بحار الانوار الجزء
68
العلامة المجلسي
[1]
بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة
الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس
الله سره " الجزء الثامن والستون دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان الطبعة
الثالثة المصححة 1403 ه. 1983 م دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان - بناية
كليوباترا - شارع دكاش - ص. ب 7957 / 11 تلفون المستودع: 274696 - 32. 273 - 278766
- المنزل 711. 83 - 717. 83 برقيا: التراث - تلكس 44632 / LE تراث
[1]
بسم الله الرحمن الرحيم (60) (باب) *
(الصدق والمواضع التى يجوز تركه) * * (فيها، ولزوم أداء الامانة) * الايات:
المائدة: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الانهار
خالدين فيها أبدارضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم (1) الانعام: قال هذا
ربي (2) التوبة: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (3) يوسف: ثم
أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون (4) الانبياء: قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم
إن كانوا ينطقون (5) الاحزاب: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا * ليجزي الله الصادقين بصدقهم (6) الزمر:
الذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون * لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء
المحسنين * ليكفر الله عنهم أسوء الذي عملوا ويجزيهم أجرهم
(1) المائدة: 119 (2) الانعام: 76 (3)
براءة: 119. (4) يوسف: 70 (5) الانبياء: 63 (6) الاحزاب: 24 - 23.
[2]
بأحسن الذي كانوا يعملون (1) الحشر: اولئك
هم الصادقون (2) 1 - كا، عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين
ابن أبي العلا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل لم يبعث نبيا إلا
بصدق الحديث وأداء الامانة إلى البر والفاجر (3) تبيين: " إلا بصدق الحديث " أي
متصفا بهما أو كان الامر بهما في شريعته وقد مر أنه يحتمل شمول الامانة لجميع حقوق
الله، وحقوق الخلق، لكن الظاهر منه أداء كل حق ائتمنك عليه إنسان برا كان أو فاجرا،
والظاهر أن الفاجر يشمل الكافر أيضا فيدل على عدم جواز الخيانة بل التقاص أيضا في
ودائع الكفار وأماناتهم واختلف الاصحاب في التقاص مع تحقق شرايطه في الوديعة، فذهب
الشيخ في الاستبصار وأكثر المتأخرين إلى الجواز على كراهة وذهب الشيخ في النهاية
وجماعة إلى التحريم، والاخبار مختلفة، وسيأتي تحقيقه في محله إنشاء الله وستأتي
الاخبار في وجوب أداء الامانة والوديعة إلى الكافر وإلى قاتل علي صلوات الله عليه
(4) 2 - كا، عن محمد بن يحيى، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار و غيره، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: لا تغتروا بصلاتهم ولا بصيامهم، فان الرجل ربما لهج
بالصلاة والصوم، حتى لوتر كه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الامانة
(5) بيان: قال الجوهري اغتر بالشئ خدع به، وقال: اللهج بالشئ الولوع وقد لهج به
بالكسر يلهج لهجا إذا اغري به، فثابر عليه انتهى، وحاصل الحديث أن كثرة الصلاة
والصوم ليست مما يختبر به صلاح المرء وخوفه من الله
(1) الزمر: 33 - 35 (2) الحشر: 8 (3) راجع
ج 75 ص 113 - 117 (4 و 5) الكافي ج 2 ص 104.
[3]
تعالى، فانها من الافعال الظاهرة التي
لابد للمرء من الاتيان بها خوفا أو طمعا ورياء لاسيما للمتسمين بالصلاح، فيأتون بها
من غير إخلاص حتى يعتادونها، ولا غرض لهم في تركها غالبا، والدواعي الدنيوية في
فعلها لهم كثيرة، بخلاف الصدق وأداء الامانة فانهما من الامور الخفية وظهور خلافهما
على الناس نادر، و الدواعي الدنيوية على تركهما كثيرة، فاختبروهم بهما، لان الاتي
بهما غالبا من أهل الصلاح والخوف من الله، مع أنهما من الصفات الحسنة التي تدعو إلى
كثير من الخيرات، وبهما تحصل كمال النفس، وإن لم تكونا لله، وأيضا الصدق يمنع كون
العمل لغير الله، فان الرياء حقيقة من أقبح أنواع الكذب، كما يومئ إليه الخبر الاتي
3 - كا: عن العدة، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن مثنى الحناط، عن محمد بن مسلم، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من صدق لسانه زكا عمله (1) بيان: " زكا عمله " أي
يصير عمله بسببه زاكيا أي ناميا في الثواب، لانه إنما يتقبل الله من المتقين، وهومن
أعظم أركان التقوى، أو كثيرا لان الصدق مع الله يوجب الاتيان بما أمر الله، والصدق
مع الخلق أيضا يوجب ذلك، لانه إذا سئل عن عمل هل يفعله ؟ - ولم يفعله - لا يمكنه
ادعاء فعله، فيأتي بذلك، ولعله بعد ذلك يصير خالصا لله أويقال: لما كان الصدق لازما
للخوف، والخوف ملزوما لكثرة الاعمال فالصدق ملزوم لها أو المعنى طهر عمله من
الرياء، فانها نوع من الكذب، كما أشرنا إليه في الخبر السابق، وفي بعض النسخ زكي
على المجهول من بناء التفعيل، بمعنى القبول أي يمدح الله عمله ويقبله، فيرجع إلى
المعنى الاول ويؤيده. 4 - كا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن
سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال لي أبو جعفر (عليه
السلام) في أول دخلة دخلت عليه: تعلموا الصدق قبل الحديث (2)
(1 و 2) الكافي 2 ص 104.
[4]
بيان: " الدخلة " مصدر كالجلسة وإن لم
يذكر بخصوصه في اللغة " تعلموا الصدق " أي قواعده كجواز النقل بالمعنى، ونسبة
الحديث المأخوذ عن واحد من الائمة إلى آبائه أو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أو تبعيض الحديث وأمثال ذلك، أو يكون تعلمه كناية عن العمل به، والتمرن عليه على
المشاكلة، أو المراد تعلم وجوبه ولزومه وحرمة تركه " قبل الحديث " أي قبل سماع
الحديث منا وروايته وضبطه ونقله، وهذا يناسب أول دخوله فانه كان مريدا لسماع الحديث
منه (عليه السلام) ولم يسمع بعد، هذا ما أفهمه، وقيل فيه وجوه مبنية على أن المراد
بالحديث التكلم لا، الحديث بالمعنى المصطلح الاول أن المراد التفكر في الكلام ليعرف
الصدق فيما يتكلم به، ومثله قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لسان العاقل وراء
قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه (1) يعني أن العاقل يعلم الصدق والكذب أولا ويتفكر
فيما يقول ثم يقول ما هو الحق والصدق، والاحمق يتكلم ويقول من غير تأمل وتفكر،
فيتكلم بالكذب والباطل كثيرا الثاني: أن لا يكون قبل متعلقا بتعلموا بل يكون بدلا
من قوله: في أول دخلة الثالث: أن يكون قبل متعلقا بقال، أي قال (عليه السلام):
ابتداء قبل التكلم بكلام آخر: تعلموا الرابع: أن يكون المعنى تعلموا الصدق قبل تعلم
آداب التكلم من القواعد العربية والفصاحة والبلاغة وأمثالها، ولا يخفى بعد الجميع
لاسيما الثاني والثالث وكون ما ذكرنا أظهر وأنسب 5 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن
عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي كهمش قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): عبد الله
بن أبي يعفور يقرئك السلام قال: عليك
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 153.
[5]
و (عليه السلام) إذا أتيت عبد الله فأقرئه
السلام وقل له: إن جعفر ابن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به علي (عليه السلام) عند
رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالزمه، فان عليا (عليه السلام) إنما بلغ ما بلغ
(به) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصدق الحديث وأداء الامانة (1) بيان: ما
بلغ به علي (عليه السلام) " كأن مفعول البلوغ محذوف أي انظر الشئ الذي بسببه بلغ
علي (عليه السلام) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) المبلغ الذي بلغه من القرب
والمنزلة، وقوله: بعد ذلك " ما بلغ به " كأنه زيدت كلمة به من النساخ، وليست في بعض
النسخ، وعلى تقديرها كان الباء زائدة فانه يقال: بلغت المنزل أو الدار وقد يقال:
بلغت إليه بتضمين فيمكن أن يكون الباء بمعنى إلى ويحتمل على بعد أن يكون قوله: "
فان عليا " تعليلا للزوم، وضمير به راجعا إلى الموصول فيما بلغ به أولا، وقوله: "
بصدق الحديث " كلاما مستأنفا متعلقا بفعل مقد رأي بلغ ذلك بصدق الحديث 6 - كا: عن
علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي إسماعيل البصري عن الفضيل بن يسار قال: قال
أبو عبد الله (عليه السلام): يا فضيل إن الصادق أول من يصدقه الله عزوجل، يعلم أنه
صادق، وتصدقه نفسه تعلم أنه صادق (2) 7 - كا: بالاسناد، عن ابن أبي عمير، عن منصور
بن حازم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنما سمي إسماعيل صادق الوعد لانه وعد
رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة، فسماه الله عزوجل صادق الوعد ثم إن الرجل
أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل: مازلت منتظرا لك (3) بيان: اختلف المفسرون في
إسماعيل المذكور في هذه الاية، قال الطبرسي رحمه الله: هو إسماعيل بن إبراهيم و "
إنه كان صادق الوعد " (4) إذا وعد بشئ
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 104. (3) الكافي ج 2
ص 105. (4) مريم: 54.
[6]
وفابه ولم يخلف " وكان " مع ذلك " رسولا "
إلى جرهم " نبيا " رفيع الشأن عالي القدر، وقال ابن عباس: إنه واعد رجلا أن ينتظره
في مكان ونسي الرجل فانتظره سنة حتى أتاه الرجل، وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه
السلام) وقيل: أقام ينتظره ثلاثة أيام عن مقاتل، وقيل: إن إسماعيل بن إبراهيم (عليه
السلام) مات قبل أبيه إبراهيم وإن هذا هو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قوم
فسلخوا جلدة وجهه وفروة رأسه، فخيره الله فيما شاء من عذابهم فاستعفاه، ورضي
بثوابه، وفوض أمره إلى الله في عفوه وعقابه، ورواه أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه
السلام) ثم قال في آخره: أتاه ملك من ربه يقرئه السلام ويقول: قد رأيت ما صنع بك،
وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت، فقال: يكون لي بالحسين اسوة (1) 8 - كا: عن أبي
علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر الخزاز عن جده الربيع بن سعد قال:
قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا ربيع إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صديقا (2)
بيان: " الصديق " مبالغة في الصدق أو التصديق والايمان بالرسول قولا و فعلا قال
الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى " إنه كان صديقا " (3) أي كثير التصديق في امور
الدين عن الجبائي، وقيل: صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن الله (4) و قال
الراغب: الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره ولا
يكونان بالقصد الاول إلا في القول ولا يكونان من القول إلا في الخبر دون غيره من
أصناف الكلام، وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام: الاستفهام والامر
والدعاء وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار فان في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال
زيد، وكذا إذا قال: واسني، في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة
(1) مجمع البيان ج 6 ص 518. (2) الكافي ج
2 ص 105. (3) مريم: 41. (4) مجمع البيان ج 6 ص 516.
[7]
وإذا قال: لا تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه،
والصديق من كثر منه الصدق، وقيل بل يقال ذلك لمن لم يكذب قط وقيل: بل لمن لا يتأتى
منه الكذب لتعوده الصدق وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، فالصديقون
هم قوم دوين الانبياء في الفضيلة، وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحق ويحصل في
الاعتقاد نحو صدق ظني وكذب، ويستعملان في أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا
وفى حقه، وفعل على ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك، قال الله
تعالى " رجل صدقوا ما عاهدوا الله عليه " (1) أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم
وقوله " ليسئل الصادقين عن صدقهم (2) أي يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها على
أنه لا يكفي الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل (3) 7 - كا: عن العدة، عن أحمد بن
محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: إن العبد ليصدق حتى يكتب عند الله الصادقين ويكذب حتى يكتب عند الله
من الكاذبين، فإذا صدق قال الله عزو جل صدق وبر، وإذا كذب قال الله عزوجل كذب وفجر
(4) توضيح: يدل على رفعة درجة الصادقين عند الله، وقال الراغب: البر التوسع في فعل
الخير، ويستعمل في الصدق لكونه بعض الخيرات المتوسع فيه، وبر العبد ربه توسع في
طاعته (5) وقال سمي الكاذب فاجرا لكون الكذب بعض الفجور (6) 8 - كا: عن العدة، عن
ابن محبوب، عن العلا بن رزين، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم،: ليروا
(1) الاحزاب: 23. (2) الاحزاب: 8. (3)
مفردات غريب القرآن 277. (4) الكافي ج 2 ص 105. (5 و 6) المفردات ص 40 و 373.
[8]
منكم الاجتهاد والصدق والورع (1) بيان: "
بغير ألسنتكم " أي بجوار حكم وأعمالكم الصادرة عنها، وإن كان اللسان أيضا داخلا
فيها من جهة الاعمال، لامن جهة الدعوة الصريحة، و الاجتهاد المبالغة في الطاعات،
والورع اجتناب المنهيات والشبهات كما مر 9 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن
علي بن الحكم قال: قال أبو الوليد حسن بن زياد الصيقل قال أبو عبد الله (عليه
السلام): من صدق لسانه زكا عمله ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بأهل بيته
مدله في عمره (2) ايضاح: " من حسنت نيته " أي عزمه على الطاعات أو على إيصال النفع
إلى العباد أو سريرته في معاملة الخلق بأن يكون ناصحا لهم غير مبطن لهم غشا وعداوة
وخديعة، أوفي معاملة الله أيضا بأن يكون مخلصا ولايكون مرائيا ولا يكون عازما على
المعاصي ومبطنا خلاف ما يظهر من مخافة الله عزوجل والمراد بأهل بيته عياله أو الاعم
منهم ومن أقاربه بالتوسعة عليهم وحسن المعاشرة معهم 10 - كا: عن محمد بن يحيى، عن
أبي طالب رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل
وسجوده، فان ذلك شئ قد اعتاده، فلوتر كه استوحش لذلك، ولكن انظروا إلى صدق حديثه
وأداء أمانته (3) بيان: المراد بطول الركوع والسجود حقيقته أو كناية عن كثرة الصلاة
والاول أظهر. أقول: قد مضى أخبار الباب في باب جوامع المكارم (4) وباب صفات المؤمن
11 - ل: أبي، عن سعد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبي الحسين ابن الحضرمي، عن
موسى بن القاسم البجلي، عن جميل بن دراج، عن محمد بن سعيد، عن المحاربي، عن جعفر بن
محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه
وآله): ثلاث يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 105. (4) راجع ج 69
ص 332.
[9]
والاصلاح بين الناس، وقال: ثلاث يقبح فيهن
الصدق: النميمة وإخبارك الرجل عن أهله بما يكرهه، وتكذيبك الرجل عن الخبر، وقال:
ثلاثة مجالستهم تميت القلب: مجالسة الانذال، والحديث مع النساء، ومجالسة الاغنياء
(1) 12 - لى: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): أي الناس أكرم ؟ قال: من صدق في
المواطن (2) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): زينة الحديث الصدق (3) 13 - ن
(4) لى: أبي، عن أحمد بن علي التفليسي، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن أبي جعفر
الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا تنظروا إلى
كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل ولكن انظروا إلى صدق
الحديث وأداء الامانة (5) 14 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن يعقوب بن
زياد، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن جده إسحاق بن جعفر، عن أخيه موسى
عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير
فاعله (6) 15 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الزموا الصدق فانه
منجاة (7) 16 - فس: هارون، عن ابن صدقة، عن رجل من ولد عدي بن حاتم، عن
(1) الخصال ج 2 ص 43. (2) أمالى الصدوق ص
238. (3) أمالى الصدوق ص 292. (4) عيون الاخبار ج 2 ص 51. (5) أمالى الصدوق ص 182.
(6) أمالى الطوسى ج 1 ص 226. (7) الخصال ج 2 ص 157.
[10]
أبيه، عن جده عدي بن حاتم وكان مع علي
صلوات الله عليه في حروبه أن عليا (عليه السلام) قال ليلة الهرير بصفين حين التقى
مع معاوية رافعا صوته يسمع أصحابه: لاقتلن معاوية وأصحابه، ثم قال: في آخر قوله:
إنشاء الله يخفض به صوته وكنت منه قريبا فقلت: يا أمير المؤمنين إنك حلفت على ما
قلت، ثم استثنيت فما أردت بذلك ؟ فقال (عليه السلام): إن الحرب خدعة وأنا عند
أصحابي صدوق فأردت أن اطمع أصحابي في قولي كيلا يفشلوا ولا يفروا، فافهم فانك تنتفع
بها بعد إنشاء الله (1) 17 - ثو: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن
اليقطيني، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: إن العبد إذا صدق كان أول من يصدقه الله ونفسه تعلم إنه صادق، وإذا
كذب كان أول من يكذبه الله ونفسه تعلم أنه كاذب (2) 18 - مص: قال الصادق (عليه
السلام): الصدق نور غير متشعشع إلا في عالمه كالشمس يستضئ بها كل شئ يغشاه من غير
نقصان يقع على معناها، والصادق حقا هو الذي يصدق كل كاذب بحقيقة صدق مالديه، وهو
المعنى الذي لا يسمع معه سواه أو ضده مثل آدم (عليه السلام) صدق إبليس في كذبه حين
أقسم له كاذبا لعدم ماهية الكذب في آدم (عليه السلام) قال الله عزوجل: " ولم نجدله
عزما " (3) ولان إبليس أبدع شيئا كان أول من أبدعه وهو غير معهود ظاهرا وباطنا فخسر
هو بكذبه على معنى لم ينتفع به من صدق آدم (عليه السلام) على بقاء الابد وأفاد آدم
(عليه السلام) بتصديقه كذبه بشهادة الله عزوجل بنفي عزمه عما يضاد عهده على
الحقيقة، على معنى لم ينقص من اصطفائه بكذبه شيئا فالصدق صفة الصادقين وحقيقة الصدق
ما يقتضي تزكية الله عزوجل لعبده
(1) تفسير القمى ص 419. (2) ثواب الاعمال
162. (3) طه: 115.
[11]
كما ذكر عن صدق عيسى بن مريم في القيامة
بسبب ما أشار إليه من صدقه مرآة الصادقين (1) من رجال امة محمد (صلى الله عليه
وآله) فقال عزوجل: " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " الآية (2) وقال أمير المؤمنين
(عليه السلام): الصدق سيف الله في أرضه وسمائه أينما هوى به يقد (3) فإذا أردت أن
تعلم أصادق أنت أم كاذب ؟ فانظر في قصد معناك، وغور دعواك وعيرها بقسطاس من الله
عزوجل في القيامة قال الله عزوجل: " والوزن يومئذ الحق " (4) فإذا اعتدل معناك
بدعواك، ثبت لك الصدق، وأدنى حد الصدق أن لا يخالف اللسان القلب، ولا اللقلب
اللسان، ومثل الصادق الموصوف بما ذكرنا كمثل النازع روحه إن لم ينزع فماذا يصنع (5)
19 - ختص: الصدوق، عن ابن الوليد، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن صالح
بن سهل الهمداني قال: قال الصادق (عليه السلام): أيما مسلم سئل عن مسلم فصدق وأدخل
على ذلك المسلم مضرة كتب من الكاذبين، ومن سئل عن مسلم فكذب فأدخل على ذلك المسلم
منفعة كتب عند الله من الصادقين (6) 20 - ج: بالاسناد إلى أبى محمد العسكري (عليه
السلام) أنه قال: قال بعض المخالفين بحضرة الصادق (عليه السلام) لرجل من الشيعة: ما
تقول في العشرة من الصحابة ؟ قال: أقول فيهم الخير الجميل، الذي يحط الله به
سيئاتي، ويرفع لي درجاتي، قال السائل: الحمدلله على ما أنقذني من بغضك كنت أظنك
رافضيا تبغض الصحابة فقال الرجل: ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله
قال: لعلك تتأول
(1) براءة للصادقين خ ل. (2) المائدة:
119. (3) أي يقطع وينفذ. (4) الاعراف: 8. (5) مصباح الشريعة ص 51 و 50. (6)
الاختصاص: 224.
[12]
ما تقول فيمن أبغض العشرة ؟ فقال: من أبغض
العشرة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فوثب فقبل رأسه وقال: اجعلني في
حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم، قال: أنت في حل وأنت أخي ثم انصرف السائل فقال
له الصادق (عليه السلام): جودت لله درك لقد أعجبت الملائكة من حسن توريتك، وتلفظك
بما خلصك، ولم تثلم دينك، زاد الله في مخالفينا غما إلى غم وحجب عنهم مراد منتحلي
مودتنا في بقيتهم فقال بعض أصحاب الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله ما عقلنا
من كلام هذا إلا موافقته لهذا المتعنت الناصب، فقال الصادق (عليه السلام): لئن كنتم
لم تفهموا ماعنى فقد فهمناه نحن، وقد شكره الله له، إن ولينا الموالي لاوليائنا
المعادي لاعدائنا إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه، وفقه لجواب يسلم معه دينه
وعرضه، ويعظم الله بالتقية ثوابه، إن صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم فعليه لعنة
الله أي من عاب واحدا منهم هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال في
الثانية: من عابهم وشتمهم فعليه لعنة الله، وقد صدق لان من عابهم فقد عاب عليا
(عليه السلام) لانه أحدهم فإذا لم يعب عليا ولم يذمه فلم يعبهم، وإنما عاب بعضهم
ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية كان
حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوة موسى وتفضيل محمد (صلى الله عليه وآله) على جميع
رسل الله وخلقه، وتفضيل علي بن أبي طالب (عليه السلام) والخيار من الائمة على سائر
أوصياء النبيين وإلى البراءة من ربوبية فرعون، فوشى به واشون إلى فرعون وقالوا: إن
حزقيل يدعو إلى مخالفتك، ويعين أعداك على مضادتك فقال لهم فرعون: ابن عمي وخليفتي
على ملكي وولي عهدي إن فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره نعمتي، فان كنتم عليه
كاذبين فقد استحققتم أشد العقاب لايثاركم الدخول في مساءته فجاء بحزقيل وجاء بهم
فكاشفوه وقالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك وتكفر نعماه ؟ فقال حزقيل: أيها الملك
هل جربت على كذبا قط ؟ قال لا:
[13]
قال: فسلهم من ربهم ؟ فقالوا: فرعون، قال:
ومن خالقكم ؟ قالوا: فرعون هذا، قال: ومن رازقكم الكافل لمعايشكم والدافع عنكم
مكارهكم ؟ قالوا: فرعون هذا، قال حزقيل: أيها الملك فاشهدك وكل من حضرك أن ربهم هو
ربي وخالقهم هو خالقي ورازقهم هو رازقي، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي، لا رب لي
ولا خالق ولارازق غير ربهم وخالقهم ورازقهم، واشهدك ومن حضرك أن كل رب وخالق ورازق
سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فأنا برئ منه ومن ربوبيته وكافر بالهيته يقول حزقيل هذا
وهو يعني أن ربهم هو الله ربي، ولم يقل أن الذي قالوا: إن ربهم هو ربي، وخفي هذا
المعنى على فرعون ومن حضره، وتوهموا أنه يقول: فرعون ربي وخالقي ورازقي، فقال لهم
فرعون: يا رجال الشر ويا طلاب الفساد في ملكي، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي،
وهو عضدي أنتم المستحقون لعذابي لارادتكم فساد أمري وهلاك ابن عمي، والفت في عضدي
ثم أمر بالاوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد، وفي صدره وتد، وأمر أصحاب أمشاط
الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم فذلك ما قال الله تعالى: " فوقاه الله سيئات ما
مكروا " (1) لماوشوا به إلى فرعون ليهلكوه " وحاق بآل فرعون سوء العذاب " وهم الذين
وشوا بحزقيل إليه لما أوتد فيهم الاوتاد، ومشط عن أبدانهم لحومها بالامشاط (2) 21 -
ج: معاوية بن وهب، عن سعيد بن السمان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ
دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له: أفيكم إمام مفترض طاعنه ؟ قال: فقال: لا،
فقالا له: قد أخبرنا عنك الثقاة أنك تقول به - وسموا قوما وقالوا: هم أصحاب ورع
وتشمير، وهم ممن لا يكذب - فغضب أبو عبد الله (عليه السلام) وقال: ما أمرتهم بهذا،
فلما رأيا الغضب بوجهه خرجا الخبر (3)
(1) المؤمن: 45. (2) الاحتجاج ص 200،
وتراه في تفسير الامام ص 162. (3) الاحتجاج ص..
[14]
22 - ع: المظفر العلوي، عن ابن العياشي،
عن أبيه، عن إبراهيم بن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن يونس، عن البطائني، عن أبي
بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لاخير فيمن لاتقية له ولقد قال يوسف:
" أيتها العير إنكم لسارقون " (1) وما سرقوا (2) 23 - ع: بالاسناد، عن العياشي، عن
محمد بن نصير، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي
بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): التقية (من) دين الله عزوجل قلت: من دين
الله ؟ قال: فقال: إي والله من دين الله، لقد قال يوسف: " أيتها العير إنكم لسارقون
" والله ما كانوا سرقوا شيئا (3) 24 - ع:، أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول يوسف: " أيتها العير إنكم
لسارقون " قال: ما سرقوا وما كذب (4) 25 - ع: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن
أبيه، عن محمد بن أحمد عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن صالح بن سعيد، عن رجل من
أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألت عن قول الله عزوجل في يوسف: "
أيتها العير إنكم لسارقون " قال: إنهم سرقوا يوسف عن أبيه، ألا ترى أنه قال لهم حين
قالوا: " ماذا تفقدون " ؟ قالوا: " نفقد صواع الملك " ولم يقولوا: سرقتم صواع الملك
إنما عنى أنكم سرقتم يوسف عن أبيه (5) 26 - ج: بالاسناد إلى أبي محمد العسكري (عليه
السلام) قال: قال رجل من خواص الشيعة لموسى بن جعفر (عليهما السلام) وهو يرتعد بعد
ماخلى به: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
(1) يوسف: 70. (2) علل الشرايع ج 1 ص 48.
(3 - 5) علل الشرايع ج 1 ص 49.
[15]
ما أخوفني أن يكون فلان بن فلان ينافقك في
إظهاره واعتقاد وصيتك وإمامتك فقال موسى (عليه السلام): وكيف ذاك ؟ قال: لاني حضرت
معه اليوم في مجلس فلان رجل من كبار أهل بغداد فقال له صاحب المجلس: أنت تزعم أن
موسى بن جعفر إمام دون هذا الخليفة القاعد على سريره، قال له صاحبك هذا: ما أقول
هذا بل أزعم أن موسى بن جعفر غير إمام وإن لم أكن أعتقد أنه غير إمام فعلي وعلى من
لم يعتقد ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، قال له صاحب المجلس: جزاك الله
خيرا ولعن من وشى بك فقال له موسى بن جعفر: ليس كما ظننت ولكن صاحبك أفقه منك، إنما
قال: موسى غير إمام، أي أن الذي هو غير إمام فموسى غيره (1) فهو إذا إمام، فانما
أثبت بقوله: هذا إمامتي ونفى إمامة غيري، يا عبد الله متى يزول عنك هذا الذي ظننته
بأخيك هذا من النفاق، تب إلى الله ففهم الرجل ماقاله واغتم وقال: يا ابن رسول الله
مالي مال فارضيه به ولكن قد وهبت له شطر عملي كله من تعبدي وصلاتي عليكم أهل البيت،
ومن لعنتي لاعدائكم، قال موسى عليه السلام: الان خرجت من النار (2) 27 - ج: بهذا
الاسناد قال: دخل على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) رجل فقال له: يا ابن رسول الله
لقد رأيت اليوم شيئا عجبت منه قال: وما هو ؟ قال: رجل كان معنا يظهر لنا أنه من
الموالين لال محمد المتبرين من أعدائهم، فرأيته اليوم وعليه ثياب قد خلعت عليه وهو
ذا يطاف به ببغداد وينادي يقولون له: قل ! فيقول: خير الناس بعد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أبا بكر، فإذا قال ذلك ضجوا وقالوا: قد تاب وفضل أبا بكر على علي
بن أبي طالب (عليه السلام) فقال الرضا (عليه السلام): إذا خلوت فأعد علي هذا الحديث
(1) في تفسير الامام: أي الذى هو عندك
امام فموسى غيره فهو إذا امام الخ. (2) الاحتجاج ص 214.
[16]
فلما خلا أعاد عليه فقال له: إنما لم افسر
لك معنى كلام الرجل بحضرة هذا الخلق المنكوس، كراهة أن ينقل إليهم فيعرفوه ويؤذوه،
لم يقل الرجل: خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (أبو بكر، فيكون قد
فضل أبا بكر على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكن قال: خير الناس بعد رسول
الله) (1) أبا بكر فجعله نداء لابي بكر ليرضي من يمشي بين يديه من بعض هؤلاء
الجهلة، ليتوارى من شرورهم إن الله تعالى جعل هذه التورية ممارحم بها شيعتنا
ومحبينا (2) 28 - ج: بهذا الاسناد قال الراويان (3): حضرنا عند الحسن بن علي أبي
القايم (عليهما السلام) فقال له بعض أصحابه: جاءني رجل من إخواننا الشيعة قد امتحن
بجهال العامة يمتحنونه في الامامة ويحلفونه، فكيف يصنع حتى يتخلص منهم فقلت: كيف
يقولون ؟ قال: يقولون لي: أتقول: إن فلانا هو الامام بعد رسول الله ؟ فلابد لي أن
أقول: نعم، وإلا أثخنوني ضربا، فإذا قلت: نعم، قالوا لي: قل: والله، قلت: فإذا قلت
لهم: نعم، تريد به نعما من الانعام: الابل والبقر والغنم وقلت: فإذا قالوا: (قل
والله فقل) والله أي وليي تريد في أمر كذا ؟ فانهم لا يميزون، وقد سلمت فقال لي:
فان حققوا علي وقالوا:، قل: والله وبين الهاء ؟ فقلت: قل: والله برفع الهاء فانه لا
يكون يمينا إذا لم تخفض، فذهب ثم رجع إلي فقال: عرضوا علي وحلفوني فقلت كما لقنتني،
فقال له الحسن (عليه السلام): أنت كما قال رسول الله: الدال على الخير كفاعله، لقد
كتب الله لصاحبك بتقيته بعدد كل من استعمل التقية من شيعتنا وموالينا ومحبينا حسنة،
وبعدد كل من ترك التقية منهم
(1) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر
وتراه في تفسير الامام ص 164 (2) الاحتجاج ص 243 (3) هما أبو يعقوب يوسف بن محمد بن
زياد، وأبو الحسن على بن محمد بن سيار، اللذان يروى عنهما محمد بن القاسم المفسر
تفسير الامام العسكري (عليه السلام).
[17]
حسنة أدناها حسنة لو قوبل بها ذنوب مائة
سنة لغفرت، ولك بارشادك إياه مثل ماله (1) 29 - سر: عن عبد الله بن بكير، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) في الرجل يستأذن عليه فيقول لجاريته: قولي: ليس هو ههنا،
قال: لا بأس ليس بكذب 30 - قب: قال كهمش: قال لي جابر الجعفي: دخلت على أبي جعفر
(عليه السلام) فقال لي: من أين أنت ؟ فقلت: من أهل الكوفة قال: ممن ؟ قلت: من جعفي
قال: ما أقدمك إلى هاهنا ؟ قلت: طلب العلم، قال: ممن ؟ قلت: منك، قال: فإذا سألك
أحد من أين أنت فقل: من أهل المدينة، قلت: أيحل لي أن أكذب ؟ قال: ليس هذا كذبا، من
كان في مدينة فهو من أهلها حتى يخرج (2) 31 - كش: جبرئيل بن أحمد، عن الشجاعي، عن
محمد بن الحسين، عن أحمد ابن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر مثله (3) 32 - كتاب
الامامة والتبصرة: عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر الرزاز عن خاله علي بن
محمد، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): زينة الحديث
الصدق
(1) الاحتجاج ص 256. (2) مناقب آل أبى
طالب ج 4 ص 200. (3) رجال الكشي ص 170.
[18]
(61) * (باب الشكر) * الايات: البقرة: يا
بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم في مواضع (1) وقال تعالى: لعلكم تشكرون.
وقال تعالى: واشكروا لي ولا تكفرون وقال: ولعلكم تشكرون. وقال تعالى: ولكن أكثر
الناس لا يشكرون (2) آل عمران: وسيجزي الله الشاكرين، وقال: وسنجزي الشاكرين (3)
النساء: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما (4) المائدة:
وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. وقال: واذكروا نعمة الله عليكم وقال تعالى: يا
أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم (5) وقال سبحانه: وإذ قال موسى لقومه يا
قوم اذكر نعمة الله عليكم (6) وقال تعالى: إذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي
عليك وعلي والدتك (7) الانعام: أو ليس الله بأعلم بالشاكرين (8) وقال تعالى: قل من
ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من
الشاكرين * * (الهامش) * (1) البقرة: 40 - 47 - 122. (2) البقرة: 52 - 158 - 185 -
243. (3) آل عمران: 144 و 145. (4) النساء: 147. (5) المائدة: 6، 7، 11. (6)
المائدة: 20. (7) المائدة: 110. (8) الانعام: 53.
[19]
قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم
تشركون (1) الاعراف: ولقد مكنا كم في الارض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون
(2) وقال: كذلك نصرف الايات لقوم يشكرون، وقال: فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون،
وقال: فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الارض مفسدين، وقال: فخذ ما آتيتك وكن من
الشاكرين (3) الانفال: واذكروا إذا أنتم قليل مستضعفون في الارض إلى قوله تعالى:
لعلكم تشكرون (4) يونس: إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (5)
ابراهيم: وإن في ذلك لايات لكل صبار شكور * وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله
عليكم إلى قوله تعالى وإذتأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد
(6) وقال تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وقال: وارزقهم من الثمرات لعلهم
يشكرون (7) النحل: وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون (8) وقال تعالى:
كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون (9)
(1) الانعام: 63 و 64. (2) الاعراف: 10.
(3) الاعراف: 58، 69، 74، 144. (4) الانفال: 26. (5) يونس: 60. (6) ابراهيم: 5 - 7.
(7) ابراهيم: 34، 37. (8) النحل: 78. (9) النحل: 81.
[20]
وقال: واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه
تعبدون (1) وقال تعالى في إبراهيم (عليه السلام): شاكرا لانعمه اجتباه وهداه إلى
صراط مستقيم (2) الاسراء: إنه كان عبدا شكورا (3) الانبياء: فهل أنتم شاكرون (4)
الحج: كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون (5) المؤمنون: وهو الذي أنشأ لكم السمع
والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون (6) النمل: فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل
ربي ليبلوني أأشكر أم أكفرومن شكرفانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم وقال
تعالى: ولكن أكثرهم لا يشكرون (7) القصص: ولعلكم تشكرون (8) الروم: ولعلكم تشكرون
(9) لقمان: ولقد آتينا لقمن الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر
فان الله غني حميد إلى قوله تعالى: أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير (10)
(1) النحل: 114 (2) النحل: 121 (3) أسرى:
3 (4) الانبياء: 80 (5) الحج: 36 (6) المؤمنون: 78 (7) النمل: 40، 73 (8) القصص: 73
(9) الروم: 46 (10) لقمان: 12، 14 (*)
[21]
وقال تعالى: ألم تروا أن الله سخر لكم ما
في السموات وما في الارض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة (1) وقال تعالى: إن في ذلك
لايات لكل صبار شكور (2) التنزيل: قليلا ما تشكرون (3) سبا: اعملوا آل داود شكرا
وقليل من عبادي الشكور (4) وقال تعالى: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب
غفور إلى قوله تعالى: إن في ذلك لايات لكل صبار شكور (5) فاطر: يا أيها الناس
اذكروا نعمة الله عليكم وقال تعالى: ولعلكم تشكرون (6) يس: أفلا يشكرون (7) الزمر:
وإن تشكروا يرضه لكم. وقال تعالى: بل الله فاعبدوكن من الشاكرين (8) المؤمن: إن
الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (9) حمعسق: إن في ذلك لايات لكل
صبار شكور (10) الجاثية: ولعلكم تشكرون (11) القمر: كذلك نجزي من شكر (12)
(1) لقمان: 20 (2) لقمان: 31 (3) التنزيل:
9 (4) سبأ: 13 (5) سبأ: 15 - 19 (6) فاطر: 3 - 12 (7) يس: 35 (8) الزمر: 7 - 66 (9)
المؤمن: 61 (10) الشورى: 33 (11) الجاثية: 12 (12) القمر: 35
[22]
1 - كا: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن
السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
الطاعم الشاكر له من الاجر كأجر الصائم المحتسب، والمعافى الشاكر له من الاجر كأجر
المبتلى الصابر، والمعطى الشاكر له من الاجر كأجر المحروم القانع (1) تبيين: قال
الراغب: الشكر تصور النعمة وإظهارها قيل: وهو مقلوب عن الكشر أي الكشف ويضاده
الكفر، وهو نسيان النعمة وسترها، ودابة شكور مظهر بسمنه إسداء صاحبه إليه، وقيل:
أصله من عين شكرى: أي ممتلئة فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه،
والشكر ثلاثة أضرب: شكر بالقلب، وهو تصور النعمة، وشكر باللسان وهو الثناء على
المنعم، وشكر بسائر الجوارح وهو مكافاة النعمة بقدر استحقاقها انتهى (2) وقال
المحقق الطوسي قدس سره: الشكر أشرف الاعمال وأفضلها واعلم أن الشكر مقابلة النعمة
بالقول والفعل والنية وله أركان ثلاثة: الاول معرفة المنعم وصفاته اللائقة به،
ومعرفة النعمة من حيث إنها نعمة ولا تتم تلك المعرفة إلا بأن يعرف أن النعم كلها
جليها وخفيها من الله سبحانه وأنه المنعم الحقيقي وأن الاوساط كلها منقادون لحكمه
مسخرون لامره الثاني الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة، وهي الخضوع والتواضع والسرور
بالنعم، من حيث إنها هدية دالة على عناية المنعم بك وعلامة ذلك أن لاتفرح من الدنيا
إلا بما يوجب القرب منه الثالث العمل الذي هو ثمرة تلك الحال فان تلك الحال إذا
حصلت في القلب حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه، وهذا العمل يتعلق بالقلب
واللسان والجوارح: أما عمل القلب فالقصد إلى تعظيمه وتحميده وتمجيده، والتفكر في
صنائعه
(1) الكافي ج 2 ص 94 (2) المفردات للراغب
ص 265
[23]
وأفعاله وآثار لطفه، والعزم على إيصال
الخير والاحسان إلى كافة خلقه، وأما عمل اللسان فاظهار ذلك المقصود بالتحميد
والتمجيد والتسبيح والتهليل، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك، وأما
عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة والباطنة في طاعته وعبادته، والتوقي من
الاستعانة بها في معصيته ومخالفته كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته، وتلاوة
كتابه، وتذكر العلوم المأثورة من الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكذا سائر
الجوارح فظهر أن الشكر من امهات صفات الكمال، وتحقق الكامل منه نادر كما قال
سبحانه: " وقليل من عبادي الشكور " (1) ولما كان الشكر بالجوارح التي هي من نعمه
تعالى ولا يتأتى إلا بتوفيقه سبحانه، فالشكر أيضا نعمة من نعمه، ويوجب شكرا آخر،
فينتهي إلى الاعتراف بالعجز عن الشكر، فآخر مراتب الشكر الاعتراف بالعجز عنه، كما
أن آخر مراتب المعرفة والثناء الاعتراف بالعجز عنهما، وكذا العبادة كما قال سيد
العابدين والعارفين والشاكرين (صلى الله عليه وآله): لااحصي ثناء عليك أنت كما
أثنيت على نفسك، وقال (صلى الله عليه وآله): ما عبدناك حق عبادتك، وما عرفناك حق
معرفتك قوله (عليه السلام): " الطاعم الشاكر: الطاعم يطلق على الاكل والشارب، كما
قال تعالى: " ومن لم يطعمه " (2) ويقال: فلان احتسب عمله وبعمله، إذا نوى به وجه
الله، والمعطى اسم مفعول والمحروم من حرم العطاء من الله أو من الخلق والقانع
الراضي بما أعطاه الله 2 - كا: بالاسناد المتقدم عنه (عليه السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة (3)
(1) سبأ: 13 (2) البقرة: 249 (3) الكافي ج
2 ص 94
[24]
بيان: فخزن أي أحرز ومنع ومثله في النهج
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ما كان الله ليفتح على عبدباب الشكر ويغلق عليه باب
الزيادة (1) وهما إشارتان إلى قوله تعالى: " لئن شكرتم لازيدنكم " (2) 3 - كا: عن
حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند عائشة ليلتها،
فقالت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر ؟ فقال: يا عائشة ألا أكون عبدا شكورا ؟ قال: وكان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه " طه ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى " (3) ايضاح: " قد غفر الله لك " إشارة إلى قوله تعالى " إنا فتحنا لك
فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " وللشيعة في تأويله أقوال:
أحدها أن المراد: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنب امتك وما تأخر بشفاعتك، وإضافة ذنوب
امته إليه للاتصال والسبب بينه وبين امته، ويؤيده ما رواه المفضل بن عمر عن الصادق
(عليه السلام) قال سأله رجل عن هذه الاية فقال: والله ماكان له ذنب ولكن الله
سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي (عليه السلام) ما تقدم من ذنبهم وما تأخر وروى
عمر بن يزيد عنه (عليه السلام) قال: ماكان له ذنب ولاهم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب
شيعته ثم غفرها له والثاني ما ذكره السيد المرتضى رضي الله عنه: أن الذنب مصدر
والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معا، فيكون هنا مضافا إلى المفعول،
والمراد ما تقدم من ذنبهم إليك في منعهم إياك عن مكة وصدهم لك عن المسجد الحرام، و
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 247 (2) ابراهيم: 7
(3) الكافي ج 2 ص 95
[25]
يكون معنى المغفرة على هذا التأويل
الازالة والنسخ لاحكام أعدائه من المشركين عليه أي يزيل الله ذلك عنده، ويستر عليك
تلك الوصمة بما يفتح الله لك من مكة فستدخلها فيما بعد، ولذلك جعله جزاء على جهاده
وغرضا في الفتح ووجها له قال ولو أنه أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله " إنا فتحنا لك
فتحا مبينا ليغفر لك الله " معنى معقول، لان المغفرة للذنوب لاتعلق لها بالفتح، فلا
يكون غرضا فيه، و أما قوله " ما تقدم وما تأخر " فلا يمتنع أن يريد به ما تقدم
زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك الثالث: أن معناه لو كان لك ذنب قديم أو حديث
لغفرناه لك الرابع: أن المراد بالذنب هناك ترك المندوب، وحسن ذلك، لان من المعلوم
أنه (صلى الله عليه وآله) ممن لا يخالف الاوامر الواجبة، فجاز أن يسمى ذنبا منه ما
لو وقع من غيره لم يسم ذنبا لعلو قدره ورفعة شأنه الخامس أن القول خرج مخرج التعظيم
وحسن الخطاب كما قيل في قوله " عفى الله عنك " (1) أقول: وقد روى الصدوق في العيون
(2) باسناده، عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا (عليه
السلام) فقال له المأمون: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أليس من قولك أن
الانبياء معصومون ؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول الله " ليغفر لك الله ما تقدم من
ذنبك وما تأخر " قال للرضا (عليه السلام): لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من
رسول الله (صلى الله عليه وآله) لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة وستين
صنما، فلما جاءهم (صلى الله عليه وآله) بالدعوة إلى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم
وعظم قالوا " أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب " إلى قوله " إن هذا إلا
اختلاق " (3) فلما فتح الله تعالى على نبيه مكة قال له يا " محمد إنا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " عند
(1) براءة: 43 (2) عيون الاخبار ج 1 ص 202
(3) ص: 50
[26]
مشركي أهل مكة، بدعائك إلى توحيد الله
فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم
يقدر على إنكار التوحيد عليه، إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك، مغفورا
بظهوره عليهم، فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن وكأن هذا الحديث بالوجه الرابع
أنسب لتقريره (صلى الله عليه وآله) كلام عائشة وإن أمكن توجيهه على بعض الوجوه
الاخر والحاصل أن عائشة توهمت أن ارتكاب المشقة في الطاعات إنما يكون لمحو السيئات،
فأجاب (صلى الله عليه وآله) بأنه ليس منحصرا في ذلك بل يكون لشكر النعم الغير
المتناهية، ورفع الدرجات الصورية والمعنوية، بل الطاعات عند المحبين من أعظم اللذات
كما عرفت طه قيل: معنى طه يا رجل، عن ابن عباس وجماعة، وقد دلت الاخبار الكثيرة على
أنه من أسماء النبي (صلى الله عليه وآله)، وروى علي بن إبراهيم في تفسيره (1)
باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: كان رسول الله (صلى الله
عليه وآله) إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورم فأنزل الله تبارك وتعالى طه بلغة
طيئ يا محمد ما أنزلنا الاية وروى الصدوق رحمه الله في معاني الاخبار (2) باسناده
عن سفيان الثوري عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل قال فيه: فأما طه فاسم من
أسماء النبي (صلى الله عليه وآله) ومعناه يا طالب الحق الهادي إليه ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى بل لتسعد وروى الطبرسي في الاحتجاج عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ولقد قام رسول الله (صلى الله عليه
وآله) عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه، واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع حتى
عوتب في ذلك فقال الله عزوجل: " طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى " بل لتسعد به،
الخبر
(1) تفسير القمى ص 417 (2) معاني الاخبار
ص 22 (*)
[27]
وقال النسفي من العامة: قال القشيري:
الطاء إشارة إلى طهارة قلبه عن غير الله والهاء إلى اهتداء قلبه إلى الله، وقيل:
الطاء طرب أهل الجنة، والهاء هوان أهل النار وقال الطبرسي رحمه الله: روي عن الحسن
أنه قرأ طه بفتح الطاء وسكون الهاء، فان صح ذلك عنه فأصله طأ فابدل من الهمزة هاء
أو معناه طأ الارض بقدميك جميعا، فقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يرفع
إحدى رجليه في الصلاة ليزيد تعبه، فأنزل الله " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى "
فوضعها وروي ذلك عن أبي - عبد الله (عليه السلام) وقال الحسن: هو جواب للمشركين حين
قالوا: إنه شقي فقال سبحانه: يارجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، لكن لتسعد به:
تنال الكرامة به في الدنيا والاخرة، قال قتادة: وكان يصلي الليل كله ويعلق صدره
بحبل حتى لا يغلبه النوم فأمره الله سبحانه أن يخفف عن نفسه وذكر أنه ما أنزل عليه
الوحي ليتعب كل هذا التعب (1) وقال البيضاوي: المعنى ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب
بفرط تأسفك على كفر قريش إذما عليك إلا أن تبلغ، أو بكثرة الرياضة وكثرة التهجد
والقيام على ساق، والشقاء شايع بمعنى التعب، ولعله عدل إليه للاشعار بأنه أنزل عليه
ليسعد وقيل: رد وتكذيب للكفرة، فانهم لما رأوا كثرة عبادته قالوا: إنك لتشقى بترك
الدنيا وإن القرآن انزل إليك لتشقى به انتهى (2) وأقول: القيام على رجل واحد على
أطراف الاصابع وأمثالهما لعلها كانت ابتداء في شريعته (صلى الله عليه وآله) ثم نسخت
بناء على ما هو الاظهر من أنه (صلى الله عليه وآله) كان عاملا بشريعة نفسه، أو في
شريعة من كان يعمل بشريعته على الاقوال الاخر 4 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن جعفر بن محمد
(1) مجمع البيان ج 7 ص 2 (2) أنوار
التنزيل ص 261
[28]
البغدادي، عن عبد الله بن إسحاق الجعفري،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مكتوب في التوراة اشكر من أنعم عليك وانعم على
من شكرك، فانه لا زوال للنعماء إذا شكرت، ولابقاء لها إذا كفرت، والشكر زيادة في
النعم وأمان من الغير (1) بيان: " من أنعم عليك " يشمل المنعم الحقيقي وغيره "
زيادة في النعم " أي سبب لزيادتها " وأمان من الغير " أي من تغير النعمة بالنقمة،
والغير بكسر الغين وفتح الياء: اسم للتغير ويظهر من القاموس أنه بفتح الغين وسكون
الياء، قال في النهاية: في حديث الاستسقاء من يكفر بالله يلق الغير أي تغير الحال
وانتقالها من الصلاح إلى الفساد، والغير الاسم من قولك غيرت الشئ فتغير وفي بعض
النسخ بالباء الموحدة وهو محركة داهية لا يهتدى لمثلها، والظاهر أنه تصحيف 5 - كا:
عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي ابن أسباط، عن يعقوب بن
سالم، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) أو أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
المعافى الشاكر له من الاجر ما للمبتلى الصابر، والمعطى الشاكر له من الاجر
كالمحروم القانع (2) 6 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن البزنطي، عن داود بن الحصين،
عن فضل البقباق قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: " وأما
بنعمة ربك فحدث " (3) قال: الذي أنعم عليك بما فضلك وأعطاك وأحسن إليك، ثم قال:
فحدث بدينه وما أعطاه الله، وما أنعم به عليه (4) بيان: " وأما بنعمة ربك فحدث "
قال في مجمع البيان: معناه اذكر نعم الله تعالى وأظهرها وحدث بها، وفي الحديث
التحدث بنعمة الله شكر وتركه كفر، وقال الكلبي: يريد بالنعمة القرآن وكان أعظم ما
أنعم الله به، فأمره أن يقرأه، وقال مجاهد والزجاج: يريد: بالنبوة التي أعطاك ربك
أي بلغ ما ارسلت
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 94 (3) الضحى: 11
(4) الكافي ج 2 ص 94
[29]
به وحدث بالنبوة التي آتاكها الله، وهي
أجل النعم، وقيل: معناه اشكر لما ذكر من النعمة عليك، في هذه السورة، وقال الصادق
(عليه السلام)،: معناه فحدث بما أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك انتهى (1)
قوله: " بما فضلك " بيان للنعمة أي بتفضيلك على سائر الخلق أو بما فضلك به من
النبوة الخاصة " وأعطاك " من العلم والمعرفة والمحبة وسائر الكمالات النفسانية،
والشفاعة واللواء والحوض، وسائر النعم الاخروية " وأحسن إليك " من النعم الدنيوية
أو الاعم " ثم قال " أي الامام (عليه السلام) " فحدث " بصيغة الماضي أي النبي (صلى
الله عليه وآله) عملا بما امر به " بدينه " أي العقائد الايمانية والعبادات القلبية
والبدنية " وما أعطاه " من النبوة والفضل والكرامة في الدنيا والاخرة " وما أنعم به
عليه " من النعم الدنيوية والاخروية والجسمانية والروحانية 7 - كا: عن العدة، عن
البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله
(عليه السلام): هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا ؟ قال: نعم، قلت: ما هو ؟
قال: يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق
أداه، ومنه قول الله عزوجل " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كناله مقرنين " (2) (ومنه
قوله تعالى " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " (3)) ومنه قوله تعالى: " رب
أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " (4) وقوله " رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " (5) ايضاح: قوله " حق " أي واجب أو الاعم
" ومنه " أي من الشكر أو من الحق
(1) مجمع البيان ج 10 ص 507 (2) الزخرف:
13 (3) القصص: 24 (4) المؤمنون: 29 (5) الكافي ج 2 ص 95 و 96 والاية في أسرى: 80
[30]
الذي يجب أداؤه فيما أنعم الله عليه أن
يقول عند ركوب الفلك أو الدابة اللتين أنعم الله بهما عليه ماقاله سبحانه تعليما
لعباده وإرشادا لهم حيث قال عزوجل " و جعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون لتستووا
على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي إلى قوله وما
كنا له مقرنين " أي مطيقين من أقرنت الشئ إقرانا أطقته وقويت عليه قال الطبرسي في
تفسير هذه الاية: ثم تذكروا نعمة ربكم، فتشكروه على تلك النعمة التي هي تسخر ذلك
المركب، وتقولوا معترفين بنعمه منزهين له عن شبه المخلوقين " سبحان الذي سخر لنا
هذا " أي ذلله لناحتى ركبناه، قال قتادة " قد علمكم كيف تقولون إذا ركبتم، وروى
العياشي باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر النعمة أن تقول الحمد لله
الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن، ومن علينا بمحمد (صلى الله عليه وآله) وتقول
بعده سبحان الذي سخر لنا هذا إلى قوله " وإنا إلى ربنا لمنقلبون (1) ومنه قوله
تعالى: " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " ليس هذا في بعض النسخ (2) وعلى تقديره
المعنى أنه من موسى (عليه السلام) كان متضمنا للشكر على نعمة الفقر وغيره، لاشتماله
على الاعتراف بالمنعم الحقيقي والتوسل إليه في جميع الامور، وروي عن أمير المؤمنين
(عليه السلام) أنه قال: والله ما سأله إلا خبزا يأكله لانه كان يأكل بقلة الارض،
ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه (3) وكذا علم سبحانه
نوحا (عليه السلام) الشكر حيث أمره أن يقول عند دخول السفينة أو عند الخروج منها "
رب أنزلني " وصدر الاية هكذا " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمدلله
الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا " قرأ أبو بكر منزلا بفتح
الميم وكسر الزاي أي موضع النزول، وقيل:
(1) مجمع البيان ج 9 ص 41 (2) كما لا يوجد
في الكافي المطبوع (3) نهج البلاغة ج 1 ص 309
[31]
هو السفينة بعد الركوب، وقيل: هو الارض
بعد النزول، وقرأ الباقون منزلا بضم الميم وفتح الزاي أي إنزالا مباركا فالبركة في
السفينة النجاة، وفي النزول بعد الخروج كثرة النسل من أولاده، وقيل: مباركا بالماء
والشجر " وأنت خير المنزلين " لانه لا يقدر أحد على أن يصون غيره من الافات إذا
أنزل منزلا ويكفيه جميع ما يحتاج إليه إلا أنت، فظهر أن هذا شكرأمر الله به، وتوسل
إلى جنابه سبحانه وكذا كل من قرأ هذه الاية عند نزول منزل أو دار فقد شكر الله وكذا
ما علمه الله الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يقول عند دخول مكة أو في جميع الامور
" رب أدخلني " في جميع ما أرسلتني به إدخال صدق وأخرجني منه سالما إخراج صدق، أي
أعني على الوحي والرسالة، وقيل: معناه أدخلني المدينة وأخرجني منها إلى مكة للفتح،
وقيل: إنه امر بهذا الدعاء إذا دخل في أمر أو خرج من أمر، وقيل: أي أدخلني القبر
عند الموت مدخل صدق، وأخرجني منه عند البعث مخرج صدق، ومدخل الصدق ما تحمد عاقبته
في الدنيا والدين " واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " أي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي
عن إقامة فرائضك، وقوة تنصرني بها على من عاداني، وقيل: اجعل لي ملكا عزيزا أقهر به
العصاة، فنصر بالرعب، وقد ورد قراءتها عند الدخول على سلطان والتقريب في كونه شكرا
ما مر 8 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال:
سمعت أبا الحسن صلوات الله عليه يقول: من حمدالله على النعمة فقد شكره وكان الحمد
أفضل من تلك النعمة (1) بيان: " وكان الحمد ! أي توفيق الحمد نعمة اخرى أفضل من
النعمة الاولى، ويستحق بذلك شكر آخر، فلا يمكن الخروج عن عهدة الشكر، فمنتهى الشكر
الاعتراف بالعجز أو المعنى أن أصل الحمد أفضل من تلك النعمة، لان ثمراته الدنيوية
والاخروية له أعظم
(1) الكافي ج 2 ص 96
[32]
9 - كا: عن محمد بن أحمد، عن علي بن
الحكم، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: ما أنعم الله
على عبد بنعمة صغرت أو كبرت فقال: الحمدلله، إلا أدى شكرها (1) 10 - كا: عن أبي علي
الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار عن القاسم بن محمد، عن إسماعيل بن أبي
الحسن، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها
بقلبه فقد أدى شكرها (2) بيان: " فعرفها بقلبه " أي عرف قدر تلك النعمة وأن الله هو
المنعم بها 11 - كا:، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس عن أبي
بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء
فيوجب الله له بها الجنة، ثم قال: إنه ليأخذ الاناء فيضعه على فيه فيسمي ثم يشرب
فينحيه وهو يشتهيه فيحمد، ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمد الله، ثم يعود فيشرب ثم
ينحيه فيحمد الله، فيوجب الله عزوجل له بها الجنة (3) بيان: يدل على استحباب تثليث
الشرب، واستحباب الافتتاح بالتسمية مرة، والاختتام بالتحميد ثلاثا، وسيأتي في أبواب
الشرب في صحيحة ابن سنان (4) تثليث التحميد من غير تسمية وفي رواية اخرى عن عمربن
يزيد (5) الافتتاح والاختتام بالتسمية والتحميد في كل مرة، وهو أفضل قوله (عليه
السلام): فيضعه أي يريد وضعه أو يقرب وضعه على مجاز المشارفة إذ لاتسمية بعد الوضع
12 - كا: بالاسناد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمربن يزيد قال: قلت
لابي عبد الله (عليه السلام): إني سألت الله عزوجل أن يرزقني مالا فرزقني، وإني
سألت الله أن يرزقني ولدا وفرزقني، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني وقد خفت أن يكون
ذلك استدراجا، فقال: أما والله مع الحمد فلا (6) بيان: قال في القاموس: استدرجه
خدعه وأدناه كدرجه، واستدراجه تعالى * (الهامش) * (1 - 3) الكافي ج 2 ص 96 (4 - 5)
الكافي ج 6 ص 384 (6) الكافي ج 2 ص 97
[33]
العبد أنه كلما جدد خطيئة جدد له نعمة
وأنساه الاستغفار أو أن يأخذه قليلا قليلا ولا يباغته 13 - كا: عن الحسين بن محمد،
عن المعلى، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان قال خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من
المسجد وقد ضاعت دابته فقال: لئن ردها الله علي لاشكرن الله حق شكره، قال: فما لبث
أن اتي بها، فقال: الحمد لله، فقال قائل له: جعلت فداك قلت لاشكرن الله حق شكره،
فقال أبو عبد الله ألم تسمعني قلت:، الحمد لله (1) بيان: يدل على أن قول " الحمدلله
" أفضل أفراد الحمد اللساني، وكفى به فضلا افتتاحه سبحانه به، مع أنه على الوجه
الذي قاله (عليه السلام) مقرونا بغاية الاخلاص والمعرفة كان حق الشكر له تعالى 14 -
كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن، عن المثنى
الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)
إذا ورد عليه أمر يسره قال الحمد لله على هذه النعمة، وإذا ورد عليه أمر يغتم به
قال: الحمدلله على كل حال (2) توضيح: " يغتم به " على بناء المعلوم وقد يقرأ على
المجهول " الحمدلله على كل حال " أي هو المستحق للحمد على النعمة والبلاء، لان كل
ما يفعله الله بعبده ففيه لا محالة صلاحه قيل: في كل بلاء خمسة أنواع من الشكر:
الاول يمكن أن يكون دافعا أشد منه كما أن موت دابته دافع لموت نفسه، فينبغي الشكر
على عدم ابتلائه بالاشد الثاني أن البلاء إما كفارة للذنوب أو سبب لرفع الدرجة
فينبغي الشكر على كل منهما الثالث أن البلاء مصيبة دنيوية فينبغي الشكر على أنه ليس
مصيبته دينية وقد نقل أن عيسى (عليه السلام) مر على رجل أعمى مجذوم مبروص مفلوج
فسمع منه يشكر، ويقول: الحمد لله الذي عافاني من بلاء ابتلى به أكثر الخلق
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 97 (*)
[34]
فقال (عليه السلام): ما بقي من بلاء لم
يصبك، قال: عافاني من بلاء هو أعظم البلايا وهو الكفر فمسه (عليه السلام) فشفاه
الله من تلك الامراض، وحسن وجهه فصاحبه وهو يعبد معه الرابع أن البلاء كان مكتوبا
في اللوح المحفوظ، وكان في طريقه لا محالة فينبغي الشكر على أنه مضى ووقع خلف ظهره،
الخامس أن بلاء الدنيا سبب لثواب الاخرة وزوال حب الدنيا من القلب فينبغي الشكر
عليها 15 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير،
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى من غير أن
تسمعه: الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء فعل، قال: من قال ذلك لم يصبه
ذلك البلاء أبدا (1) بيان: " إلى المبتلى " قد يقال يعم المبتلى بالمعصية أيضا إلا
أن عدم الاسماع لا يناسبه " من غير أن تسمعه " لئلا ينكسر قلبه ويكون موهنا للشماتة
16 - كا: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن
عثمان، عن حفص الكناسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مامن عبد رأى مبتلى
فيقول: الحمدلله الذي عدل عني ما ابتلاك به، وفضلني عليك بالعافية، اللهم عافني مما
ابتليته به إلا لم يبتل بذلك البلاء أبدا (2) 17 - كا: عن العدة، عن أحمد بن أبي
عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا رأيت الرجل قد ابتلي وأنعم الله عليك فقل: اللهم إني لا أسخر ولا أفخر، ولكن
أحمدك على عظيم نعمائك على (3) بيان: " لاأسخر " أي لاأستهزئ، يقال سخر منه وبه
كفرح هزا، والمعنى لاأسخر من هذا المبتلى بابتلائه بذلك، ولا أفخر عليه ببرائتي منه
18 - كا: عن العدة، عن أحمد، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص ابن عمر، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم أهل
البلاء
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 97 (3) الكافي ج 2 ص
98
[35]
فاحمدوا الله ولا تسمعوهم فان ذلك يحزنهم
(1) 19 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في سفر يسير
على ناقة له إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قالوا: يا رسول الله إنا رأيناك صنعت
شيئا لم تصنعه ؟ فقال: نعم استقبلني جبرئيل فبشرني ببشارات من الله عزوجل فسجدت لله
شكرا لكل بشرى سجدة (2) بيان: يدل على استجاب سجدة الشكر عند تجدد كل نعمة،
والبشارة بها ولا خلاف فيه بين أصحابنا، وإن أنكره المخالفون خلافا للشيعة مع
ورودها في رواياتهم كثيرا وسيأتي في كتاب الصلاة إنشاء الله 20 - كا: بالاسناد عن
البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن يونس بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا ذكر أحدكم نعمة الله جل وعز فليضع خده على التراب شكرا لله، فان كان راكبا
فلينزل فليضع خده على التراب، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على
قربوسه، فان لم يكن يقدر فليضع خده على كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه (3)
بيان: يدل على استحباب وضع الخد في سجدة الشكر وعلى استحبابها عند تذكر النعم أيضا،
ولو كان بعد حدوثها بمدة وعلى استحباب حمدالله فيها 21 - كا: عن علي، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن علي بن عطية، عن هشام بن أحمر قال: كنت أسير مع أبي الحسن (عليه
السلام) في بعض أطراف المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخر ساجدا فأطال وأطال ثم رفع
رأسه وركب دابته، فقلت: جعلت فداك قد أطلت السجود قال: إنني ذكرت نعمة أنعم الله
بها علي فأحببت أن أشكر ربي (4) بيان: يدل على فورية سجدة الشكر وعلى أنهم (عليهم
السلام) يذهلون عن بعض الامور في بعض الاحيان وكان هذا ليس من السهو المتنازع فيه
(1 - 4) الكافي ج 2 ص 98
[36]
22 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي
عمير، عن أبي عبد الله صاحب السابري فيما أعلم أو غيره عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: أوحى الله عزوجل إلى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حق شكري فقال:
يا رب فكيف أشكرك حق شكرك وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي ؟ قال: يا
موسى الان شكرتني حين علمت أن ذلك مني (1) بيان: تقول: أديت حق فلان إذا قابلت
إحسانه باحسان مثله، والمراد هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل، وهو لا يمكن
من وجوه: الاول أن نعمه غير متناهية لا يمكن إحصاؤها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها
بالشكر الثاني أن كل ما نتعاطاه مستند إلى جوارحنا وقدرتنا من الافعال فهي في
الحقيقة نعمة وموهبة من الله تعالى، وكذلك الطاعات وغيرها نعمة منه فتقابل نعمته
بنعمته الثالث أن الشكر أيضا نعمة منه حصل بتوفيقه فمقابلة كل نعمة بالشكر يوجب
التسلسل والعجز، وقول موسى (عليه السلام): يحتمل كلا من الوجهين الاخيرين وقد روي
هذا عن داود (عليه السلام) أيضا حيث قال: يا رب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع أن أشكرك
إلا بنعمة ثانية من نعمك، فأوحى الله تعالى إليه إذا عرفت هذا فقد شكرتني 23 - كا:
بالاسناد، عن ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن إسماعيل بن الفضل قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات: اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو
عافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها على يا رب حتى
ترضى وبعد الرضا، فانك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله عليك في ذلك اليوم
وفي تلك الليلة (2)
(1) الكافي ج 2 ص 98 (2) المصدر ج 2 ص 99
[37]
ايضاح: " ما أصبحت بي " الاصباح الدخول في
الصباح، وقد يراد به الدخول في الاوقات مطلقا، وعلى الاول ذكره على المثال، فيقول
في السماء: ما أمسيت، و " ما " موصولة مبتدأ، والظرف مستقر والباء للملابسة أي
متلبسا بي، فهو حال عن الموصول " ومن نعمة " بيان له، ولذا انث الضمير العايد إلى
الموصول في أصبحت رعاية للمعنى، وفي بعض الروايات أصبح رعاية للفظ، وقوله: " فمنك "
خبر الموصول والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وربما يقرأ منك بفتح الميم وتشديد
النون وهو تصحيف " حتى ترضى " المراد به أول مراتب الرضا " وبعد الرضا " أي سائر
مراتبه فان كان المراد بقوله: " لك الحمد ولك الشكر " أنك تستحقهما يكون أول مراتب
الرضا دون الاستحقاق، فان الله سبحانه يرضى بقليل مما يستحقه من الحمد والشكر
والطاعة، وإن كان المراد لك مني الحمد والشكر أي أحمدك وأشكرك فلا يحتاج إلى ذلك "
كنت قد أديت " أي يرضى الله منك بذلك لاأنك أديت ما يستحقه 24 - كا: بالاسناد، عن
ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان نوح
(عليه السلام) يقول ذلك إذا أصبح فسمي بذلك عبدا شكورا قال: وقال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): من صدق الله نجا (1) بيان: " يقول ذلك " أي الدعاء المذكور في
الحديث السابق، وفي رواية اخرى أن نوحا عليه السلام كان يقول ذلك عند الصباح وعند
السماء (2)، والاخبار في ذلك كثيرة بأدنى اختلاف (3) وقوله (صلى الله عليه وآله): "
من صدق الله نجا " معناه أنه إذا أظهر العبد حالة عند الله وكان صادقا في ذلك بحيث
لا يعتقد ولا يعمل ما يخالفه يصير سبب نجاته من مهالك الدنيا والاخرة، ولعل ذكره في
هذا المقام لبيان أن نوحا (عليه السلام) كان صادقا فيما ادعى في هذا الدعاء من أن
جميع النعم الواصلة إلى العبد من الله تعالى وأنه متوحد بالانعام والربوبية
واستحقاق الحمد
(1) الكافي ج 2 ص 99 (2 و 3) الكافي ج 2 ص
522 - 535
[38]
والشكر والطاعة، فكان موقنا بجميع ذلك،
ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين أو
معه، فلذلك صار سببا لنجاته وتسمية الله له شكورا وربما يقرأ صدق على بناء التفعيل،
كما قال بعض الافاضل: لعله (عليه السلام) أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوح بنجي الله
ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه، وشهد به من
التوحيد، وقال آخر: تصديقه في تكاليفه عبارة عن الاقرار بها، والاتيان بمقتضاها وفي
نعمائه عبارة عن معرفتها بالقلب ومقابلتها بالشكر والثناء انتهى ولا يخفى أن ما
ذكرنا أظهر 25 - كا: عن علي، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن
عيينة، عن عمار الدهني قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إن الله يحب
كل قلب حزين، ويحب كل عبد شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة:
أشكرت فلانا ؟ فيقول: بل شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره، ثم قال: أشكر
كم لله أشكر كم للناس (1) بيان: " كل قلب حزين " أي لامور الاخرة متفكر فيها وفيما
ينجي من عقوباتها غير غافل عما يراد بالمرء ومنه لامحزون بامور الدنيا وإن احتمل أن
يكون المعنى إذا أحب الله عبدا ابتلاه بالبلايا فيصير محزونا لكنه بعيد " كل عبد
شكور " أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبي (صلى الله عليه
وآله) والائمة (عليهم السلام) والوالدين وأرباب الاحسان من المخلوقين وفي الاخبار
ظاهرا تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله، وقد روي عن أمير المؤمنين صلوات
الله عليه: ولا يحمد حامد إلا ربه (2) ومثله كثير ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد
المخلوق وشكره لان مولى النعم أمر بشكره فقد شكر ربه، ويحتمل أن يكون هذا هو المراد
بقوله: " لم تشكرني إذ لم تشكره " أو تكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم
باعتقاد أنهم وسائط
(1) الكافي ج 2 ص 99 (2) نهج البلاغة ج 1
ص 52
[39]
نعم الله، ولهم مدخلية قليلة في ذلك، ولا
يسلب عليتهم رأسا فينتهي إلى الجبر وأخبار الترك محمولة على أنه لا يجوز شكرهم بقصد
أنهم مستقلون في إيصال النعمة، فان هذا في معنى الشرك كما عرفت أن النعم كلها
اصولها ووجود المنعم المجازي وآلات العطاء وتوفيق الاعطاء كلها من الله تعالى وهذا
أحد معاني الامر بين الامرين كما عرفت، وإليه يرجع ما قيل: إن الغير يتحمل المشقة
بحمل رزق الله إليك، فالنهي عن الحمد لغير الله، على أصل الرزق لان الرازق هو الله،
والترغيب في الحمد له على تكلف من حمل الرزق وكلفة إيصاله باذن الله ليعطيه أجر
مشقة الحمل والايصال، وبالجملة هناك شكر ان شكر للرزق وهو لله، وشكر للحمل وهو
للغير، وايد بما روي لاتحمدن أحدا على رزق الله، وقيل: النهي مختص بالخواص من أهل
اليقين الذين شاهدوه رازقا وشغلوا عن رؤية الوسائط، فنهاهم عن الاقبال عليها، لانه
تعالى يتولى جزاء الوسائط عنهم بنفسه، والامر بالشكر مختص بغيرهم ممن لاحظ الاسباب
والوسائط كأكثر الناس، لان فيه قضاء حق السبب أيضا والوجه الثاني الذي ذكرنا كأنه
أظهر الوجوه، لان الله تعالى مع أنه مولى النعم على الحقيقة، وإليه يرجع كل
الطاعات، ونفعها يصل إلى العباد، يشكرهم على أعمالهم قولا وفعلا في الدنيا والاخرة،
فكيف لا يحسن شكر العباد بعضهم بعضا لمدخليتهم في ذلك ويمكن أن يكون قوله تعالى: "
لم تشكرني إذ لم تشكره " إشارة إلى ذلك أي إذا لم تشكر المنعم الظاهري بتوهم أنه لم
يكن له مدخل في النعمة، فكيف تنسب شكري إلى نفسك، لان نسبة الفعلين إلى الفاعلين
واحدة فأنت أيضا لم تشكرني فلم نسبت الشكر إلى نفسك، ونفيت الفعل عن غيرك، وهذا
معنى لطيف لم أرمن تفطن به، وإن كان بعيدا في الجملة، والوجه الاول أيضا وجه ظاهر،
وكأن آخر الخبر يؤيده، وإن احتمل وجوها كما لا يخفى 26 - كا: عن العدة، عن أحمد بن
محمد، عن ابن فضال، عن حسن بن جهم
[40]
عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد
قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ثلاث لا يضر معهن شئ: الدعاء عند
الكرب، والاستغفار عن الذنب، والشكر عند النعمة (1) بيان: " لا يضر معهن " لان
الدعاء يدفع الكرب والاستغفار يمحو الذنوب والشكر يوجب عدم زوال النعمة، ويؤمن من
كونها استدراجا وبالا في الاخرة 27 - كا: عن العدة، عن سهل، عن يحيى بن المبارك، عن
ابن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من اعطي الشكر
اعطي الزيادة، يقول: الله عزوجل: " لئن شكرتم لازيد نكم " (2) 28 - كا: عن أبي علي
الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن رجلين من أصحابنا
سمعاه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه
وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد (3) بيان: " فعرفها بقلبه "
أي عرف قدر النعمة وعظمتها وأنها من الله تعالى لانه مسبب الاسباب، وفيه إشعار بأن
الشكر الموجب للمزيد هو القلبي مع اللساني 29 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن بعض
أصحابنا، عن محمد بن هشام، عن ميسر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شكر النعمة
اجتناب المحارم، وتمام الشكر قول الرجل: الحمدلله رب العالمين (4) بيان: يدل على أن
اجتناب المحارم من أعظم الشكر الاركاني وأن الحمد لله رب العالمين فرد كامل من
الشكر لانه يستفاد منه اختصاص جميع المحامد بالله سبحانه، فيدل على أنه المولى
بجميع النعم الظاهرة والباطنة، وأنه رب لجميع ما سواه، وخالق ومرب لها، وأنه لا
شريك له في الخالقية والمعبودية والرازقية وقوله: " تمام الشكر " المراد به الشكر
التام الكامل، وهو متمم لاجتناب المحارم ومكمل له 30 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن علي بن عقبة، عن
(1 - 4) الكافي ج 2 ص 95
[41]
عمربن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عزوجل عليها (1) بيان: يدل على أن
الشكر يتحقق بالحمد اللساني ولا ينافي كون كماله بانضمام شكر الجنان والاركان 31 -
لى: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن عمار بن
مروان، عن سماعة، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل أنعم
على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت
عليهم نعمة (2) 32 - لى: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من يشكر الله يزده الله
(3) 33 - لى: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن علي بن
أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)
قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسير مع بعض أصحابه في بعض طرق المدينة إذ
ثنى رجله عن دابته ثم خر ساجدا فأطال في سجوده ثم رفع رأسه فعاد ثم ركب فقال له
أصحابه: يارسول الله رأيناك ثنيت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود فقال: إن
جبرئيل (عليه السلام) أتاني فأقرأني السلام من ربى وبشرني أنه لن يخزيني في امتي،
فلم يكن لي مال فأتصدق به، ولا مملوك فاعتقه، فأحببت أن أشكر ربي عزوجل (4) 34 - ب:
هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: الطاعم الشاكر له من
الاجر مثل أجر الصائم المحتسب، والمعافى الشاكر له من الاجر كأجر المبتلى الصابر،
والغني الشاكر له من الاجر كأجر المحروم القانع (5)
(1) الكافي ج 2 ص 95 (2) أمالى الصدوق ص
182 (3) أمالى الصدوق ص 293 (4) أمالى الصدوق ص 304 (5) قرب الاسناد ص 50
[42]
مشكوة الانوار: من المحاسن مرسلا مثله (1)
كتاب الامامة والتبصرة: عن القاسم بن علي العلوي عن محمد بن أبي عبد الله عن سهل بن
زياد، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثله إلا أن فيه مكان الغني المعطي 35 -
ب: ابن أبي الخطاب، عن البزنطي، عن أبي جميلة قال: قال أبو - عبد الله (عليه
السلام): من لم ينكر الجفوة لم يشكر النعمة 36 - فس: قال أبو عبد الله (عليه
السلام): أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه لم
تنفد حتى يأمر الله له بالزيادة، وهو قوله " لئن شكرتم لازيدنكم " (2) مشكوة
الانوار: من المحاسن مرسلا مثله (3) 37 - ل: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن علي
بن حسان، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من احتمل الجفاء لم يشكر
النعمة (4) 38 - ل: العطار، عن أبيه، عن الاشعري، عن السياري، عن ابن أسباط رفعه
إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من لم تغضبه الجفوة لم يشكر النعمة (5) 39 -
ل: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: شكر كل نعمة الورع عماحرم الله (6) 40 - ل:
أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن عطية عن عمر بن يزيد، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: شكر كل نعمة وإن
(1) مشكاة الانوار ص 27 (2) تفسير القمى ص
344، والاية في سورة ابراهيم: 7 (3) مشكاة الانوار ص 29 (4 - 5) الخصال ج 1 ص 9 (6)
الخصال ج 1 ص 11
[43]
عظمت أن تحمد الله عزوجل (1) 41 - ل: أبي،
عن سعد، عن البرقي، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر ابن مصعب، عن الثمالي، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: العبد بين ثلاثة: بلاء وقضاء ونعمة: فعليه في البلاء من
الله الصبر فريضة، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة وعليه في النعمة من الله
عزوجل الشكر فريضة (2) سن: عبد الرحمن بن حماد مثله (3) 42 - يد، ل: الفامي وابن
مسرور، عن ابن بطة، عن البرقي، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل لامير المؤمنين (عليه السلام): بماذا شكرت
نعماء ربك ؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عني وأبلا به غيري، فعلمت أنه قد أنعم علي
فشكرته الخبر (4) 43 - ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
معاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: يا معاوية من اعطي ثلاثة
لم يحرم ثلاثة من اعطي الدعاء اعطي الاجابة، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة، ومن اعطي
التوكل اعطي الكفاية، فان الله عزوجل يقول في كتابه: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه
" (5) ويقول: لئن شكرتم لازيدنكم " (6) ويقول: " ادعوني أستجب لكم " (7)
(1) الخصال ج 1 ص 13 (2) الخصال ج 1 ص 43
(3) المحاسن ص 6 (4) الخصال ج 1 ص 18 (5) الطلاق: 3 (6) ابراهيم: 7 (7) الخصال ج 1
ص 5، والاية الاخيرة في المؤمن 60
[44]
سن: معاوية بن وهب عنه (عليه السلام) مثله
(1) 44 - مع (2) ل: الحسن بن عبد الله العسكري، عن بدر بن الهيثم، عن علي بن منذر،
عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): من اعطي
أربعا لم يحرم أربعا:، من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم
التوبة، ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة، ومن اعطي الصبر لم يحرم الاجر (3) أقول:
قد مضى في باب جوامع المكارم وفي باب صفات خيار العباد 45 - ل: ماجيلويه، عن محمد
العطار، عن الاشعري، عن السياري رفعه إلى الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما
السلام) قال: من قال: الحمد لله فقد أدى شكر كل نعمة لله عزوجل عليه الخبر (4) 46 -
ل: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: شكر المنعم يزيد في الرزق (5) 47 - ن:
الدقاق والسناني والمكتب جميعا، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن محمود
بن أبي البلاد، عن الرضا (عليه السلام) قال: من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم
يشكر الله عزوجل (6) 48 - ن: بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن علي بن
الحسين (عليهم السلام) قال: أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة: أخذوا الصبر عن أيوب، والشكر
عن نوح، والحسد عن بني يعقوب (7)
(1) المحاسن ص 3 (2) معاني الاخبار ص 323
(3) الخصال ج 1 ص 94 (4) الخصال ج 1 ص 144 (5) الخصال ج 2 ص 94 (6) عيون أخبار
الرضا " عليه السلام " ج 2 ص 24 (7) عيون أخبار الرضا " عليه السلام " ج 2 ص 45.
[45]
49 - ن: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): من أنعم الله عزوجل عليه نعمة فليحمد الله ومن استبطأ الرزق
فليستغفر الله، ومن حزبه (1) أمر فليقل لاحول ولاقوة إلا بالله (2) 50 - ن: بهذا
الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تبارك وتعالى: يا ابن
آدم لا يغرنك ذنب الناس عن نفسك، ولا نعمة الناس عن نعمة الله عليك ولا تقنط الناس
من رحمة الله وأنت ترجوها لنفسك (3) 51 - ن: الدقاق، عن الصوفي، عن الروياني، عن
عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) قال: دعا سلمان
أبا ذر رحمة الله عليهما إلى منزله فقدم إليه رغيفين فأخذ أبو ذر الرغيفين فقلبهما
فقال سلمان: يا أبا ذر لاي شئ تقلب هذين الرغيفين ؟ قال: خفت ألا يكونا نضيجين،
فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا ثم قال: ما أجرأك حيث تقلب الرغيفين، فوالله لقد عمل
في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش، وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح، وعملت
فيه الريح حتى ألقاه إلى السحاب، وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الارض وعمل فيه
الرعد والملائكة حتى وضعوه مواضعه، وعملت فيه الارض والخشب والحديد والبهائم والنار
والحطب والملح ومالا احصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر ؟ فقال أبو ذر: إلى
الله أتوب وأستغفر الله مما أحدثت، وإليك أعتذر مما كرهت قال: ودعا سلمان أبا ذر
رحمة الله عليهما ذات يوم إلى ضيافة فقدم إليه من جرابه كسرا يابسة وبلها من ركوته،
فقال أبو ذر: ما أطيب هذا الخبز لو
(1) يقال: حزبه الامر حزبا: أصابه واشتد
عليه أو ضغطه فجاءة وفى الحديث: كان إذا حزبه أمر صلى أي إذا نزل به مهم وأصابه غم،
ومنه في حديث الدعاء اللهم أنت عدتي ان حزبت، وكثيرا تصحف الكلمة كما في المصدر
بلفظ حزنه، فلا تغفل (2) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 46 (3) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 29.
[46]
كان معه ملح، فقام سلمان وخرج فرهن ركوته
بملح وحمله إليه فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح، ويقول: الحمدلله
الذي رزقنا هذه القناعة فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة (1) 52 - ن:
البيهقي، عن الصولي، عن ابى ذكوان، عن ابراهيم بن العباس قال: كان الرضا (عليه
السلام) ينشد كثيرا: إذا كنت في خير فلا تغترر به * ولكن قل اللهم سلم وتمم (2) 53
- ما: المفيد، عن الحسن بن حمزة العلوي، عن ابن البرقي، عن أبيه عن جده، عن الحسن
بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد الرصافي قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: ثلاث لا يضر
معهن شئ: الدعاء عند الكربات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة (3) 54 -
ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن محمد بن
مروان، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طوبى لمن لم يبدل
نعمة الله كفرا، طوبى للمتحابين في الله (4) 55 - ما: بهذا الاسناد، عن الصفار، عن
القاشاني، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن ابن عيينة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: مامن عبد إلا ولله عليه حجة إما في ذنب اقترفه وإما في نعمة قصر عن شكرها (5)
56 - ما: المفيد، عن عمربن محمد الصيرفي، عن علي بن مهرويه، عن داود ابن سليمان، عن
الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال:
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 ص
52 (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 ص 178 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 207 (4)
أمالى الطوسى ج 1 ص 21 (5) أمالى الطوسى ج 1 ص 215.
[47]
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا
أتاه أمر يسره قال: الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه أمر يكرهه قال:
الحمدلله على كل حال (1) 57 - ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن محمد بن همام، عن حميد
بن زياد عن إبراهيم بن عبيدالله، عن الربيع بن سليمان، عن السكوني، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رد عن عرض أخيه المسلم
كتب له الجنة البتة، ومن اتي إليه معروف فليكافئ، فان عجز فليثن به، فان لم يفعل
فقد كفر النعمة (2) 58 - ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن
ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أحسنوا
جوار النعم، واحذروا أن ينتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها لم ينتقل عن أحد قط فكادت
أن ترجع إليه، قال: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قل ما أدبر شئ فأقبل
(3). 59 - ما: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن الثالث عن آبائه، عن
أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: خمس تذهب ضياعا: سراج تعده في شمس: الدهن يذهب
والضوء لا ينتفع به، ومطرجود على أرض سبخة: المطر يضيع والارض لا ينتفع بها، وطعام
يحكمه طابخه يقدم إلى شبعان فلا ينتفع به وامرأة حسناء تزف إلى عنين فلا ينتفع بها،
ومعروف تصطنعه إلى من لا يشكره (4) 60 - ما: بالاسناد إلى أبي قتادة، عن داود بن
سرحان قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه سديد الصيرفي فسلم وجلس
فقال له: ياسدير ما كثر مال رجل قط إلا عظمت الحجة لله عليه، فان قدرتم تدفعونها
على أنفسكم فافعلوا
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 49 (2) أمالى
الطوسى ج 1 ص 238 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 251 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 291.
[48]
فقال له: يا ابن رسول الله بماذا ؟ قال:
بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم ثم قال: تلقوا النعم ياسدير بحسن مجاورتها، واشكروا
من أنعم عليكم وأنعموا على من شكركم، فانكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله
الزيادة، ومن إخوانكم المناصحة ثم تلا " لئن شكرتم لازيدنكم " (1) 61 - ما:
بالاسناد إلى أبي قتادة، عن صفوان الجمال قال: دخل معلى ابن خنيس على أبي عبد الله
(عليه السلام) ليودعه وقد أراد سفرا فلما ودعه قال: يا معلى اعتزز بالله يعززك قال:
بماذا يا ابن رسول الله ؟ قال: يا معلى خف الله يخف منك كل شئ يا معلى تحبب إلى
إخوانك بصلتهم فان الله جعل العطاء محبة والمنع مبغضة فأنتم والله إن تسألوني اعطكم
أحب إلى من أن لا تسألوني فلا اعطيكم فتبغضوني، ومهما أجرى الله عزوجل لكم من شئ
على يدي فالمحمود الله تعالى ولا تبعدون من شكر ما أجرى الله لكم على يدي (2) 62 -
ما: ابن حمويه، عن محمد بن محمد بن بكر، عن الفضل بن حباب، عن سلام، عن أبي هلال،
عن بكربن عبد الله قال: إن عمربن الخطاب دخل على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو
موقود أوقال محموم، فقال له عمر: يارسول الله ما أشد وعكك أو حماك ؟ فقال: ما منعني
ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطول فقال عمر: يارسول الله غفر الله
لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت تجتهد هذا الاجتهاد ؟ فقال: يا عمر أفلا أكون
عبدا شكورا (3) 63 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر بن هشام، عن محمد
بن إسماعيل بن علية، عن وهب بن حريز، عن أبيه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر محمد
بن علي (عليه السلام) قال: من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة، ومن اعطي الشكر لم يمنع
الزيادة، وتلا أبو جعفر (عليه السلام) " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 309 (2) أمالى
الطوسى ج 1 ص 310 (3) أمالى الطوسى ج 2 ص 18.
[49]
لا زيدنكم " (1) 64 - ما: جماعة، عن أبي
المفضل، عن علي بن إسماعيل بن يونس، عن إبراهيم بن جابر، عن عبد الرحيم الكرخي، عن
هشام بن حسان، عن همام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): من لم يعلم فضل نعم الله عزوجل عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قصر علمه
ودنا عذابه (2) 65 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن أبي داود، عن
إبراهيم ابن الحسن، عن ابن زادان، عن عمر بن صبيح، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)
عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: أربع للمرء لا عليه: الايمان والشكر
فان الله تعالى يقول: " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " (3) والاستغفار
فانه قال: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "
(4) والدعاء فانه قال تعالى (5): " قل ما يعبؤا بكم ربي لو لادعائكم " (6) 66 - ما:
جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي بشر حنان بن بشير، عن خال أبيه عكرمة بن عامر، عن
محمد بن المفضل، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك بن أعين الجهني قال: أوصى علي بن
الحسين (عليهما السلام) بعض ولده فقال: يا بني اشكر الله لمن أنعم عليك، وانعم على
من شكرك، فانه لا زوال للنعمة إذا شكرت، ولابقاء لها إذا كفرت، والشاكر بشكره أسعد
منه بالنعمة التي وجب عليه الشكربها، وتلا يعني علي بن الحسين (عليهما السلام) قول
الله تعالى: " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 67 (2) أمالى
الطوسى ج 2 ص 105 (3) النساء: 147 (4) الانفال: 33 (5) الفرقان: 77 (6) أمالى
الطوسى ج 2 ص 108.
[50]
لازيدنكم " (1) إلى آخر الاية (2) 67 -
ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي شيبة، عن إبراهيم بن سليمان عن أبي حفص الاعشى،
عن زياد بن المنذر، عن محمد بن علي (عليهما السلام) عن أبيه، عن جده قال: قال علي
(عليه السلام): حق على من أنعم عليه أن يحسن مكافاة المنعم، فان قصر عن ذلك وسعه
فعليه أن يحسن الثناء، فان كل عن ذلك لسانه فعليه معرفة النعمة، ومحبة المنعم بها،
فان قصر عن ذلك فليس للنعمة بأهل (3) 68 - ع: أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن
السكوني، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم (4) 69 - مع: أبي، عن
سعد، عن اليقطيني، عن الدهقان، عن درست، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر
(عليه السلام) يقول: من صنع مثل ما صنع إليه، فانما كافى، ومن أضعف كان شاكرا، ومن
شكر كان كريما، ومن علم أن ما صنع إليه إنما يصنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في
شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك،
فأكرم وجهك عن رده (5) 70 - مع: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن السياري، عن
ابن بقاح، عن عبد السلام رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كفر بالنعم أن
يقول الرجل: أكلت كذا وكذا فضرني (6)
(1) ابراهيم: 7 (2) أمالى الطوسى ج 2 ص
115 (3) أمالى الطوسى ج 2 ص 115 (4) علل الشرايع ج 1 ص 292 (5) معاني الاخبار ص 141
(6) معاني الاخبار ص 385.
[51]
71 - ع: أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن
القاسم، عن جده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها،
فانها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها (1) 72 - ثو: أبي، عن سعد، عن الفضل بن
عامر، عن موسى بن القاسم، عن صفوان بن يحيى، عن الهيثم بن واقد قال: سمعت أبا عبد
الله (عليه السلام) يقول: ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغت فحمد الله
عليها إلا كان حمدالله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن (2) 73 - ثو: ابن المتوكل،
عن محمد العطار، عن الاشعري، عن ابن معروف عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير، عن
بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الطاعم الشاكر له أجر الصائم
المحتسب، والمعافى الشاكر له مثل أجر المبتلى الصابر (3) 74 - ثو: ابن الوليد، عن
الصفار، عن أحمد بن إسحاق، عن بكربن محمد، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): يا إسحاق ما أنعم الله على عبد نعمة فعرفها بقلبه وجهر بحمدالله
عليها ففرغ منها حتى يؤمر له بالمزيد (4) 75 - ص: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله صاحب السابري، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: أوحى الله تعالى إلى موسى: يا موسى اشكرني حق شكري فقال: يا رب كيف
أشكرك حق شكرك ؟ ليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي، فقال: يا موسى شكرتني
حق شكري حين علمت أن ذلك مني 76 - ف: روي أن جمالا حمل أبا جعفر الثاني (عليه
السلام) من المدينة إلى الكوفة فكلمه في صلته وقد كان (عليه السلام) وصله بأربعمائة
دينار، فقال أبو جعفر: سبحان
(1) علل الشرايع ج 1 ص 149 (2 و 3) ثواب
الاعمال ص 165 (4) ثواب الاعمال ص 171.
[52]
الله أما علمت أنه لا ينقطع المزيد من
الله حتى ينقطع الشكر من العباد (1) 77 - مص: قال الصادق (عليه السلام): في كل نفس
من أنفاسك شكر لازم لك، بل ألف وأكثر، وأدنى الشكر رؤية النعمة من الله من غير علة
يتعلق القلب بها دون الله، والرضا بما أعطاه، وأن لاتعصيه بنعمته، وتخالفه بشئ من
أمره ونهيه بسبب نعمته، وكن لله عبدا شاكرا على كل حال تجد الله ربا كريما على كل
حال ولو كان عند الله عبادة تعبد بها عبادة المخلصين أفضل من الشكر على كل حال
لاطلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها، فلما لم يكن أفضل منها خصها من بين العبادات
وخص أربابها فقال: " وقليل من عبادي الشكور " (2) وتمام الشكر اعتراف لسان السر
خاضعا لله تعالى بالعجز عن بلوغ أدنى شكره، لان التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر
عليها، وهي أعظم قدرا وأعز وجودا من النعمة التي من أجلها وفقت له، فيلزمك على كل
شكر شكر أعظم منه إلى ما لا نهاية له، مستغرقا في نعمته قاصرا عاجزا عن درك غاية
شكره وأنى يلحق العبد شكر نعمة الله، ومتى يحلق صنيعه بصنيعه، والعبد ضعيف لا قوة
له أبدا إلا بالله، والله غني عن طاعة العبد، قوي على مزيد النعم على الابد فكن لله
عبدا شاكرا على هذا الاصل ترى العجب (3) 78 - شى: عن أبي عمر والزبيري، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها كفر النعم، وذلك
قول الله يحكي قول سليمان: " هذا من فضل ربي ليبلونئ أشكر أم أكفر " (4) الاية وقال
الله: " لئن شكرتم لازيدنكم " (5) وقال: " فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون "
(6)
(1) تحف العقول 457 في ط (2) سبأ: 13 (3)
مصباح الشريعة ص 6 (4) النمل: 40 (5) ابراهيم: 7 (6) تفسير العياشي ج 1 ص 67،
والاية الاخيرة في البقرة 152.
[53]
79 - شى: عن إبراهيم بن عمر، عمن ذكره، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله: " وذكرهم بأيام الله " (1) قال: بآلاءالله
يعني نعمه (2) 80 - شى: عن أبي عمر المديني قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام)
يقول: أيما عبد أنعم الله عليه فعرفها بقلبه - وفي رواية اخرى فأقر بها بقلبه -
وحمد الله عليها بلسانه، لم ينفد كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة وفي رواية أبي
إسحاق المدائني حتى يأذن الله له بالزيادة وهو قوله: " لئن شكرتم لازيدنكم " (3) 81
- شى: عن أبي ولاد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أرأيت هذه النعمة الظاهرة
علينا من الله أليس إن شكرناه عليها وحمدناه زادنا، كما قال الله في كتابه: " لئن
شكرتم لازيدنكم " ؟ فقال: نعم من حمدالله على نعمه وشكره وعلم أن ذلك منه لامن غيره
(4) 82 - محص: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قيل له: من أكرم الخلق على الله ؟
قال: من إذا اعطي شكر، وإذا ابتلي صبر 83 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله
بن محمد بن عبيد بن ياسين، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب
المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه (5) 84 - الدرة الباهرة: قال الجواد (عليه
السلام): نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر 85 - نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
إذا وصلت إليكم أطراف النعم، فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر، وقال (عليه السلام): إن
لله تبارك وتعالى في كل نعمة حقا فمن أداه زاده منها، ومن قصر عنه خاطر بزوال نعمته
(6)
(1) ابراهيم: 5 (2 - 4) تفسير العياشي ج 2
ص 222 (5) أمالى الطوسى ج 2 ص 192 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 145.
[54]
وقال (عليه السلام): احذروا نفار النعم
فماكل شارد بمردود (1) وقال (عليه السلام): ماكان الله ليفتح على عبد باب الشكر
ويغلق عنه باب الزيادة، ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة، ولا
ليفتح على عبدباب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة (2) 86 - مشكوة الانوار: عن علا بن
الكامل قال: قلت لابي الحسن (عليه السلام): أتاني الله بامور لاأحتسبها لاأدري كيف
وجوهها ؟ قال: أولاتعلم أن هذا من الشكر وفي رواية قال لي: لا تستصغر الحمد (3) وعن
سعدان بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إني أرى من هو شديد الحال
مضيقا عليه العيش، وأرى نفسي في سعة من هذه الدنيا لاأمد يدي إلى شئ إلا رأيت فيه
ما احب وقد أرى من هو أفضل مني قد صرف ذلك عنه، فقد خشيت أن يكون ذلك استدراجا من
الله لي بخطيئتي ؟ فقال: أما مع الحمد فلا والله (4) وعن الباقر (عليه السلام) قال:
لا ينقطع (المزيد من الله حتى ينقطع) الشكر من العباد وعن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: أحسنوا جوار النعم، قيل: وما جوار النعم ؟ قال: الشكر لمن أنعم بها
وأداء حقوقها وعنه (عليه السلام) قال: أحسنوا جوار نعم الله واحذروا أن تنتقل عنكم
إلى غيركم أما إنها لم تنتقل عن أحد قط وكادت أن ترجع إليه، وكان علي (عليه السلام)
قال: قل ما أدبر شئ فأقبل وعن معمر بن خلاد قال الرضا (عليه السلام): اتقوا الله
وعليكم بالتواضع والشكر
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 198 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 247 (3) مشكاة الانوار ص 27 (4) مشكاة الانوار ص 28.
[55]
والحمد، إنه كان في بني إسرائيل رجل فأتاه
في منامه من قال له: إن لك نصف عمرك سعة، فاختر أي النصفين شئت، فقال: إن لي شريكا
فلما أصبح الرجل قال لزوجته: قد أتاني في هذه الليلة رجل فأخبرني أن نصف عمري لي
سعة فاختر أي النصفين شئت ؟ فقالت له زوجته: اختر النصف الاول فقال: لك ذاك فأقبلت
عليه الدنيا فكان كلما كانت نعمة قالت زوجته: جارك فلان محتاج فصله، وتقول: قرابتك
فلان فتعطيه، وكانوا كذلك كلما جاءتهم نعمة أعطوا وتصدقوا وشكروا، فلما كان ليلة من
الليالي أتاه الرجل فقال: يا هذا إن النصف قد انقضى فما رأيك ؟ قال:، لي شريك فلما
أصبح قال لزوجته: أتاني الرجل فأعلمني أن النصف قد انقضى، فقالت له زوجته: قد أنعم
الله علينا فشكرنا، والله أولى بالوفاء، قال: فان لك تمام عمرك (1) عنه رحمه الله
قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثلاثة لا يضر معهن شئ الدعاء عند الكرب والاستغفار
عند الذنب، والشكر عند النعمة وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مكتوب في
التوراة اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فانه لا زوال للنعماء إذا شكرت،
ولابقاء لها إذا كفرت، والشكر زيادة في النعم، وأمان من الغير وعنه (عليه السلام)
قال: من شكر الله على ما افيد فقد استوجب على الله المزيد ومن أضاع الشكر فقد خاطر
بالنعم، ولم يأمن التغير والنقم وعنه (عليه السلام) قال: إني سألت الله عزوجل أن
يرزقني مالا فرزقني وقد خفت أن يكون ذلك من استدراج ؟ فقال: أما - بالله - مع الحمد
فلا (2) وعن الباقر (عليه السلام) قال: قال الله عزوجل لموسى بن عمران: يا موسى
اشكرني حق شكري، قال: يا رب كيف أشكرك حق شكرك والنعمة منك، والشكر
(1) مشكاة الانوار ص 30 (2) مشكاة الانوار
ص 31. (*)
[56]
عليها نعمة منك ؟ فقال الله تبارك وتعالى:
إذا عرفت أن ذلك مني فقد شكرتني حق شكري وعن الباقر (عليه السلام) قال: لا ينقطع
المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العباد وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
شكر كل نعمة الورع عن محارم الله (1) 87 - كتاب الامامة والتبصرة: عن هارون بن
موسى، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق
(عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
الشاكر له من الاجر كأجر المبتلى الصابر والمعطى الشاكر له من الاجر كأجر المحترف
القانع (62) * (باب) * * (الصبر واليسر بعد العسر) * الايات: البقرة: واستعينوا
بالصبر والصلوة (2) وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلوة إن
الله مع الصابرين (3) وقال تعالى: ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال
والانفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه
راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون (4)
(1) مشكاة الانوار: 32 (2) البقرة: 45 (3)
البقرة: 153 (4) البقرة: 155 - 157.
[57]
وقال تعالى: والصابرين في البأساء والضراء
وحين البأس (1) آل عمران: والله يحب الصابرين (2) وقال: يا أيها الذين آمنوا اصبروا
وصابروا ورابطوا (3) الاعراف: وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا (4)
الانفال: واصبروا إن الله مع الصابرين (5) يونس: واصبر حتى يحكم الله وهو خير
الحاكمين (6) هود: فاصبر إن العاقبة للمتقين (7) وقال تعالى: واصبر فان الله لا
يضيع أجر المحسنين (8) يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون (9) وقال: فصبر
جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا (10) وقال: إنه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع
أجر المحسنين (11) الرعد: والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم إلى قوله تعالى: سلام عليكم
بما صبرتم فنعم عقبى الدار (12) ابراهيم: إن في ذلك لايات لكل صبار شكور (13) وقال:
ولنصبرن على ما آذيتمونا (14)
(1) البقرة: 177 (2) آل عمران: 146 (3) آل
عمران: 200 (4) الاعراف: 137 (5) الانفال: 46 (6) يونس: 109 (7) هود: 49 (8) هود:
115 (9) يوسف: 18 (10) يوسف: 83 (11) يوسف: 90 (12) الرعد: 22 (13) ابراهيم: 5 (14)
ابراهيم: 12.
[58]
النحل: الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون (1)
وقال تعالى: ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (2) وقال تعالى: وإن
عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر وما صبرك
إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون (3) الكهف: ستجدني إنشاء الله
صابرا (4) طه: فاصبر على ما يقولون (5) الانبياء: وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من
الصابرين (6) الحج: والصابرين على ما أصابهم (7) المؤمنون: إني جزيتهم اليوم بما
صبروا إنهم هم الفائزون (8) الفرقان: أتصبرون وكان ربك بصيرا (9) وقال تعالى: اولئك
يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما (10) القصص: اولئك يؤتون أجرهم
مرتين بما صبروا (11) وقال تعالى: وما يلقاها إلا الصابرون (12) العنكبوت: نعم أجر
العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون (13)
(1) النحل: 42 (2) النحل: 96 (3) النحل:
126 و 127 (4) الكهف: 69 (5) طه: 130 (6) الانبياء: 85 (7) الحج: 35 (8) المؤمنون:
111 (9) الفرقان: 20 (10) الفرقان: 75 (11) القصص: 54 (12) القصص: 80 (13)
العنكبوت: 58 و 59.
[59]
الروم: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك
الذين لا يوقنون (1) لقمان: واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور (2) وقال
تعالى: إن في ذلك لايات لكل صبار شكور (3) التنزيل: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا
لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (4) سبا: إن في ذلك لايات لكل صبار شكور (5) يس:
فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون (6) الصافات: ستجدني إنشاء الله من
الصابرين (7) ص: اصبر على ما يقولون (8) وقال تعالى: إنا وجدناه صابرا نعم العبد
إنه أواب (9) الزمر: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (10) المؤمن: فاصبر إن وعد
الله حق (11) الطلاق: سيجعل الله بعد عسر يسرا (12) المعارج: فاصبر صبرا جميلا (13)
وقال تعالى: إن الانسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا
(14)
(1) الروم: 60 (2) لقمان: 17 (3) لقمان:
31 (4) التنزيل: 24 (5) سبأ: 19 (6) يس: 56 (7) الصافات: 102 (8) ص: 17 (9) ص: 44
(10) الزمر: 10 (11) المؤمن: 77 (12) الطلاق: 7 (13) المعارج: 5 (14) المعارج: 19 -
21
[60]
المدثر: ولربك فاصبر (1) الدهر: وجزاهم
بما صبروا جنة وحريرا (2) وقال: فاصبر لحكم ربك (3) البلد: وتواصوا بالصبر وتواصوا
بالمرحمة (4) الم نشرح: فان مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا (5) العصر: وتواصوا
بالصبر (6) 1 - كا: عن علي، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن
محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): يا حفص إن من صبر صبر قليلا، وإن من جزع جزع قليلا ثم قال: عليك
بالصبر في جميع امورك، فان الله عز وجل بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) فأمره
بالصبر والرفق، فقال: " واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا * وذرني والمكذبين
اولي النعمة " (7) وقال تبارك وتعالى: " ادفع بالتي هي أحسن (السيئة) فإذا الذي
بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذوحظ
عظيم " (8) فصبر (صلى الله عليه وآله) حتى نالوه بالعظائم، ورموه بها، فضاق صدره
فأنزل الله عزوجل عليه " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من
الساجدين " (9) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عزوجل
(1) المدثر: 7 (2) الدهر: 12 (3) الدهر:
24 (4) البلد: 17 (5) الانشراح: 5 - 6 (6) العصر: 3 (7) المزمل: 10 (8) فصلت: 35 و
36 (9) الحجر: 97 - 98.
[61]
" قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم
لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما
كذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا " (1) فألزم النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه الصبر
فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولاصبر
لي على ذكر إلهي فأنزل الله عزوجل " ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة
أيام وما مسنا من لغوت * فاصبر على ما يقولون " (2) فصبر في جميع أحواله ثم بشر في
عترته بالائمة، ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما
صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " (3) فعند ذلك قال (صلى الله عليه وآله): الصبر من
الايمان كالرأس من الجسد فشكر الله عزوجل ذلك له، فأنزل الله عزوجل " وتمت كلمة ربك
الحسنى بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون " (4) فقال (صلى
الله عليه وآله): إنه بشرى وانتقام، فأباح الله عزوجل له قتال المشركين فأنزل الله
" اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد " (5) "
واقتلوهم حيث ثقفتموهم " (6) فقتلهم الله على أيدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وأحبائه، وجعل له (7) ثواب صبره مع ما ادخر له في الاخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج
من الدنيا حتى يقر الله عينه في أعدائه، مع ما يدخر له في
(1) الانعام: 33 و 34 (2) ق: 38 (3)
التنزيل: 24 (4) الاعراف: 137 (5) براءة: 5 (6) البقرة: 191 (7) وعجل له خ ل.
[62]
الاخرة: (1) بيان: " صبر قليلا " نصب "
قليلا " إما على المصدرية أو الظرفية أي صبر صبرا قليلا أوزمانا قليلا وهو زمان
العمر أوزمان البلية " في جميع امورك " فان كل ما يصدر عنه من الفعل والترك والعقد،
وكل ما يرد عليه من المصائب والنوائب من قبله تعالى أو من قبل غيره، يحتاج إلى
الصبر، إذ لا يمكنه تحمل ذلك بدون جهاده مع النفس والشيطان، وحبس النفس عليه "
واصبر على ما يقولون " أي من الخرافات والشتم والايذاء " واهجرهم هجرا جميلا " بأن
تجانبهم وتداريهم ولا تكافيهم، وتكل أمرهم إلى الله كما قال: " وذرني والمكذبين "
أي دعني وإياهم، وكل إلي أمرهم فاني اجازيهم في الدنيا والاخرة " اولي النعمة "
النعمة بالفتح لين الملمس أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا، وهم صناديد قريش
وغيرهم " ادفع " أول الاية هكذا " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة " أي في الجزاء وحسن
العاقبة " ولا " الثانية مزيدة لتأكيد النفي " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " كذا في
أكثر نسخ الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم (2) والسيئة غير مذكورة في المصاحف، وكأنه
(عليه السلام) زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهو أظهر، وقيل المعنى ادفع السيئة
حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها، وهي الحسنة على أن المراد بالاحسن الزائد مطلقا أو
بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات، وإنما اخرج مخرج الاستيناف، على أنه جواب من
قال كيف أصنع للمبالغة ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة كذا ذكره البيضاوي وقيل: اسم
التفضيل مجرد عن معناه أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض أو المعنى
ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافات، وتلك الحسنة هي الاحسان في
مقابل الاساءة ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لان كلا من العفو والمكافات أيضا حسنة إلا
أن الاحسان أحسن منهما، وهذا قريب
(1) الكافي ج 2 ص 88 (2) تفسير القمى ص
184.
[63]
مما ذكره الزمخشري من أن " لا " غير
مزيدة، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما، فخذ بالحسنة التي هي أحسن
أن تحسن إليه مكان إساءته " فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " أي إذا
فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق " وما يلقيها " أي ما يلقى هذه السجية
وهي مقابلة الاساءة بالاحسان " إلا الذين صبروا " فانها تحبس النفس عن الانتقام "
وما يلقيها إلا ذوحظ عظيم " من الخير وكمال النفس، وقيل: الحظ العظيم الجنة، يقال:
لقاه الشئ أي ألقاه إليه " حتى نالوه بالعظائم " يعني نسبوه إلى الكذب والجنون
والسحر وغير ذلك وافتروا عليه " أنك يضيق صدرك " كناية عن الغم " بما يقولون " من
الشرك أو الطعن فيك وفي القرآن والاستهزاء بك وبه " فسبح بحمد ربك " أي فنزه ربك
عما يقولون مما لا يليق به متلبسأ بحمده في توفيقك له، أو فانزع إلى الله فيما نالك
من الغم بالتسبيح والتحميد، فانهما يكشفان الغم عنك " وكن من الساجدين " للشكر في
توفيقك أو رفع غمك أوكن من المصلين، فان في الصلاة قطع العلايق عن الغير " إنه
ليحزنك الذي يقولون " الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو مجنون أو أشباه ذلك "
فانهم لا يكذبونك " قال الطبرسي رحمه الله: اختلف في معناه على وجوه: أحدها أن
معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا، وإن كانوا يظهرون بأفواههم التكذيب عنادا، وهو
قول أكثر المفسرين، ويؤيده ماروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله لقي أبا جهل
فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك فقال: والله إني لاعلم أنه صادق، ولكنا متى كنا تبعا
لعبد مناف ؟ فأنزل الله هذه الآية وثانيها أن المعنى لا يكذبونك بحجة ولا يتمكنون
من إبطال ماجئت به ببرهان، ويدل عليه ماروي عن علي (عليه السلام) أنه كان يقرء " لا
يكذبونك " ويقول: إن المراد بها أنهم لا يأتون بحق هو أحق من حقك
[64]
وثالثها أن المراد لا يصادفونك كاذبا،
تقول العرب: قاتلناكم فما أجبناكم أي ما أصبناكم جبناء، ولا يختص هذا الوجه
بالقراءة بالتخفيف لان أفعلت وفعلت يجوزان في هذا الموضع إلا أن التخفيف أشبه بهذا
الوجه ورابعها أن المراد لا ينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به، لانك كنت عندهم أمينا
صادقا وإنما يدفعون ما أتيت به ويقصدون التكذيب بآيات الله، ويقوي هذا الوجه قوله:
" ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " وقوله: " وكذب به قومك وهو الحق " (1) ولم يقل
وكذبك قومك، وما روي أن أبا جهل قال للنبي (صلى الله عليه وآله) ما نتهمك ولا
نكذبك، ولكنا نتهم الذي جئت به ونكذبه وخامسها أن المراد أنهم لا يكذبونك بل
يكذبونني فان تكذيبك راجع إلي ولست مختصا به، لانك رسولي فمن رد عليك فقد رد علي
وذلك تسلية منه تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله) (2) " ولكن الظالمين بآيات الله "
أي بالقرآن والمعجزات " يجحدون " بغير حجة سفها وجهلا وعنادا، ودخلت الباء لتضمين
معنى التكذيب، قال أبو علي: الباء تتعلق بالظالمين ثم زاد في تسلية النبي (صلى الله
عليه وآله) بقوله: " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا ما كذبوا واوذوا " أي صبروا على
ما نالهم منهم من التكذيب والازى في أداء الرسالة " حتى أتاهم نصرنا " إياهم على
المكذبين وهذا أمر منه تعالى لنبيه بالصبر على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر
كما صبرت الانبياء، وبعده " ولا مبدل لكلمات الله " أي لا يقدر أحد على تكذيب خبر
الله على الحقيقة، ولا على إخلاف وعده " ولقد جاءك من نبأ المرسلين " أي خبرهم في
القرآن كيف أنجيناهم ونصرناهم على قومهم قوله (عليه السلام): " فذكروا الله " أي
نسبوا إليه ما لا يليق بجنابه " ولقد
(1) الانعام: 66 (2) مجمع البيان ج 4 ص
294 (*)
[65]
خلقنا السموات " قيل: هذه إشارة إلى حسن
التأني، وترك التعجيل في الامور وتمهيد للامر بالصبر وأقول: يحتمل أن يكون توطئة
للصبر على وجه آخر، وهو بيان عظم قدره، وأنه قادر على الانتقام منهم " وما مسنا من
لغوب " أي من تعب وإعياء وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم
الاحد، وفرغ منه يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، واستلقى على العرش " فاصبر على ما
يقولون " أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث، فان من قدر على خلق العالم بلا
إعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم، أوما يقول اليهود من الكفر والتشبيه قوله
(عليه السلام): " ثم بشر " على بناء المجهول، وقبل الاية في سورة التنزيل هكذا "
ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل *
وجعلنا منهم أئمة " وفي أكثر نسخ الكتاب " وجعلناهم " وكأنه تصحيف، وفي بعضها "
وجعلنا منهم " كما في المصاحف ثم إنه يرد أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم
إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبي (صلى الله عليه وآله) وإيتائه القرآن في
عترته ؟ وكيف وصفوا بالصبر ؟ والجواب ما عرفت أن ذكر القصص في القرآن لانذار هذه
الامة وتبشيرهم، مع أنه قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه يقع في هذه
الامة ما وقع في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، فذكر قصة موسى وإيتائه الكتاب وجعل
الائمة من بني إسرائيل أي هارون وأولاده ذكر نظير لبعثة النبي (صلى الله عليه وآله)
وإيتائه القرآن، وجعل الائمة من أخيه، وابن عمه وأولاده، كما قال (صلى الله عليه
وآله): أنت مني بمنزلة هارون من موسى. وقد يقال: إن قوله: " فلا تكن في مرية من
لقائه " المراد به لا تكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك، وعدم عمل الامة به فانا
نجعل بعدك امة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل امة يهدون بالتوراة
والمفسرون ذكروا فيه وجوها: الاول أن المعني لا تكن في شك من لقائك موسى ليلة
الاسرى، الثاني
[66]
من لقاء موسى الكتاب، الثالث من لقائك
الكتاب، الرابع من لقائك الاذى كما لقي موسى الاذى. " وجعلناه " أي موسى (عليه
السلام) أو المنزل عليه " يهدون " أي الناس إلى ما فيه من الحكم والاحكام " بأمرنا
" إياهم أو بتوفيقنا لهم " لما صبروا " أي لصبرهم على الطاعة أو على أذى القوم أو
عن الدنيا وملاذها كما قيل: " وكانوا بآياتنا يوقنون " لا يشكون في شئ منها،
ويعرفونها حق المعرفة " فشكر الله ذلك له " إشارة إلى الصبر على جميع الاحوال أو
ذلك القول الدال على الرضا بالصبر، وشكر الله تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل،
ومقابلته بالاحسان، والجزاء في الدنيا والاخرة " وتمت كلمت ربك " صدر الاية "
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون " يعني بني إسرائيل في ظهر الاية، فان القبط
كانوا يستضعفونهم، فأورثهم الله بأن مكنهم، وحكم لهم بالتصرف، وأباح لهم بعد إهلاك
فرعون وقومه " مشارق الارض ومغاربها " أي أرض الشام شرقها وغربها أو أرض الشام
ومصر، وقيل: كل الارض، لان داود وسليمان كانا منهم وملكا الارض " التي باركنا فيها
" باخراج الزرع والثمار وضروب المنافع " وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل "
قال الطبرسي - ره - معناه صح كلام ربك بانجاز الوعد باهلاك عدوهم و استخلافهم في
الارض، وإنما كان الانجاز تماما للكلام لتمام النعمة به، وقيل: إن كلمة الحسنى قوله
سبحانه " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض " إلى قوله " يحذرون " (1)
وقال: " الحسنى " وإن كانت كلمات الله كلها حسنة لانها وعد بما يحبون، وقال الحسن
أراد وعد الله لهم بالجنة " بما صبروا " على أذى فرعون وقومه " ودمرنا ماكان يصنع
فرعون وقومه " أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الابنية والقصور والديار " وما كانوا
يعرشون " من الاشجار والاعناب والثمار، وقيل
(1) القصص: 5 و 6.
[67]
يعرشون يسقفون من القصور والبيوت (1) "
فقال (صلى الله عليه وآله) إنه بشرى " أي لي ولاصحابي " وانتقام " من أعدائي ووجه
البشارة ما مر أن ذكر هذه القصة تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله) بأني أنصرك على
أعدائك وأهلكهم وأنصر الائمة من أهل بيتك، على الفراعنة الذين غلبوا عليهم وظلموهم
في زمن القائم (عليه السلام) واملكهم جميع الارض فظهر الاية لموسى وبني إسرائيل و
بطنها لمحمد وآل محمد صلى الله عليهم " اقتلوا المشركين " الاية هكذا " فإذا انسلخ
الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " قيل أي من حل وحرم " وخذوهم " أي
وأسروهم والاخيذ الاسير " واحصروهم " أي واحبسوهم، أو حيلوا بينهم وبين المسجد
الحرام " واقعدوا لهم كل مرصد " أي كل ممر لئلا ينتشروا في البلاد، وانتصابه على
الظرف وقال تعالى في سورة البقرة " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا
تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم "
يقال: ثقفه أي صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه " فقتلهم الله " أي في غزوة بدر
وغيرها " وعجل له الثواب: ثواب صبره " وفي بعض النسخ " وجعل له ثواب صبره " والاول
أظهر وموافق للتفسير، و الحاصل أن هذه النصرة وقتل الاعداء كان ثوابا عاجلا على
صبره منضما مع ما ادخر له في الاخرة من مزيد الزلفى والكرامة " واحتسب " أي كان
غرضه القربة إلى الله ليكون محسوبا من أعماله الصالحة " حتى يقر الله عينه " أي
يسره في أعدائه بنصره عليهم " مع ما يدخر له في الاخرة " من الاجر الجميل والثواب
الجزيل 2 - كا: عن العدة، عن سهل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن
أبي عبد الله (عليه السلام): قال: الصبر رأس الايمان (2)
(1) مجمع البيان ج 4 ص 470 (2) الكافي ج 2
ص 87.
[68]
بيان: قال المحقق الطوسي قدس سره: الصبر
حبس النفس عن الجزع عند المكروه، وهو يمنع الباطن عن الاضطراب، واللسان عن الشكاية،
والاعضاء عن الحركات غير المعتادة انتهى، وقد مر وسيأتي أن الصبر يكون على البلاء
وعلى فعل الطاعة، وعلى ترك المعصية، وعلى سوء أخلاق الخلق، قال الراغب: الصبر
الامساك في ضيق يقال: صبرت الدابة حبستها بلا علف، وصبرت فلانا حلفته حلفة لا خروج
له منها، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أوعما يقتضيان حبسها عنه
فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة
سمي صبرا لاغير ويضاده الجزع، وإن كان في محاربة سمي شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان
في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا
ويضاده الاذاعة (1) وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله: " والصابرين
في البأساء والضراء وحين البأس - والصابرين على ما أصابهم - والصابرين والصابرات "
(2) وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له، وقوله: " اصبروا وصابروا " (3) أي احبسوا
أنفسكم على العبادة، وجاهدوا أهواءكم، وقوله عزوجل: " واصطبر لعبادته " (4) أي تحمل
الصبر بجهدك، وقوله: " اولئك يجزون الغرفة بما صبروا " (5) أي بما تحملوه من الصبر
في الوصول إلى مرضاة الله (6) قوله: " رأس الايمان " هو من قبيل تشبيه المعقول
بالمحسوس، ووجه الشبه ما سيأتي في ر واية علاء بن الفضيل، ووجهه أن الانسان مادام
في تلك النشأة هو مورد
(1) في المصدر: المذل (2) البقرة: 177،
الحج: 35، الاحزاب: 35 (3) آل عمران: 200 (4) مريم: 65 (5) الفرقان: 75 (6)
المفردات ص 273 و 274.
[69]
للمصائب والافات، ومحل للحوادث والنوائب
والعاهات، ومبتلى بتحمل الاذى من بني نوعه في المعاملات، ومكلف بفعل الطاعات، وترك
المنهيات والمشتهيات وكل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها، فلابد من أن تكون
فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس على هذه الامور الشاقة، ورعاية
ما يوافق الشرع والعقل فيها، وترك الجزع والانتقام، وسائر ما ينافي الاداب
المستحسنة المرضية عقلا وشرعا، وهي المسماة بالصبر، ومن البين أن الايمان الكامل بل
نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه، ويفنى بفنائه، فلذلك هومن الايمان بمنزلة الرأس من
الجسد 3 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبد الله ابن
مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الحر حر على
جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره وإن اسر وقهر
واستبدل باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الامين لم يضرر حريته أن استعبد وقهر
واسر، ولم يضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله، أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له
عبدا بعد إذ كان مالكا فأرسله ورحم به امة وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا
أنفسكم على الصبر توجروا (1) ايضاح: الحر ضد العبد، والمراد هنا من نجا في الدنيا
من رق الشهوات النفسانية واعتق في الاخرة من أغلال العقوبات الربانية، فهو كالاحرار
عزير غني في جميع الاحوال، قال الراغب: الحر خلاف العبد، والحرية ضربان الاول من لم
يجر عليه حكم السبي، نحو " الحر بالحر " (2) والثاني من لم يتملكه قواه الذميمة من
الحرص والشره على القنيات الدنيوية، وإلى العبودية التي تضاد ذلك أشار النبي (صلى
الله عليه وآله) بقوله: تعسر عبد الدرهم تعسر عبد الدينار، وقول الشاعر: ورق ذوي
الاطماع رق مخلد، وقيل: عبد الشهوة أذل من عبدالرق (3) انتهى
(1) الكافي ج 2 ص 89 (2) البقرة: 178 (3)
المفردات ص 111 وفيه تعس بدل تعسر
[70]
وفي القاموس الحر بالضم خلاف العبد، وخيار
كل شئ والفرس العتيق ومن الطين والرمل الطيب " إن نابته نائبة صبر لها " أي إن عرض
له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها أو حمل عليه مال يؤخذ منه أداه ولا يذل نفسه
بالبخل فيه، قال في النهاية: في حديث خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين
المسلمين، النوائب جمع النائبة وهي ما ينوب الانسان أي ينزل به من المهمات والحوادث
وقد نابه ينوبه نوبا ومنه الحديث احتاطوا لاهل الاموال في النائبة والواطئة أي
الاضياف الذين ينوبونهم " وإن تداكت عليه المصائب " أي اجتمعت وازدحمت قال في
النهاية: في حديث علي (عليه السلام) ثم تداككتم علي تداكك الابل الهيم على حياضها
أي ازدحمتم وأصل الدك بالكسر انتهى " لم تكسره " أي لم تعجزه عن الصبر، ولم تحمله
على الجزع وترك الرضا بقضاء الله تعالى، " وإن اسر " إن وصلية " واستبدل باليسر
عسرا " عطف على اسر وفي بعض النسخ واستبدل بالعسر يسرا فهو عطف على قوله " لم تكسره
" فيكون غاية للصبر " أن استعبد " على بناء المجهول، فاعل " لم يضرر " والمراد
بحريته عزه ورفعته وصبره على تلك المصائب ورضاه بقضاء الله، واختياره طاعة الله
وعدم تذلله للمخلوقين " وما ناله " أي من ظلم الاخوان، وسائر الاحزان " أن من الله
" أي في أن من الله أو بدل اشتمال للمضير في " لم يضرره " أو بتقدير إلى فالظرف
متعلق بلم يضرر في الموضعين على سبيل التنازع وأقول: يحتمل أن يكون ما ناله عطفا
على الضمير في " لم يضرره " وأن من الله بيانا لما بتقدير من أو بدلا منه، فيحتمل
أن يكون فاعل نال يوسف، وقيل: اللام فيه مقدار أي لان من الله فيكون تعليلا لقوله
لم يضرر في الموضعين، أو " ما ناله " مبتدأ و " أن من الله " خبره، والجملة معطوفة
على " لم يضرره " أو يكون الواو بمعنى " مع " أي لم يضرره ذلك مع ما ناله، وأن من
بيان لما، والعاتي من العتو بمعنى التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد والجبار بائعه
في مصر أو العزيز، فالمراد بصيرورته عبدا له أنه صار مطيعا له
[71]
مع أنه قد روى الثعلبي وغيره أن ملك مصر
كان ريان بن الوليد، والعزيز الذي اشترى يوسف (عليه السلام) كان وزيره وكان اسمه
قطفير، فلما عبر يوسف رؤيا الملك عزل قطفير عما كان عليه، وفوض إلى يوسف أمر مصر
وألبسه التاج وأجلسه على سرير الملك، وأعطاه خاتمه، وهلك قطفير في تلك الليالي فزوج
الملك يوسف زليخا امرأة قطفير، وكان اسمها راعيل، فولدت له ابنين افرائيم وميشا،
فلما دخلت السنة الاولى من سني الجدب هلك فيها كل شئ أعدوه في السنين المخصبة، فجعل
أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام فباعهم أول سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار ولا
درهم إلا قبضه، وباعهم السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس
منها شئ، وباعهم السنة الثالثة بالمواشي والدواب، حتى احتوى عليها أجمع، وباعهم
السنة الرابعة بالعبيد والاماء حتى لم يبق عند ولا أمة في يد أحد وباعهم السنة
الخامسة بالضياع والعقار والدور حتى احتوى عليها، وباعهم السنة السادسة بأولادهم
حتى استرقهم وباعهم السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر حر ولا حرة إلا صار عبدا
له، ثم استأذن الملك وأعتقهم كلهم ورد أموالهم إليهم، فظهر أن الله ملكه جميع أهل
مصر وأموالهم عوضا من مملو كيته صلوات الله عليه لهم، فهذه ثمرة الصبر والطاعة
والمراد بارساله إرساله إلى الخلق بالنبوة وبرحم الامة به نجاتهم عن العقوبة
الابدية بايمانهم به، أو عن القحط والجوع أو الاعم " وكذلك الصبر يعقب خيرا " يعقب
على بناء الافعال، قال الراغب: أعقبه كذا أورثه ذلك قال تعالى " فأعقبهم نفاقا في
قلوبهم " (1) وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا انتهى أي كما أن صبر يوسف (عليه
السلام) أعقب خيرا عظيما له كذلك صبر كل أحد يعقب خيرا له ومن ثم قيل اصبر تظفر،
وقيل: إني رأيت للايام تجربة (2) * للصبر عاقبة محمودة الاثر وقل من جد في أمر
يطالبه * فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
(1) براءة: 77 (2) من الايام، أحسن وأوفق
بالوزن (*)
[72]
4 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن
علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
الجنة محفوفة بالمكاره و الصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم
محفوفة باللذات و الشهوات، فمن أعطى نفسه لذتها وشهواتها دخل النار (1) بيان:
مضمونه متفق عليه بين الخاصة والعامة فقد روى مسلم عن أنس قال قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، وهذا من بديع الكلام،
وقال الراوندي في ضوء الشهاب يقال حف القوم حول زيد إذا أطافوا به واستداروا،
وحففته بشئ أي أدرته عليه، يقال حففت الهودج بالثياب و يقال إنه مشتق من حفافي الشئ
أي جانبيه يقول (صلى الله عليه وآله): المكاره مطيفة محدقة بالجنة وهي الطاعات،
والشهوات محدقة مستديرة بالنار، وهي المعاصي، وهذا مثل يعني أنك لا يمكنك نيل الجنة
إلا باحتمال مشاق ومكاره، وهي فعل الطاعات والامتناع عن المقبحات، ولا التفصي عن
النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها، فكأن الجنة محفوفة
بمكاره تحتاج أن تقتطعها بتكلفها والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها وروي
أن الله تعالى لما خلق الجنة قال لجبرئيل (عليه السلام) انظر إليها فلما نظر إليها
قال: يا رب لا يتركها أحد إلا دخلها، فلما حفها بالمكاره قال انظر إليها فلما نظر
إليها قال: يا رب أخشى أن لا يدخلها أحد، ولما خلق النار، قال: له: انظر إليها فلما
نظر إليها قال: يا رب لا يدخلها أحد، فلما حفها بالشهوات قال انظر إليها فلما نظر
إليها قال: يا رب أخشى أن يدخلها كل أحد وفائدة الحديث إعلام أن الاعمال المفضية
إلى الجنة مكروهة، قرن الله بها الكراهة، وبالعكس منها الاعمال الموصلة إلى النار،
قرن بها الشهوة ليجاهد الانسان نفسه فيتحمل تلك ويجتنب هذه 5 - كا: عن علي، عن
أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم، عن
(1) الكافي ج 2 ص 89.
[73]
أبي سيار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره، والبر مطل عليه
ويتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة
والزكاة والبر: دونكم صاحبكم فان عجزتم عنه فأنادونه (1) توضيح: البر يطلق على مطلق
أعمال الخير، وعلى مطلق الاحسان إلى الغير، وعلى الاحسان إلى الوالدين أو إليهما
وإلى ذوي الارحام، والمراد هنا أحد المعاني سوى المعنى الاول، قال الراغب: البر
خلاف البحر، وتصور منه التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك
إلى الله تارة نحو إنه هو البر الرحيم، وإلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع
في طاعته، فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة، وبر الواين التوسع في الاحسان
إليهما، وضده العقوق " مطل " بالطاء المهملة من قولهم أطل عليه أي أشرف، وفي بعض
النسخ بالمعجمة، وهو قريب المعنى من الاول لكن التعدية بعلى بالاول أنسب " دونكم "
اسم فعل بمعنى خذوا ويدل ظاهرا على تجسم الاعمال والاخلاق في الاخرة ومن أنكره
يأوله وأمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للاعمال يريه أياها لتفريحه أو
تحزينه، أو الكلام مبنى على الاستعارة التمثيلية، وتنحي الصبر وتمكثه في إعانته
يناسب ذاته فتفطن 6 - كا: علي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبد الله بن
ميمون عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) المسجد
فإذا هو برجل على باب المسجد كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
مالك ؟ قال: يا أمير المؤمنين اصبت بأبي وأخي، وأخشى أن أكون قد وجلت، فقال له أمير
المؤمنين: عليك بتقوى الله، والصبر تقدم عليه غدا، والصبر في الامور بمنزلة الرأس
من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد، وإذا فارق الصبر الامور
(1) الكافي ج 2 ص 90.
[74]
فسدت الامور (1) بيان: " اصبت " على بناء
المجهول " بأبي وأخي " أي ماتا " وأخشى أن أكون قد وجلت " الوجل استشعار الخوف،
وكأن المعنى أخشى أن يكون حزني بلغ حدا مذموما شرعا فعبر عنه بالوجل أو أخشى أن
تنشق مرارتي من شدة الالم أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون " عليك " اسم فعل بمعنى
الزم، والباء للتقوية " بتقوى الله " أي في الشكاية والجزع وغيرهما مما يوجب نقص
الايمان وكأنه إشارة إلى قوله تعالى: " وأن تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور "
(2) " تقدم " على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للامر في " عليك " أو بالرفع
استينافا بيانيا وضمير عليه راجع إلى الصبر بتقدير مضاف أي جزائه أو إلى الله أي
ثوابه، وقيل: إلى كل من الاب والاخ أو إلى الاخ فان فوته جزء أخير للعلة أو إلى
الاب لانه الاصل، والكل بعيد " غدا " أي في القيامة أو عند الموت أو سريعا 7 - كا:
عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سماعة ابن مهران، عن أبي الحسن
(عليه السلام) قال: قال لي: ما حبسك عن الحج ؟ قال: قلت: جعلت فداك وقع على دين
كثير، وذهب مالي وديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي فلولا أن رجلا من
أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج، فقال لي: إن تصبر تغتبط، وإن لا تصبر ينفذ الله
مقاديره راضيا كنت أم كارها (3) بيان: الاغتباط مطاوع غبطه، تقول: غبطته أغبطه غبطا
وغبطة فاغتبط هو كمنعته فامتنع، والغبطة أن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن
من غير أن تريد زوالها عنه، وهذا هو الفرق بينها وبين الحسد، وفي القاموس الغبطة
بالكسر حسن الحال والمسرة، وقد اغتبط، وقال: الاغتباط التبجح بالحال الحسنة انتهى
(1) الكافي ج 2 ص 90 (2) آل عمران: 186
(3) الكافي ج 2 ص 90.
[75]
والاغتباط إما في الاخرة بجزيل الاجر وحسن
الجزاء، أو في الدنيا أيضا بتبديل الضراء بالسراء، فان الصبر مفتاح الفرج وقد قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): أضيق ما يكون الحرج أقرب ما يكون الفرج، مع أن الكاره
تزداد مصيبته، فان فوات الاجر مصيبة اخرى، والكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة
عظيمة، ومن ثم قيل: المصيبة للصابر واحدة، وللجازع اثنتان، بل له أربع مصيبات
الثلاثة المذكورة، وشماتة الاعداء، من ثم قيل: الصبر عند المصيبة مصيبة على الشامت
8 - كا: عن محمد، عن أحمد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ قال: قال أمير
المؤمنين صلوات الله عليه: الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل وأحسن من ذلك
الصبر عند ما حرم الله عليك، والذكر ذكران ذكر الله عزوجل عند المصيبة، وأفضل من
ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك فيكون حاجزا (1) توضيح: صبر خبر مبتدأ محذوف أي
أحدهما صبر، وحسن أيضا خبر مبتدأ محذوف أي هو حسن، ويحتمل أن يكون صبر مبتدأ وحسن
خبره فتكون الجملة استينافا بيانيا، وقوله: " ذكر الله " خبر مبتدأ محذوف ليس إلا "
فيكون " أي الذكر والفاء بيانية " حاجزا " أي مانعا عن فعل الحرام 9 - كا: عن أبي
علي الانباري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس ابن عامر، عن العرزمي، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيأتي على الناس زمان
لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا
باستخراج الدين واتباع الهوى فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على
الغنى، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز، آتاه
الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي تبيين: " لا ينال الملك فيه " أي السلطنة " إلا
بالقتل " لعدم إطاعتهم إمام الحق فيتسلط عليهم الملوك الجورة، فيقتلونهم ويتجبرون
عليهم، وذلك من فساد الزمان وإلا لم يتسلط عليهم هؤلاء " ولا الغنا إلا بالغصب
والبخل " وذلك
(1) الكافي ج 2 ص 90.
[76]
من فساد الزمان وأهله لانهم لسوء عقائدهم
يظنون أن الغنا إنما يحصل بغصب أموال الناس والبخل في حقوق الله والخلق، مع أنه لا
يتوقف على ذلك، بل الامانة وأداء الحقوق أدعى إلى الغنا لانه بيد الله أو لانه لفسق
أهل الزمان منع الله عنهم البركات فلا يحصل الغنا إلا بهما " ولا المحبة " أي جلب
محبة الناس " إلا باستخراج الدين " أي طلب خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من
الدين " واتباع الهوى " أي الاهواء النفسانية أو أهوائهم الباطلة، وذلك لان أهل تلك
الازمنة لفسادهم لا يحبون أهل الدين والعبادة، فمن طلب مودتهم لابد من خروجه من
الدين، ومتابعتهم في الفسوق " وصبر على البغضة " أي بغضة الناس له لعدم اتباعه
أهواءهم " وصبر على الذل " كأنه ناظر إلى نيل الملك فاليشر ليس على ترتيب اللف
فالمراد بالعز هنا الملك والاستيلاء، أو المراد بالملك هناك مطلق العز والرفعة،
ويحتمل أن تكون الفقرتان الاخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الاخيرة، ولم يتعرض للاولى
لكون الملك عزيز المنال لا يتيسر لكل أحد، والاول أظهر وفي جامع الاخبار الرواية
هكذا وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا
بالقتل والجور، ولا يستقيم لهم الغنا إلا بالبخل ولا يستقيم لهم الصحبة في الناس
إلا باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو
يقدر على الغنا، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، وصبر على بغضة الناس وهو يقدر
على المحبة أعطاه الله ثواب خمسين صديقا 10 - كا: عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد
الله، عن إسماعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة
قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لما حضرت أبي علي بن الحسين (عليهما السلام)
الوفاة ضمني إلى صدره وقال: يا بنى اوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما
ذكر أن أباه
[77]
أوصاه يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا
(1) بيان: " اصبر على الحق " أي على فعل الحق من ارتكاب الطاعات وترك المنهيات "
وإن كان مرا " ثقيلا على الطبع، لكونه مخالفا للمشتهيات النفسانية غالبا أو على قول
الحق وإن كان مرا على الناس، فالصبر على ما يترتب على هذا القول من بغض الناس
وأذيتهم، أو على سماع الحق الذي القي إليك وإن كان مرا عليك مكروها لك، كمن واجهك
بعيب من عيوبك، فتصدقه وتقبله أو أطلعك على خطاء في الاجتهاد أو الرأي فتقبله ويمكن
التعميم ليشتمل الجميع 11 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن أبيه رفعه، عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال الصبر صبران: صبر على البلاء حسن جميل، وأفضل الصبرين الورع عن
المحارم (2) 12 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: أخبرني يحيى
ابن سليم الطائفي قال: أخبرني عمرو بن شمر اليماني يرفع الحديث إلى علي (عليه
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة،
وصبر على الطاعة وصبر على المعصية، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب
الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الارض، ومن صبر
على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض
إلى العرش، ومن صبر على المعصية كتب الله له تسعمائة درجة مابين الدرجة إلى الدرجة
كما بين تخوم الارض إلى منتهى العرش (3) بيان: " حتى يردها " أي المصيبة وشدتها "
بحسن عزائها " أي بحسن الصبر اللائق لتلك المصيبة " ثلاثمائة درجة " أي من درجات
الجنة أو درجات الكمال، فالتشبيه من تشبيه المعقول بالمحسوس، وفي الصحاح التخم
منتهى كل قرية أو أرض، والجمع تخوم كفلس وفلوس انتهى، ويدل على أن ارتفاع الجنة
أكثر من تخوم الارض إلى العرش، ولا ينافي ذلك كون عرضها كعرض السماء والارض، مع أنه
قد قيل في الاية وجوه مع بعضها رفع التنافي أظهر
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 91
[78]
13 - كا: عن محمد، عن أحمد، عن علي بن
الحكم، عن يونس بن يعقوب قال: أمرني أبو عبد الله (عليه السلام) أن آتي المفضل
واعزيه باسماعيل، وقال: اقرأ المفضل السلام وقل له: إنا قد اصبنا باسماعيل فصبرنا،
فاصبر كما صبرنا، إنا أردنا أمرا وأراد الله أمرا، فسلمنا لامر الله عزوجل (1)
توضيح: الظاهر أنه المفضل بن عمر، ويدل على مدح عظيم له، وأنه كان من خواص أصحابه
وأحبائه، وإسماعيل ولده الاكبر الذي كان يظن الناس أنه الامام بعده (عليه السلام)
فلما مات في حياته علم أنه لم يكن إماما، وهذا هو المراد بقوله (عليه السلام): "
أردنا أمرا " أي إمامته بظاهر الحال أو بشهوة الطبع أو المراد إرادة الشيعة كالمفضل
وأضرابه، وأدخل (عليه السلام) نفسه تغليبا ومماشاة، ويدل على لزوم الرضا بقضاء الله
والتسليم له، وقيل: المعنى أردنا طول عمر إسماعيل وأراد الله موته، وأغرب من ذلك
أنه قال: عزى المفضل بابن له مات في ذلك الوقت بذكر فوت إسماعيل 14 - كا: عن علي،
عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): من ابتلى من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد
(2) بيان: قوله (عليه السلام): " مثل أجر ألف شهيد " فان قيل: كيف يستقيم هذا مع أن
الشهيد أيضا من الصابرين ؟ حيث صبر حتى استشهد، قلت: يحتمل أن يكون المراد بهم
شهداء سائر الامم، أو المعنى مثل ما يستحق ألف شهيد، وإن كان ثوابهم التفضلي أضعاف
ذلك، وقيل: المراد بهم الشهداء الذين لم تكن لهم نية خالصة، فلم يستحقوا ثوابا
عظيما والاوسط كأنه أظهر 15 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن
صفوان، عن إسحاق بن عمار وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عزوجل: إني جعلت الدنيا بين عبادي
قرضا فمن
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 92.
[79]
أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة عشرا
إلى سبعمائة ضعف، وما شئت من ذلك، ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا
أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني قال: ثم تلا أبو عبد
الله (عليه السلام) قول الله تعالى " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا
إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم " فهذه واحدة من ثلاث خصال " ورحمة "
اثنتان " واولئك هم المهتدون " (1) ثلاث ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا
لمن أخذ الله منه شيئا قسرا (2) بيان: " بين عبادي قرضا " القرض القطع، وما سلفت من
إساءة أو إحسان وما تعطيه لتقضاه، والمعنى أعطيتهم مقسوما بينهم ليقرضوني فاعوضهم
أضعافها لا ليمسكوا عليها وقيل: أي جعلتها قطعة قطعة وأعطيت كلا منهم نصيبا فمن
أقرضني منها قرضا أي نوعا من القرض كصلة الامام والصدقة والهدية إلى الاخوان ونحوها
" وما شئت من ذلك " أي من عدد العطية والزيادة زائدا على السبعمائة كما قال تعالى "
والله يضاعف لمن يشاء " (3) وقيل: إشارة إلى كيفية الثواب المذكور، والتفاوت
باعتبار تفاوت مراتب الاخلاص وطيب المال واستحقاق الاخذ وصلاحه وقرابته وأشباه ذلك،
والقسر القهر " لرضوابها مني " أي رضا كاملا " الذين " صدر الاية " ولنبلونكم بشئ
من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا
أصابتهم مصيبة " قال الطبرسي قدس الله روحه: أي نالتهم نكبة في النفس والمال،
فوطنوا أنفسهم على ذلك احتسابا للاجر، والمصيبة المشقة الداخلة على النفس لما
يلحقها من المضرة وهومن الاصابة كأنها يصيبها بالنكبة " قالوا إنا لله " إقرارا
بالعبودية أي نحن عبيدالله وملكه " وإنا إليه راجعون " هذا إقرار بالبعث والنشور أي
نحن إلى حكمه نصير، ولهذا قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن قولنا " إنا لله "
إقرار على أنفسنا بالملك
(1) البقرة: 156 (2) الكافي ج 2 ص 92 (3)
البقرة: 261
[80]
وقولنا " وإنا إليه راجعون " إقرار على
أنفسنا بالهلك، وإنما كانت هذه اللفظة تعزية عن المصيبة، لما فيها من الدلالة على
أن الله تعالى يجبرها إن كانت عدلا وينصف من فاعلها إن كانت ظلما، وتقديره إنا لله
تسليما لامره، ورضا بتدبيره وإنا إليه راجعون، ثقة بأنا نصير إلى عدله وانفراده
بالحكم في اموره " صلوات من ربهم " ثناء جميل من ربهم وتزكية، وهو بمعنى الدعاء لان
الثناء يستحق دائما، ففيه معنى اللزوم كما أن الدعاء يدعى به مرة بعد مرة، ففيه،
معنى اللزوم وقيل: بركات من ربهم، عن ابن عباس وقيل: مغفرة من ربهم " ورحمة " أي
نعمة أي عاجلا وآجلا، فالرحمة النعمة على المحتاج، وكل أحد يحتاج إلى نعمة الله في
دنياه وعقباه " واولئك هم المهتدون " أي المصيبون طريق الحق في الاسترجاع وقيل: إلى
الجنة والثواب (1) انتهى قوله " هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا " أي فكيف من أنفق
بطيب نفسه 16 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن بعض
أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنا صبر وشيعتنا أصبر منا، قلت: جعلت
فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم ؟ قال: لانا نصبر على ما نعلم، وشيعتنا يصبرون على
مالا يعلمون (2) تبيين: الصبر بضم الصاد وتشديد الباء المفتوحة جمع الصابر " أصبر
منا " أي الصبر عليهم أشق وأشد " لانا نصبر على ما نعلم " أقول يحتمل وجوها: الاول
وهو الاظهر أن المعنى إنا نصبر على ما نعلم نزوله قيل وقوعه وهذا مما يهين المصيبة
ويسهلها، وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجاءة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها، فهي عليهم
أشد ويؤيده ما مر في مجلد الامامة أن قوله تعالى: " ما أصاب من مصيبة في الارض
ولافى أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على
ما فاتكم ولا تفرحوا بما
(1) مجمع البيان ج 1 ص 238 (2) الكافي ج 2
ص 93.
[81]
آتيكم " (1) نزل فيهم (عليهم السلام)
فتدبر الثاني أن المعنى إنا نصبر على ما نعلم كنه ثوابه، والحكمة في وقوعه ورفعة
الدرجات بسببه، وشيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا، وهذه كلها مما يسكن النفس عند
المصيبة ويعزيها الثالث أنا نصبر على ما نعلم عواقبه وكيفية زواله، وتبدل الاحوال
بعده كعلم يوسف (عليه السلام) في الجب بعاقبة أمره، واحتياج الاخوة إليه، وكذا علم
الائمة (عليهم السلام) برجوع الدولة إليهم والانتقام من أعدائهم وابتلاء أعدائهم
بأنواع العقوبات في الدنيا والاخرة، وهذا قريب من الوجه الثاني 17 - كا: عن أبي علي
الاشعري، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلا بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد
كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان (2) كا: عن علي، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن
الفضيل عنه (عليه السلام) مثله (3) كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن
الحكم، عن أبي محمد عبد الله السراج رفعه إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) قال:
الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لاصبر له (4) 18 - كا: عن
محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا،
وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة (5) (1) الحديد: 22 - 23 (2) الكافي
ج 2 ص 87 (3 - 4) الكافي ج 2 ص 89 (5) الكافي ج 2 ص 92
[82]
بيان: الوبال الشدة والثقل والعذاب أي
صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا وعذابا عليهم في الدنيا والاخرة، وصار البلاء على
الصابر نعمة في الدنيا والاخرة: 19 - كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن
الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبان بن أبي
مسافر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا
اصبروا وصابروا " (1) قال: اصبروا على المصائب، وفي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: صابروا على المصائب (2) 20 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن
محمد بن عيسى، عن علي بن محمد بن أبي جميلة، عن جده أبي جميلة، عن بعض أصحابه قال:
لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا (3) بيان:
التفطر التشقق من الفطر، وهو الشق، والصفا جمع الصفاة، وهي الحجر الصلد الضخم لا
تنبت، وفيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الايمان، ومن لم يصبر عند البلاء لا يستحق
اسمه كما مر أنه من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ويشعر بكثرة ورود البلايا على
المؤمن 21 - كا: عن علي، عن أبيه والقاساني، عن الاصبهاني، عن سليمان بن داود عن
يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مروة الصبر
في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغناء أكثر من مروة الاعطاء (4) بيان: المروة هي
الصفات التي بها تكمل إنسانية الانسان، والفاقة الفقر والحاجة، والتعفف ترك السؤال
عن الناس وهو عطف على الصبر، والغنا بالغين المعجمة أيضا الاستغناء عن الناس وإظهار
الغنى لهم، وفي بعض النسخ بالمهملة بمعنى التعب فعطفه على الحاجة حينئذ أنسب، وتخلل
العطف في البين مما يبعده، فالاظهر
(1) آل عمران: 200 (2 و 3) الكافي ج 2 ص
92 (4) الكافي ج 2 ص 93
[83]
على تقديره عطفه على الصبر أيضا 22 - كا:
عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن
جابر قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): يرحمك الله ما الصبر الجميل ؟ قال: ذلك صبر
ليس فيه شكوى إلى الناس (1) بيان: " إلى الناس " ظاهره عموم الناس وربما يخص بغير
المؤمن، لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): من شكى الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها
إلى الله، ومن شكاها إلى كافر فكأنما شكى الله 23 - كا: عن حميد بن زياد، عن الحسن
بن محمد بن سماعة، عن بعض أصحابه عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي النعمان،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أو أبي جعفر (عليه السلام) قال: من لا يعد الصبر
لنوائب الدهر يعجز (2) بيان: " من لا يعد " أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه
يدفع صولة نزول النوائب والمصائب به، يعجز طبعه ونفسه عن مقاومتها وتحملها، فيهلك
بالهلاك الصوري والمعنوي أيضا بالجزع وتفويت الاجر، وربما انتهى به إلى الفسق بل
الكفر أقول: قد مضى الاخبار في باب جوامع المكارم، وباب صفات خيار العباد وفي باب
الشكر وسيأتي في أبواب المواعظ 24 - لى: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من يعرف
البلاء بيصبر عليه ومن لا يعرفه ينكره (3) 25 - فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن
مسكان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اصبروا على المصائب، وقال: إذا كان يوم
القيامة نادى مناد أين الصابرون ؟ فيقوم فئام من الناس ثم ينادي أين المتصبرون ؟
فيقوم فئام من الناس، قلت: جعلت فداك وما الصابرون (وما المتصبرون ؟ قال: الصابرون)
على أداء الفرائض والمتصبرون
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 93 (3) أمالي الصدوق
ص 292
[84]
على اجتناب المحارم (1) 26 - فس: " جنات
عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل
باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " (2) قال: نزلت في الائمة (عليهم
السلام) وشيعتهم الذين صبروا وحدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: نحن صبر، وشيعتنا أصبر منا، لانا صبرنا بعلم وصبروا بما لا
يعلمون (3) 27 - فس: " اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " (4) قال: الائمة عليهم
السلام، وقال الصادق (عليه السلام): نحن صبر وشيعتنا أصبر منا، وذلك أنا صبرنا على
ما نعلم، وصبروا هم على مالا يعلمون (5) 28 - ب: ابن سعد، عن الازدي، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: ألا إن الامر ينزل من السماء إلى الارض، كل
يوم كقطر المطر، إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان، في أهل أو مال أو
نفس، فإذا أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس، أو رأى عند آخر غفيرة فلا تكون
له فتنة فان المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر تخشعا لها إذ ذكرت ويغرى بها لئام
الناس كان كالياسر الفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه، توجب له المغنم وتدفع عنه
المغرم فذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة والكذب، ينتظر إحدى الحسنيين إما داعي
الله فما عند الله خير له، وإما رزق الله فإذا هوذ وأهل ومال، ومعه دينه وحسبه
المال والبنون حرث الدنيا، والعمل الصالح حرث الاخرة، وقد يجمعهما الله
(1) تفسير القمى ص 118 في آية آل عمران
200 (2) الرعد: 24 (3) تفسير القمى ص 341 (4) القصص: 54 (5) تفسير القمى ص 489
[85]
عزوجل لاقوام (1) 29 - ب: ابن طريف، عن
ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: لا يذوق المرء من حقيقة
الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين والصبر على المصائب، وحسن التقدير
في المعاش أقول: قد مضى بسند آخر في باب صفات المؤمن 30 - ل: أبي، عن سعد، عن
البرقي، عن عبد الرحمن بن حماد، عن عمر بن مصعب، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه
السلام) قال: العبد بين ثلاثة: بلاء وقضاء ونعمة فعليه في البلاء من الله الصبر
فريضة، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة، وعليه في النعمة من الله عزوجل
الشكر فريضة (2) سن: عبد الرحمن بن حماد مثله (3) 31 - ل: أبي، عن سعد، عن البرقي،
عن المعلي، عن محمد بن جمهور، عن جعفر بن بشير، عن أبي بحر، عن شريح الهمداني، عن
أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث بن الاعور قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
ثلاث بهن يكمل المسلم: التفقه في الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النوائب
(4) 32 - ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار، عن عبد الله
بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): قال الله جل جلاله: إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضا فمن أقرضني منها قرضا
أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف، وما شئت ومن لم يقرضني منها قرضا
فأخذت منه قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا مني: الصلاة
والهداية والرحمة، إن الله عزوجل يقول:
(1) قرب الاسناد ص 27 وصححناه على نسخة
النهج الرقم 23 من الخطب (2) الخصال ج 1 ص 43 (3) المحاسن ص 6 (4) الخصال ج 1 ص 61.
[86]
" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم " واحدة من الثلاث " ورحمة " اثنتين
" واولئك هم المهتدون " ثلاثة ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا لمن أخذ منه
شيئا قسرا (1) 33 - ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد
ابن الحنفية: إياك والعجب، وسوء الخلق، وقلة الصبر، فانه لا يستقيم لك على هذه
الخصال الثلاثة صاحب، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب الخبر (2) 34 - ن:
بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي بن الحسين
(عليهما السلام): أخذوا الناس ثلاثة من ثلاثة: أخذوا الصبر عن أيوب (عليه السلام)
والشكر عن نوح (عليه السلام)، والحسد عن بني يعقوب (عليه السلام) (3) 35 - ع: أحمد
بن محمد بن عيسى العلوي، عن محمد بن إبراهيم بن أسباط، عن أحمد بن محمد بن زياد، عن
أحمد بن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن جعفر العلوي عن آبائه، عن عمربن علي، عن أبيه
علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: علامة الصابر في
ثلاث أولها أن لا يكسل، والثانية أن لا يضجر، والثالثة أن لا يشكو من ربه عزوجل،
لانه إذا كسل فقد ضيع الحق، وإذا ضجر لم يؤد الشكر، وإذا شكا من ربه عزوجل فقد عصاه
(4) 36 - ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى عن ابن
أبي عمير، عن صباح الحذاء، عن الثمالي، عن أبي جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة جمع الله عزوجل الخلائق
في صعيد واحد، ونادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أولهم
(1) الخصال 1 ص 64 (2) الخصال ج 1 ص 72
(3) عيون الاخبار ج 2 ص 45 (4) علل الشرائع ج 2 ص 184.
[87]
يقول: أين أهل الصبر ؟ قال: فيقوم عنق من
الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم: ماكان صبركم هذا الذي صبرتم ؟
فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معصيته، قال: فينادي مناد من عند
الله: صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب الخبر (1) 37 - ما: الفحام،
عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال
الصادق (عليه السلام) في قول الله عزوجل: في قول يعقوب: " فصبر جميل " (2) قال:
بلاشكوى (3) 38 - مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه رفعه قال: سأل النبي (صلى
الله عليه وآله) جبرئيل (عليه السلام) ما تفسير الصبر ؟ قال: تصبر في الضراء كما
تصبر في السراء، وفي الفاقة كما تصبر في الغنى، وفي البلاء كما تصبر في العافية،
فلا يشكو حاله (4) عند المخلوق بما يصيبه من البلاء (5) 39 - فس: أبي، عن
الاصبهاني، عن المنقري، عن حفص قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حفص إن من
صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ثم قال: عليك بالصبر في جميع امورك، فان الله
بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) وأمره بالصبر والرفق فقال: " واصبر على ما يقولون
واهجرهم هجرا جميلا " (6) وقال: " ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه
عداوة كأنه ولي حميم " (7) فصبر رسول الله حتى قابلوه بالعظام ورموه بها فضاق صدره
فأنزل الله تعالى " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون " (8) ثم كذبوه ورموه فحزن
لذلك فأنزل الله " قد
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 100 (2) يوسف: 18
(3) أمالى الطوسى ج 1 ص 300 (4) معاني الاخبار ص 261 (5) خالقه خ ل (6) المزمل: 10
(7) فصلت: 34 (8) الحجر: 97.
[88]
نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا
يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما
كذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا " (1) فألزم نفسه الصبر (صلى الله عليه وآله) فتعدوا
وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد صبرت في
نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكرهم إلهي، فأنزل الله " ولقد خلقنا السموات
والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون " (2) فصبر
(صلى الله عليه وآله) في جميع أحواله ثم بشر في الائمة (عليهم السلام) من عترته
ووصفوا بالصبر فقال: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا
يوقنون " (3) فعند ذلك قال (صلى الله عليه وآله): الصبر من الايمان كالرأس من
البدن، فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه " وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل
بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون " (4) فقال (صلى الله
عليه وآله): آية بشرى وانتقام، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحبائه وعجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الاخرة
(5) 40 - ثو: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن مرحوم، عن
ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن
يمينه، والزكاة عن يساره، والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية قال: فإذا دخل الملكان
اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر:
(1) الانعام: 33 - 34 (2) ق: 38 (3) فصلت:
24 (4) الاعراف: 137 (5) تفسير القمى ص 184 وقد مر مثله ص 60 من الكافي مشروحا
[89]
دونكم صاحبكم، فان عجزتم عنه فأنا دونه
(1) 41 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): ثلاث من أبواب البر: سخاء النفس، وطيب الكلام، و
الصبر على الاذى (2) 42 - ص: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى،
عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة و أعلمها
أنها قرينتك في الجنة، فانطلق إليها فقرع الباب عليها فخرجت وقالت: هل نزل في شئ ؟
قال: نعم، قالت: ما هو ؟ قال: إن الله تعالى أوحى إلى وأخبرني أنك قريني في الجنة،
وأن ابشرك بالجنة، قالت: أو يكون اسم وافق اسمي ؟ قال: إنك لانت هي، قالت: يا نبي
الله ما اكذبك، ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال داود (عليه السلام):
أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو ؟ قالت: أما هذا فسأخبرك به، اخبرك أنه لم يصبني
وجع قط نزل بي كائنا ماكان، ولانزل ضربي وحاجة وجوع كائنا ماكان إلا صبرت عليه، ولم
أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة، ولم أطلب بها بدلا،
وشكرت الله عليها وحمدته، فقال داود صلوات الله عليه: فبهذا بلغت ما بلغت ثم قال
أبو عبد الله (عليه السلام): وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين (3) 43 - ضا: أروي
أن الصبر على البلاء حسن جميل، وأفضل منه الصبر عن المحارم
(1) ثواب الاعمال ص 155 (2) المحاسن: 6
(3) أخرجه المؤلف العلامة هكذا في باب ما أوحى إلى داود (عليه السلام) ج 14 ص 39
(من هذه الطبعة الحديثة) ولكن وجدناه في مشكاة الانوار ص 23 باختلاف في اللفظ وفيه
بدل قوله " ولانزل ضربي وحاجة وجوع " ولانزل بى مرض وجوع " الخ
[90]
وروي: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين
الصابرون ؟ فيقوم عنق من الناس فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنه بغير حساب، قال:
فتلقاهم الملائكة فيقولون لهم: أي شئ كانت أعمالكم ؟ فيقولون: كنا نصبر على طاعة
الله، ونصبر عن معصية الله، فيقولون نعم أجر العاملين ونروي سأن في وصايا الانبياء
صلوات الله عليهم: اصبروا على الحق وإن كان مرا وأروي أن اليقين فوق الايمان بدرجة
واحدة، والصبر فوق اليقين ونروي أنه من صبر للحق عوضه الله خيرا مما صبر عليه ونروي
أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني آخذك بمداراة
الناس كما آخذك بالفرائض ونروي أن المؤمن أخذ عن الله جل وعز الكتمان، وعن نبيه
(عليه السلام) مداراة الناس وعن العالم (عليه السلام) الصبر في البأساء والضراء
وروي في قول الله عزوجل " اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون " (1) قال " اصبروا
" على طاعة الله وامتحانه، " وصابروا " قال الزموا طاعة الرسول ومن يقوم مقامه "
ورابطوا " قال لا تفارقوا ذلك يعني الامرين و " لعل " في كتاب الله موجبة ومعناها
أنكم تفلحون وأروي عن العالم (عليه السلام) الصبر على العافية أعظم من الصبر على
البلاء، يريد بذلك أن يصبر على محارم الله، مع بسط الله عليه في الرزق وتحويله
النعم، وأن يعمل بما أمره به فيها ونروي لا يصلح المؤمن الا بثلاث خصال: الفقه في
الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النائبة 44 - مص: قال الصادق (عليه
السلام): الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور والصفاء، والجزع يظهر ما في
بواطنهم من الظلمة والوحشة، والصبر يدعيه كل
(1) آل عمران: 200.
[91]
أحد، ولا يثبت عنده إلا المخبتون، والجزع
ينكره كل أحد وهو أبين على المنافقين، لان نزول المحنة والمصيبة يخبر عن الصادق
والكاذب، وتفسير الصبر ماء يستمر مذاقه، وما كان عن اضطراب لا يسمى صبرا، وتفسير
الجزع اضطراب القلب وتحزن الشخص، وتغير السكون، وتغير الحال، وكل نازلة خلت أوائلها
من الاخبات والانابة والتضرع إلى الله تعالى فصاحبها جزوع غير صابر والصبر ماء أوله
مر وآخره حلو، من دخله من أواخره فقد دخل ومن دخله من أوائله فقد خرج، ومن عرف قدر
الصبر لا يصبر عما منه الصبر، قال الله عز وجل في قصة موسى وخضر: " وكيف تصبر على
ما لم تحط به خبرا " (1) فمن صبر كرها ولم يشك إلى الخلق، ولم يجزع بهتك ستره، فهو
من العام، ونصيبه ما قال الله عزوجل: " وبشر الصابرين " (2) أي بالجنة والمغفرة،
ومن استقبل البلاء بالرحب، وصبر على سكينة ووقار (فهو) من الخاص ونصيبه ما قال الله
عزوجل: " إن الله مع الصابرين " (3) 45 - جا: محمد بن محمد بن طاهر، عن ابن عقدة،
عن أحمد بن يوسف، عن الحسين بن محمد، عن أبيه، عن آدم بن عيينة بن أبي عمران
الهلالي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا
طويلا، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا (4) 46 - جع: (5) علي بن موسى الرضا
(عليه السلام) باسناده، عن علي بن الحسين قال:
(1) الكهف: 68 (2) البقرة: 155 (3) مصباح
الشريعة ص 62، والاية الاخيرة في الانفال 46 (4) مجالس المفيد ص 33 (5) سقط رمز
الحديث هذا، عن نسخة الكمباني، وفى نسخة الاصل محلها بياض وقد أومأنا إلى وجه ذلك
في مقدمة الجزء المتمم للسبعين وهو أن الكاتب كان يخلى محل الرموز ويكتبها تذكرة في
الهامش، ثم كان يكتبها بعد ذلك بالحمرة، فسقط عنه كتابة هذا =
[92]
خمسة لو رحلتم فيهن لاصبتموهن: لا يخاف
عبد إلا ذنبه، ولا يرجو إلا ربه ولا يستحي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول:
لاأعلم، والصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له قال على
(عليه السلام): عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة
وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة أعطاه الله تعالى ثلاثمائة
درجة مابين الدرجة إلى الدرجة مابين السماء والارض، ومن صبر على الطاعة كان له
ستمائة درجة مابين الدرجة إلى الدرجة مابين الثرى إلى العرش، ومن صبر عن المعصية
أعطاه الله سبعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة مابين منتهى العرش إلى الثرى
مرتين وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس عليكم بالصبر فانه لادين لمن
لاصبر له وقال (عليه السلام): إنك إن صبرت جرت عليك المقادير، وأنت مأجور، وإنك إن
جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصبر رأس
الايمان عنه قال (عليه السلام): الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب
الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله) (حاكيا) عن الله تعالى: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو
ولده، ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه أن أنصب له ميزانا أو أنشرله ديوانا سئل
محمد بن علي (عليهما السلام) عن الصبر الجميل فقال: شئ لاشكوى فيه، ثم قال: وما في
الشكوى من الفرج ؟ فانما هو يحزن صديقك، ويفرح عدوك وقال أمير المؤمنين (عليه
السلام): إن الصبرو حسن الخلق والبر والحلم من أخلاق الانبياء وقال أمير المؤمنين
(عليه السلام): إنه سيكون زمان لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور، ولا يستقيم
لهم الغنا إلا بالبخل، ولا يستقيم لهم الصحبة في الناس إلا
= الرمز فانه كان في آخر السطر. والان لا
يوجد في نسخة الاصل رمز الحديث في الهامش أيضا فانه قد ذهب عند الصحافة.
[93]
باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين، فمن
أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنا، وصبر على الذل وهو يقدر على
العز، وصبر على بغضة الناس وهو يقدر على المحبة، أعطاه الله ثواب خمسين صديقا قال
النبي (صلى الله عليه وآله): من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل أجر
ألف شهيد وقال (عليه السلام): الجزع عند البلاء تمام المحنة وقال (عليه السلام): كل
نعيم دون الجنة حقير، وكل بلاء دون النار يسير (1) 47 - أقول: روى السيد ابن طاووس
في كتاب سعد السعود من تفسير أبي العباس ابن عقدة، عن عثمان بن عيسى، عن الفضل، عن
جابر قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): ما الصبر الجميل ؟ قال: ذاك صبر ليس
فيه شكوى إلى الناس إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان (إلى عابد من العباد)
في حاجة، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه وقال: مرحبا بك يا خليل
الرحمن فقال يعقوب: لست بإبراهيم ولكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب:
فما بلغ بك ما أرى من الكبر ؟ قال: الهم والحزن والسقم فما جاوز صغير الباب حتى
أوحى الله إليه يا يعقوب شكوتني إلى العباد ؟ فخر ساجدا على عتبة الباب يقول: رب
لاأعود فأوحى الله إليه إني قد غفرتها لك، فلاتعودن لمثلها، فما شكى مما أصاب من
نوائب الدنيا إلا أنه قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون
محص: عن جابر مثله 48 - ختص: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الصبر صبران: فالصبر
عند المصيبة حسن جميل، وأحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك، والذكر ذكران ذكر
الله عزوجل عند المصيبة، وأكبر من ذلك ذكر الله عند ما حرم الله فيكون ذلك حاجزا
(2)
(1) جامع الاخبار ص 135 و 136 (2)
الاختصاص: 218 وفيه سقط
[94]
49 - محص: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران:، ماخلقت خلقا هو أحب
إلي من عبدي المؤمن إني إنما أبتليه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له،
واعطيه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه حال عبدي المؤمن، فليرض بقضائي،
وليشكر نعمائي، وليصبر على بلائي، أكتبه، في الصديقين إذا عمل برضاي وأطاع لامري 50
- محص: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد ليكون له عند الله الدرجة لا
يبلغها بعمله، فيبتليه الله في جسده أو يصاب بماله أو يصاب في ولده فان هو صبر بلغه
الله إياها 51 - محص: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مامن مؤمن
إلا وهو مبتلى ببلاء، منتظر به ما هو أشد منه، فان صبر على البلية التي هو فيها
عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به، وإن لم يصبر وجزع نزل به من البلاء المنتظر
أبدا حتى يحسن صبره وعزاؤه 52 - محص: عن الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: من ابتلي من شيعتنا فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد 53 - محص: عن إسحاق بن
عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يا إسحاق لاتعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر
واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة، إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها
إذا لم يصبر عند نزولها 54 - محص:، روى أحمد بن محمد البرقي في كتابه الكبير، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا، ولكل نعمة شكرا،
ولكل عسر يسرا، أصبر نفسك عند كل بلية ورزية في ولد أو في مال، فان الله إنما يقبض
عاريته وهبته، ليبلو شكرك وصبرك 55 - محص: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: إن الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا، وابتلى قوما
بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة وعنه (عليه السلام) أنه قال: لم يستزد في محبوب
بمثل الشكر ولم يستنقص
[95]
من مكروه بمثل الصبر 56 - محص: عن ربعي،
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه
البلاء، وهو صبور، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع 57
- محص: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن للنكبات غايات لابد أن ينتهي إليها،
فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها، ويصبر حتى يجوز، فان إعمال الحيلة فيها عند
إقبالها زائد في مكروهها وكان يقول: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فمن
لاصبر له لاإيمان له، وكان يقول: الصبر ثلاثة: الصبر على المصيبة، والصبر على
الطاعة والصبر عن المعصية وقال أبو عبد الله (عليه السلام): الصبر صبران: الصبر على
البلاء حسن جميل، وأفضل منه الصبر على المحارم 58 - محص: عن ابن عميرة قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام): اتقوا الله واصبروا فانه من لم يصبر أهلكه الجزع، وإنما
هلاكه في الجزع أنه إذا جزع لم يؤجر 59 - محص: جابر بن عبد الله أن أمير المؤمنين
(عليه السلام) قال: من كنوز الجنة البر وإخفاء العمل، والصبر على الرزايا، وكتمان
المصائب 60 - دعوات الراوندي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صبرك على محارم
الله أيسر من صبرك على عذاب القبر، من صبر على الله وصل إليه نهج: قال (عليه
السلام): الصبر صبران: صبر على ما تكره، وصبر مما تحب (1) وقال (عليه السلام): لا
يعدم الصبور الظفر، وإن طال به الزمان (2)
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 156 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 183
[96]
وقال (عليه السلام): من لم ينجه الصبر
أهلكه الجزع (1) وقال (عليه السلام): عند تناهي الشدة تكون الفرجة، وعند تضايق حلق
البلاء يكون الرخاء (2) 61 - كنز الكراجكى: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
بالصبر يتوقع الفرج، ومن يدمن قرع الباب يلج وقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
الصبر مطية لاتكبو، والقناعة سيف لاينبو وقال (عليه السلام): أفضل العبادة الصبر
والصمت وانتظار الفرج وقال (عليه السلام): الصبر جنة من الفاقة وقال (عليه السلام):
من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر 62 - مشكوة الانوار: قال الصادق (عليه
السلام): إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداكت عليه
المصائب لم تكسره، وإن اسر وقهر واستبدل بالعسر يسرا كما كان يوسف الصديق الامين
(عليه السلام) لم يضره حزنه أن استعبد وقهر واسر، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما
ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا، بعد أن كان مالكا له، فأرسله
فرحم به امة، وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا تظفروا، وواظبوا على الصبر تؤجروا (3)
أقول: ورواه الكليني في الكافي أيضا بأدنى تغيير (4) 63 - ومنه: عن الباقر (عليه
السلام) قال: من صبر واسترجع وحمد الله عند المصيبة فقد رضي بما صنع الله، ووقع
أجره على الله، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله أجره (5)
(1) نهج البلاغة 2 ص 187 (2) نهج البلاغة
ج 2 ص 227 (3) مشكاة الانوار 21 و 22 (4) راجع الكافي ج 2 ص 89 (5) مشكاة الانوار ص
22 و 23.
[97]
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
المؤمن يطبع على الصبر على النوائب (1) 64 - ومنه: عن الحلبي، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: أوحى الله عزوجل إلى داود (عليه السلام) أن قرينك في الجنة
خلادة بنت أوس فأتها وأخبرها وبشرها بالجنة وأعلمها أنها قرينك في الاخرة فانطلق
داود (عليه السلام) إليها فقرع الباب عليها، فخرجت إليه، فقال: أنت خلادة بنت أوس ؟
قالت: يا نبي الله لست بصاحبتك التي تطلب، قال لها داود: ألست خلادة بنت أوس من سبط
كذا (وكذا) ؟ قالت: بلى قال: فأنت هي إذا، فقالت: يا نبي الله لعل اسما وافق اسما ؟
فقال لها داود: ما كذبت ولاكذبت، وإنك لانت هي، فقالت يا نبي الله ما اكذبك ولا
والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به قال لها داود: خبريني عن سريرتك ماهي ؟ قالت:
أما هذا فسأخبرك به إنه لم يصبني وجع قط نزل بي من الله تبارك وتعالى كائنا ماكان
ولانزل بي مرض أو جوع إلا صبرت عليه ولم أسأل الله كشفه حتى هو يكون الذي يحوله عني
إلى العافية والسعة لم أطلب بها بدلا وشكرت الله عليها وحمدته، قال لها داود (عليه
السلام): فبهذا النعت بلغت ما بلغت ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هذا والله
دين الله الذي ارتضاه للصالحين (2) 65 - المؤمن: باسناده، عن أحدهما (عليهما
السلام) قال: مامن عبد مسلم ابتلاه الله بمكروه وصبر إلا كتب له أجر ألف شهيد وعن
أبي الحسن (عليه السلام) قال: مامن أحد يبليه الله عزوجل ببلية فصبر عليها إلا كان
له أجر ألف شهيد
(1) مشكاة الانوار ص 23 (2) مشكاة الانوار
23 و 24
[98]
(63) * (باب) * * (التوكل، والتفويض،
والرضا، والتسليم، وذم الاعتماد) * على غيره تعالى ولزوم الاستثناء بمشية الله في
كل أمر الايات، البقرة: كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير
لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون (1) آل عمران: ومن
يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم (2) وقال سبحانه: وعلى الله فليتوكل المؤمنون
(3) وقال تعالى: فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين * إن ينصركم الله
فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون
(4) وقال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان
الله والله ذوفضل عظيم (5) النساء،: وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (6) وقال:
فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا (7)
(1) البقرة: 216 (2) آل عمران: 101 (3) آل
عمران: 122 (4) آل عمران: 159 - 160 (5) آل عمران 172 - 173 (6) النساء: 45 (7)
النساء: 81
[99]
المائدة: وعلى الله فليتوكل المؤمنون (1)
وقال: وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (2) وقال: رضي الله عنهم ورضوا عنه (3)
الانعام: قل أغير الله أتخذوليا فاطر السماوات والارض وهو يطعم ولا يطعم - إلى قوله
تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسك بخير فهو على كل شئ قدير
(4) وقال تعالى حاكيا عن إبراهيم (عليه السلام): ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء
ربي شيئا (5) الاعراف: قال تعالى حاكيا عن شعيب (عليه السلام): على الله توكلنا (6)
وقال سبحانه: إن وليي لله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين * والذين تدعون من
دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون (7) الانفال: وعلى ربهم يتوكلون (8)
وقال: ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم (9) وقال: وتوكل على الله إنه هو
السميع العليم (10) وقال: وإن يريدوا أن يخدعوك فان حسبك الله هو الذي أيدك بنصره و
بالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن
الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم * يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من
(1) المائدة: 11 (2) المائدة: 23 (3)
المائدة: 119 (4) الانعام: 17 (5) الانعام: 80 (6) الاعراف: 89 (7) الاعراف: 196
(8) الانفال: 2 (9) الانفال: 49 (10) الانفال: 61.
[100]
المؤمنين (1) التوبة: قل لن يصيبنا إلا
ماكتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل المؤمنون (2) وقال تعالى: ومنهم من
يلمزك في الصدقات فان اعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون * ولو أنهم
رضوا ما آتيهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى
الله راغبون (3) وقال تعالى: فان تولوا فقل حسبي الله لاإله إلا هو عليه توكلت وهو
رب العرش العظيم (4) يونس: حاكيا عن نوح (عليه السلام): يا قوم إن كان كبر عليكم
مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم
عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون (5) وقال تعالى: وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم
بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين * فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة
للقوم الظالمين (6) وقال تعالى: ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك فان فعلت
فانك إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا
راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (7) هود: والله على كل شئ
وكيل (8) وقال تعالى حاكيا عن هود (عليه السلام): قال إني اشهد الله واشهدوا أني
برئ مما
(1) الانفال: 62 - 64 (2) براءة: 52 (3)
براءة 58 - 59 (4) براءة: 129 (5) يونس: 71 (6) يونس: 84 و 85 (7) يونس: 106 - 107
(8) هود: 12
[101]
تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا
تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على
صراط مستقيم (1) وقال تعالى حاكيا عن شعيب (عليه السلام): وما توفيقي إلا بالله
عليه توكلت و إليه انيب (2) وقال تعالى: ولله غيب السموات والارض وإليه يرجع الامر
كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما يعملون (3) يوسف: وإلا تصرف عني كيدهن أصب
إليهن وأكن من الجاهلين (4) وقال تعالى: وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك
فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (5) وقال تعالى: فالله خير حافظا
وهو أرحم الراحمين (6) وقال تعالى: وقال لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب
متفرقة وما اغني عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل
المتوكلون * ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ماكان يغني عنهم من الله من شئ إلا حاجة
في نفس يعقوب قضيها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن اكثر الناس لا يعلمون (7) وقال:
عسى الله أن يأيتني بهم جميعا أنه هو العليم الحكيم (8) وقال تعالى: قال ألم أقل
لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون (9) الرعد: له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا
يستجيبون بشئ إلا
(1) هود: 54 - 56 (2) هود: 88 (3) هود:
123 (4) يوسف: 33 (5) يوسف: 42 (6) يوسف: 64 (7) يوسف: 67 - 68 (8) يوسف: 83 (9)
يوسف: 86
[102]
كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو
ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال إلى قوله تعالى: قل أفأتخذتم من دونه أولياء
لا يملكون لانفسهم نفعا ولاضرا (1) وقال تعالى: قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت
وإليه متاب (2) ابراهيم: وعلى الله فليتوكل المؤمنون * ومالنا أن لا نتوكل على الله
وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون (3) النحل
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون (4) وقال تعالى: ويعبدون من دون الله مالا يملك لهم
رزقا من السماوات و الارض شيئا ولا يستطيعون (5) الاسراء: ألا تتخذوا من دوني وكيلا
(6) وقال تعالى: قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا
(7) وقال سبحانه: وكفى بربك وكيلا (8) وقال: ثم لاتجد لك به علينا وكيلا (9) وقال
تعالى: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا (10) الكهف:
مالهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا (11) مريم: واتخذوا من دون الله آلهة
ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا (12)
(1) الرعد: 14 - 16 (2) الرعد: 30 (3)
ابراهيم: 11 - 12 (4) النحل: 42 (5) النحل: 73 (6) أسرى 2 (7) أسرى: 56 (8) أسرى:
65 (9) أسرى: 86 (10) أسرى 96 (11) الكهف: 26 (12) مريم: 81 و 82
[103]
طه: فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا
تخف إنك أنت الاعلى (1) الحج: يدعو من دون الله مالا يضره ومالا ينفعه ذلك هو
الضلال البعيد * يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير إلى قوله
تعالى: من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والاخرة فليمدد بسبب من السماء ثم
ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ (2) وقال تعالى: ومن يهن الله فماله من مكرم إن
الله يفعل ما يشاء (3) وقال تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا (4) وقال تعالى:
واعتصموا بالله هو موليكم فنعم المولى ونعم النصير (5) المؤمنون: قل من بيده ملكوت
كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون (6)
النور: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من
يشاء والله سميع عليم (7) وقال تعالى: ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور (8)
الفرقان: وتوكل على الحى الذي لا يموت (9) الشعراء: ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون *
قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون (10) وقال تعالى: قال أصحاب موسى إنا
لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين (11)
(1) طه: 67 و 68 (2) الحج: 12 - 15 (3)
الحج: 18 (4) الحج: 38 (5) الحج: 87 (6) المؤمنون: 88 - 89 (7) النور: 21 (8)
النور: 40 (9) الفرقان: 58 (10) الشعراء: 14 و 15 (11) الشعراء: 61 و 62
[104]
وقال تعالى: وتوكل على العزيز الرحيم *
الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم (1) النمل: أمن
يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض أإله مع الله قليلا ما
تذكرون (2) وقال تعالى: فتوكل على الله إنك على الحق المبين (3) القصص: قال عسى ربي
أن يهديني سواء السبيل (4) العنكبوت: نعم أجر العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم
يتوكلون (5) الروم: فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين (6)
لقمان: ذلك بأن الله هوالحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير
(7) التنزيل: مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون (8) الاحزاب: وتوكل على
الله وكفى بالله وكيلا (9) وقال تعالى: وتظنون بالله الظنونا (10) وقال تعالى: قل
من ذاالذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ولا يجدون من دون الله
وليا ولا نصيرا (11) وقال تعالى: وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا (12) فاطر: ما
يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له
(1) الشعراء: 217 - 220 (2) النمل: 62 (3)
النمل: 79 (4) القصص: 22 (5) العنكبوت: 58 - 59 (6) الروم: 47 (7) لقمان: 30 (8)
التنزيل ص 40 (9) الاحزاب: 3 (10) الاحزاب: 10 (11) الاحزاب: 17 (12) الاحزاب: 48
[105]
من بعده وهو العزيز الحكيم (1) وقال
تعالى: من كان يريد العزة فلله العزة جميعا (2) الزمر: أليس الله بكاف عبده
ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فماله من هاد ومن يهد الله فماله من مضل
أليس الله بعزيز ذي انتقام * ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل
أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة
هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون (3) وقال سبحانه: الله خالق
كل شئ وهو على كل شئ وكيل * له مقاليد السموات والارض (4) المؤمن: وافوض أمري إلى
الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات ما مكروا (5) حمعسق: والذين اتخذوا
من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل إلى قوله تعالى: أم اتخذوا من
دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير إلى قوله: ذلكم
الله ربي عليه توكلت وإليه انيب (6) وقال تعالى: وما عند الله خير وأبقى للذين
آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (7) وقال تعالى: ألا إلى الله تصير الامور (8) الزخرف: أم
أبرموا أمرا فانا مبرمون (9)
(1) فاطر: 2 (2) فاطر: 10 (3) الزمر: 37 -
38 (4) الزمر: 62 - 63 (5) المؤمن: 44 و 45 (6) الشورى: 6 - 10 (7) الشورى: 36 (8)
الشورى: 53 (9) الزخرف: 79
[106]
الفتح: قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن
أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا (1) الحديد: لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا
بما آتاكم (2) الممتحنة: ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (3) التغابن:
ما أصاب من مصيبة إلا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم إلى
قوله تعالى: الله لاإله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون (4) الطلاق: ومن يتوكل
على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا (5) الملك: قل هو
الرحمن آمنا به وعليه توكلنا (6) الجن: قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من
دونه ملتحدا (7) المزمل: وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق والمغرب لاإله إلا هو
فاتخذه وكيلا (8) الدهر: وما تشاؤن إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (9)
تفسير: " وهو كره لكم " (10) أي شاق عليكم مكروه طبعا " أن تكرهوا شيئا " أي في
الحال " وهو خير لكم " في العاقبة وهكذا أكثر ما كلفوا به، فان الطبع يكرهه وهو
مناط صلاحهم وسبب فلاحهم " وعسى أن تحبوا شيئا " في الحال " و هو شرلكم " في
العاقبة، وهكذا أكثر مانهوا عنه، فان النفس تحبه وتهواه وهو يفضي بها إلى الردى،
وإنما ذكر " عسى " لان النفس إذا ارتاضت ينعكس الامر عليها " والله يعلم " ما هو
خير لكم " وأنتم لا تعلمون " ذلك، فظهر
(1) الفتح: 11 (2) الحديد:: 23 (3)
الممتحنة: 4 (4) التغابن: 11 - 13 (5) الطلاق: 3 (6) الملك: 29 (7) الجن: 22 (8)
المزمل: 8. 9 (9) الدهر: 30 (10) البقرة: 216.
[107]
أنه لابد من تسليم الامر إلى الله واتباع
أوامره وترك اتباع الاهواء المخالفة لما يحبه الله ويرضاه " ومن يعتصم بالله " (1)
قيل أي ومن يستمسك بدينه أو يلتجي إليه في مجامع اموره، فقد اهتدى لا محالة " وعلى
الله فليتوكل المؤمنون " (2) أي فليعتمدوا عليه في الكفاية " فإذا عزمت " (3) أي
وطنت نفسك على شئ بعد الشورى " فتوكل على الله " في إمضاء أمرك على ما هو أصلح لك،
فانه لا يعلمه سواه، وروت العامة عن الصادق (عليه السلام) فإذا عزمت بضم التاء أي
فإذا عزمت لك، ووفقتك وأرشدتك " إن الله يحب المتوكلين " فينصرهم ويهديهم إلى
الصلاح " إن ينصركم الله " كما نصركم يوم بدر " فلا غالب لكم " أي فلا أحد يغلبكم "
وإن يخذلكم " كما خذلكم يوم احد " فمن ذا الذي ينصركم من بعده " أي لا ناصر لكم من
بعد الله، إذا جاوزتموه، أو من بعد خذلانه " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " اي
فليخصوه بالتوكل لما آمنوا به، وعلموا ان لا ناصر سواه " الذين قال لهم الناس " (4)
عن الباقر (عليه السلام) أنها نزلت في غزوة بدر الصغرى حين بعث أبو سفيان نعيم بن ؟
؟ ؟ ليخوف المؤمنين ويثبطهم، وقد مرت تلك القضية في المجلد السادس فقال المؤمنون
سيما أميرهم (عليه السلام): " حسبنا الله ونعم الوكيل " أي هو محسبنا وكافينا، من
أحسبه إذا كفاه ونعم الموكول إليه " قانقلبوا " أي فرجعوا من بدر " بنعمة من الله "
أي عافية وثبات على الايمان وزيادة فيه " وفضل " أي ربح في التجارة " لم يمسسهم سوء
" من جراحة وكيد عدو " واتبعوا رضوان الله " بجرأتهم وخروجهم " والله ذوفضل عظيم "
قد تفضل
(1) آل عمران: 101 (2) آل عمران: 122 (3)
آل عمران: 159 - 160 (4) آل عمران: 172 - 173.
[108]
عليهم بما ذكر وغيره، وفي الخصال (1) عجبت
لمن يفزع من أربع كيف لايفزع إلى أربع: عجبت لمن خاف كيف لايفزع إلى قوله تعالى:
حسبنا الله ونعم الوكيل فاني سمعت قول الله بعقبها: " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
لم يمسسهم سوء " الخبر ومثله كثير سيأتي في محله " وكفى بالله وليا " (2) يلي أمركم
" وكفى بالله نصيرا " يعينكم فثقوا به واكتفوا به عن غيره " وكفى بالله وكيلا " (3)
يكفيك شرهم " وعلى الله فتوكلوا " (4) أي في نصرته على الجبارين " إن كنتم مؤمنين "
به ومصدقين لوعده " رضي الله عنهم ورضوا عنه " (5) فيها إشعار بمدح الرضا بقضاء
الله " أغير الله أتخذوليا " إنكار لاتخاذ غير الله وليا، لا لاتخاذ الولي، ولذلك
قدم غير واولي الهمزة، وقيل: المراد بالولي هنا المعبود، وأقول: يحتمل مطلق المتولي
للامور، والانبياء والاوصياء لما كانوا منصوبين من قبل الله فاتخاذهم اتخاذ الله "
فاطر السموات والارض " أي منشئهما ومبدعهما ابتداء بقدرته وحكمته من غير احتذاء
مثال، فمن كان بيده الاسباب السماوية والارضية يصلح لان يتخذ وليا " وهو يطعم
ولايطعم " أي يرزق ولا يرزق، يعني أن المنافع كلها من عنده ولا يجوز عليه الانتفاع
" بضر " (6) أي ببلية كمرض وفقر " فلا كاشف له " أي فلا قادر على كشفه " إلا هو،
وإن يمسسك بخير " أي بنعمة كصحة وغنى " فهو على كل شئ
(1) الخصال ج 1 ص 103 (2) النساء: 45 (3)
النساء: 81 (4) المائدة: 23 (5) المائدة: 119 (6) الانعام: 17
[109]
قدير " يقدر على إدامته وإزالته " ما
تشركون به " (1) قيل: أي لاأخاف معبوداتكم قط لانها لا قدرة لها على ضر أو نفع "
إلا أن يشاء ربي شيئا " أن يصيبني بمكروه أقول: ويحتمل شمولها لمن يتوسلون إليهم من
الالهة المجازية فانه أيضا نوع من الشرك كما يستفاد من كثير من الاخبار " إن وليي "
(2) أي ناصري وحافظي " الله الذي نزل الكتاب " أي القرآن " وهو يتولى الصالحين " أي
ينصرهم ويحفظهم " وعلى ربهم يتوكلون " (3) أي إليه يفوضون امورهم فيما يخافون
ويرجون " فان الله عزيز " (4) قيل: أي غالب بنصر الضعيف على القوي والقليل على
الكثير " حكيم " يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل ويعجز عن إدراكه " وتوكل على
الله " (5) ولا تخف من خديعتهم ومكرهم فان الله عاصمك وكافيك منهم " إنه هو السميع
" لاقوالهم " العليم " بنياتهم " وإن يريدوا أن يخدعوك " في الصلح " فان حسبك الله
" أي محسبك الله وروى علي بن إبراهيم (6) عن الباقر (عليه السلام) أن هؤلاء قوم
كانوا معه من قريش " هو الذي أيدك " أي قواك " وألف بين قلوبهم " حتى صاروا متحابين
متوادين " ولكن الله ألف بينهم " بالاسلام بقدرته البالغة " إنه عزيز " تام القدرة
والغلبة لا يعصي عليه ما يريده " حكيم " يعلم أنه كيف ينبغي أن يفعل ما يريد
(1) الانعاگ: 80 (2) الاعراف: 196 (3)
الانفال: 2 (4) الانفال: 49 (5) الانفال: 61 - 64 (6) تفسير القمى ص 255.
[110]
" هو مولانا " (1) أي ناصرنا ومتولي أمرنا
" وعلى الله فليتوكل المؤمنون " لان حق المؤمن أن لا يتوكل إلا على الله " من يلمزك
" (2) أي يعيبك " في الصدقات أي في قسمتها " فان اعطوا " الخ يعني أن رضاهم وسخطهم
لانفسهم لا للدين، وفي الكافي (3) والمجمع (4) والعياشي (5) عن الصادق (عليه
السلام) أن أهل هذه الاية أكثر من ثلثي الناس " ما آتيهم الله ورسوله " أي ما
أعطاهم الرسول من الغنيمة أو الصدقة، وذكر الله للتعظيم والتنبيه على أن ما فعله
الرسول كان بأمره كذا قيل: " وقالوا حسبنا الله " أي كفانا فضله " سيؤتينا الله من
فضله " صدقة أو غنيمة اخرى " إنا إلى الله راغبون " في أن يوسع علينا من فضله وجواب
الشرط محذوف تقديره لكان خيرا لهم " فان تولوا " (6) عن الايمان بك فقل حسبي الله "
أي استعن بالله فانه يكفيك أمرهم وينصرك عليهم (7) " عليه توكلت " فلا أرجو ولا
أخاف إلا منه " مقامي " (8) أي مكاني أو إقامتي بينكم مدة مديدة أو قيامي على
الدعوة " وتذكيري " إياكم " بآيات الله فعلى الله توكلت " أي به وثقت " فأجمعوا
أمركم " أي فاعزموا على ما تريدون " وشركائكم " أي مع شركائكم واجتمعوا على السعي
في إهلاكي " ثم لا يكن أمركم عليكم غمة " أي مستورا واجعلوه ظاهرا مكشوفا من غمه
إذا ستره، وقال علي بن إبراهيم: أي لاتغتموا " ثم اقضوا إلي " أي أدوا إلي ذلك
الامر الذي تريدون بي، وقال علي بن إبراهيم (9):
(1) براءة: 52 (2) براءة: 58 (3) الكافي ج
2 ص 412 (4) مجمع البيان ج 5 ص 41 (5) تفسير العياشي ج 2 ص 89 (6) براءة: 129 (7)
في النسخ وينصرهم عليك، وهومن طغيان القلم (8) يونس: 71 (9) تفسير القمى ص 291.
[111]
أي ثم ادعوا علي " ولا تنظرون " أي لا
تمهلوني " وقال موسى " (1) لما رأى تخوف المؤمنين به " يا قوم إن كنتم آمنتم بالله
فعليه توكلوا " أي فثقوا به، وأسندوا أمركم إليه واعتمدوا عليه " إن كنتم مسلمين "
أي مستسلمين لقضاء الله مخلصين له، وليس هذا تعليق الحكم بشرطين فان المعلق
بالايمان وجوب التوكل فانه المقتضي له، والمشروط بالاسلام حصوله فانه لا يوجد مع
التخليط، ونظيره: إن دعاك زيد فأجبه إن قدرت " فقالوا على الله توكلنا " لانهم
كانوا مؤمنين مخلصين، ولذلك اجيبت دعوتهم " ربنا لا تجعلنا فتنة أي موضع فتنة "
للقوم الظالمين " أي لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن ديننا أو يعذبونا وفي المجمع (2)
عنهما (عليهما السلام) والعياشي (3) مقطوعا لا تسلطهم علينا فتفتنهم بنا " مالا
ينفعك " (4) إن دعوته " ولا يضرك " إن خذلته " فان فعلت " أي فان دعوته " فانك إذا
من الظالمين " فان الشرك لظلم عظيم، قال علي بن إبراهيم: مخاطبة للنبي والمعنى
للناس " وإن يمسسك الله بضر " أي إن يصبك " فلا كاشف له " يدفعه " إلا هو " أي إلا
الله " فلا راد " أي فلادافع " لفضله " الذي أرادك به، قيل: ذكر الارادة مع الخير
والمس مع الضر مع تلازم الامرين للتنبيه على أن الخير مراد بالذات، وأن الضر إنما
مسهم لا بالقصد الاول ووضع الفضل موضع الضمير للدلالة على أنه متفضل بما يريد بهم
من الخير، لااستحقاق لهم عليه، ولم يستثن لان مراد الله لا يمكن رده " يصيب به " أي
بالخير " وهو الغفور الرحيم " فتعرضوا لرحمته بالطاعة ولا تيأسوا من غفرانه
بالمعصية
(1) يونس: 84 (2) مجمع البيان ج 5 ص 128
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 127 (4) يونس: 106 و 107.
[112]
والله على كل شئ وكيل " (1) فتوكل عليه،
فانه عالم بحالهم، وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم " مما تشركون من دونه " (2) أي
من إشراككم آلهة من دونه " فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون " واجههم بهذا الكلام مع
قوتهم وشدتهم وكثرتهم وتعطشهم إلى إراقة دمه، ثقة بالله واعتمادا على عصمته إياه
واستهانة بهم وبكيدهم، وإن اجتمعوا عليه وتواطؤا على إهلاكه " إني توكلت على الله
ربي وربكم " تقرير له والمعنى وإن بذلتم غاية وسعكم لم تضروني فاني متوكل على الله،
واثق بكلاءته، وهو مالكي ومالككم، ولا يحيق بي ما لم يرده ولا تقدرون على ما لم
يقدره " إلا هو آخذ بناصيتها " أي إلا وهو مالك لها، قاهر عليها، يصرفها على ما
يريد بها، والاخذ بالناصية تمثيل لذلك " إن ربي صراط مستقيم " أي إنه على الحق
والعدل لا يضيع عنده معتصم، ولا يفوته ظالم وفي تفسير العياشي (3) عن ابن معمر قال:
قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): في قوله: " إن ربي على صراط مستقيم " يعني أنه
على حق يجزي بالاحسان إحسانا وبالسيئ سيئا، ويعفو عمن يشاء ويغفر، سبحانه وتعالى "
وما توفيقي " (4) أي لاصابة الحق والثواب " إلا بالله " أي بهدايته ومعونته " عليه
توكلت " فانه القادر المتمكن من كل شئ دون غيره، قيل: وفيه إشارة إلى محض التوحيد
الذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدء " وإليه انيب " إشارة إلى معرفة المعاد، نبه بهذه
الكلمات على إقباله على الله بشراشره فيما يأتي ويذر وحسم إطماع الكفار وعدم
المبالاة بعداوتهم وتهديدهم بالرجوع إلى الله للجزاء " ولله غيب السموات والارض "
(5) لا لغيره " وإليه يرجع الامر كله " لاإلى
(1) هود: 12 (2) هود: 54 - 56 (3) تفسير
العياشي ج 2 ص 151 (4) هود: 88 (5) هود: 123
[113]
غيره " فاعبده وتوكل عليه " فانه كافيك "
وما ربك بغافل عما تعملون " أنت وهم، فيجازي كلا ما يستحقه " وإلا تصرف عني " (1)
أي وإن لم تصرف عني " كيدهن " في تحبيب ذلك إلى وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة "
أصب إليهن " أي أمل إلى إجابتهن أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي والصبو الميل إلى
الهوى " وأكن من الجاهلين " أي من السفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه " للذي ظن " (2)
أي علم " اذكرني عند ربك " أي اذكر حالي عند الملك وأني حبست ظلما لكي يخلصني من
السجن " فأنساه الشيطان ذكر ربه " أي فأنسى الشيطان صاحب الشراب أن يذكره لربه،
وقيل: أنسى يوسف ذكر الله حتى استعان بغيره " فلبث في السجن بضع سنين " روى العياشي
عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: سبع سنين، وعنه (عليه السلام) لم يفزع يوسف في
حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله: فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع
سنين قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف من أراك الرؤيا التي رأيتها ؟
فقال: أنت يا ربي، قال: فمن حببك إلى أبيك ؟ قال: أنت يا ربي قال: فمن وجه السيارة
إليك ؟ فقال: أنت يا ربي قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب
فرجا ؟ قال: أنت يا ربي قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا ؟ قال: أنت يا ربي
قال: فمن أنطق لسان الصبي بعذرك ؟ قال: أنت يا ربي، قال: فمن صرف كيد امرأة العزيز
والنسوة قال: أنت يا ربي، قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا ؟ قال: أنت يا ربي، قال:
فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي ؟ وتسألني أن اخرجك من السجن واستعنت وأملت عبدا من
عبادي ليذكر إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع إلي، البث في السجن بذنبك بضع
سنين بارسالك عبدا إلى عبد (3)
(1) يوسف: 33 (2) يوسف: 42 (3) تفسير
العياشي ج 2 ص 176
[114]
وفي رواية اخرى عنه (1) (عليه السلام)
اقتصر إلى بعضها وزاد في كل مرة: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يا ربي أقول:
قد مضت الاخبار في ذلك في أبواب أحوال يوسف (عليه السلام) (2) " فالله خير حافظا "
(3) فأتوكل على الله وافوض أمري إليه " وهو أرحم الراحمين " يرحم ضعفي وكبر سني
فيحفظه ويرده علي ولايجمع علي مصيبتين وفي المجمع (4) وعن الخبر أن الله سبحانه
قال: فبعزتي لاردنهما إليك بعدما توكلت علي " وادخلوا من أبواب متفرقة " (5) لانهم
كانوا ذوي بهاء وجمال وهيئة حسنة، وقد شهروا في مصر بالقربة من الملك، والتكرمة
الخاصة التي لم يكن لغيرهم، فخاف عليهم العين " وما اغني عنكم من الله من شئ " يعني
وإن أراد الله بكم لم ينفعكم ولم يدفع عنكم ما أشرت به عليكم من التفرق وهو مصيبكم
لا محالة فان الحذر لايمنع القدر " من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة "
ماكان يغني عنهم " رأي يعقوب واتباعه " من الله من شئ " مما قضا عليهم كما قاله
يعقوب فسرقوا واخذ بنيامين وتضاعفت المصيبة على يعقوب " إلا حاجة في نفس يعقوب "
استثناء منقطع أي ولكن حاجة في نفسه يعني شفقته عليهم واحترازه من أن يعانوا "
قضيها " أظهرها ووصى بها " وإنه لذو علم لما علمناه " أي لذو يقين ومعرفة بالله من
أجل تعليمنا إياه، ولذلك قال: " ما اغني " هو ولم يغتر بتدبيره " ولكن أكثر الناس
لا يعلمون " سر القدر، وأنه لا يغني عنه الحذر
(1) تفسير القمى ص 321 (2) راجع ج 12 ص
246 (3) يوسف 64 (4) مجمع البيان ج 5 ص 248 (5) يوسف: 67 - 68
[115]
" له دعوة الحق " (1) فانه يدعى فيستجيب "
والذين يدعون " أي يدعوهم المشركون " بشئ " من الطلبات " إلا كباسط كفيه " أي إلا
استجابة كاستجابة من بسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه يطلب منه أن يبلغه من بعيد أو
يغترف مع بسط كفيه ليشربه " وما هو ببالغه " لان الماء جماد لايشعر بدعائه ولا يقدر
على إجابته ولا يستقر في الكف المبسوطة، وكذلك آلهتهم، وروى علي بن إبراهيم عن
الباقر (عليه السلام) أنه قال: هذا مثل ضربه الله للذين يعبدون الاصنام، والذين
يعبدون الالهة من دون الله فلا يستجيبون لهم بشئ، ولا ينفعهم إلا كباسط كفيه إلى
الماء ليتناوله من بعيد، ولا يناله " إلا في ضلال " وبطلان أقول: هذا المثل جار في
الاصنام والالهة المجازية فانهم لا يقدرون على إيصال المنافع إلى غيرهم إلا بتيسير
الله وتسبيبه وهو مالك الرقاب ومقلب القلوب ومسبب الاسباب وكذا قوله: " أفأتخذتم من
دونه أولياء " (2) ظاهره في الاصنام ويجري في غيرها " قل هو ربي " (3) أي الرحمن
خالقي ومتولي أمري " لاإله إلا هو " أي لا يستحق العبادة إلا هو تعالى عن الشركاء "
عليه توكلت " في نصرتي عليكم " وإليه متاب " أي مرجعي فيثيبني على مصابرتكم
ومجاهدتكم " ومالنا أن لا نتوكل على الله " (4) أي أي عذر لنا في أن لا نتوكل " وقد
هدينا سبلنا " التي بها نعرفه ونعلم أن الامور كلها بيده " الذين صبروا " (5) أي
على أذى الكفار ومفارقة الوطن " وعلى ربهم يتوكلون " أي يفوضون إليه الامر كله
(1) الرعد: 14 (2) الرعد: 16 (3) الرعد:
30 (4) ابراهيم: 11 (5) النحل: 42
[116]
" مالا يملك لهم رزقا " (1) يعني لا يملك
أن يرزق شيئا من مطر ونبات " ولا يستطيعون " أن يملكوه أولا استطاعة لهم، قيل:
ويجوز أن يكون الضمير للكفار أي ولا يستطيعون هم مع أنهم أحياء شيئا من ذلك فكيف
بالجماد " من دوني وكيلا " (2) أي ربا تكلون إليه اموركم " قل ادعوا الذين زعمتم "
(3) أنهم آلهة " من دونه " كالملائكة والمسيح وعزيز بل الاعم منهم أيضا كما مر "
فلا يملكون " أي لا يستطيعون " كشف الضر عنكم " كالمرض والفقر والقحط " ولا تحويلا
" أي ولا تحويل ذلك منكم إلى غيركم " مالهم " (4) أي ما لاهل السماوات والارض " من
ولي " يتولى امورهم " ولا يشرك في حكمه " أي في قضائه " أحدا " منهم " ليكونوا لهم
عزا " (5) أي ليتعززوا بهم من حيث يكونون لهم وصلة إلى الله وشفعاء عنده " كلا "
ردع وإنكار لتعززهم بها " ويكونون عليهم ضدا " روى علي بن إبراهيم (6) عن الصادق
(عليه السلام) في هذه الاية أي يكونون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا
يوم القيامة، ويتبرؤن منهم ومن عبادتهم، ثم قال: ليست العبادة هي السجود ولا الركوع
وإنما هي طاعة الرجال من أطاع مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده " فأوجس في نفسه
خيفة " (7) أي فأضمر فيها خوفا " هو الضلال البعيد " (8) عن القصد " لبئس المولى "
أي الناصر " ولبئس
(1) النحل: 73 (2) أسرى: 2 (3) أسرى: 56
(4) الكهف: 26 (5) مريم: 81 (6) تفسير القمى: 415 (7) طه: 67 - 68 (8) الحج: 12
[117]
العشير " أي الصاحب " من كان يظن " قيل:
معناه أن الله ناصر رسوله في الدنيا والاخرة، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه
أو جزعه، فليستقص في إزالة غيظه بأن يفعل كل ما يفعله الممتلي غضبا أو المبالغ جزعا
حتى يمد حبلا إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق، فان المختنق يقطع نفسه بحبس
مجاريه أو فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانه فيجتهد
في دفع نصره، وقيل: المراد بالنصر الرزق والضمير لمن " إن الله يدافع " (1) أي
غائلة المشركين " واعتصموا بالله " أي وثقوا به في مجامع اموركم ولا تطلبوا الاعانة
والنصرة إلا منه " هو موليكم " (2) أي ناصركم ومتولي اموركم " فنعم المولى ونعم
النصير " هو، إذ لا مثل له في الولاية والنصرة، بل لامولى ولا نصير سواه في الحقيقة
" ملكوت كل شئ (3) قيل: أي ملكه غاية ما يمكن وقيل: خزائنه " وهو يجير " أي يغيث من
يشاء ويحرسه " ولايجار عليه " أي ولا يغاث أحد أو لايمنع منه، وتعديته بعلى لتضمين
معنى النصرة " فأنى تسحرون " أي فمن أين تخدعون فتصرفون عن الرشد مع ظهور الامر
وتظاهر الادلة " ولولا فضل الله عليكم ورحمته " (4) بتوفيق التوبة الماحية للذنوب
وشرع الحدود المكفرة لها " ما زكى " أي ما طهر من دنسها " أبدا " أي آخر الدهر "
ولكن الله يزكي من يشاء " بحمله على التوبة وقبولها " والله سميع " لمقالتهم " عليم
" بنياتهم " ومن لم يجعل الله له نورا " (5) أي لم يقدر له الهداية ولم يوفقه
لاسبابها
(1) الحج: 38 (2) الحج: 87 (3) المؤمنون:
88 (4) النور: 21 (5) النور: 40.
[118]
" وتوكل على الحي الذي لا يموت " (1) في
استكفاء شرورهم والاغناء عن اجورهم فانه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الاحياء الذين
يموتون فانهم إذا ماتوا ضاع من توكل عليهم " إن معي ربي " (2) بالحفظ والنصرة "
سيهدين " طريق النجاة منهم " وتوكل على العزيز الرحيم " (3) الذي يقدر على قهر
أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك " الذي يراك حين تقوم " قيل: إلى التهجد "
وتقلبك في الساجدين " قيل: وترددك في تصفح أحوال المتهجدين أو تصرفك فيما بين
المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم وروى علي بن إبراهيم (4) عن
الباقر (عليه السلام) قال: الذي يراك حين تقوم في النبوة وتقلبك في الساجدين قال:
في أصلاب النبيين وفي المجمع (5) عنهما (عليهما السلام) قالا: في أصلاب النبيين نبي
بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه عن نكاح غير سفاح من لدن آدم " أم من يجيب المضطر "
(6) الذي أخرجه شدة ما به إلى اللجاء إلى الله " إذا دعاه ويكشف السوء " أي ويدفع
عن الانسان ما يسوؤه " ويجعلكم خلفاء الارض " أي خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها
والتصرف فيها ممن كان قبلكم " أإله مع الله " الذي حفكم بهذه النعم " قليلا ما
تذكرون " أي تذكرون آلاءه تذكرا قليلا " وما " مزيدة " فتوكل على الله " (7) ولا
تبال بمعاداتهم " إنك على الحق المبين "
(1) الفرقان: 58 (2) الشعراء: 62 (3)
الشعراء: 217 (4) تفسير القمى ص 474 (5) مجمع البيان ج 7 ص 207 (6) النمل: 62 (7)
النمل: 79.
[119]
وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره
" الذين صبروا " (1) على المحن والمشاق " وعلى ربهم يتوكلون " أي لا يتوكلون إلا
على الله " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " (2) فيه إشعار بأن الانتقام لهم وإظهار
لكرامتهم حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم وفي المجمع (3) عن النبي (صلى الله
عليه وآله): ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار
جهنم يوم القيامة ثم قرأ " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " " وإن الله هو العلي
الكبير " (4) أي المرتفع على كل شئ والمتسلط عليه " مالكم من دونه من ولي ولا شفيع
" (5) أي مالكم إذا جاوزتم رضى الله أحد ينصركم ويشفع لكم، أو مالكم سواه ولي ولا
شفيع بل هو الذي يتولى مصالحكم وينصركم في مواطن نصركم، على أن الشفيع متجوز به
للناصر، فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولاناصر " أفلا تتذكرون " بمواعظ الله " وتوكل
على الله " (6) فانه يكفيكم " وكفى بالله وكيلا " موكولا إليه الامر في الاحوال
كلها " ما يفتح الله للناس " (7) أي ما يطلق لهم " من رحمة " كنعمة وأمن وصحة وعلم
ونبوة وولاية وروى علي بن إبراهيم (8) عن الصادق (عليه السلام) قال: والمتعة من ذلك
" فلا ممسك لها " يحبسها " وما يمسك فلا مرسل له " يطلقه " من بعده "
(1) العنكبوت: 59 (2) الروم: 47 (3) مجمع
البيان ج 8 ص 309 (4) لقمان: 30 (5) التنزيل: 4 (6) الاحزاب: 3 (7) فاطر: 2 (8)
تفسير القمى: 544.
[120]
أي من بعد إمساكه " وهو العزيز " الغالب
على ما يشاء ليس لاحد أن ينازعه فيه " الحكيم " لا يفعل إلا بعلم وإتقان " من كان
يريد العزة " (1) أي الشرف والمنعة " فلله العزة جميعا " أي فليطلبها من عنده فان
كلها له، وفي المجمع (2) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن ربكم يقول كل يوم:
أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز " أليس الله بكاف عبده، ويخوفونك
بالذين من دونه " (3) قيل: قالت قريش إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا لعيبك إياها، وقال
علي بن إبراهيم (4) يعني يقولون لك يا محمد اعفنا من علي ويخوفونك بأنهم يلحقون
بالكفار " أليس الله بعزيز " غالب منيع " ذي انتقام " ينتقم من أعدائه " ليقولن
الله " لوضوح البرهان على تفرده بالخالقية " قل أفرأيتم " أي أرأيتم بعد ما تحققتم
أن خالق العالم هو الله أن آلهتكم إن أراد الله أن يصيبني بضر هل هن يكشفنه أو
أرادني برحمة أي بنفع " هل هن ممسكات رحمته " فيمسكنها عني ؟ " قل حسبي الله " في
إصابة الخير ودفع الضر " عليه يتوكل المتوكلون " لعلمهم بأن الكل منه " وهو على كل
شئ وكيل " (5) يتولى التصرف فيه " له مقاليد السموات والارض " أي مفاتيحها لا يملك
ولا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها " وافوض أمري إلى
الله " (6) ليعصمني من كل سوء " إن الله بصير بالعباد "
(1) فاطر: 10 (2) مجمع البيان ج 8 ص 402
(3) الزمر: 37 (4) تفسير القمى: 578 (5) الزمر: 62 (6) المؤمن: 44.
[121]
فيحرسهم " فوقاه الله سيئات ما مكروا " أي
شدائد مكرهم، وفي الخصال (1) عن الصادق (عليه السلام) قال: عجبت لمن يفزع من أربع
كيف لا يفزع إلى أربع إلى قوله (عليه السلام): وعجبت لمن مكر به كيف لايفزع إلى
قوله تعالى: " وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " فاني سمعت الله بعقبها "
فوقاه الله سيئات ما مكروا " " الله حفيظ عليم " (2) أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم
فيجازيهم بها " فالله هو الولى " قيل جواب شرط محذوف مثل إن أرادوا وليا بحق فالله
هو الولى بالحق " وهو يحيي الموتى " هو كالتقرير لكونه حقيقا بالولاية " عليه توكلت
" أي في مجامع الامور " وإليه انيب " قيل أي أرجع في المعضلات " وما عند الله " (3)
أي من ثواب الاخرة " خير وأبقى " لخلوص نفعه ودوامه " ألا إلى الله تصير الامور "
(4) بارتفاع الوسائط والتعليقات، وفيه وعد ووعيد للمطيعين والمجرمين، وفي الكافي عن
الباقر (عليه السلام) قال: وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلا هذه الاية
" ألا إلى الله تصير الامور " " فمن يملك لكم من الله شيئا " (5) أي فمن يمنعكم من
مشيته وقضائه " إن أراد بكم ضرا " أي ما يضركم كقتل أو هزيمة وخلل في المال والاهل
أو عقوبة على التخلف " أو أراد بكم نفعا " أي ما يضاد ذلك " لكيلا تأسوا " (6) أي
أثبت وكتب ما أصابكم لئلا تحزنوا " على ما فاتكم " من نعم الدنيا " ولا تفرحوا بما
آتيكم " أي أعطاكم الله منها فان من علم أن الكل مقدرهان عليه الامر
(1) الخصال ج 1 ص 103 (2) الشورى: 6 - 10
(3) الشورى: 36 (4) الشورى: 53 (5) الفتح: 11 (6) الحديد: 23.
[122]
" إلا باذن الله " (1) أي إلا بتقديره
ومشيته " ومن يؤمن بالله يهد قلبه " فال علي بن إبراهيم: أي يصدق الله في قلبه فإذا
بين الله له اختار الهدى " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والله بكل شئ عليم " حتى
القلوب وأحوالها " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " لان الايمان بالتوحيد يقتضي ذلك "
فهو حسبه " (2) أي كافيه " إن الله بالغ أمره " أي يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد "
لكل شئ قدرا " أي تقديرا أو مقدارا لا يتغير، وهو بيان لوجوب التوكل " قل هو الرحمن
" (3) أدعوكم إليه مولى النعم كلها " لن يجيرني من الله أحد " (4) أي إن عصيته "
ملتحدا " أي منحرفا وملتجئا " وتبتل إليه تبتيلا " (5) قيل أي انقطع إليه بالعبادة
وجرد نفسك عما سواه، وقال علي بن إبراهيم أخلص إليه إخلاصا " وما تشاؤن إلا أن يشاء
الله " (6) في بعض الاخبار أنها في الائمة عليهم السلام 1 - كا: عن أبي علي
الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن محبوب عن أبي حفص الاعشى، عن عمر بن خالد،
عن أبي حمزة الثمالي، عن على بن الحسين صلوات الله عليهما قال: خرجت حتى انتهيت إلى
هذا الحائط فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي ثم قال: يا
علي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا ؟ أعلى الدنيا فرزق الله حاضر للبر والفاجر،
قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، قال: فعلى الاخرة ؟ فوعد صادق يحكم فيه ملك
قاهر أوقال قادر، قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول، فقال: مما حزنك ؟ قلت: مما
يتخوف من فتنة ابن الزبير، وما فيه الناس، قال: فضحك ثم قال: يا علي بن
(1) التغابن: 11 - 13 (2) الطلاق: 3 (3)
الملك: 29 (4) الجن: 22 (5) المزمل: 8 و 9 (6) الدهر: 30
[123]
الحسين هل رأيت أحدا دعا الله فلم يجبه ؟
قلت: لاقال: فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ قلت: لا، قال: فهل رأيت أحدا
سأل الله فلم يعطه ؟ قلت: لا ثم غاب عني (1) بيان: في القاموس: وجاهك وتجاهك
مثلثتين تلقاء وجهك، وفي النهاية وطائفة تجاه العدو أي مقابلهم وحذاهم، والتاء فيه
بدل من واو وجاه أي مما يلي وجوههم " فرزق الله حاضر " جزاء للشرط المحذوف واقيم
الدليل مقام المدلول والتقدير إن كان على الدنيا فلا تحزن لان رزق الله.. وكذا قوله
" فوعد صادق " وقوله " أوقال قادر " ترديد من الثمالي أو أحد الرواة عنه وفي هذا
التعليل خفاء ويحتمل وجوها الاول أن يكون المعنى أن الله لما وعد على الطاعات
المثوبات العظيمة، وقد أتيت بها ولا يخلف الله وعده فلاينبغي الحزن عليها مع أنك من
أهل العصمة، وقد ضمن الله عصمتك فلاي شئ حزنك ؟ فيكون مختصابه (عليه السلام) فلا
ينافي مطلوبية الحزن للاخرة لغيرهم (عليهم السلام) الثاني أن الحزن إنما يكون لامر
لم يكن منه مخرج والمخرج موجود لان وعد الله صادق، وقد وعد على الطاعة الثواب وعلى
المعصية العقاب فينبغي فعل الطاعة وترك المعصية لنيل الثواب والحذر عن العقوبات،
ولا فائدة للحزن، الثالث ما قيل: إن المراد بالحزين من به غاية الحزن لضم الكئيب
معه، فلا ينافي استحباب قدر من الحزن للاخرة، والاول أظهر وأنسب بالمقام " وما فيه
الناس " أي من الاضطراب والشدة لفتنته أو المراد بالناس الشيعة لانه كان ينتقم منهم
وابن الزبير هو عبد الله، وكان أعدى عدو أهل البيت (عليهم السلام)، وهو صار سببا
لعدول الزبير عن ناحية أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال (عليه السلام): لا زال
الزبير معنا حتى أدرك فرخه، والمشهور أنه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسين صلوات
الله عليه لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد وقيل: لما استشهد الحسين
(عليه السلام) في سنة ستين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكة إلى نفسه وعاب يزيد
(1) الكافي ج 2 ص 63.
[124]
بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور، فبايعه أهل
تهامة والحجاز فلما بلغ يزيد ذلك ندب له الحصين بن نمير وروح بن زنباع وضم إلى كل
واحد جيشا واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة وجعله أمير الامراء، ولما ودعهم قال: يا
مسلم لاترد أهل الشام عن شئ يريدونه لعدوهم، واجعل طريقك على المدينة، فان حاربوك
فحاربهم فان ظفرت بهم فأبحهم ثلاثا فسار مسلم حتى نزل الحرة فخرج أهل المدينة
فعسكروا بها، وأميرهم عبد الله بن حنظلة الراهب غسيل الملائكة فدعاهم مسلم ثلاثا
فلم يجيبوا فقاتلهم فغلب أهل الشام وقتل عبد الله وسبعمائة من المهاجرين والانصار،
ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيام ثم شخص بالجيش إلى مكة، وكتب إلى يزيد بما
صنع بالمدينة ومات مسلم لعنه الله في الطريق فتولى أمر الجيش الحصين بن نمير حتى
وافا مكة فتحصن منه ابن الزبير في المسجد الحرام في جميع من كان معه، ونصب الحصين
المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة، فبينماهم كذلك إذ ورد في الخبر على الحصين
بموت يزيد لعنة الله عليهما فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه إلى ذلك،
وفتح الابواب واختلط العسكران يطوفون بالبيت فبينما الحصين يطوف ليلة بعد العشاء
إذا استقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده وقال له سرا: هل لك في الخروج معي إلى
الشام فأدعو الناس إلى بيعتك ؟ فان أمرهم قد مرج ولا أدري أحدا أحق بها اليوم منك،
ولست اعصى هناك فاجتذب ابن الزبير يده من يده، وهو يجهر: دون أن أقتل بكل واحد من
أهل الحجاز عشرة من الشام، فقال الحصين: لقد كذب الذي زعم أنك من دهاة العرب اكلمك
سر أو تكلمني علانية، وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب، ثم انصر ف بمن معه إلى
الشام وقالوا: بايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام إلى أن بايعوا لمروان بعد
حروب، واستمر له العراق إلى سنة إحدى وسبعين، وهي التي قتل
[125]
فيها عبد الملك بن مروان أخاه مصعب بن
الزبير وهدم قصر الامارة بالكوفة ولما قتل مصعب انهزم أصحابه فاستدعى بهم عبد
الملك، فبايعوه وسار إلى الكوفة ودخلها واستقر له الامر بالعراق والشام ومصر، ثم
جهز الحجاج في سنة ثلاث وسبعين إلى عبد الله بن الزبير فحصره بمكة ورمى البيت
بالمنجنيق ثم ظفر به وقتله واجتز الحجاج رأسه وصلبه منكسا ثم أنزله ودفنه في مقابر
اليهود وكانت خلافته بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوما، وله من العمر
ثلاث وسبعون سنة، وقيل: اثنان وسبعون سنة، وكانت امه أسماء بنت أبي بكر وأقول:
الظاهر أن خوفه (عليه السلام) كان من ابن الزبير عليه وعلى شيعته ويحتمل أن يكون من
الحجاج وغيره ممن حاربه وكأن الفرق بين الدعاء والسؤال أن الدعاء لدفع الضرر،
والسؤال لجلب النفع " فهل رأيت أحدا " أي من الائمة (عليهم السلام) فانهم لا يدعون
إلا لامر علموا أن الله لم يتعلق إرادته الحتمية بخلافه أو هو مقيد بشرائط الاجابة
التي منها ما ذكر كما فصلناه في كتاب الدعاء ثم الظاهر أن هذا الرجل إما كان ملكا
تمثل بشرا بأمر الله تعالى أو كان بشرا كخضر أو إلياس (عليهما السلام)، وكونه (عليه
السلام) أفضل وأعلم منهم لا ينافي إرسال الله تعالى بعضهم إليه لتذكيره وتنبيهه
وتسكينه كإرسال بعض الملائكة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مع كونه أفضل منهم،
وكإرسال خضر إلى موسى (عليهما السلام) وكونه (عليه السلام) عالما بما ألقى إليه، لا
ينافي التذكير والتنبيه فان أكثر أرباب المصائب عالمون بما يلقى إليهم على سبيل
التسلية والتعزية، ومع ذلك ينفعهم لاسيما إذا علم أن ذلك من قبل الله تعالى وقيل:
إنه (عليه السلام) كان مترددا في أن يدعو على ابن الزبير، وهل هو مقرون برضاه
سبحانه ؟ فلما أذن بتوسط هذا الرجل أو الملك في الدعاء عليه دعا فاستجيب له فلذا لم
يمنع الله من ألقى المنجنيق إلى الكعبة لقتله كما منع الفيل لان حرمة الامام (عليه
السلام) أعظم من الكعبة انتهى 2 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد
بن سنان، عن المفضل
[126]
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى
الله عزوجل إلى داود: ما اعتصم بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته،
ثم تكيده السماوات والارض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من
عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات من يديه وأسخت الارض
من تحته ولم ابال بأي واد هلك (1) بيان: " عبد من عبادي " أي مؤمن " عرفت " نعت
للعبد والكيد المكر والحيلة والحرب، والظاهر أن تكيد كتبيع وربما يقرأ على بناء
التفعل وأسخت بالخاء المعجمة وتشديد التاء من السخت وهو الشديد، وهو من اللغات
المشتركة بين العرب والعجم، أي لا ينبت له زرع ولا يخرج له خير من الارض أو من
السوخ وهو الا نخساف، على بناء الافعال أي خسفت الارض به، وربما يقرأ بالحاء
المهملة من السياحة كناية عن الزلزلة " ولم ابال " كناية عن سلب اللطف والتوفيق
عنه، وعدم علمه سبحانه الخير فيه، وعدم استحقاقه اللطف 3 - كا: عن العدة، عن سهل،
عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن
الغناء والعز يجولان، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا (2) كا: عن العدة، عن أحمد بن
أبي عبد الله، عن محمد بن علي، عن علي بن حسان مثله (3) بيان: " يجولان " من
الجولان أي يسيران ويتحر كان لطلب موطن ومنزل يقيمان فيه، فإذا وجدا موضع التوكل أي
المتوكل أوطنا عنده ولزماه، وكأنه استعارة تمثيلية لبيان أن الغنا والعز يلزمان
التوكل فان المتوكل يعتمد على الله ولا يلتجئ إلى المخلوقين فينجو من ذل الطلب
ويستغني عنهم، فان الغنا غنا
(1) الكافي ج 2 ص 63 (2) الكافي ج 2 ص 64
(3) الكافي ج 2 ص 65
[127]
النفس، لا الغنا بالمال، مع أنه سبحانه
يغنيه عن التوسل إليهم على كل حال ثم إن التوكل ليس معناه ترك السعي في الامور
الضرورية، وعدم الحذر عن الامور المحذورة بالكلية، بل لابد من التوسل بالوسايل
والاسباب على ما ورد في الشريعة من غير حرص ومبالغة فيه ومع ذلك لا يعتمد على سعيه
وما يحصله من الاسباب بل يعتمد على مسبب الاسباب قال المحقق الطوسي قدس سره في
أوصاف الاشراف: المراد بالتوكل أن يكل العبد جميع ما يصدر عنه ويرد عليه إلى الله
تعالى، لعلمه بأنه أقوى وأقدر ويضع ما قدر عليه على وجه أحسن وأكمل ثم يرضى بما
فعل، وهومع ذلك يسعى ويجتهد فيما وكله إليه، ويعد نفسه وعمله وقدرته وإرادته من
الاسباب والشروط المخصصة، لتعلق قدرته تعالى، وإرادته بما صنعه بالنسبة إليه، ومن
ذلك يظهر معنى لاجبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين 4 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن
عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما
عبد أقبل قبل ما يحب الله عزوجل أقبل الله قبل ما يحب، ومن اعتصم بالله عصمه الله،
ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الارض، أو كانت نازلة نزلت
على أهل الارض فشملتهم بلية كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية، أليس الله عزوجل
يقول: " إن المتقين في مقام أمين " (1) بيان: في القاموس وإذا أقبل قبلك بالضم أقصد
قصدك، وقبالته بالضم تجاهه، والقبل محركة المحجة الواضحة، ولي قبله بكسر القاف أي
عنده انتهى، والمراد إقبال العبد نحو ما يحبه الله، وكون ذلك مقصوده دائما وإقبال
الله نحو ما يحبه العبد توجيه أسباب ما يحبه العبد من مطلوبات الدنيا والاخرة،
والاعتصام بالله الاعتماد والتوكل عليه ومن أقبل الله الخ هذه الجمل تحتمل وجهين:
الاول أن يكون لم يبال
(1) الكافي ج 2 ص 65.
[128]
خبرا للموصول، وقوله: " لو سقطت " جملة
اخرى استينافية وقوله: " كان في حزب الله " جزاء الشرط، الثاني أن يكون لم يبال
جزاء الشرط، ومجموع الشرط والجزاء خبر الموصول، وقوله: " كان في حزب الله "
استينافا " فشملتهم بلية " بالنصب على التميز أو بالرفع أي شملتهم بلية بسبب
النازلة أو يكون من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر " بالتقوى " أي بسببه كما هو ظاهر
الاية فقوله: " من كل بلية " متعلق بمحذوف أي محفوظا من كل بلية أو الباء للملابسة
" ومن كل " متعلق بالتقوى أي يقيه من كل بلية والاول أظهر، وقوله: في حزب الله
كناية عن الغلبة والظفر أي الحزب الذين وعد الله نصرهم وتيسير امورهم كما قال
تعالى: " ألا إن حزب الله هم الغالبون " (1) " إن المتقين في مقام " (2) قرأ ابن
عامر ونافع بضم الميم والباقون بالفتح أي في موضع إقامة " أمين " أي أمنوا فيه
الغير من الموت والحوادث أو أمنوا فيه من الشيطان والاحزان، قال البيضاوي: يأمن
صاحبه عن الافة والانتقال انتهى وأقول: ظاهر أكثر المفسرين أن المراد وصف مقامهم في
الاخرة بالامن وظاهر الرواية الدنيا، ويمكن حمله على الاعم ولا يأبي عنه الخبر،
ولعل المراد أمنهم من الضلال والحيرة، ومضلات الفتن في الدنيا، ومن جميع الافات
والعقوبات في الاخرة، وعليه يحمل قوله سبحانه: " ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم
ولاهم يحزنون " (3) فانه لا يتخوف عليهم الضلالة بعد الهداية، ولا يحزنون من مصائب
الدنيا لعلمهم بحسن عواقبها ويحتمل أن يكون المعنى هنا أن الله تعالى يحفظ المطيعين
والمتقين المتوكلين عليه من أكثر النوازل والمصائب، وينصرهم على أعدائهم غالبا كما
نصر كثيرا من الانبياء والاولياء على كثير من الفراعنة ولا ينافي مغلوبيتهم في بعض
الاحيان لبعض المصالح
(1) المائدة: 56 (2) الدخان: 51 (3) يونس:
62
[129]
5 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن غير
واحد، عن علي بن أسباط، عن أحمد بن عمر الحلال، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن الاول
(عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجل: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (1)
فقال: التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في امورك كلها فما فعل بك كنت
عنه راضيا تعلم أنه لايألوك خيرا وفضلا، وتعلم أن الحكم في ذلك له فتوكل على الله
بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها (2) بيان: " الحلال " بالتشديد بياع الحل
بالفتح، وهود هن السمسم " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " أي ومن يفوض اموره إلى
الله ووثق بحسن تدبيره وتقديره، فهو كافيه يكفيه أمر دنياه، ويعطيه ثواب الجنة،
ويجعله بحيث لا يحتاج إلى غيره " منها أن تتوكل " الظاهر أن هذا آخر أفراد التوكل،
وسائر درجات التوكل أن يتوكل على الله في بعض اموره دون بعض، وتعددها بحسب كثرة
الامور المتوكل فيها وقلتها " فما فعل بك " الخ بيان للوازم التوكل وآثاره وأسبابه
والالو التقصير وإذا عدي إلى مفعولين ضمن معنى المنع، قال في النهاية: ألوت قصرت
يقال: إلى الرجل وألى إذا قصر وترك الجهد، قوله: " فيها " أي في امورك كلها " وفي
غيرها " أي في امور غيرك من عشائرك وأتباعك وغيرهم 6 - كا: عن العدة، عن سهل وعلي،
عن أبيه جميعا، عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة، عن معاوية بن وهب، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال من اعطي: ثلاثا لم يمنع ثلاثا من اعطي الدعاء اعطي
الاجابة، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية، ثم قال:
أتلوت كتاب الله عزوجل " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " وقال: " ولئن شكرتم
لازيدنكم " (3) وقال:
(1) الطلاق: 3 (2) الكافي ج 2 ص 65 (3)
ابراهيم: 7.
[130]
" ادعوني أستجب لكم " (1) بيان: النشر في
الايات على عكس ترتيب اللف والمراد بالاعطاء توفيق الاتيان به في الكل، والتخلف
المتوهم في بعض الموارد لعدم تحقق بعض الشرايط فان كلا منها مشروط بعدم كون المصلحة
في خلافها، وعدم صدور ما يمنع الاستحقاق عن فاعله، وقد قال تعالى: " أوفوا بعهدي
اوف بعهدكم " (2) وسيأتي مزيد تحقيق لذلك إنشاء الله 7 - كا: عن الحسين بن محمد، عن
المعلى، عن أبي علي، عن محمد بن الحسن عن الحسين بن راشد، عن الحسين بن علوان قال:
كنا في مجلس يطلب فيه العلم وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار، فقال لي بعض أصحابنا:
من تؤمل لما قد نزل بك ؟ فقلت: فلانا، فقال: إذا والله لاتسعف حاجتك، ولا يبلغك
أملك، ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله ؟ قال: إن أبا عبد الله (عليه
السلام) حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول: وعزتي وجلالي ومجدي
وارتفاعي على عرشي لاقطعن أمل كل مؤمل من الناس أمل غيري باليأس، ولاكسونه ثوب
المذلة عند الناس ولانحينه من قربي، ولابعدنه من وصلي أيؤمل غيري في الشدائد
والشدائد بيدي ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري، وبيدي مفاتيح الابواب وهي مغلقة،
وبابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي أملني لنوائبة فقطعته دونها، ومن ذا الذي رجاني
لعظيمة فقطعت رجاه مني ؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي وملات
سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي وأمرتهم أن لا يغلقوا الابواب بيني وبين عبادي فلم
يثقوا بقولي، ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لا يملك كشفها أحد غيري إلا من
بعد إذني، فمالي أراه لاهيا عني ؟ أعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته
(1) الكافي ج 2 ص 65، والاية في المؤمن:
60 (2) البقرة: 40
[131]
عنه فلم يسألني رده وسأل غيري أفيراني
أبدأ بالعطايا قبل المسألة ؟ ثم اسأل فلا اجيب سائلي أبخيل أنا فيبخلني عبدي أو ليس
الجود والكرم لي أو ليس العفو والرحمة بيدي، أو ليس أنا محل الامال فمن يقطعها دوني
؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري ؟ فلو أن أهل سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعا
ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة، وكيف ينقص
ملك أنا قيمه، فيا بؤسا للقانطين من رحمتي، ويابؤسا لمن عصاني ولم يراقبني (1)
بيان: " أسعف حاجته " قضاها له، وفي أكثر النسخ: لاتسعف، ولا تنجح بالتاء فيهما على
بناء المفعول وفي بعضها بالياء فهما على بناء الفاعل وحينئذ " لا يبلغك " على
التفعيل أو الافعال والضمائر المستترة لفلان " وما علمك " أي ما سبب علمك، والعزة
الشدة والقوة والغلبة والسلطنة والملك، قال الراغب: العزة حالة مانعة للانسان من أن
يقهر من قولهم أرض عزاز أي صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر، والجلال العظمة
والتنزه عن النقائص، قال الراغب: الجلالة عظم القدر والجلال بغير الهاء التناهي في
ذلك وخص بوصف الله فقيل: ذو الجلال، ولم يستعمل في غيره، والجليل العظيم القدر،
ووصفه تعالى بذلك إما لخلقه الاشياء العظيمة المستدل بها عليه، أو لانه يجل عن
الاحاطة به، أو لانه يجل عن أن يدرك بالحواس وقال: المجد السعة في الكرم والجلالة
انتهى وارتفاعه إما على عرش العظمة والجلال، أو هو كناية عن استيلائه على العرش فهو
يتضمن الاستيلاء على كل شئ لان تقدير جميع الامور فيه، أو لكونه محيطا بالجميع، أو
المراد بالعرش جميع الاشياء وهو أحد إطلاقاته كما مر وقوله: " باليأس " متعلق
بقوله: " لاقطعن " أي ييئس غالبا أو إلا باذنه تعالى وإضافة الثوب إلى المذلة من
إضافة المشبه به إلى المشبه والكسوة ترشيح التشبيه " ولانحينه " أي لابعدنه وازيلنه
" والشدائد بيدي " أي تحت قدرتي
(1) الكافي ج 2 ص 66
[132]
" ويقرع بالفكر " تشبيه الفكر باليد مكنية
وإثبات القرع له تخييلية وذكر الباب ترشيح " وهي مغلقة " أي أبواب الحاجات مغلقة
ومفاتيحها بيده سبحانه وهو استعارة على التمثيل للتنبيه على أن قضاء الحاجة
المرفوعة إلى الخلق لا يتحقق إلا باذنه، والنائبة المصيبة واحدة نوائب الدهر أي أمل
رحمتي لدفع نوائبه " فقطعته دونها " أي فجعلته منقطعا عاجزا قبل الوصول إلى دفعها،
من قولهم قطع بفلان فهو مقطوع به، إذا عجز عن سفره، من نفقة ذهبت أو قامت عليه
راحلته، ونحوه فالدفع أو نحوه مقدر في الموضعين، أو التقدير فقطعته أي تجاوزت عنه
عند تلك المصيبة، فلم اخلصه عنها، من قطع النهر إذا تجاوزه، وقيل: المعنى قطعته عن
نفسي قبل تلك المصيبة، فلم ارافقه لدفعها، وقيل: أي قطعته عند النوائب وهجرته أو
منعته من أمله ورجائه، ولم أدفع نوائبه، تقول: قطت الصديق قطيعة إذا هجرته وقطعته
من حقه إذا منعته " لعظيمة " أي لمطالب عظيمة أو لنازلة عظيمة " عندي محفوظة " أي
لم اعطهم إياها لعدم مصلحتهم وحفظت عوضها من المثوبات العظيمة " فلم يرضوا " بهذا
الحفظ بل حملوه على التقصير أو العجز أو قلة اللطف، وعجلوا طلبها، وطلبوا من غيري "
ممن لا يمل " أي من الملائكة " وأمرتهم أن لا يغلقوا الابواب " كناية عن السعي في
قضاء حوائجهم، أو دفع وساوس الشيطان عنهم، وتوفيقهم للدعاء والمسألة، بل الدعاء
وسؤال المغفرة و الرحمة لهم، أو رفع حاجاتهم إلى الله وعرضها عليه سبحانه، وإن كان
تعالى عالما بها، فانه من أسباب الاجابة وكل ذلك ورد في الايات والاخبار، مع أنه
لااستبعاد في أن يكون للسماوات أبواب تفتح عند دعاء المؤمنين علامة لاجابتهم " فلم
يثقوا بقولي " أي وعدي الاجابة لهم وأني اعطيهم مع عدم الاجابة أفضل من ذلك، وأن
مفاتيح الامور بيدي " من طرقته " أي نزلت به وأتته مطلقا وإن كان إطلاقه على ما نزل
بالليل أكثر " إلا من بعد إذني " أي تيسير الاسباب ورفع الموانع " أعطيته " الضمير
راجع إلى " من طرقته نائبة " أو إلى الانسان مطلقا " أفيراني " الاستفهام للانكار
والتعجب ويقال بخله بالتشديد أي نسبه إلى البخل
[133]
" أو ليس " عطف على بخيل أو الهمزة
للاستفهام، والواو للعطف على الجمل السابقة وكذا الفقرة، الاتية تحتمل الوجهين "
فمن يقطعها دوني " أي فمن يقدر أن يقطع آمال العباد عني قبل وصولها إلي أو من يقدر
أن يقطع الامال عن العباد غيري، وعلى الاول أيضا يشعر بأنه سبحانه قادر على قطع
آمال العباد بعضهم عن بعض " أفلا يخشى المؤملون " الخشية إما من العقوبة أو من قطع
الامال، أو من الابعاد عن مقام القرب، أو من إزالة النعماء عنه " أنا قيمه " أي
قائم بسياسة اموره، وفيه إشارة إلى أن مقدوراته سبحانه غير متناهية والزيادة
والنقصان من خواص المتناهي " فيا بؤسا " البؤس والبأساء الشدة والفقر والحزن، ونصب
بؤسا بالنداء لكونه نكرة، فالنداء مجاز لبيان أن القانط والعاصي هو محل ذلك
ومستحقه، وقيل تقديره يا قوم أبصروا بؤسا، وأقول يحتمل أن يكون " يا " للتنبيه
وقوله بؤسا كقوله تعالى: " فسحقا لاصحاب السعير " فان التقدير أسحقهم الله سحقا
فكذا ههنا " ولم يراقبني " أي لم يخف عذابي أولم يحفظ حقوقي 8 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن محمد بن الحسين، عن بعض أصحابنا، عن عباد بن يعقوب الرواجني، عن سعيد بن
عبد الرحمان قال: كنت مع موسى بن عبد الله بينبع وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار
فقال لي بعض ولد الحسين: من تؤمل لما قد نزل بك ؟ فقلت: موسى بن عبد الله، فقال:
إذا لا تقضى حاجتك ثم لا تنجح طلبتك، قلت: ولم ذاك ؟ قال لاني: وجدت في بعض كتب
آبائي أن الله عزوجل يقول ثم ذكر مثل الحديث السابق، فقلت: يا ابن رسول الله أمل
علي فأملاه علي فقلت: لا والله ما أسأله حاجة بعدها (1) بيان: في القاموس ينبع
كينصر حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج مصر (2)
(1) الكافي ج 2 ص 67 (2) وأما موسى بن عبد
الله، فهو موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى = (*)
[134]
9 - لى: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه،
عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن القاسم، عن الصادق، عن آبائه، عن علي (عليهم
السلام) قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران (عليه السلام)
خرج يقتبس لاهله نارا فكلمه الله عزوجل فرجع نبيا، وخرج ملكة سبا فأسلمت مع سليمان
(عليه السلام)، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين (1) 10 - لى:
ابن إدريس، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن الفضل ابن صالح، عن جابر الجعفي، عن
الباقر (عليه السلام) قال: إن موسى بن عمران (عليه السلام) قال: يا رب رضيت بما
قضيت: تميت الكبير، وتبقي الطفل الصغير، فقال الله جل جلاله: يا موسى أما ترضاني
لهم رازقا وكفيلا ؟ قال: بلى يا رب فنعم الوكيل أنت ونعم الكفيل (2) 11 - ن (3) لى:
ابن إدريس، عن أبيه، عن سهل، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن ابن أسباط، عن الحسن
بن الجهم قال: سألت الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك ماحد التوكل ؟ فقال لي:
أن لا تخاف مع الله أحدا قال: قلت:
= وكنيته أبو عبد الله ولقبه الجون، وله
خبر في كتاب الكافي ج 1 ص 358 - 366، وقال أبو نصر البخاري: أمه أم هند أم أخويه -
يعنى محمد النفس الزكية وابراهيم ابني عبد الله ابن الحسن - هرب إلى مكة بعد قتل
أخويه وحج المهدى بالناس في تلك السنة فقال في الطواف قائل: أيها الامير لى الامان
وأدلك على موسى الجون ابن عبد الله ؟ فقال المهدى لك الامان ان دللتني عليه، فقال:
الله أكبر أنا موسى بن عبد الله فقال المهدى: من يعرفك ممن حولك من الطالبية ؟
فقال: هذا الحسن بن زيد وهذا موسى بن جعفر، وهذا الحسن بن عبيدالله بن العباس بن
على، فقالوا جميعا صدق هذا موسى بن عبد الله بن الحسن، فخلى سبيله (1) أمالى الصدوق
ص 107 (2) أمالى الصدوق ص 119 (3) عيون أخبار الرضا " عليه السلام " ج 2 ص 50
[135]
فما حد التواضع ؟ قال: أن تعطي الناس من
نفسك ما تحب أن يعطوك مثله، قال: قلت: جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك ؟
فقال: انظر كيف أنا عندك (1) 12 - لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن الاشعري، عن البرقي،
عن أبيه عن وهب بن وهب، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: يا ابن آدم أطعني فيما أمرتك ولا تعلمني
ما يصلحك (2) 13 - ب: ابن عيسى، عن البزنطي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:
الايمان أربعة أركان: التوكل على الله عزوجل، والرضا بقضائه، والتسليم لامر الله
والتفويض إلى الله، قال عبد صالح: وافوض أمري إلى الله، فوقاه الله سيئات ما مكروا
(3) 14 - لى: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من وثق بالزمان صرع (4) 15 - ل: عن
الصادق (عليه السلام) قال: ثق بالله تكن مؤمنا وارض بما قسم الله لك تكن غنيا (5)
16 - ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: يا معاوية من اعطى ثلاثة لم يحرم ثلاثة من
اعطي الدعاء اعطي الاجابة، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة، ومن اعطي التوكل اعطي
الكفاية، فان الله عزوجل يقول في كتابه: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (6)
ويقول: " لئن شكرتم لازيدنكم " (7) ويقول:
(1) أمالى الصدوق ص 145 (2) أمالى الصدوق
ص 193 (3) قرب الاسناد ص 208 (4) أمالى الصدوق ص 268 (5) الخصال ج 1 ص 80 (6)
الطلاق: 3 (7) ابراهيم: 7
[136]
" ادعوني أستجب لكم " (1) سن: معاوية بن
وهب عنه (عليه السلام) مثله (2) 17 - ل: أبي، عن سعد، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن
حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه
السلام): كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له: يا بني ليعتبر من قصر يقينه وضعفت
نيته في طلب الرزق، أن الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره وآتاه رزقه،
ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة، أن الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال
الرابعة: أما أول ذلك فانه كان في رحم امه يرزقه هناك في قرار مكين، حيث لا يؤذيه
حر ولابرد ثم أخرجه من ذلك وأجرى رزقا من لبن امه يكفيه به ويربيه وينعشه (3) من
غير حول به ولاقوة، ثم فطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه برأفة ورحمة له من
قلوبهما لا يملكان غير ذلك حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة حتى إذا
كبر وعقل واكتسب لنفسه ضاق به أمره وظن الظنون بربه، وجحد الحقوق في ماله، وقتر على
نفسه وعياله، مخافة إقتار رزقه وسوء يقين بالخلف من الله تبارك وتعالى في العاجل
والاجل، فبئس العبد هذا يا بني (4) 18 - ل: الفامي، عن ابن بطة، عن البرقي، عن
أبيه، عن صفوان رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال إبليس: خمسة
أشياء ليس لي فيهن حيلة وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة، واتكل
عليه في جميع اموره ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لاخيه المؤمن ما يرضاه
لنفسه، ومن لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم لرزقه
(5)
(1) الخصال ج 1 ص 50، والاية الاخيرة في
غافر: 60 (2) المحاسن ص 3 (3) يقال: نعشه الله نعشا: رفعه وأقامه، وتداركه من هلكة،
وجبره بعد فقر وسد فقره (4) الخصال ج 1 ص 60 (5) الخصال ج 1 ص 137
[137]
19 - ن: بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن
أبيه (عليهما السلام) قال: سأل الصادق (عليه السلام) عن بعض أهل مجلسه فقيل: عليل،
فقصده عائدا وجلس عند رأسه فوجده دنفا (1) فقال له: أحسن ظنك بالله، قال: أما ظني
بالله حسن، ولكن غمي لبناتي ما أمرضني غير غمي بهن (2) قال الصادق (عليه السلام):
الذي ترجوه لتضعيف حسناتك ومحو سيئاتك فارجه لاصلاح حال بناتك، أما علمت أن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما جاوزت سدرة المنتهى، وبلغت أغصانها وقضبانها
رأيت بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلقة يقطر من بعضها اللبن، ومن بعضها العسل، ومن
بعضها الدهن ويخرج عن بعضها شبه دقيق السميذ (3) وعن بعضها الثياب، وعن بعضها
كالنيق، فيهوى ذلك نحو الارض فقلت في نفسي: أين مقر هذه الخارجات عن هذه الاثداه
وذلك أنه لم يكن معي جبرئيل لاني كنت جاوزت مرتبته، واختزل دوني فناداني ربي عزوجل
في سري يا محمد هذه أنبتها من هذا المكان الا رفع لاغذو منها بنات المؤمنين من امتك
وبنيهم، فقل لاباء البنات: لاتضيقن صدوركم على فاقتهن فاني كما خلقتهن أرزقهن (4)
20 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن يحيى بن زكريا، عن محمد بن مروان، عن
عمرو بن سيف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تدع طلب الرزق
(1) الدنف - محركة - المرض اللازم وهكذا
يقال للمريض الذى لزمه المرض بلفظ واحد مع الجميع يقال: رجل دنف وامرأة دنف وهم
دنف، والدنف - ككتف - أيضا من لازمه مرضه والجمع أدناف وهى دنفة والجمع دنفات (2)
في المصدر المطبوع: غير رفقي بهن، و " غير همى بهن " خ ل (3) في المصدر السميد -
بالدال المهملة وفى بعض النسخ السمراء والمعنى واحد وهو الحوارى - كسمانى - لباب
الدقيق وكل ما حور أي بيض من طعام والسميذ بالمعجمة أفصح منه بالمهملة (4) عيون
الاخبار ج 2 ص 3
[138]
من حله، فانه عون لك على دينك، واعقل
راحلتك وتوكل (1) جا: الجعابي مثله (2) 21 - ما: سيأتي في مواعظ الباقر (عليه
السلام) يا جابر من (هذا) الذي سأل الله فلم يعطه ؟ أو توكل عليه فلم يكفه ؟ أو وثق
به فلم ينجه (3) 22 - مع: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أحب أن يكون أتقى
الناس، فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند الله عزوجل
أوثق منه بما في يده (4) 23 - مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه رفعه قال: سأل
النبي (صلى الله عليه وآله)، عن جبرئيل ما التوكل على الله عزوجل ؟ فقال: العلم بأن
المخلوق لا يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، واستعمال اليأس من الخلق فإذا كان
العبد كذلك لم يعمل لاحد سوى الله، ولم يرج ولم يخف سوى الله، ولم يطمع في أحد سوى
الله، فهذا هو التوكل، الخبر (5) 24 - يد: القطان، عن أحمد الهمداني، عن علي بن
الحسن بن فضال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم، عن الثمالي، عن ابن طريف، عن ابن نباته
قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام): يا
داود تريد واريد، ولايكون إلا ما اريد، فان أسلمت لما ازيد أعطيتك ما تريد، وإن لم
تسلم لما اريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما اريد (6) 25 - ن، يد: المكتب،
عن علي، عن أبيه، عن ابن معبد، عن ابن خالد
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 196 (2) أمالى
المفيد ص 110 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 302 (4) معاني الاخبار ص 196 (5) معاني
الاخبار ص 261 (6) التوحيد: 349
[139]
عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: من لم يرض بقضائي ولم يؤمن
بقدري فليلتمص إلها غيري وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في كل قضاء الله
عزوجل خيرة للمؤمن (1) أقول: قد مضى بعض الاخبار في باب علامات المؤمن 26 - ل: أبي،
عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن الفراء عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: من رضي القضاء أتى عليه القضاء، وهو مأجور، ومن سخط القضاء أتى عليه القضاء
وأحبط الله أجره (2) 27 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من رضي
من الله بما قسم له استراح بدنه (3) 28 - ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني،
عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): رأس طاعة الله الرضا بما صنع الله فيما أحب العبد وفيما كره
(ولم يصنع الله بعبد شيئا) إلا وهو خير له (4) 29 - ما: المفيد، عن محمد بن طاهر،
عن ابن عقدة، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، عن الحسن بن موسى، عن
أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ؟ ؟
نيادول فما كان لك منها أتاك على ضعفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، ومن انقطع
رجاه مما فات استراح بدنه، ومن رضي بما رزقه الله قرت عينه (5) 30 - ما: المفيد، عن
ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن
ابن عطية، عن ابن فرقد، عن أبي عبد الله
(1) عيون الاخبار ج 1 ص 141 (2) الخصال ج
1 ص 14 (3) الخصال ج 2 ص 167 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 200 (5) أمالى الطوسى ج 1 ص
229
[140]
(عليه السلام) قال: فيما أوحى الله جل وعز
إلى موسى بن عمران: يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن وإني إنما أبتليه
لما هو خير له واعافيه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عبدي عليه، فليصبر على
بلائي، وليشكر على نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي، إذا عمل برضاي،
وأطاع أمري (1) 31 - ما: المفيد، عن عمربن محمد، عن علي بن مهرويه، عن داود بن
سليمان عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): قال الله عزوجل: يا بني آدم كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم
عائل إلامن أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم إن
من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة، ولو أغنيته لافسده ذلك وإن من عبادي من
لا يصلحه إلا الصحة، ولو أمرضته لافسده ذلك، وإن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي
وقيام الليل لي فالقي عليه النعاس نظرا مني له فيرقد حتى يصبح ويقوم حين يقوم وهو
ماقت لنفسه، زار عليها، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان
هلاكه في عجبه ورضاه عن نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين، وجاز باجتهاده حد المقصرين
فيتباعد بذلك مني، وهو يظن أنه يتقرب إلي ألا فلا يتكل العاملون على أعمالهم، وإن
حسنت، ولا ييئس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم، وإن كثرت، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي
فليرجوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أني ادبر عبادي بما يصلحهم، وأنا بهم لطيف
خبير (2) أقول: قد مضى بعض الاخبار في كتاب العدل. 32 - لى: ابن البرقي، عن أبيه،
عن جده، عن الحسن بن علي بن فضال
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 243 (2) أمالى
الطوسى ج 1 ص 168
[141]
عن علي بن عقبة، عن أبيه، عن سليمان بن
خالد، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: ضحك رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ذات يوم حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا تسألوني مم ضحكت ؟ قالوا: بلى يا رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قال: عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله
عزوجل له إلا كان خيرا له في عاقبة أمره (1) 33 - لى: أبي، عن سعد، عن إبراهيم بن
محمد الثقفي، عن يعقوب بن محمد البصري، عن ابن عمارة، عن علي بن أبي الزعزاع، عن
أبي ثابت الخزري، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جاع رسول الله
(صلى الله عليه وآله) جوعا شديدا فأتى الكعبة فتعلق بأستارها فقال: رب محمد لاتجع
محمدا أكثر مما أجعته قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه لوزة فقال: يا محمد إن
الله جل جلاله يقرأ عليك السلام، فقال: يا جبرئيل الله السلام ومنه السلام وإليه
يعود السلام فقال: إن الله يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة، ففك عنها فإذا فيها ورقة
خضراء نضرة، مكتوبة عليها: لاإله إلا الله محمد رسول الله أيدت محمدا بعلي، ونصرته
به، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه، واستبطأه في رزقه (2) 34 - مع:
ابن الوليد، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن الحسن بن علي رفعه إلى عمرو بن جميع
رفعه إلى علي (عليه السلام) في قول الله عز وجل " وكان تحته كنز لهما " (3) قال:
كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم لاإله إلا الله محمد
رسول الله عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟
عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف
يطمئن إليها (4) 35 - ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن عبد الرحمن بن حماد، عن
(1) أمالى الصدوق ص 326 (2) أمالى الصدوق
ص 330 (3) الكهف: 81 (4) معاني الاخبار ص 200
[142]
عمر بن مصعب، عن الثمالي، عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال: العبد بين ثلاثة، بلاء، و قضاء، ونعمة، فعليه في البلاء من الله
الصبر فريضة، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة، وعليه في النعمة من الله
عزوجل الشكر فريضة (1) سن: عبد الرحمن مثله (2) 36 - مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن
ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الحميد بن أبي العلا قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): إن الشرك أخفى من دبيب النمل، وقال منه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة
وشبه هذا (3) 37 - فس: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " (4)
أخبره أنه إنما حبس الوحي أربعين صباحا لانه قال لقريش: غدا اخبركم بجواب مسائلكم،
ولم يستثن، فقال الله " ولا تقولن لشئ " الاية (5) 38 - ص: بالاسناد إلى الصدوق، عن
ابن المتوكل، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مقاتل بن سليمان قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام لما صعد موسى إلى الطور فناجى ربه قال: رب أرني
خزائنك، قال: يا موسى إن خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون وقال: قال: يا
رب أي خلق أبغض إليك ؟ قال الذي يتهمني، قال: ومن خلقك من يتهمك ؟ قال: نعم الذي
يستخيرني فاخير له، والذي أقضي القضاء له وهو خير له فيتهمني 39 - ك: ابن البرقي،
عن أبيه، عن جده أحمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران وغيره، عن
الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: خرج
(1) الخصال ج 1 ص 43 (2) المحاسن ص 6 (3)
معاني الاخبار ص 379 (4) الكهف: 23 (5) تفسير القمى ص 395
[143]
أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما
السلام) بالمدينة فتصحر واتكى على جدار من جدرانها مفكرا إذ أقبل إليه رجل فقال: يا
أبا جعفر علام حزنك ؟ أعلى الدنيا فرزق الله حاضر يشترك فيه البر والفاجر، أم على
الاخرة فوعد صادق يحكم فيه ملك قادر قال أبو جعفر عليه السلام: ما على هذا أحزن
إنما حزني على فتنة ابن الزبير، فقال له الرجل: فهل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه ؟
أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ وهل رأيت أحدا استخار الله فلم يخر له ؟
قال أبو جعفر (عليه السلام): فولى الرجل وقال هو ذاك، فقال أبو جعفر (عليه السلام)
هذا هو الخضر (عليه السلام) قال الصدوق: جاء هذا الحديث هكذا، وقد روي في حديث آخر
أن ذلك كان مع علي بن الحسين (عليه السلام) (1) 40 - صح: عن الرضا، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يقول الله عزو جل: مامن مخلوق
يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماوات والارض من دونه (فان سألني لم اعطه، وإن
دعاني لم اجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات والارض برزقه)،
فان سألني أعطيته وإن دعاني أجبته، وإن استغفر لي غفرت له (2) 41 - صح: عن الرضا،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال الحسين (عليه السلام): روي عن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أنه قال: يقول الله تعالى: لاقطعن أمل كل مؤمن أمل دوني الاناس،
ولالبسنه ثوب مذلة بين الناس، ولانحينه من وصلي، ولابعدنه من قربي، من ذا الذي
رجاني لقضاء حوائجه فقطعت به دونها (3) 42 - ضا: أروي عن العالم (عليه السلام) أنه
قال: من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، وسئل عن حد التوكل ما هو ؟ قال:
لا تخاف سواه وأروي أن الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بمواضع التوكل أوطنا وأروي عن
العالم (عليه السلام) أنه قال: التوكل على الله عز وجل درجات منها
(1) كمال الدين ج 2 ص 58 راجع الرقم 1
فيما سبق (2) صحيفة الرضا (عليه السلام) ص 2 والسافط أضفناه من المصدر (3) لم نجده
في المصدر
[144]
أن تثق به في امورك كلها، فما فعله بك كنت
عنه راضيا وروي أن الله عزوجل أوحى إلى داود (عليه السلام) ما اعتصم بي عبد من
عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم يكيده أهل السماوات والارض وما فيهن إلا
جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني عرفت ذلك من
نيته إلا قطعت أسباب السماوات من يديه وأسخت الارض من تحته، ولم ابال بأي الوادي
هلك وأروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: يقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي
وارتفاعي في علوي لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت غناه في قلبه وهمه في آخرته،
وكففت عليه ضيعته، وضمنت السماوات والارض رزقه، وكنت له من وراء حاجته، وأتته
الدنيا وهي راغمة، وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي
إلا قطعت رجاه، ولم أرزقه منها إلا ما قدرت له وأروي أن بعض العلماء كان يقول:
سبحان من لو كانت الدنيا خيرا كلها أهلك فيها من أحب، سبحان من لو كانت الدنيا شرا
كلها نجا منها من أراد وروي كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران
(عليه السلام) خرج يقتبس نارا لاهله فكلمه الله ورجع نبيا وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع
سليمان، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين وروي لا تقل لشئ قد
مضى: لو كان غيره روي عن العالم (عليه السلام) قال: إذا شاء الله فيعطينا وإذا أحب
أن يكره رضينا وأروي أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله وروي رأس طاعة الله الصبر
والرضا وروي ما قضى الله على عبده قضاء فرضي به إلا جعل الخير فيه وروي أن الله
تبارك وتعالى أوحي إلى موسى بن عمران (عليه السلام) يا موسى !
[145]
ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن وإني
إنما أبتليه لما هو خير له، واعافيه لما هو خير له، فليصبر على بلاي، وليشكر نعماي،
وليرض بقضاي، أكتبه من الصديقين عندي وأروي عن العالم (عليه السلام): المؤمن تعرض
كل خير، لوقرض بالمقاريض كان خيرا له، وإن ملك مابين المشرق والمغرب كان خيرا له
وروي: من اعطي الدين فقد اعطي وروي أن الله تبارك وتعالى يعطي الدنيا من يحب، ومن
لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحبه وفي خبر آخر: لا يعطي الله الدين إلا أهل خاصته
وصفوته من خلقه وروي إذا طلبت شيئا من الدنيا فزوي عنك، فاذكر ما خصك الله به من
دينه، وما صرفه عنك بغيره، فان ذلك أحرى أن تسخو نفسك عما فاتك من الدنيا وروي أن
الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود (عليه السلام): فلانة بنت فلانة معك في الجنة في
درجتك فسار إليها فسألها عن عملها، فخبرته فوجده مثل أعمال سائر الناس فسألها عن
نيتها، فقالت: ماكنت في حالة فنقلني منها إلى غيرها إلا كنت بالحالة التي نقلني
إليها أسر مني بالحالة التي كنت فيها، فقال: حسن ظنك بالله جل وعز وأروي عن العالم
أنه قال: والله ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا والاخرة إلا بحسن ظنه بالله عزوجل،
ورجائه منه، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين، وأيم الله لا يعذب الله مؤمنا
بعد التوبة والاستغفار إلا أن يسوء الظن بالله، وتقصيره من رجائه لله، وسوء خلقه،
ومن اغتيابه للمؤمنين، والله لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظنه به،
لان الله عزوجل كريم يستحي أن يخلف ظن عبده ورجائه، فأحسنوا الظن بالله وارغبوا
إليه وقد قال الله عزوجل: " الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء " (1)
(1) الفتح: 6.
[146]
وروي أن داود (عليه السلام) قال: يا رب ما
آمن بك من عرفك فلم يحسن الظن بك وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى الناز فيلتفت فيقول:
يا رب لم يكن هذا ظني بك فيقول: ماكان ظنك بي ؟ قال: كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي،
و تسكنني جنتك، فيقول الله عزوجل: يا ملائكتي وعزتي وجلالي وجودي و كرمي وارتفاعي
في علوي ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط ولو ظن بي ساعة خيرا ما روعته بالنار، أجيزوا
له كذبه، وأدخلوه الجنة ثم قال العالم (عليه السلام): قال الله عزوجل: ألا لا يتكل
العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم
أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عباداتهم كنه عبادتي فيما يظنونه (1)
عندي من كرامتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ومن فضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن (بي)
فليطمئنوا، فان رحمتي عتد ذلك تدركهم ومنتي تبلغهم، ورضواني ومغفرتي يلبسهم، فاني
أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك سميت وأروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: إن
الله أوحى إلى موسى بن عمران أن (يحبس) في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم
أمره باطلاقهما، قال: فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة، فقال له: ما الذي بلغ بك
ما أرى منك ؟ قال: الخوف عن الله، ونظر إلى الاخر لم يتشعب منه شئ فقال له: أنت
وصاحبك كنتما في أمر واحد وقد رأيت بلغ الامر بصاحبك وأنت لم تتغير ؟ فقال له
الرجل: إنه كان ظني بالله جميلا حسنا، فقال: يا رب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل
؟ قال: صاحب الظن الحسن أفضل وأروي عن العالم أن الله الوحى إلى موسى بن عمران
(عليه السلام): يا موسى قل لبني إسرائيل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء يجدني
عنده (2)
(1) فيما يطلبونه خ (2) قد مر بعض هذه
الاخبار عن المصدر في المجلد 70 باب الخوف والرجاء ص 389
[147]
42 - مص: قال الصادق (عليه السلام):
التوكل كأس مختوم يختم الله عزوجل فلا يشرب بها ولا يفض ختامها إلا المتوكل كما قال
الله تعالى: " وعلى الله فليتوكل المتوكلون " (1) وقال الله عزوجل: " وعلى الله
فتوكلوا إن كنتم مؤمنين " (2) جعل التوكل مفتاح الايمان، والايمان قفل التوكل،
وحقيقة التوكل الايثار وأصل الايثار تقديم الشئ بحقه، ولا ينفك المتوكل في توكله من
إثبات أحد الايثارين، فان آثر معلول التوكل وهو الكون، حجب به، وإن آثر (المعلل)
علة التوكل وهو الباري سبحانه بقي معه فان أردت أن تكون متوكلا لامتعللا فكبر على
روحك خمس تكبيرات وودع أمانيك كلها، وداع الموت والحياة وأدنى حد التوكل أن لاتسابق
مقدورك بالهمة، ولا تطالع مقسومك، ولا تستشرف معدومك، فينتقض بأحدها عقد إيمانك،
وأنت لا تشعر وإن عزمت أن تقف على بعض شعار المتوكلين حقا فاعتصم بمعرفة هذه
الحكاية وهي أنه روي أن بعض المتوكلين قدم على بعض الائمة، فقال له: اعطف علي بجواب
مسألة في التوكل، والامام كان يعرف الرجل بحسن التوكل، ونفيس الورع، وأشرف على صدقه
فيما سأل عنه، من قبل إبدائه إياه، فقال له: قف مكانك وأنظرني ساعة، ففعل فبينما هو
مطرق لجوابه إذا اجتاز بهما فقير، فأدخل الامام (عليه السلام) يده في جيبه وأخرج
شيئا فناوله للفقير، ثم أقبل على السائل فقال: هات وسل عما بدالك فقال السائل: أيها
الامام كنت أعرفك قادرا متمكنا من جواب مسألتي قبل أن استنظرتني فما شأنك في إبطائك
عني ؟ فقال الامام: لتعتبر المعنى مني قبل كلامي، إذا لم أكن أراني ساهيا بسري وربي
مطلع عليه أن أتكلم بعلم التوكل، وفي جيبي دانق، ثم لم يحل لي ذلك إلا بعد إيتائه
(3) ثم
(1) ابراهيم: 11 (2) المائدة: 23 (3) في
المصدر: ايثاره
[148]
ليعلم به (فافهم) فشهق السائل فحلف أن لا
يأوي عمرانا ولا يأنس بشرا ما عاش (1) 43 - شا: أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى، عن
جده، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيرة، عن أبي حفص الاعشى، عن
الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط
فاتكيت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن
الحسين مالي أراك كئيبا حزينا ؟ أعلى الدنيا حزنك ؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر،
فقلت: ما على هذا أحزن، وإنه لكما تقول، قال: فعلى الاخرة فهو وعد صادق يحكم فيه
ملك قاهر فعلى م خوفك ؟ قلت: الخوف من فتنة ابن الزبير قال: فضحك ثم قال: يا علي بن
الحسين هل رأيت أحدا قط توكل على الله فلم يكفه ؟ قلت: لا، قال: يا علي بن الحسين
هل رأيت أحدا قط خاف الله فلم ينجه ؟ قلت: لا، قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا
قط سأل الله فلم يعطه ؟ قلت: لا، ثم نظرت إليه فإذا ليس قد امي أحد (2) جا: أحمد بن
الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن علي بن الحكم، عن أبي
حفص الاعشى ومحمد بن سنان، عن رجل من بني أسد جميعا، عن الثمالي مثله (3) 44 - مص:
قال الصادق (عليه السلام): المفوض أمره إلى الله في راحة الابد والعيش الدائم
الرغد، والمفوض حقا هو العالي، عن كل همة دون الله، كقول أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (عليه السلام) نظما: رضيت بما قسم الله لي * وفوضت أمري إلى خالقي كما أحسن
الله فيما مضى * كذلك يحسن فيما بقي
(1) مصباح الشريعة 51 (2) ارشاد المفيد ص
241 - 242 (3) مجالس المفيد ص 127
[149]
وقال الله عزوجل في المؤمن من آل فرعون: "
وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقيه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل
فرعون سوء العذاب " (1) والتفويض خمسة أحرف لكل حرف منها حكم فمن أتى بأحكامه فقد
أتى به: التاء من ترك التدبير والدنيا، والفاء من فناء كل همة غير الله، والواو من
وفاء العهد وتصديق الوعد، والياء من اليأس من نفسك، واليقين بربك، والضاد من الضمير
الصافي لله، والضرورة إليه والمفوض لا يصبح إلا سالما من جميع الافات، ولا يمسي إلا
معافا بدينه (2) 45 - مص: قال الصادق (عليه السلام): صفة الرضا أن يرضى المحبوب
والمكروه، والرضا (شعاع نور المعرفة، والراضي فان عن جميع اختياره والراضي حقيقة هو
المرضي عنه، والرضا اسم يجتمع فيه معاني العبودية وتفسير الرضا) سرور القلب سمعت
أبي محمد الباقر (عليه السلام) يقول: تعلق القلب بالموجود شرك وبالمفقود كفر، وهما
خارجان عن سنة الرضا وأعجب ممن يدعى العبودية لله كيف ينازعه في مقدوراته، حاشا
الراضين العارفين عن ذلك (3) 46 - م: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا فلا
تفعلوا كما فعلت بنو إسرائيل، ولا تسخطوا نعم الله، ولا تقترحوا على الله، وإذا
ابتلي أحدكم في رزقه أو معيشته بما لا يحب فلاينجذن شيئا يسأله لعل في ذلك حتفه
وهلاكه، ولكن ليقل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين إن كان ما كرهته من أمري هذا خيرا
لي (وأفضل في ديني فصبرني عليه وقوني على احتماله ونشطني للنهوض بثقل أعبائه، وإن
كان خلاف ذلك خيرا) فجد علي به ورضني بقضائك على كل حال، فلك الحمد فانك إذا قلت
ذلك قدر الله ويسر لك ما هو خير (4) 47 - شى: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله
(عليه السلام): قال: قال الله
(1) المؤمن: 44 - 45 (2) مصباح الشريعة ص
59 (3) مصباح الشريعة ص 61 (4) تفسير الامام 125، والنجذ الالحاح
[150]
ليوسف: ألست الذي حببتك إلى أبيك، وفضلتك
على الناس بالحسن، أو لست الذي سقت إليك السيارة وأنقذتك وأخرجتك من الجب ؟ أو لست
الذي صرفت عنك كيد النسوة ؟ فما حملك على أن ترفع رغبتك (عني) أو تدعو مخلوقا دوني،
فالبث لما قلت في السجن بضع سنين (1) 48 - شى: عن عبد الله بن عبد الرحمن عمن ذكره
عنه قال لما قال للفتى: " اذكرني عند ربك " (2) أتاه جبرئيل (عليه السلام) فضربه
برجله حتى كشط له عن الارض السابعة، فقال له: يا يوسف انظر ماذا ترى ؟ قال: أرى
حجرا صغيرا ففلق الحجر فقال ماذا ترى ؟ قال أرى دودة صغيرة قال فمن رازقها ؟ قال:
الله، قال: فان ربك يقول لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة،
أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: " اذكرني عند ربك " لتلبثن في السجن بمقالتك هذه
بضع سنين قال فبكايوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان قال فتأذى به أهل السجن
فصالحهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما وكان في اليوم الذي يسكت أسوء حالا (3) 49 -
شى: عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قوله: " وما يؤمن أكثرهم
بالله إلا وهم مشركون " (4) قال: هو قول الرجل لولا فلان لهلكت، و لولا فلان لاصبت
كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي ألا ترى أنه قد جعل شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه
؟ قال قلت: فيقول: لولا أن الله من علي بفلان لهلكت قال: نعم لا بأس بهذا (5) أقول:
قد مر مثله بأسانيد في باب أنواع الكفر (6) 50 - شى: عن البزنطى عن الرضا (عليه
السلام) قال: عجبا لمن عقل عن الله كيف
(1) تفسير العياشي ج 2 ص 177 (2) يوسف: 42
(3) المصدر ج 2 ص 177 (4) يوسف: 106 (5) تفسير العياشي ج 2 ص 200 (6) بل سيجئ في
باب الكفر ولوازمه تحت الرقم 25.
[151]
يستبطئ الله في رزقه ؟ وكيف لم يصطبر على
قضائه (1) 51 - جع: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أنكم تتوكلون على الله
حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا وقال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله وقال أمير المؤمنين (عليه
السلام) من وثق بالله أراه السرور ومن توكل عليه كفاه الامور قال النبي (صلى الله
عليه وآله): من أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على الله وقال الباقر (عليه السلام)
من توكل على الله لا يغلب ومن اعتصم بالله لا يهزم (2) 52 - محص: عن سعيد بن الحسن
قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): ما ابالي أصبحت فقيرا أو مريضا أو غنيا لان الله
يقول لاأفعل بالمؤمن إلا ما هو خير له 53 - محص: عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر
(عليه السلام): قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن من عبادي المؤمنين
لعبادا لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة والمسكنة والسقم في أبدانهم فأبلوهم
بالفاقة والمسكنة والسقم فيصلح لهم عليه أمر دين عبادي وإن من عبادي المؤمنين لمن
يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجد لي الليالي، فيتعب نفسه في
عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرا مني له وإبقاء عليه، فينام حتى يصبح
فيقرأه وهو ماقت لنفسه، زار عليها، ولو اخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من
ذلك العجب فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه
بأعماله ورضاه عن نفسه، عند حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك، وهو يظن أنه يتقرب إلى
فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فانهم لو اجتهدوا و أتعبوا
أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما
يطلبون عندي من كرامتي، والنعيم في جناتي، ولكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا،
وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فان رحمتي عند ذلك تداركهم، ومني
(1) تفسير العياشي ج 2 ص 339، في آية
الكهف: 83 (2) جامع الاخبار ص 137
[152]
يبلغهم رضواني، ومغفرتي يلبسهم عفوي، فاني
أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت. 54 - محص: عن محمد بن مسلم، عن ابى جعفر (عليه
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عجبا للمؤمن لا يقضي الله عليه
قضاء الا كان خيرا له سره أو ساءه، ان ابتلاه كان كفارة لذنبه، وإن أعطاه وأكرمه
كان قد حباه 55 - محص: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كم من نعمة لله على عبده
في غير أمله وكم من مؤمل أملا الخيار في غيره، وكم من ساع من حتفه وهو مبطئ عن حظه
56 - محص: عن زراره قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قضاء الله كل خير
للمؤمن عن طريف، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد الولي لله يدعو في
الامر ينوبه فيقول الله للملك الموكل بذلك الامر: (اقض لعبدي حاجته ولا تعجل فاني
أشتهي أن أسمع نداءه وصوته، وإن العبد العدو لله ليدعو الله في الامر ينوبه فيقال:
للملك الموكل به) (1) اقض حاجته وعجلها، فاني ابغض أن أسمع نداءه وصوته قال: فيقول
الناس: ما اعطي هذا حاجته وحرم هذا، إلا لكرامة هذا على الله وهوان هذا عليه 57 -
محص: عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: من اغتم كان للغم أهلا
فينبغي للمؤمن أن يكون بالله وبما صنع راضيا 58 - محص: عن أبي خليفة، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: ما قضى الله لمؤمن قضاء فرضي به إلا جعل الله له الخيرة
فيما يقضي 59 - محص: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن
الله بعد له وحكمته وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضا عن الله وجعل الهم
والحزن في الشك، فارضوا عن الله وسلموا الامره 60 - محص: عن ابن مسكان، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين
(1) مابين العلامتين أضفناه من الكافي ج 2
ص 490، وقد كان في الاصل بياض
[153]
وقال (عليه السلام): من صبر ورضي عن الله
فيما قضى عليه فيما أحب أو كره لم يقض الله عليه فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له
61 - محص: عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
رفع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) (قوم) في بعض غزواته فقال: من القوم ؟
قالوا: مؤمنون يارسول الله قال: ما بلغ من إيمانكم ؟ قالوا: الصبر عند البلاء
(والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حلماء
علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون) (1) فلاتبنوا مالا
تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون (2) 62 - محص: عن
علي بن سويد، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجل: "
ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (3) فقال: التوكل على الله درجات، فمنها أن تثق به
في امورك كلها فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لم يؤتك إلا خيرا وفضلا وتعلم أن
الحكم في ذلك له، فتوكلت على الله بتفويض ذلك إليه ووثقت به فيها وفي غيرها مشكوة
الانوار: عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) مثله (4) 63 - محص: عن أبي جعفر (عليه
السلام) قال: أحق من خلق الله بالتسليم لما قضى الله من عرف الله ومن رضي بالقضاء
أتى عليه القضاء وعظم عليه أجره ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره
(1) ما بين العلامتين أضفناه من نسخة
المشكاة ص 34 (2) وفى الكافي: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض أسفاره
إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يارسول، فقال: ما أنتم ؟ فقالوا: نحن مؤمنون
يارسول الله قال: فما حقيقة ايمانكم ؟ قالوا: الرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله،
والتسليم لامر الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علماء حكماء كادوا أن
يكونوا من الحكمة أنبياء، فان كنتم صادقين فلا تبنوا مالا تسكنون ولا تجمعوا مالا
تأكلون، واتقوا الله الذى إليه ترجعون (3) الطلاق: 3 (4) مشكاة: الانوار 16 مع
اختلاف
[154]
مشكوة الانوار: نقلا من كتاب المحاسن مثله
(1) 64 - محص: عن صفوان الجمال، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: ينبغي لمن
عقل عن الله أن لا يستبطئه (في رزقه) ولا يتهمه في قضائه 65 - محص: عن ميمون
القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي صلوات الله عليه: ما احب أن لي
بالرضا في موضع القضاء حمر النعم 66 - نوادر الراوندي: باسناده، عن جعفر بن محمد،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من توكل وقنع
ورضي كفي المطلب (2) 67 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن محمد بن عبيد
بن ياسين عن أبيه، عن جده ياسين بن محمد، عن أبيه محمد بن عجلان قال: أصابتني فاقة
شديدة وإضاقة ولا صديق لمضيق، ولزمني دين ثقيل، وغريم يلح باقتضائه فتوجهت نحو دار
الحسن بن زيد وهو يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه وشعر بذلك من حالي
محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين وكانت بينى وبينه، قديم معرفة فلقينى في الطريق
فأخذ بيدي وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك ؟ قلت: الحسن
بن زيد، فقال: إذا لا تقضى حاجتك، ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن يقدر على ذلك وهو
أجود الاجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فاني سمعت ابن عمي جعفر بن محمد يحدث، عن
أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن
النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحى الله عز وجل إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه
إليه: وعزتي وجلالي لاقطعن أمل كل مؤمل غيري بالاياس ولاكسونه ثوب المذلة في النار،
ولا بعدنه من فرجي وفضلي أيؤمل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي، أو يرجو سواي
وأنا الغني الجواد، بيدي مفاتيح الابواب وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن دعاني ألم يعلم
أنه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فما لي أراه بأمله معرضا
(1) مشكاة الانوار ص 17 (2) نوادر
الراوندي ص 16.
[155]
عني، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني
فأعرض عني ولم يسألني، وسأل في نائبته غيري وأنا الله أبتدي بالعطية قبل المسألة،
أفاسأل فلا اجيب ؟ كلا أو ليس الجود والكرم لي ؟ أو ليس الدنيا والاخرة بيدي ؟ فلو
أن أهل سبع سموات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من
ملكي مثل جناح بعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه فيا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني فقلت
له: يا ابن رسول الله أعد علي هذا الحديث فأعاده ثلاثا فقلت لاو الله لا سألت أحدا
بعد هذا حاجة، فما لبثت أن جاءني الله برزق وفضل من عنده (1) 68 - ما: جماعة، عن
أبي المفضل، عن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق (العلوي عن إسحاق) ابن جعفر، عن
أخيه موسى (عليه السلام)، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام)،
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يقول الله عزوجل: مامن مخلوق يعتصم بمخلوق دوني
إلا قطعت به أسباب السماوات وأسباب الارض من دونه، فان سألني لم اعطه وإن دعائي لم
اجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السموات و الارض رزقه، فان دعاني
أجبته وإن سألني أعطيته، وإن استغفرني غفرت له (2) 69 - الدرة الباهرة: قال: على بن
الحسين (عليهما السلام): ما استغنى أحد بالله (إلا) افتقر الناس إليه وقال (عليه
السلام): من عتب على الزمان طال معتبته وقال الجواد (عليه السلام): كيف يضيع من
الله كافله، وكيف ينجو من الله طالبه ومن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه 70 -
بيان التنزيل لابن شهر آشوب: قال: أمر نمرود بجمع الحطب في سواد الكوفة عند نهر
كوثا (3) من قرية قطنانا وأو قدالنار فعجزوا عن رمي إبراهيم فعمل
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 196 (2) أمالى
الطوسى ج 2 ص 198 (3) قيل هي كوثاربى على وزن طوبى هدى كان قرية من قرى الكوفة كما
ذكره المؤرخون والذى ذكر اللغويون هوكوثى قال الجزرى: كوثى العراق هي سرة السواد =
[156]
لهم إبليس المنجنيق فرمي به، فتلقاه
جبرئيل في الهواء فقال: هل لك من حاجة ؟ فقال: أما إليك فلا، حسبي الله ونعم
الوكيل، فاستقبله ميكائيل فقال: إن أردت أخمدت النار فان خزائن الامطار والمياه
بيدي، فقال: لااريد، وأتاه ملك الريح، فقال: لو شئت طيرت النار، قال: لااريد، فقال
جبرئيل: فاسأل الله " فقال: حسبي من سؤالي علمه بحالي 71 - دعوات الراوندي: قال
النبي (صلى الله عليه وآله): ثلاث من كن فيه جمع الله له خير الدنيا والاخرة: الرضا
بالقضاء، والصبر عند البلاء، والدعاء عند الشدة والرخاء وقال الصادق (عليه السلام):
رأس كل طاعة الله الرضا بما صنع الله إلى العبد فيما أحب وفيما كره 72 - نهج: اغض
على القذى وإلا لم ترض أبدا (1) 73 - كنز الكراجكى: قال لقمان لابنه: يا بني ثق
بالله عزوجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه ؟ يا بني توكل على الله
ثم سل في الناس من ذاالذي توكل على الله فلم يكفه ؟ يا بني أحسن الظن بالله ثم سل
في الناس من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به 74 - عدة الداعي: سئل
الصادق (عليه السلام) عن حد التوكل، فقال: أن لا تخاف مع الله شيئا. وقال الصادق
(عليه السلام): من أراد أن يعرف كيف منزلته عند الله فليعرف كيف منزلة الله عنده،
فان الله ينزل العبد مثل ما ينزل العبد الله من نفسه (2)
= وبها ولد ابراهيم الخليل (عليه السلام)
وقال ياقوت: وكوثى العراق كوثيان: أحدهما الطريق والاخر كوثى ربى وبها مشهد ابراهيم
الخليل (عليه السلام) وبها مولده، وهما من أرض بابل وبها طرح ابراهيم في النار وقال
الفيروز آبادي: والقطقطانة بضمهما موضع بالكوفة كانت سجن النعمان بن المنذر (1) نهج
البلاغة ج 2 ص 193 (2) عدة الداعي ص 106
[157]
75 - مشكوة الانوار: عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: إن الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه وعنه
(عليه السلام) قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود (عليه السلام) إنه ما اعتصم بي
عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ثم تكيده السماوات والارض ومن فيهن
إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من
نيته إلا قطعت أسباب السماوات من بين يديه وأسخت الارض من تحته، ولم ابال في أي
وادتهالك (1) وعنه (عليه السلام) قال: لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول
لشئ قد مضى: لو كان غيره وعنه (عليه السلام) في قول الله عز وجل: " إن الله
وملائكته يصلون على النبي " (2) الاية قال: أثنوا عليه وسلموا عليه، قلت: فكيف علم
الرسول أنها كذلك ؟ قال: كشف له الغطاء قلت: فبأي شئ علم المؤمن أنه مؤمن ؟ قال:
بالتسليم لله، والرضا فيما ورد عليه من وراء سخط (3) ومنه: قال أمير المؤمنين (عليه
السلام): الايمان له أركان أربعة: التوكل على الله وتفويض الامر إلى الله، والرضا
بقضاء الله، والتسليم لامر الله وعن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله جل ثناؤه:
" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك " (4) الاية قال: التسليم والرضا والقنوع بقضائه
ومنه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بعث الله نبيا إلى قوم وأمر أن يقاتلهم
فشكى إلى الله الضعف فقال: اختر القتال أو النار، قال: يا رب لا طاقة لي بالنار
فأوحى الله إليه أن النصر يأتيك في سنتك هذه، فقال ذلك النبي (عليه السلام):
لاصحابه
(1) مشكاة الانوار ص 16 (2) الاحزاب: 56
(3) مشكاة الانوار ص 17 (4) النساء: 65
[158]
إن الله عزوجل قد أمرني بقتال بني فلان،
فقلت: لا طاقة لنا بقتالهم، فقال: اختر النار أو القتال، قالوا: بلى لا طاقة لنا
بالنار، فقال: إن الله قد أوحى أن النصر يأتيني في سنتي هذه قالوا: تفعل ونفعل
وتكون ونكون (1) قال: وبعث الله نبيا آخر إلى قوم (وأمره أن يقاتلهم) فكشى إلى الله
الضعف فأوحى الله عزوجل أن النصر يأتيك بعد خمسة عشرة سنة، فقال لاصحابه: إن الله
عزوجل أمرني بقتال بني فلان فشكوت إليه الضعف فقالوا: لاحول ولا قوة إلا بالله فقال
لهم: إن الله قد أوحى إلي أن النصر يأتيني بعد خمسة عشرة سنة فقالوا: ما شاء الله
لاقوة إلا بالله، قال: فأتاهم الله بالنصر في سنتهم تلك لتفويضهم إلى الله وقولهم
ما شاء الله لاحول ولاقوة إلا بالله ومنه عن أبي عبد الله (عليه السلام): ومن
التوكل أن لا تخاف مع الله غيره (2) ومنه نقلا من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله وعنه (عليه السلام) قال:
رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحب العبد أو كره، ولا يرضى عبد عن الله
فيما أحب أو كره إلا كان خيرا له فيما أحب أو كره وعنه (عليه السلام) قال: ما قضى
الله لمؤمن قضاء قرضي به إلا جعل الخيرة له فيما قضى (3) وعن الباقر (عليه السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله جل ثناؤه يقول: وعزتي وجلالي
ماخلقت من خلقي خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن ولذلك سميته باسمي مؤمنا لاحرمه مابين
المشرق والمغرب وهي خيرة له مني، وإني لاملكه مابين المشرق والمغرب وهي خيرة له
مني، فليرض بقضائي وليصبر
(1) مشكاة الانوار ص 19 (2) مشكاة الانوار
ص 20 (3) مشكاة الانوار ص 21
[159]
على بلائي وليشكر نعمائي أكتبه يا محمد من
الصديقين عندي وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لقي الحسن بن علي عبد الله بن
جعفر (عليهما السلام) فقال: يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ويحقر
منزلته والحاكم عليه الله، فأنا الضامن لمن لا يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله
فيستجاب له وعنه (عليه السلام) قال: الروح والراحة في الرضا واليقين، والهم والحزن
في الشك والسخط وقال (عليه السلام): اجري القلم في محبة الله فمن أصفاه الله بالرضا
فقد أكرمه، ومن ابتلاه بالسخط فقد أهانه، والرضا والسخط خلقان من خلق الله والله
يزيد في الخلق ما يشاء وعن أبي الحسن الاول: ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه
في رزقه، ولا يتهمه في قضائه وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قضاء الحوائج إلى
الله عزوجل وأسبابها إلى العباد فمن قضيت له حاجة فليقبلها عن الله بالرضا والصبر
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما يجمع الناس بالرضا والسخط، فمن رضي أمرا فقد
دخل عليه ومن سخط فقد خرج منه وعن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: الصبر والرضا
عن الله رأس طاعة الله ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه مما أحب أو كره (لم يقض
الله له فيما أحب أو كره) إلا ما هو خير له، ودخل بعض أصحاب أبي عبد الله (عليه
السلام) في مرضه الذي توفي فيه إليه، وقد ذبل فلم يبق إلا رأسه، فبكى، فقال: لاي شئ
تبكي ؟ فقال: لاأبكي وأنا أراك على هذه الحال ؟ قال: لا تفعل فان المؤمن تعرض كل
خير إن قطع أعضاؤه كان خيرا له، وإن ملك مابين المشرق والمغرب كان خيرا له (2) 76 -
المؤمن: عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: في قضاء الله
(1) مشكوة الانوار ص 33 (2) مشكوة
الانوار: 34
[160]
عزوجل كل خير للمؤمن وعن الصادق (عليه
السلام) إن المسلم لا يقضي الله عزوجل له قضاء إلا كان خيرا له، وإن ملك مشارق
الارض ومغاربها كان خيرا له، ثم تلا هذه الاية " فوقاه الله سيئات ما مكروا " (1)
ثم قال: أم والله لقد سلطوا عليه وقتلوه فأما ما وقاه الله فوقاه أن يفتنوه في دينه
وعن الصادق (عليه السلام) إنه قال: لويعلم المؤمن ماله في المصائب من الاجر لتمنى
أن يقرض بالمقاريض 77 - المؤمن: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فيما أوحى الله
إلى موسى يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإني أنا أبتليه بما هو خير
له واعطيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه فليصبر
على بلائي وليرض بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضاي
وأطاع أمري (64) * (باب) * * (الاجتهاد والحث على العمل) * الايات: البقرة: يا أيها
الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (2) وقال تعالى: فمن تبع
هداي فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون (3) وقال تعالى: سنزيد المحسنين (4)
(1) سورة المؤمن: 44 و 45 (2) البقرة: 21
(3) البقرة: 38 (4) البقرة: 58
[161]
وقال: " إن الذين آمنوا والذين هادوا
والنصارى والصابئين من آمن منهم بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم
ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون " (1) وقال تعالى: " وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه
عند الله إن الله بما تعملون بصير " (2) وقال تعالى: " وقدموا لانفسكم واتقوا الله
واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين " (3) آل عمران: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير
محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله
رؤف بالعباد (4) وقال حاكيا عن عيسى: إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم
(5) النساء: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجدله من
دون الله وليا ولا نصيرا * ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو انثى وهو مؤمن فاولئك
يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (6) وقال تعالى: لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله
ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا * فأما
الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا
واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا (7)
المائدة: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله
(1) البقرة: 62 (2) البقرة: 110 (3)
البقرة: 223 (4) آل عمران: 30 (5) آل عمران: 51. (6) النساء: 123 - 124 (7) النساء:
172 - 173
[162]
واليوم الاخر وعمل صالحا فلاخوف عليهم
ولاهم يحزنون (1) وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا
اهتديتم إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون (2) الانعام: ذلكم الله ربكم خالق
كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل (3) الاعراف: حاكيا عن نوح: يا قوم اعبدوا الله
مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (4) وقال تعالى: حاكيا عن هود: يا
قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون (5) وقال تعالى، حاكيا عن صالح وشعيب
(عليهما السلام): يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره (6) وقال: إن الذين عند ربك
لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون (7) الانفال: يا أيها الذين آمنوا
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه
وأنه إليه تحشرون (8) التوبة: وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب
والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (9) وقال تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم
ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (10)
(1) المائدة: 69 (2) المائدة: 105 (3)
الانعام: 102 (4) الاعراف: 59 (5) الاعراف: 65 (6) الاعراف: 73 و 85 (7) الاعراف:
206 (8) الانفال: 24 (9) براءة: 94 (10) براءة: 105.
[163]
يونس: ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون
- إلى قوله تعالى: ليجزي الذين آمنو وعملوا الصالحات بالقسط (1) هود: حاكيا عن صالح
(عليه السلام): قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من الارض
واستعمركم فيها (2) وقال تعالى: وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما تعملون
خبير * فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما يعملون بصير (3) النحل: من
عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزينهم بأحسن ما كانوا
يعملون (4) وقال تعالى: إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا
فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم - إلى قوله تعالى: اولئك الذين طبع الله على
قلوبهم وسمعهم وأبصارهم واولئك هم الغافلون (5) الكهف: إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا * اولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الانهار
(6) وقال تعالى: والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا (7) مريم: وإن
الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (8) وقال تعالى: رب السموات والارض وما
بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا (9) وقال تعالى: ويزيد الله الذين
اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا (10)
(1) يونس: 3 (2) هود: 61 (3) هود: 111 -
112 (4) النحل: 97 (5) النحل: 106 - 108 (6) الكهف: 30 (7) الكهف: 46 (8) مريم: 36
(9) مريم: 65 (10) مريم: 76
[164]
طه: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني
(1) وقال تعالى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما (2) وقال
تعالى: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما (3) الانبياء: ومن عنده لا
يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون (4) وقال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا نوحي إليه
أنه لاإله إلا أنا فاعبدون (5) وقال تعالى: إن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم
فاعبدون (6) وقال تعالى: فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له
كاتبون (7) الحج: وبشر المحسنين (8) المؤمنون: حاكيا عن نوح (عليه السلام): يا قوم
اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون (9) وقال تعالى: يا أيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم * وإن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم
فاتقون (10) النور: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض
كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من
(1) طه: 24. (2) طه: 112 (3) طه: 115 (4)
الانبياء: 19 (5) الانبياء: 25 (6) الانبياء: 92 (7) الانبياء: 94 (8) الحج: 37 (9)
المؤمنون: 23 (10) المؤمنون: 51 - 52
[165]
بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي
شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون (1) العنكبوت: والذين آمنوا وعملوا
الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون (2) وقال سبحانه:
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين (3) وقال تعالى: وإبراهيم إذ
قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (4) وقال تعالى: والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين (5) لقمان: يا بنى إنها إن تك
مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الارض يأت بها الله إن الله
لطيف خبير (6) سبا: واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير (7) فاطر: من كان يريد العزة
فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (8) يس: ونكتب ما
قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين (9) وقال تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني
آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد
أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون (10)
(1) النور: 55 (2) العنكبوت: 7 (3)
العنكبوت: 9 (4) العنكبوت: 16 (5) العنكبوت: 69 (6) لقمان: 16 (7) سبأ: 11 (8)
فاطر: 10 (9) يس: 12 (10) يس: 60 - 62
[166]
الصافات: إنا كذلك نجزي المحسنين (1) في
مواضع ص: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض أم نجعل المتقين
كالفجار (2) الزمر: ثم إلى ربكم مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون * إنه عليم بذات
الصدور (3) وقال تعالى: لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين (4) وقال تعالى:
وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أو
تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن
الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون مع
المحسنين * بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين (5) المؤمن: من
عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون
الجنة يرزقون فيها بغير حساب (6) وقال تعالى: وما يستوي الاعمي والبصير والذين
آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيئ قليلا ما تتذكرون (7) السجدة: من عمل صالحا
فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد (8) حمعسق: والذين آمنوا وعملوا
الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي
يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا
(1) الصافات: 80، 105، 110، 121، 131 (2)
ص: 28 (3) الزمر: 7 (4) الزمر: 34 (5) الزمر: 54 - 59 (6) المؤمن: 40 (7) المؤمن:
58 (8) السجدة: 46
[167]
الصالحات (1) وقال تعالى: ويستجيب الذين
آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (2) الزخرف: إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا
صراط مستقيم (3) الجاثية: من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون
(4) وقال تعالى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا
الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون * وخلق الله السموات والارض بالحق
ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون (5) الذاريات: ففروا إلى الله إني لكم منه
نذير مبين (6) الطور: كل امرئ بما كسب رهين (7) النجم: أم للانسان ما تمنى * فلله
الاخرة والاولى * وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن
الله لمن يشاء ويرضى (8) وقال تعالى: ولله ما في السموات وما في الارض ليجزي الذين
أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى - إلى قوله تعالى: هو أعلم بكم إذا
أنشأكم من الارض وإذ أنتم أجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى
(9) الحديد: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض
(1) الشورى: 22 - و 23 (2) الشورى: 26 (3)
الزخرف: 64 (4) الجاثية: 15 (5) الجاثية: 21 - 22 (6) الذاريات: 50 (7) الطور: 21
(8) النجم: 24 - 26 (9) النجم: 31 - 32
[168]
اعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل
الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1) التحريم: يا أيها الذين آمنوا قوا
أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله
ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (2) نوح: قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا
الله واتقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ان اجل الله إذا
جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون (3). المزمل: وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله
خيرا وأعظم أجرا (4) المدثر: كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات
(5) القيامة: ينبا الانسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو
ألقى معاذيره (6) الدهر: إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (7) المرسلات: كلوا
واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * إنا كذلك نجزي المحسنين (8) النازعات: يوم يتذكر
الانسان ما سعى * وبرزت الجحيم لمن يرى (9) المطففين: كلا إن كتاب الفجار لفي سجين
* وما أدريك ماسجين *
(1) الحديد: 21 (2) التحريم: 6 (3) نوح: 2
- 4 (4) المزمل: 20 (5) المدثر: 38 - 39 (6) القيامة: 13 - 15 (7) الدهر: 22 (8)
المرسلات: 43 - 44 (9) النازعات: 35 - 36
[169]
كتاب مرقوم * ويل يومئذ للمكذبين * الذين
يكذبون بيوم الدين * وما يكذب به إلا كل معتد أثيم * إذا تتلى عليه آياتنا قال
أساطير الاولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ
لمحجوبون * ثم إنهم لصالوا الجحيم * ثم يقال هذا الذى كنتم به تكذبون * كلا إن كتاب
الابرار لفي عليين * وما أدريك ماعليون * كتاب مرقوم * يشهده المقربون * إن الابرار
لفي نعيم * على الارائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم
* ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها
المقربون (1) الانشقاق: يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه * فأما من
اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من اوتي
كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا * إنه ظن
أن لن يحور * بلى إن ربه كان به بصيرا * فلا اقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر
إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق (2) الطارق: إن كل نفس لما عليها حافظ (3) التين:
إلا الذين آمنوا وعملو الصالحات فلهم أجر غير ممنون (4) الزلزال: فمن يعمل مثقال
ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (5) القارعة: فأما من ثقلت موازينه
فهوفي عيشة راضية * وأما من خفت
(1) المطففين: 7 - 28 (2) الانشقاق: 6 -
19 (3) الطارق: 4 (4) التين: 6 (5) الزلزال: 7 - 8
[170]
موازينه فامه هاوية * وما أدريك ماهية *
نار حامية (1) 1 - مع (2) ل (3) لى: الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن محمد بن الحسن
بن دريد عن أبي حاتم، عن العتبى يعني محمد بن عبيدالله، عن أبيه قال وأخبرنا عبد
الله بن شبيب عن زكريا بن يحيى المنقرى، عن العلابن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن جده
قال: قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي (صلى الله عليه وآله)
فدخلت وعنده الصلصال بن الدلهمس (4) فقلت يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها، فانا
قوم نعمر (5) في البرية
(1) القارعة: 6 - 11 (2) معاني الاخبار ص
233 (3) الخصال ج 1 ص 56 (4) عنونه ابن حجر في القسم الاول من الاصابة وقال:
الصلصال بن الدلهمس بن جندلة بن المحتجب بن الاغر بن الغضنفر بن تيم بن ربيعة بن
نزار، أبو الغضنفر قال ابن حبان: له صحبة حديثه عند ابن الضو وقال المرزباني: يقال
انه أنشد النبي (صلى الله عليه وآله) شعرا: وذكر ابن الجوزى أن الصلصال قدم مع بنى
تميم وأن النبي (صلى الله عليه وآله) أوصاهم بشئ فقال قيس بن عاصم: وددت لو كان هذا
الكلام شعرا نعلمه أولادنا فقال الصلصال: أنا أنظمه يارسول الله، فأنشده أبياتا
وأوردها ابن دريد في أماليه عن أبى حاتم السجستاني عن العتبى عن أبيه قال: قال قيس
بن عاصم: وفدت مع جماعة من بنى تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس:
يارسول الله عظنا عظة ننتفع بها فوعظهم موعظة حسنة فقال قيس: أحب أن يكون هذا
الكلام أبياتا من الشعر نفتخر به على من يلينا وندخرها فأمر من يأتيه بحسان فقال
الصلصال: يارسول الله ! قد حضر تنى أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس فقال: هاتها
فقال إلى آخر الابيات مع اختلاف ما، راجع الاصابة ج 2 ص 186 (5) في بعض النسخ
كالآمالي والخصال نعبر من العبور وفى المعاني نعير: أي نذهب ونجئ ونتردد في البرية
وأما نعمر فهو الاصح يقال: عمر بالمكان أي أقام به، وعمر بيته أي لزمه، والمعنى أنا
نسكن في البرية والصحارى ولا يمكننا أن نقدم عليك كل يوم أو نسكن في سائر البلدان
العامرة بأهل الديانة فننتفع بمواعظهم فعظنا بموعظة ننتفع بها أيام اقامتنا في
البراري
[171]
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا
قيس إن مع العز ذلا وإن مع الحياة موتا وإن مع الدنيا آخرة، وإن لكل شئ حسيبا، وعلي
كل شئ رقيبا، وإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، ولكل أجل كتابا وإنه لابد لك يا
قيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت فان كان كريما أكرمك، وإن كان
لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تبعث إلا معه ولا تسأل إلا عنه فلا تجعله إلا
صالحا فانه إن صلح أنست به، وإن فسد لا تستوحش إلا منه، وهو فعلك فقال: يا نبي الله
احب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من العرب وندخره
فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) من يأتيه بحسان (بن ثابت) قال فأقبلت (1) افكر
فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتب لي (2) القول قبل مجئ حسان فقلت: يارسول الله
قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما يريد، فقلت لقيس (ابن عاصم): تخير خليطا من فعالك
إنما * قرين الفتى في القبر ماكان يفعل ولابد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادي
المرء فيه فيقبل فان كنت مشغولا بشئ فلا ؟ ؟ * بغير الذي يرضى به الله تشغل فلن
يصحب الانسان من بعد موته * ومن قبله إلا الذي كان يعمل ألا إنما الانسان ضيف لاهله
* يقيم قليلا بينهم ثم يرحل (3) 2 - لى: ابن ناتانه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي
عمير، عن عبد الله بن - الفضل، عن الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) طوبى لمن طال
(1) الصحيح: " قال الصلصال فأقبلت افكر "
الخ، ولذلك يقول بعد ذلك فقلت لقيس، ولايكون القائل الا الصلصال، مع ما عرفت من
نسخة الاصابة " فقال الصلصال يارسول الله قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما أراد قيس
فقال هاتها " (2) يقال: استتب الامر: اطرد واستقام واستمر، وذل له ما أراد (3)
أمالى الصدوق ص 3
[172]
عمره، وحسن عمله، فحسن منقلبه، إذ رضي عنه
ربه عزوجل، وويل لمن طال عمره وساء عمله فساء منقلبه، إذ سخط عليه ربه عزوجل (1)
اقول: سيأتي الاخبار في أبواب المواعظ 3 - لى: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اعمل على مهل فانك ميت *
واختر لنفسك أيها الانسان فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى * وكأن ما هو كائن قد كان
(2) 4 - لى: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن ابن أبي نجران، عن ابن حميد عن ابن قيس،
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة إذا صلى
العشاء الاخرة ينادي الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد: أيها الناس تجهزوا رحمكم
الله فقد نودي فيكم بالرحيل (3) فما التعرج (4) على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل،
تجهزوا رحمكم الله ! وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى، واعلموا أن
طريقكم إلى المعاد، وممركم
(1) أمالى الصدوق ص 35 (2) أمالى الصدوق ص
293 (3) قال في النهج: ومن كلام له (عليه السلام) كان كثيرا ما ينادى به أصحابه:
تجهزوا رحمكم الله فقد نودى فيكم بالرحيل، وأقلوا العرجة على الدنيا وانقلبوا بصالح
ما بحضرتكم من الزاد، فان أمامكم عقبة كؤدا ومنازل مخوفة مهولة، لابد من الورود
عليها، والوقوف عندها، واعلموا أن ملاحظ المنية نحوكم دانية وكأنكم بمخالبها وقد
نشبت فيكم وقد دهمتكم فيها مفظعات الامور ومعضلات المحذور، فقطعوا علائق الدنيا
واستظهروا بزاد التقوى (4) التعرج هو حبس المطية على المنزل والاقامة الطويلة فيه
والغفلة عن السير والسفر، والتعرج على الدنيا هو الركون عليها والاشتغال بها بحيث
ينسى الهدف من المسير وهو النعم الاخروية
[173]
على الصراط، والهول الاعظم أمامكم، وعلى
طريقكم عقبة كؤد، ومنازل مهولة مخوفة، لابدلكم من الممر عليها، والوقوف بها، فإما
برحمة من الله فنجاة من هولها، وعظم خطرها وفظاعة منظرها وشدة مختبرها، وإما بهلكة
ليس بعدها انجبار (1) 5 - لى: ابن الوليد، عن ابن متيل، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد
بن سنان، عن المفضل قال: قال الصادق (عليه السلام): من استوى يوماه فهو مغبون، ومن
كان آخر يومه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب،
ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة (2) مع: ابن الوليد، عن الصفار،
عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) مثله وفيه: ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان ومن كان... (3) 6 -
ل: الخليل بن أحمد، عن ابن منيع، عن أحمد بن عمران، عن أبي خالد الاحمري، عن
إسماعيل بن أبي خالد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخير كثير وفاعله قليل (4) أقول: قد مضى أخبار
كثيرة في باب جوامع المكارم، وباب صفات المؤمن وباب صفات الشيعة 7 - ل: ابن إدريس،
عن أبيه، عن الاشعري، عن أحمد بن محمد، عن بعض النوفليين ومحمد بن سنان رفعه إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل،
الخبر (5)
(1) أمالى الصدوق ص 298 (2) أمالى الصدوق
ص 396 (3) معاني الاخبار ص 342 (4) الخصال ج 1 ص 17 (5) الخصال ج 1 ص 11
[174]
8 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين
(عليه السلام): من أحبنا فليعمل بعملنا، وليستعن بالورع فانه أفضل ما يستعان به في
أمر الدنيا والاخرة، ولا تجالسوا لنا عائبا ولا تمتدحوا بنا عند عدونا معلنين
باظهار حبنا، فتذللوا أنفسكم عند سلطانكم الزموا الصدق فانه منجاة، وارغبوا فيما
عند الله عزوجل، واطلبوا طاعته واصبروا عليها، فما أقبح بالمؤمن أن يدخل الجنة وهو
مهتوك الستر، لاتعنونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدمتم، لا تفضحوا
أنفسكم عند عدوكم في القيامة ولا تكذبوا أنفسكم عندهم في منزلتكم عند الله بالحقير
من الدنيا تمسكوا بما أمركم الله به، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى ما يحب إلا
أن يحضره رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما عند الله خير وأبقى، وتأتيه البشارة
من الله عزوجل فتقر عينه ويحب لقاء الله (1) 9 - ن: بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اختاروا الجنة
على النار، ولا تبطلوا أعمالكم فتقذفوا في النار منكبين خالدين فيها أبدا (2) صح:
عنه (عليه السلام) مثله (3) 10 - ن: من كلام الرضا المشهور: الصغائر من الذنوب طرق
إلى البكائر، ومن لم يخف الله في القليل لم يخفه في الكثير، ولو لم يخوف الله الناس
بجنة ونار لكان الواجب عليهم أن يطيعوه ولا يعصوه، لتفضله عليهم وإحسانه إليهم، وما
بدأهم به من أنعامه الذي ما استحقوه 11 - ل: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن
زياد، عن جعفر بن
(1) الخصال ج 2 ص 157 (2) عيون الاخبار ج
2 ص 32 (3) صحيفة الرضا (عليه السلام) ص 30 وفيه منكسين كما هو في بعض نسخ العيون
وكلاهما بمعنى وفى بعض النسخ مكبين وهومن قوله تعالى: " ومن جاء بالسيئة فكبت
وجوههم في النار "
[175]
محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)
قال: قال علي (عليه السلام): إن للمرء المسلم ثلاثة أخلاء: فخليل يقول: أنا معك حيا
وميتا وهو عمله، وخليل يقول له: أنا معك إلى باب قبرك ثم اخليك وهو ولده، وخليل
يقول له: أنا معك إلى أن تموت وهو ماله، فإذا مات صار للوارث (1) 12 - ما: المفيد،
عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن يونس، عن كليب الاسدي، عن الصادق
(عليه السلام) قال: أم والله إنكم لعلى دين الله ودين ملائكته، فأعينونا على ذلك
بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع (2) 13 - ما: المفيد، عن أحمد
بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن الصفار، عن القاشاني، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن
حفص قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال عيسى بن مريم لاصحابه: تعملون
للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون (للاخرة وأنتم) لا ترزقون فيها إلا
بالعمل، ويلكم علماء السوء الاجرة تأخذون، والعمل لا تصنعون، يوشك رب العمل أن يطلب
عمله، وتوشكوا أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره
إلى آخرته، وهو مقبل على دنياه، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه (3) 14 - ما (4): عن
ابن عمر قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم ببعض
(1) الخصال ج 1 ص 56 (2) أمالى الطوسى ج 1
ص 31 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 211 (4) في المصدر: وعنه - يعنى الشيخ المفيد أبو على
الطوسى - عن شيخه رحمه الله قال: أخبرنا ابن الحمامى المقرى، قال: حدثنا أبو سهل
أحمد بن محمد بن عبيدالله بن زياد القطان قال: حدثنا يعقوب بن اسحاق النحوي قال:
حدثنا عبد السلام بن مطهر أبو ظفر قال: حدثنا موسى بن خلف عن ليث بن أبى سليم عن
مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله: كن في الدنيا الخ
[176]
جسدي فقال: يا عبد الله بن عمر كن في
الدنيا كأنك غريب وكأنك عابر سبيل واعدد نفسك في الموتى قال: قال لي مجاهد: ثم قال
لي ابن عمر: يا مجاهد إذا أصبحت فلا تحدثن نفسك بالصباح (1) وخذ من حياتك لموتك،
وخذ من صحتك لسقمك وخذ من فراغك لشغلك، فانك يا عبد الله لا تدري ما اسمك غدا (2)
15 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن أحمد بن عبيدالله بن سابور، عن أيوب بن محمد
الرقي، عن سلام بن رزين، عن إسرائيل بن يونس، عن جده أبي إسحاق الحارث الهمداني، عن
علي، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الانبياء قادة والفقهاء سادة، ومجالستهم
زيادة، وأنتم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتيكم
بغتة، فمن يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة (3) 16 - ع: ابن الوليد،
عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن ابن يزيد عن الوشاء، عمن ذكره، عن بعضهم قال:
مامن يوم إلا وملك ينادي من المشرق: لو يعلم الخلق لماذا خلقوا ؟ قال: فيجيبه ملك
آخر من المغرب: لعملوا لما خلقوا (4) 17 - ل (5) مع: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي،
عن القاسم، عن جده عن أبي بصير، عن محمد بن مسلم، عن الباقر (عليه السلام) عن أبيه،
عن جده، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة
في أربعة
(1) في المصدر: إذا أمسيت فلاتحدث نفسك أن
تصبح، وإذا أصبحت فلا تحدث نفسك أن تمسى (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 391 (3) أمالى
الطوسى ج 2 ص 87 (4) علل الشرائع ج 1 ص 11 (5) الخصال ج 1 ص 99
[177]
أخفى رضاه في طاعته، فلا تستصغرن شيئا من
طاعته، فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته، فلا تستصغرن شيئا من
معصيته، فربما وافق سخطه وأنت لاتعلم، وأخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن (شيئا من
دعائه فربما وافق إجابته وأنت لاتعلم، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن) عبدا (1)
من عبيدالله فربما يكون وليه وأنت لاتعلم (2) 18 - لى (3) مع: العسكري، عن محمد بن
أحمد القشيري، عن أحمد بن عيسى الكوفي، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن
أبيه، عن جده عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) في قول الله عزوجل: " ولا تنس نصيبك
من الدنيا " (4) قال: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الاخرة
(5) 19 - مع: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة (6) 20 - مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن
هارون، عن ابن زياد، عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) أن النبي (صلى الله عليه
وآله) قال: من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن (7) 21
- لى: أبي، عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن الكناني، عن الصادق (عليه السلام) قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تسخطوا الله برضا أحد من خلقه، ولا تتقربوا
إلى أحد من الخلق بتباعد من الله عزوجل، فان الله ليس بينه وبين أحد من الخلق
(1) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر
(2) معاني الاخبار 112 (3) أمالى الصدوق 138 (4) القصص: 77 (5) معاني الاخبار: 325
(6) معاني الاخبار: 342 (7) معاني الاخبار: 399
[178]
شئ يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه سوءا إلا
بطاعته، وابتغاء مرضاته، إن طاعة الله نجاح كل خير يبتغى، ونجاة من كل شر يتقى، وإن
الله يعصم من أطاعه ولا يعتصم منه من عصاه، ولا يجد الهارب من الله مهربا، فان أمر
الله نازل باذلاله ولو كره الخلايق، وكل ما هو آت قريب، ما شاء الله كان، وما لم
يشأ لم يكن " تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله
إن الله شديد العقاب " (1) 22 - لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن
فضال، عن مروان بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى
الله عليه وآله) قال: قال الله عز وجل: أيما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري، وأيما
عبد عصاني وكلته إلى نفسه ثم لم ابال في أي واد هلك (2) 23 - ب: ابن طريف، عن ابن
علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أطيعوا الله عزوجل فما أعلم الله بما يصلحكم (3) 24 - ل: ابن الوليد، عن سعد، عن
ابن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) قال: قال
الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم أطعني فيما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك (4) 25 - ل:
عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن أبغض الناس إلى الله عز وجل من يقتدي
بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله (5) 26 - ل: عن سفيان الثوري قال: قال الصادق (عليه
السلام): يا سفيان من أراد عزا
(1) أمالى الصدوق 293 والاية في المائدة:
2. (2) المصدر: 293 (3) قرب الاسناد ص 74 (4) الخصال ج 1 ص 6 (5) الخصال ج 1 ص 12
[179]
بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وهيبة بلا
سلطان، فلينتقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته (1) 27 - ثو (2) ل: أبي، عن سعد، عن
الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي، عن فضالة، عن سليمان بن درستويه، عن
عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب:
إمام عادل، وتاجر صدوق وشيخ أفنى عمره في طاعة الله عزوجل (3) 28 - ما: الفحام، عن
عمه عمرو بن يحيى، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد،
عن جابر الجعفي، عن الباقر صلوات الله عليه قال: يا جابر بلغ شيعتي عني السلام
وأعلمهم أنه لا قرابة بيننا وبين الله عزوجل، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة له، يا
جابر من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ومن عصى الله لم ينفعه حبنا (4) 29 - ما:
باسناد المجاشعي، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه
السلام): من أراد عزا بلا عشيرة، وهيبة من غير سلطان، وغنى من غير مال، وطاعة من
غير بذل، فليتحول من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فانه يجد ذلك كله (5) 30 - ما:
باسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن أبي جعفر (عليهم السلام) أنه قال: لخثيمة
أبلغ شيعتنا أنا لانغني عن الله شيئا، وأبلغ شيعتنا أنه لا ينال ما عند الله إلا
بالعمل، وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى
غيره وأبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما امروا أنهم هم الفائزون
(1) الخصال ج 1 ص 80 (2) ثواب الاعمال ص
120 (3) الخصال ج 1 ص 40 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 302 (5) أمالى الطوسى ج 2 ص 137
[180]
يوم القيامة (1) 31 - ع: أبي، عن أحمد بن
إدريس، عن الاشعري، عن علي بن الريان عن الحسين بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عبد
الرحمان بن حماد، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال جاء رجل
إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله يسأل الله عما سوى الفريضة ؟
قال: لا قال: فو الذي بعثك بالحق لا تقربت إلى الله بشئ سواها، قال: ولم ؟ قال: لان
الله قبح خلقي قال: فأمسك النبي (صلى الله عليه وآله) ونزل جبرئيل (عليه السلام)
فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام، ويقول أقرئ عبدي فلانا السلام، وقل له: أما ترضى
أن أبعثك غدا في الامنين ؟ فقال: يارسول الله وقد ذكرني الله عنده، قال: نعم، قال:
فو الذي بعثك بالحق لابقي شئ يتقرب به إلى الله إلا تقربت به (2) 32 - ل: أبي، عن
سعد، عن ابن يزيد، عن موسى بن القاسم، عن محمد بن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن
محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بادر
بأربع قبل أربع: بشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك غناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك
(3) ل: في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله
(4) 32 - لى: محمد بن أحمد الاسدي، عن رقية بنت إسحاق بن موسى بن جعفر عن أبيها، عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزول قدما عبد
يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله
من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت (5)
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 380 (2) علل
الشرايع ج 2 ص 148 (3) الخصال ج 1 ص 113 (4) المصدر نفسه (5) أمالى الصدوق: 25
[181]
34 - لى (1) مع (2) ما: في خبر الشيخ
الشامي قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن
كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم
يبال ما رزئ من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب
عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له (3) 35 - لى: أبي، عن علي، عن أبيه، عن
النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه
السلام): مامن يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم: يا ابن آدم أنا يوم جديد،
وأنا عليك شهيد، فقل في خيرا واعمل في خيرا أشهد لك به يوم القيامة فانك لن تراني
بعده أبدا (4) 36 - ل (5) لى: ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني، عن الصادق
(عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كانت
الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة، من كانت الاخرة
همه كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما
بينه وبين الله عزوجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (6) 37 - ثو: أبي، عن محمد
بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عمن رواه، عن الحارث بن
الاحوال صاحب الطاق، عن جميل ابن صالح قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا
يغرك الناس من نفسك فان الامر يصل إليك من دونهم ولا تقطع النهار بكذا وكذا، فان
معك من يحفظ عليك، ولم
(1) أمالى الصدوق: 237 (2) معاني الاخبار:
198 (3) أمالى الطوسى ج 2 ص 49 (4) أمالى الصدوق: 66 (5) الخصال ج 1 ص 64 (6) أمالى
الصدوق 22.
[182]
أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من
الحسنة للذنب القديم ولاتصغر شيئا من الخير فانك تراه غدا حيث يسرك ولاتصغر شيئا من
الشر فانك تراه غدا حيث يسوؤك إن الله عزوجل يقول " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك
ذكرى للذاكرين " (1) 38 - سن: أبي، عن الحسن، عن معاوية، عن أبيه، قال: سمعت أبا
عبد الله (عليه السلام) يقول: مانا صح لله عبد مسلم في نفسه فأعطى الحق منها وأخذ
الحق لها إلا اعطي خصلتين: رزق من الله يقنع به، ورضى عن الله ينجيه (2) 39 - ص:
بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمربن
يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في التوراة مكتوب: ابن آدم تفرغ لعبادتي
أملا قلبك خوفا مني وإلا تفرغ لعبادتي أملا قلبك شغلا بالدنيا ثم لاأسد فاقتك،
وأكلك إلى طلبها 40 - ص: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن
ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن الثمالي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن بلغ
قومك إنه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيعطيني إلا كان حقا علي أن اعينه على طاعتي
فان سألني أعطيته وإن دعاني أجبته، وإن اعتصم بي عصمته، وإن استكفاني كفيته وإن
توكل علي حفظته، وإن كاده جميع خلقي كدت دونه 41 - ف: عن أبي الحسن الثالث عليه
السلام قال: من اتقى الله يتقى، ومن أطاع الله يطاع، ومن أطاع الخالق لم يبال سخط
المخلوقين ومن أسخط الخالق فقمن أن يحل به سخط المخلوقين (3)
(1) ثواب الاعمال ص 120، والاية في هود
114، وروى مثله الشيخ المفيد في مجالسه ص 116 باسناده عن على بن مهزيار عن فضالة بن
أيوب عن عبد الله بن زيد عن ابن ابى يعفور عنه (عليه السلام) (2) المحاسن: 28 (3)
تحف العقول 482 في ط و 510 في ط
[183]
42 - سن: ابن محبوب، عن العلا، عن محمد
قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: اتقوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه
بالورع والاجتهاد في طاعة الله، فان أشد ما يكون أحدكم اغتباطا ما هو عليه لوقدصار
في حد الاخرة وانقطعت الدنيا عنه، فإذا كان في ذلك الحد عرف أنه قد استقبل النعيم
والكرامة من الله، والبشرى بالجنة، وأمن ممن كان يخاف وأيقن أن الذي كان عليه
هوالحق، وإن من خالف دينه على باطل هالك (1) 43 - سن: أبي، عن ابن سنان، عن محمد بن
حكيم، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): اعلموا
أنه لا يصغر ما ضريوم القيامة ولا يصغر ما ينفع يوم القيامة فكونوا فيما أخبركم
الله كمن عاين (2) 44 - م: قوله عز وجل " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون
إلا الله وبالوالدين إحسانا وذوي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا
واقيموا الصلوة وآتوا الزكوة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون " (3) قال
الامام (عليه السلام) قال الله تعالى لبني إسرائيل اذكروا " إذ أخذنا ميثاق بني -
إسرائيل " عهدهم المؤكد عليهم " لا تعبدون إلا الله " أي لا تشبهوه بخلقه ولا
تجوروه في حكمه، ولا تعلموا ما يراد به وجهه تريدون به وجه غيره " وبالوالدين
إحسانا " وأخذنا ميثاقهم بأن يعملوا بوالديهم إحسانا مكافاة عن إنعامهما عليهم
وإحسانهما إليهم واحتمال المكروه الغليظ لترفيههما وتوديعهما " وذوي القربى "
قرابات الوالدين بأن يحسنوا إليهم لكرامة الوالدين " واليتامى " وأن يحسنوا إلى
اليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافلين لهم امورهم، السائقين لهم غذاءهم وقوتهم،
المصلحين لهم معاشهم
(1) المحاسن: 177. (2) المحاسن: 249 (3)
البقرة: 83
[184]
" وقولوا للناس " الذين لامؤنة لكم عليهم
" حسنا " عاملوهم بخلق جميل " وأقيموا الصلوات " الخمس وأقيموا أيضا الصلاة على
محمد وآله الطيبين عند أحوال غضبكم ورضاكم، وشدتكم ورخاكم وهمومكم المعلقة لقلوبكم
" ثم توليتم " أيها اليهود عن الوفاء بما نقل إليكم من العهد الذي أداه أسلافكم
إليكم " وأنتم معرضون " عن ذلك العهد تاركين له غافلين عنه قال الامام (عليه
السلام): أما قوله تعالى: " لا تعبدون إلا الله " فان رسول الله (صلى الله عليه
وآله) قال: من شغلته عبادة الله عن مسألته أعطاه الله أفضل ما يعطي السائلين وقال
علي (عليه السلام): قال الله تعالى من فوق عرشه: يا عبادي اعبدوني فيما أمرتكم ولا
تعلموني ما يصلحكم، فاني أعلم به ولا أبخل عليكم بمصالحكم، وقالت فاطمة عليها
السلام: من أصعد إلى الله خالص عبادته، أهبط الله إليه أفضل مصلحته، وقال الحسن بن
علي (عليهما السلام): من عبد الله عبد الله له كل شي، وقال الحسين بن علي (عليهما
السلام): من عبد الله حق عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايته (1) 45 - شى: عن
إبراهيم الكرخي قال: إني عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من
المدينة فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): من أين جئت ؟ ثم قال له: جئت من ههنا
وههنا لغير معاش تطلبه ولا لعمل آخرة، انظر بماذا تقطع يومك وليلتك واعلم أن معك
ملكا كريما موكلا بك يحفظ عليك ما تفعل، ويطلع على سرك الذي تخفيه من الناس، فاستحي
ولا تحقرن سيئة فانها ستسوؤك يوما، ولا تحقرن حسنة وإن صغرت عندك، وقلت في عينك،
فانها ستسرك يوما واعلم أنه ليس شئ أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة، وإنه ليس
شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة، أما إنها لتدرك العظيم القديم المنسي
عند عامله، فيجد به ويسقط، ويذهب به بعد إساءته وذلك قول الله: " إن الحسنات يذهبن
السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " (2)
(1) تفسير الامام ص 131 ط تبريز وص 151 في
ط آخر (2) تفسير العياشي ج 2 ص 163 والاية في هود: 114
[185]
46 - جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن
الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن ابن حديد، عن علي بن النعمان رفعه قال:
كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: ويح من غلبت واحدته عشرته (1) وكان أبو
عبد الله (عليه السلام) يقول: المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة وكان علي بن
الحسين (عليه السلام) يقول: أظهر اليأس من الناس، فان ذلك من الغنا وأقل طلب
الحوائج إليهم فان ذلك فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه، وصل صلاة مودع وإن استطعت أن
تكون اليوم خيرا منك أمس، وغدا خيرا منك اليوم فافعل (2) أحمد بن الوليد، عن أبيه،
عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن العمل الصالح يذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه
كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له ثم قرأ " وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلا
نفسهم يمهدون " (3) 47 - بشا: محمد بن شهريار الخازن، عن شيخ الطائفة ومحمد بن محمد
بن ميمون المعدل معا، عن الحسن بن إسماعيل البزاز وجماعة، عن أبي المفضل الشيباني
عن جعفر بن محمد العلوي، عن محمد بن عبد المنعم الصيداوي، عن حسين بن شداد الجعفي،
عن شداد بن رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد
(عليهما السلام) أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) أتت جابر بن عبد الله
الانصاري فقالت له: يا صاحب رسول الله إن لنا عليكم حقوقا وإن من حقنا عليكم أن إذ
رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا
علي بن الحسين بقية أبيه الحسين (عليه السلام) قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه
وراحتاه إد آبا منه لنفسه في العبادة فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين
(عليهما السلام) وبالباب أبو جعفر محمد بن
(1) كناية عن السيئة والحسنة فان الحسنة
بعشرة والسيئة بواحدة (2) مجالس المفيد ص 116 و 117 (3) مجالس المفيد ص 122، ومضمون
الاية في الروم: 44
[186]
علي (عليهما السلام) في اغيلمة من بني
هاشم وقد اجتمعوا هناك فنظر جابر بن عبد الله إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول الله
وسجيته فمن أنت يا غلام ؟ فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكى جابر وقال: أنت
والله الباقر عن العلم حقا ادن مني بأبي أنت فدنا منه فحل جابر أزراره ثم وضع يده
على صدره فقبله، وجعل عليه خده وجهه، وقال: اقرئك عن جدك رسول الله السلام وقد
أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه
محمد بن علي يبقر العلم بقرا وقال: إنك تبقى حتى تعمى، ويكشف لك عن بصرك، ثم قال
له: ائذن لي على أبيك علي بن الحسين (عليهما السلام) فدخل أبو جعفر إلى أبيه
(عليهما السلام) وأخبره الخبر وقال: إن شيخا بالباب وقد فعل بي كيت كيت، فقال: يا
بنى ذاك جابر بن عبد الله، ثم قال: من بين ولدان أهلك قال لك ماقاله وفعل بك ما
فعله ؟ قال: نعم، قال: إنا لله.. إنه لم يقصدك فيه بسوء ولقد أشاط بدمك ثم أذن
لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته العبادة فنهض علي وسأله عن حاله سؤالا
حثيثا ثم أجلسه فأقبل جابر عليه يقول له يا ابن رسول الله ماهذا الجهد الذي كلفته
نفسك أما علمت أن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النار لمن أبغضكم
(وعاداكم) فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله أما علمت أن
جدي رسول الله قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد، وقد تعبد
بأبي هو وامي حتى انتفخ الساق وورم القدم، فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما
تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا فلما نظر جابر إلى علي بن
الحسين (عليهما السلام) وأنه ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى
القصد، قال له يا ابن رسول الله البقاء على نفسك، فانك من اسرة بهم يستدفع البلاء،
ويكشف اللاواء، وبهم يستمطر السماء، فقال: يا جابر لاأزال على منهاج آبائي صلوات
الله عليهم حتى ألقاهم فأقبل جابر على من حضر وقال: والله مارئي من أولاد الانبياء
مثل علي بن الحسين صلوات الله عليهما إلا يوسف
[187]
ابن يعقوب والله لذرية علي بن الحسين أفضل
من ذرية يوسف بن يعقوب إن منه لمن يملا الارض عدلا كما ملئت جورا (1) 48 - بشا:
الحسن بن الحسين بن بابويه، عن عمه محمد بن الحسن، عن أبيه عن عمه أبي جعفر بن
بابويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير عن صفوان عن خيثمة الجعفي
قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) وأنا اريد الشخوص فقال: أبلغ
موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله وأن يعود غنيهم فقيرهم، وقويهم ضعيفهم، وأن يعود
صحيحهم مريضهم، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، وإن لقاء بعضهم
بعضا حياة لامرنا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا يا خيثمة إنا لانغني عنكم من الله شيئا
إلا بالعمل، إن ولايتنا لا تنال إلا بالودع، وإن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف
عدلا ثم خالفه إلى غيره (2) 49 - ين: علي بن النعمان، عن ابن فرقد قال: سمعت أبا
عبد الله (عليه السلام) يقول: إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة، فيسهل لصاحبه كما
يبعث الرجل غلاما فيفرش له، ثم قرأ " أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلا نفسهم
يمهدون " (3) 50 - ما: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن إسماعيل
ابن حيان الوراق، في دكانه بسكة الموالي، عن محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، عن
عباد بن يعقوب، عن خلاد أبى علي قال: قال لنا جعفر بن محمد (عليه السلام) وهو
يوصينا: اتقوا الله وأحسنوا الركوع والسجود، وكونوا أطوع عباد الله فانكم لن تنالوا
ولاتينا إلا بالورع، ولن تنالوا ما عند الله تعالى إلا بالعمل، وإن
(1) بشارة المصطفى: 79 وقد صححناه على
نسخة الامالى ج 2 ص 239 (2) بشارة المصطفى: 160 (3) راجع الروم: 44
[188]
أشد الناس حسرة يوم القيامة لمن وصف عدلا
وخالفه إلى غيره 51 - من كتاب صفات الشيعة، للصدوق رحمه الله: عن ابن المتوكل عن
الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة قام على الصفا
فقال يا بني هاشم يا بني عبد المطلب إني رسول الله إليكم وإني شفيق عليكم لا تقولوا
إن محمدا منافوالله ما أوليائي منكم ولامن غيركم إلا المتقون ألا فلا أعرفكم تأتوني
يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم، ويأتي الناس يحملون الاخرة، ألا وإني قد
أعذرت فيما بيني وبينكم، وفيما بين الله عزوجل وبينكم، وإن لي عملي ولكم عملكم (1)
52 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين عن أبي الحسن
الثالث، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن من
الغرة بالله أن يصر العبد على المعصية، ويتمنى على الله المغفرة (2) 53 - ما:
جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيى، عن يعقوب بن السكيت النحوي، عن أبي الحسن
الثالث (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إياكم والايكال (3)
بالمنى فانها من بضائع العجزة، قال: وأنشدني ابن السكيت: إذا ما رمى بي الهم في ضيق
مذهب * رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب (4) 54 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد
بن أحمد بن محمد بن هلال، عن محمد بن يحيى بن ضريس، عن عيسى بن عبد الله العلوي، عن
أبيه، عن خاله جعفر ابن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه
وآله) قال: وعظني جبرئيل فقال: يا محمد
(1) صفات الشيعه الرقم 8 ص 47 في ط (2)
أمالى الطوسى ج 2 ص 193 (3) في المصدر المطبوع الالطاط بالمنى وفى الاصل " الالفاظ
" وكلاهما تصحيف (4) أمالى الطوسى ج 2 ص 193
[189]
أحبب من شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت
فانك ملاقيه (1) 55 - نهج: قال (عليه السلام): من أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه (2)
وقال (عليه السلام): إن أولى الناس بالانبياء أعلمهم بما جاؤا به، ثم تلا (عليه
السلام): " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " (3)
الاية ثم قال (عليه السلام): إن ولي محمد بن أطاع الله، وإن بعدت لحمته، وإن عدو
محمد من عصى الله وإن قربت قرابته (4) بيان: في أكثر النسخ أعلمهم، والاصوب أعملهم
كما يدل عليه التتمة إلا أن يقال العلم الكامل لا يكون إلا مع العمل 56 - نهج: قال
(عليه السلام): شتان بين عملين: عمل تذهب لذته، وتبقى تبعته وعمل تذهب مؤنته ويبقى
أجره (5) وقال (عليه السلام): عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته (6) وقال (عليه
السلام): من تذكر بعد السفر استعد (7) وقال (عليه السلام): إن الله سبحانه جعل
الطاعة غنيمة الاكياس عند تفريط العجزة (8) وقال (عليه السلام): احذر أن يراك الله
عند معصيته ويفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين، وإذا قويت فاقو على طاعة الله،
وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله (9)
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 203 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 147، وفيه نسبه بدل حسبه (3) آل عمران: 68 (4) نهج البلاغة ج 2 ص
163، واللحمة: النسب (5) نهج البلاغة ج 2 ص 170 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 183 (7) نهج
البلاغة ج 2 ص 213 (8) نهج البلاغة ج 2 ص 223 (9) نهج البلاغة ج 2 ص 237
[190]
وقال (عليه السلام): الركون إلى الدنيا مع
ما تعاين منها جهل، والتقصير في حسن العمل إذا وثقت بالثواب عليه غبن، والطمأنينة
إلى كل أحد قبل الاختبار عجز (1) وقال (عليه السلام): افعلوا الخير ولا تحقروا منه
شيئا فان صغيره كبير وقليله كثير ولا يقولن أحدكم إن أحدا أولى بفعل الخير مني
فيكون والله كذلك، إن للخير والشر أهلا فما تركتموه منهما (كفاكموه أهله) (2) وقال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة: اعملوا رحمكم الله على أعلام بينة
فالطريق نهج يدعو إلى دار السلام، وأنتم في دار مستعتب على مهل وفراغ والصحف
منشورة، والاقلام جارية، والابدان صحيحة، والالسن مطلقة، والتوبة مسموعة، والاعمال
مقبولة (3) وقال (عليه السلام): العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة
الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع، إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، وإن
لكم علما فاهتدوا بعلمكم، وإن للاسلام غاية فانتهوا إلى غايته، واخرجها إلى الله
مما افترض عليكم من حقه وبين لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم،
ألا وإن القدر السابق قد وقع، والقضاء الماضي قد تورد، وإني متكلم بعدة الله وحجته
قال الله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا
تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " (4) وقد قلتم ربنا الله
فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 237 (2) نهج
البلاغة ج 2 يص 244، وما بين العلامتين أضفناه من المصدر، والمعنى قيل: ما تركتموه
من الخير يقوم أهله بفعله بدلكم، وما تركتموه من الشريأتى به أهله بدلا عنكم، فلا
تختاروا أن تكونوا للشر أهلا، ولا أن يكون عنكم في الخير بدلا (3) نهج البلاغة ج 1
ص 201 (4) فصلت: 30 (*)
[191]
من عبادته، ثم لا تمرقوا منها، ولا
تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فان أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة
الخطبة (1) وقال (عليه السلام) في بعض خطبه: فاعملوا وأنتم في نفس البقاء، والصحف
منشورة والتوبة مبسوطة، والمدبر يدعى، والمسئ يرجى، قبل أن يخمد العمل، وينقطع
المهل، وتنقضي المدة، ويسد باب التوبة، وتصعد الملائكة، فأخذ امرؤمن نفسه لنفسه،
وأخذ من حي لميت، ومن فان لباق، ومن ذاهب لدائم، امرؤ خاف الله وهو معمر إلى أجله،
ومنظور إلى عمله، امرؤ ألجم نفسه بلجامها، وزمها بزمامها فأمسكها بلجامها من معاصي
الله، وقادها بزمامها إلى طاعة الله (2) 57 - كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي
رفعه عن بعض أصحاب علي (عليه السلام) أنه قيل له: كم تتصدق ألا تمسك ؟ قال: إي
والله لو أعلم أن الله قبل مني فرضا واحدا لامسكت، ولكني والله ما أدري أقبل الله
مني شيئا أم لا 58 - عدة الداعي: حدثنا أبو حازم عبد الغفار بن الحسن قال قدم
إبراهيم بن أدهم الكوفة وأنا معه، وذلك على عهد المنصور، وقدمها أبو عبد الله جعفر
بن محمد بن علي العلوي فخرج جعفر بن محمد صلوات الله عليهما يريد الرجوع إلى
المدينة فشيعه العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة، وكان فيمن شيعه الثوري وإبراهيم
ابن أدهم فتقدم المشيعون فإذاهم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم: قفوا
حتى يأتي جعفر فنظر مايصنع ؟ فجاء جعفر فذكروا له حال الاسد فأقبل أبو عبد الله
(عليه السلام) حتى دنا من الاسد فأخذ باذنه حتى نحاه عن الطريق ثم أقبل عليهم فقال:
أما إن الناس لو أطاعوا الله حق طاعته لحملوا عليه أثقالهم وروى داود بن فرقد عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العمل الصالح ليمهد لصاحبه في الجنة كما يرسل
الرجل غلاما بفراشه فيفرش له، ثم قرأ " ومن عمل
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 346 (2) نهج
البلاغة ج 1 ص 493
[192]
صالحا فلانفسهم يمهدون " (1) 59 - نهج:
ومن كلام له عند تلاوته " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " (2) أدحض (3) مسؤل
حجة، وأقطع مغتر معذرة، لقد أبرح جهالة بنفسه (4) يا أيها الانسان ما غرك بربك ؟
وما جرأك على ذنبك ؟ وما آنسك بهلكة نفسك ؟ أما من دائك بلول ؟ (5) أم ليس من نومتك
يقظة ؟ أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرها ؟ فلربما ترى الضاحي لحر الشمس فتظله أو
ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكي رحمة له ؟ فما صبرك على دائك ؟ وجلدك على مصائبك ؟
وعزاك من البكاء على نفسك ؟ وهي أعز الانفس عليك ؟ وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة (6)
وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته ؟ فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة، ومن كرى
الغفلة في ناظرك بيقظة وكن لله مطيعا، وبذكره آنسا، وتمثل في حال توليك عنه إقباله
عليك، يدعوك إلى عفوه، ويتغمدك بفضله وأنت متول عنه إلى غيره فتعالى من قوي ما
أكرمه (وأحلمه) وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته وأنت في كنف ستره مقيم، وفي
سعة فضله متقلب، فلم يمنعك فضله ولم يهتك عنك ستره بل لم تخل من لطفه مطرف عين، في
نعمة يحدثها لك أو سيئة يسترها عليك أو بلية يصرفها عنك فما ظنك به لو أطعته
(1) عدة الداعي: 67، والاية في سورة
الروم: 44 (2) الانفطار: 6 (3) يقال: دحضت الحجة: بطلت، وأدحض خبر مبتدأ محذوف وهو
المغتر بربه الكريم (4) يعنى أعجب بنفسه (5) البلول: الشفاء وحسن الحال بعد الهزال
والمرض (6) وذلك لان نقمة الله تنزل حين الغفلة والامن
[193]
وأيم الله لو أن هذه الصفة كانت في متفقين
في القوة، متوازنين في القدرة، لكنت أول حاكم على نفسك بذميم الاخلاق، ومساوي
الاعمال وحقا أقول: ما الدنيا غرتك، ولكن بها اغتررت، ولقد كاشفتك بالعظات وآذنتك
على سواء، ولهي بما تعدك من نزول البلاء بجسمك والنقص في قوتك أصدق وأوفى من أن
تكذبك أو تغرك ولرب ناصح لها عندك متهم وصادق من خبرها مكذب ولئن تعرفتها في الديار
الخاوية، والربوع الخالية، لتجدنها من حسن تذكيرك وبلاغ موعظتك بمحلة الشفيق عليك
والشحيح بك، ولنعم دار من لم يرض بها دارا ومحل من لم يوطنها محلا، وإن السعداء
بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم إذا رجفت الراجفة وحقت بجلائلها القيامة ولحق
بكل منسك أهله، وبكل معبود عبدته، وبكل مطاع أهل طاعته فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ
خرق بصر في الهواء ولاهمس قدم في الارض إلا بحقه فكم حجة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر
منقطعة، فتحر من أمرك ما يقوم به عذرك، وتبثت به حجتك، وخذ ما يبقى لك مما لا تبقى
له، وتيسر لسفرك وشم برق النجاة، وارحل مطايا التشمير (1)
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 476
[194]
(65) * (باب) * * (اداء الفرايض واجتناب
المحارم) * الايات: آل عمران: أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأويه
جهنم وبئس المصير (1) النساء: ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها
الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله
نارا خالدا فيها وله عذاب مهين (2) وقال: ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا * ذلك
الفضل من الله وكفى بالله عليما (3) الحجر: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين (4) النحل:
ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله
ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (5)
الانبياء: وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة وكانوا لنا عابدين
(6)
(1) آل عمران: 162 (2) النساء: 13 و 14
(3) النساء 69 و 70 (4) الحجر: 99 (5) النحل: 36 (6) الانبياء: 73
[195]
الحج: يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا
واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون (1) 1 - كا: عن العدة، عن سهل، وعلي، عن
أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليه
السلام): من عمل بما افترض الله عليه فهو (من) خير الناس (2) بيان: " فهو من خير
الناس " ليس " من " في بعض النسخ فالخيرية إضافية بالنسبة إلى من يأتي بالمستحبات
ويترك بعض الفرائض 2 - كا: عن علي، عن أبيه، عن حمادبن عيسى، عن الحسين بن المختار
عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز وجل "
اصبروا وصابروا ورابطوا " (3) قال: اصبروا على الفرائض (4) 3 - كا: عن العدة، عن
سهل، عن ابن أبي نجران، عن حمادبن عيسى، عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله (عليه
السلام): في قول الله عزوجل " اصبروا وصابروا ورابطوا " قال: اصبروا على الفرائض،
وصابروا على المصائب، ورابطوا على الائمة (عليهم السلام)، وفي رواية ابن محبوب، عن
أبي السفاتج وزاد فيه: واتقوا الله ربكم فيما افترض عليكم (5) بيان: " اصبروا " قال
الطبرسي - ره -: اختلف في معناها على وجوه أحدها أن المعنى اصبروا على دينكم أي
اثبتوا عليه " وصابروا " الكفار ورابطوهم في سبيل الله فالمعنى اصبروا على طاعة
الله سبحانه وعن معاصيه، وقاتلوا العدو وصابروا على قتالهم في الحق كما يصبرون على
قتالكم في الباطل لان الرباط هو المرابطة فيكون بين اثنين يعني أعدوا لهم من الخيل
ما يعدونه لكم وثانيها أن المراد اصبروا على دينكم، وصابروا وعدي إياكم، ورابطوا
(1) الحج: 77 (2) الكافي ج 2 ص 81 (3) آل
عمران: 200 (4 و 5) الكافي ج 2 ص 81
[196]
عدوي وعدوكم وثالثها أن المراد اصبروا على
الجهاد، وقيل إن معنى رابطوا: رابطوا الصلوات ومعناه انتظروها واحدة بعد واحدة لان
المرابطة لم تكن حينئذ روي ذلك عن علي (عليه السلام) وروي عن النبي (صلى الله عليه
وآله) أنه سئل من أفضل الاعمال فقال: إسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الاقدام إلى
الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، وروي عن أبي جعفر (عليه السلام)
أنه قال: معناه اصبروا على المصائب وصابروا على عدوكم ورابطوا عدوكم، وهو قريب من
الاول انتهى (1) " على الفرايض " يحتمل شمولها لترك المحرمات أيضا " وصابروا على
المصائب " لعل صيغة المفاعلة على هذا الوجه للمبالغة لان ما يكون بين الاثنين يكون
الاهتمام فيه أشد أو لان فيه معارضة النفس والشيطان، وكذا قوله " رابطوا " يحتمل
الوجهين لان المراد به ربط النفس على طاعتهم، وانقيادهم وانتظار فرجهم مع أن في ذلك
معارضة لعدوهم " فيما افترض عليكم " من فعل الواجبات وترك المحرمات 4 - كا: عن علي،
عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): اعمل بفرائض الله تكن أتقى الناس (2) 5 - كا: عن العدة،
عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: قال الله تبارك وتعالى: ما تحبب إلي عبدي بأحب مما افترضت عليه (3)
بيان: التحبب جلب المحبة أو إظهارها، والاول أنسب، ولو لم تكن الفرائض أحب إليه
تعالى لما افترضه 6 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن
سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: " وقدمنا
(1) مجمع البيان ج 2 ص 562 (2 و 3) الكافي
ج 2 ص 82
[197]
إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
" (1) قال: أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي ولكن كانوا إذا عرض لهم
حرام لم يدعوه (2) تبيين: " وقدمنا " أي عمدنا وقصدنا " إلى ما عملوا من عمل " كقرى
الضيف، وصلة الرحم، وإغاثة الملهوف، وغيرها " فجعلناه هباء منثورا " فلم يبق له
أثر، والهباء غبار يرى في شعاع الشمس الطالع من الكوة من الهبوة وهو الغبار "
والقباطي " بالفتح جمع القبطية بالكسر ثياب بيض دقاق من كتان تتخذ بمصر، وقد يضم
لانهم يغيرون في النسبة وفي المصباح القبطي بالضم ثوب من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة
إلى القبط على غير قياس فرقا بين الانسان والثوب وثياب قبطية أيضا بالضم، والجمع
قباطي انتهى وفيه دلالة على حبط الطاعات بالفسوق وخصه بعض المفسرين بالكفر ولا كلام
فيه، ولنذكر هنا مجملا من معاني الحبط والتكفير، والاختلافات الواردة فيه: اعلم أن
الاحباط في عرف المتكلمين عبارة عن إبطال الحسنة بعدم ترتب ما يتوقع منها عليها،
ويقابله التكفير وهو إسقاط السيئة بعدم جريان مقتضاها عليها فهوفي المعصية نقيض
الاحباط في الطاعة والحبط والتكفير وإطلاقهما بهذين اللفظين ربما يساوقهما كثير من
الايات والاخبار، وقد اشتهر بين المتكلمين أن الوعيدية من المعتزلة وغيرهم يقولون:
بالاحباط والتكفير، دون من سواهم من الاشاعرة وغيرهم، وهذا على إطلاقه غير صحيح،
فان أصل الاحباط والتكفير مما لا يمكن إنكاره لاحد من المسلمين كما ظهر مما تلونا
عليك، فلابد أن يحرر مقصود كل طائفة ليتبين ما هو الحق فنقول: لا خلاف بين من يعتد
به من أهل الاسلام في أن كل مؤمن صالح يدخل الجنة خالدا فيها حقيقة، وكل كافر يدخل
النار خالدا فيها كذلك، وأما المؤمن الذي خلط عملا صالحا بعمل غير صالح، فاختلفوا
فيه فذهب بعض المرجئة إلى أن الايمان يحبط الزلات، فلا عقاب على زلة مع الايمان
(1) الفرقان: 23 (2) الكافي ج 2 ص 81
[198]
كما لاثواب لطاعة مع الكفر، وذهب الاخرون
إلى ثبوت الثواب والعقاب في حقه أما المعتزلة فبعنوان الاستحقاق المعلوم عقلا
باعتبار الحسن والقبح العقليين وشرعا باعتبار الايات الدالة عليه من الوعد والوعيد
وأما الاشاعرة فبعنوان الانتفاء (1) يقولون: إنه لا يجب على الله شئ، فلا يستحق
المكلف ثوابا منه تعالى فان أثابه فبفضله، وإن عاقبه فبعدله، بل له إثابة العاصي
وعقاب المطيع أيضا وبالجملة قول: المعتزلة في المؤمن الخارج من الدنيا بغير توبة عن
كبيرة ارتكبها أنه استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار أما
مطلق الاستحقاق فلما عرفت، وأما خصوص الخلود فللعمومات المتأولة عند غيرهم بتخصيصها
بالكفار أو بحمل الخلود على المكث الطويل كقوله تعالى: " ومن يعص الله ورسوله فان
له نار جهنم خالدا فيها " (2) وقوله: " ومن يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها " (3)
فلهذا حكموا بأن كبيرة واحدة تحبط جميع الطاعات فان الخلود الموعود مستلزم لذلك،
هذا قول جمهورهم في أصل الاحباط ثم إن الجبائيين أبا على وابنه أبا هاشم منهم على
ما نقل عنهما الامدي ذهبا إلى اشتراط الكثرة في المحبط، بمعنى أن من زادت معاصيه
على طاعته أحبطت معاصيه طاعاته، وبالعكس، لكنهما اختلفا فقال أبو على: ينحبط الناقص
برمته من غير أن ينتقص من الزائد شئ وقال أبو هاشم: بل ينتقص من الزايد أيضا بقدره
ويبقي الباقي إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ذكره أكثر أصحابنا من نفي الاحباط والتكفير
مع ورود الايات الكثيرة، والاخبار المستفيضة، بل المتواترة بالمعنى في كل منهما،
مما يقضي منه العجب مع أنه ليس لهم على ذلك إلا شبه ضعيفة مذكورة
(1) في مرآت العقول ج 2 ص 97 " الاتفاق "
(2) الجن: 23 (3) النساء: 14
[199]
في كتب الكلام، كالتجريد وغيره، لكن بعد
التأمل والتحقيق يظهر أن الذي ينفونه منهما لا ينافي ظواهر الايات والاخبار، كثيرا،
بل يرجع إلى مناقشة لفظية لانهم قائلون بأن التوبة ترفع العقاب، وأن الموت على
الكفر تبطل ثواب جميع الاعمال، لكن الاكثر يقولون: ليس هذا بالاحباط، بل باشتراط
الموافاة على الايمان في استحقاق الثواب على القول بالاستحقاق، وفي الوعد بالثواب
على القول بعدم الاستحقاق، وكذا يمكنهم القول بأحد الامرين في المعاصي التي وردت
أنها حابطة لبعض الحسنات، من غير قول بالحبط، بأن يكون الاستحقاق أو الوعد مشروطا
بعدم صدور تلك المعصية وأما التوبة والاعمال المكفرة فلا حاجة إلى ارتكاب أمثال ذلك
فيها، إذ في تجويز التفضل والعفو، كما هو مذهبنا غنى عنها، وأيضا لانقول باذهاب كل
معصية كل طاعة وبالعكس كما ذهب إليه المعتزلة، بل نتبع في ذلك النصوص الواردة في
ذلك، فكل معصية وردت في الكتاب أو في الاثار الصحيحة أنها ذاهبة أو منقصة لثواب
جميع الحسنات أو بعضها نقول به وبالعكس، تابعين للنص في جميع ذلك ومن أصحابنا من لم
يقل بالموافاة، ولا بالاحباط، بل يقول: كل من الايمان والكفر يتحقق بتحقق شروطه
المقارنة، وليس شئ من استحقاق الثواب والعقاب مشروطا بشرط متأخر، بل إن تحقق
الايمان تحقق استحقاق الثواب وإن تحقق الكفر تحقق معه استحقاق العقاب، فان كفر بعد
الايمان كان كفره اللاحق كاشفا عن أنه لم يكن مؤمنا سابقا ولم يكن مستحقا للثواب
عليه وإطلاق المؤمن عليه بمحض اللفظ، وبحسب الظاهر، وإن آمن أحد بعد الكفر زال كفره
الاصلي بالايمان اللاحق، وسقط استحقاقه العقاب لعفو الله تعالى لا بالاحباط ولا
لعدم الموافاة، كما يقول الاخرون وتفصيل هذا المطلب وتنقيحه يحتاج إلى إيراد مقاصد
الاول: أن النافين للحسن والقبح، لا يثبتون استحقاق شئ من الثواب والعقاب بشئ من
الاعمال، بل
[200]
المالك للعباد عندهم قادر على الثواب
والعقاب، ومالك للتصرف فيهم كيف شاء وليس من شأن فعله في خلقه استحقاق الذم، بل ولا
المدح، وكلاهما اصطلاح ومواضعة من الشارع وأما المثبتون لهما فلا كلام عندهم في
استحقاق العقاب، نعم ربما قيل: بعدم استقلال العقل فيه، ضرورة أو نظرا، وأما الثواب
فعند بعضهم مما يستحقه العبد بطاعته، وإليه يذهب جماعة من أصحابنا ويحتجون لذلك بأن
إلزام المشقة بدون التزام نفع في مقابله قبيح، وربما يوجه عليه أن التزام النفع في
مقابله إنما يلزم لو لم تسبق النعم عليه، بما يحسن إلزام المشقة بازائها، والفرق
بين النفع المستقبل والنعمة الماضية تحكم، وربما كفى في إلزام المشقة حسن العمل
الشاق ولم يحتج في حسن الالزام إلى أزيد منه، ولهذا ذهب بعض أصحابنا وغيرهم إلى أن
الثواب تفضل ووعد منه تعالى بدون استحقاق للعبد وهو الظاهر من كلام أكثر أصحابنا
رضوان الله عليهم، ويدل عليه كثير من الاخبار والادعية الثاني أن الثواب والعقاب هل
يجب دوامهما أم لا، فذهب المعتزلة إلى الاول وطريقه العقل عندهم، والصحيح عند
أصحابنا أنه لا يجب عقلا. وأما شرعا فالثواب دائم وكذا عقاب الكفر إجماعا من
المسلمين إلا ما نقل من شذاذ من المتصوفين الذين لا يعدون من المسلمين وأما عقاب
المعاصي فمنقطع: ويكفي هنا عدم وجدان طريق عقلي إلى دوامهما وفي عبارة التجريد في
هذا المطلب تناقض يحتاج إلى تكلف تام في دفعه الثالث أن الاحباط بالمعنى الذي
ذكرناه من إفناء كل من الاستحقاقين للاخر أو المتأخر للمتقدم باطل عند أصحابنا،
ومذهب أبي علي وهو بقاء المتأخر وفناء المتقدم مناف للنصوص الكثيرة المتضمنة لعدم
تضييع العمل، وأما مذهب أبي هاشم فلا ينافي ظواهر النصوص لانه إذا أفنى المتقدم
المتأخر أيضا فليس بضايع ولامما لم يره العامل، لكن الظاهر أن ما ذهب إليه من
إبطاله له من جهة المنافاة بينهما، فليس بصحيح إذ لا منافاة عقلا بين الثواب
والعقاب واستحقاقهما، بل يكاد
[201]
العقل يجزم بعدم مساواة من أعقب كثيرا من
الطاعة بقليل من المعصية، مع من اكتفى بالفضل بينهما حسب، وعدم مساواة من أعقب
أحدهما بما يساوي الاخر، مع من لم يفعل شيئا ثم إنه يمكن أن يسقط العقاب المتقدم
عند الطاعة المتأخرة على سبيل العفو وهو إسقاط الله تعالى ما يستحقه على العبد من
العقوبة، وهو الظاهر من مذاهب أصحابنا رضي الله عنهم وأما الثواب فلا يتصور فيه
ذلك، ويمكن أن يكون الوعد بالثواب على الطاعة المتقدمة أو استحقاقه مشروطا بعدم
معاقبة المعصية لها، كما يشترط ثواب الايمان والطاعات بالموافاة على الايمان، بأن
يموت مؤمنا عند كثير من أصحابنا لكن ذلك الاشتراط ليس بعام لجميع المعاصي بل مخصوص
بمقتضى النصوص ببعضها، وليس كل ما ورد بطلان الطاعة بسببه مما يقطع باشتراط الثواب
به، لان كلا منها أخبار آحاد لا تفيد القطع نعم ربما حصل القطع بأن شيئا من تلك
المعاصي يشترط استمرار انتفائه لاستحقاق الثواب، أو هو شرط في الوعد به، والفرق بين
هذا وبين الاحباط ظاهر من وجوه: الاول أن إبطال الثواب في الاحباط من حيث التضاد
عقلا بين الاستحقاقين وههنا من جهة اشتراطه شرعا بنفي المعصية الثاني أن المنافاة
هناك بين الاستحقاقين، فلو لم يحصل استحقاق العقاب لانتفاء شرطه، لم يحصل الاحباط،
وههنا بنفس المعصية ينتفي الثواب أو استحقاقه إن ثبت وكان مستمرا، وإن توقف أصل
الاستحقاق على استمرار النفي لم يحصل أصلا وإنما يحصل في موضع الحصول بالموت ولا
يختلف الحال باستحقاق العقاب على (تلك) المعصية، لاستجماع شرائطه وعدمه لفقد شئ
منه، كمنع الله تعالى لطفا معلوما عن المكلف، وكمالو أعلم الله تعالى المكلف أنه
يغفر له ويعفو عن جميع معاصيه، فكان مغريا له بالقبيح، وكما لو لم يقع فعل القبيح
ولا الاخلال بالواجب عن المكلف على سبيل إيثاره على فعل الواجب
[202]
والامتناع من القبيح، بل وقع لاعلى وجه
الايثار، فان العاصي في جميع هذه الصور يستحق ذما ولا يستحق عقابا عند أبي هاشم ومن
يحذو حذوه وعلى تقدير الاشتراط باستمرار انتفاء المعصية ينتفي استحقاق الثواب، وعلى
تقدير الاحباط لا ينتفي الثالث أن التوبة على مذهب الاحباط يمنع من الاحباط، وعلى
ما ذكرنا لايمنع من الاحباط، نعم لو كان الشرط استمرار انتفاء المعصية، أو الموافاة
بالتوبة من المعصية، دون استمرار انتفائها فقط، منع من الاحباط كمذهب القائلين به
الرابع (1) أن هذا يجري في مذهب النافين للاستحقاق دون الاحباط، وهذا الذي ذكرناه
وإن لم يكن مذهبا صريحا لاصحابنا إلا أن من يذهب إلى الموافاة لابدله من تجويزه،
وبه يجمع بين نفي الاحباط كما تقتضيه الادلة بزعمهم وبين الايات وكثير من الروايات
الدالة على أن بعضا من المعاصي يبطل الاعمال السابقة، ويمكن القول بمثل هذا في
المعاصي بأن يكون استحقاق العقاب عليها أو استمرار مشروطا بعدم بعض الطاعات في
المستقبل، فيأول ما يتضمن شبه هذا المعنى من الروايات به، لكن عدم استحقاق العقاب
بتعمد معصية الله تعالى وتوقفه على أمر منتظر بعيد، وكذلك انقطاع استمراره، وفي
العفو مندوحة عنه، والكلام فيه كالكلام في التوبة، وهو ظاهر النصوص، وفي كلام
الشارح العلامة قدس سره في شرح التجريد عند قول المصنف ره: وهو مشروط بالموافاة الخ
ما يدل على أن في المعتزلة من يقول باشتراط الطاعات بالمعاصي المتأخرة، وبالعكس
وظاهره أنه حمل كلام المصنف على هذا المعنى، فيكون قائلا بالموافاة في الطاعات
باشتراطه بانتفاء الذنب في المستقبل، وفي المعاصي باشتراطه بعدم الطاعة الصالحة
للتكفير في المستقبل، إلا أني لم أقف على قائل به من أصحابنا صريحا وكلام التجريد
ليس بصريح إلا في الموافاة بالايمان الرابع (2) أن العفو مطلقا، سواء كانت المعصية
مما تاب المكلف منها أولا وسواء كانت صغيرة مكفرة أو كبيرة، غير واقع بالسمع عند
جميع المعتزلة وذهب بعضهم
(1) يعنى الرابع من الوجوه (2) يعنى
الرابع من المقاصد
[203]
وهم البغداديون منهم إلى أنه قبيح عقلا
والسمع أكده، والبصريون إلى جوازه عقلا وإنما المانع منه السمع، فمزيل العقاب عندهم
منحصر في أمرين أحدهما التوبة والثاني التكفير بالثواب، وذلك عند من قال بأن التوبة
إنما تسقط العقاب لكونه ندما على المعصية، وأما عند من قال إنه يسقط لكثرة الثواب،
فالمزيل منحصر في أمر واحد هو الاحباط، فتوهم غير هذا باطل، ودعوى الاتفاق على
العفو من الصغائر عند اجتناب الكبائر ومن الذنوب مطلقا عند التوبة كما وقع من
الشارح الجديد للتجريد، مضمحل عند التحقيق، كما ذكره بعض الافاضل قال صاحب الكشاف
في تفسير قوله تعالى " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " نمط ما
تستحقونه من العقاب، في كل وقت على صغائر كم ونجعلها كأن لم تكن لزيادة الثواب
المستحق على اجتنابكم الكبائر، وصبركم عنها، على عقاب السيئات، وأما إسقاط التوبة
للعقاب ففيه ثلاث مذاهب: الاول أنها تسقطه على سبيل الوجوب عند اجتماع شرائطها،
لكونها ندما على المعصية، كما أن الندم على الطاعة يحبطها لكونه ندما عليها، مع قطع
النظر عن استتباعها الثواب والعقاب الثاني أنها تسقطه على سبب الوجوب، لالكونها
ندما عليها، بل لاستتباعها ثوابا كثيرا الثالث أنها لا تسقطه، وإنما يسقط العقاب
عندها، لانها على سبيل العفو دون الاستحقاق، وهذه المذاهب مشهورة مسطورة في كتب
الكلام وأقول: بهذا التفصيل الذي ذكر ارتفع التشنيع واللوم عن محققي أصحابنا رضوان
الله عليهم، بمخالفتهم للايات المتضافرة، والروايات المتواترة، وأن الاحباط
والتكفير بالمعنى الذي هو المتنازع فيه بين أصحابنا وبين المعتزلة، نفيهما لا ينافي
شيئا من ذلك وإنما أطنبنا الكلام في هذا المقام لانه من مهمات المسائل الكلامية، و
من تعرض لتحقيقه لم يستوف حقه والله الموفق
[204]
7 - كا: عن علي، عن أبيه، عن حمادبن عيسى،
عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل عين باكية يوم
القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، وعين فاضت من خشية الله، وعين غضت من
محارم الله (1) بيان: " في سبيل الله " أي في الجهاد، أو الاعم منه ومن السفر إلى
الحج و الزيارات، أو الاعم منها ومن السهر للعبادة، ومطالعة العلوم الدينية، وهذا
أظهر، وإسناد الفيض إلى العين مجاز، يقال فاض الماء والدمع يفيص فيضا كثر حتى سال و
" غضت " على بناء المفعول يقال غض طرفه أي كسره، وأطرق لم يفتح عينه 8 - كا: عن
علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي - عبد الله عليه السلام قال فيما:
ناجى الله عزوجل به موسى (عليه السلام): يا موسى ما تقرب إلي المتقربون بمثل الورع
عن محارمي، فاني ابيحهم جنات عدن لااشرك معهم أحدا (2) بيان: " جنات عدن " قال
الراغب: إي استقرار وثبات وعدن بمكان كذا استقر، ومنه المعدن لمستقر الجواهر 9 -
كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال: لا
أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان منه، ولكن ذكر
الله عند ما أحل وحرم، فان كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها (3) توضيح: " ما
فرض الله " أي قرره أعم من الواجب والندب، ويحتمل الوجوب " وإن كان " أي هذا الذكر
اللساني " منه " أي من مطلق الذكر الشديد الذكر عند الطاعة والمعصية، والذكر
اللساني هين بالنسبة إليه، والحاصل أن الله سبحانه أمر بالذكر ومدجه في مواضع كثيرة
من الذكر الحكيم لقوله سبحانه " و
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 80
[205]
اذكروا الله ذكرا كثيرا " (1) وقوله "
واذكر ربك في نفسك تضرعاو خيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال " (2) وقوله
تعالى " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " (3) وأصل الذكر التذكر
بالقلب، ومنه " واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم " (4) أي تذكروا ثم يطلق على الذكر
اللساني حقيقة أو من باب تسمية الدال باسم المدلول، ثم كثر استعماله فيه لظهوره حتى
صار هو السابق إلى الفهم، فنص (عليه السلام) على إرادة الاول دون الثاني فقط، دفعا
لتوهم تخصيصه بالثاني، وإشارة إلى أكمل أفراده وقال بعضهم: ذكر اللسان مع خلو القلب
عنه، لا يخلو من فائدة، لانه بمنعه من التكلم باللغو، ويجعل لسانه معتادا بالخير،
وقد يلقي الشيطان إليه أن حركة اللسان بدون توجه القلب عبث ينبغي تركه، فاللائق
بحال الذاكر حينئذ أن يحضر قلبه رغما للشيطان، ولو لم يحضره فاللائق به أن لا يترك
ذكر اللسان رغما لانفه أيضا وأن يجيبه بأن اللسان آلة للذكر كالقلب، ولا يترك
أحدهما بترك الاخر فان لكل عضو عبادة ثم اعلم أن الذكر القلبي من أعظم بواعث المحبة
(والمحبة) أرفع منازل المقربين رزقنا الله إياها وسائر المؤمنين 10 - كا: عن علي،
عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): من ترك معصية الله مخافة الله تبارك وتعالى أرضاه الله
يوم القيامة (5)
(1) الاحزاب: 41 (2) الاعراف: 205 (3) آل
عمران: 191 (4) البقرة: 47 (5) الكافي ج 2 ص 81
[206]
بيان: يمكن تعميم المعصية ليشمل ترك
الطاعة أيضا وعدم ما يرضيه به لتفخيمه إيماء إلى أن عقل البشر لا يصل إلى كنه
حقيقته، كما قال سبحانه " ورضوان من الله أكبر " (1) أقول: قد أثبتنا بعض الاخبار
في باب الاستعداد للموت 11 - ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزال امتي بخير ما تحابوا
وتهادوا وأدوا الامانة، و اجتنبوا الحرام، وقروا الضيف، وأقاموا الصلاة، وآتوا
الزكاة، فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين (2) 12 - ما: المفيد، عن المظفر
بن محمد البلخي، عن محمد بن همام، عن حميد ابن زياد، عن إبراهيم بن عبيد بن حنان،
عن الربيع بن سلمان، عن السكوني عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس، وارض بقسم الله
تكن من أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من يجاورك تكن
مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما (3) لى: أبي، عن علي، عن أبيه، عن عبد الله
بن المغيرة، عن السكوني مثله (4) 13 - لى: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أعبد الناس من أقام الفرائض، وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (5) 14 - ل:
ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن معروف، عن أبي شعيب
(1) براءة: 72 (2) عيون الاخبار ج 2 ص 81
(3) أمالى الطوسى ج 1 ص 120 (4) أمالى الصدوق ص 121 (5) أمالى الصدوق ص 14
[207]
يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرايض، أزهد الناس من ترك
الحرام، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب (1) أقول: قد مضى بعض الاخبار في باب
اليقين 15 - ع: علي بن حاتم، عن أحمد بن علي العبدي، عن الحسن بن إبراهيم الهاشمي،
عن إسحاق بن إبراهيم الديري، عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر عن قتادة، عن أنس قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال حبيبي جبرئيل: إن مثل هذا الدين كمثل شجرة
ثابتة، الايمان أصلها، والصلاة عروقها، والزكاة ماؤها والصوم سعفها، وحسن الخلق
ورقها، والكف عن المحارم ثمرها، فلا تكمل شجرة إلا بالثمر، كذلك الايمان لا يكمل
إلا بالكف عن المحارم (2) 16 - ثو: ابن موسى، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن
محمد بن سنان، عن المفضل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): روي عن المغيرة أنه
قال: إذا عرف الرجل ربه ليس عليه وراء ذلك شئ، قال: ماله لعنه الله أليس كلما ازداد
بالله معرفة فهو أطوع له، أفيطيع الله عز وجل من لا يعرفه ؟ إن الله عز وجل أمر
محمدا (صلى الله عليه وآله) بأمر وأمر محمد (صلى الله عليه وآله) المؤمنين بأمر،
فهم عاملون به إلى أن يجئ نهيه، والامر والنهي عند المؤمن سواء قال: ثم قال: لا
ينظر الله عزوجل إلى عبد ولا يزكيه إذا ترك فريضة من فرائض الله، أو ارتكب كبيرة من
الكبائر، قال: قلت: لا ينظر الله إليه ؟ قال نعم، قد أشرك بالله، قال: قلت: أشرك ؟
قال: نعم إن الله عزوجل أمره بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عزوجل به وصار
إلى ما أمر إبليس فهذا مع إبليس في الدرك السابع من النار (3)
(1) الخصال ج 1 ص 11 (2) علل الشرائع ج 1
ص 237 (3) ثواب الاعمال ص 220 (*)
[208]
17 - ختص: قال الصادق (عليه السلام):
حدثني أبي، عن أبيه (عليهما السلام) أن رجلا من أهل الكوفة كتب إلى أبي الحسين بن
علي (عليهما السلام): يا سيدي أخبرني بخير الدنيا والاخرة فكتب صلوات الله عليه: "
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور
الناس، ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام (1) 18 - ين:
عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: اصبر (2) وما
لم يأت منها فلست تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها وكأنك قد أعطيت 19 -
نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): ما من شئ أحب إلى الله تعالى من الايمان به، والعمل
الصالح، وترك ما أمر به أن يتركه 20 - نهج: قال (عليه السلام): لا عبادة كأداء
الفرائض (3)
(1) الاختصاص: 255 (2) كذا، ولعله سقط منه
نحو هذا (على ما أتاك من المصائب ولا تجزع لما لم يأتك فان ما لم يأت) (3) نهج
البلاغة ج 2 ص 168
[209]
(66) (باب) * (الاقتصاد في العبادة
والمداومة عليها، وفعل الخير وتعجيله) * " (وفضل التوسط في جميع الامور واستواء
العمل) " الايات: البقرة: فاستبقوا الخيرات (1) آل عمران: ويسارعون في الخيرات
واولئك من الصالحين (2) وقال: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم (3) المائدة: واستبقوا
الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (4) طه: وعجلت إليك رب لترضى
(5) الانبياء: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات (6) المؤمنون: اولئك يسارعون في
الخيرات وهم لها سابقون (7) 1 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب،
عن الاحول عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): ألا إن لكل عبادة شرة، ثم تصير إلى فترة، فمن صارت شرة عبادته إلى
سنتي فقد اهتدى، ومن خالف سنتي فقد ضل، وكان عمله في تباب أما إني اصلي وأنام
(1) البقرة: 148 (2) آل عمران: 114 (3) آل
عمران: 133 (4) المائدة: 48 (5) طه: 84 (6) الانبياء: 90 (7) المؤمنون: 61
[210]
وأصوم وافطر وأضحك وأبكي، فمن رغب من
منهاجي وسنتي فليس مني وقال: كفى بالموت موعظة، وكفى باليقين غنى، وكفى بالعبادة
شغلا (1) تبيين: " إن لكل عبادة شرة " الشرة بكسر الشين وتشديد الراء شدة الرغبة،
قال في النهاية: فيه إن لهذا القرآن شرة، ثم إن للناس عنه فترة: الشرة النشاط
والرغبة، ومنه الحديث الاخر: لكل عابد شرة، وقال في حديث ابن مسعود: إنه مرض فبكى
فقال: إنما أبكي لانه أصابني على حال فترة، ولم يصبني على حال اجتهاد، أي في حال
سكون وتقليل من العبادات والمجاهدات انتهى " إلى سنتي " أي منتهيا إليها أو " إلى "
بمعنى " مع " أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع كالرياضات
المبتدعة للمتصوفة، بل يعمل بالسنن والتطوعات الواردة في السنة ويحتمل أن يكون
المراد بانتهاء الشرة أن يكون ترك الشرة بالاقتصاد، والاكتفاء بالسنن، وترك بعض
التطوعات لا بترك السنن أيضا ويؤيده الخبر الاتي " في تباب " أي تباب العمل أو
صاحبه والتباب الخسران والهلاك، وفي بعض النسخ " في تبار " بالراء وهو أيضا الهلاك
" كفى بالموت موعظة " الباء زائدة، والموعظة ما يتغظ الانسان به، ويصير سببا
لانزجار النفس عن الخطايا، والميل إلى الدنيا، والركون إليها، وأعظمها الموت، إذ
العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته وما يعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها، وما
فعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها فجاءة من غير
اطلاع منهم على وقت نزوله، وكيفية حلوله، هانت عنده الدنيا، وما فيها، وشرع في
التهيئة له إن أعطاه الله تعالى بصيرة في ذلك " وكفى باليقين غنى " أي كفى اليقين
بأن الله رازق العباد، وأنه يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء، بحسب المصالح،
سببا لغنى النفس، وعدم
(1) الكافي ج 2 ص 85
[211]
الحرص، وترك التوسل بالمخلوقين، وهو من
فروع اليقين بالقضاء والقدر، وقد مر في باب اليقين أنه يطلق غالبا عليه " وكفى
بالعبادة شغلا " كأن المقصود أن النفس يطلب شغلا ليشتغل به فإذا شغلها المرؤ
بالعبادة تحيط بجميع أوقاته، فلا يكون له فراغ يصرفه في الملاهي وإذا لم يشتغل
بالعبادة يدعوه الفراغ إلى البطر واللهو، وصرف العمر في المعاصي والملاهي، والامور
الباطلة، كسماع القصص الكاذبة وأمثالها، والغرض الترغيب في العبادة، وبيان عمدة
ثمراتها والظاهر أن هذه الفقرات الاخيرة مواعظ اخر لاارتباط لها بما تقدمها وقد
يتكلف بجعلها مربوطة بها، بأن المراد بالاولى كفى الموت موعظة في عدم مخالفة السنة،
وكفى اليقين غنى لئلا، يطلب الدنيا بالرئاء، وارتكاب البدع وكفت العبادة المقررة
الشرعية شغلا فلا يلزم الاشتغال بالبدع 2 - كا: عن العدة، عن سهل بن زياد، عن
الحجال، عن ثعلبة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لكل أحد شرة، ولكل شرة
فترة، فطوبى لمن كانت فترته إلى خير (1) بيان: الحاصل أن لكل أحد شوقا ونشاطا في
العبادة، في أول الامر، ثم يعرض له فترة وسكون فمن كانت فترته بالاكتفاء بالسنن،
وترك البدع أو ترك التطوعات الزائدة فطوبى له، ومن كانت فترته بترك السنن أيضا أو
بترك الطاعات رأسا وارتكاب المعاصي أو بالاقتصار على البدع، فويل له وقد روي عن أبي
جعفر (عليه السلام) أنه قال: ما من أحد إلا وله شرة وفترة فمن كانت فترته إلى سنة
فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى، وهو يؤيد ما ذكرنا 3 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن هذا الدين متين
(1) الكافي ج 2 ص 86
[212]
فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله
إلى عباد الله، فتكونوا كالراكب المنبت الذي لاسفرا قطع، ولا ظهرا أبقى وبالاسناد،
عن ابن سنان، عن مقرن، عن محمد بن سوقه، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله (1) بيان:
قال في النهاية المتين الشديد القوي وقال: فيه إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق،
الايغال السير الشديد يقال: أوغل القوم وتوغلوا إذا أمعنوا في سيرهم، والوغول
الدخول في الشئ وقد وعل يغل وغولا، يريد سر فيه برفق وابلغ الغاية القصوى منه
بالرفق، لاعلى سبيل التهافت والخرق، ولا تحمل نفسك ولا تكلفها مالا تطيقه فتعجز،
وتترك الدين والعمل وقال: فيه فان المنبت لاأرضا قطع ولاظهرا أبقى، يقال للرجل إذا
انقطع به في سفره وعطبت راحلته: قد أنبت من البت القطع، وهو مطاوع بت يقال: بته
وأبته يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده، لم يقض وطره، وقد أعطب ظهره انتهى "
ولا تكرهوا عبادة الله " كأن المعنى أنكم إذا أفرطتم في الطاعات، يريد الناس
متابعتكم في ذلك فيشق عليهم، فيكرهون عبادة الله ويفعلونها من غير رغبة وشوق،
ويحتمل أن يكون أو غلوا في فعل أنفسهم، ولا تكرهوا في دعوة الغير أي لا تحملوا على
الناس في تعليمهم وهدايتهم فوق سعتهم، وما يشق عليهم، كما مر في حديث الرجل الذي
هدى النصراني في باب درجات الايمان (2) ويحتمل أن يكون عباد الله شاملا لانفسهم
أيضا، ويمكن أن يكون الايغال هنا متعديا أي أدخلوا الناس فيه، برفق ليوافق الفقرة
الثانية، قال في القاموس: وغل في الشئ يغل وغولا: دخل وتوارى، أو بعد وذهب وأوغل في
البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل، وكل داخل مستعجلا موغل، وقد أو غلته الحاجة
(1) الكافي ج 2 ص 86 (2) راجع ج 69 ص 161
[213]
4 - كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن
إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البخترى، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة (1) بيان: حاصله النهي عن
الافراط في التطوعات، بحيث يكرهها النفس ولا تكون فيها راغبا ناشطا 5 - كا: عن محمد
بن يحيى، عن ابن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان ابن سدير قال: سمعت أبا عبد
الله (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا فعمل (عملا) قليلا جزاه
بالقليل الكثير، ولم يتعاظمه أن يجزي بالقليل الكثير له (2) بيان: في القاموس
تعاظمه عظم عليه، وكأن في أكثر هذه الاخبار إشارة إلى أن السعي في زيادة كيفية
العمل أحسن من السعي في زيادة كميته، وأن السعي في تصحيح العقايد والاخلاق أهم من
السعي في كثرة الاعمال 6 - كا: عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن
بن جهم عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مربي أبي وأنا
بالطواف وأنا حدث، وقد اجتهدت في العبادة، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي يا جعفر
يا بني إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ورضي عنه باليسير (3) بيان: " إذا أحب
عبدا " أي بحسن العقائد والاخلاق، ورعاية الشرايط في الاعمال التي منها التقوى. 7 -
كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، وغيره عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك
تصنع فان الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي عنه باليسير (4) بيان: " دون ما أراك تصنع "
دون منصوب بفعل مقدر أي اصنع دون ذلك 8 - كا: عن حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن
بقاح، عن معاذ بن
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 86 (4) الكافي ج 2 ص
87
[214]
ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن هذا الدين متين
فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، إن المنبت يعني المفرط لاظهرا أبقى
ولا أرضا قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرما واحذر حذر من يتخوف أن يموت غدا (1)
بيان: " فاعمل عمل من يرجوا أن يموت هرما " أي تأن وارفق ولا تستعجل فان من يرجو
البقاء طويلا لا يسارع في الفعل كثيرا أو أن من يرجو ذلك لا يتعب نفسه، بل يداري
بدنه، ولا ينهكه بكثرة الصيام والسهر وأمثالهما، واحذر عن المنهيات كحذر من يخاف أن
يموت غدا قيل: ولعل السر فيه أن العبادات أعمال وفيها تعب الاركان، وشغل عما سواها،
فأمر فيها بالرفق والاقتصاد كيلا تكل بها الجوارح، ولا تبغضها النفس، ولا تفوت
بسببها حق من الحقوق فأما الحذر عن المعاصي والمنهيات فهو ترك وإطراح، ليس فيه كثير
كد ولاملالة، ولاشغل عن شئ، فيترك ترك من يخاف أن يموت غدا على معصية الله تعالى،
وقيل: الفرق أن فعل الطاعات نفل وفضل، وترك المخالفات حتم وفرض 9 - ما: في وصية
أمير المؤمنين صلوات الله عليه عند وفاته: واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في
عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه (2) 10 - ع: ابن المتوكل، عن الحميري،
عن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين
(3) 11 - ع: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ألا وقولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به
تكونوا من أهله (4)
(1) الكافي ج 2 ص 87 (2) أمالى الطوسى ج 2
ص 6 (3) علل الشرائع ج 2 ص 246 (4) علل الشرائع ج 1 ص 236
[215]
ما: بأسانيد كثيرة مثله (1) 12 - ما:
المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن يعقوب بن زياد، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق
بن جعفر، عن أبيه، عن جده إسحاق، عن أخيه موسى عن أبيه (عليهما السلام) قال: أحسن
من الصدق قائله وخير من الخير فاعله (2) 13 - ل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن
الحجال، عن العلا، عن محمد قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الخير ثقل
على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، وإن الشر خف على أهل الدنيا
على قدر خفته في موازينهم (3) 14 - لى: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن
الحكم، عن أبان ابن عثمان، عن بشار بن بشار، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام)
قال: إذا أردت شيئا من الخير فلا تؤخره، فان العبد ليصوم اليوم الحار يريد به ما
عند الله عزوجل فيعتقه الله من النار، ويتصدق بالصدقة يريد بها وجه الله فيعتقه
الله من النار (4) 15 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لكل شئ
ثمرة وثمرة المعروف تعجيله وقال (عليه السلام): بادروا بعمل الخير قبل أن تشغلوا
عنه بغيره (5) 16 - ما: فيما أوصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) عند وفاته: إذا
عرض شئ من أمر الاخرة فابدأ به، وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه
(6) 17 - مص: قال الصادق (عليه السلام): داوم على تخليص المفترضات والسنن فانهما
الاصل فمن أصابهما وأداهما بحقهما فقد أصاب الكل، فان خير العبادات
(1) راجع أمالى الطوسى ج 1 ص 220 (2)
أمالى الطوسى ج 2 ص 209 (3) الخصال ج 1 ص 12 (4) أمالى الصدوق ص 220 (5) الخصال ج 2
ص 161 (6) أمالى الطوسى ج 2 ص 6.
[216]
أقربها بالامن، وأخلصها من الافات وأدومها
وإن قل، فان سلم لك فرضك وسنتك فأنت أنت، واحذر أن تطأ بساط مليكك إلا بالذلة
والافتقار، والخشية والتعظيم، وأخلص حركاتك من الرياء وسرك من القساوة، فان النبي
(صلى الله عليه وآله) قال: المصلي يناجي ربه فاستحي أن يطلع على سرك العالم بنجواك
وما يخفي ضميرك وكن بحيث رآك لما أراد منك، ودعاك إليه وكان السلف لا يزالون من وقت
الفرض إلى وقت الفرض في إصلاح الفرضين جميعا، وفي هذا الزمان للفضائل على الفرايض،
كيف يكون بدون بلا روح قال علي بن الحسين (عليهما السلام): عجبت لطالب فضيلة تارك
فريضة، وليس ذلك إلا لحرمان معرفة الامر، وتعظيمه، وترك رؤية مشيته بما أهلهم لامره
واختارهم له (1) 18 - سر: عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): اعلم
أن أول الوقت أبدا أفضل، فتعجل الخير أبدا ما استطعت، وأحب الاعمال إلى الله تعالى
مادام عليه العبد، وإن قل 19 - شى: عن الحلبي، عن بعض أصحابنا عنه قال: قال أبو
جعفر (عليه السلام) لابي - عبد الله (عليه السلام): يا بني عليك بالحسنة بين
السيئتين تمحوهما قال: وكيف ذلك يا أبه قال: مثل قول الله: " ولا تجهر بصلوتك ولا
تخافت بها " (لا تجهر بصلاتك سيئة، ولا تخافت بها) سيئة " وابتغ بين ذلك سبيلا "
(حسنة) (2) ومثل قوله: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " (3)
ومثل قوله: " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا " فأسرفوا سيئة وأقتروا سيئة
" وكان بين ذلك قواما " (4) حسنة، فعليك بالحسنة
(1) مصباح الشريعة ص 19 (2) أسرى: 110 (3)
أسرى: 29 (4) الفرقان: 67
[217]
بين السيئتين (1) 20 - جا: أحمد بن
الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار عن ابن أبي عمير، عن هشام
بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا هممت بخير فلا تؤخره فان الله
تبارك وتعالى ربما اطلع على عبده وهو على الشئ من طاعته فيقول: وعزتي وجلالي
لااعذبك بعدها، وإذا هممت بمعصية فلا تفعلها فان الله تبارك وتعالى ربما اطلع على
العبدو هو على شئ من معاصيه، فيقول: وعزتي وجلالي لاأغفر لك أبدا (2) 21 - جا: بهذا
الاسناد، عن ابن مهزيار، عن ابن حديد، عن علي بن النعمان، عن حمزة بن حمران قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره، فان العبد
ربما صلى الصلاة وصام الصوم فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر لك أبدا (3) 22 -
نهج: قال (عليه السلام): فاعل الخير خير منه، وفاعل الشر شر منه (4) وقال (عليه
السلام): لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا (5) وقال (عليه السلام): إضاعة الفرصة
غصة (6) وقال (عليه السلام): إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها
وإقبالها، فان القلب إذا اكره عمي (7)
(1) تفسير العياشي ج 2 ص 319 (2) مجالس
المفيد ص 127 (3) مجالس المفيد ص 128 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 151 (5) نهج البلاغة ج
2 ص 157 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 170 (7) نهج البلاغة ج 2 ص 188
[218]
وقال (عليه السلام): أفضل الاعمال ما
أكرهت نفسك عليه (1) وقال (عليه السلام): قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول منه
(2) وقال (عليه السلام): إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (3) وقال (عليه
السلام): قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه (4) 23 - المجازاة النبوية: قال
(صلى الله عليه وآله): إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة
الله فان المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى بيان: قال السيد وصف الدين بالمتانة
مجاز، والمراد أنه صعب الظهر شديد الاسر مأخوذ من متن الانسان، وهو ما اشتد من لحم
منكبيه، وإنما وصفه (عليه السلام) بذلك لمشقة القيام بشرائطه والاداء لوظائفه فأمر
(عليه السلام) أن يدخل الانسان أبوابه مترفقا ويرقا هضابه متدرجا ليستمر على تجشم
متاعبه، ويمرن على امتطاء مصاعبه وشبه (عليه السلام) العابد الذي يحسر منته،
ويستنفد طاقته بالمنبت وهو الذي يغذ السير ويكد الظهر منقطعا من رفقته ومتفردا عن
صحابته فتحسر مطيته ولا يقطع شقته، وهذا من أحسن التمثيلات وأوقع التشبيهات ومما
يقوي أن المراد بهذا الخبر ما كشفنا عن حقيقته، الخبر الاخر عنه (عليه السلام) وهو
فيما رواه بريدة ابن الحصيب الاسلمي قال: قال (عليه السلام): عليكم هديا قاصدا فانه
من يثابر هذا الدين يغلبه (5) 24 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد،
عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه
سنة ثم يتحول عنه إن شاء إلى غيره، وذلك أن ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ما
شاء الله
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 199 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 213 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 213 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 249 (5)
المجازات النبويه 167
[219]
أن يكون (1) بيان: " ثم يتحول عنه إن شاء
إلى غيره " من الطاعات لاأن يتركه بغير عوض " يكون " خبر أن و " فيها " خبر " يكون
" والضمير راجع إلى الليلة، وقوله " ما شاء الله أن يكون " اسم " يكون " وقوله " في
عامه " متعلق بيكون أو حال عن الليلة والحاصل أنه إذا داوم سنة يصادف ليلة القدر
التي فيها ما شاء الله كونه من البركات والخيرات والمضاعفات، فيصير له هذا العمل
مضاعفا مقبولا، ويحتمل أن يكون الكون بمعنى التقدير أو يقدر مضاف في ما شاء الله
فالمعنى: لما كان تقدير الامور في ليلة القدر فإذا صادفها يصير سببا لتقدير الامور
العظيمة له، وكون العمل في اليوم لا ينافي ذلك فانه قد ورد أن يومها مثل الليلة في
الفضل، وقيل: المستتر في تكون لليلة القدر، وضمير فيها للسنة وفي عامة بتشديد الميم
متعلق بتكون أو بقوله فيها، والمراد بالعامة المجموع والمشار إليه بذلك مصدر فليدم
فالمراد زمان الدوام، وما شاء الله بدل بعض للعامة والحاصل أنه يكون فيه ليلة القدر
سواء وقع أوله أو وسطه أو آخره، وما ذكرنا أظهر 25 - كا: عن علي، عن أبيه، عن حماد،
عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أحب الاعمال إلى الله عزوجل ما
داوم عليه العبد وإن قل (2) بيان: يدل على أن العمل القليل الذي يداوم عليه، خير من
عمل كثير يفارقه ويتركه، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قليل من عمل مدوم
عليه خير من عمل كثير مملول منه أي يمل منه 26 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن عيسى
بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن نجبة، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: ما
(1) الكافي ج 2 ص 82 (2) المصدر نفسه.
[220]
من شئ أحب إلى الله عزوجل من عمل يداوم
عليه وإن قل (1) 27 - كا: بالاسناد المتقدم، عن فضالة، عن معاوية بن عمار، عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول إني لاحب أن
اداوم على العمل وإن قل (2) 28 - كا: وبالاسناد، عن فضالة، عن العلا، عن محمد بن
مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: إني
لاحب أن أقدم على ربي وعملي مستو (3) بيان: " وعملي مستو " كأن المراد بالاستواء
الاشتراك في الكمال، وعدم النقص، فلا ينافي ماروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من
استوى يوماه فهو مغبون، ويمكن أن يكون المراد الاستواء في الترقي، فان من كان كل
يوم منه أزيد من السابق فعمله مستو للاشتراك في هذا المعنى، أو يكون المراد بأحدهما
الكيفية وبالاخر الكمية 29 - كا: عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل عن
جعفر بن بشير، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام)، إياك أن تفرض على نفسك فريضة، فتفارقها اثني عشرهلا لا (4) توضيح: "
أن تفرض على نفسك " أي تقرر عليها أمرا من الطاعات لا على سبيل النذر، فانه لا يجوز
مفارقته بعد السنة أيضا، ويحتمل شموله للنذر القلبي أيضا فان الوفاء به مستحب أيضا
30 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن النعمان قال: حدثني حمزة بن
حمران قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا هم أحدكم بخير
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 82 (3 و 4) الكافي ج
2 ص 83
[221]
فلا يؤخره فان العبد ربما صلى الصلاة أو
صام الصوم فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر (الله) لك (1) بيان: قوله (عليه
السلام): " فان العبد " يعني أن العبادة التي توجب المغفرة التامة والقرب (الكامل
من جناب الحق تعالى مستورة على العبد لا يدري أيها هي فكلماهم بعبادة فعليه إمضاؤها
قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك) العبادة، كما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله):
إنن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها، والصلاة والصوم منصوبان بالمصدرية
للنوع أي نوعا من الصلوة ونوعا من الصوم، وفي بعض النسخ مكان الصوم " اليوم " فهو
منصوب على الظرفية " فيقال له " القائل هو الله كما سيأتي أو الملائكة " بعدها "
الضمير راجع إلى الصلاة على المثال أو إلى كل منهما بتأويل العبادة، وفي قوله: "
اعمل ما شئت " إشكال فانه ظاهرا أمر بالقبيح، والجواب أنه معلوم أنه ليس الامر هنا
على حقيقته بل الغرض بيان أن الاعمال السيئة لا تضرك بحيث تحرمك عن دخول الجنة، بأن
وفقت لعدم الاصرار على الكبيرة أو صرت قابلا للعفو والمغفرة، فيغفر الله لك فان
قيل: هذا إغراء بالقبيح قلت: الاغراء بالقبيح إنما يكون إذا علم العبد صدور مثل ذلك
العمل عنه، وأنه أي عمل هو، وهو مستور عنه، وقد يقال: إن المعنى أنك لاتحاسب على ما
مضى، فقد غفر لك، فبعد ذلك استأنف العمل إما للجنة فستوجبها وإما للنار، فتستحقها
كقوله اعمل ما شئت فانك ملاقيه وهذا الخبر منقول في طرق العامة، وقال القرطبي:
الامر في قوله " اعمل ما شئت " أمر إكرام كما في قوله تعالى " ادخلوها بسلام آمنين
" (2) وإخبار عن الرجل بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه، ومحفوظ في الاتي، وقال
الابي: يريد بأمر الاكرام أنه ليس إباحة لان يفعل ما يشاء 31 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم عن أبي جميلة قال: قال أبو عبد الله عليه
السلام: افتتحوا نهاركم بخير، وأملوا
(1) الكافي ج 2 ص 142 (2) الحجر: 64
[222]
على حفظتكم في أوله وفي آخره خيرا يغفر
لكم ما بين ذلك إن شاء الله (1) بيان: هو حث على فعل الطاعات في أول النهار،
وافتتاح النهار بالادعية والاذكار والتلاوة وسائر الاقوال الحسنة، فإن ملائكة
النهار يكتبونها في أول صحيفة أعمالهم، فكأنه يملي عليهم، وكذا في آخر النهار فان
الاملاء هو أن تلقي شيئا على غيرك ليكتب، وأصله الاملال، ويدل على أن فعل ذلك يوجب
غفران ما بينهما من الذنوب، ولذا وردت عن أئمتنا عليهم السلام أذكار وأدعية كثيرة
للصباح والمساء، والتقييد بالمشية للتبرك أو لعدم الاغترار 32 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: كان أبي يقول: إذا هممت بخير فبادر، فانك لا تدري ما يحدث (2) بيان: "
فانك لا تدري ما يحدث " أي كموت أو هرم أو مرض أو سهو أو نسيان أو وسوسة شيطان أو
مانع من الموانع التي لاتعد ولا تحصى 33 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن ابن اذينة، عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): إن الله يحب من الخير ما يعجل (3) بيان: يدل على استحباب تعجيل
الخيرات، كما قال تعالى: " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم " (4) وقال سبحانه " اولئك
يسارعون في الخيرات " (5) ويدل على استحباب المبادرة إلى الصلوات في أوائل أوقاتها
وكذا سائر العبادات 34 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن علي بن الحكم، عن أبان بن
عثمان عن بشر بن يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: إذا أردت شيئا من الخير
فلا تؤخره فان العبد يصوم اليوم الحار يريد ما عند الله فيعتقه الله به من النار،
ولا يستقل ما
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 142 (4) آل عمران:
133 (5) المؤمنون: 61.
[223]
يتقرب به إلى الله عزوجل، ولو بشق تمرة
(1) بيان: " ولو بشق تمرة " أي نصفها فانه قد يحفظ به النفس عن الجوع المهلك، وقد
يعلل به اليتيم،، ولانه إذا اجتمع منه كثير يصير قوتا لشخص، قال في النهاية: فيه
اتقوا النار ولو بشق تمرة فانها تقع من الجائع موقعها من الشبعان قيل: أراد شق
التمرة أي نصفها لا يتبين له كبير موقع من الجايع، إذا تناوله كما لا يتبين على شبع
الشبعان إذا أكله، فلا تعجزوا أن تتصدقوا به، وقيل: لانه يسأل هذا شق تمرة، (وذا شق
تمرة) وثالثا ورابعا فيجتمع له ما يسد به جوعته 35 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن
ابن فضال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من هم
بخير فليعجله ولا يؤخره، فان العبد ربما عمل العمل فيقول الله تبارك وتعالى: قد
غفرت لك ولا أكتب عليك شيئا أبدا، ومن هم بسيئة فلا يعملها فانه ربما عمل العبد
السيئة فيراه الرب سبحانه فيقول: لا وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا (2) ايضاح:
قوله تعالى " قد غفرت لك " الظاهر أن هذا من باب التفضل وذلك العمل يصير سببا
لاستحقاق هذا الفضل، ويحتمل أن يكون مبنيا على التكفير فان الحسنات يذهبن السيئات،
ويكون هذا العمل مكفرا لما بعده أيضا أو يحفظه الله فيما يأتي عن الكبائر كما مر،
وأما قوله " لاأغفر لك بعدها أبدا " فهو إما لخروجه بذلك عن استحقاق الغفران،
فيعاقب على جميع معاصيه بعد ذلك، أو لاستحقاقه للخذلان، فيتسلط عليه الشيطان فيخرجه
من الايمان، أو هو مبني على الحبط، فيحبط هذا العمل ما يأتي به من الطاعات بعده،
أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك والله المستعان 36 - كا: عن علي، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا هممت بشئ
من الخير فلا تؤخره، فان الله عزوجل ربما اطلع
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 142
[224]
على العبد وهو على شئ من الطاعة، فيقول:
وعزتي وجلالي لااعذبك بعدها أبدا، وإذا هممت بسيئة فلا تعملها فانه ربما اطلع الله
على العبد وهو على شئ من المعصية فيقول: وعزتي وجلالي لاأغفر لك بعدها أبدا (1)
بيان: في المصباح: أطلعت زيدا على كذا، مثال أعلمته وزنا ومعنى، فاطلع على افتعل،
أي أشرف عليه وعلم به 37 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن
فضال عن أبي جميلة، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا هم
أحدكم بخير أو صلة، فان عن يمينه وشماله شيطانين فيبادر لا يكفاه عن ذلك (2) تبيان:
" بخير " أي إيصال نفع إلى الغير أو الاعم منه ومن سائر الاعمال الصالحة التي ينتفع
بها في الاخرة " أو صلة " أي صلة رحم من الوالدين والاقارب أو الاعم منهم ومن
المؤمنين، فيكون تخصيصا بعد التعميم أو المراد بالخير ما يصل نفعه إلى نفسه،
وبالصلة ما يصل إلى الغير " فان عن يمينه وشماله " قد يقال: صاحب اليمين يضله من
جهة الطاعة و صاحب الشمال يضله من جهة المعصية واعلم أن النفوس البشرية نافرة عن
العبادات لما فيها من المشقة الثقيلة عليها، ومن صلة الارحام والمبرات لما فيها من
صرف المال المحبوب لها، فإذا هم أحدهم بشئ من ذلك مما يوجب وصوله إلى مقام الزلفى
وتشرفه بالسعادة العظمى فليبادر إلى إمضائه وليعجل إلى اقتنائه فان الشيطان أبدا في
مكمن ينتهض الفرصة لنفثه في نفسه الامارة بالسوء، ويتحرى الحيلة مرة بعد اخرى في
منعها عن الارادات الصحيحة الموجبة لسعادتها، وأمرها بالقبائح المورثة لشقاوتها،
ويجلب عليها خيله (ورجله من جميع الجهات ليسد عليها طرق الوصول إلى الخيرات وهي مع
ذلك قابلة) (3) لتلك الوساوس، ومائلة بالطبع إلى هذه الخسايس
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 143 (3) زيادة من
المرآت
[225]
فربما يتمكن منها الشيطان غاية التمكن حتى
يصرفها عن تلك الارادة، ويكفها عن هذه السعادة، وهي مجربة مشاهدة في أكثر الناس إلا
من عصمه الله " لا يكفاه " أي لا يمنعاه 38 - كا: عن محمد، عن أحمد، عن ابن سنان،
عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من هم بشئ من الخير
فليعجله، فان كل شئ فيه تأخير فان للشيطان فيه نظرة (1) بيان: " فان للشيطان فيه
نظرة " بسكون الظاء أي فكرة لاحداث حيلة يكف بها العبد عن الاتيان بالخير، أو
بكسرها يعني مهلة يتفكر فيها لذلك أو بالتحريك بمعنى الحكم أو بمعنى الفكر أو بمعنى
الانتظار والكل مناسب، قال في القاموس نظره كضربه وسمعه وإليه نظرا ومنظرا تأمله
بعينه، وبينهم حكم، والنظر محركة الفكر في الشئ تقدره وتقيسه، والانتظار والحكم بين
القوم والاعانة والفعل كنصر والنظرة كفرحة التأخير في الامر والنظرة الهيئة (2) 39
- كا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن العلا، عن محمد بن
مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله ثقل الخير على أهل الدنيا
كثقله في موازينهم يوم القيامة، وإن الله خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في
موازينهم يوم القيامة (3) تبيين: " ثقل الخير على أهل الدنيا " أي على جميع
المكلفين في الدنيا بأن جعل ما كلفهم به مخالفا لمشتهيات طباعهم وإن كان المقربون
لقوة عقولهم وكثرة علومهم ورياضاتهم غلبوا على أهوائهم، وصار عليهم خفيفا، بل
يلتذون به، أو المراد بأهل الدنيا الراغبون فيها والطالبون مع ذلك للاخرة، فهم
يزجرون أنفسهم على ترك الشهوات، فالحسنات عليهم ثقيلة والشرور عليهم خفيفة
(1) الكافي ج 2 ص 143 (2) القاموس ج 2 ص
144 (3) الكافي ج 2 ص 143
[226]
والثقل والخفة في الموازين إشارة إلى قوله
تعالى " فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فامه هاوية "
(1) واعلم أنه لا خلاف في حقية الميزان، وقد نطق به صريح القرآن في مواضع لكن اختلف
المتكلمون من الخاصة والعامة في معناه، فمنهم من حمله على المجاز، وأن المراد من
الموازين هي التعديل بين الاعمال والجزاء عليها ووضع كل جزاء في موضعه، وإيصال كل
ذي حق إلى حقه، ذهب إليه الشيخ المفيد قدس الله روحه، وجماعة من العامة، والاكثرون
منا ومنهم حملوه على الحقيقة وقالوا: إن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان، يوم
القيامة، فتوزن به أعمال العباد والحسنات والسيئات واختلفوا في كيفية الوزن لان
الاعمال أعراض لا تجوز عليها الاعادة ولايكون لها وزن ولا تقوم بأنفسها، فقيل: توزن
صحائف الاعمال وقيل: تظهر علامات للحسنات، وعلامات للسيئات في الكفتين فتراها
الناس، وقيل: تظهر للحسنات صور حسنة، وللسيئات صور سيئة، وهو مروى عن ابن عباس، و
قيل: بتجسم الاعمال في تلك النشأة، وقالوا بجواز تبدل الحقائق في النشأتين كما في
النوم واليقظة وقيل: توزن نفس المؤمن والكافر فعن عبيد بن عمير قال: يؤتى بالرجل
العظيم الجثة فلا يزن جناح بعوضة، وقيل: الميزان واحد والجمع باعتبار أنواع الاعمال
والاشخاص، وقيل: الموازين متعددة بحسب ذلك، وقد ورد في الاخبار أن الائمة (عليهم
السلام) هم الموازين القسط، فيمكن حملها على أنهم الحاضرون عندها والحاكمون عليها،
وعدم صرف ألفاظ القرآن عن حقائقها بدون حجة قاطعة أولى فعلى القول بظاهر الميزان
نسبة الخفة والثقل إلى الموازين باعتبار كفة
(1) القارعة: 6 (*)
[227]
الحسنات، فالمراد بمن خفت موازينه من خفت
كفة حسناته بسبب ثقل كفة سيئاته قال الطبرسي - ره - في قوله تعالى " فأما من ثقلت
موازينه " الخ: قد ذكر سبحانه الحسنات في الموضعين، ولم يذكر وزن السيئات لان الوزن
عبارة عن القدر والخطر، والسيئة لاخطر لها ولاقدر، وإنما الخطر والقدر للحسنات فكان
المعنى فأما من عظم قدره عند الله لكثرة حسناته، ومن خفت قدره عند الله لخفة حسناته
انتهى (1) وأما ما ورد في الخبر من نسبة الخفة إلى الشر فيمكن أن يكون الاسناد على
المجاز، فان الشر لما كان علة لخفة كفة الحسنات، نسبت الخفة إليها أو لانه يصير
سببا لخفة قدر صاحبه ومذلته، ولا يبعد القول بوحدة كفة الميزان في القيامة، فتوضع
فيها الحسنات والسيئات معا، فتخف بسبب السيئات وتثقل بسبب الحسنات، فتكون لوقوفها
منازل من الاعتدال والثقل والخفة، كما ذهب إليه بعض المحدثين، فالايات والاخبار
تعتدل على ظواهرها، والله يعلم حقائق كلامه وكلام حججه وهم (عليهم السلام)
(1) مجمع البيان ج 10 ص 532
[228]
(67) * (باب) * * " (ترك العجب والاعتراف
بالتقصير) " * الايات: فاطر: أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء
ويهدي من يشاء (1) 1 - ب: ذكر الحسن بن الجهم أنه سمع الرضا (عليه السلام) يقول إن
رجلا كان في بني إسرائيل عبد الله تبارك وتعالى أربعين سنة، فلم يقبل منه فقال
لنفسه ما اتيت إلا منك، ولا أكديت إلا لك، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ذمك نفسك
أفضل من عبادة أربعين سنة (3) 2 - ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن عدة
من أصحابه عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن البرقي، عن الحذاء، عن أبي جعفر (عليه
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عزوجل: لا يتكل
العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي، فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم
أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي، فيما يطلبون من
كرامتي، والنعيم في جناتي، ورفيع الدرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، و
فضلي فليرجوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فان رحمتي عند ذلك تدركهم وبمني ابلغهم
رضواني، والبسهم عفوي، فاني أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت (2) 3 - ما: بهذا
الاسناد، عن الكليني، عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي
خلف، عن أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال: عليك بالجد
(1) فاطر: 8 (2) كذا في الاصل والاكداء
كناية عن الحرمان في الطلب يقال: أكدى الرجل: أخفق ولم يظفر بحاجته، وفى المصدر ط
النجف موافق لنسخة الكافي الرقم 15 (3) قرب الاسناد ص 231 وفى ط 174 (4) أمالى
الطوسى ج 1 ص 215
[229]
ولا تخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة
الله وطاعته، فان الله تعالى لا يعبد حق عبادته (1) 4 - سن: في رواية عبد الرحمن بن
أبي نجران قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق،
ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب، لما عمل، قال (عليه السلام): فهو في حاله
الاولى احسن حالا منه في هذه الحال (2). 5 - سن: ابن سنان، عن العلا، عن خالد
الصيقل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله فوض الامر إلى ملك من الملائكة
فخلق سبع سماوات وسبع أرضين فلما رأى أن الاشياء قد انقادت له، قال: من مثلي فأرسل
الله عليه نويرة من النار قلت: وما النويرة ؟ قال: نار مثل الانملة، فاستقبلها
بجميع ما خلق فيحك لذلك حتى وصلت إلى نفسه لما أن دخله العجب (3) 6 - م: قال محمد
بن علي الباقر (عليهما السلام): دخل محمد بن علي - بن مسلم بن شهاب الزهري على علي
بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) وهو كئيب حزين، فقال له زين العابدين: ما
بالك مهموما مغموما ؟ قال: يا ابن رسول الله هموم وغموم تتوالى علي لما امتحنت به
من جهة حساد نعمتي، والطامعين في، وممن أرجوه وممن أحسنت إليه فيخلف ظني، فقال له
علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام): احفظ لسانك تملك به إخوانك قال
الزهري: يا ابن رسول الله إني احسن إليهم بما يبدر من كلامي، قال علي بن الحسين
(عليهما السلام): هيهات هيهات إياك وأن تعجب من نفسك بذلك، وإياك أن تتكلم بما يسبق
إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه نكرا يمكنك لان توسعه
عذرا ثم قال: يا زهري من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 215 (2) المحاسن ص
122 في حديث (3) المحاسن ص 123
[230]
ما فيه، ثم قال: يا زهري وما عليك أن تجعل
المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم بمنزلة
ولدك، وتجعل تربك منهم بمنزلة أخيك، فأي هؤلاء تحب أن تظلم ؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو
عليه ؟ وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلا على أحد
من أهل القبلة فانظر إن كان أكبر منك، فقل: قد سبقني بالايمان والعمل الصالح فهو
خير مني، وإن كان أصغر منك فقل: قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني وإن كان
تربك فقل: أنا على يقين من ذنبي وفي شك من أمره، فمالي أدع يقيني بشكي، وإن رأيت
المسلمين يعظمونك ويوقرونك ويبجلونك فقل: هذا فضل أخذوا به، وإن رأيت منهم جفاء
وانقباضا عنك، فقل: هذا لذنب أحدثته، فانك إن فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك، وكثر
أصدقاؤك، وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف على ما يكون من جفائهم
واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره فائضا عليهم، وكان عنهم مستغنيا متعففا،
وأكرم الناس بعده عليهم من كان عنهم متعففا وإن كان إليهم محتاجا، فانما أهل الدنيا
يعشقون الاموال، فمن لم يزاحمهم فيما يعشقونه كرم عليهم، ومن لم يزاحمهم فيها
ومكنهم منها أو من بعضها كان أعز وأكرم (1) 6 - ين: النضر، عن محمد بن سنان، عن
إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عالما أتى عابدا فقال له:
كيف صلاتك ؟ فقال: تسألني عن صلاتي وأنا أ عبد الله منذ كذا وكذا ؟ فقال: كيف بكاؤك
؟ فقال: إني لابكي حتى تجري دموعي فقال له العالم: فان ضحكك وأنت تخاف الله أفضل من
بكائك وأنت مدل على الله، إن المدل بعمله لا يصعد من عمله شئ 7 - ين: النضر، عن
محمد بن سنان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
داود النبي (عليه السلام): لا عبدن الله اليوم عبادة ولا قرأن
(1) تفسير الامام ص 12 في ط وص 9 في ط.
[231]
قراءة لم أفعل مثلها قط، فدخل محرابه
ففعل، فلما فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب، فقال له: يا داود أعجبك اليوم ما
فعلت من عبادتك وقراءتك ؟ فقال: نعم، فقال: لا يعجبنك فاني اسبح الله في كل ليلة
ألف تسبيحة يتشعب لي مع كل تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة، وإني لاكون في قعر الماء
فيصوت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني ومالي ذنب 8 - ين:
ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن
العبد ليذنب الذنب فيندم عليه، ثم يعمل العمل فيسره ذلك، فيتراخى عن حاله تلك، ولان
يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه 9 - ين: ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن
الثمالي، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: إن من عبادي
من يسألني الشئ من طاعتي لاحبه فأصرف ذلك عنه لكيلا يعجبه عمله 10 - ين: الوشاء، عن
أبي الحسن (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن أيوب النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
يا رب ما سألتك شيئا من الدنيا قط وداخله شئ فأقبلت إليه سحابة حتى نادته: يا أيوب
من وفقك لذلك ؟ قال: أنت يا رب 11 - نهج: قال (عليه السلام): لا وحدة أوحش من العجب
(1) 12 - عدة الداعي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): واعلموا عباد الله أن
المؤمن لا يصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها ومستزيدا لها
فكونوا كالسابقين قبلكم، والماضين أمامكم، قوضوا من الدنيا تقويض الراحل وطووها طي
المنازل (2) 13 - كتاب الغارات: لابراهيم بن محمد الثقفي باسناده عن الاصبغ بن
نباتة قال: خطب علي (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه، ثم
قال:
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 168 (2) عدة الداعي
ص 175
[232]
أما بعد فاني اوصيكم بتقوى الله الذي
بطاعته ينفع أولياءه، وبمعصيته يضر أعداءه وإنه ليس لهالك هلك من يعذره في تعمد
ضلالة حسبها هدى، ولاترك حق حسبه ضلالة، وإن أحق ما يتعاهد الراعي من رعيته أن
يتعاهدهم بالذي لله عليهم في وظائف دينهم. وإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله
به، وأن ننهاكم عما نهاكم الله عنه وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم لا
نبالي بمن جاء الحق عليه، وقد علمت أن أقوى ما يتمنون في دينهم الاماني، ويقولون:
نحن نصلي مع المصلين ونجاهد مع المجاهدين، ونهجر الهجرة، ونقتل العدو، وكل ذلك
يفعله أقوام ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني، الصلاة لها وقت فرضه رسول الله، لا
تصلح إلا به، فوقت صلاة الفجر حين تزايل المرء ليله، ويحرم على الصائم طعامه وشرابه
ووقت صلاة الظهر إذا كان القيظ حين يكون ظلك مثلك، وإذا كان الشتاء حين تزول الشمس
من الفلك، وذلك حين تكون على حاجبك الايمن مع شروط الله في الركوع والسجود، ووقت
العصر والشمس بيضاء نقية، قدر ما يسلك الرجل على الجمل الثقيل فرسخين قبل غروبها،
ووقت صلاة المغرب إذا غربت الشمس وأفطر الصائم، ووقت صلاة العشاء الاخرة حين غسق
الليل وتذهب حمرة الافق إلى ثلث الليل، فمن نام عند ذلك فلا أنام الله عينه، فهذه
مواقيت الصلاة، " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " (1) ويقول الرجل:
هاجرت ولم يهاجر، إنما المهاجرون الذين يهجرون السيئات ولم يأتوا بها، ويقول الرجل:
جاهدت ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، وقد يقاتل أقوام
فيحبون القتال، لا يريدون إلا الذكر والاجر وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة
فيحمي من يعرف ومن لايعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وامه إلى العدو،
وإنما المثال
(1) النساء: 102
[233]
حتف من الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل
عليه، وإن الكلب ليقاتل دون أهله والصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام
والشراب، والزكاة التي فرضها النبي (صلى الله عليه وآله) طيبة بها نفسك لا تسنوا
عليها سنيها، فافهموا ما توعظون، فان الحريب من حرب دينه، والسعيد من وعظ بغيره،
ألا وقد وعظتكم فنصحتكم، ولا حجة لكم على الله، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
(1) 14 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار عن الفضل بن
يونس، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قال أكثر من أن تقول: اللهم لا تجعلني من
المعارين، ولا تخرجني من التقصير، قلت: أما المعارون فقد عرفت أن الرجل يعار الدين،
ثم يخرج منه، فما معنى لا تخرجني من التقصير ؟ فقال: كل عمد تريد به الله عزوجل فكن
فيه مقصرا عند نفسك، فان الناس كلهم في أعمالهم فيما بينهم وبين الله مقصرون، إلا
من عصمه الله عزوجل (2) بيان: قوله (عليه السلام): " من المعارين " قال السيد
الداماد قدس الله روحه: المعاري من يركب الفرس عريانا، قال في القاموس: اعرورى سار
في الارض وحده وقبيحا أتاه، وفرسا ركبه عريانا ونحن نعاري نركب الخيل أعراء،
والمعنى بالمعاري ههنا المتعبدون الذين يتعبدون لاعلى أسبغ الوجوه، والطائعون الذين
يلتزمون الطاعات، ولكن لاعلى قصيا المراتب بل على ضرب من التقصير كالذين يركبون
الخيل ولكن أعراء، بلغنا الله تعالى أقصى المدى في طاعته انتهى ولعله - ره - غفل عن
هذا الخبر وغيره مما سيأتي في باب المعارين فانها صريحة في أنه مأخوذ من العارية "
إلا من عصمه الله " أي من الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) فانهم لا يقصرون في
(1) الحديث كثير التصحيف نقل في نسخة
الاصل وهكذا نسخة الكمبانى من دون تصحيح، فصححناه بحسب الامكان (2) الكافي ج 2 ص 73
[234]
شرائط الطاعة بحسب الامكان وإن كانوا أيضا
يعدون أنفسهم مقصرين إظهارا للعجز والنقصان، ولما يرون أعمالهم قاصرة في جنب ما
أنعم الله عليهم من الفضل والاحسان وقيل: إلا من عصمه الله من التقصير بالاعتراف
بالتقصير 15 - كا: عن محمد بن يحيى (1)، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن
الجهم قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إن رجلا في بني إسرائيل عبد الله
أربعين سنة، ثم قرب قربانا فلم يقبل منه، فقال لنفسه: وما اتيت إلا منك، وما الذنب
(2) إلا لك، قال: فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: ذمك نفسك أفضل من عبادتك أربعين
سنة (3) بيان: القربان بالضم ما يتقرب به إلى الله من هدي أو غيره، وكانت علامة
القبول في بني إسرائيل أن تجئ نار من السماء فتحرقه، وقال في المغرب: يقال: " من
هنا اتيت " أي من هنا دخل البلاء عليك " فأوحى الله " يحتمل أن يكون ذلك الرجل نبيا
ويحتمل أن يكون الوحي بتوسط نبي في ذلك الزمان، مع أنه لم يثبت امتناع نزول الوحي
على غير الانبياء كما أن ظاهر الاية نزول الوحي على ام موسى (عليه السلام) قال
الطبرسي رحمه الله: في قوله تعالى: " وأوحينا إلى ام موسى " (4) أي ألهمناها،
وقذفنا في قلبها، وليس بوحي نبوة عن قتادة وغيره، وقيل: أتاها جبرئيل بذلك عن
مقاتل، وقيل: كان هذا الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل عن
الجبائي (5)
(1) كذا في الاصل، وفى المصدر: عنه عن ابن
فضال، والظاهر بقرينة الحديث السابق عليه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد
الله، عن ابن فضال (2) مر تحت الرقم 1: " وما أكديت " وهو الصواب (3) الكافي ج 2 ص
73 (4) القصص: 7 (5) مجمع البيان ج 7 ص 240
[235]
16 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى،
عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال لبعض
ولده: يا بني عليك بالجد لا تخرجن نفسك عن حد التقصير في عبادة الله عزوجل وطاعته،
فان الله لا يعبد حق عبادته (1) بيان: " لا تخرجن نفسك " الخ أي عد نفسك مقصرا في
طاعة الله، وإن بذلت الجهد فيها، فان الله لا يمكن أن يعبد حق عبادته كما قال سيد
البشر (صلى الله عليه وآله): ما عبدناك حق عبادتك 17 - كا: العدة، عن البرقي، عن
بعض العراقيين، عن محمد بن المثنى الحضرمي، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر قال:
قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا جابر لاأخرجك الله من النقص ولا التقصير (2)
بيان: " لاأخرجك الله " أي وفقك الله لان تعد عبادتك ناقصة ونفسك مقصرة أبدا
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 72
[236]
(68) * (باب) * * (أن الله يحفظ بصلاح
الرجل أولاده وجيرانه) * الايات: الكهف: وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في
المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا
كنزهما رحمة من ربك (1) 1 - شى: عن زرارة وحمران، عن أبي جعفر وأبي عبد الله
(عليهما السلام) قالا: يحفظ الاطفال بصلاح آبائهم كما حفظ الله الغلامين بصلاح
أبويهما (2) 2 - شى: عن محمد بن عمرو الكوفي، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: إن الله يحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة، وإن الغلامين كان بينهما وبين
أبيهما سبعمائة سنة (3) 3 - شى: عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: إن الله ليفلح بفلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته
ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله، ثم ذكر الغلامين، فقال: "
وكان أبوهما صالحا " ألم تر أن الله شكر صلاح أبويهما لهما (4) 4 - شى: عن مسعدة بن
صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله)
قال: إن الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله وإن كان أهله أهل سوء،
ثم قرأ هذه الاية إلى آخرها " وكان أبوهما صالحا " (5)
(1) الكهف: 82 (2) تفسير العياشي ج 2 ص
338 (3) تفسير العياشي ج 2 ص 339 (4) تفسير العياشي ج 2 ص 337 (5) تفسير العياشي ج
2 ص 339
[237]
(69) * (باب) * * (أن الله لا يعاقب أحدا
بفعل غيره (1) * الايات: فاطر: ولا تزر وازرة وزر اخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا
يحمل منه شئ ولو كان ذاقربى - إلى قوله تعالى: ومن تزكى فانما يتزكى لنفسه وإلى
الله المصير (2)
(1) هذا الباب بعنوانه مع الايتين
المنقولتين مكتوب في نسخة الاصل وبعده بياض وفى أعلى الصفحة مكتوب تذكرة " لابد أن
يكتب أخبار هذا الباب انشاء الله " وأما في نسخة الكمبانى فقد أسقطوا الباب، لاجل
نقصانه مع ذكر عنوانه في فهرس الابواب (2) فاطر: 18، قال الطبرسي: (ولا تزر وازرة
وزر اخرى) أي لاتحمل نفس حاملة حمل نفس اخرى، أي لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، وانما
يؤاخذ كل بما يقترفه من الاثام (وان تدع مثقلة إلى حملها) أي وان تدع نفس مثقلة
بالاثام غيرها إلى أن يتحمل عنها شيئا من اثمها (لا يحمل منه شئ) أي لا يحمل غيرها
شيئا من ذلك الحمل (ولو كان ذاقربى أي ولو كان المدعو إلى التحمل ذاقربة منها وأقرب
الناس إليها ما حمل عنها شيئا فكل نفس بما كسبت رهينة، قال ابن عباس يقول الاب
والام يا بنى ! احمل عنى " فيقول: حسبى ما على وقال: (من تزكى) أي فعل الطاعات وقام
بما يجب عليه من الزكاة وغيرها من الواجبات وقيل: تطهر من الاثام (فانما يتزكى
لنفسه) لان جزاء ذلك يصل إليه دون غيره (والى الله المصير) أي مرجع الخلق كلهم إلى
حيث لا يملك الحكم الا الله سبحانه فيجازى كلا على قدر عمله وقال على بن ابراهيم:
وقوله: " ولا تزر وازرة وزر اخرى " يعنى لا يحمل ذنب أحد على أحد، الامن يأمر به -
يعنى بالذنب - فيحمله الامر والمأمور
[238]
الزمر: ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم إلى
ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون (1)
(1) الزمر: 7، وفى القرآن الكريم آيات
كثيرة تدل على أن الله عزوجل لا يعاقب أحدا بفعل غيره منها: البقرة: تلك أمة قدخلت
لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون (134) وقال تعالى: قل
أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون (139)
وقال سبحانه: لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت (286)
النساء: من يكسب اثما فانما يكسب على نفسه (110) الانعام: ولا تكسب كل نفس الاعليها
ولا تزر وازرة وزر اخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (164)
أسرى: من اهتدى فانما يهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15) لقمان: واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا
مولود هو جاز عن والده شيئا (33) سبأ: قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون
(25) النجم: أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وابراهيم الذى وفى * ألا تزر وازرة وزر
اخرى * وأن ليس للانسان الا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الاوفى
(36 - 41) إلى غير ذلك من الايات الكريمة، وانما نقلنا بعضها ولعلها كانت أهمها ومن
الاخبار التى تناسب عنوان الباب وظفرنا عليها على العجالة: ل - أحمد بن محمد بن
الهيثم العجلى وأحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السنانى والحسين بن ابراهيم بن
هشام المكتب وعبد الله بن محمد الصائغ وعلى بن عبد الله =
[239]
= الوراق رضى الله عنهم قالوا حدثنا أبو
العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكربن عبد الله بن حبيب، قال:
حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا ابن معاوية عن الاعمش عن جعفر بن محمد (عليه
السلام) قال، فيما وصف لى من شرائع الدين ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها ولا
يكلفها فوق طاقتها وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لاخلق تكوين، والله خالق كل شئ
ولا يقول بالجبر ولا بالتفويض ولا يأخذ الله عزوجل البرئ بالسقيم ولا يعذب الله
عزوجل الاطفال بذنوب الاباء فانه قال في محكم كتابه " ولا تزر وازرة وزر اخرى "
وقال الله عزوجل: " وأن ليس للانسان الا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى " ولله عزوجل ان
يعفو ويتفضل وليس له أن يظلم الخبر (الخصال ج 2 ص 154) يد، ن: الطالقاني، عن أحمد
بن على الانصاري، عن الهروي قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى بن جعفر (عليهم
السلام) يقول: من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ولا تقبلوا له شهادة، ان الله
تبارك وتعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها، ولا يحملها فوق طاقتها ولا تكسب كل نفس
الاعليها، ولا تزر وازرة وزر اخرى (التوحيد ص 371، عيون الاخبار ج 1 ص 144) ن: ابن
عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن الرضا (عليه السلام) فيما كتب للمأمون من محض
الاسلام: ان الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا الا وسعها، وان افعال العباد مخلوقة
لله تعالى خلق تقدير لاخلق تكوين، والله خالق كل شئ ولا نقول بالجبر والتفويض ولا
يأخذ الله البرئ بالسقيم، ولا يعذب الله تعالى الاطفال بذنوب الاباء ولا تزر وازرة
وزر اخرى، وأن ليس للانسان الا ما سعى، الخبر (عيون الاخبار ج 2 ص 125) ن - ع -
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا على بن ابراهيم عن عبد الله بن
صالح قال: قلت لابي الحسن الرضا (عليه السلام): ما تقول: في حديث يروى عن الصادق
(عليه السلام) أنه إذا خرج القائم قتل ذرارى قتلة الحسين (عليه السلام) بفعال
آبائها فقال (عليه السلام): هو كذلك، فقلت: فقول الله عزوجل: " ولا تزر وازرة وزر
اخرى " ما معناه ؟ فقال: صدق الله في جميع أقواله لكن ذرارى قتلة الحسين يرضون
أفعال أبائهم =
[240]
= ويفتخرون بها، ومن رضى شيئا كان كمن
أتاه، ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضى بقتله رجل في المغرب، لكان الراضي عند الله
شريك القاتل، وانما يقتلهم القائم إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم، الخبر راجع علل
الشرايع ج 1 ص 219، عيون الاخبار ج 1 ص 273 نهج:، أيها الناس انما يجمع الناس الرضا
والسخط وانما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا، فقال
سبحانه: " فعقروها فأصبحوا نادمين " فما كان الا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة
المحماة في الارض الخوارة (الرقم 199 من الخطب) أقول: السكة المحماة: حديدة الفدان
إذا حميت بالنار، والارض الخوارة: السهلة اللينة، فالسكة إذا كانت محماة فهى أسرع
غورا واثارة للارض إذا كانت خوارة وانما قال الله تعالى: " فعقروها فأصبحوا نادمين
" فان قتل الناقة كانت بتوطئة من رؤسائهم ومشايخهم فبعثوا واحدا من الاشرار فعقرها،
فالجناية تنسب إلى المشايخ والرؤساء اولا ثم تنسب إلى أتباعهم وأفراد صفوفهم، حيث
انهم بأجمعهم صفوا قبال صالح النبي صلى الله عليه وناقته، فخرج واحد منهم وحمل على
الناقة فعقرها، وبذلك حق القتال معهم فقاتلهم الله وليس قتاله الاكما قاتل قوم لوط
أو قوم شعيب أو قوم صالح ولا يعلم جنود ربك الاهو. ولذلك كان على بن أبى طالب (عليه
السلام) لايبدء بقتال أهل البغى الا أن يبدؤا هم بالقتال كما فعل ذلك في جمل وصفين
وغير ذلك من الموارد روى ثقة الاسلام الكليني في الكافي ج 5 ص 83 عن عبد الرحمن بن
جندب، عن أبيه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يأمر في كل موطن لقينا فيه
عدونا فيقول: لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤكم فانكم بحمدالله على حجة، وترككم اياهم
حتى يبدؤكم حجة لكم اخرى الخبر وفى الدر المنثور: أخرج أحمد والترمذي وصححه
والنسائي وابن ماجه عن عمرو ابن الاحوص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة
الوداع: ألا لا يجنى جان الا =
[241]
(70) * (باب) * * (الحسنات بعد السيئات) *
* (وتفسير قوله تعالى: ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم) * الايات: هود: إن الحسنات يذهبن
السيئات (1) اسرى: إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها (2) الفرقان: إلا من
تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما
(3) النمل: إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فاني غفور رحيم (4)
= على نفسه لا يجنى والد على ولده ولا
مولود على والده - أقول: ومنه قوله تعالى: واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا
مولود هو جاز عن والده شيئا - لقمان: 33 - وفيه: أخرج عبد بن حميد وابن أبى حاتم عن
عكرمة قال: قال: - يعنى ابن عباس -: ان الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول: يا
بنى أي والد كنت لك فيثنى خيرا فيقول يا بنى انى احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك
أنجوبها مما ترى، فيقول له ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت ولكني لاأطبق أن أعطيك
شيئا، أتخوف مثل الذى تخوفت، فلا استطيع أن أعطيك شيئا، ثم يتعلق بزوجته فيقول: يا
فلانة أي زوج كنت لك فتثنى خيرا فيقول لها: فانى اطلب اليك حسنة واحدة تهبها لى
لعلى انجو مما ترين، قالت: ما أيسر ما طلبت ولكني لااطيق ان اعطيك شيئا اتخوف مثل
الذى تخوفت، يقول الله وان تدع مثقلة إلى حملها الاية (1) هود: 114 (2) أسرى: 7 (3)
الفرقان: 70 (4) النمل: 11، وفى الاصل وهكذا نسخة الكمبانى المزمل
[242]
وقال تعالى: من جاء بالحسنة فله خير منها
وهم من فزع يومئذ آمنون (1) - لى: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن أبي الخطاب، عن
ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما أحسن
الحسنات بعد السيئات، وما أقبح السيئات بعد الحسنات (2) 2 - فس: أبي، عن حماد، عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
لعلي (عليه السلام): يا علي ما من دار فيها فرحة إلا يتبعها ترحة (3) وما من هم إلا
وله فرج إلا هم أهل النار، فإذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة تمحها سريعا وعليك بصنائع
الخير فانها تدفع مصارع السوء (4) 3 - ما: المفيد، عن الكاتب، عن أحمد بن جعفر
المالكي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن
حبيب، عن ميمون ابن أبي شبيب، عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
اتق الله حيث كنت وخالق الناس بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة تمحوها (5) 4 -
فس: أبي، عن جعفر وإبراهيم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: إذا كان يوم
القيامة أوقف الله المؤمنين بين يديه، وعرض عليه عمله، فينظر في صحيفته فأول ما يرى
سيئاته فيتغير لذلك لونه، وترتعش فرائصه، ثم يعرض عليه حسناته فيفرح لذلك نفسه
فيقول الله عزوجل: بدلوا سيئاتهم حسنات وأظهروها
(1) النمل 89 (2) أمالى الصدوق 153 (3)
الترحة: الحزن والغم، تقول: ما الدنيا الافرح وترح، وما من فرحة الا وبعدها ترحة
(4) تفسير القمى: (5) أمالى الطوسى ج 1 ص 189 (*)
[243]
للناس " فيبدل لهم فيقول الناس: أما كان
لهؤلاء سيئة واحدة ؟ وهو قوله: " يبدل الله سيئاتهم حسنات " (1) 5 - ع: ابن
المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عبد العظيم الحسني، عن ابن أبي عمير، عن
عبد الله بن الفضل، عن خاله محمد بن سليمان، عن رجل، عن الباقر (عليه السلام) قال:
إني لم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة محدثة لذنب قديم (2) 6 - مع:
ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن محمد بن سنان، عن المفضل عن ابن ظبيان قال: قال
أبو عبد الله (عليه السلام): من خلا بعمل فلينظر فيه، فان كان حسنا جميلا فليمض
عليه، وإن كان سيئا قبيحا فليجتنبه، فان الله عزوجل أولى بالوفاء والزيادة، ومن عمل
سيئة في السر فليعمل حسنة في السر، ومن عمل سيئة في العلانية (3) فليعمل حسنة في
العلانية 7 - مع: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: ويل لمن
غلبت آحاده أعشاره، فقلت له: وكيف هذا ؟ فقال: أما سمعت الله عزوجل يقول: " من جاء
بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها " (4) فالحسنة الواحدة
إذا عملها كتبت له عشرا، والسيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة فنعوذ بالله ممن
يرتكب في يوم واحد عشر سيئات، ولا تكون له حسنة واحدة فتغلب حسناته سيئاته (5)
(1) تفسير القمى 468 (2) علل الشرائع ج 2
ص 280 في حديث (3) معاني الاخبار: 237 في حديث (4) الانعام: 160 (5) معاني الاخبار:
248
[244]
8 - ن (1): لى: الطالقاني، عن أحمد
الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الرضا (عليه السلام): في قول الله
عزوجل " إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم، وإن أسأتم فلها " (2) قال: إن أحسنتم أحسنتم
لانفسكم، وإن أسأتها فلها رب يغفر لها (3) 9 - جا: الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن
الكوفي، عن محمد بن سنان عن أبي النعمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
لي: يا أبا النعمان لا يغرنك الناس من نفسك فان الامر يصل إليك دونهم، ولا تقطع
نهارك بكذا وكذا، فان معك من يحصي عليك، وأحسن فاني لم أر أشد طلبا ولا أسرع دركا
من حسنة محدثة لذنب قديم، إن الله جل وعز يقول " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى
للذاكرين " (4)
(1) عيون الاخبار ج 1 ص 294 (2) أسرى: 7
(3) أمالى الصدوق: 45 (4) مجالس المفيد: 50، والاية في هود: 114.
[245]
(71) * (باب) * * (تضاعف الحسنات وتأخير
اثبات الذنوب بفضل الله) * " (وثواب نية الحسنة والعزم عليها) " * (وانه لا يعاقب
على العزم على الذنوب) * الايات: النساء: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة
يضاعفها ويؤت من لدنه اجرا عظيما (1). وقال: ان تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن
سوء فان الله عفوا قديرا (2). الانعام: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون (3) يونس: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
ولا يرهق وجوههم قتر ولاذلة اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا
السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من عاصم كأنما اغشيت وجوههم قطعا من
الليل مظلما اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون (4) القصص: من جاء بالحسنة فله خير
منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون (5) حمعسق:
ومن يقترف حسنة نزدله فيها حسنا إن الله غفور شكور (6)
(1) النساء: 40 (2) النساء: 149 (3)
الانعام: 160 (4) يونس: 26 - 27 (5) القصص: 84 (6) الشورى: 23
[246]
1 - مع: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن
ابن عيسى، عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: لما نزلت هذه الاية على النبي (صلى الله عليه وآله): " من جاء
بالحسنة فله خير منها " (1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم زدني فأنزل
الله تبارك وتعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (2) فقال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): اللهم زدني فأنزل الله عزوجل " من ذاالذي يقرض الله قرضا حسنا
فيضاعفه له أضعافا كثيرة " (3) فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله): أن الكثير من
الله عز وجل لا يحصى وليس له منتهى (4) شى: عن على بن عمار، عنه (عليه السلام) مثله
(5) 2 - ل: الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، عن فرات، عن محمد بن ظهير، عن الحسن بن
علي العبدي، عن سهل بن عبد الوهاب، عن عبد القدوس، عن سليمان ابن مهران، عن جعفر بن
محمد (عليه السلام) أنه قال: إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة فإذا عملها كتبت له
عشر حسنات، واذاهم بسيئة لم تكتب عليه، فإذا عملها اجل تسع ساعات، فان ندم عليها
واستغفر وتاب لم تكتب عليه وإن لم يندم ولم يتب منها كتبت عليه سيئة واحدة (6) 3 -
ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: مامن عبد مؤمن يذنب
ذنبا إلا أجله الله فيه سبع ساعات، فان هو تاب منه واستغفر لم يكتب عليه، وإن لم
يتب كتب عليه سيئة واحدة (7)
(1) النمل: 89، القصص: 84 (2) الانعام:
160 (3) البقرة: 245 (4) معاني الاخبار: 397 (5) تفسير العياشي ج 1 ص 131 (6)
الخصال ج 2 ص 44 (7) قرب الاسناد ص 2 (*)
[247]
4 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن
أبيه (عليه السلام): قال أتى أبي رضي الله عنه الحسن البصري وقال: يا أبا جعفر
بلغني عنك أنك قلت مامن عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات فان هو تاب منه
واستغفر لم يكتب عليه، فقال له أبي: ليس هكذا قلت، ولكني قلت ما من عبد مؤمن يذنب
ذنبا وكذلك كان قولي (1) 5 - ما: المفيد، عن محمد بن محمد بن طاهر، عن ابن عقدة، عن
محمد بن إسماعيل، عن الحسن بن زياد، عن محمد بن إسحاق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن
جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال،
فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال لا تعجل وأنظره سبع ساعات فان
مضى سبع ساعات ولم يستغفر قال: اكتب، فما أقل حياء هذا العبد (2) 6 - ثو: ابن
الوليد، عن الصفار، عن جعفر بن محمد بن عبيدالله، عن بكربن محمد الازدي، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه (3) 7 - سن: ابن محبوب،
عن عمربن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أحسن المؤمن عمله،
ضاعف الله عمله لكل حسنة سبعمائة، وذلك قول الله تبارك وتعالى " والله يضاعف لمن
يشاء " (4) فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب الله، فقلت له: وما الاحسان ؟ قال
فقال: إذا صليت فأحسن ركوعك وسجودك، وإذا صمت فتوق كل ما فيه فساد صومك، وإذا حججت
فتوق ما يحرم عليك في حجك وعمرتك، قال وكل عمل تعمله فليكن نقيا من الدنس (5)
(1) قرب الاسناد ص 2 (2) أمالى الطوسى ج 1
ص 210 (3) ثواب الاعمال: 116 (4) البقرة: 261 (5) المحاسن: 255
[248]
شى: عن عمربن يزيد مثله (1) 8 - شى: عن
محمد الوابشي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله
له عمله بكل حسنة سبعمائة ضعف، وذلك قول الله تبارك و تعالى " والله يضاعف لمن يشاء
" (2) 9 - شى: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما
السلام) قالوا سألناهما عن قوله " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (3) أهي لضعفاء
المسلمين ؟ قال: لا، ولكنها للمؤمنين وإنه لحق على الله أن يرحمهم (4) 10 - شى: عن
زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى جعل لادم ثلاث
خصال في ذريته: جعل لهم أن: من هم منهم بحسنة أن يعملها كتب له حسنة، ومن هم بحسنة
فعملها كتب له بها عشر حسنات، ومن هم بالسيئة أن يعملها لا يكتب عليه ومن عملها
كتبت عليه سيئة واحدة، وجعل لهم التوبة حتى يبلغ حنجرة الرجل فقال إبليس: يا رب
جعلت لادم ثلاث خصال فاجعل لى مثل ما جعلت له فقال: قد جعلت لك لا يولد له مولود
إلا ولد لك مثله، وجعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق، وجعلت لك أن جعلت
صدورهم أوطانا ومساكن لك، فقال إبليس: يا رب حسبي (5) 11 - ين: ابن أبي عمير، عن
جميل، عن بكير، عن أحدهما (عليه السلام) قال: إن آدم (عليه السلام) قال: يا رب سلطت
علي الشيطان، وأجريته مجرى الدم مني فاجعل لي شيئا أصرف كيده عني قال: يا آدم قد
جعلت لك أن: من هم من ذريتك
(1) تفسير العياشي ج 1 ص 146 (2) تفسير
العياشي ج 1 ص 147 (3) الانعام: 160 (4) تفسير العياشي ج 1 ص 386 (5) تفسير العياشي
ج 1 ص 387 (*).
[249]
بسيئة لم يكتب عليه ومن هم منهم بحسنة ولم
يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرة، قال: يا رب زدني، قال: يا آدم قد جعلت
لك أن من عمل منهم بسيئة ثم استغفر غفرت له، قال: يا رب زدني، قال: قد جعلت لهم
التوبة أو بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس الحنجرة قال: يا رب حسبي (1)
(1) ورواه ثقة الاسلام الكليني في الكافي
ج 2 ص 440 في باب ما أعطى الله عز وجل آدم (عليه السلام) وقت التوبة عن على بن
ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن جميل ابن دراج، عن ابن بكير، عن أبى عبد
الله أو عن أبى جعفر (عليه السلام) وقال المؤلف العلامة في شرحه: روى العامة أيضا
أن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم وقال بعضهم: ذهب قوم ممن ينتمى إلى ظاهر
العلم إلى أن المراد به أن الشيطان لا يفارق ابن آدم مادام حيا، كما لا يفارقه دمه
وحكى هذا عن الازهرى، وقال: هذا طريق ضرب المثل والجمهور من علماء الامة أجروا ذلك
على ظاهره وقالوا: ان الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الادمى بلطافة
هيئته لمحنة الابتلاء ويجرى في العروق التى هي مجارى الدم من الادمى إلى أن يصل إلى
قلبه فيوسوسه على حسب ضعف ايمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته ويبعد عنه ويقل تسلطه
وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوة ايمانه ويقظته ودوام ذكره واخلاص توحيده وما رواه
المفسرون عن ابن عباس قال: ان الله جعل الشياطين من بنى آدم مجرى الدم وصدور بنى
آدم مساكن لهم، مؤيد لما ذهب إليه الجمهور، وهم يسمون وسوسته لمة الشيطان، ومن
ألطافه تعالى أنه هيأ ذوات الملائكة على ذلك الوصف من أجل لطافتهم وأعطاهم قوة
الحفظ لبنى آدم وقوة الالمام في بواطنهم وتلقين الخير لهم في مقابلة لمة الشيطان
كما روى أن للملك لمة بابن آدم وللشيطان لمة: لمة الملك ايعاد بالخير وتصديق بالحق،
ولمة الشيطان ايعاد بالشر وتكذيب بالحق، فمن وجد ذلك فليستعد بالله من الشيطان. =
[250]
12 - العيون: عن محمد بن أحمد بن الحسين،
عن علي بن محمد بن جعفر عن دارم بن قبيصة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يوحي الله إلى الحفظة الكرام البررة: لا
تكتبوا على عبدي وأمتي على ضجرهم و عثراتهم بعد العصر (1) 13 - كتاب المسلسلات:
حدثنا محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي عن حبيب بن الحسن التغلبي، عن عبد الله
بن المنصور، عن أبيه قال: سألت مولانا أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن
قوله عزوجل " يعلم السر وأخفى " (2) قال: فقال لي: سألت أبي، قال: سألت جدي، قال:
سألت أبي علي بن الحسين قال: سألت أبي الحسين بن علي، قال: سألت النبي (صلى الله
عليه وآله) عن قول الله عزوجل " يعلم السر وأخفى " قال: سألت الله عزوجل فأوحى إلي
أني خلقت في قلب آدم عرقين يتحركان بشئ من الهواء، فان يكن في طاعتي كتبت له حسنات،
وإن يكن في معصيتي لم أكتب عليه شيئا حتى يواقع الخطيئة، فاذكروا الله على ما
أعطاكم أيها المؤمنون 14 - قال الشهيد رفع الله درجته في القواعد: لا يؤثرنية
المعصية عقابا ولاذما ما لم يتلبس بها، وهو مما ثبت في الاخبار العفو عنه ولو نوى
المعصية وتلبس بما يراه معصية فظهر خلافها ففي تأثير هذه النية نظر من حيث إنها لم
تصادف المعصية فقد صارت كنية مجردة وهي غير مؤاخذبها، ومن دلالتها على انتها كه
الحرمة وجرأته على
= وقالوا: انما ينكر مثل هذا عقول أسراء
العادات الذين استولت عليهم المألوفات فما لم يوجدوا في مستقر عاداتهم أنكروه كما
أنكر الكفار احياء العظام النخرة واعادة الاجسام البالية، والذى يجب هو التسليم بما
نطق به الخبر الصحيح، ولايأباه العقل السليم ثم قال: وروى من طريق العامة أن ابليس
بعد ما صار ملعونا وأنظر قال: بعزتك لاأخرج عن قلب ابن آدم مادام الروح في بدنه،
فقال الله تبارك وتعالى: بعزتي لاأسد باب التوبة عليه مادام الروح في بدنه (1) عيون
الاخبار ج 2 ص 71 (2) طه: 7
[251]
المعاصي، وقد ذكر بعض الاصحاب أنه لو شرب
المباح متشبها بشراب المسكر فعل حراما ولعله ليس لمجرد النية بل بانضمام فعل
الجوارح إليها ويتصور محل النظر في صور منها: مالو وجد امرأته في منزل غيره فظنها
أجنبية فأصابها فتبين أنها زوجته أو أمته، ومنها مالو وطئ زوجته فظنها حائضا فبان
طاهرا ومنها لوهجم على طعام بيد غيره فأكل منه فتبين ملك الاكل، ومنها لوذبح شاة
فظنها للغير بقصد العدوان، فظهرت ملكه، ومنها إذا قتل نفسا فظنها معصومة فبانت
مهدورة وقد قال بعض العامة يحكم بفسق متعاطي ذلك لدلالته على عدم المبالاة بالمعاصي
ويعاقب في الاخرة ما لم يتب عقابا متوسطا بين عقاب الكبيرة والصغيرة وكلاهما تحكم
وتخرص على الغيب انتهى وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه في بعض تعليقاته على
الكتاب المذكور قوله " لا يؤثرنية المعصية عقابا ولاذما " الخ غرضه طاب ثراه أن نية
المعصية وإن كانت معصية إلا أنه لما وردت الاخبار بالعفو عنها لم يترتب على فعلها
عقاب ولاذم وإن ترتب استحقاقهما ولم يرد أن قصد المعصية والعزم على فعلها غير محرم
كما يتبادر إلى بعض الاوهام، حتى لو قصد الافطار مثلا في شهر رمضان ولم يفطر لم يكن
آثما كيف والمصنف مصرح في كتب الفروع بتأثيمه، والحاصل أن تحريم العزم على المعصية
مما لاريب فيه عندنا وكذا عند العامة، وكتب الفريقين من التفاسير وغيرها مشحونة
بذلك، بل هو من ضروريات الدين، ولا بأس بنقل شئ من كلام الخاصة والعامة في هذا
الكتاب ليرتفع به جلباب الارتياب في الجوامع عند تفسير قوله تعالى: " إن السمع
والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا " (1) يقال للانسان: لم سمعت مالا يحل لك
[سماعه، ولم نظرت إلى مالا يحل لك] النظر إليه، ولم عزمت على مالا يحل لك العزم
عليه انتهى وكلامه
(1) أسرى: 36
[252]
رحمه الله في مجمع البيان قريب من كلامه
هذا (1) وقال البيضاوي (2) وغيره من علماء العامة عند تفسير هذه الاية: فيها دليل
على أن العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية انتهى وعبارة الكشاف موافقة لعبارة الطبرسي
ره، وكذا عبارة التفسير الكبير للفخري وقال السيد المرتضى علم الهدى أنار الله
برهانه في كتاب تنزيه الانبياء عند ذكر قوله تعالى: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا
والله وليهما " (3) إنما أراد تعالى أن الفشل خطر ببالهم، ولو كان الهم في هذا
المكان عزما لما كان الله وليهما ثم قال: وإرادة المعصية والعزم عليها معصية، وقد
تجاوز قوم حتى قالوا: العزم على الكبيرة كبيرة وعلى الكفر كفر انتهى كلامه نور الله
مرقده وكلام صاحب الكشاف في تفسير هذه الاية مطابق لكلامه طاب ثراه، وكذا كلام
البيضاوى (4) وغيره وأيضا فقد صرح الفقهاء بأن الاصرار على الصغاير الذي هو معدود
من الكبائر إما فعلي وهو المداومة على الصغائر بلا توبة، وإما حكمي وهو العزم على
فعل الصغاير متى تمكن منها وبالجملة فتصريحات المفسيرين والفقهاء والاصوليين بهذا
المطلب أزيد من أن تحصى والخوض فيه من قبيل توضيح الواضحات، ومن تصفح كتب الخاصة
والعامة لا يعتريه ريب فيها تلوناه فان قلت: قد ورد عن أئمتنا (عليهم السلام) أخبار
كثيرة تشعر بأن العزم على المعصية [ليس بمعصية] كما رواه ثقة الاسلام في الكافي عن
زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) أنه قال: إن الله تعالى جعل لادم في ذريته من هم
بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة وعملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة لم
تكتب عليه، ومن هم
(1) مجمع البيان ج 6 ص 415 (2) أنوار
التنزيل ص 237 (3) آل عمران: 122 (4) أنوار التنزيل ص 80
[253]
بها وعملها كتبت عليه سيئة (1) وكما رواه
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
(1) الكافي ج 2 ص 428، ولفظ الحديث: محمد
بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن على بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما
(عليهما السلام) قال: ان الله تبارك وتعالى جعل لادم في ذريته: من هم بحسنة ولم
يعملها كتبت له حسنة ومن هم بحسنة وعملها كتبت له بها عشرا، ومن هم بسيئة ولم
يعملها لم تكتب عليه [سيئة] ومن هم بها وعملها كتبت عليه سيئة وقال المؤلف العلامة
في شرحه: يدل على أنه لا مؤاخذة على قصد المعاصي إذا لم يعمل بها وهو يحتمل وجهين:
الاول أن تكون سيئة ضعيفة يكفرها تركها، الثاني أن لا يكون القصد متصفا بالحسن
والقبح أصلا كما ذهب إليه جماعة، والاول أظهر نعم لو كان بمحض الخطور بدون اختياره،
لا يتعلق به التكليف، وقد مر تفصيل ذلك في باب أن الايمان مبثوث لجوارح البدن، وفى
باب الوسوسة وقال المحقق الطوسى قدس الله سره في التجريد: ارادة القبيح قبيحة
وتفصيله أن مافى النفس ثلاثة اقسام: الاول الخطرات التى لا تقصد ولا تستقر وقد مر
أن لا مؤاخذة بها ولا خلاف فيه بين الامة ظاهرا والثانى الهم وهو حديث النفس
اختيارا أن تفعل شيئا أو أن لا تفعل، فان كان ذلك حسنة كتبت له حسنة واحدة، فان
فعلها كتبت له عشر حسنات، وان كانت سيئة لم تكتب عليه، فان فعلها كتبت عليه سيئة
واحدة، كل ذلك مقتضى أحاديث هذا الباب، وكانه لا خلاف فيه أيضا بين الامة، الا أن
بعض العامة صرح بأن هذه الكرامة مختصة بهذه الامة وظاهر هذا الخبر أنها كانت في
الامم السابقة أيضا الثالث العزم وهو التصميم وتوطين النفس على الفعل أو الترك، وقد
اختلفوا فيه فقال أكثر الاصحاب: أنه لا يؤاخذ به لظاهر هذه الاخبار، وقال: أكثر
العامة والمتكلمين والمحدثين أنه يؤاخذ به، لكن بسيئة العزم لا بسيئة المعزوم عليه،
لانها لم تفعل، فان فعلت كتبت سيئة ثانية لقوله تعالى: " ان الذين يحبون أن تشيع
الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم " وقوله: " اجتنبوا كثيرا من الظن " ولكثرة
الاخبار الدالة على حرمة = (*)
[254]
= الحسد واحتقار الناس، وارادة المكروه
بهم، وحملوا الاحاديث الدالة على عدم المؤاخذة على الهم والمنكرون أجابوا عن
الايتين بأنهما مخصصان باظهار الفاحشة والمظنون كما هو الظاهر من سياقهما، وعن
الثالث أن العزم المختلف فيه ماله صورة في الخارج كالزنا وشرب الخمر، وأما ما
لاصورة له في الخارج كالاعتقادات وخبائث النفس مثل الحسد وغيره فليس من صور محل
الخلاف، فلاحجة فيه على ما نحن فيه وأما احتقار الناس وارادة المكروه بهم فاظهارهما
حرام يؤاخذ به، ولانزاع فيه، وبدونه أول المسألة ثم الظاهر أنه لافرق في قوله: "
ومن هم بسيئة ولم يعملها لم يكتب عليه " بين أن لم يعملها خوفا من الله، أو خوفا من
الناس وصونا لعرضه ثم ان عشر أمثال الحسنة مضمونة البتة لدلالة نص القرآن عليه، وأن
الله قد يضاعف لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف، كما جاء في بعض الاخبار، والى مالا حساب
له كما قال سبحانه: " انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " ثم اعلم أن الظاهر أن
عدم المؤاخذة بارادة المعصية انما هو للمؤمنين فلا ينافي ما مرمرويا عن الصادق
(عليه السلام) أنه انما خلد أهل النار في النار، لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو
خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، ولو سلم العموم فانما يعفى عنه إذا بقى زمانا عزم
على فعله في ذلك الزمان ولم يفعل، وفى الكافر ليس كذلك، لانه لم يبق الزمان الذى
عزم على الفعل فيه فان قيل: لعله كان لو بقى في أزمنة الابد أو عاد لم يفعل، قلنا:
يعلم الله خلاف ذلك منهم لقوله سبحانه: " ولو ردوا لعادوا لما نهوا " وقد يجاب بأنه
لا منافاة بينهما إذ دل أحدهما على عدم المؤاخذة بنية المعصية اذالم يفعلها ودل
الاخر على المؤاخذة بنية المعصية إذا فعلها، فان المنوي كالكفر واستمراره مثلا
موجود في الخارج بهذه النية ليست داخلة في النية بالسيئة التى لم يعملها واعترض
عليه بأن المعصية ليست سببا للخلود على ما يفهم من الحديث المذكور =
[255]
أنه قال: إن المؤمن ليهم بالسيئة أن
يعملها، فلا تكتب عليه (1) والاحاديث الواردة في الكافي وغيره بهذا المضمون كثيرة
قلت: لادلالة في تلك الاحاديث على ما ظننت من أن العزم على المعصية ليس معصية،
وإنما دلت على أن من عزم على معصية كشرب الخمر والزنا مثلا ولم يعملها لم يكتب عليه
تلك المعصية التي عزم عليها، وأين هذا عن المعنى الذي ظننته قوله: " فهو غير
مؤاخذبها " أي غير معاقب عليها لانها معفو عنها قوله " منها ما لو وجد امرأته " الخ
عد بعضهم من هذه الصور ما لو صلى في ثوب يظن أنه حرير أو مغصوب عالما بالحكم، فظهر
بعد الصلاة أنه ممزوج أو مباح، * وفرع على ذلك التردد في بطلان صلاته، والاولى عدم
التردد في بطلانها، نعم يتمشى صحتها عند القائل بعدم دلالة النهي في العبادة على
الفساد
= لكونها في زمان منقطع محصور هو مدة
العمر، كذلك نيتها لانها تنقطع أيضا عند انقطاع العمر، لدلالة الايات والروايات على
ندامة العاصى عند الموت، ومشاهدة أحوال الاخرة فينبغي أن يكون ناويها في النار،
بقدر كونها في الدنيا، لا مخلدا فأجيب أولا بأن هذه النية موجبة للخلود لدلالة
الحديث عليه بلا معارض، فوجب التسليم والقبول، وثانيا بأن صاحبها في هذه الدنيا
التى هي دار التكليف لم يفعل شيئا يوجب نجاته من النار، وندامته بعد الموت لا تنفع
لانقطاع زمان التكليف، وثالثا أن سبب الخلود ليس ذات المعصية ونيتها من حيث هي، بل
هو المعصية ونيتها على فرض البقاء أبدا، ولاريب في انها معصية أبدية موجبة للخلود
ابدا انتهى وأقول: لا يخفى مافى الجميع من الوهن والضعف وقد مر بعض القول منافيه في
باب النية وقال الشهيد رحمه الله في القواعد: إلى آخر ما تراه في المتن تحت الرقم
14 (1) والحديث لفظه هكذا: (2) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان
بن عيسى، عن سماعة بن =
[256]
قوله " وكلاهما " أي الحكم بفسق متعاطي
ذلك وبعقابه عقابا متوسطا " قول بلا دليل " وفيه أن دليل الاول مذكور، وسيما على
القول بأن العزم على الكبيرة كبيرة فتأمل، قوله " وتخرص " بالخاء المعجمة والصاد
المهملة أي كذب وتخمين باطل (1)
= مهران، عن أبى بصير، عن أبى عبد الله
(عليه السلام) قال: ان المؤمن ليهم بالحسنة ولا يعمل بها، فتكتب له حسنة، وان هو
عملها كتبت له عشر حسنات، وان المؤمن ليهم بالسيئة أن يعملها فلا يعملها، فلا تكتب
عليه (1) ومن الروايات التى تستدرك على الباب ما رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 430
ولفظه: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن على بن الحكم، عن فضل ابن عثمان
المرادى قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعد هن الا هالك: يهم العبد بالحسنة أن
يعملها فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته، وان هو عملها كتب الله له
عشرا، ويهم بالسيئة أن يعملها فان لم يعملها لم يكتب عليه شئ وان هو عملها أجل سبع
ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى أن يتبعها
بحسنة تمحوها، فان الله عزوجل يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات " أو الاستغفار،
فان هو قال: أستغفر الله الذى لا اله الاهو، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم
الغفور الرحيم ذو الجلال والاكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شئ، وان مضت سبع ساعات
ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب على الشقى المحروم
[257]
(72) * (باب) * * (ثواب من سن سنة حسنة) *
* (وما يلحق الرجل بعد موته) * 1 - لى: محمد بن علي، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن
عيسى، عن منصور عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: ليس
يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته، فهي تجري بعد
موته وسنة هدى سنها فهي تعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له (1) 2 - ل (2) لى:
أبى، عن سعد، عن اليقطيني، عن محمد بن شعيب، عن الهيثم ابن أبي كهمش، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: ست خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته: ولد صالح يستغفر له،
ومصحف يقرأ منه، وقليب يحفره، وغرس يغرسه وصدقة ماء يجريه، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده
(3) 3 - ل: أبي، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن الحلبي، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال:
صدقة أجراها في حياته، فهي تجري بعد موته إلى يوم القيامة صدقة موقوفة لا تورث أو
سنة هدى سنها فكان يعمل بها وعمل بها من بعده غيره، أو ولد صالح يستغفر له (4) 4 -
ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى عن يونس، عن السرى
بن عيسى، عن عبد الخالق بن عبد ربه قال: قال أبو عبد الله
(1) أمالى الصدوق: 22 (2) الخصال ج 1 ص
157 (3) أمالى الصدوق: 102 (4) الخصال ج 1 ص 73.
[258]
(عليه السلام): خير ما يخلفه الرجل بعده
ثلاثة: ولد بار يستغفر له، وسنة خير يقتدى به فيها، وصدقة تجري من بعده (1) 5 - ثو:
ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب عن معاوية بن وهب، عن ميمون
القداح، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أيما عبد من عباد الله سن سنة هدى كان له
أجر مثل أجر من عمل بذلك، من غير أن ينقص من اجورهم شئ، وأيما عبد من عباد الله سن
سنة ضلالة كان عليه مثل وزر من فعل ذلك، من غير أن ينقص من أوزارهم شئ (2) 6 - سن:
أبي، عن ابن محبوب، عن إسماعيل الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: من
سن سنة عدل فاتبع كان له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من اجورهم شئ، ومن سن
سنة جور فاتبع كان له مثل وزر من عمل به من غير أن ينقص من أوزارهم شئ (3) جا: أحمد
بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن
حمادبن عثمان، عن إسماعيل الجعفي مثله (4)
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 242 (2) ثواب
الاعمال 119 (3) المحاسن: 27 (4) مجالس المفيد: 120
[259]
(73) * (باب) * * (الاستبشار بالحسنة) * 1
- لى: الفامي، عن محمد الحميرى، عن أبيه، عن هارون، عن ابن صدقة عن الصادق، عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سائته سيئته
وسرته حسنته فهو مؤمن (1) ل: مرسلا مثله (2) أقول: قد مر في باب صفات خيار العباد،
عن الباقر (عليه السلام) أنه سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن خيار العباد
فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤا استغفروا الخبر (3) 2 - ن: الدقاق
والسناني والمكتب جميعا عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن إبراهيم بن
أبي محمود قال: قال الرضا (عليه السلام): المؤمن الذي إذا أحسن استبشر، وإذا أساء
استغفر، والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده، وليس منا من لم يأمن جاره
بوائقه (4) 3 - عدة الداعي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس منا من لم يحاسب
نفسه كل يوم، فان عمل خيرا حمدالله واستزاده، وإن عمل سوء استغفر الله (5)
(1) أمالى الصدوق: 120 (2) الخصال (3)
راجع ج 69 ص 305، والحديث عن الكافي ج 2 ص 240 (4) عيون الاخبار ج 2 ص 24 (5) رواه
ثقة الاسلام الكليني في الكافي ج 2 ص 453، وتراه في الاختصاص 243
[260]
(74) * (باب) * * (الوفاء بما جعل لله على
نفسه) * الايات: البقرة: قل ما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فان الله يعلمه وما
للظالمين من أنضار (1) الانعام: وبعهد الله أوفوا (2) الاعراف: وما وجدنا لاكثرهم
من عهد (3) 1 - ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى،
عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال أربع من كن
فيه كمل إسلامه، واعين على إيمانه، ومحصت ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض، ولو كان
فيما بين قرنه إلى قدميه ذنوب حطها الله عنه، وهي: الوفاء بما يجعل لله على نفسه،
وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس، وحسن الخلق مع الاهل
والناس الخبر (4)
(1) البقرة: 27 (2) الانعام: 152 (3)
الاعراف: 102 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 43
[261]
(75) * (باب) * * (ثواب تمنى الخيرات ومن
سن سنة) * " (عدل على نفسه، ولزوم الرضا بما فعله) " " (الانبياء والائمة (عليهم
السلام)) " أقول: قد مضى في باب تضاعف الحسنات ما يشيد بنيان هذا الباب 1 - ل، ابن
المتوكل، عن محمد العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر عن علي بن مهزيار، عن فضالة،
عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تمنى شيئا وهو الله عزوجل رضا لم يخرج من
الدنيا حتى يعطاه (1) لى: ابن إدريس، عن الحسين بن إسحاق مثله (2) 2 - سن: أبي، عن
الحسن بن علي بن يقطين، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: مامن مؤمن سن على نفسه سنة حسنة أو شيئا من الخير ثم حال بينه
وبين ذلك حائل إلا كتب الله له ما أجرى على نفسه أيام الدنيا (3) 3 - سن: ابن
محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد
المؤمن الفقير ليقول يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم
الله ذلك منه بصدق نيته كتب الله له من الاجر مثل ما يكتب له لو عمله، إن الله واسع
كريم (4)
(1) الخصال ج 1 ص 6 (2) أمالى الصدوق 345
(3) المحاسن: 28 (4) المحاسن: 261
[262]
4 - سن: محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد
الله بن حماد الانصاري، عن الصباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عيينة
قال: لما قتل أمير - المؤمنين (عليه السلام) الخوارج يوم النهروان قام إليه رجل
فقال: يا أمير المؤمنين [طوبى لنا إذ شهدنا، معك هذا الموقف، وقتلنا معك هؤلاء
الخوارج فقال أمير المؤمنين (عليه السلام)] (1) والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد
شهدنا في هذا الموقف اناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد، فقال الرجل: وكيف
يشهدنا قوم لم يخلقوا ؟ قال: بلى قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه،
ويسلمون لنا، فاولئك شركاؤنا فيما كنا فيه حقا حقا (2) 5 - سن: محمد بن سلمة رفعه
قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمرا
فقد دخل فيه ومن سخطه فقد خرج منه (3) 6 - سن: ابن بزيع، عن جعفر بن بشير، عن عبد
الكريم بن عمرو الخثعمي عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو
أن أهل السماوات والارض لم يحبوا أن يكونوا شهدوا مع رسول الله (صلى الله عليه
وآله) لكانوا من أهل النار (4)
(1) ما بين العلامتين زيادة من المصدر (2
- 4) المحاسن: 262
[263]
(76) * (باب) * * (الاستعداد للموت) * 1 -
لى (1) ن: المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن أبي محمد العسكري عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قيل لامير المؤمنين (عليه السلام) ما الاستعداد للموت ؟ قال: أداء
الفرائض، واجتناب المحارم، والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي أوقع على الموت أم
وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه (2)
2 - لى: في خطبة الوسيلة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا غائب أقرب من الموت،
أيها الناس إنه من مشى على وجه الارض فانه يصير إلى بطنها، والليل والنهار مسرعان
في هدم الاعمار، ولكل ذي رمق قوت، ولكل حبة آكل وأنت قوت الموت، وإن من عرف الايام
لم يغفل عن الاستعداد لن ينجو من الموت غني بماله، ولا فقير لاقلاله (3) 3 - لى:
أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن ابن أبي نجران، عن ابن حميد، عن ابن قيس، عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة إذا صلى العشاء الاخرة
ينادي الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد: أيها الناس تجهزوا رحمكم الله فقد نودي
فيكم بالرحيل، فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل، تجهزوا رحمكم الله
وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد، وهو التقوى، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد،
وممركم على الصراط والهول الاعظم أمامكم، وعلى طريقكم عقبة كؤد، ومنازل مهولة
مخوفة، لابد
(1) أمالى الصدوق: 67 (2) عيون الاخبار ج
1 ص 297 (3) أمالى الصدوق: 193
[264]
لكم من الممر عليها، والوقوف بها، فإما
برحمة من الله فنجاة من هولها، وعظم خطرها، وفظاعة منظرها، وشدة مختبرها، وإما
بهلكة ليس بعدها انجبار (1) 4 - ما: فيما كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أهل
مصر: عباد الله إن الموت ليس منه فوت، فاحذروا قبل وقوعه، وأعدوا له عدته، فانكم
طرد الموت إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت
معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم
من الشهوات، وكفى بالموت واعظا وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا ما يوصي
أصحابه بذكر الموت، فيقول: أكثروا ذكر الموت، فانه هادم اللذات، حايل بينكم وبين
الشهوات (2) 5 - ما: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الموت طالب ومطلوب، لا يعجزه
المقيم ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلوا، فانه ليس عن الموت محيص، إنكم إن لم
تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لالف ضربة بالسيف على الرأس أهون من موت على
فراش (3) 6 - ما: ومن كلامه (عليه السلام) أيها الناس أصبحتم أغراضا، تنتضل فيكم
المنايا (4) وأموالكم نهب للمصائب، ما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص وما
شربتموه من شراب فلكم فيه شرق (5) وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها
إلا بفراق اخرى تكرهونها، أيها الناس وإنا خلقنا وإياكم
(1) أمالى الصدوق: 298 (2) أمالى الطوسى ج
1 ص 27 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 220 (4) الاغراض جمع غرض - بالتحريك - وهوما ينصب
هدفا للترامي، ومعنى تنتضل فيه: أي تترامى إليه والمنايا جمع منية وهو الموت ووجه
التشبيه ظاهر (5) الشرق: انعقاد الماء ووقوفه في الحلق، والغصص في مقابله وهو
انعقاد اللقمة المأكولة ووقوفها في الحلق (*)
[265]
للبقاء لا للفناء، ولكنكم من دار [إلى
دار] تنقلون، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه والسلام (1) 7 - لى: ابن
المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن سمع الصادق قال: كان (عليه السلام)
يقول: اعمل على مهل، فانك ميت * واختر لنفسك أيها الانسان فكأنما قد كان لم يك إذ
مضى * وكأنما هو كائن قد كان (2) 8 - مص: قال الصادق (عليه السلام): لو لم يكن
للحساب مهولة إلا حياء العرض على الله عزوجل، وفضيحة هتك الستر على المخفيات، لحق
للمرء ألا يهبط من رؤس الجبال، ولا يأوي إلى عمران، ولا يأكل، ولا يشرب، ولا ينام
إلا عن اضطرار متصل بالتلف، ومثل ذلك يفعل من يرى القيامة بأهوالها، وشدائدها قائمة
في كل نفس ويعاين بالقلب الوقوف بين يدي الجبار، حينئذ يأخذ نفسه بالمحاسبة كأنه
إلى عرصاتها مدعو، وفي غمراتها مسؤل، قال الله عزوجل " وإن كان مثقال حبة من خردل
أتينا بها وكفى بناحاسبين " (3) وقال بعض الائمة: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا،
وزنوا أعمالكم بميزان الحياء قبل أن توزنوا (4) وقال أبو ذر رحمة الله عليه: ذكر
الجنة موت، وذكر النار موت، فواعجبا لنفس تحيى بين موتين
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 220، وترى هذا
الكلام في نهج البلاغة مع اختلاف تارة في قسم الخطب تحت الرقم 143، وتارة في قسم
الحكم تحت الرقم 191، واكثر خطبه وكلماته (عليه السلام) في الاستعداد للموت (2)
أمالى الصدوق: 293 (3) الانبياء: 47 (4) رواه في كتاب محاسبة النفس عن النبي (صلى
الله عليه وآله)، كما مرفى ج 70 ص 73
[266]
وروي أن يحيى بن زكريا (عليه السلام) كان
يفكر في طول الليل في أمر الجنة والنار، فيسهر ليله ولا يأخذه نوم، ثم يقول عند
الصباح: اللهم أين المفر وأين المستقر اللهم إلا إليك (1) 9 - ضه:، قال سلمان رضي
الله عنه عجبت لست: ثلاث أضحكتني وثلاث أبكتني: فأما التي أبكتني ففراق الاحبة محمد
وحزبه، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الله عزوجل، وأما الذي أضحكتني فطالب الدنيا
والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أرضي الله أم سخط 10 -
ين: فضالة، عن سعدان الواسطي، عن عجلان أي صالح قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام): يا باصالح إذا حملت جنازة فكن كأنك أنت المحمول، أو كأنك سألت ربك الرجوع
إلى الدنيا لتعمل، فانظر ما تستأنف، قال: ثم قال: عجبا حبس أولهم على آخرهم، ثم
نادى منادفيهم بالرحيل وهم يلعبون 11 - ين: ابن أبي عمير، عن الحكم بن أيمن، عن
داود الابزاري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ينادي مناد كل يوم: ابن آدم لد
للموت واجمع للفناء، وابن للخراب 12 - ين: ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي عبيدة
قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك حدثني بما أنتفع به، فقال: يا با
عبيدة أكثر ذكر الموت، فما أكثر ذكر الموت إنسان إلا زهد في الدنيا 13 - ين: علي بن
النعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الموت الموت جاء الموت بما
فيه، جاء بالروح والراحة، والكرة المباركة إلى جنة عالية لاهل دار الخلود الذين كان
لها سعيهم، وفيها رغبتهم وقال: إذا استحقت ولاية الشيطان والشقاوة جاء الامل بين
العينين، وذهب الاجل وراء الظهر
(1) مصباح الشريعة: 58
[267]
قال: وقال سئل رسول الله (صلى الله عليه
وآله): أي المؤمنين أكيس ؟ قال: أكثرهم ذكرا للموت، وأشدهم له استعدادا 14 - ين:
ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:، جاء جبرئيل
(عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد عش ما شئت فانك ميت،
واحبب من شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فانك ملاقيه قال ابن أبي عمير: وزاد فيه
ابن سنان: يا محمد شرف المؤمن صلاته بالليل وعزه كفه الاذى عن الناس 15 - ين:
فضالة، عن إسماعيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه قال: كان عيسى بن مريم
(عليه السلام) يقول: هول لا تدري متى يلقاك، ما يمنعك أن تستعد له قبل أن يفجأك 16
- نهج: قال (عليه السلام): من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير (1) 17 -
دعوات الراوندي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: " ولا تنس نصيبك
من الدنيا " (2) أي لا تنس صحتك وقوتك، وفراغك وشبابك، ونشاطك وغناك أن تطلب به
الاخرة وقيل لزين العابدين (عليه السلام) ماخير ما يموت عليه العبد ؟ قال: أن يكون
قد فرغ من أبنيته ودوره وقصور، قيل: وكيف ذلك ؟ قال: أن يكون من ذنوبه تائبا وعلى
الخيرات مقيما، يرد على الله حبيبا كريما وقال النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من
مات ولم يترك درهما ولا دينارا لم يدخل الجنة أغنى منه وقال أبو عبد الله (عليه
السلام): إذا أويت إلى فراشك فانظر ما سلكت في بطنك وما كسبت في يومك، واذكر أنك
ميت، وأن لك معادا
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 227 (2) القصص: 77
[268]
(77) * (باب) * * (العفاف وعفة البطن
والفرج) * الايات: الاحزاب: الحافظين فروجهم والحافظات (1) المعارج: والذينهم
لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين * فمن ابتغى
وراء ذلك فاولئك هم العادون (2) 1 - كا: عن علي، عن أبيه، عن حمادبن عيسى، عن حريز،
عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشئ أفضل من عفة بطن وفرج (3)
بيان: العفة في الاصل الكف قال في القاموس: عف عفا وعفافا وعفافة بفتحهن وعفة
بالكسر، فهو عف وعفيف كف عما لا يحل ولا يجمل كاستعف وتعفف (1) وقال الراغب: العفة
حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة
والقهر، وأصله الاقتصار على تناول الشئ القليل الجاري مجري العفافة والعفة أي
البقية من الشئ أو مجرى العفعف، وهو ثمر الاراك والاستعفاف طلب العفة انتهى (5)
وتطلق في الاخبار غالبا على عفة البطن والفرج وكفهما عن مشتهياتهما المحرمة، بل
المشتبهة والمكروهة أيضا، من المأكولات والمشروبات والمنكوحات، بل من مقدماتهما من
تحصيل الاموال المحرمة لذلك ومن القبلة واللمس والنظر إلى المحرم، ويدل على أن ترك
المحرمات من العبادات
(1) الاحزاب: 35 (2) المعارج: 29 - 31 (3)
الكافي ج 2 ص 79 (4) القاموس ج 3 ص 177 (5) مفردات الراغب: 339
[269]
وكونهما من أفضل العبادات، وكون العفتين
من أفضل العبادات لكونهما أشقهما 2 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إن
أفضل العبادة عفة البطن والفرج (1) 3 - كا: عن العدة، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن
محمد الاشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: أفضل العبادة العفاف (2) بيان: يمكن حمل
العفاف هنا على ما يشمل ترك جميع المحرمات 4 - كا: عن العدة، عن أحمد بن أبي عبد
الله، عن أبيه، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلى أبي عثمان، عن
أبي بصير قال: قال رجل لابي جعفر (عليه السلام): إني ضعيف العمل قليل الصيام، ولكني
أرجو أن لا أكل إلا حلالا، قال: فقال له: وأي الاجتهاد أفضل من عفة بطن وفرج (3)
بيان: الاجتهاد بذل الوسع في طلب الامر والمراد هنا المبالغة في الطاعة 5 - كا: عن
علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكثر ما تلج به امتي النار الاجوفان: البطن والفرج
وباسناده المتقدم وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث أخافهن بعدي على
امتي الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج (4) بيان: ما تلج أي
تدخل وفي النهاية الاجوف الذي له جوف، ومنه الحديث أن لا تنسوا الجوف، وماوعا، أي
ما يدخل إليه من الطعام والشراب ويجمع فيه، وقيل أراد بالجوف القلب وما وعى وحفظ من
معرفة الله تعالى، وقيل: أراد بالجوف البطن والفرج معاومنه الحديث إن أخوف ما أخاف
عليكم الاجوفان
(1 - 4) الكافي ج 2 ص 79
[270]
" وباسناده " الضمير لعلي أو للسكوني،
وعلى التقديرين المراد بالاسناد الاسناد السابق، وقيل: ليس هذا في نسخة الشهيد
الثاني ره وأقول: قد وقعت الامة في كل ما خاف (صلى الله عليه وآله) عليهم إلا من
عصمه الله وهم قليل من الامة 6 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار،
عن بعض أصحابه عن ميمون القداح قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: مامن عبادة
أفضل من عفة بطن وفرج (1) 7 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن
الحكم، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: مامن
عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج (2) 8 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن الفضل بن
حباب، عن عبد الواحد بن سليمان، عن أبيه، عن الاجلح الكندي، عن نافع، عن ابن عمر
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي
السائل الملحف (3) 9 - ل: أبي، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن
أبي خلف، عن نجم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا نجم كلكم في الجنة
معنا إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك وبدت عورته، قال: قلت له:
جعلت فداك وإن ذلك لكائن ؟ قال: نعم إن لم يحفظ فرجه وبطنه (4) 10 - ل: ابن الوليد،
عن الصفار، عن ابن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران عن ابن رباط، عن الحضرمي، عن بعض
أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بروا آباءكم يبركم أبناؤكم، وعفوا عن
نساء الناس تعف نساؤكم (5)
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 80 (3) أمالى الطوسى
ج 1 ص 37 (4) الخصال ج 1 ص 15 (5) الخصال ج 1 ص 29
[271]
11 - ب: محمد بن عيسى، عن القداح، عن
جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): استحيوا من
الله حق الحيا، قالوا وما نفعل يارسول الله ؟ قال: فان كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم
إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ الرأس وما وعا، والبطن وما حوى، وليذكر القبر والبلى،
ومن أراد الاخرة فليدع زينة الحياة الدنيا (1) 12 - لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن
ابن هاشم، عن القداح مثله (2) 13 - ل: الخليل بن أحمد، عن معاذ، عن الحسين المروزي،
عن محمد بن عبيد، عن داود الاودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه
وآله) قال: إن أول ما يدخل النار من امتي الاجوفان، قالوا: يارسول الله (صلى الله
عليه وآله) وما الاجوفان ؟ قال: الفرج والفم، وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله
وحسن الخلق (3) اقول: قد مضى بعض الاخبار في باب صفات الشيعة 14 - ل: الفامي، عن
محمد بن جعفر، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن الحسن بن أبي الحسين، عن عبد الله بن
الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): من سلم من امتي أربع خصال فله الجنة: من الدخول في الدنيا،
واتباع الهوى، وشهوة البطن، وشهوة الفرج (4) 15 - فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: في قوله تعالى " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري
سوآتكم وريشا " (5) فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال،
وأما لباس التقوى
(1) قرب الاسناد ص 13 في ط وص 18 في ط (2)
أمالى الصدوق 366 (3) الخصال ج 1 ص 39 (4) الخصال ج 1 ص 106 (5) الاعراف: 26
[272]
فالعفاف، إن العفيف لا تبدوله عورة، وإن
كان عاريا من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسيا من الثياب، يقول الله "
ولباس التقوى ذلك خير " يقول العفاف خير " ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون " (1) 16
- ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): ثلاث أخافهن على امتي من بعدى: الضلالة بعد المعرفة، ومضلاة
الفتن، وشهوة البطن والفرج (2) صح: عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) مثله (3) 17
- ن: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول من يدخل الجنة
شهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده، ورجل عفيف متعفف ذوعبادة (4) صح:، عن
الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) مثله (5) ما: المفيد، عن عمربن محمد الصيرفي، عن
علي بن مهرويه، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام مثله (6) أقول:
قد مضى بعض الاخبار في باب الورع وفي باب المكارم 18 - مع: علي بن عبد الله المذكر،
عن علي بن أحمد الطبري، عن الحسن ابن علي بن زكريا، عن خراش مولى أنس، عن أنس قال:
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أصحابه فقال: من ضمن لي اثنين ضمنت له
الجنة فقال أبو هريرة: فداك أبي وامي يارسول الله ! أنا أضمنهما لك، ماهما ؟ قال:
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه، ضمنت
له الجنة
(1) تفسير القمى 213 (2) عيون الاخبار ج 2
ص 29 (3) صحيفة الرضا (عليه السلام): ص 4 (4) عيون الاخبار ج 2 ص 28 (5) صحيفة
الرضا (عليه السلام): ص 3 (6) أمالى الطوسى ج 1 ص 158، لكنه مثل الحديث الرقم 16
[273]
يعني من ضمن لي لسانه وفرجه، وأسباب
البلايا تنفتح من هذين العضوين وجناية اللسان الكفر بالله، وتقول الزور والبهتان،
والالحاد في أسماء الله وصفاته والغيبة والنميمة، وكل ذلك من جنايات اللسان، وجناية
الفرج الوطي حيث لا يحل النكاح ولاملك يمين، قال الله تبارك وتعالى " والذينهم
لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أوما ملكت إيمانهم فانهم غير ملومين * فمن ابتغى
وراء ذلك فاولئك هم العادون " (1) 17 - مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن
علي بن حفص القرشي، عن رجل من أصحابنا يقال له إبراهيم: قال سئل الحسن (عليه
السلام): عن المروة فقال: العفاف في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على
النائبة (2) 18 - سن: أبي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن معلى أبي عثمان، عن أبي
بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال له رجل: إني ضعيف العمل قليل الصلاة قليل
الصوم، ولكن أرجو أن لا أكل إلا حلالا، ولا أنكح إلا حلالا، فقال: وأي جهاد أفضل من
عفة بطن وفرج (3) 19 - سن: ابن محبوب، عن عبد الله بن غالب الاسدي، عن ثابت أبي
المقدام عن أبي برزة وكان مكفوفا وكان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
حديث له طويل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أخاف عليكم بعدي إلا
ثلاثا: الجهل بعد المعرفة ومضلات الفتن، وشهوات العين من البطن والفرج (4) 20 - صح:
عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما
أكثر ما يدخل الجنة ؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل
(1) معاني الاخبار 411، والاية في
المؤمنون 50 (2) معاني الاخبار ص 258 (3) المحاسن: 292 (4) المحاسن: 295 وفيه شهوات
العنت
[274]
النار قال: الا جوفان: البطن والفرج (1)
21 - ين: صفوان بن يحيى، عن أبي خالد، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله) أعرابي فقال له: أوصني يارسول الله
فقال: نعم اوصيك بحفظ مابين رجليك 22 - مشكوة الانوار: عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: اوصيكم بحفظ مابين رجليك وما بين لحييك (2) (78) * (باب) * * (السكوت
والكلام وموقعهما وفضل الصمت) * * (وترك مالا يعنى من الكلام) * الايات: المائدة:
يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم - إلى قوله تعالى: قد
سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (3) 1 - ج: سئل علي بن الحسين (عليهما
السلام) عن الكلام والسكوت أيهما أفضل ؟ فقال (عليه السلام): لكل واحد منهما آفات،
فإذا سلما من الافات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: كيف ذلك يا ابن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) قال: لان الله عزوجل ما بعث الانبياء والاوصياء بالسكوت، إنما
بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا
توقيت النار بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام، ماكنت لاعدل القمر بالشمس، إنك تصف فضل
السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت (4)
(1) صحيفة الرضا: 12 (2) مشكاة الانوار:
(3) المائدة: 101 - 102 (4) الاحتجاج: 172، ط النجف
[275]
2 - لى: أبي، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن
ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم، عن سليمان بن خالد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم
السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: جمع الخير كله في ثلاث خصال: النظر،
والسكوت، والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة،
وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره عبرا وسكوته فكرا وكلامه ذكرا
وبكى على خطيئته، وآمن الناس شره (1) ثو: ابن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن
اليقطيني، عن يونس، عن أبي أيوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) من أمير
المؤمنين (عليه السلام) مثله (2) سن: أبي، عمن ذكره، عن الصادق (عليه السلام) مثله
(3) لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن مرار، عن يونس عن أبي أيوب، عن
أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وذكر
مثله (4) ل: ابن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس مثله (5) مع:
أبي، عن سعد، عن اليقطيني مثله (6) 3 - لى: عن الباقر، عن آبائه (عليهم السلام) عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لاحافظ أحفظ من الصمت (7)
(1) أمالى الصدوق 18 (2) ثواب الاعمال:
161 (3) المحاسن: 5 (4) أمالى الصدوق: 67 (5) الخصال: 49 (6) معاني الاخبار 344 (7)
أمالى الصدوق: 193
[276]
4 - لى: الدقاق، عن الصوفي، عن الروياني،
عن عبد العظيم الحسني، عن سليمان الجعفري، عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: مر أمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب برجل يتكلم بفضول
الكلام، فوقف عليه، ثم قال: يا هذا إنك تملي على حافظيك كتابا إلى ربك فتكلم بما
يعنيك ودع مالا يعنيك (1) 5 - مع (2) لى: قال رسول الله: أعظم الناس قدرا من ترك
مالا يعنيه (3) 6 - لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن سعدان بن مسلم عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: النوم راحة للجسد، والنطق راحة للروح، والسكوت
راحة للعقل (4) 7 - ن (5) لى: ابن موسى، عن الصوفي، عن الروياني، عن عبد العظيم عن
أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: المرء محبوء
تحت لسانه (6) أقول: سيأتي في باب مواعظه باسناد آخر (7) 8 - ب: ابن عيسى، عن
البزنطي، عن الرضا (عليه السلام) قال: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن
الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة، وهو دليل على الخير (8) 9 - ن
(9) ل: أبي، عن الكمنداني، عن ابن عيسى، عن البزنطي عنه
(1) أمالى الصدوق: 21 (2) معاني الاخبار:
195 (3) أمالى الصدوق: 14 (4) أمالى الصدوق: 264 (5) عيون الاخبار ج 2 ص 54 (6)
أمالى الصدوق: 268 (7) راجع نهج البلاغة قسم الحكم 148 (8) قرب الاسناد: 216 ط
النجف (9) عيون الاخبار ج 1 ص 258
[277]
(عليه السلام) مثله وفيه أنه دليل على كل
خير (1) 10 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن على لسان كل قائل رقيبا، فليتق الله العبد،
ولينظر ما يقول: (2) وقال: من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه (3) 11 - ل: حمزة
العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن زياد ابن مروان، عن أبي وكيع، عن
أبي إسحاق، عن الحارث، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: مامن شئ أحق بطول السجن
من اللسان (4) 12 - ثو (5) ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن موسى ابن
عمران، عن علي بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا (6) ثو:
أبي، عن محمد بن يحيى، عن الاشعري مثله (7) 13 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر،
عن أبيه (عليهما السلام) قال: إن داود قال لسليمان عليهما جميعا السلام: يا بني
إياك وكثرة الضحك، فان كثرة الضحك تترك العبد حقيرا يوم القيامة، يا بني عليك بطول
الصمت، إلا من خير فان الندامة على طول الصمت مرة واحدة، خير من الندامة على كثرة
الكلام مرات
(1) الخصال ج 1 ص 76 (2 و 3) قرب الاسناد:
ص 45 ط النجف (4) الخصال ج 1 ص 11 (5) ثواب الاعمال ص 149 (6) الخصال ج 1 ص 11 (7)
ثواب الاعمال ص 162
[278]
يا بني لو أن الكلام كان من فضة ينبغي
للصمت أن يكون من ذهب (1) 14 - ثو (2) ل: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن محمد
بن السندي عن علي بن الحكم، عن إبراهيم بن مهزم، عن الثمالي، عن علي بن الحسين
(عليهما السلام) قال: إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم ؟
فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب بك
ونعاقب بك (3) 15 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن ربيع بن محمد
المسلي، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما عبد الله بشي
أفضل من الصمت والمشي إلى بيته (4) كتاب الغايات: مرسلا مثله وفيه مثل الصمت 16 -
ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه
(عليهما السلام) قال: قال أبو ذر رحمة الله عليه: اجعل الدنيا كلمتين: كلمة في طلب
الحلال، وكلمة للاخرة، والثالثة تضر ولا تنفع، فلا تردها الخبر (5) 17 - ل: القاسم
بن محمد السراج، عن محمد بن أحمد الضبي، عن محمد بن عبد العزيز، عن عبيدالله بن
موسى، عن سفيان الثوري، عن الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه قال: يا سفيان
أمرني والدي (عليه السلام) بثلاث ونهاني عن ثلاث فكان فيما قال لي: يا بني من يصحب
صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم، ثم
أنشدني:
(1) قرب الاسناد ص 33 ط حجر وص 46 ط النجف
(2) ثواب الاعمال ص 212 (3) الخصال ج 1 ص 6 (4) الخصال ج 1 ص 19 (5) الخصال ج 1 ص
21 مع اختلاف
[279]
عود لسانك قول الخير تحظ به * إن اللسان
لما عودت معتاد موكل بتقاضي ما سننت له * في الخير والشر فانظر كيف تعتاد (1) اقول:
قد مضى في باب جوامع المكارم (2) 18 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن
علي بن مهزيار باسناده رفعه قال: يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء
تسعة منها في اعتزال الناس، وواحدة في الصمت (3) ثو: ابن الوليد، عن محمد بن يحيى،
عن الاشعري، عن ابن معروف مثله (4) 19 - مع (5) ل: في وصايا أبي ذر قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه،
حافظا للسانه، فان من حسب كلامه من عمله قل كلامه، إلا فيما يعنيه وقال (صلى الله
عليه وآله): عليك بطول الصمت فانه مطردة للشيطان، وعون لك على أمر دينك (6) 20 - ل:
ماجيلويه، عن عمه، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث منجيات: تكف لسانك، وتبكي على خطيئتك،
وتلزم بيتك (7) 21 - ل: أبي، عن سعد، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن حماد بن عيسى
(1) الخصال ج 1 ص 80 (2) مرباب جوامع
المكارم في ج 69 ص 332 - 414، ولا يوجد مثله في ذاك الباب (3) الخصال ج 2 ص 54 (4)
ثواب الاعمال ص 162 (5) معاني الاخبار ص 334 (6) الخصال ج 2 ص 104 (7) الخصال ج 1 ص
42
[280]
قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن
أردت أن تقرعينك، وتنال خير الدنيا والاخرة فاقطع الطمع مما في أيدي الناس، وعد
نفسك في الموتى، ولا تحدثن نفسك أنك فوق أحد من الناس، واخزن لسانك كما تخزن مالك
(1) 22 - ن: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن محمد، عن أبيه، عن
ابن أسباط والحجال أنهما سمعا الرضا (عليه السلام) يقول: كان العابد من بني -
إسرائيل لا يتعبد حتى يصمت عشر سنين (2) 23 - مع: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري،
عن موسى بن عمر، عن موسى بن بكر، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى
النبي أعرابي فقال له: ألست خيرنا أبا واما، وأكرمنا عقبا ورئيسنا في الجاهلية،
والاسلام ؟ فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا أعرابي كم دون لسانك من حجاب
؟ قال: اثنان شفتان وأسنان فقال (عليه السلام): فما كان في أحد هذين ما يرد عنا غرب
لسانك هذا (3) أما إنه لم يعط أحد في دنياه شئ هو أضر له في آخرته من طلاقة لسانه،
يا علي قم فاقطع لسانه فظن الناس أنه يقطع لسانه، فأعطاه دراهم (4) 24 - ما: فيما
أوصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) عند وفاته: الزم الصمت تسلم (5) 25 - مع: عن
الحسن بن علي صلوات الله عليه قال: نعم العون الصمت في مواطن كثيرة، وإن كنت فصيحا
(6) 26 - مع: علي بن عبد الله بن أحمد المذكر، عن علي بن أحمد الطبري
(1) الخصال ج 1 ص 60 (2) عيون الاخبار ج 2
ص 12 (3) قال الجوهرى: يقال لحد السيف غرب، وغرب كل شئ حده، يقال: في لسانه غرب أي
حدة وغرب الفرس حدته وأول جريه، تقول: كففت من غربه (4) معاني الاخبار ص 171 (5)
أمالى الطوسى ج 1 ص 7 (6) معاني الاخبار ص 401
[281]
عن الحسن بن علي بن زكريا، عن خراش مولى
أنس، عن أنس قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أصحابه فقال: من ضمن لي
اثنين ضمنت له الجنة فقال أبو هريرة: فداك أبي وامي يا رسول الله (صلى الله عليه
وآله): أنا أضمنهما لك ماهما ؟ قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من ضمن
لي ما بين لحييه وما بين رجليه، ضمنت له الجنة يعني من ضمن لي لسانه وفرجه، وأسباب
البلايا تنفتح من هذين العضوين، و جناية اللسان الكفر بالله، وتقول الزور والبهتان،
والالحاد في أسماء الله وصفاته والغيبة والنميمة وكل ذلك من جنايات اللسان، وجناية
الفرج الوطي حيث لا يحل النكاح، ولاملك يمين، قال الله تبارك وتعالى: " والذينهم
لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى
وراء ذلك فاولئك هم العادون " (1) 27 - لى: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اخزن
لسانك، وعد كلامك يقل كلامك إلا بخير (2) 28 - ما: المفيد، عن التمار، عن محمد بن
أحمد، عن جده، عن علي بن حفص، عن إبراهيم بن الحارث، عن عبد الله بن دينار، عن ابن
عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان
كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسو القلب إن أبعد الناس من الله القلب القاسي (3) 29 -
ما: فيما أوصي به أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ابنه (عليه السلام) يا بني إنه
لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه (4) 30 - ما:
المفيد، عن الحسن بن حمزة الحسني، عن علي بن إبراهيم فيما
(1) معاني الاخبار ص 411، والاية في سورة
المؤمنون 5 - 7، وقد مر في الباب المتقدم تحت الرقم 16 ص 272 (2) أمالى الصدوق ص
237 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 1 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 146 (*)
[282]
كتب إلينا على يد أبي نوح الكاتب، عن
أبيه، عن ابن بزيع، عن عبيدالله بن عبد الله عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق
(عليه السلام): أنه قال لاصحابه: اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم الموقفة
(1): لا يتكلم أحدكم بمالا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه، حتى يجدله
موضعا، فرب متكلم في غير موضعه، جنى على نفسه بكلامه ولا يمارين أحدكم سفيها ولا
حليما فانه من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم
بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالاحسان
مأخوذ بالاجرام (2) 31 - ل: الاربعمائة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا
تقطعوا أنهاركم بكذا وكذا، وفعلنا كذا وكذا، فان معكم حفظة يحفظون علينا وعليكم،
وقال (عليه السلام): كفوا ألسنتكم وسلموا تسليما تغنموا (3) 32 - ع: ابن المتوكل،
عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عبد العظيم الحسني عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن
الفضل، عن محمد بن سليمان، عن رجل، عن الباقر (عليه السلام)
(1) الدهم - بالضم - جمع الادهم، وهومن
الخيل والابل: الشديد الورقة - أي السواد في غبرة - حتى ذهب البياض الذى فيه، فان
زاد على ذلك حتى اشتد السواد فهو جون، قاله الجوهرى، وقال: فرس موقف: إذا أصاب
الاوظفة منه بياض في موضع الوقف، ولم يعدها إلى أسفل وفوق، فذلك التوقيف وقال في
أقرب الموارد: الموقف من الخيل: الابرش أعلى الاذنين كأنهما منقوشتان ببياض ولون
سائره ماكان - أي لاقيد فيه - والحمار الذى كويت ذراعاه كيا مستديرا وقال الراغب:
حمار موقف: بأرساغه مثل الوقف (وهو سوار من عاج تلبسه المرأة) من البياض كقولهم فرس
محجل إذا كان به مثل الحجل، وفى التاج: دابة موقفة كمعظمة في قوائمها خطوط سود قال
الشماخ: وما أروى وان كرمت علينا * بأدنى من موقفة حرون (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 228
(3) الخصال ج 2 ص 157
[283]
قال: لا تقطع النهار عنك بكذا وكذا، فان
معك من يحصي عليك الخبر (1) 33 - ما جماعة، عن أبي المفضل، عن عبيدالله بن الحسن بن
إبراهيم العلوي عن أبيه، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه
(عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت أربعا أنزل الله تصديقي
بها في كتابه قلت: المرء مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم ظهر، فأنزل الله تعالى: "
ولتعرفنهم في لحن القول " (2) قلت: فمن جهل شيئا عاداه فأنزل الله " بل كذبوا بما
لم يحيطوا بعلمه " (3) وقلت: قدر - أو قيمة - كل امرء ما يحسن فأنزل الله في قصة
طالوت " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " (4) وقلت: القتل يقل
القتل، فأنزل الله " ولكم في القصاص حيوة يا اولي الالباب " (5) 34 - فس: قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من كلامه 35 -
ص: إن آدم (عليه السلام) لما كثر ولده، وولد ولده، كانوا يحدثون عنده وهو ساكت،
فقالوا: يا أبه مالك لا تتكلم ؟ فقال: يا بني إن الله جل جلاله لما أخرجني من
جواره، عهد إلى وقال: أقل كلامك ترجع إلى جواري 36 - ثو: أبي، عن سعد، عن معاوية بن
حكيم، عن معمر بن خلاد، عن الرضا، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): نجاة المؤمن في حفظ لسانه وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من حفظ
لسانه ستر الله عورته (6) 37 - سن: ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن مالك بن
أعين وعن ابن فضال، عن أبي جميلة النخاس، عن مالك بن أيمن قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام)
(1) علل الشرائع ج 2 ص 286 (2) القتال: 30
(3) يونس: 39 (4) البقرة: 247 (5) أمالى الطوسى ج 2 ص 108، والاية الاخيرة في
البقرة: 179 (6) ثواب الاعمال ص 166
[284]
أما ترضون أن تقيموا الصلاة، وتؤتوا
الزكاة، وتكفوا ألسنتكم، وتدخلوا الجنة (1) قال: ورواه أبي، عن علي بن النعمان، عن
ابن مسكان 38 - مص: قال الصادق (عليه السلام): الصمت شعار المحققين بحقائق ما سبق
وجف القلم به، وهو مفتاح كل راحة من الدنيا والاخرة، وفيه رضا الرب و تخفيف الحساب،
والصون من الخطايا والزلل، قد جعله الله سترا على الجاهل وزينا للعالم، ومعه عزل
الهواء، ورياضة النفس، وحلاوة العبادة، وزوال قسوة القلب، والعفاف والمروة والظرف
(2) فأغلق باب لسانك عمالك بد منه، لاسيما إذا لم تجد أهلا للكلام والمساعد في
المذاكرة لله وفي الله وكان ربيع بن خثيم يضع قرطاسا بين يديه ويكتب ما يتكلم ثم
يحاسب نفسه في عشيته ماله وما عليه، ويقول أوه (3) نجا الصامتون وبقينا وكان بعض
أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضع حصاة في فمه فإذا أراد أن يتكلم بما علم
أنه لله وفي الله ولوجه الله أخرجها، وإن كثيرا من الصحابة كانوا يتنفسون تنفس
الغرقى، ويتكلمون شبه المرضى، وإنما سبب هلاك الخلق ونجاتهم الكلام والصمت فطوبى
لمن رزق معرفة عيب الكلام وصوابه، وعلم الصمت وفوائده، فان
(1) المحاسن ص 166 (2) يعنى الكياسة (3)
قال الجوهرى: قولهم عند الشكاية: أوه من كذا ساكنة الواو - يعنى مع فتح الهمزة -
انما هو توجع قال الشاعر: فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها * ومن بعد أرض بيننا وسماء
وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: آه من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء
[285]
ذلك من أخلاق الانبياء، وشعار الاصفياء،
ومن علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت ومن أشرف على ما في لطائف الصمت وائتمنه على
خزائنه كان كلامه وصمته كله عبادة، ولا يطلع على عبادته إلا الملك الجبار (1) 39 -
مص: قال الصادق (عليه السلام): الكلام إظهار ما في قلب المرء من الصفا و الكدر،
والعلم والجهل، قال أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): المرء مخبوء تحت
لسانه، فزن كلامك، واعرضه على العقل والمعرفة، فان كان لله وفي الله فتكلم به، وإن
كان غير ذلك فالسكوت خير منه وليس على الجوارح عبادة أخف مؤنة، وأفضل منزلة، وأعظم
قدرا عند الله من الكلام في رضاالله ولوجهه، ونشر آلائه ونعمائه في عباده، ألا ترى
أن الله عزوجل لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه
ومخزونات وحيه، غير الكلام، وكذلك بين الرسل والامم، ثبت بهذا أنه أفضل الوسائل
والكلف والعبادة (2) وكذلك لا معصية أنغل على العبد وأسرع عقوبة عند الله وأشدها
ملامة و أعجلها سآمة عند الخلق منه واللسان ترجمان الضمير، وصاحب خبر القلب، و به
ينكشف ما في سر الباطن، وعليه يحاسب الخلق يوم القيامة، والكلام خمر تسكر العقول
ماكان منه لغير الله، وليس شئ أحق بطول السجن من اللسان قال بعض الحكماء: احفظ
لسانك عن خبيث الكلام، وفي غيره لا تسكت إن استطعت، فأما السكينة فهي هيئة حسنة
رفيعة من الله عزوجل لاهلها، وهم امناء أسراره في أرضه (3) 40 - سر: ابن محبوب، عن
عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنما شيعتنا
الخرس
(1) مصباح الشريعة ص 20 (2) في المصدر
المطبوع " وألطف العبادة " (3) مصباح الشريعة ص 30
[286]
41 - ضه: قال علي بن الحسين (عليهما
السلام): حق اللسان إكرامه عن الخنا (1) وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة
لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تقبلوا
لي ست خصال أتقبل لكم بالجنة: إذا حدثتم فلا تكذبوا، وإذا وعدتم فلا تخلفوا، وإذا
ائتمنتم فلا تخونوا، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم وألسنتكم وقال
الصادق (عليه السلام): كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا،
واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول وقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن
ذهبك وورقك، فرب كلمة سلبت نعمة ولا تقل مالا تعلم، فان الله سبحانه قد فرض على
جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة، هانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه،
ومن كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل
ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار 42 - جع: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): راحة الانسان في حبس اللسان، وقال: حبس اللسان سلامة الانسان وقال (عليه
السلام): بلاء الانسان من اللسان وقال (عليه السلام): سلامة الانسان في حفظ اللسان
وقال (عليه السلام): ذلاقة اللسان رأس المال، وقال عليه السلام: البلاء موكل
بالمنطق، وقال (عليه السلام): فتنة اللسان أشد من ضرب السيف وقال أمير المؤمنين
(عليه السلام): ضرب اللسان أشد من ضرب السنان، وقال الصادق (عليه السلام): نجاة
المرء في حفظ لسانه قال النبي (صلى الله عليه وآله): في الوصية لعلي: يا علي من خاف
الناس لسانه فهو من أهل النار
(1) الخنا - بالتحريك - الفحش من الكلام
[287]
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من
تقي (1) من مؤنة لقلقه وقبقبه وذبذبه (2) دخل الجنة وقال (صلى الله عليه وآله):
طوبى لمن أنفق فضلات ماله وأمسك فضلات لسانه وقال (صلى الله عليه وآله): إن الله
تعالى عند لسان كل قائل، وقال: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم
قلبه حتى يستقيم لسانه (3) 43 - ختص: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير
المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لمحمد بن الحنفية: واعلم أن اللسان كلب عقور، إن
خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك (4) 44 - ختص: عن
الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على
جوارحه، فيقول: كيف أصبحتم ؟ فيقولون: بخير إن تركتنا ويقولون: الله الله،
فيناشدونه ويقولون: إنما نثاب بك ونعاقب بك (5) 45 - ختص: معاوية بن وهب قال: قال
الصادق (عليه السلام): كان أبي يقول: قم
(1) تقى أصله وقى من الوقاية قال الجوهرى:
اتقى يتقى: أصله: اوتقى على افتعل فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وابدلت منها
التاء وأدغمت فلما كثر استعماله على لفظ الافتعال، توهموا أن التاء من نفس الحرف
فجعلوه اتقى يتقى بفتح التاء فيهما [مخففة] ثم لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه
به فقالوا: تقى يتقى مثل قضى يقضى قال أوس: تقاك بكعب واحد وتلذه * يداك إذا ما هز
بالكف يعسل (2) اللقلق: اللسان، يقال: حرك لقلقه: أي لسانه، واللقلق كل صوت في
اضطراب وحركة وقيل شدة الصوت في حركة واضطراب والقبقب: البطن والذبذب: الذكر قال في
اللسان: وفى الحديث " من وقى شر ذبذبه وقبقبه فقد وقى " أي فرجه وبطنه (3) جامع
الاخبار ص 109 (4) الاختصاص: 229، والعقر الجرح، والكلب العقور: العضوض (5)
الاختصاص: 230
[288]
بالحق ولا تعرض لما نابك واعتزل عما لا
يعنيك (1) 46 - ختص: قال الصادق (عليه السلام): استمعوا مني كلاما هو خير من الدرهم
المدقوقة (2) لاتكلمن بما لا يعنيك، ودع كثيرا من الكلام فيما يعنيك، حتى تجد له
موضعا فرب متكلم بحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارين سفيها ولا حليما فان الحليم
يقليك، والسفيه يرديك، واذكر أخاك إذا تغيب عنك بأحسن مما تحب أن يذكرك به إذا
تغيبت عنه، واعلم أن هذا هو العمل، واعمل عمل من يعلم أنه مجزي بالاحسان مأخوذ
بالاجرام (3) 47 - ختص: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه محمد بن الحنفية: لا
تقل مالا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم (4) 48 - ختص: عن جعفر بن محمد، عن أبيه
(عليهما السلام) قال: قال عيسى بن مريم: طوبى لمن كان صمته فكرا، ونظره عبرا، ووسعه
بيته، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من يديه ولسانه (5) 49 - ختص: قال الرضا (عليه
السلام): ما أحسن الصمت لامن عي والمهذار له سقطات (6) مشكوة الانوار: عن موسى بن
جعفر (عليهما السلام) مثله (7) 50 - ختص: داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: الصمت كنز وافر وزين الحليم وستر الجاهل (8) 51 - ختص:، قال الرضا
(عليه السلام): الصمت باب من أبواب الحكمة وإن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل
خير، وقال (عليه السلام): من علامات الفقه الحلم والعلم
(1) الاختصاص: 231 (2) الدرهم المدقوقة:
هو المكسور منها، ولا يعبأ بها، والكلمة مصحفة والصحيح " الدهم الموقفة: كما مر عن
أمالى الطوسى تحت الرقم 30 فراجع (3 - 4) الاختصاص: 231 (5 - 6) الاختصاص: 232،
والمهذار: الكثير الكلام. (7) مشكاة الانوار ص 175 (8) الاختصاص: 232
[289]
والصمت (1) 52 - ختص: قال الصادق (عليه
السلام): لا يزال الرجل المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو
مسيئا وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الرجل الصالح يجئ بخبر صالح،
والرجل السوء يجئ بخبر سوء (2) 53 - ختص: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن
كان الشر في شئ ففي اللسان (3) 54 - ين: محمد بن سنان، عن جعفر بن إبراهيم قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول من علم موضع كلامه من عمله قل كلامه فيما لا
يعنيه وقال أبو عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم
وجدال كل مفتون فان كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته فإذا انقضت مدته أحرقته
فتنته بالنار 55 - ين: ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه (عليهم
السلام) عن علي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين يقول: الكلام ثلاثة
فرابح وسالم وشاحب فأما الرابح فالذي يذكر الله، وأما السالم فالذي يقول ما أحب
الله، وأما الشاحب فالذي يخوض في الناس 56 - ين: محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن
الصيقل قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) جالسا فبعث غلاما له أعجميا في
حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله (عليه السلام) يستفهمه الجواب وجعل
الغلام لا يفهمه مرارا قال: فلما رأيته لايتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أن أبا عبد
الله (عليه السلام) سيغضب عليه قال: وأحد أبو عبد الله (عليه السلام) النظر إليه،
ثم قال: أما والله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب، ثم قال: إن الحياء والعي
- عي اللسان لاعي القلب - من الايمان والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق (4)
(1 - 2) الاختصاص: 232 (3) الاختصاص: 249
(4) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي مخطوط، تجد الحديث في أواخر باب الصمت الا
بخير وترك الرجل ملايعنيه، وهو أول باب من الكتاب، وقد نقله المؤلف =
[290]
57 - ين: إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه
رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وهل يكب الناس في النار إلا حصائد
ألسنتهم 58 - ين: النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه 59
- ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الرزاق بن سليمان بن غالب، عن الفضل بن المفضل
بن قيس بن رمانه، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة عن أبان بن أبي عياش، عن سليم
بن قيس، عن علي بن أبيطالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه (1) 60 - ما: ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن
محمد بن عيسى الضرير، عن محمد بن زكريا المكي، عن كثير بن طارق، عن زيد بن علي، عن
أبيه (عليه السلام) قال: سئل علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أفصح الناس، قال:
المجيب المسكت عند بديهة السؤال (2) 61 - دعوات الراوندي: قال الصادق (عليه
السلام): لا تتكلم بما لا يعنيك، ودع كثيرا من الكلام فيما يعنيك 62 - نهج: قال
(عليه السلام): اللسان سبع إن خلي عنه عقر (3) وقال (عليه السلام): هانت عليه نفسه
من أمر عليها لسانه (4) وقال (عليه السلام): إذا تم العقل نقص الكلام (5)
= في ج 47 ص 61 وفيه ثم قال: ان الحياء
والعفاف والعى الخ، وسيجئ في الباب 81 باب الحياء من الله ومن الخلق تحت الرقم 1
مثل مافى المتن (1) أمالى الطوسى ج 2 ص 235 (2) أمالى الطوسى ج 2 ص 314 (3) نهج
البلاغة ج 2 ص 156 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 143 (5) نهج البلاغة ج 2 ص 157
[291]
وقال (عليه السلام): المرء مخبوء تحت
لسانه (1) وقال (عليه السلام): لاخير في الصمت عن الحكم، كما أنه لاخير في القول
بالجهل (2) وقال (عليه السلام): من كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه
ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار (3) وقال
(عليه السلام): من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه (4) وقال (عليه
السلام): الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت وثاقه فاخزن لسانك كما
تخزن ذهبك وورقك، فرب كلمة سلبت نعمة [وجلبت نقمة] (5) وقال (عليه السلام): لا تقل
مالا تعلم، ولا تقل كل ما تعلم، فان الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج
بها عليك يوم القيامة (6) وقال (عليه السلام): تكلموا تعرفوا فان المرء مخبوء تحت
لسانه (7) وقال (عليه السلام): رب قول أنفذ من صول (8) وقال (عليه السلام): إياكم
وتهزيع الاخلاق وتصريفها (9) واجعلوا اللسان واحدا
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 181 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 186 (3 - 4) نهج البلاغة ج 2 ص 227 (5 - 6) نهج البلاغة ج 2 ص 237 (7
- 8) نهج البلاغة ج 2 ص 239، والصول السطوة والجبروت (9) الهزع الاضطراب والاهتزاز
والتهزيع شدة الاضطراب يمينا وشمالا، فتهزيع الاخلاق كتصريفها كناية عن التلبس
بالاوصاف المتضادة والاخلاق الشريفة تارة والاخلاق الوضيعة الفاسدة مرة اخرى كما أن
قوله بعد ذلك " واجعلوا اللسان واحدا " امر بالتعرج على الكلام الحق والصدق لاأن
يكذب مرة ويصدق تارة، وقيل: تهزيع الشئ تكسيره والصادق إذا كذب فقد انكسر صدقه،
والكريم اذالؤم فقد انثلم كرمه فهو نهى عن حطم الكمال بمعول النقص، وتصريف الاخلاق
من صرفته إذا قلبته نهى عن النفاق والتلون في الاخلاق وهو معنى الامر بجعل اللسان
واحدا
[292]
وليختزن الرجل لسانه، فانه هذا اللسان
جموح بصاحبه، والله ما أرى عبدا يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه، وإن لسان المؤمن
من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لان المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام
تدبره في نفسه، فان كان خيرا أبداه وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى
على لسانه لا يدري ماذاله وماذا عليه ولقد قال رسول الله: لا يستقيم إيمان عبد حتى
يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه
وهو نقى الراحة من دماء المسلمين وأموالهم سليم اللسان من أعراضهم فليفعل (1) ومن
كلام له (عليه السلام): ألا إن اللسان بضعة من الانسان فلا يسعده القول إذا امتنع
(2) ولا يمهله النطق إذا اتسع، وإنا لامراء الكلام وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت
غصونه واعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، واللسان عن الصدق
كليل، واللازم للحق ذليل الخبر (3) وقال في وصيته لابنه الحسين (عليهما السلام):
تلافيك ما فرط من صمتك ايسر من
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 346، الرقم 174 من
الخطب (2) الظاهر رجوع الضمير في " يسعده " و " يمهله " إلى الانسان وفى " امتنع "
و " اتسع " إلى اللسان، والمعنى إذا اتسع اللسان أتاه الكلام متواترا، وإذا امتنع
حسر عن الكلام، وعيى، ويكون اتساع اللسان وامتناعه لاجل أسباب كالخجل والحياء أو
ضؤلة النفس وحقارتها أو الخوف أو الحشمة من المجتمع الذى أراد القاء الكلام إليهم
وقيل: ان اللسان آلة تحركها سلطة النفس فلا يسعد بالنطق ناطق امتنع عليه ذهنه من
المعاني فلم يستحضرها ولا يمهله النطق إذا هو اتسع في فكره، بل تنحدر المعاني إلى
الالفاظ جارية على اللسان قهرا عنه، فسعة الكلام تابعة لسعة العلم (3) نهج البلاغة
ج 1 ص 489
[293]
إدراكك ما فات من منطقك (1) وحفظ ما في
الوعاء بشد الوكاء (2) 63 - كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من علم
أن كلامه من عمله قل كلامه [إلا] فيما يعنيه من كثر كلامه كثر خطاؤه، ومن كثر خطاؤه
قل حياؤه ومن قيل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار إذا
فاتك الادب فالزم الصمت العافية عشرة أجزاء تسعة منها في [اعتزال الناس وواحدة في]
الصمت إلا عن ذكر الله عزوجل كم من نظرة جلبت حسرة، وكم من كلمة سلبت نعمة من علم
لسانه أمره قومه، المرء يعثر برجله فيبرى، ويعثر بلسانه فيقطع رأسه، احفظ لسانك فان
الكلمة أسيرة في وثاق الرجل، فان أطلقها صار أسيرا في وثاقها، عاقبة الكذب شرعا قبة
خير القول الصدق، وفي الصدق السلامة، والسلامة مع الاستقامة لاحافظ أحفظ من الصمت،
إياكم والنمائم فانها تورث الضغاين، هانت عليه نفسه من أمر عليه لسانه، الصمت نور
إن الله عزوجل [جعل] صورة المرأة في وجهها وصورة الرجل في منطقه 64 - كتاب الامامة
والتبصرة: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الاشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى
بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أوسكت عن سوء فسلم ومنه: بهذا الاسناد قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الرجل الصالح يجئ بخبر صالح، والرجل السوء يجئ
بخبر سوء
(1) يعنى ان السكوت يمكن تداركه وأما
الكلام الذى فرط منك ان كان باطلا لا يتيسر تداركه غالبا (2) نهج البلاغة ج 2 ص 51
[294]
ومنه: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن،
عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن
محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
السكوت خير من إملاء الشر، وإملاء الخير خير من السكوت وقال (صلى الله عليه وآله):
السكوت ذهب والكلام فضة ومنه: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن محمد بن أبي
القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقه، عن الصادق، عن أبيه، عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصمت كنز وافر،
وزين الحليم، وستر الجاهل وقال (صلى الله عليه وآله): الصمت عبادة لمن ذكر الله 65
- كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: قال أبو - الحسن الرضا (عليه
السلام) من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن
الصمت يكسب المحبة، إنه دليل على كل خير (1) بيان: كأن المراد بالفقه العلم المقرون
بالعمل، فلا ينافي كون مطلق العلم من علاماته، أو المراد بالفقه التفكر والتدبر في
الامور قال الراغب: الفقه هو التوصل إلى غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم، قال
تعالى: " فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " (2) " بأنهم قوم لا يفقهون "
(3) إلى غير ذلك من الايات والفقه العلم بأحكام الشريعة انتهى (4) وقيل: أراد العلم
فيما يقول، والصمت عما لا يعلم أو يضر، وقيل: المراد بالعلم آثاره أعني إثبات الحق
وإبطال الباطل، وترويج الدين وحل المشكلات انتهى وأقول: قد مر بسند آخر عنه (عليه
السلام): من علامات الفقيه الحلم والصمت
(1) الكافي ج 2 ص 113 (2) النساء: 78 (3)
الانفال: 65، والاية في الاصل وجميع النسخ حتى المصدر هكذا " بل هم " و " بلهم "
مصحف " بانهم " (4) مفردات غريب القرآن 385
[295]
ويظهر من بعض الاخبار أن الفقه هو العلم
الرباني المستقر في القلب الذي يظهر آثاره على الجوارح " إن الصمت باب من أبواب
الحكمة " أي سبب من أسباب حصول العلوم الربانية، فان بالصمت يتم التفكر وبالتفكر
يحصل الحكمة، أو هو سبب لافاضة الحكم عليه من الله سبحانه، أو الصمت عند العالم
وعدم معارضته والانصات إليه سبب لافاضة الحكم منه، أو الصمت دليل من دلائل وجود
الحكمة في صاحبه " يكسب المحبة " أي محبة الله أو محبة الخلق، لان عمدة أسباب
العداوة بين الخلق الكلام من المنازعة والمجادلة والشتم والغيبة والنميمة والمزاح،
وفي بعض النسخ " يكسب الجنة " وفي سائر نسخ الحديث " المحبة " " إنه دليل على كل
خير " أي وجود كل خير في صاحبه، أو دليل لصاحبه إلى كل خير. 66 - كا: عن محمد، عن
ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر
(عليه السلام) يقول إن شيعتنا الخرس (1) بيان: الخرس بالضم جمع الاخرس أي هم لا
يتكلمون باللغو والباطل، وفيما لا يعلمون، وفي مقام التقية خوفا على أئمتهم وأنفسهم
وإخوانهم فكلامهم قليل فكأنهم خرس 67 - كا: بالاسناد عن ابن محبوب، عن أبي علي
الجواني قال: شهدت أبا عبد الله (عليه السلام) وهو يقول لمولى له يقال له سالم ووضع
يده على شفتيه [وقال]: يا سالم احفظ لسانك تسلم، ولا تحمل الناس على رقابنا (2)
بيان: ضمير " شفتيه " للامام (عليه السلام) ورجوعه إلى سالم بعيد " تسلم " أي من
معاصي اللسان ومفاسد الكلام " ولا تحمل الناس على رقابنا " أي لا تسلطهم علينا بترك
التقية وإذاعة أسرارنا
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 113
[296]
68 - كا: عن محمد، عن ابن عيسى، عن عثمان
بن عيسى قال: حضرت أبا الحسن صلوات الله عليه وقال له رجل: أوصني فقال: احفظ لسانك
تعز، ولاتمكن الناس من قيادك، فتذل رقبتك (1) ايضاح: قال الراغب: الوصية التقدم إلى
الغير بما يعمل به مقترنا بوعظ من قولهم أرض واصية متصلة النبات يقال أو صاه ووصاه،
والقياد ككتاب حبل تقادبه الدابة، وتمكين الناس من القياد كناية عن تسلطهم وإعطاء
حجة لهم على إيذائه وإهانته بترك التقية، ونسبة الاذلال إلى الرقبة لظهور الذل فيها
أكثر من سائر الاعضاء، وفيه ترشيح للاستعارة السابقة لان القياد يشد على الرقبة 69
- كا: عن محمد، عن ابن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن هشام بن سالم عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل أتاه: ألا أدلك
على أمر يدخلك الله به الجنة ؟ قال: بلى يارسول الله، قال: أنل مما أنالك الله،
قال: فان كنت أحوج ممن انيله ؟ قال: فانصر المظلوم، قال: فان كنت أضعف ممن أنصره ؟
قال: فاصنع للاخرق يعني أشر عليه، قال: فان كنت أخرق ممن أصنع له ؟ قال: فاصمت
لسانك إلا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة (2)
توضيح: " أنل مما أنالك الله " أي أعط المحتاجين مما أعطاك الله تعالى قال الجوهري:
نال خيرا ينال نيلا أي أصاب، وأناله غيره، والامر فيه نل بفتح النون " للاخرق " أي
الجاهل بمصالح نفسه، وفي القاموس صنع إليه معروفا كمنع صنعا بالضم وصنع به صنيعا
قبيحا فعله والشئ صنعا بالفتح والضم عمله وصنعة الفرس حسن القيام عليه، وأصنع أعان
آخر، والاخرق تعلم وأحكم واصطنع عنده صنيعة اتخذها (3) وفي النهاية الخرق بالضم
الجهل والحمق، وقد يخرق خرقا فهو أخرق، والاسم الخرق بالضم، ومنه الحديث: تعين
ضائعا أو تصنع
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 113 (3) القاموس ج 3
ص 53
[297]
لاخرق أي جاهل بما يجب أن يعمله، ولم يكن
في يده صنعة يكسب بها انتهى والظاهر أن " يعني " من كلام الصادق (عليه السلام)
ويحتمل كونه كلام بعض الرواة، أي لبس المراد نفعه بمال ونحوه بل برأي ومشورة ينفعه،
وفيه حث على إرشاد كل من لم يعلم أمرا من مصالح الدين والدنيا " فان كنت أخرق " أي
أشد خرقا وإن كان نادرا (1) " فاصمت " على بناء المجرد والافعال في القاموس الصمت
والصموت والصمات السكوت كالاصمات والتصميت وأصمته أسكته لازمان متعديان، والمراد
بالخير ما يورث ثوابا في الاخرة أو نفعا في الدنيا بلا مضرة أحد فالمباح غالبا مما
ينبغي السكوت عنه والامر لمطلق الطلب الشامل للوجوب والرجحان واختلف في المباح هل
يكتب أم لا ؟ نقل عن ابن عباس أنه لا يكتب ولا يجازى عليه، والاظهر أنه يكتب لعموم
قوله تعالى " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " (2) وقوله سبحانه " كل صغير
وكبير مستطر " (3) ولدلالة كثيرة من الروايات عليه وقد أوردناها في كتاب العدل،
وعدم المجازاة لا يدل على عدم الكتابة إذ لعل الكتابة لغرض آخر كالتأسف والتحسر على
تضييع العمر فيما لا ينفع مع القدرة على فعل ما يوجب الثواب ويدل الخبر على أن كمال
خصلة واحدة من تلك الخصال يوجب الجنة، ويحتمل اشتراطها بترك الكبائر أو نحوه أو
يكون الجر إليها كناية عن القرب منها، وقيل: يمكن أن يراد أن الخصلة الواحدة تجر
إلى أسباب الدخول في الجنة، وهي الخصال الاخر، فان الخير بعضه يفضي إلى بعض 70 -
كا: عن العدة، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت زعمت أن
(1) يعنى أن مجيئ أفعل التفضيل من الخرق -
وهو فعل يدل على العيب والنقص ويجئ الوصف منه بصيغة أفعل - نادر (2) ق: 18 (3)
القمر: 53
[298]
الكلام من فضة، فان السكوت من ذهب (1)
تبيين: يدل على أن السكوت أفضل من الكلام، وكأنه مبني على الغالب وإلا فظاهر أن
الكلام خير من السكوت في كثير من الموارد، بل يجب الكلام و يحرم السكوت عند إظهار
اصول الدين وفروعه، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويستحب في المواعظ والنصايح،
وإرشاد الناس إلى مصالحهم وترويج العلوم الدينية، والشفاعة للمؤمنين، وقضاء حوائجهم
وأمثال ذلك، فتلك الاخبار مخصوصة بغير تلك الموارد أو بأحوال عامة الخلق فان غالب
كلامهم إنما هو فيما لا يعنيهم، أو هو مقصور على المباحات وقد مر في كتاب العقل (2)
في حديث هشام أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: إن من علامة العاقل أن يكون
فيه ثلاث خصال يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه
صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شئ فهو أحمق 71 - كا: عن علي، عن
محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي رفعه قال:، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أمسك لسانك فانها صدقة تصدق بها على نفسك، ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى
يخزن من لسانه (3) بيان: " فانها " أي الامساك والتأنيث بتأويل الخصلة أو الفعلة أو
الصفة أي صفة أنه صدقة أو باعتبار تأنيث الخبر، وتشبيه الامساك بالصدقة على النفس
باعتبار أنه ينفعها في الدنيا والاخرة كما أن الصدقة تنفع الفقير وباعتبار أنه معط
يدفع عنه البلايا، ويوجب قربه من الحق كالصدقة، فالتشبيه كامل من الجهتين " ولا
يعرف عبد " الخ أشار (عليه السلام) بذلك إلى أن الايمان لا يكمل إلا باستقامة
اللسان على الحق، وخزنه عن الباطل، كالغيبة والنميمة والقذف والشتم والكذب والزور
والفتوى بغير الحق والقول بالرأي وأشباهها من الامور التي نهى
(1) الكافي ج 2 ص 114 (2) راجع الكافي ج 1
ص 19 (3) الكافي ج 2 ص 114
[299]
الشارع عنها، وذلك لان الايمان عبارة عن
التصديق بالله وبرسوله، والاعتقاد بحقية جميع ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله)
وهو يستلزم استقامة اللسان وهي إقراره بالشهادتين وجميع العقائد الحقة ولوازمها،
وإمساكه عما لا ينبغي، ومن البين أن الملزوم لا يستقيم بدون استقامة اللازم، وقد
أشار إليه النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله " لا يستقيم إيمان عبد [حتى يستقيم
قلبه، ولا يستقيم قلبه] حتى يستقيم لسانه " (1) وأيضا كلما يتناول اللسان من
الاباطيل والاكاذيب تدخل مفهوماتها في القلب، وهو ينافي استقرار حقيقة الايمان فيه
72 - كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي
عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن عبيدالله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) في قول الله عزوجل " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم " قال: يعني
كفوا ألسنتكم (2) بيان: الاية في سورة النساء هكذا: " إلم تر إلى الذين قيل لهم
كفوا أيديكم وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم
يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا
إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل وإن الاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا " (3)
وقال المفسرون: " قيل لهم " أي بمكة " كفوا أيديكم " أي أمسكوا عن قتال الكفار فاني
لم اؤمر بقتالهم " فلما كتب عليهم القتال: بالمدينة خافوا من الناس وقتلهم إياهم "
كخشية الله " من عقابه " أو أشد " " وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا
إلى أجل قريب " وهوأن نموت بآجالنا، وكذا في تفسير علي بن إبراهيم أيضا (4) وفي بعض
الاخبار أن ذلك أمر لشيعتنا بالتقية إلى زمان القائم (عليه السلام) كما قال الصادق
(عليه السلام): أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا وتدخلوا الجنة
(1) جامع الاخبار ص 109 (2) الكافي ج 2 ص
114 (3) النساء: 77 (4) تفسير القمى ص 131
[300]
وعن الباقر (عليه السلام): أنتم والله أهل
هذه الاية وفي بعض الاخبار " كفوا أيديكم " مع الحسن (عليه السلام): كتب عليهم
القتال " مع الحسين (عليه السلام) " إلى أجل قريب " إلى خروج القائم، فإن معه الظفر
(1) فهذا الخبر إما تفسير لظهر الاية كما ذكرناه أولا، أو لبطنها بتنزيل الاية على
الشيعة في زمن التقية، وهذا أنسب بكف الالسن تقية، فان أحوال أمير المؤمنين (عليه
السلام) في أول أمره وآخره كان شبيها بأحوال الرسول في أول الامر حين كونه بمكة
وترك القتال لعدم الاعوان، وأمره في المدينة بالجهاد لوجود الانصار، وكذا حال الحسن
(عليه السلام) في الصلح والهدنة، وحال الحسين (عليه السلام) عند وجود الانصار
ظاهرا، وحال سائر الائمة (عليهم السلام) في ترك القتال والتقية مع حال القائم
فالاية وإن نزلت في حال الرسول فهي شاملة لتلك الاحوال أيضا لمشابهتها لها، واشتراك
العلل بينها وبينها وأما تفسيره (عليه السلام) كف الايدي بكف الالسن على الوجهين
يحتمل وجوها الاول: أن يكون المعنى أن المراد بكف الايدي عن القتال الكف عنها ومما
يوجب بسطها بسط الايدي وهي الالسنة، فان مع عدم كف الالسنة ينتهي الامر إلى القتال
شاؤا أم أبوا، فالنهي عن بسط الايدي يستلزم النهي عن بسط الالسنة، فالنهي عن القتال
في زمن الهدنة يستلزم الامر بالتقية الثاني أن يكون المراد بكف الايدي كف الالسن
إطلاقا لاسم المسبب على السبب أو الملزوم على اللازم الثالث أن يكون المراد بالايدي
في الاية الالسن لتشابههما في القوة وكونهما آلة المجادلة، وهذا أبعد الوجوه كما أن
الاول أقربها 73 - كا: عن علي، عن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي
رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نجاة المؤمن [من] حفظ لسانه (2)
(1) تفسير العياشي ج 1 ص 258 (2) الكافي ج
2 ص 114
[301]
بيان: " نجاة المؤمن " أي من مهالك الدنيا
والاخرة " حفظ لسانه " الحمل على المبالغة، وفي بعض النسخ " من حفظ لسانه " (1) أي
هو من أعظم أسباب النجاة فكأنها منحصرة فيه، والحاصل أنه لاينجو إلا من حفظ لسانه
74 - كا: بالاسناد عن يونس، عن مثنى، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)
يقول: كان أبو ذر يقول: يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم
على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك (2) بيان: " يا مبتغي العلم " أي يا طالبه، وفيه
ترغيب على التكلم بما ينفع في الاخرة أو في الدنيا أيضا إذا لم يضر بالاخرة " فاختم
على لسانك " أي إذا كان اللسان مفتاحا للشر فاخزنه حتى لا يجري عليه ما يوجب خسارك
وبوارك كما أن ذهبك وفضتك تخزنهما لتوهم صلاح عاجل فيهما، فاللسان أولى بذلك فانه
مادة لصلاح الدنيا والاخرة، وفساده يوجب فساد الدارين وفي القاموس الورق مثلثة
وككتف وجبل الدراهم المضروبة والجمع أوراق، وفي المصباح ومنهم من يقول هو النقرة
مضروبة [أو غير مضروبة]، وقال الفارابي الورق المال من الدراهم وفي نهج البلاغة قال
أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت
في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك، فرب كلمة سلبت نعمة [وجلبت نقمة] (3)
75 - كا: عن حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن
جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان المسيح (عليه السلام) يقول: لا
تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية
قلوبهم، ولكن لا يعلمون (4)
(1) وفى بعض النسخ " في حفظ لسانه " كما
في المصدر المطبوع (2) الكافي ج 2 ص 114 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 237، وقد مر (4)
الكافي ج 2 ص 114
[302]
بيان: قساوة القلب غلظه وشدته وصلابته،
بحيث يتأبى عن قبول الحق كالحجر الصلب يمر عليه الماء ولا يقف فيه، وفيه دلالة على
أن كثرة الكلام في الامور المباحة يوجب قساوة القلب، وأما الكلام في الامور الباطلة
فقليله كالكثير في إيجاب القساوة والنهي عنه، وكأن في الحديث إشارة إلى قوله سبحانه
" أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله
اولئك في ضلال مبين " (1). قال البيضاوي: الاية في حمزة وعلي وأبي لهب وولده 76 -
كا: عن العدة، عن سهل، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة عمن ذكره، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: مامن يوم إلا وكل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان يقول: نشدتك
الله أن نعذب فيك (2) تبيين: في النهاية في حديث الخدري إذا أصبح ابن آدم فان
الاعضاء كلها تكفر اللسان أي تذل وتخضع، والتكفير هو أن ينحني الانسان ويطأطئ رأسه
قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه، وقال: نشدتك الله والرحم أي سألتك
بالله وبالرحم، يقال: نشدتك الله وأنشدك الله وبالله وناشدتك الله وبالله أي سألتك
وأقسمت عليك، وتعديته إلى مفعولين إما لانه بمنزلة دعوت أو لانهم ضمنوه معنى ذكرت،
فأما أنشدتك بالله فخطاء انتهى وكأن الكلام بلسان الحال وفيه استعارة تمثيلية، قوله
" أن نعذب " كان في الكلام تقديرا أي تكف نفسك من أن نعذب فيك، أي بسببك 77 - كا:
عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم عن إبراهيم بن مهزم
الاسدي، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين صلوات عليهما قال: إن لسان ابن آدم يشرف على
جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله
فينا، ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب
(1) الزمر: 22 (2) الكافي ج 2 ص 114
[303]
ونعاقب بك (1) ايضاح: قوله (عليه السلام)
" يشرف " كأن إشرافه كناية عن تسلطه عليها وكونها تحب حكمه، والله منصوب بتقدير اتق
أو احذر، والتكرار للتأكيد والحصر وقوله " إنما نثاب " ادعائي بناء على الغالب
والحاصل أن العمدة في ثوابنا و عقابنا أنت 78 - كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن
إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن
قيس أبي إسماعيل - وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا - رفعه قال: جاء رجل إلى النبي
(صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله أوصني فقال: احفظ لسانك قال: يارسول الله
أوصني، قال: احفظ لسانك، قال: يارسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك، ويحك وهل يكب
الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم (2) تبيان: " جاء رجل " في روايات
العامة أن الرجل كان معاذ بن جبل، وويح كأنه منصوب على النداء كما يصرح به كثيرا
ورد للتعجب من حاله كيف استصغر ما أوصاه به ولم يكتف، وطلب غيره بتكرار السؤال، وفي
النهاية ويح كلمة ترحم وتوجع، يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى
المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر وقال: في الحديث وهل يكب الناس على مناخر هم
في النار إلا حصائد ألسنتهم أي ما يقطعونه من الكلام الذي لاخير فيه واحدتها حصيدة
تشبيها بما يحصد من الزرع وتشبيها للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد
به وفي القاموس: كبه قلبه وصرعه كأكبه وكبكبه فأكب وهو لازم ومتعد، و قال المنخر
بفتح الميم والخاء وبكسرهما وضمهما وكمجلس وملمول الانف انتهى والحصر كما مر وكأنه
إشارة إلى قوله تعالى " فكبكبوا فيها هم والغاون (3)
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 115 (3) الشعراء: 94
[304]
وقد وردت أخبار بأن الغاوين قوم وصفوا
عدلا ثم خالفوه إلى غيره 79 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن
ابن فضال عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه (1) بيان: " من لم
يحسب " من باب نصر من الحساب أو كنعم من الحسبان بمعنى الظن والاول أظهر وهذا رد
على ما يسبق إلى أوهام أكثر الخلق من الخواص والعوام أن الكلام ليس مما يترتب عليه
عقاب، فيجترؤن على أنواع الكلام بلا تأمل وتفكر، مع أن أكثر أنواع الكفر والمعاصي
من جهة اللسان، لان اللسان له تصرف في كل موجود وموهوم ومعدوم، وله يد في العقليات
والخياليات والمسموعات والمشمومات والمبصرات والمذوقات والملموسات، فصاحب هذا
الحسبان الباطل لا يبالي بالكلام في أباطيل هذه الامور وأكاذيبها فيجتمع عليه من كل
وجه خطيئة، فتكثر خطاياه وأما غير اللسان فخطاياه قليلة، بالنسبة إليه فان خطيئة
السمع ليست إلا المسموعات، وخطيئة البصر ليست إلا المبصرات، وقس عليهما سائر
الجوارح والمراد بحضور عذابه حضور أسبابه، وقيل: إنما حضر عذابه لانه أكثر ما يكون
يندم على بعض ماقاله، ولا ينفعه الندم، ولانه قلما يكون كلام لا يكون موردا
للاعتراض ولاسيما إذا كثر 80 - كا: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يعذب الله
اللسان بعذاب لا يعذب به شيئا من الجوارح، فيقول: يا رب عذبتني بعذاب لم تعذب به
شيئا ؟ فيقول له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الارض ومغاربها، فسفك بها الدم الحرام،
وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي وجلالي لاعذبنك بعذاب
(1) الكافي ج 2 ص 115
[305]
لااعذب به شيئا من جوارحك (1) بيان: "
خرجت منك كلمة " أي من الفتاوى الباطلة أو الاعم منها ومن أحكام الملوك وغيرهم،
وسائر ما يكون سببالامثال ذلك، وقوله " من جوارحك " إما بتقدير مضاف أي جوارح
صاحبك، أو الاضافة للمجاورة والملابسة، أو للاشارة إلى أن سائر الجوارح تابعة له
وهو رئيسها وكأن الكلام مبني على التمثيل و السؤال والجواب بلسان الحال، ويحتمل أن
يكون الله تعالى يعطيه حياة وشعورا وقدرة على الكلام كما قيل في شهادة الجوارح 81 -
كا: بالاسناد المتقدم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان في شئ شؤم
ففي اللسان (2) بيان: الشؤم أصله الهمز، وقد يخفف، بل الغالب عليه التخفيف لكن
الجوهري والفيروز آبادي لم يذكراه إلا مهموزا قال الجوهري: الشؤم نقيض اليمن، يقال:
رجل مشوم ومشؤوم وقد شام فلان على قومه يشأمهم فهو شائم إذا جر عليهم الشؤم، وقد
شئم عليهم فهو مشؤوم إذا صار شؤما عليهم انتهى وقال في النهاية: فيه إن كان الشؤم
في شئ ففي ثلاث: المرأة، والدار، والفرس، أي إن كان ما يكره ويخاف عاقبته، ثم قال:
والواو في الشؤم همزة ولكنها خففت فصارت واوا وغلب عليها التخفيف حتى لم ينطق بها
مهموزة، والشؤم ضد اليمن يقال: تشاءمت بالشئ وتيمنت به وأقول: الحديث الذي أورده
مروي في طرقنا أيضا (3) فالحصر في هذا
(1) الكافي ج 2 ص 115 (2) الكافي ج 2 ص
116 (3) من ذلك ما رواه الصدوق في الخصال ج 1 ص 49 عن محمد بن على ماجيلويه عن محمد
بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح عن أبى عبد
الله (عليه السلام) قال: تذاكروا الشؤم عنده فقال (عليه السلام): الشؤم في ثلاثة:
في المرأة، والدابة، والدار: فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها، وأما =
[306]
الخبر بالنسبة إلى أعضاء الانسان، وكثرة
شؤم اللسان لكثرة المضرات والمفاسد المترتبة عليها ظاهرة قد سبق القول فيها 82 -
كا: عن العدة، عن سهل والحسين بن محمد، عن المعلى جميعا، عن الوشاء قال: سمعت الرضا
(عليه السلام) يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر
سنين (1) ايضاح: " صمت قبل ذلك " أي عمالا ينبغي، وتلك المدة ليصير الصمت ملكة له،
ثم كان يشتغل بالعبادة والاجتهاد فيها، لتقع العبادة صافية خالية عن المفاسد وأقول:
يحتمل أن يكون الصمت في تلك المدة للتفكر في المعارف اليقينية والعلوم الدينية حتى
يكمل في العلم، ويستحق لتعليم العباد، وإرشادهم، وتكميل نفسه بالاعمال الصالحة أيضا
فيأمن عن الخطاء والخطل في القول والعمل، ثم يشرع في أنواع العبادات التي منها
هداية الخلق وتعليمهم وتكميلهم كما مر (2) عن أمير - المؤمنين (عليه السلام) " كل
سكوت ليس فيه فكرة فهو سهو " وقال الكاظم (عليه السلام): دليل العقل التفكر، ودليل
التفكر الصمت، ومثله كثير وهذا وجه حسن لم يسبقني إليه فطن، وإن كان بفضل المفيض
المالك جل ما أوردته في هذا الكتاب كذلك 83 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن
محمد، عن بكربن صالح، عن الغفاري، عن جعفر بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه
السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من رأى موضع كلامه من عمله، قل
كلامه إلا فيما يعنيه (3) ايضاح: الغفار ككتاب حي من العرب (من راى موضع كلامه من
عمله) أي يعلم ان كلامه اكثر من سائر اعماله، أو يعلم انه محسوب من اعماله ومجازي
= الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهر ها، واما
الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها (1 و 3) الكافي ج 2 ص 116 (2) راجع ص
275 فيما مضي
[307]
به، كما مر، والاول هنا أظهر، ويمكن إدراج
المعنيين فيه " فيما يعنيه " أي يهمه وينفعه 84 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن الحسن
بن علي الكوفي، عن عثمان ابن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: في حكم آل داود: على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، مقبلا
على شأنه، حافظا للسانه (1) بيان: " في حكم آل داود " أي الزبور أو الاعم منه ومما
صدر عنه (عليه السلام) أو عنهم من الحكم " على العاقل " أي يجب أو يلزم عليه " أن
يكون عارفا بزمانه " أي بأهل زمانه ليميز بين صديقه وعدوه الواقعيين وبين من يضله
ومن يهديه وبين من تجب متابعته ومن تجب مفارقته ومجانبته، فلا ينخدع منهم في دينه
ودنياه ويعلم موضع التقية والعشرة والعزلة والحب والبغض، وفي الحديث والعالم بزمانه
لاتهجم عليه اللوابس وفي حديث آخر: عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق إخوانه، و في
وصية أمير المؤمنين للحسن صلوات الله عليهما يا بني إنه لابد للعاقل من أن ينظر في
شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه قوله (عليه السلام): " مقبلا على شأنه " أي
يكون دائما مشتغلا باصلاح نفسه ومحاسبتها ومعالجة أدوائها وتحصيل ما ينفعها،
والاجتناب عما يرديها ويضر بها، ولا يصرف شيئا من عمره فيها لا يعنيه " حافظا
للسانه " عن اللغو والباطل كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا تم العقل نقص
الكلام (2) 85 - كا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن رباط، عن بعض
رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام
ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا (3)
(1) الكافي ج 2 ص 116 (2) نهج البلاغة ج 2
ص 157 (3) الكافي ج 2 ص 116
[308]
بيان: يكتب محسنا " إما لايمانه، أو
لسكوته فانه من الاعمال الصالحة كما ذكره الناظرون في هذا الخبر، وأقول: الاول عندي
أظهر، وإن لم يتفطن به الاكثر لقوله (عليه السلام): فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا
لانه على الاحتمال الثاني يبطل الحصر لانه يمكن أن يتكلم بالمباح، فلا يكون محسنا
ولا مسيئا إلا أن يعم المسئ تجوزا بحيث يشمل غير المحسن مطلقا وهو بعيد فان قيل:
يرد على ما اخترته أن في حال التكلم بالحرام ثواب الايمان حاصل له، فيكتب محسنا
ومسيئا معا فلا يصح الترديد، قلت: يمكن أن يكون المراد بالمحسن المحسن من غير إساءة
كما هو الظاهر فتصح المقابلة، مع أن بقاء ثواب استمرار الايمان مع فعل المعصية في
محل المنع، ويومي إلى عدمه قولهم (عليهم السلام) " لا يزني الزاني حين يزني وهو
مؤمن " (1) وأمثاله مما قدمر بعضها ويمكن أن يكون هذا أحد محامل هذه الاخبار، وأحد
علل ما ورد أن نوم العالم عبادة، أي هو في حال النوم في حكم العبادة، لاستمرار ثواب
علمه وإيمانه وعدم صدور شئ منه يبطله في تلك الحالة
(1) راجع ج 69 ص 175 - 211 من هذه الطبعة
[309]
(79) (باب) * (قول الخير والقول الحسن) *
* (والتفكر فيما يتكلم) * الايات: البقرة، وقولوا للناس حسنا (1) اسرى: قل لعبادي
يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للانسان عدوا مبينا (2)
الفرقان:، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (3) القصص: وإذا سمعوا اللغو أعرضوا
عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لانبتغي الجاهلين (4) الاحزاب: يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم
ذنوبكم (5) تفسير: " وقولوا للناس " قال الامام (عليه السلام): قولوا للناس كلهم
حسنا مؤمنهم ومخالفهم أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه وبشره، وأما المخالفون فيكلمهم
بالمداراة لاجتذابهم، فان ييأس من ذلك يكف شرورهم عن نفسه وإخوانه المؤمنين إلى آخر
ما سيأتي في باب التقية (6) وفي الكافي والعياشي، عن الباقر (عليه السلام): في هذه
الاية قال: قولوا
(1) البقرة: 83 (2) أسرى: 53 (3) الفرقان:
63 (4) القصص: 55 (5) الاحزاب: 70 - 71 (6) تفسير الامام ص 145، وترى تتمة التفسير
في ج 75 ص 401 - 406
[310]
للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم (1) وفي
الكافي، عن الصادق (عليه السلام): لا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو ؟ قيل: يعني
لا تقولوا إلا خيرا ما تعلموا الخير فيهم، فأما إذا علمتم أنه لاخير فيهم وانكشف
لكم عن سوء ضمائرهم بحيث لا تبقى لكم مرية، فلا عليكم أن لا تقولوا خيرا، و " ما "
تحتمل الموصولية والاستفهام والنفي، وقال علي بن إبراهيم: نزلت في اليهود ثم نسخت
بقوله تعالى: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (2) ويمكن الجمع بأنه إنما نسخت في
حق اليهود وأهل الذمة المأمور بقتالهم، وبقي حكمها في سائر الناس 1 - ل (3) لى:
يحيى بن زيد بن العباس، عن عمه علي بن العباس، عن إبراهيم بن بشر، عن عمرو بن خالد،
عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: القول الحسن يثري المال، وينمي
الرزق وينسي في الاجل، ويحبب إلى الاهل، و يدخل الجنة (4) 2 - لى: قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): يا نوف قل خيرا تذكر بخير (5) 3 - لى: المكتب، عن ابن
زكريا، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن جعفر بن عثمان، عن سليمان بن مهران قال: دخلت
على الصادق وعنده نفر من الشيعة فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا
تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح
القول (6)
(1) تفسير العياشي ج 1 ص 48 (2) تفسير
القمى ص 43 (3) الخصال ج 1 ص 153 (4) أمالى الصدوق ص 2 (5) أمالى الصدوق ص 126 (6)
أمالى الصدوق ص 240
[311]
ما: الغضايرى، عن الصدوق مثله (1) 4 - لى:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: من لم يرع في كلامه أظهر هجره (2) 5 - ما (3)
ع: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ألا قولوا خيرا تعرفوا به، واعملوا به تكونوا
من أهله (4) 6 - ع: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن القاساني، عن الثقفى عن علي بن
المعلى، عن إبراهيم بن الخطاب رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام): قال: إذا أفلتت
من أحدكم كلمة جفاء يخاف منها على نفسه، فليتبعها بكلمة تعجب منها تحفظ عليه وتنسى
تلك (5) 7 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ثلاث من أبواب البر سخاء النفس، وطيب الكلام،
والصبر على الاذى (6) 8 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه
(عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده ما أنفق
الناس من نفقة أحب من قول الخير (7) 9 - سن: أبي، عن اليقطيني، عن يونس، عن أبي
الحسن الاصفهاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام:) قال: قال أمير المؤمنين (عليه
السلام): قولوا الخير تعرفوا به، واعملوا
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 55 (2) أمالى
الصدوق ص 194 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 221 (4) علل الشرائع ج 1 ص 235 (5) علل
الشرائع ج 2 ص 150، وفيه " كلمة حمقاء " بدل " كلمة جفاء " والمراد بقوله: " وكلمة
تعجب منها " الكلمة الصالحة الحكيمة التى تعجب منها النفوس وتبتدعها (6) المحاسن ص
6
[312]
الخير تكونوا من أهله (1) 10 - سن: أبي،
عن ابن أسباط رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحم الله عبدا قال خيرا
فغنم، أوسكت على سوء فسلم (2) 11 - ف: عن أبي محمد (عليه السلام) قال: قلب الاحمق
في فمه، وفم الحكيم في قلبه (3) 12 - سن: أبي، عن عبد الله بن الفضل، عن خالد، عن
محمد بن سليمان رفعه قال: أخذ رجل بلجام دابة رسول الله فقال: يارسول الله أي
الاعمال أفضل ؟ فقال إطعام الطعام، وإطياب الكلام (4) 13 - ل: باسناده، عن أبي عبد
الله، عن أبيه (عليهما السلام) في قول الله تعالى " و قولوا للناس حسنا " (5) قال:
نزلت في أهل الذمة ثم نسخها قوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم
الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب
حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون " (6) 14 - يب: باسناده، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أبي علي قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال
رجل: جعلت فداك قول الله عزوجل " وقولوا للناس حسنا " هو للناس جميعا ؟ فضحك وقال:
لا، عني: قولوا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته بيان: كأنه على المثال،
والمراد تأويل الاية بأن الغرض إظهار الامور الحقة بين الناس، أو المراد بالناس
الانسان الحقيقي وهم الانبياء والائمة (عليهم السلام) كما ورد في تفسير قوله تعالى:
" ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " (7) وعلى
(1 - 2) المحاسن ص 15 (3) تحف العقول 489
في ط (4) المحاسن ص 292 (5) البقرة: 83 (6) براءة: 29 (7) البقرة: 199
[313]
التقديرين هو أحد بطون الاية، ومحمول على
غير حال التقية 15 - شى: عن حريز، عن بريد قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام):
اطعم رجلا سائلا لاأعرفه مسلما ؟ قال: نعم أطعمه ما لم تعرفه بولاية ولا بعداوة، إن
الله يقول: " وقولوا للناس حسنا " (1) بيان: كأن المعنى أنه إذا كان القول الحسن
معهم مطلوبا كان إطعامهم أيضا مطلوبا بطريق أولى، أو يكون ذكره للتنظير لرفع
الاستبعاد، أو يكون هذا تأويلا آخر للاية، بأن يراد بها حسن الظن بهم، وعدم نسبة
الكفر والخلاف إليهم ما لم يعلم ذلك 16 - شى: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول: اتقو الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم، إن الله
يقول في كتابه: " وقولوا للناس حسنا " (2)
(1) تفسير العياشي ج 1 ص 48، والاية في
البقرة: 83 (2) المصدر نفسه
[314]
(80) (باب) * (التفكر والاعتبار والاتعاظ
بالعبر) * الايات: البقرة: كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون * في الدنيا
والاخرة (1) وقال تعالى: وما يذكر إلا اولوا الالباب (2) آل عمران: إن في ذلك لعبرة
لاولي الابصار (3) وقال تعالى: قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الارض فانظروا كيف
كان عاقبة المكذبين (4) وقال تعالى: ويتفكرون في خلق السموات والارض ما خلقت هذا
باطلا (5) الانعام: قل سيروا في الارض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين (6) وقال
تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (7) وقال: قل
هل يستوي الاعمى والبصير أفلا تتفكرون (8)
(1) البقرة: 219، و 266 (2) البقرة: 269
(3) آل عمران: 13 (4) آل عمران: 137 (5) آل عمران: 191 (6) الانعام: 11 (7)
الانعام: 36 (8) الانعام: 50
[315]
وقال: ذلكم وصيكم به لعلكم تذكرون (1)
الاعراف: قليلا ما تذكرون (2) وقال: فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (3) وقال تعالى:
أولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شئ وأن عسى أن يكون قد اقترب
أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون (4) وقال تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من
الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (5) يونس:
كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون (6) وقال تعالى: فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (7)
وقال سبحانه: قل انظروا ما في السموات والارض وما تغني الايات والنذر عن قوم لا
يؤمنون (8) يوسف: أولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم (9)
وقال تعالى: لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب (10) الرعد: إن في ذلك لايات لقوم
يتفكرون (11) الحجر: إن في ذلك لايات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن في
(1) الانعام: 152 (2) الاعراف: 3 (3)
الاعراف: 176 (4) الاعراف: 185 (5) الاعراف: 201 و 202 (6) يونس: 24 (7) يونس: 73
(8) يونس: 101 (9) يوسف: 109 (10) يوسف: 111 (11) الرعد: 3
[316]
ذلك لاية للمؤمنين (1) النحل: إن في ذلك
لاية لقوم يتفكرون (2) وقال تعالى: فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين
(3) المؤمنون: قل أفلا تذكرون (4) الفرقان: ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر
الناس إلا كفورا (5) وقال تعالى: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما
وعميانا (6) النمل: قليلا ما تذكرون (7) وقال تعالى: قل سيروا في الارض فانظروا كيف
كان عاقبة المجرمين (8) العنكبوت: قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله
ينشئ النشأة الاخرة إن الله على كل شئ قدير (9) وقال تعالى: إن في ذلك لايات لقوم
يؤمنون (10) وقال تعالى: ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون (11) وقال تعالى:
وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (12) الروم: أولم يتكفروا في
أنفسهم ما خلق الله السموات والارض وما بينهما
(1) الحجر: 75 - 77 (2) النحل: 11 (3)
النحل: 36 (4) المؤمنون: 86 (5) الفرقان: 50 (6) الفرقان: 73 (7) النمل: 62 (8)
النمل 69 (9) العنكبوت: 20 (10) العنكبوت: 24 (11) العنكبوت: 35 (12) العنكبوت: 43
[317]
إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس
بلقاء ربهم لكافرون * أو لم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم
كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الارض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات
فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (1) وقال تعالى: إن في ذلك لايات
لقوم يتفكرون (2) المؤمن: وما يتذكر إلا من ينيب. وقال تعالى: قليلا ما تتذكرون (3)
وقال تعالى: أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر
منهم وأشد قوة وآثارا في الارض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون (4) السجدة: سنريهم
آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شئ
شهيد * ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط (5) الجاثية: إن في
السموات والارض لايات للمؤمنين * وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون *
واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيابه الارض بعد موتها
وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون (6) وقال تعالى: إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون (7)
(1) الروم: 8 و 9 (2) الروم: 21 (3)
المؤمن: 13 و 58 (4) المؤمن: 82 (5) السجدة: 53 و 54 (6) الجاثية: 3 - 5 (7)
الجاثية: 13
[318]
محمد: أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف
كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها (1) الذاريات: وفي
الارض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون (2) القمر: ولقد جائهم من الانباء ما
فيه مزد جر * حكمة بالغة فما تغن النذر إلى قوله تعالى: ولقد تركناها آية فهل من
مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (3) الحشر:
فاعتبروا يا اولي الابصار (4) وقال: وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون (5)
الحاقة: لنجعلها لكم تذكرة وتعيها اذن واعية (6) المزمل والدهر: إن هذه تذكرة * فمن
شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (7) 1 - كا: عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه
بالتفكر قلبك، وجاف عن الليل جنبك، واتق الله ربك (8) بيان: التنبيه الايقاظ عن
النوم وعن الغفلة، وفي القاموس النبه بالضم الفطنة، والقيام من النوم، وأنبهته
ونبهته فتنبه وانتبه، وهذا منبهة على كذا مشعر به، ولفلان مشعر بقدره ومعل له، وما
نبه له كفرح ما فطن، والاسم
(1) القتال: 10 (2) الذاريات: 20 و 21 (3)
القمر: 4 - 15 (4) الحشر: 2 (5) الحشر: 21 (6) الحاقة: 12 (7) المزمل: 19، الدهر:
29 (8) الكافي ج 2 ص 54
[319]
النبه بالضم ونبه باسمه تنبيها نوه انتهى
والتفكر إعمال الفكر فيما يفيد العلم به قوة الايمان واليقين، والزهد في الدنيا،
والرغبة في الاخرة قال الغزالي: حقيقة التفكر طلب علم غير بديهي من مقدمات موصلة
إليه كما إذا تفكر أن الاخرة باقية والدنيا فانية، فانه يحصل له العلم بأن الاخرة
خير من الدنيا، وهو يبعثه على العمل للاخرة فالتفكر سبب لهذا العلم، وهذا العمل
حالة نفسانية، وهو التوجه إلى الاخرة، وهذه الحالة تقتضي العمل لها وقس على هذا،
فالتفكر موجب لتنور القلب وخروجه من الغفلة وأصل لجميع الخيرات وقال المحقق الطوسي
قدس سره: التفكر سير الباطن من المبادي إلى المقاصد، وهو قريب من النظر، ولا يرتقي
أحد من النقص إلى الكمال إلا بهذا السير، ومباديه الافاق والانفس، بأن يتفكر في
أجزاء العالم وذراته، وفي الاجرام العلوية من الافلاك والكواكب، وحركاتها وأوضاعها
ومقاديرها واختلافاتها ومقارناتها ومفارقانها وتأثيراتها وتغييراتها، وفي الاجرام
السفلية وترتيبها وتفاعلها وكيفياتها ومركباتها ومعدنياتها وحيواناتها، وفي أجزاء
الانسان وأعضائه من العظام والعضلات والعصبات والعروق، وغيرها مما لا يحصى كثرة
ويستدل بها وبما فيها من المصالح والمنافع والحكم والتغيير على كمال الصانع وعظمته
وعلمه وقدرته وعدم ثبات ما سواه وبالجملة التفكر فيما ذكر ونحوه من حيث الخلق
والحكمة والمصالح أثره العلم بوجود الصانع وقدرته وحكمته، ومن حيث تغيره وانقلابه
وفنائه بعد وجوده أثره الانقطاع منه، والتوجه بالكلية إلى الخالق الحق ومن هذا
القبيل التفكر في أحوال الماضين، وانقطاع أيديهم عن الدنيا وما فيها، ورجوعهم إلى
دار الاخرة، فإنه يوجب قطع المحبة عن غير الله والانقطاع إليه بالتقوى والطاعة،
ولذا أمر بهما بعد الامر بالتفكر، ويمكن تعميم التفكر بحيث يشمل التفكر في معاني
الايات القرآنية والاخبار النبوية والاثار المروية
[320]
عن الائمة الاطهار والمسائل الدينية
والاحكام الشرعية، وبالجملة كل ما أمر الشارع الصادع بالخوض فيه والعلم به قوله:
(عليه السلام): " وجاف عن الليل جنبك " الجفا البعد، وجاف عنه كذا أي باعده عنه، في
الصحاح جفاالسرج عن ظهر الفرس وأجفيته أنا إذا رفعته عنه، وجافاه عنه فتجافا جنبه
عن الفراش أي نبا انتهى. وقال سبحانه: " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " (1) وإسناد
المجافاة إلى الليل مجاز في الاسناد أي جاف عن الفراش بالليل أو فيه تقدير مضاف أي
جاف عن فراش الليل جنبك، وعلى التقادير كناية عن القيام بالليل للعبادة وقد مر معنى
التقوى والتوصيف بالرب للتعليل 2 - كا: عن علي، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبان،
عن الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس أن تفكر ساعة
خير من قيام ليلة قلت: كيف يتفكر ؟ قال: يمر بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك ؟
وأين بانوك ؟ مالك لا تتكلمين ؟ (2) بيان: " خير من قيام ليلة " أي للعبادة، لان
التفكر من أعمال القلب وهو أفضل من أعمال الجوارح، وأيضا أثره أعظم وأدوم، إذ ربما
صار تفكر ساعة سببا للتوبة عن المعاصي ولزوم الطاعة تمام العمر " يمر بخربة " كأنه
(عليه السلام) ذكر ذلك على سبيل المثال لتفهيم السائل، أوقال ذلك على قدر فهم
السائل ورتبته، فانه كان قابلا لهذا النوع من التفكر، والمراد بالدار ما لم تخرب
لكن مات من بناها وسكنها غيره وبالخربة ما خرب ولم يسكنه أحد وكون الترديد من
الراوي كما زعم بعيد ويحتمل أن يكون أين ساكنوك للخربة وأين بانوك للدار، على اللف
والنشر المرتب لكن كونهما لكل منهما أظهر والظاهر أن القول بلسان الحال ويحتمل
المقال وقوله: " مالك لا تتكلمين " بيان لغاية ظهور الحال أي العبرة فيك بينة بحيث
كان ينبغي أن تتكلم بذلك
(1) السجدة: 16 (2) الكافي ج 2 ص 54
[321]
وقيل: هو من قبيل ذكر اللازم وإرادة
الملزوم، فنفي التكلم كناية عن نفي الاستماع، أي لم لا يستمع الغافلون ما تتكلمين
به بلسان الحال جهرا، وقيل استفهام إنكاري أي أنت تتكلمين لكن الغافلون لا يستمعون
وهو بعيد ويمكن أن يكون كلامها كناية عن تنبيه الغافلين أي لم لاتنبه المغرورين
بالدنيا مع هذه الحالة الواضحة، ويؤل إلى تعيير الجاهلين بعدم الاتعاظ به كما أنه
يقول رجل لوالد رجل فاسق بحضرته: لم لاتعظ ابنك مع أنه يعظه، وإنما يقول ذلك تعييرا
للابن 3 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن البزنطي، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته (1) بيان: الادمان
الادامة، وقوله (عليه السلام): " وفي قدرته " كأنه عطف تفسير لقوله: " في الله "
فان التفكر في ذات الله وكنه صفاته ممنوع كما مر في الاخبار في كتاب التوحيد، لانه
يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل. فالمراد بالتفكر في الله النظر إلى أفعاله
وعجائب صنعه وبدايع أمره في خلقه، فانها تدل على جلاله وكبريائه وتقدسه وتعاليه،
وتدل على كمال علمه وحكمته، وعلى نفاذ مشيته وقدرته وإحاطته بالاشياء، وأنه سبحانه
لكمال علمه وحكمته لم يخلق هذا الخلق عبثا من غير تكليف ومعرفة وثواب وعقاب، فانه
لو لم تكن نشأة اخرى باقية غير هذه النشأة الفانية المحفوفة بأنواع المكاره والالام
لكان خلقها عبثا كما قال تعالى: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون
" (2) وهذا تفكر اولي الالباب، كما قال تعالى: " إن في خلق السموات والارض واختلاف
الليل والنهار لايات لاولي الالباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ماخلقت هذا
(1) الكافي ج 2 ص 55 (2) المؤمنون: 115
[322]
باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " (1) وقال
سبحانه: " ومن آياته " [ومن آياته] في مواضع كثيرة فتلك الايات هي مجاري التفكر في
الله وفي قدرته لاولي النهى، لاذاته تعالى فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)
أنه قال: تفكروا في آلاء الله فانكم لن تقدروا قدره 4 - كا: عن محمد بن يحيى، عن
ابن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام): يقول ليس
العبادة كثرة الصلاة والصوم: إنما العبادة التفكر في أمر الله عزوجل (2) توضيح: "
ليس العبادة كثرة الصلوة " أي ليست منحصرة فيها " إنما العبادة " أي الكاملة "
التفكر في أمر الله " بالمعاني المتقدمة، وقد يقال: المراد بالتفكر في أمر الله طلب
العلم بكيفية العمل، وآدابه وشرايطه، والعبادة بدونه باطله، فالحاصل أن كثرة الصلاة
والصوم بدون العمل بشرائطهما وكيفياتهما وأحكامهما ليست عبادة وأقول: يحتمل أن يكون
المعنى أن كثرة الصلاة والصوم بدون التفكر في معرفة الله ومعرفة رسوله ومعرفة أئمة
الهدى كما يصنعه المخالفون غير مقبولة وموجبة للبعد عن الحق 5 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد عن إسماعيل بن سهل، عن حماد، عن
ربعي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
التفكر يدعو إلى البر والعمل به (3) بيان: " التفكر يدعو إلى البر " كأن التفكر
الوارد في هذا الخبر شامل لجميع التفكرات الصحيحة التي أشرنا إليها، كالتفكر في
عظمة الله فانه يدعو إلى خشيته وطاعته، والتفكر في فناء الدنيا ولذاتها فانه يدعو
إلى تركها، و التفكر في عواقب من مضى من الصالحين فيدعو إلى اقتفاء آثارهم، وفي ما
آل
(1) آل عمران: 190 - 191 (2 - 3) الكافي ج
2 ص 55
[323]
إليه أمر المجرمين فيدعو إلى اجتناب
أطوارهم، وفي عيوب النفس وآفاتها فيدعو إلى الاقبال على إصلاحها، وفي أسرار العبادة
وغاياتها، فيدعو إلى السعي في تكميلها ورفع النقص عنها، وفي رفعة درجات الاخرة
فيدعو إلى تحصيلها، وفي مسائل الشريعة فيدعو إلى العمل بها في مواضعها، وفي حسن
الاخلاق الحسنة فيدعو إلى تحصيلها، وفي قبح الاخلاق السيئة وسوء آثارها فيدعو إلى
تجنبها وفي نقص أعماله ومعائبها فيدعو إلى السعي في إصلاحها وفي سيئاته وما يترتب
عليها من العقوبات والبعد عن الله والحرمان عن السعادات فيدعوه إلى الانتهاء عنها و
تدارك ما أتى به بالتوبة والندم، وفي صفات الله وأفعاله من لطفه بعباده وإحسانه
إليه بسوابغ النعماء وبسط الالاء والتكليف دون الطاقة، والوعد لعمل قليل بثواب
جزيل، وتسخيره له ما في السماوات والارض وما بينهما إلى غير ذلك، فيدعوه إلى البر
والعمل به، والرغبة في الطاعات والانتهاء عن السيئات، وبالمقايسة إلى ما ذكرنا يظهر
آثار سائر التفكرات والله الموفق للخيرات أقول: قد مضى بعض الاخبار في باب السكوت
والكلام 6 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران عن يونس،
عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أكثر عبادة أبي ذر رحمة الله
عليه التفكر والاعتبار (1) 7 - مع (2) ل: في خبر أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عزوجل،
وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه، وساعة يخلو فيها بحظ
نفسه من الحلال (3) 10 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن ياسين
(1) الخصال ج 1 ص 23 (2) معاني الاخبار:
334 (3) الخصال ج 2 ص 104، وبعده " فان هذه الساعة عون لتلك الساعات "
[324]
عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: العلم وراثة كريمة، والاداب حلل حسان، والفكرة مرآت صافية الخبر (1)
11 - ما: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما أوصى به الحسن (عليه السلام): لا
عبادة كالتفكر في صنعة الله عزوجل (2) 12 - مع: عن الصادق (عليه السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): أغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى
حال (3) 13 - لى: عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): السعيد من وعظ بغيره (4) 14 - لى: أبي، عن محمد العطار، عن جعفر بن محمد بن
مالك، عن سعيد بن عمرو، عن إسماعيل بن بشر بن عمار قال: كتب هارون إلى موسى بن جعفر
عليهما السلام عظني وأوجز قال: فكتب إليه: مامن شئ تراه عينك إلا وفيه موعظة (5) 15
- سن: أبي، عمن ذكره قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الخير كله في ثلاث خصال
في النظر والسكوت والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل سكوت ليس فيه فكرة
فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن كان نظره اعتبارا، وسكوته فكرة،
وكلامه ذكرا، وبكى على خطيئته، وأمن الناس شره (6) 16 - سن: أبي، عن بنان بن
العباس، عن حسين الكرخي، عن جعفر بن أبان، عن الحسن الصيقل قال: قلت لابي عبد الله
(عليه السلام): تفكر ساعة خير من
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 114 (2) أمالى
الطوسى ج 1 ص 145 (3) معاني الاخبار: 195 (4) أمالى الصدوق ص 292 (5) أمالى الصدوق:
305 (6) المحاسن: 5 (*)
[325]
قيام ليلة ؟ قال: نعم قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر ؟ قال: يمر بالدور
الخربة فيقول: أين بانوك أين ساكنوك مالك لا تتكلمين ؟ (1) ين: القاسم وفضالة، عن
أبان، عن الصيقل مثله 17 - ف: عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: ليست العبادة
كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله (2) 18 - سن: بعض
أصحابنا، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (عليه
السلام) يقول: إن الله يحب المداعب في الجماعة بلا رفث المتوحد بالفكرة، المتخلي
بالصبر، المساهر بالصلاة (3) 19 - ضا: أروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: طوبى
لمن كان صمته فكرا ونظره عبرا، وكلامه ذكرا، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم
الناس من لسانه ويده وأروي فكر ساعة خير من عبادة سنة، فسألت العالم (عليه السلام)
عن ذلك فقال: تمر بالخربة وبالديار القفار فتقول: أين بانيك ؟ أين سكانك ؟ مالك لا
تكلمين ؟ وليس العبادة كثرة الصلاة والصيام، والعبادة التفكر في أمر الله جل وعلا
وأروي التفكر مرآتك تريك سيئاتك وحسناتك 20 - مص: قال الصادق عليه السلام: اعتبروا
بما مضى من الدنيا، هل بقى على أحد ؟ أو هل فيها باق من الشريف والوضيع والغني
والفقير والولي والعدو ؟ فكذلك ما لم يأت منها بما مضى أشبه من الماء بالماء، قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالموت واعظا وبالعقل دليلا، وبالتقوى زادا،
وبالعبادة شغلا، وبالله مونسا وبالقرآن بيانا
(1) المحاسن: 26 (2) تحف العقول: 488 (3)
المحاسن: 293
[326]
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): لم يبق
من الدنيا إلا بلاء وفتنة، وما نجا من نجا إلا بصدق الالتجاء وقال نوح (عليه
السلام): وجدت الدنيا كبيت له بابان: دخلت من أحدهما وخرجت من الاخر، هذا حال صفى
الله، كيف حال من اطمأن فيها وركن إليها، وأضاع عمره في عمارتها ومزق دينه في طلبها
والفكرة مرآت الحسنات وكفارة السيئات وضياء القلوب وفسحة الخلق وإصابة في صلاح
المعاد، واطلاع على العواقب، واستزادة في العلم، وهي خصلة لا يعبد الله بمثلها قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): فكرة ساعة خير من عبادة سنة، ولا ينال منزلة
التفكر إلا من قد خصه الله بنور المعرفة والتوحيد (1) 21 - مص: قال الصادق (عليه
السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المعتبر في الدنيا عيشه فيها كعيش
النائم يراها ولا يمسها، وهو يزيل عن قلبه ونفسه باستقباحه معاملات المغرورين بها
ما يورثه الحساب والعقاب، ويتبدل بها ما يقربه من رضى الله وعفوه، ويغسل بماء
زوالها مواضع دعوتها إليه، وتزيين نفسها إليه فالعبرة يورث صاحبها ثلاثة أشياء،
العلم بما يعمل، والعمل بما يعلم، وعلم ما لم يعلم والعبرة أصلها أول يخشى آخره،
وآخر يحقق الزهد في أوله، ولا يصح الاعتبار إلا لاهل الصفا والبصيرة، قال الله
عزوجل: " فاعتبروا يا اولي الابصار " (2) وقال جل اسمه: " فانها لاتعمى الابصار
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (3) فمن فتح الله عين قلبه وبصيرة عينه
بالاعتبار، فقد أعطاه
(1) مصباح الشريعة ص 20 (2) الحشر:، 2 (3)
الحج: 46
[327]
منزلة رفيعة وزلفة عظيمة (1) 22 - شى: عن
أبي العباس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تفكر ساعة خير من عبادة سنة " إنما
يتذكر اولو الالباب " (2) 23 - جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن
معروف، عن ابن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن النوم جنبك، واتق
الله ربك (3) 24 - كتاب صفين: قال: لما توجه علي (عليه السلام) إلى صفين انتهى إلى
ساباط ثم إلى مدينة بهر سير وإذا رجل من أصحابه يقال له: حريز بن سهم من بني ربيعة
ينظر إلى آثار كسرى وهو يتمثل بقول ابن يعفر التميمي: جرت الرياح على مكان ديارهم *
فكأنما كانوا على ميعاد فقال علي (عليه السلام): أفلا قلت: " كم تركوا من جنات
وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين *
فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين " (4) إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا
موروثين، إن هؤلاء لم يشكروا النعمة، فسلبوا دنياهم بالمعصية، إياك وكفر النعم لا
تحل بكم النقم (5) 25 - نهج: إن الامور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأولها (6) وقال
(عليه السلام): من اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم (7)
(1) مصباح الشريعة ص 23 (2) تفسير العياشي
ج 2 ص 208 في آية الرعد: 19 (3) مجالس المفيد: 129 (4) الدخان: 25 - 30 (5) ومثله
في كنز الكراجكى 145 (6) نهج البلاغة: ج 2 ص 158 (7) نهج البلاغة: ج 2 ص 191
[328]
وقال (عليه السلام): ما أكثر العبر وأقل
الاعتبار (1) وقال (عليه السلام): الفكر مرآت صافية، والاعتبار منذر ناصح، وكفى
أدبا لنفسك تجنبك ما كرهته لغيرك (2) وقال (عليه السلام): القلب مصحف البصر (3)
وقال (عليه السلام) في وصيته للحسن (عليهما السلام): استدل على ما لم يكن بما قد
كان، فان الامور أشباه، ولا تكونن ممن لا تنفعه العظة إلا إذا بالغت في إيلامه فان
العاقل يتعظ بالادب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب (4) 26 - كنز الكراجكى: عن
المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه وأخيه معا عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد،
عن محمد بن زياد، عن حفص بن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من وعظه الله
بخير فقبل فالبشرى، ومن لم يقبل فالنار له أحرى 27 - مشكوة الانوار: عن الحسن
الصيقل قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عما يروي الناس: تفكر ساعة خير من
قيام ليلة [قلت: يتفكر ساعة خير من قيام ليلة ؟] قال: نعم قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): تفكر ساعة خير من قيام ليلة، قلت: كيف يتفكر قال: يمر بالخربة وبالدار
فيفكر، ويقول: أين ساكنوك ؟ أين بانوك ؟ مالك لا تكلمين. وعن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: ما ابن آدم إن التفكر
يدعو إلى البر والعمل به، وإن الندم على الشر يدعو إلى تركه وليس ما يفنى وإن كان
كثيرا بأهل أن يؤثر على ما يبقى وإن كان طلبه عزيزا (5)
(1) نهج البلاغة: ج 2 ص 217. (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 230 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 241 (4) نهج البلاغة: ج 2 ص 409 (5) مشكاة
الانوار ص 37
[329]
(81) * (باب) * * (الحياء من الله ومن
الخلق) * 1 - كا: عن العدة، عن سهل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الحياء من الايمان، والايمان في الجنة (1) تبيين:
الحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح، وانزجارها عن خلاف الاداب خوفا من
اللوم، و " من " في قوله: " من الايمان " إما سببية أي تحصل بسبب الايمان، لان
الايمان بالله وبرسوله وبالثواب والعقاب وقبح ما بين الشارع قبحه يوجب الحياء من
الله ومن الرسول ومن الملائكة، وانزجار النفس من القبايح والمحرمات لذلك أو تبعيضية
أي من الخصال التي هي من أركان الايمان أو توجب كماله وقال الراوندي رحمه الله في
ضوء الشهاب: الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها لذلك، يقال: حيي يحيى حياء فهو
حيى واستحيا فهو مستحى واستحى فهو مستح، والحياء إذا نسب إلى الله فالمراد به
التنزيه، وأنه لا يرضى فيوصف بأنه يستحي منه ويتركه كرما، وما أكثر ما يمنع الحياء
من الفواحش والذنوب، ولذلك قال صلى الله عليه وآله: الحياء من الايمان، الحياء خير
كله، الحياء لا يأتي إلا بالخير، فان الرجل إذا كان حييا لم يرخص حياؤه من الخلق في
شئ من الفواحش فضلا عن الحياء من الله وروى ابن مسعود أنه جاء قوم إلى النبي (صلى
الله عليه وآله) فقالوا: إن صاحبنا قد أفسده الحياء فقال النبي (صلى الله عليه
وآله): إن الحياء من الاسلام، وإن البذاء من لؤم المرء انتهى، والايمان في الجنة أي
صاحبه 2 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان،
عن حسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): الحياء والعفاف والعي - أعني
(1) الكافي ج 2 ص 106
[330]
عى اللسان لاعي القلب - من الايمان (1)
بيان: العفاف أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا، ويطلق غالبا على عفة البطن والفرج،
وفي القاموس عي بالامر وعيي كرضي، وتعايا واستعيى وتعيى لم يهتد لوجه مراده، أو عجز
منه ولم يطق إحكامه وعيي في المنطق كرضي عيا بالكسر حصر وأعيا الماشي كل انتهى
والمراد بعي اللسان ترك الكلام فيما لا فائدة فيه، وعدم الاجتراء على الفتوى بغير
علم، وعلى إيذاء الناس وأمثاله، وهذا ممدوح وعي القلب عجزه عن إدراك دقائق المسائل،
وحقائق الامور وهو مذموم " من الايمان " قيل أي من قبيله في المنع عن القبائح أو من
أفراده أو من أجزائه أو من شيم أهله ومحاسنه التي ينبغي التخلق بها انتهى أقول:
وروى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الصيقل قال:
كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام): جالسا فبعث غلاما له أعجميا في حاجة إلى رجل
فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله (عليه السلام) يستفهمه الجواب وجعل الغلام لا
يفهمه مرارا، قال فلما رأيته لايتعبر لسانه ولا يفهمه، ظننت أن أبا عبد الله (عليه
السلام) سيغضب عليه قال: وأحد أبو عبد الله النظر إليه ثم قال: أما والله لئن كنت
عيي اللسان فما أنت بعيي القلب، ثم قال: إن الحياء والعي - عي اللسان لاعي القلب -
من الايمان، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق 3 - كا: عن الحسين بن محمد، عن محمد
بن أحمد النهدي، عن مصعب بن يزيد عن العوام بن الزبير، عن أبي عبد الله (عليه
السلام): قال من رق وجهه رق علمه (2) بيان: المراد برقة الوجه الاستحياء عن السؤال
وطلب العلم، وهو مذموم فانه لاحياء في طلب العلم ولافي إظهار الحق، وإنما الحياء عن
الامر القبيح قال تعالى: " إن الله لا يستحيي من الحق " (3) ورقة العلم كناية عن
قلته، وما قيل إن المراد برقة الوجه قلة الحياء فضعفه ظاهر، وفي القاموس الرقة
بالكسر
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 106 (2) مضمونها في
الاحزاب 53
[331]
الرحمة، رققت له أرق والاستحياء والدقة رق
يرق فهو رقيق ورقاق انتهى واستعارة رقة الوجه للحياء شائع بين العرب والعجم، وقيل:
المراد برقة العلم الاكتفاء بما يجب ويحسن طلبه، لا الغلو فيه، بطلب مالا يفيد بل،
يضر كعلم الفلاسفة ونحوه أو استعارة للانتاج فان الثوب الرقيق يحكي ما تحته أو يكون
نسبة الرقة إلى العلم على المجاز، والمراد رقة المعلوم أي يتعلق علمه بالدقايق
والحقايق الخفية ولا يخفى ما في الجميع من التكلف والتعسف 4 - كا: عن علي، عن أبيه،
عن عبد الله بن المغيرة، عن يحيى أخي دارم عن معاذ بن كثير، عن أحدهما عليهما
السلام قال: الحياء والايمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه (1) بيان:
في القاموس القرن بالتحريك حبل يجمع به البعيران، وخيط من سلب يشد في عنق الفدان
انتهى والغرض بيان تلازمهما ولا ينافي الجزئية، و يحتمل أن يكون المراد هنا
بالايمان العقائد اليقينية المستلزمة للاخلاق الجميلة والافعال الحسنة كما عرفت أنه
أحد معانيه 5 - كا: عن العدة، عن سهل، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين،
عن الفضيل بن كثير، من ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا إيمان لمن
لاحياء له (2) 6 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): الحياء حياء ان: حياء عقل وحياء حمق، فحياء العقل هو
العلم وحياء الحمق هو الجهل (3) بيان: يدل على انقسام الحياء إلى قسمين ممدوح
ومذموم، فأما الممدوح فهو حياء ناش عن العقل، بأن يكون حياؤه وانقباض نفسه، عن أمر
يحكم العقل الصحيح أو الشرع بقبحه، كالحياء عن المعاصي أو المكروهات، وأما المذموم
فهو الحياء الناشي عن الحمق، بأن يستحيي عن أمر يستقبحه أهل العرف من العوام
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 106
[332]
وليست له قباحة واقعية يحكم بها العقل
الصحيح والشرع الصريح، كالاستحياء عن سؤال المسائل العلمية أو الاتيان بالعبادات
الشرعية التي يستقبحها الجهال " فحياء العقل هو العلم " أي موجب لوفور العلم أو
سببه العلم المميزبين الحسن و - القبح، وحياء الحمق سببه الجهل وعدم التمييز
المذكور أو موجب للجهل لانه يستحيي عن طلب العلم فهو مؤيد لما ذكرنا في الخبر
الثالث 7 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن
علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى
قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر (1) بيان: بدلها
الله حسنات إشارة إلى قوله تعالى " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله
سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " (2) وقد قيل في هذا التبديل وجوه: الاول أنه
يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم، الثاني أنه يبدل ملكة
المعصية في النفس بملكة الطاعة الثالث أنه تعالى يوفقه لاضداد ما سلف منه الرابع
أنه يثبت له بدل كل عقاب ثوابا، ويؤيده ما رواه مسلم، عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال اعرضا عليه
صغار ذنوبه، ونحيا عنه كبارها فيقال: عملت يوم كذا وكذا، كذا و كذا، وهو مقر لا
ينكر، وهو مشفق من الكبار، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول: إن لي
ذنوبا ما أراها ههنا، قال: ولقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضحك حتى بدت
نواجذه وما رواه علي بن إبراهيم باسناده، عن الرضا (عليه السلام) قال: إذا كان يوم
القيامة أوقف الله عزوجل المؤمن بين يديه، ويعرض عليه عمله، فينظر في صحيفته
(1) الكافي ج 2 ص 106 (2) الفرقان: 70
[333]
فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه،
وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه، فيقول الله عزوجل: بدلوا
سيئاتهم حسنات، وأظهروها للناس، فيبدل الله لهم فيقول الناس أما كان لهؤلاء سيئة
واحدة، وهو قوله تعالى " يبدل الله سيئاتهم حسنات " (1) وأقول: أكثر الوجوه جارية
في الخبر بأن يوفقه الله للتوبة والاعمال الصالحة فيبدل فسوقه بالطاعات أو مساوي
أخلاقه بمحاسنها أو يكتب له في القيامة بدل سيئاته حسنات أقول: قد مضى أخبار هذا
الباب في باب جوامع المكارم 8 - ن (2) لى: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن
أسباط عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:
لم يبق من أمثال الانبياء إلا قول الناس: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت (3) ص: الصدوق،
عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب مثله 9 - لى: ابن الوليد، عن الصفار،
عن ابن هاشم، عن عبد الله بن ميمون المكي، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: وما نفعل
يا رسول الله ؟ قال: فان كنتم فاعلين فلايبيتن أحدكم إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ
الرأس وما حوى، والبطن وما وعى وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الاخرة فليدع زينة
الحياة الدنيا (4) ل: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن عبد الله مثله (5) ب: محمد بن
عيسى، عن عبد الله بن ميمون مثله (6)
(1) تفسير القمى ص 468 وقد مر (2) عيون
الاخبار ج 2 ص 56 (3) أمالى الصدوق: 305 (4) أمالى الصدوق: 366 (5) الخصال ج 1 ص
141 (6) قرب الاسناد ص 13 في ط وص 18 في ط
[334]
10 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحياء على
وجهين فمنه الضعف ومنه قوة وإسلام وإيمان (1) ل: ماجيلويه، عن عمه، عن هارون، عن
ابن زياد، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) مثله (2) 11 - ب: هارون، عن ابن
صدقة، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال عيسى بن مريم (عليه السلام): إذا قعد أحدكم
في منزلة فليرخ عليه ستره، فان الله تبارك وتعالى قسم الحياء كما قسم الرزق (3) 12
- ن: ابن سعيد الهاشمي، عن فرات، عن محمد بن أحمد الهمداني، عن العباس بن عبد الله
البخاري، عن محمد بن القاسم بن إبراهيم، عن الهروي قال: قال الرضا صلوات الله عليه:
الحياء من الايمان (4) 13 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن الفضل بن حباب، عن عبد
الواحد بن سلمان، عن أبيه، عن الاجلح، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف (5) 14 -
ما: المفيد، عن المرزباني، عن محمد بن أحمد الحكيمي، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن
معين، عن عبد الرزاق، عن معمر بن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: ماكان الفحش في شئ قط إلا شانه، ولاكان الحياء في شئ قط إلا زانه (6)
(1) قرب الاسناد ص 22 في ط وص 32 في ط (2)
الخصال ج 1 ص 29 (3) قرب الاسناد ص 22 وفى ط 32 (4) عيون الاخبار ج 1 ص 265 (5)
أمالى الطوسى ج 1 ص 37 (6) أمالى الطوسى ج 1 ص 193
[335]
جا: المرزباني مثله (1) 15 - مع: علي بن
عبد الله بن أحمد المذكر، عن علي بن أحمد الطبري عن الحسن بن علي بن زكريا، عن خراش
مولى أنس قال: حدثنا مولاي أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحياء
خير كله يعني أن الحياء يكف ذاالدين ومن لادين له عن القبيح، فهو جماع كل جميل (4)
16 - مع: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحياء والايمان
في قرن واحد، فإذا سلب أحدهما اتبعه الاخر يعني أن من لم يكفه الحياء عن القبيح
فيما بينه وبين الناس فهولايكفه عن القبيح فيما بينه وبين ربه عزوجل، ومن لم يستحي
من الله عزوجل وجاهره بالقبيح فلادين له (3) 17 - مع: بهذا الاسناد قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): أول ما ينزع الله من العبد الحياء، فيصير ماقتا ممقتا
ثم ينزع منه الامانة ثم ينزع منه الرحمة، ثم يخلع دين الاسلام عن عنقه، فيصير
شيطانا لعينا يعني أن ارتكاب القبيحة بعد القبيحة ينتهي إلى الشيطنة ومن تشيطن على
الله لعنه الله (4) 18 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن
أسباط عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الاول (عليه السلام) قال: ما بقي من أمثال
الانبياء (عليهم السلام) إلا كلمة: إذا لم تستح فاعمل ما شئت، وقال: أما إنها في
بني امية (5)
(1) مجالس المفيد ص 107 (2) معاني الاخبار
ص 409 (3 - 4) معاني الاخبار ص 410 (5) الخصال ج 1 ص 13، وفى الاصل رمز أمالى
الصدوق ولا يوجد فيه
[336]
19 - مص: قال الصادق (عليه السلام):
الحياء نور جوهره صدر الايمان، وتفسيره التذويب عند كل شئ ينكره التوحيد والمعرفة،
قال النبي (صلى الله عليه وآله): الحياء من الايمان، فقيل (1) الحياء بالايمان،
والايمان بالحياء، وصاحب الحياء خير كله ومن حرم الحياء فهو شر كله، وإن تعبد
وتورع، وإن خطوة يتخطا في ساحات هيبة الله تعالى بالحياء منه إليه خير من عبادة
سبعين سنة، والوقاحة صدر النفاق والشقاق والكفر، قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): إذا لم تستح فافعل ما شئت أي إذا فارقت الحياء فكل ما عملت من خير وشر فأنت
به معاقب وقوة الحياء من الحزن والخوف والحياء مسكن الخشية، فالحياء أوله الهيبة
وصاحب الحياء مشتغل بشأنه معتزل من الناس مزد جر عماهم فيه، ولو ترك صاحب الحياء ما
جالس أحدا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أراد الله بعبد خيرا ألهاه عن
محاسنه وجعل مساويه بين عينيه، وكرهه مجالسة المعرضين عن ذكر الله والحياء خمسة
أنواع: حياء ذنب، وحياء تقصير، وحياء كرامة، وحياء حب، وحياء هيبة، ولكل واحد من
ذلك أهل، ولاهله مرتبة على حدة (3) 20 - ضه: قيل للنبي (صلى الله عليه وآله): أوصني
قال: استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك 21 - ختص: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): رحم الله عبدا استحيا من ربه حق الحياء، فحفظ الرأس وما حوى،
والبطن وما وعى، وذكر القبر والبلى، وذكر أن له في الاخرة معادا (3) 22 - الدرة
الباهرة: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): خف الله تعالى لقدرته عليك، واستحي
منه لقربه منك وقال أبو محمد العسكري (عليه السلام): من لم يتق وجوه الناس لم يتق
الله
(1) فقيد خ ل (2) مصباح الشريعة ص 63. (3)
الاختصاص: 229
[337]
23 - نهج: قال (عليه السلام): قرنت الهيبة
بالخيبة، والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير (1) وقال
(عليه السلام): من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه (2) (82) * (باب) * * "
(السكينة والوقار وغض الصوت) * " الايات: الفرقان: وعباد الرحمن الذين يمشون على
الارض هونا (3) لقمان: واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الاصوات لصوت الحمير
(4) 1 - لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن النهدي، عن عبد العزيز بن عمر عن أحمد بن
عمر الحلبي قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أي الخصال بالمرء أجمل ؟ قال:
وقار بلا مهابة، وسماح بلاطلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا (5) ل: العطار، عن
سعد، عن النهدي مثله (6) 2 - لى: عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): أحسن زينة الرجل السكينة مع إيمان (7)
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 147 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 194 (3) الفرقان: 63 (4) لقمان: 19 (5) أمالى الصدوق ص 174 (6)
الخصال ج 1 ص 46 (7) أمالى الصدوق ص 292
[338]
(83) * (باب) * * " (التدبير والحزم
والحذر والتثبت) " * * " (في الامور وترك اللجاجة) " * [من] الايات: الانبياء: خلق
الانسان من عجل ساريكم آياتي فلا تستعجلون (1) أقول: قد مضى في باب جوامع المكارم
بعض أخبار هذا الباب 1 - ن (2) لى: ابن موسى، عن الصوفي، عن الروياني، عن عبد
العظيم الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير
المؤمنين (عليه السلام): التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم (3) 2 - مع (4) ل: في
وصية أبي ذر قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف،
ولا حسب كحسن الخلق (5) 3 - ل: ابن إدريس، عن أبيه، عن الاشعري، عن موسى بن جعفر بن
وهب، عن الدهقان، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن زيد القتات، عن أبان بن تغلب قال: سمعت
أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون
الندامة، ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه (6) 4 - ب: هارون، عن
ابن صدقة، عن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) أن رجلا
(1) الانبياء: 37 (2) عيون الاخبار ج 2 ص
54 (3) أمالى الصدوق ص 268 (4) معاني الاخبار ص 335 (5) الخصال ج 2 ص 105 (6)
الخصال ج 1 ص 49
[339]
أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:
يارسول الله أوصني فقال له: فهل أنت مستوص إن أوصيتك ؟ حتى قال ذلك ثلاثا في كلها
يقول الرجل: نعم يارسول الله، فقال له رسول الله: فاني اوصيك إذا أنت هممت بأمر
فتدبر عاقبته، فان يك رشدا فامضه، وإن يك غيا فانته عنه (1) أقول: قد مضى مثله في
باب وصاياه (صلى الله عليه وآله) (2) 5 - ما: فيما أوصى به أمير المؤمنين (عليه
السلام) عند وفاته: أنهاك عن التسرع بالقول والفعل (3) 6 - ل: (4) ن: ماجيلويه عن
عمه، عن البرقي، عن علي بن محمد، عن أبي أيوب المديني، عن سليمان بن جعفر الجعفري،
عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: ؟ ؟ رسول الله (صلى الله عليه وآله):
تعلموا من الغراب خصالا ثلاثا: استتاره بالسفاد، وبكوره في طلب الرزق، وحذره (5) 7
- ما: فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه (عليهما السلام): يا بني إنه لابد للعاقل من
أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه (6) 8 - ل: قال أمير المؤمنين
(عليه السلام): الحزم كياسة (7) 9 - مع: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): ما الحزم
؟ قال: أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك (8)
(1) قرب الاسناد ص 32 (2) بل يأتي في كتاب
الروضة، راجع ج 77 ص 129 و 130 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 6 (4) الخصال ج 1 ص 49 (5)
عيون الاخبار ج 1 ص 257 (6) أمالى الطوسى ج 1 ص 146 (7) الخصال ج 2 ص 94 (8) معاني
الاخبار ص 401
[340]
10 - ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن
الاشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن ابن أبي عثمان، عن أحمد بن عمر الحلال، عن
يحيى بن عمران الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: سبعة يفسدون
أعمالهم: الرجل الحليم ذو العلم الكثير لايعرف بذلك ولا يذكر به، والحكيم الذي يدبر
ماله كل كاذب منكر لما يؤتى إليه، والرجل الذي يأمن ذاالمكر والخيانة، والسيد الفظ
الذي لا رحمة لا، والام التي لا تكتم عن الولد السر (1) وتفشي عليه، والسريع إلى
لائمة إخوانه، والذي يجادل أخاه مخاصما له (2) سن: محمد البرقي، عن محمد بن
إسماعيل، عن ابن بزيع، عن منصور بن يونس بزرج، عن عمربن اذينة، عن زرارة، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما أهلك الناس
العجلة، ولو أن الناس تثبتوا لم يهلك أحد (3) سن: أبي، عن فضالة، عن ابن سيابة، عن
أبي النعمان، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاناة من
الله، والعجلة من الشيطان (4). 13 - الدرة الباهرة: قال الرضا (عليه السلام): من
طلب الامر من وجهه لم يزل فان زل لم تخذله الحيلة وقال الجواد (عليه السلام): اتئد
تصب أوتكد (5) وقال عليه السلام: من لم يعرف الموارد أعيته المصادر وقال (عليه
السلام): من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة، فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة
(1) كانه (عليه السلام) أراد بالسر النكاح
كما قيل في قوله تعالى " ولا تواعدوهن سرا " (2) الخصال ج 2 ص 50 (3) المحاسن: 215
(4) المصدر نفسه (5) الاتئاد: افتعال من الوأد يقال: اتئد: أي تمهل وترزن فيه وتأني
وتثبت (*)
[341]
وقال (عليه السلام): من هجر المداراة
قاربه المكروه 14 - نهج: قال (عليه السلام): الظفر بالحزم والحزم باجالة الرأي
والرأي بتحصين الاسرار (1) وقال (عليه السلام): اللجاجة تسل الرأي وقال (عليه
السلام): ثمرة التفريط الندامة وثمرة الحزم السلامة (2) وقال (عليه السلام): الخلاف
يهدم الرأي (3) وقال (عليه السلام): من الخرق المعاجلة قبل الامكان، والاناة بعد
الفرصة (4) وقال (عليه السلام): الطمأنينة إلى كل أحد قبل الاختبار عجز (5) وقال
(عليه السلام): ما أنقض النوم لعزائم اليوم (6) وقال (عليه السلام): وإياك أن تجمح
بك مطية اللجاج (7) وقال (عليه السلام): بادر الفرصة قبل أن تكون غصة (8) 15 - كنز
الكراجكى: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): روتحزم (9) فإذا
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 193 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 186 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 193 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 230 (5) نهج
البلاغة ج 2 ص 237 (6) نهج البلاغة ج 2 ص 248 (7) نهج البلاغة ج 2 ص 51، والجموح:
أن يركب الفرس رأسه لا يثنيه شئ - يقال جمح براكبه: اعتزه وجرى غالبا اياه، واللجاج
- بالفتح الخصومة والمعنى لا تسترسل في الحجاج والخصومة والجدال بحيث لا تملك نفسك
عن الانتهاء منها فتغلبك وتوقعك في مساوى عاقبتها (8) نهج البلاغة ج 2 ص 52 (9) "
رو " أمر من التروي وهو التفكر قبل العمل، يعنى تفكر فيما تعنيه فانك ان
[342]
استوضحت فاجزم وقال (عليه السلام):
اللجاجة تسلب الرأي والطمأنينة قبل الحزم ضد الحزم، والتدبير قبل العمل يؤمنك
الندم، ومن تحرى القصد خفت عليه المؤن، ومن كابد الامور عطب، ولولا التجارب عميت
المذاهب، وفي التجارب علم مستأنف، وفي التواني والعجز انتجت الهلكة وقال النبي (صلى
الله عليه وآله): إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فان كان خيرا فأسرع إليه وإن كان شرا
فانته عنه وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من لم يعرف لؤم ظفر الايام لم يحترس
من سطوات الدهر، ولم يتحفظ من فلتات الزلل ولم يتعاظمه ذنب وإن عظم (84) * (باب) *
* " (الغيرة والشجاعة) " * أقول: قد مضى في باب جمامع المكارم بعض أخبار هذا الباب
1 - ن: أبي عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن إبراهيم بن حمويه، عن اليقطيني قال:
قال الرضا (عليه السلام): في الديك الابيض خمس خصال من خصال الانبياء: معرفته
بأوقات الصلوة، والغيرة، والسخاء والشجاعة، وكثرة الطروقة (1) 2 - كتاب الامامة
والتبصرة: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم، عن
النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغيرة من الايمان والبذاء من النفاق
= تتفكر فقد أخذت بالحزم في أمورك فإذا
رويت واستوضح لك الامر وعواقبه فاجزم على المضى عليه ان كان فيه نفعك آجلا وعاجلا
وانته عنه ان كان فيه مضرتك كذلك (1) عيون الاخبار ج 1 ص 277
[343]
(85) * (باب) * * " (حسن السمت وحسن
السيماء) " * * " (وظهور آثار العبادة في الوجه) " * [من] الايات: الفتح: سيماهم في
وجوههم من أثر السجود (1) 1 - ل: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن محبوب، عن
عباد ابن صهيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يجمع الله لمنافق ولا
فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبدا (2) 2 - ل: ابن بندار، عن أبي العباس
الحمادي، عن صالح بن محمد، عن محمد ابن بكار، عن عبيدة بن حميد، عن قابوس بن أبي
ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الهدي
الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة (3) 3 - ما:
المفيد، عن علي بن خالد، عن علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد ابن مروان، عن أبيه، عن
أحمد بن عيسى، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلتان لا تجتمعان في منافق: فقه في
الاسلام، وحسن سمت في الوجه (4) 4 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) أبصر رجلا دبرت جبهته، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من يغالب الله
تعالى يغلبه ومن يخدع الله يخدعه، فهلا تجافيت بجبهتك عن الارض
(1) الفتح: 29 (2) الخصال ج 1 ص 63 (3)
الخصال ج 1 ص 84 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 34
[344]
ولم تشوه خلقك ؟ وبهذا الاسناد قال: قال
علي (عليه السلام): إني لاكره للرجل أن ترى جبهته جلجاء ليس فيها شئ من أثر السجود
5 - كتاب الامامة والتبصرة: عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن جعفر الرزاز عن خاله
علي بن محمد، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن
أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): زين امتي
في حسن السمت (86) * (باب) * * " (الاقتصاد وذم الاسراف والتبذير والتقتير) " *
[من] الايات الفرقان: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
(1) 1 - دعوات الراوندي: قال الصادق (عليه السلام): أربعة لا يستجاب لهم دعاء: رجل
جالس في بيته يقول يا رب ارزقني فيقول له:، ألم آمرك بالطلب ؟ ورجل كانت له امرأة
فدعا عليها فيقول ألم أجعل أمرها بيدك ؟ ورجل كان له مال فأفسده فيقول يا رب ارزقني
فيقول له ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالاصلاح ؟ ثم قرأ " والذين إذا أنفقوا لم
يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقول
ألم آمرك بالشهادة ؟ 2 - نهج: قال (عليه السلام): القناعة مال لا ينفد (2) وقال
(عليه السلام): كن سمحا ولا تكن مبذرا وكن مقدرا ولا تكن مقترا (3)
(1) الفرقان: 67 (2) نهج البلاغة ج 2 ص
156 و 225 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 151
[345]
وقال (عليه السلام): إذا لم يكن ما تريد
فلا تبل كيف كنت ؟ (1) وقال (عليه السلام): كفى بالقناعة ملكا وبحسن الخلق نعيما
وسئل (عليه السلام) عن قوله تعالى " فلنحيينه حيوة طيبة " (2) فقال: هي القناعة (3)
وقال (عليه السلام): من رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته (4) أقول: قد مضى في باب
جوامع المكارم بعض أخبار هذا الباب 3 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي
الخطاب، عن ابن أسباط عن سليم مولى طربال، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سمعته يقول: الدنيا دول، فما كان لك فيها أتاك على ضعفك، وما كان منها عليك أتاك
ولم تمتنع منه بقوة، ثم أتبع هذا الكلام بأن قال: من يئس مما فات أراح بدنه، ومن
قنع بما اوتي قرت عينه (5) 4 - ما: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن
الثالث عن آبائه، عن الصادق (عليهم السلام) في قوله تعالى " فلنحيينه حيوة طيبة "
قال: القنوع (6) 5 - لى (7) مع (8) ما: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام): أي القنوع
أفضل ؟ قال
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 157 وقوله " فلاتبل
" نهى من المبالاة وفى بعض النسخ " فلاتبال " والمعنى: إذا سعيت سعيك في التقدم
والفوز بالآماني فلم ينفع سعيك، وعاقك عن امنيتك العوائق فلم يكن ما تريد، فلاتبال
كيف كنت وعلى أي حال كنت من سوء الحال وحسنه، وارض بما قدر لك (2) النحل: 97 (3)
نهج البلاغة ج 2 ص 195 (4) نهج البلاغة ج 2 ص 227 (5) الخصال ج 1 ص 124 (6) أمالى
الطوسى ج 1 ص 281 (7) أمالى الصدوق: 237 (8) معاني الاخبار: 199
[346]
القانع بما أعطاه الله (1) 6 - ع: ابن
المتوكل، عن الحميري، عن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: لامال أنفع من القنوع باليسير المجزي الخبر (2) 7 - مع:
أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه رفعه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل
ما تفسير القناعة ؟ قال: تقنع بما تصيب من الدنيا تقنع بالقليل وتشكر اليسير (3) 8
- ب: ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: لا
يذوق المرء من حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين والصبر على
المصائب، وحسن التقدير في المعاش (4) أقول: قد مضى بسند آخر في باب صفات المؤمن (5)
9 - ل: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمر، عن
عبد الله بن أيوب، عن إبراهيم بن ميمون قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر (6) 10 - ل: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن جعفر
بن بشير، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن القصد أمر يحبه
الله عزوجل وإن السرف يبغضه حتى طرحك النواة، فانها تصلح لشئ، وحتى صبك فضل
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 51 (2) علل
الشرائع ج 2 ص 246 (3) معاني الاخبار: 261 (4) قرب الاسناد: 46 (5) راجع ج 67 ص
300، عن المحاسن (6) الخصال ج 1 ص 8
[347]
شرابك (1) ثو: ماجيلويه، عن محمد بن يحيى،
عن الاشعري، عن ابن أبي الخطاب مثله (2) 11 - ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن
الاشعري، عن علي بن إسماعيل عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن بعض أصحابه قال: سمعت
العباسي وهو يقول: استأذنت الرضا (عليه السلام) في النفقة على العيال، فقال: بين
المكروهين، قال: فقلت: جعلت فداك لا والله ما أعرف المكروهين، قال: فقال لي: يرحمك
الله أما تعرف أن الله عزوجل كره الاسراف وكره الاقتار ؟ فقال " والذين إذا أنفقوا
لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (3) 12 - اقول: قد مضى في باب، جوامع
المكارم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: أما المنجيات فخوف الله في السر
والعلانية، والقصد في الغنا والفقر، وكلمة العدل في الرضا والسخط 13 - ل: عن أمير
المؤمنين (عليه السلام) قال: ترك التقدير في المعيشة يورث الفقر (4) وعنه (عليه
السلام) قال: السرف مثواة، والقصد مثراة (5) 14 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين
(عليه السلام): التقدير نصف العيش وقال (عليه السلام): ما عال امرؤ اقتصد (6) 15 -
مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن علي بن جعفر، عن رجل من أصحابنا يقال له إبراهيم
قال: سئل الحسن (عليه السلام): عن المروة فقال: العفاف في الدين
(1) الخصال ج 1 ص 9 (2) ثواب الاعمال: 169
(3) الخصال ج 1 ص 29، والاية في سورة الفرقان: 67 (4) الخصال ج 2 ص 94 (5) المصدر
نفسه في حديث آخر (6) الخصال ج 2 ص 161
[348]
وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على
النائبة (1) 16 - ما: في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) عند وفاته: واقتصد يا
بني في معيشتك (2) 17 - ضا: أروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: من أراد أن يكون
أغنى الناس فليكن واثقا بما عند الله عزوجل وروي فليكن بما في يد الله أوثق منه مما
في يديه وأروي عن العالم (عليه السلام): أنه قال: قال الله سبحانه: ارض بما آتيتك
تكن من أغنى الناس وأروي: من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع وأروي أن جبرئيل (عليه
السلام) هبط إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إن الله عز وجل يقرأ عليك
السلام، ويقول لك: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به
أزواجا منهم " (3) الاية فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) مناديا ينادي: من لم
يتأدب بأدب الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ونروي: من رضي من الدنيا بما يجزيه
كان أيسر ما فيها يكفيه، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن شئ منها يكفيه
ونروي: ما هلك من عرف قدره، وما ينكر الناس عن القنوت إنما ينكر عن العقول (4) ثم
قال: وكم عسى يكفي الانسان ونروي: من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه
بالقليل من العمل ونروي: عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قال: من سألنا
أعطيناه، ومن استغنى أغناه الله ونروي إن دخل نفسك شئ من القناعة فاذكر عيش رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فانما كان قوته الشعير، وحلاوته التمر، ووقوده السعف،
إذا وجد
(1) معاني الاخبار: 258 (2) أمالى الطوسى
ج 1 ص 6 (3) طه: 131 (4) كذا، والظاهر: ما ينكر الناس عن القوت وانما ينكر عن
الفضول
[349]
18 - مص: قال الصادق (عليه السلام): لو
حلف القانع بتملكه الدارين لصدقه الله عزوجل بذلك، ولابره لعظم شأن مرتبة القناعة،
ثم كيف لا يقنع العبد بما قسم الله عزوجل له وهو يقول: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم
في الحياة الدنيا " (1) فمن أيقن وصدقه بما شاء ولما شاء، بلا غفلة ممن أيقن
بربوبيته، أضاف تولية الاقسام إلى نفسه بلا سبب، ومن قنع بالمقسوم استراح من الهم
والكذب والتعب وكلما نقص من القناعة زاد في الرغبة، والطمع والرغبة في الدنيا أصلان
لكل شر وصاحبهما لاينجو من النار إلا أن يتوب، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه
وآله): القناعة ملك لا يزول، وهو مركب رضا الله، تحمل صاحبها إلى داره، فأحسن
التوكل فيما لم تعط، والرضا بما اعطيته، واصبر على ما أصابك، فان ذلك من عزم الامور
(2) 19 - سر: موسى بن بكر، عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله
عليه وآله): التودد إلى الناس نصف العقل، والرفق نصف المعيشة، وما عال امرؤفي
اقتصاد 20 - ما: الحسين بن إبراهيم عن ابن وهبان، عن علي بن الحبشي، عن العباس ابن
محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى وجعفر بن عيسى، عن الحسين بن أبي غندر،
عن أيوب بن الحر قال: سمعت رجلا يقول لابي عبد الله (عليه السلام): بلغني أن
الاقتصاد والتدبير في المعيشة نصف الكسب ؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لابل
هو الكسب كله، ومن الدين التدبير في المعيشة (3)
(1) الزخرف: 33 (2) مصباح الشريعة ص 21
(3) أمالى الطوسى ج 2 ص 283
[350]
(87) * (باب) * * " (السخاء والسماحة
والجود) " * [من] الايات التغابن: وأنفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم
المفلحون * إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم (1) 1 -
لى: الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن سهل، عن عبد
الله بن محمد البلوي، عن إبراهيم بن عبيدالله، عن أبيه، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن
جده، عن علي (عليه السلام) قال: سادة الناس في الدنيا الاسخياء وفي الاخرة الاتقياء
(2) صح: عن الرضا، عن آبائه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام) مثله (3) أقول:، قد
مر بعض الاخبار في باب جوامع المكارم، وبعضها في باب حسن الخلق 2 - لى: ابن
المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس عن الحسن بن زياد، عن الصادق
(عليه السلام): أنه قال: إن الله تبارك وتعالى رضي لكم الاسلام دينا فأحسنوا صحبته
بالسخاء وحسن الخلق (4) 3 - ل: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن سهل، عن رجل وعمر
بن عبد العزيز عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خياركم
سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الاعمال البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وذلك
مرغمة
(1) التغابن: 16 - 17 (2) أمالى الصدوق:
20 (3) صحيفة الرضا (عليه السلام): 42 (4) أمالى الصدوق: 163 (*)
[351]
للشيطان، وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان
يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قال: فقلت له: جعلت فداك من غرر أصحابي ؟
قال: هم البارون بالاخوان، في العسر واليسر، ثم قال: يا جميل أما إن صاحب الكثير
يهون عليه ذلك، وقد مدح الله عزوجل صاحب القليل فقال: " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان
بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون " (1) 4 - ما: المفيد، عن أبي غالب
أحمد بن محمد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد العجلي،
عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): يقول الله تعالى: المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن، فان قبلها مني
فبرحمة مني، فان ردها فبذنبه حرمها، ومنه لا مني، وأيما عبد خلقته فهديته إلى
الايمان وحسنت خلقه ولم أبتله بالبخل، فاني اريد به خيرا (2) 5 - ن: أبي، عن سعد،
عن ابن هاشم، عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجل أبا الحسن (عليه السلام) وهوفي الطواف
فقال له: أخبرني عن الجواد، فقال: إن لكلامك وجهين فان كنت تسأل عن المخلوق، فان
الجواد الذي يؤدي ما افترض الله تعالى عليه، والبخيل من بخل بما افترض الله تعالى
عليه، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى، وهو الجواد إن منع، لانه إن أعطى
عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع منع ما ليس له (3) مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن
أبيه، عن أبي الجهم، عن موسى ابن بكر، عن أحمد بن سلم قال: سأل رجل أبا الحسن (عليه
السلام) الحديث (4)
(1) الخصال ج 1 ص 48 (2) أمالى الطوسى ج 1
ص 24 (3) عيون الاخبار ج 1 ص 141 (4) معاني الاخبار: 256
[352]
6 - ن: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن
الاشعري، عن إبراهيم بن حمويه عن محمد بن عيسى اليقطيني قال: قال الرضا (عليه
السلام): في الديك الابيض خمس خصال من خصال الانبياء: معرفته بأوقات الصلوة،
والغيرة، والسخاء، والشجاعة، وكثرة الطروقة (1) 7 - ن: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن
المعلى، عن الوشاء قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: السخي قريب من الله، قريب
من الجنة، قريب من الناس والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس،
وسمعته يقول: السخاء شجرة في الجنة من تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة (2) 8 - ن:
أبي عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم، عن الرضا (عليه السلام): قال: السخي يأكل
من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من
طعامه (3) 9 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني، عن أيوب
بن محمد بن فروخ، عن سعيد بن مسلمة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه صلوات الله عليهم
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن السخاء شجرة من أشجار الجنة لها أغصان
متدلية في الدنيا، [فمن كان سخيا تعلق بغصن من أغصانها فساقه ذلك الغصن إلى الجنة
والبخل شجرة من أشجار النار لها أغصان متدلية في الدنيا] (4) فمن كان بخيلا تعلق
بغصن من أغصانها فساقه ذلك الغصن إلى النار قال أبو المفضل: قال لنا أبو عبد الله
الحسين: فحدثني شيخ من أهلنا عن أبيه عن جعفر بن محمد بحديثه هذا حديث السخا
والبخل، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس السخي المبذر الذي ينفق ماله في
غير حقه، ولكنه الذي يؤدي إلى الله عزوجل ما فرض عليه في ماله من الزكاة وغيرها،
والبخيل الذي لايؤدي
(1) عيون الاخبار ج 1 ص 277 (2) عيون
الاخبار ج 2 ص 12 (3) المصدر نفسه (4) مابين العلامتين ساقط من الاصل
[353]
حق الله عزوجل في ماله (1) 10 - مع: أبي،
عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: قلت له: ماحد السخاء ؟ قال: تخرج من مالك الحق الذي أوجبه الله عليك،
فتضعه في موضعه (2) مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن ابن فضال، عن علي بن
عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (3) 11 - مع: أبي، عن علي، عن أبيه، عن
حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: السخي الكريم الذي ينفق ماله في
حق (4) 12 - مع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن
النضر، عن علي بن عوف الازدي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): السخاء أن تسخو
نفس العبد عن الحرام أن تطلبه، فإذا ظفر بالحلال طابت نفسه أن ينفقه في طاعة الله
عزوجل (5) 13 - مع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال، عن رجل،
عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): السخاء شجرة أصلها في الجنة وهي مطلة على الدنيا، من تعلق بغصن منها اجتره
إلى الجنة (6) 14 - مع: أبي، عن سعد، عن البرقي رفعه عن ابن طريف، عن ابن نباته عن
الحارث الاعور قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسن: يا بني ما السماحة ؟
قال: البذل في العسر واليسر (7) أقول: روى في الكتاب المذكور باسناد آخر أنه قال
أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسن: ما السماحة ؟ قال إجابة السائل وبذل النائل
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 89 (2) معاني
الاخبار: 255 (3 - 7) معاني الاخبار: 256
[354]
15 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ثلاث من أبواب
البر: سخاء النفس، وطيب الكلام، والصبر على الاذى (1) 16 - ختص (2) ضا: أروي عن
العالم (عليه السلام) أنه قال: السخاء شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تعلق
بغصن منها أدته إلى الجنة، والبخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن
من أغصانها أدته إلى النار، أعاذنا الله وإياكم من النار (3) ونروي أن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال لعدي بن حاتم طيئ: دفع عن أبيك العذاب الشديد لسخاء نفسه
وروي أن جماعة من الاسارى جاؤا بهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمر أمير
المؤمنين (عليه السلام) بضرب أعناقهم ثم أمره بافراد واحد لا يقتله، فقال الرجل: لم
أفردتني من أصحابي والجناية واحدة ؟ فقال له: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنك
سخي قومك
(1) المحاسن: 6 (2) الاختصاص: 253، ويظهر
من هذا التوافق بين كتاب الاختصاص وبين كتاب التكليف لابن ابى العزاقر الشلمغانى
المعروف بفقه الرضا (عليه السلام) - كما عرفت في ج 51 ص 375 من هذه الطبعة - أن
مؤلف كتاب الاختصاص اعتمد على كتاب التكليف وأخذ عنه كما أخذ عنه ابن أبى جمهور في
كتابه غوالى اللئالى عارفا بنسبة كتاب التكليف إلى مؤلفه ويستظهر من هذا التوافق
بين العبارتين أن مؤلف كتاب الاختصاص ألف كتابه و جمعه من مطاوى كتب المحدثين تارة
مع السند، وتارة بلاسند، كماحذى حذوه مؤلف كتاب جامع الاخبار الذى نسب إلى الصدوق
رحمه الله فمن البعيد جدا أن يأخذ الشيخ المفيد عن الشلمغانى رواياته هذه وكلها
مرسلة - بلفظه ونصه وكيف كان هذا التوافق بين العبارتين مما يوهن نسبة كتاب
الاختصاص إلى الشيخ المفيد قدس سره
[355]
ولا أقتلك، فقال الرجل: فاني أشهد أن
لاإله إلا الله، وأنك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال فقاده سخاؤه إلى
الجنة وروي: الشاب السخي المعترف للذنوب أحب إلى الله من الشيخ العابد البخيل وروي
ماشئ يتقرب به إلى الله عزوجل من إطعام الطعام وإراقة الدماء وروي أطيلوا الجلوس
عند الموائد، فانها أوقات لا تحسب من أعماركم وروي لو عملت طعاما بمائة ألف درهم ثم
أكل منه مؤمن واحد لم تعد مسرفا وروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: أطعموا
الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا والناس نيام، وادخلوا الجنة بسلام وأروي إياك والسخي
فان الله عزوجل يأخذ بيده وروي أن الله تبارك وتعالى يأخذ بناصية السخي إذا اعثر 17
- مص: قال الصادق (عليه السلام): السخاء من أخلاق الانبياء وهو عماد الايمان ولا
يكون مؤمن إلا سخيا، ولايكون سخيا إلا ذويقين وهمة عالية، لان السخاء شعاع نور
اليقين، ومن عرف ما قصد، هان عليه ما بذل وقال النبي (صلى الله عليه وآله): وما جبل
ولي الله إلا على السخاء، والسخاء ما يقع على كل محبوب أقله الدنيا، ومن علامة
السخاء أن لا يبالي من [أصحاب] خ أكل الدنيا ومن ملكها مؤمنا أو كافرا، وعاصيا أو
مطيعا، شريفا أو وضيعا، يطعم غيره ويجوع ويكسو غيره ويعرى، ويعطي غيره ويمتنع من
قبول عطاء غيره، ويمن بذلك ولا يمتن، ولو ملك الدنيا بأجمعها لم يرنفسه فيها إلا
أجنبيا، ولو بذلها في ذات الله عزوجل في ساعة واحدة مامل قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): السخي قريب من الله قريب من الناس، قريب من الجنة بعيد من النار،
والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار ولا يسمى سخيا
إلا الباذل في طاعة الله ولوجهه، ولو برغيف أو شربة ماء قال النبي (صلى الله عليه
وآله): السخي بما ملك وأراد به وجه الله وأما السخي في معصية الله
[356]
فحمال سخط الله وغضبه، وهو أبخل الناس على
نفسه، فكيف لغيره، حيث اتبع هواه، وخالف أمر الله، قال الله عزوجل: " وليحملن
أثقالهم [وأثقالا مع أثقالهم "] (1) وقال النبي (صلى الله عليه وآله): يقول ابن
آدم: ملكي ملكي، ومالي مالى، يا مسكين أين كنت حيث كان الملك ولم تكن، وهل لك إلا
ما أكلت فأفنيت أولبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت إما مرحوم به وإما معاقب عليه، فاعقل
أن لا يكون مال غيرك أحب إليك من مالك، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما
قدمت فهو للمالكين، وما أخرت فهو للوارثين، وما معك فمالك عليه سبيل سوى الغرور به،
كم تسعى في طلب الدنيا ؟ وكم تدعي ؟ أفتريد أن تفقرنفسك وتغني غيرك (2) 18 - جع:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجنة دار الاسخياء وقال الصادق (عليه
السلام): السخي الكريم الذي ينفق ماله في حق روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: لجاهل سخي أفضل من سائح بخيل (3) وفي حديث آخر عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لشاب مرهق في الذنوب سخي أحب إلى الله من
شيخ عابد بخيل الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول:
السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من
الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار وقال النبي (صلى الله عليه
وآله): الرجال أربعة: سخي وكريم وبخيل ولئيم، فالسخي
(1) العنكبوت: 13 (2) مصباح الشريعة: 34 و
35 (3) السائح: الصائم العابد، والمراد بالجاهل: غير العاقل الذى يجهل في فعاله
ويعمل من غير تدبر وترو، لا الجاهل في مقابلة العالم، وفى الاصل وهكذا نسخة
الكمبانى " تاسخ " وفى نسخة المصدر المطبوع " شيخ " وكلها تصحيف وسيجئ عن الدرة
الباهرة: " ناسك " وهو قريب المعنى من السائح
[357]
الذي يأكل ويعطي والكريم الذي لا يأكل
ويعطي والبخيل الذي يأكل ولا يعطي واللئيم الذي لا يأكل ولا يعطي (1) 19 - ين: محمد
بن الفضيل، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الله ارتضى
الاسلام لنفسه دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق 20 - ما: باسناده عن موسى بن
بكر، عن العبد الصالح (عليه السلام) عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): من صدق بالخلف جاد بالعطية 21 - الدرة الباهرة: قال الحسين
بن علي (عليه السلام): من قبل عطاءك، فقد أعانك على الكرم قال (عليه السلام): مالك
إن لم يكن لك كنت له، فلاتبق عليه، فانه لا يبقي عليك، وكله قبل أن يأكلك وقال
الصادق (عليه السلام): جاهل سخي أفضل من ناسك بخيل قال (عليه السلام): السخاء ماكان
ابتداء، فأما ماكان من مسألة فحياء وتذمم وقال (عليه السلام): الكرم أعطف من الرحم
22 - كتاب الامامة والتبصرة: عن القاسم بن علي العلوي، عن محمد بن أبي عبد الله، عن
سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طعام السخي دواء، وطعام الشحيح
داء
(1) جامع الاخبار ص 131
[358]
(88) * (باب) * * " (من ملك نفسه عند
الرغبة والرهبة والرضا) " * * " (والغضب والشهوة) " * 1 - لى: ابن ناتانه، عن علي،
عن أبيه، عن الحسن بن علي بن فضال عن غالب بن عثمان، عن شعيب العقر قوفي، عن الصادق
جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا
غضب وإذا رضي، حرم الله جسده على النار (1) 2 - ل: ماجيلويه، عن عمه، عن هارون، عن
ابن صدقة، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): ما أنفق مؤمن نفقة هي أحب إلى الله عزوجل من قول الحق في الرضا والغضب
(2) اقول: قد مضى كثير من الاخبار في هذا المعنى في باب جوامع المكارم وبعضها في
باب الخوف 3 - ل: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي
أيوب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما المؤمن الذي إذا
رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، والمؤمن
الذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي وإلى ما ليس له بحق (3) 4 - ل: أبي، عن
محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن البرقي، عن الحسن ابن علي بن فضال، عن ابن حميد،
عن الثمالي، عن عبد الله بن الحسن، عن امه
(1) أمالى الصدوق: 198 (2) الخصال ج 1 ص
32 (3) الخصال ج 1 ص 52
[359]
فاطمة بنت الحسين بن علي، عن أبيه (عليهم
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال
الايمان: الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا غضب لم يخرجه الغضب من
الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له (1) 5 - ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي،
عن أبيه، عن صفوان، عن عبد الله سنان قال: ذكر رجل المؤمن عند أبي عبد الله فقال
(عليه السلام): إنما المؤمن الذي إذا سخط لم يخرجه سخطه من الحق، والمؤمن إذا رضي
لم يدخله رضاه في باطل، والمؤمن الذي إذا قدر لم يتعاط ما ليس له (2) 5 - ل:
الطالقاني، عن محمد بن جرير الطبري، عن أبي صالح الكناني عن يحيى بن عبد الحميد، عن
شريك، عن هشام بن معاذ، عن الباقر (عليه السلام) قال: ثلاث من كن فيه استكمل
الايمان بالله: من إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، و إذا غضب لم يخرجه غضبه من
الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له الخبر (3) 7 - ثو: العطار، عن سعد، عن محمد
بن عيسى، عن ابن فضال، عن غالب ابن عثمان، عن شعيب، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى وإذا غضب حرم الله جسده على
النار (4)
(1 و 2) الخصال ج 1 ص 52 (3) الخصال ج 1 ص
51 (4) ثواب الاعمال ص 145
[360]
(89) * (باب) * * " (انه ينبغى ان لا يخاف
في الله لومة لائم وترك) " * * " (المداهنة في الدين) " * الايات، المائدة: يجاهدون
في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم (1) القلم: فلاتطلع المكذبين * ودو الوتدهن
فيدهنون (2) 1 - ل: في وصايا أبي ذر رحمة الله عليه قال: أوصاني رسول الله (صلى
الله عليه وآله) أن لا أخاف في الله لومة لائم (3) وفي خبر آخر عنه رحمة الله عليه
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تخف في الله لومة لائم (4) وسيأتي
بأسانيده في أبواب المواعظ (5) 2 - ما: فيما كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد
بن أبي بكر: اوصيك بسبع هن جوامع الاسلام: تخشى الله عزوجل، ولا تخشى الناس في
الله، إلى أن قال: ولا تخف في الله لومة لائم (6) 3 - ما: باسناد المجاشعي، عن
الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تأخذكم
في الله لومة لائم، يكفكم الله من أرادكم وبغى عليكم
(1) المائدة: 54 (2) القلم: 8 و 9: (3)
الخصال ج 2 ص 105 (4) الخصال ج 2 ص 4 في حديثين (5) راجع ج 77 - ص 70 - 91 من هذه
الطبعة الحديثة (6) أمالى الطوسى ج 1 ص 30
[361]
4 - فتح: روي أن لقمان الحكيم قال لولده
في وصيته: لاتعلق قلبك برضى الناس ومدحهم وذمهم، فان ذلك لا يحصل ولو بالغ الانسان
في تحصيله بغاية قدرته فقال ولده ما معناه: احب أن أرى لذلك مثالا أو فعالا أو
مقالا، فقال له: أخرج أنا وأنت، فخرجا ومعهما بهيم فركبه لقمان وترك ولده يمشي
وراءه فاجتازوا على قوم فقالوا: هذا شيخ قاسي القلب، قليل الرحمة، يركب هو الدابة
وهو أقوى من هذا الصبي، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه، وإن هذا بئس التدبير، فقال
لولده: سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك ؟ فقال: نعم فقال: اركب أنت يا ولدي حتى
أمشي أنا، فركب ولده ومشى لقمان فاجتازوا على جماعة اخرى فقالوا: هذا بئس الوالد،
وهذا بئس الولد. أما أبوه فانه ما أدب هذا الصبي حتى يركب الدابة ويترك والده يمشي
وراءه، والوالد أحق بالاحترام والركوب، وأما الولد فلانه عق والده بهذه الحال
فكلاهما أساءا في الفعال، فقال لقمان لولده: سمعت ؟ فقال: نعم، فقال: نركب معا
الدابة فركبا معا فاجتازوا على جماعة فقالوا: ما في قلب هذين الراكبين رحمة، ولا
عندهم من الله خبر، يركبان معا الدابة يقطعان ظهرها، ويحملانها مالا تطيق، لو كان
قد ركب واحد ومشى واحد كان أصلح وأجود، فقال: سمعت ؟ فقال: نعم، فقال: هات حتى نترك
الدابة تمشي خالية من ركوبنا، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان فاجتازوا على
جماعة فقالوا: هذا عجيب من هذين الشخصين يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان،
وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ماكان فقال لولده: ترى في تحصيل رضاهم حيلة
لمحتال، فلا تلتفت إليهم واشتغل برضا الله جل جلاله، ففيه شغل شاغل، وسعادة وإقبال
في الدنيا ويوم الحساب والسؤال 5 - فتح: روي أن موسى (عليه السلام) قال: يا رب احبس
عني ألسنة بني آدم فانهم يذموني - وقد اوذي كما قال الله جل جلاله عنهم: " لا
تكونوا كالذين آذوا
[362]
موسى " (1) - قيل: فأوحى الله جل جلاله
إليه: يا موسى هذا شئ ما فعلته مع نفسي أفتريد أن أعمله معك ؟ فقال: قد رضيت أن
تكون لي اسوة بك 6 - نهج: قال (عليه السلام): من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل
أشداء الباطل (2) وقال (عليه السلام): إذا هبت أمرا فقع فيه، فان شدة توقيه أعظم
مما تخاف منه (3) (90) * (باب) * * " (حسن العاقبة واصلاح السريرة) " * الايات: آل
عمران: قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في
الارض والله على كل شئ قدير (4) النساء: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهم
معهم إذ يبيتون مالا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا (5) الانعام: وهو
الله في السموات والارض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (6) اسرى: ربكم أعلم بما
في نفوسكم إن تكونوا صالحين إنه كان للاوابين غفورا (7)
(1) الاحزاب: 69 (2 و 3) نهج البلاغة ج 2
ص 185 (4) آل عمران: 29 (5) النساء: 108 (6) الانعام: 3 (7) أسرى: 25
[363]
الاحزاب: إن تبدوا شيئا أو تخفوه فان الله
كان بكل شئ عليما (1) السجدة: وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم
ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما كنتم تعملون * وذلكم ظنكم الذي
ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين (2) وقال تعالى: اعملوا ما شئتم إنه بما
تعملون بصير (3) الحجرات: إن الله يعلم غيب السموات والارض والله بصير بما تعملون
(4) الحشر: كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف
الله رب العالمين (5) التغابن: يعلم ما في السموات والارض ويعلم ما تسرون وما
تعلنون والله عليم بذات الصدور (6) الملك: وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات
الصدور * ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (7) 1 - لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن
أيوب بن نوح، عن محمد بن زياد، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه
السلام) عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): من أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى من ذنبه ومن أساء فيما بقي من
عمر ؟ ؟ بالاول والاخر (8) 2 - لى: عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): خير الامور خيرها عاقبة (9)
(1) الاحزاب: 54 (2) السجدة: 22 - 23 (3)
السجدة: 40 (4) الحجرات: 18 (5) الحشر: 16 (6) التغابن: 4 (7) الملك: 13 - 14 (8)
أمالى الصدوق: 35 (9) أمالى الصدوق: 292
[364]
3 - مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن
البرقي، عن أبيه، عن وهب القرشي عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا
(عليه السلام) قال: إن حقيقة السعادة أن يختم للمرء عمله بالسعادة، وإن حقيقة
الشقاء أن يختم للمرء عمله بالشقاء (1) 4 - ب: ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن
أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تزين
للناس بما يحب الله، وبارز الله في السر بما يكره [الله] لقي الله وهو عليه غضبان،
له ماقت (2) 5 - مع: أبي، عن محمد العطار، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن سهل قال:
سمعت أبا فروة الانصاري وكان من السائحين يقول: قال عيسى بن مريم: يا معشر
الحواريين بحق أقول لكم إن الناس يقولون: إن البنا بأساسه وإني لاأقول لكم كذلك،
قالوا: فماذا تقول يا روح الله ؟ قال: بحق أقول لكم: إن آخر حجر يضعه العامل هو
الاساس، قال أبو فروة إنما أراد خاتمة الامر (3) 6 - لى: عن نوف البكالي قال: قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): يا نوف إياك أن تتزين للناس وتبارز الله بالمعاصي
فيفضحك الله يوم تلقاه (4) 7 - لى: ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني عن
الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كانت
الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة: من كانت الاخرة
همه كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح فيما
بينه وبين الله عز وجل أصلح الله له فيما بينه وبين الناس (5) 8 - ل: ابن المتوكل،
عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني
(1) معاني الاخبار: 345 (2) قرب الاسناد ص
45 (3) معاني الاخبار: 348 (4) أمالى الصدوق: 126 (5) أمالى الصدوق: 22
[365]
مثله (1) ثو: أبي، عن علي، عن أبيه، مثله
(2) 9 - لى: العطار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عيسى الفراء، عن ابن
أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): من كان
ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه (3) 10 - ما: عن أبي قلابة قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): من أسر ما يرضي الله عزوجل أظهر الله له ما يسره، ومن أسر ما يسخط
الله تعالى أظهر الله ما يخزيه (4) أقول: قد مر الخبر بتمامه في باب جوامع المكارم
(5) 11 - ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد الانباري،
عن زياد بن مروان، عن جراح بن مليح أبي وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث
الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يا علي مامن عبد إلا وله جواني وبراني يعني سريرة وعلانية، فمن أصلح جوانيه أصلح
الله عزوجل برانيه، ومن أفسد جوانيه أفسد الله برانيه، وما من أحد إلا له صيت في
أهل السماء، وصيت في أهل الارض، فإذا حسن صيته في أهل السماء وضع ذلك له في أهل
الارض، فإذا ساء صيته في أهل السماء وضع ذلك له في الارض قال: فسئل (عليه السلام)
عن صيته ما هو ؟ قال: ذكره (6) 11 - فس: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): طوبى لمن
ذل في نفسه، وطاب كسبه وصلحت سريرته (7)
(1) الخصال ج 1 ص 64 (2) ثواب الاعمال:
164 (3) أمالى الصدوق: 294 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 185 (5) راجع ج 69 ص 382 من هذه
الطبعة (6) أمالى الطوسى ج 2 ص 73 (7) تفسير القمى: 429، في آية الانبياء: 35
[366]
12 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن
الصادق، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: من أصلح فيما بينه وبين الله أصلح
الله فيما بينه وبين الناس (1) 13 - م: قوله عزوجل " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم
" (2) الذين يقدرون أنهم يلقون ربهم اللقاء الذي هو أعظم كراماته، وإنما قال "
يظنون " لانهم لا يرون بماذا يختم لهم، والعاقبة مستورة عنهم " وأنهم إليه راجعون "
إلى كراماته ونعيم جناته، لايمانهم وخشوعهم، لا يعلمون ذلك يقينا لانهم لا يأمنون
أن يغيروا ويبدلوا قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يزال المؤمن خائفا من سوء
العاقبة لا يتيقن الوصول إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له
(3) 14 - جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن يونس، عن محمد
بن ياسين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما ينفع العبد يظهر حسنا
ويسير سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه، علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: " بل
الانسان على نفسه بصيرة " (4) إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية (5) 15 - ين: محمد
بن خالد، عن ابن المغيرة، عن أبي خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال من أظهر
للناس ما يحب الله وبارزه بما يكره لقي الله وهوله ماقت 16 - ما: جماعة، عن أبي
المفضل، عن عبد الله بن الحسين العلوي، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر الجواد،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المرض لا أجر فيه،
ولكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه، وإنما الاجر
(1) المحاسن ص 29 (2) البقرة: 46 (3)
تفسير الامام ص 96 ط تبريز وص 115 في ط (4) القيامة: 14 (5) مجالس المفيد: 133
[367]
في القول باللسان، والعمل بالجوارح، وإن
الله بكرمه وفضله يدخل العبد بصدق النية والسريرة الصالحة الجنة (1) 17 - نهج: قال
(عليه السلام): من أصلح ما بينه وبين الله سبحانه أصلح الله ما بينه وبين الناس،
ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من
الله حافظ (2) وقال (عليه السلام): لكل امرئ عاقبة حلوة أو مرة (3) وقال (عليه
السلام): من أصلح سريرته أصلح الله [له] علانيته، ومن عمل لدينه كفاه الله أمر
دنياه، ومن أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس (4) وقال (عليه
السلام): واعلم أن لكل ظاهر باطنا على مثاله، فما طاب ظاهره طاب باطنه، وما خبث
ظاهره خبث باطنه، وقد قال الرسول الصادق (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب العبد
ويبغض عمله، ويحب العمل ويبغض بدنه واعلم أن لكل عمل نبات وكل نبات لاغنى به عن
الماء، والمياه مختلفة، فما طاب سقيه طاب غرسه وحلت ثمرته، وما خبث سقيه خبث غرسه
وأمرت ثمرته (5) بيان: لعل المراد بالظاهر والباطن ما يظهر من الانسان من أعماله،
وما هو باطن من نياته وعقائده، فقوله (عليه السلام): " وقد قال " كالاستثناء من
المقدمتين والحاصل أن الغالب مطابقة الظاهر للباطن، وقد يتخلف ذلك كما يدل عليه
الخبر ويحتمل أن يكون المعنى أن ما يظهر من أفعال المرء وأفعاله في آخر عمره يدل
على ماكان كامنا في النفس من النيات الحسنة، والعقائد الحقة، والطينات الطيبة
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 215، ويأتى في ج
72 ص 17 - 24 بيان ضاف من المؤلف العلامة قدس سره يشرح الحديث ويستوعب الكلام فيه،
فراجع (2) نهج البلاغة ج 2 ص 161 (3) نهج البلاغة ج 2 ص 183 (4) نهج البلاغة ج 2 ص
245 (5) نهج البلاغة ج 1 ص 297
[368]
أو النيات الفاسدة، والعقائد الردية،
والطينات الخبيثة، فيكون الخبر دليلا على ذلك، فان من يكون في بدو حاله فاجرا ويختم
له بالحسنى، إنما يحبه الله لما يعلم من حسن سريرته الذي يدل عليه خاتمه عمله، ومن
كان بعكس ذلك يبغضه لما يعلم من سوء سريرته، وهذان الوجهان مما خطر بالبال وربما
يؤيد الثاني ما ذكره بعده كمالايخفى بعد التأمل وقال ابن أبي الحديد (1) هو مشتق من
قوله تعالى " والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه " (2) والمعنى أن لكلي حالتي
الانسان الظاهرة أمرا باطنيا يناسبها من أحواله، والحالتان الظاهرتان ميله إلى
العقل، وميله إلى الهوى، فالمتبع لعله يرزق السعادة والفوز، فهذا هو الذي طاب ظاهره
وطاب باطنه، والمتبع لمقتضى هواه يرزق الشقاوة والعطب، وهذا هو الذي خبث ظاهره وخبث
باطنه، ومنهم من حمل الظاهر على حسن الصورة والهيئة وقبحهما، وقال: هما يدلان على
قبح الباطن وحسنه، وحمل حب العبد مع قبح الفعل على ما إذا كان مع قبح الصورة ولا
يخفى بعد الوجهين على الخبير 18 - مجمع البيان: روى العياشي باسناده عن محمد بن
مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: مايصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا ؟
أليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك ؟ والله سبحانه يقول " بل الانسان على
نفسه بصيرة " (3) إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية وعن عمربن يزيد، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) أنه تلاهذه الاية ثم قال: مايصنع الانسان أن يعتذر إلى الناس
خلاف ما يعلم الله منه، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: من أسر سريرة
رداه الله رداءها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر (4)
(1) شرح النهج الحديدي ج 2 ص 448 (2)
الاعراف: 75 (3) القيامة: 14 (4) مجمع البيان ج 10 ص 396
[369]
19 - عدة الداعي: قال الصادق (عليه
السلام) يوما للمفضل بن صالح: يا مفضل إن لله عبادا عاملوه بخالص من سره، فعاملهم
بخالص من بره، فهم الذين تم صحفهم يوم القيامة فرغا، فإذا وقفوا بين يديه ملاها من
سر ما أسروا إليه فقلت: يا مولاي ولم ذلك ؟ فقال: أجلهم أن تطلع الحفظة على ما بينه
وبينهم وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إياك وما تعتذر منه، فانه لا يعتذر من
خير، وإياك وكل عمل في السر تستحي منه في العلانية، وإياك وكل عمل إذا ذكر لصاحبه
أنكره وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعلا منازل الايمان درجة واحدة، من
بلغ إليها فقد فاز وظفر، وهو أن ينتهي بسريرته في الصلاح إلى أن لا يبالي لها إذا
ظهرت ولا يخاف عقابها إذا استترت 20 - اسرار الصلوة: روي أن رجلا من بني إسرائيل
قال: والله لاعبدن الله عبادة اذكر بها فكان أول داخل في المسجد وآخر خارج منه، لا
يراه أحد حين الصلاة إلا قائما يصلي، وصائما لا يفطر، ويجلس إلى حلق الذكر، فمكث
بذلك مدة طويلة وكان لا يمر بقوم إلا قالوا فعل الله بهذا المرائي وصنع، فأقبل على
نفسه وقال: أراني في غير شئ لاجعلن عملي كله لله، فلم يزد على عمله الذي كان يعمل
قبل ذلك إلا أنه تغيرت نيته إلى الخير فكان ذلك الرجل يمر بعد ذلك بالناس فيقولون:
رحم الله فلانا الان أقبل على الخير
[370]
(91) * (باب) * * " (الذكر الجميل وما
يلقى الله في قلوب العباد من محبة الصالحين) " * " " (ومن طلب رضى الله بسخط الناس)
" " الايات: مريم: واجعل لهم لسان صدق عليا (1) وقال تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا (2) طه: وألقيت عليك محبة مني (3) الشعراء: واجعل لي
لسان صدق في الاخرين (4) العنكبوت: وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الاخرة لمن
الصالحين (5) الصافات: وتركنا عليه في الاخرين (6) 1 - مع (7) لى: محمد بن أحمد
الاسدي، عن عبد الله بن محمد بن المرزبان عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن أبي عمران
الجوني (8)، عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر رحمة الله عليه: قلت: يارسول
الله الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس ؟ قال: تلك عاجل بشرى المؤمن (9) أقول: قد مضى
خبر الحارث في باب حسن العاقبة (10)
(1) مريم: 50 (2) مريم: 96 (3) طه: 39 (4)
الشعراء: 84 (5) العنكبوت: 27 (6) الصافات: 78 و 108 و 119، 129 (7) معاني الاخبار:
322 (8) في الاصل ونسخة الامالى الجدى وهو تصحيف واسم الرجل عبد الملك بن حبيب راجع
المشتبه ص 192 (9) أمالى الصدوق، 137 (10) راجع ص 365 فيما مضى (*)
[371]
2 - مع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن
المفضل قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن من قبلنا يقولون: إن الله تبارك
وتعالى إذا أحب عبدا نوه به منوه من السماء أن الله يحب فلانا فأحبوه، فتلقى له
المحبة في قلوب العباد وإذا أبغض الله عبدا نوه منوه من السماء أن الله يبغض فلانا
فأبغضوه، قال: فيلقي الله له البغضاء في قلوب العباد قال: وكان (عليه السلام) متكئا
فاستوى جالسا فنفض يده ثلاث مرات يقول: لا ليس كما يقولون، ولكن الله عزوجل إذا أحب
عبدا أغرى به الناس في الارض ليقولوا فيه فيوثمهم ويأجره، وإذا أبغض الله عبدا حببه
إلى الناس ليقولوا فيه ليوثمهم ويوثمه ثم قال (عليه السلام): من كان أحب إلى الله
من يحيى بن زكريا (عليه السلام) أغراهم به حتى قتلوه، ومن كان أحب إلى الله عزوجل
من علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلقي من الناس ما قد علمتم، ومن كان أحب إلى الله
تبارك وتعالى من الحسين بن علي صلوات الله عليهما فأغراهم به حتى قتلوه (1) 3 - لى:
ابن المتوكل، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن
الصادق، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: كتب رجل إلى الحسين بن علي (عليه
السلام): يا سيدي أخبرني بخير الدنيا والاخرة فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم أما
بعد فانه من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ومن طلب رضى الناس بسخط
الله وكله الله إلى الناس والسلام (2) 4 - ما: فيما كتب أمير المؤمنين (عليه
السلام) لمحمد بن أبي بكر: إن استطعت أن لا تسخط ربك برضا أحد من خلقه فافعل، فان
في الله عزوجل خلفا من غيره، وليس في شئ سواه خلف منه (3)
(1) معاني الاخبار ص 382 (2) أمالى
الصدوق: 121 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 28
[372]
5 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن
جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أحب
الله تعالى عبدا نادى مناد من السماء: ألا إن الله تعالى قد أحب فلانا فأحبوه،
فتعيه القلوب ولا يلقى إلا حبيبا محببا مذاقا عند الناس، وإذا أبغض الله تعالى عبدا
نادى مناد من السماء: ألا إن الله تعالى قد أبغض فلانا فأبغضوه، فتعيه القلوب وتعي
عنه الاذان، فلا تلقاه إلا بغيضا مبغضا شيطانا ماردا (1) 6 - نهج: قال في وصيته
لابنه الحسن (عليهما السلام): إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن
عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح (2) (92) * (باب) * * " (حسن
الخلق) " * * " (وتفسير قوله تعالى: انك لعلى خلق عظيم) " * الايات: آل عمران: فبما
رحمة من الله لنت لهم (3) القلم: إنك لعلى خلق عظيم (4) أقول: قد مضى أخبار هذا
الباب في الابواب السابقة، وخاصة في باب جوامع مكارم الاخلاق وستأتي أيضا (5) 1 -
كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن
(1) نوادر الراوندي: 7 (2) نهج البلاغة ج
2 ص 85 في عهده إلى الاشتر (3) آل عمران: 159 (4) القلم: 4
[373]
صالح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه
السلام): قال إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا (1) بيان: الخلق بالضم يطلق على
الملكات والصفات الراسخة في النفس، حسنة كانت أم قبيحة، وهي في مقابلة الاعمال،
ويطلق حسن الخلق غالبا على ما يوجب حسن المعاشرة ومخالطة الناس بالجميل قال الراغب:
الخلق والخلق في الاصل واحد، لكن خص الخلق بالهيئات والاشكال والصور المدركة
بالبصر، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة (2) وقال في النهاية: فيه ليس
شئ في الميزان أثقل من حسن الخلق الخلق بضم اللام وسكونها الدين والطبع والسجية
وحقيقته أنه لصورة الانسان الباطنة وهي نفسها وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة
الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولهما أوصاف حسنة وقبيحة، والثواب والعقاب
يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا
تكررت الاحاديث في مدح حسن الخلق في غير موضع، كقوله " أكثر ما يدخل الناس الجنة
تقوى الله وحسن الخلق " وقوله " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " وقوله " إن
العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " وقوله: " بعثت لاتمم مكارم الاخلاق "
وأحاديث من هذا النوع كثيرة، وكذلك جاء في ذم سوء الخلق أحاديث كثيرة انتهى وقيل:
حسن الخلق إنما يحصل من الاعتدال بين الافراط والتفريط في القوة الشهوية والقوة
الغضبية، ويعرف ذلك بمخالطة الناس بالجميل والتودد والصلة والصدق واللطف والمبرة
وحسن الصحبة والعشرة والمراعاة والمساواة والرفق والحلم والصبر والاحتمال لهم
والاشفاق عليهم، وبالجملة هي حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الاخلاق
النفسانية بعضها ببعض، ومن ثم قيل: هو حسن الصورة
(1) الكافي ج 2 ص 99 (2) مفردات غريب
القرآن 158
[374]
الباطنة التي هي صورة الناطقة كما أن حسن
الخلق هو حسن الصورة الظاهرة و تناسب الاجزاء، إلا أن حسن الصورة الباطنة قد يكون
مكتسبا ولذا تكررت الاحاديث في الحث به وبتحصيله وقال الراوندي رحمه الله في ضوء
الشهاب: الخلق السجية والطبيعة ثم يستعمل في العادات التي يتعودها الانسان من خير
أو شر، والخلق ما يوصف العبد بالقدرة عليه، ولذلك يمدح ويذم به، ويدل على ذلك قوله
صلى الله عليه وآله " خالق الناس بخلق حسن " انتهى وأقول: مدخلية حسن الخلق في كمال
الايمان قدمر تحقيقه في أبواب الايمان 2 - كا: عن الحسين بن محمد، عن المعلي، عن
الوشاء، عن عبد الله بن سنان عن رجل من أهل المدينة، عن علي بن الحسين (عليهما
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما يوضع في ميزان امرء يوم
القيامة أفضل من حسن الخلق (1) بيان،: هو مما يستدل به على تجسم الاعمال وقد مضى
الكلام فيه 3 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد
الحناط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربع من كن فيه كمل إيمانه، وإن كان من
قرنه إلى قدمه ذنوبا لم ينقصه ذلك، قال: وهو الصدق وأداء الامانة والحياء وحسن
الخلق (2) بيان: أربع مبتدأ وكأن موصوفه مقدر أي خصال أربع، والموصول بصلته خبره "
وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا " مبالغة في كثرة ذنوبه أو كناية عن صدورها من كل
جارحة من جوارحه، ويمكن حملها على الصغائر فان صاحب هذه الخصال لا يجترئ على
الاصرار على الكبائر، أو أنه يوفق للتوبة وهذه الخصال تدعوه إليها مع أن الصدق يخرج
كثيرا من الذنوب كالكذب وما يشاكله وكذا أداء الامانة يخرج كثيرا من الذنوب
كالخيانة في أموال الناس ومنع الزكوات
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 99
[375]
والاخماس وسائر حقوق الله، وكذا الحياء من
الخلق يمنعه [من التظاهر بأكثر المعاصي والحياء من الله يمنعه عن تعمد المعاصي
والاصرار ويدعوه إلى التوبة سريعا وكذا حسن الخلق يمنعه] (1) عن المعاصي المتعلقة
بايذاء الخلق كعقوق الوالدين وقطع الارحام والاضرار بالمسلمين، فلا يبقى من الذنوب
إلا قليل لا يضر في إيمانه مع أنه موفق للتوبة، والله الموفق 4 - كا: عن العدة، عن
البرقي، عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): ما
يقدم المؤمن على الله عزوجل بعمل بعد الفرائض أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس
بخلقه (2) بيان: " ما يقدم " كيعلم قدوما، وتعديته بعلى لتضمين معنى الاقبال، و
الباء في قوله " بعمل " للمصاحبة، ويحتمل التعدية " من أن يسع الناس بخلقه " أي
يكون خلقه الحسن وسيعا بحيث يشمل جميع الناس 5 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد
بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم (3)
بيان: يدل على أن الاخلاق لها ثواب مثل ثواب الاعمال 6 - كا: عن علي، عن أبيه، عن
النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): أكثر ما تلج به امتي الجنة: تقوى الله وحسن الخلق (4) توضيح: التقوى
حسن المعاملة مع الرب وحسن الخلق حسن المعاملة مع الخلق، وهما يوجبان دخول الجنة،
والولوج الدخول 7 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسين الاحمسي وعبد
الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الخلق الحسن يميث الخطيئة
كماتميث الشمس الجليد (5) توضيح: الميث والموث الاذابة، مثت الشئ أميثه وأموثه من
بابي باع
(1) مابين العلامتين أضفناه من شرح الكافي
ج 2 ص 116 (2 - 5) الكافي ج 2 ص 100
[376]
وقال - فانماث إذا دفته وخلطته بالماء
وأذبته، وفي النهاية فيه حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، الجليد هو
الماء الجامد من البرد، وفي المغرب الجليد ما يسقط على الارض من الندى فيجمد 8 -
كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن الوشاء، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: هلك رجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى الحفارين فإذا
بهم لم يحفروا شيئا وشكوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: ما يعمل
حديدنا في الارض فكأنما نضرب به في الصفا فقال: ولم ؟ إن كان صاحبكم لحسن الخلق
ائتوني بقدح من ماء فأتوه به فأدخل يده فيه ثم رشه على الارض رشا ثم قال احفروا
قال: فحفر الحفارون فكأنما كان رملا يتهايل عليهم (1) بيان: المستتر في قوله " فأتى
" للنبي (صلى الله عليه وآله) ومنهم من قرأ اتي على بناء المفعول، من باب التفعيل،
فالنائب للفاعل الضمير المستتر الراجع إلى الرجل والحفارين مفعوله الثاني ولا يخفى
ما فيه، والصفا جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء وقوله " ولم " استفهام إنكاري أو
تعجبي " إن كان " الظاهر أن " إن " مخففة عن المثقلة وتعجبه (صلى الله عليه وآله)
من أنه لم اشتد الارض عليهم مع كون صاحبهم حسن الخلق فانه يوجب يسر الامر في الحياة
وبعد الوفاة بخلاف سوء الخلق فانه يوجب اشتداد الامر فيهما، والحاصل أنه لما كان
حسن الخلق فليس هذا الاشتداد من قبله فهو من قبل صلابة الارض فصب الماء المتبرك
بيده المباركة على الموضع، فصار باعجازه في غاية الرخاوة وقيل: " إن " للشرط " ولم
" قائم مقام جزاء الشرط، فحاصله أنه لو كان حسن الخلق لم يشتد الحفر على الحفارين،
فرش صاحب الخلق الحسن الماء الذي أدخل يده المباركة فيه لرفع تأثير خلقه السيئ ولا
يخفى بعده وقال في النهاية: كل شئ أرسلته إرسالا من طعام أو تراب أو رمل فقد هلته
هيلا، يقال: هلت الماء وأهلته إذا صببته وأرسلته، ومنه حديث الخندق فعادت كثيبا
أهيل أي رملا سائلا انتهى، وبعضهم يقول: هلت التراب حركت أسفله فسال من أعلاه
(1) الكافي ج 2 ص 101
[377]
9 - كا: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن
سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الخلق منيحة يمنحها
الله عزوجل خلقه، فمنه سجية ومنه نية، فقلت: فأيتهما أفضل ؟ فقال: صاحب السجية هو
مجبول لايستطيع غيره، وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا فهو أفضلهما (1) ايضاح:
المنيحة كسفينة والمنحة بالكسر العطية " فمنه سجية " أي جبلة وطبيعة خلق عليها "
ومنه نية " أي يحصل عن قصد واكتساب وتعمل، والحاصل أنه يتمرن عليه حتى يصير
كالغريزة فبطل قول من قال إنه غريزة لامدخل للاكتساب فيه، وقال أمير المؤمنين صلوات
الله عليه " عود نفسك الصبر على المكروه، فنعم الخلق التصبر " (2) والمراد بالتصبر
تحمل الصبر بتكلف و مشقة لكونه غير خلق 10 - كا: عن محمد بن يحيى، عن بكر بن صالح،
عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد
الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق
كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو عليه ويروح (3) بيان: اللهب بالكسر قبيلة " كما
يعطي المجاهد " لمشقتهما على النفس ولكون جهاد النفس كجهاد العدو بل أشق وأشد، ولذا
سمي بالجهاد الاكبر وإن كان في جهاد العدو جهاد النفس أيضا، وقوله " يغدو عليه
ويروح " حال عن المجاهد كناية عن استمراره في الجهاد في أول النهار، وآخره، فان
الغدو أول النهار والرواح آخره، أو المعنى يذهب أول النهار ويرجع آخره، والاول أظهر
وقال في المصباح: غدا غدوا من باب قعد ذهب غدوة، وهي مابين صلاة الصبح وطلوع الشمس
ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان
(1) الكافي ج 2 ص 101 (2) نهج البلاغة
الرقم 31 من الرسائل والكتب (3) الكافي ج 2 ص 101 (*)
[378]
وراح يروح رواحا أي رجع كما في قوله
تعالى: " غدوها شهر ورواحها شهر " (1) أي ذهابها شهر ورجوعها شهر، وقد يتوهم بعض
الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار، وليس كذلك، بل الرواح والغدو عند العرب
يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار. وقال الازهري وغيره: وعليه قوله
(عليه السلام): من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا أي ذهب انتهى وكأن الانسب
هنا ما ذكرنا أولا. وقيل: لعل المراد أن الثواب يغدو على حسن خلقه ويروح، يعني أنه
ملازم له كملازمة حسن خلقه، ولا يخلو من بعد 11 - كا: عن محمد بن يحيى، عن عبد الله
الحجال، عن أبي عثمان القابوسي عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال إن
الله تبارك وتعالى أعار أعداءه أخلاقا من أخلاق أوليائه ليعيش أولياؤه مع أعدائه في
دولاتهم، وفي رواية اخرى: ولولا ذلك لما تركوا وليا الله إلا قتلوه (2) بيان: "
أعار أعداءه " كأن الاعارة إشارة إلى أن هذه الاخلاق لا تبقى لهم ثمرتها ولا
ينتفعون بها في الاخرة، فكأنها عارية تسلب منهم بعد الموت، أو أن هذه ليست مقتضى
ذواتهم وطيناتهم، وإنما اكتسبوها من مخالطة طينتهم مع طينة المؤمنين، كما ورد في
بعض الاخبار وقد مر شرحها، أو إلى أنها لما لم تكن مقتضى عقائدهم ونياتهم الفاسدة،
وإنما اعطوها لمصلحة غيرهم، فكأنها عارية عندهم، والوجوه متقاربة 12 - كا: عن علي،
عن أبيه، عن حمادبن عيسى، عن الحسين بن المختار عن العلا بن كامل قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): إذا خالطت الناس فان استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس إلا
كانت يدك العليا عليه فافعل، فان العبد يكون فيه بعض التقصير من العبادة، ويكون له
خلق حسن فيبلغه الله بخلقه (3) درجة الصائم
(1) سبأ: 12 (2) الكافي ج 2 ص 101 (3)
بحسن خلقه خ ل
[379]
القائم (1) ايضاح: العليا بالضم مؤنث
الاعلى، وهي خبر " كانت " و " عليه " متعلق بالعليا والتعريف يفيد الحصر " فافعل "
أي الاحسان أو المخالطة والاول أظهر أي كن أنت المحسن عليه، أو أكثر إحسانا لا
بالعكس، ويحتمل كون " العليا " صفة لليد و " عليه " خبر " كانت " أي يدك المعطية
ثابتة أو مفيضة أو مشرفة عليه والاول أظهر، وفي كتاب الزهد للحسين بن سعيد يدك عليه
العليا (2) قال في النهاية: فيه: اليد العليا خير من اليد السفلى، العليا المتعففة
والسفلى السائلة، روي ذلك عن ابن عمر، عن وروي عنه أنها المنفقة، وقيل: العليا
المعطية والسفلى الاخذة، وقيل: السفلى المانعة وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في
الغرر والدرر: معنى قوله (عليه السلام) " اليد " النعمة والعطية، وهذا الاطلاق شائع
بين العرب، فالمعنى أن العطية الجزيلة خير من العطية القليلة وهذا حث منه (صلى الله
عليه وآله) على المكارم وتحضيض على اصطناع المعروف بأوجز الكلام وأحسنه انتهى
والتعليل المذكور بعده مبني على أن الكرم أيضا من حسن الخلق أو هو من لوازمه "
الصائم القائم " أي المواظب على الصيام بالنهار في غير الايام المحرمة أوفي الايام
المسنونة، وعلى قيام الليل أي تمامه أو على صلاة الليل مراعيا لادابها 13 - كا: عن
العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن بحر السقاء قال: قال لي أبو عبد
الله (عليه السلام): يا بحر حسن الخلق يسر [] ثم قال: ألا اخبرك بحديث ما هو في يدي
أحد من أهل المدينة ؟ قلت: بلى، قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم
جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الانصار وهو قائم فأخذت بطرف ثوبه فقام لها
النبي (صلى الله عليه وآله) فلم تقل شيئا ولم يقل لها النبي (صلى الله عليه وآله)
(1) الكافي ج 2 ص 101 (2) راجع الرقم 68
من هذا الباب
[380]
شيئا - حتى فعلت ذلك ثلاث مرات - فقام لها
النبي (صلى الله عليه وآله) في الرابعة وهي خلفه فأخذت هدبة من ثوبه، ثم رجعت فقال
لها الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات لا
تقولين له شيئا ولاهو يقول لك شيئا، ما كانت حاجتك إليه ؟ قالت: إن لنا مريضا
فأرسلني أهلي لاخذ هدبة من ثوبه، ليستشفي بها، فلما أردت أخذها رآني فقام فاستحييت
أن آخذها وهو يراني، وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها (1) بيان: " يسر " أي سبب
ليسر الامور على صاحبه ويمكن أن يقرأ " يسر " بصيغة المضارع أي يصير سببا لسرور
صاحبه أو الناس أو الاعم " ما هو " " ما " نافية والجملة صفة للحديث " وهو قائم "
حال عن بعض الانصار وقيل: إنما ذكر ذلك للاشعار بأن مالكها لم يكن مطلعا على هذا
الامر فحسن الخلق فيه أظهر " فقام لها النبي " كأن قيامه (صلى الله عليه وآله) لظن
أنها تريده لحاجة يذهب معها فقام (صلى الله عليه وآله) لذلك، فلما لم تقل شيئا ولم
يعلم غرضها جلس، وقيل: إنما قام لترى الجارية أن الهدبة في أي موضع من الثوب فتأخذ
وقال في النهاية: هدب الثوب وهدبته وهدابه طرف الثوب مما يلي طرته، وفي القاموس
الهدب بالضم وبضمتين شعر أشفار العين وخمل الثوب، واحدتهما بهاء " فعل الله بك وفعل
" كناية عن كثرة الدعاء عليه بايذائه النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا شائع في عرف
العرب والعجم، وقولها: " يستشفي " الضمير المستتر راجع إلى المريض، وهو استيناف
بياني أو حال مقدرة عن الهدبة، أو هو بتقدير " لان يستشفي " وفي بعض النسخ بل
أكثرها " ليستشفي " " وهو يراني " حال عن فاعل " آخذها " وقيل " أكره " حال عن فاعل
" استحييت " 14 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي عن أبي
عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفاضلكم أحسنكم
أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم (2)
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 102
[381]
بيان: " أحسنكم " خبر " أفاضلكم " ويجوز
في أفعل التفضيل المضاف إلى المفضل عليه الافراد والموافقة مع صاحبه في التثنية
والجمع كما روعي في قوله: " الموطؤن " وفي بعض الروايات أحاسنكم كما في كتاب الزهد
للحسين بن سعيد وغيره، قال في النهاية: الواطئة المارة والسابلة سموا بذلك لوطئهم
الطريق، ومنه الحديث ألا اخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؟
أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، هذا مثل وحقيقته من التوطئة،
وهي التمهيد والتذلل وفراش وطئ لا يؤذي جنب النائم، والاكناف الجوانب أراد الذين
جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى انتهى ويقال: رجل موطئ الاكناف أي
كريم مضياف، وفي بعض النسخ بالتاء كناية عن غاية حسن الخلق كأنهم يحملون الناس على
أكتافهم ورقابهم، وكأنه تصحيف وإن كان موافقا لما في كتاب الحسين بن سعيد، وفي
المصباح ألفته إلفا، من باب علم أنست به وأحببته والاسم الالفة بالضم والالفة أيضا
إسم من الايلاف وهو الالتيام والاجتماع واسم الفاعل آلف مثل عالم والجمع الاف مثل
كفار انتهى " وتوطأ رحالهم " أي للضيافة أو للزيارة أو لطلب الحاجة أو الاعم ورحل
الرجل منزله ومأواه وأثاث بيته 15 - كا: عن العدة، عن سهل، عن جعفر بن محمد
الاشعري، عن عبد الله ابن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
أمير المؤمنين (عليه السلام): المؤمن مألوف ولاخير فيمن لا يألف ولا يؤلف (1) بيان:
فيه حث على الالفة وحمل على الالفة بالخيار وإن احتمل التعميم إذا لم يوافقهم في
المعاصي كما وردت الاخبار في حسن المعاشرة 16 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبى
عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن حسن الخلق يبلغ
بصاحبه درجة الصائم القائم (2)
(1) الكافي ج 2 ص 102 (2) الكافي ج 2 ص
103
[382]
بيان: يبلغ كينصر والباء للتعدية 17 - مع:
عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي الجارود، عن
أبي جعفر (عليه السلام): في قول الله عزوجل: " إنك لعلى خلق عظيم " (1). قال: هو
الاسلام، وروي أن الخلق العظيم الدين العظيم (2) بيان: قال في مجمع البيان في تفسير
قوله تعالى: " وإنك لعلى خلق عظيم " أي على دين عظيم وهو دين الاسلام، عن ابن عباس،
ومجاهد والحسن، وقيل: معناه إنك متخلق بأخلاق الاسلام، وعلى طبع كريم، وحقيقة الخلق
ما يأخذ به الانسان نفسه من الاداب، وإنما سمي خلقا لانه يصير كالخلقة فيه فأما ما
طبع عليه من الاداب فإنه الخيم فالخلق هو الطبع المكتسب، والخيم الطبع الغريزي
وقيل: الخلق العظيم الصبر على الحق، وسعة البذل، وتدبير الامور على مقتضى العقل
بالصلاح والرفق والمداراة، وتحمل المكاره في الدعاء إلى الله سبحانه والتجاوز
والعفو، وبذل الجهد في نصرة المؤمنين، وترك الحسد والحرص ونحو ذلك عن الجبائي وقالت
عائشة: كان خلق النبي (صلى الله عليه وآله) ما تضمنه العشر الاول من سورة المؤمنين
ومن مدحه الله سبحانه بأنه على خلق عظيم، فليس وراءه مدح، وقيل: سمى خلقه عظيما
لانه عاشر الخلق بخلقه وزايلهم بقلبه، فكان ظاهره مع الخلق وباطنه مع الحق وقيل:
لانه امتثل تأديب الله سبحانه إياه بقوله: " خذالعفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
(3) وقيل: سمى خلقه عظيما لاجتماع مكارم الاخلاق فيه ويعضده ما روي عنه (صلى الله
عليه وآله) أنه قال: إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق، وقال (صلى الله عليه وآله):
أدبني ربي فأحسن تأديبي، وقال (صلى الله عليه وآله): إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه
درجة قائم الليل وصائم النهار
(1) القلم: 4 (2) معاني الاخبار ص 188 (3)
الاعراف: 199
[383]
وعن أبي الدرداء قال: قال النبي (صلى الله
عليه وآله): مامن شئ أثقل في الميزان من خلق حسن، وعن الرضا، عن آبائه عليه وعليهم
السلام، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: عليكم بحسن الخلق فإن حسن الخلق في
الجنة لا محالة وإياكم وسوء الخلق، فان سوء الخلق في النار لا محالة، وعن أبي هريرة
عنه (صلى الله عليه وآله) قال: أحبكم إلى الله أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين
يألفون ويؤلفون، وأبغضكم إلى الله المشاؤن بالنميمة المفرقون بين الاخوان،
الملتمسون للبراء العثرات (1) 18 - لى: ابن المتوكل، عن الحميري، عن أحمد بن محمد،
عن ابن محبوب عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قوله عزوجل: "
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة " (2). قال: رضوان الله والجنة في
الاخرة، والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق في الدنيا (3) 19 - لى: ابن الوليد، عن
الصفار، عن ابن معروف، عن محمد بن سنان، عن غاث بن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه
(عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنكم لن تسعوا الناس
بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم (4) 20 - لى: قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أفضل الناس إيمانا أحسنهم خلقا وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لنوف: يا نوف صل
رحمك يزيد الله في عمرك، وحسن خلقك يخفف الله حسابك (5) أقول: قد مضى في باب صفات
المؤمن وباب جوامع المكارم وسيأتي في أبواب المواعظ 21 - لى: قال الصادق (عليه
السلام): عليكم بحسن الخلق فانه يبلغ بصاحبه
(1) مجمع البيان ج 10 ص 333 (2) البقرة:
201 (3) أمالى الصدوق لم نجده (4) أمالى الصدوق ص 9 (5) أمالى الصدوق ص 126
[384]
درجة الصائم القائم (1) 22 - ن (2) لى:
علي بن أحمد بن موسى، عن محمد بن هارون، عن الروياني، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي
جعفر الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنكم
لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء، فاني سمعت رسول الله
(صلى الله عليه وآله) يقول: إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم (3) 23 -
لى: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عمرو، عن
موسى بن إبراهيم، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: قالت ام
سلمة رضي الله عنها لرسول الله (صلى الله عليه وآله): بأبي أنت وامي: المرأة يكون
لها زوجان فيموتون ويدخلون الجنة لايهما تكون ؟ فقال (عليه السلام): يا ام سلمه
تخير أحسنهما خلقا وخيرهما لاهله، يا ام سلمة إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والاخرة
(4) 24 - لى: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن موسى بن إبراهيم، عن الحسن، عن
أبيه، باسناده رفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن ام سلمة قالت له بأبي
أنت الخبر ثو: حمزة بن محمد، عن علي، عن أبيه مثله (5) 25 - لى: جعفر بن الحسين، عن
محمد بن جعفر، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن
أبى عبد الله (عليه السلام) قال: اتي النبي (صلى الله عليه وآله) بأسارى فأمر
بقتلهم خلا رجل من بينهم، فقال الرجل: بأبي
(1) أمالى الصدوق ص 216 (2) عيون الاخبار
ج 2 ص 53 (3) أمالى الصدوق ص 268 (4) أمالى الصدوق ص 298 (5) ثواب الاعمال ص 164
(*)
[385]
أنت وامي يا محمد كيف أطلقت عني من بينهم
؟ فقال: أخبرني جبرئيل عن الله عزوجل أن فيك خمس خصال يحبه الله عزوجل ورسوله:
الغيرة الشديدة على حرمك، والسخاء وحسن الخلق، وصدق اللسان، والشجاعة، فلما سمعها
الرجل أسلم وحسن إسلامه، وقاتل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتالا شديدا حتى
استشهد (1) 26 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)
قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أحبكم إلي وأقربكم مني يوم القيامة
مجلسا أحسنكم خلقا وأشدكم تواضعا وإن أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون وهم
المستكبرون قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول ما يوضع في ميزان العبد
يوم القيامة حسن خلقه (2) 27 - ب: بهذا الاسناد قال: إن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) مر بقبر يحفر قد انبهر الذي يحفره فقال له: لمن تحفر هذا القبر ؟ فقال: لفلان
بن فلان فقال: وما للارض تشدد عليك إن كان ما علمت لسهلا حسن الخلق فلانت الارض
عليه حتى كان ليحفرها بكفيه ثم قال: لقد كان يحب إقراء الضيف ولا يقري الضيف إلا
مؤمن تقي (3) 28 - ل: الخليل بن أحمد، عن ابن منيع، عن علي بن عيسى، عن خلاد ابن
عيسى، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الخلق الحسن نصف
الدين (4) 29 - ل: الخليل، عن أبي العباس السراج، عن يعقوب بن إبراهيم، عن وكيع، عن
مسعر وسفيان، عن زياد بن علاقة، عن اسامة بن شريك قال: قيل
(1) أمالى الصدوق ص 163 (2) قرب الاسناد ص
22 وفى ط 31 (3) قرب الاسناد ص 36 وفى ط 50 (4) الخصال ج 1 ص 17
[386]
لرسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أفضل
ما اعطي المرء المسلم ؟ قال: الخلق الحسن (1) 30 - ل: أبو الحسن علي بن عبد الله
الاسواري، عن أحمد بن محمد بن قيس عن عبد العزيز بن علي السرخسي، عن أحمد بن عمران
البغدادي قال: حدثنا أبو الحسن قال: حدثنا أبو الحسن قال: حدثنا أبو الحسن قال:
حدثنا الحسن عن الحسن، عن الحسن أن أحسن الحسن خلق الحسن فأما أبو الحسن الاول
فمحمد بن عبد الرحيم التستري وأما أبو الحسن الثاني فعلي بن أحمد البصري التمار
وأما أبو الحسن الثالث فعلي بن محمد الواقدي وأما الحسن الاول فالحسن بن عرفة
العبدى، وأما الحسن الثاني فالحسن بن أبي الحسن البصري، وأما الحسن الثالث فالحسن
بن علي بن أبيطالب (عليه السلام) (2) كتاب المسلسلات: لجعفر بن أحمد القمي، عن
الاسواري مثله 31 - ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق في الجنة لا
محالة، و إياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق في النار لا محالة (3) صح: عنه (عليه
السلام) مثله (4) 32 - ن: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إن العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم (5) صح: عنه (عليه السلام) مثله (6)
33 - ن: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مامن شئ في الميزان
(1 و 2) الخصال ج 1 ص 17 (3) عيون الاخبار
ج 2 ص 31 (4) صحيفة الرضا (عليه السلام) ص 24 (5) عيون الاخبار ج 2 ص 37 (6) صحيفة
الرضا (عليه السلام) ص 19
[387]
أحسن من حسن الخلق (1) صح: عنه (عليه
السلام) مثله (2) 34 - ن: بهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
أكملكم إيمانا أحسنكم خلقا وقال (عليه السلام): حسن الخلق خير قرين وقال (عليه
السلام): سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما أكثر ما يدخل به الجنة ؟ قال: تقوى
الله وحسن الخلق وقال (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقربكم
مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا وخيركم لاهله وقال (عليه السلام): قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): أحسن الناس إيمانا أحسنهم خلقا و ألطفهم بأهله، وأنا ألطفكم
بأهلي (3) صح: عنه (عليه السلام) مثله (4) 35 - ن: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن
ابن معبد، عن ابن خالد عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): من كان مسلما فلا يمكر ولا يخدع، فاني سمعت جبرئيل (عليه السلام)
يقول: إن المكر والخديعة في النار، ثم قال (عليه السلام): ليس منا من غش مسلما وليس
منا من خان مسلما ثم قال (عليه السلام): إن جبرئيل الروح الامين نزل علي من عند رب
العالمين فقال: يا محمد عليك بحسن الخلق فانه ذهب بخير الدنيا والاخرة ألا وإن
أشبهكم بي أحسنكم خلقا (5)
(1) عيون الاخبار ج 2 ص 37 (2) صحيفة
الرضا (عليه السلام) ص 19 (3) عيون الاخبار ج 2 ص 38 (4) صحيفة الرضا (عليه السلام)
ص 12 (5) عيون الاخبار ج 2 ص 50
[388]
36 - ن: محمد بن أحمد بن الحسين، عن علي
بن محمد بن عنبسة، عن بكربن أحمد بن محمد، عن فاطمة بنت الرضا، عن أبيها، عن أبيه،
عن جعفر بن محمد، عن أبيه وعمه زيد، عن أبيهما علي بن الحسين، عن أبيه وعمه، عن علي
ابن أبيطالب (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من كف غضبه كف
الله عنه عذابه ومن حسن خلقه بلغه الله درجة الصائم القائم (1). 37 - ل: الخليل بن
احمد، عن معاذ، عن الحسين المروزي، عن محمد بن عبيد، عن داود الاودي، عن أبيه، عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ما يدخل به الجنة تقوى
الله وحسن الخلق (2) 38 - ل: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن محبوب، عن
عباد ابن صهيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يجمع الله لمنافق ولا
فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبدا (3) 39 - ل: الخليل بن أحمد، عن أبي العباس
السراج، عن قتيبة، عن قزعة عن إسماعيل، بن اسيد، عن جبلة الافريقي أن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) قال: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة وبيت في وسط الجنة، وبيت في
أعلى الجنة، لمن ترك المراء وإن كان محقا، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا، ولمن حسن
خلقه (4) 40 - ع: عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: حبيبي
جبرئيل: إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة، الايمان أصلها، والصلاة عروقها، والزكاة
ماؤها والصوم سعفها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن المحارم ثمرها، فلا تكمل شجرة إلا
بالثمر، كذلك الايمان لا يكمل إلا بالكف عن المحارم (5)
(1) عيون الاخبار ج 2 ص 71 (2) الخصال ج 1
ص 39 (3) الخصال ج 1 ص 63 (4) الخصال ج 1 ص 70 (5) علل الشرائع ج 1 ص 237
[389]
41 - ع: قال الصادق (عليه السلام): لاعيش
أهنأ من حسن الخلق (1) 42 - مع: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن
محبوب عن بعض أصحابنا قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ماحد حسن الخلق ؟ قال:
تلين جانبك، وتطيب كلامك وتلقى أخاك ببشر حسن (2) 43 - مع: في خبر أبي ذر قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر لاعقل كالتدبير ولا ورع كالكف، ولاحسب كحسن
الخلق (3) 44 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن محمد بن أحمد بن الحسين عن
عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه
عن جده (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أكمل المؤمنين
إيمانا أحسنهم خلقا (4) 45 - ما: فيما أوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن
(عليه السلام): لاحسب كحسن الخلق (5) 46 - ما: عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): اتق الله حيث كنت وخالق الناس بخلق حسن، وإذا عملت سيئة فاعمل
حسنة تمحوها (6) 47 - ما: ابن مخلد، عن محمد بن عمر وبن البختري، عن محمد بن أحمد
بن أبي العوام، عن عبد الوهاب بن عطا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم
خياركم
(1) علل الشرائع ج 2 ص 246 (2) معاني
الاخبار: 253 (3) معاني الاخبار: 355 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 139 (5) أمالى الطوسى
ج 1 ص 145 (6) أمالى الطوسى ج 1 ص 189
[390]
لنسائه (1) 48 - ما: عن جابر بن عبد الله
قال: قال العباس للنبي (صلى الله عليه وآله): ما الجمال بالرجل يارسول الله ؟ قال:
بصواب القول بالحق، قال: فما الكمال ؟ قال: تقوى الله عزوجل وحسن الخلق (2) 49 - ل
(3) لى: أبي، عن محمد بن معقل، عن جعفر الوراق، عن محمد ابن الحسن الاشج، عن يحيى
بن زيد، عن زيد بن علي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) في خبر طويل قال: ثلاثة
نفر آلوا باللات والعزى ليقتلوا محمدا (صلى الله عليه وآله) فذهب أمير المؤمنين
(عليه السلام) وحده إليهم وقتل واحدا منهم وجاء بالاخرين فقال النبي (صلى الله عليه
وآله): قدم إلى أحد الرجلين، فقدمه فقال: قل لاإله إلا الله واشهد أني رسول الله،
فقال: لنقل جبل أبي قبيس أحب إلي من أن أقول هذه الكلمة، قال: يا علي أخره واضرب
عنقه، ثم قال: قدم الاخر فقال: قل لاإله إلا الله واشهد أني رسول الله قال: الحقني
بصاحبي، قال يا علي أخره واضرب عنقه، فأخره وقام أمير المؤمنين (عليه السلام) ليضرب
عنقه فنزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إن
ربك يقرئك السلام ويقول: لا تقتله فانه حسن الخلق سخي في قومه، فقال النبي (صلى
الله عليه وآله): يا علي أمسك فان هذا رسول ربي عزوجل يخبرني أنه حسن الخلق سخي في
قومه، فقال المشرك تحت السيف: هذا رسول ربك يخبرك ؟ قال: نعم، قال: والله ما ملكت
درهما مع أخ لي قط ولاقطبت وجهي في الحرب، فأنا أشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول
الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هذا ممن جره حسن خلقه وسخاؤه إلى جنات
النعيم (4)
(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 6 (2) أمالى
الطوسى ج 2 ص 112 (3) الخصال ج 1 ص 47 (4) أمالى الصدوق: 65
[391]
أقول: قدمر الخبر بطوله في باب شجاعة أمير
المؤمنين (عليه السلام) ونوادر غزواته (1) 50 - لى: ابن المتوكل، عن علي بن
إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس عن الحسن بن زياد، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:
إن الله تبارك وتعالى رضي لكم الاسلام دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق (2)
ين: محمد بن الفضيل، عن زرارة مثله 51 - ما: بالاسناد إلى أبي قتادة قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام) للمعلى بن خنيس يا معلى عليك بالسخاء وحسن الخلق فانهما
يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة (3) 52 - ما: بهذا الاسناد قال: إن لله
عزوجل وجوها خلقهم من خلقه و [أمشاهم في] (4) أرضه لقضاء حوائج إخوانهم يرون الحمد
مجدا، والله عزوجل يحب مكارم الاخلاق، وكان فيما خاطب الله تعالى نبيه (عليه
السلام) أن قال له: يا محمد " إنك لعلى خلق عظيم " قال: السخاء وحسن الخلق (5) 53 -
ما: باسناد أخي دعبل عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): المؤمن هين لين سمح، له خلق حسن، والكافر فظ غليظ له خلق سيئ وفيه
جبرية (6) 54 - ثو: أبي، عن علي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن موسى بن
(1) راجع ج 41 ص 73 - 75. من هذه الطبعة
الحديثة (2) أمالى الصدوق: 163 (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 308 (4) مابين العلامتين
ساقط من الاصل طبقا للمصدر، والتصحيح من حديث آخر (5) أمالى الطوسى ج 1 ص 309 (6)
أمالى الطوسى ج 1 ص 376
[392]
إبراهيم، عن أبي الحسن الاول (عليه
السلام) قال: سمعته يقول: ما حسن الله خلق عبد ولاخلقه إلا استحيى أن يطعم لحمه يوم
القيامة النار (1) 55 - ل: فيما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا: يا
علي ثلاثة من لم تكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله عزوجل، وخلق يداري
به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل (2) سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق،
عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) مثله (3) 56 - سن: إبراهيم، عن
ابن أبي عمير، عن حمادبن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من الايمان حسن
الخلق وإطعام الطعام (4) 57 - سن: أحمد بن محمد، عن الحكم بن أيمن، عن ميمون البان،
عن أبي جعفر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الايمان حسن الخلق، وإطعام
الطعام، وإراقة الدماء (5) 58 - صح: عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو يعلم العبد ماله في حسن الخلق لعلم أنه يحتاج
أن يكون له حسن الخلق (6) 59 - صح: عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي
بن أبي طالب (عليه السلام): عنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه (7) 60 - ضا: أروي عن
العالم (عليه السلام): أنه قال: [عجبت] لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم كيف لا
يشتري الاحرار بحسن خلقه
(1) ثواب الاعمال: 164 (2) الخصال ج 1 ص
62 (3) المحاسن: 6 (4 - 5) المحاسن: 389 (6) صحيفة الرضا: 24 (7) صحيفة الرضا: 12
[393]
61 - مص: قال الصادق (عليه السلام): الخلق
الحسن جمال في الدنيا ونزهة في الاخرة، وبه كمال الدين والقربة إلى الله عزوجل،
ولايكون حسن الخلق إلا في كل ولي وصفي، لان الله تعالى أبى أن يترك ألطافه وحسن
الخلق إلا في مطايا نوره الاعلى وجماله الا زكى، لانها خصلة يخص بها الاعرفين به،
ولا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلا الله عزوجل قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خاتم زماننا إلى حسن الخلق، والخلق الحسن ألطف شئ في الدين، وأثقل شئ في الميزان،
وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وإن ارتقافي الدرجات فمصيره إلى الهوان
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسن الخلق شجرة في الجنة وصاحبه متعلق بغصنها
يجذبه إليها، وسوء الخلق شجرة في النار وصاحبه متعلق بغصنها يجذبه إليها (1) 62 -
ضه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسن الخلق نصف الدين، وقيل له (صلى الله
عليه وآله): ما أفضل ما اعطي المرء المسلم ؟ قال: الخلق الحسن وقال (صلى الله عليه
وآله): رأيت رجلا في المنام جاثيا على ركبتيه بينه وبين رحمة الله حجاب فجاءه حسن
خلقه فأخذ بيده فأدخله في رحمة الله 63 - نبه: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه
وآله من بين يديه فقال: يارسول الله ما الدين ؟ فقال: حسن الخلق ثم أتاه عن يمينه
فقال: ما الدين ؟ فقال: حسن الخلق ثم أتاه من قبل شماله فقال: ما الدين ؟ فقال حسن
الخلق ثم أتاه من ورائه فقال: ما الدين ؟ فالتفت إليه وقال أما تفقه الدين ؟ هو أن
لا تغضب وقيل: يارسول الله ما الشؤم ؟ قال: سوء الخلق وقال رجل لرسول الله (صلى
الله عليه وآله): أوصني فقال: اتق الله حيث كنت قال: زدني قال: أتبع السيئة الحسنة
تمحها، قال: زدني قال: خالط الناس بحسن الخلق وسئل (صلى الله عليه وآله): أي
الاعمال أفضل ؟ قال: حسن الخلق، وقال (صلى الله عليه وآله): ما حسن الله خلق امرئ
وخلقه فيطعمه النار
(1) مصباح الشريعة ص 40
[394]
قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إن
فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وهي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها فقال: لاخير
فيها هي من أهل النار وقال (صلى الله عليه وآله): إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم
فسعوهم ببسط الوجوه، و حسن الخلق، وقال أيضا: سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل
العسل وقال جرير بن عبد الله: قال لي رسول الله: إنك امرء قد أحسن الله خلقك فأحسن
خلقك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من لم تكن فيه أو
واحدة منهن فلا يعتدن بشئ من عمله: تقوى يحجزه عن معاصي الله عزوجل، أو حلم يكف به
السفيه، أو خلق يعيش به في الناس وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): حسن الخلق في
ثلاث: اجتناب المحارم، وطلب الحلال، والتوسع على العيال، وقال بعضهم: أن لا يكون لك
همة إلا الله 64 - ختص: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الاخلاق منايح من الله
عزوجل فإذا أحب عبدا منحه خلقا حسنا وإذا أبغض عبدا منحه خلقا سيئا (1) 65 - ين:
علي بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو كان حسن الخلق خلقا يرى ماكان مما خلق الله شئ
أحسن منه، ولو كان الخرق خلقا يرى ماكان مما خلق الله شئ أقبح منه، و إن الله ليبلغ
العبد بحسن الخلق درجة الصائم القائم 66 - ين: حمادبن عيسى، عن ربعي قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام) ليحيى السقاء: يا يحيى إن الخلق الحسن يسر، وإن الخلق السيئ
نكد 67 - ين: المحاملي، عن ذريح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): إذا أراد الله بأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة وحسن
الخلق 68 - ين: حمادبن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن العلابن كامل قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام): إذا خالطت الناس فان استطعت أن لا تخالط أحدا من الناس
(1) الاختصاص: 225
[395]
إلا كانت يدل عليه العليا فافعل، فان
العبد يكون منه بعض التقصير في العبادة ويكون له خلق حسن فيبلغه الله بخلقه درجة
الصائم القائم 69 - ين: حمادبن عيسى، عن العقر قوفي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أقربكم مني غدا أحسنكم
خلقا وأقربكم من الناس 70 - ين: حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله أي الناس
أكمل إيمانا ؟ قال: أحسنهم خلقا 71 - ين: علي بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر،
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيها الناس
والله إني لاعلم أنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن سعوهم بالطلاقة وحسن الخلق،
قال: وسمعته يقول: رحم الله كل سهل مطلق 72 - ين: محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار
قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الخلق منحة يمنحها الله من شاء من
خلقه، فمنه سجية ومنه نية، قلت: فأيهما أفضل ؟ قال: صاحب النية أفضل، فان صاحب
السجية هو المجبول على الامر الذي لايستطيع غيره، وصاحب النية هو الذي يتصبر على
الطاعة فيصبر فهذا أفضل 73 - ين: ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو
عبد الله (عليه السلام): يا ابن سنان إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان قوته
الشعير من غير أدم، إن البر وحسن الخلق يعمران الديار، ويزيدان في الاعمار 74 - ين:
ابن أبي عمير، عن علي الاحمسي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن حسن الخلق
يذيب الخطيئة، كما تذيب الشمس الجليد، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل
العسل 75 - ين: ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
[396]
أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل فقال:
إن فلانا مات فحفرنا له فامتنعت الارض فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه
كان سيئ الخلق 76 - ين: ابن أبي عمير، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا انبئكم بخياركم ؟ قالوا: بلى
يا رسول الله قال: أحاسنكم أخلاقا الموطؤن أكنافا الذين يألفون ويؤلفون 77 - ين:
أبو العباس، عن ابن شجرة، عن إبراهيم بن أبي رجاء قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام): حسن الخلق يزيد في الرزق 78 - نهج: قال (عليه السلام): أكرم الحسب حسن
الخلق (1) وقال (عليه السلام):، كفى بالقناعة ملكا وبحسن الخلق نعيما (2) 79 - كنز
الكراجكى: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): حسن الخلق يبلغ درجة الصائم القائم
وقال (عليه السلام): حسن الخلق خير رفيق وقال (عليه السلام): رب عزيز أذله خلقه،
وذليل أعزه خلقه وقال (عليه السلام): من لانت كلمته وجبت محبته 80 - كتاب الامامة
والتبصرة: عن أحمد بن إسماعيل، عن أحمد بن إدريس عن الحسن بن علي بن عبد الله بن
المغيرة، عن جعفر بن محمد بن عبيدالله، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن
جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): لو علم الرجل ماله في حسن الخلق لعلم أنه يحتاج أن يكون له خلق حسن
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 152 (2) نهج
البلاغة ج 2 ص 195
[397]
(93) * (باب) * * " (الحلم والعفو وكظم
الغيظ) " * الايات: البقرة: فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله يأمره (1) آل عمران:
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (2) النساء: إن تبدوا خيرا
أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فأن الله كان عفوا قديرا (3) المائدة: فاعف عنهم واصفح إن
الله يحب المحسنين (4) الاعراف: خذالعفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (5) الرعد:
ويدرؤن بالحسنة السيئة (6) الحجر: فاصفح الصفح الجميل (7) المؤمنون: ادفع بالتي هي
أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون (8) النور: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر
الله لكم والله غفور رحيم (9) الفرقان: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما (10)
القصص: ويدرؤن بالحسنة السيئة (11) السجدة: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي
هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقيها إلا الذين صبروا
وما يلقيها
(1) البقرة: 109 (2) آل عمران: 134 (3)
النساء: 149 (4) المائدة: 17 (5) الاعراف: 199 (6) الرعد: 23 (7) الحجر: 86 (8)
المؤمنون: 99 (9) النور: 23 (10) الفرقان: 65 (11) القصص: 55
[398]
إلا ذوحظ عظيم (1) حمعسق: وإذا ما غضبوا
هم يغفرون إلى قوله تعالى: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة
مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه
فاولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض
بغير الحق اولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الامور (2) الزخرف:
فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون (3) الجاثية: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا
يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون (4) التغابن: وإن تعفوا وتصفحوا
وتغفروا فإن الله غفور رحيم (5) المزمل: واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا
(6) تفسير: " فاعفوا واصفحوا " (7) قيل: العفو ترك عقوبة الذنب والصفح ترك تثريبه "
حتى يأتي الله بأمره " فيهم بالقتل يوم فتح مكة " والكاظمين الغيظ " (8) قال تعالى:
قبل ذلك " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين *
الذين ينفقون في السراء والضراء " يعني ينفقون في أحوالهم كلها ما تيسر لهم من قليل
أو كثير " والكاظمين الغيظ " أي الممسكين عليه الكافين عن إمضائه، في المجمع (9)
روي أن جارية لعلي بن الحسين (عليهما السلام) جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة
فسقط الابريق من يدها فشجه فرفع رأسه إليها، فقالت له
(1) السجدة: 35 - 36 (2) الشورى: 36 - 42
(3) الزخرف: 90 (4) الجاثية: 14 (5) التغابن: 15 (6) المزمل: 11 (7) البقرة: 109
(8) آل عمران: 134 (9) مجمع البيان ج 2 ص 505 (*)
[399]
الجارية: إن الله يقول: " والكاظمين الغيظ
" فقال لها: كظمت غيظي قالت: " والعافين عن الناس قال: عفى الله عنك، قالت: " والله
يحب المحسنين " قال: فاذهبي فأنت حرة لوجه الله 1 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله) في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق الدنيا والاخرة ؟ العفو عمن
ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك (1) بيان: الخلائق
جمع الخليقة، وهي الطبيعة والمراد هنا الملكات النفسانية الراسخة أي خير الصفات
النافعة في الدنيا والاخرة " وتصل " في ساير الروايات " وصلة وعلى ماهنا لعله مصدر
أيضا بتقدير أن أويقال عدل إلى الجملة الفعلية التي هي في قوة الامر لزيادة التأكيد
والفرق بينها وبين الاولى أن القطع لا يستلزم الظلم بل اريد بها المعاشرة لمن اختار
الهجران، ويمكن تخصيصها بالرحم لاستعمال الصلة غالبا فيها، والاحسان في مقابلة
الاساءة أخص منهما، لان الاحسان يزيد على العفو، والاساءة أخص من القطع الذي هو ترك
المواصلة وكذا الحرمان غير الاساءة والقطع، إذ يعتبر في الاساءة فعل ما يضره،
والقطع إنما هو في المعاشرة، مع أنه يمكن أن يكون بعضها تأكيدا لبعض، كما هو الشائع
في الخطب والمواعظ 2 - كا: عن العدة، عن سهل، عن محمد بن عبد الحميد، عن يونس بن
يعقوب عن ضمرة بن الدينار الرقي، عن أبي إسحاق السبيعي رفعه قال: قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): ألا أدلكم على خير أخلاق الدنيا والاخرة ؟ تصل من قطعك وتعطي
من حرمك، وتعفو عمن ظلمك (2) 3 - كا: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس،
عن أبي - عبد الله نشيب اللفائفي، عن حمران بن أعين قال: قال أبو عبد الله (عليه
السلام): ثلاث
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 107
[400]
من مكارم الدنيا والاخرة: تعفو عمن ظلمك،
وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك (1) بيان: اللفائفي كأنه بياع اللفافة، وفي
القاموس: اللفافة بالكسر ما يلف به على الرجل وغيرها، والجمع لفائف انتهى ويقال جهل
على غيره سفه 4 - كا: عن علي، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل جميعا، عن ابن
أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)
قال: سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الاولين والاخرين في
صعيد واحد ثم ينادي مناد: أين أهل الفضل ؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتلقاهم
الملائكة فيقولون: وما كان فضلكم ؟ فيقولون: كنا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا،
ونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم، ادخلوا الجنة (2) تبيان: في القاموس العنق
بالضم وبضمتين وكأمير وصرد الجيد والجمع أعناق والجماعة من الناس والرؤساء انتهى
والمراد بأهل الفضل إما أهل الفضيلة والكمال وأهل الرجحان، أو أهل التفضل والاحسان
" فيقال لهم " أي من قبل الله تعالى " صدقتم أي في اتصافكم بتلك الصفات أوفي كونها
سبب الفضل، أو فيهما معا وهو أظهر واعلم أن هذه الخصال فضيلة وأيه فضيلة، ومكرمة
وأية مكرمة لا يدرك كنه شرفها وفضلها، إذ العامل بها يثبت بها لنفسه الفضيلة، ويرفع
بها عن صاحبه الرذيلة، ويغلب على صاحبه بقوة قلبه يكسر بها عدو نفسه ونفس عدوه وإلى
هذا اشير في القرآن المجيد بقوله سبحانه " ادفع بالتي هي أحسن " (3) يعني السيئة "
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " ثم اشير إلى فضلها العالي وشرفها
الرفيع بقوله عزوجل: " وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذوحظ عظيم " يعني
من الايمان والمعرفة، رزقنا الله الوصول إليها
(1 و 2) الكافي ج 2 ص 107 (3) السجدة: 35
- 36
[401]
وجعلنا من أهلها 5 - كا: عن العدة، عن
البرقي، عن جهم بن الحكم المدائني، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالعفو فان العفو لا يزيد العبد إلا عزا
فتعافوا يعزكم الله (1) بيان: " لا يزيد العبد إلا عزا " أي في الدنيا ردا على ما
يسول الشيطان للانسان بأن ترك الانتقام يوجب المذلة بين الناس وجرأتهم عليه، وليس
كذلك بل يصير سببا لرفعة قدره وعلو أمره عند الناس لاسيما إذا عفا مع القدرة، وترك
العفو ينجر إلى المعارضات والمجادلات والمرافعة إلى الحكام أو إلى إثارة الفتنة
الموجبة لتلف النفوس والاموال، وكل ذلك مورث للمذلة، والعزة الاخروية ظاهرة كما مر،
والتعافي عفوكل عن صاحبه 6 - كا: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
محمد بن سنان عن أبي خالد القماط، عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
الندامة على العفو أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة (2) ايضاح: الندامة على العفو
أفضل: يحتمل وجوها: الاول أن صاحب الندامة الاولى أفضل من صاحب الندامة الثانية،
وإن كانت الندامة الاولى أخس وأرذل، الثاني أن يكون الكلام مبنيا على التنزل أي لو
كان في العفو ندامة فهي أفضل وأيسر، إذ يمكن تداركه غالبا بخلاف الندامة على
العقوبة فإنه لا يمكن تدارك العقوبة بعد وقوعها غالبا فلاتزول تلك الندامة، فيرجع
إلى أن العفو أفضل، فإنه يمكن إزالة ندامته بخلاف المبادرة بالعقوبة، فانه لا يمكن
إزالة ندامتها وتداركها، الثالث أن يقدر مضاف فيهما مثل الدفع أو الرفع أي رفع تلك
الندامة أيسر من رفع هذه، الرابع أن يكون المعنى أن مجموع تلك الحالتين أي العفو
والندم عليه أفضل من مجموع حالتي العقوبة والندم عليها، فلا ينافي كون الندم على
العقوبة ممدوحا والندم على العفو مذموما إذ العفو أفضل من تلك الندم والعقوبة أقبح
من هذا الندم وهذا وجه وجيه
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 108
[402]
7 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن سعدان،
عن معتب قال: كان أبو الحسن موسى (عليه السلام) في حائط له يصرم فنظرت إلى غلام له
قد أخذ كارة من تمر فرمى بها وراء الحائط، فأتيته فأخذته وذهبت به إليه فقلت له:
جعلت فداك إني وجدت هذا وهذه الكارة، فقال للغلام فلان ! قال: لبيك قال: أتجوع ؟
قال: لا يا سيدي قال: فلاي شئ أخذت هذه ؟ قال: اشتهيت ذلك، قال: اذهب فهي لك، وقال:
خلوا عنه (1) بيان: صرم النخل جزه والفعل كضرب، وفي القاموس الكارة مقدار معلوم من
الطعام، ويدل على استحباب العفو عن السارق وترك ما سرقه له 8 - كا: عن العدة، عن
البرقي، عن ابن فضال قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: ما التقت فئتان قط
إلا نصر أعظمهما عفوا (2) بيان: يدل على أن نية العفو تورث الغلبة على الخصم 9 -
كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اتي باليهودية التي سمت
الشاة للنبي (صلى الله عليه وآله) فقال لها: ما حملك على ما صنعت ؟ فقالت: قلت: إن
كان نبيا لم يضره وإن كان ملكا أرحت الناس منه، قال: فعفا رسول الله (صلى الله عليه
وآله) عنها (3) بيان: يدل على حسن العفو عن الكافر، وإن أراد القتل وتمسك بحجة
كاذبة، وظاهر أكثر الروايات أنه (صلى الله عليه وآله) أكل منها ولكن باعجازه لم
يؤثر فيه عاجلا وفي بعض الروايات أن أثره بقي في جسده حتى توفي، به بعد سنين، فصار
شهيدا فجمع الله له بذلك بين كرم النبوة وفضل الشهادة واختلف المخالفون في أنه (صلى
الله عليه وآله) هل قتلها أم لا ؟ واختلف رواياتهم أيضا في ذلك ففي أكثر روايات
الفريقين أنه عفا عنها ولم يقتلها، وقال بعضهم: إنه قتلها ورووا عن ابن عباس أنه
رفعها إلى أولياء بشر، وقد كان أكل من الشاة فمات فقتلوها وبه جمعوا بين الروايات
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 108
[403]
10 - كا: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن
عيسى، عن يونس عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ثلاث لا
يزيد الله بهن المرء المسلم إلا عزا: الصفح عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، والصلة لمن
قطعه (1) 11 - د: في طي خبر طلب المنصور الصادق (عليه السلام): ومعاتبته له والخبر
طويل فقال (عليه السلام) في جوابه: وحدثني أبي، عن أبيه، عن جده أن النبي (صلى الله
عليه وآله) قال: ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش ألا فليقم كل من أجره علي
فلا يقوم إلا من عفى عن أخيه، الحديث بطوله 12 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى،
عن ابن أبي نصر، عن محمد ابن عبد الله قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: لا يكون
الرجل عابدا حتى يكون حليما وإن الرجل كان إذا تعبد في بني إسرائيل لم يعد عابدا
حتى يصمت قبل ذلك عشر سنين (2) تبيين: قال الراغب: الحلم ضبط النفس، عن هيجان الغضب
وقيل: الحلم الاناءة والتثبت في الامور، وهو يحصل من الاعتدال في القوة الغضبية
ويمنع النفس من الانفعال، عن الواردات المكروهة المؤذية، ومن آثاره عدم جزع النفس
عند الامور الهائلة، وعدم طيشها في المؤاخذة، وعدم صدور حركات غير منتظمة منها وعدم
إظهار المزية على الغير، وعدم التهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا وعقلا انتهى ويدل
الحديث على اشتراط قبول العبادة وكمالها بالحلم، لان السفيه يبادر بامور قبيحة من
الفحش والبذاء والضرب والايذاء، بل الجراحة والقتل، وكل ذلك يفسد العبادة، فان الله
إنما يتقبلها من المتقين، وقيل: الحليم هنا العاقل وقد مر أن عبادة غير العاقل ليس
بكامل، ولما كان الصمت عما لا يعني من لوازم الحلم غالبا ذكره
(1) الكافي ج 2 ص 108 (2) الكافي ج 2 ص
111
[404]
بعده، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه
وآله): إذا غضب أحدكم فليسكت، وصوم الصمت كان في بني إسرائيل وهو وإن نسخ في هذه
الامة، لكن كمال الصمت غير منسوخ فاستشهد (عليه السلام) على حسنه بكونه شرعا مقررا
في بني إسرائيل ولم يكونوا يعدون الرجل في العابدين المعروفين بالعبادة، إلا بعد
المواظبة على صوم الصمت أو أصله عشر سنين 13 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى،
عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن
الحسين (عليه السلام) يقول: إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه (1) بيان:
قوله أن يدركه بدل اشتمال للرجل 14 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن علي بن الحكم، عن
أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عزوجل يحب الحيي
الحليم (2) 15 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن علي بن حفص القرشي الكوفي رفعه إلى
أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أعز الله
بجهل قط ولا أذل بحلم قط (3) بيان: الجهل يطلق على خلاف العلم، وعلى ما هو مقتضاه
من السفاهة، وصدور الافعال المخالفة للعقل، وهنا يحتمل الوجهين كما أن الحلم يحتمل
مقابلهما والثاني أظهر فيهما 16 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن بعض أصحابه - رفعه -
قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كفى بالحلم ناصرا، وقال: إذا لم تكن حليما
فتحلم (4) بيان: " كفى بالحلم ناصرا " لانه بالحلم تندفع الخصومة، بل يصير الخصم
محبا له، وهذا أحسن النصر مع أن الحليم يصير محبوبا عند الناس، فالناس ينصرونه على
الخصوم، ويعينونه في المكاره " وقال إذا لم تكن حليما " أي بحسب الخلقة والطبع "
فتحلم " أي أظهر الحلم تكلفا وجاهد نفسك في ذلك حتى يصير خلقا كل، ويسهل عليك، مع
أن تكلفه بمشقة أكثر ثوابا كما مر، وقال
(1 - 4) الكافي ج 2 ص 112
[405]
أمير المؤمنين (عليه السلام): إن لم تكن
حليما فتحلم فانه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم (1) 17 - كا: عن محمد بن
يحيى، عن ابن عيسى، عن عبد الله الحجال، عن حفص بن أبي عايشة قال: بعث أبو عبد الله
(عليه السلام) غلاما له في حاجة فأبطأ فخرج أبو عبد الله على أثره لما أبطأ، فوجده
نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبو عبد الله (عليه
السلام): يا فلان والله ماذلك لك تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار (2)
ايضاح: " تنام " مرفوع أو منصوب بتقدير أن وهو بدل " ذلك " " لك الليل " استيناف
ويدل على جواز تكليف العبد بعدم النوم في النهار إذا لم يستخدمه في الليل، وعلى
استحباب عدم تنبيه المملوك على النوم وترويحه وهذا غاية المروة والحلم 18 - كا: عن
محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله يحب
الحيي الحليم العفيف المتعفف (3) توضيح: العفيف المجتنب عن المحرمات لاسيما ما
يتعلق منها بالبطن والفرج والمتعفف إما تأكيد كقولهم ليل أليل أو العفيف عن
المحرمات المتعفف عن المكروهات لانه أشد فيناسب هذا البناء أو العفيف في البطن
المتعفف في الفرج أو العفيف عن الحرام المتعفف عن السؤال كما قال تعالى: " يحسبهم
الجاهل أغنياء من التعفف " (4) أو العفيف خلقا المتعفف تكلفا [فان العفة قد يكون عن
بعض المحرمات خلقا وطبعيا وعن بعضها تكليفا] (5) ولعل هذا أنسب، قال الراغب: العفة
حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والتعفف التعاطي لذلك بضرب من الممارسة
والقهر وأصله الاقتصار على تناول الشئ القليل الجاري مجرى
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 191 (2 و 3) الكافي
ج 2 ص 112 (4) البقرة: 273 (5) مابين العلامتين أضفناه من شرح الكافي (*)
[406]
العفافة والعفة، أي البقية من الشئ
أوالعفف وهو ثمر الاراك وفي النهاية فيه من يستعفف يعفه الله، الاستعفاف طلب العفاف
والتعفف، وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس أي من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله
تعالى إياها. 19 - كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن علي بن محبوب، عن أيوب بن
نوح، عن عباس بن عامر، عن ربيع بن محمد المسلى، عن أبي محمد، عن عمران، عن سعيد بن
يسار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا وقع بين رجلين منازعة نزل ملكان
فيقولان للسفيه منهما: قلت وقلت وأنت أهل لما قلت ستجزى بما قلت ويقولان للحليم
منهما: صبرت وحلمت سيغفر الله لك إن أتممت ذلك، قال: فان رد الحليم عليه ارتفع
الملكان (1) بيان: " قلت وقلت " التكرار لبيان كثرة الشتم وقول الباطل، وربما يقرأ
الثاني بالفاء، قال في النهاية: يقال فال الرجل في رأيه وفيل: إذا لم يصب فيه ورجل
فائل الرأي وفاله وفيله انتهى، والظاهر أنه تصحيف " فان رد الحليم عليه " أي بعد
حلمه عنه أولا " ارتفع الملكان " ساخطين عليهما، ويكلانهما إلى الملكين ليكتبا
عليهما قولهما، والرد بعد مبالغة الاخر في الشتم والفحش لا ينافي وصفه بالحلم، لانه
قد حلم أولا، ومراتب الحلم متفاوتة 20 - كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما
السلام) يقول: ما احب أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرعت جرعة أحب إلى من جرعة
غيظ لااكافي بها صاحبها (2) بيان: ذل النفس بالكسر سهولتها وانقيادها، وهي ذلول
وبالضم مذلتها وضعفها، وهي ذليل، والنعم المال الراعي وهوجمع لا واحد له من لفظة،
وأكثر ما يقع على الابل، قال أبو عبيد: النعم الجمال فقط ويؤنث ويذكر، وجمعه نعمان
(1) الكافي ج 2 ص 112 (2) الكافي ج 2 ص
109
[407]
وأنعام أيضا وقيل: النعم الابل خاصة،
والانعام ذوات الخف والظلف، وهي الابل والبقرو الغنم، وقيل: تطلق الانعام على هذه
الثلاثة فإذا انفردت الابل فهي نعم، وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعما كذا في
المصباح. وقال الكرماني: حمر النعم بضم الحاء وسكون الميم أي أقواها وأجلدها وقال
الطيبي: أي الابل الحمر وهي أنفس أموال العرب وقال في المغرب: حمر النعم كرائمها
وهي مثل في كل نفيس، وقيل الحسن أحمر انتهى. وربما يقرأ النعم بالكسر جمع نعمة
فالحمرة كناية عن الحسن أي محاسن النعم، والاول أشهر وأظهر. والخبر يحتمل وجهين:
الاول أن يكون الذل بالضم والباء للسبية أو المصاحبة، أي لااحب أن يكون لي مع ذل
نفسي أو بسببه نفائس أموال الدنيا أقتنيها أو أتصدق بها لانه لم يكن للمال عنده
(عليه السلام) قدر ومنزلة، وقال الطيبي هو كناية عن خير الدنيا كله، والحاصل أني ما
أرضى أن أذل نفسي ولي بذلك كرائم الدنيا، ونبه (عليه السلام) بذكر تجرع الغيظ عقيب
هذا على أن في التجرع العز وفي المكافاة الذل كما مر وسيأتي أو المعنى مع أني
لاأرضي بذل نفسي احب ذلك لكثرة ثوابه، وعظم فوائده، والاول أظهر. الثاني أن يكون
الذل بالكسر والباء للعوض أي لاأرضى أن يكون لي عوض انقياد نفسي وسهولتها وتواضعها
أو بالضم أيضا أي المذلة الحاصلة عند إطاعة أمر الله بكظم الغيظ والعفو نفائس
الاموال، وقيل: التشبية للتقريب إلى الافهام وإلا فذرة من الاخرة خير من الارض وما
فيها. قوله (عليه السلام): " وما تجرعت جرعة " الجرعة من الماء كاللقمة من الطعام،
وهو ما يجرع مرة واحدة، والجمع جرع كغرفة وغرف، وتجرع الغصص مستعار منه وأصله الشرب
من عجلة وقيل الشرب قليلا وإضافة الجرعة إلى الغيظ من قبيل لجين الماء، والغيظ صفة
للنفس عند احتدادها موجبة لتحركها نحو الانتقام، وفي الكلام تمثيل.
[408]
وقال بعض الافاضل: لا يقال: الغيظ أمر
جبلي لااختيار للعبد في حصوله فكيف يكلف برفعه ؟ لانا نقول هو مكلف بتصفية النفس
على وجه لا يحركها أسباب الغيظ بسهولة. وأقول: على تقدير حصول الغيظ بغير اختياره
فهو غير مكلف برفعه، ولكنه مكلف بعدم العمل بمقتضاه، فانه باختياره غالبا، وإن سلب
اختياره فلا يكون مكلفا. 21 - كا: عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن سنان وعلي
بن النعمان عن عمار بن مروان، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
نعم الجرعة الغيظ لمن صبر عليها، فان عظيم الاجر لمن عظيم البلاء، وما أحب الله
قوما إلا ابتلاهم (1) بيان: " لمن عظيم البلاء " أي الامتحان والاختبار فان الله
تعالى ابتلى المؤمنين بمعاشرة المخالفين والظلمة وأرباب الاخلاق السيئة، وأمرهم
بالصبر وكظم الغيظ وهذا من أشد البلاء وأشق الابتلاء. 22 - كا: عن محمد بن يحيى، عن
علي بن النعمان، ومحمد بن سنان، عن عمار ابن مروان، عن أبي الحسن الاول (عليه
السلام) قال: اصبر على أعداء النعم، فانك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن
تطيع الله فيه (2) ايضاح: لعل المراد بأعداء النعم الحاسدون الذين يحبون زوال النعم
من غيرهم، فهم أعداء لنعم غيرهم، يسعون في سلبها، أو الذين أنعم الله عليهم بنعم
وهم يطغون ويظلمون الناس، فبذلك يتعرضون لزوال النعم عن أنفسهم، فهم أعداء لنعم
أنفسهم، ويحتمل أن يكون المراد بالنعم الائمة (عليهم السلام). " من عصى الله فيك "
بالحسد وما يترتب عليه أو بالظلم أو الطغيان والاذى " من أن تطيع الله فيه " بالعفو
وكظم الغيظ والصبر على أذاه كما قال تعالى " والكاظمين
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 109
[409]
الغيظ " الاية (1) وفي صيغة التفضيل دلالة
على جواز المكافاة بشرط أن لا يتعدى كما قال سبحانه: " من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه
بمثل ما اعتدى عليكم " (2) وغيره، ولكن العفو أفضل. 23 - كا: بالاسناد، عن محمد بن
سنان، عن ثابت مولى آل حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كظم الغيظ من العدو
في دولاتهم تقية حزم لمن أخذ به، وتحرز عن التعرض للبلاء في الدنيا، ومعاندة
الاعداء في دولاتهم ومماظتهم في غير تقية ترك أمر الله، فجاملوا الناس يسمن ذلك لكم
عندهم، ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلوا (3) تبيان: في النهاية كظم الغيظ
تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه، ومنه الحديث إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع أي
ليحبسه ما أمكنه، وقال: الحزم ضبط الرجل أمره والحذر من فواته، من قولهم حزمت الشئ
أي شددته، وفي القاموس الحزم ضبط الامر والاخذ فيه بالثقة، وقال: المظاظة شدة الخلق
وفظاظته ومظظته لمته، وماظظته مماظة ومماظا شاردته ونازعته، والخصم لازمته، وقال:
جامله لم يصفه الاخاء بل ماسحه بالجميل أو أحسن عشرته. قوله " يسمن ذلك عندهم " كذا
في أكثر النسخ من قولهم سمن فلان يسمن من باب تعب وفي لغة من باب قرب إذا كثر لحمه
وشحمه كناية عن العظمة والنمو ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول من الافعال أو
التفعيل، أي يفعل الله ذلك مرضيا محبوبا عندهم، وفي بعض النسخ يسمى على بناء
المفعول من التسمية أي يذكر عندهم ويحمدونكم بذلك، فيكون مرفوعا بالاستيناف
البياني، والحمل على الرقاب كناية عن التسلط والاستيلاء. 24 - كا: عن علي، عن أبيه،
عن بعض أصحابه، عن مالك بن حصين السكوني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): مامن
عبد كظم غيظا إلا زاده الله عزوجل عزا
(1) آل عمران: 143 (2) البقرة: 194 (3)
الكافي ج 2 ص 109
[410]
في الدنيا والاخرة، وقد قال الله عزوجل "
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " (1) وأثابه الله مكان غيظه
ذلك (2) بيان: " وقد قال الله " بيان لعز الاخرة، لانه تعالى قال في سورة آل عمران
" وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين * الذين
ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ " قال البيضاوي (3) الممسكين عليه
الكافين عن إمضائه مع القدرة من كظمت القربة إذا ملاتها وشددت رأسها وعن النبي (صلى
الله عليه وآله): من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملا الله قلبه أمنا وإيمانا "
والعافين عن الناس " التاركين عقوبة من استحقوا مؤاخذته " والله يحب المحسنين "
يحتمل الجنس ويدخل تحته هؤلاء، والعهد فيكون إشارة إليهم انتهى فكفى عزالهم في
الاخرة بأن بشر الله لهم بالجنة وحكم بأنها اعدت لهم وأنه تعالى يحبهم. ويحتمل أن
يكون تعليلا لعز الدنيا أيضا بأنهم يدخلون تحت هذه الاية وهذا شرف في الدنيا أيضا
أو يدل الاية على أنهم من المحسنين وممن يحبهم الله ومحبوبه تعالى عزيز في الدنيا
والاخرة كما قيل. قوله (عليه السلام): " وأثابه الله مكان غيظه ذلك " يحتمل أن يكون
ذلك إشارة إلى المذكور في الاية، ويكون فيه تقدير أي مكان كظم غيظه أي لاجله أو
عوضه ويحتمل أن يكون ذلك عطف بيان أو بدلا من غيظه، ويكون " أثابه " عطفا على "
زاده " أي ويعطيه الله أيضا مع عز الدنيا والاخرة أجرا لاصل الغيظ لانه من البلايا
التي يصيب الانسان بغير اختياره، ويعطي الله لها عوضا على اصطلاح المتكلمين فالمراد
بالثواب العوض، لان الثواب إنما يكون على الامور الاختيارية بزعمهم والغيظ ليس
باختياره، وإن كان الكظم باختياره، فالجنة على الكظم، والثواب أي العوض لاصل الغيظ،
وقيل: المراد بالمكان المنزل المخصوص لكل من أهل
(1) آل عمران: 143 (2) الكافي ج 2 ص 110
(3) انوار التنزيل: 81
[411]
الجنة، وإضافته من قبيل إضافة المعلول إلى
العلة. 25 - كا: عن العدة، عن البرقي، عن ابن مهران، عن سيف بن عميرة قال: حدثني من
سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملا الله
قلبه يوم القيامة رضاه (1) بيان: " ولو شاء أن يمضيه " أي يعمل بمقتضى الغيظ " ملا
الله قلبه يوم القيامة " أي يعطيه من الثواب والكرامة والشفاعة والدرجة حتى يرضا
رضا كاملا لا يتصور فوقه كا: عن أبي علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن
فضال، عن غالب بن عثمان، عن عبد الله بن منذر * عن الوصافي، عن أبي جعفر (عليه
السلام) قال: من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشى الله قلبه أمنا وإيمانا يوم
القيامة (2) ايضاح: " أمنا وإيمانا " كأن المراد بالايمان التصديق الكامل بكرمه
ولطفه ورحمته لكثرة ما يعطيه من الثواب، فيرجع إلى الخبر السابق، ويحتمل الاعم بأن
يزيد الله تعالى في يقينه وإيمانه فيستحق مزيد الثواب والكرامة، إذ لادليل على عدم
جواز مزيد الايمان في ذلك اليوم. 26 - كا: عن الحسين بن محمد، عن المعلى، عن
الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قال لي: يا زيد اصبر على أعداء النعم، فانك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن
تطيع الله فيه، يا زيد إن الله اصطفى الاسلام واختاره، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن
الخلق (3). توضيح: قوله: " فأحسنوا صحبته " إيماء إلى أن مع ترك هاتين الخصلتين
يخاف زوال الاسلام، فان ترك حسن الصحبة موجب للهجرة غالبا. 27 - كا: عن علي بن
إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حفص بياع السابري، عن أبي حمزة، عن علي بن
الحسين (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب السبيل
إلى الله عزوجل جرعتان: جرعة غيظ يردها
(1 - 3) الكافي ج 2 ص 110.
[412]
بحلم، وجرعة مصيبة يردها بصبر (1) بيان: "
يردها " هذا على التمثيل كأن المغتاظ الذي يريد إظهار غيظه فيدفعه ولا يظهره
لمنافعه الدنيوية والاخروية كمن شرب دواء بشعا لا يقبله طبعه ويريد أن يدفعه فيتصور
نفع هذا الدواء فيرده، وكذا الصبر عند البلاء وترك الجزع يشبه تلك الحالة، ففيهما
استعارة تمثيلية، والفرق بين الكظم والصبر أن الكظم فيما يقدر على الانتقام، والصبر
فيما لا يقدر عليه. 28 - كا: عن علي، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عمن حدثه، عن أبي
جعفر (عليه السلام) قال: قال لي أبي: يا بني مامن شئ أقر لعين أبيك من جرعة غيظ
عاقبتها صبر، وما يسرني أن لي بذل نفسي حمر النعم (2) بيان: " مامن شئ " ما " نافية
و " من " زائدة للتصريح بالتعميم، وهو مرفوع محلا لانه اسم " ما " وأقر " خبره،
واللام في " لعين " للتعدية، قال الراغب: قرت عينه تقر سرت، قال تعالى: " كي تقر
عينها " (3) وقيل لمن يسر به: قرة عين، قال تعالى: " قرة عين لي ولك " (4) قيل:
أصله من القرأي البرد فقرت عينه قيل: معناه بردت فصحت، وقيل: بل لان للسرور دمعة
[باردة] قارة وللحزن دمعة حارة، ولذلك يقال فيمن يدعى عليه: أسخن الله عينه وقيل:
هو من القرار، والمعنى أعطاه الله ما تسكن به عينه، فلا تطمح إلى غيره (5). قوله
(عليه السلام): " عاقبتها صبر " كأن المراد بالصبر الرضا بكظم الغيظ والعزم على ترك
الانتقام أو المعنى أنه يكظم الغيظ بشدة ومشقة إلى إن ينتهي إلى درجة الصابرين،
بحيث يكون موافقا لطبعه غير كاره له، وهذا من أفضل صفات المقربين وقيل: إشارة إلى
أن كظم الغيظ إنما هو مع القدرة على الانتقام
(1 - 2) الكافي ج 2 ص 110. (3) طه: 40.
(4) القصص: 9. (5) مفردات غريب القرآن 398
[413]
وهو محبوب وإن انتهى إلى حد يصبر مع عدم
القدرة على الانتقام أيضا، ولا يخفى ما فيه. كا: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن معاوية بن وهب، عن معاذ ابن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله (1). 29 -
كا: عن العدة، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط عن أبي حمزة قال: قال
أبو عبد الله (عليه السلام): مامن جرعة يتجرعها العبد أحب إلى الله من جرعة غيظ
يتجرعها عند ترددها في قلبه إما بصبر وإما بحلم (2) ايضاح: المراد بترددها في قلبه
إقدام القلب تارة إلى تجرعها لما فيه من الاجر الجزيل وإصلاح النفس، وتارة إلى ترك
تجرعها لما فيه من البشاعة والمرارة، إما بصبر وإما بحلم الفرق بينهما إما بأن
الاول فيما إذا لم يكن حليما فيتحلم ويصبر، والثاني فيما إذا كان حليما وكان ذلك
خلقه، وكان عليه يسيرا أو الاول فيما إذا لم يقدر على الانتقام فيصبر ولا يجزع،
والثاني فيما إذا قدر ولم يفعل حلما وتكرما بناء على أن كظم الغيظ قد يستعمل فيما
إذا لم يقدر على الانتقام أيضا، وقيل: الصبر هو أن لا يقول ولا يفعل شيئا أصلا،
والحلم أن يقول أو يفعل شيئا يوجب رفع الفتنة وتسكين الغضب، فيكون الحلم بمعنى
العقل واستعماله. أقول: قد مضى كثير من أخبار هذا الباب في باب جوامع المكارم، وباب
صفات المؤمن، وباب صفات خيار العباد. 30 - لى: الحسين بن محمد العلوي، عن يحيى بن
الحسين بن جعفر، عن عبد الله ابن محمد اليماني قال: سمعت عبد الرزاق يقول: جعلت
جارية لعلي بن الحسين (عليهما السلام) تسكب الماء عليه، وهو يتوضأ للصلاة، فسقط
الابريق من يد الجارية على وجهه فشجه، فرفع علي بن الحسين (عليهما السلام) رأسه
إليها فقالت الجارية: إن الله عزوجل يقول: " والكاظمين الغيظ " فقال لها: قدكظمت
غيظي، قالت:
(1) هو مثل الحديث 22، فلا تغفل. (2)
الكافي ج 2 ص 111 وفى بعض النسخ " اما يصبر واما يحلم "
[414]
" والعافين عن الناس " قال لها: قد عفى
الله عنك، قالت: " والله يحب المحسنين " قال: اذهبي فأنت حرة (1) 31 - لى:
ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: إنا أهل بيت مروتنا العفو عمن ظلمنا (2) لى: ابن الوليد، عن الصفار،
عن النهدي، عن ابن أبي نجران، عن حماد مثله. 32 - لى: عن أمير المؤمنين (عليه
السلام) قال: لاعز أرفع من الحلم (3) 33 - لى: ابن ناتانة، عن علي، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن ابن بكير، عن الصادق (عليه السلام) قال: حسب
المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزوجل. لى: ابن المتوكل، عن
الحميري، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (4) 34 - ل: أبي، عن سعد، عن
أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن قتيبة الاعشى، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
مثله (5). 35 - لى: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن عبد الله، عن عبد
الجبار بن محمد، عن داود الشعيري، عن الربيع صاحب المنصور قال: قال المنصور للصادق
(عليه السلام): حدثني عن نفسك بحديث أتعظ به، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات، فقال
الصادق (عليه السلام): عليك بالحلم فانه ركن العلم، واملك نفسك عند أسباب القدرة،
فانك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفي غيظا وتداوى حقدا، أو يحب أن يذكر بالصولة
واعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية
(1) أمالى الصدوق: 121. (2) أمالى الصدوق:
173 (3) أمالى الصدوق: 193. (4) أمالى الصدوق: 24. (5) الخصال ج 1 ص 16
[415]
ما توصف به إلا العدل [ولا أعرف حالا أفضل
من حال العدل] والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر، فقال
المنصور: وعظمت فأحسنت وقلت فأوجزت الخبر (1) 36 - لى: الحسن بن عبد الله بن سعيد،
عن محمد بن عبد الله بن محمد بن الحجاج عن أحمد بن محمد النحوي، عن شعيب بن واقد،
عن صالح بن الصلت عن عبد الله ابن زهير قال: وفد العلابن الحضرمي على النبي (صلى
الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله إن لي أهل بيت احسن إليهم فيسيؤن، وأصلهم
فيقطعون. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي
بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذوحظ
عظيم " (2) فقال العلابن الحضرمي: إني قلت شعرا هو أحسن من هذا قال: وما قلت ؟
فأنشده: وحي (3) ذوي الاضغان تسب قلوبهم * تحيتك العظمى فقد يرفع النغل فان أظهروا
خيرا فجاز بمثله * وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل فان الذي يؤذيك منك سماعه * وإن
الذي قالوا وراءك لم يقل فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن من الشعر لحكما، وإن
من البيان لسحرا، وإن شعرك لحسن، وإن كتاب الله أحسن (4). 37 - لى: العطار، عن
أبيه، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن التفليسي، عن إبراهيم بن محمد، عن
الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): قال عيسى بن مريم ليحيى بن زكريا (عليه السلام): إذا قيل فيك ما فيك، فاعلم
أنه ذنب ذكرته فاستغفر الله منه، وإن قيل فيك ما ليس فيك فاعلم أنه حسنة كتبت لك لم
تتعب فيها (5).
(1) أمالى الصدوق: 365 في حديث. (2) فصلت:
34. (3) أمر من التحية وهو السلام واطابة الكلام وقوله " تسب " من السبى. (4) أمالى
الصدوق: 368. (5) أمالى الصدوق: 306.
[416]
38 - لى: العطار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن
ابن أبي عمير، عن معاوية ابن وهب، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال: اصبر على أعداء النعم فانك لن تكافئ من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله
فيه (1. ل: أبي، عن سعد مثله (2) 39 - ل: بهذا الاسناد، عن ابن أبي عمير، عن خلاد،
عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: ما احب أن لي بذل نفسي حمر النعم،
وما تجرعت جرعة أحب إلى من جرعة غيظ لا اكافي به صاحبها (3). ين: عن ابن أبي عمير،
عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ومنصور عن الثمالي، عن أبي جعفر
(عليه السلام): قالا: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول، وذكر مثله. 40 - ل:
أبي، عن الحميري، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن ابن عطية، عن الثمالي، عن
علي بن الحسين (عليه السلام) قال: وددت أني افتديت خصلتين في الشيعة لنا ببعض
ساعدي: النزق وقلة الكتمان (4). 41 - ل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن
سعيد، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن الثمالي، عن علي بن الحسين (عليه
السلام) قال: مامن جرعة أحب إلى الله عزوجل من جرعتين: جرعة غيظ ردها مؤمن بحلم،
وجرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر الخبر (5) 42 - ل: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن
أحمد بن عبيد، عن ابن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال علي (عليه السلام):
(1) أمالى الصدوق: 60 (2) الخصال ج 1 ص
13. (3) الخصال ج 1 ص 14 ومثله في الكافي ج 2 ص 111 سندا ومتنا. (4) الخصال ج 1 ص
24. (5) الخصال ج 1 ص 26.
[417]
ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من وضيع،
وحليم من سفيه، وبر من فاجر (1) سن: أبي، عن موسى بن القاسم، عن المحاربي، عن
الصادق (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله (2). 43 - ل: أبي، عن
سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد
الله (عليه السلام): ثلاث من كن فيه زوجه الله من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ،
والصبر على السيوف لله عزوجل ورجل أشرف على مال حرام فتركه لله عزوجل (2). سن: عن
أبيه رفعه عنه (عليه السلام): مثله (4). 44 - ل: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري،
عن محمد بن حسان، عن إبراهيم ابن عاصم بن حميد، عن صالح بن ميثم، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: ثلاث من كن فيه استكمل خصال الايمان: من صبر على الظلم، وكظم
غيظه واحتسب، وعفا وغفر، كان ممن يدخله الله عزوجل الجنة بغير حساب، ويشفعه في مثل
ربيعة ومضر (5). 45 - فس: " وإذا ما غضبوا هم يغفرون " (6) قال أبو جعفر صلوات الله
عليه: من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة،
قال: ومن ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا غضب، حرم الله جسده على النار (7).
(1) الخصال ج 1 ص 43. (2) المحاسن: 6. (3)
الخصال ج 1 ص 43. (4) المحاسن الخصال ج 1 ص 51. (6) الشورى: 37. (7) تفسير القمي:
604.
[418]
46 - ل: سليمان بن أحمد اللخمي، عن عبد
الوهاب بن خراجة، عن أبي كريب، عن علي بن جعفر العبسى، عن الحسن بن الحسين العلوي،
عن أبيه الحسين ابن زيد، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى
الله عليه وآله) قال: ثلاث من لم تكن فيه فليس مني ولامن الله عزوجل، قيل: يارسول
الله وماهن ؟ قال: حلم يرد به جهل الجاهل، وحسن خلق يعيش به في الناس، وورع يحجزه
عن معاصي الله عزوجل (1). 47 - ن (2) ل: تميم القرشي، عن أحمد بن علي الانصاري، عن
أبيه عن الهروي قال:، سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: أوحى الله عزوجل إلى نبي من
أنبيائه إذا أصبحت فأول شئ يستقبلك فكله، والثاني فاكتمه، والثالث فاقبله، والرابع
فلا تؤيسه، والخامس فاهرب منه قال: فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف
وقال: أمرني ربي عزوجل أن آكل هذا وبقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال: إن ربي جل
جلاله لا يأمرني إلا بما اطيق فمشى إليه ليأكله، فلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه
فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شئ أكله. ثم مضى فوجد طشتا من ذهب فقال: أمرني ربي
عزوجل أن أكتم هذا فحفر له وجعله فيه وألقى عليه التراب، ثم مضى فالتفت فإذا الطشت
قد ظهر، فقال: قد فعلت ما أمرني ربي عزوجل. فمضى فإذا هو بطير وخلفه بازي فطاف
الطير حوله فقال: أمرني ربي عزوجل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه، فقال له
البازي: أخذت مني صيدي وأنا خلفه منذ أيام فقال: أمرني ربي عزوجل أن لا اويس هذا،
فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى، فلما مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود (3)
فقال: أمرني ربي عزوجل أن أهرب من هذا فهرب منه. فرجع فرأى في المنام كأنه قد قيل
له: إنك قد فعلت ما امرت به فهل تدري
(1) الخصال ج 1 ص 71. (2) عيون الاخبار ج
1 ص 275. (3) أي جعل فيه الدود
[419]
ماذا كان ؟ قال: لا، قيل له: أما الجبل
فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم يرنفسه وجهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه وعرف
قدره وسكن غضبه كانت عاقبته وكاللقمة الطيبة التي أكلتها، وأما الطشت فهو العمل
الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عزوجل إلا أن يظهره ليزينه به معما يدخر له
من ثواب الاخرة، وأما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته، وأما
البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلاتؤيسه، وأما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب
منها (1). 48 - ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى،
عن ابن أبي عمير، عن صباح الحذاء، عن الثمالي، عن أبي جعفر، عن آبائه (عليهم
السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد
يسمع آخر هم كما يسمع أولهم فيقول: أين أهل الفضل ؟ فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم
الملائكة، فيقولون: ما فضلكم هذا الذي ترديتم به ؟ فيقولون: كنا يجهل علينا في
الدنيا فنتحمل، ويساء إلينا فنعفو، قال: فينادي مناد من عند الله تعالى صدق عبادي
خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب الخبر (2). 49 - ما: المفيد، عن أحمد بن
الحسين بن اسامة، عن عبيدالله بن محمد الواسطي عن محمد بن يحيى، عن هارون، عن ابن
صدقة، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله الخبر (3). 50 - ما: في وصية أمير
المؤمنين (عليه السلام) إلى الحسن: يا بني العقل خليل المرء والحلم وزيره، والرفق
والده، والصبر من خير جنوده (4). 51 - ما: عن أبي قلابة قال: قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله): من كظم غيظا ملا الله
(1) الخصال ج 1 ص 128. (2) أمالى الطوسى ج
1 ص 101. (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 14 (4) أمالى الطوسى ج 1 ص 145
[420]
جوفه إيمانا، ومن عفى عن مظلمة أبدله الله
بها عزا في الدنيا والاخرة (1). 52 - لى: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) أي الخلق
أقوى ؟ قال: الحليم، وسئل من أحلم الناس قال: الذي لا يغضب (2). 53 - ما: جماعة، عن
أبي المفضل، عن جعفر بن محمد بن جعفر العلوي، عن محمد بن علي بن الحسين بن زيد، عن
الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): عليكم بمكارم الاخلاق، فان الله عزوجل بعثني بها، وإن من مكارم الاخلاق
أن يعفو الرجل عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، وأن يعود من لا يعوده (3).
54 - ن (4): ابن المتوكل وابن عصام والمكتب والوراق والدقاق جميعا عن الكليني، عن
علي بن إبراهيم العلوي، عن موسى بن محمد المحاربي، عن رجل ذكر اسمه، عن أبي الحسن
الرضا (عليه السلام) أن المأمون قال له: هل رويت من الشعر شيئا ؟ فقال: قد رويت منه
الكثير، فقال: أنشدني أحسن ما رويته في الحلم فقال (عليه السلام): إذا كان دوني من
بليت بجهله * أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهى * أخذت
بحلمي كي اجل عن المثل وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم
والفضل قال له المأمون: ما أحسن هذا ؟ هذا من قاله ؟ فقال: بعض فتياننا (5) 55 -
مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير
(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 185. (2) أمالى
الصدوق: 237. (3) أمالى الطوسى ج 2 ص 92. (4) في نسخة الكمبانى زاد قبله رمز معاني
الاخبار، وهو كذلك في نسخة الاصل لكنه مضروب عليه، والحديث لا يوجد في معاني
الاخبار. (5) عيون الاخبار ج 2 ص 174
[421]
عن سيف بن عميرة، عن الثمالي، عن الصادق،
عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أولى الناس
بالعفو أقدرهم على التوبة، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ (1) 56 - مع (2) لى:
الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن ابن فضال، عن أبيه، عن الرضا (عليه
السلام) في قول الله عزوجل " فاصفح الصفح الجميل " (3) قال: العفو من غير عتاب (4).
ن: القطان والنقاش والطالقاني جميعا، عن أحمد الهمداني، مثله (5). لى: حمزة العلوي،
عن عبد الرحمان بن محمد بن القاسم الحسني، عن محمد بن الحسين الوادعي، عن أحمد بن
صبيح، عن ابن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن الصادق، عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليهم
السلام) مثله (6). 57 - لى: علي بن أحمد، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني
عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) قال: كان فيما ناجى الله موسى بن عمران (عليه
السلام) أن قال: إلهي ما جزاء من صبر على أذى الناس وشتمهم فيك ؟ قال: اعينه على
أهوال يوم القيامة (7). 58 - الاربعمائة: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): صافح
عدوك وإن كره فانه مما أمر الله عزوجل به عباده، يقول: " ادفع بالتي هي أحسن فإذا
الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا
ذوحظ
(1) معاني الاخبار: 196 (2) معاني الاخبار
ص 273 (3) الحجر: 85. (4) أمالى الصدوق ص 45. (5) عيون الاخبار ج 1 ص 294. (6)
أمالى الصدوق ص 202. (7) أمالى الصدوق ص 125.
[422]
عظيم " (1) وقال (عليه السلام): ما تكافئ
عدوك بشئ أشد عليه من أن تطيع الله فيه وحسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله عزوجل
(2). 59 - سن: أبي، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن
آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لم يكن فيه ثلاث
لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل
الجاهل (3). 60 - سن: الوشاء، عن مثنى الحناط، عن الثمالي قال: قال أبو عبد الله
(عليه السلام): مامن قطرة أحب إلى الله من جرعة غيظ يتجرعها عبد يرددها في قلبه إما
بصبر وإما بحلم (4). 61 - مص: قال الصادق (عليه السلام): الحلم سراج الله يستضئ به
صاحبه إلى جواره، ولايكون حليما إلا المؤيد بأنوار الله، وبأنوار المعرفة والتوحيد،
و الحلم يدور على خمسة أوجه: أن يكون عزيزا فيذل، أو يكون صادقا فيتهم، أو يدعو إلى
الحق فيستخف به، أو أن يوذى بلا جرم، أو أن يطالب بالحق و يخالفوه فيه، فان آتيت
كلامنها حقه فقد أصبت، وقابل السفيه بالاعراض عنه وترك الجواب، يكن الناس أنصارك،
لان من جاوب السفيه وكأفاه قد وضع الحطب على النار. قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: مثل المؤمن مثل الارض، منافعهم منها وأذاهم عليها ومن لا يصبر على جفاء الخلق
لا يصل إلى رضا الله تعالى، لان رضى الله مشوب بجفاء الخلق. وحكي أن رجلا قال لاحنف
بن قيس: إياك [إياك أعني قال: وعنك
(1) فصلت: 34. (2) الخصال ج 2 ص 168. (3)
المحاسن ص 6 (4) المحاسن ص 292.
[423]
أعرض (1) وقال النبي (صلى الله عليه
وآله): بعثت للحلم مركزا وللعلم معدنا وللصبر مسكنا (2). 62 - مص: قال الصادق (عليه
السلام): العفو عند القدرة من سنن المرسلين والمتقين وتفسير العفو أن لا تلزم صاحبك
فيما أجرم ظاهرا وتنسى من الاصل ما اصبت منه باطنا، وتزيد على الاختيارات إحسانا
ولن يجد إلى ذلك سبيلا إلا من قد عفى الله عنه، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
وزينه بكرامته، وألبسه من نور بهائه، لان العفو والغفران صفتان من صفات الله عزوجل
أو دعهما في أسرار أصفيائه، ليتخلقوا [مع الخلق] بأخلاق خالقهم، وجعلهم كذلك قال
الله عزوجل " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم " (3)
ومن لا يعفو عن بشر مثله كيف يرجو عفو ملك جبار. قال النبي (صلى الله عليه وآله)
حاكيا عن ربه يأمره بهذه الخصال قال: صل من قطعك واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك،
وأحسن إلى من أساء إليك، وقد أمرنا بمتابعته يقول الله عزوجل " وما آتاكم الرسول
فخذوه ومانها كم عنه فانتهوا " (4) والعفو سر الله في القلوب قلوب خواصه ممن يسر له
سره، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم،
قالوا: يارسول الله وما أبو ضمضم ؟ قال: رجل كان ممن قبلكم كان إذا أصبح يقول:
اللهم إني أتصدق بعرضي على الناس عامة (5) 63 - شى: أبو خالد الكابلي قال: قال علي
بن الحسين (عليهما السلام): لوددت أنه اذن لي فكلمت الناس ثلاثا ثم صنع الله بي ما
أحب، قال بيده على صدره، ثم
(1) في المصدر المطبوع: اياك اعني قال:
وعنك أحلم. (2) مصباح الشريعة: 37 (3) النور: 23. (4) الحشر: 8 (5) مصباح الشريعة:
39.
[424]
قال: ولكنها عزمة من الله أن نصبر، ثم تلا
هذه الاية " ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا
وإن تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور " (1) وأقبل يرفع يده ويضعها على صدره
(2). 64 - جا: محمد بن المظفر البزاز، عن عبد الملك بن علي الدهان، عن علي بن
الحسن، عن الحسن بن بشر، عن أسد بن سعيد، عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين (عليه
السلام) رجلا يشتم قنبرا وقدرام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين (عليه
السلام): مهلا يا قنبر ! دع شاتمك مهانا ترضي الرحمن وتسخط الشيطان وتعاقب عدوك،
فوالذي فلق الجنة وبرأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان
بمثل الصمت، ولاعوقب الاحمق بمثل السكوت عنه (3). 65 - جا: أحمد بن الوليد، عن
أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن ابن فضال، عن أبي الحسن (عليه
السلام) قال: ما التقت فئتان قط إلا نصر الله أعظمهما عفوا (4). 66 - جا: الصدوق،
عن ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: كان بالمدينة رجل بطال يضحك أهل المدينة من كلامه، فقال يوما
لهم: قد أعياني هذا الرجل، يعني علي بن الحسين (عليهما السلام) فما يضحكه مني شئ،
ولابد من أن أحتال في أن اضحكه. قال: فمر علي بن الحسين (عليهما السلام) ذات يوم
ومعه موليان له، فجاء ذلك البطال حتى انتزع رداءه من ظهره واتبعه الموليان فاستر
جعا الرداء منه وألقياه عليه، وهو مختب (5) لا يرفع طرفه من الارض، ثم قال لمولييه:
ماهذا ؟
(1) آل عمران: 185 (2) تفسير العياشي ج 1
ص 211. (3) مجالس المفيد: 77. (4) مجالس المفيد: 130. (5) الاختباء - الاستتار،
ودخول الخباء: وهو ما يعمل من وبر أو صوف وقد يكون =
[425]
فقالاله: رجل بطال يضحك أهل المدينة
ويستطعم منهم بذلك، قال: فقولا له: يا ويحك إن لله يوما يخسر فيه البطالون (1). 67
- كشف: قال عبد العزيز الجنابذي: روي أن موسى بن جعفر (عليهما السلام) أحضر ولده
يوما فقال لهم: يا بني إني موصيكم بوصية فمن حفظها لم يضع معها إن أتاكم آت فأسمعكم
في الاذن اليمنى مكروها ثم تحول إلى الاذن اليسرى فاعتذر وقال: لم أقل شيئا.
فاقبلوا عذره (2). 68 - جع: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كظم غيظا وهو
يقدر على أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤس الخلائق حتى يخير من أي الحورشاء.
وقال علي (عليه السلام): إن أول عوض الحليم من خصلته أن الناس أعوانه على الجاهل.
وفي الحديث إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من كان أجره على الله فليدخل الجنة،
فيقال: من هم ؟ فيقال: العافون عن الناس يدخلون الجنة بلا حساب. عن النبي (صلى الله
عليه وآله) أنه قال: من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملاه الله أمنا وإيمانا، ومن
ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه تواضعا كساه الله حلة الكرامة (3). 69 - تفسير
النعماني: بالاسناد المذكور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
وأما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار فان الله تبارك وتعالى رخص أن يعاقب العبد
على ظلمه، فقال الله تعالى: " جزاء سيئة سيئة مثلها فمن
= من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة وما
فوق ذلك فهو بيت. وفى المصدر المطبوع " وهو محتب " من الاحتباء وهو نوع جلوس. (1)
مجالس المفيد، 136. (2) كشف الغمة ج 3 ص 12 (3) جامع الاخبار: 137.
[426]
عفى وأصلح فأجره على الله " (1) وهذا هو
فيه بالخيار إن شاء عفى، وإن شاء عاقب. 70 - ختص: قال الرضا (عليه السلام): من صبر
على ما ورد عليه فهو الحليم وقال لقمان: عدو حليم خير من صديق سفيه، وقال لقمان:
ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواضع: لايعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا يعرف الشجاع
إلا في الحرب ولاتعرف أخاك إلا عند حاجتك إليه (2). 71 - ين: فضالة، عن الحسين بن
عبد الله قال: قال جعفر (عليه السلام): من كف عن أعراض الناس أقال الله عثرته يوم
القيامة، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة. 72 - ما: الحسين بن
عبيدالله، عن التلعكبري، عن محمد بن علي بن معمر عن حمران بن المعافا، عن حمويه بن
أحمد، عن أحمد بن عيسى قال: قال جعفر بن محمد (عليهما السلام): إنه ليعرض لي صاحب
الحاجة فابادر إلى قضائها مخافة أن يستغني عنها صاحبها، ألا وإن مكارم الدنيا
والاخرة في ثلاثة أحرف من كتاب الله " خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين "
(3) وتفسيره أن تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك (4). 73 - ما: أحمد بن
عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن
رزق الغمشاني، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين
(عليهما السلام) يقول: ما تجرعت جرعة غيظ قط أحب إلى من جرعة غيظ أعقبها صبرا، وما
أحب أن لي بذلك حمر النعم (5).
(1) الشورى: 40. (2) الاختصاص: 246. (3)
الاعراف: 199. (4) أمالى الطوسى ج 2 ص 258. (5) أمالى الطوسى ج 2 ص 285.
[427]
74 - الدرة الباهرة: قال الرضا (عليه
السلام) في تفسير قوله تعالى: " فاصفح الصفح الجميل " (1) عفو بغير عتاب. 75 -
دعوات الراوندي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أشرف خصال الكرم غفلتك عما تعلم.
76 - نهج: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة (2). وقال (عليه السلام): الاحتمال
قبر العيوب وقال السيد: وروي أنه قال في العبارة عن هذا المعنى أيضا: المسالمة خبء
العيوب (3). وقال (عليه السلام): إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة
عليه (4). وقال (عليه السلام): عاتب أخاك بالاحسان إليه، واردد شره بالانعام عليه
(5). وكان (عليه السلام) يقول: متى أشفي غيظي إذا غضبت أحين أعجز عن الانتقام فيقال
لي: لو صبرت ؟ أم حين أقدر عليه فيقال لي: لو غفرت (6). وقال (عليه السلام): أول
عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل (7). وقال (عليه السلام): إن لم تكن
حليما فتحلم، فانه قل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم (8).
(1) الحجر: 85. (2) نهج البلاغة ج 2 ص
155. (3) نهج البلاغة ج 2 ص 144. (4) نهج البلاغة ج 2 ص 145. (5) نهج البلاغة ج 2 ص
184. (6) نهج البلاغة ج 2 ص 188. (7 - 8) نهج البلاغة ج 2 ص 191،
[428]
وقال (عليه السلام): الحلم عشيرة (1).
وقال (عليه السلام): الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام باتر، فاستر خلل خلقك بحلمك،
وقاتل هواك بعقلك (2). وقال (عليه السلام): الحلم والاناة توأمان تنتجهما علو الهمة
(3) 77 - كنز الكراجكى: قال لقمان: من لا يكظم غيظه يشمت عدوه. 78 - كنز الكراجكى:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الحلم سجية فاضلة. وقال (عليه السلام): من حلم من
عدوه ظفر به. وقال (عليه السلام): شدة الغضب تغير المنطق، وتقطع مادة الحجة، وتفرق
الفهم. وقال (عليه السلام): لاعز أنفع من الحلم، ولاحسب أنفع من الادب ولانسب أوضع
من الغضب.
(1) نهج البلاغة ج 2 ص 244 ومغزى قوله
(عليه السلام) الحلم عشيرة معنى قوله: أن الناس أنصار الحليم على الجاهل، فهو يعتز
بحلمه ونصرة الناس له، كما يعتز بالعشيرة. (2) نهج البلاغة ج 2 ص 245. (3) نهج
البلاغة ج 2 ص 251.
[429]
كلمة المصحح: بسم الله الرحن الرحيم
الحمدلله - والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله امناء الله. وبعد: فقد تفضل
الله علينا - وله الفضل والمن - حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله، وقيضنا لتصحيح هذه
الموسوعة الكبرى وهي الباحثة عن المعارف الاسلامية الدائرة بين المسلمين: أعني بحار
الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار عليهم الصلوات والسلام. وهذا الجزء الذي
نخرجه إلى القراء الكرام هو الجزء الخامس من المجلد الخامس عشر، وقد اعتمدنا في
تصحيح الاحاديث وتحقيقها على النسخة المصححة المشهورة بكمباني، بعد تخريجها من
المصادر وتعيين موضع النص من المصدر وقابلناها معذلك على النسخة الوحيدة من نسخة
الاصل لخزانة كتب الحبر الفاضل حجة الاسلام الحاج الشيخ حسن المصطفوي دام إفضاله،
وقد قدمنا في مقدمة الجزء السابق - 70 - شطرا مما يتعلق بمعرفة هذه النسخة، ويرى
القارئ صورا فتوغرافية منها فيما يلي ثم إنه قد وجدنا في خزانة مكتبة ملك بطهران
نسخة اخرى من مسودات هذا المجلد أعني الجزء الثاني أبواب مكارم الاخلاق، لكن النسخة
ناقصة في مواضع مختلفة: منها في أواسط الباب الاول - باب جوامع المكارم - إلى باب
العزلة عن شرار الخلق والانس بالله وهو الباب 12، فقد سقط من ههنا أحد عشر بابا
وغير ذلك من النواقص والسقطات. ولكن مسودات هذه النسخة أشبه بنسخة الاصل فعناوين
الابواب الموجودة
[430]
فيها بخط يد المؤلف قدس سره كما في سائر
نسخ الاصل، وهكذا شطر كثير من الاحاديث، مع ما فيها من الترقين على بعض السطور.
ويعجبني توارد هاتين النسختين فما يوجد في هذه النسخة (نسخة ملك) محضا أو ملفقا بخط
المؤلف العلامة، ففي نسخة المصطفوي بخط كاتبه، وبالعكس: فالايات الكريمة التي نقلها
المؤلف العلامة في صدر باب جوامع المكارم وهكذا باب اليقين والصبر على الشدائد،
وباب الاخلاص ومعنى قربه تعالى وباب الطاعة والتقوى والورع... في نسخة ملك كلها
مكتوبة بخطه قدس سره وتفسيرها بخط كاتبه وأما في نسخة المصطفوي فبالعكس: الايات بخط
كاتبه وتفسيرها بخط يده رضوان الله عليه وللظن في اقتسام هاتين النسختين لمسودات
الاصل مذاهب. ومما يجب أن نتذكر ههنا أن الباب 69 (باب أن الله لا يعاقب أحدا بفعل
غيره) كان ساقطا في نسخة أمين الضرب أعني طبعة الكمباني، ولعلهم أسقطوا الباب لاجل
نقصانه، وعدم تخريج حديث فيه، لكنا أدرجنا الباب بعنوانه مع ماوليه من الايات تبعا
لنسختي الاصل وطبقا لما سطر في فهرس الابواب من طبعة الكمباني والنسختين
المخطوطتين. ولما كان في أعلى الصفحة من هذا الباب مكتوبا " لابد أن يكتب أخبار هذا
الباب إنشاء الله " أدرجنا شطرا من الاحاديث المناسبة لعنوان ذاك الباب مستخرجة من
سائر أجزاء البحار (كتاب العدل - باب القضاء والقدر وغيره) في ذيل الباب فليراجع ص
237 - 241. محمد الباقر البهبودى ذي حجة الحرام - 1386
[431]
صورة اخرى منها وفيها خط يده - قده -
ينطبق على الصفحة 111 - 114 من هذا الجزء
[432]
صورة فتوغرافية من نسخة الاصل بخط المؤلف
العلامة ينطبق على الصفحة 382 و 383 من هذا الجزء
[433]
بسمه تعالى ولما كان في أعلى الصفحة من
هذا الباب مكتوبا " لابد أن يكتب أخبار هذا الباب إنشاء الله " أدرجنا شطرا من
الاحاديث المناسبة لعنوان ذاك الباب مستخرجة من سائر أجزاء البحار (كتاب العدل -
باب القضاء والقدر وغيره) في ذيل الباب فليراجع ص 237 - 241. محمد الباقر البهبودى
ذي حجة الحرام - 1386
[431]
صورة اخرى منها وفيها خط يده - قده -
ينطبق على الصفحة 111 - 114 من هذا الجزء
[432]
صورة فتوغرافية من نسخة الاصل بخط المؤلف
العلامة ينطبق على الصفحة 382 و 383 من هذا الجزء
[433]
بسمه تعالى الى هنا انتهى الجزء الخامس من
المجلد الخامس عشر، وهو الجزء الثامن والستون حسب تجزئتنا يحتوي على اربعة وثلاثين
بابا من ابواب مكارم الاخلاق. ولقد بذلنا الجهد في تصحيحه ومقابلته فخرج بعون الله
ومشيئته نفيا من الاغلاط الا نزرا يسيرا زاغ عنه البصر، وكل عنه النظر، ومن الله
العصمة والتوفيق. السيد ابراهيم الميانجى محمد الباقر البهبودى