بحار الانوار الجزء
46
العلامة المجلسي
[1]
بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة
الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي (قدس
الله سره) الجزء السادس والاربعون مؤسسة الوفاء بيروت - لبنان كافة الحقوق محفوظة
ومسجلة الطبعة الثانية المصححة 1403 ه - 1983 م مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - ص
ب: 1457 - هاتف: 386868
[1]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي
أكرمنا بسيد أنبيائه. وأشرف أصفيائه، محمد والنجبآء من عترته وأوصيائه، حجج الله في
أرضه وسمائه، صلوات الله عليه وعليهم ما استنارت بحبهم قلوب أحبائه، وانشرحت
بولائهم (1) صدور أوليائه. أما بعد: فهذا هو المجلد الحادي عشر من كتاب بحار
الانوار تأليف الخاطئ الخاسر، محمد المدعو بباقر عصمه الله في المعاثر، ورزقه نيل
المآثر (2) ابن مروج ما اندرس من آثار العترة الهادية، في الاعصار الماضية محمد
التقي جعله الله في عيشة راضية، في جنة عالية.
(1) في المخطوطة: بولايتهم. (2) المآثر:
جمع مأثرة وهى المكرمة والمفخرة التى تؤثر وتروى وتذكر.
[2]
* " (أبواب) " * * (تاريخ سيد الساجدين،
وامام الزاهدين، على بن الحسين) * * (زين العابدين صلوات عليه وعلى آبائه الطاهرين)
* * (وأولاده المنتجبين) * (1) (باب) * " (أسمائه وعللها، ونقش خاتمه، وتاريخ
ولادته) " * * (وأحوال أمه، وبعض مناقبه، وجمل أحواله) * * (عليه السلام) * 1 - ع:
عبد الله بن النضر بن سمعان (1)، عن جعفر بن محمد المكي، عن عبد الله (2) بن محمد
(3) بن عمر الاطروش، عن صالح بن زياد (4)، عن عبد الله بن ميمون (5)، عن عبد الله
بن معن (6)، عن عمران بن سليم، قال: كان الزهري
(1) في المصدر: التميمي الخرقاني. قال
حدثنا جعفر الخ. وباقى السند كله بلفظ التحديث. (2) في المصدر: قال حدثنا أبو الحسن
عبد الله الخ وباقى السند بلفظ التحديث. (3) في المصدر: عن عمر الاطروش الحرفى. (4)
في المصدر: قال حدثنا صالح بن زياد أبو سعيد الشونى. (5) في المصدر: قال حدثنا أبو
عثمان عبد الله بن ميمون السكرى. (6) في المصدر: الاودى.
[3]
إذا حدث عن علي بن الحسين عليه السلام
قال: حدثني زين العابدين علي بن الحسين فقال له سفيان بن عيينة: ولم تقول له زين
العابدين ؟ قال: لاني سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين ؟ فكأني أنظر إلى
ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب يخطر بين الصفوف (1). 2 - لى: الطالقاني (2)،
عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن محمد، عن جعفر بن إسماعيل، عن عبد الله بن الفضل
الهاشمي، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: وذكر نحوه (3). بيان: يقال: يخطر في مشيته أي يتمايل ويمشي مشية المعجب. 3 -
ع: ما جيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن ابن معروف، عن محمد بن سهل البحراني،
عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ينادي مناد يوم القيامة: أين زين
العابدين ؟ فكأني أنظر إلى علي بن الحسين عليه السلام يخطر بين الصفوف (4). 4 - قب:
حلية الاولياء (5) كان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين.
المحاضرات: عن الراغب، وابن الجوزي في مناقب عمر بن عبد العزيز أنه قال عمر بن عبد
العزيز يوما - وقد قام من عنده علي بن الحسين عليه السلام -: من أشرف الناس ؟
فقالوا: أنتم فقال: كلا فإن أشرف الناس هذا القائم من عندي (6)
(1) علل الشرايع ص 87. (2) في المصدر: سند
الحديث مصرح فيه بالتحديث. (3) امالي الصدوق ص 331. (4) علل الشرايع ص 87 وفيه سند
الحديث بلفظ حدثنا. (5) حلية الاولياء: ج 3 ص 135. (6) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص
304.
[4]
آنفا، من أحب الناس أن يكونوا منه، ولم
يحب أن يكون من أحد (1). ربيع الابرار: عن الزمخشري، روي عن النبي صلى الله عليه
وآله أنه قال: لله من عباده خيرتان، فخيرته من العرب قريش ومن العجم فارس، وكان
يقول علي بن الحسين: أنا ابن الخيرتين لان جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وامه
بنت يزدجرد الملك (2) وأنشأ أبو الاسود: وإن غلاما بين كسرى وهاشم لاكرم من نيطت
عليه التمائم (3) بيان: ناطه علقه، والتمائم جمع تميمة، وهي: خرزات كانت العرب
تعلقها على أولادهم يتقون بها العين، أو الاعم منها ومن العوذ، والغرض التعميم فإنه
يكون في أكثر الخلق. 5 - قب: لقبه عليه السلام: زين العابدين، وسيد العابدين، وزين
الصالحين ووارث علم النبيين، ووصي الوصيين، وخازن وصايا المرسلين، وإمام المؤمنين
ومنار القانتين، والخاشع، والمتهجد، والزاهد، والعابد، والعدل، والبكاء والسجاد،
وذو الثفنات، وإمام الامة، وأبو الائمة ومنه تناسل ولد الحسين عليه السلام. وكنيته:
أبو الحسن، والخاص أبو محمد، ويقال أبو القاسم، وروي أنه كني بأبي بكر (4).
(1) محاضرات الادباء للراغب الاصبهاني ج 1
ص 166 بتفاوت. (2) ربيع الابرار، الباب العاشر (باب الملائكة والانس والجن والشيطان
وقبيله وما ناسب ذلك من ذكر الانبياء والامم) ج 2 ورقة 44 مصورة مكتبة الامام أمير
المؤمنين عليه السلام العامة في النجف الاشرف تسلسل (2059) أدب. (3) لم يوجد البيت
في ديوان أبى الاسود، جمع العلامة الشيخ محمد حسن آل يس ولا في ديوانه الاخر جمع
عبد الكريم الدجيلى، وانما نسب إليه مفردا في بعض كتب الاخبار كما في الكافي ج 1 ص
467 وغيره. (4) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 310 وفيه (والخاشعين).
[5]
6 - كشف: أما كنيته عليه السلام:
فالمشهور: أبو الحسن، ويقال: أبو محمد، و قيل: أبو بكر. وأما لقبه: فكان له ألقاب
كثيرة كلها تطلق عليه أشهرها: زين العابدين وسيد العابدين، والزكي، والامين، وذو
الثفنات، وقيل: كان سبب لقبه بزين العابدين: أنه كان ليلة في محرابه قائما في تهجده
فتمثل له الشيطان في صورة ثعبان ليشغله عن عبادته، فلم يلتفت إليه، فجاء إلى إبهام
رجله فالتقمها، فلم يلتفت إليه فألمه، فلم يقطع صلاته، فلما فرغ منها وقد كشف الله
له فعلم أنه شيطان فسبه ولطمه وقال: اخسأ يا ملعون، فذهب، وقام إلى إتمام ورده،
فسمع صوتا ولا يرى قائله، وهو يقول: أنت زين العابدين ثلاثا، فظهرت هذه الكلمة
واشتهرت لقبا له عليه السلام (1). وقال الحافظ عبد العزيز: يكنى أبا محمد. وقال أبو
نعيم: وقيل: علي يكنى أبا الحسن كناه محمد بن إسحاق بن الحارث. وفي كتاب مواليد أهل
البيت لابن الخشاب: كنيته أبو محمد، وأبو الحسن وأبو بكر، ولقبه الزكي، وزين
العابدين، وذو الثفنات، والامين. 7 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل
بن دراج، عن يونس بن ظبيان وحفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في
خاتم علي بن الحسين: " الحمد لله العلي " (2). 8 - كا: علي، عن أبيه، عن علي بن
معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كان خاتم علي بن الحسين: "
خزي وشقي قاتل الحسين بن علي " صلوات الله عليهم (3).
(1) كشف الغمة للاربلي ج 2 ص 260 وفيه
(فسمع صوت لا يرى قائله). (2) الكافي ج 6 ص 473 وفيه (الحمد لله العلى العظيم) وهو
جزء من حديث. (3) المصدر نفسه ج 6 ص 473.
[6]
9 - ن: مرسلا مثله (1). 10 - ع: ابن عصام،
عن الكليني، عن الحسين بن الحسن الحسيني، وعلي ابن محمد بن عبد الله معا، عن
إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله الخزاعي، عن نصر بن مزاحم
المنقري، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر
عليهما السلام: إن أبي علي بن الحسين ما ذكر لله عزوجل نعمة عليه إلا سجد، ولا قرأ
آية من كتاب الله عزوجل فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله عزوجل عنه سوءا يخشاه أو
كيد كائد إلا سجد ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ولا وفق لاصلاح بين اثنين إلا
سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده، فسمي السجاد لذلك (2). 11 - قب: (3)
حلية الاولياء، عن جابر مثله. 12 - ع: عنه عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن
إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن الباقر عليهم السلام قال: كان لابي عليه
السلام في موضع سجوده آثار ناتئة وكان يقطعها في السنة مرتين، في كل مرة خمس ثفنات،
فسمي ذا الثفنات لذلك (4). 13 - مع: مرسلا مثله (5). بيان: قال الجوهري: الثفنة
واحدة ثفنات البعير، وهو ما يقع على الارض من أعضائه إذا استناخ وغلظ كالركبتين
وغيرهما. 14 - ن (5) لى: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن
بن أبي العقب الصيرفي، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام قال:
(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 56. (2) علل
الشرايع ص 88 بتفاوت يسير في سنده. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 304 نقلا عن
الحلية، ولم نقف عليه فيها عاجلا. (4) علل الشرايع ص 88. (5) معاني الاخبار ص 65.
(6) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 56 ضمن حديث.
[7]
كان نقش خاتم الحسين عليه السلام " إن
الله بالغ أمره " وكان علي بن الحسين عليهما السلام يتختم بخاتم أبيه الحسين عليه
السلام الخبر (1). 15 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام
قال: كان نقش خاتم أبي " العزة لله " (2). 16 - شا: الامام بعد الحسين عليه السلام
ابنه أبو محمد علي بن الحسين، زين العابدين عليهما السلام، وكان يكنى أيضا بأبي
الحسن (3). 17 - كشف: قال أبو عمر الزاهد، في كتاب اليواقيت في اللغة: قالت الشيعة
إنما سمي علي بن الحسين سيد العابدين لان الزهري رأى في منامه كأن يده مخضوبة غمسة،
قال: فعبرها فقيل: إنك تبتلى بدم خطأ، قال: وكان عاملا لبني امية فعاقب رجلا فمات
في العقوبة فخرج هاربا وتوحش ودخل إلى غار وطال شعره، قال: وحج علي بن الحسين
عليهما السلام فقيل له: هل لك في الزهري ؟ قال: إن لي فيه - قال أبو العباس: هكذا
كلام العرب إن لي فيه لا يقال غيره - قال: فدخل عليه فقال له: إني أخاف عليك من
قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك فابعث بدية مسلمة إلى أهله، واخرج إلى أهلك ومعالم
دينك، قال: فقال: فرجت عني يا سيدي، والله عزوجل وتبارك وتعالى أعلم حيث يجعل
رسالاته. وكان الزهري بعد ذلك يقول: ينادي مناد في القيامة ليقم سيد العابدين في
زمانه، فيقوم علي بن الحسين عليهما السلام (4). 18 - كشف: ولد علي عليه السلام
بالمدينة في الخميس الخامس من شعبان من سنة ثمان وثلاثين من الهجرة في أيام جده
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قبل وفاته بسنتين، وامه ام ولد إسمها
غزالة، وقيل: بل كان اسمها شاه زنان بنت يزدجرد
(1) أمالى الصدوق 458 ذيل حديث، وفى سنده
(الحسن بن أبى العقبة) (2) قرب الاسناد ص 44 طبع النجف بتفاوت يسير. (3) ارشاد
المفيد 269. (4) كشف الغمة ج 2 ص 302 طبع المكتبة الاسلامية بطهران سنة 1381.
[8]
وقيل: غير ذلك (1). وقال الحافظ عبد
العزيز: امه يقال: لها سلامة، وقال إبراهيم بن إسحاق امه غزالة ام ولد. وفي كتاب
مواليد أهل البيت رواية ابن الخشاب النحوي: بالاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ولد علي بن الحسين عليهما السلام في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفات علي
بن أبيطالب عليه السلام بسنتين، وأقام مع أمير المؤمنين سنتين، ومع أبي محمد الحسن
عليه السلام عشر سنين، وأقام مع أبي عبد الله عليه السلام عشر سنين، وكان عمره سبعا
وخمسين سنة. وفي رواية اخرى: إنه ولد سنة سبع وثلاثين، وقبض وهو ابن سبع وخمسين سنة
في سنة أربع وتسعين، وكان بقاؤه بعد أبي عبد الله عليه السلام ثلاثا وثلاثين سنة
ويقال: في سنة خمس وتسعين. امه خولة بنت يزدجرد ملك فارس، وهي التي سماها أمير
المؤمنين عليه السلام شاه زنان، ويقال: بل كان اسمها برة بنت النوشجان، ويقال: كان
اسمها شهر بانو بنت يزدجرد، وكان يقال له عليه السلام: ابن الخيرتين لقول رسول الله
صلى الله عليه وآله: إن لله من عباده خيرتين فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس،
وكانت امه بنت كسرى. 19 - ن: الحسين بن محمد البيهقي، عن محمد بن يحيى الصولي، عن
عون بن محمد، عن سهل بن القاسم النوشجاني، قال: قال لي الرضا عليه السلام بخراسان:
إن بيننا وبينكم نسب، قلت: وما هو أيها الامير ؟ قال: إن عبد الله بن عامر بن كريز
لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد بن شهريار ملك الاعاجم، فبعث بهما إلى عثمان
بن عفان فوهب إحداهما للحسن والاخرى للحسين عليه السلام فماتتا عندهما نفساوين،
وكانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليهما السلام فكفل عليا بعض
امهات ولد أبيه فنشأ وهو لا يعرف اما غيرها ثم علم أنها مولاته، وكان الناس يسمونها
امه، وزعموا أنه زوج امه، ومعاذ الله إنما زوج هذه على ما
(1) نفس المصدر السابق ج 2 ص 260 بتفاوت.
[9]
ذكرناه، وكان سبب ذلك أنه واقع بعض نسائه
ثم خرج يغتسل فلقيته امه هذه فقال لها: إن كان في نفسك في هذا الامر شئ فاتقي الله
وأعلميني ؟ فقالت: نعم فزوجها، فقال ناس: زوج علي بن الحسين عليهما السلام امه، قال
عون: قال لي سهل ابن القاسم: ما بقي طالبي عندنا إلا كتب عني هذا الحديث عن الرضا
عليه السلام (1). 20 - ير: إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن أحمد، عن عبد الرحمن
بن أبي عبد الله الخزاعي، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: لما قدم بابنة يزدجرد على عمر، وادخلت المدينة أشرف لها عذارى
المدينة وأشرق المسجد بضوء وجهها، فلما دخلت المسجد ورأت عمر غطت وجهها وقالت: اه
بيروج بادا هرمز (2) قال: فغضب عمر وقال: تشتمني هذه وهم بها، فقال له أمير
المؤمنين: ليس لك ذلك أعرض عنها، إنها تختار رجلا من المسلمين ثم احسبها بفيئه
عليه، فقال عمر: اختاري قال: فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين بن علي عليهما
السلام فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك ؟ فقالت: جهان شاه فقال: بل شهر
بانويه، ثم نظر إلى الحسين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله ليلدن لك منها غلام
خير أهل الارض (3) تبيين: يزدجرد آخر ملوك الفرس، وهو ابن شهريار بن أبرويز بن هرمز
بن أنوشيروان، وكأن إشراق المسجد بضوئها كناية عن ابتهاج أهل المسجد برؤيتها وعجبهم
من صورتها وصباحتها. وفي الكافي (4) اف بيروج بادا هرمز، واف كلمة تضجر، وبيروج
معرب بيروز أي اسود يوم هرمز وأساء الدهر إليه وانقلب الزمان عليه حيث صارت
(1) عيون اخبار الرضا ج 2 ص 128 بتفاوت
يسير. (2) خ ل " أف بيروز " (كلام فارسي مشتمل على تأفيف ودعاء على أبيها هرمز)
تعنى: لا كان لهرمز يوم، فان ابنته أسرت بصغر ونظر إليها الرجال، الوافى ج 2 ص 176.
(3) بصار الدرجات في الباب الحادى عشر من الجزء السابع. (4) الكافي ج 1 ص 466.
[10]
أولاده اسارى تحت حكم مثل هذا أو دعاء على
جدها هرمز، يعني لا كان لهرمز يوم حتى تصير أولاده كذلك. " وهم بها " أي أراد
إيذاءها أو أن يأخذها لنفسه قوله عليه السلام: بل شهر بانويه كأنه عليه السلام غير
اسمها للسنة، أو لانه من أسماء الله تعالى لما ورد في الخبر في النهي عن اللعب
بالشطرنج إنه يقول مات شاهه وقتل شاهه والله شاهه ما مات وما قتل، أو أنه عليه
السلام أخبر أنه ليس اسمها جهانشاه بل اسمها شهر بانويه، وإنما غيرته للمصلحة، كما
يدل عليه رواية صاحب العدد أو المعنى لم ينبغ لك هذا الاسم، بل كان ينبغي تسميتك
بشهر بانويه " ليلدن " كأنه إشارة إلى أن أولاده عليه السلام يحصل من ولد هو خير
أهل الارض، وفي بعض النسخ بالتاء كأنه تم الكلام عند قوله: لك، وقوله: منها غلام،
جملة اخرى. ثم إن هذا الخبر يخالف الخبر السابق، وذاك أقرب إلى الصواب إذ أسر أولاد
يزدجرد الظاهر أنه كان بعد قتله أو استئصاله، وذلك كان في زمن عثمان وإن أمكن أن
يكون بعد فتح القادسية أو نهاوند أخذ بعض أولاده هناك لكنه بعيد وأيضا لا ريب في أن
تولد علي بن الحسين عليه السلام منها كان في أيام خلافة أمير المؤمنين عليه السلام،
ولم يولد منها غيره كما نقل، وكون الزواج في زمن عمر وعدم تولد ولد منها إلا بعد
أكثر من عشرين سنة بعيد، ولا يبعد أن يكون عمر في هذه الرواية تصحيف عثمان والله
يعلم. 21 - يج: روي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قدمت ابنة يزدجرد
ابن شهريار آخر ملوك الفرس وخاتمتهم على عمر، وادخلت المدينة استشرفت لها عذاري
المدينة، وأشرق المجلس بضوء وجها، ورأت عمر فقالت: آه بيروز باد هرمز، فغضب عمر
وقال: شتمتني هذه العلجة (1) وهم بها فقال له علي عليه السلام: ليس لك إنكار على ما
لا تعلمه، فأمر أن ينادي عليها، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يجوز بيع بنات
الملوك وإن كن كافرات، ولكن اعرض عليها أن تختار رجلا من
(1) العلج: بالكسر فالسكون وجيم في الاخر:
الرجل الضخم من كفار العجم وبعضهم يطلقه على الكافر مطلقا (المجمع).
[11]
المسلمين حتى تتزوج منه، وتحسب صداقها
عليه من عطائه من بيت المال يقوم مقام الثمن، فقال عمر: أفعل، وعرض عليها أن تختار
فجالت فوضعت يدها على منكب الحسين عليه السلام فقال: " چه نام داري أي كنيزك "
يعني: ما اسمك يا صبية ؟ قالت جهان شاه، فقال بل شهر بانويه، قالت: تلك اختي قال: "
راست گفتى " أي صدقت ثم التفت إلى الحسين فقال: احتفظ بها وأحسن إليها، فستلد لك
خير أهل الارض في زمانه بعدك، وهي ام الاوصياء الذرية الطيبة، فولدت علي بن الحسين
زين العابدين عليهما السلام (1). ويروى أنها ماتت في نفاسها به، وإنما اختارت
الحسين عليه السلام لانها رأت فاطمة عليها السلام وأسلمت قبل أن يأخذها عسكر
المسلمين، ولها قصة وهي أنها قالت: رأيت في النوم قبل ورود عسكر المسلمين كأن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وآله دخل دارنا وقعد مع الحسين عليه السلام وخطبني له
وزوجني منه، فلما أصبحت كان ذلك يؤثر في قلبي وما كان لي خاطر غير هذا، فلما كان في
الليلة الثانية رأيت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله قد أتتني وعرضت علي الاسلام
فأسلمت ثم قالت: إن الغلبة تكون للمسلمين، وإنك تصلين عن قريب إلى ابني الحسين
سالمة لا يصيبك بسوء أحد قالت: وكان من الحال أني خرجت إلى المدينة ما مس يدي
إنسان. 22 - شا: سأل أمير المؤمنين صلوات الله عليه شاه زنان بنت كسرى حين اسرت: ما
حفظت عن أبيك بعد وقعة الفيل ؟ قالت: حفظت عنه إنه كان يقول: إذا غلب الله على أمر
ذلت المطامع دونه، وإذا انقضت المدة كان الحتف (2) في
(1) لم نعثر عليه في الخرايج المطبوعة رغم
البحث عنه. وسيأتى كذلك بعض الاحاديث، وقد ذكر الحجة المتتبع شيخنا الرازي في
الذريعة ج 7 ص 146 انه رأى نسخة بعنوان (الخرايج) في مكتبة سلطان العلماء وهي تخالف
المطبوع. أقول ولعل الخرايج المطبوعة فيها نقص وربما كانت المخطوطة أكمل، ويحتمل أن
يكون (يج) رمز الخرايج مصحفا عن (ير) رمز البصائر والحديث فيه في باب 11 ج 7. (2)
الحتف الموت والجمع الحتوف، ولم يأت منه فعل، يقال: مات حتف أنفه أي على فراشه من
غير قتل ولا ضرب ولا غرق ولا حرق، وخص الانف لما يقال: ان روحه تخرج من أنفه،
المجمع.
[12]
الحيلة، فقال عليه السلام: ما أحسن ما قال
أبوك، تذل الامور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير (1). 23 - شا: الامام بعد
الحسين بن على بن أبي طالب عليه السلام ابنه أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين
عليهما السلام وكان يكنى أيضا بأبي الحسن وامه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار كسرى،
ويقال: إن اسمها شهر بانو، وكان أمير المؤمنين عليه السلام ولى حريث بن جابر جانبا
من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد بن شهريار، فنحل ابنه الحسين عليه السلام شاه
زنان منهما فأولدها زين العابدين عليه السلام ونحل الاخرى محمد بن أبي بكر فولدت له
القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهما ابنا خالة، وكان مولد علي بن الحسين عليهما السلام
بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، فبقي مع جده أمير المؤمنين عليه السلام سنتين
ومع عمه الحسن عليه السلام اثني عشر سنة، ومع أبيه الحسين عليه السلام ثلاثا وعشرين
سنة، وبعد أبيه أربعا وثلاثين سنة وتوفي بالمدينة سنة خمس وتسعين من الهجرة وله
يومئذ سبع وخمسون سنة، و كان إمامته أربعا وثلاثين سنة ودفن بالبقيع مع عمه الحسن
بن علي بن أبي طالب عليهما السلام (2). 24 - قب: مولد علي بن الحسين عليهما السلام
بالمدينة يوم الخميس في النصف من جمادى الاخرة، ويقال: يوم الخميس لتسع خلون من
شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة أمير المؤمنين عليه السلام بسنتين،
وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ست فبقي مع جده أمير المؤمنين عليه السلام أربع سنين، ومع
عمه الحسن عشر سنين، ومع أبيه عشر سنين، ويقال: بقي مع جده سنتين، ومع عمه اثنتي
عشرة سنة، ومع أبيه ثلاث عشرة سنة، وأقام بعد أبيه خمسا وثلاثين سنة، وتوفي
بالمدينة يوم السبت لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، أو لاثنتي عشرة ليلة، سنة خمس
وتسعين من الهجرة، وله يومئذ سبع وخمسون سنة، ويقال: تسع وخمسون سنة، ويقال:
(1) ارشاد المفيد ص 160. (2) ارشاد المفيد
ص 269.
[13]
أربع وخمسون، وكانت إمامته أربعا وثلاثين
سنة، وكان في سني إمامته بقية ملك يزيد، وملك معاوية بن يزيد، وملك مروان، وعبد
الملك، وتوفي في ملك الوليد ودفن في البقيع مع عمه الحسن عليه السلام (1). وقال أبو
جعفر بن بابويه: سمه الوليد بن عبد الملك. وامه شهر بانويه بنت يزدجرد بن شهريار
الكسرى، ويسمونها أيضا بشاه زنان، وجهان بانويه، وسلافة وخولة، وقالوا: هي شاه زنان
بنت شيرويه بن كسرى أبرويز، ويقال: هي برة بنت النوشجان، والصحيح هو الاول، وكان
أمير المؤمنين عليه السلام سماها مريم، ويقال: سماها فاطمة وكانت تدعى سيدة النساء
(2). 25 - كا: ولد عليه السلام في سنة ثمان وثلاثين، وقبض في سنة خمس وتسعين وله
سبع وخمسون سنة، وامه سلامة بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى أبرويز (3). 26
- ضه: كان مولده عليه السلام يوم الجمعة، ويقال: يوم الخميس لتسع خلون من شعبان سنة
ثمان وثلاثين من الهجرة (4) ويقال: سنة سبع وثلاثين من الهجرة ويقال: سنة ست
وثلاثين. 27 - عم: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الجمعة، ويقال: يوم الخميس في
النصف من جمادى الاخرة، وقيل: لتسع خلون من شعبان سنة ثمان وثلاثين من الهجرة وقيل:
سنة ست وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين، واسم امه شهزنان وقيل: شهر بانويه (5).
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 310. (2)
المصدر السابق ج 3 ص 311. (3) الكافي ج 1 ص 466 وفي آخره: وكان يزدجرد آخر ملوك
الفرس. (4) روضة الواعظين ص 176 إلى هنا الموجود من الحديث، ولم يذكر الترديد من
القولين الاتيين. (5) اعلام الورى ص 15.
[14]
28 - كف: في نصف جمادى الاولى كان مولد
السجاد عليه السلام (1). وذكر في اللوح الذي وضعه أنه عليه السلام ولد يوم الاحد
خامس شعبان لثمان وثلاثين. أقول: وفي تاريخ الغفاري أنه عليه السلام ولد يوم الجمعة
منتصف شهر جمادى الثانية. 29 - الفصول المهمة: ولد بالمدينة، نهار الخميس، الخامس
من شعبان سنة ثمان وثلاثين، كنيته أبو الحسن، وقيل: أبو بكر، وله ألقاب كثيرة
أشهرها زين العابدين، وسيد العابدين، والزكي، والامين، وذو الثفنات، صفته: أسمر
قصير، دقيق، نقش خاتمه: وما توفيقي إلا بالله (2). 30 - مصبا: في النصف من جمادى
الاولى سنة ست وثلاثين كان مولد أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام (3). 31 - د،
قل: باسنادنا إلى المفيد في كتاب حدائق الرياض: النصف من جمادى الاولى سنة ست
وثلاثين كان مولد أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام (4). 32 - الدروس: ولد عليه
السلام بالمدينة يوم الاحد خامس شعبان سنة ثمان وثلاثين، وقبض بها يوم السبت ثاني
عشر المحرم سنة خمس وتسعين، عن سبع وخمسين سنة، وامه شاه زنان بنت شيرويه بن كسرى
أبرويز، وقيل: ابنة يزدجرد (5).
(1) مصباح المتهجد للشيخ الطوسى ص 554 طبع
سنة 1348 ومصباح الكفعى ص 511 طبع ايران سنة 1321. (2) الفصول المهمة لابن الصباغ
المالكى ص 187 طبع النجف بتفاوت فيه، وفى المصدر: كنيته عليه السلام المشهور أبو
الحسن، وقيل أبو محمد، وقيل أبو بكر. (3) مصباح الكفعمي ص 511. (4) الاقبال ص 95
طبع ايران سنة 1314. (5) كتاب الدروس للشهيد ره في كتاب المزار، طبع سنة 1269
بايران.
[15]
33 - د: في كتاب الدر: ولد عليه السلام
بالمدينة سنة ثمان وثلاثين من الهجرة وكذا في كتاب مواليد الائمة قبل وفات جده أمير
المؤمنين عليه السلام بسنتين، وفي رواية اخرى بست سنين. في كتاب الذخيرة مولده: سنة
ست وثلاثين وقيل: ثمان وثلاثين، وقيل: ولد يوم الخميس ثامن شعبان، وقيل سابعه سنة
ثمان وثلاثين بالمدينة في خلافة جده أمير المؤمنين عليه السلام. في كتاب التذكرة:
ولد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام سنة ثمان وثلاثين وامه شاه زنان بنت
ملك قاشان، وقيل: بنت كسرى يزدجرد بن شهريار، ويقال اسمها شهر بانويه. وقال أبو
جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري: (1) - ليس التاريخي - لما ورد سبي الفرس إلى
المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيدا (2) فقال له أمير
المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أكرموا كريم كل قوم،
فقال عمر: قد سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم فقال له أمير
المؤمنين عليه السلام (3) هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الاسلام ولابد
أن يكون لي فيهم ذرية، وأنا اشهد الله واشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله
تعالى، فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضا لك، فقال: اللهم اشهد أني قد أعتقت
ما وهبوا لي لوجه الله، فقال المهاجرون والانصار: وقد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول
الله، فقال: اللهم اشهد انهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته واشهدك أني قد أعتقتهم لوجهك،
فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الاعاجم ؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم، فأعاد عليه
ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في إكرام الكرماء (4)
(1) في كتابه دلائل الامامة ص 81 طبع
النجف. (2) في المصدر السابق: عبيدا للعرب، وأن يرسم عليهم أن يحملوا العليل
والضعيف والشيخ الكبير في الطواف على ظهورهم حول الكعبة، فقال أمير المؤمنين عليه
السلام: الخ (3) في المصدر السابق: فمن أين لك أن تفعل بقوم كرماء ما ذكرت، ان
هؤلاء الخ. (4) في المصدر السابق: ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث،
وما هم عليه من الرغبة في الاسلام.
[16]
فقال عمر: قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن
ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم اشهد على ما
قالوه وعلى عتقي إياهم، فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير
المؤمنين عليه السلام: هن لا يكرهن على ذلك ولكن يخيرن ما اخترنه عمل به، فأشار
جماعة إلى شهر بانويه بنت كسرى فخيرت وخوطبت من وراء الحجاب والجمع حضور فقيل لها:
من تختارين من خطابك ؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا ؟ فسكتت فقال أمير المؤمنين قد
أرادت وبقي الاختيار، فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل ؟ فقال أمير المؤمنين عليه
السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أتته كريمة قوم لا ولي لها - وقد
خطبت - يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل ؟ فإن استحيت وسكتت جعل إذنها صماتها
وأمر بتزويجها، وإن قالت: لا لم يكرهها على ما تختاره، وإن شهر بانويه اريت الخطاب
فأومأت بيدها واختارت الحسين بن علي عليهما السلام، فاعيد القول عليها في التخيير
فأشارت بيدها، وقالت: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أمير المؤمنين عليه السلام وليها،
وتكلم حذيفة بالخطبة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما اسمك ؟ فقالت: شاه زنان
بنت كسرى، قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنت شهر بانويه واختك مرواريد بنت كسرى
قالت: آريه. قال المبرد: كان اسم ام علي بن الحسين عليهما السلام سلافة من ولد
يزدجرد معروفة النسب من خيرات النساء، وقيل: خولة، ولقبه عليه السلام: ذو الثفنات
والخالص، والزاهد، والخاشع، والبكاء، والمتهجد، والرهباني، وزين العابدين وسيد
العابدين، والسجاد، وكنيته: أبو محمد، وأبو الحسن، بابه: يحيى بن أم الطويل المدفون
بواسط، قتله الحجاج لعنه الله (1).
(1) الكامل للمبرد ج 2 ص 93 طبع محمد على
صبيح بمصر سنة 1347 ه. (*)
[17]
2 - * (باب) * * (النصوص على الخصوص على
امامته والوصية إليه، وأنه دفع) * * (إليه الكتب والسلاح، غيرها، وفيه بعض الدلائل
والنكت) * 1 - لى: ابن الوليد، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أبي
نجران عن المثنى، عن محمد بن مسلم، قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن
خاتم الحسين بن علي عليهما السلام إلى من صار ؟ وذكرت له أني سمعت أنه اخذ من إصبعه
فيما اخذ، قال عليه السلام: ليس كما قالوا، إن الحسين عليه السلام أوصى إلى ابنه
علي بن الحسين عليه السلام، وجعل خاتمه في إصبعه، وفوض إليه أمره، كما فعله رسول
الله صلى الله عليه وآله بأميرالمؤمنين عليه السلام، وفعله أمير المؤمنين بالحسن
عليهما السلام، وفعله الحسن بالحسين عليهما السلام، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي عليه
السلام بعد أبيه، ومنه صار إلي فهو عندي وإني لالبسه كل جمعة واصلي فيه، قال محمد
بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي، فلما فرغ من الصلاة مد إلي يده فرأيت في
إصبعه خاتما نقشه: لا إله إلا الله عدة للقاء الله، فقال: هذا خاتم جدي أبي عبد
الله الحسين بن علي عليه السلام (1). 2 - ير: محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن
ابن سنان، عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الحسين عليه السلام لما
حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة، فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة ووصية
باطنة، وكان علي بن الحسين مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى
علي بن الحسين ثم صار ذلك الكتاب إلينا، فقلت: فما في ذلك الكتاب ؟ فقال: فيه والله
جميع ما يحتاج إليه ولد آدم إلى أن تفنى الدنيا (2).
(1) أمالى الصدوق ص 144. (2) بصائر
الدرجات في الباب الثالث عشر من الجزء الثالث.
[18]
3 - غط: الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى،
عن ربعي، عن الفضيل قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: لما توجه الحسين عليه السلام
إلى العراق، دفع إلى ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله الوصية والكتب وغير ذلك،
وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك، فلما قتل الحسين عليه
السلام أتى علي بن الحسين ام سلمة فدفعت إليه كل شئ أعطاها الحسين عليه السلام (1).
4 - قب: الدليل على إمامته عليه السلام ما ثبت أن الامام يجب أن يكون منصوصا عليه،
فكل من قال بذلك قطع على إمامته، وإذا ثبت أن الامام لابد أن يكون معصوما يقطع على
أن الامام بعد الحسين ابنه علي عليه السلام لان كل من ادعيت إمامته بعده من بني
امية والخوارج اتفقوا على نفي القطع على عصمته وأما الكيسانية وإن قالوا: بالنص فلم
يقولوا بالنص صريحا. ووجدنا ولد علي بن الحسين عليهما السلام اليوم على حداثة عصره
وقرب ميلاده أكثر عددا من قبايل جاهلية، وعماير قديمةحتى طبقوا الارض، وملؤا البلاد
وبلغوا الاطراف، فعلمنا أن ذلك من دلائله (2). 5 - عم: الكليني، عن محمد بن يحيى،
عن محمد بن الحسين، وأحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي
الجارود، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن الحسين عليه السلام لما حضره الذي
حضره دعا ابنته فاطمة الكبرى فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة، وكان على بن
الحسين مريضا لا يرون أنه يبقى بعده، فلما قتل الحسين عليه السلام ورجع أهل بيته
إلى المدينة دفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين، ثم صار ذلك الكتاب والله إلينا
يا زياد (3).
(1) غيبة الشيخ الطوسى ص 128 طبع تبريز
سنة 1323 ه. (*) العماير: جمع عميرة: البطن من القبائل، وقيل، حى عظيم يطيق
الانفراد وفى النسخة (غمائر) وهو تصحيف (ب). (2) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 275. (3)
اعلام الورى ص 152 واخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 303 بزيادة في آخره.
[19]
6 - وعنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن
محمد، عن علي بن الحكم عن ابن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: إن الحسين عليه السلام لما سار إلى العراق استودع ام سلمة رضي الله
عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين دفعتها إليه (1). 7 - قب: عن الحضرمي
مثله (2). 8 - نص: محمد بن وهبان، عن أحمد بن محمد الشرقي، عن أحمد بن الازهر عن
عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، قال: كنت عند
الحسين بن علي عليهما السلام إذ دخل علي بن الحسين الاصغر، فدعاه الحسين عليه
السلام وضمه إليه ضما، وقبل ما بين عينيه ثم قال: بأبي أنت ما أطيب ريحك ؟ وأحسن
خلقك ؟ فتداخلني من ذلك فقلت: بأبي أنت وامي يا ابن رسول الله إن كان ما نعوذ بالله
أن نراه فيك فالى من ؟ قال: علي ابني هذا هو الامام أبو الائمة قلت: يا مولاي هو
صغير السن ؟ قال: نعم، إن ابنه محمد يؤتم به وهو ابن تسع سنين ثم يطرق قال: ثم يبقر
العلم بقرا (3). بيان: كون علي الامام أصغر لا يخلو من منافرة لاكثر الاخبار الدالة
على أنه عليه السلام كان أكبر من الشهيد رضي الله عنه. قوله عليه السلام إن ابنه
محمد أي ليس بصغير وله الآن ولد مسمى بمحمد يؤتم به وهو ابن تسع سنين بيان لحال
الابن والمراد به الائتمام به قبل الامامة، ولعله إشارة إلى قصة جابر كما سيأتي. ثم
يطرق، أي يسكت ولا يتكلم حتى يصير إماما وبعده يبقر العلم بقرا. 9 - ك: ابن شاذويه،
عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على
حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم السلام فقلت: إلى من
تفزع الشيعة ؟ فقالت: إلى الجدة ام أبي
(1) اعلام الورى ص 152 واخرجه الكليني في
الكافي ج 1 ص 304. (2) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 308. (3) كفاية الاثر ص 318
بتفاوت.
[20]
محمد عليه السلام، فقلت لها: أقتدي بمن
وصيته إلى امرأة ؟ فقالت: اقتداء بالحسين بن علي عليه السلام والحسين بن علي عليه
السلام أوصى إلى اخته زينب بنت علي في الظاهر وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه
السلام من علم ينسب إلى زينب، سترا على علي ابن الحسين عليه السلام (1). اقول:
تمامه في كتاب الغيبة. 3 * (باب) * (معجزاته ومعالى اموره وغرائب شأنه صلوات الله
عليه) * 1 - لى: المفسر، عن جعفر بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، عن
سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام فجاءه رجل من
أصحابه، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: ما خبرك أيها الرجل ؟ فقال الرجل: خبري
يا ابن رسول الله أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لاقضاء عندي لها، ولي عيال
ثقال ليس لي ما أعود عليهم به، قال: فبكى علي بن الحسين عليه السلام بكاءا شديدا،
فقلت له: ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟ فقال: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن
الكبار ؟ ! قالوا: كذلك يا بن رسول الله، قال: فأية محنة ومصيبة أعظم على حر مؤمن
من أن يرى بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها، قال:
فتفرقوا عن مجلسهم ذلك، فقال بعض المخالفين - وهو يطعن على علي بن الحسين عليه
السلام -: عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السماء والارض وكل شئ يطيعهم، وأن الله لا
يردهم عن شئ من طلباتهم، ثم يعترفون اخرى بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم، فاتصل
ذلك بالرجل صاحب القصة، فجاء إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له: يا ابن رسول
الله بلغني عن
(1) كمال الدين وتمام النعمة ص 275 ضمن
حديث بتفاوت.
[21]
فلان كذا وكذا، وكان ذلك أغلظ علي من
محنتي، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فقد أذن الله في فرجك، يا فلانة احملي
سحوري وفطوري، فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل: خذهما فليس
عندنا غيرهما فان الله يكشف عنك بهما وينيلك خيرا واسعا منهما، فأخذهما الرجل ودخل
السوق لا يدري ما يصنع بهما يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله ويوسوس إليه الشيطان
أين موقع هاتين من حاجتك، فمر بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت، فقال له: سمكتك
هذه بائرة عليك وإحدى قرصتي هاتين بائرة علي فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة وتأخذ
قرصتي هذه البائرة ؟ فقال: نعم، فأعطاه السمكة وأخذ القرصة، ثم مر برجل معه ملح
قليل مزهود فيه فقال: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود
فيها ؟ قال: نعم ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال: اصلح هذه بهذا، فلما شق بطن
السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين فحمد الله عليهما فبينما هو في سروره ذلك، إذ قرع
بابه، فخرج ينظر من بالباب، فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا يقول كل واحد
منهما له: يا عبد الله جهدنا أن ناكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه
أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال ومرنت على الشقاء، قد رددنا إليك
هذا الخبز وطيبنا لك ما أخذته منا، فأخذ القرصتين منهما، فلما استقر بعد انصرافهما
عنه، قرع بابه، فإذا رسول علي بن الحسين عليه السلام فدخل فقال: إنه يقول لك: إن
الله قد أتاك بالفرج فاردد إلينا طعامنا فانه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين
بمال عظيم قضى منه دينه وحسنت بعد ذلك حاله، فقال: بعض المخالفين: ما أشد هذا
التفاوت، بينا علي ابن الحسين لا يقدر أن يسد منه فاقة إذا أغناه هذا الغناء
العظيم، كيف يكون هذا ؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟
فقال علي بن الحسين عليه السلام: هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه وآله: كيف
يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الانبياء من مكة ويرجع إليها في ليلة
واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما ؟ ! وذلك حين
هاجر منها.
[22]
ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: جهلوا
والله أمر الله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل
ثناؤه، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صيروا على المحن
والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم فجازاهم الله عزوجل بأن أوجب لهم نجح جميع
طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم (1). توضيح: يقال للشئ: أروح
وأراح إذا تغيرت ريحه، ومرن على الشئ: تعوده، والشقاء: المشقه والشدة. أقول: قال
الشيخ جعفر بن نماء في كتاب أحوال المختار: عن أبي بجير عالم الاهواز، وكان يقول
بإمامة ابن الحنفية، قال: حججت فلقيت إمامي وكنت يوما عنده فمر به غلام شاب فسلم
عليه، فقام فتلقاه وقبل ما بين عينيه وخاطبه بالسيادة، ومضى الغلام، وعاد محمد إلى
مكانه، فقلت له: عند الله أحتسب عناي فقال: وكيف ذاك ؟ قلت: لانا نعتقد أنك الامام
المفترض الطاعة تقوم تتلقى هذا الغلام وتقول له: يا سيدي ؟ فقال: نعم، هو والله
إمامي، فقلت: ومن هذا ؟ قال: علي ابن أخي الحسين عليه السلام اعلم إني نازعته
الامامة ونازعني، فقال لي: أترضى بالحجر الاسود حكما بيني وبينك ؟ فقلت: وكيف نحتكم
إلى حجر جماد فقال: إن إماما لا يكلمه الجماد فليس بإمام، فاستحييت من ذلك، وقلت:
بيني وبينك الحجر الاسود، فقصدنا الحجر وصلى وصليت، وتقدم إليه وقال: أسألك بالذي
أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الامام منا ؟ فنطق والله
الحجر وقال: يا محمد سلم الامر إلى ابن أخيك، فهو أحق به منك وهو إمامك وتحلحل (2)
حتى ظننته يسقط فأذعنت بإمامته، ودنت له بفرض طاعته ؟ قال أبو بجير: فانصرفت من
عنده وقد دنت بإمامته علي بن الحسين عليهما السلام، وتركت
(1) أمالى الصدوق ص 453 واخرجه الفتال في
روضته ص 168. (2) تحلحل عن مكانه زال.
[23]
القول بالكيسانية (1). 2 - ير: أحمد بن
محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان ابن دينار، عن عبد الله بن
عطاء التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام في المسجد فمر عمر بن عبد
العزيز، عليه شراكا فضةوكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين عليه
السلام فقال: يا عبد الله بن عطاء أترى هذا المترف ؟ إنه لن يموت حتى يلي الناس،
قال: قلت: هذا الفاسق ؟ قال: نعم فلا يلبث فيهم إلا يسيرا حتى يموت، فإذا هو مات
لعنه أهل السماء، واستغفر له أهل الارض (2). 3 - ختص (3) ير: محمد بن إسماعيل، عن
علي بن الحكم، عن مالك بن عطية عن الثمالي قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السلام
في داره وفيها شجرة فيها عصافير فانتشرت العصافير وصوتت، فقال: يا أبا حمزة أتدري
ما تقول ؟ قلت: لا، قال: تقدس ربها وتسأله قوت يومها، قال: ثم قال: يا أبا حمزة
علمنا منطق الطير و اوتينا من كل شئ (4). 4 - قب (5): حلية الاولياء بالاسناد، عن
الثمالي مثله (6). 5 - ير: محمد بن عبد الجبار، عن اللؤلؤي، عن أحمد الميثمي، عن
صالح عن أبي حمزة، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام وعصافير على الحائط
قبالته
(1) ذوب النضار لابن نما ص 292 ج 10 بحار
الانوار ط تبريز، وص 347 ج 45 الطبع الجديد من البحار.يعنى وعلى نعليه شراكان من
فضة، والشراك: سير النعل على ظهر القدم (ب). (2) البصائر الجزء الرابع آخر الباب
الثاني منه، واخرجه محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 88 بتفاوت يسير. (3)
الاختصاص ص 293. (4) بصائر الدرجات: الباب الرابع عشر من الجزء السابع. (5) مناقب
ابن شهر آشوب ج 2 ص 276 بتفاوت. (6) حلية الاولياء ج 3 ص 140 بتفاوت
[24]
يصحن فقال: يا أبا حمزة أتدري ما يقلن ؟
قال: يتحدثن، إن لهن وقتا يسألن فيه قوتهن، يا أبا حمزة لا تنامن قبل طلوع الشمس
فإني أكرهها لك، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلى أيدينا يجريها (1).
6 - ختص (2) ير: ابن أبي الخطاب، عن ابن معروف، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد بن
الحسن، عن الحسن بن محمد بن عمران، عن زرعة، عن سماعة عن أبي بصير، عن رجل قال:
خرجت مع علي بن الحسين عليه السلام إلى مكة، فلما رحلنا من الابواء (3) كان على
راحلته وكنت أمشي فرأى غنما وإذا نعجة قد تخلفت عن الغنم وهي تثغو ثغاءا شديدا
وتلتفت وإذا سخلة خلفها تثغو وتشتد في طلبها وكلما قامت السخلة ثغت النعجة فتتبعها
السخلة، فقال علي عليه السلام: يا عبد العزيز أتدري ما قالت النعجة ؟ قال: قلت: لا
والله ما أدري، قال: فانها قالت: الحقي بالغنم فإن اختها عام أول تخلفت في هذا
الموضع فأكلها الذئب (4). بيان: الثغاء بالضم صوت الغنم والظباء ونحوها. 7 - ختص
(5) ير: محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن هاشم البجلي، عن سالم بن سلمة، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين مع أصحابه في طريق مكة فمر به ثعلب
وهم يتغدون، فقال لهم علي بن الحسين: هل لكم أن تعطوني موثقا من الله لا تهيجون هذا
الثعلب ودعوه حتى يجيئني ؟ فحلفوا له
(1) بصائر الدرجات: الباب الرابع عشر من
الجزء السابع. (2) الاختصاص ص 294 وفى السند فيه سقط فلاحظ. (3) الابواء: بالفتح
فالسكون وفتح الواو وألف ممدودة: قرية من اعمال الفرع من المدينة، وبها قبر آمنة ام
النبي صلى الله عليه وآله. (4) بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع.
واخرجه محمد ابن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 88 بتفاوت في السند والمتن. (5)
الاختصاص: ص 297.
[25]
فقال: يا ثعلب تعال، قال: فجاء الثعلب حتى
أهل (1) بين يديه، فطرح عليه عرقا فولى به يأكله، قال عليه السلام: هل لكم تعطوني
موثقا ودعوه أيضا فيجيئ ؟ فأعطوه فكلح رجل منهم في وجهه، فخرج يعدو، فقال علي بن
الحسين أيكم الذي أخفر ذمتي ؟ فقال الرجل: أنا يا ابن رسول الله كلحت في وجهه ولم
أدر فأستغفر الله فسكت (2). 8 - قب: من كتاب الوسيلة بالاسناد إلى أبي عبد الله
عليه السلام مثله. (3) بيان: العرق: بالفتح العظم اكل لحمه أو العظم بلحمه،
والكلوح: العبوس 9 - ختص (4) ير: الحسن بن علي، ومحمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين
عن محمد بن علي، وعلي بن محمد الحناط، عن محمد بن سكن، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: بينا علي بن الحسين عليهما السلام مع أصحابه إذ أقبل
ظبية من الصحراء حتى قامت حذاءه وصوتت، فقال بعض القوم: يا ابن رسول الله ما تقول
هذه الظبية ؟ قال: تزعم إن فلانا القرشي أخذ خشفها بالامس، وإنها لم ترضعه من أمس
شيئا، فبعث إليه علي بن الحسين عليهما السلام: أرسل إلي بالخشف فلما رأت صوتت وضربت
بيديها ثم أرضعته، قال: فوهبه علي بن الحسين عليهما السلام لها وكلمها بكلام نحو من
كلامها، وانطلقت والخشف معها، فقالوا: يا ابن رسول الله ما الذي قالت ؟ قال: دعت
الله لكم وجزاكم بخير (5). 10 - قب: يونس الحر، عن الفتال، والقلادة عن أبي حاتم،
والوسيلة عن الملا، بالاسناد عن جابر مثله (6).
(1) أهل الثعلب: رفع صوته، القاموس. (2)
بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص
283 بتفاوت. (4) الاختصاص ص 299 بتفاوت. (5) بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من
الجزء السابع. (6) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 283.
[26]
بيان: الخشف: مثلثة ولد الظبي. 11 - ختص
(1) ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن بشير وإبراهيم ابني محمد، عن
أبيهما، عن حمران بن أعين قال: كان أبو محمد علي بن الحسين عليهما السلام قاعدا في
جماعة من أصحابه، إذ جاءته ظبية فبصبصت وضربت بيديها، فقال أبو محمد: أتدرون ما
تقول الظبية ؟ قالوا: لا، قال: تزعم أن فلان بن فلان - رجلا من قريش - اصطاد خشفا
لها في هذا اليوم وإنما جاءت إلي تسألني أن أسأله أن يضع الخشف بين يديها فترضعه،
فقال علي بن الحسين عليهما السلام لاصحابه: قوموا بنا إليه فقاموا بأجمعهم فأتوه،
فخرج إليهم قال: فداك أبي وامي ما حاجتك ؟ فقال: أسألك بحقي عليك إلا أخرجت إلي هذه
الخشف التي اصطدتها اليوم فأخرجها فوضعها بين يدي امها فارضعتها، ثم قال علي بن
الحسين عليهما السلام: أسألك يا فلان لما وهبت لي هذه الخشف ؟ قال: قد فعلت، قال:
فأرسل الخشف مع الظبية فمضت الظبية فبصبصت وحركت ذنبها فقال علي بن الحسين عليهما
السلام: أتدرون ما تقول الظبية ؟ قالوا: لا قال: إنها تقول: رد الله عليكم كل غائب
لكم، وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي (2). بيان: قال الجوهري: بصبص الكلب
وتبصبص: حرك ذنبه والتبصبص: التملق. 12 - حتص (3) ير: محمد بن عبد الله بن أحمد
الرازي، عن إسماعيل بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن عمه عبد الصمد بن علي، قال: دخل
رجل على علي بن الحسين عليهما السلام فقال له علي بن الحسين من أنت ؟ قال: أنا منجم
قال: فأنت عراف ؟ قال: فنظر إليه ثم قال: هل أدلك على رجل قد مر - مذ دخلت
(1) الاختصاص ص 297. (2) بصائر الدرجات:
الباب الخامس عشر من الجزء السابع. واخرجه محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة ص
89. (3) الاختصاص ص 319 بتفاوت.
[27]
علينا - في أربع عشر عالما، كل عالم أكبر
من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه ؟ قال: من هو ؟ قال: أنا، وإن شئت أنبأتك
بما أكلت وما ادخرت في بيتك (1). 13 - ك: ابن عصام، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن
محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه
جعفر ابن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام، إن حبابة الوالبية دعالها علي بن
الحسين عليهما السلام فرد الله عليها شبابها، وأشار إليها بإصبعه، فحاضت لوقتها،
ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة (2). 14 - يج: إن علي بن الحسين عليهما السلام
قال يوما: موت الفجاءة تخفيف المؤمن وأسف على الكافر، وإن المؤمن ليعرف غاسله
وحامله، فان كان له عند ربه خير ناشد حملته أن يعجلوا به، وإن كان غير ذلك ناشدهم
أن يقصروا به فقال ضمرة بن سمرة: إن كان كما تقول قفز من السرير وضحك وأضحك، فقال
عليه السلام اللهم إن ضمرة بن سمرة ضحك وأضحك لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله
فخذه أخذة أسف فمات فجاءة، فأتى بعد ذلك مولى لضمرة زين العابدين، فقال: آجرك الله
في ضمرة مات فجاءة، إني لاقسم لك بالله إني سمعت صوته وأنا أعرفه كما كنت أعرف صوته
في حياته في الدنيا وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة، خلا مني كل حميم وحللت بدار
الجحيم، بها مبيتي والمقيل، فقال علي بن الحسين: الله أكبر هذا أجر من ضحك وأضحك من
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله (3). بيان: قفز: أي وثب. 15 - يج: إن زين
العابدين كان يخرج إلى ضيعة له، فإذا هو بذئب أمعط أعبس قد قطع على الصادر والوارد،
فدنا منه ووعوع (4) فقال: انصرف
(1) بصائر الدرجات: الباب الثاني عشر من
الجزء الثامن. (2) كمال الدين ص 297 وفيه تصريح بالتحديث في السند. (3) الخرائج
والجرائح ص 228 بتفاوت. (4) الوعوعة، والوعواع: صوت الذئب والكلاب وبنات آوى.
القاموس.
[28]
فإني أفعل إنشاء الله، فانصرف الذئب فقيل:
ما شأن الذئب ؟ فقال: أتاني وقال: زوجتي عسر عليها ولادتها فأغثني وأغثها بأن تدعو
بتخليصها، ولك الله علي أن لا أتعرض أنا ولا شئ من نسلي لاحد من شيعتك، ففعلت (1).
ايضاح: الذئب الامعط: الذي قد تساقط شعره، والاعبس إما مأخوذ من عبوس الوجه، كناية
عن غيظه وغضبه، أو من العبس بالتحريك و [هو] ما يتعلق في أذناب الابل من أبوالها
وأبعارها فيجف عليها، يقال: أعبست الابل أي صار ذا عبس. 16 - يج: إن علي بن الحسين
عليه السلام قال: رأيت في النوم كأني اتيت بقعب لبن فشربته فأصبحت من غد فجاشت نفسي
فتقيأت لبنا قليلا ومالي به عهد منذ حين ومنذ أيام (2). 17 - يج: إن أبا بصير قال:
حدثني الباقر أن علي بن الحسين عليهما السلام قال: رأيت الشيطان في النوم فواثبني
فرفعت يدي فكسرت أنفه فأصحبت وأنا على ثوبي كرش دم (3). 18 - يج: روي أن يدي رجل
وامرأة التصقتا على الحجر وهما في الطواف وجهد كل أحد على نزعهما فلم يقدر، فقال
الناس: اقطعوهما، وبينما هم كذلك إذ دخل زين العابدين عليه السلام وقد ازدحم الناس
ففرجوا له، فتقدم ووضع يده عليهما فانحلتا وافترقتا (4). 19 - يج: روي أن الحجاج بن
يوسف كتب إلى عبد الملك بن مروان إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين عليه
السلام فكتب عبد الملك إليه: أما بعد فجنبني دماء بني هاشم واحقنها فاني رأيت آل
أبي سفيان لما أولعوا فيها لم يلبثوا إلى أن أزال الله الملك عنهم، وبعث بالكتاب
سرا أيضا فكتب علي بن الحسين عليه السلام إلى
(1) الخرائج والجرائح ص 228. (2) المصدر
نفسه. (3 و 4) لم نعثر عليهما في مظانهما رغم الفحص عنهما.
[29]
عبد الملك في الساعة التي أنفذ فيها
الكتاب إلى الحجاج: وقفت على ما كتبت في دماء بني هاشم وقد شكر الله لك ذلك، وثبت
لك ملكك، وزاد في عمرك، وبعث به مع غلام له بتاريخ الساعة التي أنفذ فيها عبد الملك
كتابه إلى الحجاج، فلما قدم الغلام أوصل الكتاب إليه فنظر عبد الملك في تاريخ
الكتاب فوجده موافقا لتاريخ كتابه، فلم يشك في صدق زين العابدين ففرح بذلك وبعث
إليه بوقر (1) دنانير وسأله أن يبسط إليه بجميع حوائجه وحوائج أهل بيته ومواليه،
وكان في كتابه عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني في النوم فعرفني
ما كتبت به إليك وما شكر من ذلك (2). 20 - يج: روي عن أبي خالد الكابلي قال: دعاني
محمد ابن الحنفية بعد قتل الحسين عليه السلام ورجوع علي بن الحسين عليهما السلام
إلى المدينة وكنا بمكة فقال: صر إلى علي بن الحسين عليه السلام وقل له: إني أكبر
ولد أمير المؤمنين بعد أخوي الحسن والحسين، وأنا أحق بهذا الامر منك، فينبغي أن
تسلمه إلي، وإن شئت فاختر حكما نتحاكم إليه، فصرت إليه وأديت رسالته، فقال: ارجع
إليه وقل له: يا عم اتق الله ولا تدع ما لم يجعله الله لك. فان أبيت فبيني وبينك
الحجر الاسود فمن أجابه الحجر فهو الامام فرجعت إليه بهذا الجواب، فقال له: قد
أجبتك، قال أبو خالد: فدخلا جميعا وأنا معهما حتى وافيا الحجر الاسود، فقال علي بن
الحسين عليهما السلام: تقدم يا عم فانك أسن فسله الشهادة لك، فتقدم محمد فصلى
ركعتين دعا بدعوات ثم سأل الحجر بالشهادة إن كانت الامامة له فلم يجبه بشئ ثم قام
علي بن الحسين عليهما السلام فصلى ركعتين ثم قال: أيها الحجر الذي جعله الله شاهدا
لم يوافي بيته الحرام من وفود عباده إن كنت تعلم أني صاحب الامر وأني الامام
المفترض الطاعة على جميع عباد الله فاشهدي ليعلم عمي أنه لا حق له في الامامة،
فأنطق الله الحجر بلسان عربي مبين، فقال: يا محمد بن علي ! سلم
(1) الوقر: بالكسر الحمل، مجمع البحرين.
(2) الخرائج والجرائج 194 بتفاوت.
[30]
الامر إلى علي بن الحسين فانه الامام
المفترض الطاعة عليك وعلى جميع عباد الله دونك ودون الخلق أجمعين، فقبل محمد ابن
الحنفية رجله وقال: الامر لك وقيل: إن ابن الحنفية إنما فعل ذلك إزاحة لشكوك الناس
في ذلك. وفي رواية اخرى: إن الله أنطق الحجر يا محمد بن علي إن علي بن الحسين حجة
الله عليك وعلى جميع من في الارض ومن في السماء مفترض الطاعة فاسمع له وأطع، فقال
محمد: سمعا وطاعة يا حجة الله في أرضه وسمائه (1). 21 - يج: روي عن جابر بن يزيد
الجعفي، عن الباقر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين جالسا مع جماعة إذا أقبلت
ظبية من الصحراء حتى وقفت قدامه فهمهمت وضربت بيدها الارض، فقال بعضهم: يا ابن رسول
الله ما شأن هذه الظيبة قد أتتك مستأنسة ؟ قال: تذكر أن ابنا ليزيد طلب عن أبيه
خشفا فأمر بعض الصيادين أن يصيد له خشفا فصاد بالامس خشف هذه الظيبة، ولم تكن قد
أرضعته، فإنها تسأل أن يحمله إليها لترضعه وترده عليه، فأرسل علي بن الحسين عليهما
السلام إلى الصياد فأحضره فقال: إن هذه الظبية تزعم أنك أخذت خشفا لها وأنك لم تسقه
لبنا منذ أخذته وقد سألتني أن أسألك أن تتصدق به عليها فقال: يا ابن رسول الله لست
أستجرئ على هذا قال: اني أسألك أن تأتي به إليها لترضعه وترده عليك، ففعل الصياد،
فلما رأته همهمت ودموعها تجري، فقال علي بن الحسين عليه السلام للصياد: بحقي عليك
إلا وهبته لها، فوهبه لها، وانطلقت مع الخشف وقال: أشهد أنك من أهل بيت الرحمة وأن
بني امية من أهل بيت اللعنة (2). 22 - كشف: من كتاب الدلايل للحميري مثله (3). 23 -
يج: روي عن بكر بن محمد، عن محمد بن علي بن الحسين، قال: خرج أبي في نفر من أهل
بيته وأصحابه إلى بعض حيطانه وأمر باصلاح سفرة، فلما
(1) المصدر السابق ص 194 بتفاوت. (2)
المصدر السابق ص 194 وهكذ ما بعده. (3) كشف الغمة ج 2 ص 309 - ط الاسلامية بطهران.
[31]
وضعت ليأكلوا أقبل ظبي من الصحراء يبغم
(1) فدنا من أبي فقالوا: يا ابن رسول الله ما يقول هذا الظبي ؟ قال: يشكو أنه لم
يأكل منذ ثلاث شيئا فلا تمسوه حتى أدعوه ليأكل معنا، قالوا: نعم فدعاه فجاء فأكل
معهم فوضع رجل منهم يده على ظهره فنفر، فقال أبي: ألم تضمنوا لي أنكم لا تمسوه ؟
فحلف الرجل أنه لم يرد به سوءا فكلمه أبي وقال للظبي: ارجع فلا بأس عليك فرجع يأكل
حتى شبع ثم بغم وانطلق، فقالوا: يا ابن رسول الله ما قال ؟ قال: دعا لكم وانصرف. 24
- قب (2) يج: روي عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت الباقر عليه السلام يقول: خدم
أبو خالد الكابلي علي بن الحسين برهة من الزمان، ثم شكا شدة شوقه إلى والدته وسأله
الاذن في الخروج إليها، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: يا كنكر إنه يقدم
علينا غدا رجل من أهل الشام له قدر وجاه ومال وابنة له قد أصابها عارض من الجن وهو
يطلب معالجا يعالجها ويبذل في ذلك ماله، فإذا قدم فصر إليه أول الناس وقل له: أنا
اعالج ابنتك بعشرة آلاف درهم، فانه يطمئن إلى قولك ويبذل في ذلك، فلما كان من الغد
قدم الشامي ومعه ابنته وطلب معالجا فقال أبو خالد: أنا اعالجها على أن تعطيني عشرة
آلاف درهم فإن أنتم وفيتم وفيت على أن لا يعود إليها أبدا، فضمن أبوها له ذلك، فقال
علي بن الحسين: إنه سيغدر بك قال: قد ألزمته، قال: فانطلق فخذ باذن الجارية اليسرى
وقل: يا خبيث يقول لك علي بن الحسين اخرج من هذه الجارية ولا تعد إليها، ففعل كما
أمره فخرج عنها وأفاقت الجارية من جنونها، فطالبه بالمال فدافعه، فرجع إلى علي بن
الحسين عليها السلام فقال له: يابا خالد ألم أقل لك إنه يغدر، ولكن سيعود إليها
فإذا أتاك فقل: إنما عاد إليها لانك لم تف بما ضمنت، فان وضعت عشرة آلاف على يد علي
ابن الحسين عليهما السلام فاني اعالجها على أن لا يعود أبدا، فوضع المال على
(1) بغام الظبية صوتها، وهى بغوم إذا صاحت
إلى ولدها بأرخم ما يكون من صوتها (مجمع البحرين، القاموس). (2) مناقب ابن شهر آشوب
ج 3 ص 286 بتفاوت كثير.
[32]
يد علي بن الحسين عليهما السلام، وذهب أبو
خالد إلى الجارية فأخذ باذنها اليسرى ثم قال: يا خبيث يقول لك علي بن الحسين: اخرج
من هذه الجارية ولا تتعرض لها إلا بسبيل خير، فانك إن عدت أحرقتك بنار الله الموقدة
التي تطلع على الافئدة، فخرج وأفاقت الجارية ولم يعد إليها، فأخذ أبو خالد المال،
وأذن له في الخروج إلى والدته، فخرج بالمال حتى قدم على والدته (1). 25 - يج: روي
أن الحجاج بن يوسف لما خرب الكعبة بسبب مقاتلة عبد الله بن الزبير، ثم عمروها فلما
اعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الاسود فكلما نصبه عالم من علمائهم، أو قاض من
قضاتهم، أو زاهد من زهادهم يتزلزل ويضطرب ولا يستقر الحجر في مكانه، فجاءه علي بن
الحسين عليهما السلام وأخذه من أيديهم وسمى الله ثم نصبه، فاستقر في مكانه، وكبر
الناس (2). ولقد الهم الفرزدق في قوله (3): يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا
ما جاء يستلم 26 - يج: روي أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما رأت ما يفعله ابن
أخيها قالت لجابر: هذا علي بن الحسين عليهما السلام بقية أبيه انخرم أنفه، وثفنت
جبهتاه وركبتاه، فعليك أن تأتيه وتدعوه إلى البقيا على نفسه، فجاء جابر بابه وإذا
ابنه محمد أقبل، قال له: أنت والله الباقر وأنا أقرئك سلام رسول الله صلى الله عليه
وآله فقال له: إنك تبقى حتى تعمى ثم يكشف عن بصرك، الخبر بتمامه (4).
(1) الخرايج والجرايح 195 بتفاوت، وأخرجه
الكشى أيضا في رجاله كما في اختيار الرجال ص 80 بتفاوت في ترجمة أبى خالد الكابلي.
(2) الخرائج والجرايح ص 195. (3) هذا البيت من قصيدة تزيد أبياتها على أربعين بيتا
قالها الفرزدق الشاعر في مدح الامام السجاد عليه السلام وقد ذكرها ما يقرب من عشرين
عالما من حفاظ السنة ومؤرخيهم وسيأتى تفصيل الكلام عن ذلك في محله ان شاء الله. (4)
لم نعثر عليه في الخرايج ولعله من السقط في المطبوعة.
[33]
27 - يج: روي، عن ظريف بن ناصح قال: لما
كانت الليلة التي خرج فيها محمد بن عبد الله بن الحسن، دعا أبو عبد الله بسفط وأخذ
منه صرة قال: هذه مائتا دينار عزلها علي بن الحسين من ثمن شئ باعه لهذا الحدث الذي
يحدث الليلة في المدينة، فأخذها ومضى من وقته إلى طيبة، وقال: هذه حادثة ينجو منها
من كان عنها مسيرة ثلاث ليال، وكانت تلك الدنانير نفقته بطيبة إلى قتل محمد بن عبد
الله (1). 28 - قب: أبو المفضل الشيباني في أماليه، وأبو إسحاق العدل الطبري في
مناقبه، عن حبابة الوالبية قالت: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام وكان بوجهي
وضح (2) فوضع يده عليه فذهب، قالت: ثم قال: يا حبابة ما على ملة إبراهيم غيرنا وغير
شيعتنا وسائر الناس منها براء (3). جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله
تعالى " هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا " فقال: يا جابر هم بنو امية ويوشك أن
لا يحس منهم من أحد يرجى ولا يخشى، فقلت: رحمك الله وإن ذلك لكائن ؟ فقال: ما أسرعه
سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه قد رأى أسبابه (4). كافي الكليني: أبو
حمزة الثمالي قال: دخلت: على علي بن الحسين عليه السلام فاحتبست في الدار ساعة، ثم
دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت:
جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو ؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة، فقلت: جعلت
فداك وإنهم
(1) كسابقه، وقد اخرجه الصفار في بصائر
الدرجات: الباب الثالث من الجزء الرابع بتفاوت، وطيبة: اسم ضيعة كانت للامام الصادق
عليه السلام ذكرها معتب مولاه في حديث له مذكور في بصائر الدرجات: الحديث الثالث من
الباب الثامن من الجزء الخامس. (2) تعنى البرص. (3 و 4) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص
276.
[34]
ليأتونكم ؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم
ليزاحمونا على متكائنا (1). أبو عبد الله بن عياش في المقتضب، عن سعيد بن المسيب في
خبر طويل، عن ام سليم صاحبة الحصى قال لي: يا ام سليم ائتيني بحصاة، فدفعت إليه
الحصاة من الارض فأخذها فجعلها كهيئة الدقيق السحيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء
ثم قالت بعد كلام: ثم ناداني يا ام سليم، قلت: لبيك قال: ارجعي فرجعت فإذا هو واقف
في صرحة داره وسطا فمد يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده
عني، ثم قال: خذي يا ام سليم فناولني والله كيسا فيه دنانير وقرط من ذهب وفصوص كانت
لي من جزع في حق لي (2) في منزلي فإذا الحق حقي (3). بيان: الصرح: القصر وكل بناء
عال. 29 - قب: كتاب الانوار: إنه عليه السلام كان قائما يصلي حتى وقف ابنه محمد
عليهما السلام وهو طفل إلى بئر في داره بالمدينة بعيدة القعر فسقط فيها فنظرت إليه
امه فصرخت وأقبلت نحو البئر تضرب بنفسها حذاء البئر وتستغيث وتقول: يا ابن رسول
الله غرق ولدك محمد، وهو لا ينثني عن صلاته، وهو يسمع اضطراب ابنه في قعر البئر
فلما طال عليها ذلك، قالت: - حزنا على ولدها - ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت رسول الله
؟ فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلا عن كمالها وإتمامها، ثم أقبل عليها وجلس على
أرجاء البئر ومد يده إلى قعرها، وكانت لا تنال إلا برشاء (4) طويل فأخرج ابنه محمدا
عليه السلام على يديه يناغي ويضحك، لم يبتل له ثوب ولا جسد بالماء، فقال: هاك يا
ضعيفة اليقين بالله، فضحكت لسلامة ولدها وبكت لقوله عليه السلام
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 277،
والحديث في الكافي ج 1 ص 393 بتفاوت. (2) الحق: من الحقة بالضم، وهى وعاء من خشب،
الجمع حق وحقوق واحقاق وحقاق (القاموس). (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 277. (4)
الرشاء: ككساء الحبل (القاموس).
[35]
يا ضعيفة اليقين بالله فقال: لا تثريب
عليك اليوم لو علمت أني كنت بين يدي جبار لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني أفمن يرى
راحما بعده (1). 30 - د: مثله، وفي آخره: أفمن ترى أرحم لعبده منه. توضيح: الارجاء
جمع الرجا وهو ناحية البئر، ويقال: ناغت الام صبيها أي لاطفته وشاغلته بالمحادثة
والملاعبة. 31 - ضه: - في خبر طويل - عن سعيد بن جبير قال أبو خالد الكابلي: أتيت
علي بن الحسين عليهما السلام على أن أسأله هل عندك سلاح رسول الله ؟ فلما بصر بي
قال: يا أبا خالد أتريد أن اريك سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت: والله يا
ابن رسول الله ما أتيت إلا لاسألك عن ذلك، ولقد أخبرتني بما في نفسي قال: نعم، فدعا
بحق كبير وسفط، فأخرج لي خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخرج لي درعه، وقال:
هذا درع رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرج إلي سيفه، وقال: هذا والله ذو الفقار،
وأخرج عمامته وقال: هذه السحاب، وأخرج رايته، وقال: هذه العقاب، وأخرج قضيبه، وقال:
هذا السكب، وأخرج نعليه، وقال: هذان نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخرج
رداءه وقال: هذا كان يرتدي به رسول الله صلى الله عليه وآله ويخطب أصحابه فيه يوم
الجمعة، وأخرج لي شيئا كثيرا، قلت: حسبي جعلني الله فداك (2). 32 - قب: العامري في
الشيصبان، وأبو علي الطبرسي في إعلام الورى (3) عبد الله بن سليمان الحضرمي - في
خبر طويل - إن غانم بن ام غانم دخل المدينة ومعه امه، وسأل هل تحسنون رجلا من بني
هاشم اسمه علي ؟ قالوا: نعم هو ذاك
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 278. (2) لم
نجد هذا الحديث في مظانه من المصدر، نعم ورد فيه قول الصادق عليه السلام ان عندي
سيف رسول الله وان عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله - الخ. (3) لم نعثر
عليه في النسختين المطبوعتين بايران قديما سنة 1312 وحديثا سنة 1379، ولعل في
المطبوعتين نقص. والا فان نسخة الام من هذا الكتاب (اعلام الورى) وهى بخط مؤلفها
كانت عند المجلسي، رحمهما الله تعالى.
[36]
فدلوني على علي بن عبد الله بن عباس فقلت
له: معي حصاة ختم عليها علي والحسن والحسين عليهم السلام وسمعت إنه يختم عليه رجل
اسمه علي فقال علي بن عبد الله بن العباس: يا عدو الله كذبت على علي بن أبي طالب
وعلى الحسن والحسين، وصار بنو هاشم يضربونني حتى أرجع عن مقالتي، ثم سلبوا مني
الحصاة فرأيت في ليلتي في منامي الحسين عليه السلام وهو يقول لي: هاك الحصاة يا
غانم وامض إلى علي ابني فهو صاحبك، فانتبهت والحصاة في يدي، فأتيت إلى علي بن
الحسين عليهما السلام فختمها وقال لي: إن في أمرك لعبرة فلا تخبر به أحدا، فقال في
ذلك غانم بن ام غانم: أتيت عليا أبتغي الحق عنده وعند علي عبرة لا احاول فشد وثاقي
ثم قال لي اصطبر كأني مخبول عراني خابل فقلت لحاك الله و الله لم أكن لاكذب في قولي
الذي أنا قائل وخلى سبيلي بعد ضنك فأصبحت مخلاة نفسي وسربي سابل فأقبلت يا خير
الانام مؤمما لك اليوم عند العالمين اسائل وقلت وخير القول من كان صادقا ولا يستوي
في الدين حق وباطل ولا يستوي من كان بالحق عالما كآخر يمسي وهو للحق جاهل فأنت
الامام الحق يعرف فضله وإن قصرت عنه النهى والفضائل وأنت وصي الاوصياء محمد أبوك
ومن نيطت إليه الوسائل (1) بيان: ثم قال لي: أي قائل أو علي بن عبد الله، والخبل
فساد العقل والجن وقال الجوهري: لحاه الله أي قبحه ولعنه انتهى، والضنك: الضيق،
والسرب - بالفتح والكسر الطريق - وبالكسر - البال والقلب والنفس، وفي البيت يحتمل
الطريق والنفس، وقوله: سابل إما بالباء الموحدة، قال الفيروز آبادي: (2) السابلة من
الطرق: المسلوكة والقوم المختلفة عليها، أو بالياء المثناة من تحت.
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 278. (2)
القاموس المحيط ج 3 ص 392.
[37]
33 - قب كتاب الارشاد (1) الزهري قال سعيد
بن المسيب: كان الناس لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجت معه
فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين سبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا معه
ففزعت منه فرفع رأسه، فقال: يا سعيد أفزعت ؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، قال: هذا
التسبيح الاعظم، وفي رواية سعيد بن المسيب: كان القراء لا يحجون حتى يحج زين
العابدين عليه السلام وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه فسبق يوما
إلى الرحل فألفيته وهو ساجد، فوالذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل
والراحلة يردون عليه مثل كلامه (2). وذكر [فصاحة] الصحيفة الكاملة عند بليغ في
البصرة فقال: خذوا عني حتى املي عليكم وأخذ القلم وأطرق رأسه فما رفعه حتى مات.
حلية أبي نعيم، وفضائل أبي السعادات: روى أبو حمزة الثمالي، ومنذر الثوري، عن علي
بن الحسين عليه السلام قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكيت عليه، فإذا رجل
عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين ! ما لي أراك كئيبا
حزينا ؟ أعلى الدنيا حزنك ؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قلت: ما على هذا حزني
وإنه لكما تقول، قال: فعلى الآخرة ؟ فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر فعلام حزنك ؟
قال: قلت: أتخوف من فتنة ابن الزبير، قال: فضحك ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت
أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ قلت: لا، قال. يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا خاف
الله فلم ينجه ؟ قلت: لا، فقال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه ؟
قلت: لا، ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد، وكان الخضر عليه السلام (3).
(1) لم نعثر عليه في نسخة الارشاد
المطبوعة بايران سنة 1308 وهى التى راجعناها في التعليق في المقام. (2) مناقب ابن
شهر آشوب ج 3 ص 279. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 279، واخرجه الراوندي في الخرايج
والجرايح ص 196.
[38]
إبراهيم بن أدهم وفتح الموصلي قال كل واحد
منهما: كنت أسيح في البادية مع القافلة، فعرضت لي حاجة فتنحيت عن القافلة، فإذا أنا
بصبي يمشي فقلت: سبحان الله بادية بيداء وصبي يمشي، فدنوت منه وسلمت عليه فرد علي
السلام فقلت له: إلى أين ؟ قال: اريد بيت ربي، فقلت: حبيبي إنك صغير ليس عليك فرض
ولا سنة، فقال: يا شيخ ما رأيت من هو أصغر سنا مني مات ؟ ! ! فقلت: أين الزاد
والراحلة، فقال: زادي تقواي، وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي، فقلت: ما أرى شيئا من
الطعام معك ؟ فقال: يا شيخ هل يستحسن أن يدعوك إنسان إلى دعوة فتحمل من بيتك الطعام
؟ قلت: لا، قال: الذي دعاني إلى بيته هو يطعمني ويسقيني، فقلت: ارفع رجلك حتى
تدركفقال: علي الجهاد وعليه الابلاغ أما سمعت قوله تعالى: " والذين جاهدوا فينا
لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " (1). قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل شاب حسن
الوجه عليه ثياب بيض حسنة فعانق الصبي وسلم عليه، فأقبلت على الشاب وقلت له: أسألك
بالذي حسن خلقك من هذا الصبي ؟ فقال: أما تعرفه ؟ هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب فتركت الشاب وأقبلت على الصبي، وقلت: أسألك بآبائك من هذا الشاب ؟ فقال: أما
تعرفه ؟ هذا أخي الخضر يأتينا كل يوم فيسلم علينا، فقلت: أسألك بحق آبائك لما
أخبرتني بما تجوز المفاوز بلا زاد ؟ قال: بل أجوز بزاد، وزادي فيها أربعة أشياء
قلت: وما هي ؟ قال: أرى الدنيا كلها بحذافيرها مملكة الله، وأرى الخلق كلهم عبيد
الله وإماءه وعياله، وأرى الاسباب والارزاق بيد الله، وأرى قضاء الله نافذا في كل
أرض الله، فقلت: نعم الزاد زادك يا زين العابدين، وأنت تجوز بها مفاوز الآخرة فكيف
مفاوز الدنيا (2).
يعنى ارفع رجلك - أو رحلك - على المركوب،
واركب مطيتي حتى تدرك الحج. (ب). (1) سورة العنكبوت الاية: 69. (3) مناقب ابن شهر
آشوب ج 3 ص 280.
[39]
في كتاب الكشي قال القاسم بن عوف في
حديثه: قال زين العابدين عليه السلام: وإياك أن تشد راحلة برحلها فان ما هنا مطلب
العلم حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث لكم غلاما من ولد فاطمة [صلوات الله
عليها] تنبت الحكمة في صدره، كما ينبت الطلالزرع، قال: فلما مضى علي بن الحسين عليه
السلام حسبنا الايام والجمع والشهور والسنين، فما زادت يوما ولا نقصت حتى تكلم محمد
الباقر عليه السلام (1). وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنه دخل عبد الله بن عمر على
زين العابدين عليه السلام وقال: يا ابن الحسين أنت الذي تقول إن يونس بن متى إنما
لقي من الحوت ما لقي لانه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها ؟ قال: بلى ثكلتك امك،
قال: فأرني أنت ذلك إن كنت من الصادقين، فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة ثم أمر
بعد ساعة بفتح أعيننا فإذا نحن على شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي
دمي في رقبتك الله الله في نفسي فقال: هيه واريه إن كنت من الصادقين. ثم قال: يا
أيتها الحوت قال: فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك
يا ولي الله، فقال: من أنت ؟ قال: أنا حوت يونس يا سيدي قال: أنبئنا بالخبر قال: يا
سيدي إن الله تعالى لم يبعث نبيا من آدم إلى أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولا
يتكلم أهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتمنع في حملها،
لقي ما لقي آدم من المعصية وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما
لقي يوسف من الجب، وما لقي أيوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة، إلى أن بعث
الله يونس فأوحى الله إليه أن: يا يونس، تول أمير المؤمنين عليا والائمة الراشدين
من صلبه - في كلام
الطل: أخف المطر وأضعفه وهو انفع للزرع من
الوابل (ب). (1) معرفة اخبار الرجال ص 83 في ترجمة القاسم بن عوف وفيه: " فان قل ما
ههنا يطلب العلم ".
[40]
له - قال: فكيف أتولى من لم أره ولم أعرفه
وذهب مغتاظا، فأوحى الله تعالى إلي أن التقمي يونس ولا توهني له عظما، فمكث في بطني
أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث ينادي أنه لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين قد قبلت ولاية علي بن أبي طالب، والائمة الراشدين من ولده، فلما أن
آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته على ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام:
ارجع أيها الحوت إلى وكرك ! واستوى الماء (1). حماد بن حبيب الكوفي القطان قال:
انقطعت عن القافلة عند زبالة (2) فلما أن أجنني الليل أويت إلى شجرة عالية، فلما
اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض يفوح منه رائحة المسك، فأخفيت
نفسي ما استطعت، فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما وهو يقول: يا من حاز كل شئ ملكوتا،
وقهر كل شئ جبروتا، أولج قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك، ثم
دخل في الصلاة فلما رأيته وقد هدأت أعضاؤه، وسكنت حركاته، قمت إلى الموضع الذي تهيأ
فيه إلى الصلاة، فإذا أنا بعين تنبع فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه فإذا بمحراب كأنه
مثل في ذلك الوقت، فرأيته: كلما مر بالآية التي فيها الوعد والوعيد يرددها بانتحاب
وحنين، فلما أن تقشع الظلام، وثب قائما وهو يقول: يا من قصده الضالون فأصابوه
مرشدا، وأمه الخائفون فوجدوه معقلا ولجأ إليه العابدون فوجدوه موئلا، متى راحة من
نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك
وطرا، ولا من حياض مناجاتك صدرا، صل على محمد وآله وافعل بي أولى الامرين بك يا
أرحم الراحمين، فخفت أن يفوتني شخصه وأن يخفى علي أمره، فتعلقت به، فقلت: بالذي
أسقط عنك هلاك التعب، ومنحك شدة لذيذ الرهب، إلا ما لحقتني منك جناح رحمة وكنف رقة
فاني ضال، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 281. (2)
زبالة: اسم موضع بطريق مكة.
[41]
اتبعني واقف أثري، فلما أن صار تحت الشجرة
أحذ بيدي وتخيل لي أن الارض يمتد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: ابشر
فهذه مكة، فسمعت الضجة ورأيت الحجةفقلت له: بالذي ترجوه يوم الازفة يوم الفاقة من
أنت ؟ فقال: إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. 35 - يج: روي عن
حماد بن حبيب القطان الكوفي قال: خرجنا سنة حجاجا فرحلنا من زبالة واستقبلتنا ريح
سوداء مظلمة فتقطعت القافلة فتهت في تلك البراري فانتهيت إلى واد قفر وجنني الليل
فأويت إلى شجرة، فلما اختلط الظلام إذا أنا بشاب عليه أطمار بيض، قلت: هذا ولي من
أولياء الله متى أحس بحركتي خشيت نفاده فأخفيت نفسي، فدنا إلى موضع فتهيأ للصلاة
وقد نبع له ماء فوثب قائما وساق الحديث نحو ما مر، وفيه: ومتى فرح من قصد غيرك
بهمته (1). بيان: تقشع الظلام وانقشع أي تصدع وانكشف. 36 - يج: كتاب المقتل قال
أحمد بن حنبل: كان سبب مرض زين العابدين عليه السلام في كربلا أنه كان لبس درعا
ففضل عنه، فأخذ الفضلة بيده ومزقه (2) أمالي أبي جعفر الطوسي قال: خرج علي بن
الحسين عليه السلام إلى مكة حاجا حتى انتهى إلى واد بين مكة والمدينة، فإذا هو برجل
يقطع الطريق قال: فقال لعلي انزل قال: تريد ماذا ؟ قال: اريد أن أقتلك وآخذ ما معك،
قال: فأنا اقاسمك ما معي واحللك، قال: فقال اللص: لا، قال: فدع معي ما أتبلغ به،
فأبى، قال فأين ربك ؟ قال: نائم، قال: فإذا أسدان مقبلان بين يديه فأخذ هذا برأسه
وهذا برجليه، قال: زعمت أن ربك عنك نائم (3).
كانه اراد جمع الحاج، اصلهما حاجج وحججة
والحديث في المصدر نفسه ص 282. (ب) (1) الخرايج والجرايح ص 195 بتفاوت. (2) مما لم
نعثر عليه في الخرايج المطبوعة. (3) امالي ابن الشيخ الطوسى الملحق بأمالى أبيه ص
605 طبع ايران سنة 1313.
[42]
37 - نبه: عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: خرج علي بن الحسين عليه السلام وذكر نحوه (1). 38 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي
بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال عن العباس بن عامر، عن أحمد بن زرق، عن يحيى بن
العلا، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (2). 39 - قب: روى أبو مخنف، عن الجلودي أنه
لما قتل الحسين عليه السلام كان علي بن الحسين نائما، فجعل رجل منهم يدافع عنه كل
من أراد به سوءا (3). 40 - نجم: ذكر محمد بن علي مؤلف كتاب الانبياء والاوصياء من
آدم عليه السلام إلى المهدي عليه السلام في حديث علي بن الحسين عليه السلام ما هذا
لفظه أو معناه: وروي أن رجلا أتى علي بن الحسين عليه السلام وعنده أصحابه، فقال له:
ممن الرجل ؟ قال: أنا منجم قائف عراف، فنظر إليه ثم قال: هل أدلك على رجل قد مر منذ
دخلت علينا في أربعة آلاف عالم قال: من هو ؟ قال: أما الرجل فلا أذكره ولكن إن شئت
أخبرتك بما أكلت وادخرت في بيتك، قال: نبئني قال: أكلت في هذا اليوم جبنا، فأما في
بيتك فعشرون دينارا منها ثلاثة دنانير وازنة، فقال له الرجل: أشهد أنك الحجة العظمى
والمثل الاعلى وكلمة التقوى، فقال له: وأنت صديق امتحن الله قلبك بالايمان وأثبت
(4). بيان: وازنة أي صحيحة الوزن بها يوزن غيرها.
(1) تنبيه الخواطر ص 326 طبع النجف وفيه
يحيى بن العلاء قال: سمعت أبا جعفر يقول خرج على بن الحسين الخ. (2) أمالى ابن
الشيخ ص 605. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 285. (4) فرج المهموم في معرفة الحلال
والحرام من علم النجوم ص 111 طبع النجف واخرج محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة
ص 91 وفيه (عام) بدل (عالم) وسبق برقم " 12 " من الباب عن الاختصاص وبصائر الدرجات
بتفاوت وبدون الذيل، فراجع.
[43]
41 - نجم: باسنادنا إلى محمد بن جرير
الطبري في كتاب الامامة قال: حضر علي بن الحسين عليه السلام الموت فقال: يا محمد أي
ليلة هذه ؟ قال: ليلة كذا وكذا قال: وكم مضى من الشهر ؟ قال: كذا وكذا، قال: إنها
الليلة التي وعدتها ودعا بوضوء فقال: إن فيه فارة، فقال بعض القوم: إنه ليهجر فقال:
هاتوا المصباح فجيئ به، فإذا فيه فارة، فأمر بذلك الماء فاهريق وأتوه بماء آخر
فتوضأ، وصلى حتى إذا كان آخر الليل توفي عليه السلام (1). 42 - كشف: من كتاب
الدلائل لعبدالله الحميري، كان علي بن الحسين عليه السلام في سفر، وكان يتغدى وعنده
رجل فأقبل غزال في ناحية يتقمم (2) وكانوا يأكلون على سفرة في ذلك الموضع، فقال له:
علي بن الحسين: ادن فكل فأنت آمن، فدنا الغزال فأقبل يتقمم من السفرة، فقام الرجل
الذي كان يأكل معه بحصاة فقذف بها ظهره، فنفر الغزال ومضى، فقال له علي بن الحسين
عليه السلام: أخفرت ذمتي ؟ لا كلمتك كلمة أبدا (3). وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن أبي خرج إلى ماله ومعنا ناس من مواليه وغيرهم فوضعت المائدة ليتغذى وجاء ظبي
وكان منه قريبا، فقال له: يا ظبي أنا علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب وامي فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله هلم إلى هذا الغذاء، فجاء الظبي حتى أكل معهم ما
شاء الله أن يأكل، ثم تنحى الظبي فقال بعض غلمانه: رده علينا، فقال لهم: لا تخفروا
ذمتي ؟ قالوا: لا، فقال له: يا ظبي أنا على بن الحسين بن على بن أبيطالب وامي فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله هلم إلى هذا الغذاء وأنت آمن في ذمتي، فجاء الظبي
حتى قام على المائدة فأكل معهم فوضع رجل من جلسائه يده على ظهره فنفر الظبي، فقال
علي بن الحسين عليهما السلام: أخفرت ذمتي ؟ لا كلمتك كلمة أبدا.
(1) فرج المهموم ص 228. (2) التقمم: هو من
قمت الشاة: أكلت، أو من تقمم: تتبع الكناسات (القاموس). (3) كشف الغمة ج 2 ص 306.
[44]
وتلكأت عليه ناقته بين جبال رضوى فأناخها
ثم أراها السوط والقضيب ثم قال: لتنطلقن أو لافعلن، فانطلقت وما تلكأت بعدها (1).
بيان: قال الفيروز آبادي: تلكاء عليه اعتل، وعنه أبطأ (2). 43 - يج (3) كشف: وروي
عن أبي عبد الله أنه التزقت يد رجل وامرأة على الحجر في الطواف، فجهد كل واحد منهما
أن ينزع يده، فلم يقدرا عليه وقال الناس: اقطعوهما ! قال: فبينا هما كذلك إذ دخل
علي بن الحسين عليهما السلام فأفرجوا له، فلما عرف أمرهما تقدم فوضع يده عليهما
فانحلا وتفرقا (4). 44 - كشف: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ولى عبد الملك
بن مروان الخلافة كتب إلى الحجاج بن يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك ابن
مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف أما بعد: فانظر دماء بني عبد المطلب
فاحقنها واجتنبها، فاني رأيت آل أبى سفيان لما ولعوا فيها لم يلبثوا إلا قليلا
والسلام، قال: وبعث بالكتاب سرا، وورد الخبر على علي بن الحسين عليه السلام ساعة
كتب الكتاب وبعث به إلى الحجاج، فقيل له (*): إن عبد الملك قد كتب إلى الحجاج كذا
وكذا وإن الله قد شكر له ذلك، وثبت ملكه وزاده برهة، قال: فكتب علي بن الحسين عليه
السلام: بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من علي بن
الحسين بن علي أما بعد: " فانك كتبت يوم كذا وكذا من ساعة كذا وكذا من شهر كذا وكذا
بكذا وكذا، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله أنبأني وخبرني، وإن الله قد شكر لك
ذلك وثبت ملكك وزادك فيه برهة " وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له على بعيره
وأمره أن يوصله إلى عبد الملك ساعة يقدم
(1) المصدر السابق ج 2 ص 307. (2) القاموس
ج 1 ص 27 الطبعة الثالثة سنة 1352 بمصر. (3) مما لم نقف عليه في الخرايج المطبوعة.
(4) كشف الغمة ج 2 ص 310.والقائل: الهاتف من الملائكة، أو هو رسول الله صلى الله
عليه وآله في المنام (ب).
[45]
عليه، فلما قدم الغلام أوصل الكتاب إلى
عبد الملك، فلما نظر في تاريخ الكتاب وجده موافقا لتلك الساعة التي كتب فيها إلى
الحجاج، فلم يشك في صدق علي ابن الحسين عليه السلام وفرح فرحا شديدا، وبعث إلى علي
بن الحسين عليه السلام بوقر راحلته دراهم ثوابا لما سره من الكتاب (1). 45 - طا: من
كتاب الدلايل (2) لمحمد بن جرير الطبري باسناده إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر
عليه السلام قال: خرج أبو محمد علي بن الحسين عليه السلام إلى مكة في جماعة من
مواليه وناس من سواهم، فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها، فلما دنا
علي بن الحسين عليه السلام من ذلك الموضع قال لمواليه: كيف ضربتم في هذا الموضع ؟
وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة وذلك يضر بهم ويضيق عليهم، فقلنا:
ما علمنا ذلك، وعمدوا إلى قلع الفسطاط، وإذا هاتف نسمع صوته ولا نرى شخصه وهو يقول:
يا ابن رسول الله لا تحول فسطاطك من موضعه فإنا نحتمل لك ذلك، وهذا اللطف قد
أهديناه إليك، ونحب أن تنال منه لنسر بذلك، فإذا جانب الفسطاط طبق عظيم وأطباق معه
فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة، فدعا أبو محمد عليه السلام من كان معه فأكل
وأكلوا من تلك الفاكهة (3). 46 - يج: مرسلا مثله (4). 47 - كش: وجدت بخط جبرئيل بن
أحمد حدثني محمد بن عبد الله بن مهران عن محمد بن علي، عن محمد بن عبد الجبار، عن
ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أبو
خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنفية دهرا، وما كان
(1) المصدر السابق ج 2 ص 311، وروى الحديث
الراوندي في الخرايج ص 194 بتفاوت. (2) دلائل الامامة ص 93. (3) الامان من اخطار
الاسفار والازمان ص 124 طبع النجف بالمطبعة الحيدرية. (4) الخرايج والجرايح ص 228
بتفاوت.
[46]
يشك في أنه إمام حتى أتاه ذات يوم، فقال
له: جعلت فداك إن لي حرمة ومودة وانقطاعا فأسألك بحرمة رسول الله صلى الله عليه
وآله وأمير المؤمنين عليه السلام إلا أخبرتني أنت الامام الذي فرض الله طاعته على
خلقه ؟ قال: فقال: يا أبا خالد حلفتني بالعظيم الامام علي بن الحسين عليهما السلام
علي وعليك وعلى كل مسلم، فأقبل أبو خالد لما أن سمع ما قاله محمد ابن الحنفية وجاء
إلى علي بن الحسين عليهما السلام فلما استأذن عليه أخبر أن أبا خالد بالباب، فأذن
له، فلما دخل عليه ودنا منه، قال: مرحبا يا كنكر ما كنت لنا بزائر ما بدا لك فينا ؟
فخر أبو خالد ساجدا شاكرا لله تعالى مما سمع من علي بن الحسين عليهما السلام فقال:
الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت إمامي، فقال له علي عليه السلام: وكيف عرفت إمامك
يا أبا خالد ؟ قال: إنك دعوتني باسمي الذي سمتني به امي التي ولدتني، وقد كنت في
عمياء من أمري، ولقد خدمت محمد ابن الحنفية عمرا من عمري ولا أشك أنه إمام، حتى إذا
كان قريبا سألته بحرمة الله تعالى وحرمة رسوله صلى الله عليه وآله وبحرمة أمير
المؤمنين عليه السلام فأرشدني إليك، وقال: هو الامام علي وعليك وعلى جميع خلق الله
كلهم، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك وسميتني باسمي الذي سمتني امي، فعلمت أنك الامام
الذي فرض الله طاعته علي وعلى كل مسلم (1) 48 - يج: مرسلا مثله وفيه وقال: ولدتني
امي فسمتني وردان، فدخل عليها والدي فقال: سميه كنكر ! ووالله ما سماني به أحد من
الناس إلى يومي هذا غيرك فأشهد أنك إمام من في الارض ومن في السماء (2). أقول: روى
الشيخ أبو جعفر بن نما في كتاب شرح الثار مثله، وقد مر في باب أحوال المختار (3).
(1) معرفة اخبار الرجال ص 79 واخرجه
السروى في مناقبه ج 3 ص 288 بتفاوت. (2) مما لم نعثر عليه في المطبوعة. (3) ذكره في
اوائل الرسالة المذكورة المسماة (ذوب النضار في شرح الثار) وقد طبعت في آخر المجلد
العاشر من البحار طبع الكمبانى وفي طبع تبريز من ص 292 والحديث المذكور فيه في أول
ص 293، وراجع ج 45 الباب 49 من طبعتنا.
[47]
49 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،
عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن الثمالي، قال: دخلت على علي بن الحسين
فاحتبست في الدار ساعة ثم دخلت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده في وراء الستر فناوله من
كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو ؟ قال: فضلة من زغب
الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سيحا لاولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم ؟
فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكأتنا (1). بيان: السيح عباءة، ومنهم [من]
قرأ سبحا بالباء الموحدة جمع السبحة. أقول: سيأتي في الابواب الآتية كثير من
الاخبار المشتملة على المعجزات ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا روي أن رجلا مؤمنا من
أكابر بلاد بلخ كان يحج البيت ويزور النبي في أكثر الاعوام، وكان يأتي علي بن
الحسين عليه السلام ويزوره ويحمل إليه الهدايا والتحف ويأخذ مصالح دينه منه، ثم
يرجع إلى بلاده فقالت له زوجته: أراك تهدي تحفا كثيرة ولا أراه يجازيك عنها بشئ،
فقال: إن الرجل الذي نهدي إليه هدايانا هو ملك الدنيا والآخرة وجميع ما في أيدي
الناس تحت ملكه لانه خليفة الله في أرضه، وحجته على عباده، وهو ابن رسول الله صلى
الله عليه وآله وإمامنا، فلما سمعت ذلك منه أمسكت عن ملامته، ثم إن الرجل تهيأ للحج
مرة اخرى في السنة القابلة، وقصد دار علي بن الحسين عليه السلام فاستأذن عليه، فأذن
له فدخل فسلم عليه وقبل يديه، ووجد بين يديه طعاما فقربه إليه وأمره بالاكل معه
فأكل الرجل، ثم دعا بطست وإبريق فيه ماء، فقام الرجل، وأخذ الابريق وصب الماء على
يدي الامام عليه السلام فقال عليه السلام: يا شيخ أنت ضيفنا فكيف تصب على يدي الماء
؟ فقال: إني احب ذلك، فقال الامام عليه السلام: لما أحببت ذلك فوالله لارينك ما تحب
وترضى وتقر به عيناك، فصب الرجل على يديه الماء حتى امتلا ثلث الطست، فقال الامام
عليه السلام: للرجل ما هذا ؟ فقال: ماء، قال الامام عليه السلام: بل
(1) الكافي ج 1 ص 393 وأخرجه الصفار في
بصائر الدرجات في الباب السابع عشر من الجزء الثاني وفيه (سنجابا) بدل (سيحا).
[48]
هو ياقوت أحمر، فنظر الرجل، فإذا هو قد
صار ياقوتا أحمر باذن الله تعالى. ثم قال عليه السلام: يا رجل صب الماء فصب حتى
امتلا ثلثا الطست فقال عليه السلام: ما هذا ؟ قال: هذا ماء، قال عليه السلام: بل
هذا زمرد أخضر فنظر الرجل فإذا هو زمرد أخضر، ثم قال عليه السلام: صب الماء فصبه
على يديه حتى امتلا الطست فقال: ما هذا ؟ فقال: هذا ماء، قال عليه السلام: بل هذا
در أبيض، فنظر الرجل إليه، فإذا هو در أبيض، فامتلا الطست من ثلاثة ألوان: در
وياقوت وزمرد فتعجب الرجل وانكب على يديه عليه السلام يقبلهما، فقال عليه السلام:
يا شيخ لم يكن عندنا شئ نكافيك على هداياك إلينا، فخذ هذه الجواهر عوضا عن هديتك،
واعتذر لنا عند زوجتك لانها عتبت علينا، فأطرق الرجل رأسه وقال: يا سيدي من أنبأك
بكلام زوجتي ؟ فلا أشك أنك من أهل بيت النبوة، ثم إن الرجل ودع الامام عليه السلام
وأخذ الجواهر وسار بها إلى زوجته، وحدثها بالقصة فسجدت لله شكرا وأقسمت على بعلها
بالله العظيم أن يحملها معه إليه عليه السلام فلما تجهز بعلها للحج في السنة
القابلة أخذها معه، فمرضت في الطريق وماتت قريبا من المدينة، فأتى الرجل الامام
عليه السلام باكيا وأخبره بموتها، فقام الامام عليه السلام وصلى ركعتين ودعا الله
سبحانه بدعوات، ثم التفت إلى الرجل، وقال له: ارجع إلى زوجتك فان الله عزوجل قد
أحياها بقدرته وحكمته وهو يحيي العظام وهي رميم، فقام الرجل مسرعا فلما دخل خيمته
وجد زوجته جالسة على حال صحتها، فقال لها: كيف أحياك الله ؟ قالت: والله لقد جاءني
ملك الموت وقبض روحي وهم أن يصعد بها، فإذا أنا برجل صفته كذا وكذا - وجعلت تعد
أوصافه عليه السلام - وبعلها يقول: نعم صدقت هذه صفة سيدي ومولاي علي بن الحسين
عليه السلام قالت: فلما رآه ملك الموت مقبلا انكب على قدميه يقبلهما ويقول: السلام
عليك يا حجة الله في أرضه، السلام عليك يا زين العابدين، فرد عليه السلام، وقال له:
يا ملك الموت أعد روح هذه المرأة إلى جسدها، فانها كانت قاصدة إلينا وإني قد سألت
ربي أن يبقيها ثلاثين سنة اخرى
[49]
ويحييها حياة طيبة لقدومها إلينا زائرة
لنا، فقال الملك: سمعا وطاعة لك يا ولي الله، ثم أعاد روحي إلى جسدي، وأنا أنظر إلى
ملك الموت قد قبل يده عليه السلام وخرج عني، فأخذ الرجل بيد زوجته وأدخلها إليه
عليه السلام وهو ما بين أصحابه، فانكبت على ركبتيه تقبلهما وهي تقول: هذا والله
سيدي ومولاي، وهذا هو الذي أحياني الله ببركة دعائه، قال: فلم تزل المرأة مع بعلها
مجاورين عند الامام عليه السلام بقية أعمارهما إلى أن ماتا رحمة الله عليهما. وروى
البرسي في مشارق الانوار أن رجلا قال: لعلي بن الحسين عليهما السلام بماذا فضلنا
على أعدائنا وفيهم من هو أجمل منا ؟ فقال له الامام عليه السلام: أتحب أن ترى فضلك
عليهم ؟ فقال: نعم، فمسح يده على وجهه وقال: انظر فنظر فاضطرب وقال: جعلت فداك ردني
إلى ما كنت فاني لم أر في المسجد إلا دبا وقردا وكلبا فمسح يده على وجهه فعاد إلى
حاله (1).
(1) مشارق انوار اليقين ص 108 طبع دار
الفكر في بيروت سنة 1379 وأخرجه الراوندي في الخرايج والجرايح ص 228.
[50]
4 - * (باب) * * " (استجابة دعائه عليه
السلام) " * 1 - ج: عن ثابت البناني (1) قال: كنت حاجا وجماعة عباد البصرة مثل أيوب
السجستاني (2) وصالح المري (3) وعتبة الغلام (4) وحبيب الفارسي (5) ومالك بن
(1) ثابت البنانى: من التابعين وقد ترجمه
أبو نعيم في حلية الاولياء ج 2 من ص 318 إلى ص 333 فقال: ومنهم المتعبد الناحل،
المتهجد الذابل، أبو محمد ثابت بن أسلم البناني. وذكر انه أسند عن غير واحد من
الصحابة منهم، ابن عمر، وابن الزبير، وشداد وأنس. وأكثر الرواية عنه، وروى عنه
جماعة من التابعين منهم: عطاء بن أبى رباح، وداود ابن أبى هند، وعلى بن زيد بن
جدعان، والاعمش وغيرهم. (2) ايوب السختياني: من التابعين قال أبو نعيم في حلية
الاولياء وقد ترجمه في ج 3 من ص 3 إلى ص 14 ومنهم فتى الفتيان، سيد العباد
والرهبان، المنور باليقين والايمان، السختيانى أيوب بن كيسان كان فقيها محجاجا،
وناسكا حجاجا، عن الخلق آيسا، وبالحق آنسا. أسند أيوب عن أنس بن مالك، وعمرو بن
سلمة الجرمى، ومن قدماء التابعين، عن أبى عثمان النهدي، وأبى رجاء العطاردي، وأبى
العالية، والحسن، وابن سيرين وأبى قلابة. وذكره الاردبيلى في جامع الرواة ج 1 ص 111
فقال: أيوب بن أبى تميمة كيسان السختيانى العنزي البصري كنيته أبو بكر مولى عمار بن
ياسر، وكان عمار مولى فهو مولى مولى وكان يحلق شعره في كل سنة مرة، فإذا طال فرق
مات بالطاعون بالبصرة سنة 131. (3) صالح المرى: هو ابن بشير وصفه أبو نعيم في
الحلية ج 6 ص 165 بقوله: القارى الدرى، والواعظ التقى، أبو بشر صالح بن بشير المرى،
صاحب قراءة وشجن ومخافة وحزن، يحرك الاخيار، ويفرك الاشرار. أسند عن الحسن، وثابت،
وقتادة، وبكر بن عبد الله المزني، ومنصور بن زاذان وجعفر بن زيد، ويزيد الرقاشى،
وميمون بن سياه، وأبان بن أبى عياش، ومحمد بن زياد، وهشام بن حسان، والجريري، وقيس
بن سعد، وخليد بن حسان في آخرين. (4) عتبة الغلام: هو الحر الهمام، المجلو من
الظلام، المكلوء بالشهادة والكلام قال عبيدالله بن محمد: عتبة الغلام هو عتبة بن
أبان بن صمعة، مات قبل أبيه. وسئل رباح القيسي عن سبب تسمية عتبة بالغلام فقال: كان
نصفا من الرجال، ولكنا كنا نسميه الغلام لانه كان في العبادة غلام رهان. استشهد
وقتل في قرية الحباب في غزو الروم. ترجمه مفصلا أبو نعيم في الحلية ج 6 من ص 226
إلى 238. (5) حبيب الفارسى: قال أبو نعيم في الحلية ج 6 ص 149: أبو محمد الفارسى من
-
[51]
دينار (1) فلما أن دخلنا مكة رأينا الماء
ضيقا، وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث ففزع إلينا أهل مكة والحجاج يسألونا أن
نستسقي لهم، فأتينا الكعبة وطفنا بها ثم سألنا الله خاضعين متضرعين بها، فمنعنا
الاجابة، فبينما نحن كذلك إذا نحن بفتى قد أقبل قد أكربته أحزانه، وأقلقته أشجانه،
فطاف بالكعبة أشواطا، ثم أقبل علينا فقال: يا مالك بن دينار، ويا ثبات البناني، ويا
أيوب السجستاني، ويا صالح المري، ويا عتبة الغلام، ويا حبيب الفارسي، ويا سعد، ويا
عمر، ويا صالح الاعمى ويا رابعة، ويا سعدانة، ويا جعفر بن سليمان، فقلنا: لبيك
وسعديك يا فتى فقال: أما فيكم أحد يحبه الرحمان ؟ فقلنا: يا فتى علينا الدعاء وعليه
الاجابة، فقال: ابعدوا من الكعبة، فلو كان فيكم أحد يحبه الرحمان لاجابه، ثم أتى
الكعبة فخر ساجدا فسمعته يقول في سجوده: سيدي بحبك لي إلا سقيتهم الغيث، قال: فما
استتم الكلام حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب، فقلت يا فتى: من أين علمت أنه يحبك ؟
قال: لو لم يحبني لم يستزرني، فلما استزارني علمت أنه يحبني فسألته بحبه لي فأجابني
ثم ولى عنا وأنشأ يقول: من عرف الرب فلم تغنه معرفة الرب فذاك الشقي ما ضر في
الطاعة ما ناله في طاعة الله وماذا لقي ما يصنع العبد بغير التقى والعز كل العز
للمتقي فقلت: يا أهل مكة من هذا الفتى ؟ قالوا: علي بن الحسين عليهما السلام ابن
علي
- ساكنى البصرة، كان صاحب المكرمات، مجاب
الدعوات، وكان سبب اقباله على الاجلة وا ؟ تقاله عن العاجلة، حضوره مجلس الحسن بن
أبى الحسن فوقعت موعظته من قلبه... وتصدق بأربعين ألفا في أربع دفعات. (1) مالك بن
دينار أبو يحيى وصفه أبو نعيم في الحلية بقوله: العارف النظار، الخائف الجبار...
كان لشهوات الدنيا تاركا، وللنفس عند غلبتها مالكا. وقد اطال في ذكره ج 2 من ص 357
إلى ص 389.
[52]
ابن أبي طالب عليهما السلام (1). بيان:
الشجن محركة الهم والحزن. 2 - قب (*): المنهال بن عمرو في خبر قال: حججت فلقيت علي
بن الحسين عليهما السلام فقال: ما فعل حرملة بن كاهل ؟ قلت: تركته حيا بالكوفة،
فرفع يديه ثم قال عليه السلام: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر النار، فتوجهت
نحو المختار، فإذا بقوم يركضون ويقولون البشارة أيها الامير، قد اخذ حرملة وقد كان
توارى عنه فأمر بقطع يديه ورجليه وحرقه بالنار (2). واصيب بالحسين عليه السلام
وعليه دين بضعة وسبعون ألف دينار، فاهتم علي بن الحسين عليهما السلام بدين أبيه حتى
امتنع من الطعام والشراب والنوم في أكثر أيامه ولياليه، فأتاه آت في المنام فقال:
لا تهتم بدين أبيك فقد قضاه الله عنه بمال بجنسفقال عليه السلام: ما أعرف في أموال
أبي مالا يقال له مال بجنس، فلما كان من الليلة الثانية رأى مثل ذلك، فسأل عنه أهله
فقالت: امرأة من أهله كان لابيك عبد رومي يقال له: بجنس استنبط له عينا بذي خشب،
فسأل عن ذلك فاخبر به فما مضت بعد ذلك إلا أيام قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبة بن
أبي سفيان إلى علي بن الحسين عليهما السلام يقول له: إنه قد ذكرت لي عين لابيك بذي
خشب تعرف ببجنس، فإذا أحببت بيعها
(1) الاحتجاج ص 172 طبع النجف.قد سقط من
نسخة الكمباني رمز قب، راجع مناقب آل أبى طالب - طبعة قم - ج 4 ص 143 و 144 (ب).
(2) خبر المنهال بن عمرو الاسدي، ذكره كثير من المؤرخين بالفاظ متقاربة، منهم أبو
مخنف في أخذ الثار، والشيخ الطوسى في أماليه، وابن شهر آشوب في المناقب، وابن نما
في ذوب النضار، وغيرهم وقد مر في ج 45 باب 49.كذا في النسخة والمصدر، والظاهر أنه
تصحيف " ماء بجيس " قال الفيروز آبادى: " ماء بجس: منبجس، وبجسة موضع أو عين
باليمامة، والبجيس: الغريزة، وقال: ذو خشب محركة موضع باليمن، فتحرر (ب).
[53]
ابتعتها منك، قال له علي بن الحسين عليهما
السلام: خذها بدين الحسين وذكره له قال: قد أخذتها، فاستثنى فيها سقي ليلة السبت
لسكينة. وكان زين العابدين عليه السلام يدعو في كل يوم أن يريه الله قاتل أبيه
مقتولا، فلما قتل المختار قتلة الحسين صلوات الله وسلامه عليه بعث برأس عبيدالله بن
زياد ورأس عمر بن سعد مع رسول من قبله إلى زين العابدين، وقال لرسوله: إنه يصلي من
الليل، وإذا أصبح وصلى صلاة الغداة هجع، ثم يقوم فيستاك ويؤتى بغدائه، فإذا أتيت
بابه فاسأل عنه فإذا قيل لك: إن المائدة وضعت بين يديه فاستأذن عليه وضع الرأسين
على مائدته، وقل له: المختار يقرأ عليك السلام ويقول لك: يا ابن رسول الله قد بلغك
الله ثأرك، ففعل الرسول ذلك، فلما رأى زين العابدين عليه السلام الرأسين على
مائدته، خر ساجدا وقال: الحمد لله الذي أجاب دعوتي وبلغني ثاري من قتلة أبي، ودعا
للمختار وجزاه خيرا. 2 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري، عن المنهال بن عمرو قال:
حججت فدخلت على علي بن الحسين، فقال لي: يا منهال ما فعل حرملة بن كاهل الاسدي ؟
قلت: تركته حيا بالكوفة، قال: فرفع يديه ثم قال: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه
حر النار، قال: فانصرفت إلى الكوفة وقد خرج بها المختار بن أبي عبيد وكان لي صديقا،
فركبت لاسلم عليه، فوجدته قد دعا بدابته فركب وركبت معه حتى أتى الكناسة فوقف وقوف
منتظر لشئ وقد كان وجه في طلب حرملة بن كاهل فاحضر فقال: الحمد لله الذي مكنني منك،
ثم دعا بالجزار فقال: اقطعوا يديه فقطعتا، ثم قال: اقطعوا رجليه، فقطعتا، ثم قال:
النار النار فاتي بطن قصب ثم جعل فيها، ثم ألهبت فيه النار حتى احترق، فقلت: سبحان
الله سبحان الله فالتفت إلي المختار، فقال: مم سبحت ؟ فقلت له: دخلت على علي بن
الحسين فسألني عن حرملة فأخبرت أني تركته بالكوفة حيا، فرفع يديه وقال: اللهم أذقه
حر الحديد، اللهم أذقه حر النار، فقال المختار: الله الله أسمعت علي بن الحسين عليه
السلام يقول هذا ؟ فقلت: الله الله لقد سمعته يقول هذا، فنزل المختار وصلى
[54]
ركعتين ثم أطال ثم سجد وأطال، ثم رفع رأسه
وذهب، ومضيت معه حتى انتهى إلى باب داري فقلت له: إن رأيت أن تكرمني بأن تنزل
وتتغدى عندي، فقال: يا منهال تخبرني أن علي بن الحسين دعا الله بثلاث دعوات فأجابه
الله فيها على يدي ثم تسألني الاكل عندك، هذا يوم صوم شكرا لله على ما وفقني له
(1). بيان: قد مر في باب أحوال المختار نقلا من مجالس الشيخ انه عليه السلام قال
مرتين: اللهم أذقه حر الحديد، ثم قال اللهم أذقه حر النار، فأشار بالمرتين إلى قطع
اليد ثم الرجل فتتم ثلاث دعوات، وعلى ما هنا يمكن أن تكون الثلاث لتضمن الدعائين
القتل أيضا. 5 * (باب) * * " (مكارم أخلاقه وعلمه، واقرار المخالف والمؤالف بفضله)
" * * " (وحسن خلقه وخلقه وصوته وعبادته) " * * (صلوات الله وسلامه عليه) * 1 - عم
(2) شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن محمد بن جعفر، وغيره قالوا: وقف على
علي بن الحسين رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه، فلم يكلمه فلما انصرف قال: لجلسائه:
لقد سمعتم ما قال هذا الرجل، وأنا احب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه،
قال: فقالوا له: نفعل ولقد كنا نحب أن يقول له ويقول، فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: "
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " فعلمنا أنه لا يقول له
شيئا. قال: فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ به فقال: قولوا له: هذا علي بن الحسين،
قال: فخرج إلينا متوثبا للشر وهو لا يشك أنه
(1) كشف الغمة ج 2 ص 312. (2) اعلام الورى
ص 154.
[55]
إنما جاء مكافئا له على بعض ما كان منه،
فقال له علي بن الحسين: يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفا فقلت وقلت، فإن كنت قلت ما
في فأستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس في فغفر الله لك، قال: فقبل الرجل بين
عينيه وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به (1). قال الراوي للحديث: والرجل هو
الحسن بن الحسن رضي الله عنه. 2 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن
سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر علي بن الحسين صلوات الله عليهما على
المجذومين وهو راكب حماره وهم يتغدون فدعوه إلى الغداء فقال: أما إني لو لا أني
صائم لفعلت، فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع، وأمر أن يتنوقوا فيه، ثم دعاهم
فتغدوا عنده وتغدى معهم (2). 3 - كا: علي بن محمد بن عبد الله القمي، عن البرقي، عن
أبيه، عن إسماعيل القصير، عمن ذكره، عن الثمالي قال: ذكر عند علي بن الحسين غلاء
السعر فقال: وما علي من غلائه، إن غلا فهو عليه، وإن رخص فهو عليه (3). 4 - تم: من
كتاب زهرة المهج بإسناده عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي عن ابن أبي يعفور، عن
الصادق عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا حضر الصلاة اقشعر جلده،
واصفر لونه، وارتعد كالسعفة (4). 5 - شا: روى الواقدي، عن عبد الله بن محمد بن عمر
بن علي عليه السلام قال: كان هشام بن إسماعيل (5) يسيئ جواري فلقي منه علي بن
الحسين عليه السلام أذى شديدا
(1) الارشاد ص 273. (2) أخرج الحديث
الامير ورام في تنبيه الخواطر ص 422 طبع النجف. (3) الكافي ج 5 ص 81. (4) فلاح
السائل ص 101 طبعة ايران سنة 1282 ه. (5) هو هشام بن اسماعيل المخزومى ولى المدينة
سنة 84 ولاه عبد الملك بن مروان وبقى واليا عليها حتى سنة 87 فعزله الوليد بن عبد
الملك عن المدينة وورد عزله فيما ذكر ليلة الاحد لسبع ليال خلون من شهر ربيع الاول
(عن الطبري باختصار)
[56]
فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس
قال: فمر به علي بن الحسين عليه السلام وقد اوقف عند دار مروان، قال: فسلم عليه،
قال: وكان علي بن الحسين عليه السلام قد تقدم إلى خاصته ألا يعرض له أحد (1). 6 -
عم (2) شا (3) قب: روي أن علي بن الحسين عليه السلام دعا مملوكه مرتين فلم يجبه،
فلما أجابه في الثالثة فقال له: يا بني أما سمعت صوتي ؟ قال: بلى: قال: فما لك لم
تجبني ؟ قال: أمنتك، قال الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني (4). 7 - شا: أبو محمد
الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن أبي نصر، عن عبد الرحمن بن صالح، عن يونس بن
بكير، عن ابن إسحاق، قال: كان بالمدينة كذا وكذا أهل بيت يأتيهم رزقهم وما يحتاجون
إليه، لا يدرون من أين يأتيهم، فلما مات علي بن الحسين عليه السلام فقدوا ذلك (5).
8 - شا: الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي نصر، عن محمد بن علي بن عبد الله عن أبيه،
عن جده عبد الله بن هارون، عن عمرو بن دينار قال: حضرت زيد بن اسامة بن زيد الوفاة
فجعل يبكي، فقال له علي بن الحسين: ما يبكيك ؟ قال: يبكيني أن علي خمسة عشر ألف
دينار، ولم أترك لها وفاء فقال له علي بن الحسين لا تبك فهي علي وأنت بري منها
فقضاها عنه (6). 9 - قب: الحلية مرسلا مثله، وفيه: محمد بن اسامة (7). 10 - فتح:
محمد بن الحسن بن داود الخراجي، عن أبيه، ومحمد بن علي بن حسن المقري، عن علي بن
الحسين بن أبي يعقوب الهمداني، عن جعفر بن محمد
(1) ارشاد المفيد ص 274. (2) اعلام الورى
ص 154. (3) الارشاد ص 275. (4) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 296. (5 و 6) الارشاد ص
275. (7) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 301 بتفاوت. وفى الحلية ج 3 ص 141.
[57]
الحسيني، عن الآمدي، عن عبد الرحمن بن
قريب، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: دخلت مع علي بن الحسين عليهما الصلاة
والسلام على عبد الملك ابن مروان، قال. فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين
عيني علي بن الحسين عليه السلام فقال: يا أبا محمد لقد بين عليك الاجتهاد، ولقد سبق
لك من الله الحسنى وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله قريب النسب وكيد
السبب، وإنك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد اوتيت من الفضل والعلم
والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلا من مضى من سلفك، وأقبل يثني عليه
ويطريه، قال: فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلما ذكرته ووصفته من فضل الله
سبحانه وتأييده وتوفيقه فأين شكره على ما أنعم يا أمير المؤمنين ؟ كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يقف في الصلاة حتى ترم قدماه، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه،
فقيل له: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فيقول صلى الله
عليه وآله: أفلا أكون عبدا شكورا، الحمد لله على ما أولى وأبلى، وله الحمد في
الآخرة والاولى، والله لو تقطعت أعضائي، وسالت مقلتاي على صدري، لن أقوم لله جل
جلاله بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادون، ولا
يبلغ حد نعمة منها على جميع حمد الحامدين، لا والله أو يراني الله لا يشغلني شئ عن
شكره وذكره، في ليل ولا نهار، ولا سر ولا علانية، ولو لا أن لاهلي علي حقا، ولسائر
الناس من خاصهم وعامهم علي حقوقا لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى
أوديها إليهم لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى الله، ثم لم أرددهما حتى يقضي
الله على نفسي وهو خير الحاكمين، وبكى عليه السلام وبكى عبد الملك وقال: شتان بين
عبد طلب الآخرة وسعى لها سعيها، وبين من طلب الدنيا من أين جاءته ماله في الآخرة من
خلاق، ثم أقبل يسأله عن حاجاته وعما قصد له فشفعه فيمن شفع، ووصله بمال.
[58]
بيان: قال الفيروز آبادي: بينته أوضحته
وعرفته فبان وبين وتبين وأبان واستبان كلها لازمة متعدية (1) وقال: العصب جفاف
الريق في الفم والفعل كضرب (2) انتهى وكلمة " أو " في قوله أو يراني الله، بمعني
إلى أن، أو إلا أن أي لا والله لا أترك الاجتهاد إلى أن يراني الله على تلك الحال.
11 - قب: كتاب الانوار إن إبليس تصور لعلي بن الحسين عليه السلام وهو قائم يصلي في
صورة أفعى له عشرة رؤس محددة الانياب، متقلبة الاعين بحمرة، فطلع عليه من جوف الارض
من موضع سجوده، ثم تطاول في محرابه، فلم يفزعه ذلك، ولم يكسر طرفه إليه، فانقض على
رؤس أصابعه يكدمها بأنيابه، وينفخ عليها من نار جوفه، وهو لا يكسر طرفه إليه، ولا
يحول قدميه عن مقامه، ولا يختلجه شك ولا وهم في صلاته ولا قراءته ؟ فلم يلبث إبليس
حتى انقض إليه شهاب محرق من السماء، فلما أحس به صرخ، وقام إلى جانب علي بن الحسين
في صورته الاولى، ثم قال: يا علي أنت سيد العابدين كما سميت وأنا إبليس، والله لقد
رأيت عبادة النبيين من عند أبيك آدم إليك، فما رأيت مثلك ولا مثل عبادتك، ثم تركه
وولى وهو في صلاته لا يشغله كلامه، حتى قضى صلاته على تمامها (3). بيان: كدمه يكدمه
عضه بأدنى فمه. 12 - كا: العدة، عن البرقي، عن ابن يزيد، عن عبد الله بن الفضل
النوفلي عن أبيه، عن أبيه، عن عمه إسحاق بن عبد الله، عن أبيه عبد اللهبن الحارث
قال: كانت لعلي بن الحسين عليه السلام قارورة مسك في مسجده، فإذا دخل إلى الصلاة
أخذ منه وتمسح به (4).
(1) القاموس المحيط ج 4 ص 204. (2) نفس
المصدر ج 1 ص 105. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 277. (*) في نسخة الكمباني " عن
عمه اسحاق بن الفضل عن أبيه عمه، عن عبد الله بن الحارث " وهو تصحيف (ب) (4) الكافي
ج 6 ص 515 وفيه قال حدثنى أبى عن أبيه.
[59]
13 - كا: العدة، عن سهل، عن الحسين بن
يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن علي بن الحسين صلوات
الله عليهما استقبله مولى له في ليلة باردة، وعليه جبة خز، ومطرف (1) خز، وعمامة خز
وهو متغلف بالغالية (2) فقال له: جعلت فداك في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى
أين ؟ قال: فقال: إلى مسجد جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أخطب الحور العين إلى
الله عزوجل (3). 14 - كا: العدة، عن البرقي، عن محمد بن علي، عن مولى لبني هاشم، عن
محمد بن جعفر، والعدة، عن سهل، عن ابن اسباط، عن مولى لبني هاشم مثله (4). 15 - كا:
علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن الثمالي قال: رأيت علي بن الحسين عليه
السلام قاعدا واضعا إحدى رجليه على فخذه، فقلت: إن الناس يكرهون هذه الجلسة
ويقولون: إنها جلسة الرب، فقال: إني إنما جلست هذه الجلسة للملالة، والرب لا يمل
ولا تأخذه سنة ولا نوم (5). 16 - كا: العدة، عن البرقي، عن محمد بن علي، عن عبد
الرحمن بن أبي هاشم، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدائني، عن أبي عبد الله عليه السلام
إن علي بن الحسين صلوات الله عليه كان يركب على قطيفة (6) حمراء (7). 17 - كا:
الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان عن عمر بن يزيد، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: مرض علي بن الحسين عليه السلام ثلاث
(1) المطرف: كمكرم رداء من خز مربع ذى
اعلام جمع مطارف (القاموس). (2) الغالية: طيب معروف (القاموس). (3) الكافي ج 6 ص
517. (4) نفس المصدر ج 6 ص 516 بتفاوت يسير. (5) نفس المصدر ج 1 ص 661. (6)
القطيفة: دثار مخمل جمع قطائف وقطف بضمتين (القاموس). (7) الكافي ج 6 ص 541، وأخرجه
البرقى في المحاسن ص 629.
[60]
مرضات في كل مرضة يوصي بوصية، فإذا أفاق
أمضى وصيته (1). 18 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن أحمد
بن عبد المنعم، عن حسين بن شداد، عن أبيه شداد بن رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن
هند، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام إن فاطمه بنت علي بن أبي طالب لما نظرت
إلى ما يفعل إبن أخيها علي بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد
الله بن عمرو بن حرام الانصاري فقالت له: يا صاحب رسول الله إن لنا عليكم حقوقا، من
حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا
على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه
وراحتاه، إدءابا منه لنفسه في العبادة، فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين
عليه السلام، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام في اغيلمة من بني هاشم قد
اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول الله صلى الله عليه وآله
وسجيته، فمن أنت يا غلام ؟ قال: فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكى جابر رضي
الله عنه، ثم قال: أنت والله الباقر عن العلم حقا ادن مني بأبي أنت، فدنا منه فحل
جابر أزراره، ووضع يده على صدره فقبله، وجعل عليه خده ووجهه وقال له: اقرئك عن جدك
رسول الله صلى الله عليه وآله السلام وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت وقال لي: يوشك
أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد يبقر العلم بقرا، وقال لي: إنك تبقى
حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك، ثم قال لي: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر على أبيه
فأخبره الخبر، وقال: إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت وكيت، فقال: يا بني ذلك جابر بن
عبد الله، ثم قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال، وفعل بك ما فعل ؟ قال: نعم،
قال: إنا لله إنه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك، ثم أذن لجابر فدخل عليه،
فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض علي عليه السلام فسأله عن حاله سؤالا
حفياثم
(1) نفس المصدر ج 7 ص 56.يقال: حفى عنه:
أكثر السؤال عن حاله، وفى النسخة " خفيا " وهو تصحيف. (ب).
[61]
أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يا
ابن رسول الله أما علمت أن الله تعالى إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار
لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك ؟ قال له علي بن الحسين عليه
السلام: يا صاحب رسول الله أما علمت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قد غفر الله
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد وتعبد - بأبي هو وامي - حتى انتفخ
الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
قال: أفلا أكون عبدا شكورا ؟ فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين عليه السلام وليس
يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يا ابن رسول الله
البقيا على نفسك فإنك من اسرة بهم يستدفع البلاء، ويستكشف اللاواء، وبهم يستمطر
السماء، فقال له: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما صلوات الله عليهما
حتى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما أرى في أولاد الانبياء بمثل
علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب عليهم السلام، والله لذرية علي بن الحسين أفضل من
ذرية يوسف بن يعقوب إن منهم لمن يملا الارض عدلا كما ملئت جورا (1). 19 - ل: المظفر
العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد ابن خالد الطيالسي، عن أبيه،
عن محمد بن زياد الازدي، عن حمزة بن حمران عن أبيه حمران بن أعين، عن أبي جعفر محمد
بن علي الباقر عليه السلام قال: كان علي ابن الحسين عليه السلام يصلي في اليوم
والليلة ألف ركعة، كما كان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام كانت له خمسمائة نخلة،
فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، وكان قيامه
في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله
عزوجل، وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبدا، ولقد صلى ذات يوم فسقط
الرداء عن أحد منكبيه فلم يسوه حتى فرغ من صلاته، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال:
ويحك أتدري بين يدي من كنت ؟ إن العبد لا تقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه
(1) أمالى ابن الشيخ المطبوع بآخر امالي
أبيه ص 407
[62]
منها بقلبه، فقال الرجل: هلكنا، فقال: كلا
إن الله عزوجل متمم ذلك بالنوافل، وكان عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل
الجراب على ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم وربما حمل على ظهره الطعام أو
الحطب حتى يأتي بابا بابا فيقرعه، ثم يناول من يخرج إليه وكان يغطي وجهه إذا ناول
فقيرا لئلا يعرفه فلما توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنه كان علي بن الحسين
عليه السلام، ولما وضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب
الابل. مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين، ولقد خرج ذات يوم وعليه
مطرف خز فتعرض له سائل فتعلق بالمطرف فمضى وتركه، وكان يشتري الخز في الشتاء وإذا
جاء الصيف باعه فتصدق بثمنه، ولقد نظر عليه السلام يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس
فقال: ويحكم أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم إنه ليرجى في هذا اليوم لما في بطون
الحبالى أن يكون سعيدا ولقد كان عليه السلام يأبى أن يواكل امه، فقيل له يا ابن
رسول الله أنت أبر الناس وأوصلهم للرحم فكيف لا تواكل امك ؟ فقال: إني أكره أن تسبق
يدي إلى ما سبقت عينها إليه، ولقد قال له رجل: يا ابن رسول الله إني لاحبك في الله
حبا شديدا، فقال: اللهم إني أعوذ بك أن احب فيك وأنت لي مبغض، ولقد حج على ناقة له
عشرين حجة فما قرعها بسوط، فلما نفقت (1) أمر بدفنها لئلا يأكلها السباع، ولقد سئلت
عنه مولاة له فقالت: اطنب وأختصر ؟ فقيل لها: بل اختصري، فقالت: ما أتيته بطعام
نهارا قط، وما فرشت له فراشا بليل قط، ولقد انتهى ذات يوم إلى قوم يغتابونه فوقف
عليهم، فقال لهم: إن كنتم صادقين فغفر الله لي، وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم،
وكان عليه السلام إذا جاءه طالب علم فقال: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه
وآله، ثم يقول: إن طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجليه على رطب ولا يابس من
الارض إلا سبحت له إلى الارضين السابعة، ولقد كان يعول مائة أهل بيت من فقراء
المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والاضراء والزمنى والمساكين الذين لا
حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان
(1) نفقت الدابة ماتت (القاموس).
[63]
منهم له عيال حمل له إلى عياله من طعامه،
وكان لا يأكل طعاما حتى يبدأ فيتصدق بمثله، ولقد كان تسقط منه كل سنة سبع ثفنات من
مواضع سجوده لكثرة صلاته وكان يجمعها فلما مات دفنت معه، ولقد بكى على أبيه الحسين
عليه السلام عشرين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له: يا ابن
رسول الله أما آن لحزنك أن ينقضي ؟ فقال له: ويحك إن يعقوب النبي عليه السلام كان
له اثنى عشر ابنا فغيب الله عنه واحدا منهم فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، وشاب
رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حيا في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي
وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني ! ! (1). توضيح
المطرف بضم الميم وفتح الراء رداء من خز مربع ذو أعلام، وقوله عليه السلام: وإنه
ليرجى أي هذا يوم فاضت رحمة الله على العباد بحيث يرجى للجنين في الرحم أن يكتب
ببركة هذا اليوم سعيدا مع أنه لا يقدر على عمل ولا سؤال يستجلب بهما الرحمة، ومع
ذلك ترجى له هذه الرحمة العظيمة، فكيف ينبغي أن يسأل من يقدر على السؤال والعمل مثل
هذا المطلب الخسيس الدنيوي من غيره تعالى، وقوله: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله
عليه وآله أي بمن أوصى به وبرعايته ويمكن الجمع بينه وبين ما مر من عدد الثفنات،
بأن السبع كانت تسقط بنفسها والعشرة كان يقطعها عليه السلام، أو أنه قد كان هكذا
وقد كان كذلك، أو لم يحسب القطع الصغار في هذا الخبر. 20 - ع: المفسر، عن علي بن
محمد بن بشار، عن محمد بن يزيد المنقري عن سفيان بن عيينة، قال: قيل للزهري: من
أزهد الناس في الدنيا ؟ قال علي بن الحسين عليه السلام حيث كان، وقد قيل له فيما
بينه وبين محمد ابن الحنفية من المنازعة في صدقات علي بن أبي طالب عليه السلام: لو
ركبت إلى الوليد بن عبد الملك ركبة لكشف
(1) الخصال ج 2 ص 100 في ذكر ثلاث وعشرين
خصلة من الخصال المحمودة التى وصف بها على بن الحسين عليه السلام.
[64]
عنك من غرر (1) شره وميله عليك بمحمد، فان
بينه وبينه خلة، قال: وكان هو بمكة والوليد بها، فقال: ويحك أفي حرم الله أسأل غير
الله عزوجل ؟ ! ! إني آنف أن أسأل الدنيا خالقها، فكيف أسألها مخلوقا مثلي ؟ ! وقال
الزهري: لا جرم إن الله عزوجل ألقى هيبته في قلب الوليد حتى حكم له على محمد ابن
الحنفية (2). 21 - ع: بهذا الاسناد عن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهري لقيت علي ابن
الحسين عليه السلام ؟ قال: نعم لقيته، وما لقيت أحدا أفضل منه، والله ما علمت له
صديقا في السر، ولا عدوا في العلانية، فقيل له: وكيف ذلك ؟ قال: لاني لم أر أحدا
وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته بفضله يحسده، ولا رأيت أحدا وإن كان يبغضه إلا
وهو لشدة مداراته له يداريه (3). 22 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، وأبو داود
جميعا، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أبي جهمة، عن جهم بن حميد، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام
إلى الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شئ إلا ما حركت الريح منه (4). 23 - كا:
محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد، عن ربعي عن الفضيل، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام إلى الصلاة تغير لونه،
فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض (5) عرقا (6). 24 - يب: محمد بن أحمد بن يحيى، عن
أحمد بن الحسن، عن محمد بن الحصين وعلي بن حدبة، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن خالد،
عن الثمالي، أن علي بن
(1) الغرر: غرر بنفسه تغريرا وتغرة كتحلة
عرضها للهلكة والاسم الغرر محركة (القاموس). (2) علل الشرايع ص 87. (3) نفس المصدر
ص 88. (4) الكافي ج 3 ص 300. (5) ارفضاض الدموع ترششها. (القاموس). (6) الكافي ج 3
ص 300.
[65]
الحسين عليهما السلام أتى مسجد الكوفة
عمدا من المدينة فصلى فيه أربع ركعات، ثم عاد حتى ركب راحلته وأخذ الطريق (1). 35 -
كا: أحمد بن محمد، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عتبة، عن عبيد ابن هارون، عن أبي
يزيد، عن حصين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام
إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير، فإذا أفطر
قال: الهم إن شئت أن تفعل فعلت (2). 26 - كا: العدة، عن سهل، عن جعفر بن محمد
الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام إن علي بن الحسين عليه السلام
كان يتزوج وهو يتعرقعرقا يأكل فما يزيد على أن يقول: الحمد لله وصلى الله على محمد
وآله، ويستغفر الله، وقد زوجناك على شرط الله (3). 27 - ع: بهذا الاسنادعن سفيان بن
عيينة قال: رأى الزهري علي بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة، وعلى ظهره دقيق
وهو يمشي فقال: يا بن رسول الله ما هذا ؟ قال: اريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى
موضع حريز فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك، فأبى، قال: أنا أحمله عنك فأني أرفعك
عن حمله فقال علي بن الحسين: لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي
على ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني، فانصرف عنه، فلما كان
بعد أيام قال له: يا ابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا قال:
(1) تهذيب الاحكام ج 6 ص 32 طبع النجف،
والذي وفقنا للاسهام في اخراجه. (2) الكافي ج 4 ص 88.العرق - بالفتح - العظم إذا
أخذت منه معظم اللحم، يقال: عرقت اللحم وأعرقته وتعرقته إذا أردت أخذ اللحم
بأسنانك، والمراد أنه كان يوقع العقد وخطبة النكاح موجزا على الخوان من غير تطويل
(ب). (3) الكافي ج 5 ص 368.يربد الاسناد الذى مر تحت الرقم: 20 (ب).
[66]
بلى يا زهري ! ليس ما ظننت، ولكنه الموت
وله أستعد، إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام وبذل الندى في الخير (1). 28 - ع: ابن
الوليد، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن
الثمالي، قال: رأيت علي بن الحسين عليه السلام يصلي فسقط رداؤه عن أحد منكبيه فلم
يسوه حتى فرغ من صلاته قال: فسألته عن ذلك فقال: ويحك أتدري بين يدي من كنت ؟ ! إن
العبد لا يقبل من صلاته إلا ما أقبل عليه منها بقلبه، وكان علي بن الحسين عليه
السلام ليخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتى
يأتي بابا بابا فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه، فلما مات علي بن الحسين عليه السلام
فقدوا ذلك فعلموا أن علي بن الحسين الذي كان يفعل ذلك (2). 29 - ع: ابن الوليد، عن
الصفار، عن أبن أبي الخطاب، عن ابن أسباط عن إسماعيل بن منصور، عن بعض أصحابنا قال:
لما وضع علي بن الحسين على السرير ليغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الابل مما كان
يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين (3). 30 - ع: عنه، عن الصفار، عن علي بن
إسماعيل، عن محمد بن عمر عن أبيه، عن علي بن المغيرة، عن أبان بن تغلب قال: قلت
لابي عبد الله عليه السلام: إني رأيت علي بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة
غشي لونه لون آخر، فقال لي: والله إن علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه
(4). 31 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، قال:
قال علي بن الحسين عليه السلام: لان أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع به لعيالي لحما
وقد قرموا إليه، أحب إلي من أن أعتق نسمة (5).
(1) علل الشرايع ص 88. (3 - 4) علل
الشرايع ص 88. (5) الكافي ج 2 ص 12.
[67]
32 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين إذا أصبح
خرج غاديا في طلب الرزق فقيل له: يا ابن رسول الله أين تذهب ؟ فقال: أتصدق لعيالي،
قيل له: أتتصدق ؟ قال: من طلب الحلال فهو من الله عزوجل صدقة عليه (1). 33 - ع: علي
بن أحمد بن محمد، عن الاسدي، عن البرمكي، عن الحسين بن الهيثم، عن عباد بن يعقوب،
عن ابن البطائني، عن أبيه، قال: سألت مولاة لعلي بن الحسين عليه السلام بعد موته
فقلت: صفي لي امور علي بن الحسين عليه السلام فقالت: أطنب أو أختصر ؟ فقلت: بل
اختصري، قالت ما أتيته بطعام نهارا قط، ولا فرشت له فراشا بليل قط (2). 34 - دعوات
الراوندي: عن الباقر عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام مرضت مرضا
شديدا فقال لي أبي عليه السلام: ما تشتهي ؟ فقلت: أشتهي أن أكون ممن لا أفترح على
الله ربي ما يدبره لي، فقال لي: أحسنت ضاهيت إبراهيم الخليل صلوات الله عليه حيث
قال جبرئيل عليه السلام: هل من حاجة ؟ فقال: لا أقترح على ربي، بل حسبي الله ونعم
الوكيل. 35 - ع: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن محمد بن حاتم عن
إسماعيل بن إبراهيم بن معمر، عن عبد العزيز بن أبي حازم قال: سمعت أبا حازم يقول:
ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن الحسين عليه السلام، وكان عليه السلام يصلي في اليوم
والليلة ألف ركعة، حتى خرج بجبهته وآثار سجوده مثل كر كرة البعير (3). بيان: قال
الجزري: الكر كرة بالكسر زور البعير الذي إذا برك أصاب الارض وهي ناتئة عن جسمه
كالقرصة. 36 - لى: الحسين بن محمد بن يحيى العلوي. عن يحيى بن الحسين بن جعفر عن
شيخ من أهل اليمن - يقال له: عبد الله بن محمد - قال: سمعت عبد الرزاق يقول: جعلت
(1) الكافي ج 2 ص 12. (2 و 3) علل الشرايع
ص 88.
[68]
جارية لعلي بن الحسين عليهما السلام تسكب
الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة، فسقط الابريق من يد الجارية على وجهه فشجه (1) فرفع
علي بن الحسين عليه السلام رأسه إليها فقالت الجارية: إن الله عزوجل يقول: "
والكاظمين الغيظ " (2) فقال لها: قد كظمت غيظي، قالت " والعافين عن الناس " قال
لها: قد عفى الله عنك، قالت: " والله يحب المحسنين " قال: اذهبي فأنت حرة (3). 37 -
شا: الحسن بن محمد العلوي، عن جده، عن شيخ من اليمن قد أتت عليه بضع وتسعون سنة، عن
عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق مثله (4). 38 - قب: كانت جارية له تسكب عليه الماء
فنعست فسقط الابريق من يدها تمام الخبر (5). 39 - لى: الهمداني، عن علي، عن أبيه،
عن ابن أبي عمير، عن معاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
بالمدينة رجل بطال يضحك الناس منه فقال: قد أعياني هذا الرجل أن اضحكه، يعني علي بن
الحسين قال: فمر علي عليه السلام وخلفه موليان له قال: فجاء الرجل حتى انتزع رداءه
من رقبته، ثم مضى، فلم يلتفت إليه علي عليه السلام، فاتبعوه وأخذوا الرداء منه
فجاؤا به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا ؟ فقالوا: هذا رجل بطال يضحك أهل المدينة،
فقال: قولوا له: إن لله يوما يخسر فيه المبطلون (6). 40 - قب: مرسلا مثله (7).
(1) الشجاج: الجراح وشجه جرحه. (2) سورة
آل عمران الاية: 134. (3) أمالى الصدوق ص 201. (4) ارشاد المفيد ص 274. (5) مناقب
ابن شهر آشوب ج 3 ص 296. (6) أمالى الصدوق ص 220. (7) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص
279.
[69]
41 - ن: الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمد
بن يحيى الصولي، عن الجوهري عن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي، عن عمه، عن الصادق عليه
السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه ويشترط
عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرة مع قوم فرآه رجل فعرفه
فقال لهم: أتدرون من هذا ؟ فقالوا: لا، قال هذا علي بن الحسين عليه السلام فوثبوا
إليه فقبلوا يده ورجله وقالوا: يا ابن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنم لو بدرت
منا إليك يد أو لسان أما كنا قد هلكنا إلى آخر الدهر ؟ فما الذي يحملك على هذا ؟
فقال: إني كنت سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله صلى الله عليه وآله ما
لا أستحق، فاني أخاف أن تعطوني مثل ذلك فصار كتمان أمري أحب إلى (1). 42 - ما:
جماعة، عن أبي المفضل، باسناده إلى شقيق البلخي عمن أخبره من أهل العلم قال: قيل
لعلي بن الحسين عليه السلام: كيف أصحبت يا ابن رسول الله ؟ قال: أصبحت مطلوبا
بثمان: الله تعالى يطلبني بالفرائض، والنبي صلى الله عليه وآله بالسنة والعيال
بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتباعه، والحافظان بصدق العمل وملك الموت
بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب (2). 43 - ج: روي أن موسى بن
جعفر عليه السلام كان حسن الصوت، حسن القراءة، وقال يوما من الايام: إن علي بن
الحسين عليه السلام كان يقرأ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته، وإن
الامام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس، قيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله
عليه وآله يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يحمل من خلفه ما يطيقون (3). 44 - كا: العدة، عن سهل، عن ابن شمون، عن علي بن
محمد النوفلي مثله (4).
(1) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 145. (2)
أمالى ابن الشيخ ص 410. (3) الاحتجاج ص 215. (4) الكافي ج 2 ص 615.
[70]
45 - كا: العدة، عن سهل، عن الحجال، عن
علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين صلوات
الله عليهما أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان السقاؤن يمرون فيقفون ببابه، يستمعون
قراءته، وكان أبو جعفر عليه السلام أحسن الناس صوتا (1). 46 - ثو: ابن الوليد، عن
الصفار، عن البرقي، عن يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام قال: قال علي بن الحسين
عليه السلام لابنه محمد عليه السلام حين حضرته الوفاة: إنني قد حججت على ناقتي هذه
عشرين حجة، فلم أقرعها بسوط قرعة فإذا نفقت فادفنها لا تأكل لحمها السباع، فان رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله
الله من نعم الجنة، وبارك في نسله فلما نفقت حفر لها أبو جعفر عليه السلام ودفنها
(2). 47 - ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي، والبرقي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن
عمران الحلبي، عن محمد الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما اتي
بعلي بن الحسين عليه السلام يزيد بن معاوية - عليهما لعائن الله - ومن معه جعلوه في
بيت فقال بعضهم: إنما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا، فراطن الحرس، فقالوا:
انظروا إلى هؤلاء يخافون أن يقع عليهم البيت وإنما يخرجون غدا فيقتلون، قال علي بن
الحسين عليه السلام: لم يكن فينا أحد يحسن الرطانة (3) غيري، والرطانة عند أهل
المدينة الرومية (4). 48 - قب: (5) سن: قال أبو عبد الله عليه السلام: كان علي بن
الحسين
(1) نفس المصدر ج 2 ص 616. (2) ثواب
الاعمال ص 46 طبع بغداد سنة 1962 وأخرجه البرقى في المحاسن ص 635. (3) الرطانة:
التكلم بالاعجمية. (4) بصائر الدرجات: أول الباب الثاني عشر من الجزء السابع. (5)
مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 301.
[71]
صلوات الله عليه يمشي مشية كأن على رأسه
الطير لا يسبق يمينه شماله (1). بيان: قال الجزري في صفة الصحابة: كأنما على رؤوسهم
الطير وصفهم بالسكون والوقار، وأنه لم يكن فيهم طيش ولا خفة لان الطير لا تكاد تقع
إلا على شئ ساكن (2). 49 - ير: ابن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن فضيل، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن علي بن الحسين عليه السلام اتي بعسل فشربه فقال:
والله إني لاعلم من أين هذا العسل ؟ وأين أرضه ؟ وإنه ليمتار من قرية كذا وكذا (3).
50 - ك: ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الاهوازي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن معمر
بن يحيى، عن أبي خالد الكابلي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: إذا بنى بنو
العباس مدينة على شاطئ الفرات كان بقاؤهم بعدها سنة (4). 51 - سن: ابن يزيد، عن ابن
أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حج علي بن الحسين صلوات
الله عليه على راحلة عشر حجج ما قرعها بسوط ولقد بركت به سنة من سنواته فما قرعها
بسوط (5). 52 - سن: بعض أصحابنا رفعه، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كان علي
بن الحسين عليه السلام إذا سافر إلى مكة للحج والعمرة، تزود من أطيب الزاد من اللوز
والسكر والسويق المحمض والمحلى. قال: وحدثني به ابن يزيد، عن محمد بن سنان، وابن
أبي عمير، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام (6). 53 - سن: محمد
بن علي، عن علي بن أسباط، عن سيابة بن ضريس، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا كان
(1) المحاسن ص 125 طبع ايران. (2) النهاية
لابن الاثير الجزرى ج 3 ص 51 طبع مصر سنة 1311. (3) بصائر الدرجات لم نقف عليه
عاجلا. (4) كمال الدين ص 368. (5) المحاسن ص 361. (6) المحاسن ص 360.
[72]
اليوم الذي يصوم فيه، يأمر بشاة فتذبح
وتقطع أعضاؤها وتطبخ، وإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو
صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان، واغرفوا لآل فلان، حتى يأتي على آخر
القدور، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه (1). 54 - قب: عنه عليه السلام مثله
(2). 55 - سن: أبي، عن أبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: كان علي ابن الحسين
عليه السلام يعجبه العنب، فكان ذات يوم صائما، فلما أفطر كان أول ما جاءت العنب،
أتته ام ولد له بعنقود فوضعته بين يديه، فجاء السائل فدفع إليه فدست إليه - أعني
إلى السائل - فاشترته منه، ثم أتته فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر فأعطاه ففعلت ام
الولد مثل ذلك، حتى فعل ثلاث مرات، فلما كان في الرابع أكله (3). 56 - سن: ابن يزيد
وابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين
عليه السلام ليبتاع الراحلة بمائة دينار يكرم بها نفسه (4). 57 - يج: روي عن داود
بن فرقد قال: ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام قتل الحسين عليه السلام وأمر ابنه
في حمله إلى الشام، فقال: إنه لما ورد إلى السجن قال بعض من فيه لبعض: ما أحسن
بنيان هذا الجدار، وكان عليه كتابة بالرومية فقرأها علي بن الحسين عليه السلام
فتراطن الروم بينهم وقالوا: ما في هؤلاء من هو أولى بدم المقتول من هذا ؟ يعنون علي
بن الحسين عليه السلام (5).
(1) المحاسن ص 369. (2) مناقب ابن شهر
آشوب ج 3 ص 294 بتفاوت يسير. (3) المحاسن ص 547. (4) المحاسن ص 639. (5) لم نعثر
عليه في الخرايج والجرايح، وأخرجه الصفار في بصائر الدرجات باب 12 ج 7.
[73]
58 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد العلوي،
عن جده، عن محمد بن ميمون البزاز، عن سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب الزهري قال:
حدثنا علي بن الحسين عليه السلام وكان أفضل هاشمي أدركناه قال: أحبونا حب الاسلام،
فما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا (1). بيان: لعل المراد النهي عن الغلو، أي
أحبونا حبا يكون موافقا لقانون الاسلام ولا يخرجكم عنه، ولا زال حبكم كان لنا حتى
أفرطتم وقلتم فينا ما لا نرضى به، فصرتم شينا وعيبا علينا، حيث يعيبوننا الناس بما
تنسبون إلينا. 59 - شا: الحسن بن محمد بن يحيى [عن جده، عن إدريس بن محمد بن
يحيى]بن عبد الله بن الحسن، وأحمد بن عبد الله بن موسى، وإسماعيل ابن يعقوب جميعا،
عن عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده قال: كانت امي فاطمة بنت الحسين عليه السلام
تأمرني أن أجلس إلى خالي علي بن الحسين عليه السلام، فما جلست إليه قط إلا قمت بخير
قد أفدته، إما خشية لله تحدث لله في قلبي لما أرى من خشيته لله، أو علم استفدته منه
(2). بيان: قال الفيروز آبادي: أفدت المال استفدته وأعطيته ضد (3). 60 - شا: روى
أبو معمر، عن عبد العزيزبن أبي حازم، قال: سمعت أبي يقول: ما رأيت قط هاشميا أفضل
من علي بن الحسين عليه السلام (4). 61 - عم (5) شا: محمد بن الحسين، عن عبد الله بن
محمد القرشي، قال: كان
(1) ارشاد المفيد ص 271 وأخرجه أبو نعيم
في حلية الاولياء ج 3 ص 136 بتفاوت (*) ما بين العلامتين ساقط من النسخة، راجع ص
238 من الارشاد طبع دار الكتب (ب). (2) نفس المصدر ص 271. (3) القاموس المحيط ج 1 ص
325.في النسخة " عبد الله بن أبى حازم " وما جعلناه في الصلب موافق للمصدر ص 238
كما مر عن علل الشرائع تحت الرقم: 35. (4) الارشاد ص 271. (5) اعلام الورى ص 153
مرسلا.
[74]
علي بن الحسين عليه السلام إذا توضأ اصفر
لونه، فيقول له أهله: ما الذي يغشاك ؟ فيقول: أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه ؟
(1). 62 - عم (2) شا: روى عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: كان علي بن الحسين يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وكانت الريح تميله بمنزلة
السنبلة (3). 63 - شا: روى سفيان الثوري، عن عبيدالله بن عبد الرحمان بن وهب قال:
ذكر لعلي بن الحسين عليه السلام فضله فقال: حسبنا أن نكون من صالحي قومنا (4). 64 -
ما: ابن عبدون، عن علي عن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن
أحمد بن زرق، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين
عليه السلام يقول: ما تجرعت جرعة غيظ أحب إلي من جرعة غيظ أعقبها صبرا، وما احب أن
لي بذلك حمر النعم قال: وكان يقول: الصدقة تطفئ غضب الرب قال: وكان لا تسبق يمينه
شماله، وكان يقبل الصدقة قبل ! أن يعطيها السائل، قيل له: ما يحملك على هذا ؟ قال:
فقال: لست اقبل يد السائل إنما اقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي قبل أن تقع في يد
السائل، قال: ولقد كان يمر على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها
بيده عن الطريق، قال: ولقد مر بمجذومين فسلم عليهم وهم يأكلون، فمضى ثم قال: إن
الله لا يحب المتكبرين، فرجع إليهم فقال: إني صائم وقال: ائتوني بهم في المنزل،
قال: فأتوه فأطعمهم ثم أعطاهم (5). 65 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، عن
جده، عن أبي محمد الانصاري عن محمد بن ميمون البزاز، عن الحسين بن علوان، عن أبي
علي بن زياد بن رستم
(1) الارشاد ص 271. (2) اعلام الورى ص 153
مرسلا. (3 و 4) الارشاد ص 272. (5) امالي ابن الشيخ الطوسى ص 604.
[75]
عن سعيد بن كلثوم، قال: كنت عند الصادق
جعفر بن محمد عليه السلام، فذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأطراه
ومدحه بما هو أهله، ثم قال: والله ما أكل علي ابن أبي طالب من الدنيا حراما قط حتى
مضى لسبيله، وما عرض له أمران قط هما لله رضا إلا أخذ بأشدهما عليه في دينه، وما
نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله نازلة قط إلا دعاه ثقة به، وما أطاق عمل رسول
الله صلى الله عليه وآله من هذه الامة غيره، وإن كان ليعمل عمل رجل كأن وجهه بين
الجنة والنار، يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب
وجه الله والنجاة من النار، مما كد بيديه ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله
بالزيت والخل والعجوة، وما كان لباسه إلا الكرابيس إذا فضل شئ عن يده من كمه دعا
بالجلم (1) فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه
من علي بن الحسين عليه السلام، ولقد دخل أبو جعفر ابنه عليه فإذا هو قد بلغ من
العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه، وقد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء،
ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وقد ورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة،
فقال أبو جعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له،
فإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف
التي فيها عبادة علي ابن أبي طالب عليه السلام فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثم
تركها من يده تضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
بيان: رمضت أي احترقت (3). 66 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن سلمة بن
شبيب، عن
(1) الجلم: والجلمان بلفظ التثنية، آلة
كالمقص لجلم الصوف (المنجد). (2) الارشاد ص 272. (3) من المظنون قويا ان يكون
(رمصت) من الرمص محركة وسخ أبيض يجتمع في موق العين فان سال فهو غمص، وان جهد فهو
رمص، وقد رمصت عينه بالكسر من باب تعب (المجمع).
[76]
عبيدالله بن محمد التيمي، قال: سمعت شيخا
من عبد القيس يقول: قال طاوس: دخلت الحجر في الليل فإذا علي بن الحسين عليه السلام
قد دخل فقام يصلي، فصلى ما شاء الله ثم سجد قال: فقلت: رجل صالح من أهل بيت الخير
لاستمعن إلى دعائه، فسمعته يقول في سجوده: " عبيدك بفناءك، مسكينك بفناءك، فقيرك
بفناءك، سائلك بفناءك قال طاووس: فما دعوت بهن في كرب إلا فرج عني (1). 67 - شا:
أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن عمار، عن عبد الله بن بكير عن زرارة، قال: سمع
سائل في جوف الليل وهو يقول: أين الزاهدون في الدنيا، أين الراغبون في الآخرة، فهتف
به هاتف من ناحية البقيع نسمع صوته ولا نرى شخصه: ذاك علي بن الحسين عليه السلام
(2). 68 - قب: عن زرارة مثله (3). 69 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن
أحمد بن محمد بن الرافعي عن إبراهيم بن علي، عن أبيه، قال: حججت مع علي بن الحسين
عليهما السلام فالتاثت الناقة عليه في سيرها، فأشار إليها بالقضيب، ثم قال: آه لو
لا القصاص ورد يده عنها (4). بيان: الالتياث الابطاء. 70 - شا: بهذا الاسناد، قال:
حج علي بن الحسين عليه السلام ماشيا، فسار عشرين يوما من المدينة إلى مكة (5). 71 -
شا: روى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال: لم ادرك أحدا من أهل هذا البيت - يعني
بيت النبي صلى الله عليه وآله - أفضل من علي بن الحسين عليه السلام (6). 72 - شا:
أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي يونس محمد بن أحمد، عن أبيه وغير واحد من
أصحابنا أن فتى من قريش جلس إلى سعيد بن المسيب
(1 و 2) الارشاد ص 272. (3) مناقب ابن شهر
آشوب ج 3 ص 289 بتفاوت يسير. (4 - 6) الارشاد ص 273.
[77]
فطلع علي بن الحسين عليه السلام: فقال
القرشي لابن المسيب: من هذا يا أبا محمد ؟ فقال: هذا سيد العابدين علي الحسين بن
علي بن أبي طالب عليه السلام (1). 73 - فتح: ذكر محمد بن أبي عبد الله - من رواة
أصحابنا في أماليه - عن عيسى بن جعفر، عن العباس بن أيوب، عن أبي بكر الكوفي، عن
حماد بن حبيب العطار الكوفي، قال: خرجنا حجاجا فرحلنا من زبالة ليلا، فاستقبلتنا
ريح سوداء مظلمة، فتقطعت القافلة فتهت في تلك الصحاري والبراري فانتهيت إلى واد
قفر، فلما أن جن الليل أويت إلى شجرة عادية، فلما أن اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد
أقبل عليه أطمار بيض، تفوح منه رائحة المسك، فقلت في نفسي: هذا ولي من أولياء الله
متى ما أحس بحركتي خشيت نفاره وأن أمنعه عن كثير مما يريد فعاله، فأخفيت نفسي ما
استطعت، فدنا إلى الموضع فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما وهو يقول: يا من أحاز كل شئ
ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، أولج قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين
لك، قال: ثم دخل في الصلاة، فلما أن رأيته قد هدأت أعضاؤه، وسكنت حركاته، قمت إلى
الموضع الذي تهيأ للصلاة فإذا بعين تفيض بماء أبيض فتهيأت للصلاة، ثم قمت خلفه،
فإذا أنا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت، فرأيته كلما مر بآية فيها ذكر الوعد
والوعيد يرددها بأشجان الحنين، فلما أن تقشع الظلام وثب قائما وهو يقول: يا من قصده
الطالبون فأصابوه مرشدا، وأمه الخائفون فوجدوه متفضلا، ولجأ إليه العابدون فوجدوه
نوالا، متى راحة من نصب لغيرك بدنه، ومتى فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع
الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا، ولا من حاض مناجاتك مدرا، صل محمد على محمد وآله،
وافعل بي أولى الامرين بك يا أرحم الراحمين، فخفت أن يفوتني شخصه، وأن يخفى علي
أثره فتعلقت به، فقلت له: بالذي أسقط عنك ملال التعب، ومنحك شدة شوق لذيذ الرعب إلا
ألحقتني منك جناح رحمة، وكنف (2) رقة ؟ فاني ضال، وبغيتي
(1) الارشاد ص 273. (2) الكنف: محركة
الجانب، الظل، يقال أنت في كنف الله أي في حرزه ورحمته.
[78]
كلما صنعت، ومناي كلما نطقت، فقال: لو صدق
توكلك ما كنت ضالا، ولكن اتبعني واقف أثري، فلما أن صار بجنب الشجرة أخذ بيدي فخيل
إلي أن الارض تمد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: ابشر فهذه مكة، قال:
فسمعت الضجة ورأيت المحجة، فقلت: بالذي ترجوه يوم الآزفة ويوم الفاقة، من أنت ؟
فقال لي: أما إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم
أجمعين (1). 74 - قب: عن حماد بن حبيب مثله (2). 75 - قب: في زهده عليه السلام حلية
الاولياء (3) وفضائل الصحابة: كان علي ابن الحسين إذا فرغ من وضوء الصلاة وصار بين
وضوئه وصلاته أخذته رعدة ونفضة فقيل له في ذلك فقال: ويحكم أتدرون إلى من أقوم ؟ !
ومن اريد اناجي ؟. وفي كتبنا: أنه كان إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له في ذلك فقال:
أتدرون من أتأهب للقيام بين يديه. طاوس الفقيه: رأيت في الحجر زين العابدين عليه
السلام يصلي ويدعو " عبيدك ببابك، أسيرك بفناءك، مسكينك بفناءك، سائلك بفناءك، يشكو
إليك ما لا يخفى عليك ". وفي خبر: لا تردني عن بابك. وأتت فاطمة بنت علي بن أبي
طالب عليهم السلام إلى جابر بن عبد الله، فقالت له: يا صاحب رسول الله صلى الله
عليه وآله إن لنا عليكم حقوقا ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا
أن تذكروه الله، وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين
قد انخرم أنفهونقبت جبهته وركبتاه وراحتاه أذاب نفسه في العبادة، فأتى جابر إلى
بابه واستأذن، فلما دخل عليه وجده في
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 283. (2)
مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 289. (3) حلية الاولياء ج 3 ص 132.يقال: انخرم أنفه: أي
انشقت وترته، فهو أخرم، وفى النسخة: انخرم نفسه " وهو تصحيف.
[79]
محرابه قد أنضته (1) العبادة، فنهض علي
فسأله عن حاله سؤالا حفيا، ثم أجلسه بجنبه، ثم أقبل جابر يقول: يا ابن رسول الله
أما علمت أن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم،
فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك ؟ ! فقال له علي بن الحسين: يا صاحب رسول الله أما
علمت أن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر، فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد - بأبي هو وامي - حتى انتفخ الساق وورم القدم،
وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: أفلا أكون
عبدا شكورا، فلما نظر إليه جابر وليس يغني فيه قول، قال: يا ابن رسول الله البقيا
على نفسك فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء، وبهم تستكشف اللاواء، وبهم تستمسك السماء
فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما حتى ألقاهما، فأقبل جابر على من
حضر فقال لهم: ما رؤي من أولاد الانبياء مثل علي بن الحسين، إلا يوسف بن يعقوب
والله لذرية علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف (2). مصباح المتهجد: كان له خريطة
فيها تربة الحسين عليه السلام، وكان لا يسجد إلا على التراب (3). تهذيب الاحكام:
الصادق عليه السلام، كان علي بن الحسين إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ؟ فإذا سجد لم
يرفع رأسه حتى يرفع عرقا (4). الباقر عليه السلام كان علي بن الحسين يصلي في اليوم
والليلة ألف ركعة
(1) الانضاء: الابلاء ورجل انضته العبادة
أبلته وأهزلته. (2) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 289. (3) مصباح المتهجد ص 511
والموجود فيه غير ما في الاصل والذي فيه " وروى معاوية ابن عمار قال كان لابي عبد
الله عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبى عبد الله عليه السلام فكان إذا
حضرت الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه " وأين هذا مما نقله المجلسي - ره - بتوسط
المناقب عن مصباح المتهجد ؟ ثم ان بين المناقب وبين مصباح المتهجد تفاوت فلاحظ. (4)
تهذيب الاحكام ج 2 ص 286 وأخرجه الكليني في الكافي ج 3 ص 300.
[80]
وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة، وكانت
له خمسمائة نخلة، فكان يصلي عند كل نخلة ركعتين، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه
لون آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كان أعضاؤه
ترتعد من خشية الله وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبدا. وروي أنه كان
إذا قام إلى الصلاة تغير لونه، وأصابته رعدة، وحال أمره، فربما سأله عن حاله من لا
يعرف أمره في ذلك، فيقول: إني اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم، وكان إذا وقف في
الصلاة لم يشتغل بغيرها، ولم يسمع شيئا لشغله بالصلاة. وسقط بعض ولده في بعض
الليالي فانكسرت يده، فصاح أهل الدار، وأتاهم الجيران، وجيئ بالمجبر فجبر الصبي وهو
يصيح من الالم، وكل ذلك لا يسمعه فلما أصبح رأى الصبي يده مربوطة إلى عنقه، فقال:
ما هذا ؟ فأخبروه. ووقع حريق في بيت هو فيه ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله
النار النار، فما رفع رأسه حتى اطفئت، فقيل له بعد قعوده: ما الذي ألهاك عنها ؟
قال: ألهتني عنها النار الكبرى. الاصمعي: كنت أطوف حول الكعبة ليلة، فإذا شاب ظريف
الشمائل وعليه ذؤابتان، وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: " نامت العيون، وعلت
النجوم وأنت الملك الحي القيوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك
مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلي برحمتك يا أرحم الراحمين " ثم أنشأ يقول: يا من
يجيب دعا المضطر في الظلم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت
قاطبة وأنت وحدك يا قيوم لم تنم أدعوك رب دعاء قد أمرت به فارحم بكائي بحق البيت
والحرم إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالنعم (1)
(1) هذه الابيات أنشدها الامام زين
العابدين عليه السلام ولم ينشئها. إذ أن البيت الاول والثانى والرابع منها عين ما
ورد من شعر منازل الذى فلج نصفه وشل بسبب دعاه أبيه -
[81]
قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدين عليه
السلام. طاووس الفقيه: رأيته يطوف من العشاء إلى سحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق
السماء بطرفه، وقال: إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتحات
للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد صلى الله عليه وآله في عرصات
القيامة، ثم بكى وقال: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك
وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي نفسي وأعانني على
ذلك سترك المرخى به علي، فالآن من عذابك من يستنقذني ؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك
عني ؟ فواسوأتاه غدا من الوقوف بين يديك، إذا قيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا،
أمع المخفين أجوز ؟ أم مع المثقلين أحط ؟ ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب،
أما آن لي أن أستحي من ربي ؟ ! ثم بكى وأنشأ يقول: أتحرقني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي ثم أين محبتي أتيت بأعمال قباح زرية وما في الورى خلق جنى كجنايتي -
عليه عند البيت الحرام. ولما تضرع منازل
إلى أبيه بالعفو عنه وأقنعه باتيان البيت الحرام ليستغفر له ونفرت به الناقة في
الطريق وهلك، جاء منازل إلى البيت مستغيثا ومستجيرا فكان من قوله في جوف الليل: يا
من يجيب دعا المضطر في الحرم يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت
وانتبهوا يدعو وعينك يا قيوم لم تنم هب لى بجودك فضل العفو عن جرمى يا من أشار إليه
الخلق في الحرم ان كان عفوك لا يلقاه ذو سرف فمن يجود على العاصين بالنعم فسمعه
الامام أمير المؤمنين عليه السلام وأغاثه وعلمه الدعاء المعروف بدعاء (المشلول).
وقد ذكر الحديث كله والشعر والدعاء العلامة المجلسي - ره - في المجلد التاسع من
البحار ص 562 طبح الكمبانى نقلا عن مهج الدعوات ويوجد فيه في ص 151 طبع ايران سنة
1323.
[82]
ثم بكى وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى،
وتحلم كأنك لم تعص تتودد إلى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم، وأنت يا سيدي
الغني عنهم ثم خر إلى الارض ساجدا ؟ قال: فدنوت منه وشلت برأسه ووضعته على ركبتي
وبكيت حتى جرت دموعي على خده، فاستوى جالسا وقال: من الذي أشغلني عن ذكر ربي ؟
فقلت: أنا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع ؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل
هذا ونحن عاصون جانون، أبوك الحسين بن علي وامك فاطمة الزهراء، وجدك رسول الله صلى
الله عليه وآله ! ؟ قال: فالتفت إلي وقال: هيهات هيهات يا طاوس دع عني حديث أبي
وامي وجدي خلق الله الجنة لمن أطاعه وأحسن، ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن
عصاه ولو كان ولدا قرشيا أما سمعت قوله تعالى " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم
يومئذ ولا يتساءلون " (1) والله لا ينفعك غدا إلا تقدمة تقدمها من عمل صالح (2).
بيان: قوله عليه السلام: زرية بتقديم المعجمة من قولهم زرى عليه أي عابه وعاتبه
وشلت بالشئ بضم الشين أي رفعته. 76 - قب: وكفاك من زهده الصحيفة الكاملة والندب
المروية عنه عليه السلام. فمنها ما روى الزهري: يا نفس حتام إلى الحياة سكونك، وإلى
الدنيا وعمارتها ركونك، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الارض من آلافك،
ومن فجعت به من إخوانك. شعر: فهم في بطون الارض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر
خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم وساقتهم نحو المنايا المقادر
(1) سورة المؤمنون الاية: 101. (2) مناقب
ابن شهر آشوب ج 3 ص 291.
[83]
وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها وضمتهم تحت
التراب الحفائر (1) ومنها ما روى الصادق عليه السلام: حتى متى تعدني الدنيا وتخلف،
وءأتمنها فتخون
(1) قال ابن كثير الشامي في تاريخه
البداية والنهاية ج 9 ص 109: وروى الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن عبد الله
المقرى، حدثنى سفيان بن عيينة عن الزهري قال: سمعت على بن الحسين سيد العابدين
يحاسب نفسه ويناجى ربه: يا نفس حتام إلى الدنيا سكونك، والى عمارتها ركونك، أما
اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الارض من آلافك ؟ ومن فجعت به من اخوانك، ونقل
إلى الثرى من أقرانك ؟ فهم في بطون الارض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر خلت
دورهم منهم وأقوت عراصهم وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلوا عن الدنيا وما جمعوا
لها وضمتهم تحت التراب الحفائر كم خرمت أيدى المنون، من قرون بعد قرون ؟ وكم غيرت
الارض ببلائها، وغيبت في ثرائها ممن عاشرت من صنوف وشيعتهم إلى الارماس، ثم رجعت
عنهم إلى عمل أهل الافلاس: وأنت على الدنيا مكب منافس لخطابها فيها حريص مكاثر على
خطر تمسى وتصبح لاهيا أتدرى بماذا لو عقلت تخاطر وان امرءا يسعى لدنياه دائبا ويذهل
عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا اقبالك ؟ وبشهواتها اشتغالك ؟ وقد وخطك
القتير، وأتاك النذير وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة يومك وغدك لاه، وقد رأيت انقلاب
أهل الشهوات، وعاينت ما حل بهم من المصيبات: وفى ذكر هول الموت والقبر والبلى عن
اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب الاربعين تربص وشيب قذال منذر للكابر
[للاكابر] ظ كأنك معنى بما هو ضائر لنفسك عمدا عن الرشد حائر انظر إلى الامم
الماضية، والملوك الفانية، كيف اختطفتهم عقبان الايام، ووافاهم الحمام، فانمحت من
الدنيا آثارهم، وبقيت فيها أخبارهم، وأضحوا رمما في التراب إلى يوم الحشر والمآب: -
[84]
وأستنصحها فتغش، لا تحدث جديدة إلا تخلق
مثلها، ولا تجمع شملا إلا بتفريق بين حتى كأنها غيرى، أو محتجبة تغار على ألاف
وتحسد أهل النعم، شعر:
- أمسوا رميما قى التراب وعطلت مجالسهم
منهم واخلت مقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم وأنى لسكان القبور التزاور فما أن ترى
الا قبورا ثووابها مسطحة تسفى عليها الاعاصر كم من ذى منعة وسلطان، وجنود واعوان،
تمكن من دنياه، ونال ما تمناه، وبنى فيها القصور والدساكر، وجمع فيها الاموال
والذخائر، وملح السرارى والحرائر: فما صرفت كف المنية إذ أتت مبادرة تهوى إليه
الذخائر ولا دفعت عنه الحصون التى بنى وحف بها أنهاره والدساكر ولا قارعت عنه
المنية حيلة ولا طمعت في الذب عنه العساكر أتاه من الله ما لا يرد، ونزل به من
قضائه ما لا يصد، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيز القهار، قاصم الجبارين،
ومبيد المتكبرين، الذى ذل لعزه كل سلطان وأباد بقوته كل ديان: مليك عزيز لا يرد
قضاؤه حكيم عليم نافذ الامر قاهر عنى كل ذى عز لعزة وجهه فكم من عزيز للمهيمن صاغر
لقد خضعت واستسلمت وتضاءلت لعزة ذى العرش الملوك الجبابر فالبدار البدار، والحذار
الحذار، من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها وتحلت لك من زينتها، وأظهرت لك
من بهجتها، وأبرزت لك من شهواتها، وأخفت عنك من قواتلها وهلكاتها: وفى دون ما عاينت
من فجعاتها إلى دفعها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل وكن متيقظا فعما قليل يترك
الدار عامر فشمر ولا تفتر فعمرك زائل وأنت إلى دار الاقامة صائر ولا تطلب الدنيا
فان نعيمها وان نلت منها غبه لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب ؟ أو يسر بها أريب ؟ وهو
على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها -
[85]
فقد آذنتني بانقطاع وفرقة وأومض لي من كل
افق بروقها ومنها ما روى سفيان بن عيينة: أين السلف الماضون ؟ والاهل والاقربون ؟
- أم كيف تنام عينا من يخشى البيات ؟
وتسكن نفس من توقع في جميع اموره الممات: ألا لا ولكنا نغر نفوسنا وتشغلنا اللذات
عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقف بموقف عدل يوم تبلى السرائر كأنا نرى أن لا
نشور وأننا سدى مالنا بعد الممات مصادر وما عسى أن ينال صاحب الدنيا من لذتها ؟
ويتمتع به من بهجتها، مع صنوف عجائبها وقوارع فجائعها، وكثرة عذابه في مصابها
وطلبها، وما يكابد من أسقامها وأوصابها وآلامها: أما قد نرى في كل يوم وليلة يروح
علينا صرفها ويباكر تعاورنا آفاتها وهمومها وكم قد نرى يبقى لها المتعاور فلا هو
مغبوط بدنياه آمن ولا هو عن تطلابها النفس قاصر كم قد غرت الدنيا من مخلد إليها ؟
وصرعت من مكب عليها، فلم تنعشه من عثرته ولم تنقذه من صرعته، ولم تشفه من ألمه، ولم
تبره من سقمه، ولم تخلصه من وصمه. بل أوردته بعد عز ومنعة موارد سوء ما لهن مصادر
فلما رأى أن لا نجاة وأنه هو الموت لا ينجيه منه التحاذر تندم إذ لم تغن عنه ندامة
عليه وأبكته الذنوب الكبائر إذ بكى على ما سلف من خطاياه، وتحسر على ما خلف من
دنياه، واستغفر حين لا ينفعه الاستغفار ولا ينجيه الاعتذار، عند هول المنية، ونزول
البلية: أحاطت به أحزانه وهمومه وأبلس لما أعجزته المقادر فليس له من كربة الموت
فارج وليس له مما يحاذر ناصر وقد جشأت خوف المنية نفسه ترددها منه اللها والحناجر
هنالك خف عواده، وأسلمه أهله وأولاده، وارتفعت البرية بالعويل، وقد أيسوا من العليل
فغمضوا بأيديهم عينيه، ومد عند خروج روحه رجليه، وتخلى عنه الصديق، والصاحب الشفيق:
- (*)
[86]
والانبياء والمرسلون ؟ طحنتهم والله
المنون، وتوالت عليهم السنون، وفقدتهم العيون وإنا إليهم لصائرون، وإنا لله وإنا
إليه راجعون: -
- فكم موجع يبكى عليه مفجع ومستنجد صبرا
وما هو صابر ومسترجع داع له الله مخلصا يعدد منه كل ما هو ذاكر وكم شامت مستبشر
بوفاته وعما قليل للذى صار صائر فشقت جيوبها نساؤه، ولطمت خدودها أماؤه، وأعول
لفقده جيرانه، وتوجع لرزيته اخوانه، ثم أقبلوا على جهازه، وشمروا لا برازه، كأنه لم
يكن بينهم العزيز المفدى ولا الحبيب المبدى: وحل أحب القوم كان بقربه يحث على
تجهيزه ويبادر وشمر من قد أحضروه لغسله ووجه لما فاض للقبر حافر وكفن في ثوبين
واجتمعت له مشيعة اخوانه والعشائر فلو رأيت الاصغر من أولاده، وقد غلب الحزن على
فؤاده، ويخشى من الجزع عليه، وخضبت الدموع عينيه، وهو يندب أباه، ويقول: يا ويلاه
واحرباه: لعاينت من قبح المنية منظرا يهال لمرآه ويرتاع ناظر أكابر أولاد يهيج
اكتئابهم إذا ما تناساه البنون الاصاغر وربة نسوان عليه جوازع مدامعهن فوق الخدود
غوازر ثم اخرج من سعة قصره، إلى ضيق قبره، فلما استقر في اللحد وهيئ عليه اللبن،
احتوشته اعماله، وأحاطت به خطاياه، وضاق ذرعا بما رآه، ثم حثوا بأيديهم عليه التراب
وأكثروا البكاء عليه والانتحاب، ثم وقفوا ساعة عليه، وآيسوا من النظر إليه، وتركوه
رهنا بما كسب وطلب: فولوا عليه معولين وكلهم لمثل الذى لاقى اخوه محاذر كشاء رتاع
آمنين بدالها بمديته بادى الذراعين حاسر فريعت ولم ترتع قليلا وأجفلت فلما نأى عنها
الذى هو جاذر عادت إلى مرعاها. ونسيت ما في اختها دهاها، أفبأفعال الانعام اقتدينا
؟ أم على عادتها جرينا ؟ عد إلى ذكر المنقول إلى دار البلى، واعتبر بموضعه تحت
الثرى، المدفوع إلى هول ما ترى: -
[87]
إذا كان هذا نهج من كان قبلنا فإنا على
آثارهم نتلاحق فكن عالما أن سوف تدرك من مضى ولو عصمتك الراسيات الشواهق فما هذه
دار المقامة فاعلمن ولو عمر الانسان ما ذر شارق (1) توضيح: الآلاف جمع الالف بالكسر
بمعنى الاليف، وفجعه كمنعه أو جمعه، وأقوت الدار، أي خلت، والبين الفراق والوصل ضد،
والمراد هنا الثاني ويمكن أن يقرأ بتشديد اليآء بأن يكون صفة، وغيري فعلى من
الغيرة، والمنون الدهر والموت، وذرت الشمس بالتشديد طلعت، والشارق الشمس حين تشرق.
- ثوى مفردا في لحده وتوزعت مواريثه
والاصاهر وأحنوا على أمواله يقسمونها فلا حامد منهم عليها وشاكر فيا عامر الدنيا
ويا ساعيا لها ويا آمنا من أن تدور الدوائر كيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائر إليها
لا محالة، أم كيف ضيعت حياتك ؟ وهى مطيتك إلى مماتك، أم كيف تشبع من طعامك ؟ وأنت
منتظر حمامك، أم كيف تهنأ بالشهوات ؟ وهى مطية الافات: ولم تتزود للرحيل وقد دنا
وأنت على حال وشيك مسافر فيا لهف نفسي كم اسوف توبتي وعمري فان والردى لى ناظر وكل
الذى أسلفت في الصحف مثبت يجازى عليه عادل الحكم قاهر فكم ترقع آخرتك بدنياك ؟
وتركب غيك وهواك ؟ أراك ضعيف اليقين، يا مؤثر الدنيا على الدين، أبهذا أمرك الرحمن
؟ أم على هذا نزل القرآن ؟ أما تذكر ما أمامك من شدة الحساب، وشر المآب ؟ أما تذكر
حال من جمع وثمر، ورفع البناء وزخرف وعمر ؟ أما صار جمعهم بورا، ومساكنهم قبورا ؟
تخرب ما يبقى وتعمر فانيا فلا ذاك موفور ولا ذاك عامر وهل لك ان وافاك حتفك بغتة
ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر أترضى بأن تفنى الحياة وتنقضي ودينك منقوص ومالك وافر
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 292.
[88]
77 - قب: ومما جاء في صدقته عليه السلام
ما روي في الحلية (1) وشرف النبي والاغاني (2) وعن محمد بن إسحاق بالاسناد عن
الثمالي، وعن الباقر عليه السلام إنه كان علي بن الحسين عليه السلام يحمل جراب
الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، قال أبو - حمزة الثمالي وسيفان الثوري كان عليه
السلام يقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب. الحلية (3) والاغاني (4) عن محمد بن
إسحاق إنه كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلما مات علي بن
الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل. وفي رواية أحمد به حنبل عن معمر، عن شيبة
بن نعامة: أنه كان يقوت مائة أهل بيت بالمدينة، وقيل: كان في كل بيت جماعة من
الناس. الحلية (5) قال: إن عائشة سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى
مات علي بن الحسين عليهما السلام. وفي رواية محمد بن إسحاق إنه كان في المدينة كذا
وكذا بيتا يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه لا يدرون من أين يأتيهم، فلما مات زين
العابدين عليه السلام فقدوا ذلك فصرخوا صرخة واحدة.
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 135. (2) الاغانى
ج 14 ص 75. (3) حلية الاولياء ج 3 ص 136. (4) الاغانى ج 14 ص 75. (5) حلية الاولياء
ج 4 ص 136 وفيه سند الحديث ينتهى إلى محمد بن زكريا قال سمعت ابن عائشة يقول قال
ابى: سمعت أهل المدينة الخ. وهو الصواب ومن المعلوم سقوط لفظ (ابن) قبل عائشة وتصرف
الناسخ باسقاط (قال أبى) من الحديث فجعل القائل عائشة بينما يصرح التاريخ بوفاتها
في سنة 57 من الهجرة أيام معوية وظاهر الحديث أن زمان القول كان بعد وفاة على بن
الحسين فكيف يتفق ذلك، وفى تاريخ ابن كثير الشامي ج 9 ص 114 ذكر الحديث وفيه ان
القائل هو ابن عائشة.
[89]
وفي خبر: عن أبي جعفر عليه السلام إنه كان
يخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب على ظهره حتى يأتي بابا بابا، فيقرعه ثم
يناول من كان يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا لئلا يعرفه، الخبر. وفي
خبر: أنه كان إذا جنه الليل، وهدأت العيون قام إلى منزله، فجمع ما يبقى فيه عن قوت
أهله، وجعله في جراب ورمى به على عاتقه وخرج إلى دور الفقراء وهو متلثم، ويفرق
عليهم، وكثيرا ما كانوا قياما على أبوابهم ينتظرونه فإذا رأوه تباشروا به، وقالوا:
جاء صاحب الجراب. الحلية (1) قال الطائي: إن علي بن الحسين عليه السلام كان إذا
ناول الصدقة السائل قبله ثم ناوله. شرف العروس: عن أبي عبد الله الدامغاني أنه كان
علي بن الحسين عليه السلام يتصدق بالسكر واللوز فسئل عن ذلك فقرأ قوله تعالى: " لن
تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " (2) وكان عليه السلام: يحبه.
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 137 وفيها (قبله)
كما في الاصل. والظاهر تأنيث الضمير اما باعتبار الصدقة لما ورد من استحباب تقبيل
الصدقة واستعادتها من يد السائل وتقبيلها واعادتها له ثانيا كما في حديث المعلى بن
خنيس عن الصادق عليه السلام قال: ان الله لم يخلق شيئا الا وله خازن يخزنه الا
الصدقة، فان الرب يليها بنفسه، وكان أبى إذا تصدق بشئ وضعه في يد السائل ثم ارتجعه
منه فقبله وشمه ثم رده في يد السائل، وذلك انها تقع في يد الله قبل أن تقع في يد
السائل، فأحببت أن أقبلها إذ ولاها الله، الحديث، (الوسائل ج 4 ص 303) واما تأنيثه
باعتبار يد المتصدق لما ورد من استحباب تقبيل المتصدق يده كما روى ذلك ابن فهد
الحلى في عدة الداعي ص 44 من قول أمير المؤمنين عليه السلام إذا ناولتم السائل
فليرد الذى يناوله يده إلى فيه فيقبلها، فان الله عزوجل يأخذها قبل ان تقع في يد
السائل فانه عزوجل يأخذ الصدقات، ويحتمل أن يكون تذكير الضمير باعتبار (ما ناوله).
(2) سورة آل عمران الاية: 92.
[90]
الصادق عليه السلام إنه كان علي بن الحسين
عليه السلام يعجب بالعنب فدخل منه إلى المدينة شئ حسن، فاشترت منه ام ولده شيئا
وأتته به عند إفطاره فأعجبه، فقبل أن يمد يده وقف بالباب سائل، فقال لها: احمليه
إليه، قالت: يا مولاي بعضه يكفيه قال: لا والله وأرسله إليه كله، فاشترت له من غد
وأتت به فوقف السائل، ففعل مثل ذلك فأرسلت فاشترت له، وأتته به في الليلة الثالثة
ولم يأت سائل فأكل وقال: ما فاتنا منه شئ والحمد لله (1). الحلية (2) قال أبو جعفر
عليه السلام: إن أباه علي بن الحسين عليهما السلام قاسم الله ماله مرتين. الزهري:
لما مات زين العابدين عليه السلام فغسلوه، وجد على ظهره مجل (3) فبلغني إنه كان
يستقي لضعفة جيرانه بالليل. الحلية (4) قال: عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين
فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره وقالوا: ما هذا ؟ فقيل: كان يحمل جرب
الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة. وفي روايات أصحابنا: إنه لما وضع
على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل ركب الابل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل
الفقراء. وكان عليه السلام إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته، وإذا انقضى الصيف تصدق
بكسوته، وكان يلبس من خز اللباس فقيل له: تعطيها من لا يعرف قيمتها ولا يليق به
لباسها، فلو بعتها فتصدقت بثمنها، فقال: إني أكره أن أبيع ثوبا صليت فيه (5).
(1) سبق الحديث عن المحاسن برقم 55 من
الباب نفسه بتفاوت. (2) حلية الاولياء ج 3 ص 140 بزيادة في آخره. (3) المجمل: بسكون
الجيم من مجل كفرح ونصر، ومجلت يده إذا ثخن جلدها وظهر فيها ما يشبه البثر من العمل
بالاشياء الصلبة الخشنة (المجمع). (4) حليه الاولياء ج 3 ص 136. (5) مناقب ابن شهر
آشوب ج 3 ص 294.
[91]
78 قب: ومما جاء في صومه وحجه عليه السلام
معتب عن الصادق عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام شديد الاجتهاد في
العبادة نهاره صائم وليله قائم فأضر ذلك بجسمه فقلت له: يا أبه كم هذا الدؤب ؟ فقال
له: أتحبب إلى ربي لعله يزلفني، وحج عليه السلام ماشيا فسار في عشرين يوما من
المدينة إلى مكة. زرارة بن أعين: لقد حج على ناقة عشرين حجة فما قرعها بسوط. رواه
صاحب الحلية (1) عن عمرو بن ثابت. إبراهيم الرافعي قال: التاثت عليه ناقته فرفع
القضيب وأشار إليها وقال: لولا خوف القصاص لفعلت، وفي رواية: آه من القصاص، ورد يده
عنها. وقال عبد الله بن مبارك: حججت بعض السنين إلى مكة فبينما أنا سائر في عرض
الحاج وإذا صبي سباعي أو ثماني ؟ وهو يسير في ناحية من الحاج بلا زاد ولا راحلة
فتقدمت إليه وسلمت عليه، وقلت له: مع من قطعت البر ؟ قال: مع البار فكبر في عيني،
فقلت: يا ولدي أين زادك وراحلتك ؟ فقال: زادي تقواي، وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي،
فعظم في نفسي، فقلت: يا ولدي ممن تكون ؟ فقال: مطلبي، فقلت: أبن لي ؟ فقال: هاشمي،
فقلت: هاشمي، فقلت: أبن لي، فقال: علوي فاطمي فقلت: يا سيدي هل قلت شيئا من الشعر ؟
فقال: نعم، فقلت: أنشدني شيئا من شعرك، فأنشد: لنحن على الحوض رواده نذود ونسقي
وراده وما فاز من فاز إلا بنا وما خاب من حبنا زاده ومن سرنا نال منا السرور ومن
ساءنا ساء ميلاده ومن كان غاصبنا حقنا فيوم القيامة ميعاده ثم غاب عن عيني إلى أن
أتيت مكة فقضيت حجتي ورجعت، فأتيت الابطح فإذا بحلقة مستديرة، فاطلعت لانظر من بها
فإذا هو صاحبي، فسألت عنه فقيل:
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 132 ونص الحديث
فيه هكذا، قال: كان على بن الحسين لا يضرب بعيره من المدينة إلى مكة.
[92]
هذا زين العابدين عليه السلام، ويروى له
عليه السلام: نحن بنو المصطفى ذوو غصص يجرعها في الانام كاظمنا عظيمة في الانام
محنتنا أولنا مبتلى وآخرنا يفرح هذا الورى بعيدهم ونحن أعيادنا مآتمنا والناس في
الامن والسرور وما يأمن طول الزمان خائفنا وما خصصنا به من الشرف الطائل بين الانام
آفتنا يحكم فينا الحكم فيه لنا جاحدنا حقنا وغاصبنا (1) 79 - ين: الجوهري، عن
البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أبي ضرب غلاما له قرعة
واحدة بسوط، وكان بعثه في حاجة فأبطأ عليه، فبكى الغلام وقال: الله يا علي بن
الحسين تبعثني في حاجتك ثم تضربني قال: فبكى أبي وقال: يا بني اذهب إلى قبر رسول
الله صلى الله عليه وآله فصل ركعتين ثم قل: اللهم اغفر لعلي ابن الحسين خطيئته يوم
الدين، ثم قال للغلام: اذهب فأنت حر لوجه الله، قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك
كأن العتق كفارة الضرب ؟ ! فسكت (2). 80 - ين: الحسن بن علي قال: قال أبو الحسن
عليه السلام: إن على بن الحسين عليهما السلام ضرب مملوكا، ثم دخل إلى منزله فأخرج
السوط ثم تجرد له ثم قال: اجلد علي بن الحسين ! فأبى عليه، فأعطاه خمسين دينارا
(3). 81 - ين: النضر، عن أبي سيار، عن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
علي بن الحسين عليهما السلام: ما عرض لي قط أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة
فآثرت الدنيا إلا رأيت ما أكره قبل أن أمسي (4).
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 294. (2 و
3) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي باب ما جاء في الملوك (مخطوط بمكتبتي
الخاصة). (4) نفس المصدر في باب ما جاء في الدنيا ومن طلبها. (*)
[93]
82 - قب: النسوي في التاريخ قال نافع بن
جبير لعلي بن الحسين عليه السلام: إنك تجالس أقواما دونا ؟ فقال له: إني اجالس من
أنتفع بمجالسته في ديني. وقيل له عليه السلام: إذا سافرت كتمت نفسك أهل الرفقة ؟
فقال: أكره أن آخذ برسول الله ما لا اعطي مثله (1). الاغاني (2) قال نافع: قال عليه
السلام: ما أكلت بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا قط. أمالي أبى عبد
الله النيسابوري قيل له: إنك أبر الناس ولا تأكل مع امك في قصعة وهي تريد ذلك ؟
فقال عليه السلام: أكره أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقا لها فكان
بعد ذلك يغطي الغضارة بطبق ويدخل يده من تحت الطبق ويأكل وكان عليه السلام يمر على
المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق (3). بيان: قال
الفيروز آبادي الغضارة: الطين اللازب الاخضر الحر كالغضار والنعمة والسعة والخصب
(4). أقول: المراد هنا إما الطعام أو ظرفه مجازا. 83 - قب: سفيان بن عيينة، قال: ما
رؤي علي بن الحسين عليه السلام قط جائزا بيديه فخذيه وهو يمشي. عبد الله بن مسكان،
عن علي بن الحسين إنه كان يدعو خدمه كل شهر ويقول: إني قد كبرت ولا أقدر على
النساء، فمن أراد منكن التزويج زوجتها، أو البيع بعتها. أو العتق أعتقتها، فإذا
قالت إحداهن: لا، قال: اللهم اشهد، حتى يقول ثلاثا، وإن سكتت واحدة منهن قال
لنسائه: سلوها ما تريد، وعمل على مرادها (5)
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 300. (2)
الاغانى ج 14 ص 75 طبعة الساسى. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 300. (4) القاموس ج 2
ص 102 الطبعة الثالثة. (5) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 301.
[94]
84 - قب: في كرمه وصبره وبكائه عليه
السلام تاريخ الطبري (1) قال الواقدي: كان هشام بن إسماعيل يؤذي علي بن الحسين
عليهما السلام في إمارته فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس فقال: ما أخاف إلا
من علي بن الحسين، فمر به علي بن الحسين وقد وقف عند دار مروان، وكان علي قد تقدم
إلى خاصته الا يعرض له أحد منكم بكلمة، فلما مر ناداه هشام: الله أعلم حيث يجعل
رسالاته. وزاد ابن فياض في الرواية في كتابه أن زيد العابدين أنفذ إليه وقال: انظر
إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك فطب نفسا منا ومن كل من يطيعنا، فنادى
هشام: الله أعلم حيث يجعل رسالاته (2). كافي الكليني، ونزهة الابصار، عن أبي مهدي:
إن علي بن الحسين عليه السلام مر على المجذومين وهو راكب حمار وهم يتغدون، فدعوه
إلى الغداء فقال: إني صائم، ولو لا أني صائم لفعلت، فلما صار إلى منزله أمر بطعام
فصنع وأمر أن يتنوقوا فيه، ثم دعاهم فتغدوا عنده وتغدى معهم (3). وفي رواية: أنه
عليه السلام تنزه عن ذلك لانه كان كسرا من الصدقة لكونه حراما عليه. الكافي: عيسى
بن عبد الله، قال: احتضر عبد الله فاجتمع غرماؤه فطالبوه بدين لهم، فقال: لا مال
عندي اعطيكم، ولكن ارضوا بمن شئتم من ابني عمي علي بن الحسين وعبد الله بن جعفر،
فقال الغرماء: عبد الله بن جعفر ملي مطول، وعلي بن الحسين رجل لا مال له صدوق فهو
أحب إلينا، فأرسل إليه فأخبره الخبر، فقال عليه السلام: أضمن لكم المال إلى غلة ولم
تكن له غلة، قال: فقال القوم: قد رضينا وضمنه، فلما أتت الغلة أتاح الله له المال
فأوفاه (4).
(1) تاريخ الطبري ج 8 ص 61 طبعة الحسينية
بتفاوت مع ذكر السند. (2) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 301. (3) الكافي ج 2 ص 123. (4)
الكافي ج 5 ص 97 بتفاوت، وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 301.
[95]
الحلية (1): قال سعيد بن مرجانة: عمد علي
بن الحسين إلى عبد له كان عبد الله بن جعفر أعطاه به عشرة آلاف درهم أو ألف دينار،
فأعتقه. وخرج زين العابدين وعليه مطرف خز فتعرض له سائل فتعلق بالمطرف فمضى وتركه.
ومما جاء في صبره عليه السلام: الحلية: (2) قال إبراهيم بن سعد: سمع علي بن الحسين
عليهما السلام واعية في بيته وعنده جماعة، فنهض إلى منزله ثم رجع إلى مجلسه فقيل
له: أمن حدث كانت الواعية ؟ قال: نعم فعزوه وتعجبوا من صبره، فقال: إنا أهل بيت
نطيع الله عزوجل فيما نحب ونحمده فيما نكره. وفيها [قال العتبي] قال علي بن الحسين
عليهما السلام - وكان من أفضل بني هاشم - لابنه: با بني اصبر على النوائب، ولا
تتعرض للحقوق، ولا تجب أخاك إلى الامر الذي مضرته عليك أكثر من منفعته له (3).
محاسن البرقي (4) بلغ عبد الملك أن سيف رسول الله صلى الله عليه وآله عنده، فبعث
يستوهبه منه ويسأله الحاجة، فأبى عليه، فكتب إليه عبد الملك يهدده وأنه يقطع رزقه
من بيت المال، فأجابه عليه السلام: أما بعد فإن الله ضمن للمتقين المخرج من حيث
يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره: " إن الله لا يحب كل خوان كفور "
(5) فانظر أينا أولى بهذه الآية. في حلمه وتواضعه: شتم بعضهم زين العابدين صلوات
الله عليه، فقصده غلمانه فقال: دعوه فان ما خفي منا أكثر مما قالوا، ثم قال له: ألك
حاجة يا رجل ؟ فخجل الرجل فأعطاه ثوبه وأمر له بألف درهم، فانصرف الرجل صارخا يقول:
أشهد أنك ابن رسول الله (6).
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 136. (2 و 3) نفس
المصدر ج 3 ص 138. (4) لم نعثر عليه عاجلا في المحاسن وقد أخرجه ابن شهر آشوب في
المناقب ج 3 ص 302 بتفاوت يسير. (5) سورة الحج الاية: 38. (6) مناقب ابن شهر آشوب ج
3 ص 296.
[96]
ونال منه الحسن بن الحسن بن علي بن أبي
طالب عليه السلام فلم يكلمه، ثم أتى منزله وصرخ به، فخرج الحسن متوثبا للشر، فقال
للحسن: يا أخي إن كنت قلت ما في فأستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس في يغفر الله
لك، فقبل الحسن بين عينيه وقال: بل قلت ما ليس فيك وأنا أحق به (1). وشتمه آخر،
فقال: يا فتى إن بين أيدينا عقبة كؤدا، فان جزت منها فلا ابالي بما تقول، وإن أتخير
فيها فأنا شر مما تقول (2). ابن جعدية قال: سبه عليه السلام رجل، فسكت عنه فقال:
إياك أعني، فقال عليه السلام: وعنك أغضي (3). وكسرت جارية له قصعة فيها طعام فاصفر
وجهها، فقال لها: اذهبي فأنت حرة لوجه الله. (4) وقيل: إن مولى لعلي بن الحسين
عليهما السلام يتولى عمارة ضيعة له، فجاء ليطلعها فأصاب فيها فسادا وتضييعا كثيرا
غاضه من ذلك ما رآه وغمه، فقرع المولى بسوط كان في يده، وندم على ذلك، فلما انصرف
إلى منزله أرسل في طلب المولى، فأتاه فوجده عاريا والسوط بين يديه، فظن أنه يريد
عقوبته، فاشتد خوفه، فأخذ علي بن الحسين السوط ومد يده إليه وقال: يا هذا قد كان
مني إليك ما لم يتقدم مني مثله، وكانت هفوة وزلة، فدونك السوط واقتص مني، فقال
المولي: يا مولاي والله إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي وأنا مستحق للعقوبة، فكيف أقتص
منك ؟ قال: ويحك اقتص، قال: معاذ الله أنت في حل وسعة، فكرر ذلك عليه مرارا،
والمولى كل ذلك يتعاظم قوله ويجلله، فلما لم يره يقتص، قال له: أما إذا أبيت
فالضيعة صدقة عليك، وأعطاه إياها. وانتهى عليه السلام إلى قوم يغتابونه، فوقف عليهم
فقال لهم: إن كنتم صادقين فغفر الله لي، وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم (5).
(1 - 3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 296.
(4) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 296. (5) نفس المصدر ج 3 ص 197 بتفاوت يسير.
[97]
85 - قب: حلية أبي نعيم (1) وتاريخ
النسائي، روي عن أبي حازم وسفيان ابن عيينة، والزهري قال: كل واحد منهم: ما رأيت
هاشميا أفضل من زين العابدين، ولا أفقه منه (2). وقال عليه السلام في قوله تعالى: "
يمحو الله ما يشاء " (3) لو لا هذه الآية لاخبرتكم بما هو كائن إلى يوم القيامة
(4). وقلما يوجد كتاب زهد وموعظة لم يذكر فيه، قال علي بن الحسين: أو قال زين
العابدين (5). وقد روى عنه الطبري، وابن البيع، وأحمد، وابن بطة، وأبو داود، وصاحب
الحلية، والاغاني، وقوت القلوب، وشرف المصطفى، وأسباب نزول القرآن والفائق،
والترغيب والترهيب، عن الزهري، وسفيان بن عيينة، ونافع والاوزاعي، ومقاتل، والواقدي
ومحمد بن إسحاق (6). الاصمعي: كنت بالبادية وإذا أنا بشاب منعزل عنهم في أطمار رثة،
وعليه سيماء الهيبة، فقلت: لو شكوت إلى هؤلاء حالك لاصلحوا بعض شأنك فأنشأ يقول:
لباسي للدنيا التجلد والصبر ولبسي للاخرى البشاشة والبشر إذا اعترني (7) أمر لجأت
إلى العز لاني من القوم الذين لهم فخر ألم تر أن العرف قد مات أهله وأن الندى
والجود ضمهما قبر على العرف والجود السلام فما بقي من العرف إلا الرسم في الناس
والذكر
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 141 بدون الذيل.
(2) مناقب ابن شهر آشوب ج ص 297. (3) سورة الرعد الاية 39. (4) مناقب ابن شهر آشوب
ج 3 ص 298. (5) نفس المصدر ج 3 ص 299. (6) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 299. (7) اعتره
أمر: أصابه.
[98]
وقائلة لما رأتني مسهدا (1) كأن الحشا مني
يلذعها الجمر اباطن داء لوحوى منك ظاهرا فقلت الذي بي ضاق عن وسعه الصدر تغير أحول
وفقد أحبة وموت دوي الافضال قالت كذا الدهر فتعرفته فإذا هو علي بن الحسين عليهما
السلام فقلت أبي أن يكون هذا الفرخ إلا من ذلك العش (2). بيان: قوله: " وقائلة "
منصوب بفعل مقدر كرأيت أو أذكروقوله: " اباطن داء " قول القائلة و " لو " للتمني.
86 - كشف: كان عليه السلام إذا مشى لا يجاوز يده فخذه، ولا يخطر بيده، وعليه
السكينة والخشوع (3). وقال سفيان: جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال:
إن فلانا قد وقع فيك وآذاك، قال: فانطلق بنا إليه، فانطلق معه وهو يرى أنه سينصر
لنفسه، فلما أتاه، قال له: يا هذا إن كان ما قلت في حقا، فانه تعالى يغفره لي، وإن
كان ما قلت في باطلا، فالله يغره لك (4). وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في
لوامح العيون علانيتي وتقبح عندك سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي، فإذا عدت فعد
علي (5). وكان إذا أتاه السائل يقول: مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة (6). وإنه
عليه السلام كان لا يحب أن يعينه على طهوره أحد وكان يستقي الماء لطهوره ويخمره قبل
أن ينام، فإذا قام من الليل بدأ بالسواك، ثم توضأ ثم يأخذ في صلاته، وكان يقضي ما
فاته من صلاة نافلة النهار في الليل، ويقول: يا بني ليس
(1) السهد والسهاد: الارق. (2) مناقب ابن
شهر آشوب ج 3 ص 303 وفيه في البيت الاول (التجمل) بدل (التجلد) وفى البيت الثاني
(إلى العرا) بدل (إلى العز).بل الواو، واو رب، و " قائلة " بالكسر، أي رب قائلة.
(ب) (3) كشف الغمة ج 2 ص 261. (4 - 6) نفس المصدر ج 2 ص 262.
[99]
هذا عليكم بواجب، ولكن أحب لمن عود منكم
نفسه عادة من الخير أن يدوم عليها وكان لا يدع صلاة الليل في السفر والحضر (1). 87
- كشف: وكان عليه السلام يوما خارجا فلقيه رجل فسبه، فثارت إليه العبيد والموالي،
فقال لهم علي: مهلا كفوا، ثم أقبل على ذلك الرجل فقال: ماستر عنك من أمرنا أكثر،
ألك حاجة نعينك عليها، فاستحيى الرجل، فألقى إليه علي خميصة (2) كانت عليه، وأمر له
بألف درهم، فكان ذلك الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسل (3). وكان عنده
عليه السلام قوم أضياف فاستعجل خادما له بشواء كان في التنور فأقبل به الخادم مسرعا
فسقط السفود (4) منه على رأس بني لعلي بن الحسين عليه السلام تحت الدرجة فأصاب رأسه
فقتله، فقال علي للغلام وقد تحير الغلام واضطرب: أنت حر فانك لم تعتمده، وأخذ في
جهاز ابنه ودفنه (5). وعن عبد الله بن علي بن الحسين قال: كان أبي يصلي بالليل حتى
يزحف إلى فراشه (6) بيان: الزحف: مشي الصبي بالانسحاب على الارض، أي كان يعسر عليه
القيام لشدة الاعياء من العبادة. 88 - كشف: الحافظ عبد العزيز بن الاخضر، روى عن
يوسف بن أسباط عن أبيه، قال: دخلت مسجد الكوفة، فإذا شاب يناجي ربه وهو يقول في
سجوده: " سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقي وحق له " فقمت إليه، فإذا هو علي بن
(1) نفس المصدر ج 2 ص 263. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 273. (3) الخميصة: كساء أسوء مربع معلم. (4) السفود، كتنور: حديدة يشوى عليها
اللحم جمع سفافيد. (5) كشف الغمة ج 2 ص 273. (6) نفس المصدر ج 2 ص 287.
[100]
الحسين عليه السلام فلما انفجر الفجر،
نهضت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله تعذب نفسك وقد فضلك الله بما فضلك ؟ فبكى ثم
قال: حدثني عمرو بن عثمان، عن اسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
كل عين باكية يوم القيامة إلا أربعة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين فقئت في سبيل
الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة ساجدة يباهي بها الله الملائكة
ويقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي، قد جافي بدنه عن المضاجع، يدعوني
خوفا من عذابي وطمعا في رحمتي، اشهدوا أني قد غفرت له (1). وعن سفيان: قال: كان علي
بن الحسين عليهما السلام يحمل معه جرابا فيه خبز فيتصدق به، ويقول: إن الصدقة لتطفئ
غضب الرب، وعنه قال: كان عليه السلام يقول: ما يسرنى بنصيبي من الذل حمر النعم. وعن
عبد الله بن عطا قال: أذنب غلام لعلي بن الحسين عليه السلام ذنبا استحق به العقوبة
فأخذ له السوط وقال: " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله " (2) فقال
الغلام: وما أنا كذاك إني لارجو رحمة الله وأخاف عذابه، فألقى السوط وقال: أنت عتيق
(3). وسقط له ابن في بئر فتفزع أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه، وكان قائما يصلي، فما
زال عن محرابه، فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت، إني كنت اناجي ربا عظيما (4). وكان
له ابن عم يأتيه بالليل متنكرا فيناوله شيئا من الدنانير فيقول: لكن علي بن الحسين
لا يواصلني، لا جزاه الله عني خيرا، فيسمع ذلك ويحتمل ويصبر عليه ولا يعرفه بنفسه،
فلما مات علي عليه السلام فقدها فحينئذ علم أنه هو كان، فجاء إلى قبره وبكى عليه
(5).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 294. (2) سورة
الجاثية الاية: 14. (3) كشف الغمة ج 2 ص 296. (4 و 5) نفس المصدر ج 2 ص 303.
[101]
وكان عليه السلام يقول في دعائه: اللهم من
أنا حتى تغضب علي، فوعزتك ما يزين ملك إحساني، ولا يقبحه إساءتي، ولا ينقص من
خزائنك غناي، ولا يزيد فيها فقري. وقال ابن الاعرابي: لما وجه يزيد بن معاوية عسكره
لاستباحة أهل المدينة ضم علي بن الحسين عليه السلام إلى نفسه أربعمائة منا يعولهن
إلى أن انقرض جيش مسلم بن عقبة، وقد حكي عنه مثل ذلك عند إخراج ابن الزبير بني امية
من الحجاز (1)، وقال عليه السلام - وقد قيل له: ما لك إذا سافرت كتمت نسبك أهل
الرفقة ؟ - فقال: أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وآله ما لا اعطي مثله، وقال
رجل لرجل من آل الزبير كلاما أقذع فيه فأعرض الزبيري عنه، ثم دار الكلام فسب
الزبيري علي بن الحسين فأعرض عنه ولم يجبه، فقال له الزبيري: ما يمنعك من جوابي ؟
قال: ما يمنعك من جواب الرجل، ومات له ابن فلم ير منه جزع، فسئل عن ذلك فقال: أمر
كنا نتوقعه، فلما وقع لم ننكره (2). بيان: قال الفيروز آبادي (3) قذعه كمنعه رماه
بالفحش وسوء القول كأقذعه. 89 - كشف: قال طاوس: رأيت رجلا يصلي في المسجد الحرام
تحت الميزاب يدعو ويبكي في دعائه فجئته حين فرغ من الصلاة، فإذا هو علي بن الحسين
عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله رأيتك على حالة كذا، ولك ثلاثة أرجو أن
تؤمنك من الخوف، أحدها: أنك ابن رسول الله، والثاني: شفاعة جدك، والثالث: رحمة الله
فقال: يا طاوس أما أني ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يؤمنني، وقد سمعت الله
تعالى يقول " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " (4) وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني
لان الله
(1) نفس المصدر ج 2 ص 304. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 305. (3) القاموس ج 3 ص 65. (4) سورة المؤمنون الاية: 101.
[102]
تعالى يقول: " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى "
(1) وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول " إنها قريبة من المحسنين " (2) ولا أعلم
أني محسن (3). 90 - كا: أبو علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار عن
فضالة، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين
صلوات الله عليهما يقول: إني لاحب أن اقدم على العمل وإن قل (4). وبهذا الاسناد عن
فضالة. عن العلا، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما
السلام يقول: إني لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (5). 91 - كا: علي، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن خلاد، عن الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال: ما احب
أن لي بذل نفسي حمر النعم وما تجرعت من جرعة أحب إلي من جرعة غيط لا اكافئ بها
صاحبها (6). بيان: أي [لا] احب ذل نفسي وإن حصلت لي به حمر النعم، أو لا احب ذل
نفسي ولا أرضى بدله حمر النعم، فيكون تمهيدا لما بعده، فإن شفاء الغيظ مورث للذل.
92 - من كتاب عيون المعجزات المنسوب إلى السيد المرتضى - ره -: روي عن أبي خالد
كنكر الكابلي أنه قال: لقيني يحيى بن ام الطويل - رفع الله درجته - وهو ابن داية
زين العابدين عليه السلام فأخذ بيدي وصرت معه إليه عليه السلام فرأيته جالسا في بيت
مفروش بالمعصفر، مكلس الحيطان، عليه ثياب مصبغة، فلم أطل عليه الجلوس، فلما أن نهضت
قال لي: صر إلي في غد إن شاء الله تعالى، فخرجت من عنده، وقلت ليحيى أدخلتني على
رجل يلبس المصبغات، وعزمت على أن لا أرجع
(1) سورة الانبياء الاية: 28. (2) سورة
الاعراف الاية: 56، والاية هكذا " ان رحمة الله قريب من المحسنين ". (3) كشف الغمة
ج 2 ص 305. (4) الكافي ج 2 ص 82. (5) الكافي ج 2 ص 83. (6) نفس المصدر ج 2 ص 109.
[103]
إليه، ثم إني فكرت في أن رجوعي إليه غير
ضائر، فصرت إليه في غد، فوجدت الباب مفتوحا ولم أر أحدا، فهممت بالرجوع، فناداني من
داخل الدار، فظننت أنه يريد غيري، حتى صاح بي: يا كنكر ادخل، وهذا اسم كانت امي
سمتني به ولا علم أحد به غيري، فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت مطين على حصير من
البردي، وعليه قميص كرابيس، وعنده يحيى، فقال لي: يا أبا خالد إني قريب العهد
بعروس، وإن الذي رأيت بالامس من رأي المرأة، ولم ارد مخالفتها، ثم قام عليه السلام
وأخذ بيدي وبيد يحيى بن ام الطويل ومضى بنا إلى بعض الغدران وقال: قفا، فوقفنا ننظر
إليه فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم " ومشى على الماء حتى رأينا كعبه تلوح فوق
الماء، فقلت: الله أكبر الله أكبر، أنت الكلمة الكبرى والحجة العظمى، صلوات الله
عليك، ثم التفت إلينا عليه السلام وقال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا
يزكيهم ولهم عذاب أليم: المدخل فينا من ليس منا، والمخرج منا من هو منا، والقائل إن
لهما في الاسلام نصيبا أعني هذين الصنفين (1). أقول: روى ابن أبي الحديد (2) عن
سفيان الثوري، عن عمرو بن مرة عن أبي البختري، قال: أثنى رجل على علي بن الحسين في
وجهه وكان يبغضه قال: أنا دون ما تقول، وفوق ما في نفسك. 93 - قل: بإسنادنا إلى
هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه، بإسناده إلى محمد بن عجلان، قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا دخل شهر رمضان لا
يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والامة يكتب عنده: أذنب فلان، أذنبت
فلانة يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر
رمضان دعاهم وجمعهم حوله
(1) أخرج الحديث محمد بن جرير الطبري في
دلائل الامامة ص 91 بدون ذكر المعجزات. (2) وردت هذه الكلمة في شرح نهج البلاغه ج
17 ص 46 طبع مصر سنة 1378 منسوبة للامام أمير المؤمنين عليه السلام قالها جوابا لمن
أثنى عليه في وجهه، وكان عنده متهما.
[104]
ثم أظهر الكتاب ثم قال: يا فلان فعلت كذا
وكذا، ولم اؤدبك أتذكر ذلك ؟ فيقول: بلى يا ابن رسول الله، حتى يأتي على آخرهم،
ويقررهم جميعا، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين
إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك
بالحق، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كلما عملت لديه حاضرا
كما وجدنا كلما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب
أن يعفو المليك عنك فاعف عنا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا ولا يظلم ربك أحدا،
كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها،
فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل، الذي لا يظلم مثقال حبة
من خردل، ويأتي بها يوم القيامة وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعف عنك
المليك ويصفح، فانه يقول: " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " وهو
ينادي بذلك على نفسك ويلقنهم، وهم ينادون معه وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب
إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا، وقد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت فاعف عنا، فانك أولى
بذلك منا ومن المأمورين وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤالا
ومساكين وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا ولا
تخيبنا فانك أولى بذلك منا ومن المأمورين، إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك وجدت
بالمعروف فأخلطني بأهل نوالك يا كريم، ثم يقبل عليهم فيقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم
عني ومما كان مني إليكم من سوء ملكة ؟ فاني مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم
جواد عادل محسن متفضل ؟ فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا، وما أسأت، فيقول لهم
قولوا: اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، فاعتقه من النار كما أعتق رقابنا
من الرق، فيقولون ذلك، فيقول: اللهم آمين رب العالمين اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت
رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز
تصونهم وتغنيهم عما
[105]
في أيدي الناس، وما من سنة إلا وكان يعتق
فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقل أو أكثر، وكان يقول: إن
لله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد
استوجب النار فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، وإني
لاحب أن يراني الله وقد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدنيا رجاء أن يعتق رقبتي من
النار. وما استخدم خادما فوق حول، كان إذا ملك عبدا في أول السنة أو في وسط السنة
إذا كان ليلة الفطر أعتق، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل
حتى لحق بالله تعالى، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم من حاجة يأتي بهم عرفات
فيسد بهم تلك الفرج والخلال، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم وجوائز لهم من المال (1).
94 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عمن يروي عن أبي
عبد الله عليه السلام إن علي بن الحسين صلوات الله عليهما تزوج سرية كانت للحسن بن
علي عليهما السلام، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فكتب إليه في ذلك كتابا إنك صرت
بعل الاماء، فكتب إليه علي بن الحسين عليهما السلام: إن الله رفع بالاسلام الخسيسة،
وأتم به الناقصة، وأكرم به من اللؤم، فلا لؤم على مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية، إن
رسول الله صلى الله عليه وآله أنكح عبده ونكح أمته، فلما انتهى الكتاب إلى عبد
الملك قال لمن عنده: أخبروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلا شرفا ؟
قالوا: ذاك أمير المؤمنين قال: لا والله ما هو ذاك ؟ قالوا: ما نعرف إلا أمير
المؤمنين قال: فلا والله ما هو بأميرالمؤمنين ولكنه علي بن الحسين (2). 95 - يب:
الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، قال: سألته
عن لبس الخز فقال: لا بأس به إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يلبس الكساء الخز
في الشتاء، فإذا جاء الصيف باعه وتصدق
(1) الاقبال ص 477. (2) الكافي ج 5 ص 345.
[106]
بثمنه، وكان يقول: إني لاستحيي من ربي أن
آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه (1). 96 - كا: العدة عن سهل، عن محمد بن عيسى، عن
سليمان بن راشد، عن أبيه قال: رأيت علي بن الحسين عليهما السلام وعليه دراعة (2)
سوداء وطيلسان (3) أزرق (4). 97 - كا: العدة، عن سهل، عن البزنطي، عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يلبس الجبة الخز
بخمسين دينارا والمطرف الخز بخمسين دينارا (4). 98 - كا: العدة، عن سهل، عن الوشاء،
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يلبس في
الشتاء الجبة الخز، والمطرف الخز، والقلنسوة الخز، فيشتو فيه ويبيع المطرف في الصيف
ويتصدق بثمنه، ثم يقول: " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق
(5). 99 - كا: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير عمن ذكره، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت لعلي بن الحسين عليه السلام وسائد وأنماط (6)
(1) تهذيب الاحكام ج 2 ص 369. (2)
الدراعة: جبة مشقوقة المقدم (تاج العروس). (3) الطيلسان: معرب مثلثة اللام ثوب يحيط
بالبدن ينسج للبس، خال عن التفضيل والخياطة، وفسره أدى شير بأنه: كساء مدور أخضر لا
أسفل له، لحمته أو سداه من صوف يلبسه الخواص من العلماء والمشايخ، وهو من لباس
العجم. (المعرب للجواليقى) (4) الكافي ج 6 ص 449. (5) الكافي ج 6 ص 450. (6)
الكافي: ج 6 ص 451 والاية في سورة الاعراف: 32. (7) الانماط: جمع نمط: ضرب من
البسط.
[107]
فيها تماثيل، يجلس عليها (1). 100 - كا:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت
علي بن الحسين عليهما السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام حتى
جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى، ثم سمعته يقول بصوت كأنه باك:
يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي، أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طالما
عاديتهم فيك (2). 101 - كا: علي، عن أبيه والقاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن
سليمان ابن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قال علي بن الحسين عليه
السلام: لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي، وكان
عليه السلام إذا قرأ " مالك يوم الدين " يكررها، حتى كان أن يموت (3). 102 - كا:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه يسخي نفسي في سرعة
الموت والقتل فينا قول الله: " أو لم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها " (4)
هو ذهاب العلماء (5). 103 - كا: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب
عن عبد الله بن غالب الاسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: حضرت علي ابن الحسين
عليه السلام يوما حين صلى الغداة فإذا سائل بالباب، فقال علي بن الحسين: أعطوا
السائل، ولا تردوا سائلا (6).
(1) الكافي: ج 6 ص 477. (2) الكافي: ج 2 ص
579. (3) الكافي: ج 2 ص 602. (4) سورة الرعد، الاية: 41. (5) الكافي: ج 1 ص 38. (6)
الكافي: ج 4 ص 15.
[108]
104 - دعوات الراوندي: عن محمد بن الحسين
الخزاز، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام
يلبس الصوت وأغلظ ثيابه إذا قام إلى الصلاة، وكان عليه السلام إذا صلى يبرز إلى
موضع خشن فيصلي فيه، ويسجد على الارض فأتى الجبان - وهو جبل بالمدينة -، يوما ثم
قام على حجارة خشنة محرقة، فأقبل يصلي، وكان كثير البكاء، فرفع رأسه من السجود
وكأنما غمس في الماء من كثرة دموعه. 6 * (باب) * (حزنه وبكائه على شهادة أبيه) * *
(صلوات الله عليهما) * 1 - قب: الصادق عليه السلام: بكى علي بن الحسين عليه السلام
عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن
رسول الله إني أخاف أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم
من الله ما لا تعلمون، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة. وفي رواية:
أما آن لحزنك أن ينقضي ؟ ! فقال له: ويحك إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا
عشر ابنا فغيب الله واحدا منهم، فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من
الغم، وكان ابنه حيا في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي
مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني ؟ وقد ذكر في الحلية (1) نحوه، وقيل: إنه بكى حتى
خيف على عينيه.
(1) حلية الاولياء: ج 3 ص 138.
[109]
وكان إذا أخذ إناء يشرب ماء بكى حتى
يملاها دمعا، فقيل له في ذلك فقال: وكيف لا أبكي ؟ وقد منع أبي من الماء الذي كان
مطلقا للسباع والوحوش. وقيل له: إنك لتبكي دهرك فلو قتلت نفسك لما زدت على هذا ؟
فقال: نفسي قتلتها وعليها أبكي (1). 2 - ل (2) لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن
عيسى، عن ابن معروف عن محمد بن سهيل البحراني رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام
قال: البكاؤن خمسة: آدم ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد، وعلي بن الحسين عليه
السلام فأما آدم: فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية، وأما يعقوب: فبكى
على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل له: " تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون
من الهالكين " (3) وأما يوسف: فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا: إما أن
تبكي بالنهار وتسكت بالليل، وإما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار، فصالحهم على واحد
منهما، وأما فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله: فكبت على رسول الله صلى الله عليه
وآله حتى تأذى بها أهل المدينة، وقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى
المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف، وأما علي بن الحسين عليهما
السلام: فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة وما وضع بين يديه طعام إلا بكى،
حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين
قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع
بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة (4). 3 - مل: أبي وجماعة مشايخي، عن سعد، عن ابن
أبي الخطاب، عن
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 303 طبع
النجف الاشرف. (2) الخصال للصدوق ص 131 أبواب الخمسة. (3) سورة يوسف، الاية: 85.
(4) أمالى الشيخ الصدوق ص 140.
[110]
أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: بكى علي بن الحسين بن علي صلى الله عليهم عشرين سنة أو
أربعين سنة إلى آخر ما مر (1). 4 - مل: محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن علي بن
أسباط، عن إسماعيل ابن منصور، عن بعض أصحابنا قال أشرف مولى لعلي بن الحسين عليهما
السلام وهو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له: يا علي بن الحسين أما آن لحزنك أن
ينقضي ؟ فرفع رأسه إليه فقال: ويلك أو ثكلتك امك، والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في
أقل مما رأيت حين قال: يا أسفى على يوسف، وإنه فقد ابنا واحدا، وأنا رأيت أبي
وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي، قال: وكان علي بن الحسين عليه السلام يميل إلى ولد
عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمك هؤلاء دون آل جعفر ! فقال: إني أذكر يومهم
مع أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام فأرق لهم (2). أقول: قد مضى بعض الاخبار
في ذلك في باب مكارمه وقد أوردنا تحقيقا في سبب حزنهم وبكائهم عليهم السلام في باب
قصص يعقوب عليه السلام ينفع تذكره في هذا المقام.
(1) كامل الزيارة لابن قولويه ص 107 طبع
النجف الاشرف. (2) كامل الزيارة ص 107.
[111]
7 * (باب) * * " (ما جرى بينه عليه السلام
وبين محمد ابن الحنفية) " * * (وسائر أقربائه وعشائره) * 1 - كا: محمد بن يحيى، عن
محمد بن أحمد، عن يوسف بن السخت، عن علي ابن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عيسى بن
عبد الله قال: احتضر عبد الله، فاجتمع إليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم، فقال: لا مال
عندي ما اعطيكم، ولكن ارضوا بمن شئتم من ابني عمي على بن الحسين وعبد الله بن جعفر،
فقال الغرماء: عبد الله بن جعفر ملئ مطول (1) وعلي بن الحسين عليه السلام رجل لا
مال له صدوق، وهو أحبهما إلينا، فأرسل إليه فأخبره الخبر، فقال: أضمن لكم المال إلى
غلة - ولم يكن له غلة - تجملا فقال القوم: قد رضينا، وضمنه، فلما أتت الغلة أتاح
الله عزوجل له المال فأداه (2). 2 - ج: روي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:
لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أرسل محمد ابن الحنفية إلى علي بن الحسين عليه
السلام، وخلا به ثم قال: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان
جعل الوصية والامامة من بعده لعلي ابن أبي طالب عليه السلام ثم إلى الحسن ثم إلى
الحسين وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلى الله عليه ولم يوص، وأنا عمك، وصنو أبيك،
وأنا في سني وقدمتي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني الوصية والامامة، ولا
تخالفني، فقال له على ابن الحسين عليه السلام: يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك
بحق، إني أعظك أن تكون من الجاهلين، يا عم إن أبي صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن
يتوجه إلى
(1) المطول: الكثير المطل وهو التسويف
بالعدة والدين. (2) الكافي ج 5 ص 97.
[112]
العراق، وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد
بساعة، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي، فلا تعرض لهذا فإني أخاف عليك
نقص العمر، وتشتت الحال، وإن الله تبارك وتعالى آلى أن لا يجعل الوصية والامامة إلا
في عقب الحسين عليه السلام فان أردت أن تعلم فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى
نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال الباقر عليه السلام: وكان الكلام بينهما، وهما يومئذ
بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين عليهما السلام لمحمد:
ابدء فابتهل إلى الله واسأله أن ينطق لك الحجر ثم أسأله، فابتهل محمد في الدعاء،
وسأل الله ثم دعا الحجر، فلم يجبه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أما إنك يا
عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك فقال له محمد: فادع أنت يا ابن أخي واسأله، فدعا الله
علي بن الحسين عليه السلام بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء
وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا بلسان عربي مبين: من الوصي
والامام بعد الحسين بن علي ؟ فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله
بلسان عربي مبين فقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين بن علي إلى علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فانصرف
محمد وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام (1). 3 - خص (2) ير: أحمد بن محمد ومحمد
بن الحسين معا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله، وزرارة، عن أبي جعفر
عليه السلام مثله (3). 4 - عم (4) قب: نوادر الحكمة، عن محمد بن أحمد بن يحيى
بالاسناد، عن جابر، وعن الباقر عليه السلام مثله. * (هامش * (1) الاحتجاج للطبرسي ص
172 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 348. (2) مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان
ص 14 طبع النجف الاشرف. (3) بصائر الدرجات ج 10 ص 17. (4) اعلام الورى ص 253 طبع
ايران سنة 1338 ش.
[113]
المبرد في الكامل (1) قال: أبو خالد
الكابلي لمحمد ابن الحنفية: أتخاطب ابن أخيك بما لا يخاطبك بمثله ؟ فقال: إنه
حاكمني إلى الحجر الاسود وزعم أنه ينطقه فصرت معه إلى الحجر فسمعت الحجر يقول: سلم
الامر إلى ابن أخيك فانه أحق به منك، فصار أبو خالد إماميا (2). ويروى أن عمر بن
علي خاصم علي بن الحسين عليه السلام إلى عبد الملك في صدقات النبي صلى الله عليه
وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أنا ابن المصدق وهذا ابن
ابن فأنا أولى بها منه، فتمثل عبد الملك بقول ابن أبي الحقيق: لا تجعل الباطل حقا
ولا تلط دون الحق بالباطل (3) قم يا علي بن الحسين فقد وليتكها، فقاما، فلما خرجا
تناوله عمر وآذاه فسكت عليه السلام عنه ولم يرد عليه شيئا، فلما كان بعد ذلك دخل
محمد بن عمر على علي ابن الحسين عليه السلام فسلم عليه وأكب عليه يقبله فقال علي:
يا ابن عم لا تمنعني قطيعة أبيك أن أصل رحمك فقد زوجتك ابنتي خديجة ابنة علي (4).
بيان: اللوط: اللصوق يقال: لاط به أي لصق به، أي لا تلزم الباطل عند ظهور الحق،
ويحتمل أن يكون من قولهم: لاط حوضه أي لا تجعل الباطل فوق الحق لتخفيه، وفيما سيأتي
في الباب الآتي في بعض نسخ الارشاد بالظاء المعجمة وهو من اللظ: اللزوم والالحاح
يقال: ألظ أي لازم ودام وأقام، وهذا يدل على ذم عمر بن علي، وأنه لم يستشهد مع
الحسين عليه السلام وقد مر الكلام فيه.
(1) لم نعثر عليه في الكامل رغم البحث عنه
قد راجعنا فهارس الاعلام للطبعة التى أشرف عليها أبو الاشبال أحمد محمد شاكر فلم
نجد ذكرا لابي خالد الكابلي. (2) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 288. (3) هذا البيت من
أبيات للربيع بن أبى الحقيق من بنى قريظة، وقد ذكره ابن عبد ربه الاندلسي في العقد
الفريد ج 4 ص 401 طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1363 قال أبو الحسن
المدائني قال: قدم عمر بن على الخ. (4) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 308.
[114]
5 - الفصول المهمة: قال سفيان: أراد علي
بن الحسين عليه السلام الحج فأنفذت إليه اخته سكينة بنت الحسين عليه السلام ألف
درهم فلحقوه بها بظهر الحرة (1) فلما نزل فرقها على المساكين (2). 6 - مهج: نقل من
مجموع عتيق قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى صالح ابن عبد الله المري عامله على
المدينة: أبرز الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان محبوسا في حبسه واضربه في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسمائة سوط، فأخرجه صالح إلى المسجد واجتمع
الناس، وصعد صالح المنبر يقرأ عليهم الكتاب، ثم ينزل فيأمر بضرب الحسن، فبينما هو
يقرأ الكتاب إذ دخل علي بن الحسين عليه السلام فأفرج الناس عنه، حتى انتهى إلى
الحسن، فقال له: يا ابن عم ادع الله بدعاء الكرب يفرج عنك، فقال: ما هو يا ابن عم
فقال: قل وذكر الدعاء، قال: وانصرف علي بن الحسين عليه السلام وأقبل الحسن يكررها،
فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل قال: أرى سجية رجل مظلوم أخروا أمره وأنا اراجع
أمير المؤمنين فيه، وكتب صالح إلى الوليد في ذلك، فكتب إليه: أطلقه (3). أقول: قد
مضى بعض الاخبار المناسبة لهذا الباب في باب مكارمه عليه السلام وباب معجزاته،
وبعضها في باب أحوال أولاد أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
(1) الحرة: الحرار في بلاد العرب كثيرة،
والحرة: كل أرض ذات حجار سود نخرة كأنما احرقت بالنار قد ألبستها، وأكثر الحرار حول
المدينة وتسمى مضافة إلى أماكنها، وقد ذكر صفى الدين البغدادي في مراصد الاطلاع
(26) حرة، منها حرة واقم الشرقية، وهى التى كانت بها وقعة الحرة الشهيرة أيام يزيد
بن معاوية سند 62 ه. (2) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص 189 طبع النجف وفيه
سقط. (3) مهج الدعوات ص 331.
[115]
8 * (باب) * (أحوال أهل زمانه من الخلفاء
وغيرهم، وما جرى بينه) * * (عليه السلام وبينهم، وأحوال أصحابه وخدمه) * * (ومواليه
ومداحيه صلوات الله عليه) * 1 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن
أبي علي صاحب الانماط، عن أبان بن تغلب قال: لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس
ترابها فلما صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها، خرجت عليهم حية، فمنعت الناس
البناء حتى هربوا فأتوا الحجاج، فخاف أن يكون قد منع بناها، فصعد المنبر ثم نشد
الناس وقال: رحم الله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به، قال: فقام إليه
شيخ فقال: إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى،
فقال الحجاج: من هو ؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام فقال: معدن ذلك فبعث إلى علي
بن الحسين عليه السلام فأتاه فأخبره بما كان من منع الله إياه البناء، فقال له علي
بن الحسين عليهما السلام: يا حجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في
الطريق وانتهبته كأنك ترى أنه تراث لك، اصعد المنبر وأنشد الناس أن لا يبقى أحد
منهم أخذ منه شيئا إلا رده، قال: ففعل وأنشد الناس أن لا يبقى منهم أحد عنده شئ إلا
رده قال: فردوه. فلما رأى جمع التراب أتى علي بن الحسين صلوات الله عليه فوضع
الاساس وأمرهم أن يحفروا، قال: فتغيبت عنهم الحية، فحفروا حتى انتهوا إلى موضع
القواعد، قال لهم علي بن الحسين عليه السلام: تنحوا، فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه
ثم بكى ثم غطاها بالتراب بيد نفسه، ثم دعا الفعلة فقال: ضعوا بناءكم قال: فوضعوا
البناء، فلما ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فالقي في جوفه فلذلك صار البيت
[116]
مرتفعا يصعد إليه بالدرج (1). 2 - ج: روي
أن زين العابدين عليه السلام مر بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمنى، فوقف عليه، ثم
قال: أمسك أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم أترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله
للموت إذا نزل بك غدا ؟ قال: لا قال: أفتحدث نفسك بالتحول والانتقال عن الحال التي
لا ترضاها لنفسك إلى الحال التي ترضاها ؟ قال: فأطرق مليا، ثم قال: إني أقول ذلك
بلا حقيقة قال: أفترجو نبيا بعد محمد صلى الله عليه وآله يكون لك معه سابقة ؟ قال:
لا، قال: أفترجو دارا غير الدار التي أنت فيها ترد إليها فتعمل فيها ؟ قال: لا،
قال: أفرأيت أحدا به مسكة عقل رضي لنفسه من نفسه بهذا، إنك على حال لا ترضاها ولا
تحدث نفسك بالانتقال إلى حال ترضاها على حقيقة ولا ترجو نبيا بعد محمد صلى الله
عليه وآله ولا دارا غير الدار التي أنت فيها فترد إليها فتعمل فهيا، وأنت تعظ الناس
؟ قال: فلما ولى عليه السلام قال الحسن البصري: من هذا ؟ قالوا: علي بن الحسين قال:
أهل بيت علم، فما رؤي الحسن البصري بعد ذلك يعظ الناس (2). 2 - قب (3) ج: لقي عباد
البصري علي بن الحسين عليه السلام في طريق مكة فقال له: يا علي بن الحسين تركت
الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، وإن الله عزوجل يقول: " إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون -
إلى قوله: وبشر المؤمنين " (4) فقال علي ابن الحسين: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه
صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (5)
(1) الكافي ج 4 ص 222 وأخرجه الصدوق في
علل الشرائع ص 448 طبع النجف وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 281 طبع النجف الاشرف.
(2) احتجاج الطبرسي ص 171. (3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 298. (4) سورة التوبة،
الاية: 111. (5) احتجاج الطبرسي ص 171.
[117]
أقول: قد مر في باب استجابة دعائه عليه
السلام حال كثير من صوفية زمانه. 4 - ختص: روى محمد بن جعفر المؤدب أن أبا إسحاق
عمرو بن عبد الله السبيعي صلى أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة، وكان يختم
القرآن في كل ليلة، ولم يكن في زمانه أعبد منه، ولا أوثق في الحديث عند الخاص
والعام، وكان من ثقات علي بن الحسين عليه السلام، ولد في الليلة التي قتل فيها أمير
المؤمنين عليه السلام وقبض وله تسعون سنة، وهو من همدان، اسمه عمرو بن عبد الله بن
علي بن ذي حمير ابن السبيع بن يبلغ الهمداني، ونسب إلى السبيع لانه نزل فيهم (1). 5
- ب: ابن عيسى، عن البزنطي قال: ذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال أبيه
وسعيد بن المسيب فقال: كانا على هذا الامر وقال: خطب أبي إلى القاسم بن محمد يعني
أبا جعفر عليهما السلام فقال القاسم لابي جعفر عليه السلام: إنما كان ينبغي لك أن
تذهب إلى أبيك حتى يزوجك (2). 6 - ما: المفيد عن محمد بن الحسين البصير، عن العباس
بن السري، عن شداد بن عبد المخزومي، عن عامر بن حفص قال: قدم عروة بن الزبير على
الوليد ابن عبد الملك ومعه محمد بن عروة، فدخل محمد دار الدواب فضربته دابة فخر
ميتا ووقعت في رجل عروة الآكلة ولم تدع وركه تلك الليلة فقال له الوليد: اقطعها
فقال: لا، فترقت إلى ساقه فقال له: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعها بالمنشار
وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: " لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ". وقدم على
الوليد تلك السنة قوم من بني عبس، فيهم رجل ضرير، فسأله عن عينيه وسبب ذهابهما
فقال: يا أمير المؤمنين بت ليلة من بطن واد ولا أعلم عبسيا يزيد حاله على حالي،
فطرقنا سيل، فذهب ما كان لي من أهل وولد ومال، غير بعير وصبي مولود، وكان البعير
صعبا فند (3) فوضعت الصبي واتبعت البعير، فلم
(1) الاختصاص للشيخ المفيد ص 83. (2) قرب
الاسناد ص 210 طبع النجف الاشرف. (3) ند البعير، نفر وذهب شاردا.
[118]
اجاوز إلا قليلا حتى سمعت صيحة ابني،
فرجعت إليه ورأس الذئب في بطنه يأكله ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني (1) برجله في
وجهي فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال ولا أهل ولا ولد ولا بصر، فقال الوليد:
انطلقوا إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاءا، وشخص عروة إلى المدينة
فأتته قريش والانصار فقال له عيسى بن طلحة بن عبيدالله: ابشر يا أبا عبد الله ! فقد
صنع الله بك خيرا والله ما بك حاجة إلى المشي فقال: ما أحسن ما صنع الله بي، وهب لي
سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن
ما شاء، ثم أخذ واحدة وترك خمسا: يدين ورجلا وسمعا وبصرا ثم قال: إلهي لئن كنت أخذت
لقد أبقيت، وإن كنت ابتليت لقد عافيت (2). 7 - نبه: روي أنه لما نزع معاوية بن يزيد
بن معاوية نفسه من الخلافة، قام خطيبا فقال: أيها الناس ما أنا بالراغب في التأمر
عليكم، ولا بالآمن لكراهتكم بل بلينابكم وبليتم بنا، إلا أن جدي معاوية نازع الامر
من كان أولى بالامر منه في قدمه وسابقته علي بن أبي طالب، فركب جدي منه ما تعلمون،
وركبتم معه ما لا تجهلون، حتى صار رهين عمله، وضجيع حفرته، تجاوز الله عنه، ثم صار
الامر إلى أبي، ولقد كان خليقا أن لا يركب سننه، إذ كان غير خليق بالخلافة فركب
ردعه (3) واستحسن خطأه فقلت مدته وانقطعت آثاره، وخمدت ناره، ولقد أنسانا الحزن به
الحزن عليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أخفت (4) يترحم على أبيه. ثم قال: وصرت
أنا الثالث من القوم الزاهد فيما لدي أكثر من الراغب وما كنت لاتحمل آثامكم، شأنكم
وأمركم خذوه، من شئتم ولايته فولوه قال:
(1) النفح: من نفحت الدابة الرجل ضربته
بحد حافرها. (2) أمالى الشيخ الطوسى 93. (3) يقال: ركب فلان ردعه: إذا ردع فلم
يرتدع. (4) الخفت: ضد الجهر، والمخافتة مفاعلة منه، والتخافت تكلفه.
[119]
فقام إليه مروان بن الحكم فقال: يا أبا
ليلى سنة عمرية، فقال له: يا مروان تخدعني عن ديني، ائتني برجال كرجال عمر أجعلها
بينهم شورى، ثم قال: والله إن كانت الخلافة مغنما فقد أصبنا منها حظا، ولئن كانت
شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها، ثم نزل فقالت له أمه: ليتك كنت حيضة فقال:
وأنا وددت ذلك، ولم أعلم أن لله نارا يعذب بها من عصاه وأخذ غير حقه (1). 8 - ختص:
هلك يزيد لعنه الله وهو ابن ثلاثة وستين سنة، وولي الامر أربع سنين، وهلك معاوية بن
يزيد وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وولي الامر أربعين ليلة (2). 9 - ختص (3) ير: عمران
بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن على بن معبد، عن علي بن الحسين، عن علي بن عبد
العزيز، عن أبيه، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما ولي عبد الملك بن مروان
واستقامت له الاشياء، كتب إلى الحجاج كتابا وخطه بيده: بسم الله الرحمن الرحيم من
عبد الله عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف أما بعد فجنبني دماء بني عبد
المطلب فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلا قليلا والسلام،
وكتب الكتاب سرا لم يعلم به أحد وبعث به مع البريد إلى الحجاج، وورد خبر ذلك من
ساعته على علي بن الحسين عليه السلام، واخبر أن عبد الملك قد زيد في ملكه برهة من
دهره لكفه عن بني هاشم وأمر أن يكتب ذلك إلى عبد الملك ويخبره بأن رسول الله صلى
الله عليه وآله أتاه في منامه وأخبره بذلك، فكتب علي بن الحسين عليه السلام بذلك
إلى عبد الملك بن مروان (4). 10 - حه: روى هشام [بن] الكلبي، عن أبيه قال: أدركت
بني أود (5) وهم
(1) تنبيه الخواطر ص 518. (2) الاختصاص ص
131. (3) نفس المصدر ص 314. (4) بصائر الدرجات ج 8 ص 11. (5) بنو أود - بفتح الهمزة
وسكون الواو وبالدال المهملة - حى من بنى سعد -
[120]
يعلمون أبناءهم وحرمهم سب علي بن أبي طالب
عليه السلام وفيهم رجل من رهط عبد الله بن إدريس بن هانئ، فدخل على الحجاج بن يوسف
يوما فكلمه بكلام فأغلظ له الحجاج في الجواب، فقال له: لا تقل هذا أيها الامير فلا
لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها إلا ونحن نعتد بمثلها، قال له: وما مناقبكم ؟
قال: ما ينقص عثمان ولا يذكر بسوء في نادينا قط قال: هذه منقبة قال: وما رؤي منا
خارجي قط قال: ومنقبة قال: وما شهد منا مع أبي تراب مشاهده إلا رجل واحد، فأسقطه
ذلك عندنا وأخمله، فما له عندنا قدر ولا قيمة قال: ومنقبة، قال: وما أراد منا رجل
قط أن يتزوج امرأة إلا سأل عنها هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير فإن قيل إنها تفعل
ذلك اجتنبها فلم يتزوجها قال: ومنقبة، قال: وما ولد فينا ذكر فسمي عليا ولا حسنا
ولا حسينا ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة قال: ومنقبة، قال: ونذرت امرأة منا حين
أقبل الحسين إلى العراق إن قتله الله أن تنحر عشر جزر (1) فلما قتل وفت بنذرها قال:
ومنقبة، قال: ودعي رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه فقال: نعم وأزيدكم حسنا وحسينا
قال: ومنقبة والله، قال: وقال لنا أمير المؤمنين عبد الملك أنتم الشعار دون الدثار
وأنتم الانصار بعد الانصار، قال: ومنقبة، قال: وما بالكوفة ملاحة إلا ملاحة بني
أود، فضحك الحجاج قال هشام بن الكلبي: قال لي أبي: فسلبهم الله ملاحتهم، آخر
الحكاية (2). 11 - يج: روى عن الباقر عليه السلام أنه قال: كان عبد الملك يطوف
بالبيت وعلي بن الحسين يطوف بين يديه ولا يلتفت إليه ولم يكن عبد الملك يعرفه بوجهه
فقال: من هذا الذي يطوف بين أيدينا ولا يلتفت إلينا ؟ فقيل: هذا علي بن الحسين
- العشيرة من كهلان من القحطانية، وهم بنو
أود بن صعب بن سعد العشيرة، وأيضا حى من همدان من كهلان من القحطانية، وهم بنو أود
بن عبد الله بن قادم بن زيد بن عريب بن حشم ابن حاشد بن حبران ابن نوف بن همدان
(نهاية الارب للقلقشندى) ص 83. (1) الجزر: جمع جزور، وهو ما يجزر من النوق أو
الغنم. (2) فرحة الغرى ص 7 طبع ايران سنة 1311 ملحقا بمكارم الاخلاق (*)
[121]
عليه السلام، فجلس مكانه، وقال: ردوه إلي
فردوه فقال له: يا علي بن الحسين إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إلي ؟
فقال علي بن الحسين عليهما السلام: إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد
أبي عليه بذلك آخرته، فان أحببت أن تكون كهو فكن، فقال: كلا، ولكن صر إلينا لتنال
من دنيانا، فجلس زين العابدين وبسط رداه وقال: اللهم أره حرمة أوليائك عندك، فإذا
إزاره مملوة دررا يكاد شعاعها يخطف الابصار، فقال له: من يكون هذا حرمته عند ربه
يحتاج إلى دنياك ؟ ! ثم قال: اللهم خذها فلا حاجة لي فيها (1). 12 - شا: هارون بن
موسى، عن عبد الملك بن عبد العزيز قال: لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة رد إلى
علي بن الحسين عليهما السلام صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وصدقات أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكانتا مضمومتين، فخرج عمر بن علي إلى عبد
الملك يتظلم إليه من ابن أخيه. فقال عبد الملك: أقول كما قال ابن أبي الحقيق: إنا
إذا مالت دواعي الهوى وأنصت السامع للقائل واصطرع الناس بألبابهم نقضي بحكم عادل
فاصل لا نجعل الباطل حقا ولا نلط دون الحق بالباطل نخاف أن تسفه أحلامنا فنخمل
الدهر مع الخامل (2) 13 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي جعفر محمد بن
إسماعيل قال: حج علي بن الحسين عليه السلام فاستجهر الناس من جماله، وتشوقوا له
وجعلوا يقولون: من هذا ؟ تعظيما له وإجلالا لمرتبته، وكان الفرزدق هناك فأنشأ يقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
(1) الخرائج والجرائح ص 194. (2) ارشاد
الشيخ المفيد ص 276 وقد سبق أن أشرنا إلى خروج عمر بن على إلى عبد الملك يطلب منه
توليته صدقات أمير المؤمنين عليه السلام وتمثل عبد الملك بابيات ابن أبى الحقيق،
نقلا عن العقد الفريد، فراجع.
[122]
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي
النقي الطاهر العلم يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء
ويغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم أي القبائل ليست في رقابهم لاولية هذا أوله
نعم من يعرف الله يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الامم إذا رأته قريش قال
قائلها: إلى مكارم هذا ينتهي الكرم (1) 14 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده،
عن داود بن القاسم، عن الحسين بن زيد، عن عمه عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين
عليه السلام إنه كان يقول: لم أر مثل التقدم في الدعاء، فإن العبد ليس تحضره
الاجابة في كل وقت وكان مما حفظ عنه عليه السلام من الدعاء حين بلغه توجه مسرف بن
عقبة إلى المدينة " رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية
ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، وقل عند
بلائه صبري فلم يخذلني، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ويا ذا النعماء التي لا
تحصى عددا، صل على محمد وآل محمد وادفع عني شره فاني أدرء بك في نحره وأستعيذ بك من
شره " فقدم مسرف بن عقبة المدينة وكان يقال لا يريد غير علي بن الحسين عليه السلام
فسلم منه وأكرمه وحباه ووصله، وجاء الحديث من غير وجه أن مسرف بن عقبة لما قدم
المدينة أرسل إلى علي بن الحسين عليه السلام فأتاه فلما صار إليه قربه وأكرمه وقال
له: أوصاني أمير المؤمنين ببرك وتمييزك من غيرك فجزاه خيرا ثم قال: أسرجوا له بغلتي
وقال له: انصرف إلى أهلك فاني أرى أن قد أفزعناهم وأتعبناك بمشيك إلينا، ولو كان
بأيدينا ما نقوى به على صلتك بقدر حقك لوصلناك، فقال له علي بن الحسين عليه السلام:
ما أعذرني للامير، وركب، فقال مسرف بن عقبة لجلسائه: هذا الخير الذي لا شر فيه مع
موضعه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومكانه منه (2).
(1) الارشاد ص 276. (2) الارشاد ص 277
وفيه: " ثم قال لمن حوله: أسرجوا له بغلتي ".
[123]
بيان: مسرف هو مسلم بن عقبة الذي بعثه
يزيد لعنه الله لوقعة الحرة فسمي بعدها مسرفا لاسرافه في إهراق الدماء، وقوله: ما
أعذرني للامير: الظاهر أن كلمة ما للتعجب أي ما أظهر عذره في ؟ ويحتمل أن تكون
نافية من قولهم أعذر إذا قصر أي ما قصر الامير في حقي، والاول أظهر. 15 - قب: حلية
الاولياء (1) ووسيلة الملا وفضائل أبي السعادات بالاسناد عن ابن شهاب الزهري قال:
شهدت علي بن الحسين عليه السلام يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام،
فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع فاستأذنتهم في التسليم والتوديع له، فأذنوا
فدخلت عليه، والاقياد في رجليه والغل في يديه، فبكيت وقلت: وددت أني مكانك وأنت
سالم، فقال: يا زهري أو تظن هذا بما ترى علي وفي عنقي يكربني ؟ أما لو شئت ما كان
فانه وإن بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من
القيد ثم قال: يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلتين من المدينة، قال: فما لبثنا إلا
أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه، فكنت فيمن سألهم عنه،
فقال لي بعضهم: إنا نراه متبوعا، إنه لنازل، ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما
وجدنا بين محمله إلا حديده، فقدمت بعد ذاك على عبد الملك فسألني عن علي بن الحسين
فأخبرته فقال: إنه قد جاءني في يوم فقده الاعوان، فدخل علي فقال: ما أنا وأنت ؟ !
فقلت: أقم عندي، فقال: لا احب، ثم خرج فوالله لقد امئلا ثوبي منه خيفة، قال الزهري:
فقلت: ليس علي بن الحسين عليه السلام حيث تظن إنه مشغول بنفسه فقال: حبذا شغل مثله
فنعم ما شغل به (2). 16 - كشف: عن الزهري مثله (3). بيان: قوله عليه السلام: وإن
بلغ بك أي لو شئت أن لا يكون بي ما ترى لم يكن
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 135. (2) مناقب
ابن شهر آشوب ج 3 ص 275. (3) كشف الغمة ج 2 ص 63.
[124]
وإنه وإن بلغ وبك وبأمثالك كل مبلغ من
الغم والحزن لكنه والله ليذكرني عذاب الله وإني لاحبه لذلك. وفي كشف الغمة: وإن بلغ
بك وبأمثالك غمر أي شدة وقوله: إنا نراه متبوعا أي يتبعه الجن ويخدمه ويطيعه قال
الفيروز آبادي: (1) التابعة الجني والجنية يكونان مع الانسان يتبعانه حيث ذهب. 17 -
قب: الحلية (2) والاغاني (3) وغيرهما (4): حج هشام بن عبد الملك
(1) القاموس ج 3 ص 8. (2) حلية الاولياء ج
3 ص 139 (3) الاغانى ج 14 ص 75 وج 19 ص 40 طبع الساسى بمصر. (4) وهم جمع كثير من
المتقدمين والمتأخرين وحسبك منهم من أعلامنا المتقدمين الشيخ المفيد في الاختصاص ص
191، والاربلى في كشف الغمة ج 2 ص 267 والراوندي في الخرايج والجرايح ص 195 والسيد
المرتضى في أماليه ج 1 ص 67 - 69 والشيخ حسين ابن عبد الوهاب معاصر المرتضى والرضى
ومشاركا لهما في بعض مشايخهما - في عيون المعجزات ص 63 طبع النجف. أما المتأخرون
فلا يسعنى ذكرهم لكثرتهم. أما سائر أعلام المسلمين الذين ذكروا ذلك فهم كثير واليك
طائفة منهم: أبو الفرج ابن الجوزى في صفة الصفوة ج 2 ص 54، والسبكي في طبقات
الشافعية ج 1 ص 153 وابن العماد الحنبلى في شذرات الذهب ج 1 ص 142، واليافعي في
مرآة الجنان ج 1 ص 239، وابن عساكر في تاريخه في ترجمة الامام زين العابدين عليه
السلام، وابن خلكان في وفيات الاعيان في ترجمة الفرزدق، وابن طلحة الشافعي في مطالب
السؤول ص 79 طبع ايران، وابن الصباغ المالكى في الفصول المهمة ص 193 طبع النجف،
وسبط ابن الجوزى في تذكرة الخواص ص 185 طبع ايران، والدميري في حياة الحيوان مادة
(الاسد). والسيوطي في شرح شواهد المغنى ص 249 طبع مصر سنة 1322، والكنجى الشافعي في
كفاية الطالب ص 303 طبع النجف، والخطيب التبريزي في شرح ديوان الحماسة ج 2 ص 28،
والعيني في شرح الشواهد الكبرى بهامش خزانة الادب للبغدادي -
[125]
فلم يقدر على الاستلام من الزحام، فنصب له
منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه
السلام وعليه إزار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كأنها
ركبة عنز، فجعل يطوف فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له، فقال
شامي: من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام فقال
الفرزدق وكان حاضرا: لكني أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس ؟ فأنشأ قصيدة
ذكر بعضها في الاغاني، والحلية، والحماسة، والقصيدة بتمامها هذه: يا سائلي أين حل
الجود والكرم ؟ عندي بيان إذا طلابه قدموا هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت
يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا
الذي أحمد المختار والده صلى عليه إلهي ما جرى القلم لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه
لخر يلثم منه ما وطى القدم هذا علي رسول الله والده أمست بنور هداه تهتدي الامم هذا
الذي عمه الطيار جعفر والمقتول حمزة ليث حبه قسم هذا ابن سيدة النسوان فاطمة وابن
الوصي الذي في سيفه نقم إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد
يمسكة عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم وليس قولك: من هذا ؟ بضائره العرب
تعرف من أنكرت والعجم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الاسلام والعجم
(هامش) * - ج 2 ص 513، والقيرواني في زهر الاداب ج 1 ص 65، وابن نباتة المصرى في
شرح رسالة ابن زيدون بهامش الغيث المسجم للصفدي ج 2 ص 163، وابن كثير الشامي في
البداية والنهاية ج 9 ص 108، وقال: وقد روى من طرق ذكرها الصولى والجريري وغير واحد
- الخ، وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 198 طبع مصر سنة 1375، والشبلنجى في نور
الابصار ص 129 والصاوى في ديوان الفرزدق ج 2 ص 848 وغيرهم وغيرهم.
[126]
يغضي حياءا ويغضى من مهابته فما يكلم إلا
حين يبتسم ينجاب نور الدجى عن نور غرته كالشمس ينجاب عن إشراقها الظلم بكفه خيزران
ريحه عبق من كف أروع في عرنينه شمم ما قال: " لا " قط إلا في تشهده لولا التشهد
كانت لاؤه نعم مشتقه من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم حمال أثقال
أقوام إذا فدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم إن قال قال بما يهوى جميعهم وإن تكلم
يوما زانه الكلم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضله
قدما وشرفه جرى بذاك له في لوحه القلم من جده دان فضل الانبياء له وفضل امته دانت
لها الامم عم البرية بالاحسان وانقشعت عنها العماية والاملاق والظلم كلتا يديه غياث
عم نفعهما يستو كفان ولا يعروهما عدم سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه خصلتان:
الحلم والكرم لا يخلف الوعد ميمونا نقيبته رحب الفناء أريب حين يعترم من معشر حبهم
دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويستزاد به الاحسان
والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل فرض ومختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا
أئمتهم أو قيل من خير أهل الارض قيل هم لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قوم
وإن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت والاسد أسد الشرى والبأس محتدم يأبى لهم أن
يحل الذم ساحتهم خيم كريم وأيد بالندى هضم لا يقبض العسر بسطا من أكفهم سيان ذلك إن
أثروا وإن عدموا أي القبائل ليست في رقابهم لاولية هذا أوله نعم ؟ من يعرف الله
يعرف أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الامم
[127]
بيوتهم في قريش يستضاء بها في النائبات
وعند الحكم أن حكموا فجده من قريش في ارومتها محمد وعلي بعده علم بدر له شاهد
والشعب من احد والخندقان ويوم الفتح قد علموا وخيبر وحنين يشهدان له وفي قريضة يوم
صيلم قتم مواطن قد علت في كل نائبة على الصحابة لم أكتم كما كتموا فغضب هشام ومنع
جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها ؟ قال: هات جدا كجده وأبا كأبيه واما كامه حتى
أقول فيكم مثلها، فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه
السلام فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر
من هذا لوصلناك به، فردها وقال: يا ابن رسول - الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله
ولرسوله، وما كنت لارزأ عليه شيئا، فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها فقد رأى
الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس، فكان مما
هجاه به قوله: أيحبسني بين المدينة والتي إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا
لم يكن رأس سيد وعينا له حولاء باد عيوبها (1)
(1) ديوان الفرزدق ج 1 ص 51 وفيه " يرددنى
" بدل " أيحبسنى " وتفاوت في البيت الثاني. ومن الغرائب - وبعض الغرائب مصائب - ان
هذا الديوان (عنى بجمعه وطبعه والتعليق عليه عبد الله اسماعيل الصاوى، صاحب دائرة
المعارف للاعلام العربية) إذا قرأنا مقدمته نجد الصاوى يشير في ص 5 ان هشاما حبس
الفرزدق بعسفان لما مدح على ابن الحسين عليه السلام سنة حج هشام مستندا في ذلك إلى
ابن خلكان، ثم يذكر أول البيتين اللذين قالهما الفرزدق في حبسه كما في الاصل نقلا
عن شرح رسالة ابن زيدون. هذا كله نجده في المقدمة، لكنا نجده في نفس الديوان في ج 1
ص 51 يذكر البيتين بتفاوت ثم يشير في الهامش إلى اختلاف الرواية في سبب انشائهما،
ويذكر رواية الاغانى المصرحة بأن الفرزدق قالهما حين حبسه هشام على مدحه على بن
الحسين عليه السلام بقصيدته التى - (*)
[128]
فأخبر هشام بذلك فأطلقه، وفي رواية أبي
بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة (1). 18 - كش: محمد بن مسعود، عن محمد بن جعفر، عن
محمد بن أحمد بن مجاهد عن الغلابي محمد بن زكريا، عن عبيدالله بن محمد بن عائشة، عن
أبيه مثله (2). بيان: قوله: عرفان مفعول لاجله، والاغضاء إدناء الجفون وأغضى على
الشئ سكت، وانجابت السحابة انكشفت، والخيزران بضم الزاء شجر هندي وهو عروق ممتدة في
الارض، والقصب، وعبق به الطيب بالكسر عبقا بالتحريك أي لزق به ورجل
- أولها " هذا الذى تعرف البطحاء وطأته "
- الخ. أما إذا رجعنا إلى نفس الديوان في حرف الميم في ج 2 ص 848 نجده يذكر ستة
أبيات فقط من القصيدة ولا أدرى ما الذى حداه إلى هذه الخيانة الادبية ؟ أليس هو
الذى سبق منه أن نقل عن تاريخ ابن خلكان والاغانى وشرح رسالة ابن زيدون سبب
انشائها، ان لم يعتمد هذه الكتب فلم نقل عنها ؟ وان اعتمدها في نقل السبب فلم لم
ينقل القصيدة بكاملها عنهم ؟ أليست هي جميعها من شعر الفرزدق ؟ ألم يعلم وهو (الذى
عنى بجمعه الخ) ان القصيدة مثبتة في ديوان الفرزدق قبل أن يخلق ؟ فهذا سبط ابن
الجوزى ذكر في تذكرة الخواص رواية أبى نعيم في الخلية للقصيدة، ثم عقب ذلك بقوله:
قلت: لم يذكر أبو نعيم في الحلية الا بعض هذه الابيات والباقى أخذته من ديوان
الفرزدق اه، ولعل الصاوى حاول تجاهل الواقع تقليدا لسلفه هشام حين تجاهل ذلك ؟ -
وظن - وظنه اثم - أنه بفعله - وفعله جرم - سيخفى الحقيقة، ولكن فاته أنها تظهر ولو
بعد حين. وان من الخير أن نرشد القارئ الكريم إلى الطبعة الجديدة من ديوان الفرزدق
(طبع دار صادر ودار بيروت) فقد أشار الاديب الفاضل الاستاذ كرم البستانى في مقدمة
الديوان ص 5 إلى هذه القصيدة العصماء، كما أنه ذكرها في ج 2 ص 178 وهى أول قصيدة في
حرف الميم. (1) المناقب ج 3 ص 306. (2) معرفة أخبار الرجال للكشي ص 86.
[129]
عبق: إذا تطيب بأدنى طيب لم يذهب عنه
أياما، والاروع من يعجبك بحسنه وجهارة منظره، والعرنين بالكسر الانف، والشمم محركة
ارتفاع قصبة الانف وحسنها واستواء أعلاها وانتصاب الاونبة أو ورود الارنبة وحسن
استواء القصبة وارتفاعها أشد من ارتفاع الذلف أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته.
وقوله: من كف: فيه تجريد مضاف إلى الاروع، والخيم بالكسر السجية والطبيعة، والشيم
بكسر الشين وفتح الياء جمع الشيمة بالكسر وهي الطبيعة، وفدحه الدين أثقله، واستوكف
استقطر، والبوادر جمع البادرة وهي ما يبدو من حدتك في الغضب من قول أو فعل،
والنقيبة النفس والعقل والمشورة ونفاذ الرأي والطبيعة والاريب العاقل. وقوله: يعترم
على المجهول من العرام بمعنى الشدة أي عاقل إذا أصابته شدة وقوله: بعد غايتهم بضم
الباء، والازمة الشدة وأزمت أي لزمت، والشرى كعلى طريق في سلمى كثيرة الاسد، واحتدم
عليه غيظا تحرق والنار التهبت والدم اشتدت حمرته حتى تسود، وفي بعض النسخ البأس
بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون وعلى الاول المراد أن شدتهم وغيظهم ملتهب في الحرب
وعلى الثاني المراد أن الناس محتدمون عليهم حسدا، قوله. خيم أي لهم خيم، والندى
المطر ويستعار للعطاء الكثير. وهضم ككتب جمع هضوم يقال يد هضوم أي تجود بما لديها،
وأثرى أي كثر ماله، والارومة كالاكولة الاصل. وقوله: والخندقان إشارة إلى غزوة
الخندق إما لكون الخندق محيطا بطرفي المدينة أولا نقسامه في الحفر بين المهاجرين
والانصار، والصيلم الامر الشديد والداهية، والقتام الغبار والاقتم الاسود كالقاتم
وقتم الغبار قتوما أرتفع، وأورده حياض قتيم كزبير الموت ذكرها الفيروز آبادي وقوله:
مواطن أي له أو هذه مواطن. وقال الفيروز آبادي: رزأه ماله كجعله وعمله رزء بالضم
أصاب منه شيئا ورزأه رزءا ومرزئة أصاب منه خيرا (1).
(1) القاموس ج 1 ص 16.
[130]
نقل كلام يناسب المقام فيه غرابة، قال
الزمخشري في الفايق (1) علي بن الحسين عليه السلام مدحه الفرزدق فقال: في كفه جنهي
ريحه عبق من كف أروع في عرنينه شمم قال القتيبي: الجنهي: الخيزران ومعرفتي هذه
الكلمة عجيبة وذلك أن رجلا من أصحاب الغريب سألني عنه فلم أعرفه، فلما أخذت من
الليل مضجعي أتاني آت في المنام: ألا أخبرته عن الجهني ؟ قلت: لم أعرفه قال: هو
الخيزران فسألته شاهدا فقال: هدية طرقنه، في طبق مجنه. فهببت وأنا اكثر التعجب فلم
ألبث إلا يسيرا حتى سمعت من ينشد: في كفه جنهي، وكنت أعرفه في كفه خيزران. 19 -
ختص: جعفر بن الحسين المؤمن، عن حيدر بن محمد بن نعيم ويعرف بأبي أحمد السمرقندي
تلميذ أبي النصر محمد بن مسعود، عن محمد بن جعفر، عن محمد ابن أحمد بن مجاهد، عن
الغلابي محمد بن زكريا، عن عبيدالله بن محمد بن عائشة مثل ما مر (2). 20 - ختص: علي
بن الحسين بن يوسف، عن محمد بن جعفر العلوي، عن الحسن بن محمد بن جمهور، عن أبي
عثمان المازني، عن كيسان، عن جويرية بن أسماء، عن هشام بن عبد الاعلى، عن فرعان
وكان من رواة الفرزدق، قال: حججت سنة مع عبد الملك بن مروان، فنظر إلى علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأراد أن يصغر منه فقال: من هو ؟ فقال
الفرزدق: فقلت على البديهة القصيدة المعروفة: هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي
النقي الطاهر العلم حتى أتمها وكان عبد الملك يصله في كل سنة بألف دينار فحرمه تلك
السنة فشكا ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام وسأله أن يكلمه فقال: أنا أصلك من
مالي
(1) الفائق للزمخشري ج 1 ص 219 طبع مصر
1364 ه. (2) الاختصاص ص 191.
[131]
بمثل الذي كان يصلك به عبد الملك وصنعن
كلامه فقال: والله يا ابن رسول الله لارزأتك شيئا، وثواب الله عزوجل في الآجل أحب
إلي من ثواب الدنيا في العاجل، فاتصل ذلك بمعاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، وكان
أحد سمحاء بني هاشم لفضل عنصره وأحد ادبائها وظرفائها فقال له: يا أبا فراس كم تقدر
الذي بقي من عمرك ؟ قال: قدر عشرين سنة، قال: فهذه عشرون ألف دينار أعطيتكها من
مالي وأعف أبا محمد أعزه الله عن المسألة في أمرك فقال: لقد لقيت أبا محمد وبذل لي
ماله فأعلمته أني أخرت ثواب ذلك لاجر الآخرة (1) 21 - قب: الروضة سأل ليث الخزاعي
سعيد بن المسيب، عن إنهاب المدينة قال: نعم شدوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله، ورأيت الخيل حول القبر، وانتهب المدينة ثلاثا فكنت أنا وعلي بن
الحسين نأتي قبر النبي صلى الله عليه وآله، فيتكلم علي بن الحسين بكلام لم أقف
عليه، فيحال ما بيننا وبين القوم، ونصلي ونرى القوم وهم لا يروننا، وقام رجل عليه
حلل خضر على فرس محذوف أشهب بيده حربة مع علي بن الحسين عليه السلام فكان إذا أومأ
الرجل إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وآله يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت من
غير أن يصيبه، فلما أن كفوا عن النهب دخل علي بن الحسين على النساء فلم يترك قرطا
في اذن صبي، ولا حليا على امرأة ولا ثوبا إلا أخرجه إلى الفارس فقال له الفارس: يا
ابن رسول الله إني ملك من الملائكة من شيعتك وشيعة أبيك لما أن ظهر القوم بالمدينة
استأذنت ربي في نصرتكم آل محمد، فأذن لي لان أدخرها يدا عند الله تبارك وتعالى وعند
رسوله صلى الله عليه وآله وعندكم أهل البيت إلى يوم القيامة (2). بيان: قوله محذوف
لعل المراد محذوف الذنب.
منعنى خ ل، يقال: صن عنه أي شمخ بأنفه
تكبرا، وفى المصدر المطبوع: صنى وهكذا في النسخة الكمبانى فتحرر (ب). (1) الاختصاص
ص 191. (2) المناقب ج 3 ص 284.
[132]
22 - قب: رأى علي بن الحسين عليهما السلام
الحسن البصري عند الحجر الاسود يقص فقال: يا هناه أترضى نفسك للموت ؟ قال: لا، قال:
فعملك للحساب ؟ قال: لا، قال: فثم دار العمل ؟ قال: لا، قال: فلله في الارض معاذ
غير هذا البيت ؟ قال: لا، قال: فلم تشغل الناس عن الطواف ! ؟ ثم مضى قال الحسن: ما
دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط أتعرفون هذا الرجل ؟ قالوا: هذا زين العابدين
فقال الحسن: ذرية بعضها من بعض (1). وكان الزهري عاملا لبني امية فعاقب رجلا فمات
الرجل في العقوبة، فخرج هائما وتوحش ودخل إلى غار، فطال مقامه تسع سنين، قال: وحج
علي بن الحسين عليه السلام فأتاه الزهري فقال له علي بن الحسين عليه السلام: إني
أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة إلى أهله، واخرج إلى
أهلك ومعالم دينك، فقال له: فرجت عني يا سيدي ! الله أعلم حيث يجعل رسالاته ورجع
إلى بيته، ولزم علي بن الحسين، وكان يعد من أصحابه، ولذلك قال له بعض بني مروان: يا
زهري ما فعل نبيك ؟ يعني علي بن الحسين عليه السلام (2). العقد (3) كتب ملك الروم
إلى عبد الملك: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة، لاغزونك بجنود مائة
الف ومائة ألف ومائة الف، فكتب عبد الملك إلى الحجاج أن يبعث إلى زين العابدين عليه
السلام ويتوعده ويكتب إليه ما يقول ففعل فقال علي بن الحسين عليه السلام: إن لله
لوحا محفوظا يلحظه في كل يوم ثلاثمائة لحظة، ليس منها لحظة إلا يحيي فيها ويميت،
ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء، وإني لارجو أن يكفيك منها لحظة واحدة، فكتب بها الحجاج
إلى عبد الملك، فكتب
(1) المناقب ج 3 ص 297. (2) المصدر السابق
ج 3 ص 298. (3) العقد الفريد ج 2 ص 203 وأخرجه عنه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص
299.
[133]
عبد الملك بذلك إلى ملك الروم، فلما قرأه
قال: ما خرج هذا إلا من كلام النبوة (1). 23 - قب: كان بابه يحيى بن ام الطويل
المطعمي، ومن رجاله من الصحابة جابر بن عبد الله الانصاري، وعامر بن واثلة الكناني،
وسعيد بن المسيب بن حزن وكان رباه أمير المؤمنين، قال زين العابدين عليه السلام:
سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدم من الآثار، أي في زمانه، وسعيد بن جبهان
الكناني مولى ام هانئ، ومن التابعين: أبو محمد سعيد بن جبير مولى بني أسد نزيل مكة،
وكان يسمى جهيد العلماء ويقرء القرآن في ركعتين، قيل: وما على الارض أحد إلا وهو
محتاج إلى علمه ومحمد بن جبير بن مطعم، وأبو خالد الكابلي، والقاسم بن عوف،
وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، وإبراهيم والحسن ابنا محمد ابن الحنفية، وحبيب بن
أبي ثابت وأبو يحيى الاسدي، وأبو حازم الاعرج، وسلمة بن دينار المدني الاقرن القاص
ومن أصحابه: أبو حمزة الثمالي بقي إلى أيام موسى عليه السلام، وفرات بن أحنف بقي
إلى أيام أبي عبد الله عليه السلام، وجابر بن محمد بن أبي بكر، وأيوب بن الحسن،
وعلي بن رافع، وأبو محمد القرشي السدي الكوفي، والضحاك بن مزاحم الخراساني أصله من
الكوفة، وطاووس بن كيسان أبو عبد الرحمان، وحميد بن موسى الكوفي، وأبان ابن تغلب بن
رباح، وأبو الفضل سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي، وقيس بن رمانة، وعبد الله البرقي،
والفرزدق الشاعر، ومن مواليه شعيب (2). 24 - جا: المرزباني، عن حنظلة أبي غسان، عن
هشام بن محمد، عن محرز ابن جعفر مولى أبي هريرة، قال: دخل أرطاة بن سمينة على عبد
الملك بن مروان وقد أتت عليه مائة وثلاثون سنة فقال له عبد الملك: ما بقي من شعرك
يا أرطاة ؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما أطرب ولا أغضب ولا أشرب، ولا يجيئني
الشعر إلا على هذا غير أني الذي أقول:
(1) المناقب ج 3 ص 299. (2) المناقب ج 3 ص
311.
[134]
رأيت المرء تأكله الليالي كأكل الارض
ساقطة الحديد وما تبقي المنية حين تأتي على نفس ابن آدم من مزيد وأعلم أنها ستكر
حتى توفي نذرها بأبي الوليد قال: فارتاع عبد الملك، وكان يكنى أبا الوليد فقال له
أرطاة: إنما عنيت نفسي يا أمير المؤمنين وكان يكنى أرطاة بأبي الوليد فقال عبد
الملك: وأنا والله سيمر بي الذي يمر بك (1). 25 - يل (2) فض: مما روي عن جماعة ثقات
أنه لما وردت حرة بنت حليمة السعدية على الحجاج بن يوسف الثقفي، فمثلت بين يديه،
قال لها: أنت حرة بنت حليمة السعدية ؟ قالت له: فراسة من غير مؤمن ! فقال لها: الله
جاء بك فقد قيل عنك إنك تفضلين عليا على أبي بكر وعمر وعثمان، فقالت: لقد كذب الذي
قال: إني افضله على هؤلاء خاصة قال: وعلى من غير هؤلاء ؟ قالت: افضله على آدم ونوح
ولوط وإبراهيم وداود وسليمان وعيسى بن مريم عليهم السلام فقال لها: ويلك إنك
تفضلينه على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الانبياء من اولي العزم من الرسل ؟ إن
لم تأتيني ببيان ما قلت، ضربت عنقك، فقالت: ما أنا مفضلته على هؤلاء الانبياء، ولكن
الله عزوجل فضله عليهم في القرآن بقوله عزوجل في حق آدم " وعصى آدم ربه فغوى " (3)
وقال في حق علي " وكان سعيكم مشكورا " (4) فقال: أحسنت يا حرة، فبما تفضلينه على
نوح ولوط ؟ فقالت: الله عزوجل فضله عليهما بقوله " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة
نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من
الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين " (5) وعلي بن أبي طالب كان ملاكه تحت سدرة
(1) أمالى الشيخ المفيد ص 77 طبع النجف.
(2) فضائل ابن شاذان ص 122 طبع بمبئ، سنة 1343 ه. (3) سورة طه، الاية: 121. (4)
سورة الانسان، الاية: 22. (5) سورة التحريم، الاية: 10.
[135]
المنتهى، زوجته بنت محمد فاطمة الزهراء
التي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها. فقال الحجاج: أحسنت يا حرة فبما تفضلينه
على أبي الانبياء إبراهيم خليل الله ؟ فقالت: الله عزوجل فضله بقوله " وإذ قال
إبراهيم رب أرني كيفت تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " (1)
ومولاي أمير المؤمنين قال قولا لا يختلف فيه أحد من المسلمين: لو كشف الغطاء ما
ازددت يقينا وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده فقال: أحسنت يا حرة فبما تفضلينه
على موسى كليم الله ؟ قالت: يقول الله عزوجل " فخرج منها خائفا يترقب " (2) وعلي
أبي طالب عليه السلام باب على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخف حتى أنزل
الله تعالى في حقه " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " (3). قال الحجاج:
أحسنت يا حرة فبما تفضلينه على داود وسليمان عليهما السلام ؟ قالت: الله تعالى فضله
عليهما بقوله عزوجل " يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا
تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " (4) قال لها: في أي شئ كانت حكومته ؟ قالت: في
رجلين رجل كان له كرم والآخر له غنم فنفشت الغنم بالكرم فرعته فاحتكما إلى داود
عليه السلام فقال: تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه،
فقال له ولده: لا يا أبة بل يؤخذ من لبنها وصوفها، قال الله تعالى: " ففهمناها
سليمان " (5) وإن مولانا أمير المؤمنين عليا عليه السلام قال: سلوني عما فوق العرش،
سلوني عما تحت العرش، سلوني قبل أن تفقدوني وإنه عليه السلام دخل على رسول الله صلى
الله عليه وآله يوم فتح خيبر فقال النبي
(1) سورة البقرة، الاية: 260. (2) سورة
القصص، الاية: 18. (3) سورة البقرة، الاية: 207. (4) سورة ص، الاية: 26. (5) سورة
الانبياء، الاية: 79.
[136]
صلى الله عليه وآله للحاضرين: أفضلكم
وأعلمكم وأقضاكم علي، فقال لها: أحسنت فبما تفضلينه على سليمان ؟ فقالت: الله تعالى
فضله عليه بقوله تعالى: " رب هب ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي " (1) ومولانا أمير
المؤمنين علي عليه السلام قال: طلقتك يا دنيا ثلاثا لا حاجة لي فيك، فعند ذلك أنزل
الله تعالى فيه " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فساد
" (2) فقال: أحسنت يا حرة فبما تفضلينه على عيسى بن مريم عليه السلام ؟ قالت: الله
تعالى عزوجل فضله بقوله تعالى " إذ قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس
اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن
كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما
قلت لهم إلا ما أمرتني به " الآية (3) فأخر الحكومة إلى يوم القيامة، وعلي بن أبي
طالب لما ادعوا النصيرية (4) فيه ما ادعوه قتلهم ولم يؤخر حكومتهم، فهذه كانت
فضائله لم تعد بفضائل غيره قال: أحسنت يا حرة خرجت من جوابك، ولو لا ذلك لكان ذلك،
ثم أجازها وأعطاها وسرحها سراحا حسنا رحمة الله عليها. 26 - ضه: قال أبو عبد الله
عليه السلام: إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام فكان علي يثني
عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الامر، وكان مستقيما، وذكر أنه لما
دخل على الحجاج بن يوسف قال: أنت
(1) سورة ص، الاية: 35. (2) سورة القصص،
الاية: 83. (3) سورة المائدة، الاية: 116. (4) النصيرية: طائفة من الغلاة السبأية
وملخص مقالتهم في الائمة من أهل البيت عليهم السلام، أنهم روح اللاهوت وقد نقل ابن
حزم في الفصل ج 4 ص 142، والشهرستانى في الملل والنحل بهامش الفصل ج 2 ص 22 وغيرهما
تفصيل مقالاتهم، وقال الشهرستاني عنهم: غلبوا في وقتنا هذا على جند الاردن بالشام
وعلى مدينة طبرية خاصة اه ولقد افترى الشهرستاني وابن حزم في عد هذه الطائفة من
فرق الشيعة.
[137]
شقي بن كسير ؟ قال: امي كانت أعرف بي،
سمتني سعيد بن جبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر، هما في الجنة أو في النار ؟
قال: لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها، ولو دخلت النار ورأيت أهلها
لعلمت من فيها، قال: فما قولك في الخلفاء ؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال: أيهم أحب
إليك ؟ قال: أرضاهم لخالقي قال: فأيهم أرضى للخالق ؟ قال: علم ذلك عند الذي يعلم
سرهم ونجواهم قال: أبيت أن تصدقني قال: بل لم احب أن اكذبك (1). 27 - ختص: جعفر بن
الحسين، عن أحمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن
أبي عبد الله مثله. (2) 28 - كا: حميد بن زياد، عن عبيدالله الدهقان، عن علي بن
الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن فضيل وعبيد، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: لما حضر محمد بن اسامه الموت دخلت عليه بنو هاشم فقال لهم:
قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم وعلي دين فاحب أن تضمنوه عني فقال علي بن الحسين
عليهما السلام: أما والله ثلث دينك علي ثم سكت وسكتوا، فقال علي بن الحسين عليهما
السلام: علي دينك كله ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: أما إنه لم يمنعني أن
أضمنه أولا إلا كراهة أن تقولوا: سبقنا (3). 29 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب،
عن أبي أيوب، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن يزيد بن
معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج، فبعث إلى رجل من قريش فأتاه، فقال له يزيد: أتقر
لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرققتك ؟ فقال له الرجل، والله يا يزيد ما أنت
بأكرم مني في قريش حسبا، ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والاسلام
(1) روضة الواعظين ص 248 وأخرجه الكشى في
رجاله ص 79 والمفيد في الاختصاص ص 205. (2) الاختصاص ص 205 وأخرجه الكشى في رجاله ص
79. (3) الكافي ج 8 ص 332 - (الروضة).
[138]
وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني،
فكيف اقر لك بما سألت ! ؟ فقال له يزيد: إن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل:
ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر
به فقتل، ثم أرسل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال له مثل مقالته للقرشي، فقال
له علي بن الحسين عليهما السلام: أرأيت إن لم اقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل
بالامس ؟ فقال له يزيد لعنه الله: بلى، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: قد
أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك، وإن شئت فبع، فقال له يزيد لعنه
الله: أولى لك حقنت دمك، ولم ينقصك ذلك من شرفك (1). بيان: قال الجوهري: قولهم أولى
لك: تهدد ووعيد، وقال الاصمعي: معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به، انتهى، أقول: هذا
المعنى لا يناسب المقام وإن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد، ولم يرض
بذلك عنه صلوات الله عليه، ويمكن أن يكون المراد أن هذا أولى لك وأحرى مما صنعه
القرشي. ثم اعلم أن في هذا الخبر إشكالا وهو أن المعروف في السير أن هذا الملعون لم
يأت المدينة بعد الخلافة، بل لم يخرج من الشام حتى مات ودخل النار، فنقول: مع عدم
الاعتماد على السير لا سيما مع معارضة الخبر، يمكن أن يكن اشتبه على بعض الرواة،
وكان في الخبر أنه جرى ذلك بينه عليه السلام وبين من أرسله المعلون لاخذ البيعة وهو
مسلم بن عقبة كما مر. قال ابن الاثير في الكامل: (2) لما سير يزيد مسلم بن عقبة
قال: فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا بما فيها من مال أو دابة أو سلاح فهو للجند،
فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه واستوص به خيرا فانه
لم يدخل مع الناس، وقد أتاني كتابه وقد كان مروان بن الحكم كلم ابن عمر لما أخرج
أهل المدينة عامل يزيد وبني امية في أن يغيب أهله عنده، فلم يفعل
(1) الكافي ج 8 ص 234 - (الروضه). (2)
الكامل لابن الاثير ج 4 ص 48 طبعة بولاق.
[139]
فكلم علي بن الحسين وقال: إن لي رحما
وحرمي تكون مع حرمك فقال: افعل فبعث بامرأته وهي عائشة ابنة عثمان بن عفان وحرمه
إلى علي بن الحسين، فخرج علي بحرمه وحرم مروان إلى ينبع، وقيل: بل أرسل حرم مروان
وأرسل معهم ابنه عبد الله إلى الطائف. ولما ظفر مسلم بن عقبة على المدينة واستباحهم
دعا الناس إلى البيعة ليزيد على أنهم خول له (1) يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم
ما شاء، فمن امتنع من ذلك قتله، فقتل لذلك جماعة، ثم أتى مروان بعلي بن الحسين فجاء
يمشي بين مروان وابنه عبد الملك حتى جلس بينهما عنده، فدعا مروان بشراب ليتحرم بذلك
فشرب منه يسيرا ثم ناوله علي بن الحسين فلما وقع في يده قال مسلم: لا تشرب من
شرابنا، فارعد كفه ولم يأمنه على نفسه وأمسك القدح، فقال: جئت تمشي بين هؤلاء لتأمن
عندي ؟ والله لو كان إليهما لقتلتك، ولكن أمير المؤمنين أوصاني بك وأخبرني أنك
كاتبته، فإن شئت فاشرب، فشرب ثم أجلسه معه على السرير، ثم قال: لعل أهلك فزعوا ؟
قال: إي والله، فأمر بدابته فاسرجت له، ثم حمله عليها فرده، ولم يلزمه البيعة ليزيد
على ما شرط على أهل المدينة (2). 30 - ين: النضر، عن حسن بن موسى، عن زرارة، عن
أحدهما عليه السلام قال: إن علي بن الحسين عليه السلام تزوج ام ولد عمه الحسن عليه
السلام، وزوج امه مولاه فلما بلغ ذلك عبد الملك بن مروان كتب إليه: يا علي بن
الحسين كأنك لا تعرف موضعك من قومك، وقدرك عند الناس، تزوجت مولاة وزوجت مولاك بامك
(1) الخول: حشم الرجل وأتباعه، واحدهم
خائل، وقد يكون واحدا، ويقع على العبد والامة، وهو مأخوذ من التخويل: التمليك، وقيل
من الرعاية (ومنه حديث أبى هريرة) إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين كان عباد الله
خولا، أي خدما وعبيدا، أي أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم (النهاية ج 2 ص 6). (2)
الكامل لابن الاثير ج 4 ص 51.
[140]
فكتب إليه علي بن الحسين عليه السلام:
فهمت كتابك، ولنا اسوة برسول الله صلى الله عليه وآله فقد زوج زينب بنت عمه زيدا
مولاه وتزوج مولاته صفية بنت حيي بن أخطب (1). 31 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن
المفضل بن محمد بن حارث، عن أبيه عن عبد الجبار بن سعيد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان
قال: سمع عامر بن عبد الله ابن الزبير وكان من عقلاء قريش ابنا له ينتقص علي بن
أبيطالب عليه السلام فقال له: يا بني لا تنتقص عليا فإن الدين لم يبن شيئا فاستطاعت
الدنيا أن تهدمه وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا هدمه الدين، يا بني إن بني امية لهجوا
بسب علي بن أبي طالب عليه السلام في مجالسهم ولعنوه على منابرهم، فكأنما يأخذون
والله بضبعيه (2) إلى السماء مدا، وإنهم لهجوا بتقريظ ذويهم وأوائلهم من قومهم
فكأنما يكشفون منهم عن أنتن من بطون الجيف، فأنهاك عن سبه (3). 32 - لى: العطار، عن
أبيه، عن الاشعري، عن ابن يزيد، عن عبد الله بن محمد المزخرف، عن علي بن عقبة، عن
ابن بكير قال: أخذ الحجاج موليين لعلي فقال لاحدهما: ابرأ من علي فقال: ما جزاي إن
لم أبرأ منه ؟ فقال: قتلني الله إن لم أقتلك، فاختر لنفسك: قطع يديك أو رجليك ؟
قال: فقال له الرجل: هو القصاص فاختر لنفسك قال: تالله إني لارى لك لسانا وما أظنك
تدري من خلقك أين ربك ؟ قال: هو بالمرصاد لكل ظالم، فأمر بقطع يديه ورجليه وصلبه،
قال: ثم قدم صاحبه الآخر فقال: ما تقول ؟ فقال: أنا على رأي صاحبي قال: فأمر أن
يضرب عنقه ويصلب (4). أقول: قد مر بعض أخبار الباب في أبواب أحوال أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام.
(1) كتاب الزهد باب التواضع والكبر (مخطوط
بمكتبي الخاصة). (2) الضبع: بسكون الباء وسط العضد، وقيل هو ما تحت الابط (النهاية
ج 3 ص 11). (3) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 23 الملحق بأمالى والده عند الطبع. (4)
أمالى الصدوق ص 302.
[141]
22 - يج: روي أن علي بن الحسين عليه
السلام حج في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وهو خليفة فاستجهر الناس منه
عليه السلام، وتشوفوا وقالوا لهشام: من هو ؟ قال هشام: لا أعرفه لئلا يرغب الناس
فيه، فقال الفرزدق وكان حاضرا أنا أعرفه: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته - إلى آخر
القصيدة فبعثه هشام وحبسه ومحا اسمه من الديوان، فبعث إليه علي بن الحسين عليه
السلام بدنانير فردها، وقال: ما قلت ذلك إلا ديانة، فبعث بها إليه أيضا، وقال: قد
شكر الله لك ذلك، فلما طال الحبس عليه - وكان يوعده بالقتل - شكا إلى علي بن الحسين
عليهما السلام، فدعا له فخلصه الله، فجاء إليه وقال يا ابن رسول الله: إنه محا اسمي
من الديوان فقال: كم كان عطاؤك ؟ قال: كذا، فأعطاه لاربعين سنة وقال عليه السلام:
لو علمت أنك تحتاج إلى أكثر من هذا لاعطيتك فمات الفرزدق بعد أن مضى أربعون سنة
(1). بيان: قال الفيروز آبادي: جهر الرجل نظر إليه وعظم في عينه وراعه جماله وهيئته
كاجتهره وجهر وجهير بين الجهورة والجهارة ذو منظر حسن والجهر بالضم هيئة الرجل وحسن
منظره، وقال: تشوف إلى الخبر تطلع، ومن السطح تطاول ونظر وأشرف. 23 - الفصول
المهمة: شاعره الفرزدق وكثير عزة، بوابه أبو جبلة معاصره مروان، وعبد الملك،
والوليد ابنه (2). 24 - كا: علي، عن أبيه، ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن ابن
بزيع جميعا، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما
بالمدينة، فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا: ممن القوم ؟ فقلنا: من أهل العراق
فقال: وأي العراق ؟ فقلنا: كوفيون فقال: مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار دون
الدثار، ثم قال: ما يمنعكم من الازر فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عورة
المؤمن
(1) الخرائج والجرائح ص 195 وفيه (فاستخبر
الناس عنه). (2) الفصول المهمة ص 187 طبع النجف.
[142]
على المؤمن حرام قال: ثم بعث إلى أبي
كرباسة فشقها بأربعة ثم أعطى كل واحد منا واحدا فدخلنا فيها، فلما كنا في البيت
الحار صمد لجدي، فقال: يا كهل ما يمنعك من الخضاب ؟ فقال له جدي: أدركت من هو خير
مني ومنك لا يختضب قال: فغضب لذلك حتى عرفنا غضبه في الحمام، قال: ومن ذاك الذي هو
خير مني ؟ ! فقال: أدركت علي بن أبي طالب عليه السلام وهو لا يختضب قال: فنكس رأسه
وتصاب عرقا فقال: صدقت وبررت ثم قال: يا كهل إن تختضب فان رسول الله صلى الله عليه
وآله قد خضب وهو خير من علي، وإن تترك فلك بعلي سنة، قال: فلما خرجنا من الحمام
سألنا عن الرجل فإذا هو علي بن الحسين، ومعه ابنه محمد بن علي صلوات الله عليهم
(1). 25 - كا: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمر عن جابر
قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: ما ندري كيف نصنع بالناس ؟ إن حدثناهم بما
سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله ضحكوا: وإن سكتنا لم يسعنا قال: فقال ضمرة
ابن معبد: حدثنا ! فقال: هل تدرون ما يقول عدو الله إذا حمل على سريره ؟ قال:
فقلنا: لا، فقال: إنه يقول لحملته: ألا تسمعون أني أشكو إليكم عدو الله خدعني
وأوردني ثم لم يصدرني، وأشكو إليكم إخوانا واخيتهم فخذلوني، وأشكو إليكم أولادا
حاميت عنهم فخذلوني، وأشكو إليكم دارا أنفقت فيها حريبتي (2) فصار سكانها غيري،
فارفقوا بي ولا تستعجلوا ! قال: فقال ضمرة: يا ابا الحسن إن كان هذا يتكلم بهذا
الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه، قال: فقال علي ابن الحسين عليه
السلام: اللهم إن كان ضمرة هزأ من حديث رسولك فخذه أخذ أسف قال: فمكث أربعين يوما
ثم مات فحضره مولى له قال: فلما دفن أتى علي بن الحسين عليهما السلام فجلس إليه،
فقال له: من أين جئت يا فلان ؟ قال: من جنازة ضمرة فوضعت وجهي عليه حين سوي عليه
فسمعت صوته والله أعرفه كما كنت أعرفه وهو
(1) الكافي ج 6 ص 497. (2) الحريبة: مال
الرجل الذى يعيش به، ويقوم به أمره الصحاح - النهاية. (*)
[143]
حي يقول: ويلك يا ضمرة بن معبد اليوم خذلك
كل خليل، وصار مصيرك إلى الجحيم، فيها مسكنك ومبيتك والمقيل، قال: فقال علي بن
الحسين عليه السلام: أسأل الله العافية هذا جزاء من يهزأ من حديث رسول الله صلى
الله عليه وآله (1). أقول: قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2):
كان سعيد ابن المسيب منحرفا عن أمير المؤمنين، وجبهه محمد بن علي في وجهه بكلام
شديد روى عبد الرحمن بن الاسود، عن أبي داود الهمداني قال: شهدت سعيد بن المسيب
وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب، فقال له سعيد: يا ابن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله كما تفعل إخوتك وبنو عمك فقال عمر: يا ابن المسيب
أكلما دخلت المسجد أجئ فاشهدك ؟ فقال: سعيد: ما احب أن تغضب سمعت أباك يقول: إن لي
من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الارض من شئ فقال عمر: وأنا سمعت
أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا حتى يتكلم بها، فقال سعيد: يا
ابن أخي جعلتني منافقا ؟ فقال: هو ما أقول ثم انصرف. وكان الزهري من المنحرفين عنه،
وروى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة
بن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام فجاء
حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة فان أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لابي على
أبيك، وأما أنت يا زهري فلو كنت بمكة لاريتك كرامتك. أقول: ثم ذكر أحوال كثير من
أهل زمانه عليه السلام ثم قال: روى أبو عمر النهدي قال: سمعت علي بن الحسين عليه
السلام يقول: ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا (3). 26 - ختص: أصحاب علي بن
الحسين عليه السلام: أبو خالد الكابلي - كنكر -
(1) الكافي ج 3 ص 234. (2) شرح نهج
البلاغة لابن أبى الحديد ج 4 ص 101 طبع مصر سنة 1379 ه. (3) شرح نهج البلاغة ج 4 ص
104.
[144]
ويقال: اسمه وردان، يحيى بن ام الطويل (1)
سعيد بن المسيب المخزومي، حكيم ابن جبير (2). 27 - د: قال رجل لسعيد بن المسيب: ما
رأيت رجلا أورع من فلان قال: فهل رأيت علي بن الحسين ؟ قال: لا، قال: ما رأيت رجلا
أورع منه. 28 - ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن علي بن سليمان، وحدثنا أحمد ابن
محمد بن يحيى، عن سعد، عن محمد بن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه، عن أبي
الحسن موسى عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري علي بن
الحسين ؟ فيقوم جبير بن مطعم، ويحيى بن ام الطويل، وأبو خالد الكابلي وسعيد بن
المسيب (3). أقول: تمامه في كتاب الفتن في باب أحوال أصحاب أمير المؤمنين عليه
السلام. 29 - ختص: جعفر بن الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن
يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتد الناس بعد الحسين عليه
السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، يحيى بن ام الطويل، وجبير بن مطعم ثم إن الناس
لحقوا وكثروا، وكان يحيى بن ام الطويل يدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله،
ويقول: كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء (4).
(1) في المصدر: بعد يحيى بن ام الطويل،
المطعم. والمراد به هو محمد بن جبير ابن مطعم، فقد ذكر الكشى في رجاله ص 76 طبع
بمبئى: قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمن - الامام - على بن الحسين عليه السلام
في أول أمره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم،
يحيى بن ام الطويل، أبو خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر. (2) الاختصاص ص 8.
(3) الاختصاص ص 61 ورواه الكشى في رجاله ص 7 ضمن حديث طويل. (4) نفس المصدر ص 64
وأخرجه الكشى في رجاله ص 81.
[145]
9 * " باب " * * (نوادر أخباره صلوات الله
عليه) * 1 - يج: روى أبو حمزة الثمالي قال: خرجت مع علي بن الحسين عليه السلام إلى
ظاهر المدينة، فلما وصل إلى حائط قال: إني انتهيت يوما إلى هذا الحائط فاتكأت عليه،
فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في وجهي، ثم قال لي: ما أزال أراك حزينا أعلى
الدنيا ؟ فهو رزق حاضر يأكل منه البر والفاجر قلت: ما على الدنيا حزني وإن القول
لكما تقول، قال: أفعلى الآخرة ؟ فهي وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر فعلام حزنك ؟ قلت:
الحزن من ابن الزبير فتبسم فقال: هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ قلت: لا،
قال: فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه ؟ قلت: لا، قال: فهل رأيت أحدا خاف الله فلم
ينجه ؟ قلت: لا، قال عليه السلام: فإذا ليس قدامي أحد (1). 2 - كشف: عن الثمالي
مثله، وفي آخره، فغاب عني فقيل لي: يا علي ابن الحسين هذا الخضر عليه السلام ناجاك
(2). بيان: إنما بعث الله الخضر ليسليه ويذكره عليه السلام وهذا لا ينافي كونه عليه
السلام أفضل من الخضر عليه السلام كما أن الملائكة يبعثهم الله لتعليم أنبيائه
وتذكيرهم مع كونهم أفضل منهم. 3 - شا: الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن يعقوب بن
يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيرة، عن أبي حفص الاعشى، عن الثمالي مثله (3).
(1) الخرائج والجرائح ص 196. (2) كشف
الغمة ج 2 ص 265. (3) ارشاد المفيد ص 275.
[146]
4 - قب: عن علي بن الحسين عليهما السلام:
لكم ما تدعون بغير حق إذا ميز الصحاح من المراض ؟ عرفتم حقنا فجحدتمونا كما عرف
السواد من البياض كتاب الله شاهدنا عليكم وقاضينا الا له فنعم قاض (1) بيان: البيت
الاول على الاستفهام الانكاري ويحتمل أن يكون المراد: لكم بغير حق ما تدعون أنه لكم
حقا. 5 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن يوسف بن السخت، عن علي ابن محمد بن
سليمان، عن الفضل بن سليمان، عن العباس بن عيسى قال: ضاق علي بن الحسين عليه السلام
ضيقة فأتى مولى له فقال له: اقرضني عشرة آلاف درهم إلى ميسرة، فقال: لا لانه ليس
عندي، ولكني اريد وثيقة قال: فنتف له من ردائه هدبة (2) فقال: هذه الوثيقة قال:
فكأن مولاه كره ذلك فغضب وقال: أنا أولى بالوفاء أم حاجب بن زرارة ؟ (3) فقال: أنت
أولى بذلك منه قال: فكيف صار حاجب يرهن قوسا وإنما هي خشبة على مائة حمالة (4) وهو
كافر فيفي وأنا لا أفي
(1) المناقب ج 3 ص 310. (2) الهدبة: بالضم
وبضمتين خمل الثوب، وطرف الثوب مما يلى طرته. (3) حاجب بن زرارة هو ذو القوس، أتى
كسرى في جدب أصابهم بدعوة النبي صلى الله عليه وآله يستأذنه لقومه أن يصيروا في
ناحية من بلاده حتى يحيوا، فقال: انكم معاشر العرب غدر حرص فان أذنت لكم أفسدتم
البلاد وأغرتم على العباد، قال حاجب: انى ضامن للملك أن لا يفعلوا، قال فمن لى بأن
تقى ؟ قال: أرهنك قوسى، فضحك من حوله فقال كسرى: ما كان ليسلمها أبدا، فقبلها منه
وأذن لهم، ثم احيى الناس بدعوة النبي صلى الله عليه وآله وقد مات حاجب، فارتحل
عطارد ابنه إلى كسرى يطلب قوس أبيه فردها عليه وكساه حلة، فلما رجع أهداها للنبى
صلى الله عليه وآله فلم يقبلها فباعها من يهودى بأربعة آلاف درهم. (4) الحمالة:
بالفتح ما يتحمله عن القوم من الغرامة.
[147]
بهدبة ردائي قال: فأخذها الرجل منه وأعطاه
الدراهم، وجعل الهدبة في حق (1) فسهل الله جل ذكره المال فحمله إلى الرجل، ثم قال
له: قد أحضرت مالك فهات وثيقتي فقال له: جعلت فداك ضيعتها، قال: إذا لا تأخذ مالك
مني ليس مثلي يستخف بذمته، قال: فأخرج الرجل الحق فإذا فيه الهدبة فأعطاه علي بن
الحسين عليهما السلام الدراهم وأخذ الهدية فرمى بها وانصرف (2). 10 * (باب) *
(وفاته عليه السلام) * 1 - فس: أبي، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن صلوات الله
عليه قال: لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة اغمي عليه ثلاث مرات فقال في
المرة الاخيرة: الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء
فنعم أجر العاملين، ثم مات صلوات الله عليه (3). 2 - ير: أحمد بن الحسن بن فضال،
وأحمد بن محمد معا، عن ابن فضال عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول: كانت لعلي بن الحسين ناقة قد حج عليها اثنين وعشرين حجة، ما قرعها
بمقرعة قط، قال: فجاءت بعد موته، فما شعرت بها حتى جاءني بعض الموالي فقال: إن
الناقة قد خرجت فأتت قبر علي بن الحسين فبركت عليه ودلكت بجرانها وترغو فقلت:
أدركوها
(1) الحقة: وعاء من خشب والجمع حق وحقوق
وحقق وأحقاق وحقاق. (2) الكافي ج 5 ص 96. (3) تفسير على بن ابراهيم القمى ص 582.
[148]
فجاؤني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها
فقال أبو جعفر عليه السلام: وما كانت رأت القبر قط (1). بيان: جران البعير بالكسر
مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره. 3 - ير: أحمد بن محمد، عن البرقي، عن ابن أبي عمير،
عن حفص بن البختري عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما مات علي بن الحسين
كانت ناقة له في الرعي جاءت حتى ضربت بجرانها على القبر وتمرغت عليه فأمرت بها فردت
إلى مرعاها وإن أبي كان يحج عليها ويعتمر، وما قرعا قرعة قط (2). 4 - خص (3) ير:
محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمران، عن رجل، عن أبي
عبد الله قال: لما كان الليلة التي وعدها علي بن الحسين قال لمحمد: يا بني أبغني
وضوءا قال: فقمت فجئت بوضوء فقال: لا ينبغي هذا فان فيه شيئا ميتا قال: فجئت
بالمصباح فإذا فيه فارة ميتة، فجئته بوضوء غيره، قال: فقال: يا بني هذه الليلة التي
وعدتها، فأوصى بناقته أن يحضر لها عصام، ويقام لها علف فجعلت فيه، فلم تلبث أن خرجت
حتى أتت القبر فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها، فاتي محمد بن علي فقيل: إن الناقة
قد خرجت إلى القبر فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها، فأتاها فقال: مه الآن قومي
بارك الله فيك فثارت ودخلت موضعها فلم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر فضربت بجرانها
ورغت وهملت عيناها فاتي محمد بن علي فقيل له: إن الناقة قد خرجت، فأتاها فقال: مه
الآن قومي فلم تفعل قال: دعوها فانها مودعة، فلم تلبث إلا ثلاثة حتي نفقت، وإن كان
ليخرج عليها إلى مكة فيعلق السوط بالرحل فما يقرعها
(1) بصائر الدرجات ج 7 باب 15، وأخرجه
الكليني في الكافي ج 1 ص 467 والمفيد في الاختصاص ص 300. (2) بصائر الدرجات ج 7 باب
15، وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 467 والمفيد في الاختصاص ص 301. (3) مختصر
بصائر الدرجات ص 7.
[149]
قرعة حتى يدخل المدينة (1). 5 - خص: وروي
أنه حج عليها أربعين حجة. بيان: بغيت الشئ طلبته وبغيتك الشئ طلبته لك، والعصام
رباط القربة أي حبل ونحوه تربط به، وفي بعض النسخ كما في الكافي حظار وهو الحظيرة
تعمل للابل من شجر لتقيها البرد والريح (2). 6 - ضا: نروى أن علي بن الحسين عليه
السلام لما أن مات قال أبو جعفر: لقد كنت أكره أن أنظر إلى عورتك في حياتك فما أنا
بالذي أنظر إليها بعد موتك فأدخل يده وغسل جسده ثم دعا ام ولد له فأدخلت يدها،
فغسلت عورته، وكذلك فعلت أنا بأبي (3). 7 - يج: روي أن الباقر روى عن أبيه علي بن
الحسين عليهم السلام أنه اتي في الليلة التي قبض فيها بشراب فقيل له: اشرب فقال:
هذه الليلة وعدت أن اقبض فيها (4). 8 - كش: روي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري،
عن سعيد بن المسيب، وعبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد قال: قلت لسعيد بن المسيب
إنك أخبرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية وأنك لا تعرف له نظيرا قال: كذلك، وما
هو مجهول ما أقول فيه، والله ما رؤي مثله قال علي بن زيد: فقلت: والله إن هذه الحجة
الوكيدة عليك يا سعيد فلم لم تصل على جنازته ؟ فقال: إن القراء كانوا لا يخرجون إلى
مكة حتى يخرج علي بن الحسين عليه السلام فخرج وخرجنا معه ألف راكب، فلما صرنا
بالسقيا نزل فصلى وسجد سجدة الشكر فقال فيها -.
(1) بصائر الدرجات ج 10 باب 9، وأخرجه
الكليني في الكافي ج 1 ص 468 وفى سنده (عن أبى عمارة) بدل ابن عمران. (2) مختصر
بصائر الدرجات ص 7. (3) فقه الرضا في (باب آخر في الصلاة على الميت) طبع ايران سنة
1274 ه. (4) لم نعثر عليه في الخرائج والجرائح.
[150]
وفي رواية الزهري، عن سعيد بن المسيب قال:
كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج عليه السلام
فخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده، فلم يبق شجر ولا مدر إلا
سبحوا معه ففزعنا فرفع رأسه وقال: يا سعيد أفزعت ؟ فقلت: نعم يا ابن رسول الله
فقال: هذا التسبيح الاعظم حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه
قال: لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح فقلت: علمنا -. وفي رواية علي بن زيد، عن سعيد
بن المسيب أنه سبح في سجوده فلم يبق حوله شجرة ولا مدرة إلا سبحت بتسبيحه، ففزعت من
ذلك وأصحابي، ثم قال: يا سعيد إن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح
فسبحت السماوات ومن فيهن لتسبيحه الاعظم وهو اسم الله جل وعز الاكبر، يا سعيد
أخبرني أبي الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل، عن الله
جل جلاله أنه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي وصدق بك وصلى في مسجدك ركعتين على
خلاء من الناس إلا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم أر شاهدا أفضل من علي بن
الحسين عليه السلام حيث حدثني بهذا الحديث، فلما أن مات شهد جنازته البر والفاجر
وأثنى عليه الصالح والطالح، وانهال يتبعونه حتى وضعت الجنازة فقلت: إن أدركت
الركعتين يوما من الدهر فاليوم هو، ولم يبق إلا رجل وامرأة، ثم خرجا إلى الجنازة
وثبت لاصلي فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الارض، وأجابه تكبير من السماء
فأجابه تكبير من الارض، ففزعت وسقطت على وجهي فكبر من في السماء سبعا ومن في الارض
سبعا وصلى على علي بن الحسين صلوات الله عليهما ودخل الناس المسجد فلم أدرك
الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين صلوات الله عليهما، فقلت: يا سعيد لو كنت
أنا لم أختر إلا الصلاة على علي بن الحسين، إن هذا لهو الخسران المبين. فبكى سعيد،
ثم قال: ما أردت إلا الخير ليتني كنت صليت عليه، فانه ما رؤي مثله (1).
(1) رجال الكشى ص 76.
[151]
9 - قب: المسترشد (1) عن ابن جرير
بالاسناد عن علي بن زيد، وعن الزهري مثله (2). 10 - كشف: توفي عليه السلام في ثامن
عشر المحرم من سنة أربع وتسعين وقيل خمس وتسعون وكان عمره عليه السلام سبعا وخمسين
سنة كان منها مع جده سنتين، ومع عمه الحسن عليه السلام عشر سنين وأقام مع أبيه بعد
عمه عشر سنين، وبقي بعد قتل أبيه تتمة ذلك، وقبر بالبقيع بمدينة الرسول صلى الله
عليه وآله في القبة التي فيها العباس (3). وقال أبو نعيم: اصيب على سنة اثنتين
وسبعين، وقال بعض أهل بيته: سنة أربعين وتسعين. وروى عن عبد الرحمن بن يونس، عن
سفيان، عن جعفر بن محمد قال: مات علي بن الحسين عليه السلام وهو ابن ثمان وخمسين
سنة، وعن أبي فروة قال: مات علي ابن الحسين عليه السلام بالمدينة ودفن بالبقيع سنة
أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها: حدثني حسين
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: مات أبي علي بن الحسين عليه
السلام سنة أربع وتسعين، وصلينا عليه بالبقيع، وقال غيره: مولده سنة ثمان وثلاثين
من الهجرة، ومات سنة خمس وتسعين (4). 11 - عم (5) ضه: توفي عليه السلام بالمدينة
يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة خمس وتسعين من الهجرة، وله يومئذ
سبع وخمسون سنة (6).
(1) المسترشد ص 11 طبع النجف وفيه صدر
الحديث عن الواقدي، عن أبى معشر، عن سعد المقرى. (2) المناقب ج 3 ص 277. (3) كشف
الغمة ج 2 ص 275. (4) كشف الغمة ج 2 ص 285. (5) اعلام الورى ص 251 طبع طهران - نشر
المكتبة العلمية الاسلامية - وفيه (خلت) بدل (بقيت) وكذا في طبعة ايران القديمة.
(6) روضة الواعظين ص 172.
[152]
12 - عم: كانت مدة إمامته بعد أبيه أربعا
وثلاثين سنة وكان في أيام إمامته بقية ملك يزيد بن معاوية، وملك معاوية بن يزيد،
ومروان بن الحكم، وعبد الملك ابن مروان، وتوفي عليه السلام في ملك الوليد بن عبد
الملك (1). 13 - كا: محمد بن أحمد، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن الحسن بن علي ابن
بنت الياس، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول. إن علي بن الحسين عليه
السلام لما حضرته الوفاة اغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ إذا وقعت الواقعة وإنا فتحنا
لك وقال: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم
أجر العاملين، ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا (2). 14 - كا: سعد بن عبد الله وعبد
الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان،
عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبض علي بن الحسين
عليه السلام وهو ابن سبع وخمسين سنة في عام خمس وتسعين سنة، وعاش بعد الحسين خمسا
وثلاثين سنة (3). أقول: قال ابن الاثير في الكامل (4): انه توفي عليه السلام في أول
سنة أربع وتسعين. وقال صاحب كفاية الطالب (5) توفي عليه السلام في ثامن عشر المحرم
من سنة أربع وتسعين، وقيل: خمس وتسعون. وقال الكفعمي (6) في الخامس والعشرين من
المحرم كانت وفاة السجاد عليه السلام وذكر في الجدول (7) انه عليه السلام توفي يوم
السبت في الثاني والعشرين من
(1) اعلام الورى ص 252. (2 و 3) الكافي ج
1 ص 468. (4) الكامل لابن الاثير ج 4 ص 238. (5) كفاية الطالب ص 306 طبع النجف سنة
1356 والموجود فيه: توفى بالمدينة سنة 95 وله يومئذ 57 سنة. (6) مصباح الكفعمي ص
509. (7) ص 521 من المصباح.
[153]
المحرم لخمس وتسعين، سمه هشام بن عبد
الملك وكان في ملك الوليد بن عبد الملك. وذكر السيد ابن طاوس رحمه الله في كتاب
الاقبال (1) في الصلاة الكبيرة التي أوردها فيه: وضاعف العذاب على من قتله وهو
الوليد. وقال ابن طلحة في الفصول (2): ويقال: إن الذي سمه الوليد بن عبد الملك.
وقال الشيخ في المصباح (3) في اليوم الخامس والعشرين من المحرم سنة أربع وتسعين
كانت وفاة زين العابدين عليه السلام. 15 - كا: العدة، عن سهل بن زياد رفعه قال: لما
حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة اغمي عليه فبقي ساعة، ثم رفع عنه الثوب ثم
قال: الحمد لله الذي أورثنا الجنة نتبوء منها حيث نشاء فنعم أجر العاملين ثم قال:
احفروا لي وابغلوا إلى الرسخ قال: ثم مد الثوب عليه فمات عليه السلام (4). 16 - كا:
العدة، عن البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن درست، عن عيسى بن بشير، عن الثمالي، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة ضمني إلى
صدره وقال: يا بني اوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، ومما ذكر أن أباه
أوصاه به قال: يا بني إياك وظلم من لا يجد
(1) الاقبال ص 345 في اعمال شهر رمضان.
طبع سنة 1314. (2) الفصول المهمة ص 194 وهو تأليف على بن محمد بن أحمد المالكى
المكى الشهير بابن الصباغ المتوفى سنة 855 وليس لابن طلحة، والذي لابن طلحة هو
مطالب السؤول وهو مطبوع مكررا، وليس فيه ما نقله المجلسي - ره - عنه. (3) مصباح
المتهجد 551. (4) الكافي ج 3 ص 165 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 453، وفيه
(الرشح) بدل (الرسخ) والرشح يعنى عرق الارض ونداوتها، والرسخ. بمعنى الثابت من
الارض لا الرخو الهيال.
[154]
عليك ناصرا إلا الله (1). 17 - د: في
تاريخ المفيد في اليوم الخامس والعشرين من المحرم سنة أربع وتسعين كانت وفاة مولانا
الامام السجاد زين العابدين أبي محمد وأبي الحسن علي ابن الحسين عليهما السلام. وفي
كتاب تذكرة الخواص توفي سنة أربع وتسعين ذكره ابن عساكر، وسنة اثنتين وتسعين قاله
أبو نعيم، وسنة خمس وتسعين، والاول أصح لانها تسمى سنة الفقهاء لكثرة من مات من
العلماء، وكان علي سيد الفقهاء مات في أولها وتتابع الناس بعده، سعيد بن المسيب،
وعروة بن الزبير، وسعيد بن جبير، وعامة فقهاء المدينة، وقيل توفي عليه السلام يوم
السبت ثامن عشر المحرم سنة خمس وسبعين بالمدينة، سمه الوليد بن عبد الملك بن مروان
(2). وعمره عليه السلام تسعة وخمسون سنة وأربعة أشهر وأيام، وروي أن عمره سبعة
وخمسون سنة مثل عمر أبيه: أقام مع جده سنتين، ومع عمه عشر سنين، ومع أبيه عشر سنين
وبعد وفاة أبيه خمسا وثلاثين سنة. وروى في الدر: عمره عليه السلام سبع وخمسون سنة،
وقيل: ثمان وخمسون سنة، ودفن بالبقيع مع عمه الحسن عليهما السلام.
(1) الكافي ج 2 ص 331. (2) تذكرة الخواص ص
187 طبع ايران.
[155]
11 - * (باب) * * (أحوال أولاده وأزواجه
صلوات الله عليه) * ونورد فيه تفاصيل ما ورد في زيد بن علي المقتول وما ورد في
أمثاله وأضرابه ممن انتسب إلى أهل هذا البيت من غير المعصومين عليهم السلام مجملا.
1 - قب: أبناؤه اثنا عشر من امهات الاولاد إلا اثنين محمد الباقر، وعبد الله الباهر
امهما ام عبد الله بنت الحسن بن علي، وأبو الحسين زيد الشهيد بالكوفة وعمر توأم،
والحسين الاصغر، وعبد الرحمن وسليمان توأم، والحسن والحسين وعبيدالله توأم، ومحمد
الاصغر فرد، وعلي وهو أصغر ولده، وخديجة فرد، ويقال: لم تكن له بنت، ويقال: ولدت له
فاطمة، وعلية، وام كلثوم. أعقب منهم: محمد الباقر، و عبد الله الباهر، وزيد بن علي،
وعمر بن علي، وعلي بن علي، والحسين الاصغر (1). 2 - كشف: قيل: كان له تسعة أولاد
ذكور، ولم يكن له انثى، وقال ابن الخشاب في كتاب مواليد أهل البيت عليهم السلام:
ولد له ثمان بنين ولم يكن له انثى اسماء ولده: محمد الباقر، وزيد الشهيد بالكوفة،
وعبد الله، وعبيدالله، والحسن والحسين، وعلي، وعمر (2). 3 - د: قيل: كان له من
الاولاد عشر رجال وأربع نسوة، في الدر: ولد علي بن الحسين عليه السلام خمسة عشر
ولدا: مولانا محمد الباقر عليه السلام امه ام الحسن بنت الحسن بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام، وعبد الله، والحسن والحسين، وامهم ام ولد، وزيد وعمر، لام ولد،
والحسين الاصغر وعبد الرحمن وسليمان
(1) المناقب ج 3 ص 311. (2) كشف الغمة ج 2
ص 274. (*)
[156]
لام ولد، وعلي وكان أصغر ولده، وخديجة
امهما ام ولد، ومحمد الاصغر امه ام ولد، وفاطمة، وعلية، وام كلثوم امهن ام ولد.
والعقب من ولد زين العابدين عليه السلام في ستة رجال: مولانا الباقر، وعبد الله
الارقط وعمر، وعلي، والحسين الاصغر، وزيد. والعقب من ولد عبد الله (1): من محمد
الارقط (2) ومنه: من إسماعيل (3)
(1) عبد الله هو المعروف بالباهر لقب بذلك
لجماله، قالوا: ما جلس مجلسا الا بهر جماله وحسنه من حضر، قال الشيخ المفيد في
الارشاد ص 285 كان يلى صدقات النبي صلى الله عليه وآله وصدقات أمير المؤمنين عليه
السلام وكان فاضلا فقيها روى عن آبائه عن رسول الله أخبارا كثيرة وحدت الناس،
وحملوا عنه الاثار. وذكر أبو نصر البخاري في سر السلسلة العلوية ص 50 أن امه ام
أخيه - الامام - محمد الباقر وهى ام عبد الله بنت الحسن السبط عليه السلام توفى وهو
ابن سبع وخمسين سنة، لاحظ عمدة الطالب ص 252 طبع النجف ومشجر العميدي ص 110. (2)
محمد هو المعروف بالارقط قال أبو نصر البخاري في سر السلسلة العلوية ص 50: ومن يطعن
في الارقط فلا يطعن من حيث النسب والعقب، وانما يطعنون لشئ جرى بينه وبين - الامام
- الصادق عليه السلام يقال: بصق في وجه الصادق عليه السلام فدعا عليه الصادق عليه
السلام فصار أرقط الوجه به نمش كريه المنظر، وأما نسبه فلا يطعن فيه اه. قال
العمرى: كان - محمد - محدثا من أهل المدينة أقطعه السفاح عين سعيد بن خالد، وانما
لقب بالارقط لانه كان مجدورا، اه وذكر أبو الفرج انه كان رسول الصادق عليه السلام
إلى الهاشميين حين دعوه لحضور مؤتمرهم بالابواء لبيعة محمد النفس الزكية. وأظن قويا
انه من الوهم تلقيب أبيه عبد الله بالارقط كما في المتن وجمهرة ابن حزم ص 53 ومقاتل
الطالبيين ص 207 خاصة بعد ملاحظة ان عبد الله كان يعرف بالباهر لجماله - كما سبق -
وهو ينافى انه ارقط، ويؤكد ذلك ما ذكره أبو نصر البخاري والشيخ العمرى النسابة في
ترجمة محمد المترجم له فلاحظ. (3) امه ام سلمة بنت الامام محمد الباقر خرج مع أبى
السرايا ذكره ابن عنبة في العمدة ص 252 والعميدى في مشجره ص 110.
[157]
ابن محمد في رجلين محمد (1) بن إسماعيل،
والحسين بن إسماعيل. والعقب من ولد عمر (2) بن علي: من علي ابن عمر وفيه العدد،
ومحمد ابن عمر. ومن علي بن عمر: في الحسن بن علي بن عمر الاشرف، والقاسم (3) ابن
علي، وعمر بن علي، ومحمد بن علي. ومن محمد بن عمر أخي علي بن عمر من رجلين: من أبي
عبد الله الحسين بالكوفة والقاسم بن محمد بطبرستان، وعمر وجعفر لهما عقب بخراسان.
والعقب من ولد زيد بن علي عليهما السلام من ثلاثة نفر: الحسين (4)
(1) ذكره أبو نصر البخاري في كتابه ص 51
وقال: امه وام أخيه الحسن زينب بنت عبد الله الاعرج وكان محمد بن اسماعيل أحد
الشجعان، خرج محمد بن محمد بن زيد ابن على بالكوفة ومعه محمد بن اسماعيل بن محمد بن
عبد الله فوجهه إلى المدائن ونواحيها فتوجه إليه أحمد بن عمر في ألف من الخراسانية،
فليقيه ابن الارقط محمد بن اسماعيل بن محمد بساباط فهزمه وقتل أكثر رجاله، اه وذكر
نحو ذلك أبو الفرج الاصبهاني في مقاتله ص 536 وقال واستولى محمد بن اسماعيل على
البلاد، وذكر ان الذى أرسله هو ابو السرايا. (2) سيأتي عن الارشاد بعض ترجمته تحت
الرقم 10. (3) يكنى أبا على، كان شاعرا واختفى ببغداد، وهو لام ولد، أشخصه الرشيد
من الحجاز ومات في الحبس، كذا في حواشى المشجر الكشاف ص 113. والقاسم هذا هو والد
محمد القائم بالطالقان أيام المعتصم، واعتقد به طائفة من الجارودية انه حى لم يمت
ولا قتل ولا يموت حتى يملا الارض عدلا كما ملئت جورا. (الفصل لابن حزم الظاهرى ج 4
ص 127). (4) الحسين بن زيد، يلقب بذى الدمعة، وذى العبرة لبكائه، ذكر أبو الفرج في
مقاتله ص 388 عن يحيى بن الحسين بن زيد قال قالت امى لابي ما أكثر بكاءك ؟ فقال:
وهل ترك السهمان والنار سرورا يمنعنى من البكاء، يعنى السهمين اللذين قتل بهما أبوه
زيد وأخوه يحيى. -
[158]
وعيسى (1) ومحمد (2) ومن الحسين بن
زيد:...
- ولد الحسين بالشام، وامه ام ولد، ويكنى
أبا عبد الله، مات أبوه وهو صغير فرباه الامام الصادق عليه السلام وعلمه، عده الشيخ
الطوسى في رجاله 168 من أصحاب الامام الصادق عليه السلام، شهد الحرب مع محمد
وابراهيم ابني عبد الله المحض، ثم توارى قال أبو الفرج: وكان مقيما في منزل جعفر بن
محمد، وكان جعفر رباه ونشأ في حجره منذ قتل أبوه، وأخذ عنه علما كثيرا. ونحوه في
المجدي للعمري وسر السلسلة للبخاري، عمى في آ خر عمره... مات سنة 135 وقيل 140 وهو
الصحيح. ووصفه صاحب غاية الاختصار ص 121 بقوله: كان سيدا جليلا شيخ أهله وكريم
قومه، وكان من رجال بنى هاشم لسانا وبيانا وعلما وزهدا وفضلا واحاطة بالنسب وأيام
الناس اه ذكر في المنتقلة والعمدة والمشجر الكشاف وغيرها. (1) امه ام ولد نوبية
ولد في المحرم سنة 109، ليلة عيد الميلاد في دير للنصارى حيث كان أبو زيد أشخص إلى
هشام بن عبد الملك، وكانت ام عيسى معه فضربها المخاض في الطريق فنزل ديرا للنصارى
فولدت له تلك الليلة (عيسى) سماه باسم المسيح، شهد عيسى الحرب مع محمد النفس الزكية
وكان على ميمنته أو على شرطه كما في الكافي وبعده لحق بابراهيم بن عبد الله بالبصرة
فشهد الحرب معه وكان على ميمنته وكان وصيه وحامل رايته. ولما قتل ابراهيم بباخمرى
انصرف عيسى إلى الكوفة فعرضت له لبوة معها اشبالها فجعلت تحمل على الناس فأخذ عيسى
سيفه وترسه ثم نزل إليها فقتلها، فقال له مولى له: أيتمت أشبالها يا سيدى، فصحك
وقال: نعم أنا ميتم الاشبال، فكان أصحابه بعد ذلك إذا ذكروه كنوا عنه وقالوا: قال
مؤتم الاشبال كذا، وفعل مؤتم الاشبال كذا فيخفى أمره اختفى ايام المنصور والمهدى
والهادي وفى أيامه مات بالكوفة سنة 169 وله ستون سنة قالوا: وكان عيسى أفضل من بقى
من أهله دينا وعلما وورعا وزهدا وتقشفا وأشدهم بصيرة في أمره ومذهبه مع علم كثير
ورواية للحديث وطلب له، وكان شاعرا وقد ذكرت بعض شعره في (معجم شعراء الطالبيين).
(2) يكنى أبا جعفر وقيل أبو عبد الله وهو أصغر ولد أبيه، امه ام ولد سندية وكان في
غاية الفضل ونهاية النبل، وقصته مع محمد بن هشام المروانى تشهد على غاية نبله وسمو
-
[159]
في يحيى (1) بن الحسين، وفيه البيت وعلي
(2) بن الحسين...
- نفسه ورفعة شأنه، وذلك حين طلب المنصور
محمد بن هشام وجد في طلبه حتى إذا حج في بعض السنين أحس به في المسجد الحرام فوكل
الربيع بغلق الابواب الا بابا واحدا وأن لا يخرج منه الا من عرفه، فأحس المروانى
بالشر وتحير، فلمحه محمد بن زيد - المترجم له - وهو لا يعرفه فقال له أراك متحيرا
فمن أنت ؟ قال ولى الامان ؟ فأمنه فعرفه المروانى بنفسه وقال له: من أنت ؟ فقال أنا
محمد بن زيد، فأسقط في يد المروانى وقال: عند الله أحتسب نفسي اذن، فقال له محمد بن
زيد: لا بأس عليك فانك لست بقاتل زيد ولا في قتلك درك بثاره، الان خلاصك أولى منى
باسلامك. ثم احتال في خلاصه حتى أخرجه معه من الجامع وخلى سبيله، والقصة طريفة
مذكورة في عمدة الطالب ص 299 وغيرها. وترجمه الخطيب البغدادي وقال: ورد بغداد أيام
المهدى وحدث بها. وذكر ان محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى - النفس الزكية - أوصى
فقال: ان حدث بى حدث فالامر إلى أخى ابراهيم بن عبد الله، فان اصيب ابراهيم بن عبد
الله فالامر إلى عيسى بن زيد بن على ومحمد بن زيد بن على قال الحسن بن محمد بن يحيى
العلوى قال جدى: وكان محمد بن زيد من رجالات بنى هاشم لسانا وبيانا. (1) عده الشيخ
الطوسى في رجاله ص 264 من أصحاب الكاظم وقال: واقفى اه. وقال أبو الغنائم محمد بن
على بن محمد العمرى: امه حسينية وتوفى ببغداد سنة 220 وصلى عليه المأمون وكانت له
نباهة، وسئل الشيخ أبو الحسن - من كانت امه - يحيى بن الحسين - فقال خديجة بنت -
الامام - الباقر عليه السلام، يكنى أبا الحسين، وترجمه الخطيب في تاريخه ج 14 ص 189
وقال: سكن بغداد وحدث عن أبيه، كما ذكر انه توفى يوم الاربعاء لاربع خلون من شهر
ربيع الاخر من سنة 37 - أي بعد المأتين - ودفن في مقابر قريش وصلى عليه عبد الله بن
هارون ودخل قبره اه. وفى النفس من تاريخ الوفاة شئ وذلك ان عبد الله بن هارون -
المأمون - مات بطرسوس سنة 218 فكيف يكون صلى ببغداد على من مات سنة 220 أو 237
فلاحظ. (2) كان ببغداد وقتل بالاهواز ذكره في المنتقلة والعمدة والمشجر الكشاف
ووصفه العميدي في كتابه بالشبيه، مع أن الذهبي في المشتبه ص 403 نص على أن الشبيه
لقب =
[160]
والحسين (1) بن الحسين، والقاسم بن
الحسين، ومحمد بن الحسين، وإسحاق بن الحسين، وعبد الله. ومن ولد محمد بن زيد بن علي
بن الحسين في رجل واحد، وهو جعفر (2) بن محمد، ومنه في ثلاثة: محمد، وأحمد (3)
والقاسم.
- محمد بن على - المترجم له - ابن الحسين
بن زيد بن على وأنه الشبيه الصغير، أما الكبير فهو القاسم بن محمد بن جعفر الصادق،
وأن اللقب لهما ولاولادهما. (1) هو المعروف بالقعدد قال أبو الفرج في المقاتل: ص
698 حدثنى حكيم بن يحيى قال: كان الحسين بن الحسين بن زيد شيخ بنى هاشم وذا قعددهم،
وكانت الاموال تحمل إليه من الافاق، قال: فاجتمعنا يوما عند جدك أبى الحسن محمد بن
أحمد الاصبهاني وجماعة من الطالبيين، فيهم الحسين بن الحسين بن زيد بن على، ومحمد
بن على بن حمزة العلوى العباسي، وأبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، فقال جدك
للحسين: يا أبا عبد الله أنت أقعد ولد رسول الله كلهم، وأبو هاشم أقعد ولد جعفر،
وأنتما شيخا آل رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يدعو لهما بالبقاء قال: فنفس
محمد بن على بن حمزة ذلك عليهما فقال له: يا أبا الحسن وما ينفعهما من القعدد في
هذا الزمان ولو طلبا عليه من أهل العصر باقة بقل ما أعطياها. (تنبيه) ورد في
المقاتل المطبوعة (الحسن) والصواب (الحسين). (2) يلقب بالشاعر، امه عنادة كما في
انساب مصعب ص 71 وقيل سهادة بنت خلف المخزومى كما في مشجر العميدي ص 79 قال أبو
الحسن العمرى: وكان جعفر شاعرا أديبا ولاه أخو محمد أيام أبى السرايا واسط. وقال
أبو طالب المروزى: أما محمد بن زيد فعقبه الصحيح من رجل واحد وهو جعفر الرئيس
الشاعر، خرج بخراسان وقتل بمرو، وقبره بها في سكة ساسان، وذكر العميدي ان قبره وقبر
أخيه محمد الملقب بالمعتز بالله في مكان واحد. (3) كان من أصحاب الامام الرضا عليه
السلام مقربا عنده للغاية ولاجله كتب الكتاب المسمى بالفقه الرضوي - فيما يروى صاحب
رياض العلماء - واليه ينتهى نسب السيد علي خان المدنى الشيرازي صاحب شرح الصحيفة
وأنوار الربيع والسلافة والدرجات الرفيعة والطراز وغيرها من المؤلفات الممتعة.
ويعرف المترجم له بالسكين وهو لقبه وبه يعرف ولده قال العمرى: من ولده بنو سكين
بالبصرة لهم موضع وحشمة. -
[161]
والعقب من ولد الحسين (1) بن علي بن
الحسين في خمسة رجال: عبيدالله (2)
- ولخاتمة المحدثين العلامة النوري قدس
سره في خاتمة المستدرك ج 3 ص 336 إلى ص 361 بحث طويل عن الفقه الرضوي وصحته
واعتباره مع استعراض لاقوال المنكرين وحججهم، وفيه من النقض والابرام ما يطول بذكره
المقام. (1) يكنى أبا عبد الله، امه ام ولد اسمها سعادة، لقب بالاصغر لان له أخا
أكبر منه اسمه الحسين لم يعقب، كان المترجم له عفيفا محدثا فاضلا كما في العمدة
وزهرة المقول والمشجر الكشاف. ووصفه صاحب غاية الاختصار بقوله: كان زاهدا عابدا
ورعا محدثا، ولده نقباء الاطراف أجلاء عظماء مقبولون مطاعون، روى الحديث عن أبيه و
عمته فاطمة بنت الحسين عليه السلام وعن أخيه الامام أبى جعفر محمد بن على الباقر
وعن غيرهم. وكتب الناس عنه الحديث، وكان أشبه الناس بأبيه في التأله والتعبد اه.
عده الشيخ الطوسى في رجاله من أصحاب الائمة السجاد والباقر والصادق عليهم السلام
وصفه ابن حزم في الجمهرة بأنه أعرج - توفى سنة 157 وله سبع وخمسون سنة كذا - ودفن
بالبقيع، فعلى هذا تكون ولادته سنة 100 من الهجرة وهذا لا يصح لان وفاة الامام
السجاد عليه السلام قبل المائة بسنين قطعا، وقد حققت ذلك في هامش (منتقلة
الطالبيين). (2) هو المعروف بالاعرج لنقص كان في احدى رجليه يكنى أبا على، امه ام
خالد بنت حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام، تخلف عبيدالله عن بيعة محمد النفس
الزكية، فحلف محمد ان رآه قتله، فلما جيئ به غمض محمد عينيه لئلا يراه - وقد كره
قتله - مخافة أن يحنث، وفد عبيدالله على السفاح فأقطعه ضيعة بالمدائن تغل كل سنة
ثمانين ألف دينار وورد خراسان على أبى مسلم صاحب الدعوة فأجرى له أرزاقا كثيرة
وعظمه أهل حراسان فثقل على أبى مسلم مكانه فجفاه وقال له أن نيسابور لا تحتملك. وفى
غاية الاختصار ص 151 أن أبا مسلم كان دعاه إلى البيعة قبل بنى العباس فأبى ذلك وحين
ألح عليه وتنافرا في ذلك فتراجع عبيدالله إلى خلفه فسقط فتضعضعت رجله وعرج، فلما
أفضى الامر إلى بنى العباس أفطعوه هذه الضيعة (البندشير) - البندنجين - وغيرها. مات
عبيدالله في ضيعته بذى أمان في حياة أبيه وهو ابن سبع وثلاثين سنة كما قاله أبو نصر
البخاري، أو ابن ست وأربعين سنة كما قاله العمرى.
[162]
وعبد الله (1) وعلي (2) وسليمان، والحسن
(3). ومن ولد عبيدالله بن الحسين في خمسة رجال منهم علي (4) بن عبيدالله ومحمد (5)
وجعفر (6) وحمزة (7) ويحيى.
(1) امه ام أخويه على وعبيدالله ام خالد
بنت حمزة بن مصعب الزبيري، قال ابن مهنا فيه: زاهد ورع من ذوى الاقتدار، عقبه بمكة
والمدينة وبغداد وواسط وخراسان ومصر وغير ذلك، ومات في سنة 141 في حياة أبيه. ذكر
في المنتقلة والعمدة وسر السلسلة العلوية وجمهرة ابن حزم والمجدي وغيرها. (2) امه
ام أخويه عبد الله وعبيدالله، ذكره ابن عنبة وأبو نصر البخاري وقال فيه: وكان على
بن الحسين - الاصغر - ابن على من رجال بنى هاشم لسانا وبيانا وفضلا، وقال ابن مهنا
فيه: ابن الزبيرية أحد رجال بنى هاشم فضلا. (3) يكنى أبا محمد، امه وام أخيه سليمان
عبدة بنت داود بن أمامة بن سهل بن حنيف الانصاري، قال أبو نصر في كتابه ص 74 نزل
مكة وقال العمرى: كان مدنيا مات بأرض الروم، وكان محدثا. وفى نسب قريش ص 72 لمصعب
الزبيري ان الحسن ومحمد لام ولد. ويحيى وسليمان امهما عبدة بنت داود بن أبى امامة
به سهل بن حنيف الانصاري. (4) هو أبو الحسن المحدث، ويعرف بالصالح قال أبو نصر في
كتابه ص 71: امه ام ولد وكان من أهل الفضل والزهد، وكان هو وزوجته ام سلمة بنت عبد
الله بن الحسين بن على يقال لهما: الزوج الصالح، وكان على بن عبيدالله مستجاب
الدعوة، وذكر أبو نصر وابن عنبة ان محمد بن ابراهيم طباطبا القائم بالكوفة كان قد
أوصى إليه، فان لم يقبل فلاحد ابنيه محمد وعبيدالله، فلم يقبل وصيته ولا أذن لا
بنيه في الخروج. (5) امه ام ولد، وكان وصى أبيه، وكان كريما جوادا، توفى وهو ابن
اثنتين و ثلاثين سنة كما في العمدة ص 319 ومشجر العميدي ص 131. (6) قال القاسم
الرسى بن ابراهيم طباطبا: جعفر بن عبيدالله امام من أئمة آل محمد صلى الله عليه
وآله، قال أبو نصر البخاري: وكانت لجعفر شيعة يسمونه (الحجة) كان يشبه في بلاغته
وبراعته بزيد بن على، وزيد بن على بعلى بن أبى طالب عليه السلام وكان من سادات بنى
هاشم فضلا وورعا ونسكا وحلما وشرفا، كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر والشيعة -
يعنى شيعته - يسمونه حجة الله في أرضه. (7) وصفه ابن عنبة في العمدة ص 319 بمختلس
الوصية، ولم يذكر لنا سبب ذلك.
[163]
ومن ولد عبد الله بن الحسين: في جعفر (1)
وحده ومنه في محمد العقيقي أعقب وإسماعيل المنقذي أعقب، وأحمد المنقذي أعقب. ومن
ولد علي بن الحسين الاصغر في عيسى (2) بن علي أعقب، وأحمد بن علي أعقب وهو المعروف
بحقينة (3) وموسى بن علي ويعرف بحمصة أعقب ومحمد بن علي بعض ولده بطبرستان. وفي
تذكرة الخواص لابن الجوزي (4) قال ابن سعد في الطبقات: (5) ولد لزين العابدين
أولاد: الحسن درج، والحسين الاكبر درج، ومحمد الباقر فهو أبو جعفر الفقية، والنسل
له، وسنذكره، وعبد الله وامهم ام عبد الله بنت الحسن بن علي عليهم السلام، وعمر
وزيد المقتول بالكوفة، وعلي، وخديجة، وامهم ام ولد، وحسين الاصغر، وام علي وتسمى
علية وامهما ام ولد، وكلثوم، وسليمان، ومليكة لام ولد أيضا، والقاسم وام الحسن، وام
البنين، وفاطمة، لامهات أولاد شتى وقيل: وعبيدالله. 4 - ب: ابن عيسى، عن البزنطي
قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج ام ولد أبيها فقال: لا
بأس بذلك، فقلت له: قد بلغنا عن أبيك أن علي بن الحسين تزوج ابنة للحسن عليه السلام
وام ولد للحسن، ولكن رجلا
(1) قال العمرى في المجدي في حقه... وكان
كثير الفضل جم المحاسن، امه زبيرية، يلقب صحصحا. وقال أبو نصر البخاري: وكان جعفر
بن عبد الله بن الحسين من أهل الخير، وذكره ابن عنبة في العمدة ولقبه صحصحا وورد
ذكره مكررا في (منتقلة الطالبيين). (2) هو المعروف بغضارة ذكره العميدي في مشجره ص
136 وورد ذكره في المنتقلة والعمدة وغيرهما مكررا. (3) ذكر أبو نصر البخاري في سر
السلسلة ص 73 ان امه ام أخويه محمد وعيسى نوفلية، وذكره الطباطبائى في المنتقلة
وابن عنبة في العمدة والعميدى في مشجره وغيرهم. (4) تذكرة الخواص ص 187. (5) طبقات
ابن سعد ج 5 ص 211 بتفاوت في اللفظ فراجع.
[164]
سألني أن أسألك عنها، فقال: ليس هو هكذا
إنما تزوج علي بن الحسين ابنة للحسن وام ولد لعلي بن الحسين المقتول عندكم، فكتب
بذلك إلى عبد الملك بن مروان ليعاب بن علي بن الحسين عليهما السلام فلما قرأ الكتاب
قال: إن علي بن الحسين ليضع نفسه، وإن الله تبارك وتعالى ليرفعه (1). 5 - كا: محمد
بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا عن الحسن بن علي بن
فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر رجل
من أهل البصرة شيباني يقال له عبد الملك بن حرملة على علي بن الحسين عليهما السلام
فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: ألك اخت ؟ قال: نعم، قال: فتزوجنيها ؟ قال:
نعم، قال: فمضى الرجل وتبعه رجل من أصحاب علي بن الحسين عليهما السلام حتى انتهى
إلى منزله، فسأل عنه، فقيل له: فلان بن فلان وهو سيد قومه. ثم رجع إلى علي بن
الحسين عليه السلام فقال له: يا أبا الحسن سألت عن صهرك هذا الشيباني فزعموا أنه
سيد قومه، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: إني لابرئك يا فلان عما أرى وعما
أسمع، أما علمت أن الله عزوجل رفع بالاسلام الخسيسة وأتم به الناقصة، وأكرم به
اللؤم، فلا لؤم على مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية (2). 6 - كا: عدة من أصحابنا، عن
أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الله عبد الرحمان بن محمد، عن يزيد بن
حاتم، قال: كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها،
وإن علي بن الحسين عليه السلام أعتق جارية له ثم تزوجها، فكتب العين إلى عبد الملك.
فكتب عبد الملك إلى علي بن الحسين عليه السلام: أما بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك،
وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر، وتستنجبه في الولد، فلا
لنفسك نظرت ولا على ولدك أبقيت والسلام.
(1) قرب الاسناد ص 217. (2) الكافي ج 5 ص
344.
[165]
فكتب إليه علي بن الحسين عليهما السلام: "
أما بعد فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي وتزعم أنه قد كان في نساء قريش من
أتمجد به في الصهر، وأستنجبه في الولد وإنه ليس فوق رسول الله صلى الله عليه وآله
مرتقى في مجد ولا مستزاد في كرم. وإنما كانت ملك يميني خرجت مني أراد الله عزوجل
مني بأمر التمست به ثوابه، ثم ارتجعتها على سنتة ومن كان زكيا في دين الله فليس يخل
به شئ من أمره، وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة، وتمم به النقيصة، وأذهب اللؤم، فلا
لؤم على امرئ مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية والسلام " فلما قرأ الكتاب رمى به إلى
ابنه سليمان فقرأه، فقال: يا أمير المؤمنين لشد ما فخر عليك علي بن الحسين ! !
فقال: يا بني لا تقل ذلك فإنها ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف من بحر، إن
علي بن الحسين عليه السلام يا بني يرتفع من حيث يتضع الناس (1). 7 - قب: مرسلا مثله
(2). ثم قال: وفي العقد إنه قال زين العابدين عليه السلام: وهذا رسول الله تزوج
أمته وامرأة عبده، فقال عبد الملك: إن علي بن الحسين يشرف من حيث يتضع الناس (3)
وذكر أنه كان عبد الملك يقول: إنه قد تزوج بامه وذلك أنه كانت ربته، فكان يسميها
امي. 8 - ين: النضر، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن علي
بن الحسين عليه السلام رأى امرأة في بعض مشاهد مكة فأعجبته فخطبها إلى نفسها
وتزوجها فكانت عنده، وكان له صديق من الانصار فاغتم لتزويجه بتلك المرأة فسأل عنها
فاخبر أنها من آل ذي الجدين من بني شيبان، في بيت علي من قومها فأقبل على علي بن
الحسين، فقال: جعلني الله فداك ما زال تزويجك هذه المرأة
(1) نفس المصدر ج 5 ص 344 وفيه (عن أبى
عبد الله عن عبد الرحمان). (2) المناقب ج 3 ص 300. (3) العقد الفريد ج 6 ص 128.
[166]
في نفسي وقلت: تزوج علي بن الحسين امرأة
مجهولة ويقول الناس أيضا، فلم أزل أسأل عنها حتى عرفتها ووجدتها في بيت قومها
شيبانية، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: قد كنت أحسبك أحسن رأيا مما أرى إن
الله أتى بالاسلام فرفع به الخسيسة، وأتم به الناقصة، وكرم به من اللؤم، فلا لؤم
على المسلم، إنما اللؤم لؤم الجاهلية (1). 9 - يج: روى أبو بصير، عن أبي جعفر قال:
كان فيما أوصى به إلي علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: يا بني إذا أنا مت فلا
يلي غسلي غيرك، فإن الامام لا يغسله إلا إمام بعده، واعلم أن عبد الله أخاك سيدعو
الناس إلى نفسه، فامنعه فإن أبى فإن عمره قصير، وقال الباقر عليه السلام: فلما مضى
أبي ادعى عبد الله الامامة فلم انازعه، فلم يلبث إلا شهورا يسيرة حتى قضى نحبه (2).
10 - شا: ولد علي بن الحسين عليه السلام خمسة عشر ولدا: محمد المكنى أبا جعفر
الباقر عليه السلام، وامه ام عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام،
وزيد، وعمر امهما ام ولد، وعبد الله، والحسن، والحسين، امهم ام ولد، والحسين الاصغر
وعبد الرحمان، وسليمان، لام ولد، وعلي وكان أصغر ولد علي بن الحسين عليه السلام
وخديجة امهما ام ولد، ومحمد الاصغر امه ام ولد، وفاطمة وعلية وام كلثوم وامهن ام
ولد (3). وكان عبد الله بن علي بن الحسين أخو أبي جعفر عليه السلام يلي صدقات رسول
الله صلى الله عليه وآله وصدقات أمير المؤمنين عليه السلام، وكان فاضلا فقيها، وروى
عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبارا كثيرة، وحدث الناس عنه، وحملوا
عنه الآثار (4).
(1) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي
باب التواضع والكبر (مخطوط). (2) الخرائج والجرائح ص 195. (3) الارشاد ص 278. (4)
نفس المصدر ص 285.
[167]
وكان عمر بن علي بن الحسين فاضلا جليلا
وولي صدقات النبي صلى الله عليه وآله و صدقات أمير المؤمنين عليه السلام، وكان ورعا
سخيا، وقد روى داود بن القاسم، عن الحسين بن زيد قال: رأيت عمي عمر بن علي بن
الحسين يشترط على من ابتاع صدقات علي عليه السلام أن يثلم في الحايط كذا وكذا ثلمة،
ولا يمنع من دخله أن يأكل منه. حدثني الشريف أبو محمد، قال: حدثني جدي، قال حدثنا
أبو الحسن بكار ابن أحمد الازدي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن عبد الله بن جرير
القطان قال: سمعت عمر بن علي بن الحسين عليه السلام يقول: المفرط في حبنا كالمفرط
في بغضنا لنا حق بقرابتنا من جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وحق جعله الله
لنا، فمن تركه ترك عظيما، أنزلونا بالمنزل الذي أنزلنا الله به، ولا تقولوا فينا ما
ليس فينا إن يعذبنا الله فبذنوبنا، وإن يرحمنا الله فبرحمته وفضله (1). وكان الحسين
بن علي بن الحسين عليهما السلام فاضلا ورعا، وروى حديثا كثيرا عن أبيه علي بن
الحسين عليهما السلام، وعمته فاطمة بنت الحسين، وأخيه أبي جعفر عليه السلام وروى
أحمد بن عيسى، عن أبيه قال: كنت أرى الحسين بن علي بن الحسين عليهم السلام يدعو
فكنت أقول: لا يضع يده حتى يستجاب له في الخلق جميعا. وروى حرب الطحان، عن سعيد
صاحب الحسن بن صالح، قال: إني لم أر أحدا أخوف من الحسن بن صالح حتى قدمت المدينة
فرأيت الحسين بن علي بن الحسين فلم أر أشد خوفا منه، كأنما ادخل النار ثم اخرج
منها، لشدة خوفه. وروى يحيى بن سليمان بن الحسين، عن عمه إبراهيم بن الحسين، عن
أبيه الحسين بن علي بن الحسين، قال: كان إبراهيم بن هشام المخزومي واليا على
المدينة، وكان يجمعنا يوم الجمعة قريبا من المنبر، ثم يقع في علي عليه السلام
ويشتمه، قال: فحضرت يوما وقد امتلا ذلك المكان، فلصقت بالمنبر فأغفيت فرأيت القبر
قد انفرج وخرج منه رجل عليه ثياب بياض، فقال لي: يا أبا عبد الله ألا يحزنك
(1) نفس المصدر ص 285.
[168]
ما يقول هذا ؟ قلت: بلى والله، قال: افتح
عينيك فانظر ما يصنع الله به فإذا هو قد ذكر عليا فرمي من فوق المنبر فمات لعنه
الله (1). 11 - شى: عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن قول
الله " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " فقال: هذه نزلت فينا خاصة إنه
ليس رجل من ولد فاطمة يموت، ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام وبإمامته كما أقر
ولد يعقوب ليوسف حين قالوا: (2) " تالله لقد آثرك الله علينا " (3). 12 - لى: ابن
موسى، عن علي بن الحسين العلوي العباسي، عن الحسن ابن علي الناصر، عن أحمد بن رشد،
عن عمه أبي معمر سعيد بن خيثم، عن أخيه معمر قال: كنت جالسا عند الصادق جعفر بن
محمد عليه السلام فجاء زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام فأخذ بعضادتي الباب، فقال
له الصادق عليه السلام: يا عم اعيذك بالله أن تكون المصلوب بالكناسة، فقالت له ام
زيد: والله ما يحملك على هذا القول غير الحسد لابني فقال: ياليته حساد ياليته حسدا
ياليته حسدا ثلاثلا ثم قال: حدثني أبي، عن جدي عليهما السلام أنه يخرج من ولده رجل
يقال له: زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسة يخرج من قبره نبشا تفتح لروحه أبواب
السماء يتبهج به أهل السماوات يجعل روحه في حوصلة طير خضر يسرح في الجنة حيث يشاء
(4). 13 - ن: الدقاق عن علي بن الحسين مثله (5). 14 - ن (6) لى: الحسين بن عبد الله
بن سعيد، عن الجلودي، عن الاشعث
(1) المصدر السابق ص 287. (2) سورة
النساء، الاية: 159. (3) تفسير العياشي ج 1 ص 283 وأخرجه السيد البحراني في تفسيره
البرهان ج 1 ص 426 والفيض الكاشانى في تفسيره الصافى ج 1 ص 411. (4) أمالى الصدوق ص
40. (5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 250. (6) نفس المصدر ج 1 ص 251.
[169]
ابن محمد الضبي، عن شعيب بن عمرو، عن
أبيه، عن جابر الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام وعنده زيد
أخوه عليه السلام فدخل عليه معروف بن خربوذ المكي فقال أبو جعفر عليه السلام: يا
معروف أنشدني من طرائف ما عندك، فأنشده: لعمرك ما إن أبو مالك بوان ولا بضعيف قواه
ولا بألد لدى قوله يعادي الحكيم إذا ما نهاه ولكنه سيد بارع كريم الطبايع حلو
نثاهإذا سدته سدت مطواعة ومهما وكلت إليه كفاه قال: فوضع محمد بن علي عليه السلام
يده على كتفي زيد عليه السلام فقال: هذه صفتك يا أبا الحسين (1). بيان: الالد الخصم
المعاند الذي لا يميل إلى الحق، والنثا مقصورا ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيئ،
وقوله سدت مطواعة أي إذا صرت له سيدا وجدته في غاية الاطاعة، والتاء للمبالغة. 15 -
لى: النقاش، عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن محمد، عن أحمد بن رشد، عن عمه سعيد بن
خيثم، عن أبي حمزة الثمالي قال: حججت فأتيت علي بن الحسين عليه السلام فقال لي: يا
أبا حمزة ألا احدثك عن رؤيا رأيتها ؟ رأيت كأني ادخلت الجنة، فأتيت بحوراء لم أر
أحسن منها، فبينا أنا متكئ على أريكتي إذ سمعت قائلا يقول: يا علي بن الحسين ليهنئك
زيد، يا علي بن الحسين ليهنئك زيد فيهنئك زيد قال أبو حمزة: ثم حججت بعده فأتيت علي
بن الحسين عليه السلام فقرعت الباب ففتح لي ودخلت، فإذا هو حامل زيدا على يده، أو
قال: حامل غلاما على يده
بتقديم النون على المثلثة، وقد صحف في
المصدر وهكذا النسخة الكمبانى تارة " ثناه " وأخرى " نشاه " وهكذا فيما يأتي من
بيان المصنف قدس سره، والصحيح ما في الصلب راجع القاموس المحيط ج 4 ص 393. (ب) (1)
أمالى الصدوق ص 40.
[170]
فقال لي: يا أبا حمزة (1) " هذه تأويل
رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " (2). 16 - لى: أحمد بن محمد بن رزمة القزويني، عن
أحمد بن عيسى العلوي عن عبد الله بن يحيى، عن عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم بن
البريد، عن محمد ابن عبد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبد الله قال: كنت مع محمد بن
علي ابن الحنفية في فناء داره فمر به زيد بن الحسن، فرفع طرفه إليه ثم قال: ليقتلن
من ولد الحسين رجل يقال له زيد بن علي، وليصلبن بالعراق من نظر إلى عورته فلم ينصره
أكبه الله على وجهه في النار (3). 17 - لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن أبن أبي الخطاب،
عن ابن علوان عن عمرو بن خالد، عن أبي الجارود قال: إني لجالس عند أبي جعفر محمد بن
علي الباقر عليه السلام إذا أقبل زيد بن علي عليه السلام فلما نظر إليه أبو جعفر
عليه السلام وهو مقبل قال: هذا سيد من أهل بيته، والطالب بأوتارهم، لقد أنجبت ام
ولدتك يا زيد (4) 18 - لى: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن ابن
سيابة قال: دفع إلي أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ألف دينار وأمرني
أن اقسمها في عيال من اصيب مع زيد بن علي عليه السلام فقسمتها فأصاب عبد الله بن
الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير (5). 19 - ن (6) لى: الفامي، عن محمد الحميري،
عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب عن ابن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن داود بن عبد الجبار،
عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين: يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطى
هو وأصحابه يوم القيامة
(1) سورة يوسف، الاية: 100. (2 - 4) أمالى
الصدوق ص 335. (5) أمالى الصدوق ص 336. (6) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص
249.
[171]
رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بلا
حساب (1). بيان: [قال:] الجزري وفي الحديث غر محجلون، من آثار الوضوء الغر جمع
الاغر من الغرة بياض الوجه، والمحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع
القيد، ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين، استعار عليه السلام أثر الوضوء في الوجه
واليدين والرجلين للانسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه (2). 20 -
ن (3) لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن شمون، عن عبد الله بن
سنان، عن الفضيل قال: انتهيت إلى زيد بن علي عليه السلام صبيحة خرج بالكوفة فسمعته
يقول: من يعينني منكم على قتال أنباط أهل الشام فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا لا
يعينني منكم على قتالهم أحد إلا أخذت بيده يوم القيامة فأدخلته الجنة باذن الله
قال: فلما قتل اكتريت راحلة وتوجهت نحو المدينة، فدخلت على الصادق جعفر بن محمد
عليه السلام فقلت في نفسي: لا أخبرته بقتل زيد بن علي فيجزع عليه، فلما دخلت قال
لي: يا فضيل ما فعل عمي زيد ؟ قال: فخنقتني العبرة، فقال لي: قتلوه ؟ قلت: اي والله
قتلوه، قال: فصلبوه ؟ قلت: إي والله صلبوه، فأقبل يبكي ودموعه تنحدر على ديباجتي
خده كأنها الجمان ثم قال: يا فضيل شهدت مع عمي قتال أهل الشام ؟ قلت: نعم، قال: فكم
قتلت منهم ؟ قلت: ستة، قال: فلعلك شاك في دمائهم ؟ قال، فقلت: لو كنت شاكا ما
قتلتهم قال: فسمعته وهو يقول: أشركني الله في تلك الدماء، مضى والله زيد عمي
وأصحابه شهداء، مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه (4).
(1) نفس المصدر ج 1 ص 330. (2) النهاية
لابن الاثير ج 4 ص 48 طبع بولاق. (3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 252. (4)
أمالى الصدوق ص 349.
[172]
ايضاح: الانباط: جبل ينزلون بالبطائح بين
العراقين وأكثرهم عجم استعربوا ويقال لاهل الشام: الانباط لتشبههم بهم في عدم كونهم
من فصحاء العرب، وقد يقال: نبطي لمن كان حاذقا في جباية الخراج وعمارة الارضين،
ذكره الجزري (1) ثم قال: ومنه حديث ابن [أبي] أو في: كنا نسلف أنباطا من أنباط
الشام انتهى، والجمان كغراب اللؤلؤ أو هنوات أشكال اللؤلؤ من فضة ذكره الفيروز
آبادي (2). 21 - سر: أبو عبد الله السياري، عن رجل من أصحابه قال: ذكر بين يدي أبي
عبد الله عليه السلام من خرج من آل محمد فقال عليه السلام: لا أزال وشيعتي بخير ما
خرج الخارجي من آل محمد، ولوددت أن الخارجي من آل محمد خرج، وعلي نفقة عياله (3).
22 - لى: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمزة ابن حمران قال: دخلت
إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي: يا حمزة من أين أقبلت ؟ قلت: من
الكوفة، قال: فبكى عليه السلام حتى بلت دموعه لحيته فقلت له: يا ابن رسول الله ما
لك أكثرت البكاء ؟ فقال: ذكرت عمي زيدا عليه السلام وما صنع به فبكيت، فقلت له: وما
الذي ذكرت منه ؟ فقال، ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه سهم فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه،
وقال له: ابشر يا أبتاه فانك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات
الله عليهم، قال: أجل يا بني ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه، فكانت نفسه معه،
فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن وأجرى عليه الماء، وكان
معهم غلام سندي لبعضهم، فذهب إلى يوسف بن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه فأخرجه
يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين ثم أمر به فأحرق بالنار وذري في الرياح،
فلعن الله قاتله وخاذله، وإلى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته،
وبه نستعين
(1) النهاية لابن الاثير ج 4 ص 122. (2)
القاموس ج 4 ص 210. (3) مستطرفات السرائر فيما استطرفه من كتاب السيارى.
[173]
على عدونا وهو خير مستعان (1). 23 - ما:
الغضائري، عن الصدوق مثله (2). 24 - لى: الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن
محمد، عن جعفر ابن سليمان، عن أبيه، عن عمرو بن خالد قال: قال زيد بن علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على
خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لا يضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه (3). 25
- لى: أبي، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد الاصبهاني، عن
الثقفي، عن أبي هراسة الشيباني، عن جعفر بن زياد الاحمر، عن زيد بن علي بن الحسين
بن علي عليهم السلام أنه قرأ " وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما
ويستخرجا كنزهما " (4) ثم قال زيد: حفظهما الله بصلاح أبيهما فمن أولى بحسن الحفظ
منا، رسول الله جدنا، وابنته امنا، وسيدة نسائه جدتنا وأول من آمن به وصلى معه
أبونا (5). 26 - كتاب مقتضب الاثر في النص على الاثني عشر لابن عياش، عن عبد الصمد
ابن علي، عن أحمد بن موسى، عن داود الرقي قال: دخلت على جعفر بن محمد عليهما السلام
فقال: ما الذي أبطأ بك عنا يا داود ؟ فقلت: حاجة عرضت لي بالكوفة هي التي أبطأت بي
عنك جعلت فداك، فقال لي: ماذا رأيت بها ؟ قلت: رأيت عمك زيدا على فرس ذنوب قد تقلد
مصحفا وقد حف به فقهاء الكوفة، وهو يقول: يا أهل الكوفة إني العلم بينكم وبين الله
تعالى، قد عرفت ما في كتاب الله من ناسخه ومنسوخه، فقال أبو عبد الله: يا سماعة بن
مهران ائتني بتلك الصحيفة فأتاه بصحيفة
(1) أمالى الصدوق ص 392. (2) أمالى الطوسى
ص 277. (3) أمالى الصدوق ص 542. (4) سورة الكهف، الاية: 82. (5) أمالى الصدوق ص
631.
[174]
بيضاء فدفعها إلي وقال لي: اقرأ هذه بما
اخرج إلينا أهل البيت، يرثه كابر عن كابر من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله
فقرأتها فإذا فيها سطران، السطر الاول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، والسطر
الثاني " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات
والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم " (1) علي بن أبي طالب، والحسن بن علي،
والحسين بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي
بن موسى، ومحمد بن علي وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف منهم الحجة لله، ثم قال
لي: يا داود أتدري أين كان ومتى كان مكتوبا ؟ قلت: يا ابن رسول الله، الله أعلم
ورسوله وأنتم قال: قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فأين يتاه بزيد ويذهب به إن أشد
الناس لنا عداوة وحسدا الاقرب إلينا فالاقرب (2). 27 - ن: المكتب، عن محمد بن يحيى
الصولي، عن محمد بن يزيد النحوي عن ابن أبي عبدون، عن أبيه قال: لما حمل زيد بن
موسى بن جعفر إلى المأمون وقد كان خرج بالبصرة وأحرق دور ولد العباس، وهب المأمون
جرمه لاخيه علي ابن موسى الرضا عليه السلام وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج أخوك
وفعل ما فعل، لقد خرج قبله زيد بن علي فقتل، ولو لا مكانك مني لقتلته، فليس ما أتاه
بصغير، فقال الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيدا إلى زيد بن علي
عليه السلام فانه كان من علماء آل محمد، غضب لله عزوجل فجاهد أعداءه حتى قتل في
سبيله، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر عليه السلام أنه سمع أباه جعفر بن محمد يقول:
رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، وقد
استشارني في خروجه، فقلت له: يا عم إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة
فشأنك. فلما ولى قال جعفر بن محمد: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه، فقال المأمون: يا
أبا الحسن أليس قد جاء فيمن ادعى الامامة بغير حقها ما جاء ؟ ! فقال الرضا عليه
السلام
(1) سورة التوبة، الاية: 36. (2) مقتضب
الاثر ص 34 طبع النجف سنة 1346 ه.
[175]
إن زيد بن علي عليه السلام لم يدع ما ليس
له بحق، وإنه كان أتقى لله من ذاك إنه قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد، وإنما جاء
ما جاء فيمن يدعي أن الله نص عليه، ثم يدعو إلى غير دين الله، ويضل عن سبيله بغير
علم، وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الاية (1) " وجاهدوا في الله حق جهاده هو
اجتبيكم " (2). 28 - ن: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن أبيه، عن
عمرو بن خالد، عن عبد الله بن سيابة قال: خرجنا ونحن سبعة نفر فأتينا المدينة،
فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فقال: أعندكم خبر عمي زيد ؟ فقلنا: قد خرج أو
هو خارج، قال: فإن أتاكم خبر فأخبروني، فمكثنا أياما فأتى رسول بسام الصيرفي بكتاب
فيه: أما بعد فان زيدا خرج يوم الاربعاء غرة صفر، فمكث الاربعاء والخميس، وقتل يوم
الجمعة، وقتل معه فلان وفلان، فدخلنا على الصادق عليه السلام ودفعنا إليه الكتاب،
فقرأ وبكى، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عمي إنه كان نعم
العم، إن عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا مضى والله عمي شهيدا كشهداء استشهدوا مع
رسول الله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم (3). بيان: قال الجزري: (4)
الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدد إنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لان
له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به، ومنه الحديث: من
مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الاجر بصبره على مصيبته. 29 - ن: تميم القرشي، عن أحمد
بن علي الانصاري، عن الهروي، قال:
(1) سورة الحج، الاية: 78. (2) عيون أخبار
الرضا عليه السلام ج 1 ص 248. (3) نفس المصدر ج 1 ص 252. (4) النهاية لابن الاثير ج
1 ص 225. (*)
[176]
سمعت الرضا عليه السلام يحدث عن أبيه أن
إسماعيل قال للصادق عليه السلام: يا أبتاه ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا ؟ فقال
عليه السلام: (1) " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به " (2).
تفسير: قال البيضاوي: (3) أي ليس ما وعد الله من الثواب ينال بأمانيكم أيها
المسلمون ولا بأماني أهل الكتاب، وإنما ينال بالايمان والعمل الصالح، وقيل: ليس
الايمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل. روي أن المسلمين وأهل الكتاب
افتخروا فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله
منكم، فقال المسلمون: نحن أولى منكم نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب
المتقدمة فنزلت، وقيل: الخطاب مع المشركين ويدل عليه تقدم ذكره، أي ليس الامر
بأماني المشركين، وهو قولهم لا جنة ولا نار، وقولهم إن كان الامر كما يزعم هؤلاء
لنكونن خيرا منهم وأحسن حالا " ولا أماني أهل الكتاب " وهو قولهم " لن يدخل الجنة
إلا من كان هودا أو نصارى " وقولهم " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " ثم قرر ذلك
بقوله: " من يعمل سوءا يجز به " عاجلا وآجلا. 30 - ن: الدقاق، عن الاسدي، عن صالح
بن أبي حماد، عن الحسن ابن الجهم، قال: كنت عند الرضا عليه السلام وعنده زيد بن
موسى أخوه وهو يقول: يا زيد اتق الله فانا بلغنا ما بلغنا بالتقوى، فمن لم يتق ولم
يراقبه فليس منا ولسنا منه، يا زيد إياك أن تعين على من به تصول من شيعتنا، فيذهب
نورك يا زيد إن شيعتنا إنما أبغضهم الناس وعادوهم، واستحلوا دماءهم وأموالهم،
لمحبتهم لنا واعتقادهم لولايتنا، فان [أنت] أسأت إليهم ظلمت نفسك، وأبطلت حقك، قال
الحسن ابن الجهم: ثم التفت عليه السلام إلي فقال لي: يا ابن الجهم من خالف دين الله
فابرأ
(1) سورة النساء، الاية: 123. (2) عيون
أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 234. (3) تفسير البيضاوى ص 207 طبع ايران سنة 1282
ه.
[177]
منه كائنا من كان، من أي قبيلة كان، ومن
عادى الله فلا نواله كائنا من كان من أي قبيلة كان، فقلت له: يا ابن رسول الله ومن
الذى يعادي الله ؟ قال: من يعصيه (1). 31 - ن: جعفر بن نعيم الشاذاني، عن أحمد بن
إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: سمعت الرضا عليه
السلام يقول: من أحب عاصيا فهو عاص، ومن أحب مطيعا فهو مطيع، ومن أعان ظالما فهو
ظالم، ومن خذل عادلا فهو خاذل، إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا ينال أحد
ولاية الله إلا بالطاعة، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبني عبد المطلب:
أئتوي بأعمالكم لا بأنسابكم وأحسابكم قال الله تبارك وتعالى: " فإذا نفخ في الصور
فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون * ومن
خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم (2) خالدون " (3). 32 - ن: الوراق،
عن سعد، عن الحسين بن أبي قتادة، عن محمد بن سنان قال: قال أبو الحسن الرضا عليه
السلام: إنا أهل بيت وجب حقنا برسول الله صلى الله عليه وآله، فمن أخذ برسول الله
صلى الله عليه وآله حقا ولم يعط الناس من نفسه مثله فلا حق له (4). بيان: أي من طلب
للناس أن يرعوا حقه بسبب انتسابه بالرسول صلى الله عليه وآله فيجب عليه أن يراعي
للناس ما يجب من حقوقهم، وإلا يفعل فلا يجب رعاية حقه. 33 - ن: البيهقي، عن الصولي،
عن محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي يقول: قال رجل للرضا عليه السلام:
والله ما على وجه الارض أشرف منك أبا، فقال: التقوى شرفتهم، وطاعة الله أحظتهم،
فقال له آخر: أنت والله خير الناس
(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص
235. (2) سورة المؤمنون، الاية: 101. (3) عيون أخبار الرضا " ع " ج 2 ص 235. (4)
نفس المصدر ج 2 ص 236.
[178]
فقال له: لا تحلف يا هذا ! خير مني من كان
أتقى لله عزوجل، وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية (1) آية: " وجعلناكم شعوبا
وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقيكم " (2). 34 - ما: محمد بن عمران، عن أحمد
بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن أحمد ابن حنبل، عن أبيه، عن عبد الملك بن عمر،
قال: سمعت أبا زط يقول: لا تسبوا عليا ولا أهل هذا البيت، فإن جبارا لنا من بلنجر
(3) قدم الكوفة بعد قتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي عليه السلام فقال: ألا ترون
إلى هذا الفاسق ابن الفاسق كيف قتله الله تعالى ؟ ! قال: فرماه الله بقرحتين في
عينيه فطمس الله بها بصره، فاحذروا أن تتعرضوا لاهل هذا البيت إلا بخير (4). 35 -
ع: ما جيلويه، عن علي، عن أبيه، عن يحيى بن عمران الهمداني وابن بزيع، عن يونس بن
عبد الرحمن، عن العيص بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقو
الله وانظروا لانفسكم فان أحق من نظر لها أنتم، لو كان لاحدكم نفسان فقدم إحداهما
وجرب بها استقبل التوبة بالاخرى كان، ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت
التوبة، إن أتاكم منا آت يدعوكم إلى الرضا منا فنحن نستشهدكم أنا لا نرضى، إنه لا
يطيعنا اليوم وهو وحده، فكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والاعلام (5). 36 - مع:
أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي سعيد المكاري
قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر زيد ومن
(1) سورة الحجرات، الاية 13. (2) عيون
أخبار الرضا " ع " ج 2 ص 236. (3) بلنجر: - بفتحتين وسكون النون وفتح الجيم وراء
مدينة ببلاد الخزر خلف الباب والابواب (مراصد الاطلاع). (4) أمالى الطوسى ص 35 وفيه
(ابا رجا) بدل (ابا الزط). (5) علل الشرائع ص 577 طبع النجف.
[179]
خرج معه، فهم بعض أصحاب المجلس يتناوله
فانتهره أبو عبد الله عليه السلام قال: مهلا ليس لكم أن تدخلوا فيما بيننا إلا
بسبيل خير، إنه لم تمت نفس منا إلا وتدركه السعادة قبل أن تخرج نفسه ولو بفواق
ناقة، قال: قلت: وما فواق ناقة ؟ قال: حلابها (1). 37 - مع: أبي، عن سعد، عن ابن
أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حمزة ومحمد ابني حمران، عن أبيهما، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال الترتر حمران ثم قال: يا حمران مد المطمر بينك وبين العالم
قلت: يا سيدي وما المطمر ؟ فقال: أنتم تسمونه خيط البنا فمن خالفكم على هذا الامر
فهو زنديق فقال حمران: وإن كان علويا فاطميا ؟ ! فقال أبو عبد الله عليه السلام:
وإن كان محمديا علويا فاطميا (2). بيان: التر بالضم الخيط يمد على البناء والمطمر
الزيج الذي يكون مع البنائين ذكرهما الجوهري (3). 38 - مع: ابن المتوكل، عن علي، عن
أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
ليس بينكم وبين من خالفكم إلا المطمر قلت وأي شئ المطمر ؟ قال: الذي تسمونه التر،
فمن خالفكم وجازه فابرؤا منه وإن كان علويا فاطميا (4). 39 - ج: وقيل للصادق عليه
السلام: ما يزال يخرج رجل منكم أهل البيت فيقتل ويقتل معه بشر كثير، فأطرق طويلا ثم
قال: إن فيهم الكذابين وفي غيرهم المكذبين (5).
(1) معاني الاخبار ص 392 طبع ايران سنة
1379. (2) معاني الاخبار ص 213. (3) صحاح الجوهرى ج 1 ص 291 (التر) وج 1 ص 354
(المطمر) طبع بولاق سنة 1282 ه. (4) معاني الاخبار ص 213. (5) احتجاج الطبرسي ص
204.
[180]
40 - ج: وروي عنه صلوات الله عليه قال:
ليس منا أحد إلا وله عدو من أهل بيته، فقيل له: بنو الحسن لا يعرفون لمن الحق ؟ !
قال: بلى، ولكن يمنعهم الحسد (1). 41 - ج: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن هذه الآية " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " (2) قال: أي شئ
تقول ؟ قال: أقول إنها خاص لولد فاطمة، فقال عليه السلام: أما من سل سيفه ودعا
الناس إلى نفسه [إلى الضلال] من ولد فاطمة وغيرهم، فليس بداخل في هذه الآية قلت: من
يدخل فيها ؟ قال: الظالم لنفسه الذي لا يدعو الناس إلى ضلال ولا هدى، والمقتصد منا
أهل البيت العارف حق الامام، والسابق بالخيرات الامام (3). 42 - ج: علي بن الحكم،
عن أبان قال: أخبرني الاحول أبو جعفر محمد بن النعمان الملقب بمؤمن الطاق أن زيد بن
علي بن الحسين عليهم السلام بعث إليه وهو مختف قال: فأتيته، فقال لي: يا أبا جعفر
ما تقول إن طرقك طارق منا أتخرج معه ؟ قال قلت له: إن كان أبوك وأخوك خرجت معه قال:
فقال لي: فأنا اريد أن أخرج اجاهد هؤلاء القوم فاخرج معي، قال: قلت: لا أفعل جعلت
فداك، قال: فقال لي: أترغب بنفسك عني ؟ قال: فقلت له: إنما هي نفس واحدة فان كان
لله عزوجل في الارض معك حجة فالمتخلف عنك ناج، والخارج معك هالك، وإن لم يكن لله
معك حجة فالمتخلف عنك والخارج معك سواء، قال: فقال لي: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي
على الخوان فيلقمني اللقمة السمينة، ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد من شفقته علي،
ولم يشفق علي من حر النار، إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به ؟ قال: فقلت له: من شفقته
عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك ألا تقبله فتدخل النار، وأخبرني فان قبلته
نجوت وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار، ثم
(1) احتجاج الطبرسي ص 204. (2) سورة فاطر،
الاية: 32. (3) الاحتجاج ص 204.
[181]
قلت له: جعلت فداك أنتم أفضل أم الانبياء
؟ قال: بل الانبياء، قلت: يقول يعقوب ليوسف " لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك
كيدا " (1) ثم لم يخبرهم حتى لا يكيدونه ولكن كتمهم، وكذا أبوك كتمك لانه خاف عليك،
قال: فقال: أما والله لئن قلت ذاك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني اقتل واصلب
بالكناسة وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي، فحججت فحدثت أبا عبد الله عليه السلام
بمقالة زيد وما قلت له، فقال لي: أخذته من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن
يساره، ومن فوق رأسه، ومن تحت قدميه، ولم تترك له مسلكا يسلكه (2). 43 - ختص: روي
عن أبي معمر قال: جاء كثير النوا فبايع زيد بن علي ثم رجع فاستقال فأقاله ثم قال:
للحرب أقوام لها خلقوا وللتجارة والسلطان أقوام خير البرية من أمسى تجارته تقوى
الاله وضرب يجتلي الهام (3) روي عن أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي
بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت لابي نعيم الفضل بن دكين، كان زهير بن معاوية
يحرس خشبة زيد بن علي ؟ قال: نعم، وكان فيه شر من ذلك، وكان جده الرحيل فيمن قتل
الحسين صلوات الله عليه، وكان زهير يختلف إلى قائده وقائده يحرس الخشبة وهو زهير بن
معاوية بن خديج بن الرحيل (4). 44 - ب: ابن عيسى، عن البزنطي قال: ذكر عند الرضا
عليه السلام بعض أهل
(1) سورة يوسف، الاية: 5. (2) الاحتجاج ص
204. (3) الاختصاص ص 127. (4) نفس المصدر ص 128، وفيه أحمد بن عيسى، عن عبد الله بن
محمد الخ والصواب كما في المتن، فان الراوى هو أحمد بن عيسى المبارك بن عبد الله بن
محمد بن عمر الاطرف ابن على بن أبى طالب عليه السلام، وأحمد هذا ذكره أبو الفرج في
مقاتله ص 715 طبع مصر.
[182]
بيته، فقلت له: الجاحد منكم ومن غيركم
واحد ؟ فقال: لا كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: لمحسننا حسنتان ولمسيئنا
ذنبان (1). 45 - ض: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعيد، عن البرقي، عن الحسن بن
عطا، عن عبد السلام، عن عمار أبي اليقظان قال: كان عند أبي عبد الله صلوات الله
عليه جماعة وفيهم رجل يقال له: أبان بن نعمان، فقال: أيكم له علم بعمي زيد بن علي،
فقال: أنا أصلحك الله قال: وما علمك به ؟ قال: كنا عنده ليلة فقال: هل لكم في مسجد
سهلة ؟ فخرجنا معه إليه اجتهادا أو كما قال: فقال أبو عبد الله صلوات الله عليه:
كان بيت إبراهيم صلوات الله عليه الذي خرج منه إلى العمالقة، وكان بيت إدريس عليه
السلام الذي كان يخيط فيه، وفيه صخرة خضراء فيها صورة وجوه النبيين وفيه مناخ
الراكب يعني الخضر عليه السلام، ثم قال: لو أن عمي أتاه حين خرج فصلى فيه واستجار
بالله لاجاره عشرين سنة، وما أتاه مكروب قط فصلى فيه ما بين العشائين ودعا الله إلا
فرج الله عنه. 46 - ثو: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن عبد الله بن محمد، عن
علي ابن زياد، عن محمد الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن آل أبي سفيان
قتلوا الحسين ابن علي صلوات عليه فنزع الله ملكهم، وقتل هشام زيد بن علي فنزع الله
ملكه وقتل الوليد يحيى بن زيد رحمه الله فنزع الله ملكه (2). 47 - غط: جماعة، عن
البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن هشام
بن أحمر، عن سالمة مولاة أبي عبد الله قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد
عليهما السلام حين حضرته الوفاة، واغمي عليه فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن علي بن
علي بن الحسين وهو الافطس سبعين دينارا، وأعط فلانا كذا وفلانا كذا، فقلت: أتعطي
رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ؟ قال: تريدين أن لا أكون من الذين قال الله
عزوجل:
(1) قرب الاسناد ص 210 طبع النجف. (2)
ثواب الاعمال وعقابها ص 198 طبع بغداد سنة 1962 م.
[183]
" والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل
ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (1) نعم يا سالمة إن الله خلق الجنة فطيبها وطيب
ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (2). 48
- حه: قال صفي الدين محمد بن سعد الموسوي: رأيت في بعض الكتب القديمة الحديثية
حدثنا ابن عقدة، عن حسن بن عبد الرحمان، عن حسين بن علي الازدي، عن أبيه، عن الوليد
بن عبد الرحمان، عن الثمالي قال: كنت أزور علي بن الحسين في كل سنة مرة في وقت الحج
فأتيته سنة من ذاك، وإذا على فخذيه صبي، فقعدت إليه، وجاء الصبي فوقع على عتبة
الباب فانشج، فوثب إليه علي بن الحسين عليه السلام مهرولا فجعل ينشف دمه بثوبه
ويقول له: يا بني اعيذك بالله أن تكون المصلوب في الكناسة قلت: بأبي أنت وامي أي
كناسة ؟ قال: كناسة الكوفة قلت: جعلت فداك ويكون ذلك ؟ قال: إي والذي بعث محمدا
بالحق إن عشت بعدي لترين هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة مقتولا مدفونا منبوشا
مسلوبا مسحوبا مصلوبا في الكناسة، ثم ينزل فيحرق ويدق ويذرى في البر، قلت: جلعت
فداك وما اسم هذا الغلام ؟ قال: هذا ابني زيد. ثم دمعت عيناه، ثم قال: ألا احدثك
بحدث ابني هذا، بينا أنا ليلة ساجد وراكع إذ ذهب بي النوم من بعض حالاتي، فرأيت
كأني في الجنة وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وفاطمة، والحسن، والحسين قد
زوجوني جارية من حور العين فواقعتها فاغتسلت عند سدرة المنتهى ووليت وهاتف بي يهتف
ليهنئك زيد ليهنئك زيد ليهنئك زيد فاستيقظت فأصبت جنابة فقمت فتطهرت للصلاة وصليت
صلاة الفجر فدق الباب وقيل لي: على الباب رجل يطلبك فخرجت فإذا أنا برجل معه جارية
ملفوف، كمها على يده، مخمرة بخمار، فقلت: ما حاجتك ؟ فقال: أردت علي ابن الحسين
عليه السلام قلت: أنا علي بن الحسين ! فقال: أنا رسول المختار ابن
(1) سورة الرعد، الاية: 21. (2) غيبة
الشيخ الطوسى ص 128.
[184]
أبي عبيد الثقفي يقرئك السلام ويقول: وقعت
هذه الجارية في ناحيتنا فاشتريتها بستمائة دينار وهذه ستمائة دينار فاستعن بها على
دهرك، ودفع إلى كتابا فأدخلت الرجل والجارية، وكتبت له جواب كتابه وتثبت الرجل، ثم
قلت للجارية: ما اسمك ؟ قالت: حوراء فهيؤها لي وبت بها عروسا، فعلقت بهذا الغلام
فسميته زيدا وهو هذا، سترى ما قلت لك. قال أبو حمزة: فوالله ما لبثت إلا برهة حتى
رأيت زيدا بالكوفة في دار معاوية بن إسحاق فأتيته فسلمت عليه، ثم قلت: جعلت فداك ما
أقدمك هذا البلد ؟ قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكنت أختلف إليه، فجئت
إليه ليلة النصف من شعبان فسلمت عليه، وكان ينتقل في دور بارق وبني هلال، فلما جلست
عنده قال: يا أبا حمزة ! تقوم حتى نزور قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام ؟ قلت: نعم جعلت فداك - ثم ساق أبو حمزة الحديث حتى قال -: أتينا الذكوات
البيض، فقال: هذا قبر أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام ثم رجعنا، فكان من
أمره ما كان، فوالله لقد رأيته مقتولا مدفونا منبوشا مسلوبا مسحوبا مصلوبا قد احرق
ودق في الهواوين وذري في العريض (1) من أسفل العاقول (2). بيان: سحبه كمنعه جره على
وجه الارض. 50 - يج: روي أن وليد بن صبيح قال: كنا عند أبي عبد الله في ليلة إذ طرق
الباب طارق فقال للجارية: انظري من هذا ؟ فخرجت ثم دخلت فقالت: هذا عمك عبد الله بن
علي فقال: أدخليه، وقال لنا: ادخلوا البيت، فدخلنا بيتا فسمعنا منه حسا ظننا أن
الداخل بعض نسائه، فلصق بعضنا ببعض، فلما دخل أقبل على أبي عبد الله
(1) العريض: بفتح أوله وكسر ثانيه وآخره
ضاد. قنة منقادة بطرف البئر، بئر بنى غاضرة (المراصد). (2) فرحة الغرى ص 51 المطبوع
ملحقا بمكارم الاخلاق سنة 1305، وعاقولاء: اسم الكوفة في التورية.
[185]
فلم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في أبي
عبد الله، ثم خرج وخرجنا، فأقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه، فقال بعضنا: لقد
استقبلك هذا بشئ ما ظننا أن أحدا يستقبل به أحدا، حتى لقد هم بعضنا أن يخرج إليه
فيوقع به، فقال: مه لا تدخلوا فيما بيننا. فلما مضى من الليل ما مضى، طرق الباب
طارق فقال للجارية: انظري من هذا ؟ فخرجت ثم عادت فقالت: هذا عمك عبد الله بن علي
قال لنا: عودوا إلى مواضعكم، ثم أذن له فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو يقول: يا ابن
أخي اغفر لي غفر الله لك، اصفح عني صفح الله عنك، فقال: غفر الله لك يا عم، ما الذي
أحوجك إلى هذا ؟ قال: إني لما أويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان فشدا وثاقي ثم قال
أحدهما للآخر: انطلق به إلى النار، فانطلق بي فمررت برسول الله فقلت: يا رسول الله
لا أعود، فأمره فخلى عني، وإني لاجد ألم الوثاق، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أوص قال: بم اوصي مالي مال، وإن لي عيالا كثيرا، وعلي دين فقال أبو عبد الله عليه
السلام: دينك علي وعيالك إلى عيالي فأوصى، فما خرجنا من المدينة حتى مات، فضم أبو
عبد الله عليه السلام عياله إليه، وقضى دينه، وزوج ابنه ابنته (1). 51 - يج: روي عن
الحسن بن راشد قال: ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند أبي عبد الله فقال: لا تفعل ! رحم
الله عمي، أتى أبي فقال: إني اريد الخروج على هذا الطاغية، فقال: لا تفعل، فاني
أخاف أن تكون المقتول المصلوب على ظهر الكوفة، أما علمت يا زيد أنه لا يخرج أحد من
ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلا قتل، ثم قال: ألا يا حسن إن
فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار، وفيهم نزلت " ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " فإن
الظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام، والمقتصد العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات
هو الامام ثم قال: يا حسن إنا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتى يقر لكل ذي
(1) الخرائج والجرائح ص 232.
[186]
فضل بفضله (1). 52 - شا: كان زيد بن علي
بن الحسين عليه السلام عين أخوته بعد أبي جعفر عليه السلام، وأفضلهم وكان عابدا
ورعا فقيها سخيا شجاعا، وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات
الحسين عليه السلام. أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن الحسن بن
يحيى، عن الحسن بن الحسين، عن يحيى بن مساور، عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال:
قدمت المدينة، فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذاك حليف القرآن، وروى هشيم
قال: سألت خالد بن صفوان، عن زيد بن علي وكان يحدثنا عنه فقلت: أين لقيته ؟ قال:
بالرصافة فقلت: أي رجل كان ؟ قال: كان ما علمت يبكي من خشية الله حتى يختلط دموعه
بمخاطه. واعتقد كثير من الشيعة فيه الامامة، وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه، خروجه
بالسيف يدعو إلى الرضا من آل بيت محمد، فظنوه يريد بذلك نفسه، ولم يكن يريدها به،
لمعرفته باستحقاق أخيه الامامة من قبله، ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله عليه
السلام. وكان سبب خروج أبي الحسين زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه بعد الذي
ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام أنه دخل على هشام بن عبد الملك،
وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر أن يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى
قربه، فقال له زيد: إنه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصي بتقوى الله، ولا من عباده
أحد دون أن يوصي بتقوى الله وأنا اوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه، فقال له
هشام: أنت المؤهل نفسك للخلافة، الراجي لها ؟ وما أنت وذاك لا ام لك وإنما أنت من
أمة، فقال له زيد: إني لا أعلم أحدا أعظم منزلة عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة،
فلو كان ذلك يقصر عن منتهى غاية لم يبعث، وهو إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام،
فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام ؟ وبعد فما يقصر
(1) الخرائج والجرائح ص 196.
[187]
برجل أبوه رسول الله صلى الله عليه وآله
وهو ابن علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فوثب هشام من مجلسه ودعا قهرمانه وقال: لا
يبيتن هذا في عسكري، فخرج زيد وهو يقول: إنه لم يكره قوم قط حر السيف إلا ذلوا،
فلما وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها، فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب، ثم
نقضوا بيعته وأسلموه، فقتل عليه السلام وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم، ولا
يغير ذلك بيد ولا بلسان. ولما قتل بلغ ذلك من أبي عبد الله الصادق عليه السلام كل
مبلغ، وحزن له حزنا عظيما، حتى بان عليه، وفرق من ماله في عيال من اصيب معه من
أصحابه ألف دينار، وروى ذلك أبو خالد الواسطي قال: سلم إلي أبو عبد الله ألف دينار
وأمرني أن اقسمها في عيال من اصيب مع زيد. فأصاب عيال عبد الله بن الزبير أخي فضيل
الرسان منها أربعة دنانير، وكان مقتله يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين
ومائة، وكان سنه يوم قتل اثنين وأربعين سنة (1). 53 - عم (2) شا: وجدت بخط أبي
الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني في أصل كتابه المعروف بمقاتل الطالبيين (3)
أخبرني عمر بن عبد الله، عن عمر بن شبة، عن الفضل بن عبد الرحمان الهاشمي وابن
داجة، قال أبو زيد: وحدثني عبد الرحمان بن عمرو بن جبلة، عن الحسن بن أيوب مولى بني
نمير، عن عبد الاعلى ابن أعين قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام الجعفري،
عن أبيه قال: وحدثني محمد بن يحيى، عن عبد الله بن يحيى قال: وحدثني عيسى بن عبد
الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، وقد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين: أن
جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء (4) وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي
(1) ارشاد المفيد ص 286. (2) اعلام الورى
ص 271. (3) مقاتل الطالبيين من ص 205 إلى 208. (4) الابواء - بالفتح ثم السكون وفتح
الواو وألف ممدودة - قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلى
المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وقيل جبل عن يمين آره ويمين المصعد إلى مكة من المدينة
- مراصد الاطلاع ج 1 ص 19.
[188]
ابن عبد الله بن عباس، وأبو جعفر المنصور،
وصالح بن علي، وعبد الله بن الحسن وابناه محمد وإبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن عمرو
بن عثمان. فقال صالح بن علي: قد علمتم أنكم الذين تمد الناس إليهم أعينهم، وقد
جمعكم الله في هذا الموضع، فاعقدوا بيعة لرجل منكم، تعطونه إياها من أنفسكم
وتواثقوا على ذلك، حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين. فحمد الله عبد الله بن الحسن
وأثنى عليه ثم قال: قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلم لنبايعه. وقال أبو جعفر:
لاي شئ تخدعون أنفسكم، والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أصور (1) أعناقا، ولا أسرع
إجابة منهم إلى هذا الفتى، يريد به محمد بن عبد الله، قالوا: قد والله صدقت، إن هذا
الذي نعلم، فبايعوا محمد جميعا، ومسحوا على يده. قال عيسى: وجاء رسول عبد الله بن
حسن إلى أبي: أن ائتنا، فانا مجتمعون لامر، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد عليهما
السلام. وقال غير عيسى: إن عبد الله بن الحسن قال لمن حضر: لا تريدوا جعفر فإنا
نخاف أن يفسد عليكم أمركم. قال عيسى بن عبد الله بن محمد: فأرسلني أبي أنظر ما
اجتمعوا له ؟ فجئتهم ومحمد بن عبد الله يصلي على طنفسة رحل مثنية فقلت لهم: أرسلني
أبي إليكم أسألكم لاي شئ اجتمعتم ؟ فقال عبد الله: اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن
عبد الله. قال: وجاء جعفر بن محمد عليهما السلام، فأوسع له عبد الله بن الحسن إلى
جنبه فتكلم بمثل كلامه. فقال جعفر عليه السلام: لا تفعلوا فإن هذا الامر لم يأت
بعد، إن كنت ترى - يعني عبد الله - أن ابنك هذا هو المهدي فليس به، ولا هذا أوانه،
وإن كنت إنما تريد
(1) أصور - بمعنى (أميل) كما في مكان آخر
من مقاتل الطالبيين ص 257 وفى الارشاد (أطول).
[189]
أن تخرجه غضبا لله وليأمر بالمعروف وينهى
عن المنكر، فإنا والله لا ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك في هذا الامر. فغضب عبد الله
بن الحسن، وقال: لقد علمت خلاف ما تقول، والله ما اطلعك على غيبه، ولكن يحملك على
هذا الحسد لابني،. فقال: والله ما ذاك يحملني، ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم،
وضرب بيده على ظهر أبي العباس، ثم ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن، وقال: إنها
والله ما هي إليك ولا إلى ابنيك، ولكنها لهم، وإن ابنيك لمقتولان. ثم نهض فتوكأ على
يد عبد العزيز بن عمران الزهري فقال: أرأيت صاحب الرداء الاصفر يعني أبا جعفر ؟
فقال له: نعم قال: قال: إنا والله نجده يقتله، قال له عبد العزيز: أيقتل محمدا ؟
قال: نعم، فقلت في نفسي: حسده ورب الكعبة، ثم قال: والله ما خرجت من الدنيا حتى
رأيته قتلهما. قال: فلما قال جعفر عليه السلام ذلك ونهض القوم وافترقوا، تبعه عبد
الصمد و أبو جعفر فقالا: يا أبا عبد الله أتقول هذا ؟ قال: نعم أقوله والله وأعلمه.
قال أبو الفرج (1) وحدثني علي بن العباس المقانعي قال: أخبرنا بكار بن أحمد قال:
حدثنا حسن بن حسين، عن عنبسة بن نجاد العابد قال: كان جعفر بن محمد عليهما السلام
إذا رأى محمد بن عبد الله بن الحسن تغرغرت عيناه ثم يقول: بنفسي هو إن الناس
ليقولون فيه، وإنه لمقتول، ليس هو في كتاب علي عليه السلام من خلفاء هذه الامة (2).
54 - قب: أبو مالك الاحمسي قال زيد بن علي لصاحب الطاق: إنك تزعم أن في آل محمد
إماما مفترض الطاعة معروفا بعينه ؟ قال: نعم، وكان أبوك أحدهم قال: ويحك فما كان
يمنعه من أن يقول لي، فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه، ويتناول
المضغة فيبردها، ثم يلقمنيها، أفتراه أنه كان يشفق
(1) مقاتل الطالبيين ص 208. (2) الارشاد ص
294.
[190]
علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر
النار ! ؟ فيقول لي: إذا أنا مت فاسمع وأطع لاخيك محمد الباقر ابني فإنه الحجة
عليك، ولا يدعني أموت موتة جاهلية ؟ فقال: كره أن يقول لك فتكفر فيجب من الله عليك
الوعيد، ولا يكون له فيك شفاعة، فتركك مرجئا لله فيك المشيئة وله فيك الشفاعة، ثم
قال: أنتم أفضل أم الانبياء ؟ قال: بل الانبياء قال: يقول يعقوب ليوسف: " لا تقصص
رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا " (1). لم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ؟ ولكن
كتمهم، وكذا أبوك كتمك لانه خاف منك على محمد عليه السلام إن هو أخبرك بوضعه من
قلبه، وبما خصه الله به فتكيد له كيدا كما خاف يعقوب على يوسف من إخوته، فبلغ
الصادق عليه السلام مقاله فقال: والله ما خاف غيره (2). وسأل زيدي الشيخ المفيد
وأراد الفتنة فقال: بأي شئ استجزت إنكار إمامة زيد ؟ فقال: إنك قد ظننت علي ظنا
باطلا، وقولي في زيد لا يخالفني فيه أحد من الزيدية، فقال: وما مذهبك فيه ؟ قال:
اثبت من إمامته ما تثبته الزيدية، وأنفي عنه من ذلك ما تنفيه، وأقول: كان إماما في
العلم والزهد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنفي عنه الامامة الموجبة لصاحبها
العصمة، والنص، والمعجز، فهذا ما لا يخالفني عليه أحد (3) 55 - شى: عن موسى بن بكر،
عن بعض رجاله أن زيد بن علي دخل على أبي جعفر عليه السلام، ومعه كتب من أهل الكوفة،
يدعونه فيها إلى أنفسهم، ويخبرونه باجتماعهم، ويأمرونه بالخروج إليهم فقال أبو جعفر
عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أحل حلالا وحرم حراما، وضرب أمثالا، وسن سننا،
ولم يجعل الامام العالم بأمره في شبهة مما فرض الله من الطاعة، أن يسبقه بأمر قبل
محله، أو يجاهد قبل حلوله
(1) سورة يوسف، الاية: 5. (2) المناقب ج 1
ص 223. (3) المناقب ج 1 ص 223.
[191]
وقد قال الله في الصيد: " لا تقتلوا الصيد
وأنتم حرم " (1) فقتل الصيد أعظم أم قتل النفس الحرام ؟، وجعل لكل محلا قال: " وإذا
حللتم فاصطادوا " (2) وقال: " لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " (3) فجعل
الشهور عدة معلومة، وجعل منها أربعة حرما وقال: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر
واعلموا أنكم غير معجزي الله " (4). 56 - شى: عن داود البرقي قال: سأل أبا عبد الله
عليه السلام رجل وأنا حاضر عن قول الله: " عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده
فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " (5) فقال: أذن في هلاك بني امية بعد إحراق
زيد، سبعة أيام (6). 57 - سر: من كتاب أبي القاسم ابن قولويه قال: روى بعض أصحابنا
قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام فكان إذا صلى الفجر لم يتكلم حتى تطلع
الشمس فجاؤه يوم ولد فيه زيد فبشروه به بعد صلاة الفجر قال: فالتفت إلى أصحابه
وقال: أي شئ ترون أن اسمي هذا المولود ؟ قال: فقال كل رجل منهم سمه كذا سمه كذا
قال: فقال: يا غلام علي بالمصحف، قال: فجاؤا بالمصحف فوضعه على حجره قال: ثم فتحه
فنظر إلى أول حرف في الورقة وإذا فيه " وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا
عظيما " (7) قال: ثم طبقه ثم فتحه فنظر فإذا في أول الورقة
(1) سورة المائدة، الاية: 95. (2) سورة
المائدة، الاية: 2. (3) نفس الاية السابقة. (4) تفسير العياشي ج 1 ص 29 في سورة
التوبة الاية 2. وأخرجه البحراني في البرهان ج 1 ص 432. (5) سورة المائدة الاية:
52. (6) تفسير العياشي ج 1 ص 325 وأخرجه البحراني في البرهان ج 1 ص 478 والفيض في
الصافى ج 1 ص 448 والحر العاملي في اثبات الهداة ج 5 ص 426. (7) سورة النساء،
الاية: 95.
[192]
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في
التورية والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به
وذلك هو الفوز العظيم " (1) ثم قال: هو والله زيد هو والله زيد فسمى زيدا (2). وعن
حذيفة بن اليمان قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زيد بن حارثة فقال:
المقتول في الله، والمصلوب في امتي، والمظلوم من أهل بيتي سمي هذا، وأشار بيده إلى
زيد بن حارثة فقال: ادن مني يا زيد، زادك اسمك عندي حبا فأنت سمي الحبيب من أهل
بيتي (3). 58 - كشف (4) قب: بلغ الصادق عليه السلام قول الحكيم بن العباس الكلبي:
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة ولم أر مهديا على الجذع يصلب وقستم بعثمان عليا سفاهة
وعثمان خير من علي وأطيب فرفع الصادق عليه السلام يديه إلى السماء وهما يرعشان،
فقال: اللهم إن كان عبدك كاذبا فسلط عليه كلبك، فبعثه بنو امية إلى الكوفة فبينما
هو يدور في سككها إذا افترسه الاسد، واتصل خبره بجعفر. فخر لله ساجدا ثم قال: الحمد
لله الذي أنجزنا ما وعدنا (5). 59 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري، عن جابر قال:
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، فقلنا لزيد هذه
المقالة فقال: إني شهدت هشاما ورسول الله صلى الله عليه وآله يسب عنده، فلم ينكر
ذلك ولم يغيره فوالله لو لم يكن إلا أنا وآخر لخرجت عليه (6).
(1) سورة التوبة، الاية: 111. (2)
مستطرفات السرائر فيما استطرفه من رواية أبى القاسم ابن قولويه. (3) مستطرفات
السرائر فيما استطرفه من رواية أبى القاسم ابن قولويه. (4) كشف الغمة ج 2 ص 440.
(5) المناقب ج 3 ص 360. (6) كشف الغمة ج 2 ص 350.
[193]
60 - كش: محمد بن مسعود، عن عبد الله بن
محمد الطيالسي، عن الوشاء، عن أبي خداش، عن علي بن إسماعيل، عن أبي خالد، وحدثني
محمد بن مسعود عن على ابن محمد، عن الاشعري، عن ابن الريان، عن الحسن بن راشد، عن
علي بن إسماعيل، عن أبي خالد، عن زرارة قال: قال لي زيد بن علي عليه السلام وأنا
عند أبي عبد الله عليه السلام: ما تقول يا فتى في رجل من آل محمد استنصرك ؟ فقلت:
إن كان مفروض الطاعة نصرته، وإن كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل، ولي أن لا أفعل،
فلما خرج قال أبو عبد الله عليه السلام: أخذته والله من بين يديه ومن خلفه. وما
تركت له مخرجا (1). 61 - ج (2) قب: عن زرارة مثله (3). 62 - كش: حمدويه، عن
اليقطيني، عن يونس، عن إسماعيل بن عبد الخالق، قال: قيل لمؤمن الطاق: ما الذي جرى
بينك وبين زيد بن علي في محضر أبي عبد الله عليه السلام ؟ قال: قال زيد بن علي: يا
محمد بن علي بلغني أنك تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة ؟ قال: قلت: نعم،
وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم فقال: وكيف وقد كان يوتى بلقمة وهي حارة فيبردها
بيده ثم يلقمنيها أفترى إنه كان يشفق علي من حر اللقمة، ولا يشفق علي من حر النار ؟
قال: قلت له: كره أن يخبرك فتكفر، ولا يكون له فيك الشفاعة، ولا فيك المشيئة، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: أخذته من بين يديه، ومن خلفه، فما تركت له مخرجا (4). 63
- كشف: قال الصادق عليه السلام لابي ولاد الكاهلي: رأيت عمي زيدا ؟ قال: نعم رأيته
مصلوبا، ورأيت الناس بين شامت حنق، وبين محزون محترق، فقال:
(1) رجال الكشى ص 101. (2) الاحتجاج ص
240. (3) المناقب ج 1 ص 223. (4) رجال الكشى ص 123 ذيل حديث.
[194]
أما الباكي فمعه في الجنة، وأما الشامت
فشريك في دمه (1). 64 - كش: محمد بن مسعود، عن أبي عبد الله الشاذاني، عن الفضل، عن
أبيه، أبي يعقوب المقري وكان من كبار الزيدية، عن عمرو بن خالد وكان من رؤساء
الزيدية، عن أبي الجارود وكان رأس الزيدية قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام جالسا
إذ أقبل زيد بن علي فلما نظر إليه أبو جعفر عليه السلام قال: هذا سيد أهل بيتي،
والطالب بأوتارهم (2). 65 - كش: حمدويه، عن أيوب، عن حنان بن سدير قال: كنت جالسا
عند الحسن بن الحسين، فجاء سعيد بن منصور وكان من رؤساء الزيدية فقال: ما ترى في
النبيذ ؟ فإن زيدا كان يشربه عندنا قال: ما اصدق على زيد أنه شرب مسكرا قال: بلى قد
يشربه قال: فإن كان فعل، فإن زيدا ليس بنبي ولا وصي نبي إنما هو رجل من آل محمد
يخطئ ويصيب (3). 66 - كش: إبراهيم بن محمد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري
عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمان بن سيابة قال: دفع إلي أبو عبد الله
عليه السلام دنانير وأمرني أن اقسمها في عيالات من اصيب مع عمه زيد فقسمتها، فأصاب
عيال عبد الله بن الزبير الرسان أربعة دنانير (4). 67 - كش: محمد بن مسعود قال: كتب
إلي الشاذاني حدثنا الفضل، عن علي بن الحكيم وغيره، عن أبي الصباح قال: جاءني سدير
فقال لي: إن زيدا تبرأ منك، قال: فأخذت علي ثيابي، قال: وكان أبو الصباح رجلا ضاريا
قال: فأتيته فدخلت عليه، وسلمت عليه، فقلت له: يا أبا الحسن بلغني أنك قلت: الائمة
أربعة، ثلاثة مضوا، والرابع وهو القائم ؟ قال زيد: هكذا قلت قال: فقلت لزيد: هل
تذكر قولك لي بالمدينة في حياة أبي جعفر عليه السلام وأنت تقول: إن الله تعالى
(1) كشف الغمة ج 2 ص 442. (2 و 3) رجال
الكشى ص 151. (4) رجال الكشى ص 217.
[195]
قضى في كتابه أنه من قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا، وإنما الائمة ولاة الدم، وأهل الباب، فهذا أبو جعفر الامام، فان حدث
به حدث، فان فينا خلفا ؟ وقال: وكان يسمع مني خطب أمير المؤمنين عليه السلام وأنا
أقول: فلا تعلموهم فهم أعلم منكم، فقال لي: أما تذكر هذا القول، فقلت: فان منكم من
هو كذلك، ثم قال: ثم خرجت من عنده فتهيأت وهيأت راحلة، ومضيت إلى أبي عبد الله عليه
السلام ودخلت عليه، وقصصت عليه ما جرى بيني وبين زيد، فقال: أرأيت لو أن الله تعالى
ابتلى زيدا فخرج منا سيفان آخران، بأي شئ تعرف أي السيوف سيف الحق والله ما هو كما
قال، ولئن خرج ليقتلن، قال: فرجعت، فانتهيت إلى القادسية فاستقبلني الخبر بقتله -
رحمه الله - (1). علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن علي بن الحكم
باسناده هذا الحديث بعينه (2). بيان: قال الجزري فيه (3) إن قيسا ضراء الله: هو
بالكسر جمع ضرو، وهو من السباع ما ضرى بالصيد ولهج به، أي أنهم شجعان، تشبيها
بالسباع الضارية في شجاعتها، يقال: ضري بالشئ يضرى ضرى وضراوة [فهو ضار إذا اعتاده
- ومنه الحديث - إن للاسلام ضراوة] (4) أي عادة ولهجا به لا يصبر عنه انتهى. قوله:
ثلاثة مضوا، لعله لم يعد علي بن الحسين عليه السلام منهم، لعدم خروجه مستقلا
بالسيف، أو يكون المراد الائمة بعد أمير المؤمنين عليه السلام. قوله: والرابع هو
القائم، ليس القائم في بعض النسخ، وإن لم يكن فهو المراد وإلزام الكناني عليه
باعتبار أنه أقر بامامة الباقر عليه السلام، وهو ينافي الحصر الذي ادعاه، ثم أراد
زيد أن يلزم عليه القول بامامته بما قال له الكناني سابقا إما تواضعا
(1) رجال الكشى ص 224. (2) رجال الكشى ص
225. (3) النهاية لابن الاثير ج 3 ص 18. (4) زيادة من الاصل سقطت من المتن.
[196]
أو مطايبة أو مدافعة، فأجاب بأنه كان
مرادي أن فيكم من هو كذلك، بل يمكن أن يكون غرضه في ذلك الوقت أن يعلم زيد أنه ليس
في تلك المرتبة لانه يحتاج إلى التعلم. وحاصل كلامه عليه السلام أن محض الخروج
بالسيف من كل من انتسب إلى هذا البيت، ليس دليلا على حقيته، وأنه القائم، بل لابد
لذلك من علامات ودلالات ومعجزات، ولو كان كذلك: فإذا فرض أنه خرج في هذا الزمان
رجلان أيضا من أهل هذا البيت بالسيف، معارضين له، فكيف يعرف أيهم على الحق فظهر أن
الخروج بالسيف فقط، ليس علامة للحقية، ولزوم الغلبة ووجوب متابعة الناس له، وكونه
المهدي والقائم، وفرض السيفين لكثرة الاشتباه فيكون أتم في الدلالة على المراد. 68
- كش: القتيبي، عن الفضل، عن أبيه، عن عدة من أصحابنا، عن سليمان بن خالد قال: قال
لي أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله عمي زيدا، ما قدر أن يسير بكتاب الله ساعة
من نهار، ثم قال: يا سليمان بن خالد ما كان عدوكم عندكم ؟ قلنا: كفار، قال: إن الله
عزوجل يقول: " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد وإما فداء " (1) فجعل
المن بعد الاثخان، أسرتم قوما ثم خليتم سبيلهم، قبل الاثخان، فمننتم قبل الاثخان،
وإنما جعل الله المن بعد الاثخان حتى خرجوا عليكم من وجه آخر فقاتلوكم (2). 69 -
كش: محمد بن الحسن وعثمان بن حامد، عن محمد بن يزداد، عن محمد ابن الحسين، عن ابن
فضال، عن مروان بن مسلم، عن عمار الساباطي قال: كان سليمان بن خالد خرج مع زيد بن
علي حين خرج، قال: فقال له رجل ونحن وقوف في ناحية وزيد واقف في ناحية: ما تقول في
زيد هو خير أم جعفر ؟ قال: سليمان: قلت: والله ليوم من جعفر خير من زيد أيام
الدنيا، قال: فحرك رأسه
(1) سورة محمد صلى الله عليه وآله الاية:
4. (2) رجال الكشى ص 230.
[197]
وأتى زيدا وقص عليه القصة، قال: فمضيت
نحوه فانتهيت إلى زيد وهو يقول: جعفر إمامنا في الحلال والحرام (1). 70 - كش: محمد
بن مسعود قال: كتب إلي أبو عبد الله يذكر عن الفضل عن محمد بن جمهور، عن يونس، عن
ابن رئاب، عن أبي خالد القماط قال: قال لي رجل من الزيدية أيام زيد: ما منعك أن
تخرج مع زيد ؟ قال: قلت له: إن كان أحد في الارض مفروض الطاعة، فالخارج قبله هالك،
وإن كان ليس في الارض مفروض الطاعة، فالخارج والجالس موسع لهما فلم يرد على شئ،
قال: فمضيت من فوري إلى أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته بما قال لي الزيدي وبما
قلت له، وكان متكئا فجلس، ثم قال: أخذته من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن
شماله، ومن فوقه، ومن تحته، ثم لم تجعل له مخرجا (2). 71 - كش: ابن قتيبة، عن
الفضل، عن أبيه، عن محمد بن جمهور، عن بكار ابن أبي بكر الحضرمي قال: دخل أبو بكر
وعلقمة على زيد بن علي، وكان علقمة أكبر من أبي، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن
يساره، وكان بلغهما أنه قال: ليس الامام منا من أرخى عليه ستره، إنما الامام من شهر
سيفه، فقال له أبو بكر وكان أجرأهما: يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب عليه
السلام أكان إماما وهو مرخ عليه ستره، أو لم يكن إماما حتى خرج وشهر سيفه ؟ قال:
وكان زيد يبصر الكلام، قال: فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث مرات، كل ذلك لا
يجيبه بشئ، فقال له أبو بكر: إن كان علي بن أبي طالب إماما، فقد يجوز أن يكون بعده
إمام مرخ عليه ستره وإن كان علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن إماما وهو مرخ عليه
ستره، فأنت ما جاء بك ههنا ؟ قال: فطلب أبي علقمة أن يكف عنه فكف عنه. قال: وكتب
إلي الشاذاني أبو عبد الله يذكر عن الفضل، عن أبيه مثله (3).
(1) رجال الكشى ص 231. (2) نفس المصدر ص
259. (3) المصدر السابق ص 261.
[198]
73 - قب: مرسلا مثله (1). 72 - نص: محمد
بن جعفر التميمي، عن محمد بن القاسم بن زكريا، عن هشام ابن يونس، عن القاسم بن
خليفة، عن يحيى بن زيد قال: سألت أبي عليه السلام عن الائمة ؟ فقال: الائمة اثنا
عشر: أربعة من الماضين، وثمانية من الباقين، قلت: فسمهم ويا أبه، قال: أما الماضين،
فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومن الباقين أخي الباقر، وبعده
جعفر الصادق ابنه، وبعده موسى ابنه، وبعده علي ابنه، وبعد محمد ابنه، وبعده علي
ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده المهدي ابنه، فقلت له، يا أبه ألست منهم ؟ قال: لا
ولكني من العترة، قلت: فمن أين عرفت أساميهم ؟ قال: عهد معهود عهده إلينا رسول الله
صلى الله عليه وآله. فان قال قائل: فزيد بن علي عليه السلام إذا سمع هذه الاحاديث
من الثقات المعصومين وآمن بها واعتقدها فلم خرج بالسيف وادعى الامامة لنفسه وأظهر
الخلاف على جعفر بن محمد ؟ وهو بالمحل الشريف الجليل، معروف بالستر والصلاح مشهور
عند الخاص والعام بالعلم والزهد وهذا ما لا يفعله إلا معاند جاحد وحاشا زيدا أن
يكون بهذا المحل ؟ فأقول في ذلك والله التوفيق: إن زيد بن علي عليه السلام خرج على
سبيل الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن
محمد عليه السلام وإنما وقع الخلاف من جهة الناس، وذلك أن زيد بن علي عليه السلام
لما خرج ولم يخرج جعفر بن محمد عليهما السلام توهم قوم من الشيعة أن امتناع جعفر
كان للمخالفة، وإنما كان لضرب من التدبير، فلما رأى الذين صاروا للزيدية سلفا ذلك،
قالوا: ليس الامام من جلس في بيته، وأغلق بابه، وأرخى ستره، وإنما الامام من خرج
بسيفه، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، فهذان سبب وقوع الخلاف بين الشيعة وأما
جعفر وزيد عليهما السلام فما كان بينهما خلاف، والدليل على صحة قولنا قول زيد
(1) المناقب ج 1 ص 223.
[199]
ابن علي عليه السلام: من أراد الجهاد فالي
ومن أراد العلم فالى ابن أخي جعفر، ولو ادعى الامامة لنفسه، لم ينف كمال العلم عن
نفسه، إذ الامام أعلم من الرعية ومن مشهور قول جعفر بن محمد عليه السلام: رحم الله
عمي زيدا لو ظفر لوفى، إنما دعا إلى الرضا من آل محمد وأنا الرضى. وتصديق ذلك ما
حدثنا به علي بن الحسين، عن عامر بن عيسى بن عامر السيرافي بمكة في ذي الحجة سنة
إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن
جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن
محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل بن هارون البجلي، عن أبيه المتوكل بن
هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد قتل أبيه وهو متوجه إلى خراسان، فما رأيت مثله
رجلا في عقله وفضله فسألته عن أبيه، فقال: إنه قتل وصلب بالكناسة، ثم بكى وبكيت حتى
غشي عليه، فلما سكن قلت له: يا ابن رسول الله وما الذي أخرجه إلى قتال هذا الطاغي
وقد علم من أهل الكوفة ما علم ؟ فقال: نعم لقد سألته عن ذلك، فقال: سمعت أبي عليه
السلام يحدث عن أبيه الحسين بن علي عليه السلام قال: وضع رسول الله صلى الله عليه
وآله يده على صلبي فقال: يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يقتل شهيدا، فإذا
كان يوم القيامة يتخطى هو وأصحابه رقاب الناس، ويدخل الجنة، فأحببت أن أكون كما
وصفني رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: رحم الله أبي زيدا، كان والله أحد
المتعبدين، قائم ليله صائم نهاره، يجاهد في سبيل الله عزوجل حق جهاده. فقلت: يا ابن
رسول الله هكذا يكون الامام بهذه الصفة ؟ فقال: يا عبد الله إن أبي لم يكن بامام،
ولكن من سادات الكرام، وزهادهم، وكان من المجاهدين في سبيل الله، قلت: يا ابن رسول
الله أما إن أباك قد ادعى الامامة، وخرج مجاهدا في سبيل الله، وقد جاء عن رسول الله
صلى الله عليه وآله فيمن ادعى الامامة كاذبا فقال: مه يا عبد الله إن أبي عليه
السلام كان أعقل من أن يدعي ما ليس له بحق وإنما قال: أدعوكم إلى الرضا من آل محمد،
عنى بذلك عمي جعفرا قلت: فهو اليوم صاحب
[200]
الامر ؟ قال: نعم هو أفقه بني هاشم. ثم
قال: يا عبد الله إني اخبرك عن أبي عليه السلام وزهده وعبادته، إنه كان عليه السلام
يصلي في نهاره ما شاء الله، فإذا جن الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في
جوف الليل ما شاء الله، ثم يقوم قائما على قدميه يدعو الله تبارك وتعالى ويتضرع له
ويبكي بدموع جارية، حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يقوم يصلي الغداة
إذا وضح الفجر، فإذا فرغ من صلاته قعد في التعقيب إلى أن يتعالى النهار، ثم يقوم في
حاجته ساعة، فإذا قرب الزوال قعد في مصلاه فسبح الله ومجده إلى وقت الصلاة، فإذا
حان وقت الصلاة قام فصلى الاولى وجلس هنيئة وصلى العصر وقعد في تعقيبه ساعة، ثم سجد
سجدة، فإذا غابت الشمس صلى العشاء والعتمة قلت: كان يصوم دهره ؟ قال: لا ولكنه كان
يصوم في السنة ثلاثة أشهر ويصوم في الشهر ثلاثة أيام قلت: وكان يفتي الناس في معالم
دينهم ؟ قال: ما أذكر ذلك عنه، ثم أخرج إلي صحيفة كاملة أدعية علي بن الحسين عليه
السلام (1). 74 - نص: أبو علي أحمد بن سليمان، عن أبي علي بن همام، عن الحسن ابن
محمد بن جمهور العمي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسلم قال: دخلت على زيد
بن علي عليه السلام فقلت: إن قوما يزعمون أنك صاحب هذا الامر قال: لا ولكني من
العترة قلت: فمن يلي هذا الامر بعدكم ؟ قال: سبعة من الخلفاء والمهدي منهم. قال ابن
مسلم: ثم دخلت على الباقر محمد بن علي عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال: صدق أخي زيد
صدق أخي زيد، سيلى هذا الامر بعدي سبعة من الاوصياء، والمهدي منهم ثم بكى عليه
السلام وقال: كأني به وقد صلب في الكناسة يا ابن مسلم، حدثني، أبي، عن أبيه الحسين
قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على كتفي، وقال: يا حسين يخرج من صلبك
رجل يقال له زيد يقتل مظلوما إذا كان يوم القيامة حشر وأصحابه إلى الجنة (2).
(1 و 2) كفاية الاثر للخزاز ص 327 طبع
ايران سنة 1305.
[201]
75 - نص: الحسين بن علي، عن هارون بن
موسى، عن أحمد بن علي بن إبراهيم العلوي المعروف بالجواني، عن أبيه علي بن ابراهيم،
عن عبد الله بن محمد المديني، عن عمارة بن زيد الانصاري، عن عبد الله بن العلا قال:
قلت لزيد بن علي عليه السلام ما تقول في الشيخين ؟ قال: ألعنهما قلت: فأنت صاحب
الامر ؟ قال: لا ولكني من العترة قلت: فإلى من تأمرنا ؟ قال: عليك بصاحب الشعر
وأشار إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام (1). 76 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي
بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن مهزم بن
أبي بردة الاسدي قال: دخلت المدينة حدثان صلب زيد رضي الله عنه قال: فدخلت على أبي
عبد الله عليه السلام فساعة رآني قال: يا مهزم ما فعل زيد ؟ قال: قلت: صلب قال: أين
؟ قال: قلت: في كناسة بني أسد قال: أنت رأيته مصلوبا في كناسة بني أسد ؟ قال: قلت
نعم، قال: فبكى حتى بكت النساء خلف الستور، ثم قال: أما والله لقد بقي لهم عنده
طلبة ما أخذوها منه بعد، قال: فجعلت افكر وأقول: أي شئ طلبتهم بعد القتل والصلب ؟
قال: فودعته وانصرفت، حتى انتهيت إلى الكناسة فإذا أنا بجماعة، فأشرفت عليهم فإذا
زيد قد أنزلوه من خشبته، يريدون أن يحرقوه قال: قلت: هذا الطلبة التي قال لي (2).
77 - نص علي بن الحسين بن محمد، عن هارون بن موسى، عن محمد بن مخزوم مولى بني هاشم،
قال أبو محمد: وحدثنا عمر بن الفضل المطيري عن محمد بن الحسن الفرغاني، عن عبد الله
بن محمد البلوي، قال أبو محمد: وحدثنا عبيدالله بن الفضل الطائي عن عبد الله بن
محمد البلوي، عن إبراهيم بن عبد الله بن العلا، عن محمد بن بكير قال: دخلت على زيد
بن علي عليه السلام وعنده صالح بن بشر فسلمت عليه، وهو يريد الخروج إلى العراق،
فقلت له: يا ابن رسول الله حدثني بشئ سمعته عن أبيك عليه السلام فقال: نعم
(1) نفس المصدر السابق ص 328. (2) أمالى
ابن الشيخ ص 64.
[202]
حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من أنعم الله عليه بنعمة فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق
فليستغفر الله، ومن أحزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله. فقلت: زدني يا ابن
رسول الله، قال: نعم حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: أربعة أنا لهم الشفيع يوم القيامة، المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم،
والساعي لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه. قال: فقلت:
زدني يا ابن رسول الله من فضل ما أنعم الله عزوجل عليكم قال: نعم حدثني أبي عن
أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحبنا أهل البيت في الله
حشر معنا، وأدخلناه معنا الجنة، يا ابن بكير من تمسك بنا فهو معنا في الدرجات
العلى، يا ابن بكير إن الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله و اختارنا
له ذرية فلولانا لم يخلق الله تعالى الدنيا والآخرة، يا ابن بكير بنا عرف الله،
وبنا عبد الله، ونحن السبيل إلى الله، ومنا المصطفى والمرتضى، ومنا يكون المهدي
قائم هذه الامة. قلت: يا ابن رسول الله هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وآله
متى يقوم قائمكم ؟ قال: يا ابن بكير إنك لن تلحقه، وإن هذا الامر تليه ستة من
الاوصياء بعد هذا ثم يجعل الله خروج قائمنا، فيملاها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا
وظلما، فقلت: يا ابن رسول الله ألست صاحب هذا الامر ؟ فقال: أنا من العترة، فعدت
فعاد إلي فقلت: هذا الذي تقول، عنك أو عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال: لو
كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، لا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه
وآله، ثم أنشأ يقول: نحن سادات قريش وقوام الحق فينا نحن الانوار التي من قبل كون
الخلق كنا نحن منا المصطفى المختار والمهدي منا فبنا قد عرف الله وبالحق أقمنا سوف
يصلاه سعير من تولى اليوم عنا
[203]
قال علي بن الحسين ! وحدثنا بهذا الحديث
محمد بن الحسين البزوفري عن الكليني، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن
الطيالسي، عن ابن عميرة وصالح ابن عقبة جميعا عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن صالح
قال: كنت عند زيد بن علي عليه السلام فدخل إليه محمد بن بكير وذكر الحديث (1). 78 -
مصبا: في أول يوم من صفر سنة إحدى وعشرين ومائة كان مقتل زيد بن علي عليه السلام
(2). 79 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن
الجارود، عن موسى بن بكر بن داب، عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن علي
ابن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى
أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم، ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر عليه السلام هذه
الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه ؟ فقال: بل ابتداء من
القوم، لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولما يجدون في
كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق و الضنك
والبلاء، فقال له أبو جعفر عليه السلام: إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة
أمضاها في الاولين، وكذلك يجريها في الآخرين، والطاعة لواحد منا والمودة للجميع،
وأمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضي، وقدر مقدور، وأجل
مسمى لوقت معلوم " فلا يستخفنك الذين لا يوقنون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا "
فلا تعجل فان الله لا يعجل لعجلة العباد، ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك.
قال: فغضب زيد عند ذلك ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته، و أرخى ستره، وثبط
عن الجهاد، ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله
(1) كفاية الاثر للخزاز ص 326. (2) مصباح
المتهجد للشيخ الطوسى في أعمال شهر صفر ص 551.
[204]
حق جهاده، ودفع عن رعيته، وذب عن حريمه،
قال أبو جعفر عليه السلام: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجئ عليه
بشاهد من كتاب الله، أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو تضرب به مثلا فان
الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما، وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا، ولم يجعل
الامام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة، أن يسبقه بأمر قبل محله، أو
يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عزوجل في الصيد: " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم "
أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله ؟ وجعل لكل شئ محلا وقال عزوجل " وإذا
حللتم فصطادوا " وقال عزوجل " ولا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " فجعل الشهور
عدة معلومة فجعل فيها أربعة حرما وقال: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم
غير معجزي الله " ثم قال تبارك وتعالى " فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم " فجعل لذلك محلا وقال: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب
اجله " فجعل لكل شئ محلا ولكل أجل كتابا. فان كنت على بينة من ربك، ويقين من أمرك،
وتبيان من شأنك فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة، ولا تتعاط زوال ملك
لم ينقض اكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله، فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله،
وبلغ الكتاب أجله لانقطع الفصل وتتابع النظام، ولاعقب الله في التابع والمتبوع الذل
والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد
يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله، وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى
من الله، وادعوا الخلافة بلا برهان من الله، ولا عهد من رسوله، اعيذك بالله يا أخي
أن تكون غدا المصلوب بالكناسة، ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا
وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا، ونسبنا إلى غير جدنا، وقال فينا ما لم
نقله في أنفسنا. (1).
(1) الكافي: ج 1 ص 356.
[205]
80 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن رجل ذكره، عن سليمان بن خالد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
كيف صنعتم بعمي زيد ؟ قلت: إنهم كانوا يحرسونه، فلما شف الناس، أخذنا خشبته فدفناه
في جرف على شاطئ الفرات، فلما أصبحوا جالت الخيل يطلبونه، فوجدوه فأحرقوه، فقال:
أفلا أو قرتموه حديدا، وألقيتموه في الفرات، صلى الله عليه ولعن الله قاتله (1). 81
- كا: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن علي الوشاء عمن ذكره، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز ذكره أذن في هلاك بني امية بعد إحراقهم زيدا
بسبعة أيام (2). 82 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبي هشام الجعفري قال: سألت الرضا
عليه السلام عن المصلوب فقال: أما علمت أن جدي عليه السلام صلى على عمه (3). تذنيب:
أقول: سنورد الاخبار الدالة على أحوال كل من خرج من أولاد الائمة عليهم السلام، عند
ذكر أحوالهم لا سيما في أبواب أحوال الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام، وسيأتي في
باب معجزات الصادق عليه السلام بعض أخبار زيد وغيره وسنورد الاخبار في أحوالهم
مجملا في كتاب الخمس وأوردنا بعض ما يتعلق بهم في أبواب أحوال فاطمة صلوات الله
عليها، وقد مر بعض الاخبار عن زيد في أبواب النصوص. ثم اعلم أن الاخبار اختلفت
وتعارضت في أحوال زيد وأضرابه كما عرفت لكن الاخبار الدالة على جلالة زيد ومدحه،
وعدم كونه مدعيا لغير الحق أكثر وقد حكم أكثر الاصحاب بعلو شأنه، فالمناسب حسن الظن
به، وعدم القدح فيه بل عدم التعرض لامثاله من أولاد المعصومين عليهم السلام إلا من
ثبت من قبل الائمة عليهم السلام الحكم بكفرهم، ولزوم التبري عنهم. وسيأتي القول في
الابواب الآتية فيهم مفصلا إن شاء الله تعالى.
(1 و 2) نفس المصدر ج 8 ص 161. (3) المصدر
السابق ج 3 ص 215.
[206]
83 - فر: (1) جعفر بن أحمد معنعنا عن زيد
بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: أيها الناس إن الله بعث في
كل زمان خيرة، ومن كل خيرة منتجبا حبوة منه، قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، فلم
يزل الله يتناسخ خيرته حتى أخرج محمدا صلى الله عليه وآله من أفضل تربة وأطهر عترة
اخرجت للناس، فلما قبض محمدا صلى الله عليه وآله افتخرت قريش على سائر الانبياء بأن
محمدا صلى الله عليه وآله كان قرشيا ودانت العجم للعرب بأن محمدا صلى الله عليه
وآله كان عربيا، حتى ظهرت الكلمة وتمت النعمة فاتقوا الله عباد الله، وأجيبوا إلى
الحق وكونوا أعوانا لمن دعاكم إليهم، ولا تأخذوا سنة بني إسرائيل، كذبوا أنبياءهم،
وقتلوا أهل بيت نبيهم. ثم أنا اذكركم أيها السامعون لدعوته، المتفهمون مقالتنا،
بالله العظيم الذي لم يذكر المذكرون بمثله، إذا ذكرتموه وجلت قلوبكم، واقشعرت لذلك
جلودكم، ألستم تعلمون أنا ولد نبيكم المظلومون المقهورون فلا سهم وفينا، ولا تراث
اعطينا، وما زالت بيوتنا تهدم، وحرمنا تنتهك، وقائلنا يعرف، يولد مولودنا في الخوف،
وينشؤ ناشئنا بالقهر، ويموت ميتنا بالذل. ويحكم إن الله قد فرض عليكم جهاد أهل
البغي والعدوان من امتكم على بغيهم، وفرض نصرة أوليائه الداعين إلى الله وإلى
كتابه، قال: " فلينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " (2) ويحكم إنا قوم غضبنا
لله ربنا، ونقمنا الجور المعمول به في أهل ملتنا، ووضعنا من توارث الامامة والخلافة
ويحكم بالهواء ونقض العهد وصلى الصلاة لغير وقتها، وأخذ الزكاة من غير وجهها،
ودفعها إلى غير أهلها، ونسك المناسك بغير هديها، وأزال الافياء والاخماس والغنائم،
ومنعها الفقراء والمساكين وابن السبيل، وعطل الحدود وأخذ بها الجزيل، وحكم بالرشا
والشفاعات والمنازل وقرب الفاسقين، ومثل بالصالحين، واستعمل الخيانة، وخون أهل
الامانة، وسلط المجوس، وجهز الجيوش، وخلد في المحابس، وجلد المبين ! !
(1) تفسير فرات بن ابراهيم ص 42 طبع
النجف. (2) سورة الحج، الاية: 40.
[207]
وقتل الوالد، وأمر بالمنكر، ونهى عن
المعروف، بغير مأخوذ عن كتاب الله، ولا سنة نبيه، ثم يزعم زاعمكم أن الله استخلفه،
يحكم بخلافه، ويصد عن سبيله، وينتهك محارمه، ويقتل من دعا إلى أمره، فمن أشر عند
الله منزلة ممن افترى على الله كذبا، أو صد عن سبيله، أو بغاه عوجا، ومن أعظم عند
الله أجرا ممن أطاعه، وآذن بأمره، وجاهد في سبيله، وسارع في الجهاد، ومن أحقر عند
الله منزلة ممن يزعم أن بغير ذلك يمن عليه، ثم يترك ذلك استخفافا بحقه وتهاونا في
أمر الله، وإيثارا للدنيا " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني
من المسلمين " (1). 84 - كا: العدة عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي داود، عن عبد
الله بن أبان قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا أفيكم أحد عنده علم
عمي زيد بن علي ؟ فقال رجل من القوم: أنا عندي علم من علم عمك، كنا عنده ذات ليلة
في دار معاوية بن إسحاق الانصاري، إذ قال: انطلقوا بنا نصلي في مسجد السهلة فقال
أبو عبد الله عليه السلام: وفعل ؟ فقال: لا، جاءه أمر فشغله عن الذهاب، فقال: أما
والله، لو عاذ الله به حولا لاعاذه أما علمت أنه موضع بيت إدريس النبي الذي كان
يخيط فيه، ومنه سار إبراهيم إلى اليمن بالعمالقة، ومنه سار داود إلى جالوت وإن فيه
لصخرة خضراء فيها مثال كل نبي، ومن تحت تلك الصخرة أخذت طينة كل نبي، وإنه لمناخ
الراكب، قيل: ومن الراكب ؟ قال: الخضر عليه السلام (2). 85 - كا: محمد بن يحيى، عن
عمرو بن عثمان، عن حسين بن بكر، عن عبد الرحمان بن سعيد الخزاز، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال: بالكوفة مسجد يقال له: مسجد السهلة، لو أن عمي زيدا أتاه
فصلى فيه، واستجار الله لاجاره عشرين سنة (3).
(1) سورة فصلت، الاية: 33. (2) الكافي ج 3
ص 494. (3) الكافي ج 3 ص 495 وهو صدر حديث.
[208]
86 - فر: القاسم بن عبيد، عن أحمد بن
وشيك، عن سعيد بن جبير قال: قلت لمحمد بن خالد: كيف زيد بن علي في قلوب أهل العراق
؟ فقال: لا أحدثك عن أهل العراق، ولكن احدثك عن رجل يقال له: النازلي، بالمدينة
قال: صحبت زيدا ما بين مكة والمدينة، وكان يصلي الفريضة ثم يصلي ما بين الصلاة إلى
الصلاة، ويصلي الليل كله، ويكثر التسبيح، ويردد " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما
كنت منه تحيد " (1) فصلى بنا ليلة، ثم ردد هذه الآية إلى قريب من نصف الليل،
فانتبهت وهو رافع يده إلى السماء ويقول: إلهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة، ثم
انتحب فقمت إليه، وقلت: يا ابن رسول الله لقد جزعت في ليلتك هذه جزعا ما كنت أعرفه
؟ قال: ويحك يا نازلي إني رأيت الليلة وأنا في سجودي إذ رفع لي زمرة من الناس عليهم
ثياب ما رأته الابصار، حتى أحاطوا بي وأنا ساجد، فقال كبيرهم الذي يسمعون منه: أهو
ذلك ؟ قالوا: نعم، قال: ابشر يا زيد فانك مقتول في الله، ومصلوب ومحروق بالنار، ولا
تمسك النار بعدها أبدا، فانتبهت وأنا فزع، والله يا نازلي لوددت أني احرقت بالنار
ثم احرقت بالنار وأن الله أصلح لهذه الامة أمرها (2). 87 - كف: في أول يوم من صفر
كان مقتل زيد عليه السلام (3). أقول: روى أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين
(4) بإسناده إلى زياد ابن المنذر قال: اشترى المختار بن أبي عبيد جارية بثلاثين
ألفا فقال لها: أدبري فأدبرت ثم قال لها: أقبلي فأقبلت، ثم قال: ما أرى أحدا أحق
بها من علي بن الحسين عليه السلام فبعث بها إليه، وهي ام زيد بن علي عليه السلام.
وبإسناده عن خصيب الوابشي قال: كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت
(1) سورة ق، الاية: 19. (2) تفسير فرات بن
ابراهيم ص 166. (3) مصباح الكفعمي ص 510. (4) مقاتل الطالبيين ص 127.
[209]
أسارير (1) النور في وجهه (2). وبإسناده
عن أبي الجارود قال: قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد ابن علي قيل لي: ذاك حليف
القرآن (3). وباسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله للحسين: يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة
رقاب الناس غرا محجلين، يدخلون الجنة بغير حساب (4). وباسناده، عن عبد الملك بن أبي
سليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل رجل من أهل بيتي فيصلب لا ترى
الجنة عين رأت عورته (5). وبإسناده عن عبد الله بن محمد ابن الحنفية قال: مر زيد بن
علي بن الحسين على محمد ابن الحنفية فرق له وأجلسه، وقال: اعيذك بالله يا ابن أخي
أن تكون زيدا المصلوب بالعراق لا ينظر أحد إلى عورته ولا ينظره إلا كان في أسفل درك
من جهنم (6). وباسناده عن خالد مولى آل الزبير قال: كنا عند علي بن الحسين عليه
السلام فدعا ابنا له يقال له: زيد، فكبا لوجهه وجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول:
اعيذك بالله أن تكون زيدا المصلوب بالكناسة، من نظر إلى عورته متعمدا أصلى الله
وجهه النار (7). وبإسناده، عن يونس بن جناب قال: جئت مع أبي جعفر عليه السلام إلى
الكتاب فدعا زيدا فاعتنقه، وألزق بطنه ببطنه، وقال: اعيذك بالله أن تكون صليب
الكناسة (8).
(1) أسارير: جمع أسرار وهى جمع سر وسر وهو
الخط في الكف أو الجبهة والاسارير أيضا محاسن الوجه. (2) مقاتل الطالبيين ص 127. (3
- 5) مقاتل الطالبيين ص 130. (6 - 8) نفس المصدر السابق ص 131.
[211]
* (تاريخ) * الامام محمد الباقر * "
(صلوات الله عليه) " *
[212]
* " (أبواب) " * * " (تاريخ أبى جعفر محمد
بن على بن الحسين باقر علم) " * * " (النبيين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين)
" * * " (وأولاده المعصومين، ومناقبه، وفضائله) " * * " (ومعجزاته وسائر أحواله) "
* 1 * (باب) * * " (تاريخ ولادته، ووفاته عليه السلام) " * 1 - عم: ولد عليه السلام
بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة، يوم الجمعة غرة رجب، وقيل: الثالث من صفر، وقبض
عليه السلام سنة أربع عشرة ومائة في ذي الحجة وقيل: في شهر ربيع الاول، وقد تم عمره
سبعا وخمسين سنة. وامه ام عبد الله فاطمة بنت الحسن. فعاش مع جده الحسين عليه
السلام أربع سنين، ومع أبيه تسعا وثلاثين سنة وكانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة.
وكان في أيام إمامته بقية ملك الوليد بن عبد الملك، وملك سليمان بن عبد الملك، وعمر
بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، وتوفى في ملكه (1).
(1) اعلام الورى ص 259.
[213]
2 - مصبا: روى جابر الجعفي، قال: ولد
الباقر عليه السلام يوم الجمعة غرة رجب سنة سبع وخمسين (1). 3 - ير: محمد بن عبد
الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن عمر بن مسلم صاحب الهروي، عن
سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا
عليه، فبكى بعض أهله عند رأسه، فنظر إليه فقال: إني لست بميت من وجعي هذا، إنه
أتاني اثنان فأخبراني أني لست بميت من وجعي هذا، قال: فبرأ ومكث ما شاء الله أن
يمكث، فبينا هو صحيح ليس به بأس، قال: يا بني إن اللذين أتياني من وجعي ذلك أتياني
فأخبراني أني ميت يوم كذا وكذا، قال: فمات في ذلك اليوم (2). 4 - ير: احمد بن محمد،
عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه أبي محمد بن علي فأوصاني بأشياء في غسله وفي
كفنه، وفي دخوله قبره، قال: قلت: يا أبتاه والله ما رأيت منذ اشتكيت أحسن هيئة منك
اليوم، وما رأيت عليك أثر الموت، قال: يا بني أما سمعت علي بن الحسين ناداني من
وراء الجدر، أن: يا محمد تعال عجل (3) 5 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري عنه عليه
السلام مثله (4). 6 - ير: إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن جده عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه أتى أبا جعفر ليلة قبض وهو يناجي، فأومأ إليه بيده أن
تأخر، فتأخر حتى فرغ من المناجاة، ثم أتاه فقال أن: يا بني هذه الليلة التي اقبض
فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله قال: وحدثني أن أباه
علي بن الحسين أتاه بشراب في الليلة التي قبض فيها، وقال: اشرب هذا فقال:
(1) مصباح المتهجد للشيخ الطوسى في أعمال
رجب ص 557. (2) بصائر الدرجات ج 10 باب 9 حديث 2. (3) نفس المصدر ج 10 باب 9 حديث
6. (4) كشف الغمة ج 2 ص 349.
[214]
يا بني إن هذه الليلة التي وعدت أن اقبض
فيها فقبض فيها عليه السلام (1). 7 - يج: روي عن هشام بن سالم قال: لما كانت الليلة
التي قبض فيها أبو جعفر قال: يا بني هذه الليلة وعدتها وقد كان وضوءه قريبا قال:
أريقوه أريقوه فظننا أنه يقول من الحمى، فقال: يا بني أرقه، فأرقناه، فإذا فيه فأرة
(2). بيان: لعل نسبة الظن إلى نفسه عليه السلام على التغليب مجازا أي ظن سائر
الحاضرين، وإنما تكلفنا ذلك لان الظاهر أن الخبر مرسل أو مضمر والقائل أبو عبد الله
عليه السلام بقرينة أن هشاما لم يلق الباقر صلوات الله عليه. 8 - كا: العدة، عن
سهل، عن إسماعيل بن همام، عن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام حين
احتضر: إذا أنا مت فاحفروا لي وشقوا لي شقا فان قيل لكم: إن رسول الله صلى الله
عليه وآله لحد له، فقد صدقوا (3). 9 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد
بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أبي عليه السلام قال لي ذات يوم في
مرضه: يا بني أدخل اناسا من قريش من أهل المدينة، حتى اشهدهم قال: فأدخلت عليه
اناسا منهم، فقال: يا جعفر إذا أنا مت فغسلني وكفني، وارفع قبري أربع أصابع ورشه
بالماء، فلما خرجوا قلت: يا أبت لو أمرتني بهذا صنعته، ولم ترد أن ادخل عليك قوما
تشهدهم، فقال: يا بني أردت أن لا تنازع (4). بيان: أي في إعمال تلك السنن وارتكاب
التغسيل والتكفين، أو في الامامة فإن الوصية من علاماتها.
(1) بصائر الدرجات ج 10 باب 9 حديث 7. (2)
لم نعثر عليه في الخرائج والجرائح. (3) الكافي ج 3 ص 166. (4) نفس المصدر ج 3 ص
200.
[215]
10 - كا: علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز،
عن زرارة أو غيره قال: أوصى أبو جعفر بثمانمائة درهم لمأتمه، وكان يرى ذلك من السنة
لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اتخذوا لآل جعفر طعاما، فقد شغلوا (1). 11 -
كا: علي، عن أبيه، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن عبد الحميد ابن أبي جعفر
الفراء، قال: إن أبا جعفر عليه السلام انقلع ضرس من أضراسه فوضعه في كفه ثم قال:
الحمد لله، ثم قال: يا جعفر إذا أنت دفنتني فادفنه معي، ثم مكث بعد حين ثم انقلع
أيضا آخر، فوضعه على كفه ثم قال: الحمد لله يا جعفر إذا مت فادفنه معي (2). 12 -
شا: ولد الباقر عليه السلام بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة وقبض عليه السلام
بها سنة أربع عشر ومائة وسنة عليه السلام يومئذ سبع وخمسون سنة، وهو هاشمي من
هاشميين، علوي من علويين، وقبره بالبقيع من مدينة الرسول صلى الله عليه وآله (3).
13 - قب: يقال: إن الباقر عليه السلام هاشمي من هاشميين، وعلوي من علويين وفاطمي من
فاطميين لانه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهم السلام وكانت امه ام عبد
الله بنت الحسن بن علي وكان عليه السلام أصدق الناس لهجة وأحسنهم بهجة وأبذلهم مهجة
(4). 14 - دعوات الراوندي: روي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت امي قاعدة عند
جدار، فتصدع الجدار، وسمعنا هدة شديدة فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك
في السقوط، فبقى معلقا حتى جازته، فتصدق عنها أبي بمائة دينار وذكرها الصادق عليه
السلام يوما فقال: كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن مثلها.
(1) المصدر السابق ج 3 ص 217. (2) المصدر
السابق ج 3 ص 262. (3) الارشاد ص 279. (4) المناقب ج 3 ص 338.
[216]
15 - قب: اسمه محمد، وكنيته أبو جعفر لا
غير ولقبه باقر العلم (1). امه فاطمه ام عبد الله بنت الحسن عليه السلام ويقال ام
عبده بنت الحسن بن علي عليهما السلام ولد بالمدينة يوم الثلاثا وقيل: يوم الجمعة
غرة رجب، وقيل: الثالث من صفر، سنة سبع وخمسين من الهجرة. وقبض بها في ذي الحجة،
ويقال: في شهر ربيع الآخر، سنة أربع عشرة ومائة، وله يومئذ سبع وخمسون سنة، مثل عمر
أبيه وجده. وأقام مع جده الحسين ثلاث سنين أو أربع سنين، ومع أبيه علي أربعا
وثلاثين سنة وعشرة أشهر، أو تسعا وثلاثين سنة، وبعد أبيه تسع عشرة سنة، وقيل:
ثمانية عشرة، وذلك أيام إمامته. وكان في سني إمامته ملك الوليد بن يزيد، وسليمان،
وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك، وهشام أخوه، والوليد بن يزيد، وإبراهيم
أخوه، وفي أول ملك إبراهيم قبض، وقال أبو جعفر ابن بابويه: سمه إبراهيم بن الوليد
بن يزيد وقبره ببقيع الغرقد (2) بيان: قال الفيروز آبادي (3) الغرقد شجر عظام، أو
هي العوسج إذا عظم واحده غرقدة، وبها سموا بقيع الغرقد مقبرة المدينة لانه كان
منبتها. 16 - ضه: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الثلاثا، وقيل: يوم الجمعة، لثلاث
ليال خلون من صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة، وقبض عليه السلام بها في ذي الحجة، و
يقال: في شهر ربيع الاول، ويقال: في شهر ربيع الآخر سنة أربع عشر ومائة من الهجرة،
وله يومئذ سبع وخمسون سنة (4)
(1) نفس المصدر ج 3 ص 339. (2) المصدر
السابق ج 3 ص 340. (3) القاموس ج 1 ص 320. (4) روضة الواعظين ص 248 طبع ايران مطبعة
الحكمة (قم).
[217]
17 - كا: ولد أبو جعفر عليه السلام سنة
سبع وخمسين، وقبض عليه السلام: سنة أربع عشر ومائة، وله سبع وخمسون سنة (1). 18 -
كا: سعد بن عبد الله والحميري جميعا عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار،
عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قبض محمد بن علي الباقر، وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام أربع عشر
ومائة، عاش بعد علي بن الحسين عليهما السلام تسع عشرة سنة وشهرين (2) 19 - كف: ولد
عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر، سنة تسع وخمسين ومضى عليه السلام يوم
الاثنين سابع ذي الحجة سنة ست عشر ومائة وله سبع وخمسون سنة سمه هشام بن عبد الملك
(3). أقول: وفي تاريخ الغفاري أنه عليه السلام ولد يوم الجمعة غرة شهر رجب المرجب
وقال صاحب فصول المهمة: ولد عليه السلام في ثالث صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة ومات
سنة سبع عشرة ومائة وله من العمر ثمان وخمسون سنة، وقيل ستون سنة ويقال إنه مات
بالسم في زمن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك (4) وقال في شواهد النبوة: ولد عليه
السلام يوم الجمعة ثالث صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة. وقال الشهيد قدس الله روحه
في الدروس: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين، وقبض
بها يوم الاثنين سابع ذي الحجة، سنة أربع عشرة ومائة، وروي سنة ست عشرة، امه عليه
السلام ام عبد الله بنت الحسن بن علي
(1) الكافي ج 1 ص 469. (2) نفس المصدر ج 1
ص 472. (3) مصباح الكفعمي ص 521 في الجدول، وفيه انه ولد سنة " سبع وخمسين " بدل "
تسع وخمسين "، وذكر في ص 510 في حوادث صفر: في اليوم الثالث: ولد الباقر (ع). (4)
الفصول المهمة ص 196 - 197 متفرقا.
[218]
عليهم السلام (1) وقال السيد بن طاوس في
الزيارة الكبيرة: " وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو إبراهيم بن الوليد " (2).
20 - كشف: قال كمال الدين بن طلحة (3) أما ولادته فبالمدينة في ثالث صفر، سنة سبع
وخمسين للهجرة، قبل قتل جده عليه السلام بثلاث سنين (4). وأما عمره فانه مات في سنة
سبع عشرة ومائة، وقيل غير ذلك، وقد نيف على الستين، وقيل غير ذلك، أقام مع أبيه زين
العابدين عليه السلام بضعا وثلاثين سنة من عمره، وقبره بالبقيع بالقبر الذي فيه
أبوه وعم أبيه الحسن بالقبة التي فيها العباس. وقال الحافظ عبد العزيز الجنابذي:
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الباقر
وامه ام عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبيطالب، وامها ام فروة بنت القاسم بن محمد
بن أبي بكر، وكان كثير العلم. وعن جعفر بن محمد قال: سمعت محمد بن علي يذاكر فاطمة
بنت الحسين شيئا من صدقة النبي صلى الله عليه وآله فقال: هذه توفي لي ثمان وخمسين
سنة، ومات فيها. وقال محمد بن عمر: وأما في روايتنا فانه مات سنة سبع عشر ومائة،
وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وقال غيره: توفي سنة ثمان عشرة ومائة (5). وقال أبو نعيم
الفضل بن دكين: توفي بالمدينة سنة أربع عشر ومائة. وعن سفيان بن عيينة عن جعفر بن
محمد عن أبيه قال: قتل علي عليه السلام وهو ابن ثمان وخمسين، وقتل الحسين وهو ابن
ثمان وخمسين، ومات علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين، وأنا اليوم ابن ثمان وخمسين
(6).
(1) الدروس للشهيد - ره - ص 154 طبع ايران
سنة 1269. (2) الاقبال ص 335 في الصلاة على النبي وآله في كل يوم من شهر رمضان. (3)
مطالب السؤول ص 80 إلى قوله " بثلاث سنين " وفى ص 81 وأما عمره - الخ. (4) كشف
الغمة ج 2 ص 318. (5) نفس المصدر ج 2 ص 322. (6) المصدر السابق ج 2 ص 323.
[219]
وقال عبد الله بن أحمد الخشاب: وبالاسناد
عن محمد بن سنان قال: ولد محمد قبل مضي الحسين بن علي بثلاث سنين، وتوفي وهو ابن
سبع وخمسين سنة، سنة مائة وأربع عشرة من الهجرة، أقام مع أبيه علي بن الحسين خمسا
وثلاثين سنة إلا شهرين، وأقام بعد مضي أبيه تسع عشرة سنة، وكان عمره سبعا وخمسين
سنة، وفي رواية اخرى: قام أبو جعفر وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وكان مولده سنة ست
وخمسين (1). 21 - كا: عدة من أصحابنا، عن البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن الحلبي، عن
ابن مسكان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: رأيت كأني على رأس جبل، والناس
يصعدون إليه من كل جانب، حتى إذا كثروا عليه، تطاول بهم في السماء وجعل الناس
يتساقطون عنه من كل جانب، حتى لم يبق منهم أحد إلا عصابة يسيرة ففعل ذلك خمس مرات
في كل ذلك يتساقط عنه الناس وتبقى تلك العصابة، أما إن قيس بن عبد الله بن عجلان في
تلك العصابة، فما مكث بعد ذلك إلا نحو من خمس حتى هلك (2). 22 - كش: حمدويه عن محمد
بن عيسى عن النضر مثله (3). 23 - كا: عنه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن
عثمان قال: حدثني أبو بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا كان
على أميال من المدينة فرأى في منامه، فقيل له: انطلق فصل على أبي جعفر ! فان
الملائكة تغسله في البقيع، فجاء الرجل فوجد أبا جعفر عليه السلام قد توفي (4).
(1) المصدر السابق ج 2 ص 345. (2) الكافي
ج 8 ص 182. (3) رجال الكشى ص 158 وفيه: عن حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى عن
النضر - الخ وفيه " أما ان ميسر بن عبد العزيز وعبد الله بن عجلان في تلك العصابة،
فما مكث بعد ذلك الا نحوا من سنتين حتى مات صلوات الله عليه " وهو الصواب. (4)
الكافي ج 8 ص 183.
[220]
24 - كا: علي عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتب أبي عليه السلام في
وصيته أن اكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة، وثوب
آخر، وقميص، فقلت لابي عليه السلام لم تكتب هذا ؟ فقال: أخاف ان يغلبك الناس وإن
قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل، و عممني بعمامة، وليس تعد العمامة من الكفن،
إنما يعد ما يلف به الجسد (1). 25 - كا: العدة عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم،
عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من
مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى (2). 26 - كا: محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه
السلام: أدركت الحسين صلوات الله عليه ؟ قال: نعم، الخبر (3). أقول سيأتي خبر
شهادته عليه السلام برواية أبي بصير في باب أحوال أصحابه.
(1) الكافي ج 3 ص 144 وأخرجه الصدوق في
الفقيه ج 1 ص 93 وفيه صدر الحديث والشيخ الطوسى في التهذيب ج 1 ص 293. (2) الكافي ج
5 ص 117 وأخرجه الصدوق في الفقيه ج 1 ص 116 مرسلا بتفاوت والطوسي في التهذيب ج 6 ص
358. (3) الكافي ج 4 ص 223 وأخرجه الصدوق في الفقيه ج 2 ص 158.
[221]
2 - * (باب) * * " (أسمائه عليه السلام،
وعللها، ونقش خواتيمه) " * * (وحليته صلوات الله عليه) * 1 - ع: الطالقاني، عن
الجلودي، عن المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر
الجعفي فقلت له: ولم سمي الباقر باقرا ؟ قال: لانه بقر العلم بقرا أي شقه شقا
وأظهره إظهارا (1). 2 - مع: مرسلا مثله (2). أقول: سيأتي في خبر جابر أنه قال له
عليه السلام: يا باقر أنت الباقر حقا، أنت الذي تبقر العلم بقرا. 3 - ن (3) لى: أبي
عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن الحسن ابن أبي العقبة، عن الحسين بن
خالد، عن الرضا عليه السلام قال: كان نقش خاتم الحسين عليه السلام " إن الله بالغ
أمره " وكان على بن الحسين يختم بخاتم أبيه الحسين وكان محمد بن علي عليه السلام
يتختم بخاتم الحسين عليه السلام الخبر (4). 4 - ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن
أبيه، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: كان على خاتم محمد بن علي عليهما السلام:
ظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن (5)
(1) علل الشرايع ج 1 ص 233. (2) معاني
الاخبار ص 65. (3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 56 ضمن حديث. (4) أمالى
الصدوق ص 458 ضمن حديث طويل وأخرجه الطبرسي في مكارم الاخلاق ص 103. (5) لم أعثر
عليه عاجلا في العيون.
[222]
5 - كشف: عن الثعلبي في تفسيره مثله (1).
6 - شا: عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يوشك أن تبقى
حتى تلقى ولدا لي من الحسين عليه السلام يقال له: محمد، يبقر علم الدين بقرا فإذا
لقيته فأقرأه مني السلام (2). 7 - كشف: اسمه محمد، وكنيته أبو جعفر، وله ثلاثة
ألقاب: باقر العلم، و الشاكر، والهادي، وأشهرها الباقر، وسمي بذلك لتبقره في العلم،
وهو توسعه فيه (3). في الفصول المهمة: كان عليه السلام أسمر معتدلا (4). وقال
الفيروز آبادي (5) بقره كمنعه شقه ووسعه والباقر محمد بن علي بن الحسين رضي الله
عنه لتبحره في العلم. 8 - مكا: من كتاب اللباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان نقش خاتم أبي جعفر عليه السلام: العزة لله (6). 9 - كا: العدة، عن أحمد بن
محمد، عن ابن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان نقش خاتم
أبي: العزة لله (7).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 322 وأخرجه ابن طلحة
في مطالب السؤول ص 80. (2) الارشاد ص 280 وأخرجه عنه ابن الصباغ المالكى في الفصول
المهمة ص 197. (3) كشف الغمة ج 2 ص 318. (4) الفصول المهمة ص 197. (5) القاموس ج 1
ص 375 باقتضاب. وفى الصحاح ص 594 (طبع دار الكتاب العربي) والتبقر التوسع في العلم
والمال، وكان يقال لمحمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه "
الباقر " لتبقره في العلم. (6) مكارم الاخلاق ص 102 وهو ذيل حديث - طبع طهران سنة
1376. (7) الكافي ج 6 ص 473 وهو ذيل حديث.
[223]
10 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن جميل بن دراج، عن يونس ابن ظبيان وحفص بن غياث [عن أبي عبد الله عليه السلام
قال] (*): كان في خاتم أبي محمد بن علي وكان خير محمدي رأيته [بعيني]: العزة لله
(1). 11 - يب: أحمد بن محمد، عن البرقي، عن وهب بن وهب، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: كان نقش خاتم أبي: العزة لله جميعا (2). 3 * (باب) * " (مناقبه صلوات
الله عليه وفيه أخبار جابر بن عبد الله) " * * (الانصاري رضى الله عنه) * 1 - لى:
ابن الوليد، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن
الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذات يوم
لجابر بن عبد الله الانصاري: يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد ابن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بالباقر فإذا لقيته فاقرأه مني
السلام فدخل جابر إلى علي بن الحسين عليه السلام فوجد محمد بن علي عليه السلام عنده
غلاما فقال له: يا غلام أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر. فقال جابر: شمايل رسول
الله صلى الله عليه وآله ورب الكعبة، ثم أقبل على علي بن الحسين فقال له: من هذا ؟
قال: هذا ابني وصاحب الامر بعدي: محمد الباقر، فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما
ويقول: نفسي لنفسك الفداء يا ابن رسول الله، اقبل سلام
ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى
(ب). (1) نفس المصدر ج 6 ص 473 وفيه " رأيته بعينى " وهو جزو حديث. (2) التهذيب ج 1
ص 32 صدر حديث وأخرجه الشيخ أيضا في الاستبصار ج 1 ص 48، وفى حلية الاولياء ج 3 ص
186 عن أبى عبد الله كان في خاتم أبى: القوة لله جميعا.
[224]
أبيك، إن رسول الله صلى الله عليه وآله
يقرأ عليك السلام، قال: فدمعت عينا أبي جعفر عليه السلام ثم قال: يا جابر على أبي
رسول الله السلام ما دامت السماوات والارض وعليك يا جابر بما بلغت السلام (1). 2 -
ما: جماعة، عن أبي المفضل عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندى و الحسن بن محمد بن
بهرام، عن سويد بن سعيد، عن الفضل بن عبد الله، عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه
السلام قال: دخل علي جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب، فقال: اكشف عن بطنك قال:
فكشفت له، فألصق بطنه ببطني، فقال: أمرني رسول الله أن اقرئك السلام (2). 3 - ما:
ابن حمويه، عن محمد بن محمد بن بكر، عن الفضل بن حباب، عن مكي بن مروك الاهوازي، عن
علي بن بحر، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليه السلام قال: دخلنا
على جابر بن عبد الله، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت: أنا
محمد بن علي بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الاعلى وزري الاسفل، ثم وضع
كفه بين ثديي وقال: مرحبا بك وأهلا يا ابن أخي سل ما شئت، فسألته وهو أعمى، فجاء
وقت الصلاة فقام في نساجة فالتحف بها فلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من
صغرها، ورداؤه إلى جنبيه على المشجب، فصلى بنا فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى
الله عليه وآله فقال بيده: فعقده تسعا، الخبر. (3). بيان: لعل المراد بالنساجة
الملحفة المنسوجة، والمشجب بكسر الميم خشباب منصوبة تعلق عليها الثياب، ولعل المراد
أنه مع كون الرداء بجنبه لم يرتد به واكتفى بالنساجة الضيقة، فالغرض بيان جواز
الاكتفاء بذلك، وظاهر قوله عليه السلام
(1) أمالى الصدوق ص 353. (2) أمالى ابن
الشيخ الطوسى ص 47. (3) أمالى الشيخ الطوسى ص 256.
[225]
صلى بنا أنه كان إماما وفيه إشكال ولعله
إنما فعل ذلك اتقاء عليه عليه السلام مع أنه يمكن أن يؤول بأنه عليه السلام كان
إماما. 4 - ع: الطالقاني، عن الجلودي، عن المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة، عن
عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: ولم سمي الباقر باقرا ؟ قال:
لانه بقر العلم بقرا أي شقه شقا، وأظهره إظهارا. ولقد حدثني جابر بن عبد الله
الانصاري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى
ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب المعروف في التوراة بباقر، فإذا
لقيته فاقرأه مني السلام فلقيه جابر بن عبد الله الانصاري في بعض سكك المدينة، فقال
له: يا غلام من أنت ؟ قال: أنا محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، قال له
جابر: يا بني أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر فقال: شمائل رسول الله صلى الله
عليه وآله ورب الكعبة، ثم قال: يا بني رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام،
فقال: على رسول الله السلام ما دامت السماوات والارض وعليك يا جابر بما بلغت السلام
فقال له جابر: يا باقر ! يا باقر ! يا باقر ! أنت الباقر حقا أنت الذي تبقر العلم
بقرا، ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه، فربما غلط جابر فيما يحدث به عن
رسول الله صلى الله عليه وآله فيرد عليه ويذكره، فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله،
وكان يقول: يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله أنك قد اوتيت الحكم صبيا (1). أقول:
قد مضى كثير من الاخبار في أبواب النصوص على الاثني عشر عليهم السلام. 5 - يج: روي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت فكان يقعد في مسجد
الرسول معتجرا بعمامة، وكان يقول: يا باقر يا باقر، فكان أهل المدينة يقولون: جابر
يهجر، فكان يقول: لا والله لا أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي
(1) علل الشرايع ج 1 ص 233 وقد سبق.
[226]
يبقر العلم بقرا فذلك الذي دعاني إلى ما
أقول، قال: فبينما جابر ذات يوم يتردد في بعض طرق المدينة إذ مر محمد بن علي عليهما
السلام فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل فقال: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول
الله صلى الله عليه وآله والذي نفس جابر بيده ما اسمك يا غلام ؟ قال محمد بن علي بن
الحسين بن على بن أبيطالب فقبل رأسه ثم قال: بأبي أنت وامي، أبوك رسول الله يقرئك
السلام فقال: وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله السلام فرجع محمد إلى أبيه وهو ذعر
فأخبره بالخبر فقال: يا بني قد فعلها جابر ؟ قال: نعم، قال: يا بني الزم بيتك، فكان
جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون: واعجبا لجابر يأتي هذا الغلام
طرفي النهار، وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يلبث أن
مضى علي بن الحسين، فكان محمد بن علي يأتيه على الكرامة لصحبته لرسول الله صلى الله
عليه وآله قال: فجلس الباقر يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط
أجرأ من ذا، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أهل
المدينة: ما رأينا قط أحدا أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم
عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان والله جابر يأتيه فيتعلم منه (1). 6 - ختص: ابن
الوليد، عن الصفار، رفعه عن حريز، عن أبان بن تغلب عنه عليه السلام مثله (2). 7 -
كش: حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان عن حريز مثله
(3). بيان: قال الجزري: الاعتجار: هو أن يلف العمامة على رأسه ويرد طرفها على وجهه،
ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه انتهى (4) ولعله عليه السلام إنما نهاه عن
(1) لم نعثر عليه في الخرائج المطبوعة،
وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 469. (2) الاختصاص ص 62. (3) رجال الكشى ص 27. (4)
النهاية ج 3 ص 69.
[227]
الخروج بعد ذلك خوفا عليه من أهل المدينة
لئلا يؤذوه حسدا. 8 - شا: روى ميمون القداح عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: دخلت على
جابر بن عبد الله فسلمت عليه فرد علي السلام، قال لي: من أنت ؟ - وذلك بعد ما كف
بصره - فقلت: محمد بن علي بن الحسين، قال: يا بني ادن مني فدنوت منه فقبل يدي ثم
أهوى إلى رجلي يقبلها فتنحيت عنه ثم قال لي: رسول الله يقرئك السلام فقلت: وعلى
رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته فكيف ذاك يا جابر ؟ فقال: كنت معه ذات يوم
فقال لي: يا جابر لعلك تبقى حتى تلقى رجلا من ولدي يقال له محمد بن علي بن الحسين،
يهب الله له النور والحكمة فاقرءه مني السلام (1). 9 - كشف: نقل عن أبي الزبير محمد
بن مسلم المكي أنه قال: كنا عند جابر ابن عبد الله فأتاه علي بن الحسين ومعه ابنه
محمد وهو صبي فقال علي لابنه: قبل رأس عمك، فدنا محمد من جابر فقبل رأسه فقال جابر،
من هذا - وكان قد كف بصره - فقال له علي عليه السلام: هذا ابني محمد فضمه جابر إليه
وقال: يا محمد ! محمد رسول الله يقرأ عليك السلام فقالوا لجابر: كيف ذلك يا با عبد
الله ؟ فقال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله والحسين في حجره وهو يلاعبه،
فقال: يا جابر يولد لابني الحسين ابن يقال له: علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد
ليقم سيد العابدين، فيقوم علي بن الحسين، ويولد لعلي ابن يقال له: محمد، يا جابر إن
رأيته فاقرءه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسير، فلم يعش بعد ذلك إلا قليلا
ومات (2). وقال محمد بن سعيد عن ليث، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعت جابر بن
عبد الله يقول: أنت ابن خير البرية وجدك سيد شباب أهل الجنة، وجدتك سيدة نساء
العالمين. وعن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: دخل علي جابر بن عبد الله
وأنا في الكتاب، فقال: اكشف عن بطنك، فكشفت له فألصق بطنه ببطني وقال:
(1) الارشاد ص 279. (2) كشف الغمة ج 2 ص
321.
[228]
أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن
اقرئك السلام (1). 10 - ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن بشير، عن
هشام ابن سالم قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إن لابي مناقب ليست لاحد من
آبائي إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجابر بن عبد الله: إنك تدرك محمدا ابني
فاقرأه مني السلام فأتى جابر علي بن الحسين عليه السلام فطلبه منه، فقال: نرسل إليه
فندعوه لك من الكتاب، فقال: أذهب إليه فأتاه فأقرأه السلام من رسول الله وقبل رأسه
والتزمه فقال: وعلى جدي السلام، وعليك يا جابر، قال: فسأله جابر أن يضمن له الشفاعة
يوم القيامة، فقال له: أفعل ذلك يا جابر (2). 11 - كش: جعفر بن معروف، عن الحسن بن
علي بن النعمان، عن أبيه عن عاصم الحناط، عن محمد بن مسلم، عن عليه السلام مثله
(3). أقول: قد مضى كثير من أخبار جابر المناسبة لهذا الباب في باب نصوص الرسول صلى
الله عليه وآله على الاثني عشر عليهم السلام.
(1) نفس المصدر ص 323. وأخرجه ابن طلحة في
مطالب السؤول ص 81. (2) الاختصاص ص 62. (3) رجال الكشى ص 28.
[229]
4 * (باب) * * " (النصوص على امامة محمد
بن على الباقر) " * * (صلوات الله عليه والوصية إليه) * 1 - ير: عمران بن موسى، عن
محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن
جده قال: التفت علي بن الحسين إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثم التفت
إلى محمد بن علي ابنه، فقال: يا محمد هذا الصندوق فاذهب به إلى بيتك ثم قال: أما
إنه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوءا علما (1). 2 - عم: الكليني: عن
محمد بن يحيى، عن عمران، عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن عيسى، عن أبيه،
عن جده عيسى مثله (2). 3 - ير: محمد بن عبد الجبار، عن أبي القاسم الكوفي ومحمد بن
إسماعيل القمي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عيسى بن عبد الله بن عمر، عن جعفر بن
محمد عليهما السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الموت، قبل ذلك أخرج
السفط أو الصندوق عنده فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق، قال فحمل بين أربعة [رجال]
فلما توفي جاء إخوته يدعون في الصندوق، فقالوا: أعطنا نصيبنا من الصندوق فقال:
والله ما لكم فيه شئ، ولو كان لكم فيه شئ ما دفعه إلي، وكان في الصندوق سلاح رسول
الله وكتبه (3).
(1) البصائر ج 4 ص 44. (2) اعلام الورى ص
260 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 305. (3) البصائر ج 4 باب 4 ص 48.
[230]
4 - عم: الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن
محمد بن عبد الجبار، عن القاسم الكوفي، عن محمد بن سهل، عن إبراهيم بن أبي البلاد،
عن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبي جعفر عليه السلام مثله
(1). توضيح: قوله عليه السلام فحمل بين أربعة رجال بيان لثقله وكونه مملوءا من
الكتب والآثار. 5 - يج: روي عن أبي خالد قال: قلت لعلي بن الحسين: من الامام بعدك ؟
قال: محمد ابني يبقر العلم بقرا (2). 6 - عم: الكليني، عن محمد بن الحسن، عن سهل،
عن محمد بن عيسى، عن فضالة، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: إن عمر ابن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم أن يرسل إليه بصدقة علي
وعمر وعثمان، وإن ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسين وكان أكبرهم فسأله الصدقة فقال
زيد: إن الوالي كان بعد علي الحسن، وبعد الحسن الحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين
وبعد علي بن الحسين محمد بن علي، فابعث إليه، فبعث ابن حزم إلى أبي عليه السلام
فأرسلني أبي بالكتاب فدفعته إلى ابن حزم، فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن عليه
السلام، قال: نعم كما يعرفون أن هذا ليل، ولكن يحملهم الحسد ولو طلبوا الحق بالحق
لكان خيرا لهم، ولكنهم يطلبون الدنيا (3). بيان: فسأله الصدقة أي دفتر الصدقات. 7 -
نص: أحمد بن محمد بن عبيدالله، عن عبد الله الواسطي، عن محمد بن أحمد الجمحي، عن
هارون بن يحيى، عن عثمان بن عثمان بن خالد، عن أبيه قال: مرض علي بن الحسين بن علي
بن أبيطالب عليه السلام في مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمدا والحسن وعبد الله
وعمر وزيدا والحسين، وأوصى إلى ابنه محمد بن علي، وكناه
(1) اعلام الورى ص 260، وأخرجه الكليني في
الكافي ج 1 ص 305. (2) الخرائج والجرائح ص 195 ضمن حديث. (3) اعلام الورى ص 260
وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 305.
[231]
الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه
في وصيته أن قال: يا بني إن العقل رائد الروح والعلم رائد العقل، والعقل ترجمان
العلم، واعلم أن العلم أبقى، و اللسان أكثر هذرا. واعلم يا بني أن صلاح الدنيا
بحذافيرها في كلمتين إصلاح شأن المعايش ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل لان
الانسان لا يتغافل إلا عن شئ قد عرفه ففطن له، واعلم أن الساعات تذهب عمرك، وأنك لا
تنال نعمة إلا بفراق اخرى، فإياك والامل الطويل، فكم من مؤمل أملا لا يبلغه وجامع
مال لا يأكله ومانع مأسوف يتركه، ولعله من باطل جمعه ومن حق منعه، أصابه حراما
وورثه، احتمل إصره، وباء بوزره، ذلك هو الخسران المبين (1). بيان: قال الجزري: أصل
الرائد الذي يتقدم القوم يبصر له الكلاء، و مساقط الغيث، ومنه الحديث: الحمى رائد
الموت أي رسوله الذي يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه انتهى (2) والترجمان المفسر
للسان ويقال هذر كلامه كفرح أي كثر في الخطاء والباطل والهذر محركة الكثير الردئ أو
سقط الكلام قاله الفيروز آبادي (3) وقال: أخذه بحذفاره وبحذافيره بأسره أو بجوانبه
أو بأعاليه والكلمتان ما ذكر بعده إلى قوله " واعلم " أو إلى قوله " لان الانسان "
والتعليل مع عدم كلمة إلا لبيان لزوم التغافل، وأن أكثر الناس لا يتغافلون عما
فطنوا له فيصيبهم لذلك البلايا، وعلى تقديرها يحتمل أن يكون تعليلا لكل من الجزئين
ولهما. 8 - نص: أبو المفضل الشيباني، عن أبي بشر الاسدي، عن خاله أبي عكرمة ابن
عمران الضبي، عن محمد بن المفضل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك ابن أعين
الجهني قال: أوصى علي بن الحسين عليه السلام ابنه محمد بن علي عليه السلام فقال:
بني إني جعلتك خليفتي من بعدي لا يدعي فيما بيني وبينك أحد إلا قلده الله
(1) كفاية الاثر ص 319. (2) النهاية لابن
الاثير ج 2 ص 110 باقتضاب. (3) القاموس ج 2 ص 159.
[232]
يوم القيامة طوقا من نار، فاحمد الله على
ذلك واشكره، يا بني اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فانه لا تزول نعمة إذا
شكرت، ولا بقاء لها إذا كفرت والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه بها
الشكر، وتلا علي بن الحسين عليه السلام (1) " لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن
عذابي لشديد " (2). 9 - نص: الحسين بن علي، عن محمد بن الحسين البزوفري، عن محمد بن
علي ابن معمر، عن عبد الله بن معبد، عن محمد بن علي بن طريف، عن ابن أبي نجران عن
عاصم بن حميد، عن معمر، عن الزهري قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام في
المرض الذي توفي فيه، إذ قدم إليه طبق فيه خبز والهندباء فقال لي: كله قلت: قد أكلت
يا ابن رسول الله قال: إنه الهندبا قلت: وما فضل الهندباء قال: ما من ورقة من
الهندبا إلا وعليها قطرة من ماء الجنة، فيه شفاء من كل داء، قال: ثم رفع الطعام
واتي بالدهن فقال: ادهن يا با عبد الله قلت: قد ادهنت قال: إنه هو البنفسج قلت، وما
فضل البنفسج على سائر الادهان ؟ قال: كفضل الاسلام على سائر الاديان، ثم دخل عليه
محمد ابنه فحدثه طويلا بالسر فسمعته يقول فيما يقول: عليك بحسن الخلق قلت: يا ابن
رسول الله إن كان من أمر الله ما لا بد لنا منه - ووقع في نفسي أنه قد نعى نفسه -
فإلى من يختلف بعدك ؟ قال: يا با عبد الله إلى ابني هذا - وأشار إلى محمد ابنه -
إنه وصيي ووارثي وعيبة علمي، معدن العلم، وباقر العلم، قلت: يا ابن رسول الله ما
معنى باقر العلم ؟ قال: سوف يختلف إليه خلاص شيعتي، ويبقر العلم عليهم بقرا، قال:
ثم أرسل محمدا ابنه في حاجة له إلى السوق، فلما جاء محمد قلت: يا ابن رسول الله هلا
أوصيت إلى أكبر أولادك ؟ قال: يا أبا عبد الله ليست الامامة بالصغر والكبر، هكذا
عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا وجدناه مكتوبا في اللوح والصحيفة،
قلت: يا ابن رسول الله فكم عهد إليكم
(1) سورة ابراهيم، الاية: 7. (2) كفاية
الاثر ص 319 بتفاوت.
[233]
نبيكم أن يكون الاوصياء من بعده ؟ قال:
وجدنا في الصحيفة واللوح اثنا عشر أسامي مكتوبة بإمامتهم وأسامي آبائهم وامهاتهم ثم
قال: يخرج من صلب محمد ابني سبعة من الاوصياء فيهم المهدي صلوات الله عليهم (1). 5
* (باب) * " (معجزاته ومعالى اموره وغرائب) " * * " شأنه صلوات الله عليه " * 1 -
ما: ابن شبل، عن ظفر بن حمدون، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد ابن سليمان، عن أبيه
قال: كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر عليه السلام وكان مركزه بالمدينة،
يختلف إلى مجلس أبي جعفر يقول له: يا محمد ألا تري أني إنما أغشى مجلسك حياء مني
منك ولا أقول إن أحدا في الارض أبغض إلي منكم أهل البيت، وأعلم أن طاعة الله وطاعة
رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ولكن أراك رجلا فصيحا لك أدب وحسن لفظ، فانما
اختلافي إليك لحسن أدبك وكان أبو جعفر يقول له خيرا ويقول: لن تخفى على الله خافية،
فلم يلبث الشامي إلا قليلا حتى مرض واشتد وجعه فلما ثقل دعا وليه وقال له: إذا أنت
مددت علي الثوب فائت محمد بن علي عليه السلام وسله أن يصلي علي، وأعلمه أني أنا
الذي أمرتك بذلك، قال: فلما أن كان في نصف الليل ظنوا أنه قد برد وسجوه، فلما أن
أصبح الناس خرج وليه إلى المسجد، فلما أن صلى محمد بن علي عليه السلام وتورك وكان
إذا صلى عقب في مجلسه، قال له: يا أبا جعفر إن فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن
تصلي عليه، فقال أبو جعفر: كلا إن بلاد الشام بلاد صرد (2) والحجاز
(1) كفاية الاثر ص 319 بتفاوت يسير. (2)
الصرد: قال في النهاية: الصريد البرد.
[234]
بلاد حر ولهبها شديد، فانطلق فلا تعجلن
على صاحبك حتى آتيكم، ثم قام عليه السلام من مجلسه فأخذ عليه السلام وضوءا ثم عاد
فصلى ركعتين، ثم مد يده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثم خر ساجدا حتى طلعت الشمس، ثم
نهض عليه السلام فانتهى إلى منزل الشامي فدخل عليه فدعاه فأجابه، ثم أجلسه وأسنده
ودعا له بسويق فسقاه وقال لاهله: املؤا جوفه وبردوا صدره بالطعام البارد، ثم انصرف
عليه السلام فلم يلبث إلا قليلا حتى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر عليه السلام، فقال:
أخلني فأخلاه فقال: أشهد أنك حجة الله على خلقه، وبابه الذي يؤتي منه فمن أتى من
غيرك خاب وخسر وضل ضلالا بعيدا قال له أبو جعفر: وما بدالك ؟ قال: أشهد أني عهدت
بروحي وعاينت بعيني فلم يتفاجأني إلا ومناد ينادي، أسمعه باذني ينادي وما أنا
بالنائم: ردوا عليه روحه فقد سألنا ذلك محمد بن علي فقال له أبو جعفر: أما علمت أن
الله يحب العبد ويبغض عمله، ويبغض العبد ويحب عمله ؟ قال: فصار بعد ذلك من أصحاب
أبي جعفر عليه السلام (1). 2 - قب: محمد بن شبل الوكيل بالاسناد عن محمد بن سليمان
مثله (2). 3 - ير: علي بن خالد، عن ابن يزيد، عن عباس الوراق، عن عثمان ابن عيسى،
عن ابن مسكان، عن ليث المرادي أنه حدثه، عن سدير بحديث فأتيته فقلت: إن ليثا
المرادي حدثني عنك بحديث فقال: وما هو ؟ قلت: جعلت فداك حديث اليماني قال: كنت عند
أبي جعفر عليه السلام فمر بنا رجل من أهل اليمن فسأله أبو جعفر عن اليمن، فأقبل
يحدث فقال له أبو جعفر عليه السلام: هل تعرف دار كذا وكذا ؟ قال: نعم ورأيتها قال:
فقال له أبو جعفر عليه السلام: هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا ؟ قال: نعم
ورأيتها فقال الرجل: ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد منك، فلما قام الرجل قال لي أبو
جعفر عليه السلام: يا أبا الفضل تلك الصخرة التي غضب موسى فألقى الالواح فما ذهب من
التوراة التقمته الصخرة فلما بعث الله رسوله
(1) أمالى الطوسى ص 261. (2) المناقب ج 3
ص 320.
[235]
أدته إليه وهي عندنا (1). 4 - ير: الحسن
بن علي بن عبد الله، عن ابن فضال، عن داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا، عن عمر بن
حنظلة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إني أظن أن لي عندك منزلة ؟ قال: أجل قال:
قلت: فإن لي إليك حاجة قال: وما هي ؟ قلت: تعلمني الاسم الاعظم قال: وتطيقه ؟ قلت:
نعم، قال: فادخل البيت قال: فدخل البيت فوضع أبو جعفر يده على الارض فأظلم البيت،
فارعدت فرائص عمر فقال: ما تقول اعلمك ؟ فقال: لا، قال: فرفع يده فرجع البيت كما
كان (2). 5 - قب: عن عمر مثله مع اختصار (3). 6 - ير: محمد بن عيسى، عن حماد بن
عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: قدم بعض أصحاب أبي جعفر عليه السلام
فقال لي: لا ترى والله أبا جعفر عليه السلام أبدا قال: فلقفت صكا فأشهدت شهودا في
الكتاب في غير إبان (4) الحج، ثم إني خرجت إلى المدينة فاستأذنت على أبي جعفر عليه
السلام فلما نظر إلي قال: يا أبا بصير ما فعل الصك ؟ قال: قلت: جعلت فداك إن فلانا
قال لي: والله لا ترى أبا جعفر أبدا (5). بيان: لقفه تناوله بسرعة. 7 - ير: ابن
يزيد، عن الوشاء، عن عبد الله، عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن عطا المكي، قال:
اشتقت إلى أبي جعفر عليه السلام وأنا بمكة فقدمت المدينة، وما قدمتها إلا شوقا إليه
فأصابني تلك الليلة مطر وبرد شديد، فانتهيت إلى بابه نصف الليل فقلت: ما أطرقه هذه
الساعة، وأنتظر حتى أصبح، فاني لافكر في ذلك
(1) البصائر ج 3 باب 10 ص 36. (2) نفس
المصدر ج 4 باب 12 ص 56. (3) المناقب ج 3 ص 322. (4) ابان الشئ: بالكسر حينه أو
أوله. (5) البصائر ج 5 باب 11 ص 67.
[236]
إذ سمعته يقول: يا جارية افتحي الباب لابن
عطا، فقد أصابه في هذه الليلة برد وأذى، قال: فجاءت ففتحت الباب فدخلت عليه (1). 8
- كشف: من دلائل الحميري مثله (2). 9 - قب: عن عبد الله مثله (3). 10 - ير: عبد
الله، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن علي ابن حسان، عن عبد الرحمان بن
كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل أبو جعفر عليه السلام بواد فضرب خباه،
ثم خرج أبو جعفر بشئ حتى انتهى إلى النخلة فحمد الله عندها بمحامد لم أسمع بمثلها
ثم قال: أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك، قال: فتساقط رطب أحمر وأصفر، فأكل
عليه السلام ومعه أبو امية الانصاري، فأكل منه، فقال: هذه الآية فينا كالآية في
مريم إذ هزت إليها بجذع النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا (4). 11 - قب: عن عبد
الرحمان مثله (5). 12 - ير: محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، ومحمد بن الحسين، عن
الحسن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي كهمس، عن عبد الله بن عطا قال: دخلت إلى مكة
في الليل ففرغت من طوافي وسعيي، وبقي علي ليل فقلت: أمضي إلى أبي جعفر فأتحدث عنده
بقية ليلي فجئت إلى الباب فقرعته فسمعت أبا جعفر يقول: إن كان عبد الله بن عطا
فأدخله، قال: من هذا ؟ قلت: عبد الله بن عطا قال: ادخل (6).
(1) البصائر ج 5 باب 14 ص 70 وأخرجه
الراوندي في الخرائج والجرائح ص 230. (2) كشف الغمة ج 2 ص 349. (3) المناقب ج 3 ص
321. (4) البصائر ج 5 باب 13 ص 69. (5) المناقب ج 3 ص 321. (6) البصائر ج 5 باب 14
ص 71.
[237]
13 - ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم،
عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام
فقلت لهما: أنتما ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله قال: نعم، قلت: فرسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وارث الانبياء علم كلما علموا ؟ فقال لي: نعم، فقلت: أنتم
تقدرون على أن تحيوا الموتى ؟ وتبرؤا الاكمه والابرص ؟ فقال لي: نعم بإذن الله ثم
قال: ادن مني يا أبا محمد، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرت الشمس والسماء والارض
والبيوت، وكل شئ في الدار، قال: أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس، و عليك ما عليهم
يوم القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا ؟ قلت: أعود كما كنت قال: فمسح على
عيني فعدت كما كنت. قال علي: فحدثت به ابن أبي عمير فقال: أشهد أن هذا حق كما أن
النهار حق (1). 14 - عم (2) قب (3) يج: عن أبي بصير مثله (4). 15 - كش: محمد بن
مسعود، عن علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم
مثله (5). 16 - ير: إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد يرفعه قال: دخلت حبابة
الوالبية على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: يا حبابة ما الذي أبطأ بك ؟
قالت: قلت: بياض عرض في مفرق رأسي، كثرت له همومي فقال: يا حبابة أرينيه قالت:
فدنوت منه، فوضع يده في مفرق رأسي ثم قال: أئتوا لها بالمرأة فاتيت بالمرآة
(1) نفس المصدر ج 6 باب 3 ص 75، وأخرجه
الكليني في الكافي ج 1 ص 470 وأخرجه عن الصفار ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 204.
(2) اعلام الورى ص 262. (3) المناقب ج 3 ص 318. (4) الخرائج والجرائح ص 196 بتفاوت.
(5) رجال الكشى ص 116 بتفاوت.
[238]
فنظرت فإذا شعر مفرق رأسي قد اسود، فسررت
بذلك وسر أبو جعفر عليه السلام بسروري (1). 17 - ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن
الحسين، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد الحناط، عن عاصم، عن محمد بن مسلم، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: كنت عنده يوما إذ وقع عليه زوج ورشان فهدلا هديلهما فرد
عليهما أبو جعفر عليه السلام كلامهما ساعة، ثم نهضا فلما صارا على الحائط هدل الذكر
على الانثى ساعة ثم نهضا فقلت: جعلت فداك ما حال الطير ؟ فقال: يا ابن مسلم كل شئ
خلقه الله من طير أو بهيمة أو شئ فيه روح، هو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم، إن هذا
الورشان ظن بانثاه ظن السوء فحلفت له ما فعلت فلم يقبل، فقالت: ترضى بمحمد بن علي ؟
فرضيا بي وأخبرته أنه لها ظالم فصدقها (2). 18 - قب: عن محمد بن مسلم مثله (3).
بيان: قال الفيروز آبادي: (4) الهديل صوت الحمام أو خاص بوحشيها هدل يهدل. 19 - ير:
أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال مر أبو جعفر بالهجين ومعه أبو امية الانصاري زميله في
محمله، قال: فبينا هو كذلك إذا نظر إلى ورشان في جانب المحمل معه فرفع أبو امية يده
ليذبه عنه فقال: يا أبا امية إن هذا طائر جاء يستجير بأهل البيت وإني دعوت الله
فانصرفت عنه حية كانت تأتيه كل سنة فتأكل فراخه (5).
(1) بصائر الدرجات ج 6 باب 3 ص 75. (2)
نفس المصدر ج 6 باب 3 ص 98، وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 470. (3) المناقب ج 3 ص
324. (4) القاموس ج 4 ص 66. (5) بصائر الدرجات ج 7 باب 14 ص 99.
[239]
20 - ختص (1) ير: محمد بن الحسين، عن موسى
بن سعدان، عن عبد الله ابن القاسم، عن هشام الجواليقي، عن محمد بن مسلم قال: كنت مع
أبي جعفر عليه السلام بين مكة والمدينة وأنا أسير على حمار لي وهو على بغلته إذ
أقبل ذئب من رأس الجبل حتى انتهى إلى أبي جعفر، فحبس عليه السلام البغلة ودنا الذئب
حتى وضع يده على قربوس السرج ومد عنقه إلى اذنه، وأدنى أبو جعفر اذنه منه ساعة، ثم
قال: امض، فقد فعلت، فرجع مهرولا، قال: قلت: جعلت فداك لقد رأيت عجبا قال: وتدري ما
قلت ؟ قال: قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم قال: انه قال لي: يا ابن رسول الله إن
زوجتي في ذاك الجبل وقد تعسر عليها ولادتها فادع الله أن يخلصها ولا يسلط أحدا من
نسلي على أحد من شيعتكم، قلت: فقد فعلت (2). 21 - كشف: من دلائل الحميري، عن محمد
بن مسلم مثله (3). 22 - قب: عن محمد بن مسلم مثله، ثم قال: وقد روى الحسن بن علي بن
أبي حمزة في الدلالات هذا الخبر عن الصادق عليه السلام وزاد فيه أنه عليه السلام مر
وسكن في ضيعته شهرا، فلما رجع فإذا هو بالذئب وزوجته وجرو عووا في وجه الصادق عليه
السلام فأجابهم بمثل عوائهم بكلام يشبهه، ثم قال لنا عليه السلام: قد ولد له جرو
ذكر، وكانوا يدعون الله لي ولكم بحسن الصحابة، ودعوت لهم بمثل ما دعوا لي وأمرتهم
أن لا يؤذوا لي وليا ولا لاهل بيتي ففعلوا وضمنوا لي ذلك (4). بيان: الجرو: صغير كل
شئ، وولد الكلب، والاسد. 23 - ختص (5) ير: الحسن بن محمد بن سلمة، عن محمد بن
المثنى عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلت عليه
(1) الاختصاص ص 300 وأخرجه الطبري في
دلائل الامامة ص 98. (2) بصائر الدرجات ج 7 باب 15 ص 101. (3) كشف الغمة ج 2 ص 348.
(4) المناقب ج 3 ص 322. (5) الاختصاص ص 271.
[240]
فشكوت إليه الحاجة قال فقال: يا جابر ما
عندنا درهم، فلم ألبث أن دخل عليه الكميت فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي
حتى انشدك قصيدة ؟ قال: فقال أنشد، فأنشده قصيدة فقال: يا غلام أخرج من ذاك البيت
بدرة فادفعها إلى الكميت قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي انشدك قصيدة
اخرى قال: أنشد فأنشده اخرى، فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها إلى
الكميت قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه، قال: فقال له: جعلت فداك إن رأيت أن تأذن لي
انشدك ثالثة، قال له: أنشد [فأنشد]فقال: يا غلام أخرج من ذلك البيت بدرة فادفعها
إليه قال: فأخرج بدرة فدفعها إليه، فقال الكميت: جعلت فداك والله ما احبكم لغرض
الدنيا، وما أردت بذلك إلا صلة رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوجب الله علي من
الحق، قال: فدعا له أبو جعفر عليه السلام، ثم قال: يا غلام ردها مكانها قال: فوجدت
في نفسي وقلت: قال: ليس عندي درهم، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم قال: فقام الكميت
وخرج، قلت له: جعلت فداك قلت: ليس عندي درهم، وأمرت للكميت بثلاثين ألف درهم ! !
فقال لي: يا جابر قم وادخل البيت، قال: فقمت ودخلت البيت فلم أجد منه شيئا قال:
فخرجت إليه فقال لي: يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم، فقام وأخذ بيدي
وأدخلني البيت ثم قال: وضرب برجله الارض فإذا شبيه بعنق البعير قد خرجت من ذهب، ثم
قال لي: يا جابر انظر إلى هذا ولا تخبر به أحدا إلا من تثق به من إخوانك إن الله
أقدرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الارض بأزمتها (1) لسقناها (2). 24 - قب: عن
جابر مثله (3). 25 - ير: أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن ابن
سقطت الكلمة من نسخة البصائر، وهى موجودة
في الاختصاص (ب). (1) الازمة: جمع زمام وهو ما يشد به أو هو المقود. المنجد. (2)
بصائر الدرجات ج 8 باب 2 ص 109. (3) لم أجده في مظانه في المصدر.
[241]
بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول: إن بالمدينة رجلا قد أتى المكان الذي به ابن آدم فرآه معقولا، معه
عشرة موكلين به، يستقبلون به الشمس حيث ما دارت في الصيف، يوقدون حوله النار، فإذا
كان الشتاء صبوا عليه الماء البارد كلما هلك رجل من العشرة أقام أهل القرية رجلا
فيجعلونه مكانه، فقال: يا عبد الله ما قصتك ؟ ولاي شئ ابتليت بهذا ؟ فقال: لقد
سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، إنك لاحمق الناس، أو أكيس الناس، قال:
فقلت لابي جعفر: أيعذب في الآخرة ؟ قال: فقال عليه السلام: ويجمع الله عليه عذاب
الدنيا وعذاب الآخرة (1). 26 - ختص: ابن عيسى وأحمد بن الحسن بن فضال، عن ابن فضال،
عن ابن بكير مثله (2). بيان: حكمه بأحد الامرين لان السؤال عن غرائب الامور قد يكون
لغاية الكياسة، وقد يكون لنهاية الحماقة. 27 - ختص: الحجال، عن اللؤلؤي، عن ابن
سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الفضل إني
لاعرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل مطلع الشمس وقبل مغربها إلى البقية الذين قال
الله " ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون " (3) لمشاجرة كانت فيما بينهم
فأصلح فيما بينهم و رجع ولم يقعد، فمر بنطفكم فشرب منه ومر على بابك فدق عليك حلقة
بابك ثم رجع إلى منزله ولم يقعد (4). 28 - ختص (5) ير: علي بن إسماعيل، عن محمد بن
عمرو الزيات، عن أبيه عن ابن مسكان، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا جعفر عليه
السلام يقول: إني
(1) البصائر ج 8 باب 12 ص 116. (2)
الاختصاص ص 316. (3) سورة الاعراف، الاية: 159. (4) الاختصاص ص 317. (5) نفس المصدر
ص 318.
[242]
لا عرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل
انطباق الارض إلى الفئة التي قال الله في كتابه " ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه
يعدلون " لمشاجرة كانت فيما بينهم، وأصلح بينهم، ورجع ولم يقعد، فمر بنطفكم فشرب
منها يعني الفرات، ثم مر عليك يا أبا الفضل يقرع عليك بابك، ومر برجل عليه مسوح
معقل به عشرة موكلون، يستقبل في الصيف عين الشمس، ويوقد حوله النيران، ويدورون به
حذاء الشمس حيث دارت، كلما مات من العشرة واحد أضاف إليه أهل القرية واحدا الناس
يموتون والعشرة لا ينقصون، فمر به رجل فقال: ما قصتك ؟ قال له الرجل: إن كنت عالما
فما أعرفك بأمري، ويقال: إنه ابن آدم القاتل. وقال محمد بن مسلم وكان الرجل محمد بن
علي عليه السلام (1). 29 - يج: عن سدير مثله (2). بيان: قبل انطباق الارض: أي عند
انطباق بعض طبقات الارض على بعض ليسرع السير أو نحو أنطباقها أو بسبب ذلك وقال
الفيروز آبادي: النطفة بالضم الماء الصافي قل أو كثر والجمع نطاف ونطف، والنطفتان
في الحديث بحر المشرق والمغرب أو ماء الفرات وماء بحر جدة أو بحر الروم أو بحر
الصين انتهى (3) والمسح بكسر الميم البلاس والجمع المسوح. 30 - ختص (4) ير: محمد بن
الحسين، عن البزنطي، عن عبد الكريم، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
جاء أعرابي حتى قام على باب المسجد فتوسم فرأى أبا جعفر، فعقل ناقته ودخل وجثى على
ركبتيه وعليه شملة، فقال أبو جعفر: من أين جئت يا أعرابي ؟ قال: جئت من أقصى
البلدان قال أبو جعفر
(1) بصائر الدرجات ج 8 باب 12 ص 117. (2)
لم نعثر عليه في الخرائج المطبوعة. (3) القاموس ج 3 ص 200. (4) لم أقف عليه في
مظانه من المصدر.
[243]
عليه السلام: البلدان أوسع من ذاك، فمن
أين جئت ؟ قال: جئت من الاحقاف أحقاف عاد، قال: نعم فرأيت ثمة سدرة إذا مر التجار
بها استظلوا بفيئها ؟ قال: وما علمك جعلني الله فداك ؟ قال: هو عندنا في كتاب وأي
شئ رأيت أيضا ؟ قال: رأيت واديا مظلما فيه الهام والبوم لا يبصر قعره، قال: وتدري
ما ذاك الوادي قال: لا والله ما أدري، قال: ذاك برهوت فيه نسمة كل كافر، ثم قال:
أين بلغت ؟ قال: فقطع بالاعرابي، فقال: بلغت قوما جلوسا في مجالسهم، ليس لهم طعام
ولا شراب، إلا ألبان أغنامهم فهي طعامهم وشرابهم، ثم نظر إلى السماء فقال: اللهم
العنه، فقال له جلساؤه: من هو جعلنا فداك ؟ قال: هو قابيل يعذب بحر الشمس وزمهرير
البرد، ثم جاءه رجل آخر، فقال له: رأيت جعفرا ؟ فقال الاعرابي: ومن جعفر هذا الذي
يسأل عنه ؟ قالوا: ابنه قال: سبحان الله وما أعجب هذا الرجل يخبرنا عن خبر السماء
ولا يدري أين ابنه (1) ! ؟ بيان: البلدان أوسع من ذاك: أي هي أكثر من أن تأتي من
أقصاه أو من أن يعين ويعرف بذلك، والهام طائر من طير الليل وهو الصدى، قوله: فيه
نسمة كل كافر أي يعذب فيها أرواحهم وسيأتي بيانها في كتاب الجنائز، وقوله: فقطع
الاعرابي على المجهول أي بهت وسكت، أو بالمعلوم أي قطع عليه السلام كلامه وعلى
التقديرين فاعل قال بعد ذلك هو أبو جعفر عليه السلام وبلغت بصيغة الخطاب وإنما سأل
عليه السلام عن هذا القوم ليبين أن ابن آدم يعذب في قريتهم، ولذا قال بعد ذلك:
اللهم العنه. 31 - يج: روي عن أبي بصير قال: دخلت المسجد مع أبي جعفر عليه السلام
والناس يدخلون ويخرجون فقال لي: سل الناس هل يرونني ؟ فكل من لقيته قلت له: أرأيت
أبا جعفر ؟ يقول: لا، وهو واقف حتى دخل أبو هارون المكفوف، قال: سل هذا، فقلت: هل
رأيت أبا جعفر ؟ فقال: أليس هو بقائم، قال: وما علمك ؟ قال: وكيف لا أعلم وهو نور
ساطع، قال: وسمعت يقول لرجل من أهل الافريقية: ما حال
(1) بصائر الدرجات ج 10 باب 18 ص 148.
[244]
راشد ؟ قال: خلفته حيا صالحا يقرئك السلام
قال: رحمه الله قال: مات ؟ قال: نعم قال: متى ؟ قال: بعد خروجك بيومين، قال: والله
ما مرض ولا كان به علة ! قال: وإنما يموت من يموت من مرض وعلة، قلت: من الرجل ؟
قال: رجل لنا موال ولنا محب ثم قال: أترون أن ليس لنا معكم أعين ناظرة، وأسماع
سامعة، بئس ما رأيتم، والله لا يخفى علينا شئ من أعمالكم، فاحضرونا جميعا و عودوا
أنفسكم الخير، وكونوا من أهله تعرفوا فإني بهذا آمر ولدي وشيعتي (1). بيان:
فاحضرونا جميعا أي اعلموا أنا جميعا حاضرون عندكم بالعلم أو احضروا لدينا فعلى
الاول على صيغة الافعال وعلى الثاني على بناء المجرد. 32 - يج: روي عن الحلبي عن
الصادق عليه السلام قال: دخل الناس على أبي عليه السلام قالوا: ما حد الامام ؟ قال:
حده عظيم، إذا دخلتم عليه فوقروه وعظموه وآمنوا بما جاء به من شئ، وعليه أن يهديكم،
وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملا عينه منه إجلالا وهيبة لان رسول الله
صلى الله عليه وآله كذلك كان، وكذلك يكون الامام، قال: فيعرف شيعته ؟ قال: نعم ساعة
يراهم، قالوا: فنحن لك شيعة ؟ قال: نعم كلكم قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك قال: أخبركم
بأسمائكم وأسماء آباءكم وقبائلكم ؟ قالوا: أخبرنا، فأخبرهم، قالوا: صدقت، [قال:]
واخبركم عما أردتم أن تسألوا عنه في قوله تعالى " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في
السماء " (2) نحن نعطي شيعتنا من نشاء من علمنا، ثم قال: يقنعكم ؟ قالوا: في دون
هذا نقنع (3). بيان: قوله: في قوله تعالى، بيان لما أضمروا أن يسألوا عنه وقوله:
نحن نعطي تفسير للآية أي إنما عنانا بالشجرة وإيتاء الاكل كناية عن إفاضة العلم كما
مر في كتاب الامامة.
(1) الخرائج والجرائح ص 229. (2) سورة
ابراهيم، الاية: 24. (3) الخرائج والجرائح ص 229.
[245]
ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى أخبر
عن حالنا هذه في تلك الآية فلم يخبر عليه السلام بضميرهم أو أخبر ولم يذكر والاول
أظهر، ويؤيده بل يعينه ما سيأتي نقلا عن المناقب. 33 - يج: روى أبو عتيبة قال: كنت
عند أبي جعفر عليه السلام فدخل رجل فقال: أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم،
وأبي كان يتولى بني امية وكان له مال كثير، ولم يكن له ولد غيري وكان مسكنه بالرملة
(1) وكان له جنينة يتخلى فيها بنفسه، فلما مات طلبت المال فلم أظفر به، ولا أشك أنه
دفنه وأخفاه مني قال أبو جعفر: أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟ قال: إي والله
إني لفقير محتاج، فكتب أبو جعفر كتابا وختمه بخاتمه، ثم قال: انطلق بهذا الكتاب
الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه، ثم تنادي: يا درجان يا درجان، فإنه يأتيك رجل معتم
فادفع إليه كتابي، وقل: أنا رسول محمد بن علي بن الحسين فإنه يأتيك فاسئله عما
بدالك، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق. قال أبو عتيبة: فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر
لانظر ما حال الرجل فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له، فأذن له فدخلنا جميعا فقال
الرجل: الله يعلم عند من يضع العلم، قد انطلقت البارحة، وفعلت ما أمرت، فأتاني
الرجل فقال: لا تبرح من موضعك حتى آتيك به، فأتاني برجل أسود فقال: هذا أبوك قلت:
ما هو أبي قال: غيره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الاليم، قلت: أنت أبي ؟ قال: نعم،
قلت: فما غيرك عن صورتك وهيئتك ؟ قال: يا بني كنت أتولى بني امية وافضلهم على أهل
بيت النبي بعد النبي صلى الله عليه وآله فعذبني الله بذلك، وكنت أنت تتولاهم، وكنت
أبغضتك على ذلك وحرمتك مالي فزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق يا
بني إلى جنتي فاحفر تحت الزيتونة وخذ المال مائة ألف درهم، فادفع إلى محمد بن علي
عليهما السلام خمسين ألفا والباقي لك، ثم قال:
(1) الرملة: واحدة الرمل: مدينة بفلسطين،
بينها وبين بيت المقدس 18 ميلا وهى كورة من فلسطين (معجم ياقوت).
[246]
وأنا منطلق حتى آخذ المال وآتيك بمالك،
قال أبو عتيبة: فلما كان من قابل سألت أبا جعفر عليه السلام ما فعل الرجل صاحب
المال ؟ قال: قد أتاني بخمسين ألف درهم، فقضيت منها دينا كان علي، وابتعت منها أرضا
بناحية خبير، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي (1). بيان: جنينة أي مال يستره عني
قال الفيروز آبادي: الجنين كل مستور (2) وفي بعض النسخ جنة وهو أظهر أي كان يتخلى
في جنته وقد ظن أنه كان لدفن المال وعلى الاول يحتمل أن يكون تصغير الجنة. 34 - يج:
روي عن عبد الله بن معاوية الجعفري قال: سأحدثكم بما سمعته اذناي ورأته عيناي من
أبي جعفر عليه السلام أنه كان على المدينة رجل من آل مروان وإنه أرسل إلي يوما
فأتيته وما عنده أحد من الناس، فقال: يا معاوية إنما دعوتك لثقتي بك، وإني قد علمت
أنه لا يبلغ عني غيرك، فأجبت أن تلقى عميك محمد بن علي وزيد بن الحسن عليهم السلام
وتقول لهما: يقول لكما الامير لتكفان عما يبلغني عنكما، أو لتنكران، فخرجت متوجها
إلى أبي جعفر فاستقبلته متوجها إلى المسجد فلما دنوت منه تبسم ضاحكا فقال: بعث إليك
هذا الطاغية ودعاك و قال: الق عميك فقل لهما كذا ؟ فقال: أخبرني أبو جعفر بمقالته
كأنه كان حاضرا ثم قال: يا ابن عم قد كفينا أمره بعد غد، فإنه معزول ومنفي إلى بلاد
مصر والله ما أنا بساحر ولا كاهن، ولكني اتيت وحدثت، قال: فوالله ما أتى عليه اليوم
الثاني حتى ورد عليه عزله ونفيه إلى مصر وولى المدينة غيره (3). بيان: لتنكران، من
أنكره إذا لم يعرفه، كناية عن إيذائهما وعدم عرفان حقهما وشرفهما، أو بمعنى
المناكرة بمعنى المحاربة، والاظهر لتنكلان من التنكيل بمعنى التعذيب قوله عليه
السلام: اتيت على المجهول أي أتاني الخبر من عند الله
(1) الخرائج والجرائح ص 230. (2) القاموس
ج 4 ص 210. (3) الخرائج والجرائح ص 230.
[247]
أو من آبائي بذلك. 35 - يج روي عن أبي
بصير قال: كنت اقرئ امرأة القرآن بالكوفة فمازحتها بشئ، فلما دخلت على أبي جعفر
عليه السلام عاتبني وقال: من ارتكب الذنب في الخلاء لم يعباء الله به، أي شئ قلت
للمرأة ؟ فغطيت وجهي حياء وتبت فقال أبو جعفر عليه السلام: لا تعد (1). 36 - يج:
روى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال لرجل من أهل خراسان: كيف أبوك ؟ قال:
صالح، قال: قد مات أبوك بعد ما خرجت حيث سرت إلى جرجان، ثم قال: كيف أخوك ؟ قال:
تركته صالحا قال: قد قتله جار له يقال له صالح يوم كذا في ساعة كذا، فبكى الرجل
وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون بما اصبت، فقال أبو جعفر عليه السلام: اسكن فقد
صاروا إلى الجنة والجنة خير لهم مما كانوا فيه فقال له الرجل: إني خلفت ابني وجعا
شديد الوجع ولم تسألني عنه قال: قد برأ وقد زوجه عمه ابنته وأنت تقدم عليه وقد ولد
له غلام واسمه علي وهو لنا شيعة وأما ابنك فليس لنا شيعة بل هو لنا عدو، فقال له
الرجل: فهل من حيلة ؟ قال: إنه عدو وهو وقيد، قلت: من هذا ؟ قال: رجل من أهل خرسان
وهو لنا شيعة وهو مؤمن (2). 37 - قب: عن مشمعل الاسدي، عن أبي بصير مثله (3). بيان:
الوقيد بالدال المهملة الحطب ولعل المراد أنه حطب جهنم، ويحتمل أن يكون بالمعجمة
قال الفيروز آبادي: (4) الوقيذ السريع والبطئ والثقيل، و الشديد المرض المشرف
انتهى، فالمعنى أنه سيصرع أو هو بطئ عن الخير، أو أنه شديد المرض، ولا ينافيه
إخباره عليه السلام ببرئه من المرض السابق.
(1) لم أجده فيها عاجلا. (2) المصدر
السابق ص 230. (3) المناقب ج 3 ص 325. (4) القاموس ج 1 ص 360.
[248]
38 - يج: روى جابر الجعفي، قال: خرجت مع
أبي جعفر عليه السلام إلى الحج وأنا زميله، إذ أقبل ورشان فوقع على عضادتي محمله
فترنم، فذهبت لآخذه فصاح بي: مه يا جابر فإنه استجار بنا أهل البيت، فقلت: وما الذي
شكا إليك ؟ فقال: شكا إلي أنه يفرخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين وأن حية تأتيه فتأكل
فراخه، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها، ففعلت وقد قتلها الله، ثم سرنا حتى إذا
كان وجه السحر قال لي: انزل يا جابر، فنزلت فأخذت بخطام الجمل ونزل فتنحى عن
الطريق، ثم عمد إلى روضة من الارض ذات رمل فأقبل فكشف الرمل يمنة ويسرة وهو يقول "
اللهم اسقنا وطهرنا " إذ بدا حجر أبيض بين الرمل فاقتلعه فنبع له عين ماء أبيض صاف
فتوضأ وشربنا منه. ثم ارتحلنا فأصبحنا دون قرية ونخل فعمد أبو جعفر إلى نخلة يابسة
فيها فدنا منها وقال: أيتها النخلة أطعمينا مما خلق الله فيك، فلقد رأيت النخلة
تنحني حتى جعلنا نتناول من ثمرها ونأكل، وإذا أعرابي يقول: ما رأيت ساحرا كاليوم
فقال أبو جعفر: يا أعرابي لا تكذبن علينا أهل البيت فانه ليس منا ساحر ولا كاهن
ولكن علمنا أسماء من أسماء الله تعالى فنسأل بها فنعطي وندعو فنجاب (1). بيان: وجه
السحر أي أوله أو قريبا منه، فإن الوجه مستقبل كل شئ. 39 - يج: روي عن عباد بن كثير
البصري، قال: قلت للباقر: ما حق المؤمن على الله ؟ فصرف وجهه فسألته عنه ثلاثا،
فقال: من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة اقبلي لاقبلت، قال عباد: فنظرت
والله إلى النخلة التي كانت هناك قد تحركت مقبلة فأشار إليها قري فلم اعنك (2). 40
- يج: روي عن أبي الصباح الكناني قال: صرت يوما إلى باب أبي جعفر فقرعت الباب فخرجت
إلي وصيفة ناهد فضربت بيدي على رأس ثديها، فقلت لها: قولي لمولاك إني بالباب، فصاح
من آخر الدار ادخل لا ام لك، فدخلت وقلت:
(1) الخرائج والجرائح ص 231. (2) نفس
المصدر ص 196.
[249]
والله ما أردت ريبة ولا قصدت إلا زيادة في
يقيني، فقال: صدقت لئن ظننتم أن هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصاركم إذا لا
فرق بيننا وبينكم، فاياك أن تعاود لمثلها (1). بيان: نهدت المرأة: كعب ثديها. 41 -
يج: روي عن أبي بصير قال: كنت مع الباقر عليه السلام في مسجد رسول - الله صلى الله
عليه وآله قاعدا حدثان ما مات علي بن الحسين عليه السلام إذ دخل الدوانيقي وداود بن
سليمان قبل أن افضي الملك إلى ولد العباس، وما قعد إلى الباقر إلا داود فقال الباقر
عليه السلام: ما منع الدوانيقي أن يأتي ؟ قال: فيه جفاء، قال الباقر عليه السلام:
لا تذهب الأيام حتى يلي أمر هذا الخلق ويطأ أعناق الرجال، ويملك شرقها وغربها ويطول
عمره فيها حتى يجمع من كنوز الاموال ما لم يجتمع لاحد قبله، فقام داود وأخبر
الدوانيقي بذلك فأقبل إليه الدوانيقي وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلا إجلالك فما
الذي خبرني به داود ؟ فقال: هو كائن، قال: وملكنا قبل ملككم ؟ قال: نعم: قال: يملك
بعدي أحد من ولدي ؟ قال: نعم، قال: فمدة بني امية أكثر أم مدتنا ؟ قال: مدتكم أطول
وليتلقفن هذا الملك صبيانكم ويلعبون به كما يلعبون بالكرة، هذا ما عهده إلى أبي،
فلما ملك الدوانيقي تعجب من قول الباقر عليه السلام (2). بيان: الجفا: البعد عن
الآداب، ووطئ أعناق الرجال، كناية عن شدة استيلائه على الخلق وتمكنه من الناس. 42 -
يج: روي عن أبي بصير قال: قلت يوما للباقر: أنتم ذرية رسول الله ؟ قال: نعم، قلت:
ورسول الله وارث الانبياء كلهم ؟ قال: نعم ورث جميع علومهم قلت: وأنتم ورثتم جميع
علم رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: نعم، قلت: وأنتم تقدرون
(1) لم أجده في المطبوعة ونقله عن الخرائج
الاربلي في كشف الغمة ج 2 ص 352. (2) المصدر السابق ص 196.
[250]
أن تحيوا الموتى وتبرؤ الاكمه والابرص
وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ؟ قال: نعم بإذن الله، ثم قال: ادن
مني يا أبا بصير فدنوت منه فمسح يده على وجهي فأبصرت السهل والجبل والسماء والارض،
ثم مسح يده على وجهي فعدت كما كنت لا ابصر شيئا، قال: ثم قال لي: الباقر عليه
السلام: إن أحببت أن تكون هكذا كما أبصرت وحسابك على الله، وإن أحببت أن تكون كما
كنت وثوابك الجنة، فقلت: كما كنت والجنة أحب إلي (1). 43 - يج: روي عن جابر قال:
كنا عند الباقر نحوا من خمسين رجلا إذ دخل عليه كثير النوا وكان من المغيرية فسلم
وجلس، ثم قال: إن المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أن معك ملكا يعرفك الكافر من
المؤمن، وشيعتك من أعدائك، قال: ما حرفتك ؟ قال: أبيع الحنطة، قال: كذبت. قال:
وربما أبيع الشعير، قال: ليس كما قلت: بل تبيع النوا قال: من أخبرك بهذا ؟ قال:
الملك الذي يعرفني شيعتي من عدوي، لست تموت إلا تائها. قال جابر الجعفي: فلما
انصرفنا إلى الكوفة ذهبت في جماعة نسأل فدللنا على عجوز، فقالت: مات تائها منذ
ثلاثة أيام (2). بيان: المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي الذي ادعى أن الامامة
بعد محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام لمحمد بن عبد الله بن الحسن وزعم أنه حي لم
يمت. وقال الشيخ: (3) والكشي (4) إن كثيرا كان من البترية، وقال البرقي: (5) إنه
كان عاميا والظاهر أن المراد بالتائه الذاهب العقل، ويحتمل أن يكون المراد
(1) الخرائج والجرائح ص 196. (2) لم أجده
في المطبوعة وقد أخرجه عنه الاربلي في كشف الغمة ج 2 ص 355. (3) رجال الشيخ الطوسى
ص 134 طبع النجف. (4) رجال الكشى ص 152. (5) رجال البرقى ص 15 طبع ايران مع رجال
ابن داود ولم يذكر فيه انه كان عاميا. وكذا في نسخة خطية بمكتبة سماحة سيدى الوالد
دام ظله.
[251]
به التحير في الدين. 44 - يج: روى أبو
بصير قال: كنت مع الباقر عليه السلام في المسجد إذ دخل عمر بن عبد العزيز عليه
ثوبان ممصران متكيا على مولى له، فقال عليه السلام: ليلين هذا الغلام فيظهر العدل
ويعيش أربع سنين ثم يموت فيبكي عليه أهل الارض ويلعنه أهل السماء، قال: يجلس في
مجلس لا حق له فيه، ثم ملك وأظهر العدل جهده (1). بيان: قال الجزري (2) الممصرة من
الثياب التي فيها صفرة خفيفة، ومنه الحديث أتى علي طلحة وعليه ممصران. 45 - كش:
حمدويه، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم ابن حميد، عن سلام بن سعيد
الجمحي، عن أسلم مولى محمد ابن الحنفية قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام مسندا
ظهري إلى زمزم فمر علينا محمد بن عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت فقال أبو جعفر:
يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟ قلت: نعم هذا محمد بن عبد الله بن الحسن، قال: أما إنه
سيظهر ويقتل في حال مضيعة، ثم قال: يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فانه عندك
أمانة، قال: فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ علي، قال: وكنا عند أبي
جعفر عليه السلام غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله معروف فقال: أخبرني عن هذا
الحديث الذي حدثنيه فإني احب أن أسمعه منك، قال: فالتفت إلى أسلم فقال له: يا أسلم،
فقال له: جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الذي أخذته علي قال: فقال أبو جعفر عليه
السلام: لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكا والربع الآخر
أحمق (3). 46 - يج: روي عن محمد بن أبي حازم قال: كنت عند أبي جعفر فمر بنا زيد ابن
علي فقال أبو جعفر: أما والله ليخرجن بالكوفة وليقتلن وليطافن برأسه، ثم
(1) الخرائج والجرائح ص 196. (2) النهاية
لابن الاثير ج 4 ص 97. (3) رجال الشكى ص 134.
[252]
يؤتى به فينصب على قصبة في هذا الموضع -
وأشار إلى الموضع الذي صلب فيه - قال: سمع اذناي به ثم رأت عيني بعد ذلك فبلغنا
خروجه وقتله، ثم مكثنا ما شآء الله فرأينا يطاف برأسه فنصب في ذلك الموضع على قصبة
فتعجبنا. وفي رواية أن الباقر عليه السلام قال: سيخرج زيد أخي بعد موتي ويدعو الناس
إلى نفسه ويخلع جعفرا ابني ولا يلبث إلا ثلاثا حتى يقتل ويصلب ثم يحرق بالنار ويذرى
في الريح ويمثل به مثلة ما مثل به أحد قبله (1). بيان: التمثيل التنكيل والتعذيب،
قال الجزري (2) فيه إنه نهى عن المثلة، يقال: مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت
أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه واذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه،
والاسم المثلة، فاما مثل بالتشديد فهو للمبالغة. 47 - يج: روي أنه عليه السلام جعل
يحدث أصحابه بأحاديث شداد وقد دخل عليه رجل يقال له: النضر بن قرواش فاغتم أصحابه
لمكان الرجل مما يستمع حتى نهض، فقالوا: قد سمع ما سمع وهو خبيث قال: لو سألتموه
عما تكلمت به اليوم ما حفظ منه شيئا، قال بعضهم: فلقيته بعد ذلك فقلت: الاحاديث
الذي سمعتها من أبي جعفر احب أن أسمعها، فقال: لا والله ما فهمت منها قليلا ولا
كثيرا (3). 48 - قب (4) يج: روى أبو حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إني لفي
عمرة اعتمرتها فأنا في الحجر جالس إذ نظرت إلى جان قد أقبل من ناحية المشرق حتى دنا
من الحجر الاسود فأقبلت ببصري نحوه فوقف طويلا، ثم طاف بالبيت اسبوعا ثم بدأ
بالمقام فقام على ذنبه فصلى ركعتين وذلك عند زوال الشمس، فبصر به عطاء واناس معه
فأتوني فقالوا: يا أبا جعفر ما رأيت هذا الجان ؟ فقلت: قد رأيته وما صنع
(1) لم أجده في مظانه من النسخة المطبوعة.
(2) النهاية لابن الاثير ج 4 ص 77. (3) لم أعثر عليه في المطبوعة. (4) المناقب ج 3
ص 320.
[253]
ثم قلت لهم: انطلقوا إليه وقولوا له: يقول
لك محمد بن علي: إن البيت يحضره أعبد وسودان فهذه ساعة خلوته منهم، وقد قضيت نسكك
ونحن نتخوف عليك منهم فلو خففت وانطلقت قبل أن يأتوا، قال: فكوم كومة من بطحاء
المسجد ثم وضع ذنبه عليها، ثم مثل في الهواء (1). توضيح: قال الفيروز آبادي: (2)
الجان اسم جمع للجن، وحية أكحل العين لا تؤذي، كثيرة في الدور. وقال: (3) كوم
التراب تكويما جعله كومة كومة بالضم أي قطعة قطعة ورفع رأسها. وقال: (4) البطحاء
والابطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى، وقال: مثل قام منتصبا كمثل بالضم، وزال عن موضعه
انتهى أي زال عن موضعه مرتفعا في الهواء أو صار في الهواء متمثلا بصورة شخص. 49 -
يج: روي عن سدير أن كثير النواء دخل على أبي جعفر عليه السلام وقال: زعم المغيرة بن
سعيد أن معك ملكا يعرفك المؤمن من الكافر - في الكلام طويل - فلما خرج قال عليه
السلام: ما هو إلا خبيث الولادة، وسمع هذا الكلام جماعة من الكوفة قالوا: ذهبنا حتى
نسأل عن كثير فله خبر سوء، فمضينا إلى الحي الذي هو فيهم، فدللنا إلى عجوزة صالحة،
فقلنا لها: نسألك عن أبي إسماعيل، قالت: كثير ؟ فقلنا: نعم، قالت: تريدون أن تزوجوه
؟ قلنا: نعم، قالت: لا تفعلوا فإن امه قد وضعته في ذلك البيت رابع أربعة من الزنا،
وأشارت إلى بيت من بيوت الدار (5).
(1) لم أعثر عليه في مظانه. (2) القاموس ج
4 ص 210. (3) نفس المصدر ج 4 ص 173. (4) نفس المصدر ج 1 ص 216. (5) لم نعثر عليه في
النسخة المطبوعة عاجلا.
[254]
50 - يج: روي أن جماعة استأذنوا على أبي
جعفر عليه السلام قالوا: فلما صرنا في الدهليز إذا قراءة سريانية بصوت حسن يقرأ
ويبكي حتى أبكى بعضنا وما نفهم ما يقول فظننا أن عنده بعض أهل الكتاب استقرأه، فلما
انقطع الصوت دخلنا عليه فلم نر عنده أحدا، قلنا لقد سمعنا قراءة سريانية بصوت حزين،
قال: ذكرت مناجات إليا النبي فأبكتني (1). 51 - قب (2) يج: روى أبو بصير عن الصادق
عليه السلام قال: كان أبي في مجلس له ذات يوم إذ أطرق رأسه إلى الارض فمكث فيها
مكثا ثم رفع رأسه، فقال: يا قوم كيف أنتم إن جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في
أربعة آلاف حتى يستعرضكم بالسيف ثلاثة أيام فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاء لا
تقدرون أن تدفعوها، وذلك من قابل فخذوا حذركم، واعلموا أن الذي قلت هو كائن لابد
منه، فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه وقالوا: لا يكون هذا أبدا، ولم يأخذوا حذرهم،
إلا نفر يسير وبنو هاشم، فخرجوا من المدينة خاصة وذلك أنهم علموا أن كلامه هو الحق
فلما كان من قابل تحمل أبو جعفر بعياله وبنو هاشم وجاء نافع بن الازرق حتى كبس
المدينة فقتل مقاتلهم وفضح نساءهم، فقال أهل المدينة: لا نرد على أبي جعفر شيئا
نسمعه منه أبدا بعد ما سمعنا ورأينا، فانهم أهل بيت النبوة، وينطقون بالحق (3).
ايضاح: قال الفيروز آبادي (4) عرض القوم على السيف قتلهم، وقال: استعرضهم: قتلهم
ولم يسأل عن حال أحد. 52 - يج: روى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إني
لاعرف من لو قام
(1) الخرائج والجرائح ص 197. (2) مناقب
ابن شهر آشوب ج 3 ص 325. (3) الخرائج والجرائح ص 197. (4) القاموس ج 2 ص 334 و 336.
[255]
بشاطئ البحر يعرف دواب البحر وامهاتها
وعماتها وخالاتها (1). 53 - يج: روي عن الاسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه
السلام فقال: ابتداء من غير أن أسأله: نحن حجة الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله
في خلقه ونحن ولاة أمر الله في عباده، ثم قال: إن بيننا وبين كل أرض ترا مثل تر
البناء فإذا امرنا في الارض بأمر أخذنا ذلك التر فأقبلت إلينا الارض بكليتها و
أسواقها وكورها حتى ننفذ فينا من أمر الله ما أمر، إن الريح كما كانت مسخرة لسليمان
فقد سخرها الله لمحمد وآله (2). بيان: التر بالضم خيط البناء، والكورة بالضم
المدينة والصقع، والجمع كور بضم الكاف وفتح الواو. 54 - يج: روي عن محمد بن مسلم
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لئن ظننتم أنا لا نراكم، ولا نسمع كلامكم، لبئس ما
ظننتم، لو كان كما تظنون أنا لا نعلم ما أنتم فيه وعليه ما كان لنا على الناس فضل،
قلت: أرني بعض ما أستدل به قال: وقع بينك وبين زميلك بالربذة حتى عيرك بنا وبحبنا
ومعرفتنا، قلت: إي والله لقد كان ذلك قال: فتراني قلت باطلاع الله، ما أنا بساحر
ولا كاهن ولا بمجنون لكنها من علم النبوة، ونحدث بما يكون، قلت: من الذي يحدثكم بما
نحن عليه ؟ قال: أحيانا ينكت في قلوبنا، ويوقر في آذاننا، ومع ذلك فإن لنا خدما من
الجن مؤمنين وهم لنا شيعة، وهم لنا أطوع منكم، قلت: مع كل رجل واحد منهم ؟ قال:
نعم، يخبرنا بجميع ما أنتم فيه وعليه (3). 55 - يج: روى الحسن بن مسلم، عن أبيه
قال: دعاني الباقر عليه السلام إلى طعام فجلست إذ أقبل ورشان منتوف الرأس، حتى سقط
بين يديه ومعه ورشان آخر، فهدل فرد الباقر عليه السلام بمثل هديله، فطار، فقلنا
للباقر عليه السلام: ما قالا ؟ وما
(1) لم نعثر عليه في المطبوع من الخرائج
والجرائح، وأخرجه الصفار في بصائر الدرجات ص 150. (2 و 3) لم نعثر عليه في الخرائج
المطبوعة.
[256]
قلت: قال عليه السلام: إنه اتهم زوجته
بغيره، فنقر رأسها وأراد أن يلاعنها عندي فقال لها: بيني وبينك من يحكم بحكم داود
وآل داود، ويعرف منطق الطير ولا يحتاج إلى شهود، فأخبرته أن الذي ظن بها لم يكن كما
ظن، فانصرفا على صلح (1). 56 - يج: روي عن أبي بصير قال: سمعت الصادق عليه السلام
يقول: إن أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا عليه، فبكى عند رأسه بعض أصحابه، فنظر إليه
وقال: إني لست بميت في وجعي هذا، قال: فبرأ ومكث ما شاء الله من السنين، فبين ما هو
صحيح ليس به بأس، فقال: يا بني إني ميت يوم كذا، فمات في ذلك اليوم (2). 57 - يج:
روي عن محمد بن مسلم قال: دخلت مع أبي جعفر عليه السلام مسجد الرسول صلى الله عليه
وآله فإذا طاووس اليماني يقول: من كان نصف الناس ؟ فسمعه أبو جعفر عليه السلام
فقال: إنما هو ربع الناس، آدم وحوا وهابيل وقابيل، قال: صدقت يا ابن رسول الله، قال
محمد بن مسلم: فقلت في نفسي: هذه والله مسألة فغدوت إلى منزل أبي جعفر وقد لبس
ثيابه واسرج له، فلما رآني ناداني قبل أن أسأله فقال: بالهند ووراء الهند بمسافة
بعيدة، رجل عليه مسوح يده مغلولة إلى عنقه موكل به عشرة رهط يعذب إلى أن تقوم
الساعة، قلت: ومن ذلك ؟ قال: قابيل (3). بيان: المسوح جمع المسح وهو البلاس. 58 -
شى: عن الفضيل بن يسار قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنا نتحدث أن لآل
جعفر راية، ولآل فلان راية، فهل في ذلك شئ ؟ فقال: أما لآل جعفر فلا، وأما راية بني
فلان فان لهم ملكا مبطأ يقربون فيه البعيد ويبعدون فيه القريب، وسلطانهم عسر، ليس
فيه يسر، لا يعرفون في سلطانهم من
(1) الخرائج والجرائح ص 197. (2) لم نجده
في المطبوعة. (3) الخرائج والجرائح ص 245.
[257]
أعلام الخير شيئا، يصيبهم فيه فزعات ثم
فزعات، كل ذلك يتجلى عنهم، حتى إذا أمنوا مكر الله، وأمنوا عذابه، وظنوا أنهم قد
استقروا صيح فيهم صيحة لم يكن لهم فيها مناد يسمعهم ولا يجمعهم، وذلك قول الله "
حتى إذا أخذت الارض زخرفها " إلى قوله " لقوم يتفكرون " (1) ألا إنه ليس أحد من
الظلمة إلا ولهم بقيا إلا آل فلان فانهم لا بقيالهم، قال: جعلت فداك أليس لهم بقيا
؟ قال: بلى ولكنهم يصيبون منا دما فبظلمهم نحن وشيعتنا فلا بقيا لهم (2). بيان:
البقيا بالضم الرحمة والشفقة. 59 - قب: قيل لابي جعفر عليه السلام: محمد بن مسلم
وجع، فأرسل إليه بشراب مع الغلام، فقال الغلام: أمرني أن لا أرجع حتى تشربه، فإذا
شربت فأته، ففكر محمد فيما قال وهو لا يقدر على النهوض، فلما شرب واستقر الشراب في
جوفه، صار كأنما انشط من عقال، فأتى بابه فاستؤذن عليه، فصوت له صح الجسم فادخل
فدخل وسلم عليه وهو باك، وقبل يده ورأسه، فقال عليه السلام: ما يبكيك يا محمد ؟
قال: على اغترابي، وبعد الشقة، وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك، فقال:
أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا.
وأما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله اسوة بأرض ناء عنا بالفرات صلى الله
عليه. وأما ما ذكرت من بعد الشقة فان المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق
منكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله. وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر
إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فلك ما في قلبك وجزاؤك عليه (3).
(1) سورة يونس، الاية: 24. (2) تفسير
العياشي ج 2 ص 121 وأخرجه السيد البحراني في تفسيره البرهان ج 2 ص 182. (3) المناقب
ج 3 ص 316.
[258]
دلالات الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن بعض
أصحابه، عن ميسر بياع الزطي قال: أقمت على باب أبي جعفر عليه السلام فطرقته، فخرجت
إلي جارية خماسية فوضعت يدي على يدها وقلت لها: قولي لمولاك هذا ميسر بالباب،
فناداني عليه السلام من أقصى الدار: ادخل لا أبا لك، ثم قال لي: أما والله يا ميسر
لو كانت هذه الجدر تحجب أبصارنا، كما تحجب عنكم أبصاركم، لكنا وأنتم سواء، فقلت:
جعلت فداك والله ما أردت إلا لازداد بذلك إيمانا. الحسين بن المختار، عن أبي بصير
قال: كنت اقرئ امرأة القرآن واعلمها إياه، قال: فمازحتها بشئ، فلما قدمت على أبي
جعفر عليه السلام قال لي: يا أبا بصير أي شئ قلت للمرأة ؟ ! فقلت بيدي هكذا يعني
غطيت وجهي فقال: لا تعودن إليها. وفي رواية حفص البختري أنه عليه السلام قال لابي
بصير: أبلغها السلام فقل: " أبو جعفر يقرئك السلام ويقول: زوجي نفسك من أبي بصير "
قال: فأتيتها فأخبرتها فقالت: الله لقد قال لك أبو جعفر عليه السلام هذا ؟ فحلفت
لها فزوجت نفسها مني. أبو حمزة الثمالي في خبر، لما كانت السنة التي حج فيها أبو
جعفر محمد بن على ولقيه هشام بن عبد الملك، أقبل الناس ينثالون عليه، فقال عكرمة:
من هذا عليه سيماء زهرة العلم ؟ لاجربنه، فلما مثل بين يديه، ارتعدت فرائصه، واسقط
في يد أبي جعفر، وقال: يا ابن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس
وغيره، فما أدركني ما أدركني آنفا فقال له أبو جعفر عليه السلام: ويلك يا عبيد أهل
الشام إنك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه (1). بيان: قال الفيروز
آبادي: انثال: انصب وعليه القول تتابع وكثر فلم يدر بأيه يبدأ وقال: (2) زهرة
الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها وبالضم البياض والحسن.
(1) المناقب ج 3 ص 317. (2) القاموس ج 2 ص
43. (*)
[259]
60 - قب: حبابه الوالبية قالت: رأيت رجلا
بمكة أصيلا في الملتزم، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الارض، وقد حزم وسطه على
المئرز بعمامة خز والغزالة تخال على قلل الجبال كالعمائم على قمم الرجال، وقد صاعد
كفه وطرفه نحو السماء ويدعو، فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون
أبواب المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة، ثم نهض يريد رحله، ومناد ينادي
بصوت صهل: ألا إن هذا النور الابلج المسرج، والنسيم الارج، والحق المرج، وآخرون
يقولون من هذا ؟ فقيل: محمد بن علي الباقر، علم العلم والناطق عن الفهم، محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام (1). وفي رواية أبي بصير: ألا إن
هذا باقر علم الرسل، وهذا مبين السبل هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة، هذا
ابن فاطمة الغراء العذراء الزهراء هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن
محمد وخديجة وعلي وفاطمة هذا منار الدين القائمة. بيان: الاصيل وقت العصر وبعده،
والغزالة الشمس، والقمم بكسر القاف وفتح الميم، جمع قمة بالكسر، وهي أعلى الرأس، أي
كانت الشمس في رؤوس الجبال تتخيل كأنها عمامة على رأس رجل لاتصالها برؤوسها وقرب
افولها، والغرض كون الوقت آ خر اليوم، ومع ذلك أفتى في ألف مسألة، ويقال: ما رمت
المكان بالكسر أي ما برحت، والصهل محركة حدة الصوت مع بحح، والابلج الواضح والمضئ
والتسريح الارسال والاطلاق أي المرسل لهداية العباد، أو بالجيم من الاسراج بمعني
إيقاد السراج وهو أنسب، والارج بكسر الراء من الارج بالتحريك وهو توهج ريح الطيب،
والمرج إما بضم الميم وكسر الراء وتشديد الجيم، من الرج وهو التحرك والاهتزاز.
لتحركه بين الناس، أو لاضطرابه من خوف الاعداء، أو بفتح الميم وكسر الراء وتخفيف
الجيم من قولهم مرج الدين إذا فسد، أي الذي ضاع بين الناس قدره، وقوله: علم العلم،
بتحريك المضاف، والناموس صاحب سر
(1) المناقب ج 3 ص 317.
[260]
الملك أي مخزن أسرار الله في الدهر. 61 -
قب: في حديث جابر بن يزيد الجعفي أنه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين عليه السلام
مما يلقونه من بني امية، دعا الباقر عليه السلام وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به
جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وآله ويحركه تحريكا، قال: فمضى إلى المسجد فصلى فيه
ركعتين، ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلمات، ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا رقيقا
يفوح منه رائحة المسك وأعطاني طرفا منه، فمشيت رويدا فقال: قف يا جابر ! فحرك الخيط
تحريكا لينا خفيفا ثم قال: اخرج فانظر ما حال الناس قال: فخرجت من المسجد فإذا صياح
وصراخ وولولة من كل ناحية، وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة، قد أخربت عامة دور
المدينة، وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف إنسان، ثم صعد الباقر عليه السلام المنارة
فنادى بأعلا صوته: ألا أيها الضالون المكذبون، قال: فظن الناس أنه صوت من السماء،
فخروا لوجوههم، وطارت أفئدتهم، وهم يقولون في سجودهم: الامان الامان، وإنهم يسمعون
الصيحة بالحق، ولا يرون الشخص، ثم قرأ " فخر عليهم السقف من فوقهم، وأتاهم العذاب
من حيث لا يشعرون " قال: فلما نزل منها وخرجنا من المسجد، سألته عن الخيط قال: هذا
من البقية قلت: وما البقية يا ابن رسول الله ؟ قال: يا جابر بقية مما ترك آل موسى
وآل هارون تحمله الملائكة ويضعه جبرئيل لدينا (1). المفضل بن عمر: بينما أبو جعفر
عليه السلام بين مكة والمدينة إذا انتهى إلى جماعة على الطريق، وإذا رجل من الحجاج
نفق حماره، وقد بدد متاعه، وهو يبكي فلما رأى أبا جعفر أقبل إليه فقال له: يا ابن
رسول الله نفق حماري وبقيت منقطعا فادع الله تعالى أن يحيي لي حماري قال: فدعا أبو
جعفر عليه السلام فأحيا الله له حماره (2) بيان: وقد بدد متاعه: أي فرق.
(1) المناقب ج 3 ص 317. (2) نفس المصدر ج
3 ص 318.
[261]
6 - قب: قال أبو بصير للباقر عليه السلام:
ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج ! فقال: بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، أتحب أن تعلم
صدق ما أقوله، وتراه عيانا ؟ فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا فقال: انظر
يا أبا بصير إلى الحجيج قال: فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير، والمؤمن بينهم
مثل الكوكب اللامع في الظلماء فقال أبو بصير: صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر
الضجيج ؟ ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا، فقال أبو بصير في ذلك، فقال عليه السلام: ما
بخلنا عليك يا أبا بصير، وإن كان الله تعالى ما ظلمك، وإنما خارلك، وخشينا فتنة
الناس بنا وأن يجهلوا فضل الله علينا، ويجعلونا أربابا من دون الله، ونحن له عبيد،
لا نستكبر عن عبادته، ولا نسأم من طاعته، ونحن له مسلمون. أبو عروة: دخلت مع أبي
بصير إلى منزل أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام فقال لي: أترى في البيت كوة
قريبة ؟ قلت نعم وما علمك بها، قال أرانيها أبو جعفر. حلية الاولياء (1) بالاسناد
قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام وسمع عصافير يصحن قال: تدري يا
أبا حمزة ما يقلن ؟ قلت: لا قال: يسبحن ربي عزوجل، ويسألن قوت يومهن. جابر بن يزيد
الجعفي قال: مررت بمجلس عبد الله بن الحسن فقال: بماذا فضلني محمد بن علي ؟ ثم أتيت
إلى أبي جعفر عليه السلام فلما بصر بي ضحك إلي ثم قال: يا جابر اقعد فإن أول داخل
يدخل عليك في هذا الباب عبد الله بن الحسن فجعلت أرمق ببصري نحو الباب وأنا مصدق
لما قال سيدي إذ أقبل يسحب أذياله فقال له: يا عبد الله أنت الذي تقول: بماذا فضلني
محمد بن علي إن محمدا وعليا ولداه، وقد ولداني ؟ ثم قال يا جابر احفر حفيرة واملاها
حطبا جزلا، و أضرمها نارا، قال جابر: ففعلت فلما أن رأى النار قد صارت جمرا أقبل
عليه بوجهه فقال: إن كنت حيث ترى فادخلها لن تضرك، فقطع بالرجل فتبسم في وجهي
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 187.
[262]
ثم قال: يا جابر " فبهت الذي كفر " (1).
بيان: رمقه: لحظه لحظا خفيفا، وسحبه كمنعه جره على وجه الارض و الجزل الحطب اليابس،
أو الغليظ العظيم منه، والكثير من الشئ، وقوله: فقطع بالرجل على بناء المجهول أي
انقطعت حجته، وبهت على المجهول أي انقطع و تحير وعجز عن الجواب. 63 - قب: الثعلبي
في نزهة القلوب روي عن الباقر عليه السلام أنه قال: أشخصني هشام بن عبد الملك،
فدخلت عليه وبنو امية حوله، فقال لي: ادن يا ترابي فقلت: من التراب خلقنا، وإليه
نصير، فلم يزل يدنيني حتى أجلسني معه، ثم قال: أنت أبو جعفر الذي تقتل بني امية ؟
فقلت: لا قال: فمن ذاك ؟ فقلت: ابن عمنا أبو العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن
العباس، فنظر إلي وقال: والله ما جربت عليك كذبا، ثم قال: ومتى ذاك ؟ قلت: عن
سنيات، والله ما هي ببعيدة (2). الخبر جابر الجعفي مرفوعا: لا يزال سلطان بني امية،
حتى يسقط حائط مسجدنا هذا، يعني مسجد الجعفي فكان كما أخبر. قال الكميت الاسدي:
دخلت إليه وعنده رجل من بني مخزوم، فأنشدته شعري فيهم فكلما أنشدته قصيدة قال: يا
غلام بدرة. فما خرجت من البيت حتى أخرج خمسين ألف درهم فقلت: والله إني ما قلت فيكم
لعرض الدنيا وأبيت، فقال يا غلام أعد هذا المال في مكانه، فلما حمل قال له
المخزومي: سألتك بالله عشرة آلاف درهم، فقلت ليست عندي، وأعطيت الكميت خمسين ألف
درهم ! وإني لاعلم أنك الصادق البار ؟ قال له: قم وادخل فخذ، فدخل المخزومي فلم يجد
شيئا فهذا دليل على أن الكنوز مغطية لهم. معتب قال: توجهت مع أبي عبد الله عليه
السلام إلى ضيعته، فلما دخلها صلى
(1) المناقب ج 3 ص 318. (2) نفس المصدر ج
3 ص 320.
[263]
ركعتين ثم قال: إني صليت مع أبي الفجر ذات
يوم فجلس أبي يسبح الله فبينما هو يسبح إذ أقبل شيخ طوال أبيض الرأس واللحية، فسلم
على أبي، وإذا شاب مقبل في إثره فجاء إلى الشيخ، وسلم على أبي، وأخذ بيد الشيخ،
وقال: قم فإنك لم تؤمر بهذا، فلما ذهبا من عند أبي، قلت: يا أبي من هذا الشيخ ؟
وهذا الشاب ؟ فقال: هذا والله ملك الموت، وهذا جبرئيل عليه السلام (1). جابر بن
يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة
الايمان، وبحقيقة النفاق، قال: جرى عند أبي عبد الله عليه السلام ذكر عمر بن سجنة
الكندي فزكوه، فقال عليه السلام: ما أرى لكم علما بالناس، إني لاكتفي من الرجل
بلحظة، إن ذا من أخبث الناس، قال: وكان عمر بعد ما يدع محرما لله لا يركبه (2). عمر
بن حنظلة سألت أبا جعفر عليه السلام أن يعلمني الاسم الاعظم فقال: ادخل البيت فوضع
أبو جعفر عليه السلام بيده على الارض فأظلم البيت وارتعدت فرائصي فقال: ما تقول ؟
اعلمك ؟ قلت: لا، فرفع يده، فرجع البيت كما كان. ويروى أن زيد بن علي لما عزم على
البيعة قال له أبو جعفر عليه السلام: يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل
قيام مهديهم، مثل فرخ نهض من عشه من غير أن يستوي جناحاه، فإذا فعل ذلك سقط، فأخذه
الصبيان يتلاعبون به، فاتق الله في نفسك أن تكون المصلوب غدا بالكناسة، فكان كما
قال. عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام في خبر: إن أبي عليه السلام كان
قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه، فإذا هو بوزغ يولول بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري
ما يقول هذا الوزغ ؟ فقال الرجل: لا علم لي بما يقول قال: فانه يقول: والله لئن
ذكرت الثالث لاسبن عليا حتى تقوم من ههنا.
(1) المصدر السابق ج 3 ص 321. (2) المناقب
ج 3 ص 321.
[264]
الحسين بن محمد، باسناده عن أبي بكر
الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك، وصار ببابه، قال
هشام لاصحابه: إذا سكت من توبيخ محمد بن علي فلتوبخوه، ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل
عليه أبو جعفر قال بيده السلام عليكم فعمهم بالسلام جميعا ثم جلس فازداد هشام عليه
حنقا بتركه السلام بالخلافة، وجلوسه بغير إذن فقال: يا محمد بن علي لا يزال الرجل
منكم قد شق عصا المسلمين، ودعا إلى نفسه، وزعم أنه الامام سفها وقلة علم، وجعل
يوبخه، فلما سكت أقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه، فلما سكت القوم نهض قائما ثم
قال: أيها الناس أين تذهبون ؟ وأين يراد بكم ؟ بنا هدى الله أولكم، وبنا يختم
آخركم، فان يكن لكم ملك معجل، فان لنا ملكا مؤجلا، وليس بعد ملكنا ملك، لانا أهل
العاقبة يقول الله عزوجل " و العاقبة للمتقين " فأمر به إلى الحبس، فلما صار في
الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحن عليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام،
وأخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة، وأمر أن لا
تخرج لهم الاسواق، وحال بينهم وبين الطعام والشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما
ولا شرابا، حتى انتهوا إلى مدين فاغلق باب المدينة دونهم، فشكا أصحابه العطش والجوع
قال: فصعد جبلا وأشرف عليهم فقال بأعلا صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها ! أنا
بقية الله يقول الله " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ "
قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال: يا قوم هذه والله دعوة شعيب عليه السلام
والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالاسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم
فصدقوني هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم قال: فبادروا
وأخرجوا إلى أبي جعفر وأصحابه الاسواق (1). 64 - كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن
ابن أسباط، عن صالح بن حمزة
(1) نفس المصدر ج 3 ص 322.
[265]
عن أبيه، عن الحضرمي مثله (1). بيان:
الحنق محركة شدة الغيظ، وشق العصا كناية عن تفريق الجماعة قال الفيروز آبادي: العصا
اللسان، وعظم الساق، وجماعة الاسلام، وشق العصا مخالفة جماعة الاسلام انتهى. أقول:
يحتمل أن يكون الاضافة بيانية بأن شبه المسلمين بعصا يقوم به الاسلام، وتفريقهم
بمنزلة شق عصا الاسلام، أو لامية بأن شبه أجتماعهم بعصا يقومون به لانه سبب قيامهم
وبقائهم، أو المراد بعصا المسلمين تأديبهم وضربهم و زجرهم عن المناهي، فمن فرق
جماعتهم، فقد شق عصاهم أي منعهم عن ذلك، أو أنهم يشقون ويكسرون العصا في تأديب هذا
الذي يريد تفريق جماعتهم. قال الجزري فيه (2) لا ترفع عصاك عن أهلك أي لا تدع
تأديبهم وجمعهم على طاعة الله، يقال شق العصا أي فارق الجماعة، ولم يرد الضرب
بالعصا، و لكنه جعله مثلا وقيل أراد لا تغفل عن أدبهم، ومنعهم عن الفساد، ومنه
الحديث إن الخوارج شقوا عصا المسلمين، وفرقوا جماعتهم، ومنه الحديث إياك وقتيل
العصا أي إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شق عصا المسلمين انتهى وربما يؤيد ما
ذكره [من] المعنيين الاخيرين. وقال الميداني في مجمع الامثال (3) شق فلان عصا
المسلمين إذا فرق جمعهم قال أبو عبيد: معناه فرق جماعتهم قال: والاصل في العصا
الاجتماع والائتلاف وذلك أنها لا تدعى عصا حتى تكون جميعا، فإذا انشقت لم تدع عصا،
ومن ذلك قولهم للرجل إذا أقام بالمكان واطمأن به واجتمع له فيه أمره: قد ألقى عصاه.
قال البارقي " فألقت عصاها واستقرت بها النوى " قالوا: وأصل هذا أن الحاديين يكونان
في رفقة فإذا فرقهم الطريق شقا العصا التي معهما، فأخذ هذا نصفها و
(1) الكافي ج 1 ص 471. (2) النهاية في
اللغة لابن الاثير الجزرى ج 3 ص 103. (3) مجمع الامثال ج 1 ص 332 طبع مصر سنة 1342
ه.
[266]
ذا نصفها، يضرب مثلا لكل فرقة انتهى.
والترشف المص والتقبيل مع اجتماع الماء في الفم، وهو كناية عن مبالغتهم في أخذ
العلم عنه عليه السلام أو عن غاية الحب ولعله تصحيف ترسفه بالسين المهملة يعني مشى
إليه مشي المقيد يتحامل رجله مع القيد. 65 - قب: عاصم الحناط عن محمد بن مسلم، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته وهو يقول لرجل من أهل افريقية: ما حال راشد ؟ قال:
خلفته حيا صالحا يقرئك السلام، قال: رحمه الله قلت: جعلت فداك ومات ؟ قال: نعم رحمه
الله قلت: و متى مات ؟ قال: بعد خروجك بيومين (1). وفي حديث الحلبي: أنه دخل اناس
على أبي جعفر عليه السلام وسألوا علامة فاخبرهم بأسمائهم وأخبرهم عما أرادوا يسألون
عنه، وقال: أردتم أن تسألوا عن هذه الآية من كتاب الله " كشجرة طيبة أصلها ثابت
وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها " (2) قالوا صدقت هذه الآية أردنا أن
نسألك قال: نحن الشجرة التي قال الله تعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء ونحن نعطي
شيعتنا ما نشاء من أمر علمنا (3). علي بن أبي حمزة وأبو بصير قالا: كان لنا موعد
على أبي جعفر عليه السلام فدخلنا عليه أنا وأبو ليلى فقال: يا سكينة هلمي المصباح،
فأتت بالمصباح، ثم قال: هلمي بالسفط الذي في موضع كذا وكذا قال: فأتته بسفط هندي أو
سندي ففض خاتمه ثم أخرج منه صحيفة صفراء، فقال علي: فأخذ يدرجها من أعلاها، وينشرها
من أسفلها، حتى إذا بلغ ثلثها أو ربعها نظر إلي، فارتعدت فرائصي حتى خفت على نفسي
فلما نظر إلي في تلك الحال وضع يده على صدري فقال: أبرأت أنت قلت: نعم جعلت فداك
قال: ليس عليك بأس، ثم قال: ادنه فدنوت فقال لي: ما
(1) المناقب ج 3 ص 325. (2) سورة ابراهيم،
الاية: 24 و 25. (3) المناقب ج 3 ص 325.
[267]
ترى ؟ قلت: اسمي واسم أبي وأسماء أولاد لي
لا أعرفهم فقال: يا علي لولا أن لك عندي ما ليس لغيرك، ما اطلعتك على هذا، أما إنهم
سيزدادون على عدد ما ههنا قال: علي بن أبي حمزة: فمكثت والله بعد ذلك عشرين سنة ثم
ولد لي الاولاد بعدد ما رأيت بعيني في تلك الصحيفة (1) الخبر. أبو عيينة وأبو عبد
الله عليه السلام إن موحدا أتى الباقر عليه السلام وشكى عن أبيه ونصبه وفسقه وأنه
أخفى ماله عند موته، فقال له أبو جعفر: أفتحب أن تراه وتسأله عن ماله ؟ فقال الرجل:
نعم وإني لمحتاج فقير، فكتب إليه أبو جعفر كتابا بيده في رق أبيض وختمه بخاتمه، ثم
قال: اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه ثم تنادي يا درجان، ففعل ذلك
فجاءه شخص فدفع إليه الكتاب، فلما قرأة قال: أتحب أن ترى أباك ؟ فلا تبرح حتى آتيك
به فإنه بضجنان (2) فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود
مدلع لسانه يلهث وعليه سربال أسود، فقال لي: هذا أبوك ولكن غيره اللهب ودخان الجحيم
وجرع الحميم، فسألته عن حاله قال: إني كنت أتوالى بني امية، وكنت أنت تتوالى أهل
البيت وكنت ابغضك على ذلك وأحرمتك مالي ودفنته عنك، فأنا اليوم على ذلك من النادمين
فانطلق إلى جنتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال وهو مائة و خمسون ألفا، وادفع إلى
محمد بن علي خمسين ألفا ولك الباقي، قال ففعل الرجل كذلك، فقضى أبو جعفر عليه
السلام بها دينا وابتاع بها أرضا، ثم قال: أما إنه سينفع الميت الندم على ما فرط من
حبنا وضيع من حقنا بما أدخل علينا من الرفق والسرور (3).
(1) المناقب ج 3 ص 325. (2) ضجنان:
بالتحريك ونونان، جبل بتهامة وقيل جبل على بريد من مكة، وقيل بينهما 25 ميلا "
المراصد ". (3) المناقب ج 3 ص 326. (*)
[268]
جابر بن يزيد سألت أبا جعفر عليه السلام
عن قوله تعالى " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات " (1). فدفع أبو جعفر بيده وقال:
ارفع رأسك فرفعت فوجدت السقف متفرقا ورمق ناظري في ثلمة حتى رأيت نورا حار عنه
بصري، فقال هكذا رأى إبراهيم ملكوت السموات، وانظر إلى الارض ثم ارفع رأسك فلما
رفعته رأيت السقف كما كان، ثم أخذ بيدي وأخرجني من الدار وألبسني ثوبا وقال: غمض
عينيك ساعة، ثم قال: أنت في الظلمات التي رآها ذوالقرنين، ففتحت عيني فلم أر شيئا
ثم تخطا خطا وقال: أنت على رأس عين الحياة للخضر، ثم خرجنا من ذلك العالم حتى
تجاوزنا خمسة فقال: هذه ملكوت الارض ثم قال: غمض عينيك وأخذ بيدي فإذا نحن في الدار
التي كنا فيها، وخلع عني ما كان ألبسنيه، فقلت: جعلت فداك كم ذهب من اليوم ؟ فقال:
ثلاث ساعات (2). 66 - عم: شعيب العقرقوفي عن أبي عروة قال: دخلت مع أبي بصير إلى
منزل أبي جعفر عليه السلام أو أبي عبد الله عليه السلام قال: فقال لي: أترى في
البيت كوة قريبا من السقف قال: قلت: نعم وما علمك بها ؟ قال أرانيها أبو جعفر عليه
السلام (3). 67 - قب (4) عم: حماد بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول: إن أبي قال ذات يوم: إنما بقي من أجلي خمس سنين فحسبت فما
زاد ولا نقص (5). 68 - كشف: من كتاب دلائل الحميري، عن يزيد بن حازم قال: كنت عند
أبي جعفر عليه السلام فمررنا بدار هشام بن عبد الملك وهي تبنى فقال: اما والله
لتهدمن أما والله لينقلن ترابها من مهدمها، أما والله لتبدون أحجار الزيت، وإنه
لموضع
(1) سورة الانعام، الاية: 75. (2) المناقب
ج 3 ص 326. (3) اعلام الورى ص 261. (4) المناقب ج 3 ص 320. (5) اعلام الورى ص 262.
[269]
النفس الزكية، فتعجبت وقلت دار هشام من
يهدمها ؟ ! فسمعت اذني هذا من أبي جعفر عليه السلام قال: فرأيتها بعد ما مات هشام
وقد كتب الوليد في أن يستهدم وينقل ترابها، فنقل حتى بدت الاحجار ورأيتها (1).
بيان: أحجار الزيت موضع بالمدينة وبها قتل محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس
الزكية كما سيأتي. 69 - كشف: من دلائل الحميري عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر كان
فيما أوصى أبي إلي: إذا أنا مت فلا يلي غسلي أحد غيرك، فإن الامام لا يغسله إلا
إمام واعلم أن عبد الله أخاك سيدعو إلى نفسه فدعه، فإن عمره قصير، فلما قضى أبي
غسلته كما أمرني، وادعى عبد الله الامامة مكانه، فكان كما قال أبي، وما لبث عبد
الله إلا يسيرا حتى مات، وكانت هذه من دلالته يبشرنا بالشئ قبل أن يكون فيكون، وبه
يعرف الامام. وعن فيض بن مطر قال: دخلت على أبي جعفر وأنا اريد أن أسأله عن صلاة
الليل في المحمل قال: فابتدأني فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على
راحلته حيث توجهت به (2). 70 - يج: سعد الاسكاف مثله (3). 71 - كشف: من دلائل
الحميري، عن سعد الاسكاف، قال: طلبت الاذن على أبي جعفر عليه السلام فقيل لي: لا
تعجل إن عنده قوما من إخوانكم فما لبثت أن خرج علي اثنى عشر رجلا يشبهون الزط
وعليهم أقبية ضيقات وبتوت وخفاف، فسلموا ومروا، فدخلت على أبي جعفر فقلت له: ما
أعرف هؤلاء الذين خرجوا من عندك من هم ؟ قال: هؤلاء قوم من إخوانكم الجن، قال قلت:
ويظهرون لكم ؟ فقال:
(1) كشف الغمة ج 2 ص 346. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 347. (3) لم أقف عليه في المطبوعة عاجلا.
[270]
نعم يغدون علينا في حلالهم وحرامهم كما
تغدون (1). 72 - يج: عن سعد الاسكاف مثله (2). بيان: الزط: بالضم جيل من الهند،
والبت الطيلسان من خز ونحوه و الجمع البتوت. 73 - كشف: من دلائل الحميري عن مالك
الجهني قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام فنظرت إليه وجعلت افكر في نفسي
وأقول: لقد عظمك الله و كرمك وجعلك حجة على خلقه، فالتفت إلي وقال: يا مالك ! الامر
أعظم مما تذهب إليه. وعن أبي الهذيل قال: قال لي أبو جعفر: يا أبا الهذيل إنه لا
تخفى علينا ليلة القدر، إن الملائكة يطيفون بنا فيها (3). وعن أبي عبد الله عليه
السلام قال: كان في دار أبي جعفر عليه السلام فاختة فسمعها وهي تصيح فقال: تدرون ما
تقول هذه الفاختة ؟ قالوا: لا، قال: تقول: فقدتكم فقدتكم نفقدها قبل أن تفقدنا ثم
أمر بذبحها. هذا آخر ما أردت إثباته من كتاب الدلائل. ونقلت من كتاب جمعه الوزير
السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمد بن أحمد ابن محمد بن العلقمي رحمه الله تعالى قال:
ذكر الاجل أبو الفتح يحيى بن محمد بن حياء الكاتب قال: حدث بعضهم قال: كنت بين مكة
والمدينة فإذا أنا بشبح يلوح من البرية يظهر تارة ويغيب اخرى، حتى قرب مني فتأملته
فإذا هو غلام سباعي أو ثماني، فسلم علي فرددت عليه، وقلت من أين ؟ قال: من الله،
فقلت: وإلى أين ؟ فقال: إلى الله، قال فقلت: فعلام ؟ فقال: على الله، فقلت: فما
زادك ؟ قال: التقوى
(1) كشف الغمة ج 2 ص 348. (2) لم يوجد هذا
الرمز في مطبوعة تبريز، كما ان الحديث لم نقف عليه في الخرائج المطبوعة، نعم أخرجه
الكليني في الكافي ج 1 ص 395 بتفاوت يسير. (3) كشف الغمة ج 2 ص 350.
[271]
فقلت: ممن أنت ؟ قال أنا رجل عربي، فقلت:
أبن لي ؟ قال: أنا رجل قرشي فقلت: أبن لي ؟ فقال أنا رجل هاشمي، فقلت: أبن لي ؟
فقال: أنا رجل علوي ثم أنشد: فنحن على الحوض ذواده نذود ويسعد ورداه فما فاز من فاز
إلا بنا وما خاب من حبنا زاده فمن سرنا نال منا السرور ومن ساءنا ساء ميلاده ومن
كان غاصبنا حقنا فيوم القيامة ميعاده ثم قال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبيطالب، ثم التفت فلم أره، فلا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل في الارض (1). 74 -
كش: طاهر بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن الشجاعي، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن
يحيى، عن حمزة بن الطيار، عن أبيه محمد قال: جئت إلى باب أبي جعفر عليه السلام
أستأذن عليه، فلم يأذن لي فأذن لغيري فرجعت إلى منزلي وأنا مغموم، فطرحت نفسي على
سرير في الدار وذهب عني النوم، فجعلت افكر وأقول: أليس المرجئة تقول كذا ؟ والقدرية
تقول كذا ؟ والحرورية تقول كذا ؟ والزيدية تقول كذا ؟ فنفند عليهم قولهم، فأنا افكر
في هذا حتى نادى المنادي، فإذا الباب يدق فقلت: من هذا ؟ فقال: رسول لابي جعفر عليه
السلام يقول لك أبو جعفر عليه السلام أجب، فأخذت ثيابي علي ومضيت معه فدخلت عليه
فلما رآني قال: يا محمد لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الحرورية ولا إلى
الزيدية ولكن إلينا إنما حجبتك لكذا وكذا فقبلت، وقلت به (2). 75 - كشف: من دلائل
الحميري، عن حمزة بن محمد الطيار قال: أتيت باب أبي جعفر عليه السلام وذكر مثله،
وفيه يا ابن محمد لا إلى المرجئة (3).
(1) نفس المصدر ج 2 ص 351. (2) رجال الكشى
ص 223. (3) كشف الغمة ج 2 ص 349.
[272]
76 - كش: حمدويه قال: سألت أبا الحسن أيوب
بن نوح عن سليمان بن خالد النخعي أثقة هو ؟ فقال: كما يكون الثقة قال: حدثني عبد
الله بن محمد قال: حدثني أبي عن إسماعيل بن أبي حمزة، عن أبيه قال: ركب أبو جعفر
عليه السلام يوما إلى حائط له من حيطان المدينة، فركبت معه إلى ذلك الحائط ومعنا
سليمان بن خالد، فقال له سليمان بن خالد: جعلت فداك يعلم الامام ما في يومه ؟ فقال:
يا سليمان والذي بعث محمدا بالنبوة واصطفاه بالرسالة إنه ليعلم ما في يومه وفي شهره
وفي سنته. ثم قال: يا سليمان أما علمت أن روحا ينزل عليه في ليلة القدر، فيعلم ما
في تلك السنة إلى ما في مثلها من قابل، وعلم ما يحدث في الليل والنهار والساعة ترى
ما يطمئن إليه قلبك ؟ قال: فوالله ما سرنا إلا ميلا ونحو ذلك حتى قال: الساعة
يستقبلك رجلان قد سرقا سرقة قد أضمرا عليها. فوالله ما سرنا إلا ميلا حتى استقبلنا
الرجلان فقال أبو جعفر عليه السلام لغلمانه: عليكم بالسارقين، فاخذا حتى اتي بهما،
فقال: سرقتما ؟ فحلفا له بالله أنهما ما سرقا، فقال: والله لئن أنتما لم تخرجا ما
سرقتما لابعثن إلى الموضع الذي وضعتما فيه سرقتكما، ولابعثن إلى صاحبكما الذي
سرقتماه حتى يأخذكما و يرفعكما إلى والي المدينة فرأيكما ؟ فأبيا أن يردا الذي
سرقاه، فأمر أبو جعفر عليه السلام غلمانه أن يستوثقوا منهما، قال: فانطلق أنت يا
سليمان إلى ذلك الجبل - وأشار بيده إلى ناحية من الطريق - فاصعد أنت وهؤلاء الغلمان
فان في قلة الجبل كهفا فادخل أنت فيه بنفسك تستخرج ما فيه وتدفعه إلى مولى هذا فان
فيه سرقة لرجل آخر ولم يأت وسوف يأتي، فانطلقت وفي قلبي أمر عظيم مما سمعت، حتى
انتهيت إلى الجبل فصعدت إلى الكهف الذي وصفه لي، فاستخرجت منه عيبتين وقر رجلين حتى
أتيت بهما أبا جعفر عليه السلام فقال: يا سليمان إن بقيت إلى غد رأيت العجب
بالمدينة مما يظلم كثير من الناس.
[273]
فرجعنا إلى المدينة فلما أصبحنا أخذ أبو
جعفر عليه السلام بأيدينا فأدخلنا معه على والي المدينة وقد دخل المسروق منه برجال
براء فقال: هؤلاء سرقوها، وإذا الوالي يتفرسهم فقال أبو جعفر عليه السلام: إن هؤلاء
براء وليس هم سراقه وسراقه عندي ثم قال لرجل ما ذهب لك ؟ قال: عيبة فيها كذا وكذا
فادعى ما ليس له وما لم يذهب منه، فقال أبو جعفر عليه السلام: لم تكذب ؟ فقال: أنت
أعلم بما ذهب مني ؟ فهم الوالي أن يبطش به حتى كفه أبو جعفر عليه السلام ثم قال
لغلام: ائتني بعيبة كذا وكذا فأتى بها ثم قال للوالي: إن ادعى فوق هذا فهو كاذب
مبطل في جميع ما ادعى وعندي عيبة اخرى لرجل آخر وهو يأتيك إلى أيام وهو رجل من أهل
بربر فإذا أتاك فارشده إلي فإن عيبته عندي، وأما هذان السارقان فلست ببارح من ههنا
حتى تقطعهما فاتي بالسارقين فكانا يريان أنه لا يقطعهما بقول أبي جعفر عليه السلام
فقال أحدهما: لم تقطعنا ولم نقر على أنفسنا بشئ ؟ قال: ويلكما شهد عليكما من لو شهد
على أهل المدينة لاجزت شهادته. فلما قطعهما قال أحدهما: والله يا أبا جعفر لقد
قطعتني بحق وما سرني أن الله جل وعلا أجرى توبتي على يد غيرك وأن لي ما حازته
المدينة، وإني لاعلم أنك لا تعلم الغيب ولكنكم أهل بيت النبوة، وعليكم نزلت
الملائكة، وأنتم معدن الرحمة، فرق له أبو جعفر عليه السلام وقال له: أنت على خير،
ثم التفت إلى الوالي وجماعة الناس فقال: والله لقد سبقته يده إلى الجنة بعشرين سنة.
فقال سليمان بن خالد لابي حمزة: يا أبا حمزة رأيت دلالة أعجب من هذا ؟ فقال أبو
حمزة: العجيبة في العيبة الاخرى، فوالله ما لبثنا إلا هنيئة، حتى جاء البربري إلى
الوالي وأخبره بقصتها، فأرشده الوالي إلى أبي جعفر عليه السلام فأتاه فقال له أبو
جعفر: ألا أخبرك بما في عيبتك قبل أن تخبرني ؟ فقال البربري: إن أنت أخبرتني بما
فيها علمت أنك إمام فرض الله طاعتك، فقال له أبو جعفر عليه السلام: ألف دينار لك
وألف دينار لغيرك، ومن الثياب كذا وكذا، قال: فما اسم الرجل الذي له الالف دينار ؟
قال محمد بن عبد الرحمان: وهو على الباب ينتظرك، تراني اخبرك
[274]
إلا بالحق ؟ ! فقال البربري: آمنت بالله
وحده لا شريك له، وبمحمد عليه السلام وأشهد أنكم أهل بيت الرحمة الذين أذهب الله
عنكم الرجس وطهركم تطهيرا، فقال أبو جعفر عليه السلام: رحمك الله، فخر يشكر، فقال
سليمان بن خالد: حججت بعد ذلك عشر سنين وكنت أرى الاقطع من أصحاب أبي جعفر عليه
السلام (1). 77 - قب: عن أبي حمزة مثله (2). 78 - يج: عن عاصم، عن أبي حمزة مثله،
وفيه بعد قوله بعشرين سنة فعاش الرجل عشرين سنة، وفي آخر الخبر قال: هو محمد بن عبد
الرحمان وهو صالح كثير الصلاة وهو الآن على الباب ينتظرك (3). 79 - مشارق الانوار
للبرسي قال: قال أبو بصير: قال لي مولاي أبو جعفر عليه السلام: إذا رجعت إلى الكوفة
يولد لك ولد وتسميه عيسى، ويولد لك ولد وتسميه محمدا وهما من شيعتنا واسمهما في
صحيفتنا وما يولدون إلى يوم القيامة قال فقلت: وشيعتكم معكم ؟ قال: نعم، إذا خافوا
الله واتقوه، قال: وروي أنه عليه السلام دخل المسجد يوما فرأى شابا يضحك في المسجد،
فقال له: تضحك في المسجد وأنت بعد ثلاثة من أهل القبور، فمات الرجل في أول اليوم
الثالث ودفن في آخره (4). 80 - عيون المعجزات المنسوب إلى المرتضى رحمه الله
مرفوعا، عن جابر قال: لما أفضت الخلافة إلى بني امية سفكوا في أيامهم الدم الحرام،
ولعنوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على منابرهم ألف شهر، واغتالوا شيعته في
البلدان وقتلوهم واستأصلوا شأفتهم، ومالاتهم على ذلك علماء السوء رغبة في حطام
الدنيا وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير المؤمنين عليه السلام، فمن لم يلعنه
قتلوه، فلما
(1) رجال الكشى ص 228. (2) المناقب ج 3 ص
319. (3) الخرائج والجرائح ص 196. (4) مشارق انوار اليقين ص 110.
[275]
فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال، اشتكت
الشيعة إلى زين العابدين عليه السلام وقالوا: يا ابن رسول الله أجلونا عن البلدان،
وأفنونا بالقتل الذريع، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين عليه السلام في البلدان وفي
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى منبره، ولا ينكر عليهم منكر، ولا يغير
عليهم مغير، فإن أنكر واحد منا على لعنه قالوا: هذا ترابي ورفع ذلك إلى سلطانهم
وكتب إليه إن هذا ذكر أبا تراب بخير حتى ضرب وحبس ثم قتل، فلما سمع ذلك عليه السلام
نظر إلى السماء وقال: سبحانك ما أعظم شأنك إنك أمهلت عبادك حتى ظنوا أنك أهملتهم،
وهذا كله بعينك إذ لا يغلب قضاءك ولا يرد تدبير محتوم أمرك فهو كيف شئت وأنى شئت
لما أنت أعلم به منا. ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر عليه السلام فقال: يا محمد
قال: لبيك قال: إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وخذ الخيط
الذي نزل به جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فحركه تحريكا لينا، ولا تحركه
تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا قال جابر رضوان الله عليه: فبقيت متعجبا من قوله لا
أدري ما أقول، فلما كان من الغد جئته، وكان قد طال علي ليلي حرصا لانظر ما يكون من
أمر الخيط، فبينما أنا بالباب إذ خرج عليه السلام فسلمت عليه فرد السلام وقال: ما
غدا بك يا جابر ولم تكن تأتينا في هذا الوقت ؟ فقلت له: لقول الامام عليه السلام
بالامس خذ الخيط الذي أتى به جبرئيل عليه السلام وصر إلى مسجد جدك صلى الله عليه
وآله وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس جميعا، قال الباقر عليه
السلام: لولا الوقت المعلوم والاجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت بهذا الخلق
المنكوس في طرفة عين بل في لحظة ولكنا عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبأمره نعمل يا
جابر، قال جابر: فقلت: يا سيدي ومولاي ولم تفعل بهم هذا ؟ فقال لي: أما حضرت بالامس
والشيعة تشكو إلى أبي ما يلقون من هؤلاء ؟ فقلت: يا سيدي ومولاي نعم، فقال: إنه
أمرني أن ارعبهم لعلهم ينتهون، وكنت احب أن تهلك طائفة منهم ويطهر الله البلاد
والعباد منهم.
[276]
قال جابر رضوان الله عليه: فقلت: سيدي
ومولاي كيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ فقال الباقر عليه السلام: امض بنا إلى
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لاريك قدرة من قدرة الله تعالى التي خصنا بها،
وما من به علينا من دون الناس. فقال جابر رضوان الله عليه: فمضيت معه إلى المسجد
فصلى ركعتين ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلام ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا
دقيقا فاحت منه رائحة المسك، فكان في المنظر أدق من سم الخياط، ثم قال لي: خذ يا
جابر إليك طرف الخيط وامض رويدا، وإياك أن تحركه، قال: فأخذت طرف الخيط ومشيت
رويدا، فقال عليه السلام: قف يا جابر فوقفت، ثم حرك الخيط تحريكا خفيفا ما ظننت أنه
حركه من لينه، ثم قال عليه السلام: ناولني طرف الخيط فناولته وقلت: ما فعلت به يا
سيدي ؟ قال: ويحك اخرج فانظر ما حال الناس. قال جابر رضوان الله عليه: فخرجت من
المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة من كل جانب، فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة
شديدة وأخذتهم الرجفة والهدمة، وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين
ألفا رجالا ونساء دون الولدان، وإذ الناس في صياح وبكاء وعويل، وهم يقولون إنا لله
وإنا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها، ورأيت الناس فزعين إلى مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله وهم يقولون: كانت هدمة عظيمة، وبعضهم يقول: قد كانت زلزلة،
وبعضهم يقول: كيف لا نخسف وقد تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وظهر فينا
الفسق والفجور، وظلم آل رسول الله صلى الله عليه وآله والله ليزلزل بنا أشد من هذا
وأعظم أو نصلح من أنفسنا ما أفسدنا. قال جابر - ره -: فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس
حيارى يبكون، فأبكاني بكاؤهم وهم لا يدرون من أين اتوا، فانصرفت إلى الباقر عليه
السلام وقد حف به الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يقولون يا ابن
رسول الله أما ترى إلى ما نزل بنا ؟ فادع الله لنا، فقال لهم: افزعوا إلى الصلاة
والدعاء والصدقة، ثم أخذ عليه السلام بيدي وسار بي، فقال لي: ما حال الناس ؟ فقلت:
لا تسأل يا ابن رسول الله، خربت
[277]
الدور والمساكن، وهلك الناس ورأيتهم بحال
رحمتهم، فقال عليه السلام: لا رحمهم الله أما إنه قد أبقيت عليك بقية، ولو لا ذلك
لم ترحم أعداءنا وأعداء أوليائنا، ثم قال: سحقا سحقا وبعدا للقوم الظالمين، والله
لو لا مخافة مخالفة والذي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين، وجعلت أعلاها أسفلها،
فكان لا يبقى فيها دار ولا جدار، فما أنزلونا وأولياءنا من أعدائنا هذه المنزلة
غيرهم، ولكني أمرني مولاي أن احرك تحريكا ساكنا، ثم صعد عليه السلام المنارة وأنا
أراه والناس لا يرونه فمد يده وأدارها حول المنارة، فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة
وتهدمت دور، ثم تلا الباقر صلوات الله عليه " ذلك جزيناهم ببغيهم وهل نجازي إلا
الكفور " (1) وتلا أيضا " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها " (2) وتلا " فخر
عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " (3). قال جابر: فخرجت
العواتق من خدورهن في الزلزلة الثانية يبكين و يتضر عن منكشفات لا يلتفت إليهن أحد،
فلما نظر الباقر عليه السلام إلى تحير العواتق رق لهن، فوضع الخيط في كمه وسكنت
الزلزلة، ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه، وأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد،
فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول: أما سمعتم الهمهمة في الهدم ؟
فقال بعضهم: بل كانت همهمة كثيرة، وقال قوم آخرون: بل والله كلام كثير إلا أنا لم
نقف على الكلام. قال جابر رضوان الله عليه: فنظر إلي الباقر وتبسم، ثم قال: يا جابر
هذا لما طغوا وبغوا، فقلت: يا ابن رسول الله ما هذا الخيط الذي فيه العجب ؟ فقال: "
بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة "، ونزل به جبرئيل عليه السلام ويحك
يا جابر إنا من الله تعالى بمكان ومنزلة رفيعة، فلو لا نحن لم يخلق الله تعالى سماء
ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا شمسا ولا قمرا ولا جنا ولا إنسا، ويحك يا جابر
(1) سورة الانعام، الاية: 146. (2) سورة
هود، الاية: 82. (3) سورة النحل، الاية: 26.
[278]
لا يقاس بنا أحد، يا جابر بنا والله
أنقذكم الله، وبنا نعشكم، وبنا هداكم، ونحن والله دللنا لكم على ربكم فقفوا عند
أمرنا ونهينا، ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم فانا بنعم الله أجل وأعظم من أن يرد
علينا، وجميع ما يرد عليكم منا فما فهمتموه فاحمدوا الله عليه، وما جهلتموه فردوه
إلينا، وقولوا: أئمتنا أعلم بما قالوا. قال جابر رضوان الله عليه: ثم استقبله أمير
المدينة المقيم بها من قبل بني امية قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو ينادي: معاشر
الناس احضروا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن الحسين عليهما السلام
وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والانابة لعل الله يصرف
عنكم العذاب. قال جابر: - رفع الله درجته - فلما بصر الامير بالباقر محمد بن علي
عليهما السلام سارع نحوه فقال: يا ابن رسول الله أما ترى ما نزل بامة محمد صلى الله
عليه وآله وقد هلكوا وفنوا ثم قال له: أين أبوك حتى نسأله أن يخرج معنا إلى المسجد
فنتقرب به إلى الله تعالى فيرفع عن امة محمد صلى الله عليه وآله البلاء فقال الباقر
عليه السلام: يفعل إن شآء الله تعالى، ولكن أصلحوا من أنفسكم، وعليكم بالتوبة
والنزوع عما أنتم عليه، فانه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون. قال جابر رضوان
الله عليه: فأتينا زين العابدين عليه السلام بأجمعنا وهو يصلي، فانتظرنا حتى انفتل
وأقبل علينا، ثم قال لابنه سرا: يا محمد كدت أن تهلك الناس جميعا قال جابر: قلت:
والله يا سيدي ما شعرت بتحريكه حين حركه. فقال عليه السلام: يا جابر لو شعرت
بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار، فما خبر الناس ؟ فأخبرناه، فقال: ذلك مما استحلوا
منا محارم الله، وانتهكوا من حرمتنا فقلت: يا ابن رسول الله إن سلطانهم بالباب قد
سألنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتى تجتمع الناس إليك يدعون ويتضرعون إليه ويسألونه
الاقالة فتبسم عليه السلام ثم تلا " أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى
قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين
[279]
إلا في ضلال " (1)، قلت: يا سيدي ومولاي
العجب أنهم لا يدرون من أين اتوا فقال عليه السلام: أجل ثم تلا " فاليوم ننساهم كما
نسوا لقاء يومهم هذا وكانوا بآياتنا يجحدون " (2) هي والله يا جابر آياتنا، وهذه
والله إحداها، وهي مما وصف الله تعالى في كتابه " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه
فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون " (3) ثم قال عليه السلام: يا جابر ما ظنك بقوم
أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا، ووالوا أعداءنا، وانتهكوا حرمتنا، وظلمونا حقنا،
وغصبونا إرثنا، وأعانوا الظالمين علينا، وأحيوا سنتهم، وساروا سيرة الفاسقين
الكافرين في فساد الدين وإطفاء نور الحق، قال جابر: فقلت: الحمد لله الذي من علي
بمعرفتكم، وعرفني فضلكم وألهمني طاعتكم ووفقني لموالاة أوليائكم، ومعاداة أعدائكم،
فقال صلى الله عليه وآله: يا جابر أتدري ما المعرفة ؟ فسكت جابر، فأورد عليه، الخبر
بطوله (4). بيان: قال الفيروز آبادي (5): الشأفة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى
فتذهب، فإذا قطعت مات صاحبها، والاصل، واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك
القرحة، أو معناه أزاله من أصله انتهى. ومالاه على الامر ساعده وشايعه، قوله: بعينك
أي بعلمك، قوله: أبقيت عليك أي رحمتك، وفي بعض النسخ بقيت عليك بقية أي لم يأت زمان
هلاك جميعهم والسحق البعد، والعواتق: جمع العاتق وهي الجارية الشابة أول ما تدرك،
والخدور جمع الخدر بالكسر وهي ناحية من البيت يترك عليها ستر فيكون فيها الجارية
البكر وقوله: نكب على البناء للمفعول من قولهم نكبه الدهر أي بلغ منه أو أصابه
بنكبة.
(1) سورة غافر، الاية: 50. (2) سورة
الاعراف، الاية: 51. (3) سورة الانبياء، الاية: 18. (4) عيون المعجزات من ص 69 إلى
ص 74. (5) القاموس ج 3 ص 156.
[280]
81 - ختص: ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن
مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت أسير مع أبي في طريق مكة ونحن
على ناقتين، فلما صرنا بوادي ضجنان خرج علينا رجل في عنقه سلسلة يسحبها فقال: يا
ابن رسول الله اسقني سقاك الله، فتبعه رجل آخر فاجتذب السلسلة، وقال: يا ابن رسول
الله لا تسقه لاسقاه الله، فالتفت إلي أبي فقال: يا جعفر عرفت هذا ؟ هذا معاوية،
لعنه الله (1). 82 - ختص (2) ير: عنه، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن
زيد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل " وكذلك نري
إبراهيم ملكوت السموات والارض " (3) قال: فكنت مطرقا إلى الارض فرفع يده إلى فوق،
ثم قال لي: ارفع رأسك فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور
ساطع حار بصري دونه، قال: ثم قال لي: رأى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات
والارض هكذا، ثم قال لي: أطرق فأطرقت ثم قال لي: ارفع رأسك فرفعت رأسي، قال: فإذا
السقف على حاله، قال: ثم أخذ بيدي وقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه، وأدخلني
بيتا آخر، فخلع ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا غيرها. ثم قال لي: غض بصرك، فغضضت
بصري وقال لي: لا تفتح عينيك، فلبثت ساعة ثم قال لي: أتدري أين أنت ؟ قلت: لا جعلت
فداك، فقال لي: أنت في الظلمة التي سلكها ذوالقرنين، فقلت له: جعلت فداك أتأذن لي
أن أفتح عيني ؟ فقال لي: افتح فإنك لا ترى شيئا، ففتحت عيني فإذا أنا في ظلمة لا
أبصر فيها موضع قدمي، ثم سار قليلا ووقف، فقال لي: هل تدري أين أنت ؟ قلت: لا، قال:
أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر عليه السلام. وخرجنا من ذلك العالم
إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا في
(1) الاختصاص ص 276 وأخرجه الصفار في
بصائر الدرجات ج 6 باب 7 ص 81. (2) نفس المصدر السابق ص 322 وأخرجه السيد البحراني
في البرهان ج 1 ص 532. (3) سورة الانبياء، الاية 75.
[281]
بنائه ومساكنه وأهله، ثم خرجنا إلى عالم
ثالث كهيئة الاول والثاني، حتى وردنا خمسة عوالم، قال ثم قال: هذه ملكوت الارض ولم
يرها إبراهيم، وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثنا عشر عالما، كل عالم كيهئة ما
رأيت، كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم، حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا
الذي نحن ساكنوه، قال: ثم قال لي: غض بصرك فغضضت بصري، ثم أخذ بيدي فإذا نحن في
البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب ولبس الثياب التي كانت عليه وعدنا إلى
مجلسنا، فقلت: جعلت فداك كم مضى من النهار ؟ قال عليه السلام: ثلاث ساعات (1).
بيان: قوله عليه السلام: ولم يرها إبراهيم، لعل المعنى أن إبراهيم لم ير ملكوت جميع
الارضين وإنما رأى ملكوت أرض واحدة، ولذا أتى الله تعالى الارض بصيغة المفرد،
ويحتمل أن يكون في قرائتهم عليهم السلام الارض بالنصب. 83 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، وأبو علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا، عن علي بن
حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة قال: كان أبو جعفر عليه السلام في المسجد الحرام
فذكر بني امية ودولتهم، وقال له بعض أصحابه: إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر
الله عزوجل هذا الامر على يدك، فقال: ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم، إن
أصحابهم أولاد الزنا إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والارض سنين
ولا أياما أقصر من سنيهم وأيامهم، إن الله عزوجل يأمر الملك الذي في يده الفلك
فيطويه طيا (2). 84 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمان بن أبي
هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنا عنده
وذكروا سلطان بني امية، فقال أبو جعفر عليه السلام: لا يخرج على هشام أحد إلا قتله،
قال:
(1) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 119. (2)
الكافي ج 8 ص 341.
[282]
وذكر ملكه عشرين سنة، قال: فجزعنا، فقال:
ما لكم ؟ إذا أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بالسير الفلك فقدر
على ما يريد، قال: فقلنا لزيد هذه المقالة، فقال: إني شهدت هشاما ورسول الله يسب
عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه (1).
بيان: يمكن أن يكون طي الفلك وسرعته في السير كناية عن تسبيب أسباب زوال ملكهم، وأن
يكون لكل ملك ودولة فلك غير الافلاك المعروفة السير، ويكون الاسراع والابطاء في
حركة ذلك الفلك ليوافق ما قدر لهم من عدد دوراته. 85 - كا: علي بن محمد، عن صالح بن
أبي حماد، عن محمد بن أورمة، عن أحمد بن النضر، عن النعمان بن بشير، قال: كنت
مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي فلما أن كنا بالمدينة، دخل على أبي جعفر عليه السلام
فودعه وخرج من عنده وهو مسرور، حتى وردنا الاخيرجة (2) - أول منزل تعدل من فيد إلى
المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم (3)
معه كتاب فناوله فقبله ووضعه على عينيه، وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد
وعليه طين أسود رطب، فقال له: متى عهدك بسيدي ؟ فقال: الساعة، فقال له: قبل الصلاة
أو بعد الصلاة ؟ فقال: بعد الصلاة، قال: ففك الخاتم وأقبل يقرأه و يقبض وجهه حتى
أتى على آخره، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة. فلما
وفينا الكوفة ليلا بت ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له، فوجدته قد خرج علي وفي
عنقه كعاب (4) قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أجد منصور
(1) الكافي ج 8 ص 394. (2) الاخيرجة: في
مراصد الاطلاع ج 1 ص 458 والخرجان، تثنية الخرج: من نواحى المدينة أقول: لعله هو
المقصود في الرواية. (3) الادم: الاسمر. (4) الكعاب: جمع كعب وهو كل مفصل للعظام،
والعظم الناشز فوق القدم. والناشزان من جانبيها، والجمع أكعب وكعوب وكعاب " القاموس
".
[283]
ابن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو
هذا، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما
رأيته، واجتمع علي وعليه الصبيان والناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان
والناس يقولون: جن جابر ابن يزيد، فوالله ما مضت الايام حتى ورد كتاب هشام عبد
الملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي
برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي ؟ قالوا: أصلحك الله كان
رجلا له علم وفضل وحديث وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم،
قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال: الحمد لله الذي عافاني
من قتله، قال: ولم تمض الايام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر
(1). بيان: فيد: منزل بطريق مكة، والمعنى أنك إذا توجهت من فيد إلى المدينة فهو أول
منازلك، والحاصل: أن الطريق من الكوفة إلى مكة وإلى المدينة مشتركان إلى فيد ثم
يفترق الطريقان، فإذا ذهبت إلى المدينة عادلا عن طريق مكة فأول منزل تنزله
الاخيرجة. وقيل: أراد به أن المسافة بين الاخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد
والمدينة. وقيل: المعنى أن المسافة بينها وبين الكوفة كانت مثل ما بين فيد والمدينة
وما ذكرنا أظهر. ومنصور بن جمهور كان واليا بالكوفة ولاه يزيد بن الوليد من خلفاء
بني امية بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة، وكان بعد وفات الباقر عليه
السلام باثنتي عشرة سنة، ولعل جابرا رحمه الله أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع
الكوفة. 86 - ير: محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي
(1) الكافي ج 1 ص 396.
[284]
قال: أوصاني أبو جعفر عليه السلام بحوائج
له بالمدينة قال: فبينا أنا في فخ الروحاء (1) على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه،
قال: فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الاداوة، قال: فقال: لا حاجة لي بها، ثم
ناولني كتابا طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى ختمه إذا هو خاتم أبي جعفر عليه السلام،
فقلت له: متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال: الساعة، قال: فإذا فيه أشياء يأمرني بها،
قال: ثم التفت فإذا ليس عندي أحد، قال: فقدم أبو جعفر فلقيته، فقلت له: جعلت فداك
رجل أتاني بكتابك وطينه رطب، قال: إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن. وزاد فيه
محمد بن الحسين بهذا الاسناد: يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة
بعثناهم (2). 87 - عيون المعجزات: روي أن حبابة الوالبية رحمها الله، بقيت إلى
إمامة أبي جعفر عليه السلام فدخلت عليه، فقال: ما الذي أبطأ بك يا حبابة ؟ قالت:
كبر سني وابيض رأسي وكثرت همومي، فقال عليه السلام: ادني مني، فدنت منه فوضع يده
عليه السلام في مفرق رأسها ودعا لها بكلام لم نفهمه، فاسود شعر رأسها وعاد حالكا
(3) وصارت شابة، فسرت بذلك وسر أبو جعفر عليه السلام لسرورها، فقالت: بالذي أخذ
ميثاقك على النبيين أي شئ كنتم في الاظلة ؟ فقال: يا حبابة نورا قبل أن خلق الله
آدم عليه السلام نسبح الله سبحانه فسبحت الملائكة بتسبيحنا، ولم تكن قبل ذلك، فلما
خلق الله تعالى آدم عليه السلام أجرى ذلك النور فيه (4). 88 - خص: عن أبي سليمان بن
داود، بإسناده عن سهل بن زياد، عن
(1) فخ الروحاء: من الفرع عن نحو أربعين
ميلا من المدينة وقيل ستة وثلاثين ميلا، وقيل ثلاثين ميلا، وهو الموضع الذى نزل به
تبع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة فأقام به وأراح فسماه الروحاء (باقتضاب
عن مراصد الاطلاع). (2) بصائر الدرجات ج 2 باب 18 ص 26. (3) الحلك محركة شدة
السواد، والحلكة بالضم ومنها الحالك. (4) عيون المعجزات ص 68 طبع النجف الاشرف. (*)
[285]
عثمان بن عيسى، عن الحسن بن علي بن أبي
حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أنا مولاك ومن شيعتك
ضعيف ضرير فاضمن لي الجنة، قال: أولا اعطيك علامة الائمة ؟ قلت: وما عليك أن تجمعها
لي، قال: وتحب ذلك ؟ قلت: وكيف لا احب، فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع الائمة
عنده في السقيفة التي كان فيها جالسا، قال: يا أبا محمد مد بصرك فانظر ماذا ترى
بعينك ؟ قال: فوالله ما أبصرت إلا كلبا أو خنزيرا أو قردا قلت: ما هذا الخلق
الممسوخ ؟ قال: هذا الذي ترى هو السواد الاعظم، ولو كشف للناس ما نظر الشيعة إلى من
خالفهم إلا في هذه الصورة، ثم قال: يا أبا محمد إن أحببت تركتك على حالك هذا وإن
أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك إلى حالك الاول، قلت: لا حاجة لي في النظر إلى
هذا الخلق المنكوس ردني ردني إلى حالتي فما للجنة عوض، فمسح يده على عيني فرجعت كما
كنت (1). أقول: قد مضى أخبار ظهور الملائكة والجن له عليه السلام في كتاب الامامة
وسيأتي كثير من معجزاته عليه السلام في الابواب الآتية. 89 - ق: عبد الله بن محمد
المروزي عن عمارة بن زيد، عن عبد الله بن العلا عن الصادق عليه السلام قال: كنت مع
أبي وبيننا قوم من الانصار إذ أتاه آت، فقال له: الحق فقد احترقت دارك، فقال: يا
بني ما احترقت، فذهب ثم لم يلبث أن عاد فقال: قد والله احترقت دارك، فقال: يا بني
والله ما احترقت، فذهب ثم لم يلبث أن عاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا يبكون
ويقولون قد احترقت دارك، فقال: كلا والله ما احترقت ولا كذبت ولا كذبت وأنا أوثق
بما في يدي منكم ومما أبصرت أعينكم، وقام أبي وقمت معه حتى انتهوا إلى منازلنا
والنار مشتعلة عن أيمان منازلنا، وعن شمائلها ومن كل جانب منها، ثم عدل إلى المسجد
فخر ساجدا، وقال في سجوده: وعزتك وجلالك لا رفعت رأسي من سجودي أو تطفيها
(1) مختصر بصائر الدرجات ص 112.
[286]
قال: فوالله ما رفع رأسه حتى طفئت واحترق
ما حولها وسلمت منازلنا، ثم ذكر عليه السلام أن ذلك لدعاء كان قرأه عليه السلام.
أقول: سيأتي ذكر الدعاء في موضعه انشاء الله. 6 * (باب)) * * " (مكارم أخلاقه وسيره
وسننه وعلمه وفضله) " * * (واقرار المخالف والمؤالف بجلالته صلوات الله عليه) * 1 -
سن: محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه
السلام أن أبا جعفر عليه السلام مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم عند موته (1) 2 -
شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن محمد بن القاسم، عن عبد الرحمن ابن صالح
الازدي، عن عبد الله بن عطاء المكي قال: ما رأيت العلماء عند أحط قط أصغر منهم عند
أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته
في القوم بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه، وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عن
محمد بن علي شيئا قال: حدثني وصي الاوصياء، ووارث علم الانبياء، محمد بن علي بن
الحسين عليه السلام (2). 3 - قب: حلية الاولياء (3) عن عبد الله بن عطا مثله إلى
قوله وكان جابر (4). 4 - شا: مخول بن إبراهيم، عن قيس بن الربيع، قال: سألت أبا
إسحاق عن
(1) المحاسن للبرقي ص 624. (2) الارشاد
للمفيد ص 280. (3) حلية الاولياء ج 3 ص 186. (4) المناقب ج 3 ص 334.
[287]
المسح فقال: أدركت الناس يمسحون حتى لقيت
رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فسألته عن
المسح على الخفين فنهاني عنه وقال: لم يكن أمير المؤمنين علي عليه السلام يمسح
عليها، وكان يقول: سبق الكتاب المسح على الخفين، قال أبو إسحاق: فما مسحت مذ نهاني
عنه، قال قيس بن الربيع: وما مسحت أنا مذ سمعت أبا إسحاق (1). 5 - شا: أبو محمد
الحسن بن محمد، عن جده، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي
بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي، فأردت أن أعظه
فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك ؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة
حارة فلقيت محمد بن علي وكان رجلا بدينا وهو متك على غلامين له أسودين أو موليين،
فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، اشهد
لاعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي ببهر (2) وقد تصبب عرقا، فقلت أصلحك الله شيخ
من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا لو جاءك الموت وأنت على
هذه الحال، قال فخلى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جاءني والله الموت وأنا
في هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله تعالى أكف بها نفسي عنك وعن الناس،
وإنما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله
أردت أن أعظك فوعظتني (3). 6 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي نصر، عن
محمد بن الحسين عن أسود بن عامر، عن حبان بن علي، عن الحسن بن كثير، قال: شكوت إلى
أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام الحاجة وجفاء الاخوان فقال: بئس الاخ أخ يرعاك
(1) الارشاد ص 281. (2) البهر: بالضم
انقطاع النفس من الاعياء " القاموس ". (3) الارشاد ص 284.
[288]
غنيا ويقطعك فقيرا، ثم أمر غلامه فأخرج
كيسا فيه سبعمائة درهم فقال: استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني (1). بيان: حبان بكسر
الحاء وتشديد الباء، أقول: رواه في كتاب مطالب السؤول (2) وكشف الغمة (3) عن الاسود
بن كثير. 7 - شا: روى محمد بن الحسين، عن عبيدالله بن الزبير، عن عمرو بن دينار
وعبيدالله بن عبيد بن عمير أنهما قالا: ما لقينا أبا جعفر محمد بن علي عليهما
السلام إلا وحمل إلينا النفقة والصلة والكسوة ويقول: هذا معدة لكم قبل أن تلقوني
(4). 8 - قب: عن عمرو، وعبد الله مثله (5). 9 - شا: روى أبو نعيم النخعي، عن معاوية
بن هشام، عن سليمان بن قرم قال: كان أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام يجيزنا
بالخمسمائة إلى الستمائة إلى الالف درهم، وكان لا يمل من صلة إخوانه وقاصديه
ومؤمليه وراجيه (6). 10 - قب: عن سليمان، إلى قوله إلى الالف درهم (7). 11 - شا:
وروى عنه عليه السلام أنه سئل عن الحديث ترسله ولا تسنده، فقال: إذا حدثت الحديث
فلم اسنده فسندي فيه أبي عن جدي عن أبيه، عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله عن
جبرئيل، عن الله عزوجل، وكان عليه السلام يقول: بلية الناس علينا عظيمة إن دعوناهم
لم يستجيبوا لنا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا، وكان عليه السلام يقول: ما ينقم
الناس منا ؟ نحن أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة، ومعدن الحكمة، وموضع الملائكة،
ومهبط الوحي (8).
(1) الارشاد ص 284 (2) مطالب السؤول ص 81.
(3) كشف الغمة ج 2 ص 332. (4) الارشاد ص 284. (5) المناقب ج 3 ص 337. (6) الارشاد ص
284. (7) المناقب ج 3 ص 337. (8) الارشاد ص 284.
[289]
بيان: ما ينقم الناس منا أي ما يكرهون
ويعيبون منا. 12 - قب: مسند أبي حنيفة قال الراوي: ما سألت جابر الجعفي قط مسألة
إلا أتاني فيها بحديث وكان جابر الجعفي إذا روى عنه عليه السلام قال: حدثني وصي
الاوصياء ووارث علم الانبياء. أبو نعيم في الحلية (1) أنه عليه السلام الحاضر
الذاكر الخاشع الصابر أبو جعفر محمد بن علي الباقر. وقالوا: الكريم بن الكريم بن
الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وكذلك السيد بن السيد بن السيد
بن السيد محمد بن علي ابن الحسين بن علي عليهم السلام (2). وسأل رجل ابن عمر عن
مسألة فلم يدر بما يجيبه فقال: اذهب إلى ذلك الغلام فسله وأعلمني بما يجيبك، وأشار
به إلى محمد بن علي الباقر، فأتاه فسأله فأجابه فرجع إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن
عمر: إنهم أهل بيت مفهمون (3). الجاحظ في كتاب البيان والتبيين (4) قال: قد جمع
محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال:
صلاح جميع المعايش والتعاشر ملء مكيال: ثلثان فطنة وثلث تغافل. وقال له نصراني: أنت
بقر ؟ قال: لا أنا باقر، قال: أنت ابن الطباخة ؟ قال: ذاك حرفتها قال: أنت ابن
السوداء الزنجية البذية ؟ قال: إن كنت صدقت غفر الله لها وإن كنت كذبت غفر الله لك،
قال فأسلم النصراني (5). 13 - مكا: عن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفر عليه
السلام فرأيته وفي
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 180. (2) المناقب
ج 1 ص 315. (3) نفس المصدر ج 3 ص 329. (4) البيان والتبيين ج 1 ص 84 طبع مصر تحقيق
عبد السلام محمد هارون. (5) المناقب ج 3 ص 337.
[290]
منزله نضد وبسائط وأنماط ومرافق فقلت: ما
هذا ؟ فقال متاع المرأة (1). 14 - كشف: عن أفلح مولى أبي جعفر عليه السلام قال:
خرجت مع محمد بن علي حاجا، فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته، فقلت:
بأبي أنت وامي إن الناس ينظرون إليك فلو رفعت بصوتك قليلا، فقال لي: ويحك يا أفلح
ولم لا أبكي لعل الله تعالى أن ينظر إلي منه برحمة فأفوز بها عنده غدا، قال: ثم طاف
بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من كثرة
دموع عينيه، وكان إذا ضحك قال: اللهم لا تمقتني. وروى عنه ولده جعفر عليهما السلام
قال: كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه: أمرتني فلم أئتمر، ونهيتني فلم أنزجر،
فها أنا ذا عبدك بين يديك ولا أعتذر (2). بيان: روي الخبران في الفصول المهمة (3)
ومطالب السؤول (4) وفيهما: لم لا أرفع صوتي بالبكاء. 15 - كشف: قال جعفر: فقد أبي
بغلة له فقال: لئن ردها الله تعالى لاحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن اتي بها
بسرجها ولجامها، فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال: الحمد
لله، فلم يزد، ثم قال: ما تركت ولا بقيت شيئا جعلت كل أنواع المحامد لله عزوجل، فما
من حمد إلا هو داخل فيما قلت (5). وقالت سلمى مولاة أبي جعفر: كان يدخل عليه إخوانه
فلا يخرجون من عنده
(1) مكارم الاخلاق ص 149. (2) كشف الغمة ج
2 ص 319. (3) الفصول المهمة ص 198 وأخرجه أبو نعيم في الحلية ج 3 ص 186 وابن الجوزى
في صفة الصفوة ج 2 ص 62. (4) مطالب السؤول ص 80. (5) كشف الغمة ج 2 ص 319 وأخرج ذلك
ابن طلحة في مطالب السؤول ص 80 وأبو نعيم في الحلية ج 3 ص 186 بتفاوت.
[291]
حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب
الحسنة ويهب لهم الدراهم فأقول له في ذلك ليقل منه، فيقول: يا سلمى ما حسنة الدنيا
إلا صلة الاخوان والمعارف وكان يجيز بالخمسمائة والستمائة إلى الالف، وكان لا يمل
من مجالسته إخوانه وقال: اعرف المودة لك في قلب أخيك بما له في قلبك، وكان لا يسمع
من داره: يا سائل بورك فيك ولا: يا سائل خذ هذا، وكان يقول: سموهم بأحسن أسمائهم
(1). 16 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن عيسى بن
هشام، عن عبد الكريم بن عمرو، عن الحكم بن محمد بن القاسم أنه سمع عبد الله بن عطا
يقول: قال لي أبو جعفر عليه السلام قم فأسرج دابتين حمارا وبغلا فأسرجت حمارا وبغلا
فقدمت إليه البغل ورأيت أنه أحبهما إليه، فقال: من أمرك أن تقدم إلي هذا البغل ؟
قلت: اخترته لك قال: وأمرتك أنت تختار لي ؟ ! ثم قال: إن أحب المطايا إلي الحمر،
فقال فقدمت إليه الحمار وأمسكت له بالركاب فركب فقال: الحمد لله الذي هدانا
بالاسلام، وعلمنا القرآن، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله، والحمد لله الذي سخر
لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين، وسار
وسرت حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له: الصلاة جعلت فداك فقال: هذا وادي النمل لا
يصلى فيه، حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له مثل ذلك فقال: هذه الارض مالحة لا يصلى
فيها، قال: حتى نزل هو من قبل نفسه، فقال لي: صليت أو تصلي سبحتك، قلت هذه صلاة
يسميها أهل العراق الزوال، فقال: أما هؤلاء الذين يصلون هم شيعة علي بن أبي طالب
عليه السلام وهي صلاة الاوابين، فصلى وصليت، ثم أمسكت له بالركاب، ثم قال: مثل ما
قال في بدايته، ثم قال: اللهم العن المرجئة فانهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة فقلت
له ما ذكرك جعلت فداك المرجئة ؟ فقال: خطروا على بالي (2).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 320 وص 321 وأخرج ذلك
ابن الصباغ في الفصول المهمة ص 201. (2) الكافي: ج 8 ص 276.
[292]
بيان: قوله: مقرنين أي مطيقين، قوله: أو
تصلي، الترديد من الراوي والسبحة النافلة، قوله: الزوال أي صلاة الزوال، ولعله قال
ذلك استخفافا فعظمها عليه السلام و بين فضلها، أو المراد أن هذه صلاة يصليها أهل
العراق قريبا من الزوال قبله يعني صلاة الضحى، فالمراد بالجواب أن من يصليها بعد
الزوال كما نقول، فهم شيعة علي عليه السلام، ولعل المراد بالمرجئة كل من أخر عليا
عليه السلام من درجته إلى الرابع. 17 - كش: حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن ياسين
الضرير، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: ما شجر في رأيي شئ قط إلا سألت عنه أبا
جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث، وسألت أبا عبد الله عن ستة عشر ألف
حديث (1). 18 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن
ميسرة، عن الحكم بن عتيبة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو في بيت منجد
وعليه قميص رطب وملحفة مصبوغة قد أثر الصبغ على عاتقه، فجعلت أنظر إلى البيت وأنظر
في هيئته فقال لي: يا حكم وما تقول في هذا ؟ فقلت: ما عسيت أن أقول وأنا أراه عليك،
فأما عندنا فإنما يفعله الشاب المرهق، فقال: يا حكم من حرم زينة الله التي أخرج
لعباده ؟ فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة، وأنا قريب العهد بالعرس، وبيتي
البيت الذي تعرف (2). بيان: التنجيد: التزيين، والمرهق كمعظم من يغشى المحارم، ويظن
به السوء. 19 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن بريد عن
مالك بن أعين، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام، وعليه ملحفة حمراء شديدة
الحمرة، فتبسمت حين دخلت فقال: كأني أعلم لم ضحكت، ضحكت من هذا الثوب الذي هو علي
إن الثقفية أكرهتني عليه وأنا احبها فأكرهتني على لبسها
(1) رجال الكشى ص 109 وأخرجه المفيد في
الاختصاص ص 201. (2) الكافي ج 6 ص 446.
[293]
ثم قال: إنا لا نصلي في هذا، ولا تصلوا في
المشبع المضرج قال: ثم دخلت عليه وقد طلقها، وقال: سمعتها تبرأ من علي عليه السلام
فلم يسعني أن أمسكها وهي تبرأ منه (1). بيان: المشبع الذي أشبع من اللون، وضرج
الثوب: صبغه بالحمرة. 20 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان
بن عيسى عن عبد الله بن مسكان، عن الحسن الزيات البصري، قال: دخلت على أبي جعفر
عليه السلام أنا وصاحب لي فإذا هو في بيت منجد، وعليه ملحفة وردية، وقد حف لحيته
واكتحل، فسألنا عن مسائل، فلما قمنا، قال لي: يا حسن، قلت: لبيك قال: إذا كان غدا
فأتني أنت وصاحبك، فقلت: نعم جعلت فداك، فلما كان من الغد دخلت عليه وإذا هو في بيت
ليس فيه إلا حصير وإذا عليه قميص غليظ، ثم أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا البصرة إنك
دخلت علي أمس وأنا في بيت المرأة وكان أمس يومها، والبيت بيتها، والمتاع متاعها،
فتزينت لي، علي أن أتزين لها كما تزينت لي، فلا يدخل قلبك شئ، فقال له صاحبي: جعلت
فداك قد كان والله دخل في قلبي فأما الآن فقد والله أذهب الله ما كان، وعلمت أن
الحق فيما قلت. (2). بيان: قال الفيروز آبادي: (3) حف رأسه يحف حفوفا بعد عهده
بالدهن وشاربه ورأسه أحفاهما. أقول: لعل الاخير هنا أنسب. 21 - كا: علي، عن أبيه،
عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: خرج أبو جعفر عليه السلام يصلي على بعض أطفالهم
وعليه جبة خز صفراء ومطرف خز أصفر (4).
(1) نفس المصدر ج 6 ص 447. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 448. (3) القاموس ج 3 ص 128. (4) الكافي ج 6 ص 450.
[294]
بيان: المطرف: كمكرم رداء من خز مربع ذو
أعلام. 22 - كا: علي، عن أبيه، عن حنان، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر عليه السلام:
أتصلي النوافل وأنت قاعد ؟ فقال: ما اصليها إلا وأنا قاعد منذ حملت هذا اللحم وبلغت
هذا السن (1). 23 - ثو: أبي، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي
محمد الوابشي وابن بكير وغيره رووه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي عليه
السلام أقل أهل بيته مالا، وأعظمهم مؤنة، قال: وكان يتصدق كل جمعة بدينار، وكان
يقول: الصدقة يوم الجمعة تضاعف لفضل يوم الجمعة على غيره من الايام (2). 24 - سن:
ابن فضال، عن العلا، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: الصدقة يوم الجمعة
تضاعف، وكان أبو جعفر عليه السلام يتصدق بدينار (3). 25 - قب: محمد بن مسلم، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إنا علمنا منطق الطير واوتينا من كل شئ. سماعة
من مهران، عن شيخ من أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جئنا نريد الدخول عليه
فلما صرنا في الدهليز سمعنا قراءة سريانية بصوت حزين يقرأ ويبكي حتى أبكى بعضنا.
موسى بن أكيل النميري قال: جئنا إلى باب دار أبي جعفر عليه السلام نستأذن عليه،
فسمعنا صوتا حزينا يقرأ بالعبرانية، فدخلنا عليه وسألنا عن قارئه فقال: ذكرت مناجاة
إيليا فبكيت من ذلك، ويقال: لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما السلام من
العلوم ما ظهر منه من التفسير والكلام والفتيا والاحكام والحلال والحرام. قال محمد
بن مسلم: سألته عن ثلاثين ألف حديث، وقد روى عنه معالم الدين
(1) نفس المصدر ج 6 ص 410. (2) ثواب
الاعمال ص 168. (3) المحاسن ص 59.
[295]
بقايا الصحابة، ووجوه التابعين، ورؤساء
فقهاء المسلمين. فمن الصحابة نحو جابر بن عبد الله الانصاري، ومن التابعين نحو جابر
بن يزيد الجعفي، وكيسان السختياني صاحب الصوفية. ومن الفقهاء نحو: ابن المبارك،
والزهري، والاوزاعي، وأبي حنيفة، ومالك والشافعي، وزياد بن المنذر النهدي. ومن
المصنفين نحو الطبري، والبلاذري، والسلامي، والخطيب في تواريخهم وفي الموطأ، وشرف
المصطفى، والابانة، وحلية الاولياء، وسنن أبي داود، و الالكاني، ومسندي أبي حنيفة
والمروزي، وترغيب الاصفهاني، وبسيط الواحدي وتفسير النقاش والزمخشري، ومعرفة اصول
الحديث، ورسالة السمعاني فيقولون: قال محمد بن علي، وربما قالوا: قال محمد الباقر،
ولذلك لقبه رسول الله صلى الله عليه وآله بباقر العلم، وحديث جابر مشهور معروف رواه
فقهاء المدينة والعراق كلهم. وقد أخبرني جدي شهر آشوب والمنتهي ابن كيابكي الحسيني
بطرق كثيرة عن سعيد بن المسيب، وسليمان الاعمش، وأبان بن تغلب، ومحمد بن مسلم،
وزرارة ابن أعين، وأبي خالد الكابلي، أن جابر بن عبد الله الانصاري كان يقعد في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله: ينادي يا باقر يا باقر العلم، فكان أهل المدينة
يقولون: جابر يهجر، وكان يقول: والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله يقول: إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يبقر العلم
بقرأ، فذاك الذى دعاني إلى ما أقول، قال: فلقي يوما كتابا فيه الباقر عليه السلام
فقال: يا غلام أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: شمائل رسول الله والذي نفس
جابر بيده، يا غلام ما اسمك ؟ قال: اسمي محمد، قال: ابن من ؟ قال: ابن علي بن
الحسين فقال: يا بني فدتك نفسي فإذا أنت الباقر ؟ قال: نعم فأبلغني ما حملك رسول
الله فأقبل إليه يقبل رأسه وقال: بأبي أنت وامي أبوك رسول الله يقرئك السلام قال:
يا جابر على رسول الله [السلام] ما قامت السماوات والارض وعليك السلام يا جابر بما
بلغت السلام.
[296]
قال: فرجع الباقر إلى أبيه وهو ذعر فأخبره
بالخبر، فقال له: يا بني قد فعلها جابر ؟ قال: نعم، قال: يا بني الزم بيتك، فكان
جابر يأتيه طرفي النهار وأهل المدينة يلومونه، فكان الباقر يأتيه على وجه الكرامة
لصحبته من رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: فجلس يحدثهم عن أبيه عن رسول الله،
فلم يقبلوه فحدثهم عن جابر فصدقوه وكان جابر والله يأتيه ويتعلم منه. الخطيب صاحب
التاريخ (1) قال جابر الانصاري للباقر عليه السلام: رسول الله أمرني أن اقرئك
السلام. أبو السعادات في فضائل الصحابة أن جابر الانصاري بلغ سلام رسول الله صلى
الله عليه وآله إلى محمد الباقر، فقال له محمد بن علي: أثبت وصيتك فإنك راحل إلى
ربك، فبكى جابر وقال له: يا سيدي وما علمك بذلك ؟ فهذا عهد عهده إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله فقال له: والله يا جابر لقد أعطاني الله علم ما كان وما هو كائن إلى
يوم القيامة وأوصى جابر وصيته وأدركته الوفاة. وفي رواية غيره أنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: يا جابر يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدا لي من الحسين يقال له
محمد يبقر علم النبيين بقرا، فإذا لقيته فاقرأة مني السلام. القتيبي في عيون
الاخبار (2) أن هشاما قال لزيد بن علي: ما فعل أخوك البقرة ؟ فقال زيد: سماه رسول
الله صلى الله عليه وآله باقر العلم وأنت تسميه بقرة لقد اختلفتما إذا، قال زيد بن
علي: ثوى باقر العلم في ملحد إمام الورى طيب المولد فمن لي سوى جعفر بعده إمام
الورى الاوحد الامجد أبا جعفر الخير أنت الامام وأنت المرجى لبلوى غد (3)
(1) لقد ورد في تاريخ بغداد فيما أحصيت
أكثر من خمسين حديثا رواها جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وراجعتها
كلها فلم يكن بينها هذا الحديث. (2) عيون الاخبار لابن قتيبة ج 2 ص 212. (3)
المناقب ج 3 ص 327.
[297]
26 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن أبيه، عن القاسم ابن محمد الجوهري، عن الحارث بن حريز، عن منذر
الصيرفي، عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فدعا بالغداء
فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه ولا أطيب، فلما فرغنا من الطعام، قال:
يا أبا خالد كيف رأيت طعامك أو قال: طعامنا. قلت: جعلت فداك ما رأيت أطيب منه قط
ولا أنظف ولكني ذكرت الآية في كتاب الله عزوجل " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " (1)
فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما تسألون عما أنتم عليه من الحق (2). 27 - كا: علي
بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى ابن إبراهيم بن أبي البلاد، عن
أبيه، عن بزيع أبي عمر بن بزيع، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو يأكل خلا
وزيتا في قصعة سوداء مكتوب في وسطها بصفرة " قل هو الله أحد " فقال لي: ادن يا
بزيع، فدنوت فأكلت معه ثم حسا من الماء ثلاث حسيات حين لم يبق من الخبز شئ، ثم
ناولني فحسوت البقية (3). 28 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن
ثعلبة عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي عليه
السلام إذا أحزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا (4). 29 - كا: العدة: عن
سهل، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
أبي عليه السلام كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و إنه ليذكر الله، وآكل معه الطعام
وإنه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله وكنت أرى لسانه
لازقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله، وكان
(1) سورة التكاثر، الاية: 8. (2) الكافي ج
6 ص 280. (3) نفس المصدر ج 6 ص 298 والحسوة: بالضم والفتح الجرعة من الشراب ملء
الفم مما يحسى مرة واحدة، وحسا المرق شرب منه شيئا بعد شئ " النهاية ". (4) الكافي
ج 2 ص 487.
[298]
يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس
ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا، ومن كان لا يقرأ منا أمره بالذكر (1). 30 - كا:
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن موسى الوراق عن أبي الحسن عليه السلام
قال: دخل قوم على أبي جعفر صلوات الله عليه فرأوه مختضبا فسألوه فقال: إني رجل احب
النساء فأنا أتصبغ لهن (2). 31 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خضب أبو جعفر عليه السلام بالكتم (3). 32
- كا: أبو العباس، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن عبد الحميد، عن سيف ابن عميرة، عن
أبي شيبة الاسدي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن خضاب الشعر فقال: خضب
الحسين، وأبو جعفر صلوات الله عليهما بالحناء والكتم (4). 33 - كا: محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: كنت
مع أبي علقمة، والحارث بن المغيرة وأبي حسان، عند أبي عبد الله عليه السلام وعلقمة
مختضب بالحناء، والحارث مختضب بالوسمة وأبو حسان لا يختضب فقال كل رجل منهم: ما ترى
في هذا رحمك الله ؟ - وأشار إلى لحيته - فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحسنه،
قالوا: كان أبو جعفر مختضبا بالوسمة ؟ قال: نعم ذلك حين تزوج الثقفية أخذته جواريها
فخضبنه (5). 34 - كا: ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: رأيت
أبا جعفر عليه السلام يمضغ علكا فقال: يا محمد نقضت الوسمة أضراسي فمضغت هذا العلك
لاشدها، قال: وكانت استرخت فشدها بالذهب (6).
(1) نفس المصدر ج 2 ص 498 ضمن حديث. (2)
المصدر السابق ج 6 ص 480. (3) المصدر السابق ج 6 ص 481 والكتم: بالتحريك نبت يخلط
بالوسمة ويختضب به. (4) المصدر السابق ج 6 ص 481. (5 و 6) المصدر السابق ج 6 ص 482.
[299]
35 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن معاوية بن عمار، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام مخضوبا بالحناء (1). وعنهما عن
ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، عن سدير الصيرفي، قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام
يأخذ عارضيه ويبطن لحيته (2). 36 - كا: العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن ابن
مسكان، عن الحسن الزيات، قال: رأيت ابا جعفر عليه السلام وقد خفف لحيته (3). وعن
البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن بعض أصحابه، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، قال:
رأيت أبا جعفر عليه السلام والحجام يأخذ من لحيته فقال: دورها (4). 37 - كا: الحسين
بن محمد، عن المعلى، عن الوشا، عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا جعفر عليه
السلام عن العاج، فقال: لا بأس به وإن لي منه لمشطا (5). 38 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة،
قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد أخذ الحناء وجعله على أظافيره فقال: يا حكم ما
تقول في هذا ؟ فقلت: ما عسيت أن أقول فيه وأنت تفعله، وإن عندنا يفعله الشبان،
فقال: يا حكم إن الاظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى تشبه أظافير الموتى،
فغيرها بالحناء (6). 39 - كا: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن حماد بن عيسى
عن حسين بن المختار، عن أبي عبيدة، قال: زاملت أبا جعفر عليه السلام فيما بين مكة و
(1) المصدر السابق ج 6 ص 483. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 486 وتبطين اللحية هو أن يؤخذ الشعر من تحت الذقن. (3) لمصدر السابق ج
6 ص 487. (4) المصدر السابق ج 6 ص 487. (5) المصدر السابق ج 6 ص 489. (6) الكافي ج
6 ص 509.
[300]
المدينة، فلما انتهى إلى الحرم اغتسل وأخذ
نعليه بيديه، ثم مشى في الحرم ساعة (1). 40 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن محمد
بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل عن الكناني، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
لحوم الاضاحي فقال: كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام لم يتصدقان بثلث على
جيرانهما، وثلث على السؤال، و ثلث يمسكانه لاهل البيت (2). 41 - كا: علي، عن أبيه،
عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كانت في دار أبي جعفر عليه السلام فاختة فسمعها يوما وهي تصيح فقال لهم: أتدرون ما
تقول هذه الفاختة ؟ فقالوا: لا قال: تقول: فقدتكم فقدتكم، ثم قال: لنفقدنها قبل أن
تفقدنا ثم أمر بها فذبحت (3). 42 - كا: عبيد بن زياد، عن عبد الله بن جبلة وغيره،
عن إسحاق بن عمار عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أعتق أبو جعفر
عليه السلام من غلمانه عند موته شرارهم وأمسك خيارهم، فقلت: يا أبت تعتق هؤلاء
وتمسك هؤلاء ؟ فقال: إنهم قد أصابوا مني ضربا فيكون هذا بهذا (4). 43 - كا: علي، عن
أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة
رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء: لتسكتن أو لنرجعن قال:
فلم تسكت، فرجع عطاء قال: فقلت لابي جعفر عليه السلام إن عطاء قد رجع قال: ولم ؟
قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها: لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال: امض بنا فلو
أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق، لم نقض حق مسلم، قال: فلما
صلى على
(1) نفس المصدر ج 4 ص 398. (2) المصدر
السابق ج 4 ص 499. (3) المصدر السابق ج 6 ص 551. (4) المصدر السابق ج 7 ص 55.
[301]
الجنازة قال وليها لابي جعفر: ارجع مأجورا
رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع، قال فقلت له: قد أذن لك في الرجوع
ولي حاجة اريد أن أسألك عنها فقال: امض فليس باذنه جئنا ولا باذنه نرجع، إنما هو
فضل وأجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك (1). 44 - كا: أبو علي
الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب، عن بعض أصحابنا،
قال: كان قوم أتوا أبا جعفر عليه السلام فوافقوا صبيا له مريضا فرأوا منه اهتماما
وغما وجعل لا يقر، قال فقالوا: والله لئن أصابه شئ إنا لنتخوف أن نرى منه ما نكره،
قال: فما لبثوا أن سمعوا الصياح عليه فإذا هو قد خرج عليهم منبسط الوجه في غير
الحال التي كان عليها، فقالوا له: جعلنا الله فداك لقد كنا نخاف مما نرى منك أن لو
وقع أن نرى منك ما يغمنا فقال لهم: إنا لنحب أن نعافى فيمن نحب فإذا جاء أمر الله
سلمنا فيما يحب (2). 45 - كا: أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن
إسحاق ابن عمار، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إني كنت امهد لابي فراشه
فانتظره حتى يأتي، فإذا أوى إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي، وإنه أبطأ علي ذات ليلة،
فأتيت المسجد في طلبه وذلك بعد ما هدأ الناس، فإذا هو في المسجد ساجد، وليس في
المسجد غيره، فسمعت حنينه وهو يقول: سبحانك اللهم أنت ربي حقا حقا سجدت لك يا رب
تعبدا ورقا، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، وتب
علي إنك أنت التواب الرحيم (3).
(1) المصدر السابق ج 3 ص 171. (2) المصدر
السابق ج 3 ص 226 وأخرج أبو نعيم في الحلية ج 3 ص 187 كلمة الامام في التسليم فقط.
(3) المصدر السابق ج 3 ص 323.
[302]
46 - يب: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم،
عن ابن بكير، عن زرارة قال ثقل ابن لجعفر، وأبو جعفر جالس في ناحية فكان إذا دنا
منه إنسان قال: لا تمسه، فإنه إنما يزداد ضعفا، وأضعف ما يكون في هذه الحال، ومن
مسه على هذه الحال أعان عليه، فلما قضى الغلام أمر به فغمض عيناه وشد لحياه، ثم قال
لنا: إن نجزع ما لم ينزل أمر الله، فإذا نزل أمر الله، فليس لنا إلا التسليم، ثم
دعا بدهن فادهن واكتحل ودعا بطعام فأكل هو ومن معه، ثم قال: هذا هو الصبر الجميل ثم
أمر به فغسل ثم لبس جبة خز ومطرف خز وعمامة خز وخرج فصلى عليه (9). 47 - كا: العدة،
عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عن يحيي بن زكريا، عن أبي عبيدة
قال: كنت زميل أبي جعفر عليه السلام وكنت أبدأ بالركوب ثم يركب هو، فإذا استوينا
سلم وسأل مسألة رجل لا عهد له بصاحبه وصافح، قال: وكان إذا نزل نزل قبلي فإذا
استويت أنا وهو على الارض سلم و سأل مسألة من لا عهد له بصاحبه، فقلت يا ابن رسول
الله إنك لتفعل شيئا ما يفعله من قبلنا، وإن فعل مرة لكثير، فقال: أما علمت ما في
المصافحة، إن المؤمنين يلتقيان فيصافح أحدهما صاحبه فما تزال الذنوب تتحات عنهما
كما يتحات الورق عن الشجر والله ينظر إليهما حتى يفترقان (10). 48 - تم: روي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: دخلت على أبي يوما وهو يتصدق على فقراء أهل المدينة
بثمانية آلاف دينار، وأعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكا الخبر (11). 49 - كا:
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن ميمون القداح، قال: قال لي
أبو جعفر عليه السلام: اقرأ، قلت: من أي شئ أقرأ ؟ قال:
(1) تهذيب الاحكام ج 1 ص 289. (2) الكافي
ج 2 ص 179. (3) لم نعثر عليه في المطبوع من المصدر.
[303]
من السورة التاسعة، قال: فجعلت التمسها
فقال: اقرأ من سورة يونس فقال: قرأت " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم
قتر ولا ذلة " (1) قال: حسبك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لاعجب كيف
لا أشيب إذا قرأت القرآن (2). 50 - كا: علي، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس،
والعدة عن البرقي، عن أبيه، جميعا عن يونس، عن عبد الله بن سنان، وابن مسكان، عن
أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا حدثتكم بشئ فاسألوني عن كتاب الله،
ثم قال في حديثه: إن الله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال، فقالوا:
يا ابن رسول الله وأين هذا من كتاب الله ؟ فقال: إن الله عزوجل يقول في كتابه: " لا
خير في كثير من نجويهم " (3) الآية وقال " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله
لكم قياما " (4) وقال " ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " (5). 51 - ين:
فضالة، عن ابن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في كتاب رسول الله: إذا
استعملتم ما ملكت أيمانكم في شئ فيشق عليهم فاعملوا معهم فيه، قال: و إن كان أبي
ليأمرهم فيقول: كما أنتم، فيأتي فينظر فان كان ثقيلا قال بسم الله ثم عمل معهم وإن
كان خفيفا تنحى عنهم (6). 52 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، بإسناده إلى شقيق البلخي،
عمن أخبره من أهل العلم، قال: قيل لمحمد بن علي الباقر عليه السلام كيف أصبحت ؟
قال:
(1) سورة يونس، الاية: 26. (2) الكافي ج 2
ص 632 عد سورة يونس السورة التاسعة بناء على ان سورة البقرة أول سور القرآن كما ذهب
إليه بعض، أو بناء على ان التوبة متممة لسورة الانفال كما ذهب إليه جمع. (3) سورة
النساء، الاية: 114. (4) سورة النساء، الاية: 5. (5) الكافي ج 1 ص 60. والاية
الثالثة في سورة المائدة، الاية: 101. (6) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي باب
ما جاء في المملوك.
[304]
أصبحنا غرقى في النعمة، موفورين بالذنوب،
يتحبب إلينا إلهنا بالنعم، ونتمقت إليه بالمعاصي، ونحن نفتقر إليه، وهو غني عنا
(1). 53 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله سنان، عن
عبد الله بن سليمان، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن فقال: لقد سألتني عن
طعام يعجبني، ثم أعطى الغلام درهما فقال: يا غلام ابتع لنا جبنا ودعا بالغداء
فتغدينا معه وأتى بالجبن فأكل وأكلنا (2). 54 - كا: علي بن محمد بن عبد الله، عن
إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله، قال: دخل
عبد الله بن قيس الماصر على أبي جعفر عليه السلام فقال: أخبرني عن الميت لم يغسل
غسل الجنابة ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام: لا اخبرك فخرج من عنده فلقي بعض
الشيعة، فقال له: العجب لكم يا معشر الشيعة توليتم هذا الرجل وأطعتموه فلو دعاكم
إلى عبادته لاجبتموه و قد سألته عن مسألة فما كان عنده فيها شئ، فلما كان من قابل
دخل عليه أيضا فسأله عنها، فقال: لا اخبرك بها. فقال عبد الله بن قيس لرجل من
أصحابه: انطلق إلى الشيعة فاصحبهم وأظهر عندهم موالاتك إياهم ولعنتي والتبري مني،
فإذا كان وقت الحج فائتني حتى أدفع إليك ما تحتج به، واسألهم أن يدخلوك على محمد بن
علي، فإذا صرت إليه فاسأله عن الميت لم يغسل غسل الجنابة ؟ فانطلق الرجل إلى الشيعة
فكان معهم إلى وقت الموسم فنظر إلى دين القوم فقبله بقبوله، وكتم ابن قيس أمره
مخافة أن يحرم الحج، فلما كان وقت الحج أتاه فأعطاه حجة وخرج، فلما صار بالمدينة
قال له أصحابه: تخلف في المنزل حتى نذكرك له ونسأله ليأذن لك. فلما صاروا إلى أبي
جعفر عليه السلام قال لهما: أين صاحبكم ؟ ما أنصفتموه، قالوا:
(1) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 50 الملحق
بأمالى والده، ضمن حديث. (2) الكافي ج 6 ص 339 صدر حديث.
[305]
لم نعلم ما يوافق من ذلك فأمر بعض من
يأتيه به، فلما دخل على أبي جعفر عليه السلام قال له: مرحبا كيف رأيت ما أنت فيه
اليوم مما كنت فيه قبل ؟ فقال: يا ابن رسول الله لم أكن في شئ، فقال: صدقت أما إن
عبادتك يومئذ كانت أخف عليك من عبادتك اليوم لان الحق ثقيل والشيطان موكل بشيعتنا،
لان سائر الناس قد كفوه أنفسهم، إني سأخبرك بما قال لك ابن قيس الماصر قبل أن
تسألني عنه و أصير الامر في تعريفه إياه إليك إن شئت أخبرته وإن شئت لم تخبره، إن
الله عزوجل خلق خلاقين، فإذا أراد أن يخلق خلقا أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في
كتابه: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى " فعجن النطفة بتلك
التربة التي يخلق منها بعد أن أسكنها الرحم أربعين ليلة، فإذا تمت له أربعة أشهر،
قالوا يا رب تخلق ماذا ؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى، أبيض أو أسود، فإذا خرجت
الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو
انثى، فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة، فقال الرجل يا ابن رسول الله لا بالله لا اخبر
ابن قيس الماصر بهذا أبدا فقال: ذاك إليك (1).
(1) نفس المصدر ج 3 ص 161.
[306]
7 * (باب) * " (خروجه عليه السلام إلى
الشام وما ظهر فيه من المعجزات) " * 1 - ذكر السيد بن طاوس رحمه الله في كتاب أمان
الاخطار (1) ناقلا عن كتاب دلائل الامامة (2) تصنيف محمد بن جرير الطبري الامامي،
من أخبار معجزات مولانا محمد بن علي الباقر عليه السلام. ذكره باسناده عن الصادق
عليه السلام قال: حج هشام بن عبد الملك بن مروان سنة من السنين، وكان قد حج في تلك
السنة محمد بن علي الباقر وابنه جعفر بن محمد عليهم السلام فقال جعفر بن محمد
عليهما السلام: الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا وأكرمنا به فنحن صفوة الله على
خلقه وخيرته من عباده وخلفاؤه، فالسعيد من اتبعنا و الشقي من عادنا وخالفنا. ثم
قال: فأخبر مسلمة أخاه بما سمع فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق وانصرفنا إلى
المدينة، فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه فأشخصنا، فلما وردنا
مدينة دمشق حجبنا ثلاثا، ثم أذن لنا في اليوم الرابع فدخلنا، وإذا قد قعد على سرير
الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطان متسلحان، وقد نصب البرجاس حذاة وأشياخ
قومه يرمون، فلما دخلنا وأبي أمامي وأنا خلفه، فنادى أبي وقال: يا محمد ارم مع
أشياخ قومك الغرض، فقال له: إني قد كبرت عن الرمي فهل رأيت أن تعفيني، فقال: وحق من
أعزنا بدينه ونبيه محد صلى الله عليه وآله لا أعفيك، ثم أومأ إلى شيخ من بني امية
أن أعطه قوسك فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ ثم تناول منه سهما، فوضعه في كبد القوس،
ثم
(1) أمان الاخطار ص 52 طبع النجف. (2)
دلائل الامامة للطبري ص 104.
[307]
انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى
فيه الثانية فشق فواق سهمه إلى نصله ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف
بعض، وهشام يضطرب في مجلسه فلم يتمالك إلا أن قال: أجدت يا أبا جعفر وأنت أرمى
العرب والعجم، هلا زعمت أنك كبرت عن الرمي، ثم أدركته ندامة على ما قال. وكان هشام
لم يكن كنى أحدا قبل أبي ولا بعده في خلافته، فهم به وأطرق إلى الارض إطراقة يتروى
فيها وأنا وأبي واقف حذاه مواجهين له، فلما طال وقوفنا غضب أبي فهم به، وكان أبي
عليه السلام إذا غضب نظر إلى السماء نظر غضبان يرى الناظر الغضب في وجهه، فلما نظر
هشام إلى ذلك من أبي، قال له: إلي يا محمد ! فصعد أبي إلى السرير، وأنا أتبعه، فلما
دنا من هشام، قام إليه واعتنقه وأقعده عن يمينه، ثم اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي،
ثم أقبل على أبي بوجهه، فقال له: يا محمد لا تزال العرب والعجم تسودها قريش ما دام
فيهم مثلك، لله درك، من علمك هذا الرمي ؟ وفي كم تعلمته ؟ فقال أبي: قد علمت أن أهل
المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته، فلما أراد أمير المؤمنين مني ذلك
عدت فيه، فقال له: ما رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت وما ظننت، أن في الارض أحدا
يرمي مثل هذا الرمي، أيرمي جعفر مثل رميك ؟ فقال: إنا نحن نتوارث الكمال والتمام
اللذين أنزلهما الله على نبيه صلى الله عليه وآله في قوله: " اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " (1) والارض لا تخلو ممن يكمل هذه
الامور التي يقصر غيرنا عنها. قال: فلما سمع ذلك من أبي انقلبت عينه اليمنى فاحولت
واحمر وجهه، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة ثم رفع رأسه، فقال لابي:
ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي: نحن كذلك ولكن الله جل ثناؤه
اختصنا من مكنون سره وخالص علمه بما لم يخص أحدا به غيرنا فقال: أليس الله جل ثناؤه
بعث محمد صلى الله عليه وآله من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة
(1) سورة المائدة، الاية: 3.
[308]
أبيضها وأسودها وأحمرها من أين ورثتم ما
ليس لغيركم ؟ ورسول الله صلى الله عليه وآله مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول الله
تبارك وتعالى " ولله ميراث السموات والارض " (1) إلى آخر الآية فمن أين ورثتم هذا
العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء ؟ فقال: من قوله تبارك وتعالى لنبيه صلى
الله عليه وآله " لا تحرك به لسانك لتعجل به " (2) الذي لم يحرك به لسانه لغيرنا
أمره الله أن يخصنا به من دون غيرنا فلذلك كان ناجى أخاه عليا من دون أصحابه فأنزل
الله بذلك قرآنا في قوله " وتعيها اذن واعية " (3) فقال رسول الله صلى الله عليه
وآله لاصحابه: سألت الله أن يجعلها اذنك يا علي، فلذلك قال علي بن أبي طالب صلوات
الله عليه بالكوفة: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب من العلم ففتح كل
باب ألف باب، خصه رسول الله صلى الله عليه وآله من مكنون سره بما يخص أمير المؤمنين
أكرم الخلق عليه، فكما خص الله نبيه صلى الله عليه وآله خص نبيه صلى الله عليه وآله
أخاه عليا من مكنون سره بما لم يخص به أحدا من قومه، حتى صار إلينا فتوارثنا من دون
أهلنا. فقال هشام بن عبد الملك: إن عليا كان يدعي علم الغيب والله لم يطلع على غيبه
أحدا، فمن أين ادعى ذلك ؟ فقال أبي: إن الله جل ذكره أنزل على نبيه صلى الله عليه
وآله كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله تعالى " ونزلنا عليك
الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " (4) وفي قوله: " وكل شئ أحصيناه
في إمام مبين " (5) وفي قوله: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " (6) وأوحى الله إلى
نبيه صلى الله عليه وآله أن لا يبقي في غيبه وسره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به
عليا، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه
(1) سورة آل عمران، الاية 180. (2) سورة
القيامة، الاية: 16. (3) سورة الحاقة، الاية: 12. (4) سورة النحل، الاية: 89. (5)
سورة يس، الاية: 12. (6) سورة الانعام، الاية: 38.
[309]
من دون قومه، وقال لاصحابه: حرام على
أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي، فإنه مني وأنا منه، له مالي وعليه
ما علي، وهو قاضي ديني ومنجز وعدي. ثم قال لاصحابه: علي بن أبي طالب يقاتل على
تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه
إلا عند علي عليه السلام، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: أقضاكم
علي أي هو قاضيكم وقال عمر بن الخطاب: لو لا علي لهلك عمر، يشهد له عمر ويجحده
غيره. فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال: سل حاجتك، فقال: خلفت عيالي وأهلي
مستوحشين لخروجي فقال: قد آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم ولا تقم، سر من يومك،
فاعتنقه أبي ودعا له وفعلت أنا كفعل أبي، ثم نهض ونهضت معه وخرجنا إلى بابه، إذا
ميدان ببابه وفي آخر الميدان اناس قعود عدد كثير، قال أبي: من هؤلاء ؟ فقال الحجاب
هؤلاء القسيسون والرهبان وهذا عالم لهم يقعد إليهم في كل سنة يوما واحدا يستفتونه
فيفتيهم، فلف أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه وفعلت أنا مثل فعل أبي، فأقبل نحوهم حتى
قعد نحوهم وقعدت وراء أبي، ورفع ذلك الخبر إلى هشام، فأمر بعض غلمانه أن يحضر
الموضع فينظر ما يصنع أبي، فأقبل وأقبل عداد من المسلمين فأحاطوا بنا، وأقبل عالم
النصارى وقد شد حاجبيه بحريرة صفراء حتى توسطنا، فقام إليه جميع القسيسين والرهبان
مسلمين عليه، فجاؤا به إلى صدر المجلس فقعد فيه، وأحاط به أصحابه وأبي وأنا بينهم،
فأدار نظره ثم قال: لابي: أمنا أم من هذه الامة المرحومة ؟ فقال أبي: بل من هذه
الامة المرحومة فقال: من أيهم أنت من علمائها أم من جهالها ؟ فقال له أبي: لست من
جهالها فاضطرب اضطرابا شديدا. ثم قال له: أسألك ؟ فقال له أبي: سل، فقال: من أين
ادعيتم أن أهل الجنة يطعمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون ؟ وما الدليل فيما
تدعونه من شاهد لا يجهل ؟ فقال له أبي: دليل ما ندعي من شاهد لا يجهل الجنين في بطن
امه يطعم ولا يحدث، قال: فاضطرب النصراني
[310]
اضطرابا شديدا، ثم قال: هلا زعمت أنك لست
من علمائها ؟ فقال له أبي: ولا من جهالها، وأصحاب هشام يسمعون ذلك. فقال لابي:
أسألك عن مسألة اخرى فقال له أبي: سل. فقال: من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبدا غضة
طرية موجودة غير معدومة عند جميع أهل الجنة ؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل ؟
فقال له أبي: دليل ما ندعي أن ترابنا أبدا يكون غضا طريا موجودا غير معدوم عند جميع
أهل الدنيا لا ينقطع، فاضطرب اضطرابا شديدا، ثم قال: هلا زعمت أنك لست من علمائها ؟
فقال له أبي: ولا من جهالها. فقال له: أسألك عن مسألة ؟ فقال: سل، فقال: أخبرني عن
ساعة لا من ساعات الليل ولا من ساعات النهار. فقال له أبي: هي الساعة التي بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس يهدأ فيها المبتلى، ويرقد فيها الساهر، ويفيق المغمى عليه،
جعلها الله في الدنيا رغبة للراغبين وفي الآخرة للعاملين لها دليلا واضحا وحجة
بالغة على الجاحدين المتكبرين التاركين لها. قال: فصاح النصراني صيحة ثم قال: بقيت
مسألة واحدة والله لاسألك عن مسألة لا تهدي إلى الجواب عنها أبدا. قال له أبي: سل
فانك حانث في يمينك. فقال: أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد
عمر أحدهما خمسون سنة وعمر الآخر مائة وخمسون سنة في دار الدنيا. فقال له أبي: ذلك
عزيز وعزيرة ولدا في يوم واحد، فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عام، مر عزيز على
حماره راكبا على قرية بأنطاكية وهي خاوية على عروشها " قال: أنى يحيي هذه الله بعد
موتها " (1) وقد كان اصطفاه وهداه فلما قال ذلك القول غضب الله عليه فأماته الله
مائة عام سخطا عليه بما قال، ثم بعثه
(1) سورة البقرة الاية: 259.
[311]
على حماره بعينه وطعامه وشرابه وعاد إلى
داره، وعزيرة أخوه لا يعرفه فاستضافه فأضافه، وبعث إليه ولد عزيرة وولد ولده وقد
شاخوا وعزير شاب في سن خمس وعشرين سنة، فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا وهم
يذكرون ما يذكرهم ويقولون: ما أعلمك بأمر قد مضت عليه النسون والشهور، ويقول له
عزيرة وهو شيخ كبير ابن مائة وخمسة وعشرين سنة: ما رأيت شابا في سن خمسة وعشرين سنة
أعلم بما كان بيني وبين أخي عزيز أيام شبابي منك ! فمن أهل السماء أنت ؟ أم من أهل
الارض ؟ فقال: يا عزيرة أنا عزير سخط الله علي بقول قلته بعد أن اصطفاني وهداني
فأماتني مائة سنة ثم بعثني لتزدادوا بذلك يقينا إن الله على كل شئ قدير، وها هو هذا
حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده الله تعالى كما كان، فعندها
أيقنوا فأعاشه الله بينهم خمسة وعشرين سنة، ثم قبضه الله وأخاه في يوم واحد. فنهض
عالم النصارى عند ذلك قائما وقاموا - النصارى - على أرجلهم فقال لهم عالمهم:
جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني وأعلم المسلمين بأن لهم من أحاط
بعلومنا وعنده ما ليس عندنا، لا والله لا كلمتكم من رأسي كلمة واحدة، ولا قعدت لكم
إن عشت سنة، فتفرقوا وأبى قاعد مكانه وأنا معه، ورفع ذلك الخبر إلى هشام. فلما تفرق
الناس نهض أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه، فوافانا رسول هشام بالجائزة وأمرنا
أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نجلس، لان الناس ماجوا وخاضوا فيما دار بين أبي
وبين عالم النصارى، فركبنا دوابنا منصرفين وقد سبقنا بريد من عند هشام إلى عامل
مدين على طريقنا إلى المدينة أن ابني أبي تراب الساحرين: محمد بن علي وجعفر بن محمد
الكذابين - بل هو الكذاب لعنه الله - فيما يظهران من الاسلام وردا علي ولما صرفتهما
إلى المدينة مالا إلى القسيسين والرهبان من كفار النصارى وأظهرا لهما دينهما ومرقا
من الاسلام إلى الكفر دين النصارى وتقربا إليهم بالنصرانية، فكرهت أن انكل بهما
لقرابتهما، فإذا قرأت كتابي
[312]
هذا فناد في الناس: برئت الذمة ممن
يشاريهما أو يبايعهما أو يصافحهما أو يسلم عليهما فإنهما قد ارتدا عن الاسلام، ورأى
أمير المؤمنين أن يقتلهما ودوابهما وغلمانهما ومن معهما شر قتلة، قال: فورد البريد
إلى مدينة مدين. فلما شارفنا مدينة مدين قدم أبي غلمانه ليرتادوا لنا منزلا ويشروا
لدوابنا علفا، ولنا طعاما، فلما قرب غلماننا من باب المدينة أغلقوا الباب في وجوهنا
وشتمونا وذكروا علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقالوا: لا نزول لكم عندنا ولا
شراء ولا بيع يا كفار يا مشركين يا مرتدين يا كذابين يا شر الخلائق أجمعين فوقف
غلماننا على الباب حتى انتهينا إليهم فكلمهم أبي ولين لهم القول وقال لهم اتقو الله
ولا تغلظوا فلسنا كما بلغكم ولا نحن كما تقولون فأسمعونا، فقال لهم: فهبنا كما
تقولون افتحوا لنا الباب وشارونا وبايعونا كما تشارون وتبايعون اليهود والنصارى
والمجوس، فقالوا: أنتم شر من اليهود والنصارى والمجوس لان هؤلاء يؤدون الجزية وأنتم
ما تؤدون، فقال لهم أبي: فافتحوا لنا الباب وأنزلونا وخذوا منا الجزية كما تأخذون
منهم، فقالوا: لا نفتح ولا كرامة لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا نياعا أو
تموت دوابكم تحتكم، فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا قال: فثنى أبي رجله عن سرجه ثم
قال لي: مكانك يا جعفر لا تبرح، ثم صعد الجبل المطل على مدينة مدين وأهل مدين
ينظرون إليه ما يصنع، فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وجسده، ثم وضع إصبعيه
في اذنيه ثم نادى بأعلا صوته " وإلى مدين أخاهم شعيبا " إلى قوله " بقية الله خير
لكم إن كنتم مؤمنين " (1) نحن والله بقية الله في أرضه، فأمر الله ريحا سوداء مظلمة
فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في أسماع الرجال والصبيان والنساء، فما بقي أحد من
الرجال والنساء والصبيان إلا صعد السطوح، وأبي مشرف عليهم، وصعد فيمن صعد شيخ من
أهل مدين كبير السن، فنظر إلى أبي على الجبل، فنادى بأعلا صوته: اتقوا الله يا أهل
مدين فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلام حين دعا على قومه، فإن
(1) سورة هود، الاية، 86. (*)
[313]
أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه جاءكم
من الله العذاب فإني أخاف عليكم وقد أعذر من أنذر، ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا،
وكتب بجميع ذلك إلى هشام فارتحلنا في اليوم الثاني، فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره
بأن يأخذ الشيخ فيقتله رحمة الله عليه وصلواته، وكتب إلى عامل مدينة الرسول أن
يحتال في سم أبي في طعام أو شراب، فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي من ذلك شئ. ايضاح:
وجدت الخبر في أصل كتاب الدلائل كما ذكر. وقال الجوهري (1) السماطان: من النخل
والناس: الجانبان. وقال في القاموس (2): البرجاس: بالضم غرض في الهواء على رأس رمح
ونحوه مولد. وفي الصحاح (3) النوع بالضم إتباع للجوع والنائع إتباع للجائع، يقال
رجل جائع نائع، وإذا دعوا عليه قالوا جوعا نوعا، وقوم جياع نياع، وزعم بعضهم [أن]
النوع العطش والنائع العطشان. 2 - فس: أبي، عن إسماعيل بن أبان، عن عمر بن عبد الله
الثقفي، قال: أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي زين العابدين عليهما
السلام من المدينة إلى الشام وكان ينزله معه، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم، فبينا
هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك،
فقال: ما لهؤلاء القوم ألهم عيد اليوم ؟ قالوا: لا يا ابن رسول الله، ولكنهم يأتون
عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما
يكون في عامهم، قال أبو جعفر: ولا علم ؟ فقالوا: من أعلم الناس قد أدرك أصحاب
الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام قال: فهلم أن نذهب إليه ؟ فقالوا: ذاك إليك يا
ابن رسول الله، قال: فقنع أبو جعفر عليه السلام رأسه بثوبه، ومضى هو وأصحابه
(1) الصحاح ج 1 ص 553 طبع بولاق. (2)
القاموس ج 2 ص 200. (3) الصحاح ج 1 ص 628 طبع بولاق.
[314]
فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل. قال:
فقعد أبو جعفر وسط النصارى هو وأصحابه فأخرج النصارى بساطا ثم وضع الوسائد ثم دخلوا
فأخرجوه وربطوا عينه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعى ثم قصد أبا جعفر فقال له: امنا
أنت أم من الامة المرحومة ؟ فقال أبو جعفر من الامة المرحومة، قال: أفمن علمائهم
أنت أم من جهالهم ؟ قال: لست من جهالهم، قال النصراني: أسألك أو تسألني ؟ قال أبو
جعفر تسألني فقال: يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول سلني إن هذا لعالم
بالمسائل، ثم قال: يا عبد الله أخبرني عن ساعة ما هي من الليل ولا هي من النهار أي
ساعة هي ؟ قال أبو جعفر: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال النصراني: إذا لم
تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبو جعفر عليه
السلام: من ساعات الجنة، وفيها تفيق مرضانا. فقال النصراني: أصبت فأسألك أو تسألني
؟ قال أبو جعفر عليه السلام: سلني قال: يا معشر النصارى إن هذا لمليئ بالمسائل
أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا ؟ فقال أبو
جعفر: هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط، قال النصراني: أصبت ألم
تقل ما أنا من علمائهم ؟ قال أبو جعفر: إنما قلت لك: ما أنا من جهالهم. قال
النصراني فأسألك أو تسألني ؟ [قال أبو جعفر عليه السلام تسألني] قال: يا معشر
النصارى والله لاسألنه مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل فقال: سل، قال:
أخبرني عن رجل دنا من امرأة فحملت بابنين جميعا حملتهما، في ساعة واحدة، وماتا في
ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش
الآخر خمسين سنة من هما ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: هما عزير وعزرة كان حمل امهما
على ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزرة وعزير فعاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة،
ثم أمات الله عزيرا مائة سنة، وبقي عزرة يحيى ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين
سنة
[315]
قال النصراني: يا معشر النصارى ما رأيت
أحدا قط أعلم من هذا الرجل لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام ردوني فردوه إلى كهفه
ورجع النصارى مع أبي جعفر صلوات الله عليه (1). بيان: قوله: فربطوا عينيه، لعلهم
ربطوا حاجبيه فوق عينيه كما في الخرائج " فرأينا شيخا سقط حاجباه على عينيه من
الكبر " وقد مر فيما رواه السيد " شد حاجبيه " ويحتمل أن يكون المراد ربط أشفار
عينيه فوقهما لتنفتحا أو ربط ثوب شفيف على عينيه بحيث لا يمنع رؤيته من تحته لئلا
يضره نور الشمس لاعتياده بالظلمة في الكهف. قوله: لمليئ: أي جدير بأن يسأل عنه، ثم
اعلم أن قوله عليه السلام ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من ساعات الليل
والنهار، لا ينافي ما نقله العلامة وغيره من إجماع الشيعة على كونها من ساعات
النهار، إذ يمكن حمله على أن المراد أنها ساعة لا تشبه سائر ساعات الليل والنهار،
بل هي شبيهة بساعات الجنة، وإنما جعلها الله في الدنيا ليعرفوا بها طيب هواء الجنة
ولطافتها و اعتدالها، على أنه يحتمل أن يكون عليه السلام أجاب السائل على ما يوافق
عرفه و اعتقاده ومصطلحه. أقول: قد مر في باب احتجاجه عليه السلام من الخرايج أن
الديراني أسلم مع أصحابه على يديه عليه السلام. 3 - ص: بالاسناد عن الصدوق، عن أحمد
بن علي، عن أبيه، عن جده إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن علي بن عبد العزيز،
عن يحيى بن بشير عن أبي بصير، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال: بعث هشام بن
عبد الملك إلى أبي عليه السلام فأشخصه إلى الشام، فلما دخل عليه قال له: يا أبا
جعفر إنما بعثت إليك لاسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري، ولا ينبغي أن
يعرف هذه المسألة إلا رجل واحد، فقال له أبي: يسألني أمير المؤمنين عما أحب فإن
علمت
(1) تفسير على بن ابراهيم ص 88.
[316]
أجبته، وإن لم أعلم قلت لا أدري، وكان
الصدق أولى بي، فقال هشام: أخبرني عن الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب بما
استدل الغائب عن المصر الذي قتل فيه علي ؟ وما كانت العلامة فيه للناس ؟ وأخبرني هل
كانت لغيره في قتله عبرة. فقال له أبي: إنه لما كانت الليلة التي قتل فيها علي
صلوات الله عليه لم يرفع عن وجه الارض حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى طلع الفجر.
وكذلك كانت الليلة التي فقد فيها هارون أخو موسى صلوات الله عليهما. وكذلك كانت
الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون. وكذلك كانت الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم
عليهما السلام. وكذلك الليلة التي قتل فيها الحسين صلوات الله عليه. فتربد وجه هشام
وامتقع لونه، وهم أن يبطش بأبي، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على الناس
الطاعة لامامهم والصدق له بالنصيحة، وإن الذي دعاني إلى ما أجبت به أمير المؤمنين
فيما سألني عنه معرفتي بما يجب له من الطاعة فليحسن ظن أمير المؤمنين، فقال له
هشام: أعطني عهد الله وميثاقه ألا ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت، فأعطاه أبي من
ذلك ما أرضاه، ثم قال هشام: انصرف إلى أهلك إذا شئت، فخرج أبي متوجها من الشام نحو
الحجاز، وأبرد هشام بريدا وكتب معه إلى جميع عماله ما بين دمشق إلى يثرب يأمرهم أن
لا يأذنوا لابي في شئ من مدينتهم ولا يبايعوه في أسواقهم، ولا يأذنوا له في مخالطة
أهل الشام حتى ينفذ إلى الحجاز، فلما انتهى إلى مدينة مدين ومعه حشمه، وأتاه بعضهم
فأخبره أن زادهم قد نفد، وأنهم قد منعوا من السوق، وأن باب المدينة أغلق، فقال أبي:
فعلوها أئتوني بوضوء فاتي بماء فتوضأ ثم توكأ على غلام له ثم صعد الجبل حتى إذا صار
في ثنية (1) استقبل القبلة فصلى ركعتين، ثم قام و أشرف على المدينة ثم نادى بأعلا
صوته وقال: " وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا
(1) الثنية: العقبة أو طريقها، أو الجبل،
أو الطريقة فيه أو إليه " القاموس ".
[317]
تنقصوا المكيال والميزان إني أريكم بخير
وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط * ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا
الناس أشيائهم ولا تعثوا في الارض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " (1)
ثم وضع يده على صدره ثم نادى بأعلى صوته: أنا والله بقية الله، أنا والله بقية الله
قال وكان في أهل مدين شيخ كبير قد بلغ السن وأدبته التجارب وقد قرأ الكتب وعرفه أهل
مدين بالصلاح فلما سمع الندا قال لاهله: أخرجوني فحمل ووضع وسط المدينة، فاجتمع
الناس إليه فقال لهم: ما هذا الذي سمعته من فوق الجبل ؟ قالوا: هذا رجل يطلب السوق
فمنعه السلطان من ذلك وحال بينه وبين منافعه، فقال لهم الشيخ: تطيعونني ؟ قالوا:
اللهم نعم، قال: قوم صالح إنما ولي عقر الناقة منهم رجل واحد وعذبوا جميعا على
الرضا بفعله، وهذا رجل قد قام مقام شعيب ونادى مثل نداء شعيب عليه السلام فارفضوا
السلطان وأطيعوني واخرجوا إليه بالسوق فاقضوا حاجته، وإلا لم آمن والله عليكم
الهلكة، قال: ففتحوا الباب وأخرجوا السوق إلى أبي فاشتروا حاجتهم ودخلوا مدينتهم،
وكتب عامل هشام إليه بما فعلوه وبخبر الشيخ، فكتب هشام إلى عامله بمدين بحمل الشيخ
إليه فمات في الطريق رضي الله عنه. ايضاح: قال الجوهري (2) تربد وجه فلان أي تغير
من الغضب، وقال (3) يقال: امتقع لونه إذا تغير من حزن أو فزع. أقول: قد مر الخبر
بوجه آخر في باب معجزاته عليه السلام. قب: أبو بكر بن دريد الازدي، باسناد له، وعن
الحسن بن علي الناصر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي، وعن الحسين بن علي بن جعفر بن
موسى بن جعفر عن آبائهم كلهم عن الصادق عليه السلام قال: لما اشخص أبي محمد بن علي
إلى دمشق سمع الناس يقولون: هذا ابن أبي تراب، قال: فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثم
حمد الله
(1) سورة هود، الايات 84 - 85 - 86. (2)
الصحاح ج 1 ص 226 طبع بولاق. (3) نفس المصدر ج 1 ص 624 طبع بولاق.
[318]
وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه
وآله ثم قال: اجتنبوا أهل الشقاق، وذرية النفاق وحشو النار، وحصب جهنم، عن البدر
الزاهر، والبحر الزاخر، والشهاب الثاقب وشهاب المؤمنين، والصراط المستقيم، من قبل
أن تطمس وجوه فترد على أدبارها أو يلعنوا كما لعن أصحاب السبت وكان أمر الله
مفعولا. ثم قال بعد كلام: أبصنو رسول الله تستهزؤن ؟ أم بيعسوب الدين تلمزون ؟ وأي
سبيل بعده تسلكون ؟ وأي حزن بعده تدفعون ؟ هيهات هيهات برز والله بالسبق وفاز
بالخصل، واستوى على الغاية، وأحرز الخطار، فانحسرت عنه الابصار، و خضعت دونه
الرقاب، وفرع الذروة العليا، فكذب من رام من نفسه السعي وأعياه الطلب، فأنى لهم
التناوش من مكان بيعد، وقال: أقلوا عليهم لا أبا لابيكم من اللوم أو سدوا مكان الذي
سدوا اولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا فأنى يسد
ثلمة أخي رسول الله إذ شفعوا، وشقيقه إذ نسبوا، ونديده إذ فشلوا، وذي قرني كنزها إذ
فتحوا، ومصلي القبلتين إذ تحرفوا، والمشهود له بالايمان إذ كفروا، والمدعى لنبذ عهد
المشركين إذ نكلوا، والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا، والمستودع لاسرار
ساعة الوداع، إلى آخر كلامه (1). توضيح: أهل الشقاق أي يا أهل الشقاق عن البدر
الزهر أي عن سوء القول فيه، وذخر البحر أي مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه، والثاقب:
المضئ، و الصنو: بالكسر المثل وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد، واللمز: العيب و
الوقوع في الناس، برز والله بالسبق: أي ظهر وخرج من بينهم بأن سبقهم في جميع
الفضائل. قوله عليه السلام: بالخصل أي بالغلبة على من راهنه في إحراز سبق الكمال.
قال الفيروز آبادي (2) الخصل إصابة القرطاس وتخاصلوا تراهنوا على النضال وأحرز
(1) المناقب ج 3 ص 334. (2) القاموس ج 3 ص
368 وفيه بعده: أو أن يقع السهم بلزق القرطاس.
[319]
خصله وأصاب خصله غلب، وخصلهم خصلا وخصالا
بالكسر فضلهم انتهى. والغاية: العلامة التي تنصب في آخر الميدان فمن انتهى إليه قبل
غيره فقد سبقه، والخطار بالكسر جمع خطر بالتحريك: وهو السبق الذي يتراهن عليه
فانحسرت أي كلت عن إدراكه الابصار لبعده في السبق عنهم، وفرع: أي صعد وارتفع أعلى
الدرجة العليا من الكمال. فكذب: بالتشديد أي صار ظهور كماله سببا لظهور كذب من طلب
السعي لتحصيل الفضل، وأعياه الطلب ومع ذلك ادعى مرتبته، ويحتمل التخفيف أيضا و يمكن
عطف قوله وأعياه على قوله كذب، وعلى قوله رام، والتناوش: التناول أي كيف يتيسر
تناول درجته وفضله وهم في مكان بعيد منها، أقلوا عليهم أي على أهل البيت عليهم
السلام. قوله عليه السلام: وسدوا مكان الذي سدوا، لعل المراد سدوا الفرج والثلم
التي سدها أهل البيت عليهم السلام من البدع والاهواء في الدين أو كونوا مثل الذين
سدوا ثلم الباطل، كما يقال سد مسده، مؤيده قوله: فأنى يسد، ويحتمل أن يكون من قولهم
سد يسد أي صار سديدا قوله عليه السلام فأنى يسد أي كيف يمكن سد ثلمة حصلت بفقده
عليه السلام بغيره. والحال أنه كان أخا رسول الله صلى الله عليه وآله إذ صار كل
منهم شفعا بنظيره كسلمان مع أبي ذر، وأبي بكر مع عمر، والشقيق الاخ كأنه شق نسبه من
نسبه، وكل ما انشق نصفين كل منهما شقيق، أي عده الرسول صلى الله عليه وآله شقيق
نفسه عند ما لحق كل ذي نسب بنسبه، ونديده أي مثله في الثبات والقوة إذ قتلوا وصرفوا
وجوههم عن الحرب، أو فشلوا من الفشل: الضعف والجبن. قوله: وذي قرني كنزها إشارة إلى
قول النبي صلى الله عليه وآله له عليه السلام لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها،
ويحتمل إرجاع الضمير إلى الجنة وإلى الامة وقد مر تفسيرها في كتاب تاريخه عليه
السلام. وقوله: إذ فتحوا أي قال ذلك حين أصابهم فتح أو أنه عليه السلام ملكه وفوض
إليه عند كل الفتوح اختيار طرفي كنزها وغنائمها لكونها على يده وعلى
[320]
تقدير إرجاع الضمير إلى الجنة يحتمل أن
يكون المراد فتح بابها، ويحتمل أن يكون إذ قبحوا على المجهول من التقبيح أي مدحه
حين ذمهم، والادعاء لنبذ عهد المشركين يمكن حمله على زمان النبي صلى الله عليه وآله
وبعده، فعلى الاول المراد أنه لما أراد النبي صلى الله عليه وآله طرح عهد المشركين
والمحاربة معهم كان هو المدعى والمقدم عليه وقد نكل غيره عن ذلك فيكون إشارة إلى
تبليغ سورة براءة وقراءتها في الموسم و نقض عهود المشركين وإيذانهم بالحرب وغير ذلك
مما شاكله، وعلى الثاني إشارة إلى العهود التي كان عهدها النبي صلى الله عليه وآله
على المشركين فنبذ خلفاء الجور تلك العهود وراءهم فادعى عليه السلام إثباتها
وإبقاءها والاول أظهر، قوله عليه السلام: ليلة الحصار أي محاصرة، المشركين النبي
صلى الله عليه وآله في بيته. 8 * (باب) * * " (احوال أصحابه وأهل زمانه من الخلفاء
وغيرهم) " * * " (وما جرى بينه عليه السلام وبينهم) " * 1 - ب: ابن طريف، عن ابن
علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، قال: لما ولي عمر بن عبد العزيز أعطانا
عطايا عظيمة، قال: فدخل عليه أخوه فقال له: إن بني امية لا ترضى منك بأن تفضل بني
فاطمة عليهم، فقال: افضلهم لاني سمعت حتى لا ابالي ألا أسمع أو لا أسمع، أن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان يقول: إنما فاطمة شجنة (1) مني يسرني ما أسرها،
ويسؤوني ما أساءها، فأنا أبتغي سرور رسول الله صلى الله عليه وآله وأتقي مساءته
(2).
(1) الشجن: بتقديم الجيم على النون محركة
الشعبة من كل شئ. (2) قرب الاسناد ص 172.
[321]
بيان: قوله: حتى لا ابالي أي سمعت كثيرا
بحيث لا ابالي أن لا أسمع بعد ذلك، والترديد من الراوي في كلمة أن. 2 - د: روى أبو
الحسن اليشكري، عن عمرو بن العلا، عن يونس النحوي اللغوي، قال: حضرت مجلس الخليل بن
أحمد العروضي قال: حضرت مجلس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان وقد اسحنفر في
سب علي واثعنجر في ثلبه إذ خرج عليه أعرابي على ناقة له وذفراها يسيلان لاغذاذ
السير دما، فلما رآه الوليد - لعنه الله - في منظرته قال: ائذنوا لهذا الاعرابي
فإني أراه قد قصدنا، و جاء الاعرابي فعقل ناقته بطرف زمامها، ثم أذن له فدخل،
فأورده قصيدة لم يسمع السامعون مثلها جودة قط، إلى أن انتهي إلى قوله: ولما أن رأيت
الدهر ألى علي ولح في إضعاف حالي وفدت إليك أبغي حسن عقبى أسد بها خصاصات العيال
وقائلة إلى من قد رآه يؤم ومن يرجي للمعالي فقلت إلى الوليد أزم قصدا وقاه الله من
غير الليالي هو الليث الهصور شديد بأس هو السيف المجرد للقتال خليفة ربنا الداعي
علينا وذو المجد التليد أخو الكمال قال: فقبل مدحته وأجزل عطيته، وقال له: يا أخا
العرب قد قبلنا مدحتك و أجزلنا صلتك، فاهج لنا عليا أبا تراب، فوثب الاعرابي يتهافت
قطعا (1) ويزأر حنقا (2) ويشمذر شفقا، وقال: والله إن الذي عنيته بالهجاء، لهو أحق
منك بالمديح، وأنت أولى منه بالهجاء، فقال له جلساؤه: اسكت نزحك الله قال: علام
ترجوني ؟ وبم تبشروني ؟ ولما أبديت سقطا، ولا قلت شططا، ولا ذهبت غلطا، على أنني
فضلت عليه من هو أولى بالفضل منه، علي بن أبيطالب صلوات الله عليه، الذي
(1) التهافت: التساقط، وقطعا جمع قطعة وهى
الطائفة من الشئ والمراد بها هنا شطر من الكلام. (2) الحنق: محركة الغيظ أو شدته.
[322]
تجلبب بالوقار، ونبذ الشنار (1) وعاف (2)
العار، وعمد الانصاف، وأبد الاوصاف وحصن الاطراف، وتألف الاشراف، وأزال الشكوك في
الله بشرح ما استودعه الرسول من مكنون العلم الذي نزل به الناموس (3) وحيا من ربه
ولم يفتر (4) طرفا، ولم يصمت الفا، ولم ينطق خلفا، الذي شرفه فوق شرفه، وسلفه في
الجاهلية أكرم من سلفه، لا تعرف الماديات في الجاهلية إلا بهم، ولا الفضل إلا فيهم،
صفة من اصطفاه الله واختارها. فلا يغتر الجاهل بأنه قعد عن الخلافة بمثابرة من ثابر
عليها، وجالد بها والسلال المارقة، والاعوان الظالمة، ولئن قلتم ذلك كذلك إنما
استحقها بالسبق تالله ما لكم الحجة في ذلك، هلا سبق صاحبكم إلى المواضع الصعبة،
والمنازل الشعبة، والمعارك المرة، كما سبق إليها علي بن أبي طالب صلوات الله عليه،
الذي لم يكن بالقبعة ولا الهبعة، ولا مضطغنا آل الله، ولا منافقا رسول الله. كان
يدرؤ عن الاسلام كل أصبوحة ويذب عنه كل أمسية، ويلج بنفسه في الليل الديجور المظلم
الحلكوك، مرصدا للعدو. هو ذل تارة وتضكضك اخرى، و يا رب لزبة آتية قسية وأوان آن
أرونان قذف بنفسه في لهوات وشيجة، وعليه زغفة ابن عمه الفضفاضة، وبيده خطية عليها
سنان لهذم، فبرز عمرو بن ود القرم الاود، والخصم الالد، والفارس الاشد، على فرس
عنجوج، كأنما نجر نجره باليلنجوج، فضرب قونسه ضربة قنع منها عنقه، أو نسيتم عمرو بن
معدي كرب الزبيدي إذ أقبل يسحب ذلاذل درعه، مدلا بنفسه، قد زحزح الناس عن أماكنهم
ونهضهم عن مواضعهم، ينادي أين المبارزون يمينا وشمالا ؟ فانقض عليه كسوذنيق أو
كصيخودة منجنيق، فوقصه وقص القطام بحجره الحمام، وأتى به إلى رسول الله
(1) الشنار: بالفتح أقبح العيب والعار.
(2) عاف الشئ كرهه. (3) الناموس الملك الذى يجئ بالوحى كجبرئيل عليه السلام. (4)
فتر فتورا سكن بعد حدة.
[323]
صلى الله عليه وآله كالبعير الشارد، يقاد
كرها وعينه تدمع، وأنفه ترمع، وقلبه يجزع، هذا وكم له من يوم عصيب برز فيه إلى
المشركين بنية صادقة، وبرز غيره وهو أكشف أميل أجم أعزل، ألا وإني مخبركم بخبر على
أنه مني بأوباش كالمراطة بين لغموط وحجابه وفقامه ومغذمر ومهزمر، حملت به شوهاء
شهواء في أقصى مهيلها، فأتت به محضا بحتا، وكلهم أهون على علي من سعدانة بغل، أفمثل
هذا يستحق الهجاء، وعزمه الحاذق، وقوله الصادق، وسيفه الفالق، وإنما يستحق الهجاء
من سامه إليه، وأخذ الخلافة، وأزالها عن الوارثة، وصاحبها ينظر إلى فيئه، وكأن
الشبادع تلسبه، حتى إذا لعب بها فريق بعد فريق، وخريق بعد خريق، اقتصروا على ضراعة
الوهز، وكثرة الابز، ولو ردوه إلى سمت الطريق والمرت البسيط، والتامور العزيز،
ألفوه قائما، واضعا الاشياء في مواضعها، لكنهم انتهزوا الفرصة، واقتحموا الغصة،
وباؤا بالحسرة. قال: فاربد وجه الوليد وتغير لونه، وغص بريقه، وشرق بعبرته، كأنما
فقئ في عينه حب المض الحاذق، فأشار عليه بعض جلسائه بالانصراف وهو لا يشك أنه مقتول
به، فخرج فوجد بعض الاعراب الداخلين، فقال له: هل لك أن تأخذ خلعتي الصفراء وآخذ
خلعتك السوداء وأجعل لك بعض الجائزة حظا ؟ ففعل الرجل وخرج الاعرابي فاستوى على
راحلته، وغاص في صحرائه، وتوغل في بيدائه، و اعتقل الرجل الآخر فضرب عنقه، وجيئ به
إلى الوليد، فقال: ليس هو هذا بل صاحبنا، وأنفذ الخيل السراع في طلبه فلحقوه بعد
لاي، فلما أحس بهم أدخل يده إلى كنانته يخرج سهما سهما يقتل به فارسا، إلى أن قتل
من القوم أربعين و انهزم الباقون، فجاؤا إلى الوليد فأخبروه بذلك، فأغمي عليه يوما
وليلة أجمع قالوا: ما تجد ؟ قال: أجد على قلبي غمة كالجبل من فوت هذا الاعرابي فلله
دره. بيان: اسحنفر الرجل: مضى مسرعا، ويقال: ثعجرت الدم وغيره فاثعنجر أي صببته
فانصب، وذفري البعير أصل اذنيها، وأغذ السير أسرع، ويقال ألى يؤلي
[324]
تألية إذا قصر وأبطأ، والهصور الاسد
الشديد الذي يفترس ويكسر، والزأر: صوت الاسد من صدره، وقال في القاموس (1) الشميذر:
كسفرجل البعير السريع والغلام النشيط الخفيف، كالشمذارة، والسير الناجي كالشمذار
والشمذر، قوله نزحك الله: أي أنفذ الله ما عندك من خيره، قوله وأبد الاوصاف: أي جعل
الاوصاف الحسنة جارية بين الناس، أو بتخفيف الباء المكسورة من قولهم أبد كفرح إذا
غضب وتوحش فالمراد الاوصاف الردية، ويقال قبع القنفذ يقبع قبوعا أدخل رأسه في جلده،
وكذلك الرجل إذا أدخل رأسه في قميصه، وامرأة قبعة طلعة تقبع مرة وتطلع اخرى،
والقبعة أيضا طوير أبقع مثل العصفور يكون عند حجرة الجرذان، فإذا فزع ورمي بحجر
انقبع فيها، وهبع هبوعا مشى ومد عنقه وكأن الاول كناية عن الجبن، والثاني عن الزهو
والتبختر، والحلكوك بالضم والفتح الاسود الشديد السواد. وهو ذل في مشيه: أسرع،
والضكضكة، مشية في سرعة، وتضكضك انبسط وابتهج، والاخير أنسب، واللزبة الشدة. قوله
آتية أي تأتي على الناس وتهلكهم، وفي بعض النسخ آبية أي يأبى عنها الناس، قوله:
قسية: أي شديدة، من قولهم عام قسي أي شديد من حر أو برد. قوله: آن أي حار كناية عن
الشدة، ويوم أرونان: صعب، قوله وشيجة أي ما اشتبك من الحروب والاسلحة، والزغفة
الدرع اللينة، والفضفاضة الواسعة والرماح الخطية منسوبة إلى خط موضع باليمامة،
واللهذم من الاسنة القاطع والقرم: البعير يتخذ للفحل، والسيد، والاود الاعوجاج،
والمراد به المعوج أو هو الارد بالراء والدال المشددة لرده الخصام عنه، والعنجوج:
الفرس الجيد، واليلنجوج العود الذي يتبخر به، والقونس أعلى البيضة من الحديد، وقنعت
(1) القاموس المحيط ج 2 ص 64.
[325]
المرأة ألبستها القناع وقنعت رأسه بالسوط
ضربا، وذلاذل الدرع: ما يلي الارض من أسافله، والسود (1) كأنه جمع الاسود بمعنى
الحية العظيمة، إن وكان نادرا والنيق بالكسر أعلا موضع من الجبل، والصيخورة كأنها
بمعنى الصخرة (2) وإن لم نرها في كتب اللغة، ووقص عنقه كسرها، والقطام كسحاب الصقر،
ورمع أنفه من الغضب تحرك، والاكشف من ينهزم في الحرب، والاميل الجبان والاجم الرجل
بلا رمح، والاعزل الرجل المنفرد المنقطع، ومن لا سلاح معه والاوباش الاخلاط
والسفلة، والمراطة ما سقط في التسريح أو النتف، واللغموط لم أجده في اللغة (3) وفي
القاموس (4) اللعمط كزبرج المرأة البذية، ولا يبعد كون الميم زائدة واللغط الاصوات
المختلفة والجلبة، وفقم فلان: بطر وأشر، والامر لم يجر على استواء، وغذمره باعه
جزافا، والغذمرة الغضب، والصخب، واختلاط الكلام والصياح، والمغذمر: من يركب الامور
فيأخذ من هذا ويعطي هذا، ويدع لهذا من حقه، والهزمرة الحركة الشديدة. وهزمره عنف
به، والشبادع: جمع الشبدع بالدال المهملة كزبرج وهو: العقرب، ويقال لسبته الحية
وغيرها كمنعه وضربه لدغته، والمراد بالخريق من يخرق الدين ويضيعه وكان يحتمل النون
فيهما فالفرنق كقنفذ الردي، والخرنق كزبرج الردي من الارانب، والوهز الوطئ والدفع،
والحث، والابز: الوثب والبغي، والمرت: المفازة، والتامور: الوعاء والنفس وحياتها،
والقلب وحياته، ووزير الملك، والماء ولكل وجه مناسبة.
(1) يريد السود في قوله " كسودنيق " ولذا
يفسر بعد ذلك قوله " نيق " ولكن الصحيح " السوذنيق " والكلمة واحدة وزان زنجبيل
ويضم أوله بمعنى الصقر والشاهين وهو المناسب لقوله " فانقض " (ب). (2) قد عرفت أنها
بالدال " الصيخودة " يقال صخرة صيخود: لا تعمل فيها المعاول (ب) (3) ولعله " الغموط
" بالالف واللام من " غمط ". (ب) (4) ج 2 ص 383.
[326]
قوله: كأنما فقئ: أي كأنما كسر حاذق لا
يخطئ حبا يمض العين ويوجعها في عينه، فدخل ماؤه فيها كحب الرمان أو الحصرم، عبر
بذلك عن شدة احمرار عينه، واللاي: الابطاء والاحتباس والشدة. أقول: إنما أوردت هذه
القصة مع كون النسخة سقيمة قد بقي منها كثير لم يصحح، لغرابتها ولطافتها. 3 - ل:
الطالقاني، عن محمد بن جرير الطبري، عن أبي صالح الكناني عن يحيى بن عبد الحميد
الحماني، عن شريك، عن هشام بن معاذ، قال: كنت جليسا لعمر بن عبد العزيز حيث دخل
المدينة فأمر مناديه فنادى من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأت الباب، فأتى محمد بن
علي يعنى الباقر عليه السلام فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن علي بالباب
فقال له: أدخله يا مزاحم قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع فقال له محمد بن علي
عليهما السلام: ما أبكاك يا عمر ؟ فقال: هشام أبكاني كذا وكذا يا ابن رسول الله،
فقال محمد بن علي عليهما السلام: يا عمر إنما الدنيا سوق من الاسواق منها خرج قوم
بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرهم، وكم من قوم قد غرتهم بمثل الذي أصبحنا فيه، حتى
أتاهم الموت فاستوعبوا، فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا لما أحبوا من الآخرة
عدة، ولا مما كرهوا جنة، قسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن
والله محقوقون، أن ننظر إلى تلك الاعمال التي كنا نغبطهم بها، فنوافقهم فيها، وننظر
إلى تلك الاعمال التي كنا نتخوف عليهم منها، فنكف عنها. فاتق الله واجعل في قلبك
اثنتين، تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وتنظر الذي
تكرهه أن يكون معك إذا قدمت على ربك فابتغ به البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت
على من كان قبلك، ترجو أن تجوز عنك واتق الله يا عمر وافتح الابواب وسهل الحجاب،
وانصر المظلوم ورد المظالم، ثم قال: ثلاث من كن فيه استكمل الايمان بالله، فجثا عمر
على ركبتيه وقال: إيه يا أهل بيت النبوة فقال: نعم يا عمر من إذا رضي لم يدخله رضاه
[327]
في الباطل، وإذا غصب لم يخرجه غضبه من
الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله
الرحمن الرحيم هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي عليهما السلام فدك
(1). 4 - قب: هشام بن معاذ مثله (2). بيان: قال الجوهري (3) حق له أن يفعل كذا وهو
حقيق به ومحقوق به أي خليق له، والجمع أحقاء ومحقوقون انتهى، قوله عليه السلام: أن
تجوز عنك أي تقبل منك فيتجاوز عنك ولا تبقى بائرة عليك، وقال الفيروز آبادي (4) إيه
بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المسكورة كلمة استزادة واستنطاق. 5 - ير: أحمد بن
محمد، عن الاهوازي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن دينار، عن عبد الله بن عطا
التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام في المسجد فمر عمر بن عبد العزيز
عليه شراكا فضة وكان من أحسن الناس وهو شاب فنظر إليه علي بن الحسين عليهما السلام
فقال: يا عبد الله بن عطا أترى هذا المترف ؟ إنه لن يموت حتى يلي الناس، قال: قلت:
هذا الفاسق ؟ قال: نعم فلا يلبث فيهم إلا يسيرا حتى يموت، فإذا هو مات لعنه أهل
السماء، واستغفر له أهل الارض (6). بيان: أترفته النعمة أطغته. 6 - ير: أحمد بن
محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد
وأحاديثه وأعاجيبه قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا اريد أن أسأله
عنه، فابتدأني من غير أن أسأله: رحم الله جابر بن يزيد الجعفي
(1) الخصال ج 1 ص 51 باب الثلاثة. (2)
المناقب ج 3 ص 337. (3) الصحاح ج 2 ص 75 طبع بولاق. (4) القاموس ج 4 ص 280. (5)
بصائر الدرجات ج ص 45.
[328]
كان يصدق علينا، ولعن الله المغيرة بن
سعيد كان يكذب علينا (1). 7 - سن: أحمد، عن ابن فضال، عن بكار، عن أبي بكر الحضرمي
قال: قيل لابي جعفر عليه السلام: إن عكرمة مولى ابن عباس قد حضرته الوفاة، قال:
فانتقل ثم قال: إن أدركته علمته كلاما لم يطعمه النار، فدخل عليه داخل فقال: قد
هلك، قال: فقال له: فعلمناه فقال: والله ما هو إلا هذا الامر الذي أنتم عليه (2). 8
- ختص: جعفر بن الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى عن ياسين
الضرير، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: ما شجر في قلبي شئ قط إلا سألت عنه أبا جعفر
عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ستة
عشر ألف حديث (3). 9 - ختص: جعفر بن الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن علي بن
حسان، عن علي بن عطية الزيات، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي جعفر عليه السلام جعلت
فداك أخبرني بركود الشمس قال: ويحك يا محمد ما أصغر جثتك، وأعضل مسألتك، ثم سكت عني
ثلاثة أيام ثم قال لي في اليوم الرابع: إنك لاهل للجواب والحديث معروف (4). 10 -
ختص: ابن الوليد، عن الصفار وسعد، عن ابن عيسى، عن الحجال عن العلا، عن ابن أبي
يعفور قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام إني ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكنني
القدوم، ويجيئ الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه قال: فما يمنعك
من محمد بن مسلم الثقفي فانه قد سمع من أبي، وكان عنده
(1) نفس المصدر ص 64. (2) المحاسن للبرقي
ص 149. (3) الاختصاص ص 201 وأخرجه الكشى في رجاله ص 109. (4) نفس المصدر ص 201
وأخرج الحديث بتمامه الصدوق في الفقيه ج 1 ص 145.
[329]
مرضيا وجيها (1). 11 - ختص: محمد بن مسلم
الطائفي الثقفي القصير الطحان الكوفي عربي مات سنة خمسين ومائة (2). 12 - يج: روي
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان زيد بن الحسن يخاصم أبي في
ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: أنا من ولد الحسن، وأولى بذلك منك، لاني
من ولد الاكبر، فقاسمني ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله وادفعه إلي فأبى أبي
فخاصمه إلى القاضي، فكان زيد معه إلى القاضي، فبينما هم كذلك ذات يوم في خصومتهم،
إذ قال زيد بن الحسن لزيد بن علي: اسكت يا ابن السندية فقال زيد بن علي: اف لخصومة
تذكر فيها الامهات، والله لا كلمتك بالفصيح من رأسي أبدا حتى أموت، وانصرف إلى أبي
فقال: يا أخي إني حلفت بيمين ثقة بك، وعلمت أنك لا تكرهني ولا تخيبني، حلفت أن لا
اكلم زيد بن الحسن ولا اخاصمه، وذكر ما كان بينهما فأعفاه أبي واغتمها زيد بن الحسن
فقال: يلي خصومتي محمد بن علي فاعتبه واوذيه فيعتدي علي، فعدا على أبي فقال: بيني
وبينك القاضي فقال: انطلق بنا فلما أخرجه قال أبي يا زيد إن معك سكينة قد أخفيتها
أرأيتك إن نطقت هذه السكينة التي تسترها مني فشهدت أني أولى بالحق منك، أفتكف عني ؟
قال: نعم وحلف له بذلك فقال أبي: أيتها السكينة انطقي باذن الله، فوثبت السكينة من
يد زيد بن الحسن على الارض. ثم قالت: يا زيد أنت ظالم، ومحمد أحق منك وأولى، ولئن
لم تكف لالين قتلك، فخر زيد مغشيا عليه، فأخذ أبي بيده فأقامه، ثم قال: يا زيد إن
نطقت الصخرة التي نحن عليها أتقبل ؟ قال: نعم، فرجفت الصخرة التي مما يلي زيد، حتى
كادت أن تفلق، ولم ترجف مما يلي أبي ثم قالت: يا زيد أنت ظالم، ومحمد أولى بالامر
منك، فكف عنه وإلا وليت قتلك فخر زيد مغشيا عليه، فأخذ أبي بيده وأقامه، ثم قال: يا
زيد أرأيت إن نطقت هذه الشجرة تسير
(1 و 2) الاختصاص ص 201.
[330]
إلي أتكف ؟ قال: نعم فدعا أبي عليه السلام
الشجرة فأقبلت تخد الارض حتى أظلتهم ثم قالت: يا زيد أنت ظالم ومحمد أحق بالامر منك
فكف عنه، وإلا قتلتك فغشي على زيد، فأخذ أبي بيده، وانصرفت الشجرة إلى موضعها، فحلف
زيد أن لا يعرض لابي ولا يخاصمه، فانصرف وخرج زيد من يومه إلى عبد الملك بن مروان
فدخل عليه وقال: أتيتك من عند ساحر كذاب لا يحل لك تركه، وقص عليه ما رأى، وكتب عبد
الملك إلى عامل المدينة، أن ابعث إلي محمد بن علي مقيدا وقال لزيد: أرأيتك إن وليتك
قتله قتلته ؟ قال: نعم. قال: فلما انتهى الكتاب إلى العامل أجاب عبد الملك: ليس
كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين، ولا أرد أمرك، ولكن رأيت أن اراجعك في
الكتاب نصيحة لك، وشفقة عليك، وإن الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الارض أعف
منه ولا أزهد ولا أورع منه، وإنه ليقرء في محرابه، فيجتمع الطير والسباع تعجبا
لصوته وإن قراءته كشبه مزامير داود، وإنه من أعلم الناس، وأرق الناس وأشد الناس
اجتهادا وعبادة، وكرهت لامير المؤمنين التعرض له فان الله لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم، فلما ورد الكتاب على عبد الملك سر بما أنهى إليه الوالي وعلم
أنه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب، فقال: أعطاه وأرضاه فقال عبد الملك:
فهل تعرف أمرا غير هذا ؟ قال: نعم عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه،
ودرعه، وخاتمه، وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فإن هو لم يبعث به فقد وجدت إلى
قتله سبيلا. فكتب عبد الملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمد بن علي ألف ألف
درهم، وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى العامل منزل أبي
فأقرأه الكتاب فقال: أجلني أياما قال: نعم فهيأ أبي متاعا ثم حمله ودفعه إلى
العامل، فبعث به إلى عبد الملك، وسر به سرورا شديدا فأرسل إلى زيد، فعرض عليه، فقال
زيد، والله ما بعث إليك من متاع رسول الله صلى الله عليه وآله قليلا ولا كثيرا فكتب
عبد الملك إلى أبي إنك أخذت مالنا، ولم ترسل إلينا بما طلبنا.
[331]
فكتب إليه أبي: إني قد بعثت إليك بما قد
رأيت فإن شئت كان ما طلبت، وإن شئت لم يكن، فصدقه عبد الملك، وجمع أهل الشام وقال:
هذا متاع رسول الله صلى الله عليه وآله قد أتيت به، ثم أخذ زيدا وقيده وبعث به،
وقال له: لو لا أني اريد لا أبتلي بدم أحد منكم لقتلتك، وكتب إلى أبي بعثت إليك
بابن عمك فأحسن أدبه، فلما أتى به قال أبي: ويحك يا زيد ما أعظم ما تأتي به، وما
يجري على يديك، إني لا عرف الشجرة التي نحت منها، ولكن هكذا قدر فويل لمن أجرى الله
على يديه الشر، فاسرج له فركب أبي ونزل متورما فأمر بأكفان له، وكان فيه ثياب أبيض
أحرم فيه وقال: اجعلوه في أكفاني، وعاش ثلاثا، ثم مضى عليه السلام لسبيله وذلك
السرج عند آل محمد معلق، ثم إن زيد بن الحسن بقي بعده أياما فعرض له داء فلم يزل
يتخبط ويهوي، وترك الصلاة حتى مات (1). بيان: الظاهر أنه سقط من آخر الخبر شئ،
ويظهر منه أن إهانة زيد و بعثه إلى الباقر عليه السلام إنما كان على وجه المصلحة،
وكان قد واطأه على أن يركبه عليه السلام على سرج مسموم بعث به إليه معه، فأظهر عليه
السلام علمه بذلك حيث قال: أعرف الشجرة التي نحت السرج منها، فكيف لا أعرف ما جعل
فيه من السم ولكن قدر أن تكون شهادتي هكذا، فلذا قال عليه السلام السرج معلق عندهم،
لئلا يقربه أحد، أو ليكون حاضرا يوم ينتقم من الكافر في الرجعة. قوله: يتخبطه أي
يفسده الداء ويذهب عقله، ويهوي أي ينزل في جسده ولعله كان يهذي من الهذيان، ثم إنه
يشكل بأنه يخالف ما مر من التاريخ وما سيأتي، ولعله كان هشام بن عبد الملك فسقط من
الرواة والنساخ. 12 - يج: عن الباقر عليه السلام قال: إن عبد الملك لما نزل به
الموت مسخ وزغا فكان عنده ولده، ولم يدروا كيف يصنعون، وذهب ثم فقدوه، فأجمعوا على
أن أخذوا جذعا فصنعوه كهيئة رجل ففعلوا ذلك، وألبسوا الجذع، ثم كفنوه في
(1) الخرائج والجرائح ص 230.
[332]
الاكفان لم يطلع عليه أحد من الناس إلا
ولده وأنا (1). 14 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد، عن جده، عن الزبير بن أبي بكر، عن
عبد الرحمن بن عبد الله الزهري، قال: حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام
متكئا على يد سالم مولاه، ومحمد بن علي بن الحسين عليهما السلام جالس في المسجد
فقال له سالم: يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين فقال له هشام: المفتون
به أهل العراق ؟ قال: نعم قال: اذهب إليه وقل له: يقول لك أمير المؤمنين ما الذي
يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة ؟ قال له أبو جعفر عليه السلام:
يحشر الناس على مثل قرص النقي، فيها أنهاره مفجرة يأكلون و يشربون، حتى يفرغ من
الحساب، قال: فرأى هشام أنه قد ظفر به، فقال: الله أكبر اذهب إليه فقل له يقول لك:
ما أشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام: هم في النار
أشغل، ولم يشغلوا عن أن قالوا " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " فسكت
هشام، لا يرجع كلاما (2). بيان: النقي الخبز الحوارى الابيض. 15 - شى: عن سليمان
اللبان قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أتدري ما مثل المغيرة بن سعيد ؟ قال: قلت:
لا قال: مثله مثل بلعم الذي اوتي الاسم الاعظم الذي قال الله " آتيناه آياتنا
فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين " (3).
(1) لم نعثر عليه في الخرائج المطبوعة
عاجلا وأخرجه الكليني في الكافي ج 8 ص 232. (2) الارشاد ص 282. (3) تفسير العياشي ج
2 ص 42 وأخرجه السيد البحراني في تفسيره البرهان ج 2 ص 51 والفيض في تفسيره الصافى
ج 1 ص 626، وقد ورد نسبة المغيرة في تفسير العياشي إلى ابن شعبة وهو غلط فاحش فان
المغيرة بن شعبة مات سنة 50 من الهجرة وليس هو المراد بل الصواب المغيرة بن سعيد
الذى تنسب إليه المغيرية وهو الذى ورد في ذمه الحديث كما في رجال الكشى ص 148. وفيه
" سلمان الكنانى بدل سليمان اللبان " وقد لعن الامام الصادق عليه السلام المغيرة بن
سعيد هذا وقال فيه أبو الحسن الرضا عليه السلام بانه كان يكذب على أبى جعفر عليه
السلام ومن الخير أن نذكر رواية ذكرها الكشى في رجاله ص 147 تلقى -
[333]
16 - قب: بلغنا أن الكميت أنشد الباقر
عليه السلام: من لقلب متيم مستهام فتوجه الباقر عليه السلام إلى الكعبة، فقال:
اللهم ارحم الكميت واغفر له - ثلاث مرات ثم قال: يا كميت هذه مائة ألف قد جمعتها لك
من أهل بيتي، فقال الكميت: لا والله لا يعلم أحد أني آخذ منها حتى يكون الله عزوجل
الذي يكافيني، ولكن تكرمني بقميص من قمصك، فأعطاه (1). 17 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي
بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنا عنده وعنده حمران إذ دخل عليه مولى له فقال
له: جعلت فداك هذا عكرمة في الموت، وكان يرى رأي الخوارج، وكان منقطعا إلى أبي جعفر
عليه السلام فقال لنا أبو جعفر عليه السلام: أنظروني حتى أرجع إليكم فقلنا: نعم فما
لبث أن رجع، فقال: أما إني لو أدركت عكرمة قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات
ينتفع بها، ولكني أدركته وقد وقعت النفس موقعها، فقلت: جعلت فداك وما ذلك الكلام ؟
فقال: هو والله ما أنتم عليه، فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله
والولاية (2). 18 - ختص: عدة من أصحابنا، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن بعض أصحابنا، عن الاصم، عن مدلج، عن محمد بن مسلم، قال: خرجت إلى
المدينة وأنا وجع ثقيل فقيل له: محمد بن مسلم وجع، فأرسل إلي أبو جعفر عليه السلام
- لنا الضوء على كثير ما في كتب أصحابنا
مما يشعر بالغلو وعنه عن يونس عن هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله عليه السلام
يقول كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبى ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه
المستترون بأصحاب أبى يأخذون الكتب من أصحاب أبى فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدس
فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبى، ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يثبتوها في
[كتب] الشيعة، فكلما كان في كتب أصحاب أبى من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد
في كتبهم. (1) المناقب ج 3 ص 329. (2) الكافي ج 3 ص 122.
[334]
بشراب مع الغلام مغطى بمنديل، فناولنيه
الغلام، وقال لي: اشربه فإنه قد أمرني أن لا أرجع حتى تشربه، فتناولت فإذا رائحة
المسك منه، وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك إذا شربت
فتعال ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي، فلما استقر الشراب
في جوفي، كأنما انشطت من عقال، فأتيت بابه، فاستأذنت عليه، فصوت بي، نصح الجسم،
ادخل فدخلت وأنا باك، فسلمت وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد ؟ فقلت:
جعلت فداك أبكي على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر إليك
فقال لي: أما قلة المقدرة، فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم
سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة فلك بأبي عبد الله عليه السلام اسوة بأرض ناء عنا
بالفرات صلى الله عليه. وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذه الدنيا غريب،
وفي هذا الخلق منكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك
قربنا والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه (1).
19 - ما: المفيد، عن الحسين بن محمد التمار، عن أحمد بن عبد الله بن محمد، عن أبي
الفضل الربعي، عن جميل المكي، عن الاصمعي، عن جابر بن عون قال: دخل أسماء بن خارجة
الفزاري على عمر بن عبد العزيز يوم بويع له فأنشأ يقول: إن أولى الانام بالحق قدما
هو أولى بأن يكون خليقا بالامر والنهي للاولى يأتي بغيره أن يكون يليقا من أبوه عبد
العزيز بن مروان ومن كان جده الفاروقا فقال له عمر: إن أمسكت عن هذا لكان أحب إلي
(2).
(1) الاختصاص ص 52 وأخرجه الكشى في رجاله
ص 112 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 316. (2) أمالى الشيخ الطوسى ص 80.
[335]
20 - ما: أبو عمرو وعبد الواحد بن محمد،
عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن عبد
الله بن أبي بكر بن عمرو ابن حزم، عن أبيه قال: عرض في نفس عمر بن عبد العزيز شئ من
فدك، فكتب إلى أبي بكر وهو على المدينة انظر ستة آلاف دينار فزد عليها غلة فدك
أربعة آلاف دينار، فاقسمها في ولد فاطمة رضي الله عنهم من بني هاشم، وكانت فدك
للنبي صلى الله عليه وآله خاصة، فكانت مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب (1). 21 -
كا: العدة، عن الوشاء، عن ثعلبة، عن أبي مريم قال: قال أبو جعفر عليه السلام لسلمة
بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا
(2). 22 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر عن يحيى
الحلبي، عن معلى بن عثمان، عن أبي بصير قال: قال لي: إن الحكم ابن عتيبة ممن قال
الله " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " فليشرق الحكم
وليغرب أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام (3).
23 - اعلام الدين للديلمي: قال رجل لعبد الملك بن مروان: اناظرك و أنا آمن ؟ قال:
نعم، فقال له: أخبرني عن هذا الامر الذي صار إليك أبنص من الله ورسوله ؟ قال: لا،
قال: اجتمعت الامة فتراضو بك ؟ فقال: لا، قال: فكانت لك بيعة في أعناقهم فوفوا بها
؟ قال: لا، قال: فاختارك أهل الشورى ؟ قال: لا، قال: أفليس قد قهرتهم على أمرهم،
واستأثرت بفيئهم دونهم ؟ قال: بلى قال: فبأي شئ سميت أمير المؤمنين ولم يؤمرك الله
ولا رسوله ولا المسلمون ؟ قال له: اخرج عن بلادي وإلا قتلتك، قال: ليس هذا جواب أهل
العدل و الانصاف، ثم خرج عنه.
(1) نفس المصدر ص 167. (2 و 3) الكافي ج 1
ص 399.
[336]
وروي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله
بخراسان أن أوفد إلي من علماء بلادك مائة رجل أسألهم عن سيرتك، فجمعهم وقال لهم ذلك
فاعتذروا وقالوا إن لنا عيالا وأشغالا لا يمكننا مفارقته، وعدله لا يقتضي إجبارنا،
ولكن قد أجمعنا على رجل منا يكون عوضنا عنده، ولساننا لديه، فقوله قولنا، ورأيه
رأينا فأوفد به العامل إليه، فلما دخل عليه سلم وجلس، فقال له: أخل لي المجلس فقال
له: ولم ذلك ؟ وأنت لا تخلو أن تقول حقا فيصدقوك، أو تقول باطلا فيكذبوك فقال له:
ليس من أجلي اريد خلو المجلس، ولكن من أجلك، فإني أخاف أن يدور بيننا كلام تكره
سماعه. فأمر باخراج أهل المجلس ثم قال له: قل ! فقال: أخبرني عن هذا الامر من أين
صار إليك ؟ فسكت طويلا فقال له: ألا تقول ؟ فقال: لا، فقال: ولم ؟ فقال له: إن قلت
بنص من الله ورسوله كان كذبا، وإن قلت باجماع المسلمين، قلت فنحن أهل بلاد المشرق
ولم نعلم بذلك، ولم نجمع عليه، وإن قلت بالميراث من آبائي، قلت بنو أبيك كثير فلم
تفردت أنت به دونهم ؟ فقال له: الحمد لله على اعترافك على نفسك بالحق لغيرك، أفأرجع
إلى بلادي ؟ فقال: لا فوالله إنك لواعظ قط فقال له: فقل ما عندك بعد ذلك فقال له:
رأيت أن من تقدمني ظلم و غشم وجار واستأثر بفئ المسلمين، وعلمت من نفسي أني لا
أستحل ذلك، وإن المؤمنين لا شئ يكون أنقص وأخف عليهم فوليت، فقال له: أخبرني لو لم
تل هذا الامر ووليه غيرك، وفعل ما فعل من كان قبله، أكان يلزمك من إثمه شئ ؟ فقال:
لا، فقال له: فأراك قد شريت راحة غيرك بتعبك، وسلامته بخطرك فقال له: إنك لواعظ قط،
فقام ليخرج ثم قال له: والله لقد هلك أولنا بأولكم وأوسطنا بأوسطكم، وسيهلك آخرنا
بآخركم، والله المستعان عليكم، وهو حسبنا ونعم الوكيل. 24 - ما: المفيد، عن الصدوق،
عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد
من أصحابه، عن
[337]
الثمالي قال: حدثني من حضر عبد الملك بن
مروان وهو يخطب الناس بمكة فلما صار إلى موضع العظة من خطبته، قام إليه رجل فقال
له: مهلا مهلا إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون،
أفإقتداء بسيرتكم أم طاعة لامركم ؟ فان قلتم اقتداء بسيرتنا فكيف يقتدى بسيرة
الظالمين وما الحجة في اتباع المجرمين الذين اتخذوا مال الله دولا، وجعلوا عباد
الله خولا وإن قلتم أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا فكيف ينصح غيره من لم ينصح نفسه ؟
أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة ؟ وإن قلتم خذوا الحكمة من حيث وجدتموها،
واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو أفصح بصنوف العظات وأعرف بوجوه اللغات
منكم، فتزحزحوا عنها وأطلقوا أقفالها وخلوا سبيلها، ينتدب لها الذين شردتم في
البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله ما قلدناكم أزمة امورنا، وحكمناكم
في أموالنا وأبداننا وأدياننا، لتسيروا فينا بسيرة الجبارين، غير أنا بصراء بأنفسنا
لاستيفاء المدة وبلوغ الغاية وتمام المحنة، ولكل قائم منكم يوم لا يعدوه، وكتاب
لابد أن يتلوه، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون، قال: فقام إليه بعض أصحاب المسالح، فقبض عليه، وكان آخر عهدنا به، ولا
ندري ما كانت حاله (1). بيان: الدول جمع الدولة بالضم وهو ما يتداول من المال فيكون
لقوم دون قوم، وقوله خولا أي خدما وعبيدا، وانتدب له أجابه. 25 - ختص: محمد بن أحمد
الكوفي الخزاز، عن أحمد بن محمد بن سعد الكوفي، عن ابن فضال، عن إسماعيل بن مهران،
عن أبي مسروق النهدي، عن مالك ابن عطية، عن أبي حمزة قال: دخل سعد بن عبد الملك -
وكان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان - على
أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء قال: فقال له أبو جعفر عليه
السلام: ما يبكيك يا سعد ؟ قال: وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن،
فقال له: لست منهم أنت اموي
(1) أمالى الشيخ الطوسى ص 66.
[338]
منا أهل البيت، أما سمعت قول الله عزوجل
يحكي عن إبراهيم عليه السلام " فمن تبعني فإنه مني " (1). 26 - ختص: ابن أبي عمير،
عن هشام بن الحكم، عن حجر بن زائدة، عن حمران بن أعين، قال: قلت لابي جعفر عليه
السلام: إني أعطيت الله عهدا أن لا أخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك عنه، قال:
فقال لي: سل قال: قلت: أمن شيعتكم أنا ؟ قال: فقال: نعم في الدنيا والآخرة (2). 27
- قب: قال الباقر عليه السلام للكميت: امتدحت عبد الملك ؟ فقال: ما قلت له يا إمام
الهدى، وإنما قلت يا أسد والاسد كلب، ويا شمس والشمس جماد، ويا بحر والبحر موات،
ويا حية والحية دويبة منتنة، ويا جبل وإنما هو حجر أصم قال: فتبسم عليه السلام
وأنشأ الكميت بين يديه: من لقب متيم مستهام غير ما صبوة ولا أحلام فلما بلغ إلى
قوله: أخلص الله لي هواي فما أغرق نزعا ولا تطيش سهامي فقال عليه السلام: فقد أغرق
نزعا وما تطيش سهامي، فقال: يا مولاي أنت أشعر مني في هذا المعنى (3).
(1) الاختصاص ص 85 والاية في سورة
ابراهيم: 39. (2) نفس المصدر ص 196 وأخرجه الكشى في رجاله ص 117. (3) المناقب ج 3 ص
337 وهذا الشعر من قصيدة تبلغ " 103 " بيتا وهى أول هاشمياته المطبوعة بليدن سنة
1904 بتفسير أبى رياش أحمد بن ابراهيم القيسي، وكذا في مطبوعة مصر النابلسي وقد
اشار أبو رياش في شرحه للبيت " 92 " " أخلص الله لى هو أي الخ " قال: وبلغنا ان
الكميت أنشد محمد بن على بن الحسين هذا الشعر فلما انتهى إلى قوله " فما اغرق نزعا
ولا تطيش سهامي " قال له محمد بن على: من لم يغرق النزع لم يبلغ غايته بسهمه ولكن
لو قلت: فقد أغرق نزعا ولا تطيش سهامي ".
[339]
بيان: أخلص الله لي هواي: أي جعل الله
محبتي خالصة لكم، فصار تأييده تعالى سببا لان لا اخطئ الهدف، واصيب كلما اريده من
مدحكم، وإن لم ابالغ فيه، يقال: أغرق النازع في القوس إذا استوفى مدها، ثم استعير
لكل من بالغ في شئ ويقال: طاش السهم عن الهدف أي عدل، وإنما غير عليه السلام شعره
لايهامه بتقصير وعدم اعتناء في مدحهم، أو لان الاغراق في النزع لا مدخل له في إصابة
الهدف، بل الامر بالعكس، مع أن فيما ذكره عليه السلام معنى لطيفا كاملا وهو أن
المداحين إذا بالغوا في مدح ممدوحهم، خرجوا عن الحق، وكذبوا فيما يثبتون له، كما أن
الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف، وإني كلما ابالغ في مدحكم، لا يعدل سهمي عن هدف
الحق والصدق. 28 - قب: بكر بن صالح، أن عبد الله بن المبارك أتى أبا جعفر عليه
السلام فقال: إني رويت عن آبائك عليهم السلام أن كل فتح بضلال فهو للامام، فقال:
نعم، قلت: جلعت فداك فإنهم أتوا بي من بعض فتوح الضلال، وقد تخلصت ممن ملكوني بسبب
وقد أتيتك مسترقا مستعبدا قال عليه السلام: قد قبلت، فلما كان وقت خروجه إلى مكة
قال: إني مذ حججت فتزوجت ومكسبي مما يعطف علي أخواني، لا شئ لي غيره، فمرني بأمرك
فقال عليه السلام: انصرف إلى بلادك، وأنت من حجك وتزويجك وكسبك في حل، ثم أتاه بعد
ست سنين، وذكر له العبودية التي ألزمها نفسه فقال: أنت حر لوجه الله تعالى، فقال:
اكتب لي به عهدا فخرج كتابه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي
العلوي لعبدالله بن المبارك فتاه إني أعتقتك لوجه الله، والدار الآخرة، لا رب لك
إلا الله، وليس عليك سيد و أنت مولاي ومولى عقبي من بعدي، وكتب في المحرم سنة ثلاث
عشرة ومائة، و وقع فيه محمد بن علي بخط يده وختمه بخاتمه (1). 29 - كا: محمد بن
يحيى، ومحمد بن أحمد عن السياري، عن أحمد بن زكريا الصيدلاني، عن رجل من بني حنيفة،
من أهل بست وسجستان قال: رافقت أبا
(1) المناقب ج 3 ص 338.
[340]
جعفر عليه السلام في السنة التي حج فيها
في أول خلافة المعتصم فقلت له، وأنا معه على المائدة، وهناك جماعة من أولياء
السلطان: إن والينا جعلت فداك رجل يتولاكم أهل البيت ويحبكم وعلي في ديوانه خراج،
فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالاحسان إلي فقال: لا أعرفه فقلت: جعلت
فداك إنه على ما قلت من محبتكم أهل البيت، وكتابك ينفعني عنده، فأخذ القرطاس فكتب
بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، وأن مالك
من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك، واعلم أن الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر
والخردل قال: فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيشابوري وهو
الوالي، فاستقبلني على فرسخين من المدينة فدفعت إليه الكتاب فقبله، ووضعه على عينيه
وقال لي: حاجتك ؟ فقلت: خراج علي في ديوانك قال: فأمر بطرحه عني، وقال: لا تؤد
خراجا ما دام لي عمل، ثم سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم، فأمر لي ولهم بما يقوتنا
وفضلا، فما أديت في عمله خراجا ما دام حيا ولا قطع عني صلته حتى مات (1). 30 - ختص:
ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة، عن
جابر الجعفي قال: حدثني أبو جعفر عليه السلام سبعين ألف حديث، لم أحدث بها أحدا
أبدا قال جابر: فقلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنك حملتني وقرا عظيما بما
حدثتني به من سركم الذي لا احدث به أحدا، و ربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبيه
الجنون، قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبان فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها ثم
قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا (2).
(1) الكافي ج 5 ص 111 ومن الغريب جدا ذكر
هذا الحديث في هذا الجزء المختص بأخبار أبى جعفر الباقر عليه السلام مع أن الخبر
مما يتعلق بأخبار أبى جعفر الجواد عليه السلام وهو الذى عاصر المعتصم لعنه الله
فلاحظ. (2) الاختصاص ص 66 وأخرجه الكشى في رجاله ص 128.
[341]
31 - ختص: جعفر بن الحسين، عن ابن الوليد،
عن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال: اختلف
أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي فقلت: أنا أسأل أبا عبد الله عليه السلام فلما دخلت
ابتدأني فقال: رحم الله جابر الجعفي، كان يصدق علينا، لعن الله المغيرة بن سعيد،
كان يكذب علينا (1). 32 - كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشاء، عن أبان، عن
عقبة بن بشير الاسدي، عن الكميت بن زيد الاسدي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام
فقال: والله يا كميت لو كان عندنا مال لاعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول الله صلى
الله عليه وآله لحسان بن ثابت: لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا، قال: قلت: خبرني
عن الرجلين ؟ قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره ثم قال: والله يا كميت ما اهريق
محجمة من دم ولا اخذ مال من غير حله، ولا قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما (2).
33 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير
قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام جالسا في المسجد إذ أقبل داود ابن علي، وسليمان
بن خالد، وأبو جعفر عبد الله بن محمد أبو الدوانيق، فقعدوا ناحية من المسجد فقيل
لهم: هذا محمد بن علي جالس فقام إليه داود بن علي وسليمان بن خالد، وقعد أبو
الدوانيق مكانه، حتى سلموا على أبي جعفر عليه السلام فقال لهم أبو جعفر: ما منع
جباركم من أن يأتيني ؟ فعذروه عنده، فقال عند ذلك أبو جعفر محمد بن علي عليهما
السلام: أما والله لا تذهب الليالي والايام، حتى يملك ما بين قطريها ثم ليطأن
الرجال عقبه، ثم ليذلن له رقاب الرجال، ثم ليملكن ملكا شديدا. فقال له داود بن علي:
وإن ملكنا قبل ملككم ؟ قال: نعم يا داود إن ملككم قبل ملكنا وسلطانكم قبل سلطاننا
فقال له: أصلحك الله هل له من مدة ؟
(1) نفس المصدر ص 204 وأخرجه الكشى في
رجاله ص 126. (2) الكافي ج 8 ص 102.
[342]
فقال: نعم يا داود والله لا يملك بنو امية
يوما إلا ملكتم مثليه، ولا سنة إلا ملكتم مثليها، ولتتلقفها الصبيان منكم، كما
تتلقف الصبيان الكرة، فقام داود ابن علي من عند أبي جعفر عليه السلام فرحا يريد أن
يخبر أبا الدوانيق بذلك، فلما نهضا جميعا هو وسليمان بن خالد، ناداه أبو جعفر عليه
السلام من خلفه: يا سليمان بن خالد لا يزال القوم في فسحة من ملكهم، ما لم يصيبوا
منا دما حراما، وأومأ بيده إلى صدره، فإذا أصابوا ذلك الدم فبطن الارض خير لهم من
ظهرها، فيومئذ لا يكون لهم في الارض ناصر، ولا في السماء عاذر. ثم انطلق سليمان بن
خالد فأخبر أبا الدوانيق، فجاء أبو الدوانيق إلى أبي جعفر عليه السلام فسلم عليه ثم
أخبره بما قال له داود بن علي وسليمان بن خالد فقال له: نعم يا أبا جعفر، دولتكم
قبل دولتنا، وسلطانكم قبل سلطاننا، سلطانكم شديد عسر لا يسر فيه، وله مدة طويلة،
والله لا يملك بنو امية يوما إلا ملكتم مثليه ولا سنة إلا ملكتم مثليها، ولتتلقفها
صبيان منكم فضلا عن رجالكم، كما تتلقف الصبيان الكرة أفهمت ؟ ثم قال: لا تزالون في
عنفوان الملك ترغدون فيه، ما لم تصيبوا منا دما حراما، فإذا أصبتم ذلك الدم غضب
الله عزوجل عليكم فذهب بملككم وسلطانكم، وذهب بريحكم، وسلط الله عليكم عبدا من
عبيده أعور، و ليس بأعور من آل أبي سفيان، يكون استئصالكم على يديه وأيدي أصحابه،
ثم قطع الكلام (1). بيان: قوله فعذروه بالتخفيف أي أظهروا عذره، أو بالتشديد أي
ذكروا في العذر أشياء لا حقيقة لها. قوله عليه السلام إلا ملكتم مثليه: لعل المراد
أصل الكثرة والزيادة، لا الضعف الحقيقي كما قيل في كرتين ولبيك وفي هذا الابهام حكم
كثيرة: منها عدم طغيانهم كثيرا، ومنها عدم يأس الشيعة، وعنفوان الملك بضم العين
والفاء أي أوله.
(1) الكافي ج 8 ص 210.
[343]
قوله عليه السلام: ما لم تصيبوا منا دما
حراما: المراد إما قتل أهل البيت عليهم السلام و إن كان بالسم مجازا بأن يكون قتلهم
عليهم السلام سببا لسرعة زوال ملكهم، وإن لم يقارنه أو لزوال ملك كل واحد منهم فعل
ذلك أو قتل السادات الذين قتلوا في زمان الدوانيقي والرشيد وغيرهما. ويحتمل أن يكون
إشارة إلى قتل رجل من العلويين قتلوه مقارنا لانقضاء دولتهم، كما يظهر مما كتب ابن
العلقمي إلى نصير الدين الطوسي رحمهما الله قوله عليه السلام: وذهب بريحكم: قال
الجوهري (1) قد تكون الريح بمعنى الغلبة و القوة، ومنه قوله تعالى " وتذهب ريحكم "
قوله عليه السلام أعور أي الدني الاصل السيئ الخلق، وهو إشارة إلى هلاكو، قال
الجزري (2) فيه لما اعترض أبو لهب على النبي صلى الله عليه وآله عند إظهار الدعوة
قال له أبو طالب: يا أعور ما أنت وهذا ؟ لم يكن أبو لهب أعور ولكن العرب تقول للذي
ليس له أخ من أبيه وامه أعور، وقيل إنهم يقولون للردي من كل شئ من الامور والاخلاق
أعور وللمؤنث عوراء. قوله عليه السلام: وليس بأعور من آل أبي سفيان: أي ليس هذا
الاعور منهم بل من الترك. 34 - ختص: أصحاب محمد بن علي عليهما السلام: جابر بن يزيد
الجعفي، وحمران ابن أعين، وزرارة، عامر بن عبد الله بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبد
الله بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري، سلام بن المستنير، بريد بن معاوية
العجلي الحكم بن أبي نعيم (3). 35 - ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن علي بن سليمان،
وحدثنا العطار، عن سعد، عن علي بن سليمان، عن علي بن أسباط، عن أبيه، عن أبي
(1) الصحاح ج 1 ص 176 طبع بولاق. (2)
النهاية ج 3 ص 138. (3) الاختصاص ص 8.
[344]
الحسن موسى عليه السلام قال: إذا كان يوم
القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن علي ؟ وحواري جعفر بن محمد عليهم السلام فيقوم
عبد الله بن شريك العامري، وزرارة بن أعين، و بريد بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم
الثقفي، وليث بن البختري المرادي، وعبد الله ابن أبي يعفور، وعامر بن عبد الله بن
جذاعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين الخبر (1). 26 - ختص: زياد بن المنذر الاعمى
وهو أبو الجارود، وزياد بن أبي رجاء وهو أبو عبيدة الحذاء، وزياد بن سوقة، وزياد
مولى أبي جعفر عليه السلام وزياد بن أبي زياد المنقري وزياد الاحلام من أصحاب أبي
جعفر عليه السلام، ومن أصحابه أبو بصير ليث بن البختري المرادي، وأبو بصير يحيى بن
أبي القاسم مكفوف مولى لبني أسد واسم أبي القاسم إسحاق، وأبو بصير كان يكنى بأبي
محمد (2). 27 - كا: عدة من أصحابنا، عن صالح بن أبي حماد، عن إسماعيل بن مهران، عمن
حدثة، عن جابر بن يزيد قال: حدثني محمد بن علي عليه السلام بسبعين حديثا لم احدث
بها أحدا قط، ولا احدث بها أحدا أبدا، فلما مضى محمد بن علي عليه السلام ثقلت على
عنقي وضاق بها صدري فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك إن أباك حدثني
سبعين حديثا لم يخرج مني شئ منها ولا يخرج شئ منها إلى أحد، وأمرني بسترها، وقد
ثقلت على عنقي، وضاق بها صدري، فما تأمرني فقال: يا جابر إذا ضاق بك من ذلك شئ
فاخرج إلى الجبانة، واحفر حفيرة، ثم دل رأسك فيها وقل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا
ثم طمه فإن الارض تستر عليك، قال جابر: ففعلت ذلك فخف عني ما كنت أجده (3). عدة من
أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران مثله (4).
(1) نفس المصدر ص 61. وأخرجه الكشى في
رجاله ص 6. (2) الاختصاص ص 83. (3) الكافي ج 8 ص 157. (4) نفس المصدر ج 8 ص 158.
[345]
28 - قب: بابه جابر بن يزيد الجعفي،
واجتمعت العصابة على أن أفقه الاولين ستة وهم أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما
السلام وهم: زرارة بن أعين، ومعروف بن خربوذ المكي، وأبو بصير الاسدي، والفضيل بن
يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي وبريد بن معاوية العجلي (1). 29 - الفصول المهمة: صفة
الباقر عليه السلام: أسمر معتدل، شاعره: الكميت والسيد الحميري، وبوابه جابر
الجعفي، ونقش خاتمه " رب لا تذرني فردا " (2). نقل خط الشيخ ابن فهد الحلى رحمه
الله: قيل: إن رجلا ورد على أبي جعفر الاول عليه السلام بقصيدة مطلعها: عليك السلام
أبا جعفر، فلم يمنحه شيئا، فسأله في ذلك وقال: لم لا تمنحني ؟ وقد مدحتك فقال:
حييتني تحية الاموات، أما سمعت قول الشاعر: ألا طرقتنا آخر الليل زينب عليك سلام
لما فات مطلب فقلت لها حييت زينب خدنكم تحية ميت وهو في الحي يشرب مع أنه كان يكفيك
أن تقول: سلام عليك أبا جعفر. كتاب مقتضب الاثر في النص على الاثني عشر لاحمد بن
محمد بن عياش عن علي بن عبد الله النحوي، عن علي بن محمد بن سنان، عن محمد بن زياد
بن عقبة قال: أنشدنا لجماعة من الاسديين منهم مشمعل بن سعد الناشري للورد بن زيد
أخى الكميت الاسدي، وقد وفد على أبي جعفر الباقر عليهما السلام يخاطبه ويذكر وفادته
إليه وهي: كم جزت فيك من أحواز وأيفاع واوقع الشوق بي قاعا إلى قاع يا خير من حملت
انثى ومن وضعت به إليك غدا سيري وإيضاعي
(1) المناقب ج 3 ص 340. (2) الفصول المهمة
ص 197.
[346]
أما بلغتك فالآمال بالغة بنا إلى غاية
يسعى لها الساعي من معشر شيعة لله ثم لكم صور إليكم بأبصار وأسماع وعاة نهي وأمر عن
أئمتهم يوصي بها منهم واع إلى واع لا يسأمون دعاء الخير ربهم أن يدركوا فيلبوا دعوة
الداع وقال فيها من مختزن الغيوب من ذلك سر من رأى قبل بنائها، وميلاد الحجة عليه
السلام. متى الوليد بسامرا إذا بنيت يبدو كمثل شهاب الليل طلاع حتى إذا قذفت أرض
العراق به إلى الحجاز أناخوه بجعجاع وغاب سبتا وسبتا من ولادته مع كل ذي جوب للارض
قطاع لا يسأمون به الجواب قد تبعوا أسباط هارون كيل الصاع بالصاع شبيه موسى وعيسى
في مغابهما لو عاش عمريهما لم ينعه ناع تتمة النقباء المسرعين إلى موسى بن عمران
كانوا خير سراع أو كالعيون التي يوم العصا انفجرت فانصاع منها إليه كل منصاع إني
لارجو له رؤيا فأدركه حتى أكون له من خير أتباع بذلك أنبأنا الراوون عن نفر منهم
ذوي خشية لله طواع روته عنكم رواة الحق ما شرعت آباؤكم خير آباء وشراع (1) بيان:
الاحواز جمع الحوزة وهي الناحية، واليفاع التل، وأوضع البعير: حمله على سرعة السير،
والصور بالضم جمع الاصور وهي المائل العنق، وهو هنا كناية عن الخضوع والطاعة،
والجعجاع الموضع الضيق الخشن وقيل: كل أرض جعجاع والسبت الدهر وفسر في حديث أبيطالب
بالثلاثين، وجوب الارض قطعها ويقال صعت الشئ فانصاع أي فرقته فتفرق.
(1) مقتضب الاثر ص 49.
[347]
9 - * (باب) * * (مناظراته عليه السلام مع
المخالفين، ويظهر منه أحوال كثير) * " (من أهل زمانه) " 1 - كا: عدة من أصحابنا، عن
أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن زيد النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي، عن عيسى
بن عبد الله العلوي قال: وحدثني الاسيدي ومحمد بن مبشر أن عبد الله بن نافع الازرق
كان يقول: لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا عليه
السلام قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه، فقيل له ولا ولده ؟ فقال:
أفي ولده عالم ؟ فقيل له: هذا أول جهلك، وهم يخلون من عالم ؟ قال: فمن عالمهم اليوم
؟ قيل: محمد بن علي بن الحسين بن على عليهم السلام قال: فرحل إليه في صناديد أصحابه
حتى أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر عليه السلام فقيل له: هذا عبد الله بن نافع
فقال: وما يصنع بي ؟ وهو يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار. فقال له أبو بصير الكوفي:
جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن
عليا عليه السلام قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه، فقال له أبو جعفر
عليه السلام: أتراه جاءني مناظرا ؟ قال: نعم قال: يا غلام اخرج فحط رحله وقل له:
إذا كان الغد فأتنا قال: فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد أصحابه، وبعث
أبو جعفر عليه السلام إلى جميع أبناء المهاجرين والانصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس
في ثوبين ممغرين وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر فقال: الحمد لله محيث الحيث، ومكيف
الكيف، ومؤين الاين الحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السموات وما في
الارض - إلى آخر
[348]
الآية - وأشهد ان لا إله إلا الله، وأشهد
أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم، الحمد لله
الذي أكرمنا بنبوته، واختصنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين والانصار ! من كانت
عنده منقبة لعلي بن أبي طالب ؟ فليقم وليتحدث. قال: فقام الناس فسردوا تلك المناقب
فقال عبد الله: أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء، وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه
الحكمين، حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله
ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، حتى لا يرجع يفتح الله على يديه فقال
أبو جعفر عليه السلام: ما تقول في هذا الحديث ؟ فقال: هو حق لا شك فيه، ولكن أحدث
الكفر بعد فقال له أبو جعفر عليه السلام: ثكلتك امك أخبرني عن الله عزوجل أحب علي
بن أبي طالب يوم أحبه، وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان، أم لم يعلم ؟ قال: فإن قلت:
لا كفرت قال: فقال: قد علم، قال: فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل
بمعصيته ؟ فقال: على أن يعمل بطاعته، فقال له أبو جعفر عليه السلام: فقم مخصوما،
فقام وهو يقول: حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر، الله أعلم
حيث يجعل رسالته (1). بيان: الصنديد السيد الشجاع، والمغرة طين أحمر والممغر بها،
والفلقة بالكسر الكسرة يقال: أعطني فلقة الجفنة أي نصفها، قوله عليه السلام: محيث
الحيث أي جاعل المكان مكانا بايجاده، وعلى القول بمجعولية المهيات ظاهر، ومؤين
الاين أي موجد الدهر والزمان فإن الاين يكون بمعنى الزمان أيضا كما قيل ولكنه غير
معتمد ويحتمل أن يكون بمعنى المكان إما تأكيدا أو بأن يكون حيث للزمان قال ابن
هشام: قال الاخفش: وقد ترد حيث للزمان، ويحتمل أن تكون حيث تعليلية أي هو علة
العلل، وجاعل العلل عللا قوله عليه السلام واختصنا بولايته أي بأن نتولاه أو بأن
جعل ولايتنا ولايته، أو بأن جعلنا ولي من كان وليه، وقال
(1) الكافي ج 8 ص 349. (*)
[349]
الجوهري (1): فلان يسرد الحديث سردا: إذا
كان جيد السياق له، وحاصل إلزامه عليه السلام أن الله تعالى إنما يحب من يعمل
بطاعته لانه كذلك، فكيف يحب من يعلم بزعمك الفاسد أنه يكفر ويحبط جميع أعماله. 2 -
كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد
الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر فقال عليه السلام: يا قتادة أنت فقيه
أهل البصرة ؟ فقال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفر عليه السلام: بلغني أنك تفسر القرآن
؟ قال له قتادة: نعم، فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعلم تفسره أم بجهل ؟ قال: لا
بعلم، فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت، وأنا أسألك ؟
قال قتادة: سل، قال: أخبرني عن قول الله عزوجل في سبا: " وقدرنا فيها السير سيروا
فيها ليالي وأياما آمنين " (2) فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة
حلال وكرى حلال، يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله فقال أبو جعفر عليه
السلام: نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وكرى
حلال يريد هذا البيت، فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته، ويضرب مع ذلك ضربة فيها
اجتياحه ؟ قال قتادة: اللهم نعم. فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة إن كنت
إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك، فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد أخذته من الرجال، فقد
هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكرى حلال، يروم هذا
البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عزوجل: " فاجعل أفئدة من الناس تهوي
إليهم " (3) ولم يعن البيت، فيقول " إليه " فنحن والله دعوة إبراهيم صلى الله عليه
التي من هوانا قلبه، قبلت حجته، وإلا فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب
جهنم يوم القيامة قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا
(1) الصحاح ج 1 ص 234. (2) سورة سبأ،
الاية: 18. (3) سورة ابراهيم، الاية: 37.
[350]
فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة
إنما يعرف القرآن من خوطب به (1). ايضاح: هو قتادة بن دعامة من مشاهير محدثي العامة
ومفسريهم، قوله: فأنت أنت أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف،
وينبغي أن يرجع إليك في العلوم، قوله تعالى: وقدرنا فيها السير، اعلم أن المشهور
بين المفسرين ان هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبا أي قدرنا سيرهم في
القرى على قدر مقيلهم ومبيتهم، لا يحتاجون إلى ماء ولا زاد لقرب المنازل والامر في
قوله تعالى " سيروا " متوجه إليهم على إرادة القول بلسان الحال، أو المقال، ويظهر
من كثير من الاخبار أن الامر متوجه إلى هذه الامة أو خطاب عام يشملهم أيضا. قوله
عليه السلام: ولم يعن البيت، أي لا يتوهم أن المراد ميل القلوب إلى البيت وإلا لقال
إليه بل كان غرض إبراهيم عليه السلام أن يجعل الله ذريته الذين أسكنهم عند الببيت
أنبياء وخلفاء، تهوي إليهم قلوب الناس، فالحج وسيلة للوصول إليهم، وقد استجاب الله
هذا الدعاء في النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم، فهم دعوة إبراهيم. قال الجزري
(2): ومنه الحديث وساخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى، دعوة إبراهيم
هي قوله تعالى " وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك " (3) وبشارة عيسى قوله: "
ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " (4) قوله: لا جرم أي البتة ولا محالة. 3 -
كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن
أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن محمد بن
المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن علي بن الحسين عليهما السلام يدع خلفا أفضل منه
حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليهم السلام فأردت أن أعظه فوعظني فقال له
(1) الكافي ج 8 ص 311. (2) النهاية ج 2 ص
25. (3) سورة البقرة، الاية: 129. (4) سورة الصف الاية: 6.
[351]
أصحابه: بأي شئ وعظك ؟ قال: خرجت إلى بعض
نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام وكان رجلا
بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان الله شيخ
من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! أما لاعظنه، فدنوت منه
فسلمت عليه فرد علي بنهر، هو يتصاب عرقا فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه
الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاءك أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت
تصنع ؟ فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعة الله
عزوجل أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا
على معصية من معاصي الله فقلت: صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني (1). 4 - ج:
عن أبان بن تغلب، قال: دخل طاووس اليماني إلى الطواف ومعه صاحب له فإذا هو بأبي
جعفر عليه السلام يطوف أمامه، وهو شاب حدث فقال طاووس لصاحبه: إن هذا الفتى لعالم،
فلما فرغ من طوافه صلى ركعتين، ثم جلس فأتاه الناس فقال طاووس لصاحبه: نذهب إلى أبي
جعفر عليه السلام نسأله عن مسألة لا أدري عنده فيها شئ، فأتياه فسلما عليه ثم قال
له طاووس: يا أبا جعفر هل تعلم أي يوم مات ثلث الناس ؟ فقال: يا أبا عبد الرحمن لم
يمت ثلث الناس قط، بل إنما أردت ربع الناس قال: وكيف ذلك ؟ قال: كان آدم، وحوا،
وقابيل، وهابيل، فقتل قابيل هابيل فذلك ربع الناس، قال: صدقت، قال أبو جعفر عليه
السلام هل ترى ما صنع بقابيل ؟ قال: لا، قال: علق بالشمس ينضح بالماء الحار إلى أن
تقوم الساعة (2). 5 - ج: عن أبي بصير قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي الباقر
عليه السلام جالسا في الحرم وحوله عصابة من أوليائه إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة
من أصحابه ثم قال لابي جعفر عليه السلام: ائذن لي بالسؤال قال: أذنا لك فسل ! قال:
أخبرني
(1) الكافي ج 5 ص 73 وأخرجه الشيخ في
التهذيب ج 6 ص 325. (2) الاحتجاج ص 177.
[352]
متى هلك ثلث الناس ؟ قال: وهمت يا شيخ
أردت أن تقول متى هلك ربع الناس وذلك يوم قتل قابيل هابيل كانوا أربعة: آدم، وحواء،
وقابيل، وهابيل، فهلك ربعهم، فقال: أصبت ووهمت أنا، فأيهما كان أبا الناس القاتل أو
المقتول ؟ قال: لا واحد منهما، بل أبوهم شيث بن آدم قال: فلم سمي آدم آدم ؟ قال:
لانه رفعت طينته من أديم الارض السفلى قال: فلم سميت حوا حوا ؟ قال: لانها خلقت من
ضلع حي، يعني ضلع آدم عليه السلام قال: فلم سمي إبليس إبليس ؟ قال: لانه ابلس من
رحمة الله عزوجل فلا يرجوها قال: فلم سمي الجن جنا ؟ قال: لانهم استجنوا فلم يروا
قال: فأخبرني عن أول كذبة كذبت، من صاحبها ؟ قال: إبليس حين قال " أنا خير منه
خلقتني من نار وخلقته من طين ". قال: فأخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق، وكانوا
كاذبين ؟ قال: المنافقون حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله: " نشهد إنك
لرسول الله " فأنزل الله عزوجل: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله
والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " (1) قال: فأخبرني عن طير
طار مرة، ولم يطر قبلها ولا بعدها ذكره الله عزوجل في القرآن ما هو ؟ فقال: طور
سيناء أطاره الله عزوجل على بني إسرائيل حين أظلهم بجناح منه فيه ألوان العذاب حتى
قبل التوراة وذلك قوله عزوجل " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم
" (2) الآية قال: فأخبرني من رسول بعثه الله تعالى ليس من الجن ولا من الانس ولا من
الملائكة ذكره الله عزوجل في كتابه ؟ فقال: الغراب حين بعثه الله عزوجل ليري قابيل
كيف يواري سوأة أخيه هابيل حين قتله، قال الله عزوجل " فبعث الله غرابا يبحث في
الارض ليريه كيف يواري سوأة أخيه " (3) قال: فأخبرني عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا
من الانس ولا من الملائكة، ذكره الله عزوجل في كتابه ؟ قال: النملة
(1) سورة المنافقون، الاية: 1. (2) سورة
الاعراف، الاية، 171. (3) سورة المائدة، الاية: 31.
[353]
حين قالت: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم
لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (1) قال فأخبرني من كذب عليه، ليس من الجن
ولا من الانس ولا من الملائكة ذكره الله عزوجل في كتابه ؟ قال: الذئب الذي كذب عليه
إخوة يوسف عليه السلام قال: فأخبرني عن شئ قليله حلال وكثيره حرام، ذكره الله عزوجل
في كتابه قال: نهر طالوت قال الله عزوجل: " إلا من اغترف غرفة بيده " (2) قال:
فأخبرني عن صلاة مفروضة تصلى بغير وضوء وعن صوم لا يحجر عن أكل وشرب ؟ قال: أما
الصلاة بغير وضوء فالصلاة على النبي وآله عليه عليهم السلام. وأما الصوم فقوله
عزوجل " إني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم إنسيا (3) قال: فأخبرني عن شئ يزيد
وينقص ؟ وعن شئ يزيد ولا ينقص ؟ وعن شئ ينقص ولا يزيد ؟ فقال الباقر عليه السلام:
أما الشئ الذي يزيد وينقص: فهو القمر والشئ الذي يزيد ولا ينقص: فهو البحر، والشئ
الذي ينقص ولا يزيد: فهو العمر (4). 6 - كا: علي، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن
الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة قال: كنت قاعدا
إلى جنب أبي جعفر عليه السلام وهو محتب (5) مستقبل القبلة فقال: أما إن النظر إليها
عبادة، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر فقال لابي جعفر عليه السلام: إن كعب
الاحبار كان يقول: إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة، فقال له أبو جعفر عليه
السلام: فما تقول
(1) سورة النمل، الاية: 18. (2) سورة
البقرة، الاية: 249. (3) سورة مريم، الاية: 26. (4) الاحتجاج ص 178. (5) يقال:
احتبى احتباء بالثوب: اشتمل به، جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها.
[354]
فيما قال كعب ؟ فقال: صدق، القول ما قال
كعب فقال له أبو جعفر عليه السلام: كذبت وكذب كعب الاحبار معك وغضب، قال زرارة ما
رأيته استقبل أحدا بقول كذبت غيره، ثم قال: ما خلق الله عزوجل بقعة في الارض أحب
إليه منها - ثم أومأ بيده نحو الكعبة - ولا أكرم على الله عزوجل منها، لها حرم الله
الاشهر الحرم في كتاب يوم خلق السموات والارض ثلاثة متوالية للحج: شوال، وذو
القعدة، و ذو الحجة، وشهر مفرد للعمرة وهو رجب (1). 7 - قب (2) شا (3) ج: روي أن
عمرو بن عبيد البصري وفد على محمد بن علي الباقر عليه السلام لامتحانه بالسؤال عنه
فقال له: جعلت فداك ما معنى قوله تعالى " أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض
كانتا رتقا ففتقناهما " (4) ما هذا الرتق والفتق ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: كانت
السماء رتقا لا تنزل القطر، وكانت الارض رتقا لا تخرج النبات ففتق الله السماء
بالقطر، وفتق الارض بالنبات، فانطلق عمرو، ولم يجد اعتراضا ومضى، ثم عاد إليه فقال:
أخبرني جعلت فداك عن قوله تعالى " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " (5) ما غضب الله ؟
فقال له أبو جعفر عليه السلام: غضب الله تعالى عقابه، يا عمرو من ظن أن الله يغيره
شئ فقد كفر (6). 8 - ص: بالاسناد عن الصدوق، عن ابن المتوكل، عن الاسدي، عن النخعي
عن النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير قال: كان أبو جعفر الباقر عليه
السلام جالسا في الحرم وحوله عصابة من أوليائه، إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة
فقال:
(1) الكافي ج 4 ص 239. (2) المناقب ج 3 ص
329 وفيه صدر الحديث. (3) الارشاد ص 283. (4) سورة الانبياء، الاية 30. (5) سورة
طه، الاية: 81. (6) الاحتجاج ص 177.
[355]
من صاحب الحلقة ؟ قيل: محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام قال: إياه أردت، فوقف عليه وسلم
وجلس ثم قال: أتأذن لي في السؤال ؟ فقال الباقر عليه السلام: قد أذناك فسل قال:
أخبرني بيوم هلك ثلث الناس ؟ فقال: وهمت يا شيخ، أردت أن تقول ربع الناس وذلك يوم
قتل هابيل، كانوا أربعة: قابيل و هابيل وآدم وحوا عليهم السلام فهلك ربعهم فقال:
أصبت ووهمت أنا فأيهما كان الاب للناس القاتل أو المقتول ؟ قال: لا واحد منهما، بل
أبوهم شيث بن آدم عليهما السلام. 9 - قب: قال الابرش الكلبي لهشام مشيرا إلى الباقر
عليه السلام: من هذا الذي احتوشته أهل العراق يسألونه ؟ قال: هذا نبي الكوفة، وهو
يزعم أنه ابن رسول الله، وباقر العلم، ومفسر القرآن، فاسأله مسألة لا يعرفها، فأتاه
وقال: يا ابن علي قرأت التوراة والانجيل، والزبور والفرقان ؟ قال: نعم قال: فإني
أسألك عن مسائل ؟ قال: سل فإن كنت مسترشدا فستنتفع بما تسأل عنه، وإن كنت متعنتا
فتضل بما تسأل عنه قال: كم الفترة التي كانت بين محمد وعيسى عليهما السلام ؟ قال:
أما في قولنا فسبع مائة سنة، وأما في قولك فستمائة سنة، قال: فأخبرني عن قوله تعالى
" يوم تبدل الارض غير الارض " (1) ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم
يوم القيامة ؟ قال: يحشر الناس على مثل قرصة النقي، فيها أنهار متفجرة يأكلون
ويشربون، حتى يفرغ من الحساب، فقال هشام: قل له: ما أشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ ؟
قال: هم في النار أشغل، ولم يشتغلوا عن أن قالوا " أن أفيضوا علينا من الماء أو مما
رزقكم الله " (2) قال: فنهض الابرش، وهو يقول: أنت ابن بنت رسول الله حقا، ثم صار
إلى هشام قال: دعونا منكم يا بني امية فان هذا أعلم أهل الارض بما في السماء
والارض، فهذا ولد رسول الله صلى الله عليه وآله. وقد روى الكليني هذه الحكاية عن
نافع غلام ابن عمر، وزاد فيه أنه قال له
(1) سورة ابراهيم، الاية: 48. (2) سورة
الاعراف الاية: 50.
[356]
الباقر عليه السلام: ما تقول في أصحاب
النهروان ؟ فان قلت إن أمير المؤمنين قتلهم بحق قد ارتددت وإن قلت إنه قتلهم باطلا
فقد كفرت قال: فولى من عنده وهو يقول: أنت والله أعلم الناس حقا فأتى هشاما الخبر
(1). أبو القاسم الطبري الالكاني في شرح حجج أهل السنة: إنه قال أبو حنيفة لابي
جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: أجلس ؟ وأبو جعفر قاعد في المسجد، فقال
أبو جعفر: أنت رجل مشهور ولا احب أن تجلس إلي قال: فلم يلتفت إلى أبي جعفر وجلس
فقال لابي جعفر عليه السلام: أنت الامام ؟ قال: لا قال: فان قوما بالكوفة يزعمون
أنك إمام قال: فما أصنع بهم ؟ قال: تكتب إليهم تخبرهم قال: لا يطيعوني إنما نستدل
على من غاب عنا بمن حضرنا، قد أمرتك أن لا تجلس فلم تطعني، وكذلك وكذلك لو كتبت
إليهم ما أطاعوني، فلم يقدر أبو حنيفة أن يدخل في الكلام (2) 10 - كشف: قال الآبي
في كتاب نثر الدرر: روي أن عبد الله بن معمر الليثي قال لابي جعفر عليه السلام:
بلغني أنك تفتي في المتعة ؟ فقال: أحلها الله في كتابه وسنها رسول الله صلى الله
عليه وآله وعمل بها أصحابه، فقال عبد الله: فقد نهى عنها عمر قال: فأنت على قول
صاحبك، وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وآله قال عبد الله: فيسرك أن نساءك
فعلن ذلك ؟ قال أبو جعفر عليه السلام: وما ذكر النساء ههنا يا أنوك ؟ إن الذي أحلها
في كتابه وأباحها لعباده أغير منك وممن نهى عنها تكلفا، بل يسرك أن بعض حرمك تحت
حائك من حاكة يثرب نكاحا قال: لا قال: فلم تحرم ما أحل الله ؟ قال: لا احرم، ولكن
الحائك ما هو لي بكفؤ قال: فان الله ارتضى عمله ورغب فيه وزوجه حورا، أفترغب عمن
رغب الله فيه ؟ وتستنكف ممن هو كفو لحور الجنان كبرا وعتوا ؟ قال: فضحك عبد الله
وقال: ما أحسب صدوركم إلا منابت أشجار العلم، فصار لكم ثمره، وللناس ورقه (3).
(1) الكافي ج 8 ص 120 مفصلا. وفى المناقب
ج 3 ص 329 - 330. (2) المناقب ج 3 ص 331. (3) كشف الغمة ج 2 ص 362.
[357]
بيان: الانوك كالاحمق وزنا ومعنى. أقول:
قد أوردنا كثيرا من الاخبار في ذلك في كتاب الاحتجاجات وفي باب الرد على الخوارج
وفي أبواب كتاب التوحيد وفي باب الآيات النازلة فيهم عليهم السلام. 11 - كا: عدة من
أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة
الثمالي قال: كنت جالسا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل رجل فسلم
فقال: من أنت يا عبد الله ؟ فقلت رجل من أهل الكوفة فقلت: فما حاجتك ؟ فقال لي:
أتعرف أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام ؟ قلت: نعم فما حاجتك إليه ؟ قال: هيأت
له أربعين مسألة أسأله عنها فما كان من حق أخذته، وما كان من باطل تركته قال أبو
حمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق والباطل ؟ فقال: نعم فقلت: فما حاجتك، إليه إذا
كنت تعرف ما بين الحق والباطل ؟ فقال لي: يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون، إذا
رأيت أبا جعفر عليه السلام فأخبرني، فما انقطع كلامه، حتى أقبل أبو جعفر عليه
السلام وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحج، فمضى حتى جلس مجلسه، وجلس
الرجل قريبا منه قال أبو حمزة: فجلست حيث أسمع الكلام، وحوله عالم من الناس. فلما
قضى حوائجهم وانصرفوا التفت إلى الرجل فقال له: من أنت ؟ قال: أنا قتادة بن دعامة
البصري، فقال له أبو جعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: نعم فقال له أبو
جعفر صلوات الله عليه: ويحك يا قتادة إن الله عزوجل خلق خلقا، فجعلهم حججا على
خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه، أظلة عن
يمين عرشه قال: فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله، والله لقد جلست بين يدي
الفقهاء وقدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام أحد منهم ما اضطرب قدامك، فقال له أبو
جعفر عليه السلام: أتدري أين أنت ؟ أنت بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها
اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله،
وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة
[358]
فأنت ثم ونحن اولئك، فقال له قتادة: صدقت
والله، جعلني الله فداك، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين. قال قتادة: فأخبرني عن
الجبن فتبسم أبو جعفر عليه السلام وقال: رجعت مسائلك إلى هذا ؟ قال: ضلت عني فقال:
لا بأس به، فقال: إنه ربما جعلت فيه أنفحة الميت قال: ليس بها بأس، إن الانفحة ليس
لها عروق، ولا فيها دم، ولا لها عظم إنما تخرج من بين فرث ودم ثم قال: وإنما
الانفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة، فهل تأكل تلك البيضة ؟ قال قتادة: لا
ولا آمر بأكلها، فقال له أبو جعفر عليه السلام: ولم ؟ قال: لانها من الميتة قال له:
فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها ؟ قال: نعم، قال: فما حرم عليك
البيضة وأحل لك الدجاجة ؟ ثم قال عليه السلام: فكذلك الانفحة مثل البيضة، فاشتر
الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه، إلا أن يأتيك من يخبرك عنه
(1). 12 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن أحمد بن إسماعيل
الكاتب، عن أبيه قال: أقبل أبو جعفر عليه السلام في المسجد الحرام، فنظر إليه قوم
من قريش فقالوا: من هذا ؟ فقيل لهم: إمام أهل العراق، فقال بعضهم: لو بعثتم إليه
بعضكم فسأله، فأتاه شاب منهم فقال له: يا عم ما أكبر الكبائر ؟ فقال: شرب الخمر،
فأتاهم فأخبرهم فقالوا له: عد إليه، فعاد إليه فقال له: ألم أقل لك يا ابن أخ شرب
الخمر ؟ إن شرب الخمر يدخل صاحبه في الزنا، والسرقة وقتل النفس التي حرم الله
عزوجل، وفي الشرك بالله عزوجل، وأفاعيل الخمر تعلو على كل ذنب كما تعلو شجرها على
كل شجر (2). 13 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر
ابن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة قال:
(1) الكافي ج 6 ص 256. (2) نفس المصدر ج 6
ص 429.
[359]
كنت عند أبي جعفر عليه السلام وعنده رجل
من الانصار فمرت به جنازة فقام الانصاري ولم يقم أبو جعفر عليه السلام فقعدت معه،
ولم يزل الانصاري قائما حتى مضوا بها، ثم جلس فقال له أبو جعفر عليه السلام: ما
أقامك ؟ قال: رأيت الحسين بن علي عليه السلام يفعل ذلك فقال أبو جعفر عليه السلام:
والله ما فعله الحسين عليه السلام ولا قام لها أحد منا أهل البيت قط، فقال
الانصاري: شككتني أصلحك الله، قد كنت أظن أني رأيت (1).
(1) المصدر السابق ج 3 ص 191 وأخرجه الشيخ
الطوسى في التهذيب ج 1 ص 456.
[360]
10 * (باب) * " نوادر أخباره صلوات الله
عليه " * 1 - ما: المفيد عن زيد بن محمد بن جعفر السلمي، عن الحسن بن الحكم الكندي،
عن إسماعيل بن صبيح اليشكري، عن خالد بن العلا، عن المنهال بن عمر قال: كنت جالسا
مع محمد بن علي الباقر عليهما السلام إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال
الرجل: كيف أنتم ؟ فقال له محمد: أو ما آن لكم أن تعلموا كيف نحن، إنما مثلنا في
هذه الامة مثل بني إسرائيل، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ألا وإن هؤلاء يذبحون
أبناءنا ويستحيون نساءنا، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم فقالت العجم: وبما ذلك
؟ قالوا: كان محمد منا عربيا، قالوا لهم: صدقتم، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها
من العرب فقالت لهم العرب من غيرهم: وبما ذاك ؟ قالوا: كان محمد قرشيا قالوا لهم:
صدقتم، فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس لانا ذرية محمد، وأهل بيته خاصة
وعترته، لا يشركنا في ذلك غيرنا، فقال له الرجل: والله إني لاحبكم أهل البيت قال:
فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لاسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيل في الوادي وبنا
يبدو البلاء ثم بكم، وبنا يبدو الرخاء ثم بكم (1). بيان: يستحيون أي يستبقون وقال
الجزري (2) في حديث علي عليه السلام: من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا أي
ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر والقلة، والجلباب الازار والرداء، وقيل: الملحفة،
وقيل: هو كالمقنعة تغطي بها
(1) أمالى الطوسى ص 95. (2) النهاية ج 1 ص
169.
[361]
المرأة رأسها وظهرها وصدرها، وجمعه
جلابيب، كنى به عن الصبر. لانه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن، وقيل: إنما كنى
بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس إزار الفقر ويكون منه على حالة تعمه وتشمله،
لان الغنى من أحوال أهل الدنيا، ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت عليهم
السلام. 2 - ك: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
حمزة بن حمران وغيره عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: خرج أبو جعفر محمد
بن علي الباقر عليه السلام بالمدينة فتصحر وأتكأ على جدار من جدرانها مفكرا، إذ
أقبل إليه رجل فقال: يا أبا جعفر على م حزنك ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر يشترك
فيه البر والفاجر، أم على الآخرة ؟ فوعد صادق، يحكم فيه ملك قادر قال أبو جعفر عليه
السلام: ما على هذا أحزن أما حزني على فتنة ابن الزبير فقال له الرجل: فهل رأيت
أحدا خاف الله فلم ينجه ؟ أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ وهل رأيت أحدا
استخار الله فلم يخر له ؟ قال أبو جعفر عليه السلام: فولى الرجل وقال: هو ذاك، فقال
أبو جعفر عليه السلام: هذا هو الخضر عليه السلام. قال الصدوق: جاء هذا الحديث هكذا،
وقد روي في حديث آخر أن ذلك كان مع علي بن الحسين عليه السلام (1). 3 - كا: محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار قال: حدثني رجل
من أصحابنا، عن الحكم بن عتيبة قال: بينا أنا مع أبي جعفر عليه السلام والبيت غاص
بأهله، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عنزة له، حتى وقف على باب البيت فقال: السلام عليك يا
ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم سكت فقال أبو جعفر عليه السلام: وعليك السلام
ورحمة الله وبركاته، ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال: السلام عليكم، ثم سكت
حتى أجابه القوم جميعا وردوا عليه السلام، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام
ثم قال: يا ابن رسول الله أدنني منك
(1) كمال الدين وتمام النعمة ج 2 ص 58.
[362]
جعلني الله فداك، فوالله إني لاحبكم واحب
من يحبكم، ووالله ما احبكم واحب من يحبكم لطمع في دنيا، وإني لابغض عدوكم وأبرأ
منه، ووالله ما ابغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه، والله إني لاحل حلالكم واحرم
حرامكم، وأنتظر أمركم، فهل ترجو لي جعلني الله فداك ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام
إلي إلي حتى أقعده إلى جنبه. ثم قال: أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين عليه السلام
أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه فقال له أبي عليه السلام: إن تمت ترد على
رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي والحسن والحسين، وعلى علي بن الحسين، ويثلج
قلبك، ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين، لو قد
بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك، وتكون
معنا في السنام الاعلى. قال الشيخ: قلت: كيف يا أبا جعفر ؟ فأعاد عليه الكلام فقال
الشيخ: الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا مت أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى
علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين، وتقر عيني ؟ ويثلج قلبي، ويبرد فؤادي، واستقبل
بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين، لو قد بلغت نفسي ههنا، وإن أعش أرى ما يقر
الله به عيني، فأكون معكم في السنام الاعلى ؟ ثم أقبل الشيخ ينتحب، ينشج هاهاها حتى
لصق بالارض، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون، لما يرون من حال الشيخ، وأقبل أبو
جعفر عليه السلام يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفصها. ثم رفع الشيخ رأسه
فقال لابي جعفر عليه السلام: يا ابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك، فناوله
يده فقبلها، ووضعها على عينيه وخده، ثم حسر عن بطنه وصدره، فوضع يده على بطنه
وصدره، ثم قام، فقال: السلام عليكم، وأقبل أبو جعفر عليه السلام، ينظر في قفاه وهو
مدبر، ثم أقبل بوجهه على القوم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر
إلى هذا، فقال الحكم بن عتيبة: لم أر
[363]
مأتما قط يشبه ذلك المجلس (1). بيان: غاص
بأهله: أي ممتلئ بهم، والوتر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره، من قتل أو نهب أو
سبي، ويثلج قلبك أي يطمئن قلبك، وتفرح فؤادك، وتسر عينك، والعرب تعبر عن الراحة
والفرح والسرور بالبرد، والسنام الاعلى أي أعلا درجات الجنان، وسنام كلى شئ أعلاه،
والانتحاب رفع الصوت بالبكاء، ونشج الباكي ينشج نشجا إذا غص بالبكاء في حلقه،
وحملاق العين باطن أجفانها الذي يسودها الكخل، وجمعه حماليق. 4 - كا: محمد بن أبي
عبد الله، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا،
عن الحسن بن العباس بن الحريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال أبو عبد
الله عليه السلام: بينا أبي يطوف بالكعبة، إذا رجل معتجر قد قيض له، فقطع عليه
اسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقال: مرحبا يا ابن رسول
الله، ثم وضع يده على رأسي وقال: بارك الله فيك، يا أمين الله بعد آبائه، يا أبا
جعفر إن شئت فأخبرني، وإن شئت فأخبرتك وإن شئت سلني، وإن شئت سألتك، وإن شئت
فاصدقني، وإن شئت صدقتك، قال: كل ذلك أشاء قال: فاياك أن ينطق لسانك عند مسألتي
بأمر تضمر لي غيره قال: إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان، يخالف أحدهما صاحبه، وإن
الله عزوجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف، قال: هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها،
أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف، من يعلمه ؟ قال: أما جملة العلم فعند
الله جل ذكره، وأما ما لابد للعباد منه فعند الاوصياء. قال: ففتح الرجل عجرته،
واستوى جالسا وتهلل وجهه وقال: هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من
العلم عند الاوصياء فكيف يعلمونه ؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه
إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى
(1) الكافي ج 8 ص 76 والمراد بالعنزة في
الحديث: عصا في رأسها حديدة، وهى أطول من العصا، وأقصر من الرمح.
[364]
لانه كان نبيا وهم محدثون، وإنه كان يفد
إلى الله جل جلاله، فيسمع الوحي وهم لا يسمعون فقال: صدقت يا ابن رسول الله سأتيك
بمسألة صعبة: أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر، كما كان يظهر مع رسول الله صلى
الله عليه وآله قال: فضحك أبي عليه السلام وقال: أبى الله أن يطلع على علمه إلا
ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله أن يصبر على أذى قومه، ولا يجاهدهم إلا
بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له: " اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين "
(1) وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك، لكان آمنا، ولكنه إنما نظر في الطاعة، وخاف
الخلاف، فلذلك كف، فوددت أن عينيك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود
بين السماء والارض، تعذب أرواح الكفرة من الاموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من
الاحياء، ثم أخرج سيفا ثم قال: ها ! إن هذا منها. قال: فقال أبي إي والذي اصطفى
محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره وقال: أنا إلياس ما سألتك عن أمرك ولي به
جهالة، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك، وساق الحديث بطوله إلى أن
قال: ثم قام الرجل وذهب فلم أره (2).
(1) سورة الحجر، الاية: 94. (2) الكافي ج
1 ص 242 وفيه الحديث بطوله، والحسن بن العباس بن الحريش رجل ضعيف لا يلتفت إلى
حديثه، فقد ذكره الشيخ النجاشي في رجاله ص 45 وقال: ضعيف جدا له كتاب انا انزلناه
في ليلة القدر وهو كتاب ردى الحديث مضطرب الالفاظ اه وفى الخلاصة: وقال ابن
الغضائري: هو أبو محمد ضعيف روى عن أبى جعفر الثاني عليه السلام فضل انا أنزلناه
كتابا مصنفا فاسد الالفاظ تشهد مخائله على انه موضوع، وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا
يكتب حديثه.
[365]
11 * (باب) * * " (أزواجه وأولاده صلوات
اله عليه، وبعض أحوالهم) " * * (وأحوال امه رضى الله عنها) * 1 - عم (1) شا: كان
أولاده عليه السلام سبعة منهم: أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وكان يكنى
به، وعبد الله بن محمد امهما ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وإبراهيم
وعبيدالله درجا امهما ام حكيم بنت السيد بن المغيرة الثقفية وعلي وزينب لام ولد،
وام سلمة لام ولد (2). بيان: درجا أي ماتا في حياته عليه السلام. 2 - عم: وقيل إن
لابي جعفر عليه السلام ابنة واحدة فقط ام سلمة، واسمها زينب (3). 3 - شا: ولم يعتقد
في أحد من ولد أبي وجعفر عليه السلام الامامة إلا في أبي عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام خاصة، وكان أخوه عبد الله رضي الله عنه يشار إليه بالفضل والصلاح وروي
أنه دخل على بعض بني امية فأراد قتله، فقال له عبد الله رحمة الله عليه: لا تقتلني
أكن لله عليك عونا واتركني أكن لك على الله عونا، يريد بذلك أنه ممن يشفع إلى الله،
فيشفعه، فلم يقبل ذلك منه، فقال له الاموي: لست هناك، وسقاه السم فقتله (4).
(1) اعلام الورى ص 265. (2) الارشاد ص
288. (3) اعلام الورى ص 265. (4) الارشاد ص 288.
[366]
4 - كشف: كان له ثلاثة من الذكور، وبنت
واحدة، وأسماء أولاده: جعفر وهو الصادق، وعبد الله، وإبراهيم، وام سلمة، وقيل: كان
أولاده أكثر من ذلك (1). 5 - قب: أولاده عليه السلام سبعة: جعفر الامام، وكان يكنى
به، وعبد الله الافطح من ام فروة بنت القاسم، وعبيدالله، وإبراهيم، من ام حكيم،
وعلي، وام سلمة، وزينب من ام ولد، ويقال زينب لام ولد اخرى، ويقال: له ابنة واحدة،
وهي ام سلمة، درجوا كلهم إلا أولاد الصادق عليه السلام (2). 6 - ب: ابن عيسى، عن
البزنطي قال: ذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال أبيه، وسعيد بن المسيب،
فقال: كانا على هذا الامر، وقال: خطب أبي إلى القاسم بن - محمد يعني أبا جعفر عليه
السلام - فقال القاسم لابي جعفر عليه السلام: إنما كان ينبغي لك أن تذهب إلى أبيك
حتى يزوجك (3). 7 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد، عن
صالح ابن مزيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: كانت امي قاعدة عند جدار، فتصدع الجدار، وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا
وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقا في الجو حتى جازته، فتصدق أبي
عنها بمائة دينار، قال أبو الصباح: وذكر أبو عبد الله عليه السلام جدته ام أبيه
يوما فقال: كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها (4). 8 - كا: محمد بن يحيى،
عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن أبي الجارود قال:
دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو جالس على
(1) كشف الغمة ج 2 ص 322. (2) المناقب ج 3
ص 340. (3) قرب الاسناد ص 210. (4) الكافي ج 1 ص 469.
[367]
متاع فجعلت ألمس المتاع بيدي فقال: هذا
الذي تلمسه بيدك أر مني له: وما أنت والارمني ؟ فقال: هذا متاع جاءت به ام علي -
امرأة له - فلما كان من قابل دخلت عليه فجعلت ألمس ما تحتي فقال: كأنك تريد أن تنظر
ما تحتك ؟ فقلت: لا ولكن الاعمى يعبث، فقال لي: إن ذلك المتاع كان لام علي، وكانت
ترى رأي الخوارج، فأدرتها ليلة إلى الصبح أن ترجع على رأيها، وتتولى أمير المؤمنين
صلوات الله عليه، فامتنعت علي فلما أصبحت طلقتها (1). 9 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد، عن عبد
الاعلى قال: رأيت ام فروة تطوف بالكعبة عليها كساء متنكرة، فاستلمت الحجر بيدها
اليسرى، فقال لها رجل ممن يطوف يا أمة الله أخطأت السنة فقالت: إنا لاغنياء عن علمك
(2). أقول: روى أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل (3) باسناده عن عمرو بن أبي
المقدام، عن أبيه قال: دخل عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين على رجل من بني امية،
فأردا قتله فقال له عبد الله: لا تقتلني أكن لله عليك عينا ولك على الله عونا فقال:
لست هناك، وتركه ساعة ثم سقاه سما في شراب سقاه إياه فقتله.
(1) نفس المصدر ج 6 ص 477. (2) المصدر
السابق ج 4 ص 428. (3) مقاتل الطالبيين ص 159 وشرح شافية أبى فراس ص 155.
[368]
كلمة المحقق: بسم الله الرحمن الرحيم وبه
نستعين وله الحمد الحمد لله رب العالمين، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله
الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين. وبعد: فقد رغب الي سيادة
الناشر الكريم الشريف الاستاذ الفاضل السيد اسماعيل كتابچي - مدير المكتبة والمطبعة
الاسلامية بطهران - وفقه الله وكان في عونه أن أسهم معه في إخراج بعض اجزاء بحار
الانوار التي ينوي إخراجها بما يتناسب وطبيعة العصر الحاضر، وذوق القارئ الكريم. و
(بحار الانوار) موسوعة جليلة غنية عن البيان والتعريف، لشهرتها وذيوع اسمها، فهي
بحق دائرة معارف إسلامية، ضمت في أجزائها البالغة ستة وعشرين جزءا جميع ما يحتاجه
الانسان في معاشه ومعاده، في دينه ودنياه، في اتصاله بالخالق وسلوكه مع المخلوقين.
ولما رأيت رغبته الملحة أجبته بالرغم من كثرة أشغالي وشغل بالي، مبتغيا رضى الله
سبحانه بتشجيعه ومساندته، خدمة للدين وطمعا بثواب رب العالمين (ولكل امرئ ما نوى).
وأود أن أبسط للقارئ الكريم بعض النقاط التي اعترضتني فغيرت كثيرا في منهجي العملي
الذي كنت ارتضيته لنفسي في مثل هذا المضمار، وعملت عليه في تحقيق بعض الكتب، سواء
ما طبع منها أو التي في طريقها إلى عالم النشر.
[369]
1 - ان وجود النسخ المخطوطة لاصل مطبوع
لدى الباحث مما يعينه في التأكد من صحة النص عند تحقيقه خصوصا إذا كانت متعددة
موفورة، وهذا أمر يقدره الباحثون، ولما لم نظفر بنسخة الاصل خط يد المؤلف قدس سره
ولم يتيسر لنا إلا نسخة واحدة مخطوطة لخزانة كتب التستريين في النجف الاشرف اعتمدنا
على النسخة المشهورة بالكمباني وهي أصح النسخ المطبوعة حيث تصدى لتصحيحها ومقابلتها
وعرضها على النسخ المخطوطة المتعددة جماعة من أعاظم علماء وقته من الماهرين في
الادب والحديث المتتبعين للكتب بعناية تامة، ومنهم الفاضل الخبير والعالم النحرير
السيد محمد خليل الموسوي الاصفهاني جزاه الله عن الاسلام خير الجزاء. 2 - المصادر
المنقول عنها لو توفرت وكانت مصححة، لكانت أكبر عون في المراجعة والتحقيق ولكن هلم
الخطب في هذه المصادر، فهي الاخرى بين مفقود أو بحكمه لندرته. وما تيسر منها
فغالبها من مطبوعات ايران قديما، يوم كانت وسائل النشر بدائية، فهي مطبوعة على
الحجر طباعة رديئة غير مصححة وجلها لا يخلو من الاغلاط الفاحشة الفظيعة ولما لم يكن
بعد من مراجعتها فقد راجعتها مضطرا وما حيلة المضطر إلا ركوبها. 3 - التزمت بعد
المراجعة إلى المصادر بتعيين محل النص من المصدر وربما أشرت إلى وجود التفاوت فيما
لو كان، وربما ذكرته وهو في بعض المواضع التي رأيت إثباتها لازما، أما ما عدا ذلك
فقد رأيت من الخير أن لا اضيع الوقت باثبات جميع ذلك في الهامش، كما هو شأن بعض
محدثي المحققين ممن يسودون هامش الكتاب باثبات جميع ذلك، ظنا منهم انهم يحسنون
صنعا، وليس الامر فيما أعتقد كذلك إذ ليس فيه كبير فائدة تعود على القارئ، بعد
امكان الاستعاضة عنه بتعيين محل النص من المصدر والاشارة إلى وجود التفاوت، نعم لا
ينكر ان اثبات بعض نقاط التفاوت له أهمية، ولكن لا جميعها كما التزمنا بذلك.
[370]
4 - إن طبيعة العمل في إخراج مثل هذه
الموسوعة يستدعي إعطاء المحقق اكبر فرصة ممكنة للبحث والتنقيب وهذا مما لم يسمح به
الوقت، ولم يفسح به إلحاح الناشر ورغبته في سرعة الانجاز لذلك أعترف باني لم أوف
المراد حقه كما أرغب وهذا عذري للقارئ الكريم. وختاما فلا يفوتني التنويه بجهود
فضيلة العلامة الاخ السيد محمد رضا الخرسان
[370]
4 - إن طبيعة العمل في إخراج مثل هذه
الموسوعة يستدعي إعطاء المحقق اكبر فرصة ممكنة للبحث والتنقيب وهذا مما لم يسمح به
الوقت، ولم يفسح به إلحاح الناشر ورغبته في سرعة الانجاز لذلك أعترف باني لم أوف
المراد حقه كما أرغب وهذا عذري للقارئ الكريم. وختاما فلا يفوتني التنويه بجهود
فضيلة العلامة الاخ السيد محمد رضا الخرسان سلمه الله ومشاركته في انجاز العمل
وأرجو لي وله من الله العون والتوفيق وهو ولي ذلك انه سميع مجيب. محمد مهدى السيد
حسن الخرسان النجف الاشرف 18 محرم الحرام 1385 ه.
[371]
إلى هنا انتهى الجزء السادس والاربعون من
كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة، وهو الجزء الاول من المجلد الحادي عشر
يحتوي على تاريخ الامامين الهمامين: مولانا علي بن الحسين السجاد، ومحمد بن علي
الباقر عليهما الصلاة والسلام. ولقد بذلنا الجهد في تصحيحه ومقابلته، وبالغنا في
تحقيقه ورعايته، والله المن على توفيقه لذلك، وهو الموفق والمعين. محمد الباقر
البهبودى جمادى الاولى 1385