بحار الانوار الجزء
47
العلامة المجلسي
[1]
بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة
الاطهار بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة
فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس الله سره " الجزء السابع والاربعون
دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان الطبعة الثالثة المصححة 1403 ه - 1983 م
دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان - بناية كليو باترا - شارع دكاش - ص. ب 7957
/ 11 تلفون المستودع: 274696 - 273032 - 278766 - المنزل 830711 - 830717 برقيا:
التراث - تلكس 44632 / LE تراث
[1]
* (أبواب) * * " (تاريخ الامام الهمام
مظهر الحقائق أبى عبد الله) " * * " (جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه) " * *
(باب 1) * * " (ولادته صلوات الله عليه، ووفاته، ومبلغ سنه ووصيته) " * 1 - كا: ولد
أبو عبد الله عليه السلام سنة ثلاث وثمانين، ومضى عليه السلام في شوال من سنة ثمان
وأربعين ومائة، وله خمس وستون سنة، ودفن بالبقيع، وامه ام فروة بنت القاسم بن محمد،
وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (1). 2 - وقال الشهيد في الدروس: ولد عليه
السلام بالمدينة يوم الاثنين، سابع عشر شهر ربيع الاول، سنة ثلاث وثمانين، وقبض بها
في شوال، وقيل في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة، عن خمس وستين سنة،
امه ام فروة ابنة القاسم بن محمد، وقال الجعفي: اسمها فاطمة، وكنيتها ام فروة. 3 -
وقال في الفصول المهمة: ولد في [سنة] ثمانين من الهجرة، وقيل سنة ثلاث وثمانين
والاول أصح، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة وله من العمر ثمان وستون سنة، ويقال إنه
مات بالسم في أيام المنصور (3).
(1) الكافي ج 1 ص 472. (2) الدروس للشهيد
ص 154 كتاب المزار. (3) الفصول المهمة ص 208 و 216.
[2]
وفى تاريخ الغفاري: أنه ولد في السابع عشر
من ربيع الاول. 4 - كف: ولد عليه السلام بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع
الاول سنة ثلاث وثمانين، وكانت ولادته في زمن عبد الملك بن مروان، وتوفي عليه
السلام يوم الاثنين في النصف من رجب سنة ثمان وأربعين ومائة، مسموما في عنب (1).
وقال في موضع آخر: ولد عليه السلام في يوم الجمعة غرة شهر رجب (2). 5 - ثو: ما
جيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن ابن فضال، عن الميثمي عن أبي بصير قال: دخلت على ام
حميدة اعزيها بأبي عبد الله عليه السلام فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت: يا أبا محمد
لو رأيت أبا عبد الله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال: أجمعوا
لي كل من بيني وبينه قرابة، قالت: فلم نترك أحدا إلا جمعناه قالت: فنظر إليهم ثم
قال: إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة (3). 6 - سن: محمد بن علي وغيره، عن ابن
فضال، عن المثنى، عن أبي بصير مثله (4). 7 - غط: جماعة عن البزوفري، عن أحمد بن
إدريس، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن هشام بن أحمر، عن سالمة
مولاة أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قالت: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن
محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة واغمي عليه، فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن
علي بن علي بن الحسين وهو الافطس سبعين دينارا، وأعط فلانا كذا، وفلانا كذا، فقلت:
أتعطي رجلا
(1) مصباح الكفعمي ص 523 في الجدول. (2)
لم أقف مصباح الكفعمي على ما نقله الشيخ المجلسي رحمه الله عنه، نعم قال الكفعمي في
ص 512 في حوادث شهر رجب: وفى غرته يوم الجمعة ولد الباقر عليه السلام اه ونص في
حوادث شهر ربيع الاول ص 511 فقال وفى سابع عشره كان مولد النبي صلى الله عليه وآله
ومولد الصادق عليه السلام فلاحظ وتأمل. (3) ثواب الاعمال ص 205. (4) المحاسن للبرقي
ج 1 ص 80.
[3]
حمل عليك بالشفرة، يريد أن يقتلك ؟ قال:
تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل
ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (1) نعم يا سالمة إن الله خلق الله الجنة فطيبها
وطيب ريحها وإن ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم (2).
8 - غط: روى أبو أيوب الخوزي قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فدخلت
عليه وهو جالس على كرسي، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، فلما سلمت عليه رمى الكتاب
إلي وهو يبكي وقال: هذا كتاب محمد بن سليمان، يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا
لله وإنا إليه راجعون - ثلاثا - وأين مثل جعفر ؟ ثم قال لي: اكتب فكتبت صدر الكتاب،
ثم قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال فرجع الجواب إليه:
إنه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله، وموسى،
ابني جعفر، و حميدة فقال المنصور: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل (3). 9 - عم: الكليني، عن
علي بن محمد، عن سهل بن زياد وغيره، عن محمد بن الوليد، عن يونس، عن داود بن زربي،
عن أبي أيوب الخوزي مثله (4). 10 - شا: كان مولد الصادق عليه السلام بالمدينة سنة
ثلاث وثمانين، ومضى في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة، وله خمس وستون سنة، ودفن
بالبقيع مع أبيه وجده وعمه الحسن عليهم السلام وامه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن
أبي بكر، وكانت
(1) سورة الرعد الاية: 21. (2) غيبة الشيخ
الطوسى ص 128. (3) غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 310
وفيه (النحوي) بدل (الخوزى) كما أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت
يسير. (4) اعلام الورى ص 290 وفيه " الجوزى " بدل " الخوزى ".
[4]
إمامته أربعا وثلاثين سنة (1). 11 - قب:
داود بن كثير الرقي قال: أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي فسأله خبرا فقال: توفي
جعفر الصادق عليه السلام فشهق شهقة واغمي عليه، فلما أفاق قال: هل أوصى إلى أحد ؟
قال: نعم أوصى إلى ابنه عبد الله، وموسى، وأبي جعفر المنصور، فضحك أبو حمزة وقال:
الحمد لله الذي هدانا إلى الهدى، وبين لنا عن الكبير ودلنا على الصغير، وأخفى عن
أمر عظيم، فسئل عن قوله فقال: بين عيوب الكبير ودل على الصغير لاضافته إياه، وكتم
الوصية للمنصور لانه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل: أنت (2). 12 - ضه، قب: ولد
الصادق عليه السلام بالمدينة، يوم الجمعة، عند طلوع الفجر ويقال: يوم الاثنين،
لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول، سنة ثلاث و ثمانين، وقالوا: سنة ست
وثمانين (3). 13 - قب: فأقام مع جده اثنتي عشرة سنة ومع أبيه تسع عشرة سنة، وبعد
أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة، فكان في سني إمامته، ملك إبراهيم بن الوليد
ومروان الحمار، ثم صارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم، سنة اثنتين وثلاثين
ومائة، وانتزعوا الملك من بني امية، وقتلوا مروان الحمار، ثم ملك أبو العباس السفاح
أربع سنين وستة أشهر وأياما، ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد
عشر شهرا وأياما، وبعد مضي سنتين من ملكه - (4). 14 - ضه، قب: قبض في شوال سنة ثمان
وأربعين ومائة، وقيل يوم الاثنين النصف من رجب (5).
(1) الارشاد للشيخ المفيد ص 289. (2)
المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 434. (3) روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399. (4)
المناقب ج 3 ص 399. (5) روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399. (*)
[5]
15 - قب: وقال أبو جعفر القمي: سمه
المنصور ودفن في البقيع، وقد كمل عمره خمسا وستين سنة، ويقال: كان عمره خمسين سنة،
وامه فاطمة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر (1). 16 - كشف: قال محمد بن طلحة: أما
ولادته فبالمدينة سنة ثمانين من الهجرة وقيل: سنة ثلاث وثمانين، والاول أصح وأما
نسبه أبا واما فأبوه أبو جعفر محمد الباقر، وامه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي
بكر (2). وأما عمره فإنه مات في سنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة المنصور فيكون
عمره ثلاث وستين سنة، هذا هو الاظهر، وقيل غير ذلك، وقبره بالمدينة بالبقيع وهو
القبر الذي فيه أبوه وجده وعمه. وقال الحافظ عبد العزيز: امه عليه السلام ام فروة
بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولد عام
الجحاف سنة ثمانين، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة (3). وقال محمد بن سعيد: لما خرج
محمد بن عبد الله بن الحسن، هرب جعفر إلى ماله بالفرع، فلم يزل هناك مقيما حتى قتل
محمد فلما قتل محمد واطمأن الناس و أمنوا، رجع إلى المدينة، فلم يزل بها حتى مات
لسنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو يومئذ ابن إحدى وسبعين سنة (4) وقال
ابن الخشاب بالاسناد الاول عن محمد بن سنان: مضى أبو عبد الله عليه السلام و هو ابن
خمس وستين سنة، ويقال: ثمان وستين سنة، في سنة مائة وثمان وأربعين، و كان مولده
عليه السلام سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، وكان مقامه مع جده علي بن الحسين عليه
السلام اثني عشرة سنة وأياما، وفي الثانية كان مقامه مع جده خمس عشرة
(1) المناقب ج 3 ص 399. (2) كشف الغمة ج 2
ص 369. (3) نفس المصدر ج 2 ص 378. (4) المصدر السابق ج 2 ص 379.
[6]
سنة، وتوفي أبو جعفر عليه السلام ولابي
عبد الله عليه السلام أربع وثلاثون سنة في إحدى الروايتين وأقام بعد أبيه أربعا
وثلاثين سنة، وكان عمره عليه السلام في إحدى الروايتين خمسا وستين سنة، وفي الرواية
الاخرى ثمان وستين سنة، قال لنا الزارع: والاولى هي الصحيحة وامه ام فروة بنت
القاسم بن محمد بن أبي بكر (1). 17 - عم: ولد عليه السلام بالمدينة لثلاث عشرة ليلة
بقيت من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة، ومضى عليه السلام في النصف من
رجب، ويقال: في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة، وله خمس وستون سنة، أقام فيها مع جده
وأبيه اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة، وبعد أبيه عليه السلام أيام
إمامته عليه السلام أربعا وثلاثين سنة، وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك
هشام بن عبد الملك وملك الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وملك يزيد بن الوليد بن عبد
الملك الملقب بالناقص، وملك إبراهيم بن الوليد، وملك مروان بن محمد الحمار، ثم صارت
المسودة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فملك أبو العباس عبد
الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح، أربع سنين وثمانية أشهر،
ثم ملك أخوه أبو جعفر عبد الله الملقب بالمنصور، إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا،
وتوفي الصادق عليه السلام بعد عشر سنين من ملكه، ودفن بالبقيع، مع أبيه وجده وعمه
الحسن عليهم السلام (2). 18 - كا: سعد والحميري معا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه
علي، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قبض أبو
عبد الله جعفر بن محمد وهو ابن خمس وستين سنة، في عام ثمان وأربعين ومائة وعاش بعد
أبي جعفر عليه السلام أربعا وثلاثين سنة (3).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 415. (2) اعلام الورى
ص 266. (3) الكافي ج 1 ص 475.
[7]
19 - كا: سعد، عن محمد بن عمرو بن سعيد،
عن يونس بن يعقوب، عن أبي الحسن الاول قال: سمعته يقول: أنا كفنت أبي في ثوبين
شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام
وفي برد اشتريته بأربعين دينارا (1). 20 - كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن عمرو بن
سعيد مثله، وزاد في آخره: لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار (2). بيان: شطا اسم
قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية. 21 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد، عن عبد الله بن أحمد، عن إبراهيم بن الحسن، عن وهب بن حفص، عن إسحاق بن جرير
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام كان سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي
بكر، وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليه السلام ثم قال: وكانت امي ممن
آمنت واتقت وأحسنت، والله يحب المحسنين (3) 22 - كا: العدة، عن سهل، عن عثمان بن
عيسى، عن عدة من اصحابنا قال: لما قبض أبو جعفر عليه السلام بالسراج في البيت الذي
كان يسكنه، حتى قبض أبو عبد الله عليه السلام ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل
ذلك في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى خرج به إلى العراق، ثم لا أدري ما كان (4)
23 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل
السراج، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو الحسن الاول
(1) الكافي ج 1 ص 475. (2) المصدر السابق
ج 3 ص 149 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 434 والاستبصار ج 1 ص 210. (3) المصدر
السابق ج 3 ص 472 صدر حديث. (4) المصدر السابق ج 3 ص 251 وأخرج الصدوق في الفقيه ج
1 ص 97 والطوسي في التهذيب ج 1 ص 289.
[8]
عليه السلام: إنه لما حضر أبي الوفاة قال
لي: يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة (1). 24 - قل: في أدعية شهر
رمضان، وضاعف العذاب على من شرك في دمه وهو المنصور (2). * (باب 2) * * (أسمائه
وألقابه وكناه، وعللها، ونقش خاتمه، وحليته) * * (وشمائله صلوات الله عليه) * 1 - ن
(3) لى: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن أبي العقبة
الصيرفي، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام قال: كان نقش خاتم جعفر بن محمد
عليه السلام " الله وليي وعصمتي من خلقه " (4). 2 - ع: علي بن أحمد بن محمد، عن
محمد بن هارون الصوفي، عن عبيد الله بن موسى الحبال، عن محمد بن الحسين الخشاب، عن
محمد بن الحصين، عن المفضل عن الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عليهم
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق، فانه سيكون في ولده سمي له، يدعي
الامامة بغير حقها، ويسمى كذابا (5).
(1) المصدر السابق ج 3 ص 270. (2) الاقبال
ص 345. (3) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 56 جزء حديث. (4) أمالى الصدوق ص
458. (5) علل الشرائع ص 234.
[9]
3 - مع: سمي الصادق صادقا ليتميز من
المدعي للامامة بغير حقها، وهو جعفر بن علي إمام الفطحية الثانية (1). 4 - يج: روي
عن أبي خالد أنه قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام من الامام بعدك ؟ قال: محمد
ابني يبقر العلم بقرا، ومن بعد محمد جعفر، اسمه عند أهل السماء الصادق، قلت: كيف
صار اسمه الصادق ؟ وكلكم الصادقون ؟ فقال: حدثني أبي، عن أبيه أن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب فسموه الصادق، فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعى الامامه اجتراء على
الله، وكذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب، المفتري على الله، ثم بكى علي بن
الحسين عليهما السلام فقال: كأني بجعفر [جعفر] الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على
تفتيش أمر ولي الله، والمغيب في حفظ الله، فكان كما ذكر (2). 5 - قب: كان الصادق
عليه السلام ربع القامة، أزهر الوجه، حالك الشعر جعد أشم الانف، أنزل رقيق البشرة،
دقيق المسربة، على خده خال أسود، وعلى جسده خيلان حمرةوكان اسمه جعفر، ويكنى أبا
عبد الله وأبا إسماعيل، والخاص أبو موسى، وألقابه: الصادق، والفاضل، والطاهر،
والقائم، والكافل، والمنجي وإليه تنسب الشيعة الجعفرية، ومسجده في الحلة (3). بيان:
رجل ربع: بين الطول والقصر، والحالك الشديد السواد، والشمم ارتفاع قصبة الانف
وحسنها، واستواء أعلاها، وانتصاب الارنبة، أو ورود الارنبة وحسن استواء القصبة
وارتفاعها، أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته والمسربة بفتح الميم وضم الراء،
الشعر وسط الصدر إلى البطن.
(1) معاني الاخبار ص 65. (2) الخرائج
والجرائح ص 195.جمع خال: الشامة في البدن. (3) المناقب ج 3 ص 400.
[10]
6 - كشف: قال محمد بن طلحة: (1) اسمه عليه
السلام جعفر، وكنيته أبو عبد الله وقيل: أبو إسماعيل، وله ألقاب أشهرها الصادق،
ومنها الصابر، والفاضل والطاهر. أقول: ذكر في الفصول المهمة (2) نحوه وقال: نقش
خاتمه: " ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أستغفر الله " (3). 7 - كف: نقش خاتمه: "
الله خالق كل شئ " (4). 8 - مكا: من كتاب اللباس عن أبي الحسن عليه السلام قال:
قاوموا خاتم أبي عبد الله عليه السلام فأخذه أبي بسبعة قال: قلت: سبعة دراهم ؟ قال:
سبعة دنانير (5). وعن محمد بن عيسى، عن صفوان قال: أخرج إلينا خاتم أبي عبد الله
عليه السلام وكان نقشه " أنت ثقتي فاعصمني من خلقك " (6). وعن إسماعيل بن موسى قال:
كان خاتم جدي جعفر بن محمد عليهما السلام فضة كله وعليه " يا ثقتي قني شر جميع خلقك
" وإنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي على عبد الله بن جعفر فاشتراه أبي
(7). 9 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن ظبيان، وحفص
بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في خاتمي مكتوب " الله خالق كل شئ "
(8).
(1) مطالب السؤول ص 81. (2) الفصول المهمة
ص 209. (3) كشف الغمة ج 2 ص 370. (4) مصباح الكفعمي ص 522. (5) مكارم الاخلاق ص 95.
(6) نفس المصدر ص 102. (7) المصدر السابق ص 103. (8) الكافي ج 6 ص 473 جزء حديث.
[11]
10 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: مر بي معتب
ومعه خاتم فقلت له: أي شئ ؟ فقال: خاتم أبي عبد الله عليه السلام فأخذت لاقرأ ما
فيه فإذا فيه " اللهم أنت ثقتي فقني شر خلقك " (1). 11 - كا: أحمد، عن البزنطي قال:
كنت عند الرضا عليه السلام فأخرج إلينا خاتم أبي عبد الله عليه السلام فإذا عليه "
أنت ثقتي فاعصمني من الناس " (2). 12 - د: نقش خاتمه: " الله عوني وعصمتي من الناس
" وفى نقشه " أنت ثقتي فاعصمني من خلقك " وقيل: " ربي عصمني من خلقه "، وألقابه:
الصادق والفاضل، والقاهر، والباقي، والكامل، والمنجي، والصابر، والفاطر، والطاهر
وامه ام فروة وقيل: ام القاسم فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
(1 و 2) نفس المصدر ج 6 ص 473 والثانى فيه
جزء حديث.
[12]
(باب 3) * " (النص عليه صلوات الله عليه)
" * 1 - ن: الطالقاني، عن الحسين بن إسماعيل، عن سعيد بن محمد بن نصر القطان، عن
عبيد الله بن محمد السلمي، عن محمد بن عبد الرحيم، عن محمد بن سعيد ابن محمد، عن
العباس بن أبي عمرو، عن صدقة بن أبي موسى، عن أبي نضرة قال: لما احتضر أبو جعفر
محمد بن علي الباقر عليه السلام عند الوفاة، دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد
إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي عليه السلام: لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين
عليهما السلام رجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له: يا أبا الحسين إن الامانات ليست
بالمثال، ولا العهود بالرسوم، وإنما هي امور سابقة عن حجج الله عزوجل. (1). 2 - شا:
وصى إلى الصادق عليه السلام أبوه أبو جعفر عليه السلام وصية ظاهرة، ونص عليه
بالامامة نصا جليا، فروى محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر
بن محمد عليه السلام قال: لما حضرت أبي الوفاة قال: يا جعفر اوصيك بأصحابي خيرا.
قلت: جعلت فداك والله لادعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا (2). 3 -
عم: الكليني، عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير مثله (3).
(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص
40 صدر حديث طويل. (2) الارشاد ص 289. (3) اعلام الورى ص 267 وأخرجه الكليني في
الكافي ج 1 ص 306.
[13]
بيان: لادعنهم أي لا تركتهم، والواو في "
والرجل " للحال، فلا يسأل أحدا أي من المخالفين، أو الاعم شيئا من العلم، أو الاعم
منه ومن المال، والحاصل أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا
يحتاجون إلى السؤال، أو أخرج من بينهم، وقد صاروا كذلك. 4 - شا: روى أبان بن عثمان،
عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر إلى ابنه أبي عبد الله فقال: ترى هذا ؟
هذا من الذين قال الله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم
أئمة ونجعلهم الوارثين " (1). 5 - عم: الكليني، عن الحسين بن محمد، عن المعلى، عن
الوشاء، عن أبان مثله (2). 6 - شا: روى هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي قال:
سئل أبو جعفر عليه السلام عن القائم بعده فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام
وقال: هذا والله ولدي قائم آل بيت محمد صلى الله عليه وآله. وروى علي بن الحكم عن
طاهر صاحب أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو
جعفر: هذا خير البرية (3). 7 - عم: الكليني، عن العدة، عن أحمد، عن علي بن الحكم
مثله (4) 8 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا عن يونس
بن يعقوب، عن طاهر، وأحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن فضيل بن عثمان، عن طاهر
مثله (5). 9 - شا: روى يونس، عن عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: إن أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت
(1) الارشاد ص 289 والاية في سورة القصص
الاية: 5. (2) اعلام الورى ص 267 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 306. (3) الارشاد
ص 289. (4) اعلام الورى ص 268 وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 307. (5) الكافي ج 1
ص 307.
[14]
أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن
عمر فقال: اكتب: هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا
تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في
برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع
أصابع، وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له:
يا أبت ما كان في هذا بأن يشهد عليه ! فقال: يا بني كرهت أن تغلب، وأن يقال: لم يوص
إليه، وأردت أن تكون لك الحجة (1). 10 - عم الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن
عيسى، عن يونس مثله (2). بيان: أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح، وآثار
الانبياء. فيهم نافع أي منهم بتغليب قريش على مواليهم، أو معهم، وأن يحل عنه أطماره
الاطمار جمع طمر بالكسر، وهو الثوب الخلق، والكساء البالي، من غير صوف، وضمائر عنه
وأطماره ودفنه: إما راجعة إلى جعفر عليه السلام أي يحل أزرار أثوابه عند إدخال
والده القبر، فإضافة الدفن إلى الضمير إضافة إلى الفاعل، أو ضمير دفنه راجع إلى أبي
جعفر عليه السلام إضافة إلى المفعول. أو الضمائر راجعة إلى أبي جعفر عليه السلام،
فالمراد به حل عقد الاكفان وقيل: أمره بأن لا يدفنه في ثيابه المخيطة " ما كان في
هذا " ما نافية أي لم تكن لك حاجة في هذا بأن تشهد أي إلى أن تشهد، أو استفهامية أي
أي فائدة كانت في هذا ؟ أن تغلب على بناء المجهول أي في الامامة، فان الوصية من
علاماتها أو فيما أوصى إليه مما يخالف العامة، كتربيع القبر أو الاعم. 11 - عم:
الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب
(1) الارشاد ص 289. (2) اعلام الورى ص 268
وأخرجه الكليني في الكافي ج 1 ص 307.
[15]
عن هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي،
عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن القائم، فضرب بيده على أبي عبد الله، ثم قال:
هذا والله قائم آل محمد. قال عنبسة بن مصعب: فلما قبض أبو جعفر عليه السلام دخلت
على ابنه أبي عبد الله فأخبرته بذلك فقال: صدق جابر على أبي، ثم قال عليه السلام:
ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الامام الذي قبله ؟ (1). 12 - نص: علي بن الحسن،
عن هارون بن موسى، عن علي بن محمد بن مخلد، عن الحسن بن علي بن بزيع، عن يحيى بن
الحسن بن فرات، عن علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن مسلم قال: كنت عند أبي جعفر
محمد بن علي الباقر عليه السلام إذ دخل جعفر ابنه، وعلى رأسه ذؤابة، وفي يده عصا
يلعب بها، فأخذه الباقر عليه السلام وضمه إليه ضما، ثم قال: بأبي أنت وامي لا تلهو
ولا تلعب ثم قال لي، يا محمد هذا إمامك بعدي فاقتد به، واقتبس من علمه، والله إنه
لهو الصادق، الذي وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله إن شيعته منصورون في
الدنيا والاخرة، وأعداؤه ملعونون على لسان كل نبي، فضحك جعفر عليه السلام واحمر
وجهه، فالتفت إلي أبو جعفر وقال لي: سله، قلت له: يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟
قال: يا محمد العقل من القلب والحزن من الكبد، والنفس من الرية، والضحك من الطحال،
فقمت وقبلت رأسه (2). 13 - نص: علي بن الحسن الرازي، عن محمد بن القاسم، عن جعفر بن
الحسين بن علي، عن عبد الوهاب، عن أبيه همام بن نافع قال: قال أبو جعفر عليه السلام
لاصحابه يوما: إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا، فهو الامام والخليفة بعدي، وأشار إلى
أبي عبد الله عليه السلام (3).
(1) نفس المصدر ص 267 وأخرجه الكليني في
الكافي ج 1 ص 307. (2) كفاية الاثر ص 321. (3) نفس المصدر ص 321.
[16]
* (باب 4) * * " (مكارم سيره، ومحاسن
اخلاقه، واقرار المخالفين) " * " (والمؤالفين بفضله) " 1 - ل (1) ع (2) لى: ابن
المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي عن محمد بن زياد الازدي قال: سمعت مالك بن أنس
فقيه المدينة يقول: كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فيقدم لي مخدة،
ويعرف لي قدرا ويقول: يا مالك إني احبك، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه، قال: وكان
عليه السلام رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائما، وإما قائما، وإما ذاكرا،
وكان من عظماء العباد، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عزوجل، وكان كثير الحديث،
طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله اخضر مرة،
واصفر اخرى حتى ينكره من كان يعرفه، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلنه عند
الاحرام، كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يخر من راحلته فقلت:
قل يا ابن رسول الله، ولابد لك من أن تقول، فقال: يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن
أقول: لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن يقول عزوجل لي: لا لبيك ولا سعديك (3). 2 - قب: من
كتاب الروضة مثله (4).
(1) الخصال ص 79 باب الثلاثة. (2) علل
الشرائع ص 234. (3) أمالى الصدوق ص 169. وقد روى القاضى عياض كلمة مالك هذه بتغيير
يسير في كتابه المدارك ص 212 وحكاها عنه أبو زهرة في كتابه مالك ص 28 والخولى في
كتابه مالك ص 94. (4) المناقب ج 3 ص 395 ذيل الحديث وص 396 صدر الحديث.
[17]
3 - ب: محمد بن عيسى قال: حدثني حفص بن
محمد مؤذن علي بن يقطين قال: رأيت أبا عبد الله في الروضة، وعليه جبة خز سفر جلية
(1). 4 - كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن عيسى مثله (2). 5 - ب: أحمد وعبد الله ابنا
محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
وهو ساجد: اللهم اغفر لي ولاصحاب أبي، فاني أعلم أن فيهم من ينقصني (3). 6 - ع: أبي
عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق ابن عمار قال: حدثني مسلم
مولى لابي عبد الله عليه السلام قال: ترك أبو عبد الله عليه السلام السواك قبل أن
يقبض بسنتين، وذلك أن أسنانه ضعفت (4).
(1) قرب الاسناد ص 11 وأخرج الحديث الكشى
في رجاله ص 271 والسند فيه هكذا " حمدويه قال حدثنى محمد بن عيسى، قال حدثنى حفص
أبو محمد مؤذن على بن يقطين عن على بن يقطين قال الخ، فالحديث فيه ينتهى سنده إلى
على بن يقطين وهو الذى رأى على الامام جبة خز سفرجلية. كما ان فيه كنية حفص " أبو
محمد " وذكر في الكافي ومواضع من قرب الاسناد انه ابن عمر ويعرف بالمؤذن، وقد روى
عنه الحسن بن على بن يقطين خبر سقوط الامام الصادق عليه السلام عن بغلته حين دفع
ووقف عليه الوالى فنهاه الامام عن الوقوف وسيأتى ذلك عن قريب. وروى عنه أيضا ابن
فضال رسالة الامام الصادق عليه السلام إلى جماعة الشيعة - تلك الرسالة الذهبية التى
أمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها - وهى أول كتاب الروضة من الكافي،
ولم ينسب حفص إلى أحد بل اكتفى بوصفه بالمؤذن. فالظاهر ان ما في الاصل من انه " ابن
محمد " من سهو القلم والصواب " أبى محمد " كما في سند الكشى فلاحظ. (2) الكافي ج 6
ص 452. (3) قرب الاسناد ص 101. (4) علل الشرايع ص 295.
[18]
7 - ن: المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني،
عن أبي محمد، عن آبائه عن موسى بن جعفر عليهم السلام قال: نعي إلى الصادق جعفر بن
محمد عليه السلام ابنه إسماعيل ابن جعفر، وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل وقد
اجتمع ندماؤه، فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر
الايام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا، فلما
فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا اصبت بمثل هذا الابن، وأنت كما نرى ؟ !
قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم إن قوما
عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم وسلموا لامر خالقهم
عزوجل (1). 8 - دعوات الراوندي: كان للصادق عليه السلام ابن فبينا هو يمشي بين يديه
إذ غص فمات، فبكى وقال: لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لقد عافيت ثم حمل إلى
النساء، فلما رأينه صرخن، فأقسم عليهن أن لا يصرخن، فلما أخرجه للدفن قال: سبحان من
يقتل أولادنا ولا نزداد له إلا حبا، فلما دفنه قال: يا بني وسع الله في ضريحك، وجمع
بينك وبين نبيك وقال عليه السلام: إنا قوم نسأل الله ما نحب فيمن نحب فيعطينا، فإذا
أحب ما نكره فيمن نحب رضينا. 9 - ع (2) لى: السناني عن الاسدي، عن محمد بن أبي بشر،
عن الحسين بن الهيثم، عن المنقري، عن حفص بن غياث أنه كان إذا حدثنا عن جعفر بن
محمد عليه السلام قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد عليه السلام (3). 10 - لى:
المكتب عن الاسدي، عن محمد بن أبي بشر، عن الحسين بن الهيثم عن المنقري قال: كان
علي بن غراب إذا حدثنا عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: حدثني الصادق عن الله جعفر
بن محمد عليهما السلام (4).
(1) عيون اخبار الرضا " ع " ج 2 ص 2. (2)
علل الشرائع ص 234. (3 و 4) أمالى الصدوق ص 243.
[19]
11 - ع: الحسن بن محمد العلوي، عن الاسدي
مثله (1). 12 - لى: الطالقاني عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن محمد، عن جعفر بن
سليمان، عن أبيه، عن عمرو بن خالد قال: قال زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن
أبيطالب عليهم السلام: في كل زمان رجل منا أهل البيت، يحتج الله به على خلقه، و حجة
زماننا ابن أخي جعفر بن محمد، لا يضل من تبعه، ولا يهتدي من خالفه (2). 13 - ن: ابن
المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر محمد بن
علي الرضا، عن أبيه، أن جده عليهم السلام قال: دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد
الله عليه السلام فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الاية قوله " الذين يجتنبون كبائر
الاثم " (3) ثم سأل عن الكبائر فأجابه عليه السلام فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من
بكائه، وهو يقول: هلك والله من قال برأيه، و نازعكم في الفضل والعلم (4). أقول:
سيأتي الخبر بتمامه في باب الكبائر. 14 - مع: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن
ابن عمارة، عن أبيه، عن سفيان بن سعيد قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق
عليه السلام وكان والله صادقا كما سمي، الخبر (5). 15 - ب: محمد بن عيسى، عن حفص بن
عمر مؤذن علي بن يقطين قال: كنا نروي أنه يقف للناس في سنة أربعين ومائة خير الناس،
فحججت في تلك السنة فإذا إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس واقف قال: فدخلنا من
ذلك غم شديد
(1) علل الشرائع ص 234. (2) امالي الصدوق
ص 243. (3) سورة النجم الاية، 32. (4) عيوان اخبار الرضا ج 1 ص 285 وفيه الحديث
مفصلا مع ذكر المسائل والاجوبة. (5) معاني الاخبار ص 385 وفيه تمام الحديث وهو في
التقية.
[20]
لما كنا نرويه، فلم نلبث إذا أبو عبد الله
عليه السلام واقف على بغل أو بغلة له، فرجعت ابشر أصحابنا فقلنا: هذا خير الناس
الذي كنا نرويه: فلما أمسينا قال إسماعيل لابي عبد الله عليه السلام: ما تقول يا
أبا عبد الله سقط القرص ؟ فدفع أبو عبد الله بغلته وقال له: نعم، ودفع إسماعيل بن
علي دابته على أثره، فسارا غير بعيد حتى سقط أبو عبد الله عليه السلام عن بغله أو
بغلته فوقف إسماعيل عليه حتى ركب، فقال له أبو عبد الله عليه السلام ورفع رأسه إليه
فقال: إن الامام إذا دفع لم يكن له أن يقف إلا بالمزدلفة، فلم يزل إسماعيل يتقصد
حتى ركب أبو عبد الله، ولحق به (1). بيان: اندفع الفرس أي أسرع في سيره. 16 - لى:
ابن موسى، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي قال: سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول:
والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد عليه السلام زهدا وفضلا وعبادة ورعا، وكنت
أقصده فيكرمني ويقبل علي فقلت له يوما: يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوما من
رجب إيمانا واحتسابا ؟ فقال: - وكان والله إذا قال صدق - حدثني أبي عن أبيه عن جده
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا غفر
له، فقلت له: يا ابن رسول الله فما ثواب من صام يوما من شعبان ؟ فقال: حدثني أبي عن
أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام يوما من شعبان إيمانا
واحتسابا غفر له (2). 17 - ثو: أبي عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن سعدان
بن مسلم عن معلى بن خنيس قال: خرج أبو عبد الله عليه السلام في ليلة قد رشت السماء
وهو يريد ظلة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال: بسم الله اللهم رده
علينا قال: فأتيته فسلمت عليه فقال: معلى ؟ قلت: نعم جعلت فداك فقال لي: التمس بيدك
فما وجدت من شئ فادفعه إلي، قال: فإذا أنا بخبز منتشر، فجعلت أدفع إليه
(1) قرب الاسناد ص 98 وورد فيه بتفاوت ص
11 وأخرجه الكليني في الكافي ج 4 ص 541. (2) أمالى الصدوق ص 542.
[21]
ما وجدت فإذا أنا بجراب من خبز فقلت: جعلت
فداك أحمله علي عنك فقال: لا أنا أولى به منك، ولكن امض معي قال: فأتينا ظلة بني
ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى
على آخرهم ثم انصرفنا فقلت: جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال: لو عرفوا لواسيناهم
بالدقة، والدقة هي الملح (1). 18 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد
بن خالد مثله (2). بيان: رشت أي أمطرت، والدس الاخفاء والدقة بالكسر الملح المدقوق
و تمام الخبر في باب الصدقة. 19 - ير: الهيثم النهدي، عن ابن محبوب، عن معاوية بن
وهب قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بالمدينة وهو راكب حماره، فنزل وقد كنا
صرنا إلى السوق أو قريبا من السوق قال: فنزل وسجد وأطال السجود وأنا أنتظره، ثم رفع
رأسه. قال: قلت: جعلت فداك رأيتك نزلت فسجدت ؟ ! قال: إني ذكرت نعمة الله علي قال:
قلت: قرب السوق، والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! قال: إنه لم يرني أحد (3). 20 - يج: روي
أن أبا جعفر عليه السلام كان في الحج ومعه ابنه جعفر عليه السلام فأتاه رجل فسلم
عليه وجلس بين يديه ثم قال: إني اريد أن أسألك قال: سل ابني جعفرا قال: فتحول الرجل
فجلس إليه ثم قال: أسألك ؟ قال: سل عما بدا لك قال: أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما
قال: أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا ؟ قال: أعظم من ذلك قال: زنى في شهر رمضان ؟
قال: أعظم من ذلك قال: قتل النفس ؟ قال: أعظم من ذلك قال: إن كان من شيعة علي عليه
السلام مشى إلى بيت الله الحرام، وحلف
(1) ثواب الاعمال ص 129 بزيادة فيه. (2)
الكافي ج 4 ص 8 بزيادة فيه. (3) بصائر الدرجات ج 10 باب 15 ص 145. (*)
[22]
أن لا يعود، وإن لم يكن من شيعته فلا بأس،
فقال له الرجل: رحمكم الله يا ولد فاطمة - ثلاثا - هكذا سمعته من رسول الله صلى
الله عليه وآله، ثم إن الرجل ذهب فالتفت أبو جعفر عليه السلام فقال: عرفت الرجل ؟
قال: لا، قال: ذلك الخضر، إنما أردت أن اعرفكه. بيان: قوله عليه السلام: لا بأس لعل
المراد به أنه ليس كفارة ولا تنفعه، لاشتراط قبولها بالايمان، وما فيه من الكفر
أعظم من كل إثم. 21 - يج: روي أن أبا عمارة المعروف بالطيان قال: قلت لابي عبد الله
عليه السلام رأيت في النوم كأن معي قناة قال: كان فيها زج ؟ قلت: لا قال: لو رأيت
فيها زجا لولد لك غلام، لكنه يولد جارية، ثم مكث ساعة، ثم قال: كم في القناة من كعب
؟ قلت: اثنا عشر كعبا قال: تلد الجارية اثنتي عشر بنتا. قال محمد بن يحيى: فحدثت
بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال: أنا من واحدة منهن، ولي أحد عشر خالة، وأبو
عمارة جدي. بيان: القناة الرمح، والزج بالضم الحديدة في أسفله، والكعب ما بين
الانبوبين من القصب. 22 - سن أبي، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابه قال:
كان أبو عبد الله ربما أطعمنا الفراني والاخبصة، ثم يطعم الخبز والزيت، فقيل له: لو
دبرت أمرك حتى يعتدل فقال: إنما تدبيرنا من الله إذا وسع علينا وسعنا وإذا قتر
قترنا (1). 23 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن فضال مثله (2). بيان: قال
الفيروز آبادي: الفرني خبز غليظ مستدير، أو خبزة مصعنبة مضمومة الجوانب إلى الوسط،
تشوى ثم تروى سمنا ولبنا وسكرا، والخبيص طعام
(1) المحاسن ص 400. (2) الكافي ج 6 ص 279.
[23]
معمول من التمر والسمن. 24 - سن: محمد بن
علي، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الاعلى قال: أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام فدعا
واتي بدجاجة محشوة وبخبيص فقال أبو عبد الله عليه السلام: هذه اهديت لفاطمة، ثم
قال: يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف فجاءت بثريد خل وزيت (1). 25 - سن: ابن فضال،
عن يونس بن يعقوب قال: أرسل إلينا أبو عبد الله عليه السلام بقباع من رطب ضخم مكوم،
وبقي شئ فحمض، فقلت: رحمك الله ما كنا نصنع بهذا قال: كل وأطعم (2). بيان: القباع
كغرات مكيال ضخم. 26 - قب: ذكر صاحب كتاب الحلية: الامام الناطق ذو الزمام السابق
أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (3) وذكر فيها بالاسناد، عن أبي الهياج بن بسطام
قال: كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ (4). أبو جعفر الخثعمي قال:
أعطاني الصادق عليه السلام صرة فقال لي: ادفعها إلى رجل من بني هاشم، ولا تعلمه أني
أعطيتك شيئا، قال: فأتيته قال: جزاه الله خيرا، ما يزال كل حين يبعث بها فنعيش به
إلى قابل، ولكني لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله. وفي كتاب الفنون نام رجل من
الحاج في المدينة فتوهم أن هميانه سرق فخرج فرأى جعفر الصادق عليه السلام مصليا ولم
يعرفه، فتعلق به وقال له: أنت أخذت همياني قال: ما كان فيه ؟ قال: ألف دينار قال:
فحمله إلى داره ووزن له ألف دينار وعاد إلى منزله، ووجد هميانه، فعاد إلى جعفر عليه
السلام معتذرا بالمال، فأبى قبوله
(1) المحاسن ص 400. (2) نفس المصدر ص 401.
(3) حلية الاولياء ج 3 ص 192. (4) نفس المصدر ج 3 ص 194. وأخرجه القرمانى في تاريخه
ص 128.
[24]
وقال: شئ خرج من يدي لا يعود إلي قال:
فسأل الرجل عنه فقيل: هذا جعفر الصادق عليه السلام قال: لا جرم هذا فعال مثله. ودخل
الاشجع السلمي على الصادق عليه السلام فوجده عليلا فجلس وسأل [عن علة مزاجه] فقال
له الصادق عليه السلام: تعد عن العلة واذكر ما جئت له فقال: ألبسك الله منه عافية *
في نومك المعتري وفي أرقك تخرج من جسمك السقام كما * اخرج ذل الفعال من عنقك فقال:
يا غلام إيش معك ؟ قال: أربع مائة قال: أعطها للاشجع (1). وفي عروس النرماشيري أن
سائلا سأله حاجة، فأسعفها فجعل السائل يشكره فقال عليه السلام: إذا ما طلبت خصال
الندى * وقد عضك الدهر من جهده فلا تطلبن إلى كالح * أصاب اليسارة من كده ولكن عليك
بأهل العلى * ومن ورث المجد عن جده فذاك إذا جئته طالبا * تحب اليسارة من جده كتاب
الروضة: إنه دخل سفيان الثوري على الصادق عليه السلام فرآه متغير اللون فسأله عن
ذلك فقال: كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض
ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الارض
فمات، فما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب، وكان
عليه السلام قال لها: أنت حرة لوجه الله لا بأس عليك - مرتين. وروي عن الصادق عليه
السلام: تعصي الاله وأنت تظهر حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقا
لاطعته * إن المحب لمن يحب مطيع
(1) المناقب ج 3 ص 394.
[25]
وله عليه السلام: علم المحجة واضح لمريده
* وأرى القلوب عن المحجة في عمى ولقد عجبت لهالك ونجاته * موجودة ولقد عجبت لمن نجا
تفسير الثعلبي روى الاصمعي له عليه السلام: اثامن بالنفس النفيسة ربها * فليس لها
في الخلق كلهم ثمن بها يشترى الجنات إن أنا بعتها * بشئ سواها إن ذلكم غبن إذا ذهبت
نفسي بدنيا أصبتها * فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن (1) ويقال: الامام الصادق، والعلم
الناطق، بالمكرمات سابق، وباب السيئات راتق، وباب الحسنات فاتق، لم يكن عيابا ولا
سبابا، ولا صخابا، ولا طماعا ولا خداعا، ولا نماما، ولا ذماما، ولا أكولا، ولا
عجولا، ولا ملولا، ولا مكثارا، ولا ثرثارا، ولا مهذارا، ولا طعانا، ولا لعانا، ولا
همازا، ولا لمازا، ولا كنازا. وروى سفيان الثوري له عليه السلام: لا اليسر يطرؤنا
يوما فيبطرنا * ولا لازمة دهر نظهر الجزعا إن سرنا الدهر لم نبهج لصحبته * أو ساءنا
الدهر لم نظهر له الهلعا مثل النجوم على مضمار أولنا * إذا تغيب نجم آخر طلعا ويروى
له عليه السلام: اعمل على مهل فانك ميت * واختر لنفسك أيها الانسانا فكأن ما قد كان
لم يك إذ مضى * وكأن ما هو كائن قد كانا الصادق عليه السلام: إن عندي سيف رسول
الله، وإن عندي لراية رسول الله المغلبة، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود، وإن عندي
الطست الذي كان موسى يقرب بها القربان، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله إذا وضعه
بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة، وإن عندي لمثل الذي
(1) نفس المصدر ج 2 ص 397.
[26]
جاءت به الملائكة، ومثل السلاح فينا كمثل
التابوت في بني إسرائيل، يعني أنه كان دلالة على الامامة. وفي رواية الاعمش قال
عليه السلام: ألواح موسى عندنا، وعصا موسى عندنا ونحن ورثة النبيين. وقال عليه
السلام: علمنا غابر، ومزبور، ونكت في القلوب، ونقر في الاسماع وإن عندنا الجفر
الاحمر، والجفر الابيض، ومصحف فاطمة، وإن عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس
إليه. ويروى له عليه السلام: في الاصل كنا نجوما يستضاء بنا * وللبرية نحن اليوم
برهان نحن البحور التي فيها لغائصكم * در ثمين وياقوت ومرجان مساكن القدس والفردوس
نملكها * ونحن للقدس والفردوس خزان من شذ عنا فبرهوت مساكنه * ومن أتانا فجنات
وولدان (1) محاسن البرقي قال الصادق عليه السلام لضريس الكناني: لم سماك أبوك ضريسا
؟ قال: كما سماك أبوك جعفرا قال: إنما سماك أبوك ضريسا بجهل، لان لابليس ابنا يقول
له ضريس: وإن أبي سماني جعفرا بعلم، على أنه اسم نهر في الجنة أما سمعت قول ذي
الرمة: أبكي الوليد أبا الوليد أخا الوليد فتى العشيرة قد كان غيثا في السنين
وجعفرا غدقا وميرة شوف العروس عن الدامغاني أنه استقبله عبد الله بن المبارك فقال:
أنت يا جعفر فوق المدح والمدح عناء * إنما الاشراف أرض ولهم أنت سماء جاز حد المدح
من قد ولدته الانبياء الله أظهر دينه وأعزه بمحمد * والله أكرم بالخلافة جعفر بن
محمد (2)
(1) المناقب ج 3 ص 396. (2) نفس المصدر ج
3 ص 397.
[27]
بيان: اثامن من المثامنة بمعنى المبايعة،
والازمة بالفتح الشدة قوله: اعمل على مهل أي للدنيا، والجعفر النهر الصغير، والكبير
الواسع ضد والغدق محركة: الماء الكثير، والميرة: ما يمتار من الطعام. 27 - جا:
المظفر بن محمد، عن محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن منصور بن العباس، عن
الحسن بن علي الخزاز، عن علي بن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة قال: لما هلك أبو جعفر
محمد بن علي الباقر عليهما السلام قلت لاصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليه السلام فاعزيه، فدخلت عليه فعزيته، ثم قلت: إنا لله وإنا إليه
راجعون، ذهب والله من كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يسأل عمن بينه
وبين رسول الله صلى الله عليه وآله، لا والله لا يرى مثله أبدا قال: فسكت أبو عبد
الله عليه السلام ساعة، ثم قال: قال الله عزوجل إن من يتصدق بشق تمرة فاربيها له
كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل احد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب
من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلا
واسطة فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: قال الله عزوجل بلا واسطة (1). 28 - قب:
ينقل عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد، وقد جمع أصحاب الحديث
أسماء الرواة من الثقاة على اختلافهم في الاراء والمقالات، وكانوا أربعة آلاف رجل.
بيان ذلك أن ابن عقدة صنف كتاب الرجل لابي عبد الله عليه السلام عددهم فيه وكان حفص
بن غياث إذا حدث عنه قال: حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد، وكان علي بن غراب يقول:
حدثني الصادق جعفر بن محمد. حلية أبي نعيم إن جعفر الصادق عليه السلام حدث عنه من
الائمة والاعلام: مالك ابن أنس، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وابن جريج، وعبد
الله بن عمرو وروح بن القاسم، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال، وإسماعيل بن جعفر،
وحاتم
(1) أمالى المفيد ص 190.
[28]
ابن إسماعيل، وعبد العزيز بن المختار،
ووهيب بن خالد، وإبراهيم بن طهمان في آخرين قال: وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا
بحديثه (1). وقال غيره: روى عنه مالك، والشافعي، والحسن بن صالح، وأبو أيوب
السختياني (2)، وعمر بن دينار، وأحمد بن حنبل، وقال مالك بن أنس: ما رأت عين ولا
سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا (3).
وسأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك، فوصفه وقال: كان جره بنده
جعفر الصادق أي الربيب، وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال: حدثني الثقة
يعنيه عليه السلام. وجاء أبو حنيفة إليه ليسمع منه، وخرج أبو عبد الله يتوكأ على
عصا فقال له أبو حنيفة: يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا
قال: هو كذلك ولكنها عصا رسول الله أردت التبرك بها، فوثب أبو حنيفة إليه وقال له:
اقبلها يا ابن رسول الله ؟ فحسر أبو عبد الله عن ذراعه وقال له: والله لقد علمت أن
هذا بشر رسول الله صلى الله عليه وآله وأن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا !. أبو
عبد الله المحدث في رامش أفزاي أن أبا حنيفة من تلامذته وأن امه كانت في حبالة
الصادق عليه السلام قال: وكان محمد بن الحسن أيضا من تلامذته ولاجل ذلك كانت بنو
العباس لم تحترمهما قال: وكان أبو يزيد البسطامي طيفور السقاء خدمه وسقاه ثلاث عشرة
سنة (4).
(1) حلية الاولياء ج 3 ص 199. (2)
السجستاني خ ل. (3) المناقب ج 3 ص 372 وأخرج ابن حجر كلمة أنس بن مالك بتفاوت يسير
في كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104. (4) المناقب ج 3 ص 372.
[29]
وقال أبو جعفر الطوسي: كان إبراهيم بن
أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري يوما فسمع منه كلاما أعجبه
فقال: هذا والله يا ابن رسول الله الجوهر، فقال له: بل هذا خير من الجوهر، وهل
الجوهر إلا حجر (1). بيان: اعلم أن ما ذكره علماؤنا من أن بعض المخالفين كانوا من
تلامذة الائمة عليهم السلام وخدمهم وأتباعهم، ليس غرضهم مدح هؤلاء المخالفين أو
إثبات كونهم من المؤمنين، بل الغرض أن المخالفين أيضا يعترفون بفضل الائمة عليهم
السلام وينسبون أئمتهم وأنفسهم إليهم لاظهار فضلهم وعلمهم، وإلا فهؤلاء المبتدعين
أشهر في الكفر والعناد من إبليس وفرعون ذي الاوتاد. 29 - قب: الترغيب والترهيب عن
أبي القاسم الاصفهاني أنه دخل عليه سفيان الثوري فقال عليه السلام: أنت رجل مطلوب،
وللسلطان علينا عيون، فاخرج عنا غير مطرود، القصة. ودخل عليه الحسن بن صالح بن حي
فقال له: يا ابن رسول الله ما تقول في قوله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
واولي الامر منكم " (2) من اولو الامر الذين أمر الله بطاعتهم ؟ قال: العلماء، فلما
خرجوا قال الحسن: ما صنعنا شيئا ألا سألناه من هؤلاء العلماء، فرجعوا إليه فسألوه
فقال: الائمة منا أهل البيت. وقال نوح بن دراج لابن أبي ليلى: أكنت تاركا قولا
قلته، أو قضاء قضيته لقول أحد ؟ قال: لا إلا رجل واحد، قلت: من هو ؟ قال: جعفر بن
محمد. الحلية قال عمرو بن أبي المقدام: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من
سلالة النبيين (3).
(1) نفس المصدر ج 3 ص 373. (2) سورة
النساء الاية: 59. (3) حلية الاولياء ج 3 ص 193 وأخرج قول عمرو بن أبى المقدام ابن
حجر في كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104.
[30]
ولا تخلو كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من
كلامه، يقولون قال جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام ذكره النقاش والثعلبي والقشيري
والقزويني في تفاسيرهم. وذكر في الحلية (1) والابانة، وأسباب النزول، والترغيب
والترهيب، وشرف المصطفى، وفضائل الصحابة، وفي تاريخ الطبري والبلاذري، والخطيب،
ومسند أبي حنيفه، واللالكاني، وقوت القلوب، ومعرفة علوم الحديث لابن البيع (2) وقد
روت الامة بأسرها عنه دعاء ام داود.
(1) ذكر فيها من ص 192 إلى ص 206. (2) لقد
نقل المؤلف رحمه الله عن الحافظ ابن شهر آشوب اسماء عدة قليلة من الكتب التى ورد
فيها ذكر الامام الصادق عليه السلام واقتصاره عليها لا يعنى انه لم يرد للامام ذكر
في غيرها، بل من النادر ان نجد كتابا من كتب التفسير أو الحديث، أو الاخلاق، أو
الاداب أو التاريخ، أو التراجم، أو الفلسفة الاسلامية، بل وحتى بعض كتب الطب
والرياضيات الا ونجده مزينا بذكر الامام الصادق عليه السلام، ورأيت من الخير أن
أثبت قائمة باسماء بعض الكتب التى ورد فيها ذكره عليه السلام اما بالرواية عنه، أو
الاستشهاد بقوله، أو الحكاية عن رأيه، أو الترجمة له، وجلها من غير كتب الشيعة،
وهذا مما يحضرني عاجلا ولا يسعنى في المقام الاستقراء التام، فانه مما يطول به
المقام. 1 - تاريخ ابن الاثير الجزرى 2 - تاريخ ابن كثير الشامي 3 - تاريخ اليعقوبي
4 - تاريخ ابن عساكر 5 - تاريخ ابن الوردى 6 - تاريخ ابن خلكان 7 - تاريخ القرمانى
8 - مروج الذهب 9 - تهذيب التهذيب لابن حجر 10 - تذكرة الحفاظ للذهبي 11 - تقريب
التهذيب لابن حجر 12 - لسان الميزان لابن حجر 13 - ميزان الاعتدال للذهبي 14 -
تهذيب الاسماء واللغات للنووي 15 - الجمع بين رجال الصحيحين للمقدسي 16 - صفة
الصفوة لابن الجوزى 17 - مناقب أبى حنيفة للموفق بن أحمد 18 - مناقب أبي حنيفة
للكردرى 19 - مناقب أبى حنيفة للبزاز 20 - جامع اسانيد أبي حنيفة =
[31]
عبد الغفار الحازمي وأبو الصباح الكناني
قال عليه السلام: إني أتكلم على سبعين
= 21 - الحيوان للجاحظ 22 - رسائل للجاحظ.
23 - البيان والتبين للجاحظ 24 - مقدمة ابن خلدون 25 - الفصل لابن حزم 26 - الملل
والنحل للشهرستاني 27 - النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى 28 - مناهج التوسل للبسطامي
29 - الصواعق المحرقة لابن حجر 30 - المواهب اللدنية للزرقاني 31 - مرآة الجنان
لليافعى 32 - خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي 33 - الطبقات الكبرى للشعراني 34 - التوسل
والوسيلة لابن تيمية 35 عيون الادب والسياسة لابن هذيل 36 - المدارك للقاضى عياض 37
- تذكرة ابن حمدون 38 - الاثار لابي يوسف. 39 - الاثار لمحمد بن الحسن الشيباني 40
- الاصابة لابن حجر الاثنى عشرية للالوسي 57 - كتاب مالك بن انس للخولى 58 - كتاب
مالك بن أنس لمحمد أبو زهرة 59 - رشفة الصادى للحضرمي 60 - روضة الاحباب لببكلى
زاده 61 - روض الزهر للبرزنجي 62 - زاد الاحباب للفاروقى 63 - سير النبي والال
والاصحاب لابراهيم الحلبي 64 - الشرف المؤبد للنبهاني الحلبي 65 - الصراط السوى
للشيخاني 66 - الصفوة للمناوى 67 - الطراز الاوفى لاحمد بن زين العابدين 68 - طراز
الذهب للخوارزمي المتخلص بغالب 69 - العذب الزلال لعمر الحلبي = (*)
[32]
وجها لي من كلها المخرج (1). سئل عن محمد
بن عبد الله بن الحسن فقال عليه السلام: ما من نبي ولا وصي ولا ملك إلا وهو في كتاب
عندي يعني مصحف فاطمة، والله ما لمحمد بن عبد الله فيه اسم (2) وأنشأ الصادق عليه
السلام يقول: وفينا يقينا يعد الوفاء * وفينا تفرخ أفراخه رأيت الوفاء يزين الرجال
* كما زين العذق شمراخه (3)
= 70 - عقد الجواهر للعيدروسي 71 - عقد
اللال للعيدروسي 72 - عقود اللال للتونسي 73 - الفتح المبين للدهلوى 74 - الفرائد
الجوهوية لمير غنى المحجوب 75 - مشارق الانوار للاجهورى 76 - مصباح النجا لمحمد شاه
عالم 77 - معراج الوصول للزرندى 78 - مفتاح النجا للبدخشى 79 - نزل الابرار للبدخشى
80 - وسيلة المال للحضمرى 81 - ينابيع المودة للقندوزى وغيرها من مئات الكتب التى
لا يسعنى حصرها أما الكتب التى خصت الامام الصادق بالبحث فهى: 1 - الامام الصادق:
لرمضان لاوند 2 - طب الامام الصادق للشيخ محمد الخليلى. 3 - الامام الصادق لمحمد
أبو زهرة. 4 - حياة الامام الصادق للمرحوم الشيخ محمد حسين المظفر. 5 - الامام
الصادق ملهم علم الكمياء: لمحمد يحيى الهاشمي. 6 - حياة الصادق للشيخ موسى السبينى.
7 - جعفر بن محمد: لعبد العزيز سيد الاهل. 8 - واجمعها كتاب الامام الصادق والمذاهب
الاربعة للشيخ أسد حيدر. (1) المناقب ج 3 ص 373. (2) نفس المصدر ج 3 ص 374. (3)
المصدر السابق ج 3 ص 393.
[33]
وقال المنصور للصادق عليه السلام: قد
استدعاك أبو مسلم لاظهار تربة علي عليه السلام فتوقفت تعلم أم لا ؟ إن في كتاب علي
أنه يظهر في أيام عبد الله بن جعفر الهاشمي، ففرح المنصور بذلك، ثم إنه عليه السلام
أظهر التربة، فأخبر المنصور بذلك وهو في الرصافة، فقال: هذا هو الصادق فليزر المؤمن
بعد هذا إن شاء الله، فلقبه بالصادق عليه السلام (1). ويقال: إنما سمي صادقا لانه
ما جرب عليه قط زلل ولا تحريف (2). 30 - كشف: عن محمد بن طلحة قال: قال الهياج بن
بسطام: كان جعفر بن محمد عليه السلام يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ (3). وعن عبد
العزيز بن الاخضر، عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد عليه
السلام علمت أنه من سلالة النبيين. وقال البرذون بن شبيب النهدي واسمه جعفر قال:
سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين
قال: " وكان أبوهما صالحا " (4). وعن صالح بن الاسود قال: سمعت جعفر بن محمد عليه
السلام يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فانه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي (5). ومن
كتاب الدلائل للحميري عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا
وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " (6) قال أبو عبد الله عليه السلام: أما والله
(1) المصدر السابق ج 3 ص 393. (2) المصدر
السابق ج 3 ص 394. (3) كشف الغمة ج 2 ص 372. (4) نفس المصدر ج 2 ص 379. (5) نفس
المصدر ج 2 ص 380. (6) سورة فصلت الاية: 30.
[34]
لربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا. وعن
الحسين بن العلاء القلانسي قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حسين وضرب بيده إلى
مساور في البيت فقال: مساور طالما والله اتكأت عليها الملائكة وربما التقطنا من
زغبها. وعن عبد الله بن النجاشي قال: كنت في حلقة عبد الله بن الحسن فقال: يا ابن
النجاشي اتقوا الله، ما عندنا إلا ما عند الناس قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه
السلام فأخبرته بقوله فقال: والله إن فينا من ينكب في قلبه، وينقر في اذنه وتصافحه
الملائكة، فقلت: اليوم ؟ أو كان قبل اليوم ؟ فقال: اليوم، والله يا ابن النجاشي
(1). وعن جرير بن مرازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام إني اريد العمرة فأوصني
فقال: اتق الله ولا تعجل، فقلت: أوصني ! فلم يزدني على هذا، فخرجت من عنده من
المدينة فلقيني رجل شامي يريد مكة فصحبني، وكان معي سفرة فأخرجتها وأخرج سفرته
وجعلنا نأكل، فذكر أهل البصرة فشتمهم، ثم ذكر أهل الكوفة فشتمهم ثم ذكر الصادق عليه
السلام فوقع فيه، فأردت أن أرفع يدي فاهشم أنفه واحدث نفسي بقتله أحيانا، فجعلت
أتذكر قوله: اتق الله ولا تعجل، وأنا أسمع شتمه، فلم أعد ما أمرني (2). 31 - كش: عن
طاهر بن عيسى، عن جعفر بن أحمد، عن أبي الخير، عن علي ابن الحسن، عن العباس بن
عامر، عن مفضل بن قيس بن رمانة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فشكوت إليه
بعض حالي وسألته الدعاء فقال: يا جارية هاتي الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر، فجاءت
بكيس فقال: هذا كيس فيه أربعمائة دينار، فاستعن به قال: قلت: والله جعلت فداك، ما
أردت هذا، ولكن أردت الدعاء لي فقال لي: ولا أدع الدعاء، ولكن لا تخبر الناس بكل ما
أنت فيه
(1) كشف الغمة ج 2 ص 416. (2) كشف الغمة ج
2 ص 416.
[35]
فتهون عليهم (1). 32 - كا: علي بن محمد
وأحمد بن محمد، عن علي بن الحسن مثله (2). 33 - كشف: من كتاب دلائل الحميري، عن عبد
الاعلى، وعبيدة بن بشر قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام ابتداء منه: والله إني
لاعلم ما في السموات وما في الارض وما في الجنة وما في النار، وما كان وما يكون إلى
أن تقوم الساعة، ثم سكت ثم قال: أعلمه عن كتاب الله أنظر إليه هكذا، ثم بسط كفه
وقال: إن الله يقول " فيه تبيان كل شئ " (3). وعن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله
عليه السلام إن الله بعث محمدا نبيا فلا نبي بعده، أنزل عليه الكتاب فختم به الكتب
فلا كتاب بعده، أحل فيه حلاله، وحرم فيه حرامه، فحلاله حلال إلى يوم القيامة،
وحرامه حرام إلى يوم القيامة فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وفصل ما بينكم، ثم
أومأ بيده إلى صدره، وقال: نحن نعلمه (4). 34 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد،
عن محمد بن أحمد، عن أبي إسحاق، عن علي بن معبد، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام، فأقبلت أقول: يقولون كذا
وكذا، قال: فيقول لي قل كذا، فقلت: هذا الحلال والحرام والقرآن، أعلم أنك صاحبه،
وأعلم الناس به، فهذا الكلام من أين ؟ فقال: يحتج الله على خلقه بحجة لا يكون عنده
كلما يحتاجون إليه ؟ ! (5).
(1) رجال الكشى ص 121. (2) الكافي ج 4 ص
21. (3) هذا اقتباس معنى الاية وهى قوله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ
(سورة النحل الاية: 89). (4) كشف الغمة ج 2 ص 430. (5) رجال الكشى ص 176.
[36]
35 - كش: طاهر بن عيسى الوراق، عن محمد بن
أيوب، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن محمد بن زيد
الشحام قال: رآني أبو عبد الله عليه السلام وأنا اصلي فأرسل إلي ودعاني فقال لي: من
أين أنت ؟ قلت: من مواليك قال: فأي موالي ؟ قلت: من الكوفة، فقال: من تعرف من
الكوفة ؟ قلت: بشير النبال، وشجرة قال: وكيف صنيعتهما إليك ؟ قلت: وما أحسن
صنيعتهما إلي قال: خير المسلمين من وصل وأعان ونفع، ما بت ليلة قط والله وفي مالي
حق يسألنيه ثم قال: أي شئ معكم من النفقه ؟ قلت: عندي مائتا درهم قال: أرنيها
فأتيته بها، فزادني فيها ثلاثين درهما ودينارين ثم قال: تعش عندي فجئت فتعشيت عنده
قال: فلما كان من القابلة لم أذهب إليه، فأرسل إلي فدعاني من غده فقال: مالك لم
تأتني البارحة ؟ قد شفقت علي قلت: لم يجئني رسولك فقال: أنا رسول نفسي إليك، مادمت
مقيما في هذه البلدة، أي شئ تشتهي من الطعام ؟ قلت: اللبن، فاشترى من أجلي شاتا
لبونا قال: فقلت له: علمني دعاء قال: اكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم يا من أرجوه
لكل خير، وآمن سخطه عند كل عثرة يا من يعطي الكثير بالقليل، ويا من أعطى من سأله
تحننا منه ورحمة، يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه، صل على محمد وأهل بيته، وأعطني
بمسألتك خير الدنيا وجميع خير الاخرة، فانه غير منقوص ما أعطيت، وزدني من سعة فضلك،
يا كريم " ثم رفع يديه فقال: " يا ذا المن والطول، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا
النعماء والجود ارحم شيبتي من النار "، ثم وضع يديه على لحيته ولم يرفعهما إلا وقد
امتلا ظهر كفيه دموعا (1). 36 - كش: محمد بن مسعود، عن الحسين بن أشكيب، عن عبد
الرحمن بن حماد عن محمد بن إسماعيل الميثمي، عن حذيفة بن منصور، عن سورة بن كليب
قال: قال لي زيد بن علي عليه السلام: يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرون ؟
قال: فقلت: على الخبير سقطت قال: فقال: هات، فقلت له: كنا نأتي أخاك محمد بن علي
عليهما السلام
(1) نفس المصدر ص 235.
[37]
نسأله فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وقال الله عزوجل في كتابه، حتى مضى أخوك فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن أتينا،
فتخبرونا ببعض، ولا تخبرونا بكل الذي نسألكم عنه، حتى أتينا ابن أخيك جعفرا فقال
لنا كما قال أبوه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال تعالى، فتبسم وقال: أما
والله إن قلت هذا، فان كتب علي صلوات الله عليه عنده (1). 37 - قب: المرشد أبو يعلى
الجعفري، وأبو الحسين الكوفي، وأبو جعفر الطوسي عن سورة مثله (2). 38 - كا: علي بن
إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا، عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود، عن حفص
بن غياث قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة،
فتوضأ عندها، ثم ركع وسجد، فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة
فدعا بدعوات، ثم قال: يا حفص إنها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها
السلام " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " (3). 39 - كا: أبو علي
الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن
خالد، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال: حضرت عشاء جعفر بن محمد عليهما السلام في
الصيف فاتي بخوان عليه خبز، واتي بقصعة فيها ثريد ولحم يفور، فوضع يده فيها، فوجدها
حارة، ثم رفعها وهو يقول: نستجير بالله من النار، نعوذ بالله من النار، نحن لا نقوى
على هذا فكيف النار ؟ ! وجعل يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة فوضع يده فيها،
ووضعنا أيدينا حتى أمكنتنا، فأكل وأكلنا معه، ثم إن الخوان رفع فقال: يا غلام ائتنا
بشئ فاتي بتمر في طبق، فمددت يدي فإذا هو تمر فقلت: أصلحك الله هذا زمان الاعناب و
(1) المصدر السابق ص 239. (2) المناقب ج 3
ص 374. (3) الكافي ج 8 ص 143 وفيه الاية في سورة مريم الاية: 25.
[38]
والفاكهة ! ! قال: إنه تمر، ثم قال: ارفع
هذا وائتنا بشئ فاتي بتمر في طبق فمددت يدي فقلت: هذا تمر فقال: إنه طيب (1). 40 -
كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: كان أبو
عبد الله عليه السلام إذا أعتم وذهب من الليل شطره، أخذ جرابا فيه خبز ولحم
والدراهم فحمله على عنقه، ثم ذهب إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم ولا
يعرفونه، فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبو عبد الله
صلوات الله عليه (2). بيان: أعتم أي دخل في عتمة الليل وهي ظلمته. 41 - كا: محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن علي بن وهبان، عن عمه هارون بن عيسى قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام لمحمد ابنه: كم فضل معك من تلك النفقة ؟ قال: أربعون
دينارا قال: اخرج وتصدق بها قال: إنه لم يبق معي غيرها قال: تصدق بها، فان الله
عزوجل يخلفها، أما علمت أن لكل شئ مفتاحا ؟ ومفتاح الرزق الصدقة، فتصدق بها، ففعل
فما لبث أبو عبد الله عليه السلام إلا عشرة حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار،
فقال: يا بني أعطينا لله أربعين دينارا فأعطانا الله أربعة آلاف دينار (3). 42 -
كا: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أبي الاصبغ، عن بندار بن عاصم رفعه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ما توسل إلي أحد بوسيلة و لا تذرع بذريعة
أقرب له إلى ما يريده مني، من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها اختها وأحسنت ربها، فاني
رأيت منع الاواخر، يقطع لسان شكر الاوائل، ولا سخت نفسي برد بكر الحوائج، وقد قال
الشاعر: وإذا بليت ببذل وجهك سائلا * فابذله للمتكرم المفضال
(1) الكافي ج 8 ص 164. (2) نفس المصدر ج 4
ص 8. (3) المصدر السابق ج 4 ص 9.
[39]
إن الجواد إذا حباك بموعد * أعطاكه سلسا
بغير مطال وإذا السؤال مع النوال قرنته * رجح السؤال وخف كل نوال (1) بيان: "
وأحسنت ربها " أي تربيتها بعدم المنع بعد ذلك العطاء، فان منع النعم للاواخر يقطع
لسان شكر المنعم عليه على النعم الاوائل، ولما ذكر أنه يحب إتباع النعمة بالنعمة
بين أنه لا يرد بكر الحوائج أيضا أي الحاجة الاولى التي لم يسأل السائل قبلها،
والسلس ككتف السهل اللين المنقاد. 43 - كا: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن
جعفر بن بشير، عن عمرو بن أبي المقدام قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام قد اتي
بقدح من ماء فيه ضبة من فضة، فرأيته ينزعها بأسنانه (2). بيان: ضبة الفضة: القطعة
منها تلصق بالشئ. 44 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن
هارون ابن الجهم قال: كنا مع أبي عبد الله بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور،
فختن بعض القواد ابنا له، وصنع طعاما ودعا الناس، وكان أبو عبد الله عليه السلام
فيمن دعا فبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدة في المائدة، فاستسقى رجل منهم ماء،
فاتي بقدح فيه شراب لهم، فلما أن صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله عليه
السلام عن المائدة فسئل عن قيامه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ملعون من
جلس على مائدة يشرب فيها الخمر. وفي رواية اخرى ملعون ملعون: من جلس طائعا على
مائدة يشرب عليها الخمر (3) 45 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عيسى، عن عمر
بن عبد العزيز عن رجل، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: أكلنا مع أبي عبد الله عليه
السلام فاتينا
(1) المصدر السابق ج 4 ص 24. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 26 7 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 9 ص 91. (3) المصدر السابق ج 6 ص 268.
[40]
بقصعة من أرز فجعلنا نعذر (1) فقال: ما
صنعتم شيئا إن أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا، قال عبد الرحمن: فرفعت كشحة
المائدة فأكلت فقال: نعم الان ثم أنشأ يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله اهدي
له قصعة أرز من ناحية الانصار فدعا سلمان والمقداد وأبا ذر رحمهم الله، فجعلوا
يعذرون في الاكل فقال: ما صنعتم شيئا أشدكم حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا، فجعلوا
يأكلون أكلا جيدا ثم قال أبو عبد الله عليه السلام رحمهم الله ورضي الله عنهم وصلى
عليهم (2). بيان: لعل المراد بكشحة المائدة جانبها أو المراد أكل ما يليه من
الطعام. والكشح: ما بين الخاصرة إلى الصلع الخلف. 46 - كا: علي بن محمد بن بندار،
عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عدة من أصحابه عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن
سليمان الصيرفي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقدم إلينا طعاما فيه شواء
وأشياء بعده، ثم جاء بقصعة من أرز فأكلت معه فقال: كل قلت: قد أكلت قال: كل، فانه
يعتبر حب الرجل لاخيه بانبساطه في طعامه، ثم حاز لي حوزا باصبعه من القصعة، فقال
لي: لتأكلن ذا بعد ما أكلت فأكلته (3). 47 - كا: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد،
عن الحسن بن علي، عن يونس عن أبي الربيع قال: دعا أبو عبد الله عليه السلام بطعام،
فاتي بهريسة فقال لنا: ادنوا وكلوا قال: فأقبل القوم يقصرون فقال عليه السلام:
كلوا، فإنما تستبين مودة الرجل لاخيه في أكله قال: فأقبلنا نغص أنفسنا كما يغص
الابل (4). 48 - كا: عدة من أصحابنا، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد عن
أبي حمزة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله
(1) عذر في الامر تعذيرا، إذا قصر ولم
يجتهد. (2) الكافي ج 6 ص 278. (3) الكافي ج 6 ص 279. (4) نفس المصدر ج 6 ص 279.
[41]
لذاذة وطيبا، واوتينا بتمر ننظر فيه إلى
وجوهنا، من صفائه وحسنه فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم الذي نعمتم به عند ابن رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال أبو عبد الله عليه السلام: الله أكرم وأجل من أن
يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد
صلى الله عليه وآله (1). 49 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن موسى، عن ذبيان بن
حكيم، عن موسى النميري، عن ابن أبي يعفور قال: رأيت عند أبي عبد الله عليه السلام
ضيفا، فقام يوما في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة، وقال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن أن يستخدم الضيف (2). 50 - كا: علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدة الواسطي عن عجلان قال: تعشيت مع أبي
عبد الله عليه السلام بعد عتمة، وكان يتعشى بعد عتمة فاتي بخل وزيت ولحم بارد، فجعل
ينتف اللحم فيطعمنيه، ويأكل هو الخل والزيت ويدع اللحم فقال: إن هذا طعامنا وطعام
الانبياء (3). 51 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب
عن عبد الاعلى قال: أكلت مع أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا جارية ائتينا
بطعامنا المعروف فاتي بقصعة فيها خل وزيت، فأكلنا (4). 52 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن النعمان عن بعض أصحابنا قال: شكوت إلى أبي عبد
الله عليه السلام الوجع فقال: إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين قال: ففعلت ذلك فبرأت،
فخبرت بعض المتطببين وكان أفره أهل بلادنا فقال: من أين عرف أبو عبد الله عليه
السلام هذا ؟ هذا من مخزون علمنا، أما إنه صاحب كتب، فينبغي أن يكون أصابه في بعض
كتبه (5).
(1 الكافي ج 6 ص 283. (2 - 4) نفس المصدر
ج 6 ص 328. (5) المصدر السابق ج 6 ص 333، والفاره الحاذق بالشئ.
[42]
53 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن
ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا جعفر عليه
السلام عن الجبن فقال: لقد سألتني عن طعام يعجبني، ثم أعطى الغلام درهما فقال: يا
غلام ابتع لنا جبنا، ودعا بالغداء فتغدينا معه، واتي بالجبن فأكل وأكلنا (1). 54 -
كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار وغيره، عن يونس، عن هشام بن
الحكم، عن زرارة قال: رأيت داية أبي الحسن موسى عليه السلام تلقمه الارز وتضربه
عليه، فغمني ما رأيته، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال لي: أحسبك غمك
الذي رأيت من داية أبي الحسن موسى عليه السلام ؟ فقلت له: نعم جعلت فداك فقال لي:
نعم الطعام الارز: يوسع الامعاء، ويقطع البواسير، وإنا لنغبط أهل العراق بأكلهم
الارز والبسر، فانهما يوسعان الامعاء ويقطعان البواسير (2) 55 - كا: أبو علي
الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز،
عن أبيه قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، وفوقه
جبة صوف، وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت: جعلت فداك إن الناس يكرهون لباس الصوف
فقال: كلا كان أبي محمد بن علي عليهما السلام يلبسها: وكان علي بن الحسين صلوات
الله عليه يلبسها، وكانوا عليهم السلام يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة
ونحن نفعل ذلك (3). 56 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن مسمع بن
عبد الملك قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام بمنى، وبين أيدينا عنب نأكله،
فجاء سائل فسأله فأمر بعنقود فأعطاه فقال السائل: لا حاجة لي في هذا إن كان درهم
قال: يسع الله عليك، فذهب، ثم رجع فقال: ردوا العنقود فقال: يسع الله لك
(1) المصدر السابق ج 6 ص 339. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 341. (3) المصدر السابق ج 6 ص 450.
[43]
ولم يعطه شيئا، ثم جاء سائل آخر، فأخذ أبو
عبد الله عليه السلام ثلاث حبات عنب فناولها إياه، فأخذها السائل من يده ثم قال:
الحمد لله رب العالمين الذي رزقني فقال أبو عبد الله عليه السلام: مكانك فحثا ملء
كفيه عنبا فناولها إياه، فأخذها السائل من يده، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي
رزقني، فقال أبو عبد الله عليه السلام: مكانك يا غلام ! أي شئ معك من الدراهم ؟
فإذا معه نحو من عشرين درهما فيما حزرناه (1) أو نحوها فناولها إياه فأخذها. ثم
قال: الحمد لله، هذا منك وحدك لا شريك لك فقال أبو عبد الله عليه السلام: مكانك
فخلع قميصا كان عليه فقال: البس هذا، فلبسه فقال: الحمد لله الذي كساني وسترني يا
أبا عبد الله - أو قال: جزاك الله خيرا، لم يدع لابي عبد الله عليه السلام إلا بذا،
ثم انصرف، فذهب قال: فظننا أنه لو لم يدع له لم يزل يعطيه لانه كلما كان يعطيه حمد
الله أعطاه (2). 57 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك
ابن عطية، عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج إلينا أبو عبد الله عليه
السلام و هو مغضب فقال: إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف بي:
لبيك يا جعفر بن محمد لبيك، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا مما قال، حتى
سجدت في مسجدي لربي، وعفرت له وجهي، وذللت له نفسي وبرئت إليه مما هتف بي، ولو أن
عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما لا يسمع بعده أبدا، وعمي عمى لا يبصر
بعده أبدا، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا ثم قال: لعن الله أبا الخطاب وقتله
بالحديد (3). بيان: قال الجوهري: رجع عودا على بدء، وعوده على بدئه: أي لم ينقطع
ذهابه، حتى وصله برجوعه.
(1) حزر الشئ حزرا: قدره بالحدس. (2)
الكافي ج 4 ص 49. (3) نفس المصدر ج 8 ص 225.
[44]
أقول: لعله كان من أصحاب أبي الخطاب،
ويعتقد الربوبية فيه عليه السلام فناداه بما ينادي الله تعالى به في الحج، فاضطرب
عليه السلام لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا نفسه عند الله من ذلك، ولعن أبا الخطاب
لانه كان مخترع هذا المذهب الفاسد. 58 - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن
محمد، عن ابن سنان عن غلام أعتقه أبو عبد الله عليه السلام: هذا ما أعتق جعفر بن
محمد أعتق غلامه السندي فلانا على أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأن محمدا عبده ورسوله، وأن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وعلى أنه يوالي
أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله، ويحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويؤمن برسل
الله، ويقر بما جاء من عند الله، أعتقه لوجه الله لا يريد به منه جزاءا ولا شكورا،
وليس لاحد عليه سبيل إلا بخير، شهد فلان (1). 59 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قرأت عتق أبي عبد الله
عليه السلام فإذا هو شرحه: هذا ما أعتق جعفر بن محمد، أعتق فلانا غلامه لوجه الله،
لا يريد منه جزاء ولا شكورا على أن يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة، ويحج البيت، ويصوم
شهر رمضان، ويتوالى أولياء الله ويتبرأ من أعداء الله، شهد فلان بن فلان وفلان
وفلان ثلاثة (2). 60 - كا: الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، ومحمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل جميعا، عن سعدان بن مسلم، عن بعض أصحابنا
قال: لما قدم أبو عبد الله عليه السلام الحيرة، ركب دابته ومضى إلى الخورنق، ونزل
فاستظل بظل دابته، ومعه غلام له أسود وثم رجل من أهل الكوفة قد اشترى نخلا فقال
للغلام: من هذا ؟ قال له: هذا جعفر بن محمد عليهما السلام فجاء بطبق ضخم فوضعه بين
يديه عليه السلام فقال للرجل: ما هذا ؟ قال: هذا البرني
(1) المصدر السابق ج 6 ص 181. (2) الكافي
ج 6 ص 181.
[45]
فقال: فيه شفاة ونظر إلى السابري فقال: ما
هذا ؟ فقال: السابري فقال: هذا عندنا البيض، وقال للقماش: ما هذا ؟ فقال الرجل:
المشان، فقال: هذا عندنا ام جرذان، نظر إلى الصرفان فقال: ما هذا ؟ فقال الرجل:
الصرفان فقال: هو عندنا العجوة، وفيه شفاء (1). 61 كا: أبو علي الاشعري، عن بعض
أصحابه، عن محمد بن سنان، عن حذيفة ابن منضور قال: كنت عند أبي عبد الله عليه
السلام بالحيرة، فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر أحد وجهيه أسود
والاخر أبيض، فلبسه ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: أما إني ألبسه، وأنا أعلم أنه
لباس أهل النار (2). 62 - كا: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن
الحسن الميثمي، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اعمل لي
قلانس بيضاء ولا تكسرها، فإن السيد مثلي لا يلبس المكسر (3). 63 - كا: العدة، عن
سهل، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير المدائني، عمن
ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصا فيه
قب قد رقعه، فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله عليه السلام: مالك تنظر ؟ فقال:
قب يلقى في قميصك ؟ ! قال: فقال: اضرب يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه، وكان بين
يديه كتاب أو قريب منه، فنظر الرجل فيه فإذا فيه: لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال
لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له (4). بيان: القب: ما يدخل في جيب القميص
من الرقاع. 64 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يعقوب
(1) نفس المصدر ج 6 ص 347. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 449 والممطر كمنبر ثوب يلبس في المطر يتوقى به. (3) المصدر السابق ج 6
ص 462. (4) المصدر السابق ج 6 ص 460.
[46]
السراج، قال: كنا نمشي مع أبي عبد الله
عليه السلام وهو يريد أن يعزي ذا قرابة له بمولود له، فانقطع شسع نعل أبي عبد الله
عليه السلام فتناول نعله من رجله، ثم مشى حافيا، فنظر إليه ابن أبي يعفور، فخلع نعل
نفسه من رجله، وخلع الشسع منها وناولها أبا عبد الله عليه السلام فأعرض عنه كهيئة
المغضب، ثم أبى أن يقبله، وقال: لا إن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها، فمشى حافيا
حتى دخل على الرجل الذي أتاه ليعزيه (1). 65 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،
عن محمد بن خالد، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار قال: رأيت أبا عبد الله عليه
السلام يختضب بالحناء خضابا قانيا (2). 66 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
محمد بن سنان، عن سجيم عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
وهو رافع يده إلى السماء: رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا لا أقل من ذلك، ولا
أكثر، قال: فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ثم أقبل علي فقال: يا
ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عزوجل إلى نفسه أقل من طرفة عين، فأحدث ذلك
الذنب، قلت: فبلغ به كفرا ؟ أصلحك الله قال: لا، ولكن الموت على تلك الحال هلاك
(3). 67 - كا: محمد بن يحيى، رفعه، عن عبد الله بن مسكان قال: كنا جماعة من أصحابنا
دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبو عبد الله عليه السلام فقال لنا: من أين أقبلتم ؟
فقلنا له: من الحمام فقال: أنقى الله غسلكم، فقلنا له: جعلنا فداك. وإنا جئنا معه
حتى دخل الحمام، فجلسنا له حتى خرج، فقلنا له: أنقى الله غسلك ! فقال:
(1) المصدر السابق ج 6 ص 464. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 481 وفى الاصل (أبا جعفر) وفى الهامش عن بعض النسخ: (أبا عبد الله).
(3) المصدر السابق ج 2 ص 581.
[47]
طهركم الله (1). 68 - كا: العدة، عن
البرقي، عن بعض أصحابه، عن ابن أسباط، عن عبد الله بن عثمان أنه رأى أبا عبد الله
عليه السلام أحفى شاربه حتى ألصقه بالعسيب (2). بيان: العسيب منبت الشعر. 69 - كا:
الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير قال: دخل أبو عبد الله
عليه السلام الحمام فقال له صاحب الحمام: أخليه لك ؟ فقال: لا حاجة لي في ذلك،
المؤمن أخف من ذلك (3). 70 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن
النعمان، عن يعقوب بن شعيب، عن حسين بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: في كم أقرأ القرآن ؟ فقال: اقرأه أخماسا، اقرأه أسباعا أما إن عندي مصحف مجزء
أربعة عشر جزءا (4). 71 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه رواه
عن رجل من العامة قال: كنت اجالس أبا عبد الله عليه السلام فلا والله ما رأيت مجلسا
أنبل من مجالسه قال: فقال لي ذات يوم: من أين تخرج العطسة ؟ فقلت: من الانف فقال
لي: أصبت الخطاء فقلت: جعلت فداك، من أين تخرج ؟ فقال: من جميع البدن، كما أن
النطفة تخرج من جميع البدن، ومخرجها من الاحليل ثم قال: أما رأيت الانسان إذا عطس
نفض أعضاؤه، وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيام (5) 72 - كا: أبو عبد عبد الله
الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد
(1) المصدر السابق ج 6 ص 500. (2) المصدر
السابق ج 6 ص 487. (3) المصدر السابق ج 6 ص 503. (4) المصدر السابق ج 6 ص 617. (5)
المصدر السابق ج 6 ص 657.
[48]
ابن عثمان قال: جلس أبو عبد الله عليه
السلام متوركا ورجله اليمنى على فخذه اليسرى فقال له رجل: جعلت فداك هذه جلسة
مكروهة ؟ ! فقال: لا إنما هو شئ قالته اليهود، لما أن فرغ الله عزوجل من خلق
السماوات والارض، واستوى على العرش جلس هذه الجلسة ليستريح فأنزل الله عزوجل " ألله
لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " (1) وبقي أبو عبد الله عليه
السلام متوركا كما هو (2). 73 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن
حكيم قال: أمر أبو عبد الله عليه السلام بكتاب في حاجة فكتب، ثم عرض عليه ولم يكن
فيه استثناء فقال: كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كل موضع لا يكون
فيه استثناء فاستثنوا فيه (3). 74 - كا: العدة، عن البرقي، عن علي بن حسان، عن عبد
الرحمان بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه مهزم فقال لي أبو
عبد الله عليه السلام: ادع لنا الجارية، تجيئنا بدهن وكحل، فدعوت بها، فجاءت
بقارورة بنفسج، وكان يوما شديد البرد فصب مهزم في راحته منها، ثم قال: جعلت فداك
هذا بنفسج وهذا البرد الشديد ! ! فقال: وما باله يا مهزم ! ! فقال: إن متطببينا
بالكوفة يزعمون أن البنفسج بارد فقال: هو بارد في الصيف، لين حار في الشتاء (4). 75
- كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمار وابن
أبي عمير، عن ابن اذينة قال: شكا رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام شقاقا في يديه
ورجليه فقال له: خذ قطنة فاجعل فيها بانا وضعها على سرتك فقال إسحاق بن عمار: جعلت
فداك، أن يجعل البان في قطنة ويجعلها في سرته ؟ فقال: أما أنت يا إسحاق فصب البان
في سرتك فانها كبيرة، قال ابن اذينة: لقيت الرجل
(1) سورة البقرة الاية: 255. (2) الكافي ج
2 ص 661. (3) نفس المصدر ج 2 ص 673. (4) المصدر السابق ج 6 ص 521.
[49]
بعد ذلك، فأخبرني أنه فعله مرة واحدة،
فذهب عنه (1). 76 - كا: الحسين بن محمد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار عن
الحسين بن محمد بن مهزيار، عن قتيبة الاعشى قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام
أعود ابنا له، فوجدته على الباب، فإذا هو مهتم حزين فقلت: جعلت فداك كيف الصبي ؟
فقال: والله إنه لما به ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه، وذهب التغير
والحزن قال: فطمعت أن يكون قد صلح الصبي فقلت: كيف الصبي جعلت فداك ؟ فقال: لقد مضى
لسبيله، فقلت: جعلت فداك لقد كنت وهو حي مهتما حزينا، وقد رأيت حالك الساعة، وقد
مات، غير تلك الحال فكيف هذا ؟ فقال: إنا أهل بيت إنما نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع
أمر الله رضينا بقضائه، وسلمنا لامره (2). 77 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد،
عن علي بن الحكم، عن الكاهلي عن أبي الحسن عليه السلام قال: كان أبي يبعث امي وام
فروة تقضيان حقوق أهل المدينة (3). 78 - كا: علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن
الحسين بن المختار عن العلا بن كامل قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام
فصرخت الصارخة من الدار، فقام أبو عبد الله عليه السلام ثم جلس، فاسترجع، وعاد في
حديثه، حتى فرغ منه ثم قال: إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا، فإذا
وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا (4). 79 - كا: علي بن إبراهيم، عن
محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد، عمن حدثه، عن ابن شبرمة قال: ما ذكرت
حديثا سمعته عن جعفر بن محمد
(1) المصدر السابق ج 6 ص 523. (2) المصدر
السابق ج 3 ص 225. (3) المصدر السابق ج 3 ص 217 ذيل حديث. (4) المصدر السابق ج 3 ص
226. (*)
[50]
إلا كاد أن يتصدع قلبي، قال: حدثني أبي،
عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال ابن شرمة واقسم بالله ما كذب أبوه
على جده، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى وهو لا يعلم الناسخ من
المنسوخ، والمحكم من المتشابه، فقد هلك وأهلك (1). 80 - كا: الحسين بن محمد، عن عبد
الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن ابن فضال، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن أبيه، عن
أبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو يصلي، فعددت له في الركوع
والسجود ستين تسبيحة (2). 81 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن بكير عن
حمزة بن حمران، والحسن بن زياد قالا: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام وعنده
قوم، فصلى بهم العصر، وقد كنا صلينا، فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو
ثلاثا وثلاثين مرة وقال أحدهما في حديثه: " وبحمده " في الركوع والسجود سواء (3).
82 - كا: علي، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكار ابن بكير، عن موسى
بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله
عزوجل، فأخبره بها، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الاية فأخبره بخلاف ما أخبر
الاول، فدخلني من ذلك ما شآء الله، حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت
أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله، فبينا
أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الاية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي،
فسكنت نفسي، فعلمت أن ذلك منه تقية، قال: ثم التفت إلي فقال لي: يا ابن أشيم إن
الله عزوجل فوض إلى
(1) المصدر السابق ج 1 ص 43. (2 و 3)
المصدر السابق ج 1 ص 329.
[51]
سليمان بن داود عليه السلام فقال: " هذا
عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " (1) وفوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال: "
وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا " (2) فما فوض إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله فقد فوضه إلينا (3). 83 - كا: أحمد بن إدريس وغيره، عن محمد بن
أحمد، عن علي بن الريان عن أبيه، عن يونس أو غيره عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: قلت له: جعلت فداك بلغني أنك كنت تفعل في غلة عين زياد شيئا، وأنا احب
أن أسمعه منك قال: فقال لي: نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم
ليدخل الناس ويأكلوا، وكنت آمر في كل يوم أن يوضع عشر بنيات، يقعد على كل بنية عشرة
كلما أكل عشرة جاء عشرة اخرى يلقى لكل نفس منهم مد من رطب، وكنت آمر لجيران الضيعة
كلهم الشيخ، والعجوز، والصبي، والمريض، والمرأة، ومن لا يقدر أن يجئ فيأكل منها،
لكل إنسان منهم مد، فإذا كان الجذاد وفيت القوام، والوكلاء، والرجال اجرتهم، وأحمل
الباقي إلى المدينة، ففرقت في أهل البيوتات، والمستحقين، الراحلتين والثلاثة والاقل
والاكثر على قدر استحقاقهم، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار، وكان غلتها أربعة آلاف
دينار (4). بيان: في بعض النسخ بنيات بالباء الموحدة، ثم النون، ثم الياء المثناة
التحتانية على بناء التصغير. قال في النهاية في الحديث (5) أنه سأل رجلا قدم من
الثغر هل شرب الجيش في البنيات الصغار ؟ قال: لا إن القوم ليؤتون بالاناء
فيتداولونه حتى يشربوه كلهم، البنيات ههنا الاقداح الصغار وقال: بسطنا له بناء أي
نطعا، هكذا جاء
(1) سورة ص الاية: 39. (2) سورة الحشر
الاية: 7. (3) الكافي ج 1 ص 265. (4) الكافي ج 3 ص 569. (5) النهاية في اللغة ج 1 ص
96.
[52]
تفسيره ويقال له أيضا المبناة انتهى. وفي
بعض النسخ ثبنه بالثاء المثلثة ثم الباء الموحدة فالنون، وهو أظهر قال الفيروز
آبادي (1) ثبن الثوب يثبنه ثبنا وثبانا بالكسر ثنى طرفه، وخاطه، أو جعل في الوعاء
شيئا وحمله بين يديه والثبين والثبان بالكسر، والثبنة بالضم الموضع الذي تحمل فيه
من ثوبك تثنيه بين يديك، ثم تجعل فيه من التمر أو غيره وقد أثبنت في ثوبي، وقال
الجزري (2) في الحديث إذا مر أحدكم بحائط فليأكل منه ولا تتخذ ثبانا، الثبان الوعاء
الذي يحمل فيه الشئ، ويوضع بين يدي الانسان، يقال: ثبنت الثوب أثبنه ثبنا وثبانا،
وهو أن تعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئا تحمله الواحدة ثبنة، انتهى. فيحتمل أن يكون
الثبنات تصحيف الثبان أو يقال إنه قد يجمع هكذا أيضا كغرفة على غرفات، ولبنة على
لبنات. 84 - كا: علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن غير واحد، عن علي بن
أسباط، عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بيني وبين رجل قسمة أرض،
وكان الرجل صاحب نجوم وكان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج أنا في ساعة النحوس،
فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين، فضرب الرجل بيده اليمنى على اليسرى، ثم قال: ما رأيت
كاليوم قط ! قلت: ويك ألا أخبرك ذاك ؟ قال: إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس،
فخرجت أنا في ساعة السعود، ثم قسمنا، فخرج لك خير القسمين فقلت: ألا احدثك بحديث
حدثني به أبي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يدفع
الله عنه نحس يومه، فليفتتح يومه بصدقة يذهب الله بها عنه نحس يومه، ومن أحب أن
يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح ليلته بصدقة، يدفع الله عنه نحس ليلته. فقلت: إني
افتتحت خروجي بصدقة، فهذا
(1) القاموس ج 4 ص 206. (2) النهاية ج 1 ص
125.
[53]
خير لك من علم النجوم (1). بيان: ألا
أخبرك ذاك: أي أخبرك ذاك العلم الذي تدعيه بما هو خير لك وفي بعض النسخ ألا خبرك
ذاك ؟ فلعله بضم الخاء أي ليس علمك نفعه هذا الذي ترى وفي بعضها خيرك أي أليس خيرك
في تلك القسمة التي وقعت ؟. وفي بعض النسخ ويل الاخر ما ذاك ؟ ووجه بأن من قاعدة
العرب أنه إذا أراد حكاية ما لا يناسب مواجهة المحكي له به يغيره هكذا، كما يعبر عن
ويلي بقولهم ويله، فعبر عن ويلك عند نقل الحكاية للراوي بقوله: ويل الاخر. 85 - كا:
أحمد بن إدريس وغيره، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن نوح بن عبدا لله، عن الذهلي،
رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المعروف ابتداء، وأما من أعطيته بعد المسألة
فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه، يبيت ليلته أرقا متململا، يمثل بين الرجاء
واليأس، لا يدري أين يتوجه لحاجته، ثم يعزم بالقصد لها فيأتيك، وقبله يرجف، وفرائصه
ترعد، قد ترى دمه في وجهه، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح (2). 86 - كا: عدة من
أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن شعيب، عن الحسين بن الحسن، عن عاصم،
عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يتصدق بالسكر فقيل له:
أتتصدق بالسكر ؟ فقال: نعم إنه ليس شئ أحب إلي منه، فأنا احب أن أتصدق بأحب الاشياء
إلي (3). 87 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال عن
العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن العلا قال: كان أبو عبد الله عليه
السلام مريضا مدفنا فأمرفا خرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فكان فيه،
حتى أصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان (4).
(1) الكافي ج 4 ص 6. (2) نفس المصدر ج 4 ص
23. (3) المصدر السابق ج 4 ص 61. (4) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 66.
[54]
88 - ما: بالاسناد المتقدم عن العباس، عن
أبي جعفر الخثعمي قريب إسماعيل ابن جابر قال: أعطاني أبو عبد الله عليه السلام
خمسين دينارا في صرة فقال: ادفعها إلى رجل من بني هاشم ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا
قال: فأتيته فقال: من أين هذا جزاه الله خيرا فما يزال كل حين يبعث بها فيكون مما
نعيش فيه إلى قابل، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله (1). 89 - كا: العدة، عن
البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النوفلي، عن الحسن بن راشد قال: كان أبو عبد
الله عليه السلام إذا صام تطيب بالطيب، ويقول: الطيب تحفة الصائم (2). 90 - كا: أبو
علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق ابن عمار، عن معتب، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال: اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة وأعط عن الرقيق،
وأجمعهم، ولا تدع منهم أحدا، فانك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت، قلت: وما
الفوت ؟ قال: الموت (3). 91 - كا: العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن القاسم بن
إبراهيم، عن ابن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام مزاملة فيما بين مكة
والمدينة، فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل، وأخذ نعليه بيديه، ثم دخل الحرم حافيا
(4). 92 - كا: العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حماد ابن
عثمان قال: حضرت أبا عبد الله عليه السلام وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أن علي ابن
أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن: يلبس القميص بأربعة دراهم، وما أشبه ذلك ونرى
عليك اللباس الجديد ؟ ! فقال له: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في
زمان لا ينكر، ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به فخير لباس كل زمان لباس
(1) امالي ابن الشيخ الطوسى ص 66. (2)
الكافي ج 4 ص 113. (3) نفس المصدر ج 4 ص 174. (4) المصدر السابق ج 4 ص 398.
[55]
أهله، غير أن قائمنا أهل البيت عليه
السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام
(1). 93 - كا: أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط،
عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام
ونحن في الطريق في ليلة الجمعة: اقرأ فانها ليلة الجمعة قرآنا، فقرأت: " إن يوم
الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله
" (2) فقال أبو عبد الله عليه السلام نحن والله الذي يرحم الله ونحن والله الذي
استثنى الله ولكنا نغني عنهم (3). 94 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال:
عن الحسن بن الجهم، عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر بي
أبي وأنا بالطواف، وأنا حدث وقد اجتهدت في العبادة، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي:
يا جعفر يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة، ورضي منه باليسير (4). 95 - كا:
علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البخترى وغيره عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: اجتهدت في العبادة وأنا شاب، فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك تصنع،
فان الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير (5). 96 - كا: العدة، عن سهل، عن
الدهقان، عن درست، عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبد الله عليه
السلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر فقلت: جعلت فداك، حالك عند الله
عزوجل وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم !
! فقال: يا عبد الاعلى خرجت في طلب الرزق
(1) الكافي ج 6 ص 444. (2) سورة الدخان
الاية: 40 و 41 و 42. (3) الكافي ج 1 ص 423. (4) نفس المصدر ج 2 ص 86. (5) المصدر
السابق ج 2 ص 87.
[56]
لا ستغني عن مثلك (1). 97 - كا: محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله الحجال عن حفص بن أبي عايشة قال: بعث
أبو عبد الله عليه السلام غلاما له في حاجة، فأبطأ فخرج أبو عبد الله عليه السلام
على أثره لما أبطأ فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له
أبو عبد الله عليه السلام: يا فلان، والله ما ذلك لك. تنام الليل والنهار ؟ لك
الليل، ولنا منك النهار (2). 98 - قب: عن حفص مثله (3). 99 - كا: محمد بن يحيى، عن
أحمد بن محمد، عن ابن سنان. عن إسماعيل ابن جابر قال: أتيت أبا عبد الله عليه
السلام وإذا هو في حائط له، بيده مسحاة، وهو يفتح بها الماء، وعليه قميص شبه
الكرابيس، كأنه مخيط عليه من ضيقه (4). 100 - كا: العدة، عن سهل، عن علي بن أسباط،
عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: أعطى أبو عبد الله عليه السلام أبي ألفا وسبعمائة
دينار فقال له: اتجر لي بها، ثم قال: أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح
مرغوبا فيه ولكني أحببت أن يراني الله عزوجل متعرضا لفوائده، قال: فربحت له فيه
مائة دينار، ثم لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينار قال: ففرح أبو عبد الله
عليه السلام بذلك فرحا شديدا، ثم قال لي: أثبتها في رأس مالي قال: فمات أبي والمال
عنده، فأرسل إلي أبو عبد الله عليه السلام وكتب: عافانا الله وإياك، إن لي عند أبي
محمد ألفا وثمان مائة دينار. أعطيته يتجر بها فادفعها إلى عمر بن يزيد، قال: فنظرت
في كتاب أبي فإذا فيه: " لابي موسى عندي ألف وسبعمائة دينار، واتجر له فيها مائة
دينار، عبد الله بن سنان، وعمر بن يزيد يعرفانه " (5)
(1) المصدر السابق ج 5 ص 74. (2) المصدر
السابق ج 8 ص 87. (3) المناقب ج 3 ص 395 وفى المطبوعة في النجف جعفر بن أبي عائشة.
(4 و 5) الكافي ج 5 ص 76.
[57]
101 - كا: العدة، عن أحمد بن أبي عبد
الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال: حدثني جميل بن صالح، عن
أبي عمرو الشيباني قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ
يعمل في حائط له، والعرق يتصاب عن ظهره فقلت: جعلت فداك اعطني أكفك، فقال لي: إني
احب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة (1). 102 - كا: علي بن محمد، عن أحمد
بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عذافر، عن أبيه مثله مع اختصار
(2). 103 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن داود بن سرحان قال: رأيت
أبا عبد الله عليه السلام يكيل تمرا بيده فقلت: جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض
مواليك فيكفيك (3). 104 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن
يحيى عن عبد الحميد بن سعيد قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحل
بيعه أو شراؤه، الذي يجعل منه الامشاط ؟ فقال: لا بأس، قد كان لابي منه مشط أو
أمشاط (4). 105 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان
عن شعيب قال: تكارينا لابي عبد الله عليه السلام قوما يعملون في بستان له وكان
أجلهم إلى العصر فلما فرغوا قال لمعتب: أعطهم اجورهم قبل أن يجف عرقهم (5). 106 -
كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي حنيفة سائق الحاج قال: مر
بنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة ثم قال لنا: تعالوا إلى
المنزل فأتيناه، فأصلح بيننا بأربعة مائة درهم، فدفعها
(1) الكافي ج 5 ص 76. (2) نفس المصدر ج 5
ص 77. (3) المصدر السابق ج 5 ص 87 بزيادة فيه. (4) المصدر السابق ج 5 ص 226 وأخرجه
الشيخ في التهذيب ج 7 ص 133. (5) المصدر السابق ج 5 ص 289. (*)
[58]
إلينا من عنده، حتى إذا استوثق كل واحد
منا من صاحبه قال: أما إنها ليست من مالي، ولكن أبو عبد الله عليه السلام أمرني إذا
تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن اصلح بينهما، وأفتديهما من ماله، فهذا من مال أبي
عبد الله عليه السلام (1). 107 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن
سويد، عن عمرو ابن أبي المقدام قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوم عرفة
بالموقف، وهو ينادي بأعلا صوته " أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان
الامام، ثم كان علي بن أبيطالب عليه السلام ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين،
ثم محمد بن علي، ثم هه " فينادي ثلاث مرات لمن بين يديه، وعن يمينه، وعن يساره، ومن
خلفه، اثني عشر صوتا وقال عمرو: فلما أتيت منى سألت أصحاب العربية عن تفسير هه
فقالوا: هه لغة بني فلان أنا فاسألوني قال: ثم سألت غيرهم أيضا من أهل العربية،
فقالوا مثل ذلك (2). 108 - تم: روي أن مولانا الصادق عليه السلام كان يتلو القرآن
في صلاته، فغشي عليه، فلما أفاق سئل ما الذي أوجب ما انتهت حاله إليه ؟ فقال ما
معناه: مازلت اكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها.
109 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا
الحسن عليه السلام يقول: إن رجلا أتى جعفرا صلوات الله عليه شبيها بالمستنصح له
فقال له: يا أبا عبد الله كيف صرت اتخذت الاموال قطعا متفرقة، ولو كانت في موضع
واحد كان أيسر لمؤنتها وأعظم لمنفعتها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: اتخذتها
متفرقة، فإن أصاب هذا المال شئ سلم هذا، والصرة تجمع هذا كله (3). 110 - كا: علي بن
محمد، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبد الله ابن حماد، عن عمر بن يزيد قال: أتى
رجل أبا عبد الله عليه السلام يقتضيه وأنا عنده
(1) المصدر السابق ج 2 ص 209. (2) الكافي
ج 4 ص 466. (3) نفس المصدر ج 5 ص 91.
[59]
فقال له: ليس عندنا اليوم شئ ولكنه يأتينا
خطر (1) ووسمة (2) فيباع، ونعطيك إنشاء الله فقال له الرجل: عدني فقال: كيف أعدك
وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو (3). 111 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن
عبد الجبار، عن أحمد بن النضر عن أبي جعفر الفزاري قال: دعا أبو عبد الله عليه
السلام مولى له يقال له: مصادف، فأعطاه ألف دينار وقال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر،
فان عيالي قد كثروا قال: فتجهز بمتاع، وخرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر
استقبلهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة،
وكان متاع العامة فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شئ فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا
متاعهم من ربح دينار دينارا، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف
على أبي عبد الله عليه السلام ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا
رأس المال، وهذا الاخر ربح فقال: إن هذا الربح كثير، ولكن ما صنعتم في المتاع ؟
فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا، فقال: سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم
إلا بربح الدينار دينارا ؟ ! ثم أخذ أحد الكيسين فقال: هذا رأس مالي ولا حاجة لنا
في هذا الربح، ثم قال: يا مصادف مجالدة السيوف، أهون من طلب الحلال (4). 112 - كا:
محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن جهم بن أبي جهم، عن معتب
قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام وقد تزيد السعر بالمدينة: كم عندنا من طعام ؟
قال: قلت: عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة قال: أخرجه وبعه
(1) الخطر: بالكسر، نبات يختضب به. (2)
الوسمة: بكسر السين وهى أفصح من التسكين نبت يخضب بورقه ويقال هو العظلم، وأنكر
الازهرى السكون. (3) الكافي ج 5 ص 96. (4) نفس المصدر ج 5 ص 161.
[60]
قال: قلت له: وليس بالمدينة طعام ! ! قال:
بعه، فلما بعته قال: اشتر مع الناس يوما بيوم وقال: يا معتب اجعل قوت عيالي نصفا
شعيرا ونصفا حنطة، فإن الله يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها، ولكني احب
أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة (1). 113 - كا: علي بن محمد، عن صالح بن أبي
حماد، عن أحمد بن حماد، عن محمد بن مرازم، عن أبيه أو عمه قال: شهدت أبا عبد الله
عليه السلام وهو يحاسب وكيلا له والوكيل يكثر أن يقول: والله ما خنت فقال له أبو
عبد الله عليه السلام: يا هذا خيانتك وتضييعك علي مالي سواء إلا أن الخيانة شرها
عليك (2). 114 - نبه: الفضل بن أبي قرة قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يبسط
رداءه وفيه صرر الدنانير فيقول للرسول: اذهب بها إلى فلان وفلان، من أهل بيته، وقل
لهم: هذه بعث بها إليكم من العراق، قال: فيذهب بها الرسول إليهم فيقول ما قال
فيقولون: أما أنت فجزاك الله خيرا بصلتك قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما
جعفر فحكم الله بيننا وبينه، قال: فيخر أبو عبد الله عليه السلام ساجدا ويقول:
اللهم أذل رقبتي لولد أبي (3). 115 - ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن
وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي
عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لوددت أني وأصحابي في
فلاة من الارض حتى نموت، أو يأتي الله بالفرج (4). 116 - د: قال الثوري لجعفر بن
محمد: يا ابن رسول الله اعتزلت الناس ! ! فقال: يا سفيان، فسد الزمان، وتغير
الاخوان، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد.
(1) المصدر السابق ج 5 ص 166. (2) المصدر
السابق ج 5 ص 304. (3) تنبيه الخواطر ص 490. (4) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 58.
[61]
ثم قال: ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب *
والناس بين مخاتل وموارب يفشون بينهم المودة والصفا * وقلوبهم محشوة بعقارب وقال
الواقدي: جعفر من الطبقة الخامسة من التابعين. أقول: روى البرسى في مشارق الانوار
أن فقيرا سأل الصادق عليه السلام فقال لعبده: ما عندك ؟ قال: أربعمائة درهم، قال:
أعطه إياها، فأعطاه، فأخذها وولى شاكرا فقال لعبده: أرجعه، فقال: يا سيدي سألت
فأعطيت فماذا بعد العطا ؟ فقال له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصدقة
ما أبقت غنى، وإنا لم نغنك، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا
احتجت فبعه بهذه القيمة (1). 117 - ين: ابن سنان، عن ابن مسكان، عن الصيقل قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا فبعث غلاما له عجميا في حاجة إلى رجل، فانطلق
ثم رجع فجعل أبو عبد الله عليه السلام يستفهمه الجواب، وجعل الغلام لا يفهمه مرارا
قال: فلما رأيته لا يتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أنه عليه السلام سيغضب عليه، قال:
وأحد عليه السلام النظر إليه ثم قال: أما والله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي
القلب، ثم قال: إن الحياء والعفاف والعي - عي اللسان لا عي القلب - من الايمان،
والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق (2). 118 - كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن إسحاق
بن إبراهيم بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده المعلى بن خنيس
إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان فقال: يا ابن رسول الله أنا من مواليكم أهل البيت،
وبيني وبينكم شقة بعيدة وقد قل ذات يدي، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينني
قال: فنظر أبو عبد الله عليه السلام يمينا وشمالا وقال: ألا تسمعون ما يقول أخوكم ؟
إنما المعروف
(1) مشارق الانوار ص 113. (2) كتاب الزهد
للحسين بن سعيد الاهوازي: في أواخر باب الصمت الا بخير، وترك الرجل ما لا يعنيه،
والنميمة. وهو أول باب من الكتاب.
[62]
ابتداء، فأما ما أعطيت بعد ما سأل، فإنما
هو مكافاة لما بذل لك من [ماء] وجهه ثم قال: فيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس
والرجاء لا يدري أين يتوجه بحاجته، فيعزم على القصد إليك، فأتاك وقلبه يجب (1)
وفرائصه ترتعد، وقد نزل دمه في وجهه، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرد،
أم بسرور النجح فأن أعطيته رأيت أنك قد وصلته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا، لما يتجشم من مسألته إياك،
أعظم مما ناله من معروفك. قال: فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم، ودفعوها إليه.
(1) الوجيب: اضطراب القلب وشدة خفقانه،
وفي الضحاح: وجب القلب وجيبا اضطرب.
[63]
* (باب 5) * * " (معجزاته واستجابة
دعواته، ومعرفته بجميع اللغات) " * * " (ومعالى اموره صلوات الله عليه) " * 1 - ب:
محمد بن عيسى، عن بكر بن محمد الازدي قال: عرض لقرابة لي ونحن في طريق مكة وأحسبه
قال: بالربذة (1) فلما صرنا إلى أبي عبد الله عليه السلام ذكرنا ذلك له، وسألناه
الدعاء له، ففعل، قال بكر: فرأيت الرجل حيث عرض (2) له ورأيته حيث أفاق (3). 2 - جا
(4) ما: المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن البرقي، عن أبيه
قال: حدثني من سمع حنان بن سدير يقول: سمعت أبي سدير الصيرفي يقول: رأيت رسول الله
صلى الله عليه وآله فيما يرى النائم، وبين يديه طبق مغطى
(1) الربذة: بفتح أوله وثانيه، وذال معجمة
مفتوحة، من قرى المدينة، على ثلاثة أميال منها، قريبة من ذات عرق، على طريق الحجاز،
إذا رحلت من فيد تريد مكة وبها قبر الصحابي الجليل أبى ذر جندب بن جنادة الغفاري
(رضى الله عنه) أخرجه إليها عثمان بن عفان كرها، وليس بها ضرع ولا زرع ولا ثاغية
ولا راغية، أرض جرداء فاحلة فبقى بها منفيا حتى مات رحمه الله وتولى غسله وتكفينه
والصلاة عليه ودفنه طائفة من المؤمنين - بشهادة النبي صلى الله عليه وآله لهم بذلك
- وهم مالك الاشتر وصحبه، وقد سكنها اناس جاوروا قبر ابى ذر فكانت آهلة حتى سنة
(319) حيث خرجها القرامطة - لعنهم الله - فيما خربوا من آثار الاسلام وبلاد
المسلمين. (2) العرض - بالفتح - الجنون، وفى القاموس عرض له الغول ظهرت. (3) قرب
الاسناد ص 11. (4) امالي الشيخ المفيد ص 179.
[64]
بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد
السلام، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا
رسول الله ناولني رطبة، فناولني واحدة فأكلتها ثم قلت: يا رسول الله ناولني اخرى
فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألته اخرى، حتى أعطاني ثماني رطبات
فأكلتها، ثم طلبت منه اخرى فقال لي: حسبك ! قال: فانتبهت من منامي، فلما كان من
الغد، دخلت على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وبين يديه طبق مغطى بمنديل، كأنه
الذي رأيته في المنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت عليه، فرد علي
السلام، ثم كشف عن الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه فعجبت لذلك، فقلت: جعلت فداك
ناولني رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت اخرى فناولني فأكلتها، وطلبت اخرى حتى أكلت
ثماني رطبات، ثم طلبت منه اخرى فقال لي: لو زادك جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
لزدناك فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان (1). 3 - ما: المفيد، عن علي بن
بلال، عن علي بن سليمان، عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري، عن محمد بن
خالد البرقى، عن سعيد بن مسلم، عن داود ابن كثير الرقي قال: كنت جالسا عند أبي عبد
الله عليه السلام إذ قال لي مبتدئا من قبل نفسه: يا داود لقد عرضت علي أعمالكم يوم
الخميس فرأيت فيما عرض علي من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرني ذلك إني علمت أن صلتك
له أسرع لفناء عمره وقطع أجله، قال داود: وكان لي ابن عم معاندا خبيثا بلغني عنه
وعن عياله سوء حال فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة فلما صرت بالمدينة خبرني أبو
عبد الله عليه السلام بذلك (2). 4 - ما: أبو القاسم بن شبل، عن ظفر بن حمدون، عن
إبراهيم بن إسحاق عن ابن أبي عمير، عن سدير الصيرفي قال: جاءت امرأة إلى أبي عبد
الله عليه السلام فقالت له: جعلت فداك، أبي وامي وأهل بيتي نتولاكم، فقال لها أبو
عبد الله عليه السلام:
(1) امالي الشيخ الطوسى ص 70. (2) نفس
المصدر ص 263.
[65]
صدقت، فما الذي تريدين ؟ قالت له المرأة:
جعلت فداك يا ابن رسول الله أصابني وضح في عضدي، فادع الله أن يذهب به عني قال أبو
عبد الله: اللهم إنك تبرئ الاكمه والابرص، وتحيي ا لعظام وهي رميم، ألبسها من عفوك
وعافيتك ما ترى أثر إجابة دعائي فقالت المرأة: والله لقد قمت، وما بي منه قليل ولا
كثير (1). 5 - ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن بشر، عن فضالة، عن
محمد بن مسلم، عن المفضل بن عمر قال: حمل إلى أبي عبد الله عليه السلام مال من
خراسان مع رجلين من أصحابه، لم يزالا يتفقدان المال حتى مرا بالري، فرفع إليهما رجل
من أصحابهما كيسا فيه ألفا درهم، فجعلا يتفقدان في كل يوم الكيس حتى دنيا من
المدينة، فقال أحدهما لصاحبه: تعال حتى ننظر ما حال المال ؟ فنظرا فإذا المال على
حاله ما خلا كيس الرازي، فقال أحدهما لصاحبه: الله المستعان ما نقول الساعة لابي
عبد الله عليه السلام ؟ فقال أحدهما: إنه عليه السلام كريم، وأنا أرجو أن يكون علم
نقول عنده، فلما دخلا المدينة قصدا إليه، فسلما إليه المال فقال لهما: أين كيس
الرازي ؟ فأخبراه بالقصه، فقال لهما: إن رأيتما الكيس تعرفانه ؟ قالا: نعم، قال: يا
جارية علي بكيس كذا وكذا، فأخرجت الكيس فرفعه أبو عبد الله عليه السلام إليهما
فقال: أتعرفانه ؟ قالا: هو ذاك قال: إني احتجت في جوف الليل إلى مال، فوجهت رجلا من
الجن من شيعتنا فأتاني بهذا الكيس من متاعكما (2). 6 - يج: عن المفضل مثله. 7 - ير:
أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه
السلام يقول: تظهر الزنادقة سنة ثمانية وعشرين ومائة وذلك لاني نظرت مصحف فاطمة
عليها السلام (3).
(1) المصدر السابق ص 259. (2) بصائر
الدرجات ج 2 باب 18 ص 27. (3) نفس المصدر ج 3 باب 14 ص 42 وهو صدر حديث.
[66]
بيان: لعل المراد ابن أبي العوجاء وأضرابه
الذين ظهروا في أواسط زمانه عليه السلام. 8 - ير: ابن يزيد، عن الوشاء، عن ابن أبي
حمزة قال: خرجت بأبي بصير أقوده إلى باب أبي عبد الله عليه السلام قال: فقال لي: لا
تتكلم ولا تقل شيئا فانتهيت به إلى الباب، فتنحنح فسمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: يا فلانة افتحي لابي محمد الباب قال: فدخلنا والسراج بين يديه، فإذا سفط بين
يديه مفتوح قال: فوقعت علي الرعدة فجعلت أرتعد فرفع رأسه إلي فقال: أبزاز أنت ؟
قلت: نعم جعلني الله فداك قال: فرمى إلي بملاءة قوهية (1) كانت على المرفقة فقال:
اطو هذه فطويتها ثم قال: أبزاز أنت ؟ وهو ينظر في الصحيفة قال: فازددت رعدة، قال:
فلما خرجنا قلت يا أبا محمد ما رأيت كما مر بي الليلة، إني وجدت بين يدي أبي عبد
الله عليه السلام سفطا قد أخرج منه صحيفة، فنظر فيها كلما نظر فيها أخذتني الرعدة،
قال فضرب أبو بصير يده على جبهته ثم قال: ويحك ألا أخبرتني، فتلك والله الصحيفة
التي فيها أسامي الشيعة، ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها (2) 9 - ير: إبراهيم
بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير وداود الرقي عن معاوية بن عمار ومعاوية
ين وهب، عن ابن سنان قال: كنا بالمدينة، حين بعث داود بن علي إلى المعلى بن خنيس
أبو عبد الله عليه السلام فلم يأته شهرا قال: فبعث إليه أن ائتني فأبى أن يأتيه،
فبعث إليه خمس نفر من الحرس فقال: ائتوني به، فإن أبى فائتوني به أو برأسه، فدخلوا
عليه وهو يصلي ونحن نصلي معه الزوال فقالوا أجب داود بن علي قال: فإن لم اجب ؟ قال:
أمرنا أن نأتيه برأسك فقال: وما أظنكم تقتلون ابن رسول الله، قالوا: ما ندري ما
تقول، وما نعرف إلا الطاعة
(1) نسبة إلى قوهستان معرب كوهستان ويعنى
موضع الجبال - وهى كورة بين نيسابور وهراة وقصبتها قاين، وأيضا بلد بكرمان قرب
جيرفت، ومنه ثوب قوهى فما ينسج بها أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهى وان لم يكن من
قوهستان. (2) بصائر الدرجات ج 4 باب 3 ص 46.
[67]
قال: انصرفوا فانه خير لكم في دنياكم
وآخرتكم، قالوا: والله لا ننصرف حتى نذهب بك معنا أو نذهب برأسك قال: فلما علم أن
القوم لا يذهبون إلا بذهاب رأسه وخاف على نفسه، قالوا: رأيناه قد رفع يديه، فوضعهما
على منكبيه، ثم بسطهما، ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول: الساعة الساعة، فسمعنا صراخا
عاليا فقالوا له: قم ! فقال لهم: أما إن صاحبكم قد مات، وهذا الصراخ عليه، فابعثوا
رجلا منكم، فإن لم يكن هذا الصراخ عليه، قمت معكم، قال: فبعثوا رجلا منهم فما لبث
أن أقبل فقال: يا هؤلاء قد مات صاحبكم، وهذا الصراخ عليه فانصرفوا فقلت له: جعلنا
الله فداك ما كان حاله ؟ قال: قتل مولاي المعلى بن خنيس، فلم آته منذ شهر فبعث إلي
أن آتيه، فلما أن كان الساعة لم آته، فبعث إلي ليضرب عنقي فدعوت الله باسمه الاعظم،
فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله فقلت له: فرفع اليدين ما هو ؟
قال: الابتهال فقلت: فوضع يديك وجمعها ؟ فقال: التضرع، قلت: ورفع الاصبع قال:
البصبصة (1). 10 - ير: أحمد بن محمد، عن بكر، عمن رواه، عن عمر بن يزيد قال: دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام فبسط رجليه وقال: اغمزها يا عمر قال: فأضمرت في نفسي
أن أسأله عن الامام بعده قال: فقال: يا عمر لا اخبرك عن الامام بعدي (2). 11 - ير:
محمد بن علي، عن عمه محمد بن عمر، عن عمر بن يزيد قال: كنت عند أبي عبد الله عليه
السلام ليلة من الليالي، ولم يكن عنده أحد غيري، فمد رجله في حجري فقال: اغمزها يا
عمر ! قال: فغمزت رجله، فنظرت إلى اضطراب في عضلة ساقيه فأردت أن أسأله إلى من
الامر من بعده، فأشار إلي فقال: لا تسألني في هذه الليلة عن شئ فاني لست اجيبك (3).
(1) المصدر السابق ج 5 باب 2 ص 58. (2)
المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 63. (3) المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 63.
[68]
12 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري عن عمر
بن يزيد مثله (1) 13 - ير: إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن إبراهيم بن
محمد، عن شهاب ابن عبدربه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا اريد أسأله
عن الجنب يغرف الماء من الحب، فلما صرت عنده انسيت المسألة فنظر إلي أبو عبد الله
عليه السلام فقال: يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحب (2). 14 - يج: عن شهاب
مثله. 15 - ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي، عن الحسين بن بردة، وعن جعفر ابن بشير
الخزاز، عن إسماعيل بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا إسماعيل
ضع لي في المتوضأ ماءا قال: فقمت فوضعت له، قال: فدخل، قال: فقلت في يفسي أنا أقول
فيه كذا وكذا ويدخل المتوضأ يتوضأ، قال: فلم يلبث أن خرج فقال: يا إسماعيل لا ترفع
البناء فوق طاقته فينهدم، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم فلن تبلغوا، فقال
إسماعيل: وكنت أقول إنه وأقول وأقول (3). 16 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري، عن
عبد العزيز مثله (4). بيان: قوله " إنه " أي أنه الرب تعالى الله عن ذلك، " وأقول "
أي لم أرجع بعد عن هذا القول أو المعنى أني كنت مصرا على هذا القول. 17 - ير: أحمد
بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين ابن أحمد بن أسد بن أبي
العلا، عن هشام بن أحمد قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا اريد أن أسأله
عن المفضل بن عمرو هو في مصنعة له، في يوم شديد الحر، والعرق يسيل على خده، فيجزي
على صدره، فابتدأني فقال: نعم والله الرجل المفضل بن عمر، نعم والله الذي لا إله
إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي، حتى أحصيت
(1) كشف الغمة ج 2 ص 422. (2) بصائر
الدرجات ج 5 باب 10 ص 63. (3) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 63. (4) كشف الغمة ج 2 ص
427.
[69]
بضعا وثلاثين مرة، يقولها ويكررها، وقال:
إنما هو والد بعد والد (1). بيان: المصنعة الحوض يجمع فيه ماء المطر والاصوب " في
ضيعة " كما في بعض النسخ. 18 - ير: محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن شهاب بن
عبد ربه قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام أسأله فابتدأني فقال: أن شئت فسل شهاب،
وإن شئت أخبرناك بما جئت له، قلت: أخبرني جعلت فداك قال: جئت لتسأل عن الجنب يغرف
الماء من الحب بالكوز، فيصيب يده بأس قال: وإن شئت سل، وإن شئت أخبرتك قال: قلت له:
أخبرني قال: جئت تسأل عن الجنب يسهو ويغمر يده في الماء قبل أن يغسلها ؟ قلت: وذاك
جعلت فداك قال: إذا لم يكن أصاب يده شئ فلا بأس بذاك، سل وإن شئت أخبرتك قلت:
أخبرني قال: جئت لتسألني عن الجنب يغتسل، فيقطر الماء من جسمه في الاناء، أو ينضع
الماء من الارض فيقع في الاناء ؟ قلت: نعم جعلت فداك قال: ليس بهذا بأس كله، فسل
وإن شئت أخبرتك قلت: أخبرني قال: جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ
منه أو لا ؟ قلت: نعم قال: فتوضأ من الجانب الاخر إلا أن يغلب على الماء الريح وجئت
لتسأل عن الماء الراكد من البئر قال: فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة قلت: فما
التغيير ؟ قال: الصفرة، فتوضأ منه، وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر (2). 19 -
قب: عن شهاب مثله (3). 20 - ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي
الحلال قال: اختلف الناس في جابر بن يزيد، وأحاديثه وأعاجيبه قال: فدخلت على أبي
عبد الله عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عنه، فابتدأني من غير أن أسأله رحم الله
جابر بن
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64 بتفاوت
يسير. (2) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64. (3) المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 347.
[70]
يزيد الجعفي، كان يصدق علينا، ولعن الله
المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا (1). 21 - ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن
إبراهيم بن الفضل، عن عمر ابن يزيد قال: كنت عند أبي عبد الله وهو وجع فولاني ظهره،
ووجهه إلى الحائط فقلت في نفسي: ما أدري ما يصيبه في مرضه، وما سألته عن الامام
بعده، فأنا افكر في ذلك، إذ حول وجهه إلي فقال: إن الامر ليس كما تظن ليس علي من
وجعي هذا بأس (2). 22 - ير: الحسين بن علي، عن عيسى، عن مروان، عن الحسين بن موسى
الحناط قال: خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الاحمسي حاجين قال: وكان يقول عائذ لنا:
إن لي حاجة إلى أبي عبد الله عليه السلام اريد أن أسأله عنها، قال: فدخلنا عليه،
فلما جلسنا قال لنا مبتدئا: من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك قال:
فغمزنا عائذ، فلما قمنا قلنا: ما حاجتك ؟ قال: الذي سمعنا منه إني رجل لا اطيق
القيام بالليل، فخفت أن أكون مأثوما مأخوذا به فأهلك (3). 23 - كشف: من كتاب
الدلائل للحميري، عن عائذ مثله (4). 24 - قب: سعد، عن ابن يزيد، عن ابن فضال، عن
هارون بن مسلم، عن الحسن بن موسى الحناط مثله (5). 25 - ير علي بن حسان، عن جعفر بن
هارون الزيات قال: كنت أطوف بالكعبة فرأيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت في نفسي:
هذا هو الذي يتبع، والذي هو كذا وكذا قال: فما علمت به حتى ضرب يده على منكبي، ثم
أقبل علي وقال: " أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر " (6).
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64. (2)
نفس المصدر ج 5 باب 10 ص 64. (3) المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 64. (4) كشف الغمة ج 2
ص 424. (5) وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 10. (6) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65.
[71]
26 - ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي، عن
ابن فضال، عن أسد بن أبي العلا عن خالد بن نجيح الجوان قال: كنا عند أبي عبد الله
عليه السلام وأنا أقول في نفسي: ليس يدرون هؤلاء بين يدي من هم ؟ قال: فأدناني حتى
جلست بين يديه ثم قال: يا هذا إن لي ربا أعبده - ثلاث مرات (1). أقول: سيأتي باسناد
آخر في باب أحوال أصحابه عليه السلام. 27 - ير: محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد، عن
محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن عبد الله النجاشي قال: أصابت جبة لي من نضح
بول شككت فيه، فغمرتها ماءا في ليلة باردة فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
ابتدأني فقال: إن الفرو إذا غسلته بالماء فسد (2). 28 - ير: إبراهيم بن هاشم، عن
أبي عبد الله البرقي، عن إبراهيم بن محمد الاشعري عن أبي كهمس قال: كنت نازلا
بالمدينة في دار فيها وصيفة كانت تعجبني فانصرفت ليلا ممسيا فاستفتحت الباب ففتحت
لي فمددت يدي فقبضت على ثديها، فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فقال: يا أبا كهمس تب إلى الله مما صنعت البارحة (3). 29 - ير: محمد بن عبد الجبار،
عن أبي القاسم، عن محمد بن سهل، عن إبراهيم ابن أبي البلاد، عن مهزم قال: كنا نزولا
بالمدينة، وكانت جارية لصاحب المنزل تعجبني وإني أتيتك أتيت الباب فاستفتحت، ففتحت
لي الجارية، فغمزت ثديها، فلما كان من الغذ دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فقال: يا مهزم أين كان أقصى أثرك اليوم ؟ فقلت له: ما برحت المسجد، فقال: أما تعلم
أن أمرنا هذا لا ينال إلا بالورع (4).
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65. (2)
بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65. (3 و 4) نفس المصدر ج 5 باب 11 ص 65. (*)
[72]
30 - قب: عن مهزم مثله (1). 31 - عم: عن
كتاب نوادر الحكمة باسناده عن إبراهيم مثله (2). بيان: لعل المعنى أين كان في الليل
بالمدينة، وكانت جارية لصاحب المنزل تعجبني أقصى أثرك، ومنتهى عملك في هذا اليوم،
من التقوى والعبادة، أو أين كان اليوم آخر فعلك البارحة، ومهزم لم يفهم كلامه عليه
السلام إلا بعد إتمامه، ويحتمل أن يكون قوله أقصى أثرك سؤالا عن فعله في هذا اليوم
ثم أشار إلى ما فعله في الليلة الماضية بقوله: أما تعلم. 32 - ير: محمد بن عبد
الجبار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن إبراهيم بن مهزم قال:
خرجت من عند أبي عبد الله عليه السلام ليلة ممسيا فأتيت منزلي بالمدينة، وكانت امي
معي، فوقع بيني وبينها كلام، فأغلظت لها، فلما أن كان من الغد صليت الغداة، وأتيت
أبا عبد الله عليه السلام فلما دخلت عليه فقال لي مبتدئا: يا أبا مهزم مالك
والوالدة أغلظ ت في كلامها البارحة، أما علمت أن بطنها منزل قد سكنته، وأن حجرها
مهد قد غمزته، وثديها وعاء قد شربته ؟ قال: قلت: بلى قال: فلا تغلظ لها (3). 33 -
ير: محمد بن الحسين، عن حارث الطحان قال: أخبرني أحمد، وكان من أصحاب أبي الجارود
عن الحارث بن حصيرة الازدي، قال قدم رجل من أهل الكوفة إلى خراسان فدعا الناس إلى
ولاية جعفر بن محمد عليه السلام ففرقة أطاعت وأجابت وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة ورعت
ووقفت قال: فخرج من كل فرقة رجل فدخلوا على أبي عبد الله عليه السلام قال: فكان
المتكلم منهم الذي ورع ووقف، وقد كان مع بعض القوم جارية فخلا بها الرجل ووقع
عليها، فلما دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام وكان هو المتكلم فقال له: أصلحك
الله قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس
(1) المناقب ج 3 ص 353. (2) اعلام الورى ص
268. (3) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66.
[73]
إلى طاعتك وولايتك فأجاب قوم، وأنكر قوم،
وورع قوم ووقفوا، قال: فمن أي الثلاث أنت ؟ قال: أنا من الفرقه التي ورعت ووقفت،
قال: فأين كان ورعك ليلة كذا وكذا ؟ قال: فارتاب الرجل (1). 34 - ير: محمد بن
الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمار السجستاني قال: كان عبد الله النجاشي
منقطعا إلى عبد الله بن الحسن يقول بالزيدية، فقضي أني خرجت وهو إلى مكة، فذهب هذا
إلى عبد الله بن الحسن، وجئت أنا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: فلقيني بعد
فقال: استأذن لي على صاحبك، قلت لابي عبد الله عليه السلام إنه سألني الاذن له عليك
قال: فقال: ائذن له قال: فدخل عليه فسأله فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما
دعاك إلى ما صنعت، تذكر يوم كذا يوم مررت على باب قوم فسال عليك ميزاب من الدار،
فسألتهم فقالوا: إنه قذر، فطرحت نفسك في النهر مع ثيابك وعليك مصبغة، فاجتمعوا عليك
الصبيان يضحكونك ويضحكون منك ؟ قال عمار: فالتفت الرجل إلي فقال: ما دعاك أن تخبر
بخبري أبا عبد الله عليه السلام قال: قلت لا والله ما أخبرته، هو ذا قدامي يسمع
كلامي قال: فلما خرجنا قال لي: يا عمار هذا صاحبي دون غيره (2). 35 - قب (3) يج:
مرسلا مثله (4). 36 - ير: علي بن إسماعيل، عن ابن بزيع، عن سعدان بن مسلم، عن شعيب
العقرقوفي قال: بعث معي رجل بألف درهم فقال: إني احب أن أعرف فضل أبي عبد الله على
أهل بيته قال: خذ خمسة دراهم ستوقة اجعلها في الدراهم، وخذ من الدراهم خمسة فصرها
في لبنة قميصك، فانك ستعرف فضله، فأتيت بها أبو عبد الله
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66. (2)
نفس المصدر ج 5 باب 11 ص 66. (3) المناقب ج 3 ص 348. (4) الخرائج والجرائح ص 242.
[74]
عليه السلام فنشرها وأخذ الخمسة فقال: هاك
خمستك، وهات خمستنا (1). 37 - قب (2) يج: شعيب مثله. 38 - كشف: من كتاب الدلائل
للحميري، عن شعيب مثله (3). بيان: قال الجزري (4) لبنة القميص رقعة تعمل موضع جيبه.
39 - ير: عمر بن علي، عن عمه عمير، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمد بن الاشعث
قال: تدري ما كان سبب دخولنا في هذا الامر ومعرفتنا به، وما كان عندنا فيه ذكر، ولا
معرفة بشئ مما عند الناس ؟ قال: قلت: ما ذاك ؟ قال: إن أبا جعفر - يعني أبا
الدوانيق - قال لابي محمد بن الاشعث: يا محمد ابغ لي رجلا له عقل يؤدي عني، فقال له
أبي: قد أصبته لك، هذا فلان بن مهاجر، خالي قال: ائتني به قال: فأتاه بخاله فقال له
أبو جعفر: يا ابن مهاجر خذ هذا المال - فأعطاه الوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك -
وائت المدينة والق عبد الله بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل لهم:
إني رجلا غريب من أهل خراسان، وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليك بهذا المال، فادفع
إلى كل واحد منهم على هذا الشرط، كذا وكذا فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول واحب أن
يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم مني قال: فأخذ المال وأتى المدينة ثم رجع إلى أبي
جعفر، وكان محمد بن الاشعث عنده فقال أبو جعفر: ما وراك ؟ قال: أتيت القوم وفعلت ما
أمرتني به وهذه خطوطهم بقبضهم المال، خلا جعفر بن محمد، فاني أتيته وهو يصلي في
مسجد الرسول الله صلى الله عليه وآله، فجلست خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت
لاصحابه فعجل وانصرف، ثم التفت إلي فقال: يا هذا اتق الله ولا تغرن أهل بيت محمد،
وقل لصاحبك: اتق الله ولا تغرن أهل بيت
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66،
وستوقة ودرهم ستوقة كتنور وقدوس زيف بهرج ملبس بالفضة. (2) المناقب ج 3 ص 354. (3)
كشف الغمة ج 2 ص 425. (4) نهاية اللغة لابن الاثير ج 4 ص 47 بتفاوت.
[75]
محمد، فانهم قريبو العهد بدولة بني مروان،
وكلهم محتاج قال: فقلت: وما ذا أصلحك الله فقال: ادن مني فأخبرني بجميع ما جرى بيني
وبينك، حتى كأنه كان ثالثنا، قال: فقال أبو جعفر: يا ابن مهاجر اعلم أنه ليس من أهل
بيت النبوة إلا وفيهم محدث، وإن جعفر بن محمد محدث اليوم، فكانت هذه دلالة أنا قلنا
بهذه المقالة (1). 40 - يج: مرسلا مثله (2). 41 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن
عبد الجبار، عن صفوان مثله (3). 42 - قب: عن صفوان مثله (4). 43 - ير: أحمد بن
موسى، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال، عن أبي عمر الدماري، عمن حدثه قال: جاء رجل
إلى أبي عبد الله عليه السلام وكان له أخ جارودي فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
كيف أخوك ؟ قال: جعلت فداك خلفته صالحا، قال: وكيف هو ؟ قال: قلت: هو مرضي في جميع
حالاته، وعنده خير إلا أنه لا يقول بكم، قال: وما يمنعه ؟ قال: قلت: جعلت فداك
يتورع من ذلك قال: فقال لي: إذا رجعت إليه فقل له: أين كان ورعك ليلة نهر بلخ أن
تتورع ؟ قال: فانصرفت إلى منزله فقلت لاخي: ما كانت قصتك ليلة نهر بلخ ؟ أتتورع من
أن تقول بامامة جعفر عليه السلام، ولا تتورع من ليلة نهر بلخ ؟ قال: ومن أخبرك ؟
قلت: إن أبا عبد الله عليه السلام سألني فأخبرت أنك لا تقول به تورعا فقال لي قل
له: أين كان ورعك ليلة نهر بلخ ؟ فقال: يا أخي أشهد أنه كذا كلمة لا يجوز أن تذكر
قال: قلت: ويحك اتق الله، كل ذا، ليس هو هكذا قال: فقال: ما علمه ؟ والله ما علم به
أحد من خلق الله إلا أنا والجارية ورب العالمين، قال: قلت: وما كانت قصتك ؟ قال:
خرجت من
(1) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66. (2)
الخرائج والجرائح ص 242. (3) الكافي ح 1 ص 475. (4) المناقب ج 3 ص 348.
[76]
وراء النهر وقد فرغت من تجارتي، وأنا اريد
بلخ فصحبني رجل معه جارية له حسنا حتى عبرنا نهر بلخ فأتيناه ليلا فقال الرجل مولى
الجارية: إما أحفظ عليك وتقدم أنت وتطلب لنا شيئا، وتقتبس نارا، أو تحفظ علي وأذهب
أنا قال: فقلت أنا أحفظ عليك، واذهب أنت. قال: فذهب الرجل، وكنا إلى جانب غيضة (1)
فأخذت الجارية فأدخلتها الغيضة وواقعتها، وانصرفت إلى موضعي ثم أتا مولاها فاضطجعنا
حتى قدمنا العراق، فما علم به أحد ولم أزل به حتى سكن، ثم قال به، وحججت من قابل
فأدخلته إليه فأخبره بالقصة فقال: تستغفر الله ولا تعود، واستقامت طريقته (2).
بيان: قوله " إنه كذا " لعله نسبه عليه السلام إلى السحر والكهانة قوله " كل ذا "
أي أتظن به وتنسب إليه كل ذا، ويحتمل أن يكون نسبه عليه السلام إلى الربوبية فقال:
تقول فيه وتغلو كل ذا. 44 - ير: أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد،
عن أبي بصير قال: قدم إلينا رجل من أهل الشام فعرضت عليه هذا الامر فقبله، فدخلت
عليه وهو في سكرات الموت فقال لي: يا أبا بصير قد قبلت ما قلت لي فكيف لي بالجنة ؟
فقلت: أنا ضامن لك على أبي عبد الله عليه السلام بالجنة، فمات، فدخلت على أبي عبد
الله عليه السلام فابتدأني فقال لي: قد وفي لصاحبك بالجنة (3). 45 - ير: موسى بن
الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن بكير، عن عمر بن
بويه، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبو عبد الله
البلخي معه فانتهى إلى نخلة خاوية فقال: أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها
أطعمينا مما جعل الله فيك، قال: فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه
(1) الغيضة: الاجمة وهي مغيض ماء تجمع فيه
الشجر والجمع غياض واغياض. (2) بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68. (3) بصائر الدرجات ج
5 باب 12 ص 68.
[77]
فأكلنا حتى تضلعنا، فقال البلخي: جعلت
فداك سنة فيكم كسنة مريم (1). 46 - قب: سليمان مثله (2). بيان: تضلع: امتلا شبعا
حتى بلغ الطعام أضلاعه. 47 - ير: ابن يزيد، عن الوشاء، عن البطائني قال: خرجت بأبى
بصير أقوده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: فقال: يا فلانة افتحي لابي محمد قال:
فجعلت أرتعد فرفع رأسه إلي فقال: أبزاز أنت ؟ فقلت: نعم جعلت فداك (3). 48 - قب،
يج: البطائني مثله. 49 - ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن
أبي اسامة قال: قال لي أبو عبد الله: يا زيدكم أتى عليك من سنة ؟ قلت: جعلت فداك
كذا سنة قال: يا أبا اسامة جدد عبادة ربك، وأحدث توبة فبكيت فقال لي: ما يبكيك يا
زيد ؟ قلت: نعيت إلي نفسي قال: يا زيد أبشر، فانك من شيعتنا وأنت في الجنة (4) 50 -
قب: عن أبي اسامة مثله (5). 51 - ير: جعفر بن إسحاق، عن عثمان بن علي، عن خالد بن
نجيح قال: قلت: إن أصحابنا قد قدموا من الكوفة، فذكروا أن المفضل شديد الوجع، فادع
الله له قال: قد استراح، وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام (6). 52 - ير:
الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن عبد الله، عن عبد الله
(1) نفس المصدر ج 5 باب 13 ص 69. (2)
المناقب ج 3 ص 366. (3) بصائر الدرجات ج 5 باب 14 ص 70. (4) نفس المصدر ج 6 باب 1 ص
73. (5) المناقب ج 3 ص 350 بزيادة في آخره. (6) بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 73.
[78]
ابن إسحاق، عن علي، عن أبي بصير قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد ما فعل أبو - حمزة ؟ قال: جعلت فداك خلفته
صالحا فقال: إذا رجعت إليه فاقرأه السلام، وأعلمه أنه يموت يوم كذا وكذا من شهر كذا
وكذا، قال أبو بصير: جعلت فداك لقد كان فيه انس وكان لكم شيعة، قال: صدقت يا أبا
محمد ما عندنا خير له، قلت: جعلت فداك شيعتكم ؟ قال: نعم إذا خاف الله، وراقبه،
وتوقى الذنوب، فإذا فعل ذلك كان معنا في درجتنا، قال أبو بصير: فرجعت فما لبث أبو
حمزة حتى هلك تلك الساعة في ذلك اليوم (1). 53 - قب: عن أبي بصير مثله (2). 54 -
كشف: من كتاب الدلائل للحميري، عن أبي بصير مثله (3). 55 - ير: ابن يزيد، عن ابن
أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن ميسر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا ميسر
لقد زيد في عمرك، فأي شئ، تعمل ؟ قال: كنت أجيرا وأنا غلام بخمسة دراهم، فكنت
اجريها على خالي (4). 56 - ير: الحسن بن علي، عن أبي الصباح، عن زيد الشحام قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا زيد جدد عبادة وأحدث توبة، قال: نعيت
إلي نفسي جعلت فداك قال: فقال يا زيد ما عندنا خير لك وأنت من شيعتنا، قال: وقلت:
وكيف لي أن أكون من شيعتكم ؟ قال: فقال لي: أنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان،
وحساب شيعتنا، والله لانا أرحم بكم منكم بأنفسكم، كأني أنظر إليك ورفيقك في درجتك
في الجنة (5). 57 - ير: أحمد بن محمد، عن العباس، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن
المختار، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: تريد أن تنظر بعينك
إلى السماء ؟
(1 و 4 و 5) بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص
73. (2) المناقب ج 3 ص 349. (3) كشف الغمة ج 2 ص 420.
[79]
قلت: نعم قال: فمسح يده على عيني فنظرت
إلى السماء (1). 58 - ير: محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي
حمزة، عن أبي بصير قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما كنا في الطواف قلت
له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، يغفر الله لهذا الخلق ؟ فقال: يا أبا بصير إن أكثر
من ترى قردة وخنازير، قال: قلت له: ارنيهم قال: فتكلم بكلمات ثم أمر يده على بصري
فرأيتهم قردة وخنازير فهالني ذلك، ثم أمر يده على بصري فرأيتهم كما كانوا في المرة
الاولى ثم قال: يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون، وبين أطباق النار تطلبون فلا
توجدون، والله لا يجتمع في النار منكم ثلاثة لا والله، ولا إثنان لا والله، ولا
واحد (2). بيان: الحبر: بالفتح السرور والنعمة. 59 - ير: محمد بن الحسين، عن موسى
بن سعدان، عن أبيه، عن أبي بصير قال: تجسست جسد أبي عبد الله عليه السلام ومناكبه
قال: فقال: يا أبا محمد تحب أن تراني ؟ فقلت: نعم جعلت فداك قال: فمسح يده على عيني
فإذا أنا أنظر إليه، قال: فقال: يا أبا محمد لولا شهرة الناس لتركتك بصيرا على
حالك، ولكن لا تستقيم قال: ثم مسح يده على عيني فإذا أنا كما كنت (3). 60 - قب: عن
موسى مثله (4). 61 - ير: أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخلت عليه امرأة فذكرت أنها تركت ابنها بالملحفة
على وجهه ميتا، قال لها: لعله لم يمت فقومي فاذهبي الى بيتك، واغتلسي وصلي ركعتين،
وادعي وقولي " يا من وهبه لي ولم يك شيئا، جدد لي هبته " ثم حركيه
(1) نفس المصدر ج 6 باب 3 ص 75. (2)
المصدر السابق ج 6 باب 3 ص 76. (3) المناقب ج 3 ص 364.
[80]
ولا تخبري بذلك أحدا قال: فجاءت فحركته،
فإذا هو قد بكى (1). 62 - قب: عن جميل مثله (2). 63 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد
مثله.) 3). 64 ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي محمد بريد، عن
داود ابن كثير الرقي قال: حج رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبد الله عليه السلام
فقال: فداك أبي وامي إن أهلي قد توفيت وبقيت وحيدا فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أفكنت تحبها ؟ قال: نعم جعلت فداك قال: ارجع إلى منزلك فإنك سترجع إلى المنزل وهي
تأكل، قال: فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة وهي تأكل (4). 65 - قب:
بصائر الدرجات، عن سعد القمي باسناده عن داود مثله، وزاد في آخره: وبين يديها طبق
عليه تمر وزبيب (5). 66 - ير: محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم قال: كنت معه فرأى
محمدا وعليا أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا هاشم هذان الرجلان من إخوانك ؟
قلت: نعم، فبينا نحن نسير إذا استقبلنا رجل من ولد إسحاق بن عمار فقال: يا أبا هاشم
هذا واحد ليس من إخوانك (6). 67 - ير: أحمد بن محمد، عن أبي القاسم وعبد الله بن
عمران، عن محمد بن بشير، عن رجل، عن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبد الله عليه
السلام: يا عمار أبو مسلم فظلله، وكساه فكسحه بساطورا، قلت: جعلت فداك ما رأيت
نبطيا أفصح منك ! !
(1) بصائر الدرجات ج 6 باب 4 ص 76. (2)
المناقب ج 3 ص 365. (3) الكافي ج 1 ص 474. (4) البصائر ج 6 باب 4 ص 76. (5) المناقب
ج 3 ص 365. (6) بصائر الدرجات ج 6 باب 8 ص 82.
[81]
فقال: يا عمار وبكل لسان (1). 68 - ير:
الحسن بن محمد، عن أبيه محمد بن علي بن شريف، عن علي بن أسباط، عن إسماعيل بن عباد،
عن عامر بن علي الجامعي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إنا نأكل
ذبائح أهل الكتاب ولا ندري يسمون عليها أم لا ؟ فقال: إذا سمعتهم قد سموا فكلوا،
أتدري ما يقولون على ذبائحهم ؟ فقلت: لا، فقرأ كأنه شبه يهودي قد هذها ثم قال: بهذا
امروا فقلت: جعلت فداك إن رأيت أن نكتبها قال: اكتب: نوح أيوا أدينوا يلهيز مالحوا
عالم أشرسوا أو رضوا بنوا [يوسعه] موسق ذعال أسحطوا (2). بيان: الهذ سرعة القراءة.
69 - ير: النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن رجل من أهل بيرما (3) قال: كنت عند أبي
عبد الله عليه السلام فودعته، وخرجت حتى بلغت الاعوص (4) ثم ذكرت حاجة لي فرجعت
إليه والبيت غاص بأهله، وكنت أردت أن أسأله عن بيوض ديوك الماء فقال لي: " يابت "
يعني البيض " دعانا ميتا " يعني ديوك الماء " بناحل " يعني لا تأكل (5). 70 - قب:
عن رجل من أهل دوين مثله (6). 71 - ير: أحمد بن الحسين، عن الحسن بن برا، عن أحمد
بن محمد بن أبي نصر قال: حدثني رجل من أهل جسر بابل قال: كان في القرية رجل يؤذيني
(1 و 2) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 95.
(3) بيرما: كذا في الاصل والمصدر والظاهر انه تحريف (بيرحا) قيل هي ارض لابي طلحة
بالمدينة، وقيل هو موضع بقرب المسجد يعرف بقصر بنى جديلة (لاحظ معجم البلدان ج 2 ص
327 - 328). (4) الاعوص: موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة. (5) بصائر الدرجات
ج 7 باب 11 ص 96. (6) المناقب ج 3 ص 347.
[82]
ويقول: يا رافضي، ويشتمني، وكان يلقب بقرد
القرية قال: فحججت سنة، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال ابتداء: قوفه ما
نامت، قلت: جعلت فداك متى ؟ قال: في الساعة، فكتبت اليوم والساعة، فلما قدمت الكوفة
تلقاني أخي فسألته عمن بقي وعن من مات فقال لي: قوفه ما نامت، وهي بالنبطية قرد
القرية مات فقلت له: متى ؟ فقال لي: يوم كذا وكذا، وكان في الوقت الذي أخبرني به
أبو عبد الله عليه السلام (1). 72 - ختص (2) ير: محمد بن عبد الجبار، عن أبي عبد
الله البرقي، عن فضالة عن مسمع كردين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه
وعنده إسماعيل قال: ونحن إذ ذاك نأتم به بعد أبيه، فذكر في حديث طويل أنه سمع رجل
أبا عبد الله عليه السلام خلاف ما ظن فيه قال: فأتيت رجلين من أهل الكوفه كانا
يقولان به فأخبرتهما فقال واحد منهما: سمعت وأطعت ورضيت وسلمت، وقال الاخر وأهوى
بيده إلى جيبه فشقه ثم قال: لا والله لا سمعت ولا أطعت ولا رضيت حتى أسمعه منه قال:
ثم خرج متوجها إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: وتبعته، فلما كنا بالباب فاستاذنا
فأذن لي فدخلت قبله، ثم أذن له فدخل فلما دخل قال له أبو عبد الله عليه السلام: يا
فلان) بصائر الدرجات ج 7 باب 12 ص 97.
[83]
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لبعض
غلمانه في شئ جرى: لئن انتهيت وإلا ضربتك ضرب الحمار قال: جعلت فداك وما ضرب الحمار
؟ قال: إن نوحا عليه السلام لما أدخل السفينة من كل زوجين اثنين جاء إلى الحمار
فأبى أن يدخل فأخذ جريدة من نخل، فضربه ضربة واحدة وقال له: عبسا شاطانا، أي ادخل
يا شيطان (1). 74 - ير: عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمد بن إسحاق الكرخي، عن عمه
محمد بن عبد الله بن جابر الكرخي وكان رجلا خيرا كاتبا كان لاسحاق بن عمار ثم تاب
من ذلك، عن إبراهيم الكرخي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يا
إبراهيم أين تنزل من الكرخ ؟ قلت: في موضع يقال له: شادروان قال: فقال لي: تعرف
قطفتا ؟ (2) قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام حين أتى أهل النهروان نزل قطفتا،
فاجتمع إليه أهل بادوريا (3) فشكوا إليه ثقل خراجهم، وكلموه بالنبطية وأن لهم
جيرانا أوسع أرضا وأقل خراجا، فأجابهم بالنبطية: رعرروظأمن عوديا قال: فمعناه رب
رجز صغير خير من رجز كبير (4). بيان: الرجز نوع من الشعر معروف ولعله عليه السلام
ذكره على وجه التمثيل ويحتمل أن يكون مثلا معروفا. 75 - ير: محمد بن عبد الجبار، عن
اللؤلؤي، عن أحمد بن الحسن، عن الفيض بن المختار في حديث له طويل في أمر أبي الحسن
عليه السلام حتى قال له: هو صاحبك الذي سألت عنه، فقم فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت
رأسه ويده، ودعوت الله
(1) نفس المصدر ج 7 باب 11 ص 96. (2)
قطفتا: بالفتح ثم الضم، والفاء ساكنة، وتاء مثناة من فوق، والقصر: محلة كبيرة ذات
أسواق بالجانب الغربي من بغداد. (3) بادوريا: بالواو والراء وياء وألف: طسوج من
كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد. (4) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96.
[84]
له، قال أبو عبد الله عليه السلام: أما
إنه لم يؤذن له في ذلك، فقلت: جعلت فداك فاخبر به أحدا ؟ فقال: نعم أهلك وولدك
ورفقاءك، وكان معي أهلي وولدي، وكان يونس ابن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتهم حمدوا
الله على ذلك، وقال يونس: لا والله حتى نسمع ذلك منه، وكانت به عجلة فخرج فاتبعته
فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول له وقد سبقني: يا يونس
الامر كما قال لك فيض رزقه رزقه قال: فقلت: قد فعلت، والرزقه بالنبطية أي خذه إليك
(1). 76 - ير: الحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن
يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أول خارجة خرجت على موسى
بن عمران بمرج دانق وهو بالشام، وخرجت على المسيح بحران، وخرجت على أمير المؤمنين
بالنهروان، ويخرج على القائم بالدسكرة دسكرة الملك، ثم قال لي: كيف مالح ديربير
ماكي مالح، يعني عند قريتك وهو بالنبطية، وذاك ان يونس كان من قرية ديربيرءما فقال
الدسكرة، أي عند ديربيرما (2). 77 - قب (3) ير: محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله قال:
دخل عليه قوم من أهل خراسان فقال ابتداء من غير مسألة: من جمع مالا من مهاوش أذهبه
الله في نهابر، فقالوا: جعلنا فداك لا نفهم هذا الكلام فقال عليه السلام " از باد
آيد بدم بشود " (4). 78 - عم: من كتاب نوادر الحكمة عن أحمد بن قابوس، عن أبيه عنه
عليه السلام مثله (5).
(1) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96. (2)
نفس المصدر ج 7 باب 11 ص 96. (3) المناقب ج 3 ص 346. (4) بصائر الدرجات ج 7 باب 11
ص 96. (5) أعلام الورى ص 270.
[85]
بيان: قال الفيروزآبادي: (1) المهاوش ما
غصب وسرق، وقال: النهابر المهالك. 79 - ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي، عن النضر،
عن يحيى الحلبي عن أخي مليح، عن فرقد قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وقد
بعث غلاما أعجميا، فرجع إليه فجعل يغير الرسالة فلا يخبرها حتى ظننت أنه سيغضب فقال
له: تكلم بأي لسان شئت فإنى أفهم عنك (2). 80 - ير: أحمد بن محمد، عن أحمد بن يوسف،
عن داود الحداد، عن فضيل ابن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده إذ
نظرت إلى زوج حمام عنده فهدر الذكر على الانثى فقال لي: أتدري ما يقول ؟ قلت: لا،
قال: يقول: يا سكني وعرسي، ما خلق أحب إلي منك، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد
عليهما السلام (3). 81 - ير: أحمد بن محمد، عن الاهوازي والبرقي، عن النضر، عن يحيى
الحلبي، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن فرقد قال: خرجنا مع أبي عبد الله عليه السلام
متوجهين إلى مكة، حتى إذا كنا بسرف (4) استقبله غراب ينعق في وجهه، فقال: مت جوعا
ما تعلم شيئا إلا ونحن نعلمه إلا أنا أعلم بالله منك، فقلنا: هل كان في وجهه شئ ؟
قال: نعم سقطت ناقة بعرفات (5). 82 - ير: محمد بن الحسين، عن داود بن فرقد، عن عبد
الله مثله (6).
(1) القاموس ج 2 ص 294 وقد ورد ذكر "
النهابر " في القاموس ج 2 ص 151. (2) بصائر الدرجات ج 7 باب 12 ص 97 وفيه " فلا
يخبرنا " بدل " يخبرها ". (3) نفس المصدر ج 7 باب 14 ص 98. (4) سرف: ككتف موضع قريب
من التنعيم وهو من مكة على عشرة اميال وقيل اقل وقيل اكثر. (5) بصائر الدرجات ج 7
باب 14 ص 99. (6) نفس المصدر ج 7 باب 14 ص 99.
[86]
83 - قب: ابن فرقد مثله (1). 84 - ير:
أحمد بن محمد، عن سعيد بن جناح، عن ابن أبي عمير، عن حفص ابن البختري، عن بعض
أصحابنا، عن أبي جعفر قال: سمعت فاختة تصيح من دار أبي عبد الله عليه السلام فقال:
أتدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قال: قلت: لا، قال: تقول: فقدتكم، أما إنا لنفقدنها
قبل أن تفقدنا، قال: فأمر بها فذبحت (2). أقول: قد أوردنا مثله بأسانيد في باب
الحمام من كتاب الحيوان. 85 - ير: أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن سالم
مولى أبان بياع الزطي قال: كنا في حائط لابي عبد الله عليه السلام ونفر معي قال:
فصاحت العصافير فقال: أتدري ما تقول ؟ فقلنا: جعلنا الله فداك لا ندري ما تقول قال:
تقول: اللهم إنا خلق من خلقك لابد لنا من رزقك فأطعمنا واسقنا (3). 86 - ير: أحمد
بن الحسن، عن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الله بكير، عن عمر بن توبة، عن سليمان بن
خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان معنا أبو عبد الله البلخي، ومعه (4)
إذا هو بظبي يثغو (5) ويحرك ذنبه فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أفعل إن شاء
الله قال: ثم أقبل علينا فقال: علمتم ما قال الظبي ؟ قلنا: الله ورسوله وابن رسوله
أعلم فقال: إنه أتاني فأخبرني أن بعض أهل المدينة نصب شبكة لانثاه، فأخذها ولها
خشفان لم ينهضا، ولم يقويا للرعي، قال: فيسألني أن أسألهم أن يطلقوها، وضمن لي أن
إذا أرضعت خشفيها حتى يقويا أن يردها عليهم قال: فاستحلفته قال: برئت من ولايتكم
أهل البيت إن لم أف، وأنا فاعل ذلك به
(1) المناقب ج 3 ص 346. (2) بصائر الدرجات
ج 7 باب 14 ص 99 واخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 346. (3) نفس المصدر ج 7 باب
14 ص 99. (4) كذا. (5) الثغاء: بالضم صوت الشاء والمعز وما شاكلها.
[87]
إن شاء الله، فقال البلخي: سنة فيكم كسنة
سليمان عليه السلام (1). 87 - قب: عن سليمان مثله (2). 88 - ختص (3) ير: أحمد بن
محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن الحميري عن يونس بن ظبيان، والمفضل بن عمر، وأبي
سلمة السراج، والحسين بن ثوير بن أبي فاختة قالوا: كنا عند أبي عبد الله عليه
السلام فقال: لنا خزائن الارض ومفاتيحها ولو شئت أن أقول بإحدي رجلي أخرجي ما فيك
من الذهب لاخرجت، قال: فقال: بإحدى رجليه فخطها في الارض خطا فانفجرت الارض ثم قال
بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها فقال: انظروا فيها حسا حسنا حتى لا تشكوا ثم
قال: انظروا في الارض فإذا سبائك في الارض كثيرة، بعضها على بعض يتلالا فقال له
بعضنا: جعلت فداك اعطيتم كل هذا وشيعتكم محتاجون ! ؟ فقال: إن الله سيجمع لنا
ولشيعتنا الدنيا والاخرة، ويدخلهم جنات النعيم، ويدخل عدونا الجحيم (4). 89 - كا:
محمد بن يحيى، عن أحمد مثله (5). 90 - قب: عنهم مثله (6). 91 - ختص (7) ير: ابن أبي
الخطاب، عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم، عن حفص الابيض التمار قال: دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام أيام صلب المعلى ابن خنيس قال: فقال لي: يا أبا حفص
إني أمرت المعلى بن خنيس بأمر فخالفني
(1) المصدر السابق ج 7 باب 15 ص 100. (2)
المناقب ج 3 ص 324 بتفاوت. (3) الاختصاص ص 269. (4) بصائر الدرجات ج 7 باب 2 ص 109.
(5) الكافي ج 1 ص 474. (6) المناقب ج 3 ص 369. (7) الاختصاص ص 321.
[88]
فابتلي بالحديد إني نظرت إليه يوما وهو
كئيب حزين، فقلت له: مالك يا معلى ؟ كأنك ذكرت أهلك ومالك وولدك وعيالك ؟ قال: أجل
قلت: ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلت: أين تراك ؟ قال: أراني في بيتي، هذه زوجتي،
وهذا ولدي فتركته حتى تملاء منهم واستترت منهم، حتى نال منها ما ينال الرجل من أهله
ثم قلت له: ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني معك في
المدينة هذا بيتك، قال: قلت له: يا معلى إن لنا حديثا من حفظ علينا حفظ الله عليه
دينه ودنياه، يا معلى لا تكونوا أسرى في أيدي الناس بحديثنا إن شاؤا أمنوا عليكم
وإن شاؤا قتلوكم، يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا، جعله الله نورا بين عينيه
ورزقه الله العزة في الناس، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو
يموت كبلا (1) يا معلى بن خنيس وأنت مقتول فاستعد (2). 92 - كش إبراهيم بن محمد بن
العباس، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري عن ابن أبي الخطاب مثله (3). 93 - ختص (4)
ير: الحسن بن أحمد، عن سلمة، عن الحسن بن علي ابن بقاح، عن ابن جبلة، عن عبد الله
بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقال: لي حوض ما بين بصري إلى صنعاء،
أتحب أن تراه ؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة، ثم
ضراب برجله، فنظرت إلى نهر يجري لا ندرك حافتيه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم، فانه
شبيه بالجزيرة، فكنت أنا وهو وقوفا، فنظرت إلى نهر يجري جانبه ماء أبيض من الثلج،
ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت، فما رأيت شيئا
أحسن
(1) الكبل: القيد، ويكسر، أو أعظمه جمع
كبول. وكبله حبسه في سجن، وهو المراد به في المقام. (2) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص
118. (3) رجال الكشى ص 240. (4) الاختصاص: ص 321.
[89]
من تلك الخمر بين اللبن والماء فقلت له:
جعلت فداك من أين يخرج هذا ومجراه ؟ فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه
أنهار في الجنة، عين من ماء، وعين من لبن، وعين من خمر، تجري في هذا النهر، ورأيت
حافتيه عليهما شجر، فيهن حور معلقات، برؤوسهن شعر ما رأيت شيئا أحسن منهن، وبأيديهن
آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا، فدنا من إحداهن فأومأ بيده
لتسقيه، فنظرت إليها، وقد مالت لتغرف من النهر، فمالت الشجرة معها، فاغترفت ثم
ناولته فشرب ثم ناولها، وأومأ إليها، فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها ثم ناولته
فناولني فشربت، فما رأيت شرابا كان ألين منه، ولا ألذ منه، وكانت رائحته رائحة
المسك، فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب، فقلت له: جعلت فداك ما رأيت
كاليوم قط، ولا كنت أرى أن الامر هكذا، فقال لي: هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا، إن
المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر، ورعت في رياضه، وشربت من شرابه، وإن
عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فاخلدت في عذابه واطعمت من زقومه، واسقيت
من حميمه، فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي (1). 94 - ختص: جعفر بن محمد بن مالك، عن
أحمد بن المؤدب من ولد الاشتر عن محمد بن عمار الشعراني، عن أبيه، عن أبي بصير قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده رجل من أهل خراسان، وهو يكلمه بلسان لا
أفهمه، ثم رجع إلى شئ فهمته فسمعت أبا عبد الله يقول: اركض برجك الارض فإذا نحن
بتلك الارض على حافتيها فرسان، قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم، فقال أبو عبد
الله عليه السلام هؤلاء من أصحاب القائم عليه السلام (2). 95 - ختص: الحسن بن علي
الزيتوني، ومحمد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن ابن محبوب، عن الحسن بن
عطية قال: كان أبو عبد الله عليه السلام
(1) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 118. (2)
الاختصاص ص 325.
[90]
واقفا على الصفا، فقال له عباد البصري:
حديث يروى عنك قال: وما هو ؟ قال: قلت: حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنية قال:
قد قلت ذلك، إن المؤمن لو قال لهذه الجبال أقبلي أقبلت، قال: فنظرت إلى الجبال قد
أقبلت فقال لها: على رسلك إني لم اردك (1). 96 - ختص (2) ير: عنه، عن محمد بن مثنى،
عن أبيه، عن عثمان بن يزيد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول
الله عزوجل " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض " (3) قال: وكنت مطرقا إلى
الارض، فرفع يده إلى فوق ثم قال لي: ارفع رأسك فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد
انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه، قال: ثم قال لي: رأي إبراهيم عليه
السلام ملكوت السماوات والارض هكذا ثم قال لي: أطرق فأطرقت ثم قال لي: ارفع رأسك
فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله، قال: ثم أخذ بيدي وقام وأخرجني من البيت الذي كنت
فيه، وأدخلني بيتا آخر فخلع ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا غيرها، ثم قال لي: غمض
بصرك فغمضت بصري وقال لي: لا تفتح عينيك، فلبثت ساعة ثم قال لي: أتدري أين أنت ؟
قلت: لا جعلت فداك، فقال لي: أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين، فقلت له: جعلت
فداك أتاذن لي أن أفتح عيني ؟ فقال لي: افتح فانك لا ترى شيئا ففتحت عيني فإذا أنا
في الظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي ثم سار قليلا ووقف فقال لي: هل تدري أين أنت ؟
قلت: لا قال: أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر عليه السلام وسرنا
وخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عامنا في بنائه،
ومساكنه وأهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الاول والثاني حتى وردنا خمسة عوالم
قال: ثم قال: هذه
(1) نفس المصدر ص 325. (2) المصدر السابق
ص 323 وأخرجه السيد هاشم البحراني في تفسير البرهان ج 1 ص 532. (3) الانعام: 75.
[91]
ملكوت الارض ولم يرها إبراهيم عليه السلام
وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثني عشر عالما كل عالم كهيئة ما رأيت كلما مضى منا
إمام سكن أحد هذه العوالم حتى يكون آخرها القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه قال: ثم
قال لي: غض بصر فغضضت بصري: ثم أخذ بيدي فإذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك
الثياب، ولبس الثياب التي كانت عليه، وعدنا إلى مجلسنا فقلت: جعلت فداك كم مضى من
النهار قال عليه السلام: ثلاث ساعات (1). بيان: قوله عليه السلام: " ولم يرها
إبراهيم " لعل المعنى أن إبراهيم لم ير ملكوت جميع الارضين وإنما رأى ملكوت أرض
واحد، ولذا أتى الله تعالى الارض بصيغة المفرد ويحتمل أن يكون في قراءتهم عليهم
السلام الارض بالنصب. 97 - ير: أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن
محمد بن عمار، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فركض برجله الارض
فإذا بحر فيه سفن من فضة، فركب وركبت معه، حتى انتهى إلى موضع فيه خيام من فضة،
فدخلها ثم خرج، فقال: رأيت الخيمة التي دخلتها أولا ؟ فقلت: نعم قال: تلك خيمة رسول
الله صلى الله عليه وآله، والاخرى خيمة أمير المؤمنين، والثالثة خيمة فاطمة
والرابعة خيمة خديجة، والخامسة خيمة الحسن، والسادسة خيمة الحسين، و السابعة خيمة
علي بن الحسين، والثامنة خيمة أبي، والتاسعة خيمتي، وليس أحد منا يموت إلا وله خيمة
يسكن فيها (2). 98 - ختص (3) ير: أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن
حماد بن عثمان، عن المعلى بن خنيس قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام في بعض
حوائجي قال: فقال لي: ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ قال: فقلت: ما بلغني عن العراق من
هذا الوباء أذكر عيالي قال: فاصرف وجهك، فصرفت وجهي قال: ثم قال: ادخل دارك قال:
فدخلت، فإذا أنا لا أفقد من عيالي صغيرا ولا كبيرا إلا وهو
(1 و 2) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 119.
(3) الاختصاص: ص 323.
[92]
في داري بما فيها قال: ثم خرجت فقال لي:
اصرف وجهك، فصرفته، فنظرت فلم أر شيئا (1). 99 - ختص (2) ير: أحمد بن محمد، عن
البرقي، عن بعض أصحابنا، عن يونس ابن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
رجلا منا أتى قوم موسى في شئ كان بينهم، ورجع ولم يقعد، فمر بنطفكم فشرب منها، ومر
على بابك، فدق عليك حلقة بابك، ثم رجع إلى منزله، ولم يقعد (3). 100 - ير: أحمد بن
محمد، عن عبد الله بن أيوب، عن داود الرقي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فقال لي: يا داود أعمالكم عرضت علي يوم الخميس فرأيت لك فيها شيئا فرحني، وذلك صلتك
لابن عمك، أما إنه سيمحق أجله ولا ينقص رزقك قال داود: وكان لي ابن عم ناصب، كثير
العيال محتاج، فلما خرجت إلى مكة أمرت له بصلة، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه
السلام أخبرني بهذا (4). 101 - قب: الشيخ المفيد باسناده إلى داود مثله (5). 102 -
ير: محمد بن عيسى رفعه إلى المفضل بن عمر قال: قال المفضل: كان بين أبي عبد الله
عليه السلام وبين بعض بني امية شئ، فدخل أبو عبد الله عليه السلام على الديوان فقام
إلى البوابين فقال: من أدخل علي هذا ؟ قالوا: لا والله ما رأينا أحدا (6). 103 -
ير: موسى بن الحسن، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن إبراهيم عن عبد الله بن بكير عن
عمر بن توبة، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام
(1) بصائر الدرجات ج 8 باب 12 ص 119. (2)
الاختصاص ص 316 بتفاوت. (3) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 117. (4) نفس المصدر ج 9
باب 6 ص 126. (5) المناقب ج 3 ص 354. (6) بصائر الدرجات ج 10 باب 15 ص 145.
[93]
قال: كان معه أبو عبد الله البلخي في سفر
فقال له: انظر هل ترى ههنا جبا ؟ فنظر البلخي يمنة ويسرة ثم انصرف، فقال: ما رأيت
شيئا، قال: بلى انظر فعاد أيضا ثم رجع إليه، ثم قال عليه السلام بأعلى صوته: ألا يا
أيها الجب الزاخر السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك، قال: فنبع منه أعذب
ماء، وأطيبه وأرقه وأحلاه فقال له البلخي: جعلت فداك سنة فيكم كسنة موسى (1). 104 -
حه: عبد الرحمان بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز بن الاخضر عن أبي الفضل بن ناصر، عن
محمد بن علي بن ميمون، عن محمد بن علي بن الحسين العلوي، عن محمد بن عبد الله بن
الحسين الجعفي، ومحمد بن الحسين بن غزال، عن علي بن الحسين بن قاسم، عن محمد بن
معروف الهلالي قال: مضيت إلى الحيرة إلى جعفر بن محمد عليه السلام، فما كان لي فيه
حيلة من كثرة الناس، فلما كان اليوم الرابع رآني، فأدناني، وتفرق الناس عنه، ومضى
يريد قبر أمير المؤمنين عليه السلام فتبعته، وكنت أسمع كلامه وأنا معه أمشي، فحيث
صار في بعض الطريق غمزه البول، فتنحى عن الريق، فخفر الرمل وبال، ثم نبش الرمل
فحفر، فخرج له ماء فتطهر للصلاة، وقام فصلى ركعتين، فكان فيما كنت أسمعه يدعو يقول
" اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق، ولا ممن تخلف فمحق، واجعلني من النمط الاوسط " ثم
قال: يا غلام لا تحدث بما رأيت (2). 105 - قب: عمر بن حمزة العلوي باسناده، عن محمد
بن ميمون الهلالي مثله (3). 106 - من نوادر علي بن اسباط: عن علي بن الحسن بن
القاسم السكري المعروف بابن الطبال، عن أبي جعفر محمد بن معروف الهلالي وكان قد أتت
عليه مائة وثمان وعشرون سنة قال: مضيت إلى الحيرة إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام
(1) نفس المصدر ج 10 باب 18 ص 149. (2)
فرحة الغرى ص 22. (3) المناقب ج 3 ص 363.
[94]
وقت السفاح، فوجدته قد تداك الناس عليه
ثلاثة أيام متواليات، فما كان لي فيه حيلة، ولا قدرت عليه من كثرة الناس، وتكاثفهم
عليه، فلما كان في اليوم الرابع رآني، وقد خف الناس عنه، فأدناني، ومضى إلى قبر
أمير المؤمنين عليه السلام فتبعته، فلما صار في بعض الطريق غمزه البول، فاعتزل عن
الجادة ناحية، ونبش الرمل بيده، فخرج له الماء فتطهر للصلاة، ثم قام فصلى ركعتين،
ثم دعا ربه وكان في دعائه " اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق، ولا ممن تخلف فمحق
واجعلني من النمط الاوسط " ثم مشى ومشيت معه فقال: يا غلام، البحر لا جار له،
والملك لا صديق له، والعافية لا ثمن لها، كم من ناعم ولا يعلم ثم قال: تمسكوا
بالخمس وقدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، وتزينوا بالحلم، واجتنبوا الكذب وأوفوا
المكيال والميزان، ثم قال: الهرب الهرب إذا خلعت العرب أعنتها ومنع البر جانبه،
وانقطع الحج، ثم قال: حجوا قبل أن لا تحجوا، وأومأ إلى القبلة بابهامه وقال: يقتل
في هذا الوجه سبعون ألفا أو يزيدون، قال علي بن الحسن: فقد قتل في العير وغيره شبيه
بهذا وقال أبو عبد الله عليه السلام في هذا الخبر: لابد أن يخرج رجل من آل محمد،
ولابد أن يمسك الراية البيضاء قال علي بن الحسن: فاجتمع أهل بني رواس، ومضوا يريدون
الصلاة في المسجد الجامع في سنة خمسين ومائتين، وكانوا قد عقدوا عمامة بيضاء على
قناة فأمسكها محمد بن معروف وقت خروج يحيى بن عمر، وقال عليه السلام: في هذا الخبر
ويجف فراتكم، فجف الفرات وقال أيضا: يحويكم قوم صغار الاعين، فيخرجونكم من دوركم
قال علي بن الحسن فجاءنا كيجور والاتراك معه، فأخرجوا الناس من دورهم. وقال أبو عبد
الله عليه السلام أيضا: وتجئ السباع إلى دوركم قال علي: فجاءت السباع إلى دورنا،
وقال عليه السلام: يخرج رجل أشرق ذو سبال، ينصب له كرسي على باب دار عمرو بن حريث
يدعوا إلى البراءة من علي بن أبي طالب عليه السلام ويقتل خلقا من الخلق، ويقتل في
يومه. قال: فرأينا ذلك.
[95]
107 - قب (1) يج: عن سعد الاسكاف قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام ذات يوم، إذ دخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا
وألطاف، وكان فيما اهدي إليه جراب من قديد وحش، فنثره أبو عبد الله عليه السلام ثم
قال: خذها فأطعمها الكلاب قال الرجل: لم ؟ قال: ليس بذكي فقال الرجل: اشتريته من
رجل مسلم ذكر أنه ذكي فرده أبو عبد الله عليه السلام في الجراب، وتكلم عليه بكلام
لم أدر ما هو. ثم قال للرجل: قم فأدخله ذلك البيت ففعل فسمع القديد يقول: يا عبد
الله ليس مثلي يأكله الامام، ولا أولاد الانبياء، لست بذكي، فحمل الرجل الجراب وخرج
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما قال ؟ قال: أخبرني كما أخبرتني به أنه غير ذكي
فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما علمت يا أبا هارون ؟ إنا نعلم ما لا يعلم الناس،
قال: فخرج وألقاه على كلب لقيه (2). بيان: قوله من قديد وحش أي قديد كان من لحوم
الحيوانات الوحشية، وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة وهو الردي من كل شئ. 108 - قب (3)
يج: روي عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا لقيت السبع
ما تقول له ؟ قلت: لا أدري قال: إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية الكرسي وقل: عزمت عليك
بعزيمة الله، وعزيمة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، وعزيمة سليمان بن داود،
وعزيمة علي أمير المؤمنين والائمة من بعده، فانه ينصرف عنك، قال عبد الله الكاهلي:
فقدمت إلى الكوفة، فخرجت مع ابن عم لي إلى قرية فإذا سبع قد اعترض لنا في الطريق
فقرأت في وجهه آية الكرسي وقلت: عزمت عليك بعزيمة الله، وعزيمة محمد رسول الله،
وعزيمة سليمان بن داود، وعزيمة أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده إلا
تنحيت عن طريقنا، ولم تؤذنا، فانا لا نؤذيك قال: فنظرت إليه وقد طأطأ رأسه وأدخل
ذنبه بين رجليه، وركب الطريق
(1) نفس المصدر ج 3 ص 350. (2) الخرائج
والجرائح ص 231. (3) المناقب ج 3 ص 350 بتفاوت.
[96]
راجعا من حيث جاء فقال ابن عمي: ما سمعت
كلاما أحسن من كلامك هذا الذي سمعته منك، فقلت: أي شئ سمعت ؟ هذا كلام جعفر بن محمد
فقال: أنا أشهد أنه إمام فرض الله طاعته، وما كان ابن عمي يعرف قليلا ولا كثيرا
قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام من قابل فأخبرته الخبر فقال: ترى أني لم
أشهدكم ؟ ! بئسما رأيت، ثم قال: إن لي مع كل ولي اذنا سامعة، وعينا ناظرة، ولسانا
ناطقا ثم قال: يا عبد الله أنا والله صرفته عنكما، وعلامة ذلك أنكما كنتما في
البرية على شاطئ النهر، واسم ابن عمك مثبت عندنا، وما كان الله ليميته حتى يعرف هذا
الامر قال: فرجعت إلى الكوفة فأخبرت ابن عمي بمقالة أبي عبد الله عليه السلام ففرح
فرحا شديدا، وسر به، وما زال مستبصرا بذلك إلى أن مات (1). 109 - كشف: من دلائل
الحميري، عن الكاهلي مثله (2). 110 - قب، يج: روي أن الوليد بن صبيح قال: كنا عند
أبي عبد الله عليه السلام في ليلة إذ يطرق الباب طارق فقال للجارية: انظري من هذا ؟
فخرجت ثم دخلت فقالت: هذا عمك عبد الله بن علي فقال: أدخليه وقال لنا: ادخلوا
البيت، فدخلنا بيتا فسمعنا منه حسا ظننا أن الداخل بعض نسائه، فلصق بعضنا ببعض،
فلما دخل أقبل على أبي عبد الله عليه السلام، فلم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في
أبي عبد الله عليه السلام ثم خرج وخرجنا، فأقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه،
فقال بعضنا: لقد استقبلك هذا بشئ ما ظننا أن أحدا يستقبل به أحدا، حتى لقد هم بعضنا
أن يخرج إليه فيوقع به، فقال: مه، لا تدخلوا فيما بيننا، فلما مضى من الليل ما مضى
طرق الباب طارق، فقال للجارية: انظري من هذا ؟ فخرجت، ثم عادت فقالت: هذا عمك عبد
الله بن علي، قال لنا: عودوا إلى مواضعكم، ثم أذن له، فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو
يقول: يا ابن أخي اغفر لي غفر الله لك، اصفح عني صفح الله عنك، فقال:
(1) الخرائج والجرائح ص 231. (2) كشف
الغمة ج 2 ص 417.
[97]
غفر الله لك يا عم ما الذي أحوجك إلى هذا
؟ قال: إني لما أويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان فشدا وثاقي ثم قال أحدهما للاخر:
انطلق به إلى النار فانطلق بي، فمررت برسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: يا رسول
الله لا أعود، فأمره فخلى عني، وإني لاجد ألم الوثاق، فقال أبو عبد الله عليه
السلام: أوص قال: بم اوصي ؟ ما لي مال، وإن لي عيالا كثيرا وعلي دين، فقال أبو عبد
الله عليه السلام: دينك علي وعيالك إلى عيالي فأوصى، فما خرجنا من المدينة حتى مات،
وضم أبو عبد الله عليه السلام عياله إليه، وقضى دينه، وزوج ابنه ابنته (1). 111 -
يج: روي أن رجلا خراسانيا أقبل إلى أبي عبد الله فقال عليه السلام: ما فعل فلان ؟
قال: لا علم لي به قال: أنا اخبرك به، بعث معك بجارية لا حاجة لي فيها، قال: ولم ؟
قال: لانك لم تراقب الله فيها، حيث عملت ما عملت ليلة نهر بلخ، فسكت الرجل وعلم أنه
أخبره بأمر عرفه (2). 112 - قب (3) يج: روي عن الحسين بن أبي العلا قال: كنت: عند
أبي عبد الله عليه السلام إذ جاءه رجل، أو مولى له، يشكو زوجته وسوء خلقها قال:
فائتني بها فقال لها: ما لزوجك ؟ قالت: فعل الله به وفعل، فقال لها: إن ثبت على هذا
لم تعيشي إلا ثلاثة أيام، قالت: ما ابالي أن لا أراه أبدا، فقال له: خذ بيد زوجتك،
فليس بينك وبينها إلا ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث دخل عليه الرجل فقال عليه
السلام: ما فعلت زوجتك ؟ قال: قد والله دفنتها الساعة قلت: ما كان حالها ؟ قال:
كانت متعدية فبتر الله عمرها، وأراحه منها. 113 - يج: روي أن داود بن علي قتل
المعلى بن خنيس فقال له أبو عبد الله: قتلت قيمي في مالي وعيالي ثم قال: لادعون
الله عليك، قال داود: اصنع ما شئت فلما جن الليل قال عليه السلام اللهم ارمه بسهم
من سهامك تنفلق به قلبه، فأصبح وقد
(1) الخرائج والجرائح ص 232. (2) نفس
المصدر ص 232. (3) المناقب ج 3 ص 351.
[98]
مات داود، فقال عليه السلام لقد مات على
دين أبي لهب، وقد دعوت الله فأجاب فيه الدعوة وبعث إليه ملكا معه مرزبة من حديد
فضربه ضربة فما كانت إلا صيحة قال: فسألنا الخدم قالوا: صاح في فراشه، فدنونا منه
فإذا هو ميت. 114 - يج: روي أن داود الرقي قال: حججت بأبي عبد الله عليه السلام سنة
ست وأربعين ومائة، فمررنا بواد من أودية تهامة، فلما أنخنا صاح: يا داود ارحل ارحل،
فما انتقلنا إلا وقد جاء سيل، فذهب بكل شئ فيه، وقال له: توتي بين الصلاتين حتى
تؤخذ من منزلك، وقال: يا داود إن أعمالكم عرضت علي يوم الخميس فرأيت فيها صلتك لابن
عمك، قال داود: وكان لي ابن عم ناصبي كثير العيال محتاج فلما خرجت إلى مكة أمرت له
بصلة فأخبرني بها أبو عبد الله عليه السلام (1). 115 - يج: قال الميثمي: إن رجلا
حدثه قال: كنا نتغدى مع أبي عبد الله عليه السلام فقال لغلامه: انطلق وائتنا بماء
زمزم فانطلق الغلام، فما لبث أن جاء وليس معه ماء فقال: إن غلاما من غلمان زمزم،
منعني الماء، وقال: تريد لاله العراق، فتغير لون أبي عبد الله عليه السلام ورفع يده
عن الطعام، وتحركت شفتاه، ثم قال للغلام: ارجع فجئنا بالماء، ثم أكل فلم يلبث أن
جاء الغلام بالماء، وهو متغير اللون، فقال: ما وراك ؟ قال: سقط ذلك الغلام في بئر
زمزم، فتقطع، وهم يخرجونه، فحمد الله عليه. 116 - قب، يج: روي عن صفوان (2) قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه غلام، فقال: امي ماتت فقال له عليه السلام
لم تمت، قال: تركتها مسجى (3) فقام أبو عبد الله عليه السلام ودخل عليها، فإذا هي
قاعدة فقال لابنها: ادخل إلى امك فشهها من الطعام ما شاءت فأطعمها، فقال الغلام: يا
اماه ما تشتهين ؟ قالت: أشتهي زبيبا مطبوخا فقال له: ائتها بغضارة (4) مملوة زبيبا
فأكلت منها حاجتها وقال
(1) وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص
354 بتفاوت. (2) سفيان، خ ل. (3) كذا في نخسة الكمبانى ومطبوعه تبريز والصواب
مسجاة. (4) الغضارة: القصعة الكبيرة فارسية.
[99]
لها: إن ابن رسول الله بالباب يأمرك أن
توصي، فأوصت، ثم توفيت، فما خرجنا حتى صلى عليها أبو عبد الله عليه السلام ودفنت.
117 - يج: روي أن أبان بن تغلب قال: غدوت من منزلي بالمدينة وأنا اريد أبا عبد الله
عليه السلام فلما صرت بالباب، خرج علي قوم من عنده لم أعرفهم، ولم أر قوما أحسن زيا
منهم، ولا أحسن سيماء منهم، كأن الطير على رؤوسهم، ثم دخلنا على أبي عبد الله عليه
السلام، فجعل يحدثنا بحديث، فخرجنا من عنده، وقد فهم خمسة عشر نفرا منا متفرقوا
الالسن: منها اللسان العربي، والفارسي، والنبطي، والحبشي والسقلبي، قال بعض: ما هذا
الحديث الذي حدثنا به ؟ قال له آخر من لسانه عربي: حدثني بكذا بالعربية وقال له
الفارسي: ما فهمت إنما حدثني كذا وكذا بالفارسية، وقال الحبشي: ما حدثني إلا
بالحبشية، وقال السقلبي: ما حدثني إلا بالسقلبية، فرجعوا إليه فأخبروه، فقال عليه
السلام الحديث واحد، ولكنه فسر لكم بألسنتكم. بيان: قال الجزري في صفة الصحابة:
كأنما على رؤوسهم الطير، وصفهم بالسكون والوقار، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة،
لان الطير لا تكاد تقع إلا على شئ ساكن (1). 118 - يج: روي عن صفوان بن يحيى، عن
جابر قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فإذا نحن برجل قد أضجع جديا ليذبحه
فصاح الجدي فقال أبو عبد الله عليه السلام: كم ثمن هذا الجدي ؟ فقال: أربعة دراهم،
فحلها من كمه، ودفعها إليه وقال: خل سبيله قال: فسرنا فإذا الصقر قد انقض على دراجة
فصاحت الدراجة، فأومأ أبو عبد الله عليه السلام إلى الصقر بكمه، فرجع عن الدراجة.
فقلت: لقد رأينا عجيبا من أمرك قال: نعم إن الجدي لما أضجعة الرجل وبصر بي قال:
أستجير بالله وبكم أهل البيت
(1) اسد الغابة ج 1 ص 26 ضمن حديث طويل
لهند بن ابى هالة يصف رسول الله " ص " - وكان وصافا -.
[100]
مما يراد مني، وكذلك قالت الدراجة، ولو أن
شيعتنا استقامت لاسمعتكم منطق الطير (1). 119 - قب، يج: روي أن داود بن كثير الرقي
قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه موسى ابنه وهو ينتفض، فقال له
أبو عبد الله عليه السلام: كيف أصبحت ؟ قال: أصبحت في كنف الله، متقلبا في نعم
الله، أشتهي عنقود عنب حرشي ورمانة، قلت: سبحان الله هذا الشتاء ! ! فقال: يا داود
إن الله قادر على كل شئ ادخل البستان فإذا شجرة عليها عنقود من عنب حرشي ورمانة،
فقلت آمنت بسركم وعلانيتكم فقطعتها وأخرجتها إلى موسى، فقعد يأكل فقال: يا داود
والله لهذا فضل من رزق قديم، خص الله به مريم بنت عمران من الافق الاعلى (2). 120 -
يج: روي أن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: ما لي أرى
لونك متغيرا ؟ قلت: غيره دين فاضح عظيم، وقد هممت بركوب البحر إلى السند لاتيان أخي
فلان، قال: إذا شئت، قلت: يروعني عنه أهوال البحر وزلازله، قال: إن الذي يحفظ في
البر هو حافظ لك في البحر، يا داود لولا اسمي وروحي لما اطردت الانهار، ولا أينعت
الثمار، ولا اخضرت الاشجار، قال داود: فركبت البحر حتى إذا كنت بحيث ما شاء الله من
ساحل البحر بعد مسيرة مائة وعشرين يوما خرجت قبل الزوال يوم الجمعة فإذا السماء
متغيمة وإذا نور ساطع من قرن السماء إلى جدد الارض، وإذا صوت خفي: يا داود هذا أوان
قضاء دينك، فارفع رأسك قد سلمت، قال: فرفعت رأسي، ونوديت: عليك بما وراء الاكمة
الحمراء فأتيتها، فإذا صفائح من ذهب أحمر، ممسوح أحد جانبيه، وفي الجانب الاخر
مكتوب " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " (3) فقبضتها ولها قيمة لا تحصى فقلت:
لا احدث فيها، حتى آتي المدينة، فقدمتها فدخلت عليه فقال لي: يا داود إنما
(1) الخرائج والجرائح ص 232. (2) نفس
المصدر ص 232 بتفاوت يسير. (3) سورة ص الاية 39.
[101]
عطاؤنا لك النور الذي سطع لك، لا ما ذهبت
إليه من الذهب والفضة، ولكن هو لك هنيئا مريئا عطاء من رب كريم، فاحمد الله، قال
داود: فسألت معتبا خادمه فقال: كان في ذلك الوقت يحدث أصحابه منهم خيثمة، وحمران،
وعبد الاعلى مقبلا عليهم بوجهه: يحدثهم بمثل ما ذكرت، فلما حضرت الصلاة قام فصلى
بهم، فسألت هؤلاء جميعا فحكوا لي الحكاية (1). 121 - يج: روي أن لابي عبد الله عليه
السلام كان مولى يقال له مسلم وكان لا يحسن القرآن، فعلمه في ليلة فأصبح وقد أحكم
القرآن. 122 - يج: روي عن بعض أصحابنا قال: حملت مالا لابي عبد الله عليه السلام
فاستكثرته في نفسي، فلما دخلت عليه دعا بغلام، وإذا طشت في آخر الدار، فأمره أن
يأتي به، ثم تكلم بكلام لما أتى بالطشت فانحدر الدنانير من الطشت، حتى حالت بيني
وبين الغلام، ثم التفت إلي وقال: أترى نحتاج إلى ما في أيديكم ؟، إنما نأخذ منكم ما
نأخذ لنطهركم (2). 123 - يج: روي أن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنت مع أبي عبد الله
عليه السلام بين مكة والمدينة، وهو على بغلة وأنا على حمار، وليس معنا أحد فقلت: يا
سيدي ما علامة الامام ؟ قال: يا عبد الرحمن لو قال لهذا الجبل سر لسار، فنظرت والله
إلى الجبل يسير، فنظر إليه فقال: إني لم أعنك (3). 124 - يج: روي أن إبراهيم بن
مهزم الاسدي قال: قدمت المدينة، فأتيت باب أبي عبد الله عليه السلام أستفتحه فدنت
جارية لفتح الباب، فقرصت ثديها، ودخلت فقال: يا ابن مهزم أما علمت أن ولايتنا لا
تنال إلا بالورع، فأعطيت الله عهدا أني لا أعود إلى مثلها أبدا (4).
(1) المصدر السابق ص 233 بتفاوت يسير. (2)
الخرائج والجرائح ص 232. (3) نفس المصدر ص 233. (4) نفس المصدر ص 243 وفيه حديث عن
مهزم الاسدي لا ابراهيم بن مهزم، بتفاوت فلاحظ.
[102]
125 - يج: روي أن محمد بن مسلم قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه المعلى بن خنيس باكيا قال: وما يبكيك ؟
قال: بالباب قوم يزعمون أن ليس لكم علينا فضل، وأنكم وهم شئ واحد، فسكت ثم دعا بطبق
من تمر فحمل منه تمرة فشقها نصفين وأكل التمر وغرس النوى في الارض فنبتت فحملت
بسرا، وأخذ منها واحدة فشقها وأخرج منه ورقا ودفعه إلى المعلى وقال: إقرأه ! فإذا
فيه: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي المرتضى، الحسن
والحسين علي بن الحسين، واحدا واحدا إلى الحسن بن علي وابنه (1). 126 - يج: روي أن
أبا مريم المدني قال: خرجت إلى الحج فلما صرت قريبا من الشجرة، خرجت على حمار لي
قلت: ادرك الجماعة، واصلي معهم فنظرت إلى الجماعة يصلون، فأتيتهم فإذا أبو عبد الله
عليه السلام محتب بردائه يسبح فقال: صليت يا أبا مريم ؟ قلت: لا قال: صل فصليت، ثم
ارتحلنا، فسرت تحت محمله فقلت في نفسي: قد خلوت به اليوم فأسأله عما بدا لي، فقال:
يا أبا مريم تسير تحت محملي ؟ قلت: نعم، وكان زميله غلاما له يقال له سالم، فرآني
كثير الاختلاف قال: أراك كثير الاختلاف أبك بطن ؟ (2) قلت: نعم قال: أكلت البارحة
حيتانا ؟ قلت: نعم قال: فأتبعتها بتمرات ؟ قلت: لا قال: أما إنك لو أتبعتها بتمرات
ما ضرك فسرنا حتى إذا كان وقت الزوال نزل فقال: يا غلام هات ماءا أتوضأ به، فناوله
فدخل إلى موضع يتوضأ، فلما خرج إذا هو بجذع فدنا منه فقال: يا جذع أطعمنا مما خلق
الله فيك قال: رأيت الجذع يهتز، ثم اخضر، ثم أطلع، ثم اصفر، ثم ذهب فأكل منه
وأطعمني، كل ذلك أسرع من طرفة عين. 127 - يج: روي أن أبا خديجة روى عن رجل من كندة
وكان سياف بني العباس قال: لما جاء أبو الدوانيق بأبي عبد الله عليه السلام
وإسماعيل، أمر بقتلهما وهما محبوسان في بيت فأتى - عليه اللعنة - أبا عبد الله عليه
السلام ليلا فأخرجه وضربه بسيفه حتى قتله
(1) نفس المصدر ص 233. (2) البطن: محركة،
داء البطن
[103]
ثم أخذ إسماعيل ليقتله فقاتله ساعة ثم
قتله، ثم جاء إليه فقال: ما صنعت ؟ قال: لقد قتلتهما وأرحتك منهما، فلما أصبح إذا
أبو عبد الله عليه السلام وإسماعيل جالسان فاستأذنا فقال أبو الدوانيق للرجل: ألست
زعمت أنك قتلتهما ؟ قال: بلى، لقد أعرفهما كما أعرفك قال: فاذهب إلى الموضع الذي
قتلتهما فيه، فجاء، فإذا بجزورين منحورين قال: فبهت ورجع، فنكس رأسه وقال: لا يسمعن
منك هذا أحد، فكان كقوله تعالى في عيسى " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " (1).
128 - يج: روي أن عيسى بن مهران قال: كان رجل من أهل خراسان من وراء النهر، وكان
موسرا، وكان محبا لاهل البيت، وكان يحج في كل سنة، وقد وظف على نفسه لابي عبد الله
عليه السلام في كل سنة ألف دينار من ماله، وكانت تحته ابنة عم له تساويه في اليسار
والديانة فقالت في بعض السنين: يا ابن عم حج بي في هذه السنة، فأجابها إلى ذلك،
فتجهزت للحج، وحملت لعيال أبي عبد الله عليه السلام وبناته من فواخر ثياب خراسان،
ومن الجواهر والبز (2) أشياء كثيرة خطيرة، وأعد زوجها ألف دينار في كيس، كعادته
لابي عبد الله عليه السلام وجعل الكيس في ربعة فيها حلي وطيب وشخص يريد المدينة،
فلما وردها صار إلى أبي عبد الله عليه السلام فسلم عليه، وأعلمه أنه حج بأهله،
وسأله الاذن لها في المصير إلى منزله للتسليم على أهله وبناته، فأذن لها أبو عبد
الله عليه السلام في ذلك فصارت إليهم وفرقت عليهم، وأجملت، وأقامت يوما عندهم
وانصرفت. فلما كان من الغد قال لها زوجها: أخرجي تلك الربعة لتسليم ألف دينار إلى
أبي عبد الله عليه السلام فقالت: في موضع كذا فأخذها، وفتح القفل، فلم يجد الدنانير
وكان فيها حليها وثيابها، فاستقرض ألف دينار من أهل بلده، ورهن الحلي بها وصار إلى
أبي عبد الله عليه السلام فقال: قد وصلت إلينا الالف قال: يا مولاي وكيف ذلك وما
علم بها غيري وغير بنت عمي ؟ فقال: مستنا ضيقة فوجهنا من أتى بها من شيعتي
(1) الخرائج ص 233 والاية في الحديث في
سورة النساء الاية: 157. (2) البز: الثياب من الكتان أو القطن.
[104]
من الجن، فاني كلما اريد أمرا بعجلة أبعث
واحدا منهم، فزاد في بصيرة الرجل وسر به، واسترجع الحلي ممن رهنه، ثم انصرف إلى
منزله فوجد امرأته تجود بنفسها فسأل عن خبرها فقالت خدمتها: أصابها وجع في فؤادها،
وهي في هذه الحال فغمضها وسجاها، وشد حنكها، وتقدم في إصلاح ما يحتاج إليه من الكفن
والكافور وحفر قبرها، وصار إلى أبي عبد الله عليه السلام فأخبره وسأله أن يتفضل
بالصلاة عليها فصلى أبو عبد الله عليه السلام ركعتين ودعا، ثم قال للرجل: انصر ف
إلى رحلك فان أهلك لم تمت، وستجدها في رحلك تأمر وتنهي، وهي في حال سلام، فرجع
الرجل فأصابها كما وصف أبو عبد الله عليه السلام، ثم خرج يريد مكة وخرأ بو عبد الله
عليه السلام للحج أيضا، فبينما المرأة تطوف بالبيت إذا رأت أبا عبد الله يطوف
والناس قد حفوا به فقالت لزوجها: من هذا الرجل ؟ قال أبو عبد الله عليه السلام قال:
هذا والله الرجل الذي رأيته يشفع إلى الله حتى رد روحي في جسدي (1). بيان: قال
الجرزي (2) الربعة إناء مربع كالجونة. 129 - يج: روي أن داود الرقي قال: كنت عند
أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل شاب يبكي ويقول: نذرت على أن أحج بأهلي، فلما أن
دخلت المدينة ماتت، قال عليه السلام: اذهب فانها لم تمت، قال: ماتت وسجيتها ! !
قال: اذهب، فخرج ورجع ضاحكا وقال: دخلت عليها وهي جالسة، قال: يا داود أولم تؤمن ؟
! قلت: بلى ولكن ليطمئن قلبي، فلما كان يوم التروية قال لي أبو عبد الله عليه
السلام: قد اشتقت إلى بيت ربي قلت: يا سيدي هذه عرفات، قال: إذا صليت العشاء الاخرة
فأرحل ناقتي، وشد زمامها، ففعلت، فخرج وقرأ قل هو الله أحد ويس، ثم استوى عليها،
وأردفني خلفه، فسرنا هونا في الليل، وفعل في مواضع ما كان ينبغي، فقال: هذا بيت
الله ففعل ما كان ينبغي، فلما طلع الفجر قام فأذن وأقام، وأقامني عن يمينه، وقرأ في
أول الركعة الحمد والضحى، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، ثم قنت، ثم
(1) نفس المصدر ص 233. (2) النهاية لابن
الاثير ج 2 ص 62.
[105]
سلم وجلس، فلما طلعت الشمس مر الشاب ومعه
المرأة، فقالت لزوجها: هذا الذي شفع إلى الله في إحيائي. 130 - يج: روي أن عبد
الحميد الجرجاني قال: أتاني غلام ببيض الاجمة (1) فرأيته مختلفا، فقلت للغلام: ما
هذا البيض ؟ قال: هذا بيض ديوك الماء فأبيت أن آكل منه شيئا حتى أسأل أبا عبد الله
عليه السلام فدخلت المدينة فأتيته فسألته عن مسائلي ونسيت تلك المسألة، فلما
ارتحلنا ذكرت المسألة ورأس القطار (2) بيدي، فرميت إلى بعض أصحابي، ومضيت إلى أبي
عبد الله صلوات الله عليه فوجدت عنده خلقا كثيرا فقمت تجاه وجهه فرفع رأسه إلي،
وقال: يا عبد الحميد لنا تأتي ديوك هبر، فقلت: أعطيتني الذي اريد، فانصرفت ولحقت
بأصحابي. 131 - يج: روي أن شعيب العقرقوفي قال: دخلت أنا وعلي بن أبي حمزة وأبو
بصير على أبي عبد الله عليه السلام ومعي ثلاثمائة دينار قبضتها قدامه فأخذ أبو عبد
الله قبضة منها لنفسه ورد الباقي علي وقال: رد هذه إلى موضعها الذي أخذتها منه.
وقال أبو بصير: يا شعيب ما حال هذه الدنانير التي ردها عليك ؟ قلت: أخذتها من عروة
أخي سرا وهو لا يعلم، فقال أبو بصير: أعطاك أبو عبد الله عليه السلام علامة الامامة
فعد الدنانير فإذا هي مائة لا تزيد ولا تنقص. 132 - كشف: من دلائل الحميري مثله
(3). 133 - يج: روى شعيب قال: دخلت عليه فقال لي: من كان زميلك ؟ قلت: الخير الفاضل
أبو موسى البقال قال: استوص به خيرا فان له عليك حقوقا كثيرة فأما أولهن فما أنت
عليه من دين الله وحق الصحبة، قلت: لو استطعت ما مشى على الارض قال: استوص به خيرا
قلت: دون هذا أكتفي به منك قال: فخرجنا
(1) الاجمة: الشجر الكثير الملتف، ومأوى
الاسد. (2) القطار: من الابل: قطعة منها يلى بعضها بعضا على نسق واحد جمع قطر
وقطرات. (3) كشف الغمة ج 2 ص 419.
[106]
حتى نزلنا منزلا في الطريق يقال له وتقر
(1) فنزلناه، وأمرت الغلمان أن يكفوا الابل العلف، ويصنعوا طعاما، ففعلوا ونظرت إلى
أبي موسى ومعه كوز من ماء وأخذ طريقه للوضوء وأنا أنظر، حتى هبط في وهدة (2) من
الارض، وأدرك الطعام فقال لي الغلمان: قد أدرك الطعام. قلت: اطلبوا أبا موسى فانه
أخذ في هذا الوجه يتوضأ، فطلبوه الغلمان، فلم يصيبوه، فأعطيت الله عهدا أن لا أبرح
من الموضع الذي أنا فيه، ثلاثة أيام أطلبه، حتى ابلي إلى الله عذرا، فاكتريت
الاعراب في طلبه وجعلت لمن جاء به عشرة آلاف درهم، فانطلق الاعراب في طلبه ثلاثة
أيام، فلما كان اليوم الرابع أتاني القوم، وأيسوا منه، فقالوا: يا عبد الله ما نرى
صاحبك إلا وقد اختطف إن هذه بلاد محضورة فقد فيها غير واحد، ونحن نرى لك أن ترتحل
منها، فلما قالوا لي هذه المقالة ارتحلت، حتى قدمنا الكوفة، وأخبرت أهله بقصته
وخرجت من قابل، حتى دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يا شعيب لم آمرك أن
تستوصي بأبي موسى البقال خيرا ؟ قلت: بلى، ولكن ذهب حيث ذهب فقال: رحم الله أبا
موسى، لو رأيت منازل أبي موسى في الجنة لاقر الله عينك، كانت لابي موسى درجة عند
الله، لم يكن ينالها إلا بالذي ابتلي به. بيان: قوله ما مشى على الارض أي أحمله على
مركوبي، أو على كتفي مبالغة في إكرامه. ويقال أبلاه عذرا أي أداه إليه فقبله، قوله
" إلا وقد اختطف " أي اختطفته الجن والشياطين، إن هذه بلاد محضورة أي تحضره الجن
والشياطين يقال: مكان محتضر ومحضور أي تحضره الشياطين ويحتمل على بعد أن يكون
المراد اختطاف السبع، وفي بعض النسخ محصورة بالصاد المهملة أي بلاد معلومة قليلة،
سرنا فيها فلم نجده، والاول أظهر.
(1) وتقر: كذا في نسخة الكمبانى ومطبوعة
تبريز والظاهر انها مصحف " وتير " اسم ماء بأسفل مكة لخزاعة. (2) الوهدة: الارض
المنخفضة. والهوة في الارض.
[107]
134 - يج: روي أن عثمان بن عيسى قال: قال
رجل لابي عبد الله عليه السلام: ضيق إخوتي وبنو عمي علي الدار فلو تكلمت قال: اصبر
فانصرفت سنتي ثم عدت من قابل فشكوتهم إليه، قال: اصبر ثم عدت في السفرة الثالثة
فقال: اصبر سيجعل الله لك فرجا، فماتوا كلهم، فخرجت إليه فقال: ما فعل أهل بيتك ؟
قلت: ماتوا قال: هو ما صنعوا بك لعقوقهم إياك، وقطعهم رحمك. 135 - يج: روي أن
الطيالسي قال: جئت من مكة إلى المدينة، فلما كنت على ليلتين من المدينة، ذهبت
راحلتي وعليها نفقتي ومتاعي وأشياء كانت للناس معي فأتيت أبا عبد الله عليه السلام
فشكوت إليه فقال: ادخل المسجد فقل: " اللهم إني أتيتك زائرا لبيتك الحرام، وإن
راحلتي قد ذهبت، فردها علي " فجعلت أدعو، فإذا مناد ينادي على باب المسجد: يا صاحب
الراحلة اخرج فخذ راحلتك، فقد آذيتنا منذ الليلة، فأخذتها وما فقدت منها خيطا
واحدا. 136 - يج: روي عن الحسن بن سعيد، عن عبد العزيز قال: كنت أقول بالربوبية
فيهم، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا عبد العزيز ضع ماء أتوضأ ففعلت،
فلما دخل يتوضأ قلت في نفسي: هذا الذي قلت فيه ما قلت يتوضأ، فلما خرج قال: يا عبد
العزيز لا تحمل على البناء فوق ما يطيق، فيهدم، إنا عبيد مخلوقون (1). 137 - يج:
روي عن سليمان بن خالد قال: كنت عن أبي عبد الله عليه السلام وهو يكتب كتبا إلى
بغداد، وأنا اريد أن اودعه فقال: تجئ إلى بغداد ؟ قلت: بلى قال: تعين مولاي هذا
بدفع كتبه، ففكرت وأنا في صحن الدار أمشي، فقلت: هذا حجة الله على خلقه يكتب إلى
أبي أيوب الجزري وفلان وفلان يسألهم حوائجه فلما صرنا إلى باب الدار صاح بي: يا
سليمان ارجع أنت وحدك، فرجعت فقال: كتبت إليهم لاخبرهم أني عبد ولي إليهم حاجة.
(1) الخرائج والجرائح ص 234.
[108]
138 - يج: روي أن إسحاق بن عمار قال: قلت
لابي عبد الله عليه السلام: إن لنا أموالا نعامل بها الناس، وأخاف حدثا يفرق
أموالنا قال: اجمع ما لك إلى شهر ربيع، فمات إسحاق في شهر ربيع. 139 - يج: روى ابن
سماعة بن مهران قال: كنا عنده عليه السلام فقال: يا غلام ائتنا بماء زمزم، ثم سمعته
يقول: اللهم أعم بصره، اللهم أخرس لسانه، اللهم أصم سمعه، قال: فرجع الغلام يبكي
فقال: ما لك ؟ قال: إن فلان القرشي ضربني ومنعني من السقاء قال: ارجع فقد كفيته،
فرجع وقد عمي وصم وخرس، وقد اجتمع عليه الناس. 140 - يج: روي أن بحر الخياط قال:
كنت قاعدا عند فطر بن خليفة فجاء ابن الملاح فجلس ينظر إلي فقال لي فطر: حدث إن
أردت وليس عليك بأس، فقال ابن الملاح، اخبرك باعجوبة رأيتها من ابن البكرية - يعني
الصادق - قال: ما هو ؟ قال: كنت قاعدا وحدي احدثه ويحدثني، إذ ضرب يده إلى ناحية
المسجد شبه المفتكر، ثم استرجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قلت: ما لك ؟ قال:
قتل عمي زيد الساعة، ثم نهض فذهب، فكتبت قوله في تلك الساعة وفي ذلك الشهر، ثم
أقبلت إلى الفرات، فلما كنت في الطريق استقبلني راكب فقال: قتل زيد بن علي في يوم
كذا في ساعة كذا، على ما قال أبو عبد الله عليه السلام فقال فطربن خليفة: إن عند
الرجل علما جما. 141 - يج: روي أن العلاء بن سياقة قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله
عليه السلام وهو يصلي فجاء هدهد، فوقع على رأسه حتى سلم والتفت إليها فلت: جئت
لاسألك فرأيت ما هو أعجب قال: ما هو ؟ قلت: ما صنع الهدهد، قال جاءني فشكا إلي حية
تأكل فراخه، فدعوت الله عليها فأماتها، قلت: يا مولاي إني لا يعيش لي ولد، وكلما
ولدت امرأتي مات ولدها، قال: هذا ليس من ذلك الجنس، ولكن إذا رجعت إلى منزلك فانه
ستدخل كلبة إليك، فتريد امرأتك أن تطعمها فمرها أن لا تطعمها، فقل للكلبة: إن أبا
عبد الله عليه السلام أمرني أن أقول: أميطي عنا لعنك الله
[109]
فانه يعيش ولدك إن شآء الله، فعاش أولادي،
وخلفت غلمانا ثلاثة. 142 - يج: روي عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: اشتريت من مكة
بردة فآليت على نفسي أن لا تخرج من ملكي، حتى تكون كفني، فخرجت إلى عرفة فوقفت فيها
للموقف، ثم انصرف إلى جمع (1) فقمت فيها في وقت الصلاة، فطويتها شفقة مني عليها،
فقمت لاتوضأ فلما عدت لم أرها فاغتممت غما شديدا، فلما أصبحت أفضت مع الناس إلى منى
فأتاني رسول من أبي عبد الله عليه السلام فقال: يقول لك أبو عبد الله عليه السلام:
أقبل ! فقمت مسرعا فسلمت عليه فقال: تحب أن نعطيك بردة تكون كفنك، وأمر غلامه
فأتاني ببردة فقال: خذها. 143 - يج: روي عن بشير النبال قال: كنت عند أبي عبد الله
عليه السلام إذا استأذن عليه رجل، ثم دخل المسجد فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما
أنقى ثيابك هذه ! ! قال: هي لباس بلادنا، ثم قال: جئتك بهدية، فدخل غلام ومعه جراب
فيه ثياب فوضعه، ثم تحدث ساعة، ثم قام فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن بلغ الوقت
وصدق الوصف فهو صاحب الرايات السود من خراسان يتقعقع (2) ثم قال لغلام قائم على
رأسه: الحقه فسله ما اسمك ؟ فقال: عبد الرحمان، فقال أبو عبد الله عليه السلام: عبد
الرحمان والله ثلاث مرات، هو هو ورب الكعبة، قال بشر: فلما قدم أبو مسلم جئت حتى
دخلت عليه، فإذا هو الرجل الذي دخل علينا (3). 144 - قب (4) يج: عن أبي بصير قال:
قال الصادق عليه السلام: اكتم علي ما أقول لك في المعلى بن خنيس قلت: أفعل قال: أما
إنه ما كان ينال درجته إلا بما ينال من داود بن علي قلت: وما الذي يصيبه من داود بن
علي ؟ قال: يدعو به فيضرب
(1) جمع: ضد التفرق: هو المزدلفة، سمى
جمعا لانه يجمع فيه بين صلاتي العشائين. (2) التقعقع: هو من القعقعة وهى صوت
السلاح. (3) الخرائج والجرائح ص 234. (4) المناقب ج 3 ص 352.
[110]
عنقه ويصلبه، قلت: متى ذلك ؟ قال: من
قابل، فلما كان من قابل ولي داود المدينة فقصد قتل المعلى، فدعاه وسأله عن أصحاب
أبي عبد الله عليه السلام وسأله أن يكتبهم له فقال: ما أعرف من أصحابه به أحدا،
وإنما أنا رجل أختلف في حوائجه قال: تكتمني أما إنك إن كتمتني قتلتك، فقال له
المعلى: أبالقتل تهددني ! ؟ لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي، فقتله وصلبه كما قال
عليه السلام: (1) 145 - نجم: روينا باسنادنا إلى الشيخين عبد الله بن جعفر الحميري،
ومحمد ابن جرير الطبري باسنادهما عن أبي بصير مثله (2). 146 - كش: وجدت بخط جبرئيل
بن أحمد، عن محمد بن علي الصيرفي عن الحسن، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي العلا
وأبي المغرا، عن أبي بصير مثله (3). 147 - يج: روي عن علي بن أبي حمزة قال: حججت مع
الصادق عليه السلام فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة، فحرك شفتيه بدعاء لم
أفهمه، ثم قال: يا نخلة أطعمينا مما جعل الله فيك من رزق عباده، قال: فنظرت إلى
النخلة وقد تمايلت نحو الصادق عليه السلام وعليها أوراقها، وعليها الرطب، قال: ادن
وسم وكل فأكلنا منها رطبا أعذب رطب وأطيبه، فإذا نحن بأعرابي يقول: ما رأيت كاليوم
سحرا أعظم من هذا ! ! فقال الصادق عليه السلام: نحن ورثة الانبياء ليس فينا ساحر
ولا كاهن، بل ندعو الله فيجيب، فان أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلبا تهتدي إلى
منزلك، وتدخل عليهم، وتبصبص لاهلك ؟ قال الاعرابي بجهله: بلى فادع الله فصار كلبا
في وقته، ومضى عليه وجهه، فقال لي الصادق عليه السلام: اتبعه، فاتبعته حتى صار إلى
منزله، فجعل يبصبص لاهله وولده، فأخذوا له عصا فأخرجوه، فانصرفت إلى الصادق عليه
السلام فأخبرته بما كان، فبينما نحن في حديثه إذ أقبل حتى وقف بين
(1) الخرائج والجرائح ص 234. (2) فرج
المهموم ص 229. (3) رجال الكشى ص 242.
[111]
يدي الصادق عليه السلام، وجعلت دموعه
تسيل، فأقبل يتمرغ في التراب فيعوي فرحمه فدعا الله فعاد أعرابيا فقال له الصادق
عليه السلام: هل آمنت يا أعرابي ؟ قال: نعم ألفا وألفا (1). 148 - يج: روي عن يونس
بن ظبيان قال: كنت عند الصادق عليه السلام مع جماعة فقلت: قول الله لابراهيم " خذ
أربعة من الطير فصرهن " أكانت أربعة من أجناس مختلفة ؟ أو من جنس ؟ قال: أتحبون أن
اريكم مثله ؟ قلنا: بلى قال: يا طاووس فإذا طاووس طار إلى حضرته، ثم قال: يا غراب
فإذا غراب بين يديه، ثم قال: يا بازي فإذا بازي بين يديه ثم قال: يا حمامة فإذا
حمامة بن يديه، ثم أمر بذبحها كلها وتقطيعها ونتف ريشها، وأن يخلط ذلك كله بعضه
ببعض ثم أخذ برأس الطاووس فرأينا لحمه وعظامه وريشه، يتميز من غيرها حتى ألصق ذلك
كله برأسه. وقام الطاووس بين يديه حيا، ثم صاح بالغراب كذلك، وبالبازي والحمامة
كذلك، فقامت كلها أحياء بين يديه (2). 149 - يج: روي عن داود بن كثير الرقي قال:
كنت عند الصادق عليه السلام وأبو الخطاب، والمفضل، وأبو عبد الله البلخي إذ دخل
علينا كثير النوا وقال: إن أبا الخطاب هو يشتم أبا بكر وعمر وعثمان ويظهر البراءة
منهم، فالتفت الصادق عليه السلام إلى أبي الخطاب وقال: يا محمد ما تقول ؟ قال: كذب
والله ما سمع قط شتمهما مني فقال الصادق عليه السلام: قد حلف ولا يحلف كاذبا، فقال:
صدق لم أسمع أنا منه، ولكن حدثني الثقة به عنه قال الصادق عليه السلام: وإن الثقة
لا يبلغ ذلك فلما خرج كثيرا النوا قال الصادق عليه السلام: أما والله لئن كان أبو
الخطاب ذكر ما قال كثير، لقد علم من أمرهم ما لم يعلمه كثير، والله لقد جلسا مجلس
أمير المؤمنين عليه السلام غصبا فلا غفر الله لهما، ولا عفا عنهما، فبهت أبو عبد
الله البلخي، فنظر إلى الصادق عليه السلام متعجبا مما قال فيهما، فقال الصادق عليه
السلام: أنكرت ما سمعت فيهما ؟ قال: كان ذلك، قال الصادق عليه السلام: فهلا كان
الانكار منك ليلة دفع إليك
(1 و 2) الخرائج والجرائح ص 198.
[112]
فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبيعها
فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة ؟ ! فقال البلخي: قد مضى والله لهذا الحديث
أكثر من عشرين سنة، ولقد تبت إلى الله من ذلك، فقال الصادق عليه السلام: لقد تبت
وما تاب الله عليك، ولقد غضب الله لصاحب الجارية، ثم ركب وسار البلخي معه، فلما برز
قال الصادق عليه السلام وقد سمع صوت حمار: إن أهل النار يتأذون بهما وبأصواتهما،
كما تتأذون بصوت الحمار فلما برزنا إلى الصحراء فإذا نحن بجب كبير (1). ثم التفت
الصادق عليه السلام إلى البلخي فقال: اسقنا من هذا الجب، فدنا البلخي ثم قال: هذا
جب بعيد القعر، لا أرى ماءا به فتقدم الصادق عليه السلام فقال: أيها الجب السامع
المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك من الماء باذن الله فنظرنا الماء يرتفع من الجب
فشربنا منه، ثم سار حتى انتهى إلى موضع فيه نخلة يابسة، فدنا منها فقال: أيتها
النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك، فانتثرت رطبا جنيا. ثم جاء فالتفت فلم ير فيها
شيئا، ثم سارا فإذا نحن بظبي قد أقبل يبصبص بذنبه، قد أقبل إلى الصادق عليه السلام
وينغم (2) فقال: أفعل إن شاء الله، فانصرف الظبي فقال البلخي: لقد رأينا عجبا فما
سألك الظبي ؟ قال: استجار بي الظبي، وأخبرني أن بعض من يصيد الظباء بالمدينة صاد
زوجته، وأن لها خشفين (3) صغيرين وسألني أن أشتريها، واطلقها إليه، فضمنت له ذلك،
واستقبل القبلة ودعا، وقال: الحمد لله كثيرا كما هو أهله ومستحقه، وتلا " أم يحسدون
الناس على ما آتيهم الله من فضله " (4) ثم قال: نحن والله المحسودون ثم انصرف ونحن
معه، فاشترى الظبية وأطلقها، ثم قال: لا تذيعوا سرنا، ولا تحدثوا به عند غير أهله،
فان
(1) الجب: البئر العميقة. (2) ينغم: الطبى
هو من النغم بالتحريك وهو الكلام الخفى. (3) الخشف: بتثليث الخاء، ولد الظبى أول ما
يولد. (4) سورة النساء الاية: 54.
[113]
المذيع سرنا أشد علينا من عدونا (1). 150
قب (2) يج: روي أن أبا الصلت الهروي روى عن الرضا عليه السلام أنه قال: قال لي أبي
موسى: كنت جالسا عند أبي عليه السلام إذ دخل عليه بعض أوليائنا فقال: في الباب ركب
كثير يريدون الدخول عليك، فقال لي: انظر في الباب فنظرت إلى جمال كثيرة عليها
صناديق، ورجل ركب فرسا فقلت: من الرجل ؟ قال: رجل من السند والهند، أردت الامام
جعفر بن محمد عليهما السلام، فأعلمت والدي بذلك، فقال: لا تأذن للنجس الخائن، فأقام
بالباب مدة مديدة، فلم يؤذن له حتى شفع يزيد بن سليمان ومحمد بن سليمان، فأذن له،
فدخل الهندي وجثى بين يديه فقال: أصلح الله الامام أنا رجل من الهند من قبل ملكها،
بعثني إليك بكتاب مختوم، وكنت بالباب حولا، لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل أولاد
الانبياء ! ؟ قال: فطأطأ رأسه ثم قال: " ولتعلمن نبأه بعد حين " (3). قال موسى عليه
السلام: فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن
محمد، الطاهر من كل نجس، من ملك الهند. أما بعد فقد هداني الله علي يديك، وإنه اهدي
إلي جارية لم أر أحسن منها ولم أجد أحدا يستأهلها غيرك، فبعثتها إليك مع شئ من
الحلي والجوهر والطيب ثم جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للامانة، واخترت
من الالف مائة، واخترت من المائة عشرة، واخترت من العشرة واحدا، وهو ميزاب بن حباب،
لم أر أوثق منه، فبعث على يده هذه، فقال جعفر عليه السلام، ارجع أيها الخائن فما
كنت بالذي أتقبلها، لانك خائن فيما ائتمنت عليه، فحلف أنه ما خان فقال عليه السلام:
إن شهد بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول
(1) الخرائج والجرائح ص 198. (2) المناقب
ج 3 ص 367. (3) سورة من الاية: 88.
[114]
الله صلى الله عليه وآله قال: أو تعفيني
من ذلك ؟ قال: أكتب إلى صاحبك بما فعلت قال الهندي: إن علمت شيئا فاكتب، فكان عليه
فروة ئة واخترت من المائة عشرة، واخترت من العشرة فأمره بخلعها، ثم قام الامام فركع
ركعتين، ثم سجد، قال موسى عليه السلام: فسمعته في سجوده يقول: اللهم إني أسألك
بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك، وأمينك
في خلقك وآله، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن ينطق بفعله، و أن يحكم بلسان عربي مبين
يسمعه من في المجلس من أوليائنا، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت، فيزدادوا
إيمانا مع إيمانهم، ثم رفع رأسه فقال: أيها الفرو تكلم بما تعلم من الهندي قال موسى
عليه السلام: فانتفضت الفروة، وصارت كالكبش وقالت: يا ابن رسول الله ائتمنه الملك،
على هذه الجارية، وما معها، وأوصاه بحفظها حتى صرنا إلى بعض الصحاري، أصابنا المطر
وابتل جميع ما معنا، ثم احتبس المطر، وطلعت الشمس، فنادى خادما كان مع الجارية
يخدمها يقال له بشر وقال: لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام، ودفع
إليه دراهم، ودخل الخادم المدينة، فأمر ميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبتها إلى
مضرب قد نصب في الشمس فخرجت وكشفت عن ساقيها إذ كان في الارض وحل ونظر هذا الخائن
إليها فراودها عن نفسها، فأجابته، وفجر بها وخانك، فخر الهندي فقال: ارحمني فقد
أخطأب، وأقر بذلك، ثم صارت فروة كما كانت، وأمره أن يلبسها، فلما لبسها انصمت في
حلقه وخنقته، حتى اسود وجهه، فقال الصادق عليه السلام: أيها الفرو خل عنه، حتى يرجع
إلى صاحبه، فيكون هو أولى به منا، فانحل الفرو، وقال الهندي: الله الله في وإنك إن
رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك علي، فإنه بعيد العقوبة، فقال: أسلم اعطك الجارية،
فأبى، فقبل الهدية، ورد الجارية فلما رجع إلى الملك، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر
فيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد الامام عليه السلام من ملك
الهند: أما بعد فقد أهديت إليك جارية فقبلت مني ما لا قيمة له، ورددت الجارية فأنكر
ذلك قلبي، وعلمت أن الانبياء وأولاد الانبياء معهم فراسة، فنظرت إلى
[115]
الرسول بعين الخيانة، فاخترعت كتابا
وأعلمته أنه أتاني منك الخيانة، وحلفت أنه لا ينجيه إلا الصدق، فأقر بما فعل، وأقرت
الجارية بمثل ذلك، وأخبرت بما كان من الفروة، فتعجبت من ذلك، وضربت عنقها وعنقه،
وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، واعلم أني
في أثر الكتاب، فما أقام إلا مدة يسيرة، حتى ترك ملك الهند وأسلم وحسن إسلامه (1).
151 - قب (2) يج: روي عن المفضل بن عمر قال: كنت أمشي مع أبي - عبد الله جعفر بن
محمد عليهما السلام بمكة أو بمنى، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميتة، وهي مع
صبية لها تبكيان فقال عليه السلام: ما شأنك ؟ قالت: كنت وصباياى نعيش من هذه
البقرة، وقد ماتت، لقد تحيرت في أمري، قال: أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ قالت أو
تسخر مني مع مصيبتي ؟ قال: كلا ما أردت ذلك، ثم دعا بدعاء، ثم ركضها برجله، وصاح
بها، فقامت البقرة مسرعة سوية، فقالت: عيسى بن مريم ورب الكعبة، فدخل الصادق عليه
السلام بين الناس، فلم تعرفه المرأة (3). 52 - يج: روي أن صفوان بن يحيى قال: قال
لي العبدي: قالت أهلي: قد طال عهدنا بالصادق عليه السلام فلو حججنا وجددنا به
العهد، فقلت لها: والله ما عندي شئ أحج به، فقالت: عندنا كسو وحلي فبع ذلك، وتجهز
به، ففعلت، فلما صرنا قرب المدينة مرضت مرضا شديدا وأشرفت على الموت، فلما دخلنا
المدينة خرجت من عندها وأنا آيس منها، فأتيت الصادق عليه السلام وعليه ثوبان ممصران
فسلمت عليه، فأجابني وسألني عنها فعرفته خبرها وقلت: إني خرجت وقد أيست منها. فأطرق
مليا ثم قال: يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ قلت: نعم، قال: لا بأس عليها، فقد دعوت
الله لها بالعافية، فارجع إليها فإنك تجدها قاعدة، والخادمة
(1) الخرائج والجرائح ص 199. (2) المناقب
ج 3 ص 367 بتفاوت واقتضاب وفيها " ميزان " بدل " ميزاب ". (3) الخرائج والجرائح ص
198. (*)
[116]
تلقمها الطبرزد (1) قال: فرجعت إليها
مبادرا، فوجدتها قد أفاقت وهي قاعدة، و الخادمة تلقمها الطبرزد، فقلت: ما حالك ؟
قالت: قد صب الله علي العافية صبا وقد اشتهيت هذا السكر، فقلت: خرجت من عندك آيشا
فسألني الصادق عنك فأخبرته بحالك فقال: لا بأس علهيا ارجع إليها فهي تأكل السكر،
قالت: خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي، فدخل علي رجل عليه ثوبان ممصران، قال: ما لك ؟
قلت: أنا ميتة، وهذا ملك الموت قد جاء يقبض روحي، فقال: يا ملك الموت قال: لبيك
أيها الامام، قال: ألست امرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ! قال: بلى، قال: فإني آمرك أن
تؤخر أمرها عشرين سنة، قال: السمع والطاعة قال: فخرج هو وملك الموت، فأفقت من ساعتي
(2). بيان: قال الفيروز آبادي (3) المصر بالكسر الطين الاحمر والممصر كمعظم المصبوغ
به. 153 - قب، يج: روي أن حماد بن عيسى سأل الصادق عليه السلام أن يدعو له ليرزقة
الله ما يحج به كثيرا، وأن يرزقه ضياعا حسنة ودارا حسنا، وزوجة من أهل البيوتات
صالحة، وأولادا أبرارا فقال الصادق عليه السلام: اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به
خمسين حجة، وارزقه ضياعا، ودارا حسنا، وزوجة صالحة من قوم كرام، وأولادا أبرارا،
قال بعض من حضره: دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة فقال لي: أتذكر
دعاء الصادق عليه السلام لي ؟ قلت: نعم قال: هذه داري ليس في البلد مثلها، وضياعي
أحسن الضياع، وزوجتي من تعرفها من كرام الناس، وأولادي تعرفهم، وقد حججت ثمانيا
وأربعين حجة، قال: فحج حماد
(1) الطبرزد، وطبرزل، وطبرزن: ثلاث لغات
معربات، وأصله بالفارسية (تبرزد) كأنه يراد: نحت من نواحيه بفأس، و " التبر " الفأس
بالفارسية، ومن ذلك سمى " الطبرزد " من التمر لان نخلته كأنما ضربت بالفأس " المعرب
للجواليقى ص 228 ". (2) الخرائج والجرائح ص 198. (3) القاموس ج 2 ص 134.
[117]
حجتين بعد ذلك، فلما حج في الحادية
والخمسين، ووصل إلى الجحفة، وأراد أن يحرم، دخل واديا ليغتسل، فأخذه السيل، ومر به،
فتبعه غلمانه، فأخرجوه من الماء ميتا، قسمي حماد غريق الجحفة (1). 154 - يج: روي عن
أبي الصامت الحلواني قال: قلت للصادق عليه السلام: أعطني الشئ ينفي الشك عن قلبي،
قال عليه السلام: هات المفتاح الذي في كمك، فناولته فإذا المفتاح أسد، فخفت قال: خذ
لا تخف، فأخذته، فعاد مفتاحا كما كان. 155 - يج: روي أن رجلا دخل على الصادق عليه
السلام وشكا إليه فاقته فقال عليه السلام: طب نفسا فإن الله يسهل الامر، فخرج
الرجل، فلقي في طريقه هميانا فيه سبع مائة دينار، فأخذ منه ثلاثين دينارا، وانصرف
إلى أبي عبد الله عليه السلام وحدثه بما وجد، فقال له: اخرج وناد عليه سنة، لعلك
تظفر بصاحبه، فخرج الرجل وقال: لا انادي في الاسواق، وفي مجمع الناس، وخرج إلى سكة
في آخر البلد، وقال: من ضاع له شئ ؟ فإذا رجل قال: ذهب مني سبعمائة دينار في كذا
قال: معي ذلك، فلما رآه، وكان معه ميزان فوزنها، فكان كما كان لم تنقص فأخذ منها
سبعين دينارا وأعطاها الرجل، فأخذها وخرج إلى أبي عبد الله عليه السلام، فلما رآه
تبسم وقال: يا هذه هاتي الصرة فاتي بها فقال: هذا ثلاثون، وقد أخذت سبعين من الرجل،
وسبعون حلالا خير من سبعمائة حرام (2). 156 - يج: روي أن ابن أبي العوجا وثلاثة نفر
من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن، وكانوا بمكة عاهدوا على
أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم أيضا
قال أحدهم: إنى لما رأيت قوله " وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء
" (3) كففت عن المعارضة وقال الاخر: وكذا أنا لما وجدت قوله " فلما استيأسوا منه
(1) الخرائج والجرائح ص 200. (2) نفس
المصدر ص 242. (3) سورة هود الاية: 44.
[118]
خلصوا نجيا " (1) أيست من المعارضة،
وكانوا يسرون بذلك، إذ مر عليهم الصادق عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم: " قل
لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله " (2) فبهتوا.
157 - يج: روي عن سدير أن كثير النوا دخل على أبي جعفر عليه السلام وقال: زعم
المغيرة بن سعيد أن معك ملكا يعرفك المؤمن من الكافر، في كلام طويل، فلما خرج قال
عليه السلام: ما هو إلا خبيث الولادة، وسمع هذا الكلام جماعة من أهل الكوفة قالوا:
ذهبنا حتى نسأل عن كثير فله خبر سوء، فمضينا إلى الحي الذي هو فيهم فدللنا إلى عجوز
صالحة فقلنا لها: نسألك عن أبي إسماعيل قالت: كثير ؟ فقلنا: نعم قالت: تريدون أن
تزوجوه ؟ قلنا: نعم قالت: لا تفعلوا فانى والله قد وضعته في ذلك البيت رابعة أربعة
من الزنا، وأشارت إلى بيت من بيوت الدار. 158 - يج: روي عن عبد الله النجاشي قال:
أصاب جبة لي فروا ماء ميزاب فغمستها في الماء في وقت بارد، فلما دخلت على أبي عبد
الله عليه السلام ابتدأني وقال: إن الفرا إذا غسلت بالماء فسدت. 159 - يج: قال
زرارة: كنت أنا، وعبد الواحد بن المختار، وسعيد بن لقمان وعمر بن شجرة الكندي عند
أبي عبد الله عليه السلام فقام عمر فخرج، فأثنوا عليه خيرا وذكروا ورعه، وبذل ماله،
فقال: ما أرى بكم علما بالناس إني لاكتفي من الرجل بلحظة، إن هذا من أخبث الناس،
قال: فكان عمر بن شجرة من أحرص الناس على ارتكاب محارم الله. 160 - يج: روى محمد بن
راشد، عن جده قال: قصدت إلى جعفر بن محمد أسأله عن مسألة فقالوا: مات السد الحميري
الشاعر، وهو في جنازته، فمضيت إلى المقابر فاستفتيته، فأفتاني، فلما أن قمت أخذ
بثوبي بجذبني إليه قال: إنكم معاشر الاحداث تركتم العلم فقلت: أنت إمام هذا الزمان
؟ قال: نعم قلت: فدليل أو
(1) سورة يوسف الاية: 80. (2) سورة
الاسراء الاية: 88.
[119]
علامة ؟ فقال: سلني عما شئت اخبرك به إن
شاء الله قال: إني اصبت بأخ لي قد دفنته في هذه المقابر، فأحيه لي باذن الله، قال:
ما أنت بأهل لذلك، ولكن أخوك كان مؤمنا واسمه كان عندنا أحمد، ثم دنا من قبره،
فانشق عنه قبره، وخرج إلي وهو يقول: يا أخي اتبعه ولا تفارقه، ثم عاد إلى قبره،
واستحلفني على أن لا اخبر أحدا به. 161 - يج: روي عن إسماعيل بن مهران قال: كنت عند
أبي عبد الله عليه السلام اودعه وكنت حاجا في تلك السنة، فخرجت، ثم ذكرت شيئا أردت
أن أسأله عنه، فرجعت إليه، ومنزله غاص بالناس، وكان ما أسأله عنه بيض طير الماء
فقال لي من غير سؤال: الاصح أن لا تأكل بيض طير الماء. 162 - يج: روى أحمد بن فارس،
عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل إليه قوم من أهل خراسان، فقال
ابتداء: من جمع مالا يحرسه عذبه الله على مقداره فقالوا: بالفارسية ! لا نفهم
بالعربية فقال لهم " هر كه درم اندوزد جزايش دوزخ باشد " وقال: إن الله خلق مدينتين
إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب على كل مدينة سور من حديد فيها ألف ألف باب من
ذهب، كل باب بمصراعين وفي كل مدينة سبعون ألف إنسان، مختلفات اللغات، وأنا أعرف
جميع تلك اللغات، وما فيها وما بينهما حجة غيري وغير آبائي وغير أبنائي بعدي. 163 -
يج: قال ابن فرقد: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وقد جاءه غلام أعجمي برسالة،
فلم يزل يهذي ولا يعبره، حتى ظننت أنه لا يظهره فقال له: تكلم بأي لسان شئت سوى
العربية، فانك لا تحسنها، فإني أفهم بكلمة التركية فرد عليه الجواب، فمضى الغلام
متعجبا. 164 - يج: روي عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
مع أبي بصير فبينما نحن قعود إذ تكلم أبو عبد الله عليه السلام فقلت في نفسي: هذا
والله مما أحمله إلى الشيعة هذا حديث لم أسمع بمثله قط، قال: فنظر في وجهي ثم قال:
[120]
إني أتكلم بالحرف الواحد فيه سبعون وجها
إن شئت احدث كذا، وإن شئت احدث كذا. 165 - يج: روي عن منصور الصيقل قال: حججت فمررت
بالمدينة فأتيت قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت عليه، ثم التفت فإذا أنا
بأبي عبد الله عليه السلام ساجدا فجلست حتى مللت، ثم قلت: لاسبحن قدامه ساجدا فقلت:
سبحان ربي وبحمده أستغفر ربي وأتوب إليه، ثلاثمائة مرة ونيفا وستين مرة، فرفع رأسه
ثم نهض فاتبعته وأنا أقول في نفسي: إن أذن لي فدخلت عليه ثم قلت له: جعلت فداك أنتم
تصنعون هكذا ! ! فكيف ينبغي لنا أن نصنع ؟ ! فلما أن وقفت على الباب خرج إلي مصادف
فقال: ادخل يا منصور، فدخلت فقال لي مبتدئا: يا منصور إن كثرتم أو قللتم فوالله ما
يقبل إلا منكم. 166 - يج: روي أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء منهم إبراهيم
بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأبو جعفر المنصور، وعبد الله بن الحسن،
وابناه محمد وإبراهيم، وأرادوا أن يعقدوا لرجل منهم فقال عبد الله: هذا ابني هو
المهدي وأرسلوا إلى جعفر، فجاء فقال: لما ذا اجتمعتم ؟ قالوا: نبايع محمد بن عبد
الله، فهو المهدي قال جعفر: لا تفعلوا قال: ولكن هذا وإخوته وأبناءهم دونكم، وضرب
بيده على ظهر أبي العباس، ثم قال لعبد الله: ما هي إليك ولا إلى ابنيك، ولكنها لبني
العباس، وإن ابنيك لمقتولان، ثم نهض وقال: إن صاحب الرداء الاصفر - يعني أبا جعفر -
يقتله فقال عبد العزيز بن علي: والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتله وانفض القوم
فقال أبو جعفر: تتم الخلافة لي ؟ فقال: نعم أقوله حقا (1). 167 - يج: روي عن عبد
الرحمن بن كثير أن رجلا دخل يسأل عن الامام بالمدينة، فاستقبله رجل من ولد الحسين
فقال له: يا هذا إني أراك تسأل عن الامام قال نعم، قال: فأصبته ؟ قال: لا قال: فإن
أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل فاستدله فأرشده إليه، فلما دخل عليه قال له: إنك
دخلت مدينتنا هذه تسأل عن
(1) الخرائج والجرائح ص 244.
[121]
الامام، فاستقبلك فتى من ولد الحسن فأرشدك
إلى محمد بن عبد الله، فسألته وخرجت فان شئت أخبرتك بما سألته عنه وما رده عليك، ثم
استقبلك فتى من ولد الحسين وقال لك: إن أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل قال: صدقت
كان كل ما ذكرت ووصفت (1). 168 - يج: روي عن معاوية بن وهب قال: كنت مع أبي عبد
الله عليه السلام بالمدينة وهو راكب على حمار له، فنزلنا وقد كنا صرنا إلى السوق
فسجد سجدة طويلة وأنا أنظر إليه، ثم رفع رأسه فسألته عن ذلك فقال: إني ذكرت نعمة
الله علي، فقلت: ففي السوق ؟ ! والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! فقال: إنه لم يرني أحد
منهم غيرك (2). 169 طب: أحمد بن المنذر، عن عمبر بن عبد العزيز، عن داود الرقي قال:
كنت عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام فدخلت عليه حبابة الوالبية، وكانت خيرة
فسأله عن مسائل في الحلال والحرام، فتعجبنا من حسن تلك المسائل إذ قال لنا: أرأيتم
مسائل أحسن من مسائل حبابة الوابية ؟ فقلنا جعلنا فداك لقد وقرت ذلك في عيوننا
وقلوبنا قال: فسالت دموعها فقال الصادق عليه السلام: مالي أرى عينيك قد سالتا قالت:
يا ابن رسول الله داء قد ظهر بي من الادواء الخبيثة التي كانت تصيب الانبياء عليهم
السلام والاولياء، وإن قرابيتي يقولون قد أصابتها الخبيثة ولو كان صاحبها كما قالت
مفروض الطاعة لدعا لها، فكان الله تعالى يذهب عنها وأنا والله سررت بذلك وعلمت أنه
تمحيص، وكفارات، وأنه داء الصالحين فقال لها الصادق عليه السلام: وقد قالوا ذلك قد
أصابتك الخبيثة ؟ قالت: نعم يا ابن رسول الله قال: فحرك الصادق عليه السلام شفتيه
بشئ ما أدري أي دعاء كان، فقال: ادخلي دار النساء حتى تنظرين إلى جسدك قال: فدخلت
فكشفت عن ثيابها، ثم قامت ولم يبق في صدرها ولا في جسدها شئ، فقال عليه السلام:
اذهبي الان إليهم وقولي لهم:
(1) الخرائج والجرائح 244 بتفاوت يسير.
(2) نفس المصدر ص 245.
[122]
هذا الذي يتقرب إلى الله بامامته (1). 170
- دعوات الراوندي: كان الصادق عليه السلام تحت الميزاب ومعه جماعة إذ جاءه شيخ
فسلم، ثم قال: يا ابن رسول الله: إني لاحبكم أهل البيت، وأبرأ من عدوكم، وإني بليت
ببلاء شديد وقد أتيت البيت متعوذا به مما أجد، ثم بكى وأكب على أبي عبد الله عليه
السلام يقبل رأسه ورجليه، وجعل أبو عبد الله عليه السلام يتنحى عنه، فرحمه وبكى ثم
قال: هذا أخوكم وقد أتاكم متعوذا بكم، فارفعوا أيديكم فرفع أبو عبد الله عليه
السلام يديه ورفعنا أيدينا ثم قال: " اللهم إنك خلقت هذه النفس من طينة أخلصتها
وجعلت منها أولياءك، وأولياء أوليائك، وإن شئت أن تنحي عنها الافات فعلت، اللهم،
وقد تعوذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كل شئ، وقد تعوذ بنا، وأنا أسألك يا من احتجب
بنوره عن خلقه أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين - يا غاية كل محزون وملهوف
ومكروب ومضطر مبتلى - أن تؤمنه بأماننا مما يجد، وأن تمحو من طينته ما قدر عليها من
البلاء وأن تفرج كربته يا أرحم الراحمين " فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلما بلغ
باب المسجد رجع وبكى ثم قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، والله ما بلغت باب المسجد
وبي مما أجد قليل ولا كثير، ثم ولى. 171 - جا: الجعابي، عن محمد بن يحيى التميمي،
عن الحسن بن بهرام عن الحسن بن حمدون، عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله، عن سدير
الصيرفي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده جماعة، من أهل الكوفة، فأقبل
عليهم وقال لهم: حجوا قبل أن لا تحجوا، قبل أن يمنع البر جانبه، حجوا قبل هدم مسجد
بالعراق بين نخل وأنهار، حجوا قبل أن تقطع سدرة بالزوراء، على عروق النخلة التي
اجتنت منها مريم عليهما السلام رطبا جنيا فعند ذلك تمنعون الحج، وتنقص الثمار،
وتجدب البلاد، وتبتلون بغلاء الاسعار، وجور السلطان، ويظهر فيكم الظلم والعدوان مع
البلاء والوباء والجوع، وتظلكم الفتن من جميع الافاق، فويل لكم يا أهل
(1) طب الائمة ص 110 طبع طهران سنة 1377
ه.
[123]
العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان،
وويل لاهل الري من الترك، وويل لاهل العراق من أهل الري، وويل لهم ثم ويل لهم من
الثط قال سدير: فقلت: يا مولاي من الثط ؟ قال: قوم آذانهم كآذان الفار صغرا، لباسهم
الحديد كلامهم ككلام الشياطين، صغار الحدق، مرد جبرد استعيذوا بالله من شر هم اولئك
يفتح الله على أيديهم الدين، ويكونون سببا لامرنا (1). بيان: قوله عليه السلام: قبل
أن يمنع البر جانبه أي يكون البر مخوفا لا يمكن قطعه، وقال الفيروز آبادي: (2) الثط
الكوسج أو القليل شعر اللحية والحاجبين والمرد جمع الامرد، وهو الذي ليس على بدنه
شعر. 172 - قب: حدث إبراهيم، عن أبي حمزة، عن مأمون الرقي قال: كنت عند سيدي الصادق
عليه السلام إذ دخل سهل بن الحسن الخراساني فسلم عليه ثم جلس فقال له: يا ابن رسول
الله لكم الرأفة والرحمة، وأنتم أهل بيت الامامة ما الذي يمنعك أن يكون لك حق تقعد
عنه ! ؟ وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف ! ؟ فقال له عليه
السلام: اجلس يا خراساني رعى الله حقك، ثم قال: يا حنيفة أسجري التنور فسجرته حتى
صار كالجمرة وابيض علوه، ثم قال: يا خراساني ! قم فاجلس في التنور، فقال الخراساني:
يا سيدي يا ابن رسول الله لا تعذبني بالنار، أقلني أقالك الله قال: قد أقلتك،
فبينما نحن كذلك إذ أقبل هارون المكي، ونعله في سبابته فقال: السلام عليك يا ابن
رسول الله فقال له الصادق عليه السلام: ألق النعل من يدك، واجلس في التنور، قال:
فألقى السعل من سبابته ثم جلس في التنور، وأقبل الامام عليه السلام يحدث الخراساني
حديث خراسان حتى كأنه شاهد لها، ثم قال: ثم يا خراساني وانظر ما في التنور قال:
فقمت إليه فرأيته متربعا، فخرج إلينا وسلم علينا فقال له الامام عليه السلام: كم
تجد بخراسان مثل هذا ؟ فقال: والله ولا واحدا فقال عليه السلام: لا والله ولا
واحدا، فقال: أما إنا
(1) أمالي المفيد ص 36. (2) القاموس ج 2 ص
352. (*)
[124]
في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن
أعلم بالوقت (1). بيان: سجر التنور أحماه. 177 - قب: حدث أبو عبد الله محمد بن أحمد
الديلمي البصري، عن محمد بن أبي كثير الكوفي قال: كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها
إلا بلعنهما فرأيت في منامي طائرا معه تور (2) من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق
(3) فنزل إلى البيت المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخرج شخصين من الضريح
فخلقهما بذلك الخلوق، في عوارضهما، ثم ردهما إلى الضريح، وعاد مرتفعا، فسألت من
حولي من هذا الطائر ؟ وما هذا الخلوق ؟ فقال: هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما،
فأزعجني ما رأيت فأصبحت لا تطيب نفسي بلعنهما، فدخلت على الصادق عليه السلام فلما
رآني ضحك وقال: رأيت الطائر ؟ فقلت: نعم يا سيدي فقال: اقرأ " إنما النجوى من
الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا باذن الله " (4) فإذا رأيت شيئا
تكره فاقرأها والله ما هو ملك موكل بهما لاكرامهما بل هو ملك موكل بمشارق الارض
ومغاربها إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما لانهما سبب كل ظلم مذ
كانا (5). 174 - قب: مغيث قال لابي عبد الله عليه السلام ورآه يضحك في بيته: جعلت
فداك لست أدري بأيهما أنا أشد سرورا ؟ بجلوسك في بيتي أو لضحكك، قال: إنه هدر
الحمام الذكر على الانثى فقال: أنتي سكني وعرسي والجالس على الفراش أحب إلي منك،
فضحكت من قوله. وهذا المعنى رواه الفضل بن بشار في حديث برد الاسكاف أن الطير قال:
(1) المناقب ج 3 ص 362. (2) التور: اناء
من صفر أو حجارة كالاجانة وقد يتوضأ منه " النهاية ". (3) الخلوق: ضرب من الطيب
أعظم أجزائه الزعفران. (4) سورة المجادلة الاية: 10. (5) المناقب ج 3 ص 363.
[125]
يا سكني وعرسي ما خلق الله خلقا أحب إلي
منك، وما حرصي عليك هذا الحرص إلا طمعا أن يرزقني الله ولدا منك يحبون أهل البيت.
داود بن فرقد، وعبد الله بن سنان، وحفص البختري، عن أبي عبد الله أنه سمع فاختة
تصيح في داره فقال: تدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قلنا: لا، قال: تقول: فقدتكم
فقدتكم، فافقدوها قبل أن تفقدكم. وروى عمر الاصفهاني عنه عليه السلام مثل ذلك في
صوت الصلصل. وروي أنه عليه السلام قال: يقول الورشان: قد ستم قد سم (1). المفضل بن
عمر قال: كنت أنا وخالد الجوان، ونجم الحطيم، وسليمان بن خالد على باب الصادق عليه
السلام فتكلمنا فيما يتكلم فيه أهل الغلو، فخرج علينا الصادق عليه السلام بلا حذاء
ولا رداء وهو ينتفض ويقول: يا خالد يا مفضل يا سليمان يا نجم، لا " بل عباد مكرمون
لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " (2). وقال صالح بن سهل: كنت أقول في الصادق
عليه السلام ما تقول الغلاة، فنظر إلي فقال: ويحك يا صالح إنا والله عبيد مخلوقون،
لنا رب نعبده، وإن لم نعبده عذبنا (3). عبد الرحمان بن كثير في خبر طويل أن رجلا
دخل المدينة يسأل عن الامام فدلوه على عبد الله بن الحسن فسأله هنيئة، ثم خرج،
فدلوه على جعفر بن محمد عليهما السلام فقصده، فلما نظر إليه جعفر عليه السلام قال:
يا هذا إنك كنت دخلت مدينتنا هذه تسأل عن الامام، فاستقبلك فتية من ولد الحسن
فأرشدوك إلى عبد الله بن الحسن فسألته هنيئة ثم خرجت، فان شئت أخبرتك عما سألته،
وما رد عليك، ثم استقبلك فتية من ولد الحسين، فقالوا لك: يا هذا إن رأيت أن تلقى
جعفر بن محمد فافعل. فقال: صدقت قد كان كما ذكرت، فقال له: ارجع إلى عبد الله بن
الحسن فسله عن
(1) نفس المصدر ج 3 ص 346. (2) سورة
الانبياء الاية: 26. (3) المناقب ج 3 ص 347.
[126]
درع رسول الله صلى الله عليه وآله
وعمامته، فذهب الرجل فسأله عن درع رسول الله صلى الله عليه وآله والعمامة فأخذ درعا
من كندوج له فلبسها فإذا هي سابغة فقال: كذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلبس
الدرع، فرجع إلى الصادق عليه السلام فأخبره فقال: ما صدق ثم أخرج خاتما فضرب به
الارض فإذا الدرع والعمامة ساقطين من جوف الخاتم، فلبس أبو عبد الله عليه السلام
الدرع، فإذا هي إلى نصف ساقه، ثم تعمم بالعمامة، فإذا هي سابغة فنزعها، ثم ردهما في
الفص، ثم قال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسها إن هذا ليس مما غزل في
الارض، إن خزانة الله في كن، وإن خزانة الامام في خاتمه، وإن الله عنده الدنيا
كسكرجة، وإنها عند الامام كصحيفة، ولو لم يكن الامر هكذا لم نكن أئمة، وكنا كسائر
الناس (1). بيان: قال الفيروز آبادي: (2) الكندوج شبه المخزن معرب كندو، قوله عليه
السلام: في كن أي في لفظة كن كناية عن إرادته الكاملة، وهو إشارة إلى قوله تعالى: "
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " (3) والسكرجة بضم السين والكاف
وتشديد الراء إناء، صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادام وهي فارسية. 175 - قب:
شعيب بن ميثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يا شعيب أحسن إلى نفسك، وصل قرابتك،
وتعاهد إخوانك، ولا تستبد بالشئ فتقول ذا لنفسي و عيالي إن الذي خلقهم هو الذي
يرزقهم فقلت: نعى والله إلي نفسي، فرجع شعيب فو الله ما لبث إلا شهرا حتى مات. صندل
عن سورة بن كليب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سورة كيف حججت العام ؟ قال:
استقرضت حجتي، والله إني لاعلم أن الله سيقضيها عني، وما كان حجتي إلا شوقا إليك،
وإلى حديثك، قال: أما حجتك فقد قضاها الله فاعطكها
(1) نفس المصدر ج 3 ص 349. (2) القاموس ج
1 ص 205. (3) سورة يس الاية: 82.
[127]
من عندي، ثم رفع مصلى تحته، فأخرج دنانير
فعد عشرين دينارا فقال: هذه حجتك، وعد عشرين دينارا وقال: هذه معونة لك حياتك حتى
تموت قلت: أخبرتني أن أجلي قددنا ؟ فقال: يا سورة أما ترضى أن تكون معنا، فقال
صندل: فما لبث إلا سبعة أشهر حتى مات (1). ابن مسكان، عن سليمان بن خالد في خبر
طويل أنه دخل على الصادق عليه السلام آذنه وآذن لقوم من أهل البصرة فقال عليه
السلام: كم عدتهم ؟ فقال: لا أدري فقال عليه السلام: اثنا عشر رجلا فلما دخلوا عليه
سألوا في حرب علي وطلحة والزبير وعائشة قال: وما تريدون بذلك ؟ قالوا: نريد أن نعلم
علم ذلك قال: إذا تكفرون يا أهل البصرة فقال: علي عليه السلام: كان مؤمنا منذ بعث
الله نبيه إلى أن قبضه إليه ثم لم يؤمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا قط،
ولم يكن في سرية قط إلا كان أميرها وذكر فيه أن طلحة والزبير بايعاء، وغدرا به، وأن
النبي صلى الله عليه وآله أمره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقالوا: لئن
كان هذا عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله لقد ضل القوم جميعا فقال عليه
السلام: ألم أقل لكم إنكم ستكفرون إن أخبرتكم أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم من أهل
البصرة فتخبرونهم بما أخبرتكم فيكفرون أعظم من كفركم، فكان كما قال. (2). أبو بصير
قال موسى بن جعفر عليهما السلام: فيما أوصاني به أبي عليه السلام أن قال: يا بني !
إذا أنامت فلا يغسلني أحد غيرك، فان الامام لا يغسله إلا الامام واعلم أن عبد الله
أخاك سيدعو الناس إلى نفسه، فدعه فان عمره قصير، فلما أن مضى أبي غسلته كما أمرني،
وادعى عبد الله الامامة مكانه، فكان كما قال أبي وما لبث عبد الله يسيرا حتى مات،
وروى مثل ذلك الصادق عليه السلام. وفي حديث علي أنه قال الصادق عليه السلام: نعلم
أنك خلفت في منزلك ثلاثمائة درهم، وقلت: إذا رجعت أصرفها أو أبعث بها إلى محمد بن
عبد الله الدعبلي
(1) المناقب ج 3 ص 350. (2) نفس المصدر ج
3 ص 351.
[128]
قال: والله ما تركت في بيتي شيئا إلا وقد
أخبرتني به (1). وقال سماعة بن مهران: دخلت على الصادق عليه السلام فقال لي مبتدئا:
يا سماعة ما هذا الذي بينك وبين جمالك في الطريق ؟ إياك أن تكون فاحشا أو صياحا
قال: والله لقد كان ذلك لانه ظلمني، فنهاني عن مثل ذلك. معتب قال: قرع باب مولاي
الصادق عليه السلام فخرجت فإذا بزيد بن علي عليه السلام فقال الصادق عليه السلام
لجلسائه: ادخلوا هذا البيت، وردوا الباب، ولا يتكلم منكم أحد، فلما دخل قام إليه
فاعتنقا وجلسا طويلا يتشاوران ثم علا الكلام بينهما فقال زيد: دع ذا عنك يا جعفر !
فوالله لئن لم تمد يدك حتى ابايعك أو هذه يدي فبايعني لاتعبنك ولاكلفنك ما لا تطيق،
فقد تركت الجهاد وأخلدت إلى الخفض وأرخيت الستر، واحتويت على مال الشرق والغرب فقال
الصادق عليه السلام: يرحمك الله يا عم يغفر الله لك يا عم، وزيد يسمعه ويقول:
موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب، ومضى، فتكلم الناس في ذلك فقال: مه لا تقولوا لعمي
زيد إلا خيرا، رحم الله عمي، فلو ظفر لوفى، فلما كان في السحر قرع الباب، ففتحت له
الباب فدخل يشهق ويبكي ويقول: ارحمني يا جعفر، يرحمك الله، ارض عني يا جعفر، رضي
الله عنك، اغفر لي يا جعفر، غفر الله لك، فقال الصادق عليه السلام: غفر الله لك
ورحمك ورضي عنك، فما الخبر يا عم ؟ قال: نمت فرأيت رسول الله داخلا علي وعن يمينه
الحسن، وعن يساره الحسين، وفاطمة خلفه، وعلي أمامه، وبيده حربة تلتهب التهابا كأنه
نار، وهو يقول: إيها يا زيد آذيت رسول الله في جعفر، والله لئن لم يرحمك، ويغفر لك،
ويرضى عنك، لارمينك بهذه الحربة فلاضعها بين كتفيك ثم لاخرجها من صدرك، فانتبهت
فزعا مرعوبا، فصرت إليك فارحمني يرحمك الله فقال: رضي الله عنك، وغفر لك، أوصني
فانك مقتول مصلوب محرق بالنار، فوصى زيد بعياله وأولاده، وقضاء الدين عنه (2).
(1) المناقب ج 3 ص 351. (2) نفس المصدر ج
3 ص 352.
[129]
بيان: أخلد إلى المكان: أقام، وأسمعه:
شتمه. 176 - قب: أبو بصير سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: وقد جرى ذكر المعلى
ابن خنيس فقال: يا أبا محمد اكتم علي ما أقول لك في المعلى قلت: أفعل، فقال: أما
إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما كان ينال منه داود بن علي قلت: وما الذي يصيبه من
داود ؟ قال: يدعو به فيأمر به، فيضرب عنقه، ويصلبه، وذلك قابل فلما كان قابل ولي
داود المدينة، فدعا المعلى وسأله عن شيعة أبي عبد الله عليه السلام فكتمه فقال:
أتكتمني ؟ أما إنك إن كتمتني قتلتك فقال المعلى: بالقتل تهددني ؟ ! والله لو كانوا
تحت قدمي، ما رفعت قدمي عنهم، وإن أنت قتلتني لتسعدني ولتشقين فلما أراد قتله قال
المعلى: أخرجني إلى الناس، فإن لي أشياء كثيرة، حتى اشهد بذلك، فأخرجه إلى السوق،
فلما اجتمع الناس قال: أيها الناس اشهدوا أن ما تركت من مال عين أو دين أو أمة أو
عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجفعر ابن محمد عليهما السلام فقتل (1). ابن بابويه
القمي في دلائل الائمة ومعجزاتهم قال أبو بصير: دخلت المدينة وكانت معي جويرية لي
فأصبت منها، ثم خرجت إلى الحمام، فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى الصادق عليه
السلام، فخفت أن يسبقوني، ويفوتني الدخول عليه، فمشيت معهم حتى دخلت الدار معهم
فلما مثلت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام نظر إلي ثم قال: يا أبا بصير أما علمت
أن بيوت الانبياء وأولاد الانبياء، لا يدخلها الجنب، فاستحييت وقلت: يا ابن رسول
الله إني لقيت أصحابنا، وخفت أن يفوتني الدخول معهم، ولن أعود إلى مثلها أبدا. وفي
كتاب الدلالات، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني قال أبو بصير: اشتهيت دلالة
الامام فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا جنب فقال: يا أبا محمد ما كان لك
فيما كنت فيه شغل، تدخل على إمامك وأنت جنب، فقلت: جعلت فداك ما عملته إلا عمدا
قال: أولم تؤمن ؟ قلت: بلى ولكن ليطمئن قلبي قال:
(1) نفس المصدر ج 3 ص 352.
[130]
فقم يا أبا محمد فاغتسل الخبر (1). 177 -
يج: عن أبي بصير مثله. 178 - قب: عبد الرحمان بن سالم، عن أبيه قال: لما قدم أبو
عبد الله عليه السلام إلى أبي جعفر فقال أبو حنيفة لنفر من أصحابه: انطلقوا بنا إلى
إمام الرافضة نسأله عن أشياء نحيره فيها، فانطلقوا، فلما دخلوا إليه نظر إليه أبو
عبد الله فقال: أسألك بالله يا نعمان لما صدقتني عن شئ أسألك عنه، هل قلت لاصحابك:
مروا بنا إلى إمام الرافضة فنحيره ؟ فقال: قد كان ذلك قال: فسل ما شئت القصة (2).
أبو العباس البقباق قال تزارا ابن أبي يعفور، والمعلى بن خنيس فقال ابن أبي يعفور:
الاوصياء علماء أتقياء أبرار وقال ابن خنيس: الاوصياء أنبياء قال: فدخلا على أبي
عبد الله عليه السلام قال: فلما استقر مجلسهما قال عليه السلام: أبرأ ممن قال: إنا
أنبياء (3). بيان: قال الفيروز آبادي: (4) زرر كسمع تعدى على خصمه، والمزارة:
المعاضة. 179 - قب: سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وقد اجتمع
إلي ماله فأحببت دفعه إليه، وكنت حبست منه دينارا، لكي أعلم أقاويل الناس فوضعت
المال بين يديه فقال لي: يا سدير خنتنا، ولم ترد بخيانتك إيانا قطيعتنا قلت: جعلت
فداك وما ذاك ؟ قال: أخذت شيئا من حقنا لتعلم كيف مذهبنا قلت: صدقت جعلت فداك، إنما
أردت أن أعلم قول أصحابي فقال لي: أما علمت أن كل ما يحتاج إليه نعلمه، وعندنا ذلك،
أما سمعت قول الله تعالى " وكل شئ
(1) نفس المصدر ج 3 ص 353. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 353. (3) نفس المصدر ج 3 ص 354. (4) القاموس ج 2 ص 38 - 39.
[131]
أحصيناه في إمام مبين " (1) اعلم أن علم
الانبياء محفوظ في علمنا، مجتمع عندنا وعلمنا من علم الانبياء، فأين يذهب بك ؟ !
قلت: صدقت جعلت فداك (2). 180 - قب (3) عم: من نوادر الحكمة عثمان بن عيسى، عن
إبراهيم بن عبد الحميد قال: خرجت إلى قبا لاشتري نخلا فلقيته عليه السلام وقد دخل
المدينة فقال: أين تريد ؟ فقلت: لعلنا نشتري نخلا فقال: أو أمنتم الجراد ؟ فقلت: لا
والله لا أشتري نخلة، فوالله ما لبثنا إلا خمسا، حتى جاء من الجراد ما لم يترك في
النخل حملا (3). 181 - قب: ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة أن محمد بن عبد الله بن
الحسن قال لابي عبد الله عليه السلام: والله إني لاعلم منك، وأسخى وأشجع، فقال له:
أما ما قلت: إنك أعلم مني، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة من كد يده فسمهم لي ! وإن
أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت. وأما ما قلت: إنك أسخى مني فو الله ما بت ليلة
ولله علي حق يطالبني به، و أما ما قلت: إنك أشجع مني فكأني أرى رأسك وقد جئ به ووضع
على جحر الزنابير، يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا قال: فحكى ذلك لابيه فقال: يا
بني آجرني الله فيك، إن جعفرا أخبرني أنك صاحب جحر الزنابير. أبو الفرج الاصفهاني
في مقاتل الطالبيين (5) لما بويع محمد بن عبد الله بن الحسن على أنه مهدي هذه الامة
جاء أبوه عبد الله إلى الصادق عليه السلام وقد كان ينهاه، وزعم أنه يحسده فضرب
الصادق عليه السلام يده على كتف عبد الله وقال: إيها ! والله ما هي إليك ولا إلى
ابنك، وإنما هي لهذا يعني السفاج، ثم لهذا يعني المنصور، يقتله على أحجار الزيت، ثم
يقتل أخاه بالطفوف، وقوائم فرسه في الماء، فتبعه المنصور فقال:
(1) سورة يس الاية 12. (2) المناقب ج 3 ص
354. (3) نفس المصدر ج 3 ص 355. (4) اعلام الورى ص 269 وقبا: بالضم قرية قرب
المدينة. (5) مقاتل الطالبيين ص 255 - 256 بتفاوت.
[132]
ما قلت يا أبا عبد الله ؟ فقال: ما سمعته
وإنه لكائن قال: فحدثني من سمع المنصور أنه قال: انصرفت من وقتي فهيأت أمري فكان
كما قال. وروي أنه لما أكبر المنصور أمر ابني عبد الله استطلع حالهما منه فقال
الصادق عليه السلام: ما يؤل إليه حالهما أتلو عليك آية فيها منتهى علمي وتلا " لئن
اخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا
ينصرون " (1) فخر المنصور ساجدا وقال: حسبك أبا عبد الله. ابن كادش العكبري في
مقاتل العصابة العلوية كتابة لما بلغ أبا مسلم موت إبراهيم الامام وجه بكتبه إلى
الحجاز إلى جعفر بن محمد عليه السلام وعبد الله بن الحسن ومحمد ابن علي بن الحسين
يدعو كل واحد منهم إلى الخلافة، فبدأ بجعفر فلما قرأ الكتاب أحرقه وقال: هذا
الجواب، فأتى عبد الله بن الحسن فلما قرأ الكتاب قال: أنا شيخ ولكن ابني محمد مهدي
هذه الامة فركب وأتى جعفرا فخرج إليه ووضع يده على عنق حماره وقال: يا أبا محمد ما
جاء بك في هذه الساعة ؟ فأخبره فقال: لا تفعلوا فإن الامر لم يأت بعد، فغضب عبد
الله بن الحسن وقال: لقد علمك خلاف ما تقول، و لكنه يحملك على ذلك الحسد لابني
فقال: والله ما ذلك يحملني، ولكن هذا و إخوته وأبناؤه دونك، وضرب بيده على ظهر أبي
العباس السفاح، ثم نهض، فاتبعه عبد الصمد بن علي، وأبو جعفر محمد بن علي بن عبد
الله بن العباس فقالا له: أتقول ذلك ؟ قال: نعم والله أقول ذلك وأعلمه (2). زكار بن
أبي زكار الواسطي قال: قبل رجل رأس أبي عبد الله عليه السلام فمس أبو عبد الله
ثيابه وقال: ما رأيت كاليوم أشد بياضا ولا أحسن منها ! ! فقال: جعلت فداك هذه ثياب
بلادنا، وجئتك منها بخير من هذه قال: فقال: يا معتب اقبضها منه ثم خرج الرجل فقال
أبو عبد الله عليه السلام: صدق الوصف، وقرب الوقت، هذا صاحب الرايات السود الذي
يأتي بها من خراسان، ثم قال: يا معتب الحقه فسله ما اسمه
(1) سورة الحشر الاية: 12. (2) المناقب ج
3 ص 355.
[133]
ئم قال: إن كان عبد الرحمن فهو والله هو
قال: فرجع معتب فقال: قال: اسمي عبد الرحمن، قال: فلما ولي ولد العباس نظرت إليه
فإذا هو عبد الرحمن أبو مسلم. وفي رامش أفزاي أن أبا مسلم الخلال وزير آل محمد عرض
الخلافة على الصادق عليه السلام قبل وصول الجند إليه، فأبى وأخبره أن إبراهيم
الامام لا يصل من الشام إلى العراق، وهذا الامر لاخويه: الاصغر ثم الاكبر، ويبقى في
أولاد الاكبر، وأن أبا مسلم بقي بلا مقصود، فلما أقبلت الرايات كتب أيضا بقوله
وأخبره أن سبعين ألف مقاتل وصل إلينا فننتظر أمرك فقال: إن الجواب كما شافهتك، فكان
الامر كما ذكر، فبقي إبراهيم الامام في حبس مروان، وخطب باسم السفاح. وقرأت في بعض
التواريخ لما أتى كتاب أبي مسلم الخلال إلى الصادق عليه السلام بالليل قرأه ثم وضعه
على المصباح فحرقه فقال له الرسول - وظن أن حرقه له تغطية وستر وصيانة للامر: هل من
جواب ؟ قال: الجواب ما قد رأيت. وقال: أبو هريرة الابار صاحب الصادق عليه السلام:
ولما دعا الداعون مولاي لم يكن * ليثني إليه عزمه بصواب ولما دعوه بالكتاب أجابهم *
بحرق الكتاب دون رد جواد وما كان مولاي كمشري ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بثواب
ولكنه لله في الارض حجة * دليل إلى خير وحسن مآب (1) 182 - قب: إسحاق، وإسماعيل،
ويونس بنو عمار أنه استحال وجه يونس إلى البياض فنظر الصادق عليه السلام إلى جبهته
فصلى ركعتين، ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: "
يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم يا رحيم يا رحيم يا أرحم
الراحمين يا سميع الدعوات يا معطي الخيرات، صل على محمد وعلى أهل بيته الطاهرين
الطيبين واصرف عني شر الدنيا وشر الآخرة وأذهب
(1) نفس المصدر ج 3 ص 356.
[134]
عني شر الدنيا وشر الآخرة، وأذهب عني ما
بي، فقد غاظني ذلك وأحزنني " قال: فوالله ما خرجنا من المدينة حتى تناثر عن وجهه
مثل النخالة وذهب، قال الحكم ابن مسكين: ورأيت البياض بوجهه، ثم انصرف وليس في وجهه
شئ (1). معاوية بن وهب: صدع ابن لرجل من أهل مرو فشكا ذلك إلى أبي عبد الله عليه
السلام فقال: ادنه مني قال: فمسح على رأسه ثم قال: " إن الله يمسك السماوات والارض
أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد بعده " فبرأ باذن الله (2). 183 - يج (3)
قب: هشام بن الحكم قال: كان رجل من ملوك أهل الجبل يأتي الصادق عليه السلام في حجة
كل سنة، فينزله أبو عبد الله عليه السلام في دار من دوره في المدينة، وطال حجه
ونزوله فأعطى أبا عبد الله عليه السلام عشرة آلاف درهم ليشتري له دارا وخرج إلى
الحج، فلم انصرف قال: جعلت فداك اشتريت لي الدار ؟ قال: نعم، وأتى بصك فيه " بسم
الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى جعفر بن محمد لفلان ابن فلان الجبلي: اشترى له
دارا في الفردوس، حدها الاول رسول الله صلى الله عليه وآله والحد الثاني أمير
المؤمنين، والحد الثالث الحسن بن علي، والحد الرابع الحسين بن علي " فلما قرأ الرجل
ذلك قال: قد رضيت جعلني الله فداك قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: إني أخذت
ذلك المال ففرقته في ولد الحسن والحسين وأرجو أن يتقبل الله ذلك، ويثيبك به الجنة
قال: فانصرف الرجل إلى منزله وكان الصك معه، ثم اعتل علة الموت، فلما حضرته الوفاة
جمع أهله وحلفهم أن يجعلوا الصك معه، ففعلوا ذلك، فلما أصبح القوم غدوا إلى قبره،
فوجدوا الصك على ظهر القبر مكتوب عليه: وفى لي والله جعفر بن محمد بما قال. (4).
184 - قب: قرأت في شوف العروس، عن أبي عبد الله الدامغاني أنه سمع ليلة
(1) المناقب ج 3 ص 358. (2) نفس المصدر ج
3 ص 359. (3) الخرائج والجرائح ص 200. (4) المناقب ج 3 ص 359.
[135]
المعراج من بطنان العرش قائلا يقول: من
يشتري قبة في الخلد ثابتة * في ظل طوبى رفيعات مبانيها دلالها المصطفى والله بائعها
* ممن أراد وجبريل مناديها (1) 185 - كشف (2) قب: يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال:
قلت لابي عبد الله عليه السلام: فلان يقرأ عليك السلام وفلان وفلان فقال وعليهم
السلام: قلت: يسألونك الدعاء فقال: ما لهم ؟ قلت: حبسهم أبو جعفر المنصور فقال: وما
لهم وماله ؟ قلت: استعملهم
(1) نفس المصدر ج 3 ص 359. (2) كشف الغمة
ج 2 ص 440 ويعجبنى في المقام ما قاله على بن عيسى الاربلي في كتابه المذكور واليك
نصه: قلت: هذا الحكم أبعده الله جار في حكمه، ونادى على نفسه بكذبه وظلمه، والامر
بخلاف ما قال على رغمه [زعمه] وبيان ذلك: أن زيدا رضى الله عنه لم يكن مهديا، ولو
كان لم يكن ذلك ما نعا من صلبه، فان الانبياء عليهم السلام قد نيل منهم امور عظيمة،
وكفى أمر يحيى وزكريا عليهما السلام وفى قتلات جرجيس عليه السلام المتعددة كفاية،
وقتل الانبياء [والاولياء] والاوصياء وصلبهم واحراقهم انما يكون طعنا فيهم لو كان
من قبل الله تعالى، فاما إذا كان من الناس فلا بأس، فالنبى صلى الله عليه وآله شج
جبينه وكسرت رباعيته ومات بأكلة خيبر مسموما، فليكن ذلك قدحا في نبوته صلى الله
عليه وآله. وأما قوله: " وقستم بعثمان عليا " فهذا كذب بحت وزور صريح، فانا لم نقسه
به ساعة قط. وأما قوله: " وعثمان خير من على وأطيب ". فانا لا نزاحمه في اعتقاده،
ويكفيه ذلك ذخيرة لمعاده فهو أدرى بما اختاره من مذهبه، وقد جنى معجلا ثمرة كذبه.
والله يتولى مجازاته يوم منقلبه، فلنا علينا وله عثمانه: وعلى كل امرى منا ومنه
اساءته واحسانه. فدام لى ولهم ما بى وما بهم * ومات أكثرنا غيظا بما يجد وإذا كان
القتل والصلب وأمثالهما عنده موجبا للنقيصة وقادحا في الامامة، فكيف اختار عثمان
وقال بامامته، وقد كان من قتله ما كان، وبالله المستعان على أمثال هذا الهذيان.
[136]
فحبسهم فقال: وما لهم وماله ألم أنههم هم
النار ثم قال: اللهم اخدع عنهم سلطانه قال: فانصرفنا فاذاهم قد اخرجوا. وبلغ الصادق
عليه السلام قول الحكيم بن العباس الكلبي: صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر
مهديا على الجذع يصلب وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب فرفع
الصادق عليه السلام يديه إلى السماء وهما يرعشان فقال: اللهم إن كان عبدك كاذبا
فسلط عليه كلبك، فبعثه بنو امية إلى الكوفة، فبينما هو يدور في سككها إذا افترسه
الاسد، واتصل خبره بجعفر عليه السلام فخر لله ساجدا ثم قال: الحمد لله الذي أنجزنا
ما وعدنا (1). 186 - قب: محمد بن الفيض، عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبو جعفر
الدوانيق للصادق عليه السلام: تدري ما هذا ؟ قال: وما هو ؟ قال: جبل هناك يقطر منه
في السنة قطرات فيجمد فهو جيد للبياض يكون في العين، يكحل به فيذهب بإذن الله، قال:
نعم أعرفه وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله، هذا جبل كان عليه نبي من أنبياء بني إسرائيل
هاربا من قومه فعبد الله عليه، فعلم قومه فقتلوه، فهو يبكي على ذلك النبي، وهذه
القطرات من بكائه له، ومن الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء بالليل والنهار، ولا
يوصل إلى تلك العين. المفضل بن عمر قال: وجه المنصور إلى حسن بن زيد وهو واليه على
الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره، فألقى النار في دار أبي عبد الله عليه
السلام فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطى النار
ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله (2). بيان: رأيت
في بعض الكتب أن أعراق الثرى كناية عن إسماعيل عليه السلام ولعله إنما كنى عنه بذلك
لان أولاده انتشروا في البراري.
(1) المناقب ج 3 ص 360. (2) نفس المصدر ج
3 ص 362.
[137]
187 - قب: مهزم، عن أبي بردة قال: دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام قال: ما فعل زيد ؟ قلت: صلب في كناسة بني أسد، فبكى
حتى بكت النساء من خلف الستور ثم قال: أما والله لقد بقي لهم عنده طلبة ما أخذوها
منه، فكنت أتفكر من قوله حتى رأيت جماعة قد أنزلوه يريدون أن يحرقوه، فقلت: هذه
الطلبة التي قال لي (1). وأجاز في المنتهى الحسن الجرجاني في بصائر الدرجات بثلاثة
طرق أنه دخل رجل على الصادق عليه السلام فلمزه رجل من أصحابنا فقال الصادق عليه
السلام: وأخذ على شيبته: إن كنت لا أعرف الرجل إلا بما ابلغ عنهم فبئست الشيبة
شيبتي (2). وقال أبو الصباح الكناني: قلت لابي عبد الله عليه السلام إن لنا جارا من
همدان يقال له الجعد بن عبد الله يسب أمير المؤمنين عليه السلام أفتأذن لي أن أقلته
؟ قال: إن الاسلام قيد الفتك، ولكن دعه فستكفى بغيرك قال: فانصرفت إلى الكوفة فصليت
الفجر في المسجد وإذا أنا بقائل يقول: وجد الجعد بن عبد الله على فراشه مثل الزق
المنفوخ ميتا، فذهبوا يحملونه إذا لحمه سقط عن عظمه، فجمعوه على نطع وإذا تحته أسود
فدفنوه (3). بيان: قال الجزري: (4) فيه الايمان قيد الفتك أي الايمان يمنع من
القتك، كما يمنع القيد عن التصرف، والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد
عليه فيقتله. 188 - قب: بصائر الدرجات، عن سعد القمي قال أبو الفضل بن دكين: حدثني
محمد بن راشد، عن أبيه، عن جده قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام علامة فقال:
سلني ما شئت اخبرك إن شاء الله، فقلت: أخا لي بات في هذه المقابر فتأمره أن يجيئني
قال: فما كان اسمه ؟ قلت: أحمد، قال: يا أحمد قم باذن الله وباذن
(1) نفس المصدر ج 3 ص 362. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 364. (3) نفس المصدر ج 3 ص 364. (4) النهاية ج 3 ص 182. (*)
[138]
جعفر بن محمد فقام والله وهو يقول: أتيته.
علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي: استأذن لي على أبي عبد
الله عليه السلام فاستأذنت له، فلما دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك إني كنت في
ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه فقال أبو عبد الله
عليه السلام: لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم، ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم،
ويشهد جماعتهم، لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم، ما وجدوا شيئا إلا
ما وقع في أيديهم، فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي من مخرج منه ؟ قال: إن قلت لك تفعل
؟ قال: أفعل قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله،
ومن لم تعرف تصدقت به وأنا أضمن لك على الله الجنة، قال: فأطرق الفتى طويلا فقال:
قد فعلت جعلت فداك قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على
وجه الارض إلا خرج منه، حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال: فقسمنا له قسمة واشترينا
له ثيابا وبعثنا له بنفقة قال: فما أتى عليه أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده قال.
فدخلت عليه يوما وهو في السياق ففتح عينيه ثم قال: يا على وفى لي والله صاحبك قال:
ثم مات فولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فلما نظر إلي
قال: يا علي وفينا والله لصاحبك قال: فقلت: صدقت جعلت فداك هكذا قال لي والله عند
موته (1). داود الرقي قال: خرج أخوان لي يريدان المزار فعطش أحدهما عطشا شديدا، حتى
سقط من الحمار، وسقط الاخر في يده، فقال فصلى ودعا الله ومحمدا وأمير المؤمنين
والائمة عليهم السلام كان يدعو واحدا بعد واحد حتى بلغ إلى آخرهم جعفر بن محمد
عليهما السلام، فلم يزل يدعوه ويلوذ به، فإذا هو برجل قد قام عليه وهو يقول: يا هذا
ما قصتك فذكر له حاله، فناوله قطعة عود وقال: ضع هذا بين شفتيه ففعل ذلك فإذا هو قد
فتح عينيه واستوى جالسا، ولا عطش به، فمضى حتى زار
(1) المناقب ج 3 ص 365.
[139]
القبر فلما انصرفا إلى الكوفة أتى صاحب
الدعاء المدينة فدخل على الصادق عليه السلام فقال له: اجلس ما حال أخيك ؟ أين العود
؟ فقال: يا سيدي إني لما اصبت بأخي اغتممت غما شديدا فلما رد الله عليه روحه نسيت
العود من الفرح، فقال الصادق عليه السلام: أما إنه ساعة صرت إلى غم أخيك أتاني أخي
الخضر، فبعثت إليك على يديه قطعة عود من شجرة طوبى، ثم التفت إلى خادم له فقال: علي
بالسفط فأتى به، ففتحه وأخرج منه قطعة العود بعينها، ثم أراها إياه حتى عرفها، ثم
ردها إلى السفط. داود النيلي قال: خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام إلى الحج، فلما
كان أوان الظهر قال لي: يا داود اعدل عن الطريق، حتى نأخذ اهبة الصلاة، فقلت: جعلت
فداك أو ليس نحن في أرض قفر لا ماء فيها ؟ فقال لي: ما أنت وذاك ! ؟ قال: فسكت
وعدلنا عن الطريق، فنزلنا في أرض قفر لا ماء فيها، فركضها برجله فنبع لنا عين ماء
يسيب كأنه قطع الثلج، فتوضأ وتوضيت ثم أدينا ما علينا من الفرض، فلما هممنا بالمسير
التفت فإذا بجذع نخر فقال لي: يا داود أتحب أن اطعمك منه رطبا ؟ فقلت: نعم قال:
فضرب بيده إلى الجذع فهزه فاخضر من أسفله إلى أعلاه قال: ثم اجتذبه الثانية،
فأطعمنا اثنين وثلاثين نوعا من أنواع الرطب، ثم مسح بيده عليه فقال: عد نخرا بإذن
الله تعالى قال: فعاد كسيرته الاولى. أمالي أبي المفضل قال أبو حازم عبد الغفار بن
الحسن: قدم إبراهيم بن أدهم الكوفة وأنا معه، وذلك على عهد المنصور، وقدمها جعفر بن
محمد العلوي فخرج جعفر عليه السلام يريد الرجوع إلى المدينة فشيعه العلماء وأهل
الفضل من أهل الكوفة، وكان فيمن شيعه سفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، فتقدم
المشيعون له فإذا هم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم: قفوا حتى يأتي جعفر
فننظر ما يصنع فجاء جعفر عليه السلام فذكروا له الاسد، فأقبل حتى دنا من الاسد فأخذ
باذنه فنحاه عن الطريق، ثم أقبل عليهم، فقال: أما إن الناس لو أطاعوا الله حق طاعته
لحملوا
[140]
عليه أثقالهم (1). وفي كتاب الدلالات
بثلاثة طرق عن الحسين بن أبي العلاء، وعلي بن أبي حمزة، وأبي بصير قالوا: دخل رجل
من أهل خراسان على أبي عبد الله عليه السلام فقال له: جعلت فداك إن فلان بن فلان
بعث معي بجارية وأمرني أن أدفعها إليك قال: لا حاجة لي فيها وإنا أهل بيت لا يدخل
الدنس بيوتنا فقال له الرجل: والله جعلت فداك لقد أخبرني أنها مولدة بيته، وأنا
ربيبته في حجره قال: إنها قد فسدت عليه قال: لا علم لي بهذا، فقال أبو عبد الله
عليه السلام: ولكني أعلم أن هذا هكذا (2). 189 - يج: من الحسين مثله (3). 190 - عم
(4) قب: علي بن إسماعيل، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن
لنا أموالا ونحن نعامل الناس، وأخاف إن حدث حدث أن تفرق أموالنا قال: فقال: اجمع
أموالك في كل شهر ربيع، فمات إسحاق في شهر ربيع (5). 191 - كش: حمدويه وإبراهيم، عن
أيوب، عن ابن المغيرة، عن علي بن إسماعيل مثله (6). 192 - قب (7) نجم: باسنادنا إلى
الحميري، في كتاب الدلائل باسناده عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه
السلام يقول لي ذات يوم: بقي من أجلي خمس
(1) نفس المصدر ج 3 ص 366. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 368. (3) الخرائج والجرائح ص 232. (4) اعلام الورى ص 270. (5) المناقب ج 3 ص
368. (6) رجال الكشى ص 257. (7) المناقب ج 3 ص 320.
[141]
سنين فحسب ذلك فما زاده ولا نقص (1). 193
- نى: سلامة بن محمد، عن علي بن عمر المعروف بالحاجي، عن ابن القاسم العلوي
العباسي، عن جعفر بن محمد الحسني، عن محمد بن كثير، عن أبي أحمد بن موسى عن داود بن
كثير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بالمدينة فقال لي: ما الذي أبطأ بك يا
داود عنا ؟ فقلت: حاجة عرضت بالكوفة فقال: من خلفت بها ؟ فقلت: جعلت فداك خلفت بها
عمك زيدا تركته راكبا على فرس متقلدا سيفا ينادي بأعلى صوته: سلوني سلوني قبل أن
تفقدوني في جوانحي علم جم قد عرفت الناسخ من المنسوخ، والمثاني والقرآن العظيم،
وإني العلم بين الله وبينكم، فقال لي: يا داود، لقد ذهب بك المذاهب، ثم نادي يا
سماعة بن مهران ائتني بسلة الرطب، فتناول منها رطبة، فأكلها واستخرج النواة من فيه،
فغرسها في أرض، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأعذقت، فضرب بيده إلى بسرة من عذق فشقها،
واستخرج منها رقا أبيض، ففضه ودفعه إلي وقال: اقرأه فقرأته وإذا فيه سطران السطر
الاول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله والثاني " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر
شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم " (2):
أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليه السلام، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن
الحسين، محمد بن علي جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن
محمد الحسن بن علي، الخلف الحجة. ثم قال: يا داود أتدري متى كتب هذا قلت: الله أعلم
ورسوله وأنتم، قال: قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام (3). 194 - كشف: عن محمد بن
طلحة قال: قال ليث بن سعد: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فأتيت مكة، فلما صليت العصر
رقيت أبا قبيس، وإذا أنا برجل جالس وهو
(1) فرج المهموم ص 229. (2) سورة التوبة
الاية: 36. (3) غيبة النعماني ص 42.
[142]
يدعو فقال: يا رب يا رب، حتى انقطع نفسه،
ثم قال: رب رب، حتى انقطع نفسه ثم قال: يا الله يا الله، حتى انقطع نفسه ثم قال: يا
حي يا حي حتى انقطع نفسه، ثم قال: يا رحيم يا رحيم حتى انقطع نفسه، ثم قال: يا أرحم
الراحمين حتى انقطع نفسه سبع مرات ثم قال: اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه،
اللهم وإن بردي قد أخلقا، قال الليث: فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوة
عنبا، وليس على الارض يومئذ عنب، وبردين جديدين موضوعين، فأراد أن يأكل فقلت له:
أنا شريكك فقال لي: ولم ؟ فقلت: لانك كنت تدعو وأنا اؤمن فقال لي: تقدم فكل ولا
تخبأ شيئا فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له (1) فأكلت حتى
شبعت، والسلة لن تنقص ثم قال لي: خذ أحد البردين إليك، فقلت: أما البردان فإني غني
عنهما فقال لي: توار عني حتى ألبسهما، فتواريت عنه فاتزر بالواحد، وارتدى بالاخر،
ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه، فجعلهما على يده ونزل، فاتبعته، حتى إذا كان
بالمسعى لقيه رجل فقال: اكسني كساك الله، فدفعهما إليه، فلحقت الرجل فقلت: من هذا
قال: هذا جعفر بن محمد عليهما السلام قال الليث: فطلبته لاسمع منه فلم أجده، فيا
لهذه الكرامة ما أسناها، ويال لهذه المنقبة ما أعظم صورتها ومعناها (2). أقول: ثم
قال علي بن عيسى: حديث الليث مشهور، وقد ذكره جماعة من الرواة، ونقلة الحديث، وأول
ما رأيته في كتبا المستغيثين تأليف الفقيه العالم أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن
مسعود بن يشكول رحمه الله، وهذا الكتاب قرأته على الشيخ العدل رشيد الدين أبي عبد
الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم، وهو قرأه على الشيخ العالم محيي
الدين استاد دار الخلافة أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، وهو يرويه عن
مؤلفه إجازة وكانت قراءتي في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة، بداري المطلة على
دجلة ببغداد عمرها الله تعالى، وقد أورد
(1) العجم: بالتحريك وكغراب " عجام " نوى
كل شئ. (2) كشف الغمة ج 2 ص 376.
[143]
هذا الحديث جماعة من الاعيان، وذكره الشيخ
الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صفة الصفوة (1) وكلهم يرويه عن
الليث، وكان ثقة معتبرا. 195 - كشف: من كتاب الدلائل للحميري عن أبي بصير قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام ذات يوم جالسا إذا قال: يا أبا محمد هل تعرف إمامك ؟
قلت: إي والله الذي لا إله إلا هو وأنت هو، ووضعت يدي على ركبته أو فخذه فقال عليه
السلام: صدقت قد عرفت فاستمسك به، قلت: اريد أن تعطيني علامة الامام قال: يا أبا
محمد ليس بعد المعرفة علامة، قلت: أزداد إيمانا ويقينا قال: يا أبا محمد ترجع إلى
الكوفة، وقد ولد لك عيسى، ومن بعد عيسى محمد، ومن بعدهما ابنتان، واعلم أن ابنيك
مكتوبان عندنا في الصحيفة الجامعة مع أسماء شيعتنا، وأسماء آباءهم وامهاتهم،
وأجدادهم وأنسابهم، وما يلدون إلى يوم القيامة، وأخرجها فإذا هي صفراء مدرجة (2).
196 - يج: عن أبي بصير مثله (3). 197 - كشف: من كتاب الدلائل عن زيد الشحام قال:
قال لي أبو عبد الله يا زيدكم أتى لك سنة ؟ قلت: كذا وكذا قال: يا أبا اسامة أبشر
فأنت معنا، وأنت من شيعتنا، أما ترضى أن تكون معنا ؟ قلت: بلى يا سيدي، فكيف لي أن
أكون معكم ؟ فقال: يا زيد إن الصراط إلينا وإن الميزان إلينا، وحساب شيعتنا إلينا
والله يا زيد إني أرحم بكم من أنفسكم، والله لكأني أنظر إليك وإلى الحارث بن
المغيرة النضري في الجنة، في درجة واحدة. وعن عبد الحميد بن أبي العلا وكان صديقا
لمحمد بن عبد الله بن الحسين وكان به خاصا فأخذه أبو جعفر فحبسه في المضيق زمانا ثم
إنه وافى الموسم فلما كان يوم عرفة لقيه أبو عبد الله عليه السلام في الموقف فقال:
يا أبا محمد ما فعل صديقك عبد الحميد ؟
(1) صفة الصفوة ج 4 ص 97. (2) كشف الغمة ج
2 ص 420. (3) الخرائج والجرائح ص 232.
[144]
فقلت: أخذه أبو جعفر فحبسه في المضيق
زمانا، فرفع أبو عبد الله عليه السلام يده ساعة ثم التفت إلى محمد بن عبد الله
فقال: يا محمد قد والله خلي سبيل صاحبك، قال محمد: فسألت عبد الحميد أي ساعة أخرجك
أبو جعفر عليه السلام ؟ قال: أخرجني يوم عرفة بعد العصر (1). 198 - قب: من كتاب
الدلالات عن حنان قال: حبس أبو جعفر عبد الحميد وذكره مثله (2). 99 - كشف: من
الكتاب المذكور قيل: أراد عبد الله بن محمد الخروج مع زيد فنهاه أبو عبد الله عليه
السلام، وعظم عليه، فأبى إلا الخروج مع زيد فقال له: لكأني والله بك بعد زيد، وقد
خمرت كما يخمر النساء، وحملت في هودج، وصنع بك ما يصنع بالنساء، فلما كان من أمر
زيد ما كان، جمع أصحابنا لعبد الله بن محمد دنانير وتكاروا له، وأخذوه حتى إذا
صاروا به إلى الصحراء وشيعوه، فتبسم فقالوا له: ما الذي أضحكك ؟ فقال: والله تعجبت
من صاحبكم، إني ذكرت وقد نهاني عن الخروج، فلم اطعه وأخبرني بهذا الامر الذي أنا
فيه وقال: لكأني بك وقد خمرت كما يخمر النساء، وجعلت في هودج، فعجبت (3). وعن مالك
الجهني قال: إني يوما عند أبي عبد الله عليه السلام وأنا احدث نفسي بفضل الائمة من
أهل البيت، إذأ قبل علي أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا مالك أنتم والله شيعتنا
حقا، لا ترى أنك أفرطت في القول وفي فضلنا، يا مالك إنه ليس يقدر على صفة الله وكنه
قدرته وعظمته، ولله المثل الاعلى، وكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق المؤمن ويقوم به،
كما أوجب الله له على أخيه المؤمن، يا مالك إن المؤمنين ليلتقيان فيصافح كل واحد
منهما صاحبه، فلا يزال الله ناظرا إليهما بالمحبة والمغفرة، وإن الذنوب لتتحات عن
وجوههما حتى يفترقا، فمن يقدر على صفة من هو هكذا عند الله ؟.
(1) كشف الغمة ج 2 ص 421. (2) المناقب ج 3
ص 360. (3) كشف الغمة ج 2 ص 422. (*)
[145]
وعن رفاعة بن موسى قال: كنت عند أبي عبد
الله عليه السلام ذات يوم جالسا، فأقبل أبو الحسن إلينا، فأخذته فوضعته في حجري
وقبلت رأسه وضممته إلي، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا رفاعة أما إنه سيصير
في يد آل العباس، ويتخلص منهم، ثم يأخذونه ثانية فيعطب في أيديهم (1). وعن بكر بن
أبي بكر الحضرمي قال: حبس أبو جعفر أبي فخرجت إلى أبي عبد الله عليه السلام فأعلمته
ذلك فقال: إني مشغول بابني إسماعيل، ولكن سأدعو له قال: فمكثت أياما بالمدينة فأرسل
إلي أن ارحل فإن الله قد كفاك أمر أبيك فأما إسماعيل فقد أبى الله إلا قبضه، قال:
فرحلت وأتيت مدينة ابن هبيرة، فصادفت أبا جعفر راكبا، فصحت إليه: أبي أبو بكر
الحضرمي شيخ كبير فقال: إن ابنه لا يحفظ لسانه، خلوا سبيله (2). وعن مرازم قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام وهو بمكة: يا مرازم لو سمعت رجلا يسبني ما كنت صانعا ؟
قلت: كنت أقتله، قال: يا مرازم إن سمعت من يسبني فلا تصنع به شيئا قال: فخرجت من
مكة عند الزوال في يوم حار، فألجأني الحر إلى أن عبرت إلى بعض القباب، وفيها قوم،
فنزلت معهم، فسمعت بعضهم يسب أبا عبد الله عليه السلام فذكرت قوله، فلم أقل شيئا،
ولولا ذلك لقتلته. قال أبو بصير: كان لي جار يتبع السلطان، فأصاب مالا فاتخذ قيانا،
وكان يجمع الجموع ويشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غير مرة، فلم ينته، فلما
ألححت عليه قال: يا هذا أنا رجل مبتلى، وأنت رجل معافى، فلو عرفتني لصاحبك رجوت أن
يستنقذني الله بك، فوقع ذلك في قلبي، فلما صرت إلى أبي عبد الله عليه السلام ذكرت
له حاله، فقال لي: إذا رجعت إلى الكوفة، فانه سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد:
دع ما أنت عليه، وأضمن لك على الله الجنة، قال: فلما رجعت إلى الكوفة، أتاني فيمن
أتى فاحتبسته حتى خلا منزلي، فقلت: يا هذا إني ذكرتك
(1) نفس المصدر ج 2 ص 423. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 425.
[146]
لابي عبد الله عليه السلام فقال: أقرئه
السلام وقل له: يترك ما هو عليه، وأضمن له على الله الجنة، فبكى ثم قال: الله قال
لك جعفر عليه السلام هذا ؟ قال: فحلفت له أنه قال لي ما قلت لك، فقال لي: حسبك ومضى
فلما كان بعد أيام بعث إلي ودعاني، فإذا هو خلف باب داره عريان، فقال: يا أبا بصير
ما بقي في منزلي شئ إلا وخرجت عنه، وأنا كما ترى، فمشيت إلى إخواني فجمعت له ما
كسوته به، ثم لم يأت عليه إلا أيام يسيرة، حتى بعث إلي أني عليل فائتني، فجعلت
أختلف إليه واعالجه حتى نزل به الموت. فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، ثم غشي عليه
غشيه ثم أفاق فقال: يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا، ثم مات، فحججت فأتيت أبا عبد
الله عليه السلام فاستأذنت عليه، فلما دخلت قال مبتدئا من داخل البيت وإحدى رجلي في
الصحن والاخرى في دهليز داره: يا با بصير قد وفينا لصاحبك (1). 200 - كا: الحسين بن
محمد، عن المعلى، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير مثله (2) بيان: يتبع السلطان أي يوالي
خليفة الجور، ويتولى من قبله، والقيان جمع قينة بالفتح، وهي الامة المغنية، وفي
القاموس (3) الجمع جماعة الناس، و الجمع جموع، يؤذيني أي بالغناء ونحوه، مبتلى أي
ممتحن بالاموال والمناصب مغرور بها، فتسلط الشيطان علي فلا يمكنني تركها، أو أني مع
تلك الاحوال لا أرجو المغفرة، فلذا لا أترك لذاتي " الله " بالجر بتقدير حرف القسم،
حسبك أي هذا كاف لك فيما أردت من انتهائي عما كنت فيه، وفي النهاية (4) يجود بنفسه
أي يخرجها ويدفعها، كما يدفع الانسان ماله يجود به، والجود الكرم، يريد به أنه كان
في النزع وسياق الموت. 201 - كشف: من كتاب الدلائل عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت مع
أبي
(1) نفس المصدر ج 2 ص 426. (2) الكافي ج 1
ص 474. (3) القاموس ج 3 ص 14. (4) النهاية ج 1 ص 186.
[147]
عبد الله عليه السلام بين مكة والمدينة
إذا التفت عن يساره فرأى كلبا أسود فقال: ما لك قبحك الله ما أشد مسارعتك، وإذا هو
شبيه الطائر، فقال: هذا عثم بريد الجن، مات هشام الساعة، وهو يطير ينعاه في كل بلد
(1). 202 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن
الحكم، عن مالك بن عطية، عن الثمالي مثله (2). 203 - كشف: من كتاب الدلائل، عن
إبراهيم بن عبد الحميد قال: اشتريت من مكة بردة وآليت على نفسي أن لا تخرج عن ملكي
حتى تكون كفني فخرجت فيها إلى عرفة، فوقفت فيها الموقف، ثم انصرفت إلى جمع، فقمت
إليها في وقت الصلاة، فرفعتها أو طويتها شفقة مني عليها وقمت لاتوضأ ثم عدت فلم
أرها فاغتممت لذلك غما شديدا، فلما أصبحت وقمت لاتوضأ، أفضت مع الناس إلى منى، فاني
والله لفي مسجد الخيف إذ أتاني رسول أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يقول لك أبو
عبد الله أقبل إلينا الساعة، فقمت مسرعا حتى دخلت إليه وهو في فسطاط، فسلمت وجلست،
فالتفت إلي أو رفع رأسه إلي فقال: يا إبراهيم أتحب أن نعطيك بردة تكون كفنك ؟ قال:
قلت: والذي يحلف به إبراهيم لقد ضاعت بردتي قال: فنادى غلامه فأتى ببردة فإذا هي
والله بردتي بعينها، وطيي والله بيدي قال: فقال: خذها يا إبراهيم واحمد الله (3).
وعن هشام بن أحمر قال: كتب أبو عبد الله رقعة في حوائج لاشتريها، وكنت إذا قرأت
الرقعة خرقتها، فاشتريت الحوائج، وأخذت الرقعة فأدخلتها في زنفيلجتي (4) وقلت:
أتبرك بها قال: وقدمت عليه فقال: يا هشام اشتريت
(1) كشف الغمة ج 2 ص 424. (2) لم نعثر
عليه عاجلا. (3) كشف الغمة ج 2 ص 424. (4) الزنفليجة: بفتح الزاى والفاء وكسر
اللام، وحكى في لسان العرب كسر الزاى والفاء، ويقال: الزنفيلجة، اعجمي معرب " زين
فاله " وهو وعاء شبيه بالكنف وهو وعاء أداة الراعى، أو وعاء أسقاط التاجر، ويرجح
بعض الاساتذة انه الزنبيل محرفا. المعرب للجواليقى ص 170.
[148]
الحوائج ؟ قلت: نعم، قال: وخرقت الرقعة ؟
قلت: أدخلتها زنفيلجتي وأقفلت عليها الباب، أطلب البركة، وهو ذا المفتاح في تكتي
قال: فرفع جانب مصلاه وطرحها إلي، فقال: خرقها فخرقتها، ورجعت ففتشت الزنفيلجة فلم
أجد فيها شيئا (1). وعن مالك الجهني قال: كنا بالمدينة حين اجليت الشيعة، وصاروا
فرقا فتنحينا عن المدينة ناحية ثم خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم، وما قالت الشيعة، إلى
أن خطر ببالنا الربوبية، فما شعرنا بشئ إذا نحن بأبي عبد الله عليه السلام واقف على
حمار، فلم ندر من أين جاء فقال: يا مالك ويا خالد متى أحدثتما الكلام في الربوبية ؟
فقلنا: ما خطر ببالنا إلا الساعة فقال: اعلما أن لنا ربا يكلاؤنا بالليل والنهار،
نعبده، يا مالك ويا خالد قولوا، فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين فكررها علينا مرارا
وهو واقف على حماره (2). وعن أبي بكر الحضرمي قال: ذكرنا أمر زيد وخروجه عند أبي
عبد الله عليه السلام فقال: عمي مقتول، إن خرج قتل فقروا في بيوتكم، فوالله ما
عليكم بأس، فقال رجل من القوم: إن شآء الله. وعن داود بن أعين قال: تفكرت في قول
الله تعالى " وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون " (3). قلت: خلقوا للعبادة، ويعصون
ويعبدون غيره والله لاسألن جعفرا عن هذه الاية، فأتيت الباب، فجلست اريد الدخول
عليه، إذ رفع صوته فقرأ: " وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون " ثم قرأ " لا تدري
لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " (4) فعرفت أنها منسوخة (5).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 428. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 431. (3) سورة الذاريارت الاية: 56. (4) سورة الطلاق الاية 1. (5) كشف الغمة
ج 2 ص 433.
[149]
عن عمار السجستاني، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: كنت أجئ فأستأذن عليه فجئت ذات ليلة فجلست في فسطاطه بمنى فاستؤذن
لشباب كأنهم رجال زط (1) وخرج علي عيسى شلقان فذكرني له فأذن لي فقال: يا عمار متى
جئت ؟ قلت: قبل اولئك الشباب الذين دخلوا عليك وما رأيتهم خرجوا قال: اولئك قوم من
الجن سألوا عن مسائل ثم ذهبوا (2). وعن يونس بن أبي يعفور، عن أخيه عبد الله، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: مروان خاتم بني مروان، وإن خرج محمد بن عبد الله قتل
(3). 204 - كش: حمدويه، عن أبي أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن
سلام بن سعيد الجمحي، عن أسلم مولى محمد بن الحنفية قال: كنت مع أبي عبد حعفر عليه
السلام مسندا ظهري إلى زمزم، فمر عليها محمد بن عبد الله بن الحسن وهو يطوف بالبيت
فقال أبو جعفر عليه السلام: يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟ قلت: نعم، هذا محمد بن عبد
الله بن الحسن، قال أما إنه سيظهر ويقتل في حال مضييعة ثم قال: يا أسلم لا تحدث
بهذا الحديث أحدا فإنه عندك أمانة قال: فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما
أخذ علي قال: وكنا عند أبي جعفر عليه السلام غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله
معروف فقال: أخبرني عن هذا الحديث الذي حدثنيه فإني احب أن أسمعه منك قال: فالتفت
إلى أسلم فقال له: يا أسلم فقال له: جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الذي أخذته علي
قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم
لنا شكاكا، والربع الآخر أحمق (4).
(1) الزط: بالضم جيل من الهند معرب جت
بالفتح. (2) كشف الغمة ج 2 ص 434. (3) نفس المصدر ج 2 ص 431. (4) رجال الكشى ص 134.
[150]
205 - قب (1) عم: من كتاب نوادر الحكمة،
عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: دخل شعيب العقرقوفي على أبي عبد الله عليه
السلام ومعه صرة فيها دنانير فوضعها بين يديه فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
أزكاة أم صلة ؟ فسكت ثم قال: زكاة وصلة قال: فلا حاجة لنا في الزكاة قال: فقبض أبو
عبد الله قبضة فدفعها إليه، فلما خرج قال أبو بصير: قلت له: كم كانت الزكاة من هذه
؟ قال: بقدر ما أعطاني والله لم يزد حبة ولم ينقض حبة (2). أحمد بن محمد، عن محمد
بن فضيل، عن شهاب بن عبدربه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: كيف أنت إذا
نعاني إليك محمد بن سليمان قال: فلا والله ما عرفت محمد ابن سليمان، ولا علمت من
هو، قال: ثم كثر مالي وعرضت تجارتي بالكوفة والبصرة، فاني يوما بالبصرة عند محمد بن
سليمان وهو والي البصرة إذ ألقى إلي كتابا وقال لي: يا شهاب أعظم الله أجرك وأجرنا
في إمامك جعفر بن محمد قال: فذكرت الكلام فخنقتني العبرة، فخرجت فأتيت منزلي وجعلت
أبكي على أبي عبد الله عليه السلام (3). 206 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد،
عن أحمد بن محمد، عن فضل عن شهاب مثله (4). وعن محمد بن مسعود، عن عبد الله بن محمد
الوشاء، عن محمد بن الفضيل عن شهاب مثله (5). 207 - عم: من كتاب نوادر الحكمة
بإسناده، عن عائذ الاحمسي قال: دخلت على أبي عبد الله وأنا اريد أن أسأله عن صلاة
الليل ونسيت فقلت: السلام
(1) المناقب ج 3 ص 354. (2) اعلام الورى ص
269. (3) المناقب ج 3 ص 349 واعلام الورى 269. (4) رجال الكشى ص 260. (5) نفس
المصدر ص 260.
[151]
عليك يا ابن رسول الله فقال: أجل والله
إنا ولده، وما نحن بذي قرابة، من أتى الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسأل عما
سوى ذلك، فاكتفيت بذلك. علي بن الحكم، عن عروة بن موسى الجعفي قال: قال لنا يوما
ونحن نتحدث: الساعة انفقأت عين هشام في قبره، قلنا: ومتى مات ؟ قال: اليوم، الثالث،
قال: فحسبنا موته، وسألنا عنه فكان كذلك (1). 208 - قب: عن عروة مثله (2). بيان:
الثالث خبر اليوم. 209 - كش: طاهر بن عيسى، عن جعفر، عن الشجاعي، عن محمد بن الحسين
عن سلام بن بشر الرماني، وعلي بن إبراهيم التميمي، عن محمد الاصفهاني قال: كنت
قاعدا مع معروف بن خربوذ بمكة ونحن جماعة فمر بنا قوم على حمير معتمرون من أهل
المدينة فقال لنا معروف: سلوهم هل كان بها خبر، فسألناهم فقالوا: مات عبد الله بن
الحسن، فأخبرناه بما قالوا قال: فلما جازوا مر بنا قوم آخرون فقال لنا معروف:
فسلوهم هل كان بها خبر، فسألناهم فقالوا: كان عبد الله بن الحسن أصابته غشية وقد
أفاق فأخبرناه بما قالوا فقال: ما أدري ما يقول هؤلاء و اولئك ؟ أخبرني ابن المكرمة
يعني أبا عبد الله عليه السلام أن قبر عبد الله بن الحسن وأهل بيته على شاطئ
الفرات، قال: فحملهم أبو الدوانيق فقبروا على شاطئ الفرات (3) 210 - كش: حمدويه
وإبراهيم، عن العبيدي، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن أبي غيلان قال: أتيت
الفضيل بن يسار فأخبرته أن محمدا وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن قد خرجنا فقال
لي: ليس أمرهما بشئ قال: فصنعت ذلك مرارا كل ذلك يرد علي مثل هذا الرد قال: قلت:
رحمك الله قد أتيتك غير مرة اخبرك فتقول: ليس أمرهما بشئ، أفبرأيك تقول هذا ؟ قال:
(1) اعلام الورى ص 268. (2) المناقب ج 3 ص
353. (3) رجال الكشى ص 139.
[152]
فقال: لا والله، ولكن سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: إن خرجا قتلا (1). 211 - كش: حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، عن محمد
بن عيسى، عن الوشاء، عن بشر بن طرخان قال: لما قدم أبو عبد الله عليه السلام أتيته
فسألني، عن صناعتي فقلت: نخاس، فقال: نخاس الدواب ؟ فقلت: نعم، وكنت رث الحال فقال:
اطلب لي بغلة فضحاء، بيضاء الاعفاج، بيضاء البطن فقلت: ما رأيت هذه الصفة قط، فخرجت
من عنده فلقيت غلاما تحته بغلة بهذه الصفة، فسألته عنها فدلني على مولاه، فأتيته
فلم أبرح حتى اشتريتها، ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام: فقال: نعم، هذه الصفة
طلبت ثم دعا لي فقال: أنمى الله ولدك، وكثر مالك، فرزقت من ذلك ببركة دعائه، وقنيت
من الاولاد ما قصرت عنه الامنية (2). بيان: الافضح الابيض لا شديدا، والاعفاج جمع
العفج وهو ما يتنقل إليه الطعام بعد المعدة وقنيت بفتح النون أي اكتسبت وجمعت. 212
- كش: حمدويه وإبراهيم، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن أحمد ابن سليمان، عن داود
الرقي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك كم عدة الطهارة ؟
فقال: ما أوجبه الله فواحدة، وأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة لضعف
الناس، ومن وضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له أنا معه في ذا حتى جاء داود ابن زربي وأخذ
زاوية من البيت فسأله عما سألته في عدة الطهارة فقال له: ثلاثا ثلاثا من نقص عنه
فلا صلاة له، قال: فارتعدت فرائصي، وكاد أن يدخلني الشيطان فأبصر أبو عبد الله عليه
السلام إلي وقد تغير لوني فقال: اسكن يا داود، هذا هو الكفر أو ضرب الاعناق قال:
فخرجنا من عنده، وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبي جعفر المنصور، وكان قد القي إلى
أبي جعفر أمر داود بن زربي، وأنه رافضي يختلف إلى جعفر بن محمد فقال أبو جعفر: إني
مطلع على طهارته، فإن هو توضأ وضوء جعفر بن محمد فاني لاعرف طهارته حققت عليه القول
وقتلته، فاطلع وداود يتهيأ
(1) رجال الكشى ص 140. (2) رجال الكشى ص
200.
[153]
للصلاة من حيث لا يراه، فأسبغ داود بن
زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبو عبد الله عليه السلام فما تم وضوؤه حتى بعث
إليه أبو جعفر المنصور فدعاه قال: فقال داود: فلما أن دخلت عليه رحب فقال: يا داود
قيل فيك شئ باطل، وما أنت كذلك قال: اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة،
فاجعلني في حيل وأمر له بمائة ألف درهم قال: فقال داود الرقي: لقيت أنا داود بن
زربي عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له داود بن زربي: جعلني الله فداك حقنت
دماءنا في دار الدنيا ونرجو أن ندخل بيمنك وبركتك الجنة، فقال أبو عبد الله عليه
السلام: فعل الله ذلك بك وبإخوانك من جميع المؤمنين، فقال أبو عبد الله عليه
السلام: لداود بن زربي: حدث داود الرقي بمامر عليك، حتى تسكن روعته فقال: فحدثه
بالامر كله فقال: أبو عبد الله عليه السلام: لهذا أفتيته لانه كان أشرف على القتل
من يد هذا العدو، ثم قال: يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه فانك إن
زدت عليه فلا صلاة لك (1). 213 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن محمد بن
الوليد عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ذكر أن مسلم مولى جعفر بن
محمد سندي، وأن جعفرا قال له: أرجو أن أكون قد وافقت الاسم، وأنه علم القرآن في
النوم، فأصبح وقد علمه. محمد بن مسعود، عن عبد الله بن محمد بن خالد، عن الوشاء عن
الرضا عليه السلام مثله (2). 214 - كش: محمد بن الحسن، عن الحسن بن خرزاد، عن موسى
بن القاسم عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمار السجستاني قال: زاملت أبا بجير عبد
الله بن النجاشي من سجستان إلى مكة، وكان يرى رأي الزيدية، فدخلت معه على أبي عبد
الله عليه السلام فقال له: يا أبا بجير أخبرني حين أصابك الميزاب، وعليك المصدرة
(1) رجال الكشى ص 200. (2) رجال الكشى ص
217.
[154]
من فراء فدخلت النهر فخرجت، وتبعك الصبيان
يعيطون أي شئ صبرك على هذا ؟ قال: عمار: فالتفت إلي أبو بجير وقال لي: أي شئ كان
هذا من الحديث حتى تحدثه أبا عبد الله ؟ ! فقلت: لا والله ما ذكرت له ولا لغيره،
وهذا هو يسمع كلامي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: لم يخبرني بشئ يا أبا بجير،
فلما خرجنا من عنده قال لي أبو بجير: يا عمار أشهد أن هذا عالم آل محمد، وأن الذي
كنت عليه باطل، وأن هذا صاحب الامر (1). اقول: تمامه في باب حد المرتد بيان: قال
الفيروز آبادي (2) التعيط الجلبة والصياح وعيط بالكسر مبنية صوت الفتيان النزقين.
215 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد، عن ابن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن شهاب
بن عبدربه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا شهاب يكثر القتل في أهل بيت من
قريش حتى يدعى الرجل منهم إلى الخلافه فيأباها ثم قال: يا شهاب ولا تقل إني عنيت
بني عمي هؤلاء، فقال شهاب: أشهد أنه عناهم (3). بيان: بني عمي أي بني الحسن أو بني
العباس والاول أظهر. 216 - جش: ذكر أحمد بن الحسين أنه وجد في بعض الكتب أن أبا عبد
الله عليه السلام قال لسماعة بن مهران سنة خمس وأربعين ومائة: إن رجعت لم ترجع
إلينا. فأقام عنده فمات في تلك السنة (4). 217 - كا: علي عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن المفضل بن مزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له - أيام عبد الله بن
علي -: قد اختلفت هؤلاء فيما بينهم فقال: دع ذا عنك إنما يجئ فساد أمرهم من حيث بدا
صلاحهم (5).
(1) رجال الكشى ص 219 والحديث فيه بتفصيل.
(2) القاموس ج 2 ص 375. (3) رجال الكشى ص 261. (4) رجال النجاشي ص 138. (5) الكافي
ج 212 2 8.
[155]
بيان: أي كما أن أبا مسلم أتى من قبل
خراسان وأصلح أمرهم كذلك هلاكو يجئ من تلك الناحية مس وأربعين ومائة: إن رجعت لم
ترجع إلينا، فأقام عنده فمات 218 - كا: إسماعيل بن عبد الله القرشي قال: أتى إلي
أبي عبد الله عليه السلام رجل فقال: يا ابن رسول الله رأيت في منامي كأني خارج من
مدينة الكوفة في موضع أعرفه وكأن شبحا من خشب، أو رجلا منحوتا من خشب، على فرس من
خشب، يلوح بسيفه وأنا اشاهده، فزعا مرعوبا فقال له عليه السلام: أنت رجل تريد
اغتيال رجل في معيشته، فاتق الله الذي خلقك ثم يميتك، فقال الرجل: أشهد أنك قد
اوتيت علما، واستنبطته من معدنه، اخبرك يا ابن رسول الله عما قد فسرت لي، إن رجلا
من جيراني جاءني وعرض علي ضيعته، فهممت أن أملكها بوكس كثير، لما عرفت أنه ليس لها
طالب غيري فقال أبو عبد الله عليه السلام: وصاحبك يتوالانا ويبرأ من عدونا ؟ فقال:
نعم يا ابن رسول الله لو كان ناصبيا حل لي اغتياله، فقال: أد الامانة لمن ائتمنك،
وأراد منك النصيحة ولو إلى قاتل الحسين عليه السلام (1). بيان: الوكس: النقص ووكس
فلان على المجهول أي خسر. أقول: روى البرسي في مشارق الانوار عن محمد بن سنان أن
رجلا قدم إلى أبي عبد الله عليه السلام من خراسان ومعه صرر من الصدقات، معدودة
مختومة، وعليها أسماء أصحابها مكتوبة، فلما دخل الرجل جعل أبو عبد الله عليه السلام
يسمي أصحاب الصرر ويقول: أخرج صرة فلان، فإن فيها كذا وكذا ثم قال: أين صرة المرأة
التي بعثتها من غزل يدها ؟ أخرجها فقد قبلناها ثم قال للرجل: أين الكيس الازرق فيه
ألف درهم ؟ وكان الرجل قد فقده في بعض طريقه، فلما ذكره الامام عليه السلام استحيى
الرجل وقال: يا مولاي في بعض الطريق قد فقدته فقال له الامام عليه السلام: تعرفه
إذا رأيته ؟ فقال: نعم فقال: يا غلام أخرج الكيس الازرق فأخرجه، فلما رآه الرجل
عرفه فقال له الامام: إنا احتجنا إلى ما فيه، فأحضرناه قبل وصولك إلينا فقال الرجل
يا مولاي إني ألتمس الجواب بوصول ما حملته إلى
(1) نفس المصدر ج 7 ص 293.
[156]
حضرتك، فقال له: إن الجواب كتبناه وأنت في
الطريق (1). قال: وروي أن المنصور يوما دعاه فركب معه إلى بعض النواحي فجلس المنصور
على تل هناك، وإلى جانبه أبو عبد الله عليه السلام فجاء رجل وهم أن يسأل المنصور ثم
أعرض عنه وسأل الصادق عليه السلام فحثى له من رمل هناك ملء يده ثلاث مرات، و قال
له: اذهب واغل فقال له بعض حاشية المنصور: أعرضت عن الملك وسألت فقيرا لا يملك شيئا
؟ فقال الرجل - وقد عرق وجهه خجلا مما أعطاه -: إني سألت من أنا واثق بعطائه ثم جاء
بالتراب إلى بيته فقالت له زوجته: من أعطاك هذا ؟ فقال: جعفر فقالت: وما قال لك ؟
قال: قال لي اغل، فقالت: إنه صادق فاذهب بقليل منه إلى أهل المعرفة، وإني أشم فيه
رائحة الغنا، فأخذ الرجل منه جزءا ومر به إلى بعض اليهود فأعطاه فيما حمل منه إليه
عشرة آلاف درهم، وقال له: ائتني بباقيه على هذه القيمة (2). 220 يج: هارون بن رئاب
قال: كان لي أخ جارودي (3) فدخلت على أبي - عبد الله عليه السلام فقال لي: ما فعل
أخوك الجارودي ؟ قلت: صالح هو مرضي عند القاضي والجيران في الحالات غير أنه لا يقر
بولايتكم، فقال: ما يمنعه من ذلك ؟ قلت: يزعم أنه يتورع، قال: فأين كان ورعه ليلة
نهر بلخ ؟ ! فقدمت على أخي فقلت له:
(1) مشارق الانوار ص 110. (2) نفس المصدر
ص 112. (3) الجارودية: اتباع أبى الجارود زياد بن المنذر الهمداني الاعمى، وقد لعنه
الصادق عليه السلام وذكر ابن النديم في الفهرست عن الامام الصادق " ع " أنه لعنه
وقال: انه أعمى القلب أعمى البصر، ووردت في ذمه روايات لاحظ رجال الكشى ص 150
ومختصر مقالة الجارودية أنهم قالوا بتفضيل على " ع " ثم ساقوا الامامة بعده في
الحسن " ع " ثم في الحسين " ع " ثم هي شورى بين أولادهما فمن خرج منهم مستحقا
للامامة فهو الامام، وهم والبترية الفرقتان اللتان ينتحلان أمر زيد بن على بن
الحسين، وأمر زيد بن الحسن ومنهما تشعبت صنوف الزيدية.
[157]
ثكلتك امك، دخلت على أبي عبد الله عليه
السلام وسألني عنك، وأخبرته أنه مرضي عند الجيران في الحالات كلها، غير أنه لا يقر
بولايتكم فقال: ما يمنعه ذلك ؟ قلت: يزعم أنه يتورع، قال: فأين كان ورعه ليلة نهر
بلخ ؟ ! فقال: أخبرك أبو عبد الله بهذا ؟ قلت: نعم قال: أشهد أنه حجة رب العالمين،
قلت: أخبرني عن قصتك قال: أقبلت من وراء نهر بلخ فصحبني رجل معه وصيفة فارهة، فقال:
إما أن تقتبس لنا نارا فأحفظ عليك، وإما أن أقتبس نارا فتحفظ علي قلت: اذهب واقتبس،
و أحفظ عليك، فلما ذهب قمت إلى الوصيفة وكان مني إليها ما كان، والله ما أفشت ولا
أفشيت لاحد، ولم يعلم إلا الله، فخرجت من السنة الثانية وهو معي فأدخلته على أبي
عبد الله عليه السلام فما خرج من عنده حتى قال بامامته. 221 - كا: علي، عن أبيه،
عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل
من أهل الشام، فناظر أصحابه عليه السلام حتى انتهى إلى هشام بن الحكم فقال الشامي:
يا هذا من أنظر للخلق ؟ أربهم ؟ أو أنفسهم ؟ فقال هشام: ربهم أنظر لهم منهم
لانفسهم، قال الشامي: فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم، ويقيم أودهم، ويخبرهم بحقهم
من باطلهم ؟ فقال هشام: هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال، ويخبرنا بأخبار السماء،
وراثة عن أب، عن جد، قال الشامي: فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال هشام: سله عما بدا لك
قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا شامي اخبرك
كيف كان سفرك، وكيف كان طريقك وكان كذا وكان كذا، فأقبل الشامي يقول: صدقت، أسلمت
لله الساعة فقال أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة، إن الاسلام قبل
الايمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون، فقال الشامي: صدقت فأنا
الساعة أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي الاوصياء (1). 222
- قب (2) ج: عن يونس مثله (3).
(1) الكافي ج 1 ص 171. (2) المناقب ج 3 ص
368. (3) الاحتجاج ص 198.
[158]
أقول: الخبر طويل أوردنا منه موضع الحاجة.
223 - كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مسمع كردين البصري
قال: كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار، فربما استأذنت على أبي عبد الله عليه
السلام وأجد المائدة قد رفعت، لعلي لا أراها بين يديه، فإذا دخلت دعابها فاصيب معه
من الطعام، ولا أتأذى بذلك، وإذا أعقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم
أنم من النفخة، فشكوت ذلك إليه، وأخبرته بأني إذا أكلت عنده لم أتأذ به فقال: يا
أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين، تصافحهم الملائكة على فرشهم قال: قلت: ويظهرون
لكم ؟ قال: فمسح يده على بعض صبيانه فقال: هم ألطف بصبياننا منا بهم (1). 224 - كا:
علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن إبراهيم ابن إسماعيل، عن رجل، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط، عليهم ازر
وأكسية فسألنا أبا عبد الله عليه السلام عنهم فقال: هؤلاء إخوانكم من الجن (2). 225
- كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يحيى بن إبراهيم بن
مهاجر قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام فلان يقرئك السلام، وفلان، و فلان، فقال:
وعليهم السلام قلت: يسألونك الدعاء فقال: وما لهم ؟ قلت: حبسهم أبو جعفر، فقال: وما
لهم ؟ وما له ؟ قلت: استعملهم فحبسهم، فقال: وما لهم ؟ و ما له ؟ ألم أنههم ؟ ألم
أنههم ؟ ألم أنههم ؟ هم النار، هم النار، هم النار، ثم قال: اللهم اخدع عنهم
سلطانهم قال: فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم، فإذا هم قد اخرجوا بعد الكلام بثلاثة
أيام (3).
(1) الكافي ج 1 ص 393. (2) نفس المصدر ج 1
ص 394. (3) نفس المصدر ج 5 ص 107 وقد فسر المجلسي في المرآت قوله: اللهم اخدع عنهم
سلطانهم بقوله: كناية عن تحويل قلبه عن ضررهم أو اشتغاله بما يصير سببا لغفلته عنهم
وربما يقرأ - بالجيم والدال المهملة - بمعنى الحبس والقطع.
[159]
226 - قب: يحيى بن إبراهيم مثله (1). 227
- عيون المعجزات المنسوب إلى السيد المرتضى: عن علي بن مهران عن داود بن كثير الرقي
قال: كنا في منزل أبي عبد الله ونحن نتذاكر فضائل الانبياء فقال عليه السلام مجيبا
لنا: والله ما خلق الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وآله أفضل منه، ثم خلع خاتمه،
ووضعه على الارض، وتكلم بشئ، فانصدعت الارض وانفرجت بقدرة الله عزوجل، فإذا نحن
ببحر عجاج، في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة خضراء في وسطها قبة من درة بيضاء، حولها
دار خضراء مكتوب عليها لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أمير المؤمنين، بشر
القائم فانه يقاتل الاعداء، ويغيث المؤمنين وينصره عزوجل بالملائكة في عدد نجوم
السماء، ثم تكلم صلوات الله عليه بكلام فثار ماء البحر وارتفع مع السفينة، فقال:
ادخلوها، فدخلنا القبة التي في السفينة فإذا فيها أربعة كراسي من ألوان الجواهر،
فجلس هو على أحدها، وأجلسني على واحد، وأجلس موسى عليه السلام وإسماعيل كل واحد
منهما على كرسي، ثم قال عليه السلام للسفينة: سيري بقدرة الله تعالى فسارت في بحر
عجاج بين جبال الدر واليواقيت، ثم أدخل يده في البحر، وأخرج دررا وياقوتا، فقال: يا
داود إن كنت تريد الدنيا فخذ حاجتك، فقلت: يا مولاي لا حاجة لي في الدنيا فرمى به
في البحر وغمس يده في البحر وأخرج مسكا وعنبرا، فشمه وشمني، وشمم موسى وإسماعيل
عليهما السلام، ثم رمى به في البحر وسارت السفينة حتى انتهينا إلى جزيرة عظيمة،
فيما بين ذلك البحر، وإذا فيها قباب من الدر الابيض، مفروشة بالسندس والاستبرق،
عليها ستور الارجوان، محفوفة بالملائكة، فلما نظروا إلينا، أقبلوا مذعنين له
بالطاعة، مقرين له بالولاية، فقلت: مولاي لمن هذه القباب ؟ فقال: للائمة من ذرية
محمد صلى الله عليه وآله، كلما قبض إمام صار إلى هذا الموضع، إلى الوقت المعلوم،
الذي ذكره الله تعالى. ثم قال عليه السلام: قوموا بنا حتى نسلم على أمير المؤمنين
عليه السلام فقمنا وقام
(1) المناقب ج 3 ص 360.
[160]
ووقفنا بباب إحدى القباب المزينة، وهي
أجلها وأعظمها، وسلمنا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو قاعد فيها، ثم عدل إلى
قبة اخرى وعدلنا معه فسلم وسلمنا على الحسن بن علي عليهما السلام، وعدلنا منها إلى
قبة بإزائها فسلمنا على الحسين بن علي عليهما السلام ثم على علي بن الحسين، ثم على
محمد بن علي عليهم السلام كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ثم عدل إلى بنية
بالجزيرة وعدلنا معه، وإذا فيها قبة عظيمة من درة بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور،
وإذا فيها سرير من ذهب، مرصع بأنواع الجوهر فقلت: يا مولاي لمن هذه القبة ؟ فقال:
للقائم منا أهل البيت، صاحب الزمان عليه السلام، ثم أومأ بيده، وتكلم بشئ وإذا نحن
فوق الارض بالمدينة في منزل أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وأخرج
خاتمه وختم الارض بين يديه، فلم أر فيها صدعا ولا فرجة (1). أقول: روى أبو الفرج
الاصفهاني في كتاب المقاتل باسناده عن عيسى بن عبد الله قال: حدثتني امي ام حسين
بنت عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين قالت: قلت لعمي جعفر بن محمد إني فديتك ما
أمر محمد هذا ؟ قال: فتنة، يقتل محمد عند بيت رومي، ويقتل أخوه لامه وأبيه بالعراق،
حوافر فرسه في الماء (2). وباسناده عن ابن داحة أن جعفر بن محمد عليه السلام قال
لعبدالله بن الحسن: إن هذا الامر والله ليس إليك، ولا إلى ابنيك، وإنما هو لهذا -
يعني السفاح - ثم لهذا - يعني المنصور - ثم لولده بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا
الصبيان، ويشاوروا النساء، فقال عبد الله: والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه،
وما قلت هذا إلا حسدا لابني، فقال: لا والله ما حسدت ابنيك، وإن هذا - يعني أبا
جعفر - يقتله على أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في ماء، ثم
قام مغضبا يجر رداءه فتبعه أبو جعفر وقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد الله عليه
السلام ؟ قال: إي والله أدريه، وإنه لكائن. قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول:
فانصرفت لوقتي
(1) عيون المعجزات ص 82. (2) مقاتل
الطالبيين ص 248.
[161]
فرتبت عمالي وميزت اموري، تمييز مالك لها،
قال: فلما ولي أبو جعفر الخلافة سمى جعفر الصادق، وكان إذا ذكره قال: قال لي الصادق
جعفر بن محمد كذا وكذا، فبقيت عليه (1). اقول: روى محمد بن المشهدي في المزار
الكبير بإسناده، عن سفيان الثوري قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام وهو
بعرفة يقول: اللهم اجعل خطواتي هذه التى خطوتها في طاعتك كفارة لما خطوتها في
معصيتك، وساق الدعاء إلى قوله: وأنا ضيفك فاجعل قراي الجنة، وأطعمني عنبا ورطبا،
قال سفيان: فوالله لقد هممت أن أنزل واشتري له تمرا وموزا وأقول له هذا عوض العنب
والرطب. وإذا أنا بسلتين مملوتين قد وضعتا بين يديه إحداهما رطب والاخرى عنب، تمام
الخبر.
(1) مقاتل الطالبيين ص 257.
[162]
* (باب 6) * * " (ما جرى بينه عليه السلام
وبين المنصور وولاته) " * * " (وسائر الخلفاء الغاصبين والامراء الجائرين) " * *
(وذكر بعض أحوالهم) * 1 - ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن
علي بن حبيش عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان، عن الحسين بن أبي
غندر، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله، وعليكم
بالطاعة لائمتكم قولوا ما يقولون، واصمتوا عما صمتوا، فانكم في سلطان من قال الله
تعالى: " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " (1) يعني بذلك ولد العباس فاتقوا الله
فانكم في هدنة، صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم، وأدوا الامانة إليهم الخبر (2). 2
- ن: أحمد بن محمد بن الصقر، وعلي بن محمد بن مهرويه، معا، عن عبد الرحمان بن أبي
حاتم، عن أبيه، عن الحسن بن الفضل، عن الرضا، عن أبيه صلوات الله عليهما قال: أرسل
أبو جعفر الدوانيقي إلى جعفر بن محمد عليهما السلام ليقتله وطرح له سيفا ونطعا
وقال: يا ربيع إذا أنا كلمته ثم ضربت باحدى يدي على الاخرى، فاضرب عنقه، فلما دخل
جعفر بن محمد عليهما السلام ونظر إليه من بعيد تحرك أبو جعفر على فراشه قال: مرحبا
وأهلا بك يا أبا عبد الله، ما أرسلنا إليك إلا رجاء أن نقضي دينك، ونقضي ذمامك (3)
ثم ساءله مسألة لطيفة عن أهل بيته، وقال:
(1) سورة ابراهيم الاية: 46. (2) أمالى
ابن الشيخ الطوسى ص 61 وفيه (في هذه) بدل (هدنة) ولعله تحريف وسهو من الناسخ. (3)
الذمام: والمذمة: الحق والحرمة جمع أذمة (القاموس).
[163]
قد قضى الله حاجتك ودينك، وأخرج جائزتك،
يا ربيع لا تمضين ثلاثة حتى يرجع جعفر إلى أهله، فلما خرج قال له الربيع: يا أبا
عبد الله رأيت السيف ؟ إنما كان وضع لك، والنطع، فأي شئ رأيتك تحرك به شفتيك ؟ قال
جعفر بن محمد عليه السلام: نعم يا ربيع، لما رأيت الشر في وجهه، قلت: " حسبي الرب
من المربوبين، وحسبي الخالق من المخلوقين، وحسبي الرازق من المرزوقين، وحسبي الله
رب العالمين حسبي من هو حسبي، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الله لا إلا إلا هو، عليه
توكلت، وهو رب العرش العظيم " (1). 3 - ما: جماعة، عن المفضل، عن إبراهيم بن عبد
الصمد الهاشمي، عن أبيه، عن عمه عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه قال: بعث
أبو جعفر المنصور إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام وأمر بفرش فطرحت له
إلى جانبه، فأجلسه عليها، ثم قال: علي بمحمد، علي بالمهدي، يقول ذلك مرارا فقيل له
الساعة الساعة يأتي يا أمير المؤمنين ما يحبسه إلا أنه يتبخر، فما لبث أن وافى وقد
سبقته رائحته، فأقبل المنصور على جعفر عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله حديث
حدثتنيه في صلة الرحم اذكره يسمعه المهدي قال: نعم، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن
علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الرجل ليصل رحمه وقد
بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها الله عزوجل ثلاثين سنة، ويقطعها وقد بقي من عمره
ثلاثون سنة فيصيرها الله ثلاث سنين، ثم تلا عليه السلام " يمحو الله ما يشاء ويثبت
وعنده ام الكتاب " (2) قال: هذا حسن يا أبا عبد الله وليس إياه أردت، قال أبو عبد
الله: نعم حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: صلة الرحم تعمر الديار، وتزيد في الاعمار وإن كان أهلها غير أخيار،
قال: هذا حسن يا أبا عبد الله وليس هذا أردت فقال أبو عبد الله: نعم حدثني أبي، عن
أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلة الرحم
تهون الحساب وتقي ميتة السوء، قال المنصور:
(1) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 304. (2) سورة
الرعد الاية: 39.
[164]
نعم هذا أردت (1). 4 - ما: جماعة، عن أبي
المفضل، عن أحمد بن محمد بن عيسى العراد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن الحسن بن
الفضل بن الربيع حاجب المنصور، لقيته بمكة قال: حدثني أبي، عن جدي الربيع قال:
دعاني المنصور يوما فقال: يا ربيع أحضر جعفر بن محمد، والله لاقتلنه، فوجهت إليه،
فلما وافى قلت: يا ابن رسول الله إن كان لك وصية أو عهد تعهده فافعل، فقال: استأذن
لي عليه فدخلت إلى المنصور فأعلمته موضعه، فقال: أدخله، فلما وقعت عين جعفر عليه
السلام على المنصور رأيته يحرك شفتيه بشئ لم أفهمه ومضى، فلما سلم على المنصور نهض
إليه فاعتنقه وأجلسه إلى جانبه، وقال له: ارفع حوائجك، فأحرج رقاعا لاقوام، وسأل في
آخرين فقضيت حوائجه، فقال المنصور ارفع حوائجك في نفسك، فقال له جعفر: لا تدعني حتى
أجيئك فقال له المنصور: ما لي إلى ذلك سبيل، وأنت تزعم للناس يا أبا عبد الله أنك
تعلم الغيب، فقال جعفر عليه السلام: من أخبرك بهذا ؟ فأومأ المنصور إلى شيخ قاعد
بين يديه فقال جعفر عليه السلام للشيخ: أنت سمعتني أقول هذا ؟ قال الشيخ: نعم، قال
جعفر للمنصور: أيحلف يا أمير المؤمنين ؟ فقال له المنصور: احلف فلما بدأ الشيخ في
اليمين قال جعفر عليه السلام للمنصور: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أمير
المؤمنين إن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله عزوجل فيها وهو كاذب امتنع الله
عزوجل من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله عزوجل ولكني أنا أستحلفه، فقال
المنصور: ذلك لك فقال جعفر عليه السلام للشيخ: قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته،
وألجا إلى حولي وقوتي إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول، فتلكأ الشيخ، فرفع المنصور
عمودا كان في يده فقال: والله لئن لم تحلف لاعلونك بهذا العمود، فحلف الشيخ فما أتم
اليمين حتى دلع لسانه، كما يدلع الكلب، ومات لوقته، ونهض جعفر عليه السلام قال
الربيع: فقال لي المنصور: ويلك اكتمها الناس لا يفتتنون قال الربيع: فحلفت جعفرا
عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله
(1) أمالى الشيخ الطوسى ص 306.
[165]
إن منصورا كان قد هم بأمر عظيم، فلما وقعت
عينك عليه، وعينه عليك، زال ذلك فقال: يا ربيع إني رأيت البارحة رسول الله صلى الله
عليه وآله في النوم فقال لي: يا جعفر خفته ؟ فقلت: نعم يا رسول الله، فقال لي: إذا
وقعت عينك عليه فقل: ببسم الله أستفتح وببسم الله أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه
وآله أتوجه، اللهم ذلل لي صعوبة أمري، وكل صعوبة، وسهل لي حزونة، أمري، وكل حزونة،
واكفني مؤنة أمري وكل مؤنة (1). بيان: تلكأ عليه اعتل، وعنه: أبطأ. 5 - ما: المفيد،
عن ابن قولويه، عن محمد بن همام، عن أحمد بن موسى النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن
مهران، عن معاوية بن حكيم، عن عبد الله بن سليمان التميمي قال: لما قتل محمد
وإبراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام صار إلى المدينة رجل يقال له
شيبة بن غفال، ولاه المنصور على أهلها، فلما قدمها، و حضرت الجمعة، صار إلى مسجد
النبي صلى الله عليه وآله فرقى المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فان
علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين، وحارب المؤمنين، وأراد الامر لنفسه، ومنعه أهله،
فحرمه الله عليه وأماته بغصته، وهؤلاء ولده يتبعون أثره في الفساد، وطلب الامر بغير
استحقاق له، فهم في نواحي الارض مقتولون، وبالدماء مضرجون، قال: فعظم هذا الكلام
منه على الناس ولم يجسر أحد منهم ينطق بحرف فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سخين
فقال، ونحن نحمد الله ونصلي على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى رسل الله
وأنبيائه أجمعين، أما ما قلت من خير فنحن أهله وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى
فاختبر يا من ركب غير راحلته وأكل غير زاده، ارجع مأزورا، ثم أقبل على الناس فقال:
ألا انبئكم بأخلى الناس ميزانا يوم القيامة، وأبينهم خسرانا، من باع آخرته بدنيا
غيره، وهو هذا الفاسق فأسكت الناس وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف، فسألت عن
الرجل فقيل لي: هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله
عليهم (2).
(1) أمالى الشيخ الطوسى ص 294. (2) نفس
المصدر ص 31 - 32.
[166]
بيان: ضرجه بالدم: أدماه، وقومس: بالضم
وفتح الميم، صقع كبير بين خراسان وبلاد الجبل، وإقليم بالاندلس، وقومسان قرية
بهمدان، ذكرها الفيروز آبادي (1). أقول: روى الصدوق في كتاب صفات الشيعة باسناده
قال أبو جعفر الدوانيقي بالحيرة أيام أبي العباس للصادق عليه السلام: يا أبا عبد
الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد، حتى يعرف مذهبه ؟ !
فقال عليه السلام: ذلك لحلاوة الايمان في صدورهم، من حلاوته يبدونه تبديا. 6 - ع:
ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عمن ذكره، عن الربيع صاحب المنصور قال: قال
المنصور يوما لابي عبد الله عليه السلام وقد وقع على المنصور ذباب فذبه عنه ثم وقع
عليه فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه فقال: يا أبا عبد الله لاي شئ خلق الله عزوجل
الذباب ؟ قال: ليذل به الجبارين (2). 7 - قب: حلية الاولياء (3)، عن أحمد بن
المقدام الرازي مثله (4). 8 - ع: ابن المتوكل، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن البرقي،
عن أبيه عن حماد بن عثمان، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت
عند زياد بن عبيدالله وجماعة من أهل بيتي فقال: يا بني علي وفاطمة ما فضلكم على
الناس ؟ فسكتوا فقلت: إن من فضلنا على الناس أنا لا نحب أن نكون من أحد سوانا، وليس
أحد من الناس لا يحب أن يكون منا إلا أشرك، ثم قال: ارووا هذا الحديث (5).
(1) القاموس ج 2 ص 242. (2) علل الشرائع ص
496. (3) حلية الاولياء ج 3 ص 198 وأخرجه ابن طلحة في مطالب السؤول ص 82. (4)
المناقب ج 3 ص 375. (5) علل الشرائع ص 583.
[167]
9 - لى: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن
جعفر بن عبد الله النماونجي عن عبد الجبار بن محمد، عن داود الشعيري، عن الربيع
صاحب المنصور قال: بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشئ
بلغه عنه، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال: اعيذك بالله من سطوة هذا الجبار،
فإني رأيت حرده عليك شديدا فقال الصادق عليه السلام: علي من الله جنة واقية، تعينني
عليه إن شاء الله، استأذن لي عليه، فستأذن فأذن له، فلما دخل سلم فرد عليه السلام
ثم قال له: يا جعفر قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابيك علي بن أبي
طالب عليه السلام: لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت
فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من تراب قدميك، يستشفون به، وقال علي عليه السلام
يهلك في اثنان ولا ذنب لي، محب غال، ومبغض مفرط ؟ قال: قال ذلك، اعتذارا منه أنه لا
يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط، ولعمري إن عيسى بن مريم عليهما السلام لو سكت
عما قالت فيه النصارى لعذبه الله، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان،
وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديان، زعم أوغاد الحجاز، ورعاع الناس، أنك حبر
الدهر، وناموسه وحجة المعبود وترجمانه، وعيبة علمه، وميزان قسطه، ومصباحه الذي يقطع
به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في الدنيا
عملا، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا، فنسبوك إلى غير حدك، وقالوا فيك ما ليس فيك،
فقل فان أول من قال الحق جدك، وأول من صدقه عليه أبوك وأنت حري أن تقتص آثارهما،
وتسلك سبيلهما. فقال الصادق عليه السلام: أنا فرع من فرع الزيتونة، وقنديل من
قناديل بيت النبوة، وأديب السفرة، وربيب الكرام البررة، ومصباح من مصابيح المشكاة،
التي فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر، فالتفت
المنصور إلى جلسائه فقال: هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه، ولا يبلغ عمقه،
تحار فيه العلماء، ويغرق فيه السبحاء، ويضيق بالسابح عرض الفضاء، هذا الشجى المعترض
في حلوق الخلفاء، الذي لا يجوز نفيه، ولا يحل قتله، ولولا ما يجمعني وإياه
[168]
شجرة طاب أصلها، وبسق فرعها، وعذب ثمرها،
وبوركت في الذر، وقد ست في الزبر، لكان مني إليه ما لا يحمد في العواقب، لما يبلغني
عنه من شدة عيبه لنا، و سوء القول فينا. فقال الصادق عليه السلام: لا تقبل في ذي
رحمك، وأهل الرعاية من أهل بيتك، قول من حرم الله عليه الجنة، وجعل مأواه النار،
فان النمام شاهد زور، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، فقد قال الله تعالى: " يا
أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما
فعلتم نادمين " (1). ونحن لك أنصار وأعوان، ولملكك دعائم وأركان، ما أمرت بالمعروف
و الاحسان، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان وإن كان
يجب عليك في سعة فهمك، وكثرة علمك، ومعرفتك بآداب الله، أن تصل من قطعك، وتعطي من
حرمك، وتعفو عمن ظلمك، فان المكافي ليس بالواصل إنما الواصل من إذا قطعته رحمه
وصلها، فصل رحمك يزد الله في عمرك، ويخفف عنك الحساب يوم حشرك. فقال المنصور: قد
صفحت عنك لقدرك، وتجاوزت عنك لصدقك، فحدثني عن نفسك، بحديث أتعظ به، ويكون لي زاجر
صدق عن الموبقات، فقال الصادق عليه السلام: عليك بالحلم، فانه ركن العلم واملك نفسك
عند أسباب القدرة فانك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا، أو تداوى حقدا، أو
يحب أن يذكر بالصولة، واعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا
العدل، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر، فقال المنصور: وعظت
فأحسنت، وقلت فأوجزت، فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب عليه السلام حديثا لم
تأثره العامة. فقال الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول
(1) سورة الحجرات الاية: 35.
[169]
الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى
السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي ثلاث كلمات فقال: يا محمد فقلت: لبيك ربي
وسعديك فقال عزوجل، إن عليا إمام المتقين وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المؤمنين،
فبشره بذلك، فبشره النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فخر علي عليه السلام ساجدا شكرا
لله عزوجل، ثم رفع رأسه فقال: يا رسول الله بلغ من قدري حتى أني اذكر هناك ؟ ! قال:
نعم، وإن الله يعرفك، وإنك لتذكر في الرفيق الاعلى، فقال المنصور: ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء (1). 10 - كتاب الاستدراك: باسناده عن الحسين بن محمد بن عامر
باسناده مثله. بيان: الحرد: المغضب، والوغد: الاحمق الضعيف الرذل الدني، وخادم
القوم، والجمع أوغاد، والرعاع: بالفتح الاحداث الطغام، والحبر بالكسر ويفتح العالم
بتحبير الكلام والعلم وتحسينه، والناموس: العالم بالسر وصاحب الوحي، والفرع: بضمتين
جمع فرع، والسفرة الملائكة، والشجى ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. 11 - خص (2)
ير: أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن علي بن ميسر قال: لما قدم أبو عبد الله عليه
السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له: إذا دخل علي فاضرب
فنقه، فلما ادخل أبو عبد الله عليه السلام نظر إلى أبي جعفر، وأسر شيئا بينه وبين
نفسه لا يدرى ما هو، ثم أظهر " يا من يكفي خلقه كلهم، ولا يكفيه أحد، اكفني شر عبد
الله بن علي " فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره قال: فقال أبو جعفر
يا جعفر بن محمد قد أتعبتك في هذا الحر فانصرف، فخرج أبو عبد الله عليه السلام من
عنده فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به ؟ ! فقال: لا والله ما
أبصرته، ولقد جاء شئ حال بيني وبينه فقال أبو جعفر: والله لئن حدثت بهذا الحديث
لاقتلنك (3).
(1) أمالى الصدوق ص 611. (2) مختصر
البصائر ص 8. (3) البصائر ج 10 باب 144 15.
[170]
12 - يج: عن علي بن ميسره مثله (1). 13 -
يج: روي أن أبا عبداله عليه السلام قال: دعاني أبو جعفر الخليفة، ومعي عبد الله بن
الحسن، وهو يومئذ نازل بالحيرة قبل أن تبنى بغداد، يريد قتلنا، لا يشك الناس فيه،
فلما دخلت عليه دعوت الله بكلام فقال لابن نهيك وهو القائم على رأسه: إذا ضربت
باحدى يدي على الاخرى، فلا تناظره حتى تضرب عنقه فلما تكلمت بما أردت، نزع الله من
قلب أبي جعفر الخليفة الغيظ، فلما دخلت أجلسني مجلسه وأمر لي بجائزة، وخرجنا من
عنده، فقال له أبو بصير وكان حضر ذلك المجلس: ما كان الكلام ؟ قال: دعوت الله بدعاء
يوسف فاستجاب الله لي و لاهل بيتي (2). 14 - يج: روي عن صفوان الجمال قال: كنت
بالحيرة مع أبي عبد الله عليه السلام إذا أقبل الربيع وقال: أجب أمير المؤمنين، فلم
يلبث أن عاد، قلت: أسرعت الانصراف، قال: إنه سألني عن شئ، فاسأل الربيع عنه، فقال
صفوان: وكان بيني وبين الربيع لطف، فخرجت إلى الربيع وسألته فقال: اخبرك بالعجب إن
الاعراب خرجوا يجتنون الكماة، فأصابوا في البر خلقا ملقى، فأتوني به فأدخلته على
الخليفة، فلما رآه قال: نحه وادع جعفرا، فدعوته فقال: يا أبا - عبد الله أخبرني عن
الهواء ما فيه ؟ قال: في الهواء موج مكفوف قال: ففيه سكان ؟ قال: نعم، قال: وما
سكانه ؟ قال: خلق أبدانهم أبدان الحيتان ورؤوسهم رؤوس الطير ولهم أعرفة كأعرفة
الديكة، ونغانغ كنانغ الديكة، وأجنحة كأجنحة الطير من ألوان أشد بياضا من الفضة
المجلوة فقال الخليفة: هلم الطشت، فجئت بها وفيها ذلك الخلق، وإذا هو والله كما
وصفه جعفر، فلما نظر إليه جعفر قال: هذا هو الخلق الذي يسكن الموج المكفوف، فأذن له
بالانصراف، فلما خرج قال: ويلك يا ربيع هذا الشجى المعترض في حلقي من أعلم الناس
(3).
(1) الخرائج والجرائح ص 245. (2) نفس
المصدر ص 234. (3) الخرائج والجرائح ص 234.
[171]
15 - كشف: من دلائل الحميري مثله (1).
بيان: قال الفيروز آبادي (2) النغنغ موضع بين اللهاة وشوارب الحنجور واللحمة في
الحلق عند اللهازم، والذي يكون عند عنق البعير إذا اجتر تحرك. 16 - يج: روي عن
هارون بن خارجة قال: كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثا فسأل أصحابنا فقالوا: ليس
بشئ فقالت امرأته: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي
العباس، قال: فذهب إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول
على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه فإذا سوادي عليه جبة صوف
يبيع خيارا فقلت له: بكم خيارك هذا كله ؟ قال: بدرهم فأعطيته درهما وقلت له: أعطني
جبتك هذه، فأخذتها ولبستها وناديت من يشتري خيارا ودنوت منه فإذا غلام من ناحية
ينادي يا صاحب الخيار فقال عليه السلام لي لما دنوب منه: ما أجود ما احتلت، أي شئ
حاجتك ؟ قلت: إني ابتليت فطلقت أهلي في دفعة ثلاثا فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشئ
وإن المرأة قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه السلام فقال: ارجع إلى أهلك
فليس عليك شئ (3). 17 - يج: روي عن محرمة الكندي قال: إن أبا الدوانيق نزل بالربذة
وجعفر الصادق عليه السلام بها، قال: من يعذرني من جعفر، والله لاقتلنه، فدعاه فلما
دخل عليه جعفر عليه السلام قال: يا أمير المؤمنين ارفق بي، فوالله لقلما أصحبك، قال
أبو الدوانيق: انصرف، ثم قال لعيسى بن علي: الحقة فسله أبي ؟ أم به ؟ فخرج يشتد حتى
لحقه فقال: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول: أبك ؟ أم به ؟ قال: لا بل بي
(4).
(1) كشف الغمة ج 2 ص 429. (2) القاموس ج 3
ص 114 وفيه " فوق " بدل " عند ". (3) الخرائج والجرائح ص 234. (4) نفس المصدر ص
234.
[172]
18 - يج: روي عن مهاجر بن عمار الخزاعي
قال: بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة، وبعث معي بمال كثير، وأمرني أن أتضرع لاهل
هذا البيت، وأتحفظ مقالتهم، قال: فلزمت الزاوية التي مما يلي القبر، فلم أكن أتنحى
منها في وقت الصلاة، لا في ليل ولا في نهار، قال: وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول
القبر الدراهم ومن هو فوقهم الشئ بعد الشئ حتى ناولت شبابا من بني الحسن ومشيخة حتى
ألفوني وألفتهم في السر، قال: وكنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني و يكرمني،
حتى إذا كان يوما من الايام دنوت من أبي عبد الله وهو يصلي، فلما قضى صلاته التفت
إلي وقال: تعال يا مهاجر - ولم أكن أتسمى ولا أتكنى بكنيتي - فقال: قل لصاحبك: يقول
لك جعفر: كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا، تجئ إلى قوم شباب
محتاجين فتدس إليهم، فلعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه، فلو بررتهم ووصلتهم
وأغنيتهم، كانوا أحوج ما تريد منهم قال: فلما أتيت أبا الدوانيق قلت له: جئتك من
عند ساحر كذاب كاهن، من أمره كذا وكذا، قال: صدق والله كانوا إلى غير هذا أحوج،
وإياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان (1). 19 - يح: روي عن الرضا، عن أبيه عليهما
السلام قال: جاء رجل إلى جعفر بن محمد عليهما السلام فقال له: انج بنفسك، هذا فلان
بن فلان قد وشى بك إلى المنصور وذكر أنك تأخذ البيعة لنفسك على الناس، لتخرج عليهم،
فتبسم وقال: يا عبد الله لا ترع فان الله إذا أراد فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها
حاسدا باغيا يحركها حتى يبينها، اقعد معي حتى يأتيني الطلب، فتمضي معي إلى هناك حتى
تشاهد ما يجري من قدرة الله، التي لا معزل عنها لمؤمن، فجاؤا وقالوا: أجب أمير
المؤمنين، فخرج الصادق عليه السلام ودخل، وقد امتلا المنصور غيظا وغضبا فقال له:
أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين، تريد أن تفرق جماعتهم، وتسعى في هلكتهم،
وتفسد ذات بينهم ؟ فقال الصادق عليه السلام: ما فعلت شيئا من هذا، قال
(1) نفس المصدر ص 244.
[173]
المنصور: فهذا فلان يذكر أنك فعلت، فقال:
إنه كاذب قال المنصور، إني احلفه إن حلف كفيت نفسي مؤنتك فقال الصادق عليه السلام:
إنه إذا حلف كاذبا باء باثم قال المنصور لحاجبه: حلف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا
- يعني الصادق عليه السلام فقال الحاجب: قل: والله الذي لا إله إلا هو، وجعل يغلظ
عليه اليمين فقال الصادق عليه السلام: لا تحلفه هكذا، فإني سمعت أبي يذكر عن جدي
رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن من الناس من يحلف كاذبا فيعظم الله في
يمينه ويصفه بصفاته الحسنى، فيأتي تعظيمه لله على إثم كذبه ويمينه، فيؤخر عنه
البلاء، ولكني احلفه باليمين التي حدثني أبي عن جدي رسول الله أنه لا يحلف بها حالف
إلا باء باثمه، فقال المنصور: فحلفه إذا يا جعفر. فقال الصادق للرجل: قل إن كنت
كاذبا عليك فقد برئت من حول الله وقوته ولجأت إلى حولي وقوتي، فقالها الرجل، فقال
الصادق عليه السلام: اللهم إن كان كاذبا فأمته، فما استتم حتى سقط الرجل ميتا
واحتمل، ومضى وأقبل المنصور على الصادق عليه السلام فسأله عن حوائجه، فقال عليه
السلام: ما لي حاجة إلا أن أسرع إلى أهلي، فان قلوبهم بي متعلقة فقال: ذلك إليك
فافعل ما بدا لك، فخرج من عنده مكرما قد تحير منه المنصور، فقال قوم: رجل فاجأه
الموت وجعل الناس يخوضون في أمر ذلك الميت وينظرون إليه، فلما استوى على سريره، جعل
الناس يخوضون، فمن ذام له وحامد إذا قعد على سريره، وكشف عن وجهه وقال: يا أيها
الناس إني لقيت ربي، فلقاني السخط، واللعنة، واشتد غضب زبانيته علي، على الذي كان
مني إلى جعفر بن محمد الصادق، فاتقوا الله، ولا تهلكوا فيه كما هلكت، ثم أعاد كفنه
على وجهه، وعاد في موته، فرأوه لاحراك فيه وهو ميت فدفنوه (1). 20 - طب: الاشعث بن
عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
(1) الخرائج والجرائح ص 244.
[174]
عن موسى بن جعفر قال: لما طلب أبو
الدوانيق أبا عبد الله عليه السلام وهم بقتله، فأخذه صاحب المدينة ووجه به إليه،
وكان أبو الدوانيق استعجله، واستبطأ قدومه حرصا منه على قتله، فلما مثل بين يديه
ضحك في وجهه، ثم رحب به، وأجلسه عنده و قال يا ابن رسول الله، والله لقد وجهت إليك
وأنا عازم على قتلك ولقد نظرت فالقي إلي محبة لك، فوالله ما أجد أحدا من أهل بيتي
أعز منك، ولا آثر عندي، ولكن يا أبا عبد الله ما كلام يبلغني عنك تهجننا فيه،
وتذكرنا بسوء ؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما ذكرتك قط بسوء، فتبسم أيضا وقال: والله
أنت أصدق عندي من جميع من سعى بك إلي هذا مجلسي بين يديك وخاتمي، فانبسط ولا تخشني
في جليل أمرك و صغيره، فلست أردك عن شئ، ثم أمره بالانصراف وحباه وأعطاه، فأبى أن
يقبل شيئا، وقال: يا أمير المؤمنين أنا في غناء وكفاية وخير كثير، فإذا هممت ببري
فعليك بالمتخلفين من أهل بيتي، فارفع عنهم القتل، قال: قد قبلت يا أبا عبد الله، و
قد أمرت بمائة ألف درهم، ففرق بينهم فقال: وصلت الرحم يا أمير المؤمنين، فلما خرج
من عنده مشى بين يديه مشايخ قريش وشبانهم من كل قبيلة، ومعه عين أبي الدوانيق، فقال
له: يا ابن رسول الله لقد نظرت نظرا شافيا حين دخلت على أمير المؤمنين فما أنكرت
منك شيئا غير أني نظرت إلى شفتيك وقد حركتهما بشئ فما كان ذلك ؟ قال: إني لما نظرت
إليه قلت: " يا من لا يضام ولا يرام، وبه تواصل الارحام صل على محمد وآله، واكفني
شره بحولك وقوتك " والله ما زدت على ما سمعت قال: فرجع العين إلى أبي الدوانيق
فأخبره بقوله، فقال: والله ما استتم ما قال حتى ذهب ما كان في صدري من غائلة وشر.
21 - شا: روى نقلة الآثار أن المنصور لما أمر الربيع باحضار أبي عبد الله عليه
السلام فأحضره، فلما بصر به المنصور قال له: قتلني الله إن لم أقتلك، أتلحد في
سلطاني ؟ وتبغيني الغوائل ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: والله ما فعلت ولا
أردت فان كان بلغك فمن كاذب ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر، وابتلي أيوب فصبر،
واعطي سليمان
[175]
فشكر، فهؤلاء أنبياء الله، وإليهم يرجع
نسبك. فقال له المنصور: أجل ارتفع ههنا، فارتفع، فقال له: إن فلان بن فلان أخبرني
عنك بما ذكرت فقال: أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك، فأحضر الرجل المذكور
فقال له المنصور: أنت سمعت ما حكيت عن جعفر ؟ قال: نعم فقال له أبو عبد الله عليه
السلام: فاستحلفه على ذلك. فقال له المنصور: أتحلف ؟ قال: نعم وابتدأ باليمين فقال
له أبو عبد الله عليه السلام: دعني يا أمير المؤمنين احلفه أنا ؟ فقال له: افعل
فقال أبو عبد الله عليه السلام للساعي: قل: برئت من حول الله وقوته، والتجأت إلى
حولي وقوتي، لقد فعل كذا وكذا جعفر، فامتنع منها هنيئة، ثم حلف بها، فما برح حتى
ضرب برجله، فقال أبو جعفر: جروا برجله، فأخرجوه لعنه الله. قال الربيع: وكنت رأيت
جعفر بن محمد عليه السلام حين دخل على المنصور يحرك شفتيه، وكلما حركهما سكن غضب
المنصور، حتى أدناه منه، وقد رضي عنه، فلما خرج أبو عبد الله عليه السلام من عند
أبي جعفر المنصور اتبعته، فقلت له: إن هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك، فلما
دخلت عليه وأنت تحرك شفتيك كلما حركتهما سكن غضبه، فبأي شئ كنت تحركهما ؟ قال:
بدعاء جدي الحسين ابن علي عليهما السلام، قلت: جعلت فداك وما هذا الدعاء ؟ قال: "
يا عدتي عند شدتي، و يا غوثي في كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني ؟ بركنك
الذي لا يرام " قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء، فما نزلت بي شدة قط إلا دعوت به ففرج
قال: وقلت لجعفر بن محمد عليه السلام: لم منعت الساعي أن يحلف بالله ؟ قال: كرهت أن
يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه، ويؤخر عقوبته، فاستحلفته بما سمعت فأخذه أخذة
رابية (1). بيان: قال البيضاوي (2) في قوله تعالى " أخذه رابية " أي زائدة في الشدة
(1) الارشاد ص 290. (2) تفسير البيضاوى ج
4 ص 217 طبع مصر بمطبعة مصطفى محمد.
[176]
زيادة أعمالهم في القبح. 22 - قب: موسى بن
عبد الله بن حسن بن حسن، ومعتب ومصادف موليا الصادق عليه السلام في خبر أنه لما دخل
هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس وشكوا من الصادق عليه السلام أنه أخذ تركات
ماهر الخصي دوننا، فخطب أبو عبد الله عليه السلام فكان مما قال: إن الله تعالى لما
بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وآله كان أبونا أبو طالب المواسي له بنفسه، والناصر
له، وأبوكم العباس وأبو لهب يكذبانه، ويؤلبان عليه، شياطين الكفر وأبوكم يبغي له
الغوائل، ويقود القبائل في بدر، وكان في أول رعيلها، وصاحب خيلها ورجلها، والمطعم
يومئذ، والناصب الحرب له، ثم قال: فكان أبوكم طليقنا وعتيقنا، وأسلم كارها تحت
سيوفنا، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط فقطع الله ولايته منا بقوله: " والذين
آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ " (1) في كلام له، ثم قال: هذا مولى لنا
مات فحزنا تراثه، إذ كان مولانا، ولانا ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وامنا
فاطمة، أحرزت ميراثه (2). بيان: ألبت الجيش: أي جمعته، والتأليب التحريص، والرعيل
القطعة من الخيل. 23 - قب: أبو بصير قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في المسجد إذ
دخل عليه أبو الدوانيق، وداود بن علي، وسليمان بن مجالد، حتى قعدوا في جانب المسجد
فقال لهم: هذا أبو جعفر، فأقبل إليه داود بن علي وسليمان بن مجالد فقال لهما: ما
منع جباركم أن يأتيني ؟ فعذروه عنده فقال عليه السلام: يا داود أما لا تذهب الايام
حتى يليها ويطأ الرجال عقبه، ويملك شرقها وغربها، وتدين له الرجال، وتذل رقابها،
قال: فلها مدة ؟ قال: نعم والله ليتلقفنها الصبيان منكم كما تتلقف الكرة فانطلقا
فأخبرا أبا جعفر بالذي سمعا من محمد بن علي عليه السلام فبشراه بذلك، فلما وليا دعا
سليمان بن مجالد فقال: يا سليمان بن مجالد إنهم لا يزالوا في فسحة من ملكهم ما لم
يصيبوا دما، وأومأ بيده إلى صدره، فإذا أصابوا ذلك الدم، فبطنها
(1) سورة الانفال الاية: 72. (2) المناقب
ج 1 ص 224.
[177]
خير لهم من ظهرها، فجاء أبو الدوانيق إليه
وسأله عن مقالهما، فصدقهما، الخبر فكان كما قال (1). 24 - قب: روى الاعمش، والربيع
وابن سنان، وعلي بن أبي حمزة، و حسين بن أبي العلا، وأبو المغرا، وأبو بصير، أن
داود بن علي بن عبد الله بن العباس لما قتل المعلى بن خنيس وأخذ ماله، قال الصادق
عليه السلام: قتلت مولاي، وأخذت مالي، أما علمت أن الرجل ينام على الثكل، ولا ينام
على الحرب ؟ أما والله لادعون الله عليك. فقال له داود: تهددنا بدعائك ؟ كالمستهزئ
بقوله، فرجع أبو عبد الله عليه السلام إلى داره فلم يزل ليله كله قائما، وقاعدا،
فبعث إليه داود خمسة من الحرس وقال: ائتوني به، فان أبى فائتوني برأسه، فدخلوا عليه
وهو يصلي فقالوا له: أجب داود، قال: فإن لم اجب ؟ قالوا: أمرنا بأمر، قال: فانصرفوا
فانه هو خير لكم في دنياكم وآخرتكم، فأبوا إلا خروجه، فرفع يديه فوضعهما على منكبيه
ثم بسطهما، ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول: الساعة الساعة، حتى سمعنا صراخا عاليا
فقال لهم: إن صاحبكم قد مات، فانصرفوا ! فسئل فقال: بعث إلي ليضرب عنقي، فدعوت عليه
بالاسم الاعظم، فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله. وفي رواية لبابة
بنت عبد الله بن العباس: بات داود تلك الليلة حائرا قد اغمي عليه، فقمت أفتقده في
الليل، فوجدته مستلقيا على قفاه وثعبان قد انطوى على صدره، وجعل فاه على فيه،
فأدخلت يدي في كمي فتناولته فعطف فاه إلي فرميت به فانساب في ناحية البيت، وأنبهت
داود فوجدته حائرا قد احمرت عيناه، فكرهت أن اخبره بما كان، وجزعت عليه. ثم انصرفت
فوجدت ذلك الثعبان كذلك، ففعلت به مثل الذي فعلت المرة الاولى، وحركت داود فأصبته
ميتا، فما رفع جعفر رأسه من سجوده حتى
(1) نفس المصدر ج 3 ص 324 في احوال الامام
الباقر " ع ". (*)
[178]
سمع الواعية (1). بيان: الحرب بالتحريك
نهب مال الانسان، وتركه بلا شئ. 25 - قب: قال الربيع الحاجب: أخبرت الصادق بقول
المنصور: لاقتلنك ولاقتلن أهلك حتى لا ابقي على الارض منكم قامة سوط، ولاخربن
المدينة حتى لا أترك فيها جدارا قائما فقال: لاترع من كلامه، ودعه في طغيانه، فلما
صار بين السترين سمعت المنصور يقول: أدخلوه إلي سريعا، فأدخلته عليه فقال: مرحبا
بابن العم النسيب، وبالسيد القريب، ثم أخذ بيده، وأجلسه على سريره وأقبل عليه، ثم
قال: أتدري لم بعثت إليك ؟ فقال: وأنى لي علم بالغيب ! ؟ فقال: أرسلت إليك لتفرق
هذه الدنانير في أهلك، وهي عشرة آلاف دينار، فقال: ولها غيري فقال: أقسمت عليك يا
أبا عبد الله لتفرقها على فقراء أهلك، ثم عانقه بيده وأجازه وخلع عليه وقال لي: يا
ربيع أصحبه قوما يردونه إلى المدينة قال: فلما خرج أبو عبد الله عليه السلام قلت
له: يا أمير المؤمنين لقد كنت من أشد الناس عليه غيظا فما الذي أرضاك عنه ؟ ! قال:
يا ربيع لما حضرت الباب رأيت تنينا عظيما يقرض بأنيابه وهو يقول بألسنة الادميين:
إن أنت أشكت ابن رسول الله لافصلن لحمك من عظمك، فأفزعني ذلك، وفعلت به ما رأيت
(2). ايضاح: القرض بالمعجمة والمهملة القطع، والقبض، وأشكت أي أدخلت الشوكة في
جسمه، مبالغة في تعميم أنواع الضرر. 26 - قب: في الترغيب والترهيب عن أبي القاسم
الاصفهاني والعقد (3) عن ابن عبد ربه الاندلسي أن المنصور قال لما رآه: قتلني الله
إن لم أقتلك فقال له: إن سليمان اعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم
فغفر، وأنت على إرث منهم، وأحق بمى تأسى بهم، فقال: إلي يا أبا عبد الله، فأنت
القريب
(1) نفس المصدر ج 3 ص 357. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 357. (3) العقد الفريد ج 3 ص 224 والحديث فيه أوفى مما في الاصل بكثير.
[179]
القرابة، وذو الرحم الواشجة، السليم
الناحية، القليل الغائلة، ثم صافحه بيمينه وعانقه بشماله، وأمر له بكسوة وجائزة.
وفي خبر آخر عن الربيع أنه أجلسه إلى جانبه فقال له: ارفع حوائجك فأخرج رقاعا
لاقوام، فقال المنصور: ارفع حوائجك في نفسك فقال: لا تدعوني حتى أجيئك فقال: ما إلى
ذلك سبيل (1). بيان: وشجت العروق والاغصان اشتبكت. 27 - قب: الحسين بن محمد قال:
سخط علي بن هبيرة على رفيد فعاذ بأبي عبد الله عليه السلام فقال له: انصرف إليه
واقرأه مني السلام وقل له: إني أجرت عليك مولاك رفيدا، فلا تهجه بسوء، فقال: جعلت
فداك، شامي خبيث الرأي ! ! فقال: اذهب إليه كما أقول لك، قال: فاستقبلني أعرابي
ببعض البوادي فقال: أين تذهب ؟ إني أرى وجه مقتول، ثم قال لي: أخرج يدك، ففعلت،
فقال: يد مقتول ثم قال لي: أخرج لسانك ففعلت فقال: امض، فلا بأس عليك، فإن في لسانك
رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لانقادت لك قال: فجئت فلما دخلت عليه أمر بقتلي،
فقلت: أيها الامير لم تظفر بي عنوة، وإنما جئتك من ذات نفسي، وههنا أمر أذكره لك،
ثم أنت وشأنك، فأمر من حضر فخرجوا فقلت له: مولاك جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول
لك: قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء فقال: الله لقد قال لك جعفر هذه
المقالة ؟ وأقرأني السلام ؟ فحلفت فرددها علي ثلاثا، ثم حل كتافي ثم قال: لا يقنعني
منك حتى تفعل بي ما فعلت بك قلت: ما تكتف يدي يديك، ولا تطيب نفسي فقال: والله ما
يقنعني إلا ذلك، ففعلت كما فعل، وأطلقته، فناولني خاتمه وقال: أمري في يدك فدبر
فيها ما شئت. التمس محمد بن سعيد من الصادق رقعة إلى محمد بن [أبي حمزة] الثمالي في
تأخير خراجه فقال عليه السلام: قل له: سمعت جعفر بن محمد يقول: من أكرم لنا مواليا
فبكرامة الله تعالى بدا، ومن أهانه فلسخط الله تعرض، ومن أحسن إلى شيعتنا فقد أحسن
(1) المناقب ج 3 ص 358.
[180]
إلى أمير المؤمنين، ومن أحسن إلى أمير
المؤمنين فقد أحسن إلى رسول الله، ومن أحسن إلى رسول الله فقد أحسن إلى الله ومن
أحسن إلى الله كان والله معنا في الرفيع الاعلى قال: فأتيته وذكرته فقال: بالله
سمعت هذا الحديث من الصادق عليه السلام ؟ فقلت: نعم فقال: اجلس ثم قال: يا غلام ما
على محمد بن سعيد من الخراج ؟ قال: ستون ألف درهم قال: امح اسمه من الديوان،
وأعطاني بدرة وجارية وبغلة بسرجها ولجامها، قال: فأتيت أبا عبد الله فلما نظر إلي
تبسم فقال: يا أبا محمد تحدثني أو احدثك ؟ فقلت: يا ابن رسول الله منك أحسن فحدثني
والله الحديث كأنه حاضر معي (1). محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر: أن المنصور قد
كان هم بقتل أبي عبد الله عليه السلام غير مرة فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله،
فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس،
واستقصى عليه أشد الاستقصاء حتى أنه كان يقع لاحدهم مسألة في دينه، في نكاح أو طلاق
أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم، ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل وأهله، فشق ذلك
على شيعته وصعب عليهم حتى ألقى الله عزوجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه
السلام ليتحفه بشئ من عنده، لا يكون لاحد مثله، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي صلى
الله عليه وآله طولها ذراع، ففرح بها فرحا شديدا، وأمر أن تشق له أربعة أرباع
وقسمها في أربعة مواضع، ثم قال له: ما جزاؤك عندي إلا أن اطلق لك، وتفشي علمك
لشيعتك ولا أتعرض لك، ولا لهم، فاقعد غير محتشم وأفت الناس، ولا تكن في بلد أنا
فيه، ففشى العلم عن الصادق عليه السلام (2). بيان: في القاموس (3) المخصرة كمكنسة
ما يتوكأ عليها، كالعصا ونحوه وما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب، والخطيب إذا خطب.
(1) المناقب ج 3 ص 361. (2) نفس المصدر ج
3 ص 364. (3) القاموس ج 2 ص 20.
[181]
أقول: روى البرسي في مشارق الانوار (1) عن
أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن المعلى بن خنيس ينال درجتنا، وإن
المدينة من قابل يليها داود بن عروة، ويستدعيه ويأمره أن يكتب له أسماء شيعتنا
فيأبى فيقتله ويصلبه فينا، وبذلك ينال درجتنا، فلما ولي داود المدينة من قابل أحضر
المعلى وسأله عن الشيعة فقال: ما أعرفهم فقال: اكتبهم لي وإلا ضربت عنقك فقال:
بالقتل تهددني ؟ ! والله لو كانت تحت أقدامي ما رفعتها عنهم، فأمر بضرب عنقه وصلبه،
فلما دخل عليه الصادق عليه السلام قال: يا داود قتلت مولاي ووكيلي، وما كفاك القتل
حتى صلبته، والله لادعون الله عليك ليقتلك كما قتلته، فقال له داود: تهددني بدعائك
ادع الله لك فإذ استجاب لك فادعه علي فخرج أبو عبد الله عليه السلام مغضبا فلما جن
الليل اغتسل واستقبل القبلة ثم قال: يا ذا يا ذي يا ذوا إرم داود بسهم من سهامك،
تقلقل به قلبه ثم قال لغلامه: اخرج واسمع الصائح فجاء الخبر أن داود قد هلك، فخر
الامام ساجدا وقال: إنه لقد دعوت الله عليه بثلاث كلمات لو أقسمت على أهل الارض
لزلزلت بمن عليها. قال: وروي أن المنصور لما أراد قتل أبي عبد الله استدعى قوما من
الاعاجم لا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج والوشي، وحمل إليهم الاموال، ثم
استدعاهم وكانوا مائة رجل وقال للترجمان: قل لهم: إن لي عدوا يدخل علي الليلة
فاقتلوه إذا دخل، قال: فأخذوا أسلحتهم ووقفوا متمثلين لامره فاستدعى جعفرا وأمره أن
يدخل وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم: هذا عدوي فقطعوه فلما دخل عليه السلام تعاووا
عوى الكلب، ورموا أسلحتهم، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم وخروا له سجدا ومرغوا وجوههم
على التراب، فلما رأى المنصور ذلك خاف على نفسه وقال: ما جاء بك ؟ قال: أنت، وما
جئتك إلا مغتسلا محنطا، فقال المنصور: معاذ الله أن يكون ما تزعم ارجع راشدا فرجع
جعفر عليه السلام والقوم على وجوههم سجدا فقال للترجمان: قل لهم: لم لا قتلتم عدو
الملك ؟ فقالوا: نقتل ولينا الذي
(1) مشارق انوار اليقين ص 111.
[182]
يلقانا كل يوم ويدبر أمرنا كما يدبر الرجل
ولده، ولا نعرف وليا سواه ؟ فخاف المنصور من قولهم، وسرحهم تحت الليل ثم قتله عليه
السلام بالسم (1). 28 - كشف: من كتاب محمد بن طلحة (2) قال: حدث عبد الله بن الفضل
بن الربيع، عن أبيه قال: حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال
للربيع: ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا، قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل
الربيع عنه لينساه، ثم أعاد ذكره للربيع وقال: ابعث من يأتي به متعبا، فتغافل عنه،
ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ عليه فيها، وأمره أن يبعث من يحضر جعفرا،
ففعل، فلما أتاه قال له الربيع: يا أبا عبد الله اذكر الله فانه قد أرسل إليك بما
لا دافع له غير الله، فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم إن الربيع أعلم
المنصور بحضوره، فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ وقال: أي عدو الله اتخذك أهل
العراق إماما، يبعثون إليك زكاة أموالهم، وتلحد في سلطاني، وتبغيه الغوائل، قتلني
الله إن لم أقتلك، فقال له: يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام اعطي فشكر، وإن
أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السنخ، فلما سمع المنصور ذلك منه
قال له: إلي وعندي أبا عبد الله أنت البرئ الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة،
جزاك الله من ذي رحم، أفضل ما جزى ذوي الارحام عن أرحامهم، ثم تناول يده فأجلسه معه
على فرشه، ثم قال: علي بالطيب، فاتي بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر عليه السلام
بيده، حتى تركها تقطر، ثم قال: قم في حفظ الله وكلاءته ثم قال: يا ربيع الحق أبا
عبد الله جائزته، وكسوته، انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه، فانصرف. قال الربيع:
ولحقته فقلت: إني قد رأيت قبلك ما لم تره، ورأيت بعدك ما لا رأيته، فما قلت يا أبا
عبد الله حين دخلت ؟ قال: قلت: " اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك
الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي ولا أهلك وأنت رجائي، اللهم أنت أكبر وأجل مما
أخاف وأحذر، اللهم
(1) مشارق انوار اليقين 112. (2) مطالب
السؤول ص 82.
[183]
بك أدفع في نحره، وأستعيذ بك من شره، ففعل
الله بي ما رأيت (1). توضيح: قال الجزري (2) فيه كنت اغلف لحية رسول الله صلى الله
عليه وآله بالغالية أي ألطخها به واكثر، والغالية ضرب مركب من الطيب. 29 - كشف: من
كتاب الدلائل للحميري عن رزام بن مسلم مولى خالد بن عبد الله القسري قال: إن
المنصور قال لحاجبه: إذا دخل علي جعفر بن محمد عليه السلام فاقتله، قبل أن يصل إلي،
فدخل أبو عبد الله عليه السلام فجلس، فأرسل إلى الحاجب فدعاه، فنظر إليه وجعفر عليه
السلام قاعد، قال: ثم قال: عد إلى مكانك، قال: وأقبل يضرب يده على يده، فلما قام
أبو عبد الله عليه السلام وخرج دعا حاجبه، فقال: بأي شئ أمرتك ؟ قال: لا والله ما
رأيته حين دخل، ولا حين خرج، ولا رأيته إلا وهو قاعد عندك (3). وعن عبد الله بن أبي
ليلى قال: كنت بالربذة مع المنصور وكان قد وجه إلى أبي عبد الله عليه السلام فاتي
به، وبعث إلي المنصور فدعاني، فلما انتهيت إلى الباب سمعته يقول: عجلوا ! علي به،
قتلني إن لم أقتله، سقى الله الارض من دمي إن لم أسق الارض من دمه، فسألت الحاجب من
يعني ؟ قال: جعفر بن محمد عليه السلام فإذا هو قد اتي به مع عدة جلاوزة، فلما انتهى
إلى الباب قبل أن يرفع الستر رأيته قد تململت شفتاه عند رفع الستر، فدخل، فلما نظر
إليه المنصور قال: مرحبا يا ابن عم، مرحبا يا ابن رسول الله، فما زال يرفعه حتى
أجلسه على وسادته ثم دعا بالطعام، فرفعت رأسي وأقبلت أنظر إليه ويلقمه جديا باردا،
وقضى حوائجه، وأمره بالانصراف، فلما خرج قلت له: قد عرفت موالاتي لك وما قد ابتليت
به في دخولي عليهم، وقد سمعت كلام الرجل وما كان يقول، فلما صرت إلى الباب رأيتك قد
تململت شفتاك وما أشك أنه شئ قلته، ورأيت ما صنع بك، فإن رأيت أن تعلمني
(1) كشف الغمة ج 2 ص 374. (2) النهاية ج 3
ص 169 وليس الموجود فيها مطابقا لما نقله المجلسي عنه فلاحظ. (3) كشف الغمة ج 2 ص
421.
[184]
ذلك فأقوله إذا دخلت عليه، قال: نعم، قلت:
" ما شاء الله ما شاء الله، لا يأتي بالخير إلا الله ما شاء الله، ما شاء الله لا
يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما شاء الله كل نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول
ولا قوة إلا بالله " (1). وقال الابي: قال للصادق عليه السلام أبو جعفر المنصور:
إني قد عزمت على أن اخرب المدينة ولا أدع بها نافخ ضرمة، فقال: يا أمير المؤمنين لا
أجد بدا من النصاحة لك فاقبلها إن شئت أو لا، قال: قل، قال: إنه قد مضى لك ثلاثة
أسلاف أيوب ابتلي فصبر، وسليمان اعطي فشكر ويوسف قدر فغفر، فاقتد بأيهم شئت قال: قد
عفوت (2). وقال: وقف أهل مكة وأهل المدينة بباب المنصور، فأذن الربيع لاهل مكة قبل
أهل المدينة فقال جعفر عليه السلام: أتأذن لاهل مكة قبل أهل المدينة ؟ فقال الربيع:
مكة العش فقال جعفر عليه السلام: عش والله طار خياره وبقي شراره (3). وقيل له: إن
أبا جعفر المنصور لا يلبس منذ صارت الخلافة إليه إلا الخشن ولا يأكل إلا الجشب
فقال: يا ويحه مع ما قد مكن الله له من السلطان وجبي إليه من الاموال، فقيل: إنما
يفعل ذلك بخلا وجمعا للاموال، فقال: الحمد لله الذي حرمه من دنياه ما له ترك دينه
(4). وقال ابن حمدون: كتب المنصور إلى جعفر بن محمد عليهما السلام: لم لا تغشانا
كما يغشانا سائر الناس ؟ فأجابه: ليس لنا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمر الاخرة
ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنئك، ولا تراها نقمة فنعزيك بها، فما نصنع عندك !
؟ قال: فكتب إليه: تصحبنا لتنصحنا فأجابه: من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة
لا يصحبك، فقال المنصور: والله لقد ميز عندي منازل الناس، من
(1) نفس المصدر ج 2 ص 428. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 439. (3) نفس المصدر ج 2 ص 439. (4) نفس المصدر ج 2 ص 440.
[185]
يريد الدنيا ممن يريد الاخرة، وإنه ممن
يريد الاخرة لا الدنيا (1). 30 - كش: صدقة بن حماد، عن سهل، عن موسى بن سلام، عن
الحكم ابن مسكين، عن عيص بن القاسم، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام مع
خالي سليمان بن خالد فقال لخالي: من هذا الفتى ؟ قال: هذا ابن اختي قال: فيعرف
أمركم ؟ فقال له: نعم، فقال: الحمد لله الذي لم يجعله شيطانا، ثم قال: يا ليتني
وإياكم بالطائف، احدثكم وتؤنسوني، وأضمن لهم أن لا نخرج عليهم أبدا (2). 31 - كش:
علي بن الحكم، عن منصور بن يونس، عن عنبسة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: أشكوا إلى الله وحدتي، وتقلقلي من أهل المدينة، حتى تقدموا وأراكم وأسر بكم،
فليت هذه الطاغية أذن لي فاتخذت قصرا فسكنته، و أسكنتكم معي، وأضمن له أن لا يجئ من
ناحيتنا مكروه أبدا (3). 32 - كا: محمد ين يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم
مثله (4). 33 - تم: ذكر الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال: جاء في الحديث أن أبا
جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على يد الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال
رجل يقال له رزام مولى خالد بن عبد الله: من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أمير
المؤمنين على يده ؟ فقيل له: هذا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلى الله عليه
فقال: إني والله ما علمت لوددت أن خد أبي جعفر نعل لجعفر، ثم قام فوقف بين يدي
المنصور، فقال له: أسأل يا أمير المؤمنين ؟ فقال له المنصور: سل هذا فقال: إني
اريدك بالسؤال، فقال له المنصور: سل هذا فالتفت رزام إلى الامام جعفر بن محمد عليه
السلام فقال له: أخبرني عن الصلاة وحدودها، فقال له الصادق عليه السلام: للصلاة
أربعة آلاف حد لست تؤاخذ بها، فقال: أخبرني بما لا يحل تركه، ولا تتم
(1) نفس المصدر ج 2 ص 448. (2) معرفة
أخبار الرجال للكشي 231. (3) نفس المصدر ص 233. (4) الكافي ج 8 ص 215 وفيه (فاتخذ
قصرا بالطائف).
[186]
الصلاة إلا به فقال أبو عبد الله عليه
السلام: لا تتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ، وتمام بالغ، غير نازغ، ولا زائغ، عرف
فوقف، وأخبت فثبت فهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع، كأن الوعد له صنع،
والوعيد به وقع، بذل عرضه، وتمثل غرضه، وبذل في الله المهجة، وتنكب إليه غير المحجة
مرتغم بارتغام، يقطع علائق الاهتمام بعين من له قصد، وإليه وفد، ومنه استرفد، فإذا
أتى بذلك كانت هي الصلاة التي بها امر، وعنها اخبر، وإنها هي الصلاة التي تنهى عن
الفحشاء والمنكر. فالتفت المنصور إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا أبا عبد
الله لانزال من بحرك نغترف وإليك نزدلف، تبصر من العمى، وتجلوا بنورك الطخياء، فنحن
نعوم في سبحات قدسك وطامي بحرك (1). بيان: النزع: الطعن، والاغتياب، والافساد،
والوسوسة، والزيغ: الميل والطخياء: الظلمة، وطمى الماء علا. 34 - نبه: قيل للمنصور:
في حبسك محمد بن مروان فلو أمرت باحضاره وسألته عما جرى بينه وبين ملك النوبة (2)
فقال: صرت إلى جزيرة النوبة في آخر أمرنا فأمرت بالمضارب فضربت، فخرج النوب
يتعجبون، وأقبل ملكهم، رجل طويل أصلع حاف عليه كساء، فسلم وجلس على الارض فقلت: ما
لك لا تقعد على البساط قال: أنا ملك، وحق لمن رفعه الله أن يتواضع له إذا رفعه، ثم
قال: ما بالكم تطأون الزرع بدوابكم، والفساد محرم عليكم في كتابكم ؟ ! فقلت: عبيدنا
فعلوه بجهلهم، قال: فما بالكم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم في دينكم ؟ قلت:
أشياعنا فعلوه بجهلهم.
(1) فلاح السائل ص 23. (2) النوبة: بالضم،
ثم السكون، وباء موحدة، وهى بلاد واسعة عريضة في جنوبى مصر، حدودها القطر المصرى
والبحر الاحمر وصحراء ليبيا وبلاد الخرطوم، فيها يجرى النيل من قرب أسوان إلى ملتقى
النيل الابيض بالازرق، يتكلم سكانها بالعربية والنوبية وهم نصارى أهل شدة في العيش.
" مراصد الاطلاع - المنجد - ".
[187]
قال: فما بالكم تلبسون الديباج، وتتحلون
بالذهب وهي محرمة عليكم على لسان نبيكم ؟ قلت: فعل ذلك أعاجم من خدمنا، كرهنا
الخلاف عليهم، فجعل ينظر في وجهي، ويكرر معاذيري على وجه الاستهزاء، ثم قال: ليس
كما تقول يا ابن مروان، ولكنكم قوم ملكنم فظلمتم، وتركتم ما امرتم، فأذاقكم الله
وبال أمركم، ولله فيكم نقم لم تبلغ، وإني أخشى أن ينزل بك وأنت في أرضى فيصيبني
معك، فارتحل عني. 35 - غو: قال الصادق عليه السلام: طلب المنصور علماء المدينة،
فلما وصلنا إليه خرج إلينا الربيع الحاجب فقال: ليدخل على أمير المؤمنين منكم اثنان
فدخلت أنا وعبد الله بن الحسن، فلما جلسنا عنده، قال: أنت الذي تعلم الغيب ؟ فقلت:
لا يعلم الغيب إلا الله فقال: أنت الذي يجبى إليك الخراج ؟ فقلت: بل الخراج يجبى
إليك، فقال: أتدري لم دعوتكم ؟ فقلت: لا فقال: إنما دعوتكم لاخرب رباعكم، وأوغر
قلوبكم، وأنزلكم بالسراة، فلا أدع أحدا من أهل الشام والحجاز يأتون إليكم فانهم لكم
مفسدة. فقلت: إن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وإن سليمان اعطي فشكر، وأنت
من نسل اولئك القوم، فسري عنه. ثم قال: حدثني الحديث الذي حدثتني به منذ أوقات عن
رسول الله صلى الله عليه وآله قلت: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله أنه قال: الرحم
حبل ممدود من الارض إلى السماء، يقول: من قطعني قطعه الله، ومن وصلني وصله الله
فقال: لست أعني هذا فقلت: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله قال الله تعالى: أنا
الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من أسمائي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته
قال: لست أعني ذلك، فقلت: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه
قال: إن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره ثلاث سنين، ووصل رحمه فجعلها
الله ثلاثين سنة، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره ثلاثون سنة فقطع
رحمه فجعله الله ثلاث سنين، فقال: هذا الذي قصدت والله لاصلن
[188]
اليوم رحمي، ثم سرحنا إلى أهلنا سراحا
جميلا. بيان: الوغر: الحقد، والضغن، والعداوة، والتوقد من الغيظ، وأوغر صدره أدخلها
فيه، وسراة الطريق: ظهره، ومعظمه، أي أجعلكم فقراء تجلسون على الطرق للسؤال، وسري
عنه على بناء التفعيل مجهولا أي كشف عنه الحزن والغضب. 36 - مهج: روينا باسنادنا
إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه عن محمد بن علي الصيرفي،
عن ابن أبي نجران، عن ياسر مولى الربيع قال: سمعت الربيع يقول: لما حج المنصور،
وصار بالمدينة سهر ليلة فدعاني فقال: يا ربيع انطلق في وقتك هذا على أخفض جناح
وألين مسير، فان استطعت أن تكون وحدك فافعل، حتى تأتي أبا عبد الله جعفر بن محمد
فقل له: هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن نأت، والحال وإن
اختلفت فانا نرجع إلى رحم، أمس من يمين بشمال، ونعل بقبال، وهو يسألك المصير إليه
في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الامر
إليه في ذلك فإن أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر واقبل العفو، ولا تعتف في
قول ولا فعل. قال الربيع: فصرت إلى بابه فوجدته في دار خلوته، فدخلت عليه من غير
استيذان، فوجدته معفرا خديه، مبتهلا بظهر يديه قد أثر التراب في وجهه وخديه فأكبرت
أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه، ثم انصرف بوجهه فقلت: السلام عليك يا أبا
عبد الله فقال: وعليك السلام يا أخي ما جاء بك ؟ فقلت: ابن عمك يقرأ عليك السلام،
ويقول - حتى بلغت إلى آخر الكلام - فقال: ويحك يا ربيع ! " ألم يأن للذين آمنوا أن
تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال
عليهم الامد فقست قلوبهم " (1) ويحك يا ربيع " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا
بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر
الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم
(1) سوره الحديد الاية: 16.
[189]
الخاسرون " (1) قرأت على أمير المؤمنين
السلام ورحمة الله وبركاته، ثم أقبل على صلاته وانصرف إلى توجهه. فقلت: هل بعد
السلام من مستعتب عليه ؟ أو إجابة ؟ فقال: نعم قل له: " أفرأيت الذي تولى وأعطى
قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى
ألا تزر وازرة وزر اخرى وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى " (2) إنا
والله يا أمير المؤمنين قد خفناك، وخافت لخوفنا النسوة اللاتي أنت أعلم بهن، ولا
بدلنا من الايضاح به، فان كففت وإلا أجرينا اسمك على الله عزوجل في كل يوم خمس
مرات، وأنت حدثتنا عن أبيك عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أربع دعوات
لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده، والاخ بظهر الغيب لاخيه، والمظلوم،
والمخلص. قال الربيع: فما استتم الكلام حتى أتت رسل المنصور تقفو أثري، وتعلم خبري،
فرجعت وأخبرته بما كان فبكى، ثم قال: ارجع إليه وقل له: الامر في لقائك إليك،
والجلوس عنا، وأما النسوة اللاتي ذكرتهن فعليهن السلام فقد آمن الله روعهن،
وجلاهمهن، قال: فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور فقال: قل له: وصلت رحما، وجزيت
خيرا، ثم اغر ورقت عيناه حتى قطر من الدمع في حجره قطرات، ثم قال: يا ربيع إن هذه
الدنيا وإن أمتعت ببهجتها وغرت بزبرجها فان آخرها لا يعدو أن يكون كآخر الربيع الذي
يروق بخضرته. ثم يهيج عند انتهاء مدته، وعلى من نصح لنفسه وعرف حق ما عليه وله أن
ينظر إليها نظر من عقل عن ربه جل وعلا، وحذر سوء منقلبه، فان هذه الدنيا قد خدعت
قوما فارقوها أسرع ما كانوا إليها وأكثر ما كانوا اغتباطا بها، طرقتهم آجالهم بياتا
وهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون، فكيف اخرجوا عنها، وإلى ما صاروا بعدها أعقبتهم
الالم، وأورثتهم الندم، وجرعتهم مر المذاق، وغصصتهم بكأس الفراق
(1) سورة الاعراف الاية: 97 - 99. (2)
سورة النجم الاية: 33 - 40.
[190]
فيا ويح من رضي عنها، وأقر عينا بها، أما
رأى مصرع آبائه، ومن سلف من أعدائه وأوليائه، يا ربيع أطول بها حيرة وأقبح بها
كثرة، وأخسر بها صفقة، وأكبر بها ترحة، إذا عاين المغرور بها أجلة، وقطع بالاماني
أمله، وليعمل على أنه اعطي أطول الاعمار وأمدها، وبلغ فيها جميع الامال، هل قصاراه
إلا الهرم ؟ أو غايته إلا الوخم ؟ نسأل الله لنا ولك عملا صالحا بطاعته، ومآبا إلى
رحمته، ونزوعا عن معصيته، وبصيرة في حقه، فانما ذلك له وبه، فقلت: يا أبا عبد الله
أسألك بكل حق بينك وبين الله جل وعلا إلا عرفتني ما ابتهلت به إلى ربك تعالى،
وجعلته حاجزا بينك وبين حذرك وخوفك، لعل الله يجبر بدوائك كسيرا، ويغني به فقيرا
والله ما أعني غير نفسي قال الربيع: فرفع يده وأقبل على مسجده كارها أن يتلو الدعاء
صحفا (1) ولا يحضر ذلك بنية فقال: اللهم إني أسألك يا مدرك الهاربين إلى آخر ما
سيأتي في كتاب الدعاء (2). بيان: قبال النعل ككتاب زمام بين الاصبع الوسطى والتي
تليها، والزبرج بالكسر الزينة، وراقه أعجبه، وهاج النبت يبس، والترح محركة الهم
قوله عليه السلام وقطع بالاماني أمله ينبغي أن يقرأ على بناء المجهول أي قطع أمله
مع الاماني التي كان يأمل حصولها، ويقال: طعام وخيم أي غير موافق. 37 - ق، مهج:
الحسن بن محمد النوفلي، عن الربيع صاحب المنصور قال: حججت مع أبي جعفر المنصور فلما
كان في بعض الطريق قال لي المنصور: يا ربيع إذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمد
بن علي بن الحسين بن علي فوالله العظيم لا يقتله أحد غيري احذر تدع أن تذكرني به،
قال: فلما صرنا إلى المدينة أنساني الله عزوجل ذكره قال: فلما صرنا إلى مكة قال لي:
يا ربيع ألم آمرك أن تذكرني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة ؟ قال: فقلت: نسيت ذلك
يا مولاي يا أمير المؤمنين قال: فقال لي: إذا رجعت إلى المدينة فاذكرني به، فلابد
من قتله
(1) الصحفي محركة من يخطئ في قراءة
الصحيفة والمراد ان يتلو الدعاء غلطا. (2) مهج الدعوات ص 175 وفيه " الاتضاح " بدل
" الايضاح ".
[191]
فإن لم تفعل لاضربن عنقك فقلت: نعم يا
أمير المؤمنين ثم قلت لغلماني وأصحابي: اذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة إن
شاء الله تعالى فلم يزل غلماني وأصحابي يذكروني به في كل وقت ومنزل ندخله وننزل فيه
حتى قدمنا المدينة فلما نزلنا بها دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت له: يا
أمير المؤمنين جعفر بن محمد ! قال: فضحك وقال لي: نعم اذهب يا ربيع فائتني به ولا
تأتني به إلا مسحوبا قال: فقلت له: يا مولاي يا أمير المؤمنين حبا وكرامة، وأنا
أفعل ذلك طاعة لامرك قال: ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك قال: فأتيت
الامام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وهو جالس في وسط داره فقلت له: جعلت فداك
إن أمير المؤمنين يدعوك إليه فقال لي: السمع والطاعة، ثم نهض وهو معي يمشي قال:
فقلت له: يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا قال: فقال الصادق:
امتثل يا ربيع ما أمرك به، قال: فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه، فلما أدخلته إليه رأيته
وهو جالس على سريره، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به، ونظرت إلى جعفر عليه
السلام وهو يحرك شفتيه، فلم أشك أنه قاتله، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر يحرك
شفتيه به، فوقفت أنظر إليهما. قال الربيع: فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له
المنصور: ادن مني يا ابن عمي، وتهلل وجهه، وقربه منه، حتى أجلسه معه على السرير، ثم
قال: يا غلام ائتني بالحقة (1) فأتاه بالحقة فإذا فيها قدح الغالية (2) فغلفه منها
بيده، ثم حمله على بغلة، وأمر له ببدرة وخلعة، ثم أمره بالانصراف قال: فلما نهض من
عنده، خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله فقلت له: بأبي أنت وامي يا ابن رسول الله
إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت دخولك، فما قلت ؟
قال لي: نعم يا ربيع اعلم أني قلت " حسبي الرب من المربوبين " الدعاء (3).
(1) الحقة: الوعاء الصغير. (2) الغالية:
أخلاط من الطيب جمع غوال. (3) مهج الدعوات ص 186.
[192]
38 - مهج: باسنادنا إلى الصفار في كتاب
فضل الدعاء عن إبراهيم بن جبلة عن مخرمة الكندي قال: لما نزل أبو جعفر المنصور
الربذة وجعفر بن محمد يومئذ بها قال: من يعذرني من جعفر هذا، قدم رجلا وأخر اخرى
يقول: أتنحى عن محمد - أقول: يعني محمد بن عبد الله بن الحسن - فان يظفر فإنما
الامر لي، وإن تكن الاخرى فكنت قد أحرزت نفسي، أما والله لاقتلنه، ثم التفت إلى
إبراهيم بن جبلة، قال يا ابن جبلة قم إليه، فضع في عنقه ثيابه، ثم أئتني به سحبا.
قال إبراهيم: فخرجت حتى أتيت منزله، فلم اصبه فطلبته في مسجد أبي ذر فوجدته في باب
المسجد قال: فاستحييت أن أفعل ما امرت به، فأخذت بكمه فقلت له: أجب أمير المؤمنين
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، دعني حتى اصلي ركعتين، ثم بكى بكاءا شديدا وأنا
خلفه ثم قال: اللهم أنت ثقتي. الدعاء ثم قال: اصنع ما امرت به فقلت: والله لا أفعل
ولو ظننت أني اقتل، فأخذت بيده فذهبت به، لا والله ما أشك إلا أنه يقتله قال: فلما
انتهيت إلى باب الستر قال: يا إله جبرئيل الدعاء. ثم قال إبراهيم: فلما أدخلته عليه
قال: فاستوى جالسا ثم أعاد عليه الكلام فقال: قدمت رجلا وأخرت اخرى، أما والله
لاقتلنك فقال: يا أمير المؤمنين ما فعلت فارفق بي، فوالله لقل ما أصحبك، فقال له
أبو جعفر: انصرف، ثم التفت إلى عيسى بن علي فقال له: يا أبا العباس الحقه فسله أبي
؟ أم به ؟ فخرج يشتد حتى لحقه. فقال: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول لك:
أبك ؟ أم به ؟ فقال: لا بل بي فقال أبو جعفر: صدق، قال إبراهيم: ثم خرجت فوجدته
قاعدا ينتظرني يتشكر لي صنعي به، وإذا به يحمد الله، وذكر الدعاء (1). بيان: " قدم
رجلا وأخر اخزى " أي وافق محمد بن عبد الله في بعض الامر وحثه على الخروج، وتنحى
عنه ظاهرا، أو حرف الناس عن ناحيتنا، ولم يوافقه
(1) نفس المصدر ص 188.
[193]
في الخروج " يقول " أي الصادق عليه السلام
أتنحى عن محمد بن عبد الله بن الحسن فإن يظفر محمد فالامر لي لكثرة شيعتي، وعلم
الناس بأني أعلم وأصلح لذلك، وإن انهزم وقتل فقد نجيت نفسي من القتل. ويحتمل أن
يكون قدم رجلا وأخر اخرى بمعناه المعروف أي تفكر و تردد حتى عزم على ذلك، لكنه بعيد
عن السياق، وقوله " أقول يعني " كلام السيد رحمه الله. 39 - مهج: محمد بن أبي
القاسم الطبري، عن محمد بن أحمد بن شهريار، عن محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري،
عن محمد بن عمر بن القطان، عن عبد الله بن خلف، عن محمد بن إبراهيم الهمداني، عن
الحسن بن علي البصري، عن الهيثم ابن عبد الله الرماني، والعباس بن عبد العظيم
العنبري، عن الفضل بن الربيع عن أبيه قال: بعث المنصور إبراهيم بن جبلة ليشخص جعفر
بن محمد عليه السلام فحدثني إبراهيم أنه لما أخبره برسالة المنصور سمعه يقول: اللهم
أنت ثقتي، الدعاء. قال الربيع: فلما وافى إلى حضرة المنصور، دخلت فأخبرته بقدوم
جعفر بن محمد وإبراهيم، فدعا المسيب بن زهير الضبي فدفع إليه سيفا وقال له: إذا دخل
جعفر ابن محمد فخاطبته وأومأت إليك فاضرب عنقه، ولا تستأمر، فخرجت إليه وكان صديقا
لي الاقيه واعاشره إذا حججت فقلت: يا ابن رسول الله إن هذا الجبار قد أمر فيك بأمر
كرهت أن ألقاك به، وإن كان في نفسك شئ تقوله أو توصيني به فقال: لا يروعك ذلك فلو
قدر آني لزال ذلك كله ثم أخذ بمجامع الستر فقال: يا إله جبرئيل، الدعاء. ثم دخل
فحرك شفتيه بشئ لم أفهمه، فنظرت إلى المنصور، فما شبهته إلا بنار صب عليها ماء،
فخمدت، ثم جعل يسكن غضبه، حتى دنا منه جعفر ابن محمد عليه السلام وصار مع سريره
فوثب المنصور فأخذ بيده، ورفعه على سريره، ثم قال له: يا أبا عبد الله يعز علي تعبك
وإنما أحضرتك لاشكو إليك أهلك، قطعوا رحمي، وطعنوا في ديني، وألبوا الناس علي، ولو
ولي هذا الامر غيري ممن هو
[194]
أبعد رحما مني، لسمعوا له وأطاعوا. فقال
له جعفر عليه السلام: يا أمير المؤمنين فأين يعدل بك عن سلفك الصالح، إن أيوب عليه
السلام ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وإن سليمان اعطي فشكر فقال المنصور: قد صبرت
وغفرت وشكرت ثم قال: يا أبا عبد الله حدثنا حديثا كنت سمعته منك في صلة الارحام
قال: نعم حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: البر وصلة الارحام
عمارة الدنيا، وزيادة الاعمار، قال: ليس هذا هو، قال: نعم حدثني أبي عن جدي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن ينسى في أجله، ويعافى في بدنه فليصل
رحمه قال: ليس هذا هو قال: نعم حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: رأيت رحما متعلقا بالعرش يشكو إلى الله تعالى عزوجل قاطعها فقلت: يا جبرئيل كم
بينهم ؟ فقال: سبعة آباء، فقال: ليس هذا هو قال: نعم حدثني أبي عن جدي. قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: احتضر رجل بار في جواره رجل عاق قال الله عزوجل لملك
الموت: يا ملك الموت كم بقي من أجل العاق ؟ قال: ثلاثون سنة قال: حولها إلى هذا
البار. فقال المنصور: يا غلام ائتني بالغالية فأتاه بها فجعل يغلفه بيده، ثم دفع
إليه أربعة آلاف، ودعا بدابته فأتاه بها، فجعل يقول: قدم قدم إلى أن أتى بها إلى
عند سريره، فركب جعفر بن محمد عليه السلام وعدوت بين يديه فسمعته يقول: الحمد لله،
الدعاء، فقلت له: يا ابن رسول الله إن هذا الجبار يعرضني على السيف كل قليل، وقد
دعا المسيب بن زهير، فدع إليه سيفا وأمره أن يضرب عنقك، وإني رأيتك تحرك شفتيك حين
دخلت بشئ لم أفهمه عنك فقال: ليس هذا موضعه، فرحت إليه عشيا فعلمني الدعاء (1).
بيان: يعرضني على السيف كل قليل: أي يأمرني بالقتل في كل زمان قليل، أو لكل أمر
قليل، أو يأمر بقتلي كذلك، والغرض بيان كونه سفاكا لا يبالي بالقتل.
(1) مهج الدعوات ص 192.
[195]
40 - مهج: من كتاب عتيق به حدثنا محمد بن
أحمد بن عبد الله بن صفوة، عن محمد بن العباس العاصمي، عن الحسن بن علي بن يقطين،
عن أبيه، عن محمد بن الربيع الحاجب قال: قعد المنصور يوما في قصرة في القبة الخضراء
وكانت قبل قتل محمد و إبراهيم تدعى الحمراء، وكان له يوم يقعد فيه يسمى ذلك اليوم
الذبح، وكان أشخص جعفر بن محمد عليه السلام من المدينة، فلم يزل في الحمراء نهاره
كله، حتى جاء الليل، ومضى أكثره، قال: ثم دعا أبي الربيع فقال له: يا ربيع إنك تعرف
موضعك مني، وإني يكون لي الخبر ولا تظهر عليه امهات الاولاد، وتكون أنت المعالج له.
فقال: قلت: يا أمير المؤمنين ذلك من فضل الله علي وفضل أمير المؤمنين، و ما فوقي في
النصح غاية قال: كذلك أنت، سر الساعة إلى جعفر محمد بن فاطمة فائتني على الحال الذي
تجده عليه، لا تغير شيئا مما هو عليه، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا والله
هو العطب، إن أتيت به علي ما أراه من غضبه قتله، وذهبت الاخرة، وإن لم آت به واد
هنت في أمره قتلني، وقتل نسلي، وأخذ أموالي فخيرت بين الدنيا والاخرة، فمالت نفسي
إلى الدنيا. قال محمد بن الربيع: فدعاني أبي وكنت أفظ (1) ولده وأغلظهم قلبا، فقال
لي: امض إلى جعفر بن محمد بن علي، فتسلق على حائطه، ولا تستفتح عليه بابا، فيغير
بعض ما هو عليه، ولكن انزل عليه نزولا، فأت به على الحال التي هو فيها، قال: فأتيته
وقد ذهب الليل إلى أقله، فأمرت بنصب السلاليم (2) وتسلقت عليه الحائط فنزلت عليه
داره، فوجدته قائما يصلي، وعليه قميص، ومنديل قد ائتزر به، فلما سلم من صلاته قلت
له: أجب أمير المؤمنين فقال: دعني، أدعو وألبس ثيابي فقلت له: ليس إلى تركك وذلك
سبيل، قال: وأدخل المغتسل فأتطهر قال: قلت: وليس
(1) الفظ: الغليظ السيئ الخلق الخشن
الكلام جمع أفظاظ. (2) السلاليم: جمع سلم وهى ما يرتقى عليه، سواء كان من خشب أو
حجر أو مدر يذكر ويؤنث.
[196]
إلى ذلك سبيل فلا تشغل نفسك، فإني لا أدعك
تغير شيئا، قال: فأخرجته حافيا حاسرا في قميصه ومنديله، وكان قد جاوز عليه السلام
السبعين. فلما مضى بعض الطريق، ضعف الشيخ فرحمته فقلت له: اركب، فركب بغل شاكري (1)
كان معنا، ثم صرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول له: ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل،
وجعل يستحثه استحثاثا شديدا، فلما أن وقعت عين الربيع على جعفر بن محمد وهو بتلك
الحال بكى. وكان الربيع يتشيع فقال له جعفر عليه السلام يا ربيع أنا أعلم ميلك
إلينا، فدعني اصلي ركعتين وأدعو قال: شأنك وما تشاء، فصلى ركعتين خففهما ثم دعا
بعدهما بدعاء لم أفهمه، إلا أنه دعاء طويل، والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع، فلما
فرغ من دعائه على طوله، أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور. فلما صار في صحن
الايوان، وقف ثم حرك شفتيه بشئ، لم أدر ما هو، ثم أدخلته فوقف بين يديه، فلما نظر
إليه قال: وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك، وإفسادك على أهل هذا البيت من بني
العباس، وما يزيدك الله بذلك إلا شدة حسد ونكد، ما تبلغ به ما تقدره. فقال له:
والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من هذا ولقد كنت في ولاية بني امية، وأنت تعلم
أنهم أعدى الخلق لنا ولكم، وأنهم لا حق لهم في هذا الامر فوالله ما بغيت عليهم، ولا
بلغهم عني سوء، مع جفاهم الذي كان بي، وكيف يا أمير المؤمنين أصنع الان هذا ؟ وأنت
ابن عمي وأمس الخلق بي رحما، وأكثرهم عطاء وبرا، فكيف أفعل هذا ؟ ! فأطرق المنصور
ساعة، وكان على لبد (2) وعن يساره مرفقة جرمقانية، وتحت لبده سيف ذو فقار، كان لا
يفارقه إذا قعد في القبة قال: أبطلت وأثمت، ثم رفع ثني الوسادة فأخرج منها إضبارة
كتب، فرمى بها إليه وقال: هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي، وأن
يبايعوك دوني
(1) الشاكرى: الاجير والمستخدم جمع
شاكرية، والكلمة من الدخيل. (2) اللبد: الصوف المتلبد.
[197]
فقال: والله يا أمير المؤمنين ما فعلت،
ولا أستحل ذلك، ولا هو من مذهبي، وإني لمن يعتقد طاعتك على كل حال، وقد بلغت من
السن ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته فصيرني في بعض جيوشك، حتى يأتيني الموت فهو مني
قريب، فقال: لا ولا كرامة ثم أطرق وضرب يده إلى السيف، فسل منه مقدار شبر، وأخذ
بمقبضه، فقلت: إنا لله ذهب والله الرجل، ثم رد السيف، وقال: يا جعفر أما تستحي مع
هذه الشيبة ومع هذا النسب أن تنطق بالباطل، وتشق عصا المسلمين ؟ تريد أن تريق
الدماء، وتطرح الفتنة بين الرعية، والاولياء، فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما
فعلت، ولا هذه كتبي ولا خطي، ولا خاتمي، فانتضى من السيف ذراعا فقلت: إنا لله مضى
الرجل، وجعلت في نفسي إن أمرني فيه بأمر أن أعصيه، لانني ظننت أنه يأمرني أن آخذ
السيف فأضرب به جعفرا، فقلت: إن أمرني ضربت المنصور، وإن أتى ذلك علي وعلى ولدي،
وتبت إلى الله عزوجل مما كنت نويت فيه أولا فأقبل يعاتبه وجعفر يعتذر، ثم انتضى
السيف إلا شيئا يسيرا منه فقلت: إنا لله مضى والله الرجل، ثم أغمد السيف وأطرق ساعة
ثم رفع رأسه وقال: أظنك صادقا يا ربيع هات العيبة (1) من موضع كانت فيه في القبة،
فأتيته بها فقال: أدخل يدك فيها، فكانت مملوة غالية، وضعها في لحيته وكانت بيضاء
فاسودت، وقال لي: احمله على فاره (2) من دوابي التي أركبها، وأعطه عشرة آلاف درهم،
وشيعه إلى منزله مكرما، وخيره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا فنكرمه
والانصراف إلى مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجنا من عنده وأنا مسرور
فرح بسلامة جعفر عليه السلام ومتعجب مما أراد المنصور، وما صار إليه من أمره، فلما
صرنا في الصحن قلت له: يا ابن رسول الله إني لاعجب مما عمد إليه هذا في بابك، وما
أصارك الله إليه من كفايته ودفاعه، ولا عجب من أمر الله عزوجل، وقد سمعتك تدعو في
عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو، إلا أنه طويل، ورأيتك قد حركت
(1) العيبة: ما تجعل فيه الثياب كالصندوق
جمع عيب وعياب وعيبات. (2) الفاره: البين الفراهة ورجل فاره إذا نشط وخف.
[198]
شفتيك ههنا - أعني الصحن - بشئ لم أدر ما
هو. فقال لي: أما الاول فدعاء الكرب والشدائد لم أدع به على أحد قبل يومئذ جعلته
عوضا من دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي، لاني لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به،
وأما الذي حركت به شفتي فهو دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاحزاب ثم ذكر
الدعاء. ثم قال: لولا الخوف من أمير المؤمنين لدفعت إليك هذا المال، ولكن قد كنت
طلبت مني أرضي بالمدينة، وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار، فلم أبعك وقد وهبتها لك،
قلت: يا ابن رسول الله إنما رغبتي في الدعاء الاول والثاني، فإذا فعلت هذا فهو البر
ولا حاجة لي الان في الارض، فقال: إنا أهل بيت لا نرجع في معروفنا، نحن ننسخك
الدعاء ونسلم إليك الارض، صرمعي إلى المنزل فصرت معه كما تقدم المنصور، وكتب لي
بعهدة الارض، وأملى علي دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأملى علي الذي دعا هو
بعد الركعتين، قال: فقلت: يا ابن رسول الله، لقد كثر استحثاث المنصور واستعجاله
إياي وأنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهلا كأنك لم تخشه ! ؟. قال: فقال لي: نعم، قد
كنت أدعو به بعد صلاة الفجر، بدعاء لابد منه فأما الركعتان فهما صلاة الغداة
حففتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما، فقلت له: أما خفت أبا جعفر وقد أعد لك ما أعد ؟
! قال: خيفة الله دون خيفته، وكان الله عزوجل في صدري أعظم منه. قال الربيع: كان في
قلبي ما رأيت من المنصور ومن غضبه وخيفته على جعفر ومن الجلالة له في ساعة ما لم
أظنه يكون في بشر، فلما وجدت منه خلوة، وطيب نفسي، قلت: يا أمير المؤمنين رأيت منك
عجبا قال: ما هو ؟ قلت: يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك غضبته على
أحد قط، ولا على عبد الله بن الحسن ولا على غيره من كل الناس، حتى بلغ بك الامر أن
تقتله بالسيف، وحتى أنك أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته، ثم عاتبته، ثم أخرجت منه
ذراعا، ثم عاتبته ثم أخرجته كله إلا شيئا يسيرا، فلم أشك في قتلك له، ثم انجلى ذلك
كله
[199]
فعاد رضى، حتى أمرتني فسودت لحيته
بالغالية التي لا يتغلف منها إلا أنت، ولا يغلف منها ولدك المهدي، ولا من وليته
عهدك، ولا عمومتك، وأجزته، وحملته وأمرتني بتشييعه مكرما ! فقال: ويحك يا ربيع، ليس
هو كما ينبغي أن تحدث به وستره أولى، ولا احب أن يبلغ ولد فاطمة فيفتخرون ويتيهون
بذلك علينا حسبنا ما نحن فيه، ولكن لا أكتمك شيئا، انظر من في الدار فنحهم قال:
فنحيت كل من في الدار. ثم قال لي: ارجع ولا تبق أحدا، ففعلت ثم قال لي: ليس إلا أنا
وأنت والله لئن سمعت ما ألقيته إليك من أحد لاقتلنك وولدك، وأهلك أجمعين، ولاخذن
مالك، قال: قلت: يا أمير المؤمنين اعيذك بالله قال: يا ربيع قد كنت مصرا على قتل
جعفر، وأن لا أسمع له قولا، ولا أقبل له عذرا، وكان أمره وإن كان ممن لا يخرج بسيف
اغلظ عندي وأهم علي من أمر عبد الله بن الحسن، فقد كنت أعلم هذا منه ومن آبائه على
عهد بني امية، فلما هممت به في المرة الاولى تمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله
فإذا هو حائل بيني وبينه، باسط كفيه، حاسر عن ذراعيه قد عبس وقطب في وجهي عنه، ثم
هممت به في المرة الثانية وانتضيت من السيف أكثر مما انتضيت منه في المرة الاولى
فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد قرب مني ودنا شديدا وهم لي أن لي أن لو
فعلت لفعل فأمسكت ثم تجاسرت وقلت: هذا بعض أفعال الرئي، ثم انتضيت السيف في الثالثة
فتمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله باسط ذراعيه، قد تشمر واحمر وعبس وقطب حتى
كاد أن يضع يده علي فخفت والله لو فعلت لفعل، وكان مني ما رأيت، وهؤلاء من بني
فاطمة صلوات الله عليهم لا يجهل حقهم إلا جاهل لا حظ له في الشريعة، فإياك أن يسمع
هذا منك أحد، قال محمد بن الربيع: فما حدثني به أبي حتى مات المنصور، وما حدثت أنا
به حتى مات المهدي، وموسى، وهارون وقتل محمد (1). بيان: تسلق الجدار تسوره وعلاه،
والشاكري الاجير والمستخدم معرب
(1) مهج الدعوات ص 192.
[200]
چاكر قاله الفيروز آبادي (1) وقال:
الجرامقة: قوم من العجم صاروا بالموصل في أوائل الاسلام، الواحد جرمقاني وكساء
جرمقي بالكسر (2). وقال: الاضبارة بالكسر والفتح الحزمة من الصحف (3) والرئي على
فعيل التابع من الجن. 41 - مهج: وجدت في كتاب عتيق حدثنا محمد بن جعفر الرزاز، عن
محمد ابن عيسى بن عبيد، عن بشير بن حماد، عن صفوان بن مهران الجمال، رفع رجل من
قريش المدينة من بني مخزوم إلى أبي جعفر المنصور وذلك بعد قتله لمحمد وإبراهيم ابني
عبد الله بن الحسن، أن جعفر بن محمد بعث مولاه المعلى بن خنيس بجبابة الاموال من
شيعته، وأنه كان يمد بها محمد بن عبد الله، فكاد المنصور أن يأكل كفه على جعفر
غيظا، وكتب إلى عمه داود، وداود إذ ذاك أمير المدينة أن يسير إليه جعفر بن محمد،
ولا يرخص له في التلوم والمقام، فبعث إليه داود بكتاب المنصور وقال: اعمل في المسير
إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخر، قال صفوان: وكنت بالمدينة يومئذ، فأنفذ إلي
جعفر عليه السلام فصرت إليه فقال لي: تعهد راحلتنا فانا غادون في غد إن شاء الله
إلى العراق، ونهض من وقته، وأنا معه إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وكان ذلك
بين الاولى والعصر، فركع فيه ركعات، ثم رفع يديه فحفظت يومئذ من دعائه: يا من ليس
له ابتداء، الدعاء. قال صفوان: سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام بأن يعيد
الدعاء علي فأعاده و كتبته، فلما أصبح أبو عبد الله عليه السلام رحلت له الناقة،
وسار متوجها إلى العراق حتى قدم مدينة أبي جعفر، وأقبل حتى استأذن فأذن له. قال
صفوان: فأخبرني بعض من شهد عن أبي جعفر قال: فلما رآه أبو جعفر قربه وأدناه، ثم
أسند قصة الرافع على أبي عبد الله عليه السلام يقول: في قصته:
(1) القاموس ج 2 ص 63. (2) نفس المصدر ج 3
ص 217. (3) نفس المصدر ج 2 ص 74.
[201]
إن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي
له الاموال. فقال أبو عبد الله عليه السلام: معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين،
قال له: تحلف على برائتك من ذلك ؟ قال: نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شئ، قال
أبو جعفر: لابل تحلف بالطلاق والعتاق، فقال أبو عبد الله: أما ترضى يميني بالله
الذي لا إله إلا هو ؟ ! قال أبو جعفر: فلا تفقه علي ! فقال أبو عبد الله عليه
السلام: فأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين ! ؟ قال له: دع عنك هذا، فاني أجمع
الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفر
فقال: نعم هذا صحيح، وهذا جعفر بن محمد، والذي قلت فيه كما قلت فقال أبو عبد الله
عليه السلام: تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح ؟ قال: نعم. ثم ابتدأ الرجل
باليمين فقال: والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب، الحي القيوم، فقال له جعفر
عليه السلام: لا تعجل في يمينك، فاني أنا أستحلف. قال المنصور: وما أنكرت من هذه
اليمين ؟ قال: إن الله تعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا أثنى عليه، أن يعاجله
بالعقوبة، لمدحه له، ولكن قل يا أيها الرجل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ
إلى حولي وقوتي إني لصادق بر فيما أقول، فقال المنصور للقرشي: احلف بما استحلفك به
أبو عبد الله، فحلف الرجل بهذه اليمين، فلم يستتم الكلام، حتى أجذم وخر ميتا، فراع
أبا جعفر ذلك، وارتعدت فرائصه فقال: يا أبا عبد الله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت
ذلك، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك، فوالله لاقبلت عليك قول أحد
بعدها أبدا (1). بيان: تلوم في الامر: تمكث وانتظر، وقوله: لم نأل أي لم نقصر. 42 -
مهج: روى محمد بن عبيد الله الاسكندري أنه قال: كنت من جملة ندماء أمير المؤمنين
المنصور أبي جعفر وخواصه، وكنت صاحب سره من بين الجميع، فدخلت عليه يوما فرأيته
مغتما وهو يتنفس نفسا باردا فقلت: ما هذه
(1) مهج الدعوات ص 198.
[202]
الفكرة يا أمير المؤمنين ؟ فقال لي: يا
محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة وقد بقي سيدهم وإمامهم. فقلت له، من ذلك ؟
قال: جعفر بن محمد الصادق فقلت له: يا أمير المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل
بالله عن طلب الملك والخلافة. فقال: يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبامامته، ولكن
الملك عقيم، وقد آليت على نفسي أن لا امسي عشيتي هذه، أو أفرغ منه، قال محمد: والله
لقد ضاقت علي الارض برحبها، ثم دعا سيافا وقال له: إذا أنا أحضرت أبا عبد الله
الصادق وشغلته بالحديث، ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه.
ثم أحضر أبا عبد الله عليه السلام في تلك الساعة، ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه
فلم أدر ما الذي قرأ ؟ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار، فرأيت أبا جعفر
المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين، مكشوف الرأس، قد اصطكت أسنانه، وارتعدت
فرائصه، يحمر ساعة، ويصفر اخرى، وأخذ بعضد أبي عبد الله الصادق عليه السلام وأجلسه
على سرير ملكه، وجثا بين يديه، كما يجثو العبد بين يدي مولاه. ثم قال له: يا ابن
رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة ؟ قال: جئتك يا أمير المؤمنين طاعة لله
عزوجل ولرسول الله صلى الله عليه وآله ولامير المؤمنين أدام الله عزه قال: ما دعوتك
والغلط من الرسول، ثم قال: سل حاجتك، فقال: أسألك أن لا تدعوني لغير شغل، قال: لك
ذلك وغير ذلك. ثم انصرف أبو عبد الله عليه السلام سريعا، وحمدت الله عزوجل كثيرا
ودعا أبو جعفر المنصور بالدواويج ونام، ولم ينتبه إلا في نصف الليل، فلما انتبه كنت
عند رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي: لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي فاحدثك
بحديث، فلما قضى صلاته أقبل علي وقال لي: لما أحضرت أبا عبد الله الصادق، وهممت به
ما هممت من السوء، رأيت تنينا قد حوى بذنبه جميع داري وقصري، وقد وضع شفتيه العليا
في أعلاها، والسفلى في أسفلها، وهو يكلمني بلسان طلق ذلق عربي مبين: يا منصور إن
الله تعالى جده قد بعثني إليك، وأمرني إن
[203]
أنت أحدثت في أبي عبد الله الصادق عليه
السلام حدثا فأنا أبتلعك ومن في دارك جميعا فطاش عقلي وارتعدت فرائصي واصطكت
أسناني. قال محمد بن عبد الله الاسكندري قلت له: ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين، و
عنده من الاسماء وسائر الدعوات التى لو قرأها على الليل لانار، ولو قرأها على
النهار لاظلم، ولو قرأها على الامواج في البحور لسكنت، قال محمد: فقلت له بعد أيام:
أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أخرج إلى زيارة أبي عبد الله الصادق ؟ فأجاب ولم يأب،
فدخلت على أبي عبد الله وسلمت وقلت له: أسألك يا مولاي بحق جدك محمد رسول الله صلى
الله عليه وآله أن تعلمني الدعاء الذي تقرأه عند دخولك إلى أبي جعفر المنصور قال:
لك ذلك ثم علمه عليه السلام الدعاء على ما سيأتي في موضعه (1). 43 - مهج: علي بن
عبد الصمد، عن عم والده محمد بن علي بن عبد الصمد عن جعفر بن محمد الدوريستي، عن
والده، عن الصدوق قال: وحدثني الشيخ جدي عن والده علي بن عبد الصمد، عن محمد بن
إبراهيم بن نبال، عن الصدوق، عن أبيه عن شيوخه، عن محمد بن عبيد الله الاسكندري
مثله (2). بيان: الدواج كرمان وغراب اللحاف الذي يلبس ذكره الفيروز آبادي (3) 44 -
كا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابه، عن صفوان الجمال قال:
حملت أبا عبد الله الحملة الثانية إلى الكوفة، وأبو جعفر المنصور بها. فلما أشرف
على الهاشمية مدينة أبي جعفر، أخرج رجله من غرز الرحل (4) ثم نزل ودعا ببغلة شهباء،
ولبس ثيابا بيضا وتكة بيضاء، فلما دخل عليه قال له أبو جعفر: لقد تشبهت بالانبياء ؟
! فقال أبو عبد الله: وأنى تبعدني من أبناء الانبياء ؟
(1) مهج الدعوات ص 251. (2) نفس المصدر ص
18. (3) القاموس ج 1 ص 189. (4) غرز الرحل: هو ركاب من جلد يقال: غرز رجله في الغرز
إذا وضعها فيه كاغترز (القاموس).
[204]
قال: لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من
يعقر نخلها، ويسبي ذريتها، فقال: ولم ذاك يا أمير المؤمنين ؟. فقال: رفع إلي أن
مولاك المعلى بن خنيس يدعو إليك ويجمع لك الاموال فقال: والله ما كان فقال: لست
أرضى منك إلا بالطلاق والعتاق والهدي والمشي، فقال: أبالأنداد من دون الله تأمرني
أن أحلف ؟ إنه من لم يرض بالله فليس من الله في شئ. فقال: أتتفقه علي ؟ فقال: وأنى
تبعدني من التفقة، وأنا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فإني أجمع بينك وبين
من سعى بك قال: فافعل قال: فجاء الرجل الذي سعى به فقال أبو عبد الله عليه السلام:
يا هذا، قال: فقال: نعم والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الرحمن
الرحيم، لقد فعلت. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ويلك تجلل الله فيستحيي من
تعذيبك، ولكن قل: برئت من حول الله وقوته وألجأت إلى حولي وقوتي، فحلف بها الرجل
فلم يستتمها ؟ حتى وقع ميتا، فقال له أبو جعفر: لا اصدق بعدها عليك أبدا، وأحسن
جائزته ورده (1). 45 - مهج: رأيت بخط عبد السلام البصري بمدينة السلام أخبرنا أبو
غالب أحمد بن محمد الرازي، عن جده محمد بن سليمان، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن سنان
عن ابن مسكان، وأبي سعيد المكاري وغير واحد من عبد الاعلى بن أعين، عن رزام ابن
مسلم مولى خالد قال: بعثني أبو الدوانيق أنا ونفرا معي إلى أبي عبد الله عليه
السلام و هو بالحيرة لنقتله، فدخلنا عليه في رواقه ليلا فنلنا منه حاجتنا، ومن ابنه
إسماعيل، ثم رجعنا إلى أبي الدوانيق فقلنا له: فرغنا مما أمرتنا به، فلما أصبحنا من
الغد وجدنا في رواقه ناقتين منحورتين، قال أبو الحسن محمد بن يوسف: إن جعفر بن محمد
حال الله بينهم وبينه (2). 46 - مهج: من كتاب الخصائص للحافظ أبي الفتح محمد بن
أحمد بن علي
(1) الكافي ج 6 ص 445 وفيه (تمجد) بدل
(تجلل). (2) مهج الدعوات ص 212.
[205]
النطنزي، عن عبد الواحد بن علي، عن أحمد
بن إبراهيم، عن منصور بن أحمد الصيرفي عن إسحاق بن عبد الرب بن المفضل، عن عبد الله
بن عبد الحميد، عن محمد بن مهران الاصفهاني، عن خلاد بن يحيى، عن قيس بن الربيع، عن
أبيه قال: دعاني المنصور يوما قال: أما ترى ما هو هذا يبلغني عن هذا الحبشي ؟ قلت:
ومن هو يا سيدي ؟ قال: جعفر بن محمد، والله لاستأصلن شأفته، ثم دعا بقائد من قواده،
فقال: انطلق إلى المدينة في ألف رجل، فاهجم على جعفر بن محمد، وخذ رأسه ورأس ابنه
موسى ابن جعفر، في مسيرك، فخرج القائد من ساعته حتى قدم المدينة، وأخبر جعفر بن
محمد فأمر فاتي بناقتين، فأوثقهما على باب البيت ودعا بأولاده موسى، وإسماعيل،
ومحمد وعبد الله، فجمعهم وقعد في المحراب، وجعل يهمهم. قال أبو بصير: فحدثني سيدي
موسى بن جعفر أن القائد هجم عليه، فرأيت أبي وقد همهم بالدعاء، فأقبل القائد وكل من
كان معه قال: خذوا رأسي هذين القائمين، فاجتزوا رأسهما، ففعلوا وانطلقوا إلى
المنصور، فلما دخلوا عليه اطلع المنصور في المخلاة التي كان فيها الرأسان، فإذا هما
رأسا ناقتين. فقال المنصور: أي شئ هذا ؟ قال: يا سيدي ما كان بأسرع من أني دخلت
البيت الذي فيه جعفر بن محمد، فدار رأسي ولم أنظر ما بين يدي، فرأيت شخصين قائمين
خيل إلي أنهما جعفر بن محمد وموسى ابنه فأخذت رأسيهما. فقال المنصور: اكتم علي فما
حدثت به أحدا حتى مات قال الربيع: فسألت موسى بن جعفر عليه السلام عن الدعاء فقال:
سألت أبي عن الدعاء فقال: هو دعاء الحجاب وذكر الدعاء (1). بيان: قال الجوهري:
الشأفة (2) قرحة تخرج في أسفل القدم، فتكوى فتذهب وإذا قطعت مات صاحبها، والاصل
واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه أزاله من أصله.
(1) مهج الدعوات ص 213. (2) هذا نص
القاموس ج 2 ص 184.
[206]
47 - كشف: وقال الحافظ عبد العزيز: روى عن
جعفر بن محمد عليه السلام قال: لما دفعت إلى أبي جعفر المنصور، انتهرني وكلمني
بكلام غليظ ثم قال لي: يا جعفر قد علمت بفعل محمد بن عبد الله الذي يسمونه النفس
الزكية وما نزل به، وإنما أنتظر الان أن يتحرك منكم أحد فالحق الكبير بالصغير، قال:
فقلت: يا أمير المؤمنين حدثني محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن
علي، عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الرجل ليصل رحمه وقد
بقي من عمره ثلاث سنين فيمدها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة، وإن الرجل ليقطع رحمه وقد
بقي من عمره ثلاث وثلاثون سنة فيبترها الله إلى ثلاث سنين قال: فقال لي: الله لقد
سمعت هذا من أبيك ؟ قلت: نعم حتى رددها علي ثلاثا، ثم قال: انصرف (1). ومن كتاب
الحافظ عبد العزيز قال: حدث أبو الحسين يحيى بن الحسين بن جعفر ابن عبد الله بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كتب إلي عباد بن يعقوب يخبرني عن محمد
بن إسحاق بن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: دخل جعفر بن محمد على أبي جعفر المنصور،
فتكلم، فلما خرجوا من عنده أرسل إلى جعفر بن محمد عليه السلام فرده، فلما رجع حرك
شفتيه بشئ فقيل له: ما قلت ؟ قال: قلت: اللهم أنت تكفي من كل شئ ولا يكفي منك شئ
فاكفنيه، فقال لي: ما يبرك عندي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: قد بلغت أشياء
لم يبلغها أحد من آبائي في الاسلام. وما أراني أصحبك إلا قليلا، ما أرى هذه السنة
تتم لي قال: فإن بقيت ؟ قال: ما أراني أبقى قال: فقال أبو جعفر: احسبوا له فحسبوا
فمات في شوال (2). 48 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن مرازم، عن
أبيه قال: خرجنا مع أبي عبد الله عليه السلام حيث خرج من عند أبي جعفر من الحيرة
فخرج ساعة أذن له وانتهى إلى السالحين (3) في أول الليل فعرض له عاشر (4) كان يكون
في السالحين
(1) كشف الغمة ج 2 ص 383. (2) نفس المصدر
ج 2 ص 384. (3) السالحين موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. (4) العاشر: من
يأخذ العشر، يقال عشرت ماله أعشره عشرا فأنا عاشر، وعشرته فأنا معشر وعشار، إذا
أخذت عشره. " النهاية ".
[207]
في أول الليل فقال له: لا أدعك تجوز، فألح
عليه، وطلب إليه، فأبى إباء ومصادف معه، فقال له مصادف: جعلت فداك إنما هذا كلب قد
آذاك، وأخاف أن يردك، و ما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر، وأنا مرازم أتأذن لنا أن
نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر ؟ فقال: كف يا مصادف، فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من
الليل أكثره فأذن له فمضى، فقال: يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه ؟ قلت: هذا جعلت
فداك فقال: يا مرازم إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير (1).
49 - اعلام الدين للديلمي: روي عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أبيه، عن جده قال: ولي
علينا بالاهواز رجل من كثاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا من خراج، كان فيها زوال
نعمتي وخروجي من ملكي، فقيل لي: إنه ينتحل هذا الامر، فخشيت أن ألقاه مخافة أن لا
يكون ما بلغني حقا فيكون خروجي من ملكي وزوال نعمتي، فهربت منه إلى الله تعالى
وأتيت الصادق عليه السلام مستجيرا فكتب إليه رقعة صغيرة فيها " بسم الله الرحمن
الرحيم إن لله في ظل عرشه ظلا لا يسكنه إلا من نفس عن أخيه كربة، وأعانه بنفسه، أو
صنع إليه معروفا ولو بشق تمرة، وهذا أخوك المسلم " ثم ختمها ودفعها إلي وأمرني أن
اوصلها إليه، فلما رجعت إلى بلادي صرت إلى منزله فاستأذنت عليه وقلت: رسول الصادق
عليه السلام بالباب فإذا أنابه وقد خرج إلي حافيا، فلما بصر بي سلم علي وقبل ما بين
عيني، ثم قال لي: يا سيدي أنت رسول مولاي ؟ فقال: نعم فقال: هذا عتقي من النار إن
كنت صادقا، فأخذ بيدي وأدخلني منزله، وأجلسني في مجلسه وقعد بين يدي، ثم قال: يا
سيدي كيف خلفت مولاي ؟ فقلت: بخير فقال: الله الله ؟ قلت: الله حتى أعادها، ثم
ناولته الرقعة فقرأها وقبلها، ووضعها على عينيه، ثم قال: يا أخي مر بأمرك ! فقلت:
في جريدتك علي كذا وكذا ألف درهم، وفيه عطبي (2) وهلاكي، فدعا بالجريدة فمحا عني كل
ما كان فيها، وأعطاني براءة منها.
(1) الكافي ج 8 ص 87. (2) العطب: الهلاك
يقال عطب كفرح، هلك.
[208]
ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها، ثم
دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة ويعطيني دابة، ثم دعا بغلمانه فجعل يعطيني غلاما ويأخذ
غلاما. ثم دعا بسكوته فجعل يأخذ ثوبا ويعطيني ثوبا، حتى شاطرني جميع ملكه ويقول: هل
سررتك ؟ وأقول: أي والله وزدت على السرور، فلما كان في الموسم قلت: والله لا كان
جزاء هذا الفرح بشئ أحب إلى الله وإلى رسوله من الخروج إلى الحج والدعآء له،
والمصير إلى مولاي وسيدي الصادق عليه السلام وشكره عنده وأسأله الدعاء له فخرجت إلى
مكة، وجعلت طريقي إلى مولاي عليه السلام فلما دخلت عليه رأيته والسرور في وجهه
وقال: يا فلان ما كان من خبرك من الرجل ؟ فجعلت اورد عليه خبرى وجعل يتهلل وجهه
ويسر السرور فقلت: يا سيدي هل سررت بما كان منه إلي ؟ فقال: أي والله سرني إي والله
لقد سر آبائي إي والله لقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله إي والله لقد سر الله
في عرشه. 50 - عدة: عن الحسين مثله (1). ورواه في الاختصاص (2) وفيه مكان الصادق
الكاظم عليهما السلام ولعله أظهر. 51 - كا: علي بن محمد، عن إبراهيم بن إسحاق
الاحمر، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد بن إسماعيل، عن معاوية بن عمار، والعلا بن
سيابة، وظريف ابن ناصح قال: لما بعث أبو الدوانيق إلى أبي عبد الله رفع يده إلى
السماء ثم قال: اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي محمد
وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي عليهم السلام اللهم إني أدرء بك
في نحره، وأعوذ بك من شره، ثم قال للجمال: سر، فلما استقبله الربيع بباب أبي
الدوانيق قال له: يا أبا عبد الله ما أشد باطنه عليك لقد سمعته يقول: والله لا تركت
لهم نخلا إلا
(1) عدة الداعي ص 136. (2) لم نقف على هذا
الخبر في المصدر المطبوع، والموجود فيه رسالة الامام الصادق عليه السلام إلى
النجاشي في شأن بعض أهل عمله لخراج كان عليه في ديوانه، وهى تقرب من هذه الرواية في
بعض معانيها فلاحظ ص 260 من الاختصاص.
[209]
عقرته، ولا مالا إلا نهبته، ولا ذرية إلا
سبيتها قال: فهمس بشئ خفي وحرك شفتيه، فلما دخل سلم وقعد، فرد عليه السلام ثم قال:
أما والله لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلا عقرته، ولا مالا إلا أخذته، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: يا أمير المؤمنين إن الله عزوجل ابتلى أيوب فصبر وأعطى داود
فشكر، وقدر يوسف فغفر، وأنت من ذلك النسل، ولا يأتي ذلك النسل إلا بما يشبهه فقال:
صدقت قد عفوت عنكم فقال له: يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا
سلبه الله ملكه فغضب لذلك واستشاط، فقال: على رسلك يا أمير المؤمنين إن هذا الملك
كان في آل أبي سفيان فلما قتل يزيد لعنه الله حسينا سلبه الله ملكه، فورثه آل مروان
فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه، فورثه مروان بن محمد، فلما قتل مروان إبراهيم
سلبه الله ملكه فأعطاكموه، فقال: صدقت هات ارفع حوائجك فقال: الاذن فقال: هو في يدك
متى شئت فخرج فقال له الربيع: قد أمر لك بعشرة آلاف درهم قال: لا حاجة لي فيها قال:
إذن تغضبه فخذها ثم تصدق بها (1). بيان: الرسل بالكسر الرفق التؤدة. 52 - كا: محمد
بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن حماد بن عثمان، عن المسمعي قال:
لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبو عبد الله عليه السلام: لادعون الله
تعالى على من قتل مولاي وأخذ مالي، فقال له داود بن علي: إنك لتهددني بدعآئك قال
حماد: قال المسمعي: فحدثني معتب أن أبا عبد الله عليه السلام لم يزل ليلته راكعا
وساجدا فلما كان في السحر سمعته يقول وهو ساجد: اللهم إني أسألك بقوتك القوية،
وبجلالك الشديد، الذي كل خلقك له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تأخذه
الساعة الساعة، فما رفع رأسه حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي، فرقع أبو عبد
الله عليه السلام رأسه وقال: إني دعوت الله عليه بدعوة بعث الله عزوجل عليه ملكا
فضرب رأسه بمرزبة من حديد
(1) الكافي ج 2 ص 562.
[210]
انشقت منها مثانته فمات (1). بيان:
المرزبة بالكسر المطرقة الكبيرة التى تكون للحداد. 53 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد
بن أحمد، عن أيوب بن نوح، عن العباس ابن عامر، عن داود بن الحصين، عن رجل من
أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس: إني دخلت
عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال: يا أبا عبد
الله أصمت اليوم ؟ فقلت: لا والمائدة بين يديه، قال: فادن فكل قال: فدنوت فأكلت
قال: وقلت: الصوم معك والفطر معك، فقال الرجل لابي عبد الله عليه السلام: تفطر يوما
من شهر رمضان ! ؟ فقال: إي والله افطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي
(2). 54 - كا: العدة، عن سهل، عن علي بن الحكم، عن رفاعة، عن رجل عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في
الصيام اليوم ؟ فقلت: ذاك إلى الامام، إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا، فقال: يا غلام
علي بالمائدة فأكلت معه، وأنا أعلم والله أنه يوم من يوم شهر رمضان، فكان إفطاري
يوما وقضاؤه أيسر علي من أين يضرب عنقي، ولا يعبد الله (3). أقول: روى أبو الفرج
الاصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين باسناده إلى أيوب بن عمر قال: لقي جعفر عليه
السلام أبا جعفر المنصور فقال: اردد علي عين أبي زياد آكل من سعفها، قال: إياي تكلم
بهذا الكلام ؟ والله لازهقن نفسك قال: لا تعجل قد بلغت ثلاثا وستين، وفيها مات أبي
وجدي علي بن أبي طالب، فعلي كذا وكذا إن آذيتك بنفسي أبدا، وإن بقيت بعدك إن آذيت
الذي يقوم مقامك، فرق له وأعفاه (4).
(1) نفس المصدر ج 2 ص 513. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 83. (3) المصدر السابق ج 3 ص 82. (4) مقاتل الطالبين ص 273 وأخرجه الطبري في
تاريخه ج 9 ص 232.
[211]
وبإسناده عن يونس بن أبي يعقوب قال: حدثنا
جعفر بن محمد صلوات الله عليه من فيه إلى اذني قال: لما قتل إبراهيم بن عبد الله بن
الحسن بباخمرا (1) وحشرنا من المدينة، فلم يترك فيها منا محتلم، حتى قدمنا الكوفة
فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال: أين هؤلاء
العلوية ادخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى قال: فدخلنا إليه أنا
وحسن ابن زيد، فلما صرت بين يديه قال لي: أنت الذي تعلم الغيب ؟ قلت: لا يعلم الغيب
إلا الله قال: أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج ؟ قلت: إليك يجبى يا أمير المؤمنين
الخراج، قال: أتدرون لم دعوتكم ؟ قلت: لا قال: أردت أن أهدم رباعكم واغور قليبكم،
وأعقر نخلكم، وأنزلكم بالشراة (2) لا يقربكم أحد من أهل الحجاز وأهل العراق فانهم
لكم مفسدة فقلت له يا أمير المؤمنين إن سليمان اعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن
يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك النسل قال: فتبسم وقال: أعد علي فأعدت فقال: مثلك فليكن
زعيم القوم، وقد عفوت عنكم ووهبت لكم جرم أهل البصرة، حدثني الحديث الذي حدثتني، عن
أبيك، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله. قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن
علي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: صلة الرحم تعمر الديا، وتطيل الاعمار،
وتكثر العمار، وإن كانوا كفارا فقال: ليس هذا. فقلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي،
عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الارحام معلقة
(1) باخمرا: بالراء المهملة موضع بين
الكوفة وواسط، وهو إلى الكوفة أقرب به قبر ابراهيم بن عبد الله بن حسن بن الحسن
قتله بها أصحاب المنصور، واياها عنى دعبل ابن على الخزاعى بقوله: وقبر بأرض
الجوزجان محله * وقبر بباخمرا لدى الغربات. (2) الشراة: جبل شامخ مرتفع من دون
عسفان تأوى إليه القرود. واسم صقع بالشام بين دمشق والمدينة، من بعض نواحيه القرية
المعروفة بالحميمة التى كان يسكنها ولد علي بن عبد الله بن عباس في أيام بنى مروان.
[212]
بالعرش تنادي: صل من وصلني واقطع من قطعني
قال: ليس هذا. قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: إن الله عزوجل يقول: أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها
وصلته ومن قطعها قطعته قال: ليس هذا الحديث. قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي، عن
رسول الله صلى الله عليه وآله إن ملكا من ملوك الارض كان بقي من عمره ثلاث سنين
فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال: هذا الحديث أردت، أي البلاد أحب إليك،
فوالله لاصلن رحمي إليكم قلنا: المدينة فسرحنا إلى المدينة وكفى الله مؤنته (1).
(1) مقاتل الطالبيين ص 450.
[213]
* (باب 7) * * " (مناظراته عليه السلام مع
أبي حنيفة وغيره من) " * * " (اهل زمانه، وما ذكره المخالفون من نوادر) " * "
(علومه عليه السلام) " أقول: قد مضى أخبار كثيرة في باب البدع والمقاييس وأبواب
الاحتجاجات. 1 - ج: عن الحسن بن محبوب، عن سماعة قال: قال أبو حنيفة لابي عبد الله
عليه السلام: كم بين المشرق والمغرب ؟ قال: مسيرة يوم، بل أقل من ذلك فاستعظمه
فقال: يا عاجز لم تنكر هذا ؟ إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب إلى المغرب في أقل من
يوم، تمام الخبر (1). 2 - ج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد
الله عليه السلام بمكة إذ دخل عليه اناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد، وواصل بن
عطا، وحفص ابن سالم، واناس من رؤوسائهم، وذلك حين قتل الوليد، واختلف أهل الشام
بينهم فتكلموا وأكثروا، وخطبوا فأطالوا، فقال لهم أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما
السلام: إنكم قد أكثرتم علي وأطلتم، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم
وليوجز فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال، فكان فيما قال أن قال: قتل أهل
الشام خليفتهم، وضرب الله بعضهم ببعض، وتشتت أمرهم، فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل
ومروة، ومعدن للخلافة، وهو محمد بن عبد الله بن الحسن، فأردنا أن نجتمع معه
فنبايعه، ثم نظهر أمرنا معه، وندعوا الناس إليه فمن بايعه كنا معه، وكان معنا، ومن
اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه، ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله،
وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك، فانه لا غنى بنا عن
(1) الاحتجاج للطبرسي ص 197.
[214]
مثلك، لفضلك وكثرة شيعتك، فلما فرغ قال
أبو عبد الله عليه السلام: أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا: نعم، فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: إنما نسخط إذا عصي الله،
فإذا اطيع رضينا، أخبرني يا عمرو ولو أن الامة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا
مؤنة، فقيل لك: ولها من شئت من كنت تولي ؟ قال: كنت أجعلها شورى بين المسلمين، قال:
بين كلهم ؟ قال: نعم، قال: بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال: نعم، قال: قريش وغيرهم ؟ قال
العرب والعجم، قال: أخبرني يا عمرو أتتولى أبا بكر وعمر ؟ أو تتبرأ منهما ؟ قال:
أتولاهما قال: يا عمرو إن كنت رجلا تتبرأ منهما فانه يجوز لك الخلاف عليهما، وإن
كنت تتولاهما فقد خالفتهما، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا ثم ردها
أبو بكر عليه ولم يشاور أحدا، ثم جعلها عمر شورى بين ستة، فأخرج منها الانصار غير
اولئك الستة من قريش، ثم أوصى فيهم الناس بشئ ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك قال:
وما صنع ؟ قال: أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام، وأن يتشاوروا اولئك الستة ليس
فيهم أحد سواهم، إلا ابن عمرو يشاورونه وليس له من الامر شئ، و أوصى من بحضرته من
المهاجرين والانصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة
جميعا، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين،
أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين ؟ قالوا: لا، قال: يا عمرو دع ذا،
أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه، ثم اجتمعت لكم الامة ولم يختلف عليكم
فيها رجلان، فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدوا الجزية أكان عندكم
وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في
المشركين في حربه ؟ قالوا: نعم، قال: فتصنعون ماذا ؟ قالوا: ندعوهم إلى الاسلام فان
أبوا دعوناهم إلى الجزية قال: وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب ؟ قالوا: وإن كانوا مجوسا
وأهل كتاب قال: وإن كانوا أهل الاوثان وعبدة النيران والبهائم، وليسوا بأهل كتاب ؟
قالوا: سواء، قال: فأخبرني عن القرآن أتقرأه ؟ قال: نعم، قال: اقرأ " قاتلوا
[215]
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر
ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى
يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " (1). قال: فاستثنى الله عزوجل واشترط من الذين
اوتوا الكتاب، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال: نعم قال عليه السلام: عمن
أخذت هذا ؟ قال: سمعت الناس يقولونه، قال: فدع ذا فانهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم
وظهرت عليهم، كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال: اخرج الخمس واخرج أربعة أخماس بين من قاتل
عليها قال: تقسمه بين جميع من قاتل عليها ؟ قال: نعم قال: قد خالفت رسول الله صلى
الله عليه وآله في فعله وفي سيرته وبيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم، فسلهم
فانهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صالح
الاعراب على أن يدعهم في ديارهم، وأن لا يهاجروا على أنه إن دهمه من عدوه دهم
فيستفزهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب و أنت تقول بين جميعهم، فقد خالفت
رسول الله صلى الله عليه وآله في سيرته في المشركين، دع ذا ما تقول في الصدقة ؟
قال: فقرأ عليه هذه الاية " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها " (2)
إلى آخرها. قال: نعم فكيف تقسم بينهم ؟ قال: أقسمها على ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء
من الثمانية جزءا قال عليه السلام: إن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف رجلا واحدا،
ورجلين وثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال: نعم قال: وكذا
تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال: نعم قال: فخالفت
رسول صلى الله عليه وآله في كل ما به أتى في سيرته، كان رسول الله يقسم صدقة
البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه بينهم بالسوية، إنما
يقسم على قدر ما يحضره منهم وعلى ما يرى، فان كان في نفسك شئ ما قلت فإن فقهاء أهل
المدينة ومشيختهم كلهم لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان
يصنع، ثم أقبل على عمرو وقال: اتق الله يا عمرو، وأنتم أيها الرهط
(1) سورة التوبة الاية: 29. (2) سورة
التوبة الاية: 60.
[216]
فاتقوا الله فان أبي حدثني وكان خير أهل
الارض وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله أن رسول الله قال: من ضرب الناس بسيفه ودعاهم
إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف (1). 3 - كا: علي، عن أبيه،
عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن عبد الكريم مثله (2). 4 - قب: دخل
عمرو بن عبيد على الصادق عليه السلام وقرأ " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " (3)
وقال: احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال: نعم يا عمرو ثم فصله بأن الكبائر
الشرك بالله " إن الله لا يغفر أن يشرك به " (4) واليأس " ولا تيأسوا من روح الله "
(5) وعقوق الوالدين لان العاق جبار شقي " وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا "
(6). وقتل النفس " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " (7) وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم " إن
الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " (8) والفرار من الزحف " ومن يولهم يومئذ دبره "
(9). وأكل الربوا " الذين يأكلون الربوا " (10) والسحر " ولقد علموا لمن اشتريه "
(11) والزناء " ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " (12) واليمين الغموس " إن الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا " (13) والغلول " ومن يغلل يأت بما غل " (14) ومنع
الزكاة " يوم يحمى عليها في نار جهنم " (15) وشهادة الزور وكتمان الشهادة
(1) الاحتجاج للطبرسي ص 197. (2) الكافي ج
5 ص 23. (3) سورة النساء الاية 31. (4) سورة النساء الاية 48. (5) سورة يوسف الاية
87. (6) سورة مريم الاية 32. (7) سورة النساء الاية 93. (8) سورة النساء الاية 10.
(9) سورة الانفال الاية 16. (10) سورة البقرة الاية 275. (11) سورة البقرة الاية
102. (12) سورة الفرقان الاية 68. (13) سورة آل عمران الاية 77. (14) سورة آل عمران
الاية 161. (15) سورة التوبة الاية 35.
[217]
" ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " (1) وشرب
الخمر لقوله عليه السلام: شارب الخمر كعابد وثن، وترك الصلاة لقوله: من ترك الصلاة
متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله، ونقض العهد وقطيعة الرحم " الذين ينقضون
عهد الله " (2) وقول الزور " واجتنبوا قول الزور " (3) والجرأة على الله " أفأمنوا
مكر الله " (4) وكفران النعمة " ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " (5) وبخس الكيل والوزن
" ويل للمطففين " (6) واللواط " الذين يجتنبون كبائر الاثم " (7) والبدعة قوله عليه
السلام من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه. قال: فخرج عمرو وله صراخ من
بكائه وهو يقول: هلك من سلب تراثكم و نازعكم في الفضل والعلم (8). وذكر أبو القاسم
البغار في مسند أبي حنيفة: قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل من أفقه من
رأيت ؟ قال: جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس
قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث
إلي أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته. فدخلت عليه، وجعفر جالس عن يمنه، فلما بصرت به،
دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لابي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ إلي فجلست، ثم
التفت إليه، فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة قال: نعم أعرفه، ثم التفت إلي
فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك فجعلت القي عليه فيجيبني فيقول:
أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا و ربما
تابعهم، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الاربعين مسألة فما أخل منها بشئ
(1) سورة البقرة الاية 283. (2) سورة
البقرة الاية 27. (3) سورة الحج الاية 30. (4) سورة الاعراف الاية 99. (5) سورة
ابراهيم الاية 7. (6) سورة المطففين الاية 1. (7) سورة النجم الاية 32. (8) المناقب
ج 3 ص 375.
[218]
ثم قال أبو حنيفة: أليس أن أعلم الناس
أعلمهم باختلاف الناس (1). أبان بن تغلب في خبر أنه دخل يماني على الصادق عليه
السلام فقال له: مرحبا بك يا سعد فقال الرجل: بهذا الاسم سمتني امي، وقل من يعرفني
به فقال: صدقت يا سعد المولى فقال: جعلت فداك بهذا كنت القب فقال: لا خير في اللقب
إن الله يقول: " ولا تنابزوا بالالقاب " (2) ما صناعتك يا سعد ؟ قال: أنا من أهل
بيت ننظر في النجوم، فقال: كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة ؟ قال: لا أدري قال:
فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة ؟ قال: لا أدري قال: فكم للمشتري من ضوء عطارد ؟
قال: لا أدري قال: فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر ؟ قال: لا أدري فقال:
يا أخا أهل اليمن عندكم علماء ؟ قال: نعم إن عالمهم ليزجر الطير ويقفوا الاثر في
الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال عليه السلام: إن عالم المدينة أعلم من
عالم اليمن، لان عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الاثر، ويزجر الطير، ويعلم ما
في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس، يقطع اثني عشر برجا، واثني عشر بحرا، واثني عشر
عالما قال: ما ظننت أن أحدا يعلم هذا ويدري. سالم الضرير: إن نصرانيا سأل الصادق
عليه السلام عن تفصيل الجسم فقال عليه السلام إن الله تعالى خلق الانسان على اثني
عشر وصلا وعلى مائتين وستة وأربعن عظما، وعلى ثلاث مائة وستين عرقا، فالعروق هي
التي تسقي الجسد كله، والعظام تمسكها، واللحم يمسك العظام، والعصب يمسك اللحم. وجعل
في يديه اثنين وثمانين عظما، في كل يد أحد وأربعون عظما: منها: في كفه خمسة وثلاثون
عظما، وفي ساعده إثنان، وفي عضده واحد، وفي كتفه ثلاثة فذلك أحد وأربعون عظما،
وكذلك في الاخرى وفي رجله ثلاثة وأربعون عظما منها في قدمه خمسة وثلاثون عظما وفي
ساقه إثنان وفي ركبته ثلاثة وفي فخذه واحد، وفي وركه إثنان، وكذلك في الاخرى، في
صلبه ثماني عشرة فقارة، وفي
(1) نفس المصدر ج 3 ص 378. (2) سورة
الحجرات الاية 11.
[219]
كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع، وفي وقصته
ثمانية، وفي رأسه ستة وثلاثون عظما وفي فيه ثمانية وعشرون، واثنان وثلاثون (1).
بيان: لعل المراد بالوقصة العنق قال الفيروز آبادي: (2) وقص عنقه كوعد كسرها والوقص
بالتحريك قصر العنق، ويحتمل أن يكون وفي قصه وهي عظام وسط الظهر قوله عليه السلام:
وفي فيه ثمانية وعشرون أي في بدو الانبات، ثم تنبت في قريب من العشرين أربعة اخرى،
فلذا قال عليه السلام بعده واثنان وثلاثون. ويحتمل أن يكون باعتبار اختلافها في
الاشخاص، ويدل الخبر على أن السن ليس بعظم. 5 - قب: قال بعض الخوارج لهشام بن
الحكم: العجم تتزوج في العرب ؟ قال: نعم قال: فالعرب تتزوج في قريش ؟ قال: نعم قال:
فقريش تتزوج في بني هاشم ؟ قال: نعم، فجاء الخارجي: إلى الصادق عليه السلام فقص
عليه، ثم قال: أسمعه منك فقال عليه السلام: نعم قد قلت ذاك. قال الخارجي: فها أنا
ذا قد جئتك خاطبا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إنك لكفو في دينك وحسبك في
قومك، ولكن الله عزوجل صاننا عن الصدقات، وهي أوساخ أيدي الناس، فنكره أن نشرك فيما
فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا. فقام الخارجي وهو يقول: بالله ما
رأيت رجلا مثله، ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه (3). وحدث أبو هفان وابن
ماسويه حاضر أن جعفر بن محمد عليه السلام قال: الطبائع أربع: الدم وهو عبد، وربما
قتل العبد سيده، والريح: وهو عدو إذا سددت له بابا أتاك من آخر، والبلغم: وهو ملك
يداري، والمرة: وهي الارض، إذا رجفت رجفت بمن عليها فقال: أعد علي فوالله ما يحسن
جالينوس أن يصف هذا الوصف (4)
(1) المناقب ج 3 ص 379. (2) القاموس ج 2 ص
321 - 322. (3) المناقب ج 3 ص 381. (4) نفس المصدر ج 3 ص 382. (*)
[220]
وفي امتحان الفقهاء: رجل صانع، قطع عضو
صبي بأمر أبيه، فإن مات فعليه نصف الدية، وإن عاش فعليه الدية كاملة هذا حجام قطع
حشفة صبي، وهو يختنه فإن مات فعليه نصف الدية، ونصف الدية على أبيه لانه شاركه في
موته، وإن عاش فعليه الدية كاملة لانه قطع النسل، وبه ورد الاثر عن الصادق عليه
السلام (1). وفيه أن رجلا حضرته الوفاة فأوصى أن غلامي يسار هو ابني فورثوه، وغلامي
يسار فأعتقوه فهو حر الجواب يسأل أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهم لا يستترن
منه، فانما هو ولده، فان قال أولاده: إنما أبونا قال لا يستترن منه، فانه نشأ في
حجورنا وهو صغير، فيقال لهم: أفيكم أهل البيت علامة ؟ فان قالوا: نعم نظر فان وجدت
تلك العلامة بالصغير فهو أخوهم، وإن لم توجد فيه يقرع بين الغلامين فأيهما خرج سهمه
فهو حر بالمروي عنه عليه السلام (2). بيان: إنما ذكر الروايتين مع أنهما ليسا
بمعتمدين، لبيان أن المخالفين يروون عنه عليه السلام ويثقون بقوله، والاخيرة فيها
موافقة في الجملة للاصول ولتحقيقها مقام آخر. 6 - قب: سأل زنديق الصادق عليه السلام
فقال: ما علة الغسل من الجنابة وإنما أتى حلالا، وليس في الحلال تدنيس ؟ فقال عليه
السلام: لان الجنابة بمنزلة الحيض وذلك أن النطفة دم لم يستحكم، ولا يكون الجماع
إلا بحركة غالبة فإذا فرغ تنفس البدن، ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة، فوجب الغسل
لذلك: غسل الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبيده ليتخبرهم بها (3) وسأله عليه
السلام أبو حنيفة عن قوله: " والله ربنا ما كنا مشركين " (4) فقال: ما تقول فيها يا
أبا حنيفة فقال: أقول إنهم لم يكونوا مشركين، فقال أبو عبد الله عليه السلام: قال
الله تعالى " انظر كيف كذبوا
(1) نفس المصدر ج 3 ص 386. (2) نفس المصدر
ج 3 ص 387. (3) نفس المصدر ج 3 ص 387. (4) سورة الانعام الاية 23.
[221]
على أنفسهم " فقال: ما تقول فيها يا ابن
رسول الله ؟ فقال: هؤلاء قوم من أهل القبلة أشركوا من حيث لا يعلمون. وسأله عليه
السلام عباد المكي عن رجل زنى وهو مريض، فإن اقيم عليه الحد خافوا أن يموت، ما تقول
فيه ؟ فقال: هذه المسألة من تلقاء نفسك ؟ أو أمرك بها إنسان ؟ فقال: إن سفيان
الثوري أمرني بها فقال عليه السلام: إن رسول الله أتي برجل أحبن قد استسقى بطنه
وبدت عروق فخذيه، وقد زنا بامرأة مريضة فأمر رسول الله فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ
فضربه به ضربة، وضربها ضربة وخلى سبيلهما، وذلك قوله " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به "
(1). بيان: الحبن محركة داء في البطن يعظم منه ويرم فهو أحبن. 7 - كشف: روى محمد بن
طلحة (2) عن سفيان الثوري قال: دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز
فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا ؟ لعلك تعجب مما ترى ؟
فقلت: يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك ! !. قال: يا ثوري كان ذلك
زمان إقتار وافتقار، وكانوا يعملون على قدر إقتاره وافتقاره، وهذا زمان قد أسبل كل
شئ عزاليه (3)، ثم حسر ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضاء، يقصر الذيل عن الذيل،
والردن عن الردن، وقال: يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم، وما كان لله أخفيناه
وما كان لكم أبديناه. 8 - كا: علي، عن أبيه، عن إبراهيم بن محمد، عن السلمي، عن
داود الرقي قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الاية: " من الضان اثنين ومن المعز اثنين
(1) المناقب ج 3 ص 390 والاية الثانية في
سورة الانعام برقم 24. (2) مطالب السؤول ص 82. (3) العزالى: جمع عزلاء وهى مصب
الرواية فقوله: قد أسبل كل شئ عزاليه، يريد به وفور الخير وانتشار البركة وكثرة
النعم وتفشى الرخاء.
[222]
قل آالذكرين حرم أم الانثيين - ومن الابل
اثنين ومن البقر اثنين " (1) ما الذي أحل الله من ذلك ؟ وما الذي حرم ؟ فلم يكن
عندي فيه شئ، فدخلت على أبي عبد الله وأنا حاج فأخبرته بما كان فقال: إن الله عزوجل
أحل في الاضحية بمنى الضان والمعز الاهلية، وحرم أن يضحى بالجبلية، وأما قوله " ومن
الابل اثنين ومن البقر اثنين " فان الله تبارك وتعالى أحل في الاضحية الابل العراب
(2) وحرم فيها البخاتي (3) وأحل البقر الاهلية أن يضحى بها، وحرم الجبلية، فانصرفت
إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب، فقال: هذا شئ حملته الابل من الحجاز (4). 9 - كا:
العدة، عن سهل، عن ابن أسباط، عن علي بن عبد الله، عن الحسين ابن يزيد قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول وقد قال أبو حنيفة: عجب الناس منك أمس، وأنت بعرفة
تماكس (5) ببدنك (6) أشد مكاسا يكون، قال: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وما
لله من الرضا أن اغبن في مالي قال: فقال أبو حنيفة: لا والله ما لله في هذا من
الرضا قليل ولا كثير وما نجيئك بشئ إلا جئتنا بما لا مخرج لنا منه (7). 10 - كا:
العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن عبد الله بن سنان قال: لما قدم أبو
عبد الله عليه السلام على أبي العباس وهو بالحيرة (8) خرج يوما يريد
(1) سورة الانعام الاية: 142 - 143. (2)
الابل العراب: بكسر العين وهى الابل العربية خلاف البخاتى. (3) الابل البخاتى: جمع
بختية وبخت بالضم وهى الخراسانية. (4) الكافي ج 4 ص 492. (5) المماكسة: في البيع
انتقاص الثمن واستحطاطه. (6) البدن: بالضم جمع بدنة كقصبة وتجمع على بدنات كقصبات
وهى من الابل ما كان له خمس سنين ودخل في السادسة، وانما سميت بذلك لعظم بدنها
وسمنها. (7) الكافي ج 4 ص 546. (8) الحيرة: بالكسر: ثم السكون، وراء: مدينة كانت
على ثلاثة أميال من الكوفة على النجف، وقيل سميت بذلك لان تبعا لما قصد خراسان خلف
ضعفة جنده بذلك الموضع وقال لهم: حيروا به، أي أقيموا.
[223]
عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة
ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له: إلى أين يا أبا عبد الله ؟ فقال: أردتك فقال: قد
قصر الله خطوك قال: فمضى معه فقال له ابن شبرمة: ما تقول يا أبا عبد الله في شئ
سأني عنه الامير فلم يكن عندي فيه شئ ؟ فقال: وما هو ؟ قال: سألني عن أول كتاب كتب
في الارض قال: نعم إن الله عزوجل عرض على آدم ذريته عرض العين في صور الذر نبيا
فنبيا، وملكا فملكا، ومؤمنا فمؤمنا، وكافرا فكافرا، فلما انتهى إلى داود عليه
السلام قال: من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره ؟ قال: فأوحى الله عزوجل إليه هذا
ابنك داود، عمره أربعون سنة، وإني قد كتبت الاجال، وقسمت الارزاق، وأنا أمحوا ما
أشاء واثبت وعندي ام الكتاب، فان جعلت له شيئا من عمرك ألحقته له قال: يا رب قد
جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال: فقال الله عزوجل لجبرئيل وميكائيل وملك
الموت: اكتبوا عليه كتابا، فانه سينسى قال: فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم، من
طينة عليين قال: فلما حضرت آدم الوفاة، أتاه ملك الموت فقال آدم: يا ملك الموت ما
جاء بك ؟ قال: جئت لاقبض روحك قال: قد بقي من عمري ستون سنة فقال: إنك جعلتها لابنك
داود، قال: ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فمن
أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون، فقبض روحه (1). 11 - كا: علي، عن
أبيه عن الحسن بن علي، عن أبي جعفر الصائغ، عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد
الله عليه السلام وعنده أبو حنيفة فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال: يا ابن
مسلم هاتها فان العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة قال: فقلت: رأيت كأني
دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا، ونثرته علي فتعجبت من هذه
الرؤيا، فقال أبو حنيفة: أنت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب (2)
شديد تنال حاجتك
(1) الكافي ج 7 ص 387. (2) النصب: محركة
التعب والاعياء.
[224]
منها إن شاء الله فقال أبو عبد الله عليه
السلام: أصبت والله يا أبا حنيفة. قال: ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت: جعلت فداك
إني كرهت تعبير هذا الناصب فقال: يا ابن مسلم لا يسؤك الله، فما يواطئ تعبيرهم
تعبيرنا، ولا تعبيرنا تعبيرهم، وليس التعبير كما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك
فقولك أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ ! ؟ قال: نعم، حلفت عليه أنه أصاب الخطاء قال: فقلت
له: فما تأولها قال: يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتخرق عليك ثيابا
جددا، فان القشر كسوة اللب قال ابن مسلم: فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا،
إلا صبيحة الجمعة، فلما كان غداة الجمعة، أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني
فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري فتمتعت بها فأحست بي وبها أهلي فدخلت علينا
البيت، فبادرت الجارية نحو الباب فبقيت أنا فمزقت علي ثيابا جددا كنت ألبسها في
الاعياد (1). 12 - كا: أحمد بن محمد، وعلي بن محمد جميعا، عن علي بن الحسن التيمي
عن محمد بن الخطاب الواسطي، عن يونس بن عبد الرحمان، عن أحمد بن عمر الحلبي عن حماد
الازدي، عن هشام الخفاف قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: كيف بصرك بالنجوم ؟
قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني، فقال: كيف دوران الفلك عندكم ؟ قال:
فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال: فقال: فان كان الامر على ما تقول فما بال بنات
نعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة ؟ قال: قلت: والله
هذا شئ لا أعرفه، ولا سمعت أحدا من أهل الحساب يذكره، فقال لي: كم السكينة من
الزهرة جزءا في ضوئها ؟ قال: قلت: هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس
يذكره فقال: سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون ! ؟ ثم قال: فكم الزهرة
من القمر جزءا في ضوئه ؟ قال: فقلت: هذا شئ لا يعلمه إلا الله عزوجل قال: فكم القمر
جزءا من الشمس في ضوئها ؟ قال: فقلت: ما أعرف هذا قال: صدقت.
(1) ج 8 ص 292 وفيه " تمزق " بدل " تخرق
".
[225]
ثم قال: ما بال العسكرين يلتقيان في هذا
حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر، ثم يلتقيان
فيهزم أحدهما الاخر، فأين كانت النجوم ؟ قال: فقلت: لا والله ما أعلم ذلك، قال:
فقال عليه السلام: صدقت إن أصل الحساب حق، ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد
الخلق كلهم (1). 13 - كا: علي، عن أبيه، عن نوح بن شعيب، ومحمد بن الحسن قال: سأل
ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له: أليس الله حكيما ؟ قال: بلى هو أحكم
الحاكمين قال: فأخبرني عن قول الله عزوجل " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى
وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " (2) أليس هذا فرض ! ؟ قال: بلى، قال:
فأخبرني عن قوله عزوجل " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا
كل الميل " (3) أي حكيم يتكلم بهذا ؟ فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي
عبد الله عليه السلام فقال: يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة ! ! قال: نعم جعلت فداك
لامر أهمني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شئ، قال: وماهي ؟
قال: فأخبره بالقصة فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما قوله عزوجل: " فانكحوا
ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " يعني في
النفقة. وأما قوله: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل
الميل فتذروها كالمعلقة " يعني في المودة قال: فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب
وأخبره قال: والله ما هذا من عندك (4). 14 - كا: العدة، عن سهل، عن البزنطي، عن أبي
المغرا، عن عبيد بن
(1) الكافي ج 8 ص 351. (2) سورة النساء،
الاية: 3. (3) سورة النساء، الاية: 129. (4) الكافي ج 5 ص 362.
[226]
زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إني لذات يوم عند زياد بن عبيد الله الحارثي إدجآء رجل يستعدي على أبيه فقال: أصلح
الله الامير إن أبي زوج ابنتي بغير إذني فقال زياد لجلسائه الذين عنده: ما تقولن
فيما يقول هذا الرجل ؟ قالوا: نكاحه باطل، قال: ثم أقبل علي فقال: ما تقول يا أبا
عبد الله ؟ فلما سألني أقبلت على الذين أجابوه فقلت لهم: أليس فيما تروون أنتم عن
رسول الله صلى الله عليه وآله أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا فقال رسول
الله صلى الله عليه واله: أنت ومالك لابيك ؟ فقالوا: بلى فقلت لهم: فكيف يكون هذا
وهو وماله لابيه ولا يجوز نكاحه ؟ قال: فأخذ بقولهم وترك قولي (1). 15 - كا: محمد
بن يحيى، عن ابن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن معاوية بن عمار قال: ماتت اخت مفضل بن
غياث، فأوصت بشئ من مالها، الثلث في سبيل الله، والثلث في المساكين، والثلث في الحج
فإذا هو لا يبقى ما يبلغ ما قالت، فذهبت أنا وهو إلى ابن أبي ليلى فقص عليه القصة
فقال: اجعلوا ثلثا في ذا وثلثا في ذا وثلثا في ذا فأتينا ابن شبرمة فقال أيضا كما
قال ابن أبي ليلى، فأتينا أبا حنيفة فقال كما قالا، فخرجنا إلى مكة فقال لي: سل أبا
عبد الله عليه السلام ولم تكن حجت المرأة، فسألت أبا عبد الله عليه السلام فقال لي:
ابدأ بالحج فانه فريضة من الله عليها، وما بقي اجعله بعضا في ذا وبعضا في ذا قال:
فقدمت فدخلت المسجد واستقبلت أبا حنيفة وقلت له: سألت جعفر بن محمد عن الذي سألتك
عنه فقال لي: ابدأ بحق الله أولا فانه فريضة عليها، وما بقي فاجعله بعضا في ذا
وبعضا في ذا، قال: فوالله ما قال لي خيرا ولا شرا وجئت إلى حلقته وقد طرحوها
وقالوا: قال أبو حنيفة: ابدأ بالحج فانه فريضة الله عليها قال: فقلت: هو بالله قال:
كذا وكذا ؟ فقالوا: هو خبرنا هذا (2). 16 - كا: علي، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله
العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه
السلام فقال له: يا أبا حنيفه بلغني
(1) نفس المصدر ج 5 ص 395. (2) المصدر
السابق ج 7 ص 63. (*)
[227]
أنك تقيس ؟ قال: نعم، قال: لا تقس، فان
أول من قاس إبليس حين قال: " خلقتني من نار وخلقته من طين " (1) فقاس ما بين النار
والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار، عرف فضل ما بين النورين، وصفاء أحدهما على
الاخر (2). 17 - كا: علي بن إبراهيم، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن راشد عن علي
بن إسماعيل الميثمي، عن حبيب الخثعمي قال: كتب أبو جعفر المنصور إلى محمد بن خالد،
وكان عامله على المدينة، أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في الزكاة من المأتين كيف
صارت وزن سبعة ؟ ولم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره أن يسأل
فيمن يسأل عبد الله بن الحسن، وجعفر بن محمد عليهما السلام قال: فسأل أهل المدينة
فقالوا: أدركنا من كان قبلنا على هذا فبعث إلى عبد الله بن الحسن وجعفر بن محمد
عليهما السلام: فسأل عبد الله بن الحسن فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة
فقال: ما تقول يا أبا عبد الله ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل في كل
أربعين أوقية أوقية فإذا حسبت ذلك كان وزن سبعة، وقد كانت على وزن ستة، كانت
الدراهم خمسة دوانق، قال حبيب: فحسبناه فوجدناه كما قال، فأقبل عليه عبد الله بن
الحسن فقال: من أين أخذت هذا ؟ قال: قرأت في كتاب امك فاطمة، قال: ثم انصرف، فبعث
إليه محمد بن خالد: ابعث إلي بكتاب فاطمة عليها السلام، فأرسل إليه أبو عبد الله
عليه السلام إني إنما أخبرتك أني قرأته، ولم اخبرك أنه عندي، قال حبيب: فجعل يقول
محمد بن خالد: يقول لي: ما رأيت مثل هذا قط (3). بيان: اعلم أن الدرهم كان في زمن
الرسول الله صلى الله عليه وآله ستة دوانيق، ثم نقص فصار خمسة دوانيق، فصار ستة
منها على وزن خمسة مما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وآله، ثم تغير إلى أن صار
سبعة دراهم، على وزن خمسة من دراهم زمانه صلى الله عليه وآله، فإذا عرفت هذا فيمكن
توجيه الخبر بوجهين:
(1) سورة الاعراف، الاية: 12. (2) الكافي
ج 1 ص 58. (3) المصدر السابق ج 3 ص 507.
[228]
الاول: أن يقال: إنهم لما سمعوا أن النصاب
الاول مائتا درهم، وفيه خمسة دراهم، ورأوا في زمانهم أن الفقهاء يحكمون بأن النصاب
الاول مائتان وأربعون، وفيها سبعة دراهم، ولم يدروا ما السبب في ذلك، فأجابهم عليه
السلام بأن علة ذلك نقص وزن الدراهم وإنما ذكر الاوقية لانهم كانوا يعلمون أن
الاوقية كان في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله وزن أربعين درهما، وكانت
الاوقية لم تتغير عما كانت عليه فلما حسبوا ذلك علموا النسبة بين الدرهمين، كذا
أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه الثاني: أن يقال: إنهم كانوا يعلمون تغير
الدراهم ونقصها، وإنما اشتبه عليهم أنه لم لا يجزي في مائتي درهم من دراهم زمن
الرسول الله صلى الله عليه وآله خمسة من دراهم زمانهم ؟ فأجاب عليه السلام بأن
النبي صلى الله عليه وآله قرر لذلك نصف العشر، حيث جعل في كل أربعين أوقية أوقية،
فلا يجزي في تينك المائتين إلا سبعة، من دراهم زمانهم، حتى يكون ربع العشر، فحسبوه
فوجدوه كما قال عليه السلام، قوله " مثل هذا " [أي مثل هذا] الرجل أو هذا الجواب. 8
- كا: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي جعفر الاحول قال:
سألني رجل من الزنادقة فقال: كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة وعشرين درهما ؟ فقلت
له: إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث وثنتان، وأربع قال: فقبل مني، ثم لقيت بعد ذلك أبا
عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك فقال: إن الله عزوجل حسب الاموال والمساكين
فوجد ما يكفيهم من كل ألف خمسة وعشرين ولو لم يكفهم لزادهم، قال: فرجعت إليه
فأخبرته، فقال: جاءت هذه المسألة على الابل من الحجاز، ثم قال: لو أني أعطيت أحدا
طاعة لاعطيت صاحب هذا الكلام (1). 19 - كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن محمد بن
علي بن سماعة، عن الكلبي النسابة قال: دخلت المدينة، ولست أعرف شيئا من هذا الامر،
فأتيت المسجد، فإذا جماعة من قريش فقلت: أخبروني عن عالم أهل هذا البيت، فقالوا:
عبد الله بن الحسن
(1) الكافي ج 3 ص 305.
[229]
فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت
أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك، فدخل ثم خرج، فقال لي: ادخل فدخلت فإذا
أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت ؟ فقلت: أنا الكلبي
النسابة فقال: ما حاجتك ؟ فقلت: جئت أسألك فقال: أمررت بابني محمد ؟ قلت: بدأت بك
فقال: سل ! قلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: " أنت طالق عدد نجوم السماء " فقال:
تبين برأس الجوزاء، والباقي وزر عليه وعقوبة فقلت في نفسي: واحدة فقلت: ما يقول
الشيخ في المسح على الخفين فقال: قد مسح قوم صالحون، ونحن أهل بيت لا نمسح فقلت في
نفسي: ثنتان فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام، فقال: حلال إلا أنا أهل
البيت نعافه، فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: وما تقول في شرب النبيذ ؟ فقال: حلال إلا
أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل
هذا البيت، فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس، فسلمت عليهم ثم
قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت فقالوا: عبد الله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد
عنده شيئا، فرفع رجل من القوم رأسه لقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو عالم
أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة. فقلت: إن القوم إنما منعهم من إرشادي
إليه أول مرة الحسد، فقلت له: ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب،
فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب، فوالله لقد أدهشني، فدخلت وأنا مضطرب ونظرت
فإذا بشيخ على مصلى، بلا مرفقة ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي: من
أنت ؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني
المولى: من أنت ! ! فقلت له: أنا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب
العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، قد خسروا خسرانا مبينا، يا أخا كلب إن الله
عزوجل يقول: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " (1)
(1) سورة الفرقان الاية: 38.
[230]
أفتنسبها أنت ؟ فقلت: لا جعلت فداك، فقال
لي: أفتنسب نفسك ؟ قلت: نعم أنا فلان بن فلان بن فلان، حتى ارتفعت فقال لي: قف ليس
حيث تذهب، ويحك أتدري من فلان بن فلان ؟ قلت: نعم فلان بن فلان قال: إن فلان بن
فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الكردي الراعي على جبل آل فلان، فنزل إلى فلانة
امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئا وغشيها، فولدت فلانا
فلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان. ثم قال: أتعرف هذه الاسامي ؟ قلت: لا والله
جعلت فداك، فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت فقال: إنما قلت فقلت، فقلت: إني لا أعود
قال: لا نعود إذا، واسأل عما جئت له فقلت له: أخبرني عن رجل قال لامرأته أنت طالق
عدد النجوم فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق ؟ ! قلت: بلى قال: فاقرأ فقرأت "
فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " (1). قال: أترى ههنا نجوم السماء ؟ قلت لا، قلت:
فرجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثا قال: ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه
وآله ثم قال: لا طلاق إلا على طهر من غير جماع، بشاهدين مقبولين، فقلت في نفسي:
واحدة ثم قال: سل فقلت: ما تقول في المسح على الخفين ؟ فتبسم ثم قال: إذا كان يوم
القيامة، ورد الله كل شئ إلى شيئه، ورد الجلد إلى الغنم، فترى أصحاب المسح أين يذهب
وضوؤهم ؟ ! فقلت في نفسي: ثنتان. ثم التفت إلي. فقال: سل فقلت: أخبرني عن أكل الجري
؟ فقال: إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري
والزمار والمار - ما هي وما سوى ذلك، وما أخذ منهم برأ فالقردة، والخنازير، والوبر،
والورل وما سوى ذلك، فقلت في نفسي: ثلاث ثم التفت إلي وقال: سل وقم فقلت: ما تقول
في النبيذ ؟ فقال عليه السلام: حلال فقلت: إنا ننبذ فنطرح فيه العكروما سوى ذلك،
ونشر به فقال: شه شه، تلك الخمرة المنتنة فقلت: جعلت فداك فأي نبيذ تعني ؟ فقال:
(1) سورة الطلاق الايه: 1.
[231]
إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله تغير الماء، وفساد طبائعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر
خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن فمنه شربه ومنه طهوره.
فقلت: وكم كان عدد التمر الذي في الكف ؟ فقال: ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان ؟
فقال: ربما كانت واحدة، وربما كانت ثنتين، فقلت: وكم كان يسع الشن ؟ فقال: ما بين
الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت بالارطال ؟ فقال: نعم أرطال بمكيال
العراق قال سماعة: قال الكلبي: ثم نهض عليه السلام فقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على
الاخرى، وأنا أقول: إن كان شئ فهذا، فلم يزل الكلبي يدين الله بحب أهل هذا البيت
حتى مات (1). توضيح: المرفقة بالكسر المخدة، والبرذعة الحلس الذي يلقى تحت الرحل
والوبر بسكون الباء، دويبة على قدر السنور غبراء أو بيضاء، والورل محركة دابة
كالضب، والعكر: دردي الزيت وغيره، وشاه وجهه شوها قبح وشاهه يشيهه عابه. 20 - يب:
محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن مسلم،
والحسين بن محمد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن
أحمد بن سليمان جميعا، عن قرة مولى خالد قال: صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في
الاستسقاء فقال لي: انطلق إلى أبي عبد الله عليه السلام فسله ما رأيك ؟ فان هؤلاء
قد صاحوا إلي، فأتيته فقلت له ما قال لي فقال لي: قل له: فليخرج ! قلت له: متى يخرج
جعلت فداك ؟ قال: يوم الاثنين قلت له: كيف يصنع ؟ قال: يخرج المنبر ثم يخرج يمشي
كما يخرج يوم العيدين، وبين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم (2) حتى إذا انتهى إلى
المصلى صلى بالناس ركعتين
(1) الكافي ج 1 ص 348. (2) العنزة:
بالتحريك جمع عنز وعنزات كقصبة وقصبات وقصب، وهى أطول من العصا وأقصر من الرمح،
فيها زج كزج الرمح.
[232]
بغير أذان ولا إقامه ثم يصعد المنبر فيقلب
رداءه، فيجعل الذي على يمينه على يساره والذي علي يساره على يمينه، ثم يستقبل
القبلة، فيكبر الله مائة تكبيرة، رافعا بها صوته، ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه،
فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل الله
مائة تهليلة رافعا بها صوته، ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة، ثم يرفع يديه
فيدعو، ثم يدعون، فاني لارجو أن لا يخيبوا، قال: ففعل، فلما رجعنا قالوا: هذا من
تعليم جعفر، وفي رواية يونس: فما رجعنا حتى أهمتنا أنفسنا (1). 21 - كا: الحسين بن
محمد، عن علي بن محمد، عن الحسن بن علي أو غيره عن حماد بن عثمان قال: كان بمكة رجل
مولى لبني امية يقال له: ابن أبي عوانة له عباءة وكان إذا دخل إلى مكة أبو عبد الله
عليه السلام أو أحد من أشياخ آل محمد يعبث به، وإنه أتى أبا عبد الله عليه السلام
وهو في الطواف فقال: يا أبا عبد الله ! ما تقول في استلام الحجر ؟ فقال: استلمه
رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: ما أراك استلمته قال: أكره أن أوذي ضعيفا أو
أتأذى قال: فقال: قد زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله استلمه قال: نعم، ولكن
كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رأوه عرفوا له حقه، وأنا فلا يعرفون لي حقي
(2). 22 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة
قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليه السلام فرأى عليه ثياب بياض، كأنها
غرقئ البيض فقال له: إن هذا اللباس ليس من لباسك فقال له: اسمع مني وع ما أقول لك،
فانه خير لك عاجلا وآجلا إن أنت مت على السنة والحق، ولم تمت على بدعة، اخبرك أن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا، فأحق
أهلها بها أبرارها، لا فجارها، ومؤمنوها، لا منافقوها، ومسلموها لا كفارها، فما
أنكرت يا ثوري ؟ ! فوالله إنني لمع ما ترى، ما أتى علي مذ عقلت
(1) التهذيب ج 3 ص 148. (2) الكافي ج 4 ص
409.
[233]
صباح ولا مساء، ولله في مالي حق أمرني
أضعه موضعا إلا وضعته، قال: وأتاه قوم ممن يظهرون التزهد ويدعون الناس أن يكونوا
معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا له: إن صاحبنا حصر عن كلامك، ولم يحضره
حججه فقال لهم: فهاتوا حججكم ! فقالوا له: إن حججنا من كتاب الله فقال لهم فأدلوا
بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به. فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى، مخبرا عن قوم من
أصحاب النبي صلى الله عليه وآله: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق
شح نفسه فاولئك هم المفلحون " (1) فمدح فعلهم. وقال في موضع آخر " ويطعمون الطعام
على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " (2) فنحن نكتفي بهذا، فقال رجل من الجلساء: إنا
رأيناكم تزهدون في الاطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى
تمتعوا أنتم منها، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: دعوا عنكم ما لا نتفع به،
أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه، ومحكمه من متشابهه الذي في
مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الامة ؟ فقالوا له: أو بعضه. فأما كله فلا، فقال
لهم: فمن ههنا اتيتم وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله، فأما ما ذكرتم من
إخبار الله عزوجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم، فقد كان
مباحا جائزا، ولم يكونوا نهوا عنه، وثوابهم منه على الله عزوجل، وذلك أن الله جل
وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به، فصار أمره ناسخا لفعلهم، وكان نهي الله تبارك وتعالى
رحمة منه للمؤمنين ونظرا، لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم، منهم الضعفة الصغار،
والولدان، والشيخ الفاني، والعجوزة الكبيرة، الذين لا يصبرون على الجوع، فان تصدقت
برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا، فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: خمس تمرات أو خمس قرص، أو دنانير أو درهم يملكها الانسان
(1) سورة الحشر الاية: 9. (2) سورة الدهر
الاية: 8.
[234]
وهو يريد أن يمضيها، فأفضلها ما أنفقه
الانسان على والديه، ثم الثانية على نفسه وعياله، ثم الثالثة على قرابته الفقراء،
ثم الرابعة على جيرانه الفقراء، ثم الخامسة في سبيل الله، وهو أحسنها أجرا. وقال
صلى الله عليه وآله للانصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق، ولم يكن
يملك غيرهم وله أولاد صغار: لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين يترك
صبيته صغارا يتكففون الناس !. ثم قال: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: ابدأ بمن تعول الادني فالادنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم، ونهيا عنه
مفروضا من الله العزيز الحكيم قال: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان
بين ذلك قواما " (1) أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس
إليه من الاثرة على أنفسهم و سمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا، وفي غير آية من كتاب
الله يقول: " إنه لا يحب المسرفين " (2) فنهاهم عن الاسراف، ونهاهم عن التقتير، لكن
أمر بين الامرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث
الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله إن أصنافا من امتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل
يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال، فلم يكتب عليه، ولم يشهد عليه،
ورجل يدعو على امرأته، وقد جعل الله عزوجل تخلية سبيلها بيده، و رجل يقعد في بيته
ويقول: رب ارزقني ولا يخرج، ولا يطلب الرزق، فيقول الله عزوجل له: عبدي ألم أجعل لك
السبيل إلى الطلب والضرب في الارض بجوارح صحيحة، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في
الطلب لاتباع أمري ولكيلا تكون كلا على أهلك فان شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك، وأنت
معذور عندي. ورجل رزقه الله عزوجل مالا كثيرا فأنفقه، ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني
فيقول الله عزوجل: ألم أرزقك رزقا واسعا ؟ فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك، ولم
(1) سورة الفرقان الاية: 67. (2) سورة
الانعام الاية: 141.
[235]
تسرف، وقد نهيتك عن الاسراف، ورجل يدعو في
قطيعة رحم، ثم علم الله عزوجل اسمه نبيه صلى الله عليه وآله كيف ينفق، وذلك إنه
كانت عنده أوقية من الذهب فكره أن تبيت عنده، فتصدق بها، فأصبح وليس عنده شئ، وجاءه
من يسأله، فلم يكن عنده ما يعطيه، فلامه السائل، واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه
وكان رحيما رقيقا فأدب الله عزوجل نبيه صلى الله عليه وآله بأمره فقال: " ولا تجعل
يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " (1) يقول: إن الناس
قد يسألونك، ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من
المؤمنين، و قال أبو بكر عند موته، حيث قيل له: أوص، فقال: اوصي بالخمس، والخمس
كثير، فإن الله عزوجل قد رضي بالخمس، فأوصى بالخمس، وقد جعل الله عز وجل له الثلث
عند موته، ولو علم أن الثلث خير له أوصى بها، ثم من قد علمتم بعده في فضله وزهده
سلمان - رض - وأبو ذر - ره -. فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته،
حتى يحضر عطاؤه من قابل فقيل له: يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا ؟ وأنت لا
تدري لعلك تموت اليوم أو غدا ؟ فكان جوابه أن قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء، كما
خفتم علي الفناء ؟ ! أما علمتم يا جهلة أن النفس قد تلتاث على صاحبها، إذا لم يكن
لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت. وأما أبو ذر - رض -
فكانت له نويقات وشويهات يحلبها، ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم، أو نزل به ضيف،
أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة، نحر لهم الجزور أو من الشاة على قدر ما يذهب
عنهم بقرم اللحم، فيقسمه بينهم، ويأخذ هو كنصيب واحد منهم، لا يتفضل عليهم، ومن
أزهد من هؤلاء ؟ وقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال، ولم يبلغ من
أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة، كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم،
ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم.
(1) سورة الاسراء الاية: 29.
[236]
واعلموا أيها النفر إني سمعت أبي يروي عن
آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوما: ما عجبت من شئ كعجبي
من المؤمن، إنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له، وإن ملك ما بين
مشارق الارض ومغاربها كان خيرا له، و كل ما يصنع الله عزوجل به فهو خير له، فليت
شعري هل يحق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم. أما علمتم أن الله عزوجل قد
فرض على المؤمنين في أول الامر يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي
وجهة عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار، ثم حولهم من حالهم رحمة
منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين، تخفيفا من الله عزوجل
للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة. وأخبروني أيضا عن القضاة أجورة هم حيث يقضون على
الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال: إني زاهد، وإني لا شئ لي ؟ فان قلتم جورة ظلمكم
أهل الاسلام وإن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم، وحيث يردون صدقة من تصدق على المساكين
عند الموت بأكثر من الثلث، أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة
لهم في متاع غيرهم، فعلى من كان يصدق بكفارات الايمان والنذور والصدقات من فرض
الزكاة من الذهب والفضة والتمر والزبيب وسائر ما وجب فيه الزكاة من الابل والبقر
والغنم وغير ذلك، إذا كان الامر كما تقولون لا ينبغي لاحد أن يحبس شيئا من عرض
الدنيا إلا قدمه، وإن كان به خصاصة، فبئس ما ذهبتم فيه وحملتم الناس عليه من الجهل
بكتاب الله عزوجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأحاديثه التي يصدقها الكتاب
المنزل، وردكم إياها بجهالتكم، وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من
المنسوخ، والمحكم والمتشابه، والامر والنهي. وأخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود
عليه السلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من بعده، فأعطاه الله عزوجل اسمه ذلك
وكان يقول الحق ويعمل به. ثم لم نجد الله عزوجل عاب عليه ذلك، ولا أحدا من
المؤمنين، وداود النبي
[237]
قبله في ملكه وشدة سلطانه. ثم يوسف النبي
صلى الله عليه وآله حيث قال لملك مصر: " اجعلني خزائن الارض إني حفيظ عليم " (1)
فكان من أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن، وكانوا يمتارون
الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم، وكان يقول الحق و يعمل به، فلم نجد أحدا عاب ذلك
عليه، ثم ذو القرنين عليه السلام عبد أحب الله فأحبه الله طوى له الاسباب، وملكه
مشارق الارض ومغاربها، وكان يقول الحق ويعمل به، ثم نجد أحدا عاب ذلك عليه، فتأدبوا
أيها النفر بآداب الله عزوجل للمؤمنين، اقتصروا على أمر الله ونهيه، ودعوا عنكم ما
اشتبه عليكم مما لا علم لكم به، وردوا العلم إلى أهله تؤجروا وتعذروا عند الله
تبارك وتعالى، وكونوا في طلب علم ناسخ القرآن من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، ومال
أحل الله فيه مما حرم فانه أقرب لكم من الله، وأبعد لكم من الجهل، ودعوا الجهالة
لاهلها، فان أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله عزوجل (2) " وفوق كل ذي
علم عليم " (3). بيان: الغرقئ كزبرج القشرة الملتزقة ببياض البيض، والمتقشف المتبلغ
بقوت ومرقع، ومن لا يبالي بما يلطخ بجسده، وأدلى بحجته: أي أظهرها، قوله عليه
السلام: حسرت على بناء المجهول من الحسر بمعنى الكشف، أي مكشوفا عاريا من المال، أو
من الحسور وهو الانقطاع، يقال: حسره السفر إذا قطع به، وعلى التقديرين تفسير لقوله
تعالى محسورا. والالتياث: الاختلاط والالتفاف والابطاء، والقرم محركة: شهوة اللحم
قوله عليه السلام: ظلمكم على بناء التفعيل أي نسبوكم إلى الظلم، وقوله حيث يردون
معطوف على قوله حيث يقضون.
(1) سورة يوسف، الاية 55. (2) نفس السورة،
الاية: 76. (3) الكافي ج 5 ص 65.
[238]
23 - ج: بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عن
آبائه، عن الصادق عليهم السلام أنه قال: قوله عزوجل " اهدنا الصراط المستقيم " (1)
يقول: أرشدنا الصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى
جنتك من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك، فان من اتبع هواه وأعجب
برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لانظر
مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به خلق من غثاء العامة فوقفت منتبذا عنهم
مغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم، ولم يقر،
فتفرقت العوام عنه لحوائجهم وتبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله، فأخذ
من دكانه رغيفين مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة، ثم مر من بعده
بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فتعجبت منه ثم قلت
في نفسي: لعله معاملة. ثم أقول: وما حاجته إذا إلى المسارقة ؟ ! ثم لم أزل أتبعه
حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى، وتبعته حتى استقر في بقعة من
صحراء فقلت له: يا عبد الله لقد سمعت بك وأحببت لقاءك، فلقيتك لكني رأيت منك ما شغل
قلبي، وإني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي. قال: ما هو ؟ قلت: رأيتك مررت بخباز وسرقت
منه رغيفين، ثم بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين، فقال لي: قبل كل شئ: حدثني من أنت
؟ قلت: رجل من ولد آدم من امة محمد صلى الله عليه وآله، قال: حدثني ممن أنت ؟ قلت:
رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أين بلدك ؟ قلت: المدينة قال:
لعلك جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ؟ قلت: بلى قال لي: فما
ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به، وتركك علم جدك وأبيك، لان لا تنكر ما يجب أن
يحمد ويمدح فاعله. قلت: وما هو ؟ قال: القرآن كتاب الله قلت: وما الذي جهلت ؟ قال:
قول
(1) سورة الفاتحة، الاية: 6.
[239]
الله عزوجل " من جاء بالحسنة فله عشر
أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " (1) إني لما سرقت الرغيفين كانت
سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحد
منها كانت أربعين حسنة فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات بقي لي ست وثلاثون، قلت:
ثكلتك امك أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت الله عزوجل يقول " إنما يتقبل الله من
المتقين " (2) إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين
ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما، بغير أمر صاحبهما، كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى
أربع سيئات، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات، فجعل يلاحيني فانصرفت وتركته (3).
بيان: قال الفيروز آبادي: راغ الرجل: مال وحاد عن الشئ (4) وروغان الثعلب مشهور بين
العجم والعرب، ولاحاه نازعه. 24 - ختص: عن سماعة قال: سأل رجل أبا حنيفة عن اللاشئ
وعن الذي لا يقبل الله غيره، فعجز عن لا شئ، فقال: اذهب بهذه البغلة إلى إمام
الرافضة فبعها منه بلا شئ واقبض الثمن، فأخذ بعذارها وأتى بها أبا عبد الله عليه
السلام فقال له أبو عبد الله عليه الصلاة والسلام: استأمر أبا حنيفة في بيع هذه
البغلة، قال: فأمرني ببيعها قال: بكم ؟ قال: بلا شئ قال: لا ما تقول ؟ ! قال: الحق
أقول فقال: قد اشتريتها منك بلا شئ، قال: وأمر غلامه أن يدخله المربط. قال: فبقي
محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن، فلما أبطأ الثمن قال: جعلت فداك الثمن ؟ قال:
الميعاد إذا كان الغداة، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر بذلك فريضة منه، فلما كان
من الغد وافى أبو حنيفة فقال أبو عبد الله عليه السلام جئت لتقبض ثمن البغلة لا شئ
؟ قال: نعم ولا شئ ثمنها ؟ قال: نعم
(1) سورة الانعام، الاية: 160. (2) سورة
المائدة، الاية: 27. (3) احتجاج الطبرسي ص 200 طبع النجف. (4) القاموس ج 3 ص 107.
[240]
فركب أبو عبد الله عليه السلام البغلة
وركب أبو حنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا فلما ارتفع النهار نظر أبو عبد الله عليه
السلام إلى السراب يجري قد ارتفع كأنه الماء. الجاري، فقال أبو عبد الله عليه
السلام: يا أبا حنيفة ما ذا عند الميل كأنه يجري ؟ قال: ذاك الماء يا ابن رسول
الله، فلما وافيا الميل وجداه أمامهما فتباعد، فقال أبو عبد الله عليه السلام: اقبض
ثمن البغل قال الله تعالى: " كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده
شيئا ووجد الله عنده " (1). قال: خرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالوا له:
ما لك يا أبا حنيفة ؟ قال: ذهبت البغلة هدرا، وكان قد أعطى بالبغلة عشرة آلاف درهم
(2). 25 - كنز الفوائد للكراجكي: ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاما الامام الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام فلما رفع عليه السلام يده من أكله قال: " الحمد لله رب العالمين
اللهم إن هذا منك ومن رسولك ". فقال أبو حنيفة: يا أبا عبد الله أجعلت مع الله
شريكا ؟ فقال له: ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه: " وما نقموا إلا أن أغناهم
الله ورسوله من فضله " (3). ويقول في موضع آخر: " ولو أنهم رضوا ما آتيهم الله
ورسوله وقالوا: حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله " (4) فقال أبو حنيفة:
والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: بلى قد قرأتهما وسمعتهما، ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي
أشباهك " أم على قلوب أقفالها " (5) وقال (6): " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا
يكسبون (7).
(1) سورة النور الاية: 39. (2) الاختصاص ص
190 وأخرجه السيد البحراني في تفسيره البرهان ج 3 ص 140. (3) سورة التوبة، الاية:
74. (4) سورة التوبة، الاية: 59. (5) سورة محمد " ص " الاية: 24. (6) سورة
المطففين، الاية: 14. (7) كنز الفوائد للكراجكى ص 196 طبع ايران سنة 1322. (*)
[241]
* (باب 8) * * " (أحوال ازواجه واولاده
صلوات الله عليه) " * " (وفيه نفى امامة اسماعيل وعبد الله) " 1 - كشف: قال محمد بن
طلحة (1): وأما أولاده فكانوا سبعة: ستة ذكور وبنت واحدة، وقيل أكثر من ذلك، وأسماء
أولاده موسى وهو الكاظم عليه السلام وإسماعيل، ومحمد، وعلي، وعبد الله، وإسحاق، وام
فروة (2). وقال عبد العزيز بن الاخضر: ولد جعفر بن محمد عليهما السلام: إسماعيل
الاعرج وعبد الله، وام فروة، وامهم فاطمة بنت الحسين الاثرم بن الحسن بن علي بن أبي
طالب، وموسى بن جعفر الامام، وامه حميدة ام ولد، وإسحاق، ومحمد وفاطمة تزوجها محمد
بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، فماتت عنده، وأمهم ام ولد،
ويحيى، والعباس، وأسماء، وفاطمة الصغرى، وهم لامهات أولاد شتى (3). وقال ابن
الخشاب: كان له ستة بنين وابنة واحدة: إسماعيل، وموسى الامام عليه السلام، ومحمد
وعلي، وعبد الله، وإسحاق، وأم فروة، وهي التي زوجها من ابن عمه الخارج مع زيد بن
علي (4). 2 - شا: كان لابي عبد الله عليه السلام عشرة أولاد: إسماعيل وعبد الله،
وام فروة امهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وموسى عليه
السلام وإسحاق، ومحمد، لام ولد، والعباس، وعلي وأسماء وفاطمة لامهات أولاد شتى
(1) مطالب السؤول ص 82 لابن طلحة الشافعي.
(2) كشف الغمة ج 2 ص 378. (3) نفس المصدر ج 2 ص 378. (4) نفس المصدر ج 2 ص 415.
[242]
وكان إسماعيل أكبر إخوته، وكان أبو عبد
الله عليه السلام شديد المحبة له، والبر به والاشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون
أنه القائم بعد أبيه، والخليفة له من بعده، إذ كان أكبر أخوته سنا، ولميل أبيه
إليه، وإكرامه له، فمات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض (1) وحمل على رقاب الرجال
إلى أبيه بالمدينة، حتى دفن بالبقيع (2). وروي أن أبا عبد الله عليه السلام جزع
عليه جزعا شديدا، وحزن عليه حزنا عظيما، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء، وأمر بوضع
سريره على الارض مرارا كثيرة، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر
وفاته عند الظانين خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنه في حياته، ولما مات
إسماعيل رحمة الله عليه انصرف عن القول بامامته بعد أبيه من كان يظن ذلك ويعتقده من
أصحاب أبيه عليه السلام وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة
عنه وكانوا من الاباعد والاطراف، فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى
القول بامامة موسى بن جعفر عليه السلام بعد أبيه، وافترق الباقون فرقتين: فريق منهم
رجعوا على حياة إسماعيل وقالوا: بامامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم أن الامامة كانت
في أبيه وأن الابن أحق بمقام الامامة من الاخ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل وهم
اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يؤمى إليه، وهذان الفريقان يسميان بالاسماعيلية،
والمعروف منهم الان من يزعم أن الامامة بعد إسماعيل في ولده و ولد ولده إلى آخر
الزمان (3). وكان عبد الله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم يكن منزلته عند أبيه
منزلة غيره من ولده في الاكرام، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد فيقال إنه
كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذاهب المرجئة، وادعى بعد أبيه الامامة
(1) العريض كزبير تصغير عرض، واد
بالمدينة. (2) الارشاد ص 303. (3) نفس المصدر ص 304.
[243]
واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين، فتابعه
على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى
القول بامامة أخيه موسى عليه السلام لما تبينوا ضعف دعواه، وقوة أمر أبي الحسن،
ودلالة حقيقته، وبراهين إمامته وأقام نفر يسير منهم على أمرهم ودانوا بامامة عبد
الله، وهم الطائفة الملقبة بالفطحية، وإنما لزمهم هذا اللقب لقولهم بامامة عبد
الله، وكان أفطح الرجلين ويقال إنهم لقبوا بذلك لان داعيهم إلى إمامة عبد الله كان
يقال له عبد الله بن أفطح (1). وكان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل والصلاح والورع
والاجتهاد، وروى عنه الناس الحديث والاثار، وكان ابن كاسب (2) إذا حدث عنه يقول
حدثني [الثقة] (3) الرضي إسحاق بن جعفر عليهما السلام وكان إسحاق يقول بامامة أخيه
موسى ابن جعفر عليهما السلام، وروى عن أبيه النص بالامامة على أخيه موسى عليه
السلام. وكان محمد بن جعفر سخيا شجاعا، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما، ويرى رأي
الزيدية بالخروج بالسيف، وروى عن زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسن أنها قالت: ما
خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه، وكان يذبح في كل يوم كبشا
لاضيافه، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكة، واتبعته الزيدية
الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فلما وصل
إليه أكرمه المأمون، وأدنى مجلسه منه، ووصله وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان
يركب إليه في مركب من بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من
رعيته، وروي أن المأمون أنكرر كوبه إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على
المأمون في سنة المأتين، فأمنهم و خرج التوقيع إليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر !
واركبوا مع عبيد الله بن الحسين فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلها، فخرج التوقيع:
اركبوا مع من أحببتم
(1) الارشاد ص 304. (2) لم نقف على ترجمته
رغم الفحص والمراجعة عاجلا. (3) ما بين القوسين زيادة من المصدر.
[244]
وكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب
إلى المأمون، وينصرفون بانصرافه (1). وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال: أتى إلى محمد
بن جعفر فقيل له: إن غلمان ذي الرياستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه، فخرج
متزرا ببردتين ومعه هراوة وهو يرتجز ويقول: " الموت خير لك من عيش بذل ". وتبعه
الناس حتى ضرب غلمان ذي الرياستين، وأخذ الحطب منهم، فرفع الخبر إلى المأمون فبعث
إلى ذي الرياستين فقال له: ائت محمد بن جعفر فاعتذر إليه وحكمه في غلمانك، قال:
فخرج ذو الرياستين إلى محمد بن جعفر فقال له موسى بن سلمة: كنت عند محمد بن جعفر
جالسا حتى أتى فقيل له: هذا ذو الرياستين فقال: لا يجلس إلا على الارض، فتناول
بساطا كان في البيت فرمي به هو ومن معه ناحية، ولم يبق في البيت إلا وسادة جلس
عليها محمد بن جعفر، فلما دخل عليه ذو الرياستين وسع له محمد على الوسادة، فأبى أن
يجلس عليها، وجلس على الارض واعتذر إليه، وحكمه في غلمانه، وتوفي محمد بن جعفر في
خراسان مع المأمون، فركب المأمون ليشهده، فلقيهم وقد خرجوا به، فلما نظر إلى السرير
نزل فترجل، ومشى حتى دخل بين العمودين، فلم يزل بينهما حتى وضع به فتقدم فصلى عليه،
ثم حمله حتى بلغ به القبر، ثم دخل قبره ولم يزل فيه حتى بني عليه، ثم خرج فقام على
قبره حتى دفن، فقال له عبيد الله بن الحسين ودعا له: يا أمير المؤمنين إنك قد تعبت
فلو ركبت، فقال له المأمون: إن هذه رحم قطعت من مأتي سنة. وروي عن إسماعيل بن محمد
بن جعفر أنه قال: قلت لاخي وهو إلى جنبي والمأمون قائم على القبر: لو كلمناه في دين
الشيخ، ولا نجده أقرب منه في وقته هذا، فابتدأنا المأمون فقال: كم ترك أبو جعفر من
الدين ؟ فقلت له: خمسة وعشرون ألف دينار فقال: قد قضى الله عنه دينه، إلى من وصى ؟
قلت: إلى ابن
(1) الارشاد ص 305.
[245]
له يقال له يحيى بالمدينة فقال: ليس هو
بالمدينة وهو بمصر، وقد علمنا كونه فيها ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة
لئلا يسوءه ذلك، لعلمه بكراهتنا لخروجهم عنها (1). وكان علي بن جعفر رضي الله عنه
راوية للحديث، سديد الطريق، شديد الورع كثير الفضل، ولزم موسى أخاه عليه السلام،
وروى عنه شيئا كثيرا. وكان العباس بن جعفر رحمه الله فاضلا. وكان موسى بن جعفر
عليهما السلام أجل ولد أبي عبد الله قدرا، وأعظمهم محلا و أبعدهم في الناس صيتا،
ولم ير في زمانه أسخى منه، ولا أكرم نفسا وعشرة، وكان أعبد أهل زمانه، وأورعهم
وأجلهم وأفقههم، واجتمع جمهور شيعة أبيه عليه السلام على القول بامامته، والتعظيم
لحقه، والتسليم لامره، ورووا عن أبيه عليه السلام نصوصا عليه بالامامة، وإشارات
إليه بالخلافة، وأخذوا عنه معالم دينهم، وروي عنه من الايات والمعجزات ما يقطع بها
على حجته، وصواب القول بامامته (2). 3 - ك (3) لى: الدقاق، عن الاسدي، عن البرمكي،
عن الحسين بن الهيثم عن عباد بن يعقوب الاسدي، عن عنبسة بن بجاد العابد قال: لما
مات إسماعيل ابن جعفر بن محمد عليهما السلام وفرغنا من جنازته، جلس الصادق جعفر بن
محمد عليهما السلام وجلسنا حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه فقال: أيها الناس إن هذه
الدنيا دار فراق، ودار التواء، لا دار استواء، على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع،
ولوعة لا ترد، وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء، وصحة الفكرة، فمن لم يثكل أخاه ثكله
أخوه، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد، ثم تمثل عليه السلام بقول أبي
خراش الهذلي (4) يرثي أخاه:
(1) المصدر السابق ص 306. (2) نفس المصدر
ص 307. (3) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 163 (4) هذا البيت من أبيات قالها أبو
خراش الهذلى بعد مقتل أخيه عروة، وقد دخلت =
[246]
ولا تحسبي أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا
اميم جميل (1) 4 - ن: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن عمير بن يزيد قال: كنت عند أبي
الحسن الرضا عليه السلام فذكر محمد بن جعفر فقال: إني جعلت على نفسي أن لا يظلني
وإياه سقف بيت، فقلت في نفسي: هذا يأمرنا بالبر والصلة ويقول هذا لعمه ! فنظر إلي
فقال: هذا من البر والصلة إنه متى يأتيني ويدخل علي فيقول في فيصدقه الناس، وإذا لم
يدخل علي ولم أدخل عليه لم يقبل قوله إذا قال (2). 5 - ن: الوراق عن ابن أبي
الخطاب، عن إسحاق بن موسى قال: لما خرج عمي محمد بن جعفر بمكة ودعا إلى نفسه، ودعي
بأمير المؤمنين وبويع له بالخلافة دخل عليه الرضا عليه السلام وأنا معه فقال له: يا
عم لا تكذب أباك ولا أخاك، فان هذا الامر لا يتم، ثم خرج وخرجت معه إلى المدينة فلم
يلبث إلا قليلا حتى قدم الجلودي فلقيه فهزمه، ثم استأمن إليه فلبس السواد وصعد
المنبر فخلع نفسه وقال:
= عليه اميمة امرأة عروة وهو يلاعب ابنه،
فقالت له: يا أبا خراش تناسيت عروة وتركت الطلب بثاره ولهوت مع ابنك، أما والله لو
كنت المقتول ما غفل عنك ولطلب قاتلك حتى يقتله فبكى أبو خراش وأنشأ يقول: لعمري لقد
راعت اميمة طلعتي * وان ثوائى عندها لقليل وقالت أراه بعد عروة لاهيا * وذلك رزء لو
علمت جليل فلا تحسبى أنى تناسيت فقده * ولكن صبرى يا اميم جميل ألم تعلمي أن قد
تفرق قبلنا * نديما صفاء مالك وعقيل أبي الصبرانى لا يزال يهيجني * مبيت لنا فيما
خلا ومقيل وانى إذا ما الصبح آنست ضوءه * يعاودني قطع على ثقيل (الاغانى ج 21 ص 45
طبعة الساسى) (1) أمالى الصدوق ص 237. (2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 204.
[247]
إن هذا الامر للمأمون، وليس لي فيه، حق،
ثم اخرج إلى خراسان فمات بجرجان (1). 6 - ك: ابن الوليد عن سعد، عن محمد بن عبد
الجبار، عن ابن أبي بكران عن الحسين بن المختار، عن الوليد بن صبيح قال: جاءني رجل
فقال لي: تعال حتى اريك أين الرجل ؟ قال: فذهبت معه قال: فجاءني إلى قوم يشربون
فيهم إسماعيل بن جعفر فخرجت مغموما، فجئت إلى الحجر فإذا إسماعيل بن جعفر متعلق
بالبيت يبكي، قد بل أستار الكعبة بدموعه، فرجعت أشتد فإذا إسماعيل جالس مع القوم،
فرجعت فإذا هو آخذ بأستار الكعبة قد بلها بدموعه قال: فذكرت ذلك لابي عبد الله عليه
السلام فقال: لقد ابتلي ابني بشيطان يتمثل في صورته (2). 7 - يج: عن الوليد مثله،
وفيه حتى اريك ابن إلهك. 8 - ك: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن ابن
يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن راشد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
إسماعيل فقال: عاص عاص لا يشبهني ولا يشبه أحدا من آبائي (3). 9 - ك: ابن إدريس، عن
أبيه، عن الاشعري، عن ابن يزيد، عن البزنطي عن حماد، عن عبيد بن زرارة قال: ذكرت
إسماعيل عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: لا والله لا يشبهني ولا يشبه أحدا من
آبائي (4). 10 - ك: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الاهوازي، عن فضالة وابن فضال، عن
يونس بن يعقوب، عن سعيد بن عبيد الله بن الاعرج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى بأن يكشف عن وجهه فقبلت جبهته وذقنه ونحره، ثم
أمرت به فغطي، ثم قلت: اكشفوا عنه، فقبلت أيضا
(1) نفس المصدر ج 2 ص 207. (2) كمال الدين
وتمام النعمة ج 1 ص 159. (3) نفس المصدر ج 1 ص 159. (4) المصدر السابق ج 1 ص 159.
[248]
جبهته وذقنه ونحره، ثم أمرتهم فغطوه، ثم
أمرت به فغسل، ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت: اكشفوا عن وجهه، فقبلت جبهته وذقنه
ونحره، وعوذته ثم قلت: أدرجوه، فقلت: بأي شئ عوذته ؟ قال: بالقرآن. أقول: قال
الصدوق بعد ذلك: قوله عليه السلام: أمرت به فغسل، يبطل إمامة إسماعيل لان الامام لا
يغسله إلا إمام إذا حضره (1). 11 - ك: ابن الوليد، عن الصفار، عن أيوب بن نوح وابن
يزيد معا، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن شعيب، عن أبي كهمس قال: حضرت موت إسماعيل، و
أبو عبد الله عليه السلام عنده، فلما حضره الموت شد لحييه وغمضه، وغطاه بالملحفة،
ثم أمر بتهيئته، فلما فرغ من أمره دعا بكفنه وكتب في حاشية الكفن: إسماعيل يشهد أن
لا إله إلا الله (2). 12 - ك: العطار، عن سعد، عن ابن هاشم، وابن أبي الخطاب معا،
عن عمرو ابن عثمان الثقفي، عن أبي كهمش قال: حضرت موت إسماعيل بن أبي عبد الله عليه
السلام فرأيت أبا عبد الله وقد سجد سجدة، فأطال السجود، ثم رفع رأسه فنظر إليه
قليلا ونظر إلى وجهه، ثم سجد سجدة اخرى أطول من الاولى، ثم رفع رأسه وقد حضره الموت
فغمضه، وربط لحييه، وغطى عليه ملحفة، ثم قام وقد رأيت وجهه وقد دخله منه شئ الله
أعلم به، قال: ثم قام فدخل منزله فمكث ساعة ثم خرج علينا مدهنا مكتحلا عليه ثياب
غير الثياب التي كانت عليه، ووجهه غير الذي دخل به، فأمر ونهى في أمره حتى إذا فرغ
دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن: إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله (3). 13 - ك: أبي،
عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن بزيع، عن ظريف بن
(1) المصدر السابق ج 1 ص 160. (2) المصدر
السابق ج 1 ص 161 وأخرجه الشيخ الطوسى في التهذيب ج 1 ص 289 بتفاوت وص 309. (3)
المصدر السابق ج 1 ص 162. (*)
[249]
ناصح، عن الحسن بن زيد قال: ماتت ابنة
لابي عبد الله عليه السلام، فناح عليها سنة، ثم مات ولد آخر فناح عليه سنة، ثم مات
إسماعيل فجزع عليه جزعا شديدا، فقطع النوح قال: فقيل لابي عبد الله عليه السلام:
أصلحك الله يناح في دارك ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لكن حمزة
لابواكي له (1). 14 - ك: ابن الوليد، عن ابن متيل، عن ابن يزيد، عن ابن فضال، عن
محمد بن عبد الله الكوفي قال: لما حضرت إسماعيل بن أبي عبد الله الوفاة جزع أبو عبد
الله عليه السلام جزعا شديدا، قال: فلما أن أغمضه دعا بقميص قصير أو جديد فلبسه ثم
تسرح وخرج يأمر وينهى قال: فقال له بعض أصحابه: جعلت فداك: لقد ظننا أنا لا ننتفع
بك زمانا لما رأينا من جزعك، قال: إنا أهل بيت نجزع ما لم تنزل المصيبة فإذا نزلت
صبرنا (2). 15 - ك: أبي، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي عن ابن أبي
عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن مرة مولى محمد بن خالد قال: لما مات إسماعيل فانتهى
أبو عبد الله عليه السلام إلى القبر، أرسل نفسه فقعد على حاشية القبر، لم ينزل في
القبر، ثم قال: هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بابراهيم (3). 16 - كا: علي،
عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أبي حمزة، عن رجل مثله (4). 17 - ك: ابن
الوليد، عن ابن أبان، عن الاهوازي، عن القاسم بن محمد، عن الحسين بن عمر، عن رجل من
بني هاشم قال: لما مات إسماعيل خرج إلينا أبو عبد الله عليه السلام يقدم السرير بلا
حذاء ولا رداء (5).
(1) المصدر السابق ج 1 ص 162. (2) المصدر
السابق ج 1 ص 162. (3) المصدر السابق ج 1 ص 161. (4) الكافي ج 3 ص 193. (5) كمال
الدين ج 1 ص 161.
[250]
18 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن القاسم بن محمد، عن الحسين ابن عثمان، مثله (1). 19 - ك: أبي، عن سعد، عن
إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن حماد عن حريز، عن إسماعيل بن جابر، والارقط بن
عمر، عن أبي عبد الله قال: كان أبو عبد الله عليه السلام عند إسماعيل حتى قضى، فلما
رأى الارقط جزعه قال: يا أبا عبد الله قد مات رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
فارتدع، ثم قال: صدقت، أن لك اليوم أشكر (2) 20 - ير: الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن
سهل، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم قال: دخلت على عبد الله بن جعفر، وأبو
الحسن في المجلس، قدامه مرآة وآلتها مردى بالرداء موزرا، فأقبلت على عبد الله فلم
أسأله حتى جرى ذكر الزكاة فسألته فقال: تسألني الزكاة، من كانت عنده أربعون درهما
ففيها درهم قال: فاستشعرته وتعجبت منه فقلت له: أصلحك الله قد عرفت مودتي لابيك
وانقطاعي إليه وقد سمعت منه كتبا فتحب أن آتيك بها ؟ قال: نعم بنو أخ، ائتنا، فقمت
مستغيثا برسول الله صلى الله عليه وآله فأتيت القبر فقلت: يا رسول الله إلى من ؟
إلى القدرية إلى الحرورية إلى المرجئة إلى الزيدية ؟ قال: فاني كذلك إذا أتاني غلام
صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال لي: أجب ! قلت: من ؟ قال: سيدي موسى بن جعفر، فدخلت
إلى صحن الدار، فإذا هو في بيت وعليه كلة، فقال: يا هشام قلت: لبيك فقال لي: لا إلى
المرجئة، ولا إلى القدرية، ولكن إلينا، ثم دخلت عليه (3). بيان: لعل المراد
بالاستشعار النظر إليه على وجه التعجب، والكلة بالكسر الستر الرقيق يخاط كالبيت
يتوقى فيه من البق. 21 - يج: روي عن مفضل بن مرثد قال: قلت لابي عبد الله عليه
السلام: إسماعيل
(1) الكافي ج 3 ص 204 وأخرجه الشيخ الطوسى
في التهذيب ج 1 ص 463 ورواه الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 112 مرسلا.
(2) كمال الدين ج 1 ص 161. (3) بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68.
[251]
ابنك جعل الله له علينا من الطاعة ما جعل
لابائه ؟ - وإسماعيل يومئذ حي - فقال: يكفي ذلك، فظننت أنه اتقاني، فما لبث أن مات
إسماعيل. بيان: لعل المعنى أن الله يكفي عن إسماعيل مؤنة ذلك بموته. 22 - يج: روي
عن المفضل بن عمر قال: لما قضى الصادق عليه السلام كانت وصيته في الامامة إلى موسى
الكاظم، فادعى أخوه عبد الله الامامة، وكان أكبر ولد جعفر عليه السلام في وقته ذلك،
وهو المعروف بالافطح، فأمر موسى بجمع حطب كثير في وسط داره فأرسل إلى أخيه عبد الله
يسأله أن يصير إليه، فلما صار عنده ومع موسى جماعة من وجوه الامامية، فلما جلس إليه
أخوه عبد الله أمر موسى أن يجعل النار في ذلك الحطب كله، فاحترق كله، ولا يعلم
الناس السبب فيه، حتى صار الحطب كله جمرا ثم قام موسى وجلس بثيابه في وسط النار
وأقبل يحدث الناس ساعة ثم قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس، فقال لاخيه عبد الله: إن
كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس فقالوا: فرأينا عبد الله قد تغير
لونه، فقام يجر رداءه حتى خرج من دار موسى عليه السلام (1). 23 - يج: روي عن داود
بن كثير الرقي قال: وفد خراسان وافد يكنى أبا جعفر، واجتمع إليه جماعة من أهل
خراسان، فسألوه أن يحمل لهم أموالا ومتاعا ومسائلهم في الفتاوى والمشاورة، فورد
الكوفة ونزل وزار أمير المؤمنين عليه السلام، ورأى في ناحية رجلا حوله جماعة، فلما
فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء يسمعون من الشيخ فقالوا: هو أبو حمزة
الثمالي قال: فبينما نحن جلوس إذ أقبل أعرابي فقال: جئت من المدينة وقد مات جعفر بن
محمد عليهما السلام فشهق أبو حمزة ثم ضرب بيده الارض، ثم سأل الاعرابي هل سمعت له
بوصية ؟ قال: أوصى إلى ابنه عبد الله وإلى ابنه موسى، وإلى المنصور فقال: الحمد لله
الذي لم يضلنا، دل على الصغير وبين على الكبير، وسر الامر العظيم، ووثب إلى قبر
أمير المؤمنين عليه السلام فصلى وصلينا، ثم أقبلت عليه وقلت له: فسر لي ما قلته ؟
قال: بين أن الكبير ذو عاهة
(1) الخرائج والجرائح ص 200.
[252]
ودل على الصغير، أن أدخل يده مع الكبير،
وسر الامر العظيم بالمنصور، حتى إذا سأل المنصور من وصيه ؟ قيل أنت، قال الخراساني:
فلم أفهم جواب ما قاله، ووردت المدينة، ومعي المال والثياب والمسائل، وكان فيما معي
درهم دفعته إلي امرأة تسمى شطيطة ومنديل فقلت لها: أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت:
إن الله لا يستحي من الحق فعوجت الدرهم، وطرحته في بعض الاكياس، فلما حصلت
بالمدينة، سألت عن الوصي فقيل: عبد الله ابنه، فقصدته، فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا
عليه بواب فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت بعد الاذن، فإذا هو جالس في منصبه
فأنكرت ذلك أيضا. فقلت: أنت وصي الصادق، الامام المفترض الطاعة ؟ قال: نعم قلت: كم
في المأتين من الدراهم الزكاة ؟ قال: خمسة دراهم فقلت: وكم في المأة ؟ قال: درهمان
ونصف، قلت: ورجل قال لامرأته: أنت طالق بعدد نجوم السماء تطلق بغير شهود ؟ قال:
نعم، ويكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا، فتعجبت من جواباته ومجلسه فقال: احمل إلي
ما معك ؟ قلت: ما معي شئ، وجئت إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فلما رجعت إلى
بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال: سلام عليك، فرددت عليه السلام قال: أجب من
تريد، فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة، ودخل فأدخلني فرأيت موسى بن جعفر عليه
السلام على حصير الصلاة فقال: إلي يا أبا جعفر، وأجلسني قريبا، فرأيت دلائله أدبا
وعلما ومنطقا وقال لي: احمل ما معك، فحملته إلى حضرته، فأومأ بيده إلى الكيس فقال
لي: افتحه، ففتحته وقال لي: اقلبه، فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه وقال: افتح
تلك الرزمة (1) ففتحتها وأخذ المنديل منها بيده وقال وهو مقبل علي: إن الله لا
يستحيي من الحق يا أبا جعفر اقرأ على شطيطة السلام مني وادفع إليها هذه الصرة. وقال
لي: اردد ما معك إلى من حمله وادفعه إلى أهله، وقل قد قبله ووصلكم به، وأقمت عنده
وحادثني وعلمني وقال: ألم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر
(1) الرزمة: من الثياب وغيرها: ما جمع وشد
معا جمع رزم.
[253]
الكوفة وأنتم زوار أمير المؤمنين عليه
السلام كذا وكذا ؟ قلت: نعم، قال: كذلك يكون المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه
بالوجه، ثم قال: قم إلى ثقاة أصحاب الماضي فسلهم عن نصه. قال أبو جعفر الخراساني:
فلقيت جماعة كثيرة منهم شهدوا بالنص على موسى عليه السلام ثم مضى أبو جعفر إلى
خراسان، قال داود الرقي فكاتبني من خراسان إنه وجد جماعة ممن حملوا المال قد صاروا
فطحية، وأنه وجد شطيطة على أمرها تتوقعه يعود، قال: فلما رأيتها عرفتها سلام مولانا
عليها، وقبوله منها دون غيرها وسلمت إليها الصرة ففرحت وقالت لي أمسك الدراهم معك
فانها لكفني، فأقامت ثلاثة أيام وتوفيت. بيان: قوله: بين أن الكبير ذو عاهة أي: لو
لم يكن الكبير ذا عاهة لافرده في الوصية فلما أشرك معه الصغير أعلم أنه غير صالح
للامامة، قوله: أحمل عنك مائة درهم كأن الرجل استحيى عن أن يحمل درهما واحدا لقلته
فقال: لا أحمل عنك إلا مائة درهم فأجابته بقوله: إن الله لا يستحيي من الحق فلا
تستح من ذلك، وإنما عوج الدرهم لئلا يلتبس بغيره. قوله عليه السلام: كان علمه
بالوجه أي: بالوجه الذي ينبغي أن يعلم به، أو بوجه الكلام وإيمائه من غير تصريح،
كما ورد أن القرآن ذو وجوه، أو إذا نظر إلى وجه الرجل [علم] ما في ضميره فيكون ذكره
على التنظير. 24 - قب: اختلفت الامة بعد النبي صلى الله عليه وآله في الامامة بين
النص والاختيار فصح لاهل النص من طرق المخالف والمؤالف بأن الائمة اثنا عشر، ونبغت
السبعية بعد جعفر الصادق عليه السلام وادعوا دعوى فارقوا بها الامة بأسرها. وكان
الصادق عليه السلام قد نص على ابنه موسى عليه السلام وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق
وعليا، والمفضل بن عمر، ومعاذ بن كثير، وعبد الرحمان بن الحجاج، والفيض ابن
المختار، ويعقوب السراج، وحمران بن أعين، وأبا بصير، وداود الرقي ويونس بن ظبيان،
ويزيد بن سليط، وسليمان بن خالد، وصفوان الجمال، والكتب
[254]
بذلك شاهدة، وكان الصادق عليه السلام أخبر
بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله وتجهيزه ودفنه، وتشيع في جنازته بلا حذاء
وأمر بالحج عنه بعد وفاته (1). ابن بابويه بالاسناد عن منصور بن حازم قال: كنت
جالسا مع أبي عبد الله عليه السلام على الباب ومعه إسماعيل، إذ مر علينا موسى وهو
غلام، فقال إسماعيل: سبق بالخير ابن الامة. زرارة بن أعين قال: دعا الصادق عليه
السلام داود بن كثير الرقي وحمران بن أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضل بن عمر وأتى
بجماعة حتى صاروا ثلاثين رجلا فقال: يا داود اكشف عن وجه إسماعيل، فكشف عن وجهه،
فقال: تأمله يا داود فانظره أحي هو أم ميت ؟ فقال: بل هو ميت، فجعل يعرضه على رجل
رجل حتى أتى على آخرهم، فقال عليه السلام: اللهم اشهد، ثم أمر بغسله وتجهيزه، ثم
قال: يا مفضل احسر عن وجهه، فحسر عن وجهه، فقال: حي هو أم ميت ؟ انظروه أجمعكم !
فقال: بل هو يا سيدنا ميت، فقال: شهدتم بذلك وتحققتموه ؟ قالوا: نعم وقد تعجبوا من
فعله، فقال: اللهم اشهد عليهم، ثم حمل إلى قبره، فلما وضع في لحده قال: يا مفضل
اكشف عن وجهه، فكشف فقال للجماعة: انظروا أحي هو أم ميت ؟ فقالوا: بلى ميت يا ولي
الله: فقال: اللهم اشهد فانه سيرتاب المبطلون يريدون إطفاء نور الله، ثم أومأ إلى
موسى عليه السلام وقال: والله متم نوره ولو كره الكافرون، ثم حثوا عليه التراب، ثم
أعاد علينا القول، فقال: الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ قلنا:
إسماعيل ولدك، فقال: اللهم اشهد ثم أخذ بيد موسى فقال: هو حق والحق معه ومنه إلى أن
يرث الله الارض ومن عليها. عنبسة العابد قال: لما توفي إسماعيل بن جعفر قال الصادق
عليه السلام: أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق، ودار التواء لا دار استواء في
كلام له. ثم تمثل بقول أبي خراش:
(1) مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 228.
[255]
فلا تحسبن أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا
اميم جميل أبو كهمس في حديثه: حضرت موت إسماعيل وأبو عبد الله عليه السلام جالس
عنده ثم قال بعد كلام: كتب على حاشية الكفن: إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله (1).
وروي عن الصادق عليه السلام أنه استدعى بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحج بها عن
ابنه إسماعيل وقال له: إنك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب ولاسماعيل سهم واحد
(2). 25 - قب: أبو بصير قال الصادق عليه السلام قال: أبي: اعلم أن عبد الله أخاك
سيدعو الناس إلى نفسه فدعه فان عمره قصير، فكان كما قال أبي، وما لبث عبد الله إلا
يسيرا حتى مات (3). 26 - قب: أولاده عشرة: إسماعيل الامين (4).....
(1) نفس المصدر ج 1 ص 229. (2) نفس المصدر
ج 1 ص 230. (3) نفس المصدر ج 3 ص 351. (4) هو المقلب بالامين والاعرج وكان أكبر ولد
أبيه، وكان أبوه شديد المحبة له والبر به والاشفاق عليه، وكان قوم من الشيعة يظنون
انه القائم بعد أبيه، لانه كان أكبر أخوته سنا، ولميل أبيه إليه واكرامه له فمات في
حياة أبيه عليه السلام بالعريض، وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن
بالبقيع وذلك في سنة (133) قبل وفاة الصادق عليه السلام بعشرين سنة تقريبا، وللامام
الصادق " ع " عند موته حال يجل وصفها فقد جزع عليه جزعا شديدا وتقدم سريره بغير
حذاء ولا رداء، وكان يأمر بوضع سريره على الارض قبل دفنه، صنع ذلك مرارا، في كلها
يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته من بعده
وازالة الشبهة عنهم في حياته، ورغم تلك الحيطة فقد أصر فريق على القول بامامته وهم
الذين يدعون (بالاسماعيلة) ومما يحز في النفس أن يكتب مستشرق كبير يعتبر من محققى
علماء الاستشراق ذلك هو الاستاذ فيليب استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية ببيروت
وأستاذ جامعة كولومبيا في نيويورك و و.. أقول مما يحز في النفس ان يكتب استاذ كبير
كهذا ويتجنى في كتابته فيبهت أعلام الدين وأئمة المسلمين بما هم منه براء، براءة
الذئب من دم ابن يعقوب، والمضحك - وشر البلية ما يضحك - أن يطبع كتابه في بلد
اسلامي كمصر ولم يتناوله أحد - فيما أعلم - بنقد أو برد فيبطل مزاعمه، ويوضح بهتانه
لقرائه، وخاصة طلاب الجامعات المذكورة التى ود المستشرق المذكور أن يكون كتاب "
مختصر كتاب الفرق بين الفرق " الذين اختصره الرسعنى وحرره المستشرق المذكور -:
ككتاب مدرسي في صفوف التاريخ في الجامعة الاميركية =
[256]
وعبد الله (1) من فاطمة بنت الحسين
الاصغر، وموسى الامام......
= ولهذه الغاية أضاف عليه شروحا بصورة
حواشى مما يسهل على الطالب فهم المقصود، فيما يزعم قال: في هامش 3 ص 85: " كان
الامام السادس جعفر قد عين - كذا ؟ ! - ابنه اسماعيل خلفا له، ولكنه عاد فعين - كذا
؟ ! - ابنه موسى الكاظم (المتوفى 183 ر 799) لانه وجد اسماعيل مرة في حالة السكر -
كذا ؟ ! - ولكن بعض أتباعه لم يسلموا له بحق نزع الامامة عن اسماعيل فحافظوا على
ولائه، وساقوها بعده في ابنه محمد...) ليت الاستاذ المستشرق - المحرر - لاحظ أصل
كتاب الفرق بين الفرق ص 39 وان بعد عنه فكان عليه ان يلاحظ نفس المختصر ص 58 ملاحظة
جيدة ليقرأ ما يقوله البغدادي مولف الاصل وتبعه الرسعنى في مختصر الاصل حيث قالا: "
وافترق هؤلاء [الاسماعيلية] فرقتين فرقة منتظرة لاسماعيل بن جعفر - مع اجماع أصحاب
التواريخ على موت اسماعيل في حياة أبيه - وفرقة منهم قالت كان الامام بعد جعفر سبطه
محمد بن اسماعيل وقالوا: ان جعفرا نصب ابنه اسماعيل للامامة بعده فلما مات اسماعيل
في حياة أبيه علمنا انه انما نصب اسماعيل للدلالة على امامة ابنه محمد بن اسماعيل
والى هذا القول قالت الاسماعيلية من الباطنية. " فمن أين له اثبات دعواه من نصب
اسماعيل والعدول عنه لسكره ونصب موسى، وليته دلنا على مصدر هذا الادعاء الكاذب،
وكيف له باثبات زعمه من تعيين اسماعيل للامامة ؟ ومتى كان ذلك ؟ وأين ذكر ؟ لما ذا
يذكر لنا مصدرا تاريخيا - وهو استاذ التاريخ - وكان عليه ان يقرأ تاريخ الفرق
الاسلامية قراءة تفهم وبعدها يصدر أحكامه. وذى كتب الفرق من الملل والنحل،
والتبصير، والفصل، واعتقادات فرق المسلمين للفخر الرازي، وفرق الشيعة، والفرق
الاسلامية، والفرق بين الفرق، ومختصره كلها خالية عن مثل هذه الدعوى، ولو صحت لاشار
إليها بعض أصحاب هذه الكتب ممن لم ينزه كتابه وقلمه من الطعن في أئمة المسلمين،
ولكنها فرية وبهتان، والبلية كل البلية ان يحررها مستشرق يحمل من الالقاب العلمية
اللامعة في دنيا الثقافة اليوم، وتعتز به المجامع العلمية في البلاد الاسلامية.
وإذا كان هذا تحقيقه وهذا تحريره فأى قيمة لالقابه - الفارغة - في ميران التقييم
الفكري ؟ !. (1) هو المعروف بالافطح (لانه كان افطح الرأس كما في الكشى ص 164 أو
أفطح الرجلين كما في الارشاد ص 305) كان اكبر اخوته سنا بعد اسماعيل، قال الشيخ
المفيد في الارشاد =
[257]
ومحمد الديباح (1)...
= ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من
ولده في الاكرام، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد، ويقال: انه كان يخالط
الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة، وادعى بعد أبيه الامامة واحتج بأنه أكبر اخوته
الباقين فاتبعه على قوله جماعة الخ. توفى بعد أبيه بسبعين يوما، وكان أول من لحق به
من أهله فصح فيه ما روى عن أبيه - الصادق عليه السلام انه قال لموسى " ع ": يا بنى
ان أخاك سيجلس مجلسي ويدعى الامامة بعدى فلا تنازعة بكلمة فانه أول أهلى لحوقا بى.
وكانت وفاته سنة 149 في العشر الاول من المحرم تقريبا ولم يعقب سوى بنتا اسمها
فاطمة وأمها علية بنت الحسين بن زيد بن على. تزوجها العباس بن موسى العباسي، ثم ابن
عمها على بن اسماعيل. لاحظ أخباره في كتب الفرق عند ذكر الفطحية، وفي جمهرة انساب
العرب لابن حزم ص 59 ونسب قريش لمصعب ص 64 والكشى ص 164 - 165 وجامع الرواة ج 1 ص
479 وغيرها. (1) هو المعروف بالديباج - أو الديباجة - لحسن وجهه ويلقب بالمأمون
ويكنى أبا جعفر، امه ام أخويه موسى واسحاق ام ولد تدعى حميدة، وكان شيخا وادعا
محببا في الناس، وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكتبون عنه هكذا
قال الطبري في تاريخه ج 10 ص 233 وقال الخطيب في تاريخه ج 2 ص 113 وأبو الفرج في
مقاتله ص 538 انه كان شجاعا عاقلا فاضلا، وكان يصوم يوما ويفطر يوما، وكانت زوجته
خديجة بنت عبد الله بن الحسين تقول: ما خرج من عندنا في ثوب قط فرجع حتى يكسوه: قال
ابن عنبة في عمدة الطالب ص 245 خرج داعيا إلى محمد بن ابراهيم بن طباطبا الحسنى،
فلما مات محمد بن ابراهيم دعا محمد الديباج إلى نفسه وبويع له بمكة، وذكر الخطيب في
تاريخه عن وكيع انه قال في بيعة الديباج كان قد بايعه أهل الحجاز وتهامة بالخلافة
ولم يبايعوا بعد على بن أبى طالب لعلوي غيره. وكان السبب في دعوته الناس إليه انه
كتب رجل - أيام أبى السرايا - كتابا يسب فيه فاطمة بنت رسول الله " ص " وجميع أهل
البيت وكان محمد ابن جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شئ منها، فجاءه الطالبيون
فقرؤه عليه فلم يرد عليهم جوابا حتى دخل بيته فخرج عليهم وقد لبس الدرع وتقلد السيف
ودعا إلى نفسه وتسمى بالخلافة وهو يتمثل: لم أكن من جناتها علم الله * وانى بحرها
اليوم صالى =
[258]
وإسحاق (1) لام ولد ثلاثتهم، وعلي العريضي
(2) لام ولد...
= وفي سنة 200 حج المعتصم بالناس فوقع
القتال بين الديباج ومن معه وبين هارون ابن المسيب من قواد المعتصم. واستحر القتال
حتى حوصر الديباج في ثبير - جبل بمكة - فبقى محصورا ثلاثة أيام حتى نفد زادهم
وماؤهم وجعل أصحابه يتفرقون، فلما رأى ذلك طلب الامان لنفسه ولمن معه فأعطى ذلك ثم
غدر به وبهم فحملوا الجميع مقيدين في محامل بلا وطاء يريدون بهم خراسان، فخرج عليهم
في الطريق بنو نبهان وقيل الغاضريون وذلك في زبالة فاستنقذوا الديباج ومن معه من
ايدى العباسيين بعد حرب شعواء، ثم مضى الديباج ومن معه بأنفسهم إلى الحسن بن سهل في
بغداد فأنفذهم إلى خراسان حيث المأمون فأمر المأمون آل أبى طالب بخراسان أن يركبوا
مع غير الديباج من آل أبى طالب، فأبوا ان يركبوا الا معه وقد مر في الاصل شئ من
أخباره فلاحظ. (1) هو المعروف بالعريضى - لانه ولد بالعريض - يكنى أبا محمد وكان من
أشبه الناس برسول الله، وامه ام أخويه موسى وعبد الله، وقد عده الشيخ الطوسى في
رجاله من أصحاب أبيه الصادق عليه السلام وروى عنه الحديث، وقد أثنى عليه الشيخ
المفيد في الارشاد بقوله: كان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد وروى عنه
الناس الحديث والاثار وكان يقول بامامة أخيه موسى عليه السلام، وكان محدثا جليلا،
وادعت فيه طائفة من الشيعة الامامة، وكان سفيان بن عيينة إذا روى عنه أثنى عليه كما
مر في الاصل وهو أقل المعقبين من ولد جعفر الصادق عليه السلام عددا، لاحظ أخباره في
العمدة ص 249 والمشجر الكشاف ص 68 وسر السلسلة العلوية ص 44 وهو من أعلام منتقلة
الطالبيين. (2) هو أبو الحسن العريضى - نسبة إلى العريض كزبير واد بالمدينة به
أموال لاهلها - ذكره الزبيدى في تاج العروس " عرض " وقال: واليه نسب الامام أبو
الحسن على بن جعفر العريضى لانه نزل به وسكنه، فأولاده العريضيون وبه يعرفون وفيهم
كثرة وعدد اه وكان اصغر ولد أبيه، مات أبوه وهو طفل، خرج مع أخيه محمد - الديباج -
حين نهض بمكة مع جماعة الطالبين. كما انه اشترك مع اخيه زيد بن موسى والعباس بن
محمد الجعفري في ثروة البصرة ايام ابى السرايا سنة 199 ثم رجع عن ذلك وكان يرى راى
الامامية، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الائمة الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام
وذكره الذهبي في العبر ج 1 ص 358 وقال: كان من جلة السادة الاشراف، وترجمه سماحة
سيدى الوالد روحي فداه في شرح مشيخة الفقيه وذكر ان في الكافي ما يدل على بقائه حيا
إلى سنة 252 = (*)
[259]
والعباس (1) لام ولد، ابنته: أسماء، ام
فروة، التي زوجها من ابن عمه الخارج، ويقال: له ثلاث بنات ام فروة من فاطمة بنت
الحسين الاصغر، وأسماء من ام ولد، وفاطمة من ام ولد (2). 27 - نى: محمد بن همام، عن
حميد بن زياد، عن الحسن بن سماعة، عن أحمد بن الحسن، عن أبي نجيح المسمعي، عن الفيض
بن المختار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ما تقول في الارض
أتقبلها من السلطان ثم أو اجرها من الغير على أن ما أخرج الله فيها من شئ كان لي من
ذلك النصف أو الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر هل يصلح ذلك ؟ قال: لا بأس به، فقال له
إسماعيل ابنه: يا أبتاه لم يحفظ قال: أو ليس كذلك اعامل أكرتي يا بني ؟ أليس من أجل
ذلك كثيرا ما أقول لك الزمني فلا تفعل ؟ فقام إسماعيل فخرج، فقلت جعلت فداك فما على
إسماعيل ألا يلزمك إذا كنت متى مضيت افضيت الاشيآء إليه من بعدك كما افضيت الاشياء
إليك من بعد أبيك ؟ فقال: يا فيض إن إسماعيل ليس مني كما أنا من أبي، قلت: جعلت
فداك فقد كان لا شك في أن الرحال تحط إليه من بعدك، فإن كان ما نخاف ونسأل الله من
ذلك العافية فإلى من ؟ وأمسك عني، فقبلت ركبتيه وقلت: ارحم شيبتي فانما
= ونبه على خطأ ابن حجر في تقريب التهذيب
حيث ذكر موته سنة 210 تابعا للذهبي في العبر وغيره، وكان سيدى دام ظله قد اعتمد قول
ابن حجر في شرح مشيخة الاستبصار ج 4 ص 332 عمر أكثر من مائة سنة، له كتاب المناسك،
وكتاب الحلال والحرام ولعله هو المسائل التى سأل عنها أخاه موسى بن جعفر " ع "
والاخبار دالة على جلالة قدره وعظم شأنه. لاحظ أخباره في مقاتل الطالبيين ص 534 وص
540 وعمدة الطالب ص 241 وشرح مشيخة الفقيه ص 4 ورجال الشيخ الطوسى وغيرها. (1) ذكره
مصعب الزبيري في كتابه نسب قريش ص 63 والعميدى في مشجره ص 76 والشيخ المفيد في
ارشاده وقال: كان فاضلا نبيلا اه وقال مصعب في كتابه: لا بقية له. (2) المناقب ج 3
ص 400.
[260]
هي النار، إني والله لو طمعت أن أموت قبلك
ما باليت، ولكني أخاف أن أبقى بعدك فقال لي: مكانك، ثم قام إلى ستر في البيت فرفعه
ودخل، فمكث قليلا ثم صاح بي: يا فيض ادخل، فدخلت فإذا هو بمسجد قد صلى وانحرف عن
القبلة، فجلست بين يديه، فدخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو يومئذ غلام في
يده درة فأقعده على فخذه، وقال له: بأبي أنت وامي ما هذه المخفقة التي بيدك ؟ فقال:
مررت بعلي أخي وهو في يده وهو يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده، فقال لي أبو عبد
الله عليه السلام: يا فيض إن رسول الله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى فائتمن عليها
عليا ثم ائتمن عليها علي الحسن، ثم ائتمن عليها الحسن الحسين، وائتمن الحسين عليها
علي ابن الحسين، ثم ائتمن عليها علي بن الحسين محمد بن علي، وائتمنني عليها أبي،
فكانت عندي، ولهذا ائتمنت ابني هذا عليها على حداثته وهي عنده، فعرفت ما أراد.
فقلت: جعلت فداك زدني فقال: يا فيض إن أبي كان إذا أراد أن لا ترد له دعوة أجلسني
عن يمينه ودعا فأمنت فلا ترد له دعوة، وكذلك أصنع بابني هذا وقد ذكرت أمس بالموقف
فذكرتك بخير، قال فيض: فبكيت سرورا. ثم قلت له: يا سيدي زدني فقال: إن أبي كان إذا
أراد سفا وأنا معه فنعس وكان على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسدته ذراعي الميل
والميلين حتى يقضي وطره من النوم، وكذلك يصنع بي ولدي هذا، فقلت: زدني جعلت فداك
فقال: يا فيض إني لاجد بابني هذا ما كان يعقوب يجده من يوسف، فقلت: سيدي زدني فقال:
هو صاحبك الذي سألت عنه قم فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت يده ورأسه ودعوت الله له،
فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما إنه لم يؤذن لي في المرة الاولى منك. فقلت:
جعلت فداك اخبر به عنك ؟ قال: نعم أهلك وولدك ورفقاءك وكان معي أهلي وولدي وكان معي
يونس بن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتهم حمدوا الله على ذلك، وقال يونس: لا والله
حتى أسمع ذلك منه وكانت فيه عجلة، فخرج فاتبعته، فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول له - وقد سبقني
[261]
يونس -: الامر كما قال لك فيض اسكت واقبل
فقال: سمعت وأطعت، ثم دخلت فقال لي أبو عبد الله عليه السلام حين دخلت: يا فيض زرقه
قلت له قد فعلت (1). 28 - نى: ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن ابن فضال،
عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: وصف إسماعيل أخي لابي عبد الله عليه
السلام دينه واعتقاده فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنكم
- ووصفهم يعني الائمة واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبي عبد الله عليه السلام. قال:
وإسماعيل من بعدك ؟ قال: أما إسماعيل فلا (2). 29 - كش: الفطحية هم القائلون بإمامة
عبد الله بن جعفر بن محمد عليه السلام و سموا بذلك لانه قيل: إنه كان أفطح الرأس،
وقال بعضهم: كان أفطح الرجلين وقال بعضهم: إنهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال
له عبد الله بن فطيح، و الذين قالوا بإمامته عامة مشايخ العصابة وفقهاؤها مالوا إلى
هذه المقالة، فدخلت عليهم الشبهة لما روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: الامامة في
الاكبر من ولد الامام إذا مضى إمام. ثم منهم من رجع عن القول بامامته لما امتحنه
بمسائل من الحلال والحرام لم يكن عنده فيها جواب، ولما ظهر منه من الاشيآء التي لا
ينبغي أن تظهر من الامام. ثم إن عبد الله مات بعد أبيه بسبعين يوما فرجع الباقون
إلا شذاذا منهم عن القول بامامته إلى القول بامامة أبي الحسن موسى عليه السلام
ورجعوا إلى الخبر الذي روي أن الامامة لا تكون في الاخوين بعد الحسن والحسين عليهما
السلام، وبقي شذاذ منهم على القول بامامته، وبعد أن مات قال بامامة أبي الحسن موسى
عليه السلام. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لموسى: يا بني إن أخاك
سيجلس مجلسي ويدعي الامامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فانه أول أهلي لحوقا بي (3).
(1) غيبة النعماني ص 176. (2) نفس المصدر
ص 176. (3) رجال الكشى ص 164.
[262]
بيان: قال الجوهري: رجل أفطح بين الفطح أي
عريض الرأس. 30 - كش: جعفر بن محمد، عن الحسن بن علي بن التعمان، عن أبي يحيى عن
هشام بن سالم قال: كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله عليه السلام أنا ومؤمن الطاق
و أبو جعفر والناس مجتمعون على أن عبد الله صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا
وصاحب الطاق والناس مجتمعون عند عبد الله وذلك أنهم رووا عن أبي عبد الله عليه
السلام أن الامر في الكبير ما لم يكن به عاهة، فدخلنا نسأله عما كنا نسأل عنه أباه
فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ قال: في مأتين خمسة، قلنا: ففي مائة ؟ قال: درهمان
ونصف، قلنا له: والله ما تقول المرجئة هذا، فرفع يده إلى السماء فقال: لا والله ما
أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو
جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى من نقصد وإلى من
نتوجه ؟ نقول: إلى المرجئة، إلى القدرية، إلى الزيدية، إلى المعتزلة، إلى الخوارج !
قال: فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده، فخفت أن يكون عينا من
عيون أبي جعفر، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون على من اتفق شيعة جعفر عليه
الصلاة والسلام فيضربون عنقه فخفت أن يكون منهم. فقلت لابي جعفر: تنح فإني خائف على
نفسي وعليك، وإنما يريدني ليس يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير
بعيد وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه، فما زلت أتبعه حتى ورد
بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب، فقال لي:
ادخل رحمك الله، قال: فدخلت فإذا أبو الحسن عليه السلام فقال لي ابتداءا: لا إلى
المرجئة، ولا إلى القدرية، ولا إلى الزيدية، ولا إلى المعتزلة، ولا إلى الخوارج،
إلي إلي إلي قال: فقلت له: جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال: نعم قلت: جعلت فداك من لنا
بعده ؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت جعلت: فداك إن عبد الله يزعم أنه من
بعد أبيه قال: يريد عبد الله أن لا يعبد الله، قال: قلت له: جعلت فداك لمن لنا بعده
؟
[263]
فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك أيضا،
قلت: جعلت فداك أنت هو ؟ قال لي: ما أقول ذلك. قلت في نفسي: لم اصب طريق المسألة
قال قلت: جعلت فداك عليك إمام ؟ قال: لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له
وهيبة أكثر ما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، قلت: جعلت فداك أسألك عما كان
يسأل أبوك ؟. فقال: سل تخبر ولا تذع فان أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر، قال:
قلت: جعلت فداك شيعتك وشعية أبيك ضلال فالقي إليهم وأدعوهم إليك فقد أخذت علي
بالكتمان ؟ قال: من آنست منهم رشدا فألق عليهم وخذ عليهم بالكتمان، فان أذاعوا فهو
الذبح وأشار بيده إلى حلقه، قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر فقال لي: ما وراك ؟
قال: قلت: الهدى قال: فحدثته بالقصة، ثم لقيت المفضل بن عمرو أبا بصير قال: فدخلوا
عليه وسلموا وسمعوا كلامه وسألوه ثم قطعوا عليه، ثم قال: ثم لقيت الناس أفواجا قال:
فكان كل من دخل عليه قطع عليه إلا طائفة مثل عمار وأصحابه، فبقي عبد الله لا يدخل
عليه أحد إلا قليلا من الناس، قال: فلما رأى ذلك وسأل عن حال الناس قال: فاخبر أن
هشام بن سالم صد عنه الناس، فقال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني (1).
31 - كش: حمدويه، عن الخشاب، عن ابن أسباط وغيره، عن علي بن جعفر ابن محمد قال: قال
لي رجل أحسبه من الواقفة: ما فعل أخوك أبو الحسن ؟ قلت: قد مات، قال: وما يدريك
بذلك ؟ قال: قلت: اقتسمت أمواله وانكحت نساؤه و نطق الناطق من بعده. قال: ومن
الناطق من بعده ؟ قلت: ابنه علي قال: فما فعل ؟ قلت له: مات قال: وما يدريك أنه مات
؟ قلت: قسمت أمواله ونكحت نساؤه ونطق الناطق من بعده قال: ومن الناطق من بعده ؟
قلت: أبو جعفر ابنه، قال فقال له: أنت في سنك وقدرك وأبوك جعفر بن محمد تقول هذا
القول في هذا الغلام ؟ قال: قلت ما أراك إلا شيطانا
(1) رجال الكشى ص 182.
[264]
قال: ثم أخذ بلحيته فرفعها إلى السماء، ثم
قال: فما حيلتي إن كان الله رآه أهلا لهذا، ولم ير هذه الشيبة لهذا أهلا (1). 32 -
كش: نصر بن الصباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن الحسين بن موسى بن جعفر، قال: كنت
عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وعنده علي بن جعفر وأعرابي من أهل المدينة جالس،
فقال لي الاعرابي: من هذا الفتى ؟ وأشار إلى أبي جعفر عليه السلام قلت هذا وصي رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: يا سبحان الله، رسول الله قد مات منذ مأتي سنة وكذا
وكذا سنة، وهذا حدث كيف يكون هذا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت: هذا وصي
علي بن موسى، وعلي وصي موسى بن جعفر، وموسى وصي جعفر بن محمد وجعفر وصي محمد بن
علي، ومحمد وصي علي بن الحسين، وعلي وصي الحسين والحسين وصي الحسن، والحسن وصي علي
بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب وصي رسول الله صلوات الله عليهم. قال: ودنا الطبيب
ليطقع له العرق، فقام علي بن جعفر فقال: يا سيدي تبدأ بي لتكون حدة الحديد في قبلك،
قال قلت: يهنئك هذا عم أبيه قال: وقطع له العرق، ثم أراد أبو جعفر عليه السلام
النهوض فقام علي بن جعفر عليهما السلام فسوى له نعليه حتى يلبسهما (2). 33 - كا:
حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان، عن عبد
الله بن راشد قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام حين مات إسماعيل ابنه فانزل في
قبره ثم رمى بنفسه على الارض مما يلي القبلة، ثم قال: هكذا صنع رسول الله صلى الله
عليه وآله بإبراهيم (3). 34 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة،
عن زرارة قال: رأيت ابنا لابي عبد الله عليه السلام في حياة أبي جعفر عليه السلام
يقال له عبد الله فطيم (4) قد
(1) نفس المصدر ص 269. (2) المصدر السابق
ص 269. (3) الكافي ج 3 ص 194 بزيادة في آخره. (4) الفطيم: الطفل الذى انتهت مدة
رضاعه ففطم، ودرج بمعنى مشى.
[265]
درج: فقلت له: يا غلام من ذا الذي إلى
جنبك ؟ - لمولى لهم - فقال: هذا مولاي فقال له المولى - يمازحه -: لست لك بمولى
فقال: ذاك شر لك، فطعن في جنازة الغلام فمات فاخرج في سفط إلى البقيع، فخرج أبو
جعفر عليه السلام وعليه جبة خز صفراء وعمامة صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى
البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه. فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو
جعفر عليه السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن، ثم أخذ بيدي فتنحى بي
ثم قال: إنه لم يكن يصلى على الاطفال إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر
بهم فيدفنون من وراء ولا يصلى عليهم، و إنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية
أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم (1). بيان: قد درج أي كان ابتداء مشيه، قوله ذاك شر
لك: أي نفي كونك مولى لي شر لك، إذ كونك مولى لي شرف لك. قوله: في جنازة الغلام
كأنه من باب مجاز المشارفة، وفي التهذيب (2) جنان وهو أظهر، وقيل هو حتار بالكسر،
قال في القاموس (3) الحتار حلقة الدبر أو ما بينه وبين القبل، أو الخط بين الخصيتين
ورتق الجفن، وشئ في أقصى فم البعير. قوله: من وراء، في التهذيب والاستبصار من وراء
وراء مكررا، وقال في النهاية (4) ومنه حديث الشفاعة يقول إبراهيم: إني كنت خليلا من
وراء وراء هكذا يروى مبنيا على الفتح أي من خلف حجاب. ومنه حديث معقل أنه حدث ابن
زياد بحديث فقال: أشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله أو من وراء وراء ؟ أي
ممن جاء خلفه وبعده، ويقال لولد الولد
(1) الكافي ج 3 ص 206. (2) التهذيب ج 3 ص
198 وفي المطبوع حديثا " في جنازة الغلام " وأخرجه الشيخ أيضا في الاستبصار ج 1 ص
479. (3) القاموس ج 2 ص 4. (4) النهاية ج 4 ص 207. (*)
[266]
الوراء. انتهى. أقول: الظاهر أنه كناية
إما عن عدم الاحضار في محضر الجماعة للصلاة عليه، أو عدم إحضار الناس وإعلامهم
لذلك. ويحتمل أن يكون بيانا للضمير في يدفنون أي كان يأمر في أولاد أولاده بذلك
ويحتمل وجها آخر وهو أن يكون المعنى إنه عليه السلام كان يفعل ذلك بعد النبي صلى
الله عليه وآله وبعد الازمنة المتصلة بعصره، فيكون الغرض بيان كون هذا الحكم مستمرا
من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعصار بعده، ليظهر كون فعلهم على خلافه بدعة
واضحة. 35 - كا: الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن خلاد الصيقل
عن محمد بن الحسن بن عماد قال: كنت عند علي بن جعفر بن محمد عليهما السلام جالسا
وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه - يعني أبا الحسن - إذ دخل عليه أبو
جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد مسجد رسول الله فوثب علي بن جعفر بلا
حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه. فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله
فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم ؟ ! فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه
يوبخونه ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال: اسكتوا إذا كان الله
عزوجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، انكر
فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد (1). 36 - يب: الحسين بن سعيد، عن
النضر، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه فقال ادنه ! هذه ام إسماعيل جاءت وأنا أزعم أن
هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام أول، كنت أردت الاحرام فقلت: ضعوا لي الماء
في الخباء، فذهبت الجارية بالمآء فوضعته فاستخففتها فأصبت منها، فقلت: اغسلي رأسك
وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك، فإذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي
رأسك فتستريب مولاتك
(1) الكافي ج 1 ص 322.
[267]
فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا
فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة الماء، فحلقت رأسها وضربتها، فقلت لها: هذا المكان
الذي أحبط الله فيه حجك (1). بيان: قوله عليه السلام فاستخففتها أي فوجدت إتيانها
خفيفة سهلة، ويحتمل أن يكون كناية عن المراودة من قولهم استخف فلانا عن رأيه أي
حمله على الخفة و الجهل وأزاله عن رأيه. 37 - يب: الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى،
عن حريز، عن إسماعيل ابن جابر قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام حين مات ابنه
إسماعيل الاكبر فجعل يقبله وهو ميت، فقلت: جعلت فداك أليس لا ينبغي أن يمس الميت
بعد ما يموت ؟ ومن مسه فعليه الغسل، فقال: أما بحراراته فلا بأس، إنما ذلك إذا برد
(2). 38 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز قال: كانت لاسماعيل
بن أبي عبد الله دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال إسماعيل: يا أبه
إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينارا أفترى أن أدفعها إليه يبتاع
لي بها بضاعة من اليمن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا بني أما بلغك أنه يشرب
الخمر ؟ فقال إسماعيل: هكذا يقول الناس، فقال عليه السلام: يا بني لا تفعل. فعصى
إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأته بشئ منها، فخرج إسماعيل وقضي أن
أبا عبد الله عليه السلام حج وحج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف بالبيت ويقول: اللهم
آجرني واخلف علي، فلحقه أبو عبد الله عليه السلام فهمزه بيده من خلفه، وقال له: مه
يا بني فلا والله ما لك على الله هذا، ولا لك أن يؤجرك ولا يخلف عليك، وقد بلغك أنه
يشرب الخمر فائتمنته. فقال إسماعيل: يا أبه إني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس
يقولون فقال: يا بني إن الله عزوجل يقول في كتابه: " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين "
(3)
(1) التهذيب ج 1 ص 134 وأخرجه الشيخ في
الاستبصار ج 1 ص 124. (2) نفس المصدر ج 1 ص 429. (3) سورة التوبة، الاية 61.
[268]
يقول: يصدق لله ويصدق للمؤمنين، فإذا شهد
عندك المؤمنون فصدقهم ولا تأتمن شارب الخمر فان الله عزوجل يقول في كتابه " ولا
تؤتوا السفهاء أموالكم " (1) فأي سفيه أسفه من شارب الخمر، إن شارب الخمر لا يزوج
إذا خطب، ولا يشفع إذا شفع، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها
لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يؤجره ولا يخلف عليه (2). اقول: أوردنا بعض أحوال
محمد بن جعفر في باب احتجاج الرضا عليه السلام على أرباب الملل، وبعض أحوال إسماعيل
في باب مكارم أخلاق أبيه عليه السلام 39 - محص: باسناده، عن عبد الله بن سنان قال:
سمعت معتبا يحدث أن إسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام حم حمى شديدة فأعلموا أبا
عبد الله عليه السلام بحماه فقال: ائته فسله أي شئ علمت اليوم من سوء فعجل الله
عليك العقوبة ؟ قال: فأتيته فإذا هو موعوك، فسألته عما عمل فسكت، وقيل لي: إنه ضرب
بنت زلفى اليوم بيده فوقعت على دراعة الباب فعقر وجهها، فأتيت أبا عبد الله عليه
السلام فأخبرته بما قالوا فقال: الحمد لله إنا أهل بيت يعجل الله لاولادنا العقوبة
في الدنيا، ثم دعا بالجارية فقال: اجعلي إسماعيل في حل مما ضربك فقالت: هو في حل
فوهب لها أبو عبد الله عليه السلام شيئا، ثم قال لي: اذهب فانظر ما حاله قال:
فأتيته وقد تركته الحمى. 40 - ير: فضالة، عن ابن عميرة، عن ابن مسكان، عن عمار بن
حيان قال: أخبرني أبو عبد الله عليه السلام ببر ابنه إسماعيل له وقال: لقد كنت احبه
وقد ازداد إلي حبا، الخبر (3).
(1) سورة النساء، الاية: 5. (2) الكافي ج
6 ص 299. (3) وقع وهم من النساخ في وضع رمز (ير) الذى هو رمز لبصائر الدرجات،
والصواب (ين) الذى هو رمز لكتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي، كما في ج 16 ص 25
باب بر الوالدين من البحار، والحديث موجود في كتاب الزهد المذكور باب بر الوالدين
والقرابة والعشيرة والقطيعة وهو الحديث الثالث من الباب، وتمام الخبر نقلا =
[269]
أقول: سيأتي تمام في باب بر الوالدين. 41
- كتاب زيد النرسى: عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بدا لله
بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني (1). 42 - ومنه: عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: إني ناجيت الله ونازلته في إسماعيل ابني أن يكون من بعدي فأبى ربي إلا
أن يكون موسى ابني (2). 43 - ومنه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن شيطانا قد
ولع بابني إسماعيل يتصور في صورته ليفتن به الناس وإنه لا يتصور في صورة نبي ولا
وصي نبي، فمن قال لك من الناس: إن إسماعيل ابني حي لم يمت، فانما ذلك الشيطان تمثل
له في صورة إسماعيل، ما زلت أبتهل إلى الله عزوجل في إسماعيل ابني أن يحييه لي
ويكون القيم من بعدي فأبى ربي ذلك، وإن هذا شئ ليس إلى الرجل منا يضعه حيث يشآء،
وإنما ذلك عهد من الله عز وجل يعهده إلى من يشآء، فشآء الله أن يكون ابني موسى،
وأبى أن يكون إسماعيل ولو جهد الشيطان أن يتمثل بابني موسى ما قدر على ذلك أبدا
والحمد لله (3).
= عنه: ان رسول الله " ص " أتته أخته من
الرضاعة، فلما أن نظر إليها سر بها وبسط رداءه لها فأجلسها عليه، ثم أقبل يحدثها
ويضحك في وجهها ثم قامت فذهبت، ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل يا رسول
الله صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل ؟ فقال: لانها كانت أبر بأبيها منه. (1 و 2
و 3) أصل زيد النرسى ص 49 من الاصول الستة عشر طبع ايران.
[270]
* (باب 9) * * " (احوال اقربائه وعشائره
وما جرى بينه وبينهم) * " * " (وما وقع عليهم من الجور والظلم) " * " (وأحوال من
خرج في زمانه عليه السلام من بنى الحسن عليه السلام) " " (واولاد زيد وغيرهم) " 1 -
ير: إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني، عن يونس عن علي الصائغ، قال:
لقي أبا عبد الله عليه السلام محمد بن عبد الله بن الحسن، فدعاه محمد إلى منزله
فأبى أن يذهب معه، وأرسل معه إسماعيل وأومأ إليه أن كف ووضع يده على فيه وأمره
بالكف فلما انتهى إلى منزله أعاد إليه الرسول ليأتيه، فأبى أبو عبد الله عليه
السلام وأتى الرسول محمدا فأخبره بامتناعه، فضحك محمد ثم قال: ما منعه من إتياني
إلا أنه ينظر في الصحف، قال: فرجع إسماعيل فحكى لابي عبد الله عليه السلام الكلام
فأرسل أبو عبد الله عليه السلام رسولا من قبله، وقال: إن إسماعيل أخبرني بما كان
منك وقد صدقت إني أنظر في الصحف الاولى صحف إبراهيم وموسى، فسل نفسك وأباك هل ذلك
عندكما ؟ قال: فلما أن بلغه الرسول سكت فلم يجب بشئ، وأخبر الرسول أبا عبد الله
عليه السلام: بسكوته، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا أصاب وجه الجواب قل
الكلام (1). 2 - ير: أحمد بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن ابن بكير، وأحمد بن محمد،
عن محمد بن عبد الملك قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام نحوا من ستين رجلا وهو
وسطنا، فجاء عبد الخالق بن عبد ربه فقال له: كنت مع إبراهيم بن محمد جالسا فذكروا
أنك تقول: إن عندنا كتاب علي، فقال: لا والله ما ترك علي كتابا، وإن كان ترك علي
كتابا ما هو إلا إهابين، ولوددت أنه عند غلامي هذا فما ابالي عليه
(1) بصائر الدرجات ج 3 باب 10 ص 37.
[271]
قال: فجلس أبو عبد الله عليه السلام ثم
أقبل علينا فقال: ما هو والله كما يقولون إنهما جفران مكتوب فيهما، لا والله إنهما
لاهابان عليهما أصوافهما وأشعارهما مدحوسين كتبا في أحدهما وفي الاخر سلاح رسول
الله صلى الله عليه وآله، وعندنا والله صحيفة طولها سبعون ذراعا، ما خلق الله من
حلال وحرام إلا وهو فيها حتى أن أرش الخدش وقال بظفره على ذراعه فخط به، وعندنا
مصحف فاطمة عليها السلام أما والله ما هو في القرآن (1). بيان: مدحوسين أي مملوءين.
3 - ير: محمد بن الحسين، عن البزنطي، عن حماد بن عثمان، عن علي بن سعيد قال: كنت
جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال رجل: جعلت فداك إن عبد الله ابن الحسن
يقول: ما لنا في هذا الامر ما ليس لغيرنا، فقال أبو عبد الله عليه السلام - بعد
كلام -: أما تعجبون من عبد الله يزعم أن أباه عليا لم يكن إماما ويقول: إنه ليس
عندنا علم، وصدق والله ما عنده علم، ولكن والله - وأهو بيده إلى صدره - إن عندنا
سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه ودرعه، وعندنا والله مصحف فاطمة، ما فيه
آية من كتاب الله، وإنه لاملاء [من إملاء] رسول الله وخطه على بيده، والجفر وما
يدرون ما هو، مسك شاة أو مسك بعير (2). 4 - ير: ابن يزيد، ومحمد بن الحسين، عن ابن
أبي عمير، عن ابن اذينة، عن علي بن سعيد قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه
السلام وعنده اناس من أصحابنا، فقال له معلى بن خنيس: جعلت فداك ما لقيت من الحسن
بن الحسن ؟ ثم قال له الطيار: جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك إذ لقيت محمد
بن عبد الله بن الحسن على حمار حوله اناس من الزيدية فقال لي: أيها الرجل إلي إلي،
فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل
ذبيحتنا، فذاك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، من شاء أقام، ومن شاء ظعن، فقلت
له: اتق الله ولا يغرنك
(1) نفس المصدر ج 3 باب 14 ص 40. (2)
المصدر السابق ج 3 باب 14 ص 41 بزيادة في آخره.
[272]
هؤلاء الذين حولك. فقال أبو عبد الله عليه
السلام للطيار: فلم تقل له غيره ؟ قال: لا، قال: فهلا قلت: إن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال ذلك والمسلمون مقرون له بالطاعة، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه
وآله ووقع الاختلاف انقطع ذلك، فقال محمد بن عبد الله بن علي: العجب لعبد الله بن
الحسن إنه يهزأ ويقول: هذا في جفركم الذي تدعون، فغضب أبو عبد الله عليه السلام
فقال: العجب لعبد الله بن الحسن يقول: ليس فينا إمام صدق، ما هو بامام ولا كان أبوه
إماما، يزعم أن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن إماما ويردد ذلك، وأما قوله: في
الجفر فانما هو جلد ثور مذبوح كالجراب فيه كتب وعلم ما يحتاج الناس إليه إلى يوم
القيامة من حلال وحرام، إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام
بيده وفيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن، وإن عندي خاتم رسول الله، ودرعه، وسيفه
ولواءه، وعندي الجفر على رغم أنف من زعم (1). 5 - ير: محمد بن الحسين، عن عبد
الرحمان بن أبي هاشم، وجعفر بن بشير عن عنبسة، عن ابن خنيس قال: كنت عند أبي عبد
الله عليه السلام إذ أقبل محمد بن عبد الله ابن الحسن فسلم عليه ثم ذهب، ورق له أبو
عبد الله عليه السلام ودمعت عينه، فقلت له: لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع ؟
قال: رققت له لانه ينسب في أمر ليس له، لم أجده في كتاب علي من خلفاء هذه الامة ولا
ملوكها (2). 6 - ير: ابن يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن جماعة سمعوا أبا
عبد الله عليه السلام يقول: وقد سئل عن محمد فقال: إن عندي لكتابين فيهما اسم كل
نبي وكل ملك يملك، لا والله ما محمد بن عبد الله في أحدهما (3). 7 - ير: أحمد بن
محمد، عن الاهوازي، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد ابن بشير، عن فضيل سكره قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: يا فضيل
(1) بصائر الدرجات ج 3 باب 14 ص 41. (2)
نفس المصدر ج 4 باب 2 ص 45. (3) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45.
[273]
أتدري في أي شئ كنت أنظر فيه قبل ؟ قال:
قلت: لا، قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام فليس ملك يملك إلا وفيه مكتوب
اسمه واسم أبيه، فما وجدت لولد الحسن فيه شيئا (1). بيان: لعل المراد أولاد الحسن
عليه السلام الذين كانوا في ذلك الزمان. 8 - ير: علي بن اسماعيل، عن صفوان بن يحيى،
عن العيص بن القاسم عن ابن خنيس قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من نبي ولا
وصي ولا ملك إلا في كتاب عندي، لا والله ما لمحمد بن عبد الله بن الحسن فيه اسم
(2). 9 - ير: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن العيص، عن أبي عبد
الله عليه السلام مثله (3). 10 - ج: روي عنه عليه السلام أنه قال: ليس منا إلا وله
عدو من أهل بيته، فقيل له: بنو الحسن لا يعرفون لمن الحق ؟ قال: بلى ولكن يمنعهم
الحسد (4). 11 - ج: عن ابن أبي يعفور، قال: لقيت أنا ومعلى بن خنيس الحسن بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقال: يا يهودي، فأخبرنا بما قال جعفر بن محمد
عليه السلام فقال: هو والله أولى باليهودية منكما، إن اليهودي من شرب الخمر (5). 12
- ج: بهذا الاسناد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لو توفي الحسن ابن
الحسن بالزنا والربا وشرب الخمر كان خيرا مما توفي عليه (6). 13 - ن: أبي، عن أحمد
بن إدريس، عن سهل، عن علي بن الريان، عن الدهقان، عن الحسين بن خالد [الكوفي، عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت:
(1) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45. (2)
المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45. (3) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45. (4) الاحتجاج ص
204. (5) نفس المصدر ص 204. (6) المصدر السابق ص 204.
[274]
جعلت فداك حديث كان يرويه عبد الله] (1)
بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: لقيت أبا عبد الله عليه السلام في السنة التي خرج
فيها ابراهيم بن عبد الله بن الحسن فقلت له: جعلت فداك إن هذا قد ألف الكلام وسارع
الناس إليه فما الذي تأمر به ؟ قال فقال: اتقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والارض
الخبر (2). 14 - كشف: عن الحافظ عبد العزيز بن الاخضر، قال: وقع بين جعفر عليه
السلام وعبد الله بن الحسن كلام في صدر يوم فأغلظ له في القول عبد الله بن حسن ثم
افترقا وراحا إلى المسجد، فالتقيا على باب المسجد، فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام لعبدالله بن الحسن: كيف أمسيت يا أبا محمد ؟ فقال: بخير كما يقول
المغضب، فقال: يا أبا محمد أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب، فقال: لا تزال تجئ
بالشئ لا نعرفه، قال: فإني أتلو عليك به قرآنا قال: وذلك أيضا قال: نعم، قال: فهاته
قال: قول الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون
سوء الحساب " (3) قال: فلا تراني بعدها قاطعا رحمنا (4). 15 - عم: من كتاب نوادر
الحكمة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي محمد الحميري، عن الوليد بن العلا بن
سيابة، عن زكار بن أبي زكار الواسطي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل
رجل فسلم ثم قبل رأس أبي عبد الله عليه السلام قال: فمس أبو عبد الله عليه السلام
ثيابه وقال: ما رأيت كاليوم ثيابا أشد بياضا ولا أحسن منها
(1) مابين القوسين ساقط من مطبوعة
الكمبانى وهو في المصدر. (2) عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 310 بتفاوت، وتمام الخبر
قال: وكان عبد الله بن بكير يقول: والله لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج
وما من قائم، قال: فقال لى أبو الحسن " ع ": ان الحديث على ما رواه عبيد وليس على
ما تأوله عبد الله بن بكير، انما عنى أبو عبد الله عليه السلام بقوله: ما سكنت
السماء، من النداء باسم صاحبكم، وما سكنت الارض من الخسف بالجيش. (3) سورة الرعد،
الاية: 21. (4) كشف الغمة ج 2 ص 381.
[275]
فقال: جعلت فداك هذه ثياب بلادنا وجئتك
منها بخير من هذه، قال: فقال: يا معتب اقبضها منه، ثم خرج الرجل، فقال أبو عبد الله
عليه السلام: صدق الوصف و قرب الوقت، هذا صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من
خراسان. ثم قال: يا معتب الحقه فسله ما اسمه، ثم قال لي: إن كان عبد الرحمان فهو
والله هو، قال: فرجع معتب، فقال: قال: اسمي عبد الرحمان، قال زكار ابن أبي زكار:
فمكث زمانا فلما ولي ولد العباس نظرت إليه وهو يعطي الجند فقلت لاصحابه: من هذا
الرجل ؟ فقالوا: هذا عبد الرحمان أبو مسلم. وذكر ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة
قال: حدث أصحابنا أن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن قال لابي عبد الله: والله
إني لاعلم منك وأسخى منك وأشجع منك فقال: أما ما قلت إنك أعلم مني، فقد أعتق جدي
وجدك ألف نسمة من كد يده فسمهم لي، وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت، وأما ما
قلت إنك أسخى مني، فوالله ما بت ليلة ولله علي حق يطالبني به، وأما ما قلت إنك
أشجع، فكأني أرى رأسك وقد جيئ به ووضع على حجر الزنابير، يسيل منه الدم إلى موضع
كذا وكذا، قال: فصار إلى أبيه وقال: يا أبه كلمت جعفر بن محمد بكذا فرد علي كذا
فقال أبوه: يا بني آجرني الله فيك إن جعفرا أخبرني أنك صاحب حجر الزنابير (1). 16 -
كش: حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: لقيت
الحسن بن الحسن فقال: أما لنا حق ؟ أما لنا حرمة ؟ إذا اخترتم منا رجلا واحدا
كفاكم، فلم يكن له عندي جواب، فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بما كان من
قوله، فقال لي: القه فقل له: أتيناكم فقلنا: هل عندكم ما ليس عند غيركم ؟ فقلتم لا
فصدقناكم وكنتم أهل ذلك، وأتينا بني عمكم فقلنا: هل عندكم ما ليس عند الناس ؟
فقالوا: نعم فصدقناهم وكانوا أهل ذلك قال: فلقيته فقلت له ما قال لي.
(1) اعلام الورى ص 272. (*)
[276]
فقال لي الحسن: فان عندنا ما ليس عند
الناس فلم يكن عندي شئ، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته فقال لي: القه وقل:
إن الله عزوجل يقول في كتابه: " إيتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم
صادقين " (1) فاقعدوا لنا حتى نسألكم، قال: فلقيته فحاججته بذلك فقال: أفما عندكم
شئ إلا تعيبونا إن كان فلان تفرغ وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا (2). بيان: إلا
تعيبونا أي إلا أن تعيبونا، ويمكن أن يقرأ ألا بالفتح ليكون بدلا أو عطف بيان لقوله
شئ، وفلان كناية عن الصادق عليه السلام، وغرضه أن تفرغه صار سببا لاعلميته،
واشتغالنا بالامور سببا لجهلنا. 17 - غط: جماعة، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن
ابن عيسى عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن هشام بن أحمر، عن سالمة مولاة أبي عبد
الله قالت: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة
واغمي عليه فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الافطس سبعين
دينارا، وأعط فلانا كذا، وفلانا كذا، فقلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن
يقتلك ؟ قال: تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر
الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (3) نعم يا سالمة إن الله خلق
الجنة فطيبها وطيب ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق
ولا قاطع رحم (4). 18 - عم (5) شا: وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد
الاصفهاني في أصل كتابه المعروف بمقاتل الطالبيين (6) أخبرني عمر بن عبد الله، عن
عمر بن
(1) سورة الاحقاف، الاية: 4. (2) رجال
الكشى ص 230. (3) سورة الرعد، الاية: 21. (4) الغيبة للشيخ الطوسى ص 128. (5) اعلام
الورى ص 271 - 272. (6) مقاتل الطالبيين ص 205 - 208.
[277]
شيبة، عن الفضل بن عبد الرحمن الهاشمي،
وابن داجة قال أبو زيد: وحدثني عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، عن الحسن بن أيوب مولى
بني نمير، عن عبد الاعلى ابن أعين، قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام
الجعفري، عن أبيه، قال: وحدثني محمد بن يحيى، عن عبد الله بن يحيى قال: وحدثني عيسى
بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، وقد دخل حديث بعضهم في حديث الاخرين
إن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله
بن عباس وأبو جعفر المنصور، وصالح بن علي، وعبد الله بن الحسن، وابناه محمد
وإبراهيم، و محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان، فقال صالح بن علي: قد علمتم أنكم
الذين تمد الناس إليهم أعينهم وقد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم
تعطونه إياها من أنفسكم، وتواثقوا على ذلك، حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين، فحمد
الله عبد الله بن الحسن، وأثنى عليه ثم قال: قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلم
لنبايعه. وقال أبو جعفر: لاي شئ تخدعون أنفسكم والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد
أمور أعناقا، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى - يريد به محمد بن عبد الله -
قالوا: قدوالله صدقت إن هذا الذي نعلم، فبايعوا محمدا جميعا ومسحوا على يده. قال
عيسى: وجاء رسول عبد الله بن حسن إلى أبي أن: ائتنا فانا مجتمعون لامر، وأرسل بذلك
إلى جعفر بن محمد عليهما السلام، وقال غير عيسى: إن عبد الله بن الحسن قال لمن حضر:
لا تريدوا جعفرا فانا نخاف أن يفسد عليكم أمركم. قال عيسى بن عبد الله بن محمد:
فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا له فجئتهم ومحمد ابن عبد الله يصلي على طنفسة رحل
مثنية، فقلت لهم: أرسلني أبي إليكم أسألكم لاي شئ اجتمعتم ؟ فقال عبد الله: اجتمعنا
لنبايع المهدي محمد بن عبد الله، قال: وجاء جعفر بن محمد فأوسع له عبد الله بن
الحسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه فقال جعفر: لا تفعلوا فان هذا الامر لم يأت بعد،
إن كنت ترى - يعني عبد الله - أن ابنك هذا هو المهدي فليس به، ولا هذا أوانه، وإن
كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا لله وليأمر
[278]
بالمعروف وينهى عن المنكر، فانا والله لا
ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك في هذا الامر. فغضب عبد الله بن الحسن وقال: لقد علمت
خلاف ما تقول والله ما أطلعك على غيبه، ولكن يحملك على هذا، الحسد لابني، فقال: ما
والله ذاك يحملني ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم، وضرب بيده على ظهر أبي العباس،
ثم ضرب بيده على كتف عبد الله بن الحسن وقال: إنها والله ما هي إليك ولا إلى ابنيك
ولكنها لهم وإن ابنيك لمقتولان، ثم نهض فتوكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري
فقال: أرأيت صاحب الرداء الاصفر ؟ - يعني أبا جعفر - فقال له: نعم، قال: قال: إنا
والله نجده يقتله. قال له عبد العزيز: أيقتل محمدا ؟ قال: نعم، فقلت في نفسي حسده
ورب الكعبة، ثم قال: والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما، قال: فلما قال جعفر
عليه السلام ذلك ونهض القوم وافترقوا، تبعه عبد الصمد وأبو جعفر فقالا: يا أبا عبد
الله أتقول هذا ؟ قال: نعم أقوله والله وأعلمه (1). قال أبو الفرج (2): وحدثني علي
بن العباس المقانعي، عن بكار بن أحمد عن حسن بن حسين، عن عنبسة بن بجاد العابد،
قال: كان جعفر بن محمد عليه السلام إذا رأى محمد بن عبد الله بن الحسن تغرغرت عيناه
ثم يقول: بنفسي هو، إن الناس ليقولون فيه، وإنه لمقتول، ليس هو في كتاب علي من
خلفاء هذه الامة (3). بيان: مار الشئ يمور مورا أي تحرك وجاء وذهب، ومور العنق هنا
كناية عن شدة التسليم والانقياد له وخفض الرؤوس عنده. 19 - كا: بعض أصحابنا، عن
محمد بن حسان، عن محمد بن زنجويه، عن عبد الله ابن الحكم الارمني، عن عبد الله بن
إبراهيم بن محمد الجعفري قال: أتينا خديجة بنت
(1) الارشاد للمفيد ص 294 - 296. (2)
مقاتل الطالبيين ص 205. (3) اعلام الورى ص 272، الارشاد ص 296.
[279]
عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام نعزيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن فإذا هي
في ناحية قريبا من النساء فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر
الراثية قولي، فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا واعدد
علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرؤاسا فقال: أحسنت وأطربتيني زيديني،
فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * وحمزة منا والمهذب جعفر منا علي صهره وابن
عمه * وفارسه ذاك الامام المطهر فأقمنا عنده حتى كاد الليل أن يجئ، ثم قالت خديجة:
سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى
النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة
بالنوح، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبد
الله جعفر بن محمد عليه السلام فقال: (1) هذه دار تسمى دار السرق فقالت: هذا ما
اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبد الله بن الحسن - تمازحه بذلك فقال موسى بن عبد
الله: والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبد الله
وأجمع على لقاء أصحابه فقال: لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبد الله
جعفر بن محمد عليه السلام فانطلق وهو متكئ علي فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبد الله،
فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي وكلمه فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
ليس هذا موضع ذلك نلتقي إن شاء الله. فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو
بعده بيوم انطلقنا حتى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه، فابتدأ الكلام ثم قال له
فيما يقول: قد علمت (2)
(1) القائل هو موسى بن عبد الله المعروف
بالجون. (2) على صيغة المتكلم، ويحتمل الامر وفديتك معترضة أي فديتك بنفسى، " منه
ره " عن هامش المطبوعة.
[280]
جعلت فداك أن السن (1) لي عليك فان في
قومك من هو أسن منك، ولكن الله عزوجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك، وقد جئتك
معتمدا لما أعلم من برك، واعلم فديتك أنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك، و
لم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إنك تجد
غيري أطوع لك مني، ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهم بها
(2) فأثقل عنها واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي فاطلب غيري
وسله ذلك، ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني
لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها قال: وهجم علينا ناس فدخلوا
وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول ؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس
على ما احب ؟ قال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاح حالك. ثم انصرف حتى جاء البيت
فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة - يقال له الاشقر على ليلتين من المدينة - فبشره
وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب ثم عاد بعد ثلاثة أيام فوقفنا بالباب ولم
نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا فدخلنا عليه، فجلست في ناحية الحجرة
ودنا أبي إليه فقبل رأسه ثم قال: جعلت فداك قد عدت إليك راجيا مؤملا قد انبسط رجائي
وأملي ورجوت الدرك لحاجتي. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ابن عم إني اعيذك
بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى
الكلام بينهما
(1) ان السن لى عليك أي أنا أسن منك،
وغرضه من هذه الكلمات نفى امامته " ع " حتى يستقيم تكليفه بالبيعة، ولم يعلم انها
تدل على عدم امامة ابنه ايضا، مع ان قوله قدم لك فضلا حجة عليه ولم يشعر به. (منه
ره) عن هامش المطبوعة. (2) الهم فوق الارداة وكلمة " أو " بمعنى بل، أو الشك من
الراوى " منه ره " عن هامش المطبوعة.
[281]
حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد، وكان من
قوله: بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: رحم
الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا ؟ قال: لان الحسين كان ينبغي له إذا عدل أن
يجعلها في الاسن من ولد الحسن فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى
لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء، ولم يؤامر أحدا من
خلقه، وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به (1)
ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه فلو كان
أمر الحسين عليه السلام أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما - يعني الوصية -
لفعل ذلك الحسين وما هو بالمتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك، و لكنه
مضى لما امر به وهو جدك وعمك، فان قلت خيرا فما أولاك به، وإن قلت هجرا فيغفر الله
لك، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي، فو الله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا،
فكيف ولا أراك تفعل وما لامر الله من مرد فسر أبي عند ذلك. فقال له أبو عبد الله
عليه السلام: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر المقتول بسدة أشجع بين
دورها، عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذاك والله لنجازين باليوم يوما، وبالساعة
ساعة، وبالسنة سنة، ولنقومن بثار بني أبي طالب جميعا فقال له أبو عبد الله عليه
السلام: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا " منتك نفسك في
الخلآء ضلالا " (2).
(1) ولسنا نقول فيه أي في على " ع " من
تبجيله أي تعظيمه فيه وفى تعظيمه لعلى " ع " أوحى الله، والمعنى انا لا نقول في على
" ع " انه يجوز له تبديل احد من الاوصياء بغيره اولا نقول ما ينافى تبجيله وتصديقه
وهو انه خان فيما أمر به وغير أمر الرسول الله صلى الله عليه وآله، فلو كان أمر على
المعلوم أو المجهول في الاسن أي من أولادهما أو في أولاد الاسن أو ينقلها بان يعطى
تارة ولد هذا، وتارة ولد هذا، وقيل في ولدهما يعنى من ولداه جميعا كعبد الله وولده
وهو بعيد، ويحتمل أن يكون في معنى من كما في بعض النسخ أيضا أي ينقلها من اولادهما
إلى غيرهم (منه ره) عن هامش المطبوعة. (2) هذا عجز بيت للاخطل وصدره: انعق بضأنك يا
جرير فانما * منتك نفسك في الخلاء ضلالا =
[282]
لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة،
ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه - وما للامر من بد أن يقع فاتق
الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله إني لاراه أشأم سلحة أخرجتها أصلاب الرجال إلى
أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها، والله لكأني به صريعا مسلوبا
بزته، بين رجليه لبنة، ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع، قال موسى بن عبد الله: يعنيني
وليخرجن معه فينهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى فيقتل كبشها ويتفرق
جيشها، فان أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه الله بالفرج،
ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم، وإنك لتعلم ونعلم أن ابنك، الاحول الاخضر الاكشف
المقتول بسدة أشجع، بين دورها عند بطن مسيلها. فقام أبي وهو يقول: بل يغني الله عنك
ولتعودن أو ليفئ الله بك وبغيرك، وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم
إلى ذاك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك، وما
علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبو عبد الله عليه السلام فقال له:
اخبرك إني سمعت عمك وهو خالك يذكر أنك وبني أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع
بالتي هي أحسن فافعل، ووالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم
الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي، وبأحب أهل بيتى إلي،
ما يعدلك عندي شئ، فلا ترى أني غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا. قال: فما أقمنا
بعد ذلك إلا قليلا عشرين ليلة أو نحوها، حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي
سليمان بن حسن، وحسن بن حسن، وإبراهيم بن حسن، وداود بن حسن، وعلي بن حسن، وسليمان
بن داود بن حسن، وعلي بن
= وهو من قصيدة تقرب من خمسين بيتا قالها
يهجو بها جريرا، ويفتخر فيها على قيس، اولها. كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس
الظلام من الرباب خيالا وهى مثبتة في ديوانه ص 41 - 51 طبع بيروت. (*)
[283]
إبراهيم بن حسن، وحسن بن جعفر بن حسن،
وطباطبا إبراهيم بن إسماعيل بن حسن، وعبد الله بن داود، وقال: فصفدوا في الحديد ثم
حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها، ووقفوا بالمصلى لكي يشتمهم الناس قال: فكف
الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله. قال عبد الله بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت
عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد - الباب الذي يقال له باب جبرئيل - اطلع
عليهم أبو عبد الله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض، ثم اطلع من باب المسجد
فقال: لعنكم الله يا معشر الانصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله
عليه وآله ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت، وليس للقضاء مدفع، ثم
قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده، وعامة ردائه يجره في الارض، ثم
دخل في بيته فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي فيها الليل والنهار، حتى خفنا عليه فهذا
حديث خديجة. قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبد الله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في
المحامل، قام أبو عبد الله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبد
الله بن الحسن - يريد كلامه - فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه، وقال: تنح
عن هذا، فان الله سيكفيك، ويكفي غيرك، ثم دخل بهم الزقاق، ورجع أبو عبد الله عليه
السلام إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلي الحرسي بلاء شديدا رمحته ناقته
فدقت وركه فمات فيها، ومضى القوم، فأقمنا بعد ذلك حينا، ثم أتى محمد ابن عبد الله
بن الحسن، فأخبر أن أباه وعمومته قتلوا، قتلهم أبو جعفر، إلا حسن ابن جعفر،
وطباطبا، وعلي بن إبراهيم، وسليمان بن داود، وداود بن حسن و عبد الله بن داود، قال:
فظهر محمد بن عبد الله عند ذلك ودعا الناس لبيعته قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه
واستوثق الناس لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي. قال: وشاور عيسى بن
زيد وكان من ثقاته، وكان على شرطته، فشاوره في
[284]
البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن
زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك أو تغلظ عليهم فخلني وإياهم فقال له محمد: امض
إلى من أردت منهم فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد
عليهما السلام - فانك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت
عليها أبا عبد الله، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبد الله عليه السلام حتى
اوقف بين يديه، فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله ؟ فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على
نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا. فقال له أبو عبد الله: ما في حرب ولا قتال، ولقد
تقدمت إلى أبيك وحذرته الذي حاق به، ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك
بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن فقال له أبو
عبد الله عليه السلام: إني لم اعازك، ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال له
محمد: لا والله لابد من أن تبايع، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما في يا ابن
أخي طلب ولا هرب، وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى يكلمني
في ذلك الاهل غير مرة، وما يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى
بك. فقال له: يا أبا عبد الله قد والله مات أبو الدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له
أبو عبد الله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات ؟ قال: اريد الجمال بك، قال: ما إلى
ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبو الدوانيق، إلا أن يكون مات موت النوم، قال:
والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباءا شديدا، فأمر به
إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه
اليوم غلق خفنا أن يهرب منه. فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني ؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه
وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ، وذلك دار
ريطة اليوم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم اصدق، فقال
له عيسى بن زيد: لو تكلمت
[285]
لكسرت فمك. فقال له أبو عبد الله عليه
السلام: أما والله يا أكشف يا أزرق، لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه، وما أنت في
المذكورين عند اللقاء، وإني لاظنك إذا صفق خلفك طرت مثل الهيق النافر، فنفر عليه
محمد بانتهار: احبسه وشدد عليه واغلظ عليه. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما
والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي، وقد حمل عليك فارس معلم، في يده
طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح، فطعنك فلم يصنع فيك شيئا، وضربت
خيشوم فرسه فطرحته، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين، عليه غديرتان
مضفورتان قد خرجتا من تحت بيضته، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك فلا رحم الله
رمته. فقال له محمد: يا أبا عبد الله عليه السلام حسبت فأخطأت، وقام إليه السراقي
ابن سلح الحوت، فدفع في ظهره حتى ادخل السجن، واصطفي ما كان له من مال وما كان
لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب،
وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه، وذهبت رجلاه، وهو يحمل حملا، فدعاه إلى
البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف، وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له:
لابد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل
إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل فأغلظ عليه في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر
بن محمد: فلعلنا نبايع جميعا. قال: فدعا جعفرا عليه السلام فقال له إسماعيل: جعلت
فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت ألا اكلمه فلير
في رأيه، فقال إسماعيل لابي عبد الله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت
أباك محمد بن علي عليه السلام وعلي حلتان صفراوان، فأدام النظر إلي ثم بكى فقلت له:
ما يبكيك ؟ فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان،
قال:
[286]
فقلت: متى ذاك ؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل
فأبيته، وإذا نظرت إلى أحول مشوم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى
الله عليه وآله، يدعو إلى نفسه، قد تسمى بغير اسمه، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فانك
مقتول من يومك أو من غد ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: نعم وهذا ورب الكعبة
لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك،
وأحسن الخلاقة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون قال: ثم احتمل إسماعيل ورد
جعفر إلى الحبس. قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد
الله بن جعفر فتوطؤه حتى قتلوه، وبعث محمد بن عبد الله إلى جعفر عليه السلام فخلى
سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان، فبلغنا خروج عيسى بن موسى يريد
المدينة، قال: فتقدم محمد بن عبد الله، على مقدمته يزيد بن معاوية بن عبد الله بن
جعفر، وكان على مقدمة عيسى بن موسى، ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن، وقاسم،
ومحمد ابن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى ابن
موسى المدينة، وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب، ودخلت علينا المسودة من خلفنا،
وخرج محمد في أصحابه، حتى بلغ السوق فأوصلهم ومضى ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد
الخوامين، فنظر إلى ما هناك فضاء ليس مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب
فزارة، ثم دخل هذيل، ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله عليه
السلام من خلفه من سكة هذيل فطعنه فلم يصنع فيه شيئا، وحمل على الفارس وضرب خيشوم
فرسه بالسيف، فطعنه الفارس فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد فضربه فأثخنه، وخرج
إليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة أنفذ
السنان فيه فكسر الرمح وحمل على حميد، فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل فضربه
حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه، ودخل الجند من كل جانب، وأخذت المدينة، وأجلينا هربا في
البلاد. قال موسى بن عبد الله: فانطلقت حتى لحقت بابراهيم بن عبد الله، فوجدت
[287]
عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء
تدبيره، وخرجنا معه حتى اصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبد الله بن
محمد بن عبد الله بن حسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا، تضيق علي البلاد،
فلما ضاقت علي الارض، واشتد الخوف ذكرت ما قال أبو عبد الله عليه السلام فجئت إلى
المهدي وقد حج، وهو يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت
المنبر، فقلت: لي الامان يا أمير المؤمنين وأدلك على نصيحة لك عندي فقال: نعم ما هي
؟ قلت: أدلك على موسى بن عبد الله بن حسن فقال: نعم لك الامان فقلت له: أعطني ما
أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق، ووثقت لنفسي، ثم قلت: أنا موسى بن عبد الله فقال
لي: إذا تكرم وتحبى فقلت له: أقطعني إلى بعض أهل بيتك يقوم بأمري عندك. فقال: انظر
إلى من أردت فقلت: عمك العباس بن محمد، فقال العباس: لا حاجة لي فيك فقلت: ولكن لي
فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني، فقبلني شاء أو أبى، وقال لي
المهدي من يعرفك وحوله أصحابنا أو أكثرهم فقلت: هذا الحسن بن زيد يعرفني، وهذا موسى
بن جعفر يعرفني، وهذا الحسن ابن عبيد الله بن عباس يعرفني فقالوا: نعم يا أمير
المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم قلت للمهدي: يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام
أبو هذا الرجل، وأشرت إلى موسى بن جعفر عليه السلام. قال موسى بن عبد الله: وكذبت
على جعفر كذبة فقلت له: وأمرني أن اقرئك السلام وقال: إنه إمام عدل وسخي قال: فأمر
لموسى بن جعفر عليه السلام بخمسة آلاف دينار، فأمر لي موسى عليه السلام منها بألفي
دينار، ووصل عامة أصحابه، ووصلني فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن
الحسين فقولوا: صلى الله عليهم، و ملائكته، وحملة عرشه، والكرام الكاتبون، وخصوا
أبا عبد الله عليه السلام بأطيب ذلك وجزى موسى بن جعفر عني خيرا، فأنا والله مولاهم
بعد الله (1).
(1) الكافي ج 1 ص 358 - 366.
[288]
بيان: قوله قريبا حال عن الضمير المستتر
في الظرف، والتذكير لما ذكره الجوهري (1) حيث قال: وقوله تعالى " إن رحمة الله قريب
من المحسنين " (2) ولم يقل قريبة لانه أراد بالرحمة الاحسان، ولان ما لا يكون
تأنيثه حقيقيا جاز تذكيره. وقال الفراء (3) إذا كان القريب في معنى المسافة يذكر
ويؤنث وإذا كان في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم، انتهى. وأسد الاله حمزة - ره
- وعلي الخير على الاضافة هو أمير المؤمنين عليه السلام الذي هو منبع جميع الخيرات،
والرؤاس بضم الراء وتشديد الهمزة جمع رأس صفة للجميع والطرب الفرح والحزن والثاني
أنسب، فاندفعت أي شرعت في الكلام، والهجر بالضم الفحش من القول. والاختزال الانفراد
والبعد، فقال: أي الجعفري، هذه أي دار خديجة تسمى دار السرقة لكثرة وقوع السرقة
فيها. فقالت خديجة: إنما اختارها محمد بن عبد الله فبقينا فيها بعده، ويحتمل أن
يكون العائد في قوله " فقال " راجعا إلى موسى، وإنما سماها دار السرقة لانها مما
غصبها محمد بن عبد الله ممن خالفه، وهو المراد بالاصطفاء والاول أظهر، و ضمير
تمازحه للجعفري على الالتفات أو لموسى أو لمحمد أي تستهزئ به، لانه ادعى المهدوية
وقتل وتبين كذبه. قوله عليه السلام: ولقد ولى وترك أي كيف يدخره لنفسه، وقد استشهد
وترك لغيره قوله عليه السلام: وهو جدك، لان امه كانت بنت الحسين عليه السلام. وقال
المطرزي (4) لا آلوك نصحا معناه لا أمنعكه ولا أنقصكه من آلى في الامر
(1) الصحاح 1 ص 198 طبع مطابع دار الكتاب
العربي بمصر. (2) سورة الاعراف الاية 56. (3) معاني القرآن للفراء ج 1 ص 380 طبع
دار الكتب بمصر، بتفاوت في النقل عنه. (4) المغرب ج 1 ص 18 طبع حيدر آباد، وفى نقل
المؤلف عنه تقديم وتأخير.
[289]
يألو إذا قصر انتهى. وقوله: فكيف من باب
الاكتفاء ببعض الكلام أي كيف أقصر في نصحك مع ما يلزمني من مودتك لقرابتك وسنك،
وقوله: ولا أراك كلام مستأنف، ويحتمل أن يكون المعنى: كيف يكون كلامي محمولا على
غير النصح، والحال أني أعلم أنك لا تفعل، إذ لو لم يكن لله تعالى وإطاعة أمره لكان
ذكره مع عدم تجويز التأثير لغوا والاول أظهر، وقوله: لتعلم للاستقبال، ودخول اللام
لتحقق الوقوع كأنه واقع، ويمكن أن يكون للحال بأن يكون علم بإخبار آبائه أو باخباره
عليهم السلام ومع ذلك كان يسعى في الامر، حرصا على الملك، أو لاحتمال البداء،
والاكشف من به كشف محركة أي انقلاب من قصاص الناصية، كأنها دائرة والعرب تتشأم به،
و الاخضر الاسود كما في القاموس (1) أو المراد به الاخضر العين، والسدة بالضم
الباب، وقد يقرء بالفتح لمناسبة المسيل. والاشجع اسم قبيلة من غطفان، وضمير مسيلها
للسدة أو للاشجع لانه اسم القبيلة، ليس هو: أي محمد ذاك الذي ذكرت، أو ليس الامر
كما ذكرت، باليوم أي بكل يوم ظلم لبني امية وبني العباس، يوما أي يوم انتقام،
والبيت للاخطل يهجو جريرا، صدره " إنعق بضأنك يا جرير فانما " (2) أي إنه ضأنك عن
مقابلة الذئب، منتك أي جعلتك متمنيا بالاماني الباطلة، ضلالا أي محالا، وهو أن يغلب
الضأن على الذئب، والطائف طائف الحجاز، وقيل: المراد هنا موضع قرب المدينة. وفي
القاموس (3) الاحتفال المبالغة وحسن القيام بالامور، رجل حفيل مبالغ فيما أخذ فيه،
وما للامر أي الذي ذكرت من عدم استمرار دولته أو لقضاء الله تعالى، وفي القاموس (4)
السلاح كغراب، النجو، وفي المغرب (5): السلح
(1) القاموس ج 2 ص 21. (2) سبقت الاشارة
إلى تعيين البيت. (3) القاموس ج 3 ص 358. (4) نفس المصدر ج 1 ص 229. (5) المغرب
للمطرزى ج 1 ص 259.
[290]
التغوط، وفي المثل: أسلح من حبارى، وقول
عمر لزياد في الشهادة على المغيرة: قم يا سلح الغراب، معناه يا خبيث، وفي المصباح
(1): سلحة تسمية بالمصدر بين دورها أي قبيلة الاشجع وقيل السدة. وفي القاموس (2):
البز الثياب والسلاح كالبزة بالكسر، والبزة بالكسر الهيئة، ويقتل صاحبه أي محمد
فيخرج معه أي مع موسى والاظهر مع بلا ضمير، و الكبش بالفتح سيد القوم وقائدهم،
والمراد هنا إبراهيم، لتعودن أي عن الامتناع باختيارك عند ظهور دولتنا، أو ليفئ
الله بك من الفئ بمعنى الرجوع، والباء للتعدية أي يسهل الله أن نذهب بك جبرا، إلا
امتناع غيرك أي تريد أن لا يبايعنا غيرك بسبب امتناعك عن البيعة، وأن تكون وسيلتهم
إلى الامتناع، فذاك إشارة إلى الامتناع وفي بعض النسخ: بهذا الامتناع غيرك أي غرضك
من الامتناع أن تخرج أنت و تطلب البيعة لنفسك، وأن تكون وسيلتهم إلى الخروج والجهاد
والاول أظهر. والجهد بالفتح السعي بأقصى الطاقة، عمك أي علي بن الحسين عليه السلام
مجازا وهو خاله حقيقة لان ام عبد الله هي فاطمة بنت الحسين عليه السلام، وبني أبيك
أي إخوتك وبنيهم، ورأيت أي اخترت، أن تدفع بالتي هي أحسن أي تدفع ما زعمته مني سيئة
بالصفح والاحسان، مشيرا إلى قوله تعالى " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " (3) أو
المعنى: تدفع القتل عنك بالتي هي أحسن، وهي ترك الخروج بناءا على احتمال البداء
والاول أظهر، على خلقه متعلق بالمتعال، فديتك على المعلوم أي صرت فداءك ويحتمل أن
يكون المراد هنا إنقاذه من الضلالة ومن العذاب، وما يعدلك أي يساويك، رسل أبي جعفر،
أي الدوانيقي. فصفدوا: على بناء المجهول، من باب ضرب، والتفعيل من صفده إذا شده
وأوثقه، والاعراء جمع عراء كسحاب: أي ليس لها أغشية فوقهم ولا وطاء وفرش
(1) المصباح المنير للفيومي ص 386 طبع
بولاق - الطبعة الثانية. (2) القاموس ج 2 ص 166. (3) سورة المؤمنون، الاية: 96.
[291]
تحتم، عنهم أي شماتتهم أو شتمهم. أطلع
عليهم من باب الافعال أي رأسه، وفي الثاني من باب الافتعال أي خرج من الباب وأشرف
عليهم، أو كلاهما من الافتعال، والاطلاع أولا من الخوخة المفتوحة من المسجد إلى
الطريق مقابل مقام جبرئيل، قبل الوصول إلى الباب وثانيا عند الخروج من الباب، أو
كلاهما من الباب، والاول بمعنى الاشراف، و الثاني بمعنى الخروج، أو الاطلاع أولا
على الطريق، وثانيا على أهل المسجد و الخطاب معهم، والاظهر أن الاطلاع أولا كان من
داره عليه السلام، وثانيا من باب المسجد ينادي أهله من الانصار كما سيأتي في رواية
أبي الفرج، وطرح الرداء وجره على الارض للغضب، وتذكير مطروح، باعتبار أن تأنيثه غير
حقيقي، أو باعتبار الرداء أو لانها بمعنى أكثر. ما على هذا عاهدتم إشارة إلى ما
بايعوه عليه في العقبة على أن يمنعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وذريته مما
يمنعون منه أنفسهم وذراريهم، أن كنت أن مخففة وضمير الشأن محذوف، حريصا يعني على
دفع هذا الامر عنهم بالوعظ والنصيحة، ولكني غلبت على المجهول أي غلبني القضاء، أو
شقاوة المنصوح وقلة عقله، والاخرى في يده، هذه حالة من غلب عليه غاية الحزن والاسف،
حتى خفنا عليه أي الموت لما طلع على المجهول من طلع فلان إذا ظهر، والباء للتعدية،
ثم أهوى أي مال والحرسي واحد حرس السلطان، سيكفيك أي يدفع شرك، فلم يبلغ على
المعلوم أو المجهول، ويقال: رمحه الفرس أي ضربه برجله، فمات فيها أي بسببها، و
الضمير للرمحة أو الناقة، مضي واتى واخبر كلها على بناء المجهول واستوسق الناس أي
اجتمعوا وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة أي أخذ الوثيقة، فيحتمل رفع الناس ونصبه.
وعيسى هو ابن زيد بن علي بن الحسين كما صرح به في مقاتل الطالبيين (1) و الشرط كصرد
جمع شرطة بالضم، وهو أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت، و
(1) مقاتل الطالبيين ص 296.
[292]
طائفة من أعوان الولاة يسيرا أي رفيقا، أو
تغلظ أو بمعنى إلى أن، أو إلا أن. أسلم من الاسلام وهو ترك الكفر أو الانقياد، تسلم
من السلامة، وقوله عليه السلام أحدثت نبوة على الاول ظاهر، وعلى الثاني مبني على أن
تغيير الامام عما وضع عليه الرسول الله صلى الله عليه وآله لا يكون إلا ببعثة نبي
آخر ينسخ دينه، لا تكلفن على المجهول، و لا قتال بالكسر أي مقاتلة وقوة عليها، من
عطف أحد المترادفين على الاخر، أو بالفتح بمعنى القوة، من قدر متعلق بحذر، أو بينفع
بتضمين معنى الانجاء، والمعازة المغالبة ومنه قوله تعالى " وعزني في الخطاب " (1)
فيصدني ذلك أي لا يتيسر لي ذلك الخروج، كأنه يمنعني، أو ذلك إشارة إلى الضعف
المفهوم من الكلام السابق والله والرحم بالجر أي أنشد بالله وبالرحم في أن لا تدبر،
أو بالنصب بتقدير اذكرهما في أن تدبر، أي لا تقبل نصيحتنا ونتعب بما يصيبنا من قتلك
ومفارقتك أو لا تكلفنا البيعة فتقتل أنت كما هو المقدر ونقع في تعب ومشقة بسبب
مبايعتك، وهذا أظهر، والجمال الزينة إلا أن يكون، استثناء منقطع، وموت النوم من
قبيل لجين الماء. أما إن طرحناه بالتخفيف، خفنا جواب الشرط، دار ريطة في بعض النسخ
بالباء الموحدة أي دار تربط فيها الخيل، وفي بعضها بالمثناة التحتانية وهي اسم بنت
عبد الله بن محمد بن الحنفية، ام يحيى بن زيد فانها كانت تسكنها كذا خطر بالبال
والريطة أيضا اسم نوع من الثياب فيحتمل ذلك أيضا، إني سأقول السين للتأكيد، ثم اصدق
على بناء المفعول من التفعيل أي يصدقني الناس عند وقوعه، أو على بناء المجرد
المعلوم فثم للاشعار بأن الصدق في ذلك عظيم دون القول، عند اللقاء أي ملاقاة العدو،
إذا صفق على المجهول وهو الضرب الذي له صوت. والهيق ذكر النعام، وخص به لانه أشد
عدوا وأحذر، وفي القاموس (2) نفره عليه قضى له عليه بالغلبة، والانتهار الزجر
والمخاطب عيسى أو السراقي، و
(1) سورة ص، الاية: 23. (2) القاموس ج 2 ص
146.
[293]
أعلم الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان في
الحرب وهو معلم، والطراد بالكسر رمح صغير، والكميت بين السواد والحمرة، والقرحة
البياض في جبهة الفرس دون الغرة. " فطرحته " الضمير للخيشوم أو الفارس والديل
بالكسر حيان، " والغديرة " الذوابة، " والضفر " نسج الشعر، " صاحبك " أي قاتلك، "
والرمة " بالكسر العظام البالية، أي لا رحمه الله أبدا ولو بعد صيرورته رميما "
حسبت " من الحساب أي قلت ذلك بحساب النجوم أو من الحسبان بمعنى الظن، " فدفع " أي
ضرب بيده لعنه الله، حتى أدخل على المعلوم أو المجهول، وكذا اصطفى يحتملهما أي غصب
ونهب أمواله وأموال أصحابه، " فطلع " على المجهول، " أحوج " أي مني إلى طلب البيعة
" لا ضيق عليك " أي في الدفتر، " أن تبين له " أي عاقبة أمره، وعدم جواز ما يفعله "
قد أجمعت " أي عزمت. وفي القاموس (1) مات ضياعا كسحاب أي غير مفتقد، " لا ينتطح في
دمك " كناية عن عدم وقوع التخاصم في دمه، وقيل عن قلة دمه، " لكبر سنة " أي إذا
ضربا بقرنهما الارض فني دمك والظاهر هو الاول، قال: في المغرب (2) في الامثال لا
ينتطح فيها عنزان، يضرب في أمر هين لا يكون له تغيير ولا نكير وفي النهاية (3) لا
يلتقي فيها اثنان ضعيفان لان النطاح من شأن التيوس والكباش لا العنوز، " ينتمي " أي
يرتفع عن درجته ويدعي ما ليس له، قد تسمى بغير اسمه كالمهدي وصاحب النفس الزكية،
فأحدث عهدك أي وصيتك أو إيمانك وميثاقك، " أو من غد " الترديد من الراوي أو منه
عليه السلام للمصلحة لئلا ينسب إليه علم الغيب، وهذا أي محمد. وبنو معاوية كانوا
رجال سوء منهم عبد الله والحسن ويزيد وعلي وصالح كلهم أولاد معاوية بن عبد الله بن
جعفر، وخرج عبد الله في زمان يزيد بن الوليد فاجتمع إليه
(1) القاموس ج 3 ص 58. (2) المغرب للمطرزى
ج 2 ص 215. قال الجاحظ أول من تكلم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله حين قتل
عمير بن عدى عصماء. (3) النهاية ج 4 ص 153.
[294]
نفر من أهل الكوفة، ثم خرج وغلب على
البصرة، وهمدان، وقم، والري، و قومس، واصبهان، وفارس، وأقام باصبهان واستعمل إخوته
على البلاد. وقال صاحب مقاتل الطالبيين (1) كان سيئ السيرة ردي المذهب قتالا وكان
الذين بايعوا محمدا من أولاد معاوية على ما ذكره صاحب المقاتل الحسن ويزيد وصالحا "
فتوطأوه " أي داسوه بأرجلهم. وعيسى هو ابن أخي الدوانيقي وهو عيسى بن موسى بن محمد
بن علي بن عبد الله بن العباس. قوله: ولد الحسن بن زيد، الظاهر أنه كان هكذا: ولد
الحسن بن زيد بن الحسن، قاسم، وزيد، وعلي، وإبراهيم، بنو الحسن بن زيد، ومحمد بن
زيد لا يستقيم لانه لم يكن لزيد ولد سوى الحسن، وكان للحسن سبعة أولاد ذكور: القاسم
وإسماعيل، وعلي، وإسحاق، وزيد، وعبد الله، وإبراهيم. قال صاحب عمدة الطالب (2) إن
زيد بن الحسن بن علي عليهما السلام كان يتولى صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله
وتخلف عن عمه الحسين، ولم يخرج معه إلى العراق وبايع بعد قتل عمه عبد الله بن
الزبير، لان اخته كان تحته، فلما قتل عبد الله أخذ زيد بيد اخته ورجع إلى المدينة
وعاش مائة سنة، وقيل خمسا وتسعين، ومات بين مكة والمدينة، وابنه الحسن بن زيد كان
أمير المدينة من قبل الدوانيقي وعينا له على غير المدينة أيضا، وكان مظاهرا لبني
العباس على بني عمه الحسن المثنى، وهو أول من لبس السواد من العلويين وأدرك زمن
الرشيد، ثم قال: وأعقب الحسن من سبعة رجال: القاسم وهو أكبر أولاده، وكان زاهدا
عابدا إلا أنه كان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن بن المثنى انتهى، فظهر مما
ذكرنا أنه لا يستقيم في العبارة إلا ما ذكرنا، أو يكون هكذا: ولد الحسن بن زيد بن
الحسن: قاسم، ومحمد وإبراهيم بنو الحسن بن زيد ومحمد بن زيد فيكون هو محمد بن زيد
بن علي ابن الحسين عليهما السلام، وله أيضا شواهد.
(1) مقاتل الطالبيين ص 162. (2) عمدة
الطالب ص 54.
[295]
والذباب بالضم، جبل بالمدينة، والمسودة
بكسر الواو جند بني العباس لتسويدهم ثيابهم، كالمبيضة لاصحاب محمد لتبييضهم ثيابهم.
وقوله: من خلفنا إشارة إلى ما ذكره ابن الاثير (1) أن في أثناء القتال بعد انهزام
كثير من أصحاب محمد فتح بنو أبي عمرو الغفاريون طريقا في بني غفار لاصحاب عيسى،
فدخلوا منه أيضا، وجاؤا من وراء أصحاب محمد. قوله: ومضى أي لجمع سائر العساكر أو
لغيره من مصالح الحرب، إلى مسجد الخوامين أي بياعي الخام وهو الجلد لم يدبغ
والكرباس لم يغسل، والفجل وقوله: فضاء بالجر بدل أو بالرفع خبر محذوف، فاستقدم أي
تقدم أو اجترأ. والحاصل أنه تقدم حتى انتهى إلى شعب قبيلة فزارة، ثم دخل شعب هذيل
أو محلتهم، ثم مضى إلى شعب أشجع أو محلتهم، " فأنفذه " أي الرمح في الدرع ولم يصل
إلى بدنه، وانثنى أي انعطف " فأثخنه " أي أوهنه بالجراحة، وهو أي محمد مدبر على
الفارس بتضمين معنى الاقبال أو الحملة والزج بالضم والتشديد الحديدة في أسفل الرمح
ويقال: أجلوا عن البلاد وأجليتهم أنا، يتعدى ولا يتعدى. وفي المقاتل (2) إن محمد بن
عبد الله خرج لليلتين بقيتا من جمادى الاخرة سنة خمس وأربعين ومائة، وقتل يوم (3)
الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وإبراهيم هو أخو محمد كان يهرب في
البلاد خمس سنين إلى أن قدم البصرة في السنة التي خرج فيها أخوه بالمدينة، وبايعه
من أهلها أربعة آلاف رجل فكتب إليه أخوه يأمره بالظهور، فظهر أمره أول شهر رمضان
سنة خمس وأربعين ومائة فغلب على البصرة ووجه جنودا إلى الاهواز وفارس، وقوي أمره
واضطرب المنصور، وكان قد أحصى ديوانه مائة ألف مقاتل، وكان رأي أهل البصرة أن
(1) تاريخ ابن الاثير ج 5 ص 221 طبع
بولاق. (2) مقاتل الطالبيين ص 263. (3) نفس المصدر ص 275.
[296]
لا يخرج عنهم ويبعث الجنود إلى البلاد
فأخطأ ولم يسمع منهم، وخرج نحو الكوفة فبعث إليه المنصور عيسى بن موسى في خمسة عشر
ألفا وعلى مقدمته حميد بن قحطبة في ثلاثة آلاف، فسار إبراهيم، حتى نزل باخمرى وهي
من الكوفة على ستة عشر فرسخا، ووقع القتال فيه، وانهزم عسكر عيسى، حتى لم يبق معه
إلا قليل فأتى جعفر وإبراهيم ابنا سليمان بن علي من وراء ظهور أصحاب إبراهيم
وأحاطوا بهم من الجانبين، وقتل إبراهيم وتفرق أصحابه، واتي برأسه إلى المنصور، وكان
قتله يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة ومكث مذ خرج إلى أن قتل ثلاثة أشهر إلا
خمسة أيام. قوله: مكمنا أي مختفيا عنده خوفا من المنصور، أو من الناس لسوء صنيعه
بسوء تدبيره، الضمير لعيسى أو لمحمد، وسوء تدبيرهما كان من جهات شتى لاضرارهم
وإهانتهم بأشرف الذرية الطيبة عليه السلام وقتلهم إسماعيل، وعدم خروجهم من المدينة،
وقد أمرهم به محمد بن خالد، وحفرهم الخندق مع منع الناس عنه وغير ذلك، أو في أصل
الخروج مع نهي الصادق عليه السلام عنه وإخباره بقتلهم. قوله: ثم مضيت، قال صاحب
المقاتل (1) عبد الله الاشتر بن محمد بن عبد الله ابن الحسن، كان عبد الله بن محمد
بن مسعدة الذي كان معلمه أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلاد الهند فقتل بها، ووجه برأسه
إلى المنصور، قال ابن مسعدة: لما قتل محمد خرجنا بابنه الاشتر فأتينا الكوفة، ثم
انحدرنا إلى البصرة، ثم خرجنا إلى السند، ثم دخلنا المنصورية فلم نجد شيئا، فدخلنا
قندهار فأحللته قلعة لا يرومها رائم، ولا يطور بها طائر وكان أفرس من رأيت من عباد
الله، ما إخال الرمح في يده إلا قلما، قال: فخرجت لبعض حاجتي وخلفي بعض تجار أهل
العراق فقالوا له: قد بايع لك أهل المنصورية، فلم يزالوا به حتى صار إليها، فبعث
المنصور هشام بن عمر إلى السند فقتله، وبعث برأسه إليه، والمهدي محمد بن منصور صار
خليفة بعد أبيه في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائتين، وتحبى على بناء المجهول
(1) مقاتل الطالبيين ص 310 بتصرف واقتباس.
[297]
من الحباء وهو العطاء قوله: أقطعني لعله
من قولهم أقطعه قطيعة أي طائفة من أرض الخراج، كناية عن حفظه له وإنفاقه عليه، كأنه
ملكه أو من أقطع فلانا إذا جاوز به نهرا، " مولاهم: أي عبدهم، أو معتقهم أو محبهم
أو تابعهم. 20 - كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم
عن الفضل الكاتب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه كتاب أبي مسلم فقال:
ليس لكتابك جواب، اخرج عنا، فجعلنا يسار بعضنا بعضا فقال: أي شئ تسارون يا فضل ؟ إن
الله عز ذكره لا يعجل لعجلة العباد، ولازالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض
أجله، ثم قال: إن فلان بن فلان حتى بلغ السابع من ولد فلان قلت: فما العلامة فيما
بيننا وبينك جعلت فداك ؟ قال: لا تبرح الارض يا فضل حتى يخرج السفياني فإذا خرج
السفياني فأجيبوا إلينا يقولها ثلاثا وهو من المحتوم (1). 21 - ما: الحسين بن
إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي
الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: لما خرج طالب الحق قيل لابي عبد الله عليه السلام: نرجو أن يكون
هذا اليماني، فقالا: لا، اليماني يتوالى عليا، وهذا يبرأ منه (2). 22 - كا: حميد بن
زياد، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد
بياع السابري، عن أبان، عن صباح بن سيابة عن المعلى بن خنيس قال: ذهبت بكتاب عبد
السلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله عليه السلام حين ظهرت المسودة
قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الامر إليك فما ترى ؟ قال: فضرب
بالكتب الارض، ثم قال: اف اف ما أنا لهولاء بإمام، أما يعلمون أنه إنما يقتل
السفياني (3).
(1) الكافي ج 8 ص 274. (2) أمالى ابن
الشيخ الطوسى ص 59. (3) الكافي ج 8 ص 331.
[298]
23 - كا: أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي، عن
علي بن الحسن التيمي عن علي بن أسباط، عن علي بن جعفر قال: حدثني معتب أو غيره قال:
بعث عبد الله بن الحسن إلى أبي عبد الله عليه السلام يقول لك أبو محمد: أنا أشجع
منك، وأنا أسخى منك، وأنا أعلم منك، فقال لرسوله: أما الشجاعة فوالله ما كان لك
موقف يعرف به جبنك من شجاعتك، وأما السخي فهو الذي يأخذ الشئ فيضعه في حقه، وأما
العلم فقد أعتق أبوك علي بن أبي طالب عليه السلام ألف مملوك فسم لنا خمسة منهم،
وأنت عالم، فعاد إليه فأعلمه، ثم عاد إليه فقال: يقول: إنك رجل صحفي، فقال له أبو
عبد الله عليه السلام: قل: أي والله صحف إبراهيم وموسى وعيسى ورثتها عن آبائي عليهم
السلام (1). 24 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن صفوان
الجمال، قال: وقع بين أبي عبد الله عليه السلام وبين عبد الله بن الحسن كلام حتى
وقعت الضوضاء بينهم واجتمع الناس، فافترقا عشيتهما بذلك، وغدوت في حاجة فإذا أنا
بأبي عبد الله عليه السلام على باب عبد الله بن الحسن وهو يقول: يا جارية قولي لابي
محمد قال: فخرج، فقال: يا أبا عبد الله ما بكر بك ؟ قال: إني تلوت آية في كتاب الله
عزوجل البارحة فأقلقتني فقال: وما هي ؟ قال: قول الله عزوجل ذكره: " الذين يصلون ما
أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " (2) فقال: صدقت لكأني لم
أقرأ هذه الاية من كتاب الله قط، فاعتنقا وبكيا (3). 25 - قل: باسناده عن شيخ
الطائفة، عن المفيد والغضائري، عن الصدوق عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي
الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق ابن عمار. وأيضا بالاسناد، عن الشيخ، عن أحمد بن
محمد بن سعيد بن موسى الاهوازي
(1) نفس المصدر ج 8 ص 363. (2) سورة الرعد
الاية 21. (3) الكافي ج 2 ص 155.
[299]
عن ابن عقدة، عن محمد بن الحسن القطراني،
عن الحسين بن أيوب الخثعمي، عن صالح بن أبي الاسود، عن عطية بن نجيح بن المطهر
الرازي، وإسحاق بن عمار الصيرفي قالا: إن أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام
كتب إلى عبد الله بن الحسن حين حمل هو وأهل بيته يعزيه عما صار إليه: بسم الله
الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح والذرية الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. أما بعد:
فلئن كنت قد تفردت أنت وأهل بيتك ممن حمل معك بما أصابكم، ما انفردت بالحزن والغيظ
والكئابة وأليم وجع القلب دوني، ولقد نالني من ذلك من الجزع والقلق وحر المصيبة مثل
ما نالك، ولكن رجعت إلى ما أمر الله عزوجل به المتقين، من الصبر وحسن العزاء، حين
يقول لنبيه صلى الله عليه وآله الطيبين " فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " (1) وحين
يقول " فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت " (2) وحين يقول لنبيه صلى الله عليه
وآله حين مثل بحمزة " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير
للصابرين " (3) فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يعاقب. وحين يقول " وأمر
أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " (4) وحين
يقول " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، اولئك عليهم صلوات
من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون " (5) وحين يقول: " إنما يوفي الصابرون أجرهم
بغير حساب " (6) وحين يقول لقمان لابنه " واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور
" (7) وحين يقول عن موسى " وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الارض لله
يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " (8)
(1) سورة الطور الاية: 48. (2) سورة القلم
الاية: 48. (3) سورة النحل، الاية 126. (4) سورة طه، الاية: 132. (5) سورة البقرة،
الاية: 156. (6 سورة الزمر، الاية: 10. (7) سورة لقمان، الاية: 17. (8) سورة
الاعراف، الاية 128.
[300]
وحين يقول " الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " (1) وحين يقول " ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا
بالصبر وتواصوا بالمرحمة " (2) وحين يقول " ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من
الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين " (3). وحين يقول " وكأين من نبي قاتل معه
ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب
الصابرين " (4) وحين يقول " والصابرين والصابرات " (5) وحين يقول " واصبر حتى يحكم
الله وهو خير الحاكمين " (6) وأمثال ذلك من القرآن كثير. واعلم أي عم وابن عم أن
الله عزوجل لم يبال بضر الدنيا لوليه ساعة قط ولا شئ أحب إليه من الضر والجهد
والبلاء مع الصبر، وأنه تبارك وتعالى لم يبال بنعيم الدنيا لعدوه ساعة قط، ولولا
ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخوفونهم ويمنعونهم وأعداؤه آمنون مطمئنون عالون
ظاهرون، ولولا ذلك لما قتل زكريا ويحيى بن زكريا ظلما وعدوانا في بغي من البغايا،
ولولا ذلك ما قتل جدك علي بن أبي طالب عليه السلام لما قام بأمر الله عزوجل ظلما،
وعمك الحسين بن فاطمة صلى الله عليهم اضطهادا وعدوانا. ولولا ذلك ما قال الله عزوجل
في كتابه " ولولا أن يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من
فضة ومعارج عليها يظهرون " (7) ولولا ذلك لما قال في كتابه " أيحسبون أنما نمدهم به
من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون " (8). ولولا ذلك لما جاء في
الحديث: لولا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة
(1) سورة العصر، الاية: 3. (2) سورة
البلد، الاية: 17. (3) سورة المائدة، الاية: 155. (4) سورة آل عمران، الاية 146.
(5) سورة الاحزاب، الاية: 35. (6) سورة يونس، الاية: 109. (7) سورة الاحزاب، الاية:
33. (8) سورة المؤمنون، الاية: 56.
[301]
من حديد فلا يصدع رأسه أبدا، ولولا ذلك
لما جاء في الحديث، إن الدنيا لا تساوي عند الله عزوجل جناح بعوضة، ولولا ذلك ما
سقى كافرا منها شربة من ماء، ولولا ذلك لما جاء في الحديث: لو أن مؤمنا على قلة جبل
لا بتعث الله له كافرا أو منافقا يؤذيه ولولا ذلك لما جاء في الحديث: إنه إذا أحب
الله قوما أو أحب عبدا صب عليه البلاء صبا، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم. ولولا
ذلك لما جاء في الحديث، ما من جرعتين أحب إلى الله عزوجل أن يجرعهما عبده المؤمن في
الدنيا، من جرعة غيظ كظم عليها، وجرعة حزن عند مصيبة، صبر عليها بحسن عزاء واحتساب،
ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يدعون على من ظلمهم بطول
العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد، ولولا ذلك ما بلغنا أن رسول الله صلى الله
عليه وآله كان إذا خص رجلا بالترحم عليه والاستغفار استشهد فعليكم يا عم وابن عم
وبني عمومتي وإخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى الله عزوجل والرضا بالصبر
على قضائه، والتمسك بطاعته، والنزول عند أمره أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وختم
لنا ولكم بالاجر والسعادة، وأنقذنا وإياكم من كل هلكة، بحوله وقوته إنه سميع قريب،
وصلى الله عليه صفوته من خلقه محمد النبي وأهل بيته (1). أقول: وهذا آخر التعزية
بلفظها من أصل صحيح، بخط محمد بن علي بن مهجناب البزاز تاريخه في صفر سنة ثمان
وأربعين وأربعمائة، وقد اشتملت هذه التعزية على وصف عبد الله بن الحسن بالعبد
الصالح، والدعاء له وبني عمه بالسعادة، وهذا يدل على أن الجماعة المحمولين كانوا
عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين، وبحبه عارفين. أقول: وقد
يوجد في الكتب أنهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين، وذلك محتمل للتقية لئلا
ينسب إظهارهم لانكار المنكر إلى الائمة الطاهرين. ومما يدل عليه ما رويناه بإسنادنا
إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من
(1) الاقبال ص 49 - 51.
[302]
كتاب الرجل مما خرج منه، وعليه سماع
الحسين بن علي بن الحسن، وهو نسخة عتيقة بلفظه قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن
سعيد الكندي قال: هذا كتاب غالب بن عثمان الهمداني وقرأت فيه، أخبرني خلاد بن عمير
الكندي مولى آل حجر بن عدي قال، دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: هل لكم علم
بآل الحسن الذين خرج بهم مما قبلنا ؟ وكان قد اتصل بنا عنهم خبر، فلم نحب أن نبدأه
به، فقلنا: نرجو أن يعافيهم الله، فقال: وأين هم من العافية ؟ ثم بكى عليه السلام
حتى على صوته وبكينا. ثم قال: حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين قالت: سمعت أبي صلوات
الله عليه يقول: يقتل منك أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الاولون ولا ويدركهم
الاخرون، وإنه لم يبق من ولدها غيرهم. أقول: وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح
المأخوذين من بني الحسن عليه وعليهم السلام، وأنهم مضوا إلى الله جل جلاله بشرف
المقام والظفر بالسعادة والاكرام. ومن ذلك ما رواه أبو الفرج الاصفهاني (1) عن يحيى
بن عبد الله - الذي سلم من الذين تخلفوا في الحبس من بني الحسن - فقال: حدثنا عبد
الله بن فاطمة الصغرى، عن أبيها عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يدفن من ولدي سبعة بشط الفرات، لم
يسبقهم الاولون ولم يدركهم الاخرون، فقلت: نحن ثمانية ؟ فقال: هكذا سمعت، فلما فتحو
الباب وجدوهم موتى وأصابوني وبي رمق، وسقوني ماءا وأخرجوني فعشت. ومن الاخبار
الشاهدة بمعرفتهم بالحق ما وراه أحمد بن إبراهيم الحسيني في كتاب المصابيح بإسناده
أن جماعة سألوا عبد الله بن الحسن وهو في المحمل الذي حمل فيه إلى سجن الكوفة،
فقلنا: يا ابن رسول الله محمد ابنك المهدي ؟ فقال: يخرج محمد من ههنا - وأشار إلى
المدينة - فيكون كلحس الثور أنفه حتى يقتل، ولكن
(1) مقاتل الطالبيين ص 193.
[303]
إذا سمعتم " بالمأثور " وقد خرج بخراسان
فهو صاحبكم. أقول: لعلها بالموتور وهذا صريح أنه عارف بما ذكرناه. ومما يزيدك بيانا
ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن جماعة، عن هارون بن موسى
التلعكبرى، عن ابن همام، عن جميل، عن القاسم بن إسماعيل، عن أحمد بن رياح، عن أبي
الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي نقلناه من أصله قال: كان أبو عبد الله عليه
السلام في الحج في السنة التي قدم فيها أبو عبد الله عليه السلام تحت الميزاب وهو
يدعو، وعن يمينه عبد الله بن الحسن وعن يساره حسن بن حسن وخلفه جعفر بن الحسن، قال:
فجاءه عباد بن كثير البصري فقال له: يا أبا عبد الله قال: فسكت عنه حتى قالها
ثلاثا، قال: ثم قال له: يا جعفر، قال: فقال له: قل ما تشاء يا أبا كثير، قال: إني
وجدت في كتاب لي علم هذه البنية رجل ينقضها حجرا حجرا، قال: فقال: كذب كتابك يا أبا
كثير ولكن كأني والله بأصفر القدمين، حمش الساقين، ضخم البطن، رقيق العنق، ضخم
الرأس على هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع الناس من الطواف حتى
يتذعروا منه، ثم يبعث الله له رجلا مني وأشار بيده إلى صدره، فيقتله قتل عاد وثمود
وفرعون ذي الاوتاد، قال: فقال له عند ذلك عبد الله بن الحسن: صدق والله أبو عبد
الله عليه السلام حتى صدقوه كلهم جميعا. أقول: فهل تراهم إلا عارفين بالمهدي وبالحق
اليقين. ومما يزيدك بيانا أن بني الحسن عليه السلام ما كانوا يعتقدون فيمن خرج منهم
أنه المهدي، وإن تسموا بذلك، إن أولهم خروجا وأولهم تسميا بالمهدي محمد بن عبد الله
بن الحسن، وقد ذكر يحيى بن الحسين الحسنى، في كتاب الامالي باسناده عن طاهر بن
عبيد، عن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن أنه سئل عن أخيه محمد أهو المهدي الذي يذكر
؟ فقال: إن المهدي عدة من الله تعالى لنبيه صلوات الله عليه، وعده أن يجعل من أهله
مهديا، لم يسم بعينه ولم يوقت زمانه، وقد قام أخي لله بفريضة عليه في الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، فان أراد الله تعالى
[304]
أن يجعله المهدي الذي يذكر، فهو فضل الله
يمن به على من يشاء من عباده، وإلا فلم يترك أخي فريضة الله عليه لانتظار ميعاد لم
يؤمر بانتظاره. وروى في حديث قبله بكراريس من الامالي، عن أبي خالد الواسطي، أن
محمد بن عبد الله بن الحسن قال: يا أبا خالد إني خارج وأنا والله مقتول، ثم ذكر
عذره في خروجه مع علمه أنه مقتول، وكل ذلك يكشف عن تمسكهم بالله و الرسول صلى الله
عليه وآله. وروي في حديث علم محمد بن عبد الله بن الحسن أنه يقتل أحمد بن إبراهيم
في كتاب المصابيح في الفصل المتقدم. هذا آخر ما أخرجناه من كتاب الاقبال (1). 26 -
كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن عثمان أبي
إسماعيل السراج، عن عبد الله بن وضاح، وعلي بن أبي حمزة، عن إسماعيل بن الارقط وامه
ام سلمة اخت أبي عبد الله عليه السلام قال: مرضت في شهر رمضان مرضا شديدا حتى ثقلت،
واجتمعت بنو هاشم ليلا للجنازة وهم يرون أني ميت فجزعت امي علي، فقال لها أبو عبد
الله عليه السلام خالي: اصعدي إلى فوق البيت فابرزي إلى السماء وصلي ركعتين فإذا
سلمت قولي: اللهم إنك وهبته لي ولم يك شيئا، اللهم وإني أستوهبكه مبتدئا فأعرنيه،
قال: ففعلت فأفقت وقعدت، ودعوا بسحور لهم هريسة فتسحروا بها وتسحرت معهم (2). أقول:
روى أبو الفرج الاصفهاني (3) بأسانيده المتكثرة إلى حسين بن زيد قال: إني لواقف بين
القبر والمنبر إذا رأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان مع أبي الازهر يراد بهم
الربذة، فأرسل إلي جعفر بن محمد فقال: ما وراك ؟ قلت:
(1) الاقبال ص 51. (2) الكافي ج 3 ص 478.
(3) مقاتل الطالبيين ص 219 وفيه تفاوت.
[305]
رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل فقال:
اجلس، فجلست قال: فدعا غلاما له، ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه: اذهب فإذا حملوا
فأت فأخبرني، قال: فأتاه الرسول فقال: قد اقبل بهم، فقام جعفر عليه السلام فوقف
وراء ستر شعر أبيض من ورائه فطلع بعبد الله بن الحسن وإبراهيم بن الحسن وجميع
أهلهم، كل واحد منهم معادله مسود، فلما نظر إليهم جعفر بن محمد عليهما السلام هملت
عيناه، حتى جرت دموعه على لحيته، ثم أقبل علي فقال: يا أبا عبد الله، والله لا تحفظ
لله حرمة بعد هذا، والله ما وفت الانصار ولا أبناء الانصار لرسول الله صلى الله
عليه وآله بما أعطوه من البيعة على العقبة. ثم قال جعفر عليه السلام: حدثني أبي، عن
أبيه، عن جده، عن علي ابن أبي طالب عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله قال
له: خذ عليهم البيعة بالعقبة فقال: كيف آخذ عليهم ؟ قال: خذ عليهم يبايعون الله
ورسوله، قال ابن الجعد في حديثه: على أن يطاع الله فلا يعصى، وقال الاخرون: على أن
يمنعوا رسول الله وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم قال: فوالله ما وفوا له
حتى خرج من بين أظهرهم ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الانصار.
وبإسناده إلى علي بن إسماعيل أن عيسى بن موسى لما قدم قال جعفر بن محمد عليه
السلام: أهو هو ؟ قيل: من تعني يا أبا عبد الله ؟ قال: المتلعب بدمائنا والله لا
يحلا منها بشئ (1). وبإسناده إلى سعيد الرومي مولى جعفر بن محمد قال: أرسلني جعفر
بن محمد عليه السلام أنظر ما يصنعون، فجئته فأخبرته أن محمدا قتل وأن عيسى قبض على
عين أبي زياد، فنكس طويلا ثم قال: ما يدعو عيسى إلى أن يسئ بنا، ويقطع أرحامنا ؟
فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا (2).
(1) مقاتل الطالبيين ص 272 بتفاوت يسير
وحلاء عن الحوض صد ومنع من وروده (2) نفس المصدر ص 273. وفيه " فأبلس " بدل " فنكس
" وزيادة قوله " أبدا " في آخره.
[306]
وروي باسناده عن مخول بن إبراهيم قال: شهد
الحسين بن زيد حرب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن، ثم توارى، وكان
مقيما في منزل جعفر بن محمد عليه السلام، وكان جعفر رباه، ونشأ في حجره منذ قتل
أبوه، وأخذ عنه علما كثيرا. وباسناده عن عباد بن يعقوب قال: كان الحسن بن زيد يلقب
ذا الدمعة لكثرة بكائه (1). 27 - ن: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين
البزاز، قال: حدثنا أبو منصور المطرز قال: سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن
إسحاق الانماطي النيسابوري يقول باسناد متصل ذكره محمد: أنه لما بنى المنصور
الابنية ببغداد جعل يطلب العلوية طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الاسطوانات
المجوفة المبنية من الجص والاجر، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه، عليه شعر أسود
من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام فسلمه إلى البناء الذي كان يبني له،
وأمره أن يجعله في جوف اسطوانة ويبني عليه، ووكل به من ثقاته من يراعي ذلك، حتى
يجعله في جوف اسطوانة بمشهده، فجعله البناء في جوف اسطوانة، فدخلته رقة عليه ورحمة
له، فترك في الاسطوانة فرجة يدخل منها الروح (2) وقال للغلام: لا بأس عليك، فاصبر
فاني سأخرجك من جوف هذه الاسطوانة إذا جن الليل. ولما جن الليل جاء البناء في ظلمته
وأخرج ذلك العلوي من جوف تلك الاسطوانة، وقال له: اتق الله في دمي ودم الفعلة الذين
معي، وغيب شخصك فاني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة من جوف هذه الاسطوانة لاني خفت
إن تركتك في جوفها أن يكون جدك رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة خصمي بين
يدي الله عزوجل ثم أخذ شعره بآلات الجصاصين كما أمكن، وقال له: غيب شخصك وانج
(1) المصدر السابق ص 387. (2) الروح: نسيم
الريح.
[307]
بنفسك، ولا ترجع إلى امك قال الغلام: فان
كان هذا هكذا فعرف امي أني قد نجوت وهربت، لتطيب نفسها، ويقل جزعها وبكاؤها إن لم
يكن لعودي إليها وجه، فهرب الغلام، ولا يدري أين قصد من أرض الله، ولا إلى أي بلد
وقع، قال ذلك البناء: وقد كان الغلام عرفني مكان امه، وأعطاني العلامة شعره،
فانتهيت إليها في الموضع الذي كان دلني عليه، فسمعت دويا كدوي النحل من البكاء،
فعلمت أنها امه، فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها، وأعطيتها شعره، وانصرفت (1). 28 -
قل: إنا روينا دعاء النصف من رجب عن خلق كثير قد تضمن ذكر أسمائهم كتاب الاجازات،
وسوف أذكر كل رواياته، فمن الروايات في ذلك أن المنصور لما حبس عبد الله بن الحسن
وجماعة من آل أبي طالب، وقتل ولديه محمدا وإبراهيم، أخذ داود بن الحسن بن الحسن،
وهو ابن داية أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، لان ام داود أرضعت
الصادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود، وحمله مكبلا بالحديد، قالت ام داود: فغاب
عني حينا بالعراق، ولم أسمع له خبرا ولم أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل
إخواني من أهل الديانة، والجد والاجتهاد، أن يدعوا الله تعالى، وأنا في ذلك كله لا
أرى في دعائي الاجابة. فدخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات عليهما يوما
أعوده في علة وجدها فسألته عن حاله، ودعوت له، فقال لي: يا ام داود ! وما فعل داود
؟ وكنت قد أرضعته بلبنه فقلت: يا سيدي وأين داود ؟ وقد فارقني منذ مدة طويلة، وهو
محبوس بالعراق، فقال: وأين أنت عن دعاء الاستفتاح، وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب
السماء، ويلقى صاحبه الاجابة من ساعته، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا الجنة
؟ فقلت له: كيف ذلك يا ابن الصادقين ؟ فقال لي: يا ام داود قد دنا الشهر الحرام
العظيم شهر رجب، وهو شهر مسموع فيه الدعاء، شهر الله الاصم وصومي الثلاثة الايام
البيض، وهو يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، واغتسلي في يوم الخامس عشر
وقت الزوال (2).
(1) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 111.
(2) الاقبال ص 147 - 148.
[308]
ثم علمها عليه السلام دعاء وعملا مخصوصا
سيأتي شرحهما في موضعه (1). ثم قال السيد رضي الله عنه: فقالت ام جدنا داود رضوان
الله عليه: فكتبت هذا الدعاء وانصرفت، ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به - يعني
الصادق عليه السلام - ثم رقدت تلك الليلة، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى
الله عليه وآله وكل من صليت عليهم من الملائكة والنبيين، ومحمد صلى الله عليه
وعليهم يقول: يا ام داود ابشري وكل من ترين من إخوانك، وفي رواية أعوانك وإخوانك،
وكلهم يشفعون لك ويبشرونك بنجح حاجتك، وابشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك،
ويرده عليك قالت: فانتبهت، فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة
للراكب المجد المسرع المعجل، حتى قدم علي داود، فسألته عن حاله، فقال: إني كنت
محبوسا في أضيق حبس، وأثقل حديد، وفي رواية وأثقل قيد إلى يوم النصف من رجب. فلما
كان الليل رأيت في منامي كأن الارض قد قبضت لي، فرأيتك على حصير صلاتك، وحولك رجال
رؤوسهم في السماء، وأرجلهم في الارض، يسبحون الله تعالى حولك، فقال لي قائل منهم،
حسن الوجه، نظيف الثوب، طيب الرائحة خلته جدي رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشريا
ابن العجوزة الصالحة، فقد استجاب الله لامك فيك دعاءها فانتبهت، ورسل المنصور على
الباب، فادخلت عليه في جوف الليل فأمر بفك الحديد عني، والاحسان إلي، وأمر لي بعشرة
آلاف درهم، وحملت على نجيب، وسوقت بأشد السير وأسرعه، حتى دخلت المدينة، قالت ام
داود: فمضيت به إلى أبي عبد الله فقال عليه السلام: إن المنصور رأى أمير المؤمنين
عليا عليه السلام في المنام، يقول له: أطلق ولدي، وإلا القيك في النار، ورأى كأن
تحت قدميه النار، فاستيقظ وقد سقط في يديه، فأطلقك يا داود (2).
(1) ذكرها الشيخ المجلسي في كتاب الدعاء ج
20 ص 345 ونقلهما عن الاقبال ص 149 - 152. (2) الاقبال ص 153.
[309]
بيان: سقط في يديه على بناء المجهول أي
ندم، ومنه قوله تعالى " ولما سقط في أيديهم " (1). 29 - كتاب الاستداراك باسناده
إلى الاعمش أن المنصور حيث طلبه، فتطهر وتكفن وتحنط، قال له: حدثني بحديث سمعته أنا
وأنت من جعفر بن محمد في بني حمان قال: قلت له: أي الاحاديث ؟ قال: حديث أركان
جهنم، قال: قلت: أو تعفيني ؟ قال: ليس إلى ذلك سبيل قال: قلت: حدثنا جعفر بن محمد
عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لجهنم سبعة أبواب، وهي
الاركان، لسبعة فراعنة، ثم ذكر الاعمش: نمرود بن كنعان، فرعون الخليل ومصعب بن
الوليد، فرعون موسى، وأبا جهل بن هشام، والاول، والثاني، و السادس يزيد قاتل ولدي،
ثم سكت، فقال لي: الفرعون السابع ؟ قلت: رجل من ولد العباس يلي الخلافة يلقب
بالدوانيقي اسمه المنصور، قال: فقال لي: صدقت هكذا حدثنا جعفر بن محمد عليه السلام
قال: فرفع رأسه، وإذا على رأسه غلام أمرد، ما رأيت أحسن وجها منه، فقال: إن كنت أحد
أبواب جهنم، فلم أستبق هذا ؟ وكان الغلام علويا حسينيا، فقال له الغلام: سألتك يا
أمير المؤمنين بحق آبائي إلا عفوت عني، فأبي ذلك، وأمر المرزبان به، فلما مد يده،
حرك شفتيه بكلام لم أعلمه، فإذا هو كأنه طير قد طار منه، قال الاعمش: فمر علي بعد
أيام فقلت: أقسمت عليك بحق أمير المؤمنين لما علمتني الكلام فقال: ذاك دعاء المحنة
لنا أهل البيت، وهو الذي دعا به أمير المؤمنين عليه السلام لما نام على فراش رسول
الله صلى الله عليه وآله، ثم ذكر الدعاء قال الاعمش: وأمر المنصور في رجل بأمر غليظ
فجلس في بيت لينفذ فيه أمره، ثم فتح عنه فلم يوجد، فقال المنصور: أسمعتموه يقول
شيئا ؟ فقال الموكل: سمعته يقول: يا من لا إله غيره فأدعوه ولا رب سواه فأرجوه نجني
الساعة، فقال: والله لقد استغاث بكريم فنجاه. أقول: مضت الاخبار المناسبة للباب في
باب أسماء الملوك عند الائمة عليهم السلام.
(1) سورة الاعراف، الاية: 149.
[310]
(10) (باب) * (مداحيه صلوات الله عليه) *
1 - ما: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن علي بن محمد العسكري عن آبائه، عن
موسى بن جعفر عليه السلام قال: كنت عند سيدنا الصادق عليه السلام إذ دخل عليه أشجع
السلمي (1) يمدحه، فوجده عليلا فجلس وأمسك، فقال له سيدنا
(1) الاشجع السلمى: هو ابن عمرو، أبو
الوليد أو أبو عمرو من ولد الشريد بن مطرود السلمى، كان شاعرا مفلقا مكثرا سائر
الشعر معدودا في فحول الشعراء في طبقة أبى نواس وأبى العتاهية وبشار وأمثالهم مدح
الخلفاء وولاة العهود والوزراء والامراء وغيرهم وأخذ جوائزهم وحظي عندهم، ودخل على
الامام الصادق " ع " فمدحه كما في الاصل وأجازه الامام " ع " وقد رثى الامام الرضا
" ع " بقصيدة عصماء ذكرها أبو الفرج الاصبهاني في مقاتله ص 568 أولها: يا صاحب
العيس يحدى في أزمتها * اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس اقرا السلام على قبر بطوس ولا
* تقرا السلام ولا النعمى على طوس إلى آخر ما ذكره من أبياتها وهى 22 بيتا، قال أبو
الفرج هكذا انشدنيها على ابن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه - محمد بن علي بن حمزة
العلوى - وذكر انها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد. وقال ايضا: هذه
القصيدة ذكر محمد ابن علي بن حمزة انها في على بن موسى الرضا " ع ". وقد اورد
الصولى في كتاب الاوراق ابياتا من هذه القصيدة وذكر انها في رثاء الرشيد وهذا مما
يؤيد مقالة العلوي - كما مر - ان القصيدة في رثاء الرضا " ع " ولما شاعت غير الاشجع
ألفاظها فجعلها في الرشيد. وتجد في الاغانى ج 17 - ص 30 إلى 51 مفصل اخباره
واشعاره، كما تجد له ذكرا في الاغانى ج 4 ص 185 وج 6 ص 73 وج 21 ص 84 وفي تاريخ
بغداد ج 7 ص 45 وتاريخ ابن عساكر ج 3 ص 59 - 63 وذكره ابن شهر آشوب في معالم
العلماء ص 142 في شعراء اهل البيت المتكلفين وذلك انه عدهم اربع طبقات: المجاهرون
والمقتصدون والمتقون والمتكلفون. فعد من المتكلفين الاشجع السلمى. وقد ترجمه سيد
الاعيان في كتابه ج 12 ص 346 إلى ص 399.
[311]
الصادق عليه السلام: عد عن العلة، واذكر
ما جئت له، فقال له: ألبسك الله منه عافية * في نومك المعتري وفي أرقك يخرج من جسمك
السقام كما * أخرج ذل السؤال من عنقك فقال: يا غلام إيش معك ؟ قال: أربعمائة درهم،
قال: أعطها للاشجع قال: فأخذها وشكر وولى، فقال: ردوه فقال: يا سيدي سألت فأعطيت،
وأغنيت فلم رددتني ؟ قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: خير العطاء ما أبقى نعمة باقية، وإن الذى أعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية، وهذا
خاتمي، فان اعطيت به عشرة آلاف درهم، وإلا فعد إلي وقت كذا وكذا، أوفك إياها، قال:
يا سيدي قد أغنيتني، وأنا كثير الاسفار، وأحصل في المواضع المفزعة، فتعلمني ما آمن
به على نفسي قال: فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام رأسك، واقرأ برفيع صوتك: "
أفغير دين الله تبغون وله اسلم من في السموات طوعا وكرها وإليه ترجعون " (1). قال
أشجع: فحصلت في واد تعبث فيه الجن، فسمعت قائلا يقول: خذوه فقرأتها فقال قائل: كيف
نأخذه، وقد احتجز بآية طيبة (2). 2 - دعوات الراوندي: مرسلا مثله. 3 - ما: المفيد،
عن محمد بن عمران، عن عبيد الله بن الحسن، عن محمد بن رشيد قال: آخر شعر قاله السيد
ابن محمد رحمه الله قبل وفاته بساعة وذلك أنه اغمي عليه واسود لونه، ثم أفاق وقد
ابيض وجهه وهو يقول: احب الذي من مات من أهل وده * تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك
ومن مات يهوى غيره من عدوه * فليس له إلا إلى النار مسلك أبا حسن تفديك نفسي واسرتي
* ومالي وما أصبحت في الارض أملك أبا حسن إني بفضلك عارف * وإني بحبل من هواك لممسك
(1) سورة آل عمران الاية: 83. (2) امالي
الشيخ الطوسى ص 176. (*)
[312]
وأنت وصي المصطفى وابن عمه * وإنا نعادي
مبغضيك ونترك مواليك ناج مؤمن بين الهدى * وقاليك معروف الضلالة مشرك ولاح لحاني في
علي وحزبه * فقلت لحاك الله إنك أعفك ومعنى أعفك أحمق (1). بيان: قال الجوهري (2)
لحيت الرجل لحاء ولحيا إذ المته، وقولهم: لحاه الله أي قبحه ولعنه. 4 - ما: جماعة،
عن أبي المفضل، عن يحيى بن علي بن عبد الجبار، عن علي بن الحسين بن أبي حرب، عن
أبيه قال: دخلت على السيد ابن محمد الحميري عائدا في علته التي مات فيها، فوجدته
يساق به، ووجدت عنده جماعة من جيرانه وكانوا عثمانية، وكان السيد جميل الوجه، رجب
الجبهة، عريض ما بين السالفتين (3) فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد،
ثم لم تزل تزيد وتنمى حتى طبقت وجهه - يعني اسودادا - فاغتم لذلك من حضره من
الشيعة، وظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلك الا قليلا حتى بدت في ذلك
المكان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزيد أيضا وتنمى حتى أسفر وجهه وأشرق، وافتر السيد
ضاحكا وأنشأ يقول:
(1) أمالى الشيخ الطوسى ص 31 وأخرج الحديث
والشعر الشيخ الجليل أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 92 طبع النجف (الطبعة
الاولى) بزيادة في الابيات وهى عنده ثلاثة عشر بيتا، وأخرجها أيضا الكشى في رجاله ص
185 والابيات عنده سبعة كما في الاصل بتقديم وتأخير وصاحب الروضات في كتابه ص 30
ونحوه السيد الامين في الاعيان ج 12 ص 207 والامينى في الغدير ج 2 ص 274 لكن القاضى
نور الله في مجالسه ج 2 ص 514 ذكر الابيات بنحو مما في الاصل في الترتيب. وبيتان
منها في مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 24. (2) الصحاح ج 6 ص 2481 طبع دار الكتاب
العربي. (3) السالفتين: صفحتا العنق عند معلق الفرط.
[313]
كذب الزاعمون أن عليا * لن ينجي محبه من
هنات قد وربي دخلت جنة عدن * وعفا لي الاله عن سيئاتي فابشروا اليوم أولياء علي *
وتولوا علي حتى الممات ثم من بعده تولوا بنيه * واحدا بعد واحد بالصفات ثم أتبع
قوله هذا: أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا، أشهد أن محمدا رسول الله حقا حقا، أشهد
أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا، أشهد أن لا إله إلا الله ثم أغمض عينه بنفسه فكأنما
كانت روحه ذبالة طفئت، أو حصاة سقطت، فانتشر هذا القول في الناس، فشهد جنازته والله
الموافق والمفارق (1). 5 - كش: محمد بن رشيد الهروي، قال حدثني السيد وسماه وذكر
أنه خير (2) قال سألته عن الخبر الذي يروى أن السيد اسود وجهه عند موته فقال: الشعر
الذي يروى له في ذلك، حدثني أبو الحسن بن أيوب المروزي، قال: روي أن السيد ابن محمد
الشاعر اسود وجهه عند الموت فقال: هكذا يفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين ! ؟ قال:
فابيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر، فأنشأ يقول: " احب الذي من مات من أهل وده " إلى
آخر الابيات (3).
(1) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 43 وأخرج
الحديث والشعر الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 549 والروضاتي في روضات الجنات ص 30 وابن
شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 23 والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 515 وسيد الاعيان
في كتابه ج 12 ص 206 والشيخ الاميني في الغدير ج 2 ص 274 وذكر الابيات الحافظ
المرزبانى في أخبار السيد الحميرى ص 47 طبع النجف الاشرف - قال حدثنا بعض أصحابنا
عن محمد بن يزيد النحوي عن بعض الاشياخ انه رأى السيد ابن محمد في النوم فقال له ما
فعل الله بك ؟ فقال: غفر لى ثم انشأ يقول: وذكر الشعر. (2) الظاهر سقوط واسطة في
السند ممن يضاف إلى السيد كغلام السيد أو صاحب السيد أو ابن السيد ممن له المام
بحال السيد وكان حاضرا عند موته، وهو محذوف اما لنسيان الكشى لاسمه أو أن الهروي
نسيه واكتفى بوصف كونه خيرا. (3) رجال الكشى ص 185 وقد تقدمت الابيات مع ذكر
مصادرها قريبا فراجع.
[314]
6 - ما: المفيد، عن محمد بن عمران
المرزباني، عن محمد بن يحيى، عن جبلة بن محمد بن جبلة، عن أبيه قال: اجتمع عندنا
السيد ابن محمد الحميري و جعفر بن عفان الطائي (1) فقال له السيد: ويك تقول في آل
محمد عليهم السلام:
(1) هو أبو عبد الله الطائي المكفوف كان
من شعراء الكوفة، وله اشعار كثيرة في معان مختلفة وقد ذكره الكشى في رجاله ص 187
باسم جعفر بن عثمان الطائى، وقد ذكر السيد الامين في أعيان الشيعة ج 16 ص 58 أنه
ورد في نسخة من الخلاصة للعلامة الحلى عنده مخطوطة مقابلة على نسخة ولد ولد المصنف
نقله عن الكشى جعفر بن عفان لا عثمان. أقول ذكره الكشى وروى عن زيد الشحام دخول
جعفر المذكور على الامام الصادق عليه السلام فقربه وأدناه واستنشده شعره في رثاء
الحسين عليه السلام وبكائه لما أنشده وقال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله
المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر،
ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر لك، فقال يا جعفر ألا
أزيدك ؟ قال نعم يا سيدى قال: ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى به الا أوجب
الله له الجنة وغفر له وذكر سيد الاعيان من شعره في أهل البيت عليهم السلام في
كتابه. ومما ذكره رده على مروان بن أبى حفصة قوله: أنى يكون وليس ذاك بكائن * لنبى
البنات وراثة الاعمام ونقل ذلك عن الاغانى وقد ذكره أبو الفرج في الاغانى ج 9 ص 45
بسنده عن محمد ابن يحيى بن أبي مرة التغلبي قال مررت بجعفر بن عفان الطائى يوما وهو
على باب منزله فسلمت عليه فقال لى: مرحبا يا أخا تغلب اجلس فجلست فقال لى: أما تعجب
من ابن أبى حفصة لعنه الله حيث يقول: أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبنى النبات وراثة
الاعمام فقلت: بلى والله انى لا تعجب منه واكثر اللعن له فهل قلت في ذلك شيئا ؟
فقال: نعم قلت: لم لا يكون وان ذاك لكائن * لبنى البنات وراثة الاعمام للبنت نصف
كامل من ماله * والعم متروك بغير سهام ما للطليق وللتراث وانما * صلى الطليق مخافة
الصمصام توفى جعفر بن عفان الشاعر المذكور في حدود سنة 150.
[315]
ما بال بيتكم تخرب سقفه * وثيابكم من أرذل
الاثواب فقال جعفر: ما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد: إذا لم تحسن المدح فاسكت
أتوصف آل محمد صلى الله عليه وآله بمثل هذا، ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك،
وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك: اقسم بالله وآلائه * والمرء عما قال مسئول إن علي بن
أبي طالب * على التقى والبر مجبول وإنه كان الامام الذي * له على الامة تفضيل يقول
بالحق ويعني به * ولا تلهيه الاباطيل كان إذا الحرب مرتها القنا * وأحجمت عنها
البهاليل يمشي إلى القرن وفي كفه * أبيض ماضي الحد مصقول مشي العفرنى بين أشباله *
أبرزه للقنص الغيل ذاك الذي سلم في ليلة * عليه ميكال وجبريل ميكال في ألف وجبريل
في * ألف ويتلوهم سرافيل ليلة بدر مددا انزلوا * كأنهم طير أبابيل فسلموا لما أتوا
حذوه * وذاك إعظام وتبجيل كذا يقال فيه يا جعفر، وشعرك يقال مثله لاهل الخصاصة
والضعف، فقبل جعفر رأسه وقال: أنت والله الرأس يا أبا هاشم ونحن الاذناب (1).
(1) أمالى الشيخ الطوسى ص 124 وأخرج
الحديث الشيخ أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 64 بسنده عن الشيخ أبى علي بن
الشيخ الطوسى عن أبيه شيخ الطائفة إلى آخر اسناده كما في أماليه وعنه صاحب الروضات
فيها ص 29 وذكر أبو الفرج الاصبهاني في أغانيه ج 7 ص 247 طبعة دار الكتب بمصر عن
اسحاق بن محمد قال: سمعت العتبى يقول: ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره ولا
أنقى ألفاظا من السيد، ثم قال لبعض من حضر: أنشدنا قصيدته اللامية التى أنشدتناها
اليوم فأنشده قوله: هل عند من أحببت تنويل * ام لا فان اللوم تضليل =
[316]
ايضاح: قال الفيروز آبادي (1) البهلول:
كسر سور الضحاك، والسيد الجامع لكل خير، وأسد عفرنى شديد والاشبال جمع الشبل وهو
ولد الاسد، وقال: القنص محركة ابنا معد بن عدنان (2) وإبل أو بقرغيل بضمتين كثيرة
أو سمان. 7 - ما: المفيد، عن المرزباني، قال: وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه
قال: حدثني الحمدوني الشاعر قال: سمعت الرياشي ينشد للسيد ابن محمد الحميري: إن
امرءا خصمه أبو حسن * لعازب الرأي داحض الحجج لا يقبل الله منه معذرة * ولا يلقنه
حجة الفلج (3)
= أم في الحشى منك جوى باطن * ليس تدوايه
الاباطيل علقت يا مغرور خداعة * بالوعد منها لك تخييل ريا رداح النوم خصمانة *
كأنها ادماء عطبول يشفيك منها حين تخلو بها * ضم إلى النحر وتقبيل وذوق ريق طيب
طعمه * كأنه بالمسك معلول في نسوة مثل المها خرد * تضيق عنهن الخلاخيل يقول فيها:
أقسم بالله وآلائه * والمرء عما قال مسئول ان علي بن أبي طالب * على التقى والبر
مجبول فقال العتبى: أحسن والله ما شاء، هذا والله الشعر الذى يهجم على القلب بلا
حجاب اه وروى حديث أبى الفرج السيد الامين في الاعيان ج 12 ص 146 كما روى الشيخ
الاميني حديث الامالى في الغدير ج 2 ص 268 وذكر أبيات المدح فقط كما في الاصل
الاربلي في كشف الغمة ج 1 ص 523. (1) القاموس ج 3 ص 339. (2) في القاموس: قناصة
وقنص محركة ابنا معد بن عدنان. (3) أمالى الشيخ ص 144 وذكر البيتين الاربلي في كشف
الغمة ج 1 ص 528 والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 513 والامين في اعيان الشيعة ج
12 ص 237 وغيرهم.
[317]
8 - ك: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان
بن سليمان، عن محمد ابن إسماعيل، عن حيان السراج قال: سمعت السيد ابن محمد الحميري
يقول: كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه، قد ضللت
في ذلك زمانا، فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، وأنقذني به من
النار وهداني إلى سواء الصراط، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه
أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه، وأنه الامام الذي فرض الله طاعته وأوجب
الاقتداء به. فقلت له: يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في
الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن يقع ؟ فقال عليه السلام: ستقع بالسادس من ولدي وهو
الثاني عشر من الائمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين
علي بن أبيطالب وآخرهم القائم بالحق، بقية الله في الارض، وصاحب الزمان، والله لو
بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر، فيملا الارض قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما قال السيد: فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدة أولها: فلما رأيت
الناس في الدين قد غووا * تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا تجعفرت باسم الله والله
أكبر * أيقنت أن الله يعفو ويغفر ودنت بدين غير ما كنت دينا * به ونهاني واحد الناس
جعفر فقلت فهبني قد تهودت برهة * وإلا فديني دين من يتنصر وإني إلى الرحمان من ذاك
تائب * وإني قد أسلمت والله أكبر فلست بغال ما حييت وراجع * إلى ما عليه كنت اخفي
واظهر ولا قائلا حي برضوى محمد * وإن عاب جهال مقالي فأكثروا ولكنه ممن مضى لسبيله
* على أفضل الحالات يقفى ويخبر مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم * من المصطفى فرع
زكي وعنصر إلى آخر القصيدة، وقلت بعد ذلك:
[318]
أيا راكبا نحو المدينة حسرة * عذافرة يطوى
بها كل سبسب إذا ما هداك الله عاينت جعفرا * فقل لولي الله وابن المهذب ألا يا أمين
الله وابن أمينه * أتوب إلى الرحمان ثم تأوبي إليك من الامر الذي كنت مبطنا * احارب
فيه جاهدا كل معرب وما كان قولي في ابن خولة مطنبا * ومعاندة مني لنسل المطيب ولكن
روينا عن وصي محمد * وما كان فيما قال بالمتكذب بأن ولي الله يفقد لا يرى * سنين
كفعل الخائف المترقب فتقسم أموال الفقيد كأنما * تغيبه بين الصفيح المنصب فيمكث
حينا ثم ينبع نبعة * كنبعة جدي من الافق كوكب يسير بنصر الله من بيت ربه * على سؤدد
منه وأمر مسببب يسير إلى أعدائه بلوائه * فيقتلهم قتلا كجران مغضب فلما روي أن ابن
خولة غائب * صرفنا إليه قولنا لم نكذب وقلنا هو المهدي والعالم الذي * يعيش به من
عدله كل مجدب فإذ قلت: لا، فالحق قولك والذي * أمرت فحتم غير ما متعصب واشهد ربي أن
قولك حجة * على الناس طرا من مطيع ومذنب بأن ولي الامر والعالم الذي * تطلع نفسي
نحوه بتطرب له غيبة لابد من أن يغيبها * فصلى عليه الله من متغيب فيمكث حينا ثم
يظهر حينه * فيملا عدلا كل شرق ومغرب بذاك أدين الله سرا وجهرة * ولست وإن عوتبت
فيه بمعتب وكان حيان السراج الرواي لهذا الحديث من الكيسانية (1).
(1) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 112 -
115 وذكر المرزبانى في أخبار السيد ص 40 طبع النجف الاشرف بيتا من قصيدته الرائية
وهو قوله (تجعفرت باسم الله والله أكبر - الخ) اما ابن المعتز فقد ذكره في طبقاته ص
7 وزاد عليه قوله: ويثبت مهما شاء ربى بأمره * ويمحو ويقضى في الامور ويقدر =
[319]
9 - شا: وفيه يقول السيد الحميري: وقد رجع
عن قوله بمذهب الكيسانية لما بلغه إنكار أبي عبد الله عليه السلام مقاله، ودعاؤه
إلى القول بنظام الامامة، ثم ذكر الابيات مع اختصار (1). بيان: " العذافرة "
العظيمة الشديدة من الابل، و " السبسب " المفازة أو الارض المستوية البعيدة، وقال
الفيروز آبادي: (2) الصفيح السماء، ووجه كل شئ عريض، وهنا يحتمل الوجهين، وعلى
الثاني يكون المراد الحجر الذي يفرش على القبر واللبن التي تنضد على اللحد، ويقال:
جرن جرونا تعود الامر ومرن، وما في قوله " غير ما متعصب " زائدة، وقوله طرا أي
جميعا. 10 - يج: روي أن الباقر عليه السلام دعا للكميت لما أراد أعداء آل محمد أخذه
وإهلاكه، وكان متواريا، فخرج في ظلمة الليل هاربا، وقد أقعدوا على كل طريق جماعة،
ليأخذوه إذا ما خرج في خفية، فلما وصل الكميت إلى الفضاء وأراد أن يسلك طريقا، فجاء
أسد منعه من أن يسري منها، فسلك جانبا آخر فمنعه
= وقصيدته الرائية مشهورة أخرجها أو بعضها
كل من أبي جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 343 والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص
506 وصاحب الروضات ص 29 والطبرسي في اعلام الورى ص 279 وابن شهر آشوب في المناقب ج
3 ص 371 والشيخ المفيد في الفصول المختارة ص 94 طبع النجف الطبعة الاولى. وأشار إلى
القصيدة الكشى في رجاله ص 186 وابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 436 والمسعودي في
مروج الذهب ج 2 ص 102 طبع مصر سنة 1346 وأبو الفرج في الاغانى ج 7 ص 231، وغيرهم.
أما قصيدته البائية فقد ذكرها المرزبانى في أخبار السيد ص 43 وذكر بعضها الاربلي في
كشف الغمة ج 3 ص 450 والطبرسي في اعلام الورى ص 279 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص
371 وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 343 وأخرجها عن بعضهم السيد الامين في
الاعيان ج 12 ص 157 والشيخ الاميني في الغدير ج 2 ص 246. (1) الارشاد ص 303. (2)
القاموس ج 1 ص 234.
[320]
منه أيضا، وكأنه أشار إلى الكميت أن يسلك
خلفه، ومضى الاسد في جانب الكميت إلى أن أمن وتخلص من الاعداء، وكذلك كان حال السيد
الحميري دعا له الصادق عليه السلام لما هرب عن أبويه، وقد حر شا السلطان عليه
لنصبهما، فدله سبع على طريق ونجا منهما (1). 11 - قب: داود الرقي بلغ السيد الحميري
أنه ذكر عند الصادق عليه السلام فقال: السيد كافر فأتاه وقال: يا سيدي أنا كافر مع
شدة حبي لكم ومعاداتي الناس فيكم ؟ قال: وما ينفعك ذاك وأنت كافر بحجة الدهر
والزمان، ثم أخذ بيده وأدخله بيتا فإذا في البيت قبر فصلى ركعتين، ثم ضرب بيده على
القبر، فصار القبر قطعا، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن رأسه ولحيته، فقال له
الصادق عليه السلام: من أنت ؟ قال: أنا محمد بن علي المسمى بابن الحنفية، فقال: فمن
أنا ؟ قال: جعفر بن محمد حجة الدهر والزمان: فخرج السيد يقول: تجعفرت باسم الله
فيمن تجعفرا (2). 12 - قب: عثمان بن عمر الكواء في خبر أن السيد قال له: اخرج إلى
باب الدار تصادف غلاما نوبيا على بغلة شهباء معه حنوط وكفن يدفعها إليك، قال: فخرجت
فإذا بالغلام الموصوف، فلما رآني قال: يا عثمان إن سيدي جعفر بن محمد يقول لك: ما
آن أن ترجع عن كفرك وضلالك، فان الله عزوجل اطلع عليك فرآك للسيد خادما فانتجبك فخذ
في جهازه (3). 13 - قب: الاغاني قال عباد بن صهيب: كنت عند جعفر بن محمد فأتاه نعي
السيد، فدعا له وترحم عليه، فقال له رجل: يا ابن رسول الله وهو يشرب الخمر ويؤمن
بالرجعة ؟ ! فقال عليه السلام: حدثني أبي عن جدي أن محبي آل محمد لا يموتون إلا
تائبين، وقد تاب، ورفع مصلى كان تحته فأخرج كتابا من السيد
(1) الخرائج والجرائح ص 264. (2) المناقب
لابن شهر آشوب ج 3 ص 370. (3) نفس المصدر ج 3 ص 370.
[321]
يعرفه أنه قد تاب ويسأله الدعاء. وفي
أخبار السيد أنه ناظر معه مؤمن الطاق في ابن الحنفية فغلبه عليه فقال: تركت ابن
خولة لاعن قلى * وإني لكالكلف الوامق وإني له حافظ في المغيب * أدين بما دان في
الصادق هو الحبر حبر بني هاشم * ونور من الملك الرازق به ينعش الله جمع العباد *
ويجري البلاغة في الناطق أتاني برهانه معلنا * فدنت ولم أك كالمائق كمن صد بعد بيان
الهدى * إلى حبتر وأبي حامق فقال الطاقي: أحسنت الان أتبت رشدك، وبلغت أشدك، وتبوأت
من الخير موضعا، ومن الجنة مقعدا (1). بيان: يقال كلفت بهذا الامر أي اولعت به،
والوامق المحب، والموق حمق في غباوة يقال أحمق وامق، والحبتر وأبو حامق كناية عن
عمر وأبي بكر أو كلاهما عن الاول، وقد مر أن حبتر كثيرا ما يعبر به عن أبي بكر. 14
- قب: وأنشد فيه: امدح أبا عبد الاله * فتى البرية في احتماله سبط النبي محمد * حبل
تفرع من حباله تغشى العيون الناظرات * إذا سمون إلى جلاله عذب الموارد بحره * يروي
الخلائق من سجاله بحر أطل على البحور * يمدهن ندى بلاله سقت العباد يمينه * وسقى
البلاد ندى شماله يحكى السحاب يمينه * والودق يخرج من خلاله الارض ميراث له *
والناس طرا في عياله يا حجة الله الجليل * وعينه وزعيم آله
(1) المصدر السابق ج 3 ص 370 وأخرجها عنه
في الغدير ج 2 ص 250.
[322]
وابن الوصي المصطفى * وشبيه أحمد في كماله
أنت ابن بنت محمد * حذوا خلفت على مثاله فضياء نورك نوره * وظلال روحك من ظلاله فيك
الخلاص من الردى * وبك الهداية من ضلاله اثني ولست ببالغ * عشر الفريدة من خصاله
(1) 15 - كش: طاهر بن عيسى، عن جعفر بن أحمد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن
الوليد، عن يونس بن يعقوب قال: أنشد الكميت أبا عبد الله شعره: أخلص الله في هواي
فما * أغرق نزعا وما تطيش سهامي فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقل هكذا ولكن
قل: قد أغرق نزعا وما تطيش سهامي (2).
(1) المصدر السابق ج 3 ص 371 وأخرجها
السيد الامين في الاعيان ج 12 ص 260 والشيخ الاميني في الغدير ج 2 ص 251. (2) رجال
الكشى ص 135 والبيت من قصيدته الميمة من الهاشميات وهى أولى قصائده الهاشميات
المطبوعة تبلغ 103 أبيات حسب مطبوعة ليدن باعتناء جوزيف هو رويتز الالماني سنة 1904
من ص 1 إلى ص 26 مشروحة بشرح أبى رياش أحمد بن ابراهيم القيسي، وكذا في مطبوعة مصر
بشرح محمد شاكر الخياط النابلسي الازهرى وهى من ص 4 إلى ص 15، وقد روى ان الكميت
أنشد قصيدته هذه جملة من أئمة أهل البيت " ع " وساداتهم، فقد روى البغدادي في خزانة
الادب ج 1 ص 69 أنه أنشدها الامام السجاد " ع " فلما أتى على آخرها دعا له الامام
السجاد بالمغفرة ووصله باربعمائة الف درهم ودفع إليه بعض اثوابه التى يلى جسده ودعا
له بالسعادة والشهادة والمثوبة حتى قال الكميت ما زلت أعرف بركة دعائه. وروى أبو
الفرج في الاغانى ج 15 ص 123 انه أنشدها الامام الباقر " ع " وقال الامام " ع "
اللهم اغفر للكميت كررها مرتين وفى الكشى ص 136 انه دعا له بالتأييد بروح القدس
مادام يقول فيهم، و نحوه في مروج الذهب ج 2 ص 195 واعلام الورى ص 265. وروى الكشى
في رجاله ص 135 أنه أنشدها الامام الصادق عليه السلام. =
[323]
16 - كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن
الوليد مثله (1). 17 - كش: نصر بن صباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور
العمي، عن موسى بن بشار الوشاء، عن داود بن النعمان قال: دخلت الكميت فأنشده وذكر
نحوه ثم قال في آخره: إن الله عزوجل يحب معالي الامور، ويكره سفسافها، فقال الكميت،
يا سيدي أسألك عن مسألة، وكان متكئا فاستوى جالسا وكسر في صدره وسادة، ثم قال: سل
فقال: أسألك عن الرجلين ؟ فقال: يا كميت ابن زيد ما اهريق في الاسلام محجمة من دم
ولا اكتسب مال من غير حله، ولا نكح فرج حرام إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم القيامة،
حتى يقوم قائمنا، ونحن معاشر بني هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما
(2). بيان: قال الجوهري (3) السفساف الردئ من كل شئ، والامر الحقير وفي الحديث إن
الله يحب معالي الامور ويكره سفسافها. 18 - كش: نصر بن صباح، عن إسحاق بن محمد
البصري، عن جعفر بن محمد الفضيل، عن محمد بن علي الهمداني، عن درست بن أبي منصور
قال: كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام وعنده الكميت بن زيد فقال للكميت: أنت
الذى تقول: فالان صرت إلى أمية والامور إلى مصائر قال: قد قلت ذلك، فوالله ما رجعت
عن إيماني، وإني لكم لموال، و لعدوكم لقال، ولكني قلته على التقية، قال: أما لان
قلت ذلك إن التقية
= وروى المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 195
انه أنشدها أيضا عبد الله بن الحسن ابن على وقد أجازه بضيعة أعطى فيها أربعة آلاف
دينار وكتب له بها وأشهد على ذلك فأبى أخيرا قبولها ورد الكتاب. وقد تقدم أيضا في
أحوال الامام الباقر عليه السلام ما يتعلق بالمقام فراجع ج 46 ص 338. (1) الكافي ج
8 ص 215. (2) رجال الكشى ص 135. (3) الصحاح ج 4 ص 1375 طبع دار الكتاب العربي.
[324]
تجوز في شرب الخمر (1). 19 - كش: محمد بن
مسعود، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر القصباني وجعفر بن محمد بن حكيم، عن
أبان بن عثمان، عن عقبة بن بشير الاسدي، عن كميت ابن زيد الاسدي قال: دخلت على أبي
جعفر عليه السلام فقال: والله يا كميت لو أن عندنا مالا لاعطيناك منه، ولكن لك ما
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان: لا يزال معك روح القدس ما ذببت عنا (2).
20 - كش: حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن حنان، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه
قال: دخل الكميت بن زيد على أبي جعفر عليه السلام وأنا عنده فأنشده: " من لقلب متيم
مستهام " فلما فرغ منها، قال للكميت: لا تزال مؤيدا بروح القدس ما دمت تقول فينا
(3). 21 - كش: علي بن محمد بن قتيبة، عن أبي محمد الفضل بن شاذان، عن أبي المسيح
عبد الله بن مروان الجواني قال: كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين، و كان راوية
لشعر الكميت - يعني الهاشميات - وكان سمع ذلك منه، وكان عالما
(1) رجال الكشى ص 136. والبيت من قصيدة
قالها في بنى أمية وأولها: قف بالديار وقوف زائر.... وفى رواية الكشى نظر من امتناع
حضور الكميت على أبى الحسن موسى عليه السلام لان الكميت مات سنة 126 وذلك قبل ان
يولد موسى بن جعفر عليه السلام بسنتين أو أكثر ثم ان أبا الفرج الاصبهاني روى في
الاغانى ج 15 ص 121 بسنده عن عبد الله بن الجارود ابن أبى سبرة قال: دخل الكميت بن
زيد الاسدي على أبى جعفر محمد بن علي عليهما السلام فقال له يا كميت أنت القائل:
فالان صرت إلى أمية والامور إلى مصائر ؟ قال نعم قد قلت، ولا والله ما اردت به الا
الدنيا، ولقد عرفت فضلكم، قال أما ان قلت ذلك. ان التقية لتحل. (2) رجال الكشى ص
136. (3) نفس المصدر ص 136.
[325]
بها، فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل
روايته وإنشاده، ثم عاد فيه فقيل له: ألم تكن زهدت فيها وتركتها ؟ ! فقال: نعم
ولكني رأيت رؤيا دعتني إلى العود فيه فقيل له: وما رأيت ؟ قال: رأيت كأن القيامة قد
قامت، وكأنما أنا في المحشر فدفعت إلي مجلة، قال أبو محمد: فقلت لابي المسيح وما
المجلة ؟ قال: الصحيفة قال: نشرتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم أسماء من يدخل
الجنة من محبي علي بن أبيطالب عليه السلام قال: فنظرت في السطر الاول، فإذا أسماء
قوم لم أعرفهم، ونظرت في السطر الثاني فإذا هو كذلك، ونظرت في السطر الثالث والرابع
فإذا فيه " والكميت بن زيد الاسدي " قال: فذلك دعاني إلى العود فيه (1). 22 - كش:
نصر بن الصباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن علي بن إسماعيل، عن فضيل الرسان قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بعد ما قتل زيد بن علي فادخلت بيتا جوف بيت فقال
لي: يا فضيل قتل عمي زيد ؟ قلت: جعلت فداك قال: رحمه الله أما إنه كان مؤمنا، وكان
عارفا، وكان عالما، وكان صدوقا أما إنه لو ظفر لوفى أما إنه لو ملك لعرف كيف يضعها،
قلت: يا سيدي ألا انشدك شعرا ؟ قال: أمهل، ثم أمر بستور فسدلت، وبأبواب ففتحت، ثم
قال: أنشد فأنشدته: لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع لما وقفت العيس في
رسمه * والعين من عرفانه تدمع ذكرت من قد كنت أهوى به * فبت والقلب شجى موجع عجبت
من قوم أتوا أحمدا * بخطة ليس لها مدفع قالوا له لو شئت أخبرتنا * إلى من الغاية
والمفزع إذا توليت وفارقتنا * ومنهم في الملك من يطمع فقال: لو أخبرتكم مفزعا * ما
ذا عسيتم فيه أن تصنعوا ؟ صنيع أهل العجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أودع
(1) المصدر السابق ص 136.
[326]
فالناس يوم البعث راياتهم * خمس فمنها
هالك أربع قائدها العجل وفرعونها * وسامري الامة المفظع ومجدع من دينه مارق * أجدع
عبد لكع أو كع وراية قائدها وجهه * كأنه الشمس إذا تطلع قال: سمعت نحيبا من وراء
الستر، وقال: من قال هذا الشعر ؟ قلت: السيد بن محمد الحميري فقال: رحمه الله،
فقلت: إني رأيته يشرب النبيذ فقال: رحمه الله قلت: إني رأيته يشرب النبيذ الرستاق
قال: تعني الخمر ؟ قلت: نعم قال: رحمه الله، وما ذلك على الله أن يغفر لمحب علي
عليه السلام (1). توضيح: ام عمرو يعبر به عن مطلق الحبيبة، واللوى كإلى ما التوى من
الرمل أو مسترقه، والمربع منزل القوم في الربيع، والطموس الدروس والانمحاء والبلقع
الارض القفر الذي لا شئ بها، والعيس مفعول لقوله وقفت وهو بالكسر الابل البيض يخالط
بياضها شئ من الشقرة، والشجو الهم والحزن، قوله: فالترك له أودع أي إن كنتم تصنعون
مثل صنيعهم فالترك لهذا السؤال أودع لكم، من الدعة بمعنى الراحة والخفض. وقوله
وسامري الامة إشارة إلى عثمان أو إلى عمر، إما بأن يكون عطف تفسير لقوله فرعونها،
أو بأن يكون فرعونها إشارة إلى عثمان وعلى الاول يكون المجدع عبارة عن عثمان،
والاجدع إلى معاوية، لكن الاظهر أن تمام البيت وصف لمعاوية. وقال الفيروز آبادي (2)
الجدع قطع الانف أو الاذن أو اليد أو الشفة، فهو أجدع، والاجدع الشيطان، وحمار مجدع
كمعظم مقطوع الاذنين، وجادع مجادعة وجداعا شاتم وخاصم كتجادع، وقال: (3) اللكع كصرد
اللئيم والعبد
(1) المصدر السابق ص 184. (2) القاموس ج 3
ص 11 باقتباس. (3) القاموس ج 3 ص 82.
[327]
والاحمق، وقال: (1) وكع ككرم لؤم، وصلب
واشتد، وفلان وكيع لكيع ووكوع لكوع لئيم. 23 - كش: نصر بن الصباح، عن ابن عيسى، عن
ابن أبي نجران، عن ابن بكير، عن محمد بن النعمان، قال: دخلت على السيد بن محمد وهو
لما به قد اسود وجهه وزرق عيناه، وعطش كبده، وهو يومئذ يقول بمحمد ابن الحنفية، وهو
من حشمه وكان ممن يشرب المسكر، فجئت، وكان قد قدم أبو عبد الله عليه السلام الكوفة،
لانه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت:
جعلت فداك إني فارقت السيد بن محمد الحميري لما به قد اسود وجهه، وازرقت عيناه، و
عطش كبده، وسلب الكلام، فانه كان يشرب المسكر، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أسرجوا حماري، فأسرج له، وركب ومضى، ومضيت معه، حتى دخلنا على السيد، وإن جماعة
محدقون به، فقعد أبو عبد الله عليه السلام عند رأسه وقال: يا سيد ففتح عينه ينظر
إلى أبي عبد الله عليه السلام، ولا يمكنه الكلام وقد اسود، فجعل يبكى وعينه إلى أبي
عبد الله عليه السلام ولا يمكنه الكلام، وإنا لنتبين منه أنه يريد الكلام ولا
يمكنه. فرأينا أبا عبد الله عليه السلام حرك شفتيه، فنطق السيد فقال: جعلني الله
فداك أبأوليائك يفعل هذا ؟ ! فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا سيد قل بالحق يكشف
الله ما بك ويرحمك، ويدخلك جنته التي وعد أولياءه. فقال في ذلك " تجعفرت بسم الله
والله أكبر "، فلم يبرح أبو عبد الله عليه السلام حتى قعد السيد على استه. وروي أن
أبا عبد الله عليه السلام لقي السيد بن محمد الحميري قال: سمتك امك سيدا، ووفقت في
ذلك، وأنت سيد الشعراء، ثم أنشد السيد في ذلك: ولقد عجبت لقائل لي مرة * علامة فهم
من الفقهاء سماك قومك سيدا صدقوا به * أنت الموفق سيد الشعراء
(1) القاموس ج 3 ص 97 باقتباس.
[328]
ما أنت حين تخص آل محمد * بالمدح منك
وشاعر بسواء مدح الملوك ذوي الغنى لعطائهم * والمدح منك لهم بغير عطاء فابشر فانك
فائز في حبهم * لو قد وردت عليهم بجزاء ما يعدل الدنيا جميعا كلها * من حوض أحمد
شربة من ماء (1) اقول: وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنه روى باسناده عن سهل بن
ذبيان قال: دخلت على الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في بعض الايام، قبل أن
يدخل عليه أحد من الناس، فقال لي: مرحبا بك يا ابن ذبيان، الساعة أراد رسولنا أن
يأتيك لتحضر عندنا، فقلت: لماذا يا ابن رسول الله ؟ فقال: لمنام رأيته البارحة، و
قد أزعجني وأرقني، فقلت: خيرا يكون إن شاء الله تعالى فقال: يا ابن ذبيان رأيت كأني
قد نصب لي سلم فيه مائة مرقاة، فصعدت إلى أعلاه، فقلت: يا مولاي اهنيك بطول العمر،
وربما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة، فقال لي عليه السلام: ما شاء الله كان. ثم قال:
يا ابن ذبيان، فلما صعدت إلى أعلى السلم رأيت كأني دخلت في قبة خضراء يرى ظاهرها من
باطنها، ورأيت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسا فيها، وإلى يمينه
وشماله غلامان حسنان، يشرق النور من وجوههما، ورأيت امرأة بهية الخلقة، ورأيت بين
يديه شخصا بهي الخلقة جالسا عنده ورأيت رجلا واقفا بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة:
" لام عمرو باللوى مربع ". فلما رآني النبي صلى الله عليه وآله قال لي: مرحبا بك يا
ولدي يا علي بن موسى الرضا سلم على أبيك علي، فسلمت عليه، ثم قال لي: سلم على أمك
فاطمة الزهراء فسلمت عليها، فقال لي: وسلم على أبويك الحسن والحسين فسلمت عليهما،
ثم
(1) رجال الكشى ص 135 وروى الحديث عنه أبو
على في منتهى المقال ص 58 و المامقانى في رجاله ج 1 ص 143 واشار إليه الخونسارى في
الروضات ص 31 وأخرج الابيات الامين في اعيان الشيعة ج 12 ص 213.
[329]
قال لي: وسلم على شاعرنا ومادحنا في دار
الدنيا السيد إسماعيل الحميري، فسلمت عليه، وجلست فالتفت النبي إلى السيد إسماعيل
فقال له: عد إلى ما كنا فيه من إنشاد القصيدة، فأنشد يقول: لام عمرو باللوى مربع *
طامسة أعلامه بلقع فبكى النبي صلى الله عليه وآله فلما بلغ إلى قوله: " ووجهه
كالشمس إذ تطلع " بكى النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام معه ومن معه،
ولما بلغ إلى قوله: قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع رفع النبي صلى
الله عليه وآله يديه وقال: إلهي أنت الشاهد علي وعليهم أني أعلمتهم أن الغاية
والمفزع علي بن أبي طالب، وأشار بيده إليه، وهو جالس بين يديه صلوات الله عليه. قال
علي بن موسى الرضا عليه السلام: فلما فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة
التفت النبي صلى الله عليه وآله إلي وقال لي: يا علي بن موسى احفظ هذه القصيدة، ومر
شيعتنا بحفظها، وأعلمهم أن من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنة على الله تعالى،
قال الرضا عليه السلام: ولم يزل يكررها علي حتى حفظتها منه، والقصيدة هذه (1): لام
عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع تروح عنه الطير وحشية * والاسد من خيفته تفزع
برسم دار ما بها مونس * إلا صلال في الثرى وقع
(1) نقل القاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص
508 عن رجال الكشى حديث سهل بن ذبيان وقصة المنام ولم نقف عليه في المطبوع منه، كما
أن أبا على في رجاله ص 59 والمامقاني في رجاله ج 1 ص 143 نقلا عن العيون لشيخنا
الصدوق قصة المنام، وذكر شيخنا الاميني في الغدير ج 2 ص 223 خلو نسخ العيون
المخطوطة والمطبوعة من ذلك. ونقل عن جماعة ذكروا المنام في مؤلفاتهم فراجع.
[330]
رقش يخاف الموت نفثاتها * والسم في
أنيابها منقع لما وقفن العيس في رسمها * والعين من عرفانه تدمع ذكرت من قد كنت ألهو
به * فبت والقلب شج موجع كأن بالنار لما شفني * من حب أروى كبدي تلذع عجبت من قوم
أتوا أحمدا * بخطة ليس لها موضع قالوا له: لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع
إذا توفيت وفارقتنا * وفيهم في الملك من يطمع فقال: لو أعلمتكم مفزعا * كنتم عسيتم
فيه أن تصنعوا صنيع أهل العجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أودع وفي الذي قال بيان
لمن * كان إذا يعقل أو يسمع ثم أتته بعد ذا عزمة * من ربه ليس لها مدفع أبلغ وإلا
لم تكن مبلغا * والله منهم عاصم يمنع فعندها قام النبي الذي * كان بما يأمره يصدع
يخطب مأمورا وفي كفه * كف علي ظاهرا تلمع رافعها أكرم بكف الذي * يرفع والكف الذي
يرفع يقول والاملاك من حوله * والله فيهم شاهد يسمع من كنت مولاه فهذا له * مولى
فلم يرضوا ولم يقنعوا فاتهموه وحنت منهم * على خلاف الصادق الاضلع وضل قوم غاظهم
فعله * كأنما آنافهم تجدع حتى إذا واروه في قبره * وانصرفوا عن دفنه ضيعوا ما قال
بالامس وأوصى به * واشتروا الضر بما ينفع وقطعوا أرحامه بعده * فسوف يجزون بما
قطعوا وأزمعوا غدرا بمولاهم * تبا لما كان به أزمعوا لا هم عليه يردوا حوضه * غدا
ولا هو فيهم يشفع
[331]
حوض له ما بين صنعا إلى * أيلة (1) والعرض
به أوسع ينصب فيه علم للهدى * والحوض من ماء له مترع يفيض من رحمته كوثر * أبيض
كالفضة أو أنصع حصاه ياقوت ومرجانة * ولؤلؤ لم تجنه إصبع بطحاؤه مسك وحافاته * يهتز
منها مونق مربع أخضر ما دون الورى ناضر * وفاقع أصفر أو أنصع فيه أباريق وقد حانه *
يذب عنها الرجل الاصلع يذب عنها ابن أبي طالب * ذبا كجربا إبل شرع والعطر والريحان
أنواعه * زاك وقد هبت به زعزع ريح من الجنة مأمورة * ذا هبة ليس لها مرجع إذا دنوا
منه لكي يشربوا * قيل لهم: تبا لكم فارجعوا دونكم فالتمسوا منهلا * يرويكم أو مطعما
يشبع هذا لمن والى بني أحمد * ولم يكن غيرهم يتبع فالفوز للشارب من حوضه * والويل
والذل لمن يمنع والناس يوم الحشر راياتهم * خمس فمنها هالك أربع فراية العجل
وفرعونها * وسامرى الامة المشنع وراية يقدمها أدلم * عبد لئيم لكع أكوع وراية
يقدمها حبتر * للزور والبهتان قد أبدعوا وراية يقدمها نعثل * لا برد الله له مضجع
(2) أربعة في سقر اودعوا * ليس لها من قعرها مطلع وراية يقدمها حيدر * ووجهه كالشمس
إذ تطلع
(1) أيلة: بالفتح مدينة على ساحل بحر
القلزم مما يلى الشام قيل هي آخر الحجاز وأول الشام. (2) كذا.
[332]
غدا يلاقي المصطفى حيدر * وراية الحمد له
ترفع مولى له الجنة مأمورة * والنار من إجلاله تفزع إمام صدق وله شيعة * يرووا من
الحوض ولم يمنعوا بذاك جاء الوحي من ربنا * يا شيعة الحق فلا تجزعوا الحميري مادحكم
لم يزل * ولو يقطع إصبع إصبع وبعدها صلوا على المصطفى * وصنوه حيدرة الاصلع (1) 24
- كتاب مقتضب الاثر: لابن عياش، عن عبد الله بن محمد المسعودي، عن الحسن بن محمد
الوهبي، عن علي بن قادم، عن عيسى بن داب قال: لما حمل أبو عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام على سريره واخرج إلى البقيع ليدفن، قال أبو هريرة (2):
(1) قد شرح هذه القصيدة جملة من الاعلام
في القرون الاربعة المتأخرة، وقفنا على ذكرهم في الذريعة ج 14 ص 9 - 11 لشيخنا
الرازي دام ظله والغدير ج 2 ص 224 لشيخنا الاميني سلمه الله فمن شاء المزيد
فليراجع. (2) هو أبو هريرة الابار من شعراء أهل البيت المتقين ذكره ابن شهر آشوب في
المعالم ص 140 طبع ايران وذكره المرحوم السماوي والسيد الامين في الطليعة واعيان
الشيعة ج 7 ص 260 وصفه السماوي بالعجلى أيضا وقال: كان راوية شاعرا ناسكا لقى
الباقر والصادق عليهما السلام وكان يسكن البصرة، والذى يظهر من صاحب المعالم تعدد
الابار والعجلي، وقد اورد ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 341 في مدح الباقر عليه
السلام لابي هريرة قوله: أبا جعفر انت الامام احبه * وأرضى الذي يرضى به واتابع
اتانا رجال يحملون عليكم * احاديث قد ضاقت بهن الاضالع وفي المناقب أيضا ج 3 ص 356
قرأت في بعض التواريخ لما اتى كتاب ابى مسلم الخراساني إلى الصادق " ع " بالليل
قرأه ثم وضعه على المصباح فحرقه فقال الرسول - وظن ان حرقه له تغطية وستر أو صيانة
للامر - هل من جواب قال: الجواب ما قد رايت، فقال أبو هريرة الابار صاحب الصادق " ع
": =
[333]
أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من
حامليه وعاتق أتدرون ماذا تحلمون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس عليآء شاهق غداة حثا
الحاثون فوق ضريحة * ترابا وأولى كان فوق المفارق أيا صادق بن الصادقين ألية (1) *
بآبائك الاطهار حلفة صادق لحقا بكم ذو العرش أقسم في الورى * فقال تعالى الله رب
المشارق نجوم هي اثنا عشرة كن سبقا * إلى الله في علم من الله سابق (2)
= ولما دعا الداعون مولاى لم يكن * ليثنى
إليهم عزمه بصواب ولما دعوه بالكتاب اجابهم * بحرق الكتاب دون رد جواب وما كان
مولائى كمشرى ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بصواب ولكنه لله في الارض حجة * دليل
إلى خير وحسن مآب اه. وإذا صح اتحاد الابار مع العجلى كما ذكره العلامة السماوي "
ره " فهو من شعراء اهل البيت المجاهرين. وقد ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص
136 فيهم وقال: قال أبو بصير قال أبو عبد الله " ع " من ينشدنا شعر ابى هريرة ؟
قلت: جعلت فداك انه كان يشرب فقال: رحمه الله وما ذنب يغفره الله لولا بغض على اه.
وورد في الخلاصة أبو هريرة البزاز قال العقيقى: ترحم عليه أبو عبد الله " ع " وقيل
له انه كان يشرب النبيذ فقال: أيعز على الله ان يغفر لمحب على شرب النبيذ والخمر
اه فيحتمل ان يكون هو العجلى وإذا تم فيكون الجميع واحدا. (1) الالية القسم وجمعها
ألايا. (2) مقتضب الاثر ص 54 وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 398 وعنهما
السيد الامين في الاعيان ج 7 ص 261.
[334]
(11) * (باب) * * " (أحوال أصحابه واهل
زمانه صلوات الله عليه) " * * " (وما جرى بينه وبينهم) " * 1 - ج: سعيد بن أبي
الخصيب قال: دخلت أنا وابن أبي ليلى المدينة فبينا نحن في مسجد الرسول صلى الله
عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد عليه السلام، فقمنا إليه فسألني عن نفسي وأهلي، ثم
قال: من هذا معك ؟ فقلت: ابن أبي ليلى قاضي المسلمين، فقال: نعم، ثم قال له: تأخذ
مال هذا فتعطيه هذا ؟ وتفرق بين المرء وزوجه، لا تخاف في هذا أحدا ؟ قال: نعم، قال:
بأي شئ تقضي ؟ قال: بما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي بكر وعمر،
قال: فبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أقضاكم علي ؟ قال: نعم، قال: فكيف
تقضي بغير قضاء علي عليه السلام وقد بلغك هذا ! ؟ قال: فاصفر وجه ابن أبي ليلى، ثم
قال: التمس زميلا لنفسك، والله لا اكلمك من رأسي كلمة أبدا (1). 2 - ج. الكليني، عن
إسحاق بن يعقوب قال: ورد التوقيع على يد محمد بن عثمان العمري: وأما أبو الخطاب
محمد بن أبي زينبة الاجدع ملعون، وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم، فاني
منهم برئ، وآبابي منهم برءاء الخبر (2). 3 - ب: محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إذ سرك أن تنظر إلى خيار في الدنيا،
خيار في الاخرة، فانظر إلى
(1) الاحتجاج ص 193. (2) نفس المصدر ص 263
- 264.
[335]
هذا الشيخ يعني عيسى بن أبي منصور (1). 4
- ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن موسى بن طلحة عن بعض الكوفيين رفعه
قال: كنت بمنى إذ أقبل عمران بن عبد الله القمي ومعه مضارب للرجال والنساء، وفيها
كنف، وضربها في مضرب أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل أبو عبد الله عليه السلام
ومعه نساؤه فقال: مما هذا ؟ فقلت: جعلت فداك هذه مضارب ضربها لك عمران بن عبد الله
القمي: فنزل بها ثم قال: يا غلام ! عمران بن عبد الله قال: فأقبل فقال: جعلت فداك
هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك فقال: بكم ارتفعت ؟ فقال له: جعلت فداك إن
الكرابيس من صنعتي، وعملتها لك، فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية، وقد رددت
المال الذي أعطيتنيه قال: فقبض أبو عبد الله عليه السلام على يده ثم قال: أسأل الله
تعالى أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله (2). 5 - كش: ابن
قولويه، عن سعد، عن ابن عيسى مثله (3). بيان: الكنف بالضم جمع الكنيف. 6 - ختص: ابن
قولويه، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن الحسين بن عبد الله، عن عبد
الله بن علي، عن أحمد بن حمزة بن عمران القمي، عن حماد الناب قال: كنا عند أبي عبد
الله عليه السلام بمنى ونحن جماعة إذ دخل عليه عمران بن عبد الله القمي فسأله،
وبره، وبشه (4) فلما أن قام، قلت لابي عبد الله عليه السلام: من هذا الذي بررته هذا
البر ؟ فقال: هذا من أهل البيت النجباء ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله
(5).
(1) قرب الاسناد ص 12. (2) الاختصاص ص 68
- 69. (3) رجال الكشى ص 213. (4) بشه: أي ابتش به بأن سر وفرح به واقبل عليه بطلاقة
وجه. (5) الاختصاص ص 69 واخرجه الكشى في رجاله ص 214.
[336]
7 - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن حمزة، عن
مرزبان بن عمران، عن أبان ابن عثمان، قال: دخل عمران بن عبد الله فقربه أبو عبد
الله عليه السلام فقال: كيف أنت ؟ وكيف ولدك ؟ وكيف أهلك ؟ وكيف بنو عمك ؟ وكيف أهل
بيتك ؟ ثم حدثه مليا، فلما خرج قيل لابي عبد الله عليه السلام: من هذا ؟ قال: نجيب
قوم نجباء، ما نصب لهم جبار إلا قصمه الله (1). 8 - ب: ابن سعد، عن الازدي قال:
خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقة
المدينة، وهو جنب ونحن لا علم لنا، حتى دخلنا على أبي عبد الله فسلمنا عليه فرفع
رأسه إلى أبي بصير فقال له: يا أبا بصير أما تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت
الانبياء، فرجع أبو بصير ودخلنا (2). 9 - ير: أبو طالب عن الازدي مثله (3). 10 - ب:
السندي بن محمد، عن صفوان الجمال قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: أشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، ثم قلت له: أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه
وآله كان حجة الله على خلقه، ثم كان أمير المؤمنين صلى الله عليه وكان حجة الله على
خلقه، فقال: رحمك الله ثم كان الحسن بن علي صلى الله عليه وكان حجة الله على خلقه،
فقال: رحمك الله ثم كان الحسين بن علي صلى الله عليه وكان حجة الله على خلقه، فقال:
رحمك الله ثم كان علي بن الحسين عليه السلام وكان حجة الله على خلقه وكان محمد بن
علي وكان حجة الله على خلقه وأنت حجة الله عليه خلقه فقال: رحمك الله (4). 11 - ب:
محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عيسى شلقان، عن موسى بن جعفر عليه السلام
قال: إن أبا الخطاب ممن اعير الايمان ثم سلبه الله
(1) نفس المصدر ص 69. (2) قرب الاسناد ص
30. (3) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65. (4) قرب الاسناد ص 42.
[337]
الخبر (1). 12 - ما المفيد، عن المظفر بن
أحمد البلخي، عن محمد بن همام الاسكافي عن أحمد بن مابنداد بن منصور، عن الحسن بن
علي الخزاز، عن علي بن عقبة عن سالم بن أبي حفصة قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي
الباقر عليهما السلام قلت لاصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن
محمد عليهما السلام فاعزيه به فدخلت عليه فعزيته ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون
ذهب والله من كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فلا يسأل عن من بينه
وبين رسول الله، لا والله لا يرى مثله أبدا قال: فسكت أبو عبد الله عليه السلام
ساعة، ثم قال: قال الله تعالى: إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فاربيها له كما يربي
أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل جبل احد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من
هذا، كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله "
بلا واسطة، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: " قال الله تعالى " بلا واسطة (2).
13 - ما: أبو عمرو عبد الواحد بن محمد، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى قال: سمعت أبا
عنان يقول: ما رأيت في جعفى أفضل من مسعود بن سعد، وهو أبو سعد الجعفي (3). 14 - ع:
ابن إدريس، عن أبيه، عن الاشعري، عن محمد بن عيسى، عن الهيثم، عن ابن أبي عمير، عن
حماد بن عثمان، عن الوليد بن صبيح قال: جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام يدعي
على المعلى بن خنيس دينا عليه قال: فقال: ذهب بحقي، فقال: ذهب بحقك الذي قتله، ثم
قال للوليد: قم إلى الرجل فاقضه من حقه فاني اريد أن أبرد عليه جلده، وإن كان باردا
(4).
(1) نفس المصدر ص 193 وفيه تمام الخبر.
(2) امالي الطوسى ص 78. (3) نفس المصدر ص 171. (4) علل الشرائع ص 528.
[338]
15 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
مثله (1). 16 - مع: أبي، عن محمد العطار، عن سهل، عن علي بن سليمان عن زياد القندي،
عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام إن الله
أمرني في كتابه بأمر فاحب أن أعلمه قال: وما ذاك ؟ قلت: قول الله عز وجل " ثم
ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " (2) قال: ليقضوا تفثهم لقاء الامام وليوفوا نذورهم
تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلني
الله فداك قول الله عزوجل " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " قال: أخذ الشارب وقص
الاظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلت فداك فان ذريحا المحاربي حدثني عنك أنك قلت
له: " ثم ليقضوا تفثهم ": لقاء الامام " وليوفوا نذورهم ": تلك المناسك فقال: صدق
ذريح وصدقت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح (3). 17 - مع: ابن
الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قيل له: إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له: إذا عرفت الحق فاعمل
ما شئت فقال: لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت له هكذا (4). 18 - ك: الهمداني، عن
علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن إبراهيم بن محمد الهمداني رضي الله عنه قال: قلت
للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن زرارة هل كان يعرف حق أبيك عليه
السلام ؟ فقال: نعم، فقلت له: فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف الخبر: إلى من أوصى الصادق
جعفر بن محمد عليه السلام ؟ فقال: إن زرارة كان يعرف أمر أبي عليه السلام ونص أبيه
عليه، وإنما بعث ابنه ليعرف من أبي عليه السلام هل يجوز
(1) الكافي ج 5 ص 94. (2) سورة الحج
الاية: 29. (3) معاني الاخبار ص 340. (4) نفس المصدر 388 بزيادة في آخره.
[339]
أن يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه
عليه، وإنه لما أبطا عنه ابنه طولب باظهار قوله في أبي عليه السلام فلم يحب أن يقدم
على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال: اللهم إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من
ولد جعفر بن محمد عليهما السلام (1). 19 - ك: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن
أحمد بن هلال، عن محمد بن عبيد الله بن زرارة، عن أبيه قال: لما بعث زرارة عبيدا
ابنه إلى المدينة ليسأل عن الخبر بعد مضي أبي عبد الله عليه السلام، فلما اشتد به
الامر أخذ المصحف وقال: من أثبت إمامته هذا المصحف فهو إمامي. قال الصدوق - ره -:
هذا الخبر لا يوجب أنه لم يعرف، على أن راوي هذا الخبر أحمد بن هلال وهو مجروح عند
مشايخنا رضي الله عنهم (2). حدثنا شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله
عنه قال: سمعت سعد بن عبد الله يقول: ما رأينا ولا سمعنا بمتشيع رجع عن التشيع إلى
النصب إلا أحمد بن هلال، وكانوا يقولون: إن ما تفرد بروايته أحمد بن هلال فلا يجوز
استعماله (3). 20 - ك: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن منصور ابن
العباس، عن مروك بن عبيد، عن درست، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: ذكر بين
يديه زرارة بن أعين فقال: والله إني سأستوهبه من ربي يوم القيامة فيهبه لي ويحك إن
زرارة بن أعين أبغض عدونا في الله، وأحب ولينا في الله (4). 21 - شى: عن ابن أبي
عمير، قال: وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن وعبد الله
فمات قبل أن يرجع إليه ابنه، قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم قال: قلت
لابي الحسن الاول فذكرت له زرارة وتوجيه ابنه عبيدا إلى المدينة فقال أبو الحسن:
إني لارجو أن يكون زرارة ممن قال الله " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
ثم يدركه الموت فقد
(1 و 2) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص
165. (3 و 4) نفس المصدر ج 1 ص 166.
[340]
وقع أجره على الله " (1). 22 - ختص: أبو
غالب الزراري، عن محمد بن سعيد الكوفي، عن محمد ابن فضل بن إبراهيم، عن أبيه، عن
النعمان بن عمرو الجعفي، عن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمان الجعفي قال: دخلت أنا
وعمي الحصين بن عبد الرحمان على أبي عبد الله صلى الله عليه فأدناه وقال: من هذا
معك ؟ قال: ابن أخي إسماعيل فقال: رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سيئ عمله كيف
خلفتموه ؟ قال: بخير ما أبقى الله لنا مودتكم فقال: يا حصين لا تستصغروا مودتنا
فانها من الباقيات الصالحات قال: يا ابن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله
عليها (2). 23 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن أحمد بن إدريس، ومحمد العطار معا عن
الاشعري، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله
عليه السلام إنه قال: أربعة أحب الناس إلي أحياءا وأمواتا: بريد العجلي، و زرارة بن
أعين، ومحمد بن مسلم، والاحول أحب الناس أحياءا وأمواتا (3). 24 - غط: الغضائري، عن
البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن
الحسين بن أحمد، عن أسد ابن أبي العلا، عن هشام بن أحمر قال: دخلت على أبي عبد الله
عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عن المفضل بن عمر، وهو في ضيعة له في يوم شديد الحر
والعرق يسيل على صدره فابتدأني فقال: نعم والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن
عمر، نعم والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي، حتى أحصيت بضعا و
ثلاثين مرة، يقولها ويكررها، وقال: إنما هو والد بعد والد (4).
(1) سورة النساء، الاية: 100 والحديث في
تفسير العياشي ج 1 ص 270 واخرجه الطبرسي في المجمع ج 3 ص 100. (2) الاختصاص ص 85.
(3) كمال الدين ج 1 ص 166. (4) غيبة الشيخ الطوسى ص 223.
[341]
25 - ير: محمد بن الحسين، عن موسى بن
سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن خالد بن نجيح الجواز (1) قال: دخلت على أبي عبد
الله عليه السلام وعنده خلق فقنعت رأسي وجلست في ناحية وقلت في نفسي: ويحكم ما
أغفلكم ؟ ! عند من تكلمون، عند رب العالمين ؟ قال: فناداني ويحك يا خالد إني والله
عبد مخلوق، لي رب أعبده إن لم أعبده والله عذبني بالنار، فقلت: لا والله لا أقول
فيك أبدا إلا قولك في نفسك (2). 26 - سن: الحسن بن علي بن يقطين، عن أبيه، عن جميل،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات بين الحرمين بعثه الله في الامنين يوم
القيامة، أما إن عبد الرحمن بن حجاج وأبا عبيدة منهم (3). 27 - ير: علي بن حسان، عن
موسى بن بكر، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: من أهل بيتي إثنا عشر محدثا، فقال له عبد الله بن زيد - كان أخو علي لامه -
سبحان الله كان محدثا ؟ - كالمنكر لذلك - فأقبل عليه أبو جعفر فقال: أما والله إن
ابن أمك بعد، فد كان يعرف ذلك قال: فلما قال ذلك سكت الرجل فقال أبو جعفر عليه
السلام: هي التي هلك فيها أبو الخطاب لم يدر تأويل المحدث والنبي (4). بيان: لا
يخفى غرابة هذا الخبر إذ لم ينقل أن أبا الخطاب أدرك الباقر عليه السلام ولو كان
أدركه فلا شك أن هذا المذهب الفاسد إنما ظهر منه في أواسط زمن الصادق
(1) ورد ضبطه في رجال ابن داود ص 139
بالجيم والنون بياع الجون وكذلك في أيضاح الاشتباه ص 35 وفي الكشى في ترجمة المفضل
بن عمر ص 209 في طريق رواية خالد الجوان، وفي النجاشي ص 109 أيضا الجوان وحكى عن خط
العلامة في الخلاصة مضبوطا الجوان. (2) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65. (3) المحاسن
للبرقي ج 1 ص 70. (4) بصائر الدرجات ج 7 باب 5 ص 91. (*)
[342]
عليه السلام، إلا أن يقال: إن أبا جعفر
الذي ذكر ثانيا هو الثاني عليه السلام فيكون من كلام علي بن حسان أو يكون غير
المعصوم والله يعلم. 28 - سن: أبي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن
مسكان، عن بدر بن الوليد الخثعمي قال: دخل يحيى بن سابور على أبي عبد الله عليه
السلام ليودعه فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما والله إنكم لعلى الحق، وإن من
خالفكم لعلى غير الحق والله ما أشك أنكم في الجنة، فاني لارجو أن يقر الله أعينكم
إلى قريب (1). 29 - غط: روي عن هشام بن أحمر قال: حملت إلى أبي إبراهيم عليه السلام
إلى المدينة أموالا فقال: ردها فادفعها إلى المفضل بن عمر، فرددتها إلى جعفى
فحططتها على باب المفضل (2). 30 - غط: روي عن موسى بن بكر قال: كنت في خدمة أبي
الحسن عليه السلام فلم أكن أرى شيئا يصل إليه إلا من ناحية المفضل، ولربما رأيت
الرجل يجئ بالشئ فلا يقبله منه، ويقول: أوصله إلى المفضل (3). 31 - غط: الغضايري،
عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى عن ابن فضل، عن ابن بكير، عن زرارة
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وذكرنا حمران ابن أعين فقال: لا يرتد والله أبدا،
ثم أطرق هنيهة ثم قال: أجل لا يرتد والله أبدا (4). 32 - غط: ومن المحمودين المعلى
بن خنيس وكان من قوام أبي عبد الله وإنما قتله داود بن علي بسببه وكان محمودا عنده
ومضى على منهاجه وأمره مشهور، فروي عن أبي بصير قال: لما قتل داود بن علي المعلى بن
خنيس وصلبه عظم ذلك على أبي - عبد الله عليه السلام واشتد عليه وقال له: يا داود
على ما قتلت مولاي، وقيمي في مالي و على عيالي ؟ والله إنه لاوجه عند الله منك في
حديث طويل.
(1) المحاسن ج 1 ص 146. (2 و 3) غيبة
الشيخ الطوسى ص 224 (4) نفس المصدر ص 223.
[343]
وفي خبر آخر أنه قال: أما والله لقد دخل
الجنة. ومنهم نصر بن قابوس اللخمي فروي أنه كان وكيلا لابي عبد الله عليه السلام
عشرين سنة ولم يعلم أنه وكيل وكان خيرا فاضلا، وكان عبد الرحمن بن الحجاج وكيلا
لابي عبد الله عليه السلام ومات في عصر الرضا عليه السلام على ولايته (1). أقول:
وعد الشيخ في هذا الكتاب من المحمودين حمران بن أعين والمفضل ابن عمر، وذكر ما
أوردنا من الاخبار. 33 - يج: روي عن زيد الشحام أنه قال له أبو عبد الله عليه
السلام: كم أتى عليك من سنة ؟ قال: قلت: كذا وكذا قال: جدد عبادة ربك وأحدث توبة
فبكيت، فقال: ما يبكيك ؟ فقلت: نعيت إلي نفسي قال: ابشر فانك من شيعتنا ومعنا في
الجنة إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا، والله إنا أرحم بكم منكم بأنفسكم وإني
أنذر إليك وإلى رفيقك الحارث بن المغيرة النضري في درجتك في الجنة (2). 34 - شا:
ممن روى صريح النص بالامامة من أبي عبد الله الصادق عليه السلام على ابنه أبي الحسن
موسى عليه السلام ثم من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته
الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم أجمعين، المفضل بن عمر الجعفي، ومعاذ ابن كثير
وعبد الرحمن بن الحجاج، والفيض بن المختار، ويعقوب السراج، و سليمان بن خالد،
وصفوان الجمال وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكتاب (3). 35 - شا: ابن قولويه، عن
الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام
بن سالم قال: كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله عليه السلام أنا ومحمد بن النعمان
صاحب الطاق، والناس مجتمعون عند عبد الله بن جعفر أنه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا
عليه والناس عنده فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ قال: في مائتين درهم خمسة دراهم،
فقلنا ففي مائة درهم ؟
(1) نفس المصدر ص 224. (2) الخرائج
والجرائح ص 264. (3) الارشاد ص 307.
[344]
قال: درهمان ونصف، قلنا: والله ما تقول
المرجئة هذا فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا ضلالا ما ندري إلى
أين نتوجه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة ناكسين لا ندري أين
نتوجه وإلى من نقصد، نقول: إلى المرجئة أم إلى القدرية أم إلى المعتزلة أم إلى
الزيدية. فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده، فخفت أن يكون عينا
من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من تجتمع بعد جعفر
الناس إليه، فيؤخذ ويضرب عنقه، فخفت أن يكون ذلك منهم فقلت للاحول: تنح فاني خائف
على نفسي وعليك، وإنما يريدني ليس يريدك فتنح عني لا تهلك فتعين على نفسك، فتنحى
بعيدا، وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد
عزمت على الموت، حتى ورد بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى،
فإذا خادم بالباب قال لي: ادخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام
فقال لي ابتدءا منه: إلي إلي لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى المعتزلة ولا
إلى الزيدية ولا إلى الخوراج. قلت: جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا
قال: نعم، قلت: فمن لنا من بعده ؟ قال: إن شاء الله تعالى أن يهديك هداك، قلت: جعلت
فداك إن عبد الله أخاك يزعم أنه الامام بعد أبيه فقال: عبد الله يريد أن لا يعبد
الله، قلت: جعلت فداك فمن لنا بعده ؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت: جعلت
فداك أنت هو ؟ قال: لا أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي: لم اصب طريق المسألة، ثم قلت
له: جعلت فداك عليك إمام ؟ قال: لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة ثم
قلت له: جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك ؟ قال: اسأل تخبر ولا تذع فان أذعت فهو
الذبح فسألته، فإذا هو بحر لا ينزف. فقلت: جعلت فداك شيعة أبيك ضلال فالقي إليهم
هذا الامر وأدعوهم إليك فقد أخذت علي الكتمان ؟ قال: من آنست منهم رشدا فألق إليه
وخذ عليه الكتمان
[345]
فإن أذاع فهو الذبح، وأشار بيده إلى حلقه
قال: فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراك ؟ قلت: الهدى وحدثته
بالقصة، ثم لقينا زرارة (1) وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه،
ثم لقينا الناس أفواجا و كل من دخل إليه قطع عليه الا طائفة عمار الساباطي، وبقي
عبد الله لا يدخل إليه من الناس إلا قليل (2). 36 - قب: مرسلا مثله (3). 37 - شا:
ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد، عن
يحيى بن حبيب الزيات، قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فلما نهض
القوم قال لهم أبو الحسن الرضا عليه السلام: القوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به
عهدا، فلما نهض القوم التفت إلي وقال: يرحم الله المفضل إنه كان ليقنع بدون ذلك
(4). 38 - سر: أبان بن تغلب، عن ابن أسباط، عن الحجال، عن حماد أو داود قال أبو
الحسن: جاءت امرأة أبي عبيدة إلى أبي عبد الله عليه السلام بعد موته قالت: إنما
أبكى أنه مات وهو غريب فقال: ليس هو بغريب إن أبا عبيدة منا أهل البيت (5). 39 -
سر: أبان بن تغلب، عن محمد بن علي، عن حنان بن سدير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه
السلام وأنا وجماعة من أصحابنا فذكر كثير النوا قال: وبلغه عنه أنه ذكره بشئ فقال
لنا أبو عبد الله: أما إنكم إن سألتم عنه وجدتموه إنه لغية، فلما قدمنا الكوفة سألت
عن منزله فدللت عليه، فأتينا منزله فإذا دار كبيرة فسألنا
(1) ذكر زرارة هنا غريب، إذ غيبته في هذا
الوقت عن المدينة معروف - كذا - والظاهر مكانه المفضل كما مر، أو الفضيل كما في
الكافي، منه رحمه الله - عن هامش المطبوعة. (2) الارشاد ص 310. (3) المناقب ج 3 ص
409. (4) الارشاد ص 342. (5) السرائر في المستطرفات من كتاب ابان بن تغلب.
[346]
عنه فقالوا: في ذلك البيت عجوزة كبيرة قد
أتى عليها سنون كثيرة فسلمنا عليها وقلنا لها: نسألك عن كثير النوا ؟ قالت: وما
حاجتكم إلى أن تسألوا عنه ؟ قلت: لحاجة إليه، قالت لنا: ولد في ذلك البيت ولدته امه
سادس ستة من الزناء. قال محمد بن إدريس رحمه الله: هذا كثير النوا الذي ينسب
البترية من الزيدية إليه لانه كان أبتر اليد. قال محمد بن إدريس - ره - يحسن أن
يقال ههنا كان مقطوع اليد (1). 40 - سر: من جامع البزنطي عن هشام بن سالم قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن يونس بن ظبيان فقال: رحمه الله وبنى له بيتا في الجنة،
كان والله مأمونا على الحديث (2). 41 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن
الحكم، عن علي بن عقبة قال: كان أبو الخطاب قبل أن يفسد هو يحمل المسائل لاصحابنا
ويجئ بجواباتها. 42 - شى: عن أبي بصير قال: أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الحكم بن
عتيبة وسلمة وكثير النوا وأبا المقدام والتمار - يعني سالما - أضلوا كثيرا ممن ضل
من هؤلاء الناس، وإنهم ممن قال الله " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر
وما هم بمؤمنين " (3) وإنهم ممن قال الله " وأقسموا بالله جهد أيمانهم يحلفون بالله
إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين " (4). 43 - شى: عن داود بن فرقد قال: قلت
لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك كنت اصلي عند القبر وإذا رجل خلفي يقول: "
أتريدون أن تهدوا من أضل الله
(1) السرائر في المستطرفات من كتاب ابان
بن تغلب. (2) السرائر في المستطرفات من جامع البزنطى. (3) سورة البقرة الاية: 8.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 326 وأخرجه السيد البحراني في تفسيره البرهان ج 1 ص 478
والاية 53 في سورة المائدة
[347]
والله أركسهم بما كسبوا " (1) قال: فالتفت
إليه وقد تأول على هذه الآية وما أدري من هو وأنا أقول " وإن الشياطين ليوحون إلى
أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون " (2) فإذا هو هارون بن سعيد قال:
فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: إذا أصبت الجواب قل الكلام باذن الله (3).
44 - شى: عن داود بن فرقد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: عرضت لي إلى ربي حاجة
فهجرت (4) فيها إلى المسجد وكذلك أفعل إذا عرضت الحاجة فبينا أنا اصلي في الروضة
إذا رجل على رأسي، قال: فقلت: ممن الرجل ؟ فقال: من أهل الكوفة قال: قلت: ممن الرجل
؟ قال: من أسلم قال: فقلت: ممن الرجل ؟ قال: من الزيدية قال: قلت: يا أخا أسلم من
تعرف منهم ؟ قال: أعرف خيرهم و سيدهم وأفضلهم هارون بن سعيد، قلت: يا أخا أسلم ذاك
رأس العجلية كما سمعت الله يقول " إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة
في الحيوة الدنيا " (5) وإنما الزيدي حقا محمد بن سالم بياع القصب (6). 45 - شى: عن
الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن عبد الله بن عجلان
قال في مرضه الذي مات فيه: إنه لا يموت فمات فقال: لا أعرفه
(1) هذا اقتباس من قوله تعالى: " فما لكم
في المنافقين فئتين والله اركسهم بما كسبوا اتريدون ان تهدوا من اضل الله ". (2)
سورة الانعام الاية: 121. (3) تفسير العياشي ج 1 ص 375 واخرجه البحراني في البرهان
ج 1 ص 552 و في المصدر: إذا اصبت الجواب، أو قال الكلام. (4) هجرت: أي خرجت وقت
الهاجرة وهى نصف النهار في القيظ أو من عند زوال الشمس إلى العصر، لان الناس
يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا. (5) سورة الاعراف الاية: 152. (6) تفسير
العياشي ج 2 ص 29 واخرجه الكشى ص 151 والبحراني في البرهان ج 2 ص 38.
[348]
الله شيئا من ذنوبه أين ذهب إن موسى عليه
السلام اختار سبعين من قومه فلما أخذتهم الرجفة قال: رب أصحابي أصحابي قال: إني
أبدلك بهم من هو خير لك منهم فقال: إني عرفتهم ووجدت ريحهم [قال:] فبعثهم الله له
أنبياء (1). بيان: لعله إنما قال ذلك لما سمع منه عليه السلام أنه يكون من أنصار
القائم فبين عليه السلام أنه إنما يكون ذلك في الرجعة لما ذكر من القصة فتفهم. 46 -
جا: أبو غالب الزراري، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن الحسن بن
زياد العطار، عن أبيه قال: لما قدم زيد الكوفة دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل قال:
فخرجت إلى مكة ومررت بالمدينة فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو مريض فوجدته
على سرير مستلقيا عليه وما بين جلده وعظمه شئ فقلت إني احب أن اعرض عليك ديني
فانقلب على جنبه ثم نظر إلي فقال: يا حسن ما كنت أحسبك إلا وقد استغنيت عن هذا، ثم
قال: هات، فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقال عليه السلام
معي مثلها، فقلت وأنا مقر بجميع ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله.
قال: فسكت، قلت: وأشهد أن عليا إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فرض طاعته من
شك فيه كان ضالا، ومن جحده كان كافرا، قال: فسكت، قلت: وأشهد أن الحسن والحسين
عليهما السلام بمنزلته، حتى انتهيت إليه عليه السلام فقلت: وأشهد أنك بمنزلة الحسن
والحسين ومن تقدم من الائمة قال: كف قد عرفت الذي تريد، ما تريد إلا أن أتولاك على
هذا ؟ قال: قلت: فإذا توليتني على هذا فقد بلغت الذي أردت قال: قد توليتك عليه،
فقلت: جعلت فداك إني قد هممت بالمقام قال ولم ؟ قال: قلت: إن ظفر زيد وأصحابه فليس
أحد أسوء حالا عندهم منا، وإن ظفر بنو امية فنحن عندهم بتلك المنزلة، قال: فقال لي:
انصرف ليس عليك بأس من إلى ولا من إلى (2).
(1) نفس المصدر ج 2 ص 30. (2) امالي
المفيد ص 18.
[349]
47 - جا: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن
ابن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب، عن أخيه يونس قال: كنت
بالمدينة فاستبلني جعفر بن محمد عليهما السلام في بعض أزقتها فقال: اذهب يا يونس
فان بالباب رجلا منا أهل البيت قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله جالس
فقلت له: من أنت ؟ قال: رجل من أهل قم قال: فلم يكن بأسرع أن أقبل أبو عبد الله
عليه السلام على حمار فدخل على الحمار الدار، ثم التفت إلينا فقال: ادخلا ثم قال:
يا يونس أحسب أنك أنكرت قولي لك، إن عيسى بن عبد الله منا أهل البيت، قال: إي والله
جعلت فداك لان عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم فكيف يكون منكم أهل البيت ؟ قال: يا
يونس عيسى بن عبد الله رجل منا حي وهو منا ميت (1). 48 - ختص: ابن الوليد عن سعد
مثله. (2) 49 - ختص: أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله الحميري، عن محمد بن الوليد
الخزاز، عن يونس بن يعقوب، قال: دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد الله عليه
السلام فلما انصرف قال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء. ثم قال: يا عيسى بن
عبد الله إن الله يقول " وأمر أهلك بالصلاة " (3) وإنك منا أهل البيت فإذا كانت
الشمس من ههنا مقدارها من ههنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين
عيني عيسى وانصرف (4). 50 - عم، قب: الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وآله:
خرج العطاء أيام أبي جعفر وما لي شفيع، فبقيت على الباب متحيرا، وإذا أنا بجعفر
الصادق عليه السلام فقمت إليه فقلت له: جعلني الله فداك أنا مولاك الشقراني فرحب بي
وذكرت له حاجتي فنزل ودخل وخرج وأعطاني من كمه فصبه في كمي ثم قال: يا شقراني إن
الحسن
(1) نفس المصدر ص 76. (2) الاختصاص ص 68
واخرجه الكشى في رجاله ص 213. (3) سورة طه الاية: 132. (4) الاختصاص ص 195 بزيادة
في آخره.
[350]
من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا،
وإن القبيح من كل أحد قبيح وإنه منك أقبح وعظه على جهة التعريض لانه كان يشرب (1).
51 - د: في ربيع الابرار عن الشقراني مثله. 52 - قب: بابه محمد بن سنان، واجتمعت
العصابة على تصديق ستة من فقهائه عليه السلام وهم: جميل بن دراج، وعبد الله بن
مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد ابن عيسى، وحماد بن عثمان، وأبان بن عثمان،
وأصحابه من التابعين نحو إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي، وعبد الله بن الحسن بن
الحسن بن علي عليه السلام. ومن خواص أصحابه معاوية بن عمار مولى بني دهن - وهو حي
من بجيلة وزيد الشحام، وعبد الله بن أبي يعفور، وأبي جعفر محمد بن علي بن النعمان
الاحول وأبي الفضل سدير بن حكيم، وعبد السلام بن عبد الرحمن، وجابر بن يزيد الجعفي
وأبي حمزة الثمالي، وثابت بن دينار، والمفضل بن قيس بن رمانه، والمفضل بن عمر
الجعفي، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وميسرة بن عبد العزيز، وعبد الله بن عجلان
وجابر المكفوف، وأبو داود المسترق، وإبراهيم بن مهزم الاسدي، وبسام الصيرفي وسليمان
بن مهران أبو محمد الاسدي مولاهم الاعمش، وأبو خالد القماط واسمه يزيد، ثعلبة بن
ميمون، وأبو بكر الحضرمي، والحسن بن زياد، وعبد الرحمن ابن عبد العزيز الانصاري من
ولد أبي أمامة، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي وعبد العزيز بن أبي حازم،
وسلمة بن دينار المدني، ومن مواليه معتب، ومسلم، و مصادف (2). 53 - ختص: المجهولون
من أصحاب أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام محمد بن مسكان، يوسف الطاطري، عمر
الكردي، روى عنه المفضل، هشام بن المثنى الرازي (3). 54 - كش: جعفر بن محمد، عن علي
بن الحسن بن فضال عن أخويه محمد و
(1) المناقب ج 3 ص 362. (2) نفس المصدر ج
3 ص 400. (3) الاختصاص ص 196.
[351]
أحمد، عن أبيهم، عن ابن بكير، عن ميسر بن
عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام رأيت كأني على جبل فيجئ الناس
فيركبونه فإذا كثروا عليه تصاعد بهم الجبل فينتشرون عنه ويسقطون فلم يبق معي إلا
عصابة يسيرة أنت منهم وصاحبك الاحمر - يعني عبد الله بن عجلان (1). 55 - كش:
حمدويه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن مسعود عن أحمد بن المنصور، عن أحمد
بن الفضل، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عيسى عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال: كنت
عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه كتاب عبد السلام ابن عبد الرحمن بن نعيم، وكتاب
الفيض بن المختار، وسليمان بن خالد يخبرونه أن الكوفة شاغرة برجلها وأنه إن أمرهم
أن يأخذوها أخذوها، فلما قرأ كتابهم رمى به، ثم قال: ما أنا لهؤلاء بامام أما علموا
أن صاحبهم السفياني (2). بيان: قال الفيروز آبادي: شغر الرجل المرأة رفع رجلها
للنكاح كأشغرها فشغرت، والارض لم يبق بها أحد يحميها ويضبطها، وبلدة شاغرة برجلها
لم تمتنع من غارة أحد لخلوها. 56 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن محمد بن
الوليد، عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكر: أن سعيدة مولاة
جعفر عليه السلام كانت من أهل الفضل، كانت تعلم كلمات سمعت من أبي عبد الله عليه
السلام فانه كان عندها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن جعفرا قال لها:
اسألي الله الذي عرفنيك في الدينا أن يزوجنيك في الجنة، وأنها كانت في قرب دار جعفر
عليه السلام لم تكن ترى في المسجد إلا مسلمة على النبي صلى الله عليه وآله، خارجة
إلى مكة أو قادمة من مكة، وذكر أنه كان آخر قولها: وقد رضينا الثواب وأمنا العقاب
(3). 57 - ختص: أحمد بن محمد، عن سعد، عن ابن يزيد، عن مروك، عن هشام
(1) رجال الكشى ص 158. (2) نفس المصدر ص
226. (3) المصدر السابق ص 234.
[352]
ابن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: نعم الشفيع أنا وأبي لحمران ابن أعين يوم القيامة، نأخذ بيده ولا
نزايله حتى ندخل الجنة جميعا (1). 58 - ختص: روي محمد بن عيسى بن عبيد، عن زياد
القندي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حمران: إنه رجل من أهل الجنة (2).
59 - كش: عن ابن أبي نجران، عن حماد الناب عن المسمعي قال: لما أخذ داود بن علي
المعلى بن خنيس حبسه فأراد قتله، فقال له المعلى: أخرجني إلى الناس فان لي دينا
كثيرا ومالا حتى اشهد بذلك، فأخرجه إلى السوق، فلما اجتمع الناس قال: أيها الناس
أنا معلى بن خنيس فمن عرفني فقد عرفني اشهدوا أني ما تركت من مال عين أو دين أو أمة
أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمد عليه السلام قال: فشد عليه صاحب
شرطة داود فقتله. قال: فلما بلغ ذلك أبا عبد الله عليه السلام خرج يجر ذيله حتى دخل
على داود بن علي وإسماعيل ابنه خلفه فقال: يا داود قتلت مولاي وأخذت مالي فقال: ما
أنا قتلته ولا أخذت مالك فقال: والله لادعون على من قتل مولاي وأخذ مالي، قال: ما
قتلته ولكن قتله صاحب شرطتي فقال: بإذنك أو بغير إذنك ؟ فقال: بغير إذني فقال: يا
إسماعيل شأنك به، فخرج إسماعيل والسيف معه حتى قتله في مجلسه. قال حماد: فأخبرني
المسمعي عن معتب قال: فلم يزل أبو عبد الله عليه السلام ليلته ساجدا وقائما فسمعته
في آخر الليل وهو ساجد يقول " اللهم إني أسألك بقوتك القوية ومحالك الشديدة وبعزتك
التي خلقك لها ذليل أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تأخذه الساعة الساعة " قال:
فوالله ما رفع رأسه من سجوده حتى سمعنا الصائحة فقالوا: مات داود بن علي، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: إني دعوت الله عليه بدعوة بعث الله إليه ملكا فضرب رأسه
بمرزبه انشقت مثانته (3). 60 - كش: حمدويه، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن مسعود، عن
جبرئيل بن
(1 و 2) الاختصاص ص 196. (3) رجال الكشى ص
240.
[353]
أحمد، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن الوليد بن صبيح قال: قال داود بن علي لابي عبد الله عليه السلام: ما أنا
قتلته - يعني معلى بن خنيس - قال: فمن قتله ؟ قال: السيرافي، وكان صاحب شرطته، قال:
أقدنا منه قال: قد أقدتك قال: فلما اخذ السيرافي وقدم ليقتل جعل يقول: يا معشر
المسلمين، يأمروني بقتل الناس فأقتلهم لهم، ثم يقتلوني فقتل السيرافي (1). بيان:
أقدنا منه أي مكنا نقتله قودا وقصاصا. 61 - كش: محمد بن مسعود قال: كتب إلى الفضل
قال: حدثنا ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسماعيل بن جابر قال: لما
قدم أبو إسحاق من مكة، فذكر له قتل المعلى بن خنيس قال: فقام مغضبا يجر ثوبه فقال
له إسماعيل ابنه: يا أبة أين تذهب ؟ فقال: لو كانت نازلة لقدمت عليها، فجاء حتى دخل
على داود بن علي فقال: يا داود لقد أتيت ذنبا لا يغفره الله لك قال: وما ذلك الذنب
؟ قال: قتلت رجلا من أهل الجنة، ثم مكث ساعة، ثم قال: إن شاء الله قال له داود:
وأنت قد أتيت ذنبا لا يغفره الله لك قال: وما ذلك الذنب ؟ قال: زوجت ابنتك فلانا
الاموي قال: إن كنت زوجت فلانا الاموي، فقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله
عثمان، ولي برسول الله صلى الله عليه وآله اسوة، قال: ما أنا قتلته قال: فمن قتله ؟
قال: قتله السيرافي قال: فأقدنا منه قال: فلما كان من الغد غدا السيرافي فأخذه
فقتله فجعل يصيح: يا عباد الله يأمروني أن أقتل لهم الناس ثم يقتلوني (2). 62 - كش:
حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط قال: قال سفيان بن عيينة لابي
عبد الله عليه السلام إنه يروي أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن من
الثياب، وأنت تلبس القوهي المروي (3) ؟ قال: ويحك إن
(1) رجال الكشى ص 241. (2) نفس المصدر ص
241. (3) القوهى المروى: ضرب من الثياب بيض منسوبة إلى قوهستان وهى قصبة من قصبات
خراسان.
[354]
عليا عليه السلام كان في زمان ضيق فإذا
اتسع الزمان، فأبرار الزمان أولى به (1). 63 - كش: محمد بن مسعود، عن الحسين بن
اشكيب، عن الحسن بن الحسين المروري، عن يونس بن بن عبد الرحمان، عن أحمد بن عمر
قال: سمعت بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام يحدث أن سفيان الثوري دخل على أبي
عبد الله عليه السلام وعليه ثياب جياد فقال: يا أبا عبد الله عليه السلام إن آباءك
لم يكونوا يلبسون مثل هذه الثياب ؟ ! فقال له: إن آبائي عليهم السلام كانوا يلبسون
ذاك في زمان مقفر مقصر [مقتر] وهذه زمان قد أرخت الدنيا عزاليها فأحق أهلها بها
أبرارهم (2). بيان: العزالي بكسر اللام وفتحها جمع العزلاء وهي فم المزادة الاسفل
وإرخاؤها كناية عن كثرة النعم واتساعها، كما يقال لبيان كثرة المطر: أرخت السماء
عزاليها. 64 - كش: وجدت في كتاب أبي محمد جبرئيل بن أحمد الفاريابي بخطه حدثني محمد
بن عيسى، عن محمد بن الفضيل الكوفي، عن عبد الله بن عبد الرحمان عن الهيثم بن واقد،
عن ميمون بن عبد الله قال: أتى قوم أبا عبد الله عليه السلام يسألونه الحديث من
الامصار، وأنا عنده، فقال لي: أتعرف أحدا من القوم ؟ قلت: لا فقال: كيف دخلوا علي ؟
قلت: هؤلاء قوم يطلبون الحديث من كل وجه، لا يبالون ممن أخذوا، فقال لرجل منهم: هل
سمعت من غيري من الحديث ؟ قال: نعم قال: فحدثني ببعض ما سمعت. قال: إنما جئت لاسمع
منك، لم أجئ احدثك، وقال للاخر: ذلك ما يمنعه أن يحدثني ما سمع ؟ قال: تتفضل أن
تحدثني بما سمعت، أجعل الذي حدثك حديثه أمانة لا أتحدث به أبدا ؟ قال: لا قال:
فسمعنا بعض ما اقتبست من العلم حتى نعتد بك إن شاء الله قال: حدثني سفيان الثوري،
عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: النبيذ كله حلال إلا الخمر، ثم سكت فقال أبو عبد
الله عليه السلام: زدنا قال: حدثني
(1) رجال الكشى ص 248 وليس في آخر الحديث
لفظ " به ". (2) نفس المصدر ص 249 وفيه " عرابها " بدل " عزاليها ".
[355]
سفيان عمن حدثه عن محمد بن علي عليه
السلام أنه قال: من لم يمسح على خفيه فهو صاحب بدعة، ومن لم يشرب النبيذ فهو مبتدع،
ومن لم يأكل الجريث (1) وطعام أهل الذمة وذبايحهم فهو ضال أما النبيذ فقد شربه عمر
نبيذ زبيب فرشحه بالماء، وأما المسح على الخفين فقد مسح عمر على الخفين ثلاثا في
السفر، ويوما وليلة في الحضر، وأما الذبائح فقد أكلها علي عليه السلام وقال: كلوها،
فان الله تعالى يقول: " اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم
وطعامكم حل لهم " (2) ثم سكت. فقال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا فقال: فقد حدثتك
بما سمعت فقال: أكل الذي سمعت هذا ؟ قال: لا، قال: زدنا قال: حدثنا عمرو بن عبيد،
عن الحسن قال: أشياء صدق الناس بها، وأخذوا بما ليس في كتاب الله لها أصل، منها:
عذاب القبر ومنها الميزان، ومنها الحوض، ومنها الشفاعة، ومنها النية، ينوي الرجل من
الخير والشر فلا يعمله فيثاب عليه ولا يثاب الرجل إلا بما عمل إن خيرا فخيرا وإن
شرا فشرا قال: فضحكت من حديثه، فغمزني أبو عبد الله عليه السلام أن كف حتى نسمع.
قال: فرفع رأسه إلي فقال: وما يضحكك ؟ من الحق أم من الباطل ؟ قلت له: أصلحك الله
وأبكي ؟ ! وإنما يضحكني منك تعجبا كيف حفظت هذه الاحاديث ؟ فسكت، فقال أبو عبد الله
عليه السلام: زدنا قال: حدثني سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر أنه رأى عليا عليه
السلام على منبر بالكوفة وهو يقول: لئن أتيت برجل يفضلني على أبي بكر وعمر لاجلدنه
حد المفتري، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا فقال: حدثني سفيان عن جعفر أنه
قال: حب أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهما كفر. قال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا قال:
حدثني يونس بن عبيد، عن الحسن أن عليا عليه السلام أبطأ على بيعة أبي بكر، فقال له
عتيق: ما خلفك عن البيعة ؟ والله لقد هممت أن
(1) الجريث: هو بالثاء المثلثة كسكيت ضرب
من السمك يشبه الحيات. (2) سورة المائدة الاية: 5.
[356]
أضرب عنقك، فقال علي عليه السلام خليفة
رسول الله لا تثريب، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا. قال: حدثني سفيان
الثوري، عن الحسن أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يضرب عنق علي عليه السلام إذا
سلم من صلاة الصبح، وان أبا بكر سلم بينه وبين نفسه، ثم قال: يا خالد ! لا تفعل ما
أمرتك، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا قال: حدثني نعيم بن عبيد الله، عن
جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: ود علي بن أبي طالب عليه السلام أنه بنخيلات
ينبع، يستظل بظلهن، ويأكل من حشفهن ولم يشهد يوم الجمل ولا النهروان، وحدثني به
سفيان، عن الحسن، قال أبو عبد الله عليه السلام: زدنا قال: حدثنا عباد، عن جعفر بن
محمد أنه قال: لما رأى علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الجمل كثرة الدماء، قال
لابنه الحسن: يا بني هلكت قال له الحسن: يا أبت أليس قد نهيتك عن هذا الخروج ؟ فقال
علي عليه السلام: يا بني لم أدر أن الامر يبلغ هذا المبلغ، فقال له أبو عبد الله
عليه السلام: زدنا. قال: حدثنا سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا
عليه السلام لما قتل أهل صفين بكى عليهم، ثم قال: جمع الله بيني وبينهم في الجنة
قال: فضاق بي البيت وعرقت، وكدت أن أخرج من مسكي (1) فأردت أن أقوم إليه فأتوطأه ثم
ذكرت غمز أبي عبد الله عليه السلام فكففت فقال له أبو عبد الله عليه السلام: من أي
البلاد أنت ؟ قال: من أهل البصرة قال: هذا الذي تحدث عنه وتذكر اسمه جعفر بن محمد
تعرفه ؟ قال: لا قال: فهل سمعت منه شيئا قط ؟ قال: لا، قال: فهده الاحاديث عندك حق
؟ قال: نعم، قال: فمتى سمعتها ؟ قال: لا أحفظ قال: إلا أنها أحاديث أهل مصرنا، منذ
دهرنا لا يمترون فيها. قال له أبو عبد الله عليه السلام: لو رأيت هذا الرجل الذي
تحدث عنه فقال لك هذه التي ترويها عني كذب، وقال: لا أعرفها ولم احدث بها، هل كنت
تصدقه ؟ قال: لا قال: لم ؟ قال: لانه شهد على قوله رجال لو شهد أحدهم على عتق رجل
لجاز
(1) مسكى: المسك بسكون السين: الجلد جمع
مسك ومسوك والقطعة منه مسكة. (*)
[357]
قوله، فقال: اكتب بسم الله الرحمان الرحيم
حدثني أبي، عن جدي، قال: ما اسمك ؟ قال: ما تسأل عن اسمي إن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال: خلق الله الارواح قبل الاجساد بألفي عام، ثم أسكنها الهواء، فما
تعارف منها ثم ايتلف ههنا، وما تناكر ثم اختلف ههنا، ومن كذب علينا أهل البيت حشره
الله يوم القيامة أعمى يهوديا وإن أدرك الدجال آمن به، وإن لم يدركه آمن به في
قبره، يا غلام ضع لي ماءا وغمزني وقال: لا تبرح، وقام القوم فانصرفوا، وقد كتبوا
الحديث الذي سمعوا منه. ثم إنه خرج ووجهه منقبض فقال: أما سمعت ما يحدث به هؤلاء ؟
قلت: أصلحك الله ما هؤلاء، وما حديثهم ؟ [قال أعجب حديثهم] كان عندي الكذب علي
والحكاية عني، ما لم أقل ولم يسمعه عني أحد، وقولهم: لو أنكر الاحاديث ما صدقناه ما
لهؤلاء لا أمهل الله لهم، ولا أملى لهم ثم قال لنا: إن عليا عليه السلام لما أراد
الخروج من البصرة قال على أطرافها ثم قال: لعنك الله يا أنتن الارض ترابا، وأسرعها
خرابا، وأشدها عذابا، فيك الداء الدوي، قيل: ما هو يا أمير المؤمنين ؟ قال: كلام
القدر الذي فيه الفرية على الله، وبغضنا أهل البيت، وفيه سخط الله، وسخط نبيه صلى
الله عليه وآله وكذبهم علينا أهل البيت، واستحلالهم الكذب علينا (1). 65 - كش: محمد
بن مسعود، عن علي بن الحسن، عن محمد بن الوليد عن العباس بن هلال قال: ذكر أبو
الحسن الرضا عليه السلام أن سفيان بن عيينة لقي أبا عبد الله عليه السلام فقال له:
يا أبا عبد الله إلى متى هذه التقية، وقد بلغت هذا السن ؟ فقال: والذي بعث محمدا
بالحق، لو أن رجلا صلى ما بين الركن والمقام عمره، ثم لقي الله بغير ولايتنا أهل
البيت، للقي الله بميتة جاهلية (2). 66 - بشا: محمد بن عبد الوهاب الرازي، عن محمد
بن أحمد النيسابوري
(1) رجال الكشى ص 249 بتفاوت. (2) نفس
المصدر ص 248.
[358]
عن محمد بن أحمد بن الحسن البزاز، عن أحمد
بن عبد الله الهاشمي، عن علي بن عاذل القطان، عن محمد تميم الواسطي، عن الحماني، عن
شريك قال: كنت عند سليمان الاعمش في مرضته التي قبض فيها إذ دخل علينا ابن أبي ليلى
وابن شبرمة وأبو حنيفة فأقبل أبو حنيفة على سليمان الاعمش فقال: يا سليمان الاعمش
اتق الله وحده لا شريك له، واعلم أنك في أول يوم من أيام الاخرة، وآخر يوم من أيام
الدنيا، وقد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث لو أمسكت عنها لكان أفضل فقال
سليمان الاعمش: لمثلي يقال هذا ؟ ! أقعدوني أسندوني، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال:
يا أبا حنيفة حدثني أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يقول الله عزوجل لي ولعلي بن أبي طالب أدخلا
الجنة من أحبكما والنار من أبغضكما، وهو قول الله عزوجل " ألقيا في جنهم كل كفار
عنيد " (1) قال أبو حنيفة: قوموا بنا لا يأتي بشئ هو أعظم من هذا، قال الفضل: سألت
الحسن عليه السلام فقلت: من الكفار ؟ قال: الكافر بجدي رسول الله صلى الله عليه
وآله قلت: ومن العنيد ؟ قال: الجاحد حق علي بن أبي طالب عليه السلام (2). 67 - نبه:
دخل طاووس اليماني على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقال له: أنت طاووس ؟ فقال:
نعم، فقال: طاووس طيرمشؤوم ما نزل بساحة قوم إلا آذانهم بالرحيل، نشدتك الله هل
تعلم أن أحدا أقبل للعذر من الله ؟ قال: اللهم لا قال: فنشدتك الله هل تعلم أصدق
ممن قال: لا أقدر، ولا قدرة له ؟ قال: اللهم لا قال: فلم لا يقبل من لا أقبل للعذر
منه ممن لا أصدق في القول منه ؟ ! قال: فنفض أثوابه وقال: ما بيني وبين الحق عداوة
(3).
(1) سورة ق الاية: 24. (2) بشارة المصطفى
ص 59 مع ذكر خصوصيات في السند. (3) تنبيه الخواطر ص 12 طبع النجف الاشرف.
[359]
بيان: كأنه عليه السلام رد عليه في القول
بالجبر ونفي الاستطاعة. 68 - كا: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال:
قال أبو - عبد الله عليه السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي: ويحك يا عباد غرك أن
عف بطنك وفرجك إن الله عزوجل يقول في كتابه " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم " (1) اعلم أنه لا يتقبل الله عزوجل منك شيئا
حتى تقول قولا عدلا (2). 69 - كا: العدة، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن زرعة
قال: كان رجل بالمدينة، وكان له جارية نفيسة، فوقعت في قلب رجل، وأعجب بها، فشكى
ذلك إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: تعرض لرؤيتها، وكلما رأيتها فقل: أسأل الله
من فضله، ففعل، فما لبث إلا يسيرا حتى عرض لوليها سفر، فجاء إلى الرجل فقال: يا
فلان أنت جاري، وأوثق الناس عندي، وقد عرض لي سفر، وأنا احب أن اودعك فلانة جاريتي
تكون عندك، فقال الرجل: ليس لي امرأة، ولا معي في منزلي امرأة فكيف تكون جارتك عندي
؟ فقال: اقومها عليك بالثمن، وتضمنه لي تكون عندك، فإذا أنا قدمت فبعنيها أشتريها
منك، وإن نلت منها نلت ما يحل لك، ففعل وغلظ عليه في الثمن، وخرج الرجل فمكثت عنده
ما شاء الله حتى قضى وطره منها. ثم قدم رسول لبعض خلفاء بني امية يشتري له جواري،
فكانت هي فيمن سمي أن يشتري، فبعث الوالي إليه فقال له: جارية فلان قال: فلان غائب،
فقهره على بيعها، فأعطاه من الثمن ما كان فيه ربح، فلما اخذت الجارية، واخرج بها من
المدينة، قدم مولاها، فأول شئ سأله سأله عن الجارية كيف هي ؟ فأخبره بخبرها، وأخرج
إليه المال كله، الذي قومه عليه والذي ربح، فقال: هذا ثمنها فخذه، فأبى الرجل فقال:
لا آخذ إلا ما قومت عليك، وما كان من فضل فخذه
(1) سورة الاحزاب الاية: 70. (2) الكافي ج
8 ص 107.
[360]
لك هينئا فصنع الله له بحسن نيته (1). 70
- كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار
قال: كان عباد البصري عند أبي عبد الله عليه السلام يأكل، فوضع أبو عبد الله يده
على الارض فقال له عباد: أصلحك الله أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى
عن ذا، فرفع يده فأكل، ثم أعادها أيضا، فقال له أيضا، فرفعها، ثم أكل فأعادها فقال
له عباد أيضا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: لا والله ما نهى رسول الله صلى
الله عليه وآله عن هذا قط (2). 71 - كا: علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد
الله، عن محمد بن علي رفعه قال: مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد
الله عليه السلام، وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان فقال: والله لاتينه ولاوبخنه، فدنا
منه فقال: يا ابن رسول الله، والله ما لبس رسول الله صلى الله عليه وآله مثل هذا
اللباس، ولا علي ولا أحد من آبائك ؟ !. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله في زمن قتر مقتر، وكان يأخذ لقتره وإقتاره، وإن الدنيا بعد
ذلك أرخت عزاليها، فأحق أهلها بها أبرارها ثم تلا " قل من حرم زينة الله التي أخرج
لعباده والطيبات من الرزق " (3) فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله، غير أني يا
ثوري ما ترى علي من ثوب إنما لبسته للناس، ثم اجتذب بيد سفيان فجرها إليه، ثم رفع
الثوب الاعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال: هذا لبسته لنفسي غليظا، وما
رأيته للناس، ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن، وداخل ذلك ثوب لين فقال: لبست
هذا الاعلى للناس ولبست هذا لنفسك تسرها (4).
(1) نفس المصدر ج 5 ص 559. (2) الكافي ج 6
ص 271. (3) سورة الاعراف، الاية: 32. (4) نفس المصدر ج 6 ص 442 وفيه " اقتداره "
مكان " اقتاره ".
[361]
72 - كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن
الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا أنا في
الطواف، فإذا رجل يجذب ثوبي، وإذا عباد بن كثير البصري فقال: يا جعفر تلبس مثل هذه
الثياب وأنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من علي عليه السلام ؟ ! فقلت:
ثوب فرقبي اشتريته بدينار، و كان علي عليه السلام في زمان يستقيم له ما لبس فيه،
ولو لبست مثل هذا اللباس في زماننا لقال الناس: هذا مراء مثل عباد (1). بيان: قال
الفيروز آبادي: فرقب كقنفذ موضع (2) ومنه الثياب الفرقبية أو هي ثياب بيض من كتان.
73 - كا: العدة، عن سهل، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح قال: كان أبو عبد
الله عليه السلام متكئا علي أو قال على أبي، فلقيه عباد بن كثير، وعليه ثياب مروية
حسان فقال: يا أبا عبد الله إنك من أهل بيت نبوة، وكان أبوك وكان فما هذه المزينة
عليك ؟ فلو لبست دون هذه الثياب ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام ويلك يا عباد "
من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " إن الله عز وجل إذا أنعم
على عبد نعمة، أحب أن يراها عليه، ليس به بأس، ويلك يا عباد إنما أنا بضعة من رسول
الله صلى الله عليه وآله فلا تؤذني، وكان عباد يلبس ثوبين قطويين (3). 74 - كا:
محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية يونس بن عمار قال:
قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن لي جارا من قريش من آل محرز، قد نوه باسمي
وشهرني في كل ما مررت به قال: هذا الرافضي يحمل
(1) الكافي ج 6 ص 443. (2) القاموس ج 1 ص
116. (3) نفس المصدر ج 6 ص 443 وفيه " قطر بين " مكان " قطويين " والظاهر انه تصحيف
أو هو نسبة إلى قطر وهى قرية في سوريا أو هي قطر التى تقع على سيف الخط بين عمان
والعقير والتى هي اليوم مشيخة مستقلة شبه جزيرة على ساحل جزيرة العرب شرقا في خليج
فارس غنية بالنفط.
[362]
الاموال إلى جعفر بن محمد، قال: فقال لي:
ادع الله عليه إذا كنت في صلاة الليل و أنت ساجد في السجدة الاخيرة من الركعتين
الاولتين، فاحمد الله عزوجل و مجده وقل: اللهم إن فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي،
وغاظني، وعرضني للمكاره، اللهم اضربه بسهم عاجلا تشغله به عني، اللهم وقرب أجله،
واقطع أثره وعجل ذلك يا رب الساعة الساعة. قال: فلما قدمنا إلى الكوفة قدمنا ليلا
فسألت أهلنا عنه قلت: ما فعل فلان ؟ فقالوا: هو مريض، فما انقضى آخر كلامي حتى سمعت
الصياح من منزله وقالوا: قد مات (1). 75 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن
فضال، عن يونس بن يعقوب عن سعيد بن يسار، أنه حضر أحد ابني سابور وكان لهما فضل
وورع وإخبات، ثم مرض أحدهما ولا أحسبه إلا زكريا بن سابور قال: فحضرت عند موته فبسط
يده ثم قال: ابيضت يدي يا علي قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وعنده محمد
بن مسلم قال: فلما قمت من عنده ظننت أن محمدا يخبره بخبر الرجل فأتبعني برسول فرجعت
إليه فقال: أخبرني عن هذا الرجل الذي حضرته عند الموت، أي شئ سمعته يقول ؟ قال:
قلت: بسط يده وقال: ابيضت يدي يا علي فقال أبو عبد الله: رآه والله، رآه والله، رآه
والله (2). 76 - كا: العدة، عن سهل، ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي
يعفور، قال: كان خطاب الجهني خليطا لنا، وكان شديد النصب لال محمد وكان يصحب نجدة
الحروري قال: فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية، فإذا هو مغمى عليه في حد الموت،
فسمعته يقول: مالي ولك يا علي، فأخبرت بذلك أبا عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد
الله عليه السلام: رآه ورب الكعبة، رآه ورب الكعبة، رآه ورب الكعبة (2).
(1) الكافي ج 2 ص 512. (2) نفس المصدر ج 3
ص 130. (3) المصدر السابق ج 3 ص 133.
[363]
77 - فر: الحسين بن سعيد، معنعنا عن سفيان
قال: قال لي أبو عبد الله جعفر ابن محمد عليه السلام: يا سفيان لا تذهبن بك
المذاهب، عليك بالقصد، وعليك أن تتبع الهدى، قلت: يا ابن رسول الله، وما اتباع
الهدى ؟ قال: كتاب الله، ولزوم هذا الرجل، فقال لي: يا سفيان أنت لا تدري من هو ؟
قلت: لا والله ما أدري من هو ؟ قال: فقال لي: والله لكنك آثرت الدنيا على الاخرة،
ومن آثر الدنيا على الاخرة حشره الله يوم القيامة أعمى، قال: قلت يا ابن رسول الله
أخبرني عن هذا الرجل، لعل الله ينفعني به قال: يا سفيان هو والله أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه السلام، من اتبعه فقد اعطي ما لم يعط أحد ومن لم يتبعه فقد خسر
خسرانا مبينا، هو، والله جدنا علي بن أبي طالب عليه السلام، يا سفيان إن أردت
العروة الوثقى فعليك بعلي فإنه والله ينجيك من العذاب، يا سفيان لا تتبع هواك فتضل
عن سواء السبيل (1). 78 - كش: أبو جعفر أحمد بن إبراهيم القرشي قال: أخبرني بعض
أصحابنا قال: كان المعلى بن خنيس رحمه الله إذا كان يوم العيد خرج إلى الصحراء شعثا
مغبرا في زي ملهوف، فإذا صعد الخطيب المنبر مد يده نحو السماء ثم قال: اللهم هذا
مقام خلفائك وأصفيائك، ومواضع امنائك الذين خصصتهم، ابتزوها و أنت المقدر للاشياء،
لا يغالب قضاؤك، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك، كيف شئت وأنى شئت، علمك في إرادتك
كعلمك في خلقك، حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين، يرون حكمك مبدلا
وكتابك منبوذا، وفرائضك محرفة عن جهات شرائعك، وسنين نبيك صلواتك عليه وآله متروكة،
اللهم العن أعداءهم من الاولين والاخرين، والغادين والرائحين، والماضين والغابرين،
اللهم والعن جبابرة زماننا، وأشياعهم وأتباعهم، وأحزابهم، وأعوانهم، إنك على كل شئ
قدير (2)،
(1) تفسير فرات بن ابراهيم ص 29. (2) رجال
الكشى ص 243.
[364]
79 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن جميل بن دراج، عن الوليد ابن صبيح قال: قال لي شهاب بن عبدربه اقرأ أبا عبد الله
عليه السلام عني السلام وأعلمه أنه يصيبني فزع في منامي قال: فقلت له: إن شهابا
يقرئك السلام ويقول لك: إنه يصيبني فزع في منامي قال: قل له فليزك ماله قال: فأبلغت
شهابا ذلك فقال لي: فتبلغه عني ؟ فقلت: نعم فقال: قل له: إن الصبيان فضلا عن الرجال
ليعلمون أني ازكي مالي، قال: قال: فأبلغته فقال أبو عبد الله عليه السلام: قل له:
إنك تخرجها ولا تضعها في مواضعها (1). 80 - كا: علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد
بن محمد بن خالد، عمن ذكره، عن الوليد بن أبي العلا عن معتب قال: دخل محمد بن بشر
الوشاء على أبي عبد الله يسائله أن يكلم شهابا أن يخفف عنه، حتى ينقضي الموسم، وكان
له عليه ألف دينار، فأرسل إليه فأتاه فقال له: قد عرفت حال محمد وانقطاعه إلينا،
وقد ذكر أن لك عليه ألف دينار، ولم يذهب في بطن ولا فرج، وإنما ذهبت دينا على
الرجال، ووضايع وضعها، وأنا أحب أن تجعله في حل فقال: لعلك ممن يزعم أنه يقتص من
حسناته فيعطاها ؟ فقال: كذلك في أيدينا، فقال أبو عبد الله عليه السلام: الله أكرم
وأعدل من أن يتقرب إليه عبده، فيقوم في الليلة القرة (2) أو يصوم في اليوم الحار أو
يطوف بهذا البيت، ثم يسلبه ذلك فيعطاه، ولكن لله فضل كثير يكافي المؤمن فقال: فهو
في حل (3). 81 - كا: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، ومحمد
ابن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال جميعا، عن أبي جميلة عن خالد بن
عمار، عن سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل وأنا خارج، وأخذ بيدي ثم
استقبل البيت، فقال: يا سدير إنما امر الناس أن
(1) الكافي ج 3 ص 546. (2) القرة: أي
الباردة وهو من القر بمعنى البرد. (3) الكافي ج 4 ص 36. (*)
[365]
يأتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها، ثم يأتونا
فيعلمونا ولا يتهم لنا، وهو قول الله " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم
اهتدى " (1) - ثم أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا، ثم قال: يا سدير أفاريك
الصادين عن دين الله ؟ ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان، وهم حلق
في المسجد فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله، بلا هدى من الله، ولا كتاب مبين، إن
هؤلاء الاخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك
وتعالى، و عن رسوله صلى الله عليه وآله، حتى يأتونا، فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى
وعن رسوله صلى الله عليه وآله (2). 82 - كا: محمد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن علي
بن الحكم، عن الحكم ابن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكة قال: قال سفيان الثوري:
اذهب بنا إلى جعفر بن محمد عليه السلام قال: فذهبت معه إليه، فوجدناه قد ركب دابته،
فقال له سفيان: يا أبا عبد الله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في
مسجد الخيف، قال: دعني حتى أذهب في حاجتي، فإني قد ركبت، فإذا جئت حدثتك فقال:
أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني قال: فنزل، فقال له
سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتى اثبته، فدعا به. ثم قال: اكتب بسم الله الرحمان
الرحيم خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف: نصر الله عبدا سمع مقالتي
فوعاها، وبلغها من لم تبلغه، يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب فرب حامل فقه ليس
بفقيه، ورب حالم فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص
العمل لله، والنصيحة لائمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فان دعوتهم محيطة من
ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم، وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم،
فكتبه ثم عرضه عليه، وركب أبو عبد الله عليه السلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في
بعض الطريق فقال
(1) سورة طه، الاية 82. (2) الكافي ج 1 ص
392.
[366]
لي: كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث فقلت
له: قد والله ألزم أبو عبد الله عليه السلام رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا
فقال: وأي شئ ذلك ؟ فقلت له: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله، قد
عرفناه، والنصيحة لائمة المسلمين من هؤلاء الائمة الذين تجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية
بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم ؟ ! ! وكل من لا تجوز شهادته عندنا
ولا تجوز الصلاة خلفهم ! ! ؟. وقوله: واللزوم لجماعتهم، فأي الجماعة ؟ مرجئ يقول:
من لم يصل، و لم يصم ولم يغتسل من جنابة، وهدم الكعبة، ونكح امه فهو على إيمان
جبرئيل وميكائيل ! ! ؟ أو قدري يقول: لا يكون ما شاء الله عزوجل، ويكون ما شاءه
إبليس ؟ أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب، وشهد عليه بالكفر ؟ أو جهمي يقول: إنما
هي معرفة الله وحده ليس الايمان شئ غيرها ! ! ؟ قال: ويحك وأي شئ يقولون ؟ فقلت:
يقولون: إن علي بن أبي طالب والله الامام الذي يجب علينا نصيحته، ولزوم جماعة أهل
بيته، قال: فأخذ الكتاب فخرقه ثم قال: لا تخبر بها أحدا (1). 83 - كا: العدة، عن
أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب عن عبد العزيز بن نافع قال طلبنا
الاذن على أبي عبد الله عليه السلام، وأرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا إثنين إثنين،
فدخلت أنا ورجل معي فقلت للرجل: احب أن تسأل المسألة فقال: نعم فقال له: جعلت فداك
إن أبي كان ممن سباه بنو امية، وقد علمت أن بني امية لم يكن لهم أن يحرموا، ولا
يحللوا، ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا كثير، وإنما ذلك لكم، فإذا ذكرت الذي
كنت فيه، دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه، فقال له: أنت في حل مما
كان من ذلك، وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك، قال فقمنا، وخرجنا،
فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه السلام فقال
لهم: قد ظفر
(1) نفس المصدر ج 1 ص 403 وفيه " نضر الله
عبدا سمع مقالتي " بدل " نصر الله الخ " ولعله الانسب.
[367]
عبد العزيز بن نافع بشئ ما ظفر بمثله أحد
قط، قيل له: وما ذاك ؟ ففسره لهم فقام إثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام
فقال أحدهما: جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني امية، وقد علمت أن بني امية لم يكن
لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا احب أن تجعلني من ذلك في حل فقال: ما ذلك إلينا، ما
لنا أن نحل ولا أن نحرم فخرج الرجلان وغضب أبو عبد الله عليه السلام، فلم يدخل عليه
أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه السلام، فقال: ألا تعجبون من فلان
يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو امية كأنه يرى أن ذلك لنا، ولم ينتفع أحد في تلك
الليلة بقليل ولا كثير إلا الاولين، فانهما غنيا بحاجتهما (1). 84 - يب: أحمد بن
محمد، عن ابن أبي نجران، عن صباح الحذاء عن أبي الطيار قال: قلت لابي عبد الله، إنه
كان في يدي شئ فتفرق وضقت به ضيقا شديدا فقال لي: ألك حانوت في السوق ؟ فقلت: نعم،
وقد تركته فقال: إذا رجعت إلى الكوفة فاقعد في حانوتك، واكنسه، وإذا أردت أن تخرج
إلى سوقك فصل ركعتين أو أربع ركعات، ثم قل في دبر صلاتك " توجهت بلا حول مني ولا
قوة ولكن بحولك يا رب وقوتك، وأبرء من الحول والقوة إلا بك، فأنت حولي ومنك قوتي
اللهم فارزقني من فضلك الواسع رزقا كثيرا طيبا وأنا خافض (2) في عافيتك فانه لا
يملكها أحد غيرك " قال: ففعلت ذلك، وكنت أخرج إلى دكاني حتى خفت أن يأخذني الجابي
(3) باجرة دكاني وما عندي شئ قال: فجاء جالب بمتاع فقال لي: تكريني نصف بيتك
فأكريته نصف بيتي بكرى البيت كله قال: وعرض متاعه فاعطي به شيئا لم يبعه فقلت له:
هل لك إلى خير تبيعني عدلا من متاعك هذا أبيعه، وآخذ فضله، وأدفع إليك ثمنه قال:
فكيف لي بذلك ؟ قال:
(1) المصدر السابق ج 1 ص 545 وفيه " ان
تستأذن " بدل " تسأل " وفى أصل مطبوعة الكمبانى " تحل " وتفاوت وزيادة فلتلاحظ. (2)
خافض: هو فاعل من الخفض وهو لين العيش وسعته. (3) الجابى: هو الذى يأخذ الخراج
ويجمعه.
[368]
قلت له: لك الله علي بذلك قال: فخذ عدلا
منها قال: فأخذته ورقمته، وجاء برد شديد، فبعت من يومي، ودفعت إليه الثمن. فأخذت
الفضل، فما زلت آخذ عدلا وأبيعه وآخذ فضله، وأرد عليه رأس المال، حتى ركبت الدواب،
واشتريت الرقيق، وبنيت الدور (1). 85 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل،
عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن رجلا استشارني في الحج،
وكان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحج فقال: ما أخلقك أن تمرض سنة فمرضت سنة (2).
86 - كا: عدة من أصحابنا، عن الحسين بن الحسن بن يزيد، عن بدر عن أبيه قال: حدثني
سلام أبو علي الخراساني، عن سلام بن سعيد المخزومي قال: بينا أنا جالس عند أبي عبد
الله عليه السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة، و ابن شريح فقيه أهل
مكة، وعند أبي عبد الله عليه السلام ميمون القداح مولى أبي جعفر عليه السلام فسأله
عباد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله في كم ثوب كفن رسول الله ؟ فقال: في ثلاثة
أثواب، ثوبين صحاريين (3) وثوب حبرة (4) وكان في البرد قلة فكأنما ازور عباد بن
كثير من ذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن نخلة مريم عليها السلام إنما كانت
عجوة (5) ونزلت من السماء، فما نبت من أصلها كان عجوة، وما كان
(1) التهذيب ج 3 ص 312. (2) الكافي ج 4 ص
271. (3) الصحارى: نسبة إلى صحار بالمهملات مع التحريك قرية باليمن تنسب إليها
الثياب. (4) الحبرة: كعنبة ثوب يصنع باليمن من قطن أو كتان مخطط يقال برد حبرة على
الوصف وبرد حبرة على الاضافة والجمع حبر وحبرات كعنب وعنبات ففى القاموس: كسحاب
السنبل الذي تخطئه المناجل. (5) العجوة: ضرب من أجود التمر يضرب إلى السواد.
[369]
من لقاط (1) فهو لون (2) فلما خرجوا من
عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد
الله عليه السلام ؟ فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فانه منهم - يعني ميمون -
فسأله فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك ؟ قال: لا والله قال: إنه ضرب لك مثل نفسه
فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلم رسول الله صلى الله عليه
وآله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب، وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط (3). 87 -
كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان
بن يحيى، وابن أبي عمير، عن عبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كنت أطوف، وسفيان الثوري قريب مني فقال: يا أبا عبد الله كيف كان يصنع رسول
الله صلى الله عليه وآله بالحجر، إذا انتهى إليه ؟ فقلت: كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يستلمه في كل طواف، فريضة ونافلة قال: فتخلف عني قليلا فلما انتهيت إلى
الحجر، جزت ومشيت فلم أستلمه، فلحقني فقال: يا أبا عبد الله ألم تخبرني أن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان يستلم الحجر في كل طواف، فريضة و نافلة ؟ قلت: بلى
قال: فقد مررت به فلم تستلم ! ؟ فقلت: إن الناس كانوا يرون لرسول الله صلى الله
عليه وآله ما لا يرون لي، وكان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له حتى يستلمه، وإني
أكره الزحام (4). 88 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمن ذكره، عن ابن بكير
عن عمر بن يزيد قال: حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة، وكان ميعاد جمالنا، وإبان مقامنا
وخروجنا قبل أن تطهر، ولم تقرب المسجد، ولا القبر، ولا المنبر، فذكرت ذلك لابي عبد
الله عليه السلام فقال: مرها فلتغتسل، ولتأت مقام جبرئيل عليه السلام، فان
(1) اللقاط: من التمر هو ما تخطئه الايدى.
(2) لون: هو جنس ردئ من التمر. وقيل هو الدقل. (3) الكافي ج 1 ص 400. (4) نفس
المصدر ج 4 ص 404.
[370]
جبرئيل عليه السلام كان يجئ فيستأذن على
رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان على حال لا ينبغي أن يأذن له، قام في مكانه
حتى يخرج إليه، وإن أذن له دخل عليه فقلت: وأين المكان ؟ قال حيال الميزاب، الذي
إذا خرجت من الباب يقال له باب فاطمة عليها السلام بحذاء القبر، إذا رفعت رأسك
بحذاء الميزاب، والميزاب فوق رأسك، والباب من وراء ظهرك، وتجلس في ذلك الموضع،
وتجلس معها نساء، ولتدع ربها ولتؤمن على دعائها قال: فقلت: وأي شئ تقول ؟ قال:
تقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الذي ليس كمثلك شئ، أن تفعل بي كذا وكذا، قال:
فصنعت صاحبتي الذي أمرني، فطهرت ودخلت المسجد، قال: وكانت لنا خادم أيضا فحاضت،
فقالت: يا سيدي ألا أذهب أنا زاده، فأصنع كما صنعت سيدتي ؟ فقلت: بلى، فذهبت فصنعت
مثل ما صنعت مولاتها، فطهرت ودخلت المسجد (1). بيان: قيل زادة اسم الجارية، فيكون
بدلا أو عطف بيان لضمير المتكلم ويحتمل أن يكون مهموزا بكسر الهمزة يقال: زاده
كمنعه أفرغه، وفي التهذيب زيادة أي زيادة على ما فعلت سيدتي والاظهر أن زاده بمعنى
أيضا وهو وإن لم يكن مذكورا في كتب اللغة، لكنه شايع متداول بين العرب الان حتى أنه
قل ما يخلو كلام منهم عنه، يقولون أنا زاد أفعل، أو أنا عاد أفعل أي أنا أيضا أفعل،
فالتاء إما للتأنيث، أو زيدت من النساخ، وأما اليوم فلا يلحقون التاء. 89 - كا:
محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن محمد بن جمهور قال: كان النجاشي وهو
رجل من الدهاقين عاملا على الاهواز وفارس فقال بعض أهل عمله لابي عبد الله عليه
السلام: إن في ديوان النجاشي علي خراجا، وهو مؤمن يدين بطاعتك، فإن رأيت أن تكتب
إليه كتابا ؟ قال: فكتب إليه أبو عبد الله عليه السلام: بسم الله الرحمان الرحيم سر
أخاك، يسرك الله، قال: فلما ورد الكتاب عليه، دخل عليه وهو في مجلسه، فلما خلا
ناوله الكتاب وقال: هذا
(1) نفس المصدر ج 4 ص 452.
[371]
كتاب أبي عبد الله عليه السلام، فقبله
ووضعه على عينيه، وقال له: ما حاجتك ؟ قال: خراج علي في ديوانك فقال له: وكم هو ؟
قال: عشرة آلاف درهم فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه، ثم أخرجه منها، وأمر أن يثبتها
له لقابل، ثم قال له: سررتك ؟ فقال: نعم جعلت فداك، ثم أمر بركب وجارية وغلام، وأمر
له بتخت ثياب في كل ذلك يقول: هل سررتك ؟ فيقول: نعم جعلت فداك، فكلما قال: نعم
زاده حتى فرغ، ثم قال له: احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب
مولاي الذي ناولتني فيه، وارفع إلي حوائجك قال: ففعل، وخرج الرجل فصار إلى أبي عبد
الله عليه السلام بعد ذلك، فحدثه بالحديث على جهته، فجعل يسر بما فعل، فقال الرجل:
يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي ؟ فقال: إي والله، لقد سر الله ورسوله (1).
90 - ختص: السيارى، عن ابن جمهور مثله (2). 91 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن
الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام قال لي إبراهيم بن ميمون: كنت جالسا عند
أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال: ما ترى في رجل قد حج حجة الاسلام، أيحج أفضل أم
يعتق رقبة ؟ قال: لا بل عتق رقبة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذب والله وأثم،
الحجة أفضل من عتق رقبة ورقبة حتى عد عشرا، ثم قال: ويحه في أي رقبة طواف بالبيت،
وسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وحلق الرأس، ورمي الجمار ؟ لو كان كما قال:
لعطل الناس الحج، ولو فعلوا كان ينبغي للامام أن يجبرهم على الحج إن شاؤا وإن أبوا،
فإن هذا البيت إنما وضع للحج (3). 92 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد
بن سنان، عن عبد الاعلى
(1) الكافي ج 2 ص 190. (2) الاختصاص ص
260. (3) الكافي ج 4 ص 259.
[372]
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إنه ليست من احتمال أمرنا التصديق له والقبول، فقط، من احتمال أمرنا ستره، وصيانته
من غير أهله، فأقرئهم السلام وقل لهم: رحم الله عبدا اجتر (1) مودة الناس إلى نفسه،
حدثوهم بما يعرفون واستروا عنهم ما ينكرون، ثم قال: والله ما الناصب لنا حربا بأشد
علينا مؤنة من الناطق علينا بما نكره، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه وردوه
عنها فان قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه، ويسمع منه، فإن الرجل منكم
يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له، فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم، فان
هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ولا تقولوا إنه يقول ويقول، فان ذلك
يحمل علي وعليكم، أما والله لو كنتم تقولون ما أقول لاقررت أنكم أصحابي هذا أبو
حنيفة له أصحاب، وهذا الحسن البصري له أصحاب وأنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول الله
صلى الله عليه وآله وعلمت كتاب الله، وفيه تبيان كل شئ: بدء الخلق وأمر السماء وأمر
الارض، وأمر الاولين، وأمر الاخرين وأمر ما كان وما يكون، كأني أنظر إلى ذلك نصب
عيني (2). 93 - كا: محمد بن الحسن، وعلي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق عن
عبد الله بن حماد الانصاري، عن سدير الصيرفي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه
السلام فقلت له: والله ما يسعك القعود قال: ولم يا سدير ؟ قلت: لكثرة مواليك وشيعتك
وأنصارك والله لو كان لامير المؤمنين ما لك من الشيعة والانصار والموالي، ما طمع
فيه تيم ولا عدي فقال: يا سدير وكم عسى أن تكونوا ؟ قلت: مائة ألف قال: مائة ألف ؟
قلت: نعم، ومائتي ألف ؟ فقال: ومائتي ألف ؟ قلت: نعم ونصف الدنيا قال: فسكت عني ثم
قال: يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع ؟ قلت: نعم، فأمر بحمار وبغل أن يسرجا،
فبادرت، فركبت الحمار فقال: يا سدير ترى أن تؤثرني بالحمار ؟ قلت: البغل أزين وأنبل
قال: الحمار أرفق بي، فنزل فركب الحمار
(1) اجتر: واجدر، الشئ: جره. (2) الكافي ج
2 ص 222. (*)
[373]
وركبت البغل، فمضينا فحانت الصلاة فقال:
يا سدير انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها، فسرنا حتى صرنا
إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداءا (1) فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة
بعدد هذه الجداء، ما وسعني القعود، ونزلنا وصلينا، فلما فرغنا من الصلاة عطفت إلى
الجداء فعددتها فإذا هي سبعة عشر (2). 94 - كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن محمد
بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن سماعة بن مهران قال: قال لي عبد صالح عليه السلام:
يا سماعة أمنوا على فرشهم، وأخافوني، أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد
يعبد الله، و لو كان معه غيره لاضافه الله عزوجل إليه حيث يقول: " إن إبراهيم كان
امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين " (3) فصبر بذلك ما شآء الله، ثم إن الله
آنسه باسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل، وإن أهل الكفر كثير،
أتدري لم ذاك ؟ فقلت: لا أدري جعلت فداك فقال: صيروا انسا للمؤمنين يبثون إليهم ما
في صدورهم، فيستريحون إلى ذلك، ويسكنون إليه (4). بيان: قوله عليه السلام: صيروا
انسا أي إنما جعل الله تعالى هؤلاء المنافقين في صورة المؤمنين، مختلطين بهم، لئلا
يتوحش المؤمنون لقلتهم. 95 - ختص: عدة من مشايخنا، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن
ابن عيسى عن ابن أبي نجران، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال: أردت الخروج
إلى مكه فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له، فقلت: لك حاجة ؟ قال: نعم تقرئ أبا عبد الله
عليه السلام قال: فقدمت المدينة، فدخلت عليه فسألني ثم قال: ما فعل ابن أبي يعفور ؟
قلت: صالح جعلت فداك، آخر عهدي به وقد أتيته مودعا له
(1) الجداء: جمع جدى وهو ولد الماعز في
السنة الاولى جمع أجد وجداء وجديان. (2) الكافي ج 2 ص 242. (3) سورة النحل، الاية:
120. (4) الكافي ج 2 ص 243.
[374]
فسألني أن أقرئك السلام قال: وعليه السلام
أقرئه السلام صلى الله عليه، وقل: كن على ما عهدتك عليه (1). 96 - ختص: جعفر بن
الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن
سليمان الفراء، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة
يقسمها في أصحابه، فكان يقسمها فيهم وهو يبكي قال سليمان: فأقول له: ما يبكيك ؟
قال: فيقول: أخاف أن يروا أنها من قبلي (2). 97 - كا: العدة، عن البرقي، عن علي بن
الحكم، عن معاوية وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت
على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: إني كنت على النصرانية، وإني أسلمت فقال: وأي
شئ رأيت في الاسلام ؟ قلت: قول الله عزوجل " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان
ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء " (3) فقال: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده
ثلاثا، سل عما شئت يا بني فقلت: إن أبي وامي على النصرانية، وأهل بيتي وامي مكفوفة
البصر، فأكون معهم، وآكل من آنيتهم فقال: يأكلون لحم الخنزير ؟ فقلت: لا ولا يمسونه
فقال: لا بأس، فانظر امك فبرها، فإذا ماتت، فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم
بشأنها، ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني، حتى تأتيني بمنى إن شاء الله، قال: فأتيته بمنى
والناس حوله، كأنه معلم صبيان، هذا يسأله، وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة، ألطفت
لامي، وكنت اطعمها وافلي ثوبها ورأسها وأخدمها، فقالت لي: يا بني ما كنت تصنع بي
هذا، وأنت على ديني، فما الذي أرى منك منذ هاجرت، فدخلت في الحنيفية ؟ فقلت: رجل من
ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي ؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي فقالت: يا
بني هذا نبي إن هذه وصايا الانبياء فقلت يا ام إنه ليس يكون بعد
(1) الاختصاص ص 195. (2) نفس المصدر ص
195. (3) سورة الشورى، الاية: 52.
[375]
نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت: يا بني دينك
خير دين، اعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الاسلام، وعلمتها فصلت الظهر والعصر،
والمغرب والعشاء الاخرة ثم عرض بها عارض في الليل فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني،
فأعدته عليها فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها، وكنت أنا الذي
صليت عليها ونزلت في قبرها (1). بيان: افلي ثوبها أي أنظر فيه لاستخرج قملها. 98 -
كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: اكتريت بغلا
إلى قصر ابن هبيرة (2) ذاهبا وجائيا بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي. فلما صرت قرب
قنطرة الكوفة اخبرت أن صاحبي توجه إلى النيل (3) فتوجهت نحو النيل، فلما أتيت النيل
اخبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به، وفرغت مما بيني وبينه، ورجعنا
إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن
أتحلل منه مما صنعت وارضيه، فبذلت خمسة عشر درهما، فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي
حنيفة، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال لي: ما صنعت بالبغل ؟ فقلت: قد دفعته إليه
سليما قال: نعم بعد خمسة عشر يوما قال: فما تريد من الرجل ؟ قال: اريد كرى بغلي فقد
حبسه علي خمسة عشر يوما فقال: ما أرى لك حقا لانه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف
وركبه إلى النيل وإلى بغداد، فضمن قيمة البغل، وسقط الكرى فلما رد البغل سليما
وقبضته لم يلزمه الكرى، قال: فخرجنا من عنده، وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما
أفتى به أبو حنيفة [فأعطيته شيئا وتحللت منه
(1) الكافي ج 2 ص 160. (2) قصر ابن هبيرة:
ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق لمروان بن محمد، بناه بالقرب من جرسورا.
(3) النيل: بكسر أوله اسم لعدة مواضع منها: بليدة في سواد الكوفة، قرب حلة بنى
مزيد، بخترقها نهر يتخلج من الفرات العظمى حفره الحجاج بن يوسف.
[376]
فحججت تلك السنة، فأخبرت أبا عبد الله
عليه السلام بما أفتى به أبو حنيفة] (1) فقال لي في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس
السماء ماءها، وتمنع الارض بركتها قال: فقلت لابي عبد الله عليه السلام: فما ترى
أنت ؟ قال: أرى له عليك مثل كرى بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل كرى بغل راكبا
من النيل إلى بغداد، ومثل كرى بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه. قال: فقلت: جعلت
فداك قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه ؟ فقال: لا لانك غاصب فقلت: أرأيت لو عطب
البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت: فإن أصاب البغل
كسر أو دبر أو غمز ؟ فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب، يوم ترده، عليه، قلت:
فمن يعرف ذلك ؟ قال: أنت وهو، إما أن يحلف هو على القيمة، فيلزمك، فان رد اليمين
عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين
أكرى كذا وكذا فيلزمك، قلت: إن كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني ؟ فقال: إنما رضي
بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم، ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك
به، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك، قال أبو ولاد: فلما انصرفت من
وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله عليه السلام وقلت له: قل
ما شئت حتى اعطيكه ؟ فقال: قد حببت إلي جعفر بن محمد عليه السلام ووقع في قلبي له
التفضيل، وأنت في حل، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذته منك فعلت (2). 99 - كا:
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي عمارة الطيار قال: قلت لابي
عبد الله عليه السلام: إني قد ذهب مالي وتفرق ما في يدي، و عيالي كثير، فقال له أب
وعبد الله عليه السلام: إذا قدمت الكوفة فافتح باب حانوتك وابسط بساطك، وضع ميزانك،
وتعرض لرزق ربك، فلما أن قدم الكوفة
(1) ما بين القوسين موجود في المصدر وقد
سقط من مطبوعة الكمبانى. (2) الكافي ج 5 ص 290.
[377]
فتح باب حانوته، وبسط بساطه، ووضع ميزانه،
قال: فتعجب من حوله بأن ليس في بيته قليل ولا كثير من المتاع، ولا عنده شئ قال:
فجاءه رجل فقال: اشتر لي ثوبا قال: فاشترى له، وأخذ ثمنه، وصار الثمن إليه، ثم جاءه
آخر فقال: اشتر لي ثوبا قال: فجلب له في السوق، ثم اشترى له ثوبا، فأخذ ثمنه فصار
في يده، وكذلك يصنع التجار يأخذ بعضهم من بعض. ثم جاءه رجل آخر فقال له: يا أبا
عمارة إن عندي عدلا من كتان فهل تشتريه واؤخرك بثمنه سنة ؟ فقال: نعم، احمله وجئ به
قال: فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير سنة قال: فقام الرجل فذهب، ثم أتاه آت من أهل
السوق فقال: يا أبا عمارة ما هذا العدل ؟ قال: هذا عدل اشتريته فقال: فتبيعني نصفه
و اعجل لك ثمنه ؟ قال: نعم فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع فأخذ نصف الثمن قال: فصار
في يده الباقي إلى سنة، قال: فجعل يشتري بثمنه الثوب والثوبين ويعرض ويشتري ويبيع،
حتى أثرى، وعرض وجهه، وأصاب معروفا (1). 100 - كا: علي عن أبيه، عن اللؤلؤي، عن
صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كان رجل من أصحابنا بالمدينة فضاق ضيقا شديدا،
واشتدت حاله فقال له أبو عبد الله عليه السلام: اذهب فخذ حانوتا في السوق، وابسط
بساطا، وليكن عندك جرة من ماء، والزم باب حانوتك قال: ففعل الرجل فمكث ما شاء الله.
قال: ثم قدمت رفقة من مصر فألقوا متاعهم، كل رجل منهم عند معرفته، وعند صديقه، حتى
ملؤا الحوانيت، وبقي رجل لم يصب حانوتا يلقي فيه متاعه فقال له أهل السوق: ههنا رجل
ليس به بأس، وليس في حانوته متاع، فلو ألقيت متاعك في حانوته، فذهب إليه فقال له:
القي متاعي في حانوتك ؟ فقال له: نعم، فألقى متاعه في حانوته، وجعل يبيع متاعه،
الاول فالاول، حتى إذا حضر خروج الرفقة بقي عند الرجل شئ يسير من متاعه، فكره
المقام عليه، فقال لصاحبنا: اخلف هذا المتاع عندك تبيعه وتبعث إلي بثمنه ؟ قال:
فقال: نعم، فخرجت الرفقة
(1) الكافي ج 5 ص 304 وفيه " جئني به "
بدل " وجئ به ".
[378]
وخرج الرجل معهم، وخلف المتاع عنده، فباعه
صاحبنا، وبعث بثمنه إليه قال: فلما أن تهيأ خروج رفقة مصر من مصر، بعث إليه ببضاعة
فباعها، ورد إليه ثمنها، فلما رأى ذلك منه الرجل أقام بمصر، وجعل يبعث إليه بالمتاع
ويجهز عليه قال: فأصاب وكثر ماله وأثرى (1). 101 - كتاب زيد النرسى: قال: لما ظهر
أبو الخطاب بالكوفة وادعى في أبي عبد الله عليه السلام ما ادعاه دخلت على أبي عبد
الله عليه السلام مع عبيدة بن زرارة فقلت له: جعلت فداك لقد ادعى أبو الخطاب
وأصحابه فيك أمرا عظيما، إنه لبى بلبيك جعفر، لبيك معراج. وزعم أصحابه أن أبا
الخطاب اسري به إليك، فلما هبط إلى الارض دعا إليك، ولذا لبى بك. قال: فرأيت أبا
عبد الله عليه السلام قد أرسل دمعته من حماليق (2) عينيه وهو يقول: يا رب برئت إليك
مما ادعى في الاجدع (3) عبد بني أسد، خشع لك شعري و بشري، عبد لك ابن عبد لك، خاضع
ذليل، ثم أطرق ساعة في الارض كأنه يناجي شيئا، ثم رفع رأسه وهو يقول: أجل أجل عبد
خاضع خاشع ذليل لربه صاغر راغم من ربه خائف وجل، لي والله رب أعبده لا اشرك به
شيئا، ما له أخزاه الله وأرعبه ولا آمن روعته يوم القيامة، ما كانت تلبية الانبياء
هكذا ولا تلبيتي ولا تلبية الرسل، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، ثم
قمنا من عنده فقال: يا زيد إنما قلت لك هذا لاستقر في قبري يا زيد استر ذلك عن
الاعداء (4). أقول: وجدت في كتاب مزار لبعض قدماء أصحابنا، وفي كتاب مقتل لبعض
(1) نفس المصدر ج 5 ص 309. (2) الحماليق:
جمع حملاق وحملاق وحملوق كعصفور، من العين: باطن أجفانها الذى يسوده الكحل أو هو ما
غطته الاجفان من بياض المقلة. (3) الاجدع: مقطوع الانف. (4) أصل زيد النرسى ص 46 من
الاصول الستة عشر طبع ايران.
[379]
متأخريهم خبرا أحببت إيرادة، واللفظ
للاول: قال: حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن علي الطوسي، وعن الشريف
أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني، وعن الشيخ الامين أبي عبد الله
محمد بن شهريار الخازن، وعن الشيخ الجليل ابن شهر آشوب، عن المقري عبد الجبار
الرازي، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي رضى الله عنه قال: حدثنا
الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد المقدس بالغري على صاحبه السلام في
شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن
عبيد الله الغضايري قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله السلمي قالوا: وحدثنا
الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي والشيخ الامين أبو عبد الله محمد بن
أحمد بن شهريار الخازن قالا: جميعا حدثنا الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد
العزيز العكبري المعدل بها في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة. قال: حدثنا أبو
الفضل محمد بن عبد الله الشيباني قال: حدثنا محمد بن يزيد بن أبي الازهر البوشنجي
النحوي قال: حدثنا أبو الصباح محمد بن عبد الله بن زيد النهلي قال: أخبرني أبي قال:
حدثنا الشريف زيد بن جعفر العلوي قال: حدثنا محمد بن وهبان الهناتي قال: حدثنا أبو
عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن
أحمد العلوى قال: حدثنا محمد بن جمهور العمي، عن الهيثم بن عبد الله الناقد عن بشار
المكاري قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد
(1) وهو يأكل فقال: يا بشار ادن فكل فقلت: هناك الله، وجعلني فداك، قد أخذتني
الغيرة من شئ رأيته في طريقي ! أوجع قلبي، وبلغ مني فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت
قال: فدنوت فأكلت فقال لي: حديثك قلت: رأيت جلوازا (2) يضرب رأس امرأة، ويسوقها إلى
الحبس
(1) الطبرزد: نوع من التمر سمى به لشدة
حلاوته تشبيها بالسكر الطبرزد. (2) الجلواز: الشرطي الذى يحف في الذهاب والمجئ بين
يدى الامير جمع جلاوزة.
[380]
وهي تنادي بأعلا صوتها: المستغاث بالله
ورسوله، ولا يغيثها أحد قال: ولم فعل بها ذلك ؟ قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت
فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة فارتكب منها ما ارتكب. قال: فقطع الاكل ولم يزل
يبكي حتى ابتل منديله، ولحيته، وصدره بالدموع، ثم قال: يا بشار قم بنا إلى مسجد
السهلة فندعو الله عزوجل و نسأله خلاص هذه المرأة قال: ووجه بعض الشيعة إلى باب
السلطان، وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا
حيث كنا قال: فصرنا إلى مسجد السهلة، وصلى كل واحد منا ركعتين، ثم رفع الصادق عليه
السلام يده إلى السماء وقال: أنت الله - إلى آخر الدعاء - قال: فخر ساجدا لا أسمع
منه إلا النفس ثم رفع رأسه: فقال: قم فقد اطلقت المرأة. قال: فخرجنا جميعا، فبينما
نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهناه إلى باب السلطان فقال له عليه
السلام ما الخبر ؟ قال: قد اطلق عنها قال: كيف كان إخراجها قال: لا أدري ولكنني كنت
واقفا على باب السلطان، إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها: ما الذي تكلمت ؟ قالت: عثرت
فقلت: لعن الله ظالميك يا فاطمة، ففعل بي ما فعل قال: فأخرج مائتي درهم وقال: خذي
هذه واجعلي الامير في حل، فأبت أن تأخذها، فلما رأى ذلك منها دخل، وأعلم صاحبه بذلك
ثم خرج فقال: انصرفي إلى بيتك فذهبت إلى منزلها. فقال أبو عبد الله عليه السلام:
أبت أن تأخذ المائتي درهم ؟ قال: نعم وهي والله محتاجة إليها قال: فأخرج من جيبه
صرة فيها سبعة دنانير وقال: اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع
إليها هذه الدنانير قال: فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت: بالله أقرأني
جعفر بن محمد السلام ؟ فقلت لها: رحمك الله، والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام،
فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها قال: فصبرنا حتى أفاقت، وقالت: أعدها علي، فأعدناها
عليها حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها: خذي ! هذا ما أرسل به إليك، وأبشري بذلك،
فأخذته منا، وقالت:
[381]
سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف
أحدا توسل به إلى الله أكثر منه ومن آبائه وأجداه عليهم السلام. قال: فرجعنا إلى
أبي عبد الله عليه السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها، فجعل يبكي ويدعو لها، ثم قلت:
ليت شعري متى أرى فرج آل محمد عليهم السلام ؟ قال: يا بشار إذا توفي ولي الله وهو
الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد، فعند ذلك يصل إلى ولد بني فلان
مصيبة سواء، فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد لامر الله. بيان: المراد ببني
فلان بني العباس، وكان ابتداء وهي دولتهم عند وفات أبي الحسن العسكري عليه السلام
والبطان للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير ويقال: التقت حلقتا البطان للامر
إذا اشتد. 102 - محص: عن فرات بن أحنف قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ
دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال: والله لاسوءنه في شيعته فقال: يا أبا عبد
الله أقبل إلي فلم يقبل إليه فأعاد، فلم يقبل إليه، ثم أعاد الثالثة فقال: ها أنا
ذا مقبل فقل ولن تقول خيرا فقال: إن شيعتك يشربون النبيذ فقال: وما بأس بالنبيذ
أخبرني أبي عن جابر بن عبد الله أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا
يشربون النبيذ فقال: لست أعنيك النبيذ أعنيك المسكر. فقال: شيعتنا أزكى وأطهر من أن
يجري للشيطان في أمعائهم رسيس، وإن فعل ذلك المخذول منهم، فيجد ربا رؤفا، ونبيا
بالاستغفار له عطوفا، ووليا له عند الحوض ولوفا، وتكون وأصحابك ببرهوت (1) عطوفا،
قال: فأفحم الرجل وسكت، ثم قال: لست أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر فقال أبو عبد
الله عليه السلام سلبك الله لسانك، ما لك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم، أخبرني أبي،
عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن رسول الله صلى الله
عليه وآله، عن جبرئيل
(1) برهوت: بضم الهاء وسكون الواو وتاء
فوقها نقطتان: واد في حضرموت فيه بئر يتصاعد منها لهيب الاسفلت مع صوت الغليان
وروائح كريهة، جاء أن فيه أرواح الكفار
[382]
عن الله تعالى أنه قال: يا محمد إنني حظرت
الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما، إلا من اقترف منهم كبيرة،
فاني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه، حتى تلقاه الملائكة بالروح والريحان، وأنا
عليه غير غضبان فهل عند أصحابك هؤلاء شئ من هذا ؟ !. اقول: روى البرسي في مشارق
الانوار مثله عن أبي الحسن الثاني عليه السلام (1) بيان: الرسيس الشئ الثابت،
وابتداء الحب، ويقال: ولف البرق إذا تتابع والولوف البرق المتتابع اللمعان، ولا
يبعد أن يكون بالكاف من وكف البيت أي قطر، قوله عطوفا كذا في النسخة التي عندنا،
وفي مشارق الانوار (2) مكوفا من الكوف بمعنى الجمع وهو الصواب. 103 - ختص: من
أصحابه عليه السلام عبد الله بن أبي يعفور، أبان بن تغلب، بكير ابن أعين، محمد بن
مسلم الثقفي، محمد بن النعمان (3). 104 - كا: العدة، عن سهل، عن العباس بن عامر، عن
أبي عبد الرحمان المسعودي، عن حفص بن عمر البجلي قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه
السلام حالي، و انتشار أمري علي قال: فقال لي: إذا قدمت الكوفة فبع وسادة من بيتك
بعشرة دراهم، وادع إخوانك، وأعد لهم طعاما، وسلهم يدعون الله لك، قال: ففعلت، وما
أمكنني ذلك حتى بعت وسادة، واتخذت طعاما كما أمرني، وسألتهم أن يدعوا الله لي قال:
فوالله ما مكثت إلا قليلا حتى أتاني غريم لي فدق الباب علي وصالحني من مال لي كثير،
كنت أحسبه نحوا من عشرة آلاف درهم قال: ثم أقبلت الاشيآء علي (4). 105 - كا: علي بن
محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله
(1) مشارق انوار اليقين ص 221 بتفاوت. (2)
نفس المصدر ص 221 وفيه " واماما له على الحوض عروفا ". (3) الاختصاص ص 8 وليس في
المطبوع ذكر ابان بن تغلب مع الجماعة. (4) الكافي ج 5 ص 314.
[383]
ابن حماد، عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي
صديق من كتاب بني امية فقال لي: استاذن لي على أبي عبد الله عليه السلام فاستأذنت
له، فأذن له فلما أن دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم،
فأصبت من دنياهم مالا كثيرا، وأغمضت (1) في مطالبه. فقال أبو عبد الله عليه السلام:
لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم، ويجبي لهم الفئ، ويقاتل عنهم [ويشهد جماعتهم]
لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في
أيديهم قال: فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه ؟ قال: إن قلت لك تفعل ؟ قال:
أفعل قال: فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم
تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله الجنة فأطرق الفتى طويلا، ثم قال له: قد فعلت
جعلت فداك. قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه
الارض إلا خرج منه، حتى ثيابه التي على بدنه، قال: فقسمت له قسمة، واشترينا له
ثيابا، وبعثنا إليه بنفقة قال: فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده
قال: فدخلت عليه يوما وهو في السوق (2) قال: ففتح عينيه ثم قال: يا علي وفى لي
والله صاحبك، قال: ثم مات، فتولينا أمره، فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله عليه
السلام فلما نظر إلي قال: يا علي وفينا والله لصاحبك قال: فقلت له: صدقت جعلت فداك،
هكذا والله قال لي عند موته (3). 106 - كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود
بن زربي، قال: أخبرني مولى لعلي بن الحسين عليه السلام قال: كنت بالكوفة، فقدم أبو
عبد الله عليه السلام الحيرة، فأتيته فقلت: جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض
هؤلاء فأدخل في بعض هذه الولايات ؟ فقال: ما كنت لافعل قال: فانصرفت إلى منزلي،
فتفكرت
(1) أغمضت في مطالبه: أي تساهلت في تحصيله
ولم أجتنب فيه الحرام والشبهات. (2) السوق: هو حالة نزع الروح من الميت. (3) الكافي
ج 5 ص 106.
[384]
فقلت: ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم
أو أجور، والله لاتينه ولاعطينه الطلاق والعتاق والايمان المغلظة أن لا أظلم أحدا
ولا أجور، ولاعدلن قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي فظننت أنك
إنما كرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم، وإن كل امرأة لي طالق، وكل مملوك، لي حر،
وعلي وعلي إن ظلمت أحدا، أو جرت عليه، وإن لم أعدل، قال: كيف قلت ؟ قال: فأعدت عليه
الايمان، فرفع رأسه إلى السماء فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك (1). 107 - كا:
الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن كثير بن يونس عن عبد الرحمان بن سيابة
قال: لما أن هلك أبي سيابة جاء رجل من إخوانه إلي فضرب الباب علي فخرجت إليه فعزاني
وقال لي: هل ترك أبوك شيئا ؟ فقلت له: لا، فدفع إلي كيسا فيه ألف درهم وقال لي:
أحسن حفظها وكل فضلها فدخلت إلى امي وأنا فرح فأخبرتها، فلما كان بالعشي أتيت صديقا
كان لابي فاشترى لي بضايع سابريا (2) وجلست في حانوت، فرزق الله عزوجل فيها خيرا
وحضر الحج فوقع في قلبي، فجئت إلى امي فقلت لها: إنه قد وقع في قلبي أن أخرج إلى
مكة فقالت لي: فرد دراهم فلان عليه، فهياتها وجئت لها إليه، فدفعتها إليه، فكأني
وهبتها له، فقال: لعلك استقللتها ؟ فأزيدك ؟ قلت: لا ولكن وقع في قلبي الحج، وأحببت
أن يكون شيئا عندك، ثم خرجت فقضيت نسكي، ثم رجعت إلى المدينة فدخلت مع الناس على
أبي عبد الله عليه السلام، وكان يأذن إذنا عاما فجلست في مواخير (3) الناس، وكنت
حدثا فأخذ الناس يسألونه ويجيبهم. فلما خف الناس عنه أشار إلي فدنوت إليه فقال لي:
ألك حاجة ؟ فقلت له: جعلت فداك أنا عبد الرحمان بن سيابة فقال: ما فعل أبوك ؟ فقلت:
هلك قال: فتوجع وترحم قال: ثم قال لي: أفترك شيئا ؟ قلت: لا قال: فمن أين حججت
(1) نفس المصدر ج 5 ص 107. (2) السابرى:
ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور موضع بفارس. (3) المواخير: جلس في مواخير الناس
أي في مؤخرتهم.
[385]
قال: فابتدأت فحدثته بقصة الرجل قال: فما
تركني أفرغ منها حتى قال لي: فما فعلت الالف ؟ قال: قلت: رددتها على صاحبها قال:
فقال لي: قد أحسنت وقال لي: ألا اوصيك ؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: عليك بصدق
الحديث، وأداء الامانة، تشرك الناس في أموالهم، هكذا، وجمع بين أصابعه قال: فحفظت
ذلك عنه، فزكيت ثلاثمائة ألف درهم (1). 108 - كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن
الحجال، عن ثعلبة، عن سعيد ابن عمرو الجعفي قال: خرجت إلى مكة وأنا من أشد الناس
حالا، فشكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام فلما خرجت من عنده وجدت على بابه كيسا
فيه سبع مائة دينار فرجعت إليه من فوري ذلك فأخبرته فقال: يا سعيد اتق الله وعرفه
في المشاهد وكنت رجوت أن يرخص لي فيه، فخرجت وأنا مغتم فأتيت منى فتنحيت عن الناس
وتقصيت حتى أتيت الماروقه (2). فنزلت في بيت متنحيا من الناس ثم قلت: من يعرف الكيس
قال: فأول صوت صوته إذا رجل على رأسي يقول: أنا صاحب الكيس قال: فقلت في نفسي: أنت
فلا كنت، قلت: ما علامة الكيس ؟ فأخبرني بعلامته فدفعته إليه قال: فتنحى ناحية
فعدها فإذا الدنانير على حالها، ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من
سبعمائة حراما فأخذتها ثم دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته كيف تنحيت،
وكيف صنعت، فقال: أما إنك حين شكوت إلي أمرنا لك بثلاثين دينارا، يا جارية هاتها،
فأخذتها وأنا من أحسن قومي
(1) الكافي ج 5 ص 134. (2) الماورقة: لم
نعثر لهذه الكلمة على معنى مناسب سوى ما يستفاد من السياق من أنها اسم مكان لم
نتحقق من موضعه، وقد نقل انها وردت بصور مختلفة منها: الماروقة والماقوقة والمأفوقة
وقد يكون في الكلمة تصحيف وأن الصواب فيها الماقوفة اسم مفعول من الوقف على غير
القياس وأن المراد بها المنازل الموقوفة بمنى لمن لا فسطاط له، كما ونقل أن في نسخة
صحيحة من الكافي " الموقوفة " ومعناها ظاهر يغنى عن البيان.
[386]
حالا (1). 109 - كا: الحسين، عن أحمد بن
هلال، عن زرعة، عن سماعة قال: تعرض رجل من ولد عمر بن بن الخطاب بجارية رجل عقيلي
فقالت له: إن هذا العمري قد آذاني فقال لها: عديه، وأدخليه الدهليز، فأدخلته فشد
عليه فقتله وألقاه في الطريق، فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون وقالوا: ما
لصاحبنا كفو، لن نقتل به إلا جعفر بن محمد، وما قتل صاحبنا غيره، وكان أبو عبد الله
عليه السلام قد مضى نحو قبا، فلقيته بما اجتمع القوم عليه فقال: دعهم قال: فلما جاء
ورأوه وثبوا عليه، وقالوا: ما قتل صاحبنا أحد غيرك، وما نقتل به أحدا غيرك. فقال:
لتكلمني منكم جماعة، فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم، فأدخلهم المسجد، فخرجوا وهم
يقولون شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا، ولا
يأمر به انصرفوا. قال: فمضيت معه فقلت: جعلت فداك ما كان أقرب رضاهم من سخط ! ؟
قال: نعم دعوتهم فقلت: أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة فقلت: وما هذه الصحيفة جعلني الله
فداك ؟ فقال: ام الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب فسطر (2) بها نفيل فأحبلها
فطلبه الزبير، فخرج هاربا إلى الطائف، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف فقالوا: يا
أبا عبد الله ما تعمل ههنا ؟ قال: جاريتي سطر بها نفيلكم، فخرج منه إلى الشام، وخرج
الزبير في تجارة له إلى الشام، فدخل على ملك الدومة (3) فقال له: يا أبا عبد الله
لي إليك حاجة قال: وما حاجتك أيها الملك ؟ فقال: رجل
(1) الكافي ج 5 ص 138 وفيه [الموقوفة]
مكان [الماورقة]. (2) سطر: بالمهملات: أي زخرف لها الكلام وخدعها، وفى بعض النسخ
شطر بها - بالمعجمة - أي قصد قصدها ومن المحتمل قويا تصحيف الكلمة وصوابها " فسطا
بها " من السطو بمعنى الوثوب عليها والقهر لها. (3) الدومة: بالضم وقد تفتح هي دومة
الجندل، قيل هي من أعمال المدينة حصن على سبعة مراحل من دمشق، بينها وبين المدينة.
(*)
[387]
من أهلك قد أخذت ولده، فاحب أن ترده عليه
قال: ليظهر لي حتى أعرفه، فلما أن كان من الغد دخل إلى الملك، فلما رآه الملك ضحك
فقال: ما يضحكك أيها الملك قال: ما أظن هذا الرجل ولدته عربية، لما رآك قد دخلت لم
يملك استه أن جعل يضرط فقال: أيها الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك، فلما قدم
الزبير تحمل ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثم تحمل عليه بعبد المطلب
فقال: ما بيني وبينه عمل أما علمتم ما فعل في ابني فلان، ولكن امضوا أنتم إليه
فقصدوه وكلموه، فقال لهم الزبير: إن الشيطان له دولة، وإن ابن هذا ابن الشيطان ولست
آمن أن يترأس علينا، ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي له حديدة، وأخط في
وجهه خطوطا، وأكتب عليه وعلى ابنه، أن لا يتصدر في مجلس ولا يتأمر على أولادنا ولا
يضرب معنا بسهم، قال: ففعلوا وخط وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب، وذلك الكتاب
عندنا، فقلت لهم: إن أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب، ففيه فضيحتكم فأمسكوا. وتوفي مولى
لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف وارثا، فخاصم فيه ولد العباس أبا عبد الله
عليه السلام وكان هشام بن عبد الملك قد حج في تلك السنة، فجلس لهم فقال داود ابن
علي: الولاء لنا وقال أبو عبد الله عليه السلام: بل الولاء لي، فقال داود بن علي:
إن أباك قاتل معاوية فقال: إن كان أبي قاتل معاوية، فقد كان حظ أبيك فيه الاوفر ثم
فر بجنايته (1) وقال: والله لاطوقنك غدا طوق الحمامة، فقال له داود بن
(1) هذا الحديث من حديث الغالية، ويكفى في
الاعراض عنه ان في طريقه أحمد ابن هلال وهو العبرتائى الذى وصفه الشيخ بانه كان
غاليا متهما في دينه، وقال فيه العلامة: ورد فيه ذموم عن سيدنا أبى محمد العسكري
عليه السلام، وقال الميرزا محمد في رجاله الكبير: وعندي ان روايته غير مقبولة. هذا
من جهة السند، واما نسبة الخيانة إلى حبر الامة عبد الله بن عباس (رض) فهى من
أحاديث الوضاعين وقد اشترك في تركيزها عدة عوامل أهمها سلطان بنى أمية بادئ الامر
وخصوم بنى العباس أخيرا، وقد استعرضنا في كتابنا الكبير في حياة عبد الله بن عباس
(رض) =
[388]
علي: كلامك هذا أهون علي من بعرة في وادي
الازرق (1) فقال: أما إنه واد ليس لك ولا لابيك فيه حق قال: فقال هشام: إذا كان غدا
جلست لكم، فلما أن كان من الغد خرج أبو عبد الله عليه السلام ومعه كتاب في كرباسة،
وجلس لهم هشام، فوضع أبو عبد الله عليه السلام الكتاب بين يديه، فلما قرأه قال:
ادعوا إلي جندل الخزاعي وعكاشة الضميري، وكانا شيخين، قد أدركا الجاهلية، فرمى
الكتاب إليهما فقال: تعرفان هذه الخطوط ؟ قالا: نعم هذا خط العاص بن امية، وهذا خط
فلان وفلان لفلان من قريش، وهذا خط حرب بن امية فقال هشام: يا أبا عبد الله أرى
خطوط أجدادي عندكم ؟ فقال: نعم، قال: قد قضيت بالولاء لك قال: فخرج وهو يقول: إن
عادت العقرب عدنا لها * وكانت النعل لها حاضرة (2)
= في الجزء الرابع منه جميع النقود التى
طعن بها في ساحة ابن عباس (رض) ومنها - وهو اهمها - حديث الخيانة المزعوم، وقد
ذكرنا صوره وأدلة القائلين به، وناقشناه من حيث السند والدلالة مضافا إلى ما ذكرناه
من مكانة الحبر ابن عباس (رض) عند أئمة أهل البيت من معاصريه، وشيعتهم، وغير ذلك
مما يكذب الحديث المزعوم ويبرى ساحة ذلك الحبر الجليل، واسأل الله أن يوفقنا لطبعه
ونشره ليعم نفعه. (1) وادى الازرق: بالحجاز. (2) هذا البيت من أبيات للفضل بن
العباس بن عتبة اللهبى قالها في رجل من بنى كنانة يقال له عقرب بن أبى عقرب وكان
تاجرا حناطا وهو شديد المطل حتى ضرب المثل بمطله فقيل (أمطل من عقرب) فداين الفضل
اللهبى وكان شديد الاقتضاء، فمطله عقرب ثم مر به الفضل وهو يبيع حنطة له ويقول:
جاءت به ضابطة التجار * ضافية كقطع الاوتار فقال الفضل يهجوه: قد تجرت عقرب في
سوقنا * يا عجبا للعقرب التاجرة قد صافت العقرب واستيقنت * أن ما لها دنيا ولا آخرة
ان عادت العقرب عدنالها * وكانت النعل لها حاضرة ان عدوا كيده في أسته * لغير ذى
كيد ولا ثائرة =
[389]
قال: فقلت: ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟
قال: فان نثيلة كانت أمة لام الزبير ولابي طالب وعبد الله، فأخذها عبد المطلب
فأولدها فلانا فقال له الزبير: هذه الجارية ورثناها من امنا، وابنك هذا عبد لنا،
فتحمل عليه ببطون قريش قال: فقال: قد أجبتك على خلة، على أن لا يتصدر ابنك هذا في
مجلس، ولا يضرب معنا بسهم، فكتب عليه كتابا وأشهد عليه، فهو هذا الكتاب (1). اقول:
قد مضى شرح الخبر في كتاب الفتن، وسيأتي أحوال هشام بن الحكم في باب مفرد، وقد مضى
أحوال الهشامين في باب نفي الجسم والصورة، وأحوال جماعة من أصحابه في باب مكارم
أخلاقه عليه السلام. 110 - ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن
أبي عمير أن هشام بن سالم قال له: ما اختلفت أنا وزرارة قط فأتينا محمد بن مسلم
فسألناه عن ذلك إلا قال لنا: قال أبو جعفر عليه السلام فيها كذا وكذا وقال أبو عبد
الله عليه السلام فيها: كذا وكذا (2). 111 - ختص: ابن قولويه عن جعفر بن محمد بن
مسعود، عن أبيه قال: سألت عبد الله بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم قال: كان رجلا
شريفا موسرا فقال له أبو جعفر: تواضع يا محمد، فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوسرة من
تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع، وجعل ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا له:
فضحتنا فقال: إن مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه، ولن أبرح حتى أفرغ من بيع ما في هذه
القوسرة، فقال له قومه: أما إذ أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشرى فاقعد في الطحانين
= كل عدو يتقى مقبلا * وعقرب تخشى من
الدابرة كأنها إذ خرجت هودج * سدت كواه رقعة بائرة لاحظ الاغانى ج 15 ص 7 طبع
الساسى، والامثال للميداني ص 133 طبع البهية بميدان الازهر بمصر، وحياة الحيوان
للدميري طبع ايران مادة " عقرب " الامثال. (1) الكافي ج 8 ص 258. (2) الاختصاص ص
53.
[390]
فقعد في الطحانين فهيأ رحى وجملا وجعل
يطحن، وذكر أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد البرقي: أنه كان مشهورا في العبادة،
وكان من العباد في زمانه (1). 112 - ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن
ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه
السلام يقول: ما أحد أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة وأبو بصير المرادي، ومحمد بن
مسلم، و بريد بن معاوية، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى، هؤلاء حفاظ الدين و
امناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الاخرة (2). 112
- ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن
عبد الحميد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله زرارة بن أعين لولا زرارة
لاندرست أحاديث أبي (3). 114 - ختص: ابن الوليد، عن ابن متيل، عن النهاوندي، عن
أحمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن أبي بصير قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام
بعد أن كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي، مع أني لست أرى ما أصبر إليه في آخرتي.
فقال: يا أبا محمد إنك لتقول هذا القول ؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا أقوله ؟ ! فقال:
أما علمت أن الله تبارك وتعالى يكرم الشباب منكم، ويسحيي من الكهول. قلت: جعلت فداك
كيف يكرم الشباب منا ويسحيي من الكهول ؟ قال: يكرم الشباب منكم أن يعذبهم، ويستحيي
من الكهول أن يحاسبهم، فهل سررتك ؟ قال: قلت جعلت فداك زدني فإنا قد نبزنا نبزا
انكسرت له ظهرونا، وماتت له أفئدتنا، واستحلت به الولاة دماءنا في حديث رواه
فقهاؤهم هؤلاء، قال: فقال: الرافضة ؟ قلت: نعم.
(1) الاختصاص ص 51 وأخرجه الكشى في رجاله
ص 110. (2) نفس المصدر ص 66 وأخرجه الكشى في رجاله ص 90. (3) المصدر السابق ص 66
وأخرجه الكشى في رجاله ص 90.
[391]
قال: فقال: والله ما هم سموكم بل الله
سماكم، أما علمت أنه كان مع فرعون سبعون رجلا من بني إسرائيل يدينون بدينه، فلما
استبان لهم ضلال فرعون وهدى موسى، رفضوا فرعون ولحقوا موسى، وكانوا في عسكر موسى
أشد أهل ذلك العسكر عبادة وأشدهم اجتهادا إلا أنهم رفضوا فرعون، فأوحى الله إلى
موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوارة، فإني قد نحلتهم، ثم ذخر الله هذا الاسم حتى
سماكم به إذ رفضتم فرعون وهامان وجنودهما واتبعتم محمدا وآل محمد. يا أبا محمد فهل
سررتك ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني. فقال: افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة،
فاستشيعتم مع أهل بيت نبيكم، فذهبتم حيث ذهب الله، واخترتم ما اختار الله، وأحببتم
من أحب الله وأردتم من أراد الله، فابشروا ثم ابشروا ثم ابشروا، فأنتم والله
المرحومون، المتقبل من محسنكم، والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يلق الله بمثل ما أنتم
عليه لم يتقبل الله منه حسنة، ولم يتجاوز عنه سيئة، يا أبا محمد فهل سررتك ؟ قال:
قلت جعلت فداك زدني. فقال: إن الله وملائكته يسقطون الذنوب من ظهور شيعتنا كما تسقط
الريح الورق عن الشجر في أوان سقوطه، وذلك قول الله " والملائكة يسبحون بحمد ربهم
ويستغفرون لمن في الارض " (1) فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم، فهل سررتك يا
أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني. فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال " من
المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما
بدلوا تبديلا " (2) والله ما عنى غيركم إذ وفيتم بما أخذ عليكم ميثاقكم من ولايتنا
إذ لم تبدلوا بنا غيرنا، ولو فعلتم لعيركم الله كما عير غيركم في كتابه إذ يقول "
وما وجدنا لاكثرهم من
(1) سورة الشورى، الاية: 3. (2) سورة
الاحزاب، الاية: 23.
[392]
عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " (1) فهل
سررتك ؟ قال: قلت جعلت فداك زدني. قال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال: " الاخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " (2) فالخلق والله أعداء غيرنا وشيعتنا، وما عنى
بالمتقين غيرنا وغير شيعتنا، فهل سررتك يا أبا محمد ؟. قال: قلت: جعلت فداك زدني
فقال: لقد ذكركم الله في كتابه فقال " ومن يطع الله ورسوله فاولئك مع الذين أنعم
الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " (3) فمحمد
صلى الله عليه وآله النبيين و، ونحن الصديقين و الشهداء، وأنتم الصالحون، فتسموا
بالصلاح كما سماكم الله، فوالله ما عنى غيركم فهل سررتك ؟ قال: قلت: جعلت فداك
زدني. فقال: لقد جمعنا الله وولينا وعدونا في آية من كتابه فقال: " قل [يا محمد] هل
يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولو الالباب " (4). فهل سررتك ؟.
قال: قلت: جعلت فداك زدني، فقال: ذكركم الله في كتابه فقال: " ما لنا لا نرى رجالا
كنا نعدهم من الاشرار " (5) فأنتم في النار تطلبون وفي الجنة والله تحبرون، فهل
سررتك يا أبا محمد ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني. قال: فقال لقد ذكركم الله في كتابه
فأعاذكم من الشيطان فقال: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " (6) والله ما عنى غيرنا
وغير شيعتنا، فهل سررتك ؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: والله لقد ذكركم الله في
كتابه فأوجب لكم
(1) سورة الاعراف، الاية: 102. (2) سورة
الاعراف، الاية: 67. (3) سورة النساء، الاية 71. (4) سورة الزمر، الاية: 9. (5)
سورة ص، الاية: 62. (6) سورة الحجر، الاية: 42.
[393]
المغفرة فقال: " " يا عبادي الذين أسرفوا
على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " (1) قال: يا أبا
محمد فإذا غفر الله الذنوب جميعا فمن يعذب ؟ والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا، وإنها
لخاصة لنا ولكم، فهل سررتك ؟ قال: قلت جعلت فداك زدني، قال: والله ما استثنى الله
أحدا من الاوصياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته إذ يقول " يوم لا يغني
مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم " (2) والله
ما عنى بالرحمة غير أمير المؤمنين وشيعته، فهل سررتك ؟. قال: قلت: جعلت فداك زدني.
قال: فقال علي بن الحسين عليه السلام ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر
الناس من ذلك براء (3). 115 - ختص: أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله الحميري، عن
أحمد بن هلال، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: شهد أبو كدينة الازدي ومحمد
بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض، ونظر في وجههما مليا، ثم قال: جعفريين
فاطميين، فبكيا فقال لهما: ما يبكيكما ؟ فقالا: نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا
أن نكون من إخوانهم، لما يرون من سخف ورعنا، ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا أن
نكون من شيعته، فإن تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل قديما فينا فتبسم شريك ثم
قال: إذا كانت الرجال فلتكن أمثالكم يا وليد أجزهما هذه المرة ولا يعودا، قال:
فحججنا فخبرنا أبا عبد الله عليه السلام بالقصة فقال: وما لشريك شركه الله يوم
القيامة بشراكين من نار (4). 116 - ختص: أحمد بن محمد بن يحيى، عن سعد، عن ابن
يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أقام محمد بن مسلم أربع سنين بالمدينة
(1) سورة الزمر، الاية: 53. (2) سورة
الدخان، الاية 42 - 43. (3) الاختصاص ص 104 وأخرجه الكليني في الروضة ص 33 بتفاوت
بين الجميع. (4) نفس المصدر ص 202 وأخرجه الكشى في رجاله ص 108.
[394]
يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله، ثم
كان يدخل على أبي عبد الله عليه السلام يسأله قال ابن أبي عمير: سمعت عبد الرحمن بن
الحجاج وحماد بن عثمان يقولان: ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم (1). 117
- ختص: أبو جعفر الاحول، محمد بن النعمان، مؤمن الطاق، مولى لبجيلة وكان صيرفيا.
ولقبه الناس شيطان الطاق، وذلك أنهم شكوا في درهم فعرضوه عليه فقال: لهم ستوق (2)
فقالوا: ما هو إلا شيطان الطاق، وأصحابنا يلقبونه مؤمن الطاق، كان من متكلمي الشيعة
مدحه أبو عبد الله عليه السلام على ذلك (3). 118 - ختص: ذكر أبو النصر محمد بن
مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد الله عليه السلام شفقة أن لا يوفيه حق
إجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه إجلالا له وإعظاما له عليه السلام،
وذكر يونس بن عبد الرحمن أن ابن مسكان كان رجلا مؤمنا، وكان يتلقى أصحابه إذا قدموا
فيأخذ ما عندهم (4). 119 - ختص: حريز بن عبد الله انتقل إلى سجستان وقتل بها، وكان
سبب قتله أن كان له أصحاب يقولون بمقالته، وكان الغالب على سجستان الشراة (5) وكان
أصحاب حريز يسمعون منهم ثلب أمير المؤمنين عليه السلام وسبه، فيخبرون حريزا
ويستأمرونه في قتل من يسمعون منه ذلك فأذن لهم، فلا يزال الشراة يجدون منهم القتيل
بعد القتيل فلا يتوهمون على الشعية لقلة عددهم، ويطالبون المرجئة ويقاتلونهم فلا
يزال الامر هكذا حتى وقفوا عليه فطلبوهم، فاجتمع أصحاب حريز إلى حريز
(1) المصدر السابق ص 203 وأخرجه الكشى في
رجاله ص 111. (2) ستوق: درهم زيف ملبس بالفضة. (3) الاختصاص ص 204 وأخرجه الكشى في
رجاله ص 122. (4) نفس المصدر ص 207 وأخرجه الكشى في رجاله ص 243. (5) الشراة: هم
الخوارج سموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله. (*)
[395]
في المسجد فعرقبوا (1) عليهم المسجد
وقلبوا أرضه رحمهم الله (2). 120 - ختص: محمد بن علي، عن ابن المتوكل، عن علي بن
إبراهيم عن اليقطيني، عن أبي أحمد الازدي، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: كنت
عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل المفضل بن عمر، فلما بصر به ضحك إليه
ثم قال: إلي يا مفضل ! فو ربي إني لاحبك واحب من يحبك يا مفضل، لو عرف جميع أصحابي
ما تعرف ما اختلف اثنان، فقال له المفضل: يا ابن رسول الله لقد حسبت أن أكون قد
انزلت فوق منزلتي، فقال عليه السلام: بل انزلت المنزلة التي أنزلك الله بها، فقال:
يا ابن رسول الله فما منزلة جابر بن يزيد منكم ؟ قال: منزلة سلمان من رسول الله صلى
الله عليه وآله، قال: فما منزلة داود بن كثير الرقي منكم قال: منزلة المقداد من
رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: ثم أقبل علي فقال: يا عبد الله بن الفضل إن
الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته، وصنعنا برحمته، وخلق أرواحكم منا، فنحن نحن
إليكم وأنتم تحنون إلينا، والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا
رجلا وينقصوا منهم رجلا ما قدروا على ذلك، وإنهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء
آبائهم وعشائرهم وأنسابهم، يا عبد الله بن الفضل ولو شئت لاريتك اسمك في صحيفتنا،
قال: ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة فقلت: يا ابن رسول
الله ما أرى فيها أثر الكتابة قال: فمسح يده عليها فوجدتها مكتوبة ووجدت في أسفلها
اسمي فسجدت لله شكرا (3).
(1) عرقبوا عليهم المسجد: أي هدموه عليهم
من قواعده أخذا من قولهم عرقب الفرس ضربه على قوائمه. (2) الاختصاص ص 207 وأخرجه
الكشى في رجاله ص 244. (3) نفس المصدر ص 216 وأخرجه الكشى في رجاله ص 108.
[396]
* (باب 12) * * (مناظرات أصحابه عليه
السلام مع المخالفين) * 1 - ج: البرقي، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن الاعمش
قال: اجتمعت الشيعة والمحكمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة، وأبو جعفر محمد بن
النعمان مؤمن الطاق حاضر، فقال ابن أبي خدرة: أنا اقرر معكم أيتها الشيعة أن أبا
بكر أفضل من علي وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بأربع خصال لا يقدر على
دفعها أحد من الناس، هو ثان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته مدفون، وهو
ثاني اثنين معه في الغار، و هو ثاني اثنين صلى بالناس آخر صلاة قبض بعدها رسول الله
صلى الله عليه وآله، وهو ثاني اثنين الصديق من الامة، قال أبو جعفر مؤمن الطاق رحمة
الله عليه: يا ابن أبي خدرة وأنا اقرر معك أن عليا عليه السلام أفضل من أبي بكر
وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بهذه الخصال التي وصفتها، وأنها مثلبة لصاحبك
والزمك طاعة علي صلى الله عليه من ثلاث جهات من القرآن وصفا، ومن خبر رسول الله صلى
الله عليه وآله نصا، ومن حجة العقل اعتبارا، ووقع الاتفاق على إبراهيم النخعي، وعلى
أبي إسحاق السبيعي، وعلى سليمان بن مهران الاعمش. فقال أبو جعفر مؤمن الطاق: أخبرني
يا ابن أبي خدرة عن النبي صلى الله عليه وآله أترك بيوته التي أضافها الله إليه،
ونهى الناس عن دخولها إلا باذنه ميراثا لاهله وولده ؟ أو تركها صدقة على جميع
المسلمين ؟ قل: ما شئت، فانقطع ابن أبي خدرة لما أورد عليه ذلك، وعرف خطأ ما فيه،
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق: إن تركها ميراثا لولده وأزواجه فانه قبض عن تسع نسوة،
وإنما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا
[397]
البيت الذي دفن فيه صاحبك ولم يصبها من
البيت ذراع في ذراع، وإن كان صدقة فالبلية أطم وأعظم فإنه لم يصب له من البيت إلا
مالادنى رجل من المسلمين، فدخول بيت النبي صلى الله عليه وآله بغير إذنه في حياته
وبعد وفاته معصية إلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام و ولده، فإن الله أحل لهم ما
أحل للنبي صلى الله عليه وآله. ثم قال: إنكم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله
أمر بسد أبواب جميع الناس التي كانت مشرعة إلى المسجد ما خلا باب علي عليه السلام
فسأله أبو بكر أن يترك له كوة لينظر منها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى
عليه، وغضب عمه العباس من ذلك فخطب النبي صلى الله عليه وآله خطبة وقال: إن الله
تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا، وأمرهما أن لا يبيت في
مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء إلا موسى وهارون وذريتهما، وإن عليا مني هو بمنزلة
هارون من موسى، و ذريته كذرية هارون، ولا يحل لاحد أن يقرب النساء في مسجد رسول
الله صلى الله عليه وآله ولا يبيت فيه جنبا إلا علي وذريته عليهم السلام، فقالوا
بأجمعهم: كذلك كان. قال أبو جعفر: ذهب ربع دينك يا ابن أبي خدرة وهذه منقبة لصاحبي
ليس لاحد مثلها ومثلبة لصاحبك، وأما قولك ثاني اثنين إذ هما في الغار أخبرني هل
أنزل الله سكينته على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى المؤمنين في غير الغار ؟
قال: ابن أبي خدرة: نعم. قال أبو جعفر: فقد أخرج صاحبك في العار من السكينة وخصه
بالحزن ومكان علي عليه السلام في هذه الليلة على فراش النبي صلى الله عليه وآله،
وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار فقال الناس: صدقت. فقال أبو جعفر: يا
ابن خدرة ذهب نصف دينك، وأما قولك ثاني اثنين الصديق من الامة أوجب الله على صاحبك
الاستغفار لعلي بن أبي طالب عليه السلام في قوله عزوجل " والذين جاؤا من بعدهم
يقولون ربنا اغفر لنا ولاخوننا الذين سبقونا بالايمان " (1) إلى آخر الاية، والذي
ادعيت إنما هو شئ سماه الناس، ومن
(1) الحشر: 11.
[398]
سماه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى
به ممن سماه الناس، وقد قال علي عليه السلام على منبر البصرة: أنا الصديق الاكبر
آمنت قبل أن آمن أبو بكر و صدقت قبله قال الناس: صدقت. قال أبو جعفر مؤمن الطاق: يا
ابن أبي خدرة ذهب ثلاث أرباع دينك، وأما قولك في الصلاة بالناس كنت ادعيت لصاحبك
فضيلة لم تقم له، وإنها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة، فلو كان ذلك بأمر رسول
الله صلى الله عليه وآله لما عزله عن تلك الصلاة بعينها، أما علمت أنه لما تقدم أبو
بكر ليصلي بالناس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فتقدم وصلى بالناس وعزله عنها،
ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين، إما أن تكون حيلة وقعت منه فلما حس النبي صلى
الله عليه وآله بذلك خرج مبادرا مع علته فنحاه عنها لكي لا يحتج بعده على امته
فيكونوا في ذلك معذورين، وإما أن يكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوضا إليه كما
في قصة تبليغ براءة فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك
فبعث عليا عليه السلام في طلبه وأخذها منه وعزله عنها وعن تبليغا، فكذلك كانت قصة
الصلاة، وفي الحالتين هو مذموم لانه كشف عنه ما كان مستورا عليه، وذلك دليل واضح
لانه لا يصلح للاستخلاف بعده، ولا هو مأمون على شئ من أمر الدين فقال الناس: صدقت.
قال أبو جعفر مؤمن الطاق: يا ابن أبي خدرة ذهب دينك كله وفضحت حيث مدحت، فقال الناس
لابي جعفر: هات حجتك فيما ادعيت من طاعة علي عليه السلام فقال أبو جعفر مؤمن الطاق:
أما من القرآن وصفا فقوله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع
الصادقين " (1) فوجدنا عليا عليه السلام بهذه الصفة في القرآن في قوله عز وجل "
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس " (2) يعني في الحرب والتعب " اولئك الذين
صدقوا واولئك هم المتقون " فوقع الاجماع من الامة بأن عليا
(1) براءة 119. (2) البقرة: 177.
[399]
عليه السلام أولى بهذا الامر من غيره لانه
لم يفر عن زحف قط كما فر غيره في غير موضع، فقال الناس: صدقت. وأما الخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وآله نصا فقال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن
تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، وقوله
صلى الله عليه وآله مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها
غرق، ومن تقدمها مرق، ومن لزمها لحق، فالمتمسك بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله هاد مهتد بشهادة من الرسول صلى الله عليه وآله، والمتمسك بغيرهم ضال مضل، قال
الناس: صدقت يا أبا جعفر. وأما من حجة العقل فإن الناس كلهم يستعبدون بطاعة العالم
ووجدنا الاجماع قد وقع على علي عليه السلام أنه كان أعلم أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله، وكان جميع الناس يسألونه ويحتاجون إليه، وكان علي عليه السلام مستغينا
عنهم هذا من الشاهد والدليل عليه من القرآن قوله عزوجل " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن
يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (1) فما اتفق يوم أحسن منه ودخل
في هذا الامر عالم كثير. وقد كانت لابي جعفر مؤمن الطاق مقامات مع أبي حنيفة فمن
ذلك ما روي أنه قال يوما من الايام لمؤمن الطاق: إنكم تقولون بالرجعة ؟ قال: نعم
قال: أبو حنيفة: فأعطني الان ألف درهم حتى اعطيك ألف دينار إذا رجعنا، قال الطاقي
لابي حنيفة: فأعطني كفيلا بأنك ترجع إنسانا ولا ترجع خنزيرا. وقال له يوما آخر: لم
لم يطالب علي بن أبي طالب بحقه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إن كان له حق
؟ فأجابه مؤمن الطاق فقال: خاف أن تقتله الجن كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة
بن شعبة. وكان أبو حنيفة يوما آخر يتماشى مع مؤمن الطاق، في سكة من سكك الكوفة إذا
بمناد ينادي من بدلني على صبي ضال، فقال مؤمن الطاق: أما الصبي
(1) يونس: 35.
[400]
الضال فلم نره، وإن أردت شيخا ضالا فخذ
هذا - عنى به أبا حنيفة. ولمات مات الصادق عليه السلام رأى أبو حنيفة مؤمن الطاق
فقال له: مات إمامك قال: نعم، أما أمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم (1). 2
- ج: إنه مر فضال بن الحسن بن فضال الكوفي بأبي حنيفة وهو في جميع كثير يملي عليهم
شيئا من فقهه وحديثه، فقال لصاحب كان معه: والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة فقال
صاحبه الذي كان معه: إن أبا حنيفة ممن قد علت حالته و ظهرت حجته قال: مه هل رأيت
حجة ضال علت على حجة مؤمن ! ثم دنا منه فسلم عليه فردها، ورد القوم السلام بأجمعهم،
فقال: يا أبا حنيفة إن أخا لي يقول: إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
علي بن أبيطالب عليه السلام وأنا أقول: أبو بكر خير الناس وبعده عمر فما تقول أنت
رحمك الله ؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله صلى الله عليه
وآله كرما وفخرا أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره فأي حجة تريد أوضح من هذا ! فقال له
فضال: إني قد قلت ذلك لاخي فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله صلى الله عليه
وآله دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه
لرسول الله صلى الله عليه وآله لقد أساءا وما أحسنا إذ رجعا في هبتهما ونسيا
عهدهما. فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في
حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما فقال له فضال: قد قلت
له ذلك فقال: أنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله مات عن تسع نساء ونظرنا فإذا
لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق
الرجلان أكثر من ذلك ؟ وبعد ذلك فما بال عائشة وحفصة يرثان رسول الله صلى الله عليه
وآله وفاطمة بنته تمنع الميراث ؟ فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فإنه رافضي خبيث
(2)
(1) الاحتجاج ص 205. (2) نفس المصدر ص
207.
[401]
3 - قب: قال أبو عبيدة المعتزلي لهشام بن
الحكم الدليل على صحة معتقدنا وبطلان معتقدكم كثرتنا وقلتكم مع كثرة أولاد علي
وادعائهم فقال هشام: لست إيانا أردت بهذا القول إنما أردت الطعن على نوح عليه
السلام حيث لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى النجاة ليلا ونهارا، وما
آمن معه إلا قليل. وسأل هشام بن الحكم جماعة من المتكلمين فقال: أخبروني حيث بعث
الله محمدا صلى الله عليه وآله بعثه بنعمة تامة أو بنعمة ناقصة ؟ قالوا: بنعمة تامة
قال: فأيما أتم أن يكون في أهل بيت واحد نبوة وخلافة ؟ أو يكون نبوة بلا خلافة ؟
قالوا: بل يكون نبوة وخلافة، قال: فلما ذا جعلتموها في غيرها، فإذا صارت في بني
هاشم ضربتم وجوههم بالسيوف فافحموا (1). 4 - جا: الجعابي، عن ابن عقدة، عن علي بن
الحسن التيملي، قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمد بن مسلم الاشجعي، عن محمد بن
نوفل قال: [كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي ف] (2) دخل علينا أبو حنيفة النعمان بن
ثابت فذكرنا أمير المؤمنين عليه السلام ودار بيننا كلام فيه فقال أبو حنيفة: قد قلت
لاصحابنا: لا تقروا لهم بحديث غدير خم فيخصموكم، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي
و قال له: لم لا يقرون به أما هو عندك يا نعمان ؟ قال: هو عندي وقد رويته قال: فلم
لا يقرون به وقد حدثنا به حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أن عليا
عليه السلام نشد الله في الرحبة من سمعه ؟ فقال أبو حنيفة: أفلا ترون أنه قد جرى في
ذلك خوض حتى نشد علي الناس لذلك ؟ فقال الهيثم: فنحن نكذب عليا أو نرد قوله ؟ فقال
أبو حنيفة: ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله، ولكنك تعلم أن الناس قد غلا فيهم قوم.
فقال الهيثم: يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله ويخطب به ونشفق نحن منه ونتقيه
لغلو غال أو قول قائل، ثم جاء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها ودار الحديث
(1) المناقب ج 1 ص 236 - 237. (2) ما بين
القوسين زيادة من المصدر.
[402]
بالكوفة، وكان معنا في السوق حبيب بن نزار
بن حسان فجاء إلى الهيثم فقال له قد بلغني ما دار عنك في علي وقوله - وكان حبيب
مولى لبني هاشم - فقال له الهيثم: النظر يمر فيه أكثر من هذا فخفض الامر، فحججنا
بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فسلمنا
عليه فقال له حبيب: يا أبا عبد الله كان من الامر كذا وكذا، فتبين الكراهية في وجه
أبي عبد الله عليه السلام فقال له حبيب: هذا محمد بن نوفل حضر ذلك، فقال له أبو عبد
الله عليه السلام: أي حبيب كف، خالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم بأعمالكم، فان لكل
امرئ ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب، لا تحملوا الناس عليكم وعلينا، وادخلوا
في دهماء الناس فان لنا أياما ودولة يأتي بها الله إذا شاء، فسكت حبيب فقال: أفهمت
يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري فتندموا، قال: لن اخالف أمرك، قال أبو العباس: سألت علي
بن الحسن، عن محمد بن نوفل فقال: كوفي، قلت: ممن ؟ قال: أحسبه مولى لبني هاشم، وكان
حبيب بن نزار بن حسان مولى لبني هاشم، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة حين
ظهر أمر بني العباس، فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمد عليهم السلام (1). 5 -
كش: محمد بن قولويه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي كهمس قال: دخلت على
أبي عبد الله فقال لي: شهد محمد بن مسلم الثقفي القصير عند ابن أبي ليلى بشهادة فرد
شهادته ؟ فقلت: نعم، فقال: إذا صرت إلى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى، فقل له: أسألك
عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا، ثم سله عن الرجل يشك في
الركعيتن الاوليين من الفريضة، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ وعن
الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فيسقط منه واحدة كيف يصنع ؟ فإذا لم يكن عنده فيها شئ
فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله
منك، وأعلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك.
(1) أمالى المفيد ص 14.
[403]
قال أبو كهمس: فلما قدمت أتيت ابن أبي
ليلى قبل أن أصير إلى منزلي فقلت له: أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس،
ولا تقول قال أصحابنا قال: هات ؟ قال: قلت: ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين
من الفريضة ؟ فأطرق ثم رفع رأسه إلي فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك ألا
تقول قال أصحابنا، فقال: ما عندي فيها شئ، فقلت له: ما تقول في الرجلين يصيب جسده
أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا فقلت هذا شرطي
عليك فقال: ما عندي فيها شئ، فقلت: رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف
يصنع فيها ؟ فطأطأ رأسه، ثم رفعه فقال: قال أصحابنا فقلت: أصلحك الله هذا شرطي عليك
فقال: ليس عندي فيها شئ، فقلت يقول لك جعفر بن محمد: ما حملك على أن رددت شهادة رجل
أعرف منك بأحكام الله وأعرف منك بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال لي: ومن
هو ؟ فقلت: محمد بن مسلم الطائفي القصير، قال فقال: والله إن جعفر بن محمد عليهما
السلام قال لك هذا ؟ فقلت: والله إنه قال لي جعفر هذا، فأرسل إلى محمد بن مسلم
فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فأجاز شهادته (1). 6 - ختص: أحمد بن هارون، وجعفر بن
الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، وسعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة
أو غيره، عن أبي كهمس مثله (2). 7 - كش: ابن قتيبة، عن الفضل، عن أبيه، عن غير واحد
من أصحابنا، عن محمد بن حكيم وصاحب له - قال أبو محمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي
- قالا رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان - قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب
- قال أحدنا لصاحبه: هل لك في خلوة من شريك ؟ فأتيناه فسلمنا عليه فرد علينا السلام
فقلنا يا أبا عبد الله مسألة فقال: في أي شئ ؟ فقلنا: في الصلاة: فقال: سلوا عما
بدا لكم، فقلنا: لا نريد أن تقول قال فلان وقال فلان، إنما نريد أن تسنده إلى
(1) رجال الكشى ص 109. (2) الاختصاص ص
202.
[404]
النبي صلى الله عليه وآله فقال: أليس في
الصلاة ؟ فقلنا: بلى فقال: سلوا عما بدا لكم، فقلنا: في كم يجب التقصير ؟ قال: كان
ابن مسعود يقول: لا يغرنكم سوادنا هذا، وكان يقول: فلان. قال قلت: إنا استثنينا
عليك ألا تحدثنا إلا عن نبي الله صلى الله عليه وآله قال: والله إنه لقبيح لشيخ
يسأل عن مسألة في الصلاة عن النبي لا يكون عنده فيها شئ، وأقبح من ذلك أن أكذب على
رسول صلى الله عليه وآله. قلت: فمسألة اخرى فقال: أليس في الصلاة ؟ قلنا: بلى، قال:
سلوا عما بدا لكم، قلنا: على من تجب صلاة الجمعة ؟ قال: عادت المسألة جذعة ما عندي
في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ، قال: فأردنا الانصراف قال: إنكم لم
تسألوا عن هذا إلا وعندكم منه علم، قال: قلت: نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي، عن
محمد بن علي عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله فقال: الثقفي الطويل
اللحية ؟ فقلنا: نعم قال: أما إنه لقد كان مأمونا على الحديث، ولكن كانوا يقولون
إنه خشبي ثم قال: ما ذا روى ؟ قلنا: روى عن النبي صلى الله عليه وآله أن التقصير
يجب في بريدين، وإذ اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا (1). بيان: قوله: جذعة
أي شابة طرية أي عادت الحالة السابقة المسألة الاولى حيث لا أعملها. قوله: إنه خشبي
قال السمعاني في الانساب: (2) الخشبي بفتح الخاء والشين المعجمتين وفي آخرها الباء
الموحدة هذه النسبة إلى جماعة من الخشبة وهم طائفة من الروافض يقال لكل واحد منهم
الخشبي، ويحكى عن منصور بن المعتمر قال: إن كان من يحب علي بن أبي طالب يقال له
خشبي فاشهدوا أني ساجه (3) وقال في النهاية في حديث ابن عمر: أنه كان يصلي خلف
الخشبية، هم أصحاب المختار بن
(1) رجال الكشى ص 111. (2) انساب السمعاني
ظهر ورقة 199 طبع ليدن ولاحظ اللباب في تهذيب الانساب لابن الاثير ج 1 ص 272. (3)
مراده بالساج هو الخشب المعروف بالعظم والصلابة، ووجه النكتة فيه ظاهر.
[405]
أبي عبيد، ويقال لضرب من الشيعة: الخشبية،
قيل: لانهم حفظوا خشبة زيد بن علي حين صلب، والوجه: الاول، ولان صلب زيد بعد ابن
عمر بكثير (1). 8 - كش: محمد بن مسعود، عن إسحاق بن محمد البصري، عن أحمد بن صدقة
الكاتب، عن أبي مالك الاحمسي، عن مؤمن الطاق - واسمه محمد بن علي بن النعمان أبو
جعفر الاحول - قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل زيد بن علي فقال لي: يا
محمد بن علي أنت الذي تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروفا بعينه ؟ قال:
قلت: نعم فكان أبوك أحدهم قال: ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان
يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول البضعة فيبردها ثم يلقمنيها أفتراه
كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار ؟ ! قال: قلت: كره أن يقول
فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد، ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشية
وله فيك الشفاعة. قال: وقال أبو حنيفة لمؤمن الطاق - وقد مات جعفر بن محمد عليه
السلام -: يا أبا جعفر إن إمامك قد مات ! فقال أبو جعفر: لكن إمامك من المنظرين إلى
يوم الوقت المعلوم (2). 9 - كش: محمد بن مسعود، عن أبي يعقوب إسحاق بن محمد، عن
أحمد بن صدقة، عن أبي مالك الاحمسي قال: خرج الضحاك الشاري بالكوفة فحكم وتسمى
بامرة المؤمنين، ودعا الناس إلى نفسه، فأتاه مؤمن الطاق فلما رأته الشراة وثبوا في
وجهه فقال لهم جانح قال: فاتي به صاحبهم فقال له مؤمن الطاق: أنا رجل على بصيرة من
ديني وسمعتك تصف العدل فأحببت الدخول معك فقال الضحاك لاصحابه: إن دخل هذا معكم
نفعكم. قال: ثم أقبل مؤمن الطاق على الضحاك فقال: لم تبر أتم من علي بن أبي طالب
واستحللتم قتله وقتاله ؟ قال: لانه حكم في دين الله، قال: وكل من حكم
(1) النهاية لابن الاثير ج 1 ص 294. (2)
رجال الكشى ص 123.
[406]
في دين الله استحللتم قتله وقتاله
والبراءة منه ؟ قال: نعم، قال فأخبرني عن الدين الذي جئت اناظرك عليه لادخل معك فيه
إن غلبت حجتي حجتك أو حجتك حجتي من يوقف المخطئ على خطائه ويحكم للمصيب بصوابه ؟
فلابد لنا من إنسان يحكم بيننا، قال: فأشار الضحاك إلى رجل من أصحابه فقال: هذا
الحكم بيننا فهو عالم بالدين قال: وقد حكمت هذا في الدين الذي جئت اناظرك فيه ؟
قال: نعم فأقبل مؤمن الطاق على أصحابه فقال: إن هذا صاحبكم قد حكم في دين الله
فشأنكم به فضربوا الضحاك بأسيافهم حتى سكت (1). بيان: جانح أي أنا مائل إليكم من
قوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " (2). وفي بعض النسخ صالح. 10 - كش: محمد
بن مسعود، عن الحسين بن أشكيب، عن الحسن بن الحسين عن يونس، عن أبي جعفر الاحول
قال: قال ابن أبي العوجاء مرة: أليس من صنع شيئا وأحدثه حتى يعلم أنه من صنعته فهو
خالقه ؟ قلت: بلى، قال: فأخلني شهرا أو شهرين ثم تعال حتى اريك، قال: فحججت فدخلت
على أبي عبد الله عليه السلام فقال: أما إنه قد هيأ لك شاتين وهو جاء معه بعدة من
أصحابه ثم يخرج لك الشاتين قد امتلئا دودا ويقول لك هذا الدود يحدث من فعلي فقل له:
إن كان من صنعك وأنت أحدثته فميز ذكوره من إناثه، وأخرج إلي الدود فقلت له: ميز
الذكور من الاناث فقال: هذه والله ليست من إبرازك، هذه التي حملتها الابل من
الحجاز. ثم قال: ويقول لك: أليس تزعم أنه غني فقل: بلى، فيقول: أيكون الغني عندك من
المعقول في وقت من الاوقات ليس عنده ذهب ولا فضة ؟ فقل له: نعم فانه سيقول لك كيف
يكون هذا غنيا ؟ فقل: إن كان الغنى عندك أن يكون الغني غنيا من قبل فضته وذهبه
وتجارته فهذا كله مما يتعامل الناس به فأي القاس أكثر وأولى بأن يقال غني من أحدث
الغنى فأغنى به الناس قبل أن يكون شئ وهو وحده
(1) رجال الكشى ص 124 وفيه صالح بدل جانح.
(2) سورة الانفال الاية: 61.
[407]
أو من أفاد مالا من هبة أو صدقة أو تجارة
؟ قال: فقلت له ذلك، قال فقال: وهذه والله ليست من إبرازك، هذه والله مما تحلمها
الابل. وقيل: إنه دخل على أبي حنيفة يوما فقال له أبو حنيفة: بلغني عنكم معشر
الشيعة شئ ؟ فقال: فما هو ؟ قال: بلغني أن الميت منكم إذا مات كسرتم يده اليسرى لكي
يعطى كتابه بيمينه، فقال: مكذوب علينا يا نعمان ولكني بلغني عنكم معشر المرجئة أن
الميت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعا فصببتم فيه جرة من ماء لكي لا يعطش يوم
القيامة فقال أبو حنيفة: مكذوب علينا وعليكم (1). 11 - كش: محمد بن مسعود، عن علي
بن محمد بن يزيد، عن الاشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن حماد، عن الحسن بن
إبراهيم، عن يونس بن عبد الرحمان، عن يونس بن يعقوب، عن هشام بن سالم قال: كنا عند
أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له،
فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله عليه السلام بالجلوس. ثم قال له: ما حاجتك أيها
الرجل ؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لاناظرك فقال أبو عبد الله
عليه السلام فيما ذا ؟ قال: في القرآن وقطعه و إسكانه وخفضه ونصبه ورفعه فقال أبو
عبد الله عليه السلام: يا حمران دونك الرجل. فقال الرجل: إنما اريدك أنت لاحمران
فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن غلبت حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران
حتى ضجر ومل وعرض وحمران يجيبه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كيف رأيت يا شامي ؟
! قال: رأيته حاذقا ما سألته عن شئ إلا أجابني فيه، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
يا حمران سل الشامي، فما تركه يكشر فقال الشامي: أرأيت يا أبا عبد الله اناظرك في
العربية فالتفت أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبان بن تغلب ناظره فناظره فما
ترك الشامي يكشر، قال: اريد أن اناظرك في الفقه فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا
زرارة ناظره فما ترك الشامي يكشر قال: اريد أن اناظرك في الكلام، فقال: يا مؤمن
الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام
(1) رجال الكشى ص 125.
[408]
بينهما، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه
به. فقال: اريد أن اناظرك في الاستطاعة فقال للطيار: كلمه فيها قال: فكلمه فما ترك
يكشر، فقال اريد اناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم: كلمه فسجل الكلام بينهما ثم
خصمه هشام، فقال اريد أن أتكلم في الامامة فقال: لهشام بن الحكم كلمه يا أبا الحكم
فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر، قال: فبقي يضحك أبو عبد الله عليه السلام حتى
بدت نواجده. فقال الشامي: كانك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال ؟ قال:
هو ذلك، ثم قال يا أخا أهل الشام أما حمران فحرفك فحرت له فغلبك بلسانه وسألك عن
حرف من الحق فلم تعرفه، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل فغلبك. وأما زرارة فقاسك
فغلب قياسه قياسك، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم وأنت كالطير المقصوص [لا نهوض
لك] (1) وأما هشام بن سالم قام حبارى يقع ويطير وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما
سوغك بريقك، يا أخا أهل الشام إن الله أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم
أخرجهما إلى الناس، ثم بعث أنبياء يفرقون بينهما، فعرفها الانبياء والاوصياء فبعث
الله الانبياء ليفرقوا ذلك وجعل الانبياء قبل الاوصياء ليعلم الناس من فضل الله ومن
يختص، ولو كان الحق على حدة والباطل على حدة كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج
الناس إلى نبي ولا وصي، ولكن الله خلطهما وجعل يفرقهما الانبياء والائمة عليهم
السلام من عباده. فقال الشامي: قد أفلح من جالسك فقال أبو عبد الله عليه السلام:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجالسه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل يصعد إلى
السماء فيأتيه الخبر من عند الجبار، فإن كان ذلك كذلك فهو كذلك، فقال الشامي:
اجعلني من شيعتك و علمني فقال أبو عبد الله عليه السلام لهشام: علمه فإني احب أن
يكون تلماذا لك. قال علي بن منصور وأبو مالك الخضرمي: رأينا الشامي عند هشام بعد
موت
(1) ما بين القوسين زيادة من المصدر.
[409]
أبي عبد الله عليه السلام ويأتي الشامي
بهدايا أهل الشام وهشام يرده هدايا أهل العراق قال علي بن منصور وكان الشامي ذكي
القلب (1). بيان: قوله عرض أي تعب ووقف من قولهم عرضت الناقة بالكسر، أي أصابها
كسر، أو عن قولهم عرض الشاء بالكسر أيضا أي انشق من كثرة العشب وكشر عن أسنانه يكشر
أبدى، والكشر التبسم، وقال الجزري السجل الدلو الملاى ماء ويجمع على سجال، ومنه
الحديث: والحرب بيننا سجال أي مرة لنا ومرة علينا، وقال: يقال سجلت الماء سجلا إذا
صببته صبا متصلا (2) ويقال: ما رتم فلان بكلمة: ما تكلم بها ذكره الجوهري (3).
وقال: يقال ما أمر ولا أحلى: إذا لم يقل شيئا، والمغث المرس في الماء والمزج وقوله
عليه السلام ما سوغك بريقك أي ما ترك ريقك يسوغ ويدخل حلقك. 12 - كش: محمد بن
مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن أحمد بن شيبه، عن يحيى بن المثنى، عن علي
بن الحسن بن رباط، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بيننا
وبينه فقال لي: هذه الكتب كلها في الطلاق وأنتم - وأقبل يقلب بيده - قال: قلت: نحن
نجمع هذا كله في حرف قال: وما هو ؟ قلت: قوله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم
النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " (4) فقال لي: وأنت لا تعلم شيئا إلا برواية ؟
قلت: أجل، فقال لي: ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدى تسعمائة وتسعة
وتسعين درهما ثم أحدث - يعني الزنا - كيف تحده ؟ فقلت: عندي بعينها حديث حدثني محمد
بن مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يضرب بالسوط وبثلثه
وبنصفه وببعضه بقدر أدائه، فقال لي: أما إني أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ، فما
تقول في
(1) رجال الكشى ص 187. (2) النهاية ج 2 ص
148. (3) الصحاح ج 5 ص 1927 طبع دار الكتاب العربي بمصر (3) سورة الطلاق الاية 1.
[410]
جمل اخرج من البحر فقلت: إن شاء فليكن
جملا وإن شاء فليكن بقرة إن كان عليه فلوس أكلناه وإلا فلا (1). 13 - ختص: جعفر بن
الحسين المؤمن، عن حيدر بن محمد بن نعيم، وحدثنا ابن قولويه عن ابن العياشي، جميعا
عن العياشي، عن جعفر بن أحمد مثله (2). 14 - كش: حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن ابن
فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، قال: إني لنائم ذات ليلة على سطح إذ طرق الباب
طارق، فقلت: من هذا ؟ فقال: شريك يرحمك الله، فأشرفت فإذا امرأة فقالت لي بنت عروس
ضربها الطلق، فما زالت تطلق حتى ماتت، والولد يتحرك في بطنها، ويذهب ويجئ فما أصنع
؟ فقلت: يا أمة الله سئل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليهم السلام عن مثل ذلك
فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، أنا يا أمة الله
رجل في ستر، من وجهك إلي ؟ قال: قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي
فقال لي: ما عندي فيها شئ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي، فانه يخبرك، فما أفتاك
به من شئ فعودي إلي فأعلمنيه، فقلت لها: امضي بسلامة، فلما كان الغد خرجت إلى
المسجد وأبو حنيفة يسأل عنها أصحابه فتنحنحت فقال: اللهم غفرا دعنا نعيش (3). 15 -
قب: عن محمد بن مسلم مثله (4). 16 - ختص: أحمد بن محمد بن يحيى، عن سعد، عن أحمد بن
محمد، عن ابن فضال مثله (5). بيان: الغفر الستر.
(1) رجال الكشى ص 244. (2) الاختصاص ص
206. (3) رجال الكشى ص 108. (4) المناقب ج 3 ص 331. (5) الاختصاص ص 203.
[411]
17 - كا: علي رفعه قال: سأل أبو حنيفة أبا
جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق فقال له: يا أبا جعفر ما تقول في المتعة أتزعم
أنها حلال ؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن، ويكتسبن عليك ؟
فقال له أبو جعفر: ليس كل الصناعات يرغب فيها، وإن كانت حلالا، وللناس أقدار
ومراتب، يرفعون أقدارهم، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنه حلال ؟
قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات فيكسبن عليك ؟ فقال أبو
حنيفة: واحدة بواحدة، وسهمك أنفذ، ثم قال له: يا أبا جعفر إن الآية التي في سأل
سائل تنطق بتحريم المتعة، والرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قد جاءت بنسخها،
فقال له أبو جعفر عليه الصلاة والسلام: يا أبا حنيفة إن سورة سأل سائل مكية، وآية
المتعة مدنية وروايتك شاذة ردية، فقال له أبو حنيفة: وآية الميراث أيضا تنطق بنسخ
المتعة. فقال أبو جعفر عليه السلام: قد ثبت النكاح بغير ميراث، قال أبو حنيفة: من
أين قلت ذاك ؟ فقال أبو جعفر: لو أن رجلا من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب، ثم
توفي عنها ما تقول فيها ؟ قال: لا ترث منه قال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث ثم
افترقا (1). 18 - كا: الحسين بن محمد، عن السياري قال: روي عن ابن أبى ليلى أنه قدم
إليه رجل خصما له فقال: إن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها حين كشفتها
شعرا، وزعمت أنه لم يكن لها قط، قال: فقال له ابن أبي ليلى: إن الناس ليحتالون لهذا
بالحيل، حتى يذهبوا به، فما الذي كرهت ؟ قال: أيها القاضي إن كان عيبا فاقض لي به
قال: اصبر حتى أخرج إليك فإني أجد أذى في بطني، ثم دخل وخرج من باب آخر، فأتى محمد
بن مسلم الثقفي فقال له: أي شئ تروون عن أبي جعفر في المرأة لا يكون على ركبها شعر،
أيكون ذلك عيبا فقال له محمد بن مسلم: أما هذا نصا فلا أعرفه، ولكن حدثني أبو جعفر
عن أبيه، عن
(1) الكافي ج 5 ص 450.
[412]
آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن أبي ليلى: حسبك، ثم
رجع إلى القوم، فقضى لهم بالعيب (1). 19 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن إبراهيم بن
حفص العسكري، عن عبيد بن الهيثم، عن الحسن بن سعيد ابن عم شريك، عن شريك بن عبد
الله القاضي قال: حضرت الاعمش في علته التي قبض فيها فبينا أنا عنده إذ دخل عليه
ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله، فذكر ضعفا شديدا، وذكر ما
يتخوف من خطيئاته، وأدركته رنة فبكى، فأقبل عليه أبو حنيفة فقال: يا أبا محمد اتق
الله وانظر لنفسك، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الاخرة وقد
كنت تحدث في علي بن أبي طالب عليه السلام بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك قال
الاعمش: مثل ماذا يا نعمان ؟ قال: مثل حديث عباية أنا قسيم النار، قال: أو لمثلي
تقول يا يهودي، أقعدوني سندوني، أقعدوني. حدثني والذي إليه مصيري موسى بن طريف، ولم
أر أسديا كان خيرا منه قال: سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال: سمعت عليا أمير
المؤمنين عليه السلام يقول: أنا قسيم النار، أقول هذا وليي دعيه، وهذا عدوي خذيه.
وحدثني أبو المتوكل الناجي في امرأة الحجاج، وكان يشتم عليا عليه السلام شتما مقذعا
- يعني الحجاج لعنه الله - عن أبي سعيد الخدري - ره - قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يأمر الله عزوجل فأقعد أنا وعلي على الصراط، و
يقال: لنا أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما، وأدخلا النار من كفر بي و أبغضكما، قال
أبو سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما آمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن
بي من لم يتول - أو قال: لم يحب - عليا. وتلا " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " (2).
(1) نفس المصدر ج 5 ص 215. (2) سورة ق،
الاية 24.
[413]
قال: فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال:
قوموا بنا لا يجيئنا أبو محمد بأطم من هذا، قال الحسن بن سعيد: قال لي شريك بن عبد
الله: فما أمسى يعني الاعمش حتى فارق الدنيا رحمه الله (1).
(1) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 43 وفيه ذكر
خصوصيات السند. تمت - ولله الحمد والمنة - مراجعة هذا الجزاء المختص بأحوال سيدنا
الامام أبي عبد الله الصادق عليه السلام على جل مصادره مما وقع بيدى وتيسرت لى
مراجعته ونسأل الله التوفيق لاكمال الجزء المختص بأحوال سيدنا الامام أبى الحسن
موسى بن جعفر عليه السلام كما نرجو منه سبحانه القبول والاثابة انه ولى ذلك، وأنا
الاقل محمد مهدى السيد حسن الموسوي الخرسان.
[414]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وله
الحمد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله
الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين. وبعد فقد تم بحمد الله ومنه
شرف مراجعة الجزء السادس والاربعين - حسب تجزئة سيادة الناشر المحترم - من موسوعة
بحار الانوار الجليلة، وكان مختصا بأحوال الامامين الهمامين أبي محمد علي بن الحسين
وابنه أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام، وقد بذلت جهدي في تيسير ما يعين
القاري من شرح ما يحتاج إلى بيان، وتعيين صفحات المصادر، ولما كان سيادة الناشر
المحترم في ايران وأنا في النجف الاشرف، فقد عهد بتصحيحه المطبعي إلى بعض مصححيه،
فأضاف ذلك من عنده بعض الحواشي ورمز لها - مشكورا - برمزه الخاص، فكان منها ما هو
في غير محله، لذلك أحببت التنويه بذلك، ليكون كل مسؤولا عما كتب. أما الان ونحن على
أبواب هذا الجزء - السابع والاربعين حسب تجزئة سيادة الناشر المحترم - ولا أظن
بحاجة ماسة إلى تعريف المؤلف أو المؤلف بعد أن سبق التعريف بكل منهما في بعض
الاجزاء السابقة، كما أراني في غنى عن التقديم لموضوع هذا الجزء الذي يضم بين دفتيه
سيرة سيد من أكابر سادات أهل البيت وهو سادس أئمة المسلمين المعصومين وخلفاء الله
في العالمين، ومن أذعن بفضله خصومه فضلا عن مواليه، وأثنى عليه أئمة المذاهب
الاسلامية الاخرى معترفين بفضله عليهم، وأخذهم عنه، كما تجده مفصلا في هذا الجزء.
[415]
أما اسلوبنا في مراجعته فهو لا يختلف عما
سبق في سالفه، وإني لاعترف بكبير الفضل الذي أولانيه سماحة آية الله سيدي الوالد
دام ظله فيما كنت أسترشده وأستعينه في إنجاز هذا العمل المضني لتشتت مصادره وتشعب
موارده فطالما سهر ليله وأجهد نفسه في تيسير بعض ما صعب علي كشفه، فجزاه الله عن
الاسلام وأهله خيرا الجزاء. كما لا يفوتني التنويه بجهود العلامة الاخ السيد محمد
رضا الخرسان سلمه الله حيث شارك في انجاز عملي هذا وأرجو من الله تعالى وحده ان
يتولى جزاء الجميع فمنه التوفيق ومنه العون وهو ولي ذلك انه سميع مجيب. محمد مهدي
السيد حسن الخرسان النجف الاشرف 10 رجب المرجب سنة 1385
[416]
بسمه تعالى شأنه إلى هنا انتهى الجزء
السابع والاربعون من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة، وهو الجزء الثاني من
المجلد الحادي عشر، يحتوي على تاريخ الامام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه الصلاة
والسلام. خصومه فضلا عن مواليه، وأثنى عليه أئمة المذاهب الاسلامية الاخرى معترفين
بفضله عليهم، وأخذهم عنه، كما تجده مفصلا في هذا الجزء.
[415]
أما اسلوبنا في مراجعته فهو لا يختلف عما
سبق في سالفه، وإني لاعترف بكبير الفضل الذي أولانيه سماحة آية الله سيدي الوالد
دام ظله فيما كنت أسترشده وأستعينه في إنجاز هذا العمل المضني لتشتت مصادره وتشعب
موارده فطالما سهر ليله وأجهد نفسه في تيسير بعض ما صعب علي كشفه، فجزاه الله عن
الاسلام وأهله خيرا الجزاء. كما لا يفوتني التنويه بجهود العلامة الاخ السيد محمد
رضا الخرسان سلمه الله حيث شارك في انجاز عملي هذا وأرجو من الله تعالى وحده ان
يتولى جزاء الجميع فمنه التوفيق ومنه العون وهو ولي ذلك انه سميع مجيب. محمد مهدي
السيد حسن الخرسان النجف الاشرف 10 رجب المرجب سنة 1385
[416]
بسمه تعالى شأنه إلى هنا انتهى الجزء
السابع والاربعون من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة، وهو الجزء الثاني من
المجلد الحادي عشر، يحتوي على تاريخ الامام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه الصلاة
والسلام. ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته عند الطباعة وبالغنا في ذلك، ولله
المن على توفيقه لذلك، وهو الموفق والمعين. السيد ابراهيم الميانجى * محمد الباقر
البهبودى