الى اجزاء البحار الى المكتبة الهاشمية الى الصفحة الرئيسية

بحار الانوار الجزء 84

العلامة المجلسي


[1]

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس الله سره " الجزء الرابع والثمانون دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة المصححة 1403 ه‍ - 1983 م


 

[1]

بسم الله الرحمن الرحيم 47 * " (باب) " * * " (ما ينبغى أن يقرأ كل يوم وليلة) " * 1 - مجالس الصدوق: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن الصادق عليه السلام قال: ما من عبد يقول كل يوم سبع مرات " أسئل الله الجنة وأعوذ بالله من النار " إلا قالت النار: يا رب أعذه (1). 2 - الخصال: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن يقترف في يوم أو ليلة أربعين كبيرة يقول وهو نادم " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السموات والأرض ذا الجلال والاكرام وأسئله أن يتوب علي " إلا غفرها الله له، ثم قال: ولا خير فيمن يقارف في كل يوم أو ليلة اربعين كبيرة (2). بيان: في الكافي " أكثر من أربعين " (3) أي إنما خصصنا بالأربعين لأن من أتى بأكثر منها لا ينفعه هذا الدعاء، أو لا يوفقه لتلاوته، وعلى ما في الخصال لعل الغرض عدم جرءة الناس على الكبائر اتكالا " على هذا الاستغفار، فلعله لا يوفق لذلك

 

(1) أمالى الصدوق ص 60. (2) الخصال ج 2 ص 112. (3) الكافي ج 2 ص 438.

 

[2]

وما في الكافي أظهر، وفيه بعد هشام بن سالم " عمن ذكره " (1) وفي الدعاء " وأن يصلي على محمد وآل محمد، وأن يتوب علي ". 3 - ثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن عثمان بن يزيد، عن أخيه الحسين عن عمر بن بزيع، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في كل يوم سبع مرات " الحمد لله على كل نعمة كانت أو هي كائنة " فقد أدى شكر ما مضى وشكر ما بقي (2). أقول: سيأتي في أبواب فضائل السور (3) مسندا " عن ابن عباس أنه قال: من قرء سورة الأنعام في كل ليلة كان من الآمنين يوم القيامة، ولم ير النار بعينه أبدا " (4). وعن الصادق عليه السلام أنه قال: من قرء سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله على جمال يوسف ولا يصيبه فزع يوم القيامة، وكان من خيار عباد الله (5). وعنه عليه السلام قال: من أدمن قراءة سورة النور في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد من أهل بيته أبدا " حتى يموت، فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون الف ملك كلهم يدعون ويستغفرون الله له، حتى يدخل في قبره (6). وعن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: من قرء " تبارك الذي نزل الفرقان " في كل

 

(1) يعنى أن الحديث مرسل. (2) ثواب الاعمال ص 10. (3) راجع ج 92 من طبعتنا هذه. (4) ثواب الاعمال ص 95، تفسير العياشي ج 1 ص 354. (5) ثواب الاعمال ص 96، ومثله في تفسير العياشي ج 2 ص 166. (6) ثواب الاعمال ص 98.

 

[3]

ليلة لم يعذبه الله أبدا "، ولم يحاسبه، وكان منزله في الفردوس الأعلى (1). وعن ابي جعفر عليه السلام قال: من قرء سورة لقمن في كل ليلة، وكل به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي (2). وعنه عليه السلام من قرء حم المؤمن في كل ليلة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وألزمه كلمة التقوى، وجعل الآخرة خيرا " له من الاولى (3). وعنه عليه السلام قال: من ادمن قراءة حم الزخرف آمنه الله في قبره من هوام الأرض ومن ضمة القبر حتى يقف بين يدي الله عزوجل، ثم جاءت حتى تدخله الجنة بأمر الله تبارك وتعالى (4). وعن الصادق عليه السلام قال: من قرء سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمد صلى الله عليه وآله (5). وعنه عليه السلام قال: من كان يدمن قراءة والنجم في كل يوم أو في كل ليلة، عاش محمودا " بين الناس، وكان مغفورا " له، ومحببا " بين الناس (6). 4 - ثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن فضل بن يوسف، عن عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله عليه السلام: قال من قال كل يوم خمسا " وعشرين مرة " اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات " كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى وكل مؤمن بقي إلى يوم القيامة حسنة، ومحى عنه سيئة، ورفع له درجة (7).

 

(1) ثواب الاعمال ص 98. (2) ثواب الاعمال ص 99. (3) ثواب الاعمال ص 102. (4) ثواب الاعمال ص 103. (5) ثواب الاعمال ص 104. (6) ثواب الاعمال ص 105. (7) ثواب الاعمال ص 147.

 

[4]

ومنه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: من قال في كل يوم مائة مرة لا حول ولا قوة إلا بالله، دفع الله بها عنه سبعين نوعا " من البلاء أيسرها الهم (1). 5 - المكارم: عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر الله كل يوم سبعين مرة، قيل: وكيف كان يقول ؟ قال كان يقول أستغفر الله، سبعين مرة (2). 6 - كشف الغمة: قال: قال الحافظ عبد العزيز: روي عن مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال في كل يوم مائة مرة " لا إله إلا الله الملك الحق المبين " كان له أمان من الفقر، وأمن من وحشة القبر، واستجلب الغنى، وفتحت له ابواب الجنة (3). 7 - دعوات الراوندي: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: وجد رجل صحيفة فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وآله، فنادى الصلاة جامعة، فما تخلف أحد لا ذكر ولا أنثى، فرقى المنبر فقرأها، فإذا كتاب من يوشع بن نون وصى موسى، فإذا فيها " بسم الله الرحمن الرحيم، إن ربكم بكم لرؤف رحيم الا إن خير عباد الله التقي النقي الحفي و إن شر عباد الله المشار إليه بالأصابع، فمن أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى، وأن يوفي الحقوق التي أنعم الله بها عليه، فليقل في كل يوم " سبحان الله كما ينبغي لله، لا إله إلا الله كما ينبغي لله، والله أكبر كما ينبغي لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، و صلى الله على محمد النبي وعلى أهل بيته وجميع المرسلين والنبيين حتى يرضى الله ". فنزل عليه السلام وقد ألحوا في الدعاء، فصبر هنيئة ثم رقى المنبر فقال: من أحب أن يعلو ثناؤه على ثناء المجاهدين، فليقل هذا القول في كل يوم، فان كانت له حاجة

 

(1) ثواب الاعمال ص 147. (2) مكارم الاخلاق ص 363، وزاد بعده: ويقول: أتوب إليه سبعين مرة. (3) كشف الغمة ج 2 ص 383.

 

[5]

قضيت، أو عدو كبت، أو دين قضي، أو كرب كشف، وخرق كلامه السماوات السبع حتى يكتب في اللوح المحفوظ (1). المهج: روينا باسنادنا إلى سعد بن عبد الله من كتابه يرفعه قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: وجد رجل من الصحابة صحيفة وذكر نحوه إلا أنه ذكر في الدعاء صلى الله على محمد وعلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، وعلى جميع المرسلين حتى يرضى الله وفي بعض النسخ وأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله العربي الهاشمي، وصلى الله على جميع المرسلين والنبيين حتى يرضى الله (2). الجنة والبلد الامين: قل كل يوم: سبحان الله، وذكر مثله (3). بيان: " المشار إليه " لعله محمول على من أحب الشهرة رياء وسمعة، والكبت الصرف والاذلال يقال: كبت الله العدو اي صرفه وأذله ذكره الجوهري. 8 - البلد الامين: عن النبي صلى الله عليه وآله: من بسمل وحولق كل يوم عشرا " خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ودفع الله عنه سبعين بابا " من البلاء، منها الجنون والجذام والبرص والفالج، وكان أعظم عند الله تعالى من سبعين حجة وعمرة متقبلات، بعد حجة الاسلام، ووكل الله تعالى به سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى الليل (4). ومنه: عن النبي صلى الله عليه وآله من قال: هذه الكلمات في كل يوم عشرا " غفر الله تعالى له أربعة آلاف كبيرة، ووقاه من شر الموت، وضغطة القبر، والنشور والحساب والأهوال كلها، وهو مائة هول أهونها الموت، ووقي من شر إبليس وجنوده، وقضى دينه و كشف همه وغمه وفرج كربه، وهي هذه " أعددت لكل هول لا إله إلا الله، ولكل هم وغم ما شاء الله، ولكل نعمة الحمد لله، ولكل رخاء الشكر لله، ولكل أعجوبة سبحان الله، ولكل ذنب أستغفر الله، ولكل مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون، ولكل

 

(1) دعوات الراوندي مخطوط. (2) مهج الدعوات ص 385. (3) مصباح الكفعمي ص 83. (4) لم نجده في المطبوع من المصدر وتراه في المصباح ص 83 متنا " وهامشا ".

 

[6]

ضيق حسبي الله، ولكل قضاء وقدر توكلت على الله، ولكل عدو اعتصمت بالله، و لكل طاعة ومعصية لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (1). ومنه: من كتاب رؤيا النوم من قرأ كل يوم سبعا " " حسبي الله ربي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " كفاه الله عزوجل ما أهمه من أمر داريه (2). 9 - جنة الامان: (3) من كتاب دليل القاصدين تسبيح جبرئيل عليه السلام من قاله كل يوم مرة في سنة كاملة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة " سبحان الدائم القائم، سبحان القائم الدائم، سبحان الواحد الأحد، سبحان الفرد الصمد، سبحان الحي القيوم، سبحان الله وبحمده، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الملك القدوس سبحان رب الملائكة والروح، سبحان العلي الأعلى، سبحانه وتعالى " (4). ومنه: عن أبي جعفر عليه السلام من قال كل يوم: " بسم الله، حسبى الله، توكلت على الله، اللهم إني اسئلك خير اموري كلها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة " كفاه الله هم داريه (5). ومنه: عن ابن عباس يرفعه أنه قال: من قال هذه الكلمات كل يوم مرة واحدة كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحى عنه من السيئات ورفع له من الدرجات، وأثبت له من الشفاعات كذلك، وهن " سبحان من هو باق لا يفنى، سبحان من هو عالم لا ينسى، سبحان من هو حافظ لا يغفل، سبحان من هو قيوم لا ينام، سبحان من هو قائم لا يسهو، سبحان من هو حليم لا يلهو، سبحان من هو ملك لا يرام، سبحان من هو عزيز لا يضام، سبحان من هو بصير لا يرتاب، سبحان من هو واسع لا يكلف، سبحان من

 

(1) لم نجده في المطبوع من المصدر وتراه في المصباح ص 83 متنا " وهامشا ". (2) البلد الامين ص 12 في الهامش. (3) ورواه في البلد الامين ص 24 الهامش. (4) مصباح الكفعمي ص 83. (5) مصباح الكفعمي ص 83 الهامش. (*)

 

[7]

هو محتجب لا يرى، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد صلى الله عليه وآله " (1). 10 - ومنه والمتهجد والاختيار: يدعى به في كل يوم وقال الكفعمي (2): دعاء عظيم الشأن رفيع المنزلة " اللهم إني اسئلك بنور وجهك المشرق الحي الباقي الكريم، وأسئلك بنور وجهك القدوس الذي اشرقت به السموات، وانكشفت به الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن تصلي على محمد وآله، وأن تصلح شأني كله " (3). 11 - الجنة: روي أنه من قال كل يوم: " جزى الله محمدا " صلى الله عليه وآله عنا ما هو أهله " يبعث الله تعالى له سبعين كاتبا " يكتبون له الحسنات إلى يوم القيامة. 12 - التوحيد (4) وثواب الاعمال: عن ابيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن عبد العزيز العبدي، عن عمر بن يزيد، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من قال في يومه: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها " واحدا " أحدا " صمدا " لم يتخذ صاحبة " ولا ولدا " " كتب الله له خمسا " وأربعين ألف ألف حسنة، ومحى عنه خمسا " وأربعين ألف ألف سيئة ورفع له في الجنة خمسا " وأربعين ألف ألف درجة، وكان كمن قرأ القرآن اثني عشر مرة، وبنى الله له بيتا " في الجنة (5). الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي نجران مثله (6) إلا أن فيه: " من قال كل يوم عشر مرات " وليس فيه تكرير الألف، وليس فيه: " كان كمن قرأ " إلى آخره، ثم قال: وفي رواية أخرى: كن

 

(1) مصباح الكفعمي ص 86 الهامش. (2) مصباح الكفعمي ص 82 الهامش. (3) مصباح المتهجد ص 74. (4) توحيد الصدوق ص 30 ط مكتبة الصدوق. (5) ثواب الاعمال ص 8. (6) الكافي ج 2 ص 519.

 

[8]

له حرزا " في يومه من الشيطان والسلطان، ولم تحط به كبيرة من الذنوب. المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي نجران مثل الكافي مع التمة (1). بيان: " لم تحط به كبيرة " اي لم تستول عليه بحيث يشمل جملة أحواله، كما قيل في قوله تعالى: " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته " (2). 13 - مجالس ابن الشيخ: عن ابيه، عن أبي محمد الفحام، عن عمه عمير بن يحيى، عن عبد الله بن احمد، عن أبيه أحمد بن عامر، عن الرضا، عن آبائه صلوات الله عليهم قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قال في كل يوم مائة مرة: " لا إله إلا الله الحق المين " استجلب به الغنى، واستدفع به الفقر، وسد عنه باب النار، واستفتح به باب الجنة (3). ثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبي يوسف، عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (4)، وليس فيه في كل يوم. دعوات الراوندي: عنه عليه السلام مرسلا مثله، وفيه الملك الحق المبين (5). 14 - ثواب الاعمال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد الأشعري، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن عيسى الأرمني، عن أبي عمران الحناط عن الأوزاعي، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: من قال في كل يوم ثلاثين مرة: " لا إله إلا الله الملك الحق المبين " استقبل الغنى، واستدبر الفقر، وقرع باب الجنة (6).

 

(1) المحاسن ص 31. (2) البقرة: 81. (3) أمالى الطوسى ج 1 ص 285. (4) ثواب الاعمال ص 8. (5) دعوات الراوندي مخطوط. (6) ثواب الاعمال ص 9.

 

[9]

المحاسن: عن أبيه، عن محمد بن عيسى الأرمني مثله (1). المقنع: مرسلا " مثله (2). 15 - ثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن سلمة بن ابي الخطاب عن محمد بن عيسى الأرمني، عن أبي عمران الخراط، عن بشر الأوزاعي، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: من قال في كل يوم خمس عشرة مرة: " لا إله إلا الله حقا " حقا "، لا إله إلا الله إيمانا " وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا " أقبل الله عليه بوجهه، فلم يصرف عنه حتى يدخل الجنة (3). المحاسن: عن ابيه، عن الأرمني مثله (4). الكافي: العدة، عن أحمد بن محمد، عن الارمني مثله (5) إلا أن " عبودية ورقا " مقدم على " إيمانا " وتصديقا ". 16 - المحاسن: قال: قال رسول الله صلى اله عليه وآله لام هاني: من سبح الله مائة مرة كل يوم كان أفضل ممن ساق مائة بدنة إلى بيت الله الحرام، ومن حمد الله مائة تحميدة كان أفضل ممن حمل على مائة فرس في سبيل الله بسروجها ولجمها، ومن هلل الله مائة تهليلة كان افضل الناس عملا " إلا من قال: افضل من هذا (6). بيان: هذه المثوبات يمكن أن يكون باعتبار التفضل والاستحقاق، أي يتفضل الله على المؤمن بمائة تسبيحة ما يستحقه بسياق مائة، ولا ينافي ذلك أن يتفضل بمائة بدنة أضعاف ذلك، أو باختلاف الامم أي يعطي بمائة تسبيحة هذه الامة أكثر مما يعطي الامم السابقة بمائة بدنة، أو يقال: الأفضلية بالاعتبار، فان مائة تسبيحة لها

 

(1) المحاسن ص 31. (2) المقنع للصدوق ص 25 ط حجر، ص 95 ط الاسلامية. (3) ثواب الاعمال ص 9. (4) المحاسن ص 32. (5) الكافي ج 2 ص 519. (6) المحاسن ص 43.

 

[10]

تأثير في كمال الايمان ليس لسياق مائة بدنة ولمائة بدنة أيضا " تأثير ليس لمائة تسبيحة كما يصح أن يقال: لقمة من الخبز افضل من نهر من ماء، وجرعة من الماء أفضل من ألف من من الخبز، لأن شيئا " منهما لا يقوم مقام الآخر، وهذه الأعمال الصالحة للروح بمنزلة الأغذية للبدن، وقد مر تحقيق المقام بوجه ابسط من ذلك. 17 - جامع الاخبار: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قال مائة مرة " سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " كتب اسمه في ديوان الصديقين، وله بكل حرف نور على الصراط (1) وقال: من قالها كل يوم مائة مرة حرم الله جسده على النار (2). وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال " لاحول ولا قوة إلا بالله " مائة مرة في كل يوم لم يصبه فقر أبدا " (3). 18 - دعوات الراوندي: روي أن عابدا " في بني إسرائيل سأل الله عزوجل فقال: يا رب ما حالي عندك أخير فأزداد في خيري أو شر فاستعتب قبل الموت ؟ فأتاه آت فقال له: ليس لك عند الله خير، قال: يا رب وأين عملي ؟ قال: كنت إذا عملت خيرا " أخبرت الناس به. فليس لك منه إلا الذي رضيت به لنفسك، قال: فشق ذلك عليه وأحزنه قال: فكرر الله إليه الرسول فقال: يقول الله تبارك وتعالى: فمن الآن فاشتر مني نفسك فيما تستقبل بصدقة تخرجها عن كل عرق كل يوم صدقة، قال: يا رب أو يطيق هذا أحد ؟ فقال تعالى: لست أگلفك إلا ما تطيق، قال فماذا يا رب ؟ فقال: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله " تقول هذا كل يوم ثلاث مائة وستين مرة يكون كل كلمة صدقة عن كل عرق من عروقك، قال: فلما رأى بشارة ذلك، قال: يا رب زدني، قال إن زدت زدتك (4). 19 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي الحسن

 

(1 - 2) جامع الاخبار ص 62. (3) جامع الاخبار ص 65. (4) دعوات الراوندي مخطوط.

 

[11]

الأنباري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحمد الله في كل يوم ثلاث مائة مرة وستين مرة عدد عروق الجسد، يقول: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال (1). ومنه: بالاسناد عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن الحارث بن المغيرة عن ابي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستغفر الله عزوجل كل يوم سبعين مرة، ويتوب إلى الله عزوجل سبعين مرة، قال: قلت: كان يقول: أستغفر الله وأتوب إليه ؟ قال: كان يقول: أستغفر الله، سبعين مرة، ويقول: أتوب إلى الله أتوب إلى الله سبعين مرة (2). 20 - مجموع الدعوات: (3) لمحمد بن هارون التلعكبري: عوذة الاسماء كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا فرغ من الاستغفار تعوذ بها في كل يوم وتعرف بالخصلة. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله أن يحضرون، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، اللهم إياك نعبد ولا نعبد سواك، ونستعين بك فكفى بك معينا "، ونستكفيك فكفى بك كافيا " وأمينا "، ونعتصم بك فكفى بك عاصما " وضمينا "، و نحترس بك من أعدائنا. بسم الله الرحمن الرحيم، وبحولك يا ذا الجلال والاكرام، وبقوتك يا ذا القدرة، وبمنعك يا ذا المنعة، وبسلطانك يا ذا السلطان، بكفايتك يا ذا الكفاية، وأستتر منهم بكلماتك، وأحتجب منهم بحجابك، وأتلو عليهم آياتك التي تطمئن قلوب أوليائك وتحول بينهم وبين أسمائك بمشيتك، وأقرأ عليهم ختم الله على قلوبهم على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم. اولئك الذين اشتروا الضلالة

 

(1) الكافي ج 2 ص 503. (2) الكافي ج 2 ص 505. (3) مجموع الدعوات مخطوط.

 

[12]

بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون، صم بكم عمي فهم لا يرجعون، يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا اظلم عليهم قاموا، ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين، والله لا يهدى القوم الظالمين، ومن يضلل الله فأولئك هم الخاسرون، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل. أولئك هم الغافلون، ومن يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتريهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، ومن فوقهم غواش إنهم كانوا قوما " عمين، ومن بينهما حجاب صم بكم عمي فهم لا يعقلون والله أركسهم بما كسبوا، أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا "، وقولهم قلوبنا غلف، بل طبع الله عليها بكفرهم. اللهم يا الله يا من لا يعلم أين هو وحيث هو إلا هو، يا ذا الجلال والاكرام اسئلك باسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تطبع على قلوب أعدائي أن يبصروني، وأن تحرسني أن يفقهوني، أو يمكروا بي، فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الأرض. اللهم إني أستجرت بعزتك فأجرني، واعتصمت بقدرتك فاعصمني، واستترت بحجابك فاسترني، وانتصرت بك فانصرني، وامتنعت بقوتك فامنع عني أن يصلوا إلي أو يظفروا بي أو يؤذوني أو يظهروا علي أو يقتلوني. يا من إليه المنتهى بالاسم الذي احتجبت به من خلقك، احجبني من عدوي، و بالاسم الذي امتنعت به أن يحاط بك علما " حيرهم عني حتى لا يلقوني ولا يروني، واضرب عليهم سرادق الظلمة، وحجب الحيرة، وكآبة الغمرة، وابتلهم بالبلاء واخسأهم


 

[13]

وأعمهم، واجعل كيدهم في تباب، وأوهن أمرهم واجعل سعيهم في خسران، وطلبهم في خذلان، قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به. اللهم بعزتك وقدرتك وعظمتك وقوتك، وباسمك وتمكنك وسلطانك ومكانك وحجابك وجلالك وعلوك وارتفاعك ودنوك وقهرك وملكك وجودك وكرمك، صل على محمد وآل محمد، وخذ عني أسماع من يريدني بسوء، فلا يسمعوا لي حسا "، وغش عني أبصار من يرمقني فلا يروا لي شخصا، واختم على قلوب من يفكر في حتى لا يخطر لي في قلوبهم ذكر، واخرس ألسنتهم عني حتى لا ينطقوا، واغلل أيديهم حتى لا يصلوا إلي بسوء أبدا "، وقيد أرجلهم حتى لا يقفوا لي أثرا " أبدا "، وأنسهم ذكرى حتى لا يعرفوا لي خبرا " أبدا "، ولا يروا لي منظرا " أبدا " بحق لا إله إلا أنت يا رحمن يا رحيم، يا حي يا قيوم، ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل. اللهم بحق بسم الله الرحمن الرحيم، صل على محمد وآل محمد، واضلل عني من يريدني بسوء حتى لا يلقوني يا شديد القوى، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، علمنا يا ربنا وآمنا وصدقنا فحل بحقك على نفسك بيننا وبين أعدائنا ومن يطلبنا، واصرف قلوبهم عنا، واطبع عليها أن يفقهونا، واغلل أيديهم أن يؤذونا وأعم ابصارهم ان يرونا. يا ذا العزة والسلطان، والكبرياء والاحسان، يا حنان يا منان، وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، وعلى آذانهم فهم لا يسمعون، كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين. اللهم باسمك العظيم، وملكك الأول القديم، صل على محمد وآل محمد، واطبع على قلوب كل من يريدني بسوء، وأسألك أن تسد آذانهم، وتطمس على أعينهم، وفريقا " حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون. اللهم يا من لا يعجزه شئ اراده، ولا يحول بينه وبينه حائل، ولا يمنعه مانع، ولا يفوته شئ طلبه أو أحبه، خذ بقلوب من يريدنا بسوء، وارددهم عن مطلبنا، وغش


 

[14]

ابصارهم، وعم عليهم مسلكنا، وصك أسماعهم، واخف عنهم حسنا، واكفنا أمر كل من يريدنا بسوء. يا رفيع الدرجات ! يا ذا العرش يا من يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ألق علينا سترا " من سترك، وعزا " من نصرك، يا رب العالمين. حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أينما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا، اللهم فلا تضلنا وأضلل عنا من يريدنا بسوء، يا ذا النعم التي لا تحصى، قالت أخريهم لاوليهم ربنا هؤلاء اضلونا. اللهم كما فتنت بعضهم ببعض صل على محمد وآل محمد، وافتن بعض اعدائنا ببعض واشغلهم عنا حتى يكونوا عنا وعن مسلكنا ضالين آمين رب العالمين. قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، وظللنا عليهم الغمام، اللهم يا من ظلل على بني إسرائيل الغمام بقدرته، صل على محمد وآل محمد، وظلل علينا غماما من سترك الحصين، وعزا من جودك المكين، يحول بيننا وبين أعدائنا يا أرحم الراحمين. ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيقا " حرجا " كأنما يصعد في السماء، اللهم صل على محمد وآل محمد وأضلل عنا من يريدنا بسوء وضيق صدورهم عن مطلبنا، واهو افئدتهم عن لقائنا، وألق في قلوبهم الرعب عن اتباعنا، واغش على اعينهم أن يرونا. يا لطيف يا خبير يا من يغشي الليل النهار صل على محمد وآل محمد وغش عنا أبصار أعدائنا أن يرونا، واطبع على قلوبهم أن يفقهونا، وعلى آذانهم أن يسمعوا يا من حما أهل الجنة أن يسمعوا حسيس أهل النار، يا ملك يا غفار. ومن يضلل الله فما له من هاد أولئك في ضلال بعيد، ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، لا يرتد إليهم طرفهم وافئدتهم هواء، لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون، بحق محمد خاتم النبيين صل على محمد النبي وآله، واكفنا كل محذور يا أرحم الراحمين.


 

[15]

يا من كفى محمدا " المستهزئين، يا من كفى نوحا " ونجاه من القوم الضالين، يا من نجى هودا " من القوم الظالمين، يا من نجا إبراهيم من القوم الجاهلين، يا من نجى موسى من القوم الطاغين، يا من نجى صالحا " من القوم الجبارين، يا من نجى داود من القوم المعتدين، يا من نجى سليمان من القوم الفاسقين، يا من نجى يعقوب من الكرب العظيم يا من نجى يوسف من القوم الباغين، وآثره عليهم اجمعين، يا من جمع بينه وبين أهله وجعله من العالمين، يا من نجى نبيه عيسى من القوم المفسدين، يا من نجى محمدا " رسوله خير النبيين من القوم المكذبين، ونصره على أحزاب المشركين بفضله ورحمته إنه ولي المؤمنين آمين رب العالمين. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين، أولئك الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا " مستورا " وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا "، فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "، ومن يضلل الله فلن تجد له وليا " مرشدا " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا. ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه، إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا " وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا "، فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا "، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. اللهم أعم عني قلوب أعدائي، وكل من يبغيني بسوء ضربت بيني وبين أعدائي حجاب الحمد وآية الكرسي وستر الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، وكفاية الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم، وحفظ الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم وعز المص، وسور الم ومنع المرا، ودفع الر، وحياطة كهيعص، و رفعة طه، وعلو طس، وفلاح يس والقرآن الحكيم، وعلو الحواميم وكنف حمعسق وبركة تبارك، وبرهان قل هو الله أحد، وحرز المعوذتين، وأمان إنا أنزلنا في ليلة


 

[16]

القدر، حلت بذلك بيني وبين أعدائي، وضربت بيني وبينهم سورا " من عز الله وحجاب القرآن، وعزائم الآيات المحكمات والأسماء الحسنى البينات والحجج البالغات. شاهت الوجوه فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين، بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة، صم بكم عمي فهم لا يرجعون، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، ولا يزال الذين كفروا في مرية منه الذين هم في غمرة ساهون، بل قلوبهم في غمرة من هذا، إن الذين لا يؤمنون بالاخرة عن الصراط لناكبون. اللهم يا فعالا " لما يريد، أزل عني من يريدني بسوء، يا ذا النعم التي لا تحصى يا أرحم الراحمين. أو كظلمات في بحر لجي يغشيه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا " فما له من نور، فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " اولئك شر مكانا " وأضل عن سواء السبيل، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ". يامن جعل بين البحرين برزخا " وحجرا " محجورا "، اجعل بيني وبين أعدائي برزخا وحجرا " محجورا "، وسترا " منيعا " يا رب يا ذا القوة المتين. إنهم عن السمع لمعزولون فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون، بحق آية الحمد المكتوبة على حجاب النور، لا إله إلا هو له الحمد في الاولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا " والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره الا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ادعوا ربكم تضرعا " وخفية إنه لا يحب المعتدين، ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا " وطمعا " إن رحمة الله قريب من المحسنين.


 

[17]

بحق السورة المكتوبة على السموات السبع وعلى الأرضين السبع قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا مالك يا غفور اصرف عنا كل محذور. فمن يهدي من اضل الله وما لهم من ناصرين، ومن يضلل الله فماله من هاد، اولئك في ضلال بعيد ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ولا يرتد إليهم طرفهم و أفئدتهم هواء، لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون. اللهم بحق محمد خاتم النبيين اكفنا كل محذور يا أرحم الراحمين، يا من كفى محمدا " المستهزئين كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون، وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب، وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتريهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، وجعلنا من بين ايديهم سدا " ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ولو تشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون، إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار ومن يظلل الله فماله من هاد، فأعرض اكثرهم فهم لا يسمعون. وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر وهو عليهم عمى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون. اللهم إني أسئلك بالآية التي أمرت عبدك عيسى بن مريم أن يدعو بها فاستجبت له، وأحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص باذنك، ونبأ بالغيب من إلهامك وبفضلك ورأفتك ورحمتك، فلك الحمد رب السموات والأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم حل بيننا وبين أعدائنا، وانصرنا عليهم يا سيدنا ومولانا. فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون اولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون، فضرب بينهم بسور إن الله لا يهدى


 

[18]

القوم الفاسقين. ولكن المنافقين لا يفقهون قلوب يومئذ واجفة، أبصارها خاشعة، و وجوه يومئذ عليها غبرة، كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون، ألم يجعل كيدهم في تضليل. اللهم يا من كفى أهل حرمه الفيل اكفنا كيد أعدائنا بسترك لنا، واسترنا بحجابك الحصين المنيع الحسن الجميل، وجد بحلمك على جهلي، وبغناك على فقري وبعفوك على خطيئتي، إنك على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله واستجب دعائي يا أرحم الراحمين آمين، والحمد لله رب العالمين (1). بيان: قال الراغب: الخطف والاختطاف الاختلاس بالسرعة، والعمه التردد في الأمر من التحير، والغواشي جمع الغاشية، وهو ما يغشى الانسان من ستر أو داهية أو مصيبة، وقال الراغب: الركس قلب الشئ على رأسه ورد أوله إلى آخره، قال تعالى " والله اركسهم " (2) اي ردهم إلى كفرهم. وقال: الغلف جمع الأغلف كقولهم سيف أغلف اي هو في غلاف، ويكون ذلك كقوله " وقالوا قلوبنا في أكنة " (3) وقيل: معناه قلوبنا أوعية للعلم، وقيل: قلوبنا مغطاة. وقال الجوهري: الغمرة الشدة وقال: خسأت الكلب خسئا طردته، التباب الخسران والهلاك، ويقال: رمقته أرمقه رمقا أي نظرت إليه، وقفوت اثره اي اتبعته والطمس الدروس والامحاء يتعدى ولا يتعدى، قال تعالى (4): " ربنا اطمس على

 

(1) مجموع الدعوات مخطوط. (2) النساء: 88. (3) فصلت: 5. (4) يونس: 88.

 

[19]

أموالهم " أي غيرها، وقال: " من قبل أن نطمس وجوها " (1) قال الراغب: الطمس إزالة الأثر بالطمس، قال تعالى: " فإذا النجوم طمست " (2) وقال: " ربنا اطمس على أموالهم " وقال: " لو نشاء لطمسنا على أعينهم " (3) أي أزلنا ضوءها وصورتها كما يطمس الأثر انتهى. وعمي عليه الأمر التبس، ومنه قوله تعالى: " فعميت عليهم الأنباء يومئذ " (4) وصككت الباب: اطبقته و " اهو " أي اخل، قال تعالى: " وافئدتهم هواء " (5) أي خالية، والحس والحسيس الصوت الخفي. وقال الراغب: أصل الحرج مجتمع الشئ وتصور منه ضيق ما بينهما فيقال للضيق حرج، قال تعالى: " يجعل صدره ضيقا " حرجا " " (6) وقرئ حرجا " أي ضيقا بكفره لا تكاد تسكن إليه النفس لكونه اعتقادا " عن ظن، وقيل: ضيقا " بالاسلام " كأنما يصعد " اي يتصعد. والعمر والعمر بالضم والفتح بمعنى لكن خص القسم بالفتح " حجابا " مستورا " " قيل اي ساترا " والأكنة جمع الكنان وهو الغطاء الذي يكن فيه الشئ اي يستر " فضربنا على آذانهم " اي ضربنا عليهم حجابا " يمنع السماع بمعنى أنمناهم إنامة لا تنبههم فيها الأصوات فخذف المفعول كما في قولهم بنى على امرأته. والحياطة بالكسر الكلاءة والحفظ " شاهت الوجوه " أي قبحت " فيدمغه " اي يكسر دماغه " وزهق الباطل " اي اضمحل والقترة الغبار، وشبه دخان يغشى الوجه من الكرب " وحجرا " محجورا " " أي منعا " لا سبيل إلى رفعه ودفعه، والمتين القوي، حثيثا " اي

 

(1) النساء: 47. (2) المرسلات: 8. (3) يس: 66. (4) القصص: 66. (5) ابراهيم: 43. (6) الانعام: 125.

 

[20]

مسرعا "، والاقماح رفع الرأس وغض البصر، يقال أقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعا " من ضيقه. 21 - جنة الامان: عن الصادق عليه السلام قال: من قال كل يوم اربع مائة مرة شهرين متتابعين رزق كثيرا " من علم أو كثيرا " من مال " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الرحمن الرحيم بديع السموات والأرض من جميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه (1).

 

(1) مصباح الكفعمي ص

 

[21]

* " (أبواب) " * * " النوافل اليومية وفضلها وأحكامها وتعقيباتها " * 1 " (باب) " " جوامع أحكامها وأعدادها وفضائلها " الايات: الفرقان: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا " (1). المعارج: إلا المصلين * الذين هم على صلوتهم دائمون (2). تفسير: " خلفة " قال البيضاوي: أي ذو خلفة كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل أو بأن يعقبان لقوله " واختلاف الليل والنهار " (3) وهي للحالة من خلف كالركبة والجلسة " لمن أراد أن يذكر " اي يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه، فيعلم أنه لا بد له من صانع حكيم واجب الذات رحيم على العباد. " أو أراد شكورا " اي لمن يشكر الله على ما فيه من النعم، أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر انتهى والأخبار تدل على المعنى الثاني كما سيأتي وفي الفقيه (4) عن الصادق عليه السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار، قال الله عزوجل.. وتلا هذه الآية ثم قال: يعني أن يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.

 

(1) الفرقان: 62. (2) المعارج: 23. (3) البقرة: 64، وغير ذلك. (4) الفقيه ج 1 ص 315.

 

[22]

" على صلوتهم دائمون " قال الطبرسي رحمة الله عليه: اي مستمرون (1) على أدائها لا يخلون بها ولا يتركونها، وروي عن أبي جعفر عليه السلام أن هذا في النوافل، وقوله: " والذين هم على صلوتهم يحافظون " في الفرايض والواجبات، وقيل: هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة. 1 - تفسير علي بن ابراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثم استثنى فقال: " إلا المصلين " فوصفهم بأحسن أعمالهم " الذين هم على صلوتهم دائمون " يقول إذا فرض على نفسه من النوافل شيئا " دام عليه (2). 2 - فقه الرضا: قال عليه السلام: حسنوا نوافلكم، واعلموا أنها هدية إلى الله عزوجل، واعلموا أن النوافل إنما وضعت لاختلاف الناس في مقادير قواهم لأن بعض الخلق أقوى من بعض، فوضعت الفرائض على أضعف الخلق، ثم اردفت بالسنن ليعمل كل قوي بمبلغ قوته، وكل ضعيف بمبلغ ضعفه، فلا يكلف احد فوق طاقته ولا تبلغ قوة القوى حتى تكون مستعملة في وجهه من وجوه الطاعة، وكذلك كل مفروض من الصيام والحج ولكل فريضة سنة بهذا المعنى (3). ومنه: قال عليه السلام: واعلم أن ثلاث صلوات إذا دخل وقتهن ينبغي لك أن تبتدئ بهن ولا تصلي بين أيديهن نافلة: صلاة استقبال النهار وهي الفجر، وصلاة استقبال الليل وهي المغرب، وصلاة يوم الجمعة (4). ولا تصلي النافلة في أوقات الفرائض إلا ما جاءت من النوافل في أوقات الفرائض مثل ثمان ركعات بعد زوال الشمس وقبلها، ومثل ركعتي الفجر فانه يجوز فعلها بعد طلوع الفجر، ومثل تمام صلوه الليل والوتر وتفسير ذلك أنك إذا ابتدأت بصلاة الليل قبل طلوع الفجر فطلع الفجر وقد صليت منها ست ركعات أو أربعا " بادرت وادرجت

 

(1) مجمع البيان ج 10 ص 357. (2) تفسير القمى ص 696. (3) فقه الرضا ص 9 س 8. (4) فقه الرضا ص 8 س 31.

 

[23]

باقي الصلوة والوتر إدراجا " ثم صليت الغداة (1). وقال العالم: إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه السنة ثم يتحول إلى غيره إن شاء ذلك، لأن ليلة القدر يكون فيها لعامها ذلك، ما شاء الله أن يكون (2) بيان: " وقبلها " أي قبل الفريضة، أو قبل الزوال، والتأنيث باعتبار المضاف إليه أو بتأويل الساعة، فيكون المراد به جواز التقديم كما دلت عليه بعض الاخبار وحملها الشيخ على الضرورة، ومال الشهيد إلى جوازه مطلقا " وسيأتي القول فيه إنشاء الله تعالى، ويدل على جواز إيقاع نافلة الغداة بعد الفجر الثاني كما هو المشهور أيضا " وسنوضح جميع ذلك إنشاء الله تعالى. وأما إيقاع النافلة في وقت الفريضة (3) ففيه مقامات: الاول: إيقاع النوافل في وقت الفرائض، ولا ريب في جواز إيقاع الرواتب في أوقاتها المقررة قبل وقت الفضيلة المختص بالفريضة، كنافلة الظهر في القدمين، والعصر في الأربعة، وأما إيقاعها بعد مضي تلك الأوقات قبل الفريضة ففيه إشكال، والأكثر على عدم الجواز، والأخبار مختلفة، والأحوط تقديم الفريضة، وإن أمكن الجمع بينهما بحمل النهي على الكراهة المصطلحة في العبادات، والأظهر جواز تقديمها للمأموم مع انتظار الامام. الثاني: إيقاع غير الرواتب في أوقات الفرايض والمشهور عدم الجواز، وأسنده في المعتبر إلى علمائنا، وذهب جماعة منهم الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز ولا يخلو من قوة للأخبار الكثيرة الدالة بعمومها على جواز إيقاعها في كل وقت، وظهور أكثر اخبار المنع في الرواتب، وقد وردت في الروايات نوافل كثيرة بين العشائين وبعد الجمعة، وإن كان طريق بعضها لا يخلو من ضعف، والأحوط تقديم الفريضة لا سيما بعد دخول وقت الفضيلة، وخروج وقت الراتبة، ولا يبعد جوازها مع انتظار الامام

 

(1) فقه الرضا ص 9 س 3. (2) فقه الرضا ص 11 س 22. (3) راجع ما سبق في ج 84 ص 210 من هذه الطبعة.

 

[24]

هنا أيضا ". الثالث: الاتيان بقضاء النوافل الراتبة قبل الفريضة، والمشهور فيه ايضا " عدم الجواز، وذهب الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز، ولا يخلو من قوة والأحوط تقديم الفريضة كما عرفت. الرابع: جواز التنفل لمن عليه فائتة والأكثر على المنع وذهب الشهيدان والصدوق وابن الجنيد إلى الجواز، ولا يخلو من قوة، لا سيما مع انتظار المأموم للامام، أو الامام اجتماع المأمومين، وسيأتي بعض القول في المقامات كلها إنشاء الله. 3 - الذكرى: روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة حتى يبدء بالمكتوبة، قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه، فقبلوا ذلك مني. فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقال: من يكلؤنا ؟ فقال بلال: أنا، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس، فقال صلى الله عليه وآله: يا بلال ما أرقدك ؟ فقال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال: يا بلال اذن فأذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر، ثم قام فصلى بهم الصبح ثم قال: من نسي شيئا " من الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فان الله عزوجل يقول: " وأقم الصلوة لذكرى " (1). قال زرارة: فحملت الحديث إلى الحكم واصحابه، فقال نقضت حديثك الأول فقدمت على ابي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم، فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا "، وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله (2). بيان: " عرس " بالتشديد اي نزل في آخر الليل للاستراحة، وهذا المكان

 

(1) طه: 14. (2) الذكرى: 134.

 

[25]

اشتهر بالمعرس وهو بقرب المدينة، ويكلؤنا بالهمز أي يحرسنا من العدو أو من فوت الصلاة أو الأعم، ولفظة " ما " في " ما أرقدك " استفهامية، وربما يتوهم كونها للتعجب أي ما أكثر رقودك ونومك " أخذ بنفسي " المناسب لهذا المقام سكون الفاء كما قال الله تعالى " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " (1) لكن يأبى عنه جمعه ثانيا على الإنفاس، فانه جمع النفس بالتحريك وجمع النفس بالسكون الأنفس والنفوس، فالمراد بالنفس الصوت ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم، وفي القاموس النفس بالتحريك واحد الأنفاس، والسعة، والفسحة في الأمر والجرعة والري والطويل من الكلام انتهى. وبعد إيراد هذه الرواية قال الشهيد - رحمة الله ورضوانه عليه -: في هذا الخبر فوائد: منها استحباب أن يكون للقوم حافظ إذا ناموا، صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه. ومنها أن الله تعالى أنام نبيه لتعليم أمته، ولئلا يعير بعض الامة بذلك، ولم أقف على راد لهذا الخبر، لتوهم القدح في العصمة. ومنها أن العبد ينبغي أن يتفأل بالمكان والزمان، بحسب ما يصيبه فيها من خير أو غيره، ولهذا تحول النبي صلى الله عليه وآله إلى مكان آخر. ومنها استحباب الأذان للفائتة كما يستحب للحاضرة، وقد روى العامة عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة في هذه الصورة أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بلالا " فأذن فصلى ركعتي الفجر وأمره فأقام فصلى صلاة الفجر. ومنها استحباب قضاء السنن. ومنها جواز فعلها لمن عليه قضاء (2) وإن كان قد منع منه أكثر المتأخرين. ومنها شرعية الجماعة في القضاء كالأداء.

 

(1) الزمر: 42. (2) لكن لا مطلقا، بل إذا كانت النافلة راتبة للصلاة الفائتة.

 

[26]

ومنها وجوب قضاء الفائتة كفعله ووجوب التأسي به، ولقوله: " فليصلها ". ومنها أن وقت قضائها ذكرها. ومنها أن المراد بالآية ذلك. ومنها الاشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه السلام " الا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان ". ثم قال: وقد روي أيضا في الصحيح ما يدل على عدم جواز النافلة لمن عليه فريضة، والشيخ جمع بينهما بالحمل على انتظار الجماعة، وابن بابويه عمل بمضمون الخبر، وأمر بقضاء النافلة ثم الفريضة، وفي المختلف اختار المنع، وأشار بعض الأصحاب إلى أن الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله من المنسوخ إذ النسخ جائز في السنة انتهى. وأقول: حمل الشيخ بعيد عن هذا الخبر، إذ أمر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بقضاء النافلة يدل على اجتماعهم فلا انتظار، وكذا النسخ أيضا لا يجري فيه، والأوجه ما أومأنا إليه بالحمل على استحباب التأخير، والله يعلم. تتميم اعلم أنه يستفاد من الخبر أمور أخر، وهي استحباب التعريس، واستحباب كون المؤذن غير الامام، واستحباب تقديم الأذان على النافلة، والمنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة، ولزوم الجمع بين الأخبار ورفع التنافي عنها، وحسن قبول العذر ممن له عذر مرضي، وجواز إظهار الاحكام عند المخالفين مع عدم التقية. تنبيه ربما يتوهم التنافي بين هذا الخبر وبين ما روي [أنه صلى الله عليه وآله كان يقول: تنام عيني ولا ينام قلبي وما روي أن نومه صلى الله عليه وآله كان كيقظته وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة ؟ ويمكن الجواب عنه بوجوه: الإول أن يكون نومه صلى الله عليه وآله في سائر الأحوال كاليقظة] (1) وفي تلك الحالة

 

(1) ما بين العلامتين زيادة منا اقتباسا " من كلامه قدس سره في باب سهوه ونومه صلى الله عليه وآله -

 

[27]

أنامه الله تعالى نوما " كنوم سائر الناس للمصلحة، الثاني أنه صلى الله عليه وآله لم يكن مكلفا " بهذا العلم كما أنه لم يكن مكلفا " بالعلم بما كان يعلمه من كفر المنافقة، وعدم الظفر بالكافرين، وأمثال ذلك، الثالث أن يقال لعله صلى الله عليه وآله كان مكلفا في ذلك بترك الصلاة لبعض المصالح وقد مر الكلام في ذلك (1). 4 - غياث سلطان الورى: للسيد ابن طاوس باسناده عن حريز، عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك، قال عليه السلام: يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك. 5 - العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي ابن سعيد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة الخبر (2). ومنه: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عثمان بن عبد الملك، عن ابي بكر قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: أتدري لأي شئ وضع التطوع ؟ قلت: ما ادري جعلت فداك قال: إنه تطوع لكم ونافلة للأنبياء، وتدري لم وضع التطوع ؟ قلت: لا ادري جعلت فداك قال: لإنه إن كان في الفريضة نقصان فصبت النافلة (3) على الفريضة حتى تتم إن الله عزوجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " (4).

 

عن الصلاة ج 17 ص 121 من هذه الطبعة. (1) زاد رحمه الله في الباب المزبور احتمالا رابعا " وهو أن يقال: لا ينافى اطلاعه في النوم على الامور عدم قدرته على القيام ما لم تزل عنه تلك الحالة، فان الاطلاع من الروح والنوم من أحوال الجسد. (2) علل الشرايع ج 1 ص 270. (3) في المصدر: قضيت النافلة. (4) علل الشرايع ج 2 ص 17، والاية في الاسراء: 79.

 

[28]

بيان: " ونافلة للأنبياء " أي فريضة زائدة عليهم كما سيأتي في تفسير الآية " فصبت النافلة " بالصاد المهملة والباء الموحدة اي افرغت كناية عن كثرة النافلة، وفي بعض النسخ بالضاد المعجمة على بناء المعلوم من الضب بمعنى اللصوق و الأول اصوب. 6 - العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن ايوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن العبد لترفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها، وما يرفع له إلا ما أقبل عليه منها بقلبه، وإنما أمرنا بالنوافل ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة (1). ومنه: عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن محمد بن يحيى العطار، عن يعقوب ابن يزيد، عن حماد، عن حريز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة (2). 7 - المحاسن: عن علي بن الحكم، عن عثمان بن عبد الملك، عن ابي بكر قال، قال أبو جعفر عليه السلام: يا بابكر تدري لأي شئ وضع عليكم التطوع، وهو تطوع لكم وهو نافلة للأنبياء ؟ إنه ربما قبل من الصلاة نصفها وثلثها وربعها، وإنما يقبل منها ما أقبلت عليها بقلبك، فزيدت النافلة عليها حتى تتم بها (3). 8 - السرائر: نقلا من كتاب حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تصل من النافلة شيئا " وقت الفريضة، فانه لا تقضى نافلة في وقت فريضة، فإذا دخل وقت الفريضة فابدأ بالفريضة. وقال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنما جعلت القدمان والأربع والذراع والذراعان وقتا " لمكان النافلة (4). بيان: يدل على ما أومأنا إليه من أن المراد بوقت الفريضة الوقت المختص

 

(1 - 2) علل الشرايع ج 2 ص 18. (3) المحاسن ص 316. (4) السرائر: 472. (*)

 

[29]

بفضل الفريضة، والظاهر من النوافل الرواتب إلا أن يقال: لا يجوز غيرها بطريق أولى، وفيه نظر (1). 9 - العلل والعيون: عن ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام فيما رواه عنه من العلل: فان قال: لم جعل صلاة السنة أربعا " و ثلاثين ركعة قيل: لأن الفريضة سبع عشرة ركعة، فجعلت السنة مثلي الفريضة، كمالا " للفريضة. فان قال: فلم جعل صلاة السنة في أوقات مختلفة ولم يجعل في وقت واحد ؟ قيل لأن أفضل الأوقات ثلاثة عند زوال الشمس، وبعد الغروب، وبالأسحار فأحب أن يصلى له في هذه الأوقات الثلاثة لإنه إذا فرقت السنة في أوقات شتى كان أداؤها أيسر وأخف من أن تجمع كلها في وقت واحد (2). بيان: " لأنه إذا فرقت " لما ظهر مما سبق أن هذه الأوقات لفضلها أنسب من ساير الأوقات للنافلة، فكان يمكن أن يجعل الجميع في وقت واحد منها فتمم التعليل بأن التفريق كان أخف وأيسر، فلذا فرقها عليها. 10 - اعلام الورى: نقلا " من نوادر الحكمة باسناده، عن عائذ الأحمسي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا اريد أن اسأله عن صلاة الليل ونسيت، فقلت: السلام عليك يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام: أجل والله أنا ولده وما نحن بذي قرابة، من أتى الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسأل عما سوى ذلك، فاكتفيت بذلك (3). 11 - العلل: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن علي ابن الريان، عن الحسن بن محمد، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن عبد الرحمن ابن حماد، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل: يا رسول الله

 

(1) علل الشرايع ج 1 ص 251. (2) عيون الاخبار ج 2 ص 111. (3) اعلام الورى ص 268.

 

[30]

يسأل الله عما سوى الفريضة ؟ قال: لا (1). 12 - نهج البلاغة (2) ومشكوة الانوار: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن للقلوب إقبالا " وإدبارا " فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض (3). 13 - النهج: قال عليه السلام: لا قربة للنوافل إذا اضرت بالفرائض (4). ومنه: قال عليه السلام: قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول (5). وقال عليه السلام: إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (6). بيان: " مملول " أي يحصل الملال منه، يقال: مللت الشئ بالكسر ومللت منه أيضا " إذا سئمته، ذكره الجوهري، والحاصل أن العبادة القليلة تداوم عليها من النوافل خير من عبادة كثيرة تأتي بها أياما ثم تملها وتتركها " إذا أضرت النوافل " اي بأن تؤخرها عن أوقات فضلها أو توجب الكسل عنها، وعدم إقبال القلب عليها وربما يستدل به وبسابقه على عدم جواز النافلة لمن عليه الفريضة. 14 - النهج واعلام الدين: فيما كتب أمير المؤمنين إلى حارث الهمداني: وأطع الله في جمل (7) امورك، فان طاعة الله فاضلة على ما سواها، وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوبا " عليها من الفريضة، فانه لا بد من قضائها، وتعاهدها عند محلها، وإياك أن ينزل بك

 

(1) علل الشرايع ج 2 ص 148 في حديث. (2) نهج البلاغة تحت الرقم 312 من قسم الحكم. (3) مشكاة الانوار: 256. (4) نهج البلاغة تحت الرقم 39 من قسم الحكم. (5) نهج البلاغة تحت الرقم 278 من قسم الحكم (6) نهج البلاغة تحت الرقم 279 من قسم الحكم. (7) في المصدر " جميع أمورك ".

 

[31]

الموت وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا الخبر (1). ايضاح: في " جمل امورك " أي جميعها " وخادع نفسك " أي حملها ما ثقل عليها من الطاعات بلطف ومداراة من غير عنف، حتى تتابعك وتوافقك عليها " وخذ عفوك " اي ما فضل من أوقاتها عن ضرورياتها، لتكون ناشطة فيها، ولا تكلفها فوق طاقتها وما يشق عليها فتمل وتضجر، قال الجوهري: عفو المال ما يفضل عن النفقة. 15 - المحاسن: عن عبد الرحمن بن حماد، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تعالى: ما تحبب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه، وإنه ليتحبب إلي بالنافلة حتى احبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، إذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته، وما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في موت المؤمن: يكره الموت وأنا أكره مساءته (2). تحقيق: هذا الخبر يحتمل وجوها ": الأول أنه لكثرة تخلقه بأخلاق ربه ووفور حبه لجناب قدسه، تخلى عن شهوته وإرادته، ولا ينظر إلى ما يحبه سبحانه ولا يبطش إلا إلى ما يوصله إلى قربه تعالى وهكذا. الثاني أن يكون المراد أنه تعالى أحب إليه من سمعه وبصره ولسانه ويده ويبذل هذه الأعضاء الشريفة فيما يوجب رضاه، فالمراد بكونه سمعه أنه في حبه وإكرامه بمنزلة سمعه بل أعز منه، لأنه يبذل سمعه في رضاه وكذا البواقي. الثالث: أن يكون المعنى: كنت نور سمعه وبصره، وقوة يده ورجله ولسانه. والحاصل أنه لما استعمل نور بصره فيما يرضى ربه، أعطاه بمقتضى وعده

 

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 61 من قسم الرسائل، واعلام الدين مخطوط. (2) المحاسن: 291.

 

[32]

سبحانه " لئن شكرتم لأزيدنكم " (1) نورا من أنواره به يميز بين الحق والباطل وبه يعرف المؤمن والمنافق، كما قال الله تعالى: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " (2) وقال صلى الله عليه وآله: المؤمن ينظر بنور الله. وكذا لما بذل قوته في طاعته، أعطاه قوة فوق طاقة البشر، كما قال مولانا الأطهر " ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية " وهكذا. الرابع أنه لما خرج عن سلطان الهوى، وآثر على جميع مراداته وشهواته رضى المولى، صار الرب تبارك وتعالى متصرفا " في نفسه وبدنه، مدبرا لقلبه وعقله وجوارحه، فبه يسمع وبه يبصر وبه ينطق وبه يمشي وبه يبطش، كما ورد في تأويل قوله تعالى: " وما تشاؤن إلا أن يشاء الله " (3) وهذا معنى دقيق لا يفهمه إلا العارفون، وليس المراد به المعنى الذي باح به المبتدعون، فانه الكفر الصريح والشرك القبيح. ولقد أطنبنا الكلام في ذلك في كتاب الايمان والكفر، وبعض كتبنا الفارسية واكتفينا هنا باشارات خفية ينتفع بها أرباب الفطن الذكية، وأما قوله سبحانه " ما ترددت في شئ " فقد مضى شرحه في كتاب الجنائز وغيره. 16 - العلل: عن علي بن حاتم، عن القاسم بن محمد، عن حمدان بن الحصين عن إبراهيم بن مخلد، عن أحمد بن إبراهيم، عن محمد بن بشير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله القزويني قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام محمد بن علي الباقر: لأي علة تصلى الركعتان بعد العشاء الاخرة من قعود ؟ قال: لأن الله تبارك وتعالى فرض سبع عشر ركعة، فأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله مثليها، فصارت إحدى وخمسين ركعة، فتعدان هاتان الركعتان من جلوس بركعة (4).

 

(1) ابراهيم: 7. (2) الحجر: 75. (3) الانسان: 30: والتكوير ص 29. (4) علل الشرايع ج 2 ص 19.

 

[33]

17 البصائر: عن الحسين بن علي، عن عيسى، عن مروان، عن الحسين ابن موسى الحناط قال: خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الأحمسي حاجين، قال: وكان يقول عائذ لنا: إن لي حاجة إلى أبي عبد الله عليه السلام اريد أن أسأله عنها، قال: فدخلنا عليه فلما جلسنا قال لنا مبتدئا ": من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك، قال: فغمزنا عائذ، فلما قمنا قلنا ما حاجتك ؟ قال: الذي سمعنا منه، إني رجل لا اطيق القيام بالليل، فخفت أن أكون مأثوما " مأخوذا " به فأهلك (1). بيان: " بما افترض عليه " أي في القرآن في اليوم والليلة، أي الصلوات الخمس، أو مطلق الواجبات ويكون الغرض عدم المؤاخذة على ترك النوافل بأن يكون الراوي مع علمه بكونها نافلة مندوبة احتمل ترتب العقاب على تركها (2) وهو بعيد. 18 - المحاسن (3): عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن

 

(1) بصائر الدرجات: 239. (2) وذلك لان النوافل سنة للنبى صلى الله عليه وآله وقد قال: من رغب عن سنتى فليس منى، ومبنى الجواب على أنه لم يكن راغبا " عن سنته صلى الله عليه وآله لانه ما كان يطيق القيام لغلبة النوم عليه أو غير ذلك من العلل، بل ولو كان مطيقا " للقيام بالليل لم يكن مأثوما " لقوله صلى الله عليه وآله: السنة سنتان: سنة في فريضة الاخذ بها هدى وتركها ضلالة، وسنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة، فمن ترك القيام بالليل فقد ترك الفضل، لكونه سنة في غير فريضة. اللهم الا أن يكون تركه لاجل التهاون فيصدق عليه الرغبة عن سنته صلى الله عليه وآله، كأن يكون فارغا " من المشاغل، ويكفيه النوم في اوائل الليل، بحيث يستيقظ مرارا " أولا تأخذه النوم وهو مع ذلك لا يقوم للصلاة، بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. (3) في مطبوعة الكمبانى: المجالس، وهو سهو لم نجد الحديث فيه بعد الفحص الشديد.

 

[34]

الثمالي قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا سافر صلى ركعتين ثم ركب راحلته، و بقي مواليه يتنفلون فيقف ينتظرهم فقيل له ألا تنهاهم ؟ فقال: إني أكره أن أنهى عبدا " إذا صلى، والسنة أحب إلي (1). بيان: يحتمل أن يكون المراد (2) ابتداء السفر فالركعتان هما المستحبتان عند الخروج من البيت، أو في الطريق، فالركعتان هما المندوبتان لوداع المنزل، وعلى التقديرين فان كان الموالي يفعلون ذلك بقصد كونها سنة على الخصوص فعدم نهيه عليه السلام عنه وقوله " أحب إلي " محمولان على التقية وإلا فالأحبية لكون فعلهم موهما لذلك، لما قد مر أن الصلاة خير موضوع. 19 - المحاسن: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن بشير، عن عبد الله ابن عمرو الخثعمي، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني اصلي الزوال ستة (3) واصلي بالليل ستة عشر ركعة، فقال: إذن تخالف رسول الله إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي الزوال ثمان ركعات [وصلاة الليل ثمان ركعات] فقلت قد أعرف أن هذا هكذا

 

(1) المحاسن ص 223. (2) المراد بالحديث أنه عليه السلام كان يصلى في السفر صلاة الظهر والعصر ركعتين لا يتنفل لهما، ولكن مواليه كانوا يتنفلون على رأس الجمهور وعامة أهل المدينة، ولما كان ذلك خلاف السنة، ينحاز عنهم ويركب راحلته ويقف ناحية ينتظرهم حتى يتنفلوا ويركبوا ويلحقوا به عليه السلام، ولما قال له بعض أصحابه (ع): الا تنهاهم عن الاشتغال بالتنفل وهم مواليك لئلا يبطؤا عليك فتنتظرهم ؟ أو ألا تنهاهم عن التنفل مع أنها بدعة ؟ فقال (ع): انى أكره أن أنهى عبدا " إذا صلى، لكنى أعمل بالسنة فان السنة أحب إلى. لكنه (ع) كان يتقى بذلك عن العامة، فان المسلم عندهم أن الله عزوجل لا يعذب أحدا على كثرة صيامه وصلاته، ولكنه يعذب على ترك السنة، وهم قد تركوا بذلك سنة النبي صلى الله عليه وآله فالنار أولى لهم. (3) الظاهر " ستة عشر " بقرينة قوله " ولكني أقضى للايام الخالية " فكان يصلى الزوال ثمان ركعات وثمان ركعات قضاء وهكذا بالليل، وهذه سيرة معمولة للناس في قضاء صلواتهم الفريضة والنافلة لئلا يملوا من الاتيان بالقضاء متتابعا ".

 

[35]

ولكني أقضي للايام الخالية (1). 20 - العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الله بن علي الزراد قال: سأل أبو كهمش أبا عبد الله عليه السلام فقال: يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها ؟ فقال: لا، بل ههنا وههنا، فانها تشهد له يوم القيمة. قال الصدوق رحمه الله: يعني أن بقاع الأرض تشهد له (2). 21 - قرب الاسناد: عن عبد الله بن الحسين، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل صلى نافلة وهو جالس من غير علة ؟ كيف يحتسب صلاته ؟ قال: ركعتين بركعة (3). بيان: الخبر يدل على حكمين: الأول جواز الإتيان بالنافلة جالسا " مع القدرة على القيام، وهو المشهور بين الإصحاب، قال في المعتبر: هو إطباق العلماء وادعى في المنتهى أنه لا يعرف فيه خلافا "، وكأنهما لم يعتدا بخلاف ابن إدريس، حيث منع من الجلوس في النافلة في غير الوتيرة اختيارا "، والأخبار الكثيرة المعتبرة حجة عليه. الثاني أنه مع القدرة على القيام يستحب أن يحسب ركعتين بركعة، وإنما قلنا يستحب، لأنه ورد في بعض الروايات جواز الاكتفاء بالعدد، ومقتضى الجمع الحمل على الاستحباب. قال في الذكرى: روى الأصحاب عن محمد بن مسلم (4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا "، قال: يضعف ركعتين بركعة.

 

(1) المحاسن: 223. وما بين العلامتين ساقط عن مطبوعة الكمباني. (2) علل الشرايع ج 2 ص 32. (3) قرب الاسناد: 126 ط نجف. (4) رواه في التهذيب ج 1 ص 182.

 

[36]

وروى سدير (1) عن أبي جعفر عليه السلام ما اصلي النوافل إلا قاعدا " منذ حملت هذا اللحم. وعن أبي بصير (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عمن صلى جالسا " من غير عذر، أتكون صلاته ركعتان بركعة ؟ فقال: هي تامة لكم. وقد تضمنت الأخبار الأول احتساب الركعتين بركعة فتحمل على الاستحباب وهذا على الجواز انتهى. واقول: الظاهر أنه حمل قوله " لكم " إلى أنه خطاب لمطلق الشيعة، ويحتمل أن يكون خطابا " لأشباه أبي بصير من العميان والزمنى والمشايخ، فلا يدل على العموم، لكن ما فهموه أظهر، وقال الشيخ في المبسوط: يجوز أن تصلي النوافل جالسا " مع القدرة على القيام، وقد روي أنه يصلي بدل ركعة بركعتين وروي أنه ركعة بركعة، وهما جميعا " جائزان انتهى. وفي جواز الاستلقاء والاضطجاع فيها اختيارا " قولان أقربهما العدم، واختار العلامة في بعض كتبه الجواز حتى اكتفى باجراء القراءة والأذكار على القلب دون اللسان، واستحب تضعيف العدد في الحالة التي صلى فيها على حسب مرتبتها من القيام، فكما يحس‍ ب الجالس ركعتين بركعة يحسب المضطجع بالأيمن أربعا " بركعة وبالأيسر ثمانا "، والمستلقي ستة عشر، ولا دليل على شئ من ذلك. 22 - ثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب، عن الحسن الواسطي، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: صلاة النوافل قربان كل مؤمن (3) - 23 قرب الاسناد: بالسند المتقدم عن علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينسى ما عليه من النافلة وهو يريد أن يقضي [كيف يقضي ؟

 

(1) الكافي ج 3 ص 410. (2) رواه في التهذيب ج 1 ص 184. (3) ثواب الاعمال ص 27.

 

[37]

قال: يقضي] حتى يرى أنه قد زاد ما عليه وأتم (1). بيان: المشهور بين الأصحاب أنه يقضي حتى يغلب على ظنه الوفاء وقاسوا الفريضة عليها بالطريق الأولى، ويمكن حمل الرؤية هنا على الظن كما أنه في خبر آخر (2) تحر، وفي آخر توخ (3) وفي آخر فيمن لا يدرى ما هو من كثرتها قال: فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك (4). 24 - السرائر: نقلا " من كتاب حريز، عن ابي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث: افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم (5). 25 - كتاب جعفر بن محمد بن شريح: عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إني احب أن أدوم على العمل إذا عودته نفسي، وإن فاتني من الليل قضيته بالنهار وإن فاتني بالنهار قضيته بالليل، وإن أحب الأعمال إلى الله ماديم عليها فان الأعمال تعرض كل خميس وكل رأس شهر، وأعمال السنة تعرض في النصف من شعبان، فإذا عودت نفسك عملا فدم عليه سنة. 26 - قرب الاسناد: عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل هو في وقت صلاة الزوال أيقطعه بكلام ؟

 

(1) قرب الاسناد ص 117، وما بين العلامتين ساقط من المطبوعة. (2) عن مرازم قال: سأل اسماعيل بن جابر أبا عبد الله (ع) فقال: أصلحك الله ان على نوافل كثيرة، فكيف أصنع ؟ فقال: اقضها، فقال له: انها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قال: لا احصيها، قال: توخ، راجع الكافي ج 3 ص 451، التهذيب ج 1 ص 126 وتراه في علل الشرايع ج 2 ص 50 و 51. (3) التهذيب ج 1 ص 214. (4) التهذيب ج 1 ص ص 136، المحاسن ص 315. (5) السرائر: 471.

 

[38]

قال: نعم لا بأس (1). وسألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته ؟ قال: إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به، وإن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته، ولكن لا يعود (2) قال: وسألته عن الرجل يريد أن يقرأ مائة آية أو أكثر في نافلة فيتخوف أن يضعف ويكسل، هل يصلح له أن يقرأها وهو جالس ؟ قال: ليصل ركعتين بما أحب ثم لينصرف، فليقرأ ما بقي عليه مما أراد قراءته، فان ذلك يجزيه مكان قراءته وهو قائم، فان بداله أن يتكلم بعد التسليم من الركعتين فليقرأ فلا بأس (3). قال: وقال أخي عليه السلام: نوافلكم صدقاتكم فقدموها أنى شئتم (4). قال: وسألته عن الرجل يكون في السفر فيترك النافلة وهو مجمع أن يقضي إذا أقام هل يجزيه تأخير ذلك ؟ قال: إن كان ضعيفا " لا يستطيع القضاء أجزأه ذلك، وإن كان قويا " فلا يؤخره (5). قال: وسألته عن الرجل يصلي النافلة هل صلح له أن يصلي أربع ركعات لا يسلم بينهن ؟ قال: لا إلا أن يسلم بين كل ركعتين (6). توضيح: " أيقطعه " اي بعد التسليم من كل ركعتين لا في أثناء كل منها، فانه لا خلاف في إبطال الكلام للنافلة أيضا وقوله: " وإن كانت نافلة " يؤيد ما ذهب إليه بعض الاصحاب من عدم وجوب الاستقبال في النافلة مطلقا وأما أكثر الأصحاب

 

(1) قرب الاسناد ص 119. (2) قرب الاسناد: 126. (3) قرب الاسناد ص 126 و 127. (4) قرب الاسناد ص 127. (5) قرب الاسناد ص 130. (6) قرب الاسناد ص 118.

 

[39]

القائلون بلزومه فيها لم يفرقوا في الالتفات المبطل بين الفريضة والنافلة، وإن كان القول بالفرق غير بعيد. قوله: " ليصل ركعتين " يدل على أن الاختصار في القراءة قائما " أفضل من التطويل، مع كون بعضها جالسا " إذا قرأ ما أراد بعد الصلاة، وأنه لا يضر توسط الكلام بين الصلاة والقراءة في ذلك " فقدموها " يدل على جواز تقديم النوافل مطلقا " كما يدل عليه غيره، وحملها في التهذيب على الضرورة والمشهور عدم الجواز إلا فيما استثنى تأخير ذلك أي ترك القضاء. " إلا أن يسلم " يدل على عدم جواز النافلة أزيد من ركعتين بسلام، إلا ما استثني، والأخبار المعارضة لذلك أكثرها ضعيفة، والأحوط عدم الاتيان بها، وإن كان صلاة الأعرابي، فانها ايضا " كذلك كما ستعرف، والحكم بكون جميع النوافل ركعتين بتشهد وتسليم ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن إدريس والمحقق وجمهور المتأخرين، ولا خلاف في استثناء الوتر، واستثنى جماعة صلاة الأعرابي حسب مع ورود صلوات كثيرة في كتب العبادات كذلك واشتراك صلاة الأعرابي معها في ضعف السند، وسيأتي الكلام فيها. 27 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن قاسم بن يحيى، عن جده الحسن، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يصلي الرجل نافلة في وقت فريضة، إلا من عذر، ولكن يقضي بعد ذلك إذا أمكنه القضاء، قال الله تبارك وتعالى " الذين هم على صلوتهم دائمون " (1) يعني الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار، وما فاتهم من النهار بالليل لا تقضي النافلة في وقت فريضة ابدء بالفريضة ثم صل ما بدالك (2). 28 - قرب الاسناد: عن محمد بن الوليد، عن عبد الله بن بكير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة قاعدا " أو يتوكأ على عصا " أو على حائط فقال: ما شأن أبيك

 

(1) المعارج، 23. (2) الخصال ج 2 ص 156.

 

[40]

وشأن هذا ؟ ما بلغ أبوك هذا بعد، إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ما عظم - أو بعد ما ثقل - كان يصلي وهو قائم، ورفع أحد رجليه حتى أنزل الله تبارك وتعالى " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ". ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لا باس بالصلاة وهو قاعد وهو على نصف صلاة القائم، ولا بأس بالتوكى على عصا والاتكاء على الحائط، قال: ولكن يقرء وهو قاعد، فإذا بقيت آيات قام فقرأهن ثم ركع (1) بيان: يدل على أنه علم بنور الامامة أن السؤال كان لوالده، فلذا تعرض له، ولعله كان تحمل ما هو أشق في الصلاة مطلوبا "، والقيام على إحدى الرجلين فيها جائزا " فنسخا، وأما القراءة جالسا وإبقاء شئ من القراءة ليقرأها قائما ثم يركع عن قراءة، فمما ذكر الأصحاب استحبابه ودلت عليه الاخبار. 29 - قرب الاسناد: عن محمد بن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تبوك وكان يصلي على راحلته [صلاة الليل حيثما توجهت به ويؤمئ إيماء (2). ومنه: عن الحسن بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أوتر على راحلته في غزاة تبوك. قال: وكان علي عليه السلام يوتر على راحلته (3)] إذا جد به السير (4). 30 - العلل: عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقرء السجدة وهو على ظهر دابته، قال: يسجد حيث توجهت به، فان

 

(1) قرب الاسناد ص 104 ط نجف ص 80 ط حجر. (2) قر ب الاسناد ص 13 ط نجف. (3) ما بين العلامتين ساقط عن المطبوعة (ط أمين الضرب) اضفناه من المصدر بقرينة صدر الحديث الاول وذيل الثاني، راجع ج 84 ص 96. (4) قرب الاسناد ص 73 ط نجف.

 

[41]

رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي على ناقته وهو مستقبل المدينة، يقول الله عزوجل " فأينما تولوا فثم وجه الله " (1). العياشي: عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام مثله (2). بيان: محمول على النافلة، ولا خلاف في جوازها على الراحلة، وقد مر الكلام في تلك الأخبار مفصلا " في باب القبلة وباب الاستقرار (3). 31 - مجالس ابن الشيخ: عن ابن بسران عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن محمد بن صالح الأنماطي، عن أبي صالح الفرا، عن ابي إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن عمرو ابن دينار، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي على راحلته حيث توجهت به (4). 32 - العلل: عن أبيه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد وابن ابي نجران، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل مرض فتوحش فترك النافلة، فقال: يا محمد إنها ليست بفريضة إن قضاها فهو خير له، وإن لم يفعل فلا شئ عليه (5). ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن مرازم قال: سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله عليه السلام فقال: أصلحك الله إن علي نوافل كثيرة فكيف اصنع ؟ فقال: اقضها، فقال له: إنها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قال لا احصيها، قال: توخ، قال مرازم: فكنت مرضت أربعة أشهر ولم اصل نافلة فقال: ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح كلما غلبت عليه فالله أولى بالعذر فيه (6).

 

(1) علل الشرايع ج 2 ص 47 و 48 والاية في البقرة: 115. (2) تفسير العياشي ج 1 ص 57. (3) راجع ج 84 ص 70 و 100. (4) أمالى الطوسى ج 2 ص 13. (5) علل الشرايع ج 2 ص 50. (6) علل الشرايع ج 2 ص 50 - 51.

 

[42]

بيان: قال في المنتهى: يستحب قضاء النوافل المرتبة مع الفوائت، وعليه فتوى علمائنا، ولو فاتته نوافل كثيرة لا يعلمها صلى إلى أن يغلب على ظنه الوفاء، كالواجب، ولو فاتت لمرض لم يتأكد استحباب القضاء (1) انتهى.

 

(1) ضابطة الباب أن القضاء يتبع حال الاداء، أما الفرائض فلما كانت على المؤمنين كتابا " موقوتا " تجب حال الاختيار والاضطرار، كانت قضاؤها واجبا " بالامر الاول على أي حال كان - على ما مر في ج 82 ص 313، وأما النوافل، فلما كان الاخذ بها فضيلة رغبة في ثواب الله والدار الاخرة، فالمكلف فيها على احدى خصال: 1 - حالة فراغ ونشاط في اقبال قلب، يتأكد عليه أداء النوافل على حد سائر السنن والا لكان في تركها رغبة عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وقد قال " من رغب عن سنتى فليس منى " فلو تركها متهاونا " بها لوجب عليه أن يستغفر الله ويتأكد عليه أن يؤديها قضاء خارج الوقت كما كان حال الاداء. 2 - حالة شغل وهم سلب نشاطه وفراغه واقبال قلبه بحيث إذا اطاق نفسه باتيان النوافل كان ثقيلا عليها، فاللازم عليه مصلحة لنفسه أن يتركها، لقوله صلى الله عليه وآله " لا تكرهوا إلى انفسكم العبادة فتكونوا كالراكب المنبت الذي لا سفرا " قطع ولا ظهرا " ابقى " الا أنه يأتي بها قضاء في ظرف آخر ليس له شغل ولا هم في اقبال قلب ونشاط: ويتأكد عليه القضاء، إذا كان عروض الهم والشغل له بسوء اختياره كالاشتغال بما لا ينبغي من مشاغل الدنيا وادخار زخرفها الدنية أو اللهو واللعب وامثاله، ولا يتأكد عليه القضاء إذا كان في ظرف الاداء مشتغلا بعبادة اخرى اهم تفوت وقتها كتمريض اخوانه والاهتمام في قضاء حاجة أخيه المؤمن وغير ذلك من محاب الله عزوجل. 3 - حال مرض أو اغماء أو غير ذلك من الموانع التى تمنعه من الاتيان بالنوافل قهرا " أو يذهب بنشاطه واقبال قلبه طبعا، ولما كان عروض ذلك من غلبة الله عليه بمشيئته كان القضاء أيضا ساقطا " عنه كما في حال الاداء: ولعل الله عزوجل يثيبه أكثر من ثواب النافلة لما قد كتب على نفسه الرحمة، وسيجئ ما يدل على ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام. 4 - حال السفر الذي من الله على عباده بوضع الركعات المسنونة الداخلة في الفرض -

 

[43]

33 - تفسير علي بن ابراهيم: عن ابيه، عن صالح بن عقبة، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك ربما فاتتني صلاة الليل الشهر والشهرين والثلاثة فأقضيها بالنهار، أيجوز ذلك ؟ قال: قرة عين لك والله - ثلاثا " - إن الله يقول: " وهو الذي جعل الليل والنهار " (1) الآية فهو قضاء صلاة النهار بالليل وقضاء صلاة الليل بالنهار، وهو من سر آل محمد المكنون (2). 34 - المحاسن: عن ابن محبوب، عن الحسين بن صالح بن حي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فأتم ركوعها وسجودها ثم جلس فأثنى على الله وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سال الله حاجته، فقد طلب الخير في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب (3). ومنه: عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الرب ليعجب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النافلة، فيقول: انظروا إلى عبدي يقضي ما لم افترض عليه (4). ومنه: عن أبي سمينة، عن محمد بن أسلم، عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام في رجل عليه من النوافل ما لا يدري كم هو لكثرته ؟ قال: يصلي

 

وهي الاخريان من كل رباعية فيتبعها نوافلها المسنونة الخارجة عن الفرض بطريق أولى، فلو أراد المكلف أن يأتي بالنوافل حال السفر اداء، كان ردا " لمنه تعالى ونقضا " لما استصلحه من مرافق السفر، وهو قبيح بل حرام لاستلزامه التهاون بجلاله وعزه واستحقارا " لمنه، ولما لم يكن لها حال اداء لم يكن لها قضاء بالتبع، واما نافلة العشاء فسيجئ الكلام فيه. (1) الفرقان: 62. (2) تفسير القمى ص 467. (3) المحاسن ص 52 تحت عنوان " ثواب صلاة النوافل " ولذلك تبعه المؤلف العلامة فأدرج الحديث في الباب، وعندي أن المراد بالركعتين ركعتا صلاة الحاجة، لا النافلة. (4) المحاسن ص 52 - 53.

 

[44]

حتى لا يدري كم صلى من كثرته، فيكون قد قضى بقدر ما عليه من ذلك، قلت: فانه لا يقدر على القضاء من شغله، قال: إن شغل في معيشة لا بد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه (1) وإن كان شغله لجمع الدنيا فتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء، وإلا لقي الله وهو مستخف متهاون مضيع لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله قلت: فانه لا يقدر على القضاء، فهل يصلح له أن يتصدق ؟ فسكت مليا ثم قال: نعم فليتصدق بقدر طوله، وادنى ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة، قلت: وكم الصلاة التي يجب عليه فيها مد لكل مسكين ؟ قال: لكل ركعتين من صلاة الليل والنهار، قلت: لا يقدر، قال: فمد إذا لكل صلاة الليل، ومد لصلاة النهار والصلاة أفضل (2). بيان: هذا الخبر رواه الصدوق في الفقيه (3) بسنده الصحيح عن ابن سنان و الكليني (4) والشيخ أيضا بسنديهما، وفيما رووه " قال لكل ركعتين من صلاة الليل ولكل ركعتين من صلاة النهار، فقلت: لا يقدر، فقال: مد إذا لكل أربع ركعات، فقلت: لا يقدر، قال: فمد إذا لصلاة الليل، ومد لصلاة النهار، والصلاة أفضل " (5). وقال أكثر الاصحاب: يتصدق عن كل ركعتين بمد، فان عجز فعن كل يوم، والصواب العمل بمدلول الرواية، كما فعله الشهيد - ره - في النفلية وغيرها. 35 - المحاسن: عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن الحلبي

 

(1) ومثله ما إذا كان يمرض أحدا " من اخوانه أو اقربائه. (2) المحاسن ص 315. (3) الفقيه ج 2 ص 359. (4) الكافي ج 3 ص 454. (5) التهذيب ج 1 ص 136.

 

[45]

وأبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تخفيف الفريضة وتطويل النافلة من العبادة (1). 36 - العياشي: قال زرارة قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الصلاة في السفر والمحمل سواء ؟ قال: النافلة كلها سواء، تومي إيماء أينما توجهت دابتك وسفينتك، والفريضة تنزل لها عن المحمل إلى الأرض إلا من خوف، فان خفت أومأت، وأما السفينة فصل فيها قائما " وتوخ القبلة بجهدك، فان نوحا " قد صلى الفريضة فيها قائما " متوجها " إلى القبلة وهي مطبقة عليهم، قال: قلت: وما كان علمه بالقبلة فيتوجهها وهي مطبقة عليهم ؟ قال: كان جبرئيل يقومه نحوها قال: قلت فأتوجه نحوها في كل تكبيرة ؟ قال: أما في النافلة فلا إن ما تكبر في النافلة على غير القبلة أكثر، ثم قال: كل ذلك قبلة للمتنفل إنه قال: " وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " (2) يعني في الفريضة، وقال في النافلة " فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم " (3). 37 - المختار: من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان عن الحسين بن المختار، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي وهو يمشي تطوعا "، قال: نعم، قال أحمد بن محمد بن ابي نصر: وسمعته أنا من الحسين بن المختار. 38 - كتاب المسائل: لعلي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينسى صلاة الليل فيذكر إذا قام في صلاة الزوال كيف يصنع ؟ قال: يبدء بالزوال فإذا صلى الظهر قضى صلاة الليل والوتر ما بينه وبين العصر ومتى ما أحب (4). بيان: يدل على جواز قضاء النوافل في أوقات الفرائض، ويمكن حمله على ما إذا لم يدخل وقت فضيلة الفريضة. 39 - مجالس الشيخ (5) وجامع الورام (6) ومكارم الاخلاق: بأسانيدهم

 

(1) المحاسن ص 324. (2) البقرة: 144. (3) تفسير العياشي ج 1 ص 56، والاية الاخيرة في البقرة: 115. (4) المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 282، ورواه في قرب الاسناد ص 122. (5) أمالى الطوسى ج 2 ص 147 و 148. (6) تنبيه الخواطر ج 2 ص 60.

 

[46]

إلى أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته له: يا أبا ذر ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل ينزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم. يا أبا ذر ما من رواح ولا صباح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا ": يا جارة هل مر عليك اليوم ذاكر لله، أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا " لله تعالى، فمن قائلة لا، ومن قائلة نعم، فإذا قالت نعم اهتزت وانشرحت، وترى أن لها الفضل على جارتها (1). 40 - تأويل الايات الظاهرة: نقلا " من كتاب محمد بن العباس بن ماه يار، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن هاشم الصيداوي عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا وعليه تبعة، قلت: جعلت فداك وما التبعة ؟ قال: من الاحدي والخمسين ركعة، ومن صوم ثلاثة ايام من الشهر، فإذا كان يوم القيامة، خرجوا من قبورهم ووجوههم مثل القمر ليلة البدر إلى آخر ما مر في كتاب الامامة (2). ومنه: باسناده عن الصدوق، عن محمد بن الفضيل، عن ابي الحسن الماضي في قوله عزوجل: " إلا المصلين الذين هم على صلوتهم دائمون " (3) قال اولئك والله اصحاب الخمسين من شيعتنا، قال: قلت: " والذين هم على صلوتهم يحافظون " (4) قال: اولئك أصحاب الخمس صلوات من شيعتنا، قال: قلت: " واصحاب اليمين " (5) قال: هم والله من شيعتنا.

 

(1) مكارم الاخلاق ص 546. (2) كنز الفوائد ص 359، راجع ج 24 ص 261. (3) المعارج: 23. (4) المعارج: 34. (5) الواقعة: 27.

 

[47]

41 - مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن أبي بكر المفيد الجرجرائي، عن ابي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بعد كل صلاة ركعتين (1). بيان: يشكل هذا في الصبح والعصر، ويمكن القول بنسخه، أو بأنه كان من خصائصه صلى الله عليه وآله أو محمول على التقية لما رواه مسلم من العامة وغيره عن عائشة (2) قالت: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتين بعد العصر عندي، وقال بعض العامة: إنه كان مخصوصا " به، وقال بعضهم: إنه صلى الله عليه وآله شغل عن الركعتين بعد الظهر فقضاهما بعد العصر، ثم اثبته إذ كان حكمه أن يداوم (3) على ما فعله مرة، مع أن أخبار أبي الدنيا غير معتبرة، وإنما أوردها الأصحاب للغرابة من جهة علو الاسناد. 42 - الدرة الباهرة من الاصداف الطاهرة، وأعلام الدين للديلمي قال الصادق عليه السلام: إن القلب يحيى ويموت، فإذا حي فأدبه بالتطوع، وإذا مات فاقصره على الفرائض (4). 43 - اعلام الدين: قال الرضا عليه السلام: إن للقلوب إقبالا " وإدبارا " - أو نشاطا " و فتورا " فإذا أقبلت بصرت وفهمت، وإذا أدبرت كلت وملت، فخذوها عند إقبالها ونشاطها واتركوها عند إدبارها.

 

(1) لا يوجد في الامالى المطبوع. (2) رواه في مشكاة المصابيح ص 105 وقال متفق عليه. (3) قيل: هاتان الركعتان ركعتا سنة الظهر فاتتا منه صلى الله عليه وآله بسبب الوفود فقضاهما بعد العصر، كما جاء في حديث أم سلمة، وروى أنه شغله قسمة مال أتاه، ثم داوم عليها لما كان من عادته الشريفة إذا صلى صلاة أثبتها، وعدهما بعضهم من خصائصه صلى الله عليه وآله وقد جاء الاحاديث بطرق متعددة مصرحة أنهما كانتا راتبة العصر، ولم يكن بسبب عارض. وبالجملة الاخبار والاثار في النهى عن الصلاة بعد العصر كثيرة، وعليه الجمهور، فالاحسن ان يقال انهما من خصائصه صلى الله عليه وآله. (4) الدرة الباهرة واعلام الدين مخطوط.

 

[48]

وقال الحسن بن علي العسكري عليه السلام: إن للقلوب إقبالا " وإدبارا "، فإذا أقبلت فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقصروها على الفرائض (1). 44 - دعائم الاسلام: روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: لا تصل نافلة وعليك فريضة قد فاتتك، حتى تؤدي الفريضة (2). وقال أبو جعفر عليه السلام: إن الله لا يقبل نافلة إلا بعد أداء الفرائض، فقال له رجل: وكيف ذلك جعلت فداك ؟ قال: أرأيت إن كان عليك يوم من شهر رمضان أكان لك أن تتطوع حتى تقضيه ؟ قال: لا، قال فكذلك الصلاة (3). قال مؤلف الدعائم: وهذا في الفوائت أو في آخر وقت الصلاة إذا كان المصلي إذا بدأ بالنافلة فاته وقت الصلاة فعليه أن يبتدئ بالفريضة، فأما إن كان في اول الوقت بحيث يبلغ أن يصلي النافلة ثم يدرك الفريضة في وقتها فانه يصليها (4). ومنه: عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن آبائه، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل في بعض اسفاره بواد فبات به فقال من يكلانا الليل ؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله، فنام ونام الناس جميعا " فما أيقظهم إلا حر الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا يا بلال ؟ فقال: أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: تنحوا من هذا الوادي الذي أصابتكم فيه هذه الغفلة، فانكم نمتم بوادي شيطان، ثم توضأ وتوضأ الناس، وأمر بلالا " ثم أذن وصلى ركعتي الفجر ثم أقام وصلى الفجر (5) ومنه: عن جعفر بن محمد عليهما السلام في قول الله عزوجل: " الذين هم على صلواتهم دائمون " قال: هذا في التطوع، من حافظ عليه وقضى ما فاته منه (6). وقال: كان علي بن الحسين عليه السلام يفعل ذلك، يقضي بالنهار ما فاته بالليل وبالليل ما فاته بالنهار (7).

 

(1) الدرة الباهرة واعلام الدين مخطوط. (3 - 4) دعائم الاسلام ج 1 ص 140. (5) دعائم الاسلام ج 1 ص 141. (6 و 7) دعائم الاسلام ج 1 ص 212.

 

[49]

وعنه عليه السلام قال: من عملا عملا " من أعمال الخير فليدم عليه سنة ولا يقطعه دونها شئ (1). قال المؤلف: ما أظنه أراد بهذا أن يقطع بعد السنة، ولكنه أراد أن يدرب الناس على عمل الخير ويعودهم إياه، لأن من داوم عملا " سنة لم يقطعه، لأنه يصير حينئذ عادة، وقد جربنا هذا في كثير من الأشياء فوجدناه كذلك (2). أقول: وإن كان الأمر غالبا " كما ذكره، لكن لا ضرورة إلى هذا التكلف، ولا حجر في ترك المستحبات والنوافل. 45 - فلاح السائل: باسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري عن آخرين قالوا: أخبرنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمد ابن علي، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم الاحمر، عن أبي الحسن العبدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قرأ قل هو الله أحد وإنا أنزلناه في ليلة القدر وآية الكرسي في كل ركعة من تطوعه، فقد فتح له بأعظم أعمال الآدميين، إلا من أشبهه أو من زاد عليه (3). فائدة: نذكر فيها ما يفهم من الأخبار والأصحاب من الفرق في الأحكام بين الفريضة والنافلة. الأول: جواز الجلوس فيها اختيارا " على المشهور كما عرفت. الثاني: عدم وجوب السورة فيها إجماعا "، بخلاف الفريضة فانه قد قيل فيها بالوجوب. الثالث: جواز القران فيها إجماعا " بخلاف الفريضة فانه ذهب جماعة كثيرة إلى عدم الجواز. الرابع: جواز فعلها راكبا " وماشيا " اختيارا " على التفصيل المتقدم بخلاف الفريضة كما عرفت.

 

(1 - 2) دعائم الاسلام ج 1 ص 214. (3) فلاح السائل ص 127 - 128.

 

[50]

الخامس: أن الشك بين الواحد والاثنين في الفريضة يوجب البطلان، بخلاف النافلة فانه يبنى على الأقل كما هو ظاهر اكثر الروايات أو يتخير بين البناء على الأقل أو الأكثر كما هو المشهور. السادس: أن الشك في الزايد على الاثنين يوجب صلاة الاحتياط في الفريضة، بخلاف النافلة فانه يبنى على الأقل أو هو مخير. السابع: لو عرض في النافلة ما لو عرض في الفريضة لأوجب سجدة السهو، لا يوجبها فيها، كالكلام إذ المتبادر من الأخبار الواردة في ذلك الفريضة. الثامن: أن زيادة الركن سهوا " في النافلة لا يوجب البطلان بخلاف الفريضة، وقد صرح بذلك العلامة في المنتهى والشهيد في الدروس قال في المنتهى: لو قام إلى الثالثة في النافلة فركع ساهيا " أسقط الركوع وجلس وتشهد، وقال مالك: يتمها أربعا " ويسجد للسهو، ثم قال: ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح (1) عن عبيدالله الحلبي قال: سألته عن رجل سهى في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتى قام فركع في الثالثة ؟ قال: يدع ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم ويستأنف الصلاة، وأقول لا يتوهم أن استيناف الصلاة أراد به استيناف الركعتين المتقدمتين إذ لم يحتج حينئذ إلى التشهد والسلام، بل المراد استيناف ما شرع فيه من الركعتين الأخيرتين وروى الحسن (2) الصيقل في الوتر أيضا " مثل ذلك وقال في آخره: ليس النافلة مثل الفريضة. التاسع: أن نقصان الركن في الفريضة اي تركه إلى أن يدخل في ركن آخر يوجب البطلان على المشهور من عدم التلفيق، وفي النافلة يرجع ويأتي به، وإن دخل في ركن آخر، لأن الأصحاب حملوا أحاديث التلفيق على النافلة، فيدل على قولهم بالفرق في ذلك. العاشر: ذهب ابن أبي عقيل إلى عدم وجوب الفاتحة في النافلة، فهو أحد الفروق على قوله لكنه ضعيف.

 

(1) التهذيب ج 1 ص 189. (2) التهذيب ج 1 ص 231 و 189 ط حجر ج 2 ص 189 و 336 ط نجف.

 

[51]

الحادى عشر: ذهب العلامة إلى عدم وجوب الاعتدال في رفع الرأس من الركوع والسجود في النافلة، بل جواز ترك كل ما لم يكن ركنا " في الفريضة، وقد يستدل على ذلك بما مر نقلا عن السرائر (1) وقرب الاسناد (2) عن موسى بن جعفر والرضا عليهما الصلاة والسلام قال: سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الأرض بل يسجد الثانية، هل يصلح له ذلك ؟ قال: ذلك نقص في الصلاة. بحمله على النافلة ولا صراحة فيه. الثاني عشر: جواز قراءة السجدة (3) في النافلة وعدمه في الفريضة. الثالث عشر: الاتيان بسجود التلاوة في النافلة، وعدمها في الفريضة كما مر. الرابع عشر: جواز إيقاع النافلة في الكعبة وعدمه في الفريضة على أحد القولين. الخامس عشر: لزوم رفع شئ والسجود عليه إذا صلى الفريضة على الدابة وفي النافلة يكفيه الايماء كما دل عليه صحيحة عبد الرحمان بن ابي عبد الله (4) وغيرها وقد تقدم القول فيه. السادس عشر: جواز القراءة في المصحف في النافلة وعدمه في الفريضة على قول جماعة. السابع عشر: استحباب إيقاع الفريضة في المسجد وعدمه في النافلة على المشهور وقد مر بعض ذلك، وسيأتي بعضه.

 

(1) السرائر ص 469. (2) قرب الاسناد ص 96 ط حجر ص 126 ط نجف. (3) يعنى آية سجدة التلاوة. (4) التهذيب ج 1 ص 340، راجع ج 84 ص 91.

 

[52]

2 - (باب) * " نوافل الزوال وتعقيبها وادعية الزوال " * 1 - قرب الاسناد: عن الحسن بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن علي عليهم السلام أنه كان يقول: إذا زالت الشمس عن كبد السماء فمن صلى تلك الساعة أربع ركعات فقد وافق صلاة الأوابين وذلك بعد نصف النهار (1). 2 - العلل: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن إسحاق، عن إسماعيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتدري لم جعل الذراع والذراعان ؟ قلت: لا قال: حتى لا يكون تطوع في وقت مكتوبة (2). اقول: قد مضى مثله في باب وقت الظهرين (3). 3 - العيون: عن تميم بن عبد الله القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن رجاء بن أبي الضحاك قال: كان الرضا عليه السلام في طريق خراسان إذا زالت الشمس جدد وضوءه وقام وصلى ست ركعات: يقرء في الركعة الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، وفي الاربع في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد، ويسلم في كل ركعتين ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع بعد القراءة، ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر، فإذا سلم سبح الله و حمده وكبره وهلله ما شاء الله، ثم سجد سجدة الشكر يقول: فيها مائة مرة

 

(1) قرب الاسناد ص 55 ط حجر، 73 ط نجف. (2) علل الشرايع ج 2 ص 38. (3) راجع ج 83 ص 30.

 

[53]

شكرا " لله (1). 4 - المحاسن: عن ابن فضال، عن عنبسة، عن هشام، عن عبد الكريم بن عمر، عن الحكم بن محمد بن القاسم، عن عبد الله بن عطا قال: ركبت مع ابي جعفر عليه السلام وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا "، قلت: الصلاة جعلني الله فداك، قال: هذا أرض وادي النمل لا نصلي فيها، حتى إذا بلغنا موضعا " آخر، قلت له: مثل ذلك، فقال: هذه الأرض مالحة لا نصلي فيها، قال: حتى نزل هو من قبل نفسه، فقال لي: صليت - أم تصلي - سبحتك ؟ قلت: هذه صلاة يسميها أهل العراق الزوال، فقال: هؤلاء الذين يصلون هم شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام، وهي صلاة الأوابين، فصلى وصليت (2). العياشي: عن عبد الله بن عطا مثله (3) إلى قوله فنزل ونزلت فقال: يا ابن عطا أتيت العراق فرأيت القوم يصلون بين تلك السواري في مسجد الكوفة ؟ قال: قلت: نعم، فقال: اولئك شيعة أبي علي هذه صلاة الأوابين، إن الله يقول: " إنه كان للأوابين غفورا " " (4). أقول: تمام الخبرين في باب آداب الركوب (5). 5 - مجالس المفيد: باسناده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صل صلاة الزوال فانها صلاة الاوابين، وأكثر من التطوع يحبك الحفظة (6).

 

(1) عيون الاخبار ج 2 ص 180. (2) المحاسن ص 352. (3) تفسير العياشي ج 2 ص 285، ورواه الكشى في رجاله ص 188، الكافي ج 8 ص 276. (4) أسرى: 25. (5) راجع ج 76 ص 297، وقد مر في ج 83 ص 321 أيضا باب المواضع التى نهى عن الصلاة فيها. (6) أمالى المفيد ص 46 في حديث.

 

[54]

6 - السرائر: نقلا من نوادر ابي نصر البزنطي، عن عبد الله بن عجلان قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا كنت شاكا " في الزوال فصل ركعتين، فإذا استيقنت أنها قد زالت بدأت بالفريضة (1). بيان: محمول على يوم الجمعة كما سيأتي الأخبار فيه. 7 - فلاح السائل: وقت الزوال موضع خاص لاجابة الدعاء والابتهال، وروينا باسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري باسناده إلى عبد الله بن حماد الأنصاري عن الصادق عليه السلام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان، وقضيت الحوائج العظام، فقلت من اي وقت إلى أي وقت ؟ فقال: مقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسلا " (2). أقول: ومما رويناه (3) عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن عبد الله بن العلا المذاري، عن سهل بن زياد الآدمي، عن علي بن حسان، عن زياد بن النوار، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن ركود الشمس عند الزوال، فقال: يا محمد ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك، وإنك لأهل للجواب - في حديث طويل حذفناه - ثم قال: يبلغ شعاعها تخوم العرش فتنادي الملائكة لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ". قال: فقلت: جعلت فداك احافظ على هذا الكلام عند الزوال ؟ قال: نعم حافظ عليه كما تحافظ على عينيك، فلا تزال الملائكة تسبح الله في ذلك الجو بهذا التسبيح حتى تغيب (4).

 

(1) السرائر ص 465. (2) فلاح السائل ص 95 و 96. (3) في المصدر: وروى أبو محمد هارون بن موسى. (4) فلاح السائل ص 96.

 

[55]

بيان: رواه الصدوق في الفقيه (1) بسنده إلى محمد بن مسلم وفيه الدعاء هكذا سبحان الله ولا إله إلا الله والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا " إلى آخره وفي المصباح (2) والبلد الأمين (3) وغيرهما كما في المتن. 8 - فلاح السائل: ومما رويناه باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما يرويه محمد بن علي بن محبوب ورأيته بخط جدي أبي جعفر الطوسي في كتاب نوادر التصنيف باسناده عن ابن اذينة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وأبواب الجنان واستجيب الدعاء فطوبى لمن رفع له عمل صالح (4). ورويناه أيضا باسنادنا إلى الحسين بن سعيد من كتابه كتاب الصلاة (5). أربعين الشهيد: باسناده إلى الشيخ عن أبي الحسين بن أحمد القمي، عن محمد ابن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عنه عليه السلام مثله (6). 9 - فلاح السائل: ومن كتاب جعفر بن مالك عن أبي جعفر عليه السلام إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء وهبت الرياح وقضي فيها الحوائج الكبار (7). وقال محمد بن مروان: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا كانت لك إلى الله حاجة فاطلبها إلى الله في هذه الساعة، يعني زوال الشمس (8). ومما يقال عند الزوال من الابتهال ما رويناه عن جدي أبي جعفر الطوسي مما ذكره في المصباح الكبير وهو من أدعية السر: اللهم ربنا لك الحمد جملته وتفسيره

 

(1) الفقيه ج 1 ص 145. (2) مصباح الشيخ ص 23. (3) البلد الامين ص 6. (4 و 5) فلاح السائل ص 96. (6) تراه في أمالى الصدوق ص 343. (7 و 8) فلاح السائل ص 97.

 

[56]

كما استحمدت به إلى أهله الذين خلقتهم له وألهمتهم ذلك الحمد كله، اللهم ربنا لك الحمد كما جعلت رضاك عمن بالحمد رضيت عنه ليشكر ما به من نعمتك، اللهم ربنا لك الحمد كله كما رضيت به لنفسك وقضيت به على عبادك حمدا " مرغوبا " فيه عند أهل الخوف منك لمهابتك، مرهوبا " عند أهل العزة بك لسطوتك، ومشكورا " عند أهل الانعام منك لانعامك. سبحانك ربنا متكبرا " في منزلة تدهدهت أبصار الناظرين، وتحيرت عقولهم عن بلوغ علم جلالها، تباركت في العلا، وتقدست في الآلاء التي أنت فيها يا أهل الكبرياء والجود، لا إله إلا أنت الكبير المتعال، للفناء خلقتنا وأنت الكائن للبقاء، فلا تفنى ولا نبقى وأنت العالم بنا ونحن أهل الغرة بك والغفلة عن شأنك، وأنت الذي لا تغفل، ولا تأخذك سنة ولا نوم، بحقك يا سيدي صل على محمد وآله، وأجرني من تحويل ما أنعمت به علي في الدين والدنيا يا كريم. روى صاحب الحديث قال النبي صلى الله عليه وآله عن الله تعالى: إنه إذا قال العبد ذلك كفيته كل الذي أكفي عبادي الصالحين، وصفحت له برضاي عنه وجعلته لي وليا " (1). بيان: رواه الشيخ في المصباح (2) والكفعمي (3) وابن الباقي، وفي رواية الكفعمي: يا محمد من أحب امتك رحمتي وبركتي ورضواني وتعطفي وقبولي وولايتي و إجابتي فليقل.. وذكر الدعاء (4) ثم قال: فانه إذا قال ذلك كفيته كل الذي أكفي عبادي الصالحين الحامدين الشاكرين، وسيأتي بسنده في أدعية السر (5). وقال الجوهري: دهدهت الحجر فتدهده: دحرجته فتدحرج، وفي بعض النسخ

 

(1) ذكره في الفصل الحادى والاربعين من فلاح السائل ولم يطبع الا ثلاثون بابا منه. (2) مصباح الشيخ ص 22. (3) البلد الامين ص 6 و 7. (4) البلد الامين ص 511 و 512. (5) راجع ج 95 ص 318.

 

[57]

تذبذبت أي تحركت. 10 - مصباح الشيخ وغيره: ويستحب أن يقول ايضا " لا إله إلا الله والله أكبر معظما " مقدسا " موقرا " كبيرا "، والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا "، الله أكبر أهل الكبرياء والعظمة والحمد والمجد والثناء والتصديق، ولا إله إلا الله والله أكبر لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا " أحد، الله أكبر لا شريك له في تكبيري إياه بل مخلصا " له الدين، وجهت وجهي للكبير المتعال رب العالمين، وأعوذ بالله العظيم من شر طوارق الجن ووساوسهم وحيلهم وكيدهم وحسدهم ومكرهم، وباسمك اللهم لا شريك لك، لك العزة والسلطان والجلال والاكرام، صل على محمد وآل محمد، واهدني سبل الاسلام، وأقبل علي بوجهك الكريم ". ويستحب أيضا أن يقرأ عند الزوال - عشر مرات - إنا أنزلناه، وبعد الثماني الركعات إحدى وعشرين مرة (1). 11 - فلاح السائل: وروى الكليني (2) باسناده عن مولانا علي عليه السلام قال: صلاة الزوال صلاة الأوابين (3). وروى الحسن بن محبوب، عن العلا، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: الاستخارة في كل ركعة من الزوال (4). وروينا هذه الرواية باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي باسناده إلى الحسين ابن سعيد فيما ذكره في كتاب الصلاة (5). وبالاسناد إلى هارون بن موسى، عن جعفر بن محمد بن مسرور، عن الحسين بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن ابيه، عن أبي داود المسترق، عن محسن بن أحمد، عن يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ في صلاة الزوال في الركعتين الاوليين

 

(1) مصباح الشيخ ص 23 و 24. (2) تراه في الكافي ج 3 ص 444. (4 - 5) فلاح السائل ص 124.

 

[58]

بالاخلاص وسورة الجحد، والثالثة بقل هو الله أحد وآية الكرسي، وفي الرابعة بقل هو الله أحد وآخر البقرة، وفي الخامسة بقل هو الله أحد والآيات التي في آخر آل عمران " إن في خلق السموات والأرض " وفي السادسة بقل هو الله أحد وآية السخرة وهي ثلاث آيات من الاعراف " إن ربكم الله " (1) وفي السابعة بقل هو الله أحد والآيات التي في الانعام " وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم " (2) وفي الثامنة بقل هو الله أحد وآخر الحشر " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " إلى آخرها. فإذا فرغت فقل - سبع مرات - " اللهم مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلبي على دينك، ودين نبيك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وأجرني من النار برحمتك " (3). 12 - مصباح الشيخ: قال: يقرء بعد التكبيرات الافتتاحية الحمد وسورة مما يختارها من المفصل. وروي أنه يستحب أن يقرء في الأولة من نوافل الزوال الحمد وقل هو الله أحد، و في الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الباقي ما شاء. وروي في الثالثة قل هو الله أحد وآية الكرسي، وفي الرابعة قل هو الله أحد وآخر البقرة، وفي الخامسة قل هو الله أحد والآيات التي في آخر آل عمران من قوله تعالى " إن في خلق السموات والأرض - إلى قوله - إنك لا تخلف الميعاد " وفي السادسة قل هو الله أحد وآية السخرة، وهي ثلاث آيات من الأعراف " إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض - إلى قوله - قريب من المحسنين " وفي السابعة قل هو الله أحد والآيات التي في الأنعام " وجعلوا لله شركاء الجن - إلى قوله - وهو اللطيف الخبير " و في الثامنة قل هو الله أحد وآخر الحشر " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " إلى آخرها.

 

(1) الاعراف: 54 - 56. (2) الانعام: 100 - 103. (3) فلاح السائل ص 128.

 

[59]

وروي أنه يستحب أن يقرأ في كل ركعة الحمد وإنا أنزلناه، وقل هو الله أحد وآية الكرسي (1). 13 - فلاح السائل: ومما يقال قبل الشروع في نوافل الزوال ما رويناه باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي مما ذكره في مصباحه الكبير (2) وهو: " اللهم إنك لست باله استحدثناك، ولا برب يبيد ذكرك، ولا كان معك شركاء يقضون معك، ولا كان قبلك من إله فنعبده وندعك، ولا أعانك على خلقنا أحد فنشك فيك، أنت الله الديان فلا شريك لك، وأنت الدائم فلا يزول ملكك، أنت أول الأولين، وآخر الآخرين، و ديان يوم الدين، يفنى كل شئ ويبقى وجهك الكريم، لا إله إلا أنت لم تلد فتكون في العز مشاركا "، ولم تولد فتكون موروثا " هالكا "، ولم تدركك الأبصار، فتقدرك شبحا " ماثلا "، ولم يتعاورك زيادة ولا نقصان، ولا توصف بأين ولا كيف ولا ثم ولا مكان، وبطنت في خفيات الامور، وظهرت في العقول بما نرى من خلقك من علامات التدبير. أنت الذي سئلت الأنبياء عليهم السلام عنك، فلم تصفك بحد ولا ببعض، بل دلت عليك من آياتك بما لا يستطيع المنكرون جحده، لأن من كانت السموات والأرضون وما بينهما فطرته، فهو الصانع الذي بان عن الخلق، فلا شئ كمثله. واشهد أن السموات والأرضين وما بينهما آيات دليلات عليك، تؤدي عنك الحجة، وتشهد لك بالربوبية، موسومات ببرهان قدرتك، ومعالم تدبيرك، فأوصلت إلى قلوب المؤمنين من معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر، ووسوسة الصدر، فهي على اعترافها بك شاهدة بأنك قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، انقطعت الغايات دونك، فسبحانك لا وزير لك، سبحانك لا عدل لك، سبحانك لا ضد لك، سبحانك لا ند لك، سبحانك لا تأخذك سنة ولا نوم، سبحانك لا تغيرك الأزمان، سبحانك لا تنتقل بك الأحوال، سبحانك لا يعييك شئ، سبحانك لا يفوتك شئ، سبحانك

 

(1) مصباح الشيخ ص 26. (2) تراه في المصباح ص 23.

 

[60]

إني كنت من الظالمين، إلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين. اللهم صل على محمد وآل محمد، عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وحبيبك و خاصتك، وأمينك على وحيك، وخازنك على علمك، الهادي إليك باذنك، الصادع بأمرك عن وحيك، القائم بحجتك في عبادك، الداعي إليك، الموالي لأوليائك معك والمعادي أعداءك دونك، السالك جدد الرشاد إليك، القاصد منهج الحق نحوك. اللهم صل عليه وآله أفضل وأكرم وأشرف وأعظم وأطيب وأتم وأعم وأزكى وأنمى وأوفى وأكثر ما صليت على نبي من أنبيائك، ورسول من رسلك، وبجميع ما صليت على جميع أنبيائك وملائكتك ورسلك وعبادك الصالحين إنك حميد مجيد. اللهم اجعل صلواتي بهم مقبولة، وذنوبي بهم مغفورة، وسعيي بهم مشكورا، ودعائي بهم مستجابا، ورزقي بهم مبسوطا، وانظر إلي في هذه الساعة بوجهك الكريم نظرة استكمل بها الكرامة عندك، ثم لا تصرفه عني أبدا برحمتك يا أرحم الراحمين " ثم تدخل في نافلة الزوال (1). ايضاح: " يبيد " أي يهلك ويضمحل، والديان القهار والحاكم والمحاسب والمجازي " فتكون في العز مشاركا " إذ الولد يكون من نوع الوالد وصنفه ورهطه وفي الرفعة والعزة شبيهه ومثله " فتكون موروثا " " أي هالكا " يرثه غيره ويبقى بعده لحدوث كل مولود وهلاك كل حادث. " فتقدرك شبحا " ماثلا " " هذا إشارة إلى امتناع الرؤية، إذ فيها يتمثل بحاسة الرائي صورة مماثلة للمرئي وموافقة له في الحقيقة وكيف يكون المتقدر المتمثل موافقا للحقيقة أو مشابها للمنزه عن الحدود والأقدار، والماثل يكون بمعنى القائم وبمعنى المشابه، والتعاور: التناوب. ولعل المراد بالاين الجهة، وبثم المكان، فالمكان تأكيد له، وفي بعض النسخ مكان ثم بم اي ليس له ماهية يقال في جواب ما هو.

 

(1) لم نجده في المطبوع من المصدر.

 

[61]

" بطنت في خفيات الامور " أي اطلع على بواطنها ونفذ علمه فيها، أو أنه أخفى خفيات الامور لذوي العقول " بما نرى " على صيغة المتكلم أو الغيبة على بناء المجهول " بحد " أي بالتحديدات الجسمانية أو الأعم منها ومن العقلانية، وكذا قوله " ولا ببعض " نفي للأبعاض الخارجية والعقلية " قبل القبل " أي قبل كل ما يعرض له القبلية " بلا قبل " أي ليست قبليته إضافية ليمكن أن يكون قبله شئ أو بلا زمان قبل ليكون الزمان موجودا " معه أزلا "، والأول في الثاني أظهر، بل في الأول. " انقطعت الغايات دونك " اي كل غاية تفرض أزلا " وأبدا " فهو منقطع عنده، وهو موجود قبله وبعده، فلا يمكن أن تفرض له غاية، أو هو غاية الغايات كما أنه مبدء المبادي. " الصادع بأمرك " أي مظهره والمتكلم به جهارا " من غير تقية " عن وحيك " أي كل ما أمرت به من جهة الوحي أظهره كما قال تعالى " فاصدع بما تؤمر " (1) " الموالي أولياءك معك " أي ضم موالاتهم مع موالاتك، أو حال كونهم معك " والمعادي أعداءك دونك " اي عاداهم ولم يعادك، أو حال كونهم مبائنون منك، وقال الجوهري: الجدد الأرض الصلب، وفي المثل من سلك الجدد أمن العثار، وقد مر شرح تلك الفقرات مفصلا " في كتاب التوحيد. 14 - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه كان يقول في صلاة الزوال يعني السنة قبل صلاة الظهر: هي صلاة الأوابين، إذا زالت الشمس وهبت الريح فتحت أبواب السماء، وقبل الدعاء، وقضيت الحوائج العظام (2). 15 - فقه الرضا: قال عليه السلام: إذا زالت الشمس صل ثماني ركعات: منها ركعتان بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، والثانية بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون

 

(1) الحجر: 94. (2) دعائم الاسلام ج 1 ص 209.

 

[62]

وست ركعات بما أحببت من القرآن (1). 16 - البلد الامين: من كتاب طريق النجاة لابن الحداد العاملي باسناده عن أبي جعفر الثاني من قرأ سورة القدر في كل يوم وليلة ستا " وسبعين مرة خلق الله تعالى له ألف ملك يكتبون ثوابها ستة وثلاثين ألف عام: منها إذا زالت الشمس قبل النافلة عشرا " وبعد نوافل الزوال إحدى وعشرين إلى آخر الخبر (2). 17 - فقه الرضا: قال عليه السلام: إذا استقبلت القبلة في صلاة الزوال، فقل سبحان الله وبحمده واقرأ " ربنا لا تؤاخذنا " إلى آخر البقرة، واقرأ " يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن، فصل اللهم على محمد وآل محمد، واجعل من شأنك قضاء حاجتي واقض لي في شأنك حاجتي، وحاجتي إليك العتق من النار، والاقبال بوجهك الكريم إلي، ورضاك عني يا أرحم الراحمين، اللهم إني اقدم بين يدي حاجتي إليك محمدا وأهل بيته، وأتقرب بهم إليك، وأتوجه إليك بهم، فاجعلني بهم وجيها " عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين، واجعل صلواتي بهم مقبولة، وذنبي بهم مغفورا "، ودعائي بهم مستجابا "، إنك أنت الغفور الرحيم. ثم تصلي ثمان ركعات وهي صلاة الأوابين، افتتح تكبيرة واحدة وقل في تكبيرك في هذه الصلاة " الله أكبر تعظيما " وتقديسا " وتكبيرا " وإجلالا " ومهابة وتعبدا " أهل الكبرياء والعظمة والمجد والثناء، والتقديس والتطهير من الأهل والولد، ولا إله غيره ولا معبود سواه، ولا ربا " دونه، فردا " خالقا " وترا ": لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ". ثم تعوذ وتسمي وتقرأ ما تيسر من القرآن والدعاء الخالص لآل محمد عليهم السلام اللهم إني أسالك بك ومنك وبعبدك الذي جعلته سفيرا " بينك وبين خلقك، وخلقته من نورك، ونفخت فيه من روحك، واستودعته فيه من علمك، وعلمته من كتابك، و أمنته على وحيك، واستأثرته في علم الغيب لنفسك، ثم اتخذته حبيبا " ونبيا " و

 

(1) فقه الرضا ص 7 س 24. (2) تمام الخبر في ج 92 ص 329 من البحار طبعتنا هذه.

 

[63]

خليلا "، اللهم بك وبه وبه وبك إلا جعلتني ممن أتولى مع أوليائه وأتبرأ من أعدائه اللهم كما جعلتني في دولته، وكونتني في كرته، وأخرجتني في كوره، واظهرتني في دوره، ودعوتني إلى ملته، وجعلتني من أمته وجنوده، فاجعلني من خاصة أوليائه و خواص أحبائه، وقربني إليه منزلة وزلفة في أعلا عليين. اللهم إني آمنت بك وبه، وأجبت داعيك ابتغاء لمرضاتك، وطلبا لرضوانك وأسلمت مع محمد لله رب العالمين، وأقررت بولاية وليك علي وليا ورضيت بالحسن إماما " وبالحسين وصيا " وبالأئمة علماء، اللهم صل عليهم وعلى ذريتهم الخيرة (1). بيان: " في " كرته، أي في دولتك التي عادت بظهوره اي في غلبته على الأعادي وكذا " في كوره " اي في رجوع الأمر إليه، أو يكون إشارة إلى بعثه على الأرواح، ثم على الاجساد. 18 - فلاح السائل (2) ومصباح الشيخ: مما يقول الايسان بعد كل تسليمة من نوافل الزوال " اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي وخذ إلى الخير بناصيتي واجعل الايمان منتهى رضاي، وبارك لي فيما قسمت لي، وبلغني برحمتك كل الذي أرجو منك، واجعل لي ودا " وسرورا " للمؤمنين، وعهدا " عندك (3). بيان: " خذ إلي الخير بناصيتي " أي اصرف قلبي إلى عمل الخيرات ووجهني إلى القيام بوظائف الطاعات، كالذي يجذب بشعر مقدم راسه إلى عمل، ففي الكلام استعارة كذا ذكره الشيخ البهائي. 19 - فلاح السائل: ومما يقال أيضا في جملة تعقيب كل ركعتين من نوافل الزوال " رب صل على محمد وآله، وأجرني من السيئات، واستعملني عملا " بطاعتك، وارفع درجتي برحمتك، يا الله يا رب يا رحمن يا رحيم يا حنان يا منان، يا ذا

 

(1) فقه الرضا ص 63. (2) فلاح السائل ص 137. (3) مصباح الشيخ ص 28.

 

[64]

الجلال والاكرام، أسئلك رضاك وجنتك، وأعوذ بك من نارك وسخطك، أستجير بالله من النار " ترفع بها صوتك (1). ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال. قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عياش (2): عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن عبد الله بن جعفر الهمداني (3)، عن محمد بن الحسن، عن نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أمها فاطمة بنت الحسن، عن أبيه الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو بهذا الدعاء بين كل ركعتين من صلاة الزوال الركعتان الأولتان " اللهم أنت أكرم مأتي وأكرم مزور، وخير من طلبت إليه الحاجات، وأجود من أعطى، وأرحم من استرحم، وأرءف من عفا، وأعز من اعتمد عليه، اللهم بي إليك فاقة، ولي إليك حاجات، ولك عندي طلبات من ذنوب أنا بها مرتهن، وقد أوقرت ظهري، وأوبقتني وإلا ترحمني وتغفر لي أكن من الخاسرين ". اللهم إني اعتمدتك فيها تائبا " إليك منها، فصل على محمد وآله واغفر لي ذنوبي كلها، قديمها وحديثها، سرها وعلانيتها، وخطاها وعمدها، صغيرها وكبيرها، و كل ذنب أذنبته، وأنا مذنبه، مغفرة عزما " جزما " لا تغادر ذنبا " واحدا "، ولا أكتسب بعدها محرما " أبدا "، واقبل مني اليسير من طاعتك، وتجاوز لي عن الكثير من معصيتك يا عظيم إنه لا يغفر العظيم إلا العظيم يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن [يا من هو كل يوم في شأن صل على محمد وآله واجعل لي في شأنك شأن حاجتي وحاجتي هي فكاك رقبتي من النار، والأمان من سخطك والفوز برضوانك وجنتك (4)] وصل

 

(1) فلاح السائل ص 137 و 138. (2) هو ابن عياش الجوهرى: سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره قال النجاشي: كان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا " كثيرا " ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا " وتجنبته. (3) في المصدر: الحميري. (4) ما بين العلامتين ساقط من مطبوعة الكمبانى.

 

[65]

على محمد وآل محمد وامنن بذلك علي وبكل ما فيه صلاحي وأسألك بنورك الساطع في الظلمات أن تصلي على محمد وآله محمد، ولا تفرق بيني وبينهم في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير. اللهم واكتب لي عتقا " من النار مبتولا "، واجعلني من المنيبين إليك، التابعين لأمرك، المخبتين إليك، الذين إذا ذكرت، وجلت قلوبهم، والمستكملين مناسكهم، والصابرين في البلاء، والشاكرين في الرخاء، والمطيعين لأمرك فيما أمرتهم به، و المقيمين الصلاة، والمؤتين الزكاة، والمتوكلين عليك، اللهم أضفني بأكرم كرامتك، وأجزل من عطيتك والفضيلة لديك والراحة منك والوسيلة إليك والمنزلة عندك ما تكفيني به كل هول دون الجنة، وتظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، وتعظم نوري وتعطيني كتابي بيميني، وتخفف حسابي، وتحشرني في أفضل الوافدين إليك من المتقين وتثبتني في عليين، وتجعلني ممن تنظر إليه بوجهك الكريم، وتتوفاني وأنت عني راض وألحقني بعبادك الصالحين. اللهم صل على محمد وآله، واقلبني بذلك كله مفلحا " منجحا " قد غفرت لي خطاياي وذنوبي كلها وكفرت عني سيئاتي، وحططت عني وزري، وشفعتني في جميع حوائجي في الدنيا والآخرة في يسر منك وعافية. اللهم صل على محمد وآله، ولا تخلط بشئ من عملي ولا بما تقربت به إليك رئاء ولا سمعة ولا أشرا " ولا بطرا "، واجعلني من الخاشعين لك، اللهم صل على محمد وآله وأعطني السعة في رزقي والصحة في جسمي والقوة في بدني، على طاعتك وعبادتك، و أعطني من رحمتك ورضوانك وعافيتك ما تسلمني به من كل بلاء الدنيا والآخرة، و ارزقني الرهبة منك والرغبة إليك والخشوع لك، والوقار والحياء منك، والتعظيم لذكرك، والتقديس لمجدك أيام حياتي، حتى تتوفاني وأنت عني راض. اللهم وأسئلك السعة والدعة والأمن والكفاية والسلامة والصحة والقنوع والعصمة والهدى والرحمة والعافية واليقين والمغفرة والشكر والرضا والصبر والعلم و الصدق والبر والتقوى والحلم والتواضع واليسر والتوفيق.


 

[66]

اللهم صل على محمد وآله واعمم (1) بذلك أهل بيتي وقراباتي وإخواني فيك، ومن أحببت وأحبني أو ولدته وولدني من جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وأسألك يا رب حسن الظن بك، والصدق في التوكل عليك، وأعوذ بك يا رب أن تبتليني ببلية تحملني ضرورتها على التغوث بشئ من معاصيك، وأعوذ بك يا رب أن أكون في حال عسر أو يسر أظن أن معاصيك أنجح في طلبتي من طاعتك وأعوذ بك من تكلف ما لم تقدر لي فيه رزقا "، وما قدرت لي من رزق فصل على محمد وآله وآتني به في يسر منك وعافية يا أرحم الراحمين. وقل: رب صل على محمد وآله، وأجرني من السيئات، واستعملني عملا " بطاعتك، وارفع درجتي رحمتك، يا الله يا رب، يا رحمان يا رحيم، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام، أسألك رضاك وجنتك، وأعوذ بك من نارك وسخطك، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك. ثم تخر ساجدا " وتقول: اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتقرب اليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين أن تصلي على محمد وآله، وأن تقيلني عثرتي، وتستر علي ذنوبي وتغفرها لي، وتقلبني اليوم بقضاء حاجتي، ولا تعذبني بقبيح كان مني يا أهل التقوى وأهل المغفرة، يا بر يا كريم أنت أبر بي من أبي وامي ومن نفسي ومن الناس أجمعين، بي إليك حاجة وفقر وفاقة، وأنت عني غني، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترحم فقري، وتستجيب دعائي، وتكف عني أنواع البلاء، فان عفوك وجودك يسعني. التسليمة الثانية اللهم إله السماء وإله الأرض، وفاطر السماء وفاطر الأرض، ونور السماء ونور الأرض، وزين السماء وزين الأرض، وعماد السماء وعماد الأرض، وبديع السماء وبديع الأرض، ذا الجلال والاكرام، صريخ المستصرخين، وغوث المستغيثين، و منتهى رغبة العابدين، أنت المفرج عن المكروبين، وأنت المروح عن المغمومين، و

 

(1) وأتمم خ ل كما في المصدر.

 

[67]

أنت أرحم الراحمين، ومفرج الكرب، ومجيب دعوة المضطرين، وإله العالمين، المنزول به كل حاجة، يا عظيما يرجى لكل عظيم، صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا. وقل: رب صل على محمد وآل محمد، واجرني من السيئات، واستعملني عملا " بطاعتك، وارفع درجتي برحمتك يا الله يا رب يا رحمن يا رحيم، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام، أسألك رضاك وجنتك، وأعوذ بك من نارك وسخطك، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك. التسليمة الثالثة يا علي يا عظيم، يا حي يا حليم، يا غفور يا سميع يا بصير يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا " أحد، يا رحمن يا رحيم، يا نور السموات والأرض، تم نور وجهك، أسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض، وباسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وبقدرتك على ما تشاء من خلقك، فانما أمرك إذا اردت شيئا " أن تقول له كن فيكون، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا. وقل: رب (1) صل على محمد وآله وأجرني من السيئات، واستعملني عملا " بطاعتك وارفع درجتي برحمتك يا الله يا رب يا رحمان يا رحيم، يا حنان يا منان، يا ذا الجلال والاكرام، أسئلك رضاك وجنتك، وأعوذ بك من نارك وسخطك، أستجير بالله من النار - وترفع بها صوتك. التسليمة الرابعة اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ومعدن العلم، وأهل بيت الوحي، اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق، اللهم صل على محمد وآل محمد، الكهف الحصين وغياث

 

(1) اللهم خ ل.

 

[68]

المضطر المستكين، وملجأ الهاربين، ومنجي الخائفين، وعصمة المعتصمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، صلاة كثيرة تكون لهم رضى، ولحق محمد وآل محمد صلى الله عليهم اداء وقضاء، بحول منك وقوة يا رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أوجبت حقهم ومودتهم، وفرضت طاعتهم وولايتهم، اللهم صل على محمد وآل محمد، واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك مما وسعت علي من فضلك، والحمد لله على كل نعمة، وأستغفر الله من كل ذنب، ولا حول ولا قوة إلا بالله من كل هول. ذكر رواية اخرى: في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال رويتها باسنادي إلى أبي جعفر الطوسي فيما ذكره قدس الله جل جلاله روحه في المصباح الكبير وقال: وروي أنك تقول عقيب التسليمة الاولة. اللهم إني أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ بمغفرتك من عذابك، وأعوذ برأفتك من غضبك، وأعوذ بك منك، لا إله إلا أنت، لا ابلغ مدحتك ولا الثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك اسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل حياتي زيادة في كل خير، ووفاتي راحة من كل سوء، وتسد فاقتي بهداك وتوفيقك، وتقوى ضعفي في طاعتك، وترزقني الراحة والكرامة وقرة العين واللذة وبرد العيش من بعد الموت، ونفس عني الكربة يوم المشهد العظيم، وارحمني يوم ألقاك فردا ". هذه نفسي سلم لك، [وأنا] معترف بذنبي، مقر بالظلم على نفسي، عارف بفضلك علي فبوجهك الكريم اسئلك لما صفحت عني ما سلف من ذنوبي، وعصمتني فيما بقي من عمري، فصل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا. وقل: رب صل محمد وآله وأجرني من السيئات، واستعملني عملا " بطاعتك، وارفع درجتي برحمتك، يا الله يا رب يا رحمان يا رحيم يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام، اسئلك رضاك وجنتك، وأعوذ بك من نارك وسخطك، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك.


 

[69]

وتقول عقيب الرابعة: اللهم مقلب القلوب والأبصار، صل على محمد وآل محمد، وثبت قلبي على دينك، ودين نبيك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وأجرني من النار برحمتك، اللهم صل على محمد وآله واجعلني سعيدا " فانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. وتقول عقيب السادسة: اللهم إني أتقرب اليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وبك اللهم الغنى عني وبي الفاقة إليك وأنت الغنى وأنا الفقير إليك أقلتني عثرتي، وسترت على ذنوبي، فاقض يا الله حاجتي، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم مني، فان عفوك وجودك يسعني. وتقول عقيب الثامنة: يا أول الأولين ويا آخر الآخرين، ويا أجود الأجودين، ويا ذا القوة المتين، ويا رازق المساكين، ويا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد الطيبين، واغفر لي جدي وهزلي، وخطائي وعمدي، وإسرافي على نفسي، وكل ذنب اذنبته، واعصمني من اقتراف مثله، إنك على ما تشاء قدير. ثم تخر ساجدا " وتقول: يا اهل التقوى ويا أهل المغفرة، يا بر يا رحيم، أنت أبر بي من ابي وامي ومن جميع الخلائق أجمعين، اقلبني بقضاء حاجتي مستجابا " دعائي مرحوما " صوتي، وقد كشفت أنواع البلاء عني (1). المصباح: للشيخ والاختيار لابن الباقي مرسلا " مثل الجميع (2). توضيح قال الجوهري: أوقره اي أثقله، وقال: أوبقه أي أهلكه " إني اعتمدتك " أي قصدتك أو اتكلت عليك على الحذف والايصال يقال: عمدت الشئ اي قصدته كتعمدته واعتمدت على الشئ اي اتكلت عليه " لا تغادر " اي لا تترك " يسأله من في السموات والأرض " اي إنهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم ويعن لهم فهم سائلون عنه بلسان الحال والمقال.

 

(1) فلاح السائل ص 144 - 138. (2) مصباح المتهجد ص 28 - 34.

 

[70]

" كل يوم هو في شأن " أي في كل يوم ووقت له شأن بديع وخلق جديد اي يحدث اشخاصا " ويجدد أحوالا " كما ورد في الحديث " من شأنه يغفر ذنبا "، ويفرج كربا "، و يرفع قوما "، ويضع آخرين، وهو رد لقول اليهود لعنهم الله " يد الله مغلولة " وقولهم " إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا " " وقول الحكماء والمنكرين للبداء كما مر تحقيقه. " مبتولا " " اي مجوزما " مقطوعا " لا تزلزل ولا بداء فيه، قال الجوهري: بتلت الشئ أبتله بالكسر بتلا " إذا أبنته من غيره، ومنه قولهم: طلقتها بتة بتلة، وقال: الاخبات الخشوع، وقال: أضفت الرجل وضيفته إذا أنزلته بك ضيفا " وقريته، وفي بعض النسخ " وأصفني " بالصاد المهملة من اصفيته اي أخترته، يقال: اصفيته الود اي أخلصته له، ذكره الجوهري. وقال: الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير يقال: وسل فلان إلى ربه وسيلة وتوسل إليه بوسيلة، إذا تقرب إليه بعمل " ممن تنظر إليه " النظر كناية عن الرحمة واللطف ووجهه سبحانه ذاته أو توجهه المشتمل على الكرم، وقد يقال: وجه الله رضاه كما في قوله سبحانه " وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله " (1) قالوا: اي رضاه، لأن الانسان إذا رضي عن غيره أقبل بوجهه عليه، وإذا كرهه أعرض بوجهه عنه، فهو من قبيل إطلاق السبب على المسبب. والفلاح الفوز والنجاة، والنجاح الظفر بالحوائج، وأنجح الرجل صار ذا نجح " وشفعتني " على بناء التفعيل أي قبلت شفاعتي، والرياء أن يرى الناس عمله، والسمعة أن يسمعهم بعده، والأشر والبطر بالتحريك فيهما شدة المرح والفرح والطغيان، و الدعة السكون، والخفض سعة العيش، والعصمة أي من المعاصي أو الأعم منها ومن شر الأعادي " نور السماء " أي منورها بنور الوجود والكمالات والأنوار الظاهرة " وبنور وجهه " اي ذاته المنير " اشرقت السموات والأرضون " بتلك الأنوار. " وبديع السماء " أي مبدعها، والصريخ المغيث، والمستصرخ المستغيث، واللجج

 

(1) البقرة: 272.

 

[71]

جمع اللجة وهي معظم الماء، وفي القاموس غمر الماء غمارة كثر وغمره غطاه، والمارق الخارج من الدين، والزاهق الباطل والمضمحل الهالك، والمؤاساة بالهمزة وقد يخفف واوا "، قال الفيروز آبادي: آساه بماله مواساة: أناله منه وجعله فيه أسوة أو لا يكون ذلك إلا من كفاف، فان كان من فضلة فليس بمواساة، وبرد العيش طيبه قال " عيش بارد " اي هنيئ طيب. 20 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام أنه كان إذا صلى صلاة الزوال وانصرف منها، رفع يديه ثم يقول: " اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك وأنبيائك، اللهم بك الغنى عنى، وبي الفاقة إليك، أنت الغنى وأنا الفقير إليك، أقلتني عثرتي، وسترت علي ذنوبي، فاقض لى اليوم حاجتى، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم منى، فان عفوك وجودك يسعنى. ثم يخر ساجدا " فيقول وهو ساجد: " يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، يا بر يا رحيم، أنت أبر بي من أبي وامي ومن الناس أجمعين، فاقلبني اليوم بقضاء حاجتي مستجابا " دعائي، مرحوما " صوتي، قد كففت أنواع البلاء عني " (1). تذييل: اعلم أن الأصحاب اختلفوا في وقت نافلة الزوال، فالأشهر والأظهر من جهة الأخبار أنه من أول الزوال إلى أن يصير الفئ قدمين، وذهب الشيخ في الجمل والمبسوط والخلاف إلى أنه من الزوال إلى أن يبقى لصيرورة الفئ مثل الشخص مقدار ما يصلى فيه فريضة الظهر. وذهب ابن إدريس إلى امتداده إلى أن يصير ظل كل شئ مثله، وتبعه المحقق في المعتبر، والعلامة في التذكرة، ونقل المحقق في الشرائع قولا بامتداده بامتداد وقت الفريضة، والأول أقوى، بمعنى أنه بعد ذهاب القدمين لا يقدم النافلة على الفريضة ويستحب إيقاعها بعده، ولا نعلم كونها اداء " أو قضاء "، والأولى عدم التعرض لهما. وقال الشيخ وأتباعه: إن خرج الوقت ولم يتلبس بالنافلة، قدم الظهر، ثم

 

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 211.

 

[72]

قضاها بعدها، وإن تلبس بركعة أتمها ثم صلى الظهر، واستندوا في ذلك بموثقة عمار الساباطي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين (2).

 

(1) التهذيب ج 1 ص 213. (2) يبتنى هذه الجملة على رواية زرارة في عدد النوافل وهى سبعة وعشرون ركعة تمامها مع الفرائض اربعة واربعون ركعة، على ما مر في ج 82 ص 293، وان الثمان ركعات الزوال للوقت (منتصف النهار) وهى السبحة سبحة النهار كما أن الثمان ركعات الليل أيضا للوقت (منتصف الليل) وهى الناشئة ناشئة الليل، قال عزوجل: " ان ناشئة الليل هي اشد وطا " وأقوم قيلا * ان لك في النهار سبحا " طويلا " المزمل: 6 - 7). فالمصلى يصلى ثمان ركعات يفصل بين الرابعة الاولى والاخيرة بفاصلة ثم يصلى الظهر عند القدم ثم يصلى بعدها ركعتين نافلتها، ثم يروح ويتغدى ويتمدد ثم يصلى ركعتين نافلة العصر يقدمها قبلها ثم يصلي العصر عند القدمين، لا يتنفل بعدها باجماع المسلمين. ثم إذا ذهبت الحمرة من قمة الرأس يصلى المغرب ثم يصلى نافلتها ركعتين ثم يصلى العشاء ويصلى بعدها ركعتين من جلوس ولا يعدها نافلة بل هي وتيرة يوتر بها ركعات النوافل احتياطا " لاحتمال قبض نفسه حين النوم. وفي بعض الروايات أنه يصلى ركعتين قبل العشاء نافلة لها ثم يصليها فيكون قد صلى بين المغربين اربع ركعات للمغرب بعدها وركعتين للعشاء قبلها كما فعل في صلاة الظهرين. ثم أنه بعد ما صار منتصف الليل يقوم ويصلى أربع ركعات وبعد نومة أربع ركعات أخرى تمام الناشئة يرتل فيها اكثر من قراءته في غيرها من النوافل، ثم بعد نومة خفيفة يقوم ويوتر بواحدة ان صلى للعشاء نافلتها ركعين أو بثلاث ان كان قد صلى نافلة المغرب فقط، ثم يصلى بعد الوتر ركعتين نافلة للصبح ثم يصلى الصبح لا يتنفل بعدها كما في العصر. فحينئذ تصير عدد النوافل 27 ركعة لكل صلاة ركعتان نافلة باضافة الناشئة والسبحة وهذا هو المراد بقوله عليه السلام " لكل صلاة مكتوبة نافلة ركعتين " مبتنيا على ما في رواية زرارة (وقد كان أصدع بالحق من غيره) لكن عمارا " طبق كلام الصادق عليه السلام هذا -

 

[73]

إلا العصر، فانه يقدم نافلتها، فتصيران قبلها، وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثماني بعد الظهر، فإذا اردت أن تقضي شيئا " من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا " حتى تبدء فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها، ثم اقض ما شئت، وابدأ من صلاة الليل بالآيات تقرأ " إن في خلق السموات والأرض إلى إنك لا تخلف الميعاد " ويوم الجمعة تبدء بالآيات قبل الركعتين اللتين قبل الزوال. وقال عليه السلام: وقت صلاة الجمعة إذا زالت الشمس شراك أو نصف، وقال: للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى يمضي قدمان، فان كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل أن يمضى قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات، وإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بدأ بالاولى، ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك، وللرجل أن يصلي من نوافل العصر ما بين الاولى إلى أن يمضي اربعة أقدام، فان مضت الأربعة أقدام ولم يصل من النوافل شيئا "، فلا يصلي النوافل، وإن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها، ثم يصلي العصر. وقال عليه السلام: للرجل أن يصلى إن بقى عليه شئ من صلاة الزوال إلى أن يمضى بعد حضور الاولى نصف قدم، وللرجل إذا كان قد صلى من نوافل الاولى شيئا " قبل أن يحضر العصر، فله أن يتم نوافل الاولى إلى أن يمضى بعد حضور العصر قدم، وقال: القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الاولى في الوقت سواء. ولنوضح الخبر ليمكن الاستدلال به فانه في غاية التشويش والاضطراب، وقل خبر من أخبار عمار يخلو من ذلك (1) ولذا لم نعتمد على أخباره كثيرا ".

 

على غير مورده وهى رواية الاحدى والخمسين، فصار حديثه مشوشا " مضطربا " على ما ستعرف من المؤلف العلامة رضوان الله عليه. (1) عندي أنه كان يتفقه فيما سمعه من الاحاديث ثم ينقله بالمعنى على الوجه الذى تفقه فيه، وربما اختلط وأوهم في فقه الحديث كما عرفت آنفا "، ولذلك كان أبو الحسن الاول عليه السلام يقول: " انى استوهبت عمارا " الساباطى من ربى تعالى فوهبه لى " وعلى هذا لا يصح التعلق بأحاديثه ولا أن تخرج شاهدا " الا بعد تأييدها بسائر الاحاديث.

 

[74]

قوله عليه السلام: " لكل صلاة مكتوبة " أقول يحتمل وجوها ": الأول: أن يكون المراد أن لكل صلاة نافلة تختص بها إلا العصر، فانه اكتفي فيها بركعتين من نافلة الظهر، لقربهما منها، وهذا مبنى على أن الثمان الركعات قبل الظهر ليست بنافلتها، بل هي نافلة الوقت، والثماني التي بعدها نافلة الظهر كما دلت عليه كثير من الأخبار، وقد أومانا إليه سابقا "، ويؤيده أن في تتمة هذا الخبر في أكثر النسخ مكان نوافل العصر نوافل الاولى. الثاني: أن يكون المعنى أن كل صلاة بعدها نافلة وإن لم تكن متصلة بها إلا العصر فانها قبلها، وليس بعدها إلى المغرب نافلة. الثالث: أن كل فريضة لها نافلة متصلة بها، قبلها أو بعدها، إلا العصر فانه يجوز الفصل بينها وبين الركعتين، لاختلاف وقتيهما، لا سيما على القول بالمثل والمثلين في الفريضة خاصة. الرابع: أن يكون المراد أن لكل صلاة نافلة ركعتين قبلها غير النوافل المرتبة إلا العصر، لكن لا يوافقه قول ولا يساعده خبر. قوله " فإذا أردت أن تقضي شيئا " " هذا أيضا " يحتمل وجوها ": الأول: أن يكون المعنى إذا أردت قضاء فريضة أو نافلة في وقت حاضرة، فصل قبل الحاضرة ركعتين نافلة ثم صل الحاضرة، وتكفيك هاتان الركعتان للقضاء أيضا ثم اقض بعد الفريضة ما شئت. الثاني: أن يكون المعنى إذا أردت القضاء في وقت الفريضة، فقدم ركعتين من القضاء لتقوم مقام نافلة الفريضة، وأخر عنها سائرها. الثالث: أن يكون المراد بالفريضة التي حضرت صلاة القضاء، اي يستحب لكل قضاء نافلة ركعتين (1).

 

(1) وعلى ما قدمناه في معنى قوله عليه السلام " لكل صلاة مكتوبة نافلة ركعتين " يكون هذا الاحتمال هو المراد بعينه، فالذي يريد أن يقضى صلاة الصبح يصلى نافلتها ركعتين ثم يقضى الصبح كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله في وادى النوم، وإذا أراد أن يقضى صلاة الظهر مثلا يصلى قبلها نافلتها وهى ركعتان فقط ثم يقضيها وهكذا.

 

[75]

الرابع: أن يكون المراد بالقضاء الفعل ويكون المعنى إذا أردت أن تؤدي فريضة أو نافلة أداء كانت أو قضاء، فالنافلة ليست لها نافلة، وأما الفريضة فيستحب قبلها ركعتان، فينبغي تخصيصها بغير المغرب والعيد. قوله عليه السلام: " شراك أو نصف " المراد طول الشراك أو عرضها، فعلى الثاني المراد به أنه ينبغي إيقاعها بعد مضى هذا المقدار من الظل، لتحقق دخول الوقت، وعلى الأول ايضا " يحتمل أن يكون لذلك أو للخطبة، وبعض الأصحاب فهموا منه التضييق و حملوه على أن المراد أن وقت الجمعة هذا المقدار، ولا يخفى بعده، ومخالفته لسائر الأخبار، ولما نقل من الأدعية والسور الطويلة والخطب المبسوطة، وعلى تقديره يكون محمولا على استحباب التعجيل. قوله عليه السلام: " ركعة واحدة " أي مقدار ركعة، قوله " أو قبل أن يمضى قدمان " كذا في أكثر النسخ والظاهر أن كلمة " أو " زيدت من النساخ، وعلى تقديرها لعل المراد أن الأفضل إذا كان بقى من وقت نافلة الزوال مقدار ركعة الشروع في النافلة، وان كان مطلق التلبس في الوقت كافيا " في جواز تقديم النافلة ولو لم يكن بركعة أيضا " ومنهم من حمل ركعة واحدة على حقيقته، وقال: بين مفهومه ومفهوم قوله قبل أن يصلي ركعة تعارض، ومنهم من قال: الصواب مكان " قد بقى " " قد صلى " ولا يخفى ما فيهما، وتقدير المقدار شائع كما قلنا. قوله عليه السلام: " من نوافل الاولى " اي نوافل العصر كما في بعض النسخ، وإنما عبر عنها بنوافل الاولى، لأنها نوافل الظهر كما مر. قوله " نصف قدم " اي بعد التلبس بركعة ينبغى أن يأتي بها مخففة ولاء، ولا يطولها، ولا يفصل بينها كثيرا " بالأدعية وغيرها، لئلا يتجاوز عن نصف قدم فتزاحم الفريضة كثيرا "، وقيل: مع عدم التلبس أيضا " يجوز أن يفعلها إلى نصف قدم، فيكون دونه في الفضل، أو يكون محمولا " على انتظار الجماعة، كما فعله الشيخ. ولا يخفى أن الفقرة الثانية كالصريحة في المعنى الأول كما فهمه الشهيد - ره -


 

[76]

على بعض الوجوه حيث قال في الذكرى بعد إيراد الخبر: لعله أراد بحضور الاولى والعصر ما تقدم من الذراع والذراعين والمثل والمثلين، وشبهه، ويكون للمتنفل أن يزاحم الظهر والعصر ما بقي من النوافل ما لم يمض القدر المذكور، فيمكن أن يحمل لفظ الشئ على عمومه، فيشمل الركعة وما دونها وما فوقها، فيكون فيه بعض مخالفة للتقدير بالركعة. ويمكن حمله على الركعة، وما فوقها ويكون مقيدا " لها بالقدم والنصف ويجوز أن يريد بحضور الاولى مضى نفس القدمين المذكورين في الخبر، وبحضور العصر الأقدام الأربع وتكون المزاحمة المذكورة مشروطة بان لا يزيد على نصف قدم في الظهر بعد القدمين ولا على قدم في العصر بعد الأربع، وهذا تنبيه حسن لم يذكره المصنفون انتهى. قوله عليه السلام: " في الوقت سواء " أقول: يحتمل وجهين الأول أن الشمس كل ما انخفضت في السماء وبعدت عن دائرة نصف النهار، ازدادت حركة ظلها سرعة، على ما ثبت في محله، وصح بالتجربة، فالقدم في وقت العصر بحسب الزمان بقدر نصف قدم في وقت الظهر تقريبا "، والمراد هنا على زمان إيقاع النافلة ولاء، وزمانها في وقت الظهر بقدر نصف قدم، وفي وقت العصر بقدر قدم، ولعل هذا هو السر في جعل وقت العصر أربعة أقدام، ووقت الظهر قدمين. الثاني: أن نصف قدم بالنسبة إلى فضيلة الظهر كقدم بالنسبة إلى فضيلة العصر لأن وقت العصر ضعف وقت الظهر، والنسبة فيهما معا " الربع، وما قيل من أن وقت نوافل العصر من الزوال، لما كان ضعف وقت نوافل الاولى، جعل مقدار توسيع وقتها ضعف مقدار توسيع وقت نوافل الاولى، فلا يخفى وهنه، لان ما يخص نافلة العصر أيضا قدمان، مع أن وسعة وقت النافلة لا تصلح علة لكثرة المزاحمة فتأمل. ثم إنه ذكر جماعة من الأصحاب أنه مع التلبس بركعة يتم النافلة مخففا " بالاقتصار على أقل ما يجزي فيها، كقراءة الحمد وحدها والاقتصار على تسبيحة واحدة


 

[77]

في الركوع والسجود، حتى قال بعض المتأخرين: لو تأدى التخفيف بالصلاة جالسا " آثره على القيام، واعترض بعض المتأخرين عليه بأن النص الذي هو مستند الحكم خال عن هذا القيد. أقول: على ما حملنا عليه الخبر يظهر منه التخفيف في الجملة، ولو اقتصر على ما يظهر من الخبر على أظهر محامله كان أولى، كما نبه عليه الشهيد قد سره.


 

[78]

3 - (باب) * " نوافل العصر وكيفيتها وتعقيباتها " * 1 - فلاح السائل: يكبر تكبيرة الاحرام ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرء سورة الحمد وسورة اقرأ في كل ركعة مع قل هو الله، وإنا أنزلناه وآية الكرسي فقد قدمنا فضيلة ذلك عند ذكرنا نوافل الزوال، وأوضحناه، فإذا قرء الحمد وما ذكرناه تمم صلاة ركعتين كما قدمناه في نوافل الزوال وسهلناه، فإذا سلم من الركعتين الاوليين من نوافل العصر، وسبح تسبيح الزهراء عليها السلام كما قررناه قال: اللهم إنه لا إله إلا أنت الحي القيوم العلي العظيم الحكيم الكريم، الخالق الرازق المحيي المميت البدئ البديع، لك الحمد ولك الكرم، ولك المن ولك الجود ولك الأمر وحدك لا شريك لك، يا واحد يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا "، صل على محمد وآله، وافعل بي كذا وكذا. ثم تقول: يا عدتي في كربتي يا صاحبي في شدتي، ويا مونسي في وحدتي، ويا ولي نعمتي، ويا إلهي وإله آبائي الأولين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط ورب موسى وعيسى ومحمد وآله عليه وعليهم السلام، صل على محمد وآله، وافعل بي كذا و كذا.. وتذكر ما تريد (1). توضيح: " البدئ " اي المبدئ الموجد لما سواه من كتم العدم " البديع " أي المبدع خالق الخلائق لا على مثال سابق، وقيل: لم يجئ فعيل بمعنى مفعل، وجعل هذا من قبيل الوصف بحال المتعلق، ولا يخفى أن عدم الاضافة في أمثال هذه الأدعية يأبى عن هذا الوجه كما قيل. 2 - فلاح السائل: الدعاء بعد التسليمة الثانية، أرويه باسنادي إلى محمد بن

 

(1) فلاح السائل ص 192.

 

[79]

يعقوب الكليني (1) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن حفص، عن محمد بن مسلم قال: قلت له علمني دعاء فقال: فأين أنت من دعاء الالحاح ؟ فقال له: فما دعاء الالحاح ؟ فقال: اللهم رب السموات السبع ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب العرش العظيم، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب محمد خاتم النبيين، صل على محمد وآله، وأسألك باسمك الاعظم الذي به تقوم السماء والأرض، وبه تحيي الموتى وبه تميت الأحياء وبه تفرق بين الجمع، وتجمع بين المتفرق، وبه أحصيت عدد الآجال، ووزن الجبال، وكيل البحار، أسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا وسل حاجتك وألح في الطلب فانه دعاء النجاح (2). أقول: وفيه ألفاظ من غير هذه الرواية. بيان: ذكر الشيخ (3) هذه الادعية بغير سند، وأضاف السيد هذا السند ليعلم أنه غير مختص بالتعقيب، والشيخ أومأ في آخر الدعاء إليه، والشيخ كثيرا " ما يذكر الأدعية المطلقة عقيب الصلوات لأنه أفضل الأوقات، وفيه ما فيه. قوله: " رب السبع الثماني " هي سورة الفاتحة ولتسميتها بذلك وجوه: منها أنها تثنى في كل صلاة مفروضة، ومنها اشتمال كل من آياتها السبع على الثناء على الله سبحانه، ومنها أنها قد تثني نزولها: فمرة بمكة حين فرضت الصلاة، واخرى بالمدينة حين حولت القبلة، وفيه كلام مذكور في محله. 3 - فلاح السائل: الدعاء بعد التسليمة الثالثة ذكره جدي أبو جعفر الطوسي - رحمة الله عليه - اللهم إني أدعوك بما دعاك به عبدك ذو النون، إذ ذهب مغاضبا " فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من

 

(1) رواه في الكافي ج 2 ص 585. (2) فلاح السائل ص 192 و 193، راجعه. (3) راجع مصباح المتهجد ص 48 - 49.

 

[80]

الظالمين، فاستجبت له ونجيته من الغم فانه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك وسألك وهو عبدك، وأنا أسألك وأنا عبدك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تستجيب لي كما استجبت له، وأدعوك بما دعاك به عبدك أيوب إذ مسه الضر فدعاك إني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبت له وكشفت ما به من ضر وآتيته أهله ومثلهم معهم، فانه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وهو عبدك وأنا أسألك وأنا عبدك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفرج عني كما فرجت عنه وأن تستجيب لي كما استجبت له، وأدعوك بما دعاك به يوسف إذ فرقت بينه وبين أهله، وإذ هو في السجن، فانه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وهو عبدك، وأنا اسألك وأنا عبدك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفرج عني كما فرجت عنه، وأن تستجيب لي كما استجبت له، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا.. وتذكر حاجتك (1). الدعاء بعد التسليمة الرابعة. أقول: هذا دعاء جليل ورويناه من طرق فنذكر منها طريقين، فبين طرقه زيادة ونقصان، فالطريق الاولى: روينا باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الدعاء من كتاب الكافي (2) قال: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعدة من اصحابنا عن سهل بن زياد قال: كتب علي بن نصر يسأله أن يكتب في أسفل كتابه دعاء يعلمه إياه يدعو به فيعصم من الذنوب، جامعا " للدنيا والآخرة، فكتب عليه السلام بخطه: يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، ولم يهتك الستر عني، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا مبتدئ كل نعمة قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه يا مولاياه، يا غايتاه صل على محمد وأهل بيته وأسألك أن

 

(1) فلاح السائل: 193 و 194. (2) تراه في الكافي ج 2 ص 578.

 

[81]

لا تجعلني في النار - ثم تسأل ما بدالك. أقول: وهذه ألفاظ هذا الدعاء نقلته من نسخة قد كانت للشيخ أبي جعفر الطوسي وعليها خط أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن عبيدالله تاريخه صفر سنة إحدى عشرة وأربع مائة، وقد قابلها جدي أبو جعفر الطوسي وأحمد بن الحسين بن أحمد ابن عبيدالله وصححاها (1). أقول: وأما رواية جدي أبي جعفر الطوسى لدعاء التسليمة الرابعة من نوافل العصر، فانه رحمه الله قال ما هذا لفظه: الدعاء بعد التسليمة الرابعة. يا من اظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل حاجة، يا واسع المغفرة، يا مفرج كل كربة، يا مقيل العثرات، يا كريم الصفح يا عظيم المن، يا مبتدئا " بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه، يا غاية رغبتاه، أسئلك بك وبمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن ابن علي والقائم المهدي الأئمة الهادية عليهم السلام أن تصلي على محمد وآل محمد وأسألك يا الله أن لا تشوه خلقي بالنار، وأن تفعل بي ما أنت أهله... وتذكر ما تريد (2) وقل أيضا: الله الله ربي حقا " حقا " اللهم أنت لكل عظيمة، وأنت لهذه الامور فصل على محمد وآله، واكفنيها يا حسن البلاء عندي، يا قديم العفو عنى، يا من لا غنى بشئ عنه، ويا من لا بد لكل شئ منه، يامن رزق كل شئ عليه، يا من مصير كل شئ إليه، صل على محمد وآل محمد وتولني ولا تولني غيرك أحدا من شرار خلقك، وكما خلقتني فلا تضيعني.

 

(1) لا يوجد هذا الدعاء بشرحه وسنده في فلاح السائل، وبدله في البيان أدعية يوسف الصديق عليه السلام في السجن، وفيه، الدعاء بعد التسليمة الرابعة، ويذكر بعده " يا من اظهر الجميل " الخ على رواية ينقلها بعد ذلك المؤلف ره. (2) فلاح السائل: 195 - 196.

 

[82]

اللهم إن أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولرحمة لا تنال إلا بك، ولكرب لا يكشفه سواك، ولمغفرة لا تبلغ إلا بك، ولحاجة لا يقضيها إلا أنت، اللهم فكما كان من شأنك إلهامى الدعاء، فليكن من شأنك الاجابة فيما دعوتك له، والنجاة فيما فزعت إليك منه. اللهم إن لا أكن أهلا أن أبلغ رحمتك، فان رحمتك أهل أن تبلغني، لأنها وسعت كل شئ، وأنا شئ فلتسعني رحمتك يا إلهى يا كريم. اللهم إني أسألك بوجهك الكريم، أن تصلي على محمد وآله وأن تعطيني فكاك رقبتي من النار، وتوجب لي الجنة برحمتك، وتزوجني من الحور العين بفضلك، وتعيذني من النار بطولك، وتجيرني من غضبك وسخطك علي، وترضيني بما قسمت لى، وتبارك لي فيما أعطيتني، وتجعلني لأنعمك من الشاكرين. اللهم صل على محمد وآل محمد، وامنن علي بذلك وارزقني حبك وحب كل من أحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك، ومن علي بالتوكل عليك، و التفويض إليك، والرضا بقضائك، والتسليم لأمرك، حتى لا احب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله، وافعل بي كذا وكذا مما نحب (1). بيان: هذه الادعية أوردها الشيخ (2) رحمه الله في تعقيب هذه النوافل، وتبعه غيره، ويظهر من القرائن عدم اختصاصها بتلك النوافل (3) كما أومأ إليه السيد رضي الله

 

(1) فلاح السائل: 196 - 197. (2) راجع مصباح المتهجد: 49 و 50. (3) قد اعترض المؤلف العلامة - ره - بمثل ذلك على الشيخ قدس سره في ص 79 أيضا وقال: " الشيخ كثيرا " يذكر الادعية المطلقة عقيب الصلوات لانه أفضل الاوقات، وفيه ما فيه ". وعندي أن الشيخ قدس سره أجل وأتقى من أن يدلس أو يتسامح في وضع شئ في غير موضعه المشروع فينقل الادعية في غير موردها المقطوع. =

 

[83]

عنه، وسيأتي للدعاء المروي عن الكافي أسانيد جمة في كتاب الدعاء، ولا اختصاص لشئ منها بهذا الموضع. " يا من اظهر الجميل " قال الشيخ البهائي قدس سره: روي في تأويله عن الصادق عليه السلام ما من مؤمن إلا وله مثال في العرش، فإذا اشتغل بالركوع والسجود

 

بل كان الشيخ قدس سره أتقى وأورع من أن ينقل تلك الاحاديث المتضمنة لتلك الادعية ويسندها إلى الائمة المعصومين لما في اسنادها من الضعف والوهن، ومخالفة متونها للسيرة المعروفة من أدعية الائمة عليهم السلام من الابتداء بالثناء والتحميد، ثم الصلاة على النبي وآله، ثم طلب الحوائج بما جرى على اللسان ". فالشيخ - شيخ الطائفة المحقة - لم يكن ليتسامح في نقل الادعية في غير موردها أو يقيدها وهي مطلقة، بل كان يتسامح في أصل نقلها وجواز التمسك والتعلق بها، عملا بأخبار من بلغ - وتأسيسا " لقاعدة التسامح في أدلة السنن - رجاء للداعى أن يثيبه الله عزوجل بالمغفرة والرحمة ويتفضل عليه باجابة الدعاء والمسألة. ولما كان سندها في غاية الوهن لا يوجب علما " ولا عملا ولا صح اسنادها ونسبتها إلى الائمة المعصومين عليهم السلام، احتاط في ذلك وأوردها في تعقيب الفرائض والنوافل تارة وفي قنوتات الصلوات أخرى ليشملها عمومات الامر بالدعاء، ولذلك ترى أنه قدس سره يذكر لفظ الدعاء مطلقا " ولا يلتفت إلى ذكر سنده ولا إلى ما في الخبر من شرح الدعاء وآثاره وفوائده الا قليلا. على أن المسلم من الروايات أن الدعاء قسمان: قسم هو موقت يجب التحفظ على صورته كما ورد من دون تصرف فيه، وقسم هو غير موقت، يجوز انشاؤه أو اقتباسه من سائر الادعية والتصرف فيها بما يناسب حال الداعي، إذا كان بالغا معرفته هذا المبلغ. فمن الروايات التي تحكم بذلك ما نقله العلامة المجلسي قدس سره حين عقد في كتاب الادعية بابا " وترجمه " باب جواز أن يدعى بكل دعاء والرخصة في تأليفه ". وذكر نقلا من خط الشهيد - ره - عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الدعاء يرد البلاء وقد ابرم ابراما "، قال الوشاء فقلت لعبدالله =

 

[84]

ونحوها فعل مثاله مثل فعله، فعند ذلك تراه الملائكة فيصلون ويستغفرون له، وإذا اشتغل العبد بمعصية أرخى الله على مثاله سترا " لئلا تطلع الملائكة عليها، فهذا تأويل " يا من اظهر الجميل وستر القبيح ". " يا من لم يؤاخذ بالجريرة " أي لم يجعل عقوبة المعصية في الدنيا حلما "

 

ابن سنان: هل في ذلك دعاء موقت ؟ فقال: اما انى سألت الصادق عليه السلام فقال: نعم اما دعاء الشيعة المستضعفين ففى كل علة من العلل دعاء موقت: وأما المستبصرون البالغون فدعاؤهم لا يحجب. ومنها ما رواه الكليني في الكافي بالاسناد إلى اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت وما يقال فيه، قال: ما قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا " موقتا ". ومنها ما رواه الشيخ والكليني قد هما عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر هل فيه شئ موقت يتبع ويقال ؟ فقال: لا، اثن على الله عزوجل، وصل على النبي صلى الله عليه وآله واستغفر لذنبك العظيم، وكل ذنب عظيم. فالدعاء الموقت هو الذي وقت بألفاظه ولا يجوز الزيادة عليه ولا النقيصة عنه حتى بشئ يسير من الاذكار، كما عرفت من انكار الائمة المعصومين على أصحابهم حيث قالوا: " يا مقلب القلوب والابصار " بدل " يا مقلب القلوب " و " يحيى ويميت ويميت ويحيى " بدل " يحيى ويميت " فقط، وغير ذلك من الموارد. وأما الادعية الواردة بألفاظ مختلفة في متونها كما في دعاء الالحاح الذي نقل في مورد البحث، فاختلاف الفاظها يدل على أنها من الادعية غير الموقتة التى يجوز التصرف فيها بما يناسب مقال الداعي وحاله. ومن موارد التصرف في الادعية ما مر في ج 86 ص 369 - 371 عند ذكر المؤلف العلامة دعاء التمجيد " ما يمجد به الرب تبارك وتعالى نفسه " فتارة روى بعنوان تمجيد الرب نفسه، وتارة تصرف في العبارات بحيث صار تمجيد العبد ربه بما كان يمجد الرب نفسه، وصرح المؤلف قدس سره في ص 370 بأن القارى: لهذا الدعاء يغير الفقرات من =

 

[85]

وكرما، لعل العاصي يتوب منها فيسلم من عقابها، والصفح التجاوز عن الذنوب، والنجوى الكلام الخفي " أن لا تشوه خلقي " اي لا تقبح خلقي بالنار. 4 - العيون: بالاسناد المتقدم عن رجاء بن أبي الضحاك قال: كان الرضا عليه السلام في طريق خراسان إذا رفع رأسه - يعني من سجدة الشكر بعد صلاة الظهر - قام فصلى ست ركعات يقرء في كل ركعة الحمد لله وقل هو الله أحد، ويسلم في كل ركعتين ويقنت في ثانية كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلم قام وصلى العصر، فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده و يكبره ويهلله ما شاء ثم سجد سجدة يقول فيها مائة مرة حمدا " لله (1).

 

التكلم إلى الخطاب. فإذا جاز التصرف في ألفاظ الدعاء غير الموقتة، بما يناسب حال الداعي ومقاله جاز قراءتها عند تعقيب الصلوات وهو أفضل الاوقات كأنه ينشئ الدعاء من عند نفسه، لتناسب تلك الادعية، فلا اشكال في ذلك ابدا ". (1) عيون اخبار الرضا (ع) ج 2 ص 181.

 

[86]

فائدة المشهور أن وقت نافلة العصر بعد الفراغ من الظهر إلى أن يزيد الفئ اربعة أقدام أو ذراعين، وقيل حتى يصير ظل كل شئ مثليه، وقيل يمتد بامتداد الفريضة والأظهر الأول بالمعنى الذي ذكرناه في نافلة الظهر، فان خرج قبل تلبسه بركعة صلى العصر وقضاها وإلا أتمها على المشهور وقد عرفت مستنده. ثم اعلم أن المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر على الزوال، لكن قد ورد في بعض الأخبار أن النافلة مثل الهدية، متى ما أتى بها قبلت، وفي بعضها فقدم منها ما شئت وأخر منها ما شئت، وفي بعضها صلاة النهار ست عشرة ركعة أي النهار شئت: إن شئت في أوله، وإن شئت في وسطه، وإن شئت في آخره. ويمكن الجمع بينها بحمل أخبار الجواز على من علم من حاله أنه إن لم يقدمها اشتغل عنها، ولم يتمكن من قضائها، كما فعله الشيخ رحمه الله، أو بحمل أخبار عدم التقديم على الأفضلية كما استوجهه في الذكرى، ولا يخلو من قوة، وإن كان ما فعله الشيخ أحوط مع تأيده ببعض الأخبار الدالة على وجه الجمع والله يعلم.


 

[87]

4 - * " (باب) " * * " (نوافل المغرب وفضلها وآدابها وتعقيباتها) " * * " (وسائر الصلوات المندوبة بينها) " * * " (وبين العشاء) " * 1 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل: " وأدبار السجود " (1) فقال: هي السنة بعد صلاة المغرب، فلا تدعها في سفر ولا حضر (2). 2 - المصباح للشيخ: قال: روي أنه يقرء في الركعة الاولى من نافلة المغرب سورة الجحد، وفي الثانية سورة الاخلاص، وفيما عداه ما اختار. قال: وروي أن أبا الحسن العسكري عليه السلام كان يقرء في الركعة الثالثة الحمد وأول الحديد إلى قوله " إنه عليم بذات الصدور " وفي الرابعة الحمد وآخر الحشر (3). 3 - ارشاد المفيد والخرايج: روي أن أبا جعفر عليه السلام لما خرج بزوجته ام الفضل من عند المأمون، ووصل شارع الكوفة، وانتهى إلى دار المسيب عند غروب الشمس، دخل المسجد وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد، فدعا بكوز فتوضأ في وسطها وقام فصلى بالناس صلاة المغرب، فقرء في الاولى الحمد، وإذا جاء نصر الله، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، فلما سلم جلس هنيئة وقام من غير أن يعقب تعقيبا " تاما "، فصلي النوافل الأربع، وعقب بعدها، وسجد سجدتي الشكر، فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس حملت حملا " حسنا " فأكلوا منها فوجدوا

 

(1) سورة ق: 40. (2) دعائم الاسلام ج 1 ص 209. (3) مصباح الشيخ: 70.

 

[88]

نبقا " لا عجم له حلوا " (1). أقول: وفي الارشاد (2) ثم جلس هنيهة يذكر الله جل اسمه وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل الأربع. 4 - مجالس الصدوق (3) وثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين عن أبي العلاء الخفاف، عن الصادق عليه السلام قال: من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين كتبتا له في عليين، فان صلى اربعا " كتبت له حجة مبرورة (4). 5 - تفسير علي بن ابراهيم: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله: " ومن الليل فسبحه وأدبار السجود " قال: أربع ركعات بعد المغرب " وأدبار النجوم " ركعتان قبل صلاة الصبح (5). 6 - قرب الاسناد: عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الركعتان اللتان بعد المغرب هما أدبار السجود، والركعتان اللتان بعد الفجر ادبار النجوم (6). 7 - الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن ايوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة وان قاله كل ليلة فهو افضل " اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم، واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ذنبي العظيم " سبع مرات، انصرف وقد غفر الله له (7).

 

(1) لا يوجد في مختار الخرائج المطبوع. (2) ارشاد المفيد: 304. (3) أمالى الصدوق ص 349. (4) ثواب الاعمال ص 41. (5) تفسير القمى: 650. (6) قرب الاسناد ص 81 ط نجف. (7) الخصال ج 2 ص 31.

 

[89]

8 - العيون: بالاسناد المتقدم في نافلة الظهر عن رجاء بن أبي الضحاك في بيان عمل الرضا عليه السلام في طريق خراسان، قال: إذا غابت الشمس توضأ وصلى المغرب ثلاثا " بأذان وإقامة، وقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله تعالى ويحمده ويكبره ويهلله ما شاء الله، ثم سجد سجدة الشكر ثم رفع رأسه ولم يتكلم حتى يقوم فيصلي أربع ركعات بتسليمتين، يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، وكان يقرء في الاولى من هذه الاربع الحمد، وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد، ويقرء في الركعتين الباقيتين الحمد وقل هو الله أحد، ثم يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء الله ثم يفطر (1) فائدة اعلم أن المشهور أن وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية، وظاهر المعتبر والمنتهى اتفاق الأصحاب عليه، وذهب الشهيد رحمه الله في الدروس والذكرى إلى امتداد وقتها بوقت المغرب، ومال إليه بعض من تأخر عنه، ويشهد له صحيحة أبان بن تغلب (2) قال: صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام المغرب بالمزدلفة، فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما، ثم صليت خلفه بعد ذلك بسنة، فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات ثم أقام فصلى العشاء الآخرة. إذ ظاهر أن بعد المجئ بالمزدلفة يخرج وقت فضيلة المغرب، ويؤيده الأخبار الدالة على استحباب تأخير العشاء، إذ الظاهر أن عدم جواز إيقاع النافلة بعد دخول وقت العشاء لئلا يزاحمها، وبالجملة الظاهر جواز الاتيان بالنافلة بعد ذهاب الحمرة إن لم يزاحم الفريضة كثيرا " بأن يؤخرها عن وقت فضلها، لكن الاحوط إيقاع النافلة بعدها.

 

(1) عيون الاخبار ج 2 ص 181. (2) التهذيب ج 1 ص 500.

 

[90]

9 - فلاح السائل: هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن أحمد بن ما - بنداد، عن أحمد بن هليل الكرخي، عن حاتم بن الفرج قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عما يقرء في الأربع، فكتب بخطه عليه السلام في أول ركعة قل هو الله أحد، وفي الثانية إنا أنزلناه، وفي الركعتين الأخيرتين في أول ركعة منها اربع آيات من أول البقرة، ومن وسط السورة " وإلهكم إله واحد " (1) ثم يقرء قل هو الله أحد خمس عشر مرة، ويقرء في الركعة الرابعة آية الكرسي وآخر سورة البقرة: ثم يقرء قل هو الله أحد خمس عشر مرة (2). ذكر رواية أخرى بما يقرء في الركعتين الأولتين: ذكر شيخنا جدي السعيد أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه أنه يقرء في أول ركعة من نوافل المغرب الحمد وثلاث مرات قل هو الله أحد وفي الثانية الحمد وإنا أنزلناه (3). وأما الركعتان الثالثة والرابعة فروى أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمة الله عليه عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن ابيه، عن جعفر بن محمد، عن العمركى، وعن علي بن محمد بن شجاع، عن القاسم الهروي، عن ابي سعيد الآدمي رفعه إلى أبي الحسن وأبي جعفر عليهما السلام أنهما كانا يقرآن في الركعتين الثالثة والرابعة من نوافل المغرب في الثالثة الحمد وأول الحديد إلى عليم بذات الصدور وفي الرابعة الحمد و آخر الحشر (4). مصباح المتهجد وغيره: ويستحب أن يقرء في الركعة الاولى الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات إلى قوله " ومن وسط السورة وإلهكم إله واحد " إلى قوله: " يعقلون " إلى قوله: وروي أنه يقرء في الركعة الاولى سورة الجحد و في الثانية سورة الاخلاص، وفيما عداه ما اختاره، وروي أن أبا الحسن العسكري عليه السلام كان يقرء في الثالثة الحمد وأول الحديد إلى قوله إنه عليم بذات الصدور

 

(1) البقرة: 163. (2 - 4) فلاح السائل: 233.

 

[91]

وفي الرابعة الحمد وآخر الحشر (1). بيان: الأربع الايات من أول البقرة إلى قوله تعالى: هم المفلحون، إن لم تكن الم آية وإلا فالى قوله " يوقنون " وقد اختلف القراء في ذلك والأول أولى ومن وسط البقرة آيتان " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ". والظاهر أن آخر البقرة من " آمن الرسول " إلى آخرها، ويحتمل أن يكون من قوله: " لله ما في السموات " كما سيأتي في صلاة اخرى، ويحتمل أن يراد آية واحدة من آخرها، وهي قوله سبحانه " لا يكلف الله نفسا " " إلى آخرها والأخير اظهر لفظا " والأوسط احتياطا "، والأول بحسب بعض القرائن. وآخر الحشر من قوله: " لو أنزلناه هذا القرآن " إلى آخر السورة كما فهمه الأصحاب، وإن احتمل أن يكون من قوله " هو الله الذي لا إله إلا هو " إلى آخرها. 10 - فلاح السائل: ذكر ما يزيده من الدعاء في آخر سجدة من نوافل المغرب، وفضل ذلك، روى محمد بن علي بن محمد اليزد آبادي، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن ابيه سيف بن عميرة، عن عبد الله بن سنان، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة، وإن فعله كل ليلة كان أفضل يقول: " اللهم إني اسئلك بوجهك الكريم، وباسمك العظيم، وملكك القديم، أن تصلي على محمد وآله، وأن تغفر لي ذنبي العظيم إنه لا يغفر العظيم إلا العظيم " سبع مرات فإذا قاله انصرف وقد غفر الله له، وفي رواية أخرى يعدل ستين حجة من أقصى

 

(1) مصباح المتهجد: 70.

 

[92]

البلاد (1). المتهجد والاختيار مرسلا مثله (2). 11 - فلاح السائل (3) والمتهجد: الدعاء بعد الركعتين من الاوليين من نوافل المغرب: اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الأعلى، وإليك الرجعى و المنتهى، وإن لك الممات والمحيا، وإن لك الآخرة والاولى، اللهم إنا نعوذ بك من أن نذل ونخزى وأن نأتي ما عنه تنهى. اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأسئلك الجنة برحمتك، و أستعيذ بك من النار بقدرتك، وأسألك من الحور العين بعزتك، واجعل أوسع رزقي عند كبر سني وأحسن عملي عند اقتراب أجلي، وأطل في طاعتك وما يقرب منك ويحظى عندك ويزلف لديك عمري، وأحسن في جميع أحوالى واموري معونتي، و لا تكلني إلى أحد من خلقك، وتفضل على بقضاء جميع حوائجى للدنيا والآخرة وابدأ بوالدي وولدي وجميع إخوني المؤمنين والمؤمنات في جميع ما سألتك لنفسي وثن بي برحمتك يا ارحم الراحمين (4). ثم تقوم إلى الركعتين الأخيرتين من نوافل المغرب، وتقول بعدهما: اللهم بيدك مقادير الليل والنهار، وبيدك مقادير الشمس والقمر، وبيدك مقادير الغنى والفقر، وبيدك مقادير الخذلان والنصر، وبيدك مقادير الموت والحياة وبيدك مقادير الصحة والسقم، وبيدك مقادير الخير والشر، وبيدك مقادير الجنة والنار، وبيدك مقادير الدنيا والآخرة. اللهم صل على محمد وآله، وبارك لي في ديني وديناى وآخرتي، وبارك لي

 

(1) فلاح السائل: 233. (2) مصباح المتهجد: 70. (3) فلاح السائل: 234. (4) مصباح المتهجد: 70.

 

[93]

في أهلي ومالي وولدي وإخواني وجميع ما خولتني ورزقتني، وأنعمت به علي ومن أحدثت بيني وبينه معرفة من المؤمنين، واجعل ميله إلي ومحبته لي، واجعل منقلبنا إلى خير دائم، ونعيم لا يزول. اللهم صلى على محمد وآله وأقصر أملى عن غاية أجلي، واشغل قلبي بالآخرة عن الدنيا، وأعني على ما وظفت علي من طاعتك، وكلفتنيه من رعاية حقك، وأسألك فواتح الخير وخواتمه، وأعوذ بك من الشر وأنواعه، وخفيه ومعلنه. اللهم صل على محمد وآله، وتقبل عملي وضاعفه لي، واجعلني ممن يسارع في الخيرات، ويدعوك رغبا " ورهبا "، واجعلني لك من الخاشعين، اللهم صل على محمد وآله و فك رقبتي من النار، وأوسع على من رزقك الحلال، وادرء عني [شر فسقة الجن والانس و] (1) شر فسقة العرب والعجم، وشر كل ذي شر. اللهم وأيما أحد من خلقك أرادني أو أحدا " من أهلي وولدي وإخواني وأهل حزانتى بسوء فاني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك من شره، واستعين بك عليه، و صل على محمد وآله، وخذه عني من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، وامنعني من أن يصل إلى منه سوء أبدا، بسم الله وبالله توكلت على الله إنه من يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا ". اللهم صل على محمد وآله، واجعلني وأهلي وولدي وإخواني في كنفك و حفظك وحرزك وحياطتك وجوارك وأمنك وأمانك وعياذك ومنعك، عز جارك وجل ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله إلا أنت فصل على محمد وآله، واجعلني و إياهم في حفظك وأمانك ومدافعتك وودائعك التي لا تضيع من كل سوء، ومن شر السلطان والشيطان، إنك أشد باسا " وأشد تنكيلا. اللهم إن كنت منزلا بأسا " من بأسك أو نقمة من نقمتك بياتا " وهم نائمون،

 

(1) ما بين العلامتين ساقط من مطبوعة الكمبانى.

 

[94]

أو ضحى وهم يلعبون، فصل على محمد وآله واجعلني وأهلي وولدي وإخواني في دينى في منعك وكنفك ودرعك الحصينة، اللهم إني أسألك بنور وجهك المشرق الحي القيوم الباقي الكريم، وأسألك بنور وجهك القدوس الذي أشرقت له السموات و الأرضون، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين، أن تصلي على محمد وآله، وأن تصلح لي شأني كله، وتعطيني من الخير كله، وتصرف عني الشر كله، وتقضي لي حوائجي كلها، وتستجيب لي دعائي، وتمن علي بالجنة تطولا " منك، وتجيرني من النار، وتزوجني من الحور العين، وابدأ بوالدي وإخواني المؤمنين والمؤمنات في جميع ما سألتك لنفسي وثن بي برحمتك يا أرحم الراحمين (1). بيان: " إن لك الممات والمحيا " أي ينبغي أن تكون أنت المقصود من الموت والحياة، واجعلهما خالصين لك كما مر في دعاء التوجه، أو لك التصرف فيهما وهما بقدرتك، فاللام للملك، والأخير في الفقرة الآتية أظهر، ويؤيد إرادته في الاولى. " ويحظي عندك " اي يوجب لي مكانة ومنزلة عندك، والحظوة بالضم و الكسر المكانة والمنزلة، قال في النهاية: في حديث عائشة فأي نسائه كان أحظى منى أي اقرب إليه مني وأسعد به ؟ يقال: حظيت المرءة عند زوجها تحظى حظوة بالضم والكسر، أي سعدت به ودنت من قلبه وأحبها و " يزلف " اي يقرب. " مقادير الليل والنهار " اي التقديرات الواقعة فيهما، أو تقديرات الامور الواقعة فيهما أو مقدارهما في الطول والقصر " ومقادير الشمس والقمر " اي مقدار جرمهما أو حركتهما والامور المتعلقة بهما من الكسوف والخسوف وغيرهما، وكذا البواقي " ومقادير الدنيا والآخرة " اي تقديراتهما أو مقدارهما مطلقا أو بالنسبة إلى كل شخص " واقتصر أملي " على بناء الافتعال، وفي بعض النسخ على التفعيل أي لا اؤمل ما لا يفي به عمري، أو لا اؤمل شيئا " لا أعلم أنه يفي عمري، فيكون كناية عن ترك الأمل مطلقا ". " فواتح الخير وخواتمه " اي يكون فاتحة كل أمر من اموري وخاتمته

 

(1) فلاح السائل: 235 - 237، مصباح المتهجد: 71 - 73.

 

[95]

مقرونا " بالخير والصلاح " ممن يسارع في الخيرات " أي يبادر إلى أبواب المبرات " ويدعوك رغبا " ورهبا " " أي راغبا " في الثواب راجيا " للاجابة أو في الطاعة، خائفا " للعقاب أو المعصية " من الخاشعين " اي المخبتين أو الخائفين. " فهو حسبه " أي كافيه " إن الله بالغ أمره " أي يبلغ ما يريد فلا يفوته مراد " لكل شئ قدرا " " أي تقديرا " أو مقدارا " أو أجلا " لا يمكن تغييره " أشد بأسا " " أي عقوبة من الناس " وأشد تنكيلا " أي تعذيبا. 12 - المتهجد: دعاء آخر: اللهم إني أسئلك بنور وجهك المشرق الحي الباقي الكريم، وأسألك بنور وجهك القدوس الذي أشرقت به السموات والأرضون وانكشفت به الظلمات، وصلحت عليه امور الأولين والآخرين، أن تصلي على محمد وآله وأن تصلح شأني كله (1). 13 - فلاح السائل: ذكر أحمد بن محمد الفامي، عن محمد بن الحسين بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلوا في ساعة الغفلة ولو ركعتين، فانهما توردان دار الكرامة (2). ذكر رواية اخرى في فضل ذلك: ذكر محمد بن علي بن محمد بن سعد، عن أحمد بن يحيى، عن ابيه وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله تنفلوا في ساعة الغفلة، ولو بركعتين خفيفتين، فانهما يورثان (3) دار الكرامة، قيل: يا رسول الله وما ساعة الغفلة ؟ قال: ما بين المغرب والعشاء (4). 14 - مجالس الصدوق: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن

 

(1) مصباح المتهجد: 73. (2) فلاح السائل: 244. (3) توردان خ ل كما في المصدر. (4) فلاح السائل: 245.

 

[96]

أحمد بن أبي عبد الله البرقى، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، وذكر مثله (1). ثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن البرقي مثله (2) معاني الاخبار: عن أبيه، عن سعد، عن البرقى، عن سليمان بن سماعة عن عمه عاصم، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن ابيه، عن النبي صلى الله عليه وآله مثله (3). العلل (4): عن أبيه، عن سعد، عن أحمد البرقى، عن أبيه، عن زرعة، عن سماعة عنه عليه السلام، عن ابيه مثله إلى قوله دار الكرامة. قال الصدوق: ساعة الغفلة ما بين المغرب والعشاء (5). 15 - فلاح السائل: ذكر ما نختار ذكره من الصلوات بين العشائين بالروايات أيضا حدث علي بن محمد بن يوسف، عن أحمد بن سليمان الزراري، عن أبي جعفر الحسنى محمد بن الحسين الاشترى، عن عباد بن يعقوب، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من صلى بين العشائين ركعتين قرء في الاولى الحمد وقوله تعالى: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا " فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وفي الثانية الحمد وقوله تعالى: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ". فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال: " اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي

 

(1) أمالى الصدوق: 331. (2) معاني الاخبار: 265. (3) ثواب الاعمال ص 40 و 41. (4) في المطبوعة [الخصال] ولا يوجد فيه، والحديث مذكور بسنده في العلل. (5) علل الشرايع ج 2 ص 31.

 

[97]

لا يعلمها إلا أنت، أن تصلي على محمد وآله، وأن تفعل بي كذا وكذا. ثم يقول: " اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، وتعلم حاجتى، فأسألك بحق محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام لما قضيتها لى " ويسأل الله جل جلاله حاجته أعطاه الله ما سأل، فان النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تتركوا ركعتي الغفلة و هما بين العشائين (1). المتهجد: عن هشام بن سالم مثله (2). بيان: " إذ ذهب مغاضبا " " أي لقومه كما مر في محله " فظن أن لن نقدر عليه " رزقه، والقدر الضيق كما قال تعالى: " فقدر عليه رزقه " (3) " وعنده مفاتح الغيب " أي خزائنه جمع مفتح بفتح الميم وهو المخزن، أو ما يتوصل به إلى المغيبات مستعارا " من المفاتح الذي هو جمع مفتح بالكسر، وهو المفتاح، والمعنى أنه المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها " في كتاب مبين " أي في اللوح المحفوظ أو في علمه سبحانه " والقادر على طلبتي " أي مطلبي. " لما قضيتها لي " قال الشيخ البهائي رحمه الله " لما " بالتشديد بمعنى إلا يقال: أسألك لما فعلت كذا أي ما أسألك إلا فعل كذا، وقد يقرء بالتخفيف أيضا فلا حاجة إلى تأويل فعل المثبت بالمنفى وتكون لفظة " ما " زائدة وقد قرئ بالوجهين قوله تعالى: " إن كل نفس لما عليها حافظ " انتهى (4). أقول: والتشديد أظهر، ولا حاجة إلى تأويل كما عرفت أن المعنى أسئلك في جميع الأحوال إلا حال قضاء حاجتى، أي لا أترك الطلب إلا وقت حصول المطلب، وقال الكفعمي: (5) لما روي بالتشديد والتخفيف فمن شدد كانت بمعنى إلا

 

(1) فلاح السائل: 245. (2) مصباح المتهجد: 76. (3) الفجر: 16. (4) الطارق: 4. (5) مصباح الكفعمي ص 398 في الهامش. (*)

 

[98]

كأنه قال اسئلك إلا قضيتها لي، ومن خفف جعل ما زائدة للتأكيد، واللام جواب القسم، والتقدير لقضيتها لي، قلت: قال الزجاج: " لما " استعملت في موضع إلا في موضعين، الأول في قوله تعالى: " إن كل نفس لما عليها حافظ " والثاني في باب القسم تقول: سألتك لما فعلت، والمعنى إلا فعلت، والمعنى ما كل نفس إلا عليها حافظ من الملائكة، يحفظ عملها وما تكسبه من خير وشر، ومن قرء لما بالتخفيف فالمعنى كل نفس لعملها حافظ يحفظها، وتكون " ما " صلة كما في قوله تعالى: " فبما رحمة من الله " (1). 16 - فلاح السائل: ومن الصلوات بين العشائين ما رواه أبو الحسن علي بن الحسين ابن أحمد بن علي بن إبراهيم بن محمد العلوي الجواني في كتابه إلينا عن أبيه، عن جده علي بن إبراهيم الجواني، عن سلمة بن سليمان السراوي، عن عتيق بن أحمد ابن رياح عن عمر بن سعد الجرجاني، عن عثمان بن محمد الصباح عن داود بن سليمان الجرجاني، عن عمرو بن سعيد الزهري، عن الصادق، عن أبيه، عن جده عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله عند وفاته: يا رسول الله أوصنا فقال: اوصيكم بركعتين بين المغرب والعشاء الآخرة، تقرء في الاولى الحمد وإذا زلزلت الأرض زلزالها ثلاث عشرة مرة، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد خمس عشره مرة فانه من فعل ذلك في كل شهر كان من المتقين، فان فعل ذلك في كل سنة كتب من المحسنين، فان فعل ذلك في كل جمعة مرة كتب من المصلين، فان فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة، ولم يحص ثوابه إلا الله رب العالمين جل وتعالى (2). المتهجد وغيره: مرسلا عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام مثله (3). 17 - فلاح السائل: ومن الصلوات بين العشائين ما رواه أحمد بن محمد بن علي الكوفي، عن علي بن محمد الكسائي رفعه إلى موالينا عليهم السلام في قوله تعالى " إن

 

(1) آل عمران: 159. (2) فلاح السائل ص 246. (3) مصباح المتهجد ص 76.

 

[99]

ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا " " (1) قال: هي ركعتان بعد المغرب يقرء في الاولى بفاتحة الكتاب، وعشر آيات من أول البقرة وآية السخرة، وقوله " وإلهكم إله واحد " إلى آخر الآية " لقوم يعقلون " (2) وقل هو الله أحد خمس عشر مرة، وفي الثانية فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآخر سورة البقرة من قوله " ولله ما في السموات " إلى آخر السورة وقل هو الله أحد خمس عشر مرة، ثم ادع بما شئت بعدهما، قال: فمن فعل ذلك وواظب عليه كتب له بكل صلاة ست مائة الف حجة (3). وروي ذلك في طريق آخر وفيها زيادة رواها أحمد بن علي بن محمد، عن جده محمد بن أحمد بن العباس، عن الحسن بن محمد النهشلي بمثل ذلك وزاد فيه فإذا فرغت من الصلاة وسلمت قلت: " اللهم مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، ودين نبيك ووليك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وأجرني من النار برحمتك، اللهم امدد لي في عمري، وانشر علي رحمتك وأنزل علي من بركاتك، وإن كنت عندك في ام الكتاب شقيا " فاجعلني سعيدا " فانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب. وتقول: عشر مرات " أستجير بالله من النار " وعشر مرات " أسأل الله الجنة " وعشر مرات " أسأل الله الحور العين " (4). المتهجد وغيره: مرسلا مثل الرواية الثانية مع الدعاء (5). بيان: العشر من أول البقرة إلى قوله " بما كانوا يكذبون " على أحد الاحتمالين وإلى قوله " وما يشعرون " على الاحتمال الآخر، والأول أظهر وأحوط، وآية السخرة إن اريد بها الآية الواحدة فهي إلى " رب العالمين " وإن اريد بها الجنس فهي

 

(1) المزمل: 6. (2) البقرة: 163 - 164. (3) فلاح السائل ص 246. (4) فلاح السائل ص 247. (5) مصباح المتهجد ص 76 و 77.

 

[100]

ثلاث آيات إلى قوله " من المحسنين " وهو أشهر وأحوط، والأشهر في آية الكرسي إلى " العلي العظيم " وقيل إلى " خالدون ". 18 - فلاح السائل: ومن الصلوات بين العشائين ما رواه محمد بن أحمد القمي، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، عن الحسين بن سعيد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من صلى بعد المغرب أربع ركعات يقرء في كل ركعة خمس عشرة مرة قل هو الله أحد انفتل من صلاته وليس بينه وبين الله تعالى ذنب إلا وقد غفر له (1). ومن الصلوات بين المغرب وبين العشاء الآخرة ما رواه محمد بن أحمد بن علي بن سعيد الكوفي البزاز رحمه الله عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد الكليني، عن بعض أصحابه، عن الرضا عليه السلام قال: من صلى المغرب وبعدها أربع ركعات ولم يتكلم حتى يصلي عشر ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، كانت له عدل عشر رقاب (2). المتهجد: وروي عشر ركعات وذكر نحوه، وقال: أربع ركعات يقرء في كل ركعه الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد، وروي أنه من فعل ذلك انفتل من صلاته وليس بينه وبين الله تعالى ذنب إلا وقد غفر له (3). 19 - فلاح السائل: ومن الصلوات بين العشائين ما رويناه بعدة طرق فمنها باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي (4) عن ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الشيخ جعفر بن سليمان فيما رواه في كتابه كتاب ثواب الأعمال عن الصادق، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تنفلوا ولو بركعتين خفيفتين فانهما تورثان دار الكرامة، قيل: يا رسول الله وما معنى خفيفتين ؟ قال: يقرأ فيهما الحمد وحدها قيل: يا رسول الله

 

(1 - 2) فلاح السائل ص 247. (3) مصباح المتهجد ص 77. (4) راجع التهذيب ج 1 ص 205.

 

[101]

فمتى اصليها ؟ قال: ما بين المغرب والعشاء (1). بيان: الظاهر أن هذه الصلاة هي نافلة المغرب فان ركعتين منها آكد كما مر، ويجوز الاكتفاء في النوافل بالحمد فقط لا سيما عند ضيق الوقت، بل يحتمل في بعض النوافل المتقدمة أيضا " أن يكون كيفية مستحبة لنافلة المغرب، وهذه الأخبار مما يؤيد جواز إيقاع التطوع بعد دخول وقت العشاء (2) إذ لا يفي الوقت بجميعها،

 

(1) فلاح السائل ص 248. (2) هذه الاخبار مع ضعف سندها تخالف سنة النبي صلى الله عليه وآله في أعداد النوافل من جهة وفي تعيين أوقات الصلوات اخرى، وقد عرفت فيما سبق مرارا " أن الله لا يعذب على كثرة الصيام والصوم، ولكنه يعذب على ترك السنة. وذلك لان المراد بالسنة كما عرفت في ج 82 ص 295 سيرته العملية المتخذة باشارات القرآن العزيز كما " وكيفا " زمانا " ومكانا " فمن خالف سنته كما فأتى بالنوافل أكثر مما سنه صلى الله عليه وآله أو كيفا " فأتى بها بتطويل الركوع في ليلة مع تخفيف سائرها وتطويل السجود في ليلة اخرى يتخذها سيرة لنفسه ويقول يا فلان هذه ليلة الركوع وهذه ليلة السجود مثلا، أو لا يفصل بين كل ركعتين بتشهد وسلام، أو يقرء عشر سور في ركعة واحدة يلتزم بها وغير ذلك مما يكثر تعداده. أو خالف سنته صلى الله عليه وآله زمانا فأتى بالنوافل في وقت الفرائض المختص بها، أو مكانا " فأتى بها في المسجد علانية يلتزم بها، وقد كان صلوات الله عليه يأتي بها في داره الا نوافل شهر رمضان على ما سيأتي في محله. فمن خالف سنته صلى الله عليه وآله باحدى هذه الصور فقد أتى بأمر من عنده محدث، " وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ". وهذا هو المراد بقوله عليه السلام " ما أحدثت بدعة الا ترك بها سنة " وذلك لان السنة قد تترك رأسا "، كمن ترك النوافل من دون تهاون واستخفاف بها، فلا حرج عليه، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام: "... وسنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة ". =

 

[102]

بل ببعضها فقط، ولعل الأحوط ترك ما لا يفى الوقت بها، وإن كان الأقوى جواز إيقاعها والله يعلم.

 

وأما إذا ترك السنة وراء ظهره كأنه لا يعبأ بها، أو حولها عن وجهها كأنه يرى نقصا " فيها فيتمها من عنده، أو خللا فيصلحها ويسدها برأيه، فقد خالف سنة النبي صلى الله عليه وآله وتعداها " ومن خالف سنة النبي متعمدا " فقد كفر " ومن تعداها جهلا اخذ بناصيته ورد إلى السنة، والا فلا يعبأ بأعماله ولا ينصب لها ميزان، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام: " لا عمل الا بنية ولا نية الا باصابة السنة ". وأما الفقهاء والمحدثون من الاصحاب - رضوان الله عليهم - فانما نقلوا هذه الاحاديث وما ضاهاها في كتبهم المدونة لاعمال اليوم والليلة - مع اعترافهم بضعف سندها، تعولا على قاعدة التسامح في أدلة السنن المبتنية على أحاديث من بلغ، زعما منهم أنها تشمل كل حديث روى فيه ثواب على عمل، مطلقا "، وان كان العمل مخالفا " للسنة القطعية، وليس كذلك، والا لكان مفادها تصويب البدع والحكم بمشروعيتها، والكذب المفترع على أئمة الدين و حماته، وهذا كما ترى مخالف لضرورة المذهب. فالمراد من العمل الذي يروى له ثواب من الله انما هو العمل الثابت بالسنة القطعية كالنوافل المرتبة والتعقيبات والاذكار التى يؤيدها الكتاب والسنة، فإذا ورد في حديث أن صلاة الليل تزيد في الرزق، أو نافلة المغرب تسرع في قضاء حاجته وأن تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام عند المنام خير من خادم يخدم البيت طول النهار، فافتتن المكلف بالحديث وعمل ذاك الخير التماس تلك العائدة ورجاء ذلك الثواب المخصوص، آتاه الله ذلك الثواب تكرما "، وان لم يكن الحديث كما بلغه. على أن هذه الاحاديث - أحاديث من بلغ - لو كانت لها اطلاقا فانما تنظر إلى العوام والمقلدين البسطاء، الذين لا يعرفون الحق من الباطل، ولا يكلفون التمييز بين الصحيح و السقيم، وانما يتعولون في دينهم على رأى الفقهاء والمحدثين، وأما الفقهاء والمحدثون فوظيفتهم الذب عن حوزة الدين، ومعرفة الصحيح من السقيم وطرح الاحاديث والروايات التى لا توجب علما " ولا عملا، لضعف سندها وطعن العلماء في رواتها بالفسق والغلو والجهالة،

 

[103]

20 - المجتنى: شكى رجل إلى الحسن بن علي عليه السلام جارا " يؤذيه، فقال له الحسن عليه السلام: إذا صليت المغرب فصل ركعتين ثم قل: " يا شديد المحال، يا عزيز أذللت بعزتك جميع ما خلقت اكفني شر فلان بما شئت " قال: ففعل الرجل ذلك، فلما

 

فهم أولى بأن يؤدوا حق الله عزوجل إليه وهو أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، وأن يأخذوا بما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ويدعوا ما خالف كتاب الله وسنة نبيه: ففى الصحيح أن ابا يعفور سأل الصادق عليه السلام عن اختلاف الحديث: يرويه من يوثق به، ومنهم من لا يوثق به، فقال عليه السلام: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا في كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله (يعنى سنته ص) والا فالذي جاءكم به أولى به. وروى الكشى عن اليقطينى عن أبى محمد يونس بن عبد الرحمن أن بعض اصحابنا سأله فقال له: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث وأكثر انكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الاحاديث ؟ فقال: حدثنى هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا " الا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا " من أحاديثنا المتقدمة، فان المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبى أحاديث لم يحدث بها أبى فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله فانا إذا حدثنا قلنا: قال الله عزوجل، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله. قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام، وقال لى: ان أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الاحاديث إلى يومنا هذا في كتاب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فانا ان حدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، أنا عن الله وعن رسوله نحدث الخبر. =

 

[104]

كان في جوف الليل سمع صراخ، وقيل: فلان قد مات الليلة. عدة الداعي: مثله إلا أن فيه " بعزتك الجبابرة من خلقك ". بيان: قال الجزري: المحال بالكسر الكيد، وقيل المكر، وقيل القوة و الشدة، وميمه أصلية.

 

= فعلى هذا لا مناص من أن نتعرف صدق الرواة وأمانتهم ثم بعد ذلك نعرض الحديث على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، فان وافق القرآن وسيرة نبيه صلى الله عليه وآله نقبله، و الا فمن جاء به فهو أولى به، وهذه الاحاديث مع كونها مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وآله، رواتها مطعون غالبا " أو مجاهيل، فلا توجب لا علما " ولا عملا، حتى يحتاج إلى الجمع بينها.

 

[105]

5 - " (باب) " " فضل الوتيرة وآدابها وعللها وتعقيبها " " وساير الصلوات بعد العشاء الاخرة " 1 - العلل: عن علي بن حاتم، عن محمد بن حمدان، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن المثنى، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: اصلي العشاء الآخرة، فإذا صليت صليت ركعتين وأنا جالس، فقال: أما إنها واحدة، ولو بت بت على وتر (1). ومنه: عن علي بن أحمد، عن محمد بن جعفر الأسدي، عن موسى بن عمران الجعفي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا. بوتر، قال قلت: تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة قال: نعم، إنهما بركعة فمن صلاها ثم حدث به حدث مات على وتر، فان لم يحدث به حدث الموت يصلي الوتر في آخر الليل. فقلت: هل صلى رسول الله صلى الله عليه وآله هاتين الركعتين ؟ قال: لا، قلت: ولم ؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتيه الوحي، وكان يعلم أنه [هل] يموت أم لا، وغيره لا يعلم، فمن أجل ذلك لم يصلهما وأمر بهما (2). بيان: يظهر من هذا الخبر وجه الجمع بين الأخبار المختلفة، حيث عدت الوتيرة في بعضها من السنن، وفي بعضها لم تعد منها، وقوله " فلا يبيتن " إما نهي أو نفي، فعلى الأول يكون من قبيل تصدير الأحكام بيا أيها الذين آمنوا، لأنهم المنتفعون بها، فلا يدل على أن ترك الوتر مناف للايمان، وعلى الثاني فيحتمل أن

 

(1) علل الشرايع ج 2 ص 20، وفى بعض النسخ " ولو مت مت على وتر ". (2) علل الشرايع ج 2 ص 20.

 

[106]

يكون الغرض النهي فيرجع إلى الأول أو معناه، فيحمل على كمال الايمان، وعلى التقادير فيه إيماء إلى أن مقتضى الايمان بالله وما وعد الله من الثواب على الطاعات لا سيما صلاة الليل عدم تركها للكسل أو الأعذار القليلة. ثم إن ظاهر هذه الأخبار أفضلية الجلوس في الوتيرة بل تعينه، وبعض الأخبار يدل على كون القيام فيهما أفضل، كرواية الحرث النضرى (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصليهما وهو قاعد، وأنا اصليهما وأنا قائم، وظاهره أن الباقر عليه السلام كان يصليهما جالسا " لكونه بادنا يشق عليه القيام، وكرواية سليمان بن خالد (2) عنه عليه السلام حيث قال: وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرء فيهما مائة آية قائما أو قاعدا " والقيام أفضل، ولا يبعد القول بأفضلية القيام وإن كان القعود أشهر. والمشهور في وقتها أنه يمتد بامتداد وقت العشاء، وادعى في المعتبر والمنتهى عليه الاجماع، وذكر الشيخان وأتباعهما أنه ينبغي أن يجعلها خاتمة نوافله، ومستنده غير معلوم. 2 - فلاح السائل: صلاة الفرج بالاسناد إلى محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن الحسن بن علي بن المغيرة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمان ابن كثير قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام كربا " أصابني قال: يا عبد الرحمان إذا صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين، ثم ضع خدك الأيمن على الأرض، ثم قل: " يا مذل كل جبار، ومعز كل ذليل، قد وحقك بلغ مجهودي " قال: فما قلته إلا ثلاث ليال حتى جاء لي الفرج (3). صلاة لطلب الرزق روى أبو محمد هارون بن موسى عن أحمد بن محمد بن سعيد قال: قال لي القاسم بن محمد بن حاتم وجعفر بن عبد الله المحمدي قالا: قال لنا محمد بن أبي عمير:

 

(1) الكافي ج 3 ص 446. (2) التهذيب ج 1 ص 134. (3) فلاح السائل ص 257.

 

[107]

كل ما رويته قبل دفن كتبي وبعدها فقد أجزته لكما ؟ ! قال ابن أبي عمير: حدثني هشام سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تتركوا ركعتين بعد العشاء الآخرة، فانها مجلبة للرزق، وتقرء في الاولى الحمد وآية الكرسي وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد وثلاث عشرة مرة قل هو الله أحد، فإذا سلمت فارفع يديك وقل: " اللهم إني اسئلك يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، يا من لا تغيره الدهور، ولا تبليه الأزمنة، ولا تحيله الأمور، يا من لا يذوق الموت، ولا يخاف الفوت، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، صل على محمد وآله، وهب لي ما لا ينقصك، واغفر لي ما لا يضرك، وافعل بي كذا وكذا " وتسئل حاجتك. وقال عليه السلام: من صلاها بنى الله له بيتا " في الجنة (1). المتهجد وغيره: يستحب أن يصلي ركعتين بعد العشاء الآخرة وذكر مثله (2). 3 - فلاح السائل: ومن الصلوات بعد العشاء الآخرة ما رواه محمد بن عمر البزاز عن الحسين بن إسماعيل المحاملي، عن يحيى بن يعلى، عن ابن أبي مريم، عن عبد الله ابن فرج، عن أبي فروة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة، وقرء في الركعتين الأوليين قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وفي الركعتين الأخيرتين تبارك الذي بيده الملك والم تنزيل السجدة، كن له كأربع [ركعات] من ليلة القدر (3). 4 - المتهجد والاختيار: في النوافل بعد العشاء أربع ركعات مروية عن النبي صلى الله عليه وآله يقرء في الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثالثة الحمد والم تنزيل، وفي الرابعة الحمد وتبارك الذي

 

(1) فلاح السائل ص 258. (2) مصباح المتهجد ص 85. (3) فلاح السائل ص 258 - 259.

 

[108]

بيده الملك (1). أقول: لعل اختلاف الترتيب لاختلاف الروايات، وفي المستند أيضا ضعف. 5 - فلاح السائل: صلاة الوتيرة روى أحمد بن محمد بن الحسن، عن علي بن محمد بن الزبير، عن عبد الله بن محمد الطيالسي، عن أبيه، عن إسماعيل بن عبد الخالق ابن عبد ربه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان يصلي أبي بعد عشاء الآخرة ركعتين، وهو جالس يقرء فيهما مائة آية، وكان يقول: من صلاهما وقرء بمائة آية لم يكتب من الغافلين. قال اسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه: إن أبا جعفر عليه السلام كان يقرء فيهما بالواقعة والإخلاص (2). وروى هارون بن موسى، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسن ابن عبد الملك، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير بن حنان، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: من قرء سورة الملك في ليلة فقد أكثر وأطاب، ولم يكن من الغافلين، وإني لأركع بها بعد العشاء وأنا جالس (3). المتهجد وغيره: يستحب أن يقرء [فيهما] مائة آية من القرآن، ويستحب أن يقرء فيهما بالواقعة والاخلاص، وروي سورة الملك والاخلاص (4). 6 - فلاح السائل (5) والمتهجد والاختيار: يقول بعد الوتيرة: " أمسينا و أمسى الحمد والعظمة والكبرياء والجبروت والحلم (6) والجلال والبهاء والتقديس والتعظيم والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والسماح والجود والكرم والمجد والمن

 

(1) مصباح المتهجد ص 85. (2 - 3) فلاح السائل ص 259. (4) مصباح المتهجد ص 81. (5) فلاح السائل ص 260 - 264. (6) والحكم خ ل.

 

[109]

والخير والفضل والسعة والحول والقوة والقدرة والفتق والرتق والليل والنهار والظلمات والنور والدنيا والآخرة والخلق جميعا والأمر كله، وما سميت وما لم اسم، وما علمت وما لم أعلم، وما كان وما هو كائن، لله رب العالمين. الحمد لله الذي أذهب النهار (1) وجاء بالليل، ونحن في نعمة منه وعافية وفضل عظيم، الحمد لله الذي له ما سكن في الليل والنهار، وهو السميع العليم، الحمد لله الذي يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويرزق من يشاء بغير حساب وهو عليم بذات الصدور. اللهم بك نمسي وبك نصبح، وبك نحيى وبك نموت، وإليك المصير، اللهم إني أعوذ بك من أن أذل أو اذل (2) أو [أن] أضل أو اضل أو أظلم أو اظلم أو أجهل أو يجهل علي، يا مصرف القلوب والأبصار، صل على محمد وآل محمد، وثبت قلبي على طاعتك وطاعة رسولك عليه وآله السلام، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. اللهم إن لك عدوا لا يألوني خبالا " حريصا " على غيي، بصيرا بعيوبي، يراني هو وقبيله من حيث لا أراهم اللهم صل على محمد وآله (3) وأعذ منه أنفسنا وأهالينا و أولادنا وإخواننا وما اغلقت عليه أبوابنا، وأحاطت به دورنا، اللهم صل على محمد وآله (4) وحرمنا عليه كما حرمت عليه الجنة وباعد بيننا وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب وبين السماء والأرض، وأبعد من ذلك اللهم صل على محمد وآله (5) وأعذني منه ومن همزه ولمزه وفتنته ودواهيه وغوائله وسحره ونفثه، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعذني منه في الدنيا والآخرة، وفي المحيا والممات. بالله أدفع ما اطيق وما لا اطيق ومن الله القوة والتوفيق، يا من تيسير العسير عليه سهل يسير، صل على محمد وآله، ويسر لي ما أخاف عسره، فان تيسير العسير

 

(1) ذهب بالنهار خ ل. (2) أو أزل أو أزل. خ ل. (3 - 5) وآل محمد خ ل.

 

[110]

عليك سهل يسير. اللهم يا رب الأرباب، ويا معتق الرقاب، أنت الله الذي لا تزول ولا تبيد، ولا تغيرك الدهور والأزمان، بدت قدرتك يا إلهي ولم تبد هيئة، فشبهوك يا سيدي واتخذوا بعض آياتك أربابا، يا إلهي فمن ثم لم يعرفوك يا إلهي، وأنا يا إلهي برئ إليك في هذه الليلة من الذين بالشبهات طلبوك، وبرئ إليك من الذين شبهوك وجهلوك، يا إلهي أنا برئ من الذين بصفات عبادك وصفوك، بل أنا برئ من الذين جحدوك ولم يعبدوك، وأنا برئ من الذين في أفعالهم جوروك، وأنا برئ من الذين بقبايح أفعالهم نحلوك، وأنا برئ من الذين عما نزهوا عنه آباءهم وامهاتهم ما نزهوك وأبرأ إليك من الذين من مخالفة نبيك وآله عليهم السلام خالفوك، وأنا برئ إليك من الذين في محاربة أوليائك حاربوك، وأنا برئ إليك من الذين في معاندة آل نبيك (1) صلى الله عليه وآله عاندوك. اللهم صل على محمد وآله واجعلني من الذين عرفوك فوحدوك (2)، واجعلني من الذين لم يجوروك وعن ذلك نزهوك، واجعلني من الذين في طاعة أوليائك وأصفيائك أطاعوك، واجلعني من الذين في خلواتهم وفي آناء واطراف النهار راقبوك وعبدوك. يا محمد يا علي بكما بكما اللهم إني اسئلك في هذه الليلة باسمك الذي إذا وضع على مغالق أبواب السماء للانفتاح انفتحت، وأسألك باسمك الذي إذا وضع على مضائق الأرض للانفتاح انفتحت، وأسألك باسمك الذي إذا وضع على البأساء للتيسير تيسرت وأسألك باسمك الذي إذا وضع على القبور للنشور انتشرت، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تمن علي بعتق رقبتي من النار في هذه الليلة. اللهم إني لم أعمل الحسنة حتى أعطيتنيها، ولم أعمل السيئة حتى أعلمتنيها اللهم فصل على محمد وآل محمد، وعد على علمك بعطائك، وداو دائي بدوائك، فان

 

(1) آل الرسول خ ل، وهو في المصباح كذلك. (2) فوجدوك خ ل. كما في المصباح.

 

[111]

دائي ذنوبي القبيحة، ودواؤك عفوك وحلاوة رحمتك. اللهم إني أعوذ بك أن تفضحني بين الجموع بسريرتي، وأن ألقاك بخزي عملي والندامة بخطيئتي، وأعوذ بك أن تظهر سيئاتي على حسناتي، وأن اعطى كتابي بشمالي فيسود بذلك وجهي، ويعسر بذلك حسابي، وتزل بذلك (1) قدمي، ويكون في مواقف الأشرار موقفي، وأن أصير (2) في الأشقياء المعذبين حيث لا حميم يطاع، ولا رحمة منك تداركني، فأهوى في مهاوي الغاوين. اللهم فصل على محمد وآله، وأعذني من ذلك كله، اللهم بعزتك القاهرة، وسلطانك العظيم، صل على محمد وآل محمد، وبدل لي الدنيا الفانية بالدار الآخرة الباقية ولقني روحها وريحانها وسلامها، واسقني من باردها وأظلني في ظلالها و زوجني من حورها، وأجلسني على أسرتها وأخدمني من ولدانها، وأطف علي غلمانها واسقني من شرابها، وأوردني أنهارها واهدل لي (3) ثمارها، واثوني في كرامتها، مخلدا " لا خوف علي يروعني، ولا نصب يمسني، ولا حزن يعتريني، ولا هم يشغلني، قد رضيت ثوابها، وأمنت عقابها، واطمأننت في منازلها، وقد جعلتها لي ملجأ وللنبي صلى الله عليه وآله رفيقا " وللمؤمنين أصحابا "، وللصالحين إخوانا "، في غرف فوق الغرف، حيث الشرف كل الشرف. اللهم وأعوذ بك معاذة من خافك وألجأ إليك ملجأ من هرب إليك من النار التي للكافرين أعددتها، وللخاطئين أوقدتها، وللغاوين أبرزتها، ذات لهب وسعير (4) وشهيق وزفير وشرر كأنه جمالات صفر (5) وأعوذ بك اللهم أن تصلي بها وجهي، أو تطعمها لحمي، أو توقدها بدني، وأعوذ بك يا إلهي من لهبها (6)، فصل على محمد وآله، واجعل رحمتك حرزا " من عذابها، حتى تصيرني بها في عبادك الصالحين الذين لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

 

(1) بها خ ل. (2) أن أصبر خ ل. (3) وهدل خ ل. (4) وسعر خ ل. (5) جمالات كالقصر خ ل. (6) لهيبها خ ل. (*)

 

[112]

اللهم صل على محمد وآله، وافعل بي ما سألتك من أمر الدنيا والآخرة، مع الفوز بالجنة وامنن علي في وقتي هذا وساعتي هذه وفي كل أمر شفعت فيه إليك فيه وما لم اشفع إليك فيه مما لي فيه النجاة من النار، والصلاح في الدنيا والآخرة، و أعني على كل ما سألتك أن تمن به علي. اللهم وإن قصر دعائي عن حاجتي، أو كل عن طلبها لساني، فلا تقصرني من جودك ولا من كرمك يا سيدي، فأنت ذو الفضل العظيم، اللهم صل على محمد وآله، و افعل بي ما سألتك من أمر الدنيا والآخرة مع الفوز بالجنة، وامنن علي واكفني ما أهمني وما لم يهمني، وما حضرني وما غاب عني، وما أنت أعلم به مني. اللهم وهذا عطاؤك ومنك وهذا تعليمك وتأديبك، وهذا توفيقك وهذه رغبتي إليك من حاجتي، فبحقك اللهم على من سألك، وبحق ذي الحق عليك ممن سألك وبقدرتك على ما (1) تشاء وبحق لا إله إلا أنت يا حي يا قيوم يا محيي الموتى، لا إله إلا أنت القائم على كل نفس بما كسبت، أسئلك أن تصلي على محمد وآله، وأن تعتقني من النار، وتكلأني من العار، وتدخلني الجنة مع الأبرار، فانك تجير ولا يجار عليك. اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعذني من سطواتك، وأعذني من سوء عقوبتك اللهم ساقتني إليك الذنوب، وأنت ترحم من يتوب، فصل على محمد وآله، واغفر لي جرمي، وارحم عبرتي، وأجب دعوتي، وأقل عثرتي، وامنن علي بالجنة، وأجرني من النار، وزوجني من الحور العين، وأعطني من فضلك، فاني بك إليك أتوسل، فصل على محمد وآله، واقلبني موفر العمل (2) بغفران الزلل بقدرتك، ولا تهني فأهون على خلقك، صل اللهم على محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما " (3). توضيح: " يولج الليل في النهار " بإذهاب الليل والاتيان بالنهار، فكأنه أدخل الليل فيه، وكذا العكس، أو بالزيادة والنقص في الفصول (4) " ويخرج الحي

 

(1) من تشاء خ ل. (2) موفور العمل خ ل. (3) مصباح المتهجد ص 85 - 81. (4) راجع في ذلك ج 83 ص 104.

 

[113]

من الميت " بانشاء النباتات من موادها وإماتتها، وإنشاء الحيوان من النطفة والنطفة منه، وروي إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن " بغير حساب " أي كثيرا " أو من غير أن يحاسبه عليه. " بك نمسي " أي بقدرتك وعونك ندخل في المساء والصباح " من أن أذل " على بناء المعلوم من المجرد أو الافعال، وكذا سائر الفقرات سوى " أظلم وأجهل " فانهما على المجرد فقط " يا مصرف القلوب " عن عزماتها وإراداتها " والأبصار " عما تريد أن تنظر إليها إذا لم يوافق إرادة الله تعالى، كما قال: " فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (1) ويحتمل أن يراد بالأبصار البصائر. " لا يألوني خبالا " " أي لا يقصر في فسادي، والألو التقصير، وأصله أن يعدى بالحرف يقال ألا في الأمر يألو إذا قصر ثم عدي إلى مفعولين كقولهم لا آلوك نصحا "، على تضمين معنى المنع والنقص، والخبال الفساد، ويكون في الأبدان والأفعال والعقول " وقبيله " أي جنوده، والدور بغير همز جمع الدار كأسد واسد. والهمز الغمز، والوقيعة في الناس، وذكر عيوبهم، وهمزات الشياطين نخساته و غمزاته وطمعه فيه، وكذا اللمز ومنه قوله تعالى: " ويل لكل همزة لمزة " وقيل: الهمزة هو الذي يعيبك بوجهك، واللمزة الذى يعيبك في الغيب، وقيل الغمز ما يكون باللسان والعين والاشارة باليد، والهمز لا يكون إلا باللسان، وقيل هما شئ واحد والمراد هنا أنواع مكائد الشيطان ويمكن أن يكون المراد ما يصدر من الناس من ذلك ونسبه إلى الشيطان لأنه السبب فيه. والغوايل الشرور والمهالك، والنفث في العقد وغيرها من قبيل السحر، وهنا أيضا " إما كناية عن تصرفاته في الانسان الشبيهة بالسحر، أو ما يصدر من الناس بسببه بالشبهات " طلبوك " أي بغير برهان ودليل أو بالتشبيه بالخلق في أفعالهم " جوروك " أي نسبوا الجور والظلم إليك في أفعالهم، بأن قالوا هو سبحانه يجبرنا على أعمالنا ويعاقبنا عليها، والفقرة التالية لها مؤكدة، أو المراد بالثانية أنهم نسبوا مثل

 

(1) يس: 6.

 

[114]

أعمالهم إليك. " في محاربة أوليائك حاربوك " أي حاربوا أولياءك ولما كان حربهم حربك فهم بذلك حاربوك " وآناء الليل " ساعاته " راقبوك " أي انتظروا حلول أوامرك وثوابك و خافوا حلول عقابك " وحرسوك " أي حرسوا أوامرك ونواهيك والحاصل أنهم لم يغفلوا عنك ساعة. " بكما " أي بالتوسل بكما وشفاعتكما أطلب حاجاتي من الله، وهذه الفقره معترضة بين الدعاء " حتى أعلمتنيها " أي نهيتني عنها " على علمك " أي على ما تعلم من ذنوبي وعجزي وافتقاري كما ورد في الدعاء عد بحلمك على جهلي، ويقال: عاد بمعروفه عودا " أفضل، ذكره في المصباح المنير. وقال الفيروز آبادي: العائدة المعروف والصلة والعطف والمنفعة، ولا يبعد أن يكون على عملك بتقديم الميم أي على الذي عملته وصنعته فيكون نوع استعطاف. وفي القاموس هدله يهدله هدلا " أرسله إلى أسفل وأرخاه، وفي نسخ المصباح " هدل " على بناء التفعيل، ولم أره في اللغة، وثوى بالمكان أقام، وأثويته وثويته، ورعت فلانا وروعته أفزعته وأخفته، وعراني هذا الأمر واعتراني غشيني. " أعددتها " إشارة إلى قوله سبحانه " اعدت للكافرين " (1) وأبرزتها إلى قوله تعالى " وبرزت الجحيم للغاوين " (2) " كأنه جمالات " إشارة إلى قوله عزوجل: " إنها ترمي بشرر كالقصر، كأنه جمالات صفر " (3) الجمالات جمع جمال أو جمالة جمع جمل، شبهه في عظمه بالجمل، ووصف بالصفر لما فيه من النارية وقيل: أي سود فان سواد الابل يضرب إلى الصفرة، وقال الجوهري: صليت اللحم وغيره أصليه صليا " إذا شويته، ويقال أيضا صليت الرجل نارا " إذا أدخلته النار، وجعلته يصلاها،

 

(1) البقرة: 24. (2) الشعراء: 91. (3) المرسلات: 32.

 

[115]

فان القيته فيها إلقاء كأنك تريد الاحراق قلت أصليته بالألف، وصليته تصلية والحسيس الصوت الذي يحس به وقيل: الصوت الخفي. 7 - جامع البزنطى: نقلا " عن بعض الأفاضل عن الحلبي، عن الصادق عليه السلام قال: من قرأ مائة آية بعد العشاء لم يكن من الغافلين. وعن الحسين بن زياد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأمقت الرجل يكون قد قرأ القرآن ثم ينام حتى يصبح لا يسمع الله منه شيئا ". 8 - رجال الكشى: عن حمدويه، عن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن هشام المشرقي، عن الرضا عليه السلام قال: إن أهل البصرة سألوني فقالوا: إن يونس يقول: من السنة أن يصلي الانسان ركعتين وهو جالس بعد العتمة، فقلت: صدق يونس (1).

 

(1) رجال الكشي ص 414، تحت الرقم 351.

 

[116]

6 - (باب) * * " (فضل صلاة الليل وعبادته) " * الايات: آل عمران: والمستغفرين بالأسحار (1). وقال تعالى: ليسوا سواء من أهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (2). اسرى: ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما " محمودا " (3).

 

(1) آل عمران: 17. (2) آل عمران: 113. (3) أسرى: 79، ومعنى التهجد هو النوم واليقظة يقال له بالفارسية (بيدار خوابى) قال الجوهري هجد وتهجد، أي نام ليلا، وهجد وتهجد: أي سهر، وهو من الاضداد، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. وعندي أن لغات الاضداد سواء كان في المصادر أو الاسماء هو اجتماع الضدين على الترتيب، لا أنه يستعمل تارة في هذا وتارة في ضده، من دون قرينة، فالجون في الاسماء هو الابيض والاسود كالذي فيه بياض وبجنبه سواد وهكذا، و في المصادر ومنه التهجد أن ينام الرجل نومة ويستيقظ فيسهر أخرى وهكذا، وقد كان يفعل النبي صلى الله عليه وآله كذلك في تهجده بعد نزول الاية الكريمة: روى الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 231) عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول - وذكر صلاة النبي صلى الله عليه وآله - قال: كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه، ثم ينام ما شاء الله، فإذا استيقظ جلس ثم قلب بصره في السماء ثم تلا الايات من آل عمران " ان في خلق السموات والارض " الايات ثم يستن ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه يركع حتى يقال: متى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال: متى يرفع رأسه، ثم يعود إلى (*)

 

[117]

[...............]

 

= فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الايات من آل عمران، ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ويصلى الاربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله، ثم يستيقظ ويجلس ويتلو الايات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلى الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة. وروى الكليني (الكافي ج 3 ص 445) باسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله مثله، وقال عليه السلام بعد ذلك: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قلت: متى كان يقوم ؟ قال: بعد ثلث الليل، وفي حديث آخر بعد نصف الليل. وروى في مشكاة المصابيح (ص 107) عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: ان رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قال: قلت وأنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله: والله لارمقن رسول الله صلى الله عليه وآله للصلاة حتى أرى فعله، فلما صلى صلاة العشاء وهي العتمة اضطجع هويا " من الليل ثم استيقظ فنظر في الافق فقال: ربنا ما خلقت هذا باطلا - حتى بلغ إلى - انك لا تخلف الميعاد، ثم اهوى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فراشه فاستل منه سواكا " ثم أفرغ في قدح من أداوة عنده ماء فاستن ثم قام فصلى حتى قلت قد صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل اول مرة وقال مثل ما قال، ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات قبل الفجر. رواه النسائي. وروى عن يعلى بن مملك أنه سال ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله عن قراءة النبي صلى الله عليه وآله وصلاته، فقالت: وما لكم وصلاته ؟ كان يصلى ثم ينام قدر ما صلى ثم يصلى قدر ما نام ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح ثم نعتت قراءته صلى الله عليه وآله فإذا هي قراءة مفسرة حرفا " حرفا "، رواه أبو داود والنسائي. أقول: لا يذهب عليك أن صلاة الليل قد كانت فريضة عليه صلى الله عليه وآله قبل ذلك بآية المزمل: " قم الليل الا قليلا.. ورتل القرآن ترتيلا * ان ناشئة الليل هي أشدوطا " وأقوم قيلا ". وفي هذه الاية فرض عليه صلى الله عليه وآله التهجد بالليل ولذلك فرق النبي صلى الله عليه وآله صلاة ليله

 

[118]

الفرقان: والذين يبيتون لربهم سجدا " وقياما " (1). التنزيل: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (2). الزمر: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا " وقائما " يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (3). * (هامش) = * بين نومة ونومة ونومة على ما عرفت من معنى التهجد وشهدت به روايات الفريقين. وقوله عزوجل: " نافلة لك " ينظر إلى ما في قوله عزوجل قبل هذه الاية: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا " والمراد بما افترض فيها عليه صلى الله عليه وآله اقامة صلاة المغرب وصلاة الفجر على ما عرفت في ج 82 ص 317، والمعنى أن هاتين الصلاتين اللتين فرض عليك اقامتهما في هاتين الوقتين كرامة مسبوقة وقد فرض على الانبياء قبلك، وسيفترضان على امتك بالمدينة، واما التهجد بالليل والصلاة خلال التهجد فهو زيادة على ذلك، جعلناه عطية لك خاصة وكرامة خصصتك بها، وعسى الله - عزوجل - أن يبعثك بهذه العطية والكرامة مقاما " محمودا " يغبطك به الاولون والاخرون. (1) الفرقان: 64. (2) السجدة: 16 - 17، وهذه الاية بالنسبة إلى المؤمنين كآية الاسراء: 79 بالنسبة إلى النبي، والمراد في كلتيهما صلاة الليل بالتهجد، الا أنها فرض على النبي صلى الله عليه وآله بظاهر الامر، ومندوب إليه للمؤمنين بظاهر الاية، وتأسيا به (ص) كما سيجئ توضيحه في آية المزمل: فالتجافي في هذه الاية في قبال التهجد في آية الاسراء، وقوله تعالى: " فلا تعلم نفس ما أخى لهم من قرة أعين " وقع موقع قوله تعالى: " عسى ربك أن يبعثك مقاما " محمودا ". جزاء بما كانوا يعملون. (3) الزمر: 9، وقوله تعالى " آناء الليل " لعله اشارة إلى معنى التهجد على ما عرفت.


 

[119]

الذاريات: كانوا قليلا " من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون (1). ق: ومن الليل فسبحه وأدبار السجود (2). الطور: وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (3). المزمل: يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا " نصفه أو انقص منه قليلا " أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا " ثقيلا " إن ناشئة الليل هي أشد وطا وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحا " طويلا " * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا (4). وقال تعالى: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و

 

(1) الذاريات: 18. (2) ق: 40. (3) الطور: 49. (4) المزمل: 1 - 7، وانما قال عزوجل " أو انقص منه قليلا أو زد عليه " لئلا يكون تكليفا " شاقا " عليه صلى الله عليه وآله بأن يقوم نصف الليل تماما من دون نقص وذلك لان فرائض القرآن كالاساس، يجب أن يمتثل دقيقا، لكونه كلام حكيم قد أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، ولذلك ترى في امثال هذه الموارد التي يتضايق امتثال الفرض على المكلف تبادر الاية بذكر ما يرتفع به الحرج والمشقة: ففرض عليه صلى الله عليه وآله أولا أن يقوم الليل الا قليلا، وبينه بالنصف، أي قم الليل نصفه، و معلوم أن من قام نصف الليل بعد نومه فقد نام أقل من النصف، وذلك لاجل التيقظ في أوائل الليل لصلاة المغرب والعشاء وغير ذلك من المحاوج. ولما كان المفهوم من الاية أن يقوم النصف، وكان التحفظ والمراقبة على ذلك شاقا عليه صلى الله عليه وآله، استدرك وقال: " أو انقص منه قليلا " أي من نصف الليل " أو زد عليه " أي على النصف، فلا عليك أن تتحفظ على حلول نصف الليل بعينه ثم تشتغل بالصلاة، بل ان استيقظت قبل نصف الليل لا باس عليك فاشتغل بالصلاة وترتيل القرآن فيها، وان استيقظت بعد نصف الليل فهكذا.

 

[120]

طائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤا ما تيسر من القرآن، علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه (1). الدهر: ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا (2). تفسير: " والمستغفرين بالأسحار " (3) قال الطبرسي رحمة الله عليه: (4) المصلين في وقت السحر، رواه الرضا عليه السلام عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام، وقيل السائلين المغفرة وقت السحر، وقيل المصلين صلاة الصبح في جماعة، وقيل الذين تنتهي صلاتهم إلى وقت السحر ثم يستغفرون ويدعون، وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أن من استغفر الله سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله تعالى يقول: " إني لأهم بأهل الأرض عذابا " فإذا نظرت إلى عمار بيوتي، وإلى المتهجدين، وإلى المتحابين في الله، وإلى المستغفرين بالأسحار، صرفته عنهم انتهى. ولفظ الآية شمل كل مستغفر في السحر وقد ورد في الأخبار تخصيصها بصلاة الوتر، فيمكن أن يكون الغرض بيان أكمل الأفراد، ويحتمل التخصيص، وروى في الفقيه (5) بسند صحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من قال في وتره إذا أوتر أستغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده

 

(1) المزمل: 20، ووزان قوله " أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه " وزان ما مر من قوله عزوجل " نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه " فانطبق امتثال الامر على ما امر به عزوجل في صدر السورة، وهو واضح لمن تأمل في كلمة " أدنى " حق التأمل. (2) الدهر: 26. (3) آل عمران: 17. (4) مجمع البيان ج 2 ص 419. (5) الفقيه ج 1 ص 309.

 

[121]

من المستغفرين بالأسحار، ووجبت له المغفرة من الله عزوجل. وروى في التهذيب (1) في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عزوجل " وبالأسحار هم يستغفرون " في الوتر في آخر الليل سبعين مرة. وفي الموثق (2) عن أبي بصير قال: قلت له " المستغفرين بالأسحار " فقال: استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله في وتره سبعين مرة. " ليسوا " (3) أي أهل الكتاب " سواء " في المساوي والاعمال " من أهل الكتاب " استيناف لبيان نفي الاستواء " امة قائمة " أي على الحق مستقيمة في دينهم أو قائمة بطاعة الله " يتلون آيات الله " أي القرآن " آناء الليل " أي ساعاته، وقيل يعني جوف الليل " وهم يسجدون " أي السجود المعروف أو المعنى يصلون عبر عن الصلاة بالسجود لأنه أبلغ أركانها في التواضع، وفسر الإكثر الآية بالتهجد وهو أظهر لفظا " وقيل: المراد بها صلاة العشاء، لأن أهل الكتاب لا يصلونها وقيل الصلاة بين المغرب والعشاء الآخرة وهي الساعة التي تسمى ساعة الغفلة. " ومن الليل " (4) أي بعض الليل " فتهجد به " التهجد ترك الهجود أي النوم للصلاة، والضمير للقرآن أو لليل بمعنى فيه " نافلة لك " أي زائدة لك على الصلوات، وضع " نافلة " مكان " تهجدا " " لأن التهجد عبادة زائدة والمعنى أن التهجد زيد لك على الصلوات المفروضة فريضة عليك خاصة دون غيرك، لأنه تطوع لهم أو فضيلة لك لاختصاص وجوبه بك كما روي أنها فرضت عليه ولم تفرض على غيره فكانت فضيلة له ذكره ابن عباس. وقال القطب الراوندي في فقه القرآن: وإليه أشار أبو عبد الله عليه السلام ولعله أشار

 

(1 - 2) التهذيب ج 1 ص 272. (3) آل عمران: 113. (4) أسرى: 79.

 

[122]

به إلى ما رواه الشيخ بسنده عن عمار الساباطي (1) قال: كنا جلوسا " بمنى، فقال له رجل: ما تقول في النافلة ؟ فقال: فريضة، ففزعنا وفزع الرجل، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما أعني صلاة الليل على رسول الله صلى الله عليه وآله، إن الله يقول: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " (2). وقيل: معناه نافلة لك ولغيرك، وخص بالخطاب لما في ذلك من صلاح الامة في الاقتداء به، والحث على الاستنان بسنته، وقيل: كانت واجبة عليه وعلى الامة (3) بالمزمل، فبهذه الآية نسخ وجوبها عن الامة وبقي الاستحباب وبقي الوجوب عليه صلى الله عليه وآله. وذهب قوم إلى أن الوجوب نسخ عنه كما عن الامة فصارت نافلة لأنه تعالى قال: " نافلة لك " ولم يقل عليك، والتخصيص من حيث إن نوافل العباد كفارة لذنوبهم، والنبي صلى الله عليه وآله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكانت نوافله لا تعمل في كفارة الذنوب ؟ بل في رفع الدرجات. " مقاما " محمودا " " نصب على الظرف أو على المصدر أو على الحال، أي ذا مقام والمشهور أنه الشفاعة، وقيل يعم كل كرامة، وقد تقدم الكلام فيه. " والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما " قال الطبرسي رحمه الله (4) قال الزجاج كل من أدركه الليل فقد بات نام أو لم ينم، والمعنى يبيتون لربهم بالليل

 

(1) التهذيب ج 1 ص ص 136. (2) وذلك لما عرفت أن صريح الامر في آيات الله الحكيم يفيد فرض المأمور به على من وجه إليه الامر. (3) ليس في آية المزمل ما يفيد كونها فرضا على الامة، لاختصاص الخطاب به صلى الله عليه وآله نعم في آخر آية منها يقول عزوجل: " ان ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل.. و طائفة من الذين معك " فيعلم منها أن طائفة من أمته صلى الله عليه وآله كانوا يقتدون به (ص) في الاتيان بنافلة الليل وقد عرفت شرخ ذلك مستوفى في ج 85 ص 3. (4) مجمع البيان ج 7 ص 179 في آية الفرقان: 64.

 

[123]

في الصلاة ساجدين وقائمين، طالبين لثواب ربهم، فيكونون سجدا " في مواضع السجود وقياما " في مواضع القيام. " تتجافى جنوبهم " أي ترتفع جنوبهم عن المضاجع لصلاة الليل، وهم المتهجدون بالليل (1) الذين يقومون عن فرشهم للصلاة، قال الطبرسي رحمه الله: (2) وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وروى الواحدي بالاسناد عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر، فتفرق القوم فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله أقربهم مني، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا " وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم شهر رمضان، قال صلى الله عليه وآله: وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير ؟ قال: قلت: أجل يا رسول الله قال: الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، و قيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله، ثم قرء هذه الاية " تتجافى جنوبهم عن المضاجع ". وبالاسناد عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الاثم، وتكفير السيئات ومطردة الداء في الجسد. وقيل: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة، وقيل هم الذين يصلون ما بين المغرب والعشاء الآخرة، وقيل: هم الذين يصلون العشاء والفجر في جماعة انتهى.

 

(1) وانما وافق معنى قوله عزوجل. " تتجافى " مع قوله: " فتهجد " من حيث القيام بدفعات، لان التجافي هو التنحي والتنائى عن المضجع و " تتجافى " مضارع يدل على الاستمرار، ولا معنى لاستمرار التجافي الا بأن يتنحى عن مضجعه بدفعات. (2) مجمع البيان ج 8 ص 331 في آية السجدة: 16.

 

[124]

ويؤيد الأول ما رواه في الكافي (1) بسند صحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديث طويل: إن شئت أخبرتك بأبواب الخير، قلت: نعم جعلت فداك، قال: الصوم جنة، والصدقة تذهب بالخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يذكر الله، ثم قرء " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " وسيأتي بعض الأخبار في ذلك. ويؤيد الثاني ما روى ابن الشيخ في مجالسه (2) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة. " يدعون ربهم خوفا " من عذاب الله " وطمعا " في رحمة الله " ومما رزقناهم ينفقون " في طاعة الله. " فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين " أي لا يعلم أحد ما خبئ لهؤلاء مما تقربه أعينهم " جزاء بما كانوا يعملون " من الطاعات في الدنيا. " أم من هو قانت " قال الطبرسي (3) أي هذا الذي ذكرناه خير أم من هو دائم على الطاعة عن ابن عباس، وقيل على قراءة القرآن وقيام الليل، وقيل يعني صلاة الليل عن أبي جعفر عليه السلام " آناء الليل " أي ساعاته " ساجدا " وقائما " " أي يسجد تارة في الصلاة ويقوم أخرى " يحذر الاخرة " أي عذابها " ويرجو رحمة ربه " أي يتردد بين الخوف والرجاء. " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون " قال الطبرسي (4) أي كانوا يهجعون قليلا " من الليل، يصلون أكثره، والهجوع النوم بالليل دون النهار، وقيل كانوا قل ليلة تمر بهم إلا صلوا فيها، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، والمعنى كان الذي ينامون فيه كله قليلا " ويكون الليل اسما للجنس. " وبالأسحار هم يستغفرون " قال الحسن مدوا الصلاة إلى الأسحار، ثم أخذوا

 

(1) الكافي ج 2 ص 23، ج 4 ص 62 التهذيب ج 1 ص 242 ط نجف. (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 300. (3) مجمع البيان ج 8 ص 491، في اية الزمر: 9. (4) مجمع البيان ج 9 ص 155، في آية الذاريات: 18.

 

[125]

بالأسحار في الاستغفار، وقال أبو عبد الله عليه السلام كانوا يستغفرون الله في الوتر سبعين مرة في السحر، وقيل: معناه وبالأسحار هم يصلون، وذلك أن صلاتهم بالأسحار طلب منهم للمغفرة. أقول: سيأتي الاخبار في تفسير الآية، وروى في التهذيب (1) بسند موثق كالصحيح، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كانوا قليلا " من الليل ما يهجعون " قال كان القوم ينامون ولكن كلما انقلب أحدهم قال الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. أقول: يمكن حمله على أن قبل القيام إلى صلاة الليل كانوا يفعلون ذلك، أو أن الآية تشمل هؤلاء أيضا "، ويمكن حمله على ذوي الأعذار، وسيأتي في دعاء الوتر ما يؤيد الأول، وقد مر تفسير آيات ق والطور بصلاة الليل في باب أوقات الصلاة (2). " يا أيها المزمل ": قيل أصله المتزمل من تزمل بثيابه إذا تلفف بها، فادغم في الزاء، فقيل كان صلى الله عليه وآله متزملا في قطيفة فنبه ونودي بما يهجن إليه الحالة التي كان عليها من استعداده للاشتغال بالنوم، فأمر بأن يختار على الهجود التهجد وعلى التزمل التشمر للعبادة، والمجاهدة فيما بعد، لا جرم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد تشمر لذلك وطائفة من أصحابه حق التشمر وأقبلوا على أحياء لياليهم، ورفضوا الرقاد والدعة، وجاهدوا في الله حتى انتفخت أقدامهم، واصفرت ألوانهم، وترامى أمرهم إلى حد رحمهم ربهم فخفف بما يأتي في آخر السورة. وقيل: أي المتزمل بأعباء النبوة أي المتحمل لأثقالها، وقيل معناه يا أيها النائم قم الليل إلا قليلا ". قال المحقق الأردبيلي (3) قد سره: أي قم الصلاة في جميع الليل أو أن

 

(1) التهذيب ج 1 ص 231 ط حجر، ج 2 ص 337 ط نجف. (2) راجع ج 82 ص 327 و 328. (3) زبدة البيان ص 94 و 95 ط المكتبة المرتضوية.

 

[126]

القيام بالليل كناية عن الصلاة بالليل " إلا قليلا " منه وهو " نصفه " فنصفه بدل عن قليلا " كما هو الظاهر وقلته بالنسبة إلى جميع الليل، وانقص وزد عطف على قم بتقدير فتأمل، وضمير منه وعليه للنصف أو قليلا "، فمعناه: قم واشتغل بالصلاة في نصف الليل أو أقل منه أو أزيد منه، وإلى هذا أشار الصادق عليه السلام على ما نقل في مجمع البيان قال عليه السلام القليل النصف، أو انقص من القليل أو زد على القليل. ويبعد كون نصفه بدلا من الليل لتوسط الاستثناء بين البدل والمبدل مع الالتباس، بل ظهور خلافه ولزوم لغوية أو انقص منه، لأنه بعينه معنى قوله قم نصف الليل إلا قليلا "، فيحتاج إلى العذر بأنه قيل أو انقص لمناسبة أو زد كما قال: في مجمع البيان (1) أو أنه قد يحسن الترديد بين الشئ على البت وبينه وبين غيره على التخيير كما فعله الكشاف والبيضاوي وصاحب كنز العرفان (2) وكلاهما تكلف بعيد عن فصاحة كلام الله تعالى خصوصا " الثاني، لأن مرجعه إلى التخيير بينهما. قال البيضاوي: أو نصفه بدل من الليل، فالاستثناء منه والضمير في منه وعليه للأقل من النصف كالثلث، فيكون التخيير بينه وبين الأقل منه كالربع والأكثر منه كالنصف، ولا يخفى ما فيه من لزوم لغوية الاستثناء، فانه ينبغي أن يقول حينئذ قم نصف الليل أو انقص منه، ومن أن الأقل ليس له مرتبة معينة حتى يقال أو انقص منه أو زد عليه ليصل إلى الربع والنصف، وهو ظاهر. وكذا كون المراد إلا قليلا "، قليلا " من الليالي، وهي ليالي العذر والمرض لعدم ظهور كون الليل للاستغراق وعدم الاحتياج إلى الاستثناء، وللاحتياج إلى التكلف في الاستثناء، والبدل في أو انقص أو زد، ولما سيجئ في هذه السورة من قوله: " إن ربك يعلم أنك تقوم " إلى آخرها (3).

 

(1) مجمع البيان ج 9 ص 377. (2) كنز العرفان ج 1 ص 150 ط المكتبة المرتضوية. (3) قد عرفت آنفا ص 119 أن قوله تعالى " نصفه " بيان لنتيجة الاستثناء، بملاحظة قيامه (ص) اوائل الليل وأن مفاد هذه الاية ينطبق على آية آخر السورة طابق النعل بالنعل، =

 

[127]

فيمكن أن تكون هذه الآية إشارة إلى وجوب صلاة الليل عليه صلى الله عليه وآله وسلم كقوله تعالى: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " أي يجب عليك التهجد، وهو الصلاة بالليل زيادة على باقي الصلوات، مخصوصة بك دون امتك، على ما قيل، ويكون المراد بالترخص المفهوم من قوله تعالى في آخر هذه السورة " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " وقوله: " فاقرؤا ما تيسر منه " التخفيف في الوقت لا إسقاط الصلاة بالكلية على تقدير كون المراد بالقراءة الصلاة وأما على تقدير حملها على القراءة فقط فيلزم السقوط بالكلية فيمكن حملها على عدم القدرة فتأمل. وعن ابن عباس تكون مندوبة على الامة لدليل الاختصاص من الاجماع و ظاهر الآية والأخبار والأصل انتهى كلامه رفع الله مقامه. وأقول: الاحتمال الأخير ليس بذلك البعد، والاستثناء هنا قرينة الاستغراق فيكون نظير ما مر في الخبر في قوله سبحانه: " وكانوا قليلا " من الليل ما يهجعون " وروى الشيخ في التهذيب (1) بسند صحيح على الظاهر عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: " قم الليل إلا قليلا " قال أمره الله أن يصلي كل ليلة إلا أن يأتي عليه ليلة من الليالى لا يصلي فيها شيئا "، وعدم الاحتياج إلى الاستثناء غير معلوم، إذ يحتمل أن يكون المراد الأعذار القليلة التي لا يدل العقل والنقل على استثنائها مع أن دلالة العقل والعمومات لا ينافي حسن التنصيص لمزيد التوضيح، وللتأكيد فيما سواها، ويكون حاصل الكلام قم في جميع أفراد الليالي للعبادة إلا قليلا " من الليالي تكون فيها معذورا "، ولما كان قيام الليل مجملا " يحتمل كله و بعضه، بين ذلك بأن المراد قيام نصف الليل أو أقل منه بقليل أو أزيد منه.

 

كيف والاية الاخيرة انما تحكى امتثال النبي صلى الله عليه وآله لامر أول السورة فكيف يكون امتثاله مخالفا " لما أمره الله عزوجل، واما التخفيف بقوله: " علم أن سيكون منكم مرضى - فاقرؤا ما تيسر من القرآن " فقد عرفت في ج 85 ص 3 أن المراد بذلك التخفيف عليه بالاجتزاء بسورة واحدة في كل ركعة، بعد ما كان عليه أن يرتل القرآن بتمامها في ليلة واحدة. (1) التهذيب ج 1 ص 231.

 

[128]

وقال الرازي: اعلم أن الناس قد أكثروا في تفسير هذه الآية، وعندي فيه وجهان: الأول أن المراد بقوله: " إلا قليلا " الثلث والدليل عليه، قوله في آخر السورة " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه " فهذه الآية دلت على أن أكثر المقادير الواجبة الثلثان، فهذا يدل على أن نوم الثلث جائز، وإذا كان كذلك وجب أن يكون المراد بالقليل في قوله: " قم الليل إلا قليلا " " هو الثلث فاذن قوله: " قم الليل إلا قليلا " معناه ثلثي الليل، ثم قال: " نصفه " المعنى أو قم نصفه وهو كما تقول جالس الحسن أو ابن سيرين، أي جالس ذا أو ذا أيهما شئت، فحذف واو العطف، فتقدير الآية قم الثلثين، قم النصف، أو انقص من النصف أو زد عليه، فعلى هذا تكون الثلثان أقصى الزيادة ويكون الثلث أقصى النقصان فيكون الواجب هو الثلث، والزايد عليه يكون مندوبا ". الوجه الثاني أن يكون قوله: " نصفه " تفسيرا " لقوله " قليلا " " وهذا التفسير جائز بوجهين: الأول أن نصف الشئ قليل بالنسبة إلى الكل، والثاني أن الواجب إذا كان النصف لم يخرج صاحبه عن عهدة ذلك بيقين إلا بزيادة شئ قليل عليه، فيصير في الحقيقة نصفا " وشيئا " فيكون الباقي بعد ذلك أقل منه، فإذا ثبت هذا فنقول " قم الليل إلا قليلا " " معناه قم الليل إلا نصفه، فيكون الحاصل قم نصف الليل، ثم قال: " أو انقص منه قليلا " يعنى أو انقص من هذا النصف نصفه حتى يبقى الربع، ثم قال: " أو زد عليه " يعنى أو زد على النصف نصفه حتى يصير المجموع ثلاثة أرباعه. فحاصل الاية أنه تعالى خيره بين أن يقوم تمام النصف أو ربعه أو ثلاثة ارباعه وعلى هذا التقدير يكون من المندوبات انتهى. وقال في الكشاف: قوله تعالى: " نصفه " بدل من الليل و " إلا قليلا " استثناء من النصف، كأنه قال: قم أقل من نصف الليل، والضمير في منه وعليه للنصف، والمعنى التخيير بين أمرين بين أن يقوم أقل من نصف الليل على البت، وبين أن يختار أحد الأمرين، وهما النقصان من النصف والزيادة عليه، وإن شئت جعلت


 

[129]

نصفه بدلا " من قليلا "، وكان تخييرا " بين ثلاث: بين قيام النصف بتمامه، وبين قيام الناقص منه، وبين قيام الزائد عليه، وإنما وصف النصف بالقلة بالنسبة إلى الكل (1). وإن شئت قلت: لما كان معنى " قم الليل إلا قليلا " نصفه " إذا أبدلت النصف من الليل، قم أقل من نصف الليل، رجع الضمير في منه وعليه إلى الأقل من النصف فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل، أو قم أنقص من ذلك الأقل، أو أزيد منه قليلا " فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه وبين الثلث. ويجوز إذا أبدلت نصفه من قليلا " وفسرت به أن تجعل قليلا " الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع، كأنه قيل أو انقص منه قليلا " نصفه، ويجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع، كأنه قيل أو زد عليه قليلا نصفه، ويجوز أن يجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث، فيكون تخييرا بين النصف والثلث و الربع انتهى. ولا يخفى ما في أكثر تلك الوجوه من التكلف والتصلف. وقيل نصفه بدل من الليل المستثنى منه قليلا "، أي ما بقي بعد الاستثناء (2) ويرجع ضميرا منه وعليه إلى قيام ذلك أو إلى نصفه، وربما كان القليل المستثنى عبارة عما يصرف في العشائين ونحوهما من أول الليل، ويمكن أن يقال: على بعض الوجوه عبر عن نصف الليل بالليل إلا القليل إشارة إلى أن النصف الذي هو وقت القيام أكثر بركة وأقوى شرفا " حتى كأنه أكثر بحيث إذا قام فيه قام الليل إلا قليلا " أو الاستثناء إشارة إلى وقوت النوم والاستراحة من النصف الآخر (3) دون ما صرف

 

(1) قد عرفت أن القلة في النصف الاولى بمناسبة القيام في أوائل الليل قهرا " ولصلاة المغرب والعشاء شرعا "، والغفلة عن هذا أوردهم في هذه المخمصة. (2) ويجوز على هذا الوجه أن يكون بيانا " له كما عرفت. (3) قد عرفت أن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن ليتهجد بصلاته الا بعد نزول آية الاسراء، بل كان يقوم نصف الليل بتمامه أو ثلثه أو ثلثيه على ما حكاه الله عزوجل في آخر السورة =

 

[130]

منه في صلاة المغرب والعشاء وتوابعهما، فكأنه يدخل في حكم القيام حينئذ فكان كما قال: " قليلا من الليل ما يهجعون " انتهى. وأقول: يحتمل أن يكون المراد بقوله سبحانه: " قم الليل " الأمر بعبادة الليل مطلقا " ليشمل ما يقع في أول الليل من العشائين ونوافلهما وتعقيباتهما (1) بل الأدعية عند النوم أيضا "، وقوله: " نصفه " نقدر فيه فعلا " أي قم نصفه بمعنى القيام بعد النوم، فيكون إشارة إلى وقت صلاة الليل، فانه بعد نصف الليل، والنقص من النصف لبيان أنه لا يجب أو لا يتأكد قيام تمام النصف، كما يدل عليه آخر السورة، والزيادة لصرفها في مقدمات الصلاة من التخلي والتطهر والاستياك، و فيصرف جميع النصف في الصلاة والدعاء كما ستأتي الرواية من دأبه وسنته في ذلك (2)، وإذا انضم هذا إلى ما وقع من العبادة في أول الليل لا يبقي من الليل للنوم إلا قليل. وهذا وجه وجيه متين مؤيد بالأخبار ولا تكلف فيه إلا التقدير الشايع في الكلام، وبالجملة هذه الآيات من المتشابهات، ولا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم عليهم أفضل الصلوات. " ورتل القرآن ترتيلا " " قد مر تفسيره (3). " إنا سنلقي عليك قولا " ثقيلا " القول الثقيل القرآن، وما فيه من الأوامر و

 

صريحا "، فلا مناص الا من الوجه الاول كما عرفت بيانه. (1) هذا الوجه انما يصح إذا كانت السورة نازلة في أواخر عمره صلى الله عليه وآله، وقد عرفت في ج 85 ص 1 - 4 أن السورة نزلت في أوائل البعثة قبل فرض الصلوات الخمس حتى على رسول الله (ص) وأنها نزلت خامس خمسة، ففرض عليه صلاة الليل بقيام نصفه تماما أو ثلثه أو ثلثيه، لا يجوز له أن ينام بعد القيام أبدا " حتى يتم فرضه. (2) قد عرفت وستعرف أن الروايات انما تحكى ما فرض عليه بعد نزول آية التهجد وهى السنة التي قبض عليها صلى الله عليه وآله ويجب التأسي به على أمته كذلك. (3) راجع ج 85 ص 7.

 

[131]

النواهي التي هي تكاليف شاقة ثقثيلة على المكلفين خاصة عليه صلى الله عليه وآله لانه متحملها بنفسه ومحملها لامته فهي أثقل عليه وأبهظ له، فيحتاج في ضبط ذلك وتأديته إلى قيام الليل، وقيل أراد بهذا الاعتراض أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن، لأن الليل وقت السبات والراحة، فلا بد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه، ويؤيده ما ذكره (1) علي بن إبراهيم في تفسيره " سنلقي عليك قولا " ثقيلا " قال: قيام الليل، وهو قوله: " إن ناشئة الليل هي أشد وطا " وأقوم قيلا " قال: أصدق القول انتهى. وقيل: نزوله أو تلقيه، لما روي أنه صلى الله عليه وآله كان يتغير حاله عند نزوله ويعرق وإذا كان راكبا " تبرك راحلته ولا تستطيع المشي، وقيل ثقيلا " في الميزان وقيل على المنافقين وقيل كلام له وزن ورجحان فيحتاج إلى مزيد تدبر وتأمل ووقت لائق بذلك فلا بد من قيام الليل. " إن ناشئة الليل هي أشد وطا " وأقوم قيلا " ناشئة الليل النفس التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي تنهض وترتفع من نشأت السحابة إذا ارتفعت، ونشأ من مكانه إذا نهض، أو قيام الليل على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض، ويؤيده ما صح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: هي قيام الرجل عن فراشه لا يريد به إلا الله (2) كما سيأتي، وإن احتمل معنى آخر. وقال الطبرسي - رحمة الله عليه (3) معناه: ساعات الليل لأنها تنشؤ ساعة بعد ساعة، وتقديره إن ساعات الليل الناشئة، وقال ابن عباس: هو الليل كله لأنه ينشؤ بعد النهار، وقال مجاهد: هي ساعات التهجد من الليل، وقيل هي بالحبشية قيام الليل، وقيل هي القيام بعد النوم، وقيل هي ما كان بعد العشاء الآخرة عن الحسن وقتادة، والمروي عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام أنهما قالا: هي

 

(1) تفسير القمي ص 701. (2) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 231 وسيأتي عن علل الشرايع ج 2 ص 52. (3) مجمع البيان ج 10 ص 378.

 

[132]

القيام في آخر الليل إلى صلاة الليل انتهى. وقيل: هي الساعات الاول منها، من نشأت إذا ابتدأت، وروي عن علي بن الحسين عليه السلام (1) أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء، ويقول: أما سمعتم قول الله تعالى " إن ناشئة الليل " هذه ناشئة الليل. " أشد وطا " أي ثبات قدم وأبعد من الزلل وأثقل وأغلظ على المصلي كما ورد في الحديث " اللهم اشدد وطأتك على مضر " وقرأ أبو عمرو بن عامر وطاء بالكسر والمد أي مواطأة القلب للسان، أو موافقة لما يراد من الخضوع والاخلاص. " واقوم قيلا " أي أشد مقالا وأثبت قراءة لحضور القلب وهدو الأصوات، و يحتمل أن يكون المراد بالقيل دعوى الاخلاص في " إياك نعبد " ونحوه كما رواه الشيخ في التهذيب (2) بسند صحيح عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " إن ناشئة الليل هي أشد وطا وأقوم قيلا " قال: يعني بقوله أقوم قيلا قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عزوجل لا يريد به غيره، وبسند صحيح آخر مثله (3) لكن ليس فيه " يعني بقوله: أقوم قيلا " فيحتمل أن يكون تفسيرا " للناشئة كما مر أو وطأ كما أومأنا إليه وروى في الكافي (4) خبرا " مرسلا " فسرت الآية فيه بصلاة مخصوصة بين العشائين كما مر. " إن لك في النهار سبحا " طويلا " أي تصرفا " وتقلبا " في مهماتك، واشتغالا " بها، فعليك بالتهجد، فان مناجات الحق تستدعي فراغا "، وفي تفسير علي بن إبراهيم (5)

 

(1) تراه في الكشاف ج 3 ص 281، الدر المنثور ج 6 ص 287. (2) التهذيب ج 2 ص 337 ط نجف، ج 1 ص 231 ط حجر، كما مرت الاشارة إليه في ص 131. (3) التهذيب ج 1 ص 189 ط حجر ج 2 ص 120 ط نجف. (4) مر عن فلاح السائل تحت الرقم 17 باب نوافل المغرب، رواه في الكافي ج 3 ص 468. (5) تفسير القمى: 701. (*)

 

[133]

في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قوله: " إن لك في النهار سبحا " طويلا " يقول فراغا " طويلا " لنومك وحاجتك. وقال الطبرسي (1): فيه دلالة على أنه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل لأجل التعليم والتعلم، لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يحتاج إلى التعليم أكثر مما يحتاج الواحد منا إليه، ثم لم يرض سبحانه منه أن يترك حظه من قيام الليل. " واذكر اسم ربك " أي دم على ما تذكره من الأذكار والعبادات والتعليم والارشاد، وقيل أي اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول صلاتك، فاستدل بها على وجوبها. " وتبتل إليه تبتيلا " " قال علي بن إبراهيم أي أخلص إليه إخلاصا "، وقيل انقطع إليه انقطاعا، وقال الطبرسي روى محمد بن مسلم وزرارة وحمران، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة، وفي رواية أبي بصير قال: هو رفع يدك إلى الله وتضرعك إليه، وسيأتي معنى التبتل وأخواته في كتاب الدعاء (2) ويؤمي إلى استحباب كثرة الدعاء والذكر والتضرع في صلاة الليل. " إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى " أي أقرب وأقل " من ثلثي الليل ونصفه وثلثه " قرأ ابن كثير وأهل الكوفة نصفه وثلثه بالنصب، والباقون بالجر، فعلى الأول عطف على الأدنى وعلى الثاني على ثلثي الليل، قال الطبرسي (3) والمعنى أنك تقوم في بعض الليالي قريبا " من الثلثين، وفي بعضها قريبا " من نصف الليل، وقريبا " من ثلثه، وقيل: إن الهاء تعود إلى الثلثين أي وأقرب من نصف الثلثين، ومن ثلث الثلثين، وإذا نصبت فالمعنى تقوم نصفه وثلثه، وتقوم طائفة من الذين معك وعن ابن عباس أنهم علي عليه السلام وأبو ذر. " والله يقدر الليل والنهار " أي يقدر أوقاتهما لتعملوا فيهما على ما يأمركم

 

(1) مجمع البيان ج 10 ص 379. (2) راجع ج 93 ص 337 - 343. (3) مجمع البيان ج 10 ص 381.

 

[134]

به، وقيل: معناه لا يفوته علم ما تفعلون " علم أن لن تحصوه " (1) قال: مقاتل كان الرجل يصلي الليل كله مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فقال سبحانه: " علم أن لن تحصوه " أي لن تطيقوا معرفة ذلك، وقال الحسن قاموا حتى انتفخت أقدامهم فقال سبحانه: إنكم لا تطيقون إحصاءه على الحقيقة، وقيل معناه لن تطيقوا المداومة على قيام الليل ويقع منكم التقصير فيه، " فتاب عليكم " بأن جعله تطوعا " ولم يجعله فرضا، وقيل معناه فلم يلزمكم إثما كما لا يلزم التائب، أي رفع التبعة فيه كرفع التبعة عن التائب، وقيل فتاب عليكم أي خفف عليكم. " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " الآن، يعنى في صلاة الليل عند أكثر المفسرين وأجمعوا أيضا " على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله " قم الليل " هو القيام إلى الصلاة، إلا أبا مسلم فانه قال: أراد القيام لقراءة القرآن لا غير، وقيل: معناه فصلوا ما تيسر من الصلاة، وعبر عن الصلاة بالقرآن، لانها تتضمنه، ومن قال: المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة (2) فهو محمول على الاستحباب عند الأكثرين دون الوجوب، لأنه لو وجبت القراءة لوجب الحفظ، وقال بعضهم هو محمول على الوجوب، لأن القارئ يقف على إعجاز القرآن، وما فيه من دلائل التوحيد وإرسال الرسل، ولا يلزم حفظ القرآن، لأنه من القرب المستحبة المرغب فيها. ثم اختلفوا في القدر الذي تضمنه هذا الأمر من القراءة، فقال ابن جبير خمسون

 

(1) قد عرفت في ج 85 ص 3 أن الاية تتمة لاول السورة ناظرة إليها من وجوب ترتيل القرآن تماما - ولم يكن نزلت حينذاك أكثر من عشر سور قصار قطعا "، وأن الضمير في " لن تحصوه " راجع إلى القرآن أي علم أنكم لا تقدرون احصاء القرآن في ليلة واحدة فيما يستقبل من الزمان خصوصا " في ليالى الصيف " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " إلى آخر ما مر عليك راجعه. (2) الاية " ورتل القرآن ترتيلا " من المتشابهات بأم الكتاب، أولها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صلاة الليل باشارة من الوحى، فجعله في قيام الصلاة، على ما عرفت في ج 85 ص 1، فالواجب من ترتيل القرآن هو ما كان في الصلاة لا غير.

 

[135]

آية، وقال ابن عباس: مائة آية، وعن الحسن قال من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن، وقال السدي: مائتا آية، وقال جويبر ثلث القرآن، لان الله يسره على عباده، والظاهر أن معنا ما تيسر مقدار ما أردتم وأحببتم (1). " علم أن سيكون منكم مرضى " وذلك يقتضي التخفيف عنكم " وآخرون " أي ومنكم قوم آخرون " يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله " أي يسافرون للتجارة وطلب الأرباح " وآخرون يقاتلون في سبيل الله " (2) فكل ذلك يقتضي التخفيف عنكم " فاقرؤا ما تيسر منه " وروي (3) عن الرضا عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: ما تيسر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر. " ومن الليل فاسجد له " (4) قال في مجمع البيان (5): دخلت " من " للتبعيض، والمعنى فاسجد له في بعض الليل وقيل يعني المغرب والعشاء " وسبحه ليلا " طويلا " أي في ليل طويل يريد التطوع بعد المكتوبة، وروي عن الرضا عليه السلام أنه سأله أحمد بن محمد، عن هذه الآية وقال: ما ذلك التسبيح، قال: صلاة الليل. 1 - تفسير علي بن ابراهيم: " أو انقص منه قليلا " قال: انقص من القليل " أو زد عليه " أي على القليل قليلا ". وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " إن ربك يعلم أنك تقوم

 

(1) بل هو قراءة سورة كاملة لقوله عزوجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ". (2) اي فيما يستقبل من الزمان بعد الهجرة بالمدينة، وحينذاك قد تواتر نزول سور القرآن الكريم فلا يمكنكم احصاء سورة في ليلة واحدة قطعا "، راجع في ذلك ج 85 فقد بينا الاية بما لا مزيد عليه. (3) رواه في المجمع ج 10 ص 382. (4) الدهر: 26. (5) مجمع البيان ج 10 ص 413.

 

[136]

أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه " ففعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك وبشر الناس فاشتد ذلك عليهم " علم أن لن تحصوه " وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل، ومتى يكون الثلثان، وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه فأنزل الله " إن ربك يعلم أنك تقوم " إلى قوله: " علم أن لن تحصوه " يقول متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية " فاقرؤا ما تيسر من القرآن " واعلموا أنه لم يأت نبي إلا خلا بصلاة الليل، ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل (1). توضيح: " ففعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك " يحتمل أن يكون إشارة إلى الآيات التي سبقت في أول السورة، فالبشارة لأن العبادة عند المحبين أعظم الراحة، أو يكون إشارة إلى الرخصة والتخفيف الذي يدل عليه تلك الآيات، فقوله: " فاشتد ذلك " إشارة إلى ما مر أولا أي وقد اشتد أي نزلت هذه الآيات بعد اشتداد الأمر علهيم، قوله: " إلا خلا " أي مضى من الدنيا مواظبا " على صلاة الليل، ويحتمل أن يكون من الخلوة أي أوقعها في الخلوة. قوله عليه السلام: " أول الليل " رد على من جوز صلاة الليل أوله بغير عذر، وفي بعض النسخ " إلا أول الليل " أي كان وقت صلاتهم مخالفا " لوقتها في تلك الشريعة، ولعلها من زيادة النساخ. 2 - كتاب الحسين بن عثمان: عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلاة الليل كفارة لما اجترح بالنهار. 3 - مجالس الصدوق: عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن أحمد بن عقدة الهمداني، عن محمد بن أحمد التميمي، عن ابيه، عن أحمد بن هشام، عن منصور ابن مجاهد، عن الربيع بن بدر، عن سوار بن منيب، عن وهب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رزق صلاة الليل من عبد أو أمة: قام لله عزوجل مخلصا " فتوضأ وضوءا " سابغا " وصلى لله عزوجل بنية صادقة، وقلب سليم، وبدن خاشع، وعين دامعة جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة في كل صف ما لا يحصي

 

(1) تفسير القمى: 701.

 

[137]

عددهم إلا الله تعالى أحد طرفي كل صف في المشرق، والآخر بالمغرب، قال: فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات الخبر (1). ومنه: عن أحمد بن هارون الفامي، عن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي، وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين، ناداهم جل جلاله وتقدست أسماؤه: يا أهل معصيتي ! لولا من فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي، العامرين بصلاتم أرضى، ومساجدي، و المستغفرين بالأسحار خوفا " مني، لأنزلت بكم عذابي ثم لا ابالي (2). مشكاة الانوار: نقلا من كتاب المحاسن عنه صلى الله عليه وآله مرسلا " مثله (3). بيان: " المتحابين بجلالي " في أكثر النسخ بالجيم كما في روايات المخالفين أي يتحببون ويتوددون لتذكر جلالي وعظمتي لا للدنيا وأغراضها، وقال الطيبي الباء للظرفية أي لأجلي ولوجهي لا للهوى انتهى، ولا يخفى ما فيه، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة أي بما منحتهم من الحلال لا بالحرام. 4 - مجالس الصدوق: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله جل جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمك، وأخدمي من رفضك، وإن العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه، أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال يا رب يا رب، ناداه الجليل جل جلاله لبيك عبدي، سلني اعطك وتوكل على أكفك، ثم يقول جل جلاله لملائكته: ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلى في جوف هذا الليل المظلم، والبطالون لاهون

 

(1) أمالى الصدوق ص 42 في حديث. (2) أمالى الصدوق ص 120، ومثله في علل الشرايع ج 1 ص 235 وج 2 ص 208 بسند آخر. (3) مشكاة الانوار ص 124.

 

[138]

والغافلون نيام، اشهدوا أني قد غفرت له الخبر (1). مشكاة الانوار: نقلا " من المحاسن مرسلا " مثله (2). بيان: " أوحى إلى الدنيا " لعل المراد بالوحي هنا الأمر التكويني أي جعلها كذلك كما في قوله تعالى " كونوا قردة خاسئين " أو استعارة تمثيلية. 5 - معاني الاخبار (3) والخصال (4)، والمجالس للصدوق: عن محمد بن أحمد الأسدي، عن محمد بن جرير والحسن بن عروة وعبد الله بن محمد الوهبي جمعيا " عن محمد بن حميد، عن زافر بن سليمان، عن محمد بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل ابن سعد قال: جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد عش ما شئت، فانك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فانك مجزي به، واعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس (5). بيان: " عش ما شئت " شبيه بأمر التخيير، ويحتمل التهديد إن كان المقصود بالخطاب الامة. 6 - المعاني والخصال (6) والمجالس: عن محمد بن أحمد بن أسد الأسدي عن عمر بن أبي غيلان الثقيفي وعيسى بن سليمان القرشي معا "، عن إبراهيم الترجماني عن سعد بن سعيد الجرجاني، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أشراف امتي حملة القرآن وأصحاب الليل (7).

 

(1) أمالى الصدوق ص 168 في حديث. (2) مشكاة الانوار ص 257. (3) معاني الاخبار ص 178. (4) الخصال ج 1 ص 7. (5) أمالى الصدوق ص 141. (6) معاني الاخبار ص 777 و 178، الخصال ج 1 ص 7. (7) أمالى الصدوق ص 141.

 

[139]

7 - المجالس: عن علي بن عيسى، عن علي بن محمد ماجيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل، ومن أسفلها خيل بلق مسرجة ملجمة، ذوات أجنحة لا تروث ولا تبول، فيركبها أولياء الله فتطير بهم في الجنة حيث شاؤا، فيقول الذين أسفل منهم: يا ربنا ما بلغ بعبادك هذه الكرامة ؟ فيقول الله جل جلاله: إنهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون، ويصومون النهار ولا يأكلون، ويجاهدون العدو ولا يجبنون، ويتصدقون ولا يبخلون (1). ومنه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان، عن المفضل قال: سمعت مولاي الصادق عليه السلام يقول: كان فيما ناجى الله عزوجل به موسى بن عمران عليه السلام أن قال له: يا ابن عمران كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا ذا يا ابن عمران مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل حولت أبصارهم في قلوبهم، ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور، يا ابن عمران هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع في ظلم الليل، وادعني فانك تجدني قريبا " مجيبا " (2). ومنه: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار امتي لن يناموا (3).

 

(1) أمالى الصدوق ص 175. (2) أمالى الصدوق ص 214 و 215 وقوله " حولت أبصارهم من قلوبهم " أي جعلت قلوبهم مشغولة بذكرى بحيث لا تشتغل بما رأته الابصار، أو لا تنظر أبصارهم إلى ما تشتهيه قلوبهم ويحتمل أن يكون " من قلوبهم " صفة أو حالا لقوله " أبصارهم " أي حولت ابصار قلوبهم عن النظر إلى غيرى، منه ره. (3) امالي الصدوق ص 257.

 

[140]

ومنه: عن محمد بن موسى المتوكل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: ثلاثة هن فخر المؤمن وزينة في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولاية الامام من آل محمد صلى الله عليه وآله (1). 8 - تفسير علي بن ابراهيم: " وأقم الصلاة طرفي النهار " (2) الغداة والمغرب " وزلفا " من الليل " العشاء الآخرة " إن الحسنات يذهبن السيئات " قال: صلاة المؤمنين بالليل تذهب بما عملوا بالنهار من السيئات والذنوب (3). ومنه: " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " (4) قال صلاة الليل: وقال سبب النور في القيامة الصلاة في جوف الليل (5). ومنه: عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فان الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده، فقال: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا " وطمعا " ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون " (6). مجمع البيان: مرسلا " عنه عليه السلام مثله (7). 9 - تفسير علي بن ابراهيم: " وسبح بحمد ربك حين تقوم " (8) قال لصلاة

 

(1) أمالى الصدوق ص 325. (2) هود: 114. (3) تفسير القمى ص 315. (4) أسرى: 79. (5) تفسير القمى ص 387. (6) تفسير القمى ص 512 في آية السجدة: 16. (7) مجمع البيان ج 8 ص 331. (8) الطور: 48. (*)

 

[141]

الليل " فسبحه " قال: صلاة الليل (1). 10 - الخصال: عن أبيه، عن علي بن موسى الكمنداني ومحمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الأذى عن الناس (2). 11 - الخصال: عن أبيه، عن الكمنداني، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل: عظني ! فقال: يا محمد عش ما شئت فانك ميت، وأحبب ما شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كفه عن أعراض الناس (3). ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليه السلام قال: قام أبو ذر رحمه الله عند الكعبة فذكر مواعظه إلى أن قال: وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور (4). ومنه: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثلاث درجات: إفشاء السلام وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام (5). معاني الاخبار: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، هارون بن الجهم مثله (6).

 

(1) تفسير القمى ص 650. (2 و 3) الخصال ج 1 ص 7. (4) الخصال ج 21 و 22. (5) الخصال ج 1 ص 42. (6) معاني الاخبار ص 314.

 

[142]

12 - الخصال: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النوفلي، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن خاله محمد بن سليمان، عن رجل، عن ابن المنكدر باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خيركم من أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام (1). المحاسن: عن علي بن محمد القاساني عمن حدثه عن عبد الله بن القاسم، عن أبى عبد الله عليه السلام عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله مثله (2). 13 - الخصال: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا: لقى الإخوان، والافطار من الصيام، والتهجد من آخر الليل الخبر (3). ومنه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن حماد بن يعلى، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لهو المؤمن في ثلاثة أشياء: التمتع بالنساء، ومفاكهة الاخوان، والصلاة بالليل (4). بيان: المفاكهة الممازحة، وعد صلاة الليل من جملة اللهو والفرحات وجعلها مع ما مر في قرن، لبيان أنه ينبغي للمؤمن أن يكون متلذذا " بمناجاة ربه، والخلوة مع حبيبه، فرحا بهما، بل فيه تنبيه إلى أنه ليس المؤمن على الحقيقة إلا من كان كذلك. 14 - العيون: عن محمد بن عمر الجعابي، عن الحسن بن عبد الله التميمي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: خيركم من أطاب الكلام

 

(1) الخصال ج 1 ص 45. (2) المحاسن ص 387. (3) الخصال ج 1 ص 62. (4) الخصال ج 1 ص 77.

 

[143]

وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام (1). 15 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن بحر السقاء قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن من روح الله تعالى ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الإخوان (2). دعائم الاسلام: عنه عليه السلام مثله (3). بيان: " من روح الله " الروح بالفتح الراحة، والرحمة، ونسيم الريح أي راحة جعلها الله للمؤمن يتروح إليها لأنه يستريح من معاشرة المخالفين بلقاء الاخوان في الدين، ومن أشغال اليوم إلى عبادة الليل، والافطار ظاهرا "، وهذه الثلاثة من رحمة الله بالعبد وتفضله ولطفه وحسن توفيقه، أو أنها تصير سببا لرحمته تعالى والدعاء عندها مستجاب، أو عندها تهب نسائم لطفه وفيضه ورحمته على المؤمن والأول أظهر. 16 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن أبي محمد الفحام، عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري، عن موسى بن عيسى، عن أبي الحسن العسكري، عن آبائه، عن الصادق عليهم السلام في قوله تعالى " إن الحسنات يذهبن السيئات " (4) قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار (5). 17 - الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن الصادق عليه السلام في خبر طويل ذكر فيه الأئمة وعلامة الامامة، فقال: ودينهم الورع والعفة

 

(1) عيون الاخبار ج 2 ص 65. (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 176. (3) دعائم الاسلام ج 1 ص 271. (4) هود: 114. (5) أمالى الطوسى ج 1 ص 300.

 

[144]

والصدق والصلاح والاجتهاد، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر وطول السجود، وقيام الليل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبة وحسن الجوار (1). ومنه: في وصايا أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله أي الليل أفضل ؟ قال: جوف الليل الغابر (2). ومنه وثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعيد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قيام الليل مصحة للبدن، ومرضاة للرب عزوجل، وتعرض للرحمة، وتمسك بأخلاق النبيين (3). المحاسن: عن القاسم بن يحيى مثله (4). 18 - العلل: عن محمد بن عمرو بن علي البصري، عن محمد بن إبراهيم بن خارج الأصم، عن محمد بن عبد الله بن الجنيد، عن عمرو بن سعيد، عن علي بن زاهر، عن حريز، عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما اتخذ الله إبراهيم خليلا " إلا لاطعامه الطعام، وصلاته بالليل والناس نيام (5). ومنه: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع، عن ابن اذينة، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يبيتن الرجل وعليه وتر (6). بيان: أي لا ينقضي ليله وفي ذمته وتر تركها، قال في القاموس: بات يفعل كذا

 

(1) الخصال ج 2 ص 79. (2) الخصال ج 2 ص 104، ومثله في المعاني ص 332. (3) الخصال ج 2 ص 156، ثواب الاعمال ص 38. (4) المحاسن ص 53. (5 () علل الشرايع ج 1 ص 33. (6) علل الشرايع ج 2 ص 20.

 

[145]

أي يفعله ليلا " وليس من النوم، من أدركه الليل فقد بات انتهى، ومن قال لا ينامن وحمله على الوتيرة فقد أتى ببعيد. قال في المصباح المنير: بات يبيت بيتوتة " ومبيتا " ومباتا " فهو بائت، ولذلك معنيان أشهرهما اختصاص ذلك الفعل بالليل كما اختص الفعل في ظل بالنهار، فإذا قلت: بات يفعل كذا، فمعناه فعله بالليل، ولا يكون إلا مع السهر، وعليه قوله تعالى " والذين يبيتون لربهم سجدا " وقياما " (1). وقال الازهري قال الفراء: بات الليل إذا سهر الليل كله في طاعة أو معصية، وقال الليث من قال بات بمعنى نام فقد أخطأ ألا ترى أنك تقول بات يرعى النجوم، ومعناه ينظر إليها وكيف ينام من يراقب النجوم. وقال ابن القطاع وغيره: بات يفعل كذا إذا فعله ليلا ولا يقال بمعنى نام. والمعنى الثاني يكون بمعنى صار يقال بات بموضع كذا أي صار به، يقال سواء كان في ليل أو نهار، وعليه قوله صلى الله عليه وآله لا يدري أين باتت يده، والمعنى صارت ووصلت. وعلى هذا قول الفقهاء بات عند امرأته ليلة أي صار عندها سواء حصل معه نوم أو لا انتهى. والحق أن بات في غالب الاستعمال يعتبر فيه كون الفعل بالليل ولا يعتبر فيه النوم ولا السهر كما يظهر من الشيخ الرضي - ره - وغيره، وقال الرضي: وأما مجئ بات بمعنى صار ففيه نظر. 19 - العلل: عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر (2). ومنه: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن عمران بن موسى، عن

 

(1) الفرقان: 64. (2) علل الشرايع ج 2 ص 20.

 

[146]

الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن بعض رجاله قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين: أنت رجل قد قيدتك ذنوبك (1). ومنه: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن هارون بن مسلم، عن علي بن الحكم، عن حسين بن الحسن الكندي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم بها صلاة الليل حرم بها الرزق (2). ثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن سهل بن زياد، عن هارون بن مسلم مثله (3). 20 - العلل: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن إسحاق، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سليمان لا تدع قيام الليل فان المغبون من حرم قيام الليل (4). معاني الاخبار: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار مثله (5). 21 - العلل: عن أبيه، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن أسباط، عن محمد بن علي بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: " ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله " (6) قال صلاة الليل (7). توضيح: قوله عليه السلام صلاة الليل أي رهبانية هذه الامة في صلاة الليل أو

 

(1 و 2) علل الشرايع ج 2 ص 51. (3) ما بين العلامتين ساقط عن مطبوعة الكمباني أصلحناه بقرينة الاسناد. (4) ثواب الاعمال ص 38. (5) معاني الاخبار ص 342. (6) الحديد: 27. (7) علل الشرايع ج 2 ص 51 و 52، ومثله في العيون ج 1 ص 282.

 

[147]

رهبانيتهم كانت هي، فيدل على أن الآية مسوقة لمدح الرهبانية لا ذمها، والآية تحتملهما، وعلى المدح كانت مندوبة في شريعتهم، فأوجبوها على أنفسهم بالنذر و شبهه، كما يفهم من قوله تعاله " ما كتبناها عليهم " قال الطبرسي - ره -: (1) الرهبانية هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسة، أو الانفراد عن الجماعة، أو غير ذلك من الامور التي يظهر فيها نسك صاحبه، والمعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم. وقيل: إن الرهبانية التي ابتدعوها هي رفض النساء، واتخاذ الصوامع عن قتادة قال: وتقديره ورهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها. وقيل: إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله فما رعاها الذين بعدهم حق رعايتها، وذلك لتكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وآله عن ابن عباس، وقيل: إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة ما كتبناها عليهم أي ما فرضناها عليهم. وقال الزجاج: إن التقدير ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر الله به فهذا وجه وقال: وفيها وجه آخر جاء في التفسير، أنهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه، فاتخذوا أسرابا " وصوامع وابتدعوا ذلك فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع ودخلوا فيه، لزمهم إتمامه، كما أن الانسان إذا جعل على نفسه صوما " لم يفرض عليه لزمه أن يتمه. قال: وقوله " فما رعوها حق رعايتها " على ضربين أحدهما أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم، والآخر وهو الأجود أن يكونوا حين بعث النبي صلى الله عليه وآله فلم يؤمنوا به، كانوا تاركين إطاعة الله، فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها، ودليل ذلك قوله " فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم " يعني الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله " وكثير منهم فاسقون " أي كافرون إنتهى.

 

(1) مجمع البيان ج 9 ص 243.

 

[148]

22 - العلل: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن حسان الرازي عن محمد بن علي رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار (1). ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " إن ناشئة الليل هي اشد وطا و أقوم قيلا " (2) قال: يعني بقوله " وأقوم قيلا " قيام الرجل عن فراشه بين يدي الله عزوجل لا يريد به غيره (3). ومنه: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد الأشعري، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن علي ابن محمد النوفلي قال: سمعته يقول إن العبد ليقوم في الليل فيميل به النعاس يمينا " وشمالا "، وقد وقع ذقنه على صدره، فيأمر الله تبارك وتعالى أبواب السماء فتفتح ثم يقول لملائكته: انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التقرب إلي بما لم أفرض عليه راجيا " مني لثلاث خصال: ذنبا " أغفره، أو توبة اجددها، أو رزقا " أزيده فيه، اشهدكم ملائكتي أني قد جمعتهن له (4). ثواب الاعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن موسى مثله (5). 23 - العلل: عن أبيه، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن حريش بن محمد بن حريش، عن جده، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الركعتان في جوف الليل أحب إلي من الدنيا وما فيها (7). ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن

 

(1) علل الشرايع ج 2 ص 52. (2) المزمل: 6. (3 و 4) علل الشرايع ج 2 ص 52. (5) ثواب الاعمال ص 38. (6) علل الشرايع ج 2 ص 52.

 

[149]

إبراهيم بن عمر، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل " إن الحسنات يذهبن السيئات " (1) قال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار (2). ثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد، عن حماد مثله (3). العياشي: عن إبراهيم بن عمر مثله (4). الهداية: عنه عليه السلام مرسلا " مثله (5). قال: وقال عليه السلام: من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار (6). 24 - العلل: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن جريز، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت " آناء الليل ساجدا " وقائما " يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " (7) قال يعني صلاة الليل (8). 25 - ثواب الاعمال، والعلل: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد عن أبي زهير النهدي، عن آدم بن إسحاق، عن معاوية بن عمار، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عليكم بصلاة الليل فانها سنة نبيكم، ودأب الصالحين قبلكم ومطردة الداء عن أجسادكم. وقال أبو عبد الله عليه السلام: صلاة الليل تبيض الوجه وصلاة الليل تطيب الريح،

 

(1) هود: 114. (2) علل الشرايع ج 2 ص 52. (3) ثواب الاعمال ص 39. (4) تفسير العياشي ج 2 ص 162. (5 و 6) الهداية ص 35 ط الاسلامية. (7) الزمر: 9. (8) علل الشرايع ج 2 ص 52.

 

[150]

وصلاة الليل تجلب الرزق (1). بيان: لعل طيب الريح لانها تصحح الجسم، وتهضم الغذاء، فتندفع به البخارات والأدواء الموجبة لنتن الفم والابط وغيرهما، ويحتمل أن يكون كناية عن حسن الخلق أو عن رغبة الناس إليه، وقد جاء الريح بمعنى الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة. ومنه: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: إن الله عزوجل إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابون بجلالي، ويعمرون مساجدي ويستغفرون بالأسحار لأنزلت بهم عذابي (2). ثواب الاعمال: عن أبيه، عن علي بن الحسين الكوفي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام مثله (3). 26 - معاني الاخبار: عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصفهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن مكي بن محمد شيخ من أهل الري عن منصور بن العباس والحسن بن علي بن النصر، عن سعيد بن النصر، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: " المال والبنون زينة الحيوة الدنيا " وثمان ركعات من آخر الليل والوتر زينة الآخرة، وقد يجمعهما الله لأقوام (4). العلل: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: قال أبي: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله جل جلاله إذا رأى أهل قرية قد أسرفوا في المعاصي، وفيها ثلاثة نفر من المؤمنين

 

(1) ثواب الاعمال ص 38، علل الشرايع ج 2 ص 51. (2) علل الشرايع ج 2 ص 208. (3) ثواب الاعمال ص 161. (4) معاني الاخبار ص 324.

 

[151]

ناداهم جل جلاله وتقدست أسماؤه: يا أهل معصيتي لولا ما فيكم من المؤمنين المتحابين بجلالي، العامرين بصلاتهم أرضي ومساجدي، المستغفرين بالأسحار خوفا " مني، لأنزلت بكم عذابي ثم لا ابالي (1). ومنه: عن جعفر بن علي بن الحسن، عن جده الحسن بن علي، عن العباس ابن عامر، عن جابر، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون ؟ قال: قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، قال: فقال لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه، فإذا خرج النفس استراح البدن، ورجع الروح، وفيه قوة على العمل، فانما ذكرهم " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا " وطمعا " " أنزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأتباعه من شيعتنا، ينامون في أول الليل، فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربهم راغبين مرهبين طامعين فيما عنده، فذكرهم الله في كتابه، فأخبرك الله بما أعطاهم أنه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته، وآمن خوفهم وأذهب رعبهم. قال: قلت جعلت فداك إن أنا قمت في آخر الليل أي شئ أقول إذا قمت ؟ قال: قل " الحمد لله رب العالمين، وإله المرسلين، والحمد لله الذي يحيى الموتى ويبعث من في القبور " فانك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه (2). 27 - توحيد الصدوق: عن علي بن أحمد النسابة، عن أحمد بن سلمان ابن الحسن، عن جعفر بن محمد الصائغ، عن خالد العرني، عن هيثم، عن أبي سفيان مولى مزينة، عمن حدث، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه أتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله إني لا أقوى على الصلاة بالليل، فقال: لا تعص الله بالنهار. وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين إني قد حرمت الصلاة

 

(1) علل الشرايع ج 2 ص 209، ومثله بسند آخر ج 1 ص 234. (2) علل الشرايع ج 2 ص 53 - 54.

 

[152]

بالليل فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنت رجل قد قيدتك ذنوبك (1). 28 - مجالس الصدوق: عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمد ابن أحمد الأشعري، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الشتاء ربيع المؤمن يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه، ويقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه (2). معاني الاخبار: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى العطار، عن الأشعري مثله (3). 29 - الخصال (4) ومجالس الصدوق: عن محمد بن أحمد بن علي الأسدي عن محمد بن أبي ايوب، عن جعفر بن سدير بن داود، عن أبيه، عن يوسف بن المنكدر عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قالت ام سليمان بن داود لسليمان: يا بني وإياك وكثرة النوم بالليل فان كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا " يوم القيامة (5). أقول: قد سبقت الأخبار في ذم كثرة النوم في كتاب الآداب والسنن (6). 30 - ثواب الاعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شرف المؤمن صلاة الليل، وعز المؤمن كفه عن الناس (7). ومنه: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن محمد بن أحمد

 

(1) توحيد الصدوق: 97 ط مكتبة الصدوق. (2) امالي الصدوق: 143. (3) معاني الاخبار: 228. (4) الخصال ج 1 ص 16. (5) أمالى الصدوق: 140. (6) راجع ج 76 ص 179 - 180. (7) ثواب الاعمال ص 37.

 

[153]

الاشعري، عن عمر بن علي بن عمر، عن عمه محمد بن عمر، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن كان الله عزوجل قد قال: " المال والبنون زينة الحيوة الدنيا " (1) إن الثمان ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة (2). بيان كلمة " إن " للشرط فجزاؤه " إن الثمانية " بتقدير إنه قال: إن الثمانية ورواه العياشي (3) عن محمد بن عمر، مثله إلا أن فيه قال: قال الله عزوجل: " المال والبنون زينة الحيوة الدنيا، كما أن ثماني ركعات ". 31 - ثواب الاعمال: بالاسناد المتقدم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه جاءه رجل فشكا إليه الحاجة فأفرط في الشكاية حتى كاد أن يشكو الجوع، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا هذا أتصلي بالليل ؟ قال: فقال الرجل نعم، قال: فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال: كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار، إن الله عزوجل ضمن بصلاة الليل قوت النهار (4). ومنه: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد الأشعري عن محمد بن عبد الله بن أحمد، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن محمد بن أبي حمزة الثمالى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلاة الليل تحسن الوجه وتحسن الخلق، وتطيب الريح، وتدر الرزق، وتقضي الدين، وتذهب بالهم وتجلو البصر (5). دعوات الراوندي: عنه عليه السلام مثله (6). 32 - ثواب الاعمال: عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد

 

(1) الكهف: 46. (2) ثواب الاعمال: 38. (3) تفسير العياشي ج 2 ص 327. (4) ثواب الاعمال: 38. (5) ثواب الاعمال: 38 و 39. (6) دعوات الراوندي مخطوط.

 

[154]

ابن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن دراج، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن، تضئ لأهل السماء كما يضئ نجوم السماء لأهل الأرض (1). 33 - المحاسن: في رواية يعقوب بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كذب من زعم أنه يصلي صلاة الليل وهو يجوع، إن صلاة الليل تضمن رزق النهار (2). ومنه: عن العباس بن الفضل، عن إبراهيم بن محمد، عن موسى بن سابق، عن جعفر، عن أبيه قال: إن الله إذا أراد أن يعذب أهل الأرض بعذاب، قال: لولا الذين يتحابون في جلالي، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لأنزلت عذابي (3). 34 - فقه الرضا: حافظوا على صلاة الليل فانها حرمة الرب، تدر الرزق وتحسن الوجه، وتضمن رزق النهار، وطولوا الوقوف في الوتر ! فانه روي أن من طول الوقوف في الوتر قل وقوفه يوم القيامة (4). 35 - المحاسن: عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يقول: إنا أهل البيت امرنا أن نطعم الطعام ونؤدي في النائبة ونصلي إذا نام الناس (5). 36 - العياشي: عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله في كتابه: " إن الحسنات يذهبن السيئات " (6) قال: قال: صلاة الليل تذهب بذنوب النهار، وقال: تذهب بما جرحتم (7).

 

(1) ثواب الاعمال: 39. (2 و 3) المحاسن ص 53. (4) فقه الرضا: 9 س 7. (5) المحاسن ص 387. (6) هود: 114. (7) تفسير العياشي ج 2 ص 162 في حديث.

 

[155]

ومنه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن الحسنات يذهبن السيئات " قال: صلاة الليل تكفر ما كان من ذنوب النهار (1). 38 - مجالس المفيد: باسناده عن جابر الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أيها الناس ما من عبد إلا وهو يضرب عليه بخزائم معقودة، فإذا ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثه أتاه ملك فقال له قم ! فاذكر الله فقد دنا الصبح، قال: فان هو تحرك وذكر الله انحلت عنه عقدة، وإن قام فتوضأ ودخل في الصلاة، انحلت عنه العقد كلهن فيصبح قرير العين (2). أقول: تمامه باسناده في باب فضل الصلاة (3). 38 - دعوات الراوندي: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قيام الليل مصحة للبدن (4). وعن النبي صلى الله عليه وآله عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، وتكفير السيئات، ومنهاة عن الاثم، ومطردة الداء عن الجسد (5). وقال أبو عبد الله عليه السلام: عليكم بصلاة الليل فانها سنة نبيكم ومطردة الداء عن أجسادكم (6). ويروى إن الرجل إذا قام يصلي أصبح طيب النفس، وإذا نام حتى يصبح أصبح ثقيلا موصما " (7). وأوحى الله إلى موسى عليه السلام: قم في ظلمة الليل أجعل قبرك روضة من رياض الجنان (8). بيان: قال في النهاية فيه " وإن نام حتى يصبح أصبح ثقيلا " موصما " الوصم: الفترة والكسل والتواني.

 

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 164. (2) أمالى المفيد: 119 - 120 في حديث. (3) راجع 82 ص 222 و 223. (4 - 8) كتاب الدعوات مخطوط.

 

[156]

39 - أعلام الدين وعدة الداعي: عن الصادق عليه السلام قال: لا تعطوا العين حظها فانها أقل شئ شكرا " (1). 40 - العدة وروضة الواعظين وأعلام الدين: عن النبي صلى الله عليه وآله إذا قام العبد من لذيذ مضجعه والنعاس في عينيه ليرضى ربه عزوجل بصلاة ليله، باهى الله به ملائكته، فقال: أما ترون عبدي هذا، قد قام من لذيذ مضجعه إلى صلاة لم أفرضها عليه اشهدوا أني قد غفرت له (2) 41 - العدة: قال: دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له: صف لي عليا " فقال له: أو تعفيني من ذلك، فقال: لا أعفيك، فقال: كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا "، ويحكم عدلا "، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطف الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشتة. كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، ويناجي ربه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب. كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكنا مع دنوه منا وقربنا منه لا نكلمه لهيبته، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته، فان تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله. وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه وهو قائم في محرابه، قابض على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني الآن أسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت ؟ أم إلى تشوقت ؟ هيهات هيهات غري غيري، لا حاجة لي فيك، قد أبنتك ثلاثا "، لا رجعة لي فيها فعمرك قصير وخطرك يسير، وأملك حقير، آه آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق وعظم المورد.

 

(1) اعلام الدين مخطوط. (2) عدة الداعي لم يكن نسخته عندي، وترى الحديث مسندا في أمالى الصدوق: 371.

 

[157]

فوكفت دموع معاوية على لحيته فنشفها بكمه، واختنق القوم بالبكاء، ثم قال: كان والله أبو الحسن كذلك، فكيف كان حبك إياه ؟ قال: كحب ام موسى لموسى، وأعتذر إلى الله من التقصير، قال: فكيف صبرك عنه يا ضرار ؟ قال: صبر من ذبح واحدها على صدرها، فهي لا ترقى عبرتها، ولا تسكن حرارتها، ثم قام و خرج وهو باك، فقال معاوية: أما إنكم لو فقدتموني لما كان فيكم من يثني علي مثل هذا الثناء، فقال له بعض من كان حاضرا: الصاحب على قدر صاحبه (1) 42 - أعلام الدين وروضة الواعظين: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام: وعليك يا علي بصلاة الليل، وكرر ذلك ثلاث دفعات (2). وقال الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يصلي الليل ويجوع بالنهار (3). 43 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن في الجنة شجرة تخرج من أصلها خيل بلق لا تروث ولا تبول، مسرجة ملجمة، لجمها الذهب وسروجها الدر والياقوت، فيستوي عليها أهل عليين، فيمرون على من أسفل منهم، فيقول أهل الجنة ربنا بم بلغت بعبادك هذه الكرامة ؟ فيقال لهم: كانوا يقومون الليل وكنتم تنامون، وكانوا يصومون النهار وكنتم تأكلون وكانوا يتصدقون وكنتم تبخلون وكانوا يجاهدون وكنتم تجبنون (4). عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالوتر، وأن عليا كان يشدد فيه، ولا يرخص في تركه (5). وعن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم " (6) قال: هو الوتر من آخر الليل (7).

 

(1 - 3) اعلام الدين مخطوط. (4) دعائم الاسلام ج 1 ص 134. (5) دعائم الاسلام ج 1 ص 203. (6) الطور: 48. (7) دعائم الاسلام ج 1 ص 204.

 

[158]

44 - مجمع البيان: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل وصليا كتبا من الذاكرين الله كثيرا " والذاكرات (1). 45 - مشكوة الانوار: من كتاب المحاسن، عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا " غريبا " مهموما " محزونا " مستوحشا " من الناس، بمنزلة الطير الذي يطير في الأرض القفار، ويأكل من رؤس الأشجار، ويشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل أوكر وحده، واستأنس بربه، واستوحش من الطيور (2). وعن الباقر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى يحب المداعب في الجماعة بلا رفث المتوحد بالفكر، المتخلي بالعبر، الساهر بالصلاة (3). 46 - كتاب الغايات: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني جعلت فداك أي ساعة يكون العبد أقرب إلى الله، والله منه قريب ؟ قال: إذا قام في آخر الليل، والعيون هادءة، فيمشي إلى وضوئه حتى يتوضؤ بأسبغ وضوء تم يجئ حتى يقوم في مسجده فيوجه وجهه إلى الله، ويصف قدميه، ويرفع صوته ويكبر وافتتح الصلاة فقرأ أجزاء وصلى ركعتين وقام ليعيد صلاته ناداه مناد من عنان السماء عن يمين العرش: أيها العبد المنادي ربه إن البر لينشر على راسك من عنان السماء، والملائكة محيطة بك من لدن قدميك إلى عنان السماء، والله ينادي: عبدي لو تعلم من تناجي إذا ما انفتلت ؟ قال: قلت: جعلت فداك يا ابن رسول الله ما الانفتال ؟ قال: تقول بوجهك وجسدك هكذا ثم ولى وجهه فذلك الانفتال. وقال: أبغض الخلق إلى الله جيفة بالليل بطال بالنهار. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: خياركم اولوا النهى قيل: يا رسول الله من اولوا النهى ؟ فقال: المتهجدون بالليل والناس نيام.

 

(1) مجمع البيان ج 8 ص 358 في آية الاحزاب 35. (2) مشكاة الانوار: 257. (3) مشكاة الانوار: 147.

 

[159]

47 - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: إني لأمقت العبد يكون قد قرأ القرآن ثم ينتبه من الليل فلا يقوم حتى إذا دنى الصبح قام فبادر الصلاة (1). وعنه عليه السلام في قول الله عزوجل: " فسبح بحمد ربك حين تقوم، ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم " (2) قال أمره أن يصلي بالليل (3). وعنه عليه السلام أنه قال في قوله عزوجل: " ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا " طويلا " (4) قال أمره أن يصلي في ساعات من الليل ففعل صلى الله عليه وآله (5). وعن علي عليه السلام أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون الرجل طول الليل كالجيفة الملقاة، وأمر بالقيام من الليل والتهجد بالصلاة (6). وقال: افشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام (7). 48 - العلل والعيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن إسماعيل بن موسى، عن أخيه الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن جده قال: سئل علي بن الحسين عليه السلام ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجها " ؟ قال: لأنهم خلوا بربهم فكساهم الله من نوره (8). مجالس الشيخ: عن أبي الحسن، عن خاله جعفر بن محمد بن قولويه، عن حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة، عن عمه عاصم، عن

 

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 210. (2) الطور: 48. (3) دعائم الاسلام ج 1 ص 210. (4) الدهر: 27. (5 - 7) دعائم الاسلام ج 1 ص 211. (8) علل الشرايع ج 1 ص 54، عيون الاخبار ج 1 ص 282

 

[160]

الصادق عليه السلام مثله (1). 49 - المجازات النبوية: من ذلك قوله عليه السلام في ذم أقوام من المنافقين " خشب بالليل، جدر بالنهار " في كلام طويل. قال السيد وهذه استعارة، والمراد أنهم ينامون الليل كله من غير قيام لصلاة ولا استيقاظ لمناجاة، فهم كالخشب الملقاة، وفي التنزيل " كأنهم خشب مسندة " (2) يريد تعالى أنهم لا خير فيهم ولا نفع عندهم كالخسب الواهية التي تدعم لئلا تتهافت و تمسك لئلا تتساقط (3). 50 - المحاسن: عن الحسين بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ألا اخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه ؟ قال: قلت: بلى جعلت فداك، قال: أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله، ألا اخبرك بأبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تحط الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه، ثم تلا " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا " وطمعا " ومما رزقناهم ينفقون " (4). مشكوة الانوار: مرسلا " مثله (5). 51 - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد قال: وقف أبو ذر - رحمة الله عليه - عند حلقة باب الكعبة فوعظ الناس، ثم قال: حج حجة لعظائم الامور، وصم يوما " لزجرة النشور، وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور إلى آخر الخبر (6). 52 - تنبيه الخاطر وارشاد القلوب: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: صلاة الليل

 

(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 259. (2) المنافقون: 4. (3) المجازات النبوية: 261. (4) المحاسن ص 289 والاية في سورة السجدة: 16. (5) مشكاة الانوار: 154. (6) دعائم الاسلام ج 1 ص 270.

 

[161]

سراج لصاحبها في ظلمة القبر (1). وروي عن الصادق عليه السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلاة الليل مرضاة الرب، وحب الملائكة، وسنة الأنبياء، ونور المعرفة، وأصل الايمان، وراحة الأبدان، وكراهية الشيطان، وسلاح على الأعداء، وإجابة للدعاء، وقبول الاعمال، وبركة في الرزق، وشفيع بين صاحبها وبين ملك الموت وسراج في قبره، وفراش تحت جنبه، وجواب مع منكر ونكير، ومونس وزائر في قبره إلى يوم القيامة. فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلا فوقه، وتاجا على رأسه ولباسا " على بدنه، ونورا " يسعى بين يديه، وسترا " (2) بينه وبين النار، وحجة للمؤمن بين يدي الله تعالى، وثقلا " في الميزان، وجوازا " على الصراط، ومفتاحا " للجنة لأن الصلاة تكبير وتحميد وتسبيح وتمجيد وتقديس وتعظيم وقراءة ودعاء، وإن أفضل الاعمال كلها الصلاة لوقتها (3). البلد الامين: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: صلاة الليل مرضاة الرب إلى آخر الخبر (4). 53 - روضة الواعظين: قال الرضا عليه السلام: عليكم بصلاة الليل فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات وركعتي الشفع وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرة إلا اجير من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومد له في عمره، و وسع عليه في معيشته. ثم قال عليه السلام: إن البيوت التي يصلى فيها بالليل يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.

 

(1) ارشاد القلوب ص 315. (2) في البلد الامين: ويكون حاجزا " بينه وبين النار، راجعه. (3) ارشاد القلوب ص 316. (4) البلد الامين ص 47 في الهامش.

 

[162]

وسأل الصادق عليه السلام عبد الله بن سنان، عن قول الله عزوجل: " سيماهم في وجوههم من أثر السجود " (1) (قال: هو السهر في الصلاة. وقال الصادق عليه السلام: ليس من شيعتنا من لم يصل صلاة الليل (2). 54 - فقه الرضا: قال عليه السلام: عليك بالصلاة في الليل، فان رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى بها عليا " فقال في وصيته: عليك بصلاة الليل، قالها ثلاثا " وصلاة الليل تزيد في الرزق وبهاء الوجه، وتحسن الخلق (3).

 

(1) سورة الفتح: 29. (2) رواه المفيد في المقنعة ص 19 وقال: يريد عليه السلام أنه ليس من شيعتهم المخلصين، وليس من شيعتهم أيضا " من لم يعتقد فضل صلاة الليل. (3) فقه الرضا: 12 باب صلاة الليل.

 

[163]

7 - " (باب) " * " (دعوة المنادى في السحر واستجابة) " * * " (الدعاء فيه وافضل ساعات الليل) " * 1 - مجالس الصدوق: عن علي بن أحمد بن موسى، عن عبد الله بن موسى الروياني عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، فقال عليه السلام: لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه، والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك إنما قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا " إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل، فيأمره فينادي هل من سائل فاعطيه ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء، حدثني بذلك أبي عن جدي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله (1). بيان: قوله عليه السلام: " إنما قال " ظاهره التغيير اللفظي ويحتمل أن يكون المراد التحريف المعنوي أي ليس الغرض النزول الحقيقي بل المعنى تنزله تعالى عن عرش العظمة. والجلال والاستغناء المطلق إلى اللطف بالعباد، وإرسال الملائكة إليهم، و دعوتهم إلى بابه، أو أنه لما كان النزول والنداء بأمره فكأنه فعله كما يقال قتل الأمير

 

(1) امالي الصدوق: 246، ورواه في التوحيد ص 176، عيون الاخبار ج 1 ص 126، وتراه في الاحتجاج. 223.

 

[164]

فلانا إذا قتل بأمره. قوله: " أقصر " على بناء الافعال قال الجوهري: اقصرت عنه كففت ونزعت مع القدرة عليه، فان عجزت عنه قلت قصرت بلا ألف انتهى و " ملكوت السموات " ملكه قال في النهاية قد تكرر في الحديث ذكر الملكوت وهو اسم مبني من الملك كالجبروت والرهبوت من الجبر والرهبة، وفي القاموس الملكوت كالرهبوت العز والسلطان والمملكة. 2 - المحاسن: عن الصادق عليه السلام في قوله: " سوف أستغفر لكم ربي " (1) قال: أخرهم إلى السحر (2). 4 - الخصال: في خبر أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله أي الليل أفضل ؟ قال: جوف الليل الغابر (3). بيان: لعل الغابر اسم هنا بمعنى الماضي أي الليل الذي مضى أكثره، ويحتمل الباقي أيضا " أي الباقي كثير منه. 3 - تفسير علي بن ابراهيم: عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرب تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول الليل، وفي كل ليلة في الثلث الأخير، ملكا " ينادي: هل من تائب يتاب عليه ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟ هل من سائل فيعطى سؤله ؟ اللهم أعط كل منفق خلفا "، وكل ممسك تلفا "، فإذا طلع الفجر عاد الرب إلى عرشه فقسم الأرزاق بين العباد. ثم قال للفضيل بن يسار: يا فضيل ! نصيبك من ذلك وهو قول الله " ما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " (4).

 

(1) يوسف، 98. (2) المحاسن لم نجده وتراه في تفسير العياشي ج 2 ص 196. (3) قد مر في الباب 6 (85) تحت الرقم: 17. (4) تفسير القمى: 541، والاية في السبأ: 39.

 

[165]

بيان: قوله عليه السلام: " ملكا " " وفي بعض النسخ وأمامه ملكان وهو محمول على التقية كما مر أو على المجاز كما سبق، قوله: " نصيبك " منصوب على الإغراء أي خذ نصيبك. 5 - مجالس ابن الشيخ: عن والده، عن المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي عن ابن عقدة، عن محمد بن يوسف، عن محمد بن زياد، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد ابن عبدة النيشابوري قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن الناس يروون عن النبي صلى الله عليه وآله أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له ؟ قال: نعم، قلت: متى هي جعلت فداك ؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه، قلت له: أهي ليلة من الليالي معلومة ؟ أو كل ليلة ؟ قال: بل كل ليلة (1). اقول: قد مضى بعض الأخبار في وقت الظهرين. 6 - ثواب الاعمال: عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد - آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن أحمد الجاموراني، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة البطائني، عن مندل بن علي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عزوجل يحب من عباده المؤمنين كل دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس فانها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتهب الرياح، وتقسم فيها الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام (2) 7 - قصص الراوندي: بأسانده الكثيرة، عن الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه أبي القاسم، عن محمد بن علي الصيرفي، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة السمندي، عن الصادق عليه السلام قال: يا فضل إن أفضل ما دعوتم الله بالأسحار، قال الله تعالى: " وبالأسحار هم يستغفرون " (3).

 

(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 148. (2) ثواب الاعمال: 146. (3) قصص الراوندي مخطوط، وترى مثله في الكافي ج 2 ص 477، والاية في سورة الذاريات: 18.

 

[166]

8 - نهج البلاغة: عن نوفل البكالي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه، فنظر إلى النجوم، فقال: يا نوف إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد ربه إلا استجيب له، إلا أن يكون عشارا " أو عريفا " أو شرطيا " أو صاحب عرطبة - وهي الطنبور - أو صاحب كوبة - وهي الطبل، وقد قيل ايضا " العرطبة الطبل والكوبة الطنبور (1). بيان: قال في النهاية: العريف المقيم بأمور القبيلة، والجماعة من الناس يلي امورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم فعيل بمعنى فاعل، وفي القاموس العريف كأمير من يعرف أصحابه، والعريف رئيس القوم، سمي بذلك لأنه عرف بذلك، أو النقيب وهو دون الرئيس انتهى. والمراد هنا الرئيس بالباطل والظلم والمنصوب من قبل الظلمة، وفي القاموس الشرطي واحد الشرط كصرد، وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيؤ للموت، وطائفة من أعوان الولاة معروفة وهو شرطي كتركي وجهني سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها. وقال: العرطبة العود أو الطنبور أو الطبل أو طبل الحبشة ويضم، وقال: الكوبة بالضم النرد والشطرنح والطبل الصغير المخصر والفهر والبربط: وفي النهاية في الحديث أنه يغفر لكل مذنب إلا لصاحب عرطبة أو كوبة، العرطبة بالفتح والضم العود والكوبة هي النرد وقيل الطبل، وقيل البربط انتهى، وفي أكثر نسخ النهج العرطبة بالضم وتشديد الباء وفي اللغة بالتخفيف. 9 - عدة الداعي: عن الباقر عليه السلام إن الله تبارك وتعالى لينادي كل ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره ألا عبد مؤمن يدعوني لدينه أو دنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه ؟ ألا عبد مؤمن يتوب إلى من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه ؟

 

(1) نهج البلاغة قسم الحكم تحت الرقم 104، وترى مثله في الخصال ج 1 ص 164 بتفاوت.

 

[167]

ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه فأزيده واوسع عليه ؟ الا عبد سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فاعافيه ؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن اطلقه من سجنه فأخلي سربه ؟ ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته ؟ قال عليه السلام: فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر (1). وعن النبي صلى الله عليه وآله من كان له حاجة فليطلبها في العشاء، فانها لم يعطها أحد من الامم قبلكم، يعني العشاء الآخرة (2). وعن عمر بن اذينة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في الليلة ساعة ما يوافق فيها عبد مؤمن يصلي ويدعو الله فيها إلا استجاب له، قلت: أصلحك الله و أي ساعات الليل ؟ قال: إذا مضى نصف الليل وبقي السدس الأول من أول النصف الثاني (3). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان آخر الليل يقول الله سبحانه: هل من داع فأجيبه ؟ هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ (4). بيان: في القاموس: السرب بالفتح الطريق وبالكسر الطريق والبال والقلب. 10 - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: ينادي مناد حين يمضي ثلث الليل: يا باغي الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر هل من تائب يتاب عليه هل من مستغفر يغفر له ؟ هل من سائل فيعطى ؟ حتى يطلع الفجر (5). 11 - المكارم: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام في وصيته: يا علي صل من الليل ولو قدر حلب شاة، وبالأسحار فادع، فان عند ذلك لا ترد دعوة، قال الله تبارك وتعالى: " والمستغفرين بالأسحار " (6). 12 - كتاب جعفر بن محمد بن شريح: عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا -

 

(1 - 4) عدة الداعي: 29. (5) دعائم الاسلام ج 1 ص 210. (6) مكارم الاخلاق: 340 والاية في آل عمران 170.

 

[168]

عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى ينزل في الثلث الباقي من الليل إلى السماء الدنيا، فينادي هل من تائب يتوب فأتوب عليه ؟ وهل من مستغفر يستغفر فأغفر له ؟ وهل من داع يدعوني فأفك عنه ؟ وهل من مقتور يدعوني فأبسط له ؟ وهل من مظلوم ينصرني فأنصره ؟


 

[169]

8 - (باب) * " (أصناف الناس في القيام عن فرشهم) " * * " (وثواب احياء الليل كله أو بعضه) " * * " (وتنبيه الملك للصلاة) " * 1 - مجالس الصدوق: عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق قال: قال الصادق عليه السلام: يقوم الناس عن فرشهم على ثلاثة أصناف: فصنف له ولا عليه وصنف عليه ولا له، وصنف لا عليه ولا له، فأما الصنف الذي له ولا عليه: فهو الذي يقوم من مقامه ويتوضؤ ويصلي ويذكر الله عزوجل، والصنف الذي عليه ولا له، فهو الذي لم يزل في معصية الله حتى نام، فذاك الذي عليه لا له، والصنف الذي لا له ولا عليه، فهو الذي لا يزال نائما " حتى يصبح فذلك لا له ولا عليه (1). مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن الحسين بن عبيدالله الغضايرى، عن الصدوق مثله (2). 2 - المحاسن: عن الحسن بن علي الوشا، عن العلا، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: ما من عبد إلا وهو يتيقظ مرة أو مرتين في الليل أو مرارا "، فان قام وإلا فحج الشيطان فبال في اذنه، ألا يرى أحدكم إذا كان منه ذاك قام ثقيلا " أو كسلان (3). بيان: قال في النهاية: فيه بال قائما " فحج رجليه أي فرقهما وباعد ما بينهما

 

(1) أمالى الصدوق ص 234. (2) أمالى الطوسى ج 2 ص 46. (3) المحاسن: 86.

 

[170]

والفحج تباعد ما بين الفخذين، وقال فيه من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان في اذنه قيل: معناه سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله، قال الشاعر: " بال سهيل في الفضيخ ففسد " أي لما كان الفضيخ يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره مفسدا " له وفي حديث آخر عن الحسن مرسلا " أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " فإذا نام شغر الشيطان برجله فبال في اذنه " وحديث ابن مسعود " كفى بالرجل شرا أن يبول الشيطان في اذنه " وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل انتهى. وقيل: تميثل لتثاقل نومه وعدم تنبهه بصوت المؤذن بحال من بيل في اذنه وفسد حسه، وقال القاضي عياض لا يبعد كونه على ظاهره وخص الاذن لأنه حاسة الانتباه انتهى. وقال الشيخ البهائي: الفحج بالحاء المهملة والجيم نوع من المشي ردي وهو أن يتقارب صدر القدمين ويتباعد العقبان، وهو كناية عن سوء الجيئة ورداءتها كما أن البول في الاذن كناية عن تلاعب الشيطان انتهى وما ذكرناه أولا " أنسب. 3 - المحاسن: عن أبيه، عن صفوان، عن خضر أبي هاشم، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لليل شيطانا يقال له الزهاء، فإذا استيقظ العبد وأراد القيام إلى الصلاة قال له: ليست ساعتك، ثم يستيقظ مرة اخرى فيقول: لم يأن لك فما يزال كذلك يزيله ويحبسه حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر بال في اذنه ثم انصاع يمصع بذنبه فخرا ويصيح (1). روضة الواعظين: عن الباقر والصادق عليهما السلام مثل الخبرين. بيان: قال الفيروز آبادي: انصاع انفتل راجعا " مسرعا "، وقال مصعت الدابة بذنبها حركته وضربت به. 4 - ثواب الاعمال (2) والمجالس للصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن الليث، عن جابر بن إسماعيل، عن الصادق عليه السلام أن

 

(1) المحاسن: 86. (2) ثواب الاعمال: 39 - 40. (*)

 

[171]

رجلا " سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قيام الليل للقرآن فقال له: أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله مخلصا " ابتغاء مرضات الله، قال الله عزوجل لملائكته: اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من حبة وورقة وشجرة، وعدد كل قصبة وخوط ومرعى، ومن صلى تسع ليلة أعطاه الله عشر دعوات مستجابات، وأعطاه كتابه بيمينه يوم القيامة، ومن صلى ثمن ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر حتى يمر على الصراط مع الآمنين، ومن صلى سدس ليلة كتب من الأوابين وغفر له ما تقدم من ذنبه. ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين حتى يمر على الصراط كالريح العاصف ويدخل الجنة بغير حساب، ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك إلا غبطه بمنزلته من الله عزوجل، وقيل: ادخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطى ملء الأرض ذهبا " سبعين ألف مرة لم يعدل جزاءه، وكان له ذلك أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج، أدناها حسنة أثقل من جبل احد عشر مرات. ومن صلى ليلة تامة تاليا " لكتاب الله عزوجل راكعا " وساجدا " وذاكرا " اعطي من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته امه، ويكتب له عدد ما خلق الله من الحسنات، ومثلها درجات، ويثبت النور في قبره، وينزع الاثم والحسد من قلبه، ويجار من عذاب القبر، ويعطى براءة من النار، ويبعث من الآمنين، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته: ملائكتي انظروا إلى عبدي أحيا ليلة " ابتغاء مرضاتي، أسكنوه الفردوس، وله مأة ألف مدينة، في كل مدينة جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وما لا يخطر على بال، سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة (1). ايضاح: قال في القاموس: الخوط بالضم الغصن الناعم لسنة أو كل قضيب، وفي

 

(1) أمالى الصدوق: 175 والحديث ضعيف جدا ".

 

[172]

الفقيه (1) وخوص وهو بالضم ورق النخل، قوله عليه السلام: صابر أي في الجهاد حتى يقتل أو الأعم، وفي النهاية الأوابين جمع أواب وهو كثير الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة، و قيل: هو المطيع وقيل المسبح، انتهى، والعاصف الشديد، وقال الجوهري: الغبطة أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه، وليس بحسد، وقال: العالج موضع بالبادية لها رمل انتهى. واعلم أنه يمكن أن يكون كل مرتبة لاحقة منضمة مع السابقة ويحتمل العدم والله العالم. 5 - اعلام الدين للديلمي: عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: كان فيما أوحى الله إلى موسى بن عمران عليه السلام: يا موسى كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني، يا ابن عمران لو رأيت الذين يصلون لي في الدياجي، وقد مثلت نفسي بين أعينهم يخاطبوني، وقد جليت عن المشاهدة، ويكلموني وقد عززت عن الحضور. يا ابن عمران هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع ثم ادعني في ظلم الليل تجدني قريبا " مجيبا ". وقال أبو الحسن الثالث عليه السلام في بعض مواعظه: السهر ألذ للمنام، والجوع يزيد في طيب الطعام، يريد به الحث على قيام الليل وصيام النهار.

 

(1) الفقيه ج 1 ص 300 - 301.

 

[173]

9 - * " (باب) " * * " (آداب النوم والانتباه زائدا " على ما تقدم) " * 1 - الدعائم: عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أراد شيئا " من قيام الليل فأخذ مضجعه فليقل: " اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تجعلني من الغافلين، أقوم إنشاء الله ساعة كذا وكذا، فان الله عزوجل يوكل به ملكا " يقيمه تلك الساعة، ومن اراد شيئا " من قيام الليل فغلبته عيناه حتى يصبح كان نومه صدقة من الله عليه، ويتمم الله قيام ليلته (1). 2 - ارشاد القلوب: يقول من أراد الانتباه: اللهم ابعثني من مضجعي لذكرك وشكرك، وصلواتك واستغفارك، وتلاوة كتابك، وحسن عبادتك يا أرحم الراحمين. 3 - الكافي والتهذيب: في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قمت في الليل من منامك فقل: " الحمد لله الذي رد على روحي لأحمده وأعبده (2). 4 - الفقيه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أوى إلى فراشه، قال: " باسمك اللهم أحيى وباسمك أموت " فإذا استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني، و إليه النشور " (3). 5 - الكافي: في الحسن كالصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (4). بيان: " باسمك اللهم أحيى " قال الوالد قدس سره: أي أنت تحييي و تميتني أو متلبسا " أو متبركا " باسمك أحيى وأموت، أو حياتي باسمك المحيي، ومماتي باسمك المميت، والمناسبة باعتبار أن النوم أخ الموت.

 

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 213. (2) الكافي ج 3 ص 445، التهذيب ج 1 ص 167 ط حجر، ج 2 ص 123 ط نجف. (3) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 304. (4) الكافي ج 2 ص 539.

 

[174]

أقول: قد مضت أدعية النوم والانتباه وآدابهما في كتاب الآداب والسنن (1)، ونذكر هنا شيئا " منها تبعا " للأصحاب: فمنها تسبيح فاطمة صلوات الله عليها كما وردت به الأخبار الكثيرة، وروى الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان (2) قال: من بات على تسبيح فاطمة كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. ومنها ما روي في الصحيح (3) عن أبي جعفر عليه السلام إذا توسد الرجل يمينه فليقل: " بسم الله اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهرى إليك، وتوكلت عليك رهبة منك، ورغبة إليك، لا ملجا ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك الذي أرسلت " ثم يسبح تسبيح فاطمة الزهراء، ومن أصابه فزع عند منامه فليقرأ إذا أوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي. ومنها ما روي في الصحيح (4) عن أحدهما عليه السلام قال: لا يدع الرجل أن يقول عند منامه: " اعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي ومالي بكلمات الله التامات من كل شيطان و هامة، ومن كل عين لامة " فبذلك عوذ به جبرئيل الحسن والحسين عليهما السلام. ومنها ما روي في الصحيح (5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اقرء: قل هو الله وقل يا أيها الكافرون عند منامك، فانهما براءة من الشرك، وقل هو الله نسبة الرب عزوجل. وفي الصحيح (6) أيضا " عنه قال: من قرء قل هو الله أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه، غفر له ما قبل ذلك خمسين عاما ".

 

(1) راجع ج 76 ص 186 - 221. (2) مجمع البيان ج 8 ص 358، والاية في سورة الاحزاب: 35. (3) الفقيه ج 1 ص 297. (4) التهذيب ج 1 ص 168. (5) الفقيه ج 1 ص 297. (6) التوحيد ص 94 و 95 ط مكتبة الصدوق الكافي ج 2 ص 620.

 

[175]

وفي الموثق (1) عنه عليه السلام قال: من قرء قل هو الله إحدى عشرة مرة حين ما يأوي إلى فراشه غفر له وشفع في جيرانه، فان قرأها مائة مرة غفر ذنبه فيما يستقبل خمسين سنة. وفي الحسن (2) كالصحيح عنهم عليهم السلام إذا أردت النوم تقول: اللهم إن أمسكت بنفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها ". وفي الصحيح (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال حين يأوي إلى فراشه: " لا إله إلا الله " مائة مرة، بنى الله له بيتا في الجنة، ومن استغفر الله مائة مرة حين ينام بات وقد تحاتت الذنوب كلها عنه، كما يتحات الورق من الشجر، ويصبح وليس عليه ذنب. وفي الصحيح (4) أيضا " عنه عليه السلام قال من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرات: " الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كل شئ قدير " خرج من الذنوب كيوم ولدته امه وفي الأخبار المعتبرة من بات على طهر فكأنما أحيى ليله. 6 - المتهجد (5) وغيرها: إذا أوى إلى فراشه فليقل " أعوذ بعزة الله، وأعوذ بقدرة الله، وأعوذ بجمال الله، وأعوذ بسلطان الله، وأعوذ بجبروت الله وأعوذ بملكوت الله، وأعوذ بدفع الله، وأعوذ بجمع الله، وأعوذ برحمة الله، وأعوذ برسول الله صلى الله عليه وآله وأعوذ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، من شر ما خلق وذرء وبرء، ومن شر العامة والسامة، ومن شر فسقة العرب والعجم، ومن شر كل دابة في الليل والنهار أنت آخذ

 

(1) ثواب الاعمال: 116. (2) الكافي ج 2 ص 539. (3) رواه الصدوق في الخصال ج 2 ص 146 وثواب الاعمال: 5 وفي الامالى: 119. (4) الفقيه ج 1 ص 297. (5) مصباح المتهجد: 85.

 

[176]

بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم. فإذا أراد النوم فليتوسد يمينه وليقل " بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم إني أسلمت نفسي إليك - إلى قوله - آمنت بكل كتاب أنزلته، وبكل رسول أرسلته ". ثم يسبح تسبيح الزهراء ثم يقرء قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاثا " ثلاثا " وآية السخرة، وشهد الله، وإنا أنزلناه إحدى عشر مرة، ثم ليقل " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير. ثم ليقل " أعوذ بالله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه من شر ما خلق وذرأ وبرء وأنشأ وصور ومن شر الشيطان وشركه ونزغه، ومن شر شياطين الانس والجن، وأعوذ بكلمات الله التامة من شر السامة والهامة واللامة والخاصة والعامة ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا " يطرق بخير، بالله الرحمان استعنت، وعلى الله توكلت، وهو حسبي ونعم الوكيل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرء ألهيكم التكاثر عند النوم وقي فتنة القبر. وعن أبي الحسن موسى عليه السلام أنه قال: يستحب أن يقرأ الانسان عند النوم إحدى عشرة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر. ومن يتفرغ بالليل يستحب أن يقرء إذا أوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي. ومن خاف اللصوص فليقرء عند منامه " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى " إلى آخرها. ومن خاف الأرق فليقل عند منامه " سبحان الله ذي الشان، دائم السلطان، عظيم


 

[177]

البرهان، كل يوم هو في شان " ثم يقول: " يا مشبع البطون الجائعة، ويا كاسي الجنوب العارية، ويا مسكن العروق الضاربة، ويا منوم العيون الساهرة، سكن عروقي الضاربة واذن لعيني نوما " عاجلا ". ومن خاف الاحتلام فليقل عند منامه: " اللهم إني أعوذ بك من الاحتلام، وأن يلعب بي الشيطان في اليقظة والمنام ". ويقول لطلب الرزق عند المنام " اللهم أنت الأول فلا شئ قبلك، وانت الآخر فلا شئ بعدك، وأنت الظاهر فلا شئ فوقك، وأنت الباطن فلا شئ دونك، وأنت الآخر فلا شئ بعدك، اللهم رب السموات السبع، ورب الأرضين السبع، ورب التوراة والانجيل، والزبور والفرقان الحكيم، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على صراط مستقيم ". ومن أراد رؤيا ميت في منامه فليقل: " اللهم أنت الحي الذي لا يوصف والايمان يعرف منه، منك بدت الاشياء، وإليك تعود، فما أقبل منها كنت ملجأه ومنجاه، وما أدبر منها لم يكن له ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، أسئلك بلا إله إلا أنت، وأسئلك ببسم الله الرحمن الرحيم، وبحق نبيك محمد صلى الله عليه وآله سيد النبيين وبحق علي خير الوصيين، وبحق فاطمة سيدة نساء العالمين وبحق الحسن والحسين اللذين جعلتهما سيدي شباب أهل الجنة، عليهم أجمعين السلام، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تريني ميتي في الحال التي هو فيها. ومن أراد الانتباه لصلاة الليل وخاف النوم، فليقل عند منامه: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي " إلى آخر السورة ثم يقول: اللهم لا تنسني ذكرك، ولا تؤمني مكرك، ولا تجعلني من الغافلين، وأنبهني لأحب الساعات إليك، أدعوك فيها فتستجيب لي، وأسألك فتعطيني، وأستغفرك فتغفر لى، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين. وفي رواية صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تول عني وجهك، ولا تهتك عني ستر، ولا


 

[178]

تأخذني على تمددي، ولا تجعلني من الغافلين، وأيقظني من رقدتي، وسهل لي القيام في هذه الليلة في أحب الأوقات، وارزقني فيها الصلاة والذكر والشكر والدعاء حتى أسئلك فتعطيني، وأدعوك فتستجب لي، وأستغفرك فتغفر لى، إنك أنت الغفور الرحيم. فإذا انقلب على فراشه وانتبه فليقل " لا إله إلا الله الحي القيوم، وهو على كل شئ قدير، سبحان الله رب النبيين، وإله المرسلين، وسبحان الله رب السموات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع وما فيهن، ورب العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. وإذا رأى رؤيا مكروهة فليتحول عن شقه الذي كان عليه وليقل " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا " إلا باذن الله، أعوذ بالله وبما عاذت به ملائكة الله المقربون، وأنبياؤه المرسلون، والأئمة المهديون، وعباده الصالحون من شر ما رأيت ومن شر رؤياي أن تضرني في ديني أو دنياي، ومن الشيطان الرجيم (1). 7 - الجنة: روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي: ما فعلت البارحة يا أبا الحسن ؟ فقال: صليت ألف ركعة قبل أن أنام، فقال النبي صلى الله عليه وآله: كيف ذلك ؟ فقال عليه السلام: سمعتك يا رسول الله تقول: من قال عند نومه ثلاثا " يفعل الله ما يشاء بقدرته ويحكم ما يريد بعزته " فقد صلى ألف ركعة، قال: صدقت (2). قال: وليقل عند النوم " يا من يمسك السموات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما " غفورا "، صل على محمد وآل محمد، وأمسك عنا السوء إنك على كل شئ قدير " (3). 8 - البلد الامين: عن علي عليه السلام من قرأ آية السخرة عند نومه حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين (4).

 

(1) مصباح المتهجد: 88. (2 و 3) مصباح الكفعمي: 46 و 47 متنا " وهامشا " وتراه في البلد الامين ص 34. (4) البلد الامين: 33 و 34 متنا " وهامشا ".

 

[179]

وعن الباقر عليه السلام: من قرء سورة القدر إحدى عشر مرة حين ينام خلق الله له نورا " سعته سعة الهواء عرضا " وطولا " ممتدا " من قرار الهواء إلى حجب النور، فوق العرش في كل درجة منه ألف ملك، ولكل ملك ألف لسان، لكل لسان الف لغة، يستغفرون لقاريها إلى زوال الليل ثم يضع الله تعالى ذلك النور في جسد قاريها إلى يوم القيامة (1). وعنه عليه السلام: من قرأها حين ينام ويستيقظ ملأ اللوح المحفوظ ثوابه. وعنه عليه السلام: من قرأها مائة مرة في ليلة رأى الجنة قبل أن يصبح (2). وعن النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ التوحيد والمعوذتين كل ليلة عشرا كان كمن قرأ القرآن كله وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، وإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا (3). وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قرء التوحيد حين يأخذ مضجعه وكل الله به ألف ملك يحرسونه ليلته، وهي كفارة خمسين سنة (4). وعن النبي صلى الله عليه وآله من قال: حين يأوي إلى فراشه ثلاث مرات " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " غفر الله تعالى ذنوبه وإن كان مثل زبد البحر و رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا (5). وروي من قرأ آية شهد الله عند منامه خلق الله تعالى له سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة (6). 9 - العدة: عن علي عليه السلام إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل " بسم الله وضعت جنبي لله على ملة إبراهيم ودين محمد صلى الله عليه وآله وولاية من افترض الله طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " فمن قال ذلك عند منامه حفظه الله تعالى من اللص المغير والهدم وتستغفر له الملائكة (7). 10 - الكافي: في القوي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ عند منامه آية

 

(1 - 6) البلد الامين ص 33 و 34 متنا " وهامشا ". (7) تراه في الخصال ج 2 ص 166.

 

[180]

الكرسي ثلاث مرات والآية التي في آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو وآية السخرة وآية السجدة وكل به شيطانان يحفظانه من مردة الشياطين، شاؤا أو أبوا، ومعهما من الله ثلاثون ملكا " يحمدون الله عزوجل ويسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويستغفرونه إلى أن ينتبه ذلك العبد من نومه، وثواب ذلك كله له (1). بيان: لعل المراد بآية السجدة آخر حم السجدة " سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط " وقيل: الآية التي بعد آية السجدة في الم " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا " وطمعا " ومما رزقناهم ينفقون " لأنها أنسب بهذا المقام، والاولى الجمع بينهما. 11 - التهذيب: باسناده عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام لقي الله ووجهه كالقمر في ليلة البدر (2).

 

(1) الكافي ج 2 ص 539 - 540. (2) التهذيب ج ص، ورواه الصدوق في الثواب: 106.

 

[181]

10 - " باب " * " علة صراخ الديك والدعاء عنده " * 1 - العيون: عن محمد بن أحمد الوراق، عن علي بن محمد بن جعفر، عن دارم بن قبيصة، عن الرضا عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله ديكا " عرفه تحت العرش، ورجلاه في تخوم الأرضين السابعة السفلى، إذا كان في الثلث الأخير من الليل سبح الله تعالى ذكره بصوت يسمعه كل شئ ما خلا الثقلين الجن والانس، فتصيح عند ذلك ديكة الدنيا (1). بيان: الديكه كالقردة جمع الديك بالكسر. 2 - التوحيد للصدوق: عن علي بن عبد الله الأسواري، عن مكي بن أحمد عن عدي بن أحمد بن عبد الباقي، عن أحمد بن محمد البراء، عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه، عن وهب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أن لله تبارك وتعالى ديكا " رجلاه في تخوم الأرض السابعة وراسه عند العرش ثاني عنقه تحت العرش، وهو ملك من ملائكة الله تعالى خلقه الله تعالى ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، مضى مصعدا " فيها مد الأرضين حتى خرج منها إلى افق السماء، ثم مضى فيها مصعدا " حتى انتهى قرنه إلى العرش، وهو يقول: " سبحانك ربي ". ولذلك الديك جناحان إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب، فإذا كان في آخر الليل نشر جناحيه وخفق بهما، وصرخ بالتسبيح وهو يقول: " سبحان الله الملك القدوس الكبير المتعال القدوس لا إله إلا هو الحي القيوم " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها، وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ، فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت الديكة في الأرض. فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه فجاوز المشرق والمغرب، وخفق بهما و

 

(1) عيون الاخبار ج 2 ص 72.

 

[182]

صرخ بالتسبيح " سبحان الله العظيم، سبحان الله العزيز القهار، سبحان ذي العرش المجيد، سبحان الله ذي العرش الرفيع " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض وتجاوبه بالتسبيح والتقديس لله تعالى. ولذلك الديك ريش ابيض كأشد بياض رأيته قط، وله زغب أخضر تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة رأيتها قط، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك (1). تفسير علي بن ابراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام مثله (2). بيان: قال الفيروز آبادي: خفق الطائر طار، وأخفق ضرب بجناحيه، وقال الزغب محركة صغار الشعر والريش ولينه أو أول ما يبدو منهما. 3 - التوحيد: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن الحسن ابن أبان، عن محمد بن اورمة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبي الحسن الشعيري. عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين ! والله إن في كتاب الله تعالى لآية قد أفسدت علي قلبي، وشككتني في ديني، فقال له علي عليه السلام: ثكلتك امك وعدمتك وما تلك الآية ؟ قال: قول الله تعالى " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " (3). فقال له أمير المؤمنين: يا ابن الكوا إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى: إن لله تعالى ملكا " في صورة ديك أبج أشهب، براثنه في الأرضين السابعة السفلى، وعرفه مثنى تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق وجناح في المغرب واحد من نار والآخر من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم فلا الذي من النار

 

(1) توحيد الصدوق: 279. (2) تفسير القمى: 374 في حديث المعراج. (3) النور: 41.

 

[183]

يذنب الثلج، ولا الذي من الثلج يطفئ النار. فينادي " اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا " سيد النبيين وأن وصيه سيد الوصيين، وأن الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح " قال: فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله، وهو قوله عزوجل " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " من الديكة في الأرض (1). الاحتجاج: عن ابن نباتة مثله (2). تفسير على بن ابراهيم: عن أبيه رفعه إلى ابن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله ملكا " في صورة الديك الأملح الأشهب وذكر نحوه (3). بيان: قوله عليه السلام: أبج في بعض النسخ بالباء والجيم، وهو الواسع شق العين، وفي بعضها بالحاء المهملة وهو غليظ الصوت، والملحة البياض الذي يخالطه سواد كما في التفسير، والشهبة في اللون البياض الذي غلب على السواد، والبراثن من السباع والطير بمنزلة الأصابع من الانسان، والصفق الضرب الذي يسمع له صوت كالتصفيق. 4 - مشكاة الانوار: من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله ديكا " رجلاه في الأرض، ورأسه في السماء تحت العرش وجناح له في المشرق وجناح له في المغرب، يقول: " سبحان ربي الله القدوس " فإذا صاح أجابته الديوك، فإذا سمعتم أصواتها فليقل أحدكم: سبحان ربى القدوس (4). 5 - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لله ملكا " في خلق الديك، براثنه في تخوم الأرض، وجناحاه في الهواء وعنقه مثنية تحت العرش، فإذا مضى من الليل نصفه، قال: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم المتهجدون " فعندها تصرخ الديوك ثم يسكت كم شاء الله من الليل، ثم

 

(1) كتاب التوحيد: 282. (2) الاحتجاج: 121. (3) تفسير القمى: 359. (4) مشكاة الانوار: 259 - 260.

 

[184]

يقول: " سبوح قدوس ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم الذاكرون " ثم يقول بعد طلوع الفجر: " ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم الغافلون " (1). أقول: قد مضت الأخبار في ذلك في كتاب السماء والعالم (2). 6 - قال الصادق عليه السلام: إذا سمعت صراخ الديك فقل: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " (3). فقه الرضا: وإذا سمعت صراخ الديك إلى قوله " لا إله إلا أنت " (4). الكافي: في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام مثله إلا أن فيه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك عملت (5). بيان: قال في النهاية: في حديث الدعاء " سبوح قدوس " يرويان بالضم والفتح أقيس، والضم أكثر استعمالا "، وهو من أبنية المبالغة، والمراد بهما التنزيه، وقال: القدوس هو الطاهر المتنزه عن العيوب والنقايص، وفعول بالضم من أبنية المبالغة، و لم يجئ منه إلا قدوس وسبوح وذروح. 7 - المتهجد (6): إذا سمع أصوات الديوك فليقل " سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا كريم وتب علي إنك أنت التواب الرحيم الحمد لله الذي أنامنى (7)

 

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 210 - 209. (2) ترى شطرا منها في ج 59 من طبعتنا هذه باب حقيقة الملائكة وصفاتهم و شؤنهم، وشطرا منها باب فضل اتخاذ الديك وانواعها ج 14 ص 733 ط الكمبانى. (3) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 305. (4) فقه الرضا: 13 س 4. (5) الكافي ج 3 ص 445 في حديث ج 2 ص 538. (6) مصباح المتهجد: 88 - 89. (7) أباتنى خ ل كما في المصدر.

 

[185]

في عروق ساكنة ورد إلي مولاي نفسي بعد موتها، ولم يمتها في منامها. الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه [والحمد لله الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا] (1) ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما " غفورا " الحمد لله الذي لم يرني في منامي وقيامي سوء، والحمد لله الذي يميت الأحياء ويحيى الموتى (2) وهو على كل شئ قدير الحمد لله الذي يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. الحمد لله الذي أباتني في عافية، وصبحني عليها، ساكنة عروقي، هادئا " قلبي سالما " بدني، سويا " خلقي، حسنة صورتي، [و] لم تصبني قارعة، ولم ينزل بي بلية، لم يهتك لي سترا "، ولم يقطع عني رزقا "، ولم يسلط علي عدوا " وقد أحسن بي وأحسن إلى ودفع عني أبواب البلاء كلها، وعافاني من جملها (3) لا إله إلا الله الحي القيوم وهو على كل شئ قدير، وسبحان الله رب النبيين وإله المرسلين، وسبحان الله رب السموات السبع وما فيهن، ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين [وصلى الله على محمد وآله الطاهرين] (4). أقول: ذكره في المصباح الصغير = إلى قوله - " إنه كان حليما " غفورا " ولعل أكثر هذه الزيادات من أدعية الانتباه اضيفت إلى دعاء سماع الصراخ. 8 - كتاب جعفر بن شريح: عن أحمد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله ديكا [رجلاه] في الأرض ورأسه تحت العرش جناح له في المشرق وجناح له في المغرب، يقول: " سبحان الله الملك القدوس " فإذا قال ذلك صاحت الديوك وأجابته، فان سمع صوت الديك فليقل أحدكم: سبحان ربي الملك القدوس.

 

(1) ما بين العلامتين لا يوجد في المصدر. (2) الاموات خ ل. (3) من حملها خ ل. (4) مصباح المتهجد ص 88 - 89.

 

[186]

11 - " (باب) " " (آداب القيام إلى صلاة الليل والدعاء عند ذلك) " 1 - كتاب زيد النرسى: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا نظرت إلى السماء فقل سبحان من جعل في السماء بروجا، وجعل فيها سراجا " وقمرا " منيرا "، وجعل لنا نجوما وقبلة نهتدي بها إلى التوجه إليه في ظلمات البر والبحر، اللهم كما هديتنا إلى التوجه إليك وإلى قبلتك المنصوبة لخلقك، فاهدنا إلى نجومك التي جعلتها أمانا لأهل الأرض ولأهل السماء، حتى نتوجه بهم إليك فلا يتوجه المتوجهون إليك إلا بهم، ولا يسلك الطريق إليك من سلك من غيرهم، ولا لزم المحجة من لم يلزمهم. استمسكت بعروة الله الوثقى، واعتصمت بحبل الله المتين، وأعوذ بالله من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما خرج منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم رب السقف المرفوع، والبحر المكفوف، والفلك المسجور، والنجوم المسخرات، ورب هود براسنه (1) صل على محمد وآل محمد، وعافني من كل حية وعقرب ومن جميع هوام الأرض والهواء، والسباع مما في البر والبحر، ومن أهل الأرض وسكان الأرض والهواء، قال قلت: " وما هود براسنه " قال: كوكبة في السماء خفية تحت الوسطى من الثلاث الكواكب التي في بنات النعش المتفرقات، ذلك أمان مما قلت 2 - المحاسن: [عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد] (2) عن أبيه، عن إسحاق

 

(1) وفي البحار ج 58 ص 97 من هذه الطبعة " هورايسيه ". (2) هذا هو الصحيح كما في المصدر ونقله المؤلف العلامة في ج 76 ص 131، ونسخة الكمبانى خالية عنه.

 

[187]

ابن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنى لاحب إذا قام بالليل أن يستاك وأن يشم الطيب، فان الملك يأتي الرجل إذا قام بالليل حتى يضع فاه على فيه، فما خرج من القرآن من شئ دخل جوف ذلك الملك (1). 3 - الكافي (2) والفقيه في القوى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قام أحدكم من الليل فليقل " سبحان الله رب النبيين، وإله المرسلين، ورب المستضعفين، والحمد لله الذي يحيى الموتى وهو على كل شئ قدير " فانه إذا قال ذلك يقول الله تبارك و تعالى صدق عبدي وشكر (3). بيان: المراد بالمستضعفين الائمة عليهم السلام لقوله سبحانه فيهم " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض " (4) ويحتمل كل من ظلم وغصب والأول أظهر. 4 - التهذيب: في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ابدء في صلاة الليل بالآيات تقرء " إن في خلق السموات والأرض " إلى قوله - إنك لا تخلف الميعاد -. 5 - الكافي والتهذيب: في الحسن كالصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا قمت بالليل من منامك فانظر في آفاق السماء فقل: " اللهم إنه لا يواري منك ليل داج، ولا سماء ذات أبراج، ولا أرض ذات مهاد، ولا ظلمات بعضها فوق بعض، ولا بحر لجي تدلج بين يدي المدلج من خلقك، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، غارت النجوم ونامت العيون، وأنت الحي القيوم لا تأخذك سنة ولا نوم، سبحان الله رب العالمين وإله المرسلين، والحمد لله رب العالمين (5). ثم اقرء الخمس الآيات من آخر آل عمران: " إن في خلق السموات والأرض

 

(1) المحاسن ص 559. (2) الكافي ج 2 ص 538. (3) الفقيه ج 1 ص 304. (4) القصص: 5 و 6. (5) الكافي ج 2 ص 538.

 

[188]

واختلاف الليل والنهار لآيات لاولى الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعو