الى اجزاء البحار الى المكتبة الهاشمية الى الصفحة الرئيسية

بحار الانوار الجزء 51

العلامة المجلسي


[1]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس الله سره " الجزء الحادي والخمسون مؤسسة الوفاء بيروت لبنان كافة الحقوق محفوظة ومسجلة الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍ - 1983 م مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - ص ب: 1457 - هاتف: 386868


 

[1]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي وصل لعباده القول بإمام بعد إمام لعلهم يتذكرون * وأكمل الدين بامنائه وحججه في كل دهر وزمان لقوم يوقنون * والصلاة والسلام على من بشر به وبأوصيائه النبيون والمرسلون * محمد سيد الورى وآله مصابيح الدجى إلى يوم يبعثون * ولعنة الله على أعدائهم ما دامت السماوات والارضون. أما بعد: فهذا هو المجلد الثالث عشر من كتاب بحار الانوار في تاريخ الامام الثاني عشر، والهادي المنتظر، والمهدي المظفر، ونور الانوار، وحجة الجبار، والغائب عن معاينة الابصار، والحاضر في قلوب الاخيار، وحليف الايمان وكاشف الاحزان، وخليفة الرحمن الحجة بن الحسن إمام الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين، ما توالت الازمان، من مؤلفات خادم أخبار الائمة الاخيار، وتراب أعتاب حملة الآثار: محمد باقر بن محمد تقي حشرهما الله تعالى مع مواليهما الاطهار، وجعلهما في دولتهم من الاعوان والانصار.


 

[2]

(1) * (باب) * * " (ولادته وأحوال امه صلوات الله عليه) " * 1 - كا: ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين. 2 - ك: ابن عصام عن الكليني، عن علان الرازي، قال: أخبرني بعض أصحابنا أنه لما حملت جارية أبي محمد عليه السلام قال: ستحملين ذكرا واسمه محمد وهو القائم من بعدي. 3 - ك: ابن الوليد، عن محمد العطار، عن الحسين بن رزق الله، عن موسى ابن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر، قال: حدثتني حكيمة بنت محمد ابن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قالت: بعث إلي أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام فقال: يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا فانها ليلة النصف من شعبان فان الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجته في أرضه قالت: فقلت له: ومن امه ؟ قال لي: نرجس. قلت له: والله جعلني الله فداك ما بها أثر ؟ فقال: هو ما أقول لك قالت: فجئت فلما سلمت وجلست جاءت تنزع خفي وقالت لي: يا سيدتي كيف أمسيت ؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمه ؟ قالت: فقلت لها: يا بنية إن الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة قالت: فجلست واستحيت (1) فلما أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة وأفطرت وأخذت مضجعي فرقدت فلما أن كان جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعة وهي راقدة ثم قامت فصلت.

 

(1) استحت خ ل وكلاهما وجيهان قرئ بهما قوله تعالى: " ان الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ".

 

[3]

قالت حكيمة: فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمد عليه السلام من المجلس فقال: لا تعجلي يا عمة فان الامر قد قرب قالت: فقرأت الم السجدة ويس فبينما أنا كذلك إذا انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت: اسم الله عليك ثم قلت لها: تحسين شيئا ؟ قالت: نعم يا عمة، فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك. قالت حكيمة: ثم أخذتني فترة وأخذتها فطرة (1) فانتبهت بحس سيدي عليه السلام فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجدا يتلقى الارض بمساجده فضممته إلي فإذا أنا به نظيف منظف فصاح بي أبو محمد عليه السلام هلمي إلي ابني يا عمة فجئت به إليه فوضع يديه تحت أليتيه وظهره ووضع قدميه على صدره ثم أدلى لسانه في فيه وأمر يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثم قال: تكلم يا بني فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم صلى على أمير المؤمنين عليه السلام وعلى الائمة إلى أن وقف على أبيه ثم أحجم. قال أبو محمد عليه السلام: يا عمة اذهبي به إلى امه ليسلم عليها وائتني به فذهبت به فسلم عليها ورددته ووضعته في المجلس ثم قال: يا عمة إذا كان يوم السابع فائتينا. قالت حكيمة: فلما أصبحت جئت لاسلم على أبي محمد عليه السلام فكشفت الستر لافتقد سيدي عليه السلام فلم أره فقلت له: جعلت فداك ما فعل سيدي ؟ فقال: يا عمه استودعناه الذي استودعته ام موسى عليه السلام. قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت وسلمت وجلست فقال: هلمي إلي ابني فجئت بسيدي في الخرقة ففعل به كفعلته الاولى ثم أدلى لسانه في فيه. كأنه يغذيه لبنا أو عسلا ثم قال: تكلم يا بني فقال عليه السلام: أشهد أن لا إله إلا الله وثنى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليه السلام ثم تلا هذه الآية " بسم الله الرحمن الرحيم ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في

 

(1) المراد بالفترة سكون المفاصل وهدوؤها قبل غلبة النوم والمراد بالفطرة انشقاق البطن بالمولود وطلوعه منه.

 

[4]

الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " (1). قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال: صدقت حكيمة. بيان يقال حجمته عن الشئ فأحجم أي كففته فكف. 4 - ك: جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى ابن محمد قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري: هذا جزاء من افترى على الله تبارك وتعالى في أوليائه زعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله عزوجل. وولد له وسماه م ح م د سنة ست وخمسين ومأتين. غط: الكليني، عن الحسين بن محمد، عن المعلى، عن أحمد بن محمد قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام وذكر مثله. بيان: ربما يجمع بينه وبين ما ورد من خمس وخمسين بكون السنة في هذا الخبر ظرفا لخرج أو قتل أو إحداهما على الشمسية والاخرى على القمرية (2). 5 - ك: ابن عصام، عن الكليني، عن علي بن محمد قال: ولد الصاحب عليه السلام (في) النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين. 6 - ك: ماجيلويه والعطار معا، عن محمد العطار، عن الحسين بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليه السلام، عن الشاري عن نسيم وماريه أنه لما سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن امه سقط جاثيا على ركبتيه، رافعا سبابتيه إلى السماء ثم عطس فقال: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة، ولو اذن لنا في الكلام لزال الشك. غط: علان، عن محمد العطار مثله.

 

(1) القصص: 5. (2) ولكن الاخير غير صحيح لان السنة القمرية في خمس وخمسين ومأتى سنة يزيد على السنة الشمسية بسبع سنوان، لا بسنة واحدة. فكانت السنة الشمسية سنة تسع وأربعين ومائتين. والقمرية ست وخمسين ومائتين.

 

[5]

7 - ك: قال إبراهيم بن محمد: وحدثتني نسيم خادم أبي محمد عليه السلام قالت: قال لي صاحب الزمان عليه السلام وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست عنده فقال لي: يرحمك الله، قالت نسيم: ففرحت بذلك فقال لي عليه السلام: ألا ابشرك في العطاس ؟ فقلت بلى، قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيام. 8 - غط: الكليني، رفعه عن نسيم الخادم قال: دخلت على صاحب الزمان عليه السلام بعد مولده بعشر ليال، فعطست عنده فقال: يرحمك الله، ففرحت بذلك فقال: ألا ابشرك في العطاس ؟ هو أمان من الموت ثلاثة أيام. 9 - ك: ما جيلويه، وابن المتوكل، والعطار جميعا عن إسحاق بن رياح البصري، عن أبي جعفر العمري قال: لما ولد السيد عليه السلام قال أبو محمد عليه السلام: ابعثوا إلي أبي عمرو، فبعث إليه فصار إليه فقال: اشتر عشرة آلاف رطل خبزا وعشرة آلاف رطل لحما وفرقه أحسبه قال: على بني هاشم وعق عنه بكذا وكذا شاة. 10 - ك: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن أبي علي الخيزراني، عن جارية له كان أهداها لابي محمد عليه السلام فلما أغار جعفر الكذاب على الدار جاءته فارة من جعفر فتزوج بها قال أبو علي: فحدثتني أنها حضرت ولادة السيد عليه السلام وأن اسم ام السيد صقيل وأن أبا محمد عليه السلام حدثها بما جرى على عياله فسألته أن يدعو لها بأن يجعل منيتها قبله، فماتت قبله في حياة أبي محمد عليه السلام وعلى قبرها لوح عليه مكتوب هذا ام محمد. قال أبو علي: وسمعت هذه الجارية تذكر أنه لما ولد السيد رأت له نورا ساطعا قد ظهر منه وبلغ افق السماء ورأت طيورا بيضا تهبط من السماء و تمسح أجنحتها على رأسه ووجهه وسائر جسده ثم تطير، فأخبرنا أبا محمد عليه السلام بذلك فضحك ثم قال: تلك ملائكة السماء نزلت لتتبرك به وهي أنصاره إذا خرج. 11 - ك: ابن المتوكل، عن الحميري، عن محمد بن أحمد العلوي، عن أبي غانم الخادم قال: ولد لابي محمد عليه السلام ولد فسماه محمدا فعرضه على أصحابه يوم الثالث وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد إليه الاعناق بالانتظار فإذا امتلات الارض جورا وظلما خرج فملاها قسطا وعدلا.


 

[6]

12 - غط: جماعة عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال: قال بشر بن سليمان النخاس وهو من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد وجارهما بسر من رأى: أتاني كافور الخادم فقال: مولانا أبو الحسن علي بن محمد العسكري يدعوك إليه فأتيته فلما جلست بين يديه قال لي: يابشر إنك من ولد الانصار وهذه الموالاة لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف وأنتم ثقاتنا أهل البيت وإني مزكيك ومشرفك بفضيلة تسبق بها الشيعة في الموالاة بسر اطلعك عليه، وانفذك في ابتياع أمة فكتب كتابا لطيفا بخط رومي ولغة رومية وطبع عليه خاتمه وأخرج شقة (1) صفراء فيها مائتان وعشرون دينارا فقال: خذها و توجه بها إلى بغداد واحضر معبر الفرات ضحوة يوم كذا فإذا وصلت إلى جانبك زواريق السبايا وترى الجواري فيها ستجد طوايف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس وشر ذمة من فتيان العرب فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد على المسمى عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك إلى أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا لابسة حريرين صفيقين تمتنع من العرض ولمس المعترض والانقياد لمن يحاول لمسها وتسمع صرخة رومية من وراء ستر رقيق فاعلم أنها تقول: واهتك ستراه فيقول بعض المبتاعين علي ثلاثمأة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة فتقول له بالعربية: لو برزت في زي سليمان بن داود وعلى شبه ملكه ما بدت لي فيك رغبة فاشفق على مالك فيقول النخاس: فما الحيلة ولابد من بيعك فتقول الجارية: وما العجلة ولابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي إليه وإلى وفائه وأمانته. فعند ذلك قم إلى عمر بن يزيد النخاس وقل له: إن معك كتابا ملطفة لبعض الاشراف كتبه بلغة رومية وخط رومي ووصف فيه كرمه ووفاءه ونبله وسخاءه تناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه فان مالت إليه ورضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر بن سليمان: فامتثلت جميع ما حده لي مولاي أبو الحسن عليه السلام في

 

(1) الشقة بالكسر والضم السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة وقد يكون تصحيف " حقة " وهى وعاء تسوى من خشب أو من العاج أو غير ذلك.

 

[7]

أمر الجارية فلما نظرت في الكتاب بكت بكاء شديدا وقالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب وحلفت بالمحرجة والمغلظة (1) أنه متى امتنع من بيعها منه قتلت نفسها فما زلت اشاحه في ثمنها حتى استقر الامر فيه على مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير فاستوفاه وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة وانصرفت بها إلى الحجيرة التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتى أخرجت كتاب مولانا عليه السلام من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتضعه على خدها وتمسحه على بدنها فقلت تعجبا منها تلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه ؟ فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الانبياء أعرني سمعك (2) وفرغ لي قلبك أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وامي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون انبئك بالعجب. إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه وأنا من بنات ثلاث عشرة سنة فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان ثلاثمائة رجل و من ذوي الاخطار منهم سبعمائة رجل وجمع من امراء الاجناد وقواد العسكر و نقباء الجيوش وملوك العشاير أربعة آلاف وأبرز من بهي ملكه عرشا مساغا من أصناف الجوهر ورفعه فوق أربعين مرقاة فلما صعد ابن أخيه وأحدقت الصلب و قامت الاساقفة عكفا ونشرت أسفار الانجيل تسافلت الصلب من الاعلى فلصقت الارض وتقوضت أعمدة العرش فانهارت إلى القرار وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه فتغيرت ألوان الاساقفة وارتعدت فرائصهم فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا وقال للاساقفة: أقيموا هذه الاعمدة وارفعوا الصلبان واحضروا أخا هذا المدبر لعاهر المنكوس جده لازوجه هذه

 

(1) المغلظة: المؤكدة من اليمين، والمحرجة: اليمين التى تضيق مجال الحالف بحيث لا يبقى له مندوحة عن بر قسمه. (2) من الاعارة أي أعطيني سمعك عارية. (*)

 

[8]

الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده ولما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الاول وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما فدخل منزل النساء وارخيت الستور واريت في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان نصب جدي وفيه عرشه ودخل عليه محمد صلى الله عليه وآله وختنه ووصيه عليه السلام وعدة من أبنائه. فتقدم المسيح إليه فاعتنقه فيقول له محمد صلى الله عليه وآله: يا روح الله إني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا وأومأ بيده إلى أبي محمد عليه السلام ابن صاحب هذا الكتاب فنظر المسيح إلى شمعون وقال له: قد أتاك الشرف فصل رحمك برحم آل محمد عليهم السلام قال: قد فعلت، فصعد ذلك المنبر فخطب محمد صلى الله عليه وآله وزوجني من ابنه وشهد المسيح عليه السلام وشهد أبناء محمد عليهم السلام والحواريون. فلما استيقظت أشفقت أن أقص هذه الرؤيا على أبي وجدي مخافة القتل فكنت اسرها ولا ابديها لهم وضرب صدري بمحبة أبي محمد عليه السلام حتى امتنعت من الطعام والشراب فضعفت نفسي ودق شخصي ومرضت مرضا شديدا فما بقي في مداين الروم طبيب إلا أحضره جدي وسأله عن دوائي فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني هل يخطر ببالك شهوة فازودكها في هذه الدنيا فقلت: يا جدي أرى أبواب الفرج علي مغلقة فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من اسارى المسلمين وفككت عنهم الاغلال وتصدقت عليهم ومنيتهم الخلاص رجوت أن يهب المسيح وامه عافية فلما فعل ذلك تجلدت في إظهار الصحة من بدني قليلا و تناولت يسيرا من الطعام فسر بذلك وأقبل على إكرام الاسارى وإعزازهم فاريت أيضا بعد أربع عشرة ليلة كأن سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف من وصايف الجنان فتقول لي مريم هذه سيدة النساء عليها السلام ام زوجك أبي محمد فأتعلق بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمد من زيارتي فقالت سيدة النساء عليها السلام: إن ابني أبا محمد


 

[9]

لا يزورك وأنت مشركة بالله على مذهب النصارى وهذه اختي مريم بنت عمران تبرء إلى الله من دينك فان ملت إلى رضى الله تعالى ورضى المسيح ومريم عليهما السلام وزيارة أبي محمد إياك فقولي أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي محمدا رسول الله فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني إلى صدرها سيدة نساء العالمين وطيب نفسي وقالت الآن توقعي زيارة أبي محمد وإني منفذته إليك فانتبهت وأنا أنول (1) وأتوقع لقاء أبي محمد عليه السلام فلما كان في الليلة القابلة رأيت أبا محمد عليه السلام وكأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبك، فقال: ما كان تأخري عنك إلا لشركك فقد أسلمت وأنا زائرك في كل ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان فلما قطع عني زيارته بعد ذلك إلى هذه الغاية. قال بشر: فقلت لها: وكيف وقعت في الاسارى فقالت: أخبرني أبو محمد عليه السلام ليلة من الليالي أن جدك سيسير جيشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثم يتبعهم فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصايف من طريق كذا ففعلت ذلك فوقفت علينا طلايع المسلمين حتى كان من أمري ما رأيت وشاهدت وما شعر بأني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية أحد سواك وذلك باطلاعي إياك عليه ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت: نرجس فقال: اسم الجواري. قلت: العجب أنك رومية ولسانك عربي ؟ قالت: نعم، من ولوع جدي وحمله إياي على تعلم الآداب أن أوعز إلي امرأة ترجمانة له في الاختلاف إلي وكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربية حتى استمر لساني عليها واستقام قال بشر: فلما انكفأت بها إلى سر من رأى دخلت على مولاي أبي الحسن عليه السلام فقال: كيف أراك الله عز الاسلام وذل النصرانية وشرف محمد وأهل بيته عليهم السلام قالت: كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما أنت أعلم به مني قال: فاني احب أن

 

(1) في النسخة المطبوعة: أقول، وهو سهو والصحيح ما أثبتناه يقال: نالت المرأة بالحديث أو الحاجة تنول أي سمحت أو همت

 

[10]

اكرمك فأيما أحب إليك عشرة آلاف دينار أم بشرى لك بشرف الابد قالت: بشرى بولد لي. قال لها: ابشري بولد يملك الدنيا شرقا وغربا ويملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا قالت: ممن ؟ قال: ممن خطبك رسول الله صلى الله عليه وآله، له ليلة كذا في شهر كذا من سنة كذا بالرومية قال لها: ممن زوجك المسيح عليه السلام ووصيه ؟ قالت: من ابنك أبي محمد عليه السلام فقال: هل تعرفينه قالت: وهل خلت ليلة لم يزرني فيها منذ الليلة التي أسلمت على يد سيدة النساء عليها السلام قال: فقال مولانا: يا كافور ادع اختي حكيمة فلما دخلت قال لها: هاهيه فاعتنقتها طويلا وسرت بها كثيرا فقال لها أبو الحسن عليه السلام: يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرايض والسنن فانها زوجة أبي محمد وام القائم عليه السلام. * 13 - ك: محمد بن علي بن محمد بن حاتم. عن أحمد بن عيسى الوشاء، عن أحمد بن طاهر القمي، عن أبي الحسين محمد بن يحيى الشيباني قال: وردت كربلاء سنة ست وثمانين ومائتين قال: وزرت قبر غريب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انكفأت إلى مدينة السلام متوجها إلى مقابر قريش وقد تضرمت الهواجر وتوقدت السماء ولما وصلت منها إلى مشهد الكاظم عليه السلام واستنشقت نسيم تربته المغمورة من الرحمة المحفوفة بحدايق الغفران أكببت عليها بعبرات متقاطرة وزفرات متتابعة، وقد حجب الدمع طرفي عن النظر فلما رقأت العبرة وانقطع النحيب وفتحت بصرى وإذا أنا بشيخ قد انحنى صلبه وتقوس منكباه وثفنت جبهته وراحتاه وهو يقول لآخر معه عند القبر: يا ابن أخ فقد نال عمك شرفا بما حمله السيدان من غوامض الغيوب وشرايف العلوم التي لم يحمل مثلها إلا سلمان وقد أشرف عمك على استكمال المدة وانقضاء العمر وليس يجد في أهل الولاية رجلا يفضي إليه قلت: يانفس لا يزال العناء والمشقة ينالان منك باتعابي الخف والحافر في طلب العلم وقد قرع سمعي من هذا الشيخ لفظ يدل على علم جسيم وأمر عظيم.

 

في النسخة المطبوعة: كا وهو سهو والصحيح ما أثبتناه راجع كمال الدين ج 2 ص 89 من طبعتنا.

 

[11]

فقلت: أيها الشيخ ومن السيدان ؟ قال النجمان المغيبان في الثرى بسر من رأى فقلت: إني اقسم بالموالاة وشرف محل هذين السيدين من الامامة والوراثة أني خاطب علمهما وطالب آثارهما وباذل من نفسي الايمان الموكدة على حفظ أسرارهما قال: إنكنت صادقا فيما تقول فأحضر ما صحبك من الآثار عن نقلة أخبارهم فلما فتش الكتب وتصفح الروايات منها قال: صدقت أنا بشر بن سليمان النخاس من ولد أبي أيوب الانصاري أحد موالي أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام وجارهما بسر من رأى قلت فأكرم أخاك ببعض ما شاهدت من آثارهما قال: كان مولاي أبو الحسن عليه السلام فقهني في علم الرقيق فكنت لا أبتاع ولا أبيع إلا باذنه فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتى كملت معرفتي فيه فأحسنت الفرق فيما بين الحلال والحرام فبينا أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأى وقد مضى هوي من الليل إذ قد قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فإذا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام يدعوني إليه فلبست ثيابي ودخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد عليه السلام واخته حكيمة من وراء الستر فلما جلست قال: يا بشر إنك من ولد الانصار وهذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف وأنتم ثقاتنا أهل البيت وساق الخبر نحوا مما رواه الشيخ إلى آخره. بيان يباري السماء: أي يعارضها ويقال برح به الامر تبريحا جهده وأضر به وأوعز إليه في كذا أي تقدم، وانكفأ أي رجع. 14 - ك: ابن إدريس عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن إبراهيم الكوفي عن محمد بن عبد الله المطهري، قال: قصدت حكيمة بنت محمد عليه السلام بعد مضي أبي محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي فيها فقالت لي: اجلس فجلست ثم قالت لي: يا محمد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الارض من حجة ناطقة أو صامتة ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين تفضيلا للحسن والحسين عليهما السلام وتمييزا لهما أن يكون في الارض عديلهما إلا أن الله تبارك وتعالى خص ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن كما خص ولد هارون على ولد موسى وإن كان


 

[12]

موسى حجة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة، ولابد للامة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقون: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وإن الحيرة لا بد واقعة بعد مضي أبي محمد الحسن عليه السلام. فقلت: يا مولاتي هل كان للحسن عليه السلام ولد فتبسمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسن عليه السلام عقب فمن الحجة من بعده ؟ وقد أخبرتك حدثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام. قال: نعم، كانت لي جارية يقال لها نرجس: فزارني ابن أخي عليه السلام وأقبل يحد النظر إليها، فقلت له: يا سيدي لعلك هويتها فارسلها إليك ؟ فقال: لا يا عمة لكني أتعجب منها فقلت: وما أعجبك ؟ فقال عليه السلام: سيخرج منها ولد كريم على الله عزوجل الذي يملا الله به الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فقلت: فارسلها إليك يا سيدي ؟ فقال: استاذني في ذلك أبي، قالت: فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن فسلمت وجلست فبدأني عليه السلام وقال: يا حكيمة ابعثي بنرجس إلى ابني أبي محمد قالت: فقلت: يا سيدي على هذا قصدتك أن أستأذنك في ذلك، فقال: يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب أن يشركك في الاجر ويجعل لك في الخير نصيبا قالت حكيمة: فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لابي محمد وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أياما ثم مضى إلى والده ووجهت بها معه. قالت حكيمة: فمضى أبو الحسن عليه السلام وجلس أبو محمد عليه السلام مكان والده وكنت أزوره كما كنت أزور والده فجاءتني نرجس يوما تخلع خفي وقالت: يا مولاتي ناولني خفك، فقلت: بل أنت سيدتي ومولاتي والله لا دفعت إليك حفي لتخلعيه ولا خدمتيني بل أخدمك على بصري فسمع أبو محمد عليه السلام ذلك فقال: جزاك الله خيرا يا عمة فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس فصحت بالجارية وقلت: ناوليني ثيابي لانصرف فقال عليه السلام: يا عمتاه بيتي الليلة عندنا فانه سيولد الليلة المولود الكريم


 

[13]

على الله عزوجل الذي يحيي الله عزوجل به الارض بعد موتها، قلت: ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحمل فقال: من نرجس لا من غيرها قالت: فوثبت إلى نرجس فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثرا من حبل فعدت إليه فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل لان مثلها مثل ام موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسى عليه السلام. قال حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يدي لا تقلب جنبا إلى جنب حتى إذا كان في آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت فزعة فضممتها إلى صدري وسميت عليها فصاح أبو محمد عليه السلام وقال: اقرئي عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر فأقبلت أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك ؟ قالت: ظهر الامر الذي أخبرك به مولاي فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ وسلم علي قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت فصاح بي أبو محمد عليه السلام لا تعجبي من أمر الله عزوجل إن الله تبارك وتعالى ينطقنا بالحكمة صغارا ويجعلنا حجة في أرضه كبارا فلم يستتم الكلام حتى غيبت عني نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب فعدوت نحو أبي محمد عليه السلام وأنا صارخة فقال لي: ارجعي يا عمة فانك ستجديها في مكانها قالت: فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها وإذا أنا بها وعليها من أثر النور ما غشي بصري وإذا أنا بالصبي عليه السلام ساجدا على وجهه جاثيا على ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأن أبي أمير المؤمنين ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، فقال عليه السلام: اللهم أنجز لي وعدي وأتمم لي أمري وثبت وطأتي واملا الارض بي عدلا وقسطا. فصاح أبو محمد الحسن عليه السلام فقال: يا عمة تناوليه فهاتيه فتناولته وأتيت به نحوه فلما مثلت بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه فتناوله الحسن عليه السلام و الطير ترفرف على رأسه فصاح بطير منها فقال له: احمله واحفظه ورده إلينا في


 

[14]

كل أربعين يوما فتناوله الطاير وطار به في جو السماء وأتبعه ساير الطير فسمعت أبا محمد يقول: أستودعك الذي استودعته ام موسى فبكت نرجس فقال لها: اسكتي فان الرضاع محرم عليه إلا من ثديك وسيعاد إليك كما رد موسى إلى امه و ذلك قوله عزوجل " فرددناه إلى امه كي تقر عينها ولا تحزن " قالت حكيمة: فقلت: ماهذا الطاير قال: هذا روح القدس الموكل بالائمة عليهم السلام يوفقهم ويسددهم ويربيهم بالعلم. قالت حكيمة: فلما أن كان بعد أربعين يوما رد الغلام ووجه إلي ابن أخي عليه السلام فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي متحرك يمشي بين يديه فقلت: سيدي هذا ابن سنتين فتبسم عليه السلام ثم قال: إن أولاد الانبياء والاوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤن بخلاف ما ينشؤ غيرهم وإن الصبي منا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة وإن الصبي منا ليتكلم في بطن امه ويقرأ القرآن ويعبد ربه عزوجل وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه (كل) صباح (و) مساء. قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي كل أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمد عليه السلام بأيام قلايل فلم أعرفه فقلت لابي محمد عليه السلام: من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه ؟ فقال: ابن نرجس وهو خليفتي من بعدي وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي، قالت حكيمة: فمضى أبو محمد عليه السلام بأيام قلايل و افترق الناس كما ترى ووالله إني لاراه صباحا ومساء وإنه لينبئني عما تسألوني عنه فاخبركم ووالله إني لاريد أن أسأله عن الشئ فيبدءني به وإنه ليرد علي الامر فيخرج إلي منه جوابه من ساعته من غير مسألتي وقد أخبرني البارحة بمجيئك إلي وأمرني أن اخبرك بالحق. قال محمد بن عبد الله: فو الله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد إلا الله عزوجل فعلمت أن ذلك صدق وعدل من الله عزوجل وأن الله عزوجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه. بيان: قوله عليه السلام: وثبت وطأتي: الوطئ الدوس بالقدم سمي به الغزو والقتل


 

[15]

لان من يطأ على الشئ برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته ذكره الجزري أي أحكم وثبت ما وعدتني من جهاد المخالفين واستيصالهم. 15 - ك: الطالقاني، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن محمد بن خليلان عن أبيه، عن جده، عن غياث بن أسد قال: ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه يوم الجمعة وامه ريحانة ويقال لها نرجس: ويقال صقيل: ويقال سوسن: إلا أنه قيل لسبب الحمل صقيل: وكان مولده عليه السلام لثمان ليال خلون من شعبان سنة ست وخمسين ومائيتن وكيله عثمان بن سعيد فلما مات عثمان أوصى إلى ابنه أبي جعفر محمد بن عثمان وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنهم فلما حضرت السمري رضي الله عنه الوفاة سئل أن يوصي، فقال: الله أمر هو بالغه فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد السمري رحمه الله. بيان: قوله: إلا أنه قيل لسبب الحمل، أي إنما سمي صقيلا لما اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنور يقال: صقل السيف وغيره أي جلاه فهو صقيل ولا يبعد أن يكون تصحيف الجمال. 16 - ك: علي بن الحسين بن الفرج، عن محمد بن الحسن الكرخي قال: سمعت أبا هارون رجلا من أصحابنا يقول: رأيت صاحب الزمان عليه السلام وكان مولده يوم الجمعة سنة ست وخمسين ومأتين. 17 - ك: ابن المتوكل، عن الحميري، عن محمد بن إبراهيم الكوفي أن أبا محمد عليه السلام بعث إلى (بعض) من سماه لي بشاة مذبوحة قال: هذه من عقيقة ابني محمد. 18 - ك: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن الحسن بن المنذر، عن حمزة بن أبي الفتح قال: جاءني يوما فقال لي: البشارة ! ولد البارحة في الدار مولود لابي محمد عليه السلام وأمر بكتمانه قلت: وما اسمه قال: سمي بمحمد وكني بجعفر. 19 - ك: الطالقاني، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن محمد بن خليلان


 

[16]

عن أبيه، عن جده، عن غياث بن أسد قال: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: لما ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه سطع نور من فوق رأسه إلى عنان السماء ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالى ذكره ثم رفع رأسه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الاسلام. قال: وكان مولده ليلة الجمعة. 20 - ك: بهذا الاسناد عن محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه أنه قال: ولد السيد عليه السلام مختونا وسمعت حكيمة تقول: لم ير بامه دم في نفاسها وهذا سبيل امهات الائمة صلوات الله عليهم. 21 - ك: أبو العباس أحمد بن عبد الله بن مهران، عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمي قال: لما ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي، على جدي أحمد بن إسحاق كتاب وإذا فيه مكتوب بخط يده عليه السلام الذي كان يرد به التوقيعات عليه: ولد المولود فليكن عندك مستورا وعن جميع الناس مكتوما فانا لم نظهر عليه إلا الاقرب لقرابته والمولى لولايته أحببنا إعلامك ليسرك الله به كما سرنا والسلام. 22 - ك: ابن الوليد، عن عبد الله بن العباس العلوي، عن الحسن بن الحسين العلوي، قال: دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام بسر من رأى فهنئته بولادة ابنه القائم عليه السلام. غط: ابن أبي جيد، عن ابن الوليد مثله. 23 - ك: علي بن محمد بن حباب، عن أبي الاديان قال: قال عقيد الخادم قال أبو محمد ابن خيرويه البصري وقال حاجز الوشاء كلهم حكوا عن عقيد وقال أبو سهل ابن نوبخت قال عقيد: ولد ولي الله الحجة بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ليلة الجمعة من شهر رمضان من سند أربع وخمسين ومأتين للهجرة ويكنى


 

[17]

أبا القاسم ويقال أبو جعفر ولقبه المهدي وهو حجة الله في أرضه وقد اختلف الناس في ولادته فمنهم من أظهر ومنهم من كتم ومنهم من نهى عن ذكر خبره ومنهم من أبدى ذكره والله أعلم. 24 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن محمد بن علي، عن حنظلة بن زكريا، عن الثقة قال: حدثني عبد الله العباس العلوي، وما رأيت أصدق لهجة منه وكان خالفنا في أشياء كثيرة عن الحسن بن الحسين العلوي قال: دخلت على أبي محمد عليه السلام بسر من رأى فهنأته بسيدنا صاحب الزمان عليه السلام لما ولد. 25 - غط: ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن (محمد) ابن عبد الله المطهري، عن حكيمة بنت محمد بن علي الرضا قالت: بعث إلي أبو محمد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومأتين في النصف من شعبان وقال: يا عمة اجعلي الليلة إفطارك عندي فان الله عزوجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه خليفتي من بعدي قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي علي وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد عليه السلام وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله فقلت: جعلت فداك يا سيدي ! الخلف ممن هو ؟ قال: من سوسن فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن، قالت حكيمة: فلما أن صليت المغرب والعشاء الآخرة أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد فغفوت غفوة (1) ثم استيقظت فلم أرل مفكرة فيما وعدني أبو محمد عليه السلام من أمر ولي الله عليه السلام فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر فوثبت سوسن فزعة وخرجت وأسبغت الوضوء ثم عادت فصلت صلاة الليل وبلغت إلى الوتر فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب فقمت لانظر فإذا بالفجر الاول قد طلع فتداخل قلبي الشك (2) من وعد أبي محمد عليه السلام فناداني من حجرته: لا تشكي وكأنك بالامر الساعة قد رأيته إنشاء الله.

 

(1) غفا يغفو غفوا: نام، وقيل: نعس، وقيل: نام نومة خفيفة. (2) فتداخلني الشك خ.

 

[18]

قالت حكيمة: فاستحييت من أبي محمد عليه السلام ومما وقع في قلبي ورجعت إلى البيت وأنا خجلة فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة فلقيتها على باب البيت فقلت: بأبي أنت وامي هل تحسين شيئا ؟ قالت: نعم، يا عمة إني لاجد أمرا شديدا قلت: لاخوف عليك إنشاء الله وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقيا الارض بمساجده فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه فناداني أبو محمد عليه السلام يا عمة هلمي فأتيني بابني فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في اذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى ولي الله جالسا فمسح يده على رأسه وقال له: يا بني انطق بقدرة الله فاستعاذ ولي الله عليه السلام من الشيطان الرجيم واستفتح: " بسم الله الرحمن الرحيم ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون " (1) وصلى على رسول الله وعلى أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه فناولنيه أبو محمد عليه السلام وقال: يا عمة رديه إلى امه حتى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون فرددته إلى امه وقد انفجر الفجر الثاني فصليت الفريضة وعقبت إلى أن طلعت الشمس ثم ودعت أبا محمد عليه السلام وانصرفت إلى منزلي فلما كان بعد ثلاث اشتقت إلى ولي الله فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها فلم أر أثرا ولا سمعت ذكرا فكرهت أن أسأل فدخلت على أبي محمد عليه السلام فاستحييت أن أبدأه بالسؤال فبدأني فقال: يا عمة في كنف الله وحرزه وستره وعينه حتى يأذن الله له فإذا غيب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقات منهم وليكن عندك وعندهم مكتوما فان ولي الله يغيبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده فلا يراه أحد حتى يقدم له جبرئيل عليه السلام فرسه ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

 

(1) القصص: 6.

 

[19]

26 - غط: أحمد بن علي، عن محمد بن علي، عن علي بن سميع بن بنان عن محمد بن علي بن أبي الداري، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن روح الاهوازي، عن محمد بن إبراهيم، عن حكيمة بمثل معنى الحديث الاول إلا أنه قال قالت: بعث إلي أبو محمد عليه السلام ليلة النصف من شهر رمضان سنة خمس وخمسين ومأتين قالت: وقلت له: يابن رسول الله من امه ؟ قال نرجس: قالت: فلما كان في اليوم الثالث اشتد شوقي إلى ولي الله فأتيتهم عائدة فبدأت بالحجرة التي فيها الجارية فإذا أنا بها جالسة في مجلس المرأة النفساء وعليها أثواب صفر وهي معصبة الرأس فسلمت عليها والتفت إلى جانب البيت وإذا بمهد عليه أثواب خضر فعدلت إلى المهد ورفعت عنه الاثواب فإذا أنا بولي الله نائم على قفاه غير محزوم ولا مقموط، ففتح عينيه وجعل يضحك ويناجيني بأصبعه فتناولته وأدنيته إلى فمي لاقبله فشممت منه رايحة ما شممت قط أطيب منها وناداني أبو محمد عليه السلام يا عمتي هلمي فتاي إلي فتناوله وقال: يا بني انطق وذكر الحديث قالت: ثم تناوله منه وهو يقول: يا بني أستودعك الذي استودعته ام موسى ! كن في دعة الله وستره وكنفه وجواره وقال: رديه إلى امه يا عمة واكتمي خبر هذا المولود علينا ولا تخبري به أحدا حتى يبلغ الكتاب أجله فأتيت امه وودعتهم وذكر الحديث إلى آخره. بيان حزمه يحزمه شده. 27 - غط: أحمد بن علي، عن محمد بن علي، عن حنظلة بن زكريا قال: حدثني الثقة، عن محمد بن علي بن بلال، عن حكيمة بمثل ذلك وفي رواية اخرى عن جماعة من الشيوخ أن حكيمة حدثت بهذا الحديث وذكرت أنه كان ليلة النصف من شعبان وأن امه نرجس وساقت الحديث إلى قولها: فإذا أنا بحس سيدي و بصوت أبي محمد عليه السلام وهو يقول: يا عمتي هاتي ابني إلي فكشفت عن سيدي فإذا هو ساجد متلقيا الارض بمساجده وعلى ذراعه الايمن مكتوب " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " فضممته إلي فوجدته مفروغا منه فلففته في ثوب و


 

[20]

حملته إلى أبي محمد عليه السلام وذكروا الحديث إلى قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين حقا ثم لم يزل يعد السادة الاوصياء إلى أن بلغ إلى نفسه ودعا لاوليائه بالفرج على يديه ثم أحجم. وقالت: ثم رفع بيني وبين أبي محمد كالحجاب فلم أرسيدي فقلت لابي محمد: يا سيدي أين مولاي فقال: أخذه من هو أحق منك ومنا ثم ذكروا الحديث بتمامه وزادوا فيه: فلما كان بعد أربعين يوما دخلت على أبي محمد عليه السلام فإذا مولانا الصاحب يمشي في الدار فلم أروجها أحسن من وجهه ولا لغة أفصح من لغته فقال أبو محمد: هذا المولود الكريم على الله عزوجل فقلت: سيدي أرى من أمره ما أرى وله أربعون يوما فتبسم وقال: يا عمتي أما علمت أنا معاشر الائمة ننشؤ في اليوم ما ينشؤ غيرنا في السنة فقمت فقبلت رأسه و انصرفت ثم عدت وتفقدته فلم أره فقلت لابي محمد عليه السلام: ما فعل مولانا ؟ قال: يا عمه استودعناه الذي استودعت ام موسى. 28 - غط: أحمد بن علي، عن محمد بن علي، عن حنظلة بن زكريا قال: حدثني أحمد بن بلال بن داود الكاتب، وكان عاميا بمحل من النصب لاهل البيت عليهم السلام يظهر ذلك ولا يكتمه وكان صديقا لي يظهر مودة بما فيه من طبع أهل العراق فيقول كلما لقيني: لك عندي خبر تفرح به ولا اخبرك به فأتغافل عنه إلى أن جمعني وإياه موضع خلوة فاستقصيت عنه وسألته أن يخبرني به فقال: كانت دورنا بسر من رأى مقابل دار ابن الرضا يعني أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام فغبت عنها دهرا طويلا إلى قزوين وغيرها ثم قضي لي الرجوع إليها فلما وافيتها وقد كنت فقدت جميع من خلفته من أهلي وقراباتي إلا عجوزا كانت ربتني ولها بنت معها وكانت من طبع الاول مستورة صائنة لا تحسن الكذب وكذلك مواليات لنا بقين في الدار فأقمت عندهم أياما ثم عزمت (على) الخروج فقالت العجوز: كيف تستعجل الانصراف وقد غبت زمانا فأقم عندنا لنفرح بمكانك فقلت لها على جهة الهزء: اريد أن أصير إلى كربلاء وكان الناس للخروج في النصف من شعبان أو ليوم عرفة فقالت: يا بني اعيذك بالله أن تستهيني بما ذكرت أو تقوله على وجه


 

[21]

الهزء فاني احدثك بما رأيته يعني بعد خروجك من عندنا بسنتين. كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي وأنا بين النائمة واليقظانة إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرايحة، فقال: يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي ففزعت وناديت ابنتي وقلت لها هل شعرت بأحد دخل البيت فقالت: لا فذكرت الله وقرأت ونمت فجاء الرجل بعينه وقال لي مثل قوله ففزعت وصحت بابنتي فقالت: لم يدخل البيت فاذكري الله ولا تفزعي فقرأت ونمت فلما كان في الثالثة جاء الرجل وقال: يا فلانة قد جاءك من يدعوك ويقرع الباب فاذهبي معه وسمعت دق الباب فقمت وراء الباب وقلت: من هذا ؟ فقال: افتحي ولا تخافي فعرفت كلامه وفتحت الباب فإذا خادم معه إزار فقال: يحتاج إليك بعض الجيران لحاجة مهمة فادخلي ولف رأسي بالملاءة وأدخلني الدار وأنا أعرفها فإذا بشقاق مشدودة وسط الدار ورجل قاعد بجنب الشقاق فرفع الخادم طرفه فدخلت وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنها تقبلها فقالت المرأة: تعيننا فيما نحن فيه فعالجتها بما يعالج به مثلها فما كان إلا قليلا حتى سقط غلام فأخذته على كفي وصحت غلام غلام وأخرجت رأسي من طرف الشقاق ابشر الرجل القاعد فقيل لي: لا تصيحي فلما رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفي فقالت لي المرأة القاعدة: لا تصيحي وأخذ الخادم بيدي ولف راسي بالملاءة وأخرجني من الدار وردني إلى داري وناولني صرة وقال لي: لا تخبري بما رأيت أحدا. فدخلت الدار ورجعت إلى فراشي في هذا البيت وابنتي نائمة بعد فأنبهتها وسألتها هل علمت بخروجي ورجوعي ؟ فقالت: لا وفتحت الصرة في ذلك الوقت وإذا فيها عشرة دنانير عددا وما أخبرت بهذا أحدا إلا في هذا الوقت لما تكلمت بهذا الكلام على حد الهزء فحدثتك إشفاقا عليك فان لهؤلاء القوم عند الله عزوجل شأنا ومنزلة وكل ما يدعونه حتى قال: فعجبت من قولها وصرفته إلى السخرية والهزء ولم أسألها عن الوقت غير أني أعلم يقينا أني غبت عنهم في سنة نيف وخمسين


 

[22]

ومأتين ورجعت إلى سر من رأى في وقت أخبرتني العجوز بهذا الخبر في سنة إحدى وثمانين ومأتين في وزارة عبيد الله بن سليمان لما قصدته. قال حنظلة: فدعوت بأبي الفرج المظفر بن أحمد حتى سمع معي هذا الخبر. بيان: قوله من طبع الاول: أي كانت من طبع الخلق الاول هكذا أي كان مطبوعا على تلك الخصال في أول عمره، والشقاق جمع الشقة بالكسر وهي من الثوب ما شق مستطيلا. 29 - غط: روي أن بعض أخوات أبي الحسن عليه السلام كانت لها جارية ربتها تسمى نرجس فلما كبرت دخل أبو محمد عليه السلام فنظر إليها فقالت له: أراك يا سيدي تنظر إليها فقال: إني ما نظرت إليها إلا متعجبا أما إن المولود الكريم على الله يكون منها ثم أمرها أن تستأذن أبا الحسن عليه السلام في دفعها إليه ففعلت فأمرها بذلك. 30 - غط: روى علان بإسناده أن السيد عليه السلام ولد في سنة ست وخمسين ومأتين من الهجرة بعد مضي أبي الحسن عليه السلام بسنتين. 31 - غط: روى محمد بن علي الشلمغاني في كتاب الاوصياء قال: حدثني حمزة بن نصر غلام أبي الحسن عليه السلام عن أبيه قال: لما ولد السيد عليه السلام تباشر أهل الدار بذلك فلما نشأ خرج إلي الامر أن أتباع في كل يوم مع اللحم قصب مخ وقيل إن هذا لمولانا الصغير عليه السلام. 32 - غط: الشلمغاني قال: حدثني الثقة، عن إبراهيم بن إدريس قال: وجه إلي مولاي أبو محمد عليه السلام بكبش وقال: عقه عن ابني فلان وكل وأطعم أهلك ففعلت ثم لقيته بعد ذلك فقال لي: المولود الذي ولد لي مات ثم وجه إلي بكبشين وكتب بسم الله الرحمن الرحيم عق هذين الكبشين عن مولاك وكل هنأك الله وأطعم إخوانك ففعلت ولقيته بعد ذلك فما ذكر لي شيئا. 33 - نى: محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك والحميري معا، عن ابن أبي الخطاب، ومحمد بن عيسى وعبد الله بن عامر جميعا، عن ابن أبي نجران، عن الخشاب عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:


 

[23]

إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا مددتم إليه حواجبكم وأشرتم إليه بالاصابع جاء ملك الموت فذهب به ثم بقيتم سبتا من دهركم لا تدرون أيا من أي واستوى في ذلك بنو عبد المطلب فبينما أنتم كذلك إذا أطلع الله نجمكم فاحمدوه واقبلوه. بيان: ليس المراد ذهاب ملك الموت به عليه السلام بقبض روحه بل كان مع روح القدس عند ما غاب به. 34 - نجم: ذكر بعض أصحابنا في كتاب الاوصياء وهو كتاب معتمد رواه الحسن بن جعفر الصيمري ومؤلفه علي بن محمد بن زياد الصيمري وكانت له مكاتبات إلى الهادي والعسكري عليهما السلام وجوابها إليه وهو ثقة معتمد عليه فقال ما هذا لفظه: وحدثني أبو جعفر القمي ابن أخي أحمد بن إسحاق بن مصقلة أنه كان بقم منجم يهودي موصوف بالحذق بالحساب فأحضره أحمد بن إسحاق وقال له: قد ولد مولود في وقت كذا وكذا فخذا الطالع واعمل له ميلادا قال: فأخذ الطالع ونظر فيه وعمل عملا له وقال لاحمد بن إسحاق: لست أرى النجوم تدلني فيما يوجبه الحساب أن هذا المولود لك ولا يكون مثل هذا المولود إلا نبيا أو وصي نبي و إن النظر ليدل على أنه يملك الدنيا شرقا وغربا وبرا وبحرا وسهلا وجبلا حتى لا يبقى على وجه الارض أحد إلا دان بدينه وقال بولايته. 35 - كشف: قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: مولد الحجة بن الحسن عليهما السلام بسر من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة ثمان وخمسين ومأتين وأبوه أبو محمد الحسن وامه ام ولد تسمى صقيل وقيل حكيمة وقيل غير ذلك وكنيته أبو القاسم ولقبه الحجة والخلف الصالح وقيل المنتظر. 36 - شا: كان مولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين وامه ام ولد يقال لها: نرجس، وكان سنه عند وفات أبيه خمس سنين آتاه الله فيه الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيا وجعله إماما كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبيا وله قبل قيامه غيبتان إحداهما أطول من الاخرى جاءت بذلك الاخبار فأما القصرى منها فمنذ وقت مولده إلى


 

[24]

انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة وأما الطولى فهي بعد الاولى وفي آخرها يقوم بالسيف. 37 - كشف: قال ابن الخشاب: حدثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه، عن جده قال: قال سيدي جعفر بن محمد: الخلف الصالح من ولدي وهو المهدي اسمه م ح م د وكنيته أبو القاسم يخرج في آخر الزمان يقال لامه صقيل قال لنا أبو بكر الدارع: وفي رواية اخرى بل امه حكيمة وفي رواية ثالثة: يقال لها نرجس، ويقال: بل سوسن، والله أعلم بذلك. ويكنى بأبي القاسم وهو ذو الاسمين خلف ومحمد يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظله من الشمس تدور معه حيثما دار تنادي بصوت فصيح هذا المهدي. حدثني محمد بن موسى الطوسي قال: حدثنا أبو مسكين عن بعض أصحاب التاريخ أن ام المنتظر يقال لها: حكيمة. أقول: سيأتي بعض الاخبار في باب من رآه. وقال ابن خلكان في تاريخه: هو ثاني عشر الائمة الاثنى عشر على اعتقاد الامامية المعروف بالحجة وهو الذي تزعم الشيعة أنه المنتظر والقائم والمهدي وهو صاحب السرداب عندهم وأقاويلهم فيه كثيرة وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين ولما توفي أبوه كان عمره خمس سنين واسم امه خمط وقيل نرجس والشيعة يقولون إنه دخل السرداب في دار أبيه وامه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها وذلك في سنة خمس وستين ومأتين (وعمره يومئذ تسع سنين وذكر ابن الازرق في تاريخ ميافارقين أن الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الاول سنة ثمان وخمسين و مأتين) وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين وهو الاصح وإنه لما دخل السرداب كان عمره أربع سنين وقيل خمس سنين وقيل إنه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومأتين وعمره (سبع) عشر سنة والله أعلم. أقول: رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا رواية هذه صورتها قال: حدثني هارون بن مسلم، عن سعدان البصري ومحمد بن أحمد البغدادي وأحمد بن إسحاق


 

[25]

وسهل بن زياد الآدمي وعبد الله بن جعفر، عن عدة من المشايخ والثقات عن سيدينا أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام قالا: إن الله عزوجل إذا أراد أن يخلق الامام أنزل قطرة من ماء الجنة في المزن فتسقط في ثمرة من ثمار الجنة فيأكلها الحجة في الزمان عليه السلام فإذا استقرت فيه فيمضي له أربعون يوما سمع الصوت فإذا آنت له أربعة أشهر وقد حمل كتب على عضده الايمن " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " (1) فإذا ولد قام بأمر الله ورفع له عمود من نور في كل مكان ينظر فيه إلى الخلايق وأعمالهم وينزل أمر الله في ذلك العمود والعمود نصب عينه حيث تولى ونظر. قال أبو محمد عليه السلام: دخلت على عماتي فرأيت جارية من جواريهن قد زينت تسمى نرجس فنظرت إليها نظرا أطلته فقالت لي عمتي حكيمة: أراك يا سيدي تنظر إلى هذه الجارية نظرا شديدا ؟ فقلت له: يا عمة ما نظري إليها إلا نظر التعجب مما لله فيه من إرادته وخيرته قالت لي: أحسبك يا سيدي تريدها، فأمرتها أن تستأذن أبي علي بن محمد عليه السلام في تسليمها إلي ففعلت فأمرها عليه السلام بذلك فجاءتني بها. قال الحسين بن حمدان: وحدثني من أثق إليه من المشايخ عن حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليه السلام قال: كانت تدخل على أبي محمد عليه السلام فتدعو له أن يرزقه الله ولدا وأنها قالت: دخلت عليه فقلت له كما أقول ودعوت كما أدعو، فقال: يا عمة أما إن الذي تدعين الله أن يرزقنيه يولد في هذه الليلة وكانت ليلة الجمعة لثلاث خلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومأتين فاجعلي إفطارك معنا فقلت: يا سيدي ممن يكون هذا الولد العظيم ؟ فقال لي عليه السلام: من نرجس يا عمة قال: فقالت له (2): يا سيدي ما في جواريك أحب إلي منها وقمت ودخلت إليها وكنت إذا دخلت فعلت بي كما تفعل فانكببت على يديها فقبلتهما ومنعتها مما كانت تفعله فخاطبتني بالسيادة فخاطبتها بمثلها فقالت لي: فديتك. فقلت لها: أنا فداك وجميع العالمين. فأنكرت ذلك فقلت لها: لا تنكرين ما فعلت فان الله سيهب لك في هذه الليلة

 

(1) الانعام: 115. (2) كذا، والظاهر: قالت فقلت له.

 

[26]

غلاما سيدا في الدنيا والآخرة وهو فرج المؤمنين فاستحيت. فتأملتها فلم أر فيها أثر الحمل فقلت لسيدي أبي محمد عليه السلام: ما أرى بها حملا فتبسم عليه السلام ثم قال: إنا معاشر الاوصياء لسنا نحمل في البطون وإنما نحمل في الجنوب ولا نخرج من الارحام وإنما نخرج من الفخذ الايمن من امهاتنا لاننا نور الله لا تناله الدانسات، فقلت له: يا سيدي قد أخبرتني أنه يولد في هذه الليلة ففي أي وقت منها ؟ قال لي في طلوع الفجر يولد الكريم على الله إن شاء الله. قالت حكيمة: فأقمت فأفطرت ونمت بقرب من نرجس وبات أبو محمد عليه السلام في صفة في تلك الدار التي نحن فيها فلما ورد وقت صلاة الليل قمت ونرجس نائمة ما بها أثر ولادة فأخذت في صلاتي ثم أوترت فأنا في الوتر حتى وقع في نفسي أن الفجر قد طلع ودخل قلبي شئ فصاح أبو محمد عليه السلام من الصفة: لم يطلع الفجر يا عمة فأسرعت الصلاة وتحركت نرجس فدنوت منها وضممتها إلي وسميت عليها ثم قلت لها: هل تحسين بشئ قالت: نعم، فوقع علي سبات لم أتمالك معه أن نمت ووقع على نرجس مثل ذلك ونامت فلم أنتبه إلا بحس سيدي المهدي وصيحة أبي محمد عليه السلام يقول: يا عمة هاتي ابني إلي فقد قبلته فكشفت عن سيدي عليه السلام فإذا أنا به ساجدا يبلغ الارض بمساجده وعلى ذراعه الايمن مكتوب " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " فضممته إلي فوجدته مفروغا منه ولففته في ثوب و حملته إلى أبي محمد عليه السلام فأخذه فأقعده على راحته اليسرى وجعل راحته اليمنى على ظهره ثم أدخل لسانه في فيه وأمره بيده على ظهره وسمعه ومفاصله ثم قال له: تكلم يا بني فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأن عليا أمير المؤمنين ولي الله ثم لم يزل يعدد السادة الائمة عليهم السلام إلى أن بلغ إلى نفسه ودعا لاوليائه بالفرج على يده ثم أحجم. قال أبو محمد عليه السلام: يا عمة اذهبي (به) إلى امه ليسلم عليها واتيني به فمضيت فسلم عليها ورددته ثم وقع بيني وبين أبي محمد عليه السلام كالحجاب فلم أر سيدي فقلت له: يا سيدي أين مولانا فقال: أخذه من هو أحق به منك فإذا كان اليوم السابع فأتينا.


 

[27]

فلما كان في اليوم السابع جئت فسلمت ثم جلست فقال عليه السلام: هلمي ابني فجئت بسيدي وهو في ثياب صفر ففعل به كفعاله الاول وجعل لسانه عليه السلام في فيه ثم قال له: تكلم يا بني فقال عليه السلام: أشهد أن لا إله إلا الله وثنى بالصلاة على محمد وأمير المؤمنين والائمة حتى وقف على أبيه عليه السلام ثم قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " (1) ثم قال له اقرأ يا بني مما أنزل الله على أنبيائه ورسله فابتدأ بصحف آدم فقرأها بالسريانية، و كتاب إدريس، وكتاب نوح، وكتاب هود، وكتاب صالح، وصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وفرقان جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قص قصص الانبياء والمرسلين إلى عهده فلما كان بعد أربعين يوما دخلت دار أبي محمد عليه السلام فإذا مولانا صاحب الزمان يمشي في الدار فلم أر وجها أحسن من وجهه عليه السلام ولا لغة أفصح من لغته فقال لي أبو محمد عليه السلام: هذا المولود الكريم على الله عزوجل، قلت له: يا سيدي له أربعون يوما وأنا أرى من أمره ما أرى ؟ فقال عليه السلام: يا عمتي أما علمت أنا معشر الاوصياء ننشؤ في اليوم ما ينشؤ غيرنا في الجمعة وننشؤ في الجمعة ما ينشؤ غيرنا في السنة ؟ فقمت فقبلت رأسه فانصرفت فعدت وتفقدته فلم أره فقلت لسيدي أبي محمد عليه السلام: ما فعل مولانا ؟ فقال: يا عمة استودعناه الذي استودعته ام موسى عليه السلام ثم قال عليه السلام: لما وهب لي ربي مهدي هذه الامة أرسل ملكين فحملاه إلى سرادق العرش حتى وقفا (به) بين يدي الله عزوجل فقال له: مرحبا بك عبدي لنصرة ديني وإظهار أمري ومهدي عبادي آليت أني بك آخذ وبك اعطي وبك أغفر وبك اعذب، اردداه أيها الملكان رداه رداه على أبيه ردا رفيقا وأبلغاه فانه في ضماني وكنفي وبعيني إلى أن احق به الحق وازهق به الباطل، ويكون الدين لي واصبا. ثم قالت: لما سقط من بطن امه إلى الارض وجد جاثيا على ركبتيه رافعا

 

(1) القصص: 6.

 

[28]

بسبابتيه ثم عطس فقال: " الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله عبدا داخرا غير مستنكف ولا مستكبر " ثم قال عليه السلام: زعمت الظلمة أن حجة لله داحضة لو اذن لي لزال الشك. وعن إبراهيم صاحب أبي محمد عليه السلام أنه قال: وجه إلي مولاي أبو الحسن عليه السلام بأربعة أكبش وكتب إلي: بسم الله الرحمن الرحيم (عق) هذه عن ابني محمد المهدي وكل هناك وأطعم من وجدت من شيعتنا. أقول: وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: ولد عليه السلام بسر من رأى يوم الجمعة ليلا خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين وامه صقيل وقيل نرجس وقيل مريم بنت زيد العلوية. أقول: وعين الشيخ في المصباحين والسيد ابن طاوس في كتاب الاقبال وسائر مؤلفي كتب الدعوات ولادته عليه السلام في النصف من شعبان وقال: في الفصول المهمة: ولد عليه السلام بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين (نقل من خط الشهيد عن الصادق عليه السلام قال: إن الليلة التي يولد فيها القائم عليه السلام لا يولد فيها مولود إلا كان مؤمنا، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلى الايمان ببركة الامام عليه السلام). (2) * (باب) * * " (أسمائه عليه السلام وألقابه وكناه وعللها) " * 1 - ع: الدقاق وابن عصام معا، عن الكليني، عن القاسم بن العلا، عن إسماعيل الفزاري، عن محمد بن جمهور العمي، عن ابن أبي نجران، عمن ذكره، عن الثمالي قال: سألت الباقر صلوات الله عليه يا ابن رسول الله ألستم كلكم قائمين بالحق قال: بلى، قلت: فلم سمي القائم قائما ؟ قال: لما قتل جدي الحسين صلى الله عليه ضجت الملائكة إلى الله عزوجل بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا وسيدنا أتغفل


 

[29]

عمن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك، فأوحى الله عزوجل إليهم قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لانتقمن منهم ولو بعد حين ثم كشف الله عزوجل عن الائمة من ولد الحسين عليه السلام للملائكة فسرت الملائكة بذلك فإذا أحدهم قائم يصلي فقال الله عزوجل: بذلك القائم أنتقم منهم. 2 - ع: أبي، عن سعد، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبد الله بن المغيرة، عن سفيان بن عبد المؤمن الانصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وأنا حاضر فقال: رحمك الله اقبض هذه الخمسمائة درهم، فضعها في مواضعها فانها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر عليه السلام: بل خذها أنت فضعها في جيرانك والايتام والمساكين وفي إخوانك من المسلمين إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية ويعدل في خلق الرحمان البر منهم والفاجر فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله فانما سمي المهدي لانه يهدي لامر خفي يستخرج التوراة وساير كتب الله من غار بأنطاكية فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الانجيل بالانجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان، وتجمع إليه أموال الدنيا كلها ما في بطن الارض وظهرها فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الارحام، وسفكتم فيه الدماء، و ركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئا لم يعط أحد كان قبله قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله هو رجل مني اسمه كاسمي يحفظني الله فيه ويعمل بسنتي يملا الارض قسطا وعدلا ونورا بعد ما تمتلئ ظلما وجورا وسوءا. بيان: قوله عليه السلام " إنما يكون هذا " أي وجوب رفع الزكاة إلى الامام و قوله " يحكم بين أهل التوراة بالتوراة " لا ينافي ما سيأتي من الاخبار في أنه عليه السلام لا يقبل من أحد إلا الاسلام لان هذا محمول على أنه يقيم الحجة عليهم بكتبهم أو يفعل ذلك في بدو الامر قبل أن يعلو أمره ويتم حجته قوله عليه السلام " يحفظني الله فيه " أي يحفظ حقي وحرمتي في شأنه فيعينه وينصره أو يجعله بحيث يعلم الناس حقه وحرمته لجده.


 

[30]

3 - مع: سمي القائم عليه السلام قائما لانه يقوم بعد موته ذكره. 4 - ك: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الصقر ابن دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول: إن الامام بعدي ابني علي أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والامامة بعده في ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت فقلت له: يابن رسول الله فمن الامام بعد الحسن فبكى عليه السلام بكاء شديدا ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر فقلت له: يابن رسول الله ولم سمي القائم قال: لانه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بامامته، فقلت له: ولم سمي المنتظر قال: لان له غيبة تكثر أيامها ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون ويكثر فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون. 5 - غط: الكليني رفعه قال: قال أبو عبد الله (1) عليه السلام حين ولد الحجة: زعم الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل فكيف رأوا قدرة الله وسماه المؤمل. 6 - غط: الفضل، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي عن أبي سعيد الخراساني، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: المهدي والقائم واحد ؟ فقال: نعم، فقلت: لاي شئ سمي المهدي، قال: لانه يهدي إلى كل أمر خفي وسمي القائم لانه يقوم بعدما يموت إنه يقوم بأمر عظيم. بيان: قوله عليه السلام " بعدما يموت " أي ذكره أو يزعم الناس. 7 - شا: روى محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الاسلام جديدا وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور وإنما سمي القائم مهديا لانه يهدي إلى أمر مضلول عنه وسمي القائم لقيامه بالحق. 8 - فر: جعفر بن محمد الفزاري، معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " (2) قال: الحسين " فلا يسرف في القتل إنه

 

(1) كذا. والظاهر: أبو محمد عليه السلام. (2) أسرى: 33.

 

[31]

كان منصورا " قال: سمى الله المهدي المنصور كما سمى أحمد ومحمد ومحمود وكما سمى عيسى المسيح عليه السلام. - 9 كشف: قال ابن الخشاب: حدثني محمد بن موسى الطوسي، عن عبد الله ابن محمد، عن القاسم بن عدي، قال: يقال كنية الخلف الصالح أبو القاسم وهو ذو الاسمين. أقول: قد سبق أسماؤه عليه السلام في الباب السابق وسيأتي في باب من رآه عليه السلام وغيره. (3) * (باب) * * " (النهي عن التسمية) " * 1 - نى: عبد الواحد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر، عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن الضريس، عن أبي خالد الكابلي قال: لما مضي علي بن الحسين دخلت على محمد بن علي الباقر عليه السلام فقلت: جعلت فداك، قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وانسي به ووحشتي من الناس، قال: صدقت يابا خالد تريد ماذا ؟ قلت: جعلت فداك قد وصف لي أبوك صاحب هذا الامر بصفة لو رأيته في بعض الطرق لاخذت بيده قال: فتريد ماذا يا باخالد ؟ قال: اريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه، فقال: سألتني والله يابا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر مالو كنت محدثا به أحدا لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة. 2 - نى: أبي، عن سعد، عن محمد بن أحمد العلوي، عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول: الخلف من بعد الحسن ابني فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف، قلت: ولم جعلني الله فداك ؟ فقال: لانكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره ؟ فقال: قولوا: الحجة


 

[32]

من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه. ك: ابن الوليد عن سعد مثله. غط: سعد مثله. نص: علي بن محمد السندي، عن محمد بن الحسن، عن سعد مثله. أقول: قد مر في بعض أخبار اللوح التصريح باسمه عليه السلام فقال الصدوق رحمه الله: جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم عليه السلام والذي أذهب إليه النهي عن تسميته عليه السلام. 3 - يد: الدقاق والوراق معا، عن محمد بن هارون الصوفي، عن الرؤياني عن عبد العظيم الحسني، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه قال في القائم عليه السلام: لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما و جورا. الخبر. 4 - ك: ابن إدريس، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: المهدي من ولدي الخامس ومن ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته. ك: الدقاق، عن الاسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. 5 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن محمد بن زياد الازدي، عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال عند ذكر القائم عليه السلام: يخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عزوجل فيملا به الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. بيان: هذه التحديدات مصرحة في نفي قول من خص ذلك بزمان الغيبة الصغرى تعويلا على بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهمية. 6 - ك: السناني، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن محمد بن علي عليه السلام قال: القائم هو الذي يخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه


 

[33]

ويحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله وكنيه، الخبر. نص: أبو عبد الله الخزاعي، عن الاسدي، مثله. 7 - ك: أبي، وابن الوليد معا، عن الحميري، قال: كنت مع أحمد بن إسحاق عند العمري رضي الله عنه فقلت للعمري: إني أسئلك عن مسألة كما قال الله عزوجل في قصة إبراهيم " أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " هل رأيت صاحبي ؟ قال: نعم، وله عنق مثل ذي وأشار بيديه جميعا إلى عنقه قال: قلت: فالاسم قال: إياك أن تبحث عن هذا فان عند القوم أن هذا النسل قد انقطع. 8 - كا: علي بن محمد، عن أبي عبد الله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبو محمد عليه السلام أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتهم على الاسم أذاعوه، وإن عرفوا المكان دلوا عليه. 9 - ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، وحيدر بن محمد، عن العياشي عن آدم بن محمد البلخي، عن علي بن الحسين الدقاق، وإبراهيم بن محمد معا، عن علي بن عاصم الكوفي، قال: خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه السلام: ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس. 10 - ك: محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال: سمعت أبا علي محمد بن همام يقول: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: خرج توقيع بخط أعرفه: من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله. 11 - ك: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام: قال صاحب هذا الامر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر. 12 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن ابن فضال، عن الريان بن الصلت، قال: سألت الرضا عليه السلام عن القائم فقال: لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه. 13 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأل عمر أمير المؤمنين


 

[34]

عليه السلام عن المهدي قال: يا ابن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ قال: أما اسمه فلا إن حبيبي وخليلي عهد إلي أن لا احدث باسمه حتى يبعثه الله عزوجل وهو مما استودع الله عزوجل رسوله في علمه. غط: سعد مثله. 4 - * (باب) * * (صفاته صلوات الله عليه وعلاماته ونسبه) * 1 - ن: محمد بن أحمد بن الحسين البغدادي، عن أحمد بن الفضل، عن بكر ابن أحمد القصري، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه، عن موسى بن جعفر عليهم السلام قال: لا يكون القائم إلا إمام بن إمام ووصي بن وصي. 2 - ك: أحمد بن هارون، وابن شاذويه، وابن مسرور وجعفر بن الحسين جميعا، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن العباس بن عامر. وحدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن عبد الله بن المغيرة، عن جده الحسن، عن العباس بن عامر، عن موسى بن هلال الضبي، عن عبد الله بن عطا قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إن شيعتك بالعراق كثير، ووالله ما في أهل البيت مثلك كيف لا تخرج ؟ فقال: يا عبد الله بن عطا، قد أمكنت الحشوة من اذنيك والله ما أنا بصاحبكم قلت: فمن صاحبنا ؟ قال: انظروا من تخفى على الناس ولادته فهو صاحبكم. بيان: قال الجوهري: فلان من حشوة بني فلان بالكسر أي من رذالهم. أقول أي تسمع كلام أراذل الشيعة وتقبل منهم في توهمهم أن لنا أنصارا كثيرة وأنه لابد لنا من الخروج وأني القائم الموعود. 3 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن إسحاق المقري، عن علي بن العباس، عن بكار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين عن سفيان الجريري قال: سمعت محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى يقول: والله


 

[35]

لا يكون المهدي أبدا إلا من ولد الحسين عليه السلام. 3 - غط: بهذا الاسناد، عن الجريري، عن الفضيل بن الزبير، قال: سمعت زيد بن علي عليه السلام يقول: المنتظر من ولد الحسين بن علي، في ذرية الحسين و في عقب الحسين، وهو المظلوم الذي قال الله: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه قال: وليه رجل من ذريته من عقبه ثم قرأ " وجعلها كلمة باقية في عقبه " (1) سلطانا فلا يسرف في القتل " (2) قال: سلطانه في حجته على جميع من خلق الله حتى يكون له الحجة على الناس ولا يكون لاحد عليه حجة. 4 - غط: ابن موسى، عن الاسدي، عن البرمكي، عن إسماعيل بن مالك عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر: يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان أبيض مشرب حمرة مبدح البطن، عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان: شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله، له اسمان: اسم يخفى، و اسم يعلن فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد، فإذا هز رأيته أضاء لها مابين المشرق والمغرب، ووضع يده على رؤس العباد، فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد وأعطاه الله قوة أربعين رجلا ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قلبه وفي قبره وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم عليه السلام. بيان: " مبدح البطن " أي واسعه وعريضه، قال الفيروزآبادي: البداح كسحاب المتسع من الارض أو اللينة الواسعة، والبدح بالكسر الفضاء الواسع وامرأة بيدح: بادن والابدح: الرجل الطويل (السمين) والعريض الجنبين من الدواب وقال: المشاشة بالضم رأس العظم الممكن المضغ والجمع مشاش والشامة علامة تخالف البدن الذى هي فيه وهي هنا إما بأن تكون أرفع من سائر الاجزاء أو أخفض وإن لم تخالف

 

(1) الزخرف: 28. (2) الانعام: 115.

 

[36]

في اللون. 5 - ك: بهذا الاسناد، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العلم بكتاب الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع عن أحسن نباته، فمن بقي منكم حتى يلقاه فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة، ومعدن العلم وموضع الرسالة وروي أن التسليم على القائم عليه السلام أن يقال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه. 6 - غط: سعد، عن اليقطيني، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ساير عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن المهدي ما اسمه ؟ فقال: أما اسمه فان حبيبي عهد إلي أن لا احدث باسمه حتى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته قال: هو شاب مربوع حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الامآء. نى: عن عمرو بن شمر مثله. 7 - نى: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن علي بن الحسين، عن العباس بن عامر، عن موسى بن هلال، عن عبد الله بن عطا قال: خرجت حاجا من واسط، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام فسألني عن الناس والاسعار فقلت: تركت الناس ما دين أعناقهم إليك لو خرجت لاتبعك الخلق، فقال: يابن عطا أخذت تفرش اذنيك للنوكى، لا والله ما أنا بصاحبكم ولا يشار إلى رجل منا بالاصابع ويمط إليه بالحواجب إلا مات قتيلا أو حتف أنفه، قلت: وما حتف أنفه ؟ قال: يموت بغيظه على فراشه، حتى يبعث الله من لايؤبه لولادته، قلت: ومن لايؤبه لولادته ؟ قال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا ؟ فذاك صاحبكم. بيان: النوكى الحمقى، وقال الجوهري: مط حاجبيه أي مدهما (1) قوله:

 

(1) يعنى إذا كان يخاطب بهما.

 

[37]

قلت: ومن لايؤبه: أي ما معناه ويحتمل أن يكون سقط لفظة " من " من النساخ لتوهم التكرار (1). 8 - نى: الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب ابن نوح، قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: إنا نرجو أن تكون صاحب هذا الامر وأن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك فقال: ما منا أحد اختلف الكتب إليه واشير إليه بالاصابع وسئل عن المسائل و حملت إليه الاموال إلا اغتيل أو مات على فراشه، حتى يبعث الله لهذا الامر غلاما منا خفي المولد والمنشأ غير خفي في نفسه. بيان: قال الجوهري: يقال: أعطيته عفو المال يعني بغير مسألة وعفا الماء إذا لم يطأه شئ يكدره. 9 - نى: محمد بن همام، عن الفزاري، عن أحمد بن ميثم، عن عبد الله بن موسى، عن عبد الاعلى بن حصين الثعلبي، عن أبيه قال: لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام في حج أو عمرة فقلت له: كبرت سني ودق عظمي فلست أدري يقضى لي لقاؤك أم لا ؟ فاعهد إلي عهدا وأخبرني متى الفرج ؟ فقال: إن الشريد الطريد الفريد الوحيد، الفرد من أهله الموتور بوالده المكنى بعمه هو صاحب الرايات واسمه اسم نبي، فقلت: أعد علي فدعا بكتاب أديم أو صحيفة فكتب فيها. بيان: الموتور بوالده أي قتل والده ولم يطلب بدمه والمراد بالوالد إما العسكري عليه السلام أو الحسين أو جنس الوالد ليشمل جميع الائمة عليهم السلام قوله المكنى بعمه لعل كنية بعض أعمامه أبو القاسم أو هو عليه السلام مكنى بأبي جعفر أو أبي الحسين أو أبي محمد أيضا ولا يبعد أن يكون المعنى لا يصرح باسمه بل يعبر عنه بالكناية خوفا من عمه جعفر والاوسط أظهر كما مر في خبر حمزة بن أبي الفتح وخبر عقيد تكنيته عليه السلام بأبي جعفر، وسيأتي أيضا ولا تنافي التكنية بأبي القاسم أيضا. قوله عليه السلام:

 

(1) بل التكرار غلط، والمعنى: من الذى لايؤبه لولادته ؟

 

[38]

" اسم نبي " يعني نبينا صلى الله عليه وآله. 10 - نى: ابن عقدة، عن يحيى بن زكريا، عن يونس بن كليب، عن معاوية ابن هشام، عن صباح، عن سالم الاشل، عن حصين التغلبي، قال: لقيت أبا جعفر عليه السلام وذكر مثل الحديث الاول إلا أنه قال: ثم نظر إلي أبو جعفر عليه السلام عند فراغه من كلامه فقال: أحفظت (أم) أكتبها لك فقلت: إن شئت، فدعا بكراع من أديم أو صحيفة فكتبها ثم دفعها إلي وأخرجها حصين إلينا فقرأها علينا ثم قال: هذا كتاب أبي جعفر عليه السلام. 11 - نى: محمد بن همام، عن الفزاري، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن ابن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: صاحب هذا الامر هو الطريد الفريد الموتور بأبيه المكنى بعمه المفرد من أهله اسمه اسم نبي. 12 - نى: ابن عقدة، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الحضرمي عن جعفر بن محمد عليهما السلام، وعن يونس بن يعقوب، عن سالم المكي، عن أبي الطفيل عن عامر بن واثلة أن الذي تطلبون وترجون إنما يخرج من مكة وما يخرج من مكة حتى يرى الذي يحب ولو صار أن يأكل الاعضاء أعضاء الشجرة (1). 13 - نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن أحمد بن هلال، عن أحمد بن علي القيسي، عن أبي الهيثم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا توالت ثلاث أسماء: محمد وعلي والحسن كان رابعهم القائم عليه السلام. 14 - نى: محمد بن همام، عن الفزاري، عن محمد بن أحمد المديني، عن ابن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود الرقي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك قد طال هذا الامر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدا ! فقال: إن هذا الامر آيس ما يكون وأشد غما: ينادي مناد من السماء باسم القائم واسم أبيه فقلت: جعلت فداك ما اسمه ؟ قال: اسمه اسم نبي واسم أبيه اسم وصي. 15 - نى: محمد بن همام، عن الفزاري، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن سالم، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: صاحب هذا الامر أصغرنا سنا وأخملنا شخصا.

 

(1) كذا وفى المصدر: يأكل الاغصان أغصان الشجر. وهو الصحيح راجع ص 94.

 

[39]

قلت: متى يكون ؟ قال: إذا سارت الركبان ببيعة الغلام، فعند ذلك يرفع كل ذى صيصية لواء. بيان: " أصغرنا سنا " أي عند الامامة، قوله: " سارت الركبان " أي انتشر الخبر في الآفاق بأن بويع الغلام أي القائم عليه السلام " والصيصية " شوكة الديك، و قرن البقر والظباء، والحصن، وكل ما امتنع به، وهنا كناية عن القوة والصولة. 16 - نى: علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لاحد. 17 - نى: الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يقوم القائم وليس لاحد في عنقه عقد ولا بيعة. 18 - نى: الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب بن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الامر ؟ فقال: لا، قلت: (فولدك ؟ قال: لا، قلت:) (1) فولد ولدك ؟ قال: لا، قلت: فولد ولد ولدك ؟ قال: لا، قلت: فمن هو ؟ قال: الذي يملها عدلا كما ملئت جورا لعلى فترة من الائمة يأتي كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة. 19 - نى: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن بعض رجاله، عن إبراهيم بن الحسين بن ظهير، عن إسماعيل بن عياش، عن الاعمش، عن أبي وابل قال: نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين عليه السلام فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله سيدا وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم، يشبهه في الخلق و الخلق، يخرج على حين غفلة من الناس وإماتة للحق، وإظهار للجور والله لو

 

(1) مابين المعقوفتين أضفناه من نسخة الكافي راجع ج 1 ص 341 والمصدر ص 98.

 

[40]

لم يخرج لضربت عنقه يفرح بخروجه أهل السماوات وسكانها وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الانف، ضخم البطن، أزيل الفخذين (1) لفخذه اليمنى شامة أفلج الثنايا يملا الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا. بيان: القنا في الانف طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه قوله عليه السلام: أزيل الفخذين من الزيل كناية عن كونهما عريضتين كما مر في خبر آخر وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من الزبول فينافي ما سبق ظاهرا وفي بعضها أربل بالراء المهملة والباء الموحدة من قولهم رجل ربل كثير اللحم وهذا أظهر وفلج الثنايا انفراجها وعدم التصاقها. 20 - نى: أحمد بن هوذه، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن ابن بكير، عن حمران قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار وقد أعطيت الله عهدا أنني انفقها ببابك دينارا دينارا أو تجيبني فيما أسئلك عنه فقال: يا حمران سل تجب، ولا تبعض (2) دنانيرك فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله أنت صاحب هذا الامر والقائم به ؟ قال: لا، قلت: فمن هو بأبي أنت وامي ؟ فقال: ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين المشرف الحاجبين، عريض مابين المنكبين، برأسه حزاز، وبوجهه أثر رحم الله موسى. بيان: المشرف الحاجبين أي في وسطهما ارتفاع من الشرفة والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة، وقوله عليه السلام: رحم الله موسى، لعله إشارة إلى أنه سيظن بعض الناس أنه القائم وليس كذلك أو أنه قال: " فلانا " كما سيأتي فعبر عنه الواقفية بموسى. * 21 - نى: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن

 

(1) في النسخة المطبوعة في المواضع وكذا المصدر أذيل وهو سهو. (2) لا تنفق ظ.في النسخة المطبوعة شا وهو سهو لان الحديث لا يوجد في الارشاد والصحيح ما أثبتناه راجع كتاب الغيبة للنعماني ص 115، مع ما يظهر من قوله بعد ذلك: نى وبهذا الاسناد وهكذا في صدر الاسناد الاتية مصدرابعبد الواحد بن عبد الله وهو من مشايخ النعماني.

 

[41]

علي الحميري، عن الحسين بن أيوب، عن عبد الكريم بن عمر والخثعمي، عن إسحاق بن حريز، عن محمد بن زرارة، عن حمران بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت: أنت القائم ؟ قال: قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله وإني للطالب بالدم ويفعل الله ما يشاء ثم أعدت عليه فقال: قد عرفت حيث تذهب، صاحبك المدبح البطن ثم الحزاز برأسه ابن الارواع (1) رحم الله فلانا. بيان: ابن الارواع لعله جمع الاروع أي ابن جماعة هم أروع الناس أو جمع الروع وهو من يعجبك بحسنه وجهارة منظره، أو بشجاعته أو جمع الروع بمعنى الخوف. 22 - نى: بهذا الاسناد، عن الحسين بن أيوب، عن عبد الله الخثعمي، عن محمد بن عبد الله، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام أو أبو عبد الله، عليه السلام الشك من ابن عصام: يابا محمد بالقائم علامتان: شامة في رأسه وداء الحزاز برأسه، وشامة بين كتفيه، من جانبه الايسر تحت كتفيه ورقة مثل ورقة الآس ابن ستة وابن خيرة الاماء. بيان: لعل المعنى ابن ستة أعوام عند الامامة أو ابن ستة بحسب الاسماء فان أسماء آبائه عليهم السلام محمد وعلي وحسين وجعفر وموسى وحسن ولم يحصل ذلك في أحد من الائمة عليهم السلام قبله مع أن بعض رواة تلك الاخبار من الواقفية ولاتقبل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم (2). 23 - نى: ابن عقدة، عن محمد بن الفضل بن قيس وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسن بن عبد الملك ومحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن ابن محبوب

 

(1) في النسخة المطبوعة وكذا المصدر بتقديم الواو على الراء في جميع المواضع " الاوراع " وهو سهو. (2) ولعل الصحيح أنه " ابن سته " وهو عبارة اخرى عن كونه عليه السلام " أزيل " يعنى: متباعدا مابين الفخذين: كما مر في الحديث 19 وقد صححه الفاضل القمى المعروف بأرباب في نسخة المصدر بابن سبية لكنه لا يوافق مع الحديث 25 والحديث 26.

 

[42]

عن هشام بن سالم، عن زيد الكناسي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام يقول: إن صاحب هذا الامر فيه شبه من يوصف من أمة سوداء يصلح الله له أمره في ليلة يريد بالشبه من يوسف عليه السلام الغيبة. 24 - نى: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحكم بن عبد الرحيم القصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: قول أمير المؤمنين عليه السلام بأبي ابن خيرة الاماء أهي فاطمة ؟ قال: فاطمة خير الحراير قال: المبدح بطنه المشرب حمرة رحم الله فلانا. 25 - نى: ابن عقدة، عن القاسم بن محمد بن الحسين، عن عبيس بن هشام عن ابن جبلة، عن علي بن المغيرة، عن أبي الصباح قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما ورائك ؟ فقلت: سرور من عمك زيد خرج يزعم أنه ابن ستة وأنه قائم هذه الامة وأنه ابن خيرة الاماء فقال: كذب ليس هو كما قال إن خرج قتل. بيان: لعل زيدا أدخل الحسن عليه السلام في عداد الآباء مجازا فان العم قد يسمى أبا، فمع فاطمة عليها السلام ستة من المعصومين. 26 - نى: ابن عقدة، عن علي بن الحسين، عن محمد وأحمد ابنا الحسن عن أبيهما، عن ثعلبة بن مهران، عن يزيد بن حازم قال: خرجت من الكوفة فلما قدمت المدينة دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسلمت عليه فسألني هل صاحبك أحد ؟ فقلت: نعم، صحبني رجل من المعتزلة، قال: فيما كان يقول ؟ قلت: كان يزعم محمد بن عبد الله بن الحسن يرجى هو القائم، والدليل على ذلك أن اسمه اسم النبي واسم أبيه اسم أبي النبي فقلت له في الجواب: إن كنت تأخذ بالاسماء فهو ذا في ولد الحسين محمد بن عبد الله ابن علي فقال لي: إن هذا ابن أمة يعني محمد بن عبد الله بن علي وهذا ابن مهيرة يعني محمد بن عبد الله بن الحسن، بن الحسن، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: فما رددت عليه ؟ قلت: ماكان عندي شئ أراد عليه فقال: لو تعلمون أنه ابن ستة يعني القائم عليه السلام. 27 - نى: علي بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه سمعته يقول: الامر


 

[43]

في أصغرنا سنا وأخملنا ذكرا. نى: علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسن الرازي، عن محمد بن علي الصيرفي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام مثله. 28 - نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن أحمد بن هليل، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير قال: قلت لاحدهما: لابي عبد الله أو لابي جعفر عليهما السلام: أيكون أن يفضى هذا الامر إلى من لم يبلغ، قال: سيكون ذلك، قلت: فما يصنع ؟ قال: يورثه علما وكتبا ولا يكله إلى نفسه. بيان: لعل المعنى أن لامدخل للسن في علومهم وحالاتهم فان الله تعالى لايكلهم إلى أنفسهم بل هم مؤيدون بالالهام وروح القدس. 29 - نى: عبد الواحد، عن محمد بن جعفر القرشي، عن ابن أبي الخطاب محمد بن سنان، عن أبي الجارود، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: لا يكون هذا الامر إلا في أخملنا ذكرا وأحدثنا سنا. 30 - نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن أحمد بن هليل، عن إسحاق بن صباح، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: إن هذا سيفضي إلى من يكون له الحمل. بيان: لعل المعنى أنه يحتاج أن يحمل لصغره ويحتمل أن يكون بالخاء المعجمة يعني يكون خامل الذكر. - 31 كشف: ابن الخشاب، قال: حدثنا صدقة بن موسى، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي وهو صاحب الزمان وهو المهدي. 32 - غط: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: المهدي رجل من ولد فاطمة وهو رجل آدم.


 

[44]

33 - الفصول المهمة: صفته عليه السلام: شاب مربوع القامة، حسن الوجه والشعر يسيل على منكبيه، أقنى الانف، أجلى الجبهة، قيل: إنه غاب في السرداب والحرس عليه وكان ذلك سنة ست وسبعين ومأتين. (5) * (باب) * * (الايات المأولة بقيام القائم عليه السلام) * 1 - فس: " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة " (1) قال: إن متعناهم في هذه لدنيا إلى خروج القائم عليه السلام فنردهم ونعذبهم " ليقولن ما يحبسه " أن يقولوا: لم لا يقوم القائم ولا يخرج، على حد الاستهزاء فقال الله: " ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن " أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن حسان، عن هشام بن عمار، عن أبيه وكان من أصحاب علي عليه السلام عن علي صلوات الله عليه في قوله " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ليقولن ما يحبسه " قال: الامة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمأة والبضعة عشر. قال علي بن إبراهيم: والامة في كتاب الله على وجوه كثيرة فمنه المذهب وهو قوله " كان الناس امة واحدة " (2) أي على مذهب واحد ومنه الجماعة من الناس وهو قوله " وجد عليه امة من الناس يسقون " (3) أي جماعة ومنه الواحد قد سماه الله امة وهو قوله " إن إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا " (4) ومنه أجناس جميع الحيوان وهو قوله

 

(1) هود: 8. (2) البقرة: 213. (3) القصص: 22. (4) النحل: 120.

 

[45]

" وإن من امة إلا خلا فيها نذير " (1) ومنه امه محمد صلى الله عليه وآله وهو قوله " وكذلك أرسلناك في امة قد خلت من قبلها امم " (2) وهي امة محمد صلى الله عليه وآله ومنه الوقت وهو قوله " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد امة " (3) أي بعد وقت وقوله " إلى امة معدودة " يعني الوقت ومنه يعني به الخلق كلهم وهو قوله " وترى كل امة جاثية كل امة تدعى إلى كتابها " (4) وقوله " ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون " (5) ومثله كثير. 2 - فس: " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله " (6) قال: أيام الله ثلاثة يوم القائم صلوات الله عليه و يوم الموت، ويوم القيامة. 3 - فس: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب " (7) أي أعلمناهم ثم انقطعت مخاطبة بني إسرائيل وخاطب امة محمد صلى الله عليه وآله فقال: " لتفسدن في الارض مرتين يعني فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد " ولتعلن علوا كبيرا " يعني ما ادعوه من الخلافة " فإذا جاء وعد اوليهما " يعني يوم الجمل " بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد " يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه " فجاسوا خلال الديار " أي طلبوكم وقتلوكم " وكان وعدا مفعولا " يعني يتم ويكون " ثم رددنا لكم الكرة عليهم يعني لبني امية على آل محمد " وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " من الحسين ابن علي عليه السلام وأصحابه وسبوا نساء آل محمد " إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن

 

(1) فاطر: 24. (2) الرعد: 32. (3) يوسف: 45. (4) الجاثية: 27. (5) النحل: 84. (6) ابراهيم: 5. (7) أسرى: 5.

 

[46]

أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة " يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه " ليسوؤا وجوهكم " يعني تسود وجوههم " وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة " يعني رسول الله و أصحابه " وليتبروا ماعلوا تتبيرا " أي يعلو عليكم فيقتلوكم ثم عطف على آل محمد عليه وعليهم السلام فقال: " عسى ربكم أن يرحمكم " أي ينصركم على عدوكم ثم خاطب بني امية فقال: " وإن عدتم عدنا " يعني إن عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمد صلوات الله عليه. بيان: على تفسيره معنى الآية: أوحينا إلى بني إسرائيل أنكم يامة محمد تفعلون كذا وكذا ويحتمل أن يكون الخبر الذي أخذ عنه التفسير محمولا على أنه لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله أن كلما يكون في بني إسرائيل يكون في هذه الامة نظيره فهذه الامور نظاير تلك الوقايع وفي بطن الآيات إشارة إليها وبهذا الوجه الذي ذكرنا تستقيم كثير من الاخبار الواردة في تأويل الآيات قوله (وعد اوليهما) أي وعد عقاب اوليهما " والكرة " الدولة والغلبة " والنفير " من ينفر مع الرجل من قومه وقيل جمع نفروهم المجتمعون للذهاب إلى العدو قوله تعالى " وعد الآخرة " أي وعد عقوبة المرة الآخرة قوله تعالى " وليتبروا " أي وليهلكوا " ماعلوا " أي ما غلبوه و استولوا عليه أو مدة علوهم. 4 - فس: " أو يحدث لهم ذكرا " (1) يعني من أمر القائم والسفياني. 5 - فس: " فلما أحسوا بأسنا " (2) يعني بني امية إذا أحسوا بالقائم من آل محمد " إذا هم منها يركضون لا تركضوا وراجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون " يعني الكنوز التي كنزوها قال: فيدخل بنو امية إلى الروم إذا طلبهم القائم صلوات الله عليه ثم يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز التي كنزوها فيقولون كما حكى الله " يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين " قال: بالسيف وتحت ظلال السيوف وهذا كله مما لفظه ماض و

 

(1) طه: 113. (2) الانبياء: 12.

 

[47]

معناه مستقبل وهو ما ذكرناه مما تأويله بعد تنزيله. بيان: " يركضون " أي يهربون مسرعين راكضين دوابهم قوله تعالى " حصيدا " أي مثل الحصيد وهو النبت المحصود خامدين " أي ميتين من خمدت النار. 6 - فس: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " (1) قال: الكتب كلها ذكر " أن الارض يرثها عبادي الصالحون " قال: القائم عليه السلام وأصحابه. توضيح: قوله " الكتب كلها ذكر " أي بعد أن كتبنا في الكتب الاخر المنزلة وقال المفسرون: المراد به التوراة وقيل المراد بالزبور جنس الكتب المنزلة وبالذكر اللوح المحفوظ. 7 - فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير " (2) قال: إن العامة يقولون: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة وإنما هو القائم عليه السلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام وهو قوله: نحن أولياء الدم و طلاب الترة. 8 - فس: " ومن عاقب " (3) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله " بمثل ما عوقب به " يعني حين أرادوا أن يقتلوه " ثم بغي عليه لينصرنه الله " بالقائم من ولده عليه السلام. 9 - فس: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة " (4) فهذه لآل محمد صلى الله عليهم إلى آخر الائمة والمهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الارض ومغاربها ويظهر (به) الدين ويميت الله به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهاء الحق حتى لا يرى

 

(1) الانبياء: 105. (2) الحج: 3 9. (3) الحج: 60. (4) الحج: 41.

 

[48]

أين الظلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. 10 - فس: " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " (1) فانه حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تخضع رقابهم يعني بني امية وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الامر عليه السلام. 11 - فس: " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض " (2) فانه حدثني أبي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن صالح بن عقبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت في القائم عليه السلام، هو والله المضطر إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الارض. 12 - فس: " وإذا جائهم نصر من ربك " (3) يعني القائم عليه السلام " ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ". 13 - فس: جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: " ولمن انتصر بعد ظلمه " (4) يعني القائم وأصحابه " فاولئك ما عليهم من سبيل " والقائم إذا قام انتصر من بني امية ومن المكذبين والنصاب هو وأصحابه وهو قول الله " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب أليم " (5). فر: أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة الخراساني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن إسماعيل بن مهران، عن يحيى بن أبان، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام مثله.

 

(1) الشعراء: 4. (2) النمل: 62. (3) العنكبوت: 10. (4) الشورى: 41. (5) الشورى: 42

 

[49]

14 - فس: روي في قوله تعالى " اقتربت الساعة " (1) يعني خروج القائم عليه السلام. 15 - فس: أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن ابن يزيد، عن علي بن حماد الخزاز، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " مد هامتان " (2) قال: يتصل مابين مكة والمدينة نخلا ". 16 - فس: " يريد ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره " (3) قال: بالقائم من آل محمد صلوات الله عليهم إذا خرج ليظهره على الدين كله حتى لا يعبد غير الله وهو قوله: يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. 17 - فس: " واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب " (4) يعني في الدنيا بفتح القائم عليه السلام. 18 - فس: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " (5) قال: القائم وأمير المؤمنين عليهما السلام " فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ". 19 - فس: " إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين " (6) يا محمد " أمهلهم رويدا " لو بعث القائم عليه السلام فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش و بني امية وسائر الناس. 20 - فس: أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله " والليل إذا يغشى " (7) قال: الليل في هذا الموضع الثاني غش أمير المؤمنين عليه السلام في دولته التي جرت له عليه وأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يصبر في دولتهم حتى تنقضي قال: " والنهار إذا تجلى " قال: النهار هو القائم منا أهل البيت عليهم السلام إذا قام غلب دولة الباطل. والقرآن ضرب فيه الامثال للناس وخاطب نبيه صلى الله عليه وآله به ونحن فليس

 

(1) القمر: 1. (2) الرحمن: 64. (3) الصف: 8. (4) الصف: 13. (5) الجن: 24. (6) الطارق: 16. (7) الليل: 1.

 

[50]

يعلمه غيرنا. ايضاح: قوله عليه السلام غش لعله بيان لحاصل المعنى لا لانه مشتق من الغش أي غشيه وأحاط به وأطفى نوره وظلمه وغشه ويحتمل أن يكون من باب أمللت وأمليت. 21 - فس: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " (1) قل: أرأيتم إن أصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بامام مثله، حدثنا محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد، عن القاسم بن العلا، عن إسماعيل بن علي الفزاري، عن محمد ابن جمهور، عن فضالة بن أيوب قال: سئل الرضا صلوات الله عليه عن قول الله عزوجل " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " فقال عليه السلام: ماؤكم أبوابكم الائمة والائمة أبواب الله فمن يأتيكم بماء معين يعني يأتيكم بعلم الامام. 22 - فس: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (2) إنها نزلت في القائم من آل محمد عليهم السلام وهو الامام الذي يظهره الله على الدين كله فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وهذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله. 23 - ل: العطار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن محمد بن الحسن الميثمي عن مثنى الحناط، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: " أيام الله " (3) ثلاثة يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة. مع: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مثنى الحناط عن جعفر، عن أبيه عليه السلام مثله. 24 - ثو: ابن الوليد عن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: قلت: لابي عبد الله عليه السلام: " هل أتيك حديث الغاشية " (4) قال: يغشاهم القائم بالسيف قال: قلت: " وجوه يومئذ خاشعة " قال: يقول خاضعة لا تطيق الامتناع

 

(1) الملك: 30. (2) براءة: 34. (3) ابراهيم: 5. (4) الغاشية: 1

 

[51]

قال: قلت: " عاملة " قال: عملت بغير ما أنزل الله عزوجل قلت: " ناصبة " قال: نصب غير ولاة الامر قال: قلت: " تصلى نارا حامية " قال: تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم وفي الآخرة نار جهنم. 25 - ك، ثو: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في قول الله عزوجل " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل " (1) فقال: الآيات هم الائمة والآية المنتظر هو القائم عليه السلام فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه عليهم السلام. ثو: وحدثنا بذلك أحمد بن زياد، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وابن محبوب، عن ابن رئاب وغيره عن الصادق عليه السلام. 26 - ك: أبي، وابن الوليد معا، عن سعد والحميري معا، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد، عن الحسين بن الربيع، عن محمد بن إسحاق، عن أسد ابن ثعلبة، عن ام هانئ قالت: لقيت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب عليه السلام فسألته عن هذه الآية " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " (2) فقال: إمام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستين ومأتين ثم يبدو كالشهاب الوقاد في ظلمة الليل فان أدركت ذلك قرت عيناك. غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن الا سدي، عن سعد عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن بن أبي الربيع ! عن محمد بن إسحاق مثله. نى: الكلنيي، عن عدة من رجاله، عن سعد، عن أحمد بن الحسين بن عمر عن الحسين بن أبي الربيع ! عن محمد بن إسحاق مثله. تفسير: قال البيضاوي " بالخنس " بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخر وهي ما سوى النيرين من السيارات الجوار " الكنس " أي السيارات التي تختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا دخل كناسته انتهى.

 

(1) الانعام: 158. (2) التكوير: 16.

 

[52]

(وأقول: على تأويله على الجمعية إما للتعظيم أو للمبالغة في التأخر، أو لشموله لسائر الائمة عليهم السلام باعتبار الرجعة، أو لان ظهوره عليه السلام بمنزلة ظهور الجميع، ويحتمل أن يكون المراد بها الكواكب، فيكون ذكرها لتشبيه الامام بها في الغيبة والظهور كما في أكثر البطون. " فان أدركت " أي على الفرض البعيد أو في الرجعة " ذلك ": أي ظهوره وتمكنه). 27 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن علي ابن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال في قول الله عزوجل: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " (فقال: هذه نزلت في القائم يقول: إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بامام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والارض وحلال الله عزوجل وحرامه ثم قال: والله ما جاء تأويل الآية ولابد أن يجئ تأويلها. غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي، عن الاسدي عن سعد، عن موسى بن عمر بن يزيد مثله. 28 - ك: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن ابن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من أصحابنا، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل " الذين يؤمنون بالغيب (1) " قال: من أقر بقيام القائم عليه السلام أنه حق. 29 - ك: الدقاق، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل " الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " فقال: المتقوم شيعة علي عليه السلام وأما الغيب فهو الحجة الغائب وشاهد ذلك قول الله تعالى " ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين " (2).

 

(1) البقرة: 3. (2) يونس: 20.

 

[53]

30 - ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عزوجل: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ") قل أرايتم إن غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بامام جديد. نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن أحمد بن هليل، عن موسى بن القاسم، مثله. وعن الكليني، عن علي بن محمد، عن سهل، عن موسى بن القاسم مثله. 31 - غط: إبراهيم بن سلمة، عن أحمد بن مالك، عن حيدر بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن نصر بن مزاحم، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله " وفي السماء رزقكم وما توعدون " (1) قال: هو خروج المهدي. 32 - غط: بهذا الاسناد، عن ابن عباس في قوله تعالى " اعلموا أن الله يحيي الارض بعد موتها " (2) يعني يصلح الارض بقائم آل محمد من بعد موتها يعني من بعد جور أهل مملكتها " قد بينا لكم الآيات " بقائم آل محمد " لعلكم تعقلون ". 33 - غط: أبو محمد المجدي، عن محمد بن علي بن تمام، عن الحسين بن محمد القطعي، عن علي بن أحمد بن حاتم، عن محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس في قول الله " وفي السماء رزقكم وما توعدون فو رب السماء والارض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " قال: قيام القائم عليه السلام ومثله " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " (3) قال: أصحاب القائم يجمعهم الله في يوم واحد. 34 - غط: محمد بن إسماعيل المقري، عن علي بن العباس، عن بكار بن أحمد عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري، عن عمير بن هاشم الطائي، عن إسحاق ابن عبد الله بن علي بن الحسين في هذه الآية " فورب السماء والارض إنه لحق

 

(1) الذاريات: 22. (2) الحديد: 17. (3) البقرة: 148.

 

[54]

مثل ما أنكم تنطقون قال: قيام القائم من محمد قال: وفيه نزلت: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " (1) قال: نزلت في المهدي عليه السلام. كنز: محمد بن العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن الحسن بن الحسين مثله. 35 - غط: محمد بن علي، عن الحسين بن محمد القطعي، عن علي بن حاتم عن محمد بن مروان، عن عبيد بن يحيى الثوري، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام في قوله تعالى " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (2) قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم. 36 - ك: علي بن حاتم فيما كتب إلي، عن أحمد بن زياد، عن الحسن بن علي ابن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن سماعة وغيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في القائم عليه السلام " ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون " (3). 37 - ك: بهذا الاسناد عن الميثمي، عن ابن محبوب، عن مؤمن الطاق، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل " اعلموا أن الله يحيي الارض بعد موتها " قال: يحييها الله عزوجل بالقائم بعد موتها يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميت. 38 - شى: عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله " وتلك الايام نداولها بين الناس " (4) قال: ما زال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لابليس فأين دولة الله أما هو قائم واحد.

 

(1) النور: 55. (2) القصص: 5. (3) الحديد: 16. (4) آل عمران: 140.

 

[55]

39 شى: عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية " اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشوني " (1) يوم يقوم القائم عليه السلام يئس بنو امية فهم الذين كفروا، يأسوا من آل محمد عليهم السلام. 40 - شى: عن جابر، عن جعفر بن محمد وأبي جعفر عليهما السلام في قول الله " وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر " (2) قال: خروج القائم و " أذان " دعوته إلى نفسه. بيان: هذا بطن للآية. 41 - شى: عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سئل أبي عن قول الله: " قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " (3) حتى لا يكون مشرك " و يكون الدين كله لله " (4) ثم قال: إنه لم يجئ تأويل هذه الآية ولو قد قام قائمنا سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية وليبلغن دين محمد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الارض كما قال الله. بيان: أي كما قال الله في قوله " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ". 42 - شى: عن أبان، عن مسافر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة " (5) يعني عدة كعدة بدر، قال يجمعون له في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف. ايضاح: قال الجزري في حديث علي عليه السلام: فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف أي قطع السحاب المتفرقة وإنما خص الخريف لانه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق، ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك. 43 - شى: عن الحسين، عن الخزاز، عن أبي عبد الله عليه السلام " ولئن

 

(1) المائدة: 4. (2) براءة: 5. (3) براءة: 37. (4) الانفال: 39. (5) هود: 8.

 

[56]

أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة " قال: هو القائم وأصحابه. 44 - شى: عن إبراهيم بن عمر، عمن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين عليه السلام ثم صار عند محمد بن علي ثم يفعل الله ما يشاء فالزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمأة رجل ومعه رأية رسول الله صلى الله عليه وآله عامدا إلى المدينة حتى يمر بالبيداء فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم وهي الآية التي قال الله " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين " (1). 45 - شى: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن قول الله: " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الارض " قال: هم أعداء الله وهم يمسخون ويقذفون ويسبخون في الارض. 46 - شى: عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين " (2) قتل علي وطعن الحسن " ولتعلن علوا كبيرا " قتل الحسين " فإذا جاء وعد اوليهما " إذا جاء نصر دم الحسين " بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار " قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم لا يدعون وترا لآل محمد إلا أحرقوه " وكان وعدا مفعولا " قبل قيام القائم " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " خروج الحسين عليه السلام في الكرة في سبعين رجلا من أصحابه الذين قتلوا معه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان والمؤدي إلى الناس أن الحسين قد خرج في أصحابه حتى لا يشك فيه المؤمنون وأنه ليس بدجال ولا شيطان، الامام الذي بين أظهر الناس يومئذ، فإذا استقر عند المؤمن أنه الحسين لا يشكون فيه وبلغ عن الحسين الحجة القائم بين أظهر الناس وصدقه المؤمنون بذلك جاء الحجة الموت فيكون الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه وإيلاجه حفرته الحسين ولا يلي الوصي إلا الوصي وزاد إبراهيم في حديثه ثم يملكهم الحسين حتى يقع حاجباه على عينيه.

 

(1) النحل: 45. (2) أسرى: 4.

 

[57]

بيان: قوله " لا يدعون وترا " أي ذا وتر وجناية ففي الكلام تقدير مضاف و " الوتر " بالكسر الجناية والظلم. 47 - شى: عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال كان يقرأ " بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد " ثم قال: وهو القائم وأصحابه اولي بأس شديد. 48 - شى: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقية تطأ في حطامها ملعون ناعقها ومولاها وقائدها وسائقها والمتحرز فيها فكم عندها من رافعة ذيلها يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوى يكنها ولا أحد يرحمها فإذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وأي وادسلك فعندها توقعوا الفرج وهو تأويل هذه الآية " ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا حتى يولد لصلبه ألف ذكر آمنين من كل بدعة وآفة والتنزيل عاملين بكتاب الله وسنة رسوله قد اضمحلت عليهم الآفات والشبهات. توضيح: " قبل أن تبقر " قال الجزري: في حديث أبي موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران أي واسعة عظيمة وفي بعض النسخ بالنون والفاء أي تنفر ضاربا برجلها والضمير في حطامها راجع إلى الدنيا بقرينة المقام أو إلى الفتنة بملابسة أخذها والتصرف فيها قوله والمتجرز لعله من جرز أي أكل أكلا وحيا وقتل وقطع وبخس وفي النسخة بالحاء المهملة ولعل المعنى من يتحرز من إنكارها ورفعها لئلا يخل بدنياه وسائر الخبر كان مصحفا فتركته على ما وجدته، والمقصود واضح. 49 - نى: الكليني، عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن


 

[58]

قول الله عزوجل " فإذا نقر في الناقور " (1) قال: إن منا إماما مستترا فإذا أراد الله عزوجل إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله عزوجل. 50 - نى: ابن عقدة، عن أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسين من كتابه عن إسماعيل بن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه، ووهب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " (2) قال: القائم وأصحابه. 51 - نى: ابن عقدة، عن حميد بن زياد، عن علي بن الصباح، عن الحسن بن محمد الحضرمي، عن جعفر بن محمد، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة " (3) قال: العذاب خروج القائم والامة المعدودة (عدة) أهل بدر وأصحابه. 52 - نى: ابن عقدة، وأحمد بن يوسف، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي، عن أبيه، ووهب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " (4) قال: نزلت في القائم و أصحابه يجمعون على غير ميعاد. 53 - نى: علي بن الحسين المسعودي، عن محمد العطار، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن علي الكوفي، عن ابن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير " (5) قال: هي في القائم عليه السلام وأصحابه. 54 - نى: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن البرقي، عن أبيه

 

(1) المدثر: 8. (2) النور: 55. (3) هود: 8. (4) البقرة: 148. (5) الحج: 39.

 

[59]

عن محمد بن سليمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قوله " يعرف المجرمون بسيماهم " (1) قال: الله يعرفهم ولكن نزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطا. بيان: قال الفيروزآبادي خبطه يخبطه ضربه شديدا والقوم بسيفه جلدهم. (55 - كنز: محمد بن العباس، عن علي بن حاتم، عن حسن بن محمد بن عبد الواحد عن جعفر بن عمر بن سالم، عن محمد بن حسين بن عجلان، عن مفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل " ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر " (2) قال: الادنى غلاء السعر والاكبر المهدي بالسيف. 56 - كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن سماعة، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة ويجعل ظهره إلى المقام ثم يصلي ركعتين ثم يقوم فيقول: يا أيها الناس أنا أولى الناس بآدم يا أيها الناس أنا أولى الناس بابراهيم يا أيها الناس أنا أولى الناس باسماعيل يا أيها الناس أنا أولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرع حتى يقع على وجهه وهو قوله عزوجل " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض أإله مع الله قليلا ما تذكرون " (3). وبالاسناد عن ابن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل " أمن يجيب المضطر إذا دعاه " قال: هذا نزلت في القائم عليه السلام إذا خرج تعمم وصلى عند المقام وتضرع إلى ربه فلا ترد له رأية أبدا). 57 - كنز: قوله تعالى " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم " (4) تأويله قال: محمد ابن العباس، عن علي بن عبد الله بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق، عن يحيى ابن هاشم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لو تركتم هذا الامر ما تركه الله.

 

(1) الرحمن: 41. (2) الم السجدة: 21 (3) النمل: 62. (4) الصف: 8.

 

[60]

ويؤيده ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية قلت: " والله متم نوره " قال " يريدون ليطفئو نور الله بأفواههم ": ولاية أمير المؤمنين عليه السلام " والله متم نوره ": الامامة لقوله عزوجل " الذين آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " (1) والنور هو الامام قلت له: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " قال: هو الذي أمر الله رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق قلت: " ليظهره على الدين كله " قال: على جميع الاديان عند قيام القائم لقول الله تعالى " والله متم نوره " بولاية القائم " ولو كره الكافرون " بولاية علي قلت: هذا تنزيل ؟ قال: نعم، أما هذا الحرف فتنزيل وأما غيره فتأويل. 58 - كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذه، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى في كتابه " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " فقال: والله ما انزل تأويلها بعد قلت: جعلت فداك ومتى ينزل ؟ قال: حتى يقوم القائم إن شاء الله فإذا خرج القائم لم يبق كافر ولا مشرك إلا كره خروجه حتى لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت الصخرة يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله قال: فينحيه الله فيقتله. فر: جعفر بن أحمد معنعنا، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله وفيه لقالت الصخرة: يا مؤمن في مشرك فاكسرني واقتله. 59 - كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن عبد الله بن محمد عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية بن ربعي أنه سمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " هو الذي أرسل رسوله " الآية أظهر ذلك بعد ؟ كلا والذي نفسي بيده حتى لا يبقى قرية إلا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بكرة وعشيا.

 

(1) التغابن: 8. (*)

 

[61]

وقال أيضا: حدثنا يوسف بن يعقوب، عن محمد بن أبي بكر المقري، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله تعالى " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " قال: لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا دخل في الاسلام حتى أمن الشاة والذئب والبقرة والاسد والانسان والحية وحتى لا تقرض فارة جرابا وحتى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير وذلك قوله " ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون " وذلك يكون عند قيام القائم عليه السلام. 60 - كنز: عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله " إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الاولين " (1) يعني تكذيبه بقائم آل محمد عليه السلام إذ يقول له: لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة كما قال المشركون لمحمد صلى الله عليه وآله. 61 - فر: أبو القاسم العلوي، معنعنا، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين " (2) قال: نحن وشيعتنا وقال: (أبو) جعفر ثم شيعتنا أهل البيت " في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين " يعني لم يكونوا من شيعة علي بن أبي طالب " ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين " فذاك يوم القائم عليه السلام وهو يوم الدين " وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين " أيام القائم " فما تنفعهم شفاعة الشافعين " فما ينفعهم شفاعة مخلوق ولن يشفع لهم رسول الله يوم القيامة. بيان: قوله عليه السلام يعني " لم يكونوا " يحتمل وجهين أحدهما أن الصلاة لما لم تكن من غير الشيعة مقبولة فعبر عنهم بما لا ينفك عنهم من الصلاة المقبولة والثاني أن يكون من المصلي تالي السابق في خيل السباق وإنما يطلق عليه ذلك لان رأسه عند صلا السابق والصلا ما عن يمين الذنب وشماله فعبر عن التابع بذلك وقيل الصلاة أيضا مأخوذة من ذلك عند إيقاعها جماعة وهذا الوجه الاخير مروي عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: عني بها لم نكن من أتباع الائمة الذين قال الله فيهم

 

(1) القلم: 15، المطففين: 13. (2) المدثر: 38 - 48.

 

[62]

" والسابقون السابقون اولئك المقربون " (1) أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة مصلي فذلك الذي عنى حيث قال " لم نك من المصلين " لم نك من أتباع السابقين. 62 - كا: علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسن بن عبد الرحمان عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزوجل " قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين إن هو إلا ذكر للعالمين " (1) قال أمير المؤمنين عليه السلام: " ولتعلمن نبأه بعد حين " قال: عند خروج القائم وفي قوله عزوجل " ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه " (3) قال: اختلفوا كما اختلفت هذه الامة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير فيقدمهم فيضرب أعناقهم وأما قوله عزوجل " ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم " قال: لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم منهم واحدا وفي قوله عزوجل " والذين يصدقون بيوم الدين " (4) قال: بخروج القائم عليه السلام وقوله عزوجل " والله ربنا ماكنا مشركين " (5) قال: يعنون بولاية علي عليه السلام وفي قوله عزوجل " وقل جاء الحق وزهق الباطل " (6) قال: إذا قام القائم عليه السلام ذهبت دولة الباطل. 63 - كا: أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " (7) قال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة

 

(1) الواقعة: 10. (2) ص: 86. (3) هود: 111 فصلت: 45 وذيلهما: " وانهم لفى شك منه مريب " وأما قوله: " وان الظالمين لهم عذاب اليم " في ابراهيم: 22 والشورى: 21. (4) المعارج: 26. (5) الانعام: 23. (6) أسرى: 81. (7) فصلت: 53.

 

[63]

الله عزوجل في أنفسهم وفي الآفاق، قلت له: " حتى يتبين لهم أنه الحق " قال: خروج القائم هو الحق من عند الله عزوجل يراه الخلق لابد منه. 64 - كا: محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمان عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا " (1) قال: أما قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " فهو خروج القائم وهو الساعة فسيعلمون ذلك اليوم ما نزل بهم من الله على يدي قائمه فذلك قوله: " من هو شر مكانا " يعني عند القائم " وأضعف جندا " قلت: " من كان يريد حرث الآخرة " (2) قال: معرفة أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام " نزد له في حرثه " قال: نزيده منها قال: يستوفي نصيبه من دولتهم " و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الاخرة من نصيب " قال: ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب. 65 - أقول: روى السيد علي بن عبد الحميد في كتاب الانوار المضيئة باسناده عن محمد بن أحمد الايادي يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: المستضعفون في الارض المذكورون في الكتاب (3) الذين يجعلهم الله أئمة نحن أهل البيت يبعث الله مهديهم فيعزهم ويذل عدوهم. وبالاسناد يرفعه إلى ابن عباس في قوله تعالى: " وفي السماء رزقكم وما توعدون " (4) قال: هو خروج المهدي عليه السلام. وبالاسناد أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى: (5) (" وفي السماء رزقكم وما توعدون " قال: هو خروج المهدي عليه السلام. وبالاسناد أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى:) " اعلموا أن الله يحيي الارض

 

(1) مريم: 76. (2) الشورى: 20. (3) يريد قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين: القصص: 5. (4) الذاريات: 23. (5) ما جعلناه بين المعقوفتين استدركه النسخة المطبوعة في الهامش وجعل عليه رمز " صح " لكنه سهو مكرر كما لا يخفى.

 

[64]

بعد موتها " (1) قال: يصلح الله الارض بقائم آل محمد " بعد موتها " يعني بعد جور أهل مملكتها " قد بينا لكم الآيات " بالحجة من آل محمد " لعلكم تعقلون ". ومن الكتاب المذكور باسناده عن السيد هبة الله الراوندي يرفعه إلى موسى ابن جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة " (2) قال: النعمة الظاهرة الامام الظاهر، والباطنة الامام الغائب يغيب عن أبصار الناس شخصه ويظهر له كنوز الارض ويقرب عليه كل بعيد. (ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي رحمه الله قال: وجدت بخط الشهيد نور الله ضريحه: روى الصفواني في كتابه عن صفوان أنه لما طلب المنصور أبا عبد الله عليه السلام توضأ وصلى ركعتين ثم سجد سجدة الشكر وقال: اللهم إنك وعدتنا على لسان نبيك محمد صلى الله عليه وآله ووعدك الحق أنك تبدلنا من (بعد) خوفنا أمنا اللهم فأنجز لنا ما وعدتنا إنك لاتخلف الميعاد، قال: قلت له: يا سيدي فأين وعد الله لكم ؟ فقال عليه السلام: قول الله عزوجل: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم " الآية. وروي أنه تلي بحضرته عليه السلام: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا " الاية فهملتا عيناه عليه السلام وقال: نحن والله المستضعفون. 66 - نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، وتلا عقيب ذلك: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ". بيان: عطفت عليه: أي شفقت، وشمس الفرس شماسا: أي منع ظهره ورجل شموس: صعب الخلق، وناقة ضروس: سيئة الخلق يعض حالبها ليبقي لبنها لولدها).

 

(1) الحديد: 17. (2) لقمان: 20.

 

[65]

* " (أبواب) " * * (النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه، صلوات الله عليهم أجمعين) * * (سوى ما تقدم في كتاب احوال أمير المؤمنين عليه السلام) * * (من النصوص على الاثنى عشر عليهم السلام) * (1) * (باب) * * " (ما ورد من اخبار الله واخبار النبي صلى الله عليه وآله) " * * " (بالقائم عليه السلام من طرق الخاصة والعامة) " * * 1 - نى: أحمد بن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن إبراهيم الحلواني عن أحمد بن منصور زاج، عن هدبة بن عبد الوهاب، عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر عن عبد الله بن زياد اليماني، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: رسول الله، وحمزة سيد الشهداء وجعفر ذو الجناحين، وعلي و فاطمة، والحسن والحسين والمهدي. غط: محمد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي عن الحسن بن الفضل البوصرائي، عن سعد بن عبد الحميد مثله. 2 - ن: باسناد التميمي، عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا وذلك حين يأذن الله عزوجل له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج فانه خليفة الله عزوجل وخليفتي. 3 - لى: ابن المتوكل، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي

 

كذا في النسخة المطبوعة والظاهران الحديث مستخرج من كتب الصدوق (ره).

 

[66]

ابن سالم، عن أبيه، عن الثمالي، عن ابن طريف، عن ابن نباته، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومن السدرة إلى حجب النور ناداني ربي جل جلاله: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فلي فاخضع وإياي فاعبد وعلي فتوكل وبي فثق فاني قد رضيت بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيا وبأخيك علي خليفة وبابا فهو حجتي على عبادي وإمام لخلقي به يعرف أوليائي من أعدائي وبه يميز حزب الشيطان من حزبي وبه يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفذ أحكامي وبك وبه بالائمة من ولدك أرحم عبادي وإمائي وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتهليلي وتكبيري وتمجيدي وبه اطهر الارض من أعدائي واورثها أوليائي وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، به احيي بلادي وعبادي بعلمي وله اظهر الكنوز والذخاير بمشيتي وإياه اظهر على الاسرار والضماير بارادتي وامده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري. وإعلان ديني ذلك وليي حقا ومهدي عبادي صدقا. أقول: قد مضى كثير من الاخبار في باب النصوص على الاثني عشر وبعضها في باب علل أسمائه عليه السلام. 4 - ن: عبد الله بن محمد الصائغ، عن محمد بن سعيد، عن الحسين بن علي عن الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن عمر والبكائي عن كعب الاخبار قال في الخلفاء: هم اثنى عشر فإذا كان عند انقضائهم وأتى طبقة صالحة مد الله لهم في العمر كذلك وعد الله هذه الامة ثم قرأ " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم " قال: وكذلك فعل الله عزوجل ببني إسرائيل وليس بعزيز أن يجمع هذه الامة يوما أو نصف يوم وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون. 5 - ن: باسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تذهب الدنيا حتى يقوم بأمر امتي رجل من ولد الحسين يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا.


 

[67]

6 - ما: المفيد، عن إسماعيل بن يحيى العبسي، عن محمد بن جرير الطبري عن محمد بن إسماعيل الصواري، عن أبي الصلت الهروي، عن الحسين الاشقر عن قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة في مرضه: والذي نفسي بيده لابد لهذه الامة من مهدي وهو والله من ولدك. أقول: قد مضى بتمامه في فضائل أصحاب الكساء عليهم السلام. 7 - ما: الحفار، عن عثمان بن أحمد، عن أبي قلابة، عن بشر بن عمر عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن إسماعيل بن أبان، عن أبي مريم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال: قال أبي: دفع النبي صلى الله عليه وآله الرأية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ففتح الله عليه ثم ذكر نصبه عليه السلام يوم الغدير وبعض ما ذكر فيه من فضائله عليه السلام إلى أن قال: ثم بكى النبي صلى الله عليه وآله فقيل: مم بكاؤك يارسول الله صلى الله عليه وآله قال: أخبرني جبرئيل عليه السلام أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده وأخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه عز وجل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم وأجمعت الامة على محبتهم وكان الشانئ لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وكثر المادح لهم وذلك حين تغير البلاد وتضعف العباد والاياس من الفرج وعند ذلك يظهر القائم فيهم. قال النبي صلى الله عليه وآله: اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم ابني وهو من ولد ابنتي يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس بين راغب إليهم وخائف لهم قال: وسكن البكاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: معاشر المؤمنين ابشروا بالفرج فان وعد الله لا يخلف وقضاؤه لايرد، وهو الحكيم الخبير فان فتح الله قريب اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا اللهم اكلاهم واحفظهم وارعهم وكن لهم وانصرهم وأعنهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على كل شئ قدير. 8 - ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن حمران قال: قال


 

[68]

أبو عبد الله عليه السلام: لما كان من أمر الحسين بن علي عليه السلام ما كان ضجت الملائكة إلى الله تعالى وقالت: يا رب يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك ؟ قال: فأقام الله لهم ظل القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم له من ظالميه. 9 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن أحمد بن محمد بن بشار، عن مجاهد بن موسى عن عباد بن عباد، عن مجالد بن سعيد، عن جبير بن نوف أبي الوداك قال: قلت لابي سعيد الخدري: والله ما يأتي علينا عام إلا وهو شر من الماضي ولا أمير إلا وهو شر ممن كان قبله فقال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ما تقول، ولكن سمعت رسول الله يقول: لا يزال بكم الامر حتى يولد في الفتنة والجور من لايعرف غيرها حتى تملا الارض جورا فلا يقدر أحد يقول: الله ثم يبعث الله عزوجل رجلا مني ومن عترتي فيملا الارض عدلا كما ملاها من كان قبله جورا، ويخرج له الارض أفلاذ كبدها ويحثو المال حثوا ولا يعده عدا وذلك حتى يضرب الاسلام بجرانه. ايضاح: قال الفيروزآبادي: الجران باطن العنق، ومنه حتى ضرب الحق بجرانه أي قر قراره واستقام كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الارض. 10 - ك: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن الهروي، عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله والذي بعثني بالحق بشيرا ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس مالله في آل محمد حاجة، و يشك آخرون في ولادته فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه، فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل وإن الله عزوجل جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون. 11 - ك: ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن آدم، عن أبيه، عن ابن أياس عن المبارك بن فضالة، عن وهب بن منبه يرفعه إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما عرج بي ربي جل جلاله أتاني النداء يا محمد ! قلت: لبيك


 

[69]

رب العظمة لبيك فأوحى الله عزوجل إلي: يا محمد فيم اختصم الملا الاعلى ؟ قلت: إلهي لا علم لي: فقال لي: يا محمد هلا اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك، فقلت: إلهي ومن أتخذ ؟ تخير لي أنت يا إلهي فأوحى الله إلي يا محمد قد اخترت لك من الآدميين عليا فقلت: إلهي ابن عمي فأوحى الله إلي يا محمد إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة و صاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني امتك. ثم أوحى الله عزوجل يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولاهل بيتك وذريتك الطيبين حقا حقا أقول يا محمد لادخلن الجنة جميع امتك إلا من أبى، فقلت: إلهي وأحد يأبى دخول الجنة ؟ فأوحى الله عزوجل: بلى، فقلت: فكيف يأبى ؟ فأوحى الله عزوجل إلي يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك وألقيت محبة في قلبك وجعلته أبا ولدك فحقه بعدك على امتك كحقك عليهم في حياتك فمن جحد حقه جحد حقك ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة. فخررت لله ساجدا شكرا لما أنعم إلي. فإذا مناد ينادي: ارفع يا محمد رأسك وسلني اعطك فقلت: يا إلهي أجمع امتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة فأوحى الله عزوجل إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم وقضاي ماض فيهم لاهلك به من أشاء واهدي به من أشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك، على أهلك وامتك، عزيمة مني ولا يدخل الجنة من عاداه وأبغضه وأنكر ولايته بعدك فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك فقد أبغضني ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني ومن أحبه فقد أحبك ومن أحبك فقد أحبني وقد جعلت له هذه الفضيلة وأعطيتك أن اخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن


 

[70]

مريم يملا الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا انجي به من الهلكة واهدي به من الضلالة وابرئ به الاعمى وأشفي به المريض. فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك فأوحى الله عزوجل: يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ امتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر امتك به ونهى عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وصار الامراء كفرة وأوليائهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت: إلهي ما يكون بعدي من الفتن ؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني امية لعنهم الله ومن فتنة ولد عمي وما هو كائن إلى يوم القيامة فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الارض وأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة. بيان: قوله تعالى " فيما اختصم الملا الاعلى " إشارة إلى قوله تعالى " ما كان لي من علم بالملاء الاعلى إذ يختصمون " (1) والمشهور بين المفسرين أنه إشارة إلى قوله تعالى " إنى جاعل في الارض خليفة " (2) وسؤال الملائكة في ذلك فلعله تعالى سأله أولا عن ذلك ثم أخبره به وبين أن الارض لا تخلو من حجة وخليفة ثم سأله عن خليفته وعين له الخلفاء بعده ولا يبعد أن يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول صلى الله عليه وآله فأخبره الله بذلك وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.

 

(1) ص: 69. (2) البقرة: 29.

 

[71]

قوله تعالى " وخراب البصرة " إشارة إلى قصة صاحب الزنج الذي خرج في البصرة سنة ست أو خمس وخمسين ومأتين، ووعد كل من أتى إليه من السودان أن يعتقهم ويكرمهم فاجتمع إليه منهم خلق كثير وبذلك علا أمره ولذا لقب صاحب الزنج وكان يزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وقال ابن أبي الحديد: وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصا الطالبيون وجمهور النسابين على أنه من عبد القيس وأنه علي بن محمد بن عبد الرحيم وامه أسدية من أسد بن خزيمة جدها محمد بن الحكم الاسدي من أهل الكوفة و نحو ذلك قال ابن الاثير في الكامل، والمسعودي في مروج الذهب، ويظهر من الخبر أن نسبه كان صحيحا. ثم اعلم أن هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره عليه السلام إذ الغرض بيان أن قبل ظهوره عليه السلام يكون هذه الحوادث كما أن كثيرا من أشراط الساعة التي روتها العامة والخاصة ظهرت قبل ذلك بدهور وأعوام وقصة صاحب الزنج كانت مقارنة لولادته عليه السلام ومن هذا الوقت ابتدأت علاماته إلى أن يظهر عليه السلام. على أنه يحتمل أن يكون الغرض علامات ولادته عليه السلام لكنه بعيد. 12 - ك: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن المعلى، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي وقيل: يارسول الله صلى الله عليه وآله ومن أخوك ؟ قال: علي بن أبي طالب قيل فمن ولدك ؟ قال: المهدي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما و الذي بعثني بالحق نبيا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لاطال الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه وتشرق الارض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب. 13 - ك: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير، عن


 

[72]

أبي جميلة، عن جابر الجعفي، عن جابر الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا وخلقا تكون له غيبة و حيرة تضل فيه الامم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب ويملاها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. 14 - ك: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة، عن معاوية بن وهب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتم به في غيبته قبل قيامه ويتولى أولياءه ويعادي أعداءه ذاك من رفقائي وذوي مودتي وأكرم امتي علي يوم القيامة. 15 ك: عبد الواحد بن محمد، عن أبي عمرو البلخي، عن محمد بن مسعود عن خلف بن حامد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن الخطاب بن مصعب، عن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه يأتم به و بأئمة الهدى من قبله ويبرأ إلى الله من عدوهم اولئك رفقائي وأكرم امتي علي. 16 - ك: أبي وابن الوليد وابن المتوكل جميعا، عن سعد والحميري ومحمد العطار جميعا، عن ابن عيسى وابن هاشم والبرقي وابن أبي الخطاب جميعا، عن ابن محبوب، عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا وخلقا تكونه له غيبة وحيرة حتى يضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. 17 - ك: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان، عن ابن بزيع، عن صالح ابن عقبة، عن أبيه، عن الباقر، عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الامم يأتي بذخيرة الانبياء فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.


 

[73]

18 - ك: ابن المتوكل، عن الاسدي، عن البرمكي، عن علي بن عثمان عن محمد بن الفرات، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي بن أبي طالب عليه السلام إمام امتي وخليفتي عليهم بعدي ومن ولده القائم المنتظر الذي يملا الله عزوجل به الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما والذي بعثني بالحق بشيرا إن الثابتين على القول به في زمان غيبته لاعز من الكبريت الاحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله الانصاري فقال: يارسول الله وللقائم من ولدك غيبة ؟ فقال: إي وربي " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين " يا جابر إن هذا لامر من أمر الله وسر من سر الله، مطوي عن عباده، فاياك والشك في أمر الله فهو كفر. 19 - ك: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله ابن الفضل الهاشمي، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي وسنته سنتي يقيم الناس على ملتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب الله عزوجل من أطاعه أطاعني ومن عصاه عصاني ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ومن كذبه فقد كذبني ومن صدقه فقد صدقني إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره والجاحدين لقولي في شأنه والمضلين لامتي عن طريقته " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ". 20 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غياث ابن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني. 21 - ك: الوراق، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن غياث ابن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته مات ميتة جاهلية. 22 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن ابن أبي دارم، عن


 

[74]

علي بن العباس، عن محمد بن هاشم القيسي، عن سهل بن تمام البصري، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي يخرج في آخر الزمان. 23 - غط: محمد بن إسحاق، عن علي بن العباس، عن بكار بن أحمد، عن الحسن بن الحسين، عن معلى بن زياد، عن العلاء بن بشير، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشركم بالمهدي يبعث في امتي على اختلاف من الناس وزلزال يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض تمام الخبر. 24 - غط: بهذا الاسناد، عن الحسن بن الحسين، عن تليد، عن أبي الحجاف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشروا بالمهدي قالها ثلاثا يخرج على حين اختلاف من الناس وزلزال شديد يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يملا قلوب عباده عبادة ويسعهم عدله. 25 - غط: بهذا الاسناد، عن الحسن بن الحسين، عن سفيان الجريري، عن عبد المؤمن، عن الحارث بن حصيرة، عن عمارة بن جوين العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: إن المهدي من عترتي من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان تنزل له السماء قطرها وتخرج له الارض بذرها فيملا الارض عدلا وقسطا كما ملاها القوم ظلما وجورا. 26 - غط: محمد بن إسحاق، عن علي بن العباس، عن بكار، عن مصبح عن قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجلا من أهل بيتي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا. 27 - غط: بهذا الاسناد، عن بكار، عن علي بن قادم، عن فطر، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني يواطئ اسمه


 

[75]

اسمي واسم أبيه اسم أبي يملا الارض عدلا كما ملئت ظلما. 28 - غط: محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن العباس، عن جعفر بن محمد الزهري عن إسحاق بن منصور، عن قيس بن الربيع وغيره، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يذهب الدنيا حتى يلي امتي رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي. 29 - غط: جماعة، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة عن الفضل، عن نصر بن مزاحم، عن أبي لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث طويل: فعند ذلك خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام به يمحق الله الكذب ويذهب الزمان الكلب، به يخرج ذل الرق من أعناقكم ثم قال: أنا أول هذه الامة والمهدي أوسطها وعيسى آخرها وبين ذلك تيح اعوج. بيان: قال الجزري: كلب الدهر على أهله إذا ألح عليهم واشتد وقال: الفيروزآبادي: تاح له الشئ يتوح تهيأ كتاح يتيح وأتاحه الله فاتيح والمتيح كمنبر من يعرض فيما لا يعنيه أو يقع في البلايا وفرس يعترض في مشيته نشاطا والمتياح الكثير الحركة العريض انتهى وفيه تكلف والاظهر أنه تصحيف ما مر في أخبار اللوح وغير للك " نتج الهرج " أي نتائج الفساد والجور (1). 30 - غط: محمد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي، عن إبراهيم بن هانئ، عن نعيم بن حماد، عن عقبة بن الوليد، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الفضل بن يعقوب، عن عبد الله بن جعفر، عن أبي المليح عن زياد بن بنان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن ام سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

 

(1) ولعله تصحيف: " ثبج أعوج " الثبج: المتوسط بين الخيار والرذال، والاعوج: المائل البين العوج والسيئ الخلق، وقد يكون " ثبج أعرج " فالاول هو البوم النائح والثاني الغراب.

 

[76]

غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن محمد بن علي، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن علاء، عن أبي المليح مثله. 31 - غط: أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن مصبح، عن أبي عبد الرحمان، عمن سمع وهب بن منبه يقول عن ابن عباس في حديث طويل أنه قال: يا وهب ثم يخرج المهدي قلت: من ولدك ؟ قال: لا والله ما هو من ولدي ولكن من ولد علي عليه السلام فطوبى لمن أدرك زمانه، وبه يفرج الله عن الامة حتى يملاها قسطا وعدلا إلى آخر الخبر. 32 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى، عن الاهوازي، عن الحسين بن علوان، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري في حديث له طويل اختصرناه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة: يا بنية إنا اعطينا أهل البيت سبعا لم يعطها أحد قبلنا: نبينا خير الانبياء وهو أبوك ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة و منا من له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة وهو ابن عمك جعفر ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين ومنا والله الذي لا إله إلا هو مهدي هذه الامة الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم ثم ضرب بيده على منكب الحسين عليه السلام فقال: من هذا ثلاثا. 33 - نى: أحمد بن (علي) البنديجي، عن عبد الله بن موسى العباسي، عن موسى ابن سلام، عن البزنطي، عن عبد الرحمان (بن) الخشاب، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا نجم منها طلع فرمقوه بالاعين وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهبت به ثم لبثتم في ذلك سبتا من دهركم واستوت بنو عبد المطلب ولم يدر أي من أي فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا الله واقبلوه. 34 - نى: أحمد بن هوذه، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن أبان ابن عثمان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: بيننا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم بالبقيع فأتاه


 

[77]

علي فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: اجلس فأجلسه عن يمينه ثم جاء جعفر بن أبي طالب فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل: هو بالبقيع، فأتاه فسلم عليه فأجلسه عن يساره ثم جاء العباس فسأل عنه فقيل هو بالبقيع فأتاه فسلم عليه وأجلسه أمامه. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام: فقال: ألا ابشرك ألا اخبرك يا علي ؟ قال: بلى يارسول الله فقال: كان جبرئيل عندي آنفا وخبرني أن القائم الذي يخرج في آخر الزمان يملا الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا من ذريتك من ولد الحسين عليه السلام فقال علي عليه السلام: يارسول الله ما أصابنا خير قط من الله إلا على يديك. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا جعفر ألا ابشرك ؟ قال: بلى يارسول الله فقال: كان جبرئيل عندي آنفا فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم هو من ذريتك أتدري من هو ؟ قال: لا، قال: ذاك الذي وجهه كالدينار وأسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار، يدخل الجبل ذليلا ويخرج منه عزيزا يكتنفه جبرئيل وميكائيل. ثم التفت إلى العباس فقال: يا عم النبي ألا اخبرك بما أخبرني جبرئيل ؟ فقال: بلى يارسول الله: قال: قال لي: ويل لذريتك من ولد العباس فقال: يارسول الله أفلا أجتنب النساء ؟ قال له: قد فرغ الله مما هو كائن. 35 - نى: ابن عقدة، عن علي بن الحسين، عن محمد بن علي، عن ابن بزيع عن عمرو بن يونس، عن حمزة بن حمران، عن سالم الاشل قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يقول: نظر موسى بن عمران عليه السلام في السفر الاول بما يعطي قائم آل محمد قال موسى: رب اجعلني قائم آل محمد فقيل له: إن ذاك من ذرية أحمد ثم نظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك (فقال مثله فقيل له مثل ذلك) ثم نظر في السفر الثالث فرأى مثله (فقال مثله) (1) فقيل له مثله. 36 - كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن سليمان، عن هيثم بن أشيم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو مستبشر يضحك سرورا فقال له الناس: أضحك الله سنك يارسول الله وزادك سرورا

 

(1) راجع المصدر (ص) 126.

 

[78]

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا ولي فيهما تحفة من الله ألا وإن ربي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى إن جبرئيل عليه السلام أتاني فأقرأني من ربي السلام وقال: يا محمد إن الله عزوجل اختار من بني هاشم سبعة لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي: أنت يارسول الله سيد النبيين وعلي بن أبي طالب وصيك سيد الوصيين، والحسن والحسين سبطاك سيد الاسباط، وحمزة عمك سيد الشهداء، وجعفر ابن عمك الطيار في الجنة يطير مع الملائكة حيث يشاء ومنكم القائم يصلي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الارض من ذرية علي وفاطمة ومن ولد الحسين عليه السلام. 37 - كشف: وقع لي أربعون حديثا جمعها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله رحمه الله في أمر المهدي عليه السلام أوردتها سردا كما أوردها واقتصرت على ذكر الراوي عن النبي صلى الله عليه وآله. الاول: عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يكون من امتي المهدي إن قصر عمره فسبع سنين وإلا فثمان وإلا فتسع يتنعم امتي في زمانه نعيما لم يتنعموا مثله قط البر والفاجر يرسل السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الارض شيئا من نباتها. الثاني: في ذكر المهدي عليه السلام وأنه من عترة النبي صلى الله عليه وآله وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تملا الارض ظلما وجورا فيقوم رجل من عترتي فيملاها قسطا وعدلا يملك سبعا أو تسعا. الثالث: وعنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تنقضي الساعة حتى يملك الارض رجل من أهل بيتي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا يملك سبع سنين. الرابع: في قوله لفاطمة عليها السلام المهدي من ولدك، عن الزهري، عن علي ابن الحسين، عن أبيه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة: المهدي من ولدك. الخامس: قوله صلى الله عليه وآله إن منهما مهدي هذه الامة يعني الحسن والحسين عليهما السلام عن علي بن هلال، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الحالة التي


 

[79]

قبض فيها فإذا فاطمة عند رأسه فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله إليها رأسه فقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك ؟ فقالت: أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبتي أما علمت أن الله عزوجل اطلع على الارض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم اطلع اطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إلي أن انكحك إياه يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عزوجل سبع خصال لم يعط أحدا قبلنا ولا يعطي أحدا بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عزوجل وأحب المخلوقين إلى الله عزوجل وأنا أبوك ووصيي خير الاوصياء وأحبهم إلى الله عز وجل وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله عزوجل وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك وعم بعلك ومنا من له جناحان يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما. يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الامة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر كبيرا فيبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في آخر الزمان ويملا الارض عدلا كما ملئت جورا. يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فإن الله عزوجل أرحم بك وأرءف عليك مني وذلك لمكانك مني وموقعك من قلبي قد زوجك الله زوجك وهو أعظمهم حسبا وأكرمهم منصبا وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية وقد سألت ربي عزوجل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي قال علي عليه السلام: لم تبق فاطمة بعده إلا خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها الله به عليه السلام. السادس: في أن المهدي هو الحسيني وبإسناده عن حذيفة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرنا ما هو كائن ثم قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من ولدي اسمه اسمي فقام


 

[80]

سلمان - ره - فقال: يارسول الله من أي ولدك هو ؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين عليه السلام. السابع: في القرية التي يخرج منها المهدي وبإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي من قرية يقال لها: كرعة. الثامن: في صفة وجه المهدي بإسناده عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري. التاسع: في صفة لونه وجسمه بإسناده عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الايمن خال كأنه كوكب دري يملا الارض عدلا كما ملئت جورا يرضى في خلافته أهل الارض وأهل السماء والطير في الجو. العاشر: في صفة جبينه باسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي منا أجلى الجبين أقنى الانف الحادي عشر: في صفة أنفه بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: المهدي منا أهل البيت رجل من امتي أشم الانف يملا الارض عدلا كما ملئت جورا. الثاني عشر: في خاله على خده الايمن وبإسناده عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بينكم وبين الروم أربع هدن يوم الرابعة على يد رجل من آل هرقل يدوم سبع سنين فقال له رجل من عبد القيس يقال له: المستورد بن غيلان: يارسول الله من إمام الناس يومئذ ؟ قال: المهدي عليه السلام من ولدي ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده الايمن خال أسود عليه عباءتان قطريتان كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك. الثالث عشر: قوله عليه السلام المهدي أفرق الثنايا بإسناده عن عبد الرحمان بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلى الجبهة يملا الارض عدلا يفيض المال فيضا.


 

[81]

الرابع عشر: في ذكر المهدي عليه السلام وهو إمام صالح باسناده عن أبي إمامة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر الدجال فقال: فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص، فقالت ام شريك: فأين العرب يومئذ يارسول الله ؟ قال: هم قليلا يومئذ وجلهم ببيت المقدس إمامهم المهدي رجل صالح. الخامس عشر: في ذكر المهدي عليه السلام وأن الله يبعثه عيانا للناس بإسناده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يخرج المهدي في امتي يبعثه الله عيانا للناس يتنعم الامة وتعيش الماشية وتخرج الارض نباتها ويعطي المال صحاحا. السادس عشر: في قوله عليه السلام على رأسه غمامة وبإسناده، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي وعلى رأسه غمامة فيها مناد ينادي هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه. السابع عشر: في قوله صلى الله عليه وآله على رأسه ملك وباسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتبعوه. الثامن عشر: في بشارة النبي صلى الله عليه وآله امته بالمهدي باسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشركم بالمهدي يبعث في امتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض يقسم المال صحاحا فقال له رجل: وما صحاصا ؟ قال: السوية بين الناس. التاسع عشر: في اسم المهدي عليه السلام وبإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملا الارض عدلا وقسطا وكما ملئت ظلما وجورا. العشرون: في كنيته عليه السلام وبإسناده عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي


 

[82]

يكنى أبا عبد الله عليه السلام. الحادي والعشرون: في ذكر اسمه وباسناده عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. الثاني والعشرون: في ذكر عدله عليه السلام وباسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتملان الارض ظلما وعدوانا ثم ليخرجن رجل من أهل بيتي حتى يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا (عدوانا) وظلما. الثالث والعشرون: في خلقه وباسناده عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي يملاها قسطا وعدلا. الرابع والعشرون: في عطائه عليه السلام باسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له: المهدي يكون عطاؤه هنيئا. الخامس والعشرون: في ذكر المهدي عليه السلام وعلمه بسنة النبي صلى الله عليه وآله باسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج رجل من أهل بيتي و يعمل بسنتي وينزل الله له البركة من السماء وتخرج الارض بركتها وتملا به الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويعمل على هذه الامة سبع سنين وينزل بيت المقدس. السادس والعشرون: في مجيئه وراياته وبإسناده عن ثوبان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج فان فيها خليفة الله المهدي. السابع والعشرون: في مجيئه من قبل المشرق وباسناده عن عبد الله قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أقبلت فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله اغرورقت عيناه وتغير لونه، فقالوا: يارسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئا


 

[83]

نكرهه ؟ فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون وينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوه إلى رجل من أهل بيتي فيملاها قسطا كما ملاوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج. الثامن والعشرون: في مجيئه عليه السلام وعود الاسلام به عزيزا وباسناده عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ويح هذه الامة من ملوك جبابرة كيف يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم فالمؤمن النقي يصانعهم بلسانه، ويفر منهم بقلبه فإذا أراد الله عزوجل أن يعيد الاسلام عزيزا قصم كل جبار عنيد وهو القادر على ما يشاء أن يصلح امة بعد فسادها فقال عليه السلام: يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه ويظهر الاسلام لا يخلف وعده وهو سريع الحساب. التاسع والعشرون: في تنعم الامة في زمن المهدي عليه السلام وباسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يتنعم امتي في زمن المهدي عليه السلام نعمة لم يتنعموا قبلها قط: يرسل السماء عليهم مدرارا ولا تدع الارض شيئا من نباتها إلا أخرجته. الثلاثون: في ذكر المهدي وهو سيد من سادات الجنة وباسناده عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة أنا وأخي علي وعمي حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي. الحادي والثلاثون: في ملكه وباسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل بيتي. الثاني والثلاثون: في خلافته وباسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تجئ الرايات السود فيقتلونهم قتلا لم يقتله قوم ثم يجيئ خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فائتوه فبايعوه فانه خليفة الله المهدى.


 

[84]

الثالث والثلاثون: في قوله عليه السلام إذا سمعتم بالمهدي فائتوه فبايعوه وباسناده عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تجيئ الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم فبايعهم ولو حبوا على الثلج. الرابع والثلاثون: في ذكر المهدي وبه يؤلف الله بين قلوب العباد وباسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت: يارسول الله صلى الله عليه وآله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا بل منا يختم الله به الدين كما فتح بنا، وبنا ينقذون من الفتن كما انقذوا من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا كما ألف بينهم بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم. الخامس والثلاثون: في قوله عليه السلام لا خير في العيش بعد المهدي عليه السلام و باسناده عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لطول الله تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويقسم المال بالسوية ويجعل الله الغنى في قلوب هذه الامة فيملك سبعا أو تسعا لا خير في العيش بعد المهدي. السادس والثلاثون: في ذكر المهدي وبيده تفتح القسطنطينية وباسناده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينية وجبل الديلم ولو لم يبق إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يفتحها. السابع والثلاثون: في ذكر المهدي وهو يجئ بعد ملوك جبابرة وباسناده عن قيس بن جابر، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سيكون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء امراء ومن بعد الامراء ملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا. الثامن والثلاثون: في قوله عليه السلام منا الذي يصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه وباسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: منا الذي يصلي عيسى ابن مريم عليه السلام خلفه.


 

[85]

التاسع والثلاثون: وهو يكلم عيسى بن مريم عليه السلام وباسناده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا فيقول: ألا إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من الله عزوجل لهذه الامة. الاربعون: في قوله صلى الله عليه وآله في المهدي عليه السلام وبإسناده يرفعه إلى محمد بن إبراهيم الامام حدثه أن أبا جعفر المنصور حدثه عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لن تهلك امة أنا في أولها و عيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها. بيان: جسمه جسم إسرائيلي أي مثل بني إسرائيل في طول القامة وعظم الجثة وقال الجزري: في صفة المهدي عليه السلام أنه أجلى الجبهة الاجلى الخفيف شعر مابين النزعتين من الصدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته وقال الشمم ارتفاع قصبة الانف واستواء أعلاها وإشراف الارنبة قليلا وقال: فيه إنه عليه السلام كان متوشحا بثوب قطري هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين. 38 - كشف: ذكر الشيخ أبو عبد الله عليه السلام محمد بن يوسف بن محمد الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب وقال في أوله: إني جمعت هذا الكتاب وعريته من طرق الشيعة ليكون الاحتجاج به آكد فقال: في المهدي عليه السلام. الباب الاول في ذكر خروجه في آخر الزمان باسناده عن زر، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تذهب الدنيا حتى تملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي أخرجه أبو داود في سننه. وعن علي عن النبي عليه السلام لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملاها عدلا كما ملئت جورا هكذا أخرجه أبو داود في سننه. وأخبرنا الحافظ إبراهيم بن محمد الازهر الصريفيني بدمشق والحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي بجامع جبل قاسبون قالا: أنبأنا أبو الفتح نصر بن عبد الجامع


 

[86]

ابن عبد الرحمان الفامي بهرات، أنبأنا محمد بن عبد الله بن محمود الطائي أنبأنا عيسى بن شعيب بن إسحاق السجزى أنبأنا أبو الحسن علي بن بشرى السجزى أنبأنا الحافظ أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري في كتاب مناقب الشافعي ذكر هذا الحديث وقال فيه: وزاد زائدة (1) في روايته: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. قال الكنجي: وقد ذكر الترمذي الحديث في جامعه ولم يذكر " واسم أبيه اسم أبي " وذكره أبو داود وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقله الاخبار " اسمه اسمي " فقط والذي روى " واسم أبيه اسم أبي " فهو زائدة وهو يزيد في الحديث و إن صح فمعناه " واسم أبيه اسم أبي " أي الحسين وكنيته أبو عبد الله فجعل الكنية اسما كناية عن أنه من ولد الحسين دون الحسن ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله " ابني " فصحفه فقال: " أبي " فوجب حمله على هذا جمعا بين الروايات. قال علي بن عيسى عفا الله عنه: أما أصحابنا الشيعة فلا يصححون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليه السلام وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان يزيد في الاحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الاقوال والروايات. الباب الثاني في قوله صلى الله عليه وآله المهدي من عترتي من ولد فاطمة عن سعيد بن المسيب قال: كنا عند ام سلمة فتذاكرنا المهدي فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة أخرجه ابن ماجه في سننه وعنه عنها رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة عليها السلام أخرجه الحافظ أبو داود في سننه وعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي منا أهل البيت عليهم السلام يصلحه الله في ليلة.

 

(1) هذه الزيادة ليست مخصوصة بحديث زائدة، عن زر، عن عبد الله، بل رواه غيره أيضا كما مر عليك في هذا الباب وقد رواه أبو داود في سننه ج 2 ص 421: عن فطر وغيره والظاهر أنهم أرادوا أن يحرفوا الحديث إلى محمد بن عبد الله المهدى العباسي ولذلك تراهم يقولون في بعض الاحاديث: وكنيته أبو عبد الله

 

[87]

الباب الثالث في أن المهدي من سادات أهل الجنة عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: نحن ولد عبد المطلب سادات أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي أخرجه ابن ماجة في صحيحه. الباب الرابع في أمر النبي صلى الله عليه وآله بمبايعة المهدي عليه السلام عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فانه خليفة الله المهدي أخرجه الحافظ ابن ماجة. الباب الخامس في ذكر نصرة أهل المشرق للمهدي عليه السلام عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج (ا) ناس من المشرق فيوطئون للمهدي يعني سلطانه. هذا حديث حسن صحيح روته الثقات والاثبات أخرجه الحافظ أبو عبد الله بن ماجة القزويني في سننه. وعن علقمة بن عبد الله قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله: إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله اغرورقت عيناه وتغير لونه قال: فقلنا: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه قال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتى سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق ومعهم رايات سود فيسألون الخير ولا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا ولا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملاها قسطا وعدلا كما ملاوها جورا فمن أدرك ذلكم منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج. وروى ابن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ويحا للطالقان فإن الله عزوجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان. الباب السادس في مقدار ملكه بعد ظهوره عليه السلام عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وآله فقال: إن في امتي المهدي


 

[88]

يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا زيد الشاك. قال: قلنا وماذاك ؟ قال: سنين. قال: فيجئ إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله قال الحافظ الترمذي: حديث حسن وقد روي من غير وجه أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يكون في امتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع يتنعم فيه امتي نعمة لم يتنعموا مثلها قط تؤتي الارض اكلها ولا تدخر منهم شيئا والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول: خذ. وعن ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله قال: يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث الشام فتنخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم و ذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ويلقى الاسلام بجرانه إلى الارض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون. قال أبو داود: قال بعضهم عن هشام: تسع سنين قال أبو داود: قال غير معاذ عن هشام: تسع سنين قال: هذا سياق الحفاظ كالترمذي وابن ماجة القزويني و أبي داود. الباب السابع في بيان أنه يصلي بعيسى بن مريم عليه السلام أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ؟ قال: هذا حديث حسن صحيح متفق على صحته من حديث محمد بن شهاب الزهري رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. وعن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال: فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال صل بنا فيقول: ألا إن بعضكم


 

[89]

على بعض امراء تكرمة الله لهذه الامة. قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه فان كان الحديث المتقدم قد اول فهذا لا يمكن تأويله لانه صريح فان عيسى عليه السلام يقدم أمير المسلمين وهو يومئذ المهدي عليه السلام فعلى هذا بطل تأويل من قال: معنى قوله و إمامكم منكم، أي يؤمكم بكتابكم. قال: فان سأل سائل وقال: مع صحة هذه الاخبار وهي أن عيسى يصلي خلف المهدي عليه السلام ويجاهد بين يديه وأنه يقتل الدجال بين يدي المهدي عليه السلام ورتبة التقدم في الصلاة معروفة وكذلك رتبة التقدم في الجهاد وهذه الاخبار مما يثبت طرقها وصحتها عند السنة وكذلك ترويها الشيعة على السواء وهذا هو الاجماع من كافة أهل الاسلام إذ من عدا الشيعة والسنة من الفرق فقوله ساقط مردود وحشو مطرح فثبت أن هذا إجماع كافة أهل الاسلام ومع ثبوت الاجماع على ذلك وصحته فأيما أفضل الامام أو المأموم في الصلاة والجهاد معا. الجواب عن ذلك أن نقول: هما قدوتان نبي وإمام وإن كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الامام يكون قدوة للنبي في تلك الحال وليس فيهما من يأخذه في الله لومة لآئم وهما أيضا معصومان من ارتكاب القبايح كافة و المداهنة والرياء والنفاق ولا يدعو الداعي لاحدهما إلى فعل ما يكون خارجا عن حكم الشريعة ولا مخالفا لمراد الله ورسوله صلى الله عليه وآله. وإذا كان الامر كذلك فالامام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمدية بذلك بدليل قول النبي صلى الله عليه وآله: يؤم بالقوم أقرؤهم فان استووا فأعلمهم فان استووا فأفقههم فان استووا فأقدمهم هجرة فان استووا فأصبحهم وجها فلو علم الامام أن عيسى أفضل منه لما جاز له أن يتقدم عليه لاحكامه علم الشريعة ولموضع تنزيه الله تعالى له عن ارتكاب كل مكروه وكذلك لو علم عيسى أنه أفضل منه لما جاز له أن يقتدي به لموضع تنزيه الله له من الرياء والنفاق والمحاباة بل لما تحقق الامام أنه أعلم منه جاز له أن يتقدم عليه وكذلك قد تحقق عيسى أن الامام أعلم


 

[90]

منه فلذلك قدمه وصلى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالامام فهذه درجة الفضل. في الصلاة. ثم الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى الله تعالى بذلك ولولا ذلك لم يصح لاحد جهاد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بين يدي غيره والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله سبحانه وتعالى " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله ؟ فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم " (1) ولان الامام نائب الرسول في امته ولا يسوغ لعيسى عليه السلام أن يتقدم على الرسول فكذلك على نائبه. ومما يؤيد هذا القول ما رواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني في حديث طويل في نزول عيسى عليه السلام فمن ذلك: قالت ام شريك بنت أبي العكر: يارسول الله فأين العرب يومئذ ؟ فقال: هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذا نزل بهم عيسى بن مريم عليه السلام فرجع ذلك الامام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى عليه السلام يصلي بالناس فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم. قال: هذا حديث صحيح ثابت ذكره ابن ماجه في كتابه عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا مختصره. الباب الثامن في تحلية النبي صلى الله عليه وآله المهدي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الانف يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين، قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه الحافظ أبو داود السجستاني في صحيحه ورواه غيره من الحفاظ كالطبراني وغيره وذكر ابن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس في باب الالف واللام باسناده

 

(1) براءة: 112. (*)

 

[91]

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي طاووس أهل الجنة. وباسناده أيضا عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: المهدي من ولدي وجهه كالقمر الدري اللون لون عربي الجسم جسم إسرائيلي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا يرضى بخلافته أهل السماوات وأهل الارض والطير في الجو يملك عشرين سنة. الباب التاسع في تصريح النبي صلى الله عليه وآله بأن المهدي من ولد الحسين عليه السلام عن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدرا ؟ قال: نعم، فقلت: ألا تحدثني بشئ مما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله في علي وفضله ؟ فقال: نعم اخبرك إن رسول الله صلى الله عليه وآله مرض مرضة نقه منها فدخلت عليه فاطمة تعوده وأنا جالس عن يمين النبي صلى الله عليه وآله فلما رأت ما برسول الله صلى الله عليه وآله من الضعف خنقتها العبرة حتى بدت دموعها على خدها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت: أخشى الضيعة يارسول الله، فقال: يا فاطمة أما علمت أن الله تعالى اطلع إلى الارض اطلاعة فاختار منهم أباك فبعثه نبيا ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحى إلي فأنكحته واتخذته وصيا أما علمت أنك بكرامة الله إياك زوجك أغزرهم علما وأكثرهم حلما وأقدمهم سلما فاستبشرت فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يزيدها مزيد الخير كله الذي قسمه الله لمحمد وآل محمد فقال لها: يا فاطمة ولعلي عليه السلام ثمانية أضراس يعني مناقب إيمان بالله ورسوله وحكمته وزوجته وسبطاه الحسن والحسين وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر يا فاطمة إنا أهل البيت اعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الاولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا نبينا خير الانبياء وهو أبوك ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عم أبيك ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك ومنا مهدي الامة الذي يصلي عيسى خلفه ثم ضرب على منكب الحسين فقال: من هذا مهدي الامة قال: هكذا أخرجه الدارقطني صاحب الجرح والتعديل. الباب العاشر في ذكر كرم المهدي عليه السلام وباسناده عن أبي نضرة قال: كنا


 

[92]

عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا من أين ذاك ؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك ثم قال: يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مد قلنا: من أين ذاك ؟ قال: من قبل الروم ثم سكت هنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يكون في آخر امتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا قال: قلت لابي نضرة وأبي العلاء الرياني: إنه عمر بن عبد العزيز ؟ قال: لا، قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه وباسناده عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا قال: هذا حديث ثابت صحيح أخرجه الحافظ مسلم في صحيحه. وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشركم بالمهدي يبعث في امتي على اختلاف من الناس وزلازل يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض يقسم المال صحاحا فقال رجل: ما صحاحا ؟ قال: بالسوية بين الناس، ويملا الله قلوب امة محمد صلى الله عليه وآله غنا ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا ينادي يقول: من له في المال حاجة ؟ فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول: أنا. فيقول: ائت السدان يعني الخازن فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له: احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع امة محمد نفسا أعجز عما وسعهم فيرده ولا يقبل منه فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه فيكون لذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده أو قال: ثم لا خير في الحياة بعده. قال: هذا حديث صحيح حسن ثابت أخرجه شيخ أهل الحديث في مسنده وفي هذا الحديث دلالة على أن المجمل في صحيح مسلم هو هذا المبين في مسند أحمد بن حنبل وفقا بين الروايات. وباسناده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يكون عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له: المهدي (يكون) عطاؤه هنيئا. قال: حديث حسن أخرجه أبو نعيم الحافظ. الباب الحادى عشر في الرد على من زعم أن المهدي هو المسيح بن مريم


 

[93]

وباسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت: يارسول الله صلى الله عليه وآله أمنا آل محمد المهدي أم من غيرنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا بل منا يختم الله به الدين كما فتح بنا وبنا ينقذون من الفتنة كما انقذوا من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم. قال: هذا حديث حسن عال رواه الحفاظ في كتبهم فأما الطبراني فقد ذكره في المعجم الاوسط وأما أبو نعيم فرواه في حلية الاولياء وأما عبد الرحمان بن حماد فقد ساقه في عواليه. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعال صل بنا فيقول ألا إن بعضكم على بعض امراء تكرمة الله تعالى هذه الامة قال: هذا حديث صحيح حسن رواه الحارث بن أبي اسامة في مسنده ورواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وفي هذه النصوص دلالة على أن المهدي غير عيسى. ومدار الحديث " لا مهدي ألا عيسى بن مريم ": علي بن محمد بن خالد الجندي مؤذن الجند، قال الشافعي المطلبي: كان فيه تساهل في الحديث قال: قد تواترت الاخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى عليه السلام في المهدي وأنه يملك سبع سنين ويملا الارض عدلا وأنه يخرج مع عيسى بن مريم ويساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين وأنه يؤم هذه الامة وعيسى يصلي خلفه في طول من قصته وأمره وقد ذكره الشافعي في كتاب الرسالة ولنا به أصل ونرويه ولكن يطول ذكر سنده قال: وقد اتفقوا على أن الخبر لا يقبل إذا كان الراوي معروفا بالتساهل في روايته. الباب الثاني عشر في قوله عليه السلام لن تهلك امة أنا في أولها وعيسى في آخرها والمهدي في وسطها وبإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لن يهلك امة الحديث قال: هذا حديث حسن رواه الحافظ أبو نعيم في عواليه وأحمد بن حنبل في مسنده ومعنى قوله " وعيسى في آخرها " لم يرد به أن عيسى يبقى بعد المهدي عليه السلام لان ذلك لا يجوز لوجوه:


 

[94]

منها أنه قال صلى الله عليه وآله: لا خير في الحياة بعده وفي رواية لا خير في العيش بعده كما تقدم. ومنها أن المهدي عليه السلام إذا كان إمام آخر الزمان ولا إمام بعده مذكور في رواية أحد من الائمة وهذا غير ممكن أن الخلق يبقى بغير إمام. فان قيل: إن عيسى يبقى بعده إمام الامة قلت: لا يجوز هذا القول وذلك أنه صلى الله عليه وآله صرح أنه لا خير بعده وإذا كان عيسى في قوم لا يجوز أن يقال لا خير فيهم وأيضا لا يجوز أن يقال إنه نائبه لانه جل منصبه عن ذلك ولا يجوز أن يقال إنه يستقل بالامة لان ذلك يوهم العوام انتقال الملة المحمدية إلى الملة العيسوية وهذا كفر فوجب حمله على الصواب وهو أنه صلى الله عليه وآله أول داع إلى ملة الاسلام والمهدي أوسط داع والمسيح آخر داع فهذا معنى الخبر عندي ويحتمل أن يكون معناه المهدي أوسط هذه الامة يعني خيرها إذ هو إمامها وبعده ينزل عيسى مصدقا للامام وعونا له ومساعدا ومبينا للامة صحة ما يدعيه الامام فعلى هذا يكون المسيح آخر المصدقين على وفق النص. قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى أثابه الله بمنه وكرمه: قوله المهدي أوسط الامة يعني خيرها يوهم أن المهدي عليه السلام خير من علي عليه السلام وهذا لا قائل به والذي أراه أنه صلى الله عليه وآله أول داع والمهدي عليه السلام لما كان تابعا له ومن أهل ملته جعل وسطا لقربه ممن هو تابعه وعلى شريعته، وعيسى عليه السلام لما كان صاحب ملة اخرى ودعا في آخر زمانه إلى شريعة غير شريعته حسن أن يكون آخرها والله أعلم. الباب الثالث عشر في ذكر كنيته وأنه يشبه النبي صلى الله عليه وآله في خلقه وبإسناده عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله، قال: هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله ومعنى قوله صلى الله عليه وآله: خلقه خلقي، من أحسن الكنايات عن انتقام المهدي عليه السلام من الكفار لدين الله تعالى كما كان النبي صلى الله عليه وآله وقد قال تعالى " إنك لعلى خلق عظيم ". قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى عفى الله عنه: العجب من قوله من أحسن


 

[95]

الكنايات إلى آخر الكلام ومن أين تحجر على الخلق فجعله مقصورا على الانتقام فقط وهو عام في جميع أخلاق النبي صلى الله عليه وآله من كرمه وشرفه وعلمه وحلمه وشجاعته وغير ذلك من أخلاقه التي عددتها صدر هذا الكتاب وأعجب من قوله ذكر الآية دليلا على ما قرره. الباب الرابع عشر في ذكر اسم القرية التي يكون منها خروج المهدي عليه السلام وبإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي من قرية يقال لها: كرعة. قال: هذا حديث حسن رزقناه عاليا أخرجه أبو الشيخ الاصفهاني في عواليه كما سقناه. الباب الخامس عشر في ذكر الغمامة التي تظلل المهدي عليه السلام عند خروجه وبإسناده عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي وعلي رأسه غمامة فيها مناد ينادي: هذا المهدي خليفة الله، قال: هذا حديث حسن مارويناه عاليا إلا من هذا الوجه. الباب السادس عشر في ذكر الملك الذي يخرج مع المهدي عليه السلام عن عبد الله ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي أن هذا المهدي فاتبعوه قال: هذا حديث حسن روته الحفاظ الائمة من أهل الحديث كأبي نعيم والطبراني وغيرهما. الباب السابع عشر في ذكر صفة المهدي ولونه وجسمه وقد تقدم مرسلا و بإسناده عن حذيفة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي رجل من ولدي لونه لون عربي وجسمه جسم إسرائيلي على خده الايمن خال كأنه كوكب دري يملا الارض عدلا كما ملئت جورا يرضى بخلافته أهل الارض وأهل السماء والطير في الجو. قال: هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله عن جم غفير أصحاب الثقفي وسنده معروف عندنا. الباب الثامن عشر في ذكر خاله على خده الايمن وثيابه وفتحه مدائن الشرك وبإسناده عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بينكم وبين


 

[96]

الروم أربع هدن في يوم الرابعة على يدي رجل من أهل هرقل يدوم سبع سنين فقال له رجل من عبد القيس يقال له المستورد بن غيلان: يارسول الله من إمام الناس يومئذ ؟ قال: المهدي من ولدي ابن أربعين سنة كأن وجهه كوكب دري في خده الايمن خال أسود عليه عبائتان قطوانيتان كأنه من رجال بني إسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك قال: هذا سياق الطبراني في معجمه الاكبر. الباب التاسع عشر في ذكر كيفية أسنان المهدي عليه السلام عن عبد الرحمان ابن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليبعثن الله من عترتي رجلا أفرق الثنايا أجلى الجبهة يملا الارض عدلا ويفيض المال فيضا. قال: هكذا أخرجه الحافظ أبو نعيم في عواليه. الباب العشرون في ذكر فتح المهدي عليه السلام القسطنطينية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي يفتح القسطنطينية وجبل الديلم ولو لم يبق إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يفتحها. قال: هذا سياق الحافظ أبي نعيم وقال: هذا هو المهدي بلا شك وفقا بين الروايات. الباب الحادى والعشرون في ذكر خروج المهدي عليه السلام بعد ملوك جبابرة وبإسناده عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سيكون بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء امراء ومن بعد الامراء ملوك جبابرة ثم يخرج المهدي من أهل بيتي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا قال: هكذا رواه الحافظ أبو نعيم في فوائده والطبراني في معجمه الاكبر. الباب الثاني والعشرون في قوله صلى الله عليه وآله المهدي إمام صالح وبإسناده عن أبي أمامة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر الدجال وقال فيه: إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص فقالت ام شريك: فأين العرب يومئذ يارسول الله ؟ قال: هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم المهدي رجل صالح. قال: هذا حديث حسن هكذا رواه الحافظ أبو نعيم الاصفهاني.


 

[97]

الباب الثالث والعشرون في ذكر تنعم الامة زمن المهدي عليه السلام بإسناده عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: تتنعم امتي في زمن المهدي عليه السلام نعمة لم يتنعموا مثلها قط: يرسل السماء عليهم مدرارا ولا تدع الارض شيئا من نباتها إلا أخرجته قال: هذا حديث حسن المتن رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الاكبر. الباب الرابع والعشرون في إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله بأن المهدي خليفة الله تعالى وبإسناده عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة لا يصير إلى واحد منهم ثم تجئ الرايات السود فيقتلونهم قتلا لم يقتله قوم ثم يجيئ خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فائتوه فبايعوه فانه خليفة الله المهدي قال: هذا حديث حسن المتن وقع إلينا عاليا من هذا الوجه بحمد الله و حسن توفيقه وفيه دليل على شرف المهدي بكونه خليفة الله في الارض على لسان أصدق ولد آدم وقد قال الله تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك " الآية (1). الباب الخامس والعشرون في الدلالة على كون المهدي حيا باقيا مذ غيبته إلى الآن ولا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسى والخضر وإلياس من أولياء الله تعالى وبقاء الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله تعالى وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة وقد اتفقوا ثم أنكروا جواز بقاء المهدي لانهم إنما أنكروا بقاءه من وجهين أحدهما طول الزمان والثاني أنه في سرداب من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه وهذا ممتنع عادة قال مؤلف الكتاب محمد بن يوسف بن محمد الكنجي بعون الله نبتدئ أما عيسى عليه ا لسلام فالدليل على بقائه قوله تعالى " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " (2) ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا ولابد أن يكون ذلك في آخر الزمان وأما السنة فما رواه مسلم في صحيحه

 

(1) المائدة: 67. (2) النساء: 158.

 

[98]

عن النواس بن سمعان في حديث طويل في قصة الدجال قال: فينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (1) واضعا كفيه على أجنحة ملكين. وأيضا ما تقدم من قوله: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم وأما الخضر وإلياس فقد قال ابن جرير الطبري: الخضر وإلياس باقيان يسيران في الارض. وأيضا فما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا قال: يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباح التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله حديثه فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الامر ؟ فيقولون: لا قال: فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه: والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن قال: فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه، قال أبو إسحاق إبراهيم بن سعد: يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام قال: هذا لفظ مسلم في صحيحه كما سقناه سواء. وأما الدليل على بقاء الدجال فانه أورد حديث تميم الداري والجساسة والدابة التي كلمتهم وهو حديث صحيح ذكره مسلم في صحيحه وقال: هذا صريح في بقاء الدجال. قال: وأما الدليل على بقاء إبليس اللعين فآي الكتاب العزيز نحو قوله تعالى: " قال رب فأنظري إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين " (2). وأما بقاء المهدي عليه السلام فقد جاء في الكتاب والسنة أما الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله عزوجل " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (3) قال: هو المهدي من عترة فاطمة وأما من قال: إنه عيسى عليه السلام فلا تنافي بين القولين إذ هو مساعد للامام على ما تقدم وقد قال مقاتل بن سليمان

 

(1) هكذا في مشكاة المصابيح ص 473 وفى سنن ابى داود ج 2 ص 432 ممصرتين يقال: ثوب مهرود: أصفر مصبوغ بالهرد وثوب ممصر: مصبوغ بالمصر أي الطين الاحمر أو الاصفر. (2) الحجر: 37. (3) براءة: 34.

 

[99]

ومن شايعه من المفسرين في تفسير قوله عزوجل " وإنه لعلم للساعة " (1) قال: هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وأماراتها. وأما الجواب عن طول الزمان فمن حيث النص والمعنى أما النص فما تقدم من الاخبار على أنه لابد من وجود الثلاثة في آخر الزمان وأنهم ليس فيهم متبوع غير المهدي بدليل أنه إمام الامة في آخر الزمان وأن عيسى عليه السلام يصلي خلفه كما ورد في الصحاح ويصدقه في دعواه والثالث هو الدجال اللعين وقد ثبت أنه حي موجود وأما المعنى في بقائهم فلا يخلو من أحد قسمين إما أن يكون بقاؤهم في مقدور الله تعالى أو لا يكون ومستحيل أن يخرج عن مقدور الله لان من بدء الخلق من غير شئ وأفناه ثم يعيده بعد الفناء لابد أن يكون البقاء في مقدوره تعالى فلا يخلو من قسمين إما أن يكون راجعا إلى اختيار الله تعالى أو إلى اختيار الامة ولا يجوز أن يكون راجعا إلى اختيار الامة لانه لو صح ذلك منهم لجاز لاحدنا أن يختار البقاء لنفسه ولولده وذلك غير حاصل لنا غير داخل تحت مقدورنا ولابد أن يكون راجعا إلى اختيار الله سبحانه ثم لا يخلو بقاء هؤلاء الثلاثة من قسمين أيضا إما أن يكون لسبب أولا يكون لسبب فان كان لغير سبب كان خارجا عن وجه الحكمة وما يخرج عن وجه الحكمة لايدخل في أفعال الله تعالى فلابد من أن يكون لسبب يقتضيه حكمة الله تعالى قال: وسنذكر سبب بقاء كل واحد منهم على حدته. أما بقاء عيسى عليه السلام لسبب وهو قوله تعالى " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " ولم يؤمن به منذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد ولابد من أن يكون هذا في آخر الزمان. وأما الدجال اللعين لم يحدث حدثا منذ عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله: أنه خارج فيكم الاعور الدجال وأن معه جبالا من خبز تسير معه إلى غير ذلك من آياته فلابد أن يكون ذلك في آخر الزمان لا محالة.

 

(1) الزخرف: 61.

 

[100]

وأما الامام المهدي عليه السلام مذ غيبته عن الابصار إلى يومنا هذا لم يملا الارض قسطا وعدلا كما تقدمت الاخبار في ذلك فلابد أن يكون ذلك مشروطا بآخر الزمان فقد صارت هذه الاسباب لاستيفاء الاجل المعلوم فعلى هذا اتفقت أسباب بقاء الثلاثة (وهم عيسى والمهدي والدجال) لصحة أمر معلوم في وقت معلوم وهم صالحان نبي وإمام وطالح عدو الله وهو الدجال وقد تقدمت الاخبار من الصحاح بما ذكر ناه في صحة بقاء الدجال مع صحة بقاء عيسى عليه السلام فما المانع من بقاء المهدي عليه السلام مع كون بقائه باختيار الله وداخلا تحت مقدوره سبحانه وهو آية الرسول صلى الله عليه وآله. فعلى هذا هو أولى بالبقاء من الاثنين الآخرين لانه إذا بقي المهدي عليه السلام كان إمام آخر الزمان يملا الارض قسطا وعدلا كما تقدمت الاخبار فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفا بهم في بقائه من عند رب العالمين والدجال إذا بقي فبقاؤه مفسدة للعالمين لما ذكر من ادعاء ربوبيته وفتكه بالامة ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى ليعلم المطيع منهم من المعاصي والمحسن من المسئ والمصلح من المفسد وهذا هو الحكمة في بقاء الدجال. وأما بقاء عيسى فهو سبب إيمان أهل الكتاب به للآية والتصديق بنبوة سيد الانبياء محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وآله الطاهرين ويكون تبيانا لدعوى الامام عند أهل الايمان ومصدقا لما دعا إليه عند أهل الطغيان بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ودعائه إلى الملة المحمدية التي هو إمام فيها فصار بقاء المهدي عليه السلام أصلا وبقاء الاثنين فرعا على بقائه فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الاصل لهما ولو صح ذلك لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك مستحيل في العقول. وإنما قلنا إن بقاء المهدي عليه السلام أصل لبقاء الاثنين لانه لا يصح وجود عيسى عليه السلام بانفراده غير ناصر لملة الاسلام وغير مصدق للامام لانه لو صح ذلك لكان منفردا بدولة ودعوة وذلك يبطل دعوة الاسلام من حيث أراد أن يكون تبعا فصار متبوعا وأراد أن يكون فرعا فصار أصلا والنبي صلى الله عليه وآله قال: لا نبي بعدي و


 

[101]

قال صلى الله عليه وآله: الحلال ما أحل الله على لساني إلى يوم القيامة والحرام ما حرم الله على لساني إلى يوم القيامة فلابد من أن يكون له عونا وناصرا ومصدقا وإذا لم يجد من يكون له عونا ومصدقا لم يكن لوجوده تأثير فثبت أن وجود المهدي عليه السلام أصل لوجوده وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجوده في آخر الزمان ولا يكون للامة إمام يرجعون إليه ووزير يعولون عليه لانه لو كان كذلك لم يزل الاسلام مقهورا ودعوته باطلة فصار وجود الامام أصلا لوجوده على ما قلناه. وأما الجواب عن إنكارهم بقاءه في السرداب من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه ففيه جوابان: أحدهما بقاء عيسى عليه السلام في السماء من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه وهو بشر مثل المهدي عليه السلام فلما جاز بقاءه في السماء والحالة هذه فكذلك المهدي في السرداب. فان قلت: إن عيسى عليه السلام يغذيه رب العالمين من خزانة غيبه، فقلت: لا تفنى خزائنه بانضمام المهدي عليه السلام إليه في غذائه. فان قلت: إن عيسى خرج عن طبيعة البشرية قلت: هذه دعوى باطلة لانه قال تعالى لاشرف الانبياء صلى الله عليه وآله " قل إنما أنا بشر مثلكم " فان قلت: اكتسب ذلك من العالم العلوي قلت: هذا يحتاج إلى توقيف ولا سبيل إليه. والثاني بقاء الدجال في الدير على ما تقدم بأشد الوثاق مجموعة يداه إلى عنقه مابين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد وفي رواية في بئر موثوق وإذا كان بقاء الدجال ممكنا على الوجه المذكور من غير أحد يقوم به فما المانع من بقاء المهدي عليه السلام مكرما من غير الوثاق إذ الكل في مقدور الله تعالى فثبت أنه غير ممتنع شرعا ولا عادة. ثم ذكر بعد هذه الابحاث خبر سطيح وأنا أذكر منه موضع الحاجة إليه ومقتضاه يذكر لذي جدن الملك وقايع وحوادث تجري وزلازل من فتن ثم إنه يذكر خروج المهدي عليه السلام وأنه يملا الارض عدلا ويطيب الدنيا وأهلها في أيام


 

[102]

دولته عليه السلام وروي عن الحافظ محمد بن النجار أنه قال: هذا حديث من طوالات المشاهير كذا ذكره الحفاظ في كتبهم ولم يخرج في الصحيح. 39 - كشف: قال محمد بن طلحة: وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله في المهدي من الاحاديث الصحيحة. فمنها ما نقله الامامان أبو داود والترمذي رضي الله عنهما كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الانف يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ويملك سبع سنين. ومنها (ماجه أخر) أبو داود بسنده في صحيحه يرفعه إلى علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملاها عدلا كما ملئت جورا ومنها ما رواه أيضا أبو داود في صحيحه يرفعه بسنده إلى ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. ومنها ما رواه القاضي أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه المسمى بشرح السنة وأخرجه الامامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما كل واحد منهما بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم. ومنها ما أخرجه أبو داود والترمذي رضي الله عنهما بسندهما في صحيحيها يرفعه كل واحد منهما بسنده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. وفي رواية اخرى أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي. هذه الروايات عن أبي داود والترمذي رضي الله عنهما.


 

[103]

ومنها ما نقله الامام أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي رضي الله عنه في تفسيره يرفعه بسنده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نحن ولد عبد المطلب سادة الجنة أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين والمهدي. أقول: روى السيد ابن طاووس في كتاب الطرايف من مناقب ابن المغازلي نحوا مما مر في الباب التاسع إلى قوله: ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الامة روى صاحب كشف الغمة عن محمد بن طلحة الحديث الذي أورده أولا في الباب الثامن عن أبي داود والترمذي والحديث الاول من الباب الثاني عن أبي داود في صحيحه والحديث الاول من الباب السابع عن صحيحي البخاري ومسلم وشرح السنة للحسين بن مسعود البغوي والحديث الثاني من الباب الاول عن أبي داود في صحيحه والحديث الثالث من الباب الاول عن أبي داود والترمذي مع زيادة " واسم أبيه اسم أبي " وبدونها وحديث الباب الثالث عن تفسير الثعلبي ثم قال ابن طلحة: فان قيل بعض هذه الصفات لا تنطبق على الخلف الصالح فان اسم أبيه لا يوافق اسم والد النبي صلى الله عليه وآله ثم أجاب بعد تمهيد مقدمتين: الاول أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظ الاب على الجد الاعلى كقوله تعالى " ملة أبيكم إبراهيم " وقوله حكاية عن يوسف: " واتبعت ملة آبائي إبراهيم " وفي حديث الاسراء أن جبرئيل قال: هذا أبوك إبراهيم والثاني أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة كما روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله سمى عليا أبا تراب ولم يكن اسم أحب إليه منه فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول المتنبي: اجل قدرك أن تسمى مؤنبة ومن كناك فقد سماك للعرب ثم قال ولما كان الحجة من ولد ابي عبد الله الحسين فأطلق النبي على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنه من ولد الحسين عليه السلام بطريق جامع موجز انتهى. أقول: ذكر بعض المعاصرين فيه وجها آخر وهو أن كنية الحسن العسكري أبو محمد وعبد الله أبو النبي صلى الله عليه وآله أبو محمد فتتوافق الكنيتان والكنية داخلة تحت الاسم


 

[104]

والاظهر ما مر من كون " أبي " مصحف " ابني ". أقول: ما رواه عن الصحيحين وفردوس الديلمي مطابق لما عندنا من نسخها وعندي من شرح السنة للحسين بن مسعود البغوي نسخة قديمة أنقل عنه ما وجدته فيه من روايات المهدي عليه السلام باسناده قال: أخبرنا أبو الفضل زياد بن محمد بن زياد الحنفي أخبرنا الحسين بشر بن محمد المزني أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السري التميمي الحافظ بالكوفة أخبرنا الحسن بن علي بن جعفر الصيرفي حدثنا أبو نعيم الفضل ابن دكين، عن القاسم بن أبي بردة، عن أبي الطفيل، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملاها عدلا كما ملئت جورا. وأنبأنا معمر، عن أبي هارون العبدي، عن معاوية بن قرة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله بلاء يصيب هذه الامة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم فيبعث الله رجلا من عترتي أهل بيتي فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض لا يدع السمأ من قطرها شيئا إلا صبه مدرارا ولا يدع الارض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنى الاحياء الاموات تعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين. ويروى هذا من غير وجه عن أبي سعيد الخدري وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمر. وروى عن سعيد بن المسيب، عن ام سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة ويروى: ويعمل في الناس بسنة نبيهم فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون. وروى عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قصة المهدي قال: فيجئ الرجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. أخبرنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي، أخبرنا أبو معاذ عبد الرحمان المزني


 

[105]

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المقري الآدمي ببغداد، حدثنا محمد بن إسماعيل الحسائي، حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد هذا حديث صحيح أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه، عن داود انتهى. أقول: روى ابن الاثير في جامع الاصول ناقلا عن عدة من صحاحهم عن أبي هريرة وجابر وابن مسعود وعلي عليه السلام وام سلمة رضي الله عنها وأبي سعيد وأبي إسحاق عشر روايات في خروج المهدي عليه السلام واسمه ووصفه وأن عيسى عليه السلام يصلي خلفه تركناها مخافة الاطناب وفيما أوردناه كفاية لاولي الالباب. 40 - يف: ذكر الثعلبي في تفسير حمعسق باسناده قال: السين سناء المهدي عليه السلام والقاف قوة عيسى عليه السلام حين ينزل فيقتل النصارى ويخرب البيع وعنه في قصة أصحاب الكهف عن النبي صلى الله عليه وآله أن المهدي عليه السلام يسلم عليهم ويحييهم الله عزوجل له ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة. 41 - يف: ابن شيرويه في الفردوس باسناده إلى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله: المهدي طاووس أهل الجنة. أقول: ثم روى السيد عن الجمع بين الصحاح الستة وكتاب الفردوس والمناقب لابن المغازلي والمصابيح لابي محمد ابن مسعود الفراء كثيرا مما مر من أخبار المهدي عليه السلام ثم قال: وكان بعض العلماء من الشيعة قد صنف كتابا وجدته ووقفت عليه وفيه أحاديث أحسن مما أوردناه وقد سماه كتاب كشف المخفي في مناقب المهدي عليه السلام وروى فيه مأة وعشرة أحاديث من طرق رجال الاربعة المذاهب فتركت نقلها بأسانيدها وألفاظها كراهية للتطويل ولئلا يمل ناظرها ولان بعض ما أوردنا يغني عن زيادة التفصيل لاهل الانصاف والعقل الجميل وسأذكر أسماء من روى المأة وعشرة الاحاديث التي في كتاب المخفي عن أخبار المهدي عليه السلام لتعلم مواضعها على التحقيق وتزداد هداية أهل التوفيق.


 

[106]

فمنها من صحيح البخاري ثلاثة أحاديث ومنها من صحيح مسلم أحد عشر حديثا ومنها من الجمع بين الصحيحين للحميدي حديثان ومن الجمع بين الصحاح الستة لزيد بن معاوية العبدري أحد عشر حديثا ومنها من كتاب فضايل الصحابة مما أخرجه الشيخ الحافظ عبد العزيز العكبرى من مسند أحمد بن حنبل سبعة أحاديث ومنها من تفسير الثعلبي خمسة أحاديث ومنها من غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري ستة أحاديث ومنها من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي أربعة أحاديث ومنها من كتاب مسند سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام تأليف الحافظ أبي الحسن علي الدارقطني ستة أحاديث ومنها من كتاب الحافظ أيضا من مسند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثة أحاديث ومن كتاب المبتداء للكسائي حديثان يشتملان أيضا على ذكر المهدي عليه السلام وذكر خروج السفياني والدجال. ومنها من كتاب المصابيح لابي الحسين بن مسعود الفراء خمسة أحاديث. ومنها من كتاب الملاحم لابي الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المناري أربعة وثلاثون حديثا ومنها من كتاب الحافظ محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بابن مطيق ثلاثة أحاديث ومنها من كتاب الرعاية لآمل الرواية لابي الفتح محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الفرغاني ثلاثة أحاديث ومنها خبر سطيح رواية الحميدي أيضا ومنها من كتاب الاستيعاب لابي عمر يوسف بن عبد البر النميري حديثان. قال السيد: ووقفت على الجزء الثاني من كتاب السنن رواية محمد بن يزيد ماجة قد كتب في زمان مؤلفه تاريخ كتابته وبعض الاجازات عليه ماهذا لفظها: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد أجزت الاخبار لابي عمرو ومحمد بن سلمة وجعفر والحسن ابني محمد بن سلمة حفظهم الله وهو سماعي من محمد بن يزيد ماجة نفعنا الله وإياكم به وكتب إبراهيم بن دينار بخطه وذلك في شهر شعبان سنة ثلاثمائة وقد عارضت به وصلى على محمد وسلم كثيرا. وقد تضمن هذا الجزء المذكور الموصوف كثيرا من الملاحم فمنها باب خروج المهدي وروى في هذا الباب من ذلك الكتاب من هذه النسخة سبعة أحاديث


 

[107]

بأسانيدها في خروج المهدي وأنه من ولد فاطمة عليهما السلام وأنه يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وذكر كشف الحالة وفضلها يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وآله. قال السيد: ووقفت أيضا على كتاب المقتص على محدث الاعوام لبناء ملاحم غابر الايام تلخيص أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمد المناري قد كتب في زمان مؤلفه في آخر النسخة التي وقفت عليها ما هذا لفظه: فكان الفراغ من تأليفه سنة ثلاثمأة وثلاثين وعلى الكتاب إجازات وتجويزات تاريخ بعض إجازاته في ذي قعدة سنة ثمانين وأربعمأة، من جملة هذا الكتاب ماهذا لفظه: سيأتي بعض المأثور في المهدي عليه السلام وسيرته ثم روى ثمانية عشر حديثا بأسانيدها إلى النبي صلى الله عليه وآله بتحقيق خروج المهدي عليه السلام وظهوره وأنه من ولد فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه يملا الارض عدلا وذكر كمال سيرته وجلالة ولايته. ثم أشار السيد إلى ما جمعه الحافظ أبو نعيم من أربعين حديثا في وصف المهدي عليه السلام على ما نقله صاحب كشف الغمة ثم قال: فجملة الاحاديث مأة حديث وستة وخمسون حديثا وأما الذي ورد من طرق الشيعة فلا يسعه إلا مجلدات ونقل إلينا سلفنا نقلا متواترا أن المهدي المشار إليه ولد ولادة مستورة لان حديث تملكه ودولته وظهوره على كافة الممالك والعباد والبلاد كان قد ظهر للناس فخيف عليه كما جرت الحال في ولادة إبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهما وعرفت الشيعة ذلك لاختصاصها بآبائه عليهم السلام فان كل من يلزم بقوم كان أعرف بأحوالهم وأسرارهم من الاجانب كما أن أصحاب الشافعي أعرف بحاله من أصحاب غيره من رؤساء الاربعة المذاهب. وقد كان عليه السلام ظهر لجماعة كثيرة من أصحاب والده العسكري ونقلوا عنه أخبارا وأحكاما شرعية وأسبابا مرضية. وكان له وكلاء ظاهرون في غيبته معروفون بأسمائهم وأنسابهم وأوطانهم يخبرون عنه بالمعجزات والكرامات وجواب المشكلات وبكثير مما ينقله عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من الغايبات، منهم: عثمان بن سعيد العمري المدفون بقطقطان


 

[108]

الجانب الغربي ببغداد ومنهم أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري ومنهم أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي ومنهم علي بن محمد السمري رضي الله عنهم وقد ذكر نصر بن علي الجهضمي برواية رجال الاربعة المذاهب حال هؤلاء الوكلاء و أسمائهم وأنهم كانوا وكلاء المهدي عليه السلام. ولقد لقي المهدي عليه السلام بعد ذلك خلق كثير من الشيعة وغيرهم وظهر لهم على يده من الدلايل ما ثبت عندهم أنه هو عليه السلام وإذا كان عليه السلام الآن غير ظاهر لجميع شيعته فلا يمتنع أن يكون جماعة منهم يلقونه وينتفعون بمقاله وفعاله ويكتمونه كما جرى الامر في جماعة من الانبياء والاوصياء والملوك والاولياء حيث غابوا عن كثير من الامة لمصالح دينية أوجبت ذلك. وأما استبعاد من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف فما يمنع من ذلك إلا جاهل بالله وبقدرته وبأخبار نبينا وعترته كيف وقد تواتر كثير من الاخبار بطول عمر جماعة من الانبياء وغيرهم من المعمرين وهذا الخضر باق على طول السنين وهو عبد صالح ليس بنبي ولا حافظ شريعة ولا بلطف في بقاء التكليف فكيف يستبعد طول حياة المهدي عليه السلام وهو حافظ شريعة جده صلى الله عليه وآله ولطف في بقاء التكليف والمنفعة ببقائه في حال ظهوره وخفائه أعظم من المنفعة بالخضر وكيف يستبعد ذلك من يصدق بقصة أصحاب الكهف لانه مضى لهم فيما تضمنه القرآن ثلاثمأة سنين وازدادوا تسعا وهم أحياء كالنيام بغير طعام وشراب وبقوا إلى زمن النبي صلى الله عليه وآله حيث بعث الصحابة ليسلموا عليهم كما رواه الثعلبي. ورأيت تصنيفا لابي حاتم سهل بن محمد السجستاني من أعيان الاربعة المذاهب سماه كتاب المعمرين إلى آخر ما ذكره رحمه الله من الاحتجاج عليهم وتركناه له انه خارج عن مقصود كتابنا. 42 - نص: بالاسناد المتقدم في باب النصوص على الاثني عشر، عن محمد بن الحنفية، عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي أنت مني و أنا منك وأنت أخي ووزيري فإذا مت ظهرت لك ضغاين في صدور قوم وستكون


 

[109]

بعدي فتنة صماء صيلم (1) يسقط فيها كل وليجة وبطانة وذلك عند فقدان الشيعة الخامس من ولد السابع من ولدك تحزن لفقده أهل الارض والسماء فكم مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران عند فقده ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه وقال: بأبي وامي سميي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه جيوب النور أو قال جلابيب النور تتوقد من شعاع القدس كأني بهم آيس ما كانوا نودوا بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على المنافقين قلت: وما ذلك النداء ؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب الاول ألا لعنة الله على الظالمين الثاني أزفة الآزفة الثالث يرون بدنا بارزا مع قرن الشمس ينادي: ألا إن الله قد بعث فلان بن فلان حتى ينسبه إلى علي عليه السلام فيه هلاك الظالمين فعند ذلك يأتي الفرج ويشفي الله صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم قلت: يارسول الله فكم يكون بعدي من الائمة ؟ قال: بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم. بيان: من ولد السابع أي سابع الائمة لا سابع الاولاد وقوله " من ولدك " حال أو صفة للخامس. (2) * (باب) * * (ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ذلك) * 1 - ك: الشيباني، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: للقائم منا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه ألا فمن ثبت منهم على دينه لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة ثم قال عليه السلام: إن القائم منا إذا قام لم يكن لاحد في عنقه بيعة فلذلك

 

(1) الفتنة الصماء: هي التى تدع الناس حيارى لا يجدون المخلص منها، والصيلم الشديد من الداهية.

 

[110]

تخفى ولادته ويغيب شخصه. 2 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين ابن خالد، عن الرضا عليه السلام عن آبائه، عن أمير المؤمنين أنه قال للحسين عليه السلام: التاسع من ولدك يا حسين ! هو القائم بالحق المظهر للدين الباسط للعدل، قال الحسين عليه السلام: فقلت: يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن ؟ فقال عليه السلام: أي والذي بعث محمدا بالنبوة واصطفاه على جميع البرية ولكن بعد غيبة وحيرة لا تثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا و كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه. 3 - ك: أبي، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن سنان، عن زياد المكفوف عن عبد الله بن أبي عفيف الشاعر (1) قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: كأني بكم تجولون جولان الابل تبتغون المرعى فلا تجدونه يا معشر الشيعة. ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان عن أبي الجارود، عن عبد الله بن أبي عفيف مثله. 4 - كتاب المقتضب لابن العياش قال: حدثني الشيخ الثقة أبو الحسين بن عبد الصمد بن علي في سنة خمس وثمانين ومأتين عند عبيد بن كثير، عن نوح بن دراج، عن يحيى، عن الاعمش، عن زيد بن وهب، عن أبي جحيفة والحارث بن عبد الله الهمداني والحارث بن شرب كل حدثنا أنهم كانوا عند علي بن أبي طالب عليه السلام فكان إذا أقبل ابنه الحسن يقول: مرحبا يابن رسول الله وإذا أقبل الحسين يقول: بأبي أنت يا أبا ابن خيرة الاماء فقيل: يا أمير المؤمنين ما بالك ؟ تقول هذا للحسن وهذا للحسين ؟ ومن ابن خيرة الاماء ؟ فقال: ذاك الفقيد الطريد الشريد م ح م د بن

 

(1) كذا في النسخة المطبوعة وسيجئ في الحديث 14 عن غيبة النعماني " ابن أبي عقب " وفي نسخة كمال الدين وتمام النعمة أعنى المصدر في الباب السابع والعشرين ج 1 ص 422 ابن أبي عقبة.

 

[111]

الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين هذا و وضع يده على رأس الحسين عليه السلام. 5 - غط: جعفر بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن ابن بزيع، عن الاصم عن ابن سيابة، عن عمران بن ميثم، عن عباية الاسدي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم يرى يبرأ بعضكم من بعض. 6 - شا: روى مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: خطب الناس أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنا سيد الشيب وفي سنة من أيوب وسيجمع الله لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله و ذلك إذا استدار الفلك وقلتم ضل أو هلك ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبوؤا إلى الله بالذنب فقد نبذتم قدسكم وأطفأتم مصابيحكم وقلدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه ولا لكم سمعا ولا بصرا ضعف والله الطالب والمطلوب هذا ولو لم تتواكلوا أمركم ولم تتخاذلوا عن نصرة الحق بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها فيكم، تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى وبحق أقول ليضعفن عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو إسرائيل فلو قد استكملتم نهلا وامتلاتم عللا عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن لقد اجتمعتم على ناعق ضلال ولاجبتم الباطل ركضا ثم لغادرتم داعي الحق وقطعتم الادنى من أهل بدر و وصلتم الابعد من أبنا الحرب ألا ولو ذاب ما في أيديهم لقد دنى التمحيص للجزاء و كشف الغطاء وانقضت المدة وأزف الوعد وبدا لكم النجم من قبل المشرق وأشرق لكم قمركم كملء شهره وكليلة تم فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة واعلموا أنكم إن أطعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله فتداريتم من الصمم واستشفيتم من البكم، وكفيتم مؤنة التعسف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الاعناق، فلا يبعد الله إلا من أبى الرحمة وفارق العصمة وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


 

[112]

بيان: " الشيب " بالكسر وبضمتين جمع الاشيب وهو من ابيض شعره " واستدارة الفلك " كناية عن طول مرور الازمان أو تغير أحوال الزمان وسيأتي خبر في باب أشراط الساعة يؤيد الثاني قوله " هذا " فصل بين الكلامين أي خذوا هذا و " النهل " محركة أول الشرب و " العلل " محركة الشربة الثانية والشرب بعد الشرب تباعا قوله " كملء شهره " أي كما يملا في شهره في الليلة الرابع عشر فيكون ما بعده تأكيدا أو كما إذا فرض أنه يكون ناميا متزايدا إلى آخر الشهر وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي وهي كالشرح لهذه ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلة بالمعنى. 7 - نى: ابن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن إسحاق بن سنان، عن عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن حراب بن أحنف، عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين فركب هو وابناه الحسن والحسين عليهما السلام فمر بثقيف فقالوا: قد جاء علي يرد الماء فقال علي عليه السلام: أما والله لاقتلن أنا وابناي هذان وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا وليغيبن عنهم تمييزا لاهل الضلالة حتى يقول الجاهل: مالله في آل محمد من حاجة. 8 نى: محمد بن همام ومحمد بن الحسن بن (محمد بن) جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور (1) عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: خبر تدريه خير من عشرة ترويه إن لكل حق حقيقة ولكل صواب نورا ثم قال: إنا والله لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن إن أمير المؤمنين عليه السلام قال على منبر الكوفة: وإن من ورائكم فتنا مظلمة عميآء منكسفة لاينجو منها إلا النومة ؟ قيل: يا أمير المؤمنين وما النومة ؟ قال:

 

(1) في النسخة المطبوعة: محمد بن همام ومحمد بن الحسين بن جمهور جميعا عن الحسين بن محمد بن جمهور، عن أبيه. والصحيح ما أثبتناه راجع المصدر ص 70 و مستدرك النوري ج 3 ص 526.

 

[113]

الذي يعرف الناس ولا يعرفونه. واعلموا أن الارض لا تخلو من حجة لله ولكن الله سيعمي خلقه منها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون ثم تلا " يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن ". بيان: قوله عليه السلام " حتى يلحن له " أي يتكلم معه بالرمز والايماء والتعريض على جهة التقية والمصلحة فيفهم المراد قال الجزري: يقال لحنت فلانا إذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره لانك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم وقال: في حديث علي وذكر آخر الزمان والفتن ثم قال خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة. النومة بوزن الهمزة الخامل الذكر الذي لايؤبه له وقيل: الغامض في الناس الذي لايعرف الشر وأهله وقيل النومة بالتحريك الكثير النوم فأما الخامل الذي لايؤبه له فهو بالتسكين ومن الاول حديث ابن عباس أنه قال لعلي عليه السلام: ما النومة ؟ قال الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شئ. (9 - نهج: في حديثه عليه السلام: فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف قال السيد رضي الله عنه: يعسوب الدين: السيد العظيم المالك لامور الناس يومئذ. والقزع قطع الغيم التي لا ماء فيها. بيان: قالوا: هذا الكلام في خبر الملاحم الذي يذكر فيه المهدي عليه السلام و قال في النهاية: أي فارق أهل الفتنة وضرب في الارض ذاهبا في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الاذناب. وقال الزمخشري: الضرب بالذنب ههنا مثل للاقامة والثبات يعني أنه يثبت هو ومن يتبعه على الدين. 10 - نهج: قال عليه السلام في بعض خطبه: قد لبس للحكمة جنتها وأخذها بجميع أدبها من الاقبال عليها والمعرفة بها والتفرغ لها وهي عند نفسه ضالته التي يطلبها وحاجته التي يسأل عنها فهو مغترب إذا اغترب الاسلام، وضرب بعسيب ذنبه وألصق الارض بجرانه، بقية من بقايا حجته، خليفة من خلائف أنبيائه.


 

[114]

بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الامامية: إن المراد به القائم عليه السلام المنتظر، والصوفية يزعمون أنه ولي الله وعندهم أن الدنيا لا يخلو عن الابدال وهم أربعون وعن الاوتاد وهم سبعة وعن القطب وهو واحد. والفلاسفة يزعمون أن المراد به العارف وعند أهل السنة هو المهدي الذي سيخلق، وقد وقع اتفاق الفرق بين المسلمين على أن الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا على المهدي. قوله عليه السلام: " فهو مغترب " أي هذا الشخص يخفى نفسه إذا ظهر الفسق و الفجور، واغترب الاسلام باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدل على ما ذهبت إليه الامامية " والعسيب " عظم الذنب أو منبت الشعر منه وإلصاق الارض بجرانه كناية عن ضعفه وقلة نفعه فان البعير أقل ما يكون نفعه حال بروكه). 11 - نى: علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي الكوفي، عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: صاحب هذا الامر من ولدي هو الذي يقال مات هلك لا بل في أي واد سلك. 12 - نى: علي بن الحسين، عن محمد العطار، عن محمد بن الحسن الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن مزاحم العبدي عن عكرمة بن صعصعة، عن أبيه قال كان علي عليه السلام يقول: لا تنفك هذه الشيعة حتى تكون بمنزلة المعز لا يدري الخابس على أيها يضع يده فليس لهم شرف يشرفونه ولا سناد يستندون إليه في امورهم. ايضاح: خبس الشئ بكفه أخذه وفلانا حقه ظلمه أي يكون كلهم مشتركين في العجز حتى لا يدري الظالم أيهم يظلم لاشتراكهم في احتمال ذلك كقصاب يتعرض لقطيع من المعز لا يدري أيهم يأخذ للذبح. 13 - نى: بهذا الاسناد، عن أبي الجارود، عن عبد الله الشاعر يعني ابن أبي عقب قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: كأني بكم تجولون جولان الابل تبتغون مرعى ولا تجدونها معشر الشيعة.


 

[115]

14 - نى: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن موسى بن هارون بن عيسى العبدي، عن عبد الله بن مسلم بن قعنب، عن سليمان بن هلال قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا ؟ فقال: إذا درج الدارجون، وقل المؤمنون، وذهب المجلبون، فهناك، فقال: يا أمير المؤمنين عليك السلام ممن الرجل ؟ فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت، ومجفو أهلها إذا أتت، ومعدن صوفتها إذا اكتدرت لايجبن إذا المنايا هلعت، ولايحور إذا المؤمنون اكتنفت ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت مشمر مغلولب طفر ضرغامة حصد مخدش ذكر سيف من سيوف الله رأس قثم نشق رأسه في باذخ السؤدد، وغارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنك عن تبعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دعاير. ثم رجع إلى صفة المهدي عليه السلام فقال: أوسعكم كهفا، وأكثركم علما و أوصلكم رحما اللهم فاجعل بيعته خروجا من الغمة واجمع به شمل الامة فأنى جاز لك (1) فاعزم ولا تنثن عنه إن وفقت له ولا تجيزن عنه إن هديت إليه هاه وأومأ بيده إلى صدره شوقا إلى رؤيته. توضيح: قال الفيروزآبادي: درج دروجا ودرجانا مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلا أو مضى لسبيله انتهى والغرض انقراض قرون كثيرة قوله عليه السلام " وذهب المجلبون " أي المجتمعون على الحق والمعينون للدين أو الاعم قال الجزري: يقال: أجلبوا عليه إذا اتجمعوا وتألبوا وأجلبه أي أعانه وأجلب عليه إذا صاح به واستحثه " والطود " بالفتح الجبل العظيم وفي بعض النسخ بالراء وهو بالضم أيضا الجبل و الاول أصوب " والمغيض " الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب ولعل المعنى أنه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه أو شبهه ببحر في أطرافه مغايض فان شيعتهم مغايض علومهم قوله عليه السلام و " مجفو أهلها " أي إذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه

 

(1) في المصدر: فان خار الله لك. راجع ص. 114

 

[116]

قوله عليه السلام " هلعت " أي صارت حريصة على إهلاك الناس قوله عليه السلام " ولا يحور " في بعض النسخ ولايخور إذا المنون اكسفت و " الخور " الجبن و " المنون " الموت و " الكماة " بالضم جمع الكمي وهو الشجاع أو لابس السلاح ويقال " ظفر بعدوه " فهو ظفر والضرغامة بالكسر الاسد. قوله عليه السلام: " حصد " أي يحصد الناس بالقتل. قوله: " مخدش " أي يخدش الكفار ويجرحهم و " الذكر " من الرجال بالكسر القوي الشجاع الابي ذكره الفيروزآبادي وقال: الرأس أعلا كل شئ وسيد القوم و " القثم " كزفر الكثير العطاء وقال الجزري: رجل " نشق " إذا كان يدخل في امور لا يكاد يخلص منها وفي بعض النسخ باللام والباء يقال رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل وفي بعضها شق رأسه أي جانبه و " الباذخ " العالي المرتفع. قوله عليه السلام: و " غارز مجده " أي مجده الغارز الثابت من غرز الشئ في الشئ أي أدخله وأثبته و " المحتد " بكسر التاء الاصل وقوله " ينوص " صفة للصارف. وقال الفيروزآبادي: المناص الملجأ وناص مناصا تحرك وعنه تنحى و إليه نهض قوله " فذو دعاير " من الدعارة وهو الخبث والفساد ولا يبعد أن يكون تصحيف الدغايل جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل قوله عليه السلام " فان جاز لك " أي تيسر لك مجازا ويقال انثنى أي انعطف قوله عليه السلام: " ولا تجيزن عنه " أي إن أدركته في زمان غيبته، وفي بعض النسخ ولا تحيزن بالحاء المهملة والزاء المعجمة أي لاتتحيزن من التحيز عن الشئ بمعنى التنحي عنه وكانت النسخ مصحفة محرفة في أكثر ألفاظها. 15 - يف: في الجمع بين الصحاح الستة، عن أبي إسحاق قال: قال علي عليه السلام ونظر إلى ابنه الحسين وقال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملا الارض عدلا. 16 - نهج: وأخذوا يمينا وشمالا طعنا في مسالك الغي وتركا لمذاهب الرشد


 

[117]

فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد ولا تستبطؤا ما يجئ به الغد، فكم من مستعجل بما إن أدركه ود أنه لم يدركه وما أقرب اليوم من تباشير غد يا قوم هذا إبان ورود كل موعود ودنو من طلعة مالا تعرفون ألا وإن من أدركها منا يسري فيها بسراج منير، ويحذوا فيها على مثال الصالحين ليحل فيها ربقا وتعتق رقا ويصدع شعبا ويشعب صدعا في سترة عن الناس لا يبصر القائف أثره ولو تابع نظره ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل تجلي بالتنزيل أبصارهم ويرمي بالتفسير في مسامعهم و يغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح. بيان: " مرصد " أي مترقب ما يجئ به الغد من الفتن والوقايع " من تباشير غد " أي أوائله أو من البشرى به و " الا بان " الوقت والزمان " يسري " من السرى السير بالليل والربق الخيط والقائف الذي يتتبع الآثار " ولو تابع نظره " أي ولو استقصى في الطلب وتابع النظر والتأمل وشحذت السكين حددته أي ليحرضن في هذه الملاحم قوم على الحرب ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال كما يشحذ الحداد النصل كالسيف وغيره قوله عليه السلام " يجلي بالتنزيل " أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تفسيره ومعرفة أسراره والغبوق الشرب بالعشي مقابل الصبوح. 17 - ما: علي بن أحمد المعروف بابن الحمامي عن محمد بن جعفر القاري عن محمد بن إسماعيل بن يوسف، عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر بن كثير عن موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي عليه السلام أنه قال: لتملان الارض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد: " الله " إلا مستخفيا ثم يأتي الله بقوم صالحين يملاونها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. 18 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد والحميري ومحمد العطار وأحمد بن إدريس جميعا، عن ابن أبي الخطاب وابن عيسى والبرقي وابن هاشم جميعا عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن مالك الجهني، وحدثنا ابن الوليد عن الصفار وسعد معا، عن الطيالسي عن زيد بن محمد بن قابوس، عن النضر بن أبي السري، عن أبي داود المسترق، عن ثعلبة


 

[118]

عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن ابن نباته قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فوجدته مفكرا ينكت في الارض فقلت يا أمير المؤمنين مالي أراك مفكرا تنكت في الارض أرغبة فيها ؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون فقلت: يا أمير المؤمنين وإن هذا لكائن فقال: نعم، كما إنه مخلوق وأنى لك بالعلم بهذا الامر يا أصبغ اولئك خيار هذه الامة مع أبرار هذه العترة قلت: وما يكون بعد ذلك ؟ قال ثم يفعل الله ما يشاء فان له إرادات وغايات ونهايات. غط: سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن فضال، عن ثعلبة مثله. غط: عبد الله بن محمد بن خالد، عن منذر بن محمد بن قابوس، عن نضر (عن ا) بن السندي، عن أبي داود، عن ثعلبة مثله. نى: الكليني، عن علي بن محمد، عن البرقي، عن نضر بن محمد بن قابوس عن منصور بن السندي، عن أبي داود مثله. ختص: ابن قولويه، عن سعد، عن الطيالسي، عن المنذر بن محمد، عن النضر بن أبي السري مثله. (أقول: في هذه الروايات كلها سوى رواية الصدوق بعد قوله " ويهتدي فيها آخرون ": " قلت: يا مولاي فكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا الكائن " إلى آخر الخبر. وفي الكافي أيضا كذلك (1). ونكت الارض بالقضيب هو أن يؤثر بطرفه فعلى (هذا) المفكر: المهموم، وضمير " فيها " راجع إلى الارض، أي اهتمامك وتفكرك لرغبة في الارض وأن تصير مالكا لها نافذ الحكم فيها، أو هو راجع إلى الخلافة وربما يحمل الكلام على المطاية.

 

(1) الكافي ج 1 ص 338 غيبة النعماني ص 29.

 

[119]

ولعل المراد بالحيرة التحير في المساكن وأن يكون في كل زمان في بلدة وناحية، وقيل المراد حيرة الناس فيه وهو بعيد. قوله عليه السلام: " ستة أيام " الخ لعله مبني على وقوع البداء فيه، ولذا ردد عليه السلام بين امور، وأشار إليه في آخر الخبر ويمكن أن يقال: إن السائل سأل عن الغيبة والحيرة معا فأجاب عليه السلام بأن زمان مجموعهما أحد الازمنة المذكورة وبعد ذلك ترفع الحيرة وتبقى الغيبة، فالترديد باعتبار اختلاف مراتب الحيرة إلى أن استقر أمره عليه السلام في الغيبة، وقيل: المراد أن آحاد زمان الغيبة هذا المقدار. " كما أنه " أي المهدي عليه السلام " مخلوق " أي كما أن وجوده محتوم فكذا غيبته محتوم، " فان له إرادات " في سائر الروايات " فان له بداءات وإرادات " أي يظهر من الله سبحانه فيه عليه السلام امور بدائية في امتداد غيبته وزمان ظهوره وإرادات في الاظهار والاخفاء والغيبة و الظهور، و " غايات " أي منافع ومصالح فيها، و " نهايات " مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك بسبب البداء. 19 - ك: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن جعفر بن محمد الفزاري عن إسحاق بن محمد الصيرفي، عن أبي هاشم، عن فرات بن أحنف (1)، عن ابن طريف عن ابن نباته، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه ذكر القائم عليه السلام فقال: أما ليغيبن حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد حاجة. ك: الوراق، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسحاق بن محمد (عن أبي هاشم) عن فرات بن أحنف، عن ابن نباته مثله. 20 - ك: ابن إدريس، عن أبيه، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن عباد بن يعقوب، عن الحسن بن محمد، عن أبي الجارود، عن يزيد الضخم قال: سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: كأني بكم تجولون جولان النعم تطلبون المرعى فلا تجدونه.

 

(1) في المطبوعة: ضرار بن احنف والصحيح ما أثبتناه راجع المصدر ج 1 ص 419.

 

[120]

21 - ك: ابن موسى، عن الاسدي، عن سعد، عن محمد بن عبد الحميد و عبد الصمد بن محمد معا، عن حنان بن سدير، عن علي بن حزور، عن ابن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد. 22 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن أحمد بن إدريس عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن إبراهيم بن الحكم، عن إسماعيل بن عياش، عن الاعمش، عن أبي وائل قال: نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى ابنه الحسين فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه (رسول) الله سيدا وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم فيشبهه في الخلق والخلق يخرج على حين غفلة من الناس وإماتة من الحق وإظهار من الجور والله لو لم يخرج لضرب عنقه يفرح لخروجه أهل السماء وسكانها يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما تمام الخبر. 23 - نهج: في بعض خطبه عليه السلام: فلبثتم بعده يعني نفسه عليه السلام ما شاء الله حتى يطلع الله لكم من يجمعكم، ويضم نشركم. إلى آخر ما مر في كتاب الفتن. وقال ابن ميثم رحمه الله: قد جاء في بعض خطبه عليه السلام ما يجري مجرى الشرح لهذا الوعد قال عليه السلام: اعلموا علما يقينا أن الذي يستقبل قائمنا من أمر جاهليتكم وذلك أن الامة كلها يومئذ جاهلية إلا من رحم الله فلا تعجلوا فيعجل الخوف بكم، واعلموا أن الرفق بمن والاناة راحة وبقاء، والامام أعلم بما ينكر ويعرف لينزعن عنكم قضاة السوء، وليقبضن عنكم المراضين، وليعزلن عنكم امراء الجور وليطهرن الارض من كل غاش، وليعملن بالعدل، وليقومن فيكم بالقسطاس المستقيم، وليتمنين أحياؤكم رجعة الكرة عما قليل فتعيشوا إذن، فان ذلك كائن. الله أنتم بأحلامكم، كفوا ألسنتكم، وكونوا من وراء معايشكم، فان الحرمان سيصل إليكم، وإن صبرتم واحتسبتم واستيقنتم أنه طالب وتركم ومدرك آثاركم وآخذ بحقكم، واقسم بالله قسما حقا إن الله مع الذين اتقوا والذينهم محسنون.


 

[121]

أقول: وقال ابن أبي الحديد في شرح خطبة أوردها السيد الرضي في نهج البلاغة وهي مشتملة على ذكر بني امية: هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير وهي متداولة منقولة مستفيضة وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي. ثم قال: ومنها فانظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم ليفرجن الله برجل منا أهل البيت بأبي ابن خيرة الاماء لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا موضوعا على عاتقه ثمانية حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا فيغريه الله ببني امية حتى يجعلهم حطاما ورفاتا ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا. ثم قال ابن أبي الحديد: فان قيل من هذا الرجل الموعود ؟ قيل أما الامامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر وأنه ابن أمة اسمها نرجس وأما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لام ولد وليس بموجود الآن. فان قيل: فمن يكون من بني امية في ذلك الوقت موجودا حتى يقول عليه السلام في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم ؟ قيل أما الامامية فيقولون بالرجعة ويزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني امية وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر وأنه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوما آخرين وينتقم من أعداء آل محمد عليهم السلام المتقدمين والمتأخرين. وأما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلا من ولد فاطمة عليها السلام ليس موجودا الآن وينتقم (به) وأنه يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما من الظالمين وينكل بهم أشد النكال وأنه لام ولد كما قد ورد في هذا الاثر وفي غيره من الآثار وأن اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه يظهر بعد أن يستولي على كثير من الاسلام ملك من أعقاب بني امية وهو السفياني الموعود به في الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن امية وأن الامام الفاطمي يقتله وأشياعه من بني امية وغيرهم وحينئذ ينزل المسيح عليه السلام من السماء وتبدو أشراط الساعة و تظهر دابة الارض ويبطل التكليف ويتحقق قيام الاجساد عند نفخ الصور كما


 

[122]

نطق به الكتاب العزيز. 24 - كا: أحمد بن محمد الكوفي، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن أبي روح فرج بن قرة، عن جعفر بن عبد الله، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله ثم قال: أما بعد فان الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء ولم يجبر كسر عظم (من) الامم إلا بعد أزل وبلاء أيها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع بسميع ولا كل ذي ناظر عين ببصير عباد الله أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ثم انظروا إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه كانوا على سنة من آل فرعون أهل جنات و عيون، وزروع ومقام كريم ثم انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور والامر والنهي ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلدون ولله عاقبة الامور. فيا عجبا ومالي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها لا يقتفون أثر نبي ولا يعتدون بعمل وصي ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكل امرء منهم إمام نفسه آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عزوجل انس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض كل ذلك وحشة مما ورث النبي صلى الله عليه وآله ونفورا مما أدى إليهم من أخبار فاطر السموات والارض. أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات، وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله غير المتهم عند من لا يعرفه فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها. وواأسفا من فعلات شيعتنا من بعد قرب مودتها اليوم كيف يستذل بعدي بعضها بعضا وكيف يقتل بعضها بعضا ؟ المتشتة غدا عن الاصل النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته كل حزب منهم آخذ منه پبغصن أينما مال الغصن مال معه مع


 

[123]

أن الله وله الحمد سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني امية كما يجمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة ولم يرد سننه رص طود، يذعذهم الله في بطون أودية ثم يسلكهم ينابيع في الارض يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ويمكن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني امية ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا يضعضع الله بهم ركنا وينقض بهم طي الجنادل من إرم ويملا منهم بطنان الزيتون. فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليكونن ذلك وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الالية على النار، من مات منهم مات ضالا وإلى الله عزوجل يفضي منهم من درج ويتوب الله عزوجل على من تاب ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة، بل لله الخيرة والامر جميعا. أيها الناس إن المنتحلين للامامة من غير أهلها كثير ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم، وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليه السلام. ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ماتاهت بنو إسرائيل ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني امية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل وأخلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الادنى من أهل بدر ووصلتم الابعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى الله عليه وآله ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم لدنا التمحيص للجزاء وقرب الوعد وانقضت المدة وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير فإذا كان ذلك فراجعوا التوبة واعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله فتداويتم من العمى والصمم والبكم وكفيتم مؤنة الطلب والتعسف، ونبذتم الثقل الفادح


 

[124]

عن الاعناق ولا يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف، وأخذ ما ليس له " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (1). بيان: الازل " الضيق " والشدة. و " الخطب " الشأن والامر ويحتمل أن يكون المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول صلى الله عليه وآله من استيلاء الكفرة أولا وغلبة الحق وأهله ثانيا وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول صلى الله عليه وآله من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير المؤمنين عليه السلام ثم رجوع الدولة إليه بعد ذلك فان الحالتين متطابقتان ويحتمل أن يكون المراد بهما شيئا واحدا وإنما يستقبل قبل وروده ويستدبر بعد مضيه والمقصود التفكر في انقلاب أحوال الدنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها ويحتمل على بعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة و عذاب الآخرة وبما استدبروه ما مضى من أيام عمرهم وما ظهر لهم مما هو محل للعبرة فيها. " بلبيب " أي عاقل " بسميع " أي يفهم الحق ويؤثر فيه " ببصير " أي يبصر الحق ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد " فيما يعنيكم " أي يهمكم وينفعكم وفي بعض النسخ يغنيكم (والنظر فيه) الظاهر أنه بدل اشتمال لقوله فيما يعنيكم ويحتمل أن يكون فاعلا لقوله يعنيكم بتقدير النظر قبل الظرف أيضا. " من قد أقاده الله " يقال: أقاده خيلا أي أعطاه ليقودها ولعل المعنى من مكنه الله من الملك بأن خلى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عما أراده " بعلمه " أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات ويحتمل أن يكون من القود والقصاص ويؤيده أن في بعض النسخ بعمله فالضمير راجع إلى الموصول " على سنة " أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة " من آل فرعون " من الظلم والكفر والطغيان أو من الرفاهية والنعمة كما قال " أهل جنات " فعلى الاول حال وعلى الثاني بدل من قوله على سنة أو عطف بيان له " بما ختم الله " الباء بمعنى في أو إلى أو زائدة و " النضرة " الحسن والرونق.

 

(1) راجع روضة الكافي (ج 8) ص 63.

 

[125]

وقوله عليه السلام: " مخلدون " خبر لمبتدأ محذوف والجملة مبينة ومؤكدة للسابقة أي هم والله مخلدون في الجنان " ولله عاقبة الامور " أي مرجعها إلى حكمه كما قيل أو عاقبة الملك والدولة والعز لله ولمن طلب رضاه كما هو الانسب بالمقام " فيا عجبا " بغير تنوين وأصله يا عجبي ثم قلبوا الياء ألفا فان وقفت قلت: يا عجباه أي يا عجبي أقبل هذا أوانك أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجبا أو أعجب عجبا والاول أشهر وأظهر " في دينها " الظرف متعلق بالاختلاف أو بالخطاء أو بهما على التنازع " بغيب " أي بأمر غائب عن الحس مما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله من الجنة والنار وغيرهما " ولا يعفون " بكسر العين وتشديد الفاء من العفة والكف أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس. " المعروف الخ " أي المعروف والخير عندهم ما يعدونه معروفا ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإن كان منكرا في نفس الامر أو المعنى أن المعروف والمنكر تابعان لارادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإن أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم " بعرى وثيقات " أي يظنون أنهم تمسكوا بدلائل وبراهين فيما يدعون من الامور الباطلة. " وأسباب محكمات " أي يزعمون أنهم تعلقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسلون بهم من أئمة الجور " انس بعضهم " على الفعل أو المصدر والثاني أظهر " وحشة " أي يفعلون كل ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورثها النبي صلى الله عليه وآله آهل بيته " أهل حسرات " بعد الموت وفي القيامة وفي النار " وكهوف شبهات " أي تأوي إليهم الشبهات لانهم يقبلون إليها ويفتتنون بها وفي بعض النسخ " وكفر وشبهات " فيكونان معطوفين على حسرات. وقال الجوهري: العشوة أن يركب أمرا على غير بيان ويقال أخذت عليهم بالعشوة أي بالسواد من الليل " فهو مأمون " خبر للموصول والمعنى أن حسن ظن الناس والعوام بهم إنما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم ويحتمل أن يكون المراد بالموصول أئمة من قد ذمهم سابقا لا أنفسهم " من فعلات شيعتي " أي من يتبعني اليوم


 

[126]

ظاهرا و " اليوم " ظرف للقرب " المتشتة " أي هم الذين يتفرقون عن أئمة الحق ولا ينصرونهم ويتعلقون بالفروع التي لا ينفع التعلق بها بدون التشبث بالاصل كاتباعهم المختار وأبا مسلم وزيدا وأضرابهم بعد تفرقهم عن الائمة عليهم السلام " من غير جهته " أي من غير الجهة التي يرجى منها الفتح أو من غير الجهة التي امروا بالاستفتاح منها فان خروجهم بغير إذان الامام كان معصية. " لشر يوم " إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أمية وقد فعلوا لكن سلطوا على أئمة الحق من هو شر منهم وقال الجزري وفي حديث علي: فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف أي قطع السحاب المتفرقة وإنما خص الخريف لانه أول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض. أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم " ثم يفتح لهم " فتح الابواب كناية عما هيئ لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم. و " المستثار " موضع ثورانهم وهيجانهم ثم شبه عليه السلام تسليط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم وإنما سمي ذلك بسيل العرم لصعوبته أي سيل الامر العرم أي الصعب أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ أضاف إليه لانه نقب عليهم سدا ضربت لهم بلقيس وقيل اسم لذلك السد وقد مرت القصة في كتاب النبوة. والضمير في " عليه " إما راجع إلى السيل فعلى تعليلية أو إلى العرم إذا فسر بالسد. وفي بعض النسخ " بعث " وفي بعضها " نقب " بالنون والقاف والباء الموحدة فقوله " فارة " مرفوع بالفاعلية وفي النهج " كسيل الجنتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة " والقارة الجبل الصغير والاكمة هي الموضع الذي يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا والحاصل بيان شدة السيل المشبه به بأنه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شئ. والسنن الطريق


 

[127]

و " الرص " التصاق الاجزاء بعضها ببعض " والطود " الجبل أي لم يرد طريقه طود مرصوص. ولما بين عليه السلام شدة المشبه به أخذ في بيان شدة المشبه فقال: " يذعذعهم الله " أي يفرقهم في السبل متوجهين إلى البلاد " ثم يسلكهم ينابيع في الارض " من ألفاظ القرآن أي كما أن الله تعالى ينزل الماء من السماء فيسكن في أعماق الارض ثم يظهره ينابيع إلى ظاهرها كذلك هؤلاء يفرقهم الله في بطون الاودية وغوامض الاغوار ثم يظهرهم بعد الاختفاء كذا ذكره ابن أبي الحديد، والاظهر عندي أنه بيان لاستيلائهم على البلاد، وتفرقهم فيها، وتيسر أعوانهم من سائر الفرق، فكما أن مياه الانهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار، فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كل البلاد، وتكثر أعوانهم في جميع الاقطار، وكل ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه " يأخذهم من قوم " أي بني امية " حقوق قوم " أي أهل بيت عليهم السلام للانتقام من أعدائهم وإن لم يصل الحق إليهم " ويمكن من قوم " أي بني العباس " لديار قوم " أي بني امية وفي بعض النسخ " ويمكن بهم قوما في ديار قوم " وفي النهج " ويمكن لقوم في ديار قوم " والمال في الكل واحد " تشريدا لبني امية " التشريد التفريق والطرد، و " الاغتصاب " الغصب ولعل المعنى أن الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلا تفريق بني امية ودفع ظلمهم. وقال الفيروزآبادي: ضعضعه هدمه حتى الارض و " الجنادل " جمع جندل وهو ما يقله الرجل من الحجارة أي يهدم الله بهم ركنا وثيقا هو أساس دولة بني امية و ينقض بهم الابنية التي طويت وبنيت بالجنادل والاحجار من بلاد إرم وهي دمشق والشام إذ كان مستقر ملكهم في أكثر زمانهم تلك البلاد لاسيما في زمانه صلوات الله عليه. وقال الجزري: فيه ينادي مناد من بطنان العرش أي من وسطه وقيل من أصله وقيل البطنان جمع بطن وهو الغامض من الارض يريد من دواخل العرش. وقال الفيروزآبادي: الزيتون مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد بالصين


 

[128]

والمعنى أن الله يملا منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هؤلاء القوم على بني امية في وسط ديارهم والظفر عليهم في محل استقرارهم وأنه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرز عنهم. و " طمطمة رجالهم " الطمطمة اللغة العجمية ورجل طمطمي في لسانه عجمة وأشار عليه السلام بذلك إلى أن أكثر عسكرهم من العجم لان عسكر أبي مسلم كان من خراسان " وأيم الله ليذوبن " الظاهر أن هذا أيضا من تتمة بيان انقراض ملك بني امية وسرعة زواله ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العباس " وإلى الله عزوجل يقضى " من القضاء بمعنى المحاكمة أو الانهاء والايصال كما في قوله تعالى " وقضينا إليه ذلك الامر " وفي بعض النسخ " يفضي " بالفاء أي يوصل " ودرج الرجل " أي مشى ودرج أيضا بمعنى مات ويقال درج القوم أي انقرضوا و الظاهر أن المراد به هنا الموت أي من مات مات ضالا وأمره إلى الله يعذبه كيف يشاء ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه " ولعل الله يجمع " إشارة إلى زمن القائم عليه السلام. " وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة " أي ليس لاحد من الخلق أن يشير بأمر على الله أن هذا خير ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الامور ما يشاء بعلمه وله الامر بما يشاء في جميع الاشياء " عن مر الحق " أي الحق الذي هو مر أو خالص الحق فانه مر واتباعه صعب وفي النهج عن نصر الحق " والهضم " الكسر وروي الشي ء عنه أي صرفه ونحاه ولم أطلع على الازواء فيما عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهدا على أنه ورد بهذا المعنى. " كما تاهت بنو إسرائيل " أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد فكذا أصحابه صلوات الله عليه تحيروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه ولم يعينوه على عدوه كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.


 

[129]

" أضعاف ما تاهت " يحتمل أن يكون المراد بالمشبه به هنا تحير قوم موسى بعده في دينهم ويحتمل أن يكون المراد التحير السابق وعلى التقديرين إما المراد المضاعفة بحسب الشدة وكثرة الحيرة أو بحسب الزمان فان حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الامة إلى الآن متحيرون تائهون في أديانهم وأحكامهم " الداعي إلى الضلالة " أي الداعي إلى بني العباس " وقطعتم الادنى من أهل بدر " أي الادنين إلى النبي صلى الله عليه وآله نسبا الناصرين له في غزوة بدر وهي أعز غزوات الاسلام يعني نفسه وأولاده صلوات الله عليهم " ووصلتم الابعد " أي أولاد العباس فانهم كانوا أبعد نسبا من أهل البيت عليهم السلام وكان جدهم عباس ممن حارب الرسول صلى الله عليه وآله في غزوة بدر حتى اسر " ما في أيديهم " أي ملك بني العباس " لدنا التمحيص للجزاء " أي قرب قيام القائم والتمحيص الابتلاء والاختبار أي يبتلي الناس ويمتحنون بقيامه عليه السلام ليخزي الكافرين ويعذبهم في الدنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم ويمكن أن يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا " وقرب الوعد " أي وعد الفرج " وانقضت المدة " أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل. " وبدا لكم النجم " هذا من علامات ظهور القائم عليه السلام كما سيأتي وقيل إنه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجرية والشمس في أوائل الميزان بقرب الاكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثم بعد مدة ظهر أن لها حركة خاصة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريبا وقد بعدت عن الاكليل في الجهة المذكورة قدر رمح لكن قوله عليه السلام " من قبل المشرق " يأبى عنه إلا بتكلف وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذو ذؤابة مابين القبلة والمشرق وكان له طلوع وغروب وكانت له حركة خاصة سريعة عجيبة على التوالي لكن لا على نسق ونظام معلوم ثم غاب بعد شهرين تقريبا كان يظهر أول الليل من جانب المشرق وقد ضعف حتى انمحى بعد شهر تقريبا وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلفين كما


 

[130]

لا يخفى " ولاح لكم القمر المنير " الظاهر أنه استعارة للقائم عليه السلام ويؤيده ما مر بسند آخر " وأشرق لكم قمركم " ويحتمل أن يكون من علامات قيامه عليه السلام ظهور قمر آخر أو شئ شبيه بالقمر. " إن اتبعتم طالع المشرق " أي القائم عليه السلام وذكر المشرق إما لترشيح الاستعارة السابقة أو لان ظهوره عليه السلام من مكة وهي شرقية بالنسبة (إلى المدينة) أو لان اجتماع العساكر عليه وتوجهه عليه السلام إلى فتح البلاد إنما يكون من الكوفة وهي شرقية بالنسبة إلى الحرمين وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار الله برهانه بعيد " والتعسف " أي لا تحتاجون في زمانه عليه السلام إلى طلب الرزق والظلم على الناس لاخذ أموالهم " ونبذتهم الثقل الفادح " أي الديون المثقلة ومظالم العباد أو إطاعة أهل الجور وظلمهم " ولا يبعد الله " أي في ذلك الزمان أو مطلقا " إلا من أبى " (أي) عن طاعته عليه السلام أو طاعة الله و " ظلم " أي نفسه أو الناس " واعتسف " أي مال عن طريق الحق أو ظلم غيره. 25 - نهج: من خطبة له صلوات الله عليه (في ذكر الملاحم: يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي. منها: حتى تقوم الحرب بكم على ساق باديا نواجذها مملوءة أخلافها حلوا رضاعها علقما عاقبتها). ألا وفي غد وسيأتي غد بما لا تعرفون يأخذ الوالي من غيرها عمالها على مساوي أعمالها وتخرج له الارض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة ويحيي ميت الكتاب والسنة. (بيان: الساق الشدة أو بالمعنى المشهور كناية عن استوائها. وبدو النواجذ كناية عن بلوغ الحرب غايتها كما أن غاية الضحك أن تبدو النواجذ ويمكن أن يكون كناية عن الضحك على التهكم). أيضاح: قال ابن أبي الحديد: " ألا وفي غد " تمامه قوله عليه السلام " يأخذ الوالي " وبين الكلام جملة اعتراضية وهي قوله عليه السلام " وسيأتي غد بما لا تعرفون " والمراد تعظيم


 

[131]

شأن الغد الموعود ومثله كثير في القرآن ثم قال: قد كان تقدم ذكر طائفة من الناس ذات ملك وإمرة فذكر عليه السلام أن الوالي يعني القائم عليه السلام يأخذ عمال هذه الطائفة على سوء أعمالهم و " على " ههنا متعلقة بيأخذ وهي بمعنى يؤاخذ وقال: الافاليذ جمع أفلاذ والافلاذ جمع فلذة وهي القطعة من الكبد كناية عن الكنوز التي تظهر للقائم عليه السلام وقد فسر قوله تعالى " وأخرجت الارض أثقالها " بذلك في بعض التفاسير. أقول: وقال ابن أبي الحديد في شرح بعض خطبه صلوات الله عليه: قال شيخنا أبو عثمان وقال أبو عبيدة: وزاد فيها في رواية جعفر بن محمد عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام ألا إن أبرار عترتي وأطائب ارومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا ومن قول صادق سمعنا فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا معنا رأية الحق من تبعها لحق ومن تأخر عنها غرق ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل عن أعناقكم، وبنا فتح لا بكم، وبنا يختم لا بكم. ثم قال ابن أبي الحديد: " وبنا يختم لا بكم " إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة عليها السلام وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه وقد صرحوا بذكره في كتبهم وأعترف به شيوخهم إلا أنه عندنا لم يخلق بعد وسيخلق وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضا. روى قاضي القضاة عن كافي الكفاة إسماعيل بن عباد ره باسناد متصل بعلي عليه السلام أنه ذكر المهدي وقال إنه من ولد الحسين عليه السلام وذكر حليته فقال: رجل أجلى الجبين أقنى الانف ضخم البطن أزيل الفخذين أبلج الثنايا بفخذه اليمنى شامة وذكر هذا الحديث بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب غريب الحديث انتهى. أقول: في ديوان أمير المؤمنين صلوات الله عليه المنسوب إليه: بني إذا ما جاشت الترك فانتظر * ولاية مهدي يقوم فيعدل وذل ملوك الارض من آل هاشم * وبويع منهم من يلذ ويهزل صبي من الصبيان لا رأي عنده * ولا عنده جد ولا هو يعقل


 

[132]

فثم يقوم القائم الحق منكم * وبالحق يأتيكم وبالحق يعمل سمي نبي الله نفسي * فداؤه فلا تخذلوه يا بني وعجلوا (3) * (باب) * " (ماروى في ذلك عن الحسنين صلوات الله عليهما) " 1 - ك: المضفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه عن جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي سعيد عقيصاء قال: لما صالح الحسن ابن علي عليه السلام معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال عليه السلام: ويحكم ما تدرون ما عملت ؟ والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت ألا تعلمون أنني إمامكم مفترض الطاعة عليكم وأحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قالوا: بلى، قال: أما علمتم أن الخضر لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار كان ذلك سخطا لموسى بن عمران عليه السلام إذ خفي عليه وجه الحكمة فيه وكان ذلك عند الله حكمة وصوابا أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم خلفه فان الله عزوجل يخفي ولادته ويغيب شخصه لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الاماء يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره بقدرته في صورة شاب ابن دون أربعين سنة ذلك ليعلم أن الله على كل شئ قدير. ج: عن حنان بن سدير مثله. 2 - ك: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، عن أبي عمرو الليثي، عن محمد بن مسعود، عن علي بن محمد بن شجاع، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن


 

[133]

عبد الرحمان بن الحجاج، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: في التاسع من ولدي سنة من يوسف وسنة من موسى بن عمران وهو قائمنا أهل البيت يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة. 3 - ك: المعاذي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن موسى بن الفرات، عن عبد الواحد بن محمد، عن سفيان، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، عن رجل من همدان قال: سمعت الحسين بن علي صلوات الله عليهما يقول: قائم هذه الامة هو التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي. 4 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن عبد السلام الهروي، عن وكيع ابن الجراح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمان بن سليط قال: قال الحسين ابن علي صلوات الله عليهما: منا اثنا عشر مهديا أو لهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم التاسع من ولدي وهو الامام القائم بالحق يحيي الله به الارض بعد موتها ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت على الدين فيها آخرون فيودون ويقال لهم: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، أما إن الصابر في غيبته على الاذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله. 5 - ك: علي بن محمد بن الحسن القزويني، عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن أحمد بن يحيى الاحول، عن خلاد المقري، عن قيس بن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما كذلك سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول. 6 - ك: أبي، عن محمد بن يحيى العطار، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن حمدان بن منصور، عن سعد بن محمد، عن عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن


 

[134]

علي عليه السلام: أنت صاحب هذا الامر ؟ قال: لا ولكن صاحب هذا الامر الطريد الشريد الموتور بأبيه المكني بعمه يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر. 7 - غط: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن علي، عن أحمد بن إدريس عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن عقبة بن يونس، عن عبد الله بن شريك في حديث له اختصرناه قال: مر الحسين على حلقة من بني امية وهم جلوس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فقال: أما والله لا يذهب الدنيا حتى يبعث الله مني رجلا يقتل منكم ألفا ومع الالف ألفا ومع الالف ألفا فقلت: جعلت فداك إن هؤلاء أولاد كذا وكذا لا يبلغون هذا فقال: ويحك إن في ذلك الزمان يكون للرجل من صلبه كذا وكذا رجلا وإن مولى القوم من أنفسهم. (4) * (باب) * * (ماروى في ذلك عن علي بن الحسين صلوات الله عليه) * 1 - ك: ابن عصام، عن الكليني، عن القاسم بن العلا، عن إسماعيل بن علي (عن علي بن إسماعيل) عن ابن حميد، عن ابن قيس، عن الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: فينا نزلت هذه الآية " واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " (1) وفينا نزلت هذه الآية " وجعلها كلمة باقية في عقبه " (2) والامامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إلى يوم القيامة وإن للقائم منا غيبتين إحداهما أطول من الاخرى أما الاولى فستة أيام وستة أشهر وست سنين وأما الاخرى فيطول أمدها حتى يرجع عن هذا الامر أكثر من يقول به فلا يثبت عليه إلا من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا مما قضينا وسلم لنا أهل البيت. بيان: قوله عليه السلام: " فستة أيام " لعله إشارة إلى اختلاف أحواله عليه السلام في

 

(1) يعنى ما في الاحزاب: 6. (2) الزخرف: 28.

 

[135]

غيبته فستة أيام لم يطلع على ولادته إلا خاص الخاص من أهاليه عليه السلام ثم بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص ثم بعد ست سنين عند وفات والده عليه السلام ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحدثم بعد ستة أشهر انتشر أمره وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء والاظهر أنه إشارة إلى بعض الازمان المختلفة التي قدرت لغيبته وأنه قابل للبداء ويؤيده ما رواه الكليني باسناده عن الاصبغ في حديث طويل قد مر بعضه في باب إخبار أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة فقال ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين فقلت: وإن هذا لكائن ؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ اولئك خيار هذه الامة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك ؟ فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فان له بداءات وإرادات وغايات ونهايات. فانه يدل على أن هذا الامر قابل للبداء والترديد قرينة ذلك والله يعلم. 2 - ك: الدقاق والشيباني معا، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: القائم منا تخفى ولادته على الناس حتى يقولوا لم يولد بعد ليخرج حين يخرج وليس لاحد في عنقه بيعة. 3 - جا: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن بشر الكناسي، عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين عليه السلام: يابا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم لاينجو إلا من أخذ الله ميثاقه اولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله وإسرافيل أمامه، معه رأية رسول الله صلى الله عليه وآله قد نشرها لايهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله عزوجل.


 

[136]

(5) * (باب) * * (ماروى عن الباقر صلوات الله عليه في ذلك) * 1 - ك: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عبد الله بن حماد ومحمد بن سنان معا، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السقال: قال لي يا أبا الجارود إذا دار الفلك، وقال الناس: مات القائم أو هلك، بأي واد سلك وقال الطالب: أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارجوه فإذا سمعتم به فائتوه ولو حبوا على الثلج. نى: أحمد بن هوذه، عن النهاوندي، عن أبي الجارود مثله. بيان: الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه أواسته. 2 - ك: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى وابن أبي الخطاب والهيثم النهدي جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أقرب الناس إلى الله عزوجل وأعلمهم وأرأفهم بالناس محمد والائمة صلوات الله عليهم أجمعين فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا أعني بذلك حسينا وولده عليهم السلام فان الحق فيهم وهم الاوصياء ومنهم الائمة فأين ما رأيتموهم فاتبعوهم فان أصبحتم يوما لاترون منهم أحدا فاستعينوا بالله وانظروا السنة التي كنتم عليها فاتبعوها وأحبوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج. 3 - ك: عبد الواحد بن محمد، عن أبي عمرو الليثى، عن محمد بن مسعود، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي ويعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن، عن سعد بن أبي خلف، عن معروف بن خربوذ قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عنكم قال: نحن بمنزلة النجوم إذا خفي نجم بدا نجم مأمن وأمان وسلم وإسلام وفاتح ومفتاح حتى إذا استوى بنو عبد المطلب فلم يدر أي من أي أظهر الله عزوجل صاحبكم فاحمدوا الله عزوجل وهو يخير الصعب على


 

[137]

الذلول، فقلت: جعلت فداك فأيهما يختار ؟ قال يختار الصعب على الذلول. بيان: " لم يدر أي من أي ": لايعرف أيهم الامام أو لا يتميزون في الكمال تميزا بينا لعدم كون الامام ظاهرا بينهم والصعب والذلول إشارة إلى السحابتين اللتين خير ذو القرنين بينهما فاختار الذلول وترك الصعب للقائم عليه السلام وسيأتي وقد مر في أحوال ذي القرنين. 4 - ك: بهذا الاسناد، عن محمد بن مسعود، عن نصر بن الصباح، عن جعفر ابن سهل، عن أبي عبد الله أخي عبد الله (1) الكابلي، عن القابوسي، عن نضر بن السندي، عن الخليل بن عمرو، عن علي بن الحسين الفزاري، عن إبراهيم بن عطية، عن ام هانئ الثقفية قال: غدوت على سيدي محمد بن علي الباقر عليه السلام فقلت له: يا سيدي آية في كتاب الله عزوجل عرضت بقلبي أقلقتني وأسهرتني قال: فاسئلي يا ام هانئ ؟ قالت قلت: قول الله عزوجل " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " قال: نعم المسألة سألتني يا ام هانئ هذا مولود في آخر الزمان هو المهدي من هذه العترة تكون له حيرة وغيبة يضل فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام فيا طوبى لك إن أدركته. ويا طوبى من أدركه. 5 - ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن أبي القاسم قال: كتبت من كتاب أحمد الدهان، عن القاسم بن حمزة، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل السراج، عن خيثمة الجعفي، عن أبي أيوب (2) المخزومي قال: ذكر أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة الخلفاء الراشدين فلما بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الذي يصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه عليك بسنته والقرآن الكريم. 6 - نى: سلامة بن محمد، عن أحمد بن داود، عن أحمد بن الحسن، عن عمران بن الحجاج، عن ابن أبي نجران، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق عن أسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ قال: قلت: لابي جعفر عليه السلام ما معنى قول الله عز

 

(1) في المصدر: أخى أبي على الكابلي. راجع ج 1 ص 446. (2) في المصدر: عن أبي لبيد المخزومي راجع ج 1 ص 448.

 

[138]

وجل " فلا اقسم بالخنس " قال لي: يا ام هانئ إمام يخنس نفسه حتى ينقطع عن الناس علمه سنة ستين ومأتين ثم يبدو كالشهاب الواقد في الليلة الظلماء فان أدركت ذلك الزمان قرت عيناك. نى: الكليني، عن علي بن محمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب ابن شاذان، عن الحسين بن أبي الربيع، عن محمد بن إسحاق مثله إلا أنه قال: كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء. 7 - نى: الكليني، عن علي، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف ابن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما نجومكم كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم غيب الله عنكم نجمكم و استوت بنو عبد المطلب فلم يعرف أي من أي فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم. 8 - نى: محمد بن همام بإسناد له، عن عبد الله بن عطا قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إن شيعتك بالعراق كثير ووالله ما في بيتك مثلك فكيف لا تخرج ؟ فقال: يا عبد الله بن عطا قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى لا والله ما أنا بصاحبكم قلت: فمن صاحبنا ؟ فقال: انظروا من غيب عن الناس ولادته، فذلك صاحبكم إنه ليس منا أحد يشار إليه بالاصابع ويمضغ بالالس إلا مات غيظا أو حتف أنفه. نى: الكليني، عن الحسن بن محمد وغيره، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن العباس بن عامر، عن موسى بن هليل العبدي، عن عبد الله بن عطا مثله. بيان: الاظهر ما مر في رواية ابن عطا أيضا إلا مات قتلا ومع قطع النظر عما مر يحتمل أن يكون الترديد من الراوي ويحتمل أن يكون الموت غيظا كناية عن القتل أو يكون المراد بالشق الثاني الموت على غير حال شدة وألم أو يكون الترديد لمحض الاختلاف في العبارة أي إن شئت قل هكذا وإن شئت هكذا. 9 - نى: محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن عباد بن يعقوب عن يحيى بن يعلى، عن أبي مريم الانصاري، عن عبد الله بن عطا قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن القائم عليه السلام فقال: والله ما هو أنا ولا الذي تمدون إليه


 

[139]

أعناقكم ولا يعرف ولادته، قلت: بما يسير ؟ قال: بما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله هدر ما قبله واستقبل. 10 - نى: علي بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد ابن سنان، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا يزالون ولا تزال حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون خلق أم لم يخلق. نى: علي بن الحسين، عن محمد العطار، عن محمد بن الحسين الرازي، عن ابن أبي الخطاب مثله. 11 - نى: محمد بن همام قال: حدثني الفزاري، عن ابن أبي الخطاب وقد حدثني الحميري، عن ابن عيسى معا، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا تزالون تمدون أعناقكم إلى الرجل منا تقولون هو هذا فيذهب الله به حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون ولد أم لم يولد خلق أم لم يخلق. نى: على بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن محمد بن أحمد القلانسي عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود مثله. 12 - نى: علي بن الحسين، عن محمد العطار، عن محمد بن الحسن الرازي عن (محمد بن علي) الكوفي، عن محمد بن سنان، عن يحيى بن المثنى، عن ابن بكير ورواه الحكم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كأني بكم إذا صعدتم فلم تجدوا أحدا ورجعتم فلم تجدوا أحدا. 13 - نى: (روى الشيخ المفيد ره في كتاب الغيبة، عن) (1) علي بن الحسين عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرزاق، عن محمد بن سنان، عن فضيل الرسان، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام ذات يوم فلما تفرق من كان عنده قال لي: يا أبا حمزة من المحتوم الذي حتمه الله قيام قائمنا فمن شك فيما

 

(1) المصدر خال مما جعلناه بين العلامتين وهو الصحيح راجع ص 41 من المصدر.

 

[140]

أقول لقي الله وهو به كافر، ثم قال: بأبي وامي المسمى باسمي والمكنى بكنيتي السابع من بعدي بأبي (من) يملا الارض عدلا (وقسطا) كما ملئت ظلما وجورا يا باحمزة من أدركه فيسلم له ما سلم لمحمد وعلي فقد وجبت له الجنة ومن لم يسلم فقد حرم الله عليه الجنة وماواه النار وبئس مثوى الظالمين (1). وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه وأحسن إليه قوله: عزوجل في محكم كتابه " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله " و معرفة الشهور المحرم وصفر وربيع وما بعده والحرم منها رجب وذو القعدة و ذو الحجة والمحرم وذلك لا يكون دينا قيما لان اليهود والنصارى والمجوس و سائر الملل والناس جميعا من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدونها بأسمائها وليس هو كذلك وإنما عنى بهم الائمة القوامين بدين الله والحرم منها أمير المؤمنين عليه السلام الذي اشتق الله سبحانه له اسما من أسمائه العلي كما اشتق لمحمد صلى الله عليه وآله اسما من أسمائه المحمود وثلاثة من ولده أسماؤهم علي بن الحسين وعلي بن موسى وعلي بن محمد ولهذا الاسم المشتق من أسماء الله عزوجل حرمة به يعني أمير المؤمنين عليه السلام. (14 - كا: العدة، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن زيد أبي الحسن عن الحكم بن أبي نعيم قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة فقلت له: علي نذر بين الركن والمقام إذا أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فلم يجبني بشئ، فأقمت ثلاثين يوما، ثم استقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لههنا بعد ؟ فقلت: إني أخبرتك بما جعلت الله علي فلم تأمرني ولم تنهني عن شئ ولم تجبني بشئ فقال: بكر علي غدوة المنزل فغدوت عليه فقال عليه السلام: سل عن حاجتك، فقلت: إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا ؟ فان كنت أنت، رابطتك، وإن لم تكن أنت، سرت في الارض فطلبت

 

(1) ههنا يتم الحديث وما بعده من كلام النعماني رحمه الله فلا تغفل (*).

 

[141]

المعاش، فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله. قلت: فأنت المهدي ؟ قال: كلنا يهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف ؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله ؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وبلغت خمسا وأربعين، وإن صاحب هذا أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة (1). بيان: " علي نذر " أي وجب علي نذر أي منذور وبين الركن والمقام ظرف " علي " والمراد بالمقام إما مقامه الآن فيكون بيانا لطول الحطيم أو مقامه السابق فيكون بيانا لعرضه لكن العرض يزيد على ما هو المشهور أنه إلى الباب، وإنما اختار هذا الموضع لانه أشرف البقاع فيصير عليه أوجب وكأن " صياما " كان بدون الواو، ومع وجوده عطف تفسير أو المراد بالنذر شئ آخر لم يفسره، والظاهر أن نذره كان هكذا: لله عليه إن لقيه عليه السلام وخرج من المدينة قبل أن يعلم هذا الامر أن يصوم كذا ويتصدق بكذا " رابطتك " أي لازمتك ولم افارقك قوله: " يهدي إلى الله " على المجرد المعلوم لاستلزام كونهم هادين لكونهم مهديين أو المجهول، أو على بناء الافتعال المعلوم بادغام التاء في الدال وكسر الهاء كقوله تعالى: " أم من لا يهدي إلا أن يهدى " والاول أظهر. " أقرب عهدا باللبن " أي بحسب المراى والمنظر، أي يحسبه الناس شابا لكمال قوته وعدم ظهور أثر الكهولة والشيخوخة فيه، وقيل: أي عند إمامته، فذكر الخمس والاربعين لبيان أنه كان عند الامامة أسن، لعلم السائل أنه لم يمض من إمامته حينئذ إلا سبع سنين، فسنه عندها كانت ثمانا وثلاثين، والاول أوفق بما سيأتي من الاخبار فتفطن).

 

(1) الكافي ج 1 ص 536.

 

[142]

(6) * (باب) * * (ماروى في ذلك عن الصادق صلوات الله عليه) * 1 - ك، ع: أبي، عن الحميري، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي نجران، عن فضالة، عن سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في القائم سنة من يوسف قلت: كأنك تذكر حيرة أو غيبة قال لي: وما تنكر من هذا هذه الامة أشباه الخنازير إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال لهم يوسف عليه السلام: أنا يوسف. فما تنكر هذه الامة الملعونة أن يكون الله عزوجل في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجته، لقد كان يوسف إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عزوجل أن يعرف مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، وما تنكر هذه الامة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عزوجل أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف و هذا أخي ". بيان: من بدوهم أي من طريق البادية. 2 - ع: المظفر العلوي، عن ابن العياشي وحيدر بن محمد السمرقندي معا عن العياشي، عن جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للقائم منا غيبة يطول أمدها فقلت له: ولم ذاك يابن رسول الله ؟ قال إن الله عزوجل أبى إلا أن يجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام في غيباتهم وأنه لابد له ياسدير من


 

[143]

استيفاء مدد غيباتهم قال الله عزوجل: " لتركبن طبقا عن طبق " أي سننا على سنن من كان قبلكم. 3 - لى: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لكل اناس دولة يرقبونها * ودولتنا في آخر الدهر تظهر 4 - ك: ابن إدريس، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: من أقر بجميع الائمة عليهم السلام وجحد المهدي كان كمن أقر بجميع الانبياء وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته. فقيل يابن رسول الله ممن المهدي ؟ من ولدك ؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته. - ك: الدقاق، عن الاسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، عنه عليه السلام مثله. 5 - ك: أبي، وابن الوليد معا، عن سعد، عن الحسن بن علي الزيتوني ومحمد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي، عن أبي الهيثم ابن أبي حية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اجتمعت ثلاثة أسماء متوالية محمد وعلي والحسن فالرابع القائم عليه السلام. غط: محمد الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي، عن سلم بن أبي حية مثله. 6 - ك: الطالقاني، عن محمد بن همام، عن أحمد بن مابندار، عن أحمد ابن هلال، عن امية بن علي القيسي، عن أبي الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا توالت ثلاثة أسماء محمد وعلي والحسن كان رابعهم قائمهم. 7 - ك: الدقاق، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن المفضل بن عمر قال: دخلت على سيدي جعفر بن محمد عليه السلام فقلت: يا سيدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك ؟ فقال لي: يا مفضل الامام من بعدي ابني موسى والخلف المأمول


 

[144]

المنتظر م ح م د ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى. 8 - ك: علي بن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن محمد بن خلف (1) عن محمد ابن سنان وأبي علي الزراد معا عن إبراهيم الكرخي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاني لجالس عنده إذ دخل أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وهو غلام فقمت إليه فقبلته وجلست فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا إبراهيم أما إنه صاحبك من بعدي أما إنه ليهلكن فيه قوم ويسعد آخرون فلعن الله قاتله وضاعف على روحه العذاب أما ليخرجن الله من صلبه خير أهل الارض في زمانه سمي جده ووارث علمه و أحكامه وفضائله، معدن الامامة ورأس الحكمة يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفة حسدا له ولكن الله بالغ أمره ولو كره المشركون. يخرج الله من صلبه تمام اثنا عشر مهديا اختصهم الله بكرامته، وأحلهم دار قدسه، المقر بالثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله يذب عنه قال فدخل رجل من موالي بني امية فانقطع الكلام فعدت إلى أبي عبد الله عليه السلام أحد عشر مرة اريد منه أن يستتم الكلام فما قدرت على ذلك فلما كان قابل السنة الثانية دخلت عليه وهو جالس فقال: يا إبراهيم المفرج للكرب (عن) شيعته بعد ضنك شديد، وبلاء طويل، وجزع وخوف، فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان حسبك يا إبراهيم. فما رجعت بشئ أسر من هذا لقلبي ولا أقر لعيني. 8 - ك: ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن الحسين بن زيد، عن الحسن بن موسى، عن علي بن سماعة، عن علي بن الحسن بن رباط، عن أبيه، عن المفضل قال: قال الصادق عليه السلام إن الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا فقيل له: يابن رسول الله ومن الاربعة عشر ؟ فقال: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ولد الحسين عليهم السلام آخرهم القائم

 

(1) في المصدر المطبوع ج 2 ص 3: علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا أبي عن جدي أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد الخ وهو الصحيح راجع مستدرك النوري قدس سره ج 3 ص 665.

 

[145]

الذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجال ويطهر الارض من كل جور وظلم. 9 - ك: الهمداني، عن ابن عقدة، عن أبي عبد الله العاصمي، عن الحسين ابن القاسم بن أيوب، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن ثابت بن الصباح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: منا اثنا عشر مهديا مضى ستة وبقي ستة يضع الله في السادس ما أحب. 10 - ك: الدقاق، عن الاسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام من أقر بالائمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الانبياء عليهم السلام وجحد محمدا صلى الله عليه وآله نبوته، فقلت: سيدي ومن المهدي ؟ من ولدك ؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته. 11 - ك: العطار، عن أبيه، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن صفوان الجمال قال: قال الصادق عليه السلام: أما والله ليغيبن عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم: ما لله في آل محمد حاجة ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. 12 - ك: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن ابن بزيع عن حنان السراج، عن السيد بن محمد الحميري في حديث طويل يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلام: يابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة كونها فأخبرني بمن تقع ؟ فقال عليه السلام: ستقع بالسادس من ولدي والثاني عشر من الائمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائم بالحق بقية الله في أرضه صاحب الزمان وخليفة الرحمان والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. 13 - ك: ابن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن صالح ابن محمد، عن هانئ التمار قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إن لصاحب هذا الامر


 

[146]

غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه. 14 - ك: الدقاق، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن ابن البطائني عن أبيه، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن سنن الانبياء عليهم السلام ما وقع عليهم من الغيبات جارية في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة قال أبو بصير: فقلت له: يابن رسول الله ! ومن القائم منكم أهل البيت ؟ فقال: يابا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى ذلك ابن سيدة الامآء يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ثم يظهره الله عزوجل فيفتح على يديه مشارق الارض ومغاربها وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه وتشرق الارض بنور ربها ولا تبقى في الارض بقعة عبد فيها غير الله عزوجل إلا عبد الله فيها ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون. بيان: قال الجزري: القذة ريش السهم ومنه الحديث لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة أي كما يقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها و تقطع، يصرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. 15 - غط: جماعة، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة عن الفضل، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها. 16 - غط: أحمد بن إدريس، عن علي بن الفضل، عن أحمد بن عثمان عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن العلاء الرازي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ينتج الله في هذه الامة رجلا مني وأنا منه يسوق الله به بركات السموات والارض فتنزل السماء قطرها ويخرج الارض بذرها وتأمن وحوشها وسباعها ويملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويقتل حتى يقول الجاهل: لو كان هذا من ذرية محمد لرحم. 17 - نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن محمد بن سنان، عن الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: تواصلوا وتباروا وتراحموا فوالذي فلق الحبة وبرء


 

[147]

النسمة ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ودرهمه موضعا يعني لا يجد له عند ظهور القائم عليه السلام موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل الله وفضل وليه فقلت وأنى يكون ذلك فقال: عند فقدكم إمامكم فلا تزالون كذلك حتى يطلع عليكم كما يطلع الشمس أينما تكونون فاياكم والشك والارتياب انفوا عن نفوسكم الشكوك وقد حذرتم فاحذروا ومن الله أسأل توفيقكم وإرشادكم. بيان: الظاهر أن يعني كلام النعماني والظاهر أنه ره أخطأ في تفسيره لانه وصف لزمان الغيبة لا لزمان ظهوره عليه السلام كما يظهر من آخر الخبر بل المعنى أن الناس يكونون خونة لا يوجد من يؤتمن على درهم ولا دينار. 18 - نى: عبد الواحد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن رباح، عن أحمد ابن علي الحميري، عن الحسين بن أيوب، عن عبد الكريم الخثعمي، عن محمد بن عصام، عن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام في مجلسه ومعي غيري فقال لنا: إياكم والتنويه يعني باسم القائم عليه السلام وكنت أراه يريد غيري فقال لي: يابا عبد الله إياكم والتنويه والله ليغيبن سنينا من الدهر وليخملن حتى يقال: مات هلك بأي واد سلك ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر حتى لاينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب الايمان في قلبه وأيده بروح منه ولترفعن اثنا عشر رأيه مشتبهة لايعرف أي من أي قال: فبكيت فقال لي: ما يبكيك ؟ قلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنا عشر رأية مشتبهة لايعرف أي من أي قال: فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال عليه السلام: أهذه الشمس مضيئة ؟ قلت: نعم، قال: والله لامرنا أضوء منها. بيان: (التنوين في قوله " سنينا " على لغة بني عامر قال الازهري في التصريح: وبعضهم يجري بنين وباب سنين وإن لم يكن علما مجرى غسلين في لزوم الياء و الحركات على النون منونة غالبا على لغة بني عامر انتهى). خمل ذكره وصوته خمولا خفي ويقال: كفأت الاناء أي قلبته وقوله:


 

[148]

وليكفأن أي المؤمنون وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب. 19 - نى: محمد بن همام، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زيد بن قدامة، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القائم إذا قام يقول الناس: أني ذلك وقد بليت عظامه. 20 - نى: علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن المفضل بن عمر قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ما علامة القائم ؟ قال: إذا استدار الفلك، فقيل مات أو هلك في أي واد سلك، قلت: جعلت فداك ثم يكون ماذا ؟ قال: لا يظهر إلا بالسيف. 21 - نى: ابن عقدة، عن القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، عن عباس ابن هشام الناشري، عن عبد الله بن جبلة، عن فضيل الصائغ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا فقد الناس الامام مكثوا سبتا لا يدرون أيا من أي ثم يظهر الله لهم صاحبهم. توضيح: السبت الدهر. 22 - نى: علي بن أحمد، عن عبد الله بن موسى، عن الحسن بن معاوية عن ابن محبوب، عن خلاد بن قصار قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام هل ولد القائم ؟ قال: لا ولو أدركته لخدمته أيام حياتي ايضاح: لخدمته أي ربيته وأعنته. 23 - قل: باسنادنا إلى أبي جعفر الطوسي، عن جماعة، عن التلعكبري عن ابن همام، عن جميل، عن القاسم بن إسماعيل، عن أحمد بن رباح، عن أبي الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي نقلناه من أصله قال: كان أبو عبد الله عليه السلام في الحج في السنة التي قدم فيها. أبو عبد الله عليه السلام تحت الميزاب وهو يدعو وعن يمينه عبد الله بن الحسن، وعن يساره حسن بن حسن وخلفه جعفر بن حسن قال: فجاءه عباد بن كثير البصري فقال له: يا أبا عبد الله قال: فسكت عنه حتى قالها ثلاثا قال: ثم قال له: يا جعفر ! قال: فقال له: قل ما تشاء يا أبا كثير قال: إني وجدت في كتاب


 

[149]

لي علم هذه البنية رجل ينقضها حجرا حجرا قال: فقال له: كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأني والله بأصفر القدمين، خمش الساقين، ضخم البطن، دقيق العنق، ضخم الرأس على هذا الركن وأشار بيده إلى الركن اليماني يمنع الناس من الطواف حتى يتذعروا منه قال ثم يبعث الله له رجلا مني وأشار بيده إلى صدره فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الاوتاد قال: فقال له عند ذلك عبد الله بن الحسن: صدق والله أبو عبد الله عليه السلام حتى صدقوه كلهم جميعا. نقل من خط الشهيد ره عن أبي الوليد، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " قد قامت الصلاة " إنما يعني به قيام القائم عليه السلام. 24 - كتاب مقتضب الاثر في النص على الاثني عشر، عن محمد بن جعفر الآدمي وأثنى عليه ابن غالب الحافظ عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين ابن علوان، عن همام بن الحارث، عن وهب بن منبه قال: إن موسى عليه السلام نظر ليلة الخطاب إلى كل شجرة في الطور، وكل حجر ونبات تنطق بذكر محمد واثني عشر وصيا له من بعده، فقال موسى: إلهي لا أرى شيئا خلقته إلا وهو ناطق بذكر محمد وأوصيائه الاثني عشر، فما منزلة هؤلاء عندك ؟ قال: يا ابن عمران ! إني خلقتهم قبل خلق الانوار، وجعلتهم في خزانة قدسي يرتعون في رياض مشيتي ويتنسمون من روح جبروتي، ويشاهدون أقطار ملكوتي، حتى إذا شئت مشيتي أنفذت قضائي وقدري. يا ابن عمران ! إني سبقت بهم استباقي، حتى ازخرف بهم جناني، يابن عمران ! تمسك بذكرهم فانهم خزنة علمي وعيبة حكمتي، ومعدن نوري، قال حسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمد عليه السلام فقال: حق ذلك هم اثنا عشر من آل محمد: علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ومن شاء الله قلت: جعلت فداك إنما أسألك لتفتيني بالحق، قال: أنا وابني هذا وأومأ إلى ابنه موسى والخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحل ذكره باسمه.


 

[150]

(7) * (باب) * * (ماروى عن الكاظم صلوات الله عليه في ذلك) * 1 - ع: أبي، عن سعد، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن جده محمد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم أحد عنها يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع ؟ قال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه. ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد مثله. غط: سعد مثله. نى: الكليني، عن علي بن محمد، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن جعفر مثله. نص: علي بن محمد السندي، عن محمد بن الحسين، عن سعد مثله. بيان: قوله يا بني على جهة اللطف والشفقة. 2 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن محمد بن زياد الازدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل " وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة " فقال: النعمة الظاهرة الامام الظاهر والباطنة الامام الغائب فقلت له: ويكون في الائمة من يغيب ؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا يسهل الله له كل عسير ويذلل له كل صعب ويظهر له كنوز الارض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد، ويهلك على يده كل شيطان مريد ذاك ابن سيدة الاماء الذي يخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته


 

[151]

حتى يظهره (الله) عزوجل فيملا به الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال الصدوق ره: لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عند منصرفي من حج بيت الله الحرام وكان رجلا ثقة دينا فاضلا رحمة الله عليه ورضوانه. نص: محمد بن عبد الله بن حمزة، عن عمه الحسن، عن علي، عن أبيه مثله. 3 - ك: أبي، عن سعد، عن الخشاب، عن العباس بن عامر قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول صاحب هذا الامر يقول الناس لم يولد بعد. 4 - ك: الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن خالد، عن علي بن حسان، عن داود بن كثير قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن صاحب هذا الامر قال: هو الطريد الوحيد الغريب الغائب عن أهله الموتور بأبيه. 5 - ك: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البجلي، عن معاوية بن وهب وأبي قتادة علي بن محمد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: قلت له: ما تأويل قول الله عزوجل " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " ؟ فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون. 6 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس ابن عبد الرحمان قال: دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له: يابن رسول الله أنت القائم بالحق ؟ فقال: أنا القائم بالحق ولكن القائم الذي يطهر الارض من أعداء الله ويملاها عدلا كما ملئت جورا هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون ثم قال عليه السلام: طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا اولئك منا ونحن منهم قد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة وطوبى لهم، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة. نص: محمد بن عبد الله بن حمزة، عن عمه الحسن، عن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي مثله.


 

[152]

(8) (باب) * (ما جاء عن الرضا عليه السلام في ذلك) * 1 - ع، ن: الطالقاني، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام أنه قال: كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه قلت له: ولم ذلك يا ابن رسول الله ؟ قال: لان إمامهم يغيب عنهم فقلت: ولم ؟ قال لئلا يكون في عنقه لاحد بيعة إذا قام بالسيف. 2 - ن: أبي، عن الحميري، عن أحمد بن هلال، عن ابن محبوب، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال لي: لابد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء وأهل الارض وكل حرى وحران (1) وكل حزين لهفان ثم قال: بأبي وامي سمي جدي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه السلام عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين كأني بهم آيس ما كانوا، نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين. 3 - ك: أبي، عن سعد، عن جعفر الفزاري، عن علي بن الحسن بن فضال عن الريان بن الصلت، عن الرضا عليه السلام مثله (2) وفيه: تتوقد من شعاع ضياء القدس

 

(1) الحرة العطش فالرجل: حران، والمرءة: حرى. (2) كذا في النسخة المطبوعة وفى المصدر هكذا: حدثنا أبي (ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن الريان بن الصلت قال: سمعته يقول: سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن القائم عليه السلام فقال: لا يرى جسمه ولا يسمى باسمه. ثم قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن هلال =

 

[153]

يحزن لموته أهل الارض والسماء كم من حرى. بيان: قال الجزري: الفتنة الصماء هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لان الاصم لا يسمع الاستغاثة ولا يقلع عما يفعله وقيل هي كالحية الصماء التي لاتقبل الرقى انتهى. أقول: لا يبعد أن يكون مأخوذا من قولهم صخرة صماء أي الصلبة المصمتة كناية عن نهاية اشتباه الامر فيها حتى لا يمكن النفوذ فيها والنظر في باطنها وتحير أكثر الخلق فيها أو عن صلابتها وثباتها واستمرارها والصيلم الداهية والامر الشديد ووقعة صيلمة أي مستأصلة و " بطانة الرجل " صاحب سره الذي يشاوره في أحواله و " وليجة الرجل " دخلاؤه وخاصته أي يزل فيها خواص الشيعة والمراد بالثالث الحسن العسكري والظاهر رجوع الضمير في " عليه " إليه ويحتمل رجوعه إلى إمام الزمان المعلوم بقرينة المقام وعلى التقديرين المراد بقوله سمي جدي القائم عليه السلام. قوله عليه السلام " عليه جيوب النور " لعل المعنى أن جيوب الاشخاص النورانية من كمل المؤمنين والملائكة المقربين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه وإنما ذلك لنور إيمانهم الساطع من شموس عوالم القدس ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتي يسطع منها أنوار فيضه وفضله تعالى والحاصل أن عليه صلوات الله عليه أثواب قدسية وخلع ربانية تتقد من جيوبها أنوار فضله وهدايته تعالى ويؤيده ما مر في رواية محمد بن الحنفية عن النبي صلى الله عليه وآله " جلابيب النور " ويحتمل أن يكون على تعليلية أي ببركة هدايته وفيضه عليه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم

 

= العبرتائى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: قال لي: لابد من قتنة صماء صيلم الحديث وفيه " ويتوقد من سناء ضياء القدس ". والظاهر أن نسخة المصنف من كتاب كمال الدين قد كانت ناقصة اتصل سند الحديث الاول بالمتن من حديث الثاني راجع كمال الدين ج 2 ص 4 1 وص 361. (*)

 

[154]

والمعارف الربانية. قوله: " يسمع " على بناء المجهول أو المعلوم وعلى الاول " من " حرف الجر وعلى الثاني اسم موصول وكذا الفقرة الثانية يحتمل الوجهين. 4 - ك، ن: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن الهروي، قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليهما السلام قصيدتي التي أولها: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الامام ؟ ومتى يقوم ؟ فقلت: لا يا مولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الارض من الفساد ويملاها عدلا كما ملئت جورا فقال: يا دعبل الامام بعدي محمد ابني وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاها عدلا كما ملئت جورا وأما متى ؟ فاخبار عن الوقت ولقد حدثني أبي، عن أبيه عن آبائه، عن علي عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قيل له: يارسول الله متى يخرج القائم من ذريتك ؟ فقال: مثله مثل الساعة لا يجلبها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والارض لا يأتيكم إلا بغتة. نص: محمد بن عبد الله بن حمزة، عن عمه الحسن، عن علي، عن أبيه، عن الهروي مثله. 5 - ك ابن الوليد: عن الصفار، عن ابن يزيد، عن أيوب بن نوح قال: قلت للرضا عليه السلام: إنا لنرجو أن تكون صاحب هذا الامر وأن يسديه الله عزوجل إليك من غير سيف فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك فقال: ما منا أحد اختلفت


 

[155]

إليه الكتب وسئل عن المسائل وأشارت إليه الاصابع وحملت إليه الاموال إلا اغتيل أو مات على فراشه حتى يبعث الله عزوجل لهذا الامر رجلا خفي المولد والمنشأ غير خفي في نسبه. (بيان: في الكافي واشير إليه بالاصابع كناية عن الشهرة، والاغتيال الاخذ بغتة والتقل خديعة والمراد هنا القتل بالآلة وبالموت القتل بالسم والاول يصحبهما والمراد بالثاني الموت غيظا بلا ظفر). 6 - ك: العطار، عن أبيه، عن الاشعري، عن خمحمد بن حمدان، عن خاله أحمد بن زكريا قال: قال لي الرضا عليه السلام أين منزلك ببغداد ؟ قلت: الكرخ قال: أما إنه أسلم موضع ولابد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة وذلك بعد فقدان الشيعة الثالث من ولدي. 7 - نى: محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر، عن اليقطيني، عن محمد بن أبي يعقوب البلخي قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: إنه سيبتلون بما هو أشد وأكبر يبتلون بالجنين في بطن امه والرضيع حتى يقال غاب ومات ويقولون لا إمام وقد غاب رسول الله صلى الله عليه وآله وغاب وغاب وها أنا ذا أموت حتف أنفي. بيان: قوله عليه السلام " وغاب وغاب " أي كان له غيبات كثيرة كغيبته في حرى وفي الشعب وفي الغار وبعد ذلك إلى أن دخل المدينة ويحتمل أن يكون فاعل الفعلين محذوفا بقرينة المقام أي غاب غيره من الانبياء ويحتمل أن يكون عليه السلام ذكرهم وعبر الراوي هكذا اختصارا. 8 - نى: الكليني، عن علي بن محمد، عن بعض رجاله، عن أيوب بن نوح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم.


 

[156]

(9) (باب) * (ماروى في ذلك عن الجواد صلوات الله عليه) * 1 - ك: الدقاق، عن محمد بن هارون الرؤياني، عن عبد العظيم الحسني قال: دخلت على سيدي محمد بن علي عليهما السلام وأنا اريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره ؟ فابتدأني فقال: يا أبا القاسم إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولدي والذي بعث محمدا بالنبوة وخصنا بالامامة إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وإن الله تبارك وتعالى يصلح أمره في ليلة أصلح أمر كليمه موسى عليه السلام ليقتبس لاهله نارا فرجع وهو رسول نبي ثم قال عليه السلام: أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج. 2 - نى: محمد بن همام، عن أحمد بن مابنداد، عن أحمد بن هلال، عن امية بن (1) علي القيسي قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام: من الخلف بعدك ؟ قال: ابني علي ابني علي ثم أطرق مليا ثم رفع رأسه ثم قال: إنها ستكون حيرة قلت: فإذا كان ذلك فإلى من ؟ (2) فسكت ثم قال: لا أين حتى قالها ثلاثا فأعدت فقال إلى المدينة فقلت: أي المدن فقال: مدينتنا هذه وهل مدينة غيرها. وقال أحمد بن هلال: أخبرني ابن بزيع أنه حضر امية بن علي القيسي وهو يسأل أبا جعفر عليه السلام عن ذلك فأجابه بهذا الجواب. * (هامش) (1) في النسخة المطبوعة: عن أحمد بن هلال، عن أبيه، عن على القيسي والصحيح ما أثبتناه. وكذا فيما يأتي. (2) في المصدر: فالى أين ؟ وهو المناسب لما في الجواب من قوله عليه السلام: " لا أين ". راجع ص 97 و 98.


 

[157]

نى: علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن هلال عن امية بن علي القيسي وذكر مثله. بيان: " فقال لا أين " أي لا يهتدى إليه وأين يوجد ويظفر به ثم أشار عليه السلام إلى أنه يكون في بعض الاوقات في المدينة أو يراه بعض الناس فيها. 3 - نى: محمد بن همام. عن أبي عبد الله محمد بن هشام، عن أبي سعد سهل بن زياد عن عبد العظيم بن عبد الله، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام أنه سمعه يقول: إذا مات ابني علي بدا سراج بعده ثم خفي فويل للمرتاب وطوبى للعرب الفار بدينه ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي ويسير الصم الصلاب. بيان: سير الصم الصلاب كناية عن شدة الامر وتغير الزمان حتى كأن الجبال زالت عن مواضعها أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه. 4 - نص: أبو عبد الله الخزاعي، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى: إني لارجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما فقال: يا أبا القاسم مامنا إلا قائم بأمر الله وهاد إلى دين الله ولست القائم الذي يطهر الله به الارض من أهل الكفر والجحود ويملاها عدلا وقسطا هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله وكنيه وهو الذي يطوى له الارض ويذل له كل صعب يجتمع إليه من أصحابه عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الارض وذلك قول الله عزوجل: " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير " فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الارض أظهر أمره فإذا أكمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج باذن الله فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تبارك وتعالى قال عبد العظيم: قلت له: يا سيدي وكيف يعلم أن الله قد رضي ؟ قال يلقى في قلبه الرحمة. 5 - نص: محمد بن علي، عن ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول:


 

[158]

الامام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي والامام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه ثم سكت فقلت له: يابن رسول الله فمن الامام بعد الحسن ؟ فبكى عليه السلام بكاء شديدا ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر فقلت له: يابن رسول الله ولم سمي القائم قال: لانه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته فقلت له: ولم سمي المنتظر قال: إن له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ به الجاحدون ويكذب فيها الوقاتون ويهلك فيها المستعجلون وينجو فيها المسلمون. 6 - نص: علي بن محمد بن السندي، عن محمد بن الحسن، عن الحميري عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي قال: قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام: من الخلف من بعدك قال: ابني علي ثم قال أما إنها ستكون حيرة، قال: قلت: إلى أين ؟ فسكت ثم قال إلى المدينة قال: قلت: وإلى أي مدينة قال: مدينتنا هذه وهل مدينة غيرها. 7 - قال أحمد بن هلال: فأخبرني محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه حضر امية ابن علي وهو يسأل أبا جعفر الثاني عن ذلك فأجابه بمثل ذلك الجواب. 8 - وبهذا الاسناد عن امية بن علي القيسي، عن أبي الهيثم التميمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا توالت ثلاثة أسماء كان رابعهم قائمهم محمد وعلي والحسن. (9) (باب) * (نص العسكريين صلوات الله عليهما على القائم عليه السلام) * - 1 ن، ك: أبي وابن الوليد، عن سعد، عن محمد بن أحمد العلوي، عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك ؟ فقال: لانكم لاترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره ؟


 

[159]

قال: قولوا الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله. نص: علي بن محمد (بن) السندي، عن محمد بن الحسن، عن سعد مثله. 2 - ك: أبي، عن الحميري، عن محمد بن عمر (ان) الكاتب، عن علي بن محمد الصيمري، عن علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله (عن) الفرج فكتب: إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين، فتوقعوا الفرج. 3 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن الخشاب، عن إسحاق بن أيوب قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام يقول: صاحب هذا الامر من يقول الناس: لم يولد بعد. وحدثنا بهذا الحديث محمد بن إبراهيم، عن إسحاق بن أيوب (1). 4 - ك: أبي، عن سعد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي غانم، عن إبراهيم بن محمد ابن فارس قال: كنت أنا وأيوب بن نوح في طريق مكة فنزلنا على وادي زبالة فجلسنا نتحدث فجرى ذكر ما نحن فيه وبعد الامر علينا فقال أيوب بن نوح: كتبت في هذه السنة أذكر شيئا من هذا فكتب (إلي): إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم. (بيان: " علمكم " بالتحريك أي من يعلم به سبيل الحق، وهو الامام عليه السلام أو بالكسر أي صاحب علمكم، فرجع إلى الاول أو أصل العلم، بأن تشيع الضلالة والجهالة في الخلق، وتوقع الفرج من تحت الاقدام كناية عن قربه وتيسر حصوله، فان من كانت قدماه على شئ فهو أقرب الاشياء به، ويأخذه إذا رفعهما، فعلى الاولين المعنى أنه لابد أن تكونوا في تلك الازمان متوقعين للفرج كذلك، غير آيسين منه، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ظهور الامام أي يحصل لكم فرج إما بالموت والوصول إلى رحمة الله، أو ظهور الامام، أو رفع شر الاعادي بفضل الله وعلى الوجه الثالث، الكلام محمول على ظاهره، فانه إذا

 

(1) في المصدر: وحدثنا بهذا الحديث محمد بن ابراهيم عن محمد بن معقل، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن اسحاق بن محمد بن أيوب، عن أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام الحديث راجع ج 2 ص 53.

 

[160]

تمت جهالة الخلق وضلالتهم لابد من ظهور الامام عليه السلام كما دلت الاخبار وعادة الله في الامم الماضية عليه). 5 - ك: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن علي بن صدقة، عن علي بن عبد الغفار قال: لما مات أبو جعفر الثاني عليه السلام كتبت الشيعة إلى أبي الحسن عليه السلام يسألونه عن الامر فكتب عليه السلام إليهم: الامر لي مادمت حيا فإذا نزلت بي مقادير الله تبارك وتعالى أتاكم الخلف مني وأنى لكم بالخلف من بعد الخلف. 6 - ك: العطار، عن سعد، عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام يقول: كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني أما إن المقر بالائمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقر بجميع أنبياء الله ورسله ثم أنكر نبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله والمنكر لرسول الله صلى الله عليه وآله كمن أنكر جميع الانبياء لان طاعة آخرنا كطاعة أولنا والمنكر لآخرنا كالمنكر لاولنا أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله عزوجل. نص: الحسين بن علي، عن العطار مثله. 7 - ك: الطالقاني، عن أبي علي بن همام قال: سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول: سمعت أبي يقول: سئل أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام أن الارض لا تخلو من حجة الله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (فقال عليه السلام: إن هذا حق كما أن النهار حق. فقيل له: يابن رسول الله فمن الحجة والامام بعدك ؟ فقال: ابني محمد وهو الامام والحجة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية) (1). أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقاتون ثم يخرج فكأني أنظر إلى الاعلام البيض تخقق فوق رأسه بنجف الكوفة. نص: أبو المفضل، عن أبي علي بن همام مثله. 8 - ك: علي بن عبد الله الوراق، عن سعد، عن موسى بن جعفر البغدادي

 

(1) ما جعلناه بين العلامتين ساقط من النسخة المطبوعة راجع المصدر ج 2 ص 81.

 

[161]

قال: خرج من أبي محمد عليه السلام توقيع: زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا نسلي وقد كذب الله قولهم والحمد لله. 9 - ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي بن كلثوم، عن علي بن أحمد الرازي، عن أحمد بن إسحاق قال: سمعت أبا محمد الحسن ابن علي العسكري عليه السلام يقول: الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خلقا وخلقا يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته ثم يظهره فيملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. 10 - غط: سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الزيتوني، عن الزهري الكوفي، عن بنان بن حمدويه قال: ذكر عند أبي الحسن العسكري عليه السلام مضي أبي جعفر عليه السلام فقال: ذاك إلي مادمت حيا باقيا ولكن كيف بهم إذا فقدوا من بعدي. 11 - غط: أبو هاشم الجعفري قال: قلت لابي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني عن مسألتك فتأذن لي في أن أسألك ؟ قال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد ؟ قال: نعم، قلت: فان حدث حدث فأين أسأل عنه فقال: بالمدينة. 12 - غط: جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن أبي نعيم نصر بن عصام بن المغيرة الفهري المعروف بقرقارة، عن أبي سعيد المراغي، عن أحمد بن إسحاق أنه سأل أبا محمد عليه السلام، عن صاحب هذا الامر فأشار بيده أي إنه حي غليظ الرقبة. 13 - نص: أبو المفضل الشيباني، عن الكليني، عن علان الرازي قال: أخبرني بعض أصحابنا أنه لما حملت جارية أبي محمد عليه السلام قال: ستحملين ذكرا و اسمه م ح م د وهو القائم من بعدي. 14 - ك: العطار، عن أبيه، عن جعفر الفزاري، عن محمد بن أحمد المدائني، عن أبي حاتم قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام يقول: في سنة مأتين وستين تفرق شيعتي ففيها قبض أبو محمد عليه السلام وتفرقت شيعته وأنصاره فمنهم من


 

[162]

انتمى إلى جعفر ومنم من تاه وشك ومنهم من وقف على تحيره ومنهم من ثبت على دينه بتوفيق الله عزوجل. 15 - يج: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عيسى بن صبيح قال: دخل الحسن العسكري عليه السلام علينا الحبس وكنت به عارفا فقال لي: لك خمس وستون سنة و شهر ويومان وكان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي وإني نظرت فيه فكان كما قال وقال: هل رزقت ولدا ؟ فقلت: لا فقال: اللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم تمثل عليه السلام: من كان ذا عضد يدرك ضلامته * إن الذليل الذي ليست له عضد قلت: ألك ولد ؟ قال: أي والله سيكون لي ولد يملا الارض قسطا فأما الآن فلا ثم تمثل: لعلك يوما إن تراني كأنما * بني حوالي الاسود اللوابد فان تميما قبل أن يلد الحصا * أقام زمانا (وهو) في الناس واحد. (11) * (باب) * * (نادر فيما أخبر به الكهنة) * واضرابهم وما وجد من ذلك مكتوبا في الالواح والصخور روي البرسي في مشارق الانوار عن كعب بن الحارث قال: إن ذاجدن الملك أرسل إلى السطيح لامرشك فيه فلما قدم عليه أراد أن يجرب علمه قبل حكمه فخبأ له دينارا تحت قدمه ثم أذن له فدخل فقال له الملك: ما خبأت لك ياسطيح ؟ فقال سطيح: حلفت بالبيت والحرم، والحجر الاصم، والليل إذا أظلم، والصبح إذا تبسم، وبكل فصيح وأبكم، لقد خبأت لي دينارا بين النعل والقدم، فقال الملك: من أين علمك هذا ياسطيح ! فقال: من قبل أخ لي حتى ينزل معي أني نزلت. فقال الملك: أخبرني عما يكون في الدهور، فقال سطيح: إذا غارت الاخيار


 

[163]

وقادت الاشرار، وكذب بالاقدار، وحمل المال بالاوقار، وخشعت الابصار لحامل الاوزار، وقطعت الارحام، وظهرت الطغام، المستحلي الحرام، في حرمة الاسلام واختلفت الكلمة، وخفرت الذمة، وقلت الحرمة، وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب، وله شبيه الذنب، فهناك تنقطع الامطار، وتجف الانهار، وتختلف الاعصار، وتغلو الاسعار، في جميع الاقطار. ثم تقبل البربر بالرايات الصفر، على البراذين السبر، حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبيح المحرمات، و يترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحل فرجها فعندها يظهر ابن النبي المهدي، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب، وابن عمه في الحرم، وظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم، بقتل القروم، فعندها ينكسف كسوف، إذا جاء الزحوف، وصف الصفوف. ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن، أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن، فيذهب بخروجه غمر الفتن، فهناك يظهر مباركا زكيا، وهاديا مهديا، وسيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم، فيكشف بنوره الظلماء، ويظهر به الحق بعد الخفاء، ويفرق الاموال في الناس بالسواء، ويغمه السيف فلا يسفك الدماء، ويعيش الناس في البشر والهناء، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى، ويكثر في الناس الضيافة والقرى، ويرفع بعدله الغواية والعمى، كأنه كان غبار فانجلى، فيملا الارض عدلا وقسطا والايام حباء، وهو علم للساعة بلا امتراء. (وروى ابن عياش في المقتضب، عن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن محمد بن علي بن الحسن البوشنجاني، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن


 

[164]

النوشجان بن البودمردان، قال: لما جلى الفرس عن القادسية وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة العرب عليه وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعا وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هاربا في أهل بيته ووقف بباب الايوان، وقال: السلام عليك أيها الايوان ! ها أناذا منصرف عنك وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه. قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك وقلت له: ما قوله: " أو رجل من ولدي " فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عزوجل السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده. ومنه، عن عبد الله بن القاسم البلخي، عن أبي سلام الكجي (عن) عبد الله بن مسلم، عن عبد الله بن عمير، عن هرمز بن حوران، عن فراس، عن الشعبي قال: إن عبد الملك بن مروان دعاني فقال: يا أبا عمرو إن موسى بن نصر العبدي كتب إلي وكان عامله على المغرب يقول: بلغني أن مدينة من صفر كان ابتناها نبي الله سليمان بن داود، أمر الجن أن يبنوها له فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها وأنها من عين القطر التي ألانها الله لسليمان بن داود، وأنها في مفازة الاندلس، وأن فيها من الكنوز التي استودعها سليمان وقد أردت أن أتعاطى الارتحال إليها فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنه صعب لا يتمطى إلا بالاستعداد من الظهور والازواد الكثيرة مع بقاء بعد المسافة وصعوبتها، وأن أحدا لم يهتم بها إلا قصر عن بلوغها إلا دارا بن دارا، فلما قتله الاسكندر قال: والله لقد جئت الارض والاقاليم كلها ودان لي أهلها، وما أرض إلا وقد وطئتها إلا هذه الارض من الاندلس، فقد أدركها دارا بن دارا، وإني لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا. فتجهز الاسكندر واستعد للخروج عاما كاملا فلما ظن أنه قد استعد لذلك، وقد كان بعث رواده فأعلموا أن موانعا دونها. فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصر يأمره بالاستعداد والاستخلاف على عمله


 

[165]

فاستعد وخرج فرآها وذكر أحوالها فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها، وقال في آخر الكتاب: فلما مضت الايام وفنيت الازواد، سرنا نحو بحيرة ذات شجر وسرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته وأمرت بانتساخه فإذا هو شعر: ليعلم المرء ذوالعز المنيع ومن * يرجو الخلود وما حي بمخلود لو أن خلقا ينال الخلد في مهل * لنال ذاك سليمان بن داود سالت له القطر عين القطر فائضة * بالقطر سنة عطاء غير مصدود فقال للجن ابنو الي به أثرا * يبقى إلى الحشر لايبلى ولا يؤدي فصيروه صفاحا ثم هيل له * إلى السماء باحكام وتجويد وأفرغ القطر فوق السور منصلتا * فصار أصلب من صماء صيخود وثب فيه كنوز الارض قاطبة * وسوف يظهر يوما غير محدود وصار في قعر بطن الارض مضطجعا * مصمدا بطوابيق الجلاميد لم يبق من بعده للملك سابقة * حتى تضمن رمسا غير اخدود هذا ليعلم أن الملك منقطع * إلا من الله ذي النعماء و الجود حتى إذا ولدت عدنان صاحبها * من هاشم كان منها خير مولود وخصه الله بالآيات منبعثا * إلى الخليقة منها البيض والسود له مقاليد أهل الارض قاطبة * والاوصياء له أهل المقاليد هم الخلائف اثنا عشرة حججا * من بعدها الاوصياء السادة الصيد حتى يقوم بأمر الله قائمهم * من السماء إذا ما باسمه نودي فلما قرأ عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك وكان رسوله إليه بما عاين من ذلك، وعنده محمد بن شهاب الزهري قال: ما ترى في هذا الامر العجيب ؟ فقال الزهري: أرى وأظن أن جنا كانوا موكلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيلون إلى من كان صعدها، قال عبد الملك: فهل علمت من أمر المنادي من السماء شيئا قال: اله عن هذا يا أمير المؤمنين، قال عبد الملك: كيف ألهو عن


 

[166]

ذلك وهو أكبر أوطاري لتقولن بأشد ما عندك في ذلك، ساءني أم سرني. فقال الزهري: أخبرني علي بن الحسين عليهما السلام أن هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عبد الملك: كذبتما لا تزالان تدحضان في بولكما وتكذبان في قولكما، ذلك رجل منا. قال الزهري أما أنا فرويته لك عن علي ابن الحسين عليهما السلام فان شئت فاسأله عن ذلك ولا لوم علي فيما قلته لك فان يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم، فقال عبد الملك: لا حاجة لي إلى سؤال بني أبي تراب فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد قال الزهري: لك علي ذلك. بيان: لا يؤدي: أي لا يهلك. وقال الجوهري: كل شئ أرسلته إرسالا من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه قلت: هلته أهيله هيلا فانهال أي جرى وانصب وقال: صلت ما في القدح أي صببته، وقال: صخرة صيخود أي شديدة. قوله: مصمدا بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة. قال الجوهري: المصمد لغة في المصمت وهو الذي لاجوف له وقال: صمد فلان رأسه تصميدا أي شده بعصابة أو ثوب ماخلا العمامة، وقال: الطابق: الآجر الكبير، فارسي معرب، والجلاميد جمع الجلمود بالضم هو الصخر. والرمس بالفتح: القبر أو ترابه، والاخدود بالضم شق في الارض مستطيل و (الصيد جمع) الاصيد: الملك، والرجل الذي يرفع رأسه كبرا).


 

[167]

(12). " باب ". * (ذكر الأدلة التى ذكرها شيخ الطائفة رحمه الله) * * (على اثبات الغيبة) * قال رحمه الله: اعلم أن لنا في الكلام في غيبة صاحب الزمان عليه السلام طريقين: أحدهما أن نقول: إذا ثبت وجوب الامامة في كل حال وأن الخلق مع كونهم غير معصومين لا يجوز أن يخلو من رئيس في وقت من الاوقات وأن من شرط الرئيس أن يكون مقطوعا على عصمته فلا يخلو ذلك الرئيس من أن يكون ظاهرا معلوما أو غائبا مستورا فإذا علمنا أن كل من يدعى له الامامة ظاهرا ليس بمقطوع على عصمته بل ظاهر أفعالهم وأحوالهم ينافي العصمة ممن هو غائب من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة وغيرهم قولهم باطل علمنا بذلك صحة إمامة ابن الحسن وصحة غيبته وولايته ولا نحتاج إلى تكلف الكلام في إثبات ولادته وسبب غيبته مع ثبوت ما ذكرناه ولان الحق لا يجوز خروجه عن الامة. والطريق الثاني أن نقول: الكلام في غيبة ابن الحسن فرع على ثبوت إمامته والمخالف لنا إما أن يسلم لنا إمامته ويسأل عن سبب غيبته فنكلف جوابه أو (لا) يسلم لنا إمامته فلا معنى لسؤاله عن غيبة من لم يثبت إمامته ومتى نوزعنا في ثبوت إمامته دللنا عليها بأن نقول قد ثبت وجوب الامامة مع بقاء التكليف على من ليس بمعصوم في جميع الاحوال و الاعصار بالادلة القاهرة وثبت أيضا أن من شرط الامام أن يكون مقطوعا على عصمته وعلمنا أيضا أن الحق لا يخرج عن الامة. فإذا ثبت ذلك وجدنا الامة بين أقوال بين قائل: يقول لا إمام فما ثبت من وجوب الامامة في كل حال يفسد قوله، وقائل يقول بامامة من ليس بمقطوع على عصمته فقوله يبطل بما دللنا عليه من وجوب القطع على عصمة الامام، ومن ادعى


 

[168]

العصمة لبعض من يذهب إلى إمامته فالشاهد يشهد بخلاف قوله لان أفعالهم الظاهرة وأحوالهم تنافي العصمة، فلا وجه لتكلف القول فيما نعلم ضرورة خلافه، ومن ادعيت له العصمة وذهب قوم إلى إمامته كالكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية والناووسية القائلين بإمامة جعفر بن محمد وأنه لم يمت والواقفة الذين قالوا: إن موسى بن جعفر لم يمت فقولهم باطل من وجوه سنذكرها. فصار الطريقان محتاجين إلى فساد قول هذه الفرق ليتم ما قصدناه ويفتقران إلى إثبات الاصول الثلاثة التي ذكرناها من وجوب الرئاسة، ووجوب القطع على العصمة، وأن الحق لا يخرج عن الامة. ونحن ندل على كل واحد من هذه الاقوال بموجز من القول لان استيفاء ذلك موجود في كتبي في الامامة على وجه لا مزيد عليه والغرض بهذا الكتاب ما يختص الغيبة دون غيرها والله الموفق لذلك بمنه. والذي يدل على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفا في الواجبات العقلية فصارت واجبة كالمعرفة التي لا يعرى مكلف من وجوبها عليه ألا ترى أن من المعلوم أن من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدب الجاني ويأخذ على يد المتقلب ويمنع القوي من الضعيف وأمنوا ذلك، وقع الفساد وانتشر الحيل، وكثر الفساد، وقل الصلاح، ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الامر بالعكس من ذلك، من شمول الصلاح وكثرته، وقلة الفساد ونزارته والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء فمن دفعه لا يحسن مكالمته وأجبنا عن كل ما يسأل على ذلك مستوفى في تلخيص الشافي وشرح الجمل لانطول بذكره ههنا. ووجدت لبعض المتأخرين كلاما اعترض به كلام المرتضى ره في الغيبة وظن أنه ظفر بطائل فموه به على من ليس له قريحة ولا بصر بوجوه النظر وأنا أتكلم عليه فقال: الكلام في الغيبة والاعتراض عليها من ثلاثة أوجه: أحدها أن نلزم الامامية ثبوت وجه قبح فيها أو في التكليف معها فيلزمهم أن


 

[169]

يثبتوا أن الغيبة ليس فيها وجه قبح لان مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف مالا يطاق أن فيه وجه قبح وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفا لغيره. والثاني أن الغيبة تنقض طريق وجوب الامامة في كل زمان لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا في كل حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة لانا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه سبيله أبعد من القبيح وهو دليل وجوب هذه الرئاسة، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل. والثالث أن يقال: إن الفائدة بالامامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم وذلك لا يحصل مع وجوده غائبا فلم ينفصل وجوده من عدمه، وإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد، ولا هو حاصل في هذه الحال. الكلام عليه أن نقول: أما الفصل الاول من قوله: " إنا نلزم الامامية أن يكون في الغيبة وجه قبح " وعيد منه محض لا يقترن به حجة فكان ينبغي أن يبين وجه القبح الذي أراد إلزامه إياهم لننظر فيه ولم يفعل فلا يتوجه وعيده وإن قال ذلك سائلا على وجه " ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح " فانا نقول وجوه القبح معقولة من كون الشئ ظلما وعبئا وكذبا ومفسدة وجهلا وليس شئ من ذلك موجودا ههنا فعلمنا بذلك انتفاء وجود القبح. فان قيل: وجه القبح أنه لم يزح علة المكلف على قولكم لان انبساط يده الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل فصار ذلك إخلالا بلطف المكلف فقبح لاجله.


 

[170]

قلنا: قد بينا في باب وجوب الامامة بحيث أشرنا إليه أن انبساط يده و الخوف من تأديبه إنما فات المكلفين لما يرجع إليهم لانهم أحوجوه إلى الاستتار بأن أخافوه ولم يمكنوه فاتوا من قبل نفوسهم وجرى ذلك مجرى أن يقول قائل: " من لم يحصل له معرفة الله تعالى، في تكليفه وجه قبح " لانه لم يحصل ما هو لطف له من المعرفة فينبغي أن يقبح تكليفه فما يقولونه ههنا من أن الكافر اتي من قبل نفسه لان الله قد نصب له الدلالة على معرفته ومكنه من الوصول إليها فإذا لم ينظر ولم يعرف اتي في ذلك من قبل نفسه ولم يقبح ذلك تكليفه فكذلك نقول: انبساط يد الامام وإن فات المكلف فانما اتي من قبل نفسه ولو مكنه لظهر وانبسطت يده فحصل لطفه فلم يقبح تكليفه لان الحجة عليه لا له. وقد استوفينا نظائر ذلك في الموضع الذي أشرنا إليه وسنذكر فيما بعد إذا عرض ما يحتاج إلى ذكره. وأما الكلام في الفصل الثاني فهو مبني على ألفاظه ولا نقول إنه لم يفهم ما أورده لان الرجل كان فوق ذلك لكن أراد التلبيس والتمويه وهو قوله إن دليل وجوب الرئاسة ينتقض بحال الغيبة لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا على كل حال وقبح التكليف مع فقده ينتقض في زمان الغيبة ولم يقبح التكليف مع فقده فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض. وإنما قلنا إنه تمويه لان ظن أنا نقول إن في حال الغيبة دليل وجوب الامامة قائم ولا إمام فكان نقضا ولا نقول ذلك، بل دليلنا في حال وجود الامام بعينه هو دليل حال غيبته في أن في الحالين الامام لطف فذ نقول إن زمان الغيبة خلا من وجود رئيس بل عندنا أن الرئيس حاصل وإنما ارتفع انبساط يده لما يرجع إلى المكلفين على ما بيناه لا لان انبساط يده خرج من كونه لطفا بل وجه اللطف به قائم وإنما لم يحصل لما يرجع إلى غير الله فجرى مجرى أن يقول قائل كيف يكون معرفة الله تعالى لطفا مع أن الكافر لايعرف الله فلما كان التكليف على


 

[171]

الكافر قائما والمعرفة مرتفعة دل على أن المعرفة ليست لطفا على كل حال لانها لو كانت كذلك لكان نقضا. وجوابنا في الامامة كجوابهم في المعرفة من أن الكافر لطفه قائم بالمعرفة و إنما فوت (على) نفسه بالتفريط في النظر المؤدي إليها فلم يقبح تكليفه فكذلك نقول: الرئاسة لطف للمكلف في حال الغيبة وما يتعلق بالله من إيجاده حاصل وإنما ارتفع تصرفه وانبساط يده لامر يرجع إلى المكلفين فاستوى الامران والكلام في هذا المعنى مستوفى أيضا بحيث ذكرناه. وأما الكلام في الفصل الثالث من قوله إن الفائدة بالامامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم وذلك لم يحصل مع غيبته فلم ينفصل وجوده من عدمه فإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ولا هو حاصل في هذه الحال. فانا نقول: إنه لم يفعل في هذا الفصل أكثر من تعقيد القول على طريقة المنطقيين من قلب المقدمات ورد بعضها على بعض ولا شك أنه قصد بذلك التمويه والمغالطة وإلا فالامر أوضح من أن يخفى متى قالت الامامية إن انبساط يد الامام لا يجب في حال الغيبة حتى يقول: دليلكم لا يدل على وجوب إمام غير منبسط اليد لان هذه حال الغيبة، بل الذي صرحنا دفعة بعد اخرى أن انبساط يده واجب في الحالين في حال ظهوره وحال غيبته غير أن حال ظهوره مكن منه فانبسطت يده وحال الغيبة لم يمكن فانقبضت يده لا أن انبساط يده خرج من باب الوجوب وبينا أن الحجة بذلك قائمة على المكلفين من حيث منعوه ولم يمكنوه فاتوا من قبل نفوسهم، وشبهنا ذلك بالمعرفة دفعة بعد اخرى. وأيضا فانا نعلم أن نصب الرئيس واجب بعد الشرع لما في نصبه من اللطف لتحمله القيام بما لا يقوم به غيره، ومع هذا فليس التمكين واقعا لاهل الحل والعقد من نصب من يصلح لها خاصة على مذهب أهل العدل الذين كلامنا معهم


 

[172]

ومع هذا لا يقول أحد إن وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه، فجوابنا في غيبة الامام جوابهم في منع أهل الحل والعقد من اختيار من يصلح لامامة ولا فرق بينهما فانما الخلاف بيننا أنا قلنا علمنا ذلك عقلا وقالوا ذلك معلوم شرعا وذلك فرق من غير موضع الجمع. فان قيل: أهل الحل والعقد إذا لم يتمكنوا من اختيار من يصلح للامامة فإن الله يفعل ما يقوم مقام ذلك من الالطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال إن الامام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف. قلنا: أما من قال نصب الامام لمصالح دنياوية قوله يفسد لانه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنه يجب إقامة الامامة مع الاختيار على أن ما يقوم به الامام من الجهاد وتولية الامراء والقضاء، وقسمة الفئ، واستيفاء الحدود والقصاصات امور دينية لا يجوز تركها، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك وأما من قال: يفعل الله ما يقوم مقامه باطل لانه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الامام مطلقا على كل حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كل حال دليل على فساد ما قالوه. على أنه يلزم على الوجهين جميعا المعرفة بأن يقال: الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كل حال أو يقال إنما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لا يجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة، ومتى قيل إنه لا بدل للمعرفة، قلنا وكذلك لا بدل للامام، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي، وكذلك إن بينوا أن الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني قلنا مثل ذلك في وجود الامام سواء. فان قيل: لا يخلو وجود رئيس مطاع منبسط اليد من أن يجب على الله جميع


 

[173]

ذلك أو يجب علينا جميعه أو يجب على الله إيجاده وعلينا بسط يده فان قلتم يجب جميع ذلك على الله، فانه ينتقض بحال الغيبة لانه لم يوجد إمام منبسط اليد وإن وجب علينا جميعه فذلك تكليف مالا يطاق لانا لا نقدر على إيجاده وإن وجب عليه إيجاده وعلينا بسط يده وتمكينه فما دليلكم عليه مع أن فيه أنه يجب علينا أن نفعل ما هو لطف للغير وكيف يجب على زيد بسط يد الامام ليحصل لطف عمرو، وهل ذلك إلا نقض الاصول. قلنا: الذي نقوله أن وجود الامام المنبسط اليد إذا ثبت أنه لطف لنا على ما دللنا عليه ولم يكن إيجاده في مقدورنا لم يحسن أن نكلف إيجاده لانه تكليف مالا يطاق وبسط يده وتقوية سلطانه قد يكون في مقدورنا وفي مقدور الله فإذا لم يفعل الله علمنا أنه غير واجب عليه وأنه واجب علينا لانه لابد من أن يكون منبسط اليد ليتم الغرض بالتكليف وبينا بذلك أن بسط يده لو كان من فعله تعالى لقهر الخلق عليه بالحيلولة بينه وبين أعدائه وتقوية أمره بالملائكة وبما أدى إلى سقوط الغرض بالتكليف، وحصول الالجاء، فإذا يجب علينا بسط يده على كل حال وإذا لم نفعله اتينا من قبل نفوسنا. فأما قولهم: في ذلك إيجاد اللطف علينا للغير، غير صحيح لانا نقول إن كل من يجب عليه نصرة الامام وتقوية سلطانه له في ذلك مصلحة تخصه وإن كانت فيه مصلحة ترجع إلى غيره كما تقوله في أن الانبياء يجب عليهم تحمل أعباء النبوة والاداء إلى الخلق ما هو مصلحة لهم لان لهم في القيام بذلك مصلحة تخصهم وإن كانت فيها مصلحة لغيرهم. ويلزم المخالف في أهل الحل والعقد بأن يقال: كيف يجب عليهم اختيار الامام لمصلحة ترجع إلى جميع الامة وهل ذلك إلا إيجاب الفعل عليهم لما يرجع إلى مصلحة غيرهم فأي شئ أجابوا به فهو جوابنا بعينه سواء. فان قيل: لم زعمتم أنه يجب إيجاده في حال الغيبة وهلا جاز أن يكون معدوما. قلنا: إنما أوجبناه من حيث إن تصرفه الذي هو لطفنا إذا لم يتم إلا بعد وجوده وإيجاده لم يكن في مقدورنا قلنا عند ذلك أنه يجب على الله ذلك وإلا أدى


 

[174]

إلى أن لا نكون مزاحي العلة بفعل اللطف فنكون اتينا من قبله تعالى لا من قبلنا وإذا أوجده ولم نمكنه من انبساط يده اتينا من قبل نفوسنا فحسن التكليف وفي الاول لم يحسن. فان قيل: ما الذي تريدون بتمكيننا إياه ؟ أتريدون أن نقصده ونشافهه وذلك لايتم إلا مع وجوده وقيل لكم لا يصح جميع ذلك إلا مع ظهوره وعلمنا أو علم بعضنا بمكانه وإن قلتم نريد بتمكيننا أن نبخع بطاعته والشد على يده ونكف عن نصرة الظالمين ونقوم على نصرته متى دعانا إلى إمامته ودلنا عليها بمعجزته قلنا لكم: فنحن يمكننا ذلك في زمان الغيبة وإن لم يكن الامام موجودا فيه. فكيف قلتم لايتم ما كلفناه من ذلك إلا مع وجود الامام. قلنا الذي نقوله في هذا الباب ما ذكره المرتضى ره في الذخيرة وذكرناه في تلخيص الشافي أن الذي هو لطفنا من تصرف الامام وانبساط يده لايتم إلا بامور ثلاثة أحدها يتعلق بالله وهو إيجاده والثاني يتعلق به من تحمل أعباء الامامة والقيام بها والثالث يتعلق بنا من العزم على نصرته، ومعاضدته، والانقياد له، فوجوب تحمله عليه فرع على وجوده لانه لا يجوز أن يتناول التكليف المعدوم فصار إيجاد الله إياه أصلا لوجوب قيامه، وصار وجوب نصرته علينا فرعا لهذين الاصلين لانه إنما يجب علينا طاعته إذا وجد، وتحمل أعباء الامامة وقام بها، فحينئذ يجب علينا طاعته، فمع هذا التحقيق كيف يقال: لم لا يكن معدوما. فان قيل: فما الفرق بين أن يكون موجودا مستترا أو معدوما حتى إذا علم منا العزم على تمكينه أوجده قلنا: لا يحسن من الله تعالى أن يوجب علينا تمكين من ليس بموجود لانه تكليف مالا يطاق فإذا لابد من وجوده. فان قيل: يوجده الله إذا علم أنا ننطوي على تمكينه بزمان واحد كما أنه يظهر عند مثل ذلك قلنا: وجوب تمكينه والانطواء على طاعته لازم في جميع أحوالنا فيجب أن يكون التمكين من طاعته والمصير إلى أمره ممكنا في جميع الاحوال وإلا لم يحسن التكليف وإنما كان يتم ذلك لو لم نكن مكلفين في كل


 

[175]

حال لوجوب طاعته والانقياد لامره، بل كان يجب علينا ذلك عند ظهوره والامر بخلافه. ثم يقال لمن خالفنا في ذلك وألزمنا عدمه على استتاره: لم لا يجوز أن يكلف الله تعالى المعرفة ولا ينصب عليها دلالة إذا علم أنا لاننظر فيها حتى إذا علم من حالنا أنا نقصد إلى النظر ونعزم على ذلك، أوجد الادلة ونصبها فحينئذ ننظر ونقول ما الفرق بين دلالة منصوبة لا ينظر فيها وبين عدمها حتى إذا عزمنا على النظر فيها أوجدها الله. ومتى قالوا: نصب الادلة من جملة التمكين الذي لا يحسن التكليف من دونه كالقدرة والآلة قلنا: وكذلك وجود الامام عليه السلام من جملة التمكين من وجوب طاعته ومتى لم يكن موجودا لم يمكنا طاعته كما أن الادلة إذا لم تكن موجودة لم يمكنا النظر فيها فاستوى الامران. وبهذا التحقيق يسقط جميع ما يورد في هذا الباب من عبارات لا ترتضيها في الجواب وأسولة المخالف عليها وهذا المعنى مستوفى في كتبي وخاصة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره. والمثال الذي ذكره من أنه لو أوجب الله علينا أن نتوضأ من ماء بئر معينة لم يكن لها حبل يستقى به وقال لنا إن دنوتم من البئر خلقت لكم حبلا تستقون به من الماء فانه يكون مزيحا لعلتنا ومتى لم ندن من البئر كنا قد اتينا من قبل نفوسنا لا من قبله تعالى، وكذلك لو قال السيد لعبده وهو بعيد منه: اشتر لي لحما من السوق فقال: لاأتمكن من ذلك لانه ليس معي ثمنه، فقال: إن دنوت أعطيتك ثمنه فانه يكون مزيحا لعلته، ومتى لم يدن لاخذ الثمن يكون قد اتي من قبل نفسه لا من قبل سيده وهذه حال ظهور الامام مع تمكيننا فيجب أن يكون عدم تمكيننا هو السبب في أن لم يظهر في هذه الاحوال لا عدمه إذ كنا لو مكناه لوجد وظهر. قلنا: هذا كلام من يظن أنه يجب علينا تمكينه إذا ظهر ولا يجب علينا ذلك


 

[176]

في كل حال، ورضينا بالمثال الذي ذكره لانه تعالى لو أوجب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلا في الحال لان به تنزاح العلة لكن إذا قال: متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنما هو مكلف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لانه ليس بمكلف للاستقاء منها فإذا دنا من البئر صار حينئذ مكلفا للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلف له الحبل فنظير ذلك أن لا يجب علينا في كل حال طاعة الامام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلما كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجودا لتنزاح العلة في التكليف ويحسن. والجواب عن مثال السيد مع غلامه مثل ذلك لانه إنما كلفه الدنو منه لا الشراء فإذا دنا منه وكلفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا إن الله تعالى كلف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلة لانه لم يكلفهم الآن فإذا أوجدهم وأزاح علتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الادلة حينئذ تناولهم التكليف، فسقط بذلك هذه المغالطة. على أن الامام إذا كان مكلفا للقيام بالامر وتحمل أعباء الامامة كيف يجوز أن يكون معدوما وهل يصح تكليف المعدوم عند عاقل، وليس لتكليفه ذلك تعلق بتمكيننا أصلا، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمله على ما مضى القول فيه وهذا واضح. ثم يقال لهم: أليس النبي صلى الله عليه وآله اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد واختفى في الغار ثلاثة أيام ولم يجز قياسا على ذلك أن يعدمه الله تلك المدة مع بقاء التكليف على الخلق الذين بعثه لطفا لهم، ومتى قالوا: إنما اختفى بعدما دعا إلى نفسه وأظهر نبوته فلما أخافوه استتر قلنا: وكذلك الامام لم يستتر إلا وقد أظهر آباؤه موضعه وصفته، ودلوا عليه، ثم لما خاف عليه أبو الحسن بن علي عليهما السلام أخفاه وستره فالامر إذا سواء.


 

[177]

ثم يقال لهم: خبرونا لو علم الله من حال شخص أن من مصلحته أن يبعث الله إليه نبيا معينا يؤدي إليه مصالحه وعلم أنه لو بعثه لقتله هذا الشخص ولو منع من قتله قهرا كان فيه مفسدة له أو لغيره هل يحسن أن يكلف هذا الشخص ولا يبعث إليه ذلك النبي أو لا يكلف فان قالوا: لا يكلف قلنا وما المانع منه، وله طريق إلى معرفة مصالحه بأن يمكن النبي من الاداء إليه وإن قلتم يكلفه ولا يبعث إليه قلنا وكيف يجوز أن يكلفه ولم يفعل به ما هو لطف له مقدور. فان قالوا: اتي في ذلك من قبل نفسه، قلنا هو لم يفعل شيئا وإنما علم أنه لا يمكنه، وبالعلم لا يحسن تكليفه مع ارتفاع اللطف، ولو جاز ذلك لجاز أن يكلف مالا دليل عليه إذا علم أنه لا ينظر فيه، وذلك باطل، ولابد أن يقال: إنه يبعث إلى ذلك الشخص ويوجب عليه الانقياد له، ليكون مزيحا لعلته فإما أن يمنع منه بما لا ينافي التكليف أو يجعله بحيث لا يتمكن من قتله، فيكون قد اتي من قبل نفسه في عدم الوصول إليه، وهذه حالنا مع الامام في حال الغيبة سواء. فان قال: لابد أن يعلمه أن له مصلحة في بعثة هذا الشخص إليه على لسان غيره، ليعلم أنه قد اتي من قبل نفسه قلنا: وكذلك أعلمنا الله على لسان نبيه و الائمة من آبائه عليهم السلام موضعه، وأوجب علينا طاعته، فإذا لم يظهر لنا علمنا أنا اتينا من قبل نفوسنا فاستوى الامران. وأما الذي يدل على الاصل الثاني وهو أن من شأن الامام أن يكون مقطوعا على عصمته، فهو أن العلة التي لاجلها احتجنا إلى الامام ارتفاع العصمة بدلالة أن الخلق متى كانوا معصومين لم يحتاجوا إلى إمام وإذا خلوا من كونهم معصومين احتاجوا إليه، علمنا عند ذلك أن علة الحاجة هي ارتفاع العصمة، كما نقوله في علة حاجة الفعل إلى فاعل أنها الحدوث بدلالة أن ما يصح حدوثه يحتاج إلى فاعل في حدوثه، وما لا يصح حدوثه يستغني عن الفاعل، وحكمنا بذلك أن كل محدث يحتاج إلى محدث، فمثل ذلك يجب الحكم بحاجة كل من ليس بمعصوم إلى إمام وإلا انتقضت العلة فلو كان الامام غير معصوم، لكانت عل


 

[178]

الحاجة فيه قائمة، واحتاج إلى إمام أخر، والكلام في إمامته كالكلام فيه فيؤدي إلى إيجاب أئمة لا نهاية لهم أو الانتهاء إلى معصوم وهو المراد. وهذه الطريقة قد أحكمناها في كتبنا فلا نطول بالاسولة عليها لان الغرض بهذا الكتاب غير ذلك وفي هذا القدر كفاية. وأما الاصل الثالث وهو أن الحق لا يخرج عن الامة فهو متفق عليه بيننا وبين خصومنا وإن اختلفنا في علة ذلك لان عندنا أن الزمان لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الغلط على ما قلناه، فإذا الحق لا يخرج عن الامة لكون المعصوم فيهم وعند المخالف لقيام أدلة يذكرونها دلت على أن الاجماع حجة فلا وجه للتشاغل بذلك. فإذا ثبتت هذه الاصول ثبت إمامة صاحب الزمان عليه السلام لان كل من يقطع على ثبوت العصمة للامام قطع على أنه الامام، وليس فيهم من يقطع على عصمة الامام ويخالف في إمامته إلا قوم دل الدليل على بطلان قولهم كالكيسانية والناووسية والواقفة فإذا أفسدنا أقوال هؤلاء ثبت إمامته عليه السلام. أقول: وأما الذي يدل على فساد قول الكيسانية القائلين بإمامة محمد بن الحنفية فأشياء: منها: أنه لو كان إماما مقطوعا على عصمته لوجب أن يكون منصوصا عليه نصا صريحا، لان العصمة لاتعلم إلا بالنص، وهم لا يدعون نصا صريحا وإنما يتعلقون بامور ضعيفة دخلت عليهم فيها شبهة لا يدل على النص نحو إعطاء أمير المؤمنين إياه الراية يوم البصرة، وقوله له: " أنت ابني حقا " مع كون الحسن والحسين عليهما السلام ابنيه وليس في ذلك دلالة على إمامته على وجه، وإنما يدل على فضله ومنزلته، على أن الشيعة تروي أنه جرى بينه وبين علي بن الحسين عليه السلام كلام في استحقاق الامامة فتحاكما إلى الحجر فشهد الحجر لعلي بن الحسين عليه السلام بالامامة فكان ذلك معجزا له فسلم له الامر وقال بامامته، والخبر بذلك مشهور عند الامامية.


 

[179]

ومنها: تواتر الشيعة الامامية بالنص عليه من أبيه وجده وهي موجودة في كتبهم في أخبار لا نطول بذكره الكتاب. ومنها: الاخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله من جهة الخاصة والعامة بالنص على الاثني عشر، وكل من قال بامامتهم قطع على وفات محمد بن الحنفية، وسياقة الامامة إلى صاحب الزمان عليه السلام. ومنها: انقراض هذه الفرقة فانه لم يبق في الدنيا في وقتنا ولا قبله بزمان طويل قائل يقول به، ولو كان ذلك حقا لما جاز انقراضهم. فإن قيل: كيف يعلم انقراضهم وهلا جاز أن يكون في بعض البلاد البعيدة وجزائر البحر وأطراف الارض أقوام يقولون بهذا القول، كما يجوز أن يكون في أطراف الارض من يقول بمذهب الحسن في أن مرتكب الكبيرة منافق فلا يمكن ادعاء انقراض هذه الفرقة، وإنما كان يمكن العلم لو لكان المسلمون فيهم قلة والعلماء محصورين فأما وقد انتشر الاسلام وكثر العلماء فمن أين يعلم ذلك ؟. قلنا: هذا يؤدي إلى أن لا يمكن العلم باجماع الامة على قول ولا مذهب بأن يقال لعل في أطراف الارض من يخالف ذلك ويلزم أن يجوز أن يكون في أطراف الارض من يقول: إن البرد لا ينقض الصوم وأنه يجوز للصائم أن يأكل إلى طلوع الشمس لان الاول كان مذهب أبي طلحة الانصاري والثاني مذهب حذيفة والاعمش وكذلك مسائل كثيرة من الفقه كان الخلف فيها واقعا بين الصحابة والتابعين ثم زال الخلف فيما بعد واجتمع أهل الاعصار على خلافه فينبغي أن يشك في ذلك ولا يثق بالاجماع على مسألة سبق الخلاف فيها، وهذا طعن من يقول إن الاجماع لا يمكن معرفته ولا التوصل إليه والكلام في ذلك لا يختص بهذه المسألة فلا وجه لا يراده ههنا. ثم إنا نعلم أن الانصار طلبت الامرة ودفعهم المهاجرون عنها ثم رجعت الانصار إلى قول المهاجرين على قول المخالف فلو أن قائلا قال: يجوز عقد الامامة لمن كان من الانصار الان الخلاف سبق فيه ولعل في أطراف الارض من يقول به


 

[180]

فما كان يكون جوابهم فيه ؟ فأي شئ قالوه فهو جوابنا بعينه. فان قيل: إن كان الاجماع عندكم إنما يكون حجة لكون المعصوم فيه فمن أين تعلمون دخول قوله في جملة أقوال الامة ؟ قلنا المعصوم إذا كان من جملة علماء الامة فلابد أن يكون قوله موجودا في جملة أقوال العلماء لانه لا يجوز أن يكون منفردا مظهرا للكفر فان ذلك لا يجوز عليه فإذا لابد أن يكون قوله في جملة الاقوال وإن شككنا في أنه الامام. فإذا اعتبرنا أقوال الامة ووجدنا بعض العلماء يخالف فيه فان كنا نعرفه ونعرف مولده ومنشأه لم نعتد بقوله، لعلمنا أنه ليس بامام وإن شككنا في نسبه لم تكن المسألة إجماعا. فعلى هذا أقوال العلماء من الامة اعتبرناها فلم نجد فيهم قائلا بهذا المذهب الذي هو مذهب الكيسانية أو الواقفة وإن وجدنا فرضا واحدا أو اثنين فانا نعلم منشأه ومولده فلا يعتد بقوله واعتبرنا أقوال الباقين الذين نقطع على كون المعصوم فيهم فسقطت هذه الشبهة على هذا التحرير وبان وهنها. فأما القائلون بامامة جعفر بن محمد من الناووسية وأنه حي لم يمت وأنه المهدي فالكلام عليهم ظاهر لانا نعلم موت جعفر بن محمد كما نعلم موت أبيه وجده وقتل علي عليه السلام وموت النبي صلى الله عليه وآله فلو جاز الخلاف فيه لجاز الخلاف في جميع ذلك ويؤدي إلى قول الغلاة والمفوضة الذين جحدوا قتل علي والحسين عليهما السلام وذلك سفسطة. وأما الذي يدل على فساد مذهب الواقفة الذين وقفوا في إمامة أبي الحسن موسى عليه السلام وقالوا: إنه المهدي. فقولهم باطل بما ظهر من موته، واشتهر واستفاض كما اشتهر موت أبيه وجده ومن تقدمه من آبائه عليهم السلام ولو شككنا لم ننفصل من الناووسية والكيسانية والغلاة والمفوضة الذين خالفوا في موت من تقدم من آبائه عليهم السلام. على أن موته اشتهر ما لم يشتهر موت أحد من آبائه عليهم السلام لانه اظهروا حضر القضاة والشهود ونودي عليه ببغداد على الجسر وقيل هذا الذي تزعم الرافضة أنه حي


 

[181]

لا يموت، مات حتف أنفه، وما جرى هذا المجرى لا يمكن الخلاف فيه. أقول: ثم ذكر في ذلك أخبارا كثيرة روينا عنه في باب وفات الكاظم عليه السلام ثم قال: فموته عليه السلام أشهر من أن يحتاج إلى ذكر الرواية به لان المخالف في ذلك يدفع الضرورات والشك في ذلك يؤدي إلى الشك في موت كل واحد من آبائه عليهم السلام وغيرهم، فلا يوثق بموت أحد. على أن المشهور عنه عليه السلام أنه أوصى إلى ابنه علي عليه السلام وأسند إليه أمره بعد موته والاخبار بذلك أكثر من أن تحصى. أقول: ثم ذكر بعض الاخبار التي أوردتها في باب النص عليه صلوات الله عليه ثم قال: فان قيل: قد مضى في كلامكم أنا نعلم موت موسى بن جعفر كما نعلم موت أبيه وجده فعليكم لقائل أن يقول إنا نعلم أنه لم يكن للحسن بن علي ابن كما نعلم أنه لم يكن له عشرة بنين وكما نعلم أنه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله ابن من صلبه عاش بعد موته، فان قلتم لو علمنا أحدهما كما نعلم الآخر لما جاز أن يقع فيه خلاف كما لا يجوز أن يقع الخلاف في الآخر قيل: لمخالفكم أن يقول ولو علمنا موت محمد بن الحنفية وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر كما نعلم موت محمد بن علي بن الحسين لما وقع الخلاف في أحدهما كما لم يجز أن يقع في الآخر. قلنا: نفي ولادة الاولاد من الباب الذي لا يصح أن يعلم صدوره في موضع من المواضع ولا يمكن أحدا أن يدعي فيمن لم يظهر له ولد أن يعلم أنه لا ولد له وإنما يرجع في ذلك إلى غالب الظن والامارة بأنه لو كان له ولد لظهر وعرف خبره لان العقلاء قد يدعوهم الدواعي إلى كتمان أولادهم لاغراض مختلفة. فمن الملوك من يخفيه خوفا عليه وإشفاقا وقد وجد في ذلك كثير في عادة الاكاسرة والملوك الاول وأخبارهم معروفة. وفي الناس من يولد له ولد من بعض سراياه أو ممن تزوج به سرا فيرمي به ويجحده خوفا من وقوع الخصومة مع زوجته وأولاده الباقين وذلك أيضا يوجد


 

[182]

كثيرا في العادة. وفي الناس من يتزوج بامرأة دنيئة في المنزلة والشرف وهو من ذوي الاقدار والمنازل فيولد له، فيأنف من إلحاقه به فيجحده أصلا وفيهم من يتحرج فيعطيه شيئا من ماله. وفي الناس من يكون من أدونهم نسبا فيتزوج بامرأة ذات شرف ومنزلة لهوى منها فيه بغير علم من أهلها إما بأن يزوجه نفسها بغير ولي على مذهب كثير من الفقهاء أو تولى أمرها الحاكم فيزوجها على ظاهر الحال فيولد له فيكون الولد صحيحا وتنتفي منه أنفة وخوفا من أوليائها وأهلها ! وغير ذلك من الاسباب التي لانطول بذكرها، فلا يمكن ادعاء نفي الولادة جملة، وإنما نعلم ما نعلمه إذا كانت الاحوال سليمة ويعلم أنه لامانع من ذلك فحينئذ يعلم انتفاؤه. فأما علمنا بأنه لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله ابن عاش بعده فانما علمناه لما علمنا عصمته ونبوته ولو كان له ولد لاظهره لانه لا مخافة عليه في إظهاره وعلمنا أيضا باجماع الامة على أنه لم يكن له ابن عاش بعده، ومثل ذلك لا يمكن أن يدعى العلم به في ابن الحسن عليه السلام لان الحسن عليه السلام كان كالمحجور عليه، وفي حكم المحبوس، وكان الولد يخاف عليه، لما علم وانتشر من مذهبهم أن الثاني عشر هو القائم بالامر لازالة الدول فهو مطلوب لا محالة. وخاف أيضا من أهله كجعفر أخيه الذي طمع في الميراث والاموال فلذلك أخفاه ووقعت الشبهة في ولادته ومثل ذلك لا يمكن ادعاء العلم به في موت من علم موته لان الميت مشاهد معلوم يعرف بشاهد الحال موته، وبالامارات الدالة عليه يضطر من رآه إلى ذلك، فإذا أخبر من لم يشاهده علمه واضطر إليه، وجرى الفرق بين الموضعين مثل ما يقول الفقهاء من أن البينة إنما يمكن أن يقوم على إثبات الحقوق لا على نفيها لان النفي لا تقوم عليه بينة إلا إذا كان تحته إثبات فباق الفرق بين الموضعين لذلك. فان قيل: العادة تسوى بين الموضعين لان (في) الموت قد يشاهد الرجل يحتضر


 

[183]

كما يشاهد القوابل الولادة، وليس كل أحد يشاهد احتضار غيره كما أنه ليس كل أحد يشاهد ولادة غيره ولكن أظهر ما يمكن في علم الانسان بموت غيره إذا لم يكن يشاهده أن يكون جاره ويعلم بمرضه ويتردد في عيادته ثم يعلم بشدة مرضه ثم يسمع الواعية من داره ولا يكون في الدار مريض غيره، ويجلس أهله للعزاء وآثار الحزن والجزع عليهم ظاهرة ثم يقسم ميراثه ثم يتمادى الزمان ولا يشاهد ولا يعلم لاهله غرض في إظهار موته وهو حي، فهذه سبيل الولادة لان النساء يشاهدن الحمل ويتحدثن بذلك سيما إذا كانت حرمة رجل نبيه يتحدث الناس بأحواله مثله وإذا استسر بجارية لم يخف تردده إليها ثم إذا ولد المولود ظهر البشر والسرور في أهل الدار وهنأهم الناس إذا كان المهنأ جليل القدر وانتشر ذلك وتحدث على حسب جلالة قدره فيعلم الناس أنه قد ولد له مولود سيما إذا علم أنه لا غرض في أن يظهر أنه ولد له ولد ولم يولد له. فمتى اعتبرنا العادة وجدناها في الموضعين على سواء وإن نقض الله العادة فيمكن في أحدهما مثل ما يمكن في الآخر فانه قد يجوز أن يمنع الله ببعض الشواغل عن مشاهدة الحامل وعن أن يحضر ولادتها إلا عدد يؤمن مثلهم على كتمان أمره ثم ينقله الله من مكان الولادة إلى قلة جبل أو برية لا أحد فيها ولا يطلع على ذلك إلا من لا يظهره على المأمون مثله. وكما يجوز ذلك فانه يجوز أن يمرض الانسان ويتردد إليه عواده فإذا اشتد وتوقع موته، وكان يؤيس من حياته، نقله الله إلى قلة جبل وصير مكانه شخصا ميتا يشبهه كثيرا من الشبهه ثم يمنع بالشواغل وغيرها من مشاهدته إلا بمن يوثق به ثم يدفن الشخص ويحضر جنازته من كان يتوقع موته ولا يرجو حياته فيتوهم أن المدفون هو ذاك العليل. وقد يسكن نبض الانسان وتنفسه وينقض الله العادة ويغيبه عنهم وهو حي لان الحي منا إنما يحتاج إليهما لاخراج البخارات المحترقة مما حول القلب بادخال هواء بارد صاف ليروح عن القلب وقد يمكن أن يفعل الله من البرودة في الهواء


 

[184]

المطيفة بالقلب ما يجري مجرى هواء بارد يدخلها بالتنفس، فيكون الهواء المحدق بالقلب أبدا باردا ولا يحترق منه شئ لان الحرارة التي تحصل فيه يقوم بالبرودة. والجواب أنا نقول: أولا أنه لا يلتجئ من يتكلم في الغيبة إلى مثل هذه الخرافات إلا من كان مفلسا من الحجة، عاجزا عن إيراد شبهة قوية، ونحن نتكلم على ذلك على ما به ونقول: إن ما ذكر من الطريق الذي به يعلم موت الانسان ليس بصحيح على كل وجه لانه قد يتفق جميع ذلك وينكشف عن باطل بأن يكون لمن أظهر ذلك غرض حكمي ويظهر التمارض ويتقدم إلى أهله باظهار جميع ذلك ليختبر به أحوال غيره ممن له عليه طاعة وأمر وقد سبق الملوك كثيرا والحكماء إلى مثل ذلك، وقد يدخل عليم أيضا شبهة بأن يحلقه علة سكتة فيظهرون جميع ذلك ثم ينكشف عن باطل وذلك أيضا معلوم بالعادات وإنما يعلم الموت بالمشاهدة وارتفاع الحس، وخمود النبض، ويستمر ذلك أوقات كثيرة وربما انضاف إلى ذلك أمارات معلومة بالعادة من جرب المرضى ومارسهم يعلم ذلك. وهذه حالة موسى بن جعفر عليهما السلام فانه اظهر للخلق الكثير الذي لا يخفى على مثلهم الحال ولا يجوز عليهم دخول الشبهة في مثله وقوله بأنه يغيب الله الشخص ويحضر شخصا على شبهه. أصله لا يصح لان هذا يسد باب الادلة ويؤدي إلى الشك في المشاهدات، وأن جميع ما نراه اليوم، ليس هو الذي رأيناه بالامس ويلزم الشك في موت جميع الاموات، ويجئ منه مذهب الغلاة والمفوضة الذين نفوا القتل عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن الحسين عليه السلام وما أدى إلى ذلك يجب أن يكون باطلا. وما قاله إن الله يفعل داخل الجوف حول القلب من البرودة ما ينوب مناب الهواء ضرب من هو (1) من الطب ومع ذلك يؤدي إلى الشك في موت جميع الاموات على ما قلناه. على أن على قانون الطب حركات النبض والشريانات من القلب * (هامش) (1) ضرب مزهو. ظ


 

[185]

وإنما يبطل ببطلان الحرارة الغريزية، فإذا فقد حركات النبض، علم بطلان الحرارة، وعلم عند ذلك موته، وليس ذلك بموقوف على التنفس، ولهذا يلتجؤن إلى النبض عند انقطاع النفس أو ضعفه، فيبطل ما قاله وحمله الولادة على ذلك. وما ادعاه من ظهور الامر فيه صحيح متى فرضنا الامر على ما قاله: من أنه يكون الحمل لرجل نبيه وقد علم إظهاره ولا مانع من ستره وكتمانه، ومتى فرضنا كتمانه وستره لبعض الاغراض التي قدمنا بعضها، لا يجب العلم به ولا اشتهاره على أن الولادة في الشرع قد استقر أن يثبت بقول القابلة، ويحكم بقولها في كونه حيا أو ميتا فإذا جاز ذلك كيف لا يقبل قول جماعة نقلوا ولادة صاحب الامر عليه السلام وشاهدوا من شاهده من الثقات، ونحن نورد الاخبار في ذلك عمن رآه وحكي له، وقد أجاز صاحب السؤال أن يعرض في ذلك عارض يقتضي المصلحة أنه إذا ولد أن ينقله الله إلى قلة جبل أو موضع يخفى فيه أمره ولا يطلع عليه أحد وإنما ألزم على ذلك عارضا في الموت وقد بينا الفصل بين الموضعين. وأما من خالف من الفرق الباقية الذين قالوا بامامة غيره كالمحمدية الذين قالوا بامامة محمد بن علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام والفطحية القائلة بامامة عبد الله بن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وفي هذا الوقت بامامة جعفر بن علي وكالفرقة القائلة أن صاحب الزمان حمل بعد لم يولد بعد وكالذين قالوا إنه مات ثم يعيش وكالذين قالوا بامامة الحسن وقالوا هو اليقين ولم يصح لنا ولادة ولده، فنحن في فترة، فقولهم ظاهر البطلان من وجوه: أحدها: انقراضهم فانه لم يبق قائل يقول بشئ من هذه المقالات ولو كان حقال لما انقرض. ومنها: أن محمد بن علي العسكري مات في حياة أبيه موتا ظاهرا والاخبار في ذلك ظاهرة معروفة من دفعه كمن دفع موت من تقدم من آبائه عليهم السلام. أقول: ثم ذكر بعض ما أوردنا من الاخبار في المجلد السابق ثم قال: وأما من قال: إنه لا ولد لابي محمد ولكن ههنا حمل مستور سيولد فقوله باطل


 

[186]

لان هذا يؤدي إلى خلو الزمان من إمام يرجع إليه وقد بينا فساد ذلك على أنا سندل على أنه قد ولد له ولد معروف ونذكر الروايات في ذلك فيبطل قول هؤلاء أيضا. وأما من قال: إن الامر مشتبه فلا يدرى هل للحسن ولد أم لا ؟ وهو مستمسك بالاول حتى يحقق ولادة ابنه فقوله أيضا يبطل بما قلناه من أن الزمان لا يخلو من إمام لان موت الحسن عليه السلام قد علمناه كما علمنا موت غيره وسنبين ولادة ولده فيبطل قولهم أيضا. وأما من قال: إنه لا إمام بعد الحسن عليه السلام، فقوله باطل بما دللنا عليه من أن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلا وشرعا. وأما من قال إن أبا محمد مات ويحيى بعد موته، فقوله باطل بمثل ما قلناه لانه يؤدي إلى خلو الخلق من إمام من وقت وفاته إلى حين يحييه الله، واحتجاجهم بما روي من أن صاحب هذا الامر يحيى بعد ما يموت وأنه سمي قائما لانه يقوم بعدما يموت، باطل لان ذلك يحتمل لو صح الخبر أن يكون أراد بعد أن مات ذكره حتى لا يذكره إلا من يعتقد إمامته فيظهره الله لجميع الخلق على أنا قد بينا أن كل إمام يقوم بعد الامام الاول يسمى قائما. وأما القائلون بامامة عبد الله بن جعفر من الفطحية وجعفر بن علي فقولهم باطل بما دللنا عليه من وجوب عصمة الامام، وهما لم يكونا معصومين، وأفعالهما الظاهرة التي تنافي العصمة معروفة نقلها العلماء، وهو موجود في الكتب فلا نطول بذكرها الكتاب. على أن المشهور الذي لا مرية فيه بين الطائفة أن الامامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام فالقول بامامة جعفر بعد أخيه الحسن يبطل بذلك، فإذا ثبت بطلان هذه الاقاويل كلها لم يبق إلا القول بامامة ابن الحسن عليه السلام وإلا لادى إلى خروج الحق عن الامة وذلك باطل. وإذا ثبتت إمامته بهذه السياقة ثم وجدناه غائبا عن الابصار، علمنا أنه لم


 

[187]

يغب مع عصمته وتعين فرض الامامة فيه وعليه، إلا لسبب سوغه ذلك وضرورة ألجأته إليه، وإن لم يعلم على وجه التفصيل، وجرى ذلك مجرى الكلام في إيلام الاطفال والبهائم وخلق المؤذيات والصور والمشينات ومتشابه القرآن إذا سئلنا عن وجهها بأن نقول: إذا علمنا أن الله تعالى حكيم لا يجوز أن يفعل ما ليس بحكمة ولا صواب، علمنا أن هذه الاشياء لها وجه حكمة، وإن لم نعلمه معينا، كذلك نقول في صاحب الزمان فانا نعلم أنه لم يستتر إلا لامر حكمي سوغه ذلك، وإن لم نعلمه مفصلا. فان قيل: نحن تعترض قولكم في إمامته بغيبته بأن نقول: إذا لم يمكنكم بيان وجه حسنها دل ذلك على بطلان القول بامامته، لانه لو صح لامكنكم بيان وجه الحسن فيه. قلنا: إن لزمنا ذلك لزم جميع أهل العدل قول الملاحدة إذا قالوا إنا نتوصل بهذه الافعال التي ليست بظاهر الحكمة إلى أن فاعلها ليس بحكيم لانه لو كان حكيما لامكنكم بيان وجه الحكمة فيها وإلا فما الفصل ؟ فإذا قلتم: نحن أولا نتكلم في إثبات حكمته فإذا ثبت بدليل منفصل ثم وجدنا هذه الافعال المشتبهة الظاهر حملناها على ما يطابق ذلك فلا يؤدي إلى نقض ما علمنا ومتى لم يسلموا لنا حكمته، انتقلت المسألة إلى القول في حكمته. قلنا مثل ذلك ههنا، من أن الكلام في غيبته فرع على إمامته وإذا علمنا إمامته بدليل وعلمنا عصمته بدليل آخر وعلمناه غاب، حملنا غيبته على وجه يطابق عصمته فلا فرق بين الموضعين. ثم يقال للمخالف: أيجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة أوجبها أم لا يجوز ذلك. فان قال: يجوز ذلك، قيل له: فإذا كان ذلك جائزا فكيف جعلت وجود الغيبة دليلا على فقد الامام في الزمان، مع تجويزك لها سببا لا ينافي وجود الامام ؟ وهل يجري ذلك إلا مجرى من توصل بايلام الاطفال إلى نفي حكمة الصانع وهو معترف بأنه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة، أو من


 

[188]

توصل بظاهر الآيات المتشابهات إلى أنه تعالى مشبه للاجسام وخالق لافعال العباد مع تجويز أن تكون لها وجوه صحيحة توافق الحكمة والعدل والتوحيد ونفي التشبيه. وإن قال: لا اجوز ذلك. قيل: هذا تحجر شديد فيما لا يحاط بعلمه. ولا يقطع على مثله، فمن أين قلت: إن ذلك لا يجوز وانفصل ممن قال لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجوه صحيحة يطابق أدلة العقل ولابد أن يكون على ظواهرها، ومتى قيل نحن متمكنون من ذكر وجوه الآيات المتشابهات مفصلا بل يكفيني علم الجملة ومتى تعاطيت ذلك كان تبرعا، وإن أقنعتم أنفسكم بذلك فنحن أيضا نتمكن من ذكر وجه صحة الغيبة وغرض حكمي لا ينافي عصمته وسنذكر ذلك فيما بعد وقد تكلمنا عليه مستوفى في كتاب الامامة. ثم يقال: كيف يجوز أن يجتمع صحة إمامة ابن الحسن عليه السلام بما بيناه من سياقة الاصول العقلية مع القول بأن الغيبة لا يجوز أن يكون لها سبب صحيح وهل هذا إلا تناقض ويجري مجرى القول بصحة التوحيد والعدل، مع القطع على أنه لا يجوز أن يكون للآيات المتشابهات وجه يطابق هذه الا صول ومتى قالوا نحن لا نسلم إمامة ابن الحسن كان الكلام معهم في ثبوت الامامة، دون الكلام في سبب الغيبة، وقد تقدمت الدلالة على إمامته عليه السلام بما لا يحتاج إلى إعادته وإنما قلنا ذلك لان الكلام في سبب غيبة الامام عليه السلام فرع على ثبوت إمامته فأما قبل ثبوتها فلا وجه للكلام في سبب غيبته كما لا وجه للكلام في وجوه الآيات المتشابهات وإيلام الاطفال وحسن التعبد بالشرائع قبل ثبوت التوحيد والعدل. فان قيل ألا كان السائل بالخيار بين الكلام في إمامة ابن الحسن ليعرف صحتها من فسادها وبين أن يتكلم في سبب الغيبة قلنا: لا خيار في ذلك لان من شك في إمامة ابن الحسن يجب أن يكون الكلام معه في نص إمامته والتشاغل بالدلالة عليها ولايجوز مع الشك فيها أن يتكلم في سبب الغيبة لان الكلام في الفروع لا يسوغ إلا بعد إحكام الاصول لها، كما لا يجوز أن يتكلم في سبب إيلام الاطفال قبل


 

[189]

ثبوت حكمة القديم تعالى وأنه لا يفعل القبيح. وإنما رجحنا الكلام في إمامته على الكلام في غيبته وسببها لان الكلام في إمامته مبني على امور عقلية لا يدخلها الاحتمال وسبب الغيبة ربما غمض واشتبه فصار الكلام في الواضح الجلي أولى من الكلام في المشتبه الغامض كما فعلناه مع المخالفين للملة فرجحنا الكلام في نبوة نبينا على الكلام على ادعائهم تأبيد شرعهم لظهور ذلك وغموض هذا وهذا بعينه موجود ههنا، ومتى عادوا إلى أن يقولوا: الغيبة فيها وجه من وجوه القبح فقد مضى الكلام عليه، على أن وجوه القبح معقولة وهي كونه ظلما أو كذبا أو عبثا أو جهلا أو استفسادا وكل ذلك ليس بحاصل فيها فيجب أن لا يدعى فيه وجه القبح. فان قيل: ألا منع الله الخلق من الوصول إليه، وحال بينهم وبينه، ليقوم بالامر ويحصل ما هو لطف لنا كما نقول في النبي إذا بعثه الله تعالى يمنع منه ما لم يؤد (الشرع) فكان يجب أن يكون حكم الامام مثله. قلنا: المنع على ضربين أحدهما لا ينافي التكليف بأن لا يلجأ إلى ترك القبيح والآخر يؤدي إلى ذلك فالاول قد فعله الله من حيث منع من ظلمه بالنهي عنه والحث على وجوب طاعته والانقياد لامره ونهيه وأن لا يعصى في شئ من أوامره، وأن يساعد على جميع ما يقوى أمره ويشيد سلطانه، فان جميع ذلك لا ينافي التكليف فإذا عصى من عصى في ذلك ولم يفعل ما يتم معه الغرض المطلوب، يكون قد اتي من قبل نفسه لا من قبل خالقه، والضرب الآخر أن يحول بينهم وبينه بالقهر والعجز عن ظلمه وعصيانه، فذلك لا يصح اجتماعه مع التكليف فيجب أن يكون ساقطا. فأما النبي صلى الله عليه وآله فانما نقول يجب أن يمنع الله منه حتى يؤدي الشرع لانه لا يمكن أن يعلم ذلك إلا من جهته فلذلك وجب المنع منه، وليس كذلك الامام لان علة المكلفين مزاحة فيما يتعلق بالشرع، والادلة منصوبة على ما يحتاجون إليه، ولهم طريق إلى معرفتها من دون قوله، ولو فرضنا أنه ينتهي الحال إلى حد لايعرف الحق من الشرعيات إلا بقوله لوجب أن يمنع الله تعالى منه ويظهره بحيث


 

[190]

لا يوصل إليه مثل النبي صلى الله عليه وآله. ونظير مسألة الامام أن النبي إذا أدى ثم عرض فيما بعد ما يوجب خوفه لا يجب على الله المنع منه، لان علة المكلفين قد انزاحت بما أداه إليهم فلهم طريق إلى معرفة لطفهم اللهم إلا أن يتعلق به أداء آخر في المستقبل فانه يجب المنع منه كما يجب في الابتداء، فقد سوينا بين النبي والامام. فان قيل: بينوا على كل حال وإن لم يجب عليكم وجه علة الاستتار، وما يمكن أن يكون علة على وجه ليكون أظهر في الحجة وأبلغ في باب البرهان ؟ قلنا مما يقطع على أنه سبب لغيبة الامام هو خوفه على نفسه بالقتل باخافة الظالمين إياه ومنعهم إياه من التصرف فيما جعل إليه التدبير والتصرف فيه، فإذا حيل بينه وبين مراده، سقط فرض القيام بالامامة، وإذا خاف على نفسه وجبت غيبته و لزم استتاره كما استتر النبي صلى الله عليه وآله تارة في الشعب واخرى في الغار، ولا وجه لذلك إلا الخوف من المضار الواصلة إليه. وليس لاحد أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله ما استتر عن قومه إلا بعد أدائه إليهم ما وجب عليه أداؤه ولم يتعلق بهم إليه حاجة وقولكم في الامام بخلاف ذلك وأيضا فان استتار النبي صلى الله عليه وآله ما طال ولا تمادى، واستتار الامام قد مضت عليه الدهور، وانقرضت عليه العصور. وذلك أنه ليس الامر على ما قالوه لان النبي صلى الله عليه وآله إنما استتر في الشعب والغار بمكة قبل الهجرة وما كان أدى جميع الشريعة فان أكثر الاحكام ومعظم القرآن نزل بالمدينة فكيف أوجبتم أنه كان بعد الاداء ولو كان الامر على ما قالوه من تكامل الاداء قبل الاستتار، لما كان ذلك رافعا للحاجة إلى تدبيره وسياسته وأمره ونهيه، فان أحدا لا يقول إن النبي صلى الله عليه وآله بعد أداء الشرع غير محتاج إليه ولا مفتقر إلى تدبيره، ولا يقول ذلك معاند. وهو الجواب عن قول من قال إن النبي صلى الله عليه وآله ما يتعلق من مصلحتنا قد أداه وما يؤدي في المستقبل لم يكن في الحال مصلحة للخلق فجاز لذلك الاستتار، وليس


 

[191]

كذلك الامام عندكم لان تصرفه في كل حال لطف للخلق، فلا يجوز له الاستتار على وجه، ووجب تقويته والمنع منه، ليظهر وينزاح علة المكلف لانا قد بينا أن النبي صلى الله عليه وآله مع أنه أدى المصلحة التي تعلقت بتلك الحال، لم يستغن عن أمره ونهيه وتدبيره، بلا خلاف بين المحصلين، ومع هذا جاز له الاستتار، فكذلك الامام. على أن أمر الله تعالى له بالاستتار في الشعب تارة، وفي الغار اخرى فضرب من المنع منه لانه ليس كل المنع أن يحول بينهم وبينه بالعجز أو بتقويته بالملائكة لانه لا يمتنع أن يفرض في تقويته بذلك مفسدة في الدين فلا يحسن من الله فعله و لو كان خاليا من وجوه الفساد وعلم الله أنه يقتضيه المصلحة لقواه بالملائكة، و حال بينهم وبينه، فلما لم يفعل ذلك مع ثبوت حكمته، ووجوب إزاحة علة المكلفين علمنا أنه لم يتعلق به مصلحة بل مفسدة، وكذلك نقول في الامام أن الله فعل من قتله بأمره بالاستتار والغيبة، ولو علم أن المصلحة يتعلق بتقويته بالملائكة لفعل، فلما لم يفعل مع ثبوت حكمته، ووجوب إزاحة علة المكلفين في التكليف، علمنا أنه لم يتعلق به مصلحة، بل ربما كان فيه مفسدة. بل الذي نقول أن في الجملة يجب على الله تعالى تقوية يد الامام، بما يتمكن معه من القيام وينبسط يده، ويمكن ذلك بالملائكة وبالبشر، فإذا لم يفعله بالملائكة علمنا أنه لاجل أنه تعلق به مفسدة، فوجب أن يكون متعلقا بالبشر فإذا لم يفعلوه اتوا من قبل نفوسهم لا من قبله تعالى، فيبطل بهذا التحرير جميع ما يورد من هذا الجنس وإذا جاز في النبي صلى الله عليه وآله أن يستتر مع الحاجة إليه لخوف الضرر، وكانت التبعة في ذلك لازمة لمخيفيه ومحوجيه إلى الغيبة، فكذلك غيبة الامام سواء. فأما التفرقة بطول الغيبة وقصرها فغير صحيحة لانه لافرق في ذلك بين القصير المنقطع والطويل الممتد لانه إذا لم يكن في الاستتار لائمة على المستتر إذا احوج إليه بل اللائمة على من أحوجه إليها جاز أن يتطاول سبب الاستتار كما جاز أن يقصر زمانه.


 

[192]

فان قيل: إذا كان الخوف أحوجه إلى الاستتار، فقد كان آباؤه عندكم على تقية وخوف من أعدائهم، فكيف لم يستتروا ؟ قلنا ما كان على آبائه عليهم السلام خوف من أعدائه مع لزوم التقية، والعدول عن التظاهر بالامامة، ونفيها عن نفوسهم، و إمام الزمان كل الخوف عليه لانه يظهر بالسيف، ويدعو إلى نفسه، ويجاهد من خالفه عليه، فأي تشبه بين خوفه من الاعداء وخوف آبائه عليهم السلام لولا قلة التأمل. على أن آباءه عليهم السلام متى قتلوا أو ماتوا كان هناك من يقوم مقامهم، ويسد مسدهم يصلح للامامة من أولاده وصاحب الامر بالعكس من ذلك لان المعلوم أنه لا يقوم أحد مقامه ولا يسد مسده، فبان الفرق بين الامرين. وقد بينا فيما تقدم الفرق بين وجوده غائبا لا يصل إليه أحد أو أكثر، وبين عدمه حتى إذا كان المعلوم التمكن بالامر يوجده. وكذلك قولهم: ما الفرق بين وجوده بحيث لا يصل إليه أحد وبين وجوده في السماء بأن قلنا إذا كان موجودا في السماء بحيث لا يخفى عليه أخبار أهل الارض فالسماء كالارض وإن كان يخفى عليه أمرهم فذلك يجري مجرى عدمه، ثم يقلب عليهم في النبي صلى الله عليه وآله بأن يقال: أي فرق بين وجوده مستترا وبين عدمه وكونه في السماء فأي شئ قالوه قلنا مثله على ما مضى القول فيه. وليس لهم أن يفرقوا بين الامرين بأن النبي صلى الله عليه وآله ما استتر من كل أحد وإنما استتر من أعدائه وإمام الزمان مستتر عن الجميع لانا أولا لانقطع على أنه مستتر عن جميع أوليائه والتجويز في هذا الباب كاف على أن النبي صلى الله عليه وآله لما استتر في الغار كان مستترا من أوليائه وأعدائه، ولم يكن معه إلا أبو بكر وحده وقد كان يجوز أن يستتر بحيث لا يكون معه أحد من ولي ولا عدو إذا اقتضت المصلحة ذلك. فان قيل: فالحدود في حال الغيبة ما حكمها ؟ فان سقطت عن الجاني على ما يوجبها الشرع فهذا نسخ الشريعة، وإن كانت باقية فمن يقيمها ؟ قلنا الحدود


 

[193]

المستحقة باقية في جنوب مستحقيها فان ظهر الامام ومستحقوها باقون أقامها عليهم بالبينة أو الاقرار وإن كان فات ذلك بموته كان الاثم في تفويتها على من أخاف الامام وألجأه إلى الغيبة. وليس هذا نسخا لاقامة الحدود لان الحد إنما يجب إقامته مع التمكن وزوال المنع، ويسقط مع الحيلولة، وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط إقامتها مع الامكان، وزوال الموانع، ويقال لهم ما تقولون في الحال التي لا يتمكن أهل الحل والعقد من اختيار الامام، ماحكم الحدود ؟ فان قلتم سقطت، فهذا نسخ على ما ألزمتمونا وإن قلتم هي باقية في جنوب مستحقيها فهو جوابنا بعينه. فان قيل: قد قال أبو علي إن في الحال التي لا يتمكن أهل الحل والعقد من نصب الامام يفعل الله ما يقوم مقام إقامة الحدود وينزاح علة المكلف وقال أبو هاشم إن إقامة الحدود دنياوية لاتعلق لها بالدين. قلنا: أما ما قاله أبو علي فلو قلنا مثله ما ضرنا لان إقامة الحدود ليس هو الذي لاجله أوجبنا الامام حتى إذا فات إقامته انتقص دلالة الامامة بل ذلك تابع للشرع، وقد قلنا إنه لا يمتنع أن يسقط فرض إقامتها في حال انقباض يد الامام أو تكون باقية في جنوب أصحابها وكما جاز ذلك جاز أيضا أن يكون هناك ما يقوم مقامها فإذا صرنا إلى ما قاله لم ينتقض علينا أصل. وأما ما قاله أبو هاشم من أن ذلك لمصالح الدنيا فبعيد لان ذلك عبادة واجبة ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجبت. على أن إقامة الحدود عنده على وجه الجزاء والنكال جزء من العقاب وإنما قدم في دار الدنيا بعضه، لما فيه من المصلحة، فكيف يقول مع ذلك أنه لمصالح دنياوية فبطل ما قالوه. فان قيل: كيف الطريق إلى إصابة الحق مع غيبة الامام فان قلتم: لا سبيل إليها جعلتم الخلق في حيرة وضلالة، وشك في جميع امورهم، وإن قلتم يصاب الحق بأدلته، قيل لكم: هذا تصريح بالاستغناء عن الامام بهذه الادلة.


 

[194]

قلنا: الحق على ضربين عقلي وسمعي فالعقلي يصاب بأدلته والسمعي عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله ونصوصه وأقوال الائمة من ولده وقد بينوا ذلك وأوضحوه، ولم يتركوا منه شيئا لا دليل عليه، غير أن هذا وإن كان على ما قلناه، فالحاجة إلى الامام قد بينا ثبوتها لان جهة الحاجة المستمرة في كل حال وزمان كونه لطفا لنا على ما تقدم القول فيه، ولا يقوم غيره مقامه، والحاجة المتعلقة بالسمع أيضا ظاهرة لان النقل وإن كان واردا عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن آباء الامام عليه السلام بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة فجائز على الناقلين العدول عنه إما تعمدا وإما لشبهة فيقطع النقل أو يبقى فيمن لا حجة في نقله وقد استوفينا هذه الطريقة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره. فان قيل: لو فرضنا أن الناقلين كتموا: بعض منهم الشريعة واحتيج إلى بيان الامام ولم يعلم الحق إلا من جهته، وكان خوف القتل من أعدائه مستمرا كيف يكون الحال ؟ فان قلتم يظهر وإن خاف القتل، فيجب أن يكون خوف القتل غير مبيح له الاستتار، ويلزم ظهوره، وإن قلتم لا يظهر وسقط التكليف في ذلك الشئ المكتوم عن الامة خرجتم من الاجماع لانه منعقد على أن كل شئ شرعه النبي صلى الله عليه وآله وأوضحه فهو لازم للامة إلى أن يقوم الساعة فان قلتم إن التكليف لا يسقط صرحتم بتكليف مالا يطاق، وإيجاب العمل بما لا طريق إليه. قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال في التلخيص مستوفى وجملته أن الله تعالى لو علم أن النقل ببعض الشرع المفروض ينقطع في حال تكون تقية الامام فيها مستمرة، وخوفه من الاعداء باقيا، لاسقط ذلك عمن لا طريق له إليه، فإذا علمنا بالاجماع أن تكليف الشرع مستمر ثابت على جميع الامة إلى قيام الساعة علمنا عند ذلك أنه لو اتفق انقطاع النقل لشئ من الشرع لما كان ذلك إلا في حال يتمكن فيها الامام من الظهور والبروز والاعلام والانذار. وكان المرتضى - ره - يقول أخيرا: لا يمتنع أن يكون هاهنا امور كثيرة غير واصلة إلينا هي مودعة عند الامام، وإن كان قد كتمها الناقلون ولم ينقلوها، ولم


 

[195]

يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق لانه إذا كان سبب الغيبة خوفه على نفسه من الذين أخافوه، فمن أحوجه إلى الاستتار اتي من قبل نفسه في فوت ما يفوته من الشرع، كما أنه اتي من قبل نفسه فيما يفوته من تأديب الامام وتصرفه من حيث أحوجه إلى الاستتار، ولو أزال خوفه لظهر، فيحصل له اللطف بتصرفه وتبين له ما عنده فما انكتم عنه، فإذا لم يفعل وبقي مستترا اتي من قبل نفسه في الامرين وهذا قوي يقتضيه الاصول. وفي أصحابنا من قال: إن علة استتاره عن أوليائه خوفه من أن يشيعوا خبره، ويتحدثوا باجتماعهم معه سرورا، فيؤدي ذلك إلى الخوف من الاعداء وإن كان غير مقصود. وهذا الجواب يضعف لان عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم فكيف يخبرون بذلك مع علمهم بما عليهم فيه من المضرة العامة، وإن جاز على الواحد والاثنين لا يجوز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم. على أن هذا يلزم عليه أن يكون شيعته قد عدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكنون من تلافيه وإزالته لانه إذا علق الاستتار بما يعلم من حالهم أنهم يفعلونه، فليس في مقدورهم الآن ما يقتضي ظهور الامام وهذا يقتضي سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عنهم. وفي أصحابنا من قال: علة استتاره عن الاولياء ما يرجع إلى الاعداء، لان انتفاع جميع الرعية من ولي وعدو بالامام إنما يكون بأن ينفذ أمره ببسط يده فيكون ظاهرا متصرفا بلا دافع ولا منازع، وهذا مما المعلوم أن الاعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه. قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرا لبعض أوليائه لان النفع المبتغى من تدبير الامة لا يتم إلا بظهوره للكل ونفوذ الامر، فقد صارت العلة في استتار الامام على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع واحدة. ويمكن أن يعترض هذا الجواب بأن يقال: إن الاعداء وإن حالوا بينه وبين


 

[196]

الظهور على وجه التصرف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين لقاء من شاء من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته ويوجب اتباع أوامره، فان كان لا نفع في هذا اللقاء لاجل الاختصاص لانه نافذ الامر للكل فهذا تصريح بأنه لا انتفاع للشيعة الامامية بلقاء أئمتها من لدن وفاة أمير المؤمنين إلى أيام الحسن بن علي إلى القائم عليه السلام لهذه العلة. ويوجب أيضا أن يكون أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الامر إلى تدبيره وحصوله في يده وهذا بلوغ من قائله إلى حد لا يبلغه متأمل، على أنه لو سلم أن الانتفاع بالامام لا يكون إلا مع الظهور لجميع الرعية ونفوذ أمره فيهم لبطل قولهم من وجه آخر وهو أنه يؤدي إلى سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عن شيعته لانه إذا لم يظهر لهم العلة لا يرجع إليهم ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالته فلابد من سقوط التكليف عنهم لانه لو جاز أن يمنع قوم من المكلفين غيرهم لطفهم، ويكون التكليف الذي ذلك اللطف لطف فيه مستمرا عليهم، لجاز أن يمنع بعض المكلفين غيره بقيد وما أشبهه من المشي على وجه لا يمكن من إزالته، ويكون تكليف المشي مع ذلك مستمرا على الحقيقة. وليس لهم أن يفرقوا بين القيد وبين اللطف من حيث كان القيد يتعذر معه الفعل ولا يتوهم وقوعه وليس كذلك فقد اللطف لان أكثر أهل العدل على أن فقد اللطف كفقد القدرة والآلة وأن التكليف مع فقد اللطف فيمن له لطف معلوم كالتكليف مع فقد القدرة والآلة ووجود الموانع، وأن من لم يفعل له اللطف ممن له لطف معلوم غير مزاح العلة في التكليف كما أن الممنوع غير مزاح العلة. والذي ينبغي أن يجاب عن السؤال الذي ذكرناه عن المخالف أن نقول: إنا أولا لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يظهر لاكثرهم ولا يعلم كل إنسان إلا حال نفسه، فان كان ظاهرا له فعلته مزاحة وإن لم يكن ظاهرا له علم أنه إنما لم يظهر له لامر يرجع إليه وإن لم يعلمه مفصلا لتقصير من جهته وإلا لم يحسن تكليفه.


 

[197]

فإذا علم بقاء تكليفه عليه واستتار الامام عنه، علم أنه لامر يرجع إليه، كما يقول جماعتنا فيمن لم ينظر في طريق معرفة الله تعالى فلم يحصل له العلم وجب أن يقطع على أنه إنما لم يحصل لتقصير يرجع إليه وإلا وجب إسقاط تكليفه، وإن لم يعلم ما الذي وقع تقصيره فيه. فعلى هذا التقدير أقوى ما يعلل به ذلك أن الامام إذا ظهر ولا يعلم شخصه وعينه من حيث المشاهدة، فلابد من أن يظهر عليه علم معجز يدل على صدقه والعلم بكون الشئ معجزا يحتاج إلى نظر يجوز أن يعترض فيه شبهة، فلا يمنع أن يكون المعلوم من حال من لم يظهر له أنه متى ظهر وأظهر المعجز لم ينعم النظر فيدخل فيه شبهة، ويعتقد أنه كذاب ويشيع خبره فيؤدي إلى ما تقدم القول فيه. فان قيل: أي تقصير وقع من الولي الذي لم يظهر له إلامام لاجل هذا المعلوم من حاله، وأي قدرة له على النظر فيما يظهر له الامام معه وإلى أي شئ يرجع في تلافي ما يوجب غيبته. قلنا: ما أحلنا في سبب الغيبة عن الاولياء إلا على معلوم يظهر موضع التقصير فيه وإمكان تلافيه، لانه غير ممتنع أن يكون من المعلوم من حاله أنه متى ظهر له الامام قصر في النظر في معجزه، فانما اتي في ذلك لتقصيره الحاصل في العلم بالفرق بين المعجز والممكن، والدليل من ذلك والشبهة، ولو كان من ذلك على قاعدة صحيحة لم يجز أن يشتبه عليه معجز الامام عند ظهوره له، فيجب عليه تلافي هذا التقصير واستدراكه. وليس لاحد أن يقول: هذا تكليف لما لا يطاق وحوالة على غيب، لان هذا الولي ليس يعرف ما قصر فيه بعينه من النظر والاستدلال فيستدركه حتى يتمهد في نفسه ويتقرر، ونراكم تلزمونه مالا يلزمه، وذلك إنما يلزم في التكليف قد يتميز تارة ويشتبه اخرى بغيره، وإن كان التمكن من الامرين ثابتا حاصلا، فالولي على هذا إذا حاسب نفسه ورأى أن الامام لا يظهر له وأفسد أن يكون السبب في الغيبة ما ذكرناه من الوجوه الباطلة وأجناسها علم أنه لابد من سبب يرجع إليه.


 

[198]

وإذا علم أن أقوى العلل ما ذكرناه علم أن التقصير واقع من جهته في صفات المعجز وشروطه، فعليه معاودة النظر في ذلك عند ذلك، وتخليصه من الشوائب وما يوجب الالتباس، فانه من اجتهد في ذلك حق الاجتهاد، ووفى النظر شروطه فانه لابد من وقوع العلم بالفرق بين الحق والباطل، وهذه المواضع الانسان فيها على نفسه بصيرة، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحق وقد بينا أن هذا نظير ما نقول لمخالفينا إذا نظروا في أدلتنا ولم يحصل لهم العلم سواء. فان قيل: لو كان الامر على ما قلتم لوجب أن لا يعلم شيئا من المعجزات في الحال وهذا يؤدي إلى أن لا يعلم النبوة وصدق الرسول وذلك يخرجه عن الاسلام فضلا عن الايمان. قلنا: لا يلزم ذلك لانه لا يمتنع أن يدخل الشبهة في نوع من المعجزات دون نوع، وليس إذا دخلت الشبهة في بعضها دخل في سائرها، فلا يمتنع أن يكون المعجز الدال على النبوة لم يدخل عليه فيه شبهة، فحصل له العلم بكونه معجزا وعلم عند ذلك نبوة النبي صلى الله عليه وآله والمعجز الذي يظهر على يد الامام إذا ظهر يكون أمرا آخرا يجوز أن يدخل عليه الشبهة في كونه معجزا فيشك حينئذ في إمامته وإن كان عالما بالنبوة، وهذا كما نقول أن من علم نبوة موسى عليه السلام بالمعجزات الدالة على ثبوته إذا لم ينعم النظر في المعجزات الظاهرة على عيسى ونبينا محمد صلى الله عليه وآله لا يجب أن يقطع على أنه ما عرف تلك المعجزات لانه لا يمتنع أن يكون عارفا بها وبوجه دلالتها وإن لم يعلم هذه المعجزات واشتبه عليه وجه دلالتها. فان قيل: فيجب على هذا أن يكون كل من لم يظهر له الامام يقطع على أنه على كبيرة تلحق بالكفر لانه مقصر على ما فرضتموه فيما يوجب غيبة الامام عنه ويقتضي فوت مصلحته، فقد لحق الولي على هذا بالعدو. قلنا: ليس يجب في التقصير الذي أشرنا إليه أن يكون كفرا ولا ذنبا عظيما لانه في هذه الحال ما اعتقد الامام أنه ليس بامام ولا أخافه على نفسه وإنما قصر


 

[199]

في بعض العلوم تقصيرا كان كالسبب في أن علم من حاله أن ذلك الشك في الامامة يقع منه مستقبلا والآن فليس بواقع، فغير لازم أنه يكون كافرا، غير أنه وإن لم يلزم أن يكون كفرا ولا جاريا مجرى تكذيب الامام والشك في صدقه فهو ذنب وخطأ لا ينافيان الايمان واستحقاق الثواب ولن يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير، لان العدو في الحال معتقد في الامام ما هو كفر وكبيرة والولي بخلاف ذلك. وإنما قلنا إن ما هو كالسبب في الكفر لا يجب أن يكون كفرا في الحال أن أحدا لو اعتقد في القادر منا بقدرة أنه يصح أن يفعل في غيره من الاجسام مبتدءا كان ذلك خطأ وجهلا ليس بكفر ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال هذا المعتقد أنه لو ظهر نبي يدعو إلى نبوته، وجعل معجزه أن يفعل الله تعالى على يده جسما بحيث لا يصل إليه أسباب البشر أنه لا يقبله، وهذا لا محالة لو علم أنه معجز كان يقبله، وما سبق من اعتقاده في مقدور العبد، كان كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكفر. فان قيل: إن هذا الجواب أيضا لا يستمر على أصلكم لان الصحيح من مذهبكم أن من عرف الله تعالى بصفاته وعرف النبوة والامامة وحصل مؤمنا لا يجوز أن يقع منه كفر أصلا فإذا ثبت هذا فكيف يمكنكم أن تجعلوا علة الاستتار عن الولي أن المعلوم من حاله أنه إذا ظهر الامام فظهر علم معجز شك فيه ولا يعرفه، وإن الشك في ذلك كفر. وذلك ينقض أصلكم الذي صححتموه. قيل: هذا الذي ذكرتموه ليس بصحيح لان الشك في المعجز الذي يظهر على يد الامام ليس بقادح في معرفته لعين الامام على طريق الجملة وإنما يقدح في أن ما علم على طريق الجملة وصحت معرفته، هل هو هذا الشخص أم لا ؟ والشك في هذا ليس بكفر لانه لو كان كفرا لوجب أن يكون كفرا وإن لم يظهر المعجز، فانه لا محالة قبل ظهور هذا المعجز على يده شاك فيه، ويجوز كونه إماما وكون غيره كذلك، وإنما يقدح في العلم الحاصل له على طريق الجملة


 

[200]

أن لو شك في المستقبل في إمامته على طريق الجملة، وذلك مما يمنع من وقوعه منه مستقبلا. وكان المرتضى ره يقول: سؤال المخالف لنا: لم لا يظهر الامام للاولياء ؟ غير لازم لا (نه) إن كان غرضه أن لطف الولي غير حاصل، فلا يحصل تكليفه فانه لا يتوجه فان لطف الولي حاصل لانه إذا علم الولي أن له إماما غائبا يتوقع ظهوره ساعة، ويجوز انبساط يده في كل حال فان خوفه من تأديبه حاصل، وينزجر لمكانه عن المقبحات، ويفعل كثيرا من الواجبات فيكون حال غيبته كحال كونه في بلد آخر بل ربما كان في حال الاستتار أبلغ لانه مع غيبته يجوز أن يكون معه في بلده وفي جواره، ويشاهده من حيث لا يعرفه ولا يقف على أخباره، وإذا كان في بلد آخر ربما خفي عليه خبره فصار حال الغيبة الانزجار حاصلا عن القبيح على ما قلناه، وإذا لم يكن قد فاتهم اللطف جاز استتاره عنهم وإن سلم أنه يحصل ما هو لطف لهم ومع ذلك يقال لم لا يظهر لهم قلنا ذلك غير واجب على كل حال فسقط السؤال من أصله. على أن لطفهم بمكانه حاصل من وجه آخر وهو أن بمكانه يثقون جميع الشرع إليهم ولولاه لما وثقوا بذلك، وجوزوا أن يخفى عليهم كثير من الشرع وينقطع دونهم، وإذا علموا وجوده في الجملة أمنوا جميع ذلك، فكان اللطف بمكانه حاصلا من هذا الوجه أيضا. وقد ذكرنا فيما تقدم أن ستر ولادة صاحب الزمان ليس بخارق العادات إذ جرى أمثال ذلك فيما تقدم من أخبار الملوك وقد ذكره العلماء من الفرس ومن روى أخبار الدوليين، من ذلك ما هو مشهور كقصة كيخسرو وما كان من ستر امه حملها وإخفاء ولادتها وامه بنت ولد أفراسياب ملك الترك وكان جده كيقاووس أراد قتل ولده فسترته امه إلى أن ولدته وكان من قصته ما هو مشهور في كتب التواريخ ذكره الطبري. وقد نطق القرآن بقصة إبراهيم وأن امه ولدته خفيا وغيبته في المغارة


 

[201]

حتى بلغ وكان من أمره ما كان، وما كان من قصة موسى عليه السلام وأن ألقته في البحر خوفا عليه وإشفاقا من فرعون عليه وذلك مشهور نطق به القرآن ومثل ذلك قصة صاحب الزمان سواء فكيف يقال إن هذا خارج عن العادات. ومن الناس من يكون له ولد من جارية يستترها من زوجته برهة من الزمان حتى إذا حضرته الوفاة أقر به وفي الناس من يستتر أمر ولده خوفا من أهله أن يقتلوه طمعا في ميراثه، قد جرت العادات بذلك فلا ينبغي أن يتعجب من مثله في صاحب الزمان وقد شاهدنا من هذا الجنس كثيرا وسمعنا منه غير قليل فلا نطول بذكره لانه معلوم بالعادات وكم وجدنا من ثبت نسبه بعد موت أبيه بدهر طويل ولم يكن أحد يعرفه إذا شهد بنسبه رجلان مسلمان ويكون أشهدهما على نفسه سرا عن أهله وخوفا من زوجته وأهله فوصى به فشهدا بعد موته أو شهدا بعقده على امرأة عقدا صحيحا فجاءت بولد يمكن أن يكون منه فوجب بحكم الشرع إلحاقه به والخبر بولادة ابن الحسن وارد من جهات أكثر مما يثبت الانساب في الشرع ونحن نذكر طرفا من ذلك فيما بعد إنشاء الله تعالى. وأما إنكار جعفر بن علي عم صاحب الزمان شهادة الامامية بولد لاخيه الحسن بن علي ولد في حياته، ودفعه بذلك وجوده بعده وأخذه تركته وحوزه ميراثه وما كان منه في حمله سلطان الوقت على حبس جواري الحسن واستبذالهن بالاستبراء من الحمل ليتأكد نفيه لولد أخيه وإباحته دماء شيعته بدعواهم خلفا له بعده كان أحق بمقامه، فليس لشبهة يعتمد على مثلها أحد من المحصلين لاتفاق الكل على أن جعفرا لم يكن له عصمة كعصمة الانبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل، بل الخطاء جائز عليه، والغلط غير ممتنع منه، وقد نطق القرآن بما كان من ولد يعقوب مع أخيهم يوسف وطرحهم إياه في الجب وبيعهم إياه بالثمن البخس وهم أولاد الانبياء. وفي الناس من يقول: كانوا أنبياء، فإذا جاز منهم مثل ذلك مع عظم الخطاء فيه فلم لا يجوز مثله من جعفر بن علي مع ابن أخيه، وأن يفعل معه من الجحد طمعا


 

[202]

في الدنيا ونيلها، وهل يمنع من ذلك أحد إلا مكابر معاند. فان قيل: كيف يجوز أن يكون للحسن بن علي ولد مع إسناده وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته المسماة بحديث المكناة بام الحسن بوقوفه وصدقاته وأسند النظر إليها في ذلك ولو كان له ولد لذكره في الوصية. قيل: إنما فعل ذلك قصدا إلى تمام ما كان غرضه في إخفاء ولادته، وستر حاله عن سلطان الوقت، ولو ذكر ولده أو أسند وصيته إليه لناقض غرضه خاصة ووهو احتاج إلى الاشهاد عليها وجوه الدولة وأسباب السلطان، وشهود القضاة ليتحرس بذلك وقوفه ويتحفظ صدقاته ويتم به الستر على ولده باهمال ذكره وحراسة مهجته بترك التنبيه على وجوده. ومن ظن أن ذلك دليل على بطلان دعوى الامامية في وجود ولد للحسن عليه السلام كان بعيدا من معرفة العادات وقد فعل نظير ذلك الصادق جعفر بن محمد عليه السلام حين أسند وصيته إلى خمسة نفر أولهم المنصور إذ كان سلطان الوقت، و لم يفرد ابنه موسى عليه السلام بها إبقاء عليه، وأشهد معه الربيع وقاضي الوقت وجاريته ام ولده حميدة البربرية وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام لستر أمره و حراسة نفسه ولم يذكر مع ولده موسى أحدا من أولاده الباقين لعله كان فيهم من يدعي مقامه بعده، ويتعلق بادخاله في وصيته، ولو لم يكن موسى ظاهرا مشهورا في أولاده معروف المكان منه، وصحة نسبه واشتهار فضله وعلمه، وكان مستورا لما ذكره في وصيته، ولاقتصر على ذكر غيره، كما فعل الحسن بن علي والد صاحب الزمان. فان قيل: قولكم أنه منذ ولد صاحب الزمان إلى وقتنا هذا مع طول المدة لايعرف أحد مكانه، ولا يعلم مستقره ولا يأتي بخبره من يوثق بقوله، خارج عن العادة، لان كل من اتفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك من الاغراض يكون مدة استتاره قريبة ولا يبلغ عشرين سنة ولا يخفى أيضا عن الكل في مدة استتاره مكانه، ولابد من أن يعرف فيه بعض أوليائه وأهله


 

[203]

مكانه أو يخبره بلقائه وقولكم بخلاف ذلك. قلنا: ليس الامر على ما قلتم لان الامامية تقول: إن جماعة من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام قد شاهدوا وجوده في حياته وكانوا أصحابه وخاصته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته، معروفون بما ذكرناهم فيما بعد، ينقلون إلى شيعته معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبته في مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه وهم جماعة كان الحسن بن علي عليه السلام عدلهم في حياته، واختصهم امناء له في وقته، وجعل إليهم النظر في أملاكه والقيام باموره بأسمائهم وأنسابهم وأعيانهم كأبي عمرو عثمان بن سعيد السمان، وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد، و غيرهم ممن سنذكر أخبارهم فيما بعد إنشاء الله، وكانوا أهل عقل وأمانة، وثقة ظاهرة، ودراية، وفهم، وتحصيل، ونباهة كانوا معظمين عند سلطان الوقت لعظم أقدارهم وجلالة محلهم مكرمين لظاهر أمانتهم واشتهار عدالتهم حتى أنه يدفع عنهم ما يضيفه إليهم خصومهم، وهذا يسقط قولكم إن صاحبكم لم يره أحد ودعواهم خلافه. فأما بعد انقراض أصحاب أبيه فقد كان مدة من الزمان أخباره واصلة من جهة السفراء الذين بينه وبين شيعته ويوثق بقولهم ويرجع إليهم لدينهم وأمانتهم و ما اختصوا به من الدين والنزاهة، وربما ذكرنا طرفا من أخبارهم فيما بعد. وقد سبق الخبر عن آبائه عليهم السلام بأن القائم له غيبتان اخراهما أطول من الاولى، فالاولى يعرف فيها خبره، والاخرى لايعرف فيها خبره، فجاء ذلك موافقا لهذه الاخبار، فكان ذلك دليلا ينضاف إلى ما ذكرناه، وسنوضح عن هذه الطريقة فيما بعد إنشاء الله تعالى. فأما خروج ذلك عن العادات فليس الامر على ما قالوه ولو صح لجاز أن ينقض الله تعالى العادة في ستر شخص ويخفي أمره لضرب من المصلحة وحسن التدبير لما يعرض من المانع من ظهوره. وهذا الخضر عليه السلام موجود قبل زماننا من عهد موسى عليه السلام عند أكثر الامة


 

[204]

وإلى وقتنا هذا باتفاق أهل السير، لايعرف مستقره ولا يعرف أحد له أصحابا إلا ما جاء به القرآن من قصته مع موسى وما يذكره بعض الناس أنه يظهر أحيانا ويظن من يراه أنه بعض الزهاد، فإذا فارق مكانه توهمه المسمى بالخضر ولم يكن عرفه بعينه في الحال ولاظنه فيها، بل اعتقد أنه بعض أهل الزمان. وقد كان من غيبة موسى بن عمران عن وطنه وهربه من فرعون ورهطه ما نطق به القرآن ولم يظفر به أحد مدة من الزمان ولا عرفه بعينه، حتى بعثه الله نبيا و دعا إلى فعرفه الولي والعدو. وكان من قصة يوسف بن يعقوب ما جاء به سورة في القرآن وتضمنت استتار خبره عن أبيه وهو نبي الله يأتيه الوحي صباحا ومساء يخفى عليه خبر ولده، وعن ولده أيضا حتى أنهم كانوا يدخلون عليه ويعاملونه ولا يعرفونه وحتى مضت على ذلك السنون والازمان ثم كشف الله أمره وظهره خبره وجمع بينه وبين أبيه وإخوته وإن لم يكن ذلك في عادتنا اليوم ولا سمعنا بمثله. وكان من قصة يونس بن متى نبي الله مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له واستخفافهم بجفوته وغيبته عنهم وعن كل أحد حتى لم يعلم أحد من الخلق مستقره وستره الله في جوف السمكة وأمسك عليه رمقه لضرب من المصلحة إلى أن انقضت تلك المدة ورده الله إلى قومه. وجمع بينهم وبينه، وهذا أيضا خارج عن عادتنا وبعيد من تعارفنا وقد نطق به القرآن وأجمع عليه أهل الاسلام. ومثل ما حكيناه أيضا قصة أصحاب الكهف وقد نطق بها القرآن وتضمن شرح حالهم واستتارهم عن قومهم فرارا بدينهم ولولا ما نطق القرآن به لكان مخالفونا يجحدونه دفعا لغيبة صاحب الزمان، وإلحاقهم به، لكن أخبر الله تعالى أنهم بقوا ثلاثمائة سنة مثل ذلك مستترين خائفين ثم أحياهم الله فعادوا إلى قومهم وقصتهم مشهورة في ذلك. وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصته القرآن وأهل الكتاب يزعمون أنه كان نبيا فأماته الله مائة عام ثم بعثه وبقى طعامه وشرابه لم يتغير وكان


 

[205]

ذلك خارقا للعادة وإذا كان ما ذكرناه معروفا كائنا كيف يمكن مع ذلك إنكار غيبة صاحب الزمان. اللهم إلا أن يكون المخالف دهريا معطلا ينكر جميع ذلك ويحيله فلا نكلم معه في الغيبة بل ينتقل معه إلى الكلام في أصل التوحيد وأن ذلك مقدور وإنما نكلم في ذلك من أقر بالاسلام، وجوز ذلك مقدورا لله، فنبين لهم نظائره في العادات. وأمثال ما قلناه كثيرة مما رواه أصحاب السير والتواريخ من ملوك فرس و غيبتهم عن أصحابهم مدة لا يعرفون خبره ثم عودهم وظهورهم لضرب من التدبير و إن لم ينطق به القرآن فهو مذكور في التواريخ وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند قد كانت لهم غيبات وأحوال خارجة عن العادات لانذكرها لان المخالف ربما جحدها على عادتهم جحد الاخبار وهو مذكور في التواريخ. فان قيل: ادعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات مع بقائه على قولكم كامل العقل تام القوة والشباب لانه على قولكم له في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة مائة وإحدى وتسعون سنة لان مولده على قولكم سنة ست وخمسين ومائتين ولم تجر العادة بأن يبقى أحد من البشر هذه المدة فكيف انتقضت العادة فيه، ولا يجوز انتقاضها إلا على يد الانبياء. قلنا: الجواب عن ذلك من وجهين أحدهما أن لا نسلم أن ذلك خارق لجميع العادات، بل العادات فيما تقدم قد جرت بمثلها وأكثر من ذلك، وقد ذكرنا بعضها كقصة الخضر عليه السلام وقصة أصحاب الكهف وغير ذلك، وقد أخبر الله عن نوح عليه السلام أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وأصحاب السير يقولون أنه عاش أكثر من ذلك، وإنما دعا قومه إلى الله هذه المدة المذكورة بعد أن مضت عليه ستون من عمره، وروى أصحاب الاخبار أن سلمان الفارسي لقي عيسى ابن مريم وبقي إلى زمان نبينا صلى الله عليه وآله وخبره مشهور وأخبار المعمرين من العجم و العرب معروفة مذكورة في الكتب والتواريخ وروى أصحاب الحديث أن الدجال


 

[206]

موجود وأنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وأنه باق إلى الوقت الذي يخرج فيه وهو عدو الله فإذا جاز ذلك في عدو الله لضرب من المصلحة فكيف لا يجوز مثله في ولي الله إن هذا من العناد. أقول: ثم ذكر ره أخبار المعمرين على ما سنذكره ثم قال: إن كان المخالف لنا في ذلك من يحيل ذلك من المنجمين وأصحاب الطبايع فالكلام لهم في أصل هذه المسالة فان العالم مصنوع وله صانع أجرى العادة بقصر الاعمار وطولا، وأنه قادر على إطالتها وعلى إفنائها فإذا بين ذلك سهل الكلام. وإن كان المخالف في ذلك من يسلم ذلك غير أنه يقول: هذا خارج عن العادات، فقد بينا أنه ليس بخارج عن جميع العادات، ومتى قالوا خارج عن عاداتنا قلنا وما المانع منه. فان قيل: ذلك لا يجوز إلا في زمن الانبياء قلنا نحن ننازع في ذلك وعندنا يجوز خرق العادات على يد الانبياء والائمة والصالحين وأكثر أصحاب الحديث يجوزون ذلك وكثير من المعتزلة والحشوية، وإن سموا ذلك كرامات كان ذلك خلافا في عبارة، وقد دللنا على جواز ذلك في كتبنا، وبينا أن المعجز إنما يدل على صدق من يظهر على يده ثم نعلمه نبيا أو إماما أو صالحا بقوله، وكلما يذكرونه من شبههم قد بينا الوجه فيه في كتبنا لا نطول بذكره ههنا. فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان، وعلو السن، وتناقض بنية الانسان فليس مما لابد منه وإنما أجرى الله العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان و لا إيجاب هناك، وهو تعالى قادر أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أن تطاول الاعمار ممكن غير مستحيل، وقد ذكرنا فيما تقدم عن جماعة أنهم لم يتغيروا مع تطاول أعمارهم وعلو سنهم، وكيف ينكر ذلك من يقر بأن الله تعالى يخلد المؤمنين في الجنة شبانا لايبلون، وإنما يمكن أن ينازع في ذلك من يجحد ذلك ويسنده إلى الطبيعة وتأثير الكواكب الذي قد دل الدليل على بطلان قولهم باتفاق منا ومن خالفنا في هذه المسألة من أهل الشرع، فسقطت


 

[207]

الشبهة من كل وجه. دليل آخر: ومما يدل على إمامة صاحب الزمان وصحة غيبته، ما رواه الطائفتان المختلفان، والفرقتان المتباينتان العامة والامامية أن الائمة بعد النبي صلى الله عليه وآله اثنا عشر لا يزيدون ولا ينقصون، وإذا ثبت ذلك فكل من قال بذلك قطع على الائمة الاثني عشر الذين نذهب إلى إمامتهم، وعلى وجود ابن الحسن وصحة غيبته، لان من خالفهم في شئ من ذلك لا يقصر الامامة على هذا العدد بل يجوز الزيادة عليها، وإذا ثبت بالاخبار التي نذكرها هذا العدد المخصوص ثبت ما أردناه. أقول: ثم أورد - ره - من طرق الفريقين بعض ما أوردناه في باب النصوص على الاثني عشر عليهم السلام. ثم قال رحمه الله: فان قيل: دلوا أولا على صحة هذه الاخبار فانها أخبار آحاد لا يعول عليها فيم طريقه العلم، وهذه مسألة علمية ثم دلوا على أن المعني بها من تذهبون إلى إمامته فان الاخبار التي رويتموها عن مخالفيكم وأكثر ما رويتموها من جهة الخاصة إذا سلمت فليس فيها صحة ما تذهبون إليه، لانها تتضمن غير ذلك فمن أين لكم أن أئمتكم هم المرادون بها دون غيرهم. قلنا: أما الذي يدل على صحتها فإن الشيعة الامامية يروونها على وجه التواتر خلفا عن سلف وطريقة تصحيح ذلك موجود في كتب الامامية في النصوص على أمير المؤمنين عليه السلام والطريقة واحدة. وأيضا فان نقل الطائفتين المختلفتين المتباينتين في الاعتقاد يدل على صحة ما قد اتفقوا على نقله، لان العادة جارية أن كل من اعتقد مذهبا وكان الطريق إلى صحة ذلك النقل فان دواعيه تتوفر إلى نقله، وتتوفر دواعي من خالفه إلى إبطال ما نقله أو الطعن عليه، والانكار لروايته، بذلك جرت العادات في مدائح الرجال وذمهم، وتعظيمهم والنقص منهم، ومتى رأينا الفرقة المخالفة لهذه الفرقة قد نقلت مثل نقلها، ولم يتعرض للطعن على نقله، ول ينكر متضمن الخبر، دل


 

[208]

ذلك على أن الله تعالى قد تولى نقله وسخرهم لروايته، وذلك دليل على صحة ما تضمنه الخبر. وأما الدليل على أن المراد بالاخبار والمعني بها أئمتنا عليهم السلام فهو أنه إذا ثبت بهذه الاخبار أن الائمة محصورة في الاثني عشر إماما وأنهم لا يزيدون ولا ينقصون، ثبت ما ذهبنا إليه، لان الامة بين قائلين: قائل يعتبر العدد الذي ذكرناه فهو يقول إن المراد بها من نذهب إلى إمامته، ومن خالف في إمامتهم لا يعتبر هذا العدد، فالقول مع اعتبار العدد أن المراد غيرهم، خروج عن الاجماع وما أدى إلى ذلك وجب القول بفساده. ويدل أيضا على إمامة ابن الحسن عليه السلام وصحة غيبته ما ظهر وانتشر من الاخبار الشائعة الذائعة عن آبائه عليهم السلام قبل هذه الاوقات بزمان طويل من أن لصاحب هذا الامر غيبة، وصفة غيبته، وما يجري فيها من الاختلاف، ويحدث فيها من الحوادث، وأنه يكون له غيبتان إحداهما أطول من الاخرى وأن الاولى يعرف فيها أخباره والثانية لا يعرف فيها أخباره فوافق ذلك على ما تضمنته الاخبار ولولا صحتها وصحة إمامته لما وافق ذلك، لان ذلك لا يكون إلا باعلام الله على لسان نبيه، وهذه أيضا طريقة اعتمدها الشيوخ قديما. ونحن نذكر من الاخبار التي تضمن ذلك طرفا ليعلم صحة ما قلناه لان استيفاء جميع ماروي في هذا المعنى يطول، وهو موجود في كتب الاخبار من أراده وقف عليه من هناك. أقول: ثم نقل الاخبار التي نقلنا عنه رحمه الله في الابواب السابقة واللاحقة ثم قال: فان قيل: هذه كلها أخبار آحاد لا يعول على مثلها في هذه المسألة لانها مسألة علمية. قلنا: موضع الاستدلال من هذه الاخبار ما تضمنه الخبر بالشئ قبل كونه فكان كما تضمنه فكان ذلك دلالة على صحة ما ذهبنا إليه من إمامة ابن الحسن لان العلم بما يكون لا يحصل إلا من جهة علام الغيوب، فلو لم يرد إلا خبر واحد


 

[209]

ووافق مخبره ما تضمنه الخبر، لكان ذلك كافيا، ولذلك كان ما تضمنه القرآن من الخبر بالشئ قبل كونه دليلا على صدق النبي صلى الله عليه وآله وأن القرآن من قبل الله تعالى، وإن كان المواضع التي تضمن ذلك محصورة، ومع ذلك مسموعة من مخبر واحد، لكن دل على صدقه من الجهة التي قلناها، على أن الاخبار متواتر بها لفظا ومعنى. فأما اللفط فان الشيعة تواترت بكل خبر منه، والمعنى أن كثيرة الاخبار واختلاف جهاتها وتباين طرقها، وتباعد رواتها، تدل على صحتها، لانه لا يجوز أن يكون كلها باطلة ولذلك يستدل في مواضع كثيرة على معجزات النبي صلى الله عليه وآله التي هي سوى القرآن وامور كثيرة في الشرع يتواتر، وإن كان كل لفظ منه منقولا من جهة الآحاد وذلك معتمد عند من خالفنا في هذه المسألة، فلا ينبغي أن يتركوه وينسوه إذا جئنا إلى الكلام في الامامة، والعصبية لا ينبغي أن ينتهي بالانسان إلى حد يجحد الامور المعلومة. وهذا الذي ذكرناه معتبر في مدائح الرجال وفضائلهم ولذلك استدل على سخاء حاتم وشجاعة عمرو وغير ذلك بمثل ذلك وإن كان كل واحد مما يروى من عطاء حاتم ووقوف عمرو في موقف من المواقف، من جهة الآحاد وهذا واضح. ومما يدل أيضا على إمامة ابن الحسن زائدا على ما مضى أنه لا خلاف بين الامة أنه سيخرج في هذه الامة مهدي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وإذا بينا أن ذلك المهدي من ولد الحسين وأفسدنا قول من يدعي ذلك من ولد الحسين سوى ابن الحسن ثبت أن المراد به هو عليه السلام. أقول: ثم أورد ما نقلنا عنه سابقا من أخبار الخاصة والعامة في المهدي عليه السلام ثم قال: وأما الذي يدل على أنه يكون من ولد الحسين عليه السلام فالاخبار التي أوردناها في أن الائمة اثنا عشر وذكر تفاصيلهم فهي متضمنة لذلك، ولان كل من اعتبر العدد الذي ذكرناها قال: المهدي من ولد الحسين عليه السلام. وهو من أشرنا إليه.


 

[210]

ثم أورد رحمه الله الاخبار في ذلك على ماروينا عنه ثم قال: فان قيل: أليس قد خالف جماعة فيهم من قال: المهدي من ولد علي عليه السلام فقالوا: هو محمد بن الحنفية وفيهم من قال من السبائية هو علي عليه السلام لم يمت وفيهم من قال: جعفر بن محمد لم يمت، وفيهم من قال: موسى بن جعفر لم يمت، وفيهم من قال: الحسن بن علي العسكري عليهما السلام لم يمت، وفيهم من قال: المهدي هو أخوه محمد بن علي وهو حي باق لم يمت، ما الذي يفسد قول هؤلاء ؟. قلت: هذه الاقوال كلها قد أفسدناها بما دللنا عليه من موت من ذهبوا إلى حياته وبما بينا أن الائمة اثنا عشر وبما دللنا على صحة إمامة ابن الحسن من الاعتبار، وبما سنذكره من صحة ولادته وثبوت معجزاته الدالة على إمامته. فأما من خالف في موت أمير المؤمنين وذكر أنه حي باق فهو مكابر فان العلم بموته وقتله أظهر وأشهر من قتل كل أحد وموت كل إنسان والشك في ذلك يؤدي إلى الشك في موت النبي وجميع أصحابه ثم ما ظهر من وصيته وأخبار النبي صلى الله عليه وآله إياه أنك تقتل وتخضب لحيتك من رأسك يفسد ذلك أيضا وذلك أشهر من أن يحتاج أن يروى فيه الاخبار. وأما وفات محمد بن علي، ابن الحنيفة وبطلان قول من ذهب إلى إمامته فقد بينا فيما مضى من الكتاب وعلى هذه الطريقة إذا بينا أن المهدي من ولد الحسين عليه السلام بطل قول المخالف في إمامته عليه السلام. وأما الناووسية الذين وقفوا على جعفر بن محمد عليه السلام فقد بينا أيضا فساد قولهم بما علمناه من موته، واشتهار الامر فيه، وبصحة إمامة ابنه موسى بن جعفر عليهما السلام، وبما ثبت من إمامة الاثني عشر عليهم السلام ويؤكد ذلك ما ثبت من صحة وصيته إلى من أوصى إليه، وظهور الحال في ذلك. وأما الواقفة الذين وقفوا على موسى بن جعفر وقالوا هو المهدي فقد أفسدنا أقوالهم بما دللنا عليه من موته، واشتهار الامر فيه، وثبوت إمامة ابنه الرضا عليه السلام وفي ذلك كفاية لمن أنصف.


 

[211]

وأما المحمدية الذين قالوا بامامة محمد بن علي العسكري وأنه حي لم يمت، فقولهم باطل لما دللنا به على إمامة أخيه الحسن بن علي أبي القائم عليهما السلام وأيضا فقد مات محمد في حياة أبيه عليه السلام موتا ظاهرا كما مات أبوه وجده فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورة. وأما القائلون بأن الحسن بن علي لم يمت وهو حي باق وهو المهدي فقولهم باطل بما علمنا موته كما علمنا موت من تقدم من آبائه، والطريقة واحدة، والكلام عليهم واحد، هذا مع انقراض القائلين به واندراسهم، ولو كانوا محقين لما انقرضوا. أقول: وقد أورد لكل ما ذكر أحبارا كثيرة أوردناها مع غيرها في المجلدات السابقة في الابواب التي هي أنسب بها ثم قال: وأما من قال: إن الحسن بن علي عليه السلام يعيش بعد موته وأنه القائم بالامر وتعلقهم بما روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إنما سمي القائم لانه يقوم بعد ما يموت " فقوله باطل بما دللنا عليه من موته وادعاؤهم أنه يعيش يحتاج إلى دليل ولو جاز لهم ذلك لجاز أن تقول الواقفة إن موسى بن جعفر يعيش بعد موته، على أن هذا يؤدي إلى خلو الزمان من إمام بعد موت الحسن إلى حين يحيى وقد دللنا بأدلة عقلية على فساد ذلك. ويدل على فساد ذلك الاخبار التي مضت في أنه لو بقيت الارض بغير إمام ساعة لساخت. وقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه اللهم إنك لا تخلي الارض بغير حجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا يدل على ذلك على أن قوله " يقوم بعد ما يموت " لو صح الخبر احتمل أن يكون أراد " يقوم بعد ما يموت ذكره " ويخمل ولا يعرف، وهذا جائز في اللغة وما دللنا به على أن الائمة اثنا عشر يبطل هذا المقال لانه عليه السلام هو الحادي عشر، على أن القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد ولو كان حقا لما انقرض القائلون به.


 

[212]

وأما من ذهب إلى الفترة بعد الحسن بن علي وخلو الزمان من إمام فقولهم باطل بما دللنا عليه من أن الزمان لا يخلو من إمام في حال من الاحوال بأدلة عقلية وشرعية وتعلقهم بالفترات بين الرسل باطل لان الفترة عبارة عن خلو الزمان من نبي ونحن لا نوجب النبوة في كل حال، وليس في ذلك دلالة على خلو الزمان من إمام، على أن القائلين بذلك قد انقرضوا ولله الحمد، فسقط هذا القول أيضا. وأما القائلون بإمامة جعفر بن علي بعد أخيه، فقولهم باطل بما دللنا عليه من أنه يجب أن يكون الامام معصوما، لا يجوز عليه الخطاء، وأنه يجب أن يكون أعلم الامة بالاحكام وجعفر لم يكن معصوما بلا خلاف، وما ظهر من أفعاله التي تنافي العصمة أكثر من أن تحصى لا نطول بذكرها الكتاب، وإن عرض فيما بعد ما يقتضي ذكر بعضها ذكرناه، وأما كونه عالما فانه كان خاليا منه، فكيف تثبت إمامته، على أن القائلين بهذه المقالة قد انقرضوا أيضا ولله الحمد والمنة. وأما من قال: لا ولد لابي محمد عليه السلام فقوله يبطل بما دللنا عليه من إمامة الاثني عشر وسياقة الامر فيهم. وأما من زعم أن الامر قد اشتبه عليه، فلا يدري هل لابي محمد عليه السلام ولد أم لا إلا أنهم متمسكون بالاول حتى يصح لهم الآخر فقوله باطل بما دللنا عليه من صحة إمامة ابن الحسن، وبما بينا من أن الائمة اثنا عشر، ومع ذلك لا ينبغي التوقف بل يجب القطع على إمامة ولده، وما قدمناه أيضامن أنه لا يمضي إمام حي حتى يولد له ويرى عقبه، وما دللنا عليه من أن الزمان لا يخلو من إمام عقلا وشرعا يفسد هذا القول أيضا. فأما تمسكهم بما روي " تمسكوا بالاول حتى يصح لكم الآخر " فهو خبر واحد ومع هذا فقد تأوله سعد بن عبد الله بتأويل قريب قال قوله " تمسكوا بالاول حتى يظهر لكم الآخر " هو دليل على إيجاب الخلف لانه يقتضي وجوب التمسك بالاول ولا يبحث عن أحوال الآخر إذا كان مستورا غائبا في تقية حتى


 

[213]

يأذن الله في ظهوره، ويكون (هو) الذي يظهر أمره ويشهر نفسه، على أن القائلين بذلك قد انقرضوا والحمد لله. وأما من قال بإمامة الحسن وقالوا: انقطعت الامامة كما انقطعت النبوة فقولهم باطل بما دللنا عليه من أن الزمان لا يخلو من إمام عقلا وشرعا وبما بينا من أن الائمة اثنا عشر وسنبين صحة ولادة القائم بعده، فسقط قولهم من كل وجه على أن هؤلاء قدانقرضوا بحمد الله. وقد بينا فساد قول الذاهبين إلى إمامة جعفر بن علي من الفطحية الذين قالوا بامامة عبد الله بن جعفر لما مات الصادق عليه السلام فلما مات عبد الله ولم يخلف ولدا رجعوا إلى القول بإمامة موسى بن جعفر ومن بعده إلى الحسن بن علي فلما مات الحسن قالوا بامامة جعفر وقول هؤلاء يبطل بوجوه أفسدناها ولانه لا خلاف بين الامامية أن الامامة لا تجتمع في أخوين بعد الحسن والحسين وقد أوردنا في ذلك أخبارا كثيرة. ومنها أنه لا خلاف أنه لم يكن معصوما وقد بينا أن من شرط الامام أن يكون معصوما وما ظهر من أفعاله ينافي العصمة وقد روي أنه لما ولد لابي الحسن جعفر هنؤه به فلم يروا به سرورا، فقيل له في ذلك فقال: هون عليك أمره سيضل خلقا كثيرا، وما روي فيه وله من الافعال والاقوال الشنيعة أكثر من أن تحصى ننزه كتابنا عن ذلك. فأما من قال إن للخلف ولدا وأن الائمة ثلاثة عشر فقولهم يفسد بما دللنا عليه من أن الائمة عليهم السلام اثنا عشر، فهذا القول يجب إطراحه على أن هذه الفرق كلها قد انقرضت بحمد الله ولم يبق قائل بقولها، وذلك دليل على بطلان هذه الاقاويل انتهى كلامه قدس الله روحه. واقول: تحقيقاته - ره - في هذا المبحث يحتاج إلى تفصيل وتبيين وإتمام ونقض وإبرام ليس كتابنا محل تحقيق أمثال ذلك وإنما أوردنا كلامه - ره - لانه كان داخلا فيما اشتمل عليه اصولنا التي أخذنا منها ومحل تحقيق تلك المباحث


 

[214]

من جهة الدلائل العقلية الكتب الكلامية وأما ما يتعلق بكتابنا من الاخبار المتعلقة بها فقد وفينا حقها على وجه لا يبقى لمنصف بل معاند مجال الشك فيها ولنتكلم فيما التزمه - ره - في ضمن أجوبة اعتراضات المخالف من كون كل من خفي عليه الامام من الشيعة في زمان الغيبة فهم مقصرون مذنبون فنقول: يلزم عليه أن لا يكون أحد من الفرقة المحقة الناجية في زمان الغيبة موصوفا بالعدالة، لان هذا الذنب الذي صار مانعا لظهوره عليه السلام من جهتهم إما كبيرة أو صغيرة أصروا عليها، وعلى التقديرين ينافي العدالة فكيف كان يحكم بعدالة الرواة والائمة في الجماعات، وكيف كان يقبل قولهم في الشهادات، مع أنا نعلم ضرورة أن كل عصر من الاعصار مشتمل على جماعة من الاخيار لا يتوقفون مع خروجه عليه السلام وظهور أدنى معجز منه في الاقرار بامامته وطاعته، وأيضا فلا شك في أن في كثير من الاعصار الماضية كان الانبياء والاوصياء محبوسين ممنوعين عن وصول الخلق إليهم، وكان معلوما من حال المقرين أنهم لم يكونوا مقصرين في ذلك بل نقول: لما اختفى الرسول صلى الله عليه وآله في الغار كان ظهوره لامير المؤمنين صلوات الله عليه وكونه معه لطفا له، ولا يمكن إسناد التقصير إليه فالحق في الجواب أن اللطف إنما يكون شرطا للتكليف إذا لم يكن مشتملا على مفسدة فإنا نعلم أنه تعالى إذا أظهر علامة مشيته عند ارتكاب المعاصي على المذنبين كأن يسود وجوههم مثلا، فهو أقرب إلى طاعتهم وأبعد عن معصيتهم، لكن لاشتماله على كثير من المفاسد لم يفعله، فيمكن أن يكون ظهوره عليه السلام مشتملا على مفسدة عظيمة للمقرين يوجب استئصالهم واجتياحهم، فظهوره عليه السلام مع تلك الحال ليس لطفا لهم وما ذكره - رحمه الله - من أن التكليف مع فقد اللطف كالتكليف مع فقد الآلة فمع تسليمه إنما يتم إذا كان (لطفا و) ارتفعت المفاسد المانعة عن كونه لطفا. وحاصل الكلام أن بعد ما ثبت من الحسن والقبح العقليين وأن العقل يحكم بأن اللطف على الله تعالى واجب، وأن وجود الامام لطف باتفاق جميع العقلاء على أن المصلحة في وجود رئيس يدعو إلى الصلاح، ويمنع عن الفساد، و


 

[215]

أن وجوده أصلح للعباد وأقرب إلى طاعتهم وأنه لابد أن يكون معصوما وأن العصمة لاتعلم إلا من جهته تعالى وأن الاجماع واقع على عدم عصمة غير صاحب الزمان عليه السلام يثبت وجوده. وأما غيبته عن المخالفين، فظاهر أنه مستند إلى تقصيرهم وأما عن المقرين فيمكن أن يكون بعضهم مقصرين وبعضهم مع عدم تقصيرهم ممنوعين من بعض الفوائد التي تترتب على ظهوره عليه السلام لمفسدة لهم في ذلك ينشأ من المخالفين أو لمصلحة لهم في غيبته بأن يؤمنوا به مع خفاء الامر وظهور الشبه، وشدة المشقة فيكونوا أعظم ثوابا مع أن إيصال الامام فوائده وهداياته لا يتوقف على ظهوره بحيث يعرفونه، فيمكن أن يصل منه عليه السلام إلى أكثر الشيعة ألطاف كثيرة لا يعرفونه كما سيأتي عنه عليه السلام أنه في غيبته كالشمس تحت السحاب. على أن في غيبات الانبياء دليلا بينا على أن في هذا النوع من وجود الحجة مصلحة وإلا لم يصدر منه تعالى. وأما الاعتراضات الموردة على كل من تلك المقدمات وأجوبتها فموكول إلى مظانه. (13) (باب) * (ما فيه عليه السلام من سنن الانبياء والاستدلال) * " بغيباتهم على غيبته صلوات الله عليهم " 1 - ك: ابن الوليد، عن الصفار، عن صعد والحميري معا، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن صالحا عليه السلام غاب عن قومه زمانا وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدح البطن، حسن الجسم، وافر اللحية، خميص البطن، خفيف العارضين، مجتمعا ربعة من الرجال، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته فرجع إليهم وهم على


 

[216]

ثلاث طبقات: طبقة جاحدة لا ترجع أبدا واخرى شاكة فيه واخرى على يقين فبدأ عليه السلام حيث رجع بطبقة الشكاك، فقال لهم: أنا صالح فكذبوه وشتموه و زجروه، وقالوا برئ الله منك إن صالحا كان في غير صورتك، قال: فأتى الجحاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشد النفور ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم: أنا صالح فقالوا: أخبرنا خبرا لا نشك فيك معه أنك صالح فانا لانمتري أن الله تبارك وتعالى الخالق ينقل ويحول في أي الصور شاء وقد اخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، وإنما صح عندنا إذا أتى الخبر من السماء فقال لهم صالح: أنا صالح الذي أتيتكم بالناقة فقالوا صدقت وهي التي نتدارس فما علاماتها فقال: لها شرب ولكم شرب يوم معلوم قالوا: آمنا بالله وبما جئتنا به فعند ذلك قال الله تبارك وتعالى: إن صالحا مرسل من ربه، قال أهل اليقين: إنا بما ارسل به مؤمنون وقال الذين استكبروا وهم الشكاك والجحاد إنا بالذي آمنتم به كافرون. قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم ؟ قال: الله تعالى أعدل من أن يترك الارض بغير عالم يدل على الله تبارك وتعالى ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيام على فترة لا يعرفون إماما غير أنهم على ما في أيديهم من دين الله عزوجل كلمتهم واحدة، فلما ظهر صالح عليه السلام اجتمعوا عليه، وإنما مثل (علي و) القائم مثل صالح عليه السلام. 2 - ك: أبي، عن سعد، عن المعلى بن محمد، عن محمد بن جمهور وغيره، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: في القائم سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت: وما سنة موسى بن عمران ؟ قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه ؟ قال: ثماني وعشرين سنة. 3 - ك: أبي وابن الوليد معا، عن الحميري، عن محمد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب هذا


 

[217]

الامر أربع سنين من أربعة أنبياء: سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلوات الله عليهم فأما من موسى فخائف يترقب وأما من يوسف فالسجن وأما من عيسى فيقال: إنه مات ولم يمت، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالسيف. غط: محمد الحميري، عن أبيه مثله. كتاب الامامة والتبصرة لعلي بن بابويه، عن عبد الله بن جعفر الحميري مثله. 4 - ك: علي بن موسى بن أحمد العلوي، عن محمد بن همام، عن أحمد ابن محمد النوفلي، عن أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول في القائم منا سنن من سنن الانبياء عليهم السلام سنة من آدم وسنة من نوح وسنة من إبراهيم وسنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من أيوب وسنة من محمد صلى الله عليه وآله فأما من آدم ومن نوح فطول العمر، وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس وأما من موسى فالخوف والغيبة وأما من عيسى فاختلاف الناس فيه وأما من أيوب فالفرج بعد البلوى، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالخروج بالسيف. 5 - ك: ابن بشار، عن المظفر بن أحمد، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام يقول: في القائم سنة من نوح وهو طول العمر. ك: الدقاق والشيباني معا، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن حمزة بن حمران مثله. 6 - ك: الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، وحدثنا ابن عصام، عن الكليني، عن القاسم بن العلا، عن إسماعيل بن علي، عن علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله فقال لي مبتدئا: يا محمد بن مسلم إن في القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله شبها من خمسة


 

[218]

من الرسل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم، فأما شبهه من يونس فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السن وأما شبهه من يوسف بن يعقوب فالغيبة من خاصته وعامته، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليه السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته، وأما شبهه من موسى فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الاذى والهوان إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره وأيده على عدوه وأما شبهه من عيسى فاختلاف من اختلف فيه حتى قالت طائفة منهم ما ولد وقالت طائفة مات وقالت طائفة قتل وصلب. وأما شبهه من جده المصطفى صلى الله عليه وآله فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وآله والجبارين والطواغيت وأنه ينصر بالسيف والرعب وأنه لاترد له رأية وأن من علامات خروجه خروج السفياني من الشام وخروج اليماني وصيحة من السماء في شهر رمضان ومناد ينادي باسمه واسم أبيه. 7 - ك: علي بن موسى، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في صاحب الامر سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلى الله عليه وآله فأما من موسى فخائف يترقب، وأما من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأما من يوسف فالسجن والتقية، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالقيام بسيرته وتبيين آثاره ثم يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر ولا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله قلت: وكيف يعلم أن الله عزوجل قد رضي قال: يلقي الله عزوجل في قلبه الرحمة. 8 - ك: عبد الواحد بن محمد، عن أبي عمير الليثي، عن محمد بن مسعود، عن محمد بن علي القمي، عن محمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي أحمد الازدي، عن ضريس الكناسي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن صاحب هذا الامر فيه سنة من يوسف: ابن أمة سوداء يصلح الله أمره في ليلة واحدة.


 

[219]

نى: ابن عقدة، عن محمد بن المفضل وسعدان بن إسحاق وأحمد بن الحسن جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن الكناسي مثله. بيان: قوله عليه السلام: " ابن أمة سوداء " (1) يخالف كثيرا من الاخبار التي وردت في وصف امه عليه السلام ظاهرا إلا أن يحمل على الام بالواسطة أو المربية. 9 - ك: محمد بن علي بن حاتم، عن أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي، عن أحمد بن طاهر، عن محمد بن يحيى بن سهل، عن علي بن الحارث، عن سعد بن منصور الجواشني، عن أحمد بن علي البديلي، عن أبيه، عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب، على مولانا أبي عبد الله جعفر ابن محمد عليه السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب مقصر الكمين (2) وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرى، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير في عارضيه وأبلى الدموع محجريه، وهو يقول: سيدي ! غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي وأسرت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الابد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما احس بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل لعيني عن عواير أعظمها وأفظعها وتراقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله يابن خير الورى عينيك، من أي حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عبرتك، وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم. قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتد منها خوفه، وقال:

 

(1) هذه الجملة موجودة في غيبة النعماني ص 84، ساقطة من كمال الدين راجع ج 1 ص 445. (2) المسح بالكسر: الكساء من شعر كثوب الرهبان وكأن الراوى يصف جبة من شعر وكيف كان، الحديث منكر السند والمتن قد مر في كتاب النبوة ج 12 من طبعته الجديدة.

 

[220]

ويكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والائمة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين (به من بعده) في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم، التي قال الله تقدس ذكره: " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية، فأخذتني الرقة، واستولت علي الاحزان. فقلنا: يابن رسول الله كرمنا وشرفنا باشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم قال: إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدر غيبته غيبة عيسى عليه السلام، و قدر إبطاؤه تقدير إبطاء نوح عليه السلام وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر دليلا على عمره فقلت: اكشف لنا يابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني. قال: أما مولد موسى فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة، فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من (النساء) بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه. كذلك بنو امية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم والامراء والجبابرة منهم على يد القائم منا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم عليه السلام ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلى أن يتم نوره ولو كره المشركون. وأما غيبة عيسى عليه السلام فان اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل وكذبهم الله عزوجل بقوله: " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " كذلك غيبة القائم عليه السلام فان الامة تنكرها (لطولها) فمن قائل بغير هدى بأنه لم يولد وقائل يقول:


 

[221]

إنه ولد ومات وقائل يكفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا وقائل يعصي الله عزوجل بقوله: إن روح القائم عليه السلام ينطق في هيكل غيره. وأما إبطاء نوح عليه السلام فانه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله عزوجل جبرئيل الروح الامين بسبعة نويات فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست ابيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فاني مثيبك عليه واغرس هذه النوى فان لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين. فلما نبتت الاشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزهى الثمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الاشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجة على قومه فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف. ثم إن الله تبارك وتعال لم يزل يأمره عند كل مرة أن يغرسها تارة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفى (الامر للايمان) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة. فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، و اعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الارض وامكن لهم دينهم وابدل خوفهم بالامن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم. وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالامن مني لهم مع ما


 

[222]

كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم، وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة، فلو أنهم تسنموا (مني) من الملك الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم وتأبد حبال ضلالة قلوبهم وكاشفوا إخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالامر والنهي وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا " فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا ". قال الصادق عليه السلام وكذلك القائم عليه السلام تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السلام. قال المفضل: فقلت: يابن رسول الله إن النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي قال: لا يهد الله قلوب الناصبة متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامن في الامة وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد أحد من هؤلاء وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي كانت تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم ثم تلا الصادق عليه السلام " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ". وأما العبد الصالح الخضر عليه السلام فان الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبلها من الانبياء، ولا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدر وعلم ما يكون من إنكاره عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام، وليقطع بذلك


 

[223]

حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة. غط: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن بحر الشيباني، عن علي بن الحارث مثله. بيان: قال الفيروزآبادي: المحجر كمجلس ومنبر من العين وما دار بها وبدا من البرقع قوله عليه السلام: " وفقد " لعله معطوف على الفجائع أو على الابد أي أو صلت مصابي بما أصابني قبل ذلك من فقد واحد بعد واحد بسبب فناء الجمع والعدد. وفي بعض النسخ " يغني " فالجملة معترضة أو حالية. قوله عليه السلام: " يفتر " أي يخرج بضعف وفتور وفي غط يفشأ على البناء للمفعول أي ينتشر و " دوارج الرزايا " مواضيها. و " العواير " المصائب الكثيرة التي تعور العين لكثرتها من قولهم عنده من المال عائرة عين أي يحار فيه البصر من كثرته أو من العائر وهو الرمد والقذى في العين وتعدية التمثيل بعن لتضمين معنى الكشف والتراقي جمع الترقوة أي يمثل لي أشخاص مصائب أنظر إلى ترقوتها (1) وقوله: " أعظمها " على صيغة أفعل التفضيل فيكون بدلا عن العوائر أو صيغة المتكلم أي أعدها عظيمة فيكون صفة و الاحتمالان جاريان في الثلاثة الاخر وحاصل الكلام أني كلما أنظر إلى دمعة أو أسمع مني أنينا للمصائب التي نزلت بنا في سالف الزمان أنظر بعين اليقين إلى مصائب جليلة مستقبلة أعدها عظيمة فظيعة. و " الغائل " المهلك والغوائل الدواهي قوله " سمة " أي علامة وقد سبق تفسير سائر أجزاء الخبر في كتاب النبوة. 10 - ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن علي بن محمد بن

 

(1) ويحتمل أن يكون العوائر والتراقي، الغوابر بالغين المعجمة والباء الموحدة من الغابر خلاف الماضي، والتراقي: البواقى، بالباء الموحدة والواو، فالغواير و البواقي في المستثنى بحذاء الدوارج والسوالف في المستثنى منه، إذ الدوارج بمعنى المواضى من درج أي مضى كما لا يخفى على المتأمل فتأمل. كذا قيل.

 

[224]

شجاع، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن في صاحب هذا الامر سننا من الانبياء: سنة من موسى ابن عمران، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد صلى الله عليه وعليهم. فأما سنته من موسى فخائف يترقب. وأما سنته من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى. وأما سنته من يوسف فالستر جعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه وأما سنته من محمد صلى الله عليه وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته. 11 - ك: محمد بن علي بن بشار، عن المظفر بن أحمد، عن الاسدي، عن البرمكي، عن الحسن بن محمد بن صالح البزاز قال: سمعت الحسن بن علي العسكري عليه السلام يقول: إن ابني هو القائم من بعدي وهو الذي يجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الامد ولا يثبت على القول به إلا من كتب الله عزوجل في قلبه الايمان وأيده بروح منه. 12 - غط: روى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في القائم شبه من يوسف قلت: وما هو ؟ قال: الحيرة والغيبة. 13 - غط: وأما ماروي من الاخبار التي تتضمن أن صاحب الزمان يموت ثم يعيش أو يقتل ثم يعيش نحو ما رواه الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: لاي شئ سمي القائم ؟ قال: لانه يقوم بعدما يموت إنه يقوم بأمر عظيم، يقوم بأمر الله. وروى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد عن علي بن الحكم، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: مثل أمرنا في كتاب الله تعالى مثل صاحب الحمار أماته الله مأة عام ثم بعثه. وعنه، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن إسحاق بن محمد، عن القاسم ابن الربيع، عن علي بن الخطاب، عن مؤذن مسجد الاحمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل في كتاب الله مثل للقائم ؟ فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته الله


 

[225]

مائة عام ثم بعثه. وروى الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن الفضيل، عن حماد ابن عبد الكريم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن القائم إذا قام قال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل. فالوجه في هذه الاخبار وما شاكلها أن نقول: يموت ذكره ويعتقد أكثر الناس أنه بلي عظامه ثم يظهره الله كما أظهر صاحب الحمار بعد موته الحقيقي وهذا وجه قريب في تأويل هذه الاخبار على أنه لا يرجع بأخبار آحاد لا يوجب علما عما دلت العقول عليه وساق الاعتبار الصحيح إليه، وعضده الاخبار المتواترة التي قدمناها بل الواجب التوقف في هذه والتمسك بما هو معلوم وإنما تأولناها بعد تسليم صحتها على ما يفعل في نظائرها ويعارض هذه الاخبار ما ينافيها. (14) (باب) * (ذكر أخبار المعمرين لرفع استبعاد المخالفين) * * (عن طول غيبة مولانا القائم صلوات الله عليه) * * (وعلى آبائه الطاهرين) * ولنبدأ بذكر ما ذكره الصدوق رحمه الله في كتاب إكمال الدين قال: 1 - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الشجري، عن محمد بن القاسم الرقي وعلي ابن الحسن بن جنكاء اللائكي قال: لقينا بمكة رجلا من أهل المغرب فدخلنا عليه مع جماعة من أصحاب الحديث ممن كان حضر الموسم في تلك السنة وهي سنة تسع وثلاث مائة فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية كأنه شن بال وحوله جماعة من أولاده وأولاد أولاده ومشايخ من أهل بلده ذكروا أنهم من أقصى بلاد المغرب بقرب باهرة العليا وشهدوا هؤلاء المشايخ أنهم سمعوا آباءهم حكوا عن آبائهم وأجدادهم أنهم عهدوا هذا الشيخ المعروف بأبي الدنيا معمر واسمه علي بن عثمان


 

[226]

ابن خطاب بن مرة بن مؤيد (1) وذكر أنه همداني وأن أصله من صعد اليمن فقلنا له: أنت رأيت علي بن أبي طالب ؟ فقال بيده ففتح عينيه وقد كان وقع حاجباه على عينيه ففتحهما كأنهما سراجان فقال: رأيته بعيني هاتين وكنت خادما له وكنت معه في وقعة صفين وهذه الشجة من دابة علي عليه السلام وأرانا أثرها على حاجبه الايمن وشهد الجماعة الذين كانوا حوله من المشايخ ومن حفدته وأسباطه بطول العمر وأنهم منذ ولدوا عهده على هذه الحالة وكذا سمعنا من آبائنا وأجدادنا. ثم إنا فاتحناه وسألناه عن قصته وحاله وسبب طول عمره فوجدناه ثابت العقل يفهم ما يقال له، ويجيب عنه بلب وعقل، فذكر أنه كان له والد قد نظر في كتب الاوائل وقرأها وقد كان وجد فيها ذكر نهر الحيوان وأنها تجري في الظلمات وأنه من شرب منها طال عمره، فحمله الحرص على دخول الظلمات فتزود وحمل حسب ما قدر أنه يكتفي به في مسيره وأخرجني معه وأخرج معنا خادمين بازلين وعدة جمال لبون وروايا وزادا وأنا يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة فسار بنا إلى أن وافينا طرف الظلمات ثم دخلنا الظلمات، فسرنا فيها نحو ستة أيام بلياليها وكنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار كان أضوء قليلا وأقل ظلمة من الليل. فنزلنا بين جبال وأودية وركوات وقد كان والدي ره يطوف في تلك البقعة في طلب النهر لانه وجد في الكتب التي قرأها أن مجرى نهر الحيوان في ذلك الموضع فأقمنا في تلك البقعة أياما حتى فني الماء الذي كان معنا وأسقيناه جمالنا ولولا أن جمالنا كانت لبونا لهلكنا وتلفنا عطشا وكان والدي يطوف في تلك البقعة في طلب النهر ويأمرنا أن نوقد نارا ليهتدي بضوئها إذا أراد الرجوع إلينا. فمكثنا في تلك البقعة نحو خمسة أيام ووالدي يطلب النهر فلا يجده وبعد الاياس عزم على الانصراف حذرا من التلف لفناء الزاد والماء والخدم الذين كانوا معنا فأوجسوا في أنفسهم خيفة من الطلب فألحوا على والدي بالخروج من الظلمات فقمت يوما من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل قدر رمية سهم، فعثرت بنهر ماء أبيض

 

(1) في نسخة كمال الدين المطبوعة ج 2 ص 220: " مرة بن يزيد " وهكذا فيما يأتي.

 

[227]

اللون عذب لذيذ لا بالصغير من الانهار ولا بالكبير يجري جريا لينا فدنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أو ثلاثا فوجدته عذبا باردا لذيذا، فبادرت مسرعا إلى الرحل فبشرت لخدم بأني قد وجدت الماء فحملوا ماكان معنا من القرب والاداوى لنملاها ولم أعلم أن والدي في طلب ذلك النهر وكان سروري بوجود الماء لما كنا فيه من عدم الماء وكان والدي في ذلك الوقت غائبا عن الرحل مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية في طلب النهر فلم نهتد إليه حتى أن الخدم كذبوني وقالوا لي لم تصدق. فلما انصرفت إلى الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي: يا بني ! الذي أخرجني إلى ذلك المكان وتحمل الخطر كان لذلك النهر، ولم ارزق أنا وأنت رزقته وسوف يطول عمرك حتى تمل الحياة، ورحلنا منصرفين وعدنا إلى أوطاننا وبلدنا وعاش والدي بعد ذلك سنيات ثم مات رحمه الله. فلما بلغ سني قريبا من ثلاثين سنة وكان قد اتصل بنا وفات النبي صلى الله عليه وآله ووفات الخليفتين بعده خرجت حاجا فلحقت آخر أيام عثمان. فمال قلبي من بين جماعة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقمت معه أخدمه وشهدت معه وقائع وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته فما زلت مقيما معه إلى أن مضى لسبيله عليه السلام فألح علي أولاده وحرمه أن اقيم عندهم فلم اقم، وانصرفت إلى بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي إلى هذه الغاية، ما خرجت في سفر إلا ما كان الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلى حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت وكنت أتمنى وأشتهي أن أحج حجة اخرى فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي وذكر أنه قد سقطت أسنانه مرتين أو ثلاثة. فسألناه أن يحدثنا بما سمع من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فذكر أنه لم يكن له حرص ولا همة في طلب العلم وقت صحبته لعلي بن أبي طالب عليه السلام


 

[228]

والصحابة أيضا كانوا متوافرين فمن فرط ميلي إلى علي عليه السلام ومحبتي له لم أشتغل بشئ سوى خدمته وصحبته والذي كنت أتذكره مما كنت سمعته منه قد سمعه مني عالم كثير من الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز وقد انقرضوا وتفانوا وهؤلاء أهل بلدي وحفدتي قد دونوه فأخرجوا إلينا النسخة وأخذ يملئ علينا من خطه: حدثنا أبو الحسن علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني المعروف بأبي الدنيا معمر المغربي رضي الله عنه حيا وميتا قال: حدثنا علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني ومن أبغض أهل اليمن فقد أبغضني. وحدثنا أبو الدنيا معمر قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعان ملهوفا كتب الله له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سعى في حاجة أخيه المسلم لله فيها رضى الله فيها صلاح فكأنما خدم الله ألف سنة ولم يقع في معصيته طرفة عين. حدثنا أبو الدنيا معمر المغربي قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: أصاب النبي صلى الله عليه وآله جوع شديد وهو في منزل فاطمة قال علي فقال لي النبي: يا علي هات المائدة فقدمت المائدة فإذا عليها خبز ولحم مشوي. حدثنا أبو الدنيا معمر قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: جرحت في وقعة خيبر خمسا وعشرين جراحة فجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله فلما رأى مابى بكى وأخذ من دموع عينيه فجعلها على الجراحات فاسترحت من ساعتي. وحدثنا أبو الدنيا قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله. وحدثنا أبو الدنيا قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: قال


 

[229]

رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت أرعى الغنم فإذا أنا بذئب على قارعة الطريق فقلت له: ما تصنع ههنا ؟ فقال لي: وأنت ما تصنع ههنا ؟ قلت أرعى الغنم قال مر أو قال ذا الطريق قال: فسقت الغنم فلما توسط الذئب الغنم إذا أنا به قد شد على شاة فقتلها قال: فجئت حتى أخذت بقفاه فذبحته وجعلته على يدي وجعلت أسوق الغنم. فلما سرت غير بعيد وإذا أنا بثلاثة أملاك جبرئيل وميكائيل وملك الموت صلوات الله عليهم أجمعين، فلما رأوني قالوا هذا محمد بارك الله فيه فاحتملوني وأضجعوني وشقوا جوفي بسكين كان معهم وأخرجوا قلبي من موضعه وغسلوا جوفي بماء بارد كان معهم في قارورة حتى نقي من الدم ثم ردوا قلبي إلى موضعه وأمروا أيديهم على جوفي فالتحم الشق باذن الله تعالى فما أحسست بسكين ولا وجع، قال: وخرجت أغدو إلى امي يعني حليمة داية النبي صلى الله عليه وآله فقال لي: أين الغنم فخبرتها بالخبر فقالت: سوف تكون لك في الجنة منزلة عظيمة. وحدثنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: ذكر أبو بكر محمد بن الفتح المركني وأبو الحسن علي بن الحسن اللائكي أن السلطان بمكة لما بلغه خبر أبي الدنيا تعرض له، وقال: لابد أن اخرجك إلى بغداد إلى حضرة أمير المؤمنين المقتدر فاني أخشى أن يعتب علي إن لم اخرجك معي فسأله الحاج من أهل المغرب وأهل مصر والشام أن يعفيه من ذلك ولا يشخصه فانه شيخ ضعيف ولا يؤمن ما يحدث عليه، فأعفاه. قال أبو سعيد: ولو أني أحضر الموسم تلك السنة لشاهدته وخبره كان شائعا مستفيضا في الامصار وكتب عنه هذه الاحاديث المصريون والشاميون والبغداديون، ومن سائر الامصار من حضر الموسم وبلغه خبر هذا الشيخ وأحب أن يلقاه ويكتب عنه نفعهم الله وإيانا بها. 2 - وأخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فيما أجازه لي مما صح عندي من حديثه وصح عندي هذا الحديث برواية الشريف أبي عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين


 

[230]

ابن علي بن أبي طالب عليه السلام عنه أنه قال: حججت في سنة ثلاث عشر وثلاث مائة وفيها حج نصر القشوري صاحب المقتدر بالله ومعه عبد الرحمن بن عمران المكني بأبي الهيجاء فدخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وآله في ذي القعدة فأصبت قافلة المصريين وبها أبو بكر محمد بن علي المادرائي ومعه رجل من أهل المغرب وذكر أنه رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فاجتمع عليه الناس وازدحموا وجعلوا يمسحون به وكادوا يأتون على نفسه فأمر عمي أبو القاسم طاهر بن يحيى فتيانه وغلمانه فقال: افرجوا عنه الناس ففعلوا وأخذوه وأدخلوه دار أبي سهل الطفي وكان عمي نازلها فادخل وأذن للناس فدخلوا وكان معه خمسة نفر ذكر أنهم أولاد أولاده فيهم شيخ له نيف وثمانون سنة فسألناه عنه فقال: هذا ابن ابني وآخر له سبعون سنة فقال: هذا ابن ابني واثنان لهما ستون سنة أو خمسون أو نحوها وآخر له سبعة عشر سنة فقال: هذا ابن ابن ابني ولم يكن معه فيهم أصغر منه وكان إذا رأيته قلت: ابن ثلاثين أو أربعين سنة. أسود الرأس واللحية ضعيف الجسم آدم ربع من الرجال خفيف العارضين إلى قصر أقرب. قال أبو محمد العلوي: فحدثنا هذا الرجل واسمه علي بن عثمان بن الخطاب ابن مرة بن مؤيد بجميع ما كتبناه عنه وسمعناه من لفظه وما رأينا من بياض عنفقته (1) بعد اسودادها ورجوع سوادها بعد بياضها عند شبعه من الطعام. قال أبو محمد العلوي: ولولا أنه حدث جماعة من أهل المدينة من الاشراف والحاج من أهل مدينة السلام وغيرهم من جميع الآفاق ما حدثت عنه بما سمعت وسماعي منه بالمدينة ومكة في دار السهميين في الدار المعروفة بالمكتوبة وهي دار علي بن عيسى الجراح وسمعت منه في مضرب القشوري ومضرب المادرائي ومضرب أبي الهيجاء، وسمعت منه بمنى وبعد منصرفه من الحج بمكة في دار المادرائي عند باب الصفا.

 

(1) العنفقة شعيرات بين الشفة السفلى والذقن، قيل لها ذلك لخفتها وقلتها وربما اطلقت العنفقة على موضع تلك الشعيرات.

 

[231]

وأراد القشوري حمله وولده إلى بغداد إلى المقتدر فجاءه فقهاء أهل مكة فقالوا: أيد الله الاستاذ، إنا روينا في الاخبار المأثورة عن السلف أن المعمر المغربي إذا دخل مدينة السلام افتتنت وخربت وزال الملك فلا تحمله ورده إلى المغرب فسألنا مشايخ أهل المغرب ومصر فقالوا: لم نزل نسمع من آبائنا ومشايخنا يذكرون اسم هذا الرجل واسم البلد الذي هو مقيم فيه طنجة وذكروا أنه كان يحدثهم بأحاديث قد ذكرنا بعضها في كتابنا هذا. قال أبو محمد العلوي: فحدثنا هذا الشيخ أعني علي بن عثمان المغربي بدو خروجه من بلده من حضرموت وذكر أن أباه خرج هو وعمه وأخرجا به معهما يريدون الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وآله فخرجوا من بلادهم من حضرموت وسارو أياما ثم أخطاؤا الطريق وتاهوا عن المحجة فأقاموا تائهين ثلاثة أيام وثلاثة ليال على غير محجة فبيناهم كذلك إذ وقعوا في جبال رمل يقال له: رمل عالج يتصل برمل إرم ذات العماد فبينا نحن كذلك إذ نظرنا إلى أثر قدم طويل فجعلنا نسير على أثرها فأشرفنا على واد وإذا برجلين قاعدين على بئر أو على عين. قال: فلما نظر إلينا قام أحدهما فأخذ دلوا فأدلاه فاستقى فيه من تلك العين أو البئر واستقبلنا فجاء إلى أبي فناوله الدلو، فقال أبي: قد أمسينا ننيخ على هذا الماء ونفطر إنشاء الله فصار إلى عمي فقال: اشرب فرد عليه كما رد عليه أبي فناولني فقال لي: اشرب فشربت، فقال لي: هنيئا لك فانك ستلقى علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبره أيها الغلام بخبرنا وقل له الخضر وإلياس يقرئانك (السلام) وستعمر حتى تلقى المهدي وعيسى بن مريم عليهما السلام فإذا لقيتهما فأقرئهما السلام ثم قالا: ما يكون هذا منك فقلت: أبي وعمي فقالا: أما عمك فلا يبلغ مكة وأما أنت وأبوك فستبلغان ويموت أبوك فتعمر أنت ولستم تلحقون النبي صلى الله عليه وآله لانه قد قرب أجلم‍ ثم مثلا (1). فوالله ما أدري أين مرا أفي السماء أو في الارض فنظرنا وإذا لا أثر ولا عين

 

(1) أي قاما وذهبا. وفي نسخة كمال الدين المطبوعة " مرا ". راجع ج 2 ص 229.

 

[232]

ولا ماء، فسرنا متعجبين من ذلك إلى أن رجعنا إلى نجران فاعتل عمي ومات بها وأتممت أنا وأبي حجنا ووصلنا إلى المدينة فاعتل بها أبي ومات وأوصى إلى علي ابن أبي طالب عليه السلام فأخذني وكنت معه أيام أبي بكر وعمر وعثمان وخلافته حتى قتله ابن ملجم لعنه الله. وذكر أنه لما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني فدفع إلي كتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وكان غائبا بينبع في ماله وضياعه فأخذت الكتاب وصرت إلى موضع يقال له جدار أبي عباية. سمعت قرآنا فإذا علي بن أبي طالب عليه السلام يسير مقبلا من ينبع وهو يقول: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ". فلما نظر إلي قال: أبا الدنيا ماوراك ؟ قلت: هذا كتاب أمي ر المؤمنين فأخذه فقرأه فإذا فيه: فان كنت مأكولا فكن أنت آكلي * وإلا فأدركني ولما امزق فلما قرأه قال: سر، فدخل إلى المدينة ساعة قتل عثمان بن عفان فمال إلى حديقة بني النجار وعلم الناس بمكانه فجاؤا إليه ركضا وقد كانوا عازمين على ان يبايعوا طلحة بن عبيد الله فلما نظروا إليه ارفضوا إليه ارفضاض الغنم شد عليها أالسبع فبايعه طلحة ثم الزبير ثم بايع المهاجرون والانصار. فأقمت معه أخدمه فحضرت معه الجمل وصفين وكنت بين الصفين واقفا عن يمينه إذ سقط سوطه من يده فأكببت آخذه وأرفعه إليه وكان لجام دابته حديدا مزججا فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدغي فدعاني أمير المؤمنين فتفل فيها وأخذ حفنة من تراب فتركه عليها فوالله ما وجدت لها ألما ولا وجعا ثم أقمت معه حتى قتل صلوات الله عليه وصحبت الحسن بن علي عليه السلام حتى ضرب بساباط المدائن ثم بقيت معه بالمدينة أخدمه وأخدم الحسين عليه السلام حتى مات الحسن عليه السلام مسموما سمته جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندي لعنها الله دسا من معاوية ثم خرجت مع الحسين بن علي عليه السلام حتى حضر كربلاء وقتل عليه السلام وخرجت هاربا من بني امية وأنا مقيم بالمغرب أنتظر خروج المهدي وعيسى بن مريم عليهما السلام.


 

[233]

قال أبو محمد العلوي رضي الله عنه: ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ علي ابن عثمان وهو في دار عمي طاهر بن يحيى رضي الله عنه وهو يحدث بهذه الاعاجيب وبدو خروجه فنظرت إلى عنفقته وقد احمرت ثم ابيضت فجعلت أنظر إلى ذلك لانه لم يكن في لحيته ولا في رأسه ولا في عنفقته بياض البتة. قال: فنظر إلى نظري إلى لحيته وعنفقته فقال: ما ترون ؟ إن هذا يصيبني إذا جعت فإذا شبعت رجعت إلى سوادها فدعا عمي بطعام وأخرج من داره ثلاث موائد فوضعت واحدة بين يدي الشيخ وكنت أنا أحد من جلس عليها فأكلت معه ووضعت المائدتان في وسط الدار وقال عمي للجماعة: بحقي عليكم إلا أكلتم و تحرمتم بطعامنا فأكل قوم وامتنع قوم وجلس عمي على يمين الشيخ يأكل و يلقي بين يديه فأكل أكل شاب وعمي يخلف عليه وأنا أنظر إلى عنفقته وهي تسود حتى إذا عادت إلى سوادها (حين) شبع. فحدثنا علي بن عثمان بن خطاب قال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أهل اليمن فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني. حديث عبيد بن شريد الجرهمى: 3 - حدثنا أبو سعيد بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الشجري قال: وجدت في كتاب لاخي أبي الحسن بخطه يقول: سمعت بعض أهل العلم ممن قرأ الكتب و سمع الاخبار أن عبيد بن شريد الجرهمي وهو معروف عاش ثلاثمائة سنة وخمسين سنة فأدرك النبي وحسن إسلامه وعمر بعد ما قبض النبي صلى الله عليه وآله حتى قدم على معاوية في أيام تغلبه وملكه فقال له معاوية: أخبرني يا عبيد عما رأيت وسمعت ومن أدركت وكيف رأيت الدهر ؟ قال: أما الدهر فرأيت ليلا يشبه ليلا ونهارا يشبه نهارا ومولودا يولد وميتا يموت ولم أدرك أهل زمان إلا وهم يذمون زمانهم. وأدركت من قد عاش ألف سنة فحدثني عمن قد كان قبله قد عاش ألفي سنة وأما ما سمعت فانه حدثني ملك من ملوك حمير أن بعض ملوك النابغة ممن دانت له البلاد كان يقال له ذو سرح، كان اعطي الملك في عنفوان شبابه وكان حسن


 

[234]

السيرة في أهل مملكته سخيا فيهم مطاعا فملكهم سبعمائة سنة وكان كثيرا مايخرج في خاصته إلى الصيد والنزهة. فخرج يوما إلى بعض متنزهه فأتى إلى حيتين أحدهما بيضاء كأنها سبيكة فضة والاخرى سوداء كأنهما حممة وهما يقتتلان وقد غلبت السوداء البيضاء وكادت تأتي على نفسها فأمر الملك بالسوداء فقتلت وأمر بالبيضاء فاحتملت حتى انتهى بها إلى عين من ماء بقي عليها شجرة فأمر فصب عليها من الماء وسقيت حتى رجع إليها نفسها فأفاقت فخلى سبيلها فانسابت الحية ومضبت لسبيلها ومكث الملك يومئذ في متصيده ونزهته. فلما أمسى ورجع إلى منزله وجلس على سريره في موضع لا يصل إليه حاجب ولا أحد فبينا هو كذلك إذا رأى شابا آخذا بعضادتي الباب، وبه من الثياب و الجمال شئ لا يوصف فسلم على الملك فذعر منه الملك وقال له: من أنت ومن أدخلك وأذن لك في الدخول علي في هذا الموضع الذي لا يصل فيه حاجب ولا غيره ؟ فقال له الفتى: لاترع أيها الملك إني لست بإنسي ولكني فتى من الجن أتيتك لاجازيك على بلائك الحسن الجميل عندي قال الملك: وما بلائي عندك ؟ قال: أنا الحية التي أحييتني في يومك هذا والاسود الذي قتلته وخلصتني منه كان غلاما لنا (تمرد علينا) وقد قتل من أهل بيتي عدة كان إذا خلا بواحد منا قتله، فقتلت عدوي و أحييتني فجئت لاكافيك ببلائك عندي ونحن أيها الملك الجن لا الجن فقال له: الملك وما الفرق بين الجن والجن. ثم انقطع الحديث الذى كتب أخي فلم يكن هناك تمامه. حديث الربيع بن الضبع الفزارى: 4 - حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد الازدي العماني بجميع أخباره وكتبه التي صنفها ووجدنا في أخباره أنه قال: لما وفد الناس على عبد الملك بن مروان قدم فيمن قدم عليه الربيع بن الضبع الفزاري وكان أحد المعمرين ومعه ابن ابنه


 

[235]

وهب بن عبد الله بن الربيع شيخا فانيا قد سقط حاجباه على عينيه وقد عصبهما فلما رآه الآذن وكانوا يأذنون للناس على أسنانهم قال له: ادخل أيها الشيخ فدخل يدب على العصاء يقيم بها صلبه ولحيته على ركبتيه. قال: فلما رآه عبد الملك رق له وقال له: اجلس أيها الشيخ فقال: يا أمير المؤمنين أيجلس الشيخ وجده على الباب فقال: أنت إذا من ولد الربيع بن ضبع قال: نعم، أنا وهب بن عبد الله بن الربيع. قال للآذن: ارجع فأدخل الربيع فخرج الآذن فلم يعرفه حتى نادى أين الربيع قال: ها أنا ذا فقام يهرول في مشيته فلما دخل على عبد الملك سلم فقال عبد الملك: وأبيكم إنه لاشب الرجلين يا ربيع أخبرني عما أدركت من العمر والمدى ورأيت من الخطوب الماضية قال أنا الذي أقول: ها أنا ذا آمل الخلود وقد * أدرك عمري ومولدي حجرا أما امرء القيس قد سمعت به * هيهات هيهات طال ذا عمرا قال عبد الملك: قد رويت هذا من شعرك وأنا صبي قال وأنا القائل: إذا عاش الفتى مأتين عاما * فقد ذهب اللذاذة والغناء قال عبد الملك: وقد رويت هذا من شعرك أيضا وأنا غلام وأبيك يا ربيع لقد طلبك جد غير عاثر ففصل لي عمرك ؟ فقال: عشت مأتي سنة في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعشرين ومأة سنة في الجاهلية وستين سنة في الاسلام. قال: أخبرني عن الفتية من قريش المتواطئ الاسماء قال: سل عن أيهم شئت قال: أخبرني عن عبد الله بن عباس قال: فهم وعلم وعطاء وحلم ومقرى ضخم قال: فأخبرني عن عبد الله بن عمر قال: حلم وعلم وطول وكظم وبعد من الظلم. قال: فأخبرني، عن عبد الله بن جعفر قال: ريحانة طيب ريحها لين مسها قليل على المسلمين ضررها. قال: فأخبرني عن عبد الله بن الزبير، قال: جبل وعر ينحدر منه الصخر


 

[236]

قال: لله درك ما أخبرك بهم، قال: قرب جواري وكثر استخباري. حديث شق الكاهن: 5 - حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد الازدي العماني قال: حدثنا أحمد عيسى أبو بشير العقيلي، عن أبي حاتم، عن أبي قبيصة، عن ابن الكلبي، عن أبيه قال: سمعت: شيوخا من بجيلة ما رأيت على سروهم وحسن هيئتهم يخبرون أنه عاش (شق) الكاهن ثلاثمائة سنة فلما حضرته الوفاة اجتمع إليه قومه وقالوا له: أوصنا فقد آن أن يفوتنا بك الدهر. فقال: تواصلوا ولا تقاطعوا، وتقاتلوا ولا تدابروا وأوصلوا الارحام، واحفظوا الذمام، وسودوا الحكيم، وأجلوا الكريم، ووقروا ذا الشيبة، وأذلوا الليئم، وتجنبوا الهزل في مواضع الجد، ولا تكدروا الانعام بالمن، واعفوا إذا قدرتم، وهادنوا إذا هجرتم، وأحسنوا إذا كوبدتم، واسمعوا من مشايخكم، واستبقوا دواعي الصلاح عند أواخر العداوة، فان بلوغ الغاية في الندامة جرح بطئ الاندمال. وإياكم والطعن في الانساب ولا تفحصوا عن مساويكم، ولا تودعوا عقايلكم غير مساويكم، فانها وصمة قادحة، وقضاءة فاضحة، الرفق الرفق لا الخرق فان الخرق مندمة في العواقب مكسبة للعوايب، الصبر أنفذ عتاب، والقناعة خير مال الناس أتباع الطمع، وقرائن الهلع، ومطايا الجزع، وروح الذل التخاذل تزالون ناظرين بعيون نائمة ما اتصل الرجاء بأموالكم، والخوف بمحالكم. ثم قال: يالها نصيحة زلت عن عذبة فصيحة، إن كان وعاؤها وكيعا ومعدنها منيعا ثم مات. قال الصدوق رضي الله عنه: إن مخالفينا يروون مثل هذه الاحاديث و يصدقون بها ويروون حديث شداد بن عاد بن إرم ذات العماد وأنه عمر تسعمائة سنة، ويروون صفة جنته وأنها مغيبة عن الناس فلا ترى وأنها في الارض. ولا يصدقون بقائم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم ويكذبون بالاخبار التي وردت فيه


 

[237]

جحودا للحق وعنادا لاهله. بيان: قوله مزججا أي مرققا ممددا قوله " لقد طلبك جد غير عاثر " الجد بالفتح الحظ والبخت والغناء أي طلبك بخت عظيم لم يعثر حتى وصل إليك أو لم يعثر بك بل نعشك في كل الاحوال و " السرو " السخاء في مروءة. و " العقايل " جمع العقيلة وهي كريمة الحي أي لاتزوجوا بناتكم إلا ممن يساويكم في الشرف. و " الوصمة " العيب والعار و " الفادحة " الثقيلة ويقال: فيه " قضاءة " ويضم: عيب وفساد وتقضؤوا منه أن يزوجوه استحسنوا حسبه، ووعاء وكيع شديد متين. أقول: ثم ذكر الصدوق رحمه الله قصة شداد بن عاد كما نقلنا عنه في كتاب النبوة ثم قال: وعاش أوس بن ربيعة بن كعب بن امية مأتي وأربع عشرة سنة فقال في ذلك: لقد عمرت حتى مل أهلي * ثواي عندهم وسئمت عمري وحق لمن أتى مأتان عام * عليه وأربع من بعد عشر يمل من الثواء وصبح ليل * يغاديه وليل بعد يسري فأبلى شلوتي وتركت شلوي * وباح بما اجن ضمير صدري وعاش أبو زبيد واسمه المنذر بن حرملة الطائي وكان نصراني خمسين و مائة سنة. وعاش نضر بن دهمان بن سليمان بن أشجع بن زيد بن غطفان مائة وتسعين سنة حتى سقطت أسنانه وخرف عقله وابيض رأسه فحرب قومه أمر فاحتاجوا فيه إلى رأيه فدعوا الله أن يرد عليه عقل وشبابه فعاد إليه شبابه واسود شعره، فقال فيه سلمة بن الحريش ويقال عباس بن مرداس السلمي: لنضر بن دهمان الهنيدة عاشها * وتسعين حولا ثم قوم فانصاتا وعاد سواد الرأس بعد بياضه * وعاوده شرخ الشباب الذي فاتا وراجع عقلا بعد ما فات عقله * ولكنه من بعد ذا كله ماتا


 

[238]

وعاش ثوب بن صداق العبدي مأتي سنة. وعاش خثعم بن عوف بن جذيمة دهرا طويلا فقال: حتى متى خثعم في الاحياء * ليس بذي أيدي ولا غناء هيهات ما للموت من دواء وعاش ثعلبة بن كعب بن عبد الاشهل بن الاشوس مأتي سنة فقال: لقد صاحبت أقواما فأمسوا * خفاتا لا يجاب لهم دعاء مضوا قصد السبيل وخلفوني * فطال علي بعدهم الثواء فأصبحت الغداة رهين شئ * وأخلفني من الموت الرجاء وعاش رداءة بن كعب بن ذهل بن قيس النخعي ثلاث مائة سنة فقال: لم يبق يا خذيه من لداتي * أبو بنين لا ولا بنات ولا عقيم غير ذي سبات * إلا يعد اليوم في الاموات هل مشتر أبيعه حياتي ؟ وعاش عدي بن حاتم طيئ عشرين ومائة سنة. وعاش اما باة بن قيس بن الحرملة بن سنان الكندي ستين ومائة سنة. وعاش عمير بن هاجر بن عمير بن عبد العزى بن قيس الخزاعي سبعين و مأة سنة فقال: بليت وأفناني الزمان وأصبحت * هنيدة قد ابقيت من بعدها عشرا وأصبحت مثل الفرخ لا أنا ميت * فابكى ولا حي فاصدر لي أمرا وقد عشت دهرا ماتجن عشيرتي * لها ميتا حتى تخط له قبرا وعاش العوام بن المنذر بن زيد بن قيس بن حارثة بن لام دهرا طويلا في الجاهلية وأدرك عمر بن عبد العزيز فادخل عليه وقد اختلف ترقوتاه وسقط حاجباه فقيل له ما أدركت ؟ فقال: فو الله ماأدرئء أدركت امة * على عهد ذي القرنين ام كنت أقدما متى يخلعوا عنى القميص تبينوا * جناجن لم يكسين لحما ولا دما


 

[239]

وعاش سيف بن وهب بن جذيمة الطائي مائتي سنة فقال: ألا إنني كاهب ذاهب * فلا تحسبوا أنني كاذب لبست شبابي فأفنيته وأدركني القدر الغالب وخصم دفعت ومولى نفعت * حتى يثوب له ثائب وعاش أرطاة بن دشهبة المزني عشرين ومائة سنة وكان يكني أبا الوليد فقال له عبد الملك: ما بقي من شعرك يا أرطاة ؟ فقال: يا أمير المؤمنين (إني) ما أشرب ولا أطرب ولا أغضب، ولا يجيئني الشعر إلا على إحدى هذه الخصال على أني أقول: رأيت المرء تأكله الليالي * كأكل الارض ساقطة الحديد وما تبقي المنية حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد وأعلم أنها ستكر حتى * توفي نذرها بأبي الوليد فارتاع عبد الملك فقال أرطاة: يا أمير المؤمنين إني اكنى أبا الوليد. وعاش عبيد بن الابرص ثلاثمائة سنة فقال: فنيت وأفناني الزمان وأصبحت * لداتي بنوا نعش وزهر الفراقد ثم أخذه النعمان بن منذر يوم بؤسه فقتله. وعاش شريح بن هانئ عشرين ومائة سنة حتى قتل في نفرة الحجاج بن يوسف فقال في كبره وضعفه: أصبحت ذابث اقاصي الكبرا * قد عشت بين المشركين أعصرا ثمت أدركت النبي المنذرا * وبعده صديقه وعمرا ويوم مهران ويوم تسترا * والجمع في صفينهم والنهرا هيهات ما أطول هذا عمرا وعاش رجل من بني ضبة يقال له: المسجاح بن سباع دهرا طويلا فقال: لقد طوفت في الآفاق حتى * بليت وقد (دنا) لي أن أبيد وأفناني ولا يفنى نهار * وليل كلما يمضي يعود


 

[240]

وشهر مستهل بعد شهر * وحول بعده حول جديد وعاش لقمان العادي الكبير خمسمائة سنة وستين سنة وعاش عمر سبعة أنسر كل نسر منها ثمانين عاما وكان من بقية عاد الاولى. وروي أنه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة سنة وكان من ولد عاد الذين بعثهم قومهم إلى الحرم ليستسقوا لهم وكان اعطي عمر سبعة أنسر فكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل الذي هو في أصله فيعيش النسر فيها ما عاش فإذا مات أخذ آخر فرباه حتى كان آخرها لبد، وكان أطولها عمرا فقيل فيه " طال الامد على لبد " وقد قيل فيه أشعار معروفة واعطي من السمع والبصر والقوة على قدر ذلك وله أحاديث كثيرة. وعاش زهير بن عباب بن هبل بن عبد الله بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد ابن عبد الله بن وهدة بن ثور بن كليب الكلبي ثلاثمائة سنة. وعاش مزيقيا واسمه عمرو بن عامر وعامر هو ماء السماء وإنما سمي ماء السماء لانه كان حياة أينما نزل كمثل ماء السماء وإنما سمي مزيقيا لانه عاش ثمانمائة سنة أربعمائة سوقة، وأربعمائة ملكا، فكان يلبس في كل يوم حلتين ثم يأمر بهما فيمزقان حتى لا يلبسهما أحد غيره. وعاش ابن هبل بن عبد الله بن كنانة ستمائة سنة. وعاش أبوالطمحان القيسي مائة وخمسين سنة. وعاش المستوعر بن ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم ثلاثمائة وثلاثين سنة ثم أدرك الاسلام فلم يسلم وله شعر معروف. وعاش دريد بن زيد بن نهد أربعمائة سنة وخمسين سنة فقال في ذلك: ألقى علي الدهر رجلا ويدا * والدهر ما يصلح يوما أفسدا يصلحه اليوم ويفسده غدا وجمع بنيه حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اوصيكم بالناس شرا لا تقبلوا لهم معذرة ولا تقبلوا لهم عثرة.


 

[241]

وعاش تيم الله بن (ثعلبة بن) عكابه مائتي سنة. وعاش الربيع بن ضبع بن وهب بن بعيض بن مالك بن سعدى بن عدي بن فزارة مائتي وأربعين سنة وأدرك الاسلام فلم يسلم. وعاش معدي كرب الحميري من آل ذي رعين مائتي وخمسين سنة. وعاش ثرية بن عبد الله الجعفي ثلاثمائة سنة فقدم على عمر بن الخطاب المدينة فقال: لقد رأيت هذا الوادي الذي أنتم به وما به قطرة ولا هضبة ولا شجرة ولقد أدركت اخريات قوم يشهدون بشهادتكم هذه يعني لا إله إلا الله، ومعه ابن له يتهادى قد خرف فقال: يا ثرية هذا ابنك قد خرف وبك بقية فقال: ما تزوجت أمة حتى أتت علي سبعون سنة ولكني تزوجتها عفيفة ستيرة إن رضيت رأيت ما تقر به عيني وإن سخطت أتتني حتى أرضى وإن ابني هذا تزوج امرأة بذية فاحشة إن رأى ما تقر به عينه تعرضت له حتى يسخط وإن سخط تلقته حتى يهلك (1). وعاش عوف بن كنانة الكلبي ثلاثمائة سنة فلما حضرته الوفاة جمع بنيه فأوصاهم وهو عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن ثور بن كلب فقال: يا بني احفظوا وصيتي فانكم إن حفظتموها سدتم قومكم بعدي، إلهكم فاتقوه ولا تخونوا ولا تحزنوا، ولا تثيروا السباع من مرابضها، وجاوروا الناس بالكف عن مساويهم تسلموا وتصلحوا، وعفوا عن الطلب إليهم لئلا تستثقلوا، والزموا الصمت إلا من حق تحمدوا، وابذلوا لهم المحبة تسلم لكم الصدور، ولا تحرموهم المنافع فيظهروا الشكاة، وكونوا منهم في ستر ينعم بالكم، ولا تكثروا مجالستهم فيستخف بكم، و إذا نزلت بكم معضلة فاصبروا لها، والبسوا للدهر أثوابه، فان لسان الصدق مع النكبة خير من سوء الذكر مع المسرة. ووطنوا أنفسكم على الذلة لمن ذل لكم فان أقرب المسائل المودة وإن أبعد النسب البغضة وعليكم بالوفاء وتنكبوا الغدر يأمن سربكم وأحيوا الحسب

 

(1) في المصدر المطبوع هناك تقديم وتأخير راجع ج 2 ص 255.

 

[242]

بترك الكذب فان آفة المروءة الكذب والخلف، لا تعلموا الناس إقتاركم فتهونوا وتخملوا، وإياكم والغربة فانها ذلة ولا تضعوا الكرائم إلا عند الاكفاء، وابتعوا بأنفسكم المعالي، ولا يحتلجنكم جمال النساء عن الصحة، فان نكاح الكرائم مدارج الشرف، واخضعوا لقومكم ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه، فان الخلاف يزري بالرجل المطاع، وليكن معروفكم لغير قومكم بعدهم، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإن إيحاشها إخماد النار و دفع الحقوق، وارفضوا النمائم بينكم تكونوا أعوانا عند الملمات تغلبوا، واحذروا النجعة إلا في منفعة لا تصابوا، وأكرموا الجار يخصب جنابكم، وآثروا حق الضيف على أنفسكم، والزموا مع السفهاء الحلم تقل همومكم. وإياكم والفرقة فانها ذلة ولا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها إلا المضطر فانكم إن تلاموا عند إيضاح العذر وبكم قوة خير من أن تعانوا في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة، وجدوا ولا تفرطوا فان الجد مانعة الضيم، ولتكن كلمتكم واحدة تعزوا ويرهف حدكم، ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرمة فتخلقوها، ولا تجشموا أهل الدناءة فتقصروا بها، ولا تحاسدوا فتبوروا، واجتنبوا البخل فانه داء وابنوا المعالي بالجود والادب، ومصافات أهل الفضل والحياء، وابتاعوا المحبة بالبذل، ووقروا أهل الفضيلة، وخذوا من أهل التجارب، ولا يمنعنكم من معروف صغره فان له ثوابا، ولا تحقروا الرجال فتزدروها فانما المرء بأصغريه ذكاء قلبه ولسان يعبر عنه. فإذا خوفتم داهية فاللبث قبل العجلة، والتمسوا بالتودد المنزلة عند الملوك فانهم من وضعوه اتضع، ومن رفعوه ارتفع، وتبسلوا بالفعال تسم إليكم الابصار وتواضعوا بالوفاء وليحبكم ربكم. ثم قال: وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه * ولا كل موف نصحه بلبيب ولكن إذا ما استجمعا عند واحد * فحق له من طاعة بنصيب وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن


 

[243]

يزيد الشعراني من ولد عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول: حكى أبو القاسم محمد بن القاسم البصري أن أبا الحسن (1) حمارويه بن أحمد بن طولون كان قد فتح عليه من كنوز مصر ما لم يرزق أحد قبله فاغري بالهرمين فأشار عليه ثقاته وحاشيته و بطانته أن لا يتعرض لهدم الاهرام فانه ما تعرض أحد لها فطال عمره فلج في ذلك وأمر ألفا من الفعلة أن يطلبوا الباب وكانوا يعملون سنة حواليه حتى ضجروا وكلوا. فلما هموا بالانصراف بعد الاياس منه، وترك العمل، وجدوا سربا فقدروا أنه الباب الذي يطلبونه، فلما بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة من مر مر فقد روا أنها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوها، فإذا عليها كتابة يونانية فجمعوا حكماء مصر وعلماءها فلم يهتدوا لها وكان في القوم رجل يعرف بأبي عبد الله المديني أحد حفاظ الدنيا وعلمائها فقال لابي الحسن حمارويه بن أحمد: أعرف في بلد الحبشة اسقفا قد عمر وأتى عليه ثلاث مائة وستون سنة يعرف هذا الخط وقد كان عزم على أن يعلمنيه فلحرصي على علم العرب لم اقم عليه وهو باق. فكتب أبو الحسن إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الاسقف إليه فأجابه أن هذا قد طعن في السن وحطمه الزمان وإنما يحفظه هذا الهواء ويخاف عليه إن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة وتعب ومشقة السفر أن يتلف وفي بقائه لنا شرف وفرج وسكينة، فان كان لكم شئ يقرأه ويفسره ومسألة تسألونه فاكتب بذلك فحملت البلاطة في قارب إلى بلد اسوان من الصعيد الاعلى وحملت من اسوان على العجلة إلى بلاد الحبشة وهي قريبة من اسوان فلما وصلت قرأها الاسقف وفسر ما فيها بالحبشية ثم نقلت إلى العربية فإذا فيها مكتوب: أنا الريان بن دومغ فسئل أبو عبد الله عن الريان من كان هو قال: هو والد العزيز ملك يوسف عليه السلام واسمه الريان بن دومغ وقد كان عمر العزيز سبعمائة سنة وعمر الريان والده ألفا وسبعمائة وعمر دومغ ثلاثة آلف سنة.

 

(1) في المصدر المطبوع: " أبا الجيش حمارويه " راجع ج 2 ص 247 وهكذا في سائر المواضع.

 

[244]

فإذا فيها أنا الريان بن دومغ خرجت في طلب علم النيل لاعلم فيضه ومنبعه إذا كنت (1) أرى مفيضه فخرجت ومعي ممن صحبت أربعة آلاف ألف رجل فسرت ثمانين سنة إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدنيا، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ولم يكن لي منفذ وتماوت أصحابي وبقيت في أربعة آلاف رجل فخشيت على ملكي فرجعت إلى مصر وبنيت الاهرام والبراني وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري وقلت في ذلك شعرا: وأدرك علمي بعض ما هو كائن * ولا علم لي بالغيب والله أعلم وأتقنت ما حاولت إتقان صنعة * وأحكمته والله أقوى وأحكم وحاولت علم النيل من بدء فيضه * فأعجزني والمرء بالعجز ملجم ثمانين شاهورا قطعت مسايحا * وحولي بنو حجر وجيش عرمرم إلى أن قطعت الجن والانس كلهم * وعارضني لج من البحر مظلم فأتقنت أن لامنفذا بعد منزلي * لذي همة بعدي ولا متقدم فابت إلى ملكي وأرسيت ناديا * بمصر وللايام بؤس وأنعم أنا صاحب الاهرام في مصر * كلها وباني برانيها بها والمقدم تركت بها آثار كفي وحكمتي * على الدهر لاتبلى ولا تتهدم وفيها كنوز جمة وعجائب * وللدهر إمر مرة وتهجم سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي * ولي لربي آخر الدهر ينجم بأكناف بيت الله تبدو اموره * ولابد أن يعلو ويسمو به السم ثمان وتسع واثنتان وأربع * وتسعون اخرى من قتيل وملجم ومن بعد هذا كر تسعون تسعة * وتلك البراني تستخر وتهدم وتبدى كنوزي كلها غير أنني * أرى كل هذا أن يفرقها الدم رمزت مقالي في صخور قطعتها * ستبقى وأفنى بعدها ثم اعدم (2)

 

(1) لست خ ل. (2) في المصدر المطبوع: " زبرت مقالي " راجع ج 2 ص 250.

 

[245]

فحينئذ قال أبو الحسن حمارويه بن أحمد: هذا شئ ليس لاحد فيها حيلة إلا للقائم من آل محمد عليهم السلام وردت البلاطة كما كانت مكانها. ثم إن أبا الحسن بعد ذلك بسنة قتله طاهر الخادم (ذبحه) على فراشه وهو سكران ومن ذلك الوقت عرف خبر الهرمين ومن بناهما فهذا أصح ما يقال في خبر النيل والهرمين. وعاش صبيرة بن سعد بن سهم القرشي مائة وثمانين سنة وأدرك الاسلام فهلك فجاءة بلا سبب. وعاش لبيد بن ربيعة الجعفري مائة وأربعين سنة وأدرك الاسلام فأسلم فلما بلغ سبعين من عمره أنشأ يقول: كأني وقد جاوزت سبعين حجة * خلعت بها عن منكبي ردائيا فلما بلغ سبعا وسبعين سنة أنشأ يقول: باتت تشكي إلي النفش مجهشة * وقد حملتك سبعا بعد سبعين فان تزادي ثلاثا تبلغي أملا * وفي الثلاث وفاء للثمانين فلما بلغ تسعين سنة أنشأ يقول: كأني وقد جاوزت تسعين حجة * خلعت بها عني عذار لثامي رمتني بنات الدهر من حيث لا أرى * فكيف بمن يرمي وليس برام فلو أنني ارمي بنبل رأيتها * ولكنني ارمى بغير سهام فلما بلغ مائة وعشر سنين أنشأ يقول: وليس في مائة قد عاشها رجل * وفي تكامل عشر بعدها عمر فلما بلغ مائة وعشرين سنة أنشأ يقول: قد عشت دهرا قبل مجرى داحس * لو كان في النفس اللجوج خلود فلما بلغ مائة وأربعين سنة أنشأ يقول: ولقد سئمت من الحياة وطولها * وسؤال هذا الناس كيف لبيد


 

[246]

غلب الرجال فكان غير مغلب * دهر طويل دائم ممدود يوم إذا يأتي علي وليلة * وكلاهما بعد المضي يعود فلما حضرته الوفاة قال لابنه: يا بني إن أباك لم يمت ولكنه فني فإذا قبض أبوك فأغمضه وأقبل به إلى القبلة وسجه بثوبه، ولا أعلمن ما صرخت عليه صارخة أو بكت عليه باكية، وانظر جفنتي التي كنت اضيف بها فأجد صنعتها ثم احملها إلى مسجدك ومن كان يغشاني عليها فإذا قال الامام: " سلام عليكم " فقدمها إليهم يأكلون منها فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد بن ربيعة فقد قبضه الله عزوجل ثم أنشأ يقول: وإذا دفنت أباك فاجعل فوقه خشبا وطينا * وصفائحا صما رواسيها تشدد والغصونا ليقين حر الوجه سفساف التراب ولن يقينا وقد روي في حديث لبيد بن ربيعة في أمر الجفنة غير هذا: ذكروا أن لبيد ابن ربيعة جعل على نفسه أن كلما هبت الشمال أن ينحر جزورا فيملا الجفنة التي حكوا عنها في أول حديثه فلما ولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: أيها الناس قد علمتم حال لبيد بن ربيعة الجعفري وشرفه ومروءته وما جعل على نفسه كلما هبت الشمال أن ينحر جزورا فأعينوا أبا عقيل على مروءته ثم نزل وبعث إليه بخمسة من الجزر وأبيات شعر يقول فيها: أرى الجزار يشحذ شفرتيه * إذا هبت رياح أبي عقيل طويل الباع أبلج جعفري * كريم الجد كالسيف الصقيل وفى ابن الجعفري بما لديه * على العلات والمال القليل وقد ذكر أن الجزر كانت عشرين فلما أتته قال: جزى الله الامير خيرا قد عرفت الامير أني لا أقول الشعر ولكن اخرجي يا بنية فخرجت إليه بنية له خماسية فقال لها: أجيبي الامير فأقبلت وأدبرت ثم قالت: نعم، فأنشأت تقول: إذا هبت رياح أبي عقيل * دعونا عند هبتها الوليدا


 

[247]

طويل الباع أبلج عبشميا * أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأن ركبا * عليها من بني حام قعودا أبا وهب جزاك الله خيرا * نحرناها وأطعمنا التريدا فعد إن الكريم له معاد * وعهدي بابن أروى أن يعودا فقال لبيد: أحسن يا بنية لولا أنك سألت. قالت: إن الملوك لا يستحيى من مسئلتهم قال: وأنت في هذا يا بنية أشعر. وعاش ذو الاصبع العدواني واسمه حرثان بن الحارث بن محرث بن ربيعة بن هبيرة بن ثعلبة بن ظرب بن عثمان بن عباد ثلاثمائة سنة. وعاش جعفر بن قبط ثلاث مائة سنة وأدرك الاسلام. وعاش عامر بن ظرب العدواني ثلاث مائة سنة. وعاش محصن بن غسان بن ظالم بن عمرو بن قطيعة بن الحارث بن سلمة بن مازن الزبيدي مأتي وخمسين سنة فقال في ذلك: ألا يا سلم إني لست منكم * ولكني امرء قوتي سغوب دعاني الداعيان فقلت هيا * فقالا كل من يدعى يجيب ألا يا سلم أعياني قيامي * وأعيتني المكاسب والركوب وصرت رديئة في البيت كلا * تأذى بي الاباعد والقريب كذاك الدهر والايام خون * لها في كل سائمة نصيب وعاش صيفي بن رباح أبو أكثم أحد بني أسد بن عمرو بن تميم مأتي سنة وسبعين سنة وكان يقول: لك على أخيك سلطان في كل حال إلا في القتال فإذا أخذ الرجل السلاح فلا سلطان عليه، كفى بالمشرفية واعظا، وترك الفخر أبقى لك، وأسرع الحزم عقوبة البغي، وشر النصرة التعدي، وألام الاخلاق أضيقها ومن الاذى كثرة العتاب، واقرع الارض بالعصا فذهبت مثلا: لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلم


 

[248]

وعاش عاد بن شداد اليربوعي مائة وخمسين سنة. وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاث مائة سنة وقال بعضهم: مائة وتسعين سنة وأدرك الاسلام واختلف في إسلامه إلا أن أكثرهم لا يشك في أنه لم يسلم فقال في ذلك: وإن امرءا قد عاش تسعين حجة * إلى مائة لم يسأم العيش جاهل خلت مائتان غير ست وأربع * وذلك من عد الليالي قلائل وقال محمد بن سلمة: أقبل أكثم يريد الاسلام فقتله ابنه عطشا فسمعت أن هذه الآية نزلت فيه " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " (1) ولم تكن العرب تقدم عليه أحدا في الحكمة وأنه لما سمع برسول الله صلى الله عليه وآله بعث إليه ابنه حبيشا فقال: يا بني إني أعظك بكلمات فخذهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع إلي، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحله فيستحل منك فان الحرام ليس يحرم نفسه وإنما يحرمه أهله ولا تمرن بقوم إلا تنزل عند أعزهم وأحدث عقدا مع شريفهم وإياك والذليل فانه هو أذل نفسه ولو أعزها لاعزه قومه. فإذا قدمت على هذا الرجل فاني قد عرفته وعرفت نسبه وفي في بيت قريش وهي (أعز) العرب وهو أحد رجلين إما ذو نفس أراد ملكا فخرج للملك بعزه فوقره وشرفه وقم بين يديه ولا تجلس إلا بإذنه حيث يأمرك ويشير إليك فانه إن كان ذلك كان أدفع لشره عنك، وأقرب لخيره منك، وإن كان نبيا فان الله لا يحب من يسوؤهم، ولا يبطر فيحتشم، وإنما يأخذ الخيرة حيث يعلم لا يخطي فيستعتب إنما أمره على ما تحب وإن كان فستجد أمره كله صالحا، وخبره كله صادقا، وستجده متواضعا في نفسه متذللا لربه، فذل له ولا تحدثن أمرا دوني فان الرسول إذا أحدث الامر من عنده خرج من يدي الذي أرسله، واحفظ ما يقول لك إذا ردك إلي فانك ولو توهمت أو نسيت حتمتني رسولا غيرك.

 

(1) النساء: 99.

 

[249]

وكتب معه: باسمك اللهم من العبد إلى العبد أما بعد فانا بلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فان كنت اريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلمنا وأشركنا في كنزك والسلام. فكتب إليه رسول الله فيما ذكروا: من محمد رسول الله إلى أكثم بن صيفي احمد الله إليك إن الله أمرني أن أقول لا إله إلا الله أقولها وآمر الناس بها والخلق خلق الله والامر كله لله، خلقهم وأماتهم، وهو ينشرهم وإليه المصير، أدبتكم بآداب المرسلين ولتسئلن عن النبأ العظيم، ولتعلمن نبأه بعد حين. فلما جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابنه: يا بني ماذا رأيت ؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن ملائمها، فجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثم قال: يا بني تميم لا تحضروني سفيها فان من يسمع يخل ولكل إنسان رأي في نفسه، وإن السفيه واهن الرأي، وإن كان قوي البدن، ولا خير فيمن لا عقل له، يا بني تميم كبرت سني ودخلتني ذلة الكبر، فإذا رأيتم مني حسنا فائتوه وإذا أنكرتم شيئا فقولوا لي الحق (1) أستقم إن ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرجل فرآه يأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن ملائمها، ويدعو إلى أن يعبد الله وحده و تخلع الاوثان، ويترك الحلف بالنيران، ويذكر أنه رسول الله صلى الله عليه وآله وأن قبله رسلا لهم كتب، وقد علمت رسولا قبله كان يأمر بعبادة الله وحده، وإن أحق الناس بمعاونة محمد صلى الله عليه وآله ومساعدته على أمره أنتم، فان يكن الذي يدعو إليه حقا فهو لكم، وإن يكن باطلا كنتم أحق من كف عنه وستر عليه. وقد كان اسقف نجران يحدث بصفته ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدث به وسمى ابنه محمدا، وقد علم ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخيرا، اتبعوه تشرفوا، وتكونوا سنام العرب وائتوه طائعين قبل أن تأتوه كارهين، فاني أرى أمرا ما هو بالهوينا لا يترك مصعدا إلا صعده، ولا منصوبا إلا بلغه.

 

(1) في المصدر المطبوع ج 2 ص 259: " فقوموني للحق ".

 

[250]

إن هذا الذي يدعو إليه لو لم يكن دينا لكان في الاخلاق حسنا أطيعوني واتبعوا أمري أسأل لكم مالا ينزع منكم أبدا، إنكم أصبحتم أكثر العرب عددا وأوسعهم بلدا وإني أرى أمرا لا يتبعه ذليل إلا عز ولا يتركه عزيز إلا ذل اتبعوه مع عزكم تزدادوا عزا، ولا يكن أحد مثلكم. إن الاول لم يدع للاخير شيئا وإن هذا أمر هو لما بعده، من سبق إليه فهو الباقي، ومن اقتدي به الثاني، فاصرموا أمركم، فان الصريمة قوة والاحتياط عجز. فقال مالك بن نويرة: خرف شيخكم فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي أراكم سكوتا وآفة الموعطة الاعراض عنها، ويلك يا مالك إنك هالك، إن ؟ إذا قام رفع القائم معه، وجعل الصرعى قياما، فاياك أن تكون منهم، أما إذ سبقتموني بأمركم فقربوا بعيري أركبه. فدعا براحلته فركبها فتبعه بنوه وبنو أخيه فقال: لهفي على أمر إن أدركه ولم يسبقني وكتبت طيئ إلى أكثم وكانوا أخواله، وقال آخرون كتبت بنو مرة وكانوا أخواله أن أحدث إلينا ما نعيش به. فكتب أما بعد فاني موصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فانها ثبت أصلها ونبت فرعها، وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرحم فانها لا يثبت لها أصل و لا ينبت لها فرع وإياكم ونكاح الحمقاء فان مباضعتها قذر، وولدها ضياع. وعليكم بالابل فأكرموها، فانها حصون العرب، ولا تضعوا رقابها إلا في حقها فان فيها مهر الكريمة ورقوء الدم، وبألبانها يتحف الكبير ويغذى الصغير ولو كلفت الابل الطحن لطحنت، ولن يهلك امرء عرف قدره، والعدم عدم العقل والمرء الصالح لا يعدم المال، ورب رجل خير من مائة ورب فئة أحب إلي من فئتين، ومن عتب على الزمان طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، آفة الرأي الهوى، والعادة أملك بالادب، والحاجة مع المحبة خير من الغنى مع البغضة والدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك، وإن قصرت في طلبه، وما كان منها


 

[251]

عليك لم تدفعه بقوتك، وسوء حمل الريبة تضع الشرف، والحسد داء ليس له دواء، والشماتة تعقب ومن بر قوما بر به والندامة (1) مع السفاهة، ودعامة العقل الحلم، وجماع الامر الصبر، وخير الامور مغبة العفو، وأبقى المودة حسن التعاهد ومن يزر غبا يزدد حبا. وصية أكثم بن صيفي عند موته: جمع أكثم بنيه عند موته فقال: يا بني ! إنه قد أتى علي دهر طويل وأنا مزودكم من نفسي قبل الممات، اوصيكم (الله) بتقوى الله، وصلة الرحم وعليكم بالبر فانه ينمى عليه العدد، ولا يبيد عليه أصل ولا فرع وأنهاكم عن معصية الله، وقطيعة الرحم، فانه لا يثبت عليها أصل ولا ينبت عليها فرع كفوا ألسنتكم فان مقتل الرجل بين فكيه، إن قول الحق لم يدع لي صديقا. انظروا أعناق الابل فلا تضعوها إلا في حقها فان فيها مهر الكريمة، ورقوء الدم، وإياكم ونكاح الحمقاء، فان نكاحها قذر، وولد ضياع، الاقتصاد في السفر أبقى للجمام، من لم يأس على ما فاته أودع بدنه، من قنع بما هو فيه قرت عينه، التقدم قبل الندم، أصبح عند رأس الامر أحب إلي من أن أصبح عند ذنبه (2) لم يهلك من عرف قدره، العجز عند البلاء آفة المتحمل، لن يهلك من مالك ما وعظك، ويل لعالم أمن من جاهل، الوحشة ذهاب الاعلام، يتشابه الامر إذا أقبل فإذا أدبر عرفه الكيس والاحمق، والبطر عند الرخاء حمق، وفي طلب المعالي يكون القرب، لا تغضبوا من اليسير فانه يجتني الكثير، لا تجيبوا عما لا تسألوه ولا تضحكوا مما لا يضحك منه. تباروا في الدنيا ولا تباغضوا، الحسد في القرب فانه من يجتمع يتقعقع عمده لينفرد بعضهم من بعض في المودة، لا تتكلموا على القرابة فتقاطعوا، فان القريب

 

(1) في المصدر ج 2 ص 262 " واللؤمة ". (2) في المصدر ج 2 ص 262: " من أصبح عند رأس الامر، أحب إلى ممن أصبح عند ذنبه ".

 

[252]

من قرب نفسه، وعليكم بالمال فأصلحوه فانه لا يصلح الاموال إلا باصلاحكم ولا يتكلن أحدكم على مال أخيه يرى فيه قضاء حاجته، فانه من فعل ذلك كان كالقابض على الماء، ومن استغنى كرم على أهله، وأكرموا الخيل، نعم لهو الحرة المغزل، وحيلة من لا حيلة له، الصبر. وعاش فروة بن ثعلبة بن نفاية السلولي مائة وثلاثين سنة في الجاهلية ثم أدرك الاسلام فأسلم. وعاش مضاد بن حبابة بن مرارة من بني عمرو بن يربوع بن حنظلة بن زيد مناة أربعين ومائة سنة. وعاش قس بن ساعدة ستمائة سنة وهو الذي يقول: هل الغيث يعطي الامر عند نزوله * بحال مسيئ في الامور ومحسن ومن قد تولى وهو قد فات ذاهب * فهل ينفعني ليتني ولو أنني وكذلك يقول لبيد: وأخلف قسا ليتني ولو أنني * وأعيا على لقمان حكم التدبر وعاش الحارث بن كعب المذحجي ستين ومائة سنة. قال الصدوق رحمه الله: هذه الاخبار التي ذكرتها في المعمرين قد رواها مخالفونا أيضا من طريق محمد بن السائب الكلبي، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وعوانة ابن الحكم، وعيسى بن يزيد بن رئاب والهيثم بن عدي الطائي، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كلما كان في الامم السالفة فيكون في هذه الامة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وقد صح هذا التعمير فيمن تقدم وصحت الغيبات الواقعة بحجج الله عليهم السلام فيما مضى من القرون، فكيف السبيل إلى إنكار القائم عليه السلام لغيبته وطول عمره، مع الاخبار الواردة فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الائمة عليهم السلام وهي التي قد ذكرناها في هذا الكتاب بأسانيدها. حدثنا علي بن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن


 

[253]

موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل ما كان في الامم السالفة فانه يكون في هذه الامة مثله حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة. ل: علي بن عبد الله الاسواري، عن مكي بن أحمد قال: سمعت إسحاق ابن إبراهيم الطوسي يقول: وكان قد أتى عليه سبعة وتسعون سنة على باب يحيى بن منصور قال: رأيت سر بايك ملك الهند في بلد تسمى صوح فسألناه كم أتى عليك من السنين قال: تسعمائة سنة وخمس وعشرون سنة وهو مسلم فزعم أن النبي صلى الله عليه وآله أنفذ إليه عشرة من أصحابه منهم حذيفة بن يمان وعمرو بن العاص واسامة بن زيد وأبو موسى الاشعري وصهيب الرومي وسفينة وغيرهم يدعونه إلى الاسلام فأجاب وأسلم وقبل كتاب النبي صلى الله عليه وآله، فقلت له: كيف تصلي مع هذا الضعف ؟ فقال لي: قال الله عزوجل: " والذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " (1) الآية فقلت له: ما طعامك ؟ فقال لي: آكل ماء اللحم والكراث وسألت هل يخرج منك شئ ؟ فقال: في كل اسبوع مرة شئ يسير وسألته عن أسنانه فقال: أبدلتها عشرين مرة. ورأيت له في اسطبله شيئا من الدواب أكبر من الفيل يقال له: زند فيل فقلت له: ما تصنع بهذا ؟ قال: يحمل ثياب الخدم إلى القصار، ومملكته مسيرة أربع سنين في مثلها، ومدينته طولها خمسون فرسخا في مثلها، وعلى كل باب منها عسكر مائة ألف وعشرين ألفا إذا وقع في أحد الابواب حدث، خرجت تلك الفرقة إلى الحرب لا تستعين بغيرها، وهو في وسط المدينة وسمعته تقول: دخلت المغرب فبلغت إلى الرمل: رمل عالج، وصرت إلى قوم موسى عليه السلام فرأيت سطوح بيوتهم مستوية، وبيدر الطعام خارج القرية يأخذون منه القوت والباقي يتركونه هناك وقبورهم في دورهم، وبساتينهم من المدينة على فرسخين، ليس فيهم شيخ ولا شيخة

 

(1) آل عمران: 191.

 

[254]

ولم أر فيهم علة ولا يعتلون إلى أن يموتوا، ولهم أسواق إذا أراد الانسان منهم شراء شئ صار إلى السوق فوزن لنفسه وأخذ ما يصيبه وصاحبه غير حاضر وإذا أرادوا الصلاة حضروا فصلوا وانصرفوا لا يكون بينهم خصومة ولا كلام يكره إلا ذكر الله عزوجل، والصلاة وذكر الموت. قال الصدوق رحمه الله: إذا كان عند مخالفينا مثل هذه الحال لسربايك ملك الهند فينبغي أن لا يحيلوا مثل ذلك في حجة الله من التعمير ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. بيان: (1) " وصبح ليل " عطف على الثواء قوله: " يغاديه " أي يأتيه غدوة قوله: " وليل بعد يسري " أي بعد ذلك الصبح يسير ليلا " والشلو " بالكسر العضو و " السلو " الصبر وقال الجوهري: الهنيدة المائة من الابل وغيرها وقال أبو عبيدة: هي اسم لكل مائة وأنشد: ونصر بن دهمان الهنيدة * عاشها وتسعين عاما ثم قوم فانصاتا وقال في الصاد والتاء: وقد انصات الرجل إذا استوت قامته بعد الانحناء ثم ذكر هذا البيت والذي بعده وقال: شرخ الشباب أوله. قوله: " رهين شئ " أي كل شئ احتاج إليه وفي بعض النسخ بالسين المهملة وهو اللبن يكون في أطراف الاخلاف قبل نزول الدرة. و " لدة الرجل " تربه والجمع لدات " والسبات بالضم " النوم والراحة قوله: " حتى تخط له قبرا " لعله إشارة إلى إدراك ما قبل الجاهلية " والكهب " الجاموس المسن و " الكهبة " بالضم بياض علته كدورة أو الدهمة أو غبرة مشربة سوادا. وثاب الرجل يثوب ثوبا رجع بعد ذهابه أي نفعت مولى حتى يعود إلي نفعه وجزاؤه و " البث " الحزن " والكبر " كعنب الشيخوخة أو هو كصرد جمع الكبرى أي المصائب الكبر " ويوم مهران ويوم تستر " إشارتان إلى غزوتان مشهورتان في الاسلام كانتا في زمن عمر " وقدني " أي حسبي " أن أبيد " أي أهلك وفي بعض النسخ

 

(1) ابتدأ رحمه الله بشرح الاشعار مما يتعلق بالصفحة 237.

 

[255]

" وقد لي " أي وقد حان لي (1). وقال الجوهري: و " لبد " آخر نسور لقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إلى الحرم يستسقي لها فلما اهلكوا خير لقمان بين بقاء سبع بقرات (2) سمر من أظب عفر، في جبل وعر، لا يمسها القطر، وبين بقاء سبعة أنسر كلما هلك نسر خلف بعده نسر، فاختار النسور فكان آخر نسوره يسمى لبدا. وقال: " مزيقياء " لقب عمرو بن عامر ملك من ملوك اليمن زعموا أنه كان يلبس كل يوم حلتين فيمزقهما بالعشي ويكره أن يعود فيهما ويأنف أن يلبسهما أحد غيره. وقال: جاء فلان يهادي بين اثنين إذا كان يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله. و " إخماد النار " كناية عن خمول الذكر أو ذهاب البركة قوله: " فانكم لاتلاموا " الحاصل أنكم إن بذلتم على قدر وسعكم فسيعذركم الناس ولا يلومونكم ويبقى لكم قوة على البذل بعد ذلك، وذلك خير من أن تسرفوا وتبذلوا جميع ما في أيديكم وتحتاجوا إليه ويعانوكم " بالمعذرة " أي بقليل يعتذرون إليكم في ذلك، أو مع كونكم معذورين في السؤال لاضطراركم، وفي بعض النسخ " من أن تضاموا " أي من أن يظلموكم بأن يعتذروا إليكم مع قدرتهم على البذل وعلى التقادير الاظهر " فانكم إن تلاموا ". " ولا تجشموا " أي لا تكلفوا " أهل الدناءة " أي البخلاء والذين لم ينشأوا في الخير " فتقصروا بها " أي تجعلوهم مقصرين عاجزين عما طلبتم منهم والضمير راجع إلى أهل الدناءة بتأويل الجماعة قوله: " فتبوروا " أي فتهلكوا " والازدراء " التحقير وقوله: " ذكاء قلبه " تفسير للاصغرين " والتبسل " إظهار البسالة وهي الشجاعة وفي بعض النسخ " وتبتلوا " والتبتل الانقطاع عن الدنيا إلى الله وقوله: " تسم إليكم

 

(1) لكن على هذه النسخة لا يستقيم وزن الشعر وقد أضفنا إليه ما كان يحتمل نقصانه راجع ص 239. (2) في القاموس: " بعرات " قيل وهو الصحيح.

 

[256]

الابصار " من قولهم سما بصره أي علا و " القارب " السفينة الصغيرة " والشاهور " لعله لغة في الشهر " والعرمرم " الجيش الكثير. قوله: " وللدهر أمر مرة " أي قد يجعل الرجل أميرا وقد يجعله متهجما عليه أو للدهر امور غريبة وتهجمات والاظهر أنه بالكسر بمعنى الشدة والامر العجيب قوله: " ينجم " بضم الجيم أي يطلع ويظهر قوله " ويسمو به السم " السم بالضم والكسر الاسم أي يعلو به اسم الله وكلمة التوحيد. وقوله: " ثمان " إلى آخر البيت لعله إشارة إلى الطوائف التي يقتلهم القائم عليه السلام أو يطيعونه وقوله: " ومن بعد هذا كر تسعون " إشارة إلى من يعود في الرجعة قوله: " أن يفرقها الدم " لعل المعنى أن كلها يصرف في الجهاد أو أن دم القتلى حولها يهدمها إما حقيقة أو مجازا. وقال الجوهري: الداحس اسم فرس مشهور لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي ومنه حرب داحس، وذلك أن قيسا وحذيفة بن بدر تراهنا على خطر عشرين بعيرا وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجرى من ذات الآصاد فأجرى قيس داحسا والغبراء، وأجرى حذيفة الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كمينا على الطريق فردوا الغبراء ولطموها، وكانت سابقة، فهاجت الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة. قوله: " على العلات " أي على كل حال و " الردء " الفاسد وبنو حام: السودان شبهت الجزر في عظمها وعظم سنامها بجبال صغار عليها بنو حام قعودا، وأروى ام عثمان وكان الوليد أخاه لامه. قوله: " واقرع الارض بالعصا " أي نبه الغافل بأدنى تنبيه ليعقل، ولا تؤذه ولا تفضحه، قال الجوهري قال الشاعر: وزعمت أنا لا حلوم لنا * إن العصا قرعت لذي الحلم أي إن الحليم إذا نبه انتبه وأصله أن حكما من حكام العرب، عاش حتى اهتر فقال لابنته: إذا أنكرت شيئا من فهمي عند الحكم فاقرعي لي المجن بالعصا


 

[257]

لارتدع قال المتلمس: لذي الحلم البيت انتهى وعلى ما ذكره يحتمل المراد تنبيهه عند الغفلة. قوله: " فان من يسمع يخل " هو من الخيال أي إذا أحضرتم سفيها فهو يتكلم على سفاهته، وكل من يسمع منه، يقع في خياله شئ ويؤثر فيه. وقال الزمخشري في مستقصى الامثال: " من يسمع يخل " أي يظن ويتهم بقوله إذا بلغ شيئا عن رجل فاتهمه وقيل: إن من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه المكروه عليهم أي إن المجانبة للناس أسلم ومفعولا " يخل " محذوفان انتهى. " والصريمة " العزيمة في الشئ " والصرم " القطع " والخلي " الخالي من الهم والحزن خلاف الشجي والمثل معروف والمعنى أني في هم عظيم لهذا الامر الذي أدعوكم إليه وأنتم فارغون غافلون فويل لي منكم. قوله: " وقع القائم معه " (1) أي يصير العزيز بعد ظهور الحق ذليلا والذليل عزيزا لان الحق يظهر عند غلبة الباطل وأهله قوله: " أن أدركه " بالفتح أي أن أتلهف على إدراك هذا الامر فاني آئس منه أو بالكسر فيكون الجزاء محذوفا أي على أمر إن أدركته فزت أو لهفي عليكم إن أدركته وفات عنكم. قوله: " والعادة أملك بالادب " أي الآداب الحسنة إنما تملك باعتيادها لتصير ملكة، أو متابعة عادات القوم وما هو معروف بينهم أملك بالآداب والاول أظهر. قوله: " ورقوء الدم " قال الجزري: فيه " لاتسبوا الابل فان فيها رقوء الدم " يقال: رقا الدمع والدم والعرق يرقأ رقوءا بالضم إذا سكن وانقطع، والاسم الرفوء بالفتح أي إنها تعطى في الديات بدلا من القود ويسكن بها الدم.

 

(1) هذا على نسخة المصنف رحمه الله، ولا يخفى عدم المناسبة بين اللفظ والمعنى والصحيح ما أثبتناه (ص 250) طبقا للمصدر المطبوع والمعنى أن الحق إذا قام رفع من قام معه وأعلاه واستنهض الصرعى حتى يجعلهم قياما والمحصل أنه إذا قام الحق صير القاعد قائما والقائم مترفعا.

 

[258]

قوله: " التقدم قبل الندم " أي ينبغي أن يتقدم في الامور قبل أن يفوت ولا يبقى إلا الندم، قوله: " الوحشة ذهاب الاعلام " أي إنما يكون الوحشة في الطرق عند ذهاب الاعلام المنصوبة فيها، فكذا الوحشة بين الناس إنما يكون بذهاب العلماء والهداة الذين هم أعلام طرق الحق. قوله: " يكون القرب " أي من الناس أو من الله وقال الجوهري: " تقعقعت عمدهم " أي ارتحلوا وفي المثل " من يجتمع يتقعقع عمده " كما يقال: إذا تم أمردنا نقصه. غو: بالاسناد إلى أحمد بن فهد عن بهاء الدين علي بن عبد الحميد، عن يحيى ابن النجل الكوفي، عن صالح بن عبد الله اليمني كان قدم الكوفة، قال يحيى: ورأيته بها سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، عن أبيه عبد الله اليمني وأنه كان من المعمرين وأدرك سلمان الفارسي وأنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة ورأس العبادة حسن الظن بالله. غو: حدثني المولى العالم الواعظ عبد الله بن فتح الله بن عبد الملك، عن تاج الدين حسن السرايشنوي، عن الشيخ جمال الدين حسن بن يوسف بن المطهر قال: رويت عن مولانا شرف الدين إسحاق إبن محمود اليماني القاضي بقم، عن خاله مولانا عماد الدين محمد بن محمد بن فتحان القمي، عن الشيخ صدر الدين الساوي قال: دخلت على الشيخ بابارتن وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فرفعهما عن عينيه، فنظر إلي وقال: ترى عيني هاتين طالما نظرتا إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رأيته يوم حفر الخندق، وكان يحمل على ظهره التراب مع الناس، وسمعته صلى الله عليه وآله يقول في ذلك اليوم: أللهم إني أسألك عيشة هنيئة، وميتة سوية، ومردا غير مخزو لا فاضح. أقول: وروى السيد علي بن عبد الحميد في كتاب الانوار المطيئة قال: روى الجد السعيد عبد الحميد يرفعه إلى الرئيس أبي الحسن الكاتب البصري وكان من الادباء قال: في سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة أسنت البر سنين عدة وبعثت السماء درها في أكناف البصرة، فتسامع العرب بذلك فوردوها من الاقطار البعيدة على


 

[259]

اختلاف لغاتهم، فخرجت مع جماعة نتصفح أحوالهم ونلتمسن فائدة ربما وجدناها عند أحدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه فوجدنا في كسره شيخا جالسا قد سقط حاجباه على عينيه كبرا وحوله جماعة من عبيده وأصحابه فسلمنا عليه فرد التحية وأحسن التلقية، فقال له رجل منا: هذا السيد وأشار إلي هو الناظر في معاملة الدرب وهو من الفصحاء وأولاد العرب وكذلك الجماعة ما منهم إلا من ينسب إلى قبيلة ويختص بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حين وردتم نلتمس الفائدة المستطرفة من أحدكم وحين شاهدناك رجونا ما نبغيه عندك لعلو سنك. فقال الشيخ: والله يا بني أخي حياكم الله إن الدنيا شغلتنا عما تبغونه مني، فان أردتم الفائدة فاطلبوها عند أبي، وهابيته، وأشار إلى خباء كبير بازائه فقصدنا البيت فوجدنا فيه شيخا متضجعا وحوله من الخدم والامر أو في مما شاهدناه أولا فسلمنا عليه وأخبرناه بخبر ابنه فقال: يا بني أخي حياكم الله إن الذي شغل ابني عما التمستموه منه هو الذي شغلني عما هذه سبيله ولكن الفائدة تجدونها عند والدي وها هو بيته، وأشار إلى بيت منيف، فقلنا فيما بيننا حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني فان كانت منه فائدة فهي ربح لم نحتسب. فقصدنا ذلك الخباء فوجدنا حوله عددا كثيرا من الاماء والعبيد فحين رأونا تسرعوا إلينا وبدؤا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حياكم الله ؟ فقلنا نبغي السلام على سيدكم وطلب الفائدة من عنده، فقالوا: الفوائد كلها عند سيدنا ودخل منهم من يستأذن ثم خرج بالاذن لنا، فدخلنا فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في أوله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلي وطار شعره، فجهرنا بالسلام فأحسن الرد وقال قائلنا مثل ما قال لولده، وأعلمناه أنه أرشدنا إليك و بشرنا بالفائدة منك. ففتح الشيخ عينين قد غارتا في ام رأسه وقال للخدم: أجلسوني ثم قال لنا: يا بني أخي لاحدثنكم بخبر تحفظونه عني كان والدي لا يعيش له ولد ويحب أن تكون له عاقبة، فولدت له على كبر، ففرح بي وابتهج بموردي ثم قضى ولي


 

[260]

سبع سنين فكفلني عمي بعده وكان مثله في الحذر علي فدخل بي يوما على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: يارسول الله صلى الله عليه وآله إن هذا ابن أخي وقد مضى أبوه لسبيله و أنا كفيل بتربيته وإنني أنفس به على الموت، فعلمني عوذة أعوذه بها ليسلم ببركتها. فقال صلى الله عليه وآله: أين أنت عن ذات القلاقل ؟ فقال: يارسول الله صلى الله عليه وآله وما ذات القلاقل قال: أن تعوذه فتقرأ عليه سورة الجحد، وسورة الاخلاص، وسورة الفلق وسورة الناس، وأنا إلى اليوم أتعوذ بها كل غداة فما اصبت، ولا اصيب لي مال ولا مرضت، ولا افتقرت، وقد انتهى بي السن إلى ما ترون، فحافظوا عليها واستكثروا من التعوذ بها ثم انصرفنا من عنده انتهى. مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور قال: حدثني أبو بكر المفيد الجرجرائي في شهر رمضان سنة ست وسبعين وثلاثمائة قال: اجتمعت مع أبي عمرو عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن العوام بمصر في سنة ست عشر و ثلاث مائة وقد ازدحم الناس عليه حتى رقي به إلى سطح دار كبيرة كان فيها ومضيت إلى مكة ولم أزل أتبعه إلى مكة إلى أن كتبت عنه خمسة عشر حديثا و ذكر أنه ولد في خلافة أبي بكر عتيق بن أبي قحافة وأنه لما كان في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خرجت ووالدي معي اريد لقاءه فلما صرنا قريبا من الكوفة أو الارض التي كان بها عطشنا عطشا شديدا في طريقنا وأشرفنا على التلف وكان والدي شيخا كبيرا فقلت له: اجلس حتى أدور الصحراء أو البرية فلعلي أقدر على ماء أو من يدلني عليه أو ماء مطر. فقصدت أطلب ذلك فلم ألبث عنه غير بعيد إذ لاح لي ماء فصرت إليه فإذا أنا ببئر شبه الركية أو الوادي فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت وقلت: أمضي وأجئ بأبي فانه قريب مني فجئت إليه فقلت: قم فقد فرج الله عزوجل عنا وهذه عين ماء قريب منا فقام فلم نر شيئا ولم نقف على الماء و جلس وجلست معه ولم يضطرب إلى أن مات واجتهدت إلى أن واريته وجئت إلى مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولقيته وهو خارج إلى صفين وقد اخرجت له


 

[261]

البغلة فجئت وأمسكت له الركاب فالتفت إلي فانكببت اقبل الركاب فشجني في وجهي شجة. قال أبو بكر المفيد: ورأيت الشجة في وجهه واضحة. ثم سألني عن خبري فأخبرته بقصتي وقصة والدي وقصة العين فقال: عين لم يشرب منها أحد إلا وعمر عمرا طويلا فابشر فانك تعمر وما كنت لتجدها بعد شربك منها وسماني بالمعتمر. قال أبو بكر المفيد: فحدثنا عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالاحاديث وجمعتها ولم تجتمع لغيري منه وكان معه جماعة مشايخ من بلده وهي طنجة. فسألتهم عنه فذكروا أنهم من بلده وأنهم يعرفونه بطول العمر وآباؤهم وأجدادهم بمثل ذلك واجتماعه مع مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وأنه توفي في سنة سبع عشر وثلاث مائة. أقول: روى الكراجكي ره في كنز الفوائد هذا الخبر بطوله مع الاخبار التي رواها أبو الدنيا عن الشريف طاهر بن موسى الحسيني، عن ميمون بن حمزة الحسيني، عن المعمر المغربي، وعن أسد بن إبراهيم السلمي والحسين بن محمد الصيرفي البغدادي معا عن أبي بكر محمد بن محمد المعروف بالمفيد الجرجرائي، عن علي بن عثمان بن الخطاب بن عبد الله بن عوام البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها: مزيده. يعرف بأبي الدنيا الاشج المعتمر إلى آخر ما مر من قصصه وما أوردناه من رواياته في كتاب الفتن وغيره. ثم ذكر رحمه الله قصة رجل آخر يعرف بالمعمر المشرقي وقال: هو رجل مقيم ببلاد العجم من أرض الجبل يذكر أنه رأى أمير المؤمنين عليه السلام ويعرفه الناس بذلك على مر السنين والاعوام ويقول: إنه لحقه مثل ما لحق المغربي من الشجة في وجهه وأنه صحب أمير المؤمنين عليه السلام وخدمه. وحدثني جماعة مختلفو المذاهب بحديثه وأنهم رأوه وسمعوا كلامه منهم أبو العباس أحمد بن نوح بن محمد الحنبلي الشافعي حدثني بمدينة الرملة في سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال: كنت متوجها إلى العراق للتفقه فعبرت بمدينة يقال


 

[262]

لها سهرورد من أعمال الجبل قريبة من زنجان وذلك في سنة خمسين وأربعمائة فقيل لي إن هنا شيخا يزعم أنه لقي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فلو صرت إليه لكان ذلك فائدة عظيمة قال: فدخلنا عليه فإذا هو في بيته لعمل النوار وإذا هو شيخ نحيف الجسم مدور اللحية كبيرها وله ولد صغير ولد له منذ سنة. فقيل له: إن هؤلاء قوم من أهل العلم متوجهون إلى العراق يحبون أن يسمعوا من الشيخ ما قد لقي من أمير المؤمنين عليه السلام فقال: نعم، كان السبب في لقائي له أني كنت قائما في موضع من المواضع فإذا بفارس مجتاز فرفعت رأسي فجعل الفارس يمر يده على رأسي ويدعو لي فلما أن عبر اخبرت بأنه علي بن أبي طالب عليه السلام فهرولت حتى لحقته وصاحبته. وذكر أنه كان معه في تكريت وموضع من العراق يقال له تل فلان بعد ذلك وكان بين يديه يخدمه إلى أن قبض عليه السلام فخدم أولاده. قال لي أحمد بن نوح: رأيت جماعة من أهل البلد ذكروا ذلك عنه وقالوا: إنا سمعنا آباءنا يخبرون عن أجدادنا بحال هذا الرجل وأنه على هذه الصفة وكان قد مضى فأقام بالاهواز ثم انتقل عنها لاذية الديلم له وهو مقيم بسهرورد. وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن القمي رحمه الله أن جماعة كانوا حدثوه بأنهم رأوا هذا المعمر وشاهدوه وسمعوا ذلك عنه وحدثني بحديثه أيضا قوم من أهل سهرورد ووصفوا لي صفته وقالوا هو يعمل الزنانير. قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب الغرر والدرر: أحد المعمرين الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن خالد بن مالك بن أدد المذحجي ومذحج هي ام مالك بن أدد نسب ولده مالك إليها وإنما سميت مذحج لانها ولدت على أكمة تسمى مذحجا وهي مدلة بنت ذي مهجشان قال أبو حاتم السجستاني: جمع الحارث ابن كعب بنيه لما حضرته الوفاة، فقال: يا بني قد أتت علي ستون ومائة سنة ما صافحت يميني يمين غادر، ولا قنعت نفسي بخلة فاجر، ولا صبوت بابنة عم ولا كنة، ولا طرحت عندي مومسة قناعها، ولا بحت لصديق بسر، وإني لعلى دين شعيب


 

[263]

النبي عليه السلام وما عليه أحد من العرب غيري وغير أسد بن خزيمة وتميم بن مر فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعتي إلهكم فاتقوه يكفكم المهم من اموركم و يصلح لكم أعمالكم وإياكم ومعصيته لا يحل بكم الدمار وبوحش منكم الديار. يا بني كونوا جميعا ولا تتفرقوا فتكونوا شيعا، وإن موتا في عز خير من حياة في ذل وعجز، وكل ما هو كائن كائن وكل جميع إلى تباين، الدهر ضربان فضرب رخاء وضرب بلاء، واليوم يومان فيوم حبرة، ويوم عبرة، والناس رجلان فرجل لك ورجل عليك. تزوجوا الاكفاء وليستعملن في طيبهن الماء و تجنبوا الحمقاء فان ولدها إلى أفن ما يكون ألا إنه لا راحة لقاطع القرابة وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوهم منهم، وآفة العدد اختلاف الكلمة، والتفضل بالحسنة يقي السيئة، والمكافا بالسيئة الدخول فيها والعمل السوء يزيل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهم وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد، و يمحق العدد، ويخرب البلد، والنصيحة تجر الفضيحة، والحقد يمنع الوفد، و لزوم الخطيئة يعقب البلية، وسوء الرعة يقطع أسباب المنفعة والضغائن تدعو إلى التباين. ثم أنشأ يقول: أكلت شبابي فأفنيته * وأنضيت بعد دهور دهورا ثلاثة أهلين صاحبتهم * فبادوا وأصبحت شيخا كبيرا قليل الطعام عسير القيام * قد ترك الدهر خطوي قصيرا أبيت اراعي نجوم السماء * اقلب أمري بطونا ظهورا قوله: " ولا صبوت بابنة عم ولا كنة " الصبوة رقة الحب والكنة امرأة ابن الرجل وامرأة أخيه فأما المومسة فهي الفاجرة البغي أراد بقوله: إنها لم تطرح عنده قناعها أي لم تبتذل عندي وتنبسط، كما تفعل مع من يريد الفجور بها وقوله: " فيوم حبرة ويوم عبرة " فالحبرة الفرح والسرور والعبرة تكون من ضد ذلك لان العبرة لا تكون إلا من أمر محزن مولم فأما " الافن " فهو الحمق يقال: رجل أفين إذا كان أحمق، ومن أمثالهم وجدان الرقين يغطي على أفن الافين أي وجدان الماء يغطي


 

[264]

على حمق الاحمق وواحد الرقين رقة وهي الفضة. فأما قوله: النصيحة تجر الفضيحة، فيشبه أن يكون معناه أن النصيح إذا نصح من لا يقبل النصيحة، ولا يصغي إلى موعظته فقد افتضح عنده لانه أفضى إليه بسره، وباح بمكنون صدره. فأما سوء الرعة فانه يقال: فلان حسن الرعة والتورع أي حسن الطريقة. ومن المعمرين المستوغر وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وإنما سمي المستوغر لبيت قاله وهو: ينش الماء في الربلات منها * نشيش الرضف في اللبن الوغير " الربلات " واحدتها ربلة، وربلة بفتح الباء وإسكانها هي (كل) لحمة غليظة، هكذا ذكر ابن دريد و " الرضف " الحجارة المحماة وفي الحديث كأنه على الرضف و " اللبن الوغير " لبن تلقى فيه حجارة محماة ثم يشرب اخذ من وغرة الظهيرة وهي أشد ما يكون من الحر ومنه وغر صدر فلان يوغر وغرا إذا التهب من غضب أو حقد. وقال أصحاب الانساب: عاش المستوغر ثلاث مائة سنة وعشرين سنة وأدرك الاسلام أو كاد يدرك أوله وقال ابن سلام: كان المستوغر قديما وبقي بقاء طويلا حتى قال: ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد السنين مئينا مائة أتت من بعدها مائتان لي * وازددت من عدد الشهور سنينا هل ما بقي إلا كما قد فاتنا * يوم يكر وليلة تحدونا وهو القائل: إذا ما المرء صم فلم يكلم * وأودى سمعه إلا ندايا ولاعب بالعشي بني بنيه * كفعل الهر يحترش العظايا يلاعبهم وودوا لو سقوه * من الذيفان مترعة ملايا


 

[265]

فلا ذاق النعيم ولا شرابا * ولا يشفى من المرض الشفايا أراد بقوله صم فلم يكلم أي لم يسمع ما يكلم به، فاحتصر ويجوز أن يريد أنه لم يكلم لليأس من استماعه فاعرض عن خطابه لذلك، وقوله " وأودى سمعه إلا ندايا " إنما أراد أن سمعه هلك إلا أنه يسمع الصوت العالي الذي ينادى به وقوله: " ولاعب بالعشي بني بنيه " فانه مبالغة في وصفه بالهرم والخرف، وأنه قد انتهى إلى ملاعبة الصبيان وانسهم به ويشبه أن يكون خص العشي بذلك لانه وقت رواح الصبيان إلى بيوتهم واستقرارهم فيها. وقوله: " يحترش العظايا " أي يصيدها والاحتراش أن يقصد الرجل إلى جحر الضب فيضربه بكفه ليحسبه الضب أفعى فيخرج إليه فيأخذه يقال: حرشت الضب واحترشته ومن أمثالهم هذا أجل من الحرش يضرب هذا لامر يستعظم ويتكلم بذلك على لسان الضب. قال ابن دريد: قال الضب لابنه: اتق الحرش قال: وما الحرش ؟ قال: إذا سمعت حركة بباب الجحر فلا تخرج فسمع يوما وقع المحفار فقال: يا أبه أهذا الحرش ؟ فقال هذا أجل من الحرش فجعل مثلا للرجل إذا سمع الشئ الذي هو أشد مما كان يتوقعه. والذيفان السم والعظايا جمع عظاية وهي دويبة معروفة (1). وأحد المعمرين دويد بن زيد بن نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بضم اللام بن ألحاف بن قضاعة بن مالك بن مرة بن مالك بن حمير. قال أبو حاتم: عاش دويد بن زيد أربعمائة سنة وستا وخمسين سنة، وقال ابن دريد: لما حضرت دويد بن زيد الوفاة وكان من المعمرين قال: ولا تعد العرب معمرا إلا من عاش مائة وعشرين سنة فصاعدا قال لبنيه: اوصيكم بالناس شرا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقبلوا لهم عثرة، قصروا الاعنة، وطولوا الاسنة واطعنوا شزرا

 

(1) دويبة ملساء تعدو وتردد كثيرا تشبه سام أبرص وتسمى شحمة الارض وشحمة الرمل، وهى أنواع كثيرة وكلها منقطة بالسواد ومن طبعها أنها تمشى مشيا سريعا ثم تقف.

 

[266]

واضربوا هبرا، وإذا أردتم المحاجزة فقبل المناجزة، والمرء يعجز لا المحالة، بالجد لا بالكد، التجلد ولا التبلد، المنية ولا الدنية، ولا تأسوا على فائت وإن عز فقده ولا تحنوا إلى ظاعن وإن ألف قربه ولا تطعموا فتطبعوا ولا تهنوا فتخرعوا ولا يكن لكم المثل السوء إن الموصين بنو سهوان إذا مت فارحبوا خط مضجعي ولا تضنوا علي برحب الارض وماذاك بمؤد إلي روحا ولكن راحة نفس خامرها الاشفاق ثم مات. قال أبو بكر بن دريد: ومن حديث آخر أنه قال: اليوم يدنى لدويد بيته * يا رب نهب صالح حويته ورب قرن بطل أرديته * ورب غيل حسن لويته ومعصم مخضب ثنيته * لو كان للدهر بلى أبليته أو كان قرني واحدا كفيته ومن قوله أيضا: ألقى علي الدهر رجلا ويدا * والدهر ما أصلح يوما أفسدا يفسد ما أصلحه اليوم غدا قوله: " اطعنوا شزرا واضربوا هبرا " معنى الشزر أن يطعنه في إحدى ناحيتيه يقال قتل الحبل شزرا إذا قتله على الشمال، والنظر الشزر نظر بمؤخر محجر العين وقال الاصمعي نظر إلي شزرا إذا نظر إليه من عن يمينه وشماله، وطعنه طعنا شزرا كذلك وقوله: " هبرا " قال ابن دريد يقال هبرت اللحم أهبره هبرا إذا قطعته قطعا (كبارا) والاسم الهبرة والهبرة وسيف هبار وهابر واللحم هبير ومهبور " والمحالة " الحيلة وقوله " بالجد لا بالكد " أي يدرك الرجل حاجته وطلبته بالجد وهو الحظ والبخت، ومنه رجل مجدود فإذا كسرت الجيم فهو الانكماش في الامر والمبالغة فيه وقوله: " التجلد ولا التبلد " أي تجلدوا ولا تتبلدوا وقوله: " فتطيعوا " أي تدنسوا والطبع الدنس، يقال: طبع السيف يطبع طبعا إذا ركبه الصداء قال ثابث قطنة العتكي:


 

[267]

لاخير في طمع يدني إلى طبع وغفة من قوام العيش تكفيني قوله: " ولا تهنوا فتخرعوا " فالوهن الضعف " والخرع " والخراعة اللين، ومنه سميت الشجرة الخروع للينها وقوله: " إن الموصين بنو سهوان " فالموصين جمع موسى وبنو سهوان ضربه مثلا أي لاتكوا ممن تقدم إليهم فسهوا وأعرضوا عن الوصية قال: إنه يضرب هذا المثل للرجل الموثوق به ومعناه إن الذين يحتاجون أن يوصوا بحوائج إخوانهم هم الذين يسهون عنها لقلة عنايتهم، وأنت غير غافل ولاساه عن حاجتي. وقوله: " فارحبوا " أي وسعوا والرحب السعة والروح الراحة وقوله في الشعر " ورب غيل " فالغيل الساعد الممتلئ والمعصم موضع السوار من اليد. ومن المعمرين زهير بن جناب بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة ابن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن (عمران ابن) ألحاف بن قضاعة بن ملك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير. قال أبو حاتم: عاش زهير بن جناب مائتي سنة وعشرين سنة وواقع مائتي وقعة وكان سيدا مطاعا شريفا في قومه ويقال: كانت فيه عشر خصال لم يجتمعن في غيره من أهل زمانه كان سيد قومه، وشريفهم، وخطيبهم، وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك وطبيبهم والطب في ذلك الزمان شرف وحازي قومه والحزاة الكهان وكان فارس قومه، وله البيت فيهم والعدد منهم فأوصى بنيه فقال: يا بني إني قد كبرت سني وبلغت حرسا من دهري فأحكمتني التجارب والامور تجربة واختبار، فاحفظوا عني ما أقول وعوا إياكم والخور عند المصائب و التواكل عند النوائب، فان ذلك داعية للغم وشماتة للعدو وسوء ظن بالرب و إياكم أن تكونوا بالاحداث مغترين ولها آمنين ومنها ساخرين فانه ما سخر قوم قط إلا ابتلوا، ولكن توقعواها فانما الانسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة فمقصر دونه، ومجاوز موضعه، وواقع عن يمينه وشماله ولابد أنه يصيبه.


 

[268]

قوله: حرسا من دهري، يريد دهرا والحرس الدهر (1) قال الراجز: " في سنة عشنا بذاك حرسا " فالسنبة المدة من الدهر. والتواكل أن يكل القوم أمرهم إلى غيرهم من قولهم رجل وكل إذا كان لا يكفي نفسه ويكل أمره إلى غيره ويقال: رجل وكلة تكلة والغرض: كلما نصبته للرمي. وتعاوره أي تداوله. قال المرتضى ره وقد أتى لابن الرومي معنى قول زهير بن جناب: الانسان في الدنيا غرض تعاوره الرماة، فمقصر دونه، ومجاوز له، وواقع عن يمينه وشماله ثم لابد أن يصيبه. في أبيات له فأحسن فيها كل الاحسان والابيات لابن الرومي كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا * لمن قد أضلته المنايا لياليا أمن بعد إبداء المشيب مقاتلي * لرامي المنايا تحسبيني راجيا غدا الدهر يرميني فتدنو سهامه * لشخصي أخلق أن يصبن سواديا وكان كرامي الليل يرمي ولايرى * فلما أضاء الشيب شخصي رمانيا أما البيت الاخير فانه أبدع فيه وغرب، وما علمت أنه سبق إلى معناه لانه جعل الشباب كالليل الساتر على الانسان الحاجز بينه وبين من أراد رميه لظلمته، والشيب مبديا لمقاتله هاديا إلى إصابته لضوئه وبياضه، وهذا في نهاية حسن المعنى وأراد بقوله " رماني " أصابني ومثله قول الشاعر: فلما رمى شخصي رميت سواده * ولابد أن يرمى سواد الذي يرمي وكان زهير بن جناب على عهد كليب وائل ولم يك في العرب أنطق من زهير ولا أوجه عند الملوك، وكان لسداد رأيه يسمى كاهنا ولم تجتمع قضاعة إلا عليه وعلى رزاح بن ربيعة وسمع زهير بعض نسائه تتكلم بما لا ينبغي لامرأة أن تتكلم به عند زوجها فنهاها فقالت له: اسكت عني وإلا ضربتك بهذا العمود فوالله ماكنت أراك تسمع شيئا ولا تعقله فقال عند ذلك: ألا يالقوم لا أرى النجم طالعا * ولا الشمس إلا حاجبي بيميني معزبتي عند القفا بعمودها * يكون نكيري أن أقول ذريني

 

(1) في المصدر المطبوع: يريد طويلا منه والحرس من الدهر: الطويل. راجع ج 1 ص 239.

 

[269]

أمينا على سر النساء وربما * أكون على الاسرار غير أمين فللموت خير من حداج موطأ * مع الظعن لا يأتي المحل لحيني وهو القائل. أبني إن أهلك فقد أورثتكم مجدا بنيه * وتركتكم أبناء سادات زنادكم وريه من كل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيه * ولقد رحلت البازل الكوماء ليس لها وليه وخطبت خطبة حازم غير الضعيف ولا العييه * والموت خير للفتى فليهلكن وبه بقية من أن يرى الشيخ البجال وقد يهادى بالعشيه وهو القائل: ليت شعري والدهر ذو حدثان * أي حين منيتي تلقاني أسبات على الفراش خفات * أم يكفي مفجع حران وقال حين مضت له مائتا سنة من عمره. لقد عمرت حتى ما ابالي * أحتفي في صباحي أو مسائي وحق لمن أتت مأتان عاما * عليه أن يمل من الثواء قوله: معزبتي (يعني امرأته) يقال: معزبة الرجل وطلته وحنته كل ذلك امرأته وقوله: " أمينا على سر النساء " فالسر خلاف العلانية والسر أيضا النكاح قال الحطيئة: ويحرم سر جارهم عليهم * ويأخذ (1) جارهم أنف القصاع وقال امرؤ القيس: ألا زعمت بسباسة اليوم أنني * كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي وكلام زهير يحتمل الوجهين جميعا لانه إذا كبر وهرم لم تتهيبه النساء أن يتحدثن بحضرته بأسرارهن تهاونا وتعويلا على ثقل سمعه، وكذلك هرمه و كبره يوجبان كونه أمينا على نكاح النساء لعجزه عنه وقوله: " حداج موطأ " الحداج مركب من مراكب النساء والجمع أحداج وحدوج والظعن والاظعان

 

(1) في المصدر: ويأكل.

 

[270]

الهوادج والظعينة المرأة في الهودج ولاتسمى ظعينة حتى تكون في هودج والجمع ظعائن وإنما أخبر عن هرمه وأن موته خير من كونه مع الظعن في جملة النساء وقوله: " زنادكم وريه " الزناد جمع زند وزندة وهما عودان يتقدح بهما النار وفي أحدهما فروض وهي ثقب فالتي فيها الفروض هي الانثى والذي يقدح بطرفه هو الذكر، ويسمى الزند الاب والزندة الام وكنى بزنادكم ورية عن بلوغهم مأربهم تقول العرب " وريت بك زنادي " أي نلت بك ما احب من النجح والنجاة ويقال للرجل الكريم: واري الزناد. فأما التحية فهي الملك فكأنه قال: من كل ما نال الفتى قد نلته إلا الملك وقيل التحية ههنا الخلود والبقاء، والبازل الناقة التي قد بلغت تسع سنين وهي أشد ما تكون ولفظ البازل في الناقة والجمل سواء " والكوماء " العظيمة السنام و " الولية " برذعة تطرح على ظهر البعير تلي جلده و " البجال " الذي يبجله قومه و يعظمونه ومعنى " يهادى بالعشيه " أي تماشيه الرجال فيسندونه لضعفه والتهادي المشي الضعيف وقوله: " أسبات " فالسبات سكون الحركة ورجل مسبوت " والخفات " الضعف يقال: خفت الرجل إذا أصابه ضعف من مرض أو جوع والمفجع الذي قد فجع بولد له أو قرابة والحران العطشان الملتهب وهو ههنا المحترق على قتلاه. ومما يروى لزهير بن جناب: إذا ما شئت أن تسلى خليلا * فأكثر دونه عدد الليالي فما سلى حبيبك مثل نأي * ولا بلى جديدك كابتذال ومن المعمرين ذو الاصبع العدواني واسمه حرثان بن محرث بن الحارث ابن ربيعة بن وهب بن ثعلبة بن ظرب بن عمرو بن عتاب بن يشكر بن عدوان وهو الحارث بن عمير بن قيس بن عيلان بن مضر وإنما سمي الحارث عدوان لانه عدا على أخيه فهم فقتله (1) وقيل بل فقأ عينيه وقيل إن اسم ذي الاصبع محرث بن حرثان وقيل: حرثان بن حويرث وقيل: حرثان بن حارثة ويكنى أبا عدوان

 

(1) في المصدر المطبوع بمصر " فهم بقتله " وهو تصحيف غريب راجع القاموس.

 

[271]

وسبب لقبه بذي الاصبع أن حية نهشته على أصبعه فشلت فسمي بذلك ويقال إنه عاش مائة وسبعين سنة وقال أبو حاتم: عاش ثلاثمائة سنة وهو أحد حكام العرب في الجاهلية وذكر الجاحظ أنه كان أثرم وروى عنه: لا يبعدن عهد الشباب ولا * لذاته ونباته النضر لولا اولئك ما حفلت متى * عوليت في حرجي إلى قبري هزئت اثيلة إن رأت هرمي * وأن انحنى لتقادم ظهري وكان لذي الاصبع بنات أربع فعرض عليهن التزويج فأبين وقلن خدمتك وقربك أحب إلينا فأشرف عليهن يوما من حيث لايرينه فقلن: لتقل كل واحدة منا مافى نفسها فقالت الكبرى: ألا هل أراها ليلة وضجيعها * أشم كنصل السيف غير مهند عليم بأدوات النساء وأصله * إذا ما انتمى من سر أهلي ومحتدي ويروى " عين مهند " ويروى " من سر أصلي ومحتدي " فقلن لها: أنت تريدين ذا قرابة قد عرفته وقالت الثانية: ألا ليت زوجي من اناس اولى عدى * حديث الشباب طيب الثوب والعطر لصوق بأكباد النساء كأنه * خليفة جان لاينام على وتر ويروى " اولي غنى " ويروى " لاينام على هجري " فقلن لها: أنت تريدين فتى ليس من أهلك ثم قالت الثالثة: ألا ليته يكسى الجمال نديه * له جفنة تشقى بها المعز والجزر له حكمات الدهر من غير كبرة * تشين فلا فان ولا ضرع غمر فقلن لها: أنت تريدين سيدا شريفا وقلن للرابعة قولي فقالت: لا أقول شيئا فقلن (لها): يا عدوة الله علمت ما في أنفسنا ولا تعلميننا ما في نفسك ؟ فقالت: زوج من عود خير من قعود " فمضت مثلا فزوجهن أربعهن وتركهن حولا. ثم أتى الكبرى فقال: يا بنية كيف ترين زوجك ؟ فقالت: خير زوج يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة، قال: فما مالكم ؟ قالت: خير مال، الابل، نشرب ألبانها


 

[272]

جرعا ويروي جزعا بالزاي معجمة ونأكل لحمانها مزعا وتحملنا وضعفتنا معا فقال: يا بنية زوج كريم ومال عميم. ثم أتى الثانية فقال: يا بنية كيف زوجك ؟ فقالت: خير زوج، يكرم أهله وينسى فضله، قال: وما مالكم قالت: البقر تألف الفناء وتملا الاناء وتودك السقاء، ونساء مع النساء فقال لها: خظيت وبظيت. ثم أتى الثالثة فقال: يا بنية كيف زوجك ؟ فقالت: لا سمح بذر ولا بخيل حكر، قال: فما مالكم قالت: المعزى قال: وماهي قالت: لو كنا نولدها فطما ونسلخها ادما ويروى أدما بالفتح لم نبغ بها نعما، فقال لها: حذوة مغنية. ويروى حذوي مغنية. ثم أتى الصغرى فقال: يا بنية كيف زوجك ؟ قالت: شر زوج يكرم نفسه ويهين عرسه قال: فما مالكم ؟ قالت: شر مال قال: وما هو ؟ قالت: الضأن جوف لا يشبعن، وهيم لا ينقعن، وصم لا يسمعن، وأمر مغويتهن يتبعن فقال أبوها: " أشبه امرء بعض بزه " فمضت مثلا. أما قول إحدى بناته في الشعر " أشم " فالشمم هو ارتفاع أرنبة الانف وورودها يقال: رجل أشم وامرأة شماء وقوم شم قال حسان: بيض الوجوه كريمة أنسابهم شم الانوف من الطراز الاول فالشمم الارتفاع في كل شئ فيحتمل أن يكون أراد حسان بشم الانوف ما ذكرناه من ورود الارنبة لان ذلك عندهم دليل العتق والنجابة ويجوز أن يكون أراد بذلك الكناية عن نزاهتهم وتباعدهم عن دنايا الامور ورذائلها وخص الانوف بذلك لان الحمية والغضب والانفة فيها ولم يرد طول أنفهم، وهذا أشبه أن يكون مراده لانه قال في أول البيت: " بيض الوجوه " ولم يرد (بياض) اللون في الحقيقة وإنما كنى بذلك عن نقاء أعراضهم، وجميل أخلاقهم وأفعالهم كما يقال جاءني فلان بوجه أبيض وقد بيض فلان وجهه بكذا وكذا وإنما يعني ما ذكرناه.


 

[273]

وقول المرأة: " أشم كنصل السيف " يحتمل الوجهين أيضا، ومعنى قول حسان " من الطراز الاول " أي أن أفعالهم أفعال آبائهم وسلفهم فانهم لم يحدثوا أخلاقا مذمومة لاتشبه نجارهم واصولهم. وقولها: " عين مهند " أي هو المهند بعينه كما يقال: هو هذا بعينه، وعين الشئ نفسه وعلى الرواية الاخرى غير مهند أي ليس هو السيف المنسوب إلى الهند في الحقيقة وإنما هو مشبه به في مضائه. وقولها: " من سر أهلي " أي من أكرمهم وأخلصهم يقال: فلان في سر قومه أي في صميمهم وشرفهم، وسر الوادي أطيبه ترابا و " المحتد " الاصل. وقول الثانية اولي عدى فانما معناه أن يكون لهم أعداء لان من لا عدو له هو الفسل الرذل الذي لا خير عنده والكريم الفاضل من الناس هو المحسد المعادي. وقولها: " لصوق بأكباد النساء " تعني في المضاجعة ويحتمل أن تكون أرادت في المحبة والمودة وكنت بذلك عن شدة محبتهن له وميلهن إليه وهو أشبه. وقولها: " كأنه خليفة جان " أي كأنه حية للصوقه " والجان " جنس من الحيات فخففت لضرورة الشعر. وقول الثالثة: " يكسى الجمال نديه " فالندي هو المجلس. وقولها: " له حكمات الدهر " تقول قد أحكمته التجارب وجعلته حكيما فأما " الضرع " فهو الضعيف " والغمر " الذي لم يجرب الامور. وقول الكبرى: " يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة "، " فالحليلة " هي امرأة الرجل " والوسيلة " الحاجة. وقولها: " نشرب ألبانها جزعا " فالجزع جمع جزعة وهي القليل من الماء يبقى في الاناء. وقوله: " مزعا " فالمزعة البقية من دسم ويقال: ماله جزعة ولا مزعة كذا ذكر ابن دريد بالضم في جزعة ووجدت غيره يكسرها ويقول: جزعة، وإذا كسرت فينبغي أن يكون " نشرب ألبانها جزعا " وتكسر المزعة أيضا ليزدوج الكلام فيقول:


 

[274]

" ونأكل لحمانها مزعا " فان المزعة بالكسر هي القطعة من الشحم والمزعة بالكسر أيضا من الريش والقطن وغير ذلك كالمزقة من الخرق. " والتمزيع " التقطيع والتشقيق يقال: إنه يكاد يتمزع من الغيظ، ومزع الظبي في عدوه يمزع مزعا إذا أسرع وقوله: " مال عميم " أي كثير. وقول الثانية: " تودك السقاء " من الودك الذي هو الدسم. وقول الثالثة: نولدها فطما " فالفطم " جمع فطيم وهو المفطوم من الرضاع. وقولها: " نسلخها ادما " فالادم جمع إدام وهو الذي يوكل، تقول: لو أنا فطمناها عند الولادة وسلخناها للادم من الحاجة لم نبغ بها نعما وعلى الرواية الاخرى أدما من الاديم وقوله: حذوة مغنية فالحذوة القطعة. وقول الصغرى: جوف " لا يشبعن " فالجوف جمع جوفاء وهي العظيمة الجوف " والهيم " العطاش " ولا ينقعن " أي لا يروين ومعنى قولها " وأمر مغويتهن يتبعن " أي القطيع من الضأن يمر على قنطرة فتزل واحدة فتقع في الماء فيقعن كلهن اتباعا لها والضأن يوصف بالبلادة. أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا ابن دريد قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن يونس، قال ابن دريد: وأخبرنا به العكلي، عن ابن أبي خالد، عن الهيثم بن عدي، عن مسعر بن كدام قال: حدثنا سعيد بن خالد الجدلي قال: لما قدم عبد لملك بن مروان الكوفة بعد قتل مصعب دعا الناس على فرائضهم فأتيناه فقال: من القوم ؟ قلنا جديلة، قال: جديلة عدوان ؟ قلنا: نعم فتمثل عبد الملك: عذير الحي من عدوان كانوا حية الارض بغى بعضهم بعضا فلم يرعوا على بعض ومنهم كانت السادات والموفون بالفرض ومنهم حكم يقضي فلا ينقض ما يقضي


 

[275]

ومنهم من يحيل الناس بالسنة والفرض (1). ثم أقبل على رجل كنا قدمناه أمامنا، جسيم وسيم، فقال: أيكم يقول هذا الشعر ؟ فقال: لا أدري فقلت (أنا) من خلفه: يقول ذو الاصبع فتركني وأقبل على ذلك الجسيم وقال: ماكان اسم ذي الاصبع ؟ فقال: لا أدري فقلت: أنا من خلفه: حرثان، فأقبل عليه وتركني فقال: لم سمي ذا الاصبع ؟ فقال: لاأدري فقلت أنا من خلفه: نهشته حية على أصبعه، فأقبل عليه وتركني فقال: من أيكم كان ؟ قال: لاأدري فقلت أنا من خلفه: من بني ناج، فأقبل على الجسيم فقال: كم عطاؤك قال: سبعمائة درهم ثم أقبل علي فقال: كم عطاؤك فقلت: أربعمائة فقال: يا ابن الزعيزعة حط من عطاء هذا ثلاث مائة وزدها في عطاء هذا فرحت و عطائي سبعمائة وعطاؤه أربعمائة. وفي رواية اخرى أنه: لما قال له: من أيكم كان ؟ قال: لاأدري فقلت أنا من خلفه: من بني ناج الذين يقول: فيهم الشاعر: وأما بنو ناج فلا تذكرنهم * ولا تتبعن عينيك من كان هالكا إذا قلت معروفا لتصلح بينهم * يقول وهيب لا اسالم ذلكا ويروى: لا أحاول (ذلكا): فأضحى كظهر العود جب سنامه * يدب إلى الاعداء أحدب باركا ويروى: فأضحى كظهر العود جب سنامه * تحوم عليه الطير أحدب باركا وقد رويت هذه الابيات لذي الاصبع أيضا ومن أبيات ذي الاصبع السائرة قوله: اكاشر ذا الضغن المبين عنهم * وأضحك حتى يبدو الناب أجمع

 

(1) في المصدر المطبوع ج 1 ص 250 " ومنهم من يجيز " ونقل في الهامش عن أبي الفرج قال: قوله " ومنهم من يجيز الناس " فان اجازة الحج كانت لخزاعة فأخذتها منهم عدوان.

 

[276]

وأهدنه بالقول هدنا ولو يرى * سريرة ما اخفي لبات يفزع ومعنى " أهدنه " اسكنه ومن قوله أيضا: إذا ما الدهر جر على اناس * شراشره أناخ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا ومعنى " الشراشر " ههنا الثقل يقال: ألقى علي شراشره وجراميزه أي ثقله ومن قوله أيضا: ذهب الذين إذا رأوني * مقبلا هشوا إلي ورحبوا بالمقبل وهم الذين إذا حملت حمالة * ولقيتهم فكأنني لم أحمل ومن قوله وهي مشهورة: لي ابن عم على ما كان من خلق * مختلفان فأقليه ويقليني أزرى بنا أننا شالت نعامتنا * فخالني دونه وخلته دوني لاه ابن عمك لا أفضلت في نسب * عني ولا أنت دياني فتخزوني أني لعمرك ما بابي بذي غلق * عن الصديق ولا خيري بممنون ولا لساني على الادنى بمنطلق * بالفاحشات ولا اغضي على الهون ماذا علي وإن كنتم ذوي رحمي * ألا احبكم إن لم تحبوني يا عمرو ! إلا تدع شتمي ومنقصتي * أضربك حيث تقول الهامة اسقوني وأنتم معشر زيد على مائة * فأجمعوا أمركم طرا فكيدوني لا يخرج القسر مني غير مأبية * ولا ألين لمن لا يبتغي ليني قوله: " شالت نعامتنا " معناه تنافرنا، فضرب النعام مثلا أي لاأطمئن إليه ولا يطمئن إلي يقال: شالت نعامة القوم إذا أجلوا عن الموضع وقوله: " لاه ابن عمك " قال قوم: أراد: لله ابن عمك، وقال ابن دريد: أقسم وأراد: الله ابن عمك وقوله: " عني " أي علي والديان الذي يلي أمره ومعنى " فتخزوني " أي تسوسني و " الهون " الهوان. وقوله: " أضربك حيث تقول الهامة: اسقوني " قال الاصمعي العطش في الهامة فأراد أضربك في ذلك الموضع أي على الهامة بحيث تعطش وقال آخرون: العرب


 

[277]

تقول: إن الرجل إذا قتل خرجت من رأسه هامة تدور حول قبره وتقول: اسقوني اسقوني فلا تزال كذلك حتى يؤخذ بثأره وهذا باطل، ويجوز أن يعنيه ذو الاصبع على مذاهب العرب. وقوله: " لا يخرج القسر مني غير مأبية " فالقسر القهر أي إن اخذت قسرا لم أزدد إلا إباء. ومن المعمرين معدي كرب الحميري من آل ذي رعين قال ابن سلام: و قال معدي كرب الحميري وقد طال عمره: أراني كلما أفنيت يوما * أتانى بعده يوم جديد يعود ضياؤه في كل فجر * ويأبى لي شبابي لا يعود ومن المعمرين الربيع بن ضبع الفزاري يقال: أنه بقي إلى أيام بني امية ويروى أنه دخل على عبد الملك بن مروان فقال له: يا ربيع أخبرني عما أدركت من العمر والمدى، ورأيت من الخطوب الماضية، وساق الحديث إلى آخر ما مر في رواية الصدوق رحمه الله وفيه " لقد طار بك " (1) جد غير عاثر " و " عطاء جذم ومقرى ضخم " ثم قال رضي الله عنه إن كان هذا الخبر صحيحا فيشبه أن يكون سؤال عبد الملك له إنما كان في أيام معاوية لا في ولايته لان الربع يقول في الخبر: عشت (في الاسلام) ستين سنة وعبد الملك ولي في سنة خمس وستين من الهجرة فان كان صحيحا فلابد مما ذكرناه. وقد روي أن الربيع أدرك أيام معاوية ويقال: إن الربيع لما بلغ مأتي سنة قال: ألا بلغ بني بني ربيع * فأشرار البنين لكم فداء بأني قد كبرت ودق عظمي * فلا تشغلكم عني النساء وإن كنائني لنساء * صدق وما آلى بني ولا أساؤا إذا كان الشتاء فأدفئوني * فان الشيخ يهدمه الشتاء

 

(1) في المصدر المطبوع بمصر ج 1 ص 254: " لقد طالبك ".

 

[278]

وأما حين يذهب كل قر * فسربال خفيف أو رداء إذا عاش الفتى مأتين عاما * فقد ذهب اللذاذة والفتاء وقال حين بلغ مأتين وأربعين سنة: أصبع عني الشباب قد حسرا * إن بان عني فقد ثوى عصرا ودعنا قبل أن نودعه * لما قضى من جماعنا وطرا ها أنا ذا آمل الخلود وقد * أدرك سني ومولدي حجرا أنا امرئ القيس هل سمعت به * هيهات هيهات طال ذا عمرا أصبحت لا أحمل السلاح ولا * أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به * وحدي وأخشى الرياح والمطرا من بعد ماقوة أنوء بها * أصبحت شيخا اعالج الكبرا قوله: " عطاء جذم " أي سريع وكل شئ أسرعت فيه فقد جذمته وفي الحديث: إذا أذنت فرتل وإذا أقمت فاجذم أي أسرع والمقرى الاناء الذي يقرى فيه وقوله: " ما آلى بني ولا أساؤا " أي لم يقصروا والآلي المقصر. ومن المعمرين أبوالطمحان القيني واسمه حنظلة بن الشرقي من بني كنانة بن القين قال أبو حاتم: عاش أبوالطمحان القيني مائتي سنة وقال في ذلك: حنتني حانيات الدهر حتى * كأني خاتل يدنو لصيد قصير الخطب يحسب من رآني * ولست مقيدا أني بقيد ويروى قريب الخطو، قال أبو حاتم السجستاني: حدثني عدة من أصحابنا أنهم سمعوا يونس بن حبيب ينشد هذين البيتين وينشد أيضا: تقارب خطو رجلك يادويد * وقيدك الزمان بشر قيد وهو القائل: وإني من القوم الذين هم هم * إذا مات منهم سيد قام صاحبه نجوم سماء كلما غاب كوكب * بدا كوكب تأوي إليه كواكبه أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم * دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه


 

[279]

ومازال منهم حيث كان مسود * تسير المنايا حيث سارت كتائبه ومعنى البيتين الاولين يشبه قول أوس بن حجر: إذا مقرم منا ذا حدنابه * تخمط فينا ناب آخر مقرم ولطفيل الغنوي مثل هذا المعنى وهو قوله: كواكب دجن كلما انقض كوكب * بدا وانجلت عنه الدجنة كوكب وقد أخذ الخزيمي هذا المعنى فقال: إذا قمر منا تغور أو خبا * بدا قمر في جانب الافق يلمع ومثل ذلك: خلافة أهل الارض فينا وراثة * إذا مات منا سيد قام صاحبه ومثله: إذا سيد منا مضى لسبيله * أقام عمود الملك آخر سيد وكأن مزاحما العقيلي نظر إلى قول أبي الطمحان " أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم " في قوله وقد أحسن: وجوه لو أن المدلجين اعتشوابها * صدعن الدجى حتى ترى الليل ينجلي ويقارب ذلك قول حجية بن المضرب السعيدي (1): أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت * لنورهم الشمس المضيئة والبدر وأنشد محمد بن يحيى الصولي في معنى بيت (ي) أبي الطمحان: من البيض الوجوه بني سنان * لو أنك تستضيئ بهم أضاؤا هم حلوا من الشرف المعلى * ومن كرم العشيرة حيث شاؤا فلو أن السماء دنت لمجد * ومكرمة دنت لهم السماء وأبو الطمحان القائل (2):

 

(1) في المصدر المطبوع بمصر: " الكندى ". (2) في النسخة المطبوعة من البحار هناك تقديم وتأخير وهو سهو. والصحيح ما أثبتناه عرضا على المصدر.

 

[280]

إذا كان في صدرا بن عمك إحنة * فلا تستثرها سوف يبدو دفينها وهو القائل: إذا شاء ماعيها استقى من وقيعة * كعين العذاب صفوها لم يكدر (1) والوقيعة المستنقع في الصخرة للماء ويقال: للماء إذا ازل عن صخرة فوقع في بطن اخرى فهو ماء الوقائع وأنشد (وا) لذي الرمة: ونلنا سقاطا من حديث كأنه * جنى النحل ممزوجا بماء الوقائع ويقال للماء الذي يجري على الصخرة ماء الحشرج وللماء الذي يجري بين الحصا والرمل ماء المفاصل وأنشدوا لابي ذؤيب: مطافيل أبكار حديث نتاجها * تشاب بماء مثل ماء المفاصل وأنشد أبو محلم السعدي لابي الطمحان: بني إذا ما سامك الذل قاهر * عزيز فبعض الذل أتقى وأحرز ولا تحرمن بعض الامور تعززا * فقد يورث الذل الطويل التعزز (2) وهذان البيتان يرويان لعبد الله بن معوية الجعفري وروي لابي الطمحان أيضا في هذا المعنى: يا رب مظلمة يوما لطئت لها * تمضي علي إذا ما غاب أنصاري حتى إذا ما انجلت عني غيايتها * وثبت فيها وثوب المخدر الضاري ومن المعمرين عبد المسيح بن بقيلة الغساني وهو عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة، وبقيلة اسمه ثعلبة وقيل الحارث وإنما سمي بقيلة لانه خرج على قومه في بردين أخضرين فقالوا له: ما أنت إلا بقيلة فسمي بذلك. وذكر الكلبي وأبو مخنف وغيرهما أنه عاش ثلاث مائة وخمسين سنة وأدرك الاسلام فلم يسلم وكان نصرانيا.

 

(1) في المصدر: إذا شاء راعيها استقى من وقيعة * كعين الغراب صفوها لم يكدر وعين الغراب: يضرب بها المثل في الصفاء. (2) في المصدر: لاتحم.

 

[281]

وروي أن خالد بن الوليد لما نزل على الحيرة وتحصن منه أهلها أرسل إليهم: ابعثوا إلي رجلا من عقلائكم وذوي أنسابكم، فبعثوا إليه عبد المسيح بن بقيلة فأقبل يمشي حتى دنا من خالد فقال (له): أنعم صباحا أيها الملك قال: قد أغنانا الله عن تحيتك هذه فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟ قال: من ظهر أبي قال: فمن أين خرجت ؟ قال: من بطن امي قال: فعلى م أنت ؟ قال: على الارض قال: ففيم أنت قال: في ثيابي، قال: أتعقل لا عقلت، قال إي والله واقيد، قال: ابن كم أنت ؟ قال ابن رجل واحد. قال خالد: ما رأيت كاليوم قط إني أسأله عن الشئ وينحو في غيره قال: ما أجبتك إلا عما سألت فسل عما بدا لك قال: أعرب أنتم أم نبيط ؟ قال: عرب استنبطنا ونبيط استعربنا قال: (أ) فحرب أنتم أم سلم قال: بل سلم قال: فما هذه الحصون قال: بنيناها لسفيه نحذر منه حتى يجئ الحليم ينهاه، قال: كم أتى لك ؟ قال: خمسون وثلاث مائة سنة قال: فما أدركت ؟ قال: أدركت سفن البحر ترفأ إلينا في هذا الجرف، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج وتضع مكتلها على رأسها لاتزود إلا رغيفا واحدا حتى تأتي الشام ثم قد أصبحت اليوم خرابا يبابا وذلك دأب الله في العباد والبلاد. قال: ومعه سم ساعة يقلبه في كفه فقال له خالد: ماهذا في كفك ؟ قال: هذا السم قال: وما تصنع به ؟ قال: إن كان عندك ما يوافق قومي وأهل بلدي حمدت الله تعالى وقبلته، وإن كانت الاخرى لم أكن أول من ساق إليهم ذلا وبلاء أشربه وأستريح من الحياة فانما بقي من عمري اليسير قال خالد: هاته فأخذه (ثم) قال: بسم الله وبالله رب الارض والسماء الذي لا يضر مع اسمه شئ ثم أكله فتجللته غشية ثم ضرب بذقنه في صدره طويلا ثم عرف وأفاق كأنما نشط من عقال. فرجع ابن بقيلة إلى قومه فقال: قد جئتكم من عند شيطان أكل سم ساعة فلم يضره، صانعوا القوم وأخرجوهم عنكم فان هذا أمر مصنوع لهم، فصالحوهم على مائة ألف درهم، وأنشا ابن بقيلة يقول:


 

[282]

أبعد المنذرين أرى سواما * تروح بالخورنق والسدير تحاماه فوارس كل قوم * مخافة ضيغم عالي الزئير وصرنا بعد هلك أبي قبيس * كمثل الشاء في اليوم المطير يريد: أبا قابوس، فصغره ويروى كمثل المعز: تقسمنا القبائل من معد * علانية كأيسار الجزور نؤدي الخرج بعد خراج كسرى * وخرج من قريظة والنضير كذاك الدهر دولته سجال * فيوم من ساة أو سرور ويقال: إن عبد المسيح لما بنى بالحيرة قصره المعروف بقصر بني بقيلة قال: لقد بنيت للحدثان حصنا * لو أن المرء تنفعه الحصون طويل الرأس أقعس مشمخرا * لانواع الرياح به حنين ومما يروى لعبد المسيح بن بقيلة: والناس أبناء علات فمن علموا * أن قد أقبل فمجفو ومحقور وهم بنون لام إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومخفور وهذا يشبه قول أوس بن حجر: بني ام ذي المال الكثير يرونه * وإن كان عبدا سيد الامر جحفلا وهم لقليل المال أولاد علة * وإن كان محضا في العمومة مخولا وذكر أن بعض مشايخ أهل الحيرة خرج إلى ظهرها يختط ديرا فلما حفر موضع الاساس وأمعن في الاحتفار أصاب كهيئة البيت فدخله، فإذا رجل على سرير من زجاج وعند رأسه كتابة: أنا عبد المسيح بن بقيلة. حلبت الدهر أشطره حياتي * ونلت من المنى بلغ المزيد وكافحت الامور وكافحتني * ولم أحفل بمعضلة كؤود وكدت أنال في الشرف الثريا * ولكن لا سبيل إلى الخلود ومن المعمرين النابغة الجعدي واسمه قيس بن كعب بن عبد الله بن عامر (1)

 

(1) في المصدر المطبوع بمصر: قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة. (*)

 

[283]

ابن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ويكنى أبا ليلى. وروى أبو حاتم السجستاني قال: كان النابغة الجعدي أسن من النابغة الذبياني والدليل على ذلك قوله: تذكرت والذكرى تهيج على الهوى * ومن حاجة المحزون أن يتذكرا نداماي عند المنذر بن محرق * أرى اليوم منهم ظاهر الارض مقفرا كهول وشبان كأن وجوههم * دنانير مما شيف في أرض قيصرا فهذا يدل على أنه كان مع المنذر بن محرق والنابغة الذبياني كان مع النعمان بن المنذر بن محرق. وقوله: " شيف " يعني جلي والمشوف المجلو ويقال: إن النابغة غير ثلاثين سنة لا يتكلم ثم تكلم بالشعر ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة باصبهان وكان ديوانه بها وهو الذي يقول: من يك سائلا عني فاني * من الفتيان أيام الخنان وأيام الخنان أيام كانت للعرب قديمة هاج بها فيهم مرض في انوفهم وحلوقهم مضت مائة لعام ولدت فيه * وعشر بعد ذاك وحجتان فأبقى الدهر والايام مني * كما أبقى من السيف اليماني تفلل وهو مأثور جراز * إذا جمعت بقائمة اليدان وقال أيضا في طول عمره: لبست اناسا فأفنيتهم * وأفنيت بعد اناس اناسا ثلاثة أهلين أفنيتهم * وكان الاله هو المستآسا معنى المستآس المستعارض وروي عن هشام بن محمد الكلبي أنه عاش مائة وثمانين سنة. وروى ابن دريد عن أبي حاتم في موضع آخر أن النابغة الجعدي عاش مائتي سنة وأدرك الاسلام وروى له: قالت امامة كم عمرت زمانة * وذبحت من عتر على الاوثان العتيرة شاة تذبح لاصنامهم في رجب في الجاهلية:


 

[284]

ولقد شهدت عكاظ قبل محلها * فيها وكنت اعد مل فتيان والمنذر بن محرف في ملكه * وشهدت يوم هجائن النعمان وعمرت حتى جاء أحمد بالهدى * وقوارع تتلى من القرآن ولبست مل اسلام ثوبا واسعا * من سيب لا حرم ولا منان وله أيضا في طول عمره: المرء يهوى أن يعيش وطول عيش ما يضره تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره وتتابع الايام حتى لا يرى شيئا يسره كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره وروى أن النابغة الجعدي كان يفتخر ويقول: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وأنشدته بلغنا السماء مجدنا وجدودنا * وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال صلى الله عليه وآله: أين المظهر يا أبا ليلى ؟ فقلت: الجنة يارسول الله قال صلى الله عليه وآله: أجل إنشاء الله وأنشدته: فلا خير في حلم إذا لم تكن له * بوادر تحمي صفوه أن يكدرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له * حليم إذا ما أورد الامر أصدرا فقال صلى الله عليه وآله: لا يفضض الله فاك. وفي رواية اخرى لا يفضض فوك، فيقال: إن النابغة عاش عشرين ومائة سنة لم تسقط له سن ولا ضرس وفي رواية اخرى عن بعضهم قال: رأيته وقد بلغ الثمانين ترف غروبه وكانت كلما سقطت له ثنية نبتت له اخرى مكانها، وهو من أحسن الناس ثغرا. معنى " ترف " أي تبرق وكأن الماء يقطر منها. قال المرتضى رحمه الله ومما يشاكل قوله إلى الجنة في جواب قول النبي صلى الله عليه وآله أين المظهر يا أبا ليلى وإن كان يتضمن العكس من معناه ماروي من دخول الاخطل على عبد الملك مستغيثا من فعل الجحاف السلمي وأنه أنشده: لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة * إلى الله منها المشتكى والمعول


 

[285]

فان لم تغيرها قريش * بحلمها يكن من قريش مستماز ومزحل فقال عبد الملك (له): إلى أين يابن اللخناء قال: إلى النار. قال: لو قلت غيرها قطعت لسانك. فقوله: " إلى النار " تخلص مليح على البديهة كما تخلص الجعدي بقوله إلى الجنة وأول قصيدة الجعدي التي ذكرنا منها الابيات: خليلي غضا ساعة وتهجرا * ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا ولا تسألا إن الحياة قصيرة * فطيرا لروعات الحوادث أو قرا وإن كان أمر لا تطيقان دفعه * فلا تجزعا مما قضى الله واصبرا ألم تعلما أن العلامة نفعها * قليل إذا ما الشئ ولى فأدبرا يهيج اللحاء في الملامة ثم ما * يقرب منا غير ما كان قدرا وفيها يقول: لوى الله علم الغيب عمن سواءه * ويعلم منه ما مضى وتأخرا وجاهدت حتى ما أحس ومن معي * سهيلا إذا مالاح ثم تغورا يريد أني كنت بالشام وسهيل لا يكاد يرى هناك وهذا بيت معنى وفيها يقول: ونحن اناس لا نعود خيلنا * إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا وننكر يوم الروع ألوان خيلنا * من الطعن حتى تحسب الجون أشقرا وليس بمعروف لنا أن نردها * صحاحا ولا مستنكرا أن تعقرا وأخبرنا المرزباني قال: أنشدنا علي بن سليمان الاخفش قال: أنشدنا أحمد بن يحيى قال: أنشدني محمد بن سلام وغيره للنابغة الجعدي. تلوم على هلك البعير ظعينتي * وكنت على لوم العواذل زاريا ألم تعلمي أني رزئت محاربا * فمالك منه اليوم شيئا ولاليا ومن قبله ما قد رزئت بوحوح * وكان ابن امي والخليل المصافيا فتى كملت خيراته غير أنه * جواد فما يبقي من المال باقيا فتى تم فيه ما يسر صديقه * على أن فيه ما يسوء الاعاديا


 

[286]

أشم طويل الساعدين سميدع * إذا لم يرح للمجد أصبح غاديا " السميدع " السيد ومما يروى للنابغة الجعدي: عقيلية أو من هلال ابن عامر * بذي الرمث من وادي المنار خيامها إذا ابتسمت في البيت والليل دونها * أضاء دجى الليل البهيم ابتسامها وذكر الاصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: سئل الفرزدق بن غالب عن النابغة الجعدي فقال: صاحب خلقان: يكون عنده مطرف بألف (دينار) وخمار بواف قال الاصمعي: وصدق الفرزدق بينا النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشد من الصخر إذلان وذهب ثم أنشد له: سما لك هم ولم تطرب * وبت ببث ولم تنصب وقالت سليمى أرى رأسه * كناصية الفرس الاشهب وذلك من وقعات المنون * ففيئي إليك ولا تعجبي قال ثم يقول بعدها: أتين على إخوة سبعة * وعدن على ربعي الاقرب (ثم يقول بعدها): فأدخلك الله برد الجنان * جذلان في مدخل طيب فألان كلام حتى لو أن أبا الشمقمق قال هذا البيت كان رديئا ضعيفا. قال الاصمعي: وطريق الشعر إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان علا في الجاهلية والاسلام فلما أدخل شعره في باب الخير من مراثي النبي صلى الله عليه وآله وحمزة وجعفر وغيرهما لان شعره. ثم قال رضي الله عنه: إن سأل سائل فقال: كيف يصح ما أوردتموه من تطاول الاعمار وامتدادها، وقد علمتم أن كثيرا من الناس، ينكر ذلك ويحيله ويقول إنه لا قدرة عليه ولا سبيل إليه، ومنهم من ينزل في إنكاره درجة فيقول إنه وإن كان جائزا من طريق القدرة والامكان، فانه مما يقطع على انتفائه، لكونه خارقا للعادات، فان العادات إذا وثق الدليل بأنها لا تنخرق إلا على سبيل الابانة والدلالة على صدق نبي من الانبياء عليهم السلام علم أن جميع ماروي من زيادة الاعمار


 

[287]

على العادة باطل مصنوع لا يلتفت إلى مثله. الجواب قيل له: أما من أبطل تطاول الاعمار من حيث الاحالة، وأخرجه عن باب الامكان، فقوله ظاهر الفساد لانه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي لدوامه إذا دام، وانقطاعه متى انقطع، لعلم من جواز امتداده ما علمناه، والعمر هو استمرار كون من يجوز أن يكون حيا وغير حي حيا وإن شئت أن تقول: هو استمرار كون الحي الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيا. وإنما شرطنا الاستمرار لانه يبعد أن يوصف من كان في حالة واحدة حيا بأن له عمرا، بل لابد من أن يراعوا في ذلك ضربا من الامتداد والاستمرار، وإن قل. وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حي أو يكون لكونه حيا ابتداء، احترازا من أن يلزم القديم تعالى جلت عظمته ممن لا يوصف بالعمر، وإن استمر كونه حيا. فقد علمنا أن المختص بفعل الحياة هو القديم تعالى وفيما تحتاج إليه الحياة من البنية ومن المعاني ما يختص به جل وعز، ولا يدخل إلا تحت مقدوره تعالى، كالرطوبة وما جرى مجراها، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج إليه من البنية، وهي مما يجوز عليه البقاء وكذلك ما تحتاج إليه فليس ينتفى إلا بضد يطرأ عليها أو بضد ينفي ما تحتاج إليه والاقوى أنه لا بضد لها في الحقيقة و ربما ادعى قوم أنه ما تحتاج إليه، ولو كان للحياة ضد على الحقيقة لم يخل بما نقصده في هذا الباب. فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدها أو ضد ما تحتاج إليه، ولا نقض ناقض بنية الحي استمر كون الحي حيا، ولو كانت الحياة أيضا لا تبقى على مذهب من رأى ذلك، لكان ما قصدناه صحيحا لانه تعالى قادر على أن يفعلها حالا فحالا ويوالي بين فعلها وبين فعل ما تحتاج إليه فيستمر كون الحي حيا. فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلو السن وتناقص بنية الانسان


 

[288]

فليس مما لابد منه، وإنما أجرى الله تعالى العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان، ولا إيجاب هناك، ولا تأثير للزمان على وجه من الوجوه، وهو تعالى قادر على أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله. وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أن تطاول العمر ممكن غير مستحيل وإنما أبي (1) من أحال ذلك من حيث اعتقد أن استمرار كون الحي حيا وجب عن طبيعة وقوة لهما مبلغ من المادة متى انتهتا إليه انقطعتا، واستحال أن تدوما، فلو أضافوا ذلك إلى فاعل مختار متصرف لخرج عندهم من باب الاستحالة. فأما الكلام في دخول ذلك في العادة أو خروجه عنها فلا شك في أن العادة قد جرت في الاعمار بأقدار متقاربة يعد الزائد عليها خارقا للعادة إلا أنه قد ثبت أن العادات قد تختلف في الاوقات وفي الاماكن أيضا، ويجب أن يراعى في العادات إضافتها إلى من هي عادة له في المكان والوقت. وليس بممتنع أن يقل ما كانت العادة جارية به على تدريج حتى يصير حدوثه خارقا للعادة بغير خلاف ولا أن يكثر الخارق للعادة حتى يصير حدوثه غير خارق لها على خلاف فيه، وإذا صح ذلك لم يمتنع أن يكون العادات في الزمان الغابر كانت جارية بتطاول الاعمار وامتدادها ثم تناقص ذلك على تدريج حتى صارت عادتنا الآن جارية بخلافه، وصار ما بلغ مبلغ تلك الاعمار خارقا للعادة، وهذا جملة فيما أوردناه كافية. أقول: وذكر الشيخ رحمه الله من المعمرين لقمان بن عاد وأنه عاش ثلاثة آلاف سنة وخمس مائة سنة وقال: وفيه يقول الاعشى: لنفسك إذ تختار سبعة أنسر * إذا ما مضى نسر خلدت إلى نسر فعمر حتى خال أن نسوره * خلود وهل تبقى النفوس على الدهر وقال لادناهن إذ حل ريشه * هلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري

 

(1) في المصدر المطبوع: ج 1 ص 271: " أتي ".

 

[289]

قال: ومنهم ربيع بن ضبع بن وهب بن بغيض بن مالك بن سعد بن عبس بن فزارة، عاش ثلاث مائة سنة وأربعين سنة ثم ذكر ما مر من قصصه وأشعاره. ثم ذكر أكثم بن صيفي وأنه عاش ثلاث مائة سنة وثلاثين سنة وذكر والده صيفي بن رباح أبا أكثم وأنه عاش مائتين وسبعين سنة لا ينكر من عقله شئ وهو المعروف بذي الحلم الذي قال: فيه المتلمس اليشكري. لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما ومنهم ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو عاش مائتي سنة وعشرين سنة ولم يشب قط وأدرك الاسلام ولم يسلم وروى أبو حاتم والرياشي عن العتبي عن أبيه قال: مات ضبيرة السهمي وله مائتا سنة وعشرون سنة وكان أسود الشعر صحيح الاسنان ورثاه ابن عمه قيس بن عدي فقال: من يأمن الحدثان بعد ضبيرة السهمي ماتا سبقت منيته المشيب وكان منيته افتلاتا فتزودوا لا تهلكوا من دون أهلكم خفاتا. ومنهم دريد بن الصمة الجشمي عاش مائتي سنة وأدرك الاسلام ولم يسلم و كان أحد قواد المشركين يوم حنين ومقدمهم حضر حرب النبي صلى الله عليه وآله فقتل يومئذ. ومنهم محصن بن غسان بن ظالم الزبيدي عاش مائتي سنة وستا وخمسين سنة. ومنهم عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة وهو الذي يقول: كبرت وطال العمر حتى * كأنني سليم أفاع ليلة غير مودع فما الموت أفناني ولكن تتابعت * علي سنون من مصيف ومربع ثلاث مآت قد مررن كواملا * وها أنا ذا (قد) أرتجي منه أربع ومنهم الحارث بن مضاض الجرهمي عاش أربعمائة سنة وهو القائل: (1) كأن لم يكن بين الحجون إلى * الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر ومنهم عبد المسيح بن بقيلة الغساني ذكر الكلبي وأبو عبيدة وغيرهما أنه عاش

 

(1) في سيرة ابن هشام ج 1 ص 114: أن قائلها عمرو بن الحارث بن مضاض.

 

[290]

ثلاث مائة سنة وخمسين سنة وذكر من أحواله وأشعاره نحوا مما مر. ثم ذكر النابغة الجعدي وأبا الطمحان القيني وذا الاصبع العدواني وزهير ابن جنب ودويد بن نهد والحارث بن كعب وأحوالهم وأقوالهم نحوا مما مر في كلام السيد رضي الله عنهما. ثم قال: فهذا طرف من أخبار المعمرين من العرب واستيفاؤه في الكتب المصنفة في هذا المعنى موجود. وأما الفرس فانها تزعم أن فيما تقدم من ملوكها جماعة طالت أعمارهم فيروون أن الضحاك صاحب الحيتين عاش ألف سنة ومائتي سنة وإفريدون العادل عاش فوق الالف سنة ويقولون: إن الملك الذي أحدث المهرجان (1) عاش ألف سنة وخمسمائة استتر منها عن قومه ستمائة سنة وغير ذلك مما هو موجود في تواريخهم وكتبهم لا نطول بذكرها فكيف يقال: إن ما ذكرناه في صاحب الزمان خارج عن العادات. ومن المعمرين من العرب يعرب بن قطحان واسمه ربيعة أول من تكلم بالعربية ملك مائتي سنة على ما ذكره أبو الحسن النسابة الاصفهاني في كتاب الفرع والشجر وهو أبو اليمن كلها وهو منها كعدنان إلا شاذا نادرا. ومنهم عمرو بن عامر مزيقيا روى الاصفهاني عن عبد المجيد بن أبي عبس الانصاري والشرقي بن قطامي أنه عاش ثمانمائة سنة ثم ذكر نحوا مما مر في كلام الصدوق رحمه الله. ثم قال: وقيل (2) إنما سمي مزيقيا لان على عهده تمزقت الازد فصاروا إلى أقطار الارض وكان ملك أرض سبأ فحدثته الكهان أن الله يهلكها بالسيل العرم فاحتال حتى باع ضياعه وخرج فيمن أطاعه من أولاده قبل السيرم العرم * (هامش) (1) المهرجان معرب " مهرگان " من أعياد الفرس القديمة ستة أيام من برج الميزان من اليوم السادس عشر إلى الحادى والعشرين. (2) نقله ابن اسحاق في السيرة عن أبي زيد الانصاري راجع سيرة ابن هشام ج 1 ص 12 - 15.


 

[291]

ومنه انتشرت الازد كلها والانصار من ولده. ومنهم جلهمة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يعرب ويقال لجلهمة طيئ وإليه ينسب طيئ كلها وله خبر يطول شرحه وكان له ابن أخ يقال له: يحابر بن مالك بن أدد كان قد أتى على كل واحد منهما خمسمائة سنة ووقع بينهما ملاحاة بسبب المرعى فخاف جلهمة هلاك عشيرته فرحل عنه وطوى المنازل فسمي طيئا وهو صاحب أجأ وسلمى جبلين لطيئ ولذلك خبر يطول معروف. ومنهم عمرو بن لحي (1) وهو ربيعة ربن حارثة بن عمرو مزيقيا في قول علماء خزاعة كان رئيس خزاعة في حرب خزاعة وجرهم وهو الذي سن السائبة والوصيلة والحام، ونقل صنمين وهما هبل ومناة من الشام إلى مكة فوضعهما للعبادة فسلم هبل إلى خزيمة بن مدركة فقيل هبل خزيمة، وصعد على أبي قبيس ووضع مناة بالمشلل، وقدم بالنرد وهو أول من أدخلها مكة فكانوا يلعبون بها في الكعبة غدوة وعشية. فروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رفعت إلي النار فرأيت عمرو بن لحي رجلا قصيرا أحمر أزرق يجر قصبه (2) في النار، فقلت: من هذا قيل عمرو بن لحي. وكان يلي من أمر الكعبة ما كان يليه جرهم قبله حتى هلك. ووجدت بخط الشريف الاجل الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي رضي الله عنه تعليقا في تقاويم جمعها مؤرخا بيوم الاحد الخامس عشر من المحرم سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة أنه ذكر له حال شيخ بالشام قد جاوز المائة وأربعين سنة فركبت إليه حتى تأملته وحملته إلى القرب من داري بالكرخ وكان اعجوبة شاهد الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام ووصف صفته إلى غير ذلك من العجائب التي شاهدها. (وقال الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد: إن أهل الملل كلها متفقون على جواز امتداد الاعمار وطولها وقد تضمنت التوراة من الاخبار بذلك

 

(1) وفي السيرة: عمرو بن لحى بن قمعة بن خندق. (2) القصب: الامعاء.

 

[292]

ما ليس بينهم فيه تنازع وفيها أن آدم عليه السلام عاش تسعمائة وثلاثين سنة وعاش شيث تسعمائة واثنتي عشرة سنة وعاش انوش تسعمائة وخمسا وستين سنة وعاش فتيان تسعمائة سنة وعشر سنين وعاش مهلائيل ثمانمائة وخمسا وتسعين سنة وعاش برد تسعمائة واثنتين وستين سنة وعاش أخنوخ وهو إدريس عليه السلام تسعمائة وخمسا وستين سنة وعاش متوشلح تسعمائة وتسعا وستين سنة وعاش لمك سبع مائة وسبعا و ستين سنة وعاش نوح تسعمائة وخمسين وعاش سام ستمائة سنة وعاش ارفخشاو أربعمائة وثماني وتسعين سنة وعاش شالخ أربعمائة وثلاثا وتسعين سنة وعاش عابر ثمانمائة وسبعين سنة وعاش فالغ مائتين وتسعا وتسعين سنة وعاش ارغو مائتين و ستين سنة وعاش باحور مائة وستا وأربعين سنة وعاش تارخ مائتين وثمانين سنة وعاش إبراهيم عليه السلام مائة وخمسا وسبعين سنة وعاش إسماعيل عليه السلام مائة وسبعا و ثلاثين سنة وعاش إسحاق عليه السلام مائة وثمانين سنة. فهذا ما تضمنته التوراة مما ليس بين اليهود والنصارى اختلاف وقد تضمنت نظيره شريعة الاسلام ولم نجد أحدا من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان بل قد أجمعوا من جواز طول الاعمار على ما ذكرناه. ثم قال: ومن المعمرين عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة قال أبوارق: حدثنا الرياشي، عن عمرو بن بكير، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبي قال: كنا عند ابن عباس في قبة زمزم وهو يفتي الناس فقام إليه رجل فقال له: لقد أفتيت أهل الفتوى فأفت أهل الشعر ؟ قال: قل: قال: ما معنى قول الشاعر: لذي الحلم قبل اليوم ما يقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما فقال: ذاك عمرو بن حممة الدوسي قضى على العرب ثلاث مائة سنة فلما (كبر) ألزموه وقد رأى السادس أو السابع من ولد ولده فقال: إن فؤادي بضعة مني فربما تغير علي اليوم والليلة مرارا وأمثل ما أكون فهما في صدر النهار، فإذا رأيتني قد تغيرت فاقرع العصا فكان إذا رأى منه تغيرا قرع العصا فيراجعه فهمه فقال المتلمس هذا البيت).


 

[293]

أقول: إلى هنا انتهى ما أدرت إيراده من أخبار المعمرين وإنما أطالت في ذلك مع قلة الجدوى تبعا للاصحاب ولئلا يقال: هذا لكتاب عار عن فوائدهم التي أوردوها في هذا الباب. (15) * (باب) * * (ما ظهر من معجزاته صلوات الله عليه) * " وفيه بعض أحواله وأحوال سفرائه " 1 - غط: جماعة، عن الحسين بن علي بن بابويه قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي رضي الله عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه يستأذن في الخروج إلى الحج فخرج في الجواب: لا تخرج في هذه السنة فأعاد وقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه فخرج في الجواب إن كان لابد فكن في القافلة الاخيرة وكان في القافلة الاخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الاخر. 2 - غط: روى الشلمغاني في كتاب الاوصياء: أبو جعفر المروزي قال: خرج جعفر بن محمد بن عمر وجماعة إلى العسكر ورأوا أيام أبي محمد عليه السلام في الحياة و فيهم علي بن أحمد بن طنين فكتب جعفر بن محمد بن عمر يستأذن في الدخول إلى القبر فقال له علي بن أحمد: لا تكتب اسمي فاني لا أستأذن فلم يكتب اسمه فخرج إلى جعفر: ادخل أنت ومن لم يستأذن. 3 - يج: روي عن حكيمة قالت: دخلت على أبي محمد عليه السلام بعد أربعين يوما من ولادة نرجس فإذا مولانا صاحب الزمان يمشي في الدار فلم أر لغة أفصح من لغته فتبسم أبو محمد عليه السلام فقال: إنا معاشر الائمة ننشأ في يوم كما ينشأ غيرنا في سنة قال: ثم كنت بعد ذلك أسأل أبا محمد عنه فقال: استودعناه الذي استودعته


 

[294]

ام موسى ولدها. 4 - يج: روي عن محمد بن هارون الهمداني قال كان علي خمسمائة دينار وضقت بها ذرعا ثم قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، ولا والله ما نطقت بذلك ولا قلت، فكتب عليه السلام إلى محمد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه. 5 - يج: روى محمد بن يوسف الشاشي أنني لما انصرفت من العراق كان عندنا رجل بمرو يقال له: محمد بن الحصين الكاتب، وقد جمع مالا للغريم، قال: فسألني عن أمره فأخبرته بما رأيته من الدلائل فقال: عندي مال للغريم فما تأمرني ؟ فقلت: وجه إلى حاجز فقال لي: فوق حاجز أحد ؟ فقلت: نعم الشيخ فقال: إذا سألني الله عن ذلك أقول إنك أمرتني ؟ قلت: نعم، وخرجت من عنده فلقيته بعد سنين فقال: هو ذا أخرج إلى العراق ومعي مال للغريم، واعلمك أني وجهت بمأتي دينار على يد العابد بن يعلى الفارسي وأحمد بن علي الكلثومي وكتبت إلى الغريم بذلك وسألته الدعاء فخرج الجواب بما وجهت، ذكر أنه كان له قبلي ألف دينار وأني وجهت إليه بمأتي دينار لاني شككت (و) أن الباقي له عندي، فكان كما وصف، قال: إن أردت أن تعامل أحدا فعليك بأبي الحسين الاسدي بالري فقلت: أكان كما كتب إليك ؟ قال: نعم، وجهت بمأتي دينار لاني شككت فأزال الله عني ذلك، فورد موت حاجز بعد يومين أو ثلاثة فصرت إليه وأخبرته بموت حاجز فاغتم فقلت: لاتغتم فان ذلك في توقيعه إليك وإعلامه أن المال ألف دينار والثانية أمره بمعاملة الاسدي لعلمه بموت حاجز. 6 - يج: روي محمد بن الحسين أن التميمي، حدثني عن رجل من أهل استراباد قال: صرت إلى العسكر ومعي ثلاثون دينارا في خرقة منها دينار شامي فوافيت الباب وإني لقاعد إذ خرج إلي جارية أو غلام الشك مني قال: هات ما معك ! قلت: ما معي شئ فدخل ثم خرج وقال: معك ثلاثون دينارا في خرقة خضراء، منها دينار شامي وخاتم كنت نسيته فأوصلته إليه وأخذت الخاتم.


 

[295]

7 - يج: روي عن مسرور الطباخ قال: كتبت إلى الحسن بن راشد لضيقة أصابتني فلم أجده في البيت فانصرفت فدخلت مدينة أبي جعفر فلما صرت في الرحبة حاذاني رجل لم أر وجهه وقبض على يدي ودس إلي صرة بيضاء فنظرت فإذا عليها كتابة فيها اثنى عشر دينارا وعلى الصرة مكتوب مسرور الطباخ. 8 - يج: عن محمد بن شاذان قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ناقصة عشرين فأتممتها من عندي وبعثت بها إلى محمد بن أحمد القمي ولم أكتب كم لي منها فأنفذ إلي كتابه: وصلت خمس مائة درهم لك فيها عشرون درهما. 9 - يج: روي عن أبي سليمان المحمودي قال: ولينا دينور مع جعفر بن عبد الغفار فجاءني الشيخ قبل خروجنا فقال: إذا أردت الري فافعل كذا فلما وافينا دينور، وردت عليه ولاية الري بعد شهر، فخرجت إلى الري فعملت ما قال لي. 10 - يج: روي عن غلال بن أحمد، عن أبي الرجاء المصري وكان أحد الصالحين قال: خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد عليه السلام فقلت في نفسي: لو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين فسمعت صوتا ولم أر شخصا: يا نصر بن عبد ربه، قل لاهل مصر: هل رأيتم رسول الله فآمنتم به ؟ قال أبو رجاء: لم أعلم أن اسم أبي عبد ربه، وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني أبو عبد الله النوفلي إلى مصر فنشأت بها فلما سمعت الصوم لم اعرج على شئ وخرجت. 11 - يج: روي عن أحمد بن أبي روح قال: وجهت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت: يابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا دينا وورعا وإني اريد أن اودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤديها وتقوم بها، فقلت: أفعل إنشاء الله تعالى فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لاتحله ولا تنظر فيه حتى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات يساوي عشرة دنانير، ولي إلى صاحب الزمان حاجة اريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها، فقلت وما الحاجة ؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها امي في عرسي لاأدري


 

[296]

ممن استقرضتها ولا أدري إلى من أدفعها فان أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك بها. قال (فقلت في نفسي): وكيف أقول لجعفر بن علي، فقلت: هذه المحنة بيني وبين جعفر بن علي فحملت المال وخرجت حتى دخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه وجلست قال: ألك حاجة ؟ قلت: هذا مال دفع إلي لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو ومن دفعه إلي ؟ فان أخبرتني دفعته إليك، قال: يا أحمد بن أبي روح توجه به إلى سر من رأى فقلت: لا إله إلا الله لهذا أجل شئ أردته فخرجت ووافيت سر من رأى فقلت: أبدأ بجعفر ثم تفكرت فقلت: أبدأ بهم فان كانت المحنة من عندهم وإلا مضيت إلى جعفر، فدنوت من دار أبي محمد فخرج إلي خادم فقال: أنت أحمد بن أبي روح ؟ قلت: نعم، قال: هذه الرقعة اقرأها فإذا فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم يابن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيسا فيه ألف درهم بزعمك، وهو خلاف ما تظن وقد أديت فيه الامانة، ولم تفتح الكيس ولم تدر ما فيه، وفيه ألف درهم وخمسون دينارا، ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير، صدقت مع الفصين اللذين فيه، وفيه ثلاث حبات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير وتساوي أكثر فادفع ذلك إلى خادمتنا إلى فلانة فانا قد وهبناه لها، وصر إلى بغداد وادفع المال إلى الحاجز وخذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك، وأما عشرة الدنانير التي زعمت أن امها استقرضتها في عرسها وهي لا تدري من صاحبها بل هي تعلم لمن هي لكلثوم بنت أحمد وهي ناصبية فتحرجت أن تعطيها وأحبت أن تقسمها في أخواتها فأستأذنتنا في ذلك فلتفرقها في ضعفاء أخواتها. ولاتعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر والمحنة له، وارجع إلى منزلك فان عمك قد مات، وقد رزقك الله أهله وماله فرجعت إلى بغداد، وناولت الكيس حاجزا فوزنه فإذا فيه ألف درهم وخمسون دينارا فناولني ثلاثين دينارا وقال: امرت بدفعها إليك لنفقتك فأخذتها وانصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه وقد جاءني من يخبرني أن عمي قد مات وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم فرجعت فإذا هو قد مات وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم.


 

[297]

بيان: قوله: " قال وكيف " أي قال ابن أبي روح: كيف أقول لجعفر إذا طلب مني هذا المال ثم قلت: أمتحنه بما قالت المرأة ولعل الاصوب " فقالت " مكان فقلت: - 12 (كا) شا: روى محمد بن أبي عبد الله السياري قال: أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي في جملتها سوار ذهب فقبلت ورد السوار وامرت بكسره فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس وصفر فأخرجته وأنفذت الذهب بعد ذلك فقبل. 13 - كا، شا: علي بن محمد، عن أبي عبد الله بن صالح قال: خرجت سنة من السنين إلى بغداد واستأذنت في الخروج فلم يؤذن لي فأقمت اثنين وعشرين يوما بعد خروج القافلة إلى النهروان ثم أذن لي بالخروج يوم الاربعاء وقيل لي: اخرج فيه، فخرجت وأنا آئس من القافلة أن ألحقها، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة، فما كان إلا أن علفت جملي حتى رحلت القافلة ورحلت، وقد دعا لي بالسلامة فلم ألق سوءا والحمد لله. 14 - كا، يج، شا: علي بن محمد، عن نصر بن صباح البلخي، عن محمد بن يوسف الشاشي قال: خرج بي ناسور فأريته الاطباء وأنفقت عليه مالا فلم يصنع الدواء فيه شيئا فكتبت رقعة أسأل الدعاء فوقع لي: ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة فما أتت علي الجمعة حتى عوفيت وصار الموضع مثل راحتي فدعوت طبيبا من أصحابنا وأريته إياه فقال: ما عرفنا لهذا دواء وما جاءتك العافية إلا من قبل الله بغير حساب. 15 - كا، شا: علي بن محمد، عن محمد بن صالح قال: لما مات أبي وصار الامر إلي كان لابي على الناس سفاتج من مال الغريم يعني صاحب الامر عليه السلام قال الشيخ المفيد: وهذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها ويكون خطابها عليه للتقية قال: فكتبت إليه اعلمه فكتب إلي: طالبهم واستقص عليهم فقضاني الناس إلا رجل واحد، وكانت عليه سفتجة بأربعمائة دينار فجئت إليه أطلبه فمطلني و استخف بي ابنه وسفه علي، فشكوته إلى أبيه فقال: وكان ماذا ؟ فقبضت على لحيته


 

[298]

وأخذت برجله وسحبته إلى وسط الدار (وركلته ركلا كثيرا) (1) فخرج ابنه مستغيثا بأهل بغداد يقول: قمي رافضي قد قتل والدي ! فاجتمع علي منهم خلق كثير فركبت دابتي وقلت: أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم على الغريب المظلوم أنا رجل من أهل همذان من أهل السنة وهذا ينسبني إلى قم ويرميني بالرفض ليذهب بحقي ومالي، قال: فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا إلى حانوته حتى سكنتهم وطلب إلي صاحب السفتجة أن آخذ ما فيها وحلف بالطلاق أنه يوفيني مالي في الحال فاستوفيت منه. (بيان: في القاموس: " السفتجة " كقرطقة أن تعطي مالا لاخذ وللآخذ (2) مال في بلد المعطي فيوفيه إياه ثم، فيستفيد أمن الطريق، وفعله السفتجة بالفتح. وقال: " الغريم " المديون والدائن، ضد. انتهى. وأقول: تكنيته عليه السلام به تقية يحتمل الوجهين، أما على الاول فيكون على التشبيه لان من عليه الديون يخفي نفسه من الناس ويستتر منهم، أو لان الناس يطلبونه لاخذ العلوم والشرائع منه وهو يهرب منهم تقية فهو غريم مستتر محق صلوات الله عليه، وأما على الثاني فهو ظاهر لان أمواله عليه السلام في أيدي الناس وذممهم لكثيرة، وهذا أنسب بالادب. " واستقص " في بعض النسخ بالضاد المعجمة من قولهم: استقضى فلانا: طلب إليه ليقضيه، فالتعدية بعلى لتضمين معنى الاستيلاء والاستعلاء، إيذانا بعدم المساهلة والمدهنة تقية وفي (بعضها) بالمهملة من قوله: استقصى المسألة وتقصى إذا بلغ الغاية فيها، والمماطلة: التسويف بالعدة والدين، واستخف به أي عده خفيفا واستهان به " وسفهه عليه " كفرح وكرم جهل.

 

(1) في القاموس المطبوع بمصر هكذا: " أن يعطى مالا لاخر وللاخر " وهو أنسب ويحتمل أن يكون هكذا: " أن يعطى مالا لاخذ وللاخذ الخ ". (2) هذه الزيادة موجودة في نسخة الكافي (ج 1 ص 522) ساقطة عن الارشاد (ص 334) وهكذا عن النسخة المطبوعة وسيجئ معناه في البيان.

 

[299]

قوله " ماذا " استفهام تحقيري، أي استخفافه بك وسفهه عليك سهل، كما يقال في العرب: أي شئ وقع ؟ و " سحبته " كمنعته، أي جررته على الارض، و " الركل " الضرب برجل واحدة، وقوله: " أحسنتم " من قبيل التعريض والتشنيع و " مال عليه " أي جار وظلم، و " همدان " في أكثر النسخ بالدال المهملة، والمعروف عند أهل اللغة: أنه بالفتح والمهملة، قبيلة باليمن، وبالتحريك والمعجمة: البلد المعروف، سمي باسم بانيه همذان بن الفلوح بن سام بن نوح عليه السلام. وإرادة دخولهم إلى حانوته أي دكانه لاخذ حق ابن صالح منه). 16 - شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن الحسن بن عيسى العريضي قال: لما مضى أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام ورد رجل من مصر بمال إلى مكة لصاحب الامر فاختلف عليه وقال بعض الناس: إن أبا محمد قد مضى من غير خلف، وقال آخرون: الخلف من بعده جعفر، وقال آخرون: الخلف من بعده ولده فبعث رجلا يكنى أبو طالب إلى العسكر يبحث عن الامر وصحته ومعه كتاب، فصار الرجل إلى جعفر وسأله عن برهان، فقال له جعفر: لا يتهيأ لي في هذا الوقت، فصار الرجل إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا الموسومين بالسفارة، فخرج إليه: آجرك الله في صاحبك، فقد مات وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة يعمل فيه بما يحب واجيب عن كتابه وكان الامر كما قيل له. 17 - شا: بهذا الاسناد عن علي بن محمد قال: حمل رجل من أهل آبه شيئا يوصله ونسي سيفا كان أراد حمله فلما وصل الشئ كتب إليه بوصوله وقيل في الكتاب: ما خبر السيف الذي (ا) نسيته. 18 - شا: الحسن بن محمد الاشعري قال: كان يرد كتاب أبي محمد عليه السلام في الاجراء على الجنيد قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه وأبي الحسن وآخر. فلما مضى أبو محمد ورد استيناف من الصاحب عليه السلام بالاجراء لابي الحسن وصاحبه ولم يرد في الجنيد شئ قال: فاغتممت لذلك فورد نعي الجنيد بعد ذلك (1).

 

(1) هذه الروايات الثلاث كما توجد في الارشاد ص 335 يوجد في الكافي ج 1 ص 523 أيضا مع اختلاف يسير.

 

[300]

19 - نجم: روينا باسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري باسناده (1) يرفعه إلى أحمد الدينوري السراج المكنى بأبي العباس الملقب بآستاره قال: انصرفت من أردبيل إلى دينور اريد أن أحج وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام بسنة أو سنتين وكان الناس في حيرة فاستبشر أهل دينور بموافاتي واجتمع الشيعة عندي فقالوا: اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي ونحتاج أن نحملها معك وتسلمها بحيث يجب تسليمها. قال: فقلت: يا قوم هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت، قال: فقالوا: إنما اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك وكرمك فاعمل على أن لا تخرجه من يديك إلا بحجة. قال: فحمل إلي ذلك المال في صرر باسم رجل رجل، فحملت ذلك المال وخرجت فلما وافيت قرميسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها فصرت إليه مسلما فلما لقيني استبشر بي ثم أعطاني ألف دينار في كيس وتخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها ثم قال لي: احمل هذا معك ولا تخرجه عن يدك إلا بحجة قال: فقبضت المال والتخوت بما فيها من الثياب. فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن اشير إليه بالنيابة فقيل لي إن ههنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالنيابة وآخر يعرف باسحاق الاحمر يدعي النيابة وآخر يعرف بأبي جعفر العمري يدعي بالنيابة قال: فبدأت بالباقطاني وصرت إليه فوجدته شيخا مهيبا له مروءة ظاهرة، وفرس عربي، وغلمان كثير، و يجتمع الناس (عنده) يتناظرون. قال: فدخلت إليه وسلمت عليه فرحب وقرب وسر وبر قال: فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس، قال: فسألني عن ديني فعرفته أني رجل من أهل دينور، وافيت ومعي شئ من المال أحتاج أن اسلمه، فقال لي احمله: قال:

 

(1) والاسناد هكذا: عن أبي المفضل محمد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر المقرى عن محمد بن سابور، عن الحسن بن محمد بن حمران، عن أحمد الدينوري.

 

[301]

فقلت: اريد حجة قال: تعود إلي في غد قال: فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة. قال: فصرت إلى إسحاق الاحمر فوجدته شابا نظيفا، منزله أكبر من منزل الباقطاني وفرسه ولباسه ومروءته أسرى وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمع عند الباقطاني قال: فدخلت وسلمت فرحب و قرب قال: فصبرت إلى أن خف الناس قال: فسألني عن حاجتي فقلت له: كما قلت للباقطاني وعدت إليه ثلاثة أيام فلم يأت بحجة. قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة بيضاء قاعد على لبد في بيت صغير ليس له غلمان ولا من المروءة والفرس ما وجدت لغيره، قال: فسلمت فرد الجواب وأدناني وبسط مني ثم سألني عن حالي فعرفته أني وافيت من الجبل وحملت مالا قال: فقال: إن أحببت أن يصل هذا الشئ إلى من يجب أن يصل إليه تخرج إلى سر من رأى وتسأل دار ابن الرضا وعن فلان بن فلان الوكيل وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها فانك تجد هناك ما تريد. قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سر من رأى وصرت إلى دار ابن الرضا وسألت عن الوكيل فذكر البواب أنه مشتغل في الدار وأنه يخرج آنفا فقعدت على الباب أنتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه وأخذ بيدي إلى بيت كان له، وسألني عن حالي وما وردت له فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل وأحتاج أن اسلمه بحجة. قال: فقال: نعم، ثم قدم إلي طعاما وقال لي: تغد بهذا واسترح، فانك تعبت فان بيننا وبين صلاة الاولى ساعة فاني أحمل إليك ما تريد، قال: فأكلت ونمت فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت وذهبت إلى المشرعة فاغتسلت ونضرت انصرفت إلى بيت الرجل وسكنت إلى أن مضى من الليل ربعه فجائني بعد أن مضى من الليل ربعه، ومعه درج فيه. " بسم الله الرحمن الرحيم وافى أحمد بن محمد الدينوري وحمل ستة عشر ألف


 

[302]

دينار في كذا وكذا صرة: فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا دينارا إلى أن عدد الصرر كلها وصرة فلان بن فلان الذراع ستة عشر دينارا ". قال: فوسوس إلي الشيطان فقلت: إن سيدي أعلم بهذا مني ؟ فما زلت أقرأ ذكره صرة صرة وذكر صاحبها حتى أتيت عليها عند آخرها ثم ذكر " قد حمل من قرميسين من عند أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصواف كيس فيه ألف دينار، وكذا وكذا تختا من الثياب منها ثوب فلان وثوب لونه كذا " حتى نسب الثياب إلى آخرها بأنسابها وألوانها. قال: فحمدت الله وشكرته على مامن به علي من إزالة الشك عن قلبي فأمر بتسليم جميع ما حملت إلى حيث يأمرني أبو جعفر العمري قال: فانصرفت إلى بغداد وصرت إلى أبي جعفر العمري قال: وكان خروجي وانصرافي في ثلاثة أيام. قال: فلما بصربي أبو جعفر ره قال: لم لم تخرج ؟ فقلت: يا سيدي من سر من رأى انصرفت قال: فأنا احدث أبا جعفر بهذا اذ وردت رقعة إلى أبي جعفر العمري من مولانا صاحب الامر صلوات الله عليه ومعها درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال والثياب وأمر أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد ابن جعفر القطان القمي فلبس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي: احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي قال: فحملت المال والثياب إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان وسلمتها إليه وخرجت إلى الحج. فلما رجعت إلى دينور اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا صلوات الله عليه إلي وقرأته على القوم فلما سمع بذكر الصرة باسم الذراع سقط مغشيا عليه وما زلنا نعلله حتى أفاق، فلما أفاق سجد شكرا لله عزوجل وقال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية الآن علمت أن الارض لا تخلو من حجة هذه الصرة دفعها والله إلي هذا الذراع لم يقف على ذلك إلا الله عزوجل. قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك أبا الحسن المادرائي وعرفته الخبر وقرأت


 

[303]

عليه الدرج فقال: يا سبحان الله ما شككت في شئ فلا تشك في أن الله عزوجل لا يخلي أرضه من حجته. اعلم أنه لما غزا إذكوتكين يزيد بن عبد الله بشهر زور، وظفر ببلاده و احتوى على خزائنه، صار إلي رجل وذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني والسيف الفلاني في باب مولانا عليه السلام قال: فجعلت أنقل خزائن يزيد بن عبد الله إلى إذكوتكين أولا فأولا وكنت ادافع بالفرس والسيف إلى أن لم يبق شئ غيرهما وكنت أرجو أن اخلص ذلك لمولانا عليه السلام فلما اشتدت مطالبة إذكوتكين إياي ولم يمكني مدافعته، جعلت في السيف والفرس في نفسي ألف دينار ووزنتها ودفعتها إلى الخازن وقلت له: ارفع هذه الدنانير في أوثق مكان ولا تخرجن إلي في حال من الاحوال ولو اشتدت الحاجة إليها وسلمت الفرس والسيف. قال: فأنا قاعد في مجلسي بالذي ابرم الامور واوفي القصص وآمر و أنهى، إذ دخل أبو الحسن الاسدي وكان يتعاهدني الوقت بعد الوقت، وكنت أقضي حوائجه، فلما طال جلوسه وعلي بؤس كثير قلت له: ما حاجتك ؟ قال: أحتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهيئ لنا مكانا من الخزانة، فدخلنا الخزانة فأخرج إلي رقعة صغيرة من مولانا عليه السلام فيها " يا أحمد بن الحسن الالف دينار التي لنا عندك ثمن الفرس والسيف سلمها إلى أبي الحسن الاسدي " قال: فخررت لله ساجدا شكرا لما من به علي وعرفت أنه حجة الله حقا لانه لم يكن وقف على هذا أحد غيري فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سرورا بما من الله علي بهذا الامر. ومن ذلك ماروينا بإسنادنا إلى الشيخ أبو جعفر الطبري أيضا من كتابه عن أبي المفضل الشيباني عن الكليني: قال القاسم بن العلاء: كتبت إلى صاحب الزمان ثلاثة كتب في حوائج لي وأعلمته أنني رجل قد كبر سني وأنه لا ولد لي فأجابني عن الحوائج ولم يجبني في الولد بشئ فكتبت إليه في الرابعة كتابا وسألته أن يدعو إلى الله أن يرزقني ولدا فأجابني وكتب بحوائجي وكتب: اللهم ارزقه ولدا


 

[304]

ذكرا تقربه عينه واجعل هذا الحمل الذي له ولدا ذكرا فورد الكتاب وأنا لا أعلم أن لي حملا فدخلت إلى جاريتي فسألتها عن ذلك فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت فولدت غلاما. وهذا الحديث رواه الحميري أيضا. وباسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر (محمد) بن جرير الطبري في كتابه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال: تقلدت عملا من أبي منصور بن صالحان وجرى بيني وبينه ما أوجبت استتاري فطلبني وأخافني فمكثت مستترا خائفا ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة واعتمدت المبيت هناك للدعاء والمسألة وكانت ليلة ريح ومطر فسألت أبا جعفر القيم أن يغلق الابواب وأن يجتهد في خلوة الموضع لاخلو بما اريده من الدعاء والمسألة وأمن من دخول إنسان مما لم آمنه وخفت من لقائي له ففعل وقفل الابواب وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع ومكثت أدعو وأزور واصلي. فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عنده مولانا موسى عليه السلام وإذا رجل يزور فسلم على آدم واولي العزم عليهم السلام ثم الائمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان عليه السلام فلم يذكره فعجبت من ذلك وقلت له: لعله نسي أو لم يعرف ؟ أو هذا مذهب لهذا الرجل. فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلي عند مولانا أبي جعفر عليه السلام فزار مثل تلك الزيارة وذلك السلام. وصلى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه ورأيته شابا تاما من الرجال عليه ثياب بيض وعمامة محنك وذؤابة ورداء على كتفه مسبل فقال: يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج فقلت: وما هو يا سيدي ؟ فقال: تصلي ركعتين وتقول: " يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يامن لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم المن، يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة يا منتهى كل نجوى ويا غاية كل شكوى يا عون كل مستعين يا


 

[305]

مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا رباه عشر مرات يا سيداه عشر مرات يا مولياه عشر مرات يا غايتاه عشر مرات يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرات أسألك بحق هذه الاسماء وبحق محمد وآله الطاهرين عليهم السلام إلا ما كشفت كربي ونفست همي وفرجت غمي وأصلحت حالي ". وتدعو بعد ذلك ما شئت وتسأل حاجتك ثم تضع خدك الايمن على الارض وتقول مائة في سجودك: " يا محمد يا علي ! يا علي يا محمد ! اكفياني فانكما كافياي، وانصراني فانكما ناصراي " وتضع خدك الايسر على الارض وتقول مائة مرة أدركني وتكررها كثيرا وتقول: " الغوث الغوث الغوث " حتى ينقطع النفس وترفع رأسك فان الله بكرمه يقضي حاجتك إنشاء الله. فلما شغلت بالصلاة والدعاء خرج فلما فرغت خرجت إلى أبي جعفر لاسأله عن الرجل وكيف دخل ؟ فرأيت الابواب على حالها مغلقة مقفلة فعجبت من ذلك وقلت: لعله بات ههنا ولم أعلم فانتهيت إلى أبي جعفر القيم فخرج إلى عندي من بيت الزيت فسألته عن الرجل ودخوله فقال: الابواب مقفلة كما ترى ما فتحتها فحدثته بالحديث فقال: هذا مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه وقد شاهدته مرارا في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس. فتأسفت على ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر، وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسألون عني أصدقائي ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطه فيها كل جميل فحضرته مع ثقة من أصدقائي عنده فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه ؟ فقلت: قد كان منئ دعاء ومسألة فقال: ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه في النوم يعني ليلة الجمعة وهو يأمرني بكل جميل ويجفو علي في ذلك جفوة خفتها.


 

[306]

فقلت: لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق ومنتهى الحق رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي كذا وكذا وشرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك وجرت منه امور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنه ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه. (أقول: وجدت هذا الخبر وسائر الاخبار السالفة التي رواها عن كتاب الطبري في أصل كتابه موافقة لما نقله رحمة الله عليهما. 20 - نجم:) ومما روينا باسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في الجزء الثاني من كتاب الدلائل قال: وكتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الاربعة الاشهر: ستلد ابنا. فجاء كما قال: ومن الكتاب المذكور، قال: الحسن بن علي بن إبراهيم، عن السياري قال: كتب علي بن محمد السمري يسأل كفنا فورد: إنك تحتاج إليه سنة ثمانين فمات في هذا الوقت الذي حده وبعث إلى بالكفن قبل موته بشهرين. بيان: " التخت " وعاء يجعل فيه الثياب، وعكم المتاع يعكمه شده بثوب و أعكمه أعانه على العكم و " المبطنة " بفتح الطاء المشددة الثوب الذي جعلت له بطانة وهي خلاف الظهارة يقال: بطن الثوب تبطينا وأبطنه أي جعل له بطانة و " الدرج " بالفتح ويحرك الذي يكتب فيه. 21 - كش: كتب أبو عبد الله البلخي إلي يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج فأذن له وبعث إليه بثوب فقال أحمد بن إسحاق: نعى إلي نفسي فانصرف من الحج فمات بحلوان. 22 - جش: اجتمع علي بن الحسين بن بابويه مع أبي القاسم الحسين بن روح وسأله مسائل ثم كاتبه بعد ذلك على يد علي بن جعفر بن الاسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب عليه السلام ويسأله فيها الولد فكتب إليه: قد دعونا الله لك بذلك و سترزق ولدين ذكرين خيرين. فولد له أبو جعفر وأبو عبد الله من ام ولد وكان


 

[307]

أبو عبد الحسين بن عبيد الله يقول: سمعت أبا جعفر يقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الامر عليه السلام ويفتخر بذلك. 23 - مهج: أحمد بن محمد العلوي العريضي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني وكان يسكن بمصر قال: دهمني أمر عظيم وهم شديد من قبل صاحب مصر فخشيته على نفسي وكان قد سعى بي إلى أحمد بن طولون فخرجت من مصر حاجا وسرت من الحجاز إلى العراق فقصدت مشهد مولائي الحسين بن علي صلوات الله عليهما عائذا به ولائذا بقبره ومستجيرا به من سطوة من كنت أخافه فأقمت بالحائر خمسة عشر يوما أدعو وأتضرع ليلي ونهاري. فتراءى لي قيم الزمان وولي الرحمان عليه السلام وأنا بين النائم واليقظان فقال لي: يقول لك الحسين: يا بني خفت فلانا ؟ فقلت: نعم، أراد هلاكي فلجأت إلى سيدي عليه السلام وأشكو إليه عظيم ما أراد بي. فقال: هلا دعوت الله ربك ورب آبائك بالادعية التي دعا بها من سلف من الانبياء عليهم السلام فقد كانوا في شدة فكشف الله عنهم ذلك قلت: وبماذا أدعوه ؟ فقال: إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل وصل صلاة الليل فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء وأنت بارك على ركبتيك فذكر لي دعاء. قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني وأنا بين النائم واليقظان قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي هذا القول والدعاء حتى حفظته وانقطع عني مجيئه ليلة الجمعة. فاغتسلت وغبرت ثيابي وتطيبت وصليت صلاة الليل وسجدت سجدة الشكر وجثوت على ركبتي ودعوت الله جل وتعالى بهذا الدعاء فأتاني عليه السلام ليلة السبت فقال لي: قد اجيبت دعوتك يا محمد وقتل عدوك عند فراغك من الدعاء عند (1) من وشى بك إليه. قال: فلما أصبحت ودعت سيدي وخرجت متوجها إلى مصر فلما بلغت الاردن وأنا متوجه إلى مصر رأيت رجلا من جيراني بمصر وكان مؤمنا فحدثني أن خصمي قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه قال: وذلك

 

(1) بيد من وشى. ظ.

 

[308]

في ليلة الجمعة وأمر به فطرح في النيل وكان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلها و إخواننا الشيعة أن ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلى الله عليه وآله. 24 - شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد قال: حدثني بعض أصحابنا قال: ولد لي ولد فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد لا تفعل فمات يوم السابع أو الثامن ثم كتبت بموته فورد ستخلف غيره وغيره فسم الاول أحمد ومن بعد أحمد جعفرا فجاءا كما قال. قال: وتهيأت للحج وودعت الناس وكنت على الخروج. (1) فورد: " نحن لذلك كارهون والامر إليك ". فضاق صدري واغتممت وكتبت: أنا مقيم على السمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج فوقع لا يضيق صدرك فانك ستحج قابلا إنشاء الله فلما كان من قابل كتبت أستاذن فورد الاذن وكتبت أني قد عادلت محمد بن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الاسدي نعم العديل فان قدم فلا تختر عليه فقدم الاسدي فعادلته. غط: جماعة، عن ابن قولويه مثله إلى قوله كما قال. 25 - كا: علي بن محمد، عن سعد بن عبد الله قال: إن الحسن بن النضر و أبا صدام وجماعة تكلموا بعد مضي أبي محمد فيما في أيدي الوكلاء وأرادوا الفحص فجاء الحسن بن النضر إلى أبي صدام فقال: إني اريد الحج فقال: أبو صدام أخره هذه السنة فقال له الحسن: إني أفزع في المنام ولابد من الخروج وأوصى إلى أحمد ابن يعلى بن حماد وأوصى للناحية بمال وأمره أن لا يخرج شيئا إلا من يده إلى يده بعد ظهوره. قال: فقال الحسن: لما وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها، فجاءني بعض

 

(1) هكذا في نسخة الكافي ج 1 ص 522 وفي الارشاد ص 334: " وكتبت أستاذن في الخروج فورد الخ ".

 

[309]

الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندي فقلت له: ماهذا ؟ قال: هو ما ترى ثم جاءني آخر بمثلها وآخر حتى كبسوا الدار ثم جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ماكان معه. فتعجبت وبقيت متفكرا فوردت علي رقعة الرجل: إذا مضى من النهار كذا وكذا فاحمل ما معك، فرحلت وحملت ما معي وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا فاجتزت عليه وسلمني الله منه فوافيت العسكر ونزلت فوردت علي رقعة أن احمل ما معك فصببته في صنان الحمالين. فلما بلغت الدهليز فإذا فيه أسود قائم فقال: أنت الحسن بن النضر فقلت: نعم، قال: ادخل فدخلت الدار، ودخلت بيتا وفرغت صنان الحمالين وإذا في زاوية البيت خبز كثير فأعطى كل واحد من الحمالين رغيفين واخرجوا وإذا بيت عليه ستر فنوديت منه: يا حسن بن النضر احمد الله على ما من به عليك ولا تشكن فود الشيطان أنك شككت. وأخرج إلي ثوبين وقيل لي: خذهما فتحتاج إليهما فأخذتهما وخرجت. قال سعد: فانصرف الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان وكفن في الثوبين. بيان: كبس داره هجم عليه وأحاطه وكبست النهر والبئر: طممتها بالتراب والصنان شبه سلة يجعل فيها الخبز. 26 - كا: علي بن محمد، عن الفضل الخزاز المدائني مولى خديجة بنت (محمد) أبي جعفر قال: إن قوما من أهل المدينة من الطالبيين كانوا يقولون بالحق فكانت الوظائف ترد عليهم في وقت معلوم فلما مضى أبو محمد عليه السلام رجع قوم منهم عن القول بالولد فوردت الوظائف على من ثبت منهم على القول بالولد وقطع عن الباقين فلا يذكرون في الذاكرين والحمد لله رب العالمين. 27 - كا: القاسم بن العلا قال: ولد لي عدة بنين فكنت أكتب وأسأل الدعاء فلا يكتب إلي لهم بشئ فلما ولد لي الحسن ابني كتبت أسأل الدعاء فاجبت: يبقى والحمد لله. 28 - كا: الحسن بن الفضل بن زيد اليماني قال: كتب أبي بخطه كتابا


 

[310]

فورد جوابه ثم كتب بخطي فورد جوابه، ثم كتب بخط رجل من فقهاء أصحابنا فلم يرد جوابه فنظرنا فكانت العلة أن الرجل تحول قرمطيا. 29 - كا: الحسن بن خفيف، عن أبيه قال: بعث بخدم إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ومعهم خادمان وكتب إلى خفيف أن يخرج معهم فخرج معهم. فلما وصلوا إلى الكوفة شرب أحد الخادمين مسكرا فما خرجوا من الكوفة حتى ورد كتاب من العسكر برد الخادم الذي شرب المسكر وعزل عن الخدمة. 30 - كا: الحسين بن الحسن العلوي قال: كان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه فقال له: هو ذا يجبي الاموال وله وكلاء، وسموا جميع الوكلاء في النواحي وأنهى ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير فهم الوزير بالقبض عليهم، فقال السلطان اطلبوا أين هذا الرجل فان هذا أمر غليظ فقال: عبيد الله بن سليمان نقبض على الوكلاء فقال السلطان: لا ولكن دسوا لهم قوما لا يعرفون بالاموال فمن قبض منهم شيئا قبض عليه. قال: فخرج بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئا وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الامر فاندس بمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال: معي مال اريد أن اوصله فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه، وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم. 31 - غط: معجزاته عليه السلام أكثر من أن تحصى غير أنا نذكر طرفا منها ما أخبرنا جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب رفعه إلى محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: شككت عند مضي أبي محمد عليه السلام وكان اجتمع عند أبي مال جليل فحمله وركب في السفينة وخرجت معه مشيعا له فوعك وعكا شديدا فقال: يا بني ردني ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال وأوصى إلي ومات. فقلت في نفسي: لم يكن أبي يوصي بشئ غير صحيح، أحمل هذا المال إلى


 

[311]

العراق وأكتري دارا على الشط ولا اخبر أحدا فان وضح لي شئ كوضوحه أيام أبي محمد عليه السلام أنفذته وإلا تصدقت به. فقدمت العراق واكتريت دارا على الشط وبقيت أياما فإذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا محمد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا حتى قص علي جميع ما معي مما لم احط به علما فسلمت المال إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع لي رأس، فاغتممت فخرج إلي: قد أقمناك مقام أبيك فاحمد الله. 32 - شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن حمويه عن محمد بن إبراهيم مثله. بيان: في الكافي مكان قوله: " وإلا تصدقت به " " وإلا قصفت به " والقصف اللهو واللعب وفي الارشاد: " وإلا أنفقته في ملاذي وشهواتي " وكأنه نقل بالمعنى وقوله: " لا يرفع لي رأس " كناية عن عدم التوجه والاستخبار فان من يتوجه إلى أحد يرفع إليه رأسه. 33 - غط: بهذا الاسناد عن الحسن بن الفضل بن زيد اليماني قال: كتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث وامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويته مفسرا. 34 - غط: بهذا الاسناد عن بدر غلام أحمد بن الحسن (عنه) قال: وردت الجبل وأنا لا أقول بالامامة احبهم جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الملك (1) فأوصى إلي في علته أن يدفع الشهري السمند وسيفه ومنطقته إلى مولاه فخفت إن لم أدفع الشهري إلى إذكوتكين نالني منه استخفاف فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم أطلع عليه أحدا فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق أن وجه السبعمائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري السمند والسيف والمنطقة. شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن عدة من أصحابنا، عن

 

(1) في نسخة الكافي ج 1 ص 522 والارشاد ص 334 كما مر عن كتاب النجوم نقلا عن دلائل الطبري: " يزيد بن عبد الله ". (*)

 

[312]

أحمد بن الحسن، والعلاء بن رزق الله، عن بدر مثله. بيان: قال الفيروز آبادي: الشهرية بالكسر ضرب من البراذين. (وأقول: يظهر من الخبر الطويل الذي أخرجناه من كتاب النجوم ودلائل الطبري أن صاحب القضية هو أحمد لا بدر غلامه والبدر روى عن مولاه والعلاء عطف على العدة وهذا سند آخر إلى أحمد ولم يذكر أحمد في الثاني لظهوره أو كان " عنه " بعد قوله غلام أحمد بن الحسن فسقط من النساخ فتدبر (1)). 35 - غط: بهذا الاسناد، عن علي بن محمد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر قال: كتب علي بن زياد الصيمري يلتمس كفنا فكتب إليه: إنك تحتاج إليه في سنة ثمانين فمات في سنة ثمانين وبعث إليه بالكفن قبل موته. (بيان: في سنة ثمانين أي من عمره أو المراد سنة ثمانين بعد المائتين وفي الكافي قبل موته بأيام). 36 - غط: محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد قال: خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحائر فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطاني فقال له: الق بني الفرات والبرسيين وقل لهم: لاتزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض عليه. بيان: بنو الفرات رهط الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن فرات، كان من وزراء بني العباس وهو الذي صحح طريق الخطبة الشقشقية ويحتمل أن يكون المراد النازلين بشط الفرات وبرس قرية بين الحلة والكوفة والمراد بزيارة مقابر قريش زيارة الكاظمين عليهما السلام. ك: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن علي بن أحمد الرازي قال: خرج بعض إخواني من أهل الري مرتادا بعد مضي أبي محمد عليه السلام فبينا هو

 

(1) هو موجود في نسخة الارشاد المطبوعة سنة 1372، ولذا أضفناه في المتن وجعلناه بين المعقوفتين.

 

[313]

في مسجد الكوفة متفكرا فيما خرج له، يبحث حصا المسجد بيده، إذا ظهرت له حصاة فيها مكتوب " محمد " فنظر فإذا هي كتابة ناتئة مخلوقة غير منقوشة. 37 - غط: المفيد والغضائري، عن محمد بن أحمد الصفواني قال: رأيت القاسم بن العلاء وقد عمر مائة سنة وسبع عشرة سنة منها ثمانين سنة صحيح العينين لقي مولانا أبا الحسن وأبا محمد العسكريين عليهما السلام وحجب بعد الثمانين وردت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام وذلك أني كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض أذربيجان وكان لا ينقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السلام على يد أبي جعفر محمد ابن عثمان العمري وبعده على يد أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله أرواحهما فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فغلق رحمه الله لذلك. فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البواب مستبشرا فقال له: فيج العراق لا يسمى بغيره فاستبشر القاسم وحول وجهه إلى القبلة فسجد ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه وعليه جبة مضربة وفي رجله نعل محاملي وعلى كتفه مخلاة. فقام القاسم فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه، ودعا بطست وماء فغسل يده، و أجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من النصف المدرج فناوله القاسم فأخذه وقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له: ابن أبي سلمة فأخذه أبو عبد الله ففضه وقرأه حتى أحس القاسم بنكاية فقال: يابا عبد الله خير فقال خير فقال: ويحك خرج في شئ فقال أبو عبد الله: ما تكره فلا، قال القاسم: فما هو قال نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما وقد حمل إليه سبعة أثواب فقال القاسم: في سلامة من ديني ؟ فقال: في سلامة من دينك، فضحك رحمه الله فقال: ما اؤمل بعد هذا العمر ؟ فقال الرجل الوارد (1) فأخرج من مخلاته ثلاثة ازر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا فأخذه القاسم وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليه السلام وكان له صديق يقال له عبد الرحمان بن محمد السنيزي، وكان شديد

 

(1) أي بيده: يقال قال بيده أي: أهوى بهما وأخذ ما يريد.

 

[314]

النصب وكان بينه وبين القاسم نضر الله وجهه مودة في امور الدنيا شديدة وكان القاسم يوده وقد كان عبد الرحمان وافى إلى الدار لاصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني وبين ختنه ابن القاسم. فقال القاسم لشيخين من مشايخنا المقيمين معه أحدهما يقال له أبو حامد عمران ابن المفلس والآخر (أبو) علي بن جحدر: أن أقرئا هذا الكتاب عبد الرحمان بن محمد فاني احب هدايته وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب فقالا له: الله الله الله فان هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة، فكيف عبد الرحمان بن محمد فقال: أنا أعلم أني مفش لسر لا يجوز لي إعلانه لكن من محبتي لعبد الرحمان ابن محمد وشهوتي أن يهديه الله عزوجل لهذا الامر هو ذا أقرئه الكتاب. فلما مر ذلك اليوم وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب دخل عبد الرحمان بن محمد وسلم عليه فأخرج القاسم الكتاب فقال له: اقرأ هذا الكتاب و انظر لنفسك فقرأ عبد الرحمان الكتاب فلما بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده، وقال للقاسم: يابا محمد اتق الله فانك رجل فاضل في دينك، متمكن من عقلك، والله عزوجل يقول: " وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت " (1) وقال: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا " فضحك (2) القاسم وقال له: أتم الآية " إلا من ارتضى من رسول " ومولاي هو المرتضى من الرسول وقال: قد علمت أنك تقول هذا ولكن ارخ اليوم فان أنا عشت بعد هذا اليوم المورخ في هذا الكتاب فاعلم أني لست على شئ وإن أنا مت فانظر لنفسك فورخ عبد الرحمان اليوم وافترقوا. وحم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب واشتدت به في ذلك اليوم العلة واستند في فراشه إلى الحائط وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر وكان متزوجا إلى أبي جعفر بن حمدون الهمداني وكان جالسا ورداؤه مستور

 

(1) لقمان: 34. (2) الجن: 27.

 

[315]

على وجه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية وأبو علي بن جحدر وأنا وجماعة من أهل البلد نبكي إذا اتكأ القاسم على يديه إلى خلف وجعل يقول: يا محمد يا علي يا حسن يا حسين يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عزوجل وقالها الثانية وقالها الثالثة. فلما بلغ في الثالثة: يا موسى يا علي، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان، وانتفخت حدقته، وجعل يمسح بكمه عينيه وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ثم مد طرفه إلى ابنه فقال: يا حسن إلي يا با حامد إلى يا با علي فاجتمعنا حوله ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين فقال له أبو حامد: تراني. وجعل يده على كل واحد منا وشاع الخبر في الناس والعامة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه. وركب القاضي إليه وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه فقال له: يابا محمد ما هذا الذي بيدي وأراه خاتما فصه فيروزج فقر به منه فقال: عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم رحمه الله فلم يمكنه قراءته و خرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره والتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال له: إن الله منزلك منزلة ومرتبتك مرتبة فاقبلها بشكر فقال له الحسن: يا أبه قد قبلتها قال القاسم: على ماذا ؟ قال: على ما تأمرني به يا أبه قال على أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر، قال الحسن: يا أبه وحق من أنت في ذكره لارجعن عن شرب الخمر ومع الخمر أشياء لا تعرفها فرفع القاسم يده إلى السماء وقال: اللهم ألهم الحسن طاعتك، وجنبه معصيتك ثلاث مرات ثم دعا بدرج فكتب وصيته بيده رحمه الله وكانت الضياع التي في يده لمولانا وقف وقفه. وكان فيما أوصى الحسن أن قال: يا بني إن اهلت لهذا الامر يعني الوكالة لمولانا فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة، وسائرها ملك مولاي و إن لم تؤهل له فاطلب خيرك من حيث يتقبل الله، وقبل الحسن وصيته على ذلك فلما كان في يوم الاربعين وقد طلع الفجر مات القاسم رحمه الله فوافاه عبد الرحمان يعدو في الاسواق حافيا حاسرا وهو يصيح واسيداه فاستعظم الناس ذلك منه، و


 

[316]

جعل الناس يقولون: ما الذي تفعل بذلك ؟ فقال: اسكتوا فقد رأيت ما لم تروه وتشيع ورجع عما كان عليه، ووقف الكثير من ضياعه. وتولى أبو علي ابن جحدر غسل القاسم، وأبو حامد يصب عليه الماء وكفن في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولاه أبي الحسن وما يليه السبعة الاثواب التي جاءته من العراق، فلما كان بعد مدة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا عليه السلام في آخر دعاء: ألهمك الله طاعته وجنب معصيته، وهو الدعاء الذي كان دعا به أبوه وكان آخره: قد جعلنا أباك إماما لك وفعاله لك مثالا. نجم: نقلناه من نسخة عتيقة جدا من اصول أصحابنا لعلها قد كتب في زمن الوكلاء فقال فيها ماهذا لفظه: قال الصفواني وذكر نحوه. ايضاح: قوله وحجب أي عن الرؤية والفيج بالفتح معرف پيك قوله لا يسمى بغيره أي كان هذا الرسول لا يسمى إلا بفيج العراق أو أنه لم يسمعه المبشر بل هكذا عبر عنه قوله " أفضل من النصف " يصف كبره أي كان أكبر من نصف ورق مدرج أي مطوي وقال الجزري: يقال نكيت في العدو أنكى نكاية إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك ويقال نكأت القرحة أنكؤها إذا قشرتها وفي النجم ببكائه وهو أظهر. 38 - غط: الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن علي بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: حدثني جماعة من بني نوبخت منهم أبو الحسن بن كثير النوبختي وحدثتني به ام كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنهم أنه حمل إلى أبي جعفر رضي الله عنه في وقت من الاوقات ما ينفذه إلى صاحب الامر عليه السلام من قم ونواحيها فلما وصل الرسول إلى بغداد ودخل إلى أبي جعفر وأوصل إليه ادفع إليه وودعه وجاء لينصرف قال له أبو جعفر: قد بقي شئ مما استودعته فأين هو ؟ فقال له الرجل: لم يبق شئ يا سيدي في يدي إلا وقد سلمته فقال له أبو جعفر: بلى قد بقي شئ فارجع إلى ما معك وفتشه وتذكر ما دفع إليك فمضى الرجل فبقي أياما يتذكر ويبحث ويفكر فلم يذكر شيئا ولا أخبره


 

[317]

من كان في جملته ورجع إلى أبي جعفر فقال له: لم يبق شئ في يدي مما سلم إلي إلا وقد حملت إلى حضرتك فقال أبو جعفر: فانه يقال لك: الثوبان السردانيان اللذان دفعهما إليك فلان بن فلان ما فعلا ؟ فقال له الرجل: أي والله يا سيدي لقد نسيتهما حتى ذهبا عن قلبي ولست أدري الآن أين وضعتهما فمضى الرجل فلم يبق شئ كان معه إلا فتشه وحله وسأل من حمل إليه شيئا من المتاع أن يفتش ذلك فلم يقف لهما على خبر. فرجع إلى أبي جعفر ره فأخبره فقال له أبو جعفر: يقال لك امض إلى فلان بن فلان القطان الذي حملت إليه العدلين القطن في دار القطن فافتق أحدهما وهو الذي عليه مكتوب كذا وكذا فانهما في جانبه فتحير الرجل مما أخبر به أبو جعفر ومضى لوجهه إلى الموضع ففتق العدل الذي قال له افتقه فإذا الثوبان في جانبه قد اندسا مع القطن فأخذهما وجاء بهما إلى أبي جعفر فسلمهما إليه وقال له لقد انسيتهما لاني لما شددت المتاع بقيا فجعلتهما في جانب العدل، ليكون ذلك أحفظ لهما. وتحدث الرجل بما رآه وأخبره به أبو جعفر من عجيب الامر الذي لا يقف عليه إلا نبى أو إمام من قبل الله الذي يعلم السرائر وما تخفي الصدور، ولم يكن هذا الرجل يعرف أبا جعفر وإنما انفذ على يده كما ينفذ التجار إلى أصحابهم على يد من يثقون به ولا كان معه تذكرة سلمها إلى أبي جعفر ولا كتاب لان الامر كان حادا في زمان المعتضد والسيف يقطر دما كما يقال وكان سرا بين الخاص من أهل هذا الشان وكان ما يحمل به إلى أبي جعفر لا يقف من يحمله على خبره ولا حاله وإنما يقال امض إلى موضع كذا وكذا فسلم ما معك من غير أن يشعر بشئ ولا يدفع إليه كتاب لئلا يوقف على ما يحمله منه. 39 - غط: جماعة، عن الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن محمد الكليني قال: كتب محمد بن زياد الصيمري يسأل صاحب الزمان كفنا يتيمن بما يكون من عنده فورد إنك تحتاج إليه سنة إحدى وثمانين فمات رحمه الله في الوقت الذي حده وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر.


 

[318]

نجم: باسنادنا إلى أبي جعفر الطبري قال: كتب علي بن محمد السمري وذكر نحوه دلائل الامامة للطبري، عن أبي المفضل الشيباني، عن الكليني، عن السيمري مثله. 40 - غط: جماعة، عن أحمد بن محمد بن عباس قال: حدثني ابن مروان الكوفي قال حدثني ابن أبي سورة قال كنت بالحائر زائرا عشية عرفة فخرجت متوجها على طريق البر فلما انتهيت إلى المسناة جلست إليها مستريحا ثم قمت أمشي وإذا رجل على ظهر الطريق فقال لي: هل لك في الرفقة ؟ فقلت نعم فمشينا معا يحدثني واحدثه وسألني عن حالي فأعلمته أني مضيق لا شئ معي وفي يدي فالتفت إلي فقال لي: إذا دخلت الكوفة فأت أبا طاهر الزراري فاقرع عليه بابه فانه سيخرج إليك وفي يده دم الاضحية فقل له يقال لك أعط هذا الرجل الصرة الدنانير التي عند رجل السرير فتعجبت من هذا ثم فارقني ومضى لوجهه لا أدري أين سلك. ودخلت الكوفة وقصدت أبا طاهر محمد بن سليمان الزراري فقرعت عليه بابه كما قال لي وخرج إلي وفي يده دم الاضحية فقلت لها: يقال لك أعط هذا الرجل الصرة الدنانير التي عند رجل السرير فقال: سمعا وطاعة ودخل فأخرج إلي الصرة فسلمها إلي فأخذتها وانصرفت. 41 - غط: جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري قال حدثني أبو عبد الله محمد بن زيد بن مروان قال حدثني أبو عيسى محمد بن علي الجعفري وأبو الحسين محمد بن علي بن الرقام قالا حدثنا أبو سورة قال أبو غالب وقد رأيت ابنا لابي سورة وكان أبو سورة أحد مشايخ الزيديه المذكورين قال أبو سورة: خرجت إلى قبر أبي عبد الله عليه السلام اريد يوم عرفة فعرفت يوم عرفة فلما كان وقت عشاء الآخرة صليت وقمت فابتدأت أقرأ من الحمد وإذا شاب حسن الوجه عليه جبة مسيفي فابتدأ


 

[319]

أيضا من الحمد وختم قبلي أو ختمت قبله فلما كان الغداة خرجنا جميعا من باب الحائر فلما صرنا على شاطئ الفرات قال لي الشاب: أنت تريد الكوفة فامض فمضيت طريق الفرات وأخذ الشاب طريق البر. قال أبو سورة: ثم أسفت على فراقه فاتبعته فقال لي: تعال فجئنا جميعا إلى أصل حصن المسناة فنمنا جميعا وانتبهنا فإذا نحن على العوفى على جبل الخندق فقال لي: أنت مضيق وعليك عيال فامض إلى أبي طاهر الزراري فسيخرج إليك من منزله وفي يده الدم من الاضحية فقل له: شاب من صفته كذا يقول لك صرة فيها عشرون دينارا جائك بها بعض إخوانك فخذها منه قال أبو سورة: فصرت إلى أبي طاهر ابن الزراري كما قال الشاب ووصفته له فقال: الحمد لله ورأيته فدخل وأخرج إلي الصرة الدنانير فدفعها إلي وانصرفت. قال أبو عبد الله محمد بن زيد بن مروان وهو أيضا من أحد المشايخ الزيديه حدثت بهذا الحديث أبا الحسين محمد بن عبيد الله العلوي ونحن نزول بأرض الهر فقال: هذا حق جاءني رجل شاب فتوسمت في وجهه سمة فصرفت الناس كلهم وقلت له من أنت ؟ فقال أنا رسول الخلف عليه السلام إلى بعض إخوانه ببغداد فقلت له: معك راحلة فقال نعم في دار الطلحيين فقلت له قم فجئ بها ووجهت معه غلاما فأحضر راحلته وأقام عندي يوم ذلك وأكل من طعامي وحدثني بكثير من سري وضميري قال: فقلت له على أي طريق تأخذ ؟ قال: أنزل إلى هذه النجفة ثم آتي وادي الرملة ثم آتي الفسطاط وأبتع الراحلة فأركب إلى الخلف عليه السلام إلى المغرب. قال أبو الحسين محمد بن عبيد الله: فلما كان من الغد ركب راحلته وركبت معه حتى صرنا إلى قنطرة دار صالح فعبر الخندق وحده وأنا أراه حتى نزل النجف وغاب عن عيني. قال أبو عبد الله محمد بن زيد: فحدثت أبا بكر محمد بن أبي دارم اليمامي وهو من أحد مشايخ الحشوية بهذين الحديثين فقال: هذا حق جاءني منذ سنيات ابن اخت أبي بكر بن النخالي العطار، وهو صوفي يصحب الصوفية فقلت: من أين وأين


 

[320]

كنت، فقال لي: أنا مسافر منذ سبع عشرة سنة فقلت له فأيش (1) أعجب ما رأيت ؟ فقال: نزلت بالاسكندرية في خان ينزله الغرباء وكان في وسط الخان مسجد يصلي فيه أهل الخان وله إمام وكان شاب يخرج من بيت له غرفة فيصلي خلف الامام ويرجع من وقته إلى بيته ولا يلبث مع الجماعة. قال فقلت: لما طال ذلك علي ورأيت منظره شاب نظيف عليه عباء: أنا والله احب خدمتك والتشرف بين يديك فقال شأنك فلم أزل أخدمه حتى أنس بي الانس التام فقلت له ذات يوم من أنت أعزك الله قال أنا صاحب الحق فقلت له يا سيدي متى تظهر فقال ليس هذا أوان ظهوري وقد بقي مدة من الزمان فلم أزل على خدمته تلك وهو على حالته من صلاة الجماعة وترك الخوض فيما لا يعنيه إلى أن قال: أحتاج إلى السفر فقلت له أنا معك. ثم قلت له يا سيدي متى يظهر أمرك قال علامة ظهور أمري كثرة الهرج و المرج والفتن وآتي مكة فأكون في المسجد الحرام فيقال: انصبوا لنا إماما ويكثر الكلام حتى يقوم رجل من الناس فينظر في وجهي ثم يقول يا معشر الناس هذا المهدي انظروا إليه فيأخذون بيدي وينصبوني بين الركن والمقام فيبايع الناس عند إياسهم عني قال: وسرنا إلى ساحل البحر فعزم على ركوب البحر فقلت له يا سيدي أنا والله أفرق من البحر قال: ويحك تخاف وأنا معك ؟ فقلت: لا ولكن أجبن قال فركب البحر وانصرفت عنه. توضيح: قال: توسمت في وجهه الخير أي تفرست. 42 - غط: أخبرني جماعة عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عياش عن أبي غالب الزراري قال: قدمت من الكوفة وأنا شاب إحدى قدماتي ومعي رجل من إخواننا قد ذهب (2) على أبي عبد الله اسمه وذلك في أيام الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله واستتاره ونصبه أبا جعفر محمد بن علي المعروف بالشلمغاني وكان مستقيما

 

(1) لغة عامية بمعنى " أي شئ " وكانها مخففة من ذلك. (2) يقال: ذهب عليه كذا أي نسيه، فالذهاب إذا عدى بعلى يفيد معنى النسيان.

 

[321]

لم يظهر منه ما ظهر منه من الكفر والالحاد وكان الناس يقصدونه ويلقونه لانه كان صاحب الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح سفيرا بينهم وبينه في حوائجهم ومهماتهم. فقال لي: صاحبي هل لك أن تلقى أبا جعفر وتحدث به عهدا فانه المنصوب اليوم لهذه الطائفة فاني اريد أن أسأله شيئا من الدعاء يكتب به إلى الناحية قال: فقلت نعم، فدخلنا إليه فرأينا عنده جماعة من أصحابنا فسلمنا عليه وجلسنا فأقبل على صاحبي فقال: من هذا الفتى معك ؟ فقال له: رجل من آل زرارة بن أعين فأقبل علي فقال: من أي زرارة أنت ؟ فقلت يا سيدي أنا من ولد بكير بن أعين أخي زرارة فقال: أهل بيت جليل عظيم القدر في هذا الامر، فأقبل عليه صاحبي فقال له: يا سيدنا اريد المكاتبة في شئ من الدعاء فقال: نعم. قال: فلما سمعت هذا اعتقدت أن أسأل أنا أيضا مثل ذلك وكنت اعتقدت في نفسي ما لم ابده لاحد من خلق الله حال والدة أبي العباس ابني وكانت كثيرة الخلاف والغضب علي وكانت مني بمنزلة فقلت في نفسي: أسأل الدعاء لي من أمر قد أهمني ولا اسميه فقلت: أطال الله بقاء سيدنا وأنا أسأل حاجة قال وماهي ؟ قلت الدعاء لي بالفرج من أمر قد أهمني قال فأخذ درجا بين يديه كان أثبت فيه حاجة الرجل فكتب والزراري يسأل الدعاء في أمر قد أهمه قال ثم طواه فقمنا وانصرفنا. فلما كان بعد أيام قال لي صاحبي ألا نعود إلى أبي جعفر فنسأله عن حوائجنا التي كنا سألناه فمضيت معه ودخلنا عليه فحين جلسنا عنده أخرج الدرج وفيه مسائل كثيرة قد أجيبت في تضاعيفها فأقبل على صاحبي فقرأ عليه جواب ما سأل ثم أقبل علي وهو يقرأ فقال: وأما الزراري وحال الزوج والزوجة فأصلح الله ذات بينهما قال فورد علي أمر عظيم وقمنا فانصرفنا فقال لي: قد ورد عليك هذا الامر فقلت أعجب منه قال مثل أي شئ فقلت: لانه سر لم يعلمه إلا الله تعالى وغيري فقد أخبرني به، فقال: أتشك في أمر الناحية أخبرني الآن ما هو ؟ فأخبرته فعجب منه.


 

[322]

ثم قضي أن عدنا إلى الكوفة فدخلت داري وكانت ام أبي العباس مغاضبة لي في منزل أهلها فجاءت إلى فاسترضتني واعتذرت ووافقتني ولم تخالفني حتى فرق الموت بيننا. وأخبرني بهذه الحكاية جماعة عن أبي غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري إجازة وكتب عنه ببغداد أبو الفرج محمد بن المظفر في منزله بسويقة غالب في يوم الاحد لخمس خلون من ذي القعدة سنة ست وخمسين وثلاث مائة قال: كنت تزوجت بام ولدي وهي أول امرأة تزوجتها وأنا حينئذ حدث السن وسني إذ ذاك دون العشرين سنة فدخلت بها في منزل أبيها فأقامت في منزل أبيها سنين وأنا أجتهد بهم في أن يحولوها إلى منزلي وهم لا يجيبوني إلى ذلك فحملت مني في هذه المدة وولدت بنتا فعاشت مدة ثم ماتت ولم أحضر في ولادتها ولا في موتها ولم أرها منذ ولدت إلى أن توفيت للشرور التي كانت بيني وبينهم. ثم اصطلحنا على أنهم يحملونها إلى منزلي فدخلت إليهم في منزلهم و دافعوني في نقل المرأة إلي وقدر أن حملت المرأة مع هذه الحال ثم طالبتهم بنقلها إلى منزلي على ما اتفقنا عليه فامتنعوا من ذلك فعاد الشر بيننا، وانتقلت منهم وولدت وأنا غائب عنها بنتا وبقينا على حال الشر والمضارمة سنين لا آخذها. ثم دخلت بغداد وكان الصاحب بالكوفة في ذلك الوقت أبو جعفر محمد بن أحمد الزجوزجي وكان لي كالعم أو الوالد، فنزلت عنده ببغداد وشكوت إليه ما أنا فيه من الشرور الواقعة بيني وبين الزوجة وبين الاحماء فقال لي تكتب رقعة وتسأل الدعاء فيها. فكتبت رقعة ذكرت فيها حالي وما أنا فيه من خصومة القوم لي وامتناعهم من حمل المرأة إلى منزلي ومضيت بها أنا وأبو جعفر إلى محمد بن علي وكان في ذلك الواسطة بيننا وبين الحسين بن روح رضي الله عنه وهو إذ ذاك الوكيل فدفعناها إليه وسألناه إنفاذها فأخذها مني وتأخر الجواب عني أياما فلقيته فقلت له: قد ساء ني تأخر الجواب عني فقال: لا يسوؤك فانه أحب إلي لك وأومى إلي أن


 

[323]

الجواب إن قرب كان من جهه الحسين بن روح رضي الله عنه وإن تأخر كان من جهة الصاحب عليه السلام. فانصرفت فلما كان من بعد ذلك ولا أحفظ المدة إلا أنها كانت قريبة فوجه إلي أبو جعفر الزجوزجي يوما من الايام فصرت إليه فأخرج لي فصلا من رقعة وقال لي: هذا جواب رقعتك فان شئت أن تنسخه فانسخه ورده فقرأته فإذا فيه: والزوج والزوجة فأصلح الله ذات بينهما. ونسخت اللفظ ورردت عليه الفصل ودخلنا الكوفة فسهل الله لي نفس المرءة بأيسر كلفة وأقامت معي سنين كثيرة ورزقت مني أولادا و أسأت إليها إساءات واستعملت معها كل مالا تصبر النساء عليه، فما وقعت بيني وبينها لفظة شر ولا بين أحد من أهلها إلى أن فرق الزمان بيننا. قالوا: قال أبو غالب: وكنت قديما قبل هذه الحال، قد كتبت رقعة أسأل فيها أن تقبل ضيعتي ولم يكن اعتقادي في ذلك الوقت التقرب إلى الله عزوجل بهذه الحال وإنما كان شهوة مني للاختلاط بالنوبختيين والدخول معهم فيما كانوا من الدنيا فلم اجب إلى ذلك وألححت في ذلك فكتب إلي أن اختر من تثق به فاكتب الضيعة باسمه فانك تحتاج إليها فكتبتها باسم أبي القاسم موسى بن الحسن الزجوزجي ابن أخي أبي جعفر لثقتي به وموضعه من الديانة والنعمة فلم يمض الايام حتى أسروني الاعراب ونهبوا الضيعة التي كنت أملكها وذهب فيها من غلاتي ودوابي وآلتي نحو من ألف دينار وأقمت في أسرهم مدة إلى أن اشتريت نفسي بمائة دينار وألف وخمسمائة درهم ولزمني في اجرة الرسل نحو من خمسمائة درهم فخرجت واحتجت إلى الضيعة فبعتها. ايضاح: المضارمة: المغاضبة من قولهم تضرم علي أي تغضب قوله: " وكان الصاحب " أي صاحبي أو ملجأ الشيعة وكبيرهم أو صاحب الحكم من قبل السلطان والاوسط أظهر. 43 - غط: أخبرني الحسين بن عبيد الله، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي، عن أبي علي بن همام قال: أنفذ محمد بن علي الشملغاني العزاقري إلى


 

[324]

الشيخ الحسين بن روح يسأله أن يباهله وقال: أنا صاحب الرجل وقد امرت باظهار العلم وقد أظهرته باطنا وظاهرا فباهلني فأنفذ إليه الشيخ في جواب ذلك أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم فتقدم العزاقري فقتل وصلب واخذ معه ابن أبي عون و ذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. قال ابن نوح: وأخبرني جدي محمد بن أحمد بن العباس بن نوح رضي الله عنه قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن جعفر بن إسماعيل بن صالح الصيمري قال: لما أنفذ الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه التوقيع في لعن ابن أبي العزاقر أنفذه من مجلسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وأملا أبو علي علي وعرفني أن أبا القاسم رضي الله عنه راجع في ترك إظهاره فانه في يد القوم وفي حبسهم فأمر باظهاره وأن لا يخشى ويأمن فتخلص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدة يسيرة والحمد لله. قال: ووجدت في أصل عتيق كتب بالاهواز في المحرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب الجرجاني قال: كنت بمدينة قم فجرى بين إخواننا كلام في أمر رجل أنكر ولده فأنفذوا رجلا إلى الشيخ صيانة الله وكنت حاضرا عنده أيده الله فدفع إليه الكتاب فلم يقرأه وأمره أن يذهب إلى أبي عبد الله البزوفري أعزه الله ليجيب عن الكتاب فصار إليه وأنا حاضر فقال له أبو عبد الله: الولد ولده وواقعها في يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا فقل له: فيجعل اسمه محمدا فرجع الرسول إلى البلد وعرفهم ووضح عندهم القول وولد الولد وسمي محمدا. قال ابن نوح: وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سورة القمي حين قدم علينا حاجا قال: حدثني علي بن الحسن بن يوسف الصائغ القمي ومحمد بن أحمد بن محمد الصير في المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل قم أن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمه محمد بن موسى بن بابويه فلم يرزق منها ولدا فكتب إلى شيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه أن يسأل الحضرة


 

[325]

أن يدعو الله أن يرزقه أولادا فقهاء فجاء الجواب إنك لاترزق من هذه وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين. قال: وقال لي أبو عبد الله بن سورة حفظه الله: ولابي الحسن بن بابويه ثلاثة أولاد محمد والحسين فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان مالا يحفظ غيرهما من أهل قم ولهما أخ اسمه الحسن وهو الاوسط مشتغل بالعبادة والزهد لا يختلط بالناس ولا فقه له. قال ابن سورة كلما روى أبو جعفر وأبو عبد الله ابنا علي بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الامام عليه السلام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم قال: وسمعت أبا عبد الله بن سورة القمي يقول: سمعت سرورا وكان رجلا عابدا مجتهدا لقيته بالاهواز غير أني نسيت نسبه يقول: كنت أخرس لاأتكلم فحملني أبي وعمي في صبائي وسني إذ ذاك ثلاث عشرة أو أربع عشرة إلى الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه فسألاه أن يسأل الحضرة أن يفتح الله لساني فذكر الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح أنكم امرتم بالخروج إلى الحائر قال سرور: فخرجنا أنا وأبي وعمي إلى الحير فاغتسلنا وزرنا قال: فصاح بي أبي وعمي: يا سرور فقلت بلسان فصيح لبيك فقالا لي: ويحك تكلمت، فقلت: نعم، قال أبو عبد الله بن سورة: وكان سرور هذا رجلا ليس بجهوري الصوت. بيان: يظهر منه أن البزوفري رحمه الله كان من السفراء ولم ينقل ويمكن أن يكون وصل ذلك إليه بتوسط أو بدون توسطهم في خصوص الواقعة. 44 - ك: ابن الوليد، عن سعد، عن علان الكليني، عن محمد بن شاذان بن نعيم قال: اجتمع عندي مال للغريم صلى الله عليه: خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما فأبيت أن أبعثها ناقصة هذا المقدار فأتممتها من عندي وبعثت بها إلى محمد بن جعفر و لم أكتب مالي فيها فأنفذ إلى محمد بن جعفر القبض وفيه: وصلت خمس مائة درهم لك فيها عشرون درهما. شا: ابن قولويه عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن شاذان مثله.


 

[326]

يج: عن محمد بن شاذان مثله. 45 - ك: أبي، عن سعد، عن إسحاق بن يعقوب قال: سمعت الشيخ العمري يقول: صحبت رجلا من أهل السواد ومعه مال للغريم عليه السلام فأنفذه فرد عليه وقيل له: أخرج حق ابن عمك منه وهو أربعمائة درهم فبقي الرجل باهتا متعجبا ونظر في حساب المال وكانت في يده ضيعة لولد عمه قد كان رد عليهم بعضها وزوى عنهم بعضها فإذا الذي نض لهم من ذلك المال أربعمائة درهم كما قال عليه السلام فأخرجه وأنفذ الباقي فقبل. شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد مثله. 46 - ك: أبي، عن سعد، عن علي بن محمد الرازي، عن جماعة من أصحابنا أنه عليه السلام بعث إلى أبي عبد الله بن الجنيد وهو بواسط غلاما وأمره ببيعه فباعه و قبض ثمنه فلما عير الدنانير نقصت في التعيير ثمانية عشر قيراطا وحبة فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطا وحبة وأنفذها فرد عليه دينار وزنه ثمانية عشر قيراطا وحبة. يج: قال الكليني: أخبرنا جماعة من أصحابنا أنه بعث إلى آخر الخبر. بيان: الضمير في قوله " أنه " راجع إلى القائم عليه السلام. 47 - ك: ابن الوليد، عن سعد، عن علان، عن محمد بن جبرئيل، عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: وفدت العسكر زائرا فقصدت الناحية فلقيتني امرأة فقالت: أنت محمد بن إبراهيم ؟ فقلت، نعم، فقالت: انصرف فانك لا تصل في هذا الوقت وارجع الليلة فان الباب مفتوح لك، فادخل الدار، واقصدت البيت الذي فيه السراج، ففعلت وقصدت الباب فإذا هو مفتوح و دخلت الدار وقصدت البيت الذي وصفته. فبينا أنا بين القبرين أنتحب وأبكي إذ سمعت صوتا وهو يقول: يا محمد اتق الله وتب من كل ما أنت عليه فقد قلدت أمرا عظيما. 48 - ك: ابن الوليد، عن سعد، عن علي بن محمد الرازي، عن نصر بن.


 

[327]

الصباح البلخي (1) قال: كان بمرو كاتب كان الخوزستاني (2) سماه لي نصر فاجتمع عنده ألف دينار للناحية فاستشارني فقلت: ابعث بها إلى الحاجز فقال: هو في عنقك إن سألني الله عنه يوم القيامة فقلت: نعم، قال نصر (3): ففارقته على ذلك ثم انصرفت إليه بعد سنتين، فلقيته فسألته عن المال فذكر أنه بعث من المال بمأتي دينار إلى الحجاز (4) فورد عليه وصولها والدعاء له وكتب إليه كان المال ألف دينار فبعثت بمأتي دينار فان أحببت أن تعامل أحدا فعامل الاسدي بالري. قال نصر (5): وورد علي نعي حاجز (6) فجزعت (7) من ذلك جزعا شديدا واغتممت (8) له، فقلت له: ولم تغتم وتجزع ؟ وقد من الله عليك بدلالتين قد أخبرك بمبلغ المال وقد نعي إليك حاجزا مبتدئا. 49 - ك: أبي، عن سعد، عن علان، عن نصر بن الصباح قال: أنفذ رجل من أهل بلخ خمسة دنانير إلى حاجز وكتب رقعة غير فيها اسمه فخرج إليه بالوصول باسمه ونسبه والدعاء. 50 - ك: أبي، عن سعد، عن أبي حامد المراغي، عن محمد بن شاذان بن نعيم قال: بعث رجل من أهل بلخ بمال ورقعة ليس فيها كتابة وقد خط فيها بأصبعه كما تدور من غير كتابة وقال للرسول: احمل هذا المال فمن أخبرك بقصته وأجاب عن الرقعة فأوصل إليه المال فصار الرجل إلى العسكر، وقصد جعفرا وأخبره الخبر فقال له: جعفر: تقر بالبداء ؟ قال الرجل: نعم، قال: فان صاحبك قد بداله وقد أمرك أن تعطيني هذا المال فقال له الرسول: لا يقنعني هذا الجواب. فخرج من عنده وجعل يدور أصحابنا فخرجت إليه رقعة هذا مال كان قد غدر به كان فوق صندوق فدخل اللصوص البيت فأخذوا ما كان في الصندوق وسلم المال وردت عليه الرقعة وقد كتب فيها كما تدور: وسألت الدعاء فعل الله بك وفعل. بيان: قوله: " وقد كتب فيها " أي الرقعة التي كانت قد كتب السؤال فيها بالاصبع كما تدور. 51 - ك: أبي، عن سعد، عن محمد بن صالح قال: كتبت أسأل الدعاء

 

(81) في هذه المواضع سقط وتصحيف وتبديل يعرف تفصيلها من ص 294 و 297 و 362 فيما يأتي وانما أضربنا عن اصلاحها في الصلب لتطابق الخبر مع المصدر فراجع. (*)

 

[328]

لبادا شاكه وقد حبسه ابن عبد العزيز واستأذن في جارية لي استولدها فخرج: استولدها ويفعل الله ما يشاء والمحبوس يخلصه (الله) فاستولدت الجارية فولدت فماتت وخلى عن المحبوس يوم خرج إلي التوقيع. قال: وحدثني أبو جعفر قال: ولد لي مولود فكتبت أستاذن في تطهيره يوم السابع أو الثامن فلم يكتب شيئا فمات المولود يوم الثامن، ثم كتبت اخبر بموته فورد: سيخلف عليك غيره وغيره، فسمه أحمد وبعد أحمد جعفرا فجاء ما قال عليه السلام. قال: وتزوجت بامرأة سرا فلما وطئتها علقت وجائت بابنة فاغتممت و ضاق صدري فكتبت أشكو ذلك فورد: ستكفاها، فعاشت أربع سنين ثم ماتت فورد " الله ذو أناة وأنتم تستعجلون " قال: ولما ورد نعي ابن هلال لعنه الله جاءني الشيخ فقال لي: أخرج الكيس الذي عندك فأخرجته فأخرج إلى رقعة فيها: وأما ما ذكرت من أمر الصوفي المتصنع يعني الهلالي بتر الله عمره. ثم خرج من بعد موته " قد قصدنا فصبرنا عليه فبتر الله عمره بدعوتنا ". نجم: بإسنادنا إلى أبي جعفر الطبري وعبد الله بن جعفر الحميري قالا: حدثنا أبو جعفر إلى قوله: وأنتم تستعجلون. دلائل الامامة للطبري عن أبي المفضل الشيباني، عن أبي جعفر قال: ولد لي مولود إلى آخر الخبر. وعنه، عن أبي المفضل، عن الكليني، عن أبي حامد المراغي، عن محمد بن شاذان بن نعيم، عن رجل من أهل بلخ قال: تزوجت امرأة سرا إلى آخر الخبر. 52 - ك: أبي، عن سعد، عن علان، عن الحسن بن الفضل اليماني قال: قصدت سر من رأى فخرج إلي صرة فيها دنانير وثوبان فرددتها وقلت في نفسي: أنا عندهم بهذه المنزلة فأخذتني العزة، ثم ندمت بعد ذلك وكتبت رقعة أعتذر وأستغفر ودخلت الخلاء وأنا احدث نفسي وأقول: والله لئن ردت الصرة لم احلها ولم انفقها حتى أحملها إلى والدي فهو أعلم مني. فخرج إلى الرسول: أخطأت إذ لم تعلمه أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا وربما


 

[329]

سألونا ذلك يتبر كون به، وخرج إلي: أخطأت بردك برنا وإذا استغفرت الله فالله يغفر لك وإذا كان عزيمتك وعقد نيتك أن لاتحدث فيها حدثا ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك، وأما الثوبان فلابد منهما لتحرم فيهما. قال: وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في معنى ثالث فقلت في نفسي: لعله يكره ذلك، فخرج إلي الجواب في المعنيين والمعنى الثالث الذي طويته ولم أكتبه قال: وسألت طيبا فبعث إلي بطيب في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل فنفرت ناقتي بعسفان وسقط محملي وتبدد ما كان معي فجمعت المتاع وافتقدت الصرة و اجتهدت في طلبها حتى قال بعض من معنا: ما تطلب ؟ فقلت: صرة كانت معي، قال: وما كان فيها ؟ فقلت: نفقتي قال: قد رأيت من حملها فلم أزل أسأل عنها حتى آيست منها فلما وافيت مكة حللت عيبتي وفتحتها فإذا أول ما بدا علي منها الصرة وإنما كانت خارجا في المحمل فسقطت حين تبدد المتاع. قال: وضاق صدري ببغداد في مقامي فقلت في نفسي أخاف أن لاأحج في هذه السنة ولا أنصرف إلى منزلي وقصدت أبا جعفر أقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها فقال: صر إلى المسجد الذي في مكان كذا وكذا فانه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه فقصدت المسجد و (بينا) أنا فيه إذ دخل علي رجل فلما نظر إلي سلم وضحك وقال لي: أبشر فانك ستحج في هذه السنة، وتنصرف إلى أهلك سالما إنشاء الله. قال: وقصدت ابن وجناء أسأله أن يكتري لي ويرتاد لي عديلا فرأيته كارها ثم لقيته بعد أيام فقال لي: أنا في طلبك منذ أيام قد كتب إلي أن أكتري لك وأرتاد لك عديلا ابتداء فحدثني الحسن أنه وقف في هذه السنة على عشرة دلالات والحمد لله رب العالمين. 53 - ك: أبي، عن سعد، عن علي بن محمد الشمشاطي رسول جعفر بن إبراهيم اليماني قال: كنت مقيما ببغداد وتهيأت قافلة اليمانيين للخروج فكتبت أستأذن في الخروج معها، فخرج: لا تخرج معها فما لك في الخروج خيرة وأقم بالكوفة وخرجت القافلة فخرج عليها بنو حنظلة واجتاحوها.


 

[330]

قال: وكتبت أستأذن في ركوب الماء فخرج: لا تفعل. فما خرجت سفينة في تلك السنة إلا خرج عليها البوارج (1) فقطعوا عليها. قال: وخرجت زائرا إلى العسكر فأنا في المسجد مع المغرب إذ دخل علي غلام فقال لي: قم فقلت: من أنا وإلى أين أقوم قال لي: أنت علي بن محمد رسول جعفر ابن إبراهيم اليماني قم إلى المنزل قال وما كان علم أحد من أصحابنا بموافاتي قال: فقمت إلى منزله واستأذنت في أن أزور من داخل فأذن لي. شا: ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن علي بن الحسين اليماني قال: كنت ببغداد وذكر مثله. 54 - ك: أبي، عن سعد، عن علان، عن الاعلم البصري، عن أبي رجاء البصري قال: خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد عليه السلام بسنتين لم أقف فيهما على شئ فلما كان في الثالثة كنت بالمدينة في طلب ولد أبي محمد عليه السلام بصرياء وقد سألني أبو غانم أن أتعشى عنده فأنا قاعد مفكر في نفسي وأقول لو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين وإذا هاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول: يا نصر بن عبد الله قل لاهل مصر آمنتم برسول الله حيث رأيتموه ؟ قال نصر ولم أكن عرفت اسم أبي وذلك أني ولدت بالمدائن فحملني النوفلي إلى مصر: وقد مات أبي فنشأت بها فلما سمعت الصوت قمت مبادرا ولم أنصرف إلى أبي غانم وأخذت طريق مصر. قال: وكتب رجلان من أهل مصر في ولدين لهما فورد: أما أنت يا فلان فآجرك الله ودعا لآخر فمات ابن المعزى. قال: وحدثني أبو محمد الوجنائي قال: اضطرب أمر البلد وثارت فتنة فعزمت على المقام ببغداد ثمانين يوما فجاءني شيخ وقال: انصرف إلى بلدك، فخرجت من بغداد وأنا كاره فلما وافيت سر من رأى أردت المقام بها لما ورد علي من اضطراب البلد فخرجت فما وافيت المنزل حتى تلقاني الشيخ ومعه كتاب من أهلى يخبروني بسكون البلد ويسألوني القدوم.

 

(1) جمع بارجة وهو الشرير، يقال: ما فلان الا بارجة قد جمع فيه الشر.

 

[331]

55 - ك: أبي، عن سعد، عن محمد بن هارون قال: كان للغريم علي خمسمائة دينار فأنا ليلة ببغداد وقد كان لها ريح مظلمة، وقد فزعت فزعا شديدا وفكرت فيما علي ولي، وقلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين دينارا وقد جعلتها للغريم عليه السلام بخمسمائة دينار. فجاءني من تسلم مني الحوانيت وما كتبت إليه في شئ من ذلك من قبل أن أنطق بلساني ولا أخبرت به أحدا. 56 - ك: أبي، عن سعد، عن أبي القاسم بن أبي حابس (1) قال: كنت أزور الحسين عليه السلام في النصف من شعبان فلما كان سنة من السنين وردت العسكر قبل شعبان، وهممت أن لا أزور في شعبان فلما دخل شعبان قلت لا أدع زيارة كنت أزورها فخرجت زائرا، وكنت إذا وردت العسكر أعلمتهم برقعة أو رسالة فلما كان في هذه الدفعة قلت لابي القاسم الحسن بن أبي أحمد الوكيل لا تعلمهم بقدومي فاني اريد أن أجعلها زورة خالصة فجاءني أبو القاسم وهو يتبسم وقال: بعث إلي بهذين الدينارين وقيل لي أدفعهما إلى الحابسي وقل له: من كان في حاجة الله كان الله في حاجته. قال: واعتللت بسر من رأى علة شديدة أشفقت فيها وظللت (2) مستعدا للموت فبعث إلي بستوقة فيها بنفسجين وامرت بأخذه فما فرغت حتى أفقت والحمد لله رب العالمين. قال: ومات لي غريم فكتبت أستاذن في الخروج إلى ورثته بواسط وقلت: أصير إليهم حدثان موته لعلي أصل إلى حقي فلم يؤذن لي ثم كتبت أستأذن ثانيا فلم يؤذن لي فلما كان بعد سنتين كتب إلي ابتداء: صر إليهم فخرجت إليهم فوصلت إلى حقي. قال أبو القاسم: وأوصل ابن رئيس عشرة دنانير إلى حاجز فنسيها حاجز أن يوصلها فكتب إليه: تبعث بدنانير ابن رئيس. قال: وكتب هارون بن موسى بن الفرات في أشياء وخط بالقلم بغير مداد

 

(1) في المصدر ج 2 ص 170 " أبي حليس ". (2) في المصدر: وأطلبت.

 

[332]

يسال الدعاء لابني أخيه وكانا محبوسين، فورد عليه جواب كتابه وفيه دعاء المحبوسين باسمهما. قال: وكتب رجل من ربض حميد يسأل الدعاء في حمل له فورد: الدعاء في الحمل قبل الاربعة أشهر وستلد انثى فجاء كما قال. قال: وكتب محمد بن محمد القصري يسأل الدعاء أن يكفى أمر بناته وأن يرزق الحج ويرد عليه ماله فورد عليه الجواب بما سأل فحج سنته ومات من بناته أربع وكان له ستة، ورد عليه ماله. قال: وكتب محمد بن يزداد يسأل الدعاء لوالديه فورد: غفر الله لك ولوالديك ولاختك المتوفاة المسماة كلكى وكانت هذه امرأة صالحة متزوجة بجوار. وكتبت في إنفاذ خمسين دينارا لقوم مؤمنين منها عشرة دنانير لابن عم لي لم يكن من الايمان على شئ فجعلت اسمه آخر الرقعة والفصول ألتمس (بذلك) الدلالة في ترك الدعاء له، فخرج في فصول المؤمنين: تقبل الله منهم وأحسن إليهم وأثابك ولم يدع لابن عمي بشئ. قال: وأنفذت أيضا دنانير لقوم مؤمنين وأعطاني رجل يقال له محمد بن سعيد دنانير فأنفذتها باسم أبيه متعمدا ولم يكن من دين الله على شئ فخرج الوصول باسم من غيرت اسمه محمد. قال: وحملت في هذه السنة التي ظهرت لي فيها هذه الدلالة ألف دينار بعث بها أبو جعفر ومعي أبو الحسين محمد بن محمد بن خلف وإسحاق بن الجنيد فحمل أبو الحسين الخرج الى الدور واكترينا ثلاثة أحمرة، فلما بلغنا القاطول لم نجد حميرا فقلت لابي الحسين احمل الخرج الذي فيه المال واخرج مع القافلة حتى أتخلف في طلب الحمار لاسحاق بن الجنيد يركبه فانه شيخ فاكتريت له حمارا ولحقت بأبي الحسين في الحير حير سر من رأى فأنا اسامره (1) وأقول له: احمد الله على ما أنت

 

(1) في المصدر: في الحير حين وصل سر من رأى فأنا أسايره. راجع ج 2 ص 172.

 

[333]

عليه فقال: وددت أن هذا العمل دام لي. فوافيت سر من رأى وأوصلت ما معنا فأخذه الوكيل بحضرتي ووضعه في منديل وبعث به مع غلام أسود. فلما كان العصر جاءني برزيمة خفيفة ولما أصبحنا خلا بي أبو القاسم وتقدم أبو الحسين وإسحاق فقال أبو القاسم: الغلام الذي حمل الرزيمة جاءني بهذه الدراهم وقال لي: ادفعها إلى الرسول الذي حمل الرزيمة فأخذتها منه فلما خرجت من باب الدار قال لي أبو الحسين من قبل أن أنطق أو يعلم أن معي شيئا لما كنت معك في الحير تمنيت أن يجيئني منه دراهم أتبرك بها وكذلك عام أول حيث كنت معك بالعسكر فقلت له: خذها فقد أتاك الله بها والحمد لله رب العالمين. قال: وكتب محمد بن كشمرد يسأل الدعاء أن يجعل ابنه أحمد من ام ولده في حل فخرج: والصقري أحل الله له ذلك فأعلم عليه السلام أن كنيته أبو الصقر. يج: عن أبي القاسم بن أبي حبيش قال: كتبت في إنفاد خمسين دينارا إلى قوله فقد أتاك الله بها. بيان: الرزمة بالكسر ما شد في ثوب واحد قوله " جاءني " أي أبو الحسين. 57 - ك: حدثني علي بن محمد بن إسحاق الاشعري (1) قال: كانت لي زوجة من الموالي قد كنت هجرتها دهرا فجاءتني فقالت إن كنت قد طلقتني فأعلمني فقلت لها لم اطلقك ونلت منها في ذلك اليوم فكتبت إلي بعد شهر تدعي أنها حملت (فكتبت) في أمرها وفي دار كان صهري أوصى بها للغريم عليه السلام أسأل أن تباع مني وينجم علي ثمنها فورد الجواب في الدار قد اعطيت ما سألت وكف عن ذكر المرأة والحمل فكتبت إلي المرأة بعد ذلك تعلمني أنها كتبت باطلا وأن الحمل لا أصل له والحمد لله رب العالمين. 58 - ك: أبي، عن سعد، عن أبي علي النيلي قال: جاءني أبو جعفر فمضى

 

(1) في المصدر: حدثني أبي قال حدثني سعد بن عبد الله قال حدثني علي بن محمد ابن اسحاق الاشعري. راجع ج 2 ص 174.

 

[334]

بي إلى العباسية وأدخلني إلى خربة وأخرج كتابا فقرأه على فإذا فيه شرح جميع ما حدث على الدار، وفيه أن فلانة يعني ام عبد الله يؤخذ بشعرها وتخرج من الدار ويحدر بها إلى بغداد وتقعد بين يدي السلطان وأشياء مما يحدث ثم قال لي: احفظ ثم مزق الكتاب وذلك من قبل أن يحدث ما حدث بمدة. قال: وحدثني أبو جعفر المروزى عن جعفر بن عمرو قال: خرجت إلى العسكر وام أبي محمد في الحياة ومعي جماعة فوافينا العسكر فكتب أصحابي يستأذنون في الزيارة من داخل باسم رجل رجل فقلت لهم: لا تثبتوا اسمي ونسبي فاني لاأستأذن فتركوا اسمي فخرج الاذن: ادخلوا ومن أبى أن يستأذن. قال: وحدثني أبو الحسن جعفر بن أحمد قال: كتب إبراهيم بن محمد بن الفرج الرخجي في أشياء وكتب في مولود ولد له يسأل أن يسمى فخرج إليه الجواب فيما سأل ولم يكتب إليه في المولود شئ فمات الولد والحمد لله رب العالمين. قال: وجرى بين قوم من أصحابنا مجتمعين كلام في مجلس فكتب إلى رجل منهم شرح ما جرى في المجلس. قال: وحدثني العاصمى أن رجلا تفكر في رجل يوصل له ما وجب للغريم عليه السلام وضاق به صدره فسمع هاتفا يهتف به: أوصل ما معك إلى حاجز. قال: وخرج أبو محمد السروي إلى سر من رأى ومعه مال فخرج إليه ابتداء ليس فينا شك ولا فيمن قوم مقامنا ورد ما معك إلى حاجز. قال: وحدثني أبو جعفر قال: بعثنا مع ثقة من ثقات إخواننا إلى العسكر شيئا فعمد الرجل فدس فيما معه رقعة من غير علمنا فردت عليه الرقعة بغير جواب. وقال: قال أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل الكندي: قال لي أبو طاهر البلالي: التوقيع الذي خرج إلي من أبي محمد عليه السلام فعلقوه في الخلف بعده وديعة في بيتك فقلت له: احب أن تكتب لي من لفظ التوقيع ما فيه فأخبر أبا طاهر بمقالتي فقال له: جئني به حتى يسقط الاسناد بينى وبينه: خرج إلي من أبي محمد عليه السلام


 

[335]

قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ثم خرج إلي قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بذلك. فلعن الله من جحد أولياء الله حقوقهم وحمل الناس على أكتافهم والحمد لله كثيرا. بيان: قوله: " قال أبو عبد الله " كلام سعد بن عبد الله، وكذا قوله " فقلت له " وضمير " له " راجع إلى الحسين، وكذا المستتر في قوله " فأخبر " والحاصل أن الحسين سمع من البلالي أنه قال: التوقيع الذي خرج إلي من أبي محمد عليه السلام في أمر الخلف القائم هو في جملة ما أودعتك في بيتك وكان قد أودعه أشياء كان في بيته فأخبر الحسين سعدا بما سمع منه فقال سعد للحسين: احب أن ترى التوقيع الذي عنده وتكتب لي من لفظه فأخبر الحسين أبا طاهر بمقالة سعد فقال أبو طاهر: جئني بسعد حتى يسمع مني بلا واسطة فلما حضر أخبره بالتوقيع، ويؤيد ما وجهنا به هذا الكلام أن الكليني روى هذا التوقيع عن البلالي. 59 - ك: كتب علي بن محمد الصيمري يسأل كفنا فورد أنه يحتاج إليه سنة ثمانين أو إحدى وثمانين فمات في الوقت الذي حده وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر. (60 - ك): محمد بن علي الاسود ره قال دفعت إلي امرأة سنة من السنين ثوبا وقالت: احمله إلى العمرى ره فحملته مع ثياب كثيرة فلما وافيت بغداد أمرني بتسليم ذلك كله إلى محمد بن العباس القمي فسلمت ذلك كله ماخلا ثوب المرأة فوجه إلي العمري رضي الله عنه (و) قال: ثوب المرأة سلمه إليه، فذكرت بعد ذلك أن امرأة سلمت إلي ثوبا فطلبته فلم أجده فقال لي: لاتغتم فانك ستجده فوجدته بعد ذلك ولم يكن مع العمري نسخة ما كان معي. (61 - ك): محمد بن علي الاسود ره قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رحمه الله بعد موت محمد بن عثمان العمري أن أسأل أبا القاسم الروحي رحمه الله أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله أن يرزقه ولدا ذكرا قال: فسألته فأنهى ذلك ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا


 

[336]

لعلي بن الحسين وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به وبعده أولاده. قال أبو جعفر محمد بن علي الاسود: وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله لي أن ارزق ولدا ذكرا فلم يجبني إليه وقال: ليس إلى هذا سبيل قال فولد لعلي بن الحسين رحمه الله تلك السنة ابنه محمد وبعده أولاد ولم يولد لي. قال الصدوق رحمه الله: كان أبو جعفر محمد بن علي الاسود رضي الله عنه كثيرا ما يقول لي إذا رآني أختلف إلى مجلس شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه وأرغب في كتب العلم وحفظه: ليس بعجب أن تكون لك هذه الرغبة في العلم وأنت ولدت بدعاء الامام عليه السلام. غط: جماعة عن الصدوق مثله. وقال: قال أبو عبد الله بن بابويه عقدت المجلس ولي دون العشرين سنة فربما كان يحضر مجلسي أبو جعفر محمد بن علي الاسود فإذا نظر إلى إسراعي في الاجوبة في الحلال والحرام يكثر التعجب لصغر سني ثم يقول: لا عجب لانك ولدت بدعاء الامام عليه السلام. 62 - ك: محمد بن علي بن متيل قال: كانت امرأة يقال لها زينب من أهل آبه وكانت امرأة محمد بن عبديل الآبي معها ثلاث مائة دينار فصارت إلى عمي جعفر بن محمد بن متيل وقالت: احب أن اسلم هذا المال من يدي إلى يد أبي القاسم بن روح قال: فأنفذني معها اترجم عنها فلما دخلت على أبي القاسم رحمه الله أقبل عليها بلسان فصيح فقال لها: زينب چونا چويدا كوايد چون ايقنه (1) ومعناه كيف أنت و كيف مكثت وما خبر صبيانك ؟ قال فامتنعت من الترجمة وسلمت المال ورجعت. غط: جماعة عن الصدوق مثله. 63 - ك: محمد بن علي بن متيل قال: قال عمي جعفر بن محمد بن (2) متيل دعاني

 

(1) في المصدر المطبوع ج 2 ص 181: چونى چونا چويدا كواند چون استه ". (2) الصحيح: جعفر بن أحمد بن متيل كما في المصدر ج 2 ص 181 وقاموس - الرجال ج 2 ص 373.

 

[337]

أبو جعفر محمد بن عثمان السمان المعروف بالعمري وأخرج إلى ثويبات معلمة و صرة فيها دراهم فقال لي: تحتاج أن تصير بنفسك إلى واسط في هذا الوقت، وتدفع ما دفعت إليك إلى أول رجل يلقاك عند صعودك من المركب إلى الشط بواسط. قال: فتداخلني من ذلك غم شديد وقلت مثلي يرسل في هذا الامر ويحمل هذا الشئ الوتح قال فخرجت إلى واسط وصعدت من المركب فأول رجل تلقاني سألته عن الحسن بن محمد بن قطاة الصيدلاني وكيل الوقف بواسط فقال: أنا هو من أنت فقلت أنا جعفر بن محمد بن متيل قال فعرفني باسمي وسلم علي وسلمت عليه وتعانقنا فقلت له: أبو جعفر العمري يقرأ عليك السلام ودفع إلي هذه الثويبات و هذه الصرة لاسلمها إليك فقال الحمد لله فان محمد بن عبد الله العامري قد مات و خرجت لاصلح كفنه فحل الثياب فإذا بها ما يحتاج إليه من حبرة وثياب وكافور وفي الصرة كرى الحمالين والحفار قال: فشيعنا جنازته وانصرفت. بيان: قال الجوهري شئ وتح ووتح أي قليل تافه وشئ وتح وعر أتباع له اي نزر. 64 - ك: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ابن أخي طاهر ببغداد طرف سوق القطن في داره قال قدم أبو الحسن علي بن أحمد بن علي العقيقي ببغداد في سنة ثمان وتسعين ومأتين إلى علي بن عيسى بن الجراح وهو يومئذ وزير في أمر ضيعة له فسأله فقال له: إن أهل بيتك في هذا البلد كثير فان ذهبنا نعطي كلما سألونا طال ذلك أو كما قال. فقال له العقيقي فاني أسأل من في يده قضاء حاجتي فقال له علي بن عيسى من هو هذا فقال: الله عزوجل وخرج مغضبا قال فخرجت وأنا أقول: في الله عزاء من كل هالك، ودرك من كل مصيبة قال فانصرفت فجاءني الرسول من عند الحسين ابن روح رضي الله عنه وأرضاه فشكوت إليه فذهب من عندي فأبلغه. فجاءني الرسول بمائة درهم عددا ووزنا ومنديل وشئ من حنوط وأكفان وقال لي: مولاك يقرؤك السلام ويقول لك إذا أهمك أمر أو غم فامسح بهذا المنديل


 

[338]

وجهك فانه منديل مولاك، وخذ هذه الدراهم وهذا الحنوط وهذه الاكفان وستقضى حاجتك في ليلتك هذه وإذا قدمت إلى مصر مات محمد بن إسماعيل من قبلك بعشرة أيام ثم مت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك. قال: فأخذت ذلك وحفظته وانصرف الرسول فإذا أنا بالمشاعل على بابي والباب يدق فقلت لغلامي خير: يا خير انظر أي شئ هو ذا ؟ فقال خير: هذا غلام حميد بن محمد الكاتب ابن عم الوزير فأدخله إلى فقال قد طلبك الوزير يقول لك مولاي حميد اركب إلي. قال فركبت وفتحت الشوارع والدروب وجئت إلى شارع الوزانين فإذا بحميد قاعد ينتظرني فلما رآني أخذ بيدي وركبنا فدخلنا على الوزير فقال لي الوزير يا شيخ قد قضى الله حاجتك واعتذر إلي ودفع إلي الكتب مختومة مكتوبة قد فرغ منها قال فأخذت ذلك وخرجت. قال أبو محمد الحسن بن محمد فحدثنا أبو الحسن علي بن أحمد العقيقي بنصيبين بهذا وقال لي: ما خرج هذا الحنوط إلا لعمتي فلانة ولم يسمها وقد بغيته لنفسي وقد قال لي الحسين بن روح رضي الله عنه إني املك الضيعة وقد كتب لي بالذي أردت فقمت إليه وقبلت رأسه وعينيه وقلت: يا سيدي أرني الاكفان والحنوط والدراهم فأخرج إلي الاكفان فإذا فيها برد حبرة مسهم من نسج اليمن وثلاثة أثواب مروي وعمامة وإذا الحنوط في خريطة وأخرج الدراهم فعددتها مائة درهم فقلت يا سيدي هب لي منهما درهما أصوغه خاتما قال: وكيف يكون ذلك خذ من عندي ما شئت فقلت اريد من هذه وألححت عليه وقبلت رأسه وعينيه فأعطاني درهما فشددته في منديلي وجعلته في كمي فلما صرت إلى الخان فتحت زنفيلجة (1) معي وجعلت المنديل في الزنفيلجة وفيه الدرهم مشدود وجعلت كتبي ودفاتري فوقه وأقمت أياما ثم جئت أطلب الدرهم فإذا الصرة مصرورة بحالها ولا شئ فيها فأخذني شبه الوسواس فصرت إلى باب العقيقي فقلت لغلامه خير اريد الدخول إلى الشيخ

 

(1) زنفيلجة معرب زنبيلجه وهى الصغار من الزنابيل.

 

[339]

فأدخلني إليه فقال لي مالك ؟ فقلت يا سيدي الدرهم الذي أعطيتني ما أصبته في الصرة فدعا بالزنفيلجة وأخرج الدراهم فإذا هي مائة درهم عددا ووزنا ولم يكن معي أحد أتهمه فسألته في رده إلي فأبى ثم خرج إلى مصر وأخذ الضيعة ثم مات قبله محمد بن إسماعيل بعشرة أيام ثم توفي رحمه الله وكفن في الاكفان التي دفعت إليه. غط: جماعة عن الصدوق مثله. بيان: قوله " إلا لعمتي " أي ما خرج هذا الحنوط أولا إلا لعمتي ثم طلبت حنوطا لنفسي فخرج مع الكفن والدراهم، واحتمال كون الحنوط لم يخرج له أصلا وإنما أخذ حنوط عمته لنفسه فيكون رجوعا عن الكلام الاول بعيد. وفي غيبة الشيخ: " إلا إلى عمتي فلانة ولم يسمها وقد نعيت إلي نفسي " فيحتمل أن تكون عمته في بيت الحسين بن روح فخرج إليها. قوله " وقد كتب " على بناء المجهول ليكون حالا عن ضمير املك أو تصديقا لما أخبر به أو على بناء المعلوم فالضمير المرفوع راجع إلى الحسين أي وقد كان كتب مطلبي إلى القائم عليه السلام فلما خرج أخبرني به قبل رد الضيعة والمسهم البرد المخطط. 65 - ك: العطار، عن أبيه، عن محمد بن شاذان بن نعيم الشاذاني قال: اجتمعت عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما فوزنت من عندي عشرين درهما ودفعتها إلى أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه ولم اعرفه أمر العشرين فورد الجواب: قد وصلت الخمس مائة درهم التي لك فيها عشرون درهما. قال محمد بن شاذان: وأنفذت بعد ذلك مالا ولم افسر لمن هو فورد الجواب: وصل كذا وكذا منه لفلان كذا ولفلان كذا. قال: وقال أبو العباس الكوفي: حمل رجل مالا ليوصله وأحب أن يقف على الدلالة فوقع عليه السلام: إن استرشدت ارشدت وإن طلبت وجدت يقول لك مولاك: احمل ما معك قال الرجل فأخرجت مما معي ستة دنانير بلا وزن وحملت الباقي فخرج في التوقيع يا فلان رد الستة التي أخرجتها بلا وزن، وزنها ستة دنانير وخمسة


 

[340]

دوانيق وحبة ونصف، قال الرجل: فوزنت الدنانير فإذا بها (1) كما قال عليه السلام. 66 - ك: أحمد بن هارون عن محمد الحميري عن أبيه عن إسحاق بن حامد الكاتب قال: كان بقم رجل بزاز مؤمن، وله شريك مرجئ فوقع بينهما ثوب نفيس فقال المؤمن يصلح هذا الثوب لمولاي فقال شريكه لست أعرف مولاك ولكن افعل بالثوب ما تحب، فلما وصل الثوب شقه عليه السلام بنصفين طولا فأخذ نصفه ورد النصف وقال: لا حاجة لي في مال المرجئ. 67 - ك: عمار بن الحسين بن إسحاق الاشروسي رضي الله عنه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الخضر بن أبي صالح الجحدري (2) أنه خرج إليه من صاحب الزمان عليه السلام بعد أن كان اغري بالفحص والطلب، وسار عن وطنه ليتبين له ما يعمل عليه، فكان نسخة التوقيع: من بحث فقد طلب، ومن طلب فقد دل ومن دل فقد أشاط (3) ومن أشاط فقد أشرك، قال فكف عن الطلب ورجع. غط: جماعة عن الصدوق مثله. 68 - ك: محمد بن علي بن أحمد بن روح بن عبد الله بن منصور بن يونس بن روح صاحب مولانا صاحب الزمان عليه السلام (4) قال: سمعت محمد بن الحسين الصيرفي المقيم بأرض بلخ يقول: أردت الخروج إلى الحج وكان معي مال بعضه ذهب وبعضه فضة فجعلت ما كان معي من ذهب سبائك وما كان من فضة نقرا وقد كان قد دفع ذلك المال إلي لاسلمه إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه قال: فلما نزلت سرخس ضربت خيمتي على موضع فيه رمل وجعلت اميز تلك

 

(1) في المصدر: فإذا هي كما قال راجع ج 2 ص 187. (2) في المصدر الخجندى. (3) يقال: أشاط دمه وبدمه: أذهبه، أو عمل في هلاكه، أو عرضه للقتل. (4) في المصدر: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن أحمد بن فرخ بن عبد الله بن منصور ابن يونس بن بزرج صاحب الصادق عليه السلام.

 

[341]

السبائك والنقر، فسقطت سبيكة من تلك السبائك مني وغاضت في الرمل وأنا لاأعلم. قال: فلما دخلت همذان ميزت تلك السبائك والنقرة مرة اخرى اهتماما منى بحفظها ففقدت منها سبيكة وزنها مائة مثقال وثلاثة مثاقيل أو قال ثلاثة و تسعون مثقالا قال: فسبكت مكانها من مالي بوزنها سبيكة وجعلتها بين السبائك. فلما وردت مدينة السلام قصدت الشيخ أبا القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه وسلمت إليه ما كان معي من السبائك والنقر فمد يده من بين السبائك إلى السبيكة التي كنت سبكتها من مالي بدلا مما ضاع مني فرمى بها إلي وقال لي: ليست هذه السبيكة لنا سبيكتنا ضيعتها بسرخس حيث ضربت خيمتك في الرمل فارجع إلى مكانك وانزل حيث نزلت واطلب السبيكة هناك تحت الرمل فإنك ستجدها وتعود إلى هاهنا فلا تراني. قال: فرجعت إلى سرخس ونزلت حيث كنت نزلت، ووجدت السبيكة وانصرفت إلى بلدي، فلما كان بعد ذلك حججت ومعي السبيكة. فدخلت مدينة السلام وقد كان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مضى، ولقيت أبا الحسن السمري رضي الله عنه فسلمت إليه السبيكة. 69 - ك: حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بأبي علي البغدادي قال: كنت ببخارا فدفع إلى المعروف بابن جاوشير عشرة سبائك ذهبا وأمرني أن اسلمها بمدينة السلام إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه فحملتها معي. فلما بلغت آموية (1) ضاعت مني سبيكة من تلك السبائك، ولم أعلم بذلك حتى دخلت مدينة السلام فأخرجت السبائك لاسلمها فوجدتها ناقصة واحدة منها فاشتريت سبيكة مكانها بوزنها وأضفتها إلى التسع سبائك ثم دخلت على الشيخ أبي القاسم الروحي قدس الله روحه، ووضعت السبائك بين يديه فقال لي: خذ لك تلك * (هامش) (1) نهر يجرى بين خراسان وتركستان قريبا من خوارزم ويسمى آمون أيضا.


 

[342]

السبيكة التي اشتريتها وأشار إليها بيده فان السبيكة التي ضيعتها قد وصلت إلينا وهو ذا هي، ثم أخرج إلى تلك السبيكة التي كانت ضاعت مني بآموية فنظرت إليها وعرفتها. وقال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي علي البغدادي: ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة تسألني عن وكيل مولانا عليه السلام من هو ؟ فأخبرها بعض القميين أنه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار لها إلي. فدخلت عليه وأنا عنده، فقالت له: أيها الشيخ أي شئ معي ؟ فقال: ما معك فألقيه في دجلة ثم ائتيني حتى اخبرك قال فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في دجلة ثم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي قدس الله روحه فقال أبو القاسم رضي الله عنه لمملوكة له أخرجي إلي الحقة فقالت المرأة: هذه الحقة التي كانت معك ورميت بها في دجلة اخبرك بما فيها أو تخبريني فقالت له: بل أخبرني. فقال: في هذه الحقة زوج سوار ذهب وحلقة كبيرة فيها جوهر وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق وكان الامر كما ذكر لم يغادر منه شيئا ثم فتح الحقة فعرض علي ما فيها ونظرت المرأة إليه فقالت هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجلة فغشي على وعلى المرأة فرحا بما شاهدنا من صدق الدلالة. (ثم) قال الحسين لي من بعد ما حدثني بهذا الحديث: اشهد بالله تعالى أن هذا الحديث كما ذكرته لم أزد فيه ولم أنقص منه. وحلف بالائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم لقد صدق فيما حدث به ما زاد فيه ولا نقص منه. 70 - ك: محمد بن عيسى بن أحمد الزرجي قال: رأيت بسر من رأى رجلا شابا في المسجد المعروف بمسجد زبيد (ة) وذكر أنه هاشمى من ولد موسى ابن عيسى (1) فلما كلمني صاح بجارية وقال يا غزال أو يا زلال فإذا أنا بجارية

 

(1) في المصدر: فلما كان من الغد حملني الهاشمي إلى منزله وأضافني ثم صاح بجارية الخ. والحديث مختصر راجع ج 2 ص 195.

 

[343]

مسنة فقال لها: يا جارية حدثي مولاك بحديث الميل والمولود، فقالت: كان لنا طفل وجع فقالت لي مولاتي ادخلي إلى دار الحسن بن علي عليه السلام فقولي لحكيمة تعطينا شيئا نستشفي به مولودنا. فدخلت عليها وسألتها ذلك فقال حكيمة: ائتوني بالميل الذي كحل به المولود الذي ولد البارحة يعني ابن الحسن بن علي عليه السلام فاتيت بالميل فدفعته إلي وحملته إلى مولاتي فكحلت المولود فعوفي وبقي عندنا وكنا نستشفي به ثم فقدناه. (16) (باب) * " (أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى) " * * " (وسائط بين الشيعة وبين القاسم عليه السلام) " * 1 - غط: قد روي (في) بعض الاخبار أنهم قالوا خدامنا وقوامنا شرار خلق الله وهذا ليس على عمومه، وإنما قالوا لان فيهم من غير وبدل وخان على ما سنذكره. وقد روى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن صالح الهمداني قال: كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام أن أهل بيتى يؤذوني ويقرعوني بالحديث الذي روي عن آبائك عليهم السلام أنهم قالوا: خدامنا وقوامنا شرار خلق الله فكتب عليه السلام: ويحكم ما تقرؤن ما قال الله تعالى: " وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة " (1) فنحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة. ك: أبي، وابن الوليد معا، عن الحميري، عن محمد بن صالح الهمداني مثله. ثم قال: قال عبد الله بن جعفر: وحدثني بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح، عن صاحب الزمان عليه السلام.

 

(1) سبا: 17.

 

[344]

أقول: ثم ذكر الشيخ بعض أصحاب الائمة صلوات الله عليهم الممدوحين ثم قال: فأما السفراء الممدوحون في زمان الغيبة فأولهم من نصبه أبو الحسن علي ابن محمد العسكري وأبو محمد الحسن بن علي بن محمد ابنه عليهم السلام وهو الشيخ الموثوق به أبو عمر وعثمان بن سعيد العمري وكان أسديا وإنما سمي العمري لما رواه أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري رحمه الله قال أبا محمد الحسن بن علي قال لا يجمع على امرء ابن عثمان، وأبو عمرو، وأمر بكسر كنيته فقيل العمري ويقال له: العسكري أيضا لانه كان من عسكر سر من رأى ويقال له: السمان لانه كان يتجر في السمن تغطية على الامر. وكان الشيعة إذا حملوا إلى أبي محمد عليه السلام ما يجب عليهم حمله من الاموال أنفذوا إلى أبي عمرو فيجعله في جراب السمن وزقاقه ويحمله إلى أبي محمد عليه السلام تقية وخوفا. فأخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى، عن أبي علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن إسحاق ابن سعد القمي قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الايام فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت فقول من نقبل ؟ وأمر من نمتثل ؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الامين ما قاله الحكم فعني يقوله، وما أداه إليكم فعني يؤديه. فلما مضى أبو الحسن عليه السلام وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن صاحب العسكر عليه السلام ذات يوم، فقلت له: مثل قولي لابيه فقال لي: " هذا أبو عمرو الثقة الامين ثقة الماضي وثقتي في الحياة والممات، فما قاله لكم فعني يقوله، وما أدى إليكم فعني يؤديه ". قال أبو محمد هارون: قال أبو علي: قال أبو العباس الحميري: فكنا كثيرا ما


 

[345]

نتذاكر هذا القول ونتواصف جلالة محل أبي عمرو. وأخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن جعفر قال: حججنا في بعض السنين بعد مضي أبي محمد عليه السلام فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام فرأيت أبا عمرو عنده فقلت: إن هذا الشيخ وأشرت إلى أحمد بن إسحاق وهو عندنا الثقة المرضي حدثنا فيك بكيت وكيت، واقتصصت عليه ما تقدم يعني ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمرو ومحله وقلت: أنت الآن من لا يشك في قوله وصدقه فأسألك بحق الله وبحق الامامين اللذين وثقاك، هل رأيت ابن أبي محمد الذي هو صاحب الزمان، فبكى ثم قال: على أن لا تخبر بذلك أحدا وأنا حي ؟ قلت: نعم، قال: قد رأيته عليه السلام وعنقه هكذا يريد أنها أغلظ الرقاب حسنا وتماما، قلت: فالاسم، قال: قد نهيتم عن هذا. وروى أحمد بن علي بن نوح أبو العباس السيرافي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الله بن محمد بن أحمد المعروف بابن برينة الكاتب قال: حدثنا بعض الشراف من الشيعة الامامية أصحاب الحديث قال: حدثني أبو محمد العباس بن أحمد الصائغ قال حدثني الحسين بن أحمد الخصيبي قال: حدثني محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسينان قالا: دخلنا على أبي محمد الحسن عليه السلام بسر من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته، حتى دخل عليه بدر خادمه، فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غبر، فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن في حديث طويل يسوقانه إلى أن ينتهي إلى أن قال الحسن عليه السلام لبدر: فامض فائتنا بعثمان بن سعيد العمري فما لبثنا إلا يسيرا حتى دخل عثمان، فقال له سيدنا أبو محمد عليه السلام: امض يا عثمان فانك الوكيل والثقة المأمون على مال الله، واقبض من هؤلاء اليمنيين ما حملوه من المال. ثم ساق الحديث إلى أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا: يا سيدنا والله إن عثمان لمن خيار شيعتك ولقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك وأنه وكيلك وثقتك على مال الله، قال: نعم، واشهدوا على أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأن ابنه


 

[346]

محمدا وكيل ابني مهديكم. عنه، عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري قدس الله روحه وأرضاه عن شيوخه أنه لما مات الحسن بن علي عليه السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأمورا بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها إلا بدفع حقائق الاشياء في ظواهرها. وكانت توقيعات صاحب الامر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد عليه السلام بالامر والنهي والاجوبة عما تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفي عثمان بن سعيد رحمه الله وغسله ابنه أبو جعفر وتولى القيام به وحصل الامر كله مردودا إليه والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لما تقدم له من النص عليه بالامانة و العدالة، والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام، وبعد موته في حياة أبيه عثمان رحمه الله. قال: وقال جعفر بن محمد بن مالك الفزاري البزاز، عن جماعة من الشيعة منهم علي بن بلال، وأحمد بن بلال، ومحمد بن معاوية بن حكيم، والحسن بن أيوب بن نوح في خبر طويل مشهور قالوا جميعا: اجتمعنا إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام نسأله عن الحجة من بعده، وفي مجلسه أربعون رجلا فقام إليه عثمان بن سعيد ابن عمرو العمري فقال له: يا ابن رسول الله اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني، فقال له: اجلس يا عثمان فقام مغضبا ليخرج، فقال: لا يخرجن أحد فلم يخرج منا أحد إلى كان بعد ساعة فصاح عليه السلام بعثمان فقام على قدميه فقال: اخبركم بما جئتم ؟ قالوا: نعم يا ابن رسول الله قال: جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي قالوا: نعم، فإذا غلام كأنه قطع قمر أشبه الناس بأبي محمد عليه السلام فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في


 

[347]

أديانكم ألا وإنكم لاترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر فاقبلوا من عثمان ما يقوله وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والامر إليه. في حديث قال أبو نصر هبة الله بن محمد: وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أول الموضع المعروف، في الدرب المعروف بدرب حبلة في مسجد الذرب يمنة الداخل إليه والقبر في نفس قبلة المسجد. ثم قال الشيخ رحمه الله رأيت قبره في الموضع الذي ذكره وكان بني في وجهه حائط وبه محراب المسجد وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم، فكنا ندخل إليه ونزوره مشاهرة، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد و هي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة ثم نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج وأبرز القبر إلى بر او عمل عليه صندوقا، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره، ويتبرك جيران المحلة بزيارته ويقولون هو رجل صالح وربما قالوا: هو ابن داية الحسين عليه السلام ولا يعرفون حقيقة الحال فيه وهو إلى يومنا هذا، وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة على ما هو عليه. ذكر أبى جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري والقول فيه: فلما مضى أبو عمرو عثمان بن سعيد قام ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه بنص أبي محمد عليه السلام ونص أبيه عثمان عليه بأمر القائم عليه السلام فأخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي، وابن قولويه، عن سعد بن عبد الله قال: حدثنا الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري رحمه الله وذكر الحديث الذي قدمنا ذكره. وأخبرني جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمد التلعكبري، كلهم عن محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن عبد الله، ومحمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو عند أحمد بن إسحاق بن سعد الاشعري القمي فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف.


 

[348]

فقلت له: يابا عمرو إني اريد أن أسألك وما أنا بشاك فيما اريد أن أسألك عنه فان اعتقادي وديني أن الارض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل القيامة بأربعين يوما فإذا كان ذلك رفعت الحجة وغلق باب التوبة، فلم يكن ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فاولئك أشرار من خلق الله عزوجل، وهم الذين تقوم عليهم القيامة. ولكن أحببت أن أزداد يقينا فان إبراهيم عليه السلام سأل ربه أن يريه كيفى يحيي الموتى، فقال: أو لم تؤمن ؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق أبو علي، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته فقلت له: من اعامل ؟ وعمن آخذ ؟ وقول من أقبل ؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدى إليك فعني يؤدي وما قال لك فعني يقول: فاسمع له وأطع فانه الثقة المأمون. قال: وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد الحسن بن علي عن مثل ذلك فقال له: العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان فاسمع. لهما وأطعهما فانهما الثقتان المأمونان. فهذا قول إمامين قد مضيا فيك قال: فخر أبو عمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل. فقلت له: أنت رأيت الخلف من أبي محمد عليه السلام فقال: أي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيديه، فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات، قلت: فالاسم قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي وليس لي أن احلل واحرم ولكن عنه عليه السلام فان الامر عند السلطان أن أبا محمد عليه السلام مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له. وصبر على ذلك، وهو ذا عياله يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك. قال الكليني: وحدثني شيخ من أصحابنا ذهب عني اسمه أن أبا عمرو سئل عند أحمد بن إسحاق، عن مثل هذا، فأجاب بمثل هذا. وأخبرنا جماعة، عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن


 

[349]

أحمد بن هارون الفامي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه عبد الله بن جعفر قال: خرج التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري قدس الله روحه في التعزية بأبيه رضي الله عنه، وفي فصل من الكتاب: " إنا لله وإنا إليه راجعون تسليما لامره ورضى بقضائه عاش أبوك سعيدا ومات حميدا فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام، فلم يزل مجتهدا في أمرهم ساعيا فيما يقربه إلى الله عزوجل وإليهم، نضر الله وجهه وأقاله عثرته " وفي فصل آخر: " أجزل الله لك الثواب وأحسن لك العزاء رزئت ورزئنا وأوحشك فراقه وأوحشنا فسره الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله ولدا مثلك يخلفه من بعده ويقوم مقامه بأمره ويترحم عليه، وأقول الحمد لله فان الانفس طيبة بمكانك، وما جعله الله عزوجل فيك وعندك، أعانك الله وقواك وعضدك ووفقك وكان لك وليا وحافظا وراعيا ". ج: الحميري قال: خرج التوقيع إلى آخر الخبر. ك: أحمد بن هارون مثله. 2 - غط: وأخبرني جماعة، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام قال: قال لي عبد الله جعفر الحميري: لما مضى أبو عمرو رضي الله عنه أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به باقامة أبي جعفر رضي الله عنه مقامه. وبهذا الاسناد عن محمد بن همام قال: حدثني محمد بن حمويه بن عبد العزيز الرازي في سنة ثمانين ومائتين قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن مهزيار الاهوازي أنه خرج إليه بعد وفاة أبي عمرو: والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الاب رضي الله عنه وأرضاه ونضر وجهه، يجري عندنا مجراه، ويسد مسده وعن أمرنا يأمر الابن، وبه يعمل تولاه الله فانته إلى قوله، وعرف معاملتنا ذلك. وأخبرنا جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمد التلعكبري كلهم، عن محمد بن يعقوب، عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاب قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي


 

[350]

فوقع التوقيع بخط مولانا صاحب الدار: وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل فانه ثقتي وكتابه كتابي. ج: الكليني مثله. 3 - غط: أبو العباس: وأخبرني هبة الله بن محمد ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه، عن شيوخه قالوا: لم تزل الشيعة مقيمة على عدالة عثمان بن سعيد رحمه الله وغسله ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان وتولى القيام به وجعل الامر كله مردودا إليه، والشيعة مجمعة على عدالته وثقته وأمانته، لما تقدم له من النص عليه بالامانة والعدالة، والامر بالرجوع إليه في حياة الحسن عليه السلام وبعد موته في حياة أبيه عثمان بن سعيد، لا يختلف في عدالته، ولا يرتاب بأمانته، و التوقيعات يخرج على يده إلى الشيعة في المهمات طول حياته بالخط الذي كانت تخرج في حياة أبيه عثمان، لا يعرف الشيعة في هذا الامر غيره، ولا يرجع إلى أحد سواه، وقد نقلت عنه دلائل كثيرة، ومعجزات الامام (التي) ظهرت على يده، وامور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الامر بصيرة، وهي مشهورة عند الشيعة وقد قدمنا طرفا منها فلا نطول باعادتها فان ذلك كفاية للمنصف إن شاء الله. قال ابن نوح: أخبرني أبو نصر هبة الله ابن بنت (ام) كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: كان لابي جعفر محمد بن عثمان العمرى كتب مصنفة في الفقه مما سمعها من أبي محمد الحسن عليه السلام ومن الصاحب عليه السلام ومن أبيه عثمان بن سعيد، عن أبي محمد وعن أبيه علي بن محمد عليهما السلام فيها كتب ترجمتها كتب الاشربة ذكرت الكبيرة ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله عنها أنها وصلت إلى أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه عند الوصية إليه، وكانت في يده، قال أبو نصر: وأظنها قالت: وصلت بعد ذلك إلى أبي الحسن السمرى رضي الله عنه وأرضاه. قال أبو جعفر بن بابويه: روى محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه أنه قال: والله إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.


 

[351]

وأخبرني جماعة، عن محمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا أبي ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان رضي الله عنه فقلت له: رأيت صاحب هذا الامر ؟ قال: نعم، و آخر عهدي به عند بينت الله الحرام وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني. قال محمد بن عثمان رضي الله عنه: ورأيته صلوات الله عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم بي من أعدائك. وبهذا الاسناد عن محمد بن علي، عن أبيه قال: حدثنا علي بن سليمان الزراري عن علي بن صدقة القمي قال: خرج إلى محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه ابتداء من غير مسألة ليخبر الذين يسألون عن الاسم: إما السكوت والجنة وإما الكلام. والنار فانهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه وإن وقفوا على المكان دلوا عليه. قال ابن نوح: أخبرني أبو نصر هبة الله بن محمد قال: حدثني أبو علي بن أبي جيد القمي قال: حدثني أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنه يوما لاسلم عليه، فوجدته وبين يديه ساجة ونقاش ينقش عليها ويكتب آيا من القرآن وأسماء الائمة عليهم السلام على حواشيها فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة ؟ فقال لي: هذه لقبري تكون فيه اوضع عليها أو قال: اسند إليها وقد عزفت منه، وأنا في كل يوم أنزل فيه فأقرء جزءا من القرآن فأصعد وأظنه قال: فأخذ بيدي وأرانيه فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله عزوجل ودفنت فيه وهذه الساجة معي، فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره ولم أزل مترقبا به ذلك فما تأخر الامر حتى اعتل أبو جعفر فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها ودفن فيه. قال أبو نصر هبة الله: وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي علي وحدثتني به أيضا ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله عنها وأخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن الاسود القمي أن أبا جعفر


 

[352]

العمري قدس الله روحه حفر لنفسه قبراوسواه بالساج فسألته عن ذلك فقال للناس أسباب ثم سألته عن ذلك فقال: قد امرت أن أجمع أمري، فمات بعد ذلك بشهرين رضي الله عنه وأرضاه. ك: محمد بن علي مثله. 4 - غط: وقال أبو نصر هبة الله: وجدت بخط أبي غالب الزراري رحمه الله وغفر له أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري رحمه الله مات في آخر جمادى الاولى سنة خمس وثلاث مائة وذكر أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد أن أبا جعفر العمري رحمه الله مات في سنة أربع وثلاث مائة وأنه كان يتولى هذا الامر نحوا من خمسين سنة فيحمل الناس إليه أموالهم، ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام إليهم بالمهمات في أمر الدين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالاجوبة العجيبة رضي الله عنه وأرضاه. قال أبو نصر هبة الله: إن قبر أبي جعفر محمد بن عثمان عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله وهو الآن في وسط الصحراء قدس الله روحه. * (ذكر إقامة أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري أبا القاسم الحسين) * * (ابن روح رضي الله عنهما مقامه بعده بأمر الامام صلوات الله عليه) * أخبرني الحسين بن إبراهيم القمي قال: أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن نوح قال: أخبرني أبو علي أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد المدائني المعروف بابن قزدا في مقابر قريش قال: كان من رسمي إذا حملت المال الذي في يدي إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه أن أقول له ما لم يكن أحد يستقبله بمثله: هذا المال و مبلغه كذا وكذا للامام عليه السلام فيقول لي: نعم دعه، فاراجعه فأقول له تقول لي: إنه للامام فيقول: نعم للامام عليه السلام، فيقبضه. فصرت إليه آخر عهدي به قدس الله روحه ومعي أربعمائة دينار فقلت له على رسمي فقال لي: امض بها إلى الحسين بن روح فتوقفت فقلت: تقبضها أنت


 

[353]

مني على الرسم، فرد علي كالمنكر لقولي قال: قم عافاك الله فادفعها إلى الحسين ابن روح. فلما رأيت في وجهه غضبا خرجت وركبت دابتي فلما بلغت بعض الطريق رجعت كالشاك فدققت الباب فخرج إلى الخادم فقال: من هذا ؟ فقلت: أنا فلان فاستأذن لي. فراجعني وهو منكر لقولي ورجوعي فقلت له: ادخل فاستأذن لي فانه لابد من لقائه فدخل فعرفه خبر رجوعي وكان قد دخل إلى دار النساء فخرج و جلس على سرير ورجلاه في الارض وفيهما نعلان نصف حسنهما وحسن رجليه فقال لي: ما الذي جرأك على الرجوع ولم لم تمتثل ما قلته لك ؟ فقلت: لم أجسر على ما رسمته لي، فقال لي وهو مغضب: قم عافاك الله فقد أقمت أبا القاسم الحسين بن روح مقامي ونصبته منصبي فقلت: بأمر الامام ؟ فقال: قم عافاك الله كما أقول لك فلم يكن عندي غير المبادرة. فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو في دار ضيقة فعرفته ما جرى فسر به وشكر الله عزوجل ودفعت إليه الدنانير، ومازلت أحمل إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك. وسمعت أبا الحسن علي بن بلال بن معاوية المهلبي يقول في حياة جعفر بن محمد ابن قولويه: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي يقول: سمعت جعفر بن أحمد ابن متيل القمي يقول: كان محمد بن عثمان أبو جعفر العمري - رضي الله عنه - له من يتصرف له ببغداد نحو من عشرة أنفس وأبو القاسم بن روح رضي الله عنه فيهم، و كلهم كان أخص به من أبي القاسم بن روح رضي الله عنه حتى أنه كان إذا احتاج إلى حاجة أو إلى سبب ينجزه على يد غيره لما لم يكن له تلك الخصوصية، فلما كان وقت مضي أبي جعفر رضي الله عنه، وقع الاختيار عليه وكانت الوصية إليه. قال: وقال مشايخنا: كنا لانشك أنه إن كان كائنة من أبي جعفر لا يقوم مقامه إلا جعفر بن أحمد بن متيل أو أبوه لما رأينا من الخصوصية به، وكثرة كينونته في منزله حتى بلغ أنه كان في آخر عمره لا يأكل طعاما إلا ما اصلح


 

[354]

في منزل جعفر بن أحمد بن متيل وأبيه بسبب وقع له، وكان طعامه الذي يأكله في منزل جعفر وأبيه. وكان أصحابنا لا يشكون إن كانت حادثة لم تكن الوصية إلا إليه من الخصوصية فلما كان عند ذلك (و) وقع الاختيار على أبي القاسم سلموا ولم ينكروا و كانوا معه وبين يديه كما كانوا مع أبي جعفر رضي الله عنه، ولم يزل جعفر بن أحمد ابن متيل في جملة أبي القاسم رضي الله عنه وبين يديه كتصرفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى أن مات رضي الله عنه فكل من طعن على أبي القاسم فقد طعن على أبي جعفر وطعن على الحجة صلوات الله عليه. وأخبرنا جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الاسود رحمه الله قال: كنت أحمل الاموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رحمه الله فيقبضها مني فحملت إليه يوما شيئا من الاموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي رضي الله عنه فكنت اطالبه بالقبوض فشكى ذلك إلى أبي جعفر رضي الله عنه فأمرني أن لا اطالبه بالقبوض وقال: كل ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إلي فكنت أحمل بعد ذلك الاموال إليه ولا اطالبه بالقبوض. ك: أبو جعفر محمد بن علي الاسود مثله. 5 - غط: وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا علي ابن محمد بن متيل، عن عمه جعفر بن أحمد بن متيل قال: لما حضرت أبا جعفر محمد ابن عثمان العمري الوفاة كنت جالسا عند رأسه اسائله واحدثه وأبو القاسم بن روح عند رجليه فالتفت إلي ثم قال: امرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح قال: فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت إلى عند رجليه. ك: محمد بن علي بن متيل مثله. 6 - غط: قال ابن نوح: وحدثني أبو عبد الله الحسين بن علي بن بابويه قدم


 

[355]

علينا البصرة في شهر ربيع الاول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة قال: سمعت علوية الصفار والحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنهما يذكران هذا الحديث وذكرا أنهما حضرا بغداد في ذلك الوقت وشاهدا ذلك. وأخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى قال: أخبرني أبو علي محمد بن همام رضي الله عنه وأرضاه أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه جمعنا قبل موته وكنا وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لنا: إن حدث علي حدث الموت، فالامر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد امرت أن أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه وعولوا في اموركم عليه. وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن ابن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد قال: حدثني خالي أبو إبراهيم جعفر بن أحمد النوبختي قال: قال لي أبي أحمد ابن إبراهيم وعمي أبو جعفر عبد الله بن إبراهيم وجماعة من أهلنا يعني بني نوبخت أن أبا جعفر العمري لما اشتدت حاله اجتمع جماعة من وجوه الشيعة منهم أبو علي ابن همام وأبو عبد الله ابن محمد الكاتب وأبو عبد الله الباقطاني وأبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي وأبو عبد الله ابن الوجناء وغيرهم من الوجوه والاكابر فدخلوا على أبي جعفر رضي الله عنه فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك ؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الامر والوكيل له والثقة الامين فارجعوا إليه في اموركم وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك امرت وقد بلغت. وبهذا الاسناد عن هبة الله بن محمد ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: حدثتني ام كلثوم بنت أبي جعفر رضي الله عنها قالت: كان أبو القاسم الحسين ابن روح قدس سره، وكيلا لابي جعفر رحمه الله سنين كثيرة ينظر له في أملاكه ويلقي بأسراره الرؤساء من الشيعة، وكان خصيصا به حتى أنه كان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وانسه. قالت: وكان يدفع إليه في كل شهر ثلاثين دينارا رزقا له غير ما يصل إليه


 

[356]

من الوزراء والرؤساء من الشيعة، مثل آل الفرات وغيرهم لجاهه ولموضعه وجلالة محله عندهم، فحصل في أنفس الشيعة محصلا جليلا لمعرفتهم باختصاص أبي إياه وتوثيقه عندهم، ونشر فضله ودينه وما كان يحتمله من هذا الامر، فتمهدت له الحال في طول حياة أبي إلى أن انتهت الوصية إليه بالنص عليه، فلم يختلف في أمره ولم يشك فيه أحد إلا جاهل بأمر أبي أولا مع ما لست أعلم أن أحدا من الشيعة شك فيه وقد سمعت بهذا من غير واحد من بني نوبخت رحمهم الله مثل أبي الحسين ابن كبرياء وغيره. وأخبرني جماعة عن أبي العباس بن نوح قال: وجدت بخط محمد بن نفيس فيما كتبه بالاهواز: أول كتاب ورد من أبي القاسم رضي الله عنه: نعرفه عرفه الله الخير كله ورضوانه وأسعده بالتوفيق، وقفنا على كتابه و (هو) ثقتنا بما هو عليه وأنه عندنا بالمنزلة والمحل اللذين يسرانه، زاد الله في إحسانه إليه إنه ولي قدير والحمد لله لا شريك له وصلى الله عليه رسوله محمد وآله وسلم تسليما كثيرا، وردت هذه الرقعة يوم الاحد لست ليال خلون من شوال سنة خمس وثلاثمائة. أقول: ذكر الشيخ بعد ذلك التوقيعات التي خرجت إلى الحميري على ما نقلناه في باب التوقيعات ثم قال: وكان أبو القاسم رحمه الله من أعقل الناس عند المخالف والموافق ويستعمل التقية فروى أبو نصر هبة الله بن محمد قال: حدثني أبو عبد الله بن غالب وأبو الحسن ابن أبي الطيب قالا: ما رأيت من هو أعقل من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح ولعهدي به يوما في دار ابن يسار، وكان له محل عند السيد والمقتدر عظيم، وكانت العامة أيضا تعظمه، وكان أبو القاسم يحضر تقية وخوفا. فعهدي به وقد تناظر اثنان فزعم واحد أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم عمر ثم علي وقال الآخر: بل علي أفضل من عمر، فزاد الكلام بينهما فقال أبو القاسم رضي الله عنه: الذي اجتمعت عليه الصحابة هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي، وأصحاب الحديث


 

[357]

على ذلك، وهو الصحيح عندنا، فبقي من حضر المجلس متعجبا من هذا القول وكانت العامة الحضور يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض. فوقع علي الضحك فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي وأدس كمي في فمي فخشيت أن أفتضح، فوثبت عن المجلس ونظر إلي فتفطن لي فلما حصلت في منزلي فإذا بالباب يطرق فخرجت مبادرا فإذا بأبي القاسم بن روح راكبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره فقال لي: يا عبد الله أيدك الله لم ضحكت وأردت أن تهتف بي كأن الذي قلته عندك ليس بحق ؟ فقلت له: كذاك هو عندي، فقال لي: اتق الله أيها الشيخ فاني لا أجعلك في حل تستعظم هذا القول مني فقلت: يا سيدي رجل يرى بأنه صاحب الامام ووكيله يقول ذلك القول لا يتعجب منه ؟ و (لا) يضحك من قوله هذا ؟ فقال لي: وحياتك لئن عدت لاهجرنك وودعني وانصرف. قال أبو نصر هبة الله بن محمد: حدثنا أبو الحسن بن كبريا النوبختي قال: بلغ الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه أن بوابا كان له على الباب الاول قد لعن معاوية وشتمه، فأمر بطرده وصرفه عن خدمته، فبقي مدة طويلة يسأل في أمره فلا والله مارده إلى خدمته وأخذه بعض الآهلة فشغله معه كل ذلك للتقية. قال أبو نصر هبة الله: وحدثني أبو أحمد بن درانويه الابرص الذي كانت داره في درب القراطيس قال: قال لي: إني كنت أنا وإخواتي ندخل إلى أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه نعامله، قال: وكانوا باعة، ونحن مثلا عشرة تسعة نلعنه وواحد يشكك، فنحرج من عنده بعد ما دخلنا إليه تسعة نتقرب إلى الله بمحبته وواحد واقف لانه كان يجارينا من فضل الصحابة مارويناه وما لم نروه، فنكتبه عنه لحسنه رضي الله عنه. وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه أن قبر أبي القاسم الحسين بن روح في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار


 

[358]

علي بن أحمد البوبختي النافذ إلى التل وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك رضي الله عنه قال: وقال لي أبو نصر: مات أبو القاسم الحسين بن روح في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة وقد رويت عنه أخبارا كثيرة. وأخبرني أبو محمد المحمدي رضي الله عنه، عن أبي السين محمد بن الفضل بن تمام قال: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الزكوزكي وقد ذكرنا كتاب التكليف وكان عندنا أنه لا يكون إلا مع غال، وذلك أنه أول ما كتبنا الحديث، فسمعناه يقول: وأيش كان لابن أبي العزاقر في كتاب التكليف إنما كان يصلح الباب ويدخله إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه فيعرضه عليه ويحكه فإذا صح الباب خرج فنقله وأمرنا بنسخه، يعني أن الذي أمرهم به الحسين ابن روح رضي الله عنه. قال أبو جعفر: فكتبته في الادراج بخطي ببغداد، قال ابن تمام فقلت له: فتفضل يا سيدي فادفعه حتى أكتبه من خطك، فقال لي: قد خرج عن يدي قال ابن تمام: فخرجت وأخذت من غيره وكتبت يعد ما سمعت هذه الحكاية. وقال أبو الحسين بن تمام: حدثني عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه قال: سئل الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه عن كتب ابن أبي العزاقر بعدما ذم وخرجت فيه اللعنة فقيل له فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاى ؟ فقال: أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما وقد سئل عن كتب بني فضال فقالوا كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاى ؟ فقال صلوات الله عليه: " خذوا بما رووا وذروا ما رأوا ". وسأل أبو الحسن الايادي رحمه الله أبا القاسم الحسين بن روح: لم كره المتعة بالبكر ؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وآله: الحياء من الايمان، والشروط بينك وبينها فإذا حملتها على أن تنعم (1) فقد خرجت عن الحياء وزال الايمان فقال له: فإن فعل فهو زان ؟ قال: لا. وأخبرني الحسين بن عبيد الله، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي

 

(1) اي تقول: نعم.

 

[359]

قال: حدثني سلامة بن محمد قال: أنفذ الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه كتاب التأديب إلى قم وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: انظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شئ يخالفكم فكتبوا إليه أنه كله صحيح وما فيه شئ يخالف إلا قوله في الصاع في الفطرة نصف صاع من طعام والطعام عندنا مثل الشعير من كل واحد صاع. قال ابن نوح: وسمعت جماعة من أصحابنا بمصر يذكرون أن أبا سهل النوبختي سئل فقيل له: كيف صار هذا الامر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك فقال: هم أعلم وما اختاروه، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم واناظرهم ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة لعلي كنت أدل على مكانه، وأبو القاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه أو كما قال: وذكر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني في أول كتاب الغيبة الذي صنفه: " وأما ما بيني وبين الرجل المذكور زاد الله في توفيقه فلا مدخل لي في ذلك إلا لمن أدخله فيه لان الجناية علي فاني أنا وليها ". وقال في فصل آخر: " ومن عظمت منة الله عليه، تضاعفت الحجة عليه ولزمه الصدق فيما ساءه وسره وليس ينبغي فيما بيني وبين الله إلا الصدق عن أمره مع عظم جنايته وهذا الرجل منصوب لامر من الامور لا يسع العصابة العدول عنه فيه، وحكم الاسلام مع ذلك جار عليه، كجريه على غيره من المؤمنين " وذكره. وذكر أبو محمد هارون بن موسى قال: قال لي أبو علي بن الجنيد: قال لي أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني: " ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح في هذا الامر إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنا نتهارش على هذا الامر كما تتهارش الكلاب على الجيف ". قال أبو محمد: فلم يلتفت الشيعة إلى هذا القول وأقامت على لعنه والبراءة منه. * (ذكر أمر أبي الحسين علي بن محمد السمري بعد الشيخ أبي القاسم) * * (الحسين بن روح وانقطاع الاعلام به وهم الابواب) * أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه


 

[360]

قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن الحسن بن علي بن زكريا بمدينة السلام قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خليلان قال: حدثني أبي عن جده عتاب من ولد عتاب بن أسيد قال: ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه يوم الجمعة وامه ريحانة ويقال لها: نرجس، ويقال لها: صقيل، ويقال لها: سوسن، إلا أنه قيل بسبب الحمل صقيل وكان مولده لثان خلون من شعبان سنة ست وخمسين ومأتين ووكيله عثمان بن سعيد فلما مات عثمان بن سعيد أوصى إلى أبي جعفر محمد بن عثمان وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين بن روح وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه فلما حضرت السمري رضي الله عنه الوفاة سئل أن يوصي فقال: لله أمر هو بالغه. فالغيبة التامة هي التي وقعت بعد مضي السمري قدس سره. وأخبرني محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن أبي عبد الله أحمد بن محمد الصفواني قال: أوصى الشيخ أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري فقام بما كان إلى أبي القاسم فلما حضرته الوفاة، حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ولمن يقوم مقامه، فلم يظهر شيئا من ذلك وذكر أنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن. وأخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه قال: حدثنا أبو الحسن صالح بن شعيب الطالقاني رحمه الله في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن مخلد قال: حضرت بغداد عند المشايخ رحمهم الله فقال الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه ابتداء منه: رحم الله علي بن الحسين بن بابويه القمي قال: فكتب المشايخ تاريخ ذلك اليوم فورد الخبر أنه توفي في ذلك اليوم ومضى أبو الحسن السمري بعد ذلك في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. ك: صالح بن شعيب مثله. 7 - غط: وأخبرنا جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه


 

[361]

قال: حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفى فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته: " بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك: فانك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الامد وقسوة القلب وامتلاء الارض جورا وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه، فقيل له: من وصيك من بعدك ؟ فقال: لله أمر هو بالغه وقضى فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه. ك: الحسن بن أحمد المكتب مثله. 8 - غط: وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن بابويه قال: حدثني جماعة من أهل قم منهم علي بن بابويه قال: حدثني جماعة من أهل قم منهم علي بن أحمد بن عمران الصفار وقريبه علوية الصفار والحسين بن أحمد بن إدريس رحمهم الله قالوا: حضرنا بغداد في السنة التي توفي فيها أبي رضي الله عنه علي بن الحسين بن موسى بن بابويه، وكان أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه يسألنا كل قريب عن خبر علي بن الحسين رحمه الله فنقول قد ورد الكتاب باستقلاله حتى كان اليوم الذي قبض فيه، فسألنا عنه فذكرنا له مثل ذلك فقال لنا: آجركم الله في علي بن الحسين فقد قبض في هذه الساعة، قالوا فأثبتنا تاريخ الساعة واليوم والشهر، فلما كان بعد سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما ورد الخبر أنه قبض في تلك الساعة التي ذكرها الشيخ أبو الحسن قدس الله روحه. وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أبي العباس بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن -


 

[362]

محمد الكاتب أن قبر أبي الحسن السمري رضي الله عنه في الشارع المعروف بشارع الخلنجي من ربع باب المحول قريب من شاطئ نهر أبي عتاب وذكر أنه مات في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة. 9 - ج: أما الابواب المرضيون والسفراء الممدوحون في زمن الغيبة فأولهم الشيخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري نصبه أولا أبو الحسن علي بن محمد العسكري ثم ابنه أبو محمد الحسن بن علي عليهم السلام فتولى القيام بامورهما حال حياتهما، ثم بعد ذلك قام بأمر صاحب الزمان عليه السلام وكانت توقيعاته وجوابات المسائل تخرج على يديه. فلما مضى لسبيله قام ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه وناب منابه في جميع ذلك فلما مضى قام بذلك أبو القاسم الحسين بن روح من بني نوبخت فلما مضى قام مقامه أبو الحسن علي بن محمد السمري ولم يقم أحد منهم بذلك إلا بنص عليه من قبل صاحب الزمان عليه السلام ونصب صاحبه الذي تقدم عليه فلم تقبل الشيعة قولهم إلا بعد ظهور آية معجزة تظهر على يد كل واحد منهم من قبل صاحب الامر عليه السلام تدل على صدق مقالتهم وصحة نيابتهم. فلما حان رحيل أبي الحسن السمري عن الدنيا وقرب أجله قيل له: إلى من توصي ؟ أخرج توقيعا إليهم نسخته: " بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري " إلى آخر ما نقلنا عن الشيخ رحمه الله. 10 - غط: قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي رحمه الله أخبرنا أبو الحسين بن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن صالح بن أبي صالح قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين ومأتين قبض شئ فامتنعت من ذلك وكتبت أستطلع الرأي فأتاني الجواب: بالري محمد بن جعفر العربي فليدفع إليه فإنه من ثقاتنا.


 

[363]

وروى محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن يوسف الشاشي قال: قال لي محمد بن الحسن الكاتب المروزى وجهت إلى حاجز الوشاء مائتي دينار وكتبت إلى الغريم بذلك فخرج الوصول وذكر أنه كان قبلي ألف دينار وأني وجهت إليه مائتي دينار وقال: إن أردت أن تعامل أحدا فعليك بأبي الحسين الاسدي بالرى. فورد الخبر بوفاة حاجز رضي الله عنه بعد يومين أو ثلاثة فأعلمته بموته فاغتم فقلت له: لاتغتم فان لك في التوقيع إليك دلالتين: إحداهما إعلامه إياك أن المال ألف دينار، والثانية أمره إياك بمعاملة أبي الحسين الاسدي لعلمه بموت حاجز. وبهذا الاسناد عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت قال: عزمت على الحج وتأهبت فورد علي: نحن لذلك كارهون. فضاق صدري واغتممت وكتبت أنا مقيم بالسمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج فوقع: لا يضيقن صدرك، فانك تحج من قابل، فلما كان من قابل استأذنت فورد الجواب فكتبت: أني عادلت محمد ابن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الجواب: الاسدي نعم العديل فان قدم فلا تختره عليه قال: فقدم الاسدي فعادلته. محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن محمد بن شاذان النيشابوري قال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهما فلم احب أن تنقص هذا المقدار فوزنت من عندي عشرين درهما، ودفعتها إلى الاسدي ولم أكتب بخبر نقصانها وأني أتممتها من مالي، فورد الجواب: قد وصلت الخمسمائة التي لك فيها عشرون. ومات الاسدي على ظاهر العدالة لم يتغير ولم يطعن عليه في شهر ربيع الاخر سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. ومنهم أحمد بن إسحاق وجماعة خرج التوقيع في مدحهم: روى أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الرازي قال: كنت وأحمد بن أبي عبد الله بالعسكر فورد علينا رسول من قبل الرجل فقال: أحمد بن إسحاق الاشعري وإبراهيم ابن محمد الهمداني وأحمد بن حمزة بن اليسع ثقات. 11 - ك: محمد بن الحسين بن شاذويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن جعفر


 

[364]

عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا اخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم السلام في سنة اثنتين وستين ومأتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم ثم قالت: والحجة ابن الحسن بن علي فسمته فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبرا ؟ فقالت: خبرا عن أبي محمد كتب به إلى امه فقلت لها: فأين الولد ؟ فقالت: مستورة، فقلت: إلى من تفزع الشيعة ؟ فقالت: إلى الجدة ام أبي محمد عليه السلام فقلت لها: اقتدى بمن (في) وصيته إلى امرأة ؟ فقالت: اقتداء بالحسين بن علي عليه السلام والحسين بن علي أوصى إلى أخته زينب بنت علي في الظاهر وكان ما يخرج عن علي بن الحسين عليه السلام من علم ينسب إلى زينب سترا على علي بن الحسين عليه السلام ثم قالت: إنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة. ك: علي بن أحمد بن مهزيار، عن محمد بن جعفر الاسدي مثله. غط: الكليني، عن محمد بن جعفر مثله. 12 - يج: روي عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: شككت عند وفاة أبي محمد عليه السلام وكان اجتمع عند أبي مال جليل فحمله فركب السفينة وخرجت معه مشيعا له فوعك فقال: ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال وأوصى إلي ومات وقلت لا يوصي أبي بشئ غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق ولا اخبر أحدا فان وضح لي شئ أنفذته وإلا أنفقته فاكتريت دارا على الشط وبقيت أياما فإذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا محمد معك كذا وكذا حتى قص علي جميع ما معي فسلمت المال إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع بي رأس، فاغتممت فخرج إلي: (قد) أقمناك مقام أبيك فاحمد الله. 13 - عم: مما يدل على صحة إمامته عليه السلام النص عليه بذكر غيبته، و صفتها التي يختصها ووقوعها على الحد المذكور من غير اختلاف حتى لم يحرم منه شيئا وليس يجوز في العادات أن تولد جماعة كثيرة كذبا يكون خبرا عن كائن فيتفق ذلك على حسب ما وصفوه.


 

[365]

وإذا كانت أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة عليه السلام بل زمان أبيه وجده حتى تعلقت الكيسانية والناووسية والممطورة بها وأثبتها المحدثون من الشيعة في اصولهم المؤلفة في أيام السيدين الباقر والصادق عليهما السلام وأثروها عن النبي و الائمة عليهم السلام واحد بعد واحد صح بذلك القول في إمامة صاحب الزمان بوجود هذه الصفة له والغيبة المذكورة، في دلائله وأعلام إمامته، وليس يمكن أحدا دفع ذلك. ومن جملة ثقات المحدثين والمصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد وقد صنف كتاب المشيخة الذي هو في اصول الشيعة أشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة فذكر فيه بعض ما أوردناه من أخبار الغيبة فوافق المخبر، وحصل كلما تضمنه الخبر بلا اختلاف. ومن جملة ذلك ما رواه عن إبراهيم الحارثي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له كان أبو جعفر عليه السلام يقول: لآل محمد غيبتان واحدة طويلة والاخرى قصيرة قال: فقال لي: نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الاخرى ثم لا يكون ذلك يعنى ظهوره عليه السلام حتى يختلف ولد فلان وتضيق الحلقة وتظهر السفياني ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل، ويلجؤون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وآله. فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الامر عليه السلام على حسب ما تضمنه الاخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده عليهم السلام أما غيبته القصرى منهما فهي التي كانت سفراؤه فيها موجودين وأبوابه معروفين، لا تختلف الامامية القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم. فمنهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ومحمد بن علي بن بلال وأبو عمرو بن عثمان بن سعيد السمان وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنهما وعمر الاهوازي، وأحمد بن إسحاق وأبو محمد الوجنائي وإبراهيم بن مهزيار ومحمد بن إبراهيم في جماعة اخر ربما يأتي ذكرهم عند الحاجة.


 

[366]

وكانت مدة هذه الغيبة أربعا وسبعين سنة. أقول: ثم ذكر أحوال السفراء الاربعة نحوا مما مر. بيان: الظاهر أن مدة زمان الغيبة من ابتداء إمامته عليه السلام إلى وفاة السمري وهي أقل من سبعين سنة لان ابتداء إمامته عليه السلام على المشهور لثمان خلون من ربيع الاول سنة ستين ومائتين، ووفاة السمري في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة: وعلى ما ذكره في وفاة السمري تنقص سنة أيضا حيث قال توفي في النصف من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولعله جعل ابتداء الغيبة ولادته عليه السلام وذكر الولادة في سنة خمس وخمسين ومائتين فيستقيم على ما ذكره الشيخ من وفاة السمري وعلى ما ذكره ينقص سنة أيضا ولعل ما ذكره من تاريخ السمري سهو من قلمه).


 

[367]

(17) * (باب) * * (ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية والسفارة) * " كذبا وافتراء لعنهم الله " قال الشيخ قدس سره في كتاب الغيبة: أولهم المعروف بالشريعي أخبرنا جماعة، عن أبي محمد التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام قال: كان الشريعي يكنى بأبي محمد. قال هارون: وأظن اسمه كان الحسن وكان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي بعده عليهم السلام وهو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه، ولم يكن أهلا له، وكذب على الله وعلى حججه عليهم السلام ونسب إليهم مالا يليق بهم، وما هم من براء، فلعنه الشيعة، وتبرأت منه وخرج توقيع الامام بلعنه والبراءة منه. قال هارون: ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد قال: وكل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولا على الامام وأنهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم ثم يترقى الامر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعا لعائن الله تترى. ومنهم محمد بن نصير النميري قال ابن نوح: أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد قال: كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام فلما توفي أبو محمد ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنه صاحب إمام الزمان وادعى البابية، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الالحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبريه منه واحتجابه عنه وادعى ذلك الامر بعد الشريعي. قال أبو طالب الانباري: لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرأ منه فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه ورده خائبا.


 

[368]

وقال سعد بن عبد الله: كان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي وأن علي بن محمد عليه السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ ويغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالاجابة للمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم، ويزعم أن ذلك من التواضع والاخبات والتذلل في المفعول به وأنه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات وأن الله عزوجل لا يحرم شيئا من ذلك. وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده أخبرني بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمان بن خاقان أنه رآه عيانا وغلام له على ظهره قال: فلقيته فعاتبته على ذلك فقال: إن هذا من اللذات وهو من التواضع لله وترك التجبر. قال سعد: فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الامر من بعدك ؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد فلم يدر من هو ؟ فافترقوا بعده ثلاث فرق: قالت فرقة أنه أحمد ابنه وفرقة قالت: هو أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات وفرقة قالت: إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرقوا فلا يرجعون إلى شئ. ومنهم أحمد بن هلال الكرخي قال أبو علي بن همام: كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمد عليه السلام فاجتمعت الشيعة على وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان رحمه الله بنص الحسن عليه السلام في حياته ولما مضى الحسن عليه السلام قالت الشيعة الجماعة له: ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه وقد نص عليه الامام المفترض الطاعة فقال لهم: لم أسمعه ينص عليه بالوكالة، وليس انكر أباه يعني عثمان بن سعيد فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه، فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم، ووقف على أبي جعفر فلعنوه وتبرؤا منه. ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن.


 

[369]

ومنهم أبو طاهر محمد بن علي بن بلال وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري نضر الله وجهه وتمسكه بالاموال التي كانت عنده للامام وامتناعه من تسليمها وادعاؤه أنه الوكيل حتى تبرأت الجماعة منه ولعنوه وخرج من صاحب الزمان عليه السلام ما هو معروف. وحكى أبو غالب الزراري قال: حدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال: كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعد ما وقعت الفرقة ثم إنه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب قال: كنت عند أبي طاهر يوما وعنده أخوه أبو الطيب وابن خزر وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال أبو جعفر العمري على الباب ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته للحال التي كانت جرت وقال: يدخل، فدخل أبو جعفر رضي الله عنه فقام له أبو طاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم إلى أن سكتوا. ثم قال: يا أبا طاهر نشدتك الله أو نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان عليه السلام بحمل ما عندك من المال إلي ؟ فقال: اللهم نعم فنهض أبو جعفر رضي الله عنه منصرفا و وقعت على القوم سكتة فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطيب: من أين رأيت صاحب الزمان فقال أبو طاهر أدخلني أبو جعفر رضي الله عنه إلى بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه فقال له أبو الطيب: ومن أين علمت أنه صاحب الزمان عليه السلام قال: وقع علي من الهيبة له، ودخلني من الرعب منه ما علمت أنه صاحب الزمان عليه السلام فكان هذا سبب انقطاعي عنه. ومنهم الحسين بن منصور الحلاج. أخبرنا الحسين بن إبراهيم، عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال: لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أن أبا سهل ابن إسماعيل بن علي البوبختي رضي الله عنه ممن تجوز عليه مخرقته، وتتم عليه حيلته، فوجه إليه يستدعيه، وظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الامر


 

[370]

بفرط جهله، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق ويتصوف بانقياده على غيره، فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والادب أيضا عندهم، ويقول له في مراسلته إياه: إني وكيل صاحب الزمان عليه السلام وبهذا أولا كان يستجر (الجهال) ثم يعلو منه إلى غيره وقد امرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك، لتقوى نفسك، ولا ترتاب بهذا الامر. فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول لك: إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين، وهو أني رجل احب الجواري وأصبو إليهن ولي منهن عدة أتخطاهن والشيب يبعدني عنهن وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة وأتحمل منه مشقة شديدة لاستر عنهن ذلك وإلا انكشف أمري عندهن، فصار القرب بعدا والوصال هجرا، واريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فانني طوع يديك وصائر إليك، وقائل بقولك، وداع إلى مذهبك، مع مالي في ذلك من البصيرة، ولك من المعونة. فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته و جهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ولم يرسل إليه رسولا وصيره أبو سهل رضي الله عنه احدوثة وضحكة ويطنز به عند كل أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سببا لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه. وأخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاج صار إلى قم وكاتب قرابة أبي الحسن (والد الصدوق) يستدعيه ويستدعي أبا الحسن أيضا ويقول: أنا رسول الامام ووكيله، قال: فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها وقال لموصلها إليه: ما أفرغك للجهالات ؟ فقال له الرجل وأظن أنه قال: إنه ابن عمته أو ابن عمه فان الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته وضحكوا منه وهزؤوا به، ثم نهض إلى دكانه ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه.


 

[371]

قال: فلما دخل إلى الدار التي كان فيها دكانه نهض له من كان هناك جالسا غير رجل رآه جالسا في الموضع فلم ينهض له ولم يعرفه أبي فلما جلس و أخرج حسابه ودواته كما تكون التجار أقبل على بعض من كان حاضرا فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه وقال له: تسأل عني وأنا حاضر فقال له أبي: أكبرتك أيها الرجل وأعظمت قدرك أن أسألك فقال له: تخرق رقعتي وأنا اشاهدك تخرقها فقال له أبي: فأنت الرجل إذا. ثم قال: يا غلام برجله وبقفاه فخرج من الدار العدو لله ولرسوله ثم قال له: أتدعي المعجزات ؟ عليك لعنة الله، أو كما قال، فاخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم. ومنهم ابن أبي العزاقر أخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قال: حدثتني الكبيرة ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنها قالت: كان أبو جعفر ابن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام، وذاك أن الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه وأرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلة وجاها فكان عند ارتداده يحكي كل كذب وبلاء وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه ويأخذونه عنه، حتى انكشف ذلك لابي القاسم فأنكره وأعظمه ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا وأقاموا على توليه. وذاك أنه كان يقول لهم: إنني أذعت السر وقد اخذ علي الكتمان فعوقبت بالابعاد بعد الاختصاص لان الامر عظيم لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكد في نفوسهم عظم الامر وجلالته. فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه و ممن تابعه على قوله، وأقام على توليه، فلما وصل إليهم أظهروه على فبكى بكاء عظيما ثم قال: إن لهذا القول باطنا عظيما وهو أن اللعنة الابعاد، فمعنى قوله: لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار، والان قد عرفت منزلتي ومرغ خديه


 

[372]

على التراب وقال: عليكم بالكتمان لهذا الامر. قالت الكبيرة رضي الله عنها: وقد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن ام أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوما وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتى انكبت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك وقلت لها: مهلا ياستي (1) فان هذا أمر عظيم، وانكببت على يدها فبكت. ثم قالت: كيف لا أفعل بك هذا وأنت مولاتي فاطمة ؟ فقلت لها: وكيف ذاك ياستي فقالت لي: إن الشيخ يعني أبا جعفر محمد بن علي خرج إلينا بالستر قالت: فقلت لها: وما الستر ؟ قالت: قد اخذ علينا كتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت، قالت: وأعطيتها موثقا أني لا أكشفه لاحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه يعني أبا القاسم الحسين بن روح. قالت: إن الشيخ أبا جعفر قال لنا: إن روح رسول الله صلى الله عليه وآله انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنه، وروح أمير المؤمنين علي عليه السلام انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة عليها السلام انتقلت إليك فكيف لااعظمك ياستنا. فقلت لها: مهلا لا تفعلي فان هذا كذب ياستنا. فقالت لي: سر عظيم وقد اخذ علينا أن لانكشف هذا لاحد فالله الله في لا يحل بي العذاب وياستي لو (لا) حملتني على كشفه ما كشفته لك ولا لاحد غيرك. قالت الكبيرة ام كلثوم رضي الله عنها: فلما انصرفت من عندها دخلت إلى

 

(1) قال الفيروزآبادي: " وستى " للمرأة أي ياست جهاتي، أو لحن والصواب سيدتي. وقال الشارح: ويحتمل أن الاصل سيدتي فحذف بعض حروف الكلمة، وله نظائر قاله الشهاب القاسمي، وأنشدنا غير واحد من مشايخنا للبهاء زهير: بروحى من اسميها بستى * فينظر لى النحاة بعين مقت يرون بأننى قد قلت لحنا * وكيف واننى لزهير وقتى ولكن غادة ملكت جهاتي * فلا لحن إذا ما قلت ستى

 

[373]

الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه فأخبرته بالقصة وكان يثق بي ويركن إلى قولي فقال لي: يا بنية إياك أن تمضي إلى هذه المرأة بعد ما جرى منها، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك، ولا رسولا إن أنفذته إليك، ولا تلقاها بعد قولها فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا إلى أن يقول لهم: بأن الله تعالى اتحد به، وحل فيه، كما تقول النصارى في المسيح عليه السلام ويعدو إلى قول الحلاج لعنه الله. قالت: فهجرت بني بسطام، وتركت المضي إليهم ولم أقبل لهم عذرا ولا لقيت امهم بعدها، وشاع في بني نوبخت الحديث فلم يبق أحد إلا وتقدم إليه الشيخ أبو القاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه ومن يتولاه ورضي بقوله أو كلمه فضلا عن موالاته. ثم ظهر التوقيع من صاحب الزمان عليه السلام بلعن أبي جعفر محمد بن علي والبراءة منه وممن تابعه وشايعه ورضي بقوله، وأقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع. وله حكايات قبيحة وامور فظيعة تنزه كتابنا عن ذكرها، ذكرها ابن نوح وغيره، وكان سبب قتله أنه لما أظهر لعنه أبو القاسم بن روح واشتهر أمره وتبرأ منه وأمر جميع الشيعة بذلك، لم يمكنه التلبيس، فقال في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة وكل يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعنه والبراءة منه: أجمعوا بيني وبينه حتى آخذ يده ويأخذ بيدي فان لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه وإلا فجميع ما قاله في حق ورقي ذلك إلى الراضي لانه كان ذلك في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه وقتله فقتل واستراحت الشيعة منه. وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود: كان محمد بن الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنه الله يعتقد القول بحمل الضد، ومعناه أنه لا يتهيأ إظهار فضيلة للولي إلا بطعن الضد فيه، لانه يحمل السامع طعنه على طلب فضيلته فاذن هو أفضل من الولي إذ لا يتهيأ إظهار الفضل إلا به، وساقوا المذهب من وقت آدم الاول إلى آدم السابع لانهم قالوا: سبع عوالم وسبع أوادم، ونزلوا إلى موسى وفرعون


 

[374]

ومحمد وعلي مع أبي بكر ومعاوية. وأما في الضد فقال بعضهم: الولي ينصب الضد ويحمله على ذلك كما قال قوم من أصحاب الظاهر: إن علي بن أبيطالب نصب أبا بكر في ذلك المقام وقال بعضهم: لا ولكن هو قديم معه لم يزل قالوا: والقائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنه من ولد الحادي عشر فانه يقوم، معناه إبليس لانه قال: فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ولم يسجد ثم قال: " لاقعدن لهم صراطك المستقيم " فدل على أنه كان قائما في وقت ما امر بالسجود ثم قعد بعد ذلك، وقوله: يقوم القائم إنما هو ذلك القائم الذي امر بالسجود فأبى وهو إبليس لعنه الله. وقال شاعرهم لعنهم الله: يا لاعنا بالضد من عدى * ما الضد إلا ظاهر الولي والحمد للمهيمن الوفي * لست على حال كهمامي ولا حجامي ولا جغدي * قد فقت من قول على الفهدي نعم وجاوزت مدى العبد * فوق عظيم ليس بالمجوسي لانه الفرد بلا كيف * متحد بكل أوحدي مخالط للنوري والظلمي * يا طالبا من بيت هاشمي وجاحدا من بيت كسروي * قد غاب في نسبة أعجمي في الفارسي الحسب الرضي * كما التوى في العرب من لوي وقال الصفواني: سمعت أبا علي بن همام يقول: سمعت محمد بن علي العزاقري الشلمغاني يقول: الحق واحد وإنما تختلف قمصه فيوم يكن في أبيض ويوم يكون في أحمر، ويوم يكون في أزرق. قال ابن همام: فهذا أول ما أنكرته من قوله لانه قول أصحاب الحلول. وأخبرنا جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى، عن أبي علي محمد بن همام أن محمد بن علي الشلمغاني لم يكن قط بابا إلى أبي القاسم، ولا طريقا له ولا نصبه أبو القاسم بشئ من ذلك على وجه ولا سبب ومن قال بذلك فقد أبطل وإنما كان


 

[375]

فقيها من فقهائنا فخلط وظهر عنه ما ظهر، وانتشر الكفر والالحاد عنه. فخرج فيه التوقيع على يد أبي القاسم بلعنه والبراءة منه وممن تابعه وشايعه وقال بقوله. وأخبرني الحسين بن إبراهيم، عن أحمد بن علي بن نوح، عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد الحامدي البزاز المعروف بغلام أبي علي بن جعفر المعروف بابن رهومة النوبختي وكان شيخا مستورا قال: سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول: لما عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف قال الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه: اطلبوه إلي لانظره فجاؤا به فقرأه من أوله إلى آخره فقال: ما فيه شئ إلا وقد روى عن الائمة (في) موضعين أو ثلاثة فانه كذب عليهم في روايتها لعنه الله. وأخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود وأبي عبد الله الحسين ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أنهما قالا: مما أخطأ محمد بن علي في المذهب في باب الشهادة أنه روى عن العالم أنه قال: إذا كان لاخيك المؤمن على رجل حق فدفعه عنه، ولم يكن له من البينة عليه إلا شاهد واحد وكان الشاهد ثقة رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثل ما يشهد عنده لئلا يتوى حق امرءي مسلم (1).

 

(1) هذا الخبر بعينه يوجد في الكتاب المعروف بفقه الرضا عليه السلام في باب الشهادات، وهذا مما يشهد على أن الكتاب كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغاني. ومن ذلك أنه يوجد في هذا الكتاب عند تحديد الكر أن العلامة في ذلك أن تأخذ الحجر فترمى به في وسطه فان بلغت أمواجه من الحجر جنبى الغدير فهو دون الكر وان لم يبلغ فهو كر لا ينجسه شئ. وهذا التحديد لم ينقل الا من الشلمغاني. وان أخذه من قول أصحاب اللغة كما في فقه اللغه للثعالبي. ومن ذلك ما نقله النوري في المستدرك ج 3 ص 210 عن غوالى اللئالى نقلا عن كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، عن العالم عليه السلام رواية، ثم ينقل عينها عن كتاب فقه الرضا. مذيلا بكلام في معناه. فترى ان ابن أبي جمهور الاحسائي كان يعرف الكتاب أنه كتاب التكليف وينقل عنه ما يرويه ويترك فيه ما يراه في معنى الحديث لانه ليس من الحديث بشئ.

 

[376]

واللفظ لابن بابويه وقال: هذا كذب منه ولسنا نعرف ذلك وقال في موضع آخر: كذب فيه. نسخة التوقيع الخارج في لعنه: أخبرنا جماعة: عن أبي محمد هارون بن موسى قال: حدثنا محمد بن همام قال: خرج على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة في ابن أبي العزاقر والمداد رطب لم يجف. وأخبرنا جماعة، عن ابن داود قال: خرج التوقيع من الحسين بن روح في الشلمغاني وأنفذ نسخته إلى أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. قال ابن نوح: وحدثنا أبو الفتح أحمد بن ذكا مولى علي بن محمد بن الفرات قال: أخبرنا أبو علي بن همان بن سهيل بتوقيع خرج في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة. وقال محمد بن الحسن بن جعفر بن اسماعيل بن صالح الصيمري: أنفذ الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه من مجلسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي علي ابن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة وأملاه أبو علي علي وعرفني أن أبا القاسم رضي الله عنه راجع في ترك إظهاره فانه في يد القوم وحبسهم فأمر بإظهاره وأن لا يخشى ويأمن فتخلص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدة يسيرة والحمد لله. التوقيع: عرف قال الصيمري: عرفك الله الخير أطال الله بقاءك وعرفك الخير كله وختم به عملك، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أسعدكم الله وقال ابن داود: أدام الله سعادتكم من تسكن إلى دينه وتثق بنيته جميعا بأن محمد بن علي المعروف الشلمغاني زاد ابن داود: وهو ممن عجل الله له النقمة ولا أمهله قد ارتد عن الاسلام وفارقه اتفقوا (1) وألحد في دين الله وادعى ما كفر معه بالخالق قال هارون: فيه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما عظيما

 

(1) يعنى الرواة.

 

[377]

قال هارون: وأمرا عظيما كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا وإننا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته و بركاته عليهم منه ولعناه عليه لعائن الله اتفقوا زاد ابن داود: تترى في الظاهر منا والباطن في السر والجهر وفي كل وقت وعلى كل حال وعلى من شايعه وبايعه أو بلغه هذا القول منا وأقام على توليه بعده وأعلمهم قال الصيمري: تولاكم الله قال ابن ذكا: أعزكم الله أنا من التوقي وقال ابن داود: اعلم أننا من التوقي له قال هارون: وأعلمهم أننا في التوقي والمحاذرة منه قال ابن داود وهارون: على مثل ما كان ممن تقدمنا لنظرائه قال الصيمري: على ماكنا عليه ممن تقدمه والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم، وعادة الله قال ابن داود وهارون: جل ثناؤه واتفقوا مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإياه نستعين وهو حسبنا في كل امورنا ونعم الوكيل. قال هارون وأخذ أبو علي هذا التوقيع ولم يدع أحدا من الشيوخ إلا وأقرأه إياه وكوتب من بعد منهم بنسخته في سائر الامصار فاشتهر ذلك في الطائفة فاجتمعت على لعنه والبراءة منه. وقتل محمد بن علي الشلمغاني في سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة. * " (ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر) " * * " (محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وأبي دلف المجنون) " * أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول: أما أبو دلف الكاتب لاحاطه الله فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ثم جن وسلسل ثم صار مفوضا وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ولا


 

[378]

عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة والجماعة تتبرا عنه وممن يومي إليه وينمس به. وقد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه فأنكر ذلك وحلف عليه فقبلنا ذلك منه فلما دخل بغداد مال إليه وعدل من الطائفة و أوصى إليه لم نشك أنه على مذهبه فلعناه وبرئنا منه لان عندنا أن كل من ادعى الامر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل وبالله التوفيق. وذكر أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكري قال: لما قدم ابن محمد بن الحسن ابن الوليد القمي من قبل أبيه والجماعة وسألوه عن الامر الذي حكي فيه من النيابة أنكر ذلك وقال: ليس إلي من هذا الامر شئ ولا ادعيت شيئا من هذا وكنت حاضرا لمخاطبته إياه بالبصرة. وذكر ابن عياش قال: اجتمعت يوما مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي: تعلم من أين كان فضل سيدنا الشيخ قدس الله روحه وقدس به على أبي القاسم الحسين بن روح وعلى غيره ؟ فقلت له: ما أعرف. قال: لان أبا جعفر محمد بن عثمان قدم اسمه على اسمه في وصيته قال: فقلت له: فالمنصور إذا أفضل من مولانا أبي الحسن موسى عليه السلام قال: وكيف ؟ قلت: لان الصادق قدم اسمه على اسمه في الوصية. فقال لي: أنت تتعصب على سيدنا وتعاديه، فقلت: الخلق كلهم تعادي أبا بكر البغدادي وتتعصب عليه، غيرك وحدك، وكدنا نتقاتل ونأخذ بالازياق (1). وأمر أبي بكر البغدادي في قلة العلم والمروءة أشهر وجنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لانشغل كتابنا بذلك ولا نطول بذكره ذكر ابن نوح طرفا من ذلك. وروى أبو محمد هارون بن موسى عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الابرارورى قال: أنفذني أبي عبد الرحيم إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شئ كان بيني وبينه فحضرت مجلسه وفيه جماعة من أصحابنا وهم يتذاكرون

 

(1) الازياق جمع زيق وهو من القميص ما أحاط منه بالعنق. (*)

 

[379]

شيئا من الروايات وما قاله الصادقون عليهم السلام حتى أقبل أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي جعفر العمري فلما بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة: أمسكوا فان هذا الجائي ليس من أصحابكم. وحكى أنه توكل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدة طويلة وجمع مالا عظيما فسعي به إلى اليزيدي فقبض عليه وصادره وضربه على ام رأسه حتى نزل الماء في عينيه فمات أبو بكر ضريرا. وقال أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت ام كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه: إن أبا دلف محمد بن مظفر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمسا (1) مشهورا بذلك لانه كان تربية الكرخيين وتلميذهم وصنيعتهم و كان الكرخيون مخمسة لا يشك في ذلك أحد من الشيعة، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به ويقول: نقلي سيدنا الشيخ الصالح قدس الله روحه ونور ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي. وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا. قد ذكرنا جملا من أخبار السفراء والابواب في زمان الغيبة لان صحة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان، وفي ثبوت وكالتهم، وظهور المعجزات على أيديهم، دليل واضح على إمامة من ائتموا إليه فلذلك ذكرنا هذا، فليس لاحد أن يقول: ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلق بالكلام في الغيبة، لانا قد بينا فائدة ذلك، فسقط هذا الاعتراض. بيان: زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه.

 

(1) هم فرقة من الغلاة يقولون بألوهية أصحاب الكساء الخمسة: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بأنهم نور واحد الروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد على الآخر راجع الملل والنحل للشهرستاني بهامش الفصل ج 2 ص 13.

 

[380]

2 - ج: روى أصحابنا أن أبا محمد الحسن الشريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي عليهم السلام وهو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان عليه السلام، وكذب على الله وعلى حججه عليهم السلام ونسب إليهم مالا يليق بهم، وماهم منه براء. ثم ظهر منه القول بالكفر والالحاد، وكذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام فلما توفي ادعى النيابة لصاحب الزمان عليه السلام ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الالحاد والغلو والقول بالتناسخ، وقد كان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد عليه السلام ويقول فيه بالربوبية: ويقول بالاجاة للمحارم. وكان أيضا من جملة الغلاة أحمد بن هلال الكرخي (1) وقد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد عليه السلام ثم تغير عما كان عليه وأنكر نيابة أبي جعفر محمد بن عثمان، فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الامر بالبراءة منه في جملة من لعن وتبرأ منه. وكذلك كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال: والحسين بن منصور الحلاج ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنهم الله، فخرج التوقيع بلعنهم والبراءة منهم جميعا على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح نسخته: " أعرف أطال الله بقاءك، وعرفك الخير كله، وختم به عملك، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة ولا أمهله، قد ارتد عن الاسلام وفارقه وألحد في دين الله و ادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما والبراءة منهم جميعا على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح نسخته: " أعرف أطال الله بقاءك، وعرفك الخير كله، وختم به عملك، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة ولا أمهله، قد ارتد عن الاسلام وفارقه وألحد في دين الله و ادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما

 

(1) وهو أبو جعفر العبرتائى قد روى أكثر اصول أصحابنا كما عرفت روايته في شطر من الاخبار الماضية في هذا الكتاب، فحيث كان له حال استقامة وتخليط يعمل بما رواه في حال استقامته، قال الشيخ في العدة: ولذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائى.

 

[381]

عظيما، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا، وإنا برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم منه ولعناه، عليه لعائن الله تترى، في الظاهر منا والباطن، في السر والجهر وفي كل وقت وعلى كل حال، وعلى من شايعه وتابعه وبلغه هذا القول منا فأقام على توليه بعده. وأعلمهم تولاكم الله أننا في التوقي والمحاذرة منه على مثل ما كانا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم، و عادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة، وبه نثق وإياه نستعين، وهو حسبنا في كل امورنا ونعم الوكيل. إلى هنا ينتهي الجزء الاول من المجلد الثالث عشر ويليه الجزء الثاني وأوله باب ذكر من رآه صلوات الله عليه.