قال لما طعن.. (9) في الشرح: فإنكم إن.. (10) قاله ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 3 / 99. (11) ابن أبي الحديد في شرحه 3 / 99 بتصرف واختصار.

 

[55]

إنما أثمرته شجر فتنته، فغرس أصل الفتن يوم السقيفة، ورباها (1) ببدعه من التفضيل في العطاء ووضع الشورى و.. غير ذلك، فهو السهيم في جميع المعاصي والاجرام، والحامل لجملة الاوزار والاثام، كما مر في الاخبار الكثيرة. وأما الخمس، فالاية صريحة في أن لذي القربى فيه حقا، وإن اختلفوا في قدره ولم ينكر أحد أن عمر بن الخطاب لم يعطهم شيئا من أرض السواد ولا من خراجها، وكذلك منع سهمهم من أرض خيبر ومن سائر الغنائم وجعل الغنائم من بيت المال ووقف خراجها على مصالح، كما مر. وروى في جامع الاصول (2) من صحيحي أبو داود (3) والنسائي (4)، عن يزيد بن هرمز، قال: إن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن يراه ؟. فقال له: لقربي (5) رسول الله صلى الله عليه [وآله] قسمه رسول الله صلى الله عليه [وآله] لهم، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا، ورددناه (6) عليه، وأبينا أن نقبله. هذه رواية أبي داود (7). وفي رواية النسائي، قال: كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لم هو ؟. قال يزيد بن هرمز: فأنا كتبت كتاب ابن عباس إلى نجدة، كتب إليه: كتبت تسألني عن سهم ذي القربى لمن هو ؟ وهو هنا أهل البيت، وقد كان

 

(1) خ. ل: ورياها. (2) جامع الاصول 2 / 695 - 696 حديث 1197 باختلاف يسير. (3) كذا، والصحيح: أبي داود - بالياء - سنن أبي داود كتاب الخراج والامارة باب بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى حديث 2982. (4) سنن النسائي 7 / 128 - 129 في قسم الفئ. (5) في (س): كقربى. (6) في جامع الاصول: فرددناه. (7) وأخرجه أيضا مسلم في صحيحه كتاب الجهاد باب النساء الغازيات رضخ لهن ولا يسهم حديث 1812.

 

[56]

عمر دعانا إلى أن ينكح (1) ايمنا (2) ويجدي (3) منه عائلنا، ويقضي منه عن غارمنا، فأبينا إلا أن يسلمه إلينا، وأبى ذلك فتركنا عليه. وفي رواية أخرى له مثل أبي داود، وفيه: وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم، ويقضي عن غارمهم، ويعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك. انتهى. وهي - مع صحتها عندهم - تدل على أن عمر منع ذوي القربى بعض حقهم الذي أعطاهم رسول الله عليه وآله، ويفهم منها أن (4) هذا المنع إنما كان خوفا من قوة بني هاشم لو وصل إليهم ما فرض الله لهم من الخمس فيميل الناس إليهم رغبة في الدنيا فيمكنهم طلب الخلافة، وقد كان خمس الخراج من سواد العراق وحده اثنين وثلاثين ألف ألف درهم في كل سنة على بعض الروايات سوى خمس خيبر وغيرها، ولاريب أن قيمة خمس تلك الاراضي أضعاف أضعاف هذا المبلغ، وكذا خمس الغنائم المنقولة المأخوذة من الفرس وغيرهم مال خطير، فلو أنهم لم يغصبوا هذا الحق بل أدوا إلى بني هاشم وسائر ذوي القربى حقهم لم يفتقر أحد منهم أبدا، فوزر ما أصابهم من الفقر والمسكنة في أعناق أبي بكر وعمر وأتباعهما إلى يوم القيامة. وأما الفرض، فقد قال ابن أبي الحديد (5): روى ابن سعد في كتاب الطبقات (6): أن عمر خطب فقال: إن قوما يقولون: إن هذا المال حلال لعمر،

 

في المصدر زيادة: منه. (2) الايم: العزب، رجلا كان أو امرأة، كما في الصباح المنير 1 / 43. والايم - في الاصل - التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا، مطلقة كانت أو متوفى عنها، كما في النهاية 1 / 85 وغيرها. (3) جاءت الكلمة: يحذي، في المصدر، ويجزي في (س). (4) في (س): على أن - بزيادة على -. (5) شرح نهج البلاغة 12 / 219 - 220. (6) طبقات ابن سعد 3 / 275 - 276، ضمن حديث بتصرف.

 

[57]

وليس كما قالوا، لاها الله (1) إذن ! أنا أخبركم بما استحل منه، يحل لي منه (2) حلتان، حلة في الشتاء وحلة في القيظ (3)، وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش ليس بأغناهم ولا أفقرهم، ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم (4). وروى ابن سعد (5) - أيضا -، أن عمر كان إذا احتاج أتى إلى صاحب بيت المال فاستقرضه، فربما عسر عليه القضاء (6) فيأتيه صاحب بيت المال فيتقاضاه، فيحتال له، وربما خرج عطاؤه فقضاه. ولقد (7) اشتكى مرة فوصف له الطبيب العسل، فخرج حتى صعد المنبر - وفي بيت المال عكة (8) -، فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها وإلا فهي علي حرام، فأذنوا له فيها.

 

(1) قال في النهاية 5 / 237: وقد يقسم بالهاء فيقال: لاهاالله ما فعلت.. أي لا والله فعلت، أبدلت الهاء من الواو، ومنه حديث أبي قتادة يوم حنين: قال أبو بكر: لاها الله إذا.. هكذا جاء الحديث، والصواب لاهاالله ذا - بحذف الهمزة - ومعناه: لا والله لا يكون ذا، أو: لا والله الامر ذا، فحذف تخفيفا. (2) لا توجد: منه، في الطبقات. (3) القيظ: حمارة الصيف، كما في الصحاح 3 / 1178، وقال في مجمع البحرين 4 / 290: هو: صميم الصيف، ومثله في القاموس 2 / 398، والنهاية 4 / 132. (4) ونقله ابن الجوزي في سيرة عمر: 75 - 76. (5) طبقات ابن سعد 3 / 276، بتصرف. (6) لا توجد: القضاء، في الطبقات. (7) الطبقات 3 / 277 بإسناد آخر وبتصرف. (8) العكة - بالضم -: آنية السمن اصغر من القربة، كما في القاموس 3 / 313، وانظر الصحاح 4 / 1600. (9) جاء في طبقات ابن سعد ضمن حديث آخر في 3 / 281. (10) في المصدر: إن. (11) في (س): سافر.

 

[58]

منهم لينفق عليهم، فهل يحل له أن يستأثر منها بشئ ؟. وروى أخبارا أخر أيضا من هذا الباب ظنا منه أنها تعينه على دفع الطعن، مع أنها مما يؤيده، إذ بعضها يدل على أنه كان يرى الاخذ من بيت المال مجانا حراما ولو كان للضرورة، إلا أن يأذن ذوو الحقوق في ذلك، فيرد حينئذ أن الاستئذان ممن حضره حين صعد المنبر في الاكل من العسل لا يغني من جوع، فإن الحق لم يكن منحصرا في هؤلاء، ولم يكونوا وكلاء لمن غاب عنه حتى يكفيه إذنهم في التناول منه، مع أن بيت المال مصرفه مصالح المسلمين وليس مشتركا بينهم كالميراث ونحوه، فإذا لم يكن للحاضرين حاجة مصححة للاخذ منه لم يكن لهم فيه حق حتى ينفع إذنهم في الاخذ، وكون أخذ الامام من المصالح - لاسيما للدواء - لا ينفع، فإنه لو تم لدل على عدم الحاجة إلى الاستئذان مطلقا، فهذه [كذا] الاستئذان دائر بين أن يكون ناقصا (1) غير مفيد وبين أن يكون لغوا لا حاجة إليه، فيدل إما على الجهل وقلة المعرفة أو على الشيد والمكر لاخذ قلوب العوام، كما يقال: يتورع من سواقط الاوبار ويجر الاحمال مع القطار. الطعن السادس عشر: إنه كان يتلون في الاحكام، حتى روي أنه قضى في الجد بسبعين (2) قضية،

 

(1) في (س): ناقضا. (2) في (س): سبعين. أقول: وقد ذكر البيهقي في السنن الكبرى 6 / 246: أن أول جد ورث في الاسلام عمربن الخطاب، مات ابن فلان به عمر فأراد أن يأخذ المال دون اخوته، فقال له علي وزيد رضي الله عنهما: ليس لك ذلك. فقال عمر: لولا أن رأيكما اجتمع لم أر أن يكون ابني ولا أكون أباه. وقريب منه ما ذكره الدارمي في سننه 2 / 354. وأنظر: مستدرك الحاكم 4 / 340، ومجمع الزوائد وقال البيهقي في سننه 6 / 245 عن عبيدة قال: إني لاحفظ عن عمر في الجد مائة قضية كلها ينقض بعضها بعضا.=

 

[59]

هذا يدل على قلة علمه، وأنه كان يحكم بمجرد الظن والتخمين والحدس من غير ثبت ودليل (1)، ومثل هذا لا يليق بإمامة المسلمين ورئاسة الدنيا والدين. الطعن السابع عشر: إنه هم بإحراق بيت فاطمة عليها السلام (2)، وقد كان فيه أمير المؤمنين وفاطمة والحسنان عليهم السلام، وهددهم وآذاهم مع أن رفعة شأنهم عند الله تعالى وعند رسوله (ص) مما لا ينكره أحد من البشر (3) إلا من أنكر ضوء الشمس

 

= وذكر ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 181 [1 / 61 طبعة مصر]: كان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثم ينقضه ثم ينقضه ويفتي بضده وخلافه، قضى في الجد مع الاخوة قضايا كثيرة مختلفة، ثم خاف من الحكم في هذه المسألة فقال: من أراد أن يتقحم (يقتحم) جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه. (1) وله عدة موارد أقضية كان حكمه فيها مجرد رأي وتحكم وتضارب وتضارب وتشتت، قد مرت منها موارد وسيأتي منها موارد أخرى. منها: ترك الخليفة القود ممن يستحقه محاباة، كما أورده البيهقي في السنن الكبرى 8 / 32، والسيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه 7 / 303، وغيرهما، وجاء فيهما عدة وقائع. ونظيره ما رواه في كنز العمال 7 / 304. ومنها: قضاؤه في قتل قاتل عفا عنه بعض أولئ الدم، كما أورده الشافعي في كتابه الام 7 / 295، والبيهقي في سننه 8 / 60 وغيرهما. وانظر مسألة الكلالة في الطعن الثالث عشر. (2) قال ابن قتيبة في الامامة وسياسة تحت عنوان: كيف كان بيعة علي بن أبي طالب (ع) 1 / 19: إن أبا بكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي عليه السلام فبعث إليهم عمر فجاء فنااداهم - وهم في دار علي عليه السلام - فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لاحرقنها على من فيها. فقيل له فيها: يا أبا حفص ! إن فيها فاطمة. فقال: وإن. وجاء بلفظ آخر في كنز العمال 3 / 139، وقال: أخرجه ابن أبي شيبة. وفيه: وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندكم إن أمرتهم أن يحرق عليهم الباب !. (3) وهذه فعاله وبين أيديهم هتاف النبي الاقدس: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني. وفي لفظ: يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها. وفي ثالث: يؤذني ما آذاها وينصبني ما أنصبها. =

 

[60]

ونور القمر، وقد تقدم (1) القول فيه مستوفى فيما غبر. الطعن الثامن عشر: ما وقع منه في قصة الشورى، فقد أبدع فيها أمورا كثيرة: منها: إنه خرج عن النص والاختيار جميعا، فإنه قال قاضي القضاة في

 

= وفي رابع: فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها. وفي خامس: فاطمة مضغة مني يقبضني ما قبضها ويبسطني ما بسطها. وفي سادس: يسرني ما يسرها. وفي سابع: فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني. وقد نقلها عن تسعة وخمسين راويا العلامة الاميني - رحمه الله - في الغدير 7 / 331 - 336، وتعرض أيضا في 3 / 20 - 21. وقال في شرح الجامع الصغير 4 / 421: استدل به السهيلي على أن من سبها كفر، لانه يغضبه. وذكر ابن حجر: وفيه تحريم أذى كل ما يتأذى الممصطفى بتأذية، فكل من وقع منه في حق فاطمة شئ، فتأذت به فالنبي يتأذى به بشهادة هذا الخبر. وتذكر مثالا مصادر للحديث على اختلاف ألفاظه: صحيح البخاري 5 / 274، صحيح مسلم 2 / 261، سنن ابن ماجة 1 / 216، سنن أبي داود 1 / 324، جامع الترمذي 2 / 319، نوادر الاصول للترمذي: 308، خصائص النسائي: 35، مسند احمد بن حنبل 4 / 323، 328، الاغاني 8 / 156، مستدرك الحاكم: 154، 158، 159 وحلية الاولياء 2 / 40، السنن الكبرى 7 / 307، مشكاة المصابيح: 560، مصابيح السنة 2 / 278، الجامع الصغير والكبير لسيوطي، تهذيب التهذيب 12 / 441، الصواعق لابن حجر: 112، 114، الفصول المهمة: 150، نزهة المجالس: 228، نور الابصار: 45 وغيرها كثير جدا. (1) بحار الانوار 28 / 231 - 339، باب 4، جملة احاديث منها: 17، 50، 69، وغيرها. أقول: والادهى من كل ذا وامر قولته لسيد الوصيين ويعسوب الدين أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ! بعد رفضه البيعة، وأجابه بعد قوله: تقتلون إذا عبد الله وأخا رسوله - قال: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله فلا، كما أوردها ابن قتيبة في الامامة والسياسة وغيره، وناقشها سيدنا الفيروز آبادي في السبعة من السلف 2 / 17 مفصلا، فراجع.

 

[61]

المغني (1): قد ثبت عند كل من يقول بالاختيار أنه إذا حصل العقد من واحد برضا أربعة صار إماما، واختلفوا فيما عدا ذلك، فلابد فيما يصير به إماما من دليل، فما قارنه الاجماع يجب أن يحكم به. وحكى (2) عن شيخه أبي علي، أنه قال: إن ما روي عن عمر أنه قال: إن بايع ثلاثة وخالف اثنان فاقتلوا الاثنين (3).. من أخبار الاحاد، ولا شئ يقتضي صحته، فلا يجوز أن يطعن به في الاجماع. فكلامهم صريح في أن الامامة بالاختيار [انه] (4) لا يكون بأقل من خمسة، وقد ثبت عن عمر خلافه. ومنها: إنه وصف كل واحد منهم بوصف زعم أنه يمنع من الامامة، ثم جعل الامر فيمن له هذه الاوصاف. وقد روى السيد في الشافي (5)، عن الواقدي بإسناده عن ابن عباس، قال: قال عمر: لاأدري ما أصنع بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟. - وذلك قبل أن يطعن -، فقلت: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم ؟. قال: أصاحبكم - يعني عليا ؟ ! -. قلت: نعم والله، هو لها أهل في قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصهره وسابقته وبلائه ؟. قال: إن فيه بطالة وفكاهة (6) !. قلت:

 

(1) المغني 20 / 21 - 26 - القسم الثاني -. وأورده السيد المرتضى في الشافي 3 / 207. (2) المغني 20 / 26 - القسم الثاني -. ونقله بمعناه السيد في الشافي 4 / 202، وابن أبي الحديد في شرحه 12 / 258. (3) وقد نص الطبري في تاريخه 4 / 229 حوادث سنة 23 ه‍ على أمر عمر بالقتل لمن خالف الشورى، وغيره. (4) كذا، وخط عليها ورمز لها نسخة بدل في مطبوع البحار. (5) الشافي 4 / 202 - 205، بتصرف واختصار. (6) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 12 / 279: وأنا أعجب من لفظة عمر - إن كان قالها -: إن فيه بطالة،.. حاش لله أن يوصف علي عليه السلام بذلك، وإنما يوصف به أهل الدعابة واللهو، وما أظن عمر - إن شاء الله - قالها، وأظنها زيدت في كلامه ! وإن الكلمة هاهنا دالة على انحراف شديد !.

 

[62]

فأين (1) عن طلحة ؟. قال: فابن الزهو والنخوة. قلت: عبد الرحمن ؟. قال: هو رجل صالح على ضعف فيه. قلت: فسعد ؟. قال: صاحب (2) مقنب وقتال لا يقوم بقرية لو حمل أمرها. قلت: فالزبير ؟. قال: وعقة لقس (3)، مؤمن الرضا كافر (4) الغضب، شحيح، وإن هذا الامر لا يصلح (5) إلا لقوي في غير عنف، رفيق (6) في غير ضعف، جواد (7) في غير سرف. قلت: فأين أنت عن عثمان (8) ؟. قال: لووليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه (9). قال السيد رحمه الله (10): وقد روي من غير هذا الطريق أن عمر قال لاصحاب الشورى: روحوا إلي، فلما نظر إليهم قال: قد جاءني كل واحد منهم

 

(1) في المصدر زيادة: أنت. (2) في الشافي: ذاك صاحب. (3) جاء في حاشية (ك) ما يلي: وفي حديث عمر واهتمامه للخلافة فذكر له سعد، فقال: ذلك إنما يكون في مقنب من مقاببكم.. االمقنب - بالكسر -: جماعة الخيل والفرسان، وقيل: هي دون المائة، يريد أنه صاحب حرب وجيوش وليس بصاحب هذا الامر، ذكره في النهاية. وقال في حديث عمر:.. وذكر الزبير، فقال: وعقة لقس.. الوعقة - بالسكون -: الذي يضجر ويتبرم، يقال: رجل وعقة ووعقة أيضا، ووعق - بالكسر - فيهما. واللقس: السئ الخلق، وقيل: الشحيح. [منه (نور الله ضريحه)]. انظر: النهاية 4 / 111 فيه: هو دون.. و 5 / 207 و 4 / 264. (4) في حاشية (ك): مؤمن، ثم كتب بعدها: ابن أبي الحديد. ولعلها في بعض نسخه، وما هنا مثبت في المصدر المطبوع. (5) في الشافي زيادة: له. ولا توجد في شرح النهج. (6) في (ك): رقيق. (7) في (س) نسخة بدل: وجواد. (8) في المصدر: وعثمان. ولا توجد: عن، فيه. (9) حديث ابن عباس مع عمر جاء في الفائق 2 / 425 - 426، وأنساب البلاذري 5 / 16 باختلاف في العبارة، وجاء فيه: 17: قيل: طلحة ؟. قال: أنفه في السماء واسته في الماء. وذكره في شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 258 - 259، باختلاف يسير. (10) الشافي 4 / 203 - 204، ونقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه 12 / 259 - 260.

 

[63]

يهز عقيرته (1) يرجو أن يكون خليفة، أما أنت يا طلحة أفلست القائل: إن قبض النبي (ص) أنكح (2) أزواجه من بعده ؟ فما جعل الله محمدا بأحق ببنات أعمامنا (3)، فأنزل الله تعالى (4) فيك: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) (5)، وأما (6) أنت يا زبير ! فوالله ما لان قلبك يوما ولا ليلة، ومازلت جلفا (7) جافيا، وأما أنت يا عثمان فوالله لروثة (8) خير منك، وأما أنت يا عبد الرحمن فإنك رجل عاجز تحب (9) قومك جميعا، وأما أنت يا سعد فصاحب عصبية وفتنة (10)، وأما أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الارض لرجحهم (11)، فقام علي عليه السلام موليا يخرج (12)، فقال عمر: والله إني لاعلم مكان الرجل لو وليتموه أمركم لحملكم (13) على المحجة البيضاء، قالوا: من هو. قال: هذا المولي من بينكم. قالوا: فما يمنعك من ذلك ؟. قال: ليس إلى

 

(1) جاء في حاشية (ك): يهز عقيرته.. أي رفع صوته، قيل: أصله أن رجلا قطعت رجله فكان يرفع المقطوعة على الصحيحة ويصيح من شدة وجعها باعلى صوته، فقيل لكل رافع صوته: رفع عقيرته، العقيرة - فعيلة - بمعنى مفعولة. نهاية. انظر: النهاية 3 / 275 وفيه: إنه رفع عقيرته.. أي صوته. وقال فيه 5 / 262: نهز بهما.. أي نسرع السير بهما.. هزيزا كهزيز الرحى.. أي صوت دورانها. (2) في المصدر: لننكحن. (3) زيادة: منا، جاءت في الشافي. (4) لا توجد في المصدر: تعالى. (5) الاحزاب: 53. (6) في (س): وما. (7) قال في النهاية 1 / 287: الجلف: الاحمق. (8) زيادة: أهلك، جاءت في المصدر. وشرح ابن أبي الحديد كالمتن. (9) في الشافي: ما تحب، وما في المتن هو الظاهر. (10) جاءت العبارة في الشافي هكذا: فأنت رجل عصبي. (11) في المصدر: لرجح - بلا ضمير -. (12) لا توجد في الشافي: يخرج. (13) في الشافي: مكان رجل لو وليتموها إياه لحملكم.

 

[64]

ذلك سبيل (1). وفي خبر آخر - رواه البلاذري في تاريخه (2) -: أن عمر لما خرج أهل الشورى - من عنده، قال: إن ولوها الاجلح (3) سلك بهم الطريق. فقال عبد الله بن عمر (4): فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين ؟. قال: أكره أن أتحملها حيا وميتا. فوصف - كما ترى (5) - كل واحد من القوم بوصف قبيح يمنع من الامامة، ثم جعلها في جملتهم حتى كأن تلك الاوصاف تزول في حال الاجتماع، ونحن نعلم أن الذي ذكره إن كان مانعا من الامامة في كل واحد على الانفراد فهو مانع مع الاجتماع، مع أنه وصف عليا عليه السلام بوصف لا يليق به ولا ادعاه عدو قط عليه، بل هو معروف بضده من الركانة والبعد عن المزاح والدعابة (6)، وهذا معلوم ضرورة لمن سمع أخباره عليه السلام، وكيف يظن به ذلك، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أطرق هبنا أن نبتدئه (7) بالكلام، وهذا لا يكون إلا من شدة التزمت (8) والتوقر وما يخالف الدعابة والفكاهة. ومنها: أنه قال: لا أتحملها حاى وميتا.. وهذا إن كان على عدوله عن

 

(1) لا توجد: سبيل، في (س). (2) الانساب للبلاذري 5 / 18. وأورده أبو عمر في الاستيعاب 4 / 274 - 275 [2 / 419] في ترجمة علي بن أبي طالب عليه السلام، وابن سعد في الطبقات 3 / 341 - 342، والهندي في كنز العمال 6 / 359، والطبري في الرياض النضرة 2 / 72 وغيرهم في غيرها. (3) الاجلح من الناس.. من انحسر الشعر عن جانبي مقدم رأسه. (4) في الشافي: قال ابن عمر. (5) في الشافي: كما ترى، وقعت بعد: من القوم. (6) في المصدر: الفكاهة، بدلا من: الدعابة. (7) في المصدر المطبوع: تبتدئه. (8) جاء في حاشية (ك): قال الجوهري: الزميت: الوقور، وفلان ازمت الناس.. أي اوقرهم. [منه (رحمه الله)]. انظر: الصحاح للجوهري 1 / 250. (*)

 

[65]

النص على واحد بعينه فهو قول متملس (1) متخلص لا يفتات على الناس في آرائهم، ثم نقض هذا بأن نص على ستة من بين العالم كله، ثم رتب العدد ترتيبا مخصوصا يؤول إلى (2) أن اختيار عبد الرحمن هو المقدم، وأي شئ يكون من التحمل أكبر من هذا ؟ وأي فرق بين أن يتحملها بأن ينص على واحد بعينه وبين أن يفعل ما فعله من الحصر والترتيب ؟ !. ومنها: أنه أمر بضرب أعناق قوم - أقر بأنهم أفضل الامة - إن تأخروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيام، ومعلوم أن بذلك لا يستحقون القتل، لانهم إذا كانوا إنما كلفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الامام فربما طال زمان الاجتهاد وربما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض، فأي معنى للامر بالقتل إذا تجاوز الايام الثلاثة ؟. ثم (3) أنه أمر بقتل من يخالف الاربعة (4)، ومن يخالف العدد الذي فيه عبد

 

في حاشية (ك): الملاسة: ضد الخشونة: يقال: ملسته فتملس، وانملس من الامر: أفلت منه. والافتيات: افتعال من الفوت وهو السبق إلى الشئ دون ائتمار من يؤتمن، يقال: إفتات عليه بأمر كذا.. أي فاته به، وفلان لايفتات عليه.. أي لا يعمل بشئ دون امره. [منه (رحمه الله)]. انظر: الصحاح 3 / 979 - 980 و 1 / 260، ولسان العرب 6 / 221 و 2 / 69 - 70، وفيهما: يؤتمر، بدلا من: يؤتمن. وهو الظاهر. (2) في (س): إلا. وما في الشافي كالمتن. (3) لا توجد: ثم، في (ك). (4) أقول: أخرج الطبري في تاريخه 5 / 35 قال: قال عمر لصهيب: صل بالناس ثلاثة أيام، وأدخل عليا وعثمان الزبير وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة - ان قدم - وأحضر عبد الله بن عمر - ولا شئ له من الامر - وقم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبى واحد فأشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف - وان اتفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما، فإن رضى ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس. ذكره البلاذري في إنساب الاشراف 5 / 16 - 18، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 23، =

 

[66]

الرحمن، وكل ذلك مما لا يستحق به القتل (1). وما تمسكوا به من أن أمير المؤمنين عليه السلام دخل في الشورى طائعا وبايع غير مكره، فتدل رواياتهم على خلاف ذلك، فقد روى الطبري (2) في تلك القصة: إن عبد الرحمن قال: يا علي ! لا تجعلن على نفسك سبيلا، فإني نظرت فشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان، فخرج علي عليه السلام وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله. وفي رواية الطبري (3): إن الناس لما بايعوا عثمان تلكأ (4) علي عليه السلام، فقال عثمان (5): (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) (6)، فرجع علي عليه السلام حتى بايعه وهو يقول: خدعة وأي (7) خدعة. وروى السيد (8) رحمه الله، عن البلاذري (9)، عن ابن الكلبي، عن أبيه، عن أبي مخنف في إسناد له: إن عليا عليه السلام لما بايع عبد الرحمن (10) عثمان كان

 

= وابن عبدربه في العقد الفريد 2 / 257. وحكاه عنهم العلامة الاميني في الغدير 5 / 375، فراجع. وقريب منه ما رواه ابن أبي الحديد 9 / 50 - 51 عن الشعبي في كتاب الشورى، ومقتل عثمان، وعن الجوهري في زيادات كتاب السقيفة. (1) انتهى كلام السيد في الشافي 4 / 204 - 205 باختلاف يسير. (2) تاريخ الطبري 4 / 238. (3) تاريخ الطبري 4 / 229 [5 / 41] حوادث سنة 23 ه‍. (4) قال الجوهري في الصحاح 1 / 71:.. تلكا عن الامر تلكؤا: تباطأ عنه وتوقف، وجاء بمعنى التثاقل أيضا في النهاية الاثيرية 4 / 268، وفي غيرها مثلهما. (5) في المصدر: فقال عبد الرحمن. (6) الفتح: 10. (7) في تاريخ الطبري: وأيما. (8) الشافي 4 / 210. (9) أنساب الاشراف 5 / 22. (10) خط على: عبد الرحمن، في (س).

 

[67]

قائما فقعد، فقال له (1) عبد الرحمن: بايع وإلا ضربت (2) عنقك، ولم يكن يومئذ مع أحد (3) سيف غيره، فخرج علي (4) عليه السلام مغضبا، فلحقه أصحاب الشورى، فقالوا: بايع وإلا جاهدنا (5)، فأقبل معهم يمشي حتى بايع عثمان. فأي رضا هاهنا ؟ ! وأي إجماع ؟ ! وكيف يكون مختارا من يهدد بالقتل والجهاد ؟ !. وقد تكلم في هذا اليوم المقداد وعمار رضي الله عنهما وجماعة في ذلك عرضوا نصرتهم على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: والله ما أجد أعوانا عليهم ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون (6). وأما دخوله عليه السلام في الشورى فسيأتي ما روي من العلل في ذلك، وأي علة أظهر من أنهم رووا أن عمر أوصى أبا طلحة في خمسين رجلا حاملي سيوفهم على عواتقهم في إحضار القوم وقتلهم لو لم يعينوا خليفة في الايام المعينة. وقال السيد (7) رضي الله عنه - بعد إيراد بعض الروايات من طرقهم مما يدل على عدم رضاه عليه السلام بالشورى وبما (8) ترتب عليه -: وهذه الجملة التي أوردناها قليل من كثير في أن الخلاف كان واقعا، والرضا كان مرتفعا، والامر إنما تم بالحيلة والمكر والخداع، وأول شئ مكر به عبد الرحمن أنه ابتدأ فأخرج نفسه

 

(1) لا توجد: له، في (س). (2) في الشافي: اضرب. (3) في الانساب والشافي: مع أحد يومئذ - بتقديم وتأخير -. (4) في المصدرين: فيقال إن عليا خرج، بدلا من: فخرج. (5) في الشافي والانساب: جاهداك. (6) وقد أورده السيد في الشافي 4 / 211 - 212 بتفصيل، وحكاه عنه ابن أبي الحديد 12 / 265 - 266، ورواه قبلهما الطبري 3 / 297 حوادث سند 23 ه‍. (7) الشافي 4 / 213. (8) في (ك): وانما.

 

[68]

عن الامر (1) ليتمكن من صرفه إلى من يريد، وليقال إنه لولا إيثاره (2) الحق وزهده في الولاية لما أخرج نفسه منها (3)، ثم عرض على أمير المؤمنين عليه السلام ما يعلم أنه لا يجيب إليه (4) ولا يلزمه (5) الا جابة إليه من السيرة فيهم بسيرة الرجلين، وعلم أنه عليه السلام لا يتمكن من أن يقول إن سيرتهما لا يلزمني (6)، لئلا ينسب إلى الطعن عليهما، وكيف يلتزم بسيرتهما (7) وكل واحد منهما لم يسير بسيرة الاخر، بل اختلفا وتباينا في كثير من الاحكام، هذا بعد أن قال لاهل الشورى: وثقوا لي (8) من أنفسكم بأنكم ترضون باختياري إذا أخرجت (9) نفسي، فأجابوه - على ما رواه أبو مخنف بإسناده - إلى ما عرض عليهم، إلا أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه قال: انظر.. لعلمه بما يجر هذا المكر، حتى أتاهم أبو طلحة فأخبره عبد الرحمن بما عرض وبإجابة القوم إياه إلا عليا عليه السلام، فأقبل أبو طلحة على علي عليه السلام، فقال: يا أبا الحسن ! إن أبا محمد ثقة لك وللمسلمين، فما بالك تخالفه وقد عدل بالامر عن نفسه، فلن يتحمل المأثم لغيره ؟ ! فأحلف علي عليه السلام عبد الرحمن (10) أن لا يميل إلى هوى، وأن يؤثر الحق ويجتهد للامة ولا يحابي (11) ذا

 

(1) في الشافي: من الامر. (2) جاءت: ايثار - بلا ضمير -، في المصدر. (3) لا توجد: منها، في الشافي. (4) في (ك): إنه لا يجب. ووضع فيها على: إليه، رمز نسخة بدل. (5) جاءت في الشافي: ولا تلزمه. وفي (س): ولا يلزم. (6) في المصدر: لا تلزمني. (7) في الشافي: يلزم سيرتهما. وفي (ك) تقرأ: يلتزم سيرتهما. (8) جاءت: إلى، بدلا من: لي، في (ك). (9) في الشافي: إذا خرجت. (10) في مطبوع البحار زيادة: بما عرض. ووضع عليها رمز نسخة بدل، ولا توجد في المطبوع من المصدرين. (11) في (ك): ولا يجابي. وفي الشافي: ولا يحامى.

 

[69]

قرابة، فحلف له. وهذا غاية ما يتمكن (1) منه أمير المؤمنين عليه السلام في الحال، لان عبد الرحمن لما أخرج نفسه من الامر فظنت (2) به الجماعة الخير، وفوضت إليه الاختيار، لم يقدر (3) أمير المؤمنين عليه السلام على أن يخالفهم وينقض ما اجتمعوا عليه، فكان أكثر ما تمكن منه أن أحلفه وصرح بما يخاف من جهته من الميل إلى الهوى وإيثار القرابة غير أن ذلك كله لم يغن شيئا. ومنها: إنه نسب أمير المؤمنين عليه السلام إلى الفكاهة والبطالة، وذمه عموما في ضمن ذم جميع الستة، وكان يهتم ويبذل جهده في منع أمير المؤمنين عليه السلام عن الخلافة حسدا وبغيا، ويكفي هذا في القدح، واستبعاد ابن أبي الحديد (4) هذا وادعاؤه الظن بأنها زيدت في كلامه غريب لاشتمال جل رواياتهم عليه، وليس هذا ببدع منه. فقد روى ابن أبي الحديد (5) عنه، أنه قال: يا ابن عباس ! لقد أجهد هذا الرجل (6) نفسه في العبادة حتى نحلته رياء !. قال ابن عباس: قلت: من هو ؟. قال: الاجلح - يعني عليا عليه السلام -. قلت: وما يقصد بالرياء ؟. قال: يرشح نفسه بين الناس للخلافة. وروى عن الشعبي في كتاب الشورى (7)، وعن الجوهري في كتاب السقيفة، عن سهل بن سعد الانصاري (8)، قال: مشيت وراء علي بن أبي طالب

 

(1) في المصدر: ما تمكن. (2) في الشافي: ظنت - بلافاء -. (3) جاءت العبارة في المصدر هكذا: وفوضوا إليه الاختيار فلم يقدر.. (4) في شرحه على نهج البلاغة 12 / 279، وقد مر نص عبارته. (5) شرح النهج 12 / 80: بتصرف يسير، نقله عن أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب. (6) خط على: الرجل، في (س). (7) رواه ابن أبي الحديد في شرحه 5 / 50 - 55. (8) في المصدر: قال الشعبي: فحدثني من لا أتهمه من الانصار. وقال احمد بن عبد العزيز الجوهري: هو سهل بن سعد الانصاري. وفي (س) زيادة: بن، قبل: الانصاري.

 

[70]

(ع) حين انصرف من عند عمر، والعباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه، فسمعته يقول للعباس (1): ذهبت منا والله !. فقال: كيف علمت ؟. قال: ألا تسمعه يقول: كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن، وسعد لا يخالف عبد الرحمن (2) لانه ابن عمه، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره، فإذا اجتمع هؤلاء ! فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني شيئا، دع أني لست أرجوهما ولا أحدهما (3)، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا لا، لعمر الله (4) ما جعل الله ذلك لهم علينا كماا لم يجعل لاولاهم على أولانا (5)، أما والله لئن لم يمت عمر لاذكرنه (6) ما أتى إلينا قديما، ولاعلمنه (7) سوء رأيه فينا وما أتى إلينا حديثا، ولئن مات - وليموتن - ليجمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الامر عنا، ولئن فعلوها ليروني (8) حيث يكرهون، والله ما بي رغبة في السلطان ولا أحب الدنيا، ولكن الاظهار العدل، والقيام بالكتاب والسنة (9). وقد ورد في الروايات التصريح بأنه أراد بهذا التدبير قتل أمير المؤمنين عليه السلام كما سيأتي في أخبار الشورى. وروى أبو الصلاح رحمه الله في كتاب تقريب المعارف (10)، عن أمير المؤمنين

 

(1) في مطبوع البحاار: لعباس. (2) لا يوجد في المصدر المطبوع: وسعد لا يخالف عبد الرحمن. (3) في شرح النهج: مع أني لست أرجوا إلا أحدهما. (4) في مطبوع البحار زيادة الواو قبل لفظ الجلالة. (5) في المصدر: لاولادهم على أولادنا. (6) في شرح النهج: لاذكرته. (7) في المصدر: لاغلمته. (8) في الشرح زيادة: وليفعلن. وفيه: ليرونني - بزيادة النون -. (9) إلى هنا كلام ابن أبي الحديد في شرحه 9 / 50 - 51، بتصرف يسير. (10) تقريب المعارف: القسم الثاني الشامل لمطاعن الخلفاء الثلاثة وغيرهم، لم يطبعه مصحح الكتاب مع الاسف.

 

[71]

عليه السلام أنه قال: ثم إن عمر هلك وجعلها شورى وجعلني سادس ستة كسهم الجدة، وقال: اقتلوا الاقل، وما أراد غيري، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربي، وألزقت كلكي (1) بالارض.. الخبر. وروى ابن أبي الحديد في الشرح (2)، وابن الاثير في الكامل (3)، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه.. أنه قال يوما لابن عباس: أتدري ما منع الناس لكم (4) ؟. قال: لا، يا أمير المؤمنين. قال: و (5) لكني أدري. قال: ما هو يا أمير المؤمنين ؟. قال: كرهت قريش أن تجمع لكم النبوة والخلافة فتجحفوا الناس جحفا (6)، فنظت قريش لانفسها فاختارت، ووفقت فأصابت. فقال ابن عباس: أيميط - أمير المؤمنين - عني غضبه فيسمع ؟. قال: قل ما تشاء. قال: أما قول أمير المؤمنين إن قريشا اختارت (7) لانفسها فأصابت ووفقت.. (8) فإن الله تعالى يقول: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (9)، وقد علمت -

 

في (س): الكلل. وهنا حاشية جاءت في (ك) وهي: والكلل والكلكل: الصدر، أو ما بين الترقوتين. مجمع. انظر: مجمع البحرين 5 / 465، وفيه: الكلكل والكلكال. (2) شرح النهج 12 / 53 - 55. (3) الكامل لابن الاثير: 3 / 34 [دار الكتاب العربي] باختلاف كثير أشرنا لبعضه. (4) في المصدرين: منكم. وهو الظاهر. (5) لا توجد الواو في الشرح. (6) في المصدر: فيجخفوا جخفا. الجخف: هو الفخر والشرف، ويروى جفخا. ذكره ابن الاثير في النهاية 1 / 242، انظر: مجمع البحرين 5 / 31، والقاموس 3 / 121، وفي الكامل: فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا. (7) إن في نقل عبارة المصدر تقديم وتأخير، فإن قوله: اختارت.. إلى قوله: ولا محدود، جاء في المصدر تلو آية: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)، باختلاف نشير إليه. (8) لا توجد في المصدر: لانفسها فأصابت ووفقت. توجد القضية إلى هنا في ديوان زهير: 281 - 283. (9) القصص: 68.

 

[72]

يا أمير المؤمنين - أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار، فلو أن قريشا (1) اختارت لانفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محدود. وأما قولك: إنهم أبو أن يكون لنا النبوة والخلافة.. فإن الله تعالى وصف قوما بالكراهة، فقال (2): (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) (3)، وأما قولك: إنا كنا نجحف.. فلو جحفنا بالخلافة لجحفنا بالقرابة، ولكن أخلاقنا (4) مشتقة من خلق رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم الذي قال الله في حقه (5): (وإنك لعلى خلق عظيم) (6)، وقال له: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (7). فقال عمر: على رسلك يا ابن عباس !، أبت قلوبكم - يا بني هاشم - إلا غشا في أمر قريش لا يزول، وحقدا عليها لا يحول. فقال ابن عباس: مهلا يا أمير المؤمنين !، لاتنسب قلوب بني (8) هاشم إلى الغش فإن قلوبهم من قلب رسول الله صلى الله عليه [وآله] الذي طهره الله وزكاه، وهم أهل البيت الذي قال الله تعالى فيهم (9): إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (10)، وأما قولك: حقدا.. فكيف لا يحقد من غصب شيئه، ويراه في يد

 

(1) في الشرح: فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت قريش، بدلا من قوله: فلو أن قريشا.. إلى قوله: ولا محدود. (2) في المصدر: أما قول أمير المؤمنين: إن قريشا كرهت.. فإن الله تعالى قال لقوم.. (3) سورة محمد (ص): 9. (4) في شرح النهج: فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ولكنا قو أخلاقنا.. (5) لا توجد في المصدر: في حقه، وبدلا منها: تعالى. (6) القلم: 4. (7) الشعراء: 215. (8) لا توجد في المصدر: قلوب بني. وكلمة: هاشم، فيه بالرفع. (9) في شرح النهج: لهم. (10) الاحزاب: 33.

 

[73]

غيره ؟ !. فقال عمر: أما أنت - يا عبد الله (1) - فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي. قال: وما هو أمير المؤمنين ؟ أخبرني به، فإن يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه، وإن يك حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك. فقال (2): بلغني أنك لا تزال تقول: أخذ هذا الامر (3) حسدا وظلما. قال: أما قولك - يا أمير المؤمنين - حسدا، فقد حسد إبليس آدم، فأخرجه من الجنة، فنحن بنو آدم المحسودون (4)، وأما قولك: ظلما، فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو ؟ !، ثم قال: يا أمير المؤمنين !، ألم يحتج (5) العرب على العجم بحق رسول الله (ص) واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فنحن أحق برسول الله (ص) من سائر قريش ؟ !. فقال عمر: قم الان فارجع إلى منزلك، فقام فلما ولى هتف به عمر: أيها المنصرف ! إني على ما كان منك لراع حقك !. فالتفت ابن عباس، فقال: إن لي عليك - يا أمير المؤمنين - وعلى كل المسلمين حقا برسول الله صلى الله عليه [وآله]، فمن حفظ فحظ (6) نفسه حفظ، ومن أوضاع فحق نفسه أضاع، ثم مضى، فقال عمر لجلسائه: واها (7) ! لابن عباس، ما رأيته يحاج (8) أحدا قط إلا خصمه !.

 

(1) في المصدر: يابن عباس. (2) في شرح النهج: فإن منزلتي عندك لاتزول به. قال. (3) زيادة: منك، في المصدر. (4) في الشرح: المحسود - بصيغة المفرد -. (5) في المصدر: ألم تحتج. (6) في المصدر: فحق. (7) قيل: معنى هذه الكلمة التلهف، وقد توضع موضع الاعجاب بالشي، يقال: واها له. وقد ترد بمعنى التوجع، وانتصابها على إجرائها مجرى المصادر، قاله الطريحي في مجمع البحرين 1 / 466. (8) في الشرح: لاحى.

 

[74]

وروى أيضا ابن أبي الحديد (1)، عن ابن عباس، قال: دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع من تمرة (2) على خصفة (3) فدعاني إلى الاكل، فأكلت تمرة واحدة، وأقبل يأكل حتى أتى عليه، فشرب من جرة كانت (4) عنده، واستلقى على مرفقة له، وطفق يحمد الله.. ويكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبد الله ؟. قلت: من المسجد. قال: كيف خلفت ابن عمك ؟، فظننته يعني عبد الله بن جعفر، قلت: خلفته يلعب مع أترابه. قال: لم أعن ذلك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت. قلت: خلفته يمتح بالغرب (5) على نخيلات من فلان ويقرأ (6) القرآن. قال: يا عبد الله ! عليك دماء البدن إن كتمتنيها، هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة ؟. قلت: نعم. قال: أيزعم أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] نص عليه ؟. قلت: نعم، وأزيدك: سألت أبي عما يدعيه، فقال: صدق. فقال عمر: لقد كان من رسول الله صلى الله عليه [وآله] في أمره زرؤ (8)

 

(1) في شرح نهج البلاغة 12 / 20 - 21، بتصرف. (2) في المصدر: من تمر - بلا تاء -. (3) قال في الصحاح 4 / 1351: الخصفة - بالتحريك -: الجلة التي تعمل من الخوص للتمر. وأضاف في النهاية 2 / 37.. وكأنها فعل بمعنى مفعول من الخصف، وهو ضم الشئ إلى الشئ لانه شئ منسوج من الخوص، وجاء في مجمع البحرين 5 / 41، والقاموس 3 / 134. (4) في الشرح: ثم شرب من جركان. وفي (ك): كان، بدلا من: كانت. أقول: الجر - بفتح الجيم وتشديد الراء - آنية من خزف، الواحدة: جرة. انظر: الصحاح 2 / 611. (5) جاء في حاشية (ك): والغرب: الدلو الغظيم. صحاح. أقول: قاله في الصحاح 1 / 193. ومتح الماء يمتحه متحا: إذا نزعه. ذكره الجوهري في الصحاح 1 / 403، وابن الاثير في النهاية 4 / 291، والطريحي في المجمع 2 / 411، والفيروز آبادي في القاموس 1 / 248. (6) في المصدر: وهو يقرأ. (7) فيه، بدلا من: عليه، جاءت في (س). (8) في الشرح: ذرو. يقال: ذرو من قول.. أي طرف منه ولم يتكامل. والزرو: الناقصص والحقير والشئ المعيوب.

 

[75]

من قول لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يزيغ (1) في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الاسلام ! ولا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا، ولو وليها لاتنقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله صلى الله عليه [وآله] أني علمت ما في نفسه، فامسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم. قال (2): ذكر هذا الخبر احمد بن أبي طاهر صاحب كتاب بغداد في كتابه مسندا. وروى أيضا (3)، أنه قال عمر لابن عباس: يا عبد الله ! أنتم أهل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وبنو عمه فما منع قومكم منكم ؟. قال: لاأدري (4)، والله ما أضمرنا لهم إلا خيرا، قال (5): اللهم غفرا إن قومكم كرهوا أن تجتمع (6) لكم النبوة والخلافة فتذهبوا في السماء شتحا (7) وبذخا (8)، ولعلكم تقولون إن أبا بكر أول من أخركم، أما أنه لم يقصد ذلك ولكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم

 

(1) في المصدر: يربع. والزيغ: هو الميل، كما في الصحاح 4 / 1320، ومجمع البحرين 5 / 10، والنهاية 2 / 325. وقال في القاموس 3 / 24: ربع - كمنع -: وقف وانتظر. (2) قاله ابن أبي الحديد في الشرح 12 / 21. (3) ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 12 / 9، وجاء في صفحة: 189 من الشرح أيضا. (4) في المصدر زيادة: علتها. (5) في (ك): فقال. (6) في الشرح: أن يجتمع. (7) في المصدر: شمخا، وهي نسخة في مطبوع البحار، وما في (س): تقرأ: شمخا. أشخم اللبن: تغيرت رائحته، وشخم - بالفتح -: الطعام، وشخم - بالكسر -: إذا فسد، جاء في الصحاح 5 / 1959، والقاموس 4 / 135. وقال ابن الاثير في النهاية 2 / 500: الشامخ: العالي، وقد شمخ يشمخ شموخا، وكذا جاء في القاموس 1 / 262. وأم: شتح، فلم نجد لها معنى منا اسب في كتب اللغة التي بأيدينا. (8) البذخ: الكبر، كما في الصحاح 1 / 419، والقاموس المحيط 1 / 257، والنهاية 1 / 110، والفخر والتطاول، كما في مجمع البحرين 2 / 429.

 

[76]

مما فعل، ولولا رأي أبي بكر في لجعل لكم من الامر نصيبا، ولو فعل ما هناكم مع قومكم.. أنهم ينظرون اليكم نظر الثور إلى جاذره (1). وروى أيضا (2)، عن الزبير بن بكار، عن ابن عباس، أنه قال عمر - في كلام كان بينهما -: يا ابن عباس ! إن صاحبكم إن ولي هذا الامر أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به، فليتني أراكم بعدي. ورى - أيضا - فيه (3)، عن أبي بكر الانباري في أماليه: إن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس، فلما قام عرض (4) واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب، فقال عمر: حق لمثله أن يتيه، والله لولا سيفه لما (5) قام عمود الاسلام، وهو بعد أقضى الامة وذو سابقتها وذو شرفها. فقال له ذلك القائل: فما منعكم - يا أمير المؤمنين - عنه ؟. قال: كرهناه على حداثة السن وجبه بني عبد المطلب. فقد ظهر من تلك الاخبار إن عمر كان يبذل جهده في منع أمير المؤمنين عن الخلافة، مع أنه كان يعترف مرارا أنه كان أحق بها، وأن الله ورسوله صلى الله عليه وآله كانا يرتضيانه لها. ومنها: إنهم رووا أنه قال - بعد ما طعن -: لو كان سالم حيا لم يخالجني فيه شك واستخلفته، مع إن الخاصة والعامة - إلا شذوذا لا يعبأ بهم - اتفقت على ان الامامة لا تكون إلا في قريش، وتضافرت بذلك الروايات، ورووا أنه شهد عمر يوم السقيفة بأن النبي صلى الله عليه وآله قال: الائمة من قريش، وذلك مناقضة صريحة ومخالفة للنص والاتفاق.

 

(1) في الشرح: إلى جازره. (2) شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 50. (3) شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 82. (4) في (ك) زيادة: كل، وخط عليها في (س). (5) تقرأ في (س): ما.

 

[77]

و (1) أما المقدمة الاولى: فروى ابن الاثير في الكامل (2)، عن عمر بن ميمون (3): إن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له: يا أمير المؤمنين ! لو استخلفت ؟. قال: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته، وقلت لربي إن سألني سمعت نبيك يقول: إنه أمين هذه الامة، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: إن سالما شديد الحب لله. فقال له رجل: أدلك على (4) عبد الله بن عمر. فقال: قاتلك الله ! والله ما إردت الله بهذا (5)، ويحك ! كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته، لا أرب لنا في أموركم (6) ما حمدتها (7) فأرغب فيها لاحد من أهل بيتي، إن كان خيرا، فقد أصبنا منه، وإن كان شرا فقد صرف (8) عنا، حسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد صلى الله عليه [وآله]. وروى السيد رضي الله عنه في الشافي (9)، وابن أبي الحديد في شرح النهج (10)، عن الطبري (11) مثله.

 

(1) لا توجد الواو في (س). (2) الكامل 3 / 34 [دار الكتاب العربي] [5 / 33] باختلاف يسير، ومثله في العقد الفريد 2 / 256. (3) في الكامل: عمر بن ميمون الاودي. (4) في المصدر: عليه - بزيادة الضمير -. وفي شرح النهج: ول عبد الله بن عمر، بدلا من: أدلك على عبد الله بن عمر. وما في تاريخ لطبري مطابق لما هنا. (5) في شرح النهج: والله ما الله أردت بهذا الامر. (6) في شرح النهج: لاأرب لعمر.. وفي شرح النهج: في خلافتكم، بدلا من: أموركم. (7) في مطبوع البحار تقرأ: فماجدتها. وما أثبتناه من المصدر وتاريخ الطبري وشرح النهج لابن أبي الحديد. (8) في (س): صرفت. وفي شرح النهج والطبري: يصرف. (9) الشافي 3 / 197. (10) شرح النهج 1 / 190 عن تاريخ الطبري، وقال: هذه الرواية هي التي اختارها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ. (11) تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك) 5 / 33 [4 / 230] حوادث سنة 23 ه‍. وأورد ابن سعد =

 

[78]

وروى السيد (1) رحمه الله، عن احمد بن محمد (2) البلاذري في كتاب تاريخ الاشراف (3)، عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع: إن عمر بن الخطاب كان مستندا إلى ابن عباس وعنده ابن عمر وسعيد ابن زيد، فقال: اعلموا إني لم أقل في الكلالة شيئا، ولم أستخلف بعدي أحدا، وإنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله. فقال سعيد بن زيد: أما أنك لو أشرت إلى رجل (4) من المسلمين اائتمنك الناس. فقال عمر: لقد رأيت من أصحابي حرصا سيئا، وإني (5) جاعل هذا الامر إلى هؤلاء النفر الستة الذين مات رسول الله (ص) وهو عنهم (6) راض. ثم قال: لو أدركني أحد الرجلين لجعلت (7) هذا الامر إليه و (8) لوثقت به، سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة ابن الجراح، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ! فأين أنت عن عبد الله بن عمر ؟. فقال: له: قاتلك الله (9) ! ما أردت والله أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته (10).

 

= في طبقاته 3 / 248، والباقلاني في التمهيد: 204، وأبو عمر في الاستيعاب 2 / 561، والحافظ العراقي في طرح التثريب 1 / 49، وابن الاثير في أسد الغابة 2 / 246 وغيرهم في غيرها، وفيه: أن عمر قال: لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الامر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبي عبيدة الجراح، ولو كان سالم حيا ما جعلتها شورى. (1) الشافي 3 / 197 - 198. (2) وفي المصدر: وروى أبو الحسن احمد بن يحيى بن جابر البلاذري. وهو الظاهر، وقد توفي في سنة 279 ه‍. (3) لم نجده مماا هو مطبوع من أنساب الاشراف (تاريخ الاشراف)، فراجع. (4) في المصدر: برجل. (5) في الشافي: وانا. (6) وضع على: عنهم، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار. (7) في المصدر: فجعلت. (8) لا توجد الواو، في الشافي. (9) لا توجد كلمة: الله، في (س)، والعبارة في المصدر: قاتلك الله، والله ما أردت الله بها. وهو الظاهر. (10) وقريب منه: ما أورده ابن سعد في طبقاته 3 / 353 و 359.

 

[79]

قال عفان - يعني بالرجل الذي أشار إليه بعبدالله بن عمر: المغيرة بن شعبة. وقد ذكر هذه الرواية قاضي القضاة (1) ولم يطعن فيها. وأما المقدمة الثانية: فقد روى البخاري (2) ومسلم (3) في صحيحيهما، وصاحب جامع الاصول (4)، عن (5) أبي هريرة، إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] قال: الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم، الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا، تجدون من خير الناس أشد كراهيد لهذا الشأن حتى يقع فيه. ورووا جميعا (6)، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]: لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي منهم اثنان. وروى البخاري (7)، عن معاوية، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله

 

(1) المغني 20 / 236 - القسم الاول -. (2) صحيح البخاري 6 / 385 كتاب الانبياء باب المناقب [4 / 217 باب 1، قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى). دار مطابع الشعب]. (3) صحيح مسلم كتاب الامارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش حديث 1818. (4) في جامع الاصول 9 / 209 حديث 6787 ذكر صدر الحديث باختلاف يسير. وجاء كاملا فيه 4 / 42 حديث 2017، وأخرجه أحمد في مسنده 2 / 243 و 261 و 395 و 433، وابن حجر في فتح الباري 13 / 101 - 107 في الاحكام باب الامراء من قريش، وذكره قبل ذلك فيه 6 / 388 في تعريف قريش، والنووي في شرح صحيح مسلم 2 / 119 كتاب الامارة باب الناس تبع لقريش.. وغيرهم. (5) في (س): من، بدلا من: عن. (6) صحيح البخاري 6 / 389 كتاب الانبياء باب مناقب قريش، وكتاب الاحكام باب الامراء من قريش، وصحيح مسلم كتاب الامارة باب الناس تبع لقريش ز (7) صحيح البخاري 6 / 389 [4 / 218 - دار الشعب] كتاب الانبياء باب مناقب قريش، وفي كتاب الاحكام باب الامراء من قريش، وجاء في جامع الاصول 4 / 43 ذيل حديث 2019.

 

[80]

عليه [وآله] وسلم: إن هذا الامر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه (1) الله على وجهه ما أقاموا الدين. وروى مسلم (2)، عن جابر، أنه صلى الله عليه [وآله] قال: الناس تبع لقريش في الخير والشر. وروى صاحب جامع الاصول (3)، عن الترمذي (4) بإسناده، عن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] يقول: قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة. وقال قاضي القضاة في المغني (5) - في بحث إن الائمة من قريش -: قد استدل شيوخنا على ذلك بما روي عنه صلى الله عليه [وآله]: إن الائمة من قريش (6). وروى أيضا أنه قال: هذا الامر لا يصلح إلا في هذا الحي من قريش.

 

(1) في المصدرين: كبه. (2) صحيح مسلم كتاب الامارة باب الناس تبع لقريش حديث 1819، وجاء في جامع الاصول 4 / 42 حديث 2016 و 9 / 209 حديث 6786. (3) جامع الاصول 4 / 44 ذيل حديث 2020. (4) صحيح الترمذي كتاب الفتن باب ما جاء أن الخلفاء من قريش إلى يوم القيامة حديث 2228، وجاء في هذا الباب عن ابن عمر، وابن مسعود، وجابر أيضا. (5) المغني 21 / 234. باختلاف أشرنا إلى أكثره. (6) من الروايات النبوية المتواترة معنا المستفيضة إسنادا، فبنصه في مسند الطيالسي حديث 926 و 2133 وبمضمونه في البخاري كتاب الاحكام باب 51، ومسلم كتاب الامارة حديث 5 - 10، والترمذي كتاب الفتن باب 46، ومسند احمد بن حنبل 1 / 398 و 5 / 86 - 101 و 106 - 108 وغيرها. ومن مضامينه (الناس تبع لقريش في هذا الشأن) كما جاء في الصحيحن وسنن النسائي ومسلم ومالك والترمذي وأكثر من خمس وعشرين مورد في مسند احمد بن حنبل. وقال علي عليه السلام كما في نهج البلاغة: 200 - 201 خطبة 144 - صبحي صالح -: إن الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم. وأورده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شرح ابن أبي الحديد 9 / 87.

 

[81]

وقووا ذلك بما كان يوم السقيفة من كون ذلك سببا لصرف الانصار عما كانوا عزموا عليه، لانهم عند (1) هذه الرواية انصرفوا عن ذلك وتركوا الخوض فيه. وقووا ذلك بأن أحدا لم ينكره في تلك الحال، فإن أبا بكر استشهد في ذلك بالحاضرين، فشهدوا به (2) حتى صار خارجا عن (3) باب خبر الواحد إلى الاستفاضة (4). وقووا ذلك بأن ما جرى هذا المجرى إذا ذكر في ملا من الناس وادعى عليهم (5) المعرفة فتركهم النكير يدل على صحة الخبر المذكور. وقال شارح المواقف (6) في بحث شروط الامامة: اشترط الاشاعرة والجبائيان أن يكون الامام قرشيا، ومنعه الخوارج وبعض المعتزلة. لنا قوله صلى الله عليه [وآله]: الائمة من قريش. ثم الصحابة عملوا بمضمون هذا الحديث، فإن أبا بكر استدل به يوم السقيفة على الانصار حين نازعوا في الامامة بمحضر الصحابة فقبلوه وأجمعوا عليه فصار دليلا قطعيا يفيد اليقين باشتراط القرشية (7). ثم أجاب عن حجة المخالف. وأجاب قاضي القضاة (8) عن المناقصة بأنه يحتمل أن يريد عم أنه لو كان

 

(1) في (ك): عنده. (2) في المصدر زيادة: على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم. (3) في المغني: من، بدلا من: عن. (4) في المصدر: إلى الكثرة. (5) في المغني: علم، بدلا من: عليهم. (6) المواقف (للايجي)، والشارح الشريف الجرجاني 8 / 350. (7) إلى هنا كلام الجرجاني في شرحه على المواقف. (8) في كتابه المغني 21 / 236. قال: قيل له: ليس في الخبر بيان الوجه الذي كان لا يتخالجه الشك فيه، ويحتمل أن يريد أن يدخله في المشورة والرأي دون الشورى، فلا يصح أن يقدح به فيما قلناه، بل لو ثبت عنه الرضا الصريح في ذلك يجوز أن يعترض به عليه على ما رويناه من الخبر.

 

[82]

سالم حيا لم يتخالجه الشك في إدخاله في المشورة والرأي دون التأهيل للامامة. وبطلانه واضح، فإن الروايات كما عرفت صريحة في الاستخلاف وتفويض الامر إليه، ولا تحتمل مثل هذا التأويل، كما لا يخفى على المنصف. ثم إن قوله في سالم وأبو عبيدة دليل ظاهر على جهله، فإن ما رووا عنه من الامتناع عن التعيين والتنصيص معللا بقوله: ما أردت أن أتحملها حيا وميتا، بعد اعترافه بأن أمير المؤمنين عليه السلام لو ولي الامر لحمل الناس على الحق، يدل على أنه إنما عدل عن النص احتياطا وخوفا من الله تعالى، وحذرا من أن يسأل يوم القيامة عما يفعله من استخلفه، فلذلك ترك الاستخلاف وجعل الامر شورى ليكون أعذر عند الله تعالى، ومع ذلك تمنى أن يكون سالم حيا حتى يستخلفه وينص عليه، ولم يخف من السؤال عن استخلافه، وظن أن ما سمعه ابن عمه في سالم أنه: شديد الحب لله تعالى، حجة قاطعة على استحقاقه للخلافة، مع أن شدة الحب لله ليس أمرا مستجمعا لشرائط الامامة، ولا يستلزم القدرة على تحمل أعباء الخلافة، وشدة الحب لله (1) لها مراتب شتى، فكيف يستدل بالخبر على أنها بلغت حدا يمنع صاحبها عن ارتكاب المنكرات أصلا، ولو كان مثل ذلك قاطعا للعذر كيف لم يكن وصف أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الطير بأنه أحب الخلق إلى الله تعالى.. حجة تامة، ومع أن المحبوبية إلى الله أبلغ من الحب لله، وشدة الحب لا يستلزم الفضل على جميع الخلق، فلم لم يصرح باسم أمير المؤمنين عليه السلام ليعتذر يوم القيامة بهذا الخبر وسائر النصوص المتواترة والايات المتظافرة الدالة على فضله وإمامته وكرامته. ولنعم ما قال أبو الصلاح في كتاب تقريب المعارف (2): إن ذلك تحقيق لما ترويه الشيعة من تقدم المعاهدة بينه وبين صاحبه (3) وأبي عبيدة وسالم مولى أبي

 

(1) وضع في (ك) رمز نسخة بدل على: لله. (2) تقريب المعارف (في الكلام): 162. (3) في المصدر: منه ومن صاحبه.

 

[83]

حذيفة على نزع هذا الامر من بني هاشم لو قد مات محمد صلى الله عليه وآله، ولولا ذلك لم يكن (1) لتمنية (2) سالما وإخباره عن فقد الشك فيه - مع حضور وجوه الصحابة وأهل السوابق والفضائل والذرائع التي ليس لسالم منها شئ - وجه يعقل، وكذا القول في تمنية (3) أبا عبيدة بن الجراح. انتهى. وبالجملة، صدر عنه في الشورى ما أبدى الضغائن الكامنة في صدره، وبذلك أسس اساسا للفتنة والظلم والعدوان على جميع الانام إلى يوم القيام. قال ابن أبي الحديد (4): حدثني جعفر بن مكي الحاجب، قال: سألت محمد بن سليمان حاجب (5) الحجاب. - قال ابن أبي الحديد: وقد رأيت أنا محمدا هذا، وكانت لي به معرفة غير مستحكمة، وكان ظريفا أديبا، وقد اشتغل بالرياضيات من الفسلفة، ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه -، قال جعفر: سألته عما عنده في أمر علي (ع) وعثمان ؟، فقال: هذه عداوة قديمة (6) بين بني عبد شمس وبين بني هاشم.. وساق الكلام إلى قوله: وأما السبب الثاني في الاختلاف في أمر الامامة فهو (7): إن عمر جعل الامر شورى بين الستة ولم ينص على واحد بعينه، إما منهم أو من غيرهم، فبقي في نفس كل واحد منهم أنه قد رشح للخلافة، وأنه أهل للملك والسلطنة، فلم يزل ذلك في نفوسهم وأذهانهم مصورا بين أعينهم مرتسماا في خيالاتهم، منازعة إليه (8) نفوسهم، طامحة نحوه عيونهم، حتى كان من الشقاق بين علي (ع) وعثمان ما

 

(1) في (س): يمكن. (2) في المصدر: ليمينه، وهو غلط. (3) في التقريب: يمينه، ولعله سهو، والصحيح: يمنيه. وما أكثر الغلط في المطبوع من المصدر. (4) في شرح نهج البلاغة 9 / 24 - 30 بتصرف واختصار. (5) في (ك): صاحب. وجعل ما في المتن نسخة بدل فيها. (6) في المصدر زيادة: النسب. (7) في المصدر: أما السبب الثاني للاختلاف فهو.. (8) في (س): إليهم.

 

[84]

كان، وحتى أفضي الامر إلى قتل عثمان، وكان أعظم الاسباب في قتله طلحة، وكان لا يشك في أن الامر له بعده (1) لوجوه، منها سابقته، ومنها أنه كان (2) ابن عم أبي بكر، وكان لابي بكر في نفوس أهل ذلك العصر منزلة عظيمة أعظم منها الان، ومنها أنه كان سمحا جوادا، وقد كان نازع عمر في حياة أبي بكر، وأحب أن يفوض أبو بكر الامر إليه (3) فما زال يفتل في الذروة (4) والغارب في أمر عثمان، وينكر له القلوب، ويكدر عليه النفوس، ويغري (5) أهل المدينة والاعراب وأهل الامصار به، وساعده الزبير، وكان أيضا يرجو الامر لنفسه، ولم يكن رجاوهما الامر بدون رجاء علي (ع)، بل رجاوهما كان أقوى، لان عليا (ع) دخضه الاولان وأسقطاه وكسرا ناموسه بين الناس، وصار نسيا منسيا، ومات الاكثر ممن كان يعرف (6) خصائصه التي كانت له (7) في أيام النبوة وفضله، ونشأ قوم لا يعرفونه ولا يعرفونه ولا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين، ول يبق له من فضائله (8) إلا أنه ابن عم الرسول صلى الله عليه [وآله] وزوج ابنته وأبو سبطيه، ونسي ما وراء ذلك (9)، واتفق له من بعض قريش وانحرافها ما لم يتفق لاحد، وكانت قريش (10) تحب طلحة والزبير، لان الاسباب الموجبة لبغضهم لم تكن موجودة فيهما، وكانا يتألفان قريشا في أواخر أيام

 

(1) في شرح النهج: من بعده. (2) لا توجد: كان، في المصدر. (3) زيادة: من بعده، جاءت في الشرح بعد: إليه. (4) الذروة - بالكسر والضم - من كل شئ: أعلاه، كما في الصحاح 6 / 2345، والنهاية 2 / 156، ومجمع البحرين 3 / 306، والقاموس 1 / 15. (5) في (ك) نسخة بدل: يغوي. (6) في المصدر: ممن يعرف. (7) لا توجد: له، في الشرح. (8) في المصدر: مما يمت به، بدلا من: من فضائله. (9) جاءت زيادة كلمة: كله، في المصدر. (10) في المصدر زيادة: بمقدار ذلك البعض.

 

[85]

عثمان، ويعدانهم بالعطاء والافضال، وهما عند أنفسهما وعند الناس خليفتان بالقوة لا بالفعل، لان عمر نص عليهما وارتضاهما للخلافة، عمر كان متبع القول، مرضي الفعال، مطاعا نافذ (1) الحكم في حياته ومماته (2)، فلما قتل عثمان، أرادها طلحة وحرص عليها، فلولا الاشتر وقوم معه من شجعان العرب جعلوها في علي (ع) لم تصل إليه أبدا، فلما طلحة والزبير، فتقا ذلك الفتق العظيم (3)، وأخرجا أم المؤمنين معهما، وقصدا العراق وأثارا الفتنة، وكان من حرب الجمل ما قد علم وعرف، ثم كان حرب الجمل مقدمة وتمهيدا لحر ب صفين، فإن معاوية لم يكن ليفعل ما فعل لولا طمعه بما جرى في البصرة، ثم أوهم أهل الشام أن عليا (ع) قد فسق بمحاربة أم المؤمنين، محاربة المسلمين، وأنه قتل طلحة والزبير وهما من أهل الجنة، ومن يقتل مؤمنا من أهل الجنة فهو من أهل النار، فهل كان الفساد المتولد في صفين إلا فرعا للفساد الكائن يوم الجمل ؟ ! ثم نشأ من فساد صفين وضلال معاوية كل ما جرى من الفساد والقبيح في أيام بني أمية، ونشأت فتنة ابن الزبير فرعا من (4) يوم الدار، لان عبد الله كان يقول: إن عثمان لما أيقن بالقتل نص علي بالخلافة، ولي بذلك شهود، منهم مروان بن الحكم، أفلا ترى (5) كيف تسلسلت هذه الامور فرعا على أصل، وغصنا من شجرة (6)، وجذوة من ضرام ؟ ! وهكذا يدور بعضه (7) على بعض وكله من الشورى في الستة. قال (8): وأعجب من ذلك قول عمر - وقد قيل له: إنك استعملت

 

الكلمة مشوشة في (س)، وفي المصدر: موفق مؤيد مطاع نافذ. (2) في شرح النهج: وبعد وفاته. (3) في الشرح زيادة: على علي عليه السلام. (4) زيادة: فروع، جاءت في المصدر. (5) في (ك) نسخة بدل: أترى. (6) في (س): شجر. (7) بعضهم، جاءت في (ك). (8) في (س): وقال. (*)

 

[86]

سعيد (1) بن العاص ومعاوية وفلانا وفلانا من المؤلفة قلوبهم ومن الطلقاء وأبناء الطلقاء وتركت أن تستعمل عليا والعباس والزبير وطلحة ؟ ! - فقال: فأما علي، فأتيه (2) من ذلك، وأما هؤلاء النفر من قريش، فإني أخاف أن ينتشروا في البلاد، فيكثروا فيها الفساد، فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك، ويدعيه كل واحد منهم لنفسه، كيف لم يخف من جعلهم ستة متساوين في الشورى، مرشحين للخلافة ؟ ! وهل شئ أقرب إلى الفساد من هذا (3) ؟ ! وقد رووا أن الرشيد رأى يوما محمدا وعبد الله - ابنيه - يلعبان ويضحكان، فسر بذلك، فلما غابا عن عينه بكى، فقال له الفضل بن الربيع: ما يبكيك يا أمير المؤمنين، وهذا مقام جذل (4) لا مقام حزن ؟ !. فقال: أما رأيت لعبهما ومودة بينهما ؟، أما والله ليتبدلن ذلك بغضا وسيفا (5)، وليختلسن (6) كل واحد منهما نفس صاحبه عن قريب، فإن الملك عقيم، وكان الرشيد قد (7) عقد الامر لهما على ترتيب، هذا بعد هذا، فكيف من لم يرتبوا في الخلافة، بل جعلوا فيها كأسنان المشط ؟ ! فقلت أنا لجعفر: هذا كله تحكيه عن محمد بن سليمان، فما تقول أنت ؟، فقال:

 

(1) في المصدر: استعلت يزيد بن أبي سفيان وسعيد. (2) في شرح النهج: أما علي فأتبه. (3) خط على: من هذا، في (س). (4) الجذل - بالتحريك -: الفرح، كما في الصحاح 4 / 1654، والنهاية 1 / 251، ومجمع البحرين 5 / 337، والقاموس 3 / 347. (5) في المصدر: وشنفا. أقول: الشنف - بالتحريك -: البغض والتنكر، وقد شنفت له - بالكسر - أشنف شنفا.. أي أبغضه.. والشنف: المبغض.. قاله. في الصحاح 4 / 1383. انظر: النهاية 2 / 505، والقاموس المحيط: 3 / 160 وغيرهما. (6) قال الجوهري في الصحاح 3 / 923: خلست الشئ واختلسته وتخلسته: إذا استلبته، وأضاف ابن الاثير في نهايته 2 / 61: كونه عن غفلة. انظر: مجمع البحرين 4 / 66، والقاموس 2 / 211. (7) خط على: قد، في (س).

 

[87]

إذا قالت حذام فصدقوها * فإن القول ما قالت حذام (1) انتهى (2). فقد ظهر أن جميع الفتن الواقعة في الاسلام من فروع الشورى والسقيفة وسائر ما أبدعه وأسسه (3) هذا المنافق وأخوه عليهما لعنة اللاعنين. بيان: قوله عليه السلام: يهر عقيرته.. الهرير: الصوت والنباح (4). والعقيرة - كفعيلة أيضا - الصوت (5).. أي يرفع صوته. وفي بعض النسخ بالزاي. وعفيرته - بالفاء على التصغير - والعفرة (6): بياض الابط (7)، ولعل المعنى يحرك منكبيه للخيلاء، والاول أظهر (8). قال الجوهري (9): العقيرة: الساق المقطوعة، وقولهم: رفع فلان عقيرته.. اي صوته، وأصله أن رجلا قطعت احدى رجليه فرفعها ووضعها على الاخرى وصرخ، فقيل بعد لكل رافع صوته: قد رفع عقيرته (10).

 

(1) كذا، والظاهر: حذام، كما في المصدر. وقد نسب البيت في اللسان (مادة: رقش) إلى جيم بن صعب. (2) إلى هنا كلام ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 9 / 28 - 30، كما مر. (3) قاله ابن الاثير في نهايته 5 / 259، وابن منظور في لسانه 5 / 261 وغيرهما في عيرهما. (5) ذكره في لسان العرب 4 / 593، ونهاية ابن الاثير 3 / 275، وتاج العروس 3 / 415. (6) في (س) و (ك): عقيرته.. والعقرة. وهو سهو. (7) انظر: النهاية 3 / 261، ولسان العرب 4 / 585. فيهما: بياض ليس بالناصع. (8) لا توجد في (س): والاول أظهر. (9) صحاح اللغة 2 / 754. (10) لاحظ النهاية 3 / 275، وتاج العروس 3 / 415.

 

[88]

الطعن التاسع عشر: إنه أوصى بدفنه في بيت النبي صلى الله عليه وآله وكذلك تصدى لدفن أبي بكر هناك، وهو تصرف في ملك الغير من غير جهة شرعية، وقد نهى الله الناس عن دخول بيته صلى الله عليه وآله من غير إذن بقوله: (لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) (1)، وضربوا المعاول عند أذنه صلى الله عليه وآله، قال تعالى: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم) (2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حرمة المسلم ميتا كحرمته (3) حيا (4). وتفصيل القول في ذلك، إنه ليس يخلو موضع قبر النبي صلى الله عليه وآله من أن يكون باقيا على ملكه أو يكون انتقل في حياته إلى عائشة - كما ادعاه بعضهم - فإن كان الاول لم يخل (5) من أن يكون ميراثا بعده أو صدقة، فإن كان ميراثا فما كان يحل لابي بكر وعمر من بعده أن يأمرا بدفنهما فيه إلا بعد إرضاء الورثة، ولم نجد أحدا خاطب أحدا من الورثة على ابتياع هذا المكان ولا استنزله (6) عنه بثمن ولا غيره، وإن كان صدقة فقد كان يجب أن يرضى عنه جماعة المسلمين، وابتياعه (7) منهم - إن جاز الابتياع - لما يجري هذا المجرى، وإن كان نقل في حياته فقد كان يجب أن يظهر سبب انتقاله والحجة فيه، فإن فاطمة عليها السلام لم يقنع

 

(1) الاحزاب: 53. (2) الحجرات: 2. (3) في مطبوع البحار: كحرمة - بلا ضمير -. (4) هذا ما تسالم عليه الفريقان، وجاء في سنن الدارمي في كتاب المناسك: 76 وغيره. (5) في (س): لم يزل. (6) الكلمة مشوشة في المطبوع من البحار. (7) في (س): يبتاعه.

 

[89]

منها في انتقال فدك إلى ملكها بقولها ولا شهادة من شهد لها. وأما استدلال بعضهم بإضافة البيوت إليهن في قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن..) (1) فمن ضعيف (2) الشبهة، إذ هي لا تقتضي الملك وإنما تقتضي السكنى، والعادة في استعمال هذه اللفظة فيما ذكرناه ظاهرة، قال الله تعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة) (3) ولم يرد تعالى إلا حيث يسكن وينزلن دون حيث يملكن بلا شبهة، وأيضا قوله تعالى: (لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) (4) متأخر في الترتيب عن قوله: (وقرن في بيوتكن) (5)، فلو كان هذا دالا على مليكة الزوجات لكان ذلك دالا على (6) كونها ملكه صلى الله عليه وآله، والجمع بين الايتين بالانتقال لا يجديهم، لتأخر النهي عن االدخول من غير إذن عن الاية الاخرى في الترتيب، والترتيب حجة عند كلهم أو جلهم، مع أنه ظاهر أن البيوت كانت في يده صلى الله عليه وآله يتصرف فيها كيف يشاء، واختصاص كل من الزوجات بحجرة لا يدل (7) على كونها ملكا لها. وأما اعتذارهم بأن عمر استأذن عائشة في ذلك، حيث روى البخاري (8)، عن عمرو بن ميمون - في خبر طويل يشمل على قصة قتل عمر - قال: قال لابنه عبد الله: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن

 

(1) الاحزاب: 33. (2) كذا، والظاهر: ضعف. (3) الطلاق: 1. (4) الاحزاب: 53. (5) الطلاق: 1. (6) لا توجد: على، في (س). (7) في (س): لا يدله. (8) صحيح البخاري 5 / 19 - 22 - دار الشعب - كتاب المناقب، باب مناقب عثمان، الحديث الاخير، باختلاف يسير.

 

[90]

يدفن مع صاحبيه، (1).. فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال (2): يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن ان يدفن مع صاحبيه، (3) فقالت: كنت أريده لنفسي ولا توثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل هذا عبد الله ابن عمر قد جاء، قال (4): ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك ؟. فقال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنت. قال: الحمدلله، ما كان شئ (5) أهم إلي من ذلك. قال: فإذا أنا قضبت فاحملوني، ثم سلم فقل (6) يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين.. (7). فهذا دليل واضح على جهله أو تسويله وتمويهه على العوام، لما قد عرفت من أنه إن كان صدقة يشترك فيه المستحقون - كما يدل عليه الخبر الذي افتراه أبو بكر - فتحريم التصرف فيه (8) بالدفن ونحوه واضح، وإن كان ميراثا فالتصرف فيه قبل القسمة من دون استيذان جميع الورثة أيضا محرم، ولا ينفع طلب الاذن من عائشة وحدها (9).

 

(1) في المصدر زيادة: قال. (2) في (ك): وقال. (3) زيادة: قال، قبل: فقالت، جاءت في صحيح البخاري. (4) في المصدر: فقال: قال. (5) في المصدر: من شئ، ومثله في جامع الاصول. (6) في صحيح البخاري: وقل. (7) قريب منه في صحيح البخاري 2 / 128 كتاب الجنائز باب ما جاء في قبر النبي (ص) وأبي بكر وعمر، حديث 5. وأورده ابن سعد في الطبقات 3 / 338، وابن الاثير في الكامل 3 / 27، وكذا في جامع الاصول 4 / 120 خلال حديث 2085، وابن حجر في فتح الباري 7 / 56 - 57. (8) وضع في المطبوع من البحار على: فيه، رمز نسخة بدل. (9) والذي نظنه - وظن الالمعي الصواب - أن من أعظم المطاعن على الخليفة الثاني وأفجع مثالبه - مع كثرتها وقل ما وصل منها إلينا - عدا ظلمه لال الله وغصبه لحق ولي الله وتغييره لسنة رسول الله (ص) واستخفافه بأحكام الله، وبدعه وجهله وتلونه ونفاقه.. وكل ما سردناه لك نهيه عن الحديث، نقلا وكتابة، فهو تارة ينهى عن نقل الحديث عن رسول الله (ص)، وأخرى عن الاكثار به، وثالثة عن تفسيره، ورابعة عن تأويله.. وهكذا بعد أن عرف عنه نهى عن مشكل =

 

[91]

 

 

= القرآن وعن السؤال عما لم يقع. وقد وجدنا نماذج فلتت من أقلام أعلامهم وبرزت، وروايات خفيت عن نقادهم بل كلمات صدرت من الصحابة في غفلة من درة عمر وسيف البغي. وفي هذا المقام فقد جاء عن عروة أنه قال: إن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله (ص) في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها ! فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليه وتركوا كتاب الله.. ! !. كما أوردها الدارمي في سننه 1 / 125، والحاكم في مستدركه 1 / 104 - 106، وجاء في مختصر جامع العلم: 36 و 37 وغيرهم. وها هو الطبري يحكي عن عمر قوله - كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 120 - أربع مجلدات -: جردوا القرآن ولا تفسروه !، وأقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم. وقد قال ابن كثير في تاريخه: 8 / 107: هذا معروف عن عمر، وان عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الانصاري حتى مات عمر. وقاله غير واحدكما في مجمع الزوائد 1 / 149، وتذكرة الحفاظ 1 / 7. وجاء في مستدرك الحاكم 1 / 110: إن عمر بن الخطاب قال لابن مسعود ولابي الدرداء ولابي ذر: ما هذا الحديث عن رسول الله (ص)، وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب وقد سبقه الاول - كما جاء في كنز العمال 5 / 237، وتذكرة الحفاظ 1 / 5، والبداية والنهاية غيرها - عن عائشة، قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله فكاانت خمسمائة حديث ! فبات يتقلب، فقلت: يتقلب لشكوى أو لشئ بلغه ؟، فلما أصبح قال: أي بنية ! هلمي بالاحاديث التي عندك، فجئته بها فأحرقها. وسار الثاني على منهاج الاول، فها هو ابن سعد في الطبقات الكبرى 5 / 188، والخطيب البغدادي في تقيد العلم وغيرهما قالا: إن عمر خطب في خلافته فقال: لا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به فأرى فيه رأيي، فظنوا أنه يريد النظر فيها ليقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار !، بل هو بعث في الامصار يأمرهم: من كان عنده شئ فليمحه، كما جاء في جامع بيان العلم لابن عبد البر. وعلى كل، فإن السلطة الحاكمة والسياسة الوقتية السائدة اقتضت مصالحها محو السنة وحرقها، وعدم التحدث بها، ومعاقبة من يقول بها وينشرها، بل وحتى من يعمل بها، وإحياء البدع ونشرها، وإعطائها صبغة شرعية، ولذا كان الاجتهاد بالرأي والقياس والاستحسان مسألة طبيعية في الاحقاب اللاحقة نتيجة فقد النص، ولذا تشبثوا بالاقتداء بسنة أبي بكر ومن لحق به وشايعه =

 

[92]

 

 

كمعاوية ونغله ومروان بن الحكم وعبد الملك وولده الوليد وسليمان. وهكذا دواليك إلى أن جاء عمر بن عبد العزيز فطلب من أبي بكر الحزمي أن يكتب له ما كان من حديث رسول الله أو سنته أو حديث عمر بن الخطاب ! كما صرح بذلك مالك في الموطأ 1 / 5 وغيره. ولا حول ولا قوة إلا بالله. أقول: هذه نماذج يسيرة جدا عما هناك، ولم نستقص وما كان من قصدنا الاستقصاء حول الدور البشع الذي واجه الخليفة به حديث الرسول (ص) قصد بها أغراض سياسية وقتية للسد على الامة أبواب المعرفة وحبسها في برائن الجاهلية وحرمانها من ينبوع الوحي، وإلقائها في معترك الاهواء، وإبعادها من نمير صاحب الرسالة وأهل بيته سلام الله عليهم أجمعين وفضائلهم. وهذه سيرة سار عليها قضت على معالم الدين وضربت صميم الاسلام و.. مع أنا نعلم: أن الكتاب أحوج إلى السنة إلى الكتاب - جامع بيان العلم 2 / 191 - وإن متشابهات القرآن لاترفع إلا بالسنة، وهما لا يتفارقان حتى يردا على النبي الحوض... فحق لنا أن نعد - بعد كل هذا - أن هذا أهم مطاعن الرجل وأعظم مساوئه. وقولته لابي هريرة وكعب الاحبار وغيرهما معروفة، أورد جملة منها في كنز العمال 5 / 239، وتاريخ ابن كثير 8 / 106 وغيرهما. وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 174: قيل لابن عباس لما أظهر قوله في العول بعد موت عمر - ولم يكن قبل يظهره -: هلا قلت هذا وعمر حي ؟ !. قال: هبته. وعن ابن عباس، قال: مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن.. كما جاء في كتاب العلم لابن عمرو: 56. وعن أبي هريرة، قال: لقد حدثتكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر بن الخطاب لضربني عمر بالدرة، كما جاء في بيان العلم 2 / 112. وعنه أيضا قال: ما كنا نستطيع أن نقول: قال رسول الله (ص) حتى قبض عمر !. تاريخ ابن كثير 8 / 107. وبعد كل هذا، فها هو عمر يصرح على المنبر: أحرج بالله على رجل يسأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن. سنن الدارمي 1 / 50، جامع بيان العلم 2 / 141. ومن الشواهد المؤلمة قصة صبيغ - فقد رويت عن جمع من الصحابة وبألفاظ مختلفة - أن رجلا يقال له: صبيغ، قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر - وقد أعد له عراجبين النخل - فقاله له: من أنت ؟. قال: أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه !، وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل له ضربا حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين ! حسبك، قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي !. وعن السائب: فلم يزل وضيعا في قومه =

 

[93]

ومن أعجب العجب ان الجهال من المخالفين بل علماؤهم يعدون هذا الدفن من مناقبهما وفضائلهما، بل يستدلون به على استحقاقهما للامامة والخلافة. وقد روى الشيخ المفيد قدس الله روحه في مجالسه (1) إن فضال بن الحسن بن فضال الكوفي مر بأبي حنيفة - وهو في جمع (2) كثير يملي (3) عليهم شيئا من فقهه وحديثه -، فقال لصاحب كان معه: والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة.. فدنا منه فسلم عليه، فرد ورد القوم بأجمعهم السلام عليه، فقال: يا أبا حنيفة رحمك الله ! إن لي أخا يقول: إن خير الناس بعد رسول الله (ص) علي بن أبي طالب (عليه

 

= حتى هلك وكان سيد قومه !. انظر: سنن الدارمي: 1 / 54 و 55، وتاريخ ابن عساكر 6 / 384، وتفسير ابن كثير 4 / 232، والاتقان للسيوطي 2 / 5، وكنز العمال 1 / 228، 229، وفتح الباري 8 / 17، وسيرة عمر لابن الجوزي: 109، وإحياء العلوم 1 / 30 وغيرها. وبعد نهيه عن القرآن تفسيرا، والحديث رواية، والسنة تدوينا، منع عن الكتب والمؤلفات قراءة أو حفظا، ونسخا وتدوينا. وقد جاء بطرق مختلفة ومضامين متظافرة جملة من الروايات سلف بعضها، منها أنه عاقب من حفظها بل من أخبر بوجودها، وقد أصابوا عند فتح المدائن كتبا فيها علم من علوم الفرس.. وقد عاقب آخر وضربه حتى قال: دعني، فوالله لاأدع عندي شيئا من تلك الكتب إلا أحرقته، فتركه !. وقد أمر عمرو بن العاص بإحراق كتب مدينة الاسكندية، وتلك قصة مشهورة نقلها أكثر من واحد من المؤرخين كما في تاريخ مختصر الدول للملطي - المتوفى سنة 684 ه‍ - صفحة: 180، وتاريخ التمدن الاسلامي لجرجي زيدان 3 / 40 و 42 وغيرهما، وقد ناقشها بعض المتأخرين منا بما لا حاصل فيه، ولم نعقد حواشينا لتفصيلها، وقد أسندها وفصل البحث فيها شيخنا الاميني في غديره 6 / 297 - 302، فراجع. ثم بعد هذا فقد حرم خليفتهم كل بحث وتحقيق - كما ذكره حجة إسلامهم الغزالي - يقول في إحيا العلوم: 1 / 30: و [عمر] هو الذي سد باب الكلام والجدل، وضرب صبيغا بالدرة لما أورد عليه سؤالا في تعارض آيتين في كتاب الله، وهجره، وأمر الناس بهجره ! !. فهل يبقى - والحال هذه - مبدأ لاصول التعليم والتعلم ؟ ومن هنا قد حرمت الامة الكثير الكثير ونزلت الحضيض ببركة تلك الدرة وصاحبها. (1) جاء في الفصول المختارة 2 / 44 - 45، بتصرف واختصار. (2) في (س): جميع. (3) في (س): يمل.

 

[94]

السلام) وأنا أقول إن أبا بكر خير الناس (1) وبعده عمر، فما تقول أنت رحمك الله ؟. فأطرق مليا ثم رفع رأسه، فقال: كفى بمكانهما من رسول الله صلى الله عليه [وآله] كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة أوضح لك من هذه ؟ !. فقال له فضال: إني قد قلت ذلك لاخي، فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله صلى الله عليه وآله دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله فقد أساءا وما أحسنا (2) إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال (3) له: لم يكن له ولا لهما (4) خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق (5) ابنتيهما، فقال (6) فضال: قد قلت له ذلك، فقال: أنت تعلم إن النبي (ص) مات عن تسع نساء (7)، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم أنظرنا (8) في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله (ص) وفاطمة عليها السلام ابنته تمنع الميراث. فقال أبو حنيفة: يا قوم ! نحوه عني، فإنه والله وافضي خبيث. انتهى. ثم على تقدير جواز دفنهما هناك فلا دلالة له على فضلهما بمعى زيادة الثواب والكرامة عند الله تعالى، فإن ذلك إنما يكون بالصالحات من الاعمال كما

 

(1) في المصدر زيادة: بعد رسول الله (ص). (2) في المصدر: أحسنا إليه. (3) في الفصول زيادة: قل. (4) جاءت العبارة في المصدر هكذا: لم يكن لهما ولا له - بتقديم وتأخير -. (5) في (ك): وبحقوق. (6) في المصدر: فقال له. (7) حشايا، بدلا من: نساء، جاءت في المصدر. (8) في الفصول المهمة: ثم نظرنا.

 

[95]

قال الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقيكم) (1). نعم لو كان ذلك بوصية من النبي صلى الله عليه وآله لكان كاشفا عن فضل ودليلا على شرف (2)، وما روي من أنه يلحق الميت نفع في الاخرة بالدفن في المشاهد المشرفة فإنما هو في الحقيقة إكرام لصاحب المشهد بالتفضل على من حل بساحته وفاز بجواره (3) إن كان من شيعته والمخلصين له.

 

(1) الحجرات: 13. (2) وجاء في الصراط المستقيم 3 / 28: عن إحياء العلوم للغزلي في الفصل الرابع من الجزء الاول: أن عمر سأل حذيفة هل هو من المنافقين أم لا ؟ !. ولولا أنه علم من نفسه صفات تناسب صفات المنافقين لم يكن يشك فيها ولم يتقدم على فضيحتها. (3) في المطبوع: بجوازه. وهو سهو. تذييل: نود أن نختم بحثنا هذا ببعض الكلمات المأثورة عن خليفة القوم: منها: ما جاء في كنز العمال 1 / 103، عن قتادة قال عمر بن الخطاب: من قال إني عالم فهو جاهل، ومن قال إني مؤمن فهو كافر ! !. وقريب منه جاء في شعب الايمان. ومنها: ما قاله الضحاك: قال عمر: يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء ويعضي قديدا ثم أكلوني فأخرجوني عذرة ولم أكن بشرا. ذكره المتقي في الكنز 6 / 345 وقال: أخرجه هناد. ومنها: ما ذكره ابن سعد في طبقاته 3 / 286، عن سالم بن عبد الله أنه قال: إن عمر بن الخطاب كان يدخل يده في دبرة البعير ويقول: إني لخائف أن أسأل عما بك !. ومنها: ما عن سعيد بن يسار، قال: بلغ عمر بن الخطاب أن رجلا بالشام يزعم أنه مؤمن، فكتب إلى أميره أن ابعثه إلي، فلما قدم قال: أنت الذي تزعم أنك مؤمن ؟. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ويحك ! ومم ذاك ؟. قال: أولم تكونوا مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أصنافا، مشرك ومنافق ومؤمن ؟ ممن أين كنتم ؟ فمد عمر يده إليه معرفة لما قال حتى أخذ بيده. ومنها: سمع عمر بن الخطاب رجلا ينادي رجلا: يا ذا القرنين، قال: أفرغتم من أسماء الانبياء فارتفعتم إلى أسماء الملائكة ؟ !. أوردها الدميري في حياة الحيوان 2 / 21، وابن حجر في فتح الباري 6 / 295 وغيرهما. ومنها: قصة شراء الخليفة للابل من أعرابي، وقوله له أكثر من مرة: إنك رجل سوء، وقضاء علي =

 

[96]

 

 

= عليه السلام لنفع الاعرابي، كما أوردها في كنز العمال 2 / 221، والمنتخب منه 2 / 231 - هامش مسند احمد - وغيرهما. وأقول: عرفته الاعراب فكيف يجهل أو يتجاهله غيرهم. ومنها: ما أورده في عمدة القاري 7 / 143، وشرح النهج لابن أبي الحديد 3 / 104 - أربع مجلدات - وغيرهما من أنه جاءت سرية لعبيد الله بن عمر تشكوه عند أبيه، فقالت: يا أمير المؤمنين ! ألا تعذرني في أبي عيسى ؟ !. قال: ومن أبو عيسى ؟. قالت: ابنك عبيدالله. قال: ويحك ! وقد تكنى بأبي عيسى ؟ !. ودعاه وقال: إيها ! اكتنيت بأبي عيسى ؟ !. فحذر وفزع، فأخذ يده فعضها ! حتى صاح، ثم ضربه. وهذا آخر أنواع التأديب والتعزير التي لا تعرفه إلا حكومات الغاب. ومنها: ما جاء في حاشية السيوطي المدونة على القاموس في لفظ (الابنة): أنها كانت في خمسة في زمن الجاهلية أحدهم سيدنا عمر !. ومن هنا وغيره ادعى لقب: أمير المؤمنين، حيث قال الصادق عليه السلام أنه ما دعاه أحد غير علي بن أبي طالب عليه السلام إلا كان ممن يؤتى في دبره، وألف صاحب تفسير نور الثقلين كتابا أثبت أن هذه الحالة كانت مع الخلفاء الامويين والعباسيين بأجمعهم، واستشهد بشواهد من الشعر والنثر على وجود تلك العاهة لكل واحد منهم من طريقي العامة والخاصة. هذا ونوصي بقراءة ما كتبه شيخنا الاميني - رحمه الله - تحت عنوان: نوادر الاثر في علم عمر في موسوعته الغدير 6 / 83 - 333. وكنا غالبا في بحثنا هذا عيال عليه، وآخذين منه. قال في محاضرات الادباء للراغب الاصفهاني 2 / 213 - طبعة مصر - عن ابن عباس قال: كنت مع عمر بن الخطاب في ليلة - وعمر على بغل وأنا على فرس - فقرأ آية فيها ذكر علي بن أبي طالب، فقال: أما والله يا بني عبد المطلب لقد كان علي فيكم أولى بهذا الامر مني ومن أبي بكر.. !. * * * * *

 

[97]

[24] باب نسب عمر وولادته ووفاته وبعض نوادر أحواله، وما جرى بينه وبين أمير المؤمنين صلوات الله عليه 1 - فس (1): قال علي بن ابراهيم: ثم حرم الله عزوجل نكاح الزواني، فقال: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) (2)، وهو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن، وهن المشهورات المعروفات بذلك (3) في الدنيا، لا يقدر الرجل على تحصنهن (4)، ونزلت هذه الاية في نساء مكة، كن مستعلنات بالزنا، سارة، وحنتمة، والرباب كن يتغنين (5) بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فحرم الله نكاحهن، وجرت بعدهن في النساء من أمثالهن (6).

 

(1) تفسير علي بن ابراهيم القمي 2 / 95 - 96. (2) النور: 3. (3) في المصدر لا توجد: بذلك. (4) في التفسير: على تحصينهن. (5) جاءت في المصدر: يغنين. (6) من: فس إلى هنا لا يوجد في (س).

 

[98]

قال العلامة - نور الله ضريحه - في كتاب كشف الحق (1)، وصاحب كتاب إلزام النواصب (2):.. وروى الكلبي - وهو من رجال أهل السنة - في كتاب المثالب (3)، قال: كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف، فوقع (4) عليها نفيل بن هاشم (5)، ثم وقع عليها عبد العزى بن رياح، فجاءت بنفيل جد عمر ابن الخطاب. وقال الفضل بن روزبهان الشهرستاني في شرحه (6) - بعد القدح في صحة النقل -: إن أنكحة الجاهلية - على ما ذكره أرباب التواريخ - على أربعة أوجه: المرأة، وربما كان هذه من أنكحة الجاهلية. وأورد عليه شارح الشرح رحمه الله (7): بانه لو صح ما ذكره لما تحقق زنا في الجاهلية، ولما عد مثل ذلك في المثالب، ولكان كل من وقع على امرأة كان ذلك نكاحا منه عليها، ولم يسمع من أحد (8) أن من انكحة الجاهلية كون امرأة واحدة في يوم واحد أو شهر واحد في نكاح جماعة من الناس. ثم إن الخطاب - على ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (9) - ابن نفيل بن

 

(1) كشف الحق (نهج الحق وكشف الصدق): 348. (2) إلزام النواصب: 97 - النسخة الخطية - فصل: بعض ما ورد في أنسابهم، الثاني: (3) المثالب للكلبي أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب النسابة المتوفى 205 ه‍، ولا نعلم بطبعه. (4) في إلزام النواصب، فواقع. وكذا ما يأتي. (5) في الالزام: هشام، بدلا من: هاشم. (6) شرح كشف الحق للشهرستاني، الفضل بن روزبهان الخواجة مولانا في كتابه (ابطال المنهج الباطل في الرد على ابن المطهر) ولا نعرف له نسخة خطية فضلا عن مطبوعه، وما في إحقاق الحق منه لم يشير إلى ما ذكر هنا. (7) لعله إحقاق الحق للشهيد الثالث التستري طاب ثراه، ولم نجده فيما هو مطبوع منه. (8) في (س): عن أحد. (9) الاستيعاب المطبوع على هامش الاصابة 2 / 458.

 

[99]

عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن القرط بن زراح (1) بن عدي بن كعب القرشي، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. قال (2): وقد قالت طائفة في أم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة، ومن قال ذلك فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، والحرث بن هشام (3) المغيرة، وليس كذلك، وإنما هي بنت عمه، لان هشام بن المغيرد والحرث ابن المغيرة أخوان لهاشم والد (4) حنتمة أم عمر، وهشام والد الحرث وأبي جهل. وحكى بعض أصحابنا عن محمد بن شهر آشوب (5) وغيره: أن سهاك كانت أمة حبشية لعبد المطلب، وكانت ترعى له الابل، فوقع عليها نفيل فجاءت بالخطاب، ثم إن الخطاب لما بلغ الحلم رغب في صهاك فوقع عليها فجاءت بابنة فلفتها في خرقة من صوف ورمتها خوفا من مولاها في الطريق، فرآها هاشم بن المغيرة مرمية فأخذها ورباها وسماها: حنتمة، فلما بلغت رآها خطاب يوما فرغب فيها وخطبها من هاشم فأنكحها إياه فجاءت بعمر بن الخطاب، فكان الخطاب أبا وجدا وخالا لعمر، وكانت حنتمة أما وأختا وعمة له، فتدبر. وأقول: وجدت في كتاب عقد الدرر (6) لبعض الاصحاب روى (7)

 

(1) في المصدر: رزاح. (2) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 458 - 459. (3) في المصدر زيادة: بن. (4) جاءت العبارة في الاستيعاب هكذا: وإنما هي ابنة عمها فإن هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة إخوان، فهاشم والد.. وهو الصحيح. (5) لعله في كتابه المثالب، الذي يعد القسم الثاني من المناقب، ولا زال مخطوطا، قيض الله سبحانه له من يبادر إلى طبعه ونشره. (6) وهو كتاب عقد الدور في تاريخ وفاة عمر، ويسمى الحديقة الناضرة، مجهول المؤلف، رتب على أربعة فصول وخاتمة، واحتمل شيخنا الطهراني في الذريعة 15 / 289 كون الكتاب للشيخ حسن بن سليمان الحلي، وهناك كتاب باسم مقتل عمر لعلي بن مظاهر الحلي، ولاحظ ما جاء في مستدركاتنا في آخر الكتاب. (7) لا توجد: روى، في (ك).

 

[100]

بإسناده، عن علي بن ابراهيم بن هاشم (1)، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن ابن الزيات، عن الصادق عليه السلام أنه قال: كان صهاك جارية لعبد المطلب، وكانت ذات عجز، وكانت ترعى الابل، وكانت من الحبشة (2)، وكانت تميل إلى النكاح، فنظر إليها نفيل جد عمر فهواها وعشقها من مرعى الابل فوقع عليها، فحملت منه بالخطاب، فلما أدرك البلوغ نظر إلى أمه صهاك فأعجبه عجزها فوثب عليها فحملت منه بحنتمة، فلما ولدتها خافت من أهلها فجعلتها في صوف وألقتها بين أحشام مكة، فوجدها هشام بن المغيرة بن الوليد، فحملها إلى منزله ورياها وسماها - ب‍: الحنتمة، كانت مشيمة العرب من ربى يتيما يتخذه ولدا، فلما بلغت حنتمة نظر إليها الخطاب فما إليها وخطبها من هشام، فتزوجها فأولد منها عمر، وكان الخطاب أباه وجده وخاله، وكانت حنتمة أمه وأخته وعمته. وينسب إلى الصادق عليه السلام في هذا المعنى شعر: من جده خاله ووالده * وأمه اخته وعمته اجدر أن يبغض الوصي وأن * ينكر يوم الغدير بيعته انتهى (3). وقال ابن أبي الحديد (4) في شرح قوله عليه السلام: لم يسهم فيه عاهر، ولا ضرب فيه فاجر.. في الكلام رمز إلى جماعة من الصحابة في أنسابهم طعن، كما يقال: إن آل سعد بن أبي وقاص ليسوا من بني زهرة بن كلاب، وإنهم من بني

 

(1) لا توجد: بن هاشم، في (ك). (2) في (ك): الحبشية. (3) قال في الصراط المستقيم 3 / 28: وقد روى جماعة عن عمر: تعلموا أنسابكم تصلوا بها أرحامكم، ولا يسألني أحد ما وراء الخطاب !. ونقل عن البخاري، وإحياء العلوم: أسند احمد بن موسى: أن رجلا قال للنبي (ص): من أبي ؟. قال: حذافة. فسأله آخر: من أبي ؟. قال: سالم. فبرك عمر على ركبتيه وقال - بعد كلام -: لاتبد علينا سوأتنا، واعف عنا. رواه أبو يعلى الموصلي في المسند عن أنس. (4) شرح النهج البلاغة 11 / 67 - 68.

 

[101]

عذرة من قطحان، وكما يقال إن آل زبير (1) بن العوام من أرض مصر من القبط، وليسوا من بني أسد بن عبد (2) العزى. ثم قال (3): قال شيخنا أبو عثمان في كتاب (مفاخرات قريش) (4):... بلغ عمر بن الخطاب أن أناسا من رواة الاشعار وحملة الاثار يقصبون (5) الناس ويثلبونهم (6) في أسلافهم، فقام على المنبر، فقال: إياكم وذكر العيوب والبحث عن الاصول، فلو قلت لا يخرج اليوم (7) من هذه الابواب إلا من لا وصمة فيه لم يخرج منكم أحد. فقام رجل من قريش - نكره أن نذكره - فقال: إذا كنت أنا وأنت - يا أمير المؤمنين - نخرج !. فقال: كذبت، بل كان يقال لك: ياقين ابن قين، اقعد !. قلت: الرجل الذي قام هو المهاجر بن خالد بن الوليد بن (8) المغيرة المخزومي، وكان عمر يبغضه لبغضه أباه خالدا، ولان المهاجر كان علوي الرأي جدا، وكان أخوه عبد الرحمن بخلافه، شهد المهاجر صفين مع علي عليه السلام وشهدها عبد الرحمن مع معاوية، وكان المهاجر مع علي عليه السلام يوم الجمل، وفقئت (9) ذلك اليوم عينه، ولان الكلام الذي بلغ عمر بلغه من المهاجر (10)، وكان

 

(1) في المصدر: وكما قالوا: إن آل الزبير. (2) لا توجد: عبد، في (س). (3) قاله ابن أبي الحديد في شرحه 11 / 68 - 69. (4) مفاخرات قريش للجاحظ، بحثنا عنه فلم نجد له نسخة مطبوعة. (5) في المصدر: يعيبون. أقول: يقصبون: يقعون في الناس، كما في مجمع البحرين 2 / 143 - 144، وانظر: القاموس 1 / 117، والنهاية 4 / 67، والصحاح 1 / 203. (6) ثلبه ثلبا: إذا صرح بالعيب وتنقصه، كما في الصحاح 1 / 94، والنهاية 1 / 218، ومجمع البحرين 2 / 19، والقاموس 1 / 42. (7) في (س): القوم، بدلا من: اليوم. (8) لا توجد: بن، في (س). (9) فقأ العين: كسرها، أو قلعها، أو نجفها، كما في القاموس: 1 / 23. (10) في المصدر: عن المهاجر.

 

[102]

الوليد بن المغيرة - مع جلالته في قريش وكونه يسمى: ريحانة قريش، ويسمى: العدل، ويسمى (1): الوحيد - حدادا يصنع الدروع (2) بيده، ذكر ذلك فيه ابن قتيبة (3) في كتاب المعارف (4). وروى أبو الحسن المدائني هذا الخبر في كتاب أمهات الخلفاء (5)، وقال: إنه روي عند جعفر بن محمد عليهما السلام بالمدينة، فقال: لا تلمه يابن أخي، إنه أشفق أن يحدج بقصة (6) نفيل بن عبد العزى وصهاك أمة الزبير بن عبد المطلب (7)، ثم قال: رحم الله عمر، فإنه لم يعد السنة، وتلا: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنو لهم عذاب أليم) (8). انتهى. بيان: قال الجوهري (9): حدجه بذنب غيره: رماه به. انظر كيف بين عليه السلام رداءة نسب عمر وسبب مبالغته في النهي عن التعرض للانساب، ثم مدحه تقية، وما أومى إليه من قصة أمة الزبير هو ما رواه الكليني طيب الله تربته في روضة الكافي (10)، عن الحسين، عن احمد بن هلال، عن زرعة، عن سماعة، قال: تعرض رجل من ولد عمر بن الخطاب بجارية رجل

 

(1) الكلمة مشوشة في (ك) نظير: هيمى. (2) في المصدر زيادة: وغيرها. (3) في شرح النهج: عنه عبد الله بن قتيبة. (4) المعارف: 250. (5) أمهات الخلفاء، ولا تعرف كتابا بهذا الاسم إلا ما ذكره النديم في الفهرس: 141، في أنه لابي المنذر هشام بن محمد بن السائب النسابة المتوفي سنة 205 ه‍، ولا نعلم بطبعه. (6) في شرح النهج: بقضية. (7) في (س): عبد الله مطلب. وخط على لفظ الجلالة في (ك)، وهو الظاهر كما في المصدر. (8) النور: 11. (9) في صحاح اللغة 1 / 305، وذكره ابن منظور في اللسان 2 / 232. (10) الكافي 8 / 258 - 260 حديث 372. وجاءت أيضا في بحار الانوار 22 / 268 - 271 حديث 13، و 47 / 386 - 389 حديث 109، عنه.

 

[103]

عقيلي، فقالت له: إن هذا العمري (1) قد آذاني. فقال لها: عديه وأدخليه الدهليز، فأدخلته، فشد عليه فقتله وألقاه في الطريق، فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون، وقالوا: ما لصحابنا كفو ؟ لن نقتل به إلا جعفر بن محمد، وما قتل صاحبنا غيره، وكان أبو عبد الله عليه السلام قد مضى نحو قبا، فلقيته بما اجتمع القوم عليه. فقال: دعهم. قال: فلما جاء وراه (2) وثبوا عليه، وقالوا: ما قتل صاحبنا أحد غيرك، وما نقتل به أحدا غيرك !، فقال: لتكلمني (3) منكم جماعة، فاعتزل قوم منهم، فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد، فخرجوا وهو يقولون شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا ولا يأمر به، انصرفوا. قال: فمضيت معه، فقلت: جعلت فداك ! ما كان أقرب رضاهم من سخطهم. قال: نعم، دعوتهم فقلت: أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة. فقلت: وما هذه الصحيفة جعلني الله فداك ؟ !. فقال: أم (4) الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب، فسطر بها نفيل فأحبلها، فطلبه الزبير، فخرج هاربا إلى الطائف، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف، فقالوا: يا أبا عبد الله ! ما تعمل ها هنا ؟. قال: جاريتي سطر بها نفيلكم، فهرب منه إلى الشام، فخرج (5) الزبير في تجارة له إلى الشام، فدخل على ملك الدومة، فقال له: يا أبا عبد الله ! لي إليك حاجة ؟. قال: وما حاجتك أيها الملك ؟. فقال: رجل من أهلك (6) قد أخذت وله فأحب أن ترده عليه. قال: ليظهر لي حتى أعرفه. فلما أن كان من الغد دخل إلى الملك فلما رآه الملك ضحك. فقال: ما يضحكك أيها الملك ؟. قال: ما أظن هذا الرجل ولدته عربية، لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط. فقال: أيها

 

(1) في (س): لعمري - بلا همزة -. (2) في (س): وراءه. (3) في روضة الكافي: ليكلمني. (4) في المصدر: أن أم.. (5) في روضة الكافي: وخرج. (6) لا توجد في (ك): فقال: رجل من أهلك.

 

[104]

الملك ! إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك، فلما قدم الزبير تحمل عليه ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى، ثم تحمل عليه بعبد المطلب، فقال: ما بيني وبينه عمل، أما علمتم ما فعل في ابني فلان، ولكن امضوا أنتم إليه، فقصدوه وكلموه، فقال لهم الزبير: إن الشيطان له دولة وإن ابن هذا ابن الشيطان، ولست آمن أن يترأس علينا، ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطا، وأكتب عليه وعلى ابنه أن لا يتصدر في مجلس، ولا يتأمر على أولاادنا، ولا يضرب معنا بسهم. قال: ففعلوا وخط وجهه بالحديد، وكتب عليه الكتاب، وذلك الكتاب عندنا. فقلت: إذا مسكتم (1) وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم، فأمسكوا. وتوفي مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف وارثا، وخاصم (2) فيه ولد العباس أبا عبد الله (ع)، وكان هشام بن عبد الملك (3) قد حج في تلك السنة، فجلس لهم، فقال داود بن علي: الولاء لنا. وقال أبو عبد الله عليه السلام: بل الولاء لي، فقال داود بن علي: إن أباك قاتل معاوية. فقال: إن كان أبي قاتل معاوية فقد كان خط (4) أبيك فيه الاوفر، ثم فر بجناحيه (5). وقال: والله ! لاطوقنك غدا طوق (6) الحمامة، فقال له داود بن علي: كلامك هذا أهون علي من بعرة في واد الازرق، فقال: أما انه واد ليس لك ولا لابيك فيه حق، قال: فقال

 

(1) في المصدر: إن أمسكتم. وهو الظاهر. (2) في روضة الكافي: فخاصم. (3) في (ك): عبد المطلب، وهو غلط. (4) في المصدر: حظ، وهو الظاهر. (5) في روضة الكافي: بخيانته. (6) الطوق: حلي يجعل في العنق، وكل شئ استدار فهو طوق، المطوقة: الحمامة التي في عنقها طوق. انظر: النهاية: 3 / 143، والقاموس 3 / 259، ومجمع البحرين 5 / 209 - 210. وحاصل المعنى إني لاجعلن في عنقك طوقا كطوق الحمامة لا يفارقك أبدا.

 

[105]

هشام: إذا كان غدا جلست لكم (1)، فلما أن كان من الغد خرج أبو عبد الله عليه السلام ومعه كتاب في كرباسة، وجلس لهم هشام، فوضع أبو عبد الله عليه السلام الكتاب بين يديه، فلما (2) قرأه قال: ادعوا إلي (3) جندل الخزاعي وعكاشة الضميري (4) - وكانا شيخين قد أدركا الجاهلية -، فرمى الكتاب (5) إليهما، فقال: تعرفان هذه الخطوط ؟. قالا: نعم، هذا خط العاص بن أمية، وهذا خط فلان وفلان لفلان (6) من قريش، وهذا خط حرب بن أمية، فقال هشام: يا أبا عبد الله ! أرى خطوط أجدادي عندكم ؟. فقال: نعم. قال: قد (7) قضيت بالولاء لك. قال: فخرج وهو يقول: إن عادت العقرب عدنا لها * وكانت النعل (8) لها حاضرة قال: قلت (9): ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟. قال: فإن نيثلة (10) كانت أمة لام الزبير ولابي طالب وعبد الله فأخذها عبد المطلب فأولدها فلانا، فقال له الزبير: هذه الجارية ورثناها من أمنا وابنك هذا عبد لنا، فتحمل عيه ببطون قريش. قال: فقال: قد أجبتك على خلة على أن لا يتصدر (11) ابنك هذا في مجلس، ولا يضرب معنا بسهم، فكتب عليه كتابا وأشهد عليه، فهو هذا

 

(1) وضع على: لكم، في (ك) رمز نسخة بدل. (2) زيادة: أن، جاءت في المصدر قبل: قراه. (3) في روضة الكافي: لي. (4) في المصدر: الضمري. (5) بالكتاب، جاءت في الكافي. (6) في (ك) نسخة بدل: لقوم فلان. (7) في المصدر: فقد. (8) في (س): لنعل. (9) في المصدر: فقلت. (10) في روضة الكافي: نثيلة. وفي (ك) نسخة بدل: نفيلة. وهو الظاهر. (11) في (س): أن يتصدر - من غير لا -.

 

[106]

الكتاب (1). بيان: قوله: تعرض (2).. أي أراد الفجور معها ومراودتها. قوله: فقالت له.. أي للعقيلي مولاها. قوله: فشد عليه.. أي حمل عليه (3)، وقد كان كمن له في الدهليز. قوله: فلقيته.. أي قال سماعة: فذهبت إليه وأخبرته بالواقعة (4). قوله عليه السلام: فسطر - بالسين المهملة -.. أي زخرف لها الكلام وخدعها (5). قال االجزري (6): سطر (7) فلان على فلان: إذا زخرف له الاقاويل ونمقها، وتلك الاقاويل: الاساطير والسطر، وفي بعض النسخ: بالشين المعجمة. قال الفيروز آبادي (8): يقال: شطر شطده.. أي قصد قصده، أو هو

 

(1) أقول: ولعله من موضوعات احمد بن هلال العبرتائي الملعون، إذا أن داود بن علي - عم السفاح العباسي والمنصور - صار أميرا على الحجاز في صدر دولة بنى العباس سنة 132، وحج هشام بن عبد الملك الاموي سنة 106 ه‍، وفيه أمور لا تتلاءم مع الواقع التاريخي وفقه الحديث. ولعل خلطه بأشياء وأمور وحوادث ليخرج عن حقيقه. (2) التعرض: التصدي والتعوج وعدم الاستقامة. وما ذكره له من المعنى مصداق له، انظر: تاج العروس 5 / 51، ولسان العرب 7 / 182. (3) ذكره في مجمع البحرين 3 / 76، والصحاح 2 / 492 وغيرهما. (4) لعل مراده - قدس سره - ان الفاء في: فلقيته فصيحة.. وان اللقاء مضمن معنى الاخبار. والتقدير: وذهبت إليه ولقيته وأخبرته بالواقعة. (5) نص عليه الطريحي في مجمعه 3 / 331، وابن الزبيري في تاجه 3 / 367. وقالا: تمقها، بدلا من: خدعها. (6) في النهاية 2 / 365. وذكره في تاج العروس 3 / 267، ولسان العرب 3 / 365. (7) سطر: بتضعيف الطاء فتكون مزيدا فيها كما عن بعض. وبتضعيف الراء فتكون رباعية كما عن بعض آخر. (8) في القاموس 2 / 58. وقارن بتاج العروس 3 / 298، وقريب منه ما في لسان العرب 4 / 408.

 

[107]

تصحيف شغر بها - بالغين المعجمة -.. أي رفع رجلها للجماع (1). قوله عليه السلام: على ملك الدومة.. أي دومة الجندل، وهي - بالضم -: حصن بين المدينة والشام، ومنهم من يفتح الدال (2). قوله: تحمل عليه ببطون قريش.. أي كلفهم الشفاعة (3) عند الزبير ليدفع إليه الخطاب، فلما يئس من ذلك ذهب إلى عبد المطلب ليتحمل على زبير بعبد المطلب مضافا إلى بطون قريش، فقال عبد المطلب لنفيل: ما بيني وبينه عمل ؟ - أي معاملة وألفة - أما علمتم أنه - يعني زبيرا - ما فعل بي في ابني فلان - وأشار بذلك إلى ما سيأتي من قصة العباس في عجز الخبر - قال: ولكن امضوا أنتم - يعني نفيلا - مع بطون قريش إلى الزبير. قوله: أن لا يتصدر.. أي لا يجلس في صدر المجلس (4). قوله: ولا يضرب معنا بسهم.. أي لا يشترك معنا في قسمة شئ لا ميراث ولا غيره (5). قوله عليه السلام: فقد كان خط (6) أبيك.. أي جدك عبد الله بن العباس

 

(1) قاله في تاج العروس 3 / 306، وانظر: مجمع البحرين 3 / 352. (2) لاحظ الصحاح 5 / 1923، والنهاية 2 / 141. وقال في مجمع البحرين 6 / 65: ودومة الجندل: حصن عادي بين المدينة والشام يقرب من تبوك، وهي أقرب إلى الشام، وهي الفصل بين الشام والعراق، وهي إحدى حدود فدك، ويقال إنها تسمى بالجوف. وانظر ما جاء في مراصد الاطلاع 2 / 543، ومعجم البلدان 2 / 487 - 489. (3) ذكره في النهاية 1 / 443، مجمع البحرين 5 / 358. (4) ذكره في تاج العروس 3 / 328، انظر: لسان العرب 4 / 446. (5) قال في لسان العرب 1 / 547: وقد ضربت بالقداح، والضريب والضارب: الموكل بالقداح، وقيل: الذي يضرب بها، وجمع الضريب: ضرباء. أقول: يحتمل قراءة: يضرب معنا بسهم مبنيا للفاعل ومبنيا للمفعول. وعلى الاول يكون المعنى: إنه لا يضرب معنا لعدم كونه ضريبا معنا، لانه أقل بكثير رتبة من أن يكون مثلنا. وعلى الثاني يكون حاصل المعنى: أن الموكل بضرب القداح والسهم إذا ضرب لا يجعل ذلك الشخص معنا وفي مرتبتنا فيضرب له ولنا. انظر: تاج العروس 1 / 348، والصحاح 1 / 169. (6) كذا، والصحيح: حظ، كما مر.

 

[108]

فيه الاوفر.. أي أخذ وافرا من غنائم تلك الغزوة، وكان من شركائها وأعوانه عليه السلام فيها. قوله عليه السلام: ثم فر بجنايته (1).. إشارة إلى جناية عبد الله في بيت مال البصرة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. إقول: قدمر في باب كفر الثلاثة من تفسير علي بن ابراهيم (2) في تفسير قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا) (3) بإسناده، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال عليه السلام: الوحيد ولد الزنا، وهو زفر.. إلى آخر الايات (4). أما حسب عمر: فحكى العلامة في كتاب كشف الحق (5)، عن ابن عبد ربه في كتاب العقد (6)، أن عمر كان حطابا (7) في الجاهلية كأبيه الخطاب. وقال مؤلف إلزام النواصب (8): روى ابن عبد ربه في كتاب العقد (9) في استعمال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص (10)، فقال عمرو (11): قبح الله زمانا (1) كذا، وقد سلف: بجناحيه، وفي نسخة: بخيانته. وفي الواقع كلام ليس هذا محله. (2) تفسير علي بن ابراهيم 2 / 395. (3) المدثر: 11. (4) وانظر: ما ذكره البحراني في حلية الابرار 1 / 180. ولا توجد في (س) من قوله: أقول.. إلى هنا. (5) كشف الحق: 348. (6) العقد الفريد 1 / 48. وفي (س): روي أن عبد ربه في كتاب العقد. وهو سهو. (7) في (ك): خطابا. (8) إلزام النواصب: 97 - 98 - الخطية - باختلاف يسير. (9) العقد الفريد 1 / 48. وأورده العلامة الحلي في كشف الحق: 348. (10) في الالزام زيادة: في بعض ولايته. (11) في كشف الحق: فقال عمرو بن العاص.


 

[109]

عمل فيه عمرو بن العاص بعمر بن الخطاب، والله إني لاعرف الخطاب يحمل (1) حزمة من حطب وعلى (2) ابنه مثلها وما معه إلا تمرة لا تنفع منفعة (3). وقال ابن الاثير في النهاية (4) - في تفسيرا لخبط: وهو ورق الشجر - في حديث عمر: لقد رأيتني في هذا (5) الجبل احتطب مرة وأختبط أخرى.. أي اضرب الشجر لينتثر (6) الخبط منه (7). وقال ابن أبي الحديد (8): كتب عمر إلى عمرو بن العاص - وهو عامله في مصر - كتابا ووجه إليه محمد بن مسلمة ليأخذ منه شطر ماله (9)، فلما قدم عليه (10) اتخذ له طعاما وقدمه إليه، فأبى أن يأكل، فقال له (11): مالك لا تأكل طعامنا. قال: إنك عملت لي طعاما هو تقدمة للشر، ولو كنت عملت لي طعام الضيف لاكلته، فابعد عني طعامك وأحضرني (12) مالك ؟، فلما كان الغد أحضر ماله، فجعل محمد يأخذ شطرا ويعطي عمرا شطرا، فلما رأي عمر وما حاز محمد من المال، قال: يا محمد ! أقول ؟. قال: قل ما تشاء. قال: لعن الله يوما كنت فيه واليا لابن الخطاب ! فوالله لقد رأيته ورأيت أباه، وإن على (13) كل واحد

 

(1) في نهج الحق زيادة: على رأسه. (2) في كشف الحق زيادة: وعلى رأس. (3) في العقد: وما منهما إلا في نمرة لا تبلغ رسغيه. وفي كشف الحق: تمرة لا تبلغ مضغة. (4) النهاية 2 / 8. (5) في المصدر: بهذا. (6) الكلمة مشوشة في مطبوع البحار، وتقرأ: ينتشر، أيضا. (7) وانظر: تاج العروس 5 / 125. (8) في شرحه على النهج 12 / 43 - 44. باختلاف يسير ذكرناه. (9) من قوله: كتابا.. إلى هنا، نقل بالمعنى. (10) في المصدر: فلما قدم إليه محمد. (11) لا توجد: له، في شرح النهج. (12) في المصدر: واحضر لي. (13) لا توجد: على، في (س).

 

[110]

منها عباءة قطوانية، مؤتزرا بها ما يبلغ مأبض (1) ركبتيه، على عنق كل واحد منهما حزمة من حطب، وإن العاص بن وائل لفي مزررات الديباج. فقال محمد (2): إيها (3) يا عمرو ! فعمر - والله - خير منك، وأما أبوك وأبوه ففي النار. وقال - أيضا (4) -: قرأت في تصانيف (5) أبي احمد العسكري أن عمر كان يخرج (6) مع الوليد بن المغيرة في تجارة للوليد إلى الشام (7) - وعمر يومئذ ابن ثماني عشرة سنة، وكان (8) يرعى للوليد إبله، ويرفع أحماله، ويحفظ متاعه - فلما كان بالبلقاء لقيه رجل من علماء الروم، فجعل ينظر إليه، ويطيل النظر لعمر، ثم قال: أظن اسمك - يا غلام - عامرا أو عمران أو نحو ذلك ؟. قال: إسمي عمر. قال: اكشف عن (9) فخذيك، فكشف، فإذا على أحدهما شامة سوداء في قدر راحة الكف، فسأله أن يكشف عن رأسه، فإذا (10) هو أصلع، فسأله أن يعتمد بيده، فاعتمد (11)، فإذا أعسر أيسر. فقال له: أنت ملك العرب (12). قال: فضحك عمر مستهزئا، فقال (13): أو تضحك ؟ وحق مريم البتول أنت ملك

 

قال في القاموس 2 / 323: ألمابض - كمجلس -: باطن الركبة. (2) في (س): محمدا. وهو سهو. (3) قال في مجمع البحرين 6 / 342: وفي الغريبين: إيها: تصديق، كأنه قال: صدقت، وفي الحديث: إيها والله.. أي صدقت. ويقال: إيها عنا.. أي كف عنا. (4) في شرح النهج لابن أبي الحديد 12 / 183 - 184. (5) في المصدر: في كتاب من تصانيف. (6) في شرح النهج: إن عمر خرج عسيفا. والعسف: الاجير. (7) جاء في الشرح بتقديم وتأخير: إلى الشام في تجارة للوليد. (8) في المصدر: فكان. (9) لا توجد: عن، في (ك). (10) في الشرح: فكشف فإذا. (11) في الشرح: أن يعتمل بيده فاعتمل. (12) زيادة: وحق مريم البتول، جاءت في المصدر بعد: العرب. (13) في المصدر: قال.

 

[111]

العرب وملك الروم والفرس، فتركه عمر وانصرف مستهينا بكلامه، فكان (1) عمر يحدث بعد ذلك، ويقول: تبعني ذلك الرومي (2) راكب حمار فلم يزل معي حتى باع الوليد متاعه وابتاع بثمنه عطرا وثيابا، قفل إلى (3) الحجاز، والرومي يتبعني، لا يسألني حاجة ويقبل يدي كل يوم إذا أصبحت كما يقبل يد الملك، حتى خرجنا من حدود الشام ودخلنا في أرض الحجاز راجعين إلى مكة، فودعني ورجع، وكان الوليد يسألني عنه فلا أخبره، وما أراه إلا هلك، ولو كان حيا لشخص إلينا (4). أقول: اعسر ايسر.. أي كان يعمل بيديه جميعا، والذي عمل بالشمال فهو اعسر (5). واخبار الرومي إما من جهة الائمة، فإنه كما كانت أوصاف أثمتنا عليهم السلام مسطورة في الكتب كانت أوصاف أعدائهم أيضا مذكورة فيها، كما يدل عليه أخبارنا، ولذا كان يقبل يديه لانه كان يعلم أنه يخرب دين من ينسخ أديانهم كما قبل إبليس يد أبي بكر في أول يوم صعد منبر النبي صلى الله عليه وآله واستبشر بذلك، وهذا الاخبار صارت باعثة لاسلامه وصاحبه ظاهرا، طمعا في الملك كما ذكره القائم عليه السلام لسعد بن عبد الله (6)، ولذا أخبره بالملك لا بالخلافة والرئاسة الدينية (7).

 

(1) في شرح النهج: وكان. (2) زيادة: وهو، جاءت في المصدر. (3) أي: رجع. (4) أورده شيخنا المجلسي - رحمه الله - مفصلا في البحار 54 / 86، فراجع. (5) انظر: لسان العرب 4 / 565، والصحاح 2 / 745 وفيهما: اعسر يسر. (6) الاحتجاج للطبرسي: 2 / 269، طبعة النجف (461 / 2 - طبعة ايران). (7) وأورد أبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجي النحوي - المتوفى سنة 337 ه‍ - في أماليه بإسناده عن عمر بن الخطاب قال: خرجت مع اناس من قريش في تجارة إلى الشام في الجاهلية.. وجاءت في آخره: فانتهيت إلى دير فاستظلت في فنائه، فخرج إلي رجل - ثم ذكر - أنه كان من أعلم أهل الكتاب، وأخبره: أنه يجد صفته، وأنه يخرجه من الدير ويغلب عليهم، فأخذ منه كتابا إذا صار خليفة لا يخرجه من الدير ولا يكدر عليه.. إلى آخره.

 

[112]

وقال ابن الاثير في النهاية (1) في تفسير المبرطش فيه: كان عمر في الجاهلية مبرطشا، وهو الساعي بين البائع والمشتري شبه الدلال، ويروى بالسين المهملة بمعناه. وذكر ذلك صاحب القاموس (2) وقال: هو - بالمهملة -: الذي يكتري للناس الابل والحمير ويأخذ عليه جعلا. ويدل اعتذار عمر عن جهله بسنة الاستئذان بقوله: ألهاني عنه الصفق بالاسواق، كما رواه البخاري وغيره، وقد مر (3) على أنه كان مشتغلا به في الاسلام أيضا. وقال في الاستيعاب (4): إليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك إن قريشا كانت إذا وقعت بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم بعثوه سفيرا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر (5) بعثوه منافراو (6) مفاخرا ورضوا به (7)، وذكر نحو ذلك في روضة الاحباب (8).

 

(1) النهاية 1 / 119. (2) القاموس 2 / 200. وقارن بتاج العروس 4 / 107. (3) في مطاعنه في جهله بالكتاب. قال أبي لعمر - في آية جهلها عمر -: والله أقرأنيها رسول الله (ص) وأنت تبيع الخيط. وفي أخرى: أقرأنيه رسول الله (ص) وإنك لتبيع القرظ بالبقيع. وقال عمر: صدقت، وإن شئت قلت: شهدنا وغبتم، ونصرنا وخذلتم، وآوينا وطردتم. كما في تفسير الطبري 1 / 7، ومستدرك الحاكم 3 / 305، وتفسير القرطبي 8 / 238، وتفسير ابن كثير 2 / 383، وتفسير الزمخشري 2 / 42، والدر المنثور 3 / 269، وكنز العمال 1 / 287، وروح المعاني - طبع المنيرية - 1 / 8... وغيرهم. وجاء قول أبي له: إنه كان يلهيني القرآن ويليهك الصفق بالاسواق.. في سنن البيهقي 7 / 69، وتفسير القرطبي 4 / 126، وكنز العمال 1 / 279 وغيرها. (4) الاستيعاب المطبوع بهامش الاصابة 2 / 459. (5) جاءت زيادة: رضوا به، في المصدر، وهو الظاهر. (6) في (س): أو. (7) لا توجد: ورضوا به، في المصدر هنا. وفي (س): رفعوا به، وهو سهو. (8) روضة الاحباب. انظر: التعليقة رقم (4) صفحة: 533 من المجلد (30).

 

[113]

فقد ظهر بما ذكرناه أن قولة بعض العامة: إن عمر كان من صناديد قريش وعظمائهم في الجاهلية إنما نشأ من شدة العصبية وفرط الجهل بالاثار، ومتى كان عظيم من العظماء حطابا وراعيا للبعير ومبرطشا للحمير، ومداحا للقوم ومفاخرا من قبل القبيلة، فكانت دناءة نسبه، ورذالة حسبه، وسفالة أفعاله شواهد ما صدر عنه في خواتم أعماله كما عرفت، فلعنة الله عليه وعلى أعوانه وأنصاره إلى قيام يوم الدين. وأما مقتله وكيفية قتله: فقال مؤلف العدد القوية (1) رحمه الله - نقلا من كتب المخالفين -: في يوم السادس والعشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي ابن كعب القرشي العدوي أبو حفض. قال سعيد بن المسيب (2): قتل أبو لؤلؤة عمر ابن الخطاب وطعن معه اثني عشر رجلا، فمات منه (3)، فرمى عليه رجل من أهل العراق برنسا (4) ثم برك عليه، فلما رأى أنه لايستطيع أن يتحرك وجأ (5) بنفسه فقتلها (6). عن عمرو بن ميمون (7)، قال: أقبل عمر فعرض له أبو لؤلوة - غلام المغيرة

 

(1) العدد القوية: 328 - 331. (2) أورده ابن عبد البر في الاستيعاب 3 / 467 - 468، المطبوع بهامش الاصابة. (3) في الاستيعاب: ستة، بدلا من: منه، وهو الظاهر. وفي المصدر: فمات منهم ستة. (4) البرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دراعة كان أو ممطر أو جبة. (5) الوجأ: اللكز والضرب. أقول: وتقرأ هذه الكلمة في (س): ولجأ بنفسه. (6) وأورده العلامة المجلسي - رحمه الله - في البحار 98 / 199 أيضا. (7) عبر عنه في الاستيعاب 2 / 468 - 469 بقوله: من أحسن شئ يروى في مقتل عمر وأصحه. وأورده في طبقات ابن سعد 3 / 340 - 341..

 

[114]

ابن شعبة - فناجى (1) عمر قبل أن تستوي الصفوف قبل أن تستوي الصفوف ثم طعنه ثلاث طعنات، فسمعت عمر يقول: دونكم الكلب فقد (2) قتلني. وماج الناس وأسرعوا إليه، فجرح ثلاثة عشر رجلا، فانكفى عليه رجل من خلفه الحتضنه (3)، وحمل عمر وماج الناس حتى قال قائل: الصلاة عباد الله طلعت الشمى، فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى (4) بأقصر سورتين في القرآن: إذا جاء نصرالله والفتح، وإنا أعطيناك الكوثر. ودخل الناس عليه، فقال: ييا عبد الله بن عباس ! أخرج فناد في الناس: أعن ملا (5) منكم هذا، فخرج ابن عباس فقال: أيها الناس ! عمر يقول: أعن ملا منكم هذا، فقالوا: معاذ الله، والله ما علمنا ولا اطلعنا. فقال (6): ادعوا لي الطبيب، فدعي الطبيب، فقال: أي الشراب أحب إليك ؟. قال: النبيذ ! فسقي نبيذا فخرج من (7) بعض طعناته، فقال بعض الناس: هذا دم، هذا صديد. فقال: اسقوني لبنا، فسقي لبنا، فخرج من الطعنة. فقال له الطبيب: ما أرى (8) أن تمشي (9)، فما كنت فاعلا فافعل.. وذكر باقي الخبر في

 

(1) في المصدر والاستيعاب: ففاجأ. (2) في المصدر: فإنه، بدلامن: فقد. (3) في المصدر: فاحتضنه. والاحتضان: الاحتمال والجعل في الحضن، كما في الصحاح 5 / 2101 - 2102، والنهاية 1 / 400، والحضن: الجنب، كذا قاله في القاموس 4 / 215، ومجمع البحرين 6 / 237. (4) في العدد القوية زيادة: بنا. (5) ملا.. أي تشاور واجتماع، كما في مجمع البحرين 1 / 396 - 399، القاموس 1 / 28، وقال ابن الاثير في النهاية 4 / 351: وفي حديث عمر حين طعن: أكان هذا عن ملا منكم ؟.. أي تشاور من أشرافكم وجماعتكم. (6) في المصدر: وقال. (7) في (ك): عن. (8) خط على: ما أرى، في (س). وفي المصدر: لا أرى. (9) ولعل الكلمة تقرأ في (ك) تمنى. وفي المصدر والاستيعاب وطبقات ابن سعد والامامة والسياسة 1 / 21: أن تمسي. وهو الظاهر.

 

[115]

الشورى وتقديمه لصهيب في الصلاة، وقوله في علي عليه السلام: أن ولوها الاحلج (1) سلك بهم الطريق المستقيم يعني عليا، فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدم علينا (2). فقال: أكره أن أتحملها حيا وميتا (3). قال عبد الله بن الزبير (4): غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق - وهو متكئ على يدي، فلقيه أبو لؤلؤة - غلام المغيرة بن شعبة - فقال له: ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي ؟. قال: كم خراجك ؟. قال: دينار. فقال عمر: ما أرى أن أفعل، إنك لعامل محسن وما هذا بكثير ؟، ثم قال عمر، إلا تعمل لي رحا. قال: بلى، فلما ولى، قال أبو لؤلؤة: لاعملن لك رحا يتحدث بها ما بين المشرق والمغرب. قال ابن الزبير: فوقع في نفسي قوله، فلما كان في النداء لصلاة الصبح خرج أبو لؤلؤة فضربه بالسكين ستة طعنات، إحدهن من تحت سرته وهي قتلته، وجاءه بسكين لها طرفان، فلما جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا في المسجد، ثم أخذ فلما أخذ قتل نفسه (5). واختلف (6) في سن عمر:

 

(1) في المصدر: الاصلع. وفي الطبقات والاستيعاب الاجلح. قال في القاموس 3 / 51: الصلع - محركة -: انحسار شعر الرأس مقدم الرأس لنقصان مادة الشعر في تلك البقعة.. وهو أصلع، ومثله في الصحاح 3 / 1244. أقول: والاجلح مثل الاصلع، راجع القاموس 1 / 218، ومجمع البحرين 2 / 345. (2) لا توجد: علينا، في (س). وفي المصدر والاستيعاب: عليا. وهو الظاهر. (3) أورد قريبا منه ابن سعد في الطبقات 3 / 337 - 340 عن عمر بن ميمون عدة روايات، وكذا عن حذيفة، وابن شهاب، وابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 467 - 468. (4) وقريب منه في الطبقات لابن سعد 3 / 347 رواه عن أبي الحويرث. وجاء بنصه في الاستيعاب 2 / 469 عن عبد الله بن الزبير عن أبيه. وفيه زيادة: عن أبيه. (5) وقريب منه في العقد الفريد 4 / 272. (6) لا زال الكلام لصاحب العدد القوية. وذكر هذه الاقوال ابن الاثير في الكامل 3 / 19، والطبري في تاريخه 1 / 187 - 217، و 2 / 80 - 82، وانظر: تاريخ اليعقوبي 2 / 117: والاصابة 2 / 459، وحلية الاولياء 1 / 38، وغيرها.

 

[116]

فقيل: توفي وهو ابن ثلاث وستين (1). وقال عبد الله بن عمر: توفي عمر وهو ابن بضع وخمسين (2). وعن سالم بن عبد الله: إن عمر قبض وهو ابن خمس وخمسين (3). وقال الزهري: توفي وهو ابن أربع وخمسين (4). وقال قتادة: توفي وهو ابن اثنتين (5) وخمسين. وقيل: مات وهو ابن ستين (6). عن الزهري، قال: صلى عمر على أبي بكر حين مات، وصلى صهيب على عمر (7)، وروي عن عمر أنه قال - في انصرافه في حجته (8) التي لم يحج بعدها -: الحمدلله ولا إله إلا الله، يعطي من يشاء ما يشاء، لقد كنت بهذا الوادي - يعني ضجنان (9) - أرعى غنما (10) للخطاب - وكان فظا غليظا، يتعبني إذا عملت، ويضربني إذا قصرت - وقد أصبحت وأمسيت وليس بيني وبين الله أحدا أخشاه، ثم تمثل:

 

(1) كما في المعجم الكبير 1 / 68، وطبقات ابن سعد 3 / 365، ومسند احمد بن حنبل 4 / 96 و 97 و 100، وسنن الترمذي حديث 33 و 37، صحيح البخاري حديث 23 و 52. (2) وذكره ابن سعد في الطبقات 3 / 365 أيضا. (3) جاء في معجم الطبراني 1 / 69، والمصنف لعبد الرزاق حديث 67 و 91، ومجمع الزوائد 9 / 78 و 79، وطبقات ابن سعد 3 / 365. (4) في المصدر زيادة: سنة. (5) في العدد القوية: اثنين. (6) هذا ما أورده ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 470 - 471. وهناك أقوال أخر ذكرها في المعجم الكبير 1 / 67 - 71. وفي المصدر زيادة: وقيل: ابن ثلاث وستين سنة. (7) جاء في المصادر السالفة، ورواه في الاستيعاب 2 / 472، وكذا الرواية التالية. (8) في الاستيعاب: من حجته. (9) في المصدر: ضجعان، وما في المتن أظهر لعدم وجود محل بهذا الاسم، انظر: معجم البلدان 3 / 453، ومراصد الاطلاع 2 / 865. (10) في الاستيعاب: إبلا.

 

[117]

لا شئ مما ترى يبقي بشاشة (1) * يبقى الاله ويؤذى (2) المال والولد لم يغن (3) عن هرمز يوما خزائنه * والخلد قد حاولت عادا فما خلد ولا سليمان إذ تجرى (4) الرياح له * والانس والجن فيما بينها (5) يرد (6) أين الملوك التي كان (7) لعزتها * من كل أوب إليها وافد يفد حوض هنالك مورود بلا كذب * لابد من ورده يوما كما وردوا أمه حنتمة (8) بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم (9). ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وقال عمر: ولدت قبل الفجار الاعظم بأربع سنين. أسلم ظاهرا (10) بعد أربعين رجلا واحد عشر امرأة. بويع له بالخلافة (11) لما مات أبو بكر باستخلافه سنة (12) ثلاث عشرة. كان آدم شديد الادمة (13) طوالا، كث اللحية (14)، أصلع أعسر أيسر،

 

(1) في العدد القوية: تبقى بشاشته. (2) في المصدر والاستيعاب: يؤدى - بالدال المهملة -. (3) في العدد: لم تغن. (4) إذ يجري، كذا جاء في المصدر. (5) في (س): بينهما. (6) عبارة المصدر: ترد. (7) توجد نسخة بدل في (ك): كانت. وهو الظاهر. (8) في المصدر: حيتمة. وهو سهو. (9) انظر: المعجم الكبير 1 / 65، ومجمع الزوائد 9 / 61، وغيرهما. (10) لا توجد: ظاهرا، في العدد القوية. (11) في (س): الخلافة - بلا باء -. (12) في مطبوع البحار: ستة. وهو غلط. (13) قال الجوهري في الصحاح 5 / 1859، وابن الاثير في نهايته 1 / 32: الادمة - بالضم -: السمرة. والادم من الناس: الاسمر. (14) قال في النهاية 4 / 152: الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة ولكن فيها كثافة، وانظر: القاموس 1 / 172، والصحاح 1 / 290.

 

[118]

وقيل: كان طويلا جسيما، أصلع شديد الصلع، أبيض، شديد حمرة العينين، في عارضيه خفة (1). وقيل: كان رجلا آدم ضخما كأنه من رجال سدوس (2). مدة ولايته عشر سنين وستة أشهر وأيام (3). أقول: قال ابن عبد ربه في كتاب الاستيعاب (4): كانت مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر...، وقتل يوم الاربعاء لاربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين.. وقال الواقدي وغيره: لثلاث بقين من ذي الحجة، طعنه أبو لؤلؤة فيروز - غلام المغيرة بن شعبة -، قال: ومن أحسن شئ يروى في مقتل عمر وأصحه (5) ما حدثنا خلف بن قاسم، عن سهل - بإسناد ذكره - عن عمرو بن ميمون.. وساق الخبر مثل ما مر (6) إلى قول: أكره أن أتحملها حيا وميتا، ثم روى الخبر الثاني عن الواقدي - بإسناده - عن عبد الله بن الزبير، ثم قال (7): واختلف في شأن أبي لؤلؤة، فقال بعضهم: كان مجوسيا، وقال بعضهم: كان نصرانيا... وجاء بسكين له طرفان، فلما جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا في المسجد، ثم أخذ، فلما أخذ قتل نفسه. أقول: ما ذكر أن مقتله كان في ذي الحجة هو المشهور بين فقهائنا

 

(1) في (س): حفة. (2) ذكر في الصحاح 3 / 937: وسدوس - بالفتح -: أبو قبيلة. وقال ابن الكلبي: سدوس التي في بني شيبان بالفتح، وسدوس التي في طي بالضم. (3) انظر بالاضافة إلى ما مر: الاستيعاب - المطبوع بهامش الاصابة 2 / 458 - 473 -، والبدء والتاريخ 5 / 88 و 167، والكنى والالقاب للدوالبي 1 / 7. (4) الاستيعاب 2 / 467 - 468. (5) في (س): واضحة. (6) بتقديم وتأخير لكلام الواقدي في الاستيعاب. (7) ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 470.

 

[119]

الامامية، وقال ابراهيم بن علي الكفعمي رحمه الله في الجنة الواقية (1) في سياق أعمال شهر ربيع الاول: إنه روى صاحب مسار الشيعة (2) أنه من أنفق في اليوم التاسع منه (3) شيئا غفر له، ويستحب فيه إطعام الاخوان وتطييبهم والتوسعة في (4) النفقة، ولبس الجديد، والشكر والعبادة، وهو يوم نفي الهموم، وروي أنه ليس فيه صوم، وجمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب.. وليس بصحيح. قال محمد بن إدريس في سرائره (5): من زعم أن عمر قتل فيه فقد أخطأ بأجماع أهل التواريخ والسير، وكذلك قال المفيد رحمه الله في كتاب التواريخ. وإنما قتل (6) يوم الاثنين لاربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، نص على ذلك صاحب الغرة وصاحب المعجم (7) وصاحب الطبقات (8) وصاحب كتاب مسار الشيعة (9) وابن طاوس (10)، بل الاجماع حاصل من الشيعة وأهل السنة على ذلك. انتهى. والمشهور بين الشيعة في الامصار والاقطار في زماننا هذا هو أنه اليوم التاسع

 

(1) الجنة الواقية، المشتهر بالمصباح للكفعمي: 510 - 511 الفصل الثاني والاربعون في ذكر الشهور، وفيه: وفي تاسعة روى.. (2) مسار الشيعة: 48 - 51، ولم يتعرض لما ذكره في الجنة الواقية. (3) في المصدر: فيه، بدلا من: في اليوم التاسع منه. (4) في (س): واو، بدلامن: في. (5) السرائر: 96 - الحجرية - [1 / 419 - طبعة جماعة المدرسين] باب صيام التطوع بتصرف في الالفاظ فقط. (6) في الجنة الواقية زيادة: عمر، بعد: قتل، وزيادة: ليال، بعد: لاربع. (7) المعجم للطبراني 1 / 70. (8) طبقات ابن سعد 3 / 365. (9) مسار الشيعة: 42، قال: وفي التاسع والعشرين منه (أي ذي الحجة الحرام) سنة 23 ثلاث وعشرين من الهجرة قبض عمر بن الخطاب. (10) في كتابه زوائد الفوائد، ولم نحصل على نسخته.

 

[120]

من ربيع الاول، وهو أحد الاعياد، ومستندهم في الاصل ما رواه خلف السيد النبيل علي بن طاوس - رحمة الله عليهما - في كتاب زوائد الفوائد (1)، والشيخ حسن ابن سليمان في كتاب المحتضر (2)، واللفظ هنا للاخير، ويسأتي بلفظ السيد قدس سره في كتاب الدعاء (3). قال الشيخ حسن: نقلته من خط الشيخ الفيه علي بن مظاهر الواسطي، بإسناد متصل، عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد (4) بن جريح (5) البغدادي، قالا: تنازعنا في ابن (6) الخطاب فاشتبه علينا أمره، فقصدنا جميعا احمد بن إسحاق القمي صاحب أبي الحسن (7) العسكري عليه السلام بمدينة قم، وقرعنا الباب، فخرجت إلينا صبية عراقية من داره (8)، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده (9) فإنه يوم عيد. فقلنا: سبحان الله ! الاعياد أعياد (10) الشيعة أربعة: الاضحى، والفطر، ويوم (11) الغدير، ويوم (12) الجمعة،

 

(1) زوائد الفوائد: لم نحصل على نسخة مطبوعة منه. (2) المحتضر للشيخ حسن: 44 - 55. (3) بحار الانوار 98 / 351 - 355 باختلاف يسير عما هنا. وقد رواه مسندا الطبري (القران الرابع) في كتابه دلائل الامامة، الفصل المتعلق بأمير المؤمنين عليه السلام، وكذا الشيخ هاشم بن محمد (القران السادس) في كتابه مصباح الانوار، وتعرضنا لبعض الاختلافات بينه وبين المتن، والجزائري في الانوار النعمانية: 4 والاسناد فيها مختلف، فراجعه. (4) وضع على كلمة: محمد، رمز نسخة بدل في (ك). (5) في البحار، كتاب الدعاء: حويج. (6) جاء العنوان والسند في المصدر هكذا: ومما جاء في عمر بن الخطاب - من أنه كان منافقا - ما نقله الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي، عن محمد العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي، قال: تنازعنا في أمر ابن.. (7) لا توجد: أبي الحسن، في المصدر، وقد جاء في المصباح. (8) وضع على: من داره، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار. وفيه: في داره صبية عراقية - بتقديم وتأخير -. (9) في المصدر: بعياله. (10) في المحتضر: عند، بدلا من: أعياد. (11 و 12) لا توجد: يوم، في (س) في كلا الموردين.

 

[121]

قالت: فإن احمد بن إسحاق (1) يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام أن هذا اليوم هو يوم عيد، وهو أفضل الاعياد عند أهل البيت عليهم السلام وعند مواليهم. قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه، وعرفيه بمكاننا، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج علينا (2) وهو متزر بمئزر له محتبي (3) بكسائه (4) يمسح وجهه، فانكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد. قلنا: أو هذا يوم عيد ؟. قال: نعم، - وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول -، قالا جميعا: فأدخلنا داره (5) وأجلسنا على سرير له، وقال: إني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة إخوتي - كما قصد تماني - بسر من رأى (6)، فاستأذنا بالدخول عليه فأذن لنا، فدخلنا عليه صلوات الله عليه في مثل (7) هذا اليوم - وهو يوم التاسع من شهر ربيع الاول - وسيدنا عليه السلام قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ما يمكنه (8) من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة (9) يحرق العود بنفسه، قلنا: بآبائنا أنت وإمهاتنا يابن رسول الله ! هل تجدد لاهل البيت في هذا اليوم (10) فرح ؟ !. فقال: وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم ؟ !. ولقد حدثني أبي عليه السلام أن حذيفة بن اليمان

 

(1) لا توجد في المصدر: ابن اسحاق. (2) في المحتضر: فخرج الينا. (3) في (ك): مجتبى. وفي المصدر: محتضن. وجملة جاءت في مطبوع البحار نسخة بدل وهي: يفوح مسكا، بعد: محتبى. (4) في المحتضر: لكسائه. (5) عبارة المصدر هكذا: يوم عيد - وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول - ؟ قال: نعم، ثم أدخلنا داره. (6) في المحتضر: من إخوتي بسر من راى كما قصد تمانى. بزيادة: من، مع تقديم وتأخير. (7) لا توجد في المصدر: فأذن.. إلى هنا. وفيه: في هذا اليوم. (8) جاءت في المصدر: له، بدلامن: يمكنه. (9) زيادة: وهو، في المحتضر قبل: يحرق. (10) لا توجد في المصدر: في هذا اليوم.

 

[122]

دخل في مثل هذا اليوم - وهو (1) التاسع من شهر ربيع الاول - على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله، قال حذيفة: رأيت (2) سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو (3) يتبسم في وجوههم عليهم السلام ويقول لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم، فإنه اليوم الذي يهلك الله (4) فيه عدوه وعدو جدكما، ويستجيب فيه دعاء أمكما. كلا ! فإنه اليوم الذي (5) يقبل الله فيه أعمال شيعتكما ومحبيكما. كلا ! فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول الله: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) (6). كلا ! فإنه اليوم الذي يتكسر (7) فيه شوكة مبغض جدكما. كلا ! فإنه يوم (8) يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم. كلا ! فإنه اليوم (9) الذي يقدم (10) الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا. قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله ! وفي أمتك وأصحابك من ينتهك (11) هذه الحرمة ؟.

 

(1) في المصدر زيادة: اليوم. (2) لا توجد في المحتضر: حذيفة. وفيه: فرأيت. (3) في المصدر: ورسول الله (ص)، بدلا من: وهو. (4) لا توجد في المحتضر: فإنه اليوم. وفيه: يقبض، بدلا من: يهلك. (5) في المصدر: الذي فيه. (6) النمل: 52. (7) في (س): يكسر، وفي المصباح: تكسر. (8) زيادة كلمة: الذي، جاءت في المصدر بعد: يوم. (9) لا توجد: اليوم، في (س). (10) في المحتضر: يعمد. (11) في (ك) نسخة بدل: يهتك. (*)

 

[123]

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم يا حذيفة (1) ! جبت من المنافقين يترأس عليهم ويستعمل في أمتي الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد الناس (2) عن سبيل الله، ويحرف كتابه، ويغير سنتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول على إمامه من (3) بعدي، ويستحل (4) أموال الله من غير حلها، وينفقها في غير طاعته (5)، ويكذبني (6) ويكذب أخي ووزيري، وينحي ابنتي عن حقها، وتدعو (7) الله عليه ويستجيب الله (8) دعاؤها في مثل هذا اليوم. قال حذيفة: قلت (9): يا رسول الله ! لم لا تدعو (10) ربك عليه ليهلكه في حياتك ؟ !. قال (11): يا حذيفة ! لا أحب أن أجترئ على قضاء الله (12) لما قد سبق في علمه، لكني سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه (13) فضيلة على سائر الايام ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم، فأوحى إلي جل ذكره، فقال لي (14): يا محمد ! كان في سابق علمي أن تمسك (15) وأهل بيتك

 

(1) فقال صلى الله عليه وآله: يا حذيفة.. هكذا جاءت في المصدر. (2) لا توجد في المحتضر: الناس. (3) في المصدر: على من بعدي. (4) نسخة بدل: يستجلب، جاءت في (ك). (5) في (ك): طاعة - بلا ضمير -. (6) لا توجد في المصدر: ويكذبني. (7) في المصدر: فتدعوا. والظاهر زيادة: الالف. (8) لا توجد لفظة الجلالة في المحتضر. (9) في المصدر: فقلت. (10) في المصدر: فلم لا تدعوا. والالف زائدة ظاهرا. (11) في المحتضر: فقال. (12) جاءت زيادة: تعالى، في المحتضر بعد لفظ الجلالة. (13) في المصدر: له، بدلا من: فيه. (14) في المصدر: إن، بدلا من: فقال لي. وفي (س): فقال - من دون: لي. (15) في (س): يمسك.

 

[124]

محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي من (1) نصحتهم وخانوك، ومحتضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك (2)، وأرضيتهم (3) وكذبوك، وانتجيتهم (4) وأسلموك، فإني بحولي (5) وقوتي وسلطاني لافتحن على روح من يغصب بعدك عليا حقه ألف باب من النيران من سفال الفيلوق، ولاصليفه (6) وأصحابه قعرا يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولاجعلن ذلك المنافق (7) عبرة في القيامة لفراعنة الانبياء وأعداء الدين في المحشر، ولاحشرنهم وأوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنم زرقا كالحين أذلة خزايا نادمين، ولاخلدنهم فيها أبد الابدين، يا محمد ! لن يوافقك (8) وصيك في منزلتك إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه (9) وغاصبه الذي يجتري علي ويبدل كلامي، ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلى، وينصب من (10) نفسه عجلا لامتك، ويكفر بي في عرشي، إني قد أمرت

 

(1) الذي، بدلا من: من، جاءت في المحتضر. (2) قال في الصحاح 1 / 399: الكاشح: الذي يضمر لك العداوة، يقال: كشح له بالعداوة وكاشحه بمعني، وانظر: النهاية 4 / 175، ومجمع البحرين 2 / 407، والقاموس المحيط 1 / 245. (3) في المصدر: وصدقتهم، بدلا من: وأرضيتهم. (4) في (ك): انتجبتهم. وفيه نسخة بدل: جنبتهم. وفي المحتضر: أنجيتهم. (5) في المحتضر: فأنا آليت بحولي. (6) في (س): ولاصلبنه، وفي المصدر: من أسفل الفيلوق ولاصلينه. أقول: قال في القاموس 4 / 352: صلى اللحم يصليه صليا: شواه أو ألقاه في النار للاحراق كأصلاه وصلاه. وفيه 4 / 352: وأصلاه النار وصلاه إياها وفيها وعليها.. أدخله إياها وأشواه فيها. وانظر: الصحاح 6 / 2402 - 2404 و 3 / 50 - 51، مجمع البحرين 1 / 266 - 269. أما الفيلوق: فلعه مأخوذ من الفلق الذي قيل إنه صدع في النار أو جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره سأل الله أن يأذن له أن يتنفس فأذن له فأحرق جهنم، كما فصله شيخنا الطريحي في مجمع البحرين 5 / 229. ولاحظ: القاموس 3 / 277 وغيره. (7) في (س): المنافقين. (8) في المحتضر: لن يرافقك، وهو الظاهر. وفي البحار: إن مرافقك. (9) في (س): من فرعون - بلا ضمير -. (10) لا توجد: من، في المصدر.

 

[125]

ملائكتي في (1) سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم (2) أن يتعيدوا في هذا (3) اليوم الذي أقبضه (4) إلي، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم ولا أكتب (5) عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك ولو صيك، يا محمد ! إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولاهل بيتك ولمن تبعهم من المؤمنين و (6) شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لاحبون من تعيد (7) في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين، ولا شفعنه (8) في أقربائه وذوي رحمه، ولازيدن في ماله ان وسع على نفسه وعياله فيه، ولا عتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولاجعلن سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، وأعمالهم مقبولة. قال حذيفة: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل إلى (9) بيت (10) أم سلمة (11)، ورجعت عنه وأنا شاك في أمر الشيخ (12)، حتى ترأس بعد وفاة النبي

 

(1) في المصدر لا توجد: ملائكتي في. (2) في (س): وشيعتك ومحبيك. ووضع عليها رمز نسخة بدل صحيحة. وخط عليها في (ك). (3) وضع على: هذا، رمز نسخة بدل في (س). (4) جاءت زيادة: فيه، في المحتضر. (5) في (ك) نسخة بدل: ولا يكتبوا. وفي المصدر: لا يكتبون. ولا توجد فيه الواو ولفظة: عليهم. (6) لا توجد في المحتضر: من المؤمنين و. (7) في المصدر: من يعيد. (8) لا توجد: ولاشفعنه، في المصدر. (9) وضع على: إلى، في (ك) رمز نسخة بدل. (10) في مطبوع البحار جعل على: بيت، رمز نسخة بدل. ولا توجد في المصدر. (11) جاءت: فدخل في المصدر هنا - أي بتقديم وتأخير -. (12) في (ك): الثاني، نسخة بدل من: الشيخ.

 

[126]

صلى الله عليه وآله وأتيح الشر وعاد (1) الكفر، وارتد عن الدين، وتشمر (2) للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام، وكذب فاطمة بنت رسول الله (ص) (3)، واغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخن (4) قرة عين المصطفى ولم يرضها (5)، وغير السنن كلها، ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام، وأظهر الجور، وحرم ما أحل الله، وأحل ما حرم الله، وألقى إلى الناس ان يتخذوا من جلود الابل دنانير، ولطم وجه (6) الزكية، وصعد منبر رسول الله غصبا وظلما، وافترى على أمير المؤمنين (ع) وعانده وسفه رأيه. قال حذيفة: فاستجاب (7) الله دعاء مولاتي عليها السلام على ذلك المنافق، وأجرى قتله على يد قاتله رحمة الله عليه، فدخلت على (8) أمير المؤمنين عليه السلام لاهنئه بقتل المنافق (9) ورجوعه إلى دار الانتقام. قال أمير المؤمنين عليه السلام (10): يا حذيفة ! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على سيدي (11) رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا وسبطاه نأكل معه، فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه ؟. قلت: بلى يا أخا رسول الله (ص).

 

(1) لا توجد في المحتضر: وأتيح الشر. وفيه: وأعاد، بدلا من: وعاد. (2) في المصدر: وشمر. (3) لا توجد: بنت رسول الله (ص)، في المحتضر. (4) في المصدر: وأسخط. وهي نسخة بدل في مطبوع البحار. (5) في المحتضر: ولم يرضهم - بضمير الجمع -. (6) جاءت زيادة: حر، قبل كلمة: وجه، في المصدر. (7) خ. ل: استجاب - بلا فاء -، جاءت على مطبوع البحار. (8) لا توجد في (س): على. (9) في المصدر: بقتله. ولا توجد كلمة: المنافق. (10) عبارة المصدر هكذا: قال: فقال لي. (11) لا توجد: سيدي، في المحتضر.

 

[127]

قال (1): هو والله اليوم الذي أقر الله به عين آل الرسول، وإتي لاعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما، قال حذيفة: قلت: يا أمير المؤمنين ! أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم، وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول (2). فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا يوم الاستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم الغدير (3) الثاني، ويوم تحطيط (4) الاوزار، ويوم الخيرة (5)، ويوم رفع القلم، ويوم الهدو (6)، ويوم العافية، ويوم البركة، ويوم الثارات (7)، ويوم (8) عيد الله الاكبر، ويوم يستجاب فيه (9) الدعاء، يوم الموقف الاعظم، ويوم التوافي، ويوم الشرط، ويوم نزع السواد، ويوم ندامة الظالم، ويوم التصفح، ويوم فرح الشيعة، ويوم التوبة، ويوم الانابة، ويوم الزكاة العظمى، ويوم الفطر الثاني، ويوم سيل (11) النغاب (12)، ويوم تجرع الريق (13)، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل البيت، ويوم ظفرت به بنو إسرائيل، ويوم يقبل الله أعمال الشيعة (14)، ويوم تقديم الصدقة،

 

(1) في المصدر: فقال. (2) لا توجد: وكان يوم التاسع من شهر ربيع الاول، في المصدر. (3) في المحتضر: العيد، بدلا من: الغدير. (4) جاءت: حط، بدلا من: تحطيط، في المصدر. (5) نسخة بدل في (ك): الحبوة. (6) في (ك): الهدي. (7) في المحتضر: الثار. (8) لا توجد كلمة: اليوم، في (س)، وهي نسخة بدل في (ك). (9) في المصدر: أجابت، بدلا من: يستجاب فيه. (10) كذا جاءت العبارة في حاشية (س)، وفي متن (ك): يوم العرض، ويوم القدرة، ووضع عليها رمز نسخة بدل. (11) الكلمة مشوشة في المطبوع من البحار. (12) في المحتضر: الشعاب. (13) الدقيق، بدلا من الريق، جاءت في المصدر. (14) في المحتضر: ويوم قبول الاعمال.

 

[128]

ويوم الزيارة (1)، ويوم قتل المنافق، ويوم الوقت المعلوم، ويوم سرور أهل البيت، ويوم الشاهد ويوم (2) المشهود، ويوم يعض الظالم على يديه (3)، ويوم القهر على العدو (4)، ويوم هدم الضلالة، ويم التنبيه (5)، ويوم التصريد (6)، ويوم الشهادة، ويوم التجاوز عن المؤمنين، ويوم الزهرة، ويوم العذوبة، ويوم المستطاب به، ويوم ذهاب (7) سلطان المنافق، ويوم التسديد، ويوم يستريح فيه المؤمن (8)، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويوم قبول الاعمال، ويوم التبجيل (9)، ويوم إذاعة السر (10)، ويوم نصر المظلوم، ويوم الزيارة (11)، ويوم التودد، ويوم التحبب (12)، ويوم الوصول، ويوم التزكية (13) ويوم كشف البرع، ويوم الزهد في

 

(1) نسخة في (ك): الزياة. ولعلها: الزيادة: ونسخة بدل في مطبوع البحار: ويوم طلب الزيارة. وقد وضع على: الطلب، رمز نسخة بدل. (2) جاءت كلمة: يوم، في (س) بعنوان أنها نسخة بدل. (3) لا توجد: ويوم بعض الظالم على يديه، في المصدر. وفيه بدلا من: المشهود، الشهود - بلا ميم -. (4) في المحتضر: للعدو. (5) خ. ل: النبلة، كذا على المطبوع من البحار. (6) في (ك) لعلها تقرأ: التصربد. أقول: لم أحد معنى مناسبا لها، أما التصريد فهو في السقي دون الري، والتصريد في العطاء تقليله...، والصرد: البرد.. تقول: يوم صرد، كما صرح بذلك في النهاية 3 / 21، والصحاح 6 / 469 - 497، والفائق 1 / 236، ومجمع البحرين 3 / 363 - 365. وقال في القاموس المحيط 1 / 307: الصرد: الخالص من كل شئ. (7) في المصدر: ويوم الزهرة، ويوم التعريف، ويوم الاستطابة، ويوم الذهاب. ولا توجد فيه: سلطان المنافق. (8) في المحتضر جاءت العبارة هكذا: ويوم التشديد، ويوم ابتهاج المؤمن. وفي (س): تصريح، بدلا من: يستريح، وهو غلط. (9) هنا زيادة: ويوم النحلة في (ك)، ووضع عليها رمز نسخة بدل في (س)، ولا توجد في المصدر. (10) كذا في المصدر، وفي (س): إضاعة الصر، وفي (ك): إذاعة الصر. (11) في المصدر زيادة: ويوم النصرة، ويوم زيادة الفتح. (12) في المحتضر: المفاكهة، بدلا من: التحبب. (13) التذكية - بالذال المعجمة -، جاءت في المصدر.

 

[129]

الكبائر، ويوم التزاور (1)، ويوم الموعظة، ويوم العبادة، ويوم الاستسلام (2). قال حذيفة: فقمت من عنده - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجوا (3) به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي. قال محمد بن العلاة الهمداني، ويحيى بن محمد (4) بن جريح: فقام كل واحد منا وقبل رأس احمد بن إسحاق بن سيعد القمي، وقلنا (5): الحمدلله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم، و (6) رجعنا عنه، وتعيدنا في ذلك اليوم (7). قال السيد (8): نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طي رحمه الله، ووجدنا فيما تصفحنا من الكتب عدة روايات موافقة لها فاعتمدنا عليها، فينبغي تعظيم هذا اليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه (9).

 

(1) في المصباح: ويوم الزهد ويوم الورع، ولا توجد: في الكبائر. (2) زيادة: ويوم السلم ويوم النحر ويوم البقر، جاءت في المصدر. (3) في طبعتي البحار والمصدر بالالف: ارجوا، وهو غلط. (4) لا توجد: بن محمد، في المصدر. (5) هنا زيادة: له، في المصباح. (6) في المصدر: ثم، بدلامن: الواو. (7) لا توجد: اليوم، في المصباح. والى هنا جاء في المحتضر باختلافات لفظية. وأوردها محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة في الفصل المتعلق بأمير المؤمنين (ع) مسندا. ورواها مسندا في مصباح الانوار للشيخ هاشم بن محمد - من أعلام علماء الامامية في القرن السادس - ونص سند المصباح هو: قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد القمي بالكوفة، قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن جعدويه القزويني - وكان شيخا صالحا زاهدا سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة صاعد إلى الحج - قال: حدثني محمد بن علي القزويني، قال: حدثنا الحسن بن الحسن الخالدي بمشهد أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: حدثنا محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد بن جريح البغدادي قالا.. (8) الظاهر في كتابه زوائد الفوائد الذي لم نحصل على نسخة منه حتى الان. (9) انتهى كلام السيد في الزوائد. وانظر: مستدرك الوسائل 1 / 155 رواه عن الشيخ المفيد، والبحار =

 

[130]

بيان: في القاموس (1): احتبى بالثوب: اشتمل. وفي بعض النسخ مكان قوله محتبي بكساء (2): يفوح مسكا وهو (3). قوله عليه السلام: ويوم سيل النغاب.. هو مقابل قولهم: غص بريقه. في القاموس (4): نغب الريق - كمنع ونصر وضرب -: ابتلعه، والطائر حسا من الماء.. والانسان في الشرب: جرع، والنغبة: الجرعة. وفي بعض النسخ: يوم سبيل الله. قوله عليه السلام: ويوم ظفرت به بني إسرائيل.. أي يشبه ذلك اليوم، فإنه كان فرعون هذه الامة أو كان ضفر بني إسرائيل أيضا في هذا اليوم، والوجهان جاريان في بعض الفقرات الاخر: كنزع السواد. والتصريد: التقليل (5)، وكأنه سقط بعض الفقرات من الرواة، وبضم

 

= 20 / 332. وحكي عن السيد رضي الدين علي بن طاووس في كتاب زوائد الفوائد. أقول: قال العلامة المجلسي في بحاره: 98 / 365: وإن كان يمكن أن يكون تأويل ما رواه أبو جعفر ابن بابويه في أن قتل من ذكر كان تاسع ربيع الاول، لعل معناه أن السبب الذي اقتضى عزم القائل على قتل من قتل كان ذلك السبب يوم تاسع ربيع الاول، فيكون اليوم الذي فيه سبب القتل أصل القتل، ويمكن أن يسمى مجازا بالقتل، ويمكن أن يتأول بتأويل آخر، وهو أن يكون توجه القاتل من بلده إلى البلد الذي وقع القتل كان يوم سابع [كذا] ربيع الاول.. إلى آخره. وقال قبل ذلك: فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكري عليه السلام - كما ذكره هؤلاء - لثمان خلون من ربيع الاول، فيكون ابتداء ولاية المهدي عليه السلام على الامة يوم تاسع ربيع الاول، فلعل تعظيم هذا اليوم - وهو يوم تاسع ربيع الاول - لهذا الوقت المفضل والعناية لمولى المعظم المكمل.. وعليك بملاحظة ما جاء في حاشية كتاب المحتضر: 44 - 55. (1) القاموس 4 / 315. وجاء في تاج العروس 10 / 81، ولسان العرب 14 / 160. (2) في (ك): بكساءه. (3) خط على: وهو، في (ك). (4) القاموس 1 / 133، وكذا ذكره ابن منظور في لسانه 1 / 765، والزبيدي في التاج 1 / 490. (5) نص عليه في الصحاح 2 / 497، والقاموس 1 / 307، ولسان العرب 3 / 249، وتاج العروس =

 

[131]

بعض النسخ يتم العدد. أقول: وقال السيد علي بن طاوس قدس الله روحه في كتاب الاقبال (1) بعد ذكر اليوم التاسع من ربيع الاول: اعلم إن هذا اليوم - وجدنا فيه رواية - عظيم (2) الشأن، ووجدنا جماعة من العجم والاخوان يعظمون السرور فيه، ويذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه وآله ويعاديه، ولم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الان موافقة أعتمد عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابوية تغمد الله بالرضوان (3)، فإن أراد أحد تعظيمه مطلقا لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطا للرواية فهكذا (4) عادة ذوي الدراية... (5)، وإن كان يمكن أن يكون تأويل ما رواه أبو (6) جعفر بن بابويه في أن قتل من ذكر كان في (7) تاسع ربيع الاول، لعل معناه أن السبب الذي اقتضى عزم القاتل على قتله كان في ذلك اليوم (8)، ويمكن أن يسمى مجازا سبب القتل (9) بالقتل، أو يكون (10) توجه القاتل من بلده في ذلك اليوم أو وصول القاتل إلى مدينة القتل فيه. وأما تأويل من تأول أن الخبر بالقتل وصل إلى بلد ابن بابويه فيه فلا

 

= = 2 / 396. (1) الاقبال: 597 - 598 (الحجرية). (2) في (ك) نسخة بدل: عظيمة. (3) في (س): رضوانه، وفي المصدر نسخة بدل: بالغفران. (4) في الاقبال: فكذا. (5) هنا سقط كبير، ذكر فيه مصادر جمة في وفاة الحسن العسكري عليه السلام - ثم قال: أقول... (6) لا توجد في المصدر: أبو. (7) في الاقبال: يوم، بدلا من: في. (8) جاءت العبارة في المصدر: قتل من قتل كان ذلك السبب يوم تاسع ربيع الاول، فيكون اليوم الذي فيه سبب القتل أصل القتل، بدلا من: قتله كان في ذلك اليوم. (9) لا توجد: سبب القتل، في المصدر. (10) هنا زيادة في المصدر وهي: يمكن أن يؤول بتأويل آخر وهو أن يكون. وفيه: الواو، بدلا من: أو.

 

[132]

يصح (1)، لان الحديث الذي رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام تضمن أن القتل كان في ذلك اليوم (2)، فكيف يصح هذا التأويل ؟. انتهي ملخص كلامه نور الله ضريحه. ويظهر منه ورود رواية أخرى عن الصادق عليه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق رحمه الله، ويظهر من كلام خلفه الجليل ورود عدة روايات دالة على كون قتله في ذلك اليوم، فاستبعاد ابن إدريس وغيره رحمة الله عليهم ليس في محله، إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة سلفا وخلفا لا يقصر عما ذكره المؤرخون من المخالفين، ويحتمل أن يكونوا غيروا هذا اليوم ليشتبه الامر على الشيعة فلا يتخذوه يوم عيد وسرور. فإن قيل: كيف اشتبه هذا الامر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي علي ضبطه ونقله. قلنا: نقلب الكلام عليكم، مع أن هذا الامر ليس بأعظم من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، مع أنه وقع الخلاف فيه بين الفريقين، بل بين كل منهما مع شدة تلك المصيبة العظمى، وما استتبعته من الدواهي الاخرى، مع أنهم اختلفوا في يوم القتل كما عرفت وإن اتفقوا في كونه في ذي الحجة، ومن نظر في اختلاف الشيعة وأهل الخلاف في أكثر الامور التي توفرت الدواعي على نقلها مع كثرة حاجة الناس إليها كالاذان والوضوء والصلاة والحج وتأمل فيها لا يستبعد أمثال ذلك، والله تعالى أعلم بحقائق الامور. 1 - ما 03): جماعة، عن أبي الفضلا (4)، عن صالح بن احمد ومحمد بن القاسم، عن محمد بن تسنيم، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن ابراهيم بن عبد

 

(1) في الاقبال: إلى بلد أبي جعفر بن بابويه يوم تاسع ربيع الاول، فإنه لا يصح. (2) في المصدر: كان في يوم تاسع ربيع الاول. (3) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 188 مع اختصار في الاسناد. (4) في المصدر: أبي المفضل. وهي نسخة في حاشية (ك).

 

[133]

الحميد، عن رقية (1) بن مصقلة بن عبد الله بن جويعة بن حمزة (2) العبدي (3)، عن أبيه، عن جدة عبد الله قال: قدمنا وقد عبد القيس في إمارة عمر بن الخطاب، فسأله رجلان منا عن طلاق الامة، فقام معهما و (4) قال: انطلقا، فجاء إلى الحقة فيها رجل أصلع، فقال: يا أصلع ! كم طلاق (5) الامة ؟، قال: فأشار (6) بإصبعيه.. هكذا - يعني اثنتين -. قال: فالتفت عمر إلى الرجلين، فقال: طلاقها اثنتان. فقال له أحدهما: سبحان الله ! جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجئت إلى الرجل، والله (7) ما كلمك. فقال: ويلك ! أتدري من هذا /. هذا علي ابن أبي طالب، سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: لو أن السماوات والارض وضعتا في كفة ووضع ايمان علي في كفة لرجح ايمان علي. 2 - د (8): قال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري - ليس التاريخي -: لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيدا. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أكرموا كريم كل قوم. فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم (9) ورغبوا في الاسلام، ولا بد من أن يكون لهم فيهم ذرية، وأنا أشهد الله وأشهدكم اني قد عتقت نصيبي منهم لوجه الله تعالى. فقال جميع بني هاشم: قد

 

(1) في الامالي: رقبة - بالباء الموحدة -. (2) في المصدر: خونعة بن ضمرة. (3) في (ك) وضع على: العبدي، رمز نسخة بدل. (4) لا توجد الواو في المصدر. (5) في الامالي: ما طلاق. (6) زيادة: له، جاءت في المصدر. (7) في الامالي: إلى رجل فوالله. (8) العدد القوية: 56 - 58. (9) في المصدر: السلام.

 

[134]

وهبنا حقنا أيضا لك. فقال: اللهم اشهد اني قد عتقت (1) ما وهبوني لوجه الله. فقال المهاجرون والانصار: وقد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله (ص). فقال: اللهم اشهد انهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته، وأشهدك اني قد عتقتهم (2) لوجهك. فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الاعاجم، وما الذي رغبك عن رأيي فيهم ؟. فأعاد عليه ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في أكرام الكرماء، فقال عمر: قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم اشهد على ماقاله (3) وعلى عتقي إياهم. فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هؤلاء لا يكرهن على ذلك ولكن يخيرن، ما اخترنه عمل به (4). فأشار جماعة إلى شهر بانويه بنت كسرى، فخيرت وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور. فقيل لها: من تختارين من خطابك (5) ؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا ؟. فكستت. فقال أمي المؤمنين عليه السلام: قد أرادت وبقي الاختيار. فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل ؟. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل، فإن استحييت وسكتت جعلت إذنها صماتها، وأمر بتزويجها. وإن قالت: لا، لم تكره على ما تختاره، إن شهربانويه أريت (6) الخطاب فأومأت بيدها بيدها واختارت الحسين بن علي عليهما السلام، فأعيد القول عليها في التخيير، فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أمير المؤمنين وليها، وتكلم حذيفة

 

(1) في العدد: قد أعتقت. (2) في المصدر: قد أعتقتهم. (3) في العدد: على ما قالوا. (4) لا توجد: به، في (س). (5) في (ك) نسخة بدل: خطبك. (6) في (س): أرأيت.

 

[135]

بالخطبة (1)، فقال أمير المؤمنين لها: ما اسمك ؟. فقالت: شاه زنان بنت كسرى. قال أمير المؤمنين عليه السلام (2): أنت شهر بانويه، وأختك مرواريد بنت كسرى، قالت: آريه (3). 3 - يب (4): محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن جده، عن علي عليه السلام، قال: دخل علي عليه السلام وعمر الحمام، فقال عمر: بئس البيت الحمام، يكثر فيه الغناء (5) ويقل فيه الحياء. فقال علي عليه السلام: نعم البيت الحمام، يذهب الاذى ويذكر بالنار (6). 4 - نهج (7): ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر في الخروج إلى الروم: وقد توكل الله لاهل هذا الدين بإعزاز الحوزة وستر العورة والذي نصرهم وهم قليل لا ينتصرون ومنعهم وهم (8) قليل لا يمتنعون (9) حي لا يموت إنك متى

 

(1) إلى هنا جاء في بحار الانوار 103 / 331 حديث 1. (2) زيادة جاءت في المصدر وهي: نه، شاه زنان نيست مكر (؟) دختر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهي سيدة النساء. بمعني: لا، ليست سيدة النساء إلا بنت محمد صلى الله عليه وآله. (3) آرية، لغة الفرس، وهي بالعربية: نعم. وجاء هذا الحديث في دلائل الامامة للطبري 81 - 82. وأورده أيضا في البحار 46 / 15 - 16 و 104 / 199 - 200. (4) التهذيب للشيخ الطوسي 1 / 377 حديث 1166 [حجري 1 / 107]. (5) في المصدر: العناء، وهو الظاهر. (6) أقول: جاءت في أبواب آداب الحمام والتنظيف والزينة جملة روايات، كما في وسائل الشيعة 1 / 361 وما بعدها، منها: ما أورده الكليني رحمه الله في فروع الكافي 2 / 218 بسنده من قوله الصادق عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: نعم البيت الحمام، يذكر النار، ويذهب بالدرن. وقال عمر: بئس البيت الحمام، يبدي العورة ويهتك الستر. قال: فنسب الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام إلى عمر، وقول عمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام. (7) نهج البلاغة - صبحي الصالح -: 193 برقم 134، و - محمد عبده - 2 / 18. (8) في مطبوع البحار: وهو. (9) في (ك) نسخة بدل: يمنعون.

 

[136]

تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم (1) فتنكب، لا تكن للمسليمن كانفة دون أقصى بلادهم ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلا مجربا (2) وأحفز معه أهل البلاء والنصيحة فإن أظهر (3) الله فذاك ما تحب، وإن تكن الاخرى كنت رداء للناس ومثابة للمسلمين (4). توضيح: وقد توكل الله.. أي صار وكيلا (5)، ويروى: تكفل.. أي صار كفيلا (6)، والحوزة: الناحية، وبيضة الملك (7). قوله عليه السلام: فتنكب، قال ابن أبي الحديد (8): مجزوم معطوف على تسر. قوله عليه السلام: كانفة.. أي جهة عاصمة من قولك كنفت الابل: جعلت لها كنيفا من الشجر يستتر به (9). قوله عليه السلام: مجربا - على المفعول -.. أي جربته الامور وأحكمته، ويمكن أن يقرأ على اسم الفاعل (10) وإن كان الخلاف المشهور [كذا]، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة بكسر الميم مخففا من الحرب. وحفزته: دفعته من خلفه وسقته سوقا (11) شديدا، وأهل البلاء.. أي

 

(1) في نهج البلاغة - محمد عبده - هنا زيادة: بشخصك. (2) في النهج: محربا - بالحاء المهملة -. ويذكر المصنف - رحمه الله - في بيانه أنها نسخة. (3) في (س): أظهره - بالضمير -. (4) أنظر شرحها في شرح النهج لابن أبي الحديد 8 / 296، وشرح ابن ميثم 3 / 161، ومنهاج البراعة 2 / 54 وغيرها. (5) كما في نهاية ابن الاثير 5 / 221، انظر: مفردات الراغب: 531. (6) قاله ابن منظور في اللسان 11 / 590، والزبيدي في التاج 8 / 99. (7) نص عليه في الصحاح 3 / 876، ولسان العرب 5 / 342، وتاج العروس 4 / 29. (8) في شرحه على النهج 8 / 296. (9) انظر: صحاح الجوهري 4 / 1424، وتاج الزبيدي 6 / 238، ولسان العرب 9 / 309. (10) ويحتمل أن يقرأ: مجربا - كمفعل - كما جاء ضبطه في نسخ المطبوع من النهج. (11) ذكره الطريحي في المجمع 4 / 16، والزبيدي في تاج العروس 4 / 37، ولاحظ: لسان العرب 5 / 337.

 

[137]

المختبرين الممتحنين (1) أو الذين لهم حقوق في السلام كقوله: (ليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا) (2). والردء - بالكسر -: العون (3). المثابة: المرجع (4). فإن قلت: فما با أمير المؤمنين عليه السلام شهد الحروب بنفسه. قلت: لوجهين. أحدهما: إنه كان عالما من جهة النبي صلى الله عليه وآله أنه لا يقتل في هذه الحروب. وثانيهما: إنه كان عالما بأنه لا يقوم مقامه في تلك الحروب أحد، ولم يجد مجربا من أهل البلاء والنصيحة، فبعض المجربين لم يكونوا من أهل النصيحة له، وبعض أهل النصيحة لم يكونوا مجربين، ومن كان مجربا ناصحا - كمالك وأضرابه - فمع قلتهم ربما لم يطعهم الناس. 5 - نهج (5): ومن كلامه عليه السلام لعمر بن الخطاب - وقد استشاره (6) في غزو الفرس بنفسه: إن هذا الامر لم يكن نصره ولا خذ لانه بكثرة ولا بقلة (7)، وهو دين الله الذي أظهره وجنده الذي أعده وأمده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع، ونحن

 

(1) انظر: الصحاح 6 / 2285، ولسان العرب 14 / 83، ومجمع البحرين 1 / 60. (2) الانفال: 17. (3) نص عليه في مجمع البحرين 1 / 171، والصحاح 1 / 52، ولسان العرب 1 / 85. (4) صرح به في لسان العرب 1 / 244، ومجمع البحرين 2 / 19، والصحاح 1 / 95. (5) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 29، وطبعة صبحي الصالح 1 / 95. (6) جاء في حاشية (ك): وقد استشار عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه. كذا في النهج. أقول: وهي كذلك. وفي شرح ابن ميثم: لغزو الفرس. (7) في نهج - محمد عبده -: لاقلة.

 

[138]

على موعود من الله (1)، والله منجز وعده وناصر جنده، ومكان القيم بالامر مكان النظام من الخرز (2) يجمعه ويضمه فإن انقطع النظام تفرق (3) وذهب ثم لم يجتمع بحذا فيره أبدا، والعرب اليوم - وإن كانوا قليلا - فهم كثيرون بالاسلام عزيزون (4) بالاجتماع، فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن (5) شخصت من هذه الارض انتقضت عليك العرب (6) من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع ورواءك (7) من العورات أهم إليك مما بين يديك، إن الاعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا هذا أصل العرب فإذا اقتطعتمون (8) استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك، فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإن الله سبحانه هو أكره لمسير هم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره، وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، بيان: قال ابن أبي الحديد (10):.. قد اختلف في الحال الذي قال أمير المؤمنين عليه

 

(1) قال ابن ميثم في شرحه 3 / 196: ثم وعدنا بموعود - وهو النصر والغلبة والاستخلاف في الارض - كما قال: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم).. الاية، النور: 55. (2) في (ك): الحرز - بالحاء المهملة -. (3) زيادة: الخرز، جاءت في طبعة صبحي الصالح. (4) في (ك): وعزيزون. (5) وضع على: ان، في (ك) رمز نسخة بدل. (6) في (ك) نسخة بدل: الحرب. (7) نسخة بدل: وراك، جاءت في (ك). (9) انظر: شرح النهج لابن أبي الحديد 9 / 95، وشرح ابن ميثم 3 / 194، ومنهاج البراعة 2 / 57 وغيرها. (10) شرح النهج لابن أبي الحديد 9 / 97. وقد نقله المصنف قدس سره بالمعنى.

 

[139]

السلام، فقيل: قاله (1) في غزاة القادسية، وقيل في غزاة نهاوند، ذهب إلى الاخير محمد بن جرير (2)، والى الاول المدائني. ونظام العقد: الخيط الجامع له (3) بحذافيره.. أي بأسره أو بجوانبه أو بأعاليه (4). قوله عليه السلام: واصلهم.. أي إجعلهم صالين لها، يقال: صليت اللحم: إذا شويته (5)، أو ألقهم في نار الحرب دونك، أو من صلى فلان بالامر: إذا قاسى حرها وشدتها (6). والعورة: الخلل في الثغر وغيره (7)، وكل مكمن للستر (8). لكلبهم.. أي لمرضهم وشدتهم (9). قوله عليه السلام: فأما ما ذكرت.. جواب لما قال عمر: من أن هؤلاء الفرس قد قصدوا المسير إلى المسلمين وأنا أكره أن يغزونا قبل أن نغزوهم. ثم اعلم أن هذا الكلام وما تقدم يدل إنهم كانوا محتاجين إليه عليه السلام

 

(1) في المصدر: قال له. (2) في (ك): حرير. وهو سهو. وفي المصدر: والى هذا القول الاخير ذهب محمد بن جرير الطبري في التاريخ الكبير. والى القول الاول ذهب المدائني في كتاب الفتوح. (3) انظر: مجمع البحرين 6 / 176، ولسان العرب 12 / 578، وتاج العروس 9 / 76، والصحاح 5 / 2041. (4) قاله في الصحاح 2 / 626، مجمع البحرين 3 / 262، ولسان العرب 4 / 177، وتاج العروس 3 / 132. (5) ذكره ابن الاثير في النهاية 3 / 50، والجوهري في الصحاح 6 / 2403، وانظر: مجمع البحرين 1 / 268. (6) نص عليه في الصحاح 6 / 2403، ولاحظ: مجمع البحرين 1 / 266. (7) في (س): وغيرهم. (8) كما في تاج العروس 3 / 429، ولسان العرب 4 / 617، وانظر: الصحاح 2 / 760، والنهاية 3 / 319. (9) كذا في مجمع البحرين 2 / 163، وتاج العروس 1 / 459 - 460، ولاحظ: الصحاح 1 / 214.

 

[140]

في التدبير وإصلاح الامور التي يتوقف عليها الرئاسة والخلافة، فهو عليه السلام كان أحق بها وأهلها وكانوا هم الغاصبين حقه، وأما إراءتهم مصالحهم فلا يدل على كونهم على الحق، لان ذلك كان لمصلحة الاسلام والمسلمين لا لمصلحة الغاصبين، وجميع تلك الامور كان حقه عليه السلام قولا وفعلا وتدبيرا فكان يلزمه القيام بما يمكنه من تلك الامور، ولا يسقط الميسور بالمعسور. * * *


 

[141]

باب نادر قال أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد (1): أخبرني القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر، عن فارس بن موسى، عن احمد بن محمد، عن احمد بن محمد بن شيبة، عن محمد بن يحيى الطوسي، عن محمد بن خالد الدمشقي، عن سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن خارجة الرقي، قال: قال معاوية بن فضلة (2) كنت في الوفد الذين وجههم عمر بن الخطاب وفتحنا مدينة حلوان، وطلبنا المشركين في الشعب فلم يردوا عليهم (3)، فحضرت الصلاة فانتهيت إلى ماء فنزلت عن فرسي وأخذت بعنانه، ثم توضأت وأذنت، فقلت: الله أكبر. الله أكبر.. فأجابني شئ من الجبل وهو يقول: كبرت تكبيرا.. ففزعت لذلك فزعا شديدا ونظرت يمينا وشمالا، فلم أر شيئا، فقلت: أشهد أن لاإله إلا الله، فأجابني وهو يقول: الان حين (4) أخلصت. فقلت: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: نبي بعث. فقلت: حي على الصلاة. فقال: فريضة افترضت. فقلت: حي على الفلاح. فقال: قد أفلح من أجابها، فاستجاب (5)

 

(1) كنز الفوائد: 59 - 60 - الحجرية - بتفصيل في الاسناد والاسماء. (2) في (س): نضلة. وفي المصدر: العضلة. (3) في المصدر: فلم نقدر عليهم. وفي (ك) نسخة بدل: علينا. (4) وضع على: حين، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار. (5) في المصدر: واستجاب.

 

[142]

لها. فقلت: قد قامت الصلاة. فقال: البقاء لامة محمد (ص) وعلى رأسها تقوم الساعة، فلما فرغت من أذاني ناديت بأعلى صوتي حتى أسمعت ما بين لابتي (1) الجبل، فقلت: إنسي أم جني ؟.. قال: فأطلع رأسه من كهف الجبل، فقال: ما (2) أنا بجني ولكني إنسي. فقلت له: من أنت يرحمك الله ؟. قال: أنا وذيب (3) بن ثملا من حواري عيسى بن مريم عليه السلام، أشهد أن صاحبكم نبي، وهو الذى بشر به عيسى بن مريم، ولقد أردت الوصول إليه فحالت فيما (4) بيني وبينه فارس وكسرى وأصحابه، ثم أدخل رأسه في أهف الجبل فركبت دابتي ولحقت بالناس وسعد بن أبي وقاص أميرنا، فأخبرته بالخبر، فكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب، فجاء كتاب عمر يقول: ألحق الرجل، فركب سعد وركبت معه حتى انتهينا إلى الجبل، فلم نترك كهفا ولا شعبا ولا واديا إلا التمسناه فيه (5) فلم نقدر عليه، وحضرت الصلاة فلما فرغت من صلاتي ناديت (6) بأعلى صوتي: يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل قد سمعنا منك كلاما حسنا فأخبرنا من أنت يرحمك الله ؟ أقررت بالله ونبيه صلى الله عليه وآله (7)، قال: فأطلع رأسه من كهف الجبل فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية، له هامة كأنها رحى، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (8). قلت (9): وعليك السلام ورحمة الله، من أنت

 

(1) قال ابن الاثير في النهاية 4 / 274: اللابة: الحرة، وهي الارض ذات الحجارة السود قد ألبستها لكثرتها. (2) لا توجد: ما، في (س). (3) في المصدر: ذريب، في (ك): وزيب، وتوجد نسخة فيه: رزيب. ويأتي في متن الخبر أيضا. (4) لا توجد في كنز الفوائد: فيما. (5) لا توجد في المصدر: فيه. (6) لا توجد: ناديت، في (ك). (7) في المصدر زيادة: تعالى ووحدانيته. ولا توجد فيه: ونبيه صلى الله عليه وآله. وهناك نسخة: و وفد نبيه. (8) لا توجد في الكنز: وبركاته. (9) في (ك): فقلت.

 

[143]

يرحمك الله ؟. قال: أنا رزيب (1) بن ثملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم (ع) كان سأل ربه لي البقاء إلى نزوله من السماء وقراري في هذا الجبل، وأنا موصيكم سددوا وقاربوا وخصالا يظهر (2) في أمة محمد صلى الله عليه وآله، فإن ظهرت فالهرب الهرب (3)، ليقوم أحدكم على نار جهنم حتى تطفأ منه (4) خير له من البقاء في ذلك الزمان. قال معاوية بن فضلة (5): قلت له: يرحمك الله ! أخبرنا بهذه الخصال لنعرف ذهاب دنيانا وإقبال آخرتنا ؟. قال: نعم، إذا استغنى رجالكم برجالكم، واستغنت نساؤكم بنسائكم، وانتسبتم إلى غير مناسبكم، وتوليتم إلى غير مواليكم، ولم يرحم كبيركم صغيركم، ولم يوقر صغيركم لكبيركم، وكثر طعامكم فلم تروه إلا بأغلى (6) أسعاركم، وصارت خلافتكم في صبيانكم، وركن علماؤكم إلى ولاتكم، فأحلوا الحرام وحرموا الحلال، وأفتوهم بما يشتهون، واتخذوا (7) القرآن ألحانا ومزامير في أصواتهم، ومنعتم حقوق الله من أموالكم، ولعن آخر أمتكم أولها، وزوقتم المساجد، وطولتم المنابر (8)، وحليتم المصاحف بالذهب والفضة، وركب نساؤكم السروج، وصار مستشار أموركم نساؤكم وخصيانكم، وأطاع الرجل امرأته، وعق والديه (9)، وضرب الشاب والديه (10)، وقطع كل ذي رحم رحمه، وبخلتم بما في أيديكم، وصارت أموالكم عند شراركم، وكنزتم الذهب والفضة، وشربتم الخمر، ولعبتم بالميسر، وضربتم

 

(1) في المصدر: ذريب. (2) وإياكم وخصالا تظهر، جاءت في الكنز. (3) جاءت كلمة الهرب ثالثا في (ك). (4) خط في (ك) على: منه. وفي المصدر: عنه. (5) في (س): نضله. وفي المصدر: العضلة. (6) في الكنز: غلاء، بدلا من: بأغلى. (7) في (س): اتخذوا - بلا واو -. (8) جاءت في (ك) نسخة بدل: المناير. (9) في المصدر: وجفى والديه. وذكر فيه: عق، نسخة. (10) في الكنز: والدته. (*)

 

[144]

بالكبر، ومنعتم الزكاة ورأيتموها مغرما، والخيانة مغنما، وقتل البرئ لتعتاظ (1) العامة بقتله، واختسلت قلوبكم فلم يقدر أحد منكم يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، وقحط المطر فصار قيظا، والولد غيظا، وأخذتم العطاء فصار في السقاط (2)، وكثر أولاد الخبيثة - يعني الزنا -، وطففت المكيال، وكلب عليكم عدوكم، (3) وضربتم بالمذلة، وصرتم أشقياء، وقلت الصدقة حتى يطوف الرجل من الحول إلى الحول ما يعطى (4) عشرة دراهم، وكثر الفجور، وغارت العيون، فعندنا نادوا فلا جواب لهم، يعني دعوا فلم يستجب لهم. قال الكراحكي رحمه الله (5): اعلم - أيدك الله (6) -: إن قوله في هذا الخبر: ولعن آخر أمتكم أولها مما يظن الناصبي أن فيه طعنا علينا، لما نحن فيه (7) من ذم الظالمين (8) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك ظن فاسد، لانا إنما نلعن من ثبت عندنا ظلمه، وقد لعن الله تعالى الظالمين في كتابه، فقال: (ألا لعنة الله على الظالمين) (9). وأخبر (10) النبي صلى الله عليه وآله بأن من أصحابه من يغير بعده ويبدل ويغوي ويفتن ويضل ويظلم ويستحق العقاب الاليم والخلود في الجحيم. فمما روي (11) عنه (12) في ذلك قوله صلى الله عليه وآله لاصحابه: لتتبعن سنن

 

العبارة مشوشة جدا في (س)، وفي حاشيته: ليستعط، ورمز لها برمز الاستظهار. (2) الكلمة مشوشة في (س). (3) زيادة: وضربتم بالذلة، جاءت في المصدر. (4) في (س): يعطى - بدون ما -. (5) في كنز الفوائد - الحجرية -: 60 - 61. (6) زيادة: تعالى، جاءت في المصدر. (7) في المصدر: عليه، بدال من: فيه. (8) في (س): المعطلين، وفي الكنز: المعتلين. (9) هود: 18. (10) في (ك): وأخبره. وقد أوردنا جملة من الروايات في أول تحقيقنا للكتاب. (11) في المصدر: رووا - بصيغة الجمع -. (12) كما في صحيح البخاري 13 / 255 كتاب الاعتصام باب قول النبي (ص): لتتبعن سنن من كان =

 

[145]

من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا في حجر (1) ضب لا تبعتموهم. فقالوا: يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟. قال: فمن إذن ؟ !. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم - وقد ذكرت عنده فتنة الدجال -: ألا وإني (2) لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال. وقوله عليه السلام لاصحابه: إنكم لمحضورون (3) يوم القيامة حفاة عراة، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي !. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا (4) مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (5). وقوله عليه السلام في حجة الوداع لاصحابه: ألا لاخبرنكم ترتدون بعدي كفارا يضرب بعضكم (6) رقاب بعض، ألا أني قد شهدت وغبتم (7). وقوله صلى الله عليه وآله - في مرضه الذي توفي فيه -: إقبلت افتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الاخرة شر من الاولى (8).

 

= قبلكم، وكتاب الانبياء باب ما ذكر عن نبي إسرائيل، وصحيح مسلم كتاب العلم باب أتباع سنن اليهود والنصارى حديث 2669، وأورده ابن الاثير في جامع الاصول 10 / 35 حديث 7493، وذكر فيه مائة رواية بمضامين متعددة في هذا الباب، فراجع. (1) قد تقرأ في مطبوع البحار: في حجر - بتقديم الحاء المهملة على الجيم -. (2) في الكنز: لا فإني. (3) في المصدر: إنكم محشورون إلى الله. (4) في الكنز: لا يزالوا. (5) وأورده البخاري في صحيحه كتاب الانبياء حديث 8 و 48، وفي تفسير الاية الرابعة عشر من سورة المائدة، وكتاب الرقاق: 45، ومسلم في صحيحه كتاب الجنة: 58، والترمذي في سننه كتاب القيامة: 3، وفي تفسير الاية الرابعة من سورة الانبياء، والنسائي في سننه كتاب الجنائز: 119، واحمد في المسند 1 / 235، 253، 258. (6) لا توجد: بعضكم، في (س). (7) انظر: المجلد الاول من كتاب الغدير، فقد فصل القول في الواقعة سندا ومتنا وأشبعه مصادرا واستدلالا. (8) كما جاء في صحيح مسلم كتاب الايمان: 186، ومسند احمد 1 / 189، و 2 / 304، 372، =

 

[146]

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يكون لاصحابي بعدي ذلة (1) يعمل بها قوم يكبهم الله عزو جل في النار على مناخرهم. وحدثني من طريق العامة عبد الله (2) بن عثمان بن حماس بمدينة الرملة، عن أبي الحسن احمد بن محبوب، عن أبي العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، عن كثير بن عبد (3) أبي الحسن الحذاء، عن محمد بن حمير، عن مسلمة بن علي، عن عمر بن ذرة، عن فلانة الحرمي (4)، عن أبي مسلم الخولاني، عن أبي عبيدة بن (5) الجراح، عن عمر بن الخطاب، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بلحيتي - وأنا إعرف الحزن في وجهه -، فقال: يا عمر ! إنا لله وإنا إليه راجعون (6)، أتاني جبرئيل آنفا فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون (7)، فقلت: أجل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فمم ذاك يا جبرئيل ؟ لا قال: إن أمتك مفتتنة (8) بعدك بقليل من الدهر غير كثير. فقلت: فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟. قال: كل سيكون. فقلت: ومن أين ذلك وأنا تارك فيهم كتاب الله ؟ لا قال: بكتاب الله يضلون، وأول ذلك من قبل أمرائهم وقرائهم، يمنع الامراء الحقوق فيسأل الناس حقوقهم فلا يعطونها فيفتتنوا ويقتتلوا، ويتبعوا القراء هوى (9) الامراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون. فقلت: يا جبرئيل ! فبم يسلم من يسلم منهم ؟. قال:

 

= 390، 408، 416، 523 و 3 / 453 وغيرها، وكتاب الفتن من سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والنسائي، وقد سلف منا جملة مصادر في أول بحثنا. (1) في المصدر: زلة. (2) في الكنز: أبو محمد عبد الله.. (3) جاء في المصدر: عبيد. (4) في المصدر: عن عمر بن ذوة عن قلابة الحرمي. (5) لا توجد: بن، في الكنز، والتاء من كلمة: عبيدة في (ك). (6) و (7) البقرة: 156. (8) في (س): مفتنة. (9) في المصدر: فليفتنوا فيفتتنوا ويقتلوا يتبع القراء هؤلاء...

 

[147]

بالكف والصبر، إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه (1) تركوه. فهذا بعض ما ورد من الاخبار في أنه كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من ضل وأضل، وظلم وغشم، ووجب لعنه والبراءة منه من (2) فعله، فاما الوجه (3) الذي يجب أن يحمل عليه (4) ما تضمنه الخبر الذي أوردناه من قوله (ص): ولعن آخر أمتكم أولها، فهو ما استحله الظالمون المبغضون لامير المؤمنين عليه السلام من لعنه والمجاهرة بسبه وذمه. قلت (5): فلسنا نشك في أنه قد برئت (6) منه الخوارج ولعنه معاوية ومن بعده من بني أمية على المنابر، وتقرب أكثر الناس إلى والة الجور بذمه، ونشأ أولادهم على سماع البراءة منه وسبه.

 

(1) في الكنز: منعوهم - بضمير الجمع -. (2) في (ك): في، بدال من كلمة: من. (3) في الكنز زيادة: في اللعن. (4) لا توجد: عليه، في (س). (5) لا توجد في المصدر: قلت، ووضع عليها رمز نسخة بدل في (ك). (6) في الكنز: قد تبرت.

 

[149]

[25] باب تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين بما رووه في كتبهم وبعض أحواله الطعن الاول: أنه ولي أمور المسلمين من لا يصلح لذلك ولا يؤتمن عليه، ومن ظهر منه القسق والفساد، ومن لا علم له، مراعاة لحرمة القرابة، وعدولا عن مراعاة حرمة الدين والنظر للمسليمن، حتى ظهر ذلك منه وتكرر، وقد كان عمر حذره من ذلك حيث وصفه بأنه كلف بأقاربه، وقال له: إذا وليت هذا الامر فلا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس (1) فوقع منه ما حذره إياه، وعوتب عليه فلم ينفع العتب، وذلك نحو استعماله الوليد بن عقبة (2) وتقليده إياه حتى ظهر منه شرب الخمر، واستعماله سعيد بن العاص (3) حتى ظهرت منه الامور التي عندها أخرجه

 

(1) كما ذكره البلاذري في الانساب 5 / 16 و 30، وابن سعد في الطبقات 3 / 247، والطبري في الرياض النضرة 2 / 76، والقاضي أبو يوسف في الاثار: 217، وغيرهم في غيرها. (2) انظر ترجمته في: الاصابة 3 / 637 - 638 برقم 193، والاستيعاب المطبوع بهامش الاصابة 3 / 631 - 637، ومعرفة علوم الحديث للحاكم: 193، والاعلام 8 / 122 وغيرها. (3) انظر ترجمته في: الاصابة 2 / 47 - 48 برقم 3268، والاستيعاب 2 / 8 - 11 هامش الاصابة، وطبقات ابن سعد 5 / 19، وتهذيب ابن عساكر 6 / 131 - 145، وتاريخ الاسلام 2 / 266، =

 

[150]

أهل الكوفة، وتوليه عبد الله بن أبي سرح (1) وعبد الله بن عامر بن كريز (2)، حتى روي عنه في أمر ابن أبي صح (3) إنه لما تظلم منه أهل مصر وصرفه عنهم بمحمد ابن أبي بكر كاتبه بأن يستمر على ولاية (4) وأبطن خلاف ما أظهر، وهذا (5) طريقة من غرضه خلاف الدين. وروي أنه كاتبه بقتل محمد بن أبي بكر وغيره ممن يرد عليه، وظفر بذلك الكتاب، ولذلك عظم التظلم من بعد وكثر الجمع، وكان ذلك سبب الحصار والقتل، وحتى كان من أمر مروان وتسلطه عليه وعلى أموره ما قتل بسببه (6). ولا يمكن أن يقال: إنه لم يكن عالما بأحوال هؤلاء الفسقة، فإن الوليد كان في جميع أحواله من المجاهرين بالفجور وشرب الخمور، وكيف يخفى على عثمان، وهو قريبه ولصيقه وأخوه لامه ؟ !، ولذا قال سعد بن أبي وقاص - في رواية الواقدي (7) - وقد دخل الكوفة: يا أبا وهب (8) ! أمير أم زائر ؟. قال: بل أمير.

 

= وغيرها. (1) هذا هو عبد الله بن سعد [سعيد] بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة، وكان واليا على البصرة. انظر ترجمته في: أسد الغابة 3 / 173، والبداية والنهاية 7 / 250، والكامل لابن الاثير 3 / 114، والنجوم الزاهرة 1 / 94 - 97 وغيرها. (2) وهو ابن خال عثمان، لان أم عثمان أرواى بنت كريز، كما في تاريخ الاسلام 2 / 266، وطبقات ابن سعد 5 / 30 - 35، والكامل لابن الاثير 3 / 206 وغيرها. وانظر ترجمته في: الاصابة 3 / 61 ترجمة 6175، وتهذيب التهذيب 5 / 273، وتيسير الوصول 1 / 265. (3) في (س): سريح. والظاهر: سرح. (4) إذا، والظاهر: الولاية - بالالف واللام - أو: ولايته. (5) في (س): هذا. (6) قد تعرض شيخنا الاميني - رحمه الله - في الغدير 9 / 168 - 217 إلى قضية الحصار الاول والثاني ومقتله مفصلا، فراجع. (7) كما حكاها السيد في الشافي 4 / 251، وتلخيص الشافي 4 / 75، وأورد البلاذري في الانساب 5 / 29. (8) هذا كنية الوليد.

 

[151]

فقال سعد: ما أدري أحمقت بعدك أم كست (1) بعدي ؟ !. فقال: ما حمقت بعدي ولا كست (2) بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا (3). فقال سعد: ما أراك إلا صادقا. وفي رواية أبي مخنف لوط بن يحيى (4): ان الوليد لما دخل الكوفة مر على مسجد (5) عمرو بن زرارة النخعي (6) فوقف، فقال عمرو: يا معشر بني أسد ! بئس ما استقبلنا به أخوكم ابن عفان، أمن عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاص الهين اللين السهل القريب ويبعث علينا بدله (7) أخاه الوليد الاحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا ؟ ! واستعظم الناس مقدمه، وعزل سعد به، وقالوا: أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلى الله عليه وآله (8). وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (9) في ترجمة الوليد: أمه أروى بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، أم عثمان بن عفان، والوليد (10) بن عقبة أخو عثمان لامه يكنى: أبا وهب، أسلم يوم فتح (11) مكة، وولاه عثمان بالكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقاص، فلما قدم الوليد على سعد قال له سعد: والله ما أدري

 

(1) في الشافي: كيست، وهو ضد الحمق. وفي التلخيص: أم كنت. (2) في الشافي: كيست، وفي التلخيص: ولا كنت. (3) في تلخيص الشافي زيادة: وملكنا فاستأثرنا. (4) كما حكاها السيد في الشافي 4 / 251، وأورده الشيخ في تلخيصه 4 / 75 باختلاف يسير. (5) في الشافي وتلخيصه: مجلس، وفي (ك): مجلسي، نسخة بدل. (6) في تخليص الشافي للشيخ الطوسي: اللخمي، بدلا من: النخعي. (7) لا توجد في المصدر: بدله. (8) وقد جاء أيضا في أنساب البلاذري 5 / 32 - 33. (9) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 3 / 631. (10) في المصدر: فالوليد. (11) في المصدر زيادة: هو وأخوه خالد بن عقبة. أقول: هنا سقط كثير وإن كان ظاهر العبارة هو الاتصال، وفيه: ثم ولاه عثمان.

 

[152]

اكست (1) بعدنا أم حمقنا بعدك ؟ !. فقال: لا تجزعن أبا إسحاق، فإنما هو الملك يتغدا قوم يتعشاه آخرون. فقال سعد: أراكم والله ستجعلونها ملكا. قال (2): وروى جعفر بن سلميان، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، قال (3): لما قدم الوليد بن عقبة أميرا على الكوفة أتاه ابن مسعود فقال: ما جاء بك ؟. قال: جئت أميرا. فقال ابن مسعود: ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس ؟ ! لا وله أخبار (4) فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء (5) حاله وقبح أفعاله (6) غفر الله لنا وله (7)، فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا، وكان من الشعراء المطبوعين (8)، كان الاصمعي وأبو عبيدة وابن الكلبي وغيرهم يقولون: كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر، وكان شاعرا كريما (9) أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي كثيرة مشهورة (10) يسمج بنا ذكرها هاهنا، ونذكر منها طرفا (11)..

 

(1) في الاستيعاب: أكبت. أقول: الكبت: الصرف والاذلال، كما في الصحاح 1 / 262، والنهاية 4 / 138، والقاموس 1 / 155، ومجمع البحرين 2 / 216. والكيس: العقل والفطنة وجودة القريحة، كما في مجمع البحرين 4 / 101 وغيره. (2) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب 3 / 633 - 634 - هامش الاصابة -. (3) لا توجد: قال، في المصدر. (4) هذا استمرار لكلام صاحب الاستيعاب. (5) في (س): سواد. (6) في (س): فبح حاله أحواله. ولعل احداهما نسخة بدل. (7) لا توجد: وله، في (س). (8) في (س): مطبوغين. ولعلها سهو. (9) في المصدر زيادة: قال أبو عمر. (10) في الاستيعاب: مشهورة كثيرة - بتقديم وتأخير -. (11) في مطبوع البحار: ظرفا.

 

[153]

ذكر عمر بن شيبة (1) بإسناده عن ابن شوذب، قال: صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات، ثم التفت إليهم، فقال: أزيدكم ؟ !. فقال عبد الله بن مسعود: ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم. قال: وحدثنا محمد بن حميد، عن (2) جرير، عن الاجلح، عن الشعبي - في حديث الوليد بن عقبة حين شهدوا عليه -، فقال الحطيئة (3): شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * إن الوليد أحق بالعذر نادى وقد تمت (4) صلاتهم * أأزيدكم سكرا وما يدري ؟ فأبوا أبا وهب ولو أذنوا (5) * لقرنت بين الشفع والنوتر وذكر أبياتا أخر في ذلك عنه، ثم قال (6): وخبر صلاته بهم (7) سكران. وقوله لهم: أزيدكم ؟ بعد أن صلى الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من نقل أهل الحديث وأهل الاخبار. ثم قال (8): ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن - فيما علمت - أن قوله تعالى (9): إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (10) نزلت في الوليد بن عقبة، وذلك أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه [وآله] إلى بني المصطلق مصدقا فأخبر عنهم أنهم (11)

 

(1) في المصدر: شبة. (2) في الاستيعاب: قال، بدلا من: عن. (3) هو جرول بن أوس بن مالك العبسي. (4) في الانساب للبلاذري: نفدت. وما في الاغاني كلامتن. (5) وفي بعض المصادر: ولو فعلوا. (6) أي ابن عبد البر في الاستيعاب 3 / 634 المطبوع بهامش الاصابة. (7) هنا زيادة: وهو، جاءت في المصدر. (8) في الاستيعاب 3 / 632. وحكاه عنه ابن الاثير في أسد الغابة 5 / 90. (9) في المصدر: عزوجل، بدل: تعالى. (10) الحجرات: 6. (11) لا توجد: انهم، في (س).

 

[154]

ارتدوا وأبوا من أداء الصدقة، وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم (1) ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم وأخبر بما ذكرنا، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبروه أنهم متمسكون بالاسلام ونزلت... الاية. وروى عن مجاهد وقتادة مثل ما ذكرنا. وعن (2) ابن أبي ليلي في قوله (3) تعالى (4): (إن جائكم قاسق بنبأ..) (5). قال: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط. ومن حديث الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة (6): (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون) (7). انتهى كلام ابن عبد البر (8). وقال المسعودي في مروج الذهب (9): كان عماله على أعماله (10) جماعة منهم الوليد بن عقبة (11) على الكوفة، وهو ممن أخبر النبي صلى الله عليه [وآله] إنه من

 

(1) في (س): فهاجمهم. (2) ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب 3 / 532 - 633 الاسناد مفصلا وحذفه هنا. (3) في (ك): وقوله. (4) جاءت: عزوجل، بدلا من: تعالى، في المصدر. (5) الحجرات: 6. (6) في قصة ذكرها في المصدر. (7) السجدة: 18. (8) وأخرج الطبري في تفسيره 21 / 62 بإسناده، عن عطاء بن يسار، قال: كان بين الوليد وعلي كلام، فقال الوليد: أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأرد منك للكتيبة. فقال علي: اسكت، فأنت فاسق فأنزل الله فيهما: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا).. الاية. وقريب منه ما في الاغاني 4 / 185، وتفسير الخازن 3 / 470، وأسباب النزول: 263، والرياض للطبري 2 / 206، وذخائر العقبى: 88، ومناقب الخوارزمي: 188، وكفاية الكنجي: 55، وتفسير النيسابوري، ونظم درر السمطين وغيرها كثير. (9) مروج الذهب 2 / 334 - 337. (10) لا توجد: على أعماله، في المصدر. (11) جاء في حاشية (ك): عقبة بن أبي معيط. مروج. وهي كذلك في المصدر.

 

[155]

أهل النار، وعبد الله بن أبي سرح على مصر، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام، وعبدالل بن عامر البصرة، وصرف عن الكوفة الوليد (1) وولاها سعيد بن العاص. وكان السبب في صرف الوليد (2) - على ما روي - أنه (3) كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح، فلما أذن المؤذن للصلاة خرج متفضلا (4) في غلائله (5)، فتقدم على (6) المحراب في صلاة الصبح فصلى بهم أربعا، و (7) قال: أتريدون أن أزيدكم ؟ !. وقيل: إنه قال في سجوده - وقد أطال - الشراب (8) فأسقني، فقال له بعض من كان خلفه (9): ما تزيد (10) ؟ لا زادك الله بخير، والله ما أعجب إلا ممن بعثك إلينا واليا، وعلينا أميرا، وكان هذه القائل عتاب بن غيلان (11) الثقفي (12). وخطب الناس الوليد فحصبه (13) الناس بحصا المدينة (14)، وشاع بالكوفة فعله وظهر فسقه ومداومته شرب الخمر، فهجم عليه جماعة من المسجد منهم أبو

 

(1) في مروج الذهب زيادة: بن عقبة. (2) في المصدر زيادة: بن عقبة وولاية سعيد. (3) في المروج: ان الوليد. (4) في (س): منفضلا. (5) جاء في حاشية (ك): منفضلا في غلالته. مروج. وفي المصدر: متفضلا في غلائلة. (6) كذا. وفي المصدر: إلى، وهو الظاهر. (7) وضع على الواو في (ك) رمز نسخة بدل. (8) في (ك) نسخة بدل: الشرب. وفي مروج الذهب: اشرب واسق واسقني. (9) في نسخة بدل جاءت في (ك): حاضر خلفه. وفي المصدر: خلفه في الصف الاول. (10) في (س): تريد. وفي المصدر: من الخير، بدلا من: بخير، ولا أعجب، بدلا من: ما أعجب. (11) جاءت في مروج الذهب: عيلان - بالعين المهملة -. (12) في (ك) نسخة بدل: الاسدي. (13) جاء في حاشية (ك): وحصب الناس الوليد بحصى المسجد.. مروج. حصب: أي رمى. (14) في مروج الذهب: بحصباء المسجد. وهنا سقط كثير راجع المصدر. وفيه: وأشاعوا.

 

[156]

زينب بن عوف الازدي وأبو (1) جندب بن زهير الازدي وغيرهما (2) فوجدوه (3) سكرانا مضطجعا على سريره لا يعقل (4)، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ، ثم تقيأ عليهم ما شرب من الخمر فانتزعوا خاتمه من يده وخرجوا من فورهم إلى المدينة، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده أن (5) الوليد أنه (6) يشرب الخمر، فقال عثمان: وما يدريكم أن (7) ما شرب خمر (8) ؟. فقالوا: هو الخمرة التي كنا نشرب (9) في الجاهلية، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه فزبرهما (10) ودفع في صدورهما، وقال: تنحيا عني !. فخرجا وأتيا علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبراه (11) بالقصة، فأتى عثمان وهو يقول: دفعت الشهود وأبطلت الحدود ؟ !. فقال له عثمان: فما ترى ؟. قال: أرى أن تبعث إلى صاحبك (12)، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدل (13) بحجة أقمت عليه الحد، فلما حضر الوليد دعاهما (14) فأقاما الشهادة عليه ولم يدل (15) بحجة، فألقى عثمان السوط إلى علي عليه السلام، فقال

 

(1) لا توجد: أبو، في المصدر. (2) في (س): وغيرهم. (3) جاء في (س): فوجدوهم. لعله سهو. (4) في (س): ولا يعقل. (5) وضع على: ان، رمز نشخة بدل في (ك). وفي المصدر بدلا عنها: على. (6) لا توجد في (س): انه. (7) في (ك) نسخة بدل: انه. (8) في نسخة جاءت في (ك): خمرا. والعبارة في المصدر هكذا: وما يدريكما أنه شرب خمرا. (9) في المصدر: كنا نشربها. وفي (ك) نسخة بدل: كنا نشربه. (10) في مروج الذهب: فزجرهما. (11) جاءت في المصدر: وأخبراه. (12) زيادة: فتحضره، جاءت في مروج الذهب. وقد جاءت في حاشية (ك) أيضا. (13) في حاشية (ك): ولم يدرء بنفسه. مروج. وفي المصدر: ولم يدرء عن نفسه.. (14) جاءت هنا زيادة: عثمان، في مروج الذهب. (15) في (ك): فلم يدل.

 

[157]

علي (1) لابنه الحسن عليهما السلام: قم يا بني ! فأقم عليه ما أوجب الله عليه. فقال: يكفينيه بعض من ترى، فلما نظر علي عليه السلام (2) إلى امتناع الجماعة عن إقامة الحد عليه توقيا لغضب عثمان لقرابته منه أخذ علي السوط (3) ودنا منه، فلما أقبل نحوه سبه الوليد، وقال: يا صاحب مكث (4) !. فقال عقيل (5) بن أبي طالب - وكان فيمن (6) حضر -: إنك لتتكلم يابن أبي معيط كأنك لا تدري من أنت ؟ وأنت علج من أهل صفورية (7).. كان ذكر أن (8) أباه (9) يهودي (10) منها، فأقبل الوليد يروغ (11) من علي عليه السلام فاجتذبه (12) وضرب به الارض وعلاه بالسوط، فقال له عثمان: ليس لك أن تفعل به هذا ؟. قال: بلى (13) وشر (14) من هذا، إذا فسق ومنع حق الله (15) أن يؤخذ منه، فولى (16) سعيد بن العاص، فلما

 

(1) لا توجد في (س) لفظ: علي. (2) لا توجد: علي عليه السلام، في المصدر. (3) في (س): أخذ السوط. من دون لفظ: علي. (4) جاءت في حاشية (ك): مكمن. مروج. وفي المصدر: مكس، والمكث - بالضم -: الانتظار، أو الاقامة مع الانتظار، وفيها تعريض كما لا يخفى. (5) في (ك): علي، بدلا من: عقيل. وفيه نسخة بدل: عقيل. والظاهر ما أثبتناه. (6) في المصدر: ممن. (7) هنا سقط جاء في مروج الذهب، فراجع. (8) خ. ل: ذكران. (9) في (س): إياه. (10) في المصدر: كان يهودي. (11) يروغ.. أي يحيد ويميل. (12) في المصدر زيادة: علي. (13) في مروج الذهب: بل. (14) جاءت في (ك): وشرا. (15) في المصدر: الله تعالى. (16) في مروج الذهب: وولي الكوفة بعده.. وجاء في حاشية (ك): فولى الكوفة بعده.. مروج.

 

[158]

دخل سعيد الكوفة (1) أبى أن يصعد المنبر إلا أن (2) يغسل وأمر بغسله، وقال: إن الوليد كان نجسا رجيما (3)، فلما اتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور أنكرت عليه وابتز (4) الاموال، وقال في بعض الايام أو أنه كتب (5) إلى عثمان: إنما هذه (6) السواد قطين (7) لقريش. فقال له الاشتر: أتجعل ما أفاء الله علينا بسيوفنا (8) ومراكز رماحنا بنيانا (9) لك ولقومك ؟، ثم خرج إلى عثمان في سبعين راكبا فذكر (10) سوء سيرة سعيد وسألوه عزله، ومكث (11) الاشتر وأصحابه أياما لا يخرج إليهم (12) من عثمان في سعيد شئ، واتصلت (13) أيامهم بالمدينة.. إلى آخر القصة. وروى ابن الاثير في الكامل (14) قصة شرب الوليد، وقال: الصحيح إن الذي جلده هو عبد الله بن جعفر. وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج (15) روايات عديدة في قصة الوليد

 

(1) زياة: واليا، جاءت في المصدر. (2) في المروج: حتى، بدال من: إلا ان. (3) في حاشية (ك): رجسا نجسا. مروج. وفي المصدر: نجسا رجسا. (4) الكلمة مشوشة في (س). وجاء في حاشية (ك): واستبد. مروج. ولا توجد في المصدر: أنكرت عليه. وفيه: فاستبد بالاموال. (5) في مروج الذهب: كتب به، بدلا من: انه كتب. (6) في المصدر: هذا. (7) جاءت في (س): قصر. (8) في مروج الذهب: بظلال سيوفنا. وكذا جاءت في حاشية (ك) أيضا. (9) خ. ل: بستانا. وكذا جاءت في المصدر. (10) في المصدر: راكبا من أهل الكوفة فذكروا. (11) في (س): ومكثا. وفي مروج الذهب: وسألوا عزله عنهم فمكث. (12) في المصدر: لهم، بدال من: إليهم. (13) في مروج الذهب: وامتدت. (14) الكامل 3 / 53. (15) شرح النهج لابن أبي الحديد 17 / 227 - 245، وانظر فيه: 3 / 12 و 17 و 18، و 4 / 81، و 6 / 269.

 

[159]

وشربه الخمر ونزول الاية فيه.. وغير ذلك حكاها عن كتاب الاغاني (1) لابي الفرج الاصفهاني. ومنها: ما رواه أبو الفرج (2) بإسناده، عن علي على السلام: أن امرأة الوليد ابن عقبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله تشتكي إليه الوليد، وقالت: إنه يضربها، فقال لها: ارجعي إليه وقولي له: إن رسول الله... (3) مد يده وقال: اللهم عليك بالوليد.. مرتين أو ثلاثا (4). وعن أبي عبيدة وهشام بن الكلبي والاصمعي أن الوليد تقيأ في المحراب لما شرب الخمر بالكوفة (5)، وصلى الصبح أربعا، وقرأ بالمأمومين رافعا صوته: علق القلب الربابا * بعدما شابت وشابا فشخص بعض (6) أهل الكوفة إلى عثمان.. إلى آخر القصة (7). وعن ابن الاعرابي: أن أبا زبيد - وهو أحد ندماء الوليد - وفد على الوليد حين استعمله عثمان على الكوفة، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي ي الب عند باب المسجد واستوهبها منه فوهبها له، وكان ذلك أولا الطعن عليه من أهل الكوفة، لان أبا زبيد كان يخرج من داره حتى يشق المسجد إلى الوليد، فيسمر (8) عنده ويشرب معه فيخرج ويشق المسجد وهو سكران.

 

(1) الاغاني 4 / 174 و 175 و 176 و 177 و 178 و 179 و 180 و 182 و 184 و 185 و 187. (2) في الاغاني 4 / 183. وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرحه 17 / 239 - 240. (3) هنا سقط جاء في شرح النهج وهو: قد أجارني فانطلقت، فمكثت ساعة ثم رجعت، فقالت: إنه ما أقلع عني، فقطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هدبة من ثوبه، وقال: اذهبي بها إليه وقولي له: إن رسول الله قد أجارني، فانطلقت فمكثت ساعة ثم رجعت، فقالت: ما زادني إلا ضربا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده ثم قال:.. (4) وجاء في شرح ابن أبي الحديد 17 / 230 و 245 بتصرف وإيجاز إيضا. (5) في (س): في الكوفة. (6) لا توجد في المصدر: بعض. (7) وذكرها ابن أبي الحديد أيضا في شرحه على نهج البلاغة 17 / 230. (8) في (ك): فيستمر.

 

[160]

وروى في كتاب الاستيعاب (1) بإسناده، عن أبي عثمان، قال: رأيت الذي يلعب بين يدي الوليد بن عقبة فيري أنه يقطع رأس رجل ثم يعيده (2)، فقام إليه جندب بن كعب فضرب وسطه بالسيف، وقال: قولوا له فليحيي نفسه الان. قال: فحبس الوليد جندبا وكتب إلى عثمان، فكتب عثمان أن خل سبيله، فتركه. وبإسناده عن ابراهيم، قال: كان ساحر يلعب بين يدي الوليد يريهم أنه يدخل في فم الحمار ويخرج من ذنبه أو من دبره، ويدخل في أست الحمار ويخرج من فيه (3)، ويريهم أنه يضرب رأس نفسه فيرمي به ثم يشتد فيأخذه ثم يعيده مكانه، فانطلق جندب إلى الصيقل وسيفه عنده، فقال: وجب أجرك فهاته. قال: فأخذه واشتمل (4) عليه، ثم جاء إلى الساحر مع أصحابه - وهو في بعض ما كان يصنع - فضرب عنقه فتفرق أصحاب الوليد ودخل هو البيت، وأخر جندب وأصحابه فسجنوا، فقال لصاحب السجن: قد عرفت السبب الذي سجنا فيه، فخل سبيل أحدنا حتى يأتي عثمان، فخلى سبيل أحدهم، فبلغ ذلك الوليد فأخذ صاحب السجن فصلبه، قال: وجاء كتاب عثمان: أن خل سبيلهم ولا تعرض لهم، ووافى كتاب عثمان قبل قتل المصلوب فخلى سبيله (5). وقال المسعودي (6): ضرب عنق السجان وصلبه بالكناسة. وقال ابن عبد البر (7) في ترجمة سعيد بن العاص: كان سعيد هذا أحد أشراف قريش استعمله عثمان على الكوفة ثم عزله، وولي الوليد بن عقبة فمكث مدة ثم شكاه أهل الكوفة فعزله ورد سعيد أهل الكوفة وكتبوا إلى عثمان: لا

 

(1) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 1 / 218 باختصار، وجاء بنصه في صفحة: 219 - 220. (2) في (ك): بعيد - بلا ضمير -. (3) في المصدر: من فمه. (4) في الاستيعاب: فاشتمل. (5) وذكر القصة المسعودي في مروج الذهب 2 / 339 باختلاف. (6) مروج الذهب 2 / 339. (7) في الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 2 / 9 - 10 بتصرف.

 

[161]

حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك، وكان في سعيد تجبر وغلظة وشدة سلطان. وروى ابن أبي الحديد (1)، عن الواقدي والمدائني وابن الكلبي وغيرهم، قال: وذكره الطبري في تاريخه (2)، وغيره من (3) المؤرخين: أن عليا عليه السلام لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاثة أيام فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص، وقالوا: وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف: بالبويب على بعير من إبل الصدقة، ففتشنا متاعه - لانا استربنا بأمره (4) - فوجدنا فيه هذه الصحيفة - ومضمونها - أمر عبد الله ابن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديس وعمرو بن الحمق، وحلق رؤوسهما ولحاهما وحبسهما، وصلب قوم آخرين من أهل مصر. وقيل: إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي... (5) وجاء الناس إلى علي عليه السلام وسألوا أن يدخل إلى عثمان فيسأله عن هذه الحال، فقام جاء إليه فسأله، فأقسم بالله ما كتبت ولا أمرت (6)، فقال محمد بن مسلمة: صدق، هذا من عمل مروان. فقال: لا أدري، وكان أهل مصر حضورا، فقالوا: أفيجري عليك ويبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة، وينقش على خاتمك، ويبعث إلى عاملك بهذه الامور العظيمة وأنت لا تدري ؟ !. قال: نعم. قالوا: إنك إما صادق أو كاذب، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا وعقوبتنا بغير حق، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الامر وغفلتك، وخبث بطانتك، ولا ينبغي لنا أن نترك هذا الامر بيد من يقطع (7) الامور دونه لضعفه وغفلته، فالخع نفسك منه.. إلى آخر الخبر.

 

(1) في شرح النهج 2 / 149 - 150 بتصرف. (2) في المصدر: وذكره أبو جعفر في التاريخ. تاريخ الطبري: 3 / 391 حوادث سنة 35 ه‍. (3) جاءت زيادة: جميع، في شرح النهج. (4) في المصدر: أمره - بلا حرف جر -. (5) هنا سقط، لاحظ المصدر. (6) في شرح النهج: ما كتبته ولا عملته ولا أمرت به. (7) في المصدر: تقطع.

 

[162]

الطعن الثاني: أنه لو لم يقدم عثمان على أحداث يوجب خلعه والبراءة منه لوجب على الصحابة أن ينكروا على من قصده من البلاد متظلما، وقد عملنا أن بالمدينة قد كان كبار الصحابة من المهاجرين والانصار ولم ينكروا على القوم بل أسلموه ولم يدفعوا عنه، بل أعانوا قاتليه ولم يمنعوا من قتله (1)،

 

(1) روى البارذي في الانساب 5 / 165، 372 عن المدائني، عن عبد الله بن فائد أنه قال: إني لابغضهم. فقال سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان: تبغضهم لانهم قتلوا أباك. قال: صدقت قتل أبي علوج الشام وجفاته وقتل جدك المهاجرون والانصار. وقال ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 92: إن عشرة آلاف رجل قالوا: نحن قتلنا عثمان. وجاء في كتاب صفين لابن مزاحم: 213: أن عشرين ألفا أو أكثر قالوا: كلنا قتل عثمان. وأورد ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 158، والمسعودي في مروج الذهب 2 / 62، وابن عساكر في تاريخه 7 / 201، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 133، وابن عبد البر في الاستيعاب في الكنى: قال معاوية لابي الطفيل عامر بن واثلة: أكنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين ؟. قال: لا، ولكن ممن شهده فلم ينصره. قال: ولم ؟. قال: لم ينصره المهاجرون والانصار. وورد في تاريخ ابن عساكر 6 / 83: إن القاضي أبا إسحاق سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف المدني الزهري المتوفى سنة 125 ه‍ قال: إن أهل المدينة قتلوا عثمان. وفيه 7 / 319 عن ابن مسلم الخولاني التابعي أنه قال: يا أهل المدينة ! كنتم بين قاتل وخاذل. أقول: بل لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه إلا زيد بن ثابت وأبو أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت الانصاري، واجتمع المهاجرون وغيرهم إلى علي عليه السلام فسألوه أن يكلم عثمان ويعظه. كما جاء في أنساب البلاذري 5 / 6، وتاريخ الطبري 5 / 97، والكامل لابن الاثير 3 / 63، وتاريخ أبي الفداء 1 / 168، وتاريخ ابن خلدون 2 / 391 وغيرها. وقال حسان بن ثابت - كما في مروج الذهب 1 / 442 -: خذلته الانصار إذ حضر المو * ت وكانت ولاته الانصار من عذيري من الزبير ومن طلح‍ * - ة إذ جاء أمر له مقدار فتولى محمد بن أبي بكر * عيانا وخلفه عمار وعلي في بيته يسأل النا * س ابتداء وعنده الاخبار =

 

[163]

وحضروه منعوا (1) الماء عنه تركوه بعد القتل ثلاثة أيام لم يدفن، مع أنهم متمكنون من خلاف ذلك، وذلك من أقوى الدلائل على ما ذكر، ولو لم يكن (2) في أمره إلا ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

 

= باسطا للذي يريد يديه وعليه سكينة ووقار ومثله في عقد الفريد 2 / 267. وأخرج الطبري في تاريخه 5 / 115 من طريق عبد الرحمن بن يسار، أنه قال: لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى من بالافاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور: إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزوجل يطلبون دين محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم، فإن دين محمد قد أفسده من خلفكم وترك، فهلموا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم. وجاء في لفظ الكامل لابن الاثير 5 / 70: فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فأقيموه. وفي لفظ شرح ابن أبي الحديد 1 / 165: قد أفسده خليفكم فاخلعوه، فاختلفت عليه القلوب، فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه. وفي الامامة والسياسة 1 / 32: بسم الله الرحمن الرحيم، من المهاجرون الاولين وبقية الشورى إلى من بمصر من الصحابة والتابعين، أما بعد، أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها، فإن كتاب الله قد بدل، وسنة رسول الله قد غيرت، وأحكام الخليفتين قد بدلت، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلا أقبل إلينا. وأخرج الطبري في تاريخه 5 / 116 من طريق عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من الله. قال شيخنا الامنيي - قدس سره - في الغدير 9 / 163 - بعد ذكر أحاديث متضافرة التي وردت عن آحاد الصحابة من المهاجرين والانصار أو عامة الفريقتين، أو عن جامة الصحابة قد تبلغ مائيتن حديثا -: أن ذلك إجماع منهم أثبت من إجماعهم على نصب الخليفة في الصدر الاول، فإن كانت فيه حجة فهي المقامين إن لم تكن في المقام الثاني أولى بالاتباع. وقال في الغدير أيضا 9 / 166: وكيف لا وفيهم عمد الصحابة ودعائمها وعظماء الملة وأعضادها وذووا الرأي والتقوى والصلاح من البدريين وغيرهم، وفيهم.. أم المؤمنين وغير واحد من العشرة المبشرة ورجال الشورى، فإذا لم يحتج بإجماع مثله لا يحتج بأي إجماع قط. (1) في (س): أمنع. (2) في (س): لم يمكن.

 

[164]

الله قتله وأنا معه (1). وإنه كان في أصحابه من يصرح بأنه قتل عثمان ومع ذلك لا يقيدهم ولا ينكر عليهم، وكان أهل الشام يصرحون بأن مع أمير المؤمنين قتلة عثمان، ويجعلون ذلك من أوكد الشبه ولا ينكر ذلك عليهم، مع أنا نعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لو أراد منعهم من قتله والدفع عنه مع غيره لما قتل، فصار كفه عن ذلك مع (2) غيره من أدل الدلائل على أنهم صدقوا عليه ما نسب إليه من الاحداث، وأنهم لم يقبلوا ما جعله عذرا، ولا يشك من نظر في أخبار الجانبين في أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن كارها لما وقع في أمر عثمان. فقد روى السيد رضي الله عنه في الشافي (3)، عن الواقدي، عن الحكم بن الصلت، عن محمد بن عمار ياسر، عن أبيه، قال: رأيت عليا عليه السلام على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله حين قتل عثمان وهو يقول: ما أحببت قتله ولاكرهته، ولا أمرت به ولا نهيت عنه (4). وقد (5) روى محمد بن سعد، عن عفان، عن حرير (6) بن بشير، عن أبي جلدة، أنه سمع عليا عليه السلام يقول - وهو يخطب فذكر عثمان: وقال -: والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته (7) ولا مالات (8) على قتله، ولا ساءني (9).

 

(1) كما ذكره السيد في الشافي 4 / 230، وابن أبي الحديد في شرح النهج 2 / 128 [1 / 158]. (2) في (ك) نسخة بدل: من، بدلا من: مع. (3) الشافي 4 / 307 - 308. (4) وأورده البلاذري في الانساب 5 / 101. (5) كما في الشافي 4 / 308. (6) وفي المصدر: جوين، وفي (ك): جرير. (7) في (س): قتله. (8) قال في النهاية 4 / 353: ومنه حديث علي.. ولا مالات.. أي ما ساعدت ولا عاونت، ونظيره في مجمع البحرين 1 / 397 - 399. (9) في مطبوع البحار: ساءتي. وأوردها البلاذري في الانساب 5 / 98 عن أبي حادة.

 

[165]

ورواه أبو بشير، عن عبيدة السلماني، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه. وقد روي هذا اللفظ من طرق كثيرة، وقد رواه شعبة، عن أبي حمزة الضبعي، قال: قلت لابن عباس: إن أبي أخبرني أنه سمع عليا عليه السلام يقول: ألا من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه. قال (1): صدق أبوك، هل تدري ما يعني بقوله ؟ إنما عني أن الله قتله وأنا عني أن الله قتله وأنا مع الله (2). قال السيد (3) رحمه الله (4): فإن قيل: كيف يصح الجمع بين معاني هذه الاخبار ؟. قلنا: لا تنافي بين الجميع، لانه تبرأ من مباشرة قتله والمؤازرة عليه، ثم قال: ما أمرت بذلك ولا نهيت عنه.. يريد أن قاتليه لم يرجعوا إلي ولم يكن مني قول في ذلك بأمر (5) ولا نهي، فأما قوله: الله قتله وأنا معه، فيجوز أن يكون المراد الله حكم بقتله وأوجبه وأنا كذلك، لان من المعلوم أن الله لم يقتله على الحقيقة، فإضافة القتل إلى الله لا يكون (6) إلا بمعنى الحكم والرضا، وليس يمتنع (7) أن يكون مما حكم الله به ما لم يتوله بنفسه، ولا أزر عليه، ولا شايع فيه. فإن قال: هذا ينافي قوله عليه السلام (8): ما أحببت قتله ولا كرهته.. وكيف يكون من حكم الله و (9) حكمه أن يقتل وهو لا يحب قتله ؟.

 

(1) في المصدر: فقال. (2) وقد تعرض لها مسهبا شيخنا الاميني في الغدير 0 / 69 - 77 و 315 و 375، فراجع. (3) في الشافي 4 / 308 - 309. (4) في (س): ره عنه، وخط على: عنه، في (ك). وهو الظاهر. ولعلها: رضي الله عنه. (5) لا توجد في المصدر: بأمر. (6) في الشافي: لا تكون. (7) في المصدر: يمنع. (8) جاءت في الشافي: ما روي عنه، بدلا من: قوله عليه السلام. (9) زيادة: في، جاءت في المصدر.

 

[166]

قلنا: يجوز أن يريد بقوله ما أحببت قتله ولا كرهته.. إن ذلك لم يكن مني على سبيل التفصيل ولا خطر لي ببال، وإن كان على سبيل الجملة يحب (1) قتل من غلب على أمور المسلمين، وطالبوه بأن يعتزل (2)، لانه بغير بحق مستول عليهم فامتنع من ذلك، ويكون فائدة هذا الكلام التبرؤ من مباشرة قتله والامر به على سبيل التفصيل (3) أو النهي، ويجوز أن يريد: إنني ما أحببت قتله إن كانوا تعمدوا القتل ولم يقع على سبيل الممانعة وهو غير مقصود، ويريد بقوله: ما كرهته.. إني لم أكرهه على كل حال ومن كل وجه. انتهى. وأقول: يمكن أن يكون المعنى: إني ما أحببت قتله لتضمنه الفتن العظيمة التي نشأت بعد قتله من ارتداد آلاف من المسلمين وقتلهم وعدم استقرار الخلافة عليه صلوات الله عليه، ولا كرهته (4) لانه كان كافرا مستحقا للقتل، فلا تنافي بين الامرين. وأما تركه غير مدفون ثلاثة ايام: فقد رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (5)، قال: لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام، فلما كان في الليل (6) أتاه اثنا عشر رجلا فيهم حويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام (7) وعبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب (8) ومروان بن الحكم فلما ساروا إلى المقبرة ليدفنوه (9) ناداهم قوم من بني مازن: والله لئن دفنتموه

 

(1) في الشافي: يجب. (2) في المصدر: بأن يعزل. (3) جاء في الشافي: التفضيل. وهو خلاف الظاهر. (4) لا توجد في (س): ولا كرهته. (5) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 3 / 80. (6) في المصدر: من الليل. (7) لعله يقرأ: خرام - بالخاء المعجمة -. (8) في الاستيعاب: وجدي، بدلا من: ومحمد بن حاطب ومروان بن حكم. وفيه: فاحتملوه. (9) في (س): ليدفنوهم.

 

[167]

هاهنا لنخبرن الناس غدا، فاحتملوه - وكان على باب وأن رأسه على الباب ليقول طق طق - حتى ساروا به إلى حش (1) كوكب فاحتفروا له، وكانت عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق (2)، فما أخرجوه ليدفنوه صاحت، فقال لها ابن الزبير: والله لئن لم تسكني لاضربن الذي فيه عيناك. قال: فسكتت، فدفن. وروى ابن أبي الحديد (3)، عن محمد بن جرير الطبري، قال: بقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن، ثم ان حكيم بن حزام وجبير بن مطعم كلما عليا عليه السلام في أن يأذن في دفنه ففعل، فلما سمع الناس بذلك قعد له قوم في الطريق بالحجارة، وخرج به ناس يسير من أهله، ومعهم الحسن بن علي (ع) وابن الزبير وأبو جهم بن حذيفة بين الغرب والعشاء، فأتوا به حائطا من حيطان المدينة، يعرف ب‍: حش كوكب، وهو خارج البقيع، فصلوا عليه، وجاء ناس من الابصار ليمنعوا من الصلاة عليه، فأرسل علي عليه السلام فمنع من رجم سريره، وكف الذين راموا منع الصلاة عليه، ودفن في حش كوكب، فلما ظهر معاوية على الامرة (4) أمر بذلك الحائط فهدم وأدخل في البقيع، وأمر الناس فدفنوا (5) موتاهم حول قبره حتى اتصل بمقابر المسليمن بالبقيع. وقيل: إن عثمان لم يغسل، وإنه كفن في ثيابه التي قتل فيها (6).

 

(1) جاء في حاشية (ك): والحش والحش أيضا: المخرج، لانهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين. صحاح. ومنه حديث عثمان أنه دفن في حش كوكب، هو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع، وفيه ان عثمان دفن بحش كوكب، اسم رجل أضيف إليه الحش، وهو البستان. نهاية. انظر: الصحاح 3 / 1001. وانظر أيضا: النهاية 1 / 390، و 4 / 290. (2) في الاستيعاب: في جرة. (3) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 158 باختلاف كثير. (4) في المصدر: على الامر. (5) في شرح النهج: ان يدفنوا. (6) إلى هنا انتهى كلام ابن أبي الحديد في شرح النهج.

 

[168]

وقد روى ذلك ابن الاثير في الكامل (1) والاعثم الكوفي في الفتوح (2) مطابقا لما حكاه ابن أبي الحديد، وزاد (3) الاعثم: أنهم دفنوه بعد ما ذهب الكلاب بإحدى رجليه، وقال: صلى عليه حكيم بن حزام أو جبير بن مطعم (4). ولا يخفى على ذي مسكة من العقل دلالته على أن أمير المؤمنين عليه السلام كان راضيا بكونه مطروحا ثلاثة أيام على المزبلة، بل على أنه لم يأذن في دفنه إلا بعد الايام الثلاثة، فلو كان أمير المؤمنين عليه السلام معتقدا لصحة إمامته، بل لو كان يراه كأحد من المسلمين ومن عرض (5) الناس لما رضي بذلك بل كان يعجل في تجهيزه ودفنه، ويأمر بدفنه (6) في مقابر المسلمين حتى لا يلتجى المجهزون له إلى دفنه في حش كوكب. والحش هو المخرج (7)، وكان ذلك الموضع بستانا كان الناس يقضون الحوائج فيه كما هو دأبهم في قضاء الحاجة في البساتين، وكوكب اسم رجل من الانصار، كما ذكره في الاستيعاب (8). والامام الذي رضي له أمير المؤمنين عليه السلام بمثل تلك الحال فحاله غير خفي على أولي الالباب، ولاريب في أنه لو لم يكن عليه السلام راضيا بقتله لجاهد قاتليه، فإنه ليس في المنكرات أشنع وأقبح من قتل إمام فرض الله طاعته على

 

(1) الكامل / 3 / 91. (2) تاريخ ابن أعثم (الفتوح) 1 / 430. ولا توجد في (س): والاعثم الكوفي في الفتوح. (3) نقل ابن الاعثم إلى هنا بالمعنى وبتصرف. (4) وقد تعرض العلامة الاميني في الغدير 9 / 208 - 217 لتجهيزه ودفنه، وذيله بما هو حري بالملاحظة. (5) في (س): عوض. قال في القاموس 2 / 335: وهو من عرض الناس.. من العامة. (6) في (س): دفنه - بلا حرف جر -. (7) كما في الصحاح 3 / 1001، وقال في النهاية 1 / 390: وفيه: إن هذه الحشوش محتضرة.. يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة، الواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش: البستان، لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين. (8) الاستيعاب 3 / 81. وجاء في النهاية 4 / 290.

 

[169]

العالمين و (1) حكم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأن من مات ولم يعرفه كان ميتته ميتة جاهلية، وقد صرح عليه السلام في كثير من كلماته بأنه لم ينه عن قتله ولم ينصره، وإنه كان في عزلة عن أمره (2) كما سيأتي، وهل يريب اللبيب في أنه عليه السلام لو كان نصره أو أنكر قتله لبالغ في إظهار ذلك للناس وفي مكاتباته إلى معاوية، فإنه لم يكن لمعانديه عليه السلام شبهة أقوى من اتهامه بقتل عثمان، وإنما كان عليه السلام يقتصر على التبري من قتله لانه لم يكن من المباشرين، وذلك مما لا يرتاب فيه من له معرفة بالسير والاثار، وحينئذ فالكف عن نصرة عثمان والذب عنه إما مطعن لا مخلص عنه فيمن يدور الحق معه حيثما داروا (3) في أعيان الصحابة الكبار حيث لم يدفعوا شرذمة قليلة عن إمامتهم (4) في دار عزهم حتى قتلوه أهون قتلة، وطرحوه في المزابل، ولم يتمكن رهطه وعشيرته من دفنه في مقابر المسلمين، أو هو قدح في ذلك الامام حيث اختلس الخلافة وغصبها من أهلها، ولم يخلع نفسه منها. فلينظر الناصرون له في أمرهم بعين الانصاف، وليتحرزوا عن اللجاج والاعتساف !. الطعن الثالث: إنه رد الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد امتنع أبو بكر من رده، فصار بذلك مخالفا للسنة ولسيرة من تقدمه، وقد شرط عليه في عقد البيعة اتباع سيرتهما.

 

(1) في (س): في، بدلا من: الواو. (2) في (ك) نسخة بدل: من أمره. (3) كذا، والصحيح: دار. (4) كذا، والظاهر: عن امامهم.

 

[170]

قال السيد رضي الله عنه في الشافي (1): روى الواقدي من طرق مختلفة وغيره، أن الحكم بن أبي العاص لما قدم المدينة بعد الفتح أخرجه النبي صلى الله عليه وآله إلى الطائف، وقال: لا يساكنني (2) في بلد أبدا، فجاءه عثمان فكلمه فأبى، ثم كان من أبي بكر مثل ذلك، ثم كان من عمر مثل ذلك، فلما قام (3) عثمان أدخله ووصله وأكرمه، فمشى في ذلك علي عليه السلام والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر حتى دخلوا على عثمان، فقالوا له: إنك قد أدخلت هؤلاء القوم - يعنون الحكم ومن معه - وقد كان النبي صلى الله عليه وآله أخرجهم (4) وأبو بكر وعمر، وإنا نذكرك الله والاسلام ومعادك، فإن لك معادا ومنقلبا، وقد أبت ذلك الولاة قبلك (5) ولم يطمع أحد أن يكلمهم فيهم (6)، وهذا شئ نخاف الله (7) عليك فيه. فقال عثمان: إن قرابتهم مني حيث تعلمون، وقد كان رسول الله حيث كلمته أطمعني في أن يأذن لهم (8)، وإنما أخرجهم لكلمة (9) بلغته عن الحكم، ولن يضركم مكانهم شيئا، وفي الناس من هو شر منهم. فقال علي عليه السلام: لا أجد (10) شرا منه ولا منهم، ثم قال علي عليه السلام: هل تعلم (11) عمر يقول: والله ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس،

 

(1) الشافي 4 / 269 - 270. (2) في المصدر: لا تساكنني. (3) في (س): فلما قدم. (4) في المصدر: أخرجه. (5) زيادة: من، جاءت في المصدر. (6) في الشافي: فيه، بدلا من: فيهم. (7) جاءت العبارة في المصدر هكذا: سبب نخاف الله تعالى.. (8) في الشافي: له. (9) في (س): كلمة.. (10) جاءت في المصدر: أحد - بالحاء المهملة -. (11) زيادة: ان، جاءت في الشافي.

 

[171]

و (1) والله إن فعل ليقتلنه ؟ !. قال: فقال عثمان: ما كان أحد منكم (2) يكون بينه وبينه من القرابة ما (3) بيني وبينه وينال من القدرة (4) ما أنال إلا أدخله، وفي الناس من هو شر منه. قال: فغضب علي عليه السلام، وقال: والله لتأتينا بشر من هذا إن سلمت، وستري - يا عثمان - غب (5) ما تفعل، ثم خرجوا من عنده (6). وما ادعاه بعض المتعصبين (7) من أن عثمان اعتذر بأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك.. فليس في الكتب منه عين ولا أثر، وهذا الخبر ليس فيه إلا أن الرسول أطعمه في رده، ثم صرح بأن رعاية القرابة هي الموجبة لرده ومخالفته رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال السيد (8): وقد روي من طرق مختلفة أن عثمان لما كلم أبا بكر وعمر في رد الحكم أغلظا له وزبراه، وقال له عمر: يخرجه رسول الله صلى الله عليه وآله وتأمرني أن أدخله ؟ ! والله لو أدخلته لم آمن يقول قائل غير عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، والله لئن أشق باثنتين كما تشق الابلمة (9) أحب إلي من أن أخالف

 

(1) لا توجد الواو في المصدر. (2) في الشافي: منكم أحد - بتقديم وتأخير -. (3) في (س): بما. (4) جاءت في المصدر: المقدرة. (5) غب ما تفعل: أي عاقبته وآخره. (6) إلى هنا كلام السيد المرتضى أعلى الله مقامه في الشافي. (7) كالبلاذري في الانساب 5 / 27، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة 2 / 143، واليافعي في مرآة الجنان 1 / 85، وابن حجر في الصواعق: 68، والحلبي في السيرة 2 / 86. وقد ذكرهم العلامة الاميني - رحمه الله - في الغدير 8 / 257 وناقشهم بما يغني عن تكراره. (8) الشافي 4 / 270 - 271. (9) في المصدر: كما تنشق الا بلمة. وهو مثل يضرب في المساواة، أي لو أشق شقين. أقول: والابلم والابلم والابلم والابلمة والابلمة كل ذلك الخوصة، قاله في لسان العرب 12 / 53. يقال: المال بيننا والامر بيننا شق الابلمة... وذلك لانهما تؤخذ فتشق طولا على السواء، وفي حديث السقيفة: الامر بيننا وبينكم كقد الابلمة - بضم الهمزة واللام وفتهما وكسرهما - أي خوصة المقل.

 

[172]

رسول الله صلى الله عليه وآله أمرا، وإياك - يابن عفان - أن تعاودني فيه بعد اليوم وما رأينا عثمان قال في جواب هذا التعنيف والتوبيخ من أبي بكر وعمر، إن عندي عهدا من الرسول صلى الله عليه وآله (1) لا (2) أستحق معه عتابا ولا تهجينا، وكيف تطيب نفس مسلم موقر لرسول الله صلى الله عليه وآله معظم له بأن يأتي إلى عدو لرسول الله صلى الله عليه وآله يصرح (3) بعداوته والوقعية فيه حتى يبلغ (4) به الامر إلى أن كان يحكي مشية رسول الله (ص) فطرده (5) وأبعده ولعنه حتى صار مشهورا بأنه طريد رسول الله (ص)، فيكرمه (6) ويرده إلى حيث أخرج منه، ويصله بالمال العظيم (7) إما من مال المسلمين أو من ماله، إن هذا لعظيم كبير ؟ !. قال ابن عبد البر في الاستيعاب (8): الحكم بن أبي العاص بن إمية بن عبد شمس.. عم عثمان (9) وأبو مروان بن الحكم، كان مسلمة الفتح، وأخرجه رسول الله صلى الله عليه [وآله] من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف، وخرج معه ابنه مروان، وقيل: إن مروان ولد بالطائف فمل يزل الحكم بالطائف إلى أن ولي عثمان فرده (10) إلى المدينة وبقي فيها، وتوفي في آخر خلافة عثمان (11). واختلف في السبب الموجب لنفي الرسول (12) صلى الله عليه [وآله] إياه،

 

(1) زيادة: فيه، جاءت في المصدر. (2) في (ك): الا. (3) في الشافي: مصرح. (4) في المصدر: بلغ. (5) جاءت العبارة في الشافي هكذا: يحكي مشيته، فطرده رسول الله (ص) - بتقديم وتأخير -. (6) خ. ل: ويكرمه. وفي المصدر: فيؤيه ويكرمه. (7) زيادة: ويصله، جاءت في الشافي. (8) الاستيعاب - المطبوع بهامش الاصابة 1 / 317 - 318. (9) زيادة: ابن عفان، جاءت في المصدر. (10) زيادة: عثمان، في المصدر. (11) وفي المصدر زيادة: قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب. (12) في الاستيعاب: رسول الله. (*)

 

[173]

فقيل: كان يتحيل ويختفي (1) ويتسمع ما يسره رسول الله (2) صلى الله عليه [وآله] إلى كبائر أصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار وفي (3) المنافقين، فكان (4) يغشي (5) ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته.. إلى أمور غيرها كرهت ذكرها، ذكروا ان النبي صلى الله عليه [وآله] كان إذا يمشي (6) يتكفأ وكان الحكم (7) يحكيه، فالتفت النبي صلى الله عليه [وآله] يوما فرآه يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه [وآله]: فكذلك فلتكن، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ (8).. ثم روى أخبارا في لعنه (9).

 

(1) في المصدر: ويستخفي. (2) لا توجد: رسول الله، في المصدر. (3) لا توجد: في، في المصدر. (4) في (ك): وكان. (5) في (س): يفشي. (6) جاءت في المصدر: مشى. وهو الظاهر. (7) زيادة: بن أبي العاص، جاءت في الاستيعاب. (8) قاله ابن هشام في السيرة النبوية 2 / 25، وجاء في السيرة الحلبية 1 / 337، والاصابة 1 / 345 - 346، وتاج العروس 6 / 35، والفائق للزمخشري 2 / 305، وغيرهم. وما ذكر هنا مقارب أيضا لما صرح به البلاذري في الانساب 5 / 27، فلاحظ. (9) لقد وردت جملة من روايات لعنه - لعنه الله - على لسان الصادق الامين - صلوات الله عليه وآله -، منها: ما ذكره ابن حجر في تطهير الجنان - هامش الصواعق المحرقة -: 104، وما ذكره البلاذري في الانساب 5 / 126، والحاكم في المستدرك 4 / 481 وصححه الواقدي، كما في السيرة الحلبية وذكروا جملة روايات هناك. وقد ذكر الهندي في كنز العمال 6 / 39، 90 رواية حرية بالملاحظة تركنا نقلها من الاطالة. وانظر: تفسير القرطبي 16 / 197، وتفسير الزمخشري 3 / 99، والفائق له 2 / 325، وتفسير ابن كثير 4 / 159، وتفسير الرازي 7 / 491، وأسد الغابة لابن الاثير 2 / 34، ونهاية ابن الاثير 3 / 23، وشرح ابن أبي الحديد 2 / 55، وإرشاد الساري 7 / 325، والدر المنثور 6 / 41، 191، وتفسير الالوسي 15 / 107 و 26 / 20 و 29 / 28، وعشرات المصادر الاخر مر بعضها. وحسبه ما أورده المفسرون ذيل الاية العاشرة من سورة القلم، وانظر بحث العلامة الاميني في الغدير حول: بنو أمية في القرآن 8 / 248 - 250 فقد أشبع البحث تحقيقا ومصدرا.

 

[174]

وأما التمسك بالاجتهاد في هذا الباب فهو أوهن وأهجن لان الرسول صلى الله عليه وآله إذا حظر شيئا أو أباحه لم يكن لاحد أن يتجهد في خلافه، ولو سوغنا الاجتهاد (1) في مقابل النص لم نأمن أن يؤذي الاجتهاد إلى تحليل الخمر وإسقاط الصلاة، وإنما يجوز الاجتهاد عندهم فيما لا نص فيه فيه كما ذكره السيد (2) رحمه الله. وقد ورد في أخبارنا إبواء عثمان المغيرة بن أبي العاص، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله عن ذلك ولعن من يحمله ومن يطعمه ومن يسقيه وأهدر دمه.. وفعل جميع ذلك، وقتل رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وزنا بجاريتها (3)، وقد مرت في باب أحوالها (4) عليها السلام. الطعن الرابع: ما صنع بأبي ذر رضي الله عنه الاهانة والضرب والاستخفاف التسيير مع علو شأنه الذي لا يخفى على أحد. فقد روى السيد رحمه الله في الشافي (5) وابن أبي الحديد في شرح النهج (6) - واللفظ للسيد -: إن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث ابن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويتلو قول الله عز وجل (7): (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم

 

(1) من قوله: في هذا الباب.. إلى هنا لا توجد في (س). (2) الشافي 4 / 272. (3) وقد أوردها في الكافي 3 / 251 - 253 [1 / 64 و 66 و 69 - 70 حديث 8]، والاحتجاج 1 / 94 - 96 حديث 156، والمسائل السروية للشيخ المفيد: 62 - 64، وبحار الانوار 22 / 162. (4) بحار الانوار 22 / 158، 163، 202. (5) الشافي 4 / 293 - 297. (6) شرح النهج لابن أبي الحديد 3 / 54 - 57 [1 / 240 - 242]. (7) في المصدر: تعالى، بدلا من: عزوجل.

 

[175]

بعذاب أليم) (1)، فرفع ذلك مروان إلى عثمان (2)، فأرسل إلى أبي ذر نائلا مولاه: أن انته عما يبلغني عنك، فقال: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله (3)، وعيب من ترك أمر الله، فوالله لان إرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أرضي عثمان بسخط الله ! فأغضب عثمان ذلك، فأحفظه وتصابر (4)، وقال عثمان يوما: أيجوز للامام أن يأخذ من المال (5) فإذا أيسر قضاه ؟ !. فقال كعب الاحبار: لا بأس بذلك، فقال (6) أبو ذر: يابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا ؟ !. فقال عثمان: قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، إلحق بالشام، فأخرجه إليها، فكان (7) أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث إليه معاويه ثلاثمائة دينار، فقال أبو ذر: إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها، وردها عليه. وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال أبو ذر: يا معاوية ! إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت (8) من مالك فهو الاسراف، وكان أبو ذر رحمه الله تعالى يقول: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا في (9) سنة نبيه (ص)، والله إني لارى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا مكذبا،

 

(1) التوبة: 34. (2) زيادة: مرارا، جاءت في (ك). (3) في المصدر زيادة: تعالى. (4) في الشافي: فتصابر. (5) جاء في حاشية (ك): شيئا قرضا. ابن أبي الحديد، أي في نسخته. أقول: قد تقدم من المصنف رحمه الله أن اللفظ للسيد. (6) في الشافي: فقال له. (7) في المصدر: وكان. (8) جاءت في الشافي: كان - بلا تاء -. (9) لا توجد: في، في المصدر.

 

[176]

وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. وقال (1) حبيب بن مسلمة الفهري (2) لمعاوية: إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كانت لكم فيه حاجة، فكتب معاوية إلى عثمان فيه، فكتب عثمان إلى معاوية: أما بعد، فاحمل جنيدبا (3) إلي على أغلظ مركب وأوعره (4)، فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله (5) على شارف (6) ليس عليها إلا قتب (7)، حتى قدم به (8) المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد، فلما تقدم أبو ذر المدينة، بعث إليه عثمان أن (9) الحق بأي أرض شئت، فقال: بمكة ؟. قال: لا. قال: فبيت المقدس ؟. قال: لا. قال: فبأحد المصرين (10) ؟. قال: لا، ولكني إلى الربذة.. فسيره إليها، فلم يزل بها حتى مات. وفي رواية الواقدي: أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له: لا أنعم الله بك عينا يا حندب (11). فقال أبو ذر: أنا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عبد الله، فاخترت اسم رسول الله الذي سماني رسول الله (12) به على اسمي. فقال له عثمان: أنت (13) الذي تزعم أنا نقول إن يد الله مغلولة، وان الله

 

(1) في المصدر: فقال. (2) في المطبوع من البحار: القهري. (3) في الشافي: جندبا. (4) قال ابن الاثير في النهاية 5 / 206: على جبل وعر.. أي غليظ حزن يصعب الصعود إليه. (5) في المصدر: وحمل. (6) قال الفيروز آبادي في القاموس 3 / 157: الشارف من النوق: المسنة الهرمة. (7) القتب - بالتحريك -: رحل البعير صغير على قدر السنام، قاله في مجمع البحرين 2 / 139. (8) لا توجد في المصدر: به. (9) في الشافي: بأن. (10) المصران: هما الكوفة والبصرة، ذكره الطريحي في مجمع البحرين 3 / 482. (11) في المصدر: لا أنعم الله عينا يا جنيدب. (12) لا توجد في المصدر: رسول الله. وفيه: الذي سماني به على اسمي. (13) في (س): أنك.

 

[177]

فقير ونحن أغنياء ؟ !. فقال أبو ذر: لو كنتم (1) لا تزعمون، لانفقتم مال الله على عباده، ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباد الله خولا (2)، ودين الله دخلا، ثم يريح الله العباد منهم فقال عثمان لمن حضره: أسمعتموها من نبي الله (ص) ؟ !. فقالوا: ما سمعناه، فقال عثمان: ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله ؟ !. فقال أبو ذر لمن حضره: أما تظنون أني صدقت ؟ !. فقالوا: لا، والله ما ندري (3). فقال عثمان: ادعوا لي عليا، فدعي (4)، فلما جاء قال عثمان لابي ذر: أقصص عليه حديثك في بني أبي العاص، فحدثه، فقال عثمان لعلي عليه السلام: هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟. فقال عليه السلام: لا، وصدق أبو ذر، فقال (5): كيف عرفت صدقه ؟. فقال (6): لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر، فقال من حضر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعا: لقد (7) صدق أبو ذر، فقال أبو ذر: أحدثكم أني سمعت هذا (8) من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تتهموني ؟ ! ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم !. وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده، عن صهبان مولى الاسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت.. وفعلت ؟ !.

 

(1) في المصدر: ولو كنتم. (2) خولا.. أي خدما وعبيدا، قاله ابن الاثير في النهاية 2 / 88 بعد ذكر الحديث. (3) لا توجد في المصدر المطبوع عبارة: فقالوا: لا والله ما ندري. (4) لا توجد: فدعي، في الشافي. (5) في المصدر: وقد صدق أبو ذر، فقال عثمان. (6) في الشافي: قال - بلا فاء -. (7) لا توجد: لقد، في المصدر. (8) في الشافي: سمعته هذا. (*)

 

[178]

فقال له أبو ذر (1): قد نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني. فقال عثمان: كذبت، ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد (2) قلبت الشام علينا. فقال له أبو ذر: إتبع سنة صاحبيك، لا يكون لاحد عليك كلام. فقال له عثمان: ما لك ولذلك لا أم لك !. فقال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فغضب عثمان وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب !، إمال أن أضربه أو أحسبه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من الارض، فتكلم علي عليه السلام - وكان حاضرا -، فقال: أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون: (وإن يك كاذبلا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) (3)، فأجابه عثمان بجواب غليظ لم أحب أن أذكره، وأجابه علي عليه السلام بمثله. ثم إن عثمان حظر على الناس أن (4) يقاعدوا أبا ذر ويكلموه، فمكث كذلك أياما، ثم أمرأن يؤتى به، فلما أتي به و (5) وقف بين يدبيه، قال: ويحك يا عثمان ! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأيت أبا بكر وعمر !، هل رأيت هذا هديهم، إنك لتبطش في (6) بطش جبار !. فقال: اخرج عنا من بلادنا. فقال أبو ذر: فما أبغض إلي جوارك ! فإلى (7) أين أخرج ؟. قال: حيث شئت. قال: فأخرج إلى الشام أرض الجهاد. فقال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها، أفأردك إليها ؟ !. قال: إذن أخرج (8) إلى العراق.. قال: لا. قال: ولم ؟. قال:

 

(1) في المصدر: قال أبو ذر. (2) في (ك): وقد. (3) الغافر: 28. (4) لا توجد في المصدر: أن. (5) في الشافي: وقف - بلا واو -. (6) في المصدر: إنك تبطش بي. (7) زيادة: قال، جاءت في الشافي قبل: فإلى. (8) في المصدر: أفأخرج، بدلا من: إذن أخرج.

 

[179]

تقدم على قوم أهل شبهة (1) وطعن على الائمة. قال: فأخرج (2) إلى مصر ؟. قال: لا. قال: فإلى (3) أين أخرج ؟. قال: حيث شئت. فقال أبو ذر: هو إذن (4) التعرب بعد الهجرة، أخرج إلى نجد ؟. فقال عثمان: الشرف الشرف الابعد أقصى فأقصى. فقال أبو ذر: قد أبيت ذلك علي. قال: امض على وجهك هذا، ولا تعدون الربذة. فخرج إليها (5). أقول: الجواب الغليظ الذي لم يحب ذكره هو قوله لعنه الله: بفيك التراب، وقوله عليه السلام: بل بفيك التراب، كما رواه في تقريب المعارف (6). ثم قال (7): وروى الواقدي، عن مالك بن أبي الرجال (8)، عن موسى بن ميسرة أن أبا الاسود الدؤلي قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لاسأله عن سبب خروجه، فنزلت (9) الربذة، فقلت له: ألا تخبرني ! خرجت من المدينة طائا أو أخرجت ؟. قال: أما إني كنت في ثغر من الثغور أغني (10) عنهم، فأخرجت إلى مدينة الرسول، فقلت: دار هجرتي وأصحابي، فأخرجت منها إلى ما ترى، ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد إذ مربي رسول الله صلى الله عليه وآله

 

(1) في الشافي: شبه - بصيغة الجمع -. (2) في (س): أفأخرج - بهمزة استفهام -. (3) لا توجد: فإلى، في المصدر. (4) في الشافي: وهو أيضا، بدلا من: هو إذن. (5) لا توجد في الشافي: فخرج إليها. وهي موجودة في شرح النهج. انتهى كلام ابن أبي الحديد والسيد رحمه الله. (6) تقريب المعارف: لم يطبع القسم الثاني (المطاعن) منه، ونفي أبي ذر جاء في صفحة: 165. (7) أي السيد رحمه الله في الشافي 4 / 298، وابن أبي الحديد في شرحه 3 / 57. (8) في الشافي: الرحال. (9) زيادة: به، جاءت في المصدر. (10) في (س): تقرأ: غنى. والهمزة منها طمست. أقول: اغني.. أي أدفع، كما في مجمع البحرين 1 / 320 وغيره.

 

[180]

وسلم، فقال: فضربني برجليه (1)، فقال: لا أراك نائما في المسجد. فقلت: بأبي أنت وأمي ! غلبتني عيني فنمت فيه. فقال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟. فقلت: إذن ألحق بالشام، فإنها أرض مقدسة، وأرض تقية (2) الاسلام، وأرض الجهاد. فقال: كيف بك إذا أخرجوك منها ؟. قال: فقلت له (3): أرجع إلى المسجد. قال: كيف تصنع إذا أخرجوك منه ؟. قلت: آخذ سيفي فأضرب به. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أدلك على خير من ذلك، استق (4) معهم (5) حيث ساقوك، وتسمع وتطيع، فسمعت وأطعت وأنا أسمع وأطيع، والله ليلقين الله عثمان (6) وهو آثم في جنبي. وكان يقول بالربذة: ما ترك الحق (7) صديقا. وكان يقول فيها: ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا. ثم قال السيد (8) رضي الله عنه: والاخبار في هذا الباب أكثر من أن نحصرها وأوسغ من أن نذكرها. أقول: وروى المسعودي في مروج الذهب (9) أبسط من ذلك.. إلى أن قال: لما رد عثمان أبا ذر رضي الله عنه إلى المدينة على بعير عليه قتب يابس، معه

 

(1) في الشافي: فضر بني برجله - من دون كلمة: فقال. وهو الظاهر. (2) في شرح النهج والشافي: بقية. (3) لا توجد: له، في المصدر. (4) في الشافي: انسق. (5) في (س): من، بدلا من: معهم. وجعلت فيه معهم نسخة بدل. وخط على: من، في (ك). (6) لا توجد في (س): عثمان. (7) لا توجد في (ك): لي. (8) الشافي 4 / 298. ومثله في شرح النهج لابن أبي الحديد 3 / 58. واللفظ للاخير. (9) مروج الذهب 2 / 340 - 342 بتصرف. وجاء في تاريخ الخميس 2 / 268: إن عثمان حبس عبد الله بن مسعود وأبا ذر عطاءهما، وأخرج أبا ذر إلى الربذة.

 

[181]

خمسمائة (1) من الصقالبة (2) يطردون (3) به حتى أتوا به المدينة وقد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد يتلف (4)، فقيل له: إنك تموت من ذلك ؟. فقال: هيهات ! لن أموت حتى أنفى.. وذكذ ما ينزل به من هؤلاء فيه (5).. وساق الحديث إلى قوله: فقال له عثمان: وار وجهك عني. قال (6): أسير إلى مكة: قال: لا والله (7). قال: فإلى الشام ؟. قال: لا والله. قال: فإلى (8) البصرة ؟. قال: لا والله. فاختر غير هذه البلدان. قال: لا والله لا أختار (9) غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد. قال: إني (10) مسيرك إلى الربذة. قال: الله أكبر ! صدق رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قد أخبرني بكل ما أنا لاق. قال (11): وما قال لك ؟. قال: أخبرني أني أمنع من مكة (12) والمدينة وأموت بالربذة، ويتولى دفني نفر يردون من العراق إلى نحو (13) الحجاز، وبعث أبو ذر إلى جمل (14) فحمل عليه امرأته، وقيل: ابنته، وأمر عثمان أن يتجافاه الناس

 

(1) في المصدر: خمسة. (2) جاء في مجمع البحرين 2 / 100: وفي الحديث ذكر الصقالبة، وهم جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزورين وقسطنطنية، ولا حظ: القاموس المحيط 1 / 93. (3) في المروج: يطيرون، بدلا من: يطردون. (4) جاءت: وكان أن يتلف، في المصدر. (5) في المروج: وذكر جوامع ما نيزل به بعد.. (6) في المصدر: وارعني وجهك فقال. (7) هنا سقط جاء في مروج الذهب. قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت، قال: اي والله. (8) لا توجد: إلى، في المصدر. (9) في مروج الذهب: ما اختار. (10) في المصدر: فإني. (11) في المصدر: قال عثمان. (12) جاءت العبارة في المروج هكذا: باني امنع عن مكة. (13) عبارة المصدر: ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو.. (14) زيادة: له، جاءت في المصدر.

 

[182]

حتى يسير إلى الربذة، ولما (1) طلع عن المدينة - ومروان يسيره عنها - طلع عليه علي ابن أبي طالب عليه السلام ومعه ابناه (2) عليهما السلام وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر، فاعترض مروان وقال: يا علي ! إن أمير المؤمنين ينهى الناس أن يمنحوا أبا ذر أو يسقوه (3)، فإن كنت لم تعلم بذلك (4) فقد أعلمتك، فحمل عليه (5) بالسوط، فضرب بين أذني ناقة مروان (6) وقال: تنح ! نحاك الله إلى النار، ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أراد علي (ع) الانصراف بكى أبو ذر وقال: رحمكم الله أهل البيت إذا رأيتك يا إبا الحسن وولدك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم. فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي عليه السلام (7)، فقال عثمان: يا معشر المسلمين ! من يعدوني (8) من علي ؟ رد رسولي عما وجهته له، وفعل وفعل (9)، والله لنعطيه (10) حقه، فلما رجع علي استقبله الناس وقالوا (11): إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر !. فقال علي (ع): غضب الخيل على اللجم (12)، فلما كان بالعشي و (13) وجاء عثمان قال (14): ما حملك على

 

(1) في مروج الذهب: فلما. (2) في المصدر زيادة: الحسن والحسين. (3) جاء في حاشية (س): أو يستحوه. كذا. (4) جاءت العبارة في مروج الذهب هكذا: فقال: يا علي ! إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه فإن كنت لا تدري بذلك. (5) في المصدر زيادة: علي بن أبي طالب. (6) في مروج الذهب: وضرب بين أذني راحلته. (7) في المصدر: علي بن أبي طالب. (8) في مروج الذهب: من يعذرني. (9) جاءت في المصدر: كذا، بدلا من: وفعل - الثانية -. (10) في مروج الذهب: لنعطينه. وكذلك هي في نسختي البحار. (11) في المصدر: فقالوا. (12) وهي من أمثال العرب تضرب لمن يغضب غضبا لا ينتفع به ولا موضع له، انظر: مجمع الامثال 2 / 67 برقم 2662. (13) لا توجد الواو في مروج الذهب. (14) في المصدر: فقال له.

 

[183]

ما صنعت بمروان ؟ ولم اجترأت علي ورددت رسولي وأمري ؟. فقال (1): أما مروان فاستقبلني بردي (2) فرددته عن ردي، وأما أمرك لم أرده. فقال (3) عثمان: ألم يبلغك أني قد نهيت الناس عن أبي ذر وشيعه (4) ؟. فقال علي (ع): إو كلما أمرتنا به من شئ نرى طاعة الله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك، لعمر الله ما نفعل. فقال (5) عثمان: أقد مروان. قال: ومم أقيده ؟. قال: ضربت بين أذني راحلته وشتمته فهو شاتمك وضارب بين أذني راحلتك ! !. قال علي (ع): أما راحلتي فهي تلك، فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فعل (6)، وأما أنا فوالله لئن شتمني لاشتمنك بمثله لا كذب (7) فيه ولا أقول ألا حقا. قال عثمان: ولم لا يشتمك إذا شتمته، فوالله ما أنت بأفضل عندي منه !، فغضب علي عليه السلام وقال: لي (8) تقول هذا القول ؟ ! أمروان يعدل بي ؟ ! ! ! فلا والله أنا (9) أفضل منك وأبي أفضل من أبيك، وإمي أفضل من أمك، وهذه نبلي قد نثلتها فأنثل نبلك (10)، فغضب عثمان واحمر وجهه وقام فدخل (11)، وانصرف علي عليه السلام فاجتمع إليه أهل بيته ورجال المهاجرين والانصار، فلما كان من الغد واجتمع الناس (12) شكا إليهم (1) في مروج الذهب: قال - من دون فاء -. (2) في المصدر: يردني. (3) في مروج الذهب: فلم أرده قال.. (4) في المصدر: وعن تشييعه. (5) في مروج الذهب: بالله لانفعل، قال.. (6) في المصدر: فليفعل. (7) في مروج الذهب: انت مثلها بما لا أكذب، بدال من: بمثله لا كذب. (8) في المصدر: فغضب علي بن أبي طالب وقال: إلى. (9) في مروج الذهب: وبمروان تعدلني ! ! فأنا والله أفضل.. (10) في المصدر: وهلم فانتثل بنبلك. قال في القاموس 4 / 54: نثل الكانة: استخرج نبلها نتثرها. ونحوه في الصحاح 5 / 1825. (11) جاءت في المصدر: فقام ودخل داره. (12) زيادة: إلى عثمان، جاءت في مروج الذهب.


 

[184]

عليا (ع) وقال: إنه يغشني ويظاهر من يغشني (1) - يريد بذلك أبا ذر وعمارا (2) أو غيرهما -، فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا. وقال (3) علي (ع): والله ما أردت بتشييعي أبا ذر (4) إلا الله تعالى. انتهى (5). وقد مر في باب أحوال أبي ذر (6) تلك القصة وفضائله ومناقبه من طرق أهل البيت عليهم السلام (7).

 

(1) في المصدر: انه يعييني ويظاهر من يعيبني. (2) في مروج الذهب: وعمار بن ياسر. (3) زيادة: له، بعد: قال، جاءت في المصدر. (4) في المصدر: أبي ذر. ولعلها سهو. (5) وذكر أكثر ما مر وزاد عليه غيره، انظر: الانساب للسمعاني 5 / 52 - 54، طبقات ابن سعد 4 / 168، تاريخ اليعقوبي 2 / 148، فتح الباري 3 / 213، عمدة القاري 4 / 291، وصحيح البخاري كتبا الزكاة والتفسير وفصل كيفة الابعاد، وابن أبي الحديد في شرح على نهج البلاغة 2 / 375 - 387. (6) بحار الانوار 22 / 393 - 433. (7) ولعل ما جاء عن طريق العامة أكثر وأكثر، فهو ممن تعبد قبل البعثة وكان موحدا قبل الاسلام، بل ممن لم يعبد صنما وسبق في الاسلام إذ كان ثالث أو رابع أو خامس من أسلم، وكان من أوعية العلم والزهد والورع، وإبرز من قال بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم، وهو أول من حيى الرسول بتحية الاسلام. وحسبه ما قاله فيه أبو الحسن عليه السلام: وعى علما عجز فيه. وكان شحيحا حريصا على دينه، حريصا على العلم، وكان يكثر السؤال فيعطى ويمنع. ونحن خوفا من الاطالة نعرض عن ذكر النصوص ونكتفي بالمصادر، فمن أراد فليراجعها، منها: طبقات ابن سعد 4 / 161 و 164 - 166 و 170، صحيح مسلم كتاب المناقب 7 / 153 - 156، صحيح البخاري 6 / 24 باب الاسلام أبي ذر، حلية الاولياء 1 / 157 - 158، صفوة الصفوة لابن الجوزي 1 / 238، تاريخ ابن عساكر 7 / 217، مستدرك الحاكم 3 / 338 و 324، الاستيعاب 1 / 83، 2 / 664، أسد الغابة 5 / 186، شرح الجامع الصغير للمناوي 5 / 423، الاصابة 4 / 63 - 64 و 3 / 484، مسند احمد بن حنبل 5 / 163 و 174، مجمع الزوائد 9 / 339 - 331، وغيرها كثير.

 

[185]

وروى ابن الاثير في جامع الاصول (1) برواية الترمذي (2)، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، أشبه عيسى في ورعه. قال عمر: أفنعرف (3) ذلك له يا رسول الله ؟ !. قال: نعم، فاعرفوا له. وعن بريدة (4)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله (5) أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يجبهم. قيل: يا رسول الله ! سمهم لنا ؟. قال: علي منهم.. يقول ذلك ثلاثا، وأبو ذر، والمقداد، وسلمان، أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم (6). وعن ابن عمرو بن العاص (7)، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر. قال: أخرجه الترمذي (8). و (9) عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]: ما أظلت

 

(1) جامع الاصول 8 / 567 حديث 6377. (2) سنن الترمذي كتاب المناقب، باب مناقب أهل بيت النبي (س)، وباب مناقب معاذ وزيد وأبي ابن كعب وأبي عبيدة حديث 3793، و 3794. (3) في المصدر: فتعرف له. (4) كما في سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب حديث 3720، والحاكم في المستدرك 3 / 130 وقال: صحيح على شرط مسلم. (5) في المصدر زيادة: تبارك وتعالى. (6) وقد رواه ابن الاثير في جامع الاصول 8 / 579 حديث 6393. (7) جامع الاصول 9 / 50 حديث 6593. (8) سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب أبي ذر 2 / 213 حديث 3803، وقال: هذا حديث صحيح. وإورده ابن ماجه في سننه 1 / 66، والحاكم في المستدرك 3 / 830، وأبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 172، وابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 557، وابن حجر في الاصابة 3 / 455، والمناوي في شرح الجامع الصغير 2 / 215 وغيرهم. (9) جامع الاصول ذيل الحديث السابق.

 

[186]

الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق (1) من أبي ذر، شبيه عيسى بن مريم. فقال عمر بن الخطاب - كالحاسد -: يا رسول الله (ص) ! أفنعرف ذلك له ؟. قال: نعم، فاعرفوه. قال: أخرجه الترمذي (2): وقال قد روى بعضهم هذا الحديث فقال: أبو ذر يمشي في الارض بزهد عيسى بن مريم (3).

 

(1) لا توجد في (س): أصدق. وفي جامع الاصول: ولا أصدق ولا أوفى. (2) صحيح الترمذي 2 / / 221. (3) يمكن عد حديث صدق أبي ذر وزهده من أظهر مصاديق التواتر المعنوي، أذا أخرجه جملة الحفاظ على اختلاف ألفاظه كابن سعد والترمذي وابن ماجة واحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وأبي عمر وأبي نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم. انظر: الطبقات 4 / 167، سنن ابن ماجة 1 / 68، مسند أحمد 2 / 163 و 175 و 223، و 5 / 197، و 6 / 442، مستدرك الحاكم 3 / 342، و 4 / 480 وقد صححه وأقره عليه الذهبي، مصابيح السنة 2 / 228، وصفة الصفوة 1 / 340، الاستيعاب 1 / 84، مجمع الزوائد 9 / 329، والاصابة لابن حجر 3 / 622 و 4 / 62، كنز العمال 6 / 169 و 8 / 15 - 17، وجملة كتب الحديث والرجال والتراجم. وجاء عن طريق العامة جملة روايات في فضل أبي ذر نذكر منها أمثلة: منها: ما جاء في السيرة النبوية لابن هشام 4 / 179: رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده. وأخرجه في الطبقات 4 / 170، الاستيعاب 1 / 83، وإسد الغابة 6 / 188، والاصابة 4 / 164. ومنها: ما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 39 أن رسول الله 0 ص) قال: إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وأبي ذر. وقد أورد الحاكم في مستدركه 3 / 344، بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم، قال: كنت مع أبي الدرداء فجاء رجل من قبل المدينة، فسأله فأخبره. أن أبا ذر مسير إلى الربذة، فقال أبو الدرداء: إنا لله وإنا إليه راجعون، لو أن أبا ذر قطع لي عضوا أو يدا ما هجنته بعدما سمعت النبي (س) يقول: ما أظلت.. إلى آخره. وقريب منه في مسند احمد 5 / 197. ولنختم البحث بكلام سيد الوصيين وأمير المؤمنين عليه السلام إذ يقول: (يا أبا ذر ! إنك غضبت لله فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه، واهرب منهم بما خفتهم عليه، فما احوجهم إلى ما منعتهم =

 

[187]

أقول: وإذا كان أبو ذر رضوان الله عليه من الذي يحبهم الله وأمر رسوله بحبهم فإيذاؤه والاهانة به في حكم المعاداة لله ولرسوله، وإذا كان أصدق الناس لهجة فحال من شهد عليه بالكذب والضلال معلوم، وما اشتملت عليه القصة من منازعته مع أمير المؤمنين عليه السلام وشتمه يكفي في القدح فيه ووجوب لعنه. الطعن الخامس: أنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه، وقد رووا في فضله في صحاحهم أخبارا كثيرة، وكان ابن مسعود يذمه ويشهد بفسقه وظلمه. قال (1) السيد رضي الله عنه في الشافي (2): قد روى كل من روى السيرة من أصحاب الحديث - على اختلاف طريقهم - أن ابن مسعود كان يقول: ليتني وعثمان برمل عالج يحثو علي وأحثو عليه (3) حتى يموت الاعجز مني ومنه. ورووا أنه كان يطعن عليه فيقال له: ألا خرجت إليه ليخرج (4) معك ؟ !. فيقول: والله لان أزوال جبلا راسيا أحب إلي من أن (5) أزوال ملكا مؤجلا. وكان يقول في كل يوم جمعة بالكوفة جاهرا معلنا: إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله، وشر الامور محدثاتها، وكل محدث بدعة،

 

= وما أغناك عما منعوك... لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، فلو قبلت دنياهم لاحبوك، ولو قرضت منها لامنوك). نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 12 - 13، صبحي الصالح: 188 برقم 130، وانظر ما ذكره ابن أبي الحديد في ذيل كلامه عليه السلام 8 / 252 - 262 [2 / 354 - 358 ذا أربع مجلدات]. (1) في (ك): وقال. (2) الشافي 4 / 279 - 280. (3) في المصدر: يحثي علي وأحثي عليه. (4) في الشافي: لنخرج. (5) لا توجد: ان، في المصدر.

 

[188]

وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وإنما كان يقول ذلك معرضا بعثمان حتى غضب الوليد بن عقبة (1) من استمرار تعريضه (2) ونهاه عن خطبة هذه فأبى أن ينتهي، فكتب إلى عثمان فيه، فكتب عثمان يستقدمه عليه... (3). وقد روي (4) عنه من طرق لا تحصى كثرة أنه كان يقول: ما يزن عثمان عند الله جناح بعوضة (5).. و (6) أوصى عند موته أن لا يصلي عليه عثمان (7)، ولما أتاه عثمان في مرضه وطلب منها الاستغفار قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي... وروى الواقدي (8) بإسناده، وغيره، أن عثمان (9) لما استقدمه (10) المدينة دخلها ليلة جمعة، فلما عليم عثمان بدخوله، قال: أيها الناس ! إنه قد طرقكم الليلة

 

(1) لا يوجد في الشافي: بن عقبة. (2) في المصدر: تعرضه. (3) ومنها، ما قاله للوليد: ما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، كما ذكره ابلاذري في الانساب 5 / 36، وفيه: وكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك. (4) كما جاء في الشافي 4 / 280. (5) في (ك) نسخة بدل: ذباب، وهي التي جاءت في الشافي. ثم إن هنا سقط، لاحظه في الشافي. (6) الكلام للسيد المرتضى في الشافي 4 / 280 - 281، ذإر المصنف رحمه الله هنا مضمون النص والوصية، واختزل منه جمل مفيدة، فراجع. (7) ومنها: وصية ابن مسعود بأن لا يصلي عليه عثمان، بل لم يعلم بدفنه، كما فصلها ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 1 / 236، وابن عبد البر القرطبي في الاستيعاب 1 / 373، والحاكم في المستدرك 3 / 313، وابن كثير في تاريخه 7 / 163 وغيرهم. (8) كما حكاه السيد في الشافي 4 / 281 - 282 بتصرف. (9) في (ك) نسخة بدل: ابن مسعود، وهو غلط. (10) جاء على (ك): استقدم، ورمز لها بنسخة بدل.

 

[189]

دويبة من تمر (1) على طعامه تقئ وتسلح (2). فقال ابن مسعود: لست كذلك، ولكني (3) صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر، وصاحبه يوم أحد، وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حنين. قال: وصاحت (4) عائشة: أيا عثمان ! أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ !. فقال عثمان: أسكتي. ثم قال لعبدالله بن زمعة بن الاسود (5): أخرجه إخراجا عنيفا، فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد، فضرب به الارض فكسر ضلعا من أضلاعه. فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان. وفي رواية أخرى: إن ابن زمعة الذي فعل به ما فعله كان مولى لعثمان

 

(1) وفي الشافي: دوبية من تمشي، وفي (ك) نسخة بدل: دويبة تمشي، وذكر في حاشيتها: وفي بعض النسخ: دويبة تمر على طعامه تقئ ويسلح.. ولعله شبهة بالدودة التي تقطع في الثمر ويقئ وتسلح فيه، وتذكر الضمير في المواضع باعتبار المشبه. وفي بعض النسخ: من يمشي.. أي دابة تمشي على طعام ذلك الرجل وتقئ ويسلح فيه. وفي بعضها: من تمش..، ولامش: المص، وفلان تميش من فلان.. أي يصيب منه، وتمششت العظم: أكلت مشاشه، وهي رؤوس العظام اللينة. وفي بعضها: مرتمس. [منه (نور الله ضريحه)] أقول: ذكر المعنى الاخير في لسان العرب 6 / 347، والصحاح 3 / 1019، وغيرهما. (2) في الشافي: يقى ويسلح. والسلح التغوط، وغرض عثمان أن ابن مسعود كذئب صغير قد مرت الدوبية على طعامة فأفسدته عليه وتقئ وتغوط فيه، فاجتنبوه لئلا يفسد عليكم عيشكم. (3) في (ك) نسخة بدل: ولكنني، وقد جاءت في المصدر. (4) في المصدر: فصاحت. (5) في المصدر زيادة: بن المطلب بى أسد بن عبد العزى بن قصي. ولعل ترك المصنف رحمه الله لهذه الزيادة جاء من كون هذا الشخص من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ويبعد صدور مثل ذلك منه، ويحتمل قويا كونه ابن زمعة الذي كان عبدا أسود من عبيد عثمان، كما صرح بذلك في الرواية الاخرى.

 

[190]

أسود، وكان مشذبا (1) طوالا. وفي رواية (2): إن فاعل يحموم مولى عثمان. وفي رواية: إنه لما احتمله ليخرجه من المسجد ناداه عبد الله: أنشدك الله أن تخرجني من مسجد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الراوي: فكأني أنظر إلى حموشة (3) ساقي عبد الله بن مسعود ورجلاه يختلفان على عنق مولى عثمان حتى أخرج من المسجد، وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله: لساقا ابن أم عبد أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد (4). وقد روى محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرطي (5): أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر، وهذه قصة أخرى، وذلك أن أبا ذر (6) لما حضرته الوفاة بالربذة وليس معه إلا امرأته وغلامه أوصى إليهما (7) أن غسلاني ثم كفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم قولا (8)

 

(1) في (ك) مسدما. وفي المصدر: إن ابن زمعة مولى لعثمان أسود وكان مسدما. وجاء في حاشية (ك) ما يلي: في القاموس: مخل مسدوم، وسدم - محركة -.. ومعظم (أي كمعظم): هائج.. وكمعظم: البصير المهمل. وفي بعض النسخ: مشذبا، وهو الاظهر. قال في النهاية: المشذب: هو الطويل الباين الطول مع نقص في لحمه. [منه (قدس سره)]. انظر: القاموس 4 / 128، وقارن بما جاء في تاج العروس 8 / 334. ولاحظ: النهاية 2 / 453. (2) في المصدر زيادة كلمة: أخرى. (3) جاء في حاشية (ك): يقال رجل حمش الساقين - بمفتوحة فساكنة فمعجمة -.. أي دقيقهما. مجمع. انظر مجمع البحرين 4 / 134. (4) مسند احمد بن حنبل 1 / 421 و 5 / 131. (5) في المصدر: القرظي. (6) في المصدر: إن أبا ذر رحمه الله تعالى. (7) في (ك) نسخة بدل: عهد اليهما، وهي كذلك في المصدر. (8) في الشافي: يمر بكم فقولوا هذا، وجاءت فقولوا نسخة بدل في (ك).

 

[191]

لهم: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلا (1) ذلك، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين (2)، فلم يرعهم (3) إلا الجنازة على قارعة الطريق قد كادت الابل تطؤها، فقام إليهم العبد، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعيونا على دفنه، فأنهل ابن مسعود باكيا وقال (4): صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، قال (5): تمشي (6) وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، ثم نزل هو وأصحابه فواروه. هذا بعض ما رواه في الشافي (7) آخذا من كتبهم المعتبرة (8).

 

(1) في المصدر: فعلوا. (2) في الشافي: عمارا، وفي حاشية المصدر نسخة بدل: معتمرين. (3) في المصدر: فلم ترعهم. (4) في (ك) نسخة بدل: يبكي ويقول، وهي التي وردت في المصدر. (5) في الشافي زيادة: له، بعد قال. (6) في المصدر: تمسي. (7) الشافي 4 / 279 - 283، باختلاف أشرنا إلى إكثره. (8) ولنورد لك تذييلا لبعض ما أورده أعلامهم، وفيه جوانب كثيرة حرية بالتأمل: منها: ما ذكره البلاذري في الانساب 5 / 36:.. ثم أمر عثمان به - أي ابن مسعود - فأخرج من المسجد إخراجا عنيفا، وضرب به عبد الله بن زمعة الارض، ويقال: بل احتمله: يحموم - غلام عثمان - ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الارض فدق ضلعه. وفي لفظ الواقدي: فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الارض فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان !. ومنها: ما ذكره ابن كثير في تاريخه 7 / 163 قال: جاءه عثمان في مرضه عائدا، فقال له: ما تشتكي ؟. قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي ؟. قال: رحمة ربي. قال: ألا آمر لك بطبيب ؟. قال: الطبيب أمرضني. قال: ألا آمر لك بعطائك ؟ - وكان قد تركه سنين ! - فقال: لا حاجة لي. فقال: يكون لبناتك من بعدك. فقال: أتخشى على بناتي الفقر ؟. إني أمرت بناتي.. إلى آخره..، ورواه الواقدي والبلاذري بتفصيل، ومرت في المتن مجملا. ومنها: ما أخرجه ابلاذري - من طريق أبي موسى القروي - بإسناده: أنه دخل عثمان على ابن مسعود في مرضه.. إلى إن قال: فلما انصرف عثمان قال بعض من حضر: إن دمه لحلال.. !، فقال ابن مسعود: ما يسرني أنني سددت إليه سهما يخطئه، وإن لي مثل أحد ذهبا !. وانظر ما ذكره =

 

[192]

وقد رووا أصولهم المشورة كجامع الاصول (1) والاستيعاب (2) وصحاحهم المتداولة (3) مناقب جمة لابن مسعود لم ينقلوا مثلها لعثمان تركناها مخافة الاطناب، فضربه وإخراجه وإهانته وإيذاؤه من أعظم الطعون على عثمان، أحله الله تعالى أسفل درك النيران.

 

= اليعقوبي في تاريخه 2 / 147. ومنها: ما ذكره في تاريخ الخميس 2 / 267: أن عثمان حبس عبد الله بن مسعود وأبا ذر عطاءهما، وذلك جرم يضاف إلى ما جناه، كما في السيرة الحلبية 2 / 87. (1) جامع الاصول 9 / 46 - 50 في فضائل عبد الله بن مسعود حديث 6586 وغيره من الابواب. (2) الاستيعاب المطبوع على هامش الاصابة 2 / 316 - / 324. (3) فقد جاء في صحيح البخاري كتاب المناقب عن حذيفة بن اليمان قال: ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودال ء برسول الله صلى الله عليه [وآله] من ابن أم عبد. وقريب منه ما ذكره الترمذي بل زاد عليه. انظر: مسند احمد بن حنبل 1 / 388، و 5 / 389، مستدرك الحاكم 3 / 315 - 320، حلية الاولياء 1 / 124 - 127، الاستيعاب 1 / 371 - 372، صفة الصفوة 1 / 156 - 158، تاريخ ابن كثير 2 / 162 - 163، تيسير الوصول 3 / 297، الاصابة 2 / 270 - 369 - 469، كنز العمال 6 / 180 - 181، و 7 / 55 - 56، وذكرت جملة من فضائله ذيل آية: 52 من سورة الانعام، كما في تفسير القرطبي 16 / 432 - 433، تفسير انب كثير 2 / 135، تفسير بن جزي 2 / 10، تفسير الدر المنثور 3 / 13، تفسير الخازن 2 / 18، تفسير الشوكاني 2 / 115، ولامير المؤمنين عليه السلام وجمع من الصحابة كلمات فيه جاءت في المصادر السالفة، ومجمع الزوائد 9 / 287 - 289، وكنز العمال 6 / 181 - 180، 7 / 56 - 55، تاريخ ابن عساكر 6 / 100، الطبقات الكبرى 3 / 108، سنن ابن ماجه 1 / 63، مرآة الجنان 1 / 87، تهذيب التهذيب 6 / 28، تاريخ البخاري 1 / قسم 2 / 152 وغيرها.

 

[193]

الطعن السادس: ما صنع بعمار ياسر رضي الله عنه - الذي أطبق المؤالف المخالف على فضله وعلو شأنه، ورووا أخبارا مستفيضة دالة على كرامته وعلو درجته -. قال السيد رضي الله عنه في الشافي (1): ضرب عمار مما لم يختلف فيه الرواة وإنما اختلفوا في سببه. فروى عباس بن (2) هشام الكلبي (3)، عن أبي مخنف في إسناده أنه كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر، فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكل كلام شديد حتى غضب (4) فخطب، وقال (5): لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام. فقال له علي عليه السلام: إذا تمنع من (6) ذلك ويحال بينك وبينه. فقال عمار: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك. فقال عثمان: أعلي - يا ابن ياسر (7) وسمية - تجتري ؟ خذوه.. فأخذوه، ودخل عثمان فدعا به وضربه (8) حتى غشي عليه، ثم أخرج فحمل إلى منزل أم سلمة زوج النبي (ص) (9) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق توضأ وصلى. وقال: الحمد لله، ليس هذا أول يوم أوزينا فيه

 

(1) الشافي 4 / 289 - 291. (2) في المصدر: عن، بدلا من: بن وهو الظاهر. (3) كما أخرجه البلاذري في الانساب 5 / 480، والزهري - كما في الانساب للبلاذري 5 / 88 - بألفاظ متقاربة. (4) في الشافي: أغضبوه. وكذا في الانساب للبلاذري. (5) في المصدر: فقال. (6) لا توجد: من، في المصدر، وجاءت في الانساب. (7) في الانساب: يابن المتكاء. (8) في المصدر والانساب: فضربه. (9) زاد في الشافي: رحمة الله عليها.

 

[194]

في الله تعالى (1). فقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومى - وكان عمار حليفا لبني مخزوم -: يا عثمان ! أما علي فاتقيته (2)، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به (3) على التلف، أما والله لئن مات لاقتلن به رجلا من بني أمية عظيم الشأن (4). فقال عثمان: وإنك لها هنا يابن القسرية (5) !. قال: فإنهما قسريتان - وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة (6) -، فشتمه عثمان وأمر به فأخرج، فأتي به أم سلمة فإذا هي قد غضبت لعمار، وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله ونعلا من نعاله وثوبا من ثيابه، وقالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا ثوبه وشعره (7) ونعله لم يبل بعد. وروى آخرون: ان السبب في ذلك أن عثمان مر بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: عبد الله بن مسعود، فغضب على عمار لكتمانه إياه موته - إذا (8) كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه - فعندها وطئ عثمان عمارا حتى أصابه الفتق. وروى آخرون (9): أن المقداد وطلحة والزبير وعمارا وعدة من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه ربه، وأعلموه أنه (10) مواثبوه إن لم يقلغ، فأخذ عمار الكتاب فأتاه به فقرأ منه صدرا، فقال عثمان: أعلي

 

(1) لا توجد: تعالى، في الانساب والمصدر. (2) زاد في الانساب هنا: وبني أبيه. (3) أشفيت هنا بمعنى أشرفت، كما في الصحاح 6 / 2394. (4) في الشافي: عظيم السيرة، وفي (ك) نسخة بدل: السرة، وفي الانساب: عظيم السرة. (5) في المصدر: ابن القسرية - بدون حرف النداء -. (6) في الشافي: بجيلة - من دون كلمة: من -. وفي (ك): بحيلة. (7) في المصدر والانساب بتقديم وتأخير: شعره وثوبه. وأورد البلاذري في كتابه هنا ذيلا مفصلا. (8) كذا، والصحيح: إذ. (9) منهم البلاذري في الانساب 5 / 49. (10) في المصدر: أنهم، بدال من: أنه.

 

[195]

تقدم من بينهم ؟. فقال: لاني أنصحهم لك (1). فقال: كذبت يابن سمية !. فقال: أنا والله ابن سمية وأنا ابن ياسر، فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ثم (2) ضربه عثمان برجليه (3) - وهما (4) في الخفين - على مذاكيره فأصابه الفتق، وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه (5). ثم قال رحمه الله (6): وقد روي من طرق مختلفة وبإسانيد كثيرة، ان عمارا كان يقول: ثلاثة يشهدون (7) على عثمان بالكفر وأنا الرابع، وأنا شر الاربعة !: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (8) وأنا أشهد أنه قد حكم بغير ما أنزل الله. وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة، أنه قيل له: بأي شئ أكفرتم عثمان ؟. فاقل: بثلاث (9)، جعل المال دولة الاغنياء، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة من حارب الله ورسوله وعمل بغير كتاب الله.. ثم ساق السيد الكلام.. إلى أن قال (10): فلا عذر يسمع من * (هامش) (1) لا توجد: لك، في (س). (2) لا توجد: ثم، في الشافي. (3) خ. ل: برجله. (4) خ. ل: وهي، وكذا جاءت في المصدر. (5) وأورده ابن أبي الحديد في شرحه عن نهج البلاغة 1 / 239 من دون غمز فيه. أقول: قال ابن قتيبة في الامامة والسياسة: ذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه.. ثم عدد حملة كبيرة من مطاعنه حرية بالملاحظة، وأجمل ذكر ذلك ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 272. (6) السيد المرتضى في الشافي 4 / 291. (7) في (س): يشهدوه. (8) المائدة: 44. (9) في المصدر: قال بثلاثة. (10) الشافي 4 / 292 - 293.


 

[196]

ايقاع نهاية االمكروه ممن (1) روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال فيه: عمار جلدة ما بين العين والانف و (2) متى تنكى (3) الجلدة تدم الانف. وروي أنه قال (ص): ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ؟ !. وروي، عن خالد: أن (4) رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبعضه الله (5). وأي كلام غليظ سمعه عثمان (6) من عمار يستحق به ذلك المكروه العظيم الذي تجاوز مقدار ما (7) فرضه لله تعالى في الحدود ؟ ! وإنما كان عمار وغيره ينثوا (8) عليه أحداثه ومعايبه (9) أحيانا على ما يظهر من سيئ أفعاله، وقد كان يجب عليه أحد أمرين: إما أن ينزع عما يواقف عليه من تلك الافعال، أو أن يبين عذره فيها و (10) براءته منها ما يظهر ويشتهر وينتشر (11)، فإن أقام مقيم بعد ذلك على توبيخه

 

د (1) في االمصدر: بمن. (2) وضع في مطبوع البحار على الواو رمز نسخة بدل. (3) في الشافي: ومتى تنكأ. ونكأ القرحة: قشرها قبل أن تبرأ، ونكى القرحة نكأها. (4) في المصدر: وروى العوام بن حوشب، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة، عن خالد بن الوليد أن.. (5) ستأتي مصادر جمة لهذه الاحاديث، وانظر ما ذكره في الاصابة حرف العين، والسيرة النبوية لابن هشام 2 / 115 غيرهما. (6) لا يوجد في الشافي: عثمان. (7) في المصدر: يتجاوز المقدار الذي.. (8) في الشافي: أثبتوا و..، وجاء في (ك) نسخة بدل: يبثون، وأورد في حاشيتها: نثى الحديث: حدث به واشاعه، والشي: فرقه واذاعه. والنثي: ما اخبرت به عن الرجل من حسن أوسيى، ذكره الفيروز آبادي. وفي بعض النسخ: يبثون - بالباء - [منه (رحمه الله)]. انظر: لقاموس 4 / 293، وقارن ما ذكره في تاج العروس 10 / 356. (9) في (ك) نسخة بدل: يعاتبونه. (10) في المصدر: أو، بدلا من: الواو. (11) في المصدر: وينتشر ويشتهر - بتقديم وتأخير -. (*)

 

[197]

وتفسيقه زجره عن ذلك بوعظ أو غيره، ولا يقدم على ما يفعله (1) الجبابرة والاكاسرة من شفاء الغيظ بغير ما أنزل الله تعالى وحكمه به (2) انتهى. وعندي أن السبب الحامل لعثمان على ما صنع بعمار هو أن عمارا كان من المجاهرين بحب علي عليه السلام، وان من غلبه على الخلافة غاصب لها، فحملته عداوته لامير المؤمنين عليه السلام، حبه للرئاسة على إهانته وضربه حتى حدث به الفتق وكسر ضلعا من أضلاعه، فإنه قد ذكر ابن الاثير في الكامل (3) وغيره في غيره في قصة الشورى إن عمارا كان يقول لابن عوف: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا (ع)، وعارضه في ذلك عبد الله بن أبي سرح وغيره واشتد الامر وشتم بعضهم بعضا. وروى المسعودي في مروج الذهب (4): إن عمارا حين بويع عثمان بلغه قول أبي سفيان (5) في دار عثمان عقيب الوقت الذى بويع فيه عثمان، ودخل داره ومعه بنو أمية، فقال أبو سفيان: أفيكم أحد من غيركم ؟ - وقد كان عمي - قالوا: لا. قال: يا بني أمية ! تلقفوها تلقف الكرة والذي (6) يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة فانتهره عثمان وساءه ما قال وأنهى (7) هذا القول إلى المهاجرين والانصار (8)، فقام عمار في االمسجد فقال: يا معشر قريش ! أما إذا صرفتم هذا الامر عن اهل بيت نبيكم مرة هاهنا ومرة هاهنا (9) فما

 

(1) في الشافي: تفعله. (2) الشافي 4 / 292 - 293. (3) الكامل لابن الاثير 3 / 37 باختصار. (4) مروج الذهب 2 / 342 - 343. (5) في المصدر زيادة: صخر بن حرب. (6) في المروج: فوالذي. (7) في االمصدر: ونمي، وقد تقرأ في (ك): وانتهى. (8) في مروج الذهب زيادة: وغير ذلك لكلام. (9) في المصدر: هاهنا مرة وهاهنا مرة، ولا توجد في (س): ومرة هاهنا - الثانية -.

 

[198]

أنا بآمن أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهل هذاا لبيت بعد نبيكم (1). وروى ابن أبي الحديد (2)، عن أبي بكر الجوهري: أن أبا سفيان قال - لما بويع عثمان -: كان هذا الامر في تيم، وأنى لتيم هذا الامر (3) ؟ ثم صار إلى عدي فأبعد وأبعد، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الامر قراره، فتلقفوها تلقف الكرة !. قال: وقال أبو بكر: وحدثني مغيرة بن محمد المهلبي، قال: ذاكرت إسماعيل بن إسحاق القاضي بهذا الحديث، وإن أبا سفيان قال لعثمان: بأبي أنت (4) ! أنفق ولا تكن كأبي حجر، وتداولوها يا بني أمية تدااول الولدان الكرة، فوالله ما من جنة ولا نار، وكان الزبير حاضرا، فقال عثمان لابي سفيان: اعزب ! فقال: يا بني ! هاهنا (5) أحد ؟. قال الزبير: نعم والله لا كتمتها (6) عليك. قال (7): فقال إسماعيل: هذا باطل. قلت: وكيف ذلك ؟. قال: ما أنكر هذا من أبي سفيان، ولكن أنكر أن يكون عثمان سمعه (8) ولم يضرب عنقه. انتهى. وإنما أوردت هذا الخبر ليظهر لك حقيقة إسلام القوم. ولنرجع إلى بعض ما كنا فيه: روى ابن أبي الحديد (9) - نقلا من كتاب السقيفة لاحمد بن عبد العزيز الجوهري - بإسناده، عن أبي كعب الحارثي، قال:.. أتيت المدينة فأتيت عثمان

 

(1) في المروج: من أهله ووضعتموه في غير أهله. (2) في شرحه على نهج البلاغة 2 / 45. (3) لا توجد في (س): الامر. (4) في (ك): بأبي أنت وأمي. (5) في المصدر: أهاهنا.. ؟. (6) في مطبوع البحار: لاكتمنها، وهو غلط، وما أثبتناه من المصدر. (7) لا توجد: قال، في (س). (8) في شرح النهج: سمعه عثمان. (9) في شرحه على نهج البلاغة 9 / 3 - 5.

 

[199]

ابن عفان - وهو الخليفة يومئذ -، فسألته عن شئ من أمر ديني، وقلت: يا أمير المؤمنين ! إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث (1) بن كعب، واني أريد أن أسألك عن أشياء (2) فأمر حاجبك أن لا يحجبني. فقال: يا وثاب ! إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له. قال: فكنت إذا جئت قرعت (3) الباب، قال: فكنت إذا جئت قرعت (3) الباب، كال: من ذا ؟. فقلت: الحارثي، فيقول: أدخل، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شئ لما رأيت من حالهم وحاله، فبينا أنا كذلك إذا جاء نفر فقالوا: إنه أبى أن يجئ. قال: فغضب وقال: أبى أن يجئ ؟ ! اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جرا، قال: فمكثت قليلا فجاؤا ومعهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات وفي قفاه شعرات، فقلت: من هذا ؟. قالوا: عمار بن ياسر. فقال له عثمان: أنت الذي يأتيك (4) رسلنا فتأبى أن تجئ ؟. قال: فكلمه بشئ لم أدر ما هو، ثم خرج فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري، فقام، فقلت: والله لا أسأل عن هذا الامر أحدا، أقول: حدثني فلان حتى أدري ما يصنع (5)، فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمارا جالس إلى سارية (6) وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يبكون. فقال عثمان: يا وثاب ! علي بالشرط، فجاؤا. فقال: فرقوا (7) بين هؤلاء، ففرقوا بينهم، ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس !.. ثم تكلمت فذكرت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وما بعثه الله به، ثم قالت: تركتم أمر الله

 

(1) في (ك): الحرث، والمعنى واحد. (2) لا توجد في المصدر: عن أشياء. (3) في شرح النهج: فقرعت. (4) في المصدر: تأتيك. (5) في (س): تصنع. (6) قال في القاموس 4 / 341: السارية: الاسطوانة. (7) في (ك): أفرقوا.

 

[200]

وخالفتم عهده. ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة وحفصة، قال: فسلم عثمان وأقبل على الناس وقال: لان هاتين لفتانتان يحل لي سبهما وأنا بأصلهما عالم، فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ؟ !. فقال: وفيم أنت وما هاهنا ؟، ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد، فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان فلقي عليا (ع) بباب المسجد، فقال له علي عليه االسلام: أين تريد ؟. قال: اريد (2) هذا الذى.. كذب وكذا يعنى سعد يشتمه، فقال له على عليه السلام: أيها الرجل ! دع عنك هذا ؟. قال: فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا. فقال عثمان: ألست الذي خلفك رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم (3) يوم تبوك ؟. فقال على عليه السلام: ألست الفار عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يوم أحد (4)، قال: ثم حجز الناس بينهما، قال: ثم خرجت من المدينة حتى

 

(1) لا توجد: علي، في المصدر. (2) في (س) لا توجد: قال أريد. (3) في شرح النهج زيادة: له. (4) ذكر جملة المفسرين إن لم نقل كلهم - من الفريقين - في تفسير قوله تعالى من سورة آل عمران: إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان.. أن من المنهزمين الخلفاء الثلاثة، وقد انهزم عثمان مع رجلين من الانصار يقال لهما سعد (سعيد) وعقبة (علقمة) ابنا عثمان، حتى بلغوا موضعا بعيدا ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام !. قاله الفخر الرازي في تفسيره الكبير ذيل الاية، وصرح به ابن حجر في الاصابة 2 / القسم الاول / 190 في ترجمة رافع بن المعلى الانصاري الزرقي، و 3 / القسم الاول / 101 في ترجمة سعيد ابن عثمان الانصاري. وصرح تجمع من المفسرين أن معنى (تولى) في سورة النجم: 33، أي ترك المركز يوم أحد، أريد به عثمان، كما في أسباب النزول للواحدي: 298، وتفسير القرطبي 17 / 111، والكشاف 3 / 146، وتفسير النيسابوري (المطبوع هامش تفسير الطبري): 27 / 50 وغيرهم. وقد أخرج احمد بن حنبل في مسنده 2 / 101 بإسناده، قال: جاء رجل من مصر لحج البيت، قال: فرأى أقواما حبوسا، فقال: من هؤلاء القوم ؟. فقالوا: قريش. قال: فمن الشيخ تفيهم ؟. =

 

[201]

انتهيت إلى الكوفة (1) فوجدت أهلها أيضا بينهم شرق (2) نشبوا (3) في الفتنة وردوا سعيد (4) بن العاص فلم يدعوه يدخل إليهم، فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي (5). وقد مر (6).. وسيأتي الاخبار في فضل عمار (7)، وهو أشهر من الشمس في رابعة النهار. وقد روى ابن عبد البر في الاستيعاب (8) وغيره، عن عائشة، قالت: ما من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أشاء أن أقول فيه إلا قلت إلا عما ر بن ياسر، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: ملئ عمار إيمانا حتى أخمص قدميه. وبرواية أخرى: حشي ما بين أخمص قدميه إلى شحمة أذنه إيمانا (9).

 

= قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا ابن عمر ! إني أسألك عن شئ - أو أنشدك بحرمة هذا البيت - أتعلم أن عثمان فر يوم أحد ؟. قال: نعم. وأخرجه البخاري في صحيحه 6 / 122، ونص عليه بمصادره العلامة الاميني في غديره 10 / 70. (1) الكلمة مشوشة في (س). (2) انشرق: انشق، كما في القاموس 3 / 248. (3) في المصدر: وقع بينهم شر ونشبوا (4) في (ك): سعد. (5) ستأتي مصادره، وعن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث -: إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الايمان بلحمه ودمه. انظر: حلية الاولياء 1 / 139، كنز العمال 6 / 184، 7 / 75، تفسير الزمخشري 2 / 176، تفسير البيضاوى 1 / 683، تفسير الالوسي 14 / 237 وغيرها. (6) بحار الانوار 22 / 315 - 354. (7) بحار الانوار 33 / 37 - 38، وغيره. (8) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 2 / 478 - 479، مع الاسناد. (9) وقد جاءت عن عائشة جملة روايات بألفاظ متعددة، أنظر: مجمع الزوائد 9 / 295، تيسير الوصول 3 / 279، البداية و النهاية 7 / 311، كنز العمال 6 / 184، الاستيعاب 2 / 435 حيث أخرج الاخير الروايات بألفاظ ثلاث، فلاحظ.

 

[202]

وعن خالد بن الوليد: أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: من أبغض عمارا أبغضه الله (1) قال خالد: فما زلت أحبه من يومئذ. وعن أنس عنه صلى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال: اشتاقت الجنة إلى علي وعمار وسلمان وبلال (2). وعن علي عليه السلام قال: جاء عمار بن ياسر (3) يستأذن على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم يوما فعرف صوته، فقال: مرحبا بالطيب المطيب إئذنوا له (4). وروى في المشكاة (5)، عن الترمذي (6)، عن أبي هريرة - في حديث - قال عمار: هو الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه [وآله]. وعن أنس، عنه صلى الله عليه وآله، قال: قال: إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان (7).

 

(1) في المصدر زيادة: تعالى. (2) ستأتي مصادر له قريبا، ونظائر كثيرة. (3) لا يوجد في المصدر: بن ياسر. (4) كما أخرجه احمد في مسنده 1 / 100، 126، 138، تاريخ البخاري 4 / 229، حلية الاولياء 1 / 140، مصابيح السنة للبغوي 2 / 288، الاستيعاب 2 / 435، سنن ابن ماجة 1 / 65، البداية والنهاية 7 / 311، الجامع الكبير للسيوطي 7 / 71. إلا أن في بعض مصادر العامة كما في سنن ابن ماجة 1 / 65، وأبو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء 1 / 139، وابن حجر في الاصابة 2 / 512 وغير هم بإسنادهم، عن هاني بن هاني، قال: كنا عند علي فدخل عليه عمار، فقال: مرحبا بالطيب المطيب، سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه. (5) مشكاة المصابيح 3 / 278 - 279 حديث 6223. (6) سنن الترمذي، كتاب المناقب حديث 37، وانظر: صحيح البخاري 5 / 30 و 31 فضائل الصحابة، وكتاب بدء الخلق، وكتاب الاستئذان، ومسند احمد بن حنبل 6 / 449 و 451. (7) جاء بألفاظ متعددة وأسماء مختلفة وأعداد متنوعة، كما في حلية الاولياء 1 / 143، مستدرك الحاكم النيسابوري 3 / 137، تفسير القرطبي 10 / 181، وتاريخ ابن كثير 7 / 311، ومجمع الزوائد 9 / 307، وتاريخ ابن عساكر 3 / 306، 6 / 198 - 199، والاستيعاب 2 / 435، ومشكاة =

 

[203]

وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما على بدنه (1). وعن احمد (2) بإسناده، عن خالد بن الوليد، قال: كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله]، قال: فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه [وآله]، قال: فجعل يغلظه له ولا يزيده إلا غلظة والنبي صلى الله عليه [وآله] ساكت لا يتكلم، فبكى عمار وقال: ألا تراه ؟. فرفع النبي صلى الله عليه [وآله] رأسه، وقال: من عادى عمارا عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله. قال خالد: فخرجت فما كان شئ أحب إلي من رضى عمار، فلقيته بما رضي فرضي (3). وروى في جامع الاصول (4)، عن البخاري، عن عكرمة، عن أبي سعيد

 

= المصابيح 3 / 279 حديث 6225، وغيرها. (1) كذا أورده الترمذي في صحيحه - كتاب المناقب - باب مناقب عمار بن ياسر - حديث 3800، وحكاه في جامع الاصول 9 / 46 حديث 6584 عن عائشة، وفيه: قالت: قال رسول الله (ص): ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشد هما: وذكره احمد في مسنده 1 / 389 و 6 / 113، والحاكم في المستدرك، وفي لفظ ابن ماجة في سننه 1 / 66:.. إلا اختار الارشد منهما. وانظر: تفسير القرطبي 10 / 181، مشكاة المصابيح 3 / 279 حديث 6227، تيسير الوصول 3 / 279، كنز العمال 6 / 184، الاصابة 2 / 512، شرح ابن أبي الحديد 2 / 274. (2) مسند احمد بن حنبل 4 / 89. (3) وقد جاء بأكثر من عشرة ألفاظ وجملة أسانيد، أخرجها على اختلاف ألفاظها جمع كثير من الحفاظ وأئمة الفن، منهم الحاكم في المستدرك 3 / 390 - 391، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 1 / 152، وابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 435، وابن كثير في تاريخه 7 / 311، والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 185 و 7 / 61 - 75، وابن الاثير في أسد الغابة 4 / 45، وابن حجر في الاصابة 2 / 512، وغيرهم في غيرها. (4) جامع الاصول 9 / 44 وسط حديث 6583.

 

[204]

الخدري في ذكر بناء المسجد، قال: كنا نحمل لبنة لبنة (1) وعمار لبنتين لبنتين (2)، فرآه النبي صلى الله عليه [وآله] فجعل رسول الله صلى الله عليه [وآله] ينفض التراب عنه، ويقول: ويح عمار ! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه (3) إلى النار. قال: ويقول عمار: أعوذ بالله من الفتن (4). وروى من صحاحهم الاخبار السالفة بأسانيد. ولا يخفى على عاقل - بعد ملاحظة الاخبار السابقة التي رووها في صحاحهم - حال من ضرب وشتم وأهان وعادى رجلا قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: إن (5) من عاداه فقد عادى الله ومن أبغضه فقد أبعض الله، وإن الجنة تشتاق إليه، وإنه مملو إيمانا، وإن الله أجاره من الشيطان، وكفى بذلك كفرا ونفاقا وطغيانا وشقاقا (6).

 

(1) لا توجد في (س): لبنة - الثانية -. (2) لا توجد: لبنتين - الثانية، في (س). (3) في (ك) نسخة بدل: تدعونه. (4) كما جاء في سيرة ابن هشام 2 / 115، والعقد الفريد 2 / 289، وشرح النهج لابن أبي الحديد 3 / 274، وتاريخ ابن كثير 7 / 268. (5) وضع في (ك) على: ان، رمز نسخة بدل. (6) وكفى في فضل عمار ما مدحه الكتاب الكريم وأورده المفسرون تبعا للمحدثين ذيل الاية 9 من الزمر في أنها نزلت فيه (أمن هو قانت آناء الليل..) كما في تفسير الخازن 3 / 53، والشوكاني في تفسيره 4 / 442، والالوسي في تفسيره 23 / 247، والسيوطي في الدر المنثور 5 / 323، والزمخشري في تفسيره 3 / 22، ونص عليه ابن سعد في الطبقات 3 / 178. وكذا ما جاء من أحاديث ذيل الاية 52 من سورة الانعام، كما في تفسير الطبري 7 / 127 - 128، وتفسير القرطبي 16 / 432، وتفسير البيضاوي 1 / 380، وتفسير الزمخشري 1 / 453، وتفسير الرازي 4 / 50، وتفسير ابن كثير 2 / 134، والدر المنثور 3 / 14، وتفسير الخازن 2 / 18، وتفسير الشوكاني 2 / 115 وغيرها. وما أورده من أخبار ذيل الاية: 106 من سورة النحل: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان..)، والاية: 61 من سورة القصص: (افمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن..). فقد أجمع الفريقان على أنه نزلت فيه رضوان الله عليه ولعن الله ظالميه وقاتليه.

 

[205]

الطعن السابع: إنه جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف (1) وأبطل ما لا شك أنه منزل من القرآن، وأنه مأخوذ من الرسول صلى الله عليه وآله، ولو كان ذلك حسنا لسبق إليه رسو الله صلى الله عليه وآله، وسيأتي في كتاب القرآن (2) أن أمير المؤمنين عليه السلام جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله كما أوصأ (3) به فجاء به إلى المهاجرين والانصار، فلما رأى أبو بكر وعمر اشتماله على فضائح القوم أعرضا عنه وأمرا زيد بن ثابت بجمع القرآن وإسقاط ما اشتمل منه على الفضائح، ولما استخلف (4) عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليه القرآن الذي جمعه ليحرقه (5) ويبطله، فأبى عليه السلام عن ذلك، وقال: (لا يمسه إلا المطهرون) (6) من ولدي، ولا يظهر حتى يقوم القائم من أهل البيت

 

(1) كما نص عليه السيد المرتضى في الشافي 4 / 283 - 286، والشيخ الطوسي في تلخيص الشافي 4 / 105 - 108، وانظر ما جاء في تاريخ الخميس: 223، والرياض لمحب الدين 2 / 141، والانساب للبلاذري 5 / 62 وغيرها، والبحث فيه ذو شجون. وذكر في التاج الجامع لاصول العامة 4 / 34 إحراق عثمان ما وجد في كل صحيفة أو مصحف من القرآن غير ما جمعه منه. وأورد البخاري في صحيحه 1 / 14 - 19 باب جمع القرآن، وباب نزول القرآن بلغة قريش، وكتاب الانبياء جملة روايات، وكذا الترمذي في كتاب التفسير سورة التوبة حديث 3103. وأورد ابن الاثير في جامع الاصول 2 / 503 - 507 حديث 975، ونص على جملة منها أبو داود في سننه في كتاب المصاحف 34 - 35، وفي كنز العمال - بهامش مسند احمد 2 / 43 - 52، وذكر في تعليقة جامع الاصول اختلاف عدد المصاحف التي أرسلها بها عثمان إلى الافاق، فلاحظ. (2) بحار الانوار 92 / 40 - 53. (3) كذا، والصحيح: أوصى. (4) في (س): استخلفت. (5) جاء في بحار الانوار 92 / 43: فيحرفوهم فيما بينهم. (6) الواقعة: 79.

 

[206]

عليهم السلام فيحمل الناس عليه ويجري السنة على ما يتضمنه ويقتضيه. وسيأتي (1) الاخبار الكثيرة في ذلك من طرق الخاصة والعامة. وتفصيل القول في ذلك، أن الطعن فيه من وجهين: الاول: جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت إبطال للقرآن المنزل، وعدول عن الراجح إلى المرجوح في اختيار زيد بن ثابت من حملة (2) قراءة القرآن (3)، بل هو رد صريح لقول الرسول صلى الله عليه وآله وعلى ما يدل عليه صحاح أخبارهم. والثاني: أن إحراق المصاحف الصحيحة استخفاف بالدين ومحادة لله رب العالمين. أما الثاني، فلا يخفى على من له حظ من العقل والايمان. وأما الاول، فلان أخبارهم متضافرة أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وان النبي صلي الله عليه وآله لم ينه أحدا عن الاختلاف في قراءة القرآن بل قررهم عليه، وصرح بجوازه، وأمر الناس بالتعلم من ابن مسعود وغيره ممن منع عثمان من قراءتهم، وورد في فضلهم وعلمهم بالقرآن ما لم يرد في زيد بن ثابت، فجمع الناس على قارءته وحظر ما سواه ليس إلا ردا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وإبطالا للصحيح الثابت من كتاب الله عزوجل. فأما ما يدل من رواياتهم على

 

(1) بحار الانوار - كتاب القرآن، باب ما جاء في كيفية جمع القرآن 92 / 40 - 77، وكذا في 40 / 155 - 157 عن جملة من مصادر العامة. (2) في (س): من جملة. (3) أقول: أخرج البخاري من طريق عبد الله بن مسعود، قال: أخذت من في رسول الله (ص) سبعين سورة، وأن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان، وفي لفظ: أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت وله ذؤابة يلعب مع الغلمان. وفي لفظ: ما ينازعني فيها أحدا، كما جاء في حلية الاولياء 1 / 125، والاستيعاب 1 / 373، وتهذيب 6 / 28 وصححه، وكنز العمال 7 / 56 نقلا عن أبي داود، وقد أورده ابن داود في سننه كتاب المصاحف: 14 و 16 من طريق خمير وجمع، وأخرجه الترمذي في كتاب التفسير باب سورة براءة حديث 3103. وجاء في صحيح البخاري 1 / 14 - 18 كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن وباب نزول القرآن بلغة قريش وكتاب الانبياء، وقد مرت.

 

[207]

أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وعلى تقرير النبي صلى الله عليه وآله على الاختلاف في القراءة. فمنها: ما رواه البخاري (1)، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] قال: أقرأني جبرئيل على حرف فراجعته فزادني (2)، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف (3). وروى في جامع الاصول (4)، عن البخاري (5) ومسلم (6) ومالك (7) وأبو داود (8) والنسائي (9) بأسانيدهم، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأه على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فكدت أساوره (10) في الصلاة، فتربصت حتى سلم فلببته بردائه (11)، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأها ؟. قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فقتل: كذبت، فإن رسول الله صلى الله

 

(1) صحيح البخاري 6 / 97 [6 / 227 دار الشعب] باب فضائل القرآن، وقريب منه في البخاري 4 / 75 [4 / 137 دار الشعب] كتاب بدء الخلق. (2) لا توجد: فزادني في صحيح البخاري المطبوع في دار الشعب. (3) وأورده القسطلاني في أرشاد الساري 5 / 321 و 7 / 537، والعسقلاني في فتح الباري 6 / 222 و 9 / 20، والعيني في عمدة القاري 7 / 204، 9 / 308. (4) جامع الاصول 2 / 477 - 478 حديث 939. (5) صحيح البخاري 9 / 20 - 21 كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، وباب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة وسورة كذا، وكتاب الخصومات باب كلام الخصومات بعضهم في بعض، وكتاب التوحيد باب قول الله تعالى: (فاقرؤا ما تيسر من القرآن). (6) صحيح مسلم، كتاب الصلاة باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 818. (7) موطأ مالك 1 / 201 كتاب القرآن باب ما جاء في القرآن. (8) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما أنزل من القرآن على سبعة أحرف حديث 1475. (9) سنن النسائي 2 / 150 - 152، كتاب الصلاة باب جامع القرآن. (10) قال في القاموس 2 / 53: ساوره: أخذ برأسه، وفلانا: واثبه. (11) في (س): برداء.

 

[208]

عليه [وآله] وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فقلت (1): إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرأنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: أرسله، إقرأ يا هشام. فقرأ عليه القراءة التي (2) سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: كذلك (3) أنزلت، ثم قال (4): إقرأ يا عمر. فقرأته القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: كذلك أنزلت: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه. قال في جامع الاصول: أخرجه الجماعة: وقال الترمذي (5) هذا حديث صحيح. وروى مسلم (6) والترمذي (7) وأبي داود (8) والنسائي (9) في صحاحهم - وأورده فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها، ثم دخل رجل (12) آخر فقرأ قراءة سوى قراءة

 

(1) في المصدر زيادة: يا رسول الله، بعد: فقلت (2) في المصدر: التي كنت. (3) في جامع الاصول: هكذا. (4) في المصدر: قال النبي صلى الله عليه و [وآله] وسلم. (5) سنن الترمذي، كتاب القراءآت باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 2944. (6) صحيح مسلم 1 / 225 كتاب الصلاة باب بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف حديث 820. (7) صحيح الترمذي، كتاب القراءآت باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 2945، وقال: وإسناده حسن. (8) كذا، والظاهر: أبو داود، انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف حديث 1477 و 1478. (9) سنن النسائي كتاب الصلاة باب جامع ما جاء في القرآن 2 / 152 - 154. (10) مشكاة المصابيح 1 / 680 حديث 2213 باختلاف يسير عما هنا. (11) جامع الاصول 2 / 479 - 480 حديث 490. (12) لا توجد: رجل، في المصدر.

 

[209]

صاحبه، فلما قضيت (1) الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فقلت: إن هذا قرأ أنكرتها (3) عليه، فدخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فقرئا فحسن (4) شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إر كنت في الجاهلية (5)، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله (6) فرقا. فقال لي: يا أبي ! أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه: أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: إقرأه (7) على حرفين، فرددت إليه: أن هون على أمتي، فرد إلي الثالثة: إقرأه (8) على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها، فقال: اللهم اغفر لامتي، اللهم اغفر لامتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى ابراهيم عليه السلام. أقول: وقد رووا روايات كثيرة بتلك المضامين (9) لا نطيل الكلام بإيرادها،

 

(1) في بعض المصادر السالفة: قضينا. (2) في جامع الاصول: قد قرأ. (3) في (س): أنكر بها. (4) في المصدر زيادة: النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم. (5) جاء في هامش جامع الاصول: معناه: ووسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لانه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب، فتدبر. (6) في الجامع زيادة: عزوجل بعد لفظ الجلالة. وفي مشكاة المصابيح كالمتن. (7 و 8) في جامع الاصول: ان اقرأه. (9) كما جاء في صحيح أبي داود - كتاب الوتر: 22، ومسند احمد بن حنبل 1 / 24، 40، 43، 264، 299، 313، 445 و 2 / 300، 332، 440 و 4 / 170، 204، 205 وغيرهما، وسنن الترمذي 11 / 62 كتاب القرآن 6 / 227 - 228 باب انزل القرآن على سبعة أحرف، والموطأ لمالك كتاب القرآن: 15، وصحيح مسلم باب أن القرآن أنزل على سبعة أحرف 2 / 202 و 203، وكتاب المسافرين: 264، 370، 372، 374 [طبعة محمد علي صبيح بمصر]، وتفسير الطبري 1 / 9 - 15، وأورد جملة منها في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن الباب الخامس، وكتاب الخصومات الباب الرابع، وكتاب بدء الخلق الباب السادس، وكتاب التوحيد الباب الثالث والخمسون، وغيره. وانظر أيضا الروايات والاقوال حول هذه المسألة، وكذا تفسير القرطبي 1 / 43 وغيرها. =

 

[210]

وفي بعضها قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل، فقال: يا جبرئيل ! إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لايقرأ كتابا قط، فقال لي: يا محمد ! إن القرآن أنزل على سبعة أحرف. فهذه الاخبار كما ترى صريحة في جواز القراءة على الوجوه المختلفة، وإن كلا من الاحرف السبعة من كلام الله المنزل، وفي بعض الروايات تصريح بأنه صلى الله عليه وآله كره المنع من القراءآت المتعددة، فجمع الناس على قراءة واحدة، والمنع عما سواها رد صريح ومضادة لنص الرسول صلى الله عليه وآله. وما قيل: من أن المراد بنزوله على سبعة أحرف اشتماله على سبعة معان، كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والامثال والامر والنهي.. ونحو ذلك فالاخبار تدفعه، لانها ناطقة بأن السبعة الاحرف مما يختلف به اللفظ وليس الاختلاف فيها مقصورا على المعنى. وكذا ما يقال - من أن هذه الاحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وضبطتها عنه الائمة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترا، وإن هذه الاحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى - فهو مردود بأن من راجع السير وكتب القراءة علم أن مصحف عثمان لم يكن إلا حرفا واحد، وأنه أبطل ما سوى ذلك الحرف، ولذلك نقم عليه ابن مسعود وغيره، وكان غرضه رفع الاختلاف وجمع الناس على أمر واحد واختيار هؤلاء السبعة من بين القراء، والاقتصار على قراءتهم، ورفض

 

= وأدرجت بقية الاقوال هناك، فلاحظ. أقول: وهي جملة روايات بمضامين متعددة جاءت من طرق العامة، وهي مخالفة صريحا لما ورد عن بيت العصمية والطهارة سلام الله عليهم، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أن القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكن الاختلاف يجئ من قبل الرواة [أصول الكافي - كتاب فضل القرآن - باب النوادر الرواية 12]. وفي الرواية التي تليها في جواب الفضيل بن يسار حيث سأل أبا عبد الله عليه السلام قائلا: إن الناس يقولون: إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذبوا - أعداء الله - ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد.. وغيرها.

 

[211]

من سواهم من القراء على كثرتهم إنما هو من فعل المتأخرين، وقد تشعبت القراءت واختلفت كلمة القراء بعدما جمع عثمان الناس على قراءة زيد بن ثابت، وكتب المصاحف السبعة - على المشهور بين القراء - فبعث بواحد منها إلى الكوفة وبواحد إلى البصرة والى كل من الشام ومكة واليمن والبحرين بواحد وأمسك في المدينة مصحفا كانوا يقولون له: الامام، ثم لما كانت تلك المصاحف مجردة عن النقط وعلامة الاعراب ونحو ذلك، وكانت الكلمات المشتملة على حرف الالف مرسومة فيها بغير ألف، اختلفت القراءات بحسب ما تحتمله صورة الكتابة، فقرأ كل بما ظنه أولى من حيث المعنى أو من جهة قواعد العربية واللغة إلا في مواضع يسيرة لم يتفقوا على صورة الكتابة، والظاهر أنها نشأت من كتاب المصاحف السبعة، واختلافها إما لان كلا منهم كتب الكلمة بلغة كانت عنده أصح كالصراط - بالصاد والسين -، أو للسهو والغفلة، أو لاشتباه حصل في صورة الكتابة. وبالجملة، جميع القراء المتأخرين عن عصر الصحابة السبعة وغيرهم يزعمون مطابقة قراءتهم لمصحف من مصاحف عثمان، بل للقراءة الواحدة التي جمع عثمان الناس عليها وأمر بترك ما سواها، فهذه القراءات إنما تشعبت عن مصاحف عثمان، ولذلك اشترط علماء القراءة في صحه القراءة ووجوب اعتبارها ثلاثة شروط: كونها منقولة عن الثقات، وكونها غير مخالفة للقواعد، وكونها مطابقة لرسم مصحف من تلك المصاحف بحيث تحتملها صورة الكتابة وإن كانت محتملد لغيرها، وادعوا انعقاد الاجماع على صحة كل قراءة كانت كذلك، ولما كثر اختلاف القراء وتكثرت القراءات الصحيحة عندهم جرى المتأخرون منهم على سنة عثمان في إبطال القراءات، فاقتصر طائفة منهم على السبعة، وزاد طائفة ثلاثة، وزاد بعضهم على العشرة، وطرح بعضهم الثلاثة من العشرة، وزاد عشرين رجلا، وزاد الطبري على السبعة نحو خمسة عشر رجلا (1)، وقد فعلوا

 

(1) تفسير الطبري 1 / 15. (*)

 

[212]

بالرواة عن السبعة أو العشرة أو فوقهما ما فعلوا بهؤلاء، فاعتبروا قوما من الرواة وطرحوا أكثرهم. وقد سبط الجزري في النشر (1) الكلام في ذلك، قال - بعد إيراد تشعب القراءات وكثرتها ما هذا لفظه -: بلغنا عن بعض من لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة، أو أن الاحرف (2) السبعة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه [وآله] هي قراءة هؤلاء السبعة، بل غلب على كثير من الجهال أن القراءآت الصحيحة هي التي في الشاطبية التيسير، وأنها (3) هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه [وآله]: أنزل القرآن على سبعة أحرف، حتى أن بعضهم يطلق على ما لم يكن في هذين الكتابين أنه شاذ. ثم قال (4): وإنما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا: إنزل القرآن على سبعة أحرف، وسمعوا قراءات السبعة، فظنوا أن هذه السبعة هي تلك المشار إليها، ولذلك (5) كره كثير من الائمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء وخطأوه في ذلك، وقالوا: ألا أقتصر على دون هذه العدد أو زاده أو بين مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة ؟.. ثم هذا الكلام عن إمامه أبي العباس المهدوي. أقول: فظهر أن تعدد تلك القراءات لا ينفع في القدح فيما فعله عثمان من المنع من غير قراءة زيد بن ثابت وجمع الناس عليهما، ثم لو تنزلنا عن هذا المقام وقلنا بجواز جمع الناس على قراءة واحدة فنقول: اختيار زيد بن ثابت على مثل عبد الله بن مسعود والمنع من قراءته وتعلم القرآن منه مخالفة صريحة لامر الرسول

 

(1) النشر في القراءآت العشر 1 / 36. (2) لا توجد في (س): الاحرف. (3) في (س): إنما. (4) النشر 1 / 36. (5) في (ك): كذلك.

 

[213]

صلى الله عليه وآله على ما تظافرت به أخبارهم الصحيحة عندهم. فقد روى ابن عبد البر في الاستيعاب (1) في ترجمة ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال: استقرؤا القرآن من أربعة نفر فبدأ بابن أم عبد (2). وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل: وأبي ابن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة. قال: وقال صلى الله عليه [وآله] وسلم: من أحب أن يسمع القرآن غضا فليسمعه من ابن أم عبد. وبعضهم (3) يرويه: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد. وعن عبد الله مثله. وعن أبي وائل (4)، قال: سمعت ابن مسعود يقول: إني لاعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم، وما في كتاب الله صورة ولا آية إلا وأنا أعلم فيما نزلت، ومتى نزلت. قال أبو وائل (5): فما سمعت أحدا أنكر عليه ذلك (6). وعن حذيفة قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أن عبد الله (7) كان من أقربهم وسيلة، وأعلمهم بكتاب الله عز وجل (8).

 

(1) المطبوع هامش الاصابة 2 / 319. (2) في الاستيعاب: بعبدالله بن مسعود، بدلا من: ابن أم عبد. (3) كما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 320. (4) كما أورده في الاستيعاب 2 / 321. وفي (ك): وابل. (5) في (ك): وابل. (6) في الاستيعاب: ذلك عليه - بتقديم وتأخير -. (7) في المصدر زيادة: بن مسعود. (8) لا يوجد: عزوجل، في الاستيعاب.

 

[214]

وعن أبي ظبيان (1)، قال: قال لي عبد الله بن عباس: أي القراءتين تقرأ ؟. قلت: القراءة الاولى، قراءة ابن أم عبد. فقال لي: بل هي القراءة الاخيرة (2)، إن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كان يعرض القرآن على جبرئيل في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عرضه عليه مرتين، فحضر ذلك عبد الله فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل. وعن علقمة (3)، قال: جاء رجل إلى عمر - وهو بعرفات - فقال: جئتك من الكوفة وتركت بها رجلا يملي (4) المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب عمر غضبا شديدا وقال: ويحك ! ومن هو ؟. قال: عبد الله بن مسعود. قال: فذهب عنه الغضب (5)، وسكن وعاد إلى حاله، وقال: والله ما أعلم من الناس أحدا هو أحق (6) بذلك منه. قال (7): وسئل علي عليه السلام عن قوم من الصحابة منهم ابن مسعود، فقال: أما ابن مسعود فقرأ القرآن وعلم السنة.. وكفى بذلك. وعن شقيق (8)، عن أبي وائل، قال: لما أمر عثمان في المصاحف بما أمر، قام عبد الله بن مسعود خطيبا، فقال: تأمرونني (9) أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت ؟ والذي نفسي بيده لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم

 

(1) كما في الاستيعاب - هامش الاصابة - 2 / 322. (2) في المصدر: فقال: أجل في الاخرة، بدل: فقال لي: بل هي القراءة الاخيرة. (3) كما في الاستيعاب - هامش الاصابة - 2 / 322 - 323. (4) في المصدر: يحكي، بدال من: يملي. (5) في الاستيعاب: ذلك الغضب. (6) في (س) لا توجد: أحق. (7) أي ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 323. (8) كما في الاستيعاب 2 / 23، وفيه: عن شقيق بن سلمة بن أبي وائل. وفي (س): وايل. وفي (ك): وابل. (9) في المصدر: أيأمروني.

 

[215]

سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع (1) الغلمان، والله ما نزل من القرآن شئ إلا وأنا أعلم في أي شئ نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغنيه الابل لاتيته (2). قال: ثم استحبى مما قال، فقال: وما أنا بخيركم. قال شقيق: فقعدت في الحق فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فما سمعت أحدا أنكر (3) عليه ولا رد ما قال. وروى في جامع الاصول (4)، عن البخاري (5) ومسلم (6) والترمذي (7)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: ذكر عنده عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة، من: عبد الله، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب (8). استقرؤا القرآن من أربعة، من: ابن مسعود - فبدأ به -، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ، وأبي. وفي رواية الترمذي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و [وآله] وسلم: خذوا القرآن من أربعة، من: ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة.

 

(1) في الاستيعاب: به، بدلا من: مع. (2) في المصدر: أحدا تبلغنيه الابل أعلم بكتاب الله مني لاتيته. (3) في الاستيعاب: أنكر ذلك. (4) جامع الاصول 8 / 568 - 569 حديث 6378. (5) صحيح البخاري 9 / 42 و 43 كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب رسول الله (ص)، وكتاب فضائل أصحاب النبي (س)، باب مناقب سالم، وباب مناقب معاذ بن جبل، وباب مناقب أبي بن كعب. (6) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب في فضائل عبد الله بن مسعود حديث 2464. (7) سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود حديث 3812. (8) في المصدر زيادة هنا: وفي رواية.

 

[216]

وروي من الصحاح أكثر الاخبار السالفة بأسانيد، فهذا ما رووه في ابن مسعود وأن النبي صلى الله عليه وآله أمر الناس بأخذ القرآن منه، وصرح بأن قراءته مطابقة للقرآن المنزل، فالمنع من قراءته وإحراق مصحفه رد على الرسول صلى الله عليه وآله ومحادة عزوجل، ومع التنزل عن مخالفة النص أيضا نقول كان على عثمان أن يجمعهم على قراءة عبد الله دون زيد، إذ قد روي في فضل عبد الله ما سمعت ولم يذكروا لزيد بن ثابت فضلا يشابه ما روي في عبد الله سندا ولا متنا، وقد رووا ما يقدح فيه ولم يذكر أحد منهم قدحا في عبد الله، والاطناب في ذلك يوجب الخروج عما هو المقصود من الكتاب، ومن أراد ذلك فليرجع إلى الاستيعاب (1) وغيره (2) ليظهر له ما ذكرنا. وقال في الاستيعاب (3): كان زيد عثمانيا ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي عليه السلام مع الانصار. فظهر أن السبب الحامل لهم على تفويض جمع القرآن إليه أولا، وجمع الناس على قراءته ثانيا تحريف الكلم عن مواضعه، وإسقاط بعض الايات الدالة على فضل أهل البيت عليهم السلام والنص عليهم، كما يظهر من الاخبار المأثورة عن الائمة الاطهار عليهم السلام، ولو فوضوا إلى غيره لم يتيسر لهم ما حاولوا. ومن جملة القراءات التي حظرها وأحرق المصحف المطابق لها قراءة أبي بن كعب ومعاذ بن جبل، وقد عرفت في بعض الروايات السابقة أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالاخذ عنهما. هذا سوق الطعن على وجه الالزام وبناء الكلام على الروايات العامية، وأما إذا بني الكلام على ما روي عن أهل البيت عليهم السلام

 

(1) الاستيعاب المطبوع هامش الاصابة 2 / 316 - 324. (2) حلية الاولياء 1 / 124، تاريخ 2 / 257، البيان والتبيان 2 / 56، البدء والتاريخ 5 / 97 وغيرها. (3) الاستيعاب المطبوع هامش الاصابة 1 / 554.

 

[217]

فتوجه الطعن أظهر وأبين، كما ستطلع عليه في كتاب القرآن (1) إن شاء الله. توضيح: قوله: فسقط في نفسي.. يقال للنادم المتحسر على فعل فعله: سقط في يده وهو مسقوي في يده (2)، قال الله تعالى: (لما سقط في أيديهم) (3) ولعله هنا أيضا بهذا المعنى. وقال بعض شراح الحديث من العامة: سقط - ببناء مجهول -.. أي ندمت ووقع في خاطري من تكذيب النبي صلى الله عليه وآله ما لم أقدر على وصفه، ففاعل سقط محذوف.. أي سقط في نفسي ما لم يسقط مثله في الاسلام ولا في الجاهلية، لانه كان في الجاهلية غافلا أو متشككا، وكان من أكابر الصحابة، وما وقع له فهو من نزغة الشيطان وزال ببركة يد النبي صلى الله عليه وآله. وقال النووي في شرح الصحيح مسلم (4): أي وقع في نفسي من تصويب قراءة الرجلين أشد مما كنت في الجاهلية، لانه كان إما جاهلا أو متشككا ووسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب (5). قوله: ففضت - بكسر الفاء -، قوله (6): عرقا، تمييز، كقولهم تصيب الفرس عرقا. وقال الكرماني: إسناد الفيضان إلى نفسه وإن كان مستدركا بالتميز فإن فيه إشارة إلى أن العرق فاض منه حتى كأن النفس فاضت معه، ومثله قولهم: سالت

 

(1) بحار الانوار 40 / 57، وقد مرت في 24 / 35 بهذا المضمون، وانظر المقدمة الثامنة من تفسير الصافي. (2) كما في القاموس 2 / 365، ومجمع البحرين 4 / 253، والصحاح 3 / 1132. (3) الاعراف: 149. (4) شرح صحيح مسلم للنووي 6 / 102، باختلاف كثير. ولاحظ 4 / 144 فضائل القرآن باب 16، وفي متن منه 1 / 225. (5) في المصدر جاءت العبارة هكذيا: معناه وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لانه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب. (6) في (س): وقوله.

 

[218]

عيني دمعا. الطعن الثامن: إنه كان يؤثر أهل بيته بالاموال العظيمة من بيت مال المسلمين، نحو ما روي (1) أنه دفع إلى أربعة من قريش - زوجهم بناته - أربعمائة ألفي دينار، وأعطى مروان مائد ألف عند فتح افريقية، ويروى (2) خمس افريقية. وروى السيد رضي الله عنه (3)، عن الواقدي بإسناده، قال: قدمت إبل من إبل الصدقة على عثمان فوهبها للحارث بن الحكم بن أبي العاص (4). وروى أيضا أنه ولى الحكم بن أبي العاص صدقات قضاعة فبغت ثلاثمائة

 

(1) بل أعطى عبد الله بن خالد بن أسيد ثلاثمائة ألف بعد أن زوجه ابنته، كنا ذكره ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261، وابن قتيبة في المعارف: 84 وغيرهما، بل ذكر ابن أبي الحديد في شرحه 1 / 66 [أربع مجلدات]: إنه أعطاه أربعمائة ألف درهم، وانظر قول فريد وجدي في دائرة معارفه 6 / 166: وأنكح الحرث بن الحكم ابنته عائشة فأعطاه مائة ألف من بيت المال. ولاحظ ما جاء في السيرة الحلبية 2 / 87، والصواعق المحرقة 2 / 87، وفصلها بمصادرها شيخنا الاميني رحمه الله في غديره 8 / 267 - 288. (2) قاله ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261. وعد ابن قتيبة في المعارف: 84، وأبو الفداء في تاريخه 1 / 168، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261: مما نقم الناس على عثمان، قطعه فدك لمروان، ونقله ابن أبي في شرحه 1 / 67، وصرح ابن قتيبة في المعارف: 84، وأبو الفداء في تاريخه 1 / 168 - بعد ما مر -: وهي صدقة رسول الله، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه إلى أن تولى عمر ابن عبد العزيز فانتزعها من أهله وردها صدقة. (3) الشافي 4 / 273 - 274. (4) كما ورواه البلاذري في الانساب 5 / 28، وقال في 5 / 52: وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم.. وقال ابن قتيبة في المعارف: 48، والراغب في المحاضرات 2 / 212، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261، وابن أبي الحديد في شرحه 1 / 67، وغيرهم أنه: تصدق رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بموضع السوق بالمدينة يعرف بمهزون (تهروز، مهزور) على المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم. وقال الحلبي في سيرته 2 / 87: أعطى عثمان الحارث عشر ما يباع في السوق - أي سوق المدينة -.

 

[219]

ألف فوهبها له حين أتاه بها (1). وقد (2) روى أبو مخفف والواقدي جميعا: أن الناس أنكروا على عثمان إعطاءه سعيد بن العاص (3) مائة ألف (4)، فكلمه علي عليه السلام والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن في ذلك، فقال: إن لي قرابة ورحما. فقالوا: أما كان لابي بكر وعمر قرابة وذو رحم ؟ !. فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يحتسبان في منع قرابتهما، وأنا أحتسب في إعطاء قرابتي (5)، قالوا: فهداهما (6) والله أحب إلينا من هداك. وقد روى أبو مخنف أنه لما قدم على (7) عثمان عبد الله بن خالد بن أسيد (8) ابن أبي العاص من من مكة - وناس معه - أمر لعبدالله بثلاثمائة ألف ولكل واحد واحد (9) من القوم بمائة ألف (10)، وصك بذلك على عبد الله بن الارقم - وكان خازن بيت المال - فاستكثره وبرد (11) الصك به، ويقال أنه سأل عثمان أن يكتب عليه (12) بذلك كتاب دين فأبى ذلك، وامتنع ابن الارقم أن يدفع المال إلى القوم، فقال له عثمان:

 

(1) ونقله البلاذري في الانساب 5 / 28 عن ابن عباس، وذكره اليعقوبي في تاريخه 2 / 41 من: أن عثمان أعطى صدقات قضاعة الحكم بن أبي العاص عمه طريد النبي بعد ما قربه وأدناه وألبسه. (2) لا توجد: قد، في المصدر. (3) في الشافي: بن أبي العاص. (4) وذكره جمع منهم ابن قتيبة في المعارف: 84، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261، والراغب الاصفهاني في المحاضرات 2 / 212، واليافعي في مرآة الجنان 1 / 85 وغيرهم. (5) إلى هنا ذكره البلاذري في الانساب 5 / 28. (6) في المصدر: قال: فهديهما. (7) لا توجد: على، في (س). (8) في (س): أسعد. (9) لا توجد في المصدر ولا (س): واحد. (10) جاء في العقد الفريد 2 / 261، والمعارف لابن قبيبة: 84 إلا أنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 66: أنه أعطى عبد الله أربعمائة ألف درهم. (11) كذا، والظاهر: ورد، كما في الانساب للبلااذري 5 / 58. (12) لا يوجد: عليه، في المصدر.

 

[220]

إنما أنت خازن لنا فما حملك على ما فعلت ؟. فقال ابن الارقم: كنت أراني (1) خازنا للمسلمين وإنما خازنك غلامك، والله لا الي لك بيت المال أبدا، و جاء (2) بالمفاتيح فعلقها على المنبر، ويقال: بل ألقاها إلى عثمان، فدفعها عثمان إلى نايل مولاه (3). وروى الواقدي أن عثمان أمر زيد بن ثابت أن يحمل من بيت المال إلى عبد الله بن الارقم في عقيب هذا الفعل ثلاثمائة ألف درهم، فلما دخل بها عليه قال له: يا أبا محمد ! إن أمير المؤمنين أرسل إليك يقول لك (4): إنا قد شغلناك عن التجارة ولك ذو رحم أهل حاجة، ففرق هذا المال فيهم، واستعن به على عيالك. فقال عبد الله بن الارقم: مالي إليه حاجة وما عملت لان يثيبني عثمان ؟ والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطى ثلاثمائة ألف درهم، ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن أزرأ (5) من ماله شيئا (6).

 

(1) في مطبوع البحار: أواني، وهو غلط. (2) في المصدر: فجاء. (3) وقد أورد البلاذري في الانساب 5 / 58، وابن أبي الحديد في شرح النهج 1 / 67 قصة أخرى شبيهة بهذا، فلاحظ، ونظيره في تاريخ اليعقوبي 2 / 145. أقول: قال البلاذري في الانساب 5 / 30: لما قدم الوليد الكوفة ألفى ابن مسعود على بيت المال، فاستقرضه مالا.. - وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثم ترد ما تأخذ -.. فأقرضه عبد الله ما سأله، ثم أنه اقتضاه إياه، فكتب الوليد في ذلك إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن مسعود: إنما أنت خازن لنا فلا تعرض للوليد فيما أخذ من المال، فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال: كنت أظن أني خازن للمسلمين، فاما إذ كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك، وأقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتيح بيت المال. (4) لا توجد في (س): لك. (5) في (ك): ازراءه، وفي الشافي: ارزأه، ويحتمل أن تكون: أرزأ بمعنى أصيب، وقد يكون: أزو - فعل المتكلم وحده - من الوزر، والازراء من الزري، قال في القاموس 4 / 338: زرى عليه زريا: عابه وعاتبه، كأزرى - لكنه قليل - وتزري، وأزرى بأخيه: أدخل عليه عيبا أو أمرا يريد أن يلبس عليه به. (6) إلى هنا ما ذكره السيد في الشافي. =

 

[221]

وروى الواقدي (1)، عن أسامة بن زيد، عن نافع مولى الزبير، عن عبد الله ابن الزبير، قال: أغزانا عثمان سنة (2) سبع وعشرين افريقية فأصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة، فأعطى عثمان مروان بن الحكم تلك الغنائم. وروى الواقدي (3)، عن عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، قالت: لما بنى مروان داره بالمدينة دعا الناس إلى طعامه - وكان المسور ممن دعاه - فقال مروان - وهو يحدثهم -: والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين در هما فما فوقه. فقال المسور: لو أكلت طعامك وسكت كان خيرا لك، لقد غزوت معنا افريقية وأنك لاقلنا مالا ورقيقا وأعوانا وأخفنا ثقلا، فأعطاك ابن عمك (4) خمس افريقية وعملت على الصدقات فأخذت أموال المسلمين (5). وروى الكلبي (6)، عن أبيه، عن أبي مخنف: أن مروان ابتاع خمس افريقية بمائتي ألف درهم ومائة ألف دينار وكلم عثمان فوهبها له، فأنكر الناس ذلك على عثمان (7).. هذا ما أورده السيد رحمه الله من الاخبار.

 

= وقد ذكر أبو عمرو في الاستيعاب وابن حجر في الاصابة في ترجمة عبد الله بن أرقم أنه قد رد ما بعث إليه عثمان من ثلاثمائة ألف، وفي رواية الواقدي: قال عبد الله: ما لي إليه حاجة، وما عملت لان يثيبني عثمان، والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطي ثلاثمائة ألف درهم، ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن أخذ من ماله شيئا. (1) كما حكاه السيد المرتضى في الشافي 4 / 275. (2) في مطبوع البحار: ستة، وهو غلط. (3) كما في الشافي 4 / 275 - 276. (4) في الانساب للبلاذري: ابن عفان، بدلا من: ابن عمك. (5) وذكره البلاذري في الانساب 5 / 28. (6) كما حكاه السيد في الشافي 4 / 276، والبلاذري في الانساب 5 / 27 - 28 وغيرهما. (7) روى ابن قتيبة في المعارف: 84، وأبو الفداء في تاريخه 1 / 168 وغيرهما: أن عثمان أعطى مروان ابن الحكم بن أبي العاص ابن عمه وصهره من ابنته أم أبان همس غنائم افريقية - وهي خمسمائة ألف =

 

[222]

وروى المسعودي (1) وغيره (2) - من مؤرخي الخاصة والعامة - أكثر من ذلك (3).

 

= دينار - وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حنبل الجمحي الكندي مخاطبا للخليفة: دعوت اللعين فأدنيته خلافا لسنة من قد مضى وأعطيت مروان خمس العبا د ظلما لهم وحميت الحمى وذكره هذه الابيات في الانساب 5 / 38 ونسبها إلى أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي الخزرجي، وقال بعد البيت الاول: يعني الحكم والد مروان، كما أوردها ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261. وقد تعرض العلامة الاميني في غديره 8 / 260 - 267 باختصار لحال مروان وأبيه وولده، وموقف رسول الله صلى الله عليه وآله معهم، وقوله (ص) له: هو الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون، وغيرهما. وقول أمير المؤمنين عليه السلام عن مروان: ليحملن راية الضلالة بعدما يشيب صد غاه. وقول السبط الاكبر الحسن بن علي عليهما السلام مخاطبا لمروان: فو الله لقد لعنك الله وأنت في صلب أبيك، وغيرها، فراجع. (1) مروج الذهب 2 / 332 - 334. (2) قال الحلبي في سيرته 2 / 87: وكان من جملة ما انتقم به على عثمان أنه أعطى ابن عمه مروان بن الحكم مائة ألف وخمسين أوقية. وروى البلاذري في الانساب 5 / 25، وابن سعد في الطبقات 3 / 44: أن عثمان كتب لمروان بخمس مصر وأعطى أقرباءه المال، وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها، واتخذ الاموال واستسلف من بيت المال. وقال ابن الاثير في الكامل 3 / 38: وظهر بهذا أن عثمان أعطى عبد الله بن سعد خمس الغزوة الاولى، وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع افريقية. وفي رواية الواقدي وذكره ابن كثير في تاريخه 7 / 152: صالح عثمان خمس افريقية بطريقها على ألفي ألف دينار فأطلقها كلها عثمان في يوم واحد لال الحكم، ويقال: لال مروان. وفي تاريخ الطبري 5 / 50: كان الذي صالحهم عليه ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار.. إلى أن قال: كان الذي صالحهم عبد الله بن سعد على ثلاثمائة قنطار ذهب فأمر بها عثمان لال الحكم، قلت: أو لمروان ؟. قال: لا أدري. (3) وها نذكر لك نماذج من أعطيات الخليفة وتفريطه بأموال المسلمين وإعمار كنوز أهل بيته وقومه: فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه 2 / 145 فقال: زوج عثمان ابنته من عبد الله بن خالد بن أسيد وأمر له بستمائة ألف درهم، وكتب إلى عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة !. وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 67: أن عثمان أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال. وأورد فيه أيضا: =

 

[223]

وهذا عدول عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وسيرة المتقدمين عليه، وأصل الخروج عن العدول في القسمة وإن كان من بدع عمر إلا أن عثمان ترك العدل رأسا بحيث لم يخف بطلانه وتضمنه للجور العظيم والبدعة الفاحشة على العوام أيضا، ولما اعتاد الرؤساء في أيامه بالتوثب على الاموال واقتناء الذخائر ونسوا سنة الرسول في التسوية بين الوضيع والشريف شق عليهم سيرة أمير المؤمنين عليه السلام فعدلوا عن طاعته ومال طائفة منهم إلى معاوية وخرج عليه طلحة والزبير فقامت فتنة الجمل وغيرها، فهذه البدعة - مع قطع النظر عن خطر التصرف في أموال المسلمين - كانت من مواد الشرور والفتن الحادثة بعدها إلى يوم النشور.

 

= أنه أعطى عبد الله بن أبي سرح جميع ما أفاء الله عليه في فتح افريقية بالمغرب وهي من طرابلس الغرب إلى طنجة من غير أن يشركه فيه أحد من المسلمين !. وأورد البلاذري في الانساب 5 / 49 - 51، وابن كثير في تاريخه 7 / 157 وغيرهما: أنه بعث عثمان إلى ابن أبي حذيفة بثلاثين ألف درهم وبجمل عليه كسوة، فأمر فوضع في المسجد وقال: يا معشر المسلمين ! ألا تردن إلى عثمان يخادعني عن ديني ويرشوني عليه. كما وقد ذكره شيخنا الاميني في غديره 9 / 144، وأدرج لنا في 8 / 286 منه قائمة بجملة من هباته مع مصادرها، نذكرها درجا: فقد أعطى لمروان 500000 دينار ذهب، و 100000 درهم فضة، ولابن أبي سرح 100000 دينار، ولطلحة ضعفه مع ثلاثين مليون درهم مرة، ومليونين ومئتين ألف درهم فضة، ولعبد الرحمن 2560000 دينار، وليعلي بن أمية نصف مليون دينار، ولزيد بن ثابت مائة ألف دينار.. وهكذا دواليك للحكم وآل الحكم والحارث وسعيد والوليد وعبد الله وأبي سفيان والزبير وابن أبي الوقاص وغيرهم من حزبه وأعوانه يطول علينا درجها فضلا من إحصائها. ولنختم بحثنا هذا بكلام مولى الموحدين وسيد الاوصياء سلام الله عليه الذي جاء في شقشقته وعلى مسمع ومرآى من القوم حيث يقول في عثمان:... قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه [أمية] يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته. وقد مر كلامه عليه السلام بتمامه مع مصادره. ومن هنا يعرف مغزى ما قاله صلوات الله عليه في اليوم الثاني من بيعته، ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق في البلدان لرددته إلى حاله. قد نقله ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 269 [1 / 90] عن الكلبي، وانظر: نهج البلاغة - لصبحي الصالح 1 / 57، ومحمد عبده 1 / 46، وغيرهما.

 

[224]

الطعن التاسع: أنه عطل الحدود الواجبة كالحد في عبيدالله بن عمر، فإنه قتل الهرمزان بعد إسلامه (1) فلم يقد به، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه (2). روى السيد رحمه الله في الشافي (3)، عن زياد بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح: أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى عثمان بعد ما استخلف، فكلمه في عبيدالله ولم يكلمه أحد غيره، فقال: أقتل هذا الفاسق الخبيث الذي قتل امرءا مسلما. فقال عثمان: قتلوا (4) أباه (5) بالامس وأقتله اليوم ؟ !، وإنما هو رجل من أهل الارض، فلما أبى عليه مر عبيدالله على علي عليه السلام، فقال له: يا فاسق ! ايه ! أما والله لئن ظفرت بك يوما من الدهر لاضربن عنقك، فلذلك خرج مع معاوية على أمير المؤمنين عليه السلام (6).

 

(1) في (س): اسلام. (2) قال العلامة الاميني في غديره 8 / 133: أخرج البيهقي في السنن الكبرى 8 / 61 بإسناده، عن عبيدالله بن عبيد بن عمير، قال: لما طعن عمر وثب عبيدالله بن عمر على الهرمزان فقتله، فقيل: لعمر: إن عبيدالله بن عمر قتل الهرمزان. قال: ولم قتله ؟. قال: إنه قتل أبي، قيل: وكيف ذلك ؟. قال: رأيته قبل ذلك مستخليا بأبي لؤلؤة، وهو أمره بقتل أبي !. وقال عمر: ما أدري ما هذا، انظروا إذا أنا مت فاسألوا عبيدالله البينة على الهرمزان هو قتلني، فإن أقام البينة فدمه بدمي، وإن لم يقم البينة فأقيدوا عبيدالله من الهرمزان، فلما ولي عثمان قيل له: ألا تمضي وصية عمر في عبيدالله ؟. قال: ومن ولي الهرمزان ؟. قالوا: أنت يا أمير المؤمنين !. فقال: قد عفوت عن عبيدالله ابن عمر ! !. أقول: حقا هو خليفة لعمر. (3) الشافي 4 / 304. (4) في (ك): قتل. (5) في (س): إياه. (6) ولا حظ: مصادر نهج البلاغة وأسانيده 3 / 274، والعقد الفريد لابن عبد البر 1 / 125، 2 / 171.

 

[225]

وروى القباد (1)، عن الحسن بن عيسى، عن (2) زيد، عن أبيه: أن المسلمين لما قال عثمان: إني قد عفوت عن عبيدالله بن عمر، قالوا: ليس لك أن تعفو عنه. قال: بلى، إنه ليس لجفيتة (3) والهرمزان قرابة من أهل الاسلام، وأنا (4) أولى بهما - لاني ولي المسلمين - فقد عفوت. فقال علي عليه السلام: إنه ليس كما تقول، إنما أنت في أمر هما بمنزلة أقصى المسلمين، وإنما قتلهما في إمرة غيرك، وقد حكم الوالي الدي قبلك الذي قتلا في إمارته بقتله، ولو كان قتلهما في إمارتك لم يكن لك العفو عنه، فاتق الله ! فإن الله سائلك عن هذا. ولما (5) رأى عثمان أن المسلمين قد أبوا إلا قتل عبيدالله أمره فارتحل إلى الكوفة وأقطعه بها دارا وأرضا (6)، وهي التي يقال لها: كويفة ابن عمر، فعظم ذلك عند المسلمين وأكبروه وكثر كلامهم فيه. وروي عن عبد الله بن حسن بن علي (7) بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: ما أمسى عثمان يوم ولي حتى نقموا عليه في أمر عبيدالله بن عمر، حيث لم يقتله بالهرمزان. انتهى ما رواه السيد رضي الله عنه. وروى الشيخ في مجالسه (8)، عن احمد بن محمد بن الصلت، عن ابن

 

(1) كما أورده السيد المرتضى في الشافي 4 / 304 - 305. (2) في الشافي: بن، بدلا من: عن. (3) في (ك): لجفينة. (4) في (س): وان. (5) في المصدر: فلما. (6) في الشافي: وابتنى بها دارا وأقطعه أرضا، بدلا من: وأقطعه بها دارا وأرضا. (7) في المصدر: عبد الله بن حسن بن حسن بن علي. (8) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 320 - 321 مع تفصيل في الاسناد واختلاف يسير.

 

[226]

عقدة، عن جعفر بن عبد الله (1) العلوي، عن عمه القاسم بن جعفر العلوي، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله، عن أبيه (2)، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد: أن الناس كلموا عثمان في أمر عبيدالله بن عمر وقتله الهرمزان، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ! قد أكثرتم في أمر عبيدالله بن عمر والهرمزان وإنما قتله عبيدالله تهمة بدم أبيه، وإن أولى الناس بدم الهرمزان الله ثم الخليفة، ألا واني قد وهبت دمه لعبيد الله !. فقام المقداد بن الاسود، فقال: يا أمير المؤمنين ! ما كان لله كان الله أملك به منك، وليس لك أن تهب ما الله (3) أملك به منك، فقال: ننظر (4) وتنظرون، فبلغ قول عثمان عليا عليه السلام فقال: والله لئن ملكت لاقتل عبيدالله بالهرمزان، فبلغ ذلك عبيدالله فقال: والله لئن ملك لفعل. وقال ابن الاثير في الكامل (5) وابن عبد البر في الاستيعاب (6) وصاحب روضة الاحباب (7) وكثير من أرباب السير: قتل عبيدالله بن عمر بأبيه ابنة أبي لؤلؤة وقتل جفيته والهرمزان وأشار علي عليه السلام على عثمان بقتله بهم فأبى، ثم ذكر في الكامل (8) رواية يتضمن (9) عفو ابن هرمزان عن عبيدالله، وأن عثمان مكنه من

 

(1) في المصدر: جعفر أبو عبد الله. (2) لا توجد: عن أبيه، في المصدر. (3) في (س): بالله. (4) في المجالس: تنظر. (5) الكامل 3 / 40 وما جاء في صفحة: 39. (6) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 2 / 431 و 433. (7) روضة الاحباب للدشتكي 2 / 170 - طبعة لكنهو - وفيه: عبد الله، وهو غلط. ولا حظ ما ذكر ناه في التعليقة رقم (4) من صفحة: 533، من المجلد 30. (8) الكامل لابن الاثير 3 / 40. (9) في (س): بتضمن، والظاهر: تتضمن.

 

[227]

قتله، ثم قال: والاول أصح، لان عليا عليه السلام لما ولي الخلافة أرد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام، ولو كان إطلاقه بأمر ولي الدم لم يتعرض له علي عليه السلام. انتهى (1). وإذا تأملت فيما نقلنا لا يبقى لك ريب في بطلان ما أجاب به المتعصبون من المتأخرين، وكفى في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليه السلام - الذي لا يفارق الحق باتفاقهم - معه في ذلك، والله العاصم عن الفتن والمهالك. الطعن العاشر: أنه حمى الحمى (2) عن لمسلمين، مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله

 

(1) ولنا نماذج كثيرة لتعطيله الحدود، قصدا أو جهلا، ستأتي منا مستدركا، ولعل قصة االوليد بن عقبة - الفاسق بنص الكتاب وصريح السنة، وواليه على الكوفة، التي مرت في الطعن الاول - تعد الفرد الاكمل والمصداق الاتم لهذا المعنى، إذ لا شبهة في شربه للخمر وسكره وصلاته بالناس صلاة الصبح أرعا في تلك الحال - كما في الانساب 5 / 33، وصحيح مسلم وبقية المصادر السالفة - وقد التفت إلى المصلين قائلا: أزيدكم.. ؟ إلى آخر القصة، وفيها شهادة الاربعة عليه فأوعدهم عثمان وتهددهم، وقال لجندب بن زهير - أحد الشهود -: أنت رأيت أخي يشرب الخمر ؟ ! وغير ذلك، ومن هنا قالت عائشة بعد ما شهد عندها االشهود: إن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود. بل نراه قد ضرب بعض الشهود أسواطا، وقد أقام عليه أمير المؤمنين عليه السلام الحد بعد ذلك، النظر القصة مصلا في مسند احمد بن حنبل 1 / 144، وسنن البيهقي 8 / 318، وتاريخ اليعقوبي 2 / 142، والكامل لابن الااثير 3 / 42، وأسد الغابة 5 / 91، 92، والاصابة 3 / 638، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 104، والسيرة الحلبية 2 / 314، والاغاني 4 / 178 - 180، والعقد الفريد 2 / 273. (2) لقد أباحت الشريعة الغراء ورسالة السماء جميع منابت العشب ومساقط الغيث، والمروج والسهول للمسلمين إذا لم يحجر عليها ولم يكن لها مالك خاص، وعدت من المباحات الاصلية، ولا يحق لاحد - مهما كان وأي كان - أن يحمي لنفسه الحمى ويمنع الناس عنه، وها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول: المسلمون شركاء في ثلاث: في الكلا والماء والنار. وقال صلوات الله عليه وآله: ثلاث لا يمنعن: الماء والكلا والنار، كما جاء في صحيح البخاري 3 / 110، الاموال لابن عبيدة: 296، سنن أبي داود 2 / 101، سنن ابن ماجة 2 / 94 وغيرها. نعم كانت هناك سنة = (*)

 

[228]

جعلهم شرعا سواء في الماء والكلا (1). وأحاب قاضي القضاة (2) وغيره بأنه حماه لابل الصدقة، وقد روى عنه هذا الكلام بعينه، وأنه قال: إنما فعلت ذلك لابل الصدقة، وقد أطلقته الآن، وأنا استغفر الله. ورد عليهم السيد رضي الله عنه (3) بأن المروي بخلاف ما ذكر (4)، لان الواقدي روى باسناده، قال: كان عثمان يحمى الربذة (5) والسرف (6) والنقيع (7) فكان لا يدخل الحمى بعير له ولا فرس ولا لبني أمية، حتى كان آخر الزمان،

 

= جاهلية لحقتها بدعة أموية ياكل بها القوي الضعيف، واكتسحها الاسلام وأبطلها بقول صاحب الرسالة سلام الله عليه وآله: لا حمى إلا لله ولرسوله، كما في صحيح البخاري 3 / 113، الام للشافعي 3 / 207، وغيرهما. (1) كما الانساب للبلاذري 5 / 37، والسيرة الحلبية 2 / 87، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 67، وغيرها. (2) المغني: 20 - القسم الثاني -: 52. (3) في الشافي 4 / 287، بتصرف. (4) في المصدر: ذكره. (5) قال في مراصد الاطلاع 2 / 601: الربذة - بفتح أوله وثانيه وذال معجمة مفتوحة - من قرى المدينة على ثلاثة أميال.. إلى آخره، وانظر: معجم البلدان 3 / 24 - 25، وفيه: وبهذا الموضع قبر أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وامه جندب بن جنادة، وكان قد خرج إليها مغاضبا لعثمان بن عفان. (6) السرف - بالفتح ثم الكسر وآخره فاء -: موضع على ستة أميال من مكة، كما صرح بذلك في مراصد الاطلاع 2 / 708، وانظر ما ذكره في معجم البلدان 3 / 212. وفي الغدير 8 / 236 والمصدر والموطا وغيرها: الشرف - بالمعجمة وفتح الراء - وهي كبد نجد، وعند البخاري بالسين، والاول أظهر، لاحظ أيضا: معجم البلدان 3 / 12، ومراصد الاطلاع 2 / 791. (7) النقيع - بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة وعين مهملة - قاله في المراصد 3 / 1378. ثم قال: وقيل: النقيع: موضع قرب المدينة حماه النبي (ص) لخيله وهو غير نقيع الخضمات، ولا حظ: معجم البلدان 5 / 301 - 302. أما البقيع: فلم يأت بدون اضافة إذ هو لغة بمعنى الموضع الذي فيه اروم الشجر من ضروب شتى، وبه سمي بقيع الغرقد الذي هو مقبرة أهل المدينة. لا حظ: معجم البلدان 1 / 473، ومراصد الاطلاع 1 / 213 وغيرهما.

 

[229]

صلى الله عليه وآله. وقال ابن أبي الحديد (10) في شرح الخطبة الشقشقية: أن عثمان... حمى

 

(1) في المصدر: الشرف - بالمعجمة -، انظر: ما ذكرناه في تعليقة رقم (6) في الصفحة السالفة. (2) انظر: تعليقة رقم (7) من الصفحة السالفة، وفي شرح نهج البلاغة - بكلا طبعتيه -: والبقيع. (3) وأورده ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 3 / 39 [1 / 235 - طبعة اربع مجلدات]. (4) في المصدر: أحلا الكلا وأباحاه. (5) لا يوجد لفظ الجلالة في المصدر. (6) في (ك): عنه، بدلا من: منه. (7) صحيح البخاري - كتاب الجهاد - حديث 146. (8) في (س): الله. (9) وذكره ابن حنبل في مسنده 4 / 38 و 71 و 73. أقول: جاء في صحيح البخاري كتاب المساقاة حديث 11: أن عمر حمى السرف والربذة !. (10) في شرحه على على نهج البلاغة 1 / 199 [/ 67 طبعة ذات أربع مجلدات].

 

[230]

المراعي حول المدينة كلها من مواشي المسلمين كلهم إلا عن بني أمية. الطعن الحادي عشر: أنه أعطى من بيت المال الصدقة المقاتلة وغيرها، وذلك مما لا يحل في الدين، ودفع الاعتراضات الواردة عليه مذكور في الشافي (1). الطعن الثاني عشر: إتمامه الصلاة بمنى مع كونه مسافرا، وهو مخالف للسنة ولسيرة من تقدمه (2).

 

(1) الشافي 4 / 278. (2) اعلم ان إتمامه الصلاة في منى كان من المسلم عند العامة، وتشبثوا في توجيهه وتبريره بما لا يزيده الا طعنا. فقد أخرج البيهقي في سننه 3 / 144، عن الزهري: أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الاعراب لا انهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعا ليعلمهم أن الصلاة أربع ! !. وذكره في تيسير الوثول 2 / 286، ونيل الاوطار 2 / 260. وأورد المتقي في الكنز 4 / 229، والبيهقي في السنن الكبرى 3 / 144، عن حميد، عن عثمان ابن عقان أنه أتم ابضباة يمنى، ثم خطب فقال: يا أيها الناس ! إن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وسنة صاحبيه ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا. وقال ابن حجر في فتح الباري 2 / 456: أخرج احمد والبيهقي من حديث عثمان وأنه صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه، فقال: إني تأهلت بمكة لما قدمت، وإني سمعت رسول الله (ص) يقول: من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم. قال: هذا حديث لا يصح منقطع، أو في رواته من لا يحتج به، ويرده أن النبي (ص) كان يسافر بزوجاته وقصر. وروى ابن حزم في المحلى 4 / 270، وابن البركماني في ذيل سنن البيهقي 3 / 144 من طريق سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: اعتل عثمان - وهو بمنى - فأتى علي فقيل له: صل بالناس. فقال: إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ؟. قالوا: لا، إن صلاة أمير المؤمنين - يعني عثمان - أربعا، فأبى.

 

[231]

فقد روى في جامع الاصول (1)، عن عبد الرحمن بن يزيد (2)، قال: صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبدالله بن مسعود. فقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، فياليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان. قال: أخرجه البخاري (3) ومسلم (4) وأبو داود (5). وفي أخرى لابي داود (6) زيادة: ومع عثمان صدرا من إمارته، ثم أتمها.. وذكر الحديث (7). وفي رواية النسائي (8)، قال: صلى عثمان بمنى أربع حتى بلغ ذلك عبد الله ابن مسعود، فقال: لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ركعتين. وله في أخرى، قال، صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في السفر ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين. وروى البخاري (9) ومسلم (10) والنسائي (11) - على ما أورده صاحب جامع

 

(1) جامع الاصول 5 / 704 حديث 4020. (2) في المصدر زيادة: وهو أخو الاسود النخعي. (3) صحيح البخاري 2 / 465 كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى. وفي كتاب الحج، باب الصلاة بمنى 2 / 154. (4) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب قصر الصلاة بمنى 2 / 260، حديث 695. (5) سنن أبي داود، المجلد 12، باب الصلاة بمنى، باختلاف يسير في اللفظ. (6) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى 1 / 308، حديث 1960. (7) ورواه الدارمي في سننه 2 / 55، والبيهقي في السنن الكبرى 3 / 143، وغيرهما. (8) سنن النسائي 3 / 120 - 121، كتاب تقصير الصلاة، باب تقصير الصلاة بمنى. وقيه روايته الاخرى التالية. (9) صحيح البخاري 2 / 464، كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى، وفي كتاب الحج، باب الصلاة بمنى. (10) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب قصر الصلاة بمنى، حديث 694. (11) سنن النسائي 3 / 121، كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى، عن أنس بن مالك.

 

[232]

الاصول (1) -، عن عبد الله بن عمر، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بمنى ركعتين وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدرا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعد أربعا، وكان (2) ابن عمر إذا صلى مع الامام صلى أربعا، وإذا صلى (3) وحده صلى ركعتين (4). قال: أخرجه البخاري ومسلم من طرق أخرى (5)، عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أنه: صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين، وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين صدرا من خلافته ثم أتمها أربعا. وأخرجه البخاري (6) ولم يقل: وغيره (). وفي رواية النسائي مختصر، قال: صليت مع رسول الله (8) صلى الله عليه

 

(1) جامع الاصول 5 / 705، حديث 4021. (2) في جامع الاصول: فكان. (3) في المصدر: صلاها. (4) ورواه احمد في مسنده 2 / 16 و 55 و 56 باختصار، والطحاوي في شرح معاني الاثار، باب صلاة المسافرين. وانظر: ما جاء في مسند احمد بن حنبل 1 / 145، 378، 2 / 44، وسنن البيهقي 3 / 126 وغيرهما. (5) في المصدر: وأخرجه مسلم من طريق آخر، بدلا من: من طرق أخرى. (6) في المصدر زيادة: نحوه. (7) أقول: وقريب منه ما أخرجخ مالك في الموطا 1 / 282، عن عروه، والقاضي أبو يوسف في الاثار: 30، والشافعي في كتابه الام 1 / 159، و 7 / 157، عن عبد الرحمن بن يزيد. ونقله الترمذي في صحيحه 1 / 71، والبيهقي في سننه 3 / 153، عن أبي نضرة بتفصيل، وقال: حسن صحيح. وفي لفظ ابن حزم في المحلى 4 / 0: أن ابن عمر كان إذا صلى مع الامام بمنى أربع ركعات انصرف إلى منزله فصلى فيه ركعتين، أعادها. وجاء في صحيح البخاري 2 / 154، وصحيح مسلم 1 / 261، ومسند احمد بن حنبل 1 / 425 وغيرهما بالاسناد، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: صلى بنا عثمان بن عفان بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبدالله بن مسعود، فاسترجع، ثم قال:.. وجاءت رواية عبد الرحمن بن يزيد في السنن الكبرى 3 / 144 وغيرها باسناد آخر. (8) في المصدر: النبي، بدلا من: رسول الله (ص).

 

[233]

[وآله] وسلم بمنى ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين. وفي جامع الاصول (1)، عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم صلى الصلاة (2)، بمنى ركعتين، وأن أبا بكر صلاها (3) بمنى ركعتين، وأن عمر بن الخطاب (4) صلاهاا بمنى ركعتين، وأن عثمان صلاها (5) ركعتين شطر أمارته ثم أتمها بعد. قال: أخرجه الموطا (6). وعن أنس، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بمنى ومع أبي بكر ومع عمر ركعتين ومع عثمان صدرا من إمارته. قال: أخرجه النسائي (7). عن عمران بن حصين، قال - وقد سئل عن صلاة المسافر، فقال -: حججت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فصلى ركعتين، وحججت مع أبي بكر فصلى ركعتين، ومع (8) عمر فصلى ركعتين، ومع عثمان ست سنين من خلافته أو ثماني سنين فصلى ركعتين. قال: أخرجه الترمذي (9). وعن موسى بن سلمة، قال: سألت ابن عباس: كيف أصلي إذا كنت

 

(1) جامع الاصول 5 / 706، حديث 4022. (2) لا توجد: الصلاة، في المصدر. (3) في جامع الاصول زيادة: بمنى. (4) لا يوجد، بن الخطاب، في المصدر. (5) في المصدر زيادة: بمنى. (6) الموطا 1 / 402 كتاب الحج، باب الصلاة بمنى. (7) سنن النسائي 3 / 120 كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى. وأورده ابن الاثير في جامع الاصول 5 / 706، حديث 4023، وأخذه المصنف رحمه الله من الاخير، كما أورده إمام الحنابلة في مسنده 1 / 145. (8) في المصدر: وحججت مع.. (9) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في التقصير في السفر، حديث 545، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأورده ابن الاثير في جامع الاصول 5 / 706، حديث 4024.

 

[234]

بمكة إذا لم أصل مع الامام ؟ !. قال: ركعتين، سنة أبي القاسم صلى الله عليه [وآله] وسلم (1). وفي رواية النسائي (2)، قال: تفوتني الصلاة في جماعة - وأنا بالبطحاء - ما ترى أصلي ؟. قال: ركعتين، سنة أبي القاسم صلى الله عليه [وآله] وسلم (3). وعن حارثة بن وهب، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم - ونحن أكثر ما كنا (4) وآمنه - بمنى ركعتين. أخرجه البخاري (5) ومسلم (6) والترمذي (7). وفي رواية أبي داود (8) والنسائي (9)، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] بمنى (10) والناس أكثر ما كانوا، فصلى بنا ركعتين في حجة الوداع (11).

 

(1) كذا أورده مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها، حديث 688. (2) سنن النسائي 3 / 119، كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمكة. (3) وعن حميد الضمري قريب منه، كما جاء في كنز العمال 4 / 240. (4) في المصدر زيادة: قط. (5) صحيح البخاري 2 / 463، كتاب تقصير الصلاة بمنى، وفي كتاب الحج، باب الصلاة بمنى. (6) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب قصر الصلاة بمنى، حديث 696. (7) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في تقصير الصلاة بمنى، حديث 882. (8) سنن أبي داود، كتاب الحج، باب القصر لاهل مكة، حديث 1965. (9) سنن النسائي 3 / 119 - 120، كتاب تقصير الصلاة، باب الصلاة بمنى. ومجموع ما ذكره في سننه أربع احاديث. (10) في (س): بمنى ركعتين، وخط على الاخيرة في (ك)، وفي المصدر: صليت مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بمنى أكثر ما كانوا... (11) وأورده في جامع الاصول 5 / 703 - 704، حديث 4019. وعن حارثة بن رهب قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين، كذا رواه البخاري في صحيحه في كتاب التقصير، باب الصلاة بمنى، وكرر ذكرها في كتاب الحج في باب الصلاة بمنى باختلاف يسير، وأوردها أبو نعيم في حلية الاولياء 4 / 344، 7 / 188 بطريقين.

 

[235]

وقال ابن الاثير في الكامل (1): إن كثيرا من الاصحاب عابوا عليه ما صنع بمنى، قال: وفي سنة تسع وعشرين حج عثمان فضرب فسطاطه بمنى - وكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى - وأتم الصلاة بها وبعرفة، وكان أول ما تكلم به الناس في عثمان ظاهرا حين أتم الصلاة بمنى، فعاب ذلك غير واحد من الصحابة، وقال له علي (ع): ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد عهدت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين وأنت صدرا من خلافتك، فما أدري ما ترجع إليه ؟ (2) ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وأبي بكر وعمر وصليتهما (3) أنت ركعتين ؟. قال: بلى ! ولكني أخبرت أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا إن الصلاة للمقيم ركعتان، واحتجوا بصلاتي وقد اتخذت بمكة أهلا ولي بالطائف مال، فقال عبد الرحمن: ما في هذا عذر، أما قولك اتخذت بها أهلا فإن زوجك بالمدينة تخرج بها إذا شئت وأنها (4) تسكن بسكناك، وأما مالك بالطائف، فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ينزل عليه الوحي والاسلام قليل ثم أبو بكر وعمر فصلوا ركعتين، وقد ضرب الاسلام بجرانه (5). فقال: اعمله بما أرى (6). فخرج من عنده فلاقى ابن مسعود، فقال: والخلاف شر (7)، وقد صليت بأصحابي أربعا. فقال عبد الرحمن:

 

(1) الكامل لابن الاثير 3 / 51 [دار الكتاب العربي - بيروت] 3 / 42، بتصرف واختصار. (2) هنا سقط لا يتم الكلام إلا به، حيث جاء في المصدر: ما يرجع إليه، فقال: رأي رأيته، وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف وكان معه، فجاءه فقال له:.. (3) في الكامل: وعمر ركعتين وصليتها.. (4) في المصدر: وانما. (5) قال في النهاية 1 / 263: ضرب الحق بجرانه.. أي قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الارض، والجران: باطن العنق. (6) في الكامل: فقال عثمان: هذا رأي رأيته. (7) هنا سقط، وجاء في المصدر: فقال: أبا محمد ! غير ما تعلم. قال: فما أصنع ؟. قال: اعمل بما =

 

[236]

قد صليت بأصحابي ركعتين، وأما الان فسوف أصلي أربعا. قال: وقيل كان ذلك سنة ثلاثين (1). وروى نحو ذلك صاحب روضة الاحباب (2)، وقال: أنكر الاصحاب عليه ضرب الفسطاط بمنى وإطعامه الناس، إذ كان ذلك من ضعار أهل الجاهلية ولم يفدم عليه أحد منذ بعث النبي صلى الله عليه [وآله] إلى ذلك الزمان، وقد سألوا رسول الله صلى الله عليه [وآله]: لنضربن لك فسطاطا بمنى، فقال: لا، منى مناخ من سبق. وروى في جامع الاصول (3)، عن عائشة أنها قالت (4): قلت: يا رسول الله ! ألانبني لك بمنى بيتا يظلل (5) من الشمس ؟، فقال: لا، إنما هو مناخ لمن سبق إليه. قال: أخرجه الترمذي (6) وأبو داود (7).

 

= ترى وتعلم. فقال ابن مسعود: الخلاف شر. (1) قريب منه الطبري في تاريخه في حوادث سنة 29 ه‍، 5 / 56، وانظر: تاريخ ابن كثير 7 / 154، وتاريخ ابن خلدون 2 / 386، والانساب للبلاذري 5 / 39. أقول: وها هو أمير المؤمنين ويعسوب الدين سلام الله عليه يقف أمام هذه البدعة، فقد روى ابن حزم في المحلى 4 / 270 باسناده، قال: اعتل عثمان وهو بمنى، فأتى علي فقيل له: صل بالناس. فقال: إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، يعني ركعتين. قالوا: لا، إلا صلاة أمير المؤمنين ! - يعنون عثمان - أربعا، فأبى. وأوردها ابن التركماني في ذيل سنن البيهقي 3 / 144، وقد سلفت. (2) روضة الاحباب.. انظر: تعليقة رقم (4) في صفحة: 533 من المجلد السالف: 30. (3) جامع الاصول 3 / 437، حديث 1775. (4) لا توجد: قالت، في (س). (5) في المصدر: يضلك. (6) سنن الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في أن منى مناخ من سبق، حديث 881. (7) سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب تحريم حرم مكة، حديث 2019. أقول: وأخرجه أيضا ابن ماجة في كتاب المناسك، باب النزول بمنى، حديث 3006 و 3007، واحمد بن حنبل في مسنده 6 / 187 و 206، والدارمي في سننه 2 / 73 كتاب المناسك، =

 

[237]

ثم إن الشافعي (1) ذهب إلى أن فصر الصلاة رخصة ليس بعزيمة، لقوله تعالى: (فليس عليكم جناح) (2)، وقال: والقصر أفضل. وقال مالك (3) وأبو حنيفة (4): إنه عزيمة (5)، ويدل عليه من طرق الجمهور روايات كثيرة، ونفي الجناح لا ينافي كون الفصر عزيمة، وسيأتي القول فيه في بابه (6)، مع أن القول بالتخير لا ينفع في دفع الطعن عنه، إذ لو كان له سبيل إليه لما اعتذر بالاعذاار الواهية كما عرفت، بل يظهر من إعراض المعترض والمعتذر عنه رأسا اتفاق (7) الاصحاب على بطلانه. الطعن الثالث عشر: جرأته على الرسول صلى الله عليه وآله ومضادته له، فقد حكى العلامة رحمه الله في كتاب كشف الحق (8)، عن الحميدي (9)، قال: قال السدي في تفسير قوله

 

= باب كراهية البنيان بمنى، ومستدرك الحاكم 1 / 467 كتاب الحج، باب منى مناخ من سبق. (1) الام للشافعي 1 / 179 - صدر المسألة، المبسوط للسرخسي 1 / 239، بداية المجتهد 1 / 166، القوانين الفقهية: 82، المجموع 4 / 335، 336، 339، وغيرها. (2) سورة النساء: 101. (3) كما جاء في المجموع 4 / 337. (4) ذكره في بداية المجتهد 1 / 6، والمبسوط 1 / 239، والمجموع 4 / 337، والقوانين الفقهية: 82. وغيرها. (5) بل ذهب عمر وابنه وابن عباس وجابر وجبير بن مطعم والحسن والقاضي اسماعيل وحماد بن سليمان وعمر بن عبد العزيز وقتادة والكوفيون إلى أن القصر واجب، كما في تفسير القرطبي 5 / 351، وتفسير الخازن 1 / 413 وغيرهما. (6) بحار الانوار 89 / 1 وما بعدها، ولا حظ صفحة: 110 - 116 من المجلد الثامن من الغدير، و 8 / 185 منه. (7) في (س): لا تفاق. (8) نهج الحق وكشف الصدق: 4 - 5، باختلاف أشرنا لبعضه. (9) في كتابه الجمع بين الصحيحين، ولا زال - حسب علمنا - مخطوطا.

 

[238]

تعالى: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) (1) أنه لما توفي أبو سلمة وعبد الله (2) ابن حذافة وتزوج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم امر أتيهما: أم سلمة وحفصة، قال طلحة وعثمان: أينكح محمد نساءنا إذا متنا ولا تنأح نساؤه إذا مات ؟ ! والله لو قد مات لقد أجلبنا (3) على نسائه بالسهام، وكان طلحة يريد عائشة، وعثمان يريد أم سلمة، فأنزل الله تعالى: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما * إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما) (4)، وأنزل: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعدلهم عذابا مهينا) (5). الطعن الرابع عشر: عدم إذعانه لقضاء رسول الله صلى الله عليه وآله بالحق، فقد روى العلامة رحمه الله في كشف الحق (6)، عن السدي في تفسير قوله تعالى: (ويقولون أمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين) (7)، (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * في قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون..) (8) الايات، وقال (9):

 

(1) الاحزاب: 53. (2) في المصدر: وخنيس، بدلا من: وعبد الله. (3) في (س): أجلنا. (4) الاحزاب: 53 و 54. (5) النور: 57. (6) نهج الحق وكشف الصدق: 305، باختلاف يسير. (7) النور: 47. (8) النور: 48 - 50. (9) في (س): وقد، بدلا من: وقال. وفي المصدر: قال السدي: نزلت هذه في عثمان بن عفان.

 

[239]

نزلت في عثمان بن عفان لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله بني النضير فغنم أموالهم، فقال عثمان لعلي عليه السلام: إئت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فأسأله أرض.. كذا وكذا، فإن أعطاكها فأنا شريك فيها، وآتيه أنا فأسأله إياها فإن أعطانيها فأنت شريكي فيها، فسأله عثمان أولا فأعطاه إياها، فقال لي علي عليه السلام: أشركني، فأبى عثمان، فقال: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فأبى أن يخاصمه إلى النبي صلى الله عليه [وآله]، فقيل له: لم لا تنطلق معه إلى النبي صلى الله عليه [وآله] ؟ !، فقال هو ابن عمه فأخاف (1) أن يقضي له !. فنزلت الايات، فلما بلغ النبي (ص) (2) ما أنزل الله فيه أقر لعلي عليه السلام بالحق. وقد مر (3) هذا من تفسير علي بن ابراهيم (4)، وأنها نزلت فيه بوجه آخر. الطعن الخامس عشر: إنه زعم أن في المصحف لحنا، فقد حكى العلامة رحمه الله في الكتاب المذكور (5)، عن تفسير الثعلبي (6) في قوله تعالى: (إن هذان لساحران) (7)، قال: قال عثمان: إن في المصحف لحنا (8). فقيل له: ألا تغيره ؟. فقال: دعوه ! فلا يحلل

 

(1) لا توجد: فأخاف، (س)، وأثبتت في المصدر. (2) كذا، وفي المصدر: عثمان، وهو الظاهر. (3) بحار االانوار 22 / 98 حديث 52. (4) تفسير القمي 2 / 107. (5) كشف الحق: 146 - طبعة دار السلام، بغداد -. (6) تفسير الثعلبي 3 / 32، وقد حذفت الرواية في المطبوع منه، أو لعلها في مكان آخر من التفسير، فراجع. (7) طه: 63. (8) في المصدر زيادة هنا وهي: واستسقمه العرب بألسنتهم.

 

[240]

حراما ولا يحرم حلالا، ورواه الرازي أيضا في تفسيره (1). الطعن السادس عشر: تقديمه الخطبتين في العيدين، وكون الصلاة مقدمة على الخطبتين قبل عثمان مما تضافرت به الاخبار العامية (2)، فقد روى مسلم (3) في صحيحه، عن عطا، قال: سمعت ابن عباس يقول: أشهد على رسول الله صلى الله عليه [وآله] أنه يصلي قبل الخطبة (4). وعن عطاء (5)، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: إن النبي صلى الله عليه [وآله] قام يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس. وعن نافع، عن (6) ابن عمر (7): أن النبي صلى الله عليه [وآله] وأبا بكر

 

(1) تفسير الفخر الرازي 22 / 75. (2) قال الترمذي في الصحيح 1 / 70: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة. وتأتيك جملة مت المصادر. (3) صحيح مسلم 1 / 325 - كتاب العيدين -، حديث 884. (4) وجاء بمضامين متددة في صحاح العامة ومسانيدهم بهذا الاسناد، انظر: صحيح البخاري 2 / 377 [2 / 116]، كتاب العيدين، باب الخطبة في العيدين بعد الصلاة، وباب موعظة الامام النساء بعد الفراغ من الخطبة، سنن ابن ماجة 1 / 385، سنن البيهقي 3 / 296. (5) كذا أورده أبو داود في سننه بهذا الاسناد في كتاب الصلاة، باب الخطبة يوم العيد، حديث 1141، وجاء بهذا المضمون في عدة روايات متحدة الاسناد مختلفة المضمون، كما أوردها ابن الاثير في جامع الاصول 6 / 131 - 133. (6) في (ك): وعن. (7) كما أورده البخاري في صحيحه 2 / 375 [2 / 111 - 112]، كتاب العيدين، باب المشي والركوب إلى العيد والصلاة باختلاف يسير، وباب الخطبة بعد العيد، وصحيح مسلم 1 / 326 كتاب العيدين في فاتحته، حديث 888، وسنن الترمذي 1 / 70 كتاب الصلاة، باب ما جاء في صلاة العيدين قبل الخطبة، حديث 531، وسنن النسائي 3 / 183 كتاب العيدين، باب صلاة العيدين =

 

[241]

وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة. والاخبار في ذلك من طرق أهل البيت عليهم السلام مستفيضة. وقال العلامة رحمه الله في المنتهى (1): لا نعرف في ذلك خلافا إلا من بني أمية. وروى الكيني (2)، عن علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الخطبة في العيدين (3) بعد الصلاة، وإنما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان (4). وروى الشيخ في التهذيب (5) باسناده، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحد هما عليهما السلام في صلاة العيدين، قال: الصلاة قبل الخطبتين... (6)، وكان أول من أحدثها بعد الخطبة

 

= قبل الخطبة، وذكره ابن الاثير في جامع الاصول 6 / 131، حديث 4239، وموطا مالك 1 / 146، ومسند احمد بن حنبل 2 / 38، وكتاب الام للشافعي 1 / 208 وفيه: أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة، سنن ابن ماجة 1 / 387، وسنن البيهقي 3 / 296، ولا محلى لابن حزم 5 / 85، وبدايع الصنايع 1 / 276. واللفظ مختلف والمعنى واحد. وجاء عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن سائب وأنس بن مالك والبراء بن عازب وأبي عبيدة مولى ابن أزهر وغيرهم، انظر مثلا: صحيح البخاري 2 / 110، 111، صحيح مسلم 1 / 325، سنن ابن ماجة 1 / 386، 389، سنن البيهقي 3 / 296، 297، 298، 301، سنن أبي داود 1 / 178، 180، سنن النسائي 3 / 185 - 186، المدونة الكبري لمالك 1 / 155، المحلى 5 / 86، موطا مالك 1 / 147، كتاب الام للشافعي 1 / 171. (1) منتهى المطلب 1 / 245 - الحجرية - في صلاة العيدين، والعبرة منقولة بالمعنى وباختصار. (2) االكافي 3 / 469، حديث 3. (3) لا توجد في المصدر: في العيدين. (4) أورده الحر العاملي في الوسائل 5 / 110، حديث 9805، ورواه الشيخ المفيد في المقنعة: 33، والشيخ في التهذيب 1 / 289. (5) التهذيب 3 / 287، حديث 860. وجاء صدر الحديث في التهذيب 5 / 10، وذكره الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة 5 / 110، حديث 2 من الباب 11. (6) في المصدر زيادة هنا حذفها المصنف طاب ثراه لعدم ارتباطها بما نحن فيه، فراجع.

 

[242]

عثمان لما أحدث إحداثه، كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا، فلما راى ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة (1). الطعن السابع عشر: إحداثه الاذان يوم الجمعة زائدا على ما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو بدعة محرمة، ويعبر عنه تارة ب: الاذان الثالث، لان النبي صلى الله عليه وآله شرع للصلاة أذانا وإقامة فالزيادة ثالث، أو مع صلاة الصبح، وتارة ب: الاذان الثاني، والوجه واضح، وهو ما يقع ثانيا بالزمان، أو ما لم يكن بين يدي الخطيب، لانه الثاني باعتبار الاحداث سواء وقع أولا بالزمان أو ثانيا. وقال ابن إدريس (2): ما يفعل بعد نزول الامام. وقد روى إحداث عثمان الاذان الثالث يوم الجمعة ابن الاثير في الكامل (3) في حوادث سنة ثلاثين من الهجرة، ورواه صاحب روضة الاحباب (4)، ورواه من

 

(1) وذكر قريب من هذا ابن حجر في فتح الباري 2 / 361، ويعجبني نقل عبارته برمتها قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم !، فرأى ناسا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي صار يخطب قبل الناس، وهذه العلة غير التي اعبل بها مروان، لان عثمان رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سب ما لا يستحق السب، والافراط في مدح بعض الناس !، وانظر: ما ذكره في 2 / 359، وأورده الشوكاني في نيل الاوطار 3 / 362 و 374. وذكره السيوطي في الاوائل، وتاريخ الخلفاء: 111، والسكتواري في محاضرات الاوائل:. (2) السرائر: 64 - الحجرية - في صلاة الجمعة [1 / 304 - طبعة جامعة المدرسين]، والعبارة ليست نصا. (3) الكامل 3 / 48، وأورده الطبري في تاريخه 5 / 68. (4) روضة الاحباب.. لا حظ: التعليقة رقم (4) في صفحة: (533) من المجلد السالف (30).

 

[243]

أصحاب صحاحهم البخاري (1) وأبي داود (2) والترمذي (3) والنسائي (4) على ما رواه في جامع الاصول (5) عنهم، عن زيد بن السائب في روايات عديدة: منها: أنه كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأبي بكر وعمر إذا خرج الامام أقيمت الصلاة، فلما كان عثمان نادى النداء الثالث على الزوراء (6). وروي (7)، عن الشافعي أنه قال: ما صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر أحب إلي.

 

(1) صحيح البخاري 2 / 326 - 327 [2 / 95 - 96]، كتاب الجمعة، باب الاذان يوم الجمعة، وباب التأذين عند الخطبة، بمعاني متقاربة. (2) كذا، والصحيح: وأبو داود، انظر: سنن أبي داود 1 / 171 - كتاب الصلاة، باب النداء يوم الجمعة، حديث 1087 - 1090. (3) سنن الترمذي 1 / 67 - كتاب الصلاة - باب ما جاء في أذان يوم الجمعة، حديث 516، بلفظه. (4) سنن النسائي 3 / 100 - 101، كتاب الجمعه باب الاذان للجمعة. (5) جامع الاصول 5 / 674 - 675، حديث 3966. وجاء أيضا في سنن ابن ماجة 1 / 348، وكتاب الام للشافعي 1 / 173، وسسن البيهقي 1 / 429 وو 3 / 192، 205، وفيض الاله للبقاعي 1 / 193. ولا يخفى كون الالفاظ مختلفة جدا والمعنى واحدا، فلاحظ. قال البلاذري في الانساب 5 / 39:.. ثم أن عقمان نادى النداء الثالث في السنة السابعة [من خلافته] فعاب الناس ذلك وقالوا: بدعة. ولا حظ ما قاله ابن حجر في فتح الباري 2 / 315، والشوكاني في نيل الاوطار 3 / 332، وشرح السنن الكبرى للبيهقي 1 / 429. (6) الكلمة مشوشة في المطبوع. قال في القاموس 2 / 42: الزوراء: موضع بالمدينة قرب المسجد، ونحوه في تاج العروس 3 / 246 وعددا بهذا الاسم عدة مواضع، وذكر في فتح الباري 2 / 315، وعمدة القاري 3 / 291: أنه حجر كبير عنر باب المسجد. ولا حظ: مراصد الاطلاع 2 / 674، ومعجم البلدان 4 / 412. وانظر ما ذكره شيخنا الاميني طاب ثراه في غديره 8 / 125 - 128، واعتبر. (7) الام للشافعي 1 / 195، ولعله يشكل استفادة ما ذكره هنا منه، ولعله جاء من أشياع الشافعي وتلامذته.

 

[244]

الطعن الثامن عشر: ما ذكره في روضة الاحباب (1) أنه لما حج في سنة ست وعشرين من الهجرة أمر بتوسيع االمسجد الحرام، فابتاع دار من رضي بالبيع من الساكنين في جوار المسجد، ومن لم يرض به أخذ داره قهرا، ثم لما اجتمعوا إليه وشكوا (2) وبظلموا أمر بحبسهم حتى كلمهم فيهم عبد الله بن خالد بن الوليد فشفعه فيهم وأطلقهم (3). ولا ريب في أن غصب الدور وجعلها مسجدا حرام في الشريعة باتفاق المسلمين. الطعن التاسع عشر: إنه لم يتمكن من الاتياان بالخطبة، فقد روى في روضة الاحباب (4) أنه لما كان أول جمعة من خلافته صعد المنبر فعرضه العي فعجز عن أداء الخطبة وتركها، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم: أيها الناس ! سيجعل الله بعد عسر يسرا وبعد عي نطقا، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال، أقول قولى واستغفروا

 

(1) روضة الاحباب.. انظر: التعليقة رقم (4) من صفحة: 533، من المجلد السالف (30). (2) لاا توجد: وشكوا، في (س). (3) هذا ما ذكره أصحاب التواريخ، فقد نص عليه الطبري في تاريخه 5 / 47 حوادث سنة 26 ه‍، واليعقوبي في تاريخه 2 / 142، وابن الاثير في الكامل 3 / 36، قال الاول: وفيها زاد عثمان في المسجد الحرام ووسعه وابتاع من قوم وأبى آخرون، فهدم عليهم ووضع الاثمان في بيت المال، فصاحوا بعثمان، فامر بهم الحبس !. وقد سبقه بذلك سابقه عمر وزيادته في المسجد ومحاكمة العباس بن عبد المطلب معه وإباؤه عن إعطاء داره، ورواية أبي بن كعب وأبي ذر الغفاري وغيرهما سلف منا مجملا. اقول: أخرج البلاذري في الانساب 5 / 38 من طريق مالك، عن الزهري، قال: وسع عثمان مسجد النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فانفق عليه من ماله عشرة آلاف درهم، فقال الناس: يوسع مسجد رسول الله ويغير سنته !. (4) روضة الاحباب: لا حظ التعليقة رقم (1).

 

[245]

الله لي ولكم.. فنزل. قاال: وفي رواية قال: الحمدلله.. وعجز عن الكلام. وفي رواية أنه قال: أول كل مركب صعب، وإن أبا بكر (1) وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا وأنتم الي إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل، وإن أعش فاتكم الخطبة على وجهها، ويعلم الله إن شاء الله تعالى (2). وقال ابن أبي الحديد (3) في شرح قول أمير المؤمنين عليه السلام: وإنا لامراء الكلام، وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه.. (4) إنه روى أبو عثمان في كتاب البيان والتبيين (5)، إن عثمان صعد المنبر فارتج عليه (6). فقال: إن أبا بكر وعمر كاانا يعدان لهذا المقام مقالا، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب، وساتيكم (7) الخطبة على وجهها (8).. ثم نزل. قال: وخطب مروان بن الحكم فحصر، فقال: اللهم إنا نحمدك

 

(1) في (س): وأنا أبا بكر، وهو غلط. (2) وبهذا المعنى جاء في الانساب للبلاذري 5 / 24، والطبقات لابن سعد 3 / 43 - ليدن -، وتاريخ أبي الفدا 1 / 166، وبدائع الصنائع لملك العلماء 1 / 262. قال اليعقوبي في تاريخه 2 / 140: صعد عثمان المنبر وجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ولم يجلس أبو بكر ولا عمر فيه... فتكلم الناس في ذلك، فقال بعضهم: اليوم ولد الشر. (3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 / 13. (4) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 226، والدكتور صبحي الصالح: 354 برقم 233. قال ابن ميثم في شرحه على النهج 4 / 113، وقوله: إنا لامراء الكلام.. استعار لفظ الامراء لنفسه ولاهل بيته ملاحظة كونهم مالكين لازمة الكلام يتصرفون فيه تصرف الامراء في ممالكهم. (5) البيان والتبيان للجاحظ 1 / 272 و 2 / 195. (6) قال في القاموس 1 / 190: الرجرجة: الاضطراب، كالا رتجاج.. والاعياء. (7) في البيان والمصدر: وستاتيكم. (8) في البيان والتبيان: الخطب على وجهها وتعلمون إن شاء الله.

 

[246]

ونستعينك ونشرك بك ! (1). قال: وخطب مصعب بن حيان خطبة نكاح فحصر، فقال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فقالت أم الجارية: عجل الله موتك، ألهذا دعوتك (2) ؟. اانتهى (3). والظاهر من هذه الروايات أن الخطبة كانت خطبة الجمعة الوااجبة (4)، وأن عثمان (5) لما حصر وعرضه العي ترك الخطبة ولم يامر أحدا بالقيام بها وإقامة الصلاة، وإلا لرووه ولم يهملوا ذكره، فالامر في ذلك ليس مقصورا على العجز والقصور بل فيه ارتكاب المحظور، فيكون أوضح في الطعن (6). الطعن العشرون: جهله بالاحكام، فقد روى العلامة قدس الله روحه في كشف الحق (7)، عن صحيح مسلم، وأورده صاحب روضة الاحباب أن امراة دخلت على زوجها فولدت لستة أشهر فرفع ذلك (8) إلى عثمان فامر برجمها، فدخل عليه علي عليه السلام، فقال: إن الله عزوجل يقول: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (9)، وقال تعالى: (وفصاله في عامين) (10) فلم يصل رسوله إليهم إلا بعد الفراغ من رجمها،

 

(1) في شرح النهج: ولا نشرك بك، وهو غلط، حيث انه في مقام بيان من ارتج عليه. (2) في المصدر: دعوناك. (3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13 / 13 - 14. (4) كما هئو صريح روضة الاحباب، وفي أكثرها يظهر أنه في أول يوم بويع له، وبعضها مطلق. (5) وضع في مطبوع البحار على كلمة: عثمان، رمز نسخة بدل. (6) ومن الظريف في المقام أنهم صرحوا أنه كان يماطل الخطبة باستخبار الناس وسؤالهم عن أخبارهم وأسعارهم وهو على المنبر، كما أخرجه احمد بي مسنده 1 / 73، والهيثمي في مجمع الزوائد 2 / 187 وقال: رجاله رجال الصحيح. (7) نهج الحق وكشف الصدق: 302 - 303، مع اختلاف يسير. (8) في كشف الحق: فذكر ذلك، وفي (س): فوقع. (9) الاحقاف: 15. (10) لقمان: 14. والى هنا كلام العلامة، وجاء بعده: قال: فوالله، ما كان عند عثمان إلى أن بعث =

 

[247]

فقتل المرأة (1) لجهله لحكم الله عزوجل، وقد قال الله عزوجل:

 

= إليها فرجمت. (1) وقد أخرجها مالك في الموطا 2 / 176، والبيهقي في السنن الكبرى 7 / 442، وابن عبد البر في كتاب العلم: 150، وابن كثير في تفسيره 4 / 157، وابن الربيع في تيسر الوصول 2 / 9، والعيني في عمدة القاري 9 / 2، والسيوطي في الدر المنثور 6 / 40، وغيرهم وذلك باسانيد متعددة ومضامين متقاربة، وفي بعضها: فامر بها عثمان أن ترد فوجدت قد رجمت !. أقول: ولنستدرك المقام بموارد من جهل الخليفة، وهي غيض من فيض، سواء بكتاب الله أو سنة نبيه صلوات الله عليه وآله أو أمور لغوية وأخرى عرفية، أو ما ابتدعه أو اجتهده خلافا للنص، وقد سلف بعض منه وسيأتي آخر البحث الشئ الكثير. منها: ما ذكره ملك العلماء في بدائع الصنائع 1 / 111 من: أن عمر ترك القراءة في المغرب في إحدى الاوليتين قضاها في الركعة الاخيرة وجهر، وعثمان ترك القرءة في الاوليتين في صلاة العشاء فقضاها في الاخيرتين وجهر، و نظيره في صفحة: 172. وقد - تقدم في مطاعن عمر - وبذا خرج الخليفتان بهذه الفضيحة عن السنة الثابتة الصريحة من ناحيتين: الاولى: الاجتراء بركعة. وقد ذكر شيخنا الاميني في غديره 8 / 173 - 184 جملة من الروايات وكثير من المصادر لاثبات هذه السنة عن طريقهم، وإن من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فلا صلاة له، وإن الامة مطبقة على أن تدارك الفائتة من قراءة ركعة في ركعة أخرى لم يرد في السنة النبوية، وإن رأي الرجلين غير مدعوم بحجة ولا يعمل به ولا يعول عليه، ولا يستن به أحد من رجال الفتوى قط، والحق أحق أن يتبع. ومنها: إنه أوجب كون دية الذمي مثل دية االمسلم، وكون عقل الكافر كعقال المؤمن، بل إنه قد هم بقتل مسلم قودا بذمي، كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8 / 33، والشافعي في كتاب الام 7 / 293، وانظر ما جاء في كتاب الديات لابي عاصم الضحاك: 76، مع إجمااع السلف والخلف بل قامت عليه ضرورة الدين أنه لا يقتل مؤمن بكافر. و أخرج البيهقي - أيشا - أن رجلا مسلما قتل رجلا من أهل الذمة عمدا ورفع إلى عثمان فلم يقتله وغلظ عليه الدية مثل دية المسلم، مع أن دية المعاهد نصف دية المسلم. ومنها: ما جاء في صحيح مسلم 1 / 142، وقريب منه في صحيح البخاري 1 / 109 من أن عثمان ذهب إلى أن الرجل لو جامع امراته ولم يمني فلا غسل عليه، وادعى أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد فصل القول فيه إمام الحنابلة في مسنده 1 / 63، 64، والبيهقي في السنن الكبرى 1 / 164 - 165 وغيرهم. مع أن الاجماع قائم من المسلمين كافة على أنه إذا التقى الختان بالختان وجب الغسل أنزل أم لم ينزل، وأن المراد بالجنابة لغة هي الجماع وإن لم يكن ماء دافق، =

 

[248]

 

 

= وبه أوجبوا إجراء حد الزنا وتمام المهر وغيرهما من الاحكام. وها هو كتاب الله ناطق بالحكم، وهناك روايات مستفيضة عن رسول الله (ص) صريحة في ذلك، كما في صحيح البخاري 1 / 108، وصحيح مسلم 1 / 142 - 143، وسنن الدارمي 1 / 194، وسنن البيهقي 1 / 163 - 165، ومسند احمد بن حنبل 2 / 234، 347، 393، 6 / 116، والمحلى لا بن حزم 2 / 2 و 3، ومصابيح السنة 1 / 30، وتفسير القرطبي 5 / 200، والموطا 1 / 51، وكتاب الام للشافعي 1 / 31، 33، وصحيح الترمذي 1 / 16 وغيرهم، وعليه فهو إما جاهل أو وضاع مفتر أو هما معا، كما هو ظاهر. ومنها: ما أخرجه البلاذري في الانساب 5 / 26، عن الزهري من: أن عثمان كان ياخذ من الخيل الزكاة، وأورده ابن حزم في المحلى 5 / 227، وأنكر عليه بقول رسول الله صلى الله عليه وآله: عفوت لكم عن صدقه الخيل والرقيق، بل هناك نصوص صريحة من طريقهم على عدم الزكاة على الخيل والرقيق تجد بعضها في صحيح البخاري 3 / 30،، صحيح مسلم 1 / 361، سنن الترمذي 1 / 80 سنن أبي داود 1 / 253، سنن ابن ماجة 1 / 555 - 556، سنن انسائي 5 / 35 - 37، السنن الكبرى 4 / 85 - 90 و 117، مسند احمد 1 / 62، 212، 132، 145، 146، 148 و 2 / 243 وغيرها، والام للشافعي 2 / 22، وموطا مالك 1 / 206، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 189، والمحلى لابن حزم 5 / 229، وعمدة القاري للعيني 4 / 383، مستدرك الحاكم 1 / 390 - 398. ومنها: ما أخرجه إمام الحنابلة في مسنده 1 / 104، وابن كثير في تفسيره 1 / 478، والهندي في كنز العمال 3 / 227 وغيرهم باسنادهم من أن يحيس وصفية كانا من سبي الخمس، فزنت صفية برجل من الخمس وولدت غلاما فادعى الزاني وو يحيس فاهتصما إلى عثمان، فرفعهما عثمان إلى علي ابن أبي طالب، فقال علي: أقضي فيهما بقضاء رسول الله (ص): الولد للفراش وللعاهر الحجر، وجلد هما خمسين خمسين. وهذا جهل بالحكم ومخالفة لصريح الكتاب ومستفيض سنة رسول الله صلى الله عليه وآله. ومنها: ما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7 / 417، عن أبي عبيدة، قال: أرسل عثمان إلى أبي يساله عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة.. وهي صريحة بجهله بالحكم وأخذه بفتيا غيره، والذي علمه أولى منه. وجاء في كتاب اختلاف الحديث للشافعي - هامش الام - 7 / 22 أنه قد: أخبرت الفريعة بنت مالك عثمان بن عفان أن النبي (ص) أمرها أن تمكث بيتها وهي متوفى عنها حتى يبلغ الكتاب أجاه، فاتبعه وقضى به. وهي من الاحكام التي جهلها واتبع فيها قول امرأة، والقصة مشهورة قال عنها ابن القيم: حديث صحيح مشهور، انظر: الرسالة للشافعي: 116، كتاب الام له 5 / 208، =

 

[249]

 

 

= موطا مالك 2 / 36، سنن أبي داود 1 / 362، سنن البيهقي 7 / 434، أحكام القرآن للجصاص 1 / 496، زاد المعاد 2 / 404، الاصابة 4 / 386، نيل الاوطار 7 / 100 وغيرها. ومنها: ما أخرجه مالك في الموطا 2 / 10 باسناده: أن رجلا سال عثمان بن عفان، عن الختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما ؟. فقال عثمان: أحلتهما آية، فاما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فسأله عن ذلك، فقال: لو كان لي من الامر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب. وعلق ابن عبد البر في كتاب الاستذكار على هذه الرواية بقوله: إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طالب لصحبته عبد الملك بن مروان، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب ! !. والرواية وردت بمضامين أخرى متقاربة، كما في السنن الكبرى 7 / 164، وأحكام القران للجصاص 2 / 158، والمحلى لابن حزم 9 / 522، وتفسير الزمخشري 1 / 359، وتفسير القرطبي 5 / 116 - 117، وتفسير الخازن 1 / 356، والدر المنثور 2 / 136، وتفسير الشوكاني 1 / 418، وتفسير الرازي 3 / 193، وغيرها. وذكرها شيخنا الاميني طاب ثراه في غديره مفصلا 8 / 214 - 223، فلاحظ. ومنها: ما ذكره ابن ماجة في سننه 1 / 634، وابن كثير في تفسيره 1 / 276، والبيهقي في سننه 7 / 450 - 451، وابن القيم في زاد المعاد 2 / 403، والهندي في كنز العمال 3 / 223، ونيل الاوطار 7 / 35 وغيرهم - بالفاظ متعددة والمعنى واحد -، عن نافع أنه سمع ربيع بنت معوذ بن عفراء وهي تخبر عبد الله بن عمر أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان، فجاء معاذ بن عفراء إلى عثمان فقال: إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم، اتنتقل ؟. فقال له عثمان: تنتقل، ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها، إلا أنها لا تنكح حتى حيضة خشية أن يكون بها حبل !. وهذه مخالفة لصريح قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن...) البقرة: 228، وما تطابقت عليه فتاوى الصحابة والتابعين والعلماء من بعدهم، بل أئمة المذاهب الاربعة على حد تعبير ابن كثير في تفسيره. ومنها: ما أورده احمد بن حنبل في مسنده 1 / 100، 104، والشافعي في كتاب الام 7 / 157، وأبو داود في سننه 1 / 291، والبيهقي في السنن الكبرى 5 / 194، والطبري في تفسيره 7 / 45، 46، وابن حزم في المحلى 8 / 254، والهندي في كنز العمال 2 / 53 وغيرهم، وجاء بالفاظ متنوعة وأسانيد متعددة نذكر واحدا منها: قال: أقبل عثمان إلى مكة فاستقبلت بقديد فاصطاد أهل الماء حجلا فطبخناه بماء وملح، فقد مناه إلى عثمان وأصحابه فامسكوا، فقال عثمان: صيد لم نصده ولم =

 

[250]

 

 

= نامر بصيده اصطاده قوم حل، فاطعموناه فما باس به، فبعث إلى علي، فجاء، فذكر له، فغضب علي وقال: أنشد رجلا شهد رسول الله (ص) حين أتي بقائمة حمار وحشي، فقال رسول الله (ص): إنا قوم حرم، فاطعموه أهل الحل، فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول الله (ص)، ثم قال علي: أنشد الله رجلاا شهد رسول الله (ص) حين أتي ببيض نعام، فقال رسول الله (ص): إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل، فشهد دونهم من العدة من الاثنى عشر. وعن بسر بن سعيد: أن عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته. وهذا جهل بصريح كتاب الله والمسلم من سنة رسول الله (ص)، صرحت به صحاحهم وأفتى به جمهورهم، انظر: صحيح مسلم 1 / 449، مسند احمد 1 / 290، 338، 341، 4 / 37، سنن الدارمي 2 / 39، سنن ابن ماجة 2 / 262، سنن النسائي 5 / 184، 185، سنن البيهقي 5 / 192، 193، أحكام القران للجصاص 2 / 586، تفسير الطبري 7 / 48، تيسير الوصول 1 / 272، المحلى لابن حزم 7 / 249، وتفسير القرطبي 6 / 322، ورواه الطحاوي في شرح معاني الاثار - كتاب الحج -: 386 مختصرا، والمتقي الهندي في كنز العمال 3 / 53 وقال: أخرجه ابن جرير وصححه، وأخرجه الطحاري وأبو يعلى، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3 / 229. ومنها: ما أخرجه البخاري في صحيحه 2 / 175 [دار الشعب]، عن مروان بن الحكم، قال: شهدت: عثمان وعليا، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي أحل بهما لبيك بعمرة وحجة. قال: ما كنت لادع سنة النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بقول أحد. وزاد في بعض الروايات: قال: فقال عثمان: أتراني أنهى الناس عن شئ وتفعله أنت ؟ !. قال: لم أكن لادع سنة رسول الله (ص) لقول أحد من الناس. وها هو مروان يحدثنا - كما في شرح معاني الاثار، كتاب مناسك الحج: 380 - قال: كنا مع عثمان بن عفان، فسمعنا رجلا يهتف بالحج والعمرة، فقال عثمان: من هذا ؟. قالوا: علي، فسكت. وجاء بلفظ آخر في مسند احمد بن حنبل، وأخرج البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب التمتع 2 / 176 [دار الشعب]، ومسلم في صحيحه باب جواز التمتع، باسنادهما عن سعيد بن المسيب، قال: اجتمع على وعثمان بعسفان، وكان عثمان ينهى عن المتعة، فقال له علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله (ص) تنهى عنه ؟. قال: دعنا منك ! !. قال: إني لا أستطيع أن أدعك، فلما راى علي أهل بهما جميعا. وقريب منه ما رواه ابن حنبل في مسنده 1 / 136، والبيهقي في سننه 5 / 22. =

 

[251]

 

 

= وهناك جملة روايات بمضامين أخرى، انظر: صحيح البخاري 3 / 69، 71، صحيح مسلم 1 / 349، مسند احمد 1 / 61، 95، 135، سنن النسائي 2 / 14، 15 [5 / 148، 152]، سنن البيهقي 4 / 352، 5 / 22، مستدرك الحاكم 1 / 472، تيسير الوصول 1 / 282، مسند الطيالسي 1 / 16، سنن الدارمي 2 / 69، شرح معاني الاثار للطحاوي - كتاب مناسك الحج -: 376 و 371 بطريقين، المتقي في كنز العمال 3 / 31، وقال: أخرجه العدني والطحاوي والعقيلي، وقاله الدارقطني في سننه، كتاب الحج، باب المواقيت بطريقين، وغيرهم في غيرها. ومنها: جهله باللغة، إذ أخرج الطبري في تفسيره 4 / 188، عن ابن عباس، أنه دخل على عثمان، فقال: لم صار الاخوان يردان الام إلى السدس، وإنما قال الله: (فان كان له إخوة..) والاخوان في لسان قومك، وكلام قومك ليسا باخوة ؟. فقال عثمان: هل يستطيع نقض أمر كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في الامصار. وفي لفظ الحاكم والبيهقي: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الامصار وتوارث به الناس، كما جاء في المستدرك 4 / 335، والسنن الكبرى 6 / 227، والمحلى لابن حزم 9 / 258، وتفسير الرازي 3 / 163، وتفسير ابن كثير 1 / 459، والدر المثور 2 / 126، وروح المعني للالوسي 4 / 225. وهذا عدم تضلع بالعربية، وكفانا الجصاص في أحكام القران 2 / 98 حيث فصل وأفاد، وأخزى خليفته وأجاد، وأجره عليه يوم التناد، وكذا شيخنا الاميني طاب ثراه في غديره 8 / 223 - 227. وحيث لا نحب الاطالة - والحر تكفيه الاشارة - لذا نحيل جملة من مطاعنه في جهله وجوره إلى موسوعة شيخنا ومولانا العلامة الاميني رحمه الله وغيره من أعلامنا في موسوعاتهم، كالشهيد الثالث في إحقاق الحق والسيد صاحب العبقات في كتابه وغيرهم أعلى الله مقامهم، ونشير منها درجا إلى: 1 - رأي الخليفة في الاحرام قبل الميقات. الغدير 8 / 208 - 213. 2 - رأي الخليفة في رد الاخوين للام عن الثلث. الغدير 8 / 223 - 227. 3 - رأي الخليفة في المعترفة بالزنا. 8 / 227 - 230. 4 - رأي الخليفة في امرأة فقدت زوجها 8 / 200 - 206... وغيرها كثير جدا. ولنختم حديثنا عن بعض أولياته وما تفرد به، إذ ليس ما مر أول قارورة له - على حد تعبير المثل - فله أوليات وبدع وشطحات غيرها. منها: إنه أول من ترك الكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، مع أنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عرفتها الصحابة، وتسالمت عليها الامة كافة، واستقر عليها إجماع أئمة المسلمين. يقول عمران بن حصين - وهو ممن تعرف -: صليت خلف علي صلاة ذكرني صلاة =

 

[252]

[ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكافرون] (1). ومن الشواهد على جهله أن مروياته في كتب الجمهور - مع حرص أتباعه من بني أمية والمتأخرين عنهم على إظهار فضله - لم يزد على مائة وستة وأربعين (2). وقد رووا عن أبي هريرة الدوسي خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا (3)،

 

= صليتها مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم والخليفتين، قال: فانطلقت فصليت معه، فإذا هو يكبر كلما سجد وكلما رفع رأسه من الركوع، فقلت: يا أبا نجيد ! من أول من تركه ؟. قال: عثمان، حين كبر وضعف صوته تركه، كما أورده البخاري في صحيحه 2 / 57، 70، ومسلم في كتابه 2 / 8، وأبو داود في سننه 1 / 133، واحمد في مسنده 4 / 428، 429، 432، 440، 444، والنسائي في سننه 2 / 204، والبحر الزاخر 1 / 254 وغيرهم. وقد تبع معاوية عثمان وأصبحت سنة بني أمية، ثم سنة المسلمين - ويا للاسف - حتى نسيت ومحقت هذه السنة، كما قاله الزرقاني في شرح الموطأ 2 / 145. قال ابن حجر في فتح الباري 2 / 215: إن زياد تركه - أي التكبير - بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان !. وقريب منه ما في نيل الاوطار 2 / 266. ومنها: إنه أول من ضرب الفسطاط بمعنى - ومضى في الطعون - وقد رواه الطبري في تاريخه وغيره مما سنذكره، كما وإنه أول من أتم صلاته بمنى وعرفه، كما سلف. ولعله لم يقل كلمة حق في حياته إلا ما أجاب به سيد الوصيين عليه السلام عند إنكاره عليه فقال مجيبا: رأي رأيته ؟ !. نعم، هؤلاء سادات مدرسة الرأي والقياس الذين اتخذوا إلهم هواهم. ومنها: إنه أول من ضرب بالسياط، قال ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 29: ذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وصاحبيه.. إلى أن قال: ما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وإنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس !، وإنما كان ضرب الخليفتين بالدرة والخيزران. ونص على ذلك ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 272 مختصرا، وأورده بمصادره شيخنا الاميني في غديره 9 / 17، فلاحظ. (1) المائدة: 44. (2) قال السيوطي في تدريب الراوي 2 / 218: وجملة ما روي له مائة حديث واثنان وأربعون حديثا. (3) مقدمة ابن الصلاح: 429، فتح الباري 1 / 167. وانظر: كتاب شيخ المضيرة أبو هريرة للشيخ محمود أبو رية، وكتاب أبو هريرة الدوسي لسيدنا والسيد عبد الحسين شرف الدين " حقا.

 

[253]

وذلك إما لغلبة الغباوة حيث لم يأخذ في طول الصحبة إلا نحوا مما ذكر، أو لقلة الاعتناء برواية كلام الرسول صلى الله عليه وآله، وكلاهما يمنعان عن استيهال الخلافة والامامة (1). تذييل وتتميم: إعلم أن عبد الحميد ابن أبي الحديد - بعد ما أورد مطاعن عثمان - أجاب عنها إجمالا، فقال (2): إنا لا ننكر أن عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين، ولكنا ندعي مع ذلك أنها لم تبلغ درجة الفسق، ولا أحبطت ثوابه، وأنها من الصغائر المكفرة، وذلك لانا قد علمنا أنه مغفور له، وأنه من أهل الجنة لثلاثة أوجه: أحدها: أنه من أهل بدر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]: إن الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وعثمان - وإن لم يشهد بدرا - لكنه تخلف على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه [وآله]، وضمن (3) رسول الله صلى الله عليه [وآله] لسهمه وأجره باتفاق سائر الناس. والثاني: أنه من أهل بيعة الرضوان الذين قال الله تعالى فيهم: [لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة] (4)، وهو وإن لم يشهد تلك البيعة ولكنه كان رسول رسول الله صلى الله عليه [وآله] إلى أهل مكة، ولاجله كانت بيعة الرضوان، حيث أرجف بأن قريشا قتلت عثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن كانوا قتلوه لاضر منها عليهم نارا، ثم جلس تحت الشجرة، وبايع

 

(1) في (ك): الامام، وجعل لفظ: الامامة، نسخة بدل. (2) شرح نهج البلاغة 3 / 68 - 69 بتصرف واختصار. (3) في المصدر: وضربه له. (4) سورة الفتح: 18.

 

[254]

الناس على الموت. ثم (1) قال: إن كان عثمان حيا فأنا أبايع عنه، فمسح (2) بشماله على يمينه، وقال: شمالي خير من يمين (3) عثمان، روى (4) ذلك أهل السير متفقا عليه. والثالث: أنه من جملة العشرة الذين تظاهرت الاخبار بأنهم من أهل الجنة. وإذا كانت هذه الوجوه دالة على أنه مغفور (5) له، وأن الله تعالى قد رضي عنه، وأنه من أهل الجنة، بطل أن يكون فاسقا، لان الفاسق يخرج عندنا من الايمان وينحبط (6) ثوابه، ويحكم له بالنار، ولا يغفر له، ولا يرضى عنه، ولا يرى الجنة ولا يدخلها (7)، فاقتضت هذه الوجوه أن يحكم بأن كل ما وقع منه فهو من باب الصغائر المكفرة توفيقا بين الادلة. انتهى كلامه (8). ويرد على ما ذكره إجمالا أن المستند في جميع تلك الوجوه ليس إلا ما تفرد المخالفون بروايته، ولا يصح التمسك به في مقام الاحتجاج كما مر مرارا، والاصل في أكثرها ما رواه البخاري (9)، عن عثمان بن عبد الله (10)، قال: قال (11) رجل من أهل مصر لعبدالله بن عمر: إني سائلك عن شئ فحدثني، هل تعلم أن عثمان

 

(1) لا توجد: ثم، في (س). (2) هنا كلمة: فصفح، خط عليها في (ك). (3) في (س): يميني. (4) في (س): يميني. (4) في (س): وروى. (5) في (س): مغفورا، وهو سهو. (6) في المصدر: يحيط، وما أثبت هنا كان نسخة في المصدر. (7) في (س): يدخلنها. (8) ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 / 69، بتصرف كثير واختصار. (9) صحيح البخاري 6 / 122 [5 / 18 - 19 دار الشعب]، وقد نقلها بالمعنى. (10) في المصدر: بن موهب. (11) في (ك): قال سأل.

 

[255]

فر يوم أحد ؟. قال: نعم. فقال: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد ؟. قال: نعم. قال: تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها ؟. قال: نعم. قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبين لك، أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله تعالى (1) عفا عنه وغفر له، وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وكانت مريضة، فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه، وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحدا أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة. فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بيده اليمنى: هذه يد عثمان، فضرب بها على يده. فقال: هذه لعثمان، ثم قال له (2) ابن عمر: اذهب بها الآن معك (3). وابن عمر هو الذي قعد عن نصرة أمير المؤمنين عليه السلام وبايع رجل الحجاج (4)، ولاعبرة بقوله وروايته، مع قطع النظر عن سائر رواه الخبر، وحديث العشرة المبشرة أيضا مما تفردوا بروايته، وسيأتي في قصة الجمل تكذيب أمير المؤمنين

 

(1) لا يوجد في البخاري: تعالى. (2) لا توجد: له، في (س)، وفي المصدر: فقال. (3) وقريب منه ما أورده إمام الحنابلة في مسنده 2 / 101، وبهذا المضمون أخرج الحاكم في المستدرك 3 / 98، وهناك رواية طويلة أعرضنا عن سردها هنا أوردها المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 94، وقد حذف سندها تحفظا عليها !، وفي متنها شواهد تدل على وضعها، وانها مكذوبة مختلفة. أقول: ألا تعجب من هذه الاعذار الباردة وهل خفيت على الصحابة الحضور يوم بدر - ولم يكن معهم ابن عمر إلا صبيا استصغره رسول الله (ص) - البالغ جمعهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا - صحيح البخاري 6 / 74، تاريخ الطبري 2 / 272، سيرة ابن هشام 2 / 354 - وعلى الذين بايعوا تحت الشجرة، وكانوا ألفا وأربعمائة أو أكثر - صحيح البخاري 7 / 223 في تفسير سورة الفتح، تفسير القرطبي 16 / 276 - وبضع هذه الروايات جاء بها عثمان نفسه. (4) انظر ترجمته وضعفه في الحديث عند العامة في الغدير 10 / 42 - 46، تجد ما يكفيك.

 

[256]

عليه السلام هذه الرواية (1)، ويؤيد ضعفه أيضا أنه ليس بمروي في صحاحهم إلا عن رجلين عدا أنفسهما من جملة العشرة، وهما سعيد بن زيد بن عمرو (2) بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف، والتهمة في روايتهما لتزكيتهما أنفسهما واضحة. ويؤكده أيضا ما ذكره السيد الاجل رضي الله عنه في الشافي (3) من: أنه تعالى لا يجوز أن يعلم مكلفا - يجوز أن يقع منه القبيح والحسن وليس بمعصوم من الذنوب - بأن عاقبته الجنة، لان ذلك يغريه بالقبيح، ولا خلاف في أن أكثر العشرة (4) لم يكونوا معصومين من الذنوب، وقد أوقع بعضهم بالاتفاق كبائر وإن ادعى المخالفون أنهم (5) تابوا منها، قال: ومما يبين بطلان هذا الخبر أن أبا بكر لم يحتج به لنفسه ولا احتج له به في مواطن وقع فيه الاحتياج (6) إلى الاحتجاج كالسقيفة وغيرها، وكذلك عمر، وعثمان لما حصر (7) وطولب بخلع نفسه وهموا بقتله، وقد رأينا (8) احتج بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب، وذكر القطع له بالجنة أولى منها وأحرى بأن (9) يعتمد عليه في الاحتجاج، وفي عدول الجماعة من ذكره دلالة واضحة على بطلانه. انتهى. ويؤيد بطلانه - أيضا - أن كثيرا من أعيان المهاجرين والانصار كانوا بين

 

(1) بحار الانوار 36 / 324، وهي من افتراءات سعيد بن زيد بن نفيل في ولاية عثمان، وانظر: البحار 72 / 142، وكذا في 49 / 189 - 190، وفصل الحديث في الحديث شيخنا الاميني في غديره 10 / 118 - 128، فلاحظ. (2) في (س): عمر، وهو غلط. (3) الشافي 4 / 30. (4) في المصدر: ولا خلاف أن التسعة. (5) جاءت العبارة في الشافي هكذا: على مذهب خصومنا كبائر وواقع خطايا وإن ادعوا أنهم.. (6) في المصدر: دفع فيها، بدلا من: وقع فيه الاحتياج. (7) في (ك): حصر له. (8) في الشافي: رأيناه. (9) في المصدر: ان.

 

[257]

قاصد لقتل عثمان خارج عليه وبين راض بقتله، وتركوه بعد قتله منبوذا بالعراء غير مدفون حتى دفن في المزبلة بعد ثلاثة أيام (1)، وكيف يظن ذلك بأمثال هؤلاء مع علمهم بكونه من أهل الجنة ؟ وكيف لم يحتج أنصاره من بني أمية عليهم بهذا ؟ وهل يظن بأمير المؤمنين عليه السلام أن يتركه كذلك ثلاثة أيام مع علمه بذلك ؟ وأيضا لو صح ذلك لزم كفر طلحة بكونه من المستحلين بقتله، ولا ريب في أن استحلال قتل من شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة لصغائر مكفرة ليس بأدون من استحلال شرب جرعة من الخمر، وكذلك يلزم كفر كل من المتخاصمين يوم الجمل لكون كل منهما مستحلين لقتل الآخر مع الشهادة لهما بالجنة، والاول باطل عند المخالفين، والثاني عند الجميع، فإن من الخصمين أمير المؤمنين عليه السلام وقد استحل قتل طلحة والزبير، والقول بعدم علمهم بهذه الشهادة ظاهر الفساد. ويؤكد بطلانه - أيضا - ما روي من أن عمر بن الخطاب سأل حذيفة عن عد رسول الله (ص) إياه في جملة المنافقين (2)، إذ لو كان ممن قطع له بالجنة لم يختلجه الشك في النفاق. ثم لو قطعنا النظر عن تفرد المخالفين بتلك الروايات ودلالة الشواهد والادلة المعارضة لها على وضعها وبطلانها، نقول: يرد على ما استند إليه من الرواية أنها إما أن تحمل على ظاهرها الذي فهمه ابن أبي الحديد (3) من الرخصة العامة والمغفرة الشاملة لما تقدم من ذنبهم وما تأخر، أو يتطرق التجوز إليها وتخصيص عمومها، وعلى الاول يلزم سقوط التكليف عن البدريين والرخصة لهم في ارتكاب المحرمات كبائرها وصغائرها، ولو كان الفعل مما يؤدي إلى الكفر

 

(1) سيأتي تفصيلا مع مصادره. (2) وقد مر مفصلا مع مصادره في مطاعن عمر، وراجع بحار الانوار 21 / 196 - 222، وغيره. (3) في شرحه على نهج البلاغة 3 / 69. وقد مر قريبا.

 

[258]

كالاستخفاف بالقرآن ونحو ذلك، وهذا لو لم يكن الاعتقاد مندرجا في العمل المشتمل عليه الرواية وإلا فالامر أوضح، والبدريون - على المشهور - كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا (1) مع (2) القوم الذين ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله بسهامهم وهم غائبون، وعدتهم ثمانية. وسقوط التكليف عن هؤلاء القوم مخالف للاجماع ولضرورة الدين، ولم يدع أحد العصمة في أهل البدر إلا في علي عليه السلام، ولا ريب في أن الباقين كانوا يكتسبون الآثام ويقارفون الذنوب، وفي إعلامهم بالمغفرة لهم في الذنوب التي يرتكبونها بعد ذلك إغراء ظاهر لهم بالقبيح، وهو قبيح. وعلى الثاني، فإما (3) أن يخصص الرخصة بالصغائر ويعمم المغفرة بالذنوب (4) السالفة والمستأنفة، وحينئذ يتوجه مع مخالفة الضرورة والاجماع أنه لا يستلزم المدعى، إذ الرخصة في الصغائر وغفر انها مما لا يوجب كون ما صدر منهم من الصغائر المكفرة، ومع ذلك تعميم المغفرة - المبتني عليه الوجهان - مخالف للظاهر، وهو ظاهر. وإما أن يخصص المغفرة بالذنوب السالفة ويكون المراد بلفظة: اعملوا ما شئتم، المبالغة في حسن ما عملوا في بدر وإظهار الرضا الكامل لعملهم الصالح من غير رخصة لهم في الايام الآتية، وحينئذ فلا تعلق للرواية بالمدعى، هذا على تقدير تسليم المساواة التي ادعاها ابن أبي الحديد (5) في عثمان للبدريين. ومستند من رواه من أهل السير ليس إلا قول ابن عمر كما عرفت. وأما ما تمسك به ثانيا من أنه في حكم من بايع بيعة الرضوان، وأن رسول

 

(1) وقيل أربعة عشر، كما في صحيح البخاري 6 / 74، وتاريخ الطبري 2 / 272، وسيرة ابن هشام 2 / 354 وغيرها. (2) في (س): على، بدلا من: مع. (3) في (س): إما. (4) في (س): في الذنوب. (5) في شرحه للنهج 3 / 69. (*)

 

[259]

الله صلى الله عليه وآله بايع عنه، فبعد تسليم صحة الرواية يتوجه عليه أنه لا دلالة له على المدعى بوجوه: الاول: إن دخول عثمان واضرابه في المؤمنين ممنوع، وقد علق الله الرضا في الآية على الايمان والبيعة دون البيعة وحدها حتى يكون جميع من بايع تحت الشجرة مرضيا، وقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام ما يدل على نفاق الثلاثة وكفرهم. الثاني: أن كون الالف واللام للاستغراق ممنوع، كما أشار إليه السيد رضي الله عنه في الشافي (1) حيث قال: الظاهر عندنا أن آلة التعريف مشتركة مترددة بين العموم والخصوص، وإنما يحمل (2) على أحدهما بدلالة غير الظاهر، وقد دللنا على ذلك في مواضع كثيرة، وخاصة في كلامنا المنفرد للوعيد من جملة (3) مسائل أهل الموصل. قال علي عليه السلام (4): إنه تعالى قد وصف من رضي عنه ممن بايع تحت الشجرة بأوصاف قد علمنا أنها لم تحصل لجميع المبايعين، فيجب أن يختص الرضا بمن اختص بتلك الاوصاف، لانه تعالى قال: [فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا] (5) ولا خلاف بين أهل النقل في أن الفتح - الذي كان بعد بيعة الرضوان بلا فصل - هو فتح خيبر، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر وعمر فرجع كل واحد منهما منهزما ناكصا على عقبيه، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وقال: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله

 

(1) الشافي 4 / 17، بتصرف واختصار. (2) رسائل الشريف المرتضى 1 / 147 - 151، جواب المسائل الطبرية، ولم نجد جواب المسائل الموصلية الاولى، والمطبوع منها الثانية والثالثة. (3) في الشافي زيادة: جواب، قبل مسائل. (4) كما قاله السيد في الشافي 4 / 18، بتصرف. (5) الفتح: 18.

 

[260]

ورسوله (1) كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه (2). فدعا أمير المؤمنين عليه السلام - فكان (3) أرمد فتفل في عينيه فزال ما كان يشتكي - وأعطاه الراية ومضى متوجها وكان الفتح على يديه، فيجب أن يكون هو المخصوص بحكم الآية، ومن كان معه في ذلك الفتح من أهل البيعة تحت الشجرة لتكامل الشرائط فيهم، ويجب أن يخرج عنها من لم يجتمع له (4) الشرائط، وليس لاحد أن يقول إن الفتح كان لجميع المسلمين وإن تولاه بعضهم وجرى على يديه، فيجب أن يكون جميع أهل بيعة الرضوان ممن رزق الفتح وأثيب به، وهذا يقتضي شمول الرضا للجميع، وذلك لان هذا عدول عن الظاهر، لان من فعل الشئ بنفسه هو الذي يضاف إليه على سبيل الحقيقة، ويقال إنه أثيب به ورزق إياه، ولو جاز ذلك جاز أن يوصف من كان بخراسان من المسلمين بأنه هزم جنود الروم وفتح حصونهم وإن وصفنا بذلك من يتولاهم (5) ويجري على يديه. انتهى. ودخول عثمان في جملة من جرى الفتح على أيديهم [مع أنه] مما لم يذكره أرباب السير، بل الظاهر عدمه كما خرج عنهم المتقدمان عليه، فهو في محل المنع، كما أن دخوله فيمن أنزلت (6) عليه السكينة ممنوع. الثالث: إنه بعد تسليم شمول الآية له لا دلالة للرضا عن المؤمنين حال البيعة، أو لها (7) على أنه لا يصدر عنهم كبيرة بعد ذلك حتى يكون أحداث عثمان من الصغائر المكفرة، وقد كان أهل بيعة الرضوان على ما ذكره أرباب السير -

 

(1) في المصدر: يحب الله تعالى ورسوله ويحبه الله. (2) في الشافي: عليه، بدلا من: على يديه. (3) في المصدر: وكان. (4) لا توجد: له، في (ك). (5) في المصدر: من يتولاه. وما هنا نسخة في (ك). (6) في (س): نزلت. (7) أي لا دلالة في الآية على أنه لا يصدر عنهم..

 

[261]

ألفا وخمسمائة أو ثلاثمائة (1)، وقد كان منهم من يرتكب أنواع المحرمات، وهل يقول عاقل بعدم صدور كبيرة واحدة عن أحد من هؤلاء مع كثرتهم. وما تمسك به من حديث بشارة العشرة (2) فبعدما عرفت من أنها من الروايات التي تفردوا بها وقامت الشواهد على ضعفها وبطلانها، يتوجه عليه أن الرواية - على تقدير صحتها - لا تدل على صلاحية الامامة، إذ ليس جميع أهل الجنة مستأهلين للامامة، وليس المانع عنه مقصورا على ارتكاب الكبيرة المخرجة عن الاسلام الموجبة لدخول النار - على ما زعمه ابن أبي الحديد (3) وأصحابه -. ومن جملة الموانع الضعف عن القيام بأمر الامامة وعدم القدرة على دفع الاشرار والجهل بالاحكام، وعدم استقرار الرأي لضعف العقل ونحو ذلك. ومن جملة مطاعنه الضعف عن منع الاشرار والفساق من بني أمية، وقد عزم - غير مرة - على عزل كثير منهم لما رأى من ظلمهم وانحراف الناس عنه لاجلهم فحال مروان بينه وبين ما أراد حتى حصبوه على المنبر، وآل الحال إلى الحصر والقتل. ومنها الجهل بكثير من الاحكام كما عرفت، فبعد تسليم الرواية أيضا لا يتم الجواب. أقول: وعد (4) أبو الصلاح في تقريب المعارف (5) من بدعه تقليد عبد الله ابن عامر بن كريز على البصرة للخؤلة التي بينهما، وعبد الله بن أبي سرح على مصر

 

(1) وقيل: ألفا وأربعمائة أو أكثر، انظر: صحيح البخاري 7 / 223 في تفسير سورة الفتح، وتفسير القرطبي 16 / 276، وانظر: بحار الانوار 36 / 121 و 20 / 354 - 358. (2) تحدث شيخنا الاميني في غديره 10 / 118 - 128 عن حديث العشرة المبشرة سندا ومتنا، فلاحظه. وكذا ذكر فضائل عثمان الموضوعة المختلفة وناقشها بما لا مزيد عليه في الغدير 8 / 126، و 9 / 328 - 338، و 10 / 137 - 190 و 212. (3) شرح ابن أبي الحديد 3 / 69. (4) في المطبوع من البحار: وعدا. (5) تقريب المعارف: لم يطبع هذا القسم من الكتاب لمصالح رآها مصححه.

 

[262]

للرضاعة التي بينهما، ويعلى بن أمية على اليمن، وأسيد بن الاخنس بن شريق على البحرين لكونه ابن عمته، وعزل المأمونين من الصحابة على الدين المختارين الولاية المرضيين السيرة. قال: ومنها: استخفافه بعلي عليه السلام حين أنكر عليه تكذيب أبي ذر (1). ومنها: عزل عبد الله بن الارقم عن بيت المال لما أنكر عليه إطلاق الاموال لبني أمية بغير حق (2). ومنها: قوله لعبد الرحمن بن عوف: يا منافق ! (3)، وهو الذي اختاره وعقد له (4). ومنها: حرمانه (5) عائشة وحفصة ما كان أبو بكر وعمر يعطيانهما، وسبه لعائشة وقوله - وقد أنكرت عليه الافاعيل القبيحة -: لئن لم تنتهي لادخلن عليك الحجرة سودان الرجال وبيضانها !. ومنها: حماية الكلا وتحريمه على المسلمين وتخصصه به ومنع غلمانه الناس

 

(1) قد سلف بعض مصادره، انظر منها: الانساب 5 / 52 - 54، طبقات ابن سعد 4 / 168، مروج الذهب 1 / 438، تاريخ اليعقوبي 2 / 148، شرح ابن أبي الحديد 1 / 240 - 242، فتح الباري 3 / 213، عمدة القاري 4 / 491. ومنه قوله لعلي - عليه السلام: ما أنت بأفضل عندي من مروان ! ! !. (2) انظر: أنساب البلاذري 5 / 58. وذكر أبو عمر في الاستيعاب وابن حجر في الاصابة حديث عبد الله بن أرقم في ترجمته ورده ما بعث إليه من ثلاثمائة ألف درهم وقوله: والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطى ثلاثمائة ألف درهم ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن آخذ من ماله شيئا. (3) لا توجد في (س): يا منافق. (4) وقد أورد في تاريخ الخميس 2 / 268 جملة من مطاعن عثمان، وقال في السيرة الحلبية 2 / 87: من جملة ما انتقم به على عثمان أنه حبس عبد الله بن مسعود وهجره، وحبس عطاء أبي بن كعب، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية، وضرب عمار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطا، ونفاه إلى بعض الجبال.. وقال لعبد الرحمن بن عوف: إنك منافق. (5) هذه الكلمة مشوشة في (س).

 

[263]

منه، وتنكيلهم بمن أراده. ومنها: ضربه عبد الله بن حذيفة بن اليمان حتى مات من ضربه، لانكاره عليه ما يأتيه غلمانه إلى المسلمين في رعي الكلا. ومنها: أكله الصيد - وهو محرم - مستحلا، وصلاته بمنى أربعا، وإنكاره متعة الحج. ومنها: ضربه عبد الرحمن بن حنبل الجمحي - وكان بدريا - مائة سوط، وحمله على جمل يطاف به في المدينة لانكاره عليه الاحداث وإظهاره عيوبه في الشعر (1)، وحبسه بعد ذلك موثقا بالحديد حتى كتب إلى علي وعمار من الحبس: أبلغ عليا وعمارا فإنهما * بمنزل الرشد إن الرشد مبتدر (2) لا تتركا جاهلا حتى توقره (3) * دين الاله وإن هاجت به مرر لم يبق لي منه إلا السيف إذ علقت * حبال (4) الموت فينا الصادق البرر يعلم بأني مظلوم إذا ذكرت * وسط الندى حجاج القوم والغدر فلم يزل علي عليه السلام بعثمان يكلمه حتى خلى سبيله على أن لا يساكنه بالمدينة، فسيره إلى خيبر، فأنزله قلعة بها تسمى: القموص، فلم يزل بها حتى ناهض المسلمون عثمان وساروا إليه من كل بلد، فقال في الشعر: لولا علي فإن الله أنقدني * على يديه من الاغلال والصفد لما رجوت لدى شد بجامعة * يمنى يدي غياث الفوت من أحد

 

(1) قال اليعقوبي في تاريخه 2 / 150:.. وكان سبب تسييره إياه أنه بلغه كرهه مساوي ابنه وخاله، وأنه هجاه بأبيات. وذكر في الاستيعاب أنه لما أعطى عثمان مروان خمسمائة ألف من خمس افريقية هجا عبد الرحمن عثمان فأمر به فحبس بخيبر. (2) الكلمة مشوشة في مطبوع البحار. (3) جاء في تاريخ الطبري: يوقره. (4) في (ك): جبال - بالجيم المعجمة -. وفي المصادر الآتية: حبائل. وهو الظاهر.

 

[264]

نفسي فداء علي إذ يخلصني * من كافر بعدما أغضى على صمد (1) ومنها: تسيير حذيفة بن اليمان إلى المدائن حين أظهر ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله فيه وأنكر أفعاله، فلم يزل يعرض بعثمان حتى قتل (2). ومنها: نفي الاشتر ووجوه أهل الكوفة عنها إلى الشام حين أنكروا على سعيد بن العاص ونفيهم من دمشق إلى حمص (3).

 

(1) سبقت مصادره، وانظر: تاريخ الطبري 6 / 25، تاريخ اليعقوبي 2 / 150، الاستيعاب 2 / 410، شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 66، الاصابة 2 / 395. (2) ومنها: تسيير عامر بن عبد قيس البصري الزاهد الناسك إلى الشام. وقد ذكره ابن حجر في الاصابة 3 / 85، وابن قتيبة في المعارف: 84 و 194، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 261، والراغب الاصفهاني في المحاضرات 2 / 212، والطبري في التاريخ 5 / 94، وابن الاثير في الكامل 3 / 62، وابن خلدون في تاريخه 2 / 390 وغيرهم. وقال البلاذري في الانساب 5 / 57: قال أبو مخنف لوط بن يحيى وغيره: كان عامر بن قيس التميمي ينكر على عثمان أمره وسيرته، فكتب حمران بن أبان مولى عثمان إلى عثمان بخبره، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر بن كريز فحمله، فلما قدم عليه فرآه، وقد أعظم الناس إشخاصه وإزعاجه عن بلده لعبادته وزهده. وقال ابن قتيبة في المعارف: كان خيرا فاضلا. ومنها: تسييره كعب بن عبدة وضربه، حيث أشخصه سعيد من الكوفة إلى المدينة وأمر عثمان بكعب فجرد وضرب عشرين سوطا وسيره إلى دباوند، ويقال إلى الري، وفي ثالثة إلى بعض الجبال. قد فصل القصة البلاذري في الانساب 5 / 41 - 42، والطبري في تاريخه 5 / 137، والرياض النضرة 2 / 140 - 149، والصواعق المحرقة لابن حجر: 68، والسيرة الحلبية 2 / 78، والشرح لابن أبي احديد 1 / 168، وغيرهم. ومنها: تسييره عمرو بن زرارة النخعي الصحابي إلى الشام. ذكره البلاذري في الانساب 5 / 30، وأسد الغابة 4 / 104، والاصابة 1 / 548 و 2 / 536. (3) روى البلاذري في الانساب 5 / 40 - 41 بسنده قصة تسيير صلحاء الكوفة من العلماء والاوتاد إلى الشام وبعض إلى حمص، بعد أن أمر عثمان واليها عليها سعيد بن العاص، حيث سير مالك بن الحارث الاشتر النخعي، وزيد وصعصعة بن صوحان، وحرقوص بن زهير السعدي، وجندب بن زهير الازدي، شريح بن أوفى بن يزيد بن زاهر العبسي، وكعب بن عبدة النهدي - وكان ناسكا -، وعدي بن حاتم الطائي أبا طريف، وكدام بن حضري بن ثقف، ويزيد بن قيس الارحبي، =

 

[265]

ومنها: معاهدته لعلي عليه السلام ووجوه الصحابة على الندم على ما فرط منه والعزم على ترك معاودته، ونقض ذلك والرجوع عنه مرة بعد مرة، وإصراره على ما ندم منه وعاهد الله تعالى وأشهد القوم على تركه من الاستئثار بالفئ وبطانة السوء وتقليد الفسقة أمور المسلمين (1). ومنها: كتابه إلى ابن أبي سرح بقتل المصريين والتنكيل بالاتباع وتخليدهم (2) الحبس - لانكارهم ما يأتيه ابن أبي سرح إليهم - ويسير به فيهم من الجور الذي اعترف به وعاهد على تغييره (3).

 

= وعائذ بن حملة الطهوي من بني تميم، وكميل بن زياد النخعي، والحارث بن عبد الله الاعور الهمداني، ويزيد بن المكفف النخعي، وثابت بن قيس بن المنقع النخعي، وأصعر [اصغر، كما في أنساب الاشراف والاصابة] بن قيس بن الحارث الحارثي الهمداني.. وغيرهم. وللقصة ذيول وتفضيلات تجدها في تاريخ الطبري 5 / 88 - 90، والكامل لابن الاثير 3 / 57 - 60، وشرح النهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 158 - 160، وتاريخ ابن خلدون 2 / 387 - 389، وتاريخ أبي الفداء 1 / 168 في حوادث سنة 33 ه‍. (1) قد فصل البلاذري في الانساب 5 / 26 - 69، 95، والطبري في تاريخه 5 / 105، 111، 112، 115، 116 و 119 - 121 معاهدته وتكررها منه ونقضه كرارا أيضا، وجاء في الامامة والسياسة 1 / 33 - 37، والمعارف لابن قتيبة: 84، والعقد الفريد 2 / 263، والرياض النضرة 2 / 123، 125، والكامل لابن الاثير 3 / 67 - 71 و 94، وتاريخ ابن خلدون 2 / 396 - 397، وحياة الحيوان للدميري 1 / 53، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 163 - 166، والصواعق المحرقة: 69، وتاريخ الخميس 2 / 259، وتاريخ اليعقوبي 2 / 152، والفتنة الكبرى: 226، والسيرة الحلبية 2 / 84، 87، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 106، 107، وتاريخ ابن كثير 7 / 172 - 184 و 186 و 189 وغيرها كثير جدا. وتعرض لها في الغدير 9 / 170 - 197، فراجع. (2) في (س): وتقليدهم. (3) انظر مثالا: الانساب 5 / 26 - 69 و 95، والامامة والسياسة 1 / 33 - 37، والمعارف لابن قتيبة: 84، والعقد الفريد 2 / 263، وتاريخ الطبري 5 / 119 - 120، والرياض النضرة 2 / 123، 125، والكامل لابن الاثير 3 / 70، 71، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 165 - 166، وتاريخ ابن كثير 7 / 173 و 174، وحياة الحيوان للدميري 1 / 53، وتاريخ ابن خلدون 2 / 397، وتاريخ الخميس 2 / 259، والصواعق المحرقة: 69، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 106 - 107، والسيرة الحلبية 2 / 84، 86، 87. وقد استوفى البحث شيخنا الاميني - رحمه الله - في الغدير 9 / 177 - =

 

[266]

ومنها: تعريضه نفسه ومن معه من الاهل والاتباع للقتل، ولم يعزل ولاة السوء. ومنها: استمراره على الولاية مع إقامته على المنكرات الموجبة للفسخ، وتحريم التصرف في أمر الامة، وذلك تصرف قبيح، لكونه غير مستحق عندهم مع ثبوت الفسق (1). بيان: قوله: مبتدر.. على بناء المفعول.. أي ينبغي أن يبتدر إليه. قوله: حتى توقره (2).. بصيغة الخطاب بقصد كل واحد، أو بصيغة الغيبة. فقوله: دين الاله فاعله. وهيجان المرة (3).. كناية عن السفاهة والغضب في غير محله. قوله: يعلم.. أي الصادق البر، أو على بناء المجهول. وقوله: حجاج القوم.. مفعول مكان فاعل ذكرت (4). والندي - بالتشديد وكسر الدال -: مجتمع القوم (5). قوله: لما رجوت.. مفعول غداة الغوثة كما في بعض النسخ، وفي بعضها: غياث الفوت.

 

= 185 بما لا مزيد عليه. (1) ومنهما: كتمانه لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخرج إمام الحنابلة في مسنده 1 / 65، عن أبي صالح، قال: سمعت عثمان يقول على المنبر: أيها الناس ! إني كتمتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم كراهية تفرقكم عني.. ! ونظيره جاء في 1 / 57، فراجع.. وسنتعرض استدراكا جملة من مطاعنه الاخرى. (2) قال في القاموس 2 / 155: الوقر: ثقل في الاذن، أو ذهاب السمع كله، وقد وقر - كوعد ووجل -.. وقرها الله يقرها.. واوقر الدابة إيقارا وقرة. (3) قال الطريحي في المجمع 3 / 481: المرة: خلط من أخلاط البدن غير الدم، وقال أيضا فيه 2 / 337: هاج الشئ يهيج: إذا ثار. (4) كذا، والظاهر: وقوله حجاج مفعول لفعل: ذكرت. (5) كما ذكره في مجمع البحرين 1 / 412، والصحاح 6 / 2505، والقاموس 4 / 394.

 

[267]

قوله: لدي شد ظرفه.. أي لما رجوت عند شد يدي اليمنى إلى عنقي بالجامعة. الغياث من الفوت أو غداة الغوث.. أي غداة يغيثني فيه غياث. قوله: بعدما أغضي.. أي اغمض (1) عن حقي. على صمد.. أي عمد (2). ثم قال رحمه الله في التقريب (3): وأما النكير على عثمان فظاهر مشهور من أهل الامصار، وقطان المدينة من الصحابة والتابعين، يغني بشهرة جملته عن تفصيله، ونحن نذكر من ذلك طرفا يستدل به على ما لم نذكره، فمن ذلك: نكير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (4): ما رواه الثقفي (5) من عدة طرق، عن قيس بن أبي حازم، قال: أتيت عليا

 

(1) وقد جاء في القاموس المحيط 4 / 370، ومجمع البحرين 1 / 318، والصحاح 6 / 2447. (2) الصمد: القصد، كما في مجمع البحرين 3 / 88، والقاموس 1 / 308، والصحاح 2 / 499. وفي (س): عمدا - بالنصب -. (3) تقريب المعارف، وقد جاء في القسم الثاني الشامل لمطاعن الخلفاء الثلاثة وغيرهم، ولم يطبع مع الاسف، وإن عد جملة من مطاعنه في القسم الاول: 163 - 167، فلاحظ. (4) إن ما جرى بين أمير المؤمنين أبي الحسن عليه السلام وعثمان قصة طويلة وذات جذور أصيلة بامتداد الزمن ونزاع الحق والباطل والنور والظلمة.. وحديث ذو شجون، فهو في الوقت الذي يحدثنا التاريخ عن كلمات جافية وتعابير مهينة وعبارات - قائلها أحق بها - صدرت من الخليفة الثالث، ذكر جملة منها شيخنا الاميني في غديره 9 / 60 - 63 نجده يهدد ويهم بنفي أبي الحسن عليه السلام من المدينة، بل هم أكثر من مرة أن يقاتل عليا عليه السلام، كما أخرج أبو عمر في كتاب العلم 2 / 30، وانظر ما جاء في زاد المعاد لابن القيم الجوزية 1 / 177 - 225 وغيرها. ولا حظ نكيره سلام الله عليه في الغدير 9 / 69 - 77. مع أنه أورد في الغدير 8 / 214 عن الحافظ العاصمي في كتابه: زين الفتى في شرح سورة هل أتى.. في قصة طريفة قال في آخرها الخليفة: لولا علي لهلك عثمان. (5) أقول: اقتصر شيخنا المجلسي في عد هذه المطاعن على تقريب المعارف لابي الصلاح وهو قد اكتفى في ما ذكره على مصدرين - كما سيصرح في آخر كلامه - هما تاريخ الثقفي والواقدي، وقد فحصنا موارد متعددة مما ذكره عنهما في الغارات للثقفي، أو المغازي للواقدي فلم نجدها، نعم جاء ذكر المصدرين في كل من الشافي للسيد المرتضى وتلخيصه للشيخ الطوسي وغيرهما من كتب التاريخ =

 

[268]

عليه السلام أستشفع به إلى عثمان، فقال: إلى حمال الخطايا (1). وروى الثقفي: أن العباس كلم عليا في عثمان، فقال: لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت، ولكن أبي أن يقيم كتاب الله (2). وروى الثقفي، عن علي عليه السلام، قال: دعاني عثمان، فقال: أغن عني نفسك ولك عير أولها بالمدينة وآخرها بالعراق. فقلت: بخ بخ قد (3) أكثرت لو كان من مالك. قال: فمن مال من هو ؟. قلت: من مال قوم ضاربوا بأسيافهم. قال لي: أو هناك تذهب ؟ !، ثم قال إلي فضربني حتى حجره عني الربو (4)، وأنا أقول له: أما إني لو شئت لانتصفت. وذكر الواقدي في كتاب الدار، قال: دخل سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن

 

= والسير، وقد أدرجنا بعضها، فلاحظ. (1) قد نقل ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 179 [اربع مجلدات]: أن عليا عليه السلام قال في منبر الكوفة: يا أبناء المهاجرين ! انفروا إلى أئمة الكفر، وبقية الاحزاب، وأولياء الشيطان، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا، فو الله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا، وقد سلف. (2) وقد أخرج القصة مفصلا في الانساب 5 / 14. وانظر كلامه سلام الله عليه في عثمان في نهج البلاغة 1 / 76 وما فسره به ابن أبي الحديد في شرحه 1 / 158، وما جاء فيه أيضا 1 / 468 [أربع مجلدات] جوابا لابن عباس وفيه: والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آئما، وما جاء في أنساب البلاذري 5 / 98 و 101، وكتاب صفين لابن مزاحم: 227، وتاريخ الطبري 6 / 4، والكامل 3 / 125. وتجد في العقد الفريد 2 / 274، والامامة والسياسة 1 / 30، وغيرهما: كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه، فلما أكثر عليه قال له: إن أباك يرى أن أحدا لا يعلم ما يعلم، ونحن أعلم بما نفعل ! فكف عنه. ولا حظ: الخطبة الشقشقية:.. إلى أن قام ثالث القوم.. وغيرها كثير جدا. (3) لا توجد: قد، في (س). (4) الرابيعة: التي أخذها الربو، وهو النهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته. قاله في النهاية 2 / 192، وقريب منه في غيره، وسيأتي في بيان المصنف طاب ثراه.

 

[269]

ابن عوف والزبير وطلحة وعلي بن أبي طالب عليه السلام على عثمان فكلموه في (1) بعض ما رأوا منه، فكثر الكلام بينهم، وكان علي عليه السلام من أعظمهم عليه، فقام علي عليه السلام مغضبا فأخذ الزبير بثوبه، فقال: اجلس، فأبى، فقال عثمان: دعه فوالله ما علمت أنه لما يكل (2)، والله لقد علم أنها لا تكون فيه ولا في واحد من ولده. وروى الواقدي في كتابه، عن ابن عباس: أن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا أنه صلى بمنى أول ولايته ركعتين حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتى جاءه (3) علي في من جاءه، فقال: والله ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد عهدت نبيك صلى الله عليه وآله صلى ركعتين ثم أبا بكر وعمر وأنت صدرا من ولايتك، فما هذا ؟. قال عثمان: رأي رأيته. نكير أبي بن كعب: وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده، قال: جاء (4) رجل إلى أبي بن كعب، فقال: يا أبا المنذر ! إن عثمان قد كتب لرجل من آل أبي معيط بخمسين ألف درهم إلى بيت المال، فقال أبي: لا يزال تأتوني بشئ ما أدري ما هو فيه ؟ فبينا هو كذلك إذ مر به الصك، فقام فدخل على عثمان، فقال: يا بن الهاوية ! يا بن النار الحامية ! أتكتب لبعض آل أبي معيط إلى بيت مال المسلمين بصك بخمسين ألف درهم ؟ !، فغضب عثمان وقال: لولا أني قد كفيتك لفعلت بك كذا وكذا. وذكر (5) الثقفي في تاريخه، قال: فقام رجل إلى أبي بن كعب، فقال: يا أبا

 

(1) وضع على: في، رمز نسخة بدل في (ك). (2) خ. ل: لا ينكل. وتقرأ في المطبوع: لم أيكل. (3) قد تقرأ في (ك): حتى جاء به. (4) لا توجد في (س): جاء. (5) لا توجد: وذكر، في (س).

 

[270]

المنذر ! ألا تخبرني عن عثمان ما قولك فيه ؟ فامسك عنه، فقال له الرجل: جزاكم الله شرا يا أصحاب محمد ! شهدتم الوحي وعاينتموه ثم نسألكم التفقه في الدين فلا تعلمونا ؟ !. فقال أبي عند ذلك: هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة، أما والله ما عليهم آسي ولكن آسي على ومن (1) أهلكوا. والله لئن أبقاني الله إلى يوم الجمعة لاقومن مقاما أتكلم فيه بما أعلم، أقتلت (2) أو استحييت، فمات رحمه الله يوم الخميس. نكير أبي ذر: روى الثقفي في تاريخه بإسناده، عن ابن عباس، قال: استأذن أبو ذر على عثمان فأبى أن يأذن له، فقال لي: استأذن لي عليه. قال ابن عباس: فرجعت إلى عثمان فاستأذنت له عليه، قال: إنه يؤذيني. قلت: عسى أن لا يفعل، فأذن له من أجلي، فلما دخل عليه قال له: إتق الله يا عثمان !، فجعل يقول: اتق الله.. وعثمان يتوعده، قال أبو ذر: إنه قد حدثني نبي الله صلى الله عليه وآله أنه يجاء بك وبأصحابك يوم القيامة فتبطحون (3) على وجوهكم، فتمر عليكم البهائم فتطأكم كل ما مرت آخرها ردت أولها، حتى يفصل بين الناس. قال يحيى بن سلمة: فحدثني العرزمي أن في هذا الحديث: ترفعوني حتى إذا كنتم مع الثريا ضرب بكم على وجوهكم فتطأكم البهائم. وذكر الثقفي في تاريخه: إن أبا ذر لما رأى أن عثمان قد أمر بتحريق المصاحف، فقال: يا عثمان ! لا تكن أول من حرق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق. وذكر في تاريخه، عن ثعلبة بن حكيم، قال: بينا أنا جالس عند عثمان - وعنده أناس من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله من أهل بدر وغيرهم - فجاء

 

(1) وضع على: الواو، في (ك) رمز نسخة بدل. والظاهر زيادتها. (2) في (ك): قتلت - بلا الهمزة الاستفهامية -. (3) قال في القاموس 1 / 216: بطحه - كمنعه -: ألقاه على وجهه.

 

[271]

أبو ذر يتوكأ على عصاه، فقال: السلام عليكم. فقال: اتق الله يا عثمان ! إنك تسمع.. كذا وكذا، وتصنع.. كذا وكذا.. وذكر مساويه، فسكت عثمان حتى إذا انصرف، قال: من يعذرني من هذا الذي لا يدع مساءة إلا (1) ذكرها. فسكت القوم فلم يجيبوه، فأرسل إلى علي عليه السلام، فجاء، فقام في مقام أبي الذر، فقال: يا أبا الحسن ! ما ترى أبا الذر لا يدع لي مساءة إلا ذكرها ؟. فقال: يا عثمان ! إني أنهاك عن أبي ذر، يا عثمان أنهاك عن أبي ذر.. - ثلاث مرات -، أتركه كما قال الله تعالى لمؤمن آل فرعون: [إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب] (2). قال له عثمان: بفيك التراب !. قال له علي عليه السلام: بل بفيك التراب، ثم انصرف. وروى الثقفي في تاريخه أن أبا ذر دخل على عثمان - وعنده جماعة -، فقال: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ليجاء بي يوم القيامة أو بك وبأصحابك حتى تكون بمنزلة الجوزاء من السماء، ثم يرمى بنا إلى الارض فتوطأ علينا البهائم حتى يفرغ من محاسبة العباد. فقال عثمان: يا أبا هريرة ! هل سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وآله ؟. فقال: لا. قال أبو ذر: أنشدك الله سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قال: أما هذا فقد سمعت، فرجع أبي ذر وهو يقول: والله ما كذبت. وذكر الثقفي في تاريخه: عن عبد الله شيدان السلمي أنه قال لابي ذر: ما لكم ولعثمان ؟، ما تهون عليه، فقال: بلى والله لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا، ولكنه أبي أن يقيم كتاب الله (3).

 

(1) لا توجد: إلا، في (س). (2) غافر: 28. (3) لا توجد في (س) من قوله: وذكر الثقفي.. إلى هنا. وفيه: وذكر الثقفي في تاريخه أن أبا ذر ألقي بين يدي عثمان، فقال: يا كذاب !. فقال علي عليه السلام: ما هو بكذاب. قال: بلى، والله لو =

 

[272]

وذكر الثقفي في تاريخه: أن أبا ذر ألقى بين يدي عثمان، فقال: يا كذاب !. فقال علي عليه السلام: ما هو بكذاب. قال: بلى، والله إنه لكذاب. قال علي عليه السلام: ما هو بكذاب. قال عثمان: الترباء في فيك يا علي !. قال علي عليه السلام: بل الترباء في (1) فيك يا عثمان. قال علي عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قال: أما والله على ذلك لاسيرنه. قال أبو ذر: أما والله لقد حدثني خليلي عليه الصلاة والسلام إنكم تخرجوني من جزيرة العرب. وذكر الثقفي في تاريخه، عن سهل بن الساعدي، قال: كان أبو ذر جالسا عند عثمان وكنت عنده جالسا إذ قال عثمان: أرأيتم من أدى زكاة ماله هل في ماله حق غيره ؟. قال كعب: لا، فدفع أبو ذر بعصاه في صدر كعب، ثم قال: يا ابن اليهوديين ! أنت تفسر كتاب الله برأيك: [ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله..] (2) إلى قوله: [واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين] (3)، ثم قال: ألا ترى أن على المصلي بعد إيتاء الزكاة حقا في ماله ؟ !، ثم قال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ (4) من بيت مال المسلمين مالا فنفرقه فيما ينوبنا (5) من أمرنا ثم نقضيه ؟، ثم قال أناس منهم: ليس بذلك بأس. وأبو ذر ساكت، فقال عثمان: يا كعب ! ما تقول ؟. فقال كعب: لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر عصاه فوجأ بها (6) في صدره، ثم قال: أنت يابن

 

= أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا ولكنه أبى أن يقيم كتاب الله. أقول: هذه العبارة مكررة لا معنى لها. (1) لا توجد في (س): في. (2 و 3) البقرة: 177. (4) في (ك) نسخة بدل: يؤخذ. (5) قد تقرأ في مطبوع البحار: ينوينا. (6) قال في القاموس 1 / 31: وجأه باليد أو بالسكين - كوضعه -: ضربه.

 

[273]

اليهوديين تعلمنا ديننا ؟ !. فقال عثمان: ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي ؟ ! ألحق بمكينك وغيب عني وجهك. وذكر الثقفي، عن الحسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه: أن أبا ذر أظهر عيب عثمان وفراقه للدين، وأغلظ له حتى شتمه على رؤوس الناس وبرئ منه، فسيره عثمان إلى الشام. وذكر الثقفي في تاريخه، عن عبد الرحمن: أن أبا ذر زار أبا الدرداء بحمص فمكث عنده ليالي فأمر (1) بحماره فأوكف (2)، فقال أبو الدرداء: لا أراني الله مشيعك (3)، وأمر بحماره فأسرج. فسارا جميعا على حماريهما، فلقيا رجلا شهد الجمعة عند معاوية بالجابية فعرفهما الرجل ولم يعرفاه (4) فأخبرهما خبر الناس، ثم إن الرجل قال: وخبر آخر كرهت أن أخبركم به الآن وأراكم تكرهانه، قال أبو الدرداء: لعل أبا ذر قد نفي ؟. قال: نعم والله، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات، ثم قال أبو الدرداء: فارتقبهم واصطبر كما قيل لاصحاب الناقة، اللهم إن كانوا كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه ! وإن اتهموه فإني لا أتهمه ! وإن استغشوه فإني لا أستغشه ! إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحدا، ويسر إليه حيث (5) لا يسر إلى أحد، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي الهجة أصدق من أبي ذر.

 

(1) الكلمة مشوشة في المطبوع، وقد تقرأ: قاصر. وما أثبتناه هو الظاهر. (2) قال الجوهري في الصحاح 4 / 1446: والوكاف والاكاف للحمار، يقال: آكفت البغل وأو كفته. وقال الفيروز آبادي في قاموسه 3 / 118: أكاف الحمار - ككتاب وغراب - ووكافه: برذعته، والاكفاف صانعه، وآكف الحمار وأكفه تأكيفا: شده عليه. (3) في (س): الكلمة مشوشة، وقد تقرأ: مشيعتك، أو: شيعتك. (4) كذا، والظاهر: فعرفا الرجل ولم يعرفهما. (5) في (س): حتى.

 

[274]

وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده، قال: قام معاوية خطيبا بالشام، فقال: أيها الناس ! إنما أنا خازن فمن أعطيته فالله يعطيه ومن حرمته فالله يحرمه، فقام إليه أبو ذر، فقال: كذبت والله يا معاوية، إنك لتعطي من حرم الله وتمنع من أعطى الله. وذكر الثقفي، عن ابراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: قلت لمعاوية: أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحدنا فرعون هذه الامة. فقال معاوية: أما أنا فلا (1). وعنه، عن عبد الملك بن أخي أبي ذر، قال: كتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام وبغضك إليهم فما يستفتون غيره، ولا يقضي بينهم إلا هو، فكتب عثمان إلى معاوية: أن احمل أبا ذر على ناب صعبة وقتب (2)،

 

(1) قد أورد في العقد الفريد 2 / 223 [وفي طبعة أخرى: 2 / 285] ومن كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية: أما بعد فوالله ما قتل ابن عمك غيرك، وإني لارجو أن ألحقك به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته. ونقل ابن أبي الحديد في شرحه 4 / 58 [أربع مجلدات] من كتاب ابن عباس إلى معاوية: وأما قولك: إني من الساعين على عثمان والخاذلين والسافكين دمه.. فأقسم بالله لانت المتربص بقتله، والمحب لهلاكه، والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره.. وذكر ابن مزاحم في كتاب صفين: 210، والطبري في تاريخه 5 / 243، وابن الاثير في الكامل 3 / 123، وابن أبي الحديد في شرحه 1 / 342 خطبة شبث بن ربعي معاوية: إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب.. وقد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب... وجاء جواب أبي أيوب الانصاري لمعاوية: إن الذي تربص بعثمان وثبط أهل الشام عن نصرته لانت.. كما في الامامة والسياسة 1 / 93 [وفي طبعة أخرى: 81]، وشرح ابن أبي الحديد المعتزلي 2 / 281. ولعمري، إن النكير على معاوية والكتب إليه من وجوه الصحابة وغيرهم أكثر وأكثر كلها تعرب عن علة خذلانه عثمان حيا ومطالبته بدمه ميتا، وما ذكرناه ليس إلا قطرة من بحر، راجع ما سرده العلامة الاميني في غديره 9 / 149 - 151 وغيرها. (2) قال في القاموس 1 / 135: الناب: الناقة المسنة. وفيه 1 / 114: القتب: الاكاف، وبالتحريك =

 

[275]

ثم ابعث معه من ينجش به نجشا (1) عنيفا حتى يقدم به علي، قال: فحمله معاوية على ناقة صعبة عليها قتب ما على القتب إلا مسح (2)، ثم بعث معه من يسيره سيرا عنيفا، وخرجت معه فما لبث الشيخ إلا قليلا حتى سقط ما يلي القتب من لحم فخذيه وقرح، فكنا إذا كان الليل أخذت ملائي (3) فألقيتهما تحته، فإذا كان السحر نزعتها مخافة أن يروني فيمنعوني من ذلك، حتى قدمنا المدينة وبلغنا عثمان ما لقي أبو ذر من الوجع والجهد، فحجبه جمعة وجمعة حتى مضت عشرون ليلة أو نحوها وأفاق أبو ذر، ثم أرسل إليه - وهو معتمد على يدي - فدخلنا عليه وهو متكي فاستوى قاعدا، فلما دنا أبو ذر منه قال عثمان: لا أنعم الله بعمرو عينا * تحية السخط إذا التقينا فقال له أبو ذر: لم (4) ؟، فوالله ما سماني الله عمروا (5) ولا سماني أبواي عمروا (6)، وإني على العهد الذي فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ما غيرت ولا بدلت. فقال له عثمان: كذبت ! لقد كذبت على نبينا وطعنت في ديننا، وفارقت رأينا، وضغنت قلوب المسلمين علينا، ثم قال لبعض غلمانه: ادع لي قريشا، فانطلق رسوله فما لبثنا أن امتلا البيت من رجال قريش. فقال لهم عثمان: إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الكذاب، الذي كذب على نبينا وطعن في ديننا، وضغن قلوب المسلمين علينا، وأني قد رأيت أن أقتله أو أصلبه أو أنفيه من

 

= أكثر، أو الاكاف الصغير على قدر سنام البعير. (1) النجش: الاسراع. ذكره الفيروز آبادي في القاموس 2 / 289. (2) قال في القاموس المحيط 1 / 249: المسح - بالكسر -: البلاس. (3) جاء في النهاية 4 / 352: الملاء - بالضم والمد -: جمع الملاءة، وهي الازار والريطة. ثم أن الريطة: كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد، أو قطعة واحدة، أو كل ثوب لين رقيق، كما ذكره في القاموس 2 / 362. (4) في (ك): ولم. (5 و 6) كذا، والصحيح: عمرا.

 

[276]

الارض. فقال بعضهم: رأينا لرأيك تبع. وقال بعضهم: لا تفعل، فإنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وله حق، فما منهم أحد أدى الذي عليه، فبيناهم كذلك إذ جاء علي بن أبي طالب عليه السلام يتوكأ على عصى سترا فسلم عليه ونظر ولم يجد مقعدا فاعتمد على عصاه، فما أدري أتخلف عهد أم يظن به غير ذلك، ثم قال علي عليه السلام: فيما أرسلتم إلينا ؟. قال عثمان: أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي فاجمع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر. قال علي عليه السلام: ولله الحمد، أما إنكم لو استشر تمونا لم نألكم نصيحة. فقال عثمان: إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الذي قد كذب على نبينا، وطعن في ديننا، وخالف رأينا، وضغن قلوب المسلمين علينا، وقد رأينا أن نقتله أو نصلبه أو ننفيه من الارض. قال علي عليه السلام: أفلا أدلكم على خير من ذلكم وأقرب رشدا ؟ تتركونه بمنزلة مؤمن آل فرعون إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم [إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب] (1). قال له عثمان: بفيك التراب !. فقال له علي عليه السلام: بل بفيك التراب، وسيكون به. فأمر بالناس فأخرجوا. وعنه في تاريخه بإسناده، عن عبد الرحمن بن معمر، عن أبيه، قال: لما قدم بأبي ذر من الشام إلى عثمان كان مما أبنه (2) به أن قال: أيها الناس ! إنه يقول انه خير من أبي بكر وعمر. قال أبو ذر: أجل أنا أقول، والله لقد رأيتني (3) رابع أربعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أسلم غيرنا، وما أسلم أبو بكر ولا عمر، ولقد وليا وما وليت، ولقد ماتا وإني لحي. فقال علي عليه السلام: والله لقد رأيته وإنه

 

(1) غافر: 28. (2) قال في القاموس 4 / 194: ابنه بشئ يأبنه ويأبنه: اتهمه.. وأبنه تأبينا: عابه. (3) في مطبوع البحار: أرأيتني.

 

[277]

لربع (1) الاسلام، فرد عثمان ذلك على علي عليه السلام وكان بينهما كلام، فقال عثمان: والله لقد هممت بك، قال علي عليه السلام: وأنا والله لاهم بك، فقام عثمان ودخل بيته، وتفرق الناس. وعنه في تاريخه، عن الاحنف بن قيس، قال: بينما (2) نحن جلوس مع أبي هريرة إذ جاء أبو ذر، فقال: يا أبا هريرة ! هل افتقر الله منذ استغنى ؟. فقال أبو هريرة: سبحان الله ! بل الله الغني الحميد، لا يفتقر أبدا ونحن الفقراء إليه. قال أبو ذر: فما بال هذا المال يجمع بعضه إلى بعض. فقال: ما الله قد منعوه أهله من اليتامى والمساكين، ثم انطلق. فقلت لابي هريرة: ما لكم لا تأبون مثل هذا ؟. قال: إن هذا رجل قد وطن نفسه على أن يذبح في الله، أما إني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر، فإذا أردتم أن تنظروا إلى أشبه الناس بعيسى بن مريم برا وزهدا ونسكا فعليكم به (3). وعنه في تاريخه، عن المغرور بن سويد، قال: كان عثمان يخطب فأخذ أبو ذر بحلقة الباب، فقال: أنا أبو ذر ! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في قومه من تخلف عنها هلك ومن ركبها نجا. قال له عثمان: كذبت. فقال له علي عليه السلام: إنما كان عليك أن تقول كما قال العبد الصالح: إن يك

 

(1) في (س): لريع. (2) في (ك): بينهما. (3) وأخرجه باختلاف ألفاظه وأسانيده ابن سعد والترمذي وابن ماجة واحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وأبو عمر وأبو نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم، انظر مثالا: صحيح الترمذي 2 / 221، سنن ابن ماجة 1 / 68، مسند احمد 2 / 163 و 175 و 223، و 5 / 197، و 4426، ومستدرك الحاكم 3 / 342، والاستيعاب 1 / 84، ومجمع الزوائد 9 / 329، والاصابة 3 / 622 و 4 / 64، وكنز العمال 6 / 169 و 8 / 15 - 17، وغيرهم.

 

[278]

كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم] (1) فما أتم حتى قال عثمان: بفيك التراب. فقال علي عليه السلام: بل بفيك التراب (2). وذكر الواقدي في تاريخه، عن سعيد بن عطاء، عن أبي مروان الاسلمي، عن أبيه، عن جده، قال: لما صد الناس عن الحج في سنة ثلاثين أظهر أبو ذر بالشام عيب عثمان، فجعل كلما دخل المسجد أو خرج شتم عثمان وذكر منه خصالا كلها قبيحة، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عثمان كتابا يذكر له ما يصنع أبو ذر. وذكر الواقدي ما تضمنه الكتاب حذفناه اختصارا. فكتب إليه عثمان: أما بعد، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت من أبي ذر جنيدب فابعث إلي به واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها (3)، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار حتى لا ينزل عن مركبه فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك. قال: فلما ورد الكتاب على معاوية حمله على شارف (4) ليس عليه إلا قتب، وبعث معه دليلا، وأمر أن يغذ (5) به السير حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه، قال: فلقد أتانا آت ونحن في المسجد ضحوة مع علي بن أبي طالب عليه السلام، فقيل (6): أبو ذر قد قدم المدينة، فخرجت أعدوا (7) فكنت أول من سبق إليه، فإذا شيخ نحيف آدم طوال أبيض الرأس واللحية يمشي مشيا متقاربا، فدنوت إليه،

 

(1) الغافر: 28. (2) وقريب منه ما جاء في رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الاسلميين، كما في الانساب 5 / 52، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 241. وقال الاخير فيه: فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره وأجابه عليه السلام بمثله. وستأتي له مصادر أكثر. (3) الوعر: ضد السهل، كالوعر والواعر والوعير والاوعر، كما في القاموس 2 / 154. (4) قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط 3 / 157: الشارف من النوق: المسنة الهرمة، وسيأتيان في بيان المصنف رحمه الله. (5) اغذ السير، وفيه: أسرع، نص عليه في القاموس المحيط 1 / 356. (6) في (ك) نسخة بدل: فقال. (7) في (س): اغدو.

 

[279]

فقلت: يا عم ! ما لي أراك لا تخطو إلا خطوا قريبا. قال: عمل ابن عفان، حملني على مركب وعر وأمر بي أن أتعب، ثم قدم بي عليه ليرى في رأيه. قال: فدخل به على عثمان، فقال له عثمان: لا أنعم الله لك عينا يا جنيدب.. وساق الحديث كما مر برواية ابن أبي الحديد. ثم قال أبو الصلاح (1) رحمه الله: وذكر الواقدي في تاريخه (2)، عن صهبان مولى الاسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان عليه عباء مدرعا قد ذرع بها على شارف حتى أنيخ به على باب عثمان. فقال: أنت الذي فعلت وفعلت ؟ !. فقال: أنا الذي نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني.. وساق الحديث كما رواه ابن أبي الحديد.. إلى قوله، قال: امض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة، فخرج أبو ذر إلى الربذة، فلم يزل بها حتى توفي. نكير عمار بن ياسر: وذكر الثقفي في تاريخه، عن سالم بن أبي الجعد، قال: خطب عثمان الناس ثم قال فيها: والله لاوثرن بني أمية، ولو كان بيدي مفاتيح الجنة لادخلنهم (3) إياها، ولكني سأعطيهم من هذا المال على رغم أنف من رغم. فقال عمار بن ياسر: أنفي والله ترغم من ذلك. قال عثمان: فأرغم الله أنفك. (1) في تقريب المعارف - القسم الثاني الخاص بمطاعن الثلاثة وغيرهم ولم يطبع - وجاء في القسم الاول منه في صفحة: 165 ومنها: إخراج أبي ذر إلى الشام لامره بالمعروف، ثم حمله من الشام لانكاره على معاوية خلافه للكتاب والسنة مهانا معسفا، واستخفافه به، ونيله من عرضه وتسميته بالكذاب مع شهادة النبي صلى الله عليه وآله له بالصدق، ونفيه عن المدينة إلى الربذة حتى مات بها رحمه الله تعالى مغربا. (2) لم نحصل على تاريخ الواقدي إلا ما نقل عنه في المصادر السالفة، ولكن ورد في كتاب المغازي للواقدي 3 / 1000 - 1001 روايات حول أبي ذر وحياته طاب ثراه. (3) في (س): لادخلتهم.


 

[280]

فقال عمار: وأنف أبي بكر وعمر ترغم. قال: وإنك لهناك يا بن سمية.. ثم نزل إليه فوطئه فاستخرج من تحته وقد غشي عليه وفتقه (1). وذكر الثقفي، عن شقيق، قال: كنت مع عمار فقال: ثلاث يشهدون على عثمان وأنا الرابع، وأنا أسوء الاربعة: [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] (2) [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون] (3) و [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون] (4) وأنا أشهد لقد حكم بغير ما أنزل الله. وعنه في تاريخه، قال: قال رجل لعمار يوم صفين: على ما تقاتلهم يا أبا اليقظان ؟ !. قال: على أنهم زعموا أن عثمان مؤمن ونحن نزعم أنه كافر (5). وعنه في تاريخه، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي، قال: انتهيت إلى عمار في مسجد البصرة وعليه برنس والناس قد أطافوا به وهو يحدثهم من أحداث عثمان وقتله، فقال رجل من القوم وهو يذكر عثمان: رحم الله عثمان !. فأخذ عمار كفا من حصى المسجد فضرب به وجهه، ثم قال: استغفر الله يا كافر، استغفر الله يا عدوالله.. وأوعد الرجل فلم يزل القوم يسكنون عمارا عن الرجل حتى قام وانطلق وقعدت القوم حتى فرغ عمار من حديه وسكن غضبه، ثم إني قمت معه فقلت له: يا أبا اليقظان ! رحمك الله أمؤمنا قتلتم عثمان بن عفان أم

 

(1) قد مر سند الحديث ومصادره. (2) المائدة: 44. (3) المائدة: 45. (4) المائدة: 47. (5) وجاء في تاريخ الطبري 5 / 187، والكامل لابن الاثير 3 / 97، وشرح ابن أبي الحديد 3 / 285 و 294 عن مسروق بن الاجدع: أنه سأل عمار: يا أبا اليقظان ! علام قتلتم عثمان ؟. قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا - جمع بشره: أعلى جلدة الوجه -. (*)

 

[281]

كافرا ؟ !. فقال: لا، بل قتلناه كافرا.. بل قتلناه كافرا (1). وعنه، عن حكيم بن جبير، قال: قال عمار: والله ما أخذني أسى على شئ تركته خلفي غير أني وودت أنا كنا أخرجنا عثمان من قبره فأضرمنا عليه نارا. وذكر الواقدي في تاريخه، عن سعد بن أبي وقاص، قال: أتيت عمار بن ياسر - وعثمان محصور -، فلما انتهيت إليه قام معي فكلمته، فلما ابتدأت الكلام جلس ثم استلقى ووضع يده على وجهه، فقلت: ويحك يا أبا اليقظان ! إنك كت فينا لمن أهل الخير والسابقة، ومن عذب في الله، فما الذي تبغي من سعيك في فساد المؤمنين ؟ وما صنعت في أمير المؤمنين ؟ فأهوى إلى عمامته فنزعها عن رأسه، ثم قال: خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه، يا أبا إسحاق ! إني أريد أن تكون خلافة كما كانت على عهد النبي صلى الله عليه وآله فأما أن يعطي مروان خمس افريقية، ومعاوية على الشام، والوليد بن عقبة شارب الخمر على الكوفة، وابن عامر على البصرة. والكافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله على مصر، فلا والله لا كان هذا أبدا حتى يبعج (2) في خاصرته (3) بالحق. نكير عبد الله بن مسعود: وذكر الثقفي في تاريخه، عن الاعمش، عن شقيق، قال: قلنا لعبد الله: فيم طعنتم على عثمان ؟. قال: أهلكه الشح وبطانة السوء. وعنه، عن قيس بن أبي حازم وشقيق بن سلمة، قال: قال عبد الله بن مسعود: لوددت أني وعثمان برمل عالج فنتحاثى التراب حتى يموت الاعجز (4).

 

(1) وبمضمونه أورده الباقلاني في التمهيد: 230، ونصر بن مزاحم في كتاب صفين: 361 - 369 [طبعة مصر]، وجمهرة الخطب 1 / 181، وغيرهم. (2) قال في القاموس 1 / 179: بعجه - كمنعه -: شقه. (3) الخاصرة - بكسر الصاد -: ما بين رأس الورك وأسفل الاضلاع، كما نص عليه في مجمع البحرين 3 / 286. (4) وما زال ابن مسعود على اعتقاده بالرجل حتى أنه أوصى أن لا يصلي عليه، كما في شرح ابن أبي =

 

[282]

وعنه وعن جماعة من أصحاب عبد الله - منهم علقمة بن قيس، ومسروق ابن الاخدع، وعبيدة السلماني، وشقيق بن سلمة وغيرهم - عن عبد الله، قال: لا يعدل عثمان عند الله جناح بعوضة. وفي أخرى: جناح ذباب. وعنه، عن عبيدة السلماني، قال: سمعت عبد الله يلعن عثمان، فقلت له في ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يشهد له بالنار. وعنه، عن خثيمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: بينا نحن في بيت ونحن اثنا عشر رجلا نتذاكر أمر الدجال وفتنته إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ما تتذاكرون من أمر الدجال ؟ والذي نفسي بيده إن في البيت لمن هو أشد على أمتي من الدجال، وقد مضى من كان في البيت يومئذ غيري وغير عثمان، والذي نفسي بيده لوددت أني وعثمان برمل عالج نتحاثى التراب حتى يموت الاعجز. وعنه، عن علقمة، قال: دخلت على عبد الله بن مسعود، فقال: صلى

 

= الحديد 1 / 236، وتاريخ الخميس 2 / 268. وجاء في الفتنة الكبرى: 171 وغيره روى: أن ابن مسعود كان يستحل دم عثمان أيام كان في الكوفة، وكان يخطب ويقول: إن شر الامور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، يعرض في ذلك بعثمان. وأخرجه أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 138، وفصلها البلاذري في الانساب 5 / 36. وذكره في المستدرك 3 / 313، والاستيعاب 1 / 373، وتاريخ ابن كثير 7 / 163. وقد شرع العلامة الاميني - رحمه الله - الجزء التاسع من الغدير ب‍: الخليفة يخرج ابن مسعود من المسجد عنفا، وذكر موقف الخليفة معه وضربه يحموم غلام عثمان بإذنه على الارض ودق ضلعه وغير ذلك ثم عقبه ب‍: لعلك لا تستكنه هذه الجرأة ولا تبلغ مداها حتى تعلم أن ابن مسعود من هو ؟. وذكر روايات جمة في فضائل ابن مسعود عن مصادر كثيرة جدا.. إلى أن قال: لما ذا شتم على رؤوس الاشهاد ولما ذا أخرج من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مهانا عنفا ؟ ولما ذا ضرب به الارض فدقت أضالعه ؟.. كل ذلك لانه امتنع عن أن يبيح للوليد بن عقبة الخالع الماجن من بيت مال الكوفة يوم كان عليه ما أمر به.. انظر: الغدير 9 / 3 - 15 فإنها جديرة بالملاحظة.

 

[283]

هؤلاء جمعتهم ؟. قلت: لا. قال: إنما هؤلاء حمر ! إنما يصلي مع هؤلاء المضطر، ومن لاصلاة له، فقام بيننا فصلى بغير أذان ولا إقامة. وعنه، عن أبي البختري، قال: دخلوا (1) على عبد الله حيث كتب عبد الرحمن يسيره وعنده (2) أصحابه، فجاء رسول الوليد، فقال: إن الامير أرسل إليك أن أمير المؤمنين يقول: إما أن تدع هؤلاء الكلمات وإما أن تخرج من أرضك. قال: رب كلمات لا اختار مصري عليهن. قيل: ما هن ؟. قال: أفضل الكلام كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة ضلالة. فقال ابن مسعود: ليخرجن منها ابن أم عبد ولا أتركهن أبدا، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقولهن. وقد ذكر (3) ذلك أجمع وزيادة عليه الواقدي في كتاب الدار تركناه إيجازا. نكير حذيفة بن اليمان: وذكر الثقفي في تاريخه، عن قيس بن أبي حازم، قال: جاءت بنو عبس (4) إلى حذيفة يستشفعون به على عثمان، فقال حذيفة: لقد أتيتموني من عند رجل وودت (5) أن كل سهم في كنانتي في بطنه. وعنه، عن حارث بن سويد، قال: كنا عند حذيفة فذكرنا عثمان، فقال: عثمان والله ما يعدو أن يكون فاجرا في دينه أو أحمق في معيشته. وعنه، عن حكيم بن جبير، عن يزيد مولى حذيفة، عن أبي شريحة الانصاري: أنه سمع حذيفة يحدث، قال: طلبت رسول الله صلى الله عليه وآله

 

(1) في حاشية (ك) استظهر كون الكلمة: دخلت. (2) في (س): عند - بلا ضمير -. (3) في (س): ذكرت. (4) في (س): بنو أعبس. (5) في (س): ورددت.

 

[284]

في منزله فلم (1) أجده وطلبته فوجدته في حائط نائما رأسه تحت نخلة، فانتظرته طويلا فلم يستيقظ فكسرت جريدة فاستيقظ، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم جاء أبو بكر، فقال: إئذن لي، ثم جاء عمر فأمرني أن آذن له، ثم جاء علي عليه السلام فأمرني أن آذن له وأبشره بالجنة، ثم قال: يجيئكم الخامس لا يستأذن ولا يسلم، وهو من أهل النار، فجاء عثمان حتى وثب من جانب الحائط، ثم قال: يا رسول الله ! بنو فلان يقابل بعضهم بعضا. وذكر الواقدي في تاريخه، عن أبي وائل، قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: لقد دخل عثمان قبره بفجره. وعنه، عبد الله بن السائب، قال: لما قتل عثمان أتى حذيفة وهو بالمدائن، فقيل: يا أبا عبد الله ! لقيت رجلا آنفا على الجسر فحدثني أن عثمان قتل، قال: هل تعرف الرجل ؟. قلت: أظنني أعرفه وما أثبته. قال حذيفة: إن ذلك عيثم الجني، وهو الذي يسير بالاخبار، فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه قتل في ذلك اليوم، فقيل لحذيفة: ما تقول في قتل عثمان ؟. فقال: هل هو إلا كافر قتل كافرا أو مسلم (2) قتل كافرا. فقالوا: أما جعلت له مخرجا ؟. فقال: الله لم يجعل له مخرجا. وعنه، عن حسين بن عبد الرحمن، قال: قلت لابي وابل (3): حدثنا، فقد أدركت ما لم ندرك. فقال: اتهموا على دينكم فوالله ما ماتوا حتى خلطوا، لقد قال حذيفة في عثمان: أنه دخل حفرته وهو فاجر. نكير المقداد: وذكر الثقفي في تاريخه، عن همام بن الحارث، قال: دخلت مسجد المدينة فإذا الناس مجتمعون على عثمان وإذا رجل يمدحه، فوثب المقداد بن الاسود

 

(1) في (ك): ولم. (2) ما أثبتناه نسخة في (ك)، وهو الظاهر. وفي مطبوع البحار: ومسلم. (3) في (س): وايل.

 

[285]

فأخذ (1) كفا من حصا أو تراب فأخذ يرميه به فرأيت عثمان يتقيه بيده. وذكر في تاريخه، عن سعيد بن المسيب، قال: لم يكن المقداد يصلي مع عثمان ولا يسميه أمير المؤمنين. وذكر، عن سعيد - أيضا -، قال: لم يكن عمار ولا المقداد بن الاسود يصليان خلف عثمان ولا يسميانه أمير المؤمنين. نكير عبد الرحمن بن حنبل القرشي: وذكر الثقفي في تاريخه، عن الحسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه، قال: كان عبد الرحمن بن حنبل القرشي - وهو من أهل بدر - من أشد الناس على عثمان، وكان يذكره في الشعر ويذكر جوره ويطعن عليه ويبرأ منه ويصف صنائعه، فلما بلغ ذلك عثمان عنه ضربه مائة سوط وحمله على بعير وطاف به في المدينة، ثم حبسه موثقا في الحديد (2). نكير طلحة بن عبيدالله: وذكر الثقفي في تاريخه، عن مالك بن النصر الارجي (3) أن طلحة قام إلى عثمان، فقال له: إن الناس قد جمعوا لك وكرهوك للبدع التي أحدثت ولم يكونوا يرونها ولا يعهدونها، فإن تستقم فهو خير لك وإن أبيت لم يكن أحد أضر بذلك منك في دنيا ولا آخرة. وذكر الثقفي في تاريخه، عن سعيد بن المسيب، قال: انطلقت بأبي أقوده إلى المسجد، فلما دخلنا سمعنا لغط (4) الناس وأصواتهم، فقال أبي: يا بني ! ما

 

(1) في (س): وأخذ. (2) هنا حاشية غير معلم محلها في (ك) لعل محلها هنا، وهي: أقول: ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أبياتا في ذم عثمان وعد بدعه. [منه (رحمه الله)]. انظر: تاريخ الطبري 6 / 25، وتاريخ اليعقوبي 2 / 150، والاستيعاب 2 / 410، والاصابة 2 / 395، وشرح ابن أبي الحديد المعتزلي 1 / 66 وغيرها. (3) قد تقرأ الكلمة في (ك): الارحبي. (4) قال في النهاية 4 / 257: اللغط: صوت وضجة لا يفهم معناها.

 

[286]

هذا ؟. فقلت: الناس محدقون بدار عثمان. فقال: من ترى من قريش ؟. قلت: طلحة. قال: اذهب بي إليه فادنني منه، فلما دنا منه، فقال: يا أبا محمد ! ألا تنهى الناس من قتل هذا الرجل ؟. قال: يا أبا سعيد ! إن لك دارا فاذهب فاجلس في دارك، فإن نعثلا لم يكن يخاف هذا اليوم. وذكر في تاريخه، عن الحسين بن عيسى، عن أبيه: أن طلحة بن عبيدالله كان يومئذ في جماعة الناس عليه السلام عند باب القصر يأمرهم بالدخول عليه. وذكر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: انتهيت إلى المدينة أيام حصر عثمان في الدار فإذا طلحة بن عبيدالله في مثل الخزة (1) السوداء من الرجال (2) والسلاح، مطيف بدار عثمان حتى قتل. وذكر عنه، قال: رأيت طلحة يرامي الدار وهو في خزة (3) سوداء عليه الدرع قد كفر عليها بقباء فهم يرامونه ويخرجونه من (4) الدار ثم يخرج فيراميهم حتى دخل عليه من دار من قبل دار ابن حزم فقتل. وذكر الواقدي في تاريخه، عن عبد الله بن مالك، عن أبيه، قال: لما أشخص الناس لعثمان لم يكن أحد أشد عليه من طلحة بن عبيدالله (5)، قال مالك: واشترى مني ثلاثة أدرع وخمسة أسياف، فرأيت تلك الدروع على أصحابه الذين كانوا يلزمونه قبل مقتل عثمان بيوم أو يومين. وذكر الواقدي في تاريخه، قال: ما كان أحد من أصحاب محمد صلى الله

 

(1) في (س): الحرة. قال في القاموس 2 / 7: الحر: ضد البرد... وجمع الحرة: لارض ذات حجارة نخرة سود. وقال فيه 2 / 175: الخز: من الثياب معروف.. ووضع الشوك في الحائط لئلا يتسلق، والانتظام بالسهم. (2) في (ك) نسخة بدل: مع الرجال. (3) في (س): حزه. ولا مناسبة لها بالمقام. (4) في (س) نسخة: إلى، بدلا من: من. (5) وذكره البلاذري في الانساب 5 / 81، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 269، وغيرهما.

 

[287]

عليه وآله أشد على عثمان من عبد الرحمن بن عوف حتى مات، ومن سعد بن أبي وقاص حتى مات عثمان وأعطى الناس الرضى، ومن طلحة وكان أشدهم، فإنه لم يزل كهف المصريين وغيرهم يأتونه بالليل يتحدثونه عنده إلى أن جاهدوا فكان ولي الحرب والقتال وعمل المفاتيح على بيت المال، وتولى الصلاة بالناس ومنعه ومن معه من الماء، ورد شفاعة علي عليه السلام في حمل الماء إليهم، وقال له: لا والله ولا نعمت عين ولا بركت، ولا يأكل ولا يشرب حتى يعطي بنو أمية الحق من أنفسها. وروى قوله لمالك بن أوس - وقد شفع إليه في ترك التأليب على عثمان -: يا مالك ! إني نصحت عثمان فلم يقبل نصيحتي وأحدث أحداثا وفعل أمورا ولم نجد بدا من أن تغيرها (1)، والله لو وجدت من ذلك بدا ما تكلمت ولا ألبت (2). نكير الزبير بن العوام (3): وذكر الواقدي في تاريخه، قال: عتب عثمان على الزبير، فقال: ما فعلت ولكنك صنعت بنفسك أمرا قبيحا، تكلمت على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر أعطيت الناس فيه الرضا، ثم لقيك مروان وصنعت ما لا يشبهك، حضر الناس يريدون منك ما أعطيتهم، فخرج مروان فآذى وشتم، فقال له عثمان: فإني أستغفر الله. وذكر في تاريخه: أن عثمان أرسل سعيد بن العاص إلى الزبير فوجده بأحجار

 

(1) كذا، والظاهر: نغيرها. (2) ذكر البلاذري في الانساب 5 / 44 أن طلحة قال لعثمان: إنك أحدثت إحداثا لم يكن الناس يعهدونها. فقال عثمان: ما أحدثت إحداثا ولكنكم أظناء تفسدون علي الناس وتؤلبوهم. أقول: التأليب: التحريض، كما في صحاح اللغة 1 / 88، والقاموس 1 / 37. (3) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2 / 404: كان طلحة من أشد الناس تحريضا عليه (أي على عثمان) وكان الزبير دونه في ذلك، رووا أن الزبير كان يقول: اقتلوه فقد بدل دينكم، فقالوا له: إن ابنك يحامي عنه بالباب. فقال: ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني، إن عثمان لجيفة على الصراط غدا. وانظر ما قاله في 2 / 500 و 3 / 290.

 

[288]

الزيت (1) في جماعة، فقال له: إن عثمان ومن معه قد مات عطشا. فقال له الزبير: [وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب] (2). نكير عبد الرحمن بن عوف: وذكر الثقفي في تاريخه، عن الحسن بن عيسى بن زيد، عن أبيه، قال: كثر الكلام بين عبد الرحمن بن عوف وبين عثمان، حتى قال عبد الرحمن: أما والله لئن بقيت لك لاخرجتك من هذا الامر كما أدخلتك فيه، وما غررتني الا بالله (3). وذكر الثقفي، عن الحكم قال: كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين عثمان كلام، فقال له عبد الرحمن: والله ما شهدت بدرا، ولا بايعت تحت الشجرة، وفررت يوم حنين. فقال له عثمان: وأنت والله دعوتني إلى اليهودية. وعنه، عن طارق بن شهاب، قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف يقول: يا أيها الناس ! إن عثمان أبى أن يقيم فيكم كتاب الله. فقيل له: أنت أول من بايعه، وأول من عقد له. قال: إنه نقض وليس لناقض عهد. وعنه، عن أبي إسحاق، قال: ضج الناس يوما حين صلوا الفجر في خلافة عثمان فنادوا بعبد الرحمن بن عوف فحول وجهه إليهم واستدبر القبلة، ثم خلع قميصه من جيبه، فقال: يا معشر أصحاب محمد ! يا معشر المسلمين ! أشهد الله

 

(1) أحجار الزيت: موضع بالمدينة، كما ذكره في النهاية 1 / 343. وأضاف في معجم البلدان 1 / 109:.. إنه قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء. ولا حظ: مراصد الاطلاع 1 / 35. (2) سبأ: 54. وانظر ما أورده البلاذري في الانساب حول طلحة والزبير وموقفهما من عثمان 2 / 404، و 5 / 14، و 105 / 120، وكتاب صفين لابن مزاحم: 60 و 66 و 72، والامامة والسياسة 1 / 55، 56، 57، 58، 74، ونهج البلاغة 2 / 2، وتاريخ الطبري 5 / 160 و 168، المستدرك للحاكم 3 / 188، والعقد الفريد 2 / 278، وغيرها. (3) وقريب منه ما ذكره ابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 258، 261، 272.

 

[289]

وأشهدكم أني قد خلعت عثمان من الخلافة كما خلعت سر بالي هذا. فأجابه مجيب من الصف الاول: [ءالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين] (1). فنظروا من الرجل، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. وعنه، قال: أوصى عبد الرحمن أن يدفن سرا لئلا يصلي عليه عثمان (2). وذكر الواقدي في تاريخه، عن عثمان بن السريد، قال: دخلت على عبد الرحمن بن عوف - في شكواه الذي مات فيه أعوده - فذكر عنده عثمان، فقال: عاجلوا طاغيتكم هذا قبل أن يتماد ى في ملكه. قالوا: فأنت وليته ! قال: لاعهد لناقض. وذكر الثقفي في تاريخه، عن بلال بن حارث، قال: كنت مع عبد الرحمن جالسا فطلع عثمان حتى صعد المنبر، فقال عبد الرحمن: فقدت أكثرك شعرا. وذكر فيه أن عثمان أنفذ المسور (3) بن مخرمة (4) إلى عبد الرحمن يسأله الكف عن التحريص (5) عليه، فقال له عبد الرحمن: أنا أقول هذا القول وحدي ولكن الناس يقولون جميعا، إنه غير وبدل. قال المسور: قلت: فإن كان الناس يقولون فدع أنت ما تقول فيه ؟. فقال عبد الرحمن: لا والله ما أجده يسعني أن أسكت عنه. ثم قال له: قل له: يقول لك خالي: اتق الله وحده لا شريك له في أمة محمد وما أعطيتني من العهد والميثاق لتعملن بكتاب الله وسنة صاحبك، فلم تف (6)

 

(1) يونس: 91. (2) ذكره البلاذري في الانساب 5 / 57، وذكر أبو الفداء في تاريخه 1 / 66، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 258، و 261، 272 قالوا: دخل عثمان عائدا له (لعبد الرحمن) في مرضه، فتحول عنه إلى الحائط ولم يكلمه. وقريب منهما في شرح ابن أبي الحديد 1 / 65 - 66. (3) في مطبوع البحار: المسود - بالدال المهملة - وهو سهو، كما في كتب التراجم. (4) لعلها تقرأ: محزمة. وهو غلط. (5) كذا، ولعلها: التحريض - بالضاد المعجمة -. قال في القاموس 2 / 297: الحرص: الجشع.. والحرص: الشق. وقال فيه 2 / 327: حرضه تحريضا: حثه. وقال قبل ذلك: أحرضه: أفسده. (6) كما صرح به ابن حجر في الصواعق المحرقة: 68، والسيرة الحلبية 2 / 87 وغيرهما.

 

[290]

وذكر فيه أن ابن مسعود قال لعبد الرحمن في أحداث عثمان: هذا مما عملت. فقال عبد الرحمن: قد أخذت إليكم بالوثيقة فأمركم إليكم. وذكر فيه قال: قال علي عليه السلام لعبد الرحمن بن عوف: هذا عملك. فقال عبد الرحمن: فإذا شئت فخد سيفك وآخذ سيفي (1). نكير عمرو بن العاص: وذكر الثقفي في تاريخه: عن لوط بن يحيى الازدي، قال: جاء عمرو بن العاص فقال لعثمان: إنك ركبت من هذه الامة النهابير (2) وركبوها بك، فاتق الله وتب إليه. فقال: يا ابن النابغة ! قد تبت إلى الله وأنا أتوب إليه، أما إنك من من يؤلب علي ويسعى في الساعين، قد - لعمري - أضرمتها فأسعر وأضرم ما بدا لك، فخرج عمرو حتى نزل في أداني الشام (3). وذكر فيه، عن الزهري، قال: إن عمرو بن العاص ذكر عثمان، فقال: إنه استأثر بالفئ فأساء الاثرة واستعمل أقواما لم (4) يكونوا بأهل العمل من قرابته وأثرهم على غيرهم، فكان في ذلك سفك دمه وانتهاك حرمته. وعنه فيه، قال: قام عمرو إلى عثمان، فقال: اتق الله يا عثمان ! إما أن

 

(1) أخرجه البلاذري في الانساب 5 / 57 أيضا، وقريب منه ما ذكره أبو الفداء في تاريخه 1 / 166، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 258، 261، 272. وانظر ما أورده الطبري في تاريخه 5 / 113، وابن الاثير في الكامل 3 / 70، وابن كثير في تاريخه 7 / 206، وابن أبي الحديد في شرحه 1 / 35، 63، 66، 166، وابن قتيبة في المعارف: 239. (2) النهابير: المهالك، الواحدة: نهبرة ونهبورة. قاله في القاموس 2 / 151. (3) وقد أورده باختلاف في التعبير الطبري في تاريخه 5 / 110، 114، والبلاذري في الانساب 5 / 74، وابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة عثمان، وابن الاثير في الكامل 3 / 68، وابن أبي الحديد في شرحه 2 / 113، والزمخشري في الفائق 2 / 296، وابن الاثير في النهاية 4 / 196، وابن كثير في التاريخ 7 / 157، وابن خلدون في تاريخه 3 / 396، والزبيدي في تاج العروس 3 / 592، وابن منظور في لسان العرب 7 / 98. (4) لا توجد في (س): لم.

 

[291]

تعدل وإما أن تعتزل !.. فلما أن نشب الناس في أمر عثمان تنحى عن المدينة وخلف ثلاثة غلمة له ليأتوه بالخبر، فجاء اثنان بحصر عثمان، فقال: إني إذا نكأت قرحة أدميتها، وجاء الثالث بقتل عثمان وولاية علي عليه السلام، فقال: واعثماناه ! ولحق بالشام. وذكر الواقدي في تاريخه أن عثمان عزل عمرو بن العاص عن مصر واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرحه، فقدم عمرو المدينة فجعل يأتي عليا عليه السلام فيوليه على عثمان، ويأتي الزبير ويأتي طلحة ويلقى الركبان يخبرهم بإحداث عثمان، فلما حصر عثمان الحصار الاول خرج إلى أرض فلسطين، فلم يزل بها حتى جاءه خبر قتله، فقال: أنا أبو عبد الله أني إذا أحل قرحة نكأتها، إني كنت لاحرص عليه حتى أني لاحرص عليه [من] الراعي في غنمه (1). فلما بلغه بيعة الناس عليا عليه السلام كره ذلك وتربص حتى قتل طلحة والزبير ثم لحق بمعاوية. نكير محمد بن مسلمة الانصاري: وذكر الثقفي في تاريخه، عن داود بن الحصين الانصاري: أن محمد بن مسلمة الانصاري قال يوم قتل عثمان: ما رأيت يوما قط أقر للعيون ولا أشبه بيوم بدر من هذا اليوم. وروى فيه، عن أبي سفيان مولى آل أحمد، قال: أتيت محمد بن مسلمة

 

(1) فصل القصة الطبري في تاريخه 5 / 108، 203، والبلاذري في الانساب 5 / 74، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 42، وابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة عبد الله بن سعيد بن أبي سرح، وابن أبي الحديد في الشرح 1 / 63، وأجملها ابن كثير في تاريخه 7 / 170 جريا على عادته فيما برويه خلافا لمبادئه. وجاء طعنه على عثمان وتحريضه عليه في الاستيعاب في ترجمة محمد بن أبي حذيفة، وفي الاصابة 3 / 381. والظريف ما أورده البلاذري في الانساب 5 / 88 من قول عمرو بن العاص: وهذا منبر نبيكم، وهذه ثيابه، وهذا شعره لم يبل فيكم وقد بدلتم وغيرتم !.

 

[292]

الانصاري فقلت: قتلتم عثمان ؟. فقال: نعم وأيم الله ما (1) وجدت رائحة هي أشبه برائحة يوم بدر منها. وقد ذكر الواقدي في تاريخه، عن محمد بن مسلمة (2) مثل ما ذكره الثقفي (3). نكير أبي موسى: وذكر الواقدي في تاريخه، قال: لما ولى عثمان عبد الله بن عامر بن كريز البصرة قام أبو موسى الاشعري خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد أتاكم رجل كثير العمات والخالات في قريش، يبسط المال فيهم بسطا، وقد كنت قبضته عنكم. نكير جبلة بن عمرو الساعدي: وذكر الواقدي في تاريخه، عن عامر بن سعد، قال: أول من اجترأ (4) على عثمان بالمنطق السيئ جبلة بن عمرو الساعدي، مر به عثمان - وهو جالس في نادي (5) قومه وفي يد جبلة بن عمرو بن جامعة (6) - فسلم (7) ورد القوم، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا وكذا ؟ !. قال: ثم أقبل على عثمان، فقال: والله لاطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه، قال عثمان: أي بطانة ؟ فوالله إني لاتخير (8) الناس. فقال: مروان تخيرته ؟ ! ومعاوية تخيرته ؟ !

 

(1) في (ك): اما. (2) في (س) نسخة: مسلم، بدلا من: مسلمة. (3) وقد نقل قصة وساطته مع المصريين الطبري في تاريخه 5 / 118، وابن الاثير في الكامل 3 / 70، وغيرهما. (4) وقد ذكره الطبري أيضا في تاريخه 3 / 399. (5) جاء في تاريخ الطبري: في ندي. (6) كذا، والظاهر كما في تاريخ الطبري: عمرو جامعة - من دون كلمة: بن -. (7) في تاريخ الطبري: فلما مر عثمان سلم.. (8) في الطبري: لا أتخير، وهو الظاهر. ء

 

[293]

وعبد الله بن عامر بن كريز تخيرته ؟ ! وعبد الله بن (1) سعد تخيرته ؟ ! منهم من نزل القرآن بذمه وأباح رسول الله صلى الله عليه وآله دمه. فانصرف عثمان، فما زال الناس مجترئون عليه (2). وذكر فيه، عن عثمان بن السريد (3)، قال: مر عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي - وهو على باب داره (4) ومعه جامعة -، فقال: يا نعثل ! والله لاقتلنك أو لاحملنك على جرباء (5)، ولاخرجنك إلى حرة النار، ثم جاءه مرة أخرى وهو على المنبر فأنزله عنه (6). وذكر فيه: أن زيد بن ثابت مشى إلى جبلة - ومعه ابن عمه أبو أسيد الساعدي - فسألاه الكف عن عثمان. فقال: والله لا أقصر عنه أبدا، ولا ألقى الله فأقول: [أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا] (7).

 

لا توجد في (س): بن. (2) وقد أورده الطبري في تاريخه 5 / 114 [3 / 400]، وابن الاثير في الكامل 3 / 70، وابن كثير في تاريخه 7 / 176، وابن أبي الحديد في شرحه 1 / 165 [أربع مجلدات]، وقريب منه في الانساب للبلاذري 5 / 47، وغيرهم. (3) في تاريخ الطبري 5 / 114: عثمان بن الشريد. (4) في الطبري: وهو بفناء داره. (5) في تاريخ الطبري: على قلوص جرباء. قال في القاموس 2 / 314: القلوص من الابل: الشابة، أو الباقية على السير، أو أول ما يركب من اناثها إلى أن تثني.. الناقة الطويلة القوائم. وقال في مجمع البحرين 2 / 23: الجرب: داء معروف.. وناقة جرباء وإبل اجرب. (6) وفي الانساب للبلاذري 5 / 47، والطبري في تاريخه 5 / 114 [3 / 399]: كان أول من اجترأ على عثمان بالمنطق السيئ: جبلة بن عمرو الساعدي. (7) الاحزاب: 67. وذكره البلاذري في الانساب 5 / 47 من دون ذكر اسم من سأل الكف عنه. وقال في الاصابة 1 / 223: إنهم لما أرادوا دفن عثمان فانتهوا إلى البقيع فمنعهم من دفنه جبلة بن عمرو، فانطلقوا إلى حش كوكب فدفنوه فيه.

 

[294]

نكير جهجاه بن عمرو الغفاري: وذكر الواقدي في تاريخه، عن عروة، قال: خرج عثمان إلى المسجد ومعه ناس من مواليه فنجد الناس ينتابونه (1) يمينا وشمالا، فناداه بعضهم: يا نعثل ! وبعضهم غير ذلك، فلم يكلمهم حتى صعد المنبر فشتموه فسكت حتى سكتوا، ثم قال: أيها الناس ! اتقوا واسمعوا وأطيعوا، فإن السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له.. فناداه بعضهم: أنت.. أنت السامع العاصي. فقام إليه جهجاه بن عمرو الغفاري - وكان ممن بايع تحت الشجرة (2) - فقال: هلم إلى ما ندعوك إليه. قال: وما هو ؟. قال: نحملك على شارف جرباء فتلحقك بجبل الدخان. قال عثمان: لست هناك لا أم لك !. وتناول ابن جهجاه الغفاري عصا في يد عثمان - وهي عصا النبي صلى الله عليه وآله - فكسرها على ركبته (3). ودخل عثمان داره فصلى بالناس سهل بن حنيف. وذكر فيه، عن موسى بن عقبة، عن أبي حبيبة.. الحديث، وقال فيه: إن عثمان قال له: قبحك الله وقبح ما جئت به. قال أبو حبيبة: ولم يكن ذلك إلا عن ملا من الناس، وقام إلى عثمان شيعته من بني أمية فحملوه فأدخلوه الدار (4)، وكان آخر يوم رأيته فيه.

 

(1) نجد: اجترأ، وانتابهم انتيابا: أتاهم مرة بعد أخرى. قاله في القاموس 1 / 340 و 135. (2) قد جاء في الاستيعاب والاصابة وأسد الغابة في ترجمته. (3) ذكر هذا وغيره البلاذري في الانساب 5 / 47، والطبري في تاريخه 5 / 114 [40083]، وابن عبد البر في الاستيعاب المطبوع هامش الاصابة في ترجمة جهجاه 1 / 252، وابن الاثير في الكامل 3 / 70، وفي الاصابة 1 / 253، وتاريخ الخميس 2 / 260، وتاريخ ابن كثير 7 / 175، والرياض النضرة 2 / 123، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 165 [أربع مجلدات].. وغيرها. (4) قد ورد في أكثر المصادر السالفة.

 

[295]

نكير عائشة: وذكر الطبري في تاريخه (1) والثقفي في تاريخه (2)، قال: جاءت عائشة إلى عثمان، فقالت: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر، قال: لا أجد له موضعا في الكتاب ولا في السنة، ولكن كان أبوك وعمر يعطيانك عن طيبة أنفسهما، وأنا لا أفعل. قالت: فأعطني ميراثي من رسول الله (ص) ؟ !. قال: أو لم تجئ فاطمة (ع) تطلب ميراثها من رسول الله (ص)، فشهدت أنت ومالك بن (3) أوس البصري أن النبي (ص) لا يورث، وأبطلت حق فاطمة وجئت تطلبينه ؟ !، لا أفعل. وزاد الطبري (4): وكان عثمان متكئا فاستوى جالسا، وقال: ستعلم فاطمة أي ابن عم لها مني اليوم ؟ ! ألست وأعرابي يتوضأ ببوله شهدت عند أبيك. قالا جميعا في تاريخهما: فكان إذا خرج عثمان إلى الصلاة أخرجت قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وتنادي أنه قد خالف صاحب هذا القميص. وزاد الطبري (5) يقول: هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وآله لم تبل

 

(1) تاريخ الطبري 5 / 140 - 176، ولم أجد هذا الحديث هناك ولا الذي يليه بعد أن سبرته أكثر من مرة وفي عدة طبعات وإن كانت هناك قطعة منه، ولعل أبا الصلاح في تقريب المعارف أراد الواقدي، إذ لم يعتمد في هذا الفصل على الطبري وتاريخه، ألا تراه يقول في آخر البحث - كما سيأتي -:.. وأمثال هذه الاقوال وأضعافها المتضمنة للنكير على عثمان من الصحابة أو التابعين منقولة في جميع التواريخ، وإنما اقتصرنا على تاريخي الثقفي والواقدي لان لنا إليهما طريقا، ولئلا يطول الكتاب، وفيما ذكرناه كفاية، ومن أراد العلم بمطابقة التواريخ لما أوردناه من هذين التاريخين فليتأملها يجدها موافقة.. إلى آخر كلامه أعلى الله مقامه، وليست العبارة للعلامة المجلسي هنا، ولم نحصل عى نسخة تقريب المعارف كما مر. (2) انظر: تعليقة رقم (1). (3) لا توجد في (س): بن. (4) انظر: التعليقة السالفة برقم (1). (5) وقريب منه ما في الانساب للبلاذري: 5 / 88، وقد حكاه عن الزهري.

 

[296]

وقد غير عثمان سنته، اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا (1). وذكر الثقفي في تاريخه، عن موسى الثعلبي، عن عمه، قال: دخلت مسجد المدينة فإذا الناس مجتمعون، وإذا كف مرتفعة وصاحب الكف يقول: يا أيها الناس ! العهد حديث، هاتان نعلا رسول الله وقميصه إن فيكم فرعون أو مثله، فإذا هي عائشة تعني عثمان، وهو يقول: اسكتي إنما هذه امرأة رأيها رأي المرأة. وذكر في تاريخه، عن الحسن بن سعيد، قال: رفعت عائشة ورقات من ورق المصحف بين عودين من وراء حجابها - وعثمان على المنبر -، فقالت: يا عثمان ! أقم ما في كتاب الله إن تصاحب تصاحب غادرا، وان تفارق تفارق عن قلى. فقال عثمان: أما والله لتنتهين أو لادخلن عليك حمران الرجال وسودانها ! !. قالت عائشة: أما والله إن فعلت لقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ما استغفر لك حتى مات. وذكر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: أخرجت عائشة قميص رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لها عثمان: لئن لم تسكتي لاملانها عليك حبشانا (2). قالت: يا غادر يا فاجر ! أخربت أمانتك ومزقت كتاب الله. ثم قالت: والله ما ائتمنه رجل قط إلا خانه، ولا صحبه رجل قط إلا فارقه عن قلى. وذكر فيه، قال: نظرت عائشة إلى عثمان، فقالت: [يقدم قومه يوم القيامة

 

(1) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 6 / 215 [2 / 77 - طبعة أربع مجلدات]: قال كل من صنف في السير والاخبار: إن عايشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فنصبته في منزلها، وكانت تقول للداخلين إليها: هذا ثوب رسول الله (ص) لم يبل وعثمان قد أبلى سنته. قالوا: أول من سمى عثمان: نعثلا عائشة، وكانت تقول: اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا. (2) قال في القاموس 2 / 266: الحبش - محركتين - والاحبش - بضم الباء -: جنس من السودان جمعه حبشان.

 

[297]

فأوردهم النار وبئس الورد المورود] (1). وذكر فيه، عن عكرمة: أن عثمان صعد المنبر فاطلعت عائشة ومعها قميص رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قالت: يا عثمان ! أشهد أنك برئ من صاحب هذا القميص. فقال عثمان: [ضرب الله مثلا للذين كفروا..] (2) الآية. وذكر فيه، عن أبي عامر مولى ثابت، قال: كنت في المسجد فمر عثمان فنادته عائشة: يا غادر يا فاجر ! أخربت أمانتك وضيعت رعيتك، ولولا الصلوات الخمس لمشى إليك رجال حتى يذبحوك ذبح الشاة، فقال لها عثمان: [امرأة نوح وامرأة لوط..] الآية (3). وذكر فيه، أن عثمان صعد، فنادت عائشة ورفعت القميص، فقالت: لقد خالفت صاحب هذا. فقال عثمان: إن هذه الزعراء عدوة الله، ضرب الله مثلها ومثل صاحتبها حفصة في الكتاب: [امرأة نوح وامرأة لوط...] (4) الآية. فقالت له: يا نعثل يا عدو الله ! إنما سماك رسول الله باسم نعثل اليهودي الذي باليمن.. ولا عنته ولا عنها. وذكر فيه، عن القاسم بن مصعب العبدي، قال: قام عثمان ذات يوم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: نسوة يكبن في الآفاق لتنكث بيعتي ويهراق دمي، والله لو شئت أن أملا عليهن حجراتهن رجالا سودا وبيضا لفعلت، ألست ختن رسول الله على ابنتيه ؟. ألست جهزت جيش العسرة ؟، ألم أك رسول رسول الله إلى أهل مكة ؟. قال: إذ (5) تكلمت امرأة من وراء الحجاب، قال: فجعل تبدو لنا خمارها أحيانا، فقالت: صدقت، لقد كنت ختن (6) رسول الله صلى الله عليه وآله على ابنتيه، فكان منك فيهما ما قد علمت، وجهزت جيش

 

(1) هود: 98. (2 و 3 و 4) التحريم: 10. (5) كذا، والظاهر: إذا. (6) لا توجد في (س): ختن.

 

[298]

العسرة وقد قال الله تعالى: [فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة] (1) وكنت رسول رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة غيبك عن بيعة الرضوان لانك لم تكن لها أهلا، قال فانتهرها عثمان، فقالت: أما أنا فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن لكل أمة فرعون، وإنك فرعون هذه الامة. وذكر فيه من عدة طرق، قال (2): لما اشتد الحصار على عثمان تجهزت عائشة للحج، فجاءها مروان وعبد الرحمن بن عتاب بن الاسيد فسألاها الاقامة والدفع عنه، فقالت: قد عزيت (3) غرائري، وأدنيت ركابي، وفرضت على نفسي الحج فلست بالتي أقيم، فنهضا ومروان يتمثل: فحرق قيس على البلاد * حتى إذا اشتعلت أجذما فقالت: أيها المتمثل بالشعر ارجع، فرجع، فقالت: لعلك ترى أني إنما قلت هذا الذي قلته شكا في صاحبك، فوالله لوددت أن عثمان مخيط عليه في بعض غرائري (4) حتى أكون أقذفه في اليم، ثم ارتحلت حتى نزلت بعض الطريق فلحقها ابن عباس أميرا على الحج، فقالت له: يا ابن عباس ! إن الله قد أعطاك لسانا وعلما (5) فأنشدك الله أن تخذل عن قتل هذا الطاغية غدا، ثم انطلقت فلما قضت نسكها بلغها أن عثمان قتل، فقالت: أبعده الله بما قدمت يداه، الحمد الله

 

(1) الانفال: 36. (2) وجاء في طبقات ابن سعد 5 / 25، والانساب للبلاذري 5 / 70. (3) في (س): غريت، وفي (ك) نسخة بدل: غررت. وجاء في طبقات ابن سعد: قد حلبت ظهري وعريت غرائري. (4) في لفظ البلاذري: وددت والله أنه في غرارة من غرائري هذه، وإني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر. (5) وفي لفظ الطبري 3 / 343: فقالت: يا بن عباس ! أنشدك الله فإنك قد أعطيت لسانا إزعيلا أن تخذل عن هذا الرجل وأن تشكك فيه الناس. وفي لفظ البلاذري: يا ابن عباس ! إن الله قد آتاك عقلا وفهما وبيانا فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية.

 

[299]

الذي قتله، وبلغها أن طلحة ولي بعده، فقالت: أيهن ذا الاصبع، فلما بلغها أن عليا عليه السلام بويع، قالت: وددت أن هذه وقعت على هذه (1). وذكر الواقدي في تاريخه كثيرا مما ذكره الثقفي، وزاد في حديث مروان ومجيئه إلى عائشة: أن زيد بن ثابت كان معه وأنها قالت: وددت والله إنك وصاحبك هذا الذي يعينك أمره في رجل كل واحد منكما رحى، وأنه في البحر، وأما أنت - يا زيد - فما أقل والله من له مثل ما لك من عضدان العجوة. وذكر من طريق آخر: أن المكلم لها في الاقامة مع مروان عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، قالت: لا والله ولا ساعة، إن عثمان غير فغير الله به أثركم والله وترك أصحاب محمد صلى الله عليه وآله. وزاد في خطابها لابن عباس عتاب: إنك قد أعطيت لسانا وجدلا وعقلا وبيانا، وقد رأيت ما صنع ابن عفان، اتخذ عباد الله خولا، فقال: يا أمه ! دعيه وما هو فيه لا ينفرجون عنه حتى يقتلوه. قالت: بعده الله. ومن طريق آخر: إياك أن ترد الناس عن هذه الطاغية، فإن المصريين قاتلوه. وروى عن ابن عباس، قال: دخلت عليها بالبصرة فذكرتها هذا الحديث، فقالت: ذلك المنطق الذي تكلمت به يومئذ هو الذي أخرجني، لم أر بي (2) توبة إلا الطلب بدم عثمان ورأيت أنه قتل مظلوما. قال: فقلت لها: فأنت قتلتيه بلسانك، فأين تخرجين ؟ ! توبي وأنت في بيتك، أو أرضي ولاة دم عثمان ولده. قالت: دعنا من جدالك فلسنا (3) من الباطل في شئ. وذكر الواقدي، عن عائشة بنت قدامة، قالت: سمعت عائشة زوج النبي

 

(1) وقد حكى ابن أبي الحديد في شرحه 2 / 77 من طرق مختلفة فقرات منه. (2) قد تقرأ في (س): ولم أولي. (3) وضع على: فلسنا، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار.

 

[300]

صلى الله عليه وآله يقول [كذا] - وعثمان محصور قد حيل بينه وبين الماء -: أحسن أبو محمد حين حال بينه وبين الماء. فقالت لها (1): يا أمه ! على عثمان. فقالت: إن عثمان غير سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسنة الخليفتين من قبله فحل دمه. وذكر الواقدي في تاريخه، عن كريمة بنت المقداد، قالت: دخلت على عائشة، فقالت: إن عثمان أرسل إلي أن أرسل إلى طلحة فأبيت، وأرسل إلي أن أقيمي ولا تخرجي إلى مكة، فقلت: قد جبلت (2) ظهري وغريت (3) غرائري، وإني خارجة غدا إن شاء الله، لا والله ما أراني ارجع حتى يقتل، قالت: قلت: بما قدمت يداه، كان أبي - تعني المقداد - ينصح له فيأبى إلا تقريب مروان وسعيد ابن عامر، قالت عائشة: حبهم والله صنع ما ترين، حمل إلى سعيد بن العاص (4) مائة ألف، والى عبد الله بن خالد بن أسيد ثلاثمائة ألف، والى حارث (5) بن الحكم مائة ألف، وأعطى مروان خمس افريقية لا يدري كم هو، فلم يكن الله ليدع عثمان. وذكر في تاريخه، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت أشد الناس على عثمان تحرض الناس عليه وتؤلب حتى قتل (6)، فلما قتل وبويع

 

(1) لا توجد: لها، في (س). (2) في (ك): جلبت. (3) توجد نسخة بدل في (ك): غررت. (4) في (س): العباس، وهو غلط. (5) في (س): الحارث - بالالف واللام -. (6) مصادر حول إنكار عائشة غير ما مر: طبقات ابن سعد 5 / 25، أنساب البلاذري 5 / 70، 75، 91، الامامة والسياسة 1 / 43، 46، 57، تاريخ الطبري 5 / 140، 166، 172، 176، العقد الفريد 2 / 267، 272، تاريخ ابن عساكر 7 / 319، الاستيعاب في ترجمة صخر بن قيس 2 / 192 من المطبوع هامش الاصابة، تاريخ أبي الفداء 1 / 172، شرح ابن أبي الحديد 2 / 77، 506، تذكرة سبط ابن الجوزي: 38، 40، نهاية ابن الاثير 4 / 166، أسد الغابة 3 / 15، كامل ابن الاثير 3 / 87، حياة الحيوان للدميري 2 / 359، السيرة الحلبية 3 / 314، لسان العرب 14 / 193، تاج العروس 8 / 141 وغيرها كثير. =

 

[301]

علي عليه السلام طلبت بدمه.

 

= تتميم: نقل الشيخنا المصنف (طاب ثراه)، عن أبي الصلاح في التقريب جملة ممن أنكر على عثمان، متعرضا لبعض كلامهم، مقتصرا على مصدرين فحسب، ونود استدراك ذكر جملة أخرى من الصحابة والتابعين ممن رد عليه، أو لم يرض بفعله، أو قال فيه، أو أباح دمه وطلب إزالته من منصبه بشكل مجمل ومفهرس محيلين التفاصيل إلى الموسوعات والمصادر. قال البلاذري في الانساب 5 / 49: إن المقداد بن عمرو، وعمار بن ياسر، وطلحة، والزبير في عدة من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه احداث عثمان وخوفوه ربه وأعلموه أنهم مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب وآتاه به فقرأ صدرا منه، فقال له عثمان: أعلي تقدم من بينهم ؟ !.. إلى آخره. وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 1 / 239... ونقل ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 29 صورة مفصلة لاجتماع الناس من أصحاب رسول الله (ص) وكتابتهم كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه.. إلى آخره. واختصره ابن عبد ربه في العقد الفريد 2 / 272، وأشارت غالب المصادر إلى هذا الكتاب مجملا، وها نذكر جملة أخرى من الاصحاب. فمنهم: عبد الله بن حسان العنزي الكوفي، القائل في عثمان: هو أول من فتح أبواب الظلم، وأرتج أبواب الحق.. كما في الاغاني 16 / 10، تاريخ الطبري 6 / 155، تاريخ ابن عساكر 2 / 379، الكامل لابن الاثير 3 / 209، وغيرها. ومنهم: هاشم المرقال، القائل - كما في كتاب صفين لابن مزاحم: 402، طبعة مصر -، وتاريخ الطبري 6 / 23، وشرح ابن أبي الحديد 2 / 278، والكامل لابن الاثير 3 / 135 وغيرها في قصة طويلة حدثت في صفين:.. وما أنت وابن عفان ؟ ! إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس حين أحدث احداثا وخالف حكم الكتاب.. ومنهم: سهل بن حنيف أبو ثابت الانصاري البدري. ومنهم: رفاعة بن رافع بن مالك أبو معاذ الانصاري البدري. ومنهم: الحجاج بن غزية الانصاري. فقد روى البلاذري في الانساب 5 / 78 قول سهل بن حنيف جوابا لزيد بن ثابت: يا زيد ! أشبعك عثمان من عضدان المدينة - والعضيدة: نخلة قصيرة ينال حملها -. وقول الحجاج بن غزية الانصاري: والله لو لم يبق من عمره - أي عثمان - إلا بين الظهر والعصر لتقربنا إلى الله بدمه. وفي المصدر صفحة: 90 جاء بلفظ آخر وقال: وجاء رفاعة بن مالك الانصاري ثم الزرقي بنار في حطب فأشعلها في أحد البابين فاحترق وسقط، وفتح الناس الباب الآخر واقتحموا الدار. وأورد ابن حجر في الاصابة 1 / 313 وغيرها بعض كلماتهم في تراجمهم. =

 

[302]

............

 

= ومنهم: أبو أيوب الانصاري البدري، فقد ذكر له أصحاب السير - كما في جمهرة الخطب 1 / 236، والامامة والسياسة 1 / 112 [1 / 128] - خطبة شريفة أشاد فيها بأبي الحسن سلام الله عليه وذم فيها من سبقه. ومنهم: قيس بن سعد بن عبادة الانصاري البدري. فقد أورد له الطبري في تاريخه 5 / 228، وابن الاثير في الكامل 3 / 115، وابن أبي الحديد في الشرح 2 / 23، خطبة بمصر في أخذ البيعة لامير المؤمنين عليه السلام، وفيها: الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل، وكبت الظالمين. أيها الناس ! أنا قد بايعنا خير من نعلم بعد محمد نبينا (ص).. وله رسائل مع معاوية، ومحاورات مع صحبه، وخطب في صفين كلها صريحة في هذا، انظر مثلا: كتاب صفين لا بن مزاحم: 511، الامامة والسياسة 1 / 94 [1 / 83]، جمهرة الخطب 1 / 190، شرح ابن أبي الحديد 2 / 23، 25، 298، تاريخ الطبري 5 / 227، 231، الكامل لابن الاثير 3 / 116، النجوم الزاهرة 1 / 99. ومنهم: فروة بن عمرو بن ودقة البياضي الانصاري البدري، وكان ممن أعان على قتل عثمان، وقد أخرج له مالك في الموطأ حديثا في باب العمل في القراءة باسم البياضي، وترجمه في اسد الغابة 4 / 179، والاصابة 3 / 204، وشرح الموطأ للزرقاني 1 / 152. ومنهم: محمد بن عمرو بن حزم أبو سليمان الانصاري، قال أبو عمرو في الاستيعاب في ترجمته: يقال: إنه كان أشد الناس على عثمان المحمدون، محمد بن أبي بكر، محمد بن أبي حذيفة، محمد بن عمرو بن حزم. ومنهم: عبد الله بن عباس حبر الامة، وقد كان في واقعة الدار أميرا للحاج في سنته تلك، ومع ذلك فهو ممن قال فيه معاوية - كما في شرح النهج لابن أبي الحديد 4 / 58: لعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا، وأن يكون رأيا صوابا، فإنك من الساعين عليه، والخاذلين له، والسافكين دمه.. وانظر جوابه له، وما ذكره أبو عمر في الاستيعاب في ترجمة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في عثمان عند ما سئل عنه قال: ألهته نومته عن يقظته، بل لم يحرض الحاج على نصرة الخليفة عند ما حوصر في الدار واستنجد بهم واستغاث في كتاب قرأه عليهم نافع بن طريف، وكأن عائشة شعرت منه ذلك فقالت يوم مر بهم ابن عباس في منزل من منازل الحج: يا ابن عباس ! إن الله قد آتاك عقلا وبيانا، فإياك أن ترد الناس عن هذه الطاغية. كما في الطبقات لابن سعد 5 / 25، والانساب للبلاذري والامامة والسياسة، وتاريخ الطبري، وابن عساكر، وأبي الفداء، والعقد الفريد 2 / 267 وغيرها من مصادر مرت في نكيرها لعثمان. ومنهم: عمرو بن العاص ! فقد كان واليا لعثمان على مصر فعزله، وأخرج الطبري في تاريخه 5 / 108، 203، والبلاذري في الانساب 5 / 74، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 42، وابن =

 

[303]

.....

 

= عبد البر في الاستيعاب في ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وابن أبي الحديد في شرحه 1 / 63، والاصابة 3 / 381، وأجمله ابن كثير في تاريخه 7 / 170 وغيرهم محاورة له مع الخليفة جديرة بالمراجعة لمعرفة بواطن الامور وسرائر القوم. وله ترجمة مفصلة في الغدير 2 / 117 - 176. ولنختم القول فيه بما أورده الطبري في تاريخه 5 / 234 من طريق الواقدي، قال: لما بلغ عمروا قتل عثمان قال: أنا أبو عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع، من يلي هذا الامر من بعده ؟ إن يله طلحة فهو فتى العرب سيبا، وإن يله ابن أبي طالب فلا أراه إلا سيستنظف الحق ! وهو أكره من يليه إلي. ومنهم: أبو الطفيل عامر بن واثلة الصحابي، فقد ذكر المسعودي في مروج الذهب 2 / 62، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 158، وابن عساكر في تاريخه 7 / 201، والسيوطي في تاريخ الخلفاء: 133 وغيرهم موقف رائع له مع معاوية عليه اللعنة والهاوية. ومنهم: مالك الاشتر بن الحارث. ومنهم: عبد الرحمن بن أبي بكر. ومنهم: المسور بن مخرمة. فقد ذكر البلاذري في الانساب 5 / 46 ما كتبه عثمان لهؤلاء الثلاثة وأصحابهم داعيهم للطاعة وترك الفرقة، وجوابهام له بعنوان: الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه، النابذ لحكم القرآن وراء ظهره. ومنهم: أبو القاسم محمد بن أبي حذئفة العبشمي، وكان من أشد الناس تأليبا على عثمان، وكان يقول: يا أهل مصر ! إنا خلقنا الغزو وراءنا، يعني غزو عثمان.. إلى غير ذلك مما أورده البلاذري في الانساب 5 / 49 - 51، وابن كثير في تاريخه 7 / 157، والطبري في تاريخه 5 / 109، وابن عبد البر في الاستيعاب 1 / 233، وابن الاثير في الكامل 3 / 67، وابن حجر في الاصابة 3 / 373 وغيرهم. ومنهم: كميل بن زياد بن نهيك النخعي. ومنهم: عمرو بن زرارة النخعي. فقد أورد البلاذري في الانساب 5 / 30 أنهما أول من دعا إلى خلع عثمان، وقال الاخير: أيها الناس ! إن عثمان قد ترك الحق وهو يعرفه، وقد أغرى بصلحائكم يولي عليهم شراركم، وهو ممن سيره عثمان من أهل الكوفة إلى دمشق، وصرح بذلك في أسد الغابة 4 / 104، والاصابة 1 / 548 و 2 / 536 وغيرهم. ومنهم: عبادة بن الصامت الانصاري. روى احمد بن حنبل في مسنده 5 / 325 في حديث طويل جاء في آخره.. فلم يفجأ عثمان إلا وهو قاعد في جنب الدار، فالتفت إليه فقال: يا عبادة بن الصامت ! ما لنا ولك !، فقام عبادة بين ظهري الناس، فقال: سمعت رسول الله أبا القاسم محمدا (س) يقول: إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا =

 

[304]

.. وأمثال هذه الاقوال وأضعافها المتضمنة للنكير على عثمان من الصحابة أو التابعين منقولة في جميع التواريخ، وإنما اقتصرنا على تاريخي الثقفي والواقدي لان لنا إليهما طريقا، ولان لا يطول الكتاب، وفيما ذكرناه كفاية، ومن أراد العلم بمطابقة التواريخ لما أوردناه في هذين التاريخين فليتأملها يجدها موافقة.

 

= طاعة لمن عصى الله تبارك وتعالى. ويكون عبادة كأبي ذر رحمهما الله من القوالين بالحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ولم تأخذهم في الله لومة لاثم أبدا. وقد أوذوا في سبيل الله وظلموا ظلما شديدا. ومنهم: صعصعة بن صوحان. فقد روى ابن عساكر في تاريخه 6 / 424 نكيره على عثمان، وأنه مال عن الحق. ومنهم: حكيم بن جبلة العبدي. كان أحمد زعماء الثائرين على عثمان من أهل البصرة، وممن يعيب على عثمان، كما في مروج الذهب 2 / 7، ودول الاسلام للذهبي 1 / 18، وكتاب صفين: 82، والاستيعاب 1 / 121، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 259 وغيرها. ومنهم: هشام بن الوليد المخزومي. صرح ابن حجر في الاصابة 3 / 606 بمناوءته للسلطة الحاكمة، وإنشاده الشعر في الخليفة، ودفاعه عن عمار عند ضربه. ومنهم: حجر بن عدي الكوفي وصحبه رضوان الله عليهم. وهم القائلون عن عثمان أنه: هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق، كما جاء في واقعة طويلة ذكرها الطبري في تاريخه 6 / 141 - 160، وابن عساكر في تاريخه 2 / 370 - 381، وابن الاثير في الكامل 3 / 202 - 210، وابن كثير في تاريخه 8 / 49 - 55، وأبو الفرج في الاغاني 16 / 2 - 11 وغيرهم. ومنهم: جهجاه بن سعيد الغفاري الصحابي ممن بايع تحت الشجرة، وقد خاطبة في المسجد بأبشع القول وأقذع الكلام، وسماه: نعثلا، كما صرح بذلك البلاذري في الانساب 5 / 47، وذكر ذلك في ترجمته في الاستيعاب، والاصابة 1 / 253، وتاريخ الخميس 2 / 260، والرياض النضرة 2 / 123، ونص عليه أهل السير والتاريخ كابن الاثير في الكامل 3 / 70، والطبري في التاريخ 5 / 114، وابن كثير في كتابه 7 / 175 وغيرهم. ومنهم: قيس بن قهدان، وهو القائل: أقسم بالله رب البيت مجتهدا * أرجو الثواب به سرا وإعلانا لاخلعن أبا وهب وصاحبه * كهف الضلالة عثمان بن عفانا كما في أسد الغابة 4 / 104، والاصابة 1 / 548، والانساب 5 / 30 وغيرها.

 

[305]

ثم أطبق أهل الامصار وقطان المدينة من المهاجرين والانصار - إلا النفر الذي اختصهم عثمان لنفسه وآثرهم بالاموال كزيد بن ثابت وحسان وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير ومروان وعبد الله بن عمر - على حصره في الدار ومطالبته بخلع نفسه من الخلافة أو قتله إلى أن قتلوه على الاصرار إلى ما أنكروا عليه ومن ظفروا به في الحال من أعوانه، وأقام ثلاثا لا يتجاسر أحد من ذويه أن يصلي عليه ولا يدفنه خوفا من المسلمين إلى أن شفعوا إلى علي عليه السلام في دفنه، فأذن في ذلك على شرط أن لا يدفنوه في مقابر المسلمين، فحمل إلى حش كوكب (1) مقبرة اليهود، ولما أراد النفر الذين حملوه الصلاة عليه منعهم من ذلك المسلمون ورجموهم بالاحجار، فدفن بغير صلاة، ولم يزل قبره منفردا من مقابر المسلمين إلى أن ولي معاوية فأمر بأن يدفن الناس من حوله حتى اتصل المدفن بمقابر المسلمين، ولم يسأل عنه أحد من (2) بعد القتل من وجوه المهاجرين والانصار كعلي عليه السلام وعمار ومحمد بن أبي بكر وغيرهم وأماثل التابعين إلا قال: قتلناه كافرا. وهذا الذي ذكرناه من نكير الصحابة والتابعين على عثمان موجود في جميع التواريخ وكتب الاخبار، ولا يختلف في صحته مخالط الاهل والسير (3) والآثار، وإن أحسن الناس كان فيه رأيا من أمسك عن نصرته ومعونة المطالبين له بالخلع، وكف عن النكير عنه وعنهم كما ذكرناه من مواليه وبني أمية، ومن عداهم بين قاتل ومعاون بلسانه أو بيده (4) أو بهما، ومعلوم تخصص قاتليه بولاية علي عليه السلام وكونهم بطانة له وخواصا كمحمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر والاشتر وغيرهم من المهاجرين والانصار وأهل الامصار، وتولي الكافة لهم تولي الصالحين والمنع منهم بالانفس والاموال وإراقة الدماء في نصرتهم والذب عنهم ورضاهم بعلي عليه

 

(1) يأتي التعرض لهذه الكلمة في هامش صفحة: 309. (2) وضع على: من، رمز نسخة بدل في (ك). (3) كذا في (ك)، وفي (س): فخاط الاهل والميسر. (4) هذا ما استظهرناه، وفي الاصل: بيداه، ولعله بصيغة التثنية في حال الجر، اي بيديه.

 

[306]

السلام مع علمهم برأيه في عثمان والتأليب عليه وتولي الصلاة - وهو محصور - بغير أمره، واتخاذه مفاتح لبيوت الاموال، واتخاذ قتلته أولياء خاصة أصفياء، واطباقهم على اختياره وقتالهم معه والدفاع عنه وعنهم، واستفراغ الوسع في ذلك، وعدم نكير من أحد من الصحابة أو التابعين يعتذ بنكيره، ثم اشتهر التدين بتكفير عثمان بعد قتله وكفر من تولاه من علي عليه السلام وذريته وشيعته ووجوه الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا، وحفظ عنهم التصريح بذلك بحيث لا يحتاج إلى ذكره، غير أن في ذكره ايناسا للبعيد عن سماع العلم، وتنبيها للغافل من سنة الجهل. فمن ذلك ما رووه من طرقهم (1)، أن عليا عليه السلام خطب الناس بعد قتل عثمان فذكر أشياء قد مضى بيانها، من جملتها قوله عليه السلام: سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه وفرجه، ويله ! لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له، شغل عن الجنة والنار امامه. ورووا عن علي بن خرور، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سأل رجل عليا عليه السلام عن عثمان، فقال: وما سؤالك عن عثمان ؟ إن لعثمان ثلاث كفرات، وثلاث غدرات، ومحل ثلاث لعنات، وصاحب بليات، لم يكن بقديم الايمان ولا ثابت الهجرة، وما زال النفاق في قلبه، وهو الذي صد الناس يوم أحد.. الحديث طويل. وذكر الثقفي في تاريخه، عن عبد المؤمن عن (2) رجل من عبد القيس، قال: أتيت عليا عليه السلام في الرحبة، فقلت: يا أمير المؤمنين ! حدثنا عن عثمان ؟. قال: أدن. فدنوت، قال: ارفع صوتك. فرفعت صوتي، قال: كان ذا ثلاث كفرات، وثلاث غدرات، وفعل ثلاث لعنات، وصاحب بليات، ما كان بقديم الايمان ولا حديث النفاق، يجزي بالحسنة السيئة.. في حديث طويل (3).

 

(1) انظر لمزيد الاطلاع كتاب الغدير 9 / 69 - 77. (2) لا توجد في (س): عن. (3) هذا استمرار كلام أبي الصلاح الحلبي في تقريب المعارف (في الكلام) من القسم الذي لم يطبع =

 

[307]

وذكر في تاريخه، عن حكيم بن جبير، عن أبيه، عن أبي إسحاق - وكان قد أدرك عليا عليه السلام -، قال: ما يزن عثمان عند الله ذبابا. فقال: ذبابا ؟ !. فقال: ولا جناح ذباب، ثم قال: [ولا نقيم لهم يوم القيامة وزنا] (1). وذكر فيه، عن أبي سعيد التيمي، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أنا يعسوب المؤمنين وعثمان يعسوب الكافرين. وعن أبي الطفيل: وعثمان يعسوب المنافقين. وذكر فيه، عن هبيرة بن مريم، قال: كنا جلوسا عند علي عليه السلام، فدعا ابنه عثمان، فقال له: يا عثمان ! ثم قال: إني لم أسمه باسم عثمان الشيخ الكافر، إنما سميته باسم عثمان بن مظعون. وذكر في تاريخه، من عدة طرق، أن عليا عليه السلام كان يستنفر الناس ويقول: انفروا إلى أئمة الكفر وبقية الاحزاب وأولياء الشيطان، انفروا إلى من يقول كذب الله ورسوله صلى الله عليه وآله، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا، والله إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شئ (2). وذكر فيه، عن عمر بن هند، عن علي عليه السلام، أنه قال: لا يجتمع (3) حبي وحب عثمان في قلب رجل إلا اقتلع أحدهما صاحبه. وروى فيه من طرق: أن جيفة عثمان بقيت ثلاثة أيام لا يدفن، فسأل عليا عليه السلام رجال من قريش في دفنه فأذن لهم على أن لا يدفن مع المسلمين في مقابرهم ولا يصلى عليه، فلما علم الناس بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة،

 

= منه. (1) الكهف: 105. (2) قريب مما ذكره أبو الصلاح في التقريب عن الثقفي ما أورده ابن أبي الحديد في شرحه للنهج 1 / 179 [أربع مجلدات]. (3) في (ك): لا تجتمع.

 

[308]

فخرجوا به يريدون به (1) حش كوكب مقبرة اليهود، فلما انتهوا به إليهم رجموا (2) سريره.. وروى فيه من طرق، عن علي عليه السلام، أنه قال: من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه. وروى فيه عن مالك بن خالد الاسدي، عن الحسن بن ابراهيم، عن آبائه، قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام يقول: معشر الشيعة ! علموا أولادكم بغض عثمان، فإنه من كان في قلبه حب لعثمان فأدرك الدجال آمن به، فإن لم يدركه آمن به في قبره. ورووا فيه عن بكر بن أيمن، عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: إنا وبني أمية تعادينا في الله فنحن وهم كذلك إلى يوم القيامة، فجاء جبرئيل عليه السلام براية الحق فركزها (3) بين أظهرنا وجاء إبليس براية الباطل فركزها بين أظهرهم، وإن أول قطرة سقطت على وجه الارض من دم المنافقين دم عثمان بن عفان. وروى فيه عن الحسين عليه السلام: أن عثمان جيفة على الصراط من أقام عليها أقام على أهل النار، ومن جاوزه جاوز إلى الجنة. وروى فيه عن حكيم بن جبير، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله: أن عثمان جيفة على الصراط يعطف عليه من أحبه ويجاوزه (4) عدوه. وروى فيه عن محمد بن بشر، قال: سمعت محمد بن الحنفية يلعن عثمان ويقول: كانت أبواب الضلالة مغلقة حتى فتحها عثمان.

 

(1) لا توجد: به، في (س). (2) في (س): وجمعوا. (3) في (س): فوكزها. (4) جاءت في (ك): يحاوزه - بالحاء المهملة -، ولها معاني عدة لا حظها في القاموس 2 / 173 - 174، والنهاية 1 / 459، والصحاح 3 / 875، وبعضها مناسب للمقام. (*)

 

[309]

وروى فيه عن عبد الله بن شريك، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، أنه قال: لا تكون حرب سالمة حتى يبعث قائمنا ثلاثة أراكيب في الارض ركب يعتقون مماليك أهل الذمة، وركب يردون المظالم، وركب يلعنون عثمان في جزيرة العرب. وروى قتيبة عن أبي سعد التيمي، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: ثلاث يشهدن على عثمان بالكفر وأنا الرابع.. وقد ذكرنا هذا الحديث وشهادة عمار عليه بالكفر في مقام بعد مقام. وروى فيه عن يحيى بن جعدة، قال: قلت لزيد بن أرقم: بأي شئ كفرتم عثمان ؟. قال: بثلاث، جعل المال دولة بين الاغنياء، وجعل المهاجرين بمنزلة من حارب الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وعمل بغير كتاب الله. ومن طريق آخر، قال: كفرناه بثلاث: فرق كتاب الله ونبذه في الحشوش (1)، وإنزال المهاجرين بمنزلة من حارب الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وجعل المال دولة بين الاغنياء، فمن ثم أكفرناه وقتلناه. وروى فيه (2) عن أنس بن عمرو، قال: قلت لزبيد الامامي أن أبا صادق، قال: والله ما يسرني أن في قلبي مثقال حبة خردل حبا لعثمان (3) ولو أن لي أحدا ذهبا، وهو شر عندي من حمار مجدع لطحان (4). فقال زبيد: صدق أبو صادق. وروى فيه عن الحكم بن عيينه، قال: حضرنا في موضع، فقال طلحة بن

 

(1) قال ابن الاثير في نهايته 1 / 390: إن هذه الحشوش محتضرة.. يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة، الواحد حش - بالفتح -، وأصله من الحش: البستان، لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين، ومنه حديث عثمان أنه دفن في حش كوكب، وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع. (2) لا توجد: فيه، في (س). (3) في مطبوع البحار: خ. ل: لنعمان. (4) قال في القاموس 1 / 247: لطحه - كمنعه -: ضربه ببطن كفه.. وبه: ضرب به الارض، ولعل له معنى آخر.

 

[310]

مصرف الامامي: يأبي قلبي إلا حب عثمان، فحكيت ذلك لابراهيم النخعي، فقال: لعن الله قلبه. ورووا عن ابراهيم أنه قال: إن عثمان عندي شر من قرون (1). ورووا فيه عن سفيان، عن الحسن البصري، قال: سألته فقلت: أيهما أفضل، عثمان أم عمر بن عبد العزيز ؟. قال: ولا سواء من جاء إلى أمر فاسد فأصلحه خيرا ومن جاء إلى أمر صالح فأفسده. ورووا فيه عن جويبر، عن الضحاك، قال: قال لي: يا جويبر ! إعلم إن شر هذه الامة الاشياخ الثلاثة، قلت: من هم ؟. قال: عثمان وطلحة والزبير. ورووا فيه عن الوليد بن زرود الرقي، عن أبي جارود العبدي، قال: أما عجل هذه الامة فعثمان، وفرعونها معاوية، وسامريها أبو موسى الاشعري، وذو الثدية وأصحاب النهر ملعونون، وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام. وروى عن أبي الارقم، قال: سمعت الاعمش يقول: والله لوددت أني كنت وجأت عثمان بخنجر في بطنه فقتلته. ورووا عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، قال: يرفع عثمان وأصحابه يوم القيامة حتى يبلغ بهم الثريا، ثم يطرحون على وجوههم. وروى فيه عن أبي عبيدة الذهلي، قال: والله لا يكون الارض سلما سلما حتى يلعن عثمان ما بين المشرق والمغرب لا ينكر ذلك أحد. وروى فيه أن عبد الرحمن بن حنبل الجمحي - وكان بدريا - قال: ذق يا أبا عمرو بسوء الفعل * وذق صنع كافر ذي جهل لما سددت باب كل عدل * ورمت نقص حقنا بالبطل (2)

 

(1) استظهر في مطبوع البحار كون الكلمة: قرود. ولعلها: قارون. (2) قال الفيروز آبادي في القاموس 3 / 335: بطل بطلا وبطولا وبطلانا - بضمهن -: ذهب ضياعا وخسرا.

 

[311]

غدا عليك أهل كل فضل * بالمشرفيات (1) القضاب (2) الفصل فذقت قتلا لك أي قتل * كذاك نجزي كل عات وغل (3).. في أمثال (4) هذه الاقوال المحفوظة عن الصحابة والتابعين ذكر جميعا يخرج عن الغرض، وفي بعض ما ذكرناه كفاية في المقصود، والمنة لله. وقال رحمه الله في موضع آخر (5): تناصر الخبر من طريقي الشيعة وأصحاب الحديث بأن عثمان وطلحة والزبير وسعدا و عبد الرحمن من جملة أصحاب العقبة الذين نفروا برسول الله صلى الله عليه وآله، وأن عثمان وطلحة القائلان: أينكح محمد نساءنا ولا ننكح نساءه ؟ !. والله لو قد مات لاجلبنا على نسائه بالسهام، وقوله طلحة: لاتزوجن أم سلمة، فأنزل الله سبحانه (6): [وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا] (7). وقول عثمان يوم أحد: لالحقن بالشام، فإن لي بها صديقا يهوديا. وقول طلحة: لالحقن بالشام فإن لي بها صديقا نصرانيا، فأنزل الله تعالى: [يا أيها

 

(1) جاء في الصحاح 4 / 1380: والمشرفية: سيوف، قال أبو عبيدة: نسبت إلى مشارف، وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، يقال سيف مشرفي. (2) سيف قاضب وقضيب.. أي قطاع والجمع قواضب وقضب، كما في الصحاح 1 / 203. أقول: القضاب إما جمع القضيب - ككرام وكريم - أو جمع قاضب - كطالب وطلاب -. (3) ومرت له قصيدته التي أولها: إن تقتلوني فأنا ابن حنبل * أنا الذي قد قلت فيكم نعثل وقد جاءت في تاريخ الطبري 6 / 25، وتاريخ اليعقوبي 2 / 150، والاستيعاب 2 / 410، والاصابة 2 / 395، وشرح ابن أبي الحديد 1 / 66. (4) كذا، والظاهر: وامثال.. والعبارة مشوشة في (س). (5) لا زال الكلام لابي الصلاح (ره) في تقريب المعارف - القسم الذي لم يطبع منه مع الاسف -، فراجع. (6) انظر مثالا: تفسير القرطبي 14 / 228، وفيض القدير 4 / 290، وتفسير ابن كثير 3 / 506، وتفسير البغوي 5 / 225، وتفسير الخازن 5 / 225، وتفسير الآلوسي 22 / 74. (7) الاحزاب: 53.

 

[312]

الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض] (1). وقول عثمان لطلحة - وقد تنازعا -: والله إنك أول أصحاب محمد صلى الله عليه وآله تزوج بيهودية، فقال طلحة: وأنت والله لقد قلت ما ينجينا هاهنا إلا أن نلحق بقومنا (2). بيان: الربو - بالفتح - النفس العالي (3). واسي على مصيبته - بالكسر - يأسي اسا.. أي حزن، وقد اسيت لفلان.. أي حزنت له (4).

 

(1) المائدة: 51. (2) ما ذكره شيخنا المصنف - قدس سره - ليست إلا نبذة قليلة وحصة ضئيلة تركها لنا التاريخ الظالم، وغفلت عنها أيدي الطغاة الاموية بعد أن حرف القوم الكلم عن مواضعه وأثبتوا ما وافق هواهم وأهواءهم وتركوا ما لا يروق لهم. قال الطبري في تاريخه 5 / 108: إن الواقدي ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب أمورا كثيرة منها ما تقدم ذكره، ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهية مني ذكره لبشاعته !. وقال في 5 / 113: قد ذكرنا كثيرا من الاسباب التي ذكر قاتلوه أنهم جعلوها ذريعة إلى قتله فأعرضنا عن ذكر كثير منها لعلل دعت إلى الاعراض عنها. وقال في 5 / 232: إن محمد بن أبي بكر كتب إلى معاوية لما ولي فذكر مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه مما لا يتحمل سماعه العامة. وقال في الكامل 3 / 70: قد تركنا كثيرا من الاسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتله لعلل دعت إلى ذلك. ولنختم الحديث بعد كل ما مر وكل الاجتهادات التى جاءت بها الصحابة أمام النصوص الصريحة والسنة النبوية الواضحة، وأن النهي عند السلف ما كان إلا سياسة وقتية، قد اتخذوا إلهم هواهم وما هذا إلا لزيغهم عن الصراط، وتركهم المحجة الواضحة، وباب مدينة العلم، ولا نود ذكر الشواهد الكثيرة جدا لذلك، انظر ما أدرجه شيخنا الاميني - طاب ثراه - في غديره 8 / 116 وما بعدها من سرد بعض النماذج لذلك. (3) كما في الصحاح 6 / 2350، ولسان العرب 14 / 305. (4) ذكره في لسان العرب 14 / 34، والصحاح 6 / 2269، وانظر: النهاية 1 / 50.

 

[313]

قوله: إن في هذا الحديث.. أي روى الغزرمي - مكان - فتبطحون على وجوهكم - هكذا: ترفعون.. أي يرفعكم الملائكة إلى مكان الثريا من السماء ثم يضربونكم على الارض على وجوهكم فتطأكم البهائم، وهذا أشد في التعذيب. وقوله: ليجاء بي.. لعل هذا الترديد والتبهيم للتقية والمصلحة مع وضوح المقصود. قوله لعنه الله: الترباء في فيك يا علي.. الترباء - بالفتح أو بضم التاء وفتح الراء - لغتان في التراب (1)، انظر هذا الذي خانت أمه أباه كيف شتم وعق مولاه، لعنة الله عليه وعلى من والاه. وقال الجوهري: الناب: الناب: المسنة من النوق (2). وقال: مر فلان ينجش نجشا.. أي يسرع (3). والشارف من النوق: المسنة الهرمة (4). واغذ السير وفيه: اسرع (5). وبعج بطنه بالسكين - كمنع -: شقه (6). والنهابير: المهالك (7). والتنجيد: العدو (8). وقال في النهاية: كان اعداء عثمان يسمونه: نعثلا تشبيها برجل من مصر

 

(1) جاء في القاموس 1 / 39، ولسان العرب 1 / 227. (2) الصحاح 1 / 230، ومثله في لسان العرب 1 / 776، والقاموس 1 / 135. (3) الصحاح 3 / 1021، ونظيره في اللسان 6 / 351، وانظر: القاموس 2 / 289، والنهاية 5 / 22. (4) نص عليه في النهاية 2 / 462، والقاموس 3 / 157. (5) ذكره الفيروز آبادي في القاموس 1 / 356، وانظر: لسان العرب 3 / 501، والنهاية 3 / 347، والصحاح 2 / 567. (6) كما في الصحاح 1 / 300، ومجمع البحرين 2 / 277، وقريب منهما في النهاية 1 / 139. (7) قاله في مجمع البحرين 5 / 133 - 134، والقاموس 2 / 151. (8) صرح به في تاج العروس 2 / 512، وذكره الفيروز آبادي في القاموس المحيط 1 / 340.

 

[314]

كان طويل اللحية اسمه: نعثل، وقيل النعثل: الشيخ الاحمق، وذكر الضباع (1). انتهى. ويقال زعر الشعر والريش: قل، والزعارة: سوء الخلق (2). والغرارة - بالكسر -: الجوالق (3). قولها: إن هذه.. أي السماء، وقعت على هذه.. أي الارض. وقال الفيروز آبادي: العضد والعضيد: الطريقة من النخل، والجمع كغربان (4)، والمعنى إن ذلك أموالا كثيرة تحميه لبقائها أو حصلتها ببركته. وقال في القاموس: الركب: ركبان الابل اسم جمع أو جمع وهم العشرة فصاعدا، وقد يكون للخيل.. والاركوب - بالضم - اكثر من الركب (5).

 

(1) النهاية 5 / 79 - 80، ومثله في لسان العرب 11 / 669 - 670. (2) أورده في القاموس 2 / 39، وانظر: مجمع البحرين 3 / 317، والصحاح 2 / 670. (3) نقله الجوهري في الصحاح 2 / 769، والفيروز آبادي في القاموس 2 / 101. (4) القاموس 1 / 314، وقارن ب‍: تاج العروس 2 / 434. وقريب منهما في لسان العرب 3 / 294. (5) القاموس 1 / 75، ونظيره في لسان العرب 1 / 429 - 430.

 

[315]

[26] باب الشورى واحتجاج أمير المؤمنين صلوات الله عليه على القوم في ذلك اليوم 1 - ل (1): أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن أبي الجارود وهشيم بن أبي ساسان (2) وأبي طارق السراج، عن عامر بن واثلة، قال: كنت في البيت يوم الشورى، فسمعت عليا عليه السلام وهو يقول: استخلف الناس أبا بكر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه، واستخلف أبو بكر عمر وأنا والله أحق بالامر وأولى به منه، إلا أن (3) عمر جعلني مع خمسة (4) أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضل، ولو أشاء لاحتججت عليهم بما

 

(1) الخصال 2 / 553 - 563، بتفصيل في الاسناد. وقد مر في أول كتابنا هذا ذكر بعض مصادر حديث المناشدة من طريق العامة والخاصة ونزيد هاهنا ما جاء في لسان الميزان للذهبي 2 / 156 - 157 عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، وما ذكره الخوارزمي في مناقبه: 301، 314 - 315 وغيرها. (2) في المصدر: وهشام أبي ساسان. (3) في (ك) نسخة بدل: الآن. (4) في الخصال زيادة: نفر.

 

[316]

لا يستطيع - عربيهم ولا عجميهم، المعاهد منهم والمشرك - تغيير ذلك. ثم قال: نشدتكم بالله أيها النفر ! هل فيكم أحد وحد الله قبلي ؟ !. قالوا: اللم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد، قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ساق رسول الله صلى الله عليه وآله لرب العالمين هديا فأشركه فيه، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أتي رسول الله صلى الله عليه وآله بطير يأكل (1) منه، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجئته، فقال: اللهم والى رسولك.. والى رسولك، غيري (2) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله - حين رجع عمر يجبن أصحابه ويجبنونه قد رد راية رسول الله صلى الله عليه وآله منهزما - فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لاعطين الراية غدا رجلا ليس بفرار يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه، فلما أصبح قال: ادعوا لي عليا. فقالوا: يا رسول الله (ص) ! هو رمد ما (3) يطرف. فقال: جيئوني (4)، فلما قمت بين يديه تفل في عيني وقال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد، فاذهب الله عني الحر والبرد إلى ساعتي هذه، وأخذت الراية فهزم الله المشركين واظفرني بهم، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا.

 

(1) في (س): يأكله. (2) في المصدر: فجئته أنا، غيري...، ولا توجد: فقال: اللهم.. إلى آخرها. (3) خط على: ما، في (س). (4) زيد في الخصال: به.

 

[317]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزين بالجناحين في الجنة يحل فيها حيث يشاء، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد له عم مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسيدي (1) شباب أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبضعة منه وسيدة نساء أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من فارقك فارقني ومن فارقني فارق الله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لينتهين بنو وليعة (2) أو لابعثن إليهم (3) رجلا كنفسي طاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يغشاهم بالسيف، غيري ؟ !. قالو: اللهم لا (4). قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مسلم وصل إلى قلبه حبي إلا كفر الله عنه ذنوبه، ومن وصل حبي إلى قلبه فقد وصل حبك إلى قبله، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا.

 

(1) قد تقرأ في مطبوع البحار: سيدا - بالرفع -. وفي الاحتجاج: هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله (ص).. إلى آخره. (2) قال في القاموس 3 / 97: وبنو وليعة - كسفينة - حي من كندة. (3) في (ك) نسخة بدل: عليهم. (4) لاحظ: مناقب الخوارزمي: 217.

 

[318]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت الخليفة في الاهل والولد (1) والمسلمين في كل غيبة، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك وليي ووليي ولي الله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! من أحبك ووالاك سبقت له الرحمة ومن أبغضك وعاداك سبقت له اللعنة، فقالت عائشة: يا رسول الله (ص) ! ادع الله لي ولابي لا يكون (2) ممن يبغضه ويعاديه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اسكني، إن كنت أنت وأبوك ممن يتولاه ويحبه فقد سبقت لكما الرحمة، وإن كنتما ممن يبغضه ويعاديه فقد سبقت لكما اللعنة، ولقد خبثت (3) أنت، وأبوك (4) أول من يظلمه وأنت أول من يقاتله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ما قال لي: يا علي ! أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ومنزلك مواجه منزلي كما يتواجه الاخوان في الخلد ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! إن الله خصك بأمر وأعطاكه ليس من الاعمال شئ أحب إليه ولا أفضل منه عنده، الزهد في الدنيا، فليس تنال منها شيئا ولا تنال (5) منك وهي زينة الابرار عند الله عزوجل يوم القيامة، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله

 

(1) في (س) وضع على: الولد، نسخة بدل. (2) في المصدر: لا نكون، وهو الظاهر. (3) في الخصال: جئت. (4) في (س) زيادة: إن كان أبوك. (5) في الخصال: تناله.

 

[319]

ليجئ بالماء كما بعثني، فذهبت حتى حملت القربة على ظهري ومشيت بها فاستقبلتني ريح فردتني حتى أجلستني، ثم قمت فاستقبلتني ريح فردتني ثم (1) أجلستني، ثم قمت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي: ما حبسك (2) ؟. فقصصت عليه القصة، فقال: قد جائني جبرئيل فأخبرني، أما الريح الاولى فجبرئيل كان في ألف من الملائكة يسلمون عليك، وأما الثانية فميكائيل جاء في ألف من الملائكة يسلمون عليك، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم من قاله له جبرئيل: يا محمد (ص) ! أترى هذه المواساة من علي (ع)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله كما جعلت أكتب فأغفى (3) رسول الله صلى الله عليه وآله فأنا أرى أنه يملي علي، فلما انتبه قال له: يا علي ! من أملى عليك من هاهنا إلى هاهنا، فقلت: أنت يا رسول الله (ص). فقال: لا، ولكن جبرئيل املا (4) عليك، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا (5). قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال لي: لولا أن (6) لا يبقى أحد إلا قبض من أثرك قبضة يطلب بها البركة لعقبة

 

(1) في المصدر: بدل: ثم، جاءت: حتى، وهي نسخة بدل في (س). (2) في المصدر زيادة: عني. (3) وضع (كذا) على الكلمة في مطبوع البحار. قال في الصحاح 6 / 2448: أغفيت إغفاءا.. أي نمت. أقول: على ذلك لا معنى لكلمة (كذا) هنا. (4) كذا، في (ك): املاه، وهو الظاهر. (5) هنا زيادة جاءت في المصدر وهي: قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نادى له مناد من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. (6) في المصدر زيادة: أخاف أن، وهو الظاهر. (*)

 

[320]

من بعده لقلت فيك قولا لا يبقى أحد إلا قبض من اثرك قبضة (1) ؟ !. فقالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: احفظ الباب فإن زوار من الملائكة يزورني فلا تأذن لاحد منهم، فجاء عمر فرددته ثلاث مرات وأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وآله محتجب وعنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا، ثم أذنت له فدخل. فقال: يا رسول الله ! إني جئت غير مرة كل ذلك يردني علي ويقول ان رسول الله صلى الله عليه وآله محتجب وعنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا، فكيف علم بالعدة ؟ أعاينهم ؟ !. فقال (2): لا، يا علي ! قد صدق، كيف علمت بعدتهم ؟. فقلت: اختلفت علي (3) التحيات وسمعت الاصوات فأحصيت العدد. قال: صدقت، فإن فيك سنة من أخي عيسى، فخرج عمر وهو يقول: ضربه لا بن مريم مثلا فأنزل (4) الله عز وجل: [ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون] (5) - قال يضجون (6) - [وقالواء الهتنا خير أم هو ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلنه مثلا لبني إسرئيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون] (7) غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال لي: إن طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار علي (ع) ليس من مؤمن إلا وفي

 

(1) في الخصال زيادة: غيري، وهو الظاهر. (2) في الخصال زيادة: له. (3) وضع على: علي، في مطبوع البحار رمز نسخة بدل مصححة. (4) في (س): وأنزل. (5) قال في الصحاح 2 / 492: صد يصد ويصد صديدا.. أي ضج، وبنصها في القاموس 1 / 306. (6) في (ك): يقبحون. (7) الزخرف: 57.

 

[321]

منزله غصن من أغصانها، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له (1) رسول الله صلى الله عليه وآله: تقاتل (2) على سنتي وتبرأ (3) ذمتي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: تقاتل (4) الناكثين والقاسطين والمارقين، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ورأسه في حجر جبرئيل عليه السلام فقال لي: ادن دونك رأس (5) ابن عمك فانت أولى به مني، غيري (6) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد وضع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه في حجره حتى غابت الشمس ولم يصل العصر فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي ! صليت (7) ؟. قلت: لا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله فردت الشمس بيضاء نقية فصليت ثم انحدرت، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أمر الله عزوجل رسوله صلى الله عليه وآله أن يبعث ببراءة، فبعث بها مع أبي بكر فأتاه جبرئيل، فقال: يا محمد ! إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعثني رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذتها من أبي بكر فمضيت بها وأديتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأثبت (8)

 

(1) لا توجد في (س): له. (2) كذا في الخصال، وفي مطبوع البحار: فقاتل. (3) في المصدر: وتبر. (4) في مطبوع البحار: فقاتل. (5) في المصدر: من، بدلا من: دونك رأس. (6) لا توجد: غيري، في (ك). (7) في المصدر زيادة: العصر، بعد: صليت. (8) في المصدر: وأثبت.

 

[322]

الله على لسان رسوله: أني منه، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت إمام من أطاعني، ونور أوليائي، والكلمة التي ألزمتها المتقين، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيا حياتي ويموت موتي ويسكن جنتي التي وعدني ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده، ثم قال له: كن، فكان، فليوال علي بن أبي طالب (ع) وذريته من بعده، فهم الائمة، وهم الاوصياء أعطاهم الله علمي وفهمي، لا يدخلونكم في باب ضلال، ولا يخرجونكم من باب هدى، لا تعلموهم فهم أعلم منكم، يزول الحق معهم أينما زالوا (1)، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قضى فانقضى (2)، إنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق (3)، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ما قال لي: أهل ولايتك يخرجون يوم القيامة من قبورهم على نوق بيض، شراك نعالهم نور يتلالا، قد سهلت عليهم الموارد، وفرجت عنهم الشدائد، وأعطوا الامان، وانقطعت عنهم الاحزان حتى ينطلق بهم إلى ظل عرش الرحمن، توضع بين أيديهم (4) مائدة يأكلون منها حتى يفرغ من الحساب، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله

 

(1) قال في القاموس 3 / 391: زال الشمس: مالت. (2) خ. ل: مضافا إلى ما مضى. (3) في المصدر: إلا كافر منافق. (4) في (س): يديهم.

 

[323]

حين جاء أبو بكر يخطب فاطمة عليها السلام، فأبى أن يزوجه، وجاء عمر يخطبها فأبى أن يزوجه، فخطبت إليه فزوجني، فجاء أبو بكر وعمر فقالا: أبيت أن تزوجنا وزوجته ؟ !. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما منعتكما وزوجته، بل الله منعكما وزوجه، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فأي سبب أفضل من سببي ؟ وأي نسب أفضل من نسبي ؟ إن أبي وأبا رسول الله صلى الله عليه وآله لاخوان، وإن الحسن والحسين إبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسيدي شباب أهل الجنة ابناي، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله زوجتي سيدة نساء أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله خلق الخلق ففرقهم فرقتين، فجعلني في خير الفرقتين، ثم جعلهم شعوبا فجعلني في خير شعبة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خير بيت، ثم اختار من (1) أهل بيتي: أنا وعليا وجعفرا، فجعلني خيرهم، فكنت نائما (2) بين ابني أبي طالب عليه السلام فجاء جبرئيل ومعه ملك فقال: يا جبرئيل ! إلى أي هؤلاء أرسلت ؟. فقال: إلى هذا، ثم أخذ بيدي فأجلسني، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سد رسول الله صلى الله عليه وآله أبواب المسلمين كلهم (3) ولم يسد بابي، فجاءه العباس وحمزة وقالا: أخرجتنا وأسكنته ؟. فقال لهما: ما أنا أخرجتكم وأسكنته بل الله أخرجكم وأسكنه، إن الله عزوجل

 

(1) في (س): في. (2) في (س): قائما. (3) في الخصال زيادة: في المسجد.

 

[324]

أوحى إلى أخي موسى عليه السلام أن اتخذ مسجدا طهورا واسكنه أنت وهارون (1) وابنا هارون، وإن الله عزوجل أوحى إلي أن أتخذ مسجدا طهورا واسكنه أنت وعلي وابنا علي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا علي الحوض، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث جاء المشركون يريدون قتله، فأضجعت في مضجعه وذهب رسول الله صلى الله عليه وآله نحو الغار وهم يرون أني أنا هو، فقالوا: أين ابن عمك ؟. فقلت: لا أدري، فضربوني حتى كادوا يقتلونني (2) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال لي: إن الله أمرني بولاية علي فولايته ولايتي ولايتي وولايتي ولاية ربي، عهد عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه، فهل سمعتم ؟. قالوا: نعم قد سمعناه، قال: أما أن فيكم من يقول قد سمعت وهو يحمل الناس على كتفيه ويعاديه. قالوا: يا رسول الله ! أخبرنا بهم. قال: أما ان ربي قد أخبرني بهم وأمرني بالاعراض عنهم لامر قد سبق، وإنما يكتفي أحدكم بما يجد لعلي في قلبه (3) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل من بني عبدالدار تسعة مبارزة غيري كلهم يأخذ اللواء، ثم جاء صواب الحبشئ مولاهم وهو يقول: والله لا أقتل بسادتي إلا محمدا، قد أزبد شدقاه (4) واحمرتا عيناه، فاتقيتموه وحدتم عنه،

 

(1) في (س): وعلي، بدلا من: هارون. (2) في المصدر زيادة: غيري. (3) في المصدر زيادة: غيري. (4) قال في القاموس 3 / 248: الشدق - بالكسر ويفتح والدال مهملة -: طفطفه الفم من باطن الخدين ومن الوادي عرضاه وناحيتاه كشديقه.

 

[325]

وخرجت إليه فلما أقبل (1) كأنه قبة مبنية، فاختلفت أنا وهو ضربتين فقطعته بنصفين وبقيت رجلاه وعجزه وفخذاه قائمة على الارض ينظر إليه المسلمون ويضحكون منه (2) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل من مشركي قريش (3) مثل قتلي ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد جاء عمرو بن عبدود ينادي: هل من مبارز، فكعتم (4) عنه كلكم فقمت أنا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إلى أين تذهب ؟. فقلت: أقوم إلى هذا الفاسق. فقال: إنه عمرو بن عبدود، فقلت: يا رسول الله (ص): إن كان هو عمرو بن عبدود فأنا علي بن أبي طالب، فأعاد علي صلى الله عليه وآله وسلم الكلام وأعدت عليه، فقال: امض على اسم الله، فلما قربت منه قال: من الرجل ؟. قلت: علي بن أبي طالب. قال: كفو كريم ارجع يا بن أخي فقد كان لابيك معي صحبة ومحادثة فأنا أكره قتلك. فقلت له: يا عمرو ! إنك قد عاهدت الله أن لا يخيرك أحد ثلاث خصال إلا اخترت إحداهن. فقال: اعرض علي. قلت: تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقر بما جاء من عند الله. قال: هات غير هذه. قلت: ترجع من حيث جئت. قال: والله لا تحدث نساء قريش بهذا أني رجعت عنك. فقلت: فانزل فأقاتلك. قال: أما هذه فنعم، فنزل فاختلف (5) أنا وهو ضربتين فأصاب

 

(1) في (س): أقبلت. (2) في الخصال زيادة: غيري. (3) في (ك) نسخة بدل: العرب. (4) في (ك) نسخة بدل: فكففتم. وأورد في حاشيتها: كعت عن الشئ: إذا هبته وجبنت عنه. مجمع. انظر: مجمع البحرين 4 / 387. وستأتي في بيان المصنف قريبا. (5) كذا، والظاهر: فاختلفت.

 

[326]

الحجفة (1) وأصاب السيف رأسي، وضربته ضربته فانكشف رجليه فقتله الله على يدي، ففيكم أحد فعل هذا ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد حين جاء مرحب وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي مرحب * شاك السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب فخرجت إليه فضربني وضربته و (2) على رأسه نقير من جبل حجر لم يكن تصلح (3) على رأسه بيضة من عظم رأسه، فقلقت (4) النقير ووصل السيف إلى رأسه فقتلته، ففيكم أحد فعل هذا ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله صلى الله عليه وآله: إنما يريد الله ليذهب الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (5) فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين، ثم قال: يا رب ! هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا سيد ولد آدم وأنت يا علي سيد العرب ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ نظر إلى شئ ينزل من السماء فبادره ولحقه أصحابه فانتهى إلى سودان أربعة يحملون سريرا، فقال لهم: ضعوا، فوضعوا. فقال: اكشفوا عنه، فكشفوا

 

(1) قال في مجمع البحرين 5 / 35: الحجفة - بالتحريك -: الترس، وذلك إذا كانت من جلود وليس فيها خشب، وانظر: النهاية 1 / 345، وفي الاصل: الجحفة، ولا معنى مناسب لها. (2) لا توجد الواو في (س). (3) في المصدر: من جبل لم تكن تصلح. (4) كذا، وفي الخصال: فقلبت، والظاهر: ففلقت. (5) الاحزاب: 33.

 

[327]

فإذا أسود مطوق بالحديد، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من هذا ؟. قالوا: غلام الرياحين (1) كان قد أبق عنهم خبثا وفسقا فأمرونا أن ندفنه في حديده كما هو، فنظرت إليه، فقلت: يا رسول الله ! ما رآني قط إلا قال: أنا والله أحبك، والله ما أحبك إلا مؤمن ولا أبغضك إلا كافر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! لقد أثابه الله بذا، هذا سبعون قبيلا من الملائكة - كل قبيل على ألف قبيل - قد نزلوا يصلون عليه، ففك رسول الله صلى الله عليه وآله حديدته وصلى عليه ودفنه ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ما قال لي: أذن لي البارحة في الدعاء فما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه، وما سألت لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله وأعطانيه. فقلت: الحمد لله ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث خالد ابن الوليد إلى بني خزيمة (2) ففعل ما فعل فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فقال: (3) إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.. ثلاث مرات، ثم قال: اذهب يا علي، فذهبت فوديتهم ثم ناشدتهم بالله هل بقي شئ ؟. فقالوا: إذ نشدتنا بالله فميلغة كلابنا، وعقال بعيرنا، فأعطيتهم لهما، وبقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إياه، وقلت: هذا لذمة رسول الله صلى الله عليه وآله ولما تعلمون ولما لا تعلمون ولروعات النساء والصبيان، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته، قال (4): والله ما يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم ؟ !. قالوا: اللهم

 

(1) في المصدر: للرياحيين، وكأنه نسبة إلى رياح بطن من تميم. (2) في المصدر: بني جذيمة، وهو الصواب كما في الكامل، وفي القاموس: أنها بفتح فكسر على وزن سفينة. (3) في الخصال زيادة: اللهم. (4) في المصدر: فقال.

 

[328]

نعم (1). قال: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي ! عرضت (2) علي أمتي البارحة فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لك ولشيعتك ؟ !. فقالوا: اللهم نعم. قال: نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا أبا بكر ! اذهب فاضرب عنق ذلك الرجل الذي تجده في موضع.. كذا وكذا، فرجع، فقال: قتلته ؟. قال: لا، وجدته يصلي. قال: يا عمر ! اذهب فاقتله، فرجع قال (3) له: قتلته ؟. قال: لا، وجدته يصلي، فقال: آمركما بقتله، فتقولان وجدناه يصلي ؟ !، فقال (4): يا علي ! اذهب فاقتله، فلما مضيت قال: إن أدركه قتله، فرجعت فقلت: يا رسول الله (ص) لم أجد أحدا. فقال: صدقت، أما إنك لو وجدته (5) لقتلته ؟ !. فقالوا (6): اللهم نعم. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال لي: إن وليك في الجنة وعدوك في النار ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن إبراهيم ليس منك وإنه ابن فلان القبطي. قال: يا علي ! اذهب فاقتله. فقلت: يا رسول الله (ص) ! إذا بعثتني أكون (7) كالمسمار المحمى في الوبر أو أتثبت ؟. قال: لا، بل تثبت، فذهب فلما نظر إلي أستند إلى حائط فطرح نفسه

 

(1) أورده هذه المناشدة ابن اسحاق في سيرته 4 / 70 في قصة طويلة، فلاحظها، وأجملها ابن الاثير في الكامل 2 / 173 - 174. (2) في الخصال: لقد عرضت. (3) في المصدر: فقال: (4) في المصدر: قال. (5) في (س) والمصدر: لو أنك وجدته.. (6) في الخصال: قالوا. (7) في (ك): فأكون.

 

[329]

فيه فطرحت نفسي على أثره، فصعد على نخل فصعدت (1) خلفه (2)، فلما رآني قد صعدت رمى بازاره فإذا ليس له شئ مما يكون للرجال، فجئت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: الحمد لله الذي صرف (3) عنا السوء أهل البيت ؟ !. فقالوا: اللهم نعم (4). فقال: اللهم اشهد. بيان: قوله صلى الله عليه وآله: لولا أن لا يبقى.. ظاهره عدم جواز الاستشفاء والتبرك بتراب قدم الامام وهو بعيد، ولعله ذكر هذا وأراد لازمه وهو الغلو والاعتقاد بالالوهية، كما ورد في أخبار أخر: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لم تمر بملا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به، أو هو مبني على أن وضوح الامر بهذا الحد ينافي الابتلاء الذي لا بد منه في التكليف، والاول أظهر. والزور - بالفتح - والزوار - بالضم -: جمع الزائر - كسفر وسفار جمع سافر (5). وقال الجوهري: كعت عن الامر (6) اكيع واكاع.. إذا هبته وجبنت (7). وقال: رجل شاك في السلاح وشاك السلاح (8) والشاك السلاح (9) و (10) هو

 

(1) في المصدر: وصعدت. (2) في (س): على خلفه. (3) في (س): صرفنا. (4) في الخصال: لا، بدلا من: نعم. (5) كذا أورده الطريحي في مجمع البحرين 3 / 319، والصحاح 2 / 673، وغيرهما. (6) في الصحاح: عن الشئ. (7) الصحاح 3 / 1278، وقريب منه في مجمع البحرين 4 / 387. (8) في المصدر: رجل شاك السلاح وشاك في السلاح. (9) في المصدر: والشاك في السلاح. (10) لا توجد الواو في الصحاح.

 

[330]

اللابس السلاح التام (1). وقال: الشوكة: شدة البأس والحد في السلاح (2)، وقد شاك الرجل (3) يشاك شوكا.. أي ظهرت شوكته وحدته فهو شائك السلاح وشاكي السلاح ايضا مقلوب منه (4). والبطل - بالتحريك -: الشجاع (5). والنقير: ما نقر من الحجر والخشب ونحوه، ذكره الفيروز آبادي (6). قوله عليه السلام: إلى شئ ينزل من السماء.. أي أنه صلى الله عليه وآله لما نظر إلى الملائكة ينزلون قام ومشى نحوهم لينظر لاي شئ والى أي شئ ينزلون فمشى حتى انتهى إلى تلك الجنازة وعلم أن نزولهم لذلك. وقال في النهاية في (7) حديث علي (ع): أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم بعثه ليدي قوما قتلهم خالد بن الوليد فأعطاهم ميلغة الكلب.. هي الاناء التي (8) يلغ فيه الكلب.. يعني اعطاهم قيمة كل ما ذهب لهم حتى قيمة الميلغة (9). 2 - ج (10): روى عمر بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر صلوات

 

(1) الصحاح 4 / 1594. (2) في المصدر: لا توجد من قوله: الشوكة.. إلى هنا. وقال الفيروز آبادي في القاموس المحى 3 / 310: الشوكة: السلاح أو حدته، ومن القتال: شدة بأسه والنكاية في العدو. وقال ابن الاثير في النهاية 2 / 510: وشوكة القتال: شدته وحدته. (3) في الصحاح زيادة: للسلاح، وشيك هو - على ما لم يسم فاعله -. (4) الصحاح 4 / 1595. (5) ذكره في القاموس 3 / 335، والصحاح 4 / 1635، وغيرهما. (6) في القاموس المحيط 2 / 147، وجاء في لسان العرب 5 / 228 أيضا. (7) في المصدر: ومنه، بدلا من: في. (8) في المصدر: الذي. (9) النهاية 5 / 226، وجاء في لسان العرب 8 / 460 أيضا بنصه. (10) الاحتجاج 1 / 135 - 145 طبعة النجف [1 / 192 - 210] بتفصيل في الاسناد.

 

[331]

الله عليه، قال: إن عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة وأجمع على الشورى، بعث إلى ستة نفر من قريش، إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، وإلى عثمان بن عفان، والى زبير بن العوام (1)، وطلحة بن عبيدالله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأمرهم أن يدخلوا إلى بيت (2) فلم (3) يخرجوا منه حتى يبايعوا لاحدهم، فإن اجتمع أربعة على واحد وأبى واحد أن يبايعهم قتل، وان امتنع اثنان وبايع ثلاثة قتلا، فاجتمع (4) رأيهم على عثمان، فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام ما هم القوم به من البيعة لعثمان، قام فيهم ليتخذ عليهم الحجة، فقال عليه السلام لهم: اسمعوا مني (5) فإن يك ما أقول حقا فاقبلوا وإن يك باطلا فأنكروا. ثم قال لهم (6): أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم، هل فيكم أحد صلى إلى القبلتين كلتيهما، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين - بيعة الفتح (7) وبيعة الرضوان -، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في المصدر: والى.. (2) في طبعة النجف: إلى البيت. (3) في الاحتجاج: ولا، وهو الظاهر. (4) في المصدر: فأجمع. (5) في الاحتجاج زيادة كلمة: كلامي. (6) لا توجد في المصدر كلمة: لهم. (7) في المصدر: بايع البيعتين كلتيهما - الفتح...

 

[332]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء أهل الجنة (1)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهما سيدا شباب أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عرف الناسخ من المنسوخ، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عاين جبرئيل عليه السلام في مثال دحية الكلبي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أدى الزكاة وهو راكع، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أدى الزكاة وهو راكع، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد مسح رسول الله صلى الله عليه وآله (2) وأعطاه الراية يوم خيبر فلم يجد حرا ولا بردا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم بأمر الله (3)، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد (4) أخو رسول الله صلى الله عليه وآله في الحضر ورفيقة في السفر، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في الاحتجاج: نساء العالمين. (2) كذا، وفي المصدر زيادة: عينيه. (3) في المصدر زيادة: تعالى. (4) في الاحتجاج زيادة: هو.

 

[333]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبدود يوم الخندق وقتله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم من سماه (1) الله في عشر آيات من القرآن مؤمنا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناول رسول الله صلى الله عليه وآله قبضة من تراب فرمى به (2) في وجوه الكفار فانهزموا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قضى دين رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (3): نشدتكم بالله هل فيكم أحد اشتاقت الجنة إلى رويته، غيري ؟ !. قالوا: لا (4). قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد شهد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وكفنه (5)، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في (ك): هل فيكم أحد من سماه... (2) في المصدر: بها، بدلا من: به، وهو الظاهر. (3) لا توجد هذه المناشدة في طبعتي الاحتجاج. (4) لا توجد في (س): قالوا: لا. (5) في الاحتجاج زيادة: ولحده.

 

[334]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ورايته وخاتمه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله طلاق نسائه بيده، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد حمله رسول الله صلى الله عليه وآله على ظهره حتى كسر الاصنام على باب الكعبة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نودي باسمه يوم بدر: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أكل مع رسول الله صلى الله عليه وآله من الطائر (1) الذي أهدي إليه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت صاحب رايتي في الدنيا وصاحب لوائي في الآخرة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد يخصف (2) نعل رسول الله صلى الله عيله وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أخوك وأنت أخي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم علي (3) أحب الخلق إلي وأقولهم بالحق، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في المصدر زيادة: المشوي. (2) في الاحتجاج: خصف. (3) في المصدر: أنت أحب، ولا توجد اللهم علي.

 

[335]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد استقى (1) مائة دلو بمائة تمرة وجاء بالتمر فأطعمه رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو جائع -، غيري (2) ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد غمض (3) رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد وحد الله قبلي (4) ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان أول داخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وآخر خارج من عنده، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد مشى مع رسول الله صلى الله عليه وآله فمر على حديقة، فقلت: ما أحسن هذه الحديقة ؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وحديقتك في الجنة أحسن من هذه.. حتى مررت على ثلاث حدائق كل ذلك يقول رسول الله: حديقتك في الجنة أحسن من هذه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أول من آمن بي (5) وأول من يصافحني يوم القيامة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده ويد امرأته وابنيه حتى (6) حين أراد أن يباهل نصارى أهل نجران، غيري ؟ !.

 

(1) في الاحتجاج: أحد وجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جائعا فاستقى.. (2) في المصدر: غيري وهو جايع. (3) في المصدر زيادة: عين. (4) في الاحتجاج زيادة: غيري. (5) في الاحتجاج زيادة: وصدقني. (6) كذا، ولا توجد: حتى، في المصدر، وهو الظاهر.

 

[336]

قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له (1) رسول الله صلى الله عليه وآله: أول طالع يطلع عليكم من هذا الباب - يا أنس ! - فإنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير الوصيين (2) وأولى الناس بالناس، فقال أنس: اللهم اجعله رجلا من الانصار، فكنت أنا (3) الطالع، فقال له (4) رسول الله صلى الله عليه وآله لانس: ما أنت يا أنس (5) بأول رجل أحب قومه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: [إنما وليكم الله ورسوله والذين ء امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون] (6)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتك بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه وفي ولده: [إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا] (7)... إلى آخر السورة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله تعالى (8) فيه: [أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله] (9)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد علمه رسول الله صلى الله عليه وآله ألف

 

(1) لا توجد في (س): له. (2) لا توجد في الاحتجاج: وخير الوصيين. (3) في (ك): فكنت أول. (4) كذا، والظاهر أن: له، زائدة، ولا توجد في المصدر. (5) لا توجد: يا أنس، في المصدر. (6) المائدة: 55. (7) الانسان: 5. (8) لا توجد: تعالى، في الاحتجاج. (9) التوبة: 19.

 

[337]

كلمة كل كلمة مفتاح الف كلمة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الطائف، فقال أبو بكر وعمر (1): ناجيت عليا دوننا ؟ فقال لهم (2) صلى الله عليه وآله: ما أنا ناجيته بل الله أمرني بذلك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقاه رسول الله صلى الله عليه وآله من المهراس (3)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك الجنة أكثر الخلق من (4) ربيعة ومضر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! أنت (5) تكسى حين أكسى، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: أنت وشيعتك الفائزون يوم القيامة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب شعراتي (6) هذه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، فقيل له: وما

 

(1) في المصدر زيادة: يا رسول الله. (2) في الاحتجاج زيادة: النبي. (3) المهراس: حجر منقور يدق فيه ويتوضأ منه، وقد تعرض لها المصنف رحمه الله في بيانه الآتي وذكرناها هناك. (4) لا يوجد في المصدر: الخلق، وفيه: من عدد. (5) لا توجد في (ك): يا علي أنت. (6) في المصدر: شطراتي. أقول: قال في مجمع البحرين 3 / 346:.. وقد يجئ الشطر بمعنى النصف والجزء وهو كثير، وفصله في القاموس المحيط 2 / 85، فراجع.

 

[338]

شعراتك يا رسول الله (ص) (1) ؟ قال: علي والحسن والحسين وفاطمة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت خير البشر بعد النبيين، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله (ص): أنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أفضل الخلائق عملا يوم القيامة بعد النبيين، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كساءه وحطه (2) عليه وعلى زوجته وابنيه، ثم قال: اللهم أنا وأهل بيتي إليك لا إلى النار، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان يبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الطعام وهو في الغار ويخبره الاخبار (3)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (4): نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لا سر دونك (5)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أخي ووزيري وصاحبي من أهلي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أقدمهم سلما، وأفضلهم علما، وأكثرهم حلما، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) لا يوجد في الاحتجاج: يا رسول الله (ص). (2) لا يوجد في الاحتجاج: وحطه. (3) في المصدر: بالاخبار. (4) لا توجد هذه المناشذة في طبعتي الاحتجاج. (5) في (ك) نسخة بدل: لا سر لامر.

 

[339]

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد (1) قتل مرحب اليهودي مبارزة فارس اليهود (2)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عرض عليه النبي صلى الله عليه وآله الاسلام فقال له: أنظرني حتى ألقى والدي. فقال النبي صلى الله عليه وآله فإنها أمانة عندك. فقلت: وان (3) كانت أمانة عندي فقد أسلمت، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مائة ذراع ثم عالجه بعده أربعون (4) رجلا فلم يطيقوه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: [يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة] (5) فكنت أنا الذي قدم (6)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: منزلي مواجه منزلك في الجنة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قاتل الله من قاتلك، وعادى الله من عاداك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول الله صلى

 

(1) في (ك) زيادة هنا: قال له رسول الله (ص). (2) في المصدر: فارس اليهود مبارزة - بتقديم وتأخير -. (3) في الاحتجاج: فإن. (4) في المصدر: أربعين. (5) المجادلة: 12. (6) في الاحتجاج زيادة: الصدقة.

 

[340]

الله عليه وآله حين أراد أن يسير رسول الله صلى الله عليه وآله (1) إلى المدينة ووقاه بنفسه من (2) المشركين حين أرادوا قتله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أولى الناس بأمتي من بعدي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت يوم القيامة عن يمين العرش والله يكسوك ثوبين أحدهما أخضر والآخر وردي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد صلى قبل الناس بسبع سنين وأشهر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا يوم القيامة آخذ بحجزة ربي - والحجزة (3) النور - وأنت آخذ بحجزتي وأهل بيتي آخذون (4) بحجزتك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت كنفسي وحبك حبي وبغضك بغضي، غيري (5) ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ولايتك كولايتي عهد عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله:

 

(1) لا يوجد في المصدر: رسول الله (ص). (2) لا توجد: من، في الاحتجاج. (3) في المصدر: الحجزة. أقول: وأصل الحجزة: موضع شد الازار، ثم قيل للازار: حجزة، للمجاورة، كما قال في النهاية 1 / 344 وفيه: ومنه الحديث الآخر: والنبي آخذ بحجزة الله.. أي بسبب منه. وانظر: القاموس المحيط 2 / 171، والصحاح 3 / 872، وغيرهما. (4) في المصدر: أخذن. (5) لا يوجد في الاحتجاج - طبعة ايران -: غيري.

 

[341]

اللهم اجعله لي عونا وعضدا وناصرا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: المال يعسوب الظلمة وأنت يعسوب المؤمنين، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لابعثن إليكم رجلا امتحن الله قلبه للايمان، غيري ؟ ! قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلى الله عليه وآله رمانة وقال: هذه من رمان الجنة لا ينبغي أن يأكل منه إلا نبي أو وصي نبي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه ولم أسأل ربي شيئا إلا سألت لك مثله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أقومهم بأمر الله، وأوفاهم بعهد الله، وأعلمهم بالقضية، وأقسمهم بالسوية، وأعظمهم عند الله مزية، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فضلك على هذه الامة كفضل الشمس على القمر، وكفضل القمر على النجوم، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل الله وليك الجنة وعدوك النار، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: الناس من أشجار شتى وأنا وأنت من شجرة واحدة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (1): نشدتكم بالله هل فيكم أحد رضي الله عنه في آيتين (2) من

 

(1) هنا تأخير لهذه المناشدة عن الآتية في المصدر بطبعتيه. (2) في المصدر: الآيتين.

 

[342]

القرآن، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا سيد ولد آدم وأنت سيد العرب (1) ولا فخر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: موعدك موعدي وموعد شيعتك الحوض إذا خافت الامم ووضعت الموازين، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إني أحبه فأحبه، اللهم إني أستودعكه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت تحاج الناس فتحجهم (2) بإقامة (3) الصلاة، وإيتاه الزكاة، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة (4) الحدود، والقسم بالسوية، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر (5) بيده فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطه و (6) يقول: ألا إن هذا ابن عمي ووزيري فوازروه وناصحوه وصدقوه فإنه وليكم، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزلت (7) فيه هذه الآية: [ويؤثرون

 

(1) في المصدر زيادة: والعجم. (2) في المصدر: متحججهم، والمعنى مقارب. انظر: مجمع البحرين 2 / 286، والصحاح 1 / 304، وغيرهما. (3) في (س): الناس، وخط عليها في (ك). (4) في الاحتجاج: أقام. (5) كذا في (س)، ولا توجد في (ك): بدر، واستظهر في كلتيهما: غدير، ويوم بدر، نسخة في المصدر. (6) في المصدر زيادة: وهو. (7) في الاحتجاج: نزلت.

 

[343]

على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون]، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان جبرئيل أحد ضيفانه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل (2) فيكم أحد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله حنوطا من حنوط الجنة، ثم قال (3): أقسمه أثلاثا، ثلثا لي تحنطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل (4) فيكم أحد كان إذا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله حياه وأدناه (5) وتهلل له وجهه، غيري ؟ !. قالوا (6): لا. قال: نشدتكم بالله هل (7) فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أفتخر بك يوم القيامة إذا افتخرت الانبياء بأوصيائها، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل (8) فيكم أحد سرحه رسول الله صلى الله عليه وآله بسورة براءة إلى المشركين من أهل مكة بأمر الله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لارحمك من ضغائن في صدور أقوام عليك لا يظهرونها حتى يفقدوني، فإذا فقدوني خالفوا فيها، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أدى الله عن * (هامش) (1) الحشر: 9. (2) في المصدر: قال: فهل. (3) لا توجد: قال، في المصدر. (4) في الاحتجاج: قال: فهل... (5) في الاحتجاج زيادة: ورحب به. (6) في طبعة الاحتجاج في ايران: فقالوا. (7) في المصدر: قال: فهل. (8) في المصدر: قال: فهل.


 

[344]

أمانتك، أدى الله عن ذمتك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (1): فهل فيكم أحد فتح حصن خيبر، وسبا بنت مرحب فأداها (2) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت قسيم النار تخرج منها من زكى وتذر فيها كل كافر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: هل (3) فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ترد علي الحوض أنت وشيعتك روآء مرويين مبيضة وجوههم، ويرد علي عدوك ظماء مظمئين مفحمين (4) مسودة وجوههم، غيري ؟ !. قالوا: لا. ثم (5) قال لهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ورضوانه: أما إذا أقررتم على أنفسكم واستبان لكم ذلك من قول نبيكم صلى الله عليه وآله فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وأنهاكم عن (6) سخطه ولا تعصوا أمره، وردوا الحق إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم، فإنكم إذا (7) خالفتم خالفتم الله، فادفعوها إلى من هو أهلها وهي له. قال: فتغامزوا بينهم وتشاوروا، وقالوا: قد عرفنا فضله وعلمنا أنه أحق الناس بها، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد، فإن وليتموها إياه جعلكم وجميع الناس فيها شرعا سواء، ولكن ولوها عثمان فإنه يهوى الذي تهوون، فدفعوها إليه.

 

(1) هذه المناشدة متأخرة عن التي تليها في طبعتي الاحتجاج. (2) في مطبوع البحار: فأذاها، وهو غلط. (3) في المصدر: فهل. (4) في المصدر: مقتحمين. (5) لا توجد في المصدر: ثم. (6) في (س): من، بدلا من: عن. (7) في الاحتجاج: ان، بدلا من: إذا.

 

[345]

بيان: صلى إلى القبلتين.. أي معا في صلاة واحدة أو جميع (1) في مكة بين الكعبة وبيت المقدس، مع أنه لا استبعاد في عدم إتيان غيره بالصلاة إلى تحول القبلة، فإن الصلاة في أول الامر لم تكن واجبة يأتي بها جميع المسلمين لكنه بعيد. ولعل المراد ببيعة الفتح بيعة افتتاح تبليغ الرسالة يوم جمع بني عبد المطلب، فإنهم لم يكونوا داخلين في تلك البيعة، ويحتمل عدم دخول بعضهم في بيعة فتح مكة، وبعضهم في بيعة الرضوان. قوله عليه السلام: أول داخل.. إلى آخره.. أي كل يوم أو في أول سنة بمكة وعند وفاة الرسول صلى الله عليه وآله. وقال الجوهري: المهراس: حجر منقور يدق فيه ويتوضأ (2). قوله عليه السلام: من أحب شعراتي.. تشبيههم بالشعرات لكونهم عليهم السلام منه صلى الله عليه وآله وموجبين لحسنه كما أن الشعر بالنسبة إلى الانسان كذلك. قوله عليه السلام: بعد النبيين.. أي بعد درجة النبيين من حيث المجموع، فإن فيهم من هو أفضل منه، ويحتمل أن يكون هذا للتقية والمصلحة لئلا يغلق (3) فيه الناس، أو يكون هذا حاله عليه السلام قبل الامامة وبعده يكون أفضل منهم، وبه يجمع بين الاخبار. قوله عليه السلام: أنظرني.. لعله عليه السلام أراد أن يشرك والده في

 

(1) كذا، والظاهر: جمع، بصيغة المفرد المذكر الغائب. (2) الصحاح 3 / 990، وفيها: يتوضأ منه، وقريب منه في لسان العرب 6 / 248. (3) أقول: كلام غلق.. أي مشكل، قاله في الصحاح 4 / 1538، والقاموس 3 / 273، وفي النهاية 3 / 380: الغلق - بالتحريك - ضيق الصدر وقلة الصبر، ورجل غلق: سيى الخلق. ونظيره في مجمع البحرين 5 / 223.

 

[346]

الاسلام رعاية لحقه بعد إظهار ما يجب من الطاعة والقبول، فلما قال له الرسول صلى الله عليه وآله: إنها أمانة عندك، علم أنه صلى الله عليه وآله لا يحب انتشار الامر، فخاف من إعلام والده ذلك، فبادر (1) إلى البيعة وما يستحب من إظهار كمال المتابعة والانقياد. قوله عليه السلام: رضي الله عنه.. في آيتين من القرآن احداهما قوله تعالى: [لقد رضي الله عنه المؤمنين..] (2) الآية، والاخرى قال الله: [هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم..] إلى قوله: [رضي الله عنهم ورضا عنه] (3)، أو قوله تعالى: [والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه] (4)، وقوله تعالى: [أولئك كتب في قلوبهم الايمان..] إلى قوله: [رضي الله عنهم ورضوا عنه] (5)، أو (6) قوله تعالى: [إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية..] إلى قوله: [رضي الله عنهم ورضوا عنه] (7)، والاخير أظهر للاخبار الكثيرة الدالة على نزولها فيه عليه السلام وفي شيعته، ويحتمل أن يكون المراد بالتثنية مطلق التكرار نحو: لبيك وسعديك.. فيشمل الجميع. قوله صلى الله عليه وآله: ادى الله.. دعاء أو خبر.. أي يوفقك الله لاداء الامانات والذمم والعهود، والاول أظهر.

 

(1) في (س): فبادروا. (2) الفتح: 18. (3) المائدة: 119. (4) التوبة: 100. (5) المجادلة: 22. (6) في (ك): واو، بدلا من: أو. (7) البينة: 7 - 8.

 

[347]

3 - ل (1): فيما أجاب به أمير المؤمنين عليه السلام اليهودي السائل عما امتحن به من بين الاوصياء.. وأما الرابعة - يا أخا اليهود -: فإن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الامور فيصدرها عن أمري ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي لا أعلمه (2) أحدا ولا يعلمه أصحابي، لا (3) يناظره في ذلك غيري، ولا يطمع في الامر بعده سواي، فلما أن أتته منيته على فجأة بلا مرض كان قبله ولا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه، لم أشك أني قد استرجعت حقي في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها، والعاقبة التي كنت التمسها، وإن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت وأفضل ما أملت، فكان (4) من فعله أن ختم أمره بأن سمى قوما أنا سادسهم ولم يسوني (5) بواحد منهم ولا ذكر لي حالا في وراثة الرسول صلى الله عليه وآله ولا قرابة ولا صهرا (6) ولا نسب (7)، ولا كان (8) لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي، ولا أثر من آثاري، وصيرها شورى بيننا، وصير ابنه فيها حاكما علينا، وأمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الامر فيهم إن لم ينفذوا أمره، وكفى بالصبر على هذا - يا أخا اليهود - صبرا، فمكث القوم أيامهم كلها كل يخطب لنفسه وأنا ممسك، إلى (9) أن سألوني عن أمري، فناظرتهم في أيامي وأيامهم، وآثاري وآثارهم، وأوضحت

 

(1) الخصال 2 / 374 - 377 باب السبعة. (2) خ. ل: لا أعلم أحدا، ولا أعلم أصحابي يناظره. (3) لا توجد: لا، في المصدر. (4) في الخصال: وكان. (5) في المصدر: ولم يستوني. (6) وضع في مطبوع البحار على: صهرا، رمز نسخة بدل. (7) خ. ل: نسبا، جاء على البحار، وهو الظاهر. (8) لا توجد: كان، في المصدر. (9) في الخصال: عن، بدلا من: إلى.

 

[348]

لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم، وتأكيد ما أكده من البيعة (1) لي في أعناقهم، دعا هم حب الامارة وبسط الايدي والالسن في الامر والنهي، والركون إلى الدنيا، والاقتداء بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم، فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله وحذرته ما هو قادم عليه وصائر إليه التمس مني شرطا أن أصيرها له بعدي، فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء والحمل على كتاب الله عزوجل ووصية الرسول صلى الله عليه وآله وأعطاه (2) كل امرئ منهم ما جعله الله له ومنعه ما لم يجعل الله له، أزالوها (3) عني إلى ابن عفان طمعا إلى التبجح (4) معه فيها، وابن عفان رجل لم تسو به (5) وبواحد ممن حضره حال له (6) قط فضلا عمن (7) دونهم، لا ببدر - التي هي سنام فخرهم -، ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وآله ومن اختصه معه من أهل بيته، ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم، وأحال بعضهم على كل (8) بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الايام بالمستبد بالامر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤا منه، ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه

 

(1) لا توجد في (س): البيعة. (2) كذا، والظاهر: إعطاء - بلا ضمير - كما في المصدر، أو: إعطاءه. (3) في الخصال: أزالها. (4) جاءت حاشية على (ك) وهي: والتبحج: التمكن في الحلول والمقام. صحاح. انظر: الصحاح 1 / 354. وفي (س): التبحج، وقد جاءت العبارة في المصدر: طمعا في الشحيح معه فيها. (5) في المصدر: لم يستوي. (6) لا توجد: له، في الخصال، وهو الظاهر، وقد وضع عليها في (ك) رمز نسخة بدل. (7) في (ك) نسخة بدل: عن. (8) لا توجد: كل، في الخصال، كما هو الظاهر، وقد خط عليها في (ك).

 

[349]

وآله على هذه (1) يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته، فكانت هذه - يا أخا اليهود - أكبر من أختها وأفظع (2) وأحرى أن لا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا (3) يبلغ وصفه ولا يجد (4) وقته، ولم يكن عندي فيه إلا الصبر على ما أمض وأبلغ منها، ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم كل راجع عما كان ركب مني، يسألني خلع ابن عفان والوثوب عليه وأخذ حقي، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي، أو يرد الله عزوجل علي حقي، فوالله - يا أخا اليهود - ما منعني منها إلا الذي منعني من أختيها قبلها، ورأيت الابقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته، فإما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي، ولقد كنت عاهدت الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله، فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله عزوجل، فأنزل الله فينا: [من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا] (5) حمزة وجعفر وعبيدة، وأنا والله المنتظر - يا أخا اليهود - وما بدلت تبديلا، وما سكتني عن ابن عفان وحثني على الامساك (6) إلا أني عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعي الاباعد إلى قتله وخلعه فضلا عن الاقارب، وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك، لم أنطق فيه بحرف من لا،

 

(1) في الخصال: بدلا من: على هذه، كلمة: عامة. (2) قد تقرأ الكلمة في مطبوع البحار: أقظع، والظاهر ما في المصدر: أقطع. (3) لا توجد: لا، في المصدر. (4) في (ك): يحد. (5) الاحزاب: 23. (6) في الخصال زيادة: عنه (*).

 

[350]

ولا: نعم، ثم أتاني القوم وأنا - علم الله - كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقاد (1) الاموال والمرج (2) في الارض، وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي وشديد عادة منتزعة، فلما لم يجدوا عندي تعللوا الاعاليل. ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه، فقال: أليس كذلك ؟. فقالوا: بلى يا أمير المؤمنين. بيان: عمن (3) دونهم.. أي من لم يحضر، أو عند الناس فإن فيهم من كان أكثر سوابق ممن حضر كأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله والمقداد وعمار وغيرهم. 4 - ما (4): ابن الصلت، عن ابن عدة، عن علي (5) بن محمد الكندي، عن حسن بن حسين، عن أبي غيلان سعد بن طالب، عن أبي (6) إسحاق، عن أبي الطفيل، قال: كنت في البيت يوم الشورى وسمعت عليا عليه السلام يقول: أنشدكم الله (7) جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم بالله (8) جميعا هل فيكم أحد وحد الله قبلي ؟ !. قالوا: اللهم لا.

 

(1) في المصدر: اعتقال. (2) في الخصال: المرح. (3) في (س): وعثمان، بدلا من: عمن. (4) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 342 بتفصيل في الاسناد. وفي (ك) نسخة بدل للرمز: فا. ولا معنى له. (5) كذا، وفي المصدر: أخبرنا احمد بن محمد بن سعيد اجازة، قال: حدثنا علي.. (6) لا توجد: أبي، في الامالي. (7) في المصدر: بالله. (8) وضع في (س) على حرف الباء رمز نسخة بدل.

 

[351]

قال: فأنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد هو (1) أخو رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال (2): أنشدكم الله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم الله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله سيدي شباب هل الجنة ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد (3) ناجاه (4) رسول الله صلى الله عليه وآله فقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله (5) هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد أتي النبي صلى الله عليه وآله بطير، فقال: اللهم ايتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فدخلت عليه، فقال: اللهم وإلي فلم يأكل معه أحد، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: اللهم اشهد.

 

(1) لا توجد: هو، في المصدر. (2) في الامالي: تقديم لهذه المناشدة على التى تليها. (3) في (س): من، بدلا من: أحد، وقد خط على: من، في (ك). (4) في الامالي: ناجى، وهو الظاهر. (5) في (س): الله.

 

[352]

5 - ج (1): عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت جالسا (2) عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد و.. ساق الحديث.. إلى أن قال: قال عليه السلام: يا عمرو ! لو أن الامة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤنة فقيل لك: ولها من شئت، من كنت تتولاه (3) ؟. قال: كنت أجعلها شورى بين المسلمين. قال: بين كلهم ؟. قال: نعم. قال: فسقتهم وخيارهم ؟. قال: نعم. قال: قريش وغيرهم ؟. قال: العرب والعجم. قال: أخبرني (4) - يا عمرو - أتتولى أبا بكر وعمر وتتبرأ منهما ؟. قال: أتولاهما. قال: يا عمرو ! إن كنت رجلا تتبرأ منهما فإنه يجوز ذلك (5) الخلاف عليهما، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا، ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور أحدا، ثم جعلها عمر شورى بين ستة فأخرج (6) منها الانصار - غير أولئك الستة من قريش -، ثم أوصى الناس فيهم بشئ ما أراك

 

(1) الاحتجاج 2 / 118 - 120 - طبعة النجف -، و 2 / 362 - طبعة ايران -. (2) لا توجد: جالسا، في طبعتي المصدر ولا في (س). (3) في المصدر بطبعتيه: تولي، وهو الظاهر. وفي (س): نتولى. قال في القاموس 4 / 401: وتولاه: اتخذ وليا، والامر: قلده. (4) في الاحتجاج: فأخبرني. (5) في المصدر: لك، بدلا من: ذلك. (6) في الاحتجاج - طبعة ايران -: فخرج.

 

[353]

ترضى به (1) أنت ولا أصحابك، قال: وما صنع ؟. قال: أمر صهبيا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأن يتشاوروا أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إلا ابن عمر يشاورونه (2)، وليس له من الامر شئ، وأوصى من بحضرته من المهاجرين والانصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن تضرب (3) أعناق الستة جميعا، وإن اجتمع أربعة قبل أن يمضي (4) ثلاثة أيام وخالف اثنان أن تضرب (5) أعناق الاثنين (6)، أفترضون بذا (7) فيما تجعلون من الشورى في المسلمين ؟. قالوا: لا. 6، 7 - يب (8)، كا (9): علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن عبد الكريم.. مثله. 8 - ج (10): في خبر أبي الهذيل حين ناظر الشيعي الذي يرمى بالجنون، قال له: أخبرني - يا أبا الهذيل - عن عمر حين صيرها شورى في (11) ستة وزعم أنهم من أهل الجنة، فقال: إن خالف اثنان لاربعة فاقتلوا الاثنين، وإن خالف ثلاثة لثلاثة فاقتلوا الثلاثة الذي ليس فيهم عبد الرحمن بن عوف، فهذه ديانة أن يأمر بقتل أهل الجنة ؟ !.

 

(1) لا توجد: به، في المصدر. (2) في الاحتجاج: ويشاورونه. (3) في الاحتجاج: ثلاثة أيام ولم يفرغوا ويبايعوه أن يضرب.. (4) قد تقرأ في (س): تمضي. (5) في الاحتجاج: يضرب. (6) في (س): الاثنتين. (7) في المصدر: بهذا. (8) التهذيب 6 / 148 - 151، حديث 261. (9) الكافي: 5 / 23 - 27، حديث 1. (10) الاحتجاج 2 / 150 - 154 - النجف -، و 2 / 382 - 385 - ايران -. (11) في المصدر: بين، بدلا من: في.

 

[354]

وأخبرني - يا أبا الهذيل - عن عمر لما طعن دخل عليه عبد الله بن العباس (1) قال: فرأيته جزعا، فقلت: يا أمير المؤمنين ! ما هذا الجزع ؟. فقال (2): يا ابن عباس ! ما جزعي لاجلي ولكن (3) لهذا الامر من يليه بعدي. قال: قلت: ولها طلحة بن عبيدالله. قال: رجل له حدة، كان النبي صلى الله عليه وآله يعرفه فلا أولي أمور المسلمين حديدا. قال: قلت: ولها زبير بن العوام. قال: رجل بخيل، رأيت (4) يماكس امرأته في كبة من غزل، فلا أولي أمور المسلمين بخيلا. قال: قلت: ولها سعد بن أبي وقاص. قال: رجل صاحب فرس وقوس وليس من أحلاس الخلافة. قلت (5): ولها عبد الرحمن بن عوف. قال: رجل ليس يحسن أن يكفي عياله. قال: قلت: ولها عبد الله بن عمر، فاستوى جالسا و (6) قال: يا بن عباس ! ما و (7) الله أردت بهذا، أولي (8) رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته ؟. قلت (9): ولها عثمان بن عفان (10): والله لئن وليته ليحملن آل (11) أبي معيط على رقاب المسلمين، وأوشك - إن فعلها - (12) أن يقتلوه.. قالها ثلاثا (13)، ثم سكت لما أعرف

 

(1) في المصدر: عباس. (2) في الاحتجاج: قال. (3) في المصدر زيادة: جزعي. (4) في الاحتجاج: رأيته، وهو الظاهر. (5) في الاحتجاج: قال قلت. (6) في المصدر: ثم، بدلا من: الواو. (7) لا توجد الواو في المصدر، وهو الظاهر. (8) لا توجد في (ك): أولي. (9) في المصدر: قال قلت. (10) في الاحتجاج: قال. (11) في المصدر: بني، بدلا من: آل. (12) في الاحتجاج: ويوشك، بدلا من: وأوشك أن أفعلها. (13) في المصدر زيادة: قال. (*)

 

[355]

من معاندته (1) لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، قال (2) لي: يا بن عباس ! اذكر صاحبك. قال: قلت: ولها (3) عليا. قال: والله (4) ما جزعي إلا لما أخذنا (5) الحق من أربابه، والله لئن وليته ليحملنهم على المحجة العظماء، وإن يطيعوه يدخلهم الجنة.. فهو يقول هذا ثم صيرها شورى بين الستة، فويل له من ربه.. الخبر. بيان: من أحلاس الخلافة.. أي من يلازمها ويليق بها. قال في النهاية (6) - في حديث الفتن عد منها فتنة الاحلاس (7).. - جمع حلس وهو الكساء الذي يلي (8) ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها، ومنه الحديث.. (9): كونوا احلاس بيوتكم.. أي الزموها، ومنه.. نحن احلاس الخيل: يريدون لزومهم ظهورها (10). 9 - ع (11): أبي علي، عن أبيه، رفعه إلى (12) أبي عبد الله عليه السلام، قال: لما كتب عمر كتاب الشورى بدأ بعثمان في أول الصحيفة وأخر عليا أمير المؤمنين عليه السلام فجعله في آخر القوم، فقال العباس: يا أمير المؤمنين ! يا أبا

 

(1) في الاحتجاج: مغائرنه. (2) في المصدر: فقال. (3) في الاحتجاج: فولها. (4) في المصدر: فوالله. (5) في (س): أخذت. (6) النهاية 1 / 423 - 424، ونظيره في لسان العرب 6 / 55. (7) في (ك): تكرر كلمة: الاحلاس. (8) في المصدر: بلى. (9) في النهاية: ومنه حديث أبي موسى.. (10) في المصدر: لظهورها. (11) علل الشرائع: 171، باب 134، حديث 1. (12) في المصدر: أبي رحمه الله، حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، بإسناده إلى.

 

[356]

الحسن ! أشرت عليك في يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أن تمد يدك فنبايعك فإن هذا الامر لمن سبق إليه، فعصيتني حتى بويع أبو بكر، وأنا أشير عليك اليوم أن عمر قد كتب اسمك في الشورى وجعلك آخر القوم وهم يخرجونك منها، فأطعني ولا تدخل في الشورى، فلم يجبه بشئ، فلما بويع عثمان قال له العباس: ألم أقل لك ؟. قال له: يا عم ! إنه قد خفي عليك أمر، أما سمعت قوله على المنبر: ما كان الله ليجمع لاهل هذا البيت الخلافة والنبوة ؟ فأردت أن يكذب نفسه بلسانه فيعلم الناس أن قوله بالامس كان كذبا باطلا، وأنا نصلح للخلافة، فسكت العباس. 10 - ب (1): عنهما، عن حنان (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سأل رجل فقال: ما منع عمر بن الخطاب أن يجعل عبد الله بن عمر في الشورى ؟. فقال: قد قيل ذلك لعمر، فقال: كيف أجعل رجلا لم يحسن أن يطلق. 11 - ما (3): المفيد، عن الكاتب، عن الزعفراني، عن الثقفي، عن محمد ابن علي، عن الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن لوط بن يحيى، عن عبد الرحمن ابن جندب، عن أبيه، قال: لما بويع عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي يقول لعبد الرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن ! ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن: وما أنت وذاك يا مقداد ؟. قال (4): إني والله أحبهم لحب رسول الله صلى الله عليه وآله لهم (5) ويعتريني - والله - وجد لا أبثه بثة بثة (6) لتشرف قريش على الناس بشرفهم واجتماعهم على نزع سلطان

 

(1) قرب الاسناد: 48. (2) في المصدر زيادة: بن سدير. (3) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 194 بتفصيل في الاسناد. (4) لا توجد: قال، في (ك). (5) لا توجد: لهم، في الامالي، وأثبتت في المجالس. (6) لا توجد: بثة، في المصدر، وهي نسخة في (ك).

 

[357]

رسول الله صلى الله عليه وآله من أيديهم. فقال له عبد الرحمن: ويحك ! والله لقد اجتهدت نفسي لكم. قال له المقداد (1): والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر وأحد. فقال له عبد الرحمن: ثكلتك أمك يا مقداد ! لا يسمعن هذا (2) الكلام منك الناس، أم والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة. قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، فقلت له: يا مقداد ! أنا من أعوانك. فقال: رحمك الله، إن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان والثلاثة، فخرجت من عنده فأتيت (3) علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فذكرت له ما قال وما قلت (4)، قال: فدعا لنا بخير. 12 - جا (5): الكاتب مثله. 13 - شا (6): روى يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي صادق، قال: لما جعلها عمر شورى في ستة، فقال: إن بايع اثنان لواحد واثنان لواحد فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن، خرج أمير المؤمنين عليه السلام من الدار - وهو معتمد على يد عبد الله بن العباس - فقال: يا بن العباس ! إن القوم قد عادوكم بعد نبيكم كمعاداتهم لنبيكم صلى الله عليه وآله في حياته، أم والله لا ينيب (7) بهم

 

(1) في مجالس الشيخ المفيد: فقال له المقداد: أما والله.. (2) في (ك): بهذا. (3) في المصدر: وأتيت، وفي مجالس المفيد: فدخلت على. (4) في أمالي الشيخ: وقلت، وما هنا في مجالس الشيخ المفيد والمتن. (5) أمالي الشيخ المفيد: 169 - 170، حديث 5. (6) الارشاد: 151 - 152. (7) في (ك) نسخة: لا يثبت. قال في النهاية 5 / 123: يقال: أناب ينيب إنابة فهو منيب، إذا أقبل ورجع. وقاله في مجمع البحرين 2 / 177 أيضا.

 

[358]

إلى الحق إلا السيف، فقال له ابن عباس: وكيف ذلك (1) ؟. قال: أما سمعت قول عمر: إن بايع اثنان لواحد واثنان لواحد فكونوا مع الثلاثة الذين عبد الرحمن فيهم واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن، قال ابن عباس: بلى، قال: أولا تعلم أن عبد الرحمن ابن عم سعد، وأن عثمان صهر عبد الرحمن ؟. قال: بلى. قال: فإن عمر قد علم أن سعد وعبد الرحمن وعثمان لا يختلفون في الرأي، وإنه من بويع منهم كان الاثنان معه، وأمر بقتل من خالفهم ولم يبال أن يقتل طلحة إذا قتلني وقتل الزبير، أم والله لئن عاش عمر لاعرفنه سوء رأيه فينا قديما وحديثا، ولئن مات ليجمعني وإياه يوم يكون فيه فصل الخطاب. 14 - شا (2): روى عمرو بن سعيد، عن جيش الكناني، قال: لما صفق عبد الرحمن على يد عثمان في (3) يوم الدار، قال له أمير المؤمنين عليه السلام: حركك الصهر وبعثك على ما فعلت (4)، والله ما أملت منه إلا ما أمل صاحبك من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم. بيان: قال الجوهري (5): قال الاصمعي: منشم - بكسر الشين -: اسم امرأة كانت بمكة عطارة، وكانت خزاعة وجرهم إذا ارادوا القتال تطيبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم، وكان (6) يقال: أشام من عطر منشم، فصار مثلا. قال زهير: تفانوا (7) ودقوا بينهم عطر منشم، ويقال: هو حب

 

(1) في المصدر: ذاك. (2) الارشاد: 152. (3) في المصدر: بالبيعة في. (4) في الارشاد: ما صنعت. (5) في الصحاح 5 / 2040 - 2041، ومثله في لسان العرب 12 / 577. (6) في الصحاح: فكان. (7) في (ك): تفالو.

 

[359]

بلسان (1). 15 - جا (2): عمر (3) بن محمد الصيرفي، عن العباس بن المغيرة، عن أحمد ابن منصور الرمادي، عن احمد بن صالح، عن عتيبة (4)، عن يونس، عن ابن شهاب، عن ابن بحرية (5) الكندي، قال: إن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه علي عليه السلام وعثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير، فقال عمر: أكلكم يحدث نفسه بالامارة بعدي ؟ !. فقال الزبير: نعم (6)، كلنا يحدث نفسه بالامارة بعدك ويراها له أهلا، فما الذي أنكرت ؟. فقال عمر: أفلا أحدثكم بما عندي فيكم ؟. فسكتوا، فقال (7) عمر: ألا أحدثكم عنكم (8) ؟. فسكتوا، فقال له الزبير: حدثنا وإن سكتنا. فقال: أما أنت يا زبير مؤمن (9) الرضا كافر الغضب، تكون يوما شيطانا ويوما إنسانا، أفرأيت اليوم (10) الذي تكون فيه شيطانا من يكون الخليفة يومئذ ؟. وأما أنت يا طلحة، فوالله لقد توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وإنه عليك لعاتب.

 

(1) في الصحاح: البلسان، وما هنا كما في لسان العرب. أقول: وقد ذكر المثل الميداني في مجمع الامثال 1 / 381، وجاء في فرائد اللآلي 1 / 321، والمستصفى 1 / 184، وقال الاول: قد اختلف الرواة في لفظ هذا الاسم ومعناه، وفي اشتقاقه وفي سبب المثل. (2) أمالي الشيخ المفيد: 62 - 63، حديث 8، بتفصيل في الاسناد. (3) في (ك): عمرو. (4) في الامالي: عنبسة. (5) في المصدر: مخرمة. (6) لا توجد: نعم، في المصدر. (7) وضع في (ك) على: فقال، رمز نسخة بدل. (8) في (ك): عنه. (9) في المصدر: فمومن، وهو الظاهر. (10) لا توجد: اليوم، في المصدر ولا في (ك).

 

[360]

وأما أنت يا علي، فإنك صاحب بطالة ومزاح. وأما أنت يا عبد الرحمن فوالله إنك لما جاء بك من خير أهل، وإن منكم لرجلا لو قسم إيمانه بين جند من الاجناد لوسعهم، وهو عثمان. 16 - جا (1): علي بن بلال، عن علي بن عبد الله الاصفهاني، عن الثقفي، عن يوسف بن سعيد الارحبي، عن عبيدالله بن موسى العبسي، عن كامل، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: لما حضر القوم الدار للشورى جاء المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله، فقال: أدخلوني معكم، فإن لله (2) عندي نصحا ولي بكم خيرا، فأبوا، فقال: أدخلوا رأسي واسمعو مني، فأبوا عليه ذلك، فقال: أما إذا أبيتم فلا تبايعوا رجلا لم يشهد بدرا، ولم يبايع بيعة الرضوان، وانهزم يوم أحد، و (3) يوم التقى الجمعان، فقال عثمان: أم والله لئن وليتها لاردنك إلى ربك الاول، فلما نزل بالمقداد الموت قال: أخبروا عثمان أني قد رددت إلى ربي الاول والآخر، فلما بلغ عثمان موته جاء حتى أتى (4) قبره، فقال: رحمك الله ان (5) كنت وان كنت.. يثني عليه خيرا. فقال له الزبير: لاعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي فقال: يا زبير ! تقول هذا ؟ أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب محمد (ص) وهو علي ساخط ؟ !. 17 - فض (6): روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه خطب ذات يوم وقال: أيها الناس ! أنصتوا لما أقول رحمكم الله، أيها الناس !

 

(1) أمالي الشيخ المفيد: 114، حديث 7، بتفصيل في الاسناد. (2) في (ك): الله. (3) لا توجد الواو في المصدر، وهو الظاهر. (4) في المصدر: بدل، أتى: قام على. (5) لا توجد: ان، في المصدر. (6) لم نجده في روضة الواعظين للفتال النيسابوري، ولا كتاب الروضة لشيخنا الكليني، ولا الفضائل لابن شاذان، حيث احتملنا نوع تصحيف أو تحريف من النساخ.

 

[361]

بايعتم أبا بكر وعمر وأنا والله أولى منهما وأحق منهما بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله فأمسكت، وأنتم اليوم تريدون تبايعون عثمان، فان فعلتم وسكت (1) والله ما تجهلون فضلي ولا جهله من كان قبلكم، ولو لا ذلك قلت ما لا تطيقون دفعه. فقال الزبير: تكلم يا أبا الحسن !. فقال علي عليه السلام: أنشدكم بالله هل فيكم أحد وحد الله وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبلي ؟ !. أم هل فيكم أحد أعظم عند رسول الله صلى الله عليه وآله مكانا مني ؟. أم هل فيكم أحد (2) من كان يأخذ ثلاثة أسهم: سهم القرابة وسهم الخاصة وسهم الهجرة، غيري ؟ !. أم هل (3) فيكم أحد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله باثنتي عشر تمرة، غيري ؟ !. أم هل فيكم أحد (4) من قدم بين يدي نجواه صدقة - لما بخل الناس - ببذل مهجته، غيري ؟ !. أم هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وليبلغ الحاضر الغائب ؟ ! فهل كان في أحد، غيري ؟ !. أم هل فيكم من أمر الله عزوجل بمودته في القرآن حيث يقول: [قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى] (5)، هل قال (6) من قبل لاحد،

 

(1) خط على: وسكت، في (ك). (2) خط على كلمة: أحد في (س)، وهو الظاهر. (3) لا توجد: هل، في (س). (4) لا توجد في (س): أحد. (5) الشورى: 23. (6) في (ك) زيادة: له فيكم، بعد كلمة: قال، ووضع على: له، رمز نسخة بدل.

 

[362]

غيري ؟ !. أم هل فيكم من غمض عيني رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. أم هل فيكم من وضع رسول الله صلى الله عليه وآله في حفرته، غيري ؟ !. أم هل فيكم من جاءته آية التنزيه (1) مع جبرئيل عليه السلام وليس في البيت إلا أنا والحسن والحسين وفاطمة، فقال جبرئيل عليه السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم قال: يا محمد ! ربك يقرأك السلام ويقول لك: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (2)] الآية (3)، هل كان ذلك اليوم، غيري ؟ !. أم هل فيكم من ترك بابه مفتوحا من قبل المسجد لما أمر الله، حتى قال عمر: يا رسول الله (ص) ! أخرجتنا وأدخلته، فقال: الله عزوجل أدخله وأخرجكم، غيري ؟ !. أم هل فيكم من قاتل وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله (4)، غيري ؟ !. أم هل فيكم من له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدي (5) شباب أهل الجنة، إبنا أحد، غيري ؟ !. أم هل فيكم من قال له النبي صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، غيري ؟ !. أم هل فيكم من قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حقه يوم خيبر:

 

(1) في (ك) نسخة: جاءه، وفي (س): جاءه التنزيل. (2) لا يوجد في (س): ويطهركم تطهيرا. (3) الاحزاب: 33. (4) في (ك): عن يساره، وجعل " عن شماله " نسخة بدل. (5) وضع على: سيدي، في (ك) رمز نسخة بدل.

 

[363]

لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار يفتح على يده بالنصر، فأعطاها أحدا، غيري ؟ !. أم هل فيكم من قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الطائر المشوي: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي، فأتيت أنا معه، هل أتاه أحد، غيري ؟ !. أم هل فيكم من سماه الله عزوجل: وليه، غيري ؟ !. أم هل فيكم من طهره الله من الرجس في كتابه، غيري ؟ !. أم هل فيكم من زوجه الله بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. أم هل فيكم من باهل به النبي صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قال: فعند ذلك قام الزبير وقال: ما سمعنا أحدا قال أصح من مقالك، وما نذكر منه شيئا، ولكن الناس بايعوا الشيخين ولم نخالف الاجماع، فلما سمع ذلك نزل وهو يقول: [وما كنت متخذ المضلين عضدا] (1). 18 - د (2): عن ابن عباس، قال: بينا أمشي مع عمر يوما إذ تنفس نفسا ظننت أنه قد قصمت أضلاعه، فقلت: سبحان الله ! والله مان أخرج منك (3) هذا إلا أمر عظيم. فقال: ويحك يا بن عباس ! ما أدري ما أصنع بأمة محمد صلى الله عليه وآله ؟ !. قلت: ولم، وأنت قادر أن تصنع (4) ذلك مكان الثقة ؟. قال: إني أراك تقول أن صاحبك أولى الناس بها - يعني عليا عليه السلام - ؟. قلت: أجل والله، إني لاقول ذلك في سابقته وعلمه وقرابته وصهره. قال: إنه كما ذكرت، ولكنه كثير الدعابة.

 

(1) الكهف: 51. (2) العدد القوية في المخاوف اليومية: 251 - 253. (3) في المصدر: هذا منك. (4) في المصدر: تضع.

 

[364]

وفي رواية: فيه دعابة. وفي رواية: لله درهم إن ولوها الاصيلع، كيف يحملهم على الحق، ولو كان السيف على عنقه. فقلت: أتعلم ذلك منه ولا توليه ؟ !. قال: إن لم أستخلف وأتركهم فقد تركهم من هو خير مني. قلت: فعثمان ؟. قال: والله لو فعلت لجعل بني أبي معيط على رقاب الناس يعملون فيهم بمعصية الله حتى يقتلوه، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لفعلوا، فوثب الناس إليه فقتلوه. وفي رواية: كلف بأقاربه. قلت: طلحة بن عبد الله ؟. قال: الاكنع، هو أزهى من ذلك، ما كان الله ليراني أوليه أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله على ما هو عليه من الزهو. وفي رواية: قال: فيه نخوة، يعني كبرا، قلت: الزبير بن العوام ؟. قال: إذن كان يلاطم الناس في الصاع والمد. وفي رواية: كافر الغضب مؤمن الرضا. قلت: سعد بن أبي وقاص ؟. قال: ليس بصاحب ذاك (1)، ذلك صاحب مقنب يقاتل به. وفي رواية: صاحب مقنب خيل. قلت: عبد الرحمن بن عوف ؟. قال: نعم الرجل ذكرت، ولكنه ضعيف عن ذلك. وفي رواية: ذلك الرجل لين أو ضعيف. وفي رواية: ذاك الرجل لو وليته جعل خاتمه في إصبع امرأته، والله يا بن عباس ! ما يصلح هذا (2) الامر إلا للقوي في غير عنف، واللين في غير ضعف (3)، والجواد في غير سرف، الممسك في غير بخل. هذا آخر ما نقلت من كتاب الاستيعاب.

 

(1) لا توجد في (س): ذاك. وفي المصدر: ذلك، ذاك - بتقديم وتأخير -. (2) في (س): لهذا. (3) جاءت: ضعيف، في (س) بدلا من: ضعف.

 

[365]

بيان: الاصيلع - تصغير - الاصلع: وهو الذي انحسر الشعر عن رأسه (1). وقال في النهاية: كلفت بهذا الامر اكلف به: إذا ولعت (2) به واحببته (3). وقال في حديث عمر أنه قال عن طلحة لما عرض عليه للخلافة: الاكنع إن فيه نخوة وكبرا. الاكنع: الاشل، وقد كنعت اصابعة كنعا: إذا تشنجت ويبست، وقد كانت يداه (4) اصيبت يوم أحد لما وقى بها رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فشلت (5). وقال: الزهو: الكبر والفخر (6). وقال في حديث عمر.. فذكر له سعد، فقال: ذاك (7) إنما يكون في مقنب من مقانبكم. المقنب - بالكسر -: جماعة الخيل والفرسان، وقيل: هو دون المائة، يريد أنه صاحب حرب وجيوش، وليس بصاحب هذا الامر (8). 19 - نهج (9): ومن كلام له عليه السلام في وقت الشورى: لن (10) يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق، وصلة رحم، وعائدة كرم، فاسمعوا قولي، وعوا منطقي، عسى أن تروا هذا الامر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السيوف وتخان فيه العهود، حتى يكون بعضكم أئمة لاهل الضلالة وشيعة لاهل الجهالة.

 

(1) كما في لسان العرب 8 / 204، والنهاية 3 / 47، وانظر: الصحاح 3 / 1244. (2) في (ك) ولسان العرب: أولعت. (3) النهاية 4 / 196، ونحوه في لسان العرب 9 / 307، وكذا في الصحاح 4 / 1423. (4) في النهاية: يده. (5) النهاية 4 / 204، ومثله في لسان العرب 8 / 315. (6) النهاية 2 / 323، ونحوه في الصحاح 6 / 2370. (7) في المصدر: ذلك. (8) النهاية 4 / 111، ولسان العرب 1 / 690 مثله. (9) نهج البلاغة 2 / 22 - 23 - محمد عبده -، وصبحي الصالح: 196 برقم 139. (10) في طبعة - محمد عبده - من النهج: لم، بدل: لن.

 

[366]

توضيح: قوله عليه السلام: إلى دعوة حق.. أي لن يدعو أحد قبلي إلى حق فما لم أدع إليه لم يكن حقا، أولم يسبقني أحد إلى إجابة دعوة حق، فما لم أجب إليه لا يكون حقا. ونضى السيف من غمده وانتضاه: اخرجه (1). قال ابن ميثم رحمه الله: إشارة إلى ما علمه عليه السلام من حال البغاة والخوارج والناكثين لعهد بيعته وما وقع بعد هذا اليوم من قتل الحسين عليه السلام وظهور بني أمية وغيرهم، وأشار بأئمة أهل الضلالة إلى طلحة والزبير، وبأهل الضلالة إلى أتباعهم، وبأهل الجهالة إلى معاوية ورؤساء الخوارج وأمراء بني أمية، وبشيعتهم إلى أتباعهم (2). 20 - ما (3) جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا حسن بن محمد بن شعبة الانصاري ومحمد بن جعفر بن رميس الهبيري بالقصر وعلي بن محمد بن الحسن (4) بن كاس النخعي بالرملة، واحمد بن محمد بن سعيد الهمداني جميعا، عن احمد بن يحيى بن زكريا الازدي الصوفي، عن عمرو بن حماد بن طلحة القناد (5)، عن إسحاق بن ابراهيم الازدي، عن معروف بن خربوز (6) وزياد بن المنذر وسعيد بن محمد الاسدي (7)، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة (8) الكناني، قال: لما احتضر عمر بن الخطاب جعلها شورى بين ستة، بين علي بن أبي طالب عليه السلام وعثمان بن عفان وطلحة (9) والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن

 

(1) قاله في النهاية 5 / 73، والقاموس 4 / 396، وغيرهما. (2) شرح نهج البلاغة لابن ميثم 3 / 175، باختلاف كثير. (3) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 166 - 168، بتفصيل في الاسناد. (4) في المصدر: علي بن الحسين. (5) في الامالي: القتاد. (6) كذا، والظاهر: خربوذ - بالذال أخت الدال -. (7) في المصدر: الاسلمي. (8) في الامالي: وائلة. (9) لا توجد في (ك): وطلحة.

 

[367]

عوف، وعبد الله بن عمر فيمن يشاور ولا يولى. قال أبو الطفيل: فلما اجتمعوا أجلسوني على الباب أرد عنهم الناس، فقال علي عليه السلام: إنكم قد اجتمعتم لما اجتمعتم له فأنصتوا فأتكلم فإن قلت حقا صدقتموني، وإن قلت باطلا ردوا علي ولا تهابوني، إنما أنا رجل كأحدكم: أنشدكم بالله هل فيكم أحد له مثل ابن عمي صلى الله عليه وآله أقرب (1) إليه رحما مني ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد (2) مثل عمي حمزة أسد الله وأسد رسوله ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين مضرج بالدماء الطيار في الجنة ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله سيدة نساء عالمها في الجنة ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبلي ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سهمان في كتاب الله في الخاص والعام، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله بابه مفتوحا يحل له ما يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله ويحرم عليه ما يحرم على رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم رجل ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات يقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا.

 

(1) في المصدر: وأقرب. (2) في الامالي: فيكم له.

 

[368]

قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال في غزاة تبوك: إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله مقالته يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد وصى رسول الله صلى الله عليه وآله في أهله وماله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قتل المشركين كقتلي ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم: لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أقرب عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله مني ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد نزل في حفرة (1) رسول الله (2) صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فاصنعوا ما أنتم صانعون. فقال طلحة والزبير عند ذلك: نصيبنا منها لك يا علي. فقال عبد الرحمن ابن عوف: قلدوني هذا الامر على أن أجلعها لاحدكم. قالوا: قد فعلنا. فقال عبد الرحمن: هلم يدك يا علي تأخذها بما فيهان على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال علي (3) عليه السلام: آخذها بما فيها على أن أسير فيكم بكتاب الله

 

(1) جاءت في (س) عبارة: في حفرة، قبل: غيري. (2) في البحار - بطبعتيه - وضع على: رسول الله، رمز نسخة بدل. (3) لا يوجد في الامالي: علي.

 

[369]

وسنة نبيه صلى الله عليه وآله جهدي، فخلى عن يد علي، وقال: هلم يدك يا عثمان خذها بما فيها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال: نعم، ثم تفرقوا. وروى أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث المناشدة. 21 - ما (1): جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر العلوي الحسني وأبي عبد (2) الله محمد بن احمد بن المؤمل الصيرفي، قالا: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، عن احمد بن جعفر بن عبد الله بن محمد ابن ربيعة بن عجلان، عن معاوية بن عبد الله بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع، قال: لما اجتمع أصحاب الشورى - وهم ستة نفر - منهم علي ابن أبي طالب عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير (3) وسعد بن مالك وعبد الرحمن ابن عوف أقبل عليهم علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: أنشدكم بالله (4) أيها النفر ! هل فيكم من أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: منزلتك مني - يا علي - منزلة هارون من موسى ؟ أتعلمون قال ذلك لاحد ؟، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: يا أيها النفر ! هل فيكم من أحد له سهمان، سهم في الخاص وسهم في العام، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال:...... وذكر الحديث نحو طريق أبي الاسود الدؤلي، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام. بيان: السهم في الخاص إشارة إلى السهم الذي أعطاه رسول الله لقتال الملائكة

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 168 - 169، مع تفصيل في الاسناد. (2) في الامالي بالتصغير: عبيد، بدلا من: عبد. (3) في المصدر: بتقديم وتأخير. (4) في الامالي: الله.

 

[370]

معه، أو إلى السهم الذي خصه الرسول صلى الله عليه وآله من تعليمه ومعاشرته في الخلوة مضافا إلى ما كان له عليه السلام مع سائر الصحابة، والاول أظهر. 22 - ما (1): جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي طالب محمد بن احمد بن أبي مشعر (2) السلمي الحراني بحران، عن احمد بن أسود أبي علي الحنفي القاضي، عن عبيدالله بن محمد بن حفص التيمي (3)، عن أبيه، عن عمر بن أذينة العبدي، عن وهب بن (4) عبد الله بن أبي ذبي الهنائي، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن وهب بن (4) عبد الله بن أبي ذبي الهنائي، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه أبي الاسود، قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الامر بين ستة نفر: علي بن أبي طالب عليه السلام، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعد بن مالك، وعبد الله بن عمر معهم يشهد النجوى وليس له في الامر نصيب، وأمر هم أن يدخلوا لذلك بيتا ويغلقوا عليهم بابه. قال أبو الأسود: فكنت على الباب أنا ونفر معي حاجتهم (5) أن يسمعوا الحوار الذي يجري بينهم (6)، فابتدر الكلام عبد الرحمن بن عوف، فقال: ليذكر كل رجل منكم رجلا إن أخطأه هذا الامر كانت الخيرة لصاحبه، فقال الزبير: قد اخترت عليا. وقال طلحة: قد اخترت عثمان. وقال سعد: قد اخترت عبد الرحمن (7)، فقال عبد الرحمن: قد رضي القوم بنا وقد جعل الامر فينا، ولنا أيها الثلاثة، فأيكم يخرج عن (8) هذا الامر نفسه ويختار للمسلمين رجلا رضي في الامة، فأمسك الشيخان، فعاد عبد الرحمن الكلامه، فقال له علي عليه السلام:

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 169 - 170، مع اختصار في الاسناد. (2) في المصدر: معشر. (3) في الامالي: التيمي قال حدثنا أبو عمر عن ابن أذينة. (4) في (ك): وهب بن وهب بن. (5) في (س): حاجبهم. (6) في (س): فيهم. (7) في المصدر زيادة: بن عوف. (8) في الامالي: من، بدلا من: عن.

 

[371]

كن أنت ذلك الرجل. قال: فإنه لم يبق إلا أنت وعثمان، فأيكما يتقلد هذا الامر على أن يسير في الامة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة (1) صاحبيه أبي بكر وعمر فلا يعدوهما. قال علي عليه السلام: أنا (2) آخذها على (3) أن أسير في الامة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله جهدي وطوقي وأستعين (4) على ذلك بربي. قال: فما عندك أنت (5) يا عثمان ؟. قال: أسير في الامة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أبي بكر وعمر. قال: فردها (6) على علي عليه السلام ثلاثا، وعلى عثمان ثلاثا كل رجل منهما يقول مثل قوله الاول، فلما توافقوا على رأي واحد، قال لهم علي عليه السلام: إني أحب أن تسمعوا مني قولا أقول لكم، قالوا: قل يا أبا الحسن. قال: فإني أسألكم بالله الذي يعلم سركم وجهركم هل فيكم من رجل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا،.. وذكر المناشدة نحوه. 23 - ما (7): احمد بن محمد بن الصلت، عن أبي عقدة الحافظ، عن جعفر ابن (8) عبد الله العلوي، عن عمه القاسم بن جعفر العلوي، عن عبد الله بن محمد ابن عبد الله العلوي، عن أبيه (9)، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن

 

(1) في المصدر: وبسيرة. (2) في الامالي: إني. (3) لا توجد: على، في (ك). (4) في (س): واسعين. (5) في (ك) لا توجد: أنت. (6) في المصدر: قررها. (7) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 320، بتفصيل في الاسناد. (8) في المصدر: أبو، بدلا من: بن. (9) لا توجد: عن أبيه، في الامالي.

 

[372]

حزم، عن أبيه، عن جده: أن القوم حين اجتمعوا للشورى، فقالوا فيها وناجى عبد الرحمن كل (1) رجل منهم على حده، ثم قال لعلي: عليك عهد الله وميثاقه لئن وليت لتعملن (2) بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، فقال علي عليه السلام: على عهد الله وميثاقه لئن وليت أمركم لاعملن بكتاب الله وسنة نبيه، فقال عبد الرحمن لعثمان كقوله لعلي عليه السلام، فأجابه: أن نعم. فرد عليهما القول ثلاثا، كل ذلك يقول علي عليه السلام كقوله، ويجيبه عثمان: أن نعم، فبايع عثمان عبد الرحمن عند ذلك. 24 - إرشاد القلوب (3): عن أبي المفضل بإسناده، عن أبي رضي الله عنه: أن عليا عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك (4)، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه السلام: إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فانكروه. قالوا: قل. قال: أنشدكم بالله.. - أو قال: أسألكم بالله - الذي يعلم سرائركم ويعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم، هل فيكم أحد آمن قبلي بالله ورسوله وصلى القبلتين قبلي ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد أمر بقول الله عزوجل: [يا أيها الذين ء امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم] (5) سواي ؟. قالوا: اللهم لا.

 

(1) لا يوجد في المصدر: كل. (2) في (س) لا توجد: لتعملن. (3) إرشاد القلوب 2 / 51 - 57، مع اختلاف يسير لم نشر له لعدم الوثوق بالمطبوع. (4) في الارشاد زيادة: الرجل. (5) النساء: 59.

 

[373]

قال: فهل فيكم أحد نصر أبوه رسول اله صلى الله عليه وآله وكفله، غيري (1) ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال (2) فهل فيكم أحد (3) أخوه ذي (4) الجناحين (5) في الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد وحد الله قبلي ولم يشرك به شيئا ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد عمه حمزة سيد الشهداء، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد زوجته سيدة نساء أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد إبناه سيدا شباب أهل الجنة، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد أعلم بناسخ القرآن ومنسوخه والسنة مني ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد سماه الله عزوجل في عشر آيات من القرآن مؤمنا، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عشر مرات يقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ليبلغ الشاهد الغائب ذلك،

 

(1) في الارشاد: غير أبي، وهو الظاهر. (2) لا توجد هذه المناشدة في المصدر. (3) في (س): بعد كلمة أحد كلمة مشوشة لعلها: يطير. (4) كذا، والصواب: ذو - بالرفع -، ولا توجد في (س). (5) في (س): بالجناحين.

 

[374]

غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لاعطين الراية غدا رجلا (1) يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا (2) غير فرار لا يولي الدبر يفتح الله على يديه، وذلك حيث رجع أبو بكر وعمر منهزمين، فدعاني - وأنا أرمد - فتفل في عيني، وقال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا يوذياني، ثم أعطاني الراية، فخرجت بها ففتح الله على يدي خيبر، فقتلت مقاتليهم - وفيهم مرحب - وسبيت ذراريهم، فهل كان ذلك غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إثتني بأحب الخلق إليك وإلي وأشدهم لي ولك حبا يأكل معي من هذا الطير، فأتيت فأكلت معه، فهل كان غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لتنتهن يا بني وليعة أو لابعثن عليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يعصاكم أو يقصعكم (3) بالسيف، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا، هل كان غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم من سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة وفيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافين ليلة القليب لما جئت بالماء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له جبرئيل: هذه هي المواساة، وذلك يوم أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله (4): إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منكما، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في (ك): رجلا غدا. (2) في (ك): كرار - بالرفع -. (3) في (ك) نسخة بدل، يقصفكم. (4) في إرشاد القلوب زيادة هنا وهي: وما يمنعه من ذلك ؟.

 

[375]

قال: فهل فيكم أحد نودي به من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد من يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إني قاتلت على تنزيل القرآن وستقاتل أنت - يا علي - على تأويله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد غسل رسول الله صلى الله عليه وآله مع الملائكة (1) المقربين بالروح والريحان تقلبه لي الملائكة وأنا أسمع قولهم وهم يقولون: استروا عورة نبيكم ستركم الله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل من كفن رسول الله صلى الله عليه وآله ووضعه في حفرته، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد بعث الله عزوجل إليه بالتعزية حيث قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام تبكيه إذ سمعنا حسا على الباب وقائلا يقول - نسمع حسه (2) ولا نرى شخصه وهو يقول -: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، ربكم عزوجل يقرئكم السلام ويقول لكم: إن في الله خلفا من كل مصيبة، وعزاء من كل هالك، ودركا من كل فوت، فتعزوا بعزاء الله، واعلموا أن أهل الارض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأنا في البيت وفاطمة والحسن والحسين أربعة لا خامس لنا سوى (3) رسول الله صلى الله عليه وآله مسجى بيننا، غيرنا ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ردت عليه الشمس بعد ما غربت أو (4) كادت تغيب

 

(1) من هنا إلى قوله: وإنكم لن تضلوا.. سقط من المصدر. (2) في (ك) نسخة بدل: صوته. (3) في (ك) نسخة بدل: إلا. (4) في (ك): واو، بدلا من: أو.

 

[376]

حتى صلى العصر في وقتها، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله بأخذه (1) براءة من أبي بكر بعد ما انطلق أبو بكر بها فقبضتها منه فقال أبو بكر - بعد ما رجع -: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ! أنزل في شئ ؟ فقال: إنه لا يؤدي عني إلا علي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، ولو كان بعدي لكنته يا علي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم من قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل تعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي، فقلتم في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت بابه (2) بل الله سد أبوابكم وفتح بابه ؟ !. قالوا: نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك، فقال بعضكم: يا رسول الله (ص) ! إنك قد انتجيت عليا دوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا انتجيته بل الله عزوجل انتجاه ؟ !. قالوا: نعم. قال: أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الحق من بعدي مع علي وعلي مع الحق يدور الحق معه حيثما دار ؟. قالوا: نعم. قال: فهل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وإنكم

 

(1) في (س): يأخذ. ولعلها بتقدير: أن. (2) لا يوجد في (س): بابه.

 

[377]

لن تضلوا (1) ما اتبعتموهما واستمسكتم بهما ؟. قالوا: نعم. قال: فهل فيكم أحد وفي (2) رسول الله صلى الله عليه وآله بنفسه ورد به كيد (3) المشركين واضطجع في مضجعه، وشرى بذلك من الله نفسه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد حيث آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أصحابه وكان له أخا (4) غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل أحد ذكره الله عزوجل بما ذكرني إذ قال: [والسابقون السابقون * أولئك المقربون] (5)، غيري ؟ !. قال: فهل سبقني منكم احد إلى الله ورسوله ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أتى الزكاة وهو راكع، فنزلت فيه: [إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون] (6)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد برز لعمرو بن عبدود حيث عبر خندقكم وحده ودعا جميعكم إلى البراز فنكصتم عنه، وخرجت إليه فقتلته وفت الله (7) بذلك في أعضاد المشركين والاحزاب، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله بابه مفتوحا في المسجد يحل له ما يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله ويحرم عليه ما يحرم على رسول

 

(1) إلى هنا سقط عن إرشاد القلوب. (2) كذا، ولعله: وقى، كما في المصدر. (3) في المصدر: مكر، وهي نسخة بدل جاءت على مطبوع البحار. (4) في إرشاد القلوب: وكأن لم يكن له أخ.. (5) الواقعة: 10 - 11. (6) المائدة: 55. (7) في (س) زيادة: إليه، ووضع عليها رمز نسخة بدل في (ك).

 

[378]

الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه آية التطهير حيث يقول تعالى: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (1)، غيري وغير زوجتي وابني ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا سيد ولد آدم عليه السلام وعلي سيد العرب، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل (2) فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما سألت الله عزوجل لي شيئا إلا سألت لك مثله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (3) فهل فيكم أحد كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله في المواطن كلها، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (4): فهل فيكم أحد ناول رسول الله صلى الله عليه وآله قبضة من تراب تحت قدميه فرمى بها في وجوه الكفار فانهزموا، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قضى دين رسول الله صلى الله عليه وآله وأنجز عداته، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد اشتاقت الملائكة إلى رؤيته فاستأذنت الله تعالى في زيارته، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وأداته (5)، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) الاحزاب: 33. (2) لا توجد: فهل، في (س). (3) هذه المناشدة جاءت في إرشاد القلوب بعد مناشدة الاضطجاع في لحاف واحد. (4) وقعت هذه المناشدة بعد المناشدة التالية. (5) في إرشاد القلوب: ودوابه.

 

[379]

قال: فهل فيكم أحد استخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله في أهله وجعل أمر أزواجه إليه من بعده، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد حمله رسول الله صلى الله عليه وآله على كتفه حتى كسر الاصنام التي كانت على الكعبة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد اضطجع هو ورسول الله صلى الله عليه وآله في لحاف واحد إذ كفلني، غيري ؟ !. قالوا: لا (1). قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت صاحب رايتي ولوائي في الدنيا والآخرة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد كان أول داخل (2) على رسول الله صلى الله عليه وآله وآخر خارج من عنده ولا يحجب عنه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم من نزلت فيه وفي زوجته وولديه: [ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا..] (3).. إلى سائر ما اقتص (4) الله تعالى من ذكرنا في هذه السورة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: [أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن ءامن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله] (5)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه: [أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون..] (6).. إلى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين،

 

(1) هنا مناشدة في المصدر، وقد تقدمت في المتن، وأشرنا إلى موضعها. (2) في المصدر: وارد. (3) الانسان: 80. (4) في إرشاد القلوب: قص. (5) التوبة: 19. (6) السجدة: 18.

 

[380]

غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أنزل الله فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة، وجعل الله عزوجل نفسه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: اللهم لا. قال: فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية: [ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله] (1) لما وقيت رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الفراش، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد سقى (2) رسول الله صلى الله عليه وآله من المهراس لما اشتد ظمأه وأحجم عن ذلك أصحابه، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إني أقول كما قال عبدك موسى: [رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري] (3).. إلى آخر دعوة موسى عليه السلام إلا النبوة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد هو أدنى الخلائق برسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة وأقرب إليه مني كما أخبركم بذلك صلوات الله عليه وآله، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال (4): فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن من شيعتك رجلا يدخل في شفاعته الجنة مثل ربيعة ومضر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت وشيعتك

 

(1) البقرة: 208. (2) العبارة مشوشة في مطبوع البحار وأخذت من المصادر. (3) طه: 25 - 31. (4) لا توجد هذه المناشدة في إرشاد القلوب.

 

[381]

هم الفائزون تردون يوم القيامة رواء مرويين ويرد عدوكم ظماء مقمحين (1)، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب هذه الشعرات فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله تعالى، ومن أبغضها وآذاها فقد أبغضني وآذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى، ومن آذى الله تعالى لعنه الله وأعد له جهنم وساءت مصيرا. فقال أصحابه: وما شعراتك هذه يا رسول الله صلى الله عليه وآله ؟. قال: علي وفاطمة والحسن والحسين، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين، وأنت الصديق الاكبر، وأنت الفاروق الاعظم الذي يفرق بين الحق والباطل، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد طرح عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ثوبه وأنا تحت الثوب وفاطمة والحسن والحسين ثم قال: اللهم (2) أنا وأهل بيتي هؤلاء إليك لا إلى النار، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجحفة بالشجيرات من خم: من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاك فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله تعالى، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد كان رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين زوجته ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد (3) جلس بين رسول الله صلى الله عليه وآله وزوجته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لا ستر دونك يا علي، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في (ك) نسخة بدل: مظمئين. (2) لا توجد: اللهم، في (ك). (3) سقط من إرشاد القلوب المطبوع: قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد.

 

[382]

قال: فهل فيكم أحد احتمل باب خيبر يوم فتحت حصنها ثم مشى به ساعة ثم ألقاه فعالجه بعد ذلك أربعون رجلا فلم يقلوه (1) من الارض، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت معي في قصري ومنزلك تجاه منزلي في الجنة، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أولى الناس بأمتي (2) من بعدي، والى الله من والاك وعادى الله من عاداك، وقاتل الله من قاتلك بعدي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع سنين وأشهرا قبل الناس، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك عن يمين العرش يا علي يوم القيامة يكسوك الله عزوجل بردين: أحدهما أحمر والآخر أخضر، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاكهة الجنة لما هبط بها جبرئيل عليه السلام وقال: لا ينبغي أن يأكله في الدنيا إلا نبي أو وصي نبي، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أقومهم بأمر الله، وأوفاهم بعهد الله، وأعلمهم بالقضية، وأقسمهم بالسوية، وأرأفهم بالرعية، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت قسيم النار تخرج منها من آمن وأقر، وتدع فيها من كفر، غيري ؟ !. قالوا: لا.

 

(1) في المصدر: فلم ينقلوه. (2) في (ك): مني. (*)

 

[383]

قال: فهل فيكم أحد قال للعين وقد غاضت: انفجري ! فانفجرت، فشرب منها القوم وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون معه فشرب وشربوا وشربت خيلهم وملاوا رواياهم، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله حنوطا من حنوط الجنة، قال: أقسم هذا أثلاثا، ثلثا لي حنطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك، غيري ؟ !. قالوا: لا. قال:.. فما زال يناشدهم ويذكر لهم ما أكرمه الله تعالى وأنعم عليه به حتى قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة، ثم أقبل عليهم وقال: أما إذا أقررتم على أنفسكم وبان لكم من سببي الذي (1) ذكرت، فعليكم بتقوى الله وحده، وأنهاكم عن سخط الله فلا تعرضوا له (2) ولا تضيعوا أمري، وردوا الحق إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم صلى الله عليه وآله وسنتي من بعده، فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم فقد سمع ذلك منه جميعكم، وسلموها إلى من هو لها أهل وهي له أهل، أما والله ما أنا بالراغب في دنياكم، ولا قلت ما قلت لكم افتخارا ولا تزكية لنفسي، ولكن حدثت بنعمة ربي، وأخذت عليكم بالحجة.. ونهض إلى الصلاة، قال: فتوامر (3) القوم فيما بينهم وتشاوروا، فقالوا: قد فضل الله علي بن أبي طالب بما ذكر لكم، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد ويجعلكم ومواليكم سواء، وإن وليتموه إياها ساوى بين أسودكم وأبيضكم، ووضع السيف على عاتقه، ولكن ولوها عثمان فهو أقدمكم (4) ميلادا، وألينكم عريكة، وأجدر أن يتبع مسرتكم (5)، والله رؤوف رحيم.

 

(1) في (ك): مزيتي التي.. وجعل ما في المتن نسخة بدل. (2) لا توجد في (س): له. (3) في المصدر: فتأمر، وهو الظاهر. (4) في (س): فهو الله فكم، ولا معنى لها. (5) في إرشاد القلوب: بسيرتكم.

 

[384]

25 - ما (1): جماعة، عن أبي المفضل (2)، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن أحمد بن عبيدالله، عن الربيع بن سيار، عن الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه مثله. إيضاح: قال الجوهري: عصوته بالعصا: ضربته بها.. والعصا - مقصورا (3) -: مصدر قولك عصي بالسيف يعصى: إذا ضرب به (4). وقال: قصعت هامته: إذا ضربتها ببسط كفك وقصع الله شبابه (5). وفي النهاية: فقصعه الله (6).. أي دفعه (7) وكسره (8). وفي بعض النسخ بالفاء وهو الكسر والدفع الشديد (9). وقال الجوهري: فت الشئ.. أي كسره..، يقال: فت عضدي وهد ركني (10). وقال الفيروز آبادي: فت في ساعدة: اضعفه (11). والاقماح: رفع الرأس وغض البصر، يقال: اقمحه الغل: إذا ترك رأسه

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 159، بتفصيل في الاسناد. (2) في (ك): أبي الطفيل المفضل. (3) في المصدر: والعصى مقصور. وهو الصحيح. (4) الصحاح 6 / 2429، ومثله في لسان العرب 15 / 64. (5) الصحاح 3 / 1266، وكذا في لسان العرب 8 / 274، وغيرهما. (6) جاء في حاشية (ك): قصعة فاطمئن. نهاية. انظر: النهاية لابن الاثير 4 / 73. (7) في (س): في رفعة، بدلا من: أي دفعة. (8) النهاية: 4 / 73، وجاء قريب منه في لسان العرب 8 / 276. (9) كما في لسان العرب 9 / 283، والنهاية 4 / 73، وغيرهما. (10) الصحاح 1 / 159، ولسان العرب 2 / 65 مثله. (11) القاموس 1 / 153، ولسان العرب 2 / 65.

 

[385]

مرفوعا من ضيقه (1). وفي بعض النسخ: مظمئين، كما في الروايات الآخر على التأكيد، وفي بعضها: مفحمين.. أي مسكتين (2) بالحجة. أقول: قال أرباب السير والمحدثون من المخالفين (3) لما طعن أبو لؤلؤة عمر ابن الخطاب وعلم أنه قد انقضت أيامه واقترب أجله، قال له بعض أصحابه: لو استخلفت يا أمير المؤمنين ! فقال: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: أبو عبيدة أمين هذه الامة، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته، وقلت لربي إن سألني: سمعت نبيك يقول: إن سالما شديد الحب لله (4)، فقال له رجب: ول عبد الله بن عمر، فقال: قاتلك الله، والله ما أردت الله بهذا ! ويحك ! كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته (5) ؟ ! رواه ابن الاثير في الكامل (6) والطبري (7)، عن شيوخه بطرق متعددة (8)، ثم قال: لا إرب لعمر في خلافتكم فما (9) حمدتها فارغب فيها لاحد من أهل بيتي، فإن (10) تك

 

(1) قاله في النهاية 4 / 106، والقاموس 1 / 244. (2) ذكره في مجمع البحرين 6 / 130، والنهاية 3 / 417، وغيرهما. (3) كما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على النهج البلاغة 1 / 190، وقريب منه في 12 / 143، وغيره. والاصل فيه كتاب السفيانية للجاحظ كما نص عليه ابن أبي الحديد في شرحه 1 / 185، وسيذكره المصنف طاب ثراه قريبا. (4) وقد جاء في العقد الفريد 3 / 407: قيل له: استخلف. فقال: ما أجد من استخلف، فذكر له الستة من أهل حراء فكلهم طعن عليه، ثم قال: لو أدركت سالما مولى أبي حذيفة حيا لما شككت فيه. (5) قد أورده مجملا ابن سعد في الطبقات 3 / 343 بطرق متعددة. (6) الكامل 3 / 34، باختلاف في اللفظ. (7) تاريخ الطبري 4 / 227 وما بعدها حوادث سنة 23 ه‍ [طبعة دار المعارف - بيروت]، و 3 / 293 - 294 [الاعلمي - بيروت]. (8) في (ك) نسخة بدل: مختلفة. (9) في تاريخ الطبري: ما. (10) في تاريخ الطبري: ان.

 

[386]

خيرا فقد أصبنا منه وإن (1) تك شرا فقد صرف عنا، حسب آل عمر أن يحاسب منهم (2) واحد ويسأل عن أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله، فخرج الناس (3) ورجعوا إليه، فقالوا له: لو عهدت عهدا، فقال: قد كنت أجمعت بعد مقالتي (4) أن أولي أمركم رجلا هو أحراكم أن يحملكم على الحق - وأشار إلى علي عليه السلام - فرهقتني غشية فرأيت رجلا دخل (5) جنة فجعل يقطف (6) كل غضة ويانعة فيضمها إليه ويصيرها تحته، فخفت أن أتحملها حيا وميتا، وعلمت أن الله غالب أمره. ثم قال: عليكم بالرهط الذين قال لهم (7) رسول الله صلى الله عليه وآله: إنهم من أهل الجنة ومات وهو راض عن هذه الستة من قريش (8): علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لانفسهم، ثم قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني (9)، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني (10)، ولن يضيع الله دينه (11)، ثم قال: أدعوهم لي.. فدعوهم، فدخلوا عليه وهو ملقى على فراشه يجود بنفسه،

 

(1) في (س): فان. (2) في تاريخ الطبري زيادة: رجل. (3) في تاريخ الطبري زيادة: من عنده ثم راحوا له. (4) في تاريخ الطبري زيادة: لكم. (5) في تاريخ الطبري: يدخل. (6) في (س): يغطف. قال في القاموس 3 / 181: الغطف - محركة - سعة العيش وطول الاشفار وتثنيها أو كثرة شعر الحاجب. وفي تاريخ الطبري: يقطف، وهو الظاهر. (7) لا توجد، لهم، في (س). وفي تاريخ الطبري: عنهم. (8) من قوله: ومات.. إلى من قريش، لا توجد في تاريخ الطبري، وجاءت في شرح النهج 1 / 158 هي والتي بعدها من الكلام، وخلط بين موضعي كلام شارح النهج. (9) في شرح النهج 1 / 185 زيادة: يعني أبا بكر. (10) في شرح النهج زيادة: يعني رسول الله (ص). (11) لا توجد: ولن يضيع الله دينه، في المصدر.

 

[387]

فنظر إليهم فقال: أكلكم يطمع في الخلافة (1) ؟ ! فوجموا، فقال لهم ثانية، فأجابه الزبير، وقال: وما الذي يبعدنا منها، وليتها أنت فقمت بها ولسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة (2). فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم ؟. قالوا: قل، فإنا لو استعفيناك لم تعفنا، فقال: أما أنت يا زبير ! فوعقة لقس (3)، مؤمن الرضا كافر الغضب، يوما إنسان ويوما شيطان، ولعلها لو أفضت اليك ظلت يومك تلاطم (4) بالبطحاء على مد من شعير، فإن (5) أفضت اليك - فليت شعري - من يكون للناس يوم تكون شيطانا، ومن يكون يوم تغضب إماما (6)، وما كان الله ليجمع لك (7) أمر هذه الامة وأنت على هذه الصفة. ثم أقبل على طلحة - وكان له مبغضا منذ قال لابي بكر يوم وفاته: ما قال في عمر، وقد تقدم ذكره (8) - فقال له: أقوال أم أسكت ؟. قال: قل، فإنك لا تقول من الخير شيئا. قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد والبأو (9)

 

(1) في المصدر زيادة: بعدي. (2) هنا سقط جاء في شرح نهج البلاغة 1 / 185 وهو: قال الشيخ أبو عثمان الجاحظ: والله لولا علمه أن عمر يموت في مجلسه ذلك لم يقدم على أن يفوه من هذا الكلام بكلمة ! ولا ينبس منه بلفظة. (3) هنا حاشية جاءت على (ك) غير معلم محلها، وموضعها هنا وهي: في حديث عمر وذكر الزبير فقال: وعقة لقس. الوعقة - بالسكون - الذي يضجر ويتبرم. واللقس: السيى الخلق، وقيل: الشحيح. النهاية. انظر: النهاية 5 / 207، 4 / 264. (4) في (س): طلاطم. (5) في المصدر: أفرأيت أن. (6) لا توجد: إماما، في المصدر. (7) خط على: لك، في (س). (8) وقد تقدم قريبا، وهي من زيادة المصنف رحمه الله. (9) في (ك): اليأو. أقول: البأو: وهو بمعنى الكبر والفخر، ونقل صاحب اللسان عن الفقهاء: وفي طلحة بأواء. قال في النهاية 6 / 2278: البأو: الكبر والفخر.. وكذلك البأواء، ومثله في القاموس 4 / 302، وسيأتي من المصنف. (*)

 

[388]

الذي حدث لك، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وهو (1) ساخطا (2) عليك للكلمة (3) التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب -، والكلمة المذكورة هي أنه لما نزلت آية الحجاب قال طلحة: ما الذي يغنيه حجابهن اليوم وسيموت غدا فننكحهن، كذا ذكره ابن أبي الحديد عن شيخه الجاحظ (4). وروى المفسرون (5)، عن مقاتل، قال: قال طلحة بن عبد الله: لئن قبض رسول الله صلى الله عليه [وآله] لانكحن عائشة بنت أبي بكر، فنزلت: [وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا..] (6) الآية. وقد مر (7) في رواية علي بن ابراهيم أن طلحة قال: لئن أمات الله محمدا لنركضن بين خلا خيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا. ثم قال ابن أبي الحديد (8): قال الجاحظ: لو قال لعمر قائل: أنت قلت أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] مات وهو راض عن الستة، فكيف تقول (9) لطلحة إنه مات صلى الله عليه [وآله] ساخطا عليك للكلمة التي قلتها لكان قد

 

(1) في (ك) خط على: وهو، وهي لا توجد في تاريخ الطبري وشرح نهج البلاغة. (2) كذا، والظاهر أنها بالرفع: ساخط. (3) في المصدر: بالكلمة. (4) في كتابه السفيانية، قال في شرح النهج: قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ.. وما ذكره هنا أورده المصنف رحمه الله بألفاظ متقاربة وبتصرف، وانظر: شرح نهج البلاغة 1 / 185 و 13 / 287. (5) قاله الزمخشري في الكشاف 3 / 556، وأخرجه ابن سعد عن الواقدي بإسناده، وقاله عبد الرزاق في مسنده، وجاء عن طريق السدي، وبأسانيد متعددة صرح في بعضها باسم طلحة وفي أخرى: إنه رجل، كما لم يصرح في بعض الروايات باسم عائشة، وانظر: الدر المنثور للسيوطي 5 / 404، وغيرهما. (6) الاحزاب: 53. (7) بحار الانوار 22 / 239. (8) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 186. (9) في المصدر زيادة: الآن، وذكرها في حاشية (ك) ونسبها إلى ابن أبي الحديد.

 

[389]

رماه بمشاقصه (1)، ولكن من الذي كان يجسر (2) على عمر أن يقول له ما دون هذا، فكيف هذا ؟. ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص، فقال: إنما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب تقاتل به وصاحب قنص (3) وقوس وسهم (4)، وما زهرة (5) والخلافة وأمور الناس ؟ !. ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف، فقال: وأما أنت يا عبد الرحمن ! فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك ولكن لا يصلح لهذا الامر من فيه (6) ضعف كضعفك، وما زهرة وهذا الامر ؟ !. ثم أقبل على علي عليه السلام، فقال: لله أنت، لولا دعابة ! فيك، أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على المحجة البيضاء والحق الواضح (7). ثم أقبل على عثمان، فقال: هيها (8) إليك ! كأني بك قد قلدتك قريش هذا الامر لحبها إياك فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفئ فسارت إليك عصابة (9) من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا، والله لئن فعلوا لتفعلن، ولئن فعلت ليفعلن، ثم أخذ بناصيته، فقال: فإذا (10) كان ذلك فاذكر قولي، فإنه كائن.

 

(1) في (س): بمناقضة. وجاء في حاشية (ك): والمشقص: النصال ما طال وعرض. صحاح. انظر: الصحاح 3 / 1043 وفيه: من النصال. (2) في (س): الكلمة مشوشة وقد تقرأ: يجسر أو يجبر. (3) قال في حاشية (ك): القائص: الصائد، وكذلك القنص - بالتحريك -. انظر: الصحاح 3 / 1054، وفيه القنص: الصيد. (4) في المصدر: وأسهم. (5) والزهرة: قبيلة سعد بن أبي وقاص. وفي (ك): ومازه - بفصل بين الزاء والهاء -. (6) في المصدر: لرجح إيمانك به، ولكن ليس يصلح هذا الامر لمن.. (7) في المصدر بتقديم وتأخير: الحق الواضح والمحجة البيضاء. (8) في (س): هبها. (9) في (س): غضابة. (10) في (س): إذا.

 

[390]

قال ابن أبي الحديد (1): ذكر هذا الخبر كله أبو عثمان الجاحظ في (2) كتاب السفيانية، وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر. وقال الزمخشري في الفائق (3): إن عمر دخل عليه ابن عباس - حين طعن - فرآه مغتما لمن يستخلف بعده، فجعل ابن عباس يذكر له أصحابه، فذكر عثمان، فقال: إنه كلف بأقاربه، وروي: أخشى حفده وأثرته (4). قال: فعلي ؟. قال: ذاك رجل فيه دعابة !. قال: فطلحة ؟. قال: لولا باؤفيه. وروي أنه قال: الاكنع، إن فيه باؤ أو نخوة. قال: فالزبير ؟. قال: وعقة لقس. وقال (5) روي: ضرس ضبس (6)، أو قال: ضمس (7). وروي: لا يصلح أن يلي هذا الامر إلا حصيف العقدة قليل الغرة، الشديد في غير عنف. فعبد الرحمن ؟. قال: أوه ! ذكرت رجلا صالحا و (8) لكنه ضعيف، وهذا الامر لا يصلح له إلا اللين من غير ضعف والقوي من غير عنف (9)، و (10) اللين في غير ضعف، الجواد في غير

 

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 186. (2) في المصدر: كله شيخنا أبو عثمان في.. أقول: قال المسعودي في مروج الذهب 3 / 253: إن الجاحظ ألف كتابا في نصرة معاوية بن أبي سفيان !. (3) الفائق للزمخشري 3 / 275 - 276 دار المعرفة - بيروت [2 / 425 - 426]. (4) قال ابن الاثير في النهاية 1 / 22: وفي حديث الآخر لما ذكر له عثمان للخلافة فقال: أخشى حفدة واثرته.. أي إيثاره. (5) وضع في (ك) على: وقال، رمز نسخة بدل. ولا توجد في المصدر. (6) قال في النهاية 3 / 72: والضبيس: الصعب العسر، يقال: ضبس وضبيس، ومنه حديث عمر، وذكر الزبير فقال: ضبس ضرس. وقال في 3 / 83: الضرس: الصعب السيئ الخلق، ومنه حديث عمر.. قال في الزبير: هو ضبس ضرس. وقال في 3 / 100: في حديث عمر قال عن الزبير: ضرس ضمس. والرواية: ضبس، والميم قد تبدل من الباء، وهما بمعنى الصعب العسر. (7) في الفائق: ضميس. وما هنا جاء نسخة هناك. (8) لا توجد الواو في المصدر. (9) من قوله: وروي لا يصلح.. إلى قوله: غير عنف، جعلها في (ك) جملة زائدة، وذكرها بعينها بعد هذا. وهي كذلك في المصدر بتقديم وتأخير. (10) لا توجد الواو في (ك).

 

[391]

سرف، البخيل في غير وكف. قال: فسعد بن أبي وقاص ؟. قال: ذاك (1) يكون في مقنب من مقانبكم. ثم فسر ألفاظه، فقال (2)، الكلف: الايلاع بالشئ مع شغل القلب والمشقة (3)، يقال: كلف فلان بهذا الامر وبهذه الجارية فهو بها كلف مكلف، ومنه المثل: لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا (4)، وهو من كلف الشئ بمعنى تكلفه.. الحفد (5): الجمع وهو من أخوات الحفل والحفش، ومنه المحفد بمعنى المحفل، واحتفد بمعنى احتفل. عن (6) الاصمعي، وقيل: لمن يخف في الخدمة، وللسائر إذا خب: حافد، لانه يحتشد في ذلك، ويجمع له نفسه، ويأتي بخطأه متتابعة،... وتقول العرب للاعوان والخدم: الحفدة، وأخشى حفده.. أي حفوفه في مرضاة أقاربه (7). الاثرة: الاستيثار بالفئ وغيره. الدعابة - كالمزاحة - ودعب يدعب كمزح يمزح، ورجل دعب ودعابة. البأو: العجب والكبر. الاكنع: الاشل، وقد كنعت أصابعه كنعا إذا تشنجب (8)،... وقد كانت أصيبت يده مع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وقاه بها يوم أحد.

 

(1) في المصدر: ذلك. (2) الفائق 3 / 276. (3) في المصدر: قلب ومشقة. (4) انظر المثل في مجمع الامثال للميداني 2 / 150. (5) في المصدر: وحقيقة الحفد. (6) في (س): وعن. (7) في الفائق: تقديم وتأخير وتغير. (8) وقد تقرأ في مطبوع البحار: تشبخت أيضا، ولا معنى لها.

 

[392]

النخوة: العظيمة (1) والكبر. وقد نخى كزهى وانتخى. رجل وعقة لعقة (2) ووعق لعق.. إذا كان فيه حرص ووقوع في الامر بجهل وضيق نفس وسوء خلق... ويخفف فيقال: وعقة ووعق، وهو من العجلة والتسرع،... ويقال: ما أوعقك عن كذا.. أي ما أعجلك... لقست نفسه إلى الشئ: إذا نازعت إليه (3) وحرصت عليه لقسا، والرجل لقس، وقيل: لقست: خبثت. وعن أبي زيد: اللقس: هو الذي يلقب الناس ويسخر منهم، ويقال: النقس - بالنون - ينقس الناس نفسا. الضرس: الشرس، الزعر من الناقة الضروس، وهي التي تعض حالبها، ويقال: اتق الناقة بجز (4) ضراسها.. أي بحدثان نتاجها وسوء خلقها، وذلك لشدة عطفها على ولدها في هذا الوقت (5). الضيس (6) والضمس قريبان من الضرس، يقال: فلان ضيس شر، وجمعه أضياس. الضمس: المضغ. الوكف: الوقوع في المآثم والعيب، وقد وكف فلان يوكف وكفا وأوكفته أنا إذا أوقعته (7). قال (8): الحافظو عورة العشيرة لا * يأتيهم من ورائهم وكف

 

(1) في المصدر: العظمة. (2) في الفائق: وقد يجئ كزهي وانتحى ورجل وعقه ولعقه. (3) في الفائق: نازعته. (4) في (س): بحز. وفي المصدر: فإنها بجن. (5) في الفائق: بتقديم في هذا الوقت على: وذلك. (6) كذا، والظاهر: الضيس - بالباء الموحدة - كما في المصدر، وكذا ما بعدها من الكلمات من هذه المادة. (7) هنا زيادة: فيه، جاءت في المصدر. (8) جاء في حاشية (ك) ما يلي: الشاعر: عمرو بن امرئ القيس، ويقال: قيس بن الخطيم. (*)

 

[393]

وهو من وكف المطر إذا وقع، و (1) منه توكف الخبر (2) وهو توقعه. المقنب من الخيل.. الاربعون و (3) الخمسون. وفي كتاب العين زهاء ثلاثمائة (4)، يعني إنه صاحب جيوش، وليس يصلح (5) لهذا الامر. انتهى كلام الزمخشري (6). وروى ابن عبد البر في الاستيعاب (7) أنه قال في علي عليه السلام: إن ولوها الاجلح سلك بهم الطريق المستقيم. فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدم عليا ؟. قال: أكره أن أتحملها (8) حيا وميتا. وحكاه السيد رضي الله عنه في الشافي (9)، عن البلاذري في تاريخه، عن عفان بن مسلم، عن حماد بن مسلمة (10)، عن علي بن زيد، عن أبي رافع: أن عمر بن الخطاب كان مستند إلى ابن العباس - وعنده ابن عمروسعيد بن زيد -، فقال: اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئا، ولم أستخلف بعدي أحدا، وإنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله. فقال (11) سعيد بن زيد: أما أنك لو أشرت إلى رجل من المسلمين ائتمنك الناس. فقال عمر: لقد رأيت من أصحابي حرصا شنيعا (12) وأنا جاعل هذا الامر إلى هؤلاء النفر الستة الذين مات

 

(1) لا توجد الواو في (ك). (2) في (ك): الخير. (3) في (ك): أو، بدلا من: الواو. (4) كتاب العين 5 / 178: والمقنب: زهاء ثلاثمائة من الخيل. (5) في المصدر: ولا يصلح. (6) الفائق 3 / 276 - 278، مع اختصار واختلاف أشرنا له. (7) الاستيعاب المطبوع هامش الاصابة 2 / 469. (8) في المصدر: أحملها. (9) الشافي 3 / 197 - 198. (10) في المصدر: سلمة. (11) في الشافي: قال. (12) في المصدر: سيئا.

 

[394]

رسول الله صلى الله عليه [وآله] وهو عنهم راض، ثم قال: لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الامر إليه لوثقت به، سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين ! فأين أنت عن عبد الله بن عمر ؟. فقال له: قاتلك الله ! والله ما أردت الله بها، ما (1) أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته. قال عفان: يعني بالرجل الذي أشار إليه (2) بعبدالله بن عمر: المغيرة بن شعبة (3). وقال في موضع آخر منه (4): روى محمد بن سعد، عن الواقدي، عن محمد ابن عبد الله الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عيينة (5)، عن ابن عباس، قال: قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمة محمد صلى الله عليه [وآله] ؟ ! - وذلك قبل أن يطعن -، فقلت: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم ؟. قال: أصاحبكم ؟ يعني عليا عليه السلام. قلت: نعم والله هو لها أهل في قرابته من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وصهره وسابقته وبلائه. فقال (6) عمر: إن فيه بطالة وفكاهة. قلت: فأين أنت عن طلحة ؟. قال: فإن فيه (7) الزهو والنخوة. قلت: عبد الرحمن ؟. قال: رجل صالح على ضعف فيه. قلت: فسعد ؟. قال: ذلك صاحب مقنب وقتال لا يقوم بقرية لو حمل أمرها. قلت: فالزبير ؟. قال: وعقة لقس، مؤمن الرضا كافر الغضب، شحيح، وإن هذا الامر لا يصلح (8) إلا لقوي في غير عنف، رفيق في غير ضعف، جواد في غير سرف. قلت: فأين أنت عن

 

(1) لا توجد: ما، في المصدر، وعليه فتصبح الجملة استفهامية. (2) في الشافي: عليه، بدلا من: إليه. (3) وأورده ابن الاثير في الكامل 3 / 34 وغيره. (4) الشافي 4 / 202 - 203، وقريب منه في الشافي أيضا 3 / 197. (5) في المصدر: عتبة. (6) في (س): وقال. (7) في المصدر: فأين، بدلا من: فإن فيه. (8) في الشافي زيادة: له.

 

[395]

عثمان (1) ؟. قال: لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه. وروى أحمد بن أعثم في تاريخه (2): أن كلامه في حق الستة كان قبل أن يطعنه أبو لؤلؤة بيومين أو ثلاثة، وذلك أنه لما هدده أبو لؤلؤة - وقد تقدم ذكره - صعد المنبر في غده وذكر رؤيا رآها في ليلته، ثم قال: إني لا أرتاب في اقتراب أجلي فإذا كان ذلك فاختاروا رجلا من الستة الذين توفى (3) رسول الله صلى الله عليه [وآله] وهو عنهم راض.. وذكر هم بأسمائهم، ثم نزل فأخذ بيد عبد الله بن العباس وخرج من المسجد، ثم تنفس الصعداء وقال: إني لا أجزع من الموت ولكن أحزن على هذا الامر بعدي، فقال له عبد الله: ما تقول في علي بن أبي طالب عليه السلام، فقد لاح لك أمره في الهجرة والقرابة والسوابق ؟. فقال: صدقت (4) يابن عباس ! وإني لاعلم منه أنه لو صار إليه لاقام الناس على المحجة البيضاء، ولكني يمنعني منه دعابة فيه وحرصه على هذا الامر.. ثم ذكر كلآ من الباقين وعابه بنحو مما ذكر آنفا، ثم تأسف على فقد معاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة، ثم دخل داره. قال (5): ثم طعنه أبو لؤلؤة بعد ذلك بخنجر له رأسان وقبضته في وسطه كما تقدم. قال (6): ولم يكن طلحة يومئذ بالمدينة، فقال عمر: انتظروا بطلحة ثلاثة أيام فإن جاء وإلا فاختاروا رجلا من الخمسة.

 

(1) في المصدر: أين أنت وعثمان. (2) الفتوح 1 / 323 - 324، باختصار وتصرف. (3) في الفتوح: فارقهم. (4) في تاريخ ابن أعثم: والله - يا بن عباس - وإنه لكما تقول، ولو أنه ولي هذا الامر من بعدي لحملكم - والله - على طريقة من الحق تعرفونها. (5) تاريخ ابن أعثم 1 / 326. (6) الفتوح 1 / 327.

 

[396]

وقال محمد بن جرير الطبري (1): إن طلحة لم يذكر في هذا المجلس ولم يكن يومئذ بالمدينة. ثم قال لهم: إنهظوا (2) إلى حجرة عائشة (3) فتشاوروا فيها، ووضع رأسه وقد نزفه الدم، فدخلوا الحجرة وتناجوا حتى ارتفعت أصواتهم، فقال عبد الله بن عمر: (4) إن أمير المؤمنين لم يمت بعد ففيم هذا اللغط ؟ !، وانتبه عمر وسمع الاصوات، فقال: أعرضوا عنها فإذا أنا مت فتشاوروا ثلاثة أيام، وليصل بالناس صهيب، ولا يأتين اليوم الرابع من موتي إلا وعليكم أمير، وليحضر عبد الله بن عمر مشيرا وليس له شئ من الامر، وطلحة بن عبيدالله شريككم في الامر، فإن قدم إلى ثلاثة أيام فاحضروه أمركم، وإلا فأرضوه، ومن لي برضا طلحة !. فقال سعد: أنا لك به ولن نخالف (5) إن شاء الله. ثم ذكر (6) وصيته لابي طلحة الانصاري وما خص به عبد الرحمن بن عوف من كون الحق في الفئة التي هو فيها، وأمره بقتل من يخالف، ثم خرج الناس، فقال علي للعباس: عدل بالامر عني يا عم (7) ؟. قال: وما علمك ؟. قال: قرن بي عثمان، وقال (8): كونوا مع الاكثر، فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونا مع الذين فيهم عبد الرحمن، فسعد لا يخالف ابن عمه، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان، فيوليها أحدهما الآخر فلو كان الآخران معي لم يغنيا شيئا. فقال العباس: لم أرفعك إلى شئ إلا رجعت إلي مستأخرا بما أكره، أشرت عليك عند

 

(1) تاريخ الطبري 3 / 293 حوادث سنة 23 ه‍، باختلاف يسير. (2) في المصدر: فانهضوا. (3) في تاريخ الطبري زيادة: باذن منها. (4) في المصدر زيادة: سبحان الله. (5) في المصدر: ولا يخالف. (6) أي الطبري في تاريخه 3 / 294 - 295 مع اختلاف واختصار. (7) في المصدر: عدلت عنا، بدلا من: عدل بالامر عني يا عم. (8) في (ك): وقال عمر.

 

[397]

مرض (1) رسول الله صلى الله عليه وآله أن تسأله عن هذا الامر فيمن هو ؟ فأبيت، وأشرت عليك عند (2) وفاته أن تعاجل البيعة (3) فأبيت، وقد أشرت عليك حين سماك عمر في الشورى اليوم أن ترفع نفسك عنها ولا تدخل معهم، فأبيت، فاحفظ عني واحدة، كلما عرض عليك القوم الامر فقل: لا، إلا أن يولوك، واعلم أن هؤلاء لا (4) يبرحون يدفعونك عن هذا الامر حتى يقوم لك به غيرك، وأيم الله لا تناله إلا بشر لا ينفع معه خير. فقال علي عليه السلام: أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع والاحداث، ولئن بقي لاذكرنك وإن قتل أو مات ليتداولنها (5) بنو أمية بينهم، وإن كنت حيا لتجدني حيث يكرهون، ثم تمثل: حلفت (6) برب الراقصات عشية * غدون خفافا يبتدرن (7) المحصبا (8) ليحتلبن (9) رهط ابن يعمر غدوة (10) * بخيعا (11) بنو الشداخ (12) وردا مصلبا

 

(1) في تاريخ الطبري: وفاة. (2) في المصدر: بعد، بدلا من: عند. (3) في المصدر: الامر، بدلا من: البيعة. (4) في المصدر: واحذر هؤلاء الرهط فإنهم لا.. (5) جاء في حاشية (ك): ليناولونها. ابن أبي الحديد. (6) في (س): حلقت. (7) في المصدر: فتبدرن، وفي (س): يبتدرون. وجاء في حاشية (ك): فابتدرن. الكامل. (8) قال في النهاية 1 / 393: حصبوا.. أي أقيموا بالمحصب، وهو الشعب الذي مخرجه إلى الابطح بين مكة ومنى. (9) في المصدر: ليحتلين، وجاء في حاشية (ك): ليحتلبا. كامل. (10) في المصدر: مارئا، وفي (ك) نسخة: فارسا. كامل. (11) في المصدر: نجيعا. قال في النهاية 1 / 102: بخع أنفسهم.. أي قهرها وإذ لا لها بالطاعة. (12) قال في القاموس 1 / 262: ويعمر الشداخ - كطوال وطياب، وقد يفتح - أحد حكامهم حكم بين قضاعة وقصي في أمر الكعبة، وكثر القتل فشدخ دماء قضاعة تحت قدمه وأبطلها فقضى بالبيت لقصي.

 

[398]

قال (1): ثم التفت فرأى أبا طلحة الانصاري فكره مكانه، فقال أبو طلحة: لا ترع أبا حسن.. وهذا الذي حكيناه عن الطبري. ذكره ابن الاثير في الكامل (2)، قالوا: ثم قال عمر: ادعو لي أبا طلحة الانصاري، فدعوه له، فقال: يا أبا طلحة ! إن الله طالما أعزبكم الاسلام، فإذا عدتم من حفرتي (3) فاختر خمسين رجلا من الانصار حاملي سيوفهم وخذ هؤلاء النفر بإمضاء الامر وتعجيله، واجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم، فإن اتفق خمس وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب أعناقهما، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن بن عوف فإن أصرت الثلاثة الاخرى على خلافها فاضرب أعناقها. وفي رواية ابن الاثير (4): فإن رضي ثلاثة فحكموا عبد الله بن عمر، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن واقتلوا الباقين. ثم قال (5): وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على الامر فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختاروا لانفسهم، فلما دفن عمر، جمعهم أبو طلحة الانصاري في بيت المسور بن مخرمة، وقيل: في بيت المال، وقيل: في حجرة عائشة بإذنها ووقف على باب البيت بالسيف في خمسين رجلا من الانصار حاملي سيوفهم، فجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا على باب البيت فحصبهما (6) سعد

 

(1) أي الطبري في تاريخه 3 / 295، ولا توجد: قال، في (س). (2) الكامل لابن الاثير 3 / 35، باختلاف يسير واختصار، ولا زال الكلام لابن أبي الحديد في شرح النهج 1 / 187. (3) لا توجد: فإذا عدتم من حفرتي، في المصدر. (4) الكامل لابن الاثير 3 / 35. (5) أي ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة 1 / 187 - 188، مع اختلاف يسير. (6) جاء في حاشية (ك): رجمها بالحصباء. نهاية. انظر: النهاية لابن الاثير 1 / 394.

 

[399]

وأقامهما وقال: تريدان أن تقولا حضرنا وكنا في أهل الشورى، ثم تكلم أهل الشورى فأشهد هم طلحة بن عبيدالله على نفسه أنه قد وهب حقه من الشورى لعثمان، وذلك لعلمه أن الناس لا يعدلون به عليا عليه السلام وعثمان، وإن الخلافة لا تخلص له، فأراد تقوية أمر عثمان وإضعاف جانب علي عليه السلام بهبته أمر (1) لا انتفاع له به، وذلك كان لانحرافه عن علي عليه السلام لكونه تيميا وابن عم أبي بكر، وقد كان في صدور بني هاشم حنق وغيظ على بني تيم لخلافة أبي بكر، وكذا في صدور تيم على بني هاشم، فلما رأى زبير ذلك قال: وأنا أشهدكم على نفسي أني قد وهبت حقي من الشورى لعلي عليه السلام، وذلك لما دخلته من حمية النسب، وذلك (2) لانه كان ابن عمة أمير المؤمنين عليه السلام، وهي صفية بنت عبد المطلب، وكان أبو طالب عليه السلام خاله فبقي من الستة أربعة، فقال سعد بن أبي وقاص: وأنا قد وهبت حقي لابن عمي عبد الرحمن وذلك لانهما كانا من بني زهرة، وكان سعد يعلم أن الامر لا يتم له، فلما (3) لم يبق إلا الثلاثة قال عبد الرحمن لعلي عليه السلام وعثمان: أيكما يخرج نفسه من الخلافة ويكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين ؟ !. فلم يتكلم منهما أحد، فقال عبد الرحمن: أشهدكم أني قد أخرجت (4) نفسي من الخلافة على أن أختار أحدهما (5)، فأمسكا، فبدأ بعلي عليه السلام، فقال له: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله (ص) وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر. فقال: بل على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله واجتهاد رأيي، فعدل عنه إلى عثمان، فعرض ذلك عليه، فقال: نعم، فعاد إلى علي (ع) فأعاد قوله، فعل عبد الرحمن ذلك ثلاثا، فلما رأى أن عليا

 

(1) كذا، والظاهر: أمرا - بالنصب -، ويحتمل أن تكون يهبة - بدون ضمير -. (2) خط على: وذلك، في (ك). (3) لا توجد: فلما، في (س). (4) في (ك): خرجت. (5) وضع على: أحدهما، رمز نسخة بدل في (ك).

 

[400]

غير راجع عما قاله، وأن عثمان ينعم (1) له بالاجابة، صفق على يد عثمان، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال علي عليه السلام: والله ما فعلتها إلا لانك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم. قالوا: ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن فلم يكلم أحدهما الآخر حتى مات عبد الرحمن. وروى ابن أبي الحديد (2)، عن أبي (3) هلال العسكري في كتاب الاوائل: استجيبت دعوة علي عليه السلام في عثمان وعبد الرحمن فما ماتا إلا متهاجرين متعاديين،... ولما بنى عثمان قصره طمار (4) والزوراء (5) وصنع طعاما كثيرا ودعا الناس إليه كان فيهم عبد الرحمن، فلما نظر إلى البناء والطعام، قال: يا بن عفان ! لقد صدقنا عليك ما كنا نكذب فيك، وإني أستعيذ الله (6) من بيعتك، فغضب عثمان، وقال: أخرجه عني يا غلام، فأخرجوه، وأمر الناس أن لا يجالسوه، فلم يكن يأتيه أحد إلا ابن عباس، كان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض، ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلمه فلم يكلمه حتى مات. والذي يظهر من رواية ابن الاثير في الكامل ومحمد بن جرير في تاريخه هو أنه لم يتحقق بيعة عثمان في اليوم الاول من الشورى. قال ابن الاثير (7): كان عبد الرحمن يدور لياليه يلقى أصحاب رسول الله

 

(1) جاء في حاشية (ك) ما يلي: أنعم له: أي قال له ونعم. صحاح. انظر: الصحاح 5 / 2043. (2) شرح نهج البلاغة 1 / 196. (3) لا توجد: أبي، في (س). (4) جاء في حاشية (ك): وطمار - بالفتح - المكان المرتفع. والزوراء.. موضع بالمدينة يقف المؤذنون على سطحه. مجمع. انظر: مجمع البحرين 3 / 330، و 3 / 377 وفيه: والزوراء - بالفتح والمد - بغداد وموضع.. إلى آخره. (5) في المصدر: بالزوراء. (6) في (ك) نسخة بدل: بالله، وقد جاءت في المصدر. (7) الكامل 3 / 36، باختلاف وتصرف.

 

[401]

صلى الله عليه [وآله] وأمراء الاجناد يشاورهم حتى إذا كانت الليلة التي صبيحتها تستكمل الايام الثلاثة التي أجلها عمر أتى منزل المسور بن مخرمة فأيقظه، وقال: إني لم أذق في هذه الليلة كثير (1) غمض، فانطلق فادع الزبير وسعد، فدعاهما فبدأ بالزبير، فقال له: خل (2) ابني عبدمناف و (3) هذا الامر، فقال: نصيبي لعلي عليه السلام، وقال لسعد: اجعل نصيبك لي. فقال: إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان فعلي أحب إلي، أيها الرجل ! بايع لنفسك وأرحنا. فقال له: جعلت على نفسي أن أختار (4) وإن (5) لم أفعل لم أردها، إني رأيت روضة خضراء كثيرة العشب فدخل فحل ما رأيت أكرم منه فمر كأنه سهم ولم يلتف إلى شئ منها حتى قطعها ولم يعرج، ودخل بعير يتلوه واتبع أثره حتى خرج منها، ثم دخل فحل عبقري يجر خطامه (6) ومضى قصد الاولين، ثم دخل بعير رابع فوقع (7) في الروضة، ولا (8) والله لا أكون الرابع، إن أحدا (9) ولا يقوم مقام أبي بكر وعمر بعدهما فيرضى الناس عنه. قال (10): وأرسل المسور يستدعي عليا فناجاه طويلا ثم أرسل إلى عثمان

 

(1) في (ك) نسخة بدل: كبير. (2) في (ك): خلو، وجعل كلمة: خل، نسخة بدل. (3) لا توجد الواو في (س). (4) جاء في حاشية (ك) ما يلي: قد خلعت نفسي على أن اختار، كذا في الكامل، وفي النسخ [كذا] البحار الموجودة عندي، كما في المتن. محمد خليل. أقول: وهو يختلف عما في الكامل المطبوع، فراجع. (5) في (ك) نسخة بدل: ولو، بدلا من: وإن. (6) في (س): حطامه. (7) في المصدر: مرتع. (8) لا توجد الواو في (ك). (9) في (ك) نسخة بدل: وان، وجاء في حاشيتها: وإن أحد، ليس في الكامل. أقول: لعل الواو زائدة من المتن، أي أن أحدا لا يقوم.. إلى آخره. (10) اي ابن الاثير في الكامل 3 / 37. باختلاف يسير.

 

[402]

فتناجيا حتى فرق بينهما الصبح...، فلما صلوا الصبح جمع الرهط وبعث إلى من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الانصار والى أمراء الاجناد فاجتمعوا حتى ارتج المسجد بأهله، فقال: أيها الناس ! إن الناس قد أحبوا (1) أن يرجع أهل الامصار إلى أمصار هم فأشيروا علي ؟. فقال عمار: إن أردت أن لا يختلف الناس فبايع عليا عليه السلام. فقال المقداد بن الاسود: صدق عمار، إن بايعت عليا عليه السلام قلنا سمعا وطاعة. فقال عبد الله (2) بن أبي سرح: إن أردت أن لا يختلف قريش فبايع عثمان. فقال عبد الله أبي ربيعة المخزومي: صدق، إن بايعت عثمان قلنا سمعنا وأطعنا (3)...، فشتم عمار ابن أبي سرح، وقال: متى كنت تنصح المسلمين ؟ !. فتكلم بنو هاشم وبنو أمية، فقال عمار: أيها الناس ! إن الله أكرمنا بنبيه (4) فأنى تصرفون هذا الامر عن أهل بيت نبيكم ؟ !. فقال رجل من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يا بن سمية، وما أنت وتأمير قريش لانفسها. فقال سعد بن أبي وقاص: يا عبد الرحمن ! أفرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس. فقال عبد الرحمن (5): إني قد نظرت وشاورت فلا تجعلن - أيها الرهط - على أنفسكم سبيلا، ودعا عليا عليه السلام، فقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه [وآله] وسيرة الخليفتين من بعده. قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي، ودعا عثمان، فقال له مثل ما قال لعلي، فقال: نعم، فرفع (6) عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان، فقال: اللهم اسمع واشهد، اللهم إني جعلت ما برقبتي من ذاك في رقبة عثمان، فبايعه. فقال علي عليه السلام: ليس هذا بأول يوم تظاهرتم فيه

 

(1) في المصدر: اجمعوا. (2) في (س): عبد الرحمن. (3) جاء في حاشية (ك): فتبسم ابن أبي سرح فقال عمار: متى.. كامل. (4) في المصدر زيادة: وأعزنا بدينه. (5) في (س): فقال يا عبد الرحمن. (6) في (س): فوقع.

 

[403]

علينا، [فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون] (1)، والله ما وليت عثمان إلا ليرد الامر إليك، والله كل يوم في شأن. فقال عبد الرحمن: يا علي ! لا تجعلن على نفسك سبيلا - يعني يقتلك أبو طلحة حسب ما أمره به عمر -. فخرج علي عليه السلام وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله. فقال عمار (2): يا عبد الرحمن ! لقد تركته وإنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون...، ثم قال المقداد: تا لله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، إني لاعجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أن أحدا (3) أقضى بالحق ولا أعلم ولا أتقى منه، أما والله لو أجد أعوانا عليه لقاتلتهم. فقال عبد الرحمن: اتق الله يا مقداد ! فإني خائف عليك الفتنة... وقال علي عليه السلام: إني لاعلم ما في أنفسهم، إن الناس ينظرون إلى قريش وقريش تنظر (4) في صلاح شأنها، فتقول: إن ولي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا، وما كان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش. قال (5): وقدم (6) طلحة في اليوم الذي بويع فيه لعثمان، فقيل له بايع (7) لعثمان. فقال: كل قريش راض به ؟. قالوا: نعم، فأتى عثمان، فقال له عثمان: أنت على رأس أمرك وإن أبيت رددتها. قال: أتردها ؟. قال: نعم. قال: أكل الناس بايعوك ؟. قال: نعم. قال: قد (8) رضيت، لا أرغب عما أجمعوا (9) عليه. وقال المغيرة بن شعبة لعبد الرحمن: يا أبا محمد ! قد أصبت إن بايعت عثمان، وقال

 

(1) يوسف: 18. (2) في المصدر: فقال المقداد. (3) جاء في حاشية (ك): رجلا. الكامل. (4) في مطبوع البحار: ينظر. (5) الكامل لابن الاثير 3 / 37 - 38. (6) في (س): ووفد. (7) في (ك) نسخة بدل: بايعوا وهو كذلك في المصدر. (8) لا توجد: قد، في (س). (9) جاء في حاشية (ك): وبايعه. الكامل.

 

[404]

لعثمان: لو بايع عبد الرحمن غيرك ما رضينا. فقال عبد الرحمن: كذبت يا أعور ! لو بايعت غير عثمان لبايعته ولقلت هذه المقالة، قال: وكان المسور يقول: ما رأيت أحدا مد (1) قوما فيما دخلوا فيه بمثل ما مدهم (2) عبد الرحمن. ثم قال ابن الاثير (3): وقد ذكر أبو جعفر رواية أخرى في الشورى، عن المسور بن مخرمة قريبا مما تقدم، غير أنه قال: لما دفنوا عمر جمعهم عبد الرحمن وخطبهم وأمرهم بالاجتماع وترك التفرق، فتكلم عثمان... وذكر ابن الاثير ما خطب به عثمان ثم الزبير ولا حاجة بنا إلى إيراد خطبتهما. ثم أورد (4) كلام علي بن أبي طالب عليه السلام وهو قوله: الحمد لله الذي اختار (5) محمدا صلى الله عليه وآله منا نبيا وابتعثه (6) إلينا رسولا، فنحن أهل (7) بيت النبوة ومعدن الحكمة، وأمان لاهل الارض، ونجاة لمن طلب، إن (8) لنا حقا إن نعطه نأخذه (9) وإن نمنعه نركب أعجاز الابل وإن (10) طال السرى، لو عهد إلينا رسول الله صيل الله عليه وآله عهدا لانفذنا عهده، ولو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتى نموت، لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اسمعوا كلامي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الامر

 

(1) في المصدر: بذ. (2) في الكامل. ما بذهم. (3) الكامل 3 / 38. (4) أي ابن الاثير في الكامل 3 / 39. (5) في المصدر: بعث، بدلا من: اختار. (6) جاء في حاشية (ك) نسخة بدل: وبعثه. الكامل، وهي كذلك في المصدر. (7) وضع على كلمة: أهل، رمز نسخة بدل في (ك)، ولا توجد في المصدر. (8) لا توجد: ان، في المصدر. (9) وضع على الهاء في (س)، رمز نسخة بدل. (10) في المصدر: ولو. وهي نسخة جاءت في (ك).

 

[405]

بعد هذا الجمع (1) تنتضى فيه السيوف، وتخان فيه العهود، حتى لا يكون (2) لكم جماعة، وحتى (3) يكون بعضكم أئمة لاهل الضلالة، وشيعة لاهل الجهالة. وقد روى ابن أبي الحديد (4) هذا الكلام، عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري، ثم قال: وذكر الهروي في كتاب الجمع بين الغريبين قوله عليه السلام: وإن نمنعه نركب أعجاز الابل.. وفسره على وجهين: أحدهما: أن من ركب عجز البعير يعاني (5) مشقة (6)، فكأنه قال: وإن نمنعه نصبر على المشقة كما يصبر عليها راكب عجز البعير. والوجه الثاني: أنه أراد نتبع (7) غيرنا كما أن راكب عجز البعير يكون رديفا لمن هو أمامه، فكأنه قال: وإن نمنعه نتأخر ونتبع غيرنا (8) كما يتأخر راكب عجز (9) البعير (10).

 

(1) في المصدر: المجمع. (2) في الكامل: لا تكون. (3) لا يوجد في المصدر: حتى. (4) في شرحه على نهج البلاغة 1 / 195 بتصرف. (5) في مطبوع البحار: يعافى. (6) جاء في حاشية (ك): ويقاسي جهدا، ابن أبي الحديد. وهو كذلك. (7) في (ك): نسخة بدل: غيره. (8) في (ك): نسخة بدل: غيره. (9) لا توجد: عجز، في شرح النهج. (10) وأضاف في النهاية 3 / 185 - 186 وجها ثالثا، قال: وقيل: يجوزأن يريد وأن نمنعه نبذل الجهد في طلبه فعل من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الابل، ولا يبالي باحتمال طول السرى، والاولا أن الوجه، لانه سلم وصبر على التأخر ولم يقاتل وإنما قاتل بعد انعقاد الامامة له.

 

[407]

[27] باب احتجاج أمير المؤمنين صلوات الله عليه على جماعة من المهاجرين والانصار لما تذاكروا فضلهم في أيام خلافة عثمان وغيره مما احتج به في أيام خلافة خلفاء الجور وبعدها

 

(1) - ج (1): روي عن سليم بن قيس الهلالي، أنه قال: رأيت عليا عليه السلام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في خلافة عثمان وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم، فذكروا قريشا وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل، مثل قوله صلى الله عليه وآله: الائمة من قريش. وقوله صلى الله عليه وآله: الناس تبع لقريش وقريش أئمة العرب. وقوله: لا تسبوا (2) قريشا. وقوله: إن للقرشي مثل قوة رجلين من غيرهم. وقوله: من أبغض قريشا أبغضه الله. وقوله: من أراد هوان قريش أهانه الله.. وذكروا الانصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما أثنى الله عليهم في كتابه، وما قال فيهم
 

(1) الاحتجاج 1 / 145 - 155 - طبعة ايران -، 1 / 210 - 225 - طبعة النجف (2) في المصدر: لا تسبقوا، وما ذكر في المتن نسخة في المصدر.

 

[408]

رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل (1)، وذكروا ما قاله (2) في سعد بن معاذ و (3) في جنازته (4)، والذي غسلته الملائكة، والذي حمته الدبر.. فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حي: منا فلان وفلان. وقالت قريش: منا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنا حمزة، ومنا جعفر، ومنا عبيدة بن الحارث، وزيد بن حارثة، ومنا أبو بكر وعمر وسعد وأبو عبيدة وسالم وابن عوف.. فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلا سموه، وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فيهم علي ابن أبي طالب عليه السلام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وعمار والمقداد وأبو ذر وهاشم بن عتبة وابن عمر والحسن والحسين عليهما السلام وابن عباس ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر، ومن الانصار أبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو أيوب الانصاري وأبو الهيثم بن التيهان ومحمد بن سلمة وقيس بن سعد بن عبادة وجابر بن عبد الله وأبو مريم (5) وأنس بن مالك وزيد بن أرقم وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرحمن قاعدا (6) بجنبه غلام صبيح (7) الوجه مديد القامة أمرد (8)، فجاء أبو الحسن البصري ومعه ابنه الحسن غلام أمرد (9) صبيح الوجه معتدل القامة، قال: فجعلت أنظر إليه وإلى عبد الرحمن

 

(1) هنا سقط جاء في الاحتجاج وهو: مثل قوله: الانصار كرشي وعيبتي، ومثل قوله: من أحب الانصار أحبه الله، ومن أبغض الانصار أبغضه الله، ومثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يبغض الانصار رجل يؤمن بالله وبرسوله، وقوله: لو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الانصار. (2) في المصدر: قال. (3) لا توجد الواو في الاحتجاج. (4) هنا سقط - أيضا - جاء في المصدر وهو: وإن العرش اهتز لموته، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم - لما جئ إليه بمناذيل من اليمن، فأعجب الناس بها فقال -: لمناديل سعد في الجنة أحسن منها. (5) لا توجد: وأبو مريم، في المصدر. (6) في الاحتجاج: وعبد الرحمن قاعد. (7) في المصدر: غلام أمرد. (8 و 9) في (س): امره، ولا معنى لها ظاهرا.

 

[409]

ابن أبي ليلى فلا أدري أيهما أجمل، غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما، وأكثر القوم وذلك من بكرة إلى حين (1) الزوال وعثمان في داره لا يعلم بشئ مما هم فيه، وعلي ابن أبي طالب عليه السلام لا ينطق هو ولا أحد من أهل بيته، فأقبل القوم عليه، فقالوا: يا أبا الحسن ! ما يمنعك أن تتكلم ؟. فقال (2): ما من الحيين أحد إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا، فأنا أسألكم - يا معاشر قريش والانصار ! - بمن أعطاكم الله هذا الفضل ؟ أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أمر بغيركم ؟. قالوا: بل أعطانا الله ومن به علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا. قال: صدقتم، يا معاشر قريش والانصار ! ألستم تعلمون أن الذي (3) نلتم به من خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون (4) غيرهم ؟ فإن ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إني وأهل بيتي كنا نورا بين يدي الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الله آدم عليه السلام بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله آدم وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الارض، ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه السلام، ثم قذف به في النار في صلب ابراهيم عليه السلام، ثم لم يزل الله عزوجل ينقلنا من الاصلاب الكريمة إلى الارحام الطاهرة، ومن الارحام الطاهرة، إلى الاصلاب الكريمة من الآباء والامهات لم يلتق واحد منهم على سفاح قط. فقال أهل السابقة والقدمة (5) وأهل بدر وأهل أحد: نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم قال: أنشدكم بالله، أتعلمون أني أول الامة إيمانا بالله وبرسوله ؟.

 

(1) جاء في حاشية (ك) نسخة بدل: ان حضرت الصلاة الاولى. (2) في الاحتجاج: فقال عليه السلام لهم. (3) في المصدر: أتعلمون الذي. (4) في (ك) نسخة بدل: دونكم جميعا. (5) وضع على هذه الكلمة في مطبوع البحار رمز نسخة بدل، ولا توجد في المصدر.

 

[410]

قالوا: اللهم نعم. قال: نشدتكم (1) بالله، أتعلمون أن الله عزوجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية، وإني لم يسبقني إلى الله عزوجل والى رسوله (ص) أحد من هذه الامة ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم (2) بالله، أتعلمون حيث نزلت. [والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار] (3) [والسابقون السابقون * أولئك المقربون] (4) سئل (5) عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أنزلها الله عزوجل في الانبياء وفي أوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب عليه السلام وصيي أفضل الاوصياء ؟. قالو: اللهم نعم. قال: فأنشدكم بالله، أتعلمون حيث نزلت: [يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم] (6)، وحيث نزلت: [إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون] (7)، وحيث نزلت: [ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة] (8). قال الناس: يا رسول الله ! أخاصة في بعض المؤمنين أم عامة بجميعهم (9) ؟ فأمر الله عزوجل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، فنصبني للناس (10) بغدير خم، ثم خطب

 

(1) في المصدر: فأنشدكم. (2) في المصدر: فأنشدكم. (3) التوبة: 100. (4) الواقعة: 10 - 11. (5) في الاحتجاج: وسئل. (6) النساء: 59. (7) المائدة: 55. (8) التوبة: 16. (9) في (س) نسخة بدل: في جميعهم، وفي المصدر: لجميعهم. (10) في الاحتجاج زيادة: علما.

 

[411]

فقال: أيها الناس ! إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري فظننت (1) أن الناس مكذبوني (2) فأوعدني لابلغها (3) أو ليعذبني، ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ثم خطب، فقال: أيها الناس ! أتعلمون أن الله عزوجل مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم ؟. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: قم يا علي، فقمت، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام سلمان، فقال: يا رسول الله (ص) ! ولاء (4) كما ذا ؟. قال: ولاء (5) كولائي، من (6) كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، فأنزل الله عزوجل: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا] (7)، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: الله أكبر تمام (8) نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي، فقام أبو بكر وعمر وقالا: يا رسول الله (ص) ! هذه (9) الآيات خاصة في علي ؟ !. قال: بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله (ص) ! بينهم لنا. قال: أخي (10) ووزيري ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن ومؤمنة (11) بعدي، ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم (12) تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا

 

(1) في (س): وظننت. (2) في الاحتجاج: مكذبي. (3) في المصدر: لابلغنها. (4 و 5) في الاحتجاج - طبعة النجف -: ولاه. (6) في (ك): ومن. (7) المائدة: 3. (8) في الاحتجاج: فقال: الله أكبر على تمام.. (9) في المصدر: هؤلاء. (10) في (ك): على أخي. (11) لا توجد في المصدر: ومؤمنة، وفي (س): وعلى كل مؤمنة، وخط في (ك) على: على كل. (12) في المصدر: الحسن والحسين ثم..

 

[412]

علي الحوض، فقالوا كلهم: اللهم نعم، قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء. وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظ (1) كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا، فقال علي عليه السلام: صدقتم، ليس كل الناس يستوي في الحفظ. أنشدكم بالله عزوجل (2) من حفظ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، لما قام وأخبر به. فقام زيد بن أرقم والبراء بن (3) عازب وأبو ذر، والمقداد، وعمار، فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: أيها الناس ! إن الله أمرني (4) أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله (5) على المؤمنين في كتابه طاعته وقرنه بطاعته وطاعتي، وأمركم بولايته، وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني ربي (6) لابلغنها أو يعذبني (7). أيها الناس ! إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم والزكاة والصوم والحج فبينتها (8) لكم وفسرتها، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة - و وضع يده على يد علي بن أبي طالب عليه السلام - ثم لابنيه من بعده، ثم للاوصياء من بعدهم من ولدهم عليهم السلام لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض. أيها الناس ! قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم،

 

(1) في (ك) نسخة بدل: يحفظ. (2) لا توجد: عزوجل، في الاحتجاج. (3) لا توجد: بن، في (س). (4) في المصدر: أمرني الله. (5) لا يوجد لفظ الجلالة في الاحتجاج. (6) لا توجد: ربي، في المصدر. (7) في المصدر: ليعذبني. (8) في الاحتجاج: فقد بينتها.

 

[413]

وهو أخي علي بن أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله عزوجل من علمه وحكمته فاسألوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم، فإنهم مع الحق والحق معهم، ولا يزايلونه ولا يزايلهم (1).. ثم جلسوا. قال سليم: ثم قال علي عليه السلام: أيها الناس ! أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (2) فجمعني وفاطمة وابني (3) حسنا وحسينا ثم ألقى علينا كساء (4)، وقال: اللهم إن (5) هؤلاء أهل بيتي ولحمتي (6) يؤلمني ما يؤلمهم، ويجرحني ما يجرحهم، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة: وأنا يا رسول الله (ص) ؟. فقال: أنت إلى خير، إنما نزلت في وفي أخي علي (7) وفي ابني وفي تسعة من ولد الحسين خاصة ليس (8) معنا أحد غيرنا، فقالوا كلهم: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وآله، فحدثنا كما حدثتنا به أم سلمة. ثم (9) قال على عليه السلام: أنشدكم بالله، أتعلمون أن الله أنزل: [يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين] (10) ؟. فقال سلمان: يا رسول

 

(1) في المصدر: معهم لايزايلهم، وخط على الواو الاولى في (ك). (2) الاحزاب: 33. (3) في المصدر: وابنيه. (4) في الاحتجاج زيادة: فدكيا. (5) لا توجد: ان، في المصدر. (6) في الاحتجاج: ولحمي. (7) في المصدر زيادة: وفي ابنتي فاطمة. (8) في الاحتجاج: وليس. (9) لا توجد: ثم، في المصدر. (10) التوبة: 119. (*)

 

[414]

الله ! عامة هذه الآية أم (1) خاصة ؟. فقال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة (2) لاخي علي (ع) وأوصيائي بعده إلى يوم القيامة ؟. فقالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم (3) بالله، أتعلمون أني قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة (4) تبوك: ولم خلفتني (5) مع النساء والصبيان (6) ؟. فقال: إن المدينة لا تصلح إلا بي أوبك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم (7) بالله، أتعلمون أن الله عزوجل أنزل في سورة الحج: [يا ايها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير..] (8) إلى آخر السورة ؟، فقام سلمان، فقال: يا رسول الله ! من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس، الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم ابراهيم ؟. قال: عني بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الامة، فقال سلمان: بينهم لنا يا رسول الله ؟. فقال: أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم بالله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قام خطيبا - و (9) لم يخطب بعد ذلك -، فقال: أيها الناس ! إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله

 

(1) لا توجد: أم، في (س). (2) في الاحتجاج: خاصة. (3) في المصدر: أنشدكم. (4) في الاحتجاج: غزاة. (5) في المصدر: لم تخلفني ؟ !. (6) في (س) زيادة: تخلفني كما، ولعلها نسخة، وخط عليها في (ك)، وهو الظاهر. (7) في المصدر: أنشدكم. (8) الحج: 77. وذكر في المصدر ذيلها: " لعلكم تفلحون ". (9) وضع في مطبوع البحار على الواو رمز نسخة بدل.

 

[415]

وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لا تضلوا، فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي ا لحوض، فقام عمر بن الخطاب - وهو شبه المغضب -، فقال: يا رسول الله ! أكل أهل بيتك ؟ !. فقال: لا، ولكن أوصيائي منهم، أولهم علي أخي ووزيري وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن (1) بعدي، هو أولهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد (2) بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء لله (3) في أرضه وحججه على خلقه، وخزان علمه، ومعادن حكمته، من أطاعهم أطاع الله (4)، ومن عصاهم فقد (5) عصى الله. فقالوا كلهم: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك... ثم تمادى بعلي عليه السلام السؤال (6): فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنى حتى أتى على آخر (7) مناقبه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق، ثم قال حين فرغ: اللهم اشهد عليهم. وقالوا: اللهم اشهد أنا لم نقل إلاما سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وما حدثناه (8) من نثق به من هؤلاء وغيرهم أنهم سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: أتقرون بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من زعم أنه يحبني ويبغض عليا فقد كذب وليس يحبني ؟ ! ووضع يده على رأسي، فقال له قائل: كيف ذلك يا رسول الله (ص) ؟. قال: لانه مني وأنا منه، ومن أحبه فقد أحبني

 

(1) في المصدر زيادة: ومؤمنة. (2) في (ك): واحدا. (3) في (ك): الله. (4) لا يوجد لفظ الجلالة في (س). وفي المصدر: فقد أطاع الله. (5) لا توجد: فقد، في (س). (6) في المصدر زيادة: والمناشدة، بعد كلمة: السؤال. (7) في الاحتجاج: أتى علي على أكثر.. (8) لا يوجد الضمير في المصدر، وهو الظاهر.

 

[416]

ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله. قال: نحو من (1) عشرين رجلا من أفاضل الحيين: اللهم نعم. وسكت بقيتهم. فقال للسكوت: مالكم سكتم ؟ !. قالوا: هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقات في قولهم وفضلهم وسابقتهم، قالوا: اللهم اشهد عليهم. فقال طلحة بن عبيدالله (2) - وكان يقال له (3) داهية (4) قريش -: فكيف تصنع بما ادعى أبو بكر وأصحابه الذين صدقوه وشهدوا على مقالته يوم أتوه بك (5) تقادوا (6) و (7) في عنقك حبل، فقالوا لك: بايع، فاحتججت بما احتججت به فصدقوك جميعا. ثم ادعى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أبى الله أن يجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة، فصدقه بذلك عمر وأبو عبيدة وسالم ومعاذ بن جبل (8)، ثم قال طلحة: كل الذي قلت وادعيت واحتججت به من السابقة والفضل حق نقر به ونعرفه. فأما (9) الخلافة فقد شهد أولئك الاربعة بما سمعت. فقام (10) علي عليه السلام - عند ذلك وغضب من مقالته - فأخرج شيئا قد كان يكتمه، وفسر شيئا قاله يوم

 

(1) لا توجد: من، في المصدر. (2) في الاحتجاج: عبد الله - بالتكبير -. (3) في مطبوع البحار نسخة بدل: إنه. (4) في (س): واهية. (5) في المصدر زيادة هنا: بعتل. والعتل لغة هو: الجذب العنيف، كما في الصحاح 5 / 1758، ومجمع البحرين 5 / 419، وغيرهما. (6) كذا، والصحيح: تقاد، ولا توجد الكلمة في المصدر. (7) لا توجد الواو في (س). (8) لا يوجد في المصدر: بن جبل. (9) في الاحتجاج: وأما. (10) في (س): فقال.

 

[417]

مات عمر (1) لم يدر ما عني به، فأقبل على طلحة والناس يسمعون (2)، فقال: أما والله - يا طلحة - ما صحيفة ألقى الله بها يوم القيامة أحب إلي من صحيفة الاربعة، هؤلاء الخمسة (3) الذين تعاهدوا وتعاقدوا (4) على الوفاء بها في الكعبة في حجة الوداع (5) إن قتل الله محمدا أو توفاه أن يتوازروا علي ويتظاهروا فلا تصل إلي الخلافة، والدليل - والله (6) - على باطل ما شهدوا وما قلت - يا طلحة - قول نبي الله يوم غدير خم: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه، فكيف أكون أولى بهم من أنفسهم وهم أمراء علي وحكام ؟ ! وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة، فلو كان مع النبوة غيرها لاستثناه رسول الله صلى الله عليه وآله، وقوله: إني قد (7) تركت فيكم أمرين كتاب الله وعترتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما لا تتقدموهم (8) ولا تخلفوا عنهم، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، أفينبغي أن يكون (9) الخليفة على الامة إلا أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه، وقد قال الله عزوجل: [أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون] (10)، وقال (11): [وزاده بسطة في العلم

 

(1) في المصدر: قال له عمر يوم مات. (2) في (ك): يستمعون. (3) لا توجد: هؤلاء الخمسة، في المصدر. (4) لا توجد: وتعاقدوا، في المصدر. (5) لا توجد في المصدر: في حجة الوداع. وقد جاءت هنا عبارة في (س)، رمز عليها في (ك) رمز زائد وهي: إن قتل الذين تعاهدوا بها على الوفاء بها في الكعبة، ولا توجد في المصدر. (6) وضع على لفظ الجلالة في (ك) رمز نسخة بدل. (7) لا توجد: قد، في المصدر. (8) في الاحتجاج: لا تقدموهم. (9) في المصدر: أن لا يكون، وهو الظاهر. (10) يونس: 35. (11) في المصدر: وقال تعالى: إن الله اصطفاه عليكم..

 

[418]

والجسم] (1)، وقال: [ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم] (2)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما ولت أمة قط أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل يذهب أمرهم سفالا (3) حتى يرجعوا إلى ما تركوا، فأما (4) الولاية فهي (5) غير الامارة، والدليل على كذبهم وباطلهم وفجورهم أنهم سلموا علي بإمرة المؤمنين بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن الحجة عليهم وعليك خاصة وعلى هذا معك - يعني الزبير - وعلى الامة رأسا، وعلى هذا (6) سعد وابن عوف وخليفتكم هذا القائم - يعني عثمان - فإنا معشر الشورى الستة (7) أحياء كلنا إن جعلني عمر بن الخطاب في الشورى إن كان قد صدق هو (8) وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وآله، أجعلنا شورى في الخلافة أو (9) في غيرها ؟ فإن زعمتم أنه جعلها (10) شورى في غير الامارة فليس لعثمان إمارة، وإنما أمرنا أن نتشاور في غيرها، وإن كانت الشورى فيها فلم أدخلني فيكم، فهلا أخرجني وقد قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخرج أهل بيته من الخلافة، وأخبر أنه ليس لهم فيها نصيب ؟ !. ولم قال عمر حين دعانا رجلا رجلا، فقال (11) لعبد الله ابنه -

 

(1) البقرة: 247. (2) الاحقاف: 4. (3) جاء في حاشية (ك) ما يلي: السفال: نقيض.. العلاء. صحاح. انظر: الصحاح 5 / 1730. (4) في الاحتجاج: فما. (5) لا توجد: فهي، في المصدر. (6) وضع على: رأسا، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل، وفي (ك) وضع على: رأسا وعلى هذا، رمز النسخة، ولا توجد في المصدر، وفيه: وعلى سعد. (7) وضع على الستة في (ك) رمز نسخة بدل، ولا توجد في الاحتجاج. (8) لا توجد: هو، في المصدر. (9) في المصدر: أم، بدلا من: أو. (10) في (ك): جعلنا. (11) في المصدر زيادة: علي عليه السلام.

 

[419]

وها هو إذا (1) - أنشدك بالله يا عبد الله بن عمر ! ما قال لك حين خرجت ؟. قال: أما إذا ناشدتني بالله، فإنه قال: إن يتبعوا (2) أصلع قريش لحملهم (3) على المحجة البيضاء وأقامهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم. قال: يا بن عمر ! فما قلت له عند ذلك ؟. قال: قلت له: فما يمنعك أن تستخلفه ؟. قال: وما رد عليك ؟. قال: رد على شيئا أكتمه. قال (4) عليه السلام: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني (5) به في حياته: ثم أخبرني به ليلة مات أبوك في منامي، ومن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله في نومه (6) فقد رآه في يقظته (7). قال: فما أخبرك (8) ؟. قال عليه السلام: فأنشدك بالله يا بن عمر ! لئن أخبرتك به لتصدقن ؟. قال: إذا أسكت. قال: فإنه قال لك حين قلت له: فما يمنعك أن تستخلفه ؟. قال: الصحيفة التي كتبناها بيننا والعهد في الكعبة، فسكت ابن عمر وقال (9): أسألك بحق رسول الله (10) (ص) لما (11) سكت عني. قال سليم: فرأيت ابن عمر في ذلك المجلس خنقته (12) العبرة وعيناه تسيلان، وأقبل أمير المؤمنين علي عليه السلام على طلحة والزبير وابن عوف

 

(1) في الاحتجاج: ذا، بدلا من: إذا. (2) جاء على مطبوع البحار: بايعوا، ثم رمز لها بنسخة صحيحة. (3) في المصدر: يحملهم. (4) في الاحتجاج زيادة لفظة: علي. (5) في المصدر: خبرني. (6) في الاحتجاج: مناما، بدلا من: في نومه. (7) لا يوجد في المصدر: في يقظته. (8) زاد في الاحتجاج لفظ: به. (9) في الاحتجاج: فقال. (10) في المصدر: رسولك. (11) في الاحتجاج: لم. (12) في (س): حنقه.

 

[420]

وسعد، فقال: والله (1) لئن كان اولئك الخمسة أو الاربعة كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله ما يحل لكم ولايتهم، وإن كانوا صدقوا ما حل لكم أيها الخمسة (2) أن تدخلوني معكم في الشورى، لان إدخالكم إياي فيها خلاف على رسول الله صلى الله عليه وآله ورد عليه، ثم أقبل على الناس، فقال: أخبروني عن منزلتي فيكم وما تعرفوني به، أصادق أنا فيكم أم كاذب ؟ !. قالوا: بل صديق صدوق، والله (3) ما علمناك كذبت كذبة (4) قط في جاهلية ولا اسلام (5). قال: فو الله الذي أكرمنا أهل البيت بالنبوة وجعل منا محمدا صلى الله عليه وآله وأكرمنا بعده بأن جعلنا أئمة المؤمنين (6) لا يبلغ عنه غيرنا، ولا تصلح الامامة والخلافة إلا فينا، ولم يجعل لاحد من الناس فيها معنا أهل البيت نصيبا ولا حقا، أما رسول الله صلى الله عليه وآله فخاتم النبيين وليس (7) بعده نبي ولا رسول، ختم برسول الله صلى الله عليه وآله الانبياء إلى يوم القيامة وجعلنا من بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلفاء في أرضه (8) وشهداء على خلقه، وفرض طاعتنا في كتابه، وقرننا بنفسه في كتابه المنزل (9) وبينه (10) في غير آية من القرآن، والله (11) عزوجل جعل محمدا نبيا وجعلنا خلفاء من بعده في خلقه وشهداء على خلقه، وفرض

 

(1) لا يوجد لفظ الجلالة ولا واو القسم في المصدر. (2) في الاحتجاج زيادة: أو الاربعة. (3) في المصدر: قالوا: صدوق، لا والله، وفي (ك) وضع على صدوق رمز نسخة بدل. (4) لا توجد: كذبة، في الاحتجاج. (5) في الاحتجاج: الجاهلية ولا الاسلام. (6) في المصدر: للمؤمنين. (7) في الاحتجاج: خاتم النبيين ليس. (8) في (س): خلفاء من بعده في خلقه. (9) لم ترد عبارة: في كتابه المنزل، في المصدر ولا في (س). (10) في الاحتجاج: ونبيه، وما هنا أظهر. (11) وضع في (ك) على لفظ الجلالة رمز نسخة بدل، وفي المصدر: فالله.

 

[421]

طاعتنا في كتابه وقرننا بنفسه (1) في كتابه المنزل. ثم إن الله تبارك وتعالى (2) أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يبلغ ذلك أمته فبلغهم كما أمره الله.. فأيهما (3) أحق بمجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ومكانه، وقد سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله حين بعثني ببراءة، فقال: لا يبلغ عني إلا رجل مني، أنشدكم (4) بالله، أسمعتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟. قالوا: اللهم نعم، نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله حين بعثك ببراءة. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يصلح لصاحبكم أن يبلغ عنه صحيفة قدر (5) أربع أصابع، وإنه لا (6) يصلح أن يكون المبلغ عنه غيري، فأيهما أحق بمجلسه ومكانه - الذي سمي بخاصته (7) أنه من رسول الله صلى الله عليه وآله أو من حضر مجلسه من الامة - ؟ !. فقال طلحة: قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففسر لنا كيف لا يصلح لاحد أن يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله غيرك ؟. ولقد قال لنا ولسائر الناس: ليبلغ الشاهد الغائب، فقال - بعرفة في حجة الوداع -: نضر (8) الله امرءا سمع مقالتي (9) ثم بلغها غيره، فرب

 

(1) من قوله: في خلقه.. إلى بنفسه، لا يوجد في الاحتجاج، كما لا توجد الواو قبل كلمة: فرض، في (س). (2) في المصدر: عزوجل، بدلا من: تبارك وتعالى. (3) في الاحتجاج: فأيكما، وجاء في (س) بعدها كلمة: شاء، خط عليها في (ك)، ولا توجد في المصدر. (4) في المصدر: أنشدتكم. (5) لا توجد: قدر، في (س)، ولا المصدر. (6) لا توجد: وانه لا، في الاحتجاج. (7) في الاحتجاج: بخاصة. (8) في الاحتجاج: نصر. (9) في المصدر زيادة: فدعاها.

 

[422]

حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه (1)، ثلاث لا يغل (2) عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص (3) العمل لله عزوجل، والسمع والطاعة والمناصحة لولاة الامر ولزوم جماعتهم، فإ دعوتهم محيلة من ورائهم، وقال في غير موطن (4): ليبلغ الشاهد الغائب. فقال علي عليه السلام: إن الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم ويوم عرفة في حجة الوداع ويوم قبض (5) في آخر خطبة خطبها حين قال: إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله تعالى (6) وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لا يفترقان حتى يردا علي الحوض كهاتين الاصبعين، ألا أن (7) أحدهما قدام الآخر فتمسكوا بهما لا تضلوا (8) ولا تزلوا، ولا تقدموهم ولا تخلفوا عنهم، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، و (9) إنما أمر العامة (10) جميعا أن يبلغوا من لقوا من العامة إيجاب طاعة الائمة من آل محمد عليه وعليهم السلام وإيجاب حقهم، ولم يقل ذلك في شئ من الاشياء غير ذلك، وإنما أمر العامة أن يبلغوا العامة حجة من لا يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله جميع

 

(1) مرت مصادر الحديث مفصلا، وهو من خطبته صلوات الله عليه وآله في حجة الوداع في مسجد الخيف، وأورده أيضا ابن ماجة في سننه 1 / 84، حديث 230، والترمذي في سنة 5 / 34، والسيوطي في الجامع الصغير 2 / 22 و 187، والكفاية للخطيب البغدادي: 267 و 289، وتدريب الراوي 2 / 126، وغيرها. (2) في الاحتجاج: لا يحل. (3) في المصدر: أخلص. (4) في (س): في غير موطن، وقد خط على خبر في (ك)، ولا توجد في المصدر. (5) لا توجد: ويوم قبض، في المصدر. (6) لا توجد: تعالى، في الاحتجاج. (7) لا توجد: لا، قبل كلمة يفترقان، وفيه: ولا أقول كهاتين - فأشار إلى سبابته وإبهامه - لان.. (8) في الاحتجاج: لن تضلوا. (9) لا توجد الواو في (س). (10) في المصدر زيادة لفظ الجلالة قبل العامة.

 

[423]

ما يبعثه (1) الله به غيرهم، ألا ترى - يا طلحة - ! أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي - وأنتم تسمعون -: يا أخي إنه لا يقضي عني ديني ولا يبرء ذمتي غيرك، تبرئ ذمتي وتؤدي ديني وغراماني وتقاتل على سنتي ؟ !. فلما ولي أبو بكر قضى عن نبي الله دينه وعداته (2) فاتبعتموه جميعا ؟ !، فقضيت دينه وعداته، وقد أخبرهم إنه لا يقضي عنه دينه وعداته غيري، ولم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء لذينه وعداته، وإنما كان الذي قضى (3) من الدين والعدة هو الذي أبرأه منه، وإنما بلغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله جميع ما جاء به من عند الله من بعده (4) الائمة الذين فرض الله في الكتاب طاعتهم وأمر بولايتهم، الذين من أطاعهم (5) أطاع الله ومن عصاهم (6) عصى الله. فقال طلحة: فرجت عني ما كنت أدري ما عنى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى فسرته لي، فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع أمة محمد صلى الله عليه وآله الجنة. يا أبا الحسن ! شئ أريد أن أسألك عنه، رأيتك خرجت بثوب مختوم، فقلت: أيها الناس ! إني لم أزل مشتغلا برسول الله صلى الله عليه وآله بغسله وكفنه ودفنه، ثم اشتغلت بكتاب الله حتى جمعته، فهذا كتاب الله عندي مجموعا (7) لم يسقط عني (8) حرف واحد، ولم أر (9) ذلك الذي كتبت وألفت، وقد رأيت عمر بعث إليك أن ابعث به إلي، فأبيت أن تفعل، فدعا عمر

 

(1) في الاحتجاج: بعثه. (2) في المصدر: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عداته ودينه. (3) في الاحتجاج: قضيت. (4) لا يوجد ضمير بعده في المصدر. (5) في الاحتجاج زيادة: فقد. (6) في الاحتجاج زيادة: فقد. (7) في (ك) نسخة بدل: مختوما. (8) في المصدر: حتى. (9) في (ك): أرد.

 

[424]

الناس فإذا شهد رجلان على آية كتبها، وإذا (1) ما لم يشهد عليها غير رجل واحد أرجاها فلم يكتب، فقال عمر - وأنا أسمع -: أنه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرأون قرآنا لا يقرأه غيرهم فقد ذهب، وقد جاءت شاة إلى صحيفة وكتاب يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها، والكاتب يومئذ عثمان، وسمعت عمر وأصحابه الذين ألقوا (2) ما كتبوا على عهد عمر وعلى عهد عثمان يقولون: إن الاحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وأن النور نيف ومائة (3) آية، والحجر مائة وتسعون (4) آية، فما هذا ؟، وما يمنعك - يرحمك الله - أن تخرج كتاب الله إلى الناس وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألف عمر فجمع له الكتاب وحمل الناس على قراءة واحدة، فمزق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود وأحرقهما بالنار ؟ !. فقال له علي عليه السلام: يا طلحة ! إن كل آية أنزلها الله جل وعلا على محمد صلى الله عليه وآله عندي بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط يدي، وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وآله، وكل حلال وحرام (5) أو حد أو حكم أو شئ تحتاج إليه الامة إلى يوم القيامة (6) عندي (7) مكتوب بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط يدي حتى ارش الخدش. فقال (8) طلحة: كل شئ من صغير أو (9) كبير أو خاص أو عام أو (10) كان أو

 

(1) في الاحتجاج: وان، بدلا من: وإذا. (2) في المصدر: ألفوا. (3) في الاحتجاج: ستون ومائة. (4) في المصدر: تسعون ومائة. (5) في المصدر: حرام وحلال - بتقديم وتأخير -. (6) من قوله: وكل حلال.. إلى يوم القيامة، خط عليها في (س). (7) لا توجد: عندي، في الاحتجاج. (8) في المصدر: قال. (9) في المصدر: واو، بدلا من: أو. (10) لا توجد: أو، في الاحتجاج، وقد وضع عليها رمز نسخة بدل في (ك).

 

[425]

يكون إلى يوم القيامة فهو عندك مكتوب ؟ !. قال: نعم، وسوى ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أسر إلي في مرضه مفتاح ألف باب من العلم يفتح (1) كل باب ألف باب، ولو أن الامة منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله اتبعوني وأطاعوني لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، يا طلحة ! ألست قد شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيه ما لا تضل أمته (2)، فقال صاحبك: إن نبي الله يهجر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله فتركها ؟. قال (3): بلى، قد شهدته. قال: فإنكم لما (4) خرجتم أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بالذي أراد أن يكتب ويشهد عليه العامة، فأخبره جبرئيل عليه السلام أن الله عزوجل قد (5) قضى على أمته (6) الاختلاف والفرقة، ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف، وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان وأبو ذر والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم القيامة، فسماني أولهم ثم ابني هذا ثم ابني هذا - وأشار إلى (7) الحسن والحسين - ثم تسعة من ولد ابني الحسين، أكذلك (8) كان يا أبا ذر ويا مقداد ؟ !. فقاما ثم قالا: نشهد بذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال طلحة: والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق ولا أبر عند الله من أبي ذر، وأنا أشهد أنهما لم يشهدا

 

(1) في المصدر زيادة: من. (2) في (ك) نسخة بدل: ولا تختلف أمته. (3) في الاحتجاج: وتركها فقال. (4) في (س): لما قد، وقد حذفت من (ك)، ولعلها نسخة بدل عن: لما. (5) لا توجد: عزوجل قد، في الاحتجاج - طبعة ايران -، وقد أثبت: قد، في طبعة النجف. (6) في المصدر: أمتك. (7) في الاحتجاج: ثم ابني هذين، وأشار بيده إلى.. (8) في المصدر: وكذلك.

 

[426]

إلا بحق وأنت (1) عندي أصدق وأبر منهما. ثم أقبل علي عليه السلام، فقال: اتق الله عزوجل (2) يا طلحة ! وأنت يا زبير ! وأنت يا سعد ! وأنت يا بن عوف ! اتقوا الله وآثروا رضاه، واختاروا ما عنده، ولا تخافوا في الله لومه لائم. ثم قال طلحة: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه من أمر القرآن، ألا تظهره للناس ؟ !. قال: يا طلحة ! عمدا (3) كففت عن جوابك، فأخبرني عما كتب عمرو عثمان، أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن ؟ !. قال طلحة: بل قرآن كله. قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة، فإن فيه حجتنا، وبيان حقنا، وفرض طاعتنا. قال طلحة: حسبي، أما إذا كان قرآنا فحسبي. ثم قال طلحة: أخبرني عما في يديك من القرآن وتأويله وعلم الحلال والحرام إلى من تدفعه ؟ ومن صاحبه بعدك ؟. قال: إن الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أدفعه إليه. قال: من هو ؟. قال (4) وصيي (5) وأولى الناس بعدي بالناس ابني الحسن ثم يدفعه ابني الحسن عند موته (6) إلى ابني الحسين، ثم يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين حتى يرد آخرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله (7) حوضه، هم مع القرآن لا يفارقونه والقرآن معهم لا يفارقهم، أما أن معاوية وابنه سيليان (8) بعد عثمان ثم يليهما (9) سبعة من ولد الحكم بن أبي

 

(1) في (ك): ولا أنت، وفي المصدر: ولانت. (2) لا يوجد في الاحتجاج: عزوجل. (3) في (س): عهدا، وقد خط عليها في (ك). (4) لا توجد: قال: من هو قال..، في المصدر. (5) في مطبوع البحار: وصيتي. (6) لا توجد: عند موته، في (س)، ولا المصدر. (7) لا توجد في الاحتجاج: على رسول الله (ص). (8) في (ك) نسخة بدل: سيليانها. (9) في المصدر: يليها.

 

[427]

العاص واحد بعد واحد تكملة (1) اثني عشر إمام ضلالة، وهم الذين رأي رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره يردون الامة على أدبارهم القهقرى، عشرة منهم من بني أمية ورجلان أسسا ذلك لهم، وعليهما مثل جميع أوزار هذه الامة إلى يوم القيامة. أقول: روى الصدوق رحمه الله في إكمال الدين (2) مختصرا من هذا الاحتجاج، عن أبيه وابن الوليد معا، عن سعد، عن ابن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس. ووجدت في أصل كتاب سليم (3) مثله. بيان: قال الجوهري (4): الدبر - بالفتح -: جماعة النحل.. ويقال للزنابير أيضا (5) دبر، ومنه قيل لعاصم بن ثابت الانصاري: حمى الدبر، وذلك أن المشركين لما قتلوه ارادوا ان يمثلوا به فسلط الله عليهم الزنابير الكبار تأبر الدارع (6) فارتدعوا عنه حتى اخذه المسلمون فدفنوه. قوله عليه السلام: حجة من لا يبلغ... المراد بالموصول الائمة عليهم السلام، فإنهم الذين لا يبلغ سواهم جميع ما يبعث الله النبي (ص) به (7)، والغرض أن ما يلزمهم إبلاغه هو الكلام الذي يكون حجة للامام على الخلق من النص عليه وما يدل على وجوب طاعته، فإن بإخبار الامام فقط لا تتم الحجة في ذلك، فأما تبليغ سائر الاشياء فهو شأن الامام عليه السلام.

 

(1) في مطبوع البحار: تكلمة، ولا معنى لها. (2) إكمال الدين 1 / 274 - 279، بتفصيل في الاسناد. (3) كتاب سليم بن قيس: 111 - 125، وجاء في آخره: فقالوا: يرحمك الله يا أبا الحسن وجزاك الله أفضل الجزاء عنا. (4) الصحاح 2 / 652، وقارن ب‍: لسان العرب 4 / 274 - 275. (5) في المصدر: أيضا للزنابير - بتقديم وتأخير -. (6) في (س): الدراع، وهو غلط. (7) لا يوجد: به، في (ك).

 

[428]

قوله عليه السلام: ولم يكن ما أعطاهم.. لعل المعنى أن قاضي الدين والعداة هو الذي يبرئ ذمة الغريم والواعد، و (1) لا يبرئ الذمة إلا ما كان بجهة شرعية، وبعد تعيين النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام لقضاء الدين والعداة ونهى الغير عن ذلك، إذا أتى به غيره لم يكن بجهة شرعية فلا يبرئ الذمة، فما أداه أبو بكر لم يكن داخلا في قضاء الدين والعدة. فقوله عليه السلام: وإنما كان الذي قضى.. إشارة إلى ما ذكرنا، أي ليس القاضي إلا الذي أبرأ المديون منه، وأبو بكر لم يكن كذلك. ولنذكر بعض الزوائد التي وجدناها في كتاب سليم، وبعض الاختلافات (2) بينه وبين سائر الروايات. قال - بعد قوله (3) -: لم يلتق واحد منهم على سفاح قط.. فقال أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أحد نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: فأنشدكم الله، أتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخا بين كل رجلين من أصحابه وآخى بيني وبين نفسه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ؟. فقالوا: اللهم نعم. قال: أتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله اشترى موضع مسجده ومنازله فأتيناه (4) ثم بنى عشرة منازل تسعة له وجعل لي عاشرها في وسطها، ثم (5) سد كل باب شارع إلى المسجد غير بابي، فتكلم في ذلك من تكلم، فقال: ما أنا

 

(1) لا توجد الواو في (ك). (2) وهي أكثر بكثير مما أورده المصنف طاب ثراه مما لو قيست بكتاب سليم بن قيس المطبوع، لم نتعرض لها. (3) كتاب سليم بن قيس الهلالي: 114 - 117. (4) في المصدر: فأتبنى [خ. ل: فأثبناه]. (5) لا توجد: ثم، في كتاب سليم.

 

[429]

سددت أبوابكم وفتحت بابه ولكن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح بابه، ولقد نهى الناس (1) جميعا أن يناموا في المسجد غيري، وكنت أجنب في المسجد ومنزلي ومنزل رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد يولد لرسول الله صلى الله عليه وآله ولي فيه أولاد ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن عمر حرص على كوة قدر عينه يدعها من منزله إلى المسجد فأبى عليه، ثم قال صلى الله عليه وآله: إن الله أمر موسى عليه السلام أن يبني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيره وغير هارون وابنيه، وأن الله أمرني أن أبني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيري وغير أخي وابنيه ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال - في غزوة تبوك -: أنت مني بمنزلة هارون من موسى وأنت ولي كل مؤمن من بعدي ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا أهل نجران إلى المباهلة أنه لم يأت إلا بي وبصاحبتي وابني ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أتعلمون أنه دفع إلي اللواء يوم خيبر، ثم قال: لادفعها إلى (2) رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، ليس بجبان ولا فرار يفتحها الله على يديه (3) ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعثني ببراءة وقال: لا يبلغ عني إلا رجل مني ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينزل (4) به شديدة قط إلا قدمني لها ثقة بي، وأنه لم يدع باسمي قط إلا أن يقول: يا أخي.. وادعوا (5) لي

 

(1) في (س): للناس. (2) في المصدر: لواء خيبر ثم قال: لادفعن الراية غدا إلى.. (3) في كتاب سليم: يده. (4) في المصدر: تنزل. (5) جاء في كتاب سليم: وأدخلوا.

 

[430]

أخي (1).. ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى بيني وبين جعفر وزيد في ابنة حمزة، فقال: يا علي ! أنت (2) مني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن بعدي ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أنه كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وآله في كل يوم وليلة دخلة وخلوة، إذا سألته أعطاني، وإذا سكتت (3) ابتدأني ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله فضلني على حمزة وجعفر (4)، فقال لفاطمة: إن زوجك (5) خير أهلي وخير أمتي، أقدمهم سلما، وأعظمهم حلما (6) ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا سيد ولد (7) آدم (ع) وأخي علي سيد العرب، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني بغسله وأخبرني أن جبرئيل عليه السلام يعينني عليه ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أفتقرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في آخر خطبة خطبكم: أيها الناس ! إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي ؟. قالوا: اللهم نعم.

 

(1) قد تقرأ في مطبوع البحار: وادعوا إلي أخي. (2) في المصدر: أما أنت. (3) كذا، والصحيح كتابتها هكذا: سكت. (4) في المصدر: بتقديم وتأخير. (5) في كتاب سليم: زوجتك. (6) في المصدر زيادة: وأكثر هم علما. (7) لا توجد: ولد، في (س).

 

[431]

قال: فلم يدع شيئا مما أنزل الله فيه خاصة وفي أهل بيته من القرآن ولا على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ناشدهم الله به، فمنه (1) ما يقولون جميعا نعم، ومنه ما يسكت بعضهم ويقول بعضهم اللهم نعم، ويقول الذين سكتوا أنتم عندنا ثقات، وقد حدثنا غيركم ممن نثق به أنهم سمعوا (2) من رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال حين فرغ: اللهم اشهد عليهم.. وساق الحديث إلى قوله (3): فقال: أما والله - يا طلحة - (4) ما صحيفة ألقى الله بها يوم القيامة أحب إلي من صحيفة هؤلاء الخمسة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على الوفاء بها في الكعبة في حجة الوداع، إن قتل الله محمدا أو مات أن يتوازروا أو (5) يتظاهروا علي.. وساق إلى قوله (6): فأينا (7) أحق بمجلسه ومكانه الذي يسمي بخاصة أنه من (8) رسول الله صلى الله عليه وآله، أو من خص من بين الامة أنه ليس من رسول الله صلى الله عليه وآله (9).. وساق إلى قوله (10): يا طلحة ! عمدا كففت عن جوابك. قال: فأخبرني عما كتب عمر وعثمان، أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن ؟. قال: بل قرآن

 

(1) في المصدر: منه. (2) في كتاب سليم: سمعوه. (3) كتاب سليم: 118. (4) في المصدر: يا طلحة ! أما والله. (5) في المصدر: واو، بدلا من: أو. (6) كتاب سليم بن قيس: 121. (7) في المصدر: فأيهما. (8) في المصدر: يسمى خاصة من.. (9) من قوله: أو من خص.. إلى هنا لا يوجد في المصدر. (10) كتاب سليم: 124.

 

[432]

كله إن (1) أخذتم بما فيه نجوتم من النار.. وساق إلى قوله (2): ومن صاحبه بعدك ؟. قال: إلى الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أدفعه إليه. قال: من هو ؟. قال: وصيي.. وساق إلى قوله في آخر الخبر (3). يردون أمته على أدبارهم القهقرى (4)، فقالوا: يرحمك الله يا أبا الحسن وجزاك الله أفضل الجزاء عنا. 2 - ل (5): القطان والسناني والدقاق والمكتب والوراق جميعا، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول (6)، عن سليمان بن حكيم، عن ثور (7) ابن يزيد، عن مكحول، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وآله أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته، ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم. قلت: يا أمير المؤمنين ! فأخبرني بهن. فقال عليه السلام: إن أول منقبة لي أني لم أشرك بالله طرفة عين، ولم أعبد اللات والعزى. والثانية: أني لم أشرب الخمر قط. والثالثة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله استوهبني من أبي في صباي (8)

 

(1) في المصدر: قال طلحة: بل قرآن كله، قال: ان. (2) كتاب سليم: 124. (3) كتاب سليم بن قيس: 124 - 125. (4) وردت هنا زيادة في كتاب سليم وهي: عشرة منهم من بني أمية ورجلان أسسا ذلك لهم وعليهما مثل أوزار هذه الامة. (5) الخصال 2 / 572 - 580، مع تفصيل في الاسناد. (6) في (ك): أبي بهلول، وفي المصدر: نميم بن بهلول. (7) في (ك): ثوير. (8) في الخصال: عن أبي في صبائي.

 

[433]

فكنت أكيله وشريبه ومؤنسه ومحدثه. والرابعة: أني أول الناس إيمانا وإسلاما. والخامسة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي: يا علي ! أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي. والسادسة: أني كنت آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله ودليته في حفرته. والسابعة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنامني على فراشه حيث ذهب إلى الغار وسجاني (1) ببرده، فلما جاء المشركون ظنوني محمدا فأيقظوني، وقالوا: ما فعل صاحبك ؟. فقلت: ذهب في حاجته. فقالوا: لو كان هرب لهرب هذا معه. وأما الثامنة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب، ولم يعلم ذلك أحدا غيري. وأما التاسعة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي: يا علي ! إذا حشر الله عزوجل الاولين والآخرين نصب لي منبرا فوق منابر (2) النبيين، ونصب لك منبرا فوق منابر الوصيين، فترتقي عليه. وأما العاشرة: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (3) لا أعطى في القيامة شيئا (4) إلا سألت لك مثله. وأما الحادية عشرة: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي ! أنت أخي وأنا أخوك يدك في يدي حتى ندخل (5) الجنة. وأما الثانية عشرة: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا

 

(1) أي غطاني، كما في النهاية 2 / 344. (2) في (ك): منبر - بصيغة المفرد -. (3) في الخصال زيادة: يا علي. (4) لا توجد: شيئا، في المصدر. (5) في المصدر: تدخل.

 

[434]

علي ! مثلك في أمتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وأما الثالثة عشرة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله عممني بعمامة نفسه بيده ودعا لي بدعوات النصر على أعداء الله، فهزمتهم بإذن الله عزوجل. وأما الرابعة عشرة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن أمسح يدي على ضرع شاة قد يبس ضرعها، فقلت: يا رسول الله ! بل امسح أنت. فقال: يا علي ! فعلك فعلي، فمسحت عليها يدي فدر علي من لبنها فسقيت رسول الله صلى الله عليه وآله شربة، ثم أتت عجوز (1) فشكت الظمأ فسقيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني سألت الله عزوجل أن يبارك في يدك ففعل. وأما الخامسة عشرة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلي وقال: يا علي ! لا يلي غسلي غيرك، ولا يواري عورتي غيرك، فإنه إن رأى أحد عورتي غيرك تفقأت عيناه (2). فقلت له: كيف ؟ فكيف (3) لي بتقليبك يا رسول الله (ص) ؟. فقال: إنك ستعان، فوالله ما أردت أن أقلب عضوا من أعضائه إلا قلب لي. وأما السادسة عشرة: فإني أردت أن أجرده فنوديت، يا وصي (4) محمد ! لا تجرده، فغسلته (5) والقميص عليه، فلا والله الذي أكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة ما رأيت له عورة، خصني الله بذلك من بين أصحابه. وأما السابعة عشرة: فإن الله عزوجل زوجني فاطمة - وقد كان خطبها أبو بكر وعمر - فزوجني الله من فوق سبع سماواته، فقال رسول الله صلى الله عليه

 

(1) في المصدر: عجوزة. (2) فقأ العين والبثرة نحوهما [خ. ل: نحوها] - كمنع -: كسرها أو قلعها أو بحقها كفقأها فانفقأت وتفقأت، قاله في القاموس 1 / 23. (3) لا توجد: كيف - الاولى -، في المصدر، ووضع على: فكيف، رمز الزيادة في (س). (4) في (س): يا أخ، وصي، وخط على: أخ، في (ك)، وهو الظاهر. (5) في المصدر: فغسله.

 

[435]

وآله: هنيئا لك يا علي، فإن الله عزوجل قد (1) زوجك فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وهي بضعة مني. فقلت: يا رسول الله صلى الله لعيه وآله ! أو لست منك ؟. قال: بلى يا علي، وأنت مني وأنا منك كيميني من شمالي، لا أستغني عنك في الدنيا والآخرة. وأما الثامنة عشرة: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي ! أنت صاحب لواء الحمد في الآخرة، وأنت يوم القيامة أقرب الخلائق مني مجلسا يبسط لي ويبسط لك فأكون في زمرة النبيين، وتكون في زمرة الوصيين، ويوضع على رأسك تاج النور وأكليل الكرامة، يحف بك سبعون ألف ملك حتى يفرغ الله عز وجل من حساب الخلائق. وأما التاسعة عشرة (2): فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فمن قاتلك منهم فإن لك بكل رجل منهم شفاعة في مائة ألف من شيعتك. فقلت: يا رسول الله (ص) ! فمن الناكثون ؟. قال: طلحة والزبير، سيبايعونك بالحجاز، وينكثانك بالعراق، فإذا فعلا ذلك فحاربهما فإن في قتالهما طهارة لاهل الارض. قلت: فمن القاسطون ؟. قال: معاوية وأصحابه. فقلت: فمن المارقون ؟. قال: أصحاب ذو الثدية، وهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فاقتلهم فإن في قتلهم فرجا لاهل الارض، وعذابا معجلا عليهم، وذخرا لك عند الله عزوجل يوم القيامة. وأما العشرون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (3): مثلك في أمتي مثل باب حطة في بني إسرائيل، فمن دخل في ولايتك فقد دخل الباب

 

(1) لا توجد: قد، في الخصال. (2) في (ك) من الثالثة عشرة إلى التاسعة عشرة حذفت التاء من العشرة. (3) في المصدر زيادة: لي.

 

[436]

كما أمره الله عزوجل. وأما الحادية والعشرون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، ولن يدخل (1) المدينة إلا من بابها، ثم قال: يا علي ! إنك سترعى ذمتي وتقاتل على (2) سنتي، وتخالفك أمتي. وأما الثانية والعشرون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله تبارك وتعالى خلق ابني الحسن والحسين من نور ألقاه إليك والى فاطمة، وهما يهتزان (3) كما يهتز القرطان إذا كانا في الاذنين، ونور هما متضاعف على نور الشهداء سبعين ألف ضعف، يا علي ! إن الله عزوجل قد وعدني أن يكرمهما كرامة لا يكرم بها أحدا ما خلا النبيين والمرسلين. وأما الثالثة والعشرون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاني خاتمه في حياته ودرعه ومنطقته (4) وقلدني سيفه وأصحابه كلهم حضور وعمي العباس حاضر، فخصني الله عزوجل منه بذلك دونهم. وأما الرابعة والعشرون: فإن الله عزوجل أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله: [يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة] (5) فكان لي دينار فبعثه (6) بعشرة دراهم، كنت (7) إذا ناجيت رسول الله صلى الله عليه وآله أصدق قبل ذلك بدرهم، ووالله ما فعل هذا أحد من أصحابه قبلي ولا بعدي، فأنزل الله عزوجل: [ء أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم

 

(1) في الخصال: تدخل. (2) لا توجد: على، في (س). (3) في (ك): تهزان. (4) في (ك): منطقه. (5) المجادلة: 12. (6) في المصدر: فبعته، وهو الصحيح. (7) في (ك) زيادة: أنا.

 

[437]

صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم..] (1) - الآية، فهل تكون التوبة إلا من ذنب كان ؟. وأما الخامسة والعشرون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الجنة محرمة على الانبياء حتى أدخلها أنا، وهي محرمة على الاوصياء حتى تدخلها أنت يا علي، إن الله تبارك وتعالى بشرني فيك ببشرى لم يبشر بها نبيا قبلي، بشرني (2) بأنك سيد الاوصياء، وأن ابنيك الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة يوم القيامة. وأما السادسة والعشرون: فإن جعفرا أخي الطيار في الجنة مع الملائكة المزين بالجناحين من در وياقوت وزبرجد. وأما السابعة والعشرون: فعمي حمزة سيد الشهداء. وأما الثامنة والعشرون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى وعدني فيك وعدا لن يخلفه، جعلني نبيا وجعلك وصيا، وستلقى من أمتي من بعدي ما لقي موسى من فرعون، فاصبر واحتسب حتى تلقاني فأوالي من والاك وأعادي من عاداك. وأما التاسعة والعشرون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي ! أنت صاحب الحوض لا يملكه غيرك وسيأتيك قوم فيستسقونك فتقول: لا.. ولا مثل ذرة، فينصرفون مسودة وجوههم، وسترد عليك شيعتي وشيعتك فتقول: ردوا (3) رواء مرويين، فيردون (4) مبيضة وجوههم.

 

(1) المجادلة: 13 - 14. (2) في (ك): بشرت. (3) في المصدر: رووا. (4) في الخصال: فيروون، وهو الظاهر.

 

[438]

وأما الثلاثون: فإني سمعته صلى الله عليه وآله يقول: يحشر أمتي يوم القيامة على خمس رايات، فأول رآية ترد علي رآية فرعون هذه الامة، وهو معاوية. والثانية: مع سامري هذه الامة، وهو عمرو بن العاص. والثالثة: مع جاثليق هذه الامة، وهو أبو موسى الاشعري. والرابعة: مع أبي الاعور السلمي. وأما الخامسة: فمعك يا علي تحتها المؤمنون وأنت امامهم، ثم يقول الله تبارك وتعالى للاربعة: [ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة..] (1) وهم شيعتي ومن والاني وقاتل معي (2) الفئة الباغية والناكبة (3) عن الصراط، وباب الرحمة هم شيعتي، فينادي هؤلاء: ألم نكن فيه معكم (4) [قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور] (5) [فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير] (6)، ثم ترد أمتي وشيعتي فيروون من حوض محمد صلى الله عليه وآله، بيدي (7) عصى عوسج (8) أطرد بها أعدائي طرد غريبة الابل. وأما الحادية والثلاثون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لولا أن يقول فيك الغالون من أمتي ما قالت النصاري في عيسى بن مريم لقلت

 

(1) الحديد: 13. (2) في (ك): مع، وهو غلط. (3) في (س): الناكبة، سقطت النقاط أو النقطة، وفي المصدر: الناكثة. (4) في المصدر: ألم أكن معكم. (5) الحديد: 14. (6) الحديد: 15. (7) في (س): بيده، وفي المصدر: وبيدي. (8) العوسجة: شوك، جمعها عوسج، قاله في القاموس 1 / 199. (*)

 

[439]

فيك قولا لا تمر بملا من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك (1) يستشفون به. وأما الثانية والثلاثون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله تبارك وتعالى نصرني بالرعب فسألته أن ينصرك بمله فجعل لك من ذلك مثل الذي جعله (2) لي. وأما الثالثة والثلاثون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله التقم أذني وعلمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فساق الله تبارك وتعالى (3) إلى (4) لسان نبيه صلى الله عليه وآله. وأما الرابعة والثلاثون: فإن النصارى ادعوا أمرا فأنزل الله عزوجل: [فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم] (5) فكانت نفسي نفس رسول الله صلى الله عليه وآله، والنساء فاطمة (ع)، والابناء الحسن والحسين، ثم ندم القوم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله الاعفاء فأعفاهم، والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمد صلى الله عليه وآله لو باهلونا لمسخوا قردة وخنازير. وأما الخامسة والثلاثون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني يوم بدر، فقال: ائتني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد، فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طيبة تفوح منها رائحة المسك، فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين، وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس، وحصاة من المشرق، وحصاة من المغرب، وحصاة من تحت العرش، مع كل حصاة مائة ألف ملك مدد لنا، لم يكرم الله عزوجل

 

(1) في المصدر: قدمك. (2) في الخصال: جعل. (3) في المصدر: عزوجل، وهي نسخة جاءت على (س). (4) في (س): ذلك إلى، وحذفت ذلك من (ك)، وفي المصدر: إلي. (5) آل عمران: 61، وأورد ذيلها في المصدر: " ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكافرين ".

 

[440]

بهذه الفضيلة أحدا (1) قبل ولا بعد. وأما السادسة والثلاثون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ويل لقاتلك، إنه أشقى من ثمود ومن عاقر الناقة، وإن عرش الرحمن ليهتز لقتلك، فأبشر يا علي، فإنك في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين. وأما السابعة والثلاثون: فإن الله تبارك وتعالى قدخصني من بين أصحاب محمد صلى الله عليه وآله بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام، وذلك مما من الله به علي وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، وقال لي الرسول صلى الله عليه وآله: يا علي ! إن الله عزوجل أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأعلمك ولا أجفوك، وحق علي أن أطيع ربي وحق عليك أن تعي. وأما الثامنة والثلاثون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله بعثني بعثا ودعا لي بدعوات وأطلعني على ما يجري بعده، فحزن لذلك بعض أصحابه و (2) قال: لو قدر محمدا أن يجعل ابن عمه نبيا لجعله، فشرفني الله علي بالاطلاع على ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وآله. وأما التاسعة والثلاثون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا، لا يجتمع حبي وحبه إلا في قلب مؤمن، إن الله عزوجل (3) جعل أهل حبي وحبك يا علي في أول زمرة السابقين إلى الجنة، وجعل أهل بغضي وبغضك في أول زمرة الضالين من أمتي إلى النار. وأما الاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني في بعض الغزوات إلى ركي (4) فإذا ليس فيه ماء، فرجعت إليه (5) فأخبرته، فقال: أفيه.

 

(1) لا توجد: أحدا، في (ك). (2) لا توجد الواو في الخصال. (3) لا توجد: عزوجل، في (ك). (4) الركي: جنس للركية، وهي البئر، وجمعها ركايا، قاله في النهاية 2 / 261. (5) لا توجد: إليه، في (ك).

 

[441]

طين ؟. فقلت: نعم. فقال: ايتني (1) منه، فأتيت منه بطين، فتكلم فيه، ثم قال: ألقه في الركي، فألقيته، فإذا الماء قد نبع حتى امتلا جوانب الركي، فجئت إليه فأخبرته، فقال لي: وفقت يا علي وببركتك نبع الماء، فهذه المنقبة خاصة لي (2) من دون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله. وأما الحادية والاربعون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أبشر يا علي ! فإن جبرئيل عليه السلام أتاني فقال لي: يا محمد ! إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أصحابك فوجد ابن عمك وختنك على ابنتك فاطمة خير أصحابك، فجعله وصيك والمؤدي عنك. وأما الثانية والاربعون، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أبشر يا علي ! فإن منزلك في الجنة مواجه منزلي، وأنت معي في الرفيق الاعلى في أعلى عليين، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما أعلى عليون ؟. فقال: قبة من درة بيضاء لها سبعون ألف مصراع مسكن لي ولك يا علي. وأما الثالثة والاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل رسخ حبي في قلوب المؤمنين وكذلك رسخ حبك يا علي في قلوب المؤمنين، ورسخ بغضي وبغضك في قلوب المنافقين، فلا يحبك إلا مؤمن تقي ولا يبغضك إلا منافق كافر. وأما الرابعة والاربعون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لن يبغضك من العرب إلا دعي، ولا من العجم إلا شقي، ولا من النساء إلا سلقلقية (3). وأما الخامسة والاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله دعاني - وأنا

 

(1) في المصدر: اثنتي - بالاصل -. (2) في الخصال: بي، بدلا من: لي. (3) قال في القاموس 3 / 246: والسلقلق: التي تحيض من دبرها، وبهاء: الصحابة. وقال في 1 / 92: الصخب - محركة -: شدة الصوت، صخب - كفرح - فهو صخاب.. وهي صخبة وصخابة.

 

[442]

رمد العين - فتفل في عيني، وقال: اللهم اجعل حرها في بردها وبردها في حرها، فوالله ما اشتكت عيني إلى هذه الساعة (1). وأما السادسة والاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه وعمومته بسد الابواب وفتح بابي بأمر الله عزوجل، فليس لاحد منقبة مثل منقبتي. وأما السابعة والاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني في وصيته بقضاء ديونه وعداته، فقلت: يا رسول الله ! قد علمت أنه ليس عندي مال. فقال: سيعينك الله، فما أردت أمرا من قضاء ديونه وعدته إلا يسره الله لي حتى قضيت ديونه وعداته، وأحصيت ذلك فبلغ ثمانين ألفا وبقي بقية أوصيت الحسن أن يقضيها. وأما الثامنة والاربعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني في منزلي - ولم يكن طعمنا منذ ثلاثة أيام - فقال: يا علي ! هل عندك من شئ ؟. فقلت: والذي أكرمك بالكرامة واصطفاك بالرسالة ما طعمت وزوجتي وابناي منذ ثلاثة أيام. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا فاطمة ! أدخلي البيت وانظري هل تجدين شيئا ؟. فقالت: خرجت الساعة. فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله أدخله أنا ؟ !. فقال: أدخله بسم الله، فدخلت فإذا أنا بطبق موضوع عليه رطب (2) وجفنة من ثريد، فحملتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا علي ! رأيت الرسول الذي حمل هذا الطعام، فقلت: نعم. فقال: صفه لي، فقلت: من بين أحمر وأخضر وأصغر. فقال: تلك خطط جناح جبرئيل عليه السلام مكللة بالدر والياقوت، فأكلنا من الثريد حتى شبعنا، فما رئي إلا خدش أيدينا وأصابعنا، فخصني الله عزوجل بذلك من بين الصحابة.

 

(1) أوردها النسائي في الخصائص: 38، وأبو داود الطياسي في مسنده 1 / 122، والرياض النضرة 2 / 189، وغيرهم. (2) في الخصال زيادة: من تمر.

 

[443]

وأما التاسعة والاربعون: فإن الله تبارك وتعالى خص نبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة وخصني النبي صلى الله عليه وآله بالوصية، فمن أحبني فهو سعيد يحشر في زمرة الانبياء عليهم السلام. وأما الخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث ببراءة مع أبي بكر، فلما مضى أتى جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمد ! لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فوجهني على ناقته الغضباء (1)، فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه، فخصني الله عزوجل بذلك. وأما الحادية والخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أقامني للناس كافة يوم غدير خم، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فبعدوا وسحقا للقوم الظالمين. وأما الثانية والخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي ! ألا أعلمك كلمات علمنيهن جبرئيل عليه السلام ؟ !. فقلت: بلى. قال: قل: " يا رزاق المقلين، ويا راحم المساكين، ويا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أرحم الراحمين، ارحمني وارزقني ". وأما الثالثة والخمسون: فإن الله تبارك وتعالى لن يذهب بالدنيا حتى يقوم منا القائم يقتل مبغضينا (2) ولا يقبل الجزية، ويكسر الصليب والاصنام، وتضع الحرب أوزارها، ويدعو إلى أخذ المال فيقسمه بالسوية، ويعدل في الرعية. وأما الرابعة والخمسون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي ! سليعنك بنو أمية ويرد عليهم ملك بكل لعنة ألف لعنة، فإذا قام القائم لعنهم أربعين سنة. وأما الخامسة والخمسون: سمعت أن (3) رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي: سيفتتن فيك طوائف من أمتي، فتقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم

 

(1) في المصدر: العضباء، وهو الظاهر، وقد تقرأ كذلك في (س). (2) لا توجد: مبغضينا، في (س). (3) في الخصال: فإن، بدلا من: سمعت أن.

 

[444]

يخلف شيئا فيما إذا أوصى عليا، أو (1) ليس كتاب ربي أفضل الاشياء بعد الله عز وجل ؟ والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه بإتقان لم يجمع أبدا، فخصني الله عزوجل بذلك من دون الصحابة. وأما السادسة والخمسون: فإن الله تبارك وتعالى خصني بما خص به أولياؤه وأهل طاعته وجعلني وارث محمد صلى الله عليه وآله، فمن ساءه ساءه ومن سره سره.. وأومى بيده نحو المدينة. وأما السابعة والخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض الغزوات ففقد (2) الماء فقال لي: يا علي ! قم إلى هذه الصخرة، وقل: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وآله انفجري إلي (3) ماء، فوالله الذي أكرمه بالنبوة، لقد أبلغتها الرسالة فاطلع منها مثل ثدي البقرة، فسال من كل ثدي منها ماء، فلما رأيت ذلك أسرعت إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته، فقال: انطلق يا علي فخذ من الماء، وجاء القوم حتى ملؤا قربهم وأدواتهم وسقوا دوابهم وشربوا وتوضوا، فخصني الله عزوجل بذلك من دون الصحابة. وأما الثامنة والخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني في بعض غزواته - وقد نفذ الماء -، فقال: يا علي ! ائت (4) بتور، فأتيته به، فوضع يده اليمنى ويدي معها في التور، فقال: أنبع، فنبع الماء من بين أصابعنا. وأما التاسعة والخمسون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني إلى خيبر، فلما أتيته وجدت الباب مغلقا فزعزعته شديدا فقلعته ورميت به أربعين خطوة، فدخلت فبرز إلي مرحب فحمل علي وحملت عليه، وسقيت الارض من (5)

 

(1) في المصدر: فيقولون أن رسول الله (ص) لم يخلف شيئا فبما ذا أوصى عليا. وهو الظاهر. (2) في المصدر: فقد - بدون فاء -. (3) في الخصال: لي، وهو الظاهر. (4) في المصدر: ايتيني. (5) لا توجد: من، في (س).

 

[445]

دمه، وقد كان وجه رجلين من أصحابه فرجعا منكسفين. وأما الستون: فإني قتلت عمرو بن عبدود، وكان يعد بألف رجل. وأما الحادية والستون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي ! مثلك في أمتي مثل [قل هو الله أحد]، فمن أحبك بقلبه فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن أحبك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بيده فكأنما قرأ القرآن كله. وأما الثانية والستون: فإني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع المواطن والحروب وكانت رايته معي. وأما الثالثة والستون: فإني لم أفر من الزحف قط، ولم يبارزني أحد إلا سقيت الارض من دمه. وأما الرابعة والستون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أتي بطير مشوي من الجنة فدعا الله عزوجل أن يدخل عليه أحب الخلق (1) إليه فوفقني الله للدخول عليه حتى أكلت معه من ذلك الطير. وأما الخامسة والستون: فإني كنت أصلي في المسجد فجاء سائل فسأل - وأنا راكع -، فناولته خاتمي من إصبعي، فأنزل الله تبارك وتعالى في: [إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون] (2). وأما السادسة والستون: فإن الله تبارك وتعالى رد علي الشمس مرتين، ولم يردها على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وآله غيري. وأما السابعة والستون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن أدعى بإمرة المؤمنين في حياته وبعد موته ولم يطلق ذلك لاحد غيري. وأما الثامنة والستون: فإنه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي ! إذا

 

(1) في المصدر: خلقه. (2) المائدة: 55.

 

[446]

كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين سيد الانبياء ؟ فأقوم، ثم ينادي: أين سيد الاوصياء ؟ فتقوم، ويأتيني رضوان بمفاتيح الجنة، ويأتيني مالك بمقاليد النار، فيقولان: إن الله جل جلاله أمرنا أن ندفعها إليك ونأمرك (1) أن تدفعها إلى علي بن أبي طالب، فتكون يا علي قسيم الجنة والنار. وأما التاسعة والستون: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لولاك ما عرف المنافقون من المؤمنين. وأما السبعون: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نام ونومني وزوجتي فاطمة وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية، فأنزل الله تبارك وتعالى فينا: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (2)، وقال جبرئيل عليه السلام: أنا منكم يا محمد، فكان سادسنا جبرئيل عليه السلام. 3 و 4 - ل (3)، لي (4): ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي الجارود، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: خطبنا علي بن أبي طالب عليه السلام (5)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ! إن قدام منبركم هذا أربعة رهط من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم منهم أنس بن مالك والبراء بن عازب الانصاري (6) والاشعث بن قيس الكندي وخالد بن يزيد البجلي.. ثم أقبل بوجهه (7) على أنس بن مالك، فقال: يا أنس ! إن كنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم لم

 

(1) في (س): تأمرك. (2) الاحزاب: 33. (3) الخصال 1 / 219 - 220 باب الاربعة، مع تفصيل في الاسناد. (4) أمالي الشيخ الصدوق: 106 - 107، والسند مختزل والمصنف أخذه منه. (5) في الامالي: أمير المؤمنين عليه السلام. (6) لا يوجد: الانصاري، في الخصال. (7) لا يوجد في الخصال: بوجهه.

 

[447]

تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله حتى يبتليك ببرص لا تغطيه العمامة، وأما أنت يا أشعث فإن كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (1) ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله حتى يذهب بكريمتيك، وأما أنت يا خالد بن يزيد إن (2) كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثم لم تشهد لي اليوم بالولاية فلا أماتك الله إلا ميتة جاهلية، وأما أنت يا براء بن عازب إن (3) كنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثم لم تشهد لي اليوم (4) بالولاية فلا أماتك الله إلا حيث هاجرت منه. قال جابر بن عبد الله الانصاري: والله لقد رأيت أنس بن مالك وقد ابتلي ببرص يغطيه بالعمامة فما تساره، ولقد رأيت الاشعث بن قيس وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (5) بالعمى في الدنيا ولم يدع علي بالعذاب في الآخرة فأعذب، وأما (6) خالد ابن يزيد فإنه مات فأراد أهله أن يدفنوه، وحفر له في منزله فدفن، فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل والابل فعقرتها على باب منزلة، فمات ميتة جاهلية، وأما البراء بن عازب فإنه ولاه معاوية اليمن فمات بها ومنها كان هاجر.

 

(1) لا يوجد في الخصال من قوله: اللهم.. إلى هنا. (2) في الخصال: فإن. (3) في الخصال: فإن. (4) في حاشية (ك) كلمة: اليوم، غير معلم عليها، ولا توجد في (س)، وجاءت في المصدرين. (5) في الامالي زيادة: علي. (6) في الامالي: فأما.

 

[449]

[28] باب ما جرى بين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبين عثمان وولاته وأعوانه وبعض أحواله 1 - ما (1): بإسناده، عن عبد الله بن أسعد (2) بن زرارة، عن عبد الله (2) بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما قدم أبو ذر على عثمان قال: أخبرني أي البلاد أحب إليك ؟. قال: مهاجري. قال: لست بمجاوري. قال: فألحق بحرم الله فأكون فيه. قال: لا. قال: فالكوفة أرض بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: لا. قال: فلست بمختار غيرهن، فأمره بالمسير إلى الربذة. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي: اسمع وأطع وأنفذ حيث قادوك ولو لعبد حبشي مجدع، فخرج إلى الربذة، فأقام هنا مدة ثم دخل المدينة (4) فدخل على عثمان - والناس عنده سماطين (5) -، فقال: يا أمير المؤمنين ! إن أخرجتني من أرضي إلى

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 321 - 322، بتفصيل في الاسناد. (2) في المصدر: عبد الرحمن بن سعد. (3) في الامالي: عبد الرحمن، بدلا من: عبد الله. (4) في المصدر: فأقام مدة ثم أتى إلى المدينة. (5) قال في النهاية 2 / 401: وفي حديث الايمان: حتى سلم من طرف السماط. السماط: الجماعة من =

 

[450]

أرض ليس بها زرع ولا ضرع إلا شويهات، وليس لي خادم إلا محررة (1)، ولا ظل يظلني إلا ظل شجرة فاعطني خادما وغنيمات أعيش فيها، فحول وجهه عنه، فتحول عنه (2) إلى السماط الآخر، فقال مثل ذلك، فقال له حبيب بن سلمة: لك عندي يا أبا ذر ألف درهم وخادم وخمسمائة شاة. قال أبو ذر: اعط خادمك وألفك وشويهاتك من هو أحوج إلى ذلك مني، فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله، فجاء علي عليه السلام، فقال له عثمان: ألا تغني عنها (3) سفيهك هذا !. قال: أي سفيه ؟ !. قال: أبو ذر. قال علي عليه السلام: ليس بسفيه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون: [إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم] (4). قال عثمان: التراب في فيك. قال علي عليه السلام: بل التراب في فيك، أنشد بالله من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك لابي ذر، فقام أبو هريرة وعشرة فشهدوا بذلك، فولى علي عليه السلام. قال ابن عباس: كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء الخادم فقال: هذا أمير المؤمنين بالباب، فدخل عثمان فجلس، فقال له العباس: تعش. قال: تعشيت، فوضع يده، فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده وجلست وتكلم عثمان، فقال: يا خال ! أشكو إليك ابن أخيك - يعني عليا عليه السلام - فإنه أكثر في شتمي (5) ونطق في عرضي، وأنا أعوذ بالله في ظلمكم بني عبد المطلب، إن يكن هذا الامر لكم فقد سلمتموه إلى من هو أبعد مني، وإن لا يكن

 

= الناس والنخل، والمراد به في الحديث الجماعة الذين كانوا جلوسا عن جانبيه. (1) في (س): مررة. ولا مناسبة لها بالمقام. (2) لا توجد: عنه، في (س). (3) في المصدر: عنا. وهو الصحيح. (4) غافر: 28. (5) في المصدر: أكثر علي.

 

[451]

لكم فحقي أخذت، فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وذكر ما خص الله به قريشا منه، وما خص به بني عبد المطلب خاصة، ثم قال: أما بعد فما حمدتك لابن أخي ولا حمدت ابن أخي فيك، وما هو وحده، ولقد نطق غيره، فلو أنك هبطت مما صعدت وصعدوا مما هبطوا لكان ذلك أقرب. فقال: أنت وذلك يا خال (1). فقال: فلم تكلم بذلك عنك ؟. قال: نعم، أعطهم عني ما شئت. وقام عثمان فخرج فلم يلبث أن رجع إليه فسلم وهو قائم، ثم قال: يا خال ! لا تعجل بشئ حتى أعود إليك، فرفع (2) العباس يديه واستقبل القبلة، فقال: اللهم اسبق لي (3) ما لاخير (4) لي في إدراكه، فما مضت الجمعة حتى مات. 2 - ما (5): ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن جعفر بن (6) عبد الله العلوي، عن عمه القاسم بن جعفر العلوي، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن علي بن الحسين، عن أبيه (7)، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن أبي بكر ابن عبيدالله (8) بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، أنه نزل على خالد بن أسيد بمكة، فقال له: لو أتيت ابن عمك فوصلك (9)، فأتى عثمان فكتب له (10) إلى عبد الله بن عامر أن صله بستمائة ألف، فنزل به من قابل فسأله (11)، فقال له:

 

(1) في المصدر: يا خالي - بالياء -. (2) في (س): فوقع. (3) في الامالي: استوبي. وفي (ك): بي، بدلا من: لي، وجعل الاخيرة نسخة بدل. (4) في المصدر: لا خير. (5) الامالي للشيخ الطوسي 2 / 322، بتفصيل في الاسناد. (6) لا توجد: بن، في المصدر. (7) لا توجد: عن أبيه، في الامالي. (8) في الامالي: أبو عبد الله. (9) في الامالي: فوصلت. (10) لا توجد: له، في المصدر. (11) في الامالي: فسأل.

 

[452]

قد بارك الله لي في مشورتك فأتيته فأمر لي بستمائة ألف، فقال له ابن عمر: ستين ألفا !. قال: مائة ألف ومائة ألف ومائة ألف (1).. ست مرات، فقال له ابن عمر: اسكت ! فما أسود عثمان. أقول: روى ابن أبي الحديد في شرح النهج (2)، عن الزبير بن بكار، قال: روى في الموفقيات (3) عن علي عليه السلام، قال: أرسل إلي عثمان في الهاجرة (4) فتقنعت بثوبي وأتيته، فدخلت (5) وهو على سريره - وفي يده قضيب وبين يديه مال دثر (6) صبرتان من ورق وذهب -، فقال: دونك خذ من هذا حتى تملا بطنك فقد أحرقتني. فقلت: وصلتك رحم ! إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكه معط أو اكتسبته من تجارة كنت أحد رجلين: أما آخذ وأشكر أو أوفر وأجهد، وإن كان من مال الله وفيه حق المسلمين واليتيم وابن السبيل، فوالله ما لك ان تعطينيه ولا لي أن آخذه. فقال: أبيت والله إلا ما أبيت. ثم قام إلي بالقضيب فضربني، والله ما أرد يده حتى قضى حاجته، فتقنعت بثوبي ورجعت إلى منزلي وقلت: الله بيني وبينك إن كنت أمرتك بمعروف ونهيتك (7) عن منكر. وعن الزبير بن بكار (8) في الكتاب المذكور (9)، قال: روى عن عمه، عن عيسى بن داود، عن رجاله، عن ابن عباس، قال: لما بنى عثمان داره بالمدينة أكثر

 

(1) لا توجد: ومائة ألف، في المصدر. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 16، بتصرف. (3) الموفقيات: 612. (4) قال في النهاية 5 / 246: والهجير والهاجرة: اشتداد الحر نصف النهار. (5) في الموفقيات زيادة: عليه. (6) قال في النهاية 2 / 100: فيه (ذهب أهل الدثور بالاجور) الدثور - جمع دثر - وهو المال الكثير، ويقع على الواحد والاثنين والجميع. (7) في الموفقيات: نهيت. (8) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 6. (9) الموفقيات: 602 - 603.

 

[453]

الناس عليه في ذلك فبلغه، فخطبنا في يوم الجمعة ثم صلى (1) بنا، ثم عاد إلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله (ص)، ثم قال: أما بعد، فإن النعمة إذا حدثت حدت (2) لها حساد حسبها، وأعداء قدرها، وإن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها، ومتنافسون (3) فيها، ولكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه وضم القاصية إليه، فأتانا عن أناس منكم أنهم يقولون: أخذ فيئنا (4) وأنفق شيئا (5) واستأثر بأموالنا، يمشون خمرا، وينطقون سرا، كأنا غيب عنهم، وكأنهم يهابون مواجهتنا، معرفة منهم بدحوض حجتهم، فإذا غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعضهم يذكرنا، وقد وجدوا على ذلك أعوانا من نظرائهم، ومؤازرين من شبهائهم، فبعدا بعدا ! ورغما رغما !. قال: ثم أنشد بيتين يومئ فيهما إلى علي عليه السلام: توقد بنار أينما كنت واشتعل * فلست ترى مما تعالج شافيا تشط فيقضي الامر دونك أهله (6) * وشيكا ولا تدعى إذا كنت نائيا وذكر تمام خطبته، ثم قال: ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب عليه السلام ومعه عمار بن ياسر رحمه الله وناس من أهل هواه (7) يتناجون، فقال: ايها.. ايها ! إسرارا لا جهارا ؟ ! أما والذي نفسي بيده ما أحنق (8) على جرة (9)، ولا

 

(1) في (ك): قد صلى. (2) في (س): حدت، وفي المصدرين: حدثت. (3) في المصدرين: ومنافسون. (4) في (س): فيأ. ولعلها: فيئا، قد كتبت كذلك. (5) في الموفقيات: شيئنا. (6) وضع على أهله في (س) رمز نسخة بدل. (7) في (ك): أهواه. (8) في مطبوع البحار: أخنق. (9) قال في النهاية 1 / 451: (لا يصلح هذا الامر إلا لمن لا يحنق على جرته).. أي لا يحقد على رعيته. والحنق: الغيظ. والجرة: ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه، والاحناق، لحوق البطن =

 

[454]

أوتي من ضعف مرة (1)، ولولا النظر مني (2) و (3) لي ولكم، والرفق (4) بي وبكم لعاجلتكم، فقد اغتررتم وأقلتم (5) من أنفسكم. ثم رفع يديه يدعو (6) وهو يقول: اللهم قد تعلم حبي للعافية وإيثاري للسلامة فأتنيها (7)، قال: فتفرق القوم عن علي عليه السلام، وقام عدي بن الخياد... وكلمه (8) بكلام ذكره، ثم قال: ونزل عثمان فأتى منزله وأتاه الناس وفيهم ابن عباس، فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس، فقال: ما لي ولكم يا بن عباس ؟ ! ما أغراكم بي، وأولعكم بتعقيب أمري لتنقمون (9) علي أمر العامة.. وعاتبه بكلام طويل، فأجابه ابن عباس، وقال - في جملة كلامه -:.. أخسأ (10) الشيطان عنك لا يركب، وأغلب غضبك ولا يغلبك، فما دعاك إلى هذا الامر الذي كان منك ؟. قال: دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب. قال ابن عباس: وعسى أن يكذب مبلغك !. قال عثمان: إنه ثقة. قال ابن عباس: إنه ليس بثقة من أولع (11) وأغرى. قال عثمان: يا بن عباس ! الله إنك ما تعلم من

 

= والتصاقه. (1) في (س): قرة. والمرة: القوة والشدة، قاله في النهاية 4 / 316. وقال 4 / 318: قر يومنا يقر قرة ويوم قر.. أي بارد وليلة قرة. (2) لا توجد: مني، في المصدرين. (3) وضع على (ك) على الواو رمز نسخة بدل. (4) في (س): بالرفق. (5) في (س): أفلتم. (6) لا توجد: يدعو، في (س). (7) في المصدر: فألبسنيها. وهي نسخة بدل في مطبوع البحار. (8) في (ك): وتكلمه، ولا معنى لها. (9) في (ك) نسخة بدل: أتنقمون، وهي التي وردت في شرح النهج والموفقيات. (10) في المصدرين: اخس، وهو الظاهر. (11) في المصدرين: بلغ.

 

[455]

علي ما شكوت منه ؟. قال: اللهم لا، إلا أن يقول كما يقول الناس، وينقم كما ينقمون، فمن أغراك به وأولعك بذكره دونهم ؟. قال عثمان: إنما أفتى من أعظم الداء الذي ينصب نفسه لرأس الامر وهو علي ابن عمك، وهذا - والله - كله من نكده وشؤمه. قال ابن عباس: مهلا ! استثن يا أمير المؤمنين ! قل: إن شاء الله. فقال: إن شاء الله. ثم قال: إني أنشدك يا بن عباس ! الاسلام والرحم، فقد والله غلبت وابتليت بكم، والله لوددت أن هذا الامر كان صائرا (1) إليكم دوني فحملتموه عني وكنت أحد أعوانكم عليه، إذا والله لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي، ولقد علمت أن الامر لكم ولكن قومكم دفعوكم عنه واختزلوه دونكم، فوالله ما أدري أرفعوكم أم رفعوه عنكم (2). قال ابن عباس: مهلا يا أمير المؤمنين ! فإنا ننشدك الله والاسلام والرحم مثل ما نشدتنا، أن تطمع فينا وفيك عدوا، وتشمت بنا وبك حسودا، إن أمرك إليك ما كان قولا، فإذا صار فعلا فليس إليك ولا في يدك، وإنا والله لتخالفن (3) إن خولفنا، ولتنازعن إن نوزعنا، وما يمتنك (4) أن يكون الامر صار إلينا دونك إلا أن يقول قائل منا ما يقوله الناس ويعيب كما عابوا ! وأما صرف قومنا عنا الامر فعن حسد قد (5) والله و (6) ما عرفته، وبغي والله (7) علمته، فالله بيننا وبين قومنا، وأما قولك انك لا تدري أرفعوه عنا أم رفعونا عنه (8) ؟، فلعمري إنك لتعرف أنه لو صار إلينا هذا الامر ما ازددنا به

 

(1) في المصدرين: كان صار. (2) في المصدرين: ادفعوه عنكم أم دفعوكم عنه. (3) في المصدرين: يديك.. لنخالفن.. لتنازعن. وفي (س): لننازعن. (4) في الموفقيات: وما تمنيك، وهو الظاهر. (5) قد: اسم مرادف لحسب، كما في مجمع البحرين 3 / 126. (6) وضع على الواو في (ك) رمز نسخة بدل. (7) في المصدرين: قد والله عرفته، وبغي قد والله. وفي (س): وبقي، وفي (ك): قد، ووضع عليها رمز نسخة بدل. (8) في الموفقيات: ادفعوه عنا أم دفعونا عنه.

 

[456]

فضلا إلى فضلنا، ولا قدرا إلى قدرنا، وإنا لاهل الفضل وأهل القدر، وما فضل فاضل إلا بفضلنا، ولا سبق سابق إلا بسبقنا، ولولا هدانا ما اهتدى أحد، ولا أبصروا من عمى، ولا قصدوا من جور. فقال عثمان: حتى متى - يا بن عباس - يأتيني عنكم ما يأتيني ؟ ! هبوني كنت بعيدا، أما كان لي من الحق عليكم أن أراقب وأن أناظر ؟ بلى، ورب الكعبة ولكن الفرقة سهلت لكم القول في، وتقدمت بكم إلى الاسراع إلي، والله المستعان (1). قال ابن عباس: فخرجت فلقيت عليا عليه السلام وإذا به من الغضب والتلظي أضعاف ما بعثمان، فأردت تسكينه فامتنع، فأتيت منزلي وأغلقت بابي واعتزلتهما، فبلغ ذلك عثمان، فأرسل إلي، فأتيته وقد هدأ غضبه، فنظر إلي ثم ضحك، وقال: يا بن عباس ! ما أبطأ بك عنا، إن تركك العود إلينا دليل (2) على ما رأيت عن صاحبك (3) وعرفت من حاله، فالله بيننا وبينه، خذ بنا في غير ذلك. قال ابن عباس: فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن علي عليه السلام شئ فأردت التكذيب عنه يقول: ولا يوم الجمعة حين أبطأت عنا وتركت العود إلينا، فلا أدري كيف أرد عليه (4). وعن الزبير بن بكار (5) - في كتاب (6) المذكور (7) -، عن عبد الله بن عباس،

 

(1) هنا سقط جاء في شرح النهج 9 / 10، والموفقيات: 606، وهو: قال ابن عباس: مهلا ! حتى ألقى عليا، ثم أحمل إليك على قدر ما رأى. قال عثمان: افعل قد فعلت، وطالما طلبت فلا أطلب ولا أجاب ولا أعتب. (2) في الموفقيات: لدليل. (3) في شرح النهج: عند صاحبك. (4) وقد جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 6 / 10، باختلاف كثير. وكذا في الموفقيات: 601 - 607. (5) كما أورده وحكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج 9 / 13 - 14، مع اختلاف كثير. (6) كذا. والظاهر: في الكتاب - بالالف واللام -. (7) الموفقيات: 610 - 612، باختلاف يسير.

 

[457]

قال: ما سمعت من أبي قط شيئا في أمر عثمان تلومه فيه أو يعذره (1) ولا سألته عن شئ من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه، فإنا عنده ليلة - ونحن نتعشى - إذ قيل: هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب. فقال: إئذنوا له. فدخل فأوسع له على فراشه، وأصاب من العشاء معه، فلما رفع قام من كان هناك وثبت أنا، فحمد عثمان الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا خال ! فإني جئتك (2) أستعذرك من ابن أخيك علي شتمني وشهر أمري وقطع رحمي وطعن في ديني، وإني أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب إن لكم حقا تزعمون إنكم (3) غلبتم عليه فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم وأنا أقرب إليكم رحما منه ؟ وما لمت منكم أحدا إلا عليا، ولقد دعيت أن أبسط عليه فتركته لله والرحم، وأنا أخاف أن لا يتركني (4) فلا أتركه. قال ابن عباس: فحمد أبي الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يابن أختي فإن كنت لا تحمد عليا لنفسك فإني لا أحمدك (5) لعلي، وما علي وحده قال فيك، بل غيره، فلو أنك اتهمت نفسك للناس اتهم الناس أنفسهم لك، ولو أنك نزلت مما رفيت وارتقوا مما نزلوا فأخذت منهم وأخذوا منك ما كان بذلك بأس. قال عثمان: فذلك إليك يا خال وأنت بيني وبينهم. قال: فأذكر (6) لهم ذلك عنك. قال: نعم، وانصرف. فما لبثنا أن قيل: هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب. قال أبي: إئذنوا له، فدخل فقام قائما ولم يجلس وقال: لا تعجل يا خال حتى أوذنك، فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالسا بالباب ينتظره حتى خرج فهو الذي فتأه (7) عن رأيه الاول، فأقبل علي أبي، وقال: يا بني ! ما إلى هذا من أمره

 

(1) في المصدرين: يلومه فيه ولا يعذره. (2) في المصدرين: فإني قد جئتك. (3) في (س): لكم، وفي الموفقيات: إن كان لكم حقا تزعمون أنكم. (4) في الموفقيات: ان يتركني. (5) في (ك): لاحمدك. (6) في الموفقيات: أفأذكر. (7) في (س): فشاءه، كذا، والظاهر: فشاه. وفي الموفقيات: ثناه، وهو أولى.

 

[458]

من شئ. ثم قال: يا بني ! املك عليك لسانك حتى ترى ما لا بد منه، ثم رفع يديه، فقال: اللهم أسبق بي (1) ما لاخير لي في إدراكه، فما مرت جمعة حتى مات رحمه الله. وعن الزبير بن بكار (2) - في الكتاب المذكور (3) -، عن ابن عباس، قال: صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة (4) المدينة وحده، فأتيته إجلالا له وتوقيرا لمكانه، فقال لي: هل رأيت عليا ؟. فقلت: خلفته في المسجد، فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله. قال: أما منزله فليس فيه، فأبغه لنا في المسجد، فتوجهنا إلى المسجد وإذا علي عليه السلام يخرج منه، قال ابن عباس: وقد كنت أمس ذلك اليوم عند علي عليه السلام فذكر عثمان وتجرمه عليه، وقال: أما والله - يابن عباس - إن من دوائه لقطع كلامه وترك لقائه. فقلت له: يرحمك الله ! كيف لك بهذا ؟ فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع ؟. قال: أعتل وأعتل (5) فمن يقسرني ؟. فقلت: لا أحد. قال ابن عباس: فلما تراءينا له وهو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت والطلب للانصراف ما استبان لعثمان، فنظر إلي عثمان وقال: يا ابن عباس ! أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا. فقلت: ولم حقك (6) ألزم، وهو بالفضل أعلم، فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه، فقال عثمان: إن تدخل فإياك أردنا، وإن تمض فإياك طلبنا، فقال علي عليه السلام: أي ذلك أحببت ؟. قال: تدخل، فدخلا، وأخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة فقصر عنها وجلس قبالتها، فجلس عثمان إلى جانبه

 

(1) خط على: بي، في (ك). (2) كما أورده ابن أبي الحديد في شرح النهج 9 / 18، باختلاف يسير. (3) الموفقيات: 614 - 617. (4) في مطبوع البحار: اذقة، وهو غلط. (5) في (ك): فاعتل، وهو الوارد في الموفقيات. (6) في الموفقيات: وحقك.

 

[459]

فنكصت عنهما فدعواني جميعا فأتيتهما، فحمد عثمان الله (1) وصلى على رسوله صلى الله عليه [وآله] ثم قال: أما بعد، يا ابني خالي وابني عمي فإذا جمعتكما في النداء فأستجمعكما (2) في الشكاية على رضاي عن أحدكما (3) ووجدي على الآخر.. إلى آخر كلامه. وقال ابن عباس: فأطرق علي عليه السلام وأطرقت معه طويلا، أما أنا فأجللته أن أتكلم قبله، وأما هو فأراد أن أجيب عني وعنه، ثم قلت له: أتتكلم أم أتكلم أنا عنك ؟. فقال: بل تكلم عني وعنك، فحمدت الله وأثنيت على رسوله (4) صلى الله عليه [وآله] ثم قلت:.. وذكر كلامه (5). قال: فنظر إلي علي عليه السلام نظرا هبته (6)، وقال: دعه حتى يبلغ رضاه فيما هو فيه، فوالله لو ظهرت له قلوبنا وبدت له سرائرنا حتى رآها بعينه كما يسمع الخبر عنها بإذنه ما زال متجرما سقما (7)، والله ما أنا ملقى على وضمه وإني لمانع من وراء ظهري (8)، وإن هذا الكلام منه (9) لمخالفته منه وسوء عشرة (10). ثم ذكر كلام عثمان وما أجابه به علي عليه السلام، ثم قال (11): فأخذت بأيديهما حتى تصافحا وتصالحا وتمازحا ونهضت عنهما فتشاورا وتوامرا (12) وتذاكرا ثم افترقا، فوالله

 

(1) في المصدرين زيادة هنا وهي: وأثنى عليه. (2) في شرح النهج: فسأجمعكما. (3) في المصدرين: عن رضاي على أحدكما. (4) في المصدرين: عليه وصليت على رسوله. (5) كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 19، بتصرف. (6) في المصدرين: نظر هيبة. (7) في المصدرين: منتقما. (8) لا يوجد ضمير المتكلم في الموفقيات. (9) لا توجد: منه، في الموفقيات، وهو الظاهر. (10) كما في شرح النهج للمعتزلي 9 / 20، باختلاف يسير. (11) في شرح النهج لابن أبي الحديد 9 / 21. (12) في المصدر: تآمرا.

 

[460]

ما مرت ثالثة حتى لقيني كل واحد منهما يذكر من صاحبه ما لا يبرك عليه الابل، فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها (1). وروى ابن أبي الحديد - أيضا (2) -، عن شيخه أبي عثمان الجاحظ، قال: ذكر في كتاب الذي أورد فيه المعاذير عليه عن أحداث عثمان: أن عليا عليه السلام اشتكى فعاده عثمان من شكاية (3)، فقال علي عليه السلام: وعائدة تعود لغير ود * تود لو (4) أن ذا دنف يموت فقال عثمان: والله ما أدري أحياتك أحب إلي أم موتك ؟، إن مت هاضني فقدك، وإن حييت فتنتني حياتك، لا أعدم ما بقيت طاعنا يتخذك درية (5) يلجأ إليها. فقال علي عليه السلام: ما الذي جعلني درية (6) للطاعنين العائبين (7) إنما سوء ظنك بي أحلني من قبلك (8) هذا المحل، فإن كنت (9) تخاف جانبي فلك علي عهد الله وميثاقه أن لا بأس عليك مني أبدا ما بل بحر صوفه، وإني لك لراع، وإني عنك لمحام، ولكن لا ينفعني ذلك عندك، وأما قولك: إن فقدي يهيضك.. فكلا أن تهاض لفقدي ما بقي لك الوليد ومروان، فقام عثمان فخرج. قال (10): وقد روي أن عثمان هو الذي أنشد هذا البيت، وقد كان اشتكى

 

(1) لا توجد: بعدها، في (س). (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 22، بتصرف. (3) في (س): شكاته، وفي المصدر: شكايته. (4) لا توجد: لو، في (س). (5) في شرح النهج: دريئة، وسيذكر المصنف قدس سره في بيانه لاختلاف النسخ. (6) في شرح النهج: دريئة، وسيذكر المصنف قدس سره في بيانه لاختلاف النسخ. (7) في (س): العائنين. (8) في شرح النهج: من قلبك. (9) لا توجد: فإن كنت، في (س). (10) أي ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 9 / 22، بتصرف.

 

[461]

فعاده علي عليه السلام، فقال عثمان (1): وعائدة تعود لغير نصح * تود لو أن (2) ذا دنف يموت وروى ابن أبي الحديد (3) أيضا، عن أبي سعد الآبي، قال: وروى (4) في كتابه، عن ابن عباس، قال: وقع بين عثمان وعلي عليه السلام كلام، فقال عثمان: ما أصنع إن كانت قريش لا تحبكم وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأن وجوههم شنوف (5) الذهب يسرع أنفهم (6) قبل شفاههم ؟ !. قال: وروى المذكور - أيضا -، أن عثمان لما نقم الناس عليه ما نقموا، قام متوكئا على مروان، فخطب الناس، فقال: إن لكل أمة آفة (7)، وأن آفة هذه الامة وعاهة هذه النعمة قوم عيابون طعانون يظهرون لكم ما تحبون ويسرون ما تكرهون، طغام (8) مثل النعام يتبعون أول ناعق، ولقد نقموا علي ما نقموا على عمر (9) فقمعهم ووقمهم (10)، وإني لاقرب ناصرا وأعز نفرا فما لي لا أفعل في فضول الاموال ما أشاء.

 

(1) لا توجد في (س): فقال عثمان. (2) في (س): أو لو، وفي المصدر: لغير نصح تود لو أن. (3) شرح نهج البلاغة 9 / 23. (4) لا توجد الواو في (س)، وفي شرح النهج: وروى أبو سعد الآبي في كتابه عن ابن عباس. () الشنف - بالضم -: لحن القرط الاعلى، أو معلاق في قوف الاذن، أو ما علق في أعلاها، قاله في القاموس 3 / 160، وسيأتي. (6) في (ك) نسخة بدل: أنوفهم. (7) في شرح النهج: ولكل نعمة عاهة. (8) قال في الصحاح 5 / 1975: الطغام: أوغاد الناس.. والطغام أيضا: رذال الطير. (9) في المصدر: عمر مثله. (10) يقرأ في (س): وقمهم، وقد خط على الواو الثانية. أقول: قممت البيت: كنسته، والقمامة: الكناسة، قاله في النهاية 4 / 110، وغيره.

 

[462]

وروى (1) أيضا، عن الموفقيات (2)، عن ابن عباس، أنه قال عثمان في كلامه لعمار - بعد ذكره عليا عليه السلام -: أما إنك من شناتنا (3) وأتباعهم. بيان: أقول: لا يريب عاقل بعد النظر في تلك الاخبار التي رواها أتباع عثمان وأحباؤه في أنها تدل على أنه كان ينزل أمير المؤمنين عليه السلام منزلة العدو، ويرى أتباعه عليه السلام من المبغضين له، كما هو الواقع والحق، وكفى بمعاداة أمير المؤمنين عليه السلام له آية للنفاق وخزيا في الدنيا والآخرة. وقال في القاموس (4): الخمر - بالتحريك - ما واراك من شجر وغيره.. وجاءنا على خمرة - بالكسر - وخمر - محركة -: في سر، وغفلة وخفية. وفي الصحاح (5): يقال (6) للرجل إذا اختل (7) صاحبه: هو يدب له الضراء ويمشي له الخمر. قوله: تشط - بكسر الشين وضمها -.. أي تبعد (8). وفي الصحاح (9): تجرم علي فلان.. أي إدعى ذنبا لم افعله (10). قوله عليه السلام: ما أنا ملقى على وضمة.. أي لست بذليل كاللحم المطروح يأخذ منه من شاء.

 

(1) ابن أبي الحديد في شرحه 9 / 11. (2) الموفقيات للزبير بن بكار: 608. (3) في المصدر: شنائنا. (4) القاموس 2 / 23، وانظر: لسان العرب 4 / 256 - 257. (5) الصحاح 2 / 650. (6) في (ك): فقال. (7) في الصحاح: ختل. (8) كما في القاموس 2 / 368، والصحاح 3 / 1137، ولسان العرب 7 / 333. (9) الصحاح 5 / 1886. (10) ومثله في لسان العرب 12 / 91 وغيره.

 

[463]

قال الجوهري (1): الوضم: كل شئ يجعل عليه اللحم من خشب أو بارية يوقى به من الارض. وقال (2): هاض العظم يهيضه هيضا.. أي كسره بعد الجبور.. ويقال: هاضني الشئ: إذا ردك في مرضك. وقال (3): الدرية: البعير أو غيره يستتر به الصائد فإذا أمكنه الرمي رمى. قال أبو زيد: هو (4) مهموز لانها تدرا نحو الصيد.. أي تدفع. وقال (5): والدرية - أيضا -: حلقة يتعلم عليها الطعن. أقول: وذكر في المعتل (6)، عن الاصمعي: الدرية بالمعنين بالياء المشددة من غير همز. والفيروز آبادي (7): الدرية بالمعنى الاخير (8) كذلك، وبالجملة يظهر منهما أن الوجهين جائزان. والشنوف - بالضم -: جمع الشنف - بالفتح - وهو القرط الاعلى (9).

 

(1) الصحاح 5 / 2053، وانظر ما جاء في النهاية 5 / 199، ولسان العرب 12 / 640. (2) الصحاح 3 / 1113، وأورده في مجمع البحرين 4 / 233، والنهاية 5 / 288. (3) الصحاح 1 / 49. (4) في المصدر: وهو. (5) الصحاح 1 / 49، وانظر هذا والذي قبله في لسان العرب 1 / 74، والنهاية 2 / 110 وغيرهما. (6) أي الجوهري في الصحاح في مادة: درى. قال 6 / 2335: الدرية - غير مهموز - وهي دابة يستتر بها الصائد فإذا أمكنه رمى، وقال أبو زيد: هو مهموز لانها تدرأ نحو الصيد.. أي تدفع. أقول: لعل مراده من المعنيين: الاستتار، والدفع. فإن الدرية بمعنى حلقة يتعلم.. لا توجد في المعتل من الصحاح. ومثله في لسان العرب 14 / 255. نعم قد أورد المعنى الاخير في النهاية 2 / 110، ونسبه إلى القيل. (7) القاموس 4 / 327. (8) المراد من المعنى الاخير هو ما يتعلم عليه الطعن. (9) قاله في الصحاح 4 / 1383، والقاموس 3 / 160، ولا حظ مجمع البحرين 5 / 76، والنهاية 2 / 505.

 

[464]

وقوله: يسرع أنفهم.. بيان لطول أنوفهم وهو مما يزيد في الحسن. 3 - ج (1): روى أن يوما من الايام قال عثمان (2) لعلي بن أبي طالب عليه السلام: إنك إن تربصت بي فقد تربصت بمن هو خير منك ومني (3)، قال علي عليه السلام: ومن هو خير مني ؟. قال: أبو بكر وعمر. فقال علي عليه السلام: كذبت أنا خير منك ومنهما، عبدت الله قبلكم وعبدته بعدكم. 4 - كا (4): عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن جماعة من بني أمية في إمرة (5) عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم جمعة وهم يريدون أن يزوجوا رجلا منهم، وأمير المؤمنين عليه السلام قريب منهم، فقال بعضهم لبعض: هل لكم أن نخجل عليا عليه السلام الساعة، نسأله أن يخطب بنا ويتكلم (6) فإنه يخجل ويعين بالكلام ؟ !، فأقبلوا إليه، فقالوا: يا أبا الحسن ! إنا نريد أن نزوج فلانا فلانة ونحن نريد أن تخطب (7)، فقال: فهل تنتظرون أحدا ؟. فقالوا: لا، فالله (8) ما لبث حتى قال: الحمد لله المختص بالتوحيد، المقدم (9) بالوعيد، الفعال لما يريد، المحتجب بالنور دون خلقه، ذي (10) الافق الطامح،

 

(1) الاحتجاج 1 / 157 - طبعة ايران -، 1 / 229 - طبعة النجف -. (2) في المصدر: عثمان بن عفان. (3) في المصدر: بتقديم وتأخير: مني ومنك. (4) الكافي - الفروع - 5 / 369 - 370، باب خطب النكاح، حديث 1. (5) في المصدر: إمارة، وهي نسخة على مطبوع البحار. (6) في المصدر: ونتكلم. (7) في الكافي زيادة: بنا. (8) في (س): والله، وفي الفروع من الكافي: فوالله. (9) في المصدر: المتقدم. (10) في (س): ذوي.

 

[465]

والعز الشامخ، والملك الباذخ، المعبود بالآلاء، رب الارض والسماء، أحمده على حسن البلاء، وفضل العطاء، وسوابغ النعماء، وعلى ما يدفع ربنا من البلاء، حمدا يستهل له العباد، وينمو به البلاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شئ قبله ولا يكون شئ بعده، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل، اختصه لنفسه، وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه، يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والاقرار بربوبيته والتصديق بنبيه صلى الله عليه وآله، بعثه على حين فترة من الرسل، وصدف عن الحق، وجهالة (1)، وكفر بالبعث والوعيد، فبلغ رسالاته، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، وعبده حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم، فإن الله عزوجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، فتنجزوا من الله موعده (2)، واطلبوا ما عنده بطاعته، والعمل بمحابه، فإنه لا يدرك الخير إلا به، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله: أما بعد، فإن الله أبرم الامور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك، وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الاخلاق (3)، وجرت به الاسباب (4) من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلائه وحسن بلائه، وتظاهر نعمائه، فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه (5)، وساقنا وإياكم إليه، ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة

 

(1) في المصدر زيادة: بالرب. (2) في الكافي: موعوده. (3) في المصدر: الاخلاف. (4) في الكافي زيادة: وقضى. (5) في (س): إليه.

 

[466]

بنت فلان وهو في الحسب من قد عرفتموه، وفي النسب من لا تجهلونه، وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه، فردوا خيرا تحمدوا عليه، وتنسبوا إليه، وصلى الله على محمد وآله وسلم. بيان: المختص بالتوحيد.. أي بتوحيد الناس له (1) أو بتوحيده لنفسه، فإنه لم يوحده حق توحيده غيره (2). المحتجب بالنور.. أي ليس له حجاب إلا ظهور الكامل أو الكمال التام، أو عرشه محتجب بالانوار الظاهرة. ذي الافق الطامح: الطموح: الارتفاع (3)، ولعله كناية عن ارتفاعه عن إدراك الحواس والعقول والاوهام، أو عن أن يصل إليه أحد بسوء، وكذا الفقرتان الآتيتان، ويحتمل التوزيع. والشامخ: العالي (4)، وكذا الباذخ (5). يستهل له العباد.. أي يرفعون به أصواتهم (6) أو (7) يستبشرون بذكره. وينمو به البلاد.. بزيادة النعم على أهاليها. بالتفضيل.. أي بان فضله على جميع الخلق. من التضليل.. أي لئلا يضلهم الشيطان أو يجدهم ضالين، أو لئلا يكونوا مضلين.

 

(1) لا توجد: له، في (س). (2) في (ك): غير - بدون ضمير -. (3) قاله في مجمع البحرين 2 / 393، والصحاح 1 / 388، والقاموس 1 / 238. (4) كما في النهاية 2 / 500، والقاموس 1 / 262، ومجمع البحرين 2 / 435. (5) ذكره في الصحاح 1 / 418، ومجمع البحرين 2 / 429، والنهاية 1 / 110. (6) نص عليه في النهاية 5 / 271، ولسان العرب 11 / 701، والقاموس 4 / 70، ومجمع البحرين 5 / 500. (7) في (ك): واو، بدلا من: أو.

 

[467]

وصدف.. أي ميل واعراض (1). حتى أتاه اليقين.. أي الموت المتيقن. وتنجز الحاجة: طلب قضاءها لمن وعدها (2). والتوكل: اظهار العجز والاعتماد على الغير، والاسم التكلان - بالضم - (3). وقال الجوهري: انتهى عنه وتناهى.. أي كف (4). وقال: شعبت الشئ: فرقته، وشعبته: جمعته، وهو من الاضداد (5). 5 - كا (6): علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: حج النبي صلى الله عليه وآله فأقام بمنى ثلاثا يصلي ركعتين، ثم صنع ذلك أبو بكر، ثم صنع ذلك عمر، ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم أكملها عثمان أربعا، فصلى الظهر أربعا ثم تمارض ليشد بذلك بدعته، فقال للمؤذن: اذهب إلى علي عليه السلام فليقل (7) له فليصل (8) بالناس العصر، فأتى المؤذن عليا عليه السلام، فقال له: إن أمير المؤمنين (9) يأمرك أن تصلي بالناس العصر، فقال: لا (10)، أذن لا أصلي إلا ركعتين كما صلى رسول الله

 

(1) صرح به في مجمع البحرين 5 / 78، والقاموس 3 / 161، ولسان العرب 9 / 187، والصحاح 4 / 1384. (2) ذكر ذلك في المصباح المنير 2 / 292، والقاموس 2 / 193، والصحاح 3 / 898، ونظيره في لسان العرب 5 / 414. (3) كما أورده الطريحي في مجمع البحرين 5 / 493، وقاله في القاموس 4 / 66، ولسان العرب 11 / 736، والصحاح 5 / 1845. (4) الصحاح 6 / 2517، وفي لسان العرب 15 / 343 مثله. (5) الصحاح 1 / 156، وبنصه في لسان العرب 1 / 497. (6) الكافي 4 / 518 - 519، حديث 3، مع اختصار في الاسناد من الماتن طاب ثراه. (7) في المصدر: فقل، وهو الظاهر. (8) في (ك): فليصلي. (9) في الكافي زيادة: عثمان. (10) لا توجد: لا، في المصدر.

 

[468]

صلى الله عليه وآله، فذهب المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي عليه السلام، فقال: اذهب إليه وقل (1) له: إنك لست من هذا في شئ، اذهب فصل كما تؤمر. قال علي: لا والله لا أفعل.. فخرج عثمان فصلى بهم أربعا، فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس عليه وقتل أمير المؤمنين عليه السلام حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلم، فنظرت بنو أمية بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان ثم قالوا: قد قضى على صاحبكم وخالف وأشمت به عدوه، فقاموا فدخلوا عليه، فقالوا: أتدري ما صنعت ؟ ما زدت على أن قضيت على صاحبنا، وأشمت به عدوه، ورغبت عن صنيعه وسنته، فقال: ويلكم ! أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر، وصلى صاحبكم ست سنين كذلك، فتأمروني أن أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل أن يحدث، فقالوا: لا والله، ما نرضى عنك إلا بذلك !. قال: فأقبلوا فإني متبعكم (2) وراجع إلى سنة صاحبكم، فصلى العصر أربعا فلما تزل (3) الخلفاء والامراء على ذلك إلى اليوم. 6 - مع (4): المكتب، عن احمد بن محمد الوراق، عن محمد بن اسماعيل ابن أبان، عن عبد الله بن أبي سعيد، عن فضيل بن عبد الوهاب، عن يونس بن أبي يعفور (5) العبدي، عن أبيه، عن قنبر مولى علي عليه السلام، قال: دخلت مع علي بن أبي طالب عليه السلام على عثمان بن عفان فأحب الخلوة وأومى (6) إلي علي عليه السلام بالتنحي، فتنحيت غير بعيد، فجعل عثمان يعاتب عليا عليه

 

(1) في الكافي: فقل. (2) في الكافي: فأقيلوا فإني مشفعكم. (3) في المصدر: يزل. (4) معاني الاخبار: 293، مع تفصيل في الاسناد. (5) في المصدر: بن أبي يعقوب، والظاهر ما أثبتناه. (6) في المعاني: فأومى.

 

[469]

السلام وعلي عليه السلام مطرق، فأقبل عليه عثمان، فقال: ما لك لا يقول ؟. فقال: إن قلت لم أقل إلا ما تكره، وليس لك عندي إلا ما تحب. قال المبرد: تأويل ذلك إن قلت اعتديت عليك بمثل ما اعتديت (1) به علي، فليدغك (2) عتابي، وعندي أن لا أفعل - فإن (3) كنت عاتبا - إلا ما تحب. 7 - نهج (4): من كلام له عليه السلام: إن بني أمية ليفوقونني (5) تراث محمد صلى الله عليه وآله تفويقا (6)، والله لئن بقيت لهم لانفضنهم نفض اللحام الوذام التربة. ويروى: التراب الوذمة وهو على القلب. قال السيد رضي الله عنه: قوله عليه السلام: ليفوقونني.. أي يعطونني من المال قليلا قليلا كفواق الناقة وهو الحلبة الواحدة من لبنها. والوذام - جمع وذمة - وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض (7). بيان: الحزة - بالضم -: هي القطعة من اللحم وغيره (8)، وقيل: خاصة بالكبد (9)، وقيل: قطعة من اللحم قطعت طولا (10).

 

(1) في المصدر: اعتددت - في الموردين -. (2) كذا، والظاهر: فليدغك. وفي المصدر: فليذعك. (3) خ. ل: وان. (4) نهج البلاغة 1 / 126 - محمد عبده -، وصفحة: 104 خطبة 77 - صبحي صالح -. (5) في مطبوع البحار: ليوفقونني. وما أثبت من المصدر. (6) في (س): تفريقا. (7) وانظر ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 6 / 174، وابن ميثم في شرحه 2 / 212، ومنهاج البراعة للقطب الراوندي 1 / 309، وغيرها. (8) كما في النهاية 1 / 377، وانظر: لسان العرب 14 / 334، وغيره. (9) ذكره في القاموس 2 / 172، ولسان العرب 14 / 334. (10) قاله في الصحاح 3 / 873، والنهاية 1 / 388، والقاموس 2 / 172.

 

[470]

والكرش - ككتف - كما في بعض (1) النسخ، وبالكسر (2): لكل مجتر بمنزلة المعدة للانسان، وهي مؤنثة (3). ونفض الثوب وغيره: تحريكه (4) ليسقط منه التراب وغيره. وقال ابن الاثير في النهاية (5): التراب: جمع ترب تخفيف ترب.. يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب. والوذمة: المنقطعة الاوذام، وهي السيور التي (6) يشد بها عرى الدلو. قال الاصمعي: سألت (7) شعبة عن هذا الحرف فقال (8): ليس هو هكذا، انما هو نفض القصاب الوذام التربة، وهي التي قد سقطت في التراب. وقيل: الكرو كلها تسمى تربة لانها تحصل (9) فيها التراب من المرتع. والوذمة: التي أخمل (10) باطنها، والكروش: وذمة لانها مخملة، ويقال لخملها الوذم، ومعنى الحديث: لئن وليتهم لاطهرنهم من الدنس ولاطيبنهم من الخبث (11). وقيل: اراد بالقصاب السبع، والتراب اصل ذراع الشاة، والسبع إذا اخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها. انتهى (12).

 

(1) لا توجد في (س): بعض. (2) أي الكرش. (3) كما جاء في القاموس 2 / 286، والصحاح 3 / 1017، وغيرهما. (4) كما أورده في النهاية 5 / 97، وقبله في الصحاح 3 / 1109، والقاموس 2 / 346. (5) قاله ابن الاثير في النهاية 1 / 185. وقال - قبل ذلك -: وفي حديث علي (لئن وليت بني أمية لانفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة)، التراب.. إلى آخره. (6) في (س): الذي. (7) كذا في البحار واللسان، وفي المصدر: سألني. (8) كذا في البحار واللسان، وفي النهاية: فقلت. (9) في المصدرين: يحصل. (10) في (ك): احمل. (11) في المصدر: بعد، بدلا من: من. وأشير إليها في حاشية (ك) بما يلي: بعد. نهاية. (12) وقريب منه ما في لسان العرب 1 / 231.

 

[471]

والظاهر أن المراد من النفض منعهم (1) من غصب الاموال وأخذ ما في أيديهم من الاموال المغصوبة، ودفع بغيهم وظلمهم ومجازاتهم بسيئات أعمالهم. وقال ابن أبي الحديد (2): اعلم أن أصل هذا الخبر قد رواه أبو الفرج الاصفهاني في كتاب الاغاني (3)، بإسناد رفعه إلى حرب (4) بن حبيش، قال: بعثني سعيد بن العاص - وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل عثمان - بهدايا إلى أهل المدينة، وبعث معي هدية إلى علي عليه السلام، وكتب إليه: أني لم أبعث إلى أحد أكثر مما بعثت به اليك، إلا أمير المؤمنين (5)، فلما أتيت عليا وقرأ كتابه (6) قال: لشد ما تخطر علي بنو أمية تراث محمد صلى الله عليه [وآله]، أما والله لئن وليتها لانفضنها نفض القصاب التراب الوذمة. قال أبو الفرج: وهذا خطأ، وإنما هو: الوذام التربة. قال (7): وحدثني (8) بذلك احمد بن عبد العزيز الجوهري، عن عمر بن شيبة، بإسناده - ذكره في الكتاب - أن سعيد بن العاص حيث كان أمير الكوفة بعث مع ابن أبي عائشة مولاه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام بصلة، فقال علي عليه السلام: والله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أفاء الله على رسوله بمثل قوت الارملة، والله لئن بقيت لانفضنها كما ينفض القصاب التراب

 

(1) في (ك): منهم. (2) في شرحه على نهج البلاغة 6 / 174، بتصرف. (3) الاغاني 2 / 144 (طبعة دار الكتب)، مع اختلاف كثير أشرنا له. (4) في المصدر: الحارث، وفي (س): الحرب - بالالف واللام -. (5) في الاغاني: إلا شيئا في خزائن أمير المؤمنين. (6) في الاغاني زيادة: فأخبرته. (7) أي ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 6 / 175، بتصرف. (8) الخبر في الاغاني: عن أبي زيد، عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي، عن السعدي، عن أبيه..

 

[472]

الوذمة (1). 8 - نهج (2): ومن كلام له عليه السلام - وقد وقعت مشاجرة بينه وبين عثمان، فقال المغيرة بن الاخنس لعثمان: أنا أكفيكه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام (3) للمغيرة: يا بن اللعين الابتر، والشجرة التي لا أصل لها ولا فرع، أنت تكفيني ؟ ! فوالله ما أعز الله من أنت ناصره، ولا قام من أنت منهضه، أخرج عنا أبعد الله نواك، ثم أبلغ جهدك فلا أبقى الله عليك إن أبقيت. إيضاح: المغيرة: هو ابن أخنس الثقفي. وقال ابن أبي الحديد (4) وغيره (5): إنما قال عليه السلام: يا بن اللعين.. لان الاخنس كان من أكابر المنافقين، ذكره أصحاب الحديث كلهم في المؤلفة الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله مائة من الابل من غنائم حنين يتألف بها قلبه، وابنه أبو الحكم بن الاخنس قتله أمير المؤمنين عليه السلام يوم أحد كافرا في الحرب، وإنما قال عليه السلام: يابن الابتر، لان من كان عقبه ضالا خبيثا فهو كمن لا عقب له، بل من لا عقب له خير منه، وكنى عليه السلام بنفي أصلها وفرعها من دناءته وحقارته، وقيل لان في نسب ثقيف طعنا. وقتل المغيرة مع عثمان في الدار، وقوله عليه السلام: ما أعز الله.. يحتمل الدعاء والخبر. قوله عليه السلام: أبعد الله نواك.. النوى: الوجه الذي تذهب فيه،

 

(1) في المصدر: نفض القصاب الوذام التربة. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 18، صبحي صالح: 193، خطبة 135، بتصرف. (3) في المصدر: علي كرم الله وجهه. (4) في شرح نهج البلاغة 8 / 301. (5) شرح النهج لابن ميثم البحراني 3 / 163، ومنهاج البراعة 2 / 55، وغيرهما. (*)

 

[473]

والدار (1).. أي أبعد الله مقصدك أو دارك، ويروى: ابعد الله نواك - بالهمزة -.. أي خيرك (2) من انواء النجوم التي كانت العرب تنسب المطر إليها (3). ثم أبلغ جهدك.. أي غايتك وطاقتك في الاذى (4)، وفي النهاية: ابقيت عليه.. إذا (5) رحمته واشفقت عليه (6). 9 - نهج (7): من كلام له عليه السلام قاله (8) لعبد الله بن العباس رحمهما الله وقد جاءه برسالة من عثمان بن عفان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع ليقل هتف الناس باسمه للخلافة بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل، فقال عليه السلام: يا بن عباس ! ما يريد عثمان أن يجعلني إلا جملا (9) ناضحا بالغرب أقبل وأدبر، بعث إلي أن أخرج.. بعث (10) إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (11).

 

(1) قاله في القاموس 4 / 397، ولسان العرب 15 / 347، وانظر: الصحاح 6 / 2516. (2) قال في القاموس 1 / 31: طلب نوأه.. أي عطاءه. وقال في النهاية 5 / 122: مطرنا بنوء كذا.. أي وقت كذا.. وان الله خطأ نوءها.. قيل: هو دعاء عليها، كما يقال: لا سقاه الله الغيث، وأراد بالنوء الذي يجئ فيه المطر. (3) انظر: النهاية 5 / 122، والصحاح 1 / 79، وما سبق. (4) قال في النهاية 1 / 320: قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث كثيرا، وهو بالضم: الوسع والطاقة، وبالفتح المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير، وجاء نظيره بزيادة في لسان العرب 3 / 133. (5) لا توجد: إذا، في (س). (6) النهاية 1 / 147. (7) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 233، صبحي صالح: 358، خطبة 240، باختلاف يسير بينهما، وكذا مع المتن. (8) في (ك): قال. (9) في المصدر: ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا. (10) في النهج: ثم بعث. (11) قال ابن ميثم في شرح نهجه 4 / 323: أقول:... وسبب الرسالة، أن القوم الذين حضروه كانوا يكثرون نداه والصياح به، وتوبيخه على أحداثه، من تفريق بيت المال على غير مستحقيه، =

 

[474]

بيان: لم يكن هذا الفصل في أكثر نسخ النهج. والناضح: البعير يستقى عليه (1). والغرب: الدلو العظيمة (2). أقبل وأدبر.. أي يقال له أقبل وأدبر على التكرار (3). * * * * *

 

= ووضعه في غير مواضعه، وسائر الاحداث التي ذكرنا أنها نسبت إليه.. وقد كان قصده بتلك الرسالة من بين سائر الصحابة لاحد أمرين: أحدهما: اعتقاده أنه كان أشرف الجماعة، والناس له أطوع، وأن قلوب الجماعة معه حينئذ. والثاني: أنه كان يعتقد أن له شركة مع الناس في فعلهم به، وكانت بينهما هناة، فكان بعثه له من بين الجماعة متعينا، لانهم إن رجعوا بواسطته فهو الغرض، وإن لم يرجعوا حصلت بعض المقاصد أيضا، وهو تأكد ما نسبه إليه من المشاركة في أمره، وبقاء ذلك حجة عليه لمن بعده ممن يطلب بدمه حتى كان لسبب هذا الغرض الثاني ما كان من الوقايع بالبصرة وصفين وغيرهما. وانظر: ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه 12 / 296. (1) ذكره في الصحاح 1 / 411، والنهاية 5 / 69، وانظر ما أورده الطريحي في مجمع البحرين 2 / 419. (2) كما قاله في القاموس 1 / 109، ومجمع البحرين 2 / 131، والصحاح 1 / 193. (3) ما ذكره في المتن من الاعراب في كليهما (أقبل وأدبر) لا يوافق ما استفاده قدس سره.

 

[475]

[29] باب كيفية قتل عثمان وما احتج عليه القوم في ذلك ونسبه وتاريخه 1 - ما (1): المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن محمد بن احمد البزاز، عن احمد بن الصلت، عن صالح بن أبي النجم، عن الهيثم بن عدي، عن عبد الله بن اليسع، عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان العبدي رحمه الله، قال: دخلت على عثمان بن عفان في نفر من المصريين، فقال عثمان: قدموا رجلا منكم يكلمني، فقدموني، فقال عثمان: هذا.. !، وكأنه استحدثني، فقلت له: إن العلم لو كان بالسن لم يكن لي ولا لك فيه سهم، ولكنه بالتعلم. فقال عثمان: هات !. فقلت: [بسم الله الرحمن الرحيم الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور] (2). فقال عثمان: فينا نزلت هذه الآية ؟ !. فقلت له: فمر بالمعروف وانه عن المنكر، فقال عثمان: دع ذا (3)، وهات ما معك.

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 241 - 242، مع اختصار في الاسناد من الماتن رحمه الله. (2) الحج: 41. (3) في المصدر: هذا.

 

[476]

فقلت له: [بسم الله الرحمن الرحيم الذين أخرجوا من ديار هم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله..] (1) إلى آخر الآية. فقال عثمان: وهذه أيضا فينا نزلت ؟ ! فقلت له: فاعطنا بما أخذت من الله تعالى (2). فقال عثمان: يا أيها الناس ! عليكم بالسمع والطاعة وإن (3) يد الله على الجماعة، وإن الشيطان مع القد (4) فلا تسمعوا (5) إلى قول هذا، فإن (6) هذا لا يدري من الله ؟ ولا أين الله ؟. فقلت له: أما قولك عليكم بالسمع والطاعة، فإنك تريد منا أن نقول غدا: [ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرآءنا فأضلونا السبيلا] (7)، وأما قولك: إني لا أدري من الله، فإن الله ربنا ورب آبائنا الاولين، وأما قولك: إني لا أدري أين الله ؟، فإن الله تعالى بالمرصاد، قال: فغضب وأمر بصرفنا وغلق الابواب دوننا. 2 - مع (8): القطان، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن حسان ابن علي المدائني، عن العباس بن مكرم، عن سعد الخفاف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: كتب عثمان بن عفان - حين أحيط به - إلى علي بن أبي طالب عليه السلام: أما بعد، فقد جاوز الماء الزبى، وبلغ الحزام الطبيين (9)، وتجاوز الامر بي قدره، وطمع في من لا يدفع عن نفسه، فإن كنت مأكولا فكن خير آكل، وإلا

 

(1) الحج: 40. (2) لا توجد: تعالى، في الامالي. (3) في المصدر: فان. (4) في الامالي: الفذ - بالفاء -، وهو الظاهر، ومعناها: الفرد، كما في القاموس 1 / 357. (5) في الامالي: تستمعوا. (6) في المصدر: وان. (7) الاحزاب: 67. (8) معاني الاخبار: 340، مع بتفصيل في الاسناد. (9) في (س): الخرام. أقول: الحزام الطبيين - بالحاء المهملة والزاء المعجمة - كناية عن المبالغة في تجاوز الحد في الشر والاذى، كما سيأتي من المصنف - طاب ثراه - ويعد من الامثال كما قاله في المستقصى 2 / 13. وقال في مجمع الامثال 1 / 166: بلفظ جاوز الحزام الطبيين. ونظيره في فرائد اللآل 1 / 140.

 

[477]

فادركني ولما أمزق. قال الصدوق رحمه الله: قال المبرد: قوله: قد جاوز الماء الزبى.. فالزبية مصيدة الاسد ولا تتخذ إلا في قلة جبل، وتقول العرب: قد بلغ الماء الزبى (1)، وذلك أشد ما يكون من السبل، ويقال في العظيم من الامر: قد علا الماء الزبى، وبلغ السكين العظم، وبلغ الحزام الطبيين، وقد انقطع السلا في البطن، قال العجاج: فقد علا الماء الزبى إلى غير.. أي قد جل الامر عن أن يغير أو يصلح. وقوله: وبلغ الحزام الطبيين.. فإن السباع والطير (2) يقال لموضع الاخلاف منها أطباء (3) واحدها طبى، كما يقال في الخف والظلف: خلف وضرع (4) هذا مكان هذا، فإذا بلغ الحزام الطبيين فقد انتهى في المكروه، ومثل هذا من أمثالهم: التقت حلقتا البطلان، ويقال: التقت حلقة البطان (5). والحقب ويقال حقب البعير.. إذا صار الحزام في الحقب منه. مزيد توضيح: قال في النهاية (6): في حديث عثمان:.. أما بعد فقد بلغ السيل الزبي وجاوز الحزام الطبيين (7).. هي جمع زبية وهي الرابية التي لا يعلوها الماء، وهي من الاضداد. وقيل: انما اراد الحفرة.. للسبع ولا تحفر الا في مكان عال من

 

(1) ذكر المثل في مجمع الامثال 1 / 91، وفرائد اللآل 1 / 75، والمستقصى للزمخشري 2 / 14. (2) في (س): الطين. (3) في (ك): الاطباء. (4) في المصدر: خف وظلف. (5) كما يقال (تلاقت)، والمثل يضرب في الحادثة إذا بلغت النهاية، كما في فرائد اللآل في مجمع الامثال 2 / 155، ومجمع الامثال للميداني 2 / 221. (6) النهاية 2 / 295، وانظر: لسان العرب 14 / 353. (7) لا توجد في المصدر: وجاوز الحزام الطبيين.

 

[478]

الارض لئلا يبلغها السيل فتنظم وهو (1) مثل يضرب للامر يتفاقم ويتجاوز (2) الحد. وقال (3): الاطباء: الاخلاف واحدها طبي - بالضم والكسر -، وقيل: يقال لموضع الاخلاف من الخيل والسباع اطباء كما يقال في ذوات الخف والظلف: خلف وضرع. و (4) قوله: جاوز الحزام الطبيين.. كناية عن المبالغة في تجاوز حد الشر والاذى، لان الحزام إذا انتهى إلى طبيين فقد انتهى إلى بعد غايته فكيف إذا جاوزه (5). وقال الجوهري (6): السلا - مقصورا (7) -: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي ان نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد والا قتلته، وكذلك (8) ان انقطع السلا في البطن، فإذا خرج السلا سلمت الناقة وسلم الولد، وان انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد. يقال (9): انقطع السلا في البطن إذا ذهبت الحيلة، كما يقال: بلغ السكين العظم. وقال (10): البطان للقتب: الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير. ويقال: التقت حلقتا البطان للامر: إذا اشتد، وهو بمنزلة التصدير للرجل (11).

 

(1) لا توجد: هو، في (س). (2) في (ك): يجاوز. (3) أي ابن الاثير في النهاية 3 / 115، وانظر: لسان العرب 15 / 4. (4) لا توجد الواو في (ك). (5) قاله في النهاية 3 / 115، ولسان العرب 15 / 4. (6) في الصحاح 6 / 2381، ومثله في لسان العرب 14 / 396. (7) في المصدر: مقصور - بالرفع -. (8) لا توجد الواو في الصحاح، وفي (ك): وكذا، بدلا من: وكذلك. (9) في المصدر زيادة: أيضا، بعد: يقال. (10) في الصحاح 5 / 2079. (11) في المصدر: للرجل، وهو الصواب.

 

[479]

وقال (1): الحقب - بالتحريك -: حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير مما يلي ثيله كيلا يجتذبه التصدير، تقول منه احقبت البعير وحقب البعير - بالكسر - إذا أصاب حقبه ثيله (2) فاحتبس بوله. 3 - ب (3): محمد بن عيسى، عن القداح، عن جعفر، عن أيبه عليهما السلام، قال: لما حصر الناس عثمان جاء مروان بن الحكم إلى عائشة - وقد تجهزت للحج -، فقال: يا أم المؤمنين ! إن عثمان قد حصره الناس فلو تركت الحج وأصلحت أمره كان الناس يستمعون (4) منك، فقالت: قد أوجبت الحج وشددت غرائري (5)، فولى مروان وهو يقول: حرق قيس علي البلاد * حتى إذا اضطرمت أجذما (6) فسمعته عائشة، فقالت: تعال، لعلك تظن أني في شك من صاحبك، والله (7) لوددت أنك وهوفي غرارتين من غرائري مخيط عليكما تغطان في البحر حتى تموتا. بيان: قال الجوهري (8): الاجذام: الاقلاع عن الشئ. قال الربيع بن زياد:

 

(1) أي الجوهري في الصحاح 1 / 114، ومثله في لسان العرب 1 / 324. (2) في مطبوع البحار قد تقرأ: يثله - بتقديم الياء على الثاء - ولا معنى لها هنا. (3) قرب الاسناد: 14، مع تفصيل في الاسناد. (4) في المصدر: يسمعون. (5) قد مر معناها قريبا في نكير عائشة على عثمان، وستأتي قريبا. وقد تقرأ في مطبوع البحار: عزايري. (6) جاء البيت في الفتوح هكذا: ضرم قيس على البلاد دما * حتى إذا اضطرمن فأحجما (7) في قرب الاسناد: فوالله. (8) الصحاح 5 / 1884، وجاء في لسان العرب 12 / 19 بنصه.

 

[480]

وحرق قيس.. البيت (1). أقول: وروى ذلك الاعثم في الفتوح (2)، وفيه مكان: أجد ما: احجما.. أي نكص وتأخر (3). والغرارة - بالكسر - الجوالق (4). وقال الجوهري (5): واحدة الغرائر التي للطين (6) واظنه معربا. 4 - سر (7): موسى بن بكر، عن المفضل (8)، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إن فلانا وفلانا غصبانا (9) حقنا وقسماه بينهم، فرضوا بذلك عنهما (10)، وأن عثمان لما منعهم واستأثر عليهم غضبوا لانفسهم. 5 - قب (11): نقلت المرجئة (12)، عن أبي الجهم العدوي - وكان معاديا لعلي عليه السلام -، قال: خرجت بكتاب عثمان - والمصريون قد نزلوا بذي خشب (13) - إلى معاوية وقد طويته طيا لطيفا وجعلته في قراب سيفي، وقد تنكبت عن الطريق وتوخيت سواد الليل حتى كنت بجانب الجرف، إذا رجل على حمار مستقبلي ومعه

 

(1) أي إلى آخر البيت السالف. (2) تاريخ ابن الاعثم - الفتوح - 3 / 420. (3) كما ذكره في النهاية 1 / 347، ولسان العرب 12 / 116، ولا حظ: مجمع البحرين 6 / 32، والقاموس 4 / 93. (4) ذكره في القاموس 2 / 101، ولسان العرب 5 / 18. (5) في الصحاح 2 / 769، ولا حظ: لسان العرب 5 / 18. (6) في (س): للطبن، وهو الظاهر. (7) مستطرفات السرائر (النوادر): 17 - تحقيق مدرسة الامام المهدي عليه السلام -. (8) في المصدر: الفضيل. (9) في السرائر: ظلمانا. (10) في المستطرفات: منهما. (11) مناقب ابن شهر آشوب 2 / 259 - 260. (12) في المصدر زيادة كلمة: والناصبة. (13) في المناقب: خشر، وما هنا نسخة هناك.

 

[481]

رجلان يمشيان أمامه فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام قد أتى من ناحية البدو فأثبتني ولم أثبته حتى سمعت كلامه، فقال: أين تريد يا صخر ؟. قلت: البدو، فأدع الصحابة. قال: فما هذا الذي في قراب سيفك ؟. قلت: لا تدع مزاحك أبدا ثم جرته (1). 6 - جا (2): الكاتب، عن الزعفراني، عن الثقفي، عن الحسن بن علي اللؤلؤي، عن يحيى بن المغيرة، عن سلمة بن الفضل، عن علي بن صبيح الكندي، عن أبي يحيى مولى معاذ بن عفرة (3) الانصاري، قال: إن عثمان بن عفان (4) بعث إلى الارقم بن عبد الله - وكان خازن بيت مال المسلمين -، فقال له: أسلفني مائة ألف ألف درهم. فقال له الارقم: اكتب عليك بها صكا للمسلمين. قال: وما أنت وذاك ؟ لا أم لك ! إنما أنت خازن لنا. قال: فلما سمع الارقم ذلك خرج مبادرا إلى الناس، فقال: أيها الناس ! عليكم بمالكم فإني ظننت أني خازنكم ولم أعلم أني خازن عثمان بن عفان حتى اليوم، ومضى فدخل بيته، فبلغ ذلك عثمان، فخرج إلى الناس حتى دخل المسجد ثم رقى المنبر، وقال: أيها الناس ! إن أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس، وإن عمر كان يؤثر بني عدي على كل الناس، وإني أوثر - والله - بني أمية على من سواهم، ولو كنت جالسا بباب الجنة ثم استطعت أن أدخل بني أمية جميعا الجنة لفعلت، وإن هذا المال لنا، فإن احتجنا إليه أخذناه وإن رغم أنف أقوام !. فقال عمار بن ياسر رحمه الله: معاشر المسلمين ! اشهدوا أن ذلك مرغم لي. فقال عثمان: وأنت هاهنا، ثم نزل من المنبر يتوطاه برجليه (5) حتى غشي على عمار

 

(1) في المصدر: جزنه، وهو الظاهر. (2) مجالس الشيخ المفيد: 69 - 72، حديث 5، مع تفصيل في السند واختلاف في المتن أشرنا له. (3) في المجالس: عفراء. (4) لا توجد في (س): عفان. (5) في المصدر: فجعل يتوطاه برجله.

 

[482]

واحتمل - وهو لا يعقل - إلى بيت أم سلمة، فأعظم الناس ذلك، وبقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق قال: الحمد لله، فقديما أوذيت في الله، وأنا أحتسب ما أصابتي في جنب الله، بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة. قال: وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة، فأرسل إليها، فقال: مما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر، أخرجهم (1) من عندك. فقالت: والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه، فاجتنبنا - يا عثمان - واجعل سطوتك حيث شئت، وهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يجود بنفسه من فعالك (2)، قال: فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير يسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له، فأتياه فأبى عليهما، فرجعا إليه فأخبراه، فقال عثمان: من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع، شنعتم علي، وآليتم (3) على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة، فقال: إن أبا ذر مات بالربذة وحيدا ودفنه قوم سفر، فاسترجع عثمان وقال: رحمه الله. فقال عمار: رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا. فقال له عثمان: وإنك لهناك بعدما برأت (4) أتراني ندمت على تسييري إياه ؟ !. قال له عمار: لا والله، ما أظن ذاك. قال: وأنت أيضا فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا. قال عمار: أفعل، فوالله (5) لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك. قال: فتهيأ عمار للخروج وجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه

 

(1) في المصدر: أخرجيهم، وجاءت نسخة على (ك)، وهو الصحيح. (2) في المجالس زيادة: به. (3) في المصدر: وألبتم، وهو الظاهر. (4) في المجالس محل: ما برأت، يا عاض أير أبيه، وهو مثل. (5) في المصدر: والله - بدون فاء -.

 

[483]

أن يقوم معهم إلى عثمان ليستنزله عن تسيير عمار، فقام معهم (1) فسأله فيهم ورفق به حتى أجابه إلى ذلك. 7 - جا (2): علي بن محمد الكاتب، عن الزعفراني، عن الثقفي، عن الحسن بن الحسين الانصاري، عن سفيان، عن فضيل بن الزبير، عن فروة بن مجاشع، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: جاءت عائشة إلى عثمان، فقالت له: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر بن الخطاب !. فقال (3): لم أجد لك موضعا في الكتاب ولا في السنة، وإنما كان أبوك وعمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة من أنفسهما، وأنا لا أفعل. قالت (4): فأعطني ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال لها: أولم تحسبي (5) أنت ومالك بن أوس النضري (6) فشهد تما أن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يورث حتى منعتما فاطمة ميراثها، وأبطلتما حقها، فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبي صلى الله عليه وآله ؟ ! فتركته وانصرفت، وكان عثمان إذا خرج إلى الصلاة أخذت قميص رسول الله صلى الله عليه وآله على قصبة فرفعته عليها، ثم قالت: إن عثمان قد خالف صاحب هذا القميص وترك سنته. أقول: روى في كشف الغمة (7) نحوا من ذلك، وزاد في آخره: فلما آذته صعد المنبر، فقال: إن هذه الزعراء (8) عدوة الله ضرب الله مثلها ومثل صاحبتها حفصة في الكتاب: [امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا

 

(1) لا توجد: معهم، في المجالس. (2) المجالس للشيخ المفيد: 125 - 126، حديث 3، بتفصيل في الاسناد. (3) في المصدر زيادة: لها. (4) في المجالس زيادة: لها. (5) في المجالس: أولم تجئني. (6) كذا، وفي المصدر: النصري، وهو الظاهر، كما في الاصابة 3 / 339 ترجمة 7595 وهامشها الاستيعاب 3 / 382 وغيرهما. (7) كشف الغمة 1 / 323 نقلا بالمعنى. (8) الزعراء: هي المرأة القليلة الشعر كما في النهاية 2 / 303، ومتفرقة الشعر كما في القاموس 2 / 39.

 

[484]

صالحين فخانتاهما].. إلى قوله: [وقيل ادخلا النار مع الداخلين] (1)، فقالت له: يا نعثل ! يا عدو الله ! إنما سماك رسول الله صلى الله عليه وآله باسم نعثل اليهودي الذي باليمن، فلاعنته ولا عنها، وحلفت أن لا تساكنه (2) بمصر أبدا، وخرجت إلى مكة. ثم قال: قد نقل ابن أعثم صاحب الفتوح (3) أنها قالت: اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا، فلقد أبلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وهذه ثيابه لم تبل، وخرجت من إلى مكة. قال (4): وروى غيره أنه لما قتل جاءت إلى المدينة فلقيها فلان فسألته عن الاموال فخبرها وأن الناس اجتمعوا على علي عليه السلام، فقالت: والله لاطالبن بدمه. فقال لها: وأنت حرصت على قتله. قالت: إنهم لم يقتلوه حيث قلت ولكن تركوه حتى تاب ونقى من ذنوبه وصار كالسبيكة (5) وقتلوه. تأييد. قال في النهاية (6): في مقتل عثمان لا يمنعك (7) مكان ابن سلام ان تسب نعثلا كان (8) اعداء عثمان يسمونه: نعثلا، تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل، وقيل: النعثل: الشيخ الاحمق. وذكر الضباع، ومنه حديث

 

(1) التحريم: 10. (2) في (ك): أن لا تسكن. (3) الفتوح 2 / 419 - 420. (4) كشف الغمة 1 / 323، باختلاف كثير واختصار. (5) قال في الصحاح 4 / 1589: سبكت الفضة وغيرها أسبكها سبكا: أذبتها، والفضة سبكية. (6) النهاية 5 / 80، ومثله في لسان العرب 11 / 670، وقريب منه في تاج العروس 8 / 141. وقال في القاموس 4 / 59: النعثل - كجعفر - الذكر من الضباع، والشيخ الاحمق، ويهودي كان بالمدينة، ورجل لحياني كان يشبه به عثمان إذا نيل منه. (7) في المصدر: لا يمنعنك. (8) لا توجد في (ك): كان.

 

[485]

عائشة: اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا، تعني عثمان، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة. 8 - ما (1): احمد بن محمد بن الصلت، عن ابن عقدة الحافظ، عن جعفر ابن (2) عبد الله العلوي، عن عمه القاسم بن جعفر بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد ابن عبد الله، عن أبيه (3)، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: لما نزل المصريون بعثمان بن عفان في مرتهم الثانية دعا مروان بن الحكم فاستشاره، فقال له: إن القوم ليس هم لاحد أطوع منهم لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وهو أطوع الناس في الناس، فابعثه إليهم فليعطهم الرضا وليأخذ لك عليهم الطاعة، ويحذرهم الفتنة، فكتب عثمان إلى علي بن أبي طالب عليه السلام: سلام عليك، أما بعد، فإنه قد جاز السيل الزبى، وبلغ الحزام الطبيين، وارتفع أمر الناس بي فوق قدره، وطمع في من كان يعجز عن نفسه، فاقبل علي أولي، وتمثل: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل * وإلا فأدركني ولما أمزق والسلام. فجاءه علي عليه السلام، فقال: يا أبا الحسن ! ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله. فقال: نعم، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أن تفئ لهم بكل شئ أعطيته عنك (4). فقال: نعم، فأخذ عليه عهدا غليظا، ومشى إلى القوم فلما دنا منهم قالوا: وراءك. قال: لا. قالوا: وراءك. قال: لا، فجاء بعضهم ليدفع في صدره (5)، فقال القوم بعضهم لبعض:

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 323 - 325، بتفصيل في الاسناد كالمعتاد. (2) في المصدر بدل: بن، أبو. (3) لا توجد في الامالي: عن أبيه. (4) في الامالي زيادة: لهم. (5) في المصدر زيادة: حين قال ذلك.

 

[486]

سبحان الله ! أتاكم ابن عم رسول الله يعرض كتاب الله.. إسمعوا منه واقبلوا، قالوا: تضمن لنا كذلك ؟. قال: نعم، فأقبل معه أشرافهم ووجوههم حتى دخلوا (1) على عثمان فعاتبوه، فأجابهم إلى ما أحبوا، فقالوا: اكتب لنا على هذا كتابا، وليضمن علي عنك ما في الكتاب. قال: اكتبوا أنى شئتم، فكتبوا بينهم: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب عبد الله عثمان (2) أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين، أن لكم علي أن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وأن المحروم يعطى، وأن الخائف يؤمن، وأن المنفي يرد، وأن المبعوث لا يجمر، وأن الفئ لا يكون دولة بين الاغنياء، وعلي بن أبي طالب عليه السلام ضامن للمؤمنين والمسلمين على عثمان الوفاء لهم على ما في (3) الكتاب، و (4) شهد الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وسعد بن مالك وعبد الله بن عمر وأبو أيوب ابن زيد، وكتب في ذي القعدة سنة خمس وعشرين، فأخذوا الكتاب ثم انصرفوا، فلما نزلوا ايلة إذا هم براكب فأخذوه، فقالوا: من أنت ؟. قال: أنا رسول عثمان إلى عبد الله بن سعد، قال: بعضهم لبعض لو فتشناه لئلا يكون (5) قد كتب فينا، ففتشوه فلم يجدوا معه شيئا، فقال كنانة بن بشر النجيبي (6): انظروا إلى أدواته فإن الناس حيلا، فإذا قارورة مختومة بموم، فإذا فيها كتاب إلى عبد الله بن سعد: إذا جاءك كتابي هذا فاقطع (7) أيدي الثلاثة مع أرجلهم، فلما قرأوا الكتاب رجعوا حتى أتو عليا عليه السلام، فأتاه فدخل عليه، فقال: استعتبك القوم فأعتبتهم (8)

 

(1) في الامالي: دخل. (2) في الامالي زيادة: بن عفان. (3) في المصدر زيادة: هذا. (4) لا توجد الواو في (س) والمصدر. (5) كتبت في المصدر هكذا: لان لا يكون. (6) في المصدر: البجي. (7) في (س): فقطع. (8) في المصدر: استغشك القوم فأعتبهم.

 

[487]

ثم كتب هذا كتابك نعرفه (1) ؟ !.، الخط الخط، والخاتم الخاتم، فخرج علي عليه السلام مغضبا وأقبل الناس عليه، فخرج سعد من المدينة فلقيه رجل فقال: يا أبا اسحاق ! أين تريد ؟. قال: إني (2) فررت بديني من مكة إلى المدينة، وأنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكة. وقال الحسن بن علي لعلي عليهما السلام - حين أحاط الناس بعثمان -: اخرج من المدينة واعتزل، فإن الناس لا بد لهم منك، وأنهم لا يأتونك (3) ولو كنت بصنعاء (4)، وأخاف أن يقتل هذا الرجل وأنت حاضره. فقال: يا بني ! أخرج عن دار هجرتي، وما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله، وقام كنانة بن بشر، فقال: يا عبد الله ! أقم لنا كتاب الله، فإنا لا نرضى بالقول دون الفعل، قد كتبت وأشهدت لنا شهودا وأعطيتنا عهد الله وميثاقه، فقال: ما كتبت بينكم كتابا، فقام إليه المغيرة بن الاخنس وضرب بكتابه وجهه وخرج إليهم عثمان ليكلمهم، فصعد المنبر، فرفعت عائشة قميص رسول الله صلى الله عليه وآله ونادت: أيها الناس ! هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبل وقد غيرت سنته، فنهض الناس وكثر (5) اللغط (6) وحصبوا (7) عثمان حتى نزل من المنبر ودخل (8) بيته، فكتب نسخة واحدة إلى معاوية وعبد الله بن عامر، أما بعد، فإن أهل السفه والبغي والعدوان من أهل العراق ومصر والمدينة أحاطوا بداري ولن يرضيهم مني دون خلعي أو قتلي، وأنا ملاقي الله قبل أن أتابعهم على

 

(1) في الامالي: تعرفه. (2) في المصدر زيادة: قد. (3) في الامالي: وإن هم يأتونك، وهو الظاهر. (4) في الامالي زيادة: اليمن. (5) في مطبوع البحار: وكسر، وهو غلط. (6) قال في النهاية 4 / 257: اللغط: صوت وضجة لا يفهم معناها. (7) قال في النهاية 1 / 394: وفي حديث مقتل عثمان: أنهم تخاصموا في المسجد حتى أبصر أديم السماء.. أي تراموا بالحصباء.. وحصبهما.. أي رجمهما بالحصباء ليسكتهما. (8) في المصدر: فدخل.

 

[488]

شئ من ذلك فأعينوني. فلما بلغ كتابه ابن عامر، قام وقال: أيها لناس ! إن أمير المؤمنين عثمان ذكر أن شرذمة من أهل مصر والعراق نزلوا بساحته فدعاهم إلى الحق فلم يجيبوا، فكتب إلي (1) أن أبعث إليه منكم ذوي الرأي والدين والصلاح لعل الله أن يدفع عنه ظلم الظالم وعدوان المعتدي (2). فلم يجيبوه إلى الخروج. ثم إنه (3) قيل لعلي عليه السلام أن عثمان قد منع الماء فأمر بالروايا (4) فعكمت (5)، وجاء الناس (6) علي عليه السلام فصاح بهم صيحة انفرجوا.. فدخلت الروايا، فلما رأى علي عليه السلام اجتماع الناس (7) دخل على طلحة بن عبيدالله - وهو متكئ على وسائد -، فقال: إن الرجل مقتول فامنعوه. فقال: أم والله دون أن تعطي بنو أمية الحق من أنفسها. 9 - نهج (8): من كلام له عليه السلام لما اجتمع الناس عليه وشكوا ما نقموه على عثمان، وسألوه مخاطبته عنهم واستعتابه لهم، فدخل عليه، فقال: إن الناس ورائي وقد استسفروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك ؟، ما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه (9)، إنك لتعلم ما نعلم ما

 

(1) لا توجد: إلي، في المصدر. (2) في الامالي: الظالمين... المعتدين. (3) هنا سقط جاء في المصدر وهو: نزل، فقدموا من كل فج حتى حضروا المدينة و.. (4) الروايا من الابل: الحوامل للماء، واحدتها: راوية، قاله في النهاية 2 / 279، وفي الامالي: الروايا - بدون باء. (5) قال في القاموس 4 / 153: عكم المتاع يعكمه: شده بثوب. (6) في المصدر: للناس. (7) في الامالي زيادة: ووجوههم. (8) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 68، صبحي صالح: 234 خطبة 164، باختلاف يسير بينهما، وكذا مع الاصل. (9) في (س): نعرفه.

 

[489]

سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه ولا خلونا بشئ فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وآله كما صحبنا، وما ابن أبي فحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلي رسول الله صلى الله عليه وآله وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله.. الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى ولا تعلم من جهل، وإن الطرق لواضحة وإن أعلام الدين لقائمة، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى فأقام سنة معلومة وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة لها أعلام، وإن البدع لظاهرة (1) لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة وأحيى بدعة متروكة، وأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يؤتى يوم القيامة بالامام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرها، وإني أنشدك الله أن تكون (2) إمام هذه الامة المقتول (3)، فأنه كان يقال يقتل في هذه الامة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، وتلبس (4) أمورها عليها ويبث الفتن فيها فلا يبصرون الحق من الباطل يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجا، فلا تكونن (5) لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر. فقال له عثمان: كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم. فقال علي عليه السلام: ما كان بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك إليه (6).

 

(1) في (ك): الظاهرة. (2) في نهج - محمد عبده -: أن لا تكون. (3) في البحار - الحجري -: المقتولة. (4) في المصدر: يلبس. (5) في (س): فلا تكون. (6) وانظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 261، وشرح ابن ميثم البحراني 3 / 302، ومنهاج البراعة 2 / 127 - 132.

 

[490]

توضيح: الاستعتاب: طلب العتبى (1) وهو الرجوع (2) والرضا (3). قوله عليه السلام: ما أعرف شيئا تجهله.. الغرض بيان وضوح قبائح أعما بحيث يعرفه الصبيان لا بيان وفور علمه (4). قوله عليه السلام: وأنت أقرب.. الواو للحال، ويحتمل العطف، والوشيجة تميزه، وهي عرق الشجرة.. والواشجة: الرحم المشتبكة، وقد وشجت بك قرابة فلان والاسم: الوشيج، ذكره الجوهري (5). قوله عليه السلام: فإنه كان يقال.. أي كان النبي صلى الله عليه وآله يقول وأبهم عليه السلام لمصلحة، والمراد بالامام إمام يدعو إلى النار. وقال الجوهري (6): مرجت..: فسدت، ومرج..: اختلط واضطرب،.. ومنه الهرج والمرج. والسيقة - بتشديد الياء المكسورة -: ما استاقه العدو من الدواب (7). وفي القاموس (8): جل يجل جلالة وجلالا: اسن.

 

(1) قاله في مجمع البحرين 2 / 114، والقاموس 1 / 100، ولسان العرب 1 / 579، وقارن بالصحاح 1 / 176. (2) ذكره في النهاية 3 / 175، ولسان العرب 1 / 577، ومجمع البحرين 2 / 114. (3) صرح بالاخير صاحب القاموس 1 / 100، ولسان العرب 1 / 578. (4) قال القطب الراوندي في شرحه - منهاج البراعة - 2 / 132 في شرح هذه العبارة: ليس هذا إقرارا بأنه يعلم من العلوم الدينية والاحكام الشرعية مثل ما يعلمه أمير المؤمنين عليه السلام، بل هو عليه السلام كان يراقب جانبه ويداريه ويقول قولا لينا لعله يتذكر، والعرب تتكلم بالمطلق من الكلام ومرادهم شئ مخصوص من جملة ما يقع عليه. أقول: ولعل مراده صلوات الله عليه وآله أن الحجة عليك تامة، ولا أعرف شيئا تجهله مما يدينك ويحكمك، فتأمل. (5) الصحاح 1 / 347، ومثله في لسان العرب 2 / 398. وانظر: مجمع البحرين 2 / 334. (6) الصحاح 1 / 341، ومثله في النهاية 4 / 314، وفي لسان العرب 2 / 365. (7) قاله في لسان العرب 1 / 167، والصحاح 4 / 1499. (8) القاموس 3 / 349، ومثله في لسان العرب 11 / 117.

 

[491]

10 - الكافية في إبطال توبة الخاطئة (1): عن محمد بن اسحاق، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: كنت مع عثمان وهو محصور، فلما عرف أنه مقتول بعثني وعبد الرحمن بن أزهر إلى أمير المؤمنين عليه السلام - وقد استولى طلحة بن عبيدالله على الامر -، فقال: انطلقا فقولا له: أما إنك أولى بالامر من ابن الحصرمية (2) فلا يغلبنك على أمة ابن عمك. وعن (3) الفضيل بن وكين، عن فطر، عن عمران الخزاعي، عن ميسرة بن جدير (4)، قال: كنت عند الزبير عند أحجار الزيت وهو آخذ بيدي، فأتاه رجل يشتد، فقال: يا أبا عبد الله ! إن أهل الدار قد حيل بينهم وبين الماء، فسمعته يقول: دبروا بها دبروا: [وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب] (5). وعن (6) اسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قيل لطلحة: هذا عثمان قد منع الطعام والشراب، فقال: إما تعطيني بنو أمية الحق من أنفسها، وإلا فلا. وعن (7) محمد بن فضيل بن غزوان، عن زيد (8) بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: رأيت طلحة يرامي في (9) أهل الدار وهو في خرقة (10)

 

(1) الكافية للشيخ المفيد: 7 - 8 الرسالة الثانية من المجلد السادس من طبعة المؤتمر العالمي. (2) في المصدر: ابن الحضرمية، وهو الظاهر. (3) الكافية: 11 حديث 6، وفيه: عن الفضل بن دكين عن فطر بن خليفة. (4) في المصدر: جرير، وكذا جاء في الجمل للشيخ المفيد رحمه الله: 232. (5) سبأ: 54. (6) الكافية في توبة الخاطئة للشيخ المفيد: 8 حديث 2. (7) الكافية: 8 - 9 حديث 3. (8) في المصدر: يزيد، بدلا من: زيد، وهو الظاهر. (9) خط على: في، في (ك). (10) جاء في حاشية (ك) هنا: وخزة سوداء. أقول: والظاهر أنها نسخة بدل من: خرقة.

 

[492]

وعليه الدرع وقد كفر عليها بقباء (1) فهم يرامونه فيخرجونه من الدار ثم يخرج فيراميهم حتى دخل عليه من قبل دار بن حزم فقتل. وعن (2) موسى بن مصيطر (3)، عن الاعمش، عن مسروق، قال: دخلت المدينة فبدأنا بطلحة، فخرج مشتملا بقطيفة له حمراء. فذكرنا له أمر عثمان فصيح القوم، فقال: قد كاد سفهاؤكم أن يغلبوا حلماءكم على المنطق، قال (4): أجئتم معكم بحطب وإلا فخذوا هاتين الحزمتين فاذهبوا بهما إلى بابه، فخرجنا من عنده و ؟ أتينا الزبير، فقال مثل قوله، فخرجنا حتى أتينا عليا عليه السلام عند أحجار (5) الزيت فذكرنا أمره، فقال: استتيبوا الرجل ولا تعجلوا، فإن رجع مما هو عليه وتاب فاقبلوا منه (6). وعن (7) اسحاق بن راشد، عن الحميد بن عبد الرحمن أن أبي أروى (8) أن طلحة بن عبيدالله استولى على أمر عثمان وصارت المفاتيح بيده، وأخذ لقاحا (9) كانت لعثمان، وأخذ ما كان في داره، فمكث بذلك ثلاثة أيام.

 

(1) في المصدر: نقبا. (2) الكافية للشيخ المفيد: 9 - 10 حديث 4. (3) قد كتب فوق كلمة: مصيطر في (س): كذا، وفي المصدر: مطير، وهو الظاهر. (4) في المصدر: ثم قال. (5) في (س): أحجاز. (6) في المصدر: وإلا فانظروا، بدلا من: فاقبلوا منه. أقول: قال البلاذري في الانساب 5 / 30: إن أول من دعا إلى خلع عثمان والبيعة لعلي عمرو ابن زرارة بن قيس النخعي وكميل بن زياد بن نهيك النخعي، فقام عمرو بن زرارة، فقال: أيها الناس ! إن عثمان قد ترك الحق وهو يعرفه، وقد أغرى بصلحائكم يولي عليهم شراركم.. إلى آخره، وقد جاء في أسد الغابة 4 / 104، والاصابة 1 / 548، و 2 / 536، وغيرهما. (7) الكافية في توبة الخاطئة للشيخ المفيد: 10 حديث 5. (8) كذا، والظاهر: روى - بدون همزة -، والصحيح: ابن ابزى، أي عبد الرحمن بن ابزى الخزاعي، كما جاء في كتب التراجم. لا حظ هامش المصدر. (9) قال في النهاية: 4 / 262: اللقحة - بالكسر والفتح - الناقة القريبة العهد بالنتاج، والجمع لقح، وناقة لقوح: إذا كانت غزيرة اللبن.. واللقاح: ذوات الالبان.

 

[493]

11 - د (1): في الثامن عشر من ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين من الهجرة قتل عثمان بن عفان بن الحكم بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الاموي (2)، كنيته: أبو عمرو، وأبو عبد الله، وأبو ليلى، مولده في السنة السادسة بعد (3) الفيل بعد ميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله بقليل. مدة ولايته اثنا عشر سنة إلا أياما، قتل بالسيف وله يومئذ اثنتان وثمانون سنة، وقيل: ست وثمانون سنة، وأخرج من الدار وألقي على بعض مزابل المدينة لا يقدم أحد على مواراته خوفا من المهاجرين والانصار، حتى احتيل لدفنه بعد ثلاث، فأخذ سرا فدفن في حش كوكب، وهي مقبرة كانت لليهود بالمدينة، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان وصلها بمقابر أهل الاسلام. وفي هذا اليوم بعينه بايع الناس أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان، ورجع الامر إليه في الظاهر والباطن، واتفقت الكافة عليه طوعا بالاختيار (4)، وفي هذا اليوم فلج موسى بن عمران من السحرة (5)، وأخزى الله عزوجل فرعون وجنوده من أهل الكفر والضلال، وفيه نجى الله تعالى ابراهيم عليه السلام من النار وجعلها بردا وسلاما كما نطق به القرآن، وفيه نصب موسى بن عمران وصيه يوشع بن نون ونطق بفضله على رؤوس الاشهاد، وفيه أظهر عيسى وصيه شمعون الصفا، وفيه أشهد سليمان بن داود عليهما السلام سائر رعيته على استخلاف آصف وصيه عليه السلام، وفيه نصب رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام (6) ودل على فضله بالآيات والبينات، وهو يوم كثير البركات.

 

(1) العدد القوية في المخاوف اليومية: 200 - 201. (2) في المصدر زيادة: وهو أول خلفاء بني أمية. والى هنا قد أورده المصنف - رحمه الله - في بحاره 98 / 194 أيضا. (3) في العدد زيادة: عام. (4) ومن قوله: في هذا اليوم.. إلى هنا ذكره العلامة المجلسي أيضا في بحاره 98 / 194. (5) في المصدر: فلح موسى بن عمران على السحرة.. وهو الظاهر. (6) من قوله: وفيه نصب.. إلى هنا لا يوجد في العدد المطبوع.

 

[494]

12 - ختص (1): قتل عثمان بن عفان (2) وهو ابن احدى وثمانين سنة، و ولي الامر اثنتي عشر سنة. أقول: قال ابن عبد البر في الاستيعاب (3): عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الاموي، يكنى: أبا عبد الله، وأبا عمرو (4)، وولد في السنة السادسة بعد الفيل، أمه أروى بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبدشمس بن عبد مناف بن قصي، وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه [وآله] (5)، زوجه رسول الله صلى الله عليه [وآله] ابنتيه رقية ثم أم كلثوم واحدة بعد أخرى (6)، وبويع له بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام باجتماع الناس عليه، وقتل بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة أو سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، ذكره المدائني، عن أبي معشر، عن نافع. وقال المعتمر، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي: قتل في وسط أيام التشريق. وقال ابن اسحاق: قتل عثمان على رأس احدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من مقتل عمر بن الخطاب. وعلى رأس خمس وعشرين (7) من متوفى رسول الله صلى الله عليه [وآله].

 

(1) الاختصاص: 130. (2) لا يوجد في (س) والمصدر: بن عفان. (3) الاستيعاب المطبوع هامش الاصابة 3 / 69 - 81، وهي مقاطع من كلامه هناك. (4) هنا سقط يراجع الاستيعاب. (5) هنا سقط كثير يراجع المصدر 3 / 70 - 71. (6) في المصدر: بعد واحدة. ثم بعده سقط جاء في صفحة: 71. (7) في الاستيعاب زيادة: سنة.

 

[495]

وقال الوقدي: قتل (1) يوم الجمعة لثمال ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين. وقد قيل: إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة، وقد روي ذلك عن الواقدي أيضا. و (2) قال الواقدي: وحاصروه تسعة وأربعين يوما، وقال الزبير: حاصروه شهرين وعشرين يوما، وكان أول من دخل عليه الدار (3) محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته، فقال له (4): دعها يابن أخي فوالله (5) لقد كان أبوك يكرمها، فاستحى وخرج، ثم دخل رومان بن أبي (6) سرحان - رجل أزرق قصير محدود عداده في مراد، وهو من ذي أصبح - معه خنجر فاستقبله به وقال: على أي دين أنت يا نعثل ؟. فقال عثمان: لست بنعثل، ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة ابراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين. قال: كذبت، وضربه على صدغه الايسر فقتله، فخر، وأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها، وكانت امرأة جسيمة، ودخل رجل من أهل مصر معه السيف مصلتا، فقال: والله لاقطعن أنفه، فعالج المرأة فكشف عن ذراعيها وقبضت على السيف فقطع إبهامها، فقالت لغلام عثمان (7) يقال له: رباح ومعه سيف عثمان: أعني على هذا وأخرجه عني، فضر به الغلام بالسيف فقتله، وأقام (8) عثمان يومه ذلك مطروحا إلى الليل فحمله رجال على باب

 

(1) في المصدر زيادة: عثمان. (2) خط على الواو في (ك). (3) في الاستيعاب 2 / 477 - 478: الدار عليه - بتقديم وتأخير -. (4) لا توجد: له، في المصدر. (5) في الاستيعاب: والله. (6) لا توجد في المصدر: أبي. (7) في المصدر: لعثمان. (8) في الاستيعاب: وبقي، بدلا من: وأقام.

 

[496]

ليدفنوه فعرض لهم ناس ليمنعوهم (1) من دفنه، فوجدوا قبرا قد كان حفر لغيره فدفنوه فيه، وصلى عليه جبير بن مطعم. واختلف فيمن باشر قلته بنفسه، فقيل: محمد بن أبي بكر ضربه بمشقص، وقيل: بل حبسه محمد وأشعره (2) غيره، وكان الذي قتله سودان بن حمران، وقيل: بل ولي قتله رومان اليماني، وقيل: بل رومان رجل من بني أسد بن خزيمة (3)، وقيل: (4) إن محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته فهزها، وقال: ما أغنى عنك معاوية، وما أغنى عنك ابن أبي سرح، ما (5) أغنى عنك ابن عامر. فقال له: يا بن أخي ! أرسل لحيتي والله (6) إنك لتجبذ (7) لحية كانت تعز على أبيك، وما كان أبوك يرضى مجلسك هذا مني، فيقال: إنه حينئذ تركه وخرج عنه، ويقال: إنه حينئذ أشار إلى من (8) معه فطعنه أحدهم وقتلوه، فالله (9) أعلم. وأكثرهم يروي أن قطرة أو قطرات من دمه سقطت على المصحف على قوله (10): [فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم] (11). وروي أنه قتله رجل من أهل مصر يقال له: جبلة بن الايهم، ثم طاف

 

(1) قد تقرأ في (ك): لمينعونهم. (2) في المصدر: محمد بن أبي بكر واسعده. (3) في الاستيعاب: حزيمة. (4) جاءت زيادة: بل، في المصدر. (5) في المصدر: وما، وقد كتب على الواو رمز الاستظهار في (ك) ولا توجد في (س). (6) في المصدر: فوالله. (7) قال في النهاية 1 / 235: الجبذ لغة في الجذب، وقيل: هو مقلوب. (8) زيادة: كان، في الاستيعاب. (9) في المصدر: والله. (10) الزيادة في المصدر: جل وعلا. (11) البقرة: 137. وما بعدها نقل بالمعنى عن المصدر.

 

[497]

بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل (1)، ثم روى خبر دفنه كما مر (2). وقال (3): واختلف في سنه حين قتل (4)، فقال ابن إسحاق: قتل وهو ابن ثمانين سنة، وقال غيره: ابن ثمان وثمانين (5)، وقيل: ابن تسعين (6)، وقال قتادة (7): ابن ست وثمانين (8). وقال الواقدي: لا خلاف عندنا أنه قتل وهو ابن اثنتين (9) وثمانين سنة، وقيل: ابن تسعين سنة (10). ودفن ليلا بموضع يقال له:

 

(1) وأخرج الحاكم في المستدرك 3 / 106 بإسناده عن كنانة العدوي، قال: كنت فيمن حاصر عثمان، قال: قلت: محمد بن أبي بكر قتله ؟. قال: لا، قتله جبلة بن الايهم - رجل من أهل مصر - قال: وقيل: قتله كبيرة السكوني، فقتل في الوقت. وقيل: قتله كنانة بن بشر التجيبي، ثم قال: ولعلهم اشتركوا في قتله. وذكر الاختلاف في قتل عثمان المحب الطبري في رياضه 2 / 130، وابن عساكر في تاريخه 7 / 175 وغيرهما. (2) أقول: روى ابن عبد البر في الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 3 / 341 - 342 وفي 3 / 353 ما حاصله - أنه كان أشد الناس على التأليب على عثمان المحمدون: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن عمرو بن حزم. ثم إن الحجاج لما قدم المدينة أقام بها شهرا أو شهرين فأساء إلى أهلها واستخف بهم، وقال: إنهم قتله أمير المؤمنين عثمان !، وختم يد جابر بن عبد الله (الانصاري) برصاص وأيدي قوم آخرين كما يفعل بالذمة، منهم: أنس بن مالك ختم عنقه، وأرسل إلى سهل بن سعد فدعاه، فقال: ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان ؟. قال: قد فعلت. قال: كذبت، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص !. كما أورده البلاذري في الانساب 5 / 373، والطبري في تاريخه 7 / 206، وابن الاثير في الكامل 4 / 149، وغيرهم. وصرح في الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 3 / 199 في ترجمة فروة بن عمرو أنه كان ممن أعان على قتل عثمان، وبه قال في أسد الغابة 4 / 179، والاصابة 3 / 204، وشرح الموطأ للزرقاني 1 / 152. (3) الاستيعاب - المطبوع هامش الاصابة - 3 / 80 [2 / 477 - 478]. (4) في المصدر: قتلوه. (5) في الاستيعاب زيادة: وقتل وهو ابن... سنة. (6) (8) زيادة: سنة، جاءت في المصدر. (7) في الاستيعاب زيادة: قتل عثمان وهو.. (9) في المصدر: اثنين. (10) لا يوجد في المصدر: وقيل ابن تسعين سنة، وفيه: وهو قول ابن اليقظان.

 

[498]

حش كوكب، وكوكب رجل من الانصار، والحش البستان (1). وقيل (2): صلى عليه عمرو إبنه، وقيل: بل صلى عليه حكيم بن خرام (3)، وقيل: المسور بن محزمة (4). وقيل: كانوا خمسة أو ستة.. فلما دفنوه غيبوا قبره. وقال (5) ابن إسحاق: كانت ولايته اثنتى عشرة سنة إلا اثنى عشر يوما (6). وقال غيره: كانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما، وقيل ثمانية عشر يوما. أقول: روى مؤلف كتاب إلزام النواصب (7)، عن هشام بن محمد السائب، أنه قال: وممن كان (8) يلعب به ويفتحل (9) عفان أبو عثمان، قال: وكان يضرب بالدف.

 

(1) قال في النهاية 1 / 390: وفيه: إن هذه الحشوش محتضرة.. يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة، الواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش: البستان، لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين، ومنه حديث عثمان (انه دفن في حش كوكب) وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع. (2) هنا كلام غير متصل، وما يأتي مضمون الكلام. (3) في المصدر: حزام. (4) في الاستيعاب: مخرمة. (5) في المصدر: قال - بلا واو -. (6) زاد في المصدر: وقيل: ثمانية عشر يوما. (7) الزام النواصب - من النسخة الخطية المصورة عندنا المرقمة بصفحة: 98. (8) لا توجد: كان، في المصدر. (9) قال في الصحاح 5 / 1789: وأفحلته: إذا أعطيته فحلا يضرب في إبله، وفحلت إبلي: إذا أرسلت فيها فحلا، وتفحل.. أي تشبه بالفحل. هذا ولعل الافتحال بمعنى طلب الفحل. وفي الاستيعاب: يقتحر، ولم نجد له معنى مناسبا في ما بأيدينا من مصادر لغوية.

 

[499]

[30] باب تبرئ أمير المؤمنين عليه السلام عن دم عثمان وعدم إنكاره أيضا 1 - نهج (1): من كلام له عليه السلام في قتل عثمان: لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه، ومن خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير مني، وأنا جامع لكم أمره، استأثر فأساء الاثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (2). بيان: قال ابن أبي الحديد (3): معناه أن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه، لان الذين نصروه كانوا (4) فساقا كمروان بن الحكم وأضرابه، وخذله المهاجرون والانصار. والمستأثر بالشئ: المستبد به (5).. أي أساء عثمان في استقلاله برأيه في

 

(1) نهج البلاغة - محمد عبده - 1 / 75، صبحي صالح: 73 خطبة: 30. (2) ولقد أجاد ابن ميثم رحمه الله في شرحه للخطبة في 2 / 54 - 59 وبيان مراده عليه السلام، فراجع. (3) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 128. (4) في المصدر: كان أكثرهم. (5) قاله في مجمع البحرين 3 / 199، والقاموس 1 / 362، وغيرهما.

 

[500]

الخلافة وإحداث ما أحدت. قوله عليه السلام: لله حكم واقع.. أي ثابت محقق (1) في علمه تعالى، فالحكم يحتمل الدنيوي والاخروي أو سيقع ويتحقق خارجا في الآخرة أو في الدنيا، لان مجموعه لم يتحقق بعد وإن تحقق بعضه. 2 - نهج (2): من كلام له عليه السلام لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان: أولم ينه بني (3) أمية علمها بي عن قرفي ؟، أما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي ؟ ولما وعظمهم الله به أبلغ من لساني (4)، أنا حجيج المارقين، وخصيم المرتابين (5)، على كتاب الله تعالى تعرض الامثال، وبما في الصدور تجازى العباد. توضيح: قرفه - كضربه -.. أي اتهمه (6). ووزعه عنه: صرفه وكفه (7).

 

(1) قال في القاموس 3 / 96: وقع القول: وجب، والحق: ثبت. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 1 / 125، صبحي صالح: 102 خطبة: 75، بتصرف. (3) لا توجد في مطبوع البحار: بني. (4) قال ابن ميثم رحمه الله في شرح قوله عليه السلام: ولما وعظمهم الله به أبلغ من لساني: 2 / 206: تعذير لنفسه في عدم ردعه لهم عن الغيبة وأمثالها.. أي إذا كان وعظ الله لهم - مع كونه أبلغ من كلامي - لا يردعهم، فكلامي بطريق الاولى ! وزواجر كتاب الله كقوله: [إن بعض الظن إثم]... ونحوه من القرآن كثير، وأراد بلسانه وعظه مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبب. وانظر ما جاء في شرح ابن أبي الحديد 6 / 169، ومنهاج البراعة 1 / 299، وغيرهما. (5) في نهج البلاغة - صبحي صالح -: وخصيم الناكثين. (6) قاله في القاموس 3 / 184، والصحاح 4 / 1415. (7) قال في مجمع البحرين 4 / 402: ووزعته وزعا: كففته فاتزع.. أي كف، ومنه حديث علي عليه السلام: أوما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي.. أي دفع وكف، وقال في المصباح المنير 2 / 377: وزعته عن الامر ازعه وزعا - من باب وهب -: منعته عنه وحبسته. وقال في النهاية 5 / 180:.. لا يزعني.. أي لا يزجرني ولا ينهاني. ولا حظ: القاموس 3 / 93، والصحاح 3 / 1297.

 

[501]

والسابقة: الفضيلة والتقدم (1)، والمراد باللسان القول. والحجيج: المغالب باظهار الحجة (2). والمارقون: الخارجون من الدين (3). والخصيم: المخاصم (4). والمرتابون: الشاكون (5) في الدين أو في إمامته، أو في كل حق. والمحاجة: المخاصمة (6) إما في الدنيا، أو فيها، وفي الآخرة. وقال بعض الشارحين للنهج: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن قوله تعالى: [هذان خصمان اختصموا في ربهم] (7)، فقال: علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة والوليد... إلى آخر ما مر في الاخبار الكثيرة في غزوة بدر (8). قال: وكان علي عليه السلام يكثر من قوله: أنا حجيج المارقين.. ويشير إلى هذا المعنى، وأشار إلى ذلك بقوله: على كتاب الله تعرض الامثال.. يريد قوله: [هذان خصمان..] (9) الآية، وقال بعضهم: لما كان في أقواله وأفعاله عليه السلام ما يشبه الامر بالقتل أو فعله فأوقع في نفوس الجهال شبهة القتل نحو ما روي عنه عليه السلام: الله قتله وأنا معه، وكتخلفه في داره عن الخروج يوم قتل،

 

(1) قال في مجمع البحرين 5 / 182، والصحاح 4 / 1494، والقاموس 3 / 243: وله سابقة في هذا الامر.. أي سبق الناس إليه، وقال في الاخير: سبقه: تقدمه. (2) ذكره في النهاية 1 / 341، ولسان العرب 2 / 228. (3) صرح بذلك في النهاية 4 / 320، ولسان العرب 10 / 341، وغيرهما. (4) كما قاله في القاموس 4 / 107، ولسان العرب 12 / 181. (5) أورده في لسان العرب 1 / 442، والقاموس 1 / 77. (6) قال في المصباح المنير 1 / 149: وحاجه - محاجة فحجه يحجه، من باب قتل - إذا غلبته في الحجة، وقال في لسان العرب 2 / 228: حاجه محاجة وحجاجا: نازعه الحجة. (7) الحج: 19. (8) بحار الانوار 19 / 133 و 202 وما بعدها، والرواية جاءت في 19 / 289. (9) الحج: 19.

 

[502]

فقال: ينبغي أن يعرض ذلك على كتاب الله، فإن دل على كون شئ من ذلك قتلا فليحكم به وإلا فلا. ويحتمل أن يراد بالامثال الحجج أو (1) الاحاديث كما ذكرها في القاموس (2).. أي ما احتج به في مخاصمة المارقين والمرتابين وما يحتجون به في مخاصمتي ينبغي عرضها على كتاب الله حتى يظهر صحتهما وفسادهما، أو ما يسندون إلي في أمر عثمان وما يروى في أمري وأمر عثمان يعرض على كتاب الله. وبما في الصدور.. أي بالنيات والعقائد، أو بما يعلمه الله من مكنون الضمائر لا على وفق ما يظهره المتخاصمان عند الاحتجاج يجازي الله العباد. 3 - نهج (3): من كلام له عليه السلام بعد ما بويع بالخلافة وقال (4) له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان. فقال عليه السلام: يا إخوتاه ! إني لست أجهل ما تعلمون، ولكن كيف لي بقوة والقوم المجلبون على حد شوكتهم، يملكوننا ولا نملكهم، وهاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، والتفت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم يسومونكم ما شاؤا، وهل ترون موضعا لقدرة على شئ تريدونه ؟ إن هذا الامر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة، إن الناس من هذا الامر - إذا حرك - على أمور فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى لا هذا ولا هذا (5)، فاصبروا حتى يهدأ الناس، وتقع القلوب موافعها، وتؤخذ الحقوق مسمحة، فاهدأوا عني، وانظروا ماذا يأتيكم به (6) أمري، ولا تفعلوا فعلة تضعضع قوة (7) وتسقط منة،

 

(1) في (ك): و، بدلا من: أو. (2) القاموس: 4 / 49. (3) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 80، صبحي صالح: 243، خطبة 168. (4) نهج البلاغة: وقد قال. (5) في المصدر: لا ترى هذا ولا ذاك وهو الظاهر. (6) في (س) وضع على: به، رمز نسخة بدل. (7) هنا عبارة جاءت في (س): وتسقط قوة، وقد خط عليهما في (ك)، ولا توجد في المصدر.

 

[503]

وتورث وهنا وذلة، وسأمسك الامر ما استمسك، وإذا لم اجد بدا، فآخر الدواء الكي (1). إيضاح: لو عاقبت.. جزاء الشرط محذوف.. أي لكان حسنا ونحوه. واجلبوا (2) عليه.. تجمعوا وتألبوا (3). قوله عليه السلام: على حد شوكتهم.. أي لم ينكسر سورتهم، والحد: منتهى الشئ، ومن كل شئ: حدته، ومنك: بأسك (4). والشوكة: شدة البأس والحد (5) في السلاح (6). وروي أنه عليه السلام أجمع الناس ووعظهم، ثم قال: لتقم قتلة عثمان، فقام الناس بأسرهم إلا قليل، وكان ذلك الفعل منه عليه السلام استشهادا على قوله. والعبدان (7): جمع عبد (8).

 

(1) في المطبوع من البحار: فآخر الداء الكي. وانظر شرح كلامه صلوات الله عليه وآله في شرح ابن أبي الحديد 9 / 291 وما بعدها، وشرح ابن ميثم البحراني 3 / 320 - 323، ومنهاج البراعة 2 / 143، وغيرها. (2) قال هذا في النهاية 1 / 282، وقال بعده: وأجلبه: أعانه، وأجلب عليه: إذا صاح به واستحثه. وبنصه ذكره في الصحاح 1 / 100. (3) في (س): ثالبوا. ولا معنى لها هنا. (4) كما في القاموس 1 / 286. (5) كذا، والظاهر: الحدة، كما في المصادر الآتية. (6) قاله في مجمع البحرين 5 / 277، وفي معناه في لسان العرب 10 / 454، والمصباح المنير 1 / 396، والقاموس 3 / 3110. وانظر - أيضا -: النهاية 2 / 510، والصحاح 4 / 1595. (7) أقول: عبدان، وعبدان، وعبدان... كلها جمع عبد، كما قاله في القاموس 1 / 311. (8) صرح به في الصحاح 2 / 502، والقاموس 1 / 311.

 

[504]

وألتفت.. أي انضمت واختلطت (1). وهم خلالكم.. أي بينكم (2). يسومونكم.. أي يكلفونكم (3). قوله عليه السلام: إن هذا الامر.. أي أمر المجلبين عليه، كما قال ابن ميثم، والمعنى أن قتلهم لعثمان كان عن تعصب وحمية لا لطاعة أمر الله وإن كان في الواقع مطابقا له. ويمكن أن يكون المراد إن ما (4) تريدون من معاقبة القوم أن جاهلية نشأ عن تعصبكم وحميتكم وأغراضكم الباطلة، وفيه إثارة للفتنة وتهييج للشر، والاول أنسب بسياق الكلام (5)، إذ ظاهر أن إيراد تلك الوجوه للمصلحة وإسكات الخصم، وعدم تقوية شبه المخالفين الطالبين لدم عثمان. قوله: مسمحة.. أي منقادة بسهولة (6). ويقال: ضعضعه.. أي هدمه حتى الارض (7). والمنة - بالضم -: القوة (8). قوله عليه السلام: فآخر الدواء الكي - كذا في أكثر النسخ المصححة،

 

(1) قال في المصباح المنير 2 / 249: لففته لفا من باب قتل، فالتف، والتف النبات بعضه ببعض: اختلط ونشب، والتف بشوبه: اشتمل. وقال في لسان العرب 9 / 318: التف الشئ: تجمع وتكاثف. وانظر: مجمع البحرين 5 / 121، والقاموس 3 / 195 - 196. (2) كما ذكره في مجمع البحرين 5 / 364، ولسان العرب 11 / 213، وانظر: الصحاح 4 / 1687، والنهاية 2 / 72، والمصباح المنير 1 / 219. (3) كما قاله في القاموس 4 / 133، ولسان العرب 12 / 311، ولا حظ: مجمع البحرين 6 / 93. (4) في (ك): إما أن. (5) ويؤيد ذلك قوله: فاصبروا حتى يهدأ الناس. (6) قال في النهاية 2 / 398 يقال: أسمحت نفسه.. أي انقادت. وقال في الصحاح 1 / 376: أسمحت قرونته.. أي ذلت نفسه وتابعت، ومثلهما في القاموس 1 / 229. (7) ذكره في الصحاح 3 / 1250، والقاموس 3 / 56، ومجمع البحرين 4 / 365. (8) قاله في مجمع البحرين 6 / 319، والصحاح 6 / 2207، والقاموس 4 / 272.

 

[505]

ولعل المعنى بعد الداء الكي إذا اشتد الداء ولم يزل بأنواع المعالجات فيزول بالكي وينتهي أمره إليه (1). وقال ابن أبي الحديد (2): آخر الدواء الكي مثل مشهور، ويقال: آخر الطب (3)، ويغلط فيه العامة فتقول: آخر الداء الكي، ثم قال: ليس معناه: وسأصبر عن معاقبة هؤلاء ما أمكن فإذا لم أجد بدا عاقبتهم، ولكنه كلام قاله عليه السلام أول مسير طلحة والزبير إلى البصرة، فإنه حينئذ أشار عليه قوم بمعاقبة المجلبين فاعتذر عليه السلام بما ذكر، ثم قال: سأمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين وأقنع بمراسلتهم وتخويفهم، فإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الحرب. أقول: ويحتمل أن يكون ذلك تورية منه عليه السلام ليفهم بعض المخاطبين المعنى الاول (4)، ومراده المعنى الثاني. 4 - ما (5): أبو عمرو، عن ابن عقدة، عن احمد بن يحيى، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن احمد بن أبي العالية، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: إن شاء الناس قمت لهم خلف مقام ابراهيم فحلفت لهم بالله ما قتلت عثمان ولا أمرت بقتله، ولقد نهيتهم فعصوني. 5 - قب (6): روي أن أصحاب أمير المؤمنين (7) كانوا فرقتين: احداهما:

 

(1) قال في المستقصى 1 / 5: ومن روى آخر الدواء الكي، فهذا المثل يضرب في أعمال المخاشنة مع العدو إذا لم يجد معه اللين والمداراة. (2) في شرحه على نهج البلاغة 9 / 291. (3) ذكره في المستقصى 1 / 3، وغيره. (4) قال في المستقصى 1 / 5: آخر الدواء الكي: يضرب في من يستعمل في أول الامر ما يجب استعماله في آخره. (5) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 275، مع تفصيل في الاسناد. (6) المناقب لابن شهر آشوب 2 / 144 - 145. (7) في المصدر: وذلك أن أصحابه، بدلا من: روي أن أصحاب أمير المؤمنين.

 

[506]

اعتقدوا أن عثمان (1) قتل مظلوما ويتوالاه ويتبرا (2) من أعدائه، والاخرى - وهم جمهور أهل (3) الحرب وأهل الغناء (4) والبأس - اعتقدوا (5) أن عثمان قتل لاحداث أوجبت عليه القتل، ومنهم من يصرح بتكفيره، وكل من هاتين الفرقتين تزعم أن عليا عليه السلام موافق له على رأيه، وكان يعلم أنه متى وافق احدى الطائفتين باينته (6) الاخرى وأسلمته، وتولت عنه وخذلته، فكان يستعمل في كلامه ما يوافق كل واحدة من الطائفتين. أقول: قد مر القول في ذلك في سياق مطاعنه، ولا يخفى على أحد أن أقواله وأفعاله عليه السلام في تلك الواقعة تدل على أنه عليه السلام كان منكرا لافعاله وخلافته راضيا بدفعه، لكن لم يأمر صريحا بقتله لعلمه بما يترتب عليه من المفاسد أو تقية، ولم ينه القاتلين أيضا لانهم كانوا محقين، وكان عليه السلام يتكلم في الاحتجاج على الخصوم على وجه لا يخالف الواقع ولا يكون للجهال وأهل الضلال أيضا عليه حجة، وكان هذا مما يخصه من فصل الخطاب ومما يدل على وفور علمه في كل باب.

 

(1) في المناقب: أحدهما على أن عثمان.. (2) في المصدر: وتتولاه وتتبرأ. (3) لا توجد: أهل، في المصدر. (4) في (ك): نسخة بدل: العناء، وهو الظاهر. وفي المصدر: الغنى. (5) في المناقب: يعتقدون. (6) الكلمة مشوشة في المطبوع. وما أثبتناها من المصدر. وتقرأ: بايبته.

 

[507]

[31] باب ما ورد في لعن بني أمية وبني العباس وكفرهم الآيات: ابراهيم: [ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار] (1). وقال تعالى: [ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار] (2). الاسراء: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا] (3). تفسير: [مثل كلمة خبيثة..] (4).

 

(1) ابراهيم: 26. (2) ابراهيم: 28 - 29. (3) الاسراء: 60. (4) ابراهيم: 26.

 

[508]

قال في مجمع البيان (1): و (2) هي كلمة الشرك والكفر.. (3)، وقيل: (4) كل كلام في معصية الله... [كشجرة خبيثة] غير زاكية، وهي شجرة الحنظل... وقيل: إنها شجرة هذه صفتها، وهو أنه لا قرار لها في الارض... وقيل: إنها الكشوث... (5). وروى أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام: إن هذا مثل بني أمية [اجتثت].. أي قطعت واستؤصلت واقتلعت جثتها من الارض [ما لها من قرار].. أي ما لتلك الشجرة من ثبات، فإن الريح تنسفها وتذهب بها... وعن ابن عباس: إنها شجرة لم يخلقها الله بعد وإنما هو مثل ضربه الله. [ألم تر إلى الذين..] (6).. أي (7) ألم تر إلى هؤلاء الكفار عرفوا نعمة الله بمحمد صلى الله عليه وآله.. أي عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا. وعن الصادق عليه السلام، أنه قال: نحن - والله - نعمة الله التي أنعم بها على عباده، وبنا يفوز من فاز.. أو المراد جميع نعم الله على العموم بدلوها أقبح التبديل، إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها، واختلف في المعنى بالآية.. فروي عن أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس وابن جبير ومجاهد

 

(1) مجمع البيان 6 / 313، والنقاط الثلاث علامة الحذف. (2) خط على الواو في (ك). (3) في التفسير: الكفر والشرك - بتقديم وتأخير -. (4) في المصدر زيادة: هو. (5) قال في القاموس 1 / 173: الكشوث - ويضم - والكشوثى - ويمد - والاكشوث - بالضم -: خلف نبت يتعلق بالاغصان ولا عرق له في الارض. وقيل: نبت يلتف على الشوك والشجر لا أصل له في الارض ولا ورق. (6) ابراهيم: 28. (7) كما جاء في مجمع البيان 6 / 314، بتصرف.

 

[509]

والضحاك، أنهم كفار قريش كذبوا نبيهم ونصبوا له (1) الحرب والعداوة. وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه الآية، فقال: هما الافجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر. وقيل: إنهم جبلة بن الابهم ومن تبعه (2) من العرب تنصروا ولحقوا بالروم. [ودار البوار] (3): دار الهلاك (4). [وما جعلنا الرؤيا] (5) فيه أقوال (6): أحدها: أن المراد بالرؤيا رؤية العين، وهي الاسراء (7)، وسماها فتنة للامتحان وشدة التكليف.. وثانيها: أنها رؤيا رآها أنه سيدخل مكة وهو بالمدينة، فقصدها قصده (8) المشركون حتى (9) دخلت على قوم منهم الشبهة...، ثم رجع فدخل في القابل وظهر صدق الرؤيا. وثالثها: أن ذلك رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وآله (10) أن قرودا تصعد منبره وتنزل، فساءه ذلك واغتم به، رواه سهل بن سعيد، عن أبيه... وهو المروي

 

(1) في (س): قصبوا له. (2) في مجمع البيان: اتبعوه. (3) ابراهيم: 29. (4) ذكره في مجمع البحرين 3 / 231، والصحاح 2 / 598، والقاموس 1 / 377. (5) الاسراء: 60. (6) ذكرها الطبرسي في مجمع البيان 6 / 424، بتصرف واختصار. (7) في المصدر: وهي ما ذكره في أول السورة من اسراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى بيت المقدس والى السموات في ليلة واحدة، إلا أنه لما رأى ذلك ليلا وأخبر بها حين أصبح سماها: رؤيا. (8) كذا، وفي المصدر: فصده. وهو الصواب. (9) في المجمع جاءت العبارة هكذا: في الحديبية عن دخولها حتى شك قوم ودخلت عليهم الشبهة. (10) في المصدر زيادة: في منامه.

 

[510]

عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقالوا: على هذا التأويل أن الشجرة الملعونة (1) هي بنو أمية، أخبره الله بتغلبهم على مقامه وقتلهم ذريته... وقيل: هي شجرة الزقوم... وقيل: هي اليهود... وتقدير الآية: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلا فتنة للناس. 1 - نهج (2): قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لبني أمية مرودا يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثم كادتهم الضباع لغلبتهم. قال السيد رضي الله عنه: والمرود هاهنا مفعل من الارواد، وهو من الامهال والانظار (3)، وهذا من أفصح الكلام وأغربه، فكأنه عليه السلام شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية، فإذا بلغوا أيام (4) منقطعها انتقض (5) نظامهم بعدها (6).

 

(1) في المجمع زيادة: في القرآن. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 3 / 262، صبحي صالح: 557، كلمات: 464. (3) في النهج لصبحي صالح: والاظهار، بدلا من: الانظار. قال ابن ميثم في شرحه 5 / 461 ما نصه: أقول: استعار لفظ المرود لمدة دولتهم، ووجه المشابهة هو ما ذكره السيد. والكلام ظاهر الصدق، فإن دولتهم لم تزل على الاستقامة إلى حين اختلافهم، وذلك حين ولي الوليد بن يزيد فخرج عليه يزيد بن الوليد فخرج عليه ابراهيم بن الوليد، وقامت حينئذ دعاة بني العباس بخراسان، وأقبل مروان بن محمد من الجزيرة يطلب الخلافة، فخلع ابراهيم بن الوليد وقتل قوما من بني أمية واضطرب أمر دولتهم، وكان زوالها على يد أبي مسلم، وكان في بدو أمره أضعف خلق الله وأشدهم فقرا، وفي ذلك تصديق قوله عليه السلام: ثم كادتهم الضباع لغلبتهم. ولفظ: الضباع قد يستعار للاراذل والضعفاء.. وهذا من كراماته. (4) لا توجد: أيام، في النهج - بطبعتيه -. (5) في (س): انتفض. (6) انظر شرح كلامه عليه السلام في منهاج البراعة للقطب الراوندي 3 / 432، وشرح ابن أبي الحديد 20 / 182. (*)

 

[511]

2 - ل (1): ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن ابن عيسى، عن أبي العباس جرير البجلي، عن محمد بن اسحاق، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: للكفر جناحان: بنو أمية وآل المهلب. توضيح: آل المهلب: طائفة من الولاة منسوبون إلى المهلب بن أبي صفرة الازدي العثكي البصري، وكان رجلا شجاعا حمى البصرة من الخوارج، وله معهم وقائع مشهورة بالاهواز، وتقلبت به الاحوال إلى أن ولي خراسان من جهة الحجاج، ولم يزل واليا بخراسان حتى أدركته الوفاة، فولى ابنه يزيد ولم يزل، كانوا ولاة في زمن بني أمية وبني العباس، وكانوا من أعوان خلفاء الجور، ولهم وقائع مشهورة مذكورة في التواريخ. 3 - فس (2): [الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا] (3)، قال: نزلت في بني أمية، حيث خالفوهم (4) على أن لا يردوا الامر في بني هاشم، ثم قال: يبتغون عندهم العزة يعني القوة (5). وقوله: [وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم ءايات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تعقدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره] (6) قال: آيات الله هم الائمة عليهم السلام.

 

(1) الخصال 1 / 35 - باب الاثنين -، مع تفصيل في الاسناد. (2) تفسير القمي 1 / 156. وفي (س): قل، وهو غلط. (3) النساء: 139. وجاء بعدها: يعني القوة. (4) في المصدر: خالفوا نبيهم. (5) من قوله: ثم قال.. إلى هنا لا يوجد في المصدر. (6) النساء: 140، وذكر في المصدر ذيلها " إنكم إذا مثلهم ".

 

[512]

4 - فس (1): [ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين] (2)، قال: نزلت في بني أمية، ثم قال: [بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل] (3)، قال: من عداوة أمير المؤمنين عليه السلام [ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون] (4). 5 - فس (5): جعفر بن احمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد ابن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون] (6)، قال عليه السلام: نزلت في بني أمية، فهم أشر خلق الله، هم الذين كفروا في باطن القرآن فهم لا يؤمنون. 6 - شي (7): عن جابر، عنه عليه السلام مثله (8). 7 - فس (9): [ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار] (10) في رواية أبي الجارود (11)، قال: كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السماء، وبنو أمية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ولا تصعد أعمالهم إلى السماء إلا قليل (12) منهم.

 

(1) تفسير القمي 1 / 196. (2) الانعام: 27. (3) (4) الانعام: 28. (5) تفسير علي بن ابراهيم القمي 1 / 279. (6) الانفال: 55. (7) تفسير العياشي 2 / 65 حديث 72، مع اختلاف يسير متنا، وتباين إسنادا. (8) وانظر: تفسير البرهان 2 / 90، وتفسير الصافي: 674 - حجرية - [2 / 310]. (9) تفسير القمي 1 / 369. (10) ابراهيم: 26. (11) في المصدر زيادة: عن أبي جعفر عليه السلام. (12) في (ك) نسخة بدل: قليلا.

 

[513]

8 - فس (1): أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن قول اله عزوجل (2): [ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا] (3)، قال: نزلت في الافجرين من قريش (4) بني أمية وبني المغيرة، فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم (5)، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين. ثم قال: ونحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز. بيان: روى الجزء الاول من الخبر إلى قوله: [فمتعوا إلى حين] الزمخشري (6) والبيضاوي (7)، عن علي عليه السلام. 9 - فس (8): [وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم] (9) يعني ممن هلكوا من بني أمية: [وتبين لكم فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال] (10) [وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم (11) وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال] (12)، قال: مكر بني فلان. بيان: المراد ببني فلان إما بنو العباس كما هو الظاهر، أو بنو أمية، فيكون الخطاب

 

(1) تفسير القمي 1 / 371. (2) لا توجد: عزوجل، في المصدر. (3) ابراهيم: 28. (4) في التفسير زيادة: ومن. (5) في المصدر زيادة: يوم بدر. (6) الكشاف 2 / 555. (7) تفسير البيضاوي 3 / 160. (8) تفسير القمي 1 / 372. (9 و 10) ابراهيم: 45. (11) في المصدر زيادة: ثم قال. (12) ابراهيم: 46.

 

[514]

للمتأخرين من بني أمية بتحذيرهم عما نزل على السابقين منهم في غزوة بدروغيرها، أو الخطاب لبني العباس بتحذيرهم عما نزل ببني (1) أمية أولا وأخيرا، وعلى تقدير كون المراد بني العباس يكون قوله تعالى: [وقد مكروا..] (2) على سبيل الالتفات، وعلى التقادير يحتمل أن يكو المراد أن قصة هؤلاء نظير قصة من نزلت الآية فيه، والقرآن لم ينزل لجماعة مخصوصة، بل نزل فيهم وفي نظائرهم إلى يوم القيامة. 10 - فس (3): قال علي بن ابراهيم في قوله: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان] (4)، قال: نزلت لما رأى النبي صلى الله عليه وآله في نومه كأن قرودا تصعد منبره فساءه ذلك وغمه غما شديدا فأنزل الله: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس] (5) لهم ليعمهوا فيها [والشجرة الملعونة في القرءان] (6) كذلك (7) نزلت، وهم بنو أمية. بيان: أي كان في القرآن: ليعمهوا فيها. 11 - فس (8): [فكبكبوا فيها هم والغاوون] (9) في خبر (10) هم بنو أمية، والغاوون بنو فلان [قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ

 

(1) في (ك): على بني. (2) ابراهيم: 46. (3) تفسير علي بن ابراهيم القمي 2 / 21. (4 - 6) الاسراء: 60. (7) في المصدر: كذا. (8) تفسير القمي 2 / 123. (9) الشعراء: 94. وفي التفسير زيادة: قال الصادق عليه السلام: نزلت في قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره. (10) في المصدر زيادة: آخر.

 

[515]

نسويكم برب العالمين] (1) يقولون لمن تبعوهم: أطعناكم كما أطعنا الله فصرتم أربابا. بيان: بنو فلان: بنو العباس، وقد مر أن كل من يطاع بغير أمره تعالى فهم الاصنام ومن أطاعهم من المشركين في بطن القرآن، فلا ينافي (2) كونها ظاهرا في الاصنام وعبدتهم مع أن ضمير (هم) أنسب بهذا التأيل. 12 - فس (3): محمد الحمير (4)، عن أبيه، عن محمد بن الحسين ومحمد بن عبد الجبار معا (5)، عن محمد بن يسار (6)، عن المنخل بن خليل (7)، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار] (8) يعني بني أمية. 13 - كنز (9): محمد بن العباس، عن ابن عقدة (10)، عن الحسن بن القاسم، عن علي بن ابراهيم بن المعلى، عن فضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية، عن علي عليه السلام، قال: قوله عز

 

(1) الشعراء: 96 - 98. (2) في (س): في، بدلا من: فلا ينافي. (3) تفسير القمي 2 / 255. (4) كذا، وفي المصدر: محمد بن عبد الله الحميري. (5) في التفسير: جميعا. (6) في المصدر: سنان، بدلا من: يسار. (7) في التفسير زيادة: الرقي. (8) غافر: 6. (9) تأويل الآيات الظاهرة 1 / 434 حديث 1، مع تفصيل في الاسناد. (10) في المصدر: احمد بن محمد بن سعيد.

 

[516]

وجل: [الم * غلبت الروم..] (1) هي فينا وفي بني أمية (2). 14 - كنز (3): محمد بن العباس، عن الحسن بن محمد بن جمهور العمي (4)، عن أبيه، عن جعفر بن بشير (5)، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن تفسير [الم * غلبت الروم..] (6) قال: هم بنو أمية، وإنما أنزلها الله (7): [الم * غلبت الروم] (8) بنو أمية [في أدنى الارض وهم من بعد عليهم سيغلبون * في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله] (9) عند قيام القائم عليه السلام. تبيين: كذا في النسخ: غلبت الروم بنو أمية، ولعله كان غلبت بنو أمية فزاد النساخ لفظ الروم، وعلى ما في النسخ وما في الخبر الاول من تفسير الروم ببني أمية يكون التعبير عنهم بالروم إشارة إلى ما سيأتي من أن نسبهم ينتهي إلى عبد رومي، وهذا بطن للآية ولا ينافي ما مر من تفسير الآية موافقا للمشهور. قوله عليه السلام: عند قيام القائم عليه السلام.. لعله على هذا التأويل قوله: يومئذ إشارة إلى قوله: من بعد.

 

(1) الروم: 1 - 2. (2) وانظر: تفسير البرهان 3 / 257 حديث 1. (3) تأويل الآيات الظاهرة 1 / 434 حديث 2. (4) في المصدر: القمي. (5) في التأويل زيادة: الوشاء. (6) الروم: 1 - 2. (7) في المصدر زيادة: عزوجل. (8) الروم: 1 - 2. (9) الروم: 3 - 5.

 

[517]

15 - فس (1): [إن الذين كفروا] يعني بنى أمية [ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان] (2) يعني إلى ولاية علي عليه السلام [فتكفرون] (3). بيان: ينادون.. أي يوم القيامة، فيقال لهم: لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم الامارة بالسوء إذ تدعون إلى الايمان. قال البيضاوي (4): ظرف لفعل دل عليه المقت الاول لا له، لانه أخبر عنه، ولا للثاني لان مقت (5) أنفسهم يوم القيامة حين عاينوا جزاء أعمالها الخبيثة. 16 - ل (6): عمار بن الحسين الاسروشي (7) رضي الله عنه، عن علي بن محمد بن عصمة، عن احمد بن محمد الطبري، عن الحسن (8) بن أبي شجاع البجلي، عن جعفر بن عبد الله (9) الحنفي، عن يحيى بن هاشم، عن محمد بن جابر، عن صدقة بن سعيد، عن النضر بن مالك، قال: قلت للحسين بن علي عليهما السلام: يا أبا عبد الله ! حدثني عن قول الله عزوجل: [هذان خصمان اختصموا في ربهم] (10)، قال: نحن وبنو أمية اختصمنا في الله عزوجل، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله، فنحن وإياهم الخصمان يوم القيامة.

 

(1) تفسير القمي 2 / 255. (2) و (3) غافر (المؤمن): 10. (4) تفسير البيضاوي 5 / 35. (5) في المصدر: مقتهم. (6) الخصال 1 / 42 - 43، مع تفصيل في الاسناد. (7) في المصدر: الاسروشني. (8) في الخصال: أبو الحسن، لا الحسن. (9) في (س): عبيدالله. (10) الحج: 19.

 

[518]

بيان: لا ينافي هذا التأويل ما مر من نزولل الآية في ستة نفر تبارزوا في غزوة بدر، أمير المؤمنين عليه السلام قتل الوليد بن عتبة، وحمزة قتل عتبة، وعبيدة بن الحرث قتل شيبة، فإنها تشمل كل طائفتين تخاصمتا (1) في الله وإن كانت نزلت فيهم. 17 - ل (2): القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبيدالله (3)، عن علي أبي عبد الله، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الزرقي (4)، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: إن (5) للنار سبعة أبواب: باب يدخل منه فرعون وهامان وقارون، وباب يدخل منه المشركون والكفار ممن لم يؤمن بالله طرفة عين، وباب يدخل منه بنو أمية هو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد، وهو باب لظى، وهو باب سقر، وهو باب الهاوية تهوي بهم سبعين خريفا، فكلما هوى بهم سبعين خريفا فصار (6) بهم فورة قذف بهم في أعلاها سبعين خريفا، ثم هوى (7) بهم كذلك سبعين خريفا، فلا يزالون هكذا أبدا (8) خالدين مخلدين، وباب يدخل فيه (9) مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا، وإنه لاعظم الابواب وأشدها حرا. قال محمد بن الفضيل الزرقي (10): فقلت لابي عبد الله عليه السلام: الباب

 

(1) في (س): تخاصما. (2) الخصال 2 / 361 - 362، مع تفصيل في الاسناد. (3) في المدصدر: عبد الله - مكبرا -. (4) في المصدر: الرزقي. (5) لا توجد: ان، في الخصال. (6) في الخصال: فار. (7) في المصدر: تهوي. (8) وضع على: أبدا، في (س) رمز نسخة بدل. (9) في المصدر: منه، بدلا من: فيه. (10) في الخصال: الرزقي.

 

[519]

الذي ذكرت عن أبيك عن جدك عليهما السلام أنه يدخل منه بنو أمية، يدخله من مات منهم على الشرك أو ممن (1) أدرك منهم الاسلام. فقال: لا أم لك ! ألم تسمعه يقول: وباب يدخل منه المشركون والكفار، فهذا الباب يدخل فيه كل مشرك وكل كافر لا يؤمن بيوم الحساب، وهذا الباب الآخر الذي (2) يدخل منه بنو أمية إنه (3) هو لابي سفيان ومعاوية وآل مروان خاصة يدخلون من ذلك الباب فتحطمهم النار حطما (4) لا تسمع لهم فيها واعية ولا يحبون فيها ولا يموتون. بيان: لعل السائل اعترض السؤال بين الكلام فلم يتم عليه السلام عدد الابواب، أو يكون السبعة باعتبار الاسم، أو المراد (5) أن بني أمية يدخلون من أربعة أبواب، باب بعد باب، أو كل طائفة منهم من باب، فالمراد بالباب في الثالث الجنس، والاول أظهر. 18 - ما (6): المفيد، عن الجعابي، عن الفضل بن الحباب، عن الحسين ابن عبد الله الابلي، عن أبي خالد الاسدي، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة ابن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال: سمعت (7) عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى العقبة، فقال: لا يجاوزها أحد، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به صلى الله عليه وآله (8)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار، فعوج الحكم

 

(1) في الخصال: من. وهي نسخة بدل في (س). (2) لا توجد: الذي، في المصدر. (3) في الخصال: لانه. (4) في (س): حتما، وهو سهو. (5) في (ك): والمراد. (6) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 179، مع اختصار في الاسناد وحذف للصدر. (7) في المصدر: أسمعت. (8) في الامالي: وقال.

 

[520]

فمه فبصر به النبي صلى الله عليه وآله فدعا عليه، فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبي صلى الله عليه وآله عن المدينة طريدا ونفاه عنها. 19 - ما (1): المفيد، عن المراغي (2)، عن العباس بن الوليد (3)، عن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال: صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة - وكان سكرانا - فتغنى في الثانية منها، وزادنا ركعة أخرى، ونام في آخرها، فأخذ رجل من بكر بن وائل (4) خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي: تكلم في الصلاة وزاد فيها * مجاهرة وعالن بالنفاق وفاح الخمر عن ستر (5) المصلي * ونادى والجميع (6) إلى افتراق أزيدكم (7) على أن تحمدوني * فما لكم وما لي من خلاق 20 - ل (8): ابن موسى، عن محمد بن موسى الدقاق، عن احمد بن محمد ابن داود الحنظلي، عن الحسين بن عبد الله الجعفي، عن الحكم بن مسكين، عن أبي الجارود، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن في كلهن لا يستطيع إلا أن يلعنه: أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا وأبو سفيان جائ من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده، وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله.

 

(1) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 179 - 180، مع حذف الصدر واختصار في الاسناد. (2) في (ك): المراعي. (3) في المصدر زيادة في السند: حدثنا القتاد عن.. (4) في (ك): وابل. (5) في المصدر: من سنن. (6) في (س): الجمع. (7) في الامالي: أزيد بكم. (8) الخصال 2 / 397 - 398، مع تفصيل في الاسناد.

 

[521]

والثانية: يوم العير، إذا طردها ليحرزها من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلعنه الله ورسوله. والثالثة: يوم أحد، قال أبو سفيان: أعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله (1) مولانا ومولى لكم. والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جمع قريش فردهم الله بغيظهم (2) لم ينالوا خيرا، وأنزل الله عزوجل في القرآن آيتين في سورة الاحزاب، فسمى أبو سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية يومئذ (3) مشرك عدو لله ولرسوله. والخامسة: يوم الحديبية، والهدي معكوفا أن يبلغ محله وصد مشركو قريش رسول الله صلى الله عليه وآله عن المسجد الحرام وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله. والسادسة: يوم الاحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع (4) قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن، وعيينة بن حصين (5) بغطفان، وواعدهم قريظة والنضير أن يأتوهم فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله القادة والاتباع، وقال: أما الاتباع فلا تصيب (6) اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج. والسابعة: يوم حملوا على رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة، وهم

 

(1) سقط لفظ الجلالة من مطبوع البحار. (2) في (س): بغيظ. (3) لا توجد: يومئذ، في المصدر، ووضع عليها في (س) رمز نسخة بدل. (4) في (س): يجمع. (5) في المصدر: حصن. (6) في (س): فلا تطيب.

 

[522]

اثنا عشر رجلا من بني أمية وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله من على العقبة غير النبي صلى الله عليه وآله وناقته وسائقه وقائده. قال الصدوق رحمه الله: جاء هذا الخبر هكذا، والصحيح أن أصحاب العقبة كانوا أربعة عشر. بيان: أقول: سيأتي مثله في احتجاج الحسن عليه السلام على معاوية (1). قوله: والرابعة، يوم الخندق. أقول: سيأتي في السادسة يوم الاحزاب وهما متحدان، ولعل التكرار لتكرر اللعن بجهتين، أو الاول لبيان لعن الله تعالى إياهم وتسميتهم كفارا، والثاني لبيان لعن الرسول صلى الله عليه وآله، وفيما سيأتي من احتجاج الحسن عليه السلام، والرابعة: يوم حنين، وهو بعيد من جهتين: الاولى: أن أبا سفيان في غزوة حنين كان مع عسكر النبي صلى الله عليه وآله. والثانية: أن الآية نزلت في الاحزاب، ولعله لتوهم التكرار صحفه الرواة والنساخ، وفيما سيأتي هكذا: والسابعة: يوم الثنية، يوم شد على رسول الله (ص) اثنا عشر رجلا سبعة منهم من بني أمية وخمسة من سائر قريش، ولعله أقرب، وما ذكره الصدوق رحمه الله يمكن أن يكون لاحدى العقبتين، فإن ظاهر الاخبار أن المنافقين كمنوا له صلى الله عليه وآله في عقبة تبوك مرة، وفي عقبة الغدير عند الرجوع من حجة الوداع أخرى، والله يعلم. 21 - ل (2): احمد بن محمد بن الصقر، عن محمد بن جعفر الزعفراني، عن

 

(1) بحار الانوار 43 / 331 - نوادر من احتجاجاته سلام الله عليه -. (2) الخصال 1 / 191، بتفصيل في السند.

 

[523]

أبي الاحوص، عن أبي بكر بن شيبة، عن أبي غسان، عن حميد بن عبد الرحمن، عن الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحرث، عن عبد الله بن مالك الزبيدي، عن عبد الله بن عمرو، أن أبا سفيان ركب بعيرا له ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله الراكب والقائد والسائق. 22 - ص (1): بالاسناد إلى الصدوق، بإسناده إلى ابن عباس، قال: دخل أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وآله يوما، فقال: يا رسول الله (ص) ! أريد أن أسألك عن شئ ؟. فقال صلى الله عليه وآله: إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني. قال: افعل. قال: أردت أن تسأل عن مبلغ عمري ؟. فقال: نعم يا رسول الله (ص). فقال: إني أعيش ثلاثا وستين سنة. فقال: أشهد أنك صادق. فقال صلى الله عليه وآله: بلسانك دون قلبك. قال ابن عباس: والله ما كان إلا منافقا، قال: ولقد كنا في محفل فيه أبو سفيان وقد كف بصره وفينا علي صلوات الله عليه فأذن المؤذن، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، قال أبو سفيان: هاهنا من يحتشم (2) ؟. قال واحد من القوم: لا. فقال: لله در أخي بني هاشم، انظروا أين وضع اسمه ؟. فقال علي عليه السلام: أسخن الله عينك (3) يا أبا سفيان: الله فعل ذلك بقوله عز من قائل: [ورفعنا لك ذكرك] (4). فقال أبو سفيان: أسخن الله عين من قال لي ليس هاهنا من يحتشم. 23 - شئ (5): عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام في قول

 

(1) قصص الانبياء: خطي لم نحصل على نسخة جيدة. (2) قال في القاموس 4 / 96: الحشمة - بالكسر -: الحياء والانقباض، احتشم منه وعنه وحشمه وأحشمه: أخجله، وان يجلس اليك الرجل فتؤذيه وتسمعه ما يكره. (3) قال في القاموس 4 / 233: سخنة العين.. نقيض قرتها.. وأسخن الله عينه وبعينه: أبكاه. (4) الانشراح: 4. (5) تفسير العياشي 1 / 360 حديث 23.

 

[524]

الله: [فلما نسوا ما ذكروا به..] (1) قال: لما تركوا ولاية علي عليه السلام وقد أمروا بها [أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون] (2) قال: نزلت في ولد العباس (3). بيان: لعل المعني نزلت في استيلاء ولد العباس على بني أمية ليوافق الخبر التالي (4)، مع أنه يحتمل نزولها فيهما وفي أمثالهما، ويكون انطباقها على بني أمية أظهر فلذا خصت بهم في الخبر الثاني (5)، والحاصل أنه ذكر في كل مقام ما يناسبه من مورد نزول الآية، وأكثر الاخبار الواردة في تأويل الآيات كذلك. 24 - شئ (6): عن منصور بن يونس، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الله: [فلما نسوا ما ذكروا به..] إلى قوله: [فإذا هم مبلسون] (7) قال: أخذ بني أمية بغتة ويؤخذ بنو العباس جهرة (8). 25 - شي (9): عن مسلم المشوف (10)، عن علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله: [وأحلوا قومهم دار البوار] (1)، قال: هما الافجران من قريش: بنو أمية وبنو المغيرة (12).

 

(1) الانعام: 44. (2) الانعام: 44. وقد ذكر المصدر الآية التالية لها، وهي: [فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين]. (3) ولا حظ: تفسير البرهان 1 / 526، وتفسير الصافي 1 / 517 [2 - 121]. (4) في (ك): الثاني. (5) كذا، والظاهر: التالي، كما مر. (6) تفسير العياشي 1 / 360 حديث 24. (7) الانعام: 44. (8) وانظر: تفسير البرهان 1 / 526، وتفسير الصافي 1 / 517 [2 / 121]، وإثبات الهداة 5 / 426. (9) تفسير العياشي 2 / 230 حديث 28. (10) كذا، وفي المصدر: المشوب، وفي تفسير البرهان: معصم المسرف. (11) ابراهيم: 28. (12) ولا حظ: تفسير البرهان 2 / 318. (*)

 

[525]

26 - شي (1): عن جرير (2)، عمن سمع أبا (3) جعفر عليه السلام [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة] لهم ليعمهوا فيها [والشجرة الملعونة في القرءان] (4) يعني بني أمية (5). 27 - شي (6): عن علي بن سعيد، قال: كنت بمكة، فقدم علينا معروف ابن خربوذ، فقال: قال (7) لي أبو عبد الله عليه السلام: إن عليا عليه السلام قال لعمر: يا أبا حفص ! ألا (8) أخبرك بما نزل في بني أمية ؟. قال: بلى. قال: فإنه نزل فيهم: [والشجرة الملعونة في القرءان] (9). فغضب عمر، وقال: كذبت، بنو أمية خير منك وأوصل للرحم (10). 28 - شي (11): عن الحلبي، عن (12) زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، قالوا: سألناه عن قوله: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك..] (13)، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أري أن رجالا على المنابر و (14) يردون الناس ضلالا زريق (15)

 

(1) تفسير العياشي 2 / 297 حديث 93. (2) في المصدر: حريز. (3) في التفسير: عن أبي.. (4) الاسراء: 60. (5) ولا حظ: تفسير البرهان 2 / 424 - 425، وتفسير الصافي 1 / 975 [3 / 199]. (6) تفسير العياشي 2 / 297 حديث 94. (7) لا توجد: قال، في المصدر. (8) في (س) لا توجد: يا أبا حفص، ألا.. (9) الاسراء: 60، وبعده كلمة: قال، جاءت في المصدر. (10) وانظر: تفسير البرهان 2 / 424 - 425، وتفسير الصافي 1 / 975 [3 / 199]. (11) تفسير العياشي 2 / 297 - 298 حديث 95. (12) في (س) وضع على عن: واو، ثم رمز الاستظهار (ظ) أي كون الظاهر الواو بدلا من: عن، ولعله لاتحاد الطبقة، فتأمل. (13) الاسراء: 60. (14) لا توجد الواو في المصدر. (5) في المصدر: رزيق.

 

[526]

وزفر، وقوله: [والشجرة الملعونة في القرءان] (1). قال: هم بنو أمية (2). وفي رواية أخرى (3) عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد راى رجالا من نار على منابر و (4) يردون الناس على أعقابهم القهقرى، ولسنا نسمي (5) أحدا (6). وفي رواية سلام الجعفي (7)، عنه أنه قال: إنا لا نسمي الرجال بأسمائهم ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى قوما على منبره يضلون الناس بعده عن (8) الصراط القهقرى. 29 - شي (9): عن قاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما حاسرا حزينا، فقيل له: مالك يا رسول الله ؟ !. فقال: إني رأيت الليلة صبيان بني أمية يرقون على منبري هذا، فقلت: يا ربي ! معي ؟. فقال: لا، ولكن بعدك (10). بيان: قوله عليه السلام: حاسرا.. أي كاشفا (11) عن ذراعيه، أو من الحسرة وإن كان الغالب فيه الحسير، والحاسر أيضا من لا مغفر له ولا درع ولا جنة (12).

 

(1) الاسراء: 60. (2) وقد جاء في تفسير البرهان 2 / 425، وتفسير الصافي 1 / 975 [3 / 199]. (3) جاءت في تفسير العياشي 2 / 298 حديث 96. (4) في المصدر: من نار، بدلا من: الواو. (5) في (ك): تسمى. (6) ولاحظ: تفسير البرهان 2 / 425، وتفسير الصافي 1 / 075 [3 / 200]. (7) تفسير العياشي 2 / 298 حديث 97. (8) في المصدر: على، بدلا من: عن. وفي (ك) نسخة بدل: من بعده. (9) تفسير العياشي 2 / 298 حديث 98. (10) وجاء في تفسير الصافي 1 / 975 [3 / 200]، وتفسير البرهان 2 / 425. (11) قاله في القاموس 2 / 8، والنهاية 1 / 383، والصحاح 2 / 629. (12) نص عليه في القاموس 2 / 9، وقال في الصحاح 2 / 629: الحاسر: الذي لا مغفر له ولا درع. =

 

[527]

30 - شي (1): عن أبي الطفيل، قال: كنت في مسجد الكوفة، فسمعت عليا عليه السلام يقول - وهو على المنبر - وناداه ابن الكواء وهو في مؤخر المسجد، فقال: يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن قول الله: [والشجرة الملعونة في القرءان] (2)، فقال: الافجران من قريش ومن بني أمية (3). بيان: لعل المراد بالافجرين هنا الاول والثاني، فقوله: ومن بني أمية.. أي وجماعة من بني أمية، ويحتمل أن يكون كما مر، فصحف. 31 - شي (4): عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك..] (5)، قال: أرى رجالا من بني تيم وعدي على المنابر يردون الناس عن الصراط القهقرى. قلت: [والشجرة الملعونة في القرءان] (6). قال: هم بنو أمية، يقول الله: [ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا] (7). 32 - شي (8): عن يونس، عن عبد الرحمن الاشل، قال: سألته عن قول الله: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس..] الآيات (9)، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نام فرأى أن بني أمية يصعدون المنابر، فكلما صعد منهم رجل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الذلة والمسكنة، فاستيقظ جزوعا من

 

= ومثله في النهاية 1 / 383. (1) تفسير العياشي 2 / 298 حديث 99. (2) الاسراء: 60. (3) وأورده صاحب تفسير البرهان 2 / 425، والصافي 1 / 975. (4) تفسير العياشي 2 / 298 حديث 100. (5 و 6) الاسراء: 60. (7) الاسراء: 60. (8) تفسير العياشي 2 / 298 حديث 101. (9) الاسراء: 60، وفي المصدر: الآية.

 

[528]

ذلك، وكان الذين رآهم اثني عشر رجلا من بني أمية، فأتاه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية، ثم قال جبرئيل: إن بني أمية لا يملكون شيئا إلا ملك أهل البيت ضعفيه (1). بيان: لعل التخصيص بالاثني عشر لعدم (2) الاعتناء بشأن بعضهم ممن كان ملكه قليلا، وكان أقل ضررا على المسلمين كمعاوية بن يزيد ومروان بن محمد لانهم كانوا أكثر من اثني عشر، إذ (3) كان أول ملوكهم عثمان، ثم معاوية، ثم يزيد بن معاوية، ثم معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم عبد الملك بن مروان، ثم الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ثم يزيد بن الوليد الناقص، ثم ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك، ثم مروان بن محمد. 33 - شي (4): عن زرارة، قال: كان يوسف بن (5) الحجاج صديقا لعلي ابن الحسين عليهما السلام، وأنه دخل على امرأته فأراد أن يضمها - أعني أم الحجاج -، قال: فقالت (6) له: (7) إنما عهدك بذاك الساعة. قال: فأتى علي بن الحسين عليه السلام فأخبره، فأمره أن يمسك عنها، فأمسك عنها، فولدت

 

(1) وجاء في تفسير الصافي 1 / 975 [3 / 200]، وتفسير البرهان 2 / 425، والكلمة الاخيرة مشوشة في (س). (2) في (س): عدم. (3) في (س): إذا. (4) تفسير العياشي 2 / 299 حديث 103. (5) في المصدر: أبو الحجاج، وجاء في (س) عليها رمز نسخة بدل. (6) في (س): فقال. (7) في المصدر زيادة: أليس.

 

[529]

بالحجاج وهو ابن شيطان ذي الردهة (1). بيان: إنما عهدك (2) بذلك.. أي بالجماع، وإنما قالت ذلك لان الشيطان كان قد أتاها قبل ذلك بصورة يوسف، وشيطان الردهة وقع في كلام أمير المؤمنين عليه السلام في مواضع. 34 - قب (3): حدثني ابن كادش في تكذيب العصابة العلوية في ادعائهم الامامة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله رأى العباس في ثوبين أبيضين، فقال: إنه لابيض الثوبين، وهذا جبرئيل يخبرني أن ولده يلبسون السواد. عبد الله بن احمد بن حنبل في كتاب صفين: أنه نشر عمرو بن العاص في يوم صفين راية سوداء.. الخبر. وفي أخبار دمشق: عن أبي الحسين محمد بن عبد الله الرازي، قال ثوبان: قال النبي صلى الله عليه وآله: يكون لبني العباس رايتان مركزهما كفر وأعلاهما ضلالة، إن أدركتهما (4) - يا ثوبان - فلا تستظل بظلهما (5). أبي بن كعب: أول الرايات السود نصر، وأوسطها غدر، وآخرها كفر، فمن أعانهم كان كمن أعان فرعون على موسى. تاريخ بغداد: قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق فإن أولها فتنة، وأوسطها هرج، وآخرها ضلالة. أخبار دمشق: عن النبي صلى الله عليه وآله أبو أمامة في خبر: أولها

 

(1) وجاء في تفسير البرهان 2 / 426. (2) في (ك): عهد - بلا ضمير -. (3) المناقب لابن شهر آشوب 3 / 300. (4) في (س): أدركتها، ووضع عليها: كذا، وجاءت في المصدر كذلك. (5) في (س): بظلها، ووضع عليها: كذا، وجاءت في المصدر كذلك.

 

[530]

منشور، وآخرها مثبور (1). تاريخ الطبري: إن ابراهيم الامام أنفذ إلى أبي مسلم لواء النصرة وظل السحاب، وكان أبيض، طوله أربعة عشر ذراعا (2)، مكتوب عليها بالحبر: [أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصر هم لقدير] (3)، فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن يتحول بكل لون من الثياب، فلما لبس السواد قال: معه هيبة، فاختاره خلافا لبني أمية وهيبة للناظر، وكانوا يقولون: هذا السواد حداد آل محمد، وشهداء كربلاء، وزيد ويحيى. 35 - ني (4): علي بن احمد، عن عبيدالله بن موسى، عن البرقي، عن ابراهيم بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن ابن عباس (5)، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا بد من ويل لولدي من ولدك (6)، وويل لولدك من ولدي !. فقال: يا رسول الله (7) ! أفلا أجب نفسي ؟. فقال لي: علم الله قد مضى والامور بيد الله، وإن الامر في ولدي (8). 36 - ني (9): محمد بن همام، عن احمد بن مابنداد (10)، عن احمد بن هلال، عن الحسن بن علي بن فضال، عن سفيان بن ابراهيم الحميري (11)، عن أبيه،

 

(1) في (س): مبثور. (2) في المناقب: زراعا، وهو غلط. (3) الحج: 39. (4) كتاب الغيبة للنعماني: 248 حديث 2، بفتصيل في السند. (5) في المصدر زيادة: قال، وهو الظاهر. (6) جاءت العبارة في المصدر هكذا: لابي: يا عباس ! ويل لذريتي من ولدك. (7) في المصدر زيادة: اجتنب النساء، أو قال:.. (8) والعبارة في الغيبة هكذا: قال: إن علم الله عزوجل قد مضى، والامور بيده، وإن الامر سيكون في ولده. (9) الغيبة للنعماني: 249 - 250 حديث 4، بتفصيل في الاسناد. (10) في المصدر: ما بنداذ. (11) في الغيبة: الجريري.

 

[531]

عن أبي صادق، عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: ملك بني العباس عسر عسر ليس فيه يسر، تمتد فيه دولتهم (1)، لو اجتمع عليهم الترك والديلم والسند والهند لم يزيلوهم (2)، ولا يزالون يتمرغون ويتنمعون (3) في غضارة من ملكهم حتى يشذ (4) عنهم مواليهم وأصحاب ألويتهم (5)، ويسلط الله عليهم علجا يخرج من حيث بدأ ملكهم، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع له راية إلا هدها، ولا نعمة إلا أزالها، الويل لمن ناواه، فلا يزال كذلك حتى يظفر ويدفع (6) إلى رجل من عترتي يقول بالحق ويعمل به. قال النعماني: يقول أهل اللغة: العلج: الكافر، والعلج: الجافي في الخلقة، والعلج: اللئيم، والعلج: الشديد في أمره. وقال أمير المؤمنين علي (7) عليه السلام لرجلين كانا عنده: إنكما علجان فعالجا عن (8) دينكما، وكانا من العرب. بيان: قال في النهاية (9) حديث علي (ع): " أنه بعث رجلين في وجه وقال: إنكما علجان فعالجا عن دينكما ". العلج: الرجل القوي الضخم، وعالجا.. أي

 

(1) لا يوجد في المصدر من قوله: عسر عسر.. إلى هنا، وفيه: يسر لا عسر فيه، وجاء في (س): عشر عشر، وهو غلط، كما حذفت منه: فيه. (2) في الغيبة بدلا من: لم يزيلوهم: والبربر والطيلسان لن يزيلوه. (3) لا يوجد في المصدر: يتمرغون ويتنعمون. (4) في (ك): يشد. (5) في المصدر: دولتهم، وما هنا جاء نسخة هناك. (6) في الغيبة زيادة: بظفره. (7) في المصدر زيادة: بن أبي طالب. (8) في المصدر العبارة: تعالجان غيبه عن. (9) النهاية 3 / 286، وبلفظه في لسان العرب 2 / 326 - 327. (10) في المصدر: منه، بدلا من: في.

 

[532]

مارسا العمل الذي ندبتكما إليه واعملا به. وقال: العلج: الرجل من كفار العجم وغيرهم. وفي القاموس (1): العلج - بالكسر -: العير..، وحمار الوحش السمين القوي، والرغيف الغليظ الحرف والرجل من كفار العجم.. ورجل علج - ككتف وصرد وسكر (2) - شديد صريع معالج للامور. انتهى. ولعله رحمه الله إنما ذكر هذه المعاني لاستبعاد أن يكون من يأخذ الحق منهم ويعطي صاحب الحق من الكفار، وكان ذلك قبل انقراض دولتهم، والآن ظهر أن من استأصلهم كان هلاكو، وكان من الكفار. وأما قوله عليه السلام يدفع - فعلى البناء للمجهول -.. أي ثم يدفع إلى القائم عليه السلام ولو بعد حين، ويحتمل أن يكون من الاخبار البدائية. 37 - كا (3): العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله عزوجل نزع الشهوة من رجال بني أمية وجلعها في نسائهم وكذلك فعل بشيعتهم، وأن الله عزوجل نزع الشهوة من نساء بني هاشم وجعلها في رجالهم، وكذلك فعل بشيعتهم. 38 - كا (4): الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشاء، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من حجرته ومروان وأبوه يستمعان إلى حديثه، فقال له: الوزغ بن الوزغ. قال أبو عبد الله عليه السلام: فمن يومئذ يرون أن الوزغ يسمع الحديث.

 

(1) القاموس 1 / 200، وبنصه في لسان العرب 2 / 326 - 327. (2) في المصدر: خلر. (3) الكافي 5 / 564 حديث 35، مع تفصيل في الاسناد. وتقديم وتأخير. (4) الكافي - الروضة - 8 / 238 حديث 323، مع تفصيل في الاسناد.

 

[533]

39 - كا (1): بالاسناد المتقدم، عن أبان، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما ولد مروان عرضوا به لرسول الله عليه وآله أن يدعو له، فأرسلوا به إلى عائشة ليدعو له، فلما قربته منه، قال: اخرجوا عني الوزغ بن الوزغ. قال زرارة: ولا أعلم إلا أنه قال: ولعنه. 40 - كا (2): بالاسناد عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي العباس المكي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أن عمر لقي أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: أنت الذي تقرأ هذه الآية: [بأيكم المفتون] (3) تعرضا بي وبصاحبي ؟ !. قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية: [فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم] (4). فقال: كذبت، بنو أمية أوصل للرحم منك، ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وعدي وبني أمية (5). 41 - كا (6): محمد بن يحيى، عن أبي عيسى (7) وأبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار جميعا، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة، قال: كان أبو جعفر عليه السلام في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم، فقال (8) له بعض أصحابه: إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عزوجل هذا الامر على يدك (9). فقال: ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم، إن أصحابهم أولاد الزنا، إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والارض

 

(1) الكافي - الروضة - 8 / 238 حديث 324، مع تفصيل في الاسناد. (2) الكافي - الروضة - 8 / 239 حديث 325، مع تفصيل في الاسناد. (3) القلم: 6. (4) محمد (ص): 22. (5) وجاءت أيضا في الروضة من الكافي 8 / 103 حديث 76. (6) الكافي - الروضة - 8 / 341 حديث 538، مع تفصيل في الاسناد، وقليل من الاختلاف. (7) في المصدر: ابن عيسى. (8) في (ك): وقال. (9) في الكافي: يديك.

 

[534]

سنين ولا أياما أقصر من ستينهم وأيامهم، إن الله عزوجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا. 42 - كا (1): علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ولد المرداس من تقرب منهم أكفروه، ومن تباعد منهم أفقروه، ومن ناواهم قتلوه، ومن تحصن منهم أنزلوه، ومن هرب منهم أدركوه حتى ينقضي (2) دولتهم. بيان: التعبير عن ولد العباس بولد (3) مرداس كناية بعيدة - لشدة التقية - لابن عباس ابن مرداس، من الصحابة، فروعي لاشتراك الاسم بين العباسين. أقول: قد مرت الاخبار الكثيرة في لعن بني أمية في أبواب الآيات النازلة في الائمة عليهم السلام لا سيما في باب تأويل الايمان بهم عليهم السلام والشرك بأعدائهم (4)، وتأويل آية النور (5)، وسيأتي في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام بعد البيعة وسائر أبواب هذا المجلد (6)، وفي باب احتجاج الحسن عليه السلام على معاوية (7).

 

(1) الكافي - الروضة - 8 / 341 - 342 حديث 539، بتفصيل في الاسناد. (2) في المصدر: تنقضي. (3) في (ك): بن. (4) بحار الانوار 51 / 46. (5) في (س) جملة: وسيأتي تأويل آية النور، وحذفت في (ك)، وهو الظاهر. انظر: بحار الانوار 9 / 228 و 23 / 207، 363 و 364 و 51 / 48، و 53 / 56. (6) بحار الانوار 41 / 349. (7) بحار الانوار 43 / 353، 44 / 43. وانظر ما ذكره شيخنا الاميني في غديره 8 / 248 - 251 و 288.

 

[535]

43 - مد (1): من صحيح البخاري (2)، عن موسى بن اسماعيل، عن عمر ابن يحيى بن سعيد، عن جده، قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه [وآله] (3) بالمدينة ومعنا مروان، قال أبو هريرة: سمعت الصادق الصديق (4) يقول: هلاك أمتي على يدي غلمة قريش (5). فقال مروان: غلمة ؟ !. فقال (6) أبو هريرة: لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت (7)، وكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا الشام فإذا (8) رآهم غلمان أحداثا، قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم !. قلت (9): أنت أعلم. ومن (10) صحيح مسلم (11)، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن شعبة، عن أبي النباح (12)، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه [وآله]، قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش. قالوا: فما (13) تأمرنا ؟. قال: لو أن الناس اعتزلوهم.

 

(1) العمدة لابن بطريق: 469 - 470 حديث 814، مع اختلاف كبير. (2) صحيح البخاري - كتاب الفتن 9 / 47. (3) في المصدر زيادة: يوما. (4) في العمدة: المصدق. (5) في المصدر: من قريش. (6) في العمدة: مروان لعنة الله عليهم غلمة قال. (7) في المصدر زيادة: من بني فلان وبني فلان فعلت قال:.. (8) في المصدر: مع جدي سعيد إلى الشام حين هلك بني مروان فإذا.. (9) في العمدة: هؤلاء الذين عناهم أبو هريرة !. فقلت.. (10) كما جاء في العمدة لابن بطريق: 452 حديث 941. (11) صحيح مسلم - كتاب الفتن - 8 / 186. (12) في المصدر: أبي التياح. (13) في (ك) نسخة بدل: وما.

 

[536]

وروى من الجمع بين الصحيحين (1) مثله (2). 44 - مد (3): من تفسير الثعلبي، بإسناده عن سعيد بن المسيب في قول الله عزوجل: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس] (4)، قال: أري بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فقيل له: إنها الدنيا يعطونها، فنزل عليه: [إلا فتنة للناس]. قال: بلاء للناس (5). وبإسناده أيضا (6)، عن المهلبي (7)، عن سهل بن سعد، عن أبيه، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه [وآله] بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه (8)، فما استجمع ضاحكا حتى مات، فأنزل (9) الله عزوجل في ذلك: [وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرءان] (10). بيان: قوله: فما استجمع ضاحكا.. أي لم يضحك ضحكا تاما. قال الطيبي في قوله: مستجمعا ضاحكا: المستجمع: المستجد للشئ القاصد له، أي ضاحكا كل الضحك.

 

(1) الجمع بين الصحيحين للحميدي، ولا نعلم بطبعه إلى الآن كما ذكرنا ذلك مكررا. (2) كما ذكره ابن بطريق في العمدة: 456 حديث 954. (3) العمدة: 452 ذيل حديث 942. (4) الاسراء: 60. (5) في المصدر: يعطونها، فسرى عنه. فتنة الناس قال: بلاء الناس. وقد أورده السيوطي في الدر المنثور 4 / 191، وغيره. (6) كما في العمدة: 453 حديث 943. (7) في المصدر: البهلي. (8) في العمدة زيادة: ذلك. (9) في المصدر: وأنزل. (10) الاسراء: 60. أقول: رؤيا رسول الله (ص) لبني أمية على منبره جاء في بحار الانوار 28 / 77 حديث 36، والكافي 4 / 159، 8 / 445، وسنن الترمذي حديث 3408، ومنتخب كنز العمال 5 / 399، وشرح النهج =

 

[537]

45 - مد (1): عن الثعلبي (2)، بإسناده عن عمر بن الخطاب في قوله تعالى: [.. الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار] (3). قال: هما الافجران من قريش بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم بدر، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين (4). وقال الثعلي (5) أيضا (6) في قوله تعالى:: [فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم] (7) نزلت في بني أمية (8) وبني هاشم (9). 46 - مد (10) من مسند احمد بن حنبل (11)، بإسناده عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: إذا بلغ آل أبي العاس ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، ودينه دخلا. وذكر الزمخشري (12) في الفائق (13) في حديث أبي هريرة: إذا بلغ (14) بنو العاص ثلاثين رجلا كان مال الله دولا، وعباده خولا (15).

 

= لابن أبي الحديد 1 / 372 وغيرها كثير. (1) العمدة لابن بطريق: 453 ذيل حديث 944، باختلاف يسير. (2) في تفسيره 2 / 281، ولم ترد الرواية هناك ذيل الآية. (3) ابراهيم: 28 - 29. (4) وأورده السيوطي في الدر المنثور 4 / 84. (5) تفسير الثعلبي 4 / 167. (6) ذكره ابن بطريق في العمدة: 454 حديث 946. (7) محمد (ص): 22. (8) وجاء إلى هنا في غاية المرام: 445 نقلا عن الثعلبي. (9) لا توجد: وبني هاشم، في المصادر السالفة. (10) العمدة لابن بطريق: 471 حديث 992. (11) مسند احمد بن حنبل 3 / 80، عن مسند أبي سعيد الخدري. (12) كما ذكره ابن بطريق في العمدة: 472 حديث 993. (13) الفائق 1 / 420. (14) في البحار المطبوع تكرر لفظ: بلغ، ولا وجه له، وفي العمدة: بلغ بنوا أبي.. (15) في المصدر: ثلاثين، كان دين الله دخلا، ومال الله نحلا، وعباد الله خولا.

 

[538]

ونشأ للحكم (1) بن أبي العاس أحد وعشرون ابنا، وولد لمروان (2) بن الحكم تسعة بنين (3). إيضاح: قال في النهاية (4) في (5) حديث أبي هريرة: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان مال الله دولا (6) ودين الله دخلا وعباد الله خولا. قال (7): الدول (8): جمع دولة - بالضم -: وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. والدخل - بالتحريك -: العيب والغش والفساد.. وحقيقته ان يدخلوا في الدين امورا لم تجر بها السنة (9). وقوله: خولا.. أي خدما وعبيدا، يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم (10). 47 - مد (11): من كتاب الملاحم، تأليف أبي الحسن احمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله، بإسناده عن زيد بن وهب، أنه كان عند معاوية ودخل عليه

 

(1) في العمدة: وعباد الله خولا، ودينه دخلا، وولد للحكم.. (2) لا يوجد: لمروان، في المصدر. (3) وأورده الهندي في كنز العمال 11 / 165. (4) النهاية 2 / 108، وذكر جملة منه في 2 / 88 و 2 / 140. (5) في المصدر: ومنه. (6) لا توجد في النهاية: كان مال الله دولا. (7) النهاية 2 / 140، ومثله في لسان العرب 11 / 252. (8) في المصدر: دولا. (9) كما في لسان العرب 11 / 241، والنهاية 2 / 108. (10) نص عليه في النهاية 2 / 88، ولسان العرب 11 / 225. (11) العمدة لا بن بطريق: 472 حديث 994، بتفصيل في الاسناد.

 

[539]

مروان في حوائجه، فقال: اقض حوائجي يا أمير المؤمنين فإني (1) أصبحت أبا عشرة وأخا عشرة، وقضى (2) حوائجه ثم خرج، فلما أدبر قال معاوية لا بن عباس - وهو معه على الزبير (3) -: أنشدك الله يا بن عباس ! أما تعلم أن رسول الله (ص) قال ذات يوم: إذا بلغ بنو الحكم (4) ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله بينهم دولا، وعباده خولا، وكتابه دخلا، فإذا بلغوا تسع (5) وتسعين وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من أول ممرة (6). فقال ابن عباس: اللهم نعم، ثم إن مروان ذكر حاجة (7) لما حصل في بيته (8) فوجه ابنه عبد الملك إلى معاوية فكلمه فيها فقضاها (9)، فلما أدبر عبد الملك قال معاوية (10) لابن عباس: أنشدك الله يا بن عباس ! أما تعلم أن رسول الله (ص) ذكر هذا، فقال: هذا أبو الجبابرة الاربعة. فقال ابن عباس: اللهم نعم، فعند ذلك ادعى معاوية زيادا (11). وروى (12) الطبري في تاريخه (13) والواقدي وكافة (14) رواة الحديث أن الحكم ابن أبي العاص كان سبب طرده وولده مروان حين طردهما رسول الله صلى الله عليه

 

(1) في العمدة: فوالله إن مؤنتي لعظيمة وأني.. (2) في المصدر: فقضى. (3) في مطبوع البحار نسخة بدل: السرير - كما في المصدر - وهو الصحيح. (4) في المصدر: آل الحكم. (5) في العمدة: سبعة، وذكر: تسع نسخة. وكذا في كنز العمال. (6) كذا، وفي المصدر: لوك تمرة، وهو الظاهر. (7) في المصدر: حاجته، وما أثبت أظهر. (8) في العمدة: منزله. (9) زاد في المصدر: ثم رجع. (10) لا يوجد: معاوية، في العمدة. (11) وذكرها المتقي الهندي في كنز العمال 11 / 361. (12) كما أورده ابن بطريق في العمدة: 472 - 473 حديث 995. (13) تاريخ الطبري 11 / 356. (14) في المصدر: وعامة.

 

[540]

وآله أن الحكم اطلع على رسول الله صلى الله عليه وآله يوما في داره من وراء الجدار - وكان من سعف (1) - فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بقوس ليرميه فهرب. وفي رواية (2)، أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله - في قسمة خبر - (3): اتق الله يا محمد !. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لعنك الله ولعن ما في صلبك، أتأمرني بالتقوى ؟ ! وأنا حب (4) من الله تعالى، فلم يزالا طريدا (5) حتى ملك عثمان فأدخلهما (6). بيان: الحب - بالكسر -: المحبوب (7). أقول: قال السيوطي - من مشاهير علماء المخالفين - في الدر المنثور (8): أخرج البخاري، عن يوسف بن هامان (9)، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا أنزل فيه: [والذي قال لوالديه أف لكما] (10)، فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا

 

(1) في العمدة: سقف، وما أثبت هنا أظهر. (2) لا زال الكلام لا بن بطريق في العمدة: 473 حديث 996. (3) كذا، وفي المصدر: خيبر، وهو الظاهر. وفي (س): خير. (4) في العمدة: جئت به. (5) لا توجد كلمة: تعالى، في المصدر، وفيه: لعنك الله، اخرج فلا تجاورني، فلم يريا إلا طريدين.. (6) وجاءت كلتا الروايتين في الاصابة 1 / 344 - 345، والاستيعاب 1 / 316 - 317. وانظر ترجمة مفصلة له في الغدير 8 / 241 - 257 تغنينا عن كل تفصيل وحديث. (7) نص عليه في النهاية 1 / 326، والقاموس 1 / 50. (8) الدر المنثور 6 / 10 - 11. (9) في (ك) نسخة بدل: ما هان، وفي المصدر: ماهك. والكلمة مشوشة في (س). (10) الاحقاف: 17.

 

[541]

أن الله أنزل عذري (1). وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه ابن مردويه، عن محمد بن زياد، قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر. فقال عبد الرحمن: سنة هرقل وقيصر. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه: [والذي قال لوالديه أف لكما.. الآية] (2)، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: كذب مروان.. كذب مروان، والله ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته ولكن رسول الله صلى الله عليه [وآله] لعن أبا مروان ومروان (3) في صلبه، فمروان فضفض (4) من لعنة الله. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن عبد الله، قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان، فقال: إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا وأن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أهر قلية ! ؟ إن أبا بكر - والله - ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها

 

(1) قال في تاج العروس 5 / 69: ومنه قول عائشة لمروان حين كتب عليه معاوية ليبايع الناس ليزيد، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أجئتم بها هر قلية قوقية تبايعون لا بنائكم ؟ !. فقال مروان: أيها الناس ! هذا الذي قال الله فيه: [والذي قال لوالديه أف لكما]. الآية فغضبت عائشة. وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فضض من لعنة الله. ويروى فضض - كعنق - وفضاض - مثل غراب - الاخير عن شمر.. أي قطعة وطائفة منها.. أي من لعنة الله ورسوله صلى الله عليه [وآله] وسلم هكذا فسره شمر، وقال ثعلب:.. أي خرجت من صلبه متفرقا يعني مان انفض من نطفة الرجل وتردد في صلبه، نقله الجوهري. وروى بعضهم في هذا الحديث: فأنت فظاظة - بظائين - من الفظيظ، وهو ماء الكرش، وأنكره الخطابي. وقال الزمخشري: افتظظت الكرش: اعتصرت ماءها، كأنه عصارة من اللعنة، أو فعالة من الفظيظ: ماء الفحل.. أي نطفة من اللعنة. (2) الاحقاف: 17. (3) لا يوجد في المصدر: ومروان. (4) في (ك): فضض. أقول: هو الظاهر، وسيتعرض المصنف رحمه الله لاختلاف النسخ في بيانه، ولم يذكر ما في المتن. قال في القاموس 2 / 340: والفضفضة: سعة الثوب، والدرع، والعيش.

 

[542]

معاوية إلا رحمة وكرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أف لكما ؟ !. فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول لاله صلى الله عليه [وآله] ؟ !. قال: وسمعتها عائشة، فقالت: يا مروان ! أنت القائل لعبد الرحمن.. كذا وكذا، كذبت والله ما فيه نزلت، ولكن (1) نزلت في فلان بن فلان. وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: [والذي قال لوالديه..] (2) الآية، قال: هذا ابن لابي بكر. وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي، قال: نزلت هذه الآية (3) في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لابويه (4) - وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم - فكانا يأمرانه بالاسلام ويرد عليهما ويكذبهما، فيقول: فأين فلان.. وأين فلان.. يعني مشايخ قريش ممن قد مات ثم أسلم بعد فحسن اسلامه فنزلت توبته في هذه الآية: [ولكل درجات مما عملوا] (5). تبيين: أقول: وروى ابن بطريق (6) مضامين تلك الاخبار عن الثعلبي (7)، وروى عنه أنه قال: قال ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والسدي: نزلت هذه الآية في عبد الله بن عمر، وقيل: في عبد الرحمن بن أبي بكر. قال له أبواه أسلم وألحا عليه في دعائه إلى الايمان، فقال: أحيوا لي (8) عبد الله بن جذعان وعامر بن كعب

 

(1) لا توجد: ولكن، في الدر المنثور. (2) الاحقاف: 17. (3) في المصدر ذكر الآية: [والذي قال لوالديه أف لكما..]. (4) في الدر المنثور: لوالديه. (5) الانعام: 132. (6) في العمدة: 454 حديث 947. (7) تفسير الثعلبي 4 / 152. ولم أجد الكلام ذيل الآية الكريمة، ولعله في محل آخر من التفسير، أو حذف وحرف، كما نجد في بعض المصادر المطبوعة لابناء العامة أخيرا. (8) في المصدر: أجيبوا إلى.

 

[543]

ومشايخ من قريش حتى أسألهم عما تقولون (1). وقال في النهاية (2) حديث عائشة: " قالت لمروان: ان الله (4) لعن اباك وانت فضض من لعنة الله "،.. أي قطعة وطائفة منها. ورواه بعضهم " فظاظة من لعنة الله " بظاءين - من الفظيظة (5) وهو ماء الكرش، وانكره الخطابي. وقال الزمخشري: " افتظظت الكرش اعتصرت (6) ماءها، كأنها عصارة من اللعنة، أو فعالة من الفظيظ: ماء الفحل.. أي نطفة من اللعنة. وقال في القاموس (7): الفضض - محركة -: ما انتشر من الماء إذا تطهر به،.. وكل متفرق ومنتشر، ومنه قول عائشة لمروان: فانت فضض من لعنة الله، ويروى فضض - كعنق وغراب -.. أي قطعة منها. وذكر (8) فظاظة أيضا على وزن فعالة في بابه، وفسره بماء الكرش يعتصر ويشرب في المفاوز. فائدة: قال صاحب الكامل البهائي (9): إن أمية كان غلاما روميا لعبد الشمس، فلما ألقاه كيسا فطنا أعتقه وتبناه، فقيل أمية بن عبد الشمس كما كانوا يقولون قبل

 

(1) في الدر المنثور: يقولون. (2) النهاية 3 / 454. ونظيره في لسان العرب 7 / 208، وتاج العروس 5 / 69. (3) في المصدر: ومنه. (4) في النهاية: النبي، بدلا من: الله. (5) في المصدر: الفظيظ. (6) كذا ورد في لسان العرب، وفي النهاية: إذا اعتصرت، وجعل: إذا بين معكوفين. (7) القاموس 2 / 340، وقريب منه في تاج العروس 5 / 69، ولسان العرب 7 / 208. (8) أي صاحب القاموس 2 / 397، وكذا في لسان العرب 7 / 452، وتاج العروس 5 / 257. (9) كامل البهائي - فارسي - (للحسن بن علي بن محمد الطبري - عماد الدين الطبري -) 1 / 269، وهذه حاصل الترجمة، وقد نقلها عن كتاب البديع لمحمد بن عبد الرحمن بن محمد الاصفهاني.

 

[544]

نزول الآية زيد بن محمد، ولذا روي عن الصادقين عليهما السلام في قوله تعالى: [الم * غلبت الروم..] (1) إنهم بنو أمية، ومن هنا يظهر نسب عثمان ومعاوية وحسبهما، وأنهما لا يصلحان للخلافة لقوله صلى الله عليه وآله: الائمة من قريش. أقول: ذكر ابن أبي الحديد في آخر المجلد الخامس عشر من شرحه على النهج (2) فصلا طويلا في مفاخرة بني هاشم وبني أمية وفيه مثالب كثيرة من بني أمية لم نذكرها مخافة الاطناب والخروج عن مقصود الكتاب. وقال مؤلف كتاب إلزام النواصب (3): أمية لم يكن (4) من صلب عبد شمس وإنما هو من الروم (5) فاستلحقه عبد شمس فنسب إليه، فبنو أمية كلهم ليس من (6) صميم قريش، وإنما هم يلحقون بهم، ويصدق ذلك قول (7) أمير المؤمنين عليه السلام (8) أن بني أمية لصاق وليسوا صحيحي النسب إلى عبد مناف، ولم يستطع معاوية إنكار ذلك.

 

(1) الروم: 1 - 2. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15 / 198 - 295. (3) الزام النواصب: 104 - 105 - من نسختنا -. (4) في المصدر العبارة هكذا: وشأن أمية بن عبد الشمس شأن العوام، فإنه لم يكن.. (5) في الزام النواصب هكذا: عبد الشمس بن عبد مناف، وإنما هو عبد من الروم. (6) في المصدر: كما نسب العوام إلى خويلد، فبنو أمية جميعهم ليسوا من.. (7) في المصدر: ملحقون بهم وتصديق ذلك جواب.. (8) هنا سقط جاء في الزام النواصب وهو: لمعاوية لما كتب إليه: إنما نحن وأنتم بنو عبد مناف، فكان جواب علي عليه السلام: ليس المهاجر كالطليق، وليس الصريح كاللصيق. وهذا شهادة من علي عليه السلام على بني أمية أنهم لصق وليسوا بصحيحي النسب.. إلى آخره.

 

[545]

48 - نهج (1): من كلام له عليه السلام: والله لا يزالون حتى لا يدعوا لله محرما إلا استحلوه، ولا عقدا إلا حلوه، وحتى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله ظلمهم، ونبا به سوء رعتهم (2) حتى (3) يقوم الباكيان يبكيان: باك يبكي لدينه، وباك يبكي لدنياه، وحتى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيده، إذا شهد أطاعه وإذا غاب اغتابه، وحتى يكون أعظمكم فيها غناء (4) أحسنكم بالله ظنا، فإن أتاكم الله بعافية فأقبلوا، وإن ابتليتم فاصبروا، فإن العاقبة للمتقين (5). بيان: لا يزالون.. أي بنو أمية ظالمين، فحذف الخبر، وسدت (حتى وما بعدها) مسد الخبر. ويقال: نبا به منزله: إذا ضره ولم يوافقه (6). وسوء رعتهم.. أي سوء ورعهم وتقويهم، يقال: ورع يرع - بالكسر فيهما - ورعا ورعة (7)، ويروى: سوء رعيهم. قوله عليه السلام: نصرة أحدكم.. أي انتقامه من أحدهم بإضافة المصدر إلى الفاعل، وقيل: المصدر مضاف إلى المفعول في الموضعين، وتقدير

 

(1) نهج البلاغة - محمد عبده - 6 / 190، صبحي صالح: 143 خطبة 98. (2) في (ك) نسخة بدل: سوء رعيهم، وفي (س): سوء وعنهم، ولعله غلط. وجاء في النهج طبعة صبحي: رعيهم: رعيهم، وقد تعرض لها المصنف رحمه الله في بيانه الآتي. (3) في النهج - محمد عبده -: وحتى. (4) في النهج - صبحي صالح -: عناء، ولعله الانسب. (5) وانظر شرحها في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7 / 78، وشرح ابن ميثم 4 / 409، ومنهاج البراعة 1 / 430، وغيرهما. (6) قاله في الصحاح 6 / 2500، والقاموس 4 / 393، والنهاية 5 / 11، ولم يرد فيها جمعيا: إذا ضره و.. (7) كما ذكره في الصحاح 3 / 1296، ومجمع البحرين 4 / 401، وانظر: القاموس 3 / 93.

 

[546]

الكلام حتى يكون نصرة أحد هؤلاء الولاة لاحدكم، و (من) في الموضعين داخلة على محذوف تقديره من جانب أحدكم (1) ومن جانب سيده وهو ضعيف، ولا حاجة إلى التقدير، بل هو معنى (من) الابتدائية. 49 - نهج (2): من خطبة له عليه السلام: أرسله على حين فترة (3) من الرسل، وطول هجعة (4) من الامم، وانتقاض (5) من المبرم، فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى به، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم (6)، ونظم ما بينكم (7). منها (8): فعند ذلك لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا وأدخله الظلمة ترحة، وأولجوا فيه نقمة لا يبقى لهم (9) في السماء عاذر (10) ولا في الارض ناصر، أصفيتم بالامر (11) غير أهله، وأوردتموه غير مورده وسينتقم (12) الله ممن ظلم، مأكلا

 

(1) قد تقرأ في (س): أحدهم. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 53، وصبحي صالح: 223 خطبة 158. (3) قال في مجمع البحرين 3 / 434: الفترة: انقطاع ما بين النبيين، وقال في الصحاح 2 / 777: الفترة: ما بين الرسولين من رسل الله. وفي القاموس 2 / 107: الفترة: ما بين كل نبيين. (4) الهجعة: نومة خفيفة من أول الليل، قاله في مجمع البحرين 4 / 409، والصحاح 3 / 1306، وغيرهما. (5) في (ك): انتفاض. (6) وفي متن البحار الحجري: داء دوائكم. وما أثبتناه نسخة في (ك)، وهي جاءت في المصدر. (7) للشيخ ابن ميثم البحراني في شرحه على نهج البلاغة 3 / 273 كلام حري بالملاحظة. (8) في طبعة صبحي: ومنها. (9) في طبعة عبده: لكم. (10) لا توجد: عاذر، في طبعة محمد عبده من النهج. (11) في (ك) نسخة: في الامر، وفي المصدر: اصفيت بالامر. (12) في (ك): غير ورده وسينتقم. وفي (س): غير وروده وسينقم، وما أثبت من المصدر.

 

[547]

بمأكل، ومشربا بمشرب من مطاعم العلقم ومشارب الصبر (1) والمقر، ولباس شعار الخوف، ودثار السيف، وإنما هم مطايا الخطيئات، وزوامل الآثام، فأقسم ثم أقسم لتنخمنها (2) أمية من بعدي كما تلفظ النخامة ثم لا تذوقها ولا تتطعم بطعمها أبدا ما كر الجديدان (3). توضيح: قوله عليه السلام: فعند ذلك.. إخبار عن ملك بني أمية بعده وزوال أمرهم عند تفاقم (4) فسادهم في الارض. اصفيتم.. أي خصصتم بالامر (5).. أي الخلافة. وأوردتموه غير وروده.. أي أنزلتموه عند غير مستحقه. والمقر - ككتف -: المراء (6) والصبر أو شبيه به أو السم (7). والزاملة (8): التي تحمل عليها من الابل وغيرها (9).

 

(1) الصبر - ككتب - عصارة شجر مر، كما في القاموس 2 / 67. (2) في (س): لتتحمنها، وفي (ك): لتتخمنها، وفي حاشيتها: نخم - كنصر - لعب. قاموس. انظر: القاموس 4 / 180، ولا يوجد ما ذكره في الحاشية، فلاحظ. (3) وانظر شرح الخطبة أيضا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 217، ومنهاج البراعة 2 / 105، وغيرهما. (4) تفاقم الامر: عظم، قاله في الصحاح 5 / 2003. (5) قال في مجمع البحرين 1 / 263: أفأصفاكم.. أي آثركم. وقال في الصحاح 6 / 2402: أصفيته بالامر: إذا اثرت به. (6) قاله في الصحاح 2 / 819، ولسان العرب 5 / 182. (7) ذكره في القاموس 2 / 136، ولسان العرب 5 / 182، وقارن بالنهاية 4 / 347. (8) في (س): الناملة، وفي حاشية (ك): الزاملة: البعير الذي يحمل عليها الطعام والمتاع، كأنه فاعلة من الزمل: الحمل. نهاية. انظر: النهاية لابن الاثير 2 / 313. (9) كما في القاموس 3 / 390، ولسان العرب 11 / 310، والصحاح 4 / 1718.

 

[548]

قوله عليه السلام: ثم لا تذوقها.. قال ابن أبي الحديد (1): فإن قلت: إنهم قد ملكوا بعد الدولة الهاشمية بالمغرب مدة طويلة ؟. قلت: الاعتبار بملك العراق والحجاز، وما عداهما من الاقاليم النائية لا اعتداد به. أقول: لعل المراد به انقطاع تلك الدولة المخصوصة وعدم العود إلى أصحابها، ومع ذلك لابد من التخصيص بغير السفياني الموعود. 50 - نهج (2): من خطبة له عليه السلام: حتى يظن الظان أن الدنيا معقولة على بني أمية، تمنحهم درها (3)، وتوردهم صفوها، ولا يرفع عن هذه الامة سوطها ولا سيفها، وكذب الظان لذلك، بل هي مجة من لذيذ العيش يتطعمونها برهة، ثم يلفظونها جملة (4). بيان: المنح: العطاء (5). والدر - في الاصل -: اللبن (6)، ثم استعمل في كل خير. ومج الشراب: قذفه من فيه (7) كنى عليه السلام بكونها مطعومة لهم عن تلذذهم بها مدة ملكهم وبكونها ملفوظة من فيهم عن زوالها عنهم.

 

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 220، وفيه: فإن قلت: كيف قال: ثم لا تذوقها أبدا.. وقد ملكوا بعد قيام الدولة. (2) نهج البلاغة - محمد عبده - 1 / 155 - آخر الخطبة، صبحي صالح: 120 خطبة: 87، بنصه. (3) في (س): تمنحها درهما. (4) انظر شرحها في شرح ابن أبي الحديد 6 / 363، وشرح ابن ميثم على النهج 2 / 304، ومنهاج البراعة 1 / 361، وغيرها. (5) كذا جاء في مجمع البحرين 2 / 415، والصحاح 1 / 408. (6) كما نص عليه في النهاية 2 / 112، والقاموس 2 / 28، ومجمع البحرين 3 / 301 من دون كلمة في الاصل. (7) كما ذكره في الصحاح 1 / 340، والنهاية 4 / 297، والمصباح المنير 2 / 260.

 

[549]

والبرهة: مدة من الزمان لها طول (1). ثم يلفظونها.. أي يرمونها (2). 51 - نهج (3): من خطبة له عليه السلام في ذكر الملاحم: يعطف الهوى على الهدى (4) إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي. منها (5): حتى تقوم الحرب بكم على ساق باديا نواجذها (6)، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا وفي غد - وسيأتي غد بما لا تعرفون - يأخذ الوالي من غيرها عما لها على مساوي أعمالها، وتخرج له الارض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيى ميت الكتاب والسنة. منها: كأني به قد نعق بالشام وفحص براياته في ضواحي كوفان، فعطف

 

(1) قاله في مجمع البحرين 6 / 343، وانظر: القاموس 4 / 281. (2) صرح به القاموس 2 / 399، والصحاح 3 / 1179، وانظر: مجمع البحرين 4 / 291. (3) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 21، صبحي صالح: 195، خطبة: 138. (4) قال ابن ميثم في شرحه على النهج 3 / 168: أقول: الاشارة في هذا الفصل إلى وصف الامام المنتظر في آخر الزمان الموعود به في الخبر والاثر. فقوله: يعطف الهوى على الهدى.. أي يرد النفوس الحائرة عن سبيل الله المتبعة للظلمات أهوائها عن طرقها الفاسدة ومذاهبها المختلفة إلى سلوك سبيله واتباع أنوار هداه، وذلك إذا ارتدت النفوس عن اتباع أنوار هدى الله في سبيله الواضح إلى اتباع أهوائها في آخر الزمان، وحين ضعفت الشريعة وزعمت أن الحق والهدى هو ذلك. وكذلك قوله: ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي.. أي يرد على كل رأي رآه غيره إلى القرآن فيحملهم على ما وافقه منها دون ما خالفه، وذلك إذا تأول الناس القرآن وحملوه على آرائهم وردوه إلى أهوائهم كما عليه المذاهب المتفرقة من فرق الاسلام كل على ما خيل إليه، وكل يزعم أن الحق الذي يشهد به القرآن هو ما رآه وأنه لا حق وراءه سواه. (5) في نهج البلاغة - صبحي -: ومنها. (6) في شرح ابن ميثم: نواجدها، وهو الظاهر.

 

[550]

عليها عطف الضروس (1)، وفرش الارض بالرؤوس، قد فغرت فاغرته وثقلت في الارض وطائة، بعيد الجولة، عظيم الصولة، والله ليشردنكم في أطراف الارض حتى لا يبقى منكم إلا قليل (2) كالكحل في العين، فلا تزالون كذلك حتى تؤوب إلى العرب عوارب أحلامها فالزموا السنن القائمة والآثار البينة، والعهد القريب الذي عليه باقي النبوة، واعلموا أن الشيطان إنما يسنئ لكم طرقه لتتبعوا عقبه (3). إيضاح: لعل أول الكلام إشارة إلى ظهور القائم عليه السلام، وكذا قوله: وسيأتي غد وما قبله.. إلى الفترة التي تظهر قبل القائم عليه السلام. وقيام الحرب على ساق: كناية عن شدتها، وقيل الساق: الشدة (4). وبدو نواجذها (5) عن الضحاك تهكما.. عن بلوغ الحرب غايتها، كما أن غاية الضحك أن تبدو النواجذ. والاخلاف للناقة (6): حلمات الضرع (7)، وإنما قال عليه السلام: حلوا رضاعها لان أهل النجدة في أول الحرب يقبلون عليها، ومرارة عاقبتها لانها القتل، ولان مصير أكثرهم إلى النار، والمنصوبات الاربعة (8) أحوال، والمرفوع بعد

 

(1) الضروس: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها، كما في القاموس 2 / 225. (2) في البحار المطبوع: قليل منكم. (3) وانظر شرح الخطبة في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 40، وابن ميثم في شرحه النهج 3 / 168 وما بعدها، ومنهاج البراعة 2 / 56، وغيرها. (4) قاله في الصحاح 4 / 1499، والقاموس 3 / 247. (5) قال في النهاية 5 / 20: النواجذ من الاسنان: الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والاكثر الاشهر أنها أقصى الاسنان. ومثله في مجمع البحرين 3 / 190. (6) في (ك): الناقة. (7) كما في الصحاح 4 / 1355، والقاموس 3 / 136. (8) وهي: باديا، ومملوة، وحلوا، وعلقما.

 

[551]

كل منها فاعل، وإنما ارتفع عاقبتها بعد علقما - مع أنه اسم صريح - لقيامه مقام اسم الفاعل كأنه قال: مريرة عاقبتها (1). قوله عليه السلام: ألا وفي غد.. قال ابن أبي الحديد: تمامه (2). قوله عليه السلام: يأخذ الوالي.. وبين الكلام جملة اعتراضية قد كان تقدم ذكر طائفة من الناس كانت ذات ملك وافرة فذكر عليه السلام: أن الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمال هذه الطائفة على سوء أعمالهم، و (على) هاهنا متعلقة بيأخذ، وهي بمعنى يؤاخذ. والافاليذ: - جمع افلاذ، وهي جمع فلذة - وهي القطعة من الكبد (3)، كناية عن الكنوز (4) التي تظهر للقائم عليه السلام، وقد فسر قوله تعالى: [وأخرجت الارض أثقالها] (5) بذلك في بعض التفاسير. وقوله عليه السلام: سلما.. مصدر سد مسد الحال أو تمييز. قوله عليه السلام: كأني به.. الظاهر أنه (6) إشارة إلى السفياني، وقال ابن أبي الحديد (7): إخبار عن عبد الملك بن مروان وظهوره بالشام وملكه بعد ذلك

 

(1) العبارة مأخوذة من شرح ابن ميثم على النهج 3 / 170. وكذا بعض ما قبلها وما بعدها. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 42. (3) كما قاله في القاموس 1 / 357، والصحاح 2 / 568. (4) نص عليه الفيروز آبادي في القاموس المحيط 1 / 357، وانظر: النهاية 3 / 470. (5) الزلزلة: 2. (6) لا توجد في (ك): انه. (7) شرح ابن أبي الحديد 9 / 47، وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 7 / 99 ما نصه: وهذا كناية عن عبد الملك بن مروان، لان هذه الصفات والامارات فيه أتم منها في غيره، لانه قام بالشام حين دعا إلى نفسه وهو معنى نعيقه، وفحصت راياته بالكوفة تارة حين شخص بنفسه إلى العراق وقتل مصعبا، وتارة لما استخلف الامراء على الكوفة كبشر بن مروان أخيه وغيره حتى انتهى الامر إلى الحجاج، وهو زمان اشتداد شكيمة عبد الملك وثقل وطأته، وحينئذ صعب الامر جدا، وتفاقمت الفتن مع الخوارج وعبد الرحمن بن الاشعث، فلما كمل أمر عبد الملك - وهو معنى " أينع زرعه " - هلك، وعقدت رايات الفتن المعضلة من بعده كحروب أولاده مع بني المهلب، وكحروبهم = (*)

 

[552]

العراق، وما قتل من العرب فيها أيام الرحمن بن الاشعث، وقتله أيام مصعب ابن الزبير. وقال: مفعول فحص محذوف.. أي فحص الناس براياته، أي نحاهم وقلبهم يمينا وشمالا. وضواحي كوفان.. ما قرب (1) منها من القرى (2)، وقد سار لقتال مصعب بعد أن قتل المصعب المختار، فالتقوا بأرض مسكن من نواحي الكوفة. قد فغرت فاغرته.. أي انفتح فوه، ويقال: فغر فاه يتعدى ولا يتعدى (3). وثقل وطائه.. كناية عن شدة ظلمه وجوره. بعيد الجولة.. أي جولان خيوله وجيوشه في البلاد، فيكون كناية عن اتساع ملكه، أو جولان رجاله في الحرب بحيث لا يتعقبه السكون. وشرد البعير.. نفر (4) وذهب في الارض. وعوازب احلامها.. أي ما ذهب وغاب من عقولها (5). وقال ابن ميثم رحمه الله (6): فإن قلت: قوله عليه السلام: حتى تؤب..

 

= مع زيد بن علي عليه السلام، وكالفتن الكائنة بالكوفة أيام يوسف بن عمر وخالد القسري وعمر ابن هبيرة وغيرهم، وما جرى فيها من الظلم واستئصال الاموال وذهاب النفوس.. إلى آخره.. (1) في (س): ما قريب. (2) قال في الصحاح 6 / 2406: ضاحية كل شئ: ناحيتته البارزة، ويقال: هم ينزلون الضواحي. وقال في النهاية 3 / 78: وضاحية مضر.. أي أهل البادية منهم، وجمع الضاحية: ضواح. وقال في القاموس 4 / 354: وضواحيك: ما برز منك للشمس كالكتفين والمنكبين، ومن الحوض نواحيه، ومن الروم ما ظهر من بلادهم. (3) كما ذكره في القاموس 2 / 110، والصحاح 2 / 782. (4) كما في مجمع البحرين 3 / 77، والصحاح 2 / 494، والقاموس 1 / 305. (5) قال في النهاية 3 / 227: والحلوم عوازب: جمع عازب.. أي أنها خالية بعيدة العقول. وقال قبل ذلك: عزب.. أي بعد، وعزب: إذا أبعد. ومثله في لسان العرب 1 / 597، وقال فيه 1 / 596: عزب عنه.. ذهب، وعزب يعزب: إذا غاب. (6) شرح نهج البلاغة لابن ميثم 3 / 174، باختلاف كثير وتصرف.

 

[553]

يدل على انقطاع تلك الدولة بظهور العرب (1)، وعبد الملك مات وقام بعده بنوه بالدولة (2). قلت: الغاية ليست غاية (3) لدولة عبد الملك بل غاية لكونهم لا يزالون مشردين في البلاد مقهورين، وذلك الانقهار وإن كان أصله من عبد الملك إلا أنه استمر في زمان أولاده إلى حين انقضاء دولتهم. وقال بعض الشارحين: إن ملك أولاده ملكه. وهذا جواب من لم يتدبر في كلامه عليه السلام. والعرب هاهنا هم بنو العباس ومن معهم من العرب أيام ظهور دولتهم كقحطبة بن شبيب البطائي وابنيه حميد والحسن، وكبني رزيق (4) منهم طاهر بن الحسين وإسحاق بن ابراهيم وغيرهم من العرب. وقيل: إن أبا مسلم أصله عربي. قوله عليه السلام: والعهد القريب.. قال ابن أبي الحديد (5).. أي عهده وأيامه عليه السلام، وكأنه (6) دفع لما عساه يتوهمونه من أنه إذا آبت إلى العرب عوازب أحلامها فيجب عليهم اتباع الدولة الجديدة في كل ما تفعله (7)، فوصاهم

 

(1) في المصدر زيادة: وعود عوازب أحلامها. (2) في شرح ابن ميثم زيادة: ولم يزل الملك عنه بظهور العرب، فأين فائدة الغاية ؟. (3) لا توجد في (س): ليست غاية. (4) في (س): رزين. (5) في شرحه على نهج البلاغة 9 / 48، ونص العبارة هي: والعهد القريب الذي عليه باقي النبوة - يعني عهده وأيامه عليه السلام - وكأنه خاف من أن يكون بإخباره لهم بأن دولة هذا الجبار ستنقض إذا آبت إلى العرب عوازب أحلامها، كالامر لهم باتباع ولاة الدولة الجديدة في كل ما تفصله، فاستظهر عليهم بهذه الوصية، وقال لهم: إذا ابتذلت الدولة، فالزموا الكتاب والسنة، والعهد الذي فارقتكم عليه. (6) في (ك): كان. (7) في (س): تفعلهم.

 

[554]

بأنه إذا تبدلت الدولة فالزموا الكتاب والسنة والعهد الذي فارقتكم عليه. قوله عليه السلام: إنما يسني.. أي يسهل (1). 52 - كا (2): احمد بن محمد الكوفي، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي روح فرج بن قرة، عن جعفر بن عبد الله، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة (3) فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر (4) إلا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر (5) كسر عظم من الامم إلا بعد أزل وبلاء. أيها الناس ! في (6) دون مان استقبلتم من خطب (7) واستدبرتم من خطب معتبر، وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع بسميع، ولا كل ذي ناظر عين ببصير. عباد الله ! أحسنوا فيما يعينكم (8) النظر فيه، ثم انظروا إلى عرصات من قد أفاده (9) الله بعلمه كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات وعيون (10) وزروع

 

(1) قاله في القاموس 4 / 345، والنهاية 2 / 415، وغيرهما. (2) الكافي - الروضة - 8 / 63 - 66 حديث 22. (3) وبهذا المضمون ورد في نهج البلاغة - محمد عبده - 1 / 155، صبحي صالح: 121 خطبة: 88، فراجع، إذ لم نذكر الفروق بينها وبين المصدر. وجاء في إرشاد المفيد: 155 - 156. (4) في (ك) زيادة: قط. (5) جاء في حاشية (ك): ولم يجبر عظم أحد. نهج. (6) في (ك) نسخة بدل: وفي. (7) في الكافي: عطب. (8) قد تقرأ في البحار بصعوبة: يعينكم، وهو الظاهر. (9) في المصدر: أقاده. (10) لا توجد في (س): وعيون.

 

[555]

ومقام كريم، ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور، والامر والنهي ولمن صبر منكم العافية (1) في الجنان - والله - مخلدون ولله عاقبة الامور، فيا عجبا ! ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون (2) أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يمؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب (3)، المعروف فيهم ما عرفوا والمنكر عندهم ما أنكروا (4)، وكل امرئ منهم امام نفسه أخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعد من الله عزوجل، أنس بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم لبعض، كل ذلك وحشة مما ورث النبي الامي صلى الله عليه وآله ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السماوات والارض، أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غارب عنها رعاؤها، ووا أسفا من فعلات شيعتي من بعد قرب مودتها اليوم، كيف يستذل بعدي بعضها بعضا، وكيف يقتل بعضها بعضا، المتشتتة غدا عن الاصل النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم أخذ منه بغصن أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله - وله الحمد - يستجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع (5) الخريف يؤلف الله بينهم ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستشارهم (6) كسيل الجنتين سيل العرم

 

(1) في المصدر: العاقبة. (2) في حاشية (ك): لا يقتصون. نهج، وهو الذي جاء في الكافي. (3) جاء في حاشية (ك): يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات. نهج. (4) جاء في حاشية (ك): مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المهمات إلى آرائهم، كأن كل امرئ.. إلى آخره. نهج. (5) في (س): فرق. (6) في المصدر: مستشارهم.

 

[556]

حيث بعث عليه فأرة فلم تثبت (1) عليه اكمة ولم يرد سننه رص طور يذعذعهم (2) الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الارض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ويمكن من (3) قوم لديار قوم تشريدا لبني أمية ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع الله بهم ركنا، وينقض بهم طي الجنادل من ارم، ويملا منهم بطنان الزيتون، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك، وكأني أسمع صهيل خيلهم، وطمطمة رجالهم، وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكن (4) في البلاد كما تذوب الالية على النار، من مات منهم مات ضالا، والى الله عزوجل يفضي منهم من درج، ويتوب الله عزوجل على من تاب، ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء، وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة، بل لله الخيرة والامر جيمعا. أيها الناس ! إن المنتحلين للامامة من غير أهلها كثير، ولو لم تخاذلوا (5) عن مر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقومن قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو (6) اسرائيل على عهد موسى عليه السلام، ولعمري أيضا غفر عليكم (7) التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل، ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة، وأحييتم الباطل، وخلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الادنى من أهل بدر، ووصلتم

 

(1) في الكافي: يثبت. (2) في المصدر: رض طود يذعذهم. وفي (س): يزعزهم. وسيأتي في بيانه: طود. (3) في الكافي: بهم، بدلا من: من. (4) في المصدر: التمكين. (5) في المصدر: تتخاذلوا. (6) في (ك): بني، وهو خلاف الظاهر. (7) في الكافي: ليضاعفن، وفي (ك): أيضا عفن عليكم.

 

[557]

الابعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى الله عليه وآله، ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء، وقرب الوعد، وانقضت المدة، وبدا لكم النجم ذو الذنب (1) من قرب المشرق (2) ولاح لكم القمر المنير، فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة، واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم مناهج الرسول صلى الله عليه وآله فتداويتم من العمى والصمم والبكم، وكفيتم مؤنة الطلب والتعسف، ونبذتم الثقل القادح (3) عن الاعناق، ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. توضيح: في دون ما استقبلتم.. الظاهر أن هذه الخطبة كانت بعد قتل عثمان وانعقاد البيعة له عليه السلام، وحدوث بعض مبادي الفتن، فالمراد بما استدبروه استيلاء خلفاء الجور وتمكنهم ثم زوال دولتهم، وبما استقبلوه ما حدث من الفتن بعد خلافته عليه السلام، فإن التدبر فيها يورث العلم بأن بناء الدنيا على الباطل، وأن الحق لا يستقيم فيها، وأن الحق والباطل كليهما إلى فناء وانقضاء، أو المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله أولا وآخرا، وبما استقبلوه ما كان بعده صلى الله عليه وآله مطابقا للاحوال السابقة من غلبة الباطل أولا ثم مغلوبيته ثانيا، ويحتمل أن يكون المراد بما يستقبل وما يستدبر شيئا واحدا فإن ما يستقبل قبل وروده يستدبر بعد مضيه، أو المراد بما يستقبلونه ما أمامهم من أحوال البرزخ والقيامة، وبما استدبروه ما مضى من أيام عمرهم، ولا يخفى بعده. فيما يعينكم (4) - بالمهملة -.. أي يهمكم (5) أو بالمعجمة.

 

(1) في (ك): والذنب. (2) في (س): الشرق. (3) في الكافي كما في بيان المصنف رحمه الله: الفادح. (4) كذا، والظاهر: ما يعنيكم. (5) قاله في النهاية 3 / 314، ومجمع البحرين 1 / 309، والصحاح 6 / 2440، كلها في مادة: عني.

 

[558]

وقوله عليه السلام: النظر فيه.. بدل اشتمال لقوله فيما يعينكم أو فاعل لقوله: يعينكم، بتقدير الظرف (1). من قد أقاده الله.. أي جعله قائدا (2) ومكنه من الملك أو من القود (3). وفي الارشاد (4): أباده الله بعمله.. وهو أظهر. بما ختم الله لهم.. الظرف صلة للختم قدم عليه.. أي انظروا بأي شئ ختم لهم، أو الباء بمعنى في، أو إلى، أو زائدة. والله مخلدون.. خبر محذوف (5) والجملة مبنية ومؤكدة للسابقة أو استئنافية، كأنه سأل عن عاقبتهم فقيل هم والله مخلدون. ولله عاقبة الامور.. أي مرجعها إلى حكمه، أو عاقبة الملك والدولة والعزة لله ولمن طلب رضاه. فيا عجبا - بغير تنوين - وأصله: يا عجبي، أو بالتنوين.. أي يا قوم اعجبوا عجبا، والاول اظهر (6). في دينها.. متعلق بالاختلاف، أو بالخطأ، أو بهما على التنازع. والمراد بالحجج (7): المذاهب والطرق أو الدلائل عليها. ولا يعفون - بالتشديد وكسر العين - من العفة، أو بالتخفيف والسكون من العفو. المعروف فيهم ما عرفوا.. أي المعروف والمنكر تابعان لآرائهم - وإن

 

(1) في (س): النظر قبل الظرف، وخط على: النظر قبل، في (ك)، وهو الظاهر. (2) ذكره الطريحي رحمه الله في مجمع البحرين 3 / 133. (3) قال في القاموس 1 / 330: وأقاده خيلا.. أعطاه ليقودها، والقاتل بالقتيل: قتله به. وقال في المصباح المنبر 2 / 204: أقاد القاتل بالقتيل: قتله به قودا. (4) الارشاد: 155. (5) أي محذوف مبتدأه. (6) وقد قرر الوجه الثاني في مجمع البحرين 1 / 115. (7) في مطبوع البحار: الحج.

 

[559]

خالفت الواقع - أو لشهواتهم، ولا يبالون بعدم موافقة الشريعة. وكهوف شبهات.. أي تأوي إليهم (1). والعشوة: ان يركب أمرا على غير بيان (2). من وكله الله إلى نفسه.. أي بسبب إعراضه عن الحق، وهو مبتدأ. وقوله: فهو مأمون خبره، ولعل المراد بالموصول أئمة من قد ذمهم سابقا لا أنفسهم. من فعلات شيعتي.. أي من يتبعني اليوم ظاهرا. كل حزب منهم أخذ بغصن.. أي لتفرقهم عن أئمة الحق صاروا شعبا شتى كل منهم أخذ بغصن من أغصان شجرة الحق بزعمهم ممن يدعي الانتساب إلى أهل البيت عليهم السلام مع تركهم الاصل. يستجمع هؤلاء.. إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أمية، لكن دفعوا الفاسد بالافسد (3). كما يجمع قزع الخريف.. أي قطع السحاب المتفرقة، وانما خص الخريف لانه اول الشتاء، والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك (4).

 

(1) قال في مجمع البحرين 5 / 118: وفي الحديث: الدعاء كهف الاجابة، كما أن السحاب كهف المطر.. اي الاجابة تأوي إليه فيكون مظنه لها كالمطر مع السحاب. وقال في القاموس 3 / 193، والصحاح 4 / 1425: كهف: أي ملجأ. (2) ذكره في القاموس 4 / 362، ولسان العرب 15 / 59، ونحوه في مجمع البحرين 1 / 293، والنهاية 3 / 242، وفي الصحاح 6 / 2427: العشوة: ان تركب أمرا على غير بيات. ولعل الاصوب: بيان، وهي غلطة مطبعية. (3) في (ك): بأفسد. (4) نص عليه في النهاية 4 / 59، ولسان العرب 8 / 271، وغيرهما.

 

[560]

والركام: السحاب المتراكم (1) بعضه فوق بعض (2)، ونسبة هذا التأليف إليه تعالى - مع أنه لم يكن برضاه - على المجاز الشائع في الآيات والاخبار. ثم يفتح لهم أبوابا.. فتح الابواب كناية عما هيأ لهم من الاسباب استدراجا، والمستشار (3) موضع ثوراتهم (4) وهيجانهم، وشبه عليه السلام تسلط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم، كما قال تعالى: [لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور * فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلنا هم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل] (5). قوله عليه السلام: حيث بعث عليه فارة (6).. هذا مؤيد لما قيل: أن العرم: الفارة (7)، وأضيف السيل إليه لانه نقب لهم سكرا (8) ضربت لهم بلقيس. وفي النهج: كسيل الجنتين حيث لم تسلم عليه فارة ولم تثبت له أكمة (9)، والفارة:

 

(1) في (س): المتراكب. (2) صرح به في لسان العرب 12 / 251. وفي النهاية 2 / 260 بدل المتراكم: المتراكب. وانظر: مجمع البحرين 6 / 75، والصحاح 5 / 1936، والقاموس 4 / 122. (3) كذا، والظاهر أنه المستثار لعلها تقرأ في (ك) - أو المثار. قال في مجمع البحرين 3 / 238: وفي الخبر: ثارت قريش بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج هاربا.. أي هيجوه من مكانه، من قولهم ثار الغبار يثور ثورانا: هاج.. والثوران: الهيجان. وقال في القاموس 1 / 383: الثور: الهيجان.. واستثاره: غيره. (4) في (س): ثورانهم. (5) سبأ: 15 - 16. (6) في النهج - طبعة صبحي صالح -: قارة. (7) انظر: القاموس 4 / 149. (8) قال في القاموس 2 / 50: السكر: سد النهر، وبالكسر الاسم منه وما سد به النهر. (9) في النهج: تسلم عليه قارة ولم تثبت عليه ألمة.

 

[561]

الجبل الصغير (1)، والاكمة: التل (2). والحاصل بيان شدة الشبه به بأنه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شئ. ولم يرد سننه رص طود.. السنن: الطريق (3)، والرص: التصاق الاجزاء بعضها ببعض (4)، والطود: الجبل (5)، أي لم يرد طريقه طود مرصوص. وفي النهج بعده: ولا حداب (6) أرض. ولما فرغ عليه السلام من بيان شدة المشبه به أخذ في بيان شدة المشبه، فقال: يذعذعهم الله في بطون أودية. الذعذعة (7): التفريق (8).. أي يفرقهم الله في السبل (9) متوجهين إلى البلاد. ثم يسلكهم ينابيع في الارض - هي من ألفاظ القرآن -.. أي كما أن الله تعالى ينزل الماء من السماء فيستكن في أعماق الارض ثم يظهر ينابيع إلى ظاهرها، كذلك هؤلاء يفرقهم الله في بطون الاودية وغوامض الاغوار ثم يظهرهم بعد

 

(1) قال في القاموس 2 / 112: وفورة الجبل: سراته ومتنه. وقال في النهاية 3 / 405: جبال فاران: هو اسم عبراني لجبال مكة. ولم نحصل على نص كلامه قدس سره في كتب اللغة. (2) كما ذكره في القاموس 4 / 75، والمصباح المنير 1 / 24، وانظر: لسان العرب 12 / 20، ومجمع البحرين 6 / 8. (3) قاله في المصباح المنير 1 / 352، ولسان العرب 13 / 226، وانظر: مجمع البحرين 6 / 268، والنهاية 2 / 410. (4) كما في النهاية 2 / 227، والصحاح 3 / 1041. (5) نص عليه في القاموس 1 / 310، وانظر: الصحاح 2 / 502، والنهاية 3 / 141. (6) في (ك): اخداب. (7) الكلمة في (س) مشوشة وقد تقرأ: الزعزعة. (8) جاء في مجمع البحرين 4 / 328، والنهاية 2 / 160، والصحاح 3 / 1211. (9) قد يقرأ في مطبوع البحار: السيل.

 

[562]

الاختفاء، كذا ذكره (1) ابن أبي الحديد (2). ويحتمل أن يكون بيانا لاستيلائهم على البلاد وتفرقهم فيها وظهورهم في كل البلاد وتيسير أعوانهم من سائر العباد، فكما أن مياه الانهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كل البلاد وتكثر أعوانهم في جميع الاقطار، وكل ذلك ترشيح (3) لما سبق من التشبيه. من قوم.. أي بني أمية. حقوق قوم.. أي أهل البيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم وإن لم يصل الحق إليهم. ويمكن من قوم.. أي بني العباس. لديار قوم.. أي بني أمية، وفي بعض النسخ: ويمكن بهم قوما في ديار قوم، وفي النهج: ويمكن لقوم في ديار قوم.. وهما أظهر. تشريدا لبني أمية.. أي ليس الغرض إلا (4) تفريق بني أمية ورفع ظلمهم. يضعضع الله بهم ركنا.. ضعضعه: هدمه حتى الارض (5).. أي يهدم الله بهم ركنا وثيقا هو أساس دولة بني أمية. وينقض بهم طي الجنادل من إرم.. الجنادل - جمع جندل -: وهو ما يقله الرجل من الحجارة (6).. أي ينقض الله (7) الابنية التي طويت وبنيت بالجنادل. من بلاد إرم.. وهي دمشق والشام، إذ كان مستقر ملكهم في أكثر الازمان

 

(1) في (س): كما ذكره. (2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9 / 285 - 286، بتصرف واختصار. (3) في (ك): ترشح. (4) في (س): أي، بدلا من: إلا. (5) كما في الصحاح 3 / 1250، ومجمع البحرين 4 / 365، والقاموس 3 / 56. (6) كما جاء في القاموس 3 / 352، ولسان العرب 11 / 128، وانظر: الصحاح 4 / 1654، ومجمع البحرين 5 / 336. (7) وضع في (ك) على لفظ الجلالة رمز نسخة بدل.

 

[563]

تلك البلاد، وفي بعض النسخ: على الجنادل. ويملا منهم بطنان الزيتون.. بطنان الشئ: وسطه ودواخله (1). وقال الفيروز آبادي: الزيتون مسجد دمشق، أو جبال الشام، وبلد بالصين (2)، والغرض استيلاؤهم على وسط بلاد بني أمية. والصهيل - كأمير -: صوت الفرس (3). وقال الفيروز آبادي: رجل طمطم وطمطمي (4) - بكسر هما - وطمطماني (5) - بالضم - في لسانه عجمة (6). انتهى. وأشار عليه السلام بذلك إلى أن أكثر عسكرهم من العجم - كما كان - إذ (7) عسكر أبي مسلم كان أكثرهم من خراسان. ليذوبن ما في أيديهم.. أي بني أمية. ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العباس. والى الله عزوجل يقضي منهم من درج.. في بعض النسخ: يفضي - بالفاء -. أي يوصل (8)، وفي بعضها بالقاف بمعنى المحاكمة (9) أو الانهاء (10)

 

(1) نص عليه في النهاية 1 / 137، ولسان العرب 13 / 55، ومجمع البحرين 6 / 215، وفيه: وداخله. وانظر: الصحاح 5 / 2079. (2) قاله في القاموس 1 / 148، وقارنه ب‍: تاج العروس 1 / 546، ولسان العرب 2 / 35. (3) صرح به في مجمع البحرين 5 / 408، والصحاح 5 / 1747، والقاموس 4 / 4. (4) سقط في (ك): طمطمي. (5) في (س): طمطمان. (6) كما ذكره في القاموس 4 / 145، ونحوه في لسان العرب 12 / 371، وقارن به 3 / 139 منه. (7) كذا، والظاهر: كما أن عسكر.. إلى آخره. (8) قال في مجمع البحرين 1 / 331: الافضاء إلى الشئ: الوصول إليه بالملامسة، وأصله من الفضاء وهو السعة. وقال في المصباح المنير 2 / 150: أفضيت إلى الشئ: وصلت إليه، وأفضيت إليه بالسر: أعلمته به، وانظر: النهاية 3 / 456، والصحاح 6 / 2455، والقاموس 4 / 374. (9) قاله في الصحاح 6 / 2463، والنهاية 4 / 78، والقاموس 4 / 378، ولسان العرب 15 / 186، وفيه: القضاء: الحكم. (10) كما ورد في القاموس 4 / 379، والصحاح 6 / 2463، ولسان العرب 15 / 187.

 

[564]

والايصال (1). ودرج الرجل.. أي مشى (2)، ودرج أيضا: مات (3)، ودرج القوم: انقرضوا (4)، والظاهر أن المراد به هنا الموت.. أي من رأت (5) منهم مات ضالا وأمره إلى الله يعذبه كيف يشاء، وعلى الاول المعنى من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه. ولعل الله يجمع شيعتي.. إشارة إلى ظهور القائم عليه السلام ولا يلزم اتصاله بملكهم، لانه شر لهم، كما سيأتي في الاخبار على كل حال. عن مر الحق.. أي الحق الذي هو مر، أو خالص الحق، فإنه امر. وفي النهج (6): عن نصر الحق. وعلى هضم الطاعة.. أي كسرها (7) وأزوائها، يقال: زوى الشئ عنه: أي صرفه ونحاه (8)، ولم أظفر بهذا البناء (9). لكن تهتم كما تاهت بنو اسرائيل.. في خارج المصر أربعين سنة في الارض بسبب عصيانهم وترك الجهاد فكذا أصحابه عليه السلام تحيروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه على عدوه. وفي النهج (10): ولكنكم تهتم متاه بني اسرائيل أضعاف ما

 

(1) قال في القاموس 4 / 379: قضى وطره: أتمه وبلغه.. وعليه عهدا أوصاه وأنفذه.. ودينه: أداه، وقريب منه في النهاية 4 / 78، ولسان العرب 15 / 187، والمصباح المنير 2 / 190. (2) كما جاء في الصحاح 1 / 187، ومجمع البحرين 2 / 299، ولسان العرب 2 / 266. (3) نص عليه في المصباح المنير 1 / 231، ومجمع البحرين 2 / 299. (4) قاله في لسان العرب 2 / 266، والصحاح 1 / 313، والقاموس 1 / 187. (5) كذا، والصحيح: مات. (6) نهج البلاغة - محمد عبده - 2 / 77، وصبحي صالح: 240 خطبة: 166. (7) قاله في مجمع البحرين 6 / 186، والنهاية 5 / 265، والصحاح 5 / 2059. (8) نص عليه في النهاية 2 / 320، ولا حظ: لسان العرب 14 / 364. (9) أي لم أعثر على مصدر (زوى) من باب الافعال. (10) نهج البلاغة 2 / 77 - محمد عبده -، وصفحة: 240 خطبة 166 - صبحي صالح -.

 

[565]

تاهت.. أي بحسب الشدة أو بحسب الزمان. والداعي إلى الضلالة.. داعي بني العباس. وخلفتم الحق.. أي متابعة أهل البيت عليهم السلام. وقطعتم الادنى.. أي الادنين إلى الرسول صلى الله عليه وآله نسبا، الناصرين له في غزوة بدر، يعني نفسه وأولاده عليهم الاسلام. ووصلتم الابعد.. أي أولاد العباس فإنهم كانوا أبعد نسبا من أهل البيت عليهم السلام، وكان جدهم العباس ممن حارب النبي صلى الله عليه وآله في غزوة بدر. أن لو قد ذاب ما في أيديهم.. أي ذهب مالك بني العباس. لذي (1) التمحيص للجزاء.. أي قرب قيام القائم عليه السلام. وفيه التمحيص والابتلاء ليجزي الكافرين ويعذبهم في الدنيا أو (2) القيامة. وقرب الوعد.. أي وعد الفرج. وانقضت المدة.. أي قرب انقضاء مدة أهل الباطل. والنجم ذو الذنب، من علامات ظهور القائم عليه السلام. والمراد بالقمر المنير.. القائم عليه السلام، وكذا طالع المشرق إذ مكة شرقية بالنسبة إلى المدينة أو لان اجتماع العساكر عليه وتوجهه إلى فتح البلاد من الكوفة وهي كالشرقية بالنسبة إلى الحرمين، ولا يبعد أن يكون ذكر المشرق ترشيحا للاستعارة أي القمر الطالع من مشرقه، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ظهور السلطان اسماعيل أنار الله برهانه. والتعسف: الظلم (3).

 

(1) كذا، والصحيح: لدنى. (2) في (س): أي، بدلا من: أو. (3) كما جاء في مجمع البحرين 5 / 100، والقاموس 3 / 175، ولسان العرب 9 / 246.

 

[566]

والثقل الفادح (1): الديون المثقلة والمظالم أو بيعة أهل الجور وطاعتهم وظلمهم. إلا من أبي.. أي عن طاعة القائم عليه السلام أو الرب تعالى. واعتسف.. أي مال (2) عن طريق الحق إلى غيره، أو ظلم (3) على غيره (4). 53 - ما (5): الحسين بن ابراهيم، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان وجعفر بن عيسى (6)، عن الحسين بن أبي غندر (7)، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله وعليكم بالطاعة لائمتكم، قولوا ما يقولون واصمتوا عما صمتوا، فإنكم في سلطان من قال الله تعالى: [وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال] (8) يعني بذلك ولد العباس، فاتقوا الله فإنكم في هدنة، صلوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وأدوا الامانة إليهم..

 

(1) قال في القاموس 1 / 239: فدح الدين: أثقله، فادحا.. أي مثقلا صعبا، وفي مجمع البحرين 2 / 397: الامر الفادح: الذي يثقل ويبهض، والجمع فوادح.. فدحه الدين: أثقله. وانظر: النهاية 3 / 419. (2) نص عليه في لسان العرب 9 / 2450، والقاموس 3 / 175، وغيرهما. (3) قاله في مجمع البحرين 5 / 100، والقاموس 3 / 175، ولسان العرب 9 / 246. (4) أقول: انظر شرح الخطبة في شرح النهج لابن ميثم 2 / 305، ومنهاج البراعة للقطب الراوندي 1 / 365، وشرح ابن أبي الحديد 6 / 384، وقريب منه في 9 / 285 - 286. (5) أمالي الشيخ الطوسي 2 / 280، مع تفصيل في الاسناد. (6) لا يوجد: وجعفر بن عيسى، في المصدر. (7) في (س): عند ر، بالعين المهملة. (8) ابراهيم: 46.

 

[567]

[32] باب ما ورد في جميع الغاصبين والمرتدين مجملا 1 - م (1): قوله عزوجل: [مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنور هم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون] (2). قال الامام موسى بن جعفر عليهما السلام: مثل هؤلاء المنافقين كمثل الذي استوقد نارا أبصر بها ما حوله، فلما أبصر ذهب الله بنورها بريح أرسلها عليها فأطفأها أو بمطر، كذلك مثل هؤلاء المنافقين الناكثين لما أخذ الله تعالى عليهم من البيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام أعطوا ظاهرا شهادة (3) أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عليا وليه ووصيه ووارثه وخليفته في أمته، وقاضي ديونه، ومنجز عداته، والقائم بسايسة عباد الله

 

(1) تفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام: 130 - 134. (2) البقرة: 16. (3) في المصدر: بشهادة. (*)

 

[568]

مقامه، فورث مواريث المسلمين بها (1)، ووالوه من أجلها (2)، وأحسنوا عنه الدفاع بسببها، واتخذوه أخا يصونونه مما يصونون عنه أنفسهم بسماعهم منه لها، فلما جاء (3) الموت وقع (4) في حكم رب العالمين العالم بالاسرار الذي لا يخفى عليه خافية، فأخذهم بعذاب باطن (5) كفرهم فذلك حين ذهب نورهم وصاروا في ظلمات عذاب الله، ظلمات أحكام الآخرة لا يرون منها خروجا ولا يجدون عنها محيصا. ثم قال: صم.. يعني يصمون في الآخرة في عذابها، بكم.. يبكمون (6) بين أطباق نيرانها، عمي.. يعمون (7) هناك. وذلك نظير قوله (8): [ونحشر هم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأويهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا] (9). قال العالم عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ما من عبد ولا أمة أعطي بيعة أمير المؤمنين عليه السلام في الظاهر ونكثها في الباطن، وأقام على نفاقه إلا وإذا جاءه (10) ملك الموت لقبض (11) روحه

 

(1) جاء في حاشية (ك) هنا: وفلح من المسلمين بها، وكتب بعدها (صح)، وفي المصدر نسخة: ونكح في المسلمين. (2) في (ك) نسخة بدل: لاجلها. (3) في المصدر: جاءه. (4) في (ك) نسخة بدل: وقعوا. (5) في التفسير: العذاب بباطن. (6) هنا زيادة في المصدر: هناك. (7) في (ك) نسخة بدل: يعمهون. وقد وردت في تفسير البرهان 1 / 64 حديث 1. (8) زيادة في المصدر: عزوجل. (9) الاسراء: 97. (10) في (ك): جاء. (11) في التفسير: ليقبض.

 

[569]

تمثل له إبليس وأعوانه وتمثل له (1) النيران وأصناف عقاربها (2) لعينيه وقلبه ومعاقده (3) من مضايقها، ويمثل (4) له أيضا الجنان ومنازله فيها لو كان بقي على ايمانه ووفى ببيعته، فيقول له ملك الموت: انظر ! فتلك (5) الجنان لا يقادر قدرها (6) سرائها وبهجتها وسرورها إلا الله رب العالمين، كانت معدة لك، فلو كنت بقيت على ولا يتك لاخي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكون (7) إليها مصيرك يوم فصل القضاء، لكنك نكثت وخالفت فتلك النيران وأصناف عذابها وزبانيتها بمرزباتها (8) وأفاعيها الفاغرة أفواها، وعقاربها الناصبة أذنابها، وسباعها الشائلة مخالبها، وسائر أصناف عذابها هو لك وإليها مصيرك، فعند ذلك يقول: [يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا] (9)، فقبلت ما أمرني به والتزمت من موالاة على (ع) ما ألزمني، قوله عزوجل: [أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم فئ اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين * يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شآء الله لذهب بسمعهم وأبصار هم إن الله على كل شئ قدير] (10). قال العالم (11) عليه السلام: ثم ضرب الله (12) للمنافقين مثلا آخر (13)، فقال:

 

(1) لا توجد: له، في المصدر. (2) في (ك) نسخة بدل: عقابها، وهي كذلك في المصدر، إلا أن في تفسير البرهان: عفاريتها. (3) في المصدر: مقاعده. (4) في التفسير: وتمثل. (5) في (ك) نسخة بدل: إلى تلك. (6) في المصدر: الجنان التي لا يقدر قدر.. وجاءت: يقدر نسخة بدل في (ك). (7) لا توجد: يكون، في المصدر، وهو الظاهر. (8) في التفسير: ومرزباتها. (9) الفرقان: 27. (10) البقرة: 19 - 20. (11) في المصدر: الامام. (12) زيادة في التفسير: عزوجل. (13) أضاف في المصدر: للمنافقين.

 

[570]

مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الذي أنزلنا عليك يا محمد مشتملا على بيان توحيدي وإيضاح حجة نبوتك، والدليل الباهر (1) على استحقاق أخيك علي (2) للموقف الذي وقفته، والمحل الذي أحللته، والرتبة التي رفعته إليها، والسياسة التي قلدته إياها فيه (3)، فهي كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. قال: يا محمد ! كما أن في هذا المطر هذه الاشياء ومن ابتلى به خاف فكذلك هؤلاء في ردهم بيعة (4) علي (ع) وخوفهم أن تعثر أنت يا محمد على نفاقهم كمن هو في هذا (5) المطر والرعد والبرق يخاف أن يخلع الرعد فؤاده، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه، فكذلك هؤلاء يخافون أن تعثر على كفرهم فتوجب قتلهم واستيصالهم [يجعلون أصابعهم فئ اذانهم من الصواعق حذر الموت] (6) كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد والبرق أصابعهم في آذانهم لئلا يخلع صوت الرعد أفئدتهم، فكذلك يجعلون أصابعهم في آذانهم إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة، ووعيدك لهم إذا علمت أحوالهم. [يجعلون أصابعهم فئ اذانهم من الصواعق حذر الموت] (7) لئلا يسمعوا لعنك ولا وعيدك فتغير ألوانهم فيستدل أصحابك أنهم المعنيون (8) باللعن والوعيد، لما قد ظهر من التغيير والاضطراب عليهم فيتقوى (9) التهمة عليهم فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك وحكمك (10). ثم قال: [والله محيط

 

(1) زاد في الاصل: القاهر. (2) في المصدر: علي بن أبي طالب عليه السلام. (3) لا توجد: فيه، في المصدر. (4) في التفسير: لبيعة. (5) في مطبوع البحار نسخة بدل: في مثل هذا، وهو الذي ورد في تفسير الامام عليه السلام. (6) البقرة: 19. (7) البقرة: 19. (8) قد تقرأ في مطبوع البحار: المعينون. (9) في (ك): فيقوى. (10) في (س) نسخة بدل: في حكمك، وهي التي جاءت في المصدر.

 

[571]

بالكافرين] (1) مقتدر عليهم و (2) لو شاء أظهر لك نفاق منافقيهم، وأبدى لك أسرارهم، وأمرك بقتلهم، ثم قال: [يكاد البرق يخطف أبصارهم] (3)، وهذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضوا عنه أبصارهم ولم يستروا عنه (4) وجوههم لتسلم عيونهم من تلالئه، ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلصوا فيه بضوء البرق ولكنهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم، فكذلك هؤلاء المنافقون يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة الدالة على نبوتك الموضحة عن صدقك في نصب علي أخيك (5) إماما، ويكاد ما يشاهدونه منك - يا محمد (ص) ومن أخيك علي (ع) - من المعجزات الدالات على أن أمرك وأمره هو الحق الذي لا ريب فيه، ثم هم مع ذلك لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن وآياتك وآيات أخيك علي بن أبي طالب عليه السلام، يكاد ذهابهم عن الحق في حججك (6) يبطل عليهم سائر ما قد علموا (7) من الاشياء التي يعرفونها، لان من جحد حقا واحدا أراه (8) ذلك الجحود إلى أن يجحد كل حق فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره. ثم قال: [كلما أضاء لهم مشوا فيه] (9) إذا ظهر ما اعتقدوا (10) أنه هو الحجة

 

(1) البقرة: 19. (2) لا توجد الواو في (س). وهي كذلك في المصدر. (3) البقرة: 20. (4) في (ك) نسخة بدل: منه، وهي التي جاءت في المصدر. (5) في المصدر بتقديم وتأخير: أخيك على. (6) في (ك) نسخة بدل: بحجتك. (7) في تفسير الامام (ع): عملوا. (8) في المصدر: أدا، وهو الظاهر. (9) البقرة: 20. (10) في (ك) نسخة بدل: قد اعتقدوا، وهي التي في المصدر.

 

[572]

" مشوا فيه " ثبتوا عليه، وهؤلاء كانوا إذا نتجت (1) خيلهم (2) الاناث، ونساؤهم الذكور، وحملت نخيلهم، وزكت زروعهم، ونمت (3) تجارتهم، وكثرت الالبان في ضروعهم (4)، قالوا: يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعلي (ع) أنه منجوت (5) مدال (6) ينبغي أن نعطيه ظاهرا (7) الطاعة لنعيش في دولته. [وإذا أظلم عليهم قاموا].. أي وإذا أنتجت خيولهم، الذكور ونساؤهم الاناث ولم يربحوا في تجاراتهم، ولا حملت نخيلهم ولا زكت زروعهم، وقفوا وقالوا هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليا، والتصديق الذي صدقنا محمدا، وهو نظير ما قال الله عزوجل: يا محمد ! [إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك]، قال الله: [قل كل من عند الله] (8) بحكمه النافذ وقضائه ليس ذلك لشؤمي ولا ليمني، ثم قال الله عزوجل: [ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم] (9) حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز (10) من أن تقف على كفرهم أنت وأصحابك المؤمنون توجب (11) قتلهم، [إن الله على كل شئ

 

(1) في المصدر: انتجت، وقد جاءت نسخة بدل على (ك). (2) في المصدر: خيولهم: وقد جاءت نسخة بدل على (ك). (3) في (ك) نسخة بدل: وربحت، وهي التي جاءت في المصدر. (4) في التفسير: ضروع جزوعهم. (5) كذا، والظاهر: مبخوت، كما في المصدر، قال في المصباح المنير 1 / 48، ومجمع البحرين 2 / 191: والبخت: الحظ وزنا ومعنى، وهو عجمي. (6) قال في القاموس 3 / 378، والصحاح 4 / 1700: أدالنا الله من عدونا.. من الدولة، وفي النهاية 2 / 141 قال: والدولة: الانتقال من حال الشدة إلى الرخاء. أقول: عليه مدال اسم مفعول من أدالنا الله من عدونا. (7) في (س): ظاهر. (8) النساء: 78. (9) البقرة: 20. (10) في (س): الاحراز. (11) في المصدر: وتوجب.

 

[573]

قدير] لا يعجزه شئ. إيضاح. قوله عليه السلام: بسماعهم منه لها.. الضمير في منه راجع إلى أمير المؤمنين، وفي (لها) إلى الانفس.. أي بأنهم كانوا يسمعون منه عليه السلام ما ينفع أنفسهم من المعارف والاحكام والمواعظ، أو ضمير سماعهم راجع إلى المسلمين وضمير منه إلى المنافق، وضمير لها إلى الشهادة.. أي اتخاذهم له أخا بسبب أنهم سمعوا منه الشهادة. والشائلة: المرتفعة (1). 2 - شي (2): عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وعن (3) أبي عبد الله عليهما السلام في (4) قوله تعالى (5): [الذين جعلوا القرءان عضين] (6) قال: هم قريش (7). بيان: قال الطبرسي (8): جعلوا القرآن عضين.. أي فرقوه وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وعن ابن عباس: جعلوه جزءا

 

(1) قال في النهاية 2 / 510: الشائلة: الناقة التي شال لبنها.. أي ارتفع، وبنصه في لسان العرب 11 / 375. وقال في المصباح المنير 1 / 397: شال الميزان يشول: إذا خفت احدى كفتيه فارتفعت. وقال في القاموس 3 / 404: شالت الناقة بذنبها شولا وشوالا وأشالته: رفعته، فشال الذنب نفسه لازم متعد. (2) تفسير العياشي 2 / 252 حديث 44. (3) لا توجد: عن، في المصدر، كما لا توجد الواو في (س). (4) في التفسير: عن، بدلا من: في. (5) لا توجد: تعالى، في المصدر. (6) الحجر: 91. (7) وأوردها العلامة المجلسي في البحار 4 / 61، وجاءت في تفسير البرهان 2 / 354 - 356، وتفسير الصافي 1 / 913 [3 / 122]. (8) مجمع البيان 6 / 345.

 

[574]

جزءا (1)، فقالوا: سحر، وقالوا: أساطير الاولين، وقالوا: مفترى. 3 - قب (2): الباقر عليه السلام في قوله: [ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة] (3) يعني إنكارهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. الشوهاني (4): بإسناده، سأل عبد الله بن عطاء المكي الباقر عليه السلام عن قوله: [ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين] (5) قال: ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا مسلم، فيومئذ [يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين] (6) لولاية أمير المؤمنين عليه السلام. وقال عليه السلام: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله هكذا، وقال: [الظالمون] (7) آل محمد حقهم [لما رأوا العذاب] (8) وعلي هو العذاب، [هل إلى مرد من سبيل] (9)، يقولون (10) نرد فنتولى عليا (ع)، قال الله: [وتراهم يعرضون عليها] (11).. يعني أرواحهم تعرض على النار [خاشعين من الذل ينظرون] (12) إلى علي [من طرف خفي] (13) ف‍ [قال الذين ءامنوا] (14) بآل محمد [إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين] (15) لآل محمد حقهم [في عذاب] (16) أليم. الحسكاني في شواهد التنزيل (17): بإسناده عن ابن المسيب، عن ابن

 

(1) في المصدر جاءت العبارة هكذا: جعلوا القرآن عضين.. أي جزأوه أجزاء. وجاءت: عن ابن عباس بعد كلمة: مفترى. (2) المناقب لابن شهر آشوب 3 / 212. (3) الزمر: 60. (4) في (س): الشوهان، وهو غلط. وقد جاء في المناقب 3 / 215 - 216. (5 و 6) الحجر: 2. (7 - 9) الشورى: 44. (10) في المصدر: فيقولون.. (11 - 16) الشورى: 45. (17) شواهد التنزيل 1 / 206 - 207 حديث 269.

 

[575]

عباس، أنه لما نزلت قوله: [واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة] (1) قال النبي صلى الله عليه وآله: من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الانبياء قبلي. أقول: روى السيوطي في الدر المنثور (2)، عن عبد (3) بن حميد وابن جرير، عن قتادة: [فهل عسيتم إن توليتم] (4) الآية. قال: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله، ألم (5) يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الارحام، وعصوا الرحمن ؟ !. 4 - فس (6): أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: [ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك] يا علي [فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما] (7) هكذا نزلت، ثم قال: [فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك] يا علي (8) ! [فيما شجر بينهم] (9) يعني (10) فيما تعاهدوا وتعاقدوا عليه بينهم من خلافك (11) وغصبك [ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت] (12) عليهم يا محمد ! على لسانك من ولايته [ويسلموا تسليما] (13) لعلي عليه السلام.

 

(1) الانفال: 25. (2) الدر المنثور 6 / 49. (3) في (ك): عبد الله. (4) محمد (ص): 22. (5) في (ك): ما لم. (6) تفسير علي بن ابراهيم القمي 1 / 142. (7) النساء: 64. (8) لا توجد: يا علي، في (ك). (9) النساء: 65. (10) في (ك): يعني يحكموا - يا علي - فيما شجر بينهم يعني.. (11) في المصدر: من خلافك بينهم - بتقديم وتأخير -. (12 و 13) النساء: 65.

 

[576]

5 - فس (1): [وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض] (2) يعني ما بعث الله نبيا إلا وفي أمته شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض، أي يقول بعضهم لبعض لا تؤمنوا ب‍: [زخرف القول غرورا] (3) فهذا وحي كذب. بيان: المشهور في التفسير أن زخرف القول والغرور صفة (4) لكلامهم الذي يوحي بعضهم إلى بعض، أي يقول بعضهم إلى بعض، أي يوسوس ويلقي خفية بعضهم إلى بعض كلاما مموها مزينا يستحسن ظاهره ولا حقيقة له، غرورا.. أي يغرونهم بذلك غرورا، أي ليغروهم (5)، وعلى ما في (6) تفسير علي بن ابراهيم: المعنى يلقي بعضهم إلى بعض الكلام الذي يقولونه (7) في شأن القرآن، وهو أنه زخرف القول غرورا، ولا يخلو من بعد لكن لا يأبى عن الاستقامة. 6 - فس (8): [إن الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا] (9) قال: نزلت في الذين آمنوا برسول الله إقرارا لا تصديقا ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الامر في (10) أهل بيته أبدا، فلما نزلت الولاية وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الميثاق عليهم لامير المؤمنين آمنوا إقرارا لا

 

(1) تفسير القمي 1 / 214. (2) الانعام: 112، وذكر في المصدر ذيلها: [زخرف القول غرورا]. (3) الانعام: 112. (4) في (س): صفته. وهو خلاف الظاهر. (5) في (س): أو ليغررهم. (6) لا توجد: في، في مطبوع البحار. (7) في (س): يقولون. (8) تفسير القمي 1 / 156. (9) النساء: 137. (10) في المصد ر: إلى، بدلا من: في.

 

[577]

تصديقا، فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفروا فازدادوا (1) كفرا [لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم] (2). 7 - فس (3): [يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله] (4) قال: هو مخاطبة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه نزل (5) في القائم عليه السلام وأصحابه الذين (6) يجاهدون في سبيل الله [ولا يخافون لومة لآئم] (7). 8 - فس (8): أبي، عن ابن أبي عمير (9)، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون] (10) قال: بيت (11) مكرهم.. أي ماتوا فألقاهم الله في النار، وهو مثل لاعداء آل محمد عليه وعليهم السلام.

 

(1) في التفسير: وازدادوا. (2) النساء: 168 - 169. وفي تفسير القمي: [ليهديهم سبيلا] يعني طريقا [إلا طريق جهنم]. فتكون الآية: 137 من سورة النساء. (3) تفسير القمي 1 / 170. (4) المائدة: 54. (5) في التفسير: نزلت. (6) لا توجد: الذين، في المصدر. (7) المائدة: 54. (8) تفسير القمي 1 / 384. (9) في المصدر: محمد بن أبي عمير. (10) النحل: 26. (11) في المصدر: ثبت.

 

[578]

بيان: قوله: بيت مكرهم.. أي المراد بالبنيان بيت مكرهم الذي بنوه مجازا. قال في مجمع البيان (1): قيل: إن هذا (2) مثل ضربه الله لاستئصالهم، والمعنى فأتى الله مكرهم من أصله.. أي عاد ضرر المكر إليهم. 9 - فس (3): [الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب] (4) قال: كفروا بعد النبي صلى الله عليه وآله وصدوا عن أمير المؤمنين عليه السلام زدناهم عذابا فوق العذاب: [بما كانوا يفسدون] (5). 10 - فس (6): [والشعراء يتبعهم الغاوون] (7) قال: نزلت في الذين غيروا دين الله (8) وخالفوا أمر الله، هل رأيتم شاعرا يتبعه (9) أحد ؟ ! إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم (10) الناس على ذلك، ويؤكده قوله: [ألم تر أنهم في كل واد يهيمون] (11) يعني يناظرون بالاباطيل ويجادلون بالحجج المضلة، وفي كل مذهب يذهبون: [وأنهم يقولون ما لا يفعلون] (12) بردهم (13). قال: يعظون الناس ولا يتعظون، وينهون عن المنكر ولا ينتهون، ويأمرون بالمعروف ولا

 

(1) مجمع البيان 6 / 357 باختلاف يسير. (2) لا يوجد في (س): إن هذا. (3) تفسير القمي 1 / 388. (4) النحل: 88. (5) النحل: 88. (6) تفسير القمي 2 / 125. (7) الشعراء: 224. (8) في المصدر زيادة: بآرائهم. (9) في (ك) نسخة بدل: شاعرا قط تبعه، وهو الموجود في المصدر. (10) في التفسير: فيتبعهم. (11) الشعراء: 225. (12) الشعراء: 226. (13) لا توجد: بردهم، في المصدر، وهو الظاهر.

 

[579]

يعلمون (1) وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم، ثم ذكر آل محمد عليهم السلام وشيعتهم المهتدين، فقال: [إلا الذين ءامنوا وعلموا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا] (2) ثم ذكر أعداءهم ومن ظلمهم، فقال: [وسيعلم الذين ظلموا] (3) آل محمد حقهم [أي منقلب ينقلبون] (4) هكذا والله نزلت. 11 - فس (5): [احشروا الذين ظلموا] (6) قال: الذين ظلموا آل محمد حقهم [وأزواجهم] (7) قال: وأشباههم. 12 - فس (8): في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا..] إلى قوله: [كذلك يضل الله الكافرين] (9) فقد سماهم الله كافرين (10) مشركين بأن كذبوا بالكتاب وقد (11) أرسل الله رسله بالكتاب وبتأويله فمن كذب بالكتاب أو كذب بما أرسل به رسله من تأويل الكتاب فهو مشرك كافر. 13 - فس (12): [ولكن يدخل من يشآء في رحمته والظالمون] لآل محمد

 

(1) في المصدر: يعملون، وهو الظاهر. (2) الشعراء: 227. (3) الشعراء: 227. (4) الشعراء: 227. (5) تفسير القمي 2 / 222. (6) الصافات: 22. وفي المصدر زيادة من الآية [وأزواجهم]. (7) الصافات: 22. (8) تفسير علي بن ابراهيم القمي 2 / 260. (9) غافر: 70 - 74. (10) في المصدر: سمى الله الكافرين. (11) في (ك): وبما، وجاءت: وقد، فيها نسخة بدل. (12) تفسير القمي 2 / 272 - 273.

 

[580]

حقهم [ما لهم من ولي ولا نصير] (1). [ولولا كلمة الفصل] (2) (3) قال: الكلمة الامام، والدليل على ذلك قوله: [وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون] (4) يعني الامامة، ثم قال: [وإن الظالمين] (5) يعني الذين ظلموا هذه الكلمة [لهم عذاب أليم]، ثم قال: [ترى الظالمين] (6) يعني الذين ظلموا آل محمد حقهم [مشفقين مما كسبوا].. أي خائفين مما ارتكبوا وعملوا [وهو واقع بهم] (7).. ما (8) يخافونه، ثم ذكر الله الذين آمنوا بالكلمة واتبعوها، فقال: [والذين ءامنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات..] (9) إلى قوله: [ذلك هو الفضل الكبير] (10) [ذلك الذي يبشر الله عباده الذين ءامنوا] بهذه الكلمة [وعملوا الصالحات] مما أمروا به. ثم قال (11): [وترى الظالمين] آل محمد حقهم [لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل] (12).. أي إلى الدنيا. 14 - فس (13): [وترى الظالمين] (14) آل (15) محمد حقهم [لما رأوا

 

(1) الشورى: 8. (2) تفسير القمي 2 / 274 - 275. (3) الشورى: 21. وجاءت زيادة: [لقضي بينهم]: من الآية في المصدر. (4) الزخرف: 28. (5 و 6) الشورى: 21. (7) الشورى: 22. (8) في المصدر: أي ما. (9) الشورى: 22. (10) تتمة للآية السالفة، ولا توجد في المصدر. (11) تفسير القمي 2 / 277. (12) الشورى: 44. (13) تفسير القمي 2 / 278. (14) الشورى: 44. (15) في (ك) نسخة بدل: لآل.

 

[581]

العذاب] وعلى هو العذاب في هذا الوجه [يقولون هل إلى مرد من سبيل] فنوالي عليا [وتريهم يعرضون عليها خاشعين من الذل]... أي (1) لعلي [ينظرون] إلى علي [من طرف خفي وقال الذين ءامنوا] يعني آل محمد صلى الله عليه وآله وشيعتهم [إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين] آل محمد حقهم [في عذاب مقيم] (2). قال: والله يعني النصاب الذين نصبوا العداوة لامير المؤمنين عليه السلام وذريته والمكذبين [وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل] (3). بيان: قوله: يعني النصاب.. حال من فاعل قال، وقوله: وما كان.. مفعول قال، وفي بعض النسخ: قال: والله.. فالواو للقسم. 15 - فس (4): [والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج..] إلى قوله: [ما هذا إلا أساطير الاولين] (5) قال: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر. حدثني العباس بن محمد، عن (6) الحسن بن سهل، بإسناد رفعه إلى جابر ابن زيد، عن جابر بن عبد الله، قال: ثم أتبع الله جل ذكره مدح الحسين بن علي عليهما السلام بذم عبد الرحمن بن أبي بكر. بيان: روت العامة أيضا أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، ويمكن أن

 

(1) لا توجد: أي، في المصدر. (2) الشورى: 45. (3) الشورى: 46. (4) تفسير القمي 2 / 297. (5) الاحقاف: 17. (6) في المصدر: قال: حدثني، بدل: عن.

 

[582]

يكون قول الوالدين له (1)، لظاهر الامر للمصلحة لا على وجه الاعتقاد، ويظهر من بعض الاخبار أن المراد بالوالدين رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام، ومن بعضها أن المراد بهما هنا الحسنان عليهما السلام. قال علي بن ابراهيم (2) - قبل ذلك - قوله: [ووصينا الانسان بوالديه إحسانا] (3) قال: الاحسان رسول الله صلى الله عليه وآله، قوله: بوالديه إنما عني الحسن والحسين عليهما السلام، ثم عطف على الحسين عليه السلام، فقال: [حملته أمه كرها ووضعته كرها..] وساق الكلام إلى قوله: [والذي قال لوالديه أف لكما..] (4) إلى آخر ما أوردنا، فيظهر منه أن المراد بالوالدين على هذا التأويل الحسنان، وقد تكلمنا في الخبر في مجلد الامامة (5). 16 - فس (6): [يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون] (7) مخاطبة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين وعدوه أن ينصروه ولا يخالفوا أمره ولا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين عليه السلام، فعلم الله أنهم لا يفون (8) بما يقولون، فقال: [لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله..] (9) الآية، وقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم وإن لم يصدقوا. 17 - فس (10): [فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا] (11) قال: إذا

 

(1) لا توجد في (س): له. (2) في تفسيره 2 / 297. (3) الاحقاف: 15. (4) الاحقاف: 17. (5) بحار الانوار 36 / 158، 43 / 246، 258، 44 / 231، 53 / 102 وغيرها. (6) تفسير القمي 2 / 365. (7) الصف: 2. (8) في المصدر: لا يوفون. (9) الصف: 2 - 3. (10) تفسير القمي 2 / 379. (11) الملك: 27.

 

[583]

كان يوم القيامة ونظر أعداء أمير المؤمنين ما أعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد - وهو على الحوض يسقي ويمنع يسود (1) وجوه أعدائه، فيقال لهم: [هذا الذي كنتم به تدعون] (2) منزله (3) وموضعه واسمه. 18 - ير (4): احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن منصور (5)، قال: سألته عن قول الله تعالى: [وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها، قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون] (6) فقال: رأيت (7) أحدا يزعم أن الله أمر بالزنا وشرب الخمر أو بشئ من هذه المحارم ؟ !. فقلت: لا. فقال: ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله أمر بها ؟ !. فقلت: الله أعلم ووليه. قال: فإن هذه في أئمة الجور ادعوا أن الله أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمر الله بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم، وأخبرنا أنهم قد قالوا عليه الكذب فسمى الله ذلك (8) منهم فاحشة. 19 - شي (9): عن محمد بن منصور، عن عبد صالح، قال: سألته.. وذكر مثله (10). 20 - شي (11): عن كليب الصيداوي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام

 

(1) في المصدر: تسود. (2) الملك: 27. (3) في المصدر هكذا: أي هذا الذي كنتم به تدعون منزلته. (4) بصائر الدرجات: 54 حديث 4. (5) في تفسير العياشي هنا زيادة: عن عبد صالح. (6) الاعراف: 28. (7) في البصائر: أرأيت، وهو الظاهر. (8) لا توجد: ذلك في البصائر، وأثبتت في تفسير البرهان وتفسير العياشي. (9) تفسير العياشي 2 / 12 حديث 15. (10) باختلاف يسير، وأورده في تفسير البرهان 2 / 8، وتفسير الصافي 1 / 571 [2 / 188]. (11) تفسير العياشي 1 / 385 حديث 131.

 

[584]

عن قول الله: [إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا] (1) ثم قال: كان علي صلوات الله عليه يقرأها: فارقوا دينهم، قال (2): فارق والله القوم دينهم (3). بيان: قال الطبرسي رحمه الله (4): قرأ حمزة والكسائي (5) فارقوا - بالالف - وهو المروي عن علي عليه السلام والباقون فرقوا بالتشديد. ثم قال: قال أبو علي: من قرأ " فرقوا " فتقديره يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض.. ومن قرأ " فارقوا دينهم " فالمعنى باينوه وخرجوا عنه... وقال (6): اختلف في المعنيين بهذه الآية على أقوال: أحدها: أنهم الكفار وأصناف المشركين.. وثانيها: أنهم اليهود والنصارى، لانه يكفر بعضهم بعضا... وثالثها: أنهم أهل الضلالة وأصحاب الشبهات والبدع من هذه الامة. رواه أبو هريرة وعائشة مرفوعا، وهو المروي عن الباقر عليه السلام: جعلوا دين الله أديانا لاكفار بعضهم بعضا وصاروا أحزابا وفرقا. وتتمه (7) الآية: [لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله] (8). قيل: المعنى أنك لا تجتمع معهم في شئ من مذاهبهم الباطلة.

 

(1) الانعام: 159. (2) في المصدر: ثم قال. (3) وذكره في تفسير البرهان 1 / 565، وتفسير الصافي 1 / 560 [2 / 174]. (4) في مجمع البيان 4 / 388 - 389، وما فيه نقاط ثلاث فهو علامة الحذف. (5) في المصدر زيادة: هاهنا وفي الروم. (6) في مجمع البيان 4 / 389. (7) من هنا تلخيص لما ذكره الطبرسي في مجمعه. (8) الانعام: 159.

 

[585]

وقيل: أي لست من مخالطتهم في شئ. وقيل: أي لست من قتالهم في شئ. ثم نسختها آية القتال: [إنما أمرهم إلى الله..] (1). وقيل: في (2) مجازاتهم على سوء أفعالهم، أو في الانظار والاستئصال، أو الحكم بينهم في اختلافهم إلى الله. * * * * *

 

(1) الانعام: 159. (2) في (ك) خط على: وقيل في.

 

[587]

تتميم بعد أن أدرجنا في مقدمة الكتاب بعض العناوين العامة في الابواب المتفرقة من كتاب بحار الانوار، نسرد هنا جملة من الروايات الواردة عنهم صلوات الله عليهم في خصوص كل واحد من الخلفاء أو بني أمية أو المرأتين أو في أعدائهم مما حصلنا عليه في هذه الموسوعة ولم يدرجه المصنف رحمه الله هنا، أو أدرجه من مصدر آخر تعيينا للمصداق، وتطبيقا صغرويا لكل الكبريات التي سلفت في المقدمة، والله المستعان وعليه التكلان. فنقول: فمما ورد في أبي بكر: 1 - ذكر العلامة المجلسي في بحاره 60 / 278 - 280 في تفسير قوله تعالى: [إنا عرضنا الامانة...] (الاحزاب: 72) وجوها، ثم قال: الثامن: إن المراد بالامانة: الامامة الكبرى، [وحملها] ادعاؤها بغير حق، والمراد ب‍ (الانسان] أبو بكر، وقد وردت الاخبار الكثيرة في ذلك أوردتها في كتاب الامامة وغيرها. فقد روي بأسانيد عن الرضا عليه السلام قال: الامانة: الولاية، من ادعاها بغير حق كفر. وقال علي بن ابراهيم:.. [وأشفقن منها وحملها الانسان] الاول... وعن الصادق عليه السلام: الامانة: الولاية، والانسان: أبو الشرور المنافق. وعن الباقر عليه السلام: هي الولاية: [أبين أن يحملنها] كفرا، [وحملها الانسان]، والانسان: أبو فلان. 2 - قال العلامة المجلسي - أيضا - في بحاره 69 / 284، ذيل قوله سبحانه: [لقد خلقنا الانسان]... وقال علي بن ابراهيم: نزلت في الاول. وفي المناقب عن الكاظم عليه السلام، قال: الانسان: الاول [ثم رددناه أسفل سافلين] [التين: 1 - 5) ببغضه أمير المؤمنين عليه عليه السلام. 3 - ير: بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: [إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن] (الاحزاب: 72)، قال: الولاية [أبين أن يحملنها] كفرا بها وعنادا [وحملها الانسان] والانسان الذي حملها: أبو فلان. [بحار الانوار: 23 / 281، حديث 24، عن بصائر الدرجات: 76، حديث 3]


 

[588]

4 - فس: قال على بن ابراهيم في قوله [عزوجل]: [إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها..] قال: الامانة: هي الامامة [والامر] والنهي، والدليل على أن الامانة هي الامامة قوله عزوجل للائمة: [إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها] يعني الامامة، والامانة: الامامة، عرضت على السموات والارض والجبال [فأبين أن يحملنها] قال: أبين أن يدعوها أو يغصبوها أهلها وأشفقن منها [وحملها الانسان] أي فلان [الاول] [إنه كان ظلوما جهولا]. [بحار الانوار: 23 / 280، حديث 21، عن تفسير علي ابن ابراهيم: 2 / 198] 5 - مع: بإسناده عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: [إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا] قال: الامانة، الولاية، والانسان: أبو الشرور المنافق. بيان: على تأويلهم عليهم السلام يكون اللام في الانسان للعهد، وهو أبو الشرور.. أي أبو بكر، أو للجنس ومصداقه الاول في هذا الباب أبو بكر، والمراد بالحمل الخيانة كما مر، أو المراد بالولاية: الخلافة، وادعاؤها بغير حق، فعرض ذلك على أهل السموات والارض أو عليهما بأن بين لهم عقوبة ذلك، وقيل لهم: هل تحملون ذلك ؟ فأبوا إلا هذا المنافق وأضرابه، حيث حملوا ذلك مع ما بين لهم من العقاب المترتب عليه. [بحار الانوار: 23 / 279 - 280 حديث 20، عن معاني الاخبار: 38 (110، حديث 2)] 6 - فس: [والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الامين] قال: التين: رسول الله صلى الله عليه وآله، والزيتون: أمير المؤمنين عليه السلام، وطور سينين: الحسن والحسين عليهما السلام، وهذا البلد الامين: الائمة عليهم السلام، [لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم] قال: نزلت في زريق [الاول]، [ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات] قال: ذاك أمير المؤمنين... إلى آخره. [بحار الانوار: 24 / 105، حديث 12، عن تفسير علي ابن ابراهيم القمي: 730 (2 / 429 - 430)] 7 - فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام..] (المائدة: 90)، وذلك لان أبا بكر شرب قبل أن تحرم الخمر، فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر، فسمع النبي صلى الله عليه وآله، فقال: اللهم امسك على لسانه، فأمسك على لسانه فلم


 

[589]

يتكلم حتى ذهب عنه السكر، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك... [بحار الانوار: 79 / 131، حديث 20، عن تفسير القمي: 167 (1 / 180)] 8 - فس: أبي، عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام، قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار قال لابي بكر: كأني أنظر إلى سفينة جعفر في أصحابه يعوم في البحر، وأنظر إلى الانصار محتبين في أفنيتهم. فقال أبو بكر: وتراهم يا رسول الله ؟ !. قال: نعم. قال: فأرنيهم، فمسح على عينيه فرآهم، فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت الصديق. [بحار الانوار: 19 / 53، حديث 10 عن تفسير القمي: 265 - 266] 9 - كا: بإسناده عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: [ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا] (الزمر: 29)، قال: أما الذي فيه شركاء متشاكسون فلان الاول يجمع المتفرقون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ويبرأ بعضهم من بعض، فأما رجل سلم لرجل [سلما لرجل] فإنه الاول حقا وشيعته. [بحار الانوار: 24 / 160 حديث 9، عن الكافي (الروضة): 8 / 224] وروى العياشي، بإسناده عن أبي خالد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: الرجل السلم للرجل علي حقا وشيعته. [بحار الانوار: 24 / 161 حديث 11، ومجمع البيان: 8 / 497] ومما ورد في الخليفة الثاني عمر: 10 - مع: بإسناده عن المفضل بن عمر، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام - لما نظر إلى الثاني وهو مسجى بثوبه -: ما أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى، فقال: عنى بها صحيفته التي كتبت في الكعبة. [بحار الانوار: 28 / 117، حديث 5، عن معاني الاخبار: 412] 11 - فس: [ويهلك الحرث والنسل] (البقرة: 205)، قال: الحرث في هذا الموضع: الدين، والنسل: الناس، ونزلت في الثاني [فلان]، ويقال: في معاوية.


 

[590]

[بحار الانوار: 9 / 189، حديث 21، عن تفسير علي ابن ابراهيم القمي: 1 / 71] 12 - فس: [وكان الكافر على ربه ظهيرا] (الفرقان: 55)، قال علي بن ابراهيم: قد يسمى الانسان ربا، كقوله: [اذكرني عند ربك] (يوسف: 42)، وكل مالك شئ يسمى ربه، فقوله: [وكان الكافر على ربه ظهيرا]، فقال: الكافر: الثاني، كان علي أمير المؤمنين ظهيرا. [بحار الانوار: 36 / 169، حديث 155، عن تفسير القمي: 467 (2 / 115)] 13 - فس: بإسناده عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: [والليل إذا يغشى]، قال: الليل في هذا الموضع: الثاني [فلان] غشي أمير المؤمنين عليه السلام في دولته التي جرت عليه، وأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يصبر في دولتهم حتى تنقضي... الخبر. [بحار الانوار: 24 / 71، حديث 5، عن تفسير القمي: 727 (2 / 425)] 14 - فس: قوله: [ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم] (المجادلة: 14)، قال: نزلت في الثاني، لانه مر به رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو جالس عند رجل من اليهود يكتب خبر رسول الله صلى الله عليه وآله - فأنزل الله جل ثناؤه: [ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم]، فجاء [الثاني] إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عن ذلك، فقال: يا رسول الله ! كتبت عنه ما في التوراة من صفتك، وأقبل يقرأ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غضبان، فقال له رجل من الانصار: ويلك ! أما ترى غضب النبي صلى الله عليه وآله عليك ؟. فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، إني إنما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فلان ! لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به. [بحار الانوار: 9 / 242، حديث 143، عن تفسير القمي: 2 / 357] 15 - كنز: جاء في تفسير أهل البيت عليهم السلام، بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام... وقوله: [سأر هقه صعودا] (المدثر: 17)، قال أبو عبد الله عليه السلام: صعود، جبل


 

[591]

في النار من نحاس يحمل عليه حبتر ليصعده كارها، فإذا ضرب بيديه على الجبل ذابتا حتى تلحقا بالركبتين، فإذا رفعهما عادتا، فلا يزال هكذا ما شاء الله، وقوله تعالى: [إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر..] (المدثر: 18 - 19) إلى قوله: [إن هذا إلا قول البشر] (المدثر: 25)، قال: هذا يعني تدبيره ونظره وفكرته واستكباره في نفسه وادعاؤه الحق لنفسه دون أهله، ثم قال الله تعالى: [سأصليه سقر] (المدثر: 26).. إلى قوله: [لواحة للبشر] (المدثر: 29)، قال: يراه أهل المشرق كما يراه أهل الغرب، إنه إذا كان في سقر يراه أهل الشرق والغرب ويتبين حاله، والمعني في هذه الآيات جميعا حبتر... [بحار الانوار: 24 / 326 - 327، حديث 41، تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 734، حديث 6] 16 - كنز: بإسناده عن أبي الخطاب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: والله ما كنى الله في كتابه حتى قال: [يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا] (الفرقان: 28)، وإنما هي في مصحف علي عليه السلام: يا ويلتى ليتني لم أتخذ الثاني خليلا، وسيظهر يوما. [بحار الانوار: 24 / 19، حديث 31، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 374، حديث 8، (الحجرية: 191 - 192)، والبرهان: 3 / 162، حديث 4] 17 - كنز: بإسناده عن حريز، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: [يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا] (الفرقان: 27 - 28)، قال: يقول الاول الثاني. [بحار الانوار: 14 / 19، حديث 32، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 374 - 375، حديث 9 - الحجرية: 192 - والبرهان: 3 / 162، حديث 5] 18 - كنز: بإسناده عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قوله تعالى: [والفجر] هو القائم، و " الليالي العشر " الائمة عليهم السلام من الحسن إلى الحسن، و " الشفع " أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام، و " الوتر " هو الله وحده لا شريك له، " والليل إذا يسر " هي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم عليه السلام. [بحار الانوار: 24 / 78، حديث 19، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 792، حديث 1، (الحجرية: 385)، البرهان: 4 / 457، حديث 1] 19 - قب: كتاب ابن مردويه وغيره، بالاسناد عن جابر الانصاري وغيره، كلهم عن


 

[592]

عمر بن الخطاب، قال: كنت أجفو عليا، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنك آذيتني يا عمر، فقلت: أعوذ بالله من أذى رسوله، قال: إنك قد آذيت عليا، ومن آذى عليا فقد آذاني. والعكبري في الابانة: بإسناده عن سعد بن أبي وقاص، قال: كنت أنا ورجلان في المسجد، فنلنا من علي عليه السلام، فأقبل النبي صلى الله عليه وآله مغضبا فقال: ما لكم ولي ؟ من آذى عليا فقد آذاني [من آذى عليا فقد آذاني، من آذى عليا فقد آذاني]. [بحار الانوار: 39 / 331 - من حديث 1، عن المناقب: 2 / 10 - 12 (3 / 210 - 211)] 20 - قب: بإسناده عن الاصبغ بن نباتة، قال: سألت الحسين عليه السلام، فقلت: سيدي ! أسألك عن شئ أنا به موقن، وإنه من سر الله وأنت المسرور إليه ذلك السر، فقال: يا أصبغ ! أتريد أن ترى مخاطبة رسول الله لابي دون يوم مسجد قبا ؟. قال: قلت: هذا الذي أردت. قال: قم، فإذا أنا وهو بالكوفة، فنظرت فإذا المسجد من قبل أن يرتد الي بصري، فتبسم في وجهي، ثم قال: يا أصبغ ! إن سليمان بن داود أعطي الريح [غدوها شهر ورواحها شهر] وأنا قد أعطيت أكثر مما أعطي سليمان، فقلت: صدقت والله يا بن رسول الله. فقال: نحن الذين عندنا علم الكتاب، وبيان ما فيه، وليس عند أحد [لاحد] من خلقه ما عندنا، لانا أهل سر الله، فتبسم في وجهي، ثم قال: نحن آل الله وورثة رسوله، فقلت: الحمد لله على ذلك. قال لي: أدخل، فدخلت، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله محتبئ في المحراب بردائه، فنظرت فإذا [أنا] بأمير المؤمنين عليه السلام قابض على تلابيب الاعسر، فرأيت رسول الله يعض على الانامل وهو يقول: بئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك، عليكم لعنة الله ولعنتي... الخبر. أقول: قيل: المراد بأبي دون، هو أبو بكر، وقيل: الاعسر، هو أحدهما. [بحار الانوار: 44 / 184 - 185، حديث 11، عن المناقب: 4 / 52] 21 - عن كتاب سليم بن قيس، وفيه: قال سلمان:.. ولم يكن منا أحد أشد قولا من الزبير، فإنه لما بايع قال: يا بن صهاك ! أما والله لولا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك لما كنت تقدم علي ومعي سيفي، لما أعرف من جبنك ولؤمك، ولكن وجدت طغاة تقوى بهم وتصول، فغضب عمر، وقال: أتذكر صهاكا ؟. فقال: ومن صهاك ؟ وما يمنعني من ذكرها ؟ !، وقد كانت صهاك زانية، أو تنكر ذلك ؟ أو ليس قد كانت أمة حبشية لجدي عبد المطلب فزنى بها جدك نفيل فولدت أباك الخطاب، فوهبها عبد المطلب له


 

[593]

بعد ما زنى بها فولدته، وإنه لعبد جدي ولد زنا، فأصلح بينهما أبو بكر وكف كل واحد منهما عن صاحبه. [بحار الانوار: 28 / 277، عن كتاب سليم بن قيس: 89 - 90] 22 - عيون المعجزات: في حديث مفصل... فقال من تولى الامر !: هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور حتى نجد فاطمة (ع)، فنصلي عليها ونزور قبرها، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه وقد تقلد سيفه ذا الفقار حتى بلغ البقيع وقد اجتمعوا فيه، فقال عليه السلام: لو نبشتم قبرا من هذه القبور لوضعت السيف فيكم، فتولى القوم عن البقيع. [بحار الانوار: 43 / 212، حديث 41] 23 - ما: بإسناده عن جابر بن عبد الله، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين صلوات الله عليه من جانب إذ أقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل قد تلبب به، فقال: ما باله ؟. قال: حكى عنك يا رسول الله أنك قلت: من قال: " لا إله إلا الله محمد رسول الله " دخل الجنة، وهذا إذا سمعته الناس فرطوا في الاعمال، أفأنت قلت ذلك يا رسول الله ؟. قال: نعم إذا تمسك بمحبة هذا وولايته. [بحار الانوار: 68 / 101، حديث 8، عن أمالي الشيخ الطوسي: 1 / 288. ورواه في: 68 / 133 حديث 67، عن بشارة المصطفى، بإسناده عن جابر بن عبد الله... مثله] 24 - ب: بإسناده عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها بعده إلا كافر، فجاءه الثاني فقال له: يا عبد الله ! من أنت ؟. قال: فسكت، فرجع الثاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله ! إني رأيت رجلا في جانب الناس وهو يقول: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها إلا كافر. فقال: يا فلان ! ذلك جبرئيل، فإياك أن تكون ممن يحل العقدة فينكص. [خ. ل: فتكفى]. [بحار الانوار: 37 / 120 - 121 حديث 12، عن قرب الاسناد: 29 - 30] 25 - فر: بإسناده عن كعب بن عجرة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: غدوت إلى رسول الله في مرضه الذي قبض فيه، فدخلت المسجد - والناس أحفل ما كانوا كأن على رؤوسهم


 

[594]

الطير -، إذ أقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حتى سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فتغامز به بعض من كان عنده، فنظر إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ألا تسألون عن أفضلكم ؟. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أفضلكم علي بن أبي طالب، أقدمكم إسلاما، وأوفركم إيمانا، وأكثركم علما، وأرجحكم حلما، وأشدكم لله غضبا، وأشدكم نكاية في الغزو والجهاد. فقال له بعض من حضر: يا رسول الله ! وإن عليا قد فضلنا بالخير كله ؟. فقال رسول الله: أجل هو عبد الله وأخو رسول الله، فقد علمته علمي واستودعته سري، وهو أميني على أمتي. فقال: بعض من حضر: لقد أفتن علي رسول الله حتى لا يرى به شيئا، فأنزل الله الآية: [فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون] (القلم: 5 و 6). [بحار الانوار: 36 / 144 - 145، حديث 114، عن تفسير فرات: 188] 26 - دعوات الراوندي: قال: أبو عبيدة في غريب الحديث، في حديث النبي صلى الله عليه وآله حين أتاه عمر، فقال: إنا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا، فترى أن نكتب بعضها ؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم [بها] بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي. قال أبو عبيدة: أمتحيرون أنتم في الاسلام ولا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى ؟ كأنه كره ذلك [منه]. [بحار الانوار: 2 / 99، حديث 54، عن دعوات الراوندي: 170، حديث 475، عن غريب الحديث 1 / 390] 27، 28 - يل، فض: بالاسناد يرفعه إلى أنس بن مالك أنه قال: وفد الاسقف النجراني على عمر بن الخطاب لاجل أدائه الجزية، فدعاه عمر إلى الاسلام، فقال له الاسقف: أنتم تقولون: إن لله جنة عرضها السماوات والارض، فأين تكون النار ؟. قال: فسكت عمر ولم يرد جوابا. قال: فقال له الجماعة الحاضرون: أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الاسلام، قال: فأطرق خجلا من الجماعة الحاضرين ساعة لا يرد جوابا، فإذا بباب المسجد رجل قد سده بمنكبيه، فتأملوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن أبي طالب عليه السلام قد دخل، قال: فضج الناس عند رؤيته. قال: فقام عمر بن الخطاب والجماعة على أقدامهم وقال: يا مولاي ! أين كنت عن هذا الاسقف الذي قد علانا منه الكلام ؟ أخبره يا مولاي بالعجل إنه يريد الاسلام فأنت البدر التمام، ومصباح الظلام، وابن عم رسول الانام..


 

[595]

فقال الامام عليه السلام: ما تقول يا اسقف ؟. قال: يا فتى أنتم تقولون: إن الجنة عرضها السماوات والارض، فأين تكون النار ؟. قال له الامام عليه السلام: إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟. فقال له الاسقف: من أنت يا فتى ؟ دعني حتى أسأل هذا الفظ الغليظ، أنبئني - يا عمر - عن أرض طلعت عليها الشمس ساعة ولم تطلع مرة أخرى ؟. قال عمر: أعفني عن هذا، واسأل علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم قال: أخبره يا أبا الحسن !، فقال علي عليه السلام: هي أرض البحر الذي فلقه الله تعالى لموسى حتى عبر هو وجنوده، فوقعت الشمس عليها تلك الساعة ولم تطلع عليها قبل ولا بعد، وانطبق البحر على فرعون وجنوده. فقال الاسقف: صدقت يا فتى قومه وسيد عشيرته، أخبرني عن شئ هو في أهل الدنيا، تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ينقص بل يزداد ؟. قال عليه السلام: هو القرآن والعلوم. فقال: صدقت. أخبرني عن أول رسول أرسله الله تعالى لا من الجن ولا من الانس ؟. فقال عليه السلام: ذلك الغراب الذي بعثه الله تعالى لما قتل قابيل أخاه هابيل، فبقي متحيرا لا يعلم ما يصنع به، فعند ذلك بعث الله غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوأة أخيه. قال: صدقت يا فتى، فقد بقي لي مسألة واحدة، أريد أن يخبرني عنها هذا - وأومأ بيده إلى عمر -، فقال له: يا عمر ! أخبرني أين هو الله ؟. قال: فغضب عند ذلك عمر وأمسك ولم يرد جوابا. قال: فالتفت الامام علي عليه السلام وقال: لا تغضب يا أبا حفص حتى لا يقول: إنك قد عجزت، فقال: فأخبره أنت يا أبا الحسن، فعند ذلك قال الامام عليه السلام: كنت يوما عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل إليه ملك فسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له: أين كنت ؟. قال: عند ربي فوق سبع سماوات. قال: ثم أقبل ملك آخر فقال: أين كنت ؟. قال: عند ربي في تخوم الارض السابعة السفلى، ثم أقبل ملك آخر ثالث فقال له: أين كنت ؟. قال: عند ربي في مطلع الشمس، ثم جاء ملك آخر فقال: أين كنت ؟. قال: كنت عند ربي في مغرب الشمس، لان الله لا يخلو منه مكان، ولا هو في شئ، ولا على شئ، ولا من شئ، وسع كرسيه السماوات والارض، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، يعلم ما في السماوات وما في الارض، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا. قال: فلما سمع الاسقف قوله، قال له: مد يدك فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله، وأن هذا الجالس الغليظ الكفل المحبنطئ ليس هو لهذا المكان بأهل، وإنما أنت أهله، فتبسم الامام عليه السلام.


 

[596]

[بحار الانوار: 10 / 58، حديث 3، عن فضائل ابن شاذان: 149 - 151 باختلاف يسير] 29 - ير: بإسناده عن أبي عمارة، عن أبي عبد الله عليه السلام، وبإسناده عن أبان بن تغلب، عنه عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام لقي أبا بكر فاحتج عليه، ثم قال له: أما ترضى برسول الله صلى الله عليه وآله بيني وبينك ؟. قال: وكيف لي به ؟، فأخذ بيده وأتى مسجد قبا، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله فيه، فقضى على أبي بكر، فرجع أبو بكر مذعورا، فلقى عمر فأخبره، فقال: تبا لك [مالك] ! أما علمت سحر بني هاشم !. [بحار الانوار: 6 / 247، حديث 81، عن بصائر الدرجات: 77 (294، حديث 2)] 30 - ير: بإسناده عن أبي سعيد المكاري، عن أبي عبد الله عليه السلام م قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام لقي [أتى] أبا بكر، فقال له: ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تعطيني ؟. فقال: لا، ولو أمرني لفعلت، قال: فانطلق بنا إلى مسجد قبا، [فانطلق معه] فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي، فلما انصرف قال علي: يا رسول الله ! إني قلت لابي بكر: [ما] أمرك رسول الله أن تطيعني ؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: [بلى] قد أمرتك فأطعه، قال: فخرج، فلقي عمر وهو ذعر، فقال له: ما لك ؟، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذا وكذا، قال: تبا لامتك [لامته]، تترك [ولوك] أمرهم، أما تعرف سحر بني هاشم ؟ !. [بحار الانوار: 6 / 131، حديث 41، عن بصائر الدرجات: 296، حديث 9. وهناك تسع روايات أخر في الباب الخامس من الجزء السادس من البصائر، فراجعها] 31 - ير: أحمد بن إسحاق، عن الحسن بن عباس بن جريش، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل من أهل بيته عن سورة [إنا أنزلناه في ليلة القدر]، فقال: ويلك سألت عن عظيم، إياك والسؤال عن مثل هذا، فقام الرجل، قال: فأتيته يوما فأقبلت عليه، فسألته، فقال: [إنا أنزلناه] نور عند الانبياء والاوصياء لا يريدون حاجة من السماء ولا من الارض إلا ذكروها لذلك النور فأتاهم بها، فإن مما ذكر علي بن أبي طالب عليه السلام من الحوائج أنه قال لابي بكر يوما: [لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم..]، فاشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات شهيدا، فإياك أن تقول: إنه ميت، والله ليأتينك، فاتق الله إذا جاءك الشيطان غير متمثل به.


 

[597]

فبعث به أبو بكر، فقال: إن جاءني والله أطعته وخرجت مما أنا فيه، قال: وذكر أمير المؤمنين عليه السلام لذلك النور فعرج إلى أرواح النبيين، فإذا محمد صلى الله عليه وآله قد ألبس وجهه ذلك النور وأتى وهو يقول: يا أبا بكر آمن بعلي عليه السلام وبأحد عشر من ولده إنهم مثلي إلا النبوة، وتب إلى الله برد ما في يديك إليهم، فإنه لا حق لك فيه، قال: ثم ذهب فلم ير. فقال أبو بكر: أجمع الناس فأخطبهم بما رأيت وأبرأ إلى الله مما أنا فيه إليك - يا علي - على أن تؤمنني، قال: ما أنت بفاعل، ولولا أنك تنسى ما رأيت لفعلت، قال: فانطلق أبو بكر إلى عمر ورجع نور إنا أنزلناه إلى علي عليه السلام، فقال له: قد اجتمع أبو بكر مع عمر، فقلت: أو علم النور ؟ قال: إن له لسانا ناطقا وبصرا نافذا يتجسس الاخبار للاوصياء ويستمع الاسرار، ويأتيهم بتفسير كل أمر يكتتم به أعداؤهم. فلما أخبر أبو بكر الخبر عمر قال: سحرك، وإنها لفي بني هاشم لقديمة، قال: ثم قاما يخبران الناس، فما دريا ما يقولان، قلت: لما ذا ؟. قال: لانهما قد نسياه، وجاء النور فأخبر عليا عليه السلام خبرهما، فقال: بعدا لهما كما بعدت ثمود. بيان: قوله عليه السلام: لفعلت، لعل المعنى لفعلت أشياء أخر من التشنيع، والنسبة إلى السحر وغيرهما كما يؤمي إليه آخر الخبر، ويمكن أن يقرأ على صيغة المتكلم لكنه يأبى عنه ما بعده في الجملة. [بحار الانوار: 25 / 51 - 52، حديث 12، عن بصائر الدرجات: 80] 32 - قال العلامة المجلسي في بحاره: 42 / 55 تحت باب 117 ما ورد من غرائب معجزاته عليه السلام بالاسانيد الغريبة، في أنه وجده في بعض الكتب، وفيه:.. فقال عليه السلام: يا ملائكة ربي ! ائتوني الساعة بإبليس الابالسة وفرعون الفراعنة، قال: فوالله ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضروه عنده... فقالت الملائكة: يا خليفة الله ! زد الملعون لعنة وضاعف عليه العذاب... قال: فلما جروه بين يديه قام وقال: واويلاه من ظلم آل محمد ! واويلاه من اجترائي عليهم !، ثم قال: يا سيدي ! ارحمني فإني لا أحتمل هذا العذاب، فقال عليه السلام: لا رحمك الله ولا غفر لك، أيها الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان، ثم التفت إلينا وقال عليه السلام: أنتم تعرفون هذا باسمه وجسمه ؟. قلنا: نعم يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: سلوه حتى يخبركم من هو، فقالوا: من أنت ؟. فقال: أنا إبليس الابالسة وفرعون هذه الامة، أنا الذي جحدت سيدي ومولاي أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين وأنكرت آياته ومعجزاته... إلى آخره.


 

[598]

أقول: استدراكا لما سلف في نسب الخليفة -: لا بأس بمراجعة كتاب " نسب عمر بن الخطاب " للشيخ هاشم بن سليمان الكتكتاني، كما ذكره في رياض العلماء، والذريعة: 24 / 141 برقم 701. وكتاب " عقد الدرر في تاريخ وفاة عمر "، ويقال له: الحديقة الناضرة، احتمل شيخنا في الذريعة 15 / 289 نسبته إلى الشيخ حسن بن سليمان الحلي. وكتاب " عقد الدرر في تاريخ قتل عمر "، للسيد مرتضى بن داود الحسيني المعاصر للعلامة المجلسي الثاني. وكتاب " مقتل عمر "، للشيخ زين الدين علي بن مظاهر الحلي. ومثله باسمه للسيد حسين المجتهد الكركي المتوفى سنة 1001 ه‍ بأردبيل، كما صرح بذلك في الرياض والذريعة 22 / 34 برقم 5919 و 5920. وكتاب " نسيم عيش در شرح دعاى صنمي قريش "، فارسي، لمير سيد علي بن مرتضى الطبيب الموسوي الدزفولي. ثم إن لهذا الدعاء شروحا أخر أدرجها في الذريعة في مواطن متعددة، لا حظ: 4 / 102، و 10 / 9، و 11 / 236، و 13 / 256، و 15 / 123 و 289، و 19 / 73 - 76، وغيرها. ثم لا بأس بملاحظة بيان المصنف طاب ثراه في بحار الانوار 86 / 224 - 225 ذيل ما حكاه عن مهج الدعوات فإنه حري بالمراجعة. ومما ورد في عثمان: 33 - فس: [عبس وتولى * أن جاءه الاعمى]، قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله على عثمان، فعبس عثمان وجهه وتولى عنه، فأنزل الله: [عبس وتولى] يعني: عثمان، [أن جاءه الاعمى] [وما يدريك لعله يزكى] أي يكون طاهرا زكى، [أو يذكر] قال: يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله [فتنفعه الذكرى]، ثم خاطب عثمان، فقال: أما من استغنى * فأنت له تصدى]، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له وترفعه [وما عليك ألا يزكى] أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي إذا كان غنيا، [وأما من جاءك يسعى] يعني ابن أم مكتوم [وهو يخشى * فأنت عنه تلهى] أي تلهو ولا تلتفت إليه. [بحار الانوار: 17 / 85، حديث 13، عن تفسير القمي: 711 - 712 (2 / 404 - 405)].


 

[599]

34 - فس: [يمنون عليك أن أسلموا] نزلت في عثكن يوم الخندق، وذلك أنه مر بعمار ابن ياسر - وهو يحفر الخندق وقد ارتفع الغبار من الحفر - فوضع عثكن كمه على أنفه ومر، فقال عمار: لا يستوي من يبتني المساجدا * يظل فيها راكعا وساجدا كمن يمر بالغبار حائدا * يعرض عنه جاحدا معاندا فالتفت إليه عثكن فقال: يا بن السوداء ! إياي تعني ؟ ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: لم ندخل معك لتسب أعراضنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قد أقلتك إسلامك فاذهب، فأنزل الله عزوجل: [يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين] أي ليس هم صادقين، [إن الله يعلم غيب السموات والارض والله بصير بما تعملون] (الحجرات: 17 - 18). بيان: قوله: في عثكن المراد به عثمان، كما هو المصرح في بعض النسخ وسائر الاخبار. [بحار الانوار: 20 / 243، حديث 7، عن تفسير القمي: 2 / 322 (الحجرية: 642)] 35، 36 - ختص، ير: بإسناده عن بعض أصحابنا، قال: كان رجل عند أبي جعفر عليه السلام من هذه العصابة يحادثه في شئ من ذكر عثمان، فإذا وزغ قد قرقر من فوق الحائط، فقال أبو جعفر عليه السلام: أتدري ما يقول ؟. قلت: لا. قال: يقول: لتكفن عن ذكر عثمان أو لاسبن عليا. [بحار الانوار: 27 / 267 برقم 15، عن الاختصاص: 301، وبصائر الدرجات: 103 (الجزء السابع، باب 16، ص 373)] 37 - نهج: ومن كلام له عليه السلام في معنى طلحة بن عبيدالله: قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب وأنا على ما قد وعدني ربي من النصر، والله ما أستعجل متجردا للطلب بدم عثمان إلا خوفا من أن يطالب بدمه، لانه [كان] مظنته ولم يكن في القوم أحرص عليه منه، فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ليلتبس الامر ويقع الشك. ووالله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث، لئن كان ابن عفان ظالما - كما كان يزعم - لقد كان ينبغي له أن يؤازر قاتليه أو ينابذ ناصريه. ولئن كان مظلوما، لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه والمعذرين فيه. ولئن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي له أن يعتزله ويركد جانبا ويدع الناس معه، فما فعل واحدة من الثلاث وجاء بأمر لم يعرف بابه ولم تسلم معاذيره.


 

[600]

[بحار الانوار: 34 / 95، حديث 65، ورواه السيد الرضي رفع الله مقامه في المختار (174) من كتاب نهج البلاغة، صبحي صالح: 249، ومحمد عبده: 2 / 88 - 89] ومما ورد فيهما أو فيهم..: 38 - فس: أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.. " وساق الحديث إلى أن قال: قلت: [الشمس والقمر بحسبان] ؟. قال: هما بعذاب الله. قلت: الشمس والقمر يعذبان ؟. قال: سألت عن شئ فأيقنه، إن الشمس والقمر آينان من آيات الله يجريان بأمره، مطيعان له، ضوؤهما من نور عرشه، وحرهما من جهنم، فإذا كنت القيامة عاد إلى العرش نور هما وعاد إلى النار حرهما، فلا يكون شمس ولا قمر، وإنما عنا هما لعنهما الله، أو ليس قد روى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الشمس والقمر نوران في النار ؟. قلت: بلى. قال: أما سمعت قول الناس: فلان وفلان شمس هذه الامة ونورها ؟ فهما في النار، والله ما عنى غيرهما.. الخبر. [بحار الانوار: 7 / 120، حديث 58، عن تفسير القمي: 658 (2 / 243). وذكره بهذا السند عن تفسير علي بن ابراهيم - مع زيادة في أوله وآخره - في بحار الانوار: 36 / 171 - 172، حديث 160] 39 - فس: بإسناده عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: [يوم ندعو كل أناس بإمامهم] (الاسراء: 71)، قال: يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله في قرنه، وعلي في قرنه، والحسن في قرنه، والحسين في قرنه [في المصدر: فرقة، في الجميع]، وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه. قال علي بن ابراهيم: قال: ذلك يوم القيامة، ينادي مناد: ليقم أبو بكر وشيعته، وعمر وشيعته، وعثمان وشيعته، وعلي وشيعته، قوله: [ولا يظلمون فتيلا]، قال: الجلدة التي في ظهر النواة. [بحار الانوار: 8 / 9 - 10، من حديث 1، عن تفسير القمي: 385 (2 / 23)] 40 - فس: [ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشآء]، قال: هم الذين سموا أنفسهم بالصديق والفاروق وذي النورين. قوله: [ولا يظلمون فتيلا]، قال:


 

[601]

القشرة التي تكون على النواة، ثم كنى عنهم، فقال: [انظر كيف يفترون على الله الكذب] وهم هؤلاء الثلاثة. وقوله: [ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا]... وقد روى فيه - أيضا - أنها نزلت في الذين غصبوا آل محمد حقهم وحسدوا منزلتهم... ثم قال: [أم يحسدون الناس] يعني بالناس هنا أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام [على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتينهم ملكا عظيما] (النساء: 51 و 54) وهي الخلافة بعد النبوة، وهم الائمة عليهم السلام.. [بحار الانوار: 9 / 193 - 194، حديث 37، عن تفسير القمي: 128 - 129 (1 / 141)]. 41 - فس: بإسناده عن علي بن حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ما بعث الله رسولا إلا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويضلان الناس بعده، فأما الخمسة أولو العزم من الرسل: نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم، وأما صاحبا نوح، فقيطيفوس وخرام، وأما صاحبا ابراهيم، فمكيل ورذام، وأما صاحبا موسى، فالسامري ومرعقيبا، وأما صاحبا عيسى، فمولس ومريسا، وأما صاحبا محمد، فحبتر وزريق. [بحار الانوار: 13 / 212، حديث 5، عن تفسير القمي: 422]. 42 - فس: بإسناده عن صالح بن سهل الهمداني، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله: [الله نور السموات والارض...] إلى أن قال: [أو كظلمت] فلان وفلان [في بحر لجي يغشه موج] يعني نعثل، [من فوقه موج...] طلحة والزبير، [ظلمات بعضها فوق بعض] معاوية وفتن بني أمية، [إذا أخرج] المؤمن [يده] في ظلمة فتنتهم، [لم يكد يربها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور] (النور: 35 - 40) فما له من إمام يوم القيامة يمشي بنوره... [بحار الانوار: 23 / 304 - 305، حديث 1، عن تفسير القمي: 2 / 106]. 43 - فس: بإسناده عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام... وقوله: [فبأي آلاء ربكما تكذبان] قال: في الظاهر مخاطبة الجن والانس، وفي الباطن فلان وفلان. [بحار الانوار: 24 / 68، من حديث 1، عن تفسير القمي: 658 - 659 (2 / 344)].


 

[602]

44 - فس: بإسناده عن ابن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: [حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم] (الحجرات: 7) يعني أمير المؤمنين عليه السلام [وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان] الاول والثاني والثالث. [بحار الانوار: 35 / 336 حديث 1، عن تفسير علي بن ابراهيم: 640 (2 / 319)، وفيه: فلان وفلان وفلان]. 45 - وبهذا الاسناد عن عبد الرحمن، قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله: [أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات]، قال: أمير المؤمنين وأصحابه [كالمفسدين في الارض]، حبتر وزريق وأصحابهما [أم نجعل المتقين]، أمير المؤمنين وأصحابه [كالفجار]، حبتر ودلام وأصحابهما، [كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته]، هم أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام، وليتذكر أولوا الالباب]، فهم أولو الالباب، قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقول: ما أعطي أحد قبلي ولا بعدي مثل ما أعطيت. [بحار الانوار: 35 / 336 ذيل حديث 1، وانظر بيان المصنف رحمه الله، عن تفسير القمي: 565 (2 / 234)]. 46 - فس: بإسناده عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: نزلت هاتان الآيتان هكذا، قول الله: [حتى إذا جاءنا] - يعني فلانا وفلانا - يقول أحدهما لصاحبه حين يراه: [يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين] فقال الله تعالى لنبيه: قل لفلان وفلان وأتباعهما: [لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم] آل محمد حقهم [أنكم في العذاب مشتركون] ثم قال الله لنبيه: [أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين * فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون] يعني من فلان وفلان، ثم أوحى الله إلى نبيه: [فاستمسك بالذي أو حي إليك] في علي [إنك على صراط مستقيم] يعني إنك على ولاية علي، وعلي هو الصراط المستقيم. [بحار الانوار: 35 / 368، حديث 11، عن تفسير القمي: 612 (2 / 286)]. بيان: قال الطبرسي - رحمه الله -: قرأ أهل العراق غير أبي بكر [حتى إذا جاءنا] على الواحد، والباقون [جاءانا] على الاثنين، انتهى. (مجمع البيان: 9 / 47) قال المجلسي في ذيله [35 / 368 - 369]: أقول: قد مر في الآية السابقة [ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين] ويظهر من بعض الاخبار أن الموصول كناية عن أبي بكر حيث عمي عن ذكر الرحمن - يعني أمير المؤمنين - والشيطان المقيض له هو عمر


 

[603]

[وإنهم ليصدونهم] أي الناس [عن السبيل] وهو أمير المؤمنين عليه السلام وولايته [ويحسبون أنهم مهتدون]. ثم قال بعد ذلك: " حتى إذا جاءانا " يعني العامي عن الذكر وشيطانه: أبا بكر وعمر [قال] أبو بكر لعمر: [يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين]. ويؤيد أن المراد بالشيطان: عمر، ما رواه علي بن ابراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: [ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين] (الزخرف: 62) قال: يعني الثاني، عن أمير المؤمنين عليه السلام [تفسير القمي: 612 (2 / 287)]. 47 - فس: بإسناده عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام... وقوله: [الذين يحملون العرش] يعني رسول الله صلى الله عليه وآله والاوصياء من بعده يحملون علم الله [ومن حوله] يعني الملائكة [يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا] يعني شيعة آل محمد [ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا] من ولاية فلان وفلان وبني أمية [واتبعوا سبيلك] أي ولاية ولي الله [وقهم عذاب الجحيم] إلى قوله: [الحكيم] يعني من تولى عليا عليه السلام، فذلك صلاحهم [وقهم السيئات ومن نق السيئات يومئذ فقد رحمته] يعني يوم القيامة [وذلك هو الفوز العظيم] (المؤمن: 7 و 8) لمن نجاه الله من هؤلاء يعني ولاية فلان وفلان. [بحار الانوار: 68 / 78 حديث 139، عن تفسير القمي: 583 (2 / 255)] 48 - فس: [قل أعوذ برب الفلق].. قال الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره، سأل الله أن يأذن له أن يتنفس، فأذن له، فتنفس فأحرق جهنم. قال: وفي ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ أهل تلك الجب من حر ذلك الصندوق، وهو التابوت، وفي ذلك التابوت ستة من الاولين وستة من الآخرين، فأما الستة من الاولين...، وأما الستة من الآخرين، فهو الاول والثاني والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم. [بحار الانوار: 8 / 296، حديث 46، عن تفسير القمي: 743 - 744 (2 / 449)]. 49 - شي: بإسناده عن أبي بصير، قال: يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب، بابها الاول للظالم، وهو زريق، وبابها الثاني، لحبتر، والباب الثالث، للثالث، والرابع، لمعاوية، والباب الخامس، لعبد الملك، والباب السادس، لعسكر بن هو سر، والباب السابع، لابي سلامة، فهم (خ. ل: فهي] أبواب لمن اتبعهم. [بحار الانوار: 8 / 301، حديث 57، عن تفسير العياشي: 2 / 243، حديث 19. وجاء في البحار:


 

[604]

4 / 378، و 8 / 220، وفي البرهان: 2 / 345]. 50 - شي: عن جابر، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: [ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله] (البقرة: 165) قال: فقال: هم أولياء فلان وفلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال الله تبارك وتعالى: [ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا..] إلى قوله: [وما هم بخارجين من النار] (البقرة: 165 - 166) قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله - يا جابر - أئمة الظلم وأتباعهم. [بحار الانوار: 8 / 363، حديث 41، عن تفسير العياشي: 1 / 72، حديث 142، وجاء في البرهان: 1 / 172، والصافي: 1 / 156، وإثبات الهداة: 1 / 262 أيضا]. 51 - شي: عن الحسين بن بشار، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله: [ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا] قال: فلان وفلان [ويهلك الحرث والنسل] (البقرة: 205) هم الذرية، والحرث: الزرع. [بحار الانوار: 9 / 189، حديث 22، عن تفسير العياشي: 1 / 100، حديث 287، وجاء في تفسير البرهان: 1 / 305، والصافي: 1 / 181]. 52 - شي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [يا أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان] (البقرة: 208) قال: أتدري ما السلم ؟. قال: قلت: أنت أعلم، قال: ولاية علي والائمة الاوصياء من بعده عليهم السلام، قال: [وخطوات الشيطان] والله ولاية فلان وفلان. [بحار الانوار: 24 / 149، حديث 1، عن تفسير العياشي: 1 / 102، حديث 294، وجاء في البرهان: 1 / 208، وتفسير الصافي: 1 / 182، وفي إثبات الهداة: 3 / 45]. 53 - شي: في رواية سعد الاسكاف عنه، قال: يا سعد ! [إن الله يأمر بالعدل] وهو محمد صلى الله عليه وآله، فمن أطاعه فقد عدل، [والاحسان] علي عليه السلام، فمن تولاه فقد أحسن، والمحسن في الجنة [وإيتاء ذي القربى] قرابتنا، أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ونهاهم [عن الفحشاء والمنكر والبغي] فمن بغى علينا أهل البيت ودعا إلى غيرنا.. إلى آخره.


 

[605]

[بحار الانوار: 7 / 130، و 24 / 190 - 192، حديث 14، عن تفسير العياشي: 2 / 268، حديث 63، وجاء في تفسير البرهان: 2 / 381 من سورة النحل: 90]. 54 - شي: عن الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، من جحد إماما من الله، أو ادعى إماما من غير الله، أو زعم أن لفلان وفلان في الاسلام نصيبا. [بحار الانوار: 25 / 111، حديث 4، وصفحة: 112، حديث 10، عن تفسير العياشي: 1 / 178. وأورده - أيضا - في البحار: 7 / 212 حديث 113 و 8 / 363، حديث 40، عن الكافي: 1 / 373 - 374 حديث 12 باختلاف يسير]. 55 - شي: بإسناده عن ابن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن قال: إن لفلان وفلان في الاسلام نصيبا. [بحار الانوار: 25 / 112 - 113. وذكره أيضا في هذا الباب برقم 4، عن تفسير العياشي: 1 / 178. برقم 10 حديث 64، وجاء - أيضا - في البحار: 8 / 218، وحكاه في تفسير البرهان: 1 / 293، ورواه عن غيبة النعماني حديث 55، بإسناده عن علي بن ميمون مثله، وأيضا عن غيبة النعماني، بإسناده عن عمران الاشعري، عن جعفر بن محمد مثله، حديث 11، وأورده في البحار: 25 / 113]. 56 - شي: بإسناده عن سعدان، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: [وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء] (البقرة: 284)، قال: حقيق على الله أن لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من حبهما. [بحار الانوار: 27 / 57 حديث 15، عن تفسير العياشي: 1 / 156 - 157، حديث 528، وجاء في البرهان:


 

[606]

1 / 267، والصافي: 1 / 137 أيضا]. 57 - شي: بإسناده عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في باطن القرآن: [وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به] (البقرة: 41) يعني فلانا وصاحبه ومن تبعهم ودان بدينهم، قال الله يعنيهم: [ولا تكونوا أول كافر به] يعني عليا عليه السلام. [بحار الانوار: 36 / 97، حديث 36، عن تفسير العياشي: 1 / 42، حديث 31، ورواه أيضا في البرهان: 1 / 91]. 58 - شي: عن عبد الله النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا] يعني والله فلانا وفلانا [وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله..] إلى قوله: [توابا رحيما] يعني والله النبي وعليا بما صنعوا.. أي لو جاؤوك بها - يا علي - [فاستغفروا الله] بما صنعوا [واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم]، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: هو والله علي بعينه [ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت] على لسانك - يا رسول الله -، يعني به ولاية علي عليه السلام [ويسلموا تسليما] (النساء: 36 - 37) لعلي بن أبي طالب عليه السلام. [بحار الانوار: 36 / 98، حديث 37، عن تفسير العياشي: 1 / 255، حديث 182، وجاء - أيضا - في البحار: 9 / 101، وتفسير البرهان: 1 / 391]. 59 - شي: بإسناده عن عطاء الهمداني، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: [إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى] (النحل: 90)، قال: (العدل) شهادة أن لا إله إلا الله، و (الاحسان) ولاية أمير المؤمنين، [وينهى عن الفحشاء والمنكر]، (الفحشاء) الاول، و (المنكر) الثاني، و (البغي) الثالث. [بحار الانوار: 36 / 180 حديث 173، عن تفسير العياشي: 2 / 268 حديث 62، وجاء في بحار الانوار: 36 / 179 حديث 172، و 24 / 188 و 190، حديث 6 و 13. وبهذا المضمون والمعنى، رواه عن تفسير القمي: 363 - 364 (1 / 388) في تفسير هذه الآية.


 

[607]

وأورده في البرهان: 2 / 381 - 382]. 60 - شي: بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن هذه الآية: [والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون] (النحل: 20 - 21)، قال: الذين يدعون من دون الله: الاول والثاني والثالث، كذبوا رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: والوا عليا واتبعوه، فعادوا عليا ولم يوالوه ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله: [والذين يدعون من دون الله]، قال: وأما قوله: [لا يخلقون شيئا] فإنه يعني لا يعبدون شيئا [وهم يخلقون] فإنه يعني وهم يعبدون، وأما قوله: [أموات غير أحياء] يعني كفار غير مؤمنين، وأما قوله: [وما يشعرون أيان يبعثون] فإنه يعني إنهم لا يؤمنون أنهم يشركون [إلهكم إله واحد] فإنه كما قال الله، وأما قوله: [فالذين لا يؤمنون بالآخرة] فإنه يعني لا يؤمنون بالرجعة أنها حق، وأما قوله: [قلوبهم منكرة] فإنه يعني قلوبهم كافرة، وأما قوله: [وهم مستكبرون] فإنه يعني عن ولاية علي عليه السلام مستكبرون، قال الله لمن فعل ذلك وعيدا منه [لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين] عن ولاية علي عليه السلام. شي: ومثله بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام. [بحار الانوار: 36 / 103 - 104 برقم 46، عن تفسير العياشي: 2 / 256، حديث 14. ولا حظ - أيضا -: بحار الانوار: 9 / 102. وجاء في تفسير البرهان: 2 / 363]. 62 - شي: عنه، أنه سئل الصادق عليه السلام عن أعداء الله ؟، فقال: الاوثان الاربعة، فقيل: من هم ؟، فقال: أبو الفصيل، ورمع، ونعثل، ومعاوية ومن دان بدينهم، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله. 63 - كا: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: [هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب]، قال: أمير المؤمنين والائمة [وأخر متشابهات]، قال: فلان وفلان وفلان [فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم] (آل عمران: 7) وهم أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام. [بحار الانوار: 23 / 208، حديث 12، عن أصول الكافي: 1 / 414 (وقريب منه في مناقب آل أبي طالب 3 / 522، وتفسير العياشي 1 / 162 وانظر بحار الانوار 22 / 488]. 64 - كا: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله


 

[608]

عزوجل: [الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم] (الانعام: 82)، قال: بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو الملبس بالظلم. [بحار الانوار: 23 / 371، حديث 49، عن أصول الكافي: 1 / 413]. 65 - كا: بإسناده عن عبد الله بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: [إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا] (النساء: 137 [لن تقبل توبتهم] (آل عمران: 90)، قال: نزلت في فلان وفلان وفلان آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الامر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لامير المؤمنين عليه السلام، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ. [بحار الانوار: 23 / 375 حديث 57، عن أصول الكافي: 1 / 420]. 66 - وبالاسناد السابق، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله الله تعالى: [إن الذين ارتدوا على أدبار هم من بعد ما تبين لهم الهدى] فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: قوله تعالى: [ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر]، قال: نزلت - والله - فيهما وفي أتباعهما، وهو قول الله عزوجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله: [ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله] في علي عليه السلام [سنطيعكم في بعض الامر] (محمد: 25 - 26)، قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم الا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يعطونا من الخمس شيئا.. إلى آخره. [بحار الانوار: 23 / 375 - 376 حديث 58، عن أصول الكافي: 1 / 420 - 421] 67 - كا: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: [وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد] (الحج: 24)، قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسليمان وأبو ذر والمقداد بن الاسود وعمار، هدوا إلى أمير المؤمنين، وقوله: [حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم]، يعني أمير المؤمنين عليه السلام، [وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان] (الحجرات: 7)، الاول والثاني والثالث. [بحار الانوار: 23 / 379 - 380، حديث 67، عن


 

[609]

أصول الكافي: 1 / 425، حديث 66]. 68 - كا: بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: " ولئن تقمصها دوني الاشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة، فلبش ما عليه وردا، ولبئس ما لانفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل من صاحبه، يقول لقرينه إذ التقيا: [يا ليت بيني ويبتك بعد المشرقين فبئس القرين] (الزخرف: 38) فيجيبه الاشقى على رثوثه: يا ليتني لم اتخذك خليلا، لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا، فأنا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب.. " إلى تمام الخطبة المنقولة في الروضة. [بحار الانوار: 24 / 19، حديث 33، عن الروضة من الكافي: 8 / 27 - 28]. 69 - كا: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت: [والليل إذا يغشاها]، قال: ذلك أئمة الجور الذين استبدوا بالامر دون آل الرسول عليهم الصلاة والسلام، وجلسوا مجلسا كان آل الرسول صلى الله عليه وآله أولى به منهم، فغشوا دين الله بالظلم والجور، فحكى الله فعلهم، فقال [والليل إذا يغشاها..].. إلى آخره. [بحار الانوار: 24 / 73، حديث 7، عن روضة الكافي 8 / 50]. 70 - كا: بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [لتركبن طبقا عن طبق] (الانشقاق: 19)، قال: يا زرارة ! أولم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان. [بحار الانوار: 24 / 350، حديث 64، عن أصول الكافي: 1 / 415]. 71 - كا: بإسناده عن زرين صاحب الانماط، عن أحدهما عليهما السلام، قال: من قال: " اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك المقربين وحملة عرشك المصطفين أنك أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم وأن محمدا عبدك ورسولك وأن فلان بن فلان إمامي... وأبرأ من فلان وفلان وفلان " فإن مات في ليلته دخل الجنة. [أصول الكافي: 2 / 522، حديث 3]. 72 - كنز: بإسناده عن عمرو بن شمر، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر وعمر وعليا عليه السلام أن يمضوا إلى الكهف والرقيم فيسبغ


 

[610]

أبو بكر الوضوء ويصف قدميه ويصلى ركعتين وينادي ثلاثا، فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك عمر، فإن أجابوه وإلا فليقل مثل ذلك علي عليه السلام، فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر، فقام علي عليه السلام وفعل ذلك، فأجابوه، وقالوا: لبيك لبيك - ثلاثا -، فقال لهم: لم لم تجيبوا صوت الاول والثاني وأجبتم الثالث ؟، فقالوا: إنا أمرنا أن لا نجيب إلا نبيا أو وصيا، ثم انصرفوا إلى النبي صلى الله عليه وآله فسألهم ما فعلوا ؟، فأخبروه، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة حمراء، فقال لهم: اكتبوا شهادتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم، فأنزل الله عزوجل: [ستكتب شهادتهم ويسئلون] (الزخرف: 19)، يوم القيامة. [بحار الانوار: 36 / 153، حديث 133، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 553 - 554، حديث 7، وأوردها في تفسير البرهان: 4 / 137 - 138]. 73 - كنز: بإسناده عن أبي بصير، قال: ذكر أبو جعفر عليه السلام الكتاب الذي تعاقدوا عليه في الكعبة، وأشهدوا وختموا عليه بخواتيمهم، فقال: يا أبا محمد ! إن الله أخبر نبيه بما صنعوه قبل أن يكتبوه، وأنزل الله فيه كتابا، قلت: أنزل الله فيه كتابا ؟. قال: ألم تسمع قوله تعالى: [ستكتب شهادتهم ويسئلون] (الزخرف: 19). [بحار الانوار: 36 / 153 ذيل حديث 133، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 555 حديث 9، وأورده في تفسير البرهان: 4 / 143]. 74 - كنز: بإسناده عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: [ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله] (الحج: 8 - 9)، قال: هو الاول، ثاني عطفه إلى [أي] الثاني، وذلك لما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام علما للناس، وقال: والله لانفي بهذا أبدا. [بحار الانوار: 24 / 24، حديث 52، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 333 (الحجرية: 129)، وجاء في البرهان: 3 / 78، حديث 3]. 75 - كنز: بحذف الاسناد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال، قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو خارج من الكوفة... إلى أن قال: ثم رجع ودخلنا الكوفة ودخلت خلفه إلى المسجد، فجعل يخطو خطوات وهو يقول: لا والله لا فعلت، لا والله


 

[611]

لا كان ذلك أبدا. فقلت: يا مولاي ! لمن تكلم ولمن تخاطب وليس أرى أحدا ؟. فقال: يا جابر ! كشف لي عن برهوت، فرأيت شيبويه وحبتر وهما يعذبان في جوف تابوت في برهوت، فنادياني: يا أبا الحسن ! يا أمير المؤمنين ! ردنا إلى الدنيا نقر بفضلك ونقر بفضلك ونقر بالولاية لك، فقلت: لا والله لا فعلت، لا والله لا كان ذلك أبدا، ثم قرأ هذه الآية: [ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون] (الانعام: 28)، يا جابر ! وما من أحد خالف وصي نبي إلا حشر أعمى يتكبك في عرصات القيامة. [بحار الانوار: 27 / 306 - 307 حديث 11، عن تأويل الآيات الظاهرة: 82 (1 / 163 - 164) باختلاف يسير. وعنه - أيضا - في البحار: 41 / 221، حديث 33. والبرهان: 1 / 522، حديث 5]. 76 - كنز: بإسناده عن الهيثم عبد الرحمن، عن الرضا عن آبائه عليهم السلام في قوله تعالى: [فاما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية] (القارعة: 6 - 7)، قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، [وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية] (القارعة: 8 - 9)، قال: نزلت في الثلاثة. [بحار الانوار: 36 / 67، حديث 10، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 849، حديث 1]. 77 - كنز: روى الشيخ المفيد بإسناده إلى محمد بن سائب الكلبي، قال: لما قدم الصادق عليه السلام العراق نزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله [عن] مسائل، وكان مما سأله أن قال له: جعلت فداك ! ما الامر بالمعروف ؟، فقال عليه السلام: المعروف - يا أبا حنيفة - المعروف في أهل السماء، المعروف في أهل الارض، وذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: جعلت فداك ! فما المنكر ؟. قال: اللذان ظلماه حقه، وابتزاه أمره، وحملا الناس على كتفه... [بحار الانوار: 10 / 208، حديث 10، و 24 / 58، حديث 34، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 852، حديث 8، وجاء في تفسير البرهان: 4 / 503، حديث 12]. 78 - كنز: بإسناده عن الفضل بن العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:...


 

[612]

[والليل إذا يغشاها] (الشمس: 4)، حبتر ودلام، غشيا عليه الحق... [بحار الانوار: 24 / 72، حديث 6، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 803 باختلاف يسير، وإثبات الهداة: 7 / 131، حديث 660، وذيله في البحار: 53 / 120، حديث 155، والبرهان: 4 / 467، حديث 11]. 79 - وانظر ما جاء من روايات في تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 805 في تفسير الآية الشريفة، قال: ذاك أئمة الجور الذين استبدوا بالامور دون آل الرسول، وجلسوا مجلسا كان آل محمد أولى به منهم، فغشوا دين الله بالجور والظلم. [وجاء في بحار الانوار: 24 / 71، والبرهان: 4 / 467، وإثبات الهداة: 7 / 141، حديث 661]. 80 - يج: روى عن شريك بن عبد الله - وهو يومئذ قاض -: أن النبي صلى الله عليه وآله بعث عليا عليه السلام وأبا بكر وعمر إلى أصحاب الكهف، فقال: ائتوهم فأبلغوهم مني السلام، فلما خرجوا من عنده قالوا [قال أبو بكر] لعلي: أتدري أين هم ؟، فقال: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله بعثنا إلى مكان إلا هدانا الله له، فلما أوقفهم على باب الكهف قال: يا أبا بكر ! سلم، فإنك أسننا، فسلم فلم يجب، ثم قال: يا أبا حفص ! سلم فإنك أسن مني، فسلم فلم يجب، قال: فسلم علي بن أبي طالب عليه السلام، فردوا السلام وحيوه وأبلغهم سلام رسول الله صلى الله عليه وآله، فردوا عليه، فقال أبو بكر: سلهم، ما لهم سلمنا عليهم فلم يسلموا علينا [فلم يجيبوا] ؟، قال: سلهم أنت، فسألهم فلم يكلموه، ثم سألهم عمر فلم يكلموه، فقالا: يا أبا الحسن ! سلهم أنت، فقال علي عليه السلام: إن صاحبي هذان سألاني أن أسألكم: لم رددتم علي ولم تردوا عليهما ؟، قالوا: إنا لا نكلم إلا أنبياء أو وصي نبي. [بحار الانوار: 39 / 136 - 137، حديث 3، عن الخرائج والجرائح: 1 / 189 - 190 حديث 24]. 81 - يج: روى عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، أن غلاما يهوديا قدم على أبي بكر في خلافته، فقال: السلام عليك يا أبا بكر، فوجأ عنقه وقيل له: لم لا تسلم عليه بالخلافة ؟. ثم قال له أبو بكر: ما حاجتك ؟، قال: مات أبي يهوديا وخلف كنوزا وأموالا، فإن أنت أظهرتها وأخرجتها إلي أسلمت على يديك وكنت مولاك، وجعلت لك ثلث ذلك المال، وثلثا للمهاجرين والانصار، وثلثا لي، فقال أبو بكر: يا خبيث ! وهل يعلم الغيب إلا الله. وفيه - ما حاصله - أن الغلام انتهى إلى عمر وقال بما قال لابي بكر وقص قصته معه


 

[613]

وأجاب عمر بما أجابه أبو بكر، وجاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وسلم عليه بإمرة المؤمنين، واعترضوا عليه لم لا تسلم عليهما بإمرة المؤمنين وسلمت على علي بن أبي طالب بهذا الاسم، فقال: والله ما سميته بهذا الاسم حتى وجدت ذلك في كتب آبائي وأجدادي في التوراة.. وعلمه أمير المؤمنين طريقة لاظهار الكنوز.. أن صار إلى وادي برهوت... إلى آخر ما ذكر. [بحار الانوار: 41 / 196 حديث 9، عن الخرائج والجرائح: 1 / 192 - 194، حديث 29، وجاء في مدينة المعاجز: 100 حديث 268، ومشارق أنوار اليقين: 81]. 82 - يج: روي عن داود بن كثير الرقي، قال: كنت عند الصادق عليه السلام أنا وأبو الخطاب، والمفضل، وأبو عبد الله البلخي، إذ دخل علينا كثير النواء، فقال: إن أبا الخطاب هذا يشتم أبا بكر وعمر [وعثمان] ويظهر البراءة منهم، فالتفت الصادق عليه السلام إلى أبي الخطاب وقال: يا محمد ! ما تقول ؟، قال: كذب والله ما سمع مني قط شتمهما [مني]، فقال الصادق عليه السلام: قد حلف، ولا يحلف كذبا، فقال: صدق، لم أسمع أنا منه، ولكن حدثني الثقة به عنه، قال الصادق عليه السلام: وإن الثقة لا يبلغ ذلك. فلما خرج كثير [النوا] قال الصادق عليه السلام: أما والله لئن كان أبو الخطاب ذكر ما قال كثير، لقد علم من أمرهما [هم] ما لم يعلمه كثير، والله لقد جلسا مجلس أمير المؤمنين عليه السلام غصبا فلا غفر الله لهما، ولا عفا عنهما، فبهت أبو عبد الله البلخي، ونظر إلى الصادق عليه السلام متعجبا مما قال فيهما، فقال الصادق عليه السلام: أنكرت ما سمعت فيهما ؟، قال: كان ذلك، قال الصادق عليه السلام: فهلا كان الانكار منك ليلة دفع [رفع] إليك فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبعها له، فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة ؟ !، فقال البلخي: قد مضى والله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة، ولقد تبت إلى الله من ذلك، فقال الصادق عليه السلام: لقد تبت وما تاب الله عليك، ولقد غضب الله لصاحب الجارية، ثم ركب وسار البخلي معه، فلما برزا، قال الصادق عليه السلام - وقد سمع صوت حمار -: إن أهل النار يتأذون بهما وبأصواتهما كما تتأذون بصوت الحمار.. إلى آخره. [بحار الانوار: 47 / 111، حديث 149، عن الخرائج والجرائح: 198 (تحقيق مدرسة الامام المهدي عج: 1 / 297 - 299، حديث 5)، وأورده في إثبات الهداة: 5 / 404، حديث 136، ومدينة المعاجز: 381، حديث 77 وغيره].


 

[614]

83 - يج: روي عن سلمان، أن عليا عليه السلام بلغه عن عمر ذكر شيعته، فاستقبله في بعض طرقات بساتين المدينة وفي يد علي عليه السلام قوس عربية، فقال: يا عمر بلغني عنك ذكرك لشيعتي، فقال: اربع على ظلعك، فقال: إنك لهيهنا ؟ ثم رمى بالقوس إلى [على] الارض فإذا هي ثعبان كالبعير فاغر فاه، وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه، فصاح عمر: الله الله يا أبا الحسن لا عدت بعدها في شئ، وجعل يتضرع إليه، فضرب علي يده إلى الثعبان فعادت القوس كما كانت، فمر عمر إلى بيته مرعوبا، قال سلمان: فلما كان في الليل دعاني علي عليه السلام، فقال: صر إلى عمر فإنه حمل إليه مال من ناحية المشرق ولم يعلم به أحد، وقد عزم أن يحتبسه، فقل له: يقول لك علي: أخرج إليك مال من ناحية المشرق ففرقه على من جعل لهم ولا تحبسه فأفضحك، قال سلمان: فأديت إليه الرسالة، فقال: حيرني أمر صاحبك من أين علم به ؟ فقلت: وهل يخفى عليه مثل هذا، فقال لسلمان: اقبل مني ما أقول لك: ما علي إلا ساحر ! وإني لمشفق عليك منه، والصواب أن تفارقه وتصير في جملتنا، قلت: بئس ما قلت، لكن عليا ورث من أسرار النبوة ما قد رأيت منه وما هو أكبر منه، قال: ارجع إليه فقل له: السمع والطاعة لامرك، فرجعت إلى علي عليه السلام فقال: أحدثك بما جرى بينكما ؟ فقلت: أنت أعلم به مني، فتكلم بكل ما جرى [به] بيننا، ثم قال: إن رعب الثعبان في قلبه إلى أن يموت. [بحار الانوار: 41 / 256 - 257 حديث 17، عن الخرائج والجرائح: 20 و 21 (1 / 232 حديث 77)، ومدينة المعاجز: 200، حديث 551، وإثبات الهداة: 4 / 547، حديث 195]. 84 - يل: روي عن الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام بلغه عن عمر ابن الخطاب أمر، فأرسل إليه سلمان رضي الله عنه وقال: قل له: قد بلغني عنك كيت وكيت، وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن لا يقال في إلا الحق، فقد غصبت حقي على القذى وصبرت حتى تبلغ الكتاب أجله... في حديث طويل في معاني مقاربة للتي سلفت. [بحار الانوار: 42 / 42 - 43 حديث 15، عن الفضائل: 65 - 66]. 85 - ل: بإسناده عن اسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في حديث طويل - يقول فيه -: يا إسحاق ! إن في النار لواديا يقال له: سقر لم يتنفس منذ خلقه الله... إلى أن قال: وإن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعد الله في أنيابها من السم لاهلها، وإن في جوف تلك الحية لصناديق فيها خمسة


 

[615]

من الامم السالفة، واثنان من هذه الامة. قال: قلت: جعلت فداك، ومن الخمسة ومن الاثنان ؟... ومن هذه الامة الاعرابيان. [بحار الانوار: 8 / 310 - 311، حديث 77، عن الخصال: 2 / 34]. 86 - ل: بإسناده عن حنان بن سدير، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر، أولهم بن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه، واثنان في بني إسرائيل هود ! قومهم ونصراهم، وفرعون الذي قال [أنا ربكم الاعلى]، واثنان من هذه الامة. [بحار الانوار: 11 / 233، حديث 12، عن الخصال: 2 / 4]. 87 - ختص: بإسناده عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في حديث... فأمرها - مالك - فخمدت، فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران، معلقين بها إلى فوق، وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك ! من هذان ؟. فقال: وما قرأت على ساق العرش، وكنت قبل قراءته قبل أن يخلق الله الدنيا بألقي عام: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله أيدته ونصرته بعلي "، فقال: هذان عدوا أولئك وظالماهم. [بحار الانوار: 39 / 191 - 192 ذيل حديث 27، عن الاختصاص: 108 - 109]. 88 - ختص - خص: من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بإسناده، قال: دخل أبو بكر على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يحدث إلينا في أمرك شيئا بعد أيام الولاية في الغدير، وأنا أشهد أنك مولاي مقر بذلك، وقد سلمت عليك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بإمرة المؤمنين، وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن وصيه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه، وأنك وارثه، وميراثه قد صار إليك، ولم يخبرنا أنك خليفته في أمته من بعده، ولا جرم لي فيما بيني وبينك، ولا ذنب لنا فيما بيننا وبين الله تعالى، فقال له علي عليه السلام: إن أريتك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يخبرك بأني أولى بالامر الذي أنت فيه منك ؟ وأنك إن لم تعزل نفسك عنه فقد خالفت الله ورسوله صلى الله عليه وآله. فقال: إن أريتنيه حتى يخبرني ببعض هذا اكتفيت به، فقال عليه السلام: فتلقاني إذا صليت المغرب حتى أريكه، قال: فرجع إليه بعد المغرب، فأخذ بيده وأخرجه إلى مسجد قبا، فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وآله جالس في القبلة، فقال له: يا فلان ! وثبت على مولاك علي عليه السلام وجلست مجلسه - وهو مجلس النبوة - لا يستحقه غيره، لانه وصيي وخليفتي،


 

[616]

فنبذت أمري، وخالفت ما قلته لك، وتعرضت لسخط الله وسخطي، فانزع هذا السربال الذي تسر بلته بغير حق ولا أنت من أهله، وإلا فموعدك النار، قال: فخرج مذعورا ليسلم الامر إليه، وانطلق أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحدث سلمان بما كان جرى، فقال له سلمان: ليبدين هذا الحديث لصاحبه وليخبرنه بالخبر، فضحك أمير المؤمنين عليه السلام وقال: أما إنه سيخبره وليمنعنه إن هم بأن يفعل، ثم قال: لا والله لا يذكران ذلك أبدا حتى يموتا، قال: فلقى صاحبه فحدثه بالحديث كله، فقال له: ما أضعف رأيك وأخور قلبك، أما تعلم أن ذلك من بعض سحر ابن أبي كبشة ؟ ! أنسيت سحر بني هاشم ؟ ! فأقم على ما أنت عليه !. [بحار الانوار: 41 / 228 - 229، حديث 38، عن الاختصاص: 272 - 273، وبصائر الدرجات: 78، ومختصره: 109 - 110]. 89 - ختص: عمرو بن ثابت، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: [ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله] (البقرة: 165)، قال: فقال: هم والله أولياء فلان وفلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فذلك قول الله: [ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرا منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار] (البقرة: 165 - 167)، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله - يا جابر - أئمة الظلمة وأشياعهم. [بحار الانوار: 72 / 137، حديث 23، عن الاختصاص: 334]. 90 - ختص: بإسناده عن جابر الجعفي - في حديث طويل - وفيه: ثم خاطب الله عز وجل في ذلك الموقف محمدا، فقال يا محمد ! فقال يا محمد ! [إذا رأوا] الشكاك والجاحدون [تجارة] يعني الاول [أو لهوا] يعني الثاني [انصرفوا إليها]... [قل] يا محمد ! [ما عند الله] من ولاية علي والاوصياء [خير من اللهو ومن التجارة] يعني بيعة الاول والثاني... [بحار الانوار: 89 / 278 من حديث 24، عن الاختصاص: 128 - 130]. 91 - خص: بإسناده عن خالد بن يحيى، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: سمى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر صديقا ؟ فقال: نعم، إنه حيث كان معه أبو بكر في الغار،


 

[617]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لارى سفينة بني عبد المطلب تضطرب في البحر ضالة، فقال له أبو بكر: وإنك لتراها ؟ ! قال: نعم. فقال: يا رسول الله ! تقدر أن ترينيها ؟. فقال: ادن مني، فدنا منه، فمسح يده على عينيه، ثم قال له: انظر.. فنظر أبو بكر، فرأى السفينة تضطرب في البحر، ثم النظر إلى قصور أهل المدينة، فقال في نفسه: الآن صدقت انك ساحر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: صديق أنت ؟. فقلت: لم سمي عمر: الفاروق ؟. قال: نعم، ألا ترى إنه فرق بين الحق والباطل، وأخذ الناس بالباطل، فقلت: فلم سمي سالما: الامين ؟. قال: لما أن كتبوا الكتب ووضعوها على يد سالم، فصار الامين. قلت: فقال: اتقوا دعوة سعد ؟. قال: نعم، قلت: وكيف ذلك ؟، قال: إن سعدا يكر فيقاتل عليا عليه السلام. [بحار الانوار: 53 / 75 - حديث 76، عن منتخب البصائر: 29 - 30]. 92 - قب: الباقر والصادق عليهما السلام، قال: [والليل إذا يغشاها] (الشمس: 4) عتيق وابن الصهاك وبنو أمية ومن تولاهم. [بحار الانوار 24 / 74 - حديث 8، عن المناقب لابن شهر آشوب: 1 / 243 (1 / 283)]. 93 - قب: حدث أبو عبد الله محمد بن أحمد الديلمي البصري، عن محمد بن أبي كثير الكوفي، قال: كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما، فرأيت في منامي طائرا معه تور من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق فنزل إلى البيت المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخرج شخصين من الضريح فخلقهما بذلك الخلوق، في عوارضهما، ثم ردهما إلى الضريح، وعاد مرتفعا، فسألت من حولي: من هذا الطائر ؟ وما هذا الخلوق ؟، فقال: هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما، فأزعجني ما رأيت، فأصبحت لا تطيب نفسي بلعنهما، فدخلت على الصادق عليه السلام، فلما رآني ضحك وقال: رأيت الطائر ؟، فقلت: نعم يا سيدي، فقال: إقرأ: [إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله] (المجادلة: 10)، فإذا رأيت شيئا تكره فاقرأها، والله ما هو ملك موكل بهما لاكرامهما بل هو ملك موكل بمشارق الارض ومغاربها إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما، لانهما سبب كل ظلم مذ كانا. [بحار الانوار: 47 / 124 حديث 177، عن المناقب: 4 / 237، ومر في هذه المجلدات عن غيره]. 94 - ن: بإسناده عن عبد العظيم الحسني، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه، عن


 

[618]

الحسين بن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبا بكر مني لبمنزلة السمع، وإن عمر مني لبمنزلة البصر، وإن عثمان مني لبمنزلة الفؤاد، فلما كان من الغد دخلت إليه - وعنده أمير المؤمنين عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان - فقلت له: يا أبه ! سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا، فما هو ؟، فقال صلى الله عليه وآله: نعم، ثم أشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد وسيسألون عن وصيي هذا - وأشار إلى علي عليه السلام - ثم قال: إن الله عزوجل يقول: [إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا] (الاسراء: 36)، ثم قال: وعزة ربي إن جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته، وذلك قول الله عزوجل: [وقفوهم إنهم مسؤلون] (الصافات: 24). [بحار الانوار: 36 / 77 - حديث 4، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام: 174]. 95 - قب: الرضا عليه السلام: إن النبي صلى الله عليه وآله قرء: [إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا] (الاسراء: 36)، فسئل عن ذلك، فأشار إلى الثلاثة، فقال: هم السمع والبصر والفؤاد، وسيسألون عن وصيي هذا - وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام - ثم قال: وعزة ربي إن جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته، وذلك قول الله: [وقفوهم إنهم مسؤلون ب (الصافات: 24). [بحار الانوار: 24 / 271 - حديث 47، عن المناقب: 2 / 4 - 5 (2 / 152)]. أقول: روى في تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 493 ذيل حديث 1، وأورده العلامة المجلسي في بحاره: 24 / 270 حديث 44، وجاء في تفسير البرهان: 4 / 71 حديث 5، وتفسير فرات: 130 تفسير لآية: [وقفوهم...] (الصافات: 24) بالسؤال عن الولاية. وجاء عن طريق العامة، عن أبي نعيم، عن ابن عباس، ومثله عن أبي سعيد الخدري وسعيد ابن جبير، كلهم عن رسول الله (ص) ذلك. وجاء الحديث عن عدة مصادر في البحار: 24 / 270 - 271 حديث 44، 45، 46، 47. وجاء في كتاب اليقين في إمرة أمير المؤمنين: 57. كما حكاه في البحار 39 / 201، حديث 22 برواية مفصلة عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (ص)، ولا حظ ما جاء في أمالي الشيخ الطوسي: 182، وحكاه في البحار 39 / 196 حديث 6. 96 - أورد شيخنا الكليني في الروضة وغيره من قوله: وسئل القاروني ذات يوم عن قوله تعالى: [وقفوهم إنهم مسؤلون] (الصافات: 24)، فقال: اقعد يا هذا الرجل، فما هذا موضع هذه المسألة، فقال له: لا بد من تفسير هذه الآية ويؤدى فيه الامانة، فقال له: اعلم


 

[619]

أنه إذا كان يوم القيامة تحشر الخلق حول الكرسي كل على طبقاتهم، الانبياء عليهم السلام والملائكة المقربون وسائر الاوصياء عليهم السلام، فيؤمر الخلق بالحساب، فينادي الله عز وجل: [وقفوهم إنهم مسؤلون] عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ؟، فقال له السائل: ومحمد صلى الله عليه وآله يسأل عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ؟، فقال له: نعم ومحمد صلى الله عليه وآله يسأل عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. [بحار الانوار: 39 / 228 - 229 حديث 2، عن روضة الكافي: 9 - 10، والفضائل لابن شاذان وغيرهما]. 97 - قب: الواقدي: إن فاطمة لما حضرتها الوفاة أوصت عليا أن لا يصلي عليها أبو بكر وعمر، فعمل بوصيتها. وبإسناده عن ابن عباس، قال: أوصت فاطمة أن لا يعلم إذا ماتت أبو بكر ولا عمر ولا يصليا عليها، قال: فدفنها علي عليه السلام ليلا ولم يعلمهما بذلك. [بحار الانوار: 43 / 182 - 183 - حديث 16، عن المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 363]. وفيه: وأوصت إلى علي بثلاث... وأن لا يشهد أحد جنازتها ممن ظلمها، وأن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم. 98 - بإسناده عن عائشة - في خبر طويل - يذكر فيه أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول الله.. القصة - قال: فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت ولم يؤذن بها أبا بكر يصلي عليها. [بحار الانوار: 43 / 182، عن المناقب: 3 / 262 - 263]. 99 - ومن هذا الباب ما جاء في الروضة من قولها سلام الله عليها ولعنة الله على من ظلمها:.. ثم قالت: أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي، فإنهم عدوي وعدو رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا تترك أن يصلي علي أحد منهم ولا من أتباعهم، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الابصار. [بحار الانوار: 43 / 192 حديث 20، عن روضة الواعظين للفتال: 1 / 151]. 100 - ع: بإسناده عن ابن البطائني، عن أبيه، سألت أبا عبد الله عليه السلام: قال: لاي علة دفنت فاطمة عليها السلام بالليل ولم تدفن بالنهار ؟ قال: لانها أوصت أن لا يصل


 

[620]

عليها الرجلان الاعرابيان. [بحار الانوار: 43 / 206 - 207 حديث 34. وقريب منه في: 81 / 250 حديث 8، عن العلل: 1 / 176 و 186]. 101 - لي: بإسناده عن ابن عباس - في خبر طويل -، وفيه رسول الله صلى الله عليه وآله: وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه ! فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة، مكروبة، باكية، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة، وتتذكر فراقي أخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تسمع إليه إذا تهجدت بالقرآن، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة. فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران، فتقول: يا فاطمة ! [إن الله اصطفيك وطهرك وآصطفيك على نساء العالمين] (آل عمران: 37) يا فاطمة ! [اقتني لربك واسجدي واركعي مع الراكعين] (آل عمران: 38)، ثم يبتدئ عند ذلك: يا رب ! إني قد سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي، فيلحقها الله عز وجل بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين. [بحار الانوار: 43 / 172 - 173 حديث 13]. 102 - لي: بإسناده عن ابن نباتة، قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن علة دفنه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ليلا ؟، فقال: إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، وحرام على من يتولاهم أن يصلى على أحد من ولدها. [بحار الانوار: 43 / 209 حديث 37، عن أمالي الشيخ الصدوق: 514، باب 94، وأورده ابن شهر آشوب في المناقب: 43 / 363، وذكره العلامة المجلسي في بحار الانوار: 43 / 183 حديث 16، عن روضة الواعظين: 1 / 153]. 103 - ما: المفيد، بإسناده عن عبد الله بن عباس، قال: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله ! ما يبكيك ؟، فقال:


 

[621]

أبكي لذريتي وما تصنع بهم أشرار أمتي من بعدي، كأني بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي: يا أبتاه ! فلا يعينها أحد من أمتي، فسمعت ذلك فاطمة عليها السلام، فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تبكين يا بنية، فقال: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك، ولكني أبكي لفراقك يا رسول الله، فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي. [بحار الانوار: 43 / 156 حديث 2]. 104 - ن: بإسناده عن إسحاق بن حماد بن زيد، قال: سمعت يحيى بن أكثم.. - في حديث - قال آخر: فإن أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقال علي عليه السلام: قدمك رسول الله فمن ذا يؤخرك ؟ !. فقال المأمون: هذا باطل من قبل أن عليا عليه السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها السلام، وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها. [بحار الانوار: 49 / 192 حديث 2، انظر باب ما كان يتقرب به المأمون إلى الرضا عليه السلام في الاحتجاج على المخالفين، عن عيون أخبار الرضا (ع): 2 / 187، وبحار الانوار: 49 / 189 - 215]. 105 - مصباح الانوار: عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام، قال: مكثت فاطمة عليها السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما ثم مرضت، فاستأذن عليها أبو بكر وعمر، فلم تأذن لهما، فأتيا أمير المؤمنين عليه السلام فكلماه في ذلك، فكلمها، وكانت لا تعصيه، فأذنت لهما، فدخلا، وكلماها فلم ترد عليهما جوابا، وحولت وجهها الكريم عنهما، فخرجا وهما يقولان لعلي: إن حدث بها حدث فلا تفوتنا، فقالت: عند خروجهما لعلي عليه السلام: إن لي إليك حاجة فأحب أن لا تمنعنيها، فقال عليه السلام: وما ذاك ؟ فقالت: أسألك أن لا يصل علي أبو بكر ولا عمر، وماتت من ليلتها، فدفنها قبل الصباح. فجاءا حين أصبحا فقالا: لا تترك عداوتك يا ابن أبي طالب أبدا، ماتت بنت رسول الله فلم تعلمنا ؟ !، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لئن لم ترجعا لافضحنكما ! قالها ثلاثا، فلما قال انصرفوا... [بحار الانوار: 81 / 254 - 255 حديث 13]. 106 - مصباح الانوار: في حديث طويل، بإسناده عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام... فلما فرغ أمير المؤمنين من دفنها لقيه الرجلان فقالا له: ما حملك على ما


 

[622]

صنعت ؟، قال: وصيتها وعهدها. [بحار الانوار: 43 / 201 ذيل حديث 30]. 107 - مصباح الانوار: عن أبي جعفر عليه السلام قال: دفن أمير المؤمنين عليه السلام فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهم بالبقيع، ورش ماء حول تلك القبور لئلا يعرف القبر، وبلغ أبا بكر وعمر أن عليا دفنها ليلا، فقالا له: فلم لم تعلمنا ؟، قال: كان الليل وكرهت أن أشخصكم !، فقال له عمر: ما هذا، ولكن شحناء في صدرك !، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما إذا أبيتما فإنها استحلفتني بحق الله وحرمة رسوله وبحقها علي أن لا تشهدا جنازتها. [بحار الانوار: 81 / 255 حديث 15]. 108 - في الكشف: عن طرق العامة، أن أبا بكر وعمر عاتبا عليا عليه السلام كونه لم يؤذنهما بالصلاة عليها، فاعتذر أنها أوصته بذلك، وحلف لهما، فصدقاه وعذراه. [بحار الانوار: 43 / 190، حديث 19، عن كشف الغمة 2 / 68. أقول: انظر: باب 7 في ما وقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها، وبيان العلة في إخفاء دفنها صلوات الله عليها ولعنة الله على من ظلمها. بحار الانوار: 43 / 155 - 218]. 109 - قال العلامة المجلسي في بحاره: ما نصه: روي في: بعض مؤلفات أصحابنا، بإسناده إلى المفضل بن عمر، قال المفضل: يا مولاي ! ثم ماذا ؟، قال الصادق عليه السلام: تقوم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فتقول: اللهم أنجز وعدك وموعدك لي فيمن ظلمني وغصبني، وضربني وجزعني بكل أولادي، فتبكيها ملائكة السموات السبع وحملة العرش، وسكان الهواء ومن في الدنيا ومن تحت أطباق الثرى، صائحين صارخين إلى الله تعالى، فلا يبقى أحد ممن قاتلنا وظلمنا ورضي بما جرى علينا إلا قتل في ذلك اليوم ألف قتلة دون من قتل في سبيل الله... إلى آخره. [بحار الانوار: 53 / 23 - 24 حديث 1]. 110 - ك، ن: في حديث طويل في الاسراء، وفيه: قال [رب العزة سبحانه]: هؤلاء الائمة، وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لاوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما... إلى آخره.


 

[623]

[بحار الانوار: 1 / 252 - 253 باب 23 حديث 2، عن كمال الدين: 150 وعن عيون أخبار الرضا عليه السلام: 35 (1 / 58 حديث 27). وأورده في البحار كاملا: 36 / 245 حديث 58]. 111 - ك: وفي ذيل خبر سعد بن عبد الله: ولما قال: أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها ؟ لم لم تقل له: بل أسلما طمعا، لانهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وسائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم، من حال إلى حال من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره، فكانت اليهود تذكر أن محمدا صلى الله عليه وآله يسلط على العرب كما كان بخت نصر سلط على بني إسرائيل، ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بخت نصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه. فأتيا محمدا فساعداه على [قول] شهادة أن لا إله إلا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كل منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله، فلما أيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع أمثالهما من المنافقين، على أن يقتلوه، فدفع الله كيدهم، وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، كما أتى طلحة والزبير عليا عليه السلام فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين. [بحار الانوار: 52 / 86، عن كمال الدين: 2 / 134]. 112 - كنز: بإسناده عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قوله تعالى: [فبأي آلاء ربكما تكذبان] أي بأي نعمتي تكذبان، بمحمد أم بعلي ؟ فيهما أنعمت على العباد. [بحار الانوار: 24 - 59 - حديث 34، وصفحة: 309 ذيل حديث 12، عن تأويل الآيات الظاهرة: 320 (2 / 633 - حديث 6 وما بعدها من الروايات). وجاء في تفسير البرهان: 4 / 264 - حديث 24]. 113 - قب: بإسناده إلى الباقر عليه السلام في قوله تعالى: [يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر] (البقرة: 185) قال: اليسر، أمير المؤمنين عليه السلام، والعسر، فلان وفلان. [بحار الانوار: 36 / 103 حديث 45، عن المناقب لابن شهر آشوب: 3 / 103].


 

[624]

114 - ص: وسئل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: [وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس] (فصلت: 29)، قال: هما.. هما. [بحار الانوار: 11 / 243 - حديث 35]. 115 - ص: الصدوق، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: صلى النبي صلى الله عليه وآله ذات ليلة ثم توجه إلى البقيع، فدعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليا فقال: امضوا حتى تأتوا أصحاب الكهف وتقرؤهم مني السلام، وتقدم أنت يا أبا بكر فإنك أسن القوم، ثم أنت يا عمر، ثم أنت يا عثمان، فإن أجابوا واحدا منكم وإلا تقدم أنت يا علي، كن آخرهم، ثم أمر الريح فحملتهم حتى وضعتهم على باب الكهف، فتقدم أبو بكر فسلم فلم يردوا فتنحى، فتقدم عمر فسلم فلم يردوا عليه، وتقدم عثمان وسلم فلم يردوا عليه، وتقدم علي وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهل الكهف الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، وربط على قلوبهم، أنا رسول الله ورحمة الله إليكم، فقالوا: مرحبا برسول الله وبرسوله، وعليك السلام يا وصي رسول الله ورحمة الله وبركاته، قال: فكيف علمتم أني وصي النبي ؟ فقالوا: إنه ضرب على آذاننا ألا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي، فكيف ترك رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وكيف حشمه ؟ وكيف حاله ؟.. وبالغوا في السؤال، وقالوا: خبر أصحابك هؤلاء أنا لا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي، فقال لهم: أسمعتم ما يقولون ؟ قالوا: نعم، قال: فاشهدوا. [بحار الانوار: 14 / 420 - حديث 2]. 116 - كتاب الاستدراك: بإسناده قال: إن المتوكل قيل له: إن أبا الحسن - يعني علي ابن محمد بن علي الرضا عليهم السلام - يفسر قول الله عزوجل: [يوم بعض الظالم على يديه..] (الفرقان: 27) الآيتين في الاول والثاني، قال: فكيف الوجه في أمره ؟ قالوا: تجمع له الناس وتسأله بحضرتهم، فإن فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره، وإن فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه، قال: فوجه إلى القضاة وبني هاشم والاولياء وسئل عليه السلام، فقال: هذان رجلان كنى عنهما، ومن بالستر عليهما، أفيحب أمير المؤمنين أن يكشف ما ستره الله ؟ فقال: لا أحب. [بحار الانوار: 50 / 214 - حديث 26]. 117 - سن: بإسناده عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن إلا وقد خلص ودي إلى قبله، وما خلص ودي إلى قلب أحد إلا وقد خلص ود علي إلى قلبه، كذب - يا علي - من زعم أنه يحبني ويبغضك، قال: فقال رجلان من المنافقين: لقد فتن رسول الله بهذا الغلام !، فأنزل الله تبارك وتعالى: [فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون] (القلم: 5 - 6) [ودوا لو تدهن فيدهنون * ولا تطع كل حلاف مهين]


 

[625]

(القلم: 9 - 10)، قال: نزلت فيهما.. إلى آخر الآية. [بحار الانوار: 39 / 254 - حديث 26، عن المحاسن: 151]. 118 - سر: من كتاب المسائل... بإسناده عن أحمد بن محمد بن زياد وموسى بن محمد ابن علي، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتها ؟، فرجع الجواب: من كان على هذا فهو ناصب. [بحار الانوار: 72 / 135 - حديث 18، عن مستطرفات السرائر: 68 - حديث 13، وفي الوسائل: 6 / 341 - حديث 14، و 19 / 100 - حديث 4]. 119 - ني بإسناده عن جابر، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: [ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله] (البقرة: 165) قال: هم أولياء فلان وفلان اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، وكذلك قال: [ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا] (البقرة: 165 - 167). ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله - يا جابر - أئمة الظلم وأشياعهم. [بحار الانوار: 23 / 359 حديث 16، وجاء في: 8 / 363 - حديث 41، عن تفسير العياشي: 1 / 72 - حديث 142 باختلاف، وجاء في تفسير البرهان: 1 / 172، وتفسير الصافي: 1 / 156، وإثبات الهداة: 1 / 262، والاول عن غيبة النعماني 64]. 120 - ير: بإسناده عن سوادة بن علي، عن بعض رجاله، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الاعور - وهو عنده -: هل ترى ما أرى ؟، فقال: كيف أرى ما ترى وقد نور الله لك وأعطاك ما لم يعط أحدا ؟. قال: هذا فلان - الاول - على ترعة من ترع النار، يقول: يا أبا الحسن ! استغفر لي، لا غفر الله له. قال: فمكث هنيئة ثم قال: يا حارث ! هل ترى ما أرى ؟، فقال: كيف أرى ما ترى وقد نور الله لك وأعطاك ما لم يعط أحدا، قال: هذا فلان - الثاني - على ترعة من ترع النار يقول: يا أبا الحسن ! استغفر لي، لا غفر الله له. [بحار الانوار: 40 / 185 حديث 68، عن بصائر


 

[626]

الدرجات: 124 (441، حديث 11 - الجزء التاسع)]. 121 - ثو: بإسناده عن ابن سدير، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر: أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود الذي حاج ابراهيم في ربه، واثنان في بني إسرائيل هودا قومهم ونصراهم، وفرعون الذي قال: أنا ربكم الاعلى، واثنان من هذه الامة أحدهما شرهما في تابوت من قوارير تحت الفلق في بحار من نار. [بحار الانوار: 8 / 313 - حديث 83، عن ثواب الاعمال: 207]. 122 - فض: بالاسانيد إلى أبي عبد الله عليه السلام إنه قال: لما نزلت هذه الآية: [الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون] (الانعام: 82) قال: بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يخلطوا بولاية فلان وفلان، فإنه التلبس بالظلم. [بحار الانوار: 36 / 114، عن الروضة من الكافي: 8 / 18]. 123 - شف: بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الجنة مشتاقة إلى أربعة من أمتي)، فهبت أن أسأله من هم ؟، فأتيت أبا بكر فقلت له: إن النبي صلى الله عليه وآله قال: (إن الجنة تشتاق إلى أربعة من أمتي) فاسأله من هم ؟، فقال: أخاف أن لا أكون منهم فيعيرني به بنوتيم، فأتيت عمر، فقلت له مثل ذلك، فقال: أخاف أن لا أكون منهم فيعيرني به بنو عدي، فأتيت عثمان، فقلت له مثل ذلك، فقال: أخاف أن لا أكون منهم فيعيرني به بنو أمية، فأتيت عليا عليه السلام - وهو في ناضح له -، فقلت له إن النبي صلى الله عليه وآله قال: (إن الجنة مشتاقة إلى أربعة من أمتي)، فاسأله من هم ؟، فقال: والله لاسألنه، فإن كنت منهم لاحمدن الله عزوجل وإن لم أكن منهم لاسألن الله أن يجعلني منهم وأودهم، وجئت معه إلى النبي صلى الله عليه وآله فدخلنا على النبي صلى الله عليه وآله - ورأسه في حجر دحية الكلبي - فلما رآه دحية قام إليه وسلم عليه وقال: خذ برأس ابن عمك يا أمير المؤمنين فأنت أحق به [مني]، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وآله ورأسه في حجر علي عليه السلام، فقال له: يا أبا الحسن ! ما جئتنا إلا في حاجة، قال: بأبي وأمي يا رسول الله، دخلت ورأسك في حجر دحية الكلبي فقام إلي وسلم علي، وقال: خذ برأس ابن عمك إليك فأنت أحق به مني يا أمير المؤمنين، فقال له النبي: فهل عرفته ؟، فقال: هو دحية الكلبي، فقال له: ذاك جبرئيل، فقال له: بأبي وأمي يا رسول الله، أعلمني أنس أنك قلت: إن الجنة مشتاقة إلى


 

[627]

أربعة من أمتي، فمن هم ؟، فأومأ إليه بيده فقال: أنت والله أولهم، أنت والله أولهم - ثلاثا -، فقال له: بأبي وأمي فمن الثلاثة ؟، فقال له: المقداد وسلمان وأبو ذر. [بحار الانوار: 40 / 11 - 12 حديث 26، عن اليقين في إمرة أمير المؤمنين: 17 - 18]. 124 - شف: من كتاب المعرفة تأليف عباد بن يعقوب الرواجني، بإسناده قال: لما أن سير أبو ذر - رضي الله عنه - اجتمع هو وعلي عليه السلام والمقداد ابن الاسود، قال: ألستم تشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أمتي ترد على الحوض على خمس رايات: أولها راية العجل فأقوم فاخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر ومزقناه واضطهدنا الاصغر وابتززناه حقه ؟ فأقول: اسلكوا ذات الشمال، فيصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم ترد علي راية فرعون أمتي فيهم أكثر الناس وهم المبهرجون، قلت: يا رسول الله ! وما المبهرجون ؟ أبهرجوا الطريق ؟، قال: لا ولكنهم بهرجوا دينهم، وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون، فآخذ بيد صاحبهم فإذا أخذت بيده اسود وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر ومزقناه وقاتلنا الاصغر وقتلناه، فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة، ثم ترد علي راية فلان وهو إمام خمسين ألفا من أمتي، فأقوم فآخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر وعصيناه وخذلنا الاصغر وخذلنا عنه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم يرد علي المخدج برايته وهو إمام سبعين ألفا من أمتي، فإذا أخذت بيده اسود وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر وعصيناه وقاتلنا الاصغر فقتلناه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم يرد علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: اتبعنا الاكبر وصدقناه ووازرنا الاصغر ونصرناه وقتلنا معه، فأقول رووا، فيشربون شربة لا يظمؤون بعدها أبدا، إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، أو كانوا كأضوأ نجم في السماء، قال: ألستم تشهدون على ذلك ؟، قالوا: بلى، قال: وأنا على ذلكم من الشاهدين.


 

[628]

[بحار الانوار: 8 / 14 حديث 19، عن اليقين في إمرة أمير المؤمنين عليه السلام: 126 مجلس 129، ومثله في صفحة: 150 و 167]. 125 - شف: بإسناده عن سليمان بن هارون، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما سلم على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين خرج الرجلان وهما يقولان: والله لا نسلم له ما قال أبدا. [بحار الانوار: 37 / 312 - حديث 45، عن اليقين: 93 باب 113]. 126 - شف: بإسناده عن أبي يعقوب رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قوله: [فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون] قال: لما رأى فلان وفلان منزلة علي عليه السلام يوم القيامة إذا رفع الله تعالى لواء الحمد إلى محمد صلى الله عليه وآله يجيئه كل ملك مقرب وكل نبي مرسل فدفعه إلى علي [سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون] أي باسمه تسمون: أمير المؤمنين. [بحار الانوار: 37 / 302، حديث 23]. 127 - قال العلامة المجلسي: روي في بعض مؤلفات أصحابنا، بإسناده عن المفضل ابن عمر في حديث، وجاء فيه: قال الصادق عليه السلام: يا مفضل ! لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا، أما سمعوا قوله عزوجل: [ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون] (القصص: 5 و 6)، والله يا مفضل ! إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل وتأويلها فينا، وان فرعون وهامان: تيم وعدي. [بحار الانوار: 53 / 26 باب 25]. 128 - مل: بإسناده عن عبد الله بن بكر الارجاني قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة من المدينة، فنزلنا منزلا يقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق وحش، فقلت له: يا بن رسول الله ! ما أوحش هذا الجبل ؟ ما رأيت في الطريق مثل هذا، فقال لي: يا بن بكر ! أتدري أي جبل هذا ؟، قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له: الكمد، وهو على واد من أودية جهنم، وفيه قتلة أبي الحسين عليه السلام استودعهم فيه تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم وما يخرج من جب الحوى، وما يخرج من الفلق، وما يخرج من آثام، وما يخرج من طينة الخبال، وما يخرج من جهنم، وما يخرج من لظى ومن الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الحميم، وما يخرج من الهاوية، وما يخرج من السعير. [وفي نسخة أخرى: وما يخرج من جهنم، وما يخرج من لظى]، وما مررت بهذا الجبل في سفري


 

[629]

فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان إلي، وإني لانظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: هؤلاء إنما فعلوا ما أسستما: لم ترحمونا إذ وليتم، وقتلتمونا وحرمتمونا، وثبتم على قتلنا [حقنا] واستبددتم بالامر دوننا، فلا رحم الله من ير حكما، ذوقا وبال ما قدمتما، وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا واستكانة الثاني، فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما في قلبي، وربما طويت الجبل الذي هما فيه - وهو جبل الكمد -. قال: قلت له: جعلت فداك ! فإذا طويت الجبل فما تسمع ؟، قال: أسمع أصواتهما يناديان: عرج علينا نكلمك فإنا نتوب، وأسمع من الجبل صارخا يصرخ بي: أجبهما وقل لهما: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، قال: قلت له: جعلت فداك ! ومن معهم ؟، قال: كل فرعون عتا على الله وحكى الله عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر، قلت: من هم ؟، قال: نحو بولس الذي علم اليهود أن يد الله مغلولة، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن عيسى المسيح ابن الله، وقال لهم: هم ثلاثة، ونحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الاعلى، ونحو نمرود الذي قال: قهرت أهل الارض وقتلت من في السماء، وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة ومحسن، وقاتل الحسن والحسين، فأما معاوية وعمر فما يطمعان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة وأعان علينا بلسانه ويده وماله،... [بحار الانوار: 25 / 372 حديث 24، عن كامل الزيارات: 326 - 327 باب 108 - حديث 2]. 129 - عيون المعجزات: عن محمد بن الفضل، عن داود الرقي، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: حدثني عن أعداء أمير المؤمنين وأهل بيت النبوة، فقال: الحديث أحب إليك أم المعاينة ؟، قلت: المعاينة، فقال لابي إبراهيم موسى عليه السلام: ائتني بالقضيب، فمضى وأحضره إياه، فقال له: يا موسى ! اضرب به الارض وأرهم أعداء أمير المؤمنين عليه السلام وأعداءنا، فضرب به الارض ضربة فانشقت الارض عن بحر أسود، ثم ضرب البحر بالقضيب، فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح منها باب، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم وجوههم مسودة وأعينهم زرق، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة، وهم ينادون يا محمد ! والزبانية تضرب وجوههم ويقولون لهم: كذبتم ليس محمد لكم ولا أنتم له. فقلت له: جعلت فداك ! من هؤلاء ؟، فقال: الجبت والطاغوت والرجس واللعين ابن اللعين، ولم يزل يعددهم كلهم من أولهم إلى آخرهم حتى أتى على أصحاب السقيفة، وأصحاب الفتنة، وبني الازرق، والاوزاع، وبني أمية جدد الله عليهم العذاب بكرة وأصيلا. ثم قال عليه السلام للصخرة: انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم. [بحار الانوار: 48 / 84 - حديث 104 عن المصدر: 100].


 

[630]

130 - تقريب المعارف، لابي الصلاح الحلبي: بإسناده عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام قال: كنت معه عليه السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر، فقال: كافران، كافر من أحبهما. وعن أبي حمزة الثمالي، أنه سأل علي بن الحسين عليهما السلام عنهما، فقال: كافران، كافر من تولاهما. قال: وتناصر الخبر عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام من طرق مختلفة أنهم قالوا: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من زعم أنه إمام وليس بإمام، ومن جحد إمامة إمام من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا. ومن طرق أخر: إن للاولين، ومن آخر: للاعرابيين في الاسلام نصيبا. ثم قال رحمه الله:.. إلى غير ذلك من الروايات عمن ذكرناه وعن أبنائهم عليهم السلام مقترنا بالمعلوم من دينهم لكل متأمل حالهم أنهم يرون في المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام ومن دان بدينهم أنهم كفار، وذلك كاف عن إيراد رواية، وأورد أخبارا أخر أوردناها في كتاب الفتن. [بحار الانوار: 72 / 137 - 138 - حديث 25. وجاء في البحار: 72 / 131 حديث 2، عن الخصال: 1 / 52، وقريب منه في البحار: 25 / 111 حديث 4، عن تفسير العياشي: 1 / 178 حديث 65. وأورده في بحار الانوار: 7 / 209. وجاء في تفسير البرهان: 7 / 209، ومثله حديث 10 من البحار: 15 / 112 - 123]. 131 - كتاب ما نزل في أعداء آل محمد، في قوله: [يوم يعض الظالم على يديه..] رجل من بني عدي، ويعذبه علي عليه السلام فيعض على يديه، ويقول العاض - وهو رجل من بني تميم: [يا ليتني كنت ترابا] أي شيعيا. [بحار الانوار: 35 / 60]. 132 - قال العلامة المجلسي: روي عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أصابه خصاصة فجاء إلى رجل من الانصار فقال له: هل عندك من طعام ؟، فقال: نعم يا رسول الله، وذبح له عناقا وشواه، فلما أدناه منه تمنى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فجاء أبو بكر وعمر، ثم جاء


 

[631]

علي عليه السلام بعدهما، فأنزل الله في ذلك: [وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي] ولا محدث [إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته]، يعني أبا بكر وعمر [فينسخ الله ما يلقي الشيطان] (الحج: 52 - 53)، يعني لما جاء علي عليه السلام بعدهما [ثم يحكم الله آياته] للناس، يعني ينصر الله أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال: [ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة] يعني فلانا وفلانا [للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم] يعني إلى الامام المستقيم، ثم قال: [ولا يزال الذين كفروا في مرية منه] أي في شك من أمير المؤمنين [حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم]، قال: العقيم: الذي لا مثل له في الايام، ثم قال: [الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا] قال: ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام [فأولئك لهم عذاب مهين] (الحج: 55 - 57). [بحار الانوار: 17 / 86]. 133 - سلف دعاء صنمي قريش الذي هو دعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة، رواه عبد الله ابن عباس، عن علي عليه السلام أنه كان يقنت به، وقال: إن الداعي به كالرامي مع النبي (ص) في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم، وقد جاء في البحار - أيضا -: 82 / 261 باب 55 - حديث 5، عن البلد الامين: 551 (الحجرية) فضل ذكر قنوت الائمة عليهم السلام، وجنة الامان (مصباح الشيخ): 552 - 555 الحجرية. وباب ثواب اللعن على أعدائهم 27 / 218. 134 - عن تفسير أبي محمد العسكري عليه السلام: أنه أرادت الفجرة ليلة العقبة قتل النبي صلى الله عليه وآله ومن بقي في المدينة قتل علي عليه السلام، فلما تبعه وقص عليه بغضاءهم فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟.. الخبر. [بحار الانوار: 44 / 34، عن تفسير الامام العسكري عليه السلام: 380]. أقول: ويحسن بنا أن نلحق هنا حديث الصحيفة وقصة العقبة، وقد أشار لها العلامة المجلسي طاب ثراه في بحاره: 28 / 97، حديث 3 نقلا عن إرشاد القلوب، وبحار الانوار: 37 / 119 - حديث 8، وقد خلط بينهما، وندرج بعض الروايات هنا عنهما، وعن قصص الانبياء بإسناده عن موسى بن بكر كما في البحار: 21 / 233 - حديث 10 وحديث 11 عن الخرائج، وعن دلائل النبوة للبيهقي في 21 / 247 من البحار، وفي كتاب أبان بن عثمان، قال الاعشى: وكانوا اثني عشر، سبعة من قريش - كما في البحار: 21 / 248 - وحاصل القصة في البحار: 37 / 116 و 135 و 154 ولاحظ الحديث الآتي... 135 - ل: بإسناده عن حذيفة بن اليمان أنه قال: الذين نفروا برسول الله ناقته في


 

[632]

منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعارف وأبوه، وطلحة، وسعد ابن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وأبو الاعور، والمغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الاشعري، وعبد الرحمن بن عوف، وهم الذين أنزل الله عز وجل فيهم: [وهموا بما لم ينالوا..]. قال العلامة المجلسي بعد ذلك. بيان: أبو الشرور وأبو الدواهي وأبو المعازف: أبو بكر وعمر وعثمان، فيكون المراد بالاب الوالد المجازي، أو لانه كان ولد زنا، أو المراد بأبي المعازف: معاوية،: أبو سفيان، ولعله أظهر، ويؤيده الخبر السابق. [بحار الانوار: 21 / 222 - 223 حديث 5، عن الخصال: 2 / 91]. 136 - كا: بإسناده عن الحارث بن حصيرة الاسدي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت دخلت مع أبي الكعبة، فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين، فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يردوا هذا الامر في أحد من أهل بيته أبدا، قال: قلت: ومن كان ؟، قال: الاول والثاني وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة. [بحار الانوار: 28 / 85 - حديث 1، عن الكافي: 4 / 545، ومثله في الكافي: 8 / 334]. 137 - عن تفسير القمي في حديث طويل: فاستفهمه عمر من بين أصحابه، فقال: يا رسول الله ! هذا من الله أو من رسوله ؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم من الله ومن رسوله، إنه أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار، فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده: قد قال محمد صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف ما قال، وقال ههنا ما قال، وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له، فاجتمعوا أربعة عشر نفرا وتآمروا على قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، وقعدوا له في العقبة، وهي عقبة أرشى بين الجحفة والابواء، فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما جن الليل تقدم رسول الله في تلك الليلة العسكر، فأقبل ينعس على ناقته، فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل: يا محمد ! إن فلانا وفلانا وفلانا قد قعدوا لك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: من هذا خلفي ؟، فقال حذيفة بن اليمان: أنا حذيفة بن اليمان يا رسول الله، قال: سمعت ما سمعت ؟، قال: بلى، قال: فاكتم، ثم دنا رسول الله صلى الله عليه وآله منهم فناداهم بأسمائهم، فلما سمعوا نداء رسول الله فروا ودخلوا في غمار الناس، وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها، ولحق الناس برسول


 

[633]

الله صلى الله عليه وآله وطلبوهم، وانتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رواحلهم فعرفها، فلما نزل قال: ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتله أن لا يردوا هذا الامر في أهل بيته أبدا ؟، فجاؤوا إلى رسول الله فحلفوا أنهم لم يقولوا من ذلك شيئا، ولم يريدوه، ولم يهموا بشئ من رسول الله صلى الله عليه وآله، فأنزل الله: [يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا] من قتل رسول الله صلى الله عليه وآله [وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعد بهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الارض من ولي ولا نصير] (التوبة: 74)، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وبقي بها المحرم والنصف من صفر لا يشتكي شيئا، ثم ابتدأ به الوجع الذي توفي فيه صلى الله عليه وآله. [بحار الانوار: 37 / 115 - 116 ذيل حديث 6، عن تفسير القمي: 159 - 162 (1 / 174 - 175)]. 138 - فس: [يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم]، قال: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة أن لا يردوا هذا الامر في بني هاشم، فهي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة، وهموا بقتله وهو قوله: [وهموا بما لم ينالوا...] (التوبة: 74). قوله: [إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم] قال علي بن ابراهيم: إنها نزلت لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ومرض عبد الله ابن أبي، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا... فدخل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله والمنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله ! استغفر الله له، فاستغفر له، فقال عمر: ألم ينهك الله يا رسول الله أن تصلي عليهم ؟ أو تستغفر لهم ؟، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله، وأعاد عليه، فقال له: ويلك ! إني خيرت فاخترت، إن الله يقول: [إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم] (البقرة: 74 - 80)، فلما مات عبد الله جاء ابنه... فحضر رسول الله صلى الله عليه وآله وقام على قبره، فقال له عمر: يا رسول الله ! ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم مات أبدا وأن تقوم على قبره ؟، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ويلك ! وهل تدري ما قلت ؟ إنما قلت: اللهم احش قبره نارا، وجوفه نارا، وأصله النار، فبدا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يكن يحب. [بحار الانوار: 22 / 96 - 97 حديث 49، عن تفسير علي بن ابراهيم القمي: 277 (1 / 301)، وصدر


 

[634]

الحديث في البحار: 17 / 205]. 139 - الصراط المستقيم: قال: ويعضده ما أسنده سليم إلى معاذ بن جبل أنه عند وفاته دعا على نفسه بالويل والثبور، فقيل له: لم ذاك ؟ قال: لموالاتي عتيقا وعمر على أن أزوي خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام، وروى مثل ذلك عن ابن عمر أن أباه قاله عند وفاته وكذا أبو بكر، وقال: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقول: وقد وفيت بها وتظاهرت على ولي الله أنت وأصحابك، فأبشر بالنار في أسفل السافلين، ثم لعن ابن صهاك، وقال: [هو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني]. قال العباس بن الحارث: لما تعاقدوا عليها نزلت: [إن الذين ارتدوا على أدبارهم]، وقد ذكرها أبو إسحاق في كتابه وابن حنبل في مسنده، والحافظ في حليته، والزمخشري في فائقه، ونزل: [ومكروا مكرا ومكرنا مكرا] (النمل: 50). وعن الصادق عليه السلام: نزلت: [أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون] (الزخرف: 79). ولقد وبخهما النبي صلى الله عليه وآله لما نزلت، فأنكرا، فنزلت: [يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر]. ورووا أن عمر أودعها أبا عبيدة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أصبحت أمين هذه الامة، وروته العامة أيضا. وقال عمر عند موته: ليتني خرجت من الدنيا كفافا لا علي ولا لي، فقال ابنه: تقول هذا ؟، فقال: دعني، نحن أعلم بما صنعنا أنا وصاحبي وأبو عبيدة ومعاذ. وكان أبي يصيح في المسجد: ألا هلك أهل العقدة، فيسأل عنهم، فيقول: ما ذكرناه، ثم قال: لئن عشت إلى الجمعة لابينن للناس أمرهم، فمات قبلها. [بحار الانوار: 28 / 122 - 123 حديث 5، عن الصراط المستقيم: 3 / 151 - 152 بتلخيص، وقد مر مقال أبي بن كعب في بحار الانوار: 28 / 34 و 118]. 140 - كا: بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: [ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبؤهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ عليم] (المجادلة: 7)، قال: نزلت هذه الآية في فلان وفلان، وأبي عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم، وتعاهدوا وتوافقوا: لئن مضى محمد صلى الله عليه وآله لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبدا،


 

[635]

فأنزل الله عزوجل فيهم هذه الآية. قال: قلت: قوله عزوجل: [أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون] (الزخرف: 79 - 80)، قال: وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم، قال أبو عبد الله عليه السلام: لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين عليه السلام، وهكذا كان في سابق علم الله عزوجل الذي أعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين عليه السلام وخرج الملك من بني هاشم فقد كان ذلك كله، الحديث. [بحار الانوار: 28 / 123 حديث 6، عن روضة الكافي: 8 / 179، وبحار الانوار 24 / 364 حديث 92]. 141 - فس: بإسناده عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: [إنما النجوى من الشيطان] (المجادلة: 7)، قال: الثاني، قوله: [ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم] (المجادلة: 10)، قال: فلان وفلان، وأبو [ابن] فلان أمينهم حين اجتمعوا ودخلوا الكعبة فكتبوا بينهم كتابا إن مات محمد أن لا يرجع الامر فيهم أبدا. [بحار الانوار: 28 / 85 حديث 2، عن تفسير القمي: 669 (2 / 356)]. 142 - فس: [يوم يبعثهم الله جميعا]، قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم، وحين هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة، فلما أطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله وأخبرهم حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به، فأنزل الله على رسوله: [يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم] (التوبة: 74)، قال: إذا عرض الله ذلك عليهم في القيامة ينكرونه ويحلفون كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله. [بحار الانوار: 7 / 209 - حديث 102، عن تفسير القمي: 671 (2 / 358)]. 143 - فس: بإسناده عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، منهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن


 

[636]

شعبة، قال عمر: أما ترون عينيه كأنهما عينا مجنون ؟ ! - يعني النبي صلى الله عليه وآله ! - الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي، فلما قام قال: أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم ؟، قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم فاشهد، ثم قال: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، فأنزل جبرئيل عليه السلام وأعلم رسول الله صلى الله عليه وآله بمقالة القوم، فدعاهم فسألهم، فأنكروا وحلفوا، فأنزل الله: [يحلفون بالله ما قالوا...] (التوبة: 74). [بحار الانوار: 37 / 119 - حديث 8، عن تفسير القمي: 277 (1 / 301)]. 144 - مجمع البيان: [لقد ابتغوا الفتنة من قبل...] (التوبة: 48)، وقيل: أراد بالفتنة الفتك بالنبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك ليلة العقبة، وكانوا اثنى عشر رجلا من المنافقين وقفوا على الثنية ليفتكوا بالنبي صلى الله عليه وآله، عن ابن جبير وابن جريح. [بحار الانوار: 21 / 193، عن مجمع البيان: 5 / 36]. وقال رحمه الله في قوله تعالى: [يحذر المنافقون] قيل: نزلت في اثني عشر رجلا وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وآله عند رجوعه من تبوك [وذكر فيه] اخبار جبرئيل عن نيتهم الفاسدة وأمره بإرسال من يضرب وجوه رواحلهم، وكان عمار وحذيفة معه، فقال لحذيفة: اضرب وجوه رواحلهم، وسئل النبي صلى الله عليه وآله عن حذيفة أنه عرف من القوم ؟ فقال: لم أعرف منهم أحدا، فعد رسول الله صلى الله عليه وآله كلهم. [بحار الانوار: 21 / 196 - ملخصا]. قوله تعالى: [وهموا بما لم ينالوا] (التوبة: 74) فيه أقوال، أحدها: أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وآله ليلة العقبة والتنفير بناقته. [بحار الانوار: 21 / 198. وتفصيل الواقعة جاء في الاحتجاج: 2 / 33، وتفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام، وأورده في بحار الانوار: 21 / 223 - 232، حديث 6]. 145 - قب: عن الباقر عليه السلام: في قوله تعالى: [كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم] إذا عاينوا عند الموت ما أعد لهم من العذاب الاليم، وهم أصحاب الصحيفة التي كتبوا على مخالفة علي [وما هم بخارجين من النار] (البقرة: 167). وعنه عليه السلام في قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة] (آل عمران: 118) أعلمهم بما في قلوبهم، وهم أصحاب الصحيفة. [بحار الانوار: 28 / 116 حديث 4، عن المناقب:


 

[637]

3 / 212 - 213]. 146 - عن جعفر بن محمد الخزاعي، عن أبيه: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما قال النبي صلى الله عليه وآله ما قال في غدير خم وصاروا بالاخبية مر المقداد بجماعة منهم وهم يقولون: والله إن كنا أصحاب كسرى وقيصر لكنا في الخز والوشي والديباج والنساجات، وإنا معه في الاخشنين، نأكل الخشن ونلبس الخشن، حتى إذا دنا موته وفنيت أيامه وحضر أجله أراد أن يوليها عليا من بعده، أما والله ليعلمن، قال: فمضى المقداد وأخبر النبي صلى الله عليه وآله به، فقال: الصلاة جامعة، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد فنقوم نحلف عليه، قال: فجاؤوا حتى جثوا بين يديه، فقالوا: بآبائنا وأمهاتنا - يا رسول الله - لا والذي بعثك بالحق والذي أكرمك بالنبوة ما قلنا ما بلغك، لا والذي اصطفاك على البشر، قال: فقال النبي: [بسم الله الرحمن الرحيم يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا] بك يا محمد ليلة العقبة [وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله] (التوبة: 74) كان أحدهم يبيع الرؤوس وآخر يبيع الكراع وينقل القرامل فأغناهم الله برسوله، ثم جعلوا حدهم وحديدهم عليه. قال أبان بن تغلب عنه عليه السلام: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم، فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " ضم رجلان من قريش رؤوسهما وقالا: والله لا نسلم له ما قال أبدا، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله، فسألهم عما قالا، فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئا، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله: [يحلفون بالله ما قالوا..] الآية، قال أبو عبد الله عليه السلام: لقد توليا وما تابا. [بحار الانوار: 37 / 154 حديث 38، وجاء في تفسير البرهان: 2 / 146 - 147]. 147 - قال العلامة المجلسي: فصل: وروي أن الله تعالى عرض عليا على الاعداء يوم الابتهال، فرجعوا عن العداوة، وعرضه على الاولياء يوم الغدير فصاروا أعداء، فشتان ما بينهما ؟ وروى أبو سعيد السمان، بإسناده: أن إبليس أتى رسول الله صلى الله عليه وآله في صورة شيخ حسن السمت فقال: يا محمد ! ما أقل من يبايعك على ما تقول في ابن عمك علي ؟ !، فأنزل الله: [ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين] (سبأ: 20)، فاجتمع جماعة من المنافقين الذين نكثوا عهده فقالوا: قد قال محمد بالامس في مسجد الخيف ما قال، وقال ههنا ما قال، فإن رجع إلى المدينة يأخذ البيعة له، والرأي أن نقتل محمدا قبل أن يدخل المدينة، فلما كان في تلك الليلة قعد له صلى الله عليه وآله أربعة عشر رجلا في العقبة ليقتلوه - وهي عقبة


 

[638]

بين الجحفة والابواء - فقعد سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقته، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله صلى وارتحل، وتقدم أصحابه - وكان على ناقة ناجية - فلما صعد العقبة ناداه جبرئيل: يا محمد !.. إن فلانا وفلانا.. وسماهم كلهم.. وذكر صاحب الكتاب أسماء القوم المشار إليهم، ثم قال: قال جبرئيل: يا محمد ! هؤلاء قد قعدوا لك في العقبة ليغتالوك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى من خلفه فقال: من هذا خلفي ؟، فقال حذيفة بن اليمان: أنا حذيفة يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: سمعت ما سمعناه ؟، قال: نعم، قال: اكتم، ثم دنا منهم فناداهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، فلما سمعوا نداء رسول الله صلى الله عليه وآله مروا ودخلوا في غمار الناس وتركوا رواحلهم وقد كانوا عقلوها داخل العقبة، ولحق الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وانتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رواحلهم فعرفها، فلما نزل قال: ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات الله محمدا أو قتل لا يرد هذا الامر إلى أهل بيته، ثم هموا بما هموا به ؟ فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يحلفون أنهم لم يهموا بشئ من ذلك ! فأنزل الله تبارك وتعالى: [يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لما ينالوا] (التوبة: 74) الآية. [بحار الانوار: 37 / 135]. 148 - مل: وأول من يحكم فيه محسن بن علي عليه السلام في قاتله، ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها، ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا، فيضربان بها. ثم يجثو أمير المؤمنين صلوات الله عليه بين يدي الله للخصومة مع الرابع وتدخل الثلاثة في جب فيطبق عليهم لا يراهم أحد ولا يرون أحدا، فيقول الذين كانوا في ولايتهم: [ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين] (فصلت: 29)، قال الله عزوجل: [ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون] (الزخرف: 39)، فعند ذلك ينادون بالويل والثبور، ويأتيان الحوض يسألان عن أمير المؤمنين عليه السلام - ومعهم حفظة - فيقولان أعف عنا واسقنا وخلصنا، فيقال لهم: [فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون] (الملك: 38) بإمرة المؤمنين، ارجعوا ظماء مظمئين إلى النار فما شرابكم إلا الحميم والغسلين، وما تنفعكم شفاعة الشافعين. [بحار الانوار: 28 / 64، عن كامل الزيارات: 332 - 335].


 

[639]

ومما ورد في عائشة وحفصة وبني أمية: 149 - فس: [والمؤتفكات بالخاطئة]، المؤتفكات: البصرة، والخاطئة: فلانة. [بحار الانوار: 32 / 227 - حيث 117، عن تفسير القمي: 2 / 384]. وجاء في بيان المجلسي رحمه الله: وأما تأويل الذي ذكره علي بن إبراهيم فقد رواه مؤلف تأويل الآيات الباهرة - بإسناده - عن حمران، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقرأ: [وجاء فرعون]، يعني الثالث، [ومن قبله]، يعني الاولين، [والمؤتفكات]، أهل البصرة، [بالخاطئة] (الحاقة: 9)، الحميراء، فالمراد بمجئ الاولين والثالث بعائشة أنهم أسسوا لها بما فعلوا من الجور على أهل البيت عليهم السلام أساسا به تيسر لها الخروج والاعتداء على أمير المؤمنين عليه السلام، ولولا ما فعلوا لم تكن تجترئ على ما فعلت. 150 - شي: بإسناد عن سالم الاشل، عن الصادق عليه السلام، قال: [التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا] (النحل: 92)، عائشة هي نكثت أيمانها. [بحار الانوار: 32 / 286 - حديث 238 عن تفسير العياشي: 2 / 269 - حديث 65]. 151 - مد: من صحيح البخاري، بإسناده عن نافع بن عبد الله، قال: قام النبي صلى الله عليه وآله خطيبا وأشار نحو مسكن عائشة، فقال: هنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان. [بحار الانوار: 32 / 287 - حديث 241، عن العمدة لابن بطريق: 456 - حديث 956. وانظر العمدة لابن بطريق: 453، حديث 952 وما بعده وحديث 942 و 943 و 944 و 946 و 947 و 948 و 950 و 955 وما بعدها من الروايات]. 152 - كنز: بإسناده عن سالم بن مكرم، عن أبيه، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله: [مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا] (العنكبوت: 41)، قال: هي الحميراء. [بحار الانوار: 32 / 286 - حديث 239 - 240، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 430 - حديث 7، والبرهان: 3 / 252 - حديث 1].


 

[640]

153 - كنز: وبإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال: أتدري ما الفاحشة المبينة ؟، قلت: لا، قال: قتال أمير المؤمنين عليه السلام، يعني أهل الجمل. [بحار الانوار: 32 / 286، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 453 - حديث 13، وجاء في تفسير البرهان: 3 / 308 - حديث 3]. 154 - ع: بإسناده عن عبد الرحيم القصير، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: أما لو قام قائمنا لقد ردت إليه الحميراء حتى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنه محمد فاطمة عليها السلام منها. قلت: جعلت فداك ! ولم يجلدها الحد ؟، قال: لفريتها على أم ابراهيم، قلت: فكيف أخره الله للقائم عليه السلام ؟، فقال له: لان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة وبعث القائم عليه السلام نقمة. [بحار الانوار: 22 / 242، حديث 8 و 52 / 314 - 315 حديث 9، عن علل الشرائع: 193 (2 / 267)، وجاء في المحاسن: 339 مثله]. 155 - ل: بإسناده عن ابن عمارة، عن أبيه، قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله: أبو هريرة وأنس بن مالك، وامرأة. [بحار الانوار: 22 / 242، حديث 7، عن الخصال: 1 / 89]. 156 - تقريب المعارف: بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل: [وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا..] (التحريم: 3)، قال: أسر إليهما أمر القبطية، وأسر إليهما أن أبا بكر وعمر يليان أمر الامة من بعده ظالمين فاجرين غادرين. [بحار الانوار: 22 / 246 حديث 16]. 157 - الصراط المستقيم: في حديث الحسين بن علوان والديلمي، عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: [وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا..] (التحريم: 3)، هي حفصة، قال الصادق عليه السلام: كفرت في قولها: [من أنبأك هذا]، وقال الله فيها وفي أختها: [إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما] (التحريم: 4).. أي زاغت، والزيغ: الكفر. وفي رواية: أنه أعلم حفصة أن أباها وأبا بكر يليان الامر، فأفشت إلى عائشة، فأفشت إلى أبيها، فأفشى إلى صاحبه، فاجتمعا على أن يستعجلا ذلك على أن يسقياه سما، فلما أخبره


 

[641]

الله بفعلهما هم بقتلهما، فحلفا له أنهما لم يفعلا، فنزل: [يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم...] (التحريم: 7). [بحار الانوار: 27 / 246 - حديث 17، عن الصراط المستقيم: 3 / 168، وفي الصراط المستقيم روايات عديدة وفصول متعددة في أن أم الشرور عائشة: 1 / 161 - 176 إلى آخر الباب الرابع عشر]. 158 - شي: بإسناده عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قتل ؟، إن الله يقول: [أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم] (آل عمران: 144)، فسم قبل الموت، إنهما سمتاه ! فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله. [بحار الانوار: 28 / 20 حديث 28، و 8 / 6، عن تفسير العياشي: 1 / 200 - حديث 152، وتفسير البرهان: 1 / 320، وتفسير الصافي: 1 / 305]. 159 - شي: عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية من قول الله: [فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به] قال: تفسيرها في الباطن: لما جاءهم ما عرفوا في علي كفروا به، فقال الله فيهم: [فلعنة الله على الكافرين]، يعني بني أمية هم الكافرون في باطن القرآن. قال أبو جعفر عليه السلام: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله هكذا: [بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله] في علي [بغيا] وقال الله في علي: [أن ينزل الله من فضله على من يشآء من عباده]، يعني عليا، قال الله: [فباؤوا بغضب على غضب]، يعني بني أمية [وللكافرين]، يعني بني أمية [عذاب مهين]. وقال جابر: قال أبو جعفر عليه السلام: نزلت هذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا والله: [وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله من ربكم] في علي، يعني بني أمية [قالوا نؤمن بما أنزل علينا]، يعني في قلوبهم بما أنزل الله عليه [ويكفرون بما وراءه] (البقرة: 89 - 91)... إلى آخره. [بحار الانوار: 9 / 101 و 36 / 98 - حديث 38 أيضا، وفي تفسير العياشي: 1 / 50 - 51 حديث 70 و 71، وتفسير الصافي: 1 / 118 وتفسير البرهان: 1 / 391]. 160 - فس: [وإن للطاغين لشر مآب]، هم الاولان وبنو أمية، ثم ذكر من كان بعده ممن غصب آل محمد حقهم فقال: [وآخر من شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم]، وهم


 

[642]

بنو السباع فيقول بنو أمية: [لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار] فيقول بنو فلان: [بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا] وبدأتم بظلم آل محمد [فبئس القرار]، ثم يقول بنو أمية: [ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار]، يعنون الاولين، ثم يقول أعداء آل محمد في النار: [ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار] في الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام [اتخذنا هم سخريا أم زاغت عنهم الابصار]، ثم قال: [إن ذلك لحق تخاصم أهل النار] (سورة ص: 55 - 64) فيما بينهم، وذلك قول الصادق عليه السلام: والله إنكم لفي الجنة تحبرون، وفي النار تطلبون. [بحار الانوار: 68 / 13 حديث 14، عن تفسير القمي: 2 / 242 - 243]. 161 - فر: بإسناده عن عكرمة، وسئل عن قول الله تعالى... [والليل إذا يغشاها] (الشمس: 4)، بنو أمية. قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بعثني الله نبيا فأتيت بني أمية فقلت: يا بني أمية ! إني رسول الله إليكم، قالوا: كذبت ما أنت برسول الله، قال: ثم ذهبت إلى بني هاشم، فقلت: يا بني هاشم ! إني رسول الله إليكم، فآمن بي مؤمنهم أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وحماني...، قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثم بعث الله جبرئيل بلوائه فركزها في بني هاشم وبعث إبليس بلوائه فركزها في بني أمية، فلا يزالون أعداءنا، وشيعتهم أعداء شيعتنا إلى يوم القيامة. [بحار الانوار: 24 / 79 - 80 حديث 20، عن تفسير فرات: 211 - 213]. 162 - فر: بإسناده عن عكرمة، وسئل عن قول الله: [والشمس وضحيها * والقمر إذا تليها]، قال: [الشمس وضحيها]، هو محمد صلى الله عليه وآله، [والقمر إذا تليها]، أمير المؤمنين عليه السلام، [والنهار إذا جليها]، آل محمد، وهما الحسن والحسين، [والليل إذا يغشيها]، بنو أمية. وقال ابن عباس هكذا، وقال أبو جعفر عليه السلام هكذا... الخبر. [بحار الانوار: 16 / 89 - حديث 17، عن تفسير فرات: 212]. 163 - كنز: بإسناده عن عيسى بن داود، عن أبي الحسن موسى، عن أبيه عليهما السلام في قول الله عزوجل: [فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم] (الحج: 50) قال: أولئك آل محمد عليهم السلام، [والذين سعوا] في قطع مودة آل محمد [معاجزين أولئك أصحاب الجحيم] (الحج: 51)، قال: هي الاربعة نفر، يعني التيمي


 

[643]

والعدي والامويين. [بحار الانوار: 23 / 381 - حديث 73، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 345 - حديث 29، وجاء في تفسير البرهان: 3 / 98 - حديث 1]. 164 - كنز: بإسناده عن ابن عباس في قوله عزوجل: [فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم] (محمد: 22)، قال: نزلت في بني هاشم وبني أمية. [بحار الانوار: 23 / 385 - 386 حديث 89، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 585 حديث 12]. 165 - كنز: بإسناده عن ابن عباس في قوله عزوجل: [أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات..] (سورة ص: 28) علي وحمزة وعبيدة [كالمفسدين في الارض] عتبة وشيبة والوليد [ام نجعل المتقين] علي وأصحابه [كالفجار] فلان وأصحابه. [بحار الانوار: 24 / 7 - حديث 20، عن تأويل الآيات الظاهرة: 264 (2 / 503 حديث 2)، وأورده في تفسير البرهان: 4 / 46 حديث 2، وأخرجه في البحار: 41 / 79، عن مناقب ابن شهر آشوب: 2 / 311 إلى قوله: والوليد.]. 166 - كنز: بإسناده عن علي صلوات الله عليه أنه قال: سورة محمد صلى الله عليه وآله آية فينا وآية في بني أمية. [بحار الانوار: 23 / 384 - حديث 84، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 582 حديث 1]. 167 - كنز: بإسناده عن ابن عباس في قول الله عزوجل:... [والليل إذا يغشاها] بنو أمية، ثم قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بعثني الله نبيا، فأتيت بني أمية فقلت: يا بني أمية ! إني رسول الله إليكم، قالوا: كذبت ما أنت برسول، ثم أتيت بني هاشم، فقلت: إني رسول الله إليكم، فآمن بني علي بن أبي طالب عليه السلام سرا وجهرا، وحماني أبو طالب عليه السلام جهرا وآمن بي سرا، ثم بعث الله جبرئيل بلوائه فركزه في بني هاشم وبعث إبليس بلوائه فركزه في بني أمية، فلا يزالون أعداءنا وشيعتهم أعداء شيعتنا إلى يوم القيامة. [بحار الانوار: 24 / 76 - حديث 14، عن تأويل الآيات الظاهرة: 466 - 467 الرضوية (2 / 806


 

[644]

حديث 6)، وأورده في البرهان: 4 / 467 حديث 10]. 168 - كنز: بإسناده عن جابر بن يزيد، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قول الله عزوجل: [وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار]، يعني بني أمية هم الذين كفروا وهم أصحاب النار، ثم قال: [الذين يحملون العرش]، يعني الرسول والاوصياء من بعده عليهم السلام يحملون علم الله، ثم قال: [ومن حوله]، يعني الملائكة [يسبحون بحمد ربهم... يستغفرون للذين آمنوا]، وهم شيعة آل محمد عليهم السلام، يقولون: [ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا] من ولاية هؤلاء وبني أمية [واتبعوا سبيلك]، وهو أمير المؤمنين عليه السلام [وقهم عذاب الجحيم، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات] والسيئات، بنو أمية وغيرهم وشيعتهم، ثم قال: [إن الذين كفروا]، يعني بنو أمية [ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون]، ثم قال: [ذلكم بأنه إذا دعي الله] بولاية علي عليه السلام [وحده كفرتم] [وإن يشرك به]، يعني بعلي عليه السلام [تؤمنوا] أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا به [فالحكم لله العلي الكبير] (المؤمن: 6 - 12). [بحار الانوار: 23 / 363 - حديث 23، عن تأويل الآيات الظاهرة: 277 - حجرية - (2 / 528 - 529 حديث 7)، وجاء في تفسير البرهان: 4 / 93 حديث 16، وقريب منه في تفسير القمي: 583 حجرية، وبحار الانوار: 24 / 210 - حديث 8، وانظر ما بعدها من الروايات في البحار: 23 / 364 حديث 26، عن (كنز) تأويل الآيات الظاهرة]. 169 - ير: بإسناده عن يحيى بن أم الطويل، قال: صحبت علي بن الحسين عليهما السلام من المدينة إلى مكة - وهو على بغلته وأنا على راحلة - فجزنا وادي ضجنان، فإذا نحن برجل أسود في رقبته سلسلة وهو يقول: يا علي بن الحسين ! اسقني، فوضع رأسه على صدره ثم حرك دابته، قال: فالتفت فإذا برجل يجذبه وهو يقول: لا تسقه لا سقاه الله، قال: فحركت راحلتي ولحقت بعلي بن الحسين عليهما السلام، فقال لي: أي شئ رأيت ؟، فأخبرته، فقال: ذاك معاوية لعنه الله. [بحار الانوار: 6 / 248 - 249 حديث 86، عن بصائر الدرجات: 82 (306 - حديث 6)].


 

[645]

170 - ختص: بإسناده عن عبد الملك بن عبد الله القمي، عن أخيه إدريس، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا أنا وأبي متوجهين إلى مكة - وأبي قد تقدمني في موضع يقال له: ضجنان -، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها، فأقبل علي فقال: اسقني، اسقني، فصاح بي أبي، لا تسقه لا سقاه الله، قال: وفي طلبه رجل يتبعه، فجذب سلسلته جذبة طرحه بها في أسفل درك من النار. [بحار الانوار: 39 / 247 حديث 82، عن الاختصاص: 276]. 171 - ختص: بإسناده عن بشير النبال، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كنت مع أبي بعسفان في واد بها أو بضجنان، فنفرت بغلته فإذا رجل في عنقه سلسلة وطرفها في يد آخر يجره، فقال: اسقني، فقال الرجل: لا تسقه لا سقاه الله، فقلت لابي: من هذا ؟، فقال: هذا معاوية. [بحار الانوار: 6 / 247 - 248 حديث 83، ولا حظ ما قبله وما بعده من الروايات في هذا الباب، وقريب منه ما رواه عن الاختصاص: 276 بإسناده عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام، وجاء في بحار الانوار: 46 / 280 حديث 81]. 172 - ج: فيما احتج به الحسن عليه السلام على معاوية وأصحابه أنه قال لمغيرة بن شعبة: أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أدميتها وألقت ما في بطنها استذلالا منك لرسول الله صلى الله عليه وآله، ومخالفة منك لامره، وانتهاكا لحرمته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت سيدة نساء أهل الجنة، الله مصيرك إلى النار. [بحار الانوار: 43 / 197 - حديث 8، عن الاحتجاج: 1 / 414 طبعة النجف]. 173 - ل: بإسناده عن أبي حرب بن أبي الاسود، عن رجل من أهل الشام، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: من شر خلق الله خمسة: إبليس، وابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون ذو الاوتاد، ورجل من بني إسرائيل ردهم عن دينهم، ورجل من هذه الامة يبايع على كفر عند باب لد، قال: ثم قال، إني لما رأيت معاوية يبايع عند باب لد ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وآله، فلحقت بعلي عليه السلام فكنت معه. [بحار الانوار: 11 / 233 - حديث 13، عن الخصال: 1 / 155.


 

[646]

174 - مل: بإسناده عن عبد الله بن بكر الارجاني، قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة من المدينة، فنزلنا منزلا يقال له: عسفان، ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق موحش، فقلت له: يا بن رسول الله ! ما أوحش هذا الجبل ! ما رأيت في الطريق مثل هذا، فقال لي: يابن بكر ! تدري أي جبل هذا ؟، قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له: الكمد، وهو على واد من أودية جهنم، وفيه قتلة أبي: الحسين عليه السلام، استودعهم فيه، تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم، وما يخرج من جب الحوى، وما يخرج من الفلق من آثام، وما يخرج من طينة الخبال، وما يخرج من جهنم، وما يخرج من لظى من الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الجحيم، وما يخرج من الهاوية، وما يخرج من السعير - وفي نسخة اخرى: وما يخرج من جهنم، وما يخرج من لظى ومن الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الحميم - وما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان إلي، وإني لانظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: هؤلاء إنما فعلوا ما أسستما لم ترحمونا إذ وليتم، وقتلتمونا وحرمتمونا، ووثبتم على حقنا، واستبددتم بالامر دوننا، فلا رحم الله من يرحمكما، ذوقا وبال ما قدمتما، وما الله بظلام للعبيد. فقلت له: جعلت فداك ! أين منتهى هذا الجبل ؟، قال: إلى الارض السادسة وفيها جهنم على واد من أوديته، عليه حفظة أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثرى، قد وكل كل ملك منهم بشئ وهو مقيم عليه لا يفارقه. [بحار الانوار: 6 / 288 - حديث 10، عن كامل الزيارات: 326 - 328 باب 108]. 175 - تفسير القمي: عن الباقر عليه السلام في قوله سبحانه: [وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار] يعني بني أمية... [وإن الذين كفروا] يعني بني أمية. [تفسير القمي: 2 / 255]. 176 - وفي تفسير فرات: 79: [الذين بدلوا نعمة الله] بنو أمية وبنو المغيرة. [تفسير الفرات: 79]. 177 - كشف مما خرجه العز الحنبلي قوله تعالى: [أفمن كان مؤمنا كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون]، المؤمن علي، والفاسق: الوليد. وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه بعدة طرق في قوله: [أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا]، المؤمن علي، والفاسق الوليد. وروى الثعلبي والواحدي، أنها نزلت في علي عليه السلام وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لامه، وذلك انه كان بينهما تنازع في شئ، فقال الوليد لعلي عليه السلام:


 

[647]

اسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد سنانا وأملا للكتيبة منك، فقال له علي عليه السلام: اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله سبحانه تصديقا لعلي عليه السلام: [أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا]، يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد. [بحار الانوار: 35 / 341 - 343 حديث 16]. أقول: روى ابن بطريق في المستدرك عن أبي نعيم، بإسناده إلى حبيب وابن عباس مثل الخبرين الاخيرين. [بحار الانوار: 35 / 343. وفي العمدة لابن بطريق: 184، والطرائف لابن طاووس: 24 مثله.]. 178 - وروى أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أن هذا مثل بني أمية [اجتثت من فوق الارض] أي استؤصلت واقتلعت جثته من الارض: [مالها من قرار] ما لتلك الشجرة من ثبات، فإن الريح تنسفها وتذهب بها، فكما أن هذه الشجرة لاثبات لها ولا بقاء ولا ينتفع بها أحد فكذلك الكلمة الخبيثة لا ينتفع بها صاحبها. وفي قوله: [ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا] أي عرفوا نعمة الله بمحمد.. أي عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا. وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: نحن والله ونعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز... وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه الآية فقال: هما الافجران من قريش: بنو أمية وبنو المغيرة، فأما بنو أمية فمتعوا إلى حين، وأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر. وقيل: إنهم جبلة بن الايهم ومن تبعه من العرب تنصروا ولحقوا بالروم [وأحلوا قومهم دار البوار].. أي دار الهلاك. [بحار الانوار: 9 / 112، عن مجمع البيان: 6 / 314 - 315، وتفسير القمي: 1 / 371]. 179 - قال العلامة قدس الله روحه في كشف الحق، ومؤلف كتاب إلزام النواصب، وصاحب كتاب تحفة الطالب: ذكر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي من علماء الجمهور أن من جملة البغايا وذوات الرايات صعبة بنت الخضرمي كانت لها راية بمكة واستبضعت بأبي سفيان، فوقع عليها أبو سفيان وتزوجها عبيدالله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، فجاءت بطلحة بن عبيدالله لستة أشهر، فاختصم أبو سفيان وعبيد الله في طلحة، فجعلا أمرهما إلى صعبة، فألحقته بعبيد الله، فقيل لها: كيف تركت أبا سفيان ؟، فقالت: يد عبيدالله طلقة ويد أبي سفيان نكرة.. وقال [العلامة] في كشف الحق أيضا: وممن كان يلعب به ويتخنث عبيدالله أبو طلحة،


 

[648]

فهل يحل لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلي عليه السلام ؟ ! انتهى. [بحار الانوار: 32 / 218 - 219. أقول: وانظر باب أحوال عائشة وحفصة في بحار الانوار: 22 / 227 - 246، وما ذكره العلامة المجلسي في بحاره: 28 / 135 حديث 1، عن جامع الاصول: 9 / 436، وسنن الترمذي: 5 / 275 في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكن لانتن صواحب يوسف.. وله طاب ثراه في البحار: 28 / 130 - 174 تبيين وتتميم حري بالملاحظة، بل غالب ذاك المجلد ينفع في هذا الباب. ولا حظ البحار: 44 / 270 باب 2 في سائر ما جرى بين الامام الحسن الزكي صلوات الله عليه وبين معاوية لعنه الله وأصحابه]. ومما ورد في أعداء آل محمد صلوات الله عليهم واللعنة على أعدائهم، وفي الاستهزاء بهم أو إيذائهم: ولنختم الكلام في الاشارة إلى بعض الروايات مما يدل على المراد عموما، وهي كثيرة جدا، نتبرك ببعضها: 180 - شي: عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: عدو [أعداء] علي هم المخلدون في النار، قال الله: [وما هم بخارجين منها] (المائدة: 37). [بحار الانوار: 72 / 135 - حديث 16، عن تفسير العياشي: 1 / 317 حديث 100، وأورده في تفسير البرهان: 1 / 470، وتفسير الصافي: 1 / 441]. 181 - شي: عن منصور بن حازم، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: [وما هم بخارجين من النار] (البقرة: 167)، قال: أعداء علي عليه السلام هم المخلدون في النار أبدا الآبدين ودهر الداهرين. [بحار الانوار: 8 / 362 حديث 37، و 72 / 135 - حديث 17، عن تفسير العياشي: 1 / 317 - 318 حديث 101، وجاء في بحار الانوار: 3 / 396، وأورده في تفسير البرهان: 1 / 470، وتفسير الصافي:


 

[649]

1 / 441]. 182 - فس: [يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت] (النساء: 60) نزلت في الزبير ابن العوام فإنه نازع رجلا من اليهود في حديقة، فقال الزبير: ترضى بابن شيبة اليهودي، وقال اليهودي: ترضى بمحمد، فأنزل الله تعالى: [ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك].. إلى قوله: [رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا] (النساء: 61) هم أعداء آل محمد - صلوات الله عليهم - كلهم جرت فيهم هذه الآية. [بحار الانوار: 9 / 194 - حديث 38، عن تفسير القمي: 1 / 140 - 142]. 183 - فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: [ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين] (يونس: 40)، فهم أعداء محمد وآل محمد من بعده. [بحار الانوار: 23 / 371 حديث 47، عن تفسير القمي: 1 / 312]. 184 - فس: بإسناده عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن في النار لنارا يتعوذ منها أهل النار، ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد، ولكل شيطان مريد، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، ولكل ناصب العداوة لآل محمد، وقال: إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار وشراكان من نار، يغلى منها دماغه كما يغلى المرجل، ما يرى ان في النار أحد أشد عذابا منه، وما في النار أحد أهون عذابا منه. [بحار الانوار: 8 / 295 - حديث 44، عن تفسير القمي: 2 / 257 - 258]. 185 - فس: [والسماء ذات الحبك]، قال: السماء رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلي عليه السلام ذات الحبك، وقوله: [إنكم لفي قول مختلف]، يعني مختلف في علي، اختلفت هذه الامة في ولايته، فمن استقام على ولاية علي عليه السلام دخل الجنة، ومن خالف ولاية علي دخل النار، [يؤفك عنه من أفك] (الذاريات: 7 - 8)، فإنه يعني عليا عليه السلام من أفك عن ولايته أفك عن الجنة. [بحار الانوار: 36 / 169 - حديث 156، عن تفسير القمي: 2 / 329]. 186 - فر: بإسناده مرفوعا، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه


 

[650]

وآله: يا أبا ذر ! يؤتى بجاحد حق علي وولايته يوم القيامة أصم وأبكم وأعمى، يتكبكب في ظلمات يوم القيامة، ينادي [يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله] [الزمر: 56) ويلقى في عنقه طوق من النار، ولذلك الطوق ثلاثمائة شعبة، على كل شعبة شيطان يتفل في وجهه، ويكلح من جوف قبره إلى النار. [بحار الانوار: 7 / 211 - حديث 106، عن تفسير فرات الكوفي: 134]. 187 - كا: بإسناده عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام، قال: سألته عن قوله الله عزوجل... قلت: [كلا إن كتاب الفجار لفي سجين]، قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، قلت: ثم يقال: [هذا الذي كنتم به تكذبون] (المطففين: 7 و 17)، قال: يعني أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: تنزيل ؟ قال: نعم. [بحار الانوار: 24 / 340 - ذيل حديث 59، عن اصول الكافي: 1 / 435]. 188 - كنز: بإسناده عن محمد بن سهل العطار، عن أبيه، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! ما بين من يحبك وبين أن يرى ما تقر به عيناه إلا أن يعاين الموت، ثم تلا: [ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل]، يعني إن أعداءنا إذا دخلوا النار قالوا: ربنا أخرجنا نعمل صالحا في ولاية علي عليه السلام [غير الذي كنا نعمل] في عداوته، فيقال لهم في الجواب: [أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير]، وهو النبي صلى الله عليه وآله [فذوقوا فما للظالمين] لآل محمد صلى الله عليه وآله [من نصير] (فاطر: 37) ينصرهم ولا ينجيهم منه ولا يحجبهم عنه. [بحار الانوار: 23 / 361 حديث 19، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 485 - 486، والبرهان: 3 / 366 حديث 2 وبحار الانوار: 27 / 159 حديث 7]. 189 - ويؤيده ما رواه علي بن ابراهيم، بإسناده عن زيد الشحام، قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السلام وسأله عن قوله عزوجل: [ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين] (سبأ: 20)، قال: لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام للناس - وهو قوله تعالى: [يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك] في علي [وإن لم تفعل فما بلغت رسالته] (المائدة: 71) أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام بغدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، حثت الابالسة التراب على رؤوسها، فقال


 

[651]

لهم إبليس الاكبر - لعنه الله -: ما لكم ؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل عقدة لا يحلها إنسي إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا ! الذين حوله قد وعدوني فيه عدة ولن يخلفوني فيها ! فأنزل الله سبحانه هذه الآية: [ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين]، يعني بأمير المؤمنين عليه السلام وعلى ذريته الطيبين. [بحار الانوار: 37 / 169 ذيل حديث 45، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 474]. 190 - كنز: بإسناده عن عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: كنت عند أبي يوما في المسجد إذ أتاه رجل فوقف أمامه، وقال: يا بن رسول الله ! أعيت علي آية في كتاب الله عزوجل، سألت عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك، فقال: وما هي ؟، قاله: قوله عزوجل: [الذين إن مكناهم في الارض..] الآية، فقال: نعم فينا نزلت، وذلك أن فلانا وفلانا وطائفة معهم - وسماهم - اجتمعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقالوا: يا رسول الله ! إلى من يصير هذا الامر بعدك ؟ فوالله لئن صار إلى رجل من أهل بيتك إنا لنخافهم على أنفسنا، ولو صار إلى غيرهم لعل غيرهم أقرب وأرحم بنا منهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك غضبا شديدا، ثم قال: أما والله لو آمنتم بالله ورسوله ما أبغضتموهم، لان بغضهم بغضي، وبغضي هو الكفر بالله، ثم نعيتم إلى نفسي، فوالله لئن مكنهم الله في الارض ليقيموا الصلاة لوقتها، وليؤتوا الزكاة لمحلها، وليأمرن بالمعروف، ولينهن عن المنكر، إنما يرغم الله أنوف رجال يبغضوني ويبغضون أهل بيتي وذريتي، فأنزل الله عزوجل: [الذين إن مكناهم في الارض..] إلى قوله: [ولله عاقبة الامور] فلم يقبل القوم ذلك، فأنزل الله سبحانه: [وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير] (سورة الحج: 41 - 44). [بحار الانوار: 24 / 165 - حديث 8، عن تأويل الآيات الظاهرة: 174 - 175 - حجرية - (1 / 342 - 343 حديث 24)، وجاء في تفسير البرهان: 3 / 95 حديث 3]. 191 - م: في قوله تعالى: [إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا]، قال: قال الله في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت [إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب] المشتمل على ذكر فضل محمد صلى الله عليه وآله على جميع النبيين وفضل علي على جميع الوصيين [ويشترون به ثمنا قليلا] يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا،


 

[652]

وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة، قال الله عزوجل: [أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار] بدلا من اصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق [ولا يكلمهم الله يوم القيامة] بكلام خير، بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول: بئس العباد أنتم، غيرتم ترتيبي، وأخرتم من قدمته، وقدمتم من أخرته، وواليتم من عاديته، وعاديتم من واليته [ولا يزكيهم] من ذنوبهم [ولهم عذاب أليم] (البقرة: 174) موجع في النار. [بحار الانوار: 7 / 213 - حديث 115، عن تفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام: 585 - 586 حديث 352]. 192 - م: وفيه: [إنما يأمركم] الشيطان [بالسوء] بسوء المذاهب والاعتقاد في خير خلق الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وجحود ولاية أفضل أولياء الله بعد محمد رسول الله صلى الله عليه وآله [وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون] (البقرة: 169) بإمامة من لم يجعل الله له في الامامة حظا، ومن جعله من أراذل أعدائه وأعظمهم كفرا به. [بحار الانوار: 24 / 379 - من حديث 106، عن تفسير الامام الحسن العسكري عليه السلام: 242 - 243 (581 حديث 342)]. 193 - م: [ليس البر أن تولوا وجوهكم..] الآية، قال الامام: قال علي بن الحسين عليهما السلام... [و] آمن ب‍ [اليوم الآخر] يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد النبيين، وبعده علي أخوه وصفيه سيد الوصيين والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره فصار فيها إلى جنات النعيم هو وإخوانه وأزواجه وذرياته والمحسنون إليه والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها، فيسير فيها إلى العذاب الاليم هو وشر كاؤه في عقده ودينه ومذهبه والمتقربون كانوا في الدنيا إليه من غير تقية لحقتهم منه. الخبر. [بحار الانوار: 9 / 187 - 188 حديث 19، عن تفسير الامام الحسن العسكري: 248 (589 - 590) حديث 353، والآية: البقرة: 177]. 194 - ما: المفيد، بإسناده عن أبان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟، فيقوم داود النبي عليه السلام فيأتي النداء من عند الله عزوجل: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة.


 

[653]

ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟، فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا معشر الخلائق ! هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم يستضئ بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنات، قال: فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة، ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: ألا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فيحنئذ [تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأ والعذاب وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار] (البقرة: 166 - 167). [بحار الانوار: 8 / 10 - حديث 3، عن أمالي الشيخ المفيد: 39 (طبعة النجف: 167) [285] حديث 3 من المجلس الرابع والثلاثين]. 195 - قب: الواحدي في أسباب النزول، ومقاتل بن سليمان وأبو القاسم القشيري في تفسيرهما، أنه نزل قوله تعالى: [والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات] (الاحزاب: 58)، في علي بن أبي طالب، وذلك أن نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه ويكذبون عليه، وفي رواية مقاتل: [والذين يؤذون المؤمنين]، يعني عليا [والمؤمنات]، يعني فاطمة [فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا]، قال ابن عباس: وذلك أن الله تعالى أرسل عليهم الجرب في جهنم، فلا يزالون يحتكون حتى تقطع أظفارهم، ثم يحتكون حتى تنسلخ جلودهم، ثم يحتكون حتى تبدوا لحومهم، ثم يحتكون حتى تظهر عظامهم، ويقولون: ما هذا العذاب الذي نزل بنا ؟، فيقولون لهم: معاشر الاشقياء ! هذا عقوبة لكم ببغضكم أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله. [بحار الانوار: 39 / 330 - 331 حديث 1، عن مناقب ابن شهر آشوب: 2 / 10 - 12 (3 / 210)]. 196 - لي: بإسناده عن القلانسي، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من أمتي، فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي. [بحار الانوار: 96 / 218 حديث 4، عن أمالي الصدوق: 177]. 197 - ن، لي: بإسناده عن عمرو بن خالد، قال: حدثني زيد بن علي - وهو آخذ بشعره - قال: حدثني أبي علي بن لحسين عليهما السلام - وهو آخذ بشعره - قال: حدثني الحسين


 

[654]

ابن علي عليهما السلام - وهو آخذ بشعره - قال: حدثني علي بن أبي طالب - وهو آخذ بشعره - عن رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو آخذ بشعره - قال: من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عزوجل، ومن آذى الله عزوجل لعنه الله مل ء السماء ومل ء الارض. [بحار الانوار: 96 / 219 حديث 6 ولاحظ أحاديث الباب، عن عيون الاخبار: 1 / 250، وأمالي الصدوق: 199، وعن كتاب الغايات مثله، بإسناده عن محمد بن رزمة القزويني إلا أن فيه: فعليه لعنة الله، موضع: لعنه الله. وقريب منه ما رواه عن كتاب المسلسلات بإسنادين: 96 / 233 - حديث 31 و 32]. 198 - يف: أحمد في مسنده، وابن المغازلي في مناقبه من عدة طرق، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا أيها الناس ! من آذى عليا فقد آذاني. وزاد فيه ابن المغازلي عن النبي صلى الله عليه وآله: يا أيها الناس ! من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا، فقال جابر بن عبد الله الانصاري: يا رسول الله ! وإن شهدوا أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟، فقال: يا جابر ! كلمة يتحجزون بها أن تسفك دماؤهم وتؤخذ أموالهم وأن لا يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. [بحار الانوار: 39 / 333 حديث 4، وقريب منه ما ذكره عن الروضة في الفضائل بإسناده عن ابن عباس، وانظر عدة روايات في الباب: 39 / 333 - حديث 3 وما بعده، وأورده في الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: 19 (75 - حديث 96)، وجاء في مسند أحمد: 3 / 483، ومناقب ابن المغازلي: 52]. 199 - الترمذي في الجامع، وأبو نعيم في الحلية، والبخاري في الصحيح، والموصلي في المسند، وأحمد في الفضائل، والخطيب في الاربعين، عن عمران بن الحصين وابن عباس وبريدة أنه رغب علي عليه السلام من الغنائم في جارية، فزايده حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الاسلمي، فلما بلغ قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك، فلما رجعوا وقف بريدة قدام الرسول صلى الله عليه وآله وشكا من علي، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وآله، ثم جاء عن يمينه وعن شماله ومن خلفه يشكو، فأعرض عنه، ثم قام إلى بين يديه فقالها، فغضب النبي صلى الله عليه وآله وتغير لونه وتربد وجهه وانتفخت أوداجه وقال: ما لك يا بريدة ! ما آذيت رسول الله منذ اليوم ؟ أما سمعت الله تعالى يقول: [إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في


 

[655]

الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا] (الاحزاب: 57)، أما علمت أن عليا مني وأنا منه وأن من آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم ؟ يا بريدة ! أنت أعلم أم الله أعلم ؟ أم قراء اللوح المحفوظ أعلم ؟ أنت أعلم أم ملك الارحام أعلم ؟ أنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب ؟، قال: بل حفظته، قال: وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا قط عليه خطيئة منذ ولد، ثم حكى عن ملك الارحام وقراء اللوح المحفوظ - وفيها -: ما تريدون من علي، - ثلاث مرات -، ثم قال: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. وفي رواية أحمد: دعوا عليا. [بحار الانوار: 39 / 332 حديث 1، عن المناقب لابن شهر آشوب 2 / 12]. 200 - قب: ابن سيرين، عن أنس، قال النبي صلى الله عليه وآله: من حسد عليا فقد حسدني ومن حسدني فقد كفر. وفي خبر: ومن حسدني فقد دخل النار. [بحار الانوار: 39 / 339 حديث 2، عن المناقب لابن شهر آشوب 2 / 12، و 39 / 334 عن امالي الشيخ: 40]. 201 - فض: بإسناده إلى عبد الله بن عباس أنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل علي بن أبي طالب وهو مغضب، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما بك يا أبا الحسن ؟، قال: آذوني فيك يا رسول الله، فقام صلى الله عليه وآله وهو مغضب وقال: أيها الناس ! من منكم آذى عليا ؟ فإنه أولكم إيمانا وأوفاكم بعهد الله، أيها الناس ! من آذى عليا بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا، فقال جابر بن عبد الله الانصاري: يا رسول الله ! وإن شهد أن لا إله إلا الله ؟، قال: نعم، وإن شهد أن محمد رسول الله يا جابر. [بحار الانوار: 39 / 333 حديث 3، عن الكافي - الروضة -: 8 / 12]. 202 - فر: بإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: [إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون]، قال: فهو حارث بن قيس وأناس معه كانوا إذا مر عليهم أمير المؤمنين عليه السلام قالوا: انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمد واختاره من أهل بيته وكانوا يسخرون منه، فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنة والنار باب فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على الاريكة متكئ فيقول: هل لكم ؟، فإذا جاؤوا سد بينهم الباب فهو كذلك يسخر منهم ويضحك، قال الله عزوجل: [فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون...] (سورة المطففين: 34 و 35).


 

[656]

[بحار الانوار: 36 / 69 - حديث 15، عن تفسير فرات: 204]. 203 - كشف: روي في قوله تعالى: [فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون]، قيل: نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وغيرهم من مشركي مكة، كانوا يضحكون من بلال وعمار وغيرهما من أصحابهما، وقيل: إن علي بن أبي طالب عليه السلام جاء في نفر من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، وقالوا لاصحابهم: رأينا اليوم الاصلع فضحكنا منه، فأنزل الله تعالى الآية قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وآله. وعن مقاتل والكلبي: لما نزل قوله تعالى: [قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى] قالوا: هل رأيتم أعجب من هذا ؟ يسفه أحلامنا، ويشتم آلهتنا، ويرى قتلنا، ويطمع أن نحبه ؟، فنزل: [قل ما سألتكم من أجر فهو لكم] أي ليس لي من ذلك أجر، لان منفعة المودة تعود عليكم وهو ثواب الله تعالى ورضاه. [بحار الانوار: 36 / 120 - 121 حديث 65]. 204 - كنز: بإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: [إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون] (المطففين: 29)، قال: ذلك هو الحارث بن قيس وأناس معه، كانوا إذا مربهم علي عليه السلام قالوا: انظروا إلى هذا الذي اصطفاه محمد صلى الله عليه وآله واختاره من أهل بيته فكانوا يسخرون ويضحكون، فإذا كان يوم القيامة فتح بين الجنة والنار باب، فعلي عليه السلام يومئذ على الارائك متكئ يقول لهم: هلم لكم، فإذا جاؤوا يسد بينهم الباب فهو كذلك يسخر منهم ويضحك، وهو قوله تعالى: [فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون] (المطففين: 34 - 36). [بحار الانوار: 35 / 339 حديث 9، عن تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 781 حديث 16، وجاء في تفسير البرهان: 4 / 44 حديث 2. وفي البحار أيضا: 36 / 69 حديث 15، عن تفسير الفرات: 204 مثله، وقريب منه في البحار: 36 / 66 حديث 8، عن (كنز) تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 781 حديث 15، والبحار: 35 / 339 - 340. وروي أيضا بإسناده، عن عباية بن ربعي، عن علي عليه السلام في البحار: 36 / 66 حديث 7، وقريب منه في تفسير الفرات: 204، وجاء


 

[657]

بإسناده عن ابن عباس في البحار: 36 / 69 حديث 15 و 8 / 150 حديث 86، و 24 / 3 حديث 8، وتفسير البرهان: 4 / 440 - 441 حديث 1 و 2 و 9، فراجع]. 205 - روي في قوله تعالى: [وقفوهم إنهم مسؤولون]، يعني عن ولاية علي عليه السلام، وقوله تعالى: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون] قيل: نزلت في قصة بدر في حمزة وعلي وعبيدة ابن الحارث، لما برزوا لقتال عتبة وشيبة والوليد. [بحار الانوار: 36 / 120 - 121 حديث 65]. 206 - ل: بإسناده عن محمد بن الفضيل الزرقي، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: إن للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منه شيعتنا ومحبونا، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت. الخبر. [بحار الانوار: 72 / 158 - 159 حديث 5، عن الخصال: 2 / 39]. 207 - مع: بإسناده عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله الجنة، وإن الرجل ليغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله النار، الخبر. [بحار الانوار: 72 / 159 - حديث 7، عن معاني الاخبار: 392]. 208 - سن: بإسناده عن مالك الجهني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: انه ليس من قوم ائتموا بإمامهم في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن على مثل حالكم. [بحار الانوار: 8 / 11 - حديث 4، عن المحاسن: 143]. 209 - كنز: بإسناده عن محمد بن سليمان، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما معنى قوله تعالى: [ويل لكل همزة لمزة]، قال: الذين همزوا آل محمد حقهم ولمزوهم وجلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم. [بحار الانوار: 24 / 309 - 310 حديث 13، عن


 

[658]

تأويل الآيات الظاهرة: 2 / 854 حديث 1 (ص: 406 الرضوية)، وجاء في تفسير البرهان: 4 / 505 حديث 1]. 210 - ثو: بإسناده عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من ادعى الامامة وليس بإمام فقد افترى على الله وعلى رسوله وعلينا. [بحار الانوار: 25 / 112 - حديث 8، وانظر حديث 9، عن ثواب الاعمال: 206]. 211 - سن: بإسناده عن قدامة الترمذي، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: من شك في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل الله عزوجل، أحدها: معرفة الامام في كل زمان وأوان بشخصه ونعته... [بحار الانوار: 72 / 135 - حديث 15، عن المحاسن: 90]. 212 - شي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام: [ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أو حي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله] (الانعام: 93)، قال: من ادعى الامامة دون الامام عليه السلام. [بحار الانوار: 25 / 113 حديث 12، عن تفسير العياشي: 1 / 370 حديث 61، وتفسير البرهان: 1 / 542، وتفسير الصافي: 1 / 532، وإثبات الهداة: 1 / 265]. 213 - ني: بإسناده عن ابن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: [ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين] (الزمر: 60)، قال: من زعم أنه إمام وليس بإمام. [بحار الانوار: 25 / 113 حديث 13. وبهذا المضمون ذيل الآية عن تفسير القمي 25 / 111 حديث 6، وعن ثواب الاعمال، بإسناده عن سورة بن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام، وعن غيبة النعماني: 54، بإسناده عن سورة مثله: 25 / 112]. 214 - كنز: بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... ثم قال: يا علي ! ادن مني، فدنا منه، ثم قال: فأدخل


 

[659]

أذنك في فمي، ففعل، فقال: يا أخي ! ألم تسمع قول الله في كتابه: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية] ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: هم أنت وشيعتك تجيؤن غرا محجلين، شباعا مرويين، ألو تسمع قول الله عزوجل في كتابه: [إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية] (البينة: 6 - 7)، قال: بلى يا رسول الله، قال: هم أعداؤك وشيعتهم يجيؤن يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين أشقياء معذبين كفارا منافقين، ذاك لك ولشيعتك وهذا لعدوك وشيعتهم. [بحار الانوار: 24 / 263 - حديث 22، و 68 / 54 حديث 97، عن تأويل الآيات الظاهرة 2 / 832 - 833 حديث 5، وتفسير البرهان: 4 / 490 حديث 3، وحلية الابرار: 1 / 465. وبهذا المضمون ذيل الحديث عن أمالي الطوسي، بإسناده عن محمد بن عبد الرحمن: 68 / 70 حديث 130]. 215 - كنز: بإسناده عن عيسى بن داود، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام في قوله تعالى: [ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما] (طه: 112)، قال: مؤمن بمحبة آل محمد صلى الله عليه وآله ومبغض لعدوهم. [بحار الانوار: 23 / 360 - حديث 17، و 24 / 257 - حديث 4، عن تأويل الآيات الظاهرة: 1 / 318 ذيل حديث 15، وتفسير البرهان: 3 / 44 - حديث 1]. 216 - مع: بإسناده عن ابراهيم بن زياد، قال: قال الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يعرفنا وهو مستمسك بعروة غيرنا. [بحار الانوار: 2 / 82 - حديث 7، عن معاني الاخبار: 378 حديث 57]. ولنختم بهذه الاحاديث الطاهرة في الولاية والبراءة تبركا: 217 - كا: بإسناده عن أحمد الخراساني، عن أبيه رفعه، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يسأل الميت في قبره عن خمس: عن صلاته، وزكاته، وحجه، وصيامه، وولايته إيانا أهل البيت، فتقول الولاية عن جانب القبر للاربع: ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه. [بحار الانوار: 6 / 265 - 266 حديث 111، عن فروع الكافي: 3 / 66]. 218 - فر: بإسناده عن جعفر الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى:


 

[660]

[ومن يكفر بالايمان فقد حيط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين] (المائدة: 5)، قال: الايمان في بطن القرآن علي بن أبي طالب، فمن كفر بولايته فقد حبط عمله. [بحار الانوار: 35 / 348 حديث 28، عن تفسير فرات: 18]. 219 - كتاب صفات الشيعة: بإسناده عن عبيدالله، عن الصادق عليه السلام، قال: من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن: البراءة من الجبت والطاغوت، والاقرار بالولاية، والايمان فرات: 18]. 219 - كتاب صفات الشيعة: بإسناده عن عبيدالله، عن الصادق عليه السلام، قال: من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن: البراءة من الجبت والطاغوت، والاقرار بالولاية، والايمان بالرجعة... إلى آخره. [بحار الانوار: 65 / 193 حديث 12، عن صفات الشيعة: 178]. 220 - ن، بإسناده عن الحسن بن جهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما - وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة -... وقال علي عليه السلام: يهلك في اثنان ولا ذنب لي: محب مفرط ومبغض مفرط.. إلى أن قال الرضا عليه السلام: فمن ادعى للانبياء ربوبية أو ادعى للائمة ربوبية أو نبوة ولغير الائمة إمامة، فنحن منه براء في الدنيا والآخرة. فسأله بعضهم، فقال له: يا بن رسول الله ! بأي شئ تصح الامامة لمد عيها ؟، قال: بالنص والدلائل.. [بحار الانوار: 25 / 135 من حديث 6، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام: 324 - 325]. " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " " ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين " ربنا.. وتقبل منا وتجاوز عن سيئاتنا وتب علينا ولمن سبقنا بالايمان ولوالدينا ولمن وجب حقه علينا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين. عبد الزهراء علوي