الى اجزاء البحار الى المكتبة الهاشمية الى الصفحة الرئيسية

بحار الانوار الجزء 91

العلامة المجلسي


[1]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس الله سره " الجزء الحادي والتسعون دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة المصححة 1403 ه‍. 1983 م


 

[1]

بسم الله الرحمن الرحيم 28 - (باب) * (الاستشفاع بمحمد وآل محمد في الدعاء، وادعية التوجه) * * إليهم والصلوات عليهم والتوسل بهم صلوات الله عليهم) * 1 - ل (1) لى: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن أبي العلا، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا و الخريف سبعون سنة قال: ثم إنه سأل الله عزوجل بحق محمد وأهل بيته لما رحمتني قال: فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل عليه السلام أن اهبط إلى عبدي فأخرجه، قال: يا رب وكيف لي بالهبوط في النار ؟ قال: إني قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما، قال: يا رب فما علمي بموضعه ؟ قال: إنه في جب من سجين قال: فهبط في النار، فوجده وهو معقول على وجهه، فأخرجه، فقال عزوجل: يا عبدي كم لبثت تناشدني في النار ؟ قال: ما احصي يا رب، قال: أما وعزتي لولا ما سألتني به لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتم على نفسي أن لا يسألني عبد بحق محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته إلا غفرت له، ما كان بيني وبينه، وقد غفرت لك اليوم (2).

 

(1) الخصال ج 2 ص 140. (2) امالي الصدوق ص 398.

 

[2]

مع: أبي، عن سعد، عن الحسن بن علي الكوفي مثله (1). ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن الحسن بن علي مثله (2). جا: الصدوق، عن أبيه، عن محمد العطار بالاسناد السابق، عن الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه إذا كان يوم القيامة وسكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار. مكث عبد في النار سبعين خريفا إلى آخر الخبر وزاد في آخره: ثم يؤمر به إلى الجنة (3). 2 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن ابن فضال، عن العباس بن عامر مثله إلى قوله مكث في النار يناشد الله سبعين خريفا وسبعين خريفا والخريف سبعون سنة وسبعون سنة وسبعون سنة إلى قوله قال: إنه في جب من سجين قال: فهبط إليه وهو معقول على وجهه بقدمه، قال: قلت: كم لبثت في النار ؟ قال: ما احصي كم بدلت فيها خلقا، قال: فأخرجه إليه، قال: فقال له: يا عبدي إلى آخر الخبر (4). 3 - ما: المفيد عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن محمد، عن يحيى بن زكريا، عن الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن محمد بن المشمعل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك (5). 4 - ج: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله تعالى بعد المسائل: بسم الله الرحمن الرحيم لا لامره تعقلون، ولا من أوليائه تقبلون، حكمة بالغة، فما تغن النذر عن قوم لا يؤمنون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا

 

(1) معاني الاخبار ص 226. (2) ثواب الاعمال ص 139. (3) مجالس المفيد ص 136. (4) امالي الطوسى ج 2 ص 288. (5) امالي الطوسى ج 1 ص 175.

 

[3]

أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى: سلام على آل يس السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه، السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه، السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك، السلام عليك يا بقية الله في أرضه، السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه، السلام عليك أيها العلم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة، وعد غير مكذوب، السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد، السلام عليك حين تستغفر وتحمد، السلام عليك حين تكبر وتهلل، السلام عليك حين تصبح وتمسي السلام عليك في الليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، السلام عليك أيها الامام المأمون، السلام عليك أيها المقدم المأمول، السلام عليك بجوامع السلام. اشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده رسوله، لا حبيب إلا هو وأهله، وأشهد [ك] أن [عليا] أمير المؤمنين حجته والحسن حجته، والحسين حجته، وعلي بن الحسين حجته، ومحمد بن علي حجته وجعفر بن محمد حجته، وموسى بن جعفر حجته، وعلي بن موسى حجته، ومحمد بن علي حجته، وعلي بن محمد حجته، والحسن بن علي حجته، وأشهد أنك حجة الله. أنتم الاول والآخر، وإن رجعتكم حق لا ريب فيها، يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، وأن الموت حق وأن ناكرا ونكير حق، وأشهد أن النشر والبعث حق، وأن لصراط حق، والميزان والحساب حق، والجنة والنار حق، والوعد الوعيد بهما حق. يا مولاي شقي من خالفكم، وسعد من أطاعكم، فاشهد على ما أشهدتك عليه وأنا ولي لك، برئ من عدوك، فالحق ما رضيتموه، والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به، والمنكر ما نهيتم عنه، فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له، وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم، ونصرتي معدة لكم


 

[4]

ومودتي خالصة لكم آمين آمين. الدعاء عقيب هذا القول: اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد نبي رحمتك، وكملة نورك، وأن تملا قلبي نور اليقين، وصدري نور الايمان، وفكري نور النيات، وعزمي نور العلم وقوتي نور العمل، ولساني نور الصدق، وديني نور البصائر من عندك، وبصري نور الضياء، وسمعي نور الحكمة، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله عليهم السلام حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فتسعني رحمتك يا ولي يا حميد. اللهم صل على محمد حجتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، والداعي إلى سبيلك والقائم بقسطك، والثائر بأمرك، ولي المؤمنين، وبوار الكافرين، ومجلي الظلمة ومنير الحق، والناطق بالحكمة والصدق، وكلمتك التامة في أرضك، المرتقب الخائف والولي الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدى، ونور أبصار الورى، وخير من تقمص وارتدى، ومجلي الغماء، الذي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا إنك على كل شئ قدير. اللهم صل على وليك وابن أوليائك، الذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقهم وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا. اللهم انصره وانتصر به لدينك، وانصر به أولياءك وأولياءه، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم، اللهم أعذه من شر كل باغ وطاغ، ومن شر جميع خلقك، واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل وأيده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، واقسم به جبابرة الكفر، واقتل به الكفار والمنافقين وجميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الارض ومغاربها، برها وبحرها، واملا به الارض عدلا وأظهر به دين نبيك صلى الله عليه وآله، واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته وأرني في آل محمد عليهم السلام ما يأملون، وفي عدوهم ما يحذرون، إله الحق آمين يا ذا


 

[5]

الجلال والاكرام يا أرحم الراحمين (1). 5 - ص: الصدوق، عن الحسن بن محمد بن سعيد، عن فرات بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن نصر بن مزاحم، عن قطرب بن عليف، عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمان بن سابط، عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال: كنت ذات يوم عند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل أعرابي على ناقة له فسلم ثم قال: أيكم محمد ؟ فاموئ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أخبرني عما في بطن ناقتي حتى أعلم أن الذي جئت به حق وأومن بالهلك وأتبعك، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله فقال: حبيبي علي يدلك فأخذ علي بخطام الناقة ثم مسح يده على نحرها، ثم رفع طرفه إلى السماء، وقال: اللهم إني أسئلك بحق محمد وأهل بيت محمد وبأسمائك الحسنى وبكلماتك التامات، لما أنطقت هذه الناقة، حتى تخبرنا بما في بطنها، فإذا الناقة قد التفت إلى علي صلوات عليه وهي تقول: يا أمير المؤمنين إنه ركبني يوما وهو يريد زيارة ابن عم له، وواقعني فأنا حامل منه، فقال الاعرابي: ويحكم ! النبي هذا أم هذا ؟ فقيل: هذا النبي وهذا أخوه وابن عمه، فقال الاعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله. وأنك رسول الله. 6 - يج: روي أن عثمان بن جنيد قال: جاء رجل ضرير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ائت الميضاة فتوض، ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسئلك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ليجلو به عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي. قال ابن جنيد: فلم يطل بنا الحديث حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر قط (2). 7 - شى: عن محمد بن أبي زيد الرازي عمن ذكره، عن الرضا عليه السلام قال: إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله، وهو قول الله " ولله الاسماء الحسنى

 

(1) الاحتجاج ص 275 - 277. (2) لم نجده في مختار الخرائج والجرائح.

 

[6]

فادعوه بها " (1) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن والله الاسماء الحسنى الذي لا يقبل من أحد إلا بمعرفتنا، قال: فادعوه بها (2). 8 - م: قال الامام عليه السلام: إن موسى عليه السلام لما انتهى إلى البحر، أوحى الله عزوجل إليه: قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي، وأمروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين وقولوا اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء، يتحول لكم أرضا فقال لهم موسى ذلك فقالوا: تورد علينا ما نكره، وهل فررنا من فرعون إلا من خوف الموت وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا ؟ فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ: يا نبي الله أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء ؟ فقال: نعم، قال: وأنت تأمرني به ؟ قال: بلى، قال: فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد وولاية علي والطيبين من آلهما كما امر به، ثم قال: اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء، ثم أقحم فرسه فركض على متن الماء، وإذا الماء تحته كأرض لينة، حتى بلغ آخر الخليج، ثم عاد راكضا ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان، ومغاليق أبواب النيران، ومستنزل الارزاق وجالب على عبيدالله وإمائه رضا المهيمن الخلاق، فأبوا وقالوا: نحن لا نسير إلا على الارض. فأوحى الله إلى موسى: اضرب بعصاك البحر وقل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته، ففعل فانفلق، وظهرت الارض إلى آخر الخليج، فقال موسى عليه السلام ادخلوا قالوا: الارض وحلة نخاف أن نرسب فيها، فقال الله: يا موسى قل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين جففها، فقالها فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت، وقال موسى ادخلوها قالوا: يا نبي الله نحن اثنا عشر قبيلة بنو اثني عشر أبا وإن دخلنا رام كل

 

(1) الاعراف: 180. (2) تفسير العياشي ج 2 ص 42.

 

[7]

فريق تقدم صاحبه فلا نأمن وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق عليحدة لامنا ما نخافه. فأمر الله موسى ان يضرب البحر بعددهم اثني عشر ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع ويقول اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الارض لنا وأمط ألمنا عنا، فصار فيه تمام اثني عشر طريقا وجف قرار الارض بريح الصبا فقال ادخلوها، قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا تدري ما يحدث على الآخرين. فقال الله عزوجل فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك فضرب وقال اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت هذا الماء طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا منها، فحدث طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا ثم دخلوها فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه، فدخل بعضهم فلما دخل آخرهم وهموا بالخروج أولهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم فغرقوا، وأصحاب موسى ينظرون إليهم فذلك قوله عزوجل وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون إليهم. قال الله عزوجل لبني إسرائيل في عهد محمد صلى الله عليه وآله: فإذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد صلوات الله عليه وآله، ودعا موسى دعاء تقرب بهم أفما تعقلون أن عليكم الايمان لمحمد وآله إذ قد شاهدتموه الآن (1). 9 - م: في قصة التوبة عن عبادة العجل: فأمر الله الاثنى عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف، يقتلونهم، ونادى مناد: ألا لعن الله أحدا اتقاهم بيد أو رجل، ولعن الله من تأمل المقتول لعله ينسبه حميما قريبا فيتعداه إلى الاجنبي فاستسلم المقتولون. فقال القاتلون: نحن أعظم مصيبة منهم، نقتل بأيدينا آباءنا وأمهاتنا وإخواننا وقراباتنا، ونحن لم نعبد. فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة فأوحى الله تعالى إلى موسى: إني إنما امتحنتهم كذلك، لانهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل، ولم

 

(1) تفسير الامام ص 117 و 118

 

[8]

يهجروهم، ولم يعادوهم على ذلك، قل لهم: من دعا الله بمحمد وآله الطيبين أن يسهل عليهم قتل المستحقين للقتل بذنوبهم، ففعل فقالوها فسهل عليهم، ولم يجدوا لقتلهم لهم ألما. فلما استمر القتل فيهم وهم ستمائة ألف إلا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل وفق الله بعضهم فقال لبعضهم والقتل لم يفض بعد إليهم فقال: أو ليس الله قد جعل التوسل بمحمد وآله الطيبين أمرا لا يخيب معه طلبة، ولا يرد به مسألة وهكذا توسلت بهم الانبياء والرسل ؟ فمالنا لا نتوسل ؟ قال فاجتمعوا وضجوا يا ربنا بجاه محمد الاكرم وبجاه علي الافضل الاعظم وبجاه فاطمة ذي الفضل والعصمة وبجاه الحسن والحسين سبطي سيد المرسلين، وسيدي شباب أهل الجنان أجمعين وبجاه الذرية الطيبة الطاهرة من آل طه ويس لما غفرت لنا ذنوبنا، وغفرت لنا هفوتنا، وأزلت هذا القتل عنا. فذلك حين نودي موسى عليه السلام من السماء: أن كف القتل فقد سألني بعضهم مسألة وأقسم علي قسما لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل، وسألني بعضهم العصمة حتى لا يعبدوه لوفقتهم وعصمتهم، ولو أقسم علي بها إبليس لهديته، ولو أقسم علي بها نمرود أو فرعون لنجيتهم، فرفع عنهم القتل، فجعلوا يقولون: يا حسرتنا أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة، ويعصمنا بأفضل العصمة (1). 10 - م: قال الله تعالى " وإذا استسقى موسى لقومه " (2) قال: واذكروا بني إسرائيل " إذ استسقى موسى لقومه " طلب لهم السقي لما لحقهم العطش في التيه وضجوا بالبكاء إلى موسى، وقالوا هلكنا بالعطش، فقال موسى: إلهي بحق محمد سيد الانبياء وبحق علي سيد الاوصياء وبحق فاطمة سيدة النساء، وبحق الحسن سيد الاولياء وبحق الحسين أفضل الشهداء، وبحق عترتهم وخلفائهم سادة الازكياء لما سقيت عبادك هؤلاء.

 

(1) تفسير الامام ص 120 و 121. (2) البقرة: 60.

 

[9]

فأوحى الله تعالى: يا موسى " اضرب بعصاك الحجر " فضربه بها " فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس " كل قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب " مشربهم " فلا يزاحم الآخرين في مشربهم، قال الله تعالى " كلوا واشربوا من رزق الله " الذي آتاكموه " ولا تعثوا في الارض مفسدين " ولا تسعوا فيها وأنتم مفسدون عاصون. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أقام على موالاتنا أهل البيت سقاه الله تعالى من محبته كاسا لا يبغون به بدلا، ولا يريدون سواه كافيا ولا كاليا ولا ناصرا، ومن وطن نفسه على احتمال المكارم في موالاتنا، جعله الله يوم القيامة في عرصاتها بحيث يقصر كل من تضمنه تلك العرصات أبصارهم عما يشاهدون من درجاتهم، وإن كل واحد منهم ليحيط بما له من درجات كاحاطته في الدنيا، لما يلقاه بين يديه. ثم يقال له: وطنت نفسك على احتمال المكاره في موالاة محمد وآله الطيبين فقد جعل الله إليك ومكنك من تخليص كل ما تحب تخليصه من أهل الشدائد في هذه العرصات، فيمد بصره فيحيط ثم ينتقد من منهم أحسن إليه أو بره في الدنيا بقول أو فعل أو رد غيبة أو حسن محضرأ وإرفاق، فينتقده من بينهم كما ينتقد الدرهم الصحيح من المكسور ثم يقال له: اجعل هؤلاء في الجنة حيث شئت، فينزلهم جنات ربنا. ثم يقال قد جعلنا لك ومكناك من لقاء من تريد في نار جهنم، فيراهم فيحيط بهم وينتقدهم من بينهم كما ينتقد الدينار من القراضة، ثم يقال له: صيرهم في النيران إلى حيث تشاء، فيصيرهم حيث يشاء من مضائق النار. فقال الله تعالى لبني إسرائيل الموجودين في عصر محمد صلى الله عليه وآله: فإذا كان أسفلاكم إنما دعوا إلى موالاة محمد وآله، فأنتم لما شاهدتموهم فقد وصلتم إلى الغرض والمطلب الافضل إلى موالاة محمد وآله، فأنتم الان فتقربوا إلى الله عزوجل بالتقرب إليهم ولا تتقربوا من سخطه، ولا تباعدوا من رحمته بالازراء عنا (1).

 

تفسير الامام ص 123.

 

[10]

أقول: قد أوردنا الاخبار الكثيرة في ذلك في باب ذبح البقرة وغيره، من أبواب قصص الانبياء عليهم السلام. 11 - م: قوله عزوجل " ولما جائهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين " (1) قال الامام عليه السلام: ذم الله اليهود فقال " ولما جائهم " يعني هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم وإخوانهم من اليهود " كتاب من عند الله " القرآن " مصدق " ذلك الكتاب " لما معهم " من التوراة التي بين فيها أن محمدا الامي من ولد إسماعيل المؤيد بخير خلق الله بعده، علي ولي الله، " وكانوا " يعني هؤلاء اليهود " من قبل " ظهور محمد بالرسالة " يستفتحون " يسألون الله الفتح والظفر " على الذين كفروا " من أعدائهم والمناوين لهم، فكان الله يفتح وينصرهم قال الله عزوجل " فلما جائهم " هؤلاء اليهود " ما عرفوا " من نعت محمد وصفته " كفروا به " وجحدوا نبوته حسدا له وبغيا عليه، قال الله عزوجل: " فلعنة الله على الكافرين ". قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: إن الله تعالى أخبر رسوله صلى الله عليه وآله بما كان من إيمان اليهود بمحمد قبل ظهوره، ومن استفتاحهم على أعدائهم بذكره، والصلاة عليه وعلى آله، قال عليه السلام وكان الله أمر اليهود في أيام موسى وبعده إذا دهمهم أمر ودهمتهم داهية أن يدعوا الله عزوجل بمحمد وآله الطيبين وأن يستنصروا بهم وكانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد النبي صلى الله عليه وآله بعشر سنين يعادونهم أسد وغطفان وقوم من المشركين ويقصدون أذاهم يستدفعون شرورهم وبلاءهم بسئوالهم ربهم بمحمد وآله الطيبين حتى قصدهم في بعض الاوقات أسد وغطفان في ثلاثة آلاف إلى بعض اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود وهم ثلاثمائة فارس ودعوا الله بمحمد وآله فهزموهم وقطعوهم. فقال أسد وغطفان بعض لبعض: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل، فاستعانوا عليهم

 

(1) البقرة: 89.

 

[11]

بالقبائل وأكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، وقصدوا هؤلاء ثلاثمائة في قريتهم فألجاؤهم إلى بيوتها وقطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، ومنعوا عنهم الطعام، واستأمن اليهود إليهم فلم يؤمنوهم، وقالوا لا إلا أن نقتلكم ونسبيكم وننهبكم. فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع ؟ فقال لهم أمثلهم وذوا الرأي منهم: أما أمر موسى عليهم السلام أسلافكم ومن بعدهم بالاستنصار بمحمد وآله ؟ أما أمركم بالابتهال إلى الله عزوجل عند الشدائد بهم ؟ قالوا: بلى، قالوا: فافعلوا، فقالوا: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما سقيتنا فقد قطعت عنا الظلمة المياه حتى ضعف شبابنا، وتماوت ولداننا، وأشرفنا على الهلكة، فبعث الله تعالى وابلا هطلا حتى ملاء حياضهم وآبارهم وأنهارهم وأوعيتهم وظروفهم فقالوا: هذه إحدى الحسنيين. ثم أشرفوا من سطوحهم والعساكر المحيطة بهم، فإذا المطر قد أذاهم غاية الاذى وأفسد أمتعتهم وأسلحتهم وأموالهم، فانصرف عنهم لذلك بعضهم، وذلك أن المطر أتاهم في غير أوانه في حمارة القيظ حين لا يكون مطر، فقال الباقون من العساكر: هبكم سقيتم فمن أين تأكلون ؟ ولئن انصرف عنا هؤلاء فلسنا ننصرف حتى نقهركم على أنفسكم وعيالاتكم وأهاليكم وأموالكم، ونشفى غيظنا منكم فقالت اليهود: إن الذي سقانا بدعائنا بمحمد وآله قادر على أن يطعمنا وإن الذي صرف عنا من صرفه قادر أن يصرف الباقين. ثم دعوا الله بمحمد وآله أن يطعمهم فجائت قافلة عظيمة من قوافل الطعام قدر ألفي جمل وبغل وحمار موقرة حنطة ودقيقا، وهم لا يشعرون بالعساكر فانتهوا إليهم وهم نيام، ولم يشعروا بهم، لان الله تعالى ثقل نومهم حتى دخلوا القرية ولم يمنعوهم وطرحوا أمتعتهم وباعوها منهم، فانصرفوا وبعدوا وتركوا العساكر نائمة ليس في أهلها عين تطرف، فلما بعدوا وانتبهوا، ونابذوا اليهود الحرب وجعل يقول بعضهم لبعض الوحا الوحا، فان هؤلاء اشتد بهم الجوع، وسيذلون لنا قالت لهم اليهود: هيهات بل أطعمنا ربنا وكنتم نياما: جائنا من الطعام كذا وكذا، ولو أردنا أن نقتلكم في حال نومكم لتهيأ لنا ولكنا كرهنا البغي عليكم، فانصرفوا عنا وإلا دعونا


 

[12]

بمحمد وآله واستنصرنا بهم أن يخزيكم كما قد أطعمنا وسقانا. فأبوا إلا طغيانا فدعوا الله بمحمد وآله واستنصروا بهم ثم برز الثلاثمائة إلى ثلاثين ألفا فقتلوا منهم، واسروا وطحطحوهم (1) واستوثقوا منهم باسرائهم فكان لا ينالهم مكروه من جهتهم لخوفهم على من لهم في أيدي اليهود. فلما ظهر محمد صلى الله عليه وآله حسدوه إذ كان من العرب، فكذبوه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذه نصرة الله تعالى لليهود على المشركين بذكرهم لمحمد وآله عليهم السلام ألا فاذكروا يا امة محمد محمدا وآله عند نوائبكم وشدائدكم لينصر الله به ملائكتكم على الشياطين الذين يقصدونكم، فان كل واحد منكم معه ملك عن يمينه يكتب حسناته وملك عن يساره يكتب سيئاته، ومعه شيطانان من عند إبليس يغويانه فمن يجد منكم وسواسا في قلبه، وذكر الله وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد وآله الطيبين، خنس الشيطانان [ثم صارا] إلى إبليس فشكواه وقالا له: قد أعيانا أمره فامددنا بالمردة، فلا يزال يمدهما حتى يمدها بألف مارد، فيأتونه فكلما راموه ذكر الله وصلى على محمد وآله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا ولا منفذا. قالوا لابليس: ليس له غير أنك تباشره بجنودك فتغلبه وتغويه، فيقصده إبليس بجنوده، فيقول الله تعالى للملائكة: هذا إبليس قد قصد عبدي فلانا أو أمتي فلانة بجنوده، ألا فقابلوه فيقابلهم بازاء كل شيطان رجيم منهم، مائة ألف ملك، وهم على أفراس من نار بأيديهم سيوف من نار ورماح من نار، وقسي ونشاشيب (2) وسكاكين وأسلحتهم من نار، فلا يزالون يخرجونهم ويقتلونهم بها، ويأسرون إبليس فيضعون عليه الاسلحة فيقول: يا رب وعدك وعدك، قد أجلتني إلى يوم الوقت المعلوم. فيقول الله عزوجل للملائكة: وعدته ألا اميته ولم أعده أن لا اسلط عليه

 

(1) أي فرقوهم وبددوهم اهلاكا. (2) النشاشيب جمع نشاب - وزان كفار - السهام، مأخوذ من النشوب، والسكاكين جمع سكين وهو معروف.

 

[13]

السلاح والعذاب والآلام اشتفوا منه ضربا بأسلحتكم فاني لا اميته، فيثخنونه بالجراحات ثم يدعونه، فلا يزال سخين العين على نفسه وأولاده المقتولين، ولا يندمل شئ من جراحه إلا بسماعه أصوات المشركين بكفرهم. فإن بقي هذا المؤمن على طاعة الله ذكره والصلاة على محمد وآله بقي على إبليس تلك الجراحات، وإن زال العبد عن ذلك وانهمك في مخالفة الله عزوجل ومعاصيه، اندملت جراحات إبليس ثم قوي على ذلك العبد حتى يلجمه ويسرج على ظهره ويركبه، ثم ينزل عنه ويقول: ظهره لنا الآن متى أردنا نركبه هذا. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فان أردتم أن تديموا على إبليس سخنة عينه وألم جراحاته فدوموا على طاعة الله وذكره، والصلاة على محمد وآله، وإن كنتم على غير ذلك ذلك كنتم اسراء إبليس فيركب أقفيتكم بعض مردته. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: وكان قضاء الحوائج وإجابة الدعاء إذا سئل الله بمحمد وعلي وآلهما مشهورا في الزمن السالف، حتى أن من طال به البلاء قيل: هذا طال بلاؤه لنسيانه الدعاء لله بمحمد وآله الطيبين. ولقد كان من عجيب الفرج بالدعاء بهم فرج ثلاثة نفر كانوا يمشون في صحراء إلى جبل فأخذتهم السماء فألجأتهم إلى غار كانوا يعرفون، فدخلوه يتوقون به من المطر، وكان فوق الغار صخرة عظيمة تحتها مدرة هي راكبتها، فابتلت المدرة فتدحرجت الصخرة، فصارت في باب الغار فسدت وأظلمت عليهم المكان، وقال بعضهم لبعض: قد عفا الاثر، ودرس الخبر، ولا يعلم بنا أهلونا، ولو علموا ما أغنوا عنا شيئا لانه لا طاقة للآدميين بقلب هذه الصخرة عن هذا الموضع، هذا والله قبرنا الذي فيه نموت ومنه نحشر. ثم قال بعضهم لبعض: أو ليس موسى بن عمران ومن بعده من الانبياء عليهم السلام أمروا أنه إذا دهمتنا داهية أن ندعوا الله محمد وآله الطيبين ؟ قالوا: بلى، قالوا: فلا نعرف داهية أعظم من هذه، فقالوا: ندعوا الله بمحمد وآله الطيبين ويذكر كل واحد منا حسنة من حسناته التي أراد الله بها فلعل الله أن يفرج عنا.


 

[14]

فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أني كنت رجلا كثير المال، حسن الحال أبني القصور، والمساكن والدور، وكان لي اجراء وكان فيهم رجل يعمل عمل رجلين، فلما كان عند المساء عرضت عليه اجره واحدة، فيمتنع، وقال: إنما عملت عمل رجلين، فأنا أبغي اجرة رجلين فقلت له: إنما شرطت عليك عمل رجل والثاني فأنت به متطوع لا اجرة لك، فذهب وسخط ذلك، وتركه علي، فاشتريت بتلك الاجرة حنطة فبذرتها، فزكت ونمت، ثم أعدت بعد ما ارتفع من الارض فعظم زكاؤها ونماؤها ثم أعدت بعد مرتفع من الثاني في الارض فعظم الزكاء والنماء ثم ما زالت هكذا حتى عقدت به الضياع والقصور والقرى والدور والمنازل والمساكن، وقطعان الابل والغنم وصوار (1) العنز والدواب والاثاث والامتعة والعبيد والاماء والفراش والآلات والنعم الجليلة، والدراهم والدنانير الكثيرة. فلما كان بعد سنين مر بي الاجير، وقد ساءت حاله، وتضعضعت واستولى عليه الفقر، وضعف بصره، فقال لي: يا عبد الله أما تعرفني ؟ أنا أجيرك الذي سخطت اجرة واحدة ذلك اليوم، وتركتها لغنائي عنها، وأنا اليوم فقير، وقد رضيت بها فأعطنيها، فقلت له: دونك هذا الضياع والقرى والدور والقصور والمساكن وقطعان الابل والبقر والغنم وصوار العنز والدواب والاثاث والامتعة والعبيد والاماء والفراش والآلات والنعم الجليلة والدراهم والدنانير الكثيرة، فتناولها إليك أجمع، مباركة لك، فهي لك. فبكى وقال: يا عبد الله سوفت حقي ثم الآن تهزأ بي فقلت: ما أهزأ بك وما أنا إلا جاد مجد، فهذه كلها نتائج أجرتك تلك، تولدت عنها، فالاصل كان لك، فهذه الفروع كلها تابعة للاصل فهي لك فسلمتها أجمع، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت هذا رجاء ثوابك، وخوف عقابك، فافرج عنا بمحمد الافضل الاكرم سيد الاولين والآخرين الذي شرفته بآله أفضل آل النبيين، وأصحابه أكرم أصحاب المرسلين، وامته خير الامم أجمعين. قال عليه السلام: فزال ثلث الحجر

 

(1) الصوار بالضم والتشديد: قطيع البقر.

 

[15]

ودخل عليهم الضوء. وقال الثاني: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي بقرة أحتلبها ثم أروح بلبنها على امي ثم أروح بسؤرها على أهلي وولدي، فأخرني عائق ذات ليلة، فصادفت امي نائمة، فوقفت عند رأسها لتنتبه لا أنتبهها من طيب وسادها، وأهلي وولدي يتضاغون من الجوع والعطش، فمازلت واقفا لا أحفل بأهلي وولدي حتى انتبهت هي من ذات نفسها وسقيتها حتى رويت، ثم عطفت بسؤرها على أهلي وولدي اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء ثوابك، وخوف عقابك، فافرج عنا بحق محمد الافضل الاكرام سيد الاولين والآخرين، الذي شرفته بآله أفضل آل النبيين، وأصحابه أكرم صحابة المرسلين، وامته خير الامم أجمعين، قال عليه السلام: فزال ثلث آخر من الحجر وقوي طمعهم في النجاة. وقال الثالث: اللهم إن كنت تعلم أني هويت امرأة في بني إسرائيل فراودتها عن نفسها، فأبت علي إلا بمائة دينار، ولم أكن أملك شيئا فما زلت أسلك برا وبحرا، وسهلا وجبلا، واباشر الاخطار، وأسلك الفيافي والقفار، وأتعرض للمهالك والمتالف، أربع سنين، حتى جمعتها وأعطيتها إياها وأمكنتني من نفسها فلما قعدت منها مقعد الرجل من أهله، ارتعدت فرائصها، وقالت لي: يا عبد الله إني جارية عذراء فلا تفض خاتم الله إلا بأمر الله عزوجل، وإنما حملني على أن امكنك من نفسي الحاجة والشدة، فقمت عنها وتركتها، وتركت المائة الدينار عليها، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء ثوابك وخوف عقابك، فافرج عنا بحق محمد الافضل الاكرم سيد الاولين والآخرين الذي شرفته بآله أفضل آل النبيين وأصحابه أكرم أصحاب المرسلين وأمته خير الامم أجمعين، قال: فزال الحجر كله، وتدحرج وهو ينادي بصوت فصيح بين يعقلونه ويفهمونه: بحسن نياتكم نجوتم، وبمحمد الافضل الاكرم سيد الاولين والآخرين المخصوص بآله أفضل آل النبيين، وبخير امته سعدتم ونلتم أفضل الدرجات (1).

 

(1) تفسير الامام ص 178 - 182.

 

[16]

12 - م: قال الامام عليه السلام: قوله تعالى: " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا " (1) بما يوردونه عليكم من الشبه " حسدا من عند أنفسهم " بكم بأن أكرمكم بمحمد وعلي وآلهما الطيبين " من بعد ما تبين لهم الحق " بالمعجزات الدالات على صدق محمد وفضل علي وآلهما " فاعفوا واصفحوا " عن جهلهم، وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها باطلهم " حتى يأتي الله بأمره " بالقتل يوم فتح مكة فحينئذ تجلونهم عن بلد مكة، وعن جزيرة العرب، ولا يقرون بها كافرا " إن الله على كل شئ قدير " ولقدرته على الاشياء قدر ما هو أصلح لكم من تعبده إياكم من مداراتهم ومقابلتهم بالجدال التي هي أحسن. قال عليه السلام: وذلك أن المسلمين لما أصابهم يوم احد من المحن ما أصابهم أتى قوم من اليهود بعده بأيام عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان، فقالوا لهما: ألم تريا ما أصابكم يوم احد ؟ إنما يحرب كأحد طلاب الدنيا حربه سجالا تارة له، وتارة عليه، فارجعوا عن دينه فأما حذيفة فقال: لعنكم الله لا اقاعدكم، ولا أسمع مقالتكم، أخاف على نفسي وديني فأفر بها منكم، وقام عنهم يسعى، وأما عمار بن ياسر فلم يقم عنهم ولكن قال لهم: معاشر اليهود إن محمدا صلى الله عليه وآله وعد أصحابه الظفر يوم بدر، إن يصبروا، فصبروا وظفروا، ووعدهم الظفر يوم احد ايضا إن صبروا، ففشلوا وخالفوا، فلذلك أصابهم ما أصابهم، ولو أنهم أطاعوا فصبروا ولم يخالفوا غلبوا. قالت له اليهود: يا عمار وإذا أطعت أنت غلب محمد سادات قريش مع دقة ساقيك، فقال: نعم والله الذي لا إله إلا هو باعثه بالحق نبيا، لقد وعدني محمد من الفضل والحكمة ما عرفنيه من نبوته، وفهمنيه من فضل أخيه ووصيه وخير من يخلفه بعده، والتسليم لذريته الطيبين، وأمرني بالدعاء بهم في شدائدي ومهماتي، ووعدني أنه لا يأمرني بشئ فاعتقدت فيه طاعته إلا بلغته حتى لو أمرني بحط السماء إلى الارض أو رفع الارضين إلى السماوات، لقوى عليه ربي

 

(1) البقرة: 109.

 

[17]

بدني بساقي هاتين الدقيقتين. فقالت اليهود: لا والله يا عمار محمد أقل عند الله من ذلك، وأنت أوضع عند الله وعند محمد من ذلك، وكان فيها أربعون منافقا فقام عمار عنهم وقال: لقد أبلغتكم حجة ربي ونصحت لكم، ولكنكم للنصيحة كارهون، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمار وصل إلي خبر كما أما حذيفة فقد فر بدينه من الشيطان وأوليائه فهو من عباد الله الصالحين، وأما أنت يا عمار فانك قد ناضلت عن دين الله، ونصحت لمحمد رسول الله، فأنت من المجاهدين في سبيل الله الفاضلين. فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وعمار يتحادثان إذا حضرت اليهود الذين كانوا كلموه، فقالوا: يا محمد ها صاحبك يزعم أنك إن أمرته بحط السماء إلى الارض أو رفع الارض إلى السماء فاعتقد طاعتك وعزم على الايتمار، لاعانه الله عليه، ونحن نقتصر منك ومنه على ما هو دون هذا إن كنت نبيا، فقد قنعنا أن يحمل عمار مع دقة ساقيه هذا الحجر ! وكان الحجر مطروحا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بظاهر المدينة، يجتمع عليه مائتا رجل ليحركوه فلم يقدروا فقالوا له: يا محمد إن رام احتماله لم يحركه ولو حمل في ذلك على نفسه لانكسرت ساقاه وتهدم جسمه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تحتقروا ساقيه، فانهما أثقل في ميزان حسناته من ثور وثبير وحرا وأبي قبيس (1) بل من الارض كلها وما عليها، وإن الله قد خفف بالصلاة على محمد وآله الطيبين ما هو أثقل من هذه الصخرة، خفف العرش على كواهل ثمانية من الملائكة، بعد أن كان لا يطيقه معهم العدد الكثير، والجم القفير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمار اعتقد طاعتي وقل اللهم بجاه محمد وآله الطيبين قوني ليسهل الله عليك ما آمرك به، كما سهل على كالب بن يوحنا عبور البحر على متن الماء، وهو على فرسه يركض عليه، بسؤاله الله تعالى بحقنا أهل البيت. فقالها عمار واعتقدها فحمل الصخرة فوق رأسه، وقال: بأبي أنت وامي !

 

(1) اسماء جبال بمكة.

 

[18]

يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا لهو أخف في يدي من خلالة أمسكها بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلق بها في الهواء، فستبلغ بها قلة ذلك الجبل - وأشار بيده إلى جبل بعيد على قدر فرسخ - فرمى بها عمار وتحلقت في الهواء حتى انحطت على ذروة الجبل. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لليهود: أو رأيتم ؟ قالوا: بلى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عمار قم إلى ذروة الجبل فتجد هناك صخرة أضعاف ما كانت فاحتملها وأعدها إلى حضرتي، فخطا عمار خطوة فطويت له الارض، ووضع قدميه في الخطوة الثانية على ذروة الجبل، وتناول الصخرة المضاعفة وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالخطوة الثالثة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار: اضرب بها الارض ضربة شديدة، فتهاربت اليهود وخافوا، فضرب بها عمار على الارض فتفتت حتى صار كالهباء المنثور، وتلاشت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: آمنوا أيها اليهود فقد شاهدتم آيات الله، فآمن بعضهم وغلب الشقاء على بعضهم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتدرون معاشر المسلمين ما مثل هذه الصخرة ؟ فقالوا: لا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا إن رجلا من شيعتنا تكون لهم ذنوب وخطايا أعظم من جبال الارض، والارض كلها والسماء أضعافا كثيرة، فما هو إلا أن يتوب ويجدد على نفسه ولايتنا أهل البيت إلا كان قد ضرب بذنوبه الارض أشد من ضرب عمار هذه الصخرة بالارض، وإن رجلا يكون له طاعات كالسماوات والارضين والجبال والبحار فما هو إلا أن يكفر بولايتنا أهل البيت حتى يكون ضرب بها الارض أشد من ضرب عمار لهذه الصخرة بالارض وتتلاشى وتتفتت كتفتت هذه الصخرة، فيرد الآخرة ولا يجد حسنة، وذنوبه أضعاف الجبال والارض والسماء، فيشدد حسابه، ويدوم عذابه. قال: فلما رأى عمار بنفسه تلك القوة التي جلد بها على الارض تلك الصخرة فتفتت أخذ بها اريحية وقال: أتأذن لي يا رسول الله أن اجادل بها هؤلاء اليهود


 

[19]

فأقتلهم أجمعين بما اعطيته من هذه القوة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمار إن الله يقول: " فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره " بعذابهم ويأتي بفتح مكة وسائر ما وعد، فكان المسلمون تضيق صدورهم مما يوسوس به إليهم اليهود والمنافقون من الشبه في الدين. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أولا اعلمكم ما يزيل به ضيق صدوركم إذا وسوس هؤلاء الاعداء لكم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: ما أمر به رسول الله من كان معه في الشعب الذي كان ألجأه إليه قريش فضاقت قلوبهم واتسخت ثيابهم فقال لهم رسول الله: انفخوا على ثيابكم، وامسحوها بأيديكم، وهي على أبدانكم وأنتم تصلون على محمد وآله الطيبين فانما تنقى وتطهر، وتبيض وتحسن، وتزيل عنكم ضيق صدوركم ففعلوا ذلك فصارت ثيابهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالوا عجبا يا رسول الله بصلاتنا عليك وعلى آلك كيف طهرت ثيابنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن تطهير الصلاة على محمد وآله لقلوبكم من الغل والضيق والدغل، ولابدانكم من الآثام أشد من تطهيرها لثيابكم، وإن غسلها للذنوب عن صحائفكم أحسن من غسلها للدرن عن ثيابكم، وإن تنويرها لتكتب حسناتكم مضاعفة ما فيها أحسن من تنويرها لثيابكم (1). 13 - شى: عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف أتاه جبرئيل فقال: يا يوسف إن رب العالمين يقرئك السلام، ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه ؟ قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يا رب قال: ثم قال له ويقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك ؟ قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يا رب قال: ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة ؟ قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يا رب قال: فان ربك قد جعل لك عقوبة في استعانتك بغيره، فالبث في السجن بضع سنين. قال: فلما انقضت المدة أذن له في دعاء الفرج، ووضع خده على الارض ثم قال: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك، فاني أتوجه إليك بوجه

 

(1) تفسير الامام ص 236 - 238.

 

[20]

آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب. قال: ففرج الله عنه، قال: فقلت له: جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء ؟ فقال ادع بمثله، اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فاني أتوجه إليك بوجه نبيك نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام (1). 14 - يل: روى عن الامام جعفر الصادق عليه السلام أنه كان جالسا في الحرم في مقام إبراهيم عليه السلام فجاء رجل شيخ كبير قد فنى عمره في المعصية، فنظر إلى الصادق عليه السلام فقال: نعم الشفيع إلى الله للمذنبين، فأخذ بأستار الكعبة وأنشأ يقول: بحق جد هذا يا وليي * بحق الهاشمي الابطحي بحق الذكر إذ يوحى إليه * بحق وصيه البطل الكمي بحق الطاهرين ابني علي * وامهما ابنة البر الزكي بحق أئمة سلفوا جميعا * على منهاج جدهم النبي بحق القائم المهدي إلا * غفرت خطيئة العبد المسئ قال: فسمع هاتفا يقول: يا شيخ كان ذنبك عظيما ولكن غفرنا لك جميع ذنوبك بحرمة شفعائك، فلو سألتنا ذنوب أهل الارض لغفرنا لهم، غير عاقر الناقة وقتلة الانبياء والائمة الطاهرين. 15 - كشف: من كتاب مولد فاطمة عليها السلام لابن بابويه عن ابن عباس قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقى آدم من ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي. فتاب عليه. وروي عن جعفر بن محمد عليهما السلام إن امرأة من الجن يقال لها عفراء، وكانت تنتاب النبي صلى الله عليه وآله فتسمع من كلامه فتأتي صالحي الجن فيسلمون على يديها وفقدها النبي صلى الله عليه وآله وسأل عنها جبرئيل عليه السلام فقال: إنها زارت اختا لها تحبها في الله تعالى فقال عليه السلام: طوبى للمتحابين في الله إن الله تبارك وتعالى خلق في الجنة عمودا من ياقوتة حمراء، عليها سبعون ألف قصر في كل قصر سبعون ألف غرفة خلقها الله

 

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 178.

 

[21]

عزوجل للمتحابين في الله. وجاءت عفراء فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: يا عفراء أين كنت ؟ فقالت زرت اختا لي، فقال: طوبى للمتحابين في الله والمتزاورين يا عفراء أي شئ رأيت ؟ قالت: رأيت عجائب كثيرة، قال: فأعجب ما رأيت ؟ قالت: رأيت إبليس في البحر الاخضر على صخرة بيضاء مادا يديه إلى السماء وهو يقول: إلهي إذا بررت قسمك، وأدخلتني نار جهنم، فأسئلك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا خلصتني منها وحشرتني معهم. فقلت: أبا حارث ! ما هذه الاسماء التي تدعو بها ؟ فقال: رأيتها على ساق العرش من قبل أن يخلق الله عزوجل آدم بسبعة ألف سنة، فعلمت أنها أكرم الخلق على الله، فأنا أسأله بحقهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: والله لو أقسم أهل الارض بهذه الاسماء لاجابهم الله تعالى. وأنا أقول: اللهم إني أسئلك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أن تغفر لي ذنوبي وتتجاوز عن سيئاتي وتصلح شأني في الدنيا والآخرة وترزقني الخير في الدنيا والآخرة وتصرف عني الشر في الدنيا والآخرة وتفعل ذلك بالمؤمنين والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها ويرحم الله عبدا قال آمينا (1). 16 - ختص: الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن أبي نجران، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال جابر الانصاري: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: ما تقول في علي بن أبي طالب ؟ فقال: ذاك نفسي، قلت: فما تقول في الحسن والحسين ؟ قال: هما روحي، وفاطمة امهما ابنتي يسوؤني ما ساءها، ويسرني ما سرها، اشهد الله أني حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم يا جابر إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فانها أحب الاسماء إلى الله عزوجل (2).

 

(1) كشف الغمة ج 2 ص 21 و 22. (2) الاختصاص: 223، في حديث.

 

[22]

17 - ختص: قال الرضا عليه السلام: إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عزوجل وهو قوله عزوجل " ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها " (1). 18 - أقول: روى السيد ابن طاووس في كشف المحجة من كتاب الرسائل لمحمد بن يعقوب الكليني، عمن سماه قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي إلى ربه، قال فكتب: إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك، فان الجواب يأتيك. 19 - دعوات الراوندي: عن النبي صلى الله عليه وآله: اللهم إني أتوجه إليك بمحمد وآل محمد، وأتقرب بهم إليك واقدمهم بين يدي حوائجي، اللهم إني أبرأ إليك من أعداء آل محمد وأتقرب إليك باللعنة عليهم. وفي دعائهم عليهم السلام: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك وحجبت دعائي عنك فصل على محمد وآل محمد، واستجب لي يا رب بهم دعائي. وعن سماعة بن مهران قال: قال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل: اللهم إني أسئلك بحق محمد وعلي فإن لهما عندك شأنا من الشأن وقدرا من القدر، فبحق ذلك الشأن، وبحق ذلك القدر أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا. وكذا. فانه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب، ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن، إلا وهو يحتاج إليهما في ذلك اليوم. 20 - عدة الداعي: عن سلمان الفارسي قال: سمعت محمدا صلى الله عليه وآله يقول: إن الله عزوجل يقول: يا عبادي أو ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلا أن يتحمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها كرامة لشيعتهم، ألا فاعلموا أن أكرم الخلق علي وأفضلهم لدي محمد وأخوه علي، ومن بعده الائمة الذين هم الوسائل إلى الله ألا فليدعني من همته حاجة يريد نجحها أو دهته داهية يريد كشف ضررها بمحمد وآله الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها من تستشفعون بأعز الخلق عليه، فقال قوم من المشركين وهم مستهزؤن به: يا أبا عبد الله فمالك لا تقترح

 

(1) الاختصاص: 252، والاية في سورة الاعراف: 180.

 

[23]

على الله بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة، فقال سلمان: دعوت الله وسألته ما هو أجل وأنفع وأفضل من ملك الدنيا بأسرها، سألته بهم صلى الله عليهم أن يهب لي لسانا ذاكرا لتحميده وثنائه، وقلبا شاكرا لآلائه، وبدنا صابرا على الدواهي الداهية وهو عزوجل قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك وهو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها وما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرة (1). 21 - قبس: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين الصقال ببغداد في مسجد الحذائين بالكرخ في رجب سنة اثنين وأربعين وأربع مائة قال: حدثنا الشيخ أبو المفضل محمد بن عبد الله بن البهلول بن همام بن المطلب الشيباني يوم السبت التاسع من شهر ربيع الاول سنة ست وثمانين وثلاث مائة بالشرقية قال: سمعت أبا العباس أحمد بن كشمرد في داره ببغداد وقد سأله شيخنا أبو علي بن همام رحمه الله أن يذكر حاله إذ كان محبوسا عند الهجريين بالاحساء فحدثنا أبو العباس أنه كان ممن اسر بالهبير مع أبي الهيجاء، قال: وكان أبو طاهر سليمان بن الحسن مكرما لابي الهيجاء معجبا برأيه وكان يستدعيه إلى طعامه فيتغدى معه ويستدعيه ايضا للحديث معه. فلما كان ذات ليلة سألت أبا ليهجاء أن يجري ذكري عند سليمان بن الحسن ويسأله في إطلاقي فأجابني إلى ذلك ومضى إلى أبي الطاهر في تلك الليلة على رسمه وعاد من عنده ولم يلقني وكان من عادته أن يغشاني ورفيقي يعني الخال في كل ليلة عند عودته من التقائه مع سليمان بن الحسن فيسكن نفوسنا، ويعرفنا أخبار الدنيا فلما لم يعاود إلينا في تلك العشية مع سؤالي إياه الخطاب في أمري، استوحشت لذلك، فصرت إليه إلى منزله الموسوم به. وكان أبو الهيجاء مبرزا في دينه مخلصا في ولايته وسيادته متوقرا على إخوانه فلما وقع طرفه علي بكى بكاء شديدا وقال: لبودي والله يا أبا العباس أني مرضت سنة كاملة، ولم اجر ذكرك له، قال: قلت: ولم ؟ قال: لاني لما ذكرتك له اشتد غضبه وعظم، وحلف بالذي يحلف به مثله ليأمرن غدا بضرب رقبتك مع طلوع

 

(1) عدة الداعي ص 116، وتراه في تفسير الامام ص 32.

 

[24]

الشمس، ولقد اجتهدت والله في إزالة هذا عنك بكل حيلة، وأوردت عليه كل لطيفة فأصر على قوله، وأعاد يمينه، ليفعلن ما أخبرتك به. قال: ثم جعل أبو الهيجاء يطيب نفسي وقال: يا أخي لولا أني ظننت أن لك وصية أو حالا تحتاج إلى ذكرها لطويت عنك، ما أطلعتك عليه من ذلك وسترت ما أخبرتك به عنه، ومع هذا فثق بالله عزوجل وارجع فيما دهمك من هذه الحال الغليظة إليه فانه جل ذكره يجير ولا يجار عليه، وتوجه إليه تعالى بالعدة والذخيرة للشدائد والامور العظام، لمحمد وآله صلوات الله عليهم. قال أبو العباس: فانصرفت إلى منزلي الذي انزلت فيه وأنا في صورة غليظة من الاياس من الحياة، واستشعار الهلكة، فاغتسلت ولبست ثيابا جعلتها أكفاني وأقبلت إلى القبلة، فجعلت اصلي واناجي ربي وأتضرع إليه وأعترف له بذنوبي وأتوب منها ذنبا ذنبا، وتوجهت إلى الله بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي وحجة الله في أرضه والمأمول لاحياء دينه، ثم لم أزل وأنا مكروب قلق أتضرع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه أقول: يا مولاي يا أمير المؤمنين أتوجه بك إلى الله يا أمير المؤمنين أتوجه بك إلى الله يا أمير المؤمنين يا مولاي أتوجه بك إلى الله ربي وربك فيما دهمني واظلني. فلم أزل أقول هذا وما أشبهه من الكلام إلى أن انتصف الليل وجاء وقت الصلاة فقمت فصليت ودعوت وتضرعت، فبينا أنا كذلك وقد فرغت من الصلاة وأنا أستغيث إلى الله تعالى وأتوسل إليه بأمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ نعست فحملني النوم فرأيت أمير المؤمنين عليه السلام في منامي ذلك، فقال: يا ابن كشمرد، قلت: لبيك يا مولاي فقال: ما لي أراك على هذا الحال ؟ قلت: يا مولاي يا أمير المؤمنين أو ما يحق لمن يقتل صباح هذه الليلة غريبا عن أهله وولده، وبغير وصية يسندها إلى متكفل بها، أن يشتد قلقه وجزعه. فقال: بل تحول كفاية الله عزوجل ودفاعه بينك وبين الذي توعدك فيما


 

[25]

أرصدك به من سطواته اكتب بسم الله الرحمن الرحيم وتمام فاتحة الكتاب وآية الكرسي والعرش، واكتب: " من العبد الذليل فلان بن فلان إلى المولى الجليل الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وسلام على آل يس محمد وعلي والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن وحجتك رب على خلقك اللهم إني اشهدك بأني أشهد أنك الله إلهي وإله الاولين والآخرين لا إله غيرك أتوجه إليك بحق هذه الاسماء التي إذا دعيت بها أجبت وإذا سئلت بها أعطيت لما صليت عليهم وهونت علي خروج روحي وكنت لي قبل ذلك غياثا ومجيرا لمن أراد أن يفرط علي ويطغى " واجعل الرقعة في كتلة طين، واقرأ سورة يس وارم بها في البحر فقلت يا أمير المؤمنين إن البحر بعيد مني، وأنا محبوس ممنوع من التصرف فيما ألتمس، فقال: ارم بها في البئر أو فيما دنا منك من منابع الماء. قال ابن كشمرد: فانتبهت وقمت ففعلت ما أمرني به أمير المؤمنين عليه السلام وأنا في ذلك قلق غير ساكن النفس لعظيم المحنة، وضعف اليقين في الآدميين، فلما أصبحنا وطلعت الشمس استدعيت، فلم أشك أن ذلك لما توعدني به من القتل فمضيت مع الداعي وأنا آئس من الحياة فادخلت على أبي الطاهر وإذا هو جالس في صدر مجلس كبير على كرسي، وعن يمينه رجلان على كرسيين، وعن يساره أبو الهيجاء على كرسي وإذا كرسي آخر إلى جانب أبي الهيجاء ليس عليه أحد. فلما بصر بي أبو طاهر استدعاني حتى وصلت إلى الكرسي، ثم أمرني بالجلوس عليه، فجلست وقلت في نفسي: ليس وراء هذا إلا خيرا. فاقبل علي وقال: قد كنا عزمنا في أمرك على ما بلغك ثم رأينا بعد ذلك أن نفرج عنك، وأن نخيرك أحد أمرين: إما تخدمنا فنحسن إليك أو تنصرف إلى عيالك فنحسن إجازتك، فقلت له: في المقام عند السيد النفع والشرف، وفي الانصراف إلى أهلي ووالدة لي عجوز كبيرة ثواب جزيل، فقال لي: افعل ما شئت، والامر فيه مردود إلى اختيارك فخرجت منصرفا من بين يديه. فردني وقال: من تكون من علي بن أبي طالب ؟ فقلت: لست نسيبا له، ولكني


 

[26]

وليه، قال: فتمسك بولايته فهو أمرنا باطلاقك، فلم يمكنا المخالفة لامره، ثم أمربي فجهزت وأصحبني من أوصلني مكرما إلى مأمني. قال الشيخ أبو المفضل رحمه الله: فذكرت هذا الحديث في مجلس أبي وائل داود بن حمدان بنصيبين سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة، وحضر هذا المجلس يومئذ رجل من أهل نصيبين يقال له أبو عثمان سعيد بن البندقي الشاعر، وكان من شهود البلد، فقال أبو عثمان عند قولي ما تقدم من قول أبي العباس ابن كشمرد: على يدي كان الحديث وذلك أني حججت في سنة الهبير وهي السنة التي اسر فيها أبو العباس ابن كشمرد، والخال وفلفل الخادم وغيرهم من وجوه الاولياء مع أبي الهيجاء واسرت فيمن اسر معهم من الحاج. فطال بالاحساء محبسنا، وكنت أقول الشعر فامتدحت السيد أبي الطاهر بقصيدة أوصلها إليه أبو الهيجاء، فأذن لي السيد بالدخول، والخروج من الحبس فكنت أدخل على أبي العباس ابن كشمرد وكان يأنس بي ويحدثني فأرسل إلي ذات يوم في السحر قبل طلوع الشمس وقال لي: خذ هذه الرقعة وهي في كتلة الطين وامض بها إلى موضع وصفه لي، وكان فيه ماء جار، قال: واقرأ سورة يس واطرح الرقعة في الماء فأخذتها فصرت إلى الماء، وأحببت أن أقف على الرقعة فقلعت الطين عنها ونشرتها وقرأت ما فيها. قال أبو عثمان: وأخذت عودا وبللته في الماء وكتبت ما في الرقعة على كفي وكتبت اسمي واسم أبي وامي وأعدت الرقعة في الطين وقرأت سورة يس عني وغسلت كفي في الماء ثم قرأت سورة يس عن أبي العباس ابن كشمرد، وطرحت الرقعة في الماء وعدت إلى مجلسي ذلك بعقب طلوع الشمس، فلم يمض إلا ساعة زمانية وإذا رسول السيد يأمر باحضاري فحضرت فلما بصربي قال: إنه قد القي في قلبي رحمة لك وقد عملت على إطلاقك فكيف تحب أن تسير إلى أهلك في البر أم في البحر ؟ فخشيت إن سرت في البر أن يبدو له، فيلحقوني فيردوني، فقلت: في البحر، فأمر أن يدفع لي كفافي من زاد وتمر، وخرجت في البحر فصرت إلى البصرة.


 

[27]

فلما كان بعد ثلاثة أيام من وصولي البصرة، جلست عند أصحاب الكتب فإذا أنا بأبي العباس ابن كشمرد راكب في موكب عظيم والامراء من خلفه، وقد خرج أمير البصرة استقبله، والجند بين يديه ومن خلفه، والعساكر محدقة به وهو وأمير البصرة يتسايران، فلما رأيته قمت إليه فلما أبصر بي نزل عن دابته ووقف علي، وقال: يا فتى كيف عملت حتى تخصلت ؟ فحدثته ما صنعت من كتبتي ما كان في الرقعة بالماء على كفي، وغسلت بالماء يدي، ما كنت كتبت عليها قبل أن رميت رقعته. فقال لي: أنا وأنت من طلقاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه ؟ فقلت: نعم ومضى حتى نزل في دار اعدت له، وحمل إليه أمير البصرة الهدايا واللباس والآلات والدواب والفرش وغير ذلك، فلما استقر في موضعه ارسل إلي فدخلت عليه، وأقمت عنده أياما وأحسن إلي، وحملني مكرما إلى بلدي. فعجب أبو وائل من ذلك وقال: يا أبا المفضل أنت صادق في حديثك ولقد اتفق لك ما أكده، فهذه الرقعة معروفة بين أصحابنا يعملون بها ويعولون عليها في الامور العظيمة والشدائد، والرواة فيها مختلفة، لكني أوردت ما هو سماعي ببغداد وقد ذكر شيخنا الموفق أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب المصباح ومختصر المصباح أيضا أنها تكتب وتطوى، ثم تكتب رقعة اخرى إلى صاحب الزمان عليه السلام وتجعل الرقعة الكشمردية في طي رقعة الامام عليه السلام وتجعل في الطين وترمى في البحر أو البئر يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم إلى الله، سبحانه وتقدست أسماؤه، رب الارباب وقاصم الجبابرة العظام، عالم الغيب، وكاشف الضر، الذي سبق في علمه ما كان وما يكون، من عبده الذليل المسكين، الذي انقطعت به الاسباب، وطال عليه العذاب وهجره الاهل، وباينه الصديق الحميم، فبقي مرتهنا بذنبه، قد أوبقه جرمه، وطلب النجا فلم يجد ملجأ ولا ملتجأ غير القادر على حل العقد، ومؤبد الابد، ففزعي إليه واعتمادي عليه، ولا لجأ ولا ملتجأ إلا إليه.


 

[28]

اللهم إني أسئلك بعلمك الماضي، وبنورك العظيم، وبوجهك الكريم وبحجتك البالغة، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأن تأخذ بيدي وتجعلني ممن تقبل دعوته، وتقيل عثرته، وتكشف كربته، وتزيل ترحته، وتجعل له من أمره فرجا ومخرجا، وترد عني بأس هذا الظالم الغاشم وبأس الناس يا رب الملائكة والناس، حسبي أنت وكفى ممن أنت حسبه، يا كاشف الامور العظام فانه لا حول ولا قوة إلا بك. وتكتب رقعه اخرى إلى صاحب الزمان عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم توسلت بحجة الله الخلف الصالح، محمد بن الحسن ابن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النبأ العظيم، والصراط المستقيم، والحبل المتين، عصمة الملجأ وقسيم الجنة والنار أتوسل إليك بآبائك الطاهرين الخيرين المنتجبين، وامهاتك الطاهرات الباقيات الصالحات الذين ذكرهم الله في كتابه فقال عز من قائل: " الباقيات الصالحات " وبجدك رسول الله صلى الله عليه وآله وخليله وحبيبه وخيرته من خلقه أن تكون وسيلتي إلى الله عزوجل في كشف ضري، وحل عقدي وفرج حسرتي، وكشف بليتي، وتنفيس ترحتي وبكهيعص وبيس والقرآن الحكيم، وبالكلمة الطيبة وبمجاري القرآن، وبمستقر الرحمة، وبجبروت العظمة، وباللوح المحفوظ وبحقيقة الايمان، وقوام البرهان، وبنور النور، وبمعدن النور، والحجاب المستور والبيت المعمور، وبالسبع المثاني والقرآن العظيم، وفرائض الاحكام، والمكلم بالعبراني، والمترجم باليوناني، والمناجي بالسرياني، وما دار في الخطرات وما لم يحط به للظنون، من علمك المخزون، وبسرك المصون، والتوراة والانجيل والزبور، يا ذا الجلال والاكرام صل على محمد وآله وخذ بيدي وفرج عني بأنوارك وأقسامك وكلماتك البالغة إنك جواد كريم، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلواته وسلامه على صفوته من بريته محمد وذريته.


 

[29]

وتطيب الرقعتين، وتجعل رقعة الباري تعالى في رقعة الامام عليه السلام وتطرحهما في نهر جار أو بئر ماء بعد أن تجعلهما في طين حر (1) وتصلي ركعتين وتتوجه إلى الله تعالى بمحمد وآله عليهم السلام، وتطرحهما ليلة الجمعة، واستشعر فيها الاجابة لا على سبيل التجربة، ولا يكون إلا عند الشدائد والامور الصعبة، ولا تكتبها لغير أهلها، فانها لا تنفعه، وهي أمانة في عنقك، وسوف تسأل عنها. وإذا رميتهما فادع بهذا الدعاء: اللهم إني أسئلك بالقدرة التي لحظت بها البحر العجاج، فأزبد وهاج وماج، وكان كالليل الداج، طوعا لامرك، وخوفا من سطوتك، فأفتق اجاجه، وائتلق منهاجه، وسبحت جزائره، وقدست جواهره تناديك حيتانه باختلاف لغاتها، إلهنا وسيدنا ما الذي نزل بنا وما الذي حل ببحرنا فقلت لها: اسكني ساسكنك مليا واجاور بك عبدا زكيا فسكن وسبح ووعد بضمائر المنح فلما نزل به ابن متى بما ألم الظنون فلما صار في فيها سبح في أمعائها فبكت الجبال عليه تلهفا، وأشفقت عليه الارض تأسفا فيونس في حوته كموسى في تابوته لامرك طائع، ولوجهك ساجد خاضع، فلما أحببت أن تقيه ألقيته بشاطئ البحر شلوا لا تنظر عيناه ولا تبطش يداه، ولا تركض رجلاه، وأنبت منة منك عليه شجرة من يقطين، وأجريت له فراتا من معين، فلما استغفر وتاب خرقت له إلى الجنة بابا، إنك أنت الوهاب وتذكر الائمة واحدا واحدا. نسخة رقعة إلى الامام عليه السلام: إذا كان لك حاجة إلى الله عزوجل فاكتب رقعة على بركة الله واطرحها على قبر من قبور الائمة إن شئت أو فشدها واختمها واعجن طينا نظيفا واجعلها فيه، واطرحها في نهر جار أو بئر عميقة، أو غدير ماء، فانها تصل إلى السيد عليه السلام وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه، والله بكرمه لا تخيب أملك، تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم [كتبت إليك] ظ يا مولاي صلوات الله عليك مستغيثا وشكوت ما نزل بي مستجيرا بالله عزوجل ثم بك من أمر قد دهمني وأشغل قلبي وأطال فكري، وسلبني بعض لبي، وغير خطر النعمة لله عندي، أسلمني عند تخيل وروده

 

(1) طين حر: أي لارمل فيه.

 

[30]

الخليل، وتبرأ مني عند ترائي إقباله لي الحميم، وعجزت عن دفاعه حيلتي، وخانني في تحمله صبري وقوتي فلجأت فيه إليك، وتوكلت في المسألة لله عزوجل ثناؤه عليه وعليك وفي دفاعه عني، علما بمكانك من الله رب العالمين، ولي التدبير ومالك الامور، واثقا منك بالمسارعة في الشفاعة إليه جل ثناؤه في أمري، متيقنا لاجابته تبارك وتعالى إياك بإعطاي سؤلي وأنت يا مولاي جدير بتحقيق ظني وتصديق أملي فيك في أمر كذا وكذا مما لا طاقة لي بحمله، ولا صبر لي عليه وإن كنت مستحقا له ولاضعافه، بقبيح أفعالي وتفريطي في الواجبات التي لله عز وجل علي. فأغثني يا مولاي صلوات الله عليك عند اللهف، وقدم المسألة لله عزوجل في أمري قبل حلول التلف وشماتة الاعداء، فبك بسطت النعمة علي، واسئل الله جل جلاله لي نصرا عزيزا وفتحا قريبا فيه بلوغ الآمال وخير المبادي وخواتيم الاعمال، والامن من المخاوف كلها في كل حال، إنه جل ثناؤه لما يشاء فعال، وهو حسبي ونعم الوكيل، في المبدأ والمال. ثم تصعد النهر أو الغدير وتعتمد به بعض الابواب إما عثمان بن سعيد العمرى أو ولده محمد بن عثمان، أو الحسين بن روح، أو علي بن محمد السمري، فهؤلاء كانوا أبواب الامام عليه السلام فتنادي بأحدهم وتقول: يا فلان بن فلان سلام عليك أشهد أن وفاتك في سبيل الله وأنت حي عند الله مرزوق وقد خاطبتك في حياتك التي لك عند الله جل وعز وهذه رقعتي وحاجتي إلى مولانا عليه السلام فسلمها إليه فأنت الثقة الامين، ثم ارم بها في النهر، وكأنك تخيل لك أنك تسلمها إليه، فانها تصل وتقضى الحاجة إن شاء الله تعالى. استغاثة اخرى: روى المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال إذا كانت لك حاجة إلى الله وضقت بها ذرعا فصل ركعتين فإذا سلمت كبر الله ثلاثا وسبح تسبيح فاطمة عليها السلام، ثم اسجد وقل مائة مرة " يا مولاتي فاطمة أغيثيني " ثم ضع خدك الايمن على الارض وقل مثل ذلك، ثم عد إلى السجود، وقل ذلك مائة مرة


 

[31]

وعشر مرات، واذكر حاجتك فان الله يقضيها. استغاثة اخرى لصاحب الزمان عليه السلام: سمعت الشيخ أبا عبد الله الحسين بن الحسن بن بابويه رضي الله عنه بالري سنة أربع وأربعمائة يروي عن عمه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمه الله قال: حدثني مشايخي القميين قال: كربني أمر ضقت به ذرعا ولم يسهل في نفسي أن افشيه لاحد من أهلي وإخواني، فنمت وأنا به مغموم فرأيت في النوم رجلا جميل الوجه، حسن اللباس، طيب الرائحة، خلته بعض مشايخنا القميين الذين كنت أقرأ عليهم، فقلت في نفسي: إلى متى اكابد همي وغمي ولا افشيه لاحد من إخواني، وهذا شيخ من مشايخنا العلماء، أذكر له ذلك فلعلي أجد لي عنده فرجا. فابتدأني من قبل أن أبتدئه وقال لي: ارجع فيما أنت بسبيله إلى الله تعالى واستعن بصاحب الزمان عليه السلام، واتخذه لك مفزعا فانه نعم المعين، وهو عصمة أوليائه المؤمنين، ثم أخذ بيدي اليمنى ومسحها بكفه اليمنى، وقال: زره وسلم عليه واسأله أن يشفع لك إلى الله تعالى في حاجتك، فقلت له: علمني كيف أقول ؟ فقد أنساني ما أهمني بما أنا فيه كل زيارة ودعاء، فتنفس الصعداء وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومسح صدري بيده، وقال: حسبك الله لا بأس عليك، تطهر وصل ركعتين ثم قم وأنت مستقبل القبلة تحت السماء وقل: سلام الله الكامل التام الشامل العام، وصلواته الدائمة وبركاته القائمة على حجة الله، ووليه في أرضه وبلاده، وخليفته على خلقه وعباده، سلالة النبوة وبقية العترة والصفوة، صاحب الزمان، ومظهر الايمان، ومعلن أحكام القرآن مطهر الارض، وناشر العدل في الطول والعرض، الحجة القائم المهدي، والامام المنتظر المرضى، الطاهر ابن الائمة الطاهرين الوصي أولاد الاوصياء المرضيين الهادي المعصوم ابن الهداة المعصومين. السلام عليك يا إمام المسلمين والمؤمنين، السلام عليك يا وارث علم النبيين ومستودع حكمة الوصيين، السلام عليك يا عصمة الدين، السلام عليك يا معز


 

[32]

المؤمنين المستضعفين، السلام عليك يا مذل الكافرين المتكبرين الظالمين. السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان، يا ابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا ابن الائمة الحجج على الخلق أجمعين. السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاء أشهد أنك الامام المهدي قولا وفعلا وأنك الذي تملا الارض قسطا وعدلا فعجل الله فرجك، وسهل مخرجك وقرب زمانك، وأكثر أنصارك وأعوانك، وأنجز لك موعدك، وهو أصدق القائلين " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " يا مولاي حاجتي كذا وكذا فاشفع لي في نجاحها، وتدعو بما أحببت. قال: فانتبهت وأنا موقن بالروح والفرج، وكان علي بقية من ليلي واسعة فقمت فبادرت فكتبت ما علمنيه خوفا أن أنساه، ثم تطهرت وبرزت تحت السماء وصليت ركعتين قرأت في الاولى بعد الحمد كما عين لي إنا فتحنا لك فتحا مبينا وفي الثانية بعد الحمد إذا جاء نصر الله والفتح، وأحسنت صلاتهما، فلما سلمت قمت وأنا مستقبل القبلة وزرت ثم دعوت بحاجتي واستغثت بمولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه ثم سجدت سجدة الشكر، وأطلت فيها الدعاء حتى خفت فوات صلاة الليل، ثم قمت وصليت وعقبت بعد صلاة الفجر بفريضة الغداة وجلست في محرابي أدعو، فلا والله ما طلعت الشمس حتى جائني الفرج مما كنت فيه، ولم يعد إلي مثل ذلك بقية عمري، ولم يعلم أحد من الناس ما كان ذلك الامر الذي أهمني وإلى يومي هذا، والمنة لله وله الحمد كثيرا. 22 - قبس: أخبرنا الشيخ الصدوق أبو الحسن أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الصيرفي المعروف بابن الكوفي ببغداد في آخر شهر ربيع الاول سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وكان شيخا بهيا ثقة صدوق اللسان عند الموافق والمخالف رضي الله عنه وأرضاه، قال: أخبرني الحسن محمد بن جعفر التميمي قراءة عليه قال: حكى لي أبوالوفا الشيرازي وكان صديقا لي أنه قبض عليه أبو علي إلياس صاحب كرمان قال: فقيدني وكان الموكلون بي يقولون: إنه قد هم فيك بمكروه، فقلقت


 

[33]

لذلك، وجعلت اناجي الله تعالى بالائمة عليهم السلام، فلما كانت ليلة الجمعة وفرغت من صلاتي نمت فرأيت النبي صلى الله عليه وآله في نومي، وهو يقول: لا تتوسل بي ولا بابني لشئ من أعراض الدنيا إلا لما تبتغيه من طاعة الله تعالى ورضوانه، وأما أبو الحسن أخي فانه ينتقم لك ممن ظلمك. قال: فقلت: يا رسول الله كيف ينتقم لي ممن ظلمني، وقد لبب في حبل فلم ينتقم، وغصب على حقه فلم يتكلم ؟ قال: فنظر إلي كالمتعجب، وقال: ذلك عهد عهدته إليه وأمر أمرته به، فلم يجز له إلا القيام به، وقد أدى الحق فيه، الا إن الويل لمن تعرض لولي الله، وأما علي بن الحسين فللنجاة من السلاطين ونفث الشياطين، وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللآخرة، وما تبتغيه من طاعة الله عزوجل، وأما موسى بن جعفر فالتمس به العافية من الله عزوجل، وأما علي ابن موسى فاطلب به السلامة في البراري والبحار، وأما محمد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، وأما علي بن محمد فللنوافل وبر الاخوان، وما تبتغيه من طاعة الله عزوجل، وأما الحسن بن علي فللآخرة، وأما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف الذبح، فاستعن به، فانه يعينك، ووضع يده على حلقه، قال: فناديت في نومي: يا مولاي يا صاحب الزمان أدركني فقد بلغ مجهودي قال أبوالوفا: فانتبهت من نومي، والموكلون يأخذون قيودي. قال الشيخ أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن جندي، عن أبي علي محمد ابن همام قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور العمي قال: رأيت في سنة ست وتسعين ومائتين - وهي السنة التي ولي فيها علي بن موسى الفرات وزارة المقتدر - أحمد بن ربيعة الانباري الكاتب، وقد اعتلت يده، وأكلتها الخبيثة وعظم أمرها حتى أراحت واسودت وأشار عليه المطبب بقطعها، ولم يشك أحد ممن رآه في تلفه، فراى في منامه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين استوهب لي يدي، فقال: أنا مشغول عنك، ولكن امض إلى موسى بن جعفر فانه يستوهبا لك.


 

[34]

فأصبح وقال: ايتوني بمحمل ووصلوا تختي واحملوني إلى مقابر قريش ففعلوا ما أمر بعد أن غسلوه وطيبوه، وطرحوا عليه ثيابا نظيفة ظاهرة، وحملوه إلى قبر مولانا موسى بن جعفر صلوات الله عليه، فلاذ به وأخذ من تربته، وطلى يده إلى زنده وكفه، وشدها، فلما كان من الغد حلها وقد تساقط كل لحم وجلد عليها حتى بقيت عظاما وعروقا مشبكة، وانقطعت الرائحة، وبلغ خبره الوزير فحمل إليه حتى رآه ثم عولج وبرأ، ورجع إلى الديوان، فكتب بها كما كان يكتب فقال فيه الديلمي: وموسى قد شفى الكف * من الكاتب إذ زارا فهم صلوات الله عليه الشفاء الاكبر، والدواء الاعظم لمن استشفى بهم. شرح الدعاء الذي يدعا به ويتوسل بهم عليهم السلام: اللهم صل على محمد وعلى ابنته وعلى ابنيها وأسئلك بهم أن تعينني على طاعتك ورضوانك، وتبلغني بهم أفضل ما بلغت أحدا من أوليائك إنك جواد كريم اللهم إني أسئلك بحق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلا انتقمت لي ممن ظلمني وغشمني وآذاني وانطوى على ذلك وكفيتني به مؤنة كل أحد يا أرحم الراحمين اللهم إني أسئلك بحق وليك علي ابن الحسين إلا كفيتني مؤنة كل شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى علي ببطشه وينتصر علي بجنده إنك جواد كريم اللهم إني أسئلك بحق محمد وابنه جعفر إلا أعنتني بهما على طاعتك ورضوانك وبلغتني بهما ما يرضيك إنك فعال لما تريد اللهم إني أسئلك بحق موسى بن جعفر إلا عافيتني به في جميع جوارحي ما ظهر منها وما بطن يا جواد يا كريم اللهم إني أسئلك بحق وليك الرضا علي بن موسى إلا سلمتني به في جميع أسفاري في البراري والبحار، والجبال والقفار، والادوية والغياض، من جميع ما أخافه وأحذره، إنك رؤف رحيم اللهم إني أسئلك بحق وليك محمد بن علي إلا جدت به علي من فضلك، وتفضلت به علي من وسعك ووسعت علي رزقك وأغنيتني عمن سواك وجعلت حاجتي إليك وقضاها عليك إنك لما تشاء قدير اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن محمد إلا أعنتني به على


 

[35]

تأدية فرضك، وبر إخواني المؤمنين، وسهل ذلك لي، واقرنه بالخير وأعني على طاعتك بفضلك يا رحيم اللهم إني أسئلك بحق وليك الحسن بن علي إلا أعنتني على آخرتي بطاعتك ورضوانك وسررتني في منقلبي برحمتك، اللهم إني أسئلك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان إلا أعنتني به على جميع اموري، وكفيتني به مؤنة كل موذ، وطاغ وباغ، وأعنتني به فقد بلغ مجهودي وكفيتني كل عدو وهم وغم ودين وولدي وجميع أهلي وإخواني ومن يعنيني أمره وخاصتي آمين رب العالمين. أقول: وجدت في بعض مؤلفات اصحابنا هذا الخبر رواه باسناده عن أبي الوفاء الشيرازي قال: كنت مأسورا بكرمان في يد ابن إلياس مقيدا مغلولا فاخبرت أنه قد هم بصلبي فاستشفعت إلى الله عزوجل بزين العابدين علي بن الحسين عليه السلام فحملتني عيني فرأيت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: لا يتوسل بي ولا بابنتي ولا بابني في شئ من عروض الدنيا بل للآخرة، وما تؤمل من فضل الله عزوجل فيها، فأما أخي أبو الحسن فانه ينتقم لك ممن يظلمك. فقلت: يا رسول الله أليس قد ظلمت فاطمة فصبر، وغصب هو على إرثك فصبر، فكيف ينتقم لي ممن ظلمني ؟ فقال صلى الله عليه وآله: ذلك عهد عهدته إليه وأمرته به ولم يجد بدا من القيام به، وقد أدى الحق فيه والآن فالويل لمن يتعرض لمولاه وأما علي بن الحسين فللنجاة من السلاطين، ومن مفسدة الشياطين، وأما محمد بن علي وجعفر بن محمد فللآخرة، وأما موسى بن جعفر فالتمس به العافية وأما علي بن موسى فللنجاة في الاسفار في البر والبحر، وأما محمد بن علي فاستنزل به الرزق من الله تعالى، وأما علي بن محمد فلقضاء النوال وبر الاخوان، وأما الحسن بن علي فللآخرة وأما الحجة فإذا بلغ السيف منك المذبح - وأومأ بيده إلى حلقه فاستغث به فهو يغيثك، وهو كهف وغياث لمن استغاث به. فقلت: يا مولاي يا صاحب الزمان أنا مستغيث بك، فإذا أنا بشخص قد نزل من السماء تحته فرس، وبيده حربة من حديد، فقلت: يا مولاي اكفني


 

[36]

شر من يؤذيني، فقال: قد كفيتك فانني سألت الله عزوجل فيك وقد استجاب دعوتي، فأصبحت فاستدعاني ابن إلياس وحل قيدي، وخلع علي وقال: بمن استغثت ؟ فقلت: استغثت بمن هو غياث المستغيثين، حتى سأل ربه عزوجل والحمد لله رب العالمين. دعوات الراوندي: حدث أبو الوفاء الشيرازي قال: كنت مأسورا فوقفت على أنهم هموا بقتلي وذكر نحوه. 23 - ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي: نقلا من خط الشيخ الاجل علي بن السكون حدثنا الشيخ الاجل الفقيه سديد الدين أبو محمد عربي ابن مسافر العبادي أدام الله تأييده، قراءة عليه، حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الطرز الكبير الذي عند رأس الامام عليه السلام في العشر الاواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة قال: حدثنا الشيخ الاجل السيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور على صاحبه أفضل السلام في الطرز المذكور في العشر الاواخر من ذي القعدة سنة تسع وخمسمائة، قال: حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الحسين البزاز قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زنجويه القمي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري. قال أبو علي الحسن بن أشناس: وأخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له جميع ما رواه أنه خرج إليه توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل التي سألها: والصلاة والتوجه أوله: بسم الله الرحمن الرحيم لا لامر الله تعقلون، ولا من أوليائه تقبلون، حكمة بالغة فما تغن الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى:


 

[37]

سلام على آل ياسين، ذلك هو الفضل المبين، والله ذو الفضل العظيم، من يهديه صراطه المستقيم. التوجه: قد آتام الله يا آل ياسين خلافته، وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ورتبه وأراده في ملكوته، فكشف لكم الغطاء، وأنتم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وامناؤه، ساسة العباد، وأركان البلاد، وقضاة الاحكام، وأبواب الايمان ومن تقديره منايح العطاء، بكم إنفاذه محتوما مقرونا فما شئ منه إلا وأنتم له السبب، وإليه السبيل، خياره لوليكم نعمة، وانتقامه من عدوكم سخطة، فلا نجاة ولا مفزغ إلا أنتم، ولا مذهب عنكم، يا أعين الله الناظرة، وحملة معرفته، ومساكن توحيده في أرضه وسمائه، وأنت يا حجة الله وبقيته كمال نعمته، ووارث أنبيائه وخلفائه، ما بلغناه من دهرنا، وصاحب الرجعة لوعد ربنا، التي فيها دولة الحق وفرحنا ونصر الله لنا وعزنا. السلام عليك أيها العلم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة، وعدا غير مكذوب. السلام عليك صاحب المرأى والمسمع، الذي بعين الله مواثيقه، وبيد الله عهوده، وبقدرة الله سلطانه، أنت الحليم الذي لا تعجله العصبية والكريم الذي لا تبخله الحفيظة، والعالم الذي لا تجهله الحمية. مجاهدتك في الله ذات مشية الله، ومقارعتك في الله ذات انتقام الله، وصبرك في الله ذو أناة الله، وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته، السلام عليك يا محفوظا بالله نور أمامه ووراءه ويمينه وشماله وفوقه وتحته يا محروزا في قدرة الله، الله نور سمعه وبصره، ويا وعد الله الذي ضمنه، ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده. السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه، السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه، السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك، السلام عليك يا بقية الله في أرضه. السلام عليك حين تقوم، السلام عليك حين تقعد، السلام عليك حين تقرأ


 

[38]

وتبين، السلام عليك حين تصلي وتقنت، السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تعوذ وتسبح، السلام عليك حين تهلل وتكبر، السلام عليك حين تحمد وتستغفر، السلام عليك حين تمجد وتمدح، السلام عليك حين تمسي وتصبح، السلام عليك في الليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى والآخرة والاولى. السلام عليكم يا حجج الله ورعاتنا، وهداتنا ودعاتنا وقادتنا وائمتنا وسادتنا وموالينا، السلام عليكم أنتم نورنا وأنتم جاهنا أوقات صلاتنا، وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا واستغفارنا وسائر أعمالنا. السلام عليك أيها الامام المأمون السلام عليك أيها الامام المقدم المأمول السلام عليك بجوامع السلام، اشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده وحده وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، لا حبيب إلا هو وأهله وأن أمير المؤمنين حجته، وأن الحسن حجته، وأن الحسين حجته، وأن علي بن الحسين حجته وأن محمد بن علي حجته، وأن جعفر بن محمد حجته، وأن موسى بن جعفر حجته وأن علي بن موسى حجته، وأن محمد بن علي حجته، وأن علي بن محمد حجته، وأن الحسن بن علي حجته وأنت حجته، وأن الانبياء دعاة وهداة رشدكم، أنتم الاول والآخر، وخاتمته. وأن رجعتكم حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا وأن الموت حق و [أشهد] أن ناكرا ونكيرا حق وأن النشر والبعث حق وأن الصراط حق والمرصاد حق وأن الميزان والحساب حق وأن الجنة والنار حق، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق، وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون مشية الله وبأمره تعملون ولله الرحمة والكلمة العليا، وبيده الحسنى وحجة الله النعمى. [العظمى] ظ خلق الجن والانس لعبادته، أراد من عباده عبادته فشقي وسعيد، قد شقي من خالفكم، وسعد من أطاعكم، وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه، تخزنه وتحفظه لي عندك، أموت عليه وأنشر عليه وأقف به، وليا لك بريئا من عدوك ماقتا لمن أبغضكم


 

[39]

وادا لمن أحبكم فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه، والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم والمحو ما استأثرت به سنتكم. فلا إله إلا الله وحده وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله علي أمير المؤمنين حجته، الحسن حجته، الحسين حجته، علي حجته، محمد حجته، جعفر حجته، موسى حجته، علي حجته، محمد حجته، علي حجته، الحسن حجته أنت حجته، أنتم حججه وبراهينه. أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله علي شرطه قتالا في سبيله اشترى به أنفس المؤمنين، فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله، وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي لكم معده ومودتي خالصة لكم وبراءتي من أعدائكم أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم أنا ولي وحيد والله إله الحق يجعلني كذلك آمين آمين. من لي أنت فيما دنت واعتصمت بك فيه تحرسني فيما تقربت به إليك يا وقاية الله وستره وبركته أغثني أدنني أعني أدركني صلني بك ولا تقطعني اللهم إليك بهم توسلي وتقربي، اللهم صل على محمد وآله وصلني بهم ولا تقطعني بحجتك واعصمني وسلامك على آل يس مولاي أنت الجاه عند الله ربك وربي إنه حميد مجيد. الدعاء بعقب القول: اللهم إني أسئلك باسمك الذي خلقته من كلك فاستقر فيك فلا يخرج منك إلى شئ ابدا يا كينون أيا مكنون أيا متعال أيا متقدس أيا متراحم، أيا مترئف، أيا متحنن، أسئلك كما خلقته غضا أن تصلي على محمد نبي رحمتك، وكلمة نورك، ووالد هداة رحمتك، واملا قلبي نور اليقين، وصدري نور الايمان، وفكري نور الثبات، وعزمي نور التوفيق، وذكائي نور العلم، وقوتي نور العمل، ولساني نور الصدق، وديني نور البصائر من عندك، وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله عليهم السلام ويقيني قوة البراءة


 

[40]

من أعداء محمد وأعداء آل محمد، حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فيسعني رحمتك يا ولي يا حميد بمرآك ومسمعك يا حجة الله دعائي فوفني منجزات إجابتي أعتصم بك معك معك معك سمعي ورضاي. 24 - دعوات الراوندي: عن الاعمش قال: خرجت حاجا فرأيت بالبادية أعرابيا أعمى، وهو يقول: اللهم إني أسئلك بالقبة التي اتسع فناؤها وطالت أطنابها، وتدلت أغصانها، وعذب ثمرها، واتسق فرعها، واسبغ ورقها وطاب مولدها إلا رددت علي بصري. قال: فخنقتني العبرة، فدنوت إليه وقلت: يا أعرابي لقد دعوت فأحسنت فما القبة التي اتسع فناؤها ؟ قال: محمد صلى الله عليه وآله، قلت: فقولك وطالت أطنابها ؟ قال: أعني فاطمة عليها السلام، قلت: وتدلت أغصانها ؟ قال: علي وصي رسول الله، قلت: وعذب ثمرها ؟ قال: الحسن والحسين، قلت: واتسق فرعها ؟ قال: حرم الله ذرية فاطمة على النار، قلت: وأسبغ ورقها ؟ قال: بعلي بن أبي طالب فأعطيته دينارين ومضيت، وقضيت الحج ورجعت. فلما وصلت إلى البادية رأيته فإذا عيناه مفتوحتان، كأنه ما عمي قط، فقلت: يا أعرابي كيف كان حالك ؟ قال: كنت أدعو بما سمعت، فهتف بي هاتف، وقال: إن كنت صادقا أنك تحب نبيك وأهل بيت نبيك، فضع يدك على عينيك، فوضعتهما عليهما، ثم كشفت عنهما، وقد رد الله علي بصري، فالتف يمينا وشمالا فلم أر أحدا فصحت أيها الهاتف بالله من أنت ؟ فسمعت: أنا الخضر أحب علي بن أبيطالب فان حبه خير الدنيا والآخرة. وكان الصادق عليه السلام تحت الميزاب، ومعه جماعة إذ جاءه شيخ فسلم ثم قال: يا ابن رسول الله إني لاحبكم أهل البيت، وأبرأ من عدوكم وإني بليت ببلاء شديد، وقد أتيت البيت متعوذا به مما أجد، ثم بكى وأكب على أبي عبد الله عليه السلام يقبل رأسه ورجليه، وجعل أبو عبد الله عليه السلام يتنحى عنه، فرحمه وبكا، ثم قال: هذا أخوكم وقد أتاكم متعوذا بكم، فارفعوا أيديكم، فرفع أبو عبد الله عليه السلام


 

[41]

يديه ورفعنا أيدينا ثم قال: اللهم لنك خلقت هذه النفس من طينة أخلصتها، وجعلت منها أولياءك وأولياء اوليائك وإن شئت أن تنحي عنها الآفات فعلت، اللهم وقد تعوذ ببيتك الحرام الذي يأمن به كل شئ، وقد تعوذ بنا، وأنا أسئلك يا من احتجب بنوره عن خلقه أسئلك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين يا غاية كل محزون وملهوف ومكروب ومضطر مبتلى أن تؤمنه بأماننا مما يجد وأن تمحو من طينته ما قدر عليها من البلاء وأن تفرج كربته يا أرحم الراحمين. فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلما بلغ باب المسجد رجع وبكا، ثم قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، والله ما بلغت باب المسجد وبي مما أجد قليل ولا كثير، ثم ولى. 25 -: نقل من خط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من خط الشيخ علي بن السكون قدس الله روحهما أخبرني شيخا وسيدنا السيد الاجل العالم الفقيه جلال الدين أبو القاسم عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار العلوي الحسيني الموسوي الحائري أطال الله بقاءه قراءة عليه، وهو يعارضني بأصل سماعه الذي بخط والده رحمه الله المنقول من هذا الفرع في شهور سنة ست وسبعين وستمائة قال: أخبرني والدي رضي الله عنه قال: أخبرني الاجل العالم تاج الدين أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الدربي أطال الله بقاءه سماعا من لفظه وقراءة عليه في شهر ربيع الاول سنة ست وتسعين وخمسمائة، قال: أخبرني الشيخ الفقيه العالم قوام الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله البحراني الشيباني رحمه الله قراءة عليه سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمد الحسن بن علي قال: قرأت هذا العهد على الشيخ علي بن إسماعيل قال: قرأت على الشيخ أبي زكريا يحيى بن كثير، قال: قرأت على السيد الاجل محمد بن علي القرشي قال: حدثني أحمد بن سعيد بقراءته عل يالشيخ علي بن الحكم قال: قرأت على الربيع ابن محمد المسلي قال: قرأت على أبي عبد الله بن سليمان قال: سمعت سيدنا الامام


 

[42]

جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يقول: من دعا إلى الله أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، وإن مات أخرجه الله إليه من قبره، وأعطاه الله بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، وهذا هو العهد: اللهم رب النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور ومنزل التوراة والانجيل والزبور، ورب الظل والحرور، ومنزل الفرقان العظيم ورب الملائكة المقربين، والانبياء والمرسلين، اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم وبنور وجهك المنير، وملكك القديم يا حي يا قيوم أسئلك باسمك الذي أشرقت به السماوات والارضون، يا حي قبل كل حي لا إله إلا أنت. اللهم بلغ مولانا الامام المهدي القائم بأمر الله صلى الله عليه وآله وعلى آبائه الطاهرين، عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الارض ومغاربها وسهلها وجبلها وبرها وبحرها، وعني وعن والدي من الصلاة زنة عرش الله، وعدد كلماته وما أحصاه كتابه، وأحاط به علمه، اللهم إني اجدد له في صبيحة هذا اليوم وما عشت به في أيامي، عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول. اللهم اجعلني من أنصاره وأعوانه وأنصاره والذابين عنه، والمسارعين في حوائجه، والممتثلين لاوامره، والمحامين عنه، والمستشهدين بين يديه، اللهم فان حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما، فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي. اللهم أرني الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، واكحل مرهي (1) بنظرة مني إليه، وعجل فرجه وأوسع منهجه واسلك بي محجته وأنفذ أمره، واشدد أزره واعمر اللهم به بلادك، وأحي به عبادك، إنك أنت قلت وقولك الحق " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس " فأظهر اللهم لنا وليك وابن وليك، وابنت بنت نبيك المسمى باسم رسولك في الدنيا حتى لا يظفر بشئ من الباطل إلا مزقه، ويحق الحق ويحققه. اللهم واجعله مفزعا للمظلوم من عبادك وناصرا لمن لم يجد له ناصرا غيرك

 

(1) المره - محركة - بياض العين وفساده لترك الاكتحال. (*)

 

[43]

ومجددا لما عطل من أحكام كتابك، ومشيدا لما درس من أعلام دينك وسنن نبيك صلى الله عليه وعلى آله، واجعله اللهم ممن حصنته من بأس المعتدين. اللهم وسر نبيك محمدا صلى الله عليه وآله الطاهرين برؤيته، ومن تبعه على دعوته وارحم استكانتنا من بعده، اللهم اكشف هذه الغمة عن الامة بحضوره، وعجل اللهم لنا ظهوره، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا يا أرحم الراحمين. 26 - من أصل قديم من مؤلف قدماء الاصحاب: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن المفضل بن إبراهيم الاشعري، عن محمد بن عبد الله بن مهران عن أبيه، عن جده أن أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام دفع إلى جعفر بن محمد بن الاشعث كتابا فيه دعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فدفعه جعفر بن محمد بن الاشعث إلى ابنه مهران، فكانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله الذي فيه: اللهم إن محمدا صلى الله عليه وآله كما وصفته في كتابك، حيث قلت وقولك الحق " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم " فأشهد أنه كذلك، وأشهد أنك لم تأمرنا بالصلاة عليه إلا بعد أن صليت عليه أنت وملائكتك فأنزلت في فرقانك الحكيم " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " لا لحاجة به إلى صلاة أحد من الخلق عليه بعد صلواتك ولا إلى تزكية له بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا كلهم المحتاجون إلى ذلك إلا أنك جعلته بابك الذي لا تقبل إلا ممن أتاك منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت عليه المؤمنين، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بذلك كرامة عليك، ووكلت بالمصلين عليه ملائكة يصلون عليهم، ويبلغونه صلاتهم عليه وتسليمهم. اللهم رب محمد فاني أسئلك بحق محمد أن ينطلق لساني من الصلوات عليه بما تحب وترضى وبما لم ينطلق به لسان أحد من خلقك. ولم تعلمه إياه ثم تؤتيني على ذلك مرافقته حيث أحللته من محل قدسك وجنات فردوسك، ولا تفرق بيني وبينه.


 

[44]

اللهم إني ابتدأت له الشهادة، ثم الصلاة عليه، وإن كنت لا أبلغ من ذلك رضى نفسي ولا يعبره لساني عن ضميري، ولا أبن إلا على التقصير مني فأشهد له والشهادة مني دعائي، وحق علي وأداء لما افترضت لي أن قد بلغ رسالتك غير مفرط فيما أمرت، ولا مقصر عما أردت، ولا متجاوز لما نهيت عنه، ولا معتد لما رضيت له. فتلا آياتك على ما نزل به إليه وحيك، وجاهد في سبيلك مقبلا على عدوك غير مدبر ووفى بعهدك، وصدع بأمرك لا تأخذه فيك لومة لائم، وباعد فيك الاقربين وقرب فيك الابعدين وأمر بطاعتك وائتمر بها، ونهى عن معصيتك وانتهى عنها سرا وعلانية، ودل على محاسن الاخلاق، وأخذ بها، ونهى عن مساوي الاخلاق ورغب عنها، ووالى أولياءك بالذي تحب أن توالوا به قولا وعملا. ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدك مخلصا حتى أتاه اليقين فقبضته إليك نقيا تقيا زكيا قد أكملت به الدين، وأتممت به النعيم، وظاهرت به الحجج، وشرعت به شرايع الاسلام، وفصلت به الحلال من الحرام، ونهجت به لخلقك صراطك المستقيم وبينت به العلامات والنجوم الذي به يهتدون، ولم تدعهم بعده في عمياء يهيمون، ولا في شبهة يتيهون، ولم تكلهم إلى النظر لانفسهم في دينهم بآرائهم ولا التخير منهم بأهوائهم فيتشعبون في مدلهمات البدع، ويتحيرون في مطبقات الظلم، وتتفرق بهم السبل فيما يعلمون وفيما لا يعلمون. وأشهد أنه تولى من الدنيا راضيا عنك، مرضيا عندك، محمودا عند ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وعبادك الصالحين. وأنه كان غير لئيم ولا ذميم وأنه لم يكن ساحرا ولا سحر له، ولا شاعر ولا ينبغي له، ولا كاهن ولا تكهن له، ولا مجنون ولا كذاب، وأنه كان رسول الله خاتم النبيين، وأنه جاء بالحق من عند الحق، وصدق المرسلين. وأشهد أن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الاليم، وأشهد أنك به تعاقب وبه تثيب، وأن ما أتانا به من عندك فإنه هو الحق المبين، لا ريب فيه من


 

[45]

رب العالمين. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وأمينك ونجيك، وصفوتك وصفيك ودليلك من خلقك الذي انتجبته لرسالاتك، واستخلصته لدينك، واسترعيته عبادك وائتمنته على وحيك، وجعلته علم الهدى، وباب التقى، والحجة الكبرى، والعروة الوثقى، فيما بينك وبين خلقك، والشاهد لهم، والمهيمن عليهم، أشرف وأزكى وأطهر وأطيب وأرضى ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك، وأصفيائك، واجعل صلواتك وغفرانك وبركاتك ورضوانك وتشريفك وإعظامك وصلوات ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وعبادك الصالحين من الشهداء والصديقين والاوصياء وحسن اولئك رفيقا وأهل السموات والارض وبينهما وما فيهما، وما بين الخافقين وما في الهوى والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وما سبح لك في البر والبحر والظلمة والضياء بالغدو والآصال، في آناء الليل وساعات النهار على محمد بن عبد الله سيد المرسلين، وخاتم النبيين وإمام المتقين، ومولى المؤمنين وولي المسلمين وقائد الغر المحجلين، الشاهد البشير النذير الامين الداعي إليك بإذنك السراج المنير. اللهم صلى على محمد في الاولين، وصل على محمد في الآخرين، وصل على محمد يوم الدين، يوم يقوم الناس لرب العالمين، صل على محمد كما أثبتنا به، وصل على محمد كما رحمتنا به، وصل على محمد كما فضلتنا به، وصل على محمد كما كرمتنا به، وصل على محمد كما كثرتنا به وصل على محمد كما عصمتنا به، وصل على محمد كما نعشتنا به وصل على محمد كما أعززتنا به. اللهم واجز محمدا أفضل ما أنت جاز به يوم القيامة عن امته رسولا عما أرسلته إليه، اللهم واخصص محمدا بأفضل قسم الفضائل، وبلغه أشرف محل المكرمين، من الدرجات العلى في أعلى عليين، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر وأعطه حتى يرضى، وزده بعد الرضى، واجعله أقرب خلقك مجلسا وأوجههم عندك جاها، وأوفرهم عندك نصيبا، وأجزلهم عندك حظا في كل خير أنت قاسمه بينهم.


 

[46]

اللهم وأورد عليه من ذريته وقرابته وأزواجه وامته ما تقربه عينه، واقرر أعيننا برؤيته، ولا تفرق بيننا وبينه، اللهم أعطه من الوسيلة والفضيلة والشرف والكرامة يوم القيامة ما يغبطه به الملائكة المقربون والنبيون والخلق أجمعون. اللهم بيض وجهه، وأعل كعبه، وأثبت حجته، وأجب دعوته، وأظهر عذره وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، وكرم زلفته، وأحسن عطيته، وتقبل شفاعته وأعطه سؤله، وشرف بنيانه، وعظم برهانه، وأتم نوره، وأوردنا حوضه، واسقنا بكاسه، وتقبل صلوات امته عليه، واقصص بنا أثره، واسلك بنا سبيله، واستعملنا بسنته، وتوفنا على ملته، وابعثنا على منهاجه، واجعلنا من شيعته ومواليه، وأوليائه وأحبائه، وأخيار امته، ومقدمي زمرته، وتحت لوائه. اللهم اجعلنا ندين بدينه، ونهتدي بهداه، ونقتصد بسنته، ونوالي وليه ونعادي عدوه، حتى توردنا بعد الممات مورده غير خزايا ولا نادمين، ولا ناكثين ولا مبدلين، اللهم أعط محمدا مع كل زلفة زلفة، ومع كل قربة قربة، ومع كل فضيلة فضيلة، ومع كل وسيلة وسيلة، ومع كل شفاعة شفاعة، ومع كل كرامة كرامة، ومع كل خير خيرا، ومع كل شرف شرفا، وشفعه في كل من يشفع له من امته ومن سواهم من الامم حتى لا تعطي ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا عبدا مصطفى إلا دون ما أنت معطيه يوم القيامة. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم وامنن على محمد وعلى آل محمد، كما مننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد وآل محمد كما سلمت على نوح في العالمين وعلى أزواجه وذريته وأهل بيته الطيبين الطاهرين، الهداة المهديين، غير الضالين ولا المضلين، اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أذهبت عنهم الرجس، وطهرتهم تطهيرا. اللهم صل على محمد وآل محمد في الاولين وصل على محمد وآل محمد في الآخرين


 

[47]

وصل على محمد وآل محمد في العالمين، وصل على محمد وآل محمد في الرفيق الاعلى وصل على محمد وآل محمد أبدا لآبدين، صلاة لا منتهى لها ولا أمد، آمين رب العالمين. 29. * (باب) * * (فضل الصلاة على النبي وآله صلى الله عليهم أجمعين) * * (واللعن على أعدائهم زائدا على ما في الباب السابق) * الايات: الاحزاب: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما * إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا (1). 1 - ثو (2) لى: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن فضالة، عن ابن عميرة، عن عبيدالله بن عبد الله، عمن سمع الباقر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، ومن أدرك والديه فلم يغفر له فأبعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر له فأبعده الله (3). أقول: تمامه في باب فضل شهر رمضان. 2 - ن (4) لى: الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه قال: قال الرضا عليه السلام: من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد وآله، فانها تهدم الذنوب هدما، وقال عليه السلام: الصلاة على

 

(1) الاحزاب ص 56 و 57. (2) ثواب الاعمال ص 61. (3) أمالى الصدوق ص 35. (4) عيون الاخبار ج 1 ص 294 و 163 في ط.

 

[48]

محمد وآله تعدل عند الله عزوجل التسبيح والتهليل والتكبير (1). 3 - لى: في خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله: بالشهادتين تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، فاكثروا من الصلاة على نبيكم وآله إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (2). 4 - لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: صلى الله على محمد وآله، قال الله جل جلاله: صلى الله عليك فليكثر من ذلك، ومن قال: صلى الله على محمد، ولم يصل على آله لم يجد ريح الجنة، وريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام (3). ما: الغضائري، عن الصدوق مثله (4). 5 - لى: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن اليقطيني عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن معاوية بن عمار قال: ذكرت عند أبي عبد الله عليه السلام بعض الانبياء فصليت عليه، فقال: إذا ذكر أحد من الانبياء فابدأ بالصلاة على محمد ثم عليه، صلى الله على محمد وآله وعلى جميع الانبياء (5). ما: الغضائري: عن الصدوق مثله (6). 6 - لى: محمد بن أحمد الليثي، عن عبد الله بن محمد البغوي، عن علي بن الجعد، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلي قال: لقيت كعب بن عجرة فقال:

 

(1) أمالى الصدوق ص 45. (2) أمالى الصدوق ص 193، وتراه في التوحيد ص 54. أيضا. (3) امالي الصدوق ص 228. (4) أمالى الطوسى ج 2 ص 37. (5) أمالى الصدوق ص 228. (6) أمالى الطوسى ج 2 ص 38.

 

[49]

ألا اهدي لك هدية ؟ إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج علنيا فقلنا: يا رسول الله قد علمتنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة عليك ؟ قال: قولوا: " اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " (1). ما: الغضائري، عن الصدوق مثله (2). 7 - لى: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير، عن أبي جميلة، عن محمد بن هارون، عن الصادق عليه السلام قال: إذا صلى أحدكم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله يسلك بصلاته غير سبيل الجنة، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله عزوجل (3). ثو: ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن أبي جميلة مثله (4). 8 - سن: محمد بن علي، عن أبي جميلة مثله وزاد فيه وقال صلى الله عليه وآله: من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ به طريق الجنة (5). 9 - ب: اليقطيني، عن ابن عبد الحميد، عن أحدهما عليهما السلام قال: أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمد وعلى أهل بيته (6). 10 - ب: ابن سعد، عن الازدي قال: قال بعض الاصحاب عند أبي عبد الله عليه السلام: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم، فقال: لا، ولكن كأفضل ما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (7).

 

(1) أمالى الصدوق ص 232. (2) أمالى الطوسى ج 2 ص 43. (3) أمالى الصدوق ص 346. (4) ثواب الاعمال ص 187. (5) المحاسن: 95. (6) قرب الاسناد ص 12. (7) قرب الاسناد ص 29.

 

[50]

11 - ل: أبي، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كانت عشية الخميس وليلة الجمعة نزلت ملائكة من السماء، معها أقلام الذهب، وصحف الفضة، لا يكتبون عشية الخميس وليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلا الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله (1). 12 - ل: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من عمل أفضل يوم الجمعة من الصلاة على محمد وآله (2). 13 - ل: في خبر الاعمش عن الصادق عليه السلام قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واجبة في كل المواطن، وعند العطاس، والرياح وغير ذلك (3). أقول: فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون، والذبائح مكان الرياح (4). 14 - ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: صلوا على محمد وآل محمد فان الله عزوجل يقبل دعاءكم عند ذكر محمد ودعائكم له، وحفظكم إياه صلى الله عليه وآله (5). وقال عليه السلام: اعطي السمع أربعة: النبي صلى الله عليه وآله، والجنة، والنار، وحور العين، فإذا فرغ العبد من صلاته فليصل على النبي وآله، ويسأل الله الجنة ويستجير بالله من النار، ويسأله أن يزوجه من الحور العين، فانه من صلى على النبي صلى الله عليه وآله رفعت دعوته، ومن سأل الله الجنة قالت الجنة: يا رب أعط عبدك ما سأل، عن ومن استجار من النار قالت النار: يا رب أجر عبدك مما استجارك، ومن سأل الحور العين قلن الحور: يا رب أعط عبدك ما سأل (6).

 

(1) الخصال ج 2 ص 31. (2) الخصال ج 2 ص 32. (3) الخصال ج 2 ص 153. (4) عيون الاخبار ج 2 ص 124. (5) الخصال ج 2 ص 157. (6) الخصال ج 2 ص 166.

 

[51]

15 - ع (1) ن: فيما سأل الخضر الحسن بن علي عليهما السلام: أخبرني عن الرجل كيف يذكر وينسى ؟ قال: إن قلب الرجل في حق، وعلى الحق طبق، فان صلى الرجل عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب، وذكر الرجل ما كان نسي، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد أو نقص من الصلاة عليهم، انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب، ونسي الرجل ما كان ذكره (2). 16 - ن: فيما احتج الرضا عليه السلام على علماء المخالفين بمحضر المأمون في تفضيل العترة الطاهرة قال: وأما الآية السابعة فقول الله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (3) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك ؟ فقال: تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف ؟ قالوا: لا، قال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الامة، فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن ؟.

 

(1) علل الشرائع ج 1 ص 91. (2) عيون الاخبار ج 1 ص 66 وتراه في الاحتجاج: 142، المحاسن: 332 غيبة النعماني 27، والحق: جمع حقة - بالضم فيهما - هي وعاء من خشب، وقد تسوى من عاج ومنه لعمرو بن كلثوم " وثديا مثل حق العاج رخصا " والطبق محركة: غطاء كل شئ قال قدس سره: ولا يبعد أن يكون الكلام مبنيا على الاستعارة والتمثيل فان الصلاة على محمد وآل محمد لما كانت سببا للقرب من المبدء واستعداد النفس لافاضة العلوم عليها، فكأن الشواغل النفسانية الموجبة للبعد عن الحق تعالى طبق عليها فتصير الصلاة سببا لكشفه وتنور القلب واستعداده لفيض الحق اما بافاضة الصورة ثانية أو باسترادها من الخزانة، راجع ج 61 ص 38. (3) الاحزاب ص 56.

 

[52]

قال أبو الحسن عليه السلام: نعم أخبروني عن قول الله عزوجل: " يس والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم " فمن عنى بقوله: يس ؟ قالت العلماء: يس محمد صلى الله عليه وآله لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن عليه السلام: فان الله عزوجل أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله عزوجل لم يسلم على أحد إلا على الانبياء صلوات الله عليهم، فقال تبارك وتعالى: " سلام على نوح في العالمين " وقال: " سلام على إبراهيم " وقال: " سلام على موسى وهرون " (1) ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل: سلام على آل إبراهيم ولا قال: سلام على آل موسى وهارون، وقال عزوجل: " سلام على آل يس " (2) يعني آل محمد عليهم السلام (3). 17 - أقول: سيأتي في خطبة النبي صلى الله عليه وآله في فضل شهر رمضان: من أكثر فيه من الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين. 18 - ع (4) ن: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن ابن خالد قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك كيف صار مهر النساء خمسمائة درهم: اثنتي عشرة أوقية ونش ؟ قال: إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويسبحه مائة تسبيحة، ويحمده مائة تحميدة ويهلله مائة مرة، ويصلي على محمد وآله مائة مرة، ثم يقول: اللهم زوجني من الحور العين إلا زوجه الله عزوجل فمن ثم جعل مهر النساء خمسمائة درهم، وأيما مؤمن خطب إلى أخيه حرمة، وبذل له خمسمائة درهم فلم يزوجه فقد عقه واستحق من الله عزوجل أن لا يزوجه حوراء (5).

 

(1) الصافات: 79 و 109 و 120 على الترتيب. (2) الصافات: 130. (3) عيون الاخبار ج 1 ص 236 وقدأ خرج مثل الحديث في ج 92 ص 384 وقى ذيله كلام منا لا بأس بمراجعته. (4) علل الشرائع ج 2 ص 186. (5) عيون الاخبار ج 2 ص 84.

 

[53]

19 - ما: المفيد، عن عمر بن محمد الصيرفي، عن الحسين بن إسماعيل الضبي عن عبد الله بن شبيب، عن هارون بن يحيى، عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، عن زكريا بن إسماعيل من ولد زيد بن ثابت، عن أبيه، عن عمه سلمان بن زيد بن ثابت، عن زيد بن ثابت قال: خرجنا جماعة من الصحابة في غزاة من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقفنا في مجمع طرق فطلع أعرابي بخطام بعير حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: وعليك السلام قال: كيف اصبحت بأبي أنت وامي يا رسول الله ؟ قال له: أحمد الله إليك كيف أصبحت ؟ قال: وكان وراء البعير الذي يقوده الاعرابي رجل فقال: يا رسول الله إن هذا الاعرابي سرق البعير فرغا البعير ساعة وأنصت له رسول الله صلى الله عليه وآله يسمع رغاءه. قال: ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الرجل فقال: انصرف عنه، فان البعير يشهد عليك أنك كاذب، قال: فانصرف الرجل، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الاعرابي فقال: أي شئ قلت حين جئتني ؟ قال: قلت: اللهم صل على محمد حتى لا يبقى صلاة اللهم بارك على محمد حتى لا يبقى بركة، اللهم سلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم ارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أقول مالي أرى البعير ينطق بعذره، وأرى الملائكة قد سدوا الافق ؟ (1). 20 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن عبيد بن حمدون، عن محمد بن حسان بن سهيل، عن عامر بن الفضل، عن بشر بن سالم ومحمد بن عمران الذهلي عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة (2). 21 - ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبان عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، فان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله مقبولة، ولم يكن الله ليقبل

 

(1) أمالى الطوسى ج 1 ص 127. (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 144.

 

[54]

بعضا ويرد بعضا (1). 22 - ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن اسيد بن زيد، عن محمد بن مروان، عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلاتكم علي إجابة لدعائكم وزكاة لاعمالكم (2). 23 - ع: أحمد بن محمد السناني، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي الحسن العسكري عليه السلام قال: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (3). 24 - ع: أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس، عن عبد الحميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ذكر الله كتبت له عشر حسنات، ومن ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله كتبت له عشر حسنات، لان الله عزوجل قرن رسوله بنفسه (4). 25 - مع: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري، عن محمد بن جعفر المقري عن محمد بن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عياش بن يزيد بن الحسن عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عليهما السلام قال: من صلى على النبي صلى الله عليه وآله فمعناه أني أنا على الميثاق والوفاء الذي قبلت حين قوله: " ألست بربكم قالوا بلى " (5). 26 - مع: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، عن علي بن الحسين بن بندار، عن محمد بن الحجاج المقري، عن أحمد بن العلاء بن هلال، عن أبي زكريا، عن سليمان بن بلال، عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عليهم السلام

 

(1) امالي الطوسى ج 1 ص 175. (2) أمالى الطوسى ج 1 ص 219. (3) علل الشرايع ج 1 ص 33. (4) علل الشرايع ج 2 ص 266. (5) معاني الاخبار ص 116.

 

[55]

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: البخيل حقا من ذكرت عنده فلم يصل علي (1). 27 - مع: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن المعلى، عن محمد بن جمهور عن أحمد بن حفص البزاز، عن أبيه، عن ابن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فقال: الصلاة من الله عزوجل رحمة ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء، وأما قوله عزوجل " وسلموا تسليما " فانه يعني التسليم له فيما ورد عنه. قال: فقلت له: فكيف نصلي على محمد وآله ؟ قال: تقولون: " صلوات وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته " قال: فقلت: فما ثواب من صلى على النبي وآله بهذه الصلاة ؟ قال: الخروج من الذنوب والله كهيئة يوم ولدته امه (2). 28 - يد: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فان بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله وأربعة أشهر الدعاء لوالديه (3).

 

(1) معاني الاخبار ص 246. (2) معاني الاخبار ص 368. (3) التوحيد ص 242، وقيل في وجهه: السرفيه أن الطفل أربعة أشهر لا يعرف سوى الله عزوجل الذي فطر على معرفته وتوحيده فبكاؤه توسل إليه والتجاء به سبحانه خاصة دون غيره، فهو شهادة له بالتوحيد، وأربعة اخرى يعرف امه من حيث انها وسيلة لاغتذائه فقط، لا من حيث انها امه، ولهذا يأخذ اللبن من غيرها أيضا في هذه المدة غالبا فلا يعرف فيها بعد الله الامن كان وسيلة بين الله وبينه في ارتزاقه الذى هو مكلف به تكليفا طبيعيا من حيث كونها وسيلة لا غير، وهذا معنى الرسالة فبكاؤه في هذه المدة شهادة بالرسالة، وأربعة اخرى يعرف أبويه وكونه محتاجا اليهما في الرزق، فبكاؤه فيها دعاء لهما بالسلامة والبقاء في الحقيقة.

 

[56]

29 - لى: ابن شاذويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى علي ولم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام (1). 30 لى: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعلي عليه السلام: الا ابشرك ؟ فقال: بلى بأبي أنت وامي فإنك لم تزل مبشرا بكل خير، فقال: أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب، فقال له علي عليه السلام: وما الذي أخبرك يا رسول الله. فقال: أخبرني أن الرجل من امتي إذا صلى علي وأتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وإن كان مذنبا خطاء ثم تتحات عنه الذنوب كما يتحات الورق من الشجر، ويقول الله تبارك وتعالى: لبيك يا عبدي وسعديك، ويقول الله لملائكته: يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا اصلي عليه سبعمائة صلاة، وإذا صلى علي ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجابا، ويقول جل جلاله: لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا ان يلحق بنبيي عترته، فلا يزال محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي (2). ثو: أبي، عن علي، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن عبد الله عن عبد الله بن سنان مثله (3). جم: حدثني جماعة بإسنادهم إلى الصفار، عن إبراهيم بن هاشم مثله. 31 - ثو: العطار، عن أبيه، عن الاشعري، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا عند

 

(1) أمالى الصدوق ص 120. (2) أمالى الصدوق ص 345. (3) ثواب الاعمال ص 142.

 

[57]

الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيأته على حسناته جئت بالصلاة علي حتى اثقل بها حسناته (1). 32 - ثو: أبي، عن سعد، عن سلمة بن الخطاب، عن إسماعيل بن جعفر عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله فأكثروا الصلاة عليه فانه من صلى على النبي صلاة واحدة، صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ مما خلق الله إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه، وصلاة ملائكته، ولا يرغب عن هذا إلا جاهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله (2). جمال الاسبوع: باسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة مثله. 33 - ثو: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن محمد بن حسان عن جعفر بن عيسى، عن رشيد بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن أبي إسحاق عن عباس، عن عاصم بن ضمرة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله أمحق للخطايا من الماء للنار، والسلام على النبي عليه السلام أفضل من عتق رقاب، وحب رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من مهج الانفس أو قال: ضرب السيوف في سبيل الله (3). 34 - ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محسن بن أحمد، عن أبان الاحمر عن عبد السلام بن نعيم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني دخلت البيت فلم يحضرني شئ من الدعاء إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، فقال عليه السلام: لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت (4). 35 - ثو: أبي، عن سعد، عن البرقى، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن عبد الكريم الخزاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور قال: قال

 

(1) ثواب الاعمال ص 140. (32) ثواب الاعمال: 139. (4) ثواب الاعمال: 140. (*)

 

[58]

أمير المؤمنين عليه السلام: كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وآله (1). 36 - ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ألا اعلمك شيئا يقي الله به وجهك من حر جهنم ؟ قال: قلت: بلى، قال: قل بعد الفجر: اللهم صل على محمد وآل محمد مائة مرة يقي الله به وجهك من حر جهنم (2). 37 - ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن أبي عمير، عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وجدت في بعض الكتب: من صلى على محمد وآل محمد كتب الله له مائة حسنة، ومن قال: صلى الله على محمد وأهل بيته كتب الله له ألف حسنة (3). 38 - ثو: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن أبي المغيرة قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: من قال في دبر صلاة الصبح وصلاة المغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلم أحدا " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، اللهم صل على محمد وذريته " قضى الله له مائة حاجة سبعين في الدنيا، وثلاثين في الآخرة، قال: قلت له: ما معنى صلاة الله وصلاة ملائكته وصلاة المؤمنين ؟ قال: صلاة الله رحمة من الله، وصلاة ملائكته تزكية منهم له، وصلاة المؤمنين دعاء منهم له. ومن سر آل محمد في الصلاة على النبي وآله " اللهم صل على محمد وآل محمد في الاولين، وصل على محمد وآل محمد في الآخرين، وصل على محمد وآل محمد في الملاء الاعلى، وصل على محمد وآل محمد في المرسلين، اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة، اللهم إني آمنت بمحمد ولم أره، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته، وارزقني صحبته، وتوفني على ملته، واسقني من

 

(21) ثواب الاعمال ص 140. (3) ثواب الاعمال ص 141.

 

[59]

حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا إنك على كل شئ قدير، اللهم كما آمنت بمحمد ولم أره، فعرفني في الجنان وجهه، اللهم بلغ روح محمد عني تحية كثيرة وسلاما. فان من صلى على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الصلوات هدمت ذنوبه، ومحيت خطاياه ودام سروره، واستجيب دعاؤه، واعطي أمله، وبسط له في رزقه، واعين على عدوه، وهي له سبب أنواع الخير، ويجعل من رفقاء نبيه في الجنان الاعلى. يقولهن ثلاث مرات غدوة وثلاث مرات عشية (1). 39 - ثو: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق، عن عمار قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال رجل: اللهم صل على محمد وأهل بيت محمد فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا هذا لقد ضيقت علينا أما علمت أن أهل البيت خمسة أصحاب الكساء ؟ فقال الرجل: كيف أقول ؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وآل محمد، فنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه (2). أقول: أوردنا بعض الاخبار في باب عمل ليلة الجمعة ويومها من كتاب الصلاة (3). 40 - ثو: ابن المتوكل، عن محمد بن جعفر، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في يوم مائة مرة: رب صل على محمد وأهل بيته، قضى الله له مائة حاجة، ثلاثون منها للدنيا وسبعون للآخرة (4). 41 - ثو: بهذا الاسناد عن الحسين بن يزيد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ارفعوا أصواتكم بالصلاة علي فانها تذهب

 

(1) ثواب الاعمال: 141 و 142. (2) ثواب الاعمال: 143. (3) ومنها في ثواب الاعمال الصفحة المذكورة. (4) ثواب الاعمال ص 144.

 

[60]

بالنفاق (1). 42 - ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن مرازم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن رجلا أتى النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله إني جعلت ثلاث صلاتي لك، فقال له خيرا، فقال: يا رسول الله إني جعلت نصف صلاتي لك، فقال: ذلك أفضل، قال: يا رسول الله إني قد جعلت كل صلاتي لك، قال: إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك. فقال له رجل: أصلحك الله كيف يجعل صلاته له ؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يسأل الله شيئا إلا بدأ بالصلاة على محمد وآل محمد (2). 43 - ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن الحسن بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة قضى الله له ستين حاجة منها للدنيا ثلاثون حاجة وثلاثون للآخرة (3). 44 - ثو: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ به طريق الجنة (4). 45 - سن: أبي، عن محمد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فقال: اثنوا عليه وسلموا له (5). 46 - سن: أبي، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " قال: الصلاة عليه، والتسليم له في

 

(1) ثواب الاعمال ص 144. (2) ثواب الاعمال ص 142. (3) ثواب الاعمال ص 141. (4) ثواب الاعمال ص 187. (5) المحاسن: 328: والاية في الاحزاب: 56.

 

[61]

كل شئ جاء به (1). 47 - شا: إبراهيم بن محمد بن داود الجعفري، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن البخيل كل البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصل علي صلى الله عليه وآله (2). 48 - م: قال عزوجل: " وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبنائكم ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم " (3) قال الامام عليه السلام: قال الله تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل " إذ أنجيناكم " أنجينا أسلافكم " من آل فرعون " وهم الذين كانوا يوالون لليه بقرابته وبدينه وبمذهبه " يسومونكم " كانوا يعذبونكم " سوء العذاب " شدة العقاب كانوا يحملونه عليكم. قال: وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء على الطين ويخاف أن يهربوا عن العلم، فأمر بتقييدهم، وكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح، فربمما سقط الواحد منهم فمات، أو زمن لا يحفلون بهم إلى أن أوحى الله إلى موسى: قل لهم لا يبتدؤن عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم، فكانوا يفعلون ذلك، فيخف عليهم، وأمر كل من سقط فزمن ممن نسي الصلاة على محمد وآله الطيبين أن يقولها على نفسه إن أمكنه أي الصلاة على محمد وآله، أو يقال عليه إن لم يمكنه، فانه يقوم ولا يقلبه يد (4) ففعلوها فسلموا. " يذبحون أبناءكم " وذلك لما قيل لفرعون أنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك، وزوال ملكك فأمر بذبح أبنائهم فكانت الواحدة منهن تصانع القوابل عن نفسها كيلا تنم عليها، وتنم حملها، ثم تلقي ولدها في صحراء أو غار جبل أو مكان غامض وتقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد وآله، فيقيض الله له ملكا يربيه ويدر من أصبع له لبنا يمصه ومن أصبع طعاما لينا يتغداه إلى أن نشأ بنو إسرائيل، وكان

 

(1) المحاسن ص 271. (2) الارشاد ص 285 في ط. (2) البقرة: 49. (4) فانه يقوم لا يضره ذلك، خ.

 

[62]

من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل. " ويستحيون نساءكم " يبقونهن ويتخذونهن إماء، فضجوا إلى موسى عليه السلام وقالوا: يفترشون بناتنا وأخواتنا فأمر الله تلك البنات كلما رابهن من ذلك ريب صلين على محمد وآله الطيبين، فكان الله يرد عنهم اولئك الرجال، إما بشغل أو مرض أو زمانة أو لطف من ألطافة، فلم يفترش منهن امرأة، بل دفع الله عزوجل ذلك عنهن بصلاتهم على محمد وآله الطيبين. ثم قال عزوجل: " وفي ذلكم " في ذلك الانجاء الذي أنجاكم منهم ربكم " بلاء " نعمة " من ربكم عظيم " كبير قال الله عزوجل يا بني إسرائيل اذكروا إذا كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة على محمد وآله الطيبين أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموه وآمنتم به كانت النعمة عليكم أفضل، وفضل الله عليكم أجزل ؟ (1). 49 - م: إن أشرف أعمال المؤمنين في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين صلى الله عليهم، واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لاعدائهم المجاهرين المنافقين (2). 50 - م: قوله عزوجل " والصابرون في البأساء " (3) يعني محاربة الاعداء ولا عدو يحاربه أعدى من إبليس ومردته، يهتف به ويدفعه بالصلاة على محمد وآل محمد الطيبين صلى الله عليهم أجمعين والضراء الفقر والشدة، ولا فقر أشد من فقر مؤمن يلجأ إلى التكفف من أعداء آل محمد يصبر على ذلك، ويرى ما يأخذه من مالهم مغنما يلعنهم به ويستعين بما يأخذه على تجديد ذكر ولاية الطيبين الطاهرين " وحين البأس " عند شدة القتال يذكر الله ويصلي على محمد رسول الله، وعلى علي

 

(1) تفسير الامام: 116 و 117. (2) تفسير الامام ص 271. (3) البقرة: 177.

 

[63]

ولي الله، ويوالي بقلبه ولسانه أولياء الله، ويعادي كذلك أعداء الله (1). 51 - كشف: من كتاب الحافظ عبد العزيز، عن جعفر بن ممد عليهما السلام عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: جزى الله عنا محمدا ما هو أهله أتعب سبعين كاتبا ألف صباح (2). 52 - جع: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا ومن صلى علي عشرا صلى الله عليه مائة مرة، ومن صلى علي مائة مرة صلى الله عليه ألف مرة، ومن صلى علي ألف مرة لا يعذبه الله في النار أبدا. وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صلى علي مرة فتح الله عليه بابا من العافية. وقال عليه السلام: من صلى علي مرة، لم يبق من ذنوبه ذرة. وروي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة في دار الدنيا. وقال النبي صلى الله عليه وآله في الوصية: يا علي من صلى علي كل يوم أو كل ليلة وجبت له شفاعتي، ولو كان من أهل الكبائر. عن الرضا عليه السلام من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه، فليكثر من الصلاة على محمد وآله، فانها تهدم الذنوب هدما. عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من ذكرني فلم يصل علي فقد شقي، ومن أدرك رمضان فلم تصبه الرحمة فقد شقي، ومن أدرك أبواه أو أحدهما فلم يبر فقد شقي (3). وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صلى علي مرة لا يبقى عليه من المعصية ذرة. عن أبي بصير قال: قال الصادق عليه السلام: من صلى على النبي وآله مائة مرة في كل يوم أسداها سبعون ملكا يبلغها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قبل صاحبه.

 

(1) تفسير الامام ص 273. (2) كشف الغمة ج 2 ص 381. (3) جامع الاخبار ص 69.

 

[64]

وقال النبي صلى الله عليه وآله: من قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، أعطاه الله أجر اثنين وسبعين شهيدا، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته امه. وقال صلى الله عليه وآله: ما من أحد صلى علي مرة وأسمع حافظيه إلا أن لا يكتبا ذنبه ثلاثة أيام. وقال صلى الله عليه وآله: من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة غفر الله له خطيئته ثمانين سنة. وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صلى علي مرة خلق الله تعالى يوم القيامة على رأسه نورا، وعلى يمينه نورا، وعلى شماله نورا، وعلى فوقه نورا، وعلى تحته نورا، و في جميع أعضائه نورا. وقال صلى الله عليه وآله: لن يلج النار من صلى علي. وقال عليه السلام: الصلاة علي نور الصراط، ومن كان له على الصراط من النور لم يكن من أهل النار. وفي رواية عن عبد الرحمن بن عوف أنه صلى الله عليه وآله قال: جاءني جبرئيل وقال: إنه لا يصلي عليك أحد إلا ويصلي عليه سبعون ألف ملك، ومن صلى عليه سبعون ألف ملك كان من أهل الجنة (1). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلاتكم علي جواز دعائكم، ومرضات لربكم وزكاة لاعمالكم. روي عن النبي صلى الله عليه وآله: ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتى يصلى على محمد وآل محمد، وإذا فعل ذلك انخرق الحجاب، فدخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك لم يرفع الدعاء. وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صلى علي صلاة صلى الله تعالى بها عليه عشر صلوات، ومحا عنه عشر سيئات، وأثبت له بها عشر حسنات، واستبق ملكاه الموكلان به أيهما يبلغ روحي منه السلام (2).

 

(1) جامع الاخبار ص 70. (2) المصدر ص 71.

 

[65]

وقال صلى الله عليه وآله: أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة، فانه يوم يضاعف فيه الاعمال، واسألوا الله لي الدرجة الوسيلة من الجنة، قيل: يا رسول الله وما الدرجة الوسيلة من الجنة ؟ قال: هي أعلى درجة من الجنة، لا ينالها إلا نبي أرجو أن أكون أنا. زاد ابن أبي شيبة في حديثه روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لقيني جبرئيل عليه السلام فبشرني قال: إن الله عزوجل يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لذلك. عن علي عليه السلام قال: الصلاة على النبي وآله أمحق للخطايا من الماء للنار والسلام على النبي وآله أفضل من عتق رقبات، وحب رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من مهج الانفس، أو قال: ضرب السيوف في سبيل الله (1). عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ذكرتم النبي صلى الله عليه وآله فأكثروا الصلاة عليه فانه من صلى على النبي صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق شئ مما خلق الله إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله وصلاة ملائكته، فمن لا يرغب في هذا ؟ إلا جاهل مغرور، قد برئ الله منه ورسوله. عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا عند الميزان يوم القيامة، فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة علي حتى اثقل بها حسناته. عن الحارث الاعور قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وآله. عن الصباح بن السيابة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الا اعلمك شيئا يقي الله به وجهك من حر جهنم ؟ قال: قلت: بلى، قال: قل بعد الفجر: اللهم صل على محمد وآل محمد، مائة مرة، يقي الله به وجهك من حر جهنم. عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وجدت في بعض الكتب: من صلى على محمد وأهل بيته كتب الله له ألف حسنة.

 

(1) جامع الاخبار ص 71.

 

[66]

عن أبي الحسن عليه السلام [قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى علي يوم الجمعة مائة صلاة قضى الله له ستين حاجة منها للدنيا ثلاثون وثلاثون للآخرة (1). وعن أبي عبد الله عليه السلام سئل] عن أفضل الاعمال يوم الجمعة فقال: الصلاة على محمد وآل محمد مائة مرة بعد العصر، وما زدت فهو أفضل (2). 53 - نص: بالاسناد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تزال الدعاء محجوبا حتى يصلى علي وعلى أهل بيتي (3). 54 - جم: جماعة من أصحابنا، عن محمد بن أحمد بن محمد بن سنان، عن أبيه، عن جده محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابنا فقال لنا ابتداء: كيف تصلون على النبي صلى الله عليه وآله ؟ فقلنا: نقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، فقال: كأنكم تأمرون الله عزوجل أن يصلي عليهم، فقلنا: فكيف نقول ؟ قال: تقولون: اللهم سامك المسموكات، وداحي المدحوات وخالق الارض والسماوات أخذت علينا عهدك، واعترفنا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، وأقررنا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فسمعنا وأطعنا، وأمرتنا بالصلاة عليهم فعلمنا أن ذلك حق فاتبعناه اللهم إني اشهدك واشهد محمدا وعليا والثمانية حملة العرش، والاربعة الاملاك خزنة علمك أن فرض صلاتي لوجهك، ونوافلي وزكواتي وما طاب لي من قول وعمل عندك فعلى محمد وآل محمد، وأسئلك اللهم أن توصلنيهم وتقربني بهم لديك، كما أمرتني بالصلاة عليه، واشهدك أني مسلم له ولاهل بيته عليهم السلام غير مستنكف ولا مستكبر فزكنا بصلواتك وصلوات ملائكتك إنه في وعدك وقولك " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور، وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا عظيما " (4) فأزلفنا بتحيتك وسلامك، وامنن علينا بأجر

 

(1) جامع الاخبار ص 72. (2) جامع الاخبار ص 74. (3) كفاية الاثر في النص على الائمة الاثنى عشر ص 293. (4) الاحزاب: 43 - 44.

 

[67]

كريم من رحمتك، واخصصنا من محمد بأفضل صلواتك، وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم، وزكنا بصلواته وصلوات أهل بيته واجعل ما آتيتنا من علمهم ومعرفتهم مستقرا عندك مشفوعا لا مستودعا يا أرحم الراحمين (1). 55 - جم: جماعة باسنادهم إلى الصفار، عن ابن يزيد واليقطيني معا، عن زياد بن مروان، عن حريز قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ؟ فقال: قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قال: فقلت في نفسي: اللهم صل على محمد وأهل بيته، فقال لي: ليس هكذا قلت لك، قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته قال: فقلت: اللهم صل على محمد وأهل بيته (2) فقال لي: إنك لحافظ يا حريز فقل كما أقول لك: اللهم صل على محمد وأهل بيته، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا. قال: فقلت كما قال، فقال لي: قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين ألهمتهم علمك، واستحفظتهم كتابك، واسترعيتهم عبادك اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين أمرت بطاعتهم وأوجبت حبهم ومودتهم اللهم صل على محمد وأهل بيته الذين جعلتهم ولاة أمرك بعد نبيك صلى الله عليه وعلى أهل بيته (3). 56 - جم: جماعة باسنادهم إلى الصفار، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن رجل، عن منصور بزرج، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: يا رب صل على محمد وعلى أهل بيته غفر الله له البتة، فقلت له: البتة ؟ فقال: كذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله. (4). وبالاسناد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم والبرفي والحسين بن علي بن

 

(1) جمال الاسبوع ص 238 - 240. (2) كانه عليه السلام يستفتح عليه ليصلى الصلاة إلى آخرها، لكنه لا يتنبه ويصلى صدر الصلاة. (3 و 4) الاسبوع ص 240 و 241.

 

[68]

عبد الله جميعا، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلاتكم علي مجوزة لدعائكم، ومرضاة لربكم وزكاة لاعمالكم. وبهذا الاسناد، عن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: إذا دعا أحدكم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله رفرف الدعاء على رأسه، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله رفع الدعاء. وبالاسناد إلى الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن بشير الدهان عن عبد الملك بن عتبة، عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا دعا أحدكم فليبدء بالصلاة على محمد ويقول: افعل بي كذا وكذا، فان العبد إذا قال: اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته، استجاب له، فإذا قال: افعل بي كذا وكذا، كان أجود من أن يرد بعضا ويستجيب بعضا. وبالاسناد، عن ابن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وكل الله بقبر النبي صلى الله عليه وآله ملكا يقال له: ظهليل إذا صلى عليه أحدكم وسلم عليه قال له: يا رسول الله فلان سلم عليك، وصلى عليك، قال: فيرد النبي صلى الله عليه بالسلام. ومما رويناه عن محمد بن علي بن محبوب من كتابه بخط جدي أبي جعفر الطوسي، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن العامري، عن محمد الجعفري، عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله أعطا ملكا من الملائكة أسماء الخلائق كلهم، وأسماء آبائهم، فهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة، فليس أحد يصلي علي صلاة إلا قال: يا محمد صلى عليك فلان بن فلان بكذا وكذا، وإن ربي كفل لي أن يصلي على ذلك العبد بكل واحدة عشرا (1). 57 - عو: روي أنه صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي كيف هو ؟ فقال صلى الله عليه وآله: هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني ما أخبرتكم، إن الله تعالى وكل بي ملكين فلا اذكر

 

(1) جمال الاسبوع ص 241 - 244.

 

[69]

عند مسلم فيصلي علي إلا قال له ذلك الملكان: غفر الله لك، وقال الله وملائكته: آمين، ولا اذكر عند مسلم فلا يصلي علي إلا قال له الملكان: لا غفر الله لك وقال الله وملائكته: آمين. 58 - ختص: الصدوق، عن ابن المتوكل، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران، عن عمه الحسين بن زيد، عن علي بن سالم عن أبيه، عن سالم بن دينار، عن ابن طريف، عن ابن نباته قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذكر الله عزوجل عبادة، وذكري عبادة، وذكر علي عبادة، وذكر الائمة من ولده عبادة، الخبر (1). 59 - ارشاد القلوب: عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في جواب اليهودي الذي سأله عن فضل النبي صلى الله عليه وآله على سائر الانبياء عليهم السلام، فذكر اليهودي أن الله أسجد ملائكته لآدم عليه السلام فقال عليه السلام: وقد أعطى الله محمدا صلى الله عليه وآله أفضل من ذلك، وهو أن الله صلى عليه وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وتعبد جميع خلقه بالصلاة عليه إلى يوم القيامة، فقال جل ثناؤه " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فلا يصل عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلا صلى الله عليه بذلك عشرا، وأعطاه من الحسنات عشرا بكل صلاة صلى عليه، ولا يصل عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك، ويرد على المصلي السلام مثل ذلك، لان الله جل وعز جعل دعاء امته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه موقوفا عن الاجابة حتى يصلوا عليه صلى الله عليه وآله، فهذا أكبر وأعظم مما أعطى الله آدم عليه السلام. ثم ذكر عليه السلام في بيان ما فضل الله به امته صلى الله عليه وآله: ومنها أن الله جعل لمن صلى على نبيه عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد الله سبحانه عليه مثل صلاته على النبي صلى الله عليه وآله (2). 60 - نوادر الراوندي: باسناده عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال:

 

(1) الاختصاص ص 224. (2) ارشاد القلوب ص 219 و 223.

 

[70]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى على محمد وآل محمد مائة مرة قضى الله له مائة حاجة. 61 - ما: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر، عن بشر بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد، فأعطاه الله فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة ليس أحد من المؤمنين يقول " صلى الله على محمد وآله وسلم " إلا قال الملك " وعليك السلام " ثم يقول الملك: يا رسول الله إن فلانا يقرئك السلام، فيقول رسول الله: وعليه السلام (1). 62 - بيان التنزيل: لابن شهر آشوب: عن سليمان بن خالد الاقطع قال: قلت للصادق عليه السلام: أيجوز أن يصلى على المؤمنين ؟ قال: إي والله، يصلى عليهم فقد صلى الله عليهم، أما سمعت قول الله " هو الذي يصلي عليكم " (2) الآية. 63 - دعوات الراوندي: عن الصادق عليه السلام: من صلى على النبي وآله مرة واحدة بنية وإخلاص من قلبه، قضى الله له مائة حاجة، منها ثلاثون للدنيا وسبعون للآخرة. وقال النبي صلى الله عليه وآله: من صلى علي كل يوم ثلاث مرات، وفي كل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا إلي، كان حقا على الله عزوجل أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة، وذلك اليوم. وعن ابن عباس قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله: رأيت في ما يرى النائم عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن أبي طالب وبين يديهما طبق من نبق فأكلا ساعة، فتحول النبق عنبا فأكلا ساعة، فتحول العنب لهما رطبا فأكلا ساعة، فدنوت منهما، وقلت: بأبي أنتما أي الاعمال وجدتما أفضل ؟ قالا: فديناك بالآباء والامهات وجدنا أفضل الاعمال الصلاة عليك، وسقي الماء، وحب علي بن أبي طالب. وقال النبي صلى الله عليه وآله: أكثروا الصلاة علي، فان الصلاة علي نور في القبر

 

(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 290. (2) الاحزاب: 43.

 

[71]

ونور على الصراط، ونور في الجنة. 64 - عدة الداعي: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أجفى الناس رجل ذكرت بين يديه فلم يصل علي (1). 65 - منية المريد: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب. 66 - جمال الاسبوع: حدث أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (2) فقال: صلاة الله تزكية له في السماء، قلت: ما معنى تزكية الله إياه ؟ قال: زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا، قلت: فصلاة المؤمنين ؟ قال: يبرؤنه ويعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم، فمن عرفه ووصفه بغير ذلك، فما صلى عليه. قلت: فكيف نقول نحن إذا صلينا عليهم ؟ قال: تقولون: اللهم إنا نصلي على محمد نبيك وعلى آل محمد كما أمرتنا به، وكما صليت أنت عليه، فكذلك صلاتنا عليه (3). ومنه: بالاسناد إلى الشيخ، بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن أبي محمد الانصاري، عن يحيى بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال صلى الله على محمد النبي، قال الله تبارك وتعالى: صلى الله عليك، فليكثر أو ليقل. ومنه: بهذا الاسناد عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال له رجل: جعلت فداك أخبرني عن قول الله تبارك

 

(1) عدة الداعي ص 25. (2) الاحزاب: 60. (3) جمال الاسبوع ص 234.

 

[72]

وتعالى وما وصف من الملائكة " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " (1) ثم قال: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " كيف لا يفترون، وهم يصلون على النبي صلى الله عليه وآله ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما خلق محمدا صلى الله عليه وآله أمر الملائكة فقال: انقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمد، فقول الرجل صلى الله على محمد في الصلاة، مثل قوله سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (2). 67 - كتاب الامامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الاشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له.

 

(1) الانبياء: 20. (2) جمال الاسبوع ص 235 - 236.

 

[73]

30. " باب " * (الصلوات الكبيرة المروية مفصلا على الائمة) * * (صلوات الله عليهم أجمعين) * 1 - جم: جماعة بإسنادهم إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله، عن جماعة من أصحابنا، عن أبي المفضل الشيباني قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد العابد بالدالية لفظا قلت أنا: الدالية موضع بالقرب من سنجار، ووجدت في رواية اخرى بهذه الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وهذا لفظ إسنادها: عن محمد بن وهبان الهيناني عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن باتين بن محمد بن عجلان اليمني الشيخ الصالح لفظا. أقول: ثم اتفقت الروايتان بعد ذلك كما سيأتي ذكره، وإن اختلف فيهما شئ ذكرناه على حاشية الكتاب قال أبو محمد عبد الله بن محمد العابد المقدم ذكره: سألت مولاي أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام في مسير له بسر من رأى سنة خمس وخمسين ومائتين أن يملي علي الصلاة على النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام وأحضرت معي قرطاسا كبيرا فأملى علي لفظا من غير كتاب، قال: اكتب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله: اللهم صل على محمد كما حمل وحيك، وبلغ رسالاتك، وصل على محمد كما أحل حلالك وحرم حرامك، وعلم كتابك، وصل على محمد كما أقام الصلاة، وأدى الزكاة، ودعا إلى دينك، وصل على محمد كما صدق بوعدك، وأشفق من وعيدك، وصل على محمد كما غفرت به الذنوب، وسترت به العيوب، وفرجت به الكروب، وصل على محمد كما دفعت به الشقاء، وكشفت به العماء، وأجبت به الدعاء، ونجيت به من البلاء، وصل على محمد كما رحمت به العباد، وأحييت به البلاد، وقصمت به الجبابرة، وأهلكت به الفراعنة، وصل على محمد كما أضعفت


 

[74]

به الاموال، وحذرت به من الاهوال، وكسرت به الاصنام، ورحمت به الانام وصل على محمد كما بعثته بخير الاديان، وأعززت به الايمان، وتبرت به الاوثان، وعصمت به البيت الحرام، وصل على محمد وأهل بيته الطاهرين الاخيار وسلم تسليما. الصلاة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أخي نبيك ووليه ووصيه ووزيره، ومستودع علمه، وموضع سره، وباب حكمته، والناطق بحجته والداعي إلى شريعته، وخليفته في امته، ومفرج الكروب عن وجهه، وقاصم الكفرة، ومرغم الفجرة، الذي جعلته من نبيك بمنزلة هارون من موسى، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، والعن من نصب له من الاولين والآخرين، وصل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوصياء أنبيائك يا رب العالمين. الصلاة على السيدة فاطمة عليها السلام: اللهم صل على الصديقة فاطمة الزهراء الزكية، حبيبة نبيك، وام أحبائك وأصفيائك، التي انتجبتها وفضلتها، واخترتها على نساء العالمين، اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها، واستخف بحقها، اللهم وكن الثائر لها [اللهم] بدم أولادها، اللهم وكما جعلتها ام أئمة الهدى، وحليلة صاحب اللواء الكريمة عند الملاء الاعلى، فصل عليها وعلى امها خديجة الكبرى، صلاة تكرم بها وجه محمد صلى الله عليه وآله وتقربها أعين ذريتها وأبلغهم عني في هذه الساعة أفضل التحية والسلام. الصلاة على الحسن والحسين عليهما السلام: اللهم صل على الحسن والحسين عبديك وولييك وابني رسولك، وسبطي الرحمة، وسيدي شباب أهل الجنة، أفضل ما صليت على أحد من أولاد النبيين والمرسلين، اللهم صل على الحسن ابن سيد النبيين ووصي أمير المؤمنين السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يابن سيد الوصيين، أشهد أنك يا ابن


 

[75]

أمير المؤمنين، أمين الله وابن أمينه، عشت رشيدا مظلوما، ومضيت شهيدا، وأشهد أنك الامام الزكي الهادي المهدي، اللهم صل عليه، وبلغ روحه وجسده عني في هذه الساعة أفضل التحية والسلام. اللهم صل على الحسين بن علي المظلوم الشهيد، قتيل الكفرة، وطريح الفجرة، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، أشهد موقنا أنك أمين الله وابن أمينه، قتلت مظلوما، ومضيت شهيدا، وأشهد أن الله تعالى الطالب بثارك ومنجز ما وعدك من النصر، والتأييد في هلاك عدوك، وإظهار دعوتك، وأشهد أنك وفيت بعهد الله، وجاهدت في سبيل الله وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين. لعن الله امة قتلتك، ولعن الله امة خذلتك، ولعن الله امة ألبت عليك وأبرء إلى الله تعالى ممن كذبك، واستخف بحقك، واستحل دمك، بأبي أنت وامي يا أبا عبد الله، لعن الله قاتلك، ولعن الله خاذلك، ولعن الله من سمع داعيتك فلم يجبك ولم ينصرك، ولعن الله من سبى نساءك أنا إلى الله منهم برئ، وممن والاهم، ومالاهم وأعانهم عليه، وأشهد أنك والائمة من ولدك كلمة التقوى وباب الهدى، والعروة الوثقى، والحجة على أهل الدنيا، وأشهد أني بكم مؤمن وبمنزلتكم موقن، ولكم تابع بذات نفسي، وشرايع ديني وخواتيم عملي، ومنقلبي ومثواي في دنياي وآخرتي. الصلاة على علي بن الحسين عليه السلام: اللهم صل على علي بن الحسين سيد العابدين الذي استخلصته لنفسك، وجعلت منه أئمة الهدى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، اخترته لنفسك، وطهرته من الرجس، واصطفيته، وجعلته هاديا مهديا، اللهم صل عليه أفضل ما صليت على أحد من ذرية أنبيائك، حتى تبلغ به ما تقر به عينه في الدنيا والآخرة إنك عزيز حكيم.


 

[76]

الصلاة على محمد بن علي الباقر عليه السلام: اللهم صل على محمد بن علي باقر العلم وإمام الهدى، وقائد اهل التقوى والمنتجب من عبادك اللهم وكما جعلته علما لعبادك، ومنارا لبلادك، ومستودعا لحكمتك، ومترجما لوحيك، وأمرت بطاعته، وحذرت عن معصيته، فصل عليه يا رب أفضل ما صليت على أحد من ذرية أنبيائك وأصفيائك ورسلك وامنائك يا إله العالمين. الصلاة على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: اللهم صل على عبدك جعفر بن محمد الصادق خازن العلم الداعي إليك بالحق النور المبين، اللهم وكما جعلته معدن كلامك ووحيك، وخازن علمك، ولسان توحيدك، وولي أمرك، ومستحفظ دينك، فصل عليه أفضل ما صليت على أحد من أصفيائك وحججك إنك حميد مجيد. الصلاة على موسى بن جعفر عليه السلام: اللهم صل على الامين المؤتمن، موسى بن جعفر البر الوفي، الطاهر الزكي النور المنير، المجتهد المحتسب الصابر على الاذى فيك، اللهم وكما بلغ عن آبائه ما استودع من أمرك ونهيك، وحمل على المحجة، وكابد أهل العزة والشدة فيما كان يلقى من جهال قومه، رب فصل عليه أفضل وأكمل ما صليت على أحد ممن أطاعك، ونصح لعبادك إنك غفور رحيم. الصلاة على علي بن موسى الرضا عليه السلام: اللهم صل على علي بن موسى الرضا، الذي ارتضيته ورضيت به من شئت من خلقك، اللهم وكما جعلته حجة على خلقك، وقائما بأمرك، وناصرا لدينك وشاهدا على عبادك، وكمانصح لهم في السر والعلانية، ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، فصل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوليائك وخيرتك من خلقك إنك جواد كريم.


 

[77]

الصلاة على محمد بن علي الجواد ابن موسى عليهما السلام: اللهم صل على محمد بن علي بن موسى عليهم السلام علم التقى، ونور الهدى، ومعدن الهدى، وفرع الازكياء، وخليفة الاوصياء، وأمينك على وحيك، اللهم فكما هديت به من الضلالة، واستنقذت به من الجهالة، وأرشدت به من اهتدى، وزكيت به من تزكى، فصل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوليائك، وبقية أوليائك إنك عزيز حكيم. الصلاة على علي بن محمد أبي الحسن العسكري عليه السلام: اللهم صل على علي بن محمد، وصي الاوصياء، وإمام الاتقياء، وخلف أئمة الدين، والحجة على الخلائق أجمعين، اللهم كما جعلته نورا يستضئ به المؤمنون، فبشر بالجزيل من ثوابك، وأنذر بالاليم من عقابك، وحذر بأسك وذكر بآياتك وأحل حلالك، وحرم حرامك، وبين شرائعك وفرائضك وحض على عبادتك، وأمر بطاعتك، ونهى عن معصيتك، فصل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوليائك، وذرية أنبيائك يا إله العالمين. يقول السيد الامام العالم العامل رضي الدين ركن الاسلام أبو القاسم علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس الحسيني: وجدت في أصل قوبل بخط الشيخ أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه: أبو محمد اليمني، وفي نسخة اخرى عتيقة قال أبو محمد عبد الله بن محمد اليمني قال: فلما انتهيت إلى الصلاة عليه أمسك، فقلت له في ذلك، فقال: لولا أنه دين أمرنا الله أن نبلغه، ونؤديه إلى أهله، لاحببت الامساك، ولكنه الدين اكتبه. الصلاة على الحسن بن علي العسكري عليهما السلام. اللهم صل على الحسن بن علي الهادي، البر التقي، الصادق الوفي النور المضئ، خازن علمك، والمذكر بتوحيدك وولي أمرك، وخلف أئمة الدين، الهداة الراشدين، والحجة على أهل الدنيا، فصل عليه يا رب أفضل ما صليت على أحد من أصفيائك، وحججك على خلقك، وأولاد رسلك يا إله العالمين.


 

[78]

الصلاة على ولى الامر المنتظر الحجة بن الحسن عليه السلام. اللهم صل على وليك وابن أوليائك، الذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقهم، واذهبت عنهم الرجس وطهرتهم، تطهيرا، اللهم انصره وانتصر به لدينك وانصر به أولياءك، وأولياءه وشيعته وأنصاره، واجعلنا منهم، اللهم أعذه من شر كل طاغ وباغ، ومن شر جميع خلقك، واحفظه من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، واحرسه وامنعه أن يوصل إليه بسوء، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل، وأيده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه، واقصم به الجبابرة الكفر واقتل به الكفار والمنافقين، وجميع الملحدين، حيث كانوا من مشارق الارض ومغاربها، وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، واملا به الارض عدلا، وأظهر به دين نبيك عليه وآله السلام، واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمد ما يأملون، وفي عدوهم ما يحذرون، إله الحق رب العالمين آمين (1). 2 - جم: جماعة باسنادهم إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن الحسين بن عبيدالله، عن محمد بن أحمد بن داود، والتلعكبري، عن أحمد بن علي الرازي فيما رواه في كتاب الشفا والجلاء، عن الاسدي، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن يعقوب بن يوسف الضراب الغساني في منصرفه من إصفهان قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين وكنت مع قوم مخالفين من أهل بلادنا فلما أن قدمنا مكة تقدم بعضهم فاكترى لنا دارا في زقاق بين سوق الليل وهي دار خديجة عليها السلام، تسمى دار الرضا عليه السلام، وفيها عجوز سمراء فسألتها لما وقفت على أنها دار الرضا عليه السلام: ما تكونين من أصحاب هذه الدار ؟ ولم سميت دار الرضا ؟ فقالت: أنا من مواليهم وهذه دار الرضا علي بن موسى عليه السلام أسكننيها الحسن بن علي عليهما السلام، فاني كنت في خدمته، فلما سمعت ذلك منها أنست بها، وأسررت الامر عن رفقائي المخالفين فكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل، أنام معهم في رواق الدار، ونغلق الباب، ونلقي خلف الباب حجرا كبيرا كنا نديره خلف الباب

 

(1) جمال الاسبوع ص 483 - 494.

 

[79]

فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الذي كنا فيه، شبيها بضوء المشعل ورأيت الباب قد انفتح، ولا أرى أحدا فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلا ربعة أسمر إلى الصفرة، ما هو قليل اللحم، في وجهه سجادة، عليه قميصان، وإزار رقيق قد تقنع به، وفي رجليه نعل طاق، فصعد إلى غرفة في الدار، حيث كانت العجوز تسكن وكانت تقول لنا: إن في الغرفة ابنته لا تدع أحدا يصعد إليها فكنت أرى الضوء الذي رأيته يضئ في الرواق على الدرجة عند صعود الرجل إلى الغرفة التي يصعدها ثم أراه في الغرفة من غير أن أرى السراج بعينه، وكان الذين معي يرون مثل ما أرى فتوهموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلى ابنة العجوز، وأن يكون قد تمتع بها فقالوا: هؤلاء العلوية يرون المتعة، وهذا حرام لا يحل فيما زعموا، وكنا نراه يدخل ويخرج ويجئ إلى الباب وإذا الحجر على حاله الذي تركناه، وكنا نغلق هذا الباب خوفا على متاعنا وكنا لا نرى أحدا يفتحه ولا يغلقه، والرجل يدخل ويخرج، والحجر خلف الباب إلى وقت ننحيه إذا خرجنا. فلما رأيت هذه الاسباب ضرب على قلبي، ووقعت في نفسي هيبة، فتلطفت العجوز، وأحببت أن أقف على خبر الرجل، فقلت لها: يا فلانة إني احب أن أسألك وافاوضك من غير حضور من معي، فلا أقدر عليه، فأنا احب إذا رأيتني في الدار وحدي أن تنزل إلي لاسألك عن أمر، فقال لي مسرعة: وأنا اريد أن اسر إليك شيئا فلم يتهيأ لي ذلك من أجل أصحابك، فقلت ما أردت أن تقول ؟ فقالت: يقول لك - ولم تذكر أحدا - لا تحاشن أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم فانهم أعداؤك ودارهم (1) فقلت لها: من يقول ؟ فقالت: أنا أقول، فلم أجسر لما دخل قلبي من الهيبة أن اراجعها. فقلت: أي أصحابي تعنين ؟ وظننت أنها تعني رفقائي الذين كانوا حجاجا معي فقالت: شركاؤك الذين في بلدك وفي الدار معك، وكان جرى بيني وبين الذين معي في الدار عتب في الدين، فسعوا بي حتى هربت واستترت بذلك السبب فوقفت على أنها عنت أوليك، فقلت لها: ما تكونين أنت من الرضا ؟ فقالت: أنا كنت خادمة للحسن

 

(1) حاشنه: شاتمه وسابه، والملاحاة: المنازعة ضد المداراة.

 

[80]

ابن علي صلوات الله عليه. فلما استقنت ذلك، قلت: لاسألنها عن الغائب، فقلت: بالله عليك رأيته بعينك فقالت: يا أخي لم أره بعيني فاني خرجت واختي حبلى، وبشرني الحسن بن علي عليه السلام بأني سوف أراه في آخر عمري، وقال لي: تكونين له كما كنت لي، وأنا اليوم منذ كذا بمصر، وإنما قدمت الآن بكتابة ونفقة وجه بها إلي على يد رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربية وهي ثلاثون دينارا وأمرني أن أحج سنتي هذه فخرجت رغبة مني في أن أراه. فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم صحاح فيها سكة رضوية من ضرب الرضا عليه السلام قد كنت خبأتها لالقيها في مقام إبراهيم عليه السلام وكنت نذرت ونويت ذلك، فدفعتها إليها وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة عليها السلام أفضل من أن القيها في المقام وأعظم ثوابا فقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلى من يستحقها من ولد فاطمة عليها السلام وكان في نيتي أن الذي رأيته هو الرجل، وأنها تدفعها إليه، فأخذت الدراهم، وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت فقالت: يقول لك: ليس لنا فيها حق اجعلها في الموضع الذي نويت ولكن هذه الرضوية خذ منا بدلها، وألقها في الموضع الذي نويت، ففعلت وقلت في نفسي: الذي امرت به من الرجل. ثم كانت معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بآذربيجان فقلت لها: تعرضين هذه النسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب فقالت: ناولني فاني أعرفه فأريتها النسخة، وظننت أن المرأة تحسن أن يقرأها، فقالت: لا يمكنني أن أقرأها في هذا المكان، فصعدت الغرفة ثم أنزلته، فقالت: صحيح وفي التوقيع: ابشركم ببشرى ما بشرت به غيره. ثم قالت: يقول لك: إذا صليت على نبيك كيف تصلي عليه ؟ فقلت أقول: اللهم صل على محمد وآله محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، فقالت: لا إذا صليت فصل عليهم كلهم وسمهم، فقلت نعم، فلما كان من الغد نزلت ومعها دفتر صغير فقالت:


 

[81]

يقول لك: إذا صليت على النبي صلى الله عليه وآله فصل عليه وعلى أوصيائه على هذه النسخة فأخذتها، وكنت أعمل بها، ورأيت عدة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم، وكنت افتح الباب وأخرج على أثر الضوء، وأنا أراه أعني الضوء ولا أرى أحدا حتى يدخل المسجد، وأرى جماعة من الرجال من بلدان شتى يأتون باب هذه الدار، فبعضهم يدفعون إلى العجوز رقاعا معهم، ورأيت العجوز قد دفعت إليهم كذلك الرقاع، فيكلمونها وتكلمهم ولا أفهم عنهم، ورأيت منهم في منصرفنا جماعة في طريقي إلى أن قدمت بغداد. نسخة الدفتر الذي خرج: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين وحجة رب العالمين، المنتجب في الميثاق، المصطفى في الظلال، المطهر من كل آفة، البرئ من كل عيب، المؤمل للنجاة، المرتجى للشفاعة، المفوض إليه دين الله، اللهم شرف بنيانه، وعظم برهانه، وأفلح حجته، وارفع درجته، وأضئ نوره وبيض وجهه، وأعطه الفضل والفضيلة، والدرجة والوسيلة الرفيعة، وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والآخرون. وصل على أمير المؤمنين، ووارث المرسلين، وقائد الغر المحجلين، وسيد الوصيين، وحجة رب العالمين. وصل على الحسن بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الحسين بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على علي بن الحسين، سيد العابدين، وإمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على محمد بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على جعفر بن محمد إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على موسى بن جعفر إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على علي بن موسى إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على محمد بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين.


 

[82]

وصل على علي بن محمد إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الحسن بن علي إمام المؤمنين، ووارث المرسلين، وحجة رب العالمين. وصل على الخلف الصالح، الهادي المهدي إمام الهدى إمام المؤمنين، ووارث المرسلين وحجة رب العالمين. اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته الائمة الهادين، العلماء الصادقين الابرار المتقين، دعائم دينك، وأركان توحيدك، وتراجمة وحيك، وحججك على خلقك وخلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم على عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم بمعرفتك وجللتهم بكرامتك وغشيتهم برحمتك وربيتهم بنعمتك، وغذيتهم بحكمتك وألبستهم [من] نورك، ورفعتهم في ملكوتك، وحففتهم بملائكتك، وشرفتهم بنبيك صلواتك عليه وآله. اللهم صل على محمد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمك، ولا يحصيها أحد غيرك. اللهم وصل على وليك المحيي سنتك، القائم بأمرك، الدعي إليك الدليل عليك، وحجتك على خلقك، وخليفتك في أرضك، وشاهدك على عبادك. اللهم أعز نصره ومد في عمره، وزين الارض بطول بقائه، اللهم اكفه بغي الحاسدين، وأعذه من شر الكافرين، وازجر عنه إرادة الظالمين، وخلصه من أيدي الجبارين. اللهم أعطه في نفسه وذريته، وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه، وتسر به نفسه، وبلغه أفضل ما أمله في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير. اللهم جدد به ما محي من دينك، وأحي به ما بدل من كتابك، وأظهر به ما غير من حكمك، حتى يعود دينك به وعلى يديه غضا جديدا خالصا لا شك فيه، ولا شبهة معه، ولا باطل عنده، ولا بدعة لديه. اللهم نور بنوره كل ظلمة، وهد بركنه كل بدعة، واهدم بعزته كل ضلالة، واقصم به كل جبار، واخمد بسيفه كل نار، واهلك بعدله كل جائر


 

[83]

وأجر حكمه على كل حكم، وأذل بسلطانه كل سلطان. اللهم أذل كل من ناواه، وأهلك كل من عاداه، وامكر بمن كاده، و استأصل من جحد حقه، واستهان بأمره، وسعى في اطفاء نوره، وأراد إخماد ذكره. اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن الرضا، والحسين المصفا،، وجميع الاوصياء مصابيح الدجى، وأعلام الهدى ومنار التقى، والعروة الوثقى، والحبل المتين، والصراط المستقيم، وصل على وليك وولاة عهده، والائمة من ولده، ومد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أفضل آمالهم دينا ودنيا وآخرة إنك على كل شئ قدير (1). ق: نسخ من كتاب الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن يوسف الحراني في جمادي الآخرة في سنة أربعمائة قال: نسخت من كتاب الشيخ أبي الحسن علي ابن حمزة بن أحمد الكاتب بخطه في جمادى الاولى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة حدث الحسن بن محمد بن عامر الاشعري القمي بقاشان في سنة ثمان وثمانين ومائتين منصرفه من إصبهان قال: حدثه يعقوب بن يوسف الصواف باصبهان قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين وكنت مع قوم مخالفين، وساق الحديث إلى آخرة مثل ما مر. 3 - نهج: من خطبة له عليه السلام: علم فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله. اللهم داحى المدحوات، وداعم المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الاباطيل، والدامغ

 

(1) جمال الاسبوع: 494 - 504 وتراه في غيبة الشيخ الطوسى ص 177، وقد أخرجه المؤلف العلامة في ج 52 ص 17 - 22، وذكر أن في كتاب دلائل الامامة للطبري مثله.

 

[84]

صولات الاضاليل، كما حمل فاضطلع، قائما بأمرك، مستوفزا في مرضاتك، غير ناكل عن قدم، ولا واه في عزم، واعيا لوحيك، حافظا على عهدك، ماضيا على نفاذ أمرك، حتى أورى قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأقام موضحات الاعلام، ونيرات الاحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين، وبعيثك بالحق، ورسولك إلى الخلق. اللهم افسح له مفسحا في ظلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك، اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم لديك منزلته، وأتمم له نوره، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة، مرضي المقالة، ذا منطق عدل، وخطة فصل. اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش، وقرار النعمة، ومنى الشهوات، وأهواء اللذات، ورخاء الدعة، ومنتهى الطمأنينة، وتحف الكرامة (1). 4 - كتاب الغارات لابراهيم الثقفي رفعه عن أبي سلام الكندي قال: كان علي عليه السلام يعلمنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله يقول: قولوا:

 

(1) نهج البلاغه الرقم: 70 من قسم الخطب (*).

 

[85]

اللهم داحي المدحوات، وبارئ المسموكات، إلى قوله: ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك ونبيك - إلى قوله: والدافع جيشات الاباطيل كما حمل إلى قوله حافظا لعهدك، إلى قوله وأنار موضحات الاعلام إلى قوله بناءه وأكرم مثواه لديك ونزله، وأتم له نوره، وأجره واجرته من انبعاثك له إلى قوله وحظ فصل وحجة وبرهان عظيم آمين رب العالمين. وقال عليه السلام في ذكر النبي صلى الله عليه وآله: حتى أورى قبسا لقابس، وأنار علما لحابس، فهو أمينك المأمون، وشهيدك يو م الدين، وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق ورحمة، اللهم أقسم له مقسما من عدلك، واجزه مضاعفات الخير من فضلك اللهم أعل على بناء البانين بناءه، وأكرم لديك نزله، وشرف عندك منزله، وآته الوسيلة، وأعطه السناء والفضيلة، واحشرنا في زمرته غير خزايا ولا نادمين، ولا ناكبين ولا ناكثين، ولا ضالين ولا مفتونين. 5 - جنة الامان: عن الصادق عليه السلام قال: من أراد أن يسر محمدا وآله في الصلاة عليهم، فليقل: اللهم يا أجود من أعطى، ويا خير من سئل، ويا أرحم من استرحم، اللهم صل على محمد وآله في الاولين، وصل على محمد وآله في الآخرين وصل على محمد وآله في الملا الاعلى، وصل على محمد وآله في المرسلين، اللهم أعط محمدا وآله الوسيلة والفضيلة، والشرف والرفعة، والدرجة الكبيرة، اللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه وآله ولم أره، فلا تحرمني يوم القيامة رؤيته، وارزقني صحبته وتوفني على ملته، واسقني من حوضه، مشربا رويا سائغا هنيئا لا أظما بعده أبدا إنك على كل شئ قدير، اللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه وآله ولم أره فعرفني في الجنان وجهه، اللهم بلغ محمدا صلى الله عليه وآله مني تحية كثيرة وسلاما. 6 - الدر المنثور للسيوطي: عن طلحة بن عبيدالله قال: قلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. وعن طلحة قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه فقال: سمعت الله يقول:


 

[86]

" إن الله وملائكته يصلون على النبي " فكيف الصلاة عليك ؟ فقال: قل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد (1). وعن أبي سعيد الخدري: قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك، قد علمناه فكيف الصلاة عليك ؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم. وعن أبي هريرة أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف نصلي عليك ؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم. وعن أبي مسعود الانصاري ان بشير بن سعد قال: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فسكت حتى تمنينا أنا لم نسأله ثم قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم. وعن علي عليه السلام قال: قلت: يارسول الله كيف نصلي عليك ؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. وعن أبي هريرة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وعن ابن مسعود أن رجلا قال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ فصمت النبي صلى الله عليه وآله ثم قال:

 

(1) الدر المنثور ج 5 ص 216.

 

[87]

إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الامي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الامي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله من قال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم. شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له. وعن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وآله رقى المنبر فلما رقى الدرجة الاولى قال: آمين، ثم رقى الثانية فقال: آمين، ثم رقى الثالثة فقال: آمين فقالوا: يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات، قال: لما رقيت الدرجة الاولى جاءني جبرئيل فقال: شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له، فقلت آمين، ثم قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين ثم قال: شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك فقلت: آمين (1). وعن الحسين بن علي عليهم السلام قال: قالوا: يا رسول الله أرأيت قول الله: " إن الله وملائكته يصلون على النبي " قال: إن هذا لمن المكتوم، ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم إن الله وكل بي ملكين لا اذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين (2). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فانها معروضة علي. وعن ابن مسعود قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وآله فأحسنوا الصلاة عليه

 

(1) الدر المنثور ج 5 ص 217. (2) الدر المنثور ج 5 ص 218، وبعده: ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلى على الا قال ذانك الملكان: لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته لذينك الملكين: آمين.

 

[88]

فانكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قالوا: فعلمنا، قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والآخرون، اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (1). وعن ابن مسعود قال: قلنا: يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمدا يغبطه به الاولون والآخرون، وصل على محمد وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة اللهم اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي عليين ذكره وداره، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد (2).

 

(1) الدر المنثور ج 5 ص 219. (2) المصدر نفسه، وما تكرر في الحديثين لا يوجد فيه.

 

[89]

31. " باب " * (جواز ان يدعى بكل دعاء والرخصة في تأليفه) * 1 - وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من خط الشهيد قدس الله روحهما عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الدعاء يرد البلاء وقد ابرم إبراما، قال الوشاء، فقلت لعبد الله بن سنان: هل في ذلك دعاء موقت ؟ فقال: أما إني سألت الصادق عليه السلام فقال: نعم، أما دعاء الشيعة المستضعفين ففي كل علة من العلل دعاء موقت، وأما المستبصرون البالغون فدعاؤهم لا يحجب (1). 32. * (باب) * * (ادعية المناجاة) * 1 - لى: عبد الله بن النضر بن سمعان، عن جعفر بن محمد المكي، عن عبد الله بن محمد بن عمرو الاطروش، عن صالح بن زياد، عن عبد الله بن ميمون السكري، عن عبد الله بن مغرا، عن عمران بن سليم، عن سعد بن غفلة، عن طاووس اليماني، قال: مررت بالحجر فإذا أنا بشخص راكع وساجد، فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام، فقلت: يا نفس رجل صالح من أهل بيت النبوة، والله لاغتنمن دعاءه، فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلاته، ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل يقول: سيدي سيدي هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوءة، وعيناي بالرجاء ممدودة، وحق لمن دعاك بالندم تذللا أن تجيبه بالكرم تفضلا، سيدي أمن أهل الشقاء خلقتني فاطيل بكائي أم من أهل السعادة خلقتني فابشر رجائي، سيدي

 

(1) قد مر الحديث نقلا من كتاب طب الائمة ص 365 من ج 93 مسندا.

 

[90]

الضرب المقامع خلقت اعضائي أم لشرب الحميم خلقت أمعائي ؟ سيدي لو أن عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك، لكني أعلم أني لا أفوتك. سيدي لو أن عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه غير اني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين، ولا ينقص منه معصية العاصين، سيدي ما أنا وما خطري ؟ هب لي بفضلك، وجللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك إلهي وسيدي ارحمني مصروعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الاقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي. قال طاووس: فبكيت حتى علا نحيبي، والتفت إلي فقال: ما يبكيك يا يماني ؟ أو ليس هذا مقام المذنبين ؟ فقلت: حبيبي حقيق على الله أن لا يردك، وجدك محمد صلى الله عليه وآله قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل نفر من أصحابه فالتفت إليهم فقال: معاشر اصحابي ! واوصيكم بالآخرة، ولست اوصيكم بالدنيا، فانكم بها مستوصون، وعليها حريصون، وبها مستمسكون، معاشر أصحابي إن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة، والقرون الماضية، ألم تروا كيف فضح مستورهم، وامطر مواطر الهوان عليهم، بتبديل سرورهم، بعد خفض عيشهم ولين رفاهيتهم، صاروا حصائد النقم ومدارج المثلات، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (1). 2 - لى: بهذا الاسناد عن طاووس قال: كان علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام يدعو بهذا الدعاء: إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين سرمد الابد بحمد

 

(1) امالي الصدوق ص 132.

 

[91]

الخلائق وشكرهم أجمعين لكنت مقصرا في بلوغ اداء شكر أخفى نعمة من نعمتك علي، ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي، وحرمت أرضيها بأشفار عيني وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والارضين دما وصديدا، لكان ذلك قليلا في كثير ما يجب من حقك علي، ولو أنك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملات جهنم وأطباقها مني، حتى لا تكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعد لك علي قليلا في كثير ما استوجبته من عقوبتك (1). 3 - لى: العطار، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير عن أبان، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لقد غفر الله عزوجل لرجل من أهل البادية بكلمتين دعابهما، قال: اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت، فغفر الله له (2). ما: الغضائري، عن الصدوق مثله (3). 4 - ما: المفيد، عن علي بن محمد النحوي، عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد العلوي، عن أحمد بن عبد المنعم، عن عبد الله بن محمد الفزاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان من دعاء علي بن الحسين عليه السلام: إلهي إن كنت عصيتك بارتكاب شئ مما نهيتني عنه فاني قد اطعتك في أحب الاشياء إليك الايمان بك، منا منك به علي لا منا مني به عليك، وتركت معصيتك في أبغض الاشياء إليك أن أجعل لك شريكا أو أجعل لك ولدا أو ندا وعصيتك على غير مكابرة ولا معاندة ولا استخفاف مني بربوبيتك ولا جحود لحقك ولكن استزلني الشيطان بعد الحجة والبيان فان تعذبني فبذنوبي وإن تغفر لي فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين (4).

 

(1) أمالى الصدوق ص 180. (2) أمالى الصدوق ص 238. (3) أمالى الطوسى ج 2 ص 52. (4) أمالى الطوسى ج 2 ص 29 [فان تعذبني فغير ظالم، وان تغفر لى فخير راحم] خ ل.

 

[92]

5 - لى: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل قال: كان الصادق عليه السلام يدعو بهذا الدعاء: إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك وكيف لا أدعوك وقد عرفت حبك في قلبي، وإن كنت عاصيا مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة وعيناي بالرجاء ممدودة، مولاي أنت عظيم العظماء وأنا أسير الاسراء أنا أسير بذنب مرتهن بجرمي إلهي لئن طالبتني بذنبي لاطالبنك بكرمك ولئن طالبتني بجريرتي لاطالبنك بعفوك ولئن أمرت بي إلى النار لاخبرن أهلها أني كنت أقول لا إله إلا الله محمد رسول الله اللهم إن الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك فهب لي ما يسرك واغفر لي ما لا يضرك يا أرحم الراحمين (1). 6 - ل: الحسن بن حمزة العلوي، عن يوسف بن محمد الطبري، عن سهل ابن نجدة، عن وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي قال: تكلم أمير المؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة، وائتمن جواهر الحكمة ثلاث منها في المناجاة: إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا، أنت كما احب فاجعلني كما تحب (2) الخبر. اقول: تمامه في أبواب المواعظ (3). 7 - لى: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في مناجاته: إلهي افكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها، وأنت محصيها، فتقول: خذوه ! فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملاء إذا أذن فيه بالندا، ثم قال: آه من نار تنضج الاكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من غمرة من ملهبات لظى (4).

 

(1) امالي الصدوق ص 215. (2) الخصال ج 2 ص 45 وقوله فقأن: أي قلعن، وهو استعارة (3) راجع ج 77 ص 400. (4) أمالى الصدوق ص 48. والكلى جمع كلية.

 

[93]

أقول: خبره طويل قد مضى مسندا في باب عبادة أمير المؤمنين (1). 8 - نقل من خط الشيخ الشهيد رحمه الله: قال: كتبته من ظهر كتاب بمشهد الكاظم عليه السلام بخزانته الشريفة دعاء يوشع بن نون عليه السلام مستجاب. إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، وحبك في قلبي، مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة، وعيني بالرجاء ممدودة (2) إلهي أنت ملك العطايا، وأنا أسير الخطايا، ومن كرم العظماء الرفق بالاسراء، إلهي أنا الاسير بجرمي، المرتهن بعملي، إلهي ما أضيق الطريق على من لم تكن أنت أنيسه إلهي إن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بسريرتي لاطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لاخبرن أهلها أنني كنت أقول: لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن عليا أمير المؤمنين حقا، إلهي إن الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك، فهب لي ما تسرك، واغفر لي ما لا يضرك، يا أرحم الراحمين. ومن خطه رحمه الله أيضا عن الصادق عليه السلام: اللهم إن كانت الذنوب تكف أيدينا عن انبساطها اليك بالسؤال، والمداومة على المعاصي تمنعنا عن التضرع والابتهال، فالرجاء يحثنا إلى سؤالك يا ذا الجلال فان لم يعطف السيد على عبده، فممن يبتغي النوال، فلا ترد أكفنا المتضرعة إلا ببلوغ الآمال. 9 - دعوات الراوندي: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أعطى ما في بيت المال أمر فكنس، ثم صلى فيه، ثم يدعو فيقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من ذنب يحبط العمل، وأعوذ بك من ذنب يعجل النقم وأعوذ بك من ذنب يمنع الدعاء، وأعوذ بك من ذنب يهتك العصمة، وأعوذ بك من ذنب يورث الندم، وأعوذ بك من ذنب تحبس القسم. ومن مناجاة أمير المؤمنين عليه السلام: إلهي كأني بنفسي قد اضجعت في حفرتها وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى الغريب عليها لغربتها، وجاد عليها

 

(1) راجع ج 41 ص 11 و 12. (2) راجع

 

[94]

المشفقون من جيرتها، وناديها من شفير القبر ذو مودتها، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين ضر فاقتها، ولا على من رآها، قد توسدت الثرى وعجز حيلتها، فقلت: ملائكتي فريد نأى عنه الاقربون، وبعيد (1) جفاه الاهلون، نزل بي قريبا، وأصبح في اللحد غريبا، وقد كان لي في دار الدنيا داعيا ولنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي. 10 - كنز الكراجكى: عن الحسين بن عبيدالله الواسطي، عن التلعكبري عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن محمد بن مالك، عن الحسن الزيات، عن الحسن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: كان من دعاء أمير المؤمنين عليه السلام: إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا إلهي أنت لي كما احب فوفقني لما تحب. 11 - نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: للمؤمن ثلاث ساعات فساعة يناجى فيها ربه، وساعة يرم معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل (2). 12 - ق: قال نوف البكالي: رأيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه موليا مبادرا فقلت: أين تريد يا مولاي ؟ فقال: دعني يا نوف إن آمالي تقدمني في المحبوب فقلت: يا مولاي وما آمالك ؟ قال: قد علمها المأمول واستغنيت عن تبيينها لغيره، و كفى بالعبد أدبا، أن لا يشرك في نعمه وأربه غير ربه، فقلت: يا أمير المؤمنين إني خائف على نفسي من الشره، والتطلع إلى طمع من أطماع الدنيا، فقال لي: وأين أنت عن عصمة الخائفين، وكهف العارفين، فقلت: دلني عليه، قال: الله العلي العظيم تصل أملك بحسن تفضله، وتقبل عليه بهمك، واعرض عن النازلة في قلبك، فان

 

(1) وحيد خ ل. (2) نهج البلاغة تحت الرقم 390 من قسم الحكم.

 

[95]

أجلك بها فأنا الضامن من موردها، وانقطع إلى الله سبحانه فان يقول: وعزتي وجلالي لاقطعن أمل كل من يؤمل غيري باليأس، ولاكسونه ثوب المذلة في الناس، ولابعدنه من قربي، ولاقطعنه عن وصلي، ولاخملن ذكره حين يرعى غيري، أيؤمل ويله لشدائده غيري، وكشف الشدائد بيدي، و يرجو سواي وأنا الحي الباقي، ويطرق أبواب عبادي وهي مغلقة ويترك بابي وهو مفتوح، فمن ذا الذي رجاني لكثير جرمه فخيبت رجاءه ؟ جعلت آمال عبادي متصلة بي، وجعلت رجاءهم مذخورا لهم عندي، و ملات سمواتي ممن لا يمل تسبيحي، وأمرت ملائكتي أن لا يغلقوا الابواب بيني وبين عبادي، ألم يعلم من فدحته نائبة من نوائبي أن لا يملك أحد كشفها إلا باذني، فلم يعرض العبد بأمله عني، وقد أعطيته ما لم يسئلني، فلم يسئلني وسأل غيري، أفتراني أبتدئ خلقي من غير مسألة، ثم اسئل فلا أجيب سائلي ؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي أو ليس الدنيا والآخرة لي ؟ أو ليس الكرم والجود صفتي ؟ أو ليس الفضل والرحمة بيدي ؟ أو ليس الآمال لا ينتهي إلا إلي ؟ فمن يقطعها دوني ؟ وما عسى أن يؤمل المؤملون من سواي. وعزتي وجلالي لو جمعت آمال أهل الارض والسماء ثم أعطيت كل واحد منهم، ما نقص من ملكي بعض عضو الذرة، وكيف ينقص نائل أنا أفضته، يا بؤسا للقانطين من رحمتي، يا بؤسا لمن عصاني وتوثب على محارمي، ولم يراقبني واجترأ علي. ثم قال عليه وعلى آله السلام لي: يا نوف ادع بهذا الدعاء: إلهي إن حمدتك فبمواهبك، وإن مجدتك فبمرادك، وإن قدستك فبقوتك وإن هللتك فبقدرتك، وإن نظرت فالى رحمتك، وإن عضضت فعلى نعمتك، إلهي إنه من لم يشغله الولوع بذكرك، ولم يزوه السفر بقربك، كانت حياته عليه ميتة وميتته عليه حسرة، إلهي تناهت أبصار الناظرين إليك بسرائر القلوب، وطالعت أصغى السامعين لك نجيات الصدور، فلم يلق أبصارهم رد دون ما يريدون، هتكت


 

[96]

بينك وبينهم حجب الغفلة، فسكنوا في نورك، وتنفسوا بروحك، فصارت قلوبهم مغارسا لهيبتك، وأبصارهم ما كفا لقدرتك وقربت أرواحهم من قدسك، فجالسوا اسمك بوقار المجالسة، وخضوع المخاطبة، فأقبلت إليهم إقبال الشفيق، وأنصت لهم إنصات الرفيق، وأجبتهم إجابات الاحباء، وناجيتهم مناجاة الاخلاء، فبلغ بي المحل الذي إليه وصلوا، وانقلني من ذكري إلى ذكرك، ولا تترك بيني وبين ملكوت عزك بابا إلا فتحته، ولا حجابا من حجب الغفلة إلا هتكته، حتى تقيم روحي بين ضياء عرشك، وتجعل لها مقاما نصب نورك إنك على كل شئ قدير. إلهي ما أوحش طريقا لا يكون رفيقي فيه أملي فيك، وأبعد سفرا لا يكون رجائي منه دليلي منك، خاب من اعتصم بحبل غيرك، وضعف ركن من استند إلى غير ركنك، فيا معلم مؤمليه الامل فيذهب عنهم كآبة الوجل، ولا تحرمني صالح العمل، واكلاني كلاءة من فارقته الحيل، فكيف يلحق مؤمليك ذل الفقر وأنت الغني عن مضار المذنبين، إلهي وإن كل حلاوة منقطعة، وحلاوة الايمان تزداد حلاوتها اتصالا بك، إلهي وإن قلبي قد بسط أمله فيك، فأذقه من حلاوة بسطك إياه البلوغ لما أمل، إنك على كل شئ قدير. إلهي أسئلك مسألة من يعرفك كنه معرفتك من كل خير ينبغي للمؤمن أن يسلكه، وأعوذ بك من كل شر وفتنة أعذت بها أحباءك من خلقك، إنك على كل شئ قدير. إلهي أسئلك مسألة المسكين الذي قد تحير في رجاه، فلا يجد ملجأ ولا مسندا يصل به إليك، ولا يستدل به عليك إلا بك وبأركانك ومقاماتك التي لا تعطيل لها منك، فأسئلك باسمك الذي ظهرت به لخاصة أوليائك، فوحدوك وعرفوك بعبدوك بحقيقتك أن تعرفني نفسك لاقر لك بربوبيتك على حقيقة الايمان بك ولا تجعلني يا إلهي ممن يعبد الاسم دون المعنى والحظني بلحظة من لحظاتك تنور بها قلبي بمعرفتك خاصة ومعرفة أوليائك إنك على كل شئ قدير. 13 - ق: مناجاة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وهي


 

[97]

مناجاة الائمة من ولده عليهم السلام كانوا يدعون بها في شهر شعبان رواية ابن خالويه رحمه الله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، واسمع ندائي إذا ناديتك [واسمع دعائي إذا دعوتك]، وأقبل علي إذا ناجيتك، فقد هربت إليك، ووقفت بين يديك مستكينا لك متضرعا إليك، راجيا لما لديك، تراني وتعلم ما في نفسي، وتخبر حاجتي وتعرف ضميري، ولا يخفى عليك أمر منقلبي ومثواى، وما اريد أن ابدئ به من منطقي، وأتفوه به من طلبتي، وأرجوه لعاقبة أمري (1) وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي فيما يكون مني إلى آخر عمري، من سريرتي وعلانيتي، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي، ونفعي وضري. إلهي إن حرمتني فمن ذا الذي يرزقني، وإن خذلتني فمن ذا الذي ينصرني إلهى أعوذ بك من غضبك، وحلول سخطك، إلهي إن كنت غير مستأهل لرحمتك فأنت أهل أن تجود علي بفضل سعتك، إلهي كأني بنفسي واقفة بين يديك، وقد أظلها حسن توكلي عليك، ففعلت (2) ما أنت أهله، وتغمدتني بعفوك، إلهي فان عفوت فمن أولى منك بذلك ؟ وإن كان قد دنا أجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الاقرار بالذنب إليك وسيلتي. إلهي قد جرت على نفسي في النظر لها، فلها الويل إن لم تغفر لها، إلهي لم يزل برك علي أيام حياتي، فلا تقطع برك عني في مماتي، وأنت لم تولني إلا الجميل في حياتي، إلهي تول من أمري ما أنت أهله، وعد بفضلك على مذنب قد غمره جهله، إلهي قد سترت علي ذنوبا في الدنيا وأنا أحوج إلى سترها علي منك في الاخرى، إلهي قد أحسنت إلي إذ لم تظهرها لاحد من عبادك الصالحين، فلا تفضحني يوم القيامة على رؤس الاشهاد. إلهي جودك بسط أملي، وعفوك أفضل من عملي، إلهي فسرني بلقائك يوم تقضي فيه بين عبادك، إلهي اعتذاري إليك اعتذار من لم يستغن عن قبول عذره فاقبل عذري يا أكرم من اعتذر إليه المسيؤون، إلهي لا ترد حاجتي، ولا تخيب

 

(1) لعاقبتي خ ل. (2) فقلت خ ل.

 

[98]

طمعي، ولا تقطع منك رجائي وأملي، إلهي لو أردت هواني لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تعافني، إلهي ما أظنك تردني في حاجة (1) قد أفنيت عمري في طلبها منك، إلهي فلك الحمد أبدا أبدا دائما سرمدا يزيد ولا يبيد كما تحب فترضى. إلهي إن أخذتني بجرمي أخذتك بعفوك، وإن أخذتني بذنوبي أخذتك بمغفرتك، وإن أدخلتني النار أعلمت أهلها أني احبك إلهى إن كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي، إلهى كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما، وقد كان حسن ظنى بجودك أن تقلبني بالنجاة مرحوما، إلهى وقد أفنيت عمري في شرة السهو عنك، وأبليت شبابي في سكرة التباعد منك، إلهي فلم أستيقظ ايام اغتراري بك وركوبي إلى سبيل سخطك، إلهى وأنا عبدك وابن عبديك قائم بين يديك متوسل بكرمك إليك. إلهى أنا عبد أتنصل إليك (2) مما كنت اواجهك به من قلة استحيائي من نظرك وأطلب العفو منك إذ العفو نعت لكرمك، إلهي لم يكن لي حول فأنتقل به عن معصيتك إلا في وقت أيقظتني لمحبتك، فكما أردت أن أكون كنت، فشكرتك بادخالي في كرمك، ولتطهير قلبي من أوساخ الغفلة عنك. إلهي انظر إلي نظر من ناديته فأجابك، واستعملته بمعونتك فأطاعك، يا قريبا لا يبعد عن المغتر به، ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه، إلهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه، ولسانا يرفعه إليك صدقه، ونظرا يقربه منك حقه إلهي إن من تعرف بك غير مجهول، ومن لاذبك غير مخذول، ومن أقبلت عليه غير مملول. إلهي إن من انتهج بك لمستنير، وإن من اعتصم بك لمستجير، وقد لذت بك يا سيدي (3) فلا تخيبن ظني من رحمتك، ولا تحجبني عن رأفتك، إلهي أقمني في أهل ولايتك مقام رجا الزيادة (4) من محبتك، إلهي وألهمني ولها بذكرك إلى

 

(1) عن حاجة خ ل. (2) تنصل الى فلان من الجناية: خرج وتبرأ، عدى بالى لتضمنه معنى الاعتذار. (3) الهى، خ ل. (4) مقام من جاء بالزيادة خ ل (*).

 

[99]

ذكرك، وهمني إلى روح نجاح أسمائك ومحل قدسك إلهي بك عليك إلا ألحقتني بمحل أهل طاعتك، والمثوى الصالح من مرضاتك، فاني لا أقدر لنفسي دفعا ولا أملك لها نفعا. إلهي أنا عبدك الضعيف المذنب، ومملوكك المنيب المغيث فلا تجعلني ممن صرفت عنه وجهك، وحجبه سهوه عن عفوك، إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك. إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك، ولاحظته فصعق بجلالك، فناجيته سرا، وعمل لك جهرا، إلهي لم اسلط على حسن ظني قنوط الاياس، ولا انقطع رجائي من جميل كرمك، إلهي إن كانت الخطايا قد أسقطتني لديك، فاصفح عني بحسن توكلي عليك، إلهى إن حطتنى الذنوب من مكارم لطفك، فقد نبهني اليقين إلى كرم عطفك، إلهى إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد نبهتني المعرفة بكرم آلائك، إلهى إن دعاني إلى النار عظيم عقابك فقد دعاني إلى الجنة جزيل ثوابك. إلهى فلك أسأل وإليك أبتهل وأرغب، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعلني ممن يديم ذكرك، ولا ينقض عهدك، ولا يغفل عن شكرك، ولا يستخف بأمرك، إلهى وأتحفنى بنور عزك الابهج، فأكون لك عارفا، وعن سواك منحرفا، ومنك خائفا مترقبا، يا ذا الجلال والاكرام. وصلى الله عليه محمد رسوله وآله الطاهرين وسلم. 14 - لد: مناجاة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مروية عن العسكري عن آبائه عليهم السلام: إلهى صل على محمد وآل محمد، وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري وامتحى من المخلوقين ذكري، وصرت في المنسيين كمن قد نسي، إلهى كبرت سنى، ورق جلدي، ودق عظمي، ونال الدهر منى، واقترب أجلى، ونفدت أيامى، وذهبت


 

[100]

شهواتي، وبقيت تبعاني. إلهى ارحمنى إذا تغيرت صورتي، وامتحت محاسني، وبلي جسمي وتقطعت أوصالي، وتفرقت اعضائي، إلهى أفحمتني ذنوبي وقطعت (1) مقالتي فلا حجة لي ولا عذر، فأنا المقر بجرمي، المعترف بإساتي، الاسير بذنبي، المرتهن بعملي، المتهور في بحور خطيئتي، المتحير عن قصدي، المنقطع بي، فصل على محمد وآل محمد، وارحمني برحمتك، وتجاوز عني يا كريم بفضلك. إلهى إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي، إلهي كيف أنقلب بالخيبة من عندك محروما وكان ظني بك وبجودك أن تقلبني بالنجاة مرحوما، إلهى لم اسلط على حسن ظني قنوط الآيسين فلا تبطل صدق رجائي لك بين الآملين، إلهى عظم جرمي إذ كنت المبارز به، وكبر ذنبي إذ كنت المطالب به إلا أني إذا ذكرت كبير جرمي وعظيم غفرانك، وجدت الحاصل لي من بينهما عفو رضوانك. إلهى إن دعاني إلى النار بذنبي مخشي عقابك فقد ناداني إلى الجنة بالرجاء حسن ثوابك، إلهي إن أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفك، فقد آنستني باليقين مكارم عطفك إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد أنبهتني المعرفة يا سيدي بكريم آلائك إلهى إن عزب لبي عن تقويم ما يصلحني فما عزب إيقاني بنظرك لي فيما ينفعني. إلهي إن انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي، فبالايمان أمضتها الماضيات (2) من أعوامي، إلهي جئتك ملهوفا قد البست عدم فاقتي، وأقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي، إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك، إلهي مسكنتي لا يجبرها إلا عطاؤك وامنيتي لا يغنيها إلا جزاؤك، إلهى أصبحت على باب من أبواب منحك سائلا وعن التعرض لسواك بالمسألة عادلا، وليس من جيمل امتنانك رد سائل ملهوف

 

(1) انقطعت خ ل. (2) أمضيت الماضيات، خ ل.

 

[101]

ومضطر لانتظار خيرك المألوف. إلهي أقمت على قنطرة من قناطر الاخطار، مبلوا بالاعمال والاعتبار، فأنا الهالك إن لم تعن علينا بتخفيف الاثقال، إلهي أمن أهل الشقاء خلقتني فاطيل بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فانشر رجائي، إلهي إن حرمتني رؤية محمد صلى الله عليه وآله في دار السلام، وأعدمتني تطواف الوصفاء من الخدام، وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في دار المقام، فغير ذلك منتني نفسي منك يا ذا الفضل والانعام. إلهي وعزتك وجلالك لوقرنتني في الاصفاد طول الايام، ومنعتني سيبك من بين الانام، وحلت بيني وبين الكرام، ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت وجه انتظاري للعفو عنك، إلهي لو لم تهدني إلى الاسلام ما اهتديت، ولو لم ترزقني الايمان بك ما آمنت، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حلاوة معرفتك ما عرفت، ولو لم تبين لي شديد عقابك ما استجرت. إلهي أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو التوحيد، ولم أعصك في أبغض الاشياء وهو الكفر، فاغفر لي ما بينهما، إلهى احب طاعتك وإن قصرت عنها، وأكره معصيتك، وإن ركبتها، فتفضل علي بالجنة وإن لم أكن من أهلها، وخلصني من النار وإن استوجبتها، إلهى إن أقعدني (1) [الذنوب] ظ عن السبق مع الابرار فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الاخيار. إلهي قلب حشوته من محبتك في دار الدنيا، كيف تطلع عليه نار محرقة في لظى، إلهي نفس أعززتها بتأييد إيمانك كيف تذلها بين أطباق نيرانك، إلهي لسان كسوته من تماجيدك أنيق أثوابها كيف تهوي إليه من النار مشتعلات التهابها إلهي كل مكروب إليك يلتجى، وكل محزون إياك يرتجى. إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، وسمع الزاهدون بسعة رحمتك فقنعوا، وسمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المجرمون بسعة غفرانك فطمعوا، وسمع المؤمنون بكرم عفوك وفضل عوارفك فرغبوا، حتى ازدحمت

 

(1) قعد بي خ ل.

 

[102]

مولاي ببابك عصائب العصاة من عبادك، وعجت إليك منهم عجيج الضجيج بالدعاء فلا بلادك، ولكل أمل قد ساق صاحبه إليك محتاجا، وقلب تركه وجيب خوف المنع منك مهتاجا، وأنت المسئول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، ولم تزرء بتنزيله قظيعات المعاطب. إلهي إن أخطأت طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد أصبت طريق الفزع إليك بما فيه سلامتها، إلهى إن كانت نفسي استسعدتني متمردة على ما يرديها، فقد استسعدتها الآن بدعائك على ما ينجيها، إلهى إن عداني الاجتهاد في ابتغاء منفعتي فلم يعدني برك بي فيما فيه مصلحتي، إلهي إن بسطت في الحكم على نفسي بما فيه حسرتها فقد أقسطت الآن بتعريفي إياها من رحمتك إشفاق رأفتك، إلهي إن أحجم بي قلة الزاد في المسير إليك فقد وصلته الآن بذخائر ما أعددته من فضل تعويلي عليك. إلهي إذا ذكرت رحمتك ضحكت إليها وجوه وسائلي، وإذا ذكرت سخطتك بكت لها عيون مسائلي، إلهي فافض بسجل من سجالك على عبد آئس (1) قد أتلفه الظما، وأحاط بخيط جيده كلال الونى. إلهى ادعوك دعاء من لم يرج غيرك بدعائه، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه، إلهي كيف أرد عارض تطلعي إلى نوالك وإنما أنا في استرزاقي لهذا البدن أحد عيالك، إلهي كيف اسكت بالافحام لسان ضراعتي، وقد أغلقني ما ابهم علي من مصير عاقبتي، إلهي قد علمت حاجة نفسي إلى ما تكفلت لها به من الرزق في حياتي، وعرفت قلة استغنائي عنه من الجنة بعد وفاتي، فيا من سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم فاقتي إليه في الآجل، فمن شواهد نعماء الكريم استتمام نعمائه، ومن محاسن الاء الجواد استكمال آلائه. إلهي لولا ما جهلت من أمري ما شكوت عثراتي، ولولا ما ذكرت من الافراط (2) ما سفحت عبراتي، إلهى صل على محمد وآل محمد وامح مثبتات العثرات

 

(1) آنس خ ل، بائس خ ل. (2) التفريط خ ل.

 

[103]

بمرسلات العبرات، وهب لى كثير السيئات لقليل الحسنات. إلهى إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك، فالى من يفزع المقصرون وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلتجئ المفرطون (1) وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون، وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون (2). إلهى إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل انقضاء أجله، إلهى إن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعى نقيبته، إلهى إن حجبت عن موحديك نظر تغمدك لجناياتهم، أوقعهم غضبك بين المشركين في كرباتهم. إلهى إن لم تنلنا يد إحسانك يوم الورود، اختلطنا في الجزاء بذوي الجحود اللهم فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، واستصف ما كدرته الجرائر منا بصفو صلاتك. إلهى ارحمنا غرباء إذا تضمنتنا بطون لحودنا، وغميت باللبن سقوف بيوتنا واضجعنا مساكين على الايمان في قبورنا، وخلفنا فرادى في أضيق المضاجع، وصرعتنا المنايا في أعجب المصارع، وصرنا في دار قوم كأنها مأهولة وهى منهم بلاقع إلهى إذا جئناك عراة حفاة مغبرة من ثرى الاجداث رؤوسنا، وشاحبة من تراب الملاخيد وجوهنا (3) وخاشعة من أفزاع القيامة أبصارنا وذابلة من شدة العطش شفاهنا وجائعة لطول المقام بطوننا، وبادية هنالك للعيون سوأتنا، وموقرة من ثقل الاوزار ظهورنا، ومشغولين بما قد دهانا عن أهالينا وأولادنا، فلا تضعف المصائب علينا بإعراض وجهك الكريم عنا، وسلب عائدة ما مثله الرجاء منا. إلهي ما حنت هذه العيون إلى بكائها، ولاجادت متشربة بمائها، ولا أسهدها بنحيب الثاكلات فقد عزائها إلا لما أسلفته من عمدها وخطائها، وما دعاها إليه

 

(1 و 2) المجرمون خ ل. (3) كذا، والظاهر: الصلاخيد.

 

[104]

عواقب بلائها، وأنت القادر يا عزيز على كشف غمائها. إلهي إن كنا مجرمين فانا نبكي على إضاعتنا من حرمتك ما تستوجبه، وإن كنا محرومين، فانا نبكى إذ فاتنا من جودك ما نطلبه إلهي شب حلاوة ما يستعذ به لساني من النطق في بلاغته، بزهادة ما يعرفه قلبي من النصح في دلالته. إلهي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين، وأمرت بصلة السؤال وأنت خير المسؤولين، إلهي كيف ينقل بنا اليأس إلى الامساك عما لهجنا بطلابه، و قدادرعنا من تأميلنا إياك أسبغ أثوابه إلهي إذا هزت الرهبة أفنان مخافتنا انقلعت من الاصول أشجارها، وإذا تنسمت أرواح الرغبة منا أغصان رجائنا أينعت بتلقيح البشارة أثمارها. إلهي إذا تلونا من صفاتك " شديد العقاب " أسفنا، وإذا تلونا منها " الغفور الرحيم " فرحنا، فنحن بين أمرين فلا سخطك تؤمننا ولا رحمتك تويسنا، إلهي إن قصرت مساعينا عن استحقاق نظرتك، فما قصرت رحمتك بنا عن دفاع نقمتك. إلهي إنك لم تزل علينا بحظوظ صنائعك منعما، ولنا من بين الاقاليم مكرما، وتلك عادتك اللطيفة في أهل الخيفة في سالفات الدهور وغابراتها، وخاليات الليالي وباقياتها، إلهي اجعل ما حبوتنا به من نور هدايتك درجات نرقى بها إلى ما عرفتنا من جنتك. إلهي كيف تفرح بصحبة الدنيا صدورنا، وكيف تلتئم في غمراتها امورنا وكيف يخلص لنا فيها سرورنا، وكيف يملكنا باللهو واللعب غرورنا، وقد دعتنا باقتراب الآجال قبورنا، إلهي كيف ينتهج في دار حفرت لنا فيها حفائر صرعتها وفتلت بأيدي المنايا حبائل غدرتها، وجرعتنا مكرهين جرع مرارتها، ودلتنا النفس على انقطاع عيشتها، لولا ما صنعت (1) إليه هذه النفوس من رفائغ لذتها وافتتانها بالفانيات من فواحش زينتها، إلهي فاليك نلتجئ فاليك نلتجئ من مكائد خدعتها، وبك نستعين على عبور قنطرتها، وبك نستفطم الجوارح عن أخلاف شهوتها، وبك نستكشف

 

(1) أضيفت خ ل.

 

[105]

جلابيب حيرتها، وبك نقوم من القلوب استصعاب جهالتها. إلهي كيف للدور أن تمنع من فيها من طوارق الرزايا، وقد اصيب في كل دارسهم من أسهم المنايا، إلهي ما تتفجع أنفسنا من النقلة عن الديار إن لم توحشنا هنالك من مرافقة الابرار، إلهي ما تضيرنا فرقة الاخوان والقرابات إن قربتنا منك يا ذا العطيات، إلهي ما تجف من ماء الرجاء مجاري لهواتنا إن لم تحم طير الاشائم (1) بحياض رغباتنا. إلهي إن عذبتني فعبد خلقته لما أردته فعذبته، وإن رحمتني فعبد وجدته مسيئا فأنجيته، إلهي لا سبيل إلى الاحتراس من الذنب إلا بعصمتك، ولا وصول إلى عمل الخيرات إلا بمشيتك، فكيف لي بافادة ما أسلفتني فيه مشيتك، وكيف بالاحتراس من الذنب ما لم تدركني فيه عصمتك، إلهي أنت دللتني على سؤال الجنة قبل معرفتها، فأقبلت النفس بعد العرفان على مسئلتها، أفتدل على خيرك السؤال ثم تمنعهم النوال، وأنت الكريم المحمود في كل ما تصنعه يا ذالجلال والاكرام. إلهي إن كنت غير مستوجب لما أرجو من رحمتك، فأنت أهل التفضل علي بكرمك، فالكريم ليس يصنع كل معروف عند من يستوجبه، إلهي إن كنت غير مستأهل لما أرجو من رحمتك، فأنت أهل أن تجود على المذنبين بسعة رحمتك، إلهي إن كان ذنبي قد أخافني فان حسن ظني بك قد أجارني، إلهي ليس تشبه مسئلتي مسألة السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا لاغناء بي عما سألتك على كل حال، إلهي ارض عني فان لم ترض عني فاعف عني، فقد يعفو السيد عن عبده وهو عنه غير راض. إلهي كيف أدعوك وأنا أنا، أم كيف أيأس منك وأنت أنت، إلهي إن نفسي قائمة بين يديك وقد أظلها حسن توكلي عليك، فصنعت بها ما يشبهك وتغمدتني بعفوك، إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب إليك وسائل عللي، فان عفوت فمن أولى منك بذلك، وإن عذبت فمن

 

(1) الاشائم جمع الاشام: ضد الايامن وطائر أشأم: أي جار بالشوم.

 

[106]

أعدل منك في الحكم هنالك، إلهي إني إن جرت على نفسي في النظر لها، وبقي نظرك لها، فالويل لها إن لم تسلم به. إلهي إنك لم تزل بي بارا أيام حياتي فلا تقطع برك عني بعد وفاتي، إلهي كيف أيأس من حسن نظرك لي بعد مماتي، وأنت لم تولني إلا الجميل في أيام حياتي، إلهي إن ذنوبي قد أخافتني، ومحبتي لك قد أجارتني، فتول من أمري ما أنت أهله، وعد بفضلك على من غمره جهله، يا من لا تخفى عليه خافية، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ما قد خفي على الناس من أمري. إلهي سترت علي في الدنيا ذنوبا ولم تظهرها، وأنا إلى سترها يوم القيامة أحوج، وقد أحسنت بي إذ لم تظهرها للعصابة من المسلمين فلا تفضحني بها يوم القيامة على رؤوس العالمين، إلهي جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي، إلهي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيؤون، إلهي لا تردني في حاجة قد أفنيت عمرى في طلبها منك، وهي المغفرة. إلهي إنك لو أردت إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تسترني فمتعني بماله قد هديتني وأدم لي ما به سترتني، إلهي ما وصفت من بلاء ابتليتنيه، أو إحسان أوليتنيه، فكل ذلك بمنك فعلته، وعفوك تمام ذلك إن أتممته. إلهي لولا ما قرفت من الذنوب ما فرقت عقابك، ولولا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، وأنت أولى الاكرمين بتحقيق أمل الآملين، وأرحم من استرحم في تجاوزه عن المذنبين، إلهي نفسي تمنيني بأنك تغفر لي فأكرم بها امنية بشرت بعفوك، فصدق بكرمك مبشرات تمنيها [وهب لي بجودك مبشرات تمنيها] وهب لي بجودك مدبرات تجنيها. إلهي ألقتني الحسنات بين جودك وكرمك، وألقتني السيئات بين عفوك ومغفرتك، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ ومحسن، إلهي إذا شهد لي الايمان بتوحيدك، وانطلق لساني بتمجيدك، ودلني القرآن على فواضل جودك


 

[107]

فكيف لا يتبهج رجائي بحسن موعودك، إلهي تتابع احسانك إلي يدلني على حسن نظرك لي، فكيف يشقى امرء حسن له منك النظر. إلهي إن نظرت إلي بالهلكة عيون سخطتك، فما نامت عن استنقاذي منها عيون رحمتك، إلهي إن عرضني ذنبي لعاقبك، فقد أدناني رجائي من ثوابك، إلهي إن عفوت فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك، فيامن لا يرجى إلا فضله، ولا يخاف إلا عدله، صل على محمد وآل محمد، وامنن علينا بفضلك، ولا تستقص علينا في عدلك. إلهي خلقت لي جسما، وجعلت لي فيه آلات اطيعك بها وأعصيك، واغضبك بها وارضيك وجعلت لي من نفسي داعية إلى الشهوات، وأسكنتني دارا قد ملئت من الآفات ثم قلت لي: انزجر، فبك أنزجر، وبك أعتصم وبك أستجير، وبك أحترز وأستوفقك لما يرضيك، وأسألك يا مولاي فان سؤالي لا يحفيك. إلهي ادعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه وأتضرع إليك تضرع من قد أقر على نفسه بالحجة في دعواه، إلهى لو عرفت اعتذار من الذنب في التنصل (1) أبلغ من الاعتراف به لآتيته، فهب لى ذنبي بالاعتراف ولا تردني بالخيبة عند الانصراف، إلهى سعت نفسي إيك لنفسي تستوهبها وفتحت أفواه آمالها نحو نظرة منك لا تستوجبها فهب لها ما سألت، وجد عليها بما طلبت، فانك أكرم الاكرمين بتحقيق أمل الآملين إلهى قد أصبت من الذنوب ما قد عرفت، وأسرفت على نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته وإما عاصيا فرحمته. إلهي كأني بنفسي قد اضجعت في حفرتها، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى الغريب عليها لغربتها وجاد بالدموع عليها المشفقون من عشيرتها وناداها من شفير القبر ذو وامودتها، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين إليها عند ذلك ضر فاقتها، ولا على من رآها قد توسدت الثرى عجز حيلتها، فقلت: ملائكتي فريد نأى عنه الاقربون، ووحيد جفاه الاهلون نزل بي قريبا، وأصبح في اللحد غريبا، وقد كان لي في دار الدنيا داعيا، ولنظري

 

(1) التنصل: الاعتذار.

 

[108]

إليه في هذا اليوم راجيا فتحسن عند ذلك ضيافتي، وتكون أرحم بي من أهلي وقرابتي. إلهي لو طبقت ذنوبي ما بين السماء إلى الارض وخرقت النجوم وبلغت أسفل الثرى، ما ردني اليأس عن توقع غفرانك، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك إلهي دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني جزاءك الذي وعدتنيه، فمن النعمة أن هديتني لحسن دعائك، ومن تمامها أن توجب لي محمود جزائك، إلهي وعزتك وجلالك لقد أحببتك محبة استقرت حلاوتها في قلبي، وما تنعقد ضمائر موحديك على أنك تبغض محبيك، إلهي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، ولست أيأس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون. إلهي لا تغضب علي فلست أقوى لغضبك، ولا تسخط علي فلست أقوم لسخطك إلهي أللنار ربتني امي فليتها لم تربني، أم للشقاء ولدتني فليتها لم تلدني، إلهي انهملت عبراتي حين ذكرت عثراتي، ومالها لا تنهمل، ولا أدري إلى ما يكون مصيري، وعلى ماذا يهجم عند البلاغ مسيري، وأرى نفسي تخاتلني، وأيامي تخادعني وقد خفقت فوق رأسي أجنحة الموت، ورمقتني من قريب أعين الفوت، فما عذري وقد حشا مسامعي رافع الصوت. إلهي لقد رجوت ممن ألبسني بين الاحياء ثوب عافيته ألا يعريني منه بين الاموات بجود رأفته، ولقد رجوت ممن تولاني في حياتي بإحسانه أن يشفعه لي عند وفاتي بغفرانه، يا أنيس كل غريب، آنس في القبر غربتي، ويا ثاني كل وحيد ارحم في القبر وحدتي، ويا عالم السر والنجوى ويا كاشف الضر والبلوى، كيف نظرك لي بين سكان الثرى، وكيف صنيعك إلي في دار الوحشة والبلى، فقد كنت بي لطيفا أيام حياة الدنيا، يا أفضل المنعمين في آلائه، وأنعم المفضلين في نعمائه، كثرت أياديك عندي فعجزت عن إحصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد على ما أوليت، ولك الشكر على ما أبليت، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج، بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحق


 

[109]

محمد وآل محمد أتقرب إليك، فصل على محمد وآل محمد، واعرف ذمتي التي بها رجوت قضاء حاجتي برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم اقبل أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه يعاتبها، ويقول: أيها المناجي ربه بأنواع الكلام، والطالب منه مسكنا في دار السلام، والمسوف بالتوبة عاما بعد عام ما أراك منصفا لنفسك من بين الانام، فلو رافعت نومك يا غافلا بالقيام، وقطعت يومك بالصيام، واقتصرت على القليل من لعق الطعام (1) وأحييت مجتهدا ليلك بالقيام كنت أحرى أن تنال أشرف المقام. أيتها النفس اخلصي ليلك ونهارك بالذاكرين، لعلك أن تسكني رياض الخلد مع المتقين، وتشبهي بنفوس قد أقرح السهر رقة جفونها، ودامت في الخلوات شدة حنينها، وأبكى المستمعين عولة أنينها، وألآن قسوة الضمائر ضجة رنينها، فانها نفوس قد باعت زينة الدنيا، وآثرت الآخرة على الاولى، اولئك وفد الكرامة يوم يخسر فيه المبطلون، ويحشر إلى ربهم بالحسنى والسرور المتقون (2). 15 - مناجاة اخرى له عليه السلام: اللهم إني أسئلك الامان الامان يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وأسئلك الامان الامان يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، وأسئلك الامان الامان يوم يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام، وأسئلك الامان الامان يوم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، إن وعد الله حق، وأسئلك الامان الامان يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. وأسئلك الامان الامان يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله وأسئلك الامان الامان يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، وأسئلك الامان الامان يوم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه، وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن

 

(1) لعق الطعام: ما يسد رمقك. (2) البلد الامين: 311 - 319.

 

[110]

في الارض جميعا ثم ينجيه. مولاي يا مولاي أنت المولى وأنا العبد وهل يرحم العبد إلا المولى، مولاي يا مولاي أنت المالك وأنا المملوك وهل يرحم المملوك إلا المالك، مولاي يا مولاي أنت العزيز وأنا الذليل، وهل يرحم الذليل إلا العزيز، مولاي يا مولاي أنت الخالق وأنا المخلوق، وهل يرحم المخلوق إلا الخالق. مولاي يا مولاي أنت العظيم وأنا الحقير، وهل يرحم الحقير إلا العظيم مولاي يا مولاي أنت القوي وأنا الضعيف وهل يرحم الضعيف إلا القوي، مولاي يا مولاي أنت الغني وأنا الفقير، وهل يرحم الفقير إلا الغني، مولاي يا مولاي أنت المعطي وأنا السائل، وهل يرحم السائل إلا المعطي، مولاي يا مولاي أنت الحي وأنا الميت وهل يرحم الميت إلا الحي، مولاي يا مولاي أنت الباقي وأنا الفاني وهل يرحم الفاني إلا الباقي. مولاي يا مولاي أنت الدائم وأنا الزائل وهل يرحم الزائل إلا الدائم، مولاي يا مولاي أنت الرازق وأنا المرزوق وهل يرحم المرزوق إلا الرازق، مولاي يا مولاي أنت الجواد وأنا البخيل وهل يرحم البخيل إلا الجواد، مولاي يا مولاي أنت المعافي وأنا الجواد وأنا البخيل وهل يرحم البخيل إلا الجواد، مولاي يا مولاي أنت المعافي وأنا المبتلى وهل يرحم المبتلى إلا المعافي، مولاي يا مولاي أنت الكبير وأنا الصغير وهل يرحم الصغير إلا الكبير، مولاي يا مولاي أنت الهادي وأنا الضال، وهل يرحم الضال إلا الهادي. مولاي يا مولاي أنت الرحمان وأنا المرحوم وهل يرحم المرحوم إلا الرحمان، مولاي يا مولاي أنت السلطان وأنا الممتحن وهل يرحم الممتحن إلا السلطان، مولاي يا مولاي أنت الدليل وأنا المتحير وهل يرحم المتحير إلا الدليل مولاي يا مولاي أنت الغفور وأنا المذنب وهل يرحم المذنب إلا الغفور، مولاي يا مولاي أنت الغالب وأنا المغلوب وهل يرحم المغلوب إلا الغالب، مولاي يا مولاي أنت الرب وأنا المربوب وهل يحرم المربوب إلا الرب، مولاي يا مولاي أنت المتكبر وأنا الخاشع، وهل يرحم الخاشع إلا المتكبر، مولاي يا مولاي ارحمنى برحمتك


 

[111]

وارض عني بجودك وكرمك، يا ذا الجود والاحسان، والطول والامتنان، يا أرحم الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وآله أجمعين. 16 - ق: مناجاة: إلهي توعرت الطرق وقل السالكون، فكن أنيسى في وحدتي، وجليسي في خلوتي، فاليك أشكو فقري وفاقتي، وبك أنزلت ضري ومسكنتي، لانك غاية امنيتي، ومنتهى بلوغ طلبتي، فيا فرحة لقلوب الواصلين، ويا حياة لنفوس العارفين، ويا نهاية شوق المحبين. أنت الذي بفنائك حطت الرحال، وإليك قصدت الآمال، وعليك كان صدق الاتكال، فيا من تفرد بالكمال، وتسربل بالجمال، وتعزز بالجلال، وجاد بالافضال، لا تحرمنا منك النوال. إلهي بك لاذت القلوب لانك غاية كل محبوب، وبك استجارت فرقا من من العيوب وأنت الذي علمت فحلمت، ونظرت فرحمت، وخبرت وسترت، و غضبت فغفرت، فهل مؤمل غيرك فيرجى، أم هل رب سواك فيخشى، أم هل معبود سواك فيدعى، أم هل قدم عند الشدائد إلا وهي إليك تسعى، فوعز عزك يا سرور الارواح، ويا منتهى غاية الافراح، إني لا أملك غير ذلي ومسكنتي لديك وفقري وصدق توكلي عليك، فأنا الهارب منك إليك، وأنا الطالب منك ما لا يخفى عليك، فان عفوت فبفضلك، وإن عاقبت فبعدلك، وإن مننت فبجودك، وإن تجاوزت فبدوام خلودك. إلهى بجلال كبريائك أقسمت، وبدوام خلود بقائك آليت، إني لابرحت مقيما ببابك حتى تؤمنني من سطوات عذابك، ولا أقنع بالصفح عن سطوات عذابك حتى أروح بجزيل ثوابك. إلهي عجبا لقلوب سكنت إلى الدنيا، وتروحت بروح المنى، وقد علمت أن ملكها زائل، ونعيمها راحل، وظلها آفل، وسندها مائل، وحسن نضارة بهجتها حائل، وحقيقتها باطل، كيف لا يشتاق إلى روح ملكوت السماء، وأنى لهم


 

[112]

ذلك وقد شغلهم حب المهالك، وأضلهم الهوى عن سبيل المسالك. إلهى اجعلنا ممن هام بذكرك لبه، وطار من سوقه إيك قلبه، فاحتوته عليه دواعي محبتك، فحصل أسيرا في قبضتك، إلهي كيف اثني وبدء الثناء منك عليك، وأنت الذي لا يعبر عن ذاته نطق، ولا يعيه سمع، ولا يحويه قلب، ولا يدركه وهم، ولا يصحبه عزم، ولا يخطر على بال. فأوزعني شكرك، ولا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، وجد بما أنت أولى أن تجود به يا أرحم الراحمين. دعاء: إلهى ذنوبي تخوفني منك، وجودك يبشرني عنك، فأخرجني بخوفك من الخطايا، وأوصلني برحمتك إلى العطايا، حنى أكون في القيامة عتيق كرمك، كما كنت في الدنيا ربيب نعمك، فليس عجبا ما يهجني غدا من النجا معما ينجيه اليوم من الرجاء، إلهي متى خاب في غنائك آمل وانصرف بالرد عنك سائل، أم متى دعيت فلم تجب، أم استوهبت فلم تهب، يا من أمر بالدعاء، وتكفل بالوفاء، لا تحرمني رضوانك، ولا تعدمني إحسانك، واجعل لي من عنايتك أمنا وموئلا، ومن ولايتك حصنا ومعقلا، حتى لا يضرني مع ذلك ضار، ولا يخلو قلبي من سرور واستبشار. إلهي إليك منك فراري، ولك بك إقراري، وأنت حسبي ونعم الوكيل، و ربي ونعم الدليل، إلهي فقومني من الزلل، وقوني من الملل، وأرشدني لاقصد السبل، ووفقني لافضل العمل، حتى أنال بفضلك غاية الامل، إلهي أنت مجيب دعوة المضطر، وهادي المتحير في ظلمات البحر والبر، اللهم فيسر فتح أغلاق قلوبنا، واكشف لبصائرنا أستار عيوبنا، واكفنا بركن عزك من أوامر نفوسنا وصف لعلم حقائقك خواطر محسوسنا حتى لا نزيغ عن سنن طريقك، ولا نروغ عن متن توفيقك، ولا نبغي سواك جليسا، ولا نختار غيرك أنيسا. إلهي أدعوك دعاء المحتل الفقير، وأرجوك رجاء الخائف المستجير، دعاء من قلت حيلته واشتدت فاقته، وعظمت أجرامه، وتفاقمت آثامه، اللهم فكن


 

[113]

لذنوبنا غافرا، ولكسرنا جابرا، وأجرنا من عذاب السعير، ودعاء الثبور، و سلمنا من مضلات الفتن، وإضاعة السنن، وجور الحكم، واستعذاب الظلم، وعواقب البغي، وركوب الغي، وأطلق ألسنتنا بشكر آلائك، والتحدث بنعمائك، وأبحنا النظر إليك، وأكرم محليا في دار القدس لديك، يا من لا يخلف وعده، ولا يقطع رفده، بيدك الخير كله وأنت معدن الفضل ومحله وصلى الله على محمد نبينا وعلى آدم أبينا وحوا امنا، ومن بينهما من النبيين والمرسلين والشهداء والصالحين. 17 - لد: روى الشيخ ابو جعفر محمد بن بابويه قال: حدثنى عبد الله بن رفاعة قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن الحارث النوفلي قال: حدثني أبي وكان خادم علي بن موسى الرضا عليهما السلام قال: لما زوج المأمون محمد بن علي بن موسى عليهما السلام ابنته كتب إليه أن لكل زوجة صداقا من مال زوجها، وقد جعل الله أموالنا في الاخرة مؤجلة لنا فكنزناها هناك كما جعل أموالكم في الدنيا معجلة لكم فكنزتموها هنا وقد أمهرت ابنتك الوسائل إلى المسائل وهي مناجاة دفعها إلي أبي، وقال: دفعها إلي موسى أبي وقال: دفعها إلي جعفر أبي، وقال: دفعها إلي محمد أبي، وقال: دفعها إلي علي أبي، وقال: دفعها إلي الحسين بن علي أبي وقال: دفعها إلي الحسن أخي وقال دفعها إلي علي بن ابي طالب عليهم السلام وقال: دفعها إلي النبي محمد صلى الله عليه وآله في صحيفة وقال: دفعها إلي جبرئيل عليه السلام وقال: ربك يقول هذه مفاتيح كنوز الدنيا والآخرة، فاجعلها وسائلك إلى مسائلك تصل إلى بغيتك وتنجح في طلبتك، ولا تؤثرها لحوائج دنياك فتبخس بها الحظ من آخرتك، وهي عشر وسائل إلى عشر مسائل، تطرق بها أبواب الرغبات فتفتح، وتطلب بها الحاجات فتنجح، وهذه نسختها: المناجاة بالاستخارة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن خيرتك فيما أستخيرك (1) فيه تنيل الرغائب وتجزل المواهب، وتغنم المطالب، وتطيب المكاسب، وتهدي إلى أجمل المذاهب

 

(1) استخرتك خ ل.

 

[114]

وتسوق إلى أحمد العواقب، وتقي مخوف النوائب، اللهم إني أستخيرك فيما عزم رأيي عليه، وقادني عقلي إليه، سهل اللهم منه (1) ما توعر، ويسر منه ما تعسر، واكفني فيه المهم، وادفع عني كل ملم، واجعل رب عواقبه غنما و خوفه سلما، وبعده قربا، وجدبه خصبا، وأرسل (2) اللهم إجابتي وأنجح فيه طلبتي واقض حاجتي، واقطع عوائقها، وامنع بوائقها، وأعطني اللهم لواء الظفر بالخيرة فيما استخرتك، ووفور (3) الغنم فيما دعوتك، وعوائد الافضال فيما رجوتك وأقرنه اللهم رب بالنجاح، وحطه (4) بالصلاح، وأرني أسباب الخيرة فيه واضحة وأعلام غنمها لائحة، واشدد خناق تعسرها، وانعش صريع تيسرها، وبين اللهم ملتبسها، وأطلق محتبسها ومكن اسها فيه، حتى تكون خيرة مقبلة بالغنم مزيلة للغرم، عاجلة النفع، باقية الصنع، إنك ولي المزيد، مبتدئ بالجود (5). المناجاة بالاستقالة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن الرجاء لسعة رحمتك أنطقني باستقالتك والامل لاناتك ورفقك شجعني على طلب أمانك وعفوك، ولي يا رب ذنوب قد واجهتها أوجه الانتقام، وخطايا قد لاحظتها أعين الاصطلام، واستوجبت بها على عدلك أليم العذاب، واستحققت باجتراحها مبير العقاب، وخفت تعويقها لاجابتي وردها إياي عن قضاء حاجتي، وإبطالها لطلبتي، وقطعها لاسباب رغبتي من أجل ما قد أنقض ظهري من ثقلها، وبهظني من الاستقلال بحملها، ثم تراجعت رب إلى حلمك عن العاصين وعفوك عن الخاطئين، ورحمتك للمذنبين (6) فأقبلت بثقتي متوكلا عليك، طارحا نفسي بين يديك، شاكيا بثي إليك، سائلا رب ما لا أستوجبه

 

(1) فيه خ ل. (2) وأوشك خ ل. (3) وفوز خ ل. (4) وخصه خ ل (5) زاد بعده في بعض النسخ: قبل استحقاقه، وصل على محمد المحمود وآله الطاهرين. (6) عن الخاطئين وعفوك عن المذنبين ورحمتك للعاصين خ ل.

 

[115]

من تفريج الغم، ولا أستحقه من تنفيس الهم (1) مستقيلا رب لك، واثقا مولاي بك. اللهم فامنن علي بالفرج، وتطول علي بسلامة المخرج (2) وادللني برأفتك على سمت المنهج: وأزلني بقدرتك عن الطريق الاعوج، وخلصني من سجن الكرب (3) باقالتك، وأطلق أسري برحمتك، وتطول علي برضوانك، وجد علي باحسانك، وأقلني رب عثرتي، وفرج كربتي، وارحم عبرتي، ولا تحجب دعوتي، واشدد بالاقالة أزرى، وقو بها ظهري، وأصلح بها أمري. وأطل بها عمري وارحمني يوم حشري، ووقت نشري، إنك جواد كريم، غفور رحيم [وصل على محمد وآله]. المناجاة بالسفر: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني اريد سفرا فخر لى فيه، وأوضح لى فيه سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة وأفد لى به جزيل الحظ والكرامة واكلاني فيه بحريز (4) الحفظ والحراسة و جنبني اللهم وعثاء الاسفار وسهل لى حزونة الاوعار، واطولي البعيد لطول انبساط المراحل، وقرب مني بعد نأى المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل حتى تقرب نياط البعيد وتسهل وعورة الشديد. ولقني اللهم في سفري نجح طائر الواقية، وهنئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الاهوال، وباعث وفود الكفاية، وسائح خفير الولاية واجعله اللهم رب عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم رب الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك

 

(1) من تفريج الهم ولا أستحقه من تنفيس الغم خ ل. (2) بسهولة المخرج، خ ل. (3) في بعض نسخ المناجات: وخلصني اللهم من أشجن الكرب. (4) بحسن، خ ل.

 

[116]

واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه صاحبتي، والعافية مقارنتي واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي والامر مرافقي إنك ذوالمن والطول والقوة والحول، وأنت على كل شئ قدير. المناجاة بطلب الرزق: اللهم ارسل علي سجال رزقك مدرارا، وأمطر سحائب إفضالك علي غزارا وارم غيث نيلك إلي سجالا، وأسبل مزيد نعمك على خلتي إسبالا، وافقرني بجودك إليك، وأغنني عمن يطلب ما لديك، وداو داء فقري بدواء فضلك، وانعش صرعة عيلتي بطولك، واجبر كسر خلتي بنولك، وتصدق على إقلالي بكثرة عطائك وعلى اختلالي بكرم (1) حيائك، وسهل رب سبيل الرزق إلي، واثبت قواعده لدي، وبجس لي عيون سعة رحمتك، وفجر أنهار رغد العيش قبلى برأفتك ورحمتك، وأجدب أرض فقري وأخصب جدب ضري، واصرف عنى في الرزق العوائق، واقطع عنى من الضيق العلائق، وارمنى اللهم من سعة الرزق بأخصب سهامه، واحبني من رغد العيش بأكثر دوامه. واكسني اللهم أي رب سرابيل السعة، وجلابيب الدعة، فانى رب منتظر لانعامك بحذف الضيق، ولتطولك بقطع التويق، ولتفضلك ببتر التقصير، ولوصل حبلى بكرمك بالتيسير، وأمطر اللهم علي سماء رزقك بسجال الديم، وأغنني عن خلقك بعوائد النعم، وارم مقاتل الاقتار مني، واحمل عسف الضر عني، واضرب الضر بسيف الاستيصال، وامحقه رب منك بسعة الافضال، وامددنى بنمو الاموال واحرسني من ضيق الاقلال، واقبض عنى سوء الجدب، وابسط لى بساط الخصب وصحبني بالاستظهار، ومسني بالتمكين (2) من اليسار، إنك ذو الطول العظيم والفضل العميم، وأنت الجواد الكريم، الملك الغفور الرحيم، اللهم اسقني من ماء رزقك غدقا، وانهج لي من عميم بذلك طرقا، وافجأني (3) بالثروة والمال، وانعشني

 

(1) بكريم، خ ل. (2) بالتمكن، خ ل. (3) فاجئني خ ل.

 

[117]

فيه بالاستقلال. المناجاة بالاستعاذة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أعوذ بك من ملمات نوازل البلاء وأهوال عظائم الضراء، فأعذني رب من صرعة البأساء، واحجبني من سطوات البلاء، ونجني من مفاجاة النقم، واحرسني من زوال النعم، ومن زلل القدم واجعلني اللهم رب في حمى عزك وحياطة حرزك من مباغتة الدوائر، ومعاجلة البوادر، اللهم رب وأرض البلاء فاخسفها، وعرصة المحن فارجفها، وشمس النوائب فاكسفها، وجبال السوء فانسفها، وكرب الدهر فاكشفها، وعوائق الامور فاصرفها، وأوردني حياض السلامة، واحملني على مطايا الكرامة، واصحبني باقالة العثرة، واشملني بستر العورة، وجد علي رب بآلائك، وكشف بلائك ودفع ضرائك، وادفع عني كلاكل عذابك، واصرف عني أليم عقابك، وأعذني من بوائق الدهور، وأنفذني من سوء عواقب الامور، واحرسني من جميع المحذور واصدع صفاة البلاء عن أمري، واشلل يده عني مدة عمرى، إنك الرب المجيد المبدئ المعيد، الفعال لما تريد. المناجاة بطلب التوبة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم رب إني قصدت إليك باخلاص توبة نصوح وتثبيت عقد صحيح، ودعاء قلب جريح، وإعلان قول صريح، اللهم رب فتقبل مني إنابة مخلص التوبة، وإقبال سريع الاوبة، ومصارع تجشع الحوبة، وقابل رب توبتي بجزيل الثواب، وكريم المآب، وحط العقاب، وصرف العذاب، و غنم الاياب، وستر الحجاب، وامح اللهم رب بالتوبة ما ثبت من ذنوبي، واغسل بقبولها جميع عيوبي، واجعلها جالية لرين قلبي، شاحذة لبصيرة لبى، غاسلة مصيري، واقبل رب توبتي، فانها بصدق من إخلاص نيتي، ومحض من تصحيح بصيرتي، واحتفال في طويتي، واجتهاد في لقاء سريرتي، وتثبيت إنابتي، ومسارعة


 

[118]

إلى أمرك بطاعتي. واجل اللهم رب عني بالتوبة ظلمة الاصرار، وامح بها ما قدمته من الاوزار، واكسني بها لباس التقوى، وجلابيب الهدى، فقد خلعت ربق المعاصي عن جلدي، ونزعت سربال الذنوب عن جسدي، متمسكا رب بقدرتك، مستعينا على نفسي بعزتك، مستودعا توبتي من النكث بخفرتك، معتصما من الخذلان بعصمتك، مقرا بلا حول ولا قوة إلا بك. المناجاة بطلب الحج: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ارزقني الحج الذي فرضته على من استطاع إليه سبيلا واجعل لي فيه هاديا وإليه دليلا وقرب لي بعد المسالك، وأعني فيه على تأدية المناسك، وحرم باحرامي على النار جسدي، وزد للسفر في زادي وقوتي وجلدي، وارزقني رب الوقوف بين يديك، والافاضة إليك، وظفرنى بالنجح واحبني بوافر الربح، وأصدرني رب من موقف الحج الاكبر إلى مزدلفة المشعر، واجعلها زلفة إلى رحمتك، وطريقا إلى جنتك، أوقفني موقف المشعر الحرام، ومقام وفود الاحرام، وأهلني لتأدية المناسك، ونحر الهدي التوامك (1) بدم يثج، وأوداج تمج، وإراقة الدماء المسفوحة، من الهدايا المذبوحة، وفري أوداجها على ما أمرت، والتنفل بها كما رسمت، وأحضرني اللهم صلاة العيد راجيا للوعد حالقا شعر رأسي ومقصرا مجتهدا في طاعتك، مشمرا راميا للجمار بسبع بعد سبع من الاحجار، وأدخلني اللهم عرصة بيتك وعقوتك وأولجني محل أمنك وكعبتك ومساكينك وسؤالك، ووفدك ومحاويجك، وجد علي اللهم بوافر الاجر من الانكفاء والنفر، واختم لي مناسك حجي وانقضاء عجي بقبول منك لي ورأفة منك يا غفور يا رحيم يا أرحم الراحمين. المناجاة بكشف الظلم: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن ظلم عبادك قد تمكن في بلادك حتى أمات العدل، وقطع السبل، ومحق الحق، وأبطل الصدق، وأخفى البر، و

 

(1) التوامك جمع تامك: الناقة العظيمة السنام.

 

[119]

أظهر الشر، وأهمل التقوى، وأزال الهدى، وأزاح الخير، وأثبت الضير، وأنمى الفساد، وقوى العباد، وبسط الجور، وعدى الطور، اللهم يا رب لا يكشف ذلك إلا سلطانك، ولا يجير منه إلا امتنانك، اللهم رب فابتر الظلم، وبت جبال الغشم، واخمل سوق المنكر، وأعز من عنه زجر، واحصد شأفة أهل الجور وألبسهم الحور بعد الكور، وعجل لهم البتات، وأنزل عليهم المثلات، وأمت حياة المنكرات، ليأمن المخوف، ويسكن الملهوف، ويشبع الجائع، ويحفظ الضائع ويؤوى الطريد، ويعود الشريد، ويغني الفقير، ويجار المستجير، ويوقر الكبير ويرحم الصغير، ويعز المظلوم، ويذل الظلوم، وتفرج الغماء، وتسكن الدهماء ويموت الاختلاف، ويحيى الايتلاف، ويعلو العلم ويشمل السلم، وتجمل النيات ويجمع الشتات، ويقوى الايمان، ويتلى القرآن، إنك أنت الديان، المنعم المنان. المناجات بالشكر لله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد على مرد نوازل البلاء، وملمات الضراء، وكشف نوائب اللاواء، وتوالي سبوغ النعماء، ولك الحمد رب على هنيئ عطائك، ومحمود بلائك، وجليل آلائك، ولك الحمد على إحسانك الكثير وخيرك الغزير، وتكليفك اليسير، ودفعك العسير، ولك الحمد يا رب على تثميرك قليل الشكر، واعطائك وافر الاجر، وحطك مثقل الوزر، وقبولك ضيق العذر، و وضعك باهظ الاصر (1)، وتسهيلك موضع الوعر، ومنعك مفظع الامر، ولك الحمد على البلاء المصروف ووافر المعروف، ودفع المخوف، وإذلال العسوف، ولك الحمد على قلة التكليف، وكثرة التخفيف، وتقوية الضعيف، وإغاثة اللهيف، ولك الحمد على سعة إمهالك، ودوام إفضالك، وصرف محالك، وحميد فعالك، وتوالي نوالك ولك الحمد على تأخير معاجلة العقاب، وترك مغافصة العذاب، وتسهيل طرق المآب وإنزال غيث السحاب، إنك المنان الوهاب.

 

(1) فادح الاصر: خ ل، أي ثقيله.

 

[120]

المناجاة بطلب الحاجة: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم جدير من أمرته بالدعاء أن يدعوك، ومن وعدته بالاجابة أن يرجوك، ولي اللهم حاجة قد عجزت عنها حيلتي، وكلت فيها طاقتي، وضعفت عن مرامها قدرتي، وسولت لي نفسي الامارة بالسوء، وعدوي الغرور الذي أنا منه مبتلى أن أرغب فيها إلى ضعيف مثلي، ومن هو في النكول شكلي، حتى تداركتني رحمتك، وبادرتني بالتوفيق رأفتك، ورددت علي عقلي بتطولك، وألهمتني رشدي بتفضلك، وأحييت بالرجاء لك قلبي، وأزلت خدعة عدوي عن لبي، وصححت بالتأميل فكري، وشرحت بالرجاء لاسعافك صدري وصورت لي الفوز ببلوغ ما رجوته، والوصول إلى ما أملته، فوقفت اللهم رب بين يديك سائلا لك، ضارعا إليك، واثقا بك، متوكلا عليك في قضاء حاجتي وتحقيق امنيتي، وتصديق رغبتي، فأنجح اللهم حاجتي بأيمن نجاح، واهدها سبيل الفلاح، وأعذني اللهم رب بكرمك من الخيبة والقنوط، والاناءة والتثبيط بهنيئ إجابتك وسابغ موهبتك، إنك ملي ولي، وعلى عبادك بالمنائح الجزيلة وفي، و أنت على كل شئ فدير، وبكل شئ محيط، وبعبادك خبير بصير (1). مهج: روينا باسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه، عن إبراهيم بن محمد بن الحارث النوفلي إلى آخر الدعوات (2). أقول: روى السيد في كتاب فتح الابواب الدعاء الاول مع اختصار هكذا حدث أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبرى عن هبة الله بن سلامة المقري، عن إبراهيم بن أحمد البزوفري، عن الرضا، عن أبيه، عن جده الصادق عليه السلام كما مر في كتاب الصلاة. 18 - وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي رحمه الله نقلا من خط الشهيد قدس سره من كتاب ينسب إلى علي بن إسماعيل الميثمي، كان زين العابدين

 

(1) البلد الامين: 515 - 521. (2) مهج الدعوات ص 321 - 330.

 

[121]

عليه السلام يقول: ومن أنا حتى تقصد قصدي لغضب منك يدوم علي، فوعزتك ما يغير ملكك حسناتي، ولا تشينه سيئاتي، ولا ينقص من خزائنك غنائي، ولا يزيد بها فقري إذا ذكرت أياديك التي سلفت * مع سوء فعلي وزلاتي ومجترمي أكاد أهلك يأسا ثم يدركنى * علمي بأنك مجبول على الكرم 19 - ق: مناجاة مولانا زين العابدين صلوات الله عليه: يا راحم رنة العليل، ويا عالم ما تحت خفى الانين، اجعلني من السالمين في حصنك الذي لا ترومه الاعداء، ولا يصل إلي فيه مكروه الاذى، فأنت مجيب من دعا، وراحم من لاذبك وشكا، أستعطفك علي، وأطلب رحمتك لفاقتي فقد غلبت الامور قلة حيلتى، وكيف لا يكون ذلك، ولم أك شيئا وكونتنى، ثم بعد التكوين إلى دار الدنيا أخرجتني، وبأحكامك فيها ابتليتنى، سبحانك سبحانك لا أجد عذرا أعتذر فأبرأ، ولا شيئا أستعين به دونك فأعنى، إلهى أستعطفك علي أبدا أبدا. إلهى كيف أدعوك، وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، حبك في قلبى وإن كنت عاصيا، مددت يدا بالذنوب مملوءة، وعينا بالرجاء ممدودة، ودمعة بالآمال موصولة، إلهى أنت ملك العطايا، وأنا أسير الخطايا، ومن كرم العظماء الرفق بالاسراء، وأنا أسير جرمى، مرتهن بعملي، إلهى لئن طالبتني بسريرتي لاطلبن منك عفوك، إلهى لئن أدخلتني النار لاحدثن أهلها أنى احبك، إلهى الطاعة تسرك، والمعاصي لا تضرك، فصل على محمد وآله، وهب لى ما يسرك، واغفر لى ما لا يضرك. إلهي أمن أهل الشقاوة خلقتني فأطيل بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فأنشر رجائي، إلهي الوقع مقامع الزبانية ركبت أعضائي، أم لشرب الصديد خلقت أمعائي، إلهي أنا الذي لا أقطع منك رجائي، ولا أخيب منك دعائي، إلهي نظرت إلى عملي فوجدته ضعيفا، وحاسبت نفسي فوجدتها لا تقوى على شكر نعمة


 

[122]

واحدة أنعمتها علي، فكيف أطمع أن اناجيك، فارحمني إذا طاش عقلي، وحشرج صدري، وادرجت خلوا في كنفى، وإن كانت دنت وفاتي وشخوصي إليك فاحشرني مع محمد وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين. مناجاة له اخرى صلى الله عليه: إلهى وسيدي ومولاي إن قطعت توفيقك خذلتني، إلهى وسيدي ومولاي إن رددتني إلى نفسي أهلكتني، إلهى وسيدي ومولاي إن رددتني إلى سؤال غيرك أذللتني، إلهى وسيدي ومولاي أوبقتنى ذنوبي وأنت أولى من عفا عني، إلهي وسيدي ومولاي عظم ذنبي، ولا يغفر العظيم أحد سواك، إلهي وسيدي ومولاى حسن ظني بك جرأني على معاصيك، إلهي وسيدي ومولاي لئن أدخلتني النار لقد جمعت بيني وبين من كنت اعاديه فيك. مناجاة له اخرى صلى الله عليه: إلهي طال ما نامت عيناي، وقد حضرت أوقات صلواتك، وأنت مطلع علي تحلم عني يا كريم إلى أجل قريب، فويل لهاتين العينين كيف تصبر على تحريق النار (1) إلهي طال ما مشت قدماى في غير طاعتك وأنت مطلع علي تحلم عني يا كريم إلى أجل قريب فويل لهاتين القدمين كيف تصبر على تحريق النار، إلهي طال ما ركبت نفسي ما نهيت عنه، فحلمت عنها يا كريم إلى أجل قريب فويل لهذا الجسم الضعيف كيف يصبر على تحريق النار. إلهي ليتني لم اخلق لشقاوة جسدي، إلهي ليت امي لم تلدني، إلهي ليتني لم أسمع بذكر جهنم وسلاسلها، وتثقيل أغلالها، إلهي ليتني كنت طائرا فأطير في الهواء من خوفك، إلهي الويل لي ثم الويل لي إن كان إلى جهنم محشري، إلهي الويل لي ثم الويل لي إن كان في النار مجلسي، إلهي الويل لي ثم الويل لي إن كان الزقوم فيها طعامي، إلهي الويل لي ثم الويل لي إن كان الحميم فيها شرابي، إلهي الويل لي ثم الويل لي إن كان الشيطان والكفار فيها أقراني.

 

(1) علي بحريق النار خ ل في المواضع.

 

[123]

إلهي الويل لي ثم الويل لي إن أنا قدمت عليك وأنت ساخط علي، فمن ذالذي يرضيك عني، ليس لي حسنة سبقت لي في طاعتك أرفع بها إليك رأسي أو ينطق بها لساني، ليس لي إلا الرجاء منك، فقد سبقت رحمتك غضبك، عفوك عفوك عفوك، فانك قلت في كتابك المنزل، على نبيك المرسل، صلواتك عليه وعلى آله وسلامك " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الاليم " صدقت صدقت يا سيدى، ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يجير من عقابك إلا عفوك، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك، أتضرع إليك يا رب تضرع المذنب الحقير وأدعوك دعاء البائس الفقير، وأسئلك مسألة المسكين الضرير، فصل على محمد وآل محمد وامنن علي بالجنة، وعافني من النار. إلهي [من] ظ علي باحسانك الذي فيه الغناء عن القريب والبعيد والاعداء والاخوان، وألحقني بالذين غمرتهم سعة رحمتك، فجعلتهم أطيابا أبرارا أتقياء ولنبيك محمد صلواتك عليه وعلى آله جيران في دار السلام، واغفر للمؤمنين والمؤمنات مع الآباء والامهات، والاخوة والاخوات، وألحقنا وإياهم بالابرار، وأبحنا وإياهم جناتك مع النجباء الاخيار. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني وجميع إخواني بك مؤمنين، وعلى الاسلام ثابتين، ولفرائضك مؤدين، وعلى الصلوات محافظين، وللزكاة فاعلين، و لمرضات متيقنين، وللاخلاص مخلصين، ولك ذاكرين، ولسنة نبيك صلوات الله عليه وعلى آله متبعين، ومن عذابك مشفقين، ومن عدلك خائفين، ولفضلك راجين ومن الفزع الاكبر آمنين، وفي خلق السماوات والارض متفكرين، ومن الذنوب والخطايا تائبين، وعن الرياء والسمعة منزهين، ومن الشرك والزيغ والكفر والشقاق والنفاق معصومين، وبرزقك قانعين، وللجنة طالبين، ومن النار هاربين، ومن الحلال الطيب مرزوقين، وعند الشبهات واقفين، وعلى محمد وآله مصلين، ولاهل الايمان ناصحين، وللاخوان فيك مستغفرين، وعند معاينة الموت مستبشرين، وفي وحشة القبر فرحين، وبلقاء منكر ونكير مسرورين، وعند مساءلتهم بالصواب مجيبين، و


 

[124]

في الدنيا زاهدين، وفي الآخرة راغبين، وللجنة طالبين، وللفردوس وارثين، ومن ثياب السندس والاستبرق لابسين وعلى الارائك متكئين، بالتجيان المكللة بالدر واليواقيت والزبرجد متوجين، وللولدان المخلدين مستخدمين، وبأكواب وأباريق وكاس من معين شاربين، ومن الحور العين مزوجين، وفي نعيم الجنة مقيمين، وفي دار المقامة خالدين، لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين. اللهم اغفر لنا ولاخواننا المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات، والتباع بينهم بالخيرات إنك ولي الباقيات الصالحات. مناجاة له اخرى صلى الله عليه تعرف بالصغرى: سبحانك يا إلهي ما أحلمك وأعظمك وأعزك وأكرمك وأعلاك وأقدمك وأحكمك وأعلمك، وسع علمك تهدد المتكبرين، واستغرقت نعمتك شكرا لشاكرين وعظم فضلك عن إحصاء المحصين، وجل طولك عن وصف الواصفين، خلقتنا بقدرتك ولم نك شيئا، وصورتنا في الظلماء بكنه لطفك، وأنهضتنا إلى نسيم روحك، وغذوتنا بطيب رزقك ومكنت لنا في مهاد أرضك، ودعوتنا إلى طاعتك، فاستنجدنا باحسانك على عصيانك، ولو لا حلمك ما أمهلتنا إذ كنت قد سدلتنا بسترك، وأكرمتنا بمعرفتك وأظهرت علينا حجتك، وأسبغت علينا نعمتك، وهديتنا إلى توحيدك، وسهلت لنا المسلك إلى النجاة، وحذرتنا سبيل المهلكة، فكان جزاؤك منا أن كافأناك على الاحسان بالاساءة، اجتراء منا على ما أسخط، ومسارعة إلى ما باعد من رضاك واغتباطا بغرور آمالنا، وإعراضا على زواجر آجالنا، فلم يرد عنا ذلك حتى أتانا وعدك، ليأخذ القوة منا، فدعوناك مستحطين لميسور رزقك، منتقصين لجوائزك فنعمل بأعمال الفجار، كالمراصدين لمثوبتك بوسائل الابرار، نتمنى عليك العظائم. فانا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة عظمت رزيتها، وساء ثوابها، وظل عقابها، وطال عذابها، وإن لم تتفضل بعفوك ربنا فتبسط آمالنا، وفي وعدك العفو عن زللنا.


 

[125]

رجونا إقالتك وقد جاهرناك بالكبائر، واستخفينا فيها من أصاغر خلقك ولا نحن راقبناك خوفا منك وانت معنا، ولا استحيينا منك وأنت ترانا، ولا رعينا حق حرمتك أي رب، فبأي وجه - عز وجهك - نلقاك، أو بأي لسان نناجيك وقد نقضنا العهود بعد توكيدها وجعلناك علينا كفيلا. ثم دعوناك عند البلية، ونحن مقتحمون في الخطيئة، فأجبت دعوتنا وكشفت كربتنا، ورحمت فقرنا وفاقتنا، فيا سوأتاه ويا سوء صنيعاه بأي حالة عليك اجترأنا وأي تغرير بمهجنا غررنا، أي رب بأنفسنا استخففنا عند معصيتك لا بعظمتك، و بجهلنا اغتررنا لا بحلمك، وحقنا أضعنا لا كبير حقك، وأنفسنا ظلمنا، ورحمتك رجونا، فارحم تضرعنا، وكبونا لوجهك وجوهنا المسودة من ذنوبنا، فنسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد وأن تصل خوفنا بأمنك، ووحشتنا بانسك، ووحدتنا بصحبتك وفناءنا ببقائك، وذلنا بعزك، وضعفنا بقوتك، فانه لا ضيعة على من حفظت، ولا ضعف على من قويت، ولا وهن على من أعنت. نسئلك يا واسع البركات، ويا قاضي الحاجات، ويا منجح الطلبات أن تصلى على محمد وآل محمد وأن ترزقنا خوفا وحزنا تشغلنا بهما عن لذات الدنيا وشهواتها، وما يعترض لنا فيها عن العمل بطاعتك، إنه لا ينبغي لمن حملته من نعمك ما حملتنا أن يغفل عن شكرك، وأن يتشاغل بشئ غيرك، يامن هو عوض من كل شئ، وليس منه عوض. ربنا فداونا قبل التعلل، واستعملنا بطاعتك قبل انصرام الاجل، وارحمنا قبل أن يحجب دعاؤنا فيما نسئل، وامنن علينا بالنشاط، وأعذنا من الفشل والكسل والعجز والعلل، والضرر والضجر، والملل، والرياء والسمعة، والهوى والشهوة والاشر والبطر، والمرح والخيلاء، والجدال والمراء، والسفه والعجب، والطيش وسوء الخلق، والغدر، وكثرة الكلام فيما لا تحب، والتشاغل بما لا يعود علينا نفعه وطهرنا من اتباع الهوى، ومخالطة السفهاء، وعصيان العلماء، والرغبه عن القراء، ومجالسة الدناة، واجعلنا ممن يجالس أولياءك، ولا تجعلنا من المقارنين


 

[126]

لاعدائك، وأحينا حياة الصالحين، وارزقنا قلوب الخائفين، وصبر الزاهدين وقناعة المتقين، ويقين السائرين (1) وأعمال العابدين، وحرص المشتاقين، حتى توردنا جنتك غير معذبين. اللهم إني أسئلك العمل بفرائضك، والتمسك بسنتك، والوقوف عند نهيك والطاعة لاهل طاعتك والانتهاء عن محارمك، اللهم ارزقنا معروفا في غير أذى ولا منة، وعزا بك في غير ضلالة، وتثبيتا ويقينا وتذكرا، وقناعة وتعففا وغنى عن الحاجة إلى المخلوقين، ولا تجعل وجوهنا مبذولة لاحد من العالمين فانه من حمل فضل غيره من الآدمين، خضع له فلم ينهه عن باطل، ولم يبغضه على معصية بل اجعل أرزاقنا من عندك دارة، وأعمالنا مبرورة، وأعذنا من الميل إلى أهل الدنيا والتصنع لهم بشئ من الاشياء. اللهم وما أجريت على ألسنتنا من نور البيان، وإيضاح البرهان، فاجعله نورا لنا في قبورنا ومبعثنا، ومحيانا، ومماتنا، وعزا لنا لا ذلا علينا، وأمنا لنا من محذور الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآله، واجعلنا من الذين أسرعت أرواحهم في العلى وخططت هممهم في عز الورى، فلم تزل قلوبهم والهة طائرة حتى أناخوا في رياض النعيم، وجنوا من ثمار النسيم، وشربوا بكاس العيش، وخاضوا لجة السرور وغاصوا في بحر الحياة، واستظلوا في ظل الكرامة، آمين رب العالمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا ممن جاسوا خلال ديار الظالمين واستوحشوا من مؤانسة الجاهلين، وسموا إلى العلو بنور الاخلاص، وركبوا في سفينة النجاة، وأقلعوا بريح اليقين، وأرسوا بشط بحار الرضا يا أرحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين غلقوا باب الشهوة من قلوبهم واستنفذوا من الغفلة أنفهسم، واستعذبوا مرارة العيش، واستلانوا البسط، وظفروا بحبل النجاة، وعروة السلامة، والمقام في دار الكرامة.

 

(1) الصابرين خ ل.

 

[127]

اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين تمسكوا بعروة العلم وأدبوا أنفسهم بإلفهم، وقرؤا صحيفة السيئات، ونشروا ديوان الخطيئات، وتجرعوا مرارة الكمد، حتى سلموا من الآفات، ووجدوا الراحة في المنقلب. اللهم صل على محمد وآله محمد، واجعلنا من الذين غرسوا أشجار الخطايا نصب روامق القلوب، وسقوها من ماء التوبة حتى أثمرت لهم ثمر الندامة، فأطلعتهم على ستور خفيات العلى، وأرويتهم (1) المخاوف والاحزان والغموم والاشجار، ونظروا في مرآة الفكر، فأبصروا جسيم الفطنة، ولبسوا ثوب الخدمة. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين شربوا بكأس الصفاء فأورثهم الصبر على طول البلاء، فقرت أعينهم بما وجدوا من العين، حتى تولهت قلوبهم في الملكوت، وجالت بين سرائر حجب الجبروت، ومالت أرواحهم إلى ظل برد المشتاقين، في رياض الراحة، ومعدن العز، وعرصات المخلدين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين رتعوا في زهرة ربيع الفهم حتى تسامى بهم السمو إلى أعلى عليين، فرسموا ذكر هيبتك في قلوبهم حتى ناجتك ألسنة القلوب الخفية بطول استغفار الوحدة في محاريب قدس رهبانية (2) الخاشعين، وحتى لاذت أبصار القلوب نحو السماء، وعبرت أيمنة (3) النواحين بين مصاف الكروبيين، ومجالسة الروحانيين، لهم زفرات أحرقت القلوب عند إرسال الفكر في مراتع الاحسان بين يديك، وأنضجت نار الخشية منابت الشهوات من قلوبهم، وسكنت بين خوافي طابق (4) الغفلات من صدورهم، فأنبه ذكر رقاد قلوبهم. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين اشتغلوا بالذكر عن الشهوات وخالفوا دواعى العزة بواضحات المعرفة، وقطعوا أستار نار الشهوات بنضح ماء التوبة

 

(1) آمنتهم خ ل. (2) وحدانية خ ل. (3) الهينمة وقد يقلب الهاء همزة: الصوت الخفى كالزمزمة. (4) اطباق خ ل.

 

[128]

وغسلوا أوعية الجهل بصفو ماء الحياة، حتى جالت في مجالس الذكر رطوبة ألسنة الذاكرين. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا ممن سهلت له طريق الطاعة بالتوفيق في منازل الابرار، فحيوا وقربوا واكرموا وزينوا بخدمتك. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين أرسلت عليهم ستور (1) عصمة الاولياء، وخصصت قلوبهم بطهارة الصفاء، وزينتها بالفهم والحياء في منزل الاصفياء، وسيرت همومهم في ملكوت سماواتك حجبا حجبا حتى ينتهي إليك واردها، ومتع أبصارنا بالجولان في جلالك لتسهرنا عما نامت قلوب الغافلين واجعل قلوبنا معقودة بسلاسل النور، وعلقها من أركان عرشك بأطناب الذكر واشغلها بالنظر إليك عن شر مواقف المختانين، وأطلقها من الاسر لتجول في خدمتك مع الجوالين، واجعلنا بخدمتك للعباد والابدال في أقطارها طلابا، وللخاصة من أصفيائك أصحابنا، وللمريدين المتعلقين ببابك أحبابا. اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا من الذين عرفوا أنفسهم، وأيقنوا بمستقرهم، فكانت أعمارهم في طاعتك تفنى، وقد نحلت أجسادهم بالحزن، وإن لم تبل، وهديت إلى ذكرك وإن لم تبلغ إلى مستراح الهدى. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا من الذين فتقت لهم رتق عظيم غواشي جفون حدق عيون القلوب (2) حتى نظروا إلى تدبير حكمتك وشواهد حجج بيناتك، فعرفوك بمحصول فطن القلوب، وأنت في غوامض سترات حجب القلوب فسبحانك أي عين تقوم بها نصب نورك، أم ترقأ إلى نور ضياء قدسك، أو أي

 

(1) شئون خ ل. (2) شبه عليه السلام الغواشى العارضة الطارئة على القلب الحائلة بينه وبين ادراكه الحقائق (من الجهل والعمى والشهوات واللذات وغير ذلك) بالاجفان التى تنسدل من أعلى الحدقة وتنطبق على العيون فلا تقدر على الابصار، ثم سئل الله عزوجل أن يفتق رتق هذه الغواشى عن عين قلبه.

 

[129]

فهم يفهم ما دون ذلك إلا الابصار التي كشفت عنها حجب العمية، فرقت أرواحهم على أجنحة الملائكة، فسماهم أهل الملكوت زوارا، وأسماهم أهل الجبروت عمارا، فترددوا في مصاف المسبحين، وتعلقوا بحجاب القدرة، وناجوا ربهم عند كل شهوة، فحرقت قلوبهم حجب النور، حتى نظروا بعين القلوب إلى عز الجلال في عظم الملكوت، فرجعت القلوب إلى الصدور على النيات (1) بمعرفة توحيدك فلا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. إلهي في هذه الدنيا هموم وأحزان وغموم وبلاء، وفي الآخرة حساب وعقاب، فأين الراحة والفرج، إلهي خلقتني بغير امرى، وتميتنى بغير إذني، ووكلت في عدوا لي له علي سلطان، يسلك بي البلايا مغرورا، وقلت لي استمسك ! فكيف استمسك إن لم تمسكني. اللهم صل على محمد وآل محمد، وثبتني بالقول الثابت في الدنيا والآخرة وثبتني بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها يا أرحم الراحمين، يا من قال ادعوني فاني فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، وقد دعوتك يا إلهي كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني إنك لا تخلف الميعاد. اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي وما ولدا، ومن ولدت وما توالدوا ولاهلي وولدي وأقاربي وإخواني فيك وجيراني من المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات، ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم. مناجاة له اخرى صلوات الله عليه: إلهي حرمني كل مسؤل رفده، ومنعني كل مأمول ما عنده، وأخلفني من كنت أرجوه لرغبة وأقصده لرهبة، وحال الشك في ذلك يقينا والظن عرفانا واستحال الرجاء يأسا، وردتني الضرورة إليك حين خابت آمالي، وانقطعت اسبابي وايقنت أن سعيي لا يفلح، واجتهادي لا ينجح إلا بمعونتك، وأن مريدي بالخير لا يقدر على إن التي إياه باذنك.

 

(1) البيات خ ل.

 

[130]

فأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأغنني يا رب بكرمك عن لؤم المسؤولين وباسعافك عن خيبة المرجوين، وأبدلني مخافتك من مخافة المخلوقين، واجعلني أشد ما أكونه لك خوفا، وأكثر ما أكونه لك ذكرا، وأعظم ما أكون منك حرزا إذا زالت عني المخاوف، وانزاحت المكاره، وانصرفت عني المخاوف، حين يأمن المغرورون مكرك، وينسى الجاهلون ذكرك، ولا تجعلني ممن يبطره الرخاء ويصرعه البلاء، فلا يدعوك إلا عند حلول نازلة، ولا يذكرك إلا عند وقوع جائحة فيصرع لك خده، وترفع بالمسألة إليك يده، ولا تجعلني ممن عبادته لك خطرات تعرض دون دوامها الفترات، فيعلم بشيئ من الطعة من يومه، ويمل العمل في غده لكن صل على محمد وآله واجعل كل يوم من أيامى موفيا على أمسه، مقصرا عن غده، حتى تتوفانى وقد أعددت ليوم المعاد توفرة الزاد، برحمتك يا أرحم الراحمين. وله صلوات الله عليه مناجاة اخرى: إلهي ومولاي وغاية رجائي، اشرقت من عرشك على أرضيك وملائكتك وسكان سماواتك، وقد انقطعت الاصوات، وسكنت الحركات، والاحياء في المضاجع كالاموات، فوجدت عبادك في شتى الحالات: فمنه خائف لجأ إليك فآمنته، ومذنب دعاك للمغفرة فأجبته، وراقد استودعك نفسه فحفظته، وضال استرشدك فأرشدته ومسافر لاذ بكنفك فآويته، وذي حاجة ناداك لها فلبيته، وناسك أفنى بذكرك ليله فأحظيته، وبالفوز جازيته، وجاهل ضل عن الرشد وعول على الجلد من نفسه فخليته. إلهى فبحق الاسم الذي إذا دعيت به أجبت، والحق الذى إذا اقسمت به أوجبت، وبصلوات العترة الهادية، والملائكة المقربين، صل على محمد وآل محمد واجعلني ممن خاف فأمنته، ودعاك للمغفرة فأجبته، واستودعك نفسه فحفظته واسترشدك فأرشدته، ولاذ بكنفك فآويته، وناداك للحوائج فلبيته، وأفنى بذكرك ليله فأحظيته، وبالفوز جازيته، ولا تجعلني ممن ضل عن الرشد، وعول على الجلد من نفسه، فخليته.


 

[131]

إلهى غلقت الملوك أبوابها، ووكلت بها حجابها، وبابك مفتوح لقاصديه وجودك موجود لطالبيه، وغفرانك مبذول لمؤمليه، وسلطانك دامغ لمستحقيه. إلهى خلت نفسي بأعمالها بين يديك، وانتصبت بالرغبة خاضعة لديك ومستشفعة بكرمك إليك، فبصلوات العترة الهادية والملائكة المسبحين صل على سيدنا محمد وآله الطاهرين، واقض حاجاتها، وتغمد هفواتها، وتجاوز فرطاتها فالويل لها إن صادفت نقمتك، والفوز لها إن أدركت رحمتك، فيامن يخاف عدله ويرجى فضله، صل على محمد وآله، واجعل دعائي منوطا بالاجابة، وتسبيحى موصولا بالاثابة، وليلى مقرونا بعظيم صباح سلف من عمرى بركة وإيمانا وأوفاه سعادة وأمنا، إنك خير مسؤول، وأكرم مأمول، وأنت على كل شيئ قدير. وله صلى الله عليه دعاء الشكر: يا من فضل إنعامه إنعام المنعمين، وعجز عن شكره شكر الشاكرين، وقد جربت غيرك من المأمولين بغيري من السائلين، فإذا كل قاصد لغيرك مردود وكل طريق سواك مسدود، إذ كل خير عندك موجود، وكل خير عند سواك مفقود، يا من إليه به توسلت، وإليه به تسببت وتوصلت، وعليه في السراء والضراء عولت وتوكلت، ما كنت عبدا لغيرك فيكون غيرك لي مولى، ولا كنت مرزوقا من سواك فأستديمه عادة الحسنى، وما قصدت بابا إلا بابك فلا تطردني من بابك الادنى، يا قديرا لا يؤوده المطالب، ويا مولى يبغيه كل راغب، حاجاتي مصروفة إليك، وآمالي موقوفة لديك، كلما فقتني له من خير أحمله واطيقه، فأنت دليلي عليه وطريقه. يا من جعل الصبر عونا على بلائه، وجعل الشكر مادة لنعمائه، قد جلت نعمتك عن شكري، فتفضل على إقراري بعجزي، بعفو أنت أقدر عليه، وأوسع له مني، وإن لم يكن لذنبي عندك عذر تقبله فاجعله ذنبا تغفره. وفي الرواية يقول عليه السلام: وصل اللهم على جدي محمد رسوله وآله الطيبين.


 

[132]

وله صلى الله عليه وآله دعاء: اللهم إن استغفاري إياك مع الاصرار على الذنب لؤم، وتركي للاستغفار مع سعة رحمتك عجز، إلهي كم تتحبب إلي بالنعم، وأنت عني غني، وأتبغض إليك بالمعاصي، وأنا إليك محتاج، فيامن إذا وعد وفا، وإذا تواعد عفا، صل اللهم على محمد وآله وافعل بي أولى الامرين بك إنك على شئ قدير. وله دعاء آخر صلى الله عليه: اللهم عفوك عن ذنوبي، وتجاوزك عن خطاياى، وسترك علي قبيح عملي اطمعني في أن اسئلك ما لا أستحقه، بما أذقتني من رحمتك، وأوليتني من إحسانك فصرت أدعوك آمنا، واسئلك مستأنسا لا خائفا ولا وجلا، مدلا عليك باحسانك إلي، عاتبا عليك إذا أبطأ علي ما قصدت فيه إليك، ولعل الذي أبطأ علي هو خير لي لعلمك بعواقب الامور، فلم ار مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك علي، لانك تحسن فيما بيني وبينك واسيئ، وتتودد إلي وأتبغض إليك، كأن لي التطول عليك ثم لم يمنعك ذلك من الرأفة بي والاحسان إلي وإني لاعلم أن واحدا من ذنوبي يوجب لي أليم عذابك، ويحل بي شديد عقابك، ولكن المعرفة بك والثقة بكرمك، دعاني إلى التعرض لذل... وتدعو بما أحببت. دعاء آخر له صلى الله عليه: اللهم إنك دعوتني إلى النجاة فعصيتك، ودعاني عدوك إلى الهلكة فأجبته فكفى مقتا عندك أن أكون لعدوك أحسن طاعة مني لك، فواسوأتاه إذ خلقتني لعبادتك، ووسعت علي من رزقك، فاستعنت به على معصيتك وأنفقته في غير طاعتك ثم سألتك الزيادة من فضلك، فلم يمنعك ما كان مني أن عدت بحلمك علي فأوسعت علي، من رزقك، وآتيتني أكثر ما سألتك، ولم ينهني حلمك عني وعلمك بي وقدرتك علي وعفوك عني من التعرض لمقتك، والتمادي في الغي مني، كأن الذي تفعله بي أراه حقا واجبا عليك، فكأن الذي نهيتني عنه أمرتني به، ولو شئت


 

[133]

ما ترددت إلي باحسانك، ولا شكرتني بنعمتك علي ولا أخرت عقابك عني بما قدمت يداي، ولكنك شكور فعال لما تريد. فيامن وسع كل شئ رحمة ارحم عبدك المتعرض لمقتك الداخل في سخطك الجاهل بك، الجري عليك، رحمة مننت بها إلى من أحسن طاعتك وافضل عبادتك إنك لطيف لما تشاء على كل شئ قدير، يا من يحول بين المرء وقلبه، حل بيني وبين التعرض لسخطك، وأقبل بقلبي إلى طاعتك، وأوزعني شكر نعمتك، وألحقني بالصالحين من عبادك. اللهم ارزقني من فضلك مالا طيبا كثيرا فاضلا لا يطغيني وتجارة نامية مباركة لا تلهيني، وقدرة على عبادتك، وصبرا على العمل بطاعتك، والقول بالحق، والصدق في المواطن كلها، وشئان الفاسقين، وأعني على التهجد لك بحسن الخشوع في الظلم، والتضرع إليك في الشدة والرخاء، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم في الهواجر ابتغاء وجهك، وقربني إليك زلفة، ولا تعرض عني لذنب ركبته، ولا لسيئة أتيتها، ولا لفاحشة أنا مقيم عليها راج للتوبة علي منك فيها، ولا لخطاء وعمد كان مني عملته، أو أمرت به، صفحت لي عنه أو عاقبتني عليه، ستترته علي أو هتكته، وأنا مقيم عليه أو تائب إليك منه، أسئلك بحقك الواجب على جميع خلقك، لما طهرتني من الافات، وعافيتني من اقتراف الآثام، بتوبة منك علي، ونظرة منك إلي ترضى بها عني، وحبابتك لي بنعمة موصولة بكرامة تبلغ بي شرف الجنة، ومرافقة محمد وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم آمين رب العالمين. دعاء آخر له صلوات الله عليه: اللهم إني اسئلك أمورا تفضلت بها على كثير من خلقك من صغير أو كبير من غير مسألة منهم لك، فان تجدبها علي فمنة من مننك، وإلا تفعل فلست ممن يشارك في حكمه ولا يؤامر في خلقه، فان تك راضيا فأحق من أعطيته ما سألك من رضيت عنه مع هوان ما قصدت فيه إليك عليك، وإن تك ساخطا فأحق من عفا أنت


 

[134]

وأكرم من غفر وعاد بفضله على عبده فأصلح منه فاسدا وقوم منه أودا، وإن أخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي. ومن أنا في خلقك يا مولاي وسيدي، فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي ولا تقبحه سيئاتي، ولا ينقص خزائنك غناى، ولا يزيد فيها فقري، وما صلاحي وفسادي إلا إليك، فان صيرتني صالحا كنت، وإن جعلتني فاسدا لم يقدر على صلاحي سواك، فما كان من عمل سيئ أتيته فعلي علم مني بأنك تراني وأنك غير غافل عني، مصدق منك بالوعيد لي، ولمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، والعفو القديم، والرحمة الواسعة، فجرأني على معصيتك ما أذقتني من رحمتك ووثوبي على محارمك، ما رأيت من عفوك، ولو خفت تعجيل نقمتك لاخذت حذري منك كما أخذته من غيرك ممن هو دونك ممن خفت سطوته، فاجتنبت ناحيته، وما توفيقي إلا بك فلا تكلني إلى نفسي برحمتك فأعجز عنها، ولا إلى سواك فيخذلني، فقد سألتك من فضلك ما لا أستحقه بعمل صالح قدمته، ولا آيس منه لذنب عظيم ركبته، لقديم الرجاء فيك وعظيم الطمع منك الذي أوجبته على نفسك من الرحمة فالامر لك وحدك لا شريك لك والخلق عيالك، وكل شيئ خاضع لك. ملكك كثير، وعدلك قديم، وعطاؤك جزيل، وعرشك كريم، وثناؤك رفيع وذكرك أحسن وجارك أمنع، وحكمك نافذ، وعلمك جم، وأنت أول آخر ظاهر باطن بكل شيئ عليم، عبادك جميعا إليك فقراء، وأنا أفقرهم إليك لذنب تغفره، ولفقر تجبره، ولعائلة تغنيها، ولعورة تسترها ولخطة تشدها، ولسيئة تتجاوز عنها، ولفساد تصلحه، ولعمل صالح تتقبله، ولكلام طيب ترفعه، ولبدن تعافيه. اللهم إنك شوقتني إليك، ورغبتني فيما لديك، وتعطفتني عليك، وأرسلت إلي خير خلقك يتلو على افضل كتبك، فآمنت برسولك ولم أقتد بهداه، وصدقت بكتابك ولم أعمل به، وأبغضت لقاءك لضعف نفسي، وعصيت أمرك لخبيث عملي


 

[135]

ورغبت عن سننك لفساد ديني، ولم اسبق إلى رؤيتك لقساوة قلبى. اللهم إنك خلقت جنة لمن أطاعك، وأعددت فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر على القلوب، ووصفتها بأحسن الصفة في كتابك، وشوقت إليها عبادك، وأمرت بالمسابقة إليها، وأخبرت عن سكانها وما فيها من حور عين كأنهن بيض مكنون وولدان كاللؤلؤ المنثور، وفاكهة ونخل ورمان، وجنات من أعناب، وأنهار من طيب الشراب، وسندس واستبرق وسلسبيل ورحيق مختوم وأسورة من فضة، وشراب طهور، وملك كبير، وقلت من بعد ذلك تباركت وتعاليت: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ". فنظرت في عملي فرأيته ضعيفا يا مولاي، وحاسبت نفسي فلم أجدني أقوم بشكر ما أنعمت علي، وعددت سيئاتي فأصبتها تسترق حسناتي، فكيف أطمع أن أنال جنتك بعملي، وأنا مرتهن بخطيئتي، لا كيف يا مولاي إن لم تداركني منك برحمة تمن بها علي في منن قد سبقت منك لا احصيها تختم لي بها كرامتك فطوبى لمن رضيت عنه، وويل لمن سخطت عليه، فارض عني ولا تسخط على يا مولاي. اللهم وخلقت نارا لمن عصاك، وأعددت لاهلها من أنواع العذاب فيها ووصفته وصنفته من الحميم والغساق، والمهل، والضريع، والصديد، والغسلين والزقوم، والسلاسل، والاغلال، ومقامع الحديد، والعذاب الغليظ، والعذاب الشديد، والعذاب المهين، والعذاب المقيم، وعذاب الحريق، وعذاب السموم وظل من يحموم، وسرابيل القطران، وسرادقات النار، والنحاس، والزقوم والحطمة، والهاوية، ولظى، والنار الحامية، والنار الموقدة التي تطلع على الافئدة والنار الموصدة ذات العمد الممددة، والسعير، والحميم، والنار التي لا تطفأ، والنار التي تكاد تميز من الغيظ، والنار التي وقودها الناس والحجارة، والنار التي يقال هل امتلات ؟ فتقول هل من مزيد، والدرك الاسفل من النار. فقد خفت يا مولاي إذ كنت لك عاصيا أن أكون لها مستوجبا لكبير ذنبي وعظيم جرمي، وقديم إساءتي، وافكر في غناك عن عذابي، وفقري إلى رحمتك


 

[136]

يا مولاي، مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، وعسره عندي ويسره عليك، وعظيم قدره عندي، وكبير خطره لدى، وموقعه مني، مع جودك بجسيم الامور، وصفحك عن الذنب الكبير، لا يتعاظمك يا سيدي ذنب أن تغفره، ولا خطيئة أن تحطها عني وعمن هو أعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك، مع تضرعي وثقتي بك وتوكلي عليك، ورجائي إياك، وطمعي فيك، فيحول ذلك بيني وبين خوفي من دخول النار. ومن أنا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك علي، تريد به عذابي، ما أنا في خلقك إلا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم، فهب لي نفسي بجودك وكرمك فانك تجد مني خلقا ولا أجد منك وبك غنى عني، ولا غنابي حتى تلحقني بهم فتصيرني معهم إنك أنت العزيز الحكيم. رب حسنت خلقي، وعظمت عافيتي، ووسعت على في رزقي، ولم تزل تنقلني من نعمة إلى كرامة، ومن كرامة إلى فضل، تجدد لي ذلك في ليلي ونهارى لا أعرف غير ما أنا فيه حتى ظننت أن ذلك واجب عليك لي، وأنه لا ينبغي لي أن أكون في غير مرتبتي، لاني لم أدر ما عظيم البلاء فأجد لذة الرخاء، ولم يذلني الفقر فأعرف فضل الامن، فأصبحت وأمسيت في غفلة مما فيه غيرى ممن هو دوني فكفرت ولم اشكر بلاءك، ولم أشك أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، لا احدث نفسي بانتقال عافية وتحويل فقر، ولا خوف ولا حزن في عاجل دنياى وآجل آخرتي فيحول ذلك بيني وبين التضرع إليك في دوام ذلك لي، مع ما أمرتني به من شكرك ووعدتني عليه من المزيد من لديك. فسهوت ولهوت، وغفلت وأمنت، وأشرت وبطرت وتهاونت حتى جاء التغيير مكان العافية، بحلول البلاء، ونزل الضر بمنزلة الصحة وبأنواع السقم والاذى وأقبل الفقر بازاء الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذى صرت إليه فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة، للذى كنت فيه من اللهو والفترة، وتضرعت تضرع من لا يستوجب


 

[137]

الرحمة لما كنت فيه من الزهو والاستطالة، فرضيت بما إليه صيرتني وإن كان الضر قد مسنى، والفقر قد أذلني، والبلاء قد حل بي. فان يك ذلك من سخط منك فأعوذ بحلمك من سخطك، وإن كنت أردت أن تبلوني فقد عرفت ضعفي وقلة حيلتي، إذ قلت تباركت وتعاليت " إن الانسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا " (1) وقلت عزيت من قائل (2) " وأما الانسان إذا ما ابتليه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني * وأما إذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانني " (3) وقلت جليت من قائل " إن الانسان ليطغى * أن رآه استغنى " (4) وقلت سبحانك: " وإذا مسكم الضر فإليه تجأرون " (5) وقلت عزيت وجليت " وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل " (6) وقلت " وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه " (7) وقلت: " ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا " (8). صدقت يا سيدي ومولاي هذه صفاتي التي أعرفها من نفسي، وقد مضى علمك في يا مولاي، ووعدتني منك وعدا حسنا أن أدعوك فتستجيب لي، فأنا أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني، وزدني من نعمتك وعافيتك وكلاءتك وسترك، وانقلني مما أنا فيه إلى ما هو أفضل منه، حتى تبلغ بي فيما أنا فيه رضاك

 

(1) المعارج: 19 - 21. (2) عزيت من باب التفعيل، اصله عززت، ابدل الزاء الثالثة ياء استثقالا لاجتماع الامثال كما قالوا تظنى تظنيا من الظن وتقضى تقضيا من القض، وهكذا جليت فيما يأتي من كلامه عليه السلام. (3) الفجر: 15 - 16. (4) العلق: 6. (5) النحل: 53. (6) الزمر: 8. (7) يونس: 12. (8) اسرى: 11.

 

[138]

وأنال به ما عندك فيما أعددته لاوليائك وأهل طاعتك، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقا، فارزقنا في دارك دار المقام، في جوار محمد الحبيب زين القيامة، تمام الكرامة، ودوام النعمة، ومبلغ السرور، إنك على كل شئ قدير، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله، وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين. 20 - ق: دعاء لزين العابدين عليه السلام: يا عزيز ارحم ذلي، يا غني ارحم فقري، يا قوي ارحم ضعفي، بمن يستغيث العبد إلا بمولاه، إلى من يطلب العبد إلا إلى سيده إلى من يتتضرع العبد إلا إلى خالقه، بمن يلوذ العبد إلا بربه، إلى من يشكو العبد إلا إلى رازقه اللهم ما عملت من خير فهو منك لاحمد لي عليه، وما عملت من سوء فقد حذرتنيه فلا عذر لي فيه، اللهم. إني أسئلك سؤال الخاضع الذليل، واسئلك سؤال العائذ المستقيل، وأسئلك سؤال من يبوء بذنبه، ويعترف بخطيئته، وأسئلك سؤال من لا يجد لعثرته مقيلا، ولا لضرة كاشفا ولا لكربته مفرجا، ولا لغمه مروحا، ولا لفاقته سادا، ولا لضعفه مقويا إلا أنت يا أرحم الراحمين. 21 - د: قال الثمالي حدثني إبراهيم بن محمد قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول ليلة في مناجاته: إلهنا وسيدنا ومولانا لو بكينا حتى تسقط أشفارنا، وانتحبنا حتى ينقطع أصواتنا، وقمنا حتى تيبس أقدامنا، وركعنا حتى تتخلع أوصالنا، وسجدنا حتى تتفقأ أحداقنا، وأكلنا تراب الارض طول أعمارنا، وذكرناك حتى تكل ألسنتنا ما استوجبنا بذلك محو سيئة من سيئاتنا. اقول: وحدت في بعض الكتب هذا الدعاء منسوبا إلى سيد الساجدين عليه السلام وهو في المناجاة لله عزوجل: إلهي أسئلك أن تعصمني حتى لا أعصيك، فاني قد بهت وتحيرت من كثرة الذنوب مع العصيان، ومن كثرة كرمك مع الاحسان، وقد كلت لساني كثرة ذنوبي


 

[139]

واذهبت عني ماء وجهي، فبأي وجه ألقاك، وقد أخلق الذنوب وجهي، وبأي لسان أدعوك وقد أخرس المعاصي لساني، وكيف أدعوك وأنا العاصي، وكيف لا أدعوك وأنت الكريم، وكيف أفرح وأنا العاصي، وكيف أحزن وأنت الكريم وكيف أدعوك وأنا أنا، وكيف لا أدعوك وأنت أنت، وكيف أفرح وقد عصيتك وكيف أحزن وقد عرفتك، وأنا أستحيي أن أدعوك وأنا مصر على الذنوب وكيف بعبد لا يدعو سيده، واين مفره وملجأه إن يطرده. إلهي بمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي، ومن يرحمني إن لم ترحمني، ومن يدركني إن لم تدركني، وأين الفرار إذا ضاقت لديك امنيتي. إلهى بقيت بين خوف ورجاء، خوفك يميتني ورجاؤك يحيينى، إلهي الذنوب صفاتنا، والعفو صفاتك، إلهى الشيبة نور من أنوارك، فمحال أن تحرق نورك بنارك. إلهى الجنة دار الابرار، ولكن ممرها على النار، فياليتها إذ حرمت الجنة لم أدخل النار، إلهى وكيف أدعوك وأتمنى الجنة مع أفعالي القيحة وكيف لا أدعوك وأتمنى الجنة مع أفعالك الحسنة الجميلة، إلهى أنا الذي أدعوك وإن عصيتك، ولا ينسى قلبي ذكرك، إلهى أنا الذي أرجوك وإن عصيتك، ولا ينقطع رجائي بكثرة عفوك يا مولاي، إلهي ذنوبي عظيمة، ولكن عفوك أعظم من ذنوبي إلهي بعفوك العظيم اغفر لي العظيمة، فانه لا يغفر الذنوب العظيمة إلا الرب العظيم. إلهي أنا الذي أعاهدك فأنقض عهدي، وأترك عزمى حين يعرض شهوتي فاصبح بطالا وأمسي لاهيا، وتكتب ما قدمت يومى وليلتي، إلهى ذتوبى لا تضرك وعفوك إياي لا ينقصك، فاغفر لي ما لا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك، إلهى إن أحرقتني لا ينفعك، وإن غفرت لى لا يضرك، فافعل بي ما لا يضرك ولا تفعل بي ما لا يسرك. إلهي لولا أن العفو من صفاتك، لما عصاك أهل معرفتك، إلهي لولا أنك


 

[140]

بالعفو تجود لما عصيتك وإلى الذنب أعود، إلهى لولا أن العفو أحب الاشياء لديك، لما عصاك أحب الخلق إليك، إلهي رجائي منك غفران، وظني فيك إحسان، اقلني عثرتي ربي، فقد كان الذي كان، فيامن له رفق بمن يعاديه، فكيف بمن يتولاه ويناجيه، ويا من كلما نودي أجاب، ويا من بجلاله ينشئ السحاب أنت الذي قلت: من الذي دعاني فلم البه، ومن الذي سألني فلم أعطه، ومن الذي اقام ببابي فلم أجبه وأنت الذي قلت أنا الجواد، ومني الجود، وأنا الكريم ومني الكرم ومن كرمي في العاصين أن أكلاهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، و أتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوني. إلهي من الذي يفعل الذنوب ومن الذي يغفر الذنوب ؟ فأنا فعال الذنوب وأنت غفار الذنوب، إلهى بئسما فعلت من كثرة الذنوب والعصيان، ونعم ما فعلت من الكرم والاحسان، إلهي أنت أغرقتني بالجود والكرم والعطايا، وأنا الذي أغرقت نفسي بالذنوب والجهالة والخطايا، وأنت مشهور بالاحسان، وأنا مشهور بالعصيان. إلهي ضاق صدري، ولست أدري بأي علاج أداوي ذنبي، فكم أتوب منها وكم أعود إليها، وكم عليها ليلى ونهاري، فحتى متى يكون وقد أفنيت بها عمري، إلهي طال حزني ورق عظمي، وبلي جسمي، وبقيت الذنوب على ظهري فاليك أشكو سيدي فقري وفاقتي، وضعفي وقلة حيلتي. إلهي ينام كل ذي عين ويستريح إلى وطنه، وأنا وجل القلب، وعيناي تنتظران رحمة ربي، فأدعوك يا رب فاستجب دعائي، واقض حاجتي، وأسرع باجابتي، إلهي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، ولست أيئس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، إلهى أتحرق بالنار وجهى، وكان لك مصليا ؟ إلهي أتحرق بالنار عينى وكانت من خوفك باكية ؟ إلهى أتحرق بالنار لساني وكان للقرآن تاليا ؟ إلهى أتحرق بالنار قلبى وكان لك محبا ؟ إلهى أتحرق بالنار جسمي وكان لك خاشعا ؟ إلهى أتحرق بالنار أركاني وكانت لك ركعا سجدا.


 

[141]

إلهى أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين، وأمرت بصلة السؤال وأنت خير المسؤولين، إلهى إن عذبتني فعبد خلقته لما أردته فعذبته، وإن أنجيتني فعبد وجدته مسيئا فأنجيته، إلهى لا سبيل لي إلى الاحتراس من الذنب إلا بعصمتك ولا وصول لي إلى عمل الخير إلا بمشيتك، فكيف لي بالاحتراس ما لم تدركني فيه عصمتك. إلهى سترت علي في الدنيا ذنوبا ولم تظهرها، فلا تفضحني بها يوم القيمة على رؤس العالمين، إلهى جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلى، إلهي إذا شهد لي الايمان بتوحيدك، ونطق لساني بتحميدك ودلني القرآن على فواضل جودك، فكيف ينقطع رجائي بموعودك، إلهى أنا الذي قتلت نفسي بسيف العصيان، حتى استوجبت منك القطيعة والحرمان، فالامان الامان، هل بقى لى عندك وجه الاحسان. إلهى عصاك آدم فغفرته، وعصاك خلق من ذريته، فيا من عفى عن الوالد معصيته، اعف عن الولد العصاة لك من ذريته، إلهى خلقت جنتك لمن أطاعك ووعدت فيها ما لا يخطر بالقلوب، ونظرت إلى عملي فرأيته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت نفسي فلم أجد أن أقوم بشكر ما أنعمت علي، وخلقت نارا لمن عصاك، و وعدت فيها أنكالا وجحيما وعذابا، وقد خفت يا مولاي أن أكون مستوجبا لها لكبير جرأتي، وعظيم جرمي، وقديم إساءتي، فلا يتعاظمك ذنب تغفره لي، ولا لمن هو أعظم جرما مني لصغر خطري في ملكك، مع يقيني بك، وتوكلي ورجائي لديك. إلهي جعلت لي عدوا يدخل قلبي، ويحل محل الرأي والفكرة مني، وأين الفرار إذا لم يكن منك عون عليه، إلهي إن الشيطان فاجر خبيث، كثير المكر شديد الخصومة، قديم العداوة، كيف ينجو من يكون معه في دار، وهو المحتال إلا أني أجد كيده ضعيفا، فاياك نعبد وإياك نستعين، وإياك نستحفظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يا كريم يا كريم يا كريم.


 

[142]

ومنها المناجاة الخمس عشرة لمولانا علي بن الحسين صلوات الله عليهما وقد وجدتها مروية عنه عليه السلام في بعض كتب الاصحاب رضوان الله عليهم: المناجاة الاولى مناجاة التائبين [ليوم الجمعة]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي ألبستني الخطايا ثوب مذلتي، وجللني التباعد منك لباس مسكنتي، وأمات قلبي عظيم جنايتى (1) فأحيه بتوبة منك يا أملي وبغيتي ويا سؤلى ومنيتي، فوعزتك ما أجد لذنوبي سواك غافرا، ولا أرى لكسرى غيرك جابرا، وقد خضعت بالانابة إليك، وعنوت بالاستكانة لديك، فان طردتني من بابك فبمن ألوذ ؟ وإن رددتني عن جنابك فبمن أعوذ ؟ فوا أسفا من خجلتى واقتضاحى، ووالهفا من سوء علمي واجتراحي. أسئلك يا غافر الذنب الكبير، ويا جابر العظم الكسير، أن تهب لى موبقات الجرائر، وتستر علي فاضحات السرائر، ولا تخلني في مشهد القيامة من برد عفوك وغفرك (2) ولا تعرنى من جميل صفحك وسترك، إلهى ظلل على ذنوبي غمام رحمتك، وأرسل على عيوبي سحاب رأفتك، إلهى هل يرجع العبد الآبق إلا إلى مولاه، أم هل يجيره من سخطه أحد سواه، إلهى إن كان الندم على الذنب توبة، فانى وعزتك من النادمين، وإن كان الاستغفار من الخطيئة حطة فانى لك من المستغفرين، لك العتبى حتى ترضى، إلهى بقدرتك على تب على، وبحلمك عني أعف عني، وبعلمك بي ارفق بي. إلهى أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك سميته التوبة فقلت: " توبوا إلى الله توبة نصوحا " (3) فما عذر من أغفل دخول الباب بعد فتحه، إلهى إن كان قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك، إلهى ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه، وتعرض لمعروفك فجدت عليه، يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليما بما في السر، يا جميل الستر، استشفعت بجودك وكرمك إليك

 

(1) خيانتي خ ل. (2) مغفرتك خ ل. (3) التحريم: 8.

 

[143]

وتوسلت بحنانك وترحمك لديك، فاستجب دعائي، ولا تخيب [فيك] رجائي وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة الثانية مناجاة الشاكرين [ليوم السبت] بسم الله الرحمن الرحيم إلهى إليك أشكو نفسا بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، وبسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الامل، وإن مسها الشر تجزع، وإن مسها الخير تمنع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوة بالغفلة والسهو، تسرع بى إلى الحوبة، وتسوفني بالتوبة. إلهى أشكو إليك عدوا يضلني، وشيطانا يغوينى، قد ملاء بالوسواس صدري وأحاطت هواجسه بقلبي يعاضد لى الهوى، وزين لى حب الدنيا، ويحول بينى وبين الطاعة والزلفى، وإلهى إليك أشكو قلبا قاسيا، مع الوسواس متقلبا، وبالرين والطبع متلبسا، وعينا عن البكاء من خوفك جامدة، وإلى ما يسرها طامحة، إلهى لا حول لى ولا قوة إلا بقدرتك، ولا نجاة لى من مكاره الدنيا إلا بعمصتك، فاسئلك ببلاغة حكمتك، ونفاذ مشيتك، أن لا تجعلني لغير جودك متعرضا، ولا تصيرني للفتن غرضا، وكن لى على الاعداء ناصرا، وعلى المخازى والعيوب ساترا، ومن البلايا واقيا، وعن المعاصي عاصما، برأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة الثالثة مناجاة الخائفين [ليوم الاحد] بسم الله الرحمن الرحيم إلهى أتراك بعد الايمان بك تعذبني ؟ أم بعد حبى إياك تبعدني ؟ أم مع رجائي لرحمتك وصفحك تحرمنى ؟ أم مع استجارتي بعفوك تسلمني ؟ حاشا لوجهك الكريم أن تخيبني، ليت شعرى أللشقاء ولدتني أمي أم للعناء ربتني ؟ فليتها لم تلدني ولم تربنى، وليتني علمت أمن أهل السعادة جعلتني ؟ وبقربك وجوارك خصصتني ؟ فتقر بذلك عينى، وتطمئن له نفسي. إلهي هل تسود وجوها خرت ساجدة لعظمتك، أو تخرس ألسنة نطقت بالثناء على مجدك وجلالتك، أو تطبع على قلوب انطوت على محبتك، أو تصم


 

[144]

أسماعا تلذذت بسماع ذكرك في إرادتك ؟ أو تغل أكفا رفعتها الآمال إليك رجاء رأفتك ؟ أو تعاقب أبدانا عملت بطاعتك حتى نحلت في مجاهدتك ؟ أو تعذب أرجلا سعت في عبادتك ؟. إلهي لا تغلق على موحديك أبواب رحمتك، ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك، إلهى نفس أعززتها بتوحيدك، كيف تذلها بمهانة هجرانك ؟ وضمير انعقد على مودتك كيف تحرقه بحرارة نيرانك (1) إلهي أجرني من أليم غضبك، وعظيم سخطك، يا حنان يا منان يا رحيم يا رحمن، يا جبار يا قهار يا غفار يا ستار، نجني برحمتك من عذاب النار، وفضيحة العار، إذا امتاز الاخيار من الاشرار، وحالت الاهوال وقرب المحسنون، وبعد المسيئون، ووفيت كل نفس ما كسبت (2) وهم لا يظلمون. المناجاة الرابعة مناجاة الراجين [ليوما لاثنين]: بسم الله الرحمن الرحيم يا من إذا سأله عبد أعطاه، وإذا أمل ما عنده بلغه مناه، وإذا أقبل عليه قربه وأدناه، وإذا جاهره بالعصيان ستر عليه وغطاه (3) وإذا توكل عليه أحسبه وكفاه، إلهي من الذي نزل بك ملتمسا قراك فما قريته ومن الذي أناخ ببابك مرتجيا نداك فما أوليته، أيحسن أن أرجع عن بابك بالخيبة مصروفا، ولست أعرف سواك مولى بالاحسان موصوفا ؟ كيف أرجو غيرك والخير كله بيدك، وكيف أومل سواك والخلق والامر لك ؟ ءأقطع رجائي منك وقد أوليتني ما لم أسأله من فضلك، أم تفقرني إلى مثلي وأنا أعتصم بحبلك، يا من سعد برحمته القاصدون، ولم يشق بنقمته المستغفرون، كيف أنساك ولم تزل ذاكري، وكيف ألهو عنك وأنت مراقبي. إلهي بذيل كرمك أعلقت يدي، ولنيل عطاياك بسطت أملي، فأخلصني. بخالصة توحيدك، واجعلني من صفوة عبيدك، يا من كل هارب إليه يلتجئ

 

(1) نارك خ ل. (2) عملت خ ل. (3) على ذنبه وغطاه خ ل.

 

[145]

وكل طالب إياه يرتجى، يا خير مرجو، ويا أكرم مدعو، ويا من لا يرد سائله، ولا يخيب آمله، يا من بابه مفتوح لداعيه، وحجابه مرفوع لراجيه أسئلك بكرمك أن تمن علي من عطائك بما تقربه عيني، ومن رجائك بما تطمئن به نفسي، ومن اليقين بما تهون به على مصيبات الدنيا، وتجلو به عن بصيرتي غشوات العمى، برحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة الخامسة مناجاة الراغبين [ليوم الثلثا]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي إن كان قل زادي في المسير إليك، فلقد حسن ظني بالتوكل عليك، وإن كان جرمي قد أخافني من عقوبتك فان رجائي قد أشعرني بالامن من نقمتك، وإن كان ذنبي قد عرضني لعقابك، فقد آذنني حسن ثقتى (1) بثوابك، وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد نبهتنى المعرفة (2). بكرمك وآلائك، وإن أوحش ما بينى وبينك فرط العصيان والطغيان، فقد آنسني بشرى الغفران والرضوان. أسئلك بسبحات وجهك، وبأنوار قدسك وأبتهل إليك بعواطف رحمتك ولطائف برك، أن تحقق ظنى بما أؤمله، من جزيل إكرامك وجميل إنعامك في القربى منك والزلفى لديك والتمتع بالنظر إليك. وها أنا متعرض لنفحات روحك وعطفك ومنتجع غيث جودك ولطفك فار من سخطك إلى رضاك هارب منك إليك، راج أحسن ما لديك، معول على مواهبك، مفتقر إلى رعايتك (3). إلهى ما بدأت به من فضلك فتممه، وما وهبت لي من كرمك فلا تسلبه، وما سترته على بحلمك فلا تهتكه، وما علمته من قبيح (4) فعلى فاغفره إلهي استشفعت بك إليك واستجرت بك منك أتيتك طامعا في إحسانك راغبا [في امتنانك] مستسقيا وبل (5) طولك مستمطرا غمام فضلك طالبا مرضاتك قاصدا جنابك

 

(1) يقيني خ ل. (2) المغفرة خ ل. (3) رغائبك خ ل. (4) قبح خ ل. (5) وابل خ ل.

 

[146]

واردا شريعة رفدك ملتمسا سنى الخيرات من عندك، وافدا إلى حضرة جمالك مريدا وجهك طارقا بابك مستكينا لعظمتك وجلالك فافعل بى ما أنت أهله من المغفرة والرحمة ولا تفعل بى ما أنا أهله من العذاب والنقمة برحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة السادسة مناجاة الشاكرين [ليوم الاربعاء]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أذهلني عن إقامة شكرك تتابع طولك، و أعجزني عن إحصاء ثنائك فيض فضلك، وشغلني عن ذكر محامدك ترادف عوائدك وأعياني عن نشر (1) عوارفك توالي أياديك، وهذا مقام من اعترف بسبوغ النعماء و قابلها بالتقصير، وشهد على نفسه بالاهمال والتضييع، وأنت الرؤف الرحيم البر الكريم الذي لا يخيب قاصديه، ولا يطرد عن فنائه آمليه، بساحتك تحط رحال الراجين، وبعرصتك تقف آمال المسترفدين، فلا تقابل آمالنا بالتخييب والاياس ولا تلبسنا سربال القنوط والا بلاس. إلهي تصاغر عند تعاظم آلائك شكري، وتضاءل في جنب إكرامك إياي ثنائي ونشري، جللتني نعمك من أنوار الايمان حللا، وضربت علي لطائف برك من العز كللا، وقلدتني مننك قلائد لا تحل، وطوقتني أطواقا لا تفل فآلاؤك جمة ضعف لساني عن إحصائها، ونماؤك كثيرة قصر فهمي عن إدراكها فضلا عن استقصائها. فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر فكلما قلت لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول لك الحمد. إلهي فكما غذيتنا بلطفك، وربيتنا بصنعك، فتمم علينا سوابغ النعم، وادفع عنا مكاره، وآتنا من حظوظ الدارين أرفعها وأجلها عاجلا وآجلا، ولك الحمد على حسن بلائك، وسبوغ نعمائك، حمدا يوافق رضاك، ويمترى العظيم من برك ونداك، يا عظيم يا كريم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

(1) شكر خ ل.

 

[147]

المناجاة السابعة مناجاة المطيعين لله [ليوم الخميس]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي (1) ألهمنا طاعتك، وجنبنا معاصيك (2) ويسر لنا بلوغ ما نتمنى من ابتغاء رضوانك، وأحللنا بحبوبة جنانك، واقشع عن بصائرنا سحاب الارتياب، واكشف عن قلوبنا أغشية المرية والحجاب، وأزهق الباطل عن ضمائرنا، وأثبت الحق في سرائرنا، فان الشكوك والظنون لواقح الفتن، ومكدرة لصفو المنائح والمنن، اللهم احملنا في سفن نجاتك، ومتعنا بلذيذ مناجاتك، وأوردنا حياض حبك، وأذقنا حلاوة ودك وقربك، واجعل جهادنا فيك، وهمنا في طاعتك واخلص نياتنا في معاملتك، فانا بك ولك ولا وسيلة لنا إليك إلا بك (3). إلهي اجعلني (4) من المصطفين الاخيار، وألحقني (5) بالصالحين الابرار السابقين إلى المكرمات، المسارعين إلى الخيرات، العاملين للباقيات الصالحات الساعين إلى رفيع الدرجات، إنك على كل شئ قدير، وبالاجابة جدير برحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة الثامنة مناجاة المريدين [ليوم الجمعة]: بسم الله الرحمن الرحيم سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله وما أوضح الحق عند من هديته سبيله، إلهي فاسلك بنا سبل الوصول إليك، وسيرنا في أقرب الطرق للوفود عليك، قرب علينا البعيد وسهل علينا العسير الشديد وألحقنا بالعباد (6) الذين هم بالبدار إليك يسارعون، وبابك على الدوام يطرقون وإياك في الليل يعبدون، وهم من هيبتك مشفقون الذين صفيت لهم المشارب وبلغتهم الرغائب، وأنجحت لهم المطالب وقضيت لهم من وصلك المآرب وملات لهم ضمائرهم من حبك، ورويتهم من صافي شربك، فبك إلى لذيذ مناجاتك وصلوا ومنك أقصى مقاصدهم حصلوا. فيامن هو على المقبلين عليه مقبل، وبالعطف عليهم عائد مفضل، وبالغافلين

 

(1) اللهم خ ل. (2) معصيتك خ ل. (3) أنت خ ل. (4) اجعلنا خ ل. (5) وألحقنا خ ل. (6) بعبادك خ ل.

 

[148]

عن ذكره رحيم رؤف، وبجذبهم إلى بابه ودود عطوف، أسئلك أن تجعلني من أوفرهم منك حظا، وأعلاهم عندك منزلا وأجزلهم من ودك قسما، وأفضلهم في معرفتك نصيبا، فقد انقطعت إليك همتي وانصرفت نحوك رغبتي، فأنت لا غيرك مرادي ولك لا لسواك سهري وسهادي، ولقاؤك قرة عيني، ووصلك منى نفسي، وإليك شوقي، وفي محبتك ولهي، وإلى هواك صبابتي، ورضاك بغيتي، ورؤيتك حاجتي، وجوارك طلبتي، وقربك غاية سؤلي، وفي مناجاتك آنسي وراحتي (1) وعندك دواء علتي وشفاء غلتي، وبرد لوعتي وكشف كربتي، فكن أنيسي في وحشتي، ومقيل عثرتي وغافر زلتي، وقابل توبتي ومجيب دعوتي، وولي عصمتي، ومغنى فاقتي ولا تقطعني عنك، ولا تبعدني منك يا نعيمي وجنتي ويا دنياي وآخرتي. المناجاة التاسعة مناجاة المحبين [ليوم السبت]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا، ومن ذا الذي (2) آنس بقربك، فابتغى عنك حولا، إلهي فاجعلنا ممن اصطفيته لقربك وولايتك، وأخلصته لودك ومحبتك، وشوقته إلى لقائك، ورضيته بقضائك، ومنحته بالنظر إلى وجهك، وحبوته برضاك، وأعذته من هجرك وقلاك وبوأته مقعد الصدق في جوارك، وخصصته بمعرفتك، وأهلته لعبادتك، وهيمته (3) لارادتك، واجتبيته لمشاهدتك، وأخليت وجهه لك، وفرغت فؤاده لحبك، ورغبته فيما عندك، وألهمته ذكرك، وأوزعته شكرك، وشغلته بطاعتك، وصيرته من صالحي بريتك، واخترته لمناجاتك، وقطعت عنه كل شئ يقطعه عنك. اللهم اجعلنا ممن دأبهم الارتياح إليك والحنين، ودهرهم (4) الزفرة والانين، جباههم ساجدة لعظمتك، وعيونهم ساهرة في خدمتك، ودموعهم سائلة من خشيتك، وقلوبهم متعلقة (5) بمحبتك، وأفئدتهم منخلعة من مهابتك، يا من أنوار

 

(1) روحي خ ل. (2) من الذي خ ل. (3) هيمت قلبه خ ل. (4) وديدنهم خ ل. (5) معلقة خ ل. (*)

 

[149]

فدسه لابصار محبيه رائقة، وسبحات وجهه لقلوب عارفيه شائقة، يا منى قلوب المشتاقين، ويا غاية آمال المحبين، أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني إلى قربك، وأن تجعلك أحب إلي مما سواك، وأن تجعل حبي إياك قائدا إلى رضوانك، وشوقي إليك ذائدا عن عصيانك، وامنن بالنظر إليك علي وانظر بعين الود والعطف إلي، ولا تصرف عني وجهك، واجعلني من أهل الاسعاد والحظوة عندك، يا مجيب يا أرحم الراحمين. المناجاة العاشرة مناجاة المتوسلين [ليوم الاحد]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي ليس لي وسيلة إليك إلا عواطف رأفتك ولا لي ذريعة إليك إلا عواطف رحمتك، وشفاعة نبيك نبي الرحمة، ومنقذ الامة من الغمة، فاجعلهما لي سببا إلى نيل غفرانك، وصيرهما لي وصلة إلى الفوز برضوانك، وقد حل رجائي بحرم كرمك، وحط طعمي بفناء جودك، فحقق فيك أملي، واختم بالخير عملي، واجعلني من صفوتك الذين أحللتهم بحبوحة جنتك وبوأتهم دار كرامتك، وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك، وأورثتهم منازل الصدق في جوارك. يا من لا يفد الوافدون على أكرم منه، ولا يجد القاصدون أرحم منه، يا خير من خلا به وحيد، ويا أعطف من أوى إليه طريد، إلى سعة عفوك مددت يدي وبذيل كرمك أعلقت كفي، فلا تولني الحرمان، ولا تبتلني (1) بالخيبة والخسران يا سميع الدعاء. المناجاة الحادية عشر مناجاة المفتقرين [ليوم الاثنين]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي كسري لا يجبره إلا لطفك وحنانك، وفقري لا يغنيه إلا عطفك وإحسانك، وروعتي لا يسكنها إلا أمانك، وذلتي لا يعزها إلا سلطانك، وامنيتي لا يبلغنيها إلا فضلك، وخلتي لا يسدها إلا طولك، وحاجتي لا يقضيها غيرك، وكربي لا يفرجها سوى رحمتك، وضري لا يكشفه غير رأفتك

 

(1) لا تبلنى خ ل (*).

 

[150]

وغلتي لا يبردها إلا وصلك، ولوعتي لا يطفئها إلا لقاؤك، وشوقي إليك لا يبله إلا النظر إلى وجهك، وقراري لا يقردون دنوي منك، ولهفتي لا يردها إلا روحك، وسقمي لا يشفيه إلا طبك، وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي لا يبرئه إلا صفحك، ورين قلبي لا يجلوه إلا عفوك، ووسواس صدري لا يزيحه إلا أمرك. فيا منتهى أمل الآملين، ويا غاية سؤل السائلين، ويا اقصى طلبة الطالبين ويا أعلى رغبة الراغبين، ويا ولي الصالحين، ويا أمان الخائفين، ويا مجيب المضطرين، ويا ذخر المعدمين، ويا كنز البائسين، ويا غياث المستغيثين، ويا قاضي حوائج الفقراء والمساكين، ويا أكرم الاكرمين، ويا أرحم الراحمين، لك تخضعي وسؤالي، وإليك تضرعي وابتهالي. اسئلك أن تنيلني من روح رضوانك وتديم علي نعم امتنانك، وها أنا بباب كرمك واقف، ولنفحات برك متعرض وبحبلك الشديد معتصم، وبعروتك الوثقى متمسك، إلهى ارحم عبدك الذليل ذا اللسان الكليل، والعمل القليل، وامنن عليه بطولك الجزيل، واكنفه تحت ظلك الظليل، يا كريم يا جميل يا أرحم الراحمين. المناجاة الثانية عشر مناجاة العارفين [ليوم الثلثا]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي قصرت الالسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك، وعجزت العقول عن إدراك كنه جمالك، وانحسرت الابصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقا إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك إلهي فاجعلنا من الذين توشحت (1) أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم، فهم إلى أوكار الافكار (2) يأوون، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون، ومن حياض المحبة بكأس الملاطفة يكرعون، وشرايع المصافاة يردون، قد كشف الغطاء عن أبصارهم، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم من (3) ضمائرهم، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم، وانشرحت بتحقيق

 

(1) ترسخت خ ل. (2) الاذكار خ ل. (3) في خ ل.

 

[151]

المعرفة صدورهم، وعلت لسبق السعادة في الزهادة هممهم، وعذب في معين المعاملة شربهم، وطاب في مجلس الانس سرهم، وأمن في موطن المخافة سربهم، واطمأنت بالرجوع إلى رب الارباب أنفسهم، وتيقنت بالفوز والفلاح أرواحهم، وقرت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم، واستقر بإدراك السؤول ونيل المأمول قرارهم وربحت في بيع الدنيا بالآخرة تجارتهم. إلهي ما ألذ خواطر الالهام بذكرك على القلوب، وما أحلى المسير إليك بالاوهام في مسالك الغيوب، وما أطيب طعم حبك، وما أعذب شرب قربك، فأعذنا من طردك وإبعادك، واجعلنا من أخص عارفيك وأصلح عبادك وأصدق طائعيك وأخلص عبادك يا عظيم يا جليل يا كريم يا منيل، برحمتك ومنك يا أرحم الراحمين. المناجاة الثالثة عشر مناجاة الذاكرين [ليوم الاربعاء]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي لولا الواجب من قبول أمرك لنزهتك من ذكرى إياك. على أن ذكرى لك بقدري لا بقدرك، وما عسى أن يبلغ مقداري حتى اجعل محلا لتقديسك، ومن أعظم النعم علينا جريان ذكرك على ألسنتنا وإذنك لنا بدعائك وتنزيهك وتسبيحك، إلهي فألهمنا ذكرك في الخلا والملا والليل والنهار، والاعلان والاسرار، وفي السراء والضراء، وآنسنا بالذكر الخفي، واستعملنا بالعمل الزكي، والسعى المرضي، وجازنا بالميزان الوفي. إلهي بك هامت القلوب الوالهة، وعلى معرفتك جمعت العقول المتباينة فلا تطمئن القلوب إلا بذكراك، ولا تسكن النفوس إلا عند رؤياك، أنت المسبح في كل مكان، والمعبود في كل زمان، والموجود في كل أوان، والمدعو بكل لسان، والمعظم في كل جنان، واستغفرك من كل لذة بغير ذكرك، ومن كل راحة بغير انسك، ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك. إلهي أنت قلت وقولك الحق " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا " (1) وقلت وقولك الحق " فاذكروني أذكركم " (2)

 

(1) الاحزاب: 41. (2) البقرة: 152.

 

[152]

فأمرتنا بذكرك، ووعدتنا عليه أن تذكرنا تشريفا لنا وتفخيما وإعظاما، وها نحن ذاكروك كما أمرتنا، فأنجز لنا ما وعدتنا، يا ذاكر الذاكرين، ويا أرحم الراحمين. المناجاة الرابعة عشر مناجاة المعتصمين [ليوم الخميس]: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يا ملاذ اللائذين، ويا معاذ العائذين، ويا منجى الهالكين، ويا عاصم البائسين، ويا راحم المساكين، ويا مجيب المضطرين، ويا كنز المفتقرين، ويا جابر المنكسرين، ويا مأوى المنقطعين، ويا ناصر المستضعفين، ويا مجير الخائفين، ويا مغيث المكروبين، ويا حصن اللاجين، إن لم أعذ بعزتك فبمن أعوذ، وإن لم ألذ بقدرتك فبمن ألوذ وقد ألجأتني الذنوب إلى التشبث بأذيال عفوك، وأحوجتني الخطايا إلى استفتاح أبواب صفحك، ودعتني الاساءة إلى الاناخة بفناء عزك، وحملتني المخافة من نقمتك على التمسك بعروة عطفك، وما حق من اعتصم بحبلك أن يخذل، ولا يليق بمن استجار بعزك أن يسلم أو يهمل. إلهي فلا تخلنا من حمايتك، ولا تعرنا من رعايتك، وذدنا عن موارد الهلكة فانا بعينك وفي كنفك ولك، أسئلك بأهل خاصتك من ملائكتك، والصاحلين من بريتك، أن تجعل علينا واقية تنجينا من الهلكات، وتجننا من الآفات، وتكننا من دواهي المصيبات، وأن تنزل علينا من سكينتك، وأن تغشى وجوهنا بأنوار محبتك، وأن تؤوينا إلى شديد ركنك، وأن تحوينا في أكناف عصمتك، برأفتك ورحمتك يا أرحم الراحمين. المناجاة الخامسة عشر مناجاة الزاهدين [لليلة الجمعة]: بسم الله الرحمن الرحيم إلهي أسكنتنا دارا حفرت لنا حفر مكرها، وعلقتنا بأيدي المنايا في حبائل غدرها، فاليك نلتجئ من مكائد خدعها، وبك نعتصم من الاغترار بزخارف زينتها، فانها المهلكة طلابها، المتلفة حلالها، المحشوة بالآفات المشحونة بالنكبات. إلهي فزهدنا فيها وسلمنا منها، بتوفيقك وعصمتك، وانزع عنا جلابيب


 

[153]

مخالفتك، وتول أمورنا بحسن كفايتك، وأوفر مزيدنا من سعة رحمتك، وأجمل صلاتنا من فيض مواهبك، واغرس في أفئدتنا محبتك، وأتمم لنا أنوار معرفتك، وأذقنا حلاوة عفوك، ولذة مغفرتك، وأقرر أعيننا يوم لقائك برؤيتك وأخرج حب الدنيا من قلوبنا، كما فعلت بالصالحين من صفوتك والابرار من خاصتك برحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الاكرمين. 22 - ومنها المناجاة الانجيلية: لمولانا علي بن الحسين عليه السلام، وقد وجدتها في بعض مرويات أصحابنا رضي الله عنه في كتاب أنيس العابدين من مؤلفات بعض قدمائنا عنه عليه السلام وهي: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بذكرك أستفتح مقالي، وبشكرك أستنجح سؤالي وعليك توكلي في كل أحوالي، وإياك أملي فلا تخيب آمالي، اللهم بذكرك أستعيذ وأعتصم، وبركنك ألوذ وأتحزم، وبقوتك أستجير وأستنصر، وبنورك أهتدي و أستبصر، وإياك أستعين وأعبد، وإليك اقصد وأعمد، وبك أخاصم وأحاول، ومنك أطلب ما أحاول، فأعني يا خير المعينين، وقنى المكاره كلها يا رجاء المؤمنين. الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور على كل إحسان، المعبود في كل مكان، مدبر الامور، ومقدر الدهور، والعالم بما تجنه البحور وتكنه الصدور وتخفيه الظلام، ويبديه النور، الذي حار في علمه العلماء، وسلم لحكمه الحكماء وتواضع لعزته العظماء، وفاق بسعة فضله الكرماء، وساد بعظيم حلمه الحلمآء. والحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، ولا يقهر من استتر بعظمته، ولا يكدى من أذاع شكر نعمته، ولا يهلك من تغمده برحمته، ذي المنن التي لا يحصيها العادون والنعم التي لا يجازيها المجتهدون، والصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، والدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، أحمده جاهرا بحمده، شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بعدله (1) له الشكر الدائم، والامر اللازم. اللهم إياك أسئل وبك أتوسل، وعليك أتوكل، وبفضلك أغتنم، وبحبلك

 

(1) واثق بوعده خ ل.

 

[154]

أعتصم، وفي رحمتك أرغب، ومن نقمتك أرهب، وبقوتك (1) أستعين، وبعظمتك أستكين، اللهم أنت الولي المرشد، والغني المرفد، والعون المؤيد، الراحم الغفور، والعاصم المجير، والقاصم المبير، والخالق الحليم، والرازق الكريم، و السابق القديم، علمت فخبرت، وحلمت فسترت، ورحمت فغفرت، وعظمت فقهرت، وملكت فاستأثرت، وأدركت فاقتدرت، وحكمت فعدلت، وأنعمت فأفضلت وأبدعت فأحسنت، وصنعت فأتقنت، وجدت فأغنيت، وأيدت فكفيت، وخلقت فسويت، ووفقت فهديت، بطنت الغيوب، فخبرت مكنون أسرارها، وحلت بين القلوب وبين تصرفها على اختيارها، فأيقنت البرايا أنك مدبرها وخالقها وأذعنت أنك مقدرها ورازقها، لا إله إلا أنت. تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا. اللهم إني أشهدك وأنت أقرب الشاهدين، وأشهد من حضرني من ملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، من الجنة والناس أجمعين، أني أشهد بسريرة زكية، وبصيرة من الشك بريئة، شهادة أعتقدها باخلاص وإيقان، واعدها طمعا في الخلاص والامان، اسرها تصديقا بربوبيتك، واظهرها تحقيقا لوحدانيتك ولا اصد عن سبيلها، ولا الحد في تأويلها، أنك أنت الله ربي لا اشرك بك أحدا ولا أجد من دونك ملتحدا لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الذي لا يدخل في عدد، والفرد الذي لا يقاس بأحد، علا عن المشاكلة والمناسبة، وخلا من الاولاد والصاحبة سبحانه من خالق ما أصنعه ورازق ما أوسعه وقريب ما أرفعه ومجيب ما أسمعه، وعزيز ما أمنعه، له المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم. وأشهد أن محمدا نبيه المرسل ووليه المفضل، وشهيده المستعدل (2) المؤيد بالنور المضئ، والمسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافية والزواجر الناهية، والدلائل الهادية، التي أوضح برهانها، وشرح بنيانها، في كتاب مهيمن

 

(1) وبعونك خ ل. (2) المعدل خ ل.

 

[155]

على كل كتاب، جامع لكل رشد وصواب، فيه نبأ القرون، وتفصيل الشؤون (1) وفرض الصلاة والصيام، والفرق بين الحلال والحرام، فدعى إلى خير سبيل وشفا من هيام الغليل (2) حتى علا الحق وظهر، وزهق الباطل وانحسر. صلى الله عليه وآله صلاة دائمة ممهدة لا تنقضي لها مدة ولا ينحصر (3) لها عدة. اللهم صل على محمد وآل محمد ما جرت النجوم في الابراج، وطلاطمة البحور بالامواج، وما ادلهم ليل داج، وأشرق نهار ذو ابتلاج، وصل عليه وآله ما تعاقبت الايام، وتناوبت الاعوام، وما خطرت الاوهام، وتدبرت الافهام، وما بقي الآنام. اللهم صل على محمد خاتم الانبياء، وآله البررة الاتقياء، وعلى عترته النجباء (4) صلاة معروفة بالتمام والنماء، وباقية بلا فناء وانقضاء. اللهم رب العالمين، وأحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، اسئلك من الشهادة أقسطها، ومن العبادة أنشطها، ومن الزيادة أبسطها، ومن الكرامة أغبطها ومن السلامة أحوطها، ومن الاعمال أقسطها، ومن الآمال أوفقها، ومن الاقوال أصدقها ومن المحال أشرفها ومن المنازل ألطفها ومن الحياطة أكنفها ومن الرعاية أعطفها (5) ومن العصمة أكفاها ومن الراحة أشفاها ومن النعمة أوفاها ومن الهمم أعلاها ومن القسم أسناها ومن الارزاق أغزرها ومن الاخلاق أطهرها ومن المذاهب أقصدها ومن العواقب أحمدها ومن الامور أرشدها ومن التدابير أوكدها ومن الحدود أسعدها ومن الشئون أعودها ومن الفوائد أرجحها ومن العوائل أنجحها ومن الزيادات أتمها ومن البركات أعمها ومن الصالحات أعظمها. اللهم إني أسئلك قلبا خاشعا زكيا ولسانا صادقا عليا ورزقا واسعا هنيئا

 

(1) السنون خ ل. (2) الهيام: الجنون من العشق. (3) ولا تفنى خ ل. (4) الخيرة الاصفياء خ. (5) أوسطها خ ل.

 

[156]

وعيشا رغدا مريا وأعوذ بك من ضنك المعاش ومن شر كل ساع وواش وغلبة الاضداد والاوباش وكل قبيح باطن أو فاش وأعوذ بك من دعاء محجوب و رجاء مكذوب وحياء مسلوب واحتجاج مغلوب ورأي غير مصيب. اللهم أنت المستعان والمستعاذ وعليك المعول وبك الملاذ (1) فأنلني لطائف مننك فانك لطيف فلا تبتليني (2) بمحنك فاني ضعيف، وتولني بعطف تحننك يا رؤف يامن آوى المنقطعين إليه وأغنى المتوكلين عليه، جد بغناك عن فاقتي ولا تحملني فوق طاقتي. اللهم اجعلني من الذين جدوا في قصدك فلم ينكلوا وسلكوا الطريق إليك فلم يعدلوا واعتمدوا عليك في الوصول حتى وصلوا فرويت قلوبهم من محبتك وآنست نفوسهم بمعرفتك فلم يقطعهم عنك قاطع ولا منعهم عن بلوغ ما أملوه لديك مانع فهم فيما اشتهت أنفهسم خالدون ولا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون. اللهم لك قلبي ولساني، وبك نجاتي وأماني، وأنت العالم بسري وإعلاني فأمت قلبي عن البغضاء، واصمت لساني عن الفحشاء، وأخلص سريرتي عن علائق الاهواء، واكفني بأمانك عن عوائق الضراء، واجعل سري معقودا على مراقبتك وإعلاني موافقا لطاعتك، وهب لي جسما روحانيا، وقلبا سماويا، وهمة متصلة بك، ويقينا صادقا في حبك، وألهمني من محامدك أمدحها، وهب لي من فوائدك أسمحها. إنك ولي الحمد، والمستولي على المجد. يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، ولا يزيد جبروته إيمان الموحدين، إليك أستشفع بقديم كرمك، أن لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك واصرفني بحسن نظرك لي عن ورطة المهالك، وعرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك. يا من قربت رحمته من المحسنين، وأوجب عفوه للاوابين، بلغنا برحمتك

 

(1) المعاذ خ ل. (2) لا تبليني خ ل.

 

[157]

غنائم البر والاحسان، وجللنا بنعمتك ملابس العفو والغفران، واصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، واحش قلوبنا نورا يمنعها من الشبهات، وأودع نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، ورجاء الواثقين بتوفير الثواب، فلا نغتر بالامهال (1)، ولا نقصر في صالح الاعمال، ولا نفتر من التسبيح بحمدك في الغدو والآصال. يامن آنس العارفين بطيب مناجاته، وألبس الخائطين ثوب موالاته، متى فرح من قصدت سواك همته، ومتى استراح من ارادت غيرك عزيمته، ومن ذا الذي قصدك بصدق الارادة فلم تشفعه في مراده، أم من ذا الذي اعتمد عليك في أمره فلم تجد باسعاده، أم من ذا الذي استرشدك فلم تمنن بارشاده. اللهم عبدك الضعيف الفقير ومسكينك اللهيف المستجير، عالم أن في قبضتك أزمة التدبير، ومصادر المقادير عن إرادتك، وأنك (2) أقمت بقدسك حياة كل شئ، وجعلته نجاة لكل حي، فارزقه من حلاوة مصافاتك ما يصير به إلى مرضاتك وهب له من خشوع التذلل وخضوع التقلل (3) في رهبة الاخبات، وسلامة المحيا والممات، ما تحضره كفاية المتوكلين، وتميزه به رعاية المكفولين، وتعزه ولاية المتصلين المقبولين. يا من هو أبر بي من الوالد الشفيق، وأقرب إلي من الصاحب اللزيق (4) أنت موضع انسي في الخلوة إذا أوحشني المكان، ولفظتني الاوطان، وفارقتني الالاف والجيران، وانفردت في محل ضنك، قصير السمك، ضيق الضريح، مطبق الصفيح، مهول منظره، ثقيل مدره، مخلاة (5) بالوحشة عرصته، مغشاة بالظلمة ساحته، على غير مهاد ولا وساد، ولا تقدمة زاد ولا اعتداد، فتداركني برحمتك التي

 

(1) بالاهمال خ ل. (2) وأنت خ ل. (3) التبتل خ ل. (4) الرفيق خ ل. (5) مستقلة خ ل.

 

[158]

وسعت الاشياء أكنافها، وجمعت الاحياء أطرافها، وعمت البرايا ألطافها، وعد علي بعفوك يا كريم، ولا تؤاخذني بجهلي يا رحيم. اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، وأحاطت به خطيئاته، وحفت به جناياته بعفوك ارحم من ليس له من عمله شافع، ولا يمنعه من عذابك مانع، ارحم الغافل عما أظله (1) والذاهل ان الامر الذي خلق له، ارحم من نقض العهد وعذر وعلى معصيتك انطوى وأصر، وجاهرك بجهله وما استتر، ارحم من ألقى عن رأسه قناع الحياء، وحسر عن ذراعيه جلباب الاتقياء، واجترأ على سخطك بارتكاب الفحشاء، فيا من لم يزل عفوا غفارا، ارحم لمن لم يزل مسقطا عثارا. اللهم اغفر لي ما مضى مني، واختم لي بما ترضى به عني، واعقد عزامي على توبة بك متصلة، ولديك متقبلة، تقيلني بها عثراتي، وتستربها عوراتي، وترحم بها عبراتي، وتجيرني بها إجارة من معاطب انتقامك، وتنيلني بها المسرة بمواهب إنعامك، يوم تبرز الاخبار، وتعظم الاخطار، وتبلى الاسرار، وتهتك الاستار وتشخص القلوب والابصار، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. إنك معدن الآلاء والكرم، وصارف اللاواء والنقم، لا إله إلا أنت، عليك أعتمد، وبك أستعين، وأنت حسبي وكفى بك وكيلا. يا مالك خزائن الاقوات وفاطر أصناف البريات، وخالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع أرضين مذللات، العالي في وقار العز والمنعة، والدائم في كبرياء الهيبة والرفعة، والجواد بنيله على خلقه من سعة، ليس له حد ولا أمد، ولا يدركه تحصيل ولا عدد، ولا يحيط بوصفه أحد. الحمد لله خالق أمشاج النسم، ومولج الانوار في الظلم، ومخرج الموجود من العدم، والسابق الازلية بالقدم، والجواد على الخلق بسوابق النعم، والعواد عليهم بالفضل والكرم، الذي لا يعجزه كثرة الانفاق، ولا يمسك خشية الاملاق ولا ينقصه إدرار الارزاق، ولا يدرك بأناسي الاحداق، ولا يوصف بمضامة

 

(1) أضله خ ل.

 

[159]

ولا افتراق، أحمده على جزيل إحسانه، وأعوذ به من حلول خذلانه، واستهديه بنور برهانه، وأومن به حق إيمانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي عم الخلائق جدواه، وتم حكمه فيمن أضل منهم وهداه، وأحاط علما بمن أطاعه وعصاه، واستولى على الملك بعز أبد (1) فحواه، فسبحت له السماوات وأكنافها، والارض وأطرافها والجبال وأعراقها (2) والشجر وأغصانها، والبحار وحيتانها، والنجوم في مطالعها، والامطار في مواقعها ووحوش الارض وسباعها، ومدد الانهار وأمواجها، وعذب المياه واجاجها، وهبوب الريح وعجاجها، وكل ما وقع عليه وصف، وتسمية، أو يدركه حد يحويه، مما يتصور في الفكر، أو يتمثل بجسم أو قدر، أو ينسب إلى عرض أو جوهر، من صغير حقير، أو خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، معترفا له بالوحدانية طائعا مستجيبا لدعوته خاضعا، متضرعا لمشيته (3) متواضعا، له الملك الذي لانفاد لديموميته، ولا انقضاء لعدته. وأشهد أن محمدا عبده الكريم، ورسوله الطاهر المعصوم، بعثه والناس في غمرة الضلالة ساهون، وفي غرة الجهالة لاهون، لا يقولون صدقا، ولا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوة، وحقت عليهم الشقوة، إلا من أحب الله إنقاذه، ورحمه وأعانه فقام محمد صلوات الله عليه وآله فيهم مجدا في إنذاره، مرشدا لانواره، بعزم ثاقب، وحكم واجب، حتى تألق شهاب الايمان، وتفرق حزب الشيطان، وأعز الله جنده، وعبد وحده. ثم اختاره الله فرفعه إلى روح جنته، وفسيح (4) كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا، وتمت كلمات (5) ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكماته وهو السميع العليم صلى الله عليه وعلى آله وأقربيه، وذوي رحمه ومواليه، صلاة جليلة جزيلة موصولة مقبولة لا انقطاع لمزيدها، ولا اتضاع لمشيدها، ولا امتناع لصعودها

 

(1) بعوائد خ ل. (2) وأعرافها خ ل. (3) بمشيته خ ل. (4) وفسح خ ل. (5) كلمة خ ل.

 

[160]

تنتهي إلى مقر أرواحهم، ومقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، ويشرف لديهم صلواتها، فتتلقاهم مقرونة بالروح والسرور، محفوفة بالنضارة والنور، دائمة بلا فناء (1) ولا فتور. اللهم اجعل أكمل صلواتك واشرفها، وأجمل تحياتك وألطفها وأشمل بركاتك وأعطفها وأجل هباتك وأرأفها على محمد خاتم النبيين، وأكرم الاميين وعلى أهل بيته الاصفياء الطاهرين، وعترته النجباء المختارين، وشيعته الاوفياء الموازرين، من أنصاره والمهاجرين، وادخلنا في شفاعته يوم الدين، مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا أكرم الاكرمين، ويا أرحم الراحمين. اللهم أنت الملك الذي لا يملك (2) والواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر والنجوى، ويا دافع والبلوى، ويا كاشف العسر والبؤسى، وقابل العذر والعتبى، ومسبل الستر على الورى، جللني من رأفتك بأمر واق، و سمني (3) من رعايتك بركن باق، وأوصلني بعنايتك إلى غاية السباق، واجعلني برحمتك من أهل الرعاية للميثاق، واعمر قلبي بخشية ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، ولم يكن بستره علي بخيلا، ولا بعقوبته علي عجولا، أتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، ولا تؤاخذني بما سترت علي عند نظرك (4). سيدي كم من نعمة ظللت لانيق بهجتها لابسا، وكم أسديت عندي من يد قد طفقت بهدايتها منافسا، وكم قلدتني من منة ضعفت قواي عن حملها، وذهلت فطنتي عن ذكر فضلها، وعجز شكري عن جزائها، وضقت ذرعا باحصائها، قابلتك فيها بالعصيان، ونسيت شكر ما أوليتني فيها من الاحسان، فمن أسوء حالا مني إن لم تتداركني (5) بالغفران، وتوزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان فلست مستطيعا لقضاء حقوقك إن لم تؤيدني بصحبة توفيقك.

 

(1) بلا نفاد خ ل. (2) لا يهلك خ ل. (3) وتشملني خ ل. (4) بما سترت بتطولك خ ل. (5) تداركني خ ل. (6) بصحة خ ل.

 

[161]

سيدي لولا نورك عميت عن الدليل، ولولا تبصيرك ضللت عن السبيل، ولو لا تعريفك لم ارشد للقبول، ولولا توفيقك لم أهتد إلى معرفة التأويل. فيامن أكرمني بتوحيده، وعصمني عن الضلال بتسديده، وألزمني إقامة حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك، وأحيني (1) بيقين أسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، وأرأف من لجأ إليه اللاجون وأكرم من قصده المحتاجون، ارحمني إذا انقطع معلوم عمري، ودرس ذكري وامتحى (2) أثري، وبوئت في الضريح مرتهنا بعملي، مسؤولا عما أسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي في الاموات ممن كان قبلي، رب سهل لي توبة إليك وأعني عليها، واحملني على محجة الاخبات لك، وأرشدني إليك، فان الحول والقوة بمعونتك، والثبات والانتقال بقدرتك، يا من هو أرحم لي من الوالد الشفيق وأبر بي من الولد الرفيق، وأقرب إلي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي واجعل الخيرة العامة (3) فيما قضيت لي، واختم لي بالبر والتقوى عملي، و أجرني من كل عائق يقطعني عنك، وكل قول وفعل يباعدني منك، وارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة، وبدعة ممرضة سيدي خاب رجاء من رجا سواك وظفرت يد [ا] من بحاجته ناجاك، وضل من يدعو العباد لكشف ضرهم إلا إياك، أنت المؤمل في الشدة والرخاء والمفزع في كل كربة وضراء، والمستجار به من كل فادحة ولاواء، لا يقنط من رحمتك إلا من تولى وكفر، ولا ييأس من روحك إلا من عصى وأصر، أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين. يا من لا يحرم زواره عطاياه، ولا يسلم من استجاره واستكفاه، أملي واقف على جدواك، ووجه طلبتي منصرف عمن سواك، وأنت الملئ بتيسير الطلبات والوفي بتكثير الرغبات، فأنجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، واسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك، سيدي ضعف جسمي، ودق عظمي، وكبر سني، ونال

 

(1) واحبني خ ل من الحبوة. (2) وانمحى خ ل. (3) التامة خ ل.

 

[162]

الدهر مني، ونفدت مدتي، وذهبت شهوتي، وبقيت تبعتي، فجد بحلمك على جهلي، وبعفوك على قبيح فعلي، ولا تؤاخدني بما كسبت من الذنوب العظام، في سالف الايام. سيدي أنا المعترف باساءتي، المقر بخطائي، الماسور باجرامي، المرتهن بآثامى، المتهور باساءتي، المتحير عن قصد طريقي، انقطعت مقالتي، وضل عمري وبطلت حجتي في عظيم وزري، فامنن علي بكريم غفرانك واسمح لي بعظيم إحسانك فانك ذو مغفرة للطالبين شديد العقاب للمجرمين. سيدي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي سيدي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما، وظني بك أنك تقلبني بالنجاة مرحوما، سيدي لم اسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الآملين، سيدي عظم جرمي إذ بارزتك باكتسابه، وكبر ذنبي إذ جاهرتك بارتكابه إلا أن عظيم عفوك يسع المعترفين وجسيم غفرانك يعم التوابين. سيدي إن دعاني إلى النار مخشى عقابك فقد دعاني إلى الجنة مرجو ثوابك سيدي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لطفك، فقد أنسني اليقين بمكارم عطفك وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد أيقظتني المعرفة بقديم آلائك، وإن عزب عني تقديم لما يصلحني (1) فلم يعزب إيقاني بنظرك إلي فيما ينفعني، وإن انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي، فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي. سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، وأقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي، سيدي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك، وجدت بمعروفك فاخلطني (2) بأهل نوالك، اللهم ارحم مسكينا لا يجيره (3) إلا عطاؤك، وفقيرا لا يغنيه إلا جدواك. سيدي أصبحت على باب من أبواب منحك سائلا، وعن التعرض بسواك

 

(1) وان عزب لبى عن تقديم [تقويم] ما يصلحني، خ ل صح. (2) فألحقني، خ ل. (3) يجبره، خ ل.

 

[163]

عادلا، وليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، ومضطر لانتظار فضلك المألوف، سيدي إن حرمتني رؤية محمد صلى الله عليه وآله في دار السلام، وأعدمتني طوف (1) الوصائف والخدام، وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في دار المقام فغير ذلك منتني نفسي منك يا ذا الطول والانعام، سيدي وعزتك لو قرنتني في الاصفاد، ومنعتني سيبك من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، ولا صرفت انتظاري للعفو منك سيدي لو لم تهدني إلى الاسلام لضللت، ولو لم تثبتني إذا لذللت، ولو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت، ولا صدقت، ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت، ولو لم تدلني على كريم ثوابك ما رغبت، ولو لم تبين لي أليم عقابك ما رهبت، فأسئلك توفيقي لما يوجب ثوابك وتخليصي مما يكسب عقابك. سيدي إن أقعدني التخلف عن السبق مع الابرار، فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الاخيار، سيدي كل مكروب إليك يلتجئ، وكل محزون إياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، وسمع المولون (2) عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المحرومون (3) بسعة فضلك فطمعوا، حتى ازدحمت عصائب العصاة من عبادك [ببابك] ظ وعجت إليك الالسن بأصناف الدعاء في بلادك، فكل أمل ساق صاحبه إليك محتاجا، وكل قلب تركه وجيب الخوف إليك (4) مهتاجا سيدي وأنت المسؤل الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، ولم يردد راجيه فيزيله عن الحق إلى المعاطب سيدي إن أخطأت طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها فقد أصبت طريق الفرج (5) بما فيه سلامتها، سيدي إن كانت نفسي استعبدتني متمردة علي بما يرجيها (6) فقد استعبدتها الآن على ما ينجيها، سيدي إن اجحف

 

(1) تطواف خ ل، تطويف، خ ل. (2) المتولون خ ل. (3) المجرمون خ ل. (4) منك خ ل والمهتاج: المضطرب الثائر. (5) طريق المسألة اليك خ ل. (6) على ما يرديها خ ل (*)

 

[164]

بى زاد الطريق في المسير إليك، فقد أوصلته بذخائر ما أعددته من فضل تعويلي عليك. سيدي إذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، وإذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون وسائلي، سيدي أدعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه، سيدي وكيف أرد عارض تطلعي إلى نوالك وإنما أنا في هذا الخلق أحد عيالك، سيدي كيف اسكت بالافحام (1) لسان ضراعتي وقد أقلقني ما أبهم علي من تقدير عاقبتي. سيدي قد علمت حاجة جسمي إلى ما قد تكفلت لي من الرزق أيام حياتي وعرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي، فيا من سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي إليه في الآجل، فمن شواهد نعماء الكريم إتمام نعمائه، ومن محاسن آلاء الجواد إكمال آلائه. إلهي لولا ما جهلت من أمري لم أستقلك عثراتي، ولولا ما ذكرت من شدة التفريط لم أسكب عبراتي، سيدي فامح مثبتات العثرات لمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات، بقليل (2) الحسنات. سيدي إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك فالى من يفزع المقصرون ؟ وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلجاء الخاطئون ؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون ؟ وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون ؟ سيدي إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل دنو أجله ؟ وإن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين (3) سعى نقيته ؟ سيدي إن حجبت عن أهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم أوبقهم غضبك بين المشركين بكرباتهم، سيدي إن لم تشملنا يد إحسانك يوم الورود، اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود. فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، واصف ما كدرته

 

(1) بالافهام خ ل. (2) لقليل خ ل. (3) العاملين سعى نفسه خ ل.

 

[165]

الجرائم بصفح صلاتك، سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، ولا كبير عمل أخلصته إلا أني واثق بكريم أفعالك، راج لجسيم إفضالك عودتني من جميل تطولك عادة أنت أولى باتمامها، ووهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة أنت المشكور على إلهامها. سيدي ما جفت هذه العيون لفرط (1) بكائها، ولا جادت هذه الجفون بفيض مائها، ولا أسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها، إلا لما أسفلته من عمدها وخطائها، وأنت القادر سيدي على كشف غماها. سيدي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين، وحضضت على إعطاء السائلين وأنت خير المسؤولين، وندبت إلى عتيق الرقاب وأنت خير المعتقين، وحثثت على الصفح عن المذنبين وأنت أكرم الصافحين، سيدي إن تلونا (2) من كتابك سعة رحمتك أشفقنا من مخالفتك، وفرحنا ببذل رحمتك، وإذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، وفرقنا من أليم نقمتك، فلا رحمتك تؤمننا، ولا سخطك يؤيسنا (3). سيدي كيف يتمنع من فيها من طوارق الرزايا، وقد رشق في كل دار منها سهم من سهام المنايا، سيدي إن كان ذنبي منك قد أخافني فان حسن ظني بك قد أجارني، وإن كان خوفك قد أربقني (4) فان حسن نظرك لي قد أطلقني، سيدي إن كان قد دنا مني أجلي ولم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب أوجه وسائل عللي. سيدي من أولى بالرحمة منك إن رحمت، ومن أعدل في الحكم منك إن عذبت، سيدي لم تزل برا بي أيام حياتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي، وأنت لم تولني إلا جميلا في حياتي، سيدي عفوك أعظم من كل جرم، ونعمتك ممحاة لكل إثم، سيدي إن

 

(1) ما حنت هذه العيون إلى فرط بكائها، خ ل. (2) إذا تلونا، خ ل. (3) سخطتك تؤيسنا، خ ل. (4) أوبقني، خ ل.

 

[166]

كانت ذنوبي قد أخافتني فان محبتي لك قد آمنتني، فتول من أمري ما أنت أهله وعد بفضلك على من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانية، ولا تخفى عليه من الغوامض خافية، فاغفر لي ما خفى على الناس من أمري، وخفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري. سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا، ولم تظهرها، فلا تفضحني بها في القيامة واسترها، فمن أحق بالستر منك يا ستار، ومن أولى منك بالعفو عن المذنبين يا غفار، إلهي جودك بسط أملي، وسترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب أجلي، سيدي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، ولا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسئلتك لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيؤون، وأكرم من استغفره الخاطئون. سيدي لا تردني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك ولا أجد غيرك معدلا بها عنك، سيدي لو أردت إهانتي لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تسترني، فأدم إمتاعي بماله هديتني، ولا تهتك عما به (1) سترتني، سيدي لولا ما اقترفت من الذنوب ما خفت عقابك، ولولا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، وأنت أكرم الاكرمين بتحقيق آمال الآملين، وأرحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين. سيدي ألقتني الحسنات بين جودك واحسانك، وألقتني السيئات بين عفوك وغفرانك، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ مرتهن بجريرته، ومحسن مخلص في بصيرته، سيدي إني (2) شهد لي الايمان بتوحيدك، ونطق لساني بتمجيدك ودلني القرآن على فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، ولا تفرح امنيتي بحسن مزيدك، سيدي إن غفرت (3) فبفضلك، وإن عذبت فبعدلك فيامن لا يرجى إلا فضله، ولا يخشى إلا عدله، امنن علي بفضلك، ولا تستقص علي في عدلك. سيدي أدعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، وأتضرع إليك تضرع من أقر على

 

(1) عنى ما به خ ل. (2) إذا خ ل. (3) عفوت خ ل.

 

[167]

نفسه بالحجة في دعواه، وخضع لك خضوع من يؤملك لآخرته ودنياه، فلا تقطع عصمة رجائي، واسمع تضرعي، واقبل دعائي، وثبت حجتي على ما اثبت من دعواي. سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لاتيته، فأنا المقر بما أحصيته وجنيته وخالفت أمرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، ولا تردني في طلبتي عند الانصراف، سيدي قد أصبت من الذنوب ما قد عرفت، وأسرفت على نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته (1) وإما عاصيا فرحمته (2). سيدي كأني بنفسي قد اضجعت بقعر حفرتها، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها، وبكى عليها الغريب لطول غربتها، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها وناداها من شفير القبر ذو مودتها ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، ولم يخف على الناظرين إليها فرط فاقتها، ولا على من قد رآها توسدت الثرى عجز حيلتها، فقلت: ملائكتي فريد نأى عنه الاقربون، وبعيد جفاه الاهلون ووحيد فارقه المال والبنون نزل بي قريبا، وسكن اللحد غريبا، وكان لي في دار الدنيا داعيا، ولنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي. إلهي وسيدي لو أطبقت ذنوبي ما بين ثرى الارض إلى أعنان السماء، وخرقت النجوم إلى حد الانتهاء، ماردني اليأس عن توقع غفرانك، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك، سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه، ووحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه، ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا ترحمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك، ومن إتمامها أن توجب لي [محمودة] جزائك. سيدى أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، وليس أيأس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، وإلهي وسيدي انهملت بالسكب عبراتي، حين ذكرت خطاياي وعثراتي، ومالها لا تنهمل وتجري وتفيض ماؤها وتذرى ولست أدري إلى ما يكون

 

(1) فأكرمتني خ ل. (2) فرحمتني خ ل.

 

[168]

مصيري، وعلى ما يتهجم عند البلاغ مسيري، يا انس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، ويا ثاني كل وحيد ارحم في الثرى (1) طول وحدتي. سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثرى ؟ وكيف صنيعك بي في دار الوحشة والبلى ؟ فقد كنت بي لطيفا أيام حياة الدنيا، يا أفضل المنعمين في آلائه، وأنعم المفضلين في نعمائه، كثرت أياديك فعجزت عن إحصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد على ما أوليت من التفضل، ولك الشكر على ما أبليت (2) من التطول. يا خير من دعاه الداعون، وأفضل من رجاه الراجون، بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبمحمد وأهل بيته أستشفع وأتقرب واقدمهم أمام حاجتي إليك في الرغب والرهب اللهم فصل على محمد وأهل بيته الطاهرين، واجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها، ومن الانجاس والارجاس نزيها، وبالتوسل بهم إليك مقربا وجيها. يا كريم الصفح والتجاوز، ومعدن العوارف (3) والجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، وهب لي من مراقبتك ما يكون بيني وبين معصيك حاجزا، سيدي إن من تقرب منك (4) لمكين من موالاتك، وإن من تحبب إليك لقمين (5) بمرضاتك، وإن من تعرف بك لغير مجهول، وإن من استجار بك لغير مخذول. سيدي أتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك، أم تراك تغل إلى الاعناق أكفا طالما تضرعت في دعائها إليك، أم تراك تقيد بأنكال الجحيم أقداما طالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك منا منك عليها لامنا منها عليك. سيدي كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني

 

(1) في القبر خ ل. (2) أوليت خ ل. (3) المعارف خ ل. (4) بالخير لديك خ ل. (5) لقمن خ ل.

 

[169]

بها عجز عنها صبري، فيامن قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، وعجز صبري عند بليتي (1) فلم يخذلني، جميل فضلك علي أبطرني وجليل حلمك عني غرني سيدي قويت بعافيتك على معصيتك، وأنفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، وأفنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جرأتي على ما عنه نهيتني، ولا انتهاكي ما منه حذرتني: أن سترتني بحلمك الساتر، وحجبتني عن عين كل ناظر، وعدت بكريم أياديك حين عدت بارتكاب معاصيك (2) فأنت العواد بالاحسان، وأنا العواد بالعصيان. سيدي أتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي، راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا، ولا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي إن آمالي فيك (3) يتجاوز آمال الآملين، وسؤالي إياك لا يشبه سؤال السائلين، لان السائل إذا منع امتنع عن السؤال، وأنا فلا غناء بي عنك في كل حال. سيدي غرني بك حلمك عني إذ حلمت، وعفوك عن ذنبي إذ رحمت، وقد علمت أنك قادر أن تقول للارض خذيه فتأخذني، وللسماء أمطريه حجارة فتمطرني ولو أمرت بعضي [أن] يأخذ بعضا لما أمهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، وتب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي. سيدي أنت نوري في كل ظلمة، وذخري لكل ملمة، وعمادي عند كل شدة، وأنيسي في كل خلوة ووحدة، فأعذني من سوء مواقف الخائنين (4) واستنقذني من ذل مقام الكاذبين. سيدي أنت دليل من انقطع دليله، وأمل من امتنع تأميله، فان كان ذنوبي حالت بين دعائي وإجابتك، فلم يحل (5) كرمك بيني وبين مغفرتك وإنك لا

 

(1) بليته خ ل. (2) معصيتك خ ل. (3) منك خ ل. (4) الخائبين خ ل. (5) فلن يحول خ ل.

 

[170]

تضل من هديت، ولا تذل من واليت، ولا يفقتر من أغنيت ولا يسعد من أشقيت وعزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، وآنست نفسي ببشارتها ومحال في عدل اقضيتك أن تسد أسباب رحمتك عن معتقدي محبتك. سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، ولولا تسديدك لم ينج المستبصرون أنت سهلت لهم السبيل حتى وصلوا، وأنت أيدتهم بالتقوى حتى عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيلة، والمنة منك لديهم موصولة. سيدي أسئلك مسألة مسكين ضارع، مستكين خاضع، أن تجعلني من الموقنين خبرا وفهما، والمحيطين معرفة وعلما، إنك لم تنزل كتبك إلا بالحق، ولم ترسل رسلك إلا بالصدق، ولم تترك عبادك هملا ولا سدى، ولم تدعهم بغير بيان ولا هدى (1) ولم ترض منهم بالجهالة والاضاعة، بل خلقتهم ليعبدوك، ورزقتهم ليحمدوك، ودللتهم على وحدانيتك ليوحدوك، ولم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون ولم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، وبحجتك مخصوصون، أمرك فيهم نافذ، وقهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، وتهدي من أناب إليك من معاصيك فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، على من أدخلته في سعة رحمتك يا أكرم الاكرمين، وأرأف الراحمين. سيدي خلقتني فأكملت تقديري، وصورتني فاحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا وبعد المغيب شهيدا، وجعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء سائغا هنيئا (2) ثم وهبت لي رحمة الآباء والامهات، وعطفت علي قلوب الحواضن والمربيات، كافيا لي شرور الانس والجان، مسلما لي من الزيادة والنقصان، حتى أفصحت ناطقا بالكلام ثم أنبتني زائدة في كل عام، وقد أسبغت علي ملابس الانعام. ثم رزقتني من ألطاف المعاش، وأصناف الرياش، وكنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، وبلغتني ما احاول من سائر مطالبي إتماما لنعمتك لدي، وإيجابا

 

(1) الا الى الطاعة خ ل. (2) مريئا خل.

 

[171]

لحجتك علي، وذلك أكثر من أن يحصيه القائلون، أو يثني بشكره العاملون فخالفت ما يقربني منك، واقترفت ما يباعدني عنك، فظاهرت علي جميل سترك وأدنيتني بحسن نظرك وبرك، ولم يباعدني عن إحسانك تعرضي لعصيانك. بل تابعت علي في نعمك، وعدت بفضلك وكرمك، فان دعوتك أجبتني، وإن سألتك أعطيتني وإن شكرتك زدتني، وإن أمسكت عن مسئلتك ابتدأتني، فلك الحمد على بوادي أياديك وتواليها، حمدا يضاهي آلاءك ويكافيها. سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج، وأنا إلى سترها علي في القيامة أحوج، فيا من جللني بستره عن لواحظ المتوسمين، لا تزل سترك عني على رؤس العالمين. سيدي أعطيتني فأسنيت حظي، وحفظتني فأحسنت حفظي، وغذيتني فأنعمت غذائي، وحبوتني فأكرمت مثواى، وتوليتني بفوائد البر والاكرام وخصصتني بنوافل الفضل والانعام، فلك الحمد على جزيل جودك، ونوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب [مكافئا لما بذلته من اقسام المواهب]. سيدي عودتني إسعافي بكل ما أسئلك (1) وإجابتي إلى تسهيل كل ما احاوله وأنا أعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، وأنزل بك كل ما يخطر ببالي من الطلبات، واثقا بقديم طولك (2)، ومدلا بكريم تفضلك، وأطلب الخير من حيث تعودته، والتمس النجح من معدنه الذي تعرفته، وأعلم أنك لا تكل اللاجين إليك إلى غيرك، ولا تخلي الراجين لحسن تطولك من نوافل برك. سيدي تتابع منك البر والعطاء، فلزمني الشكر والثناء، فما من شئ أنشره وأطويه من شكرك، ولا قول اعيده وابديه في ذكرك، إلا كنت له أهلا ومحلا وكان في جنب معروفك (3) مستصغرا مستقلا. سيدي أستزيدك من فوائد النعم، غير مستبطئ منك فيه سنى الكرم

 

(1) أساله خ ل. (2) تطولك خ ل. (3) معرفتك خ ل.

 

[172]

وأستعيذ بك من بوادر النقم، غير مخيل (1) في عدلك خواطر التهم، سيدي عظم قدر من أسعدته باصطفائك، وعدم النصر من أبعدته من فنائك، سيدي ما أعظم روح قلوب المتوكلين عليك، وأنجح سعى الآملين لما لديك. سيدي أنت أنقذت أولياءك من حيرة الشكوك، وأوصلت إلى نفوسهم (2) حبرة الملوك، وزينتهم بحلية الوقار والهيبة، وأسبلت عليهم ستور العصمة والتوبة وسيرت هممهم في ملكوت السماء، وحبوتهم بخصائص الفوائد والحباء، وعقدت عزائمهم بحبل محبتك، وآثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون وعند نهيك وأمرك واقفون، وبمناجاتك آنسون، ولك بصدق الارادة مجالسون وذلك برأفة تحننك عليهم، وما أسديت من جميل منك إليهم. سيدى بك وصلوا إلى مرضاتك، وبكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من أهل طاعتك، ولا تدخلني فيمن جانبهم من أهل معصيتك واجعل ما اعتقدته من ذكرك خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار والعلن مشوبا بخشيتك في كل أوان، مقربا من طاعتك في الاظهار والابطان، داخلا فيما يؤيده الدين ويعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا وتهدمه، منزها عن قصد أحد سواك، وجيها عندك يوم أقوم لك وألقاك، محصنا من لواحق الرئاء، مبرءا من بوائق الاهواء، عارجا إليك مع صالح الاعمال، بالغدو والآصال، متصلا لا ينقطع بوادره، ولا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، ولا يمسه إلا المطهرون. اللهم أنت ولي الاصفياء والاخيار، ولك (3) الخلق والاختيار، وقد ألبستني في الدنيا ثوب عافيتك، وأودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الآخرة عن عواطف رأفتك، واجعلني ممن شمله عفوك، ولم ينله سطوتك. يا من يعلم علل الحركات وحوادث السكون، ولا تخفى عليه عواض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين أوضحت لهم الدليل عليك، وفسحت لهم السبيل

 

(1) مجيل خ، محيل خ. (2) قلوبهم خ ل. (3) واليك خ ل.

 

[173]

إليك، فاستشعروا مدارع الحكمة، واستطرفوا سبل التوبة، حتى أناخوا في رياض الحرمة، وسلموا من الاعتراض (1) بالعصمة، إنك ولي من اعتصم بنصرك، ومجازي من أذعن بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، ولا تسئل عن فعلك، جل ثناؤك، وفضل عطاؤك، وتظاهرت نعماؤك، وتقدست أسماؤك، فبتسييرك يجري سداد الامور، وبتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير ولا يجار منك، ولا لراغب مندوحة عنك، سبحانك لا إله إلا أنت، عليك توكلي، وإليك يفد أملي، وبك ثقتي، وعليك معولي، ولا حول لي [عن معصيتك] إلا بتسديدك، ولا قوة لي [على طاعتك] إلا بتأييدك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين يا أرحم الراحمين، وخير الغافرين. وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما [كثيرا]، وحسبنا الله وحده، ونعم المعين، يا خير مدعو، ويا خير مسؤول، ويا أوسع من أعطى، وخير مرتجى، ارزقني وأوسع علي من واسع رزقك رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، وسبب لي ذلك من فضلك إنك على كل شئ قدير.

 

(1) الاغراض خ ل.

 

[174]

33. (باب) * (أدعية التمجيد والشكر) * 1 - دعوات الراوندي: ويروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: دفع إلي جبرئيل عليه السلام عن الله تعالى هذه المناجاة في الشكر لله. اللهم لك الحمد على مرد نوازل البلاء، وملمات الضراء، وكشف نوازل اللاواء، وتوالي سبوغ النعماء، ولك الحمد على هنيئ عطائك، ومحمود بلائك وجليل آلائك، ولك الحمد على إحسانك الكثير، وخيرك الغزير، وتكليفك اليسير، ودفعك العسير، ولك الحمد على تثميرك قليل الشكر، وإعطائك وافر الاجر وحطك مثقل الوزر، وقبولك ضيق العذر، ووضعك فادح الاصر، وتسهيلك موضع الوعر، ومنعك مفظع الامر. ولك الحمد رب على البلاء المصروف، ووافر المعروف، ودفع المخوف وإذلال العسوف، ولك الحمد على قلة التكليف، وكثرة التخويف، وتقوية الضعيف وإغاثة اللهيف، ولك الحمد رب على سعة إمهالك، ودوام إفضالك، وصرف محالك وحميد فعالك، وتوالي نوالك، ولك الحمد رب على تأخير معاجلة العقاب، وترك مغافصة العذاب وتسهيل طرق المآب وإنزال غيث السحاب. 2 - ق: دعاء التمجيد: اللهم أنت المحيط بكل شئ، القائم بالقسط، الرقيب على كل شئ الوكيل على كل شئ، الحسيب على كل شئ، المقيت على كل شئ، القائم على كل نفس بما كسبت، بديع السماوات والارض، فاطر السماوات والارض الفعال لما يريده، علام الغيوب، الحاكم بالحق، فالق الحب والنوى، فالق الاصباح، وجاعل الليل سكنا [والنهار] مبصرا، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب ذو الطول رفيع الدرجات، شديد المحال، أهل التقوى وأهل المغفرة، والميسر


 

[175]

لليسرى، الذي هو خير وأبقى. منزل الغيث، زارع الحرث، أحسن الخالقين، وخير الرازقين، وخير الغافرين، وأسرع الحاسبين، وأرحم الراحمين، وخير الفاصلين، سميع الدعاء الفعال لما يشاء، ذو الفضل العظيم، ذوالعرش الكريم، ذو الانتقام، شديد العقاب سريع الحساب، ذو المعارج، ذو القوة المتين، باعث من في القبور، يحيي ويميت محيي العظام وهي رميم. ذو الجلال والاكرام، ذو الاسماء الحسنى، وإليك المنتهى، ولك الآخرة والاولى، تعلم السر وأخفى، ولك العزة جميعا، ولك ملك السماوات والارض ولك القوة جميعا، وعندك حسن المآب، وإليك الرجعى، بيدك الفضل، ولك الخلق والامر، ولك ميراث السماوات: قولك الحق ولك الملك وعندك مفاتح الغيب وأمرك قسط وكلمتك العليا، تدبر الامر وتفصل الآيات وكل شئ عندك بمقدار. لك دعوة الحق، وعندك خزائن كل شئ، وبيدك ملكوت كل شئ، بذكرك تطمئن القلوب، لك الشفاعة جميعا، ولك الدين واصبا، ولك الدين خالصا، ولك المثل الاعلى، ولك الحمد في الآخرة والاولى، وإليك المنقلب، ولك ولاية الحق، ولك عقبى الدار، ولك اختلاف الليل والنهار، استويت على العرش لا يخفى عليك شئ، تجير ولا يجار عليك،، ولا يجير منك أحد، وليس من دونك ملتحد، وإليك المصير رب العرش العظيم، رب البلدة التي حرمها. وذكرك الاكبر، وأمرك كلمح البصر وإذا قلت لشئ كن كان. وأنت ولي المؤمنين، وعدك الحق، لك مقاليد السماوات والارض، وسعت كل شئ رحمة وعلما، وأنت أقرب إلينا من حبل الوريد، وأنت مع كل ذي نجوى، وأنت رب الشعرى، وأنت معنا أينما كنا، وعندك أجر عظيم، وأنت كل يوم في شأن، قد أحطت بكل شئ علما، وأحصيت كل شئ عددا، وأحصيت كل شئ كتابا، لم تتخذ ولدا وليس كمثلك شئ، لا تخلق الميعاد، ولا تحب الفساد


 

[176]

ولا تريد ظلم العباد. مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير وأنت على كل شئ قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب، عليك الهدى تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم. لا تدركك الابصار وأنت تدرك الابصار، وأنت اللطيف الخبير، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. لا تضل ولا تنسى، وأنت غني عن العالمين، لم تتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن لك شريك في الملك، ولم يكن لك ولي من الذل، ولا تظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة تضاعفها، وتؤت من لدنك أجرا عظيما، لا معقب لحكمك وأنت تهدي السبيل، لا مكرم من أهنت. وعندك علم الساعة، وتنزل الغيث، وتعلم ما في الارحام، وتبسط الرزق لمن يشاء وتقدر، جعلت الملائكة رسلا. لا ممسك لما تفتح من رحمة، ولا مرسل لما تمسك من رحمة، إليك يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح ترفعه، وأنت تطعم ولا تطعم، ولا تحصى نعمك تهب، لمن تشاء إناثا وتهب لمن تشاء الذكور، وتجعل من تشاء عقيما. خلقت السماوات والارض [وما بينهما] في ستة أيام وما مسك من لغوب أضحكت وأبكيت، وأمت وأحييت، وأغنيت وأقنيت، وعليك النشأة الاخرى يسرت القرآن للذكر، وخلقت كل شئ بقدر، وجعلت لكل شئ قدرا، ليس في خلقك تفاوت ولا فطور، خلقت الموت والحياة، خلقت الانسان من ماء مهين خلقت الانسان من علق، علمت بالقلم، أطعمت من جوع، وآمنت من خوف، لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوا أحد. وأنت رب الفلق، وأنت رب الناس، وأنت ملك الناس، وأنت إله الناس وأنت ملك يوم الدين، تختص برحمتك من تشاء، تغشى الليل النهار، تكور الليل على النهار، وتكور النهار على الليل، لك غيب السماوات والارض، تعلم خائنة


 

[177]

الاعين وما تخفي الصدور. وكان أمرك مفعولا، وكان أمرك قدرا مقدورا، وكفى بك وكيلا، وكفى بك حسيبا، وكفى بك وليا، وكفى بك نصيرا، وكفى بك رقيبا، وكان وعدك مأتيا، وأنت أشد بأسا. وأشهد تنكيلا، يداك مبسوطتان تنفق كيف تشاء وتقضي تمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكماته، ولك ما سكن في الليل والنهار وتحق الحق بكلماتك، وتحول بين المرء وقلبه، تدعو إلى دار السلام وتهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. عليك رزق كل دابة، تعلم مستقرها ومستودعها، وأنت آخذ بناصيتها تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك ام الكتاب، كان وعدك مفعولا، وأنت خير ثوابا وخير عقبا، لك عاقبة الامور، تجيب المضطر إذا دعاك، وتكشف السوء وتهدي في ظلمات البر والبحر، وترزق من تشاء في السماوات والارض، تبدؤا الخلق ثم تعيده، وترينا البرق خوفا وطمعا وتنشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمدك، والملائكة من خيفتك، وترسل الصواعق فتصيب بها من تشاء. وبدأت خلق الانسان من طين، ثم جعلته نطفة في قرار مكين، ثم خلقت النطفة علقة، فخلقت العلقة مضغة، فخلقت المضغة عظاما، فكسوت العظام لحما ثم أنشأته خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، لا تشرك في حكمك أحدا، ذو المغفرة، وذو العقاب الاليم لا تستحيي من الحق، تحيي الارض بعد موتها تحيي الموتى وأنت على كل شئ قدير. خلقت الارض فراشا، وجعلتها قرارا، وجعلتها ذلولا، وجعلت السماء بناء، وجعلتها سقفا محفوظا، خلقتني وأنت تهديني، وأنت تطعمني وتسقيني، وإذا مرضت فأنت تشفيني، وأنت تميتني وتحييني، وأنت الذي أطمع أن تغفر لي خطيئتي يوم الدين، وأنت الذي أنبتنا من الارض، نباتا ثم تعيدنا فيها وتخرجنا إخراجا وشددت أسرنا، وإذا شئت بدلت أمثالنا تبديلا. جعلت الارض مهادا، والجبال أوتادا، وجعلت الارض كفاتا، أحياء


 

[178]

وأمواتا، وأنت بالمرصاد، ولك أسلم من في السماوات والارض، أخرجت المرعى فجعلته غثاء أحوى، ليس من دونك ولي ولا شفيع، ولا وال ولا واق، ولا نصير ولا عاصم منك، جعلت يوم الفصل ميقاتا، وجعلت جهنم مرصادا، للطاغين مآبا، و جعلت للمتقين مفازا، وأنت تدعو إلى الجنة والمغفرة، تحب التوابين، وتحب المتطهرين وأنت مع الصابرين، تسلط رسلك على من تشاء، وتؤيد بنصرك من تشاء، تحب المتوكلين، ولا تضيع أجر المؤمنين. كتبت على نفسك الرحمة، ورحمتك قريب من المحسنين، جعلت العاقبة للمتقين، نزلت الكتاب، وأنت تتولى الصالحين، وما عندك خير وأبقى، وعليك قصد السبيل، تثبت بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأنت الذي أعطى كل شئ خلقه، ثم هدى، وأنت مع المحسنين، تهدي المهتدين، وتضل الضالين، وأنت الذي أنزلت السكينة في قلوب المؤمنين، وأنت جاعل النار بردا وسلاما على إبراهيم، وأنت ملين الحديد لداود، وأنت مسخر الريح لسليمان اتخذت إبراهيم خليلا، وقربت موسى نجيا، وجعلت إسماعيل نبيا، ورفعته مكانا عليا واصطفيت إسحاق ويعقوب، وكلا جعلت نبيا، وجعلت عيسى نبيا، وأيدته بروح القدس، وأرسلت محمدا صلى الله عليه وآله بالهدى ودين الحق، لتتم به نورك، وتظهر به دينك على الدين كله ولو كره المشركون. وصلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما.


 

[179]

34. * (باب) * * (أدعية الشهادات والعقايد) * 1 - ب: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق عليه السلام قال: كان من شهادته عليه السلام: اللهم إني اشهد أنك كما تقول، وفوق ما يقول القائلون، وأشهد أنك كما شهدت لنفسك، وشهدت لك ملائكتك وأولوا العلم بأنك قائم بالقسط لا إله إلا أنت وكما أثنيت على نفسك، سبحانك وبحمدك (1). 2 - يد: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن عبد الله بن محمد عن علي بن مهزيار قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى رجل بخطه وقرأته في دعاء كتب به أن يقول: يا ذا الذي كان قبل كل شئ، ثم خلق كل شئ، ثم يبقى ويفنى كل شئ، ويا ذا الذي ليس في السماوات العلى، ولا في الارضين السفلى ولا فوقهن ولا بينهن ولا تحتهن إله يعبد غيره (2). 3 - يد: الدقاق، عن الاسدي، عن محمد بن جعفر البغدادي، عن سهل عن أبي الحسن العسكري عليه السلام أنه قال: إلهي تاهت أوهام المتوهمين، وقصر طرف الطارفين، وتلاشت أوصاف الواصفين، واضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك، أو الوقوع بالبلوغ إلى علوك، فأنت في المكان الذي لا تتناهى، ولم يقع عليك عيون بإشارة ولا عبار، هيهات ثم هيهات يا أولي يا وحداني يا فرداني، شمخت في العلو بعز الكبر وارتفعت منم وراء كل غورة ونهاية بجبروت الفخر (3). 4 ؟ ؟ (4) يد: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل قال: سمعت الرضا

 

(1) قرب الاسناد ص 4. (2) التوحيد ص 22. (3) التوحيد ص 31 و 32 والغورة: القعر من كل شئ. (4) عيون الاخبار ج 1 ص 118.

 

[180]

عليه السلام يقول في دعائه: سبحان من خلق الخلق بقدرته، وأتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه، سبحان من يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور وليس كمثله شئ وهو السميع البصير (1). 5 - ثو: أبي، عن محمد العطار، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: " رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وآله رسولا، وبأهل بيته أولياء " كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة (2). 6 - سن: صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هشيم بن عبد الله، عن عبد المؤمن الانصاري، عن أبي عبد الله عليه السلام أو أبي جعفر عليهما السلام قال: من قال " إني أشهدك وكفى بك شهيدا، واشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك " مرة واحدة اعتق ربعه ومن قال: مرتين أعتق نصفه، [ومن قال ثلاثا أعتق ثلثاه] ومن قال أربعا اعتق كله (3). 7 - ير: إبراهيم بن هاشم، عن البرقي، عن ابن سنان وغيره، عن عبد الله ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أسرى بي ربي فأوحى إلي من وراء الحجاب ما أوحى، وكلمني فكان مما كلمني أن قال: يا محمد علي الاول وعلي الآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شئ عليم، فقال: يا رب أليس ذلك أنت ؟ قال: فقال: يا محمد أنا الله لا إله إلا أنا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، إني أنا الله لا إله إلا الله إلا أنا الخالق البارئ المصور لي الاسماء الحسنى يسبح لي من في السماوات والارضين وأنا العزيز الحكيم يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا الاول ولا شئ قبلي، وأنا الآخر فلا شئ بعدي

 

(1) التوحيد ص 86. (2) ثواب الاعمال ص 24. (3) المحاسن ص 33.

 

[181]

وأنا الظاهر فلا شئ فوقى، وأنا الباطن فلا شئ تحتي، وأنا الله لا إله إلا أنا بكل شئ عليم. يا محمد علي الاول أول من أخذ ميثاقي من الائمة، يا محمد علي الآخر آخر من أقبض روحه من الائمة، وهي الدابة التي تكلمهم، يا محمد علي الظاهر أظهر عليه جميع ما أوحيته إليك، ليس عليك أن تكتم منه شيئا، يا محمد علي الباطن أبطنته سري الذي اسررته إليك، فليس فيما بيني وبينك سر أزويه يا محمد عن علي، ما خلقت من حلال أو حرام علي عليم به (1). 8 - شي: عن سماعة بن مهران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أكثروا من أن تقولوا: " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " (2) ولا تأمنوا الزيغ (3). 9 - ق: دعاء لمولانا الرضا صلوات الله عليه: إلهي بدت قدرتك، ولم تبد هيئة لك، فجهلوك وقدروك، والتقدير على غير ما به شبهوك، فأنا بري يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك، ليس كمثلك شئ ولن يدركوك، ظاهر ما بهم من نعمتك دلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك يا إلهي مندوحة أن يتناولوك، بل شبهوك بخلقك فمن ثم لم يعرفوك، واتخذوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك، فتعاليت يا إلهي وتقدست عما به المشبهون نعتوك، يا سامع كل صوت، ويا سابق كل فوت، يا محيي العظام وهي رميم، ومنشئها بعد الموت، صل على محمد وآل محمد واجعل لي من كل هم فرجا ومخرجا، وجميع المؤمنين إنك على كل شئ قدير. 10 - اعلام الدين: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قال: " رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا وبعلي وليا وإماما وبولده الائمة أئمة وسادة وهداة " كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة.

 

(1) بصائر الدرجات ص 151 ط حجر. (2) آل عمران: 8. (3) تفسير العياشي ج 1 ص 165.

 

[182]

11 - ق، مهج: دعاء الاعتقاد، علي بن محمد بن يوسف الحراني، عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم النعماني، عن أبي علي بن همام، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن الحسين بن علي الاهوازي، عن ابيه علي بن مهزيار قال: سمعت مولاي موسى بن جعفر صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو دعاء الاعتقاد: إلهي إن ذنوبي وكثرتها قد غبرت وجهي عندك، وحجبتني عن استئهال رحمتك، وباعدتني عن استنجاز (1) مغفرتك، ولولا تعلقي بآلائك، وتمسكي بالرجاء لما وعدت أمثالي من المسرفين، وأشباهي من الخاطئين، بقولك " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " (2) وحذرت القانطين من رحمتك فقلت: " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون " (3) ثم ندبتنا برحمتك إلى دعائك فقلت: " ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (4). إلهي لقد كان ذل الاياس علي مشتملا، والقنوط من رحمتك بي ملتحفا إلهي قد وعدت المحسن ظنه بك ثوابا، وأوعدت المسئ ظنه بك عقابا، اللهم وقد أسبل دمعي حسن ظني (5) بك في عتق رقبتي من النار، وتغمد زللي وإقالة عثرتي، وقلت وقولك الحق لا خلف له ولا تبديل " يوم ندعو كل أناس بامامهم " (6) ذلك يوم النشور إذا نفخ في الصور وبعثرت القبور (7). اللهم إني اقر وأشهد وأعترف ولا أجحد، واسرواظهر واعلن وابطن بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، ووارث علم النبيين، وقاتل المشركين وإمام المتقين، ومبير المنافقين، ومجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين إمامي

 

(1) استيجاب خ ل. (2) الزمر: 53. (3) الحجر: 56. (4) غافر: 60. (5) حسن الظن خ ل. (6) اسرى: 71. (7) بعثر ما في القبور خ ل.

 

[183]

ومحجتي، ومن لا أثق بالاعمال وان زكت ولا أراها منجية وإن صلحت، إلا بولايته والايتمام به، والاقرار بفضائله، والقبول من حملتها، والتسليم لرواتها. اللهم واقر بأوصيائه من أبنائه أئمة وحججا وأدلة وسرجا وأعلاما ومنارا وسادة وأبرارا وأدين بسرهم وجهرهم وظاهرهم وباطنهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم لا شك في ذلك ولا ارتياب، ولا تحول عنهم ولا انقلاب. اللهم فادعني يوم حشري وحين نشري بامامتهم، واحشرني في زمرتهم واكتبني في أصحابهم، واجعلني من إخوانهم، وأنقذني بهم يا مولاي من حر النيران فانك إن أعفيتني منها كنت من الفائزين. اللهم وقد أصبحت في يومي هذا لاثقة لي ولا مفزغ ولا ملتجأ (1) غير من توسلت بهم إليك من آل رسولك صلى الله عليه علي أمير المؤمنين وسيدتي فاطمة الزهراء والحسن والحسين والائمة من ولدهم والحجج المستوره من ذريتهم والمرجو للامة من بعدهم وخيرتك عليه وعليهم السلام. اللهم فاجعلهم حصني من المكاره، ومعقلي من المخاوف، ونجني بهم من كل عدو وطاغ وفاسق وباغ، ومن شر ما أعرف وما انكر، وما استتر عني وما ابصر، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. اللهم توسلي إليك بهم، وتقربي بمحبتهم، افتح علي رحمتك ومغفرتك وحببني إلى خلقك، وجنبني عداوتهم وبغضهم، إنك على كل شئ قدير. اللهم ولكل متوسل ثواب، ولكل ذي شفاعة حق، فاسئلك بمن جعلته إليك سببي، وقدمته أمام طلبتي أن تعرفني بركة يومي هذا وعامي هذا وشهري هذا اللهم فهم معولي في شدتي ورخائي وعافيتي وبلائي ونومي ويقظتي وظعني وإقامتي وعسري ويسري وصباحي ومسائي ومنقلبي ومثواي، اللهم فلا تخلني بهم من نعمتك ولا تقطع رجائي من رحمتك، ولا تفتني باغلاق أبواب الارزاق، وانسداد مسالكها وافتح لي من لدنك فتحا يسيرا، واجعل لي من كل ضنك مخرجا، وإلى كل سعة

 

(1) يا منجا خ ل.

 

[184]

منهجا برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم واجعل الليل والنهار مختلفين علي برحمتك ومعافاتك ومنك وفضلك ولا تفقرني إلى أحد من خلقك برحمتك يا أرحم الراحمين إنك على كل شئ محيط، وحسبنا الله ونعم الوكيل (1). 35. " باب " * (الادعية المختصرة المختصة بكل امام عليهم السلام بنوع) * * (خصوصية بكل واحد واحد منهم صلوات الله عليهم زائدا) * * (على ما سبق وسيجئ في ابواب أدعية كل واحد منهم) * * (عليهم السلام أيضا وان كان الادعية جلها بل كلها) * * (ماثورة عنهم عليهم السلام) * 1 - ن: أحمد بن ثابت الدواليبي، عن محمد بن علي بن عبد الصمد، عن علي بن عاصم، عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده ابي بن كعب فقال لي رسول الله عليه السلام: مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والارضين، قال له ابي: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والارض أحد غيرك ؟ فقال: يا ابي والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الارض، وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله " مصباح هدى، وسفينة نجاة، وإمام غير وهن (2) وعز وفخر وعلم وذخر " وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية، ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عزوجل معه، وكان شفيعه في آخرته وفرج الله عنه كربه، وقضى بها دينه، ويسر أمره، وأوضح سبيله، وقواه على

 

(1) مهج الدعوات ص 289 - 292. (2) في هامش المصدر المطبوع: " وامام خير وهو فخر " بدل " وامام غير وهن وعز وفخر " نقلا من بعض النسخ العتيقة المصححة. (*)

 

[185]

عدوه، ولم يهتك ستره. فقال له ابي بن كعب: ما هذه الدعوات يا رسول الله ؟ قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: " اللهم إني اسئلك بكلماتك، ومعاقد عرشك، وسكان سماواتك، وأنبيائك ورسلك، أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسرا فاسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل لي من عسري يسرا " فان الله عزوجل يسهل أمرك، ويشرح صدرك، ويلقنك شهادة أن لا إله إلا الله عند خروج نفسك. قال له ابي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين ؟ قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر، وهي نطفة تبيين وبيان يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه هويا، قال: فما اسمه وما دعاؤه ؟ قال: اسمه علي ودعاؤه: " يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم ويا فارج الهم ويا باعث الرسل ويا صادق الوعد " من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل مع علي بن الحسين وكان قائده إلى الجنة. قال له ابي: يا رسول الله، فهل له من خلف ووصي ؟ قال: نعم له مواريث السماوات والارض، قال: ما معنى مواريث السماوت والارض يا رسول الله ؟ قال: القضاء بالحق والحكم بالديانة وتأويل الاحكام وبيان ما يكون، قال: فما اسمه ؟ قال: اسمه محمد، وإن الملائكة لتستأنس به في السماوات، ويقول في دعائه: اللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من إخواني وشيعتي، وطيب ما في صلبي " فركب الله عزوجل في صلبه نطفة مباركة زكية، وأخبرني عليه السلام أن الله تبارك وتعالى طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفر أو جعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه: " يا دان غير متوان، يا أرحم الراحمين، اجعل لشيعتي من النار وقاء، ولهم عندك رضى، واغفر ذنوبهم، ويسر أمورهم، واقض ديونهم، واستر عوراتهم، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم، يا من لا يخاف الضيم، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من كل غم فرجا ". من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل أبيض الوجه مع جعفر بن محمد إلى


 

[186]

الجنة، يا ابي إن الله تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفة زكية مباركة طيبة أنزل عليها الرحمة وسماها عنده موسى. قال له ابي: يا رسول الله كأنهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون، ويصف بعضهم بعضا ؟ فقال: وصفهم لي جبرئيل عن رب العالمين جل جلاله، قال: فهل لموسى من دعوة يدعو بها سوى دعاء آبائه ؟ قال: نعم يقول في دعائه " يا خالق الخلق وباسط الرزق وفالق الحب وبارئ النسم ومحيي الموتى ومميت الاحياء، ودائم الثبات، ومخرج النبات، افعل بي ما أنت اهله " من دعا بهذا الدعاء قضى الله له حوائجه، وحشره يوم القيامة مع موسى بن جعفر. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكية مرضية وسماها عنده عليا يكون لله في خلقه رضيا في علمه وحكمه، ويجعله حجة لشيعته يحتجون به يوم القيامة، وله دعاء يدعو به " اللهم أعطني الهدى، وثبتني عليه واحشرني عليه آمنا أمن من لا خوف عليه، ولا حزن، ولا جزع، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة ". وإن الله عزوجل ركب في صلبه نطفة مباركة زكية مرضية وسماها محمد بن علي فهو شفيع شيعته، ووارث علم جده، له علامة بينه وحجة ظاهرة، إذا ولد يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقول في دعائه: " يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله لا إله إلا أنت، ولا خالق إلا أنت تفني المخلوقين وتبقى أنت، حلمت عمن عصاك وفي المغفرة رضاك " من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن علي شفيعه يوم القيامة. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية، بارة مباركة طيبة طاهرة سماها عنده علي بن محمد فألبسها السكينة والوقار، وأودعها العلوم وكل سر مكتوم، من لقيه وفي صدره شئ أنبأه به وحذره من عدوه ويقول في دعائه: " يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفني شر الشرور وآفات الدهور واسئلك النجاة يوم ينفخ في الصور " من دعا بهذا الدعاء كان علي بن محمد شفيعه وقائده إلى الجنة.


 

[187]

وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفة وسماها عنده الحسن فجعله نورا في بلاده وخليفة في أرضه وعزا للامة جده، وهاديا لشيعته، وشفيعا لهم عند ربه ونقمة على من خالفه، وحجة لمن والاه وبرهانا لمن اتخذه إماما يقول في دعائه: " يا عزيز العز في عزه ما أعز عزيز العز في عزه، يا عزيز أعزني بعزك، وأيدني بنصرك وأبعد عني همزات الشياطين، وادفع عني بدفعك، ومنع مني بمنعك، واجعلني من خيار خلقك يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد " من دعا بهذا الدعاء حشره الله عزوجل معه، ونجاه من النار، ولو وجبت عليه. وإن الله تبارك وتعالى ركب في صلب الحسن نطفة مباركة زكية طيبة طاهرة مطهرة يرضى بها كل مؤمن ممن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية، ويكفر بها كل جاحد، فهو إمام تقي نقي سار مرضى هاد مهدي يحكم بالعدل، ويأمر به (1). أقول: تمامه في باب النص على الاثني عشر من كتاب الامامة. وروى الشهيد رحمه الله نقلا من كتاب الاستدراك لبعض قدماء الاصحاب عن الشيخ عبد الله الدورستي، عن جده، عن أبيه، عن محمد بن بابويه، عن أحمد بن ثابت إلى آخر السند وذكر الادعية فقط - إلى أن قال: دعاء المهدي عليه السلام: " يا نور النور، يا مدبر الامور، يا باعث من في القبور، صل على محمد وآل محمد واجعل لي ولشيعتي من كل ضيق فرجا، ومن كل هم مخرجا، وأوسع لنا المنهج، وأطلق لنا من عندك، وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم ". 2 - ك: الهمداني، عن جعفر بن أحمد العلوي، عن علي بن أحمد العقيقي عن أبي نعيم الانصاري الزيدي قال: كنت بمكة عند المستجار، وجماعة من المقصرة فيهم المحمودى، وعلان الكليني، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الاحول وكنا زهاء من ثلاثين رجلا، ولم يكن فيهم مخلص علمته، غير محمد بن القاسم العلوي العقيقي، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين ومائتين من الهجرة، إذ خرج علينا شاب من الطواف، عليه إزاران محرم بهما وفي يده

 

(1) عيون الاخبار ج 1 ص 59 - 62.

 

[188]

نعلان، فلما رأيناه قمنا جميعا هيبة له، فلم يبق منا أحد إلا قام وسلم عليه، ثم قعد والتفت يمينا وشمالا ثم قال: أتدرون ما كان أبو عبد الله عليه السلام يقول في دعاء الالحاح ؟ قلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان يقول " اللهم إني اسئلك باسمك الذي به تقوم السماء، وبه تقوم الارض، وبه تفرق بين الحق والباطل، وبه تجمع بين المتفرق، وبه تفرق بين المجتمع، وبه أحصيت عدد الرمال، وزنة الجبال، وكيل البحار، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا " ثم نهض فدخل الطواف فقمنا لقيامه حين أنصرف، وأنسينا أن نقول له من هو ؟ فلما كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف فقمنا كقيامنا الاول بالامس، ثم جلس في مجلسه وتوسطنا ثم نظر يمينا وشمالا ثم قال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الدعاء بعد صلاة الفريضة ؟ قلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان يقول " إليك رفعت الاصوات، ودعيت الدعوة، ولك عنت الوجوه ولك خضعت الرقاب، وإليك التحاكم في الاعمال، يا خير مسؤول، وخير من أعطى يا صادق يا بارئ، يا من لا يخلف الميعاد، يا من أمر بالدعاء وتكفل بالاجابة، يا من قال " ادعوني أستجب لكم "، يا من قال " وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " يا من قال " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ". ثم نظر يمينا وشمالا بعد هذا الدعاء ثم قال: أما تدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في سجدة الشكر ؟ قلنا: وما كان يقول ؟ قال: كان يقول: يا من لا يريده إلحاح الملحين إلا جودا وكرما يا من له خزائن السماوات والارض، يا من له خزائن ما دق وجل، لا يمنعك إساءتى من لحسانك، إني أسئلك أن تفعل بي ما أنت أهله، وأنت أهل الجود والكرم والعفو، يا الله يا الله افعل بي ما أنت أهله وأنت قادر على العقوبة، وقد استحققتها لا حجة لي ولا عذر لي عندك أبوء إليك بذنوبي كلها وأعترف بها كى تعفو عني


 

[189]

وأنت أعلم بها منى بؤت إليك بكل ذنب أذنبته وبكل خطيئة أخطأتها، و بكل سيئة عملتها، يا رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز الاكرم. وقام فدخل الطواف فقمنا لقيامه، وعاد من غد في ذلك الوقت فقمنا لاقباله كقيامنا فيما مضى، فجلس متوسطا ونظر يمينا وشمالا فقال: كان علي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام يقول في سجوده في هذا الموضع وأشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب " عبيدك بفنائك يسألك ما لا يقدر عليه سواك " ثم نظر يمينا وشمالا ونظر إلى محمد بن القاسم العلوي فقال: يا محمد بن القاسم أنت على خير إنشاء الله وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد منا إلا. وقد تعلم ما ذكر من الدعاء، وأنسينا أن نتذاكر أمره إلا في آخر يوم. فقال لنا المحمودي: يا قوم أتعرفون هذا ؟ قلنا: لا، قال: هذا والله صاحب الزمان، فقلنا: وكيف ذاك يا أبا علي فذكر أنه مكث يدعو ربه ويسأله أن يريه صاحب الامر سبع سنين، قال: فبينا أنا يوما في عشية عرفة فإذا بهذا الرجل بعينه فدعا بدعاء وعيته، فسألته ممن هو ؟ قال: من الناس، فقلت: من أي الناس ؟ من عربها أو من مواليها ؟ فقال: من عربها، فقلت: من أي عربها ؟ قال: من أشرفها وأسمحها، فقلت: ومن هم ؟ فقال: بنو هاشم ؟ فقلت: من أي بني هاشم ؟ فقال: من أعلاها ذروة، وأسناها رفعة، فقلت: ممن هم ؟ فقال: ممن فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلى والناس نيام. فعلمت أنه علوي فأحببته على العلوية، ثم افتقدته من بين يدي فلم أدر كيف مضى في السماء أم في الارض ؟ فسألت القوم الذين كانوا حوله: أتعرفون هذا العلوي ؟ قالوا: نعم يحج معنا كل سنة ماشيا، فقلت: سبحان الله والله ما أرى به اثر المشي، ثم انصرفت إلى المزدلفة كئيبا حزينا على فراقه، وبت في ليلتي تلك فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد رأيت طلبتك، فقلت: ومن ذاك يا سيدي ؟ قال: الذي رأيته في عشيتك هو صاحب زمانكم، فلما سمعنا ذلك منه عاتبناه على


 

[190]

أن لا يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنه كان ناسيا أمره إلى وقت ما حدثنا به (1). وحدثنا بهذا الحديث عمار بن الحسين بن إسحاق الاسروشي رضي الله عنه بجبل بوبك من أرض فرغانة قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الخضر، عن محمد بن عبد الله الاسكافي، عن سليم بن ابي نعيم الانصاري مثله. وحدثنا محمد بن محمد بن علي بن حاتم، عن عبيدالله بن محمد بن جعفر القصباني عن علي بن محمد بن أحمد بن الحسين المازرائي، عن أبي جعفر محمد بن علي المنقذي الحسني قال: كنت بالمستجار وذكر مثله سواء (2). ق: روى أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رضي الله عنه قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، عن محمد بن جعفر بن عبد الله، عن أبي نعيم محمد بن أحمد الانصاري قال: كنت حاضرا عند المستجار بمكة وجماعة من المصريين فيهم المحمودي وذكر نحوه. 3 - ق، مهج: دعاء لمولانا الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: اللهم إنك الخلف من جميع خلقك، وليس في خلقك خلف منك، إلهي من أحسن فبرحمتك، ومن أساء فبخطيئته، فلا (3) الذي أحسن استغنى عن رفدك ومعونتك، ولا الذي أساء استبدل بك وخرج من قدرتك، إلهي بك عرفتك، وبك اهتديت إلى أمرك، ولولا أنت لم أدر ما أنت، فيا من هو هكذا ولا هكذا غيره صل على محمد وآل محمد، وارزقني الاخلاص في عملي، والسعة في رزقي. اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك إلهي أطعتك - ولك المن (4) علي - في أحب الاشياء إليك، الايمان بك، والتصديق برسولك، ولم أعصك في أبغض الاشياء الشرك بك والتكذيب برسولك، فاغفر لي

 

(1) كمال الدين ج 2 ص 144، وتراه في غيبة الشيخ الطوسى ص 67 - 70. (2) المصدر ص 148. (3) لا الذي خ ل. (4) المنة خ ل كما في المصدر.

 

[191]

ما بينهما يا أرحم الراحمين، ويا خير الغافرين (1). 4 - مهج: دعاء علمه أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السلام: يا عدتي عند كربتي، يا غياثي عند شدتي، ويا وليي في نعمتي، يا منجحي في حاجتي، يا مفزعي في ورطتي يا منقذي من هلكتي، يا كالئي في وحدتي، اغفر لي خطيئتي، ويسر لي أمري، واجمع لي شملي، وانجح لي طلبتي، وأصلح لي شأني واكفني ما أهمني، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، ولا تفرق بيني وبين العافية أبدا ما أبقيتني، وفي الآخرة إذا توفيتني برحمتك يا أرحم الراحمين (2). 5 - مهج: دعاء لمولانا الحسين بن علي عليهما السلام: اللهم إني أسئلك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل التقوى، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وحذر أهل الخشية، وطلب أهل العلم، وزينة أهل الورع وحذر أهل الجزع، حتى أخافك اللهم مخافة تحجزني عن معاصيك، وحتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به كرامتك، وحتى اناصحك في التوبة خوفا لك وحتى اخلص لك في النصيحة حبا لك، وحتى أتوكل عليك في الامور حسن ظن بك، سبحان خالق النور، وسبحان الله العظيم وبحمده (3).

 

(1) مهج الدعوات ص 178. (2) مهج الدعوات ص 179. (3) مهج الدعوات ص 195.

 

[192]

36. * (باب) * * (عوذات الائمة عليهم السلام للحفظ) * * (وغيره من الفوائد) * 1 - ن: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: لما نزل أبو الحسن الرضا عليه السلام قصر حميد بن قحطبة، نزع ثيابه، وناولها حميدا فاحتملها وناولها جارية له لتغسلها، فما لبثت إذ جاءت ومعها رقعة فناولتها حميدا وقالت: وجدتها في جيب أبي الحسن عليه السلام، قال حميد: فقلت: جعلت فداك إن الجارية وجدت رقعة في جيب قميصك فما هي ؟ قال: يا حميد هذه عوذة لا نفارقها فقال: لو شرفتني بها، قال عليه السلام: هذه عوذة من أمسكها في جيبه كان مدفوعا عنه، وكانت له حرزا من الشيطان الرجيم، ثم أملى على حميد العوذة وهي: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أو غير تقى أخذت بالله السميع البصير على سمعك وبصرك، لا سلطان لك علي ولا على سمعي ولا على بصري، ولا على شعري، ولا على بشري، ولا على لحمي، ولا على دمي ولا على مخي، ولا على عصبي، ولا على عظامي، ولا على مالي، ولا على أهلي ولا على ما رزقني ربي، سترت بينى وبينك بستر النبوة، الذي استتر به أنبياء الله من سلطان الفراعنة، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل من ورائي ومحمد صلى الله عليه وآله أمامي والله مطلع علي يمنعك مني، ويمنع الشيطان مني، اللهم لا يغلب جهله أناتك أن يستفزني ويستخفني، اللهم إليك التجأت، اللهم إليك التجأت، اللهم إليك التجأت (1). 2 - ب: ابن طريف، عن ابن علوان، عن الصادق، عن ابيه عليهما السلام، أن عليا صلوات الله عليه سئل عن التعويذ يعلق على الصبيان، فقال: علقوا ما شئتم إذا كان

 

(1) عيون الاخبار ج 2 ص 138.

 

[193]

فيه ذكر الله (1). 3 مكا: حرز لامير المؤمنين صلوات الله عليه للمسحور والتوابع (2) والمصروع والسم والسلطان والشيطان وجميع ما يخافه الانسان، ومن علق عليه هذا الكتاب لا يخاف اللصوص والسارق ولا شيئا من السباع والحيات والعقارب وكل شئ يؤذي الناس وهذه كتابته: بسم الله الرحمن الرحيم أي كنوش أي كنوش ارشش عطنيطنيطح يا ميططرون فريالسنون ما وما ساما سويا طيطشالوش خيطوش مشفقيش مشاصعوش أو طيعينوش ليطفيتكش هذا هذا وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين اخرج بقدرة الله منها أيها اللعين بعزة رب العالمين، اخرج منها وإلا كنت من المسجونين، اخرج منها فما يكون لك أن تتكبر فيها، فاخرج إنك من الصاغرين، اخرج منها مذموما مدحورا ملعونا كما لعن أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا، أخرج يا ذوي المحزون، اخرج يا سوراسور بالاسم المخزون يا ميططرون طرحون مراعون تبارك الله أحسن الخالقين يا هيا شراهيا حيا قيوما بالاسم المكتوب على جبهة إسرافيل أطرد عن صاحب هذا الكتاب كل جني وجنية وشيطان وشيطانة وتابع وتابعة وساحر وساحرة، وغول وغولة، وكل متعبث وعابث يعبث بابن آدم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين: حرز زين العابدين عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله، سددت افواه الجن والانس والشياطين

 

(1) قرب الاسناد ص 70 و 71. (2) جمع تابع: الجنى يتبع الانسان حيث ذهب.

 

[194]

والسحرة، وأبالسة الجن والانس والشياطين، والسلاطين ومن يلوذ بهم، بالله العزيز الاعز، وبالله الكبير الاكبر، بسم الله الظاهر والباطن المكنون المخزون الذي أقام السماوات والارض ثم استوى على العرش، بسم الله الرحمن الرحيم ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون، قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون، وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما، وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده لوا على أدبارهم نفورا، وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (1). حرز الرضا عليه السلام وهو رقعة الجيب: بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا، اخسؤوا فيها ولا تكلمون، أخذت بسمعك وبصرك بسمع الله وبصره، وأخذت قوتك وسلطانك بقوة الله وسلطان الله الحاجز بيني وبينك بما حجز به أنبياءه ورسله وسترهم من الفراعنة وسطواتهم، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، ومحمد أمامي، والله محيط بي يحجزك عني، ويحول بينك وبيني بحوله وقوته وحسبي الله ونعم الوكيل، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن (ويكتب آية الكرسي على التنزيل) ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم [ويحملها] (2). حرز آخر لامير المؤمنين عليه السلام: بسم الله وبالله، رب احترزت بك، وتوكلت عليك، وفوضت أمري إليك

 

(1) مكارم الاخلاق ص 477 - 478. (2) مكارم الاخلاق ص 479.

 

[195]

رب ألجأت ضعف ركني إلى قوة ركنك، مستجيرا بك، مستنصرا لك، مستعينا بك على ذوي التعزز علي والقهر لي والقوة على ضيمي والاقدام على ظلمي يا رب إني في جوارك فانه لا ضيم على جارك، رب فاقهر عني قاهري بقوتك، وأهن عني مستوهنى بقدرتك، واقصم عنى ضائمى ببطشك. رب وأعذني بعياذك، بك امتنع عائذك، رب وأدخل علي في ذلك كله سترك، ومن تستر بك فهو الآمن المحفوظ لا حول ولا قوة إلا بالله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. ومن يك ذا حيلة في نفسه أو حول في تقلبه أو قوة في أمره في شئ سوى الله عزوجل فان حولي وقوتى وكل حيلتى بالله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، كل ذى ملك فمملوك الله، وكل مقتدر قواه لقدرة الله (1) وكل ظالم فلا محيص له من عدل الله، وكل متسلط فهامد لسطوة الله (2) وكل شئ ففى قبضة الله، صغر كل جبار في عظمة الله، ذل كل عنيد لبطش الله. استظهرت على كل عدو ودرأت في نحر كل عات بالله، ضربت باذن الله بيني وبين كل مترف ذي سطوة، وجبار ذي نخوة، ومتسلط ذي قدرة، وعات ذي مهلة (3) ووال ذي إمرة، وحاسد ذي صنيعة، وماكر ذي مكيدة، وكل معان أو معين علي بقالة مغرية، أو حيلة موذية، أو سعاية مشلية (4) أوعيلة مردية، وكل طاغ ذي كبرياء

 

(1) كل ذي قدرة فمقدور الله خ كما في المصدر المطبوع. (2) فمقهور لسطوة الله خ كما في المصدر، والهامد: المتكسر الذي لا قوام له كالثوب الذى تقطع وبلى من طول الطى، لكنه بحيث يحسبه الناظر صحيحا جديدا فإذا مسه تناثر من البلى. (3) عاق ذى مثلبة خ كما في المصدر. (4) مثلبة خ، السعاية: النميمة والوشاية، والمثلبة من باب الافعال ما يثلب عرض الرجل بعار أو فضيحة، وأما المشلية اما بمعنى المغضبة، أو السعاية التى تجعل الانسان شلوا شلوا تفرق بين اعضائه.

 

[196]

أو معجب ذي خيلاء، على كل نفس في كل مذهب. وأعددت لنفسي وذريتي منهم حجابا بما أنزلت في كتابك، وأحكمت من وحيك الذي لا تؤتى بسورة من مثله، وهو الكتاب العدل العزيز الجليل، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولهم عذاب عظيم، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما [كثيرا كثيرا] (1). حرز آخر، وروى أنه يكتب للحمى: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبر الامور، بسم الله الذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور في كتاب مسطور، بقدر مقدور، على نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور وبالفخر مشهور، وعلى السراء والضراء مشكور، وصلى الله على محمد وآله الطيبين. هذا مما علمت فاطمة عليها السلام سلمان رحمة الله عليه، فذكر سلمان أنه علم ذلك أكثر من ألف رجل من أهل مكة والمدينة ممن بهم علل الحمى، فكلهم برؤا باذن الله (2). ما يفعل للرهصة والتمائم تأخذ قطعة من صوف لم يصبها ماء، فتفتلها ثم تعقدها سبع عقد، وتقول كلما عقدت عقدة: " خرج عيسى بن مريم على حمار أقمر لم يدخس ولم يرهص أنا أرقيك والله عزوجل يشفيك " يشده على موضع الرهصة (3). 4 - من خط الشهيد قدس سره: عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام يقول: " أعيد كما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " ويقول: هكذا كان أبي إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق.

 

(1) مكارم الاخلاق ص 479 - 480. (2) مكارم الاخلاق ص 480. (3) مكارم الاخلاق ص 474، 475، والرهصة: وقرة تصيب باطن حافر الفرس وكل ذى حافر، والرواهص من الحجارة: التى تنكب الدواب. (*)

 

[197]

دعوات الراوندي: مثله إلى قوله: لامة. 5 - دعوات الراوندي: عن ربيعة بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما من عبد يقول: كل يوم سبع مرات " اسئل الله الجنة وأعوذ به من النار " إلا قالت النار: يا رب أعذه مني. 6 - نهج: قال عليه السلام: لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لانه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن، فان الله سبحانه يقول: " واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة ". (1) قال السيد رضي الله عنه: ومعنى ذلك أنه سبحانه يختبرهم بالاموال والاولاد ليتبين الساخط لرزقه، والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الافعال التي بها يستحق الثواب والعقاب، لان بعضهم يحب الذكور، ويكره الاناث، وبعضهم يحب تثمير المال ويكره انثلام الحال، وهذا من غريب ما سمع منه عليه السلام في التفسير (2).

 

(1) الانفال: 28. (2) نهج البلاغه قسم الحكم تحت الرقم 93، وفي نسخ النهج قوله " ومعنى ذلك " الى قوله: " انثلام الحال " من تتمة كلامه عليه السلام.

 

[198]

37. (باب) * (عوذات الايام) * أقول: قد مر كثير من عوذات الايام وأدعيتها في كتاب الصلاة فارجع إليها. 1 - طب: عن الصادق عليه السلام أولها عوذة يوم السبت: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي - أو فلان بن فلانة - بالله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين إلى قوله: ولا الضالين وبرب الفلق، والوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس [كذا] ومن شر غاسق إذا وقب - إلى - إذا حسد. وقل هو الله أحد - إلى - كفوا أحد. نور النور، مدبر الامور، نور السماوات والارض، مثل نوره كمشكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الامثال للناس والله بكل شئ عليم الذى خلق السماوات والارض بالحق، قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير. الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عددا، من شر كل ذى شر يعلن أو يسر، ومن شر الجنة والبشر، ومن شر ما يطير بالليل ويسكن بالنهار، ومن شرق طوارق الليل والنهار، ومن شر ما يسكن الحمامات والوحوش والخرابات والاودية ويسكن البراري والغياض، والاشجار ومما يكون في الانهار. واعيذه بالله مالك الملك، تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز


 

[199]

من تشاء - إلى قوله: بغير حساب، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، له مقاليد السماوات والارض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم، واعيذه بالذي خلق الارض [والسماوات العلى] الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى. الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين ادعوا ربكم تضرعا وخفية - إلى قوله: إن رحمة الله قريب من المحسنين (1). واعيذه بمنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم من شر كل طاغ وباغ، وشيطان وسلطان، وساحر وكاهن، وناظر وطارق، ومتحرك وساكن وصامت ومتخيل ومتمثل ومتلون ومختلف، سبحان الله حرزك وناصرك ومونسك وهو يدفع عنك لا شريك له، ولا معز لمن أذل ولا مذل لمن أعز وهو الواحد القهار وصلى الله على محمد وآله (2). عوذة يوم الاحد: بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، استوى الرب على العرش، وقامت السماوات والارض بحكمه، وهدأت النجوم بأمره، ورست الجبال باذنه، لا يجاوز اسمه من في السماوات ومن في الارض، الذي دانت له الجبال وهي طائعة، وانبعثت له الاجساد وهي بالية، أحجب كل ضار وحاسد ببأس الله عن فلان بن فلانة، وبمن جعل بين البحرين حاجزا، وجعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا، وقمرا منيرا. واعيذه بمن زينها للناظرين، وحفظها من كل شيطان رجيم، واعيذه بمن جعل في الارض رواسي جبالا وأوتادا، أن يوصل إليه بسوء أو فاحشة أو بلية حم حم حمعسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم، حم حم حم تنزيل من الرحمن الرحيم، وصلى الله عليه محمد النبي وآله وسلم تسليما (3).

 

(1) الاعراف: 56. (2) طب الائمة ص 41. (3) طب الائمة ص 42.

 

[200]

عوذة يوم الاثنين: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفس فلان بن فلانة بربي الاكبر من شر كل ما خفى وظهر، ومن شر كل اثنى وذكر، ومن شر ما رأت الشمس والقمر قدوس، قدوس رب الملائكة والروح أدعوكم أيها الجن إن كنتم سامعين مطيعين أدعوكم أيها الانس إلى اللطيف الخبير، وأدعوكم أيها الانس والجن إلى الذي دانت له الخلائق أجمعين. ختمته بخاتم رب العالمين وخاتم جبرئيل وميكائيل و إسرافيل، وخاتم سليمان بن داود، وخاتم محمد صلوات الله عليه وآله سيد النبيين وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين. أخذت عن فلان بن فلانة كل تابعة ذي روح مريد، جني أو عفريت أو ساحر مريد، أو سلطان عنيد، أو شيطان رجيم، أخذت عن فلان بن فلانة ما يرى وما لا يرى وما رأت عين نائم أو يقظان، باذن الله اللطيف الخبير لا سبيل لكم عليه، ولا على ما يخاف عليه الله الله الله لا شريك له وصلى الله على محمد وأهل بيته. عوذة يوم الثلاثا: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي بالله الاكبر رب السماوات القائمات وبالذي خلقها في يومين وقضى في كل سماء أمرها، وخلق الارض [في يومين] وقدر فيها أقواتها، وجعل فيها جبالا وجعلها فجاجا وسبلا وأنشأ السحاب الثقال، وسخره وأجرى الفلك وسخر البحر وجعل في الارض رواسي وأنهارا، من شر ما يكون في الليل والنهار، ويعقد على القلوب، وتراه العيون من الجن والانس، كفانا الله كفانا الله، كفانا الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما (1). عوذة يوم الاربعا: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذك يا فلان بن فلانة بالاحد الصمد، من شر ما نفث وعقد، ومن شر أبي مرة وما ولد، اعيذك بالواحد الاعلى، من ما رأت عين وما لا يرى، وأعيذك بالفرد الكبير، من شر ما أرادك بأمر الملك عسير، أنت

 

(1) طب الائمة ص 43.

 

[201]

يا فلان بن فلانة في جوار الله العزيز الجبار الملك القدوس القهار، السلام المؤمن المهيمن العزيز الغفار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، هو الله لا شريك له، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته. عوذة يوم الخميس: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي أو فلان بن فلانة برب المشارق والمغارب من شر كل شيطان مارد، وقائم وقاعد، وحاسد ومعاند، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا الآن خفف الله عنكم ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يريد الله أن يخفف عنكم فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم [لا حول و] لا قوة إلا بالله لا غالب إلا الله، والله غالب على أمره لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما. عوذة يوم الجمعة: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الله رب الملائكة والروح والنبيين والمرسلين وقاهر من في السماوات والارضين، وخالق كل شئ ومالكه، كف بأسهم وأعم أبصارهم وقلوبهم واجعل بيننا وبينهم حرسا وحجابا ومدفعا إنك ربنا لا حول ولا قوة إلا بك، عليك توكلنا، وإليك أنبنا وأنت العزيز الحكيم، عاف فلان بن فلانة من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، ومن شر ما سكن في الليل والنهار، ومن شر كل سوء آمين يا رب العالمين، وصلى الله على محمد نبي الرحمة وآله الطاهرين (1). 2 - الدعوات للراوندي عوذ الاسبوع: عوذة يوم السبت: بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم رب الملائكة والروح والنبيين والمرسلين، وقاهر من في السماوات والارضين، كف

 

(1) طب الائمة ص 44 - 45.

 

[202]

عنى بأس الاشرار، وأعم أبصارهم وقلوبهم واجعل بيني وبينهم حجابا إنك أنت ربنا ولا قوة إلا بالله، توكلت على الله توكل عائذ به من شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها، ومن شر ما سكن في الليل والنهار، ومن شر كل سوء وصلى الله على محمد وآله. عوذة يوم الاحد: بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر استوى الرب على العرش وقامت السماوات والارض بحكمته ومدت البحور وظهرت النجوم بأمره، ورست الجبال (1) باذنه، لا يجاوز اسمه من في السماوات والارض، الذي دانت له الجبال وهي طائعة، وانبعثت له الاجساد وهي بالية، وبه أحتجب عن ظلم كل باغ وطاغ وعاد وجبار وحاسد، وبسم الله الذي جعل بين البحرين حاجزا وأحتجب بالله الذي جعل في السماء بروجا، وجعل فيها سراجا، وقمرا منيرا، وزينها للناظرين وحفظا من كل شيطان رجيم، وجعل في الارض رواسي جبالا أوتادا، أن يوصل إلي سوء أو فاحشة أو بلية حم حم حم تنزيل من الرحمن الرحيم حم حم حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم، وصلى الله على محمد وآله. عوذة يوم الاثنين: بسم الله الرحمن الرحيم أعيذ نفسي بربي الاكبر، مما يخفى وما يظهر، ومن شر كل انثى وذكر، ومن شر ما وارت الشمس والقمر، قدوس قدوس، رب الملائكة والروح، أدعوكم أيها الجن إن كنتم سامعين مطيعين، وأدعوكم أيها الانس إلى اللطيف الخبير، وأدعوكم أيها الجن والانس إلى الذي ختمته بخاتم رب العالمين، وخاتم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وخاتم سليمان بن داود عليهما السلام وخاتم محمد سيد المرسلين والنبيين وصلى الله على محمد وآله وعليهم. أخر عن فلان ابن فلان كلما يغدو ويروح، من ذي حي أو عقرب أو ساحر أو شيطان رجيم أو سلطان عنيد أخذت عنه ما يرى وما لا يرى، وما رأت عين نائم أو يقظان باذن الله

 

(1) وسيرت الجبال خ.

 

[203]

اللطيف الخبير، لا سلطان لكم على الله لا شريك له وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما. عوذة يوم الثلثا: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي بالله الاكبر رب السماوات القائمات بلا عمد، والذي خلقها في يومين، وقضى في كل سماء أمرها، وخلق الارض في يومين، وقدر فيها أقواتها، وجعل فيها جبالا وأوتادا، وجعلها فجاجا وسبلا وأنشأ السحاب وسخره وأجرى الفلك وسخر البحر، وجعل في الارض رواسي وأنهارا في أربعة ايام سواء للسائلين، ومن شر ما يكون في الليل والنهار، ويعقد عليه القلوب وتراه العيون من الجن والانس، كفانا الله كفانا الله كفانا الله لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما. عوذة يوم الاربعاء: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي بالاحد الصمد، من شر النفاثات في العقد، ومن شر ابن فترة وما ولد، بالله الواحد الفرد الكبير الاعلى من شر ما رأت عيني وما لم تر، أستعيذ بالله الواحد الفرد من شر من أرادني بأمر عسير، اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني في جوارك، وحصنك الحصين العزيز الجبار الملك القدوس القهار السلام المؤمن المهيمن الغفار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال هو الله، هو الله، هو الله لا شريك له، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا دائما. عوذة يوم الخميس: بسم الله الرحمن الرحيم اعيذ نفسي برب المشارق والمغارب من كل شيطان مارد وقائم وقاعد، وعدو وحاسد ومعاند، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام، اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا، الآن خفف الله عنكم، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يريد الله أن يخفف عنكم، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، لا إله


 

[204]

إلا الله (1) ولا أغالب إلا الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله تسليما. عوذة يوم الجمعة: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم رب الملائكة والنبيين والمرسلين، قاهر من في السماوات والارضين، وخالق كل شئ ومالكه، كف عني بأس أعدائنا، ومن أرادنا بسوء من الجن والانس وأعم أبصارهم وقلوبهم، واجعل بيننا وبينهم حجابا وحرسا ومدفعا، إنك ربنا، لا حول ولا قوة إلا بالله عليه توكلنا وإليه أنبنا وهو العزيز الحكيم، ربنا عافنا من شر كل سوء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، ومن شر ما سكن في الليل والنهار، ومن شر كل سوء، ومن شر كل ذي شر رب العالمين وإله المرسلين وصلى الله على محمد وآله أجمعين، [صل على] أوليائك وخص محمدا وآله بأتم ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. بسم الله وبالله، اومن بالله، وبالله اعوذ، وبالله أعتصم، وبالله أستجير، وبعزة الله ومنعة الله أمتنع من شياطين الانس والجن رجلهم وخيلهم وركضهم وعطفهم ورجعهم وكيدهم وشرهم وشر ما يأتون به تحت الليل وتحت النهار من البعد والقرب، ومن شر الغائب والحاضر والشاهد والزائر أحياء وأمواتا وأعمى وبصيرا ومن شر العامة والخاصة، ومن نفسي ووسوستها، ومن شر الدياهش والحس واللمس واللبس ومن عين الجن والانس وبالاسم الذي اهتز له عرش بلقيس. واعيذ ديني ونفسي وجميع ما تحوطه عنايتي من شر كل صورة وخيال وبياض أو سواد أو مثال، أو معاهد أو غير معاهد ممن يسكن الهواء والسحاب والظلمات والنور، والظل والحرور، والبر والبحور، والسهل والوعور، والخراب والعمران، والآكام والآجام، والمغائض والكنائس والنواويس والفلوات والجبانات من الصادرين والواردين، ممن يبدو بالليل وينتشر بالنهار، وبالعشي والابكار والغدو والآصال والمريبين والاسامرة والافاتنة والفراعنة والابالسة ومن جنودهم

 

(1) والله غالب على أمره خ صح.

 

[205]

وأزواجهم وعشائرهم وقبائلهم، ومن همزهم ولمزهم ونفثهم ووقاعهم وأخذهم وسحرهم وضربهم وعبثهم ولمحهم واحتيالهم واختلافهم وأخلاقهم من شر كل ذي شر من السحرة والغيلان، وأم الصبيان وما ولدا وما وردنا، ومن شر كل ذي شر داخل وخارج، وعارض ومعترض، وساكن ومتحرك، وضربان عرق وصداع وشقيقة وأم ملدم (1) والحمى والمثلثة والربع والغب والنافضة والصالبة والداخلة والخارجة، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما. وهذه العوذة الاخيرة كتبها أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام لابنه أبي الحسن عليه السلام وهو صبي في المهد، وكان يعوذه بها، رواها عبد العظيم الحسني رضى الله عنه، عنه عليه السلام. 3 - الدعوات للراوندي: تسابيح النبي والائمة عليهم السلام. تسبيح محمد صلى الله عليه وآله في أول يوم من الشهر: سبحان الله عدد رضاه، سبحان الله ملء سماواته، سبحان الله ملء أرضه، سبحان الله مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ذلك، والله أكبر مثل ذلك. تسبيح علي عليه السلام في اليوم الثاني: سبحان من تعالى جده، وتقدست أسماؤه سبحان من هو إلى غير غاية يدوم بقاؤه، سبحان من استنار بنور حجابه دون سمائه سبحان من قامت له السماوات بلا عمد، سبحان من تعظم بالكبرياء والنور سناؤه سبحان من توحد بالوحدانية فلا إله سواه، سبحان من لبس البهاء والفخر رداؤه سبحان من استوى على عرشه بوحدانيته. تسبيح فاطمة عليها السلام في اليوم الثالث: سبحان من استنار بالحول والقوة

 

(1) ام ملدم كنية الحمى، والمثلثة ما تأخذ في ثلاثة أيام يوما والربع إذا قابل بالثلث كان ما تأخذ في أربعة أيام يوما، وقيل: الحمى الربع ما تنوب يوما وتترك يومين وذلك أنها تأخذ في الايام الثلاثة ثمانى عشرة ساعة، وهي ربع ساعات الايام، فسميت باعتبار الساعات، والغب ما تأخذ يوما وتدع يوما، والنافضة الحمى الرعدة، والصالبة المحرقة الشديدة الحرارة معها رعدة وهي خلاف النافضة.

 

[206]

سبحان من احتجب في سبع سماوات فلا عين تراه، سبحان من أذل الخلائق بالموت، وأعز نفسه بالحياة، سبحان من يبقى ويفنى كل شئ سواه، سبحان من استخلص الحمد لنفسه وارتضاه، سبحن الحي العليم، سبحان الحليم الكريم سبحان الملك القدوس، سبحان العلي العظيم، سبحان الله وبحمده. تسبيح الحسن بن علي عليهما السلام في اليوم الرابع: سبحان من هو مطلع على خوازن القلوب، سبحان من هو محصى عدد الذنوب، سبحان من لا يخفى عليه خافية في السماوات والارض، سبحان المطلع على السرائر عالم الخفيات سبحان من لا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، سبحان من السرائر عنده علانية، والبواطن عنده ظواهر، سبحان الله بحمده. تسبيح الحسين بن علي عليهما السلام في اليوم الخامس: سبحان الرفيع الاعلى، سبحان العظيم الاعظم، سبحان من هو هكذا ولا يكون هكذا غيره، ولا يقدر أحد قدرته سبحان من أوله علم لا يوصف، وآخره علم لا يبيد، سبحان من علا فوق البريات بالالهية فلا عين تدركه، ولا عقل يمثله، ولا وهم يصوره، ولا لسان يصفه بغاية ماله الوصف، سبحان من علا في الهواء، سبحان من قضى الموت على العباد، سبحان الملك القادر، سبحان الملك القدوس، سبحان الباقي الدائم. تسبيح علي بن الحسين عليهما السلام في اليوم السادس: سبحان من أشرق نوره كل ظلمة، سبحان من قدر بقدرته كل قدرة، سبحان من احتجب عن العباد ولا شئ يحجبه، سبحان الله وبحمده. تسبيح محمد بن علي عليهما السلام في اليوم السابع: سبحان الخالق البارئ، سبحان القادر المقتدر، سبحان الباعث الوارث، سبحان من خضعت له الاشياء، سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، سبحان الله العظيم وبحمده. تسبيح جعفر بن محمد عليهما السلام في اليوم الثامن: سبحان من هو عظيم لا يرام، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو حافظ لا ينسى، سبحان من هو عالم لا يسهو، سبحان من هو محيط بخلقه لا يغيب، سبحان من هو محجب لا يرى، سبحان من استتر


 

[207]

بالضياء فلا شئ يدركه، سبحان من النور مناره، والضياء بهاؤه، والبهجة جماله والجلال عزه، والعزة قدرته، والقدرة صفته، سبحان الله وبحمده. تسبيح موسى بن جعفر عليهما السلام في اليوم التاسع: سبحان من ملا الدهر قدسه سبحان من لا يغشى الامد نوره، سبحان من أشرق كل ظلمة بضوئه، سبحان من يدين لدينه كل دين، سبحان من قدر كل شي بقدرته، سبحان من ليس لخالقيته حد، ولا لقادريته نفاد، سبحان الله العظيم. تسبيح علي بن موسى عليهما السلام في العاشر والحادي عشر: سبحان خالق النور سبحان خالق الظلمة، سبحان خالق المياه، سبحان خالق السماوات، سبحان خالق الارضين، سبحان خالق الرياح والنبات، سبحان خالق الحياة والموت، سبحان خالق الثرى والفلوات، سبحان الله وبحمده. تسبيح محمد بن علي عليهما السلام في الثاني عشر والثالث عشر: سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يؤاخذ أهل الارض بألوان العذاب، سبحان الله وبحمده. تسبيح علي بن محمد عليهما السلام في الرابع عشر والخامس عشر: سبحان من هو دائم لا يسهو، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو غني لا يفتقر، سبحان الله وبحمده. تسبيح الحسن بن علي عليهما السلام في السادس عشر والسابع عشر: سبحان من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي إشراقه منير، وفي سلطانه قوي، سبحان الله وبحمده. تسبيح صاحب الزمان عليه السلام من اليوم الثامن عشر إلى آخر الشهر: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله زنة عرشه، والحمد لله مثل ذلك.


 

[208]

(أبواب) أحراز النبي والائمة وعوذاتهم وأدعيتهم عليهم السلام زائدا على ما سبق ويأتي 38. " باب " * (أحراز النبي صلى الله عليه وآله وازواجه الطاهرات) * * (وعوذاته وبعض ادعيته عليه السلام أيضا) * أقول: وسيجئ بعض أحرازه صلى الله عليه وآله في باب الاحتجاجات أيضا. 1 - مهج: علي بن محمد بن علي بن عبد الصمد، عن الثقفي، عن محمد بن المظفر البغدادي، عن جعفر بن محمد الموصلي، عن أبي عمرو الدوري، عن محمد ابن عبد الرحمن القرشي، عن أبي سعيد عمرو بن سعيد المؤدب، عن الفضل بن العباس، عن ابي كرز الموصلي، عن عقيل بن أبي عقيل، عن آمنة ام النبي صلى الله عليه وآله أنها لما حملت به صلى الله عليه وآله أتاها آت في منامها فقال لها: حملت سيد البرية، فسميه محمدا اسمه في التوراة أحمد، وعلقي عليه هذا الكتاب فاستيقظت من منامها، وعند رأسها قصبة حديد فيها رق فيه كتاب: بسم الله الرحمن الرحيم أسترعيك ربك واعوذك بالواحد، من شر كل حاسد قائم أو قاعد، وكل خلق رائد، في طرق الموارد، ولا تضروه في يقظة ولا منام ولا في ظعن ولا في مقام، سجيس الليالي (1) وأواخر الايام، يد الله فوق أيديهم وحجاب الله فوق عاديتهم.

 

(1) سجيس الليالى: أي أبدا.

 

[209]

2 - حرز آخر عن النبي صلى الله عليه وآله، مهج: علي بن عبد الصمد عن جده وعثمان بن إسماعيل بن أحمد، وأحمد بن علي بن أبي صالح قراءة عليهم، عن عبد الغفار بن محمد عن الحسن بن محمد الدربندي، عن عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي عن محمد بن صالح بن خلف، عن أبيه، عن موسى بن إبراهيم، عن موسى بن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي إذا هالك أمر أو نزلت بك شدة فقل: اللهم إني اسئلك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تنجيني من هذا الغم (1). حرز آخر لرسول الله صلى الله عليه وآله وجد في مهده تحت كريمه الشريف في حريرة بيضاء مكتوب: اعيذ محمد بن آمنة بالواحد، من شر كل حاسد، قائم أو قاعد، أو نافث على الفساد جاهد، وكل خلق مارد، يأخذ بالمراصد، في طرق الموارد، أذبهم عنه بالله الاعلى، وأحوطه منهم بالكنف الذي لا يؤذى، أن لا يضروه ولا يطيروه، في مشهد ولا منام ولا مسير ولا مقام سجيس الليالي وآخر الايام لا إله إلا الله تبدد أعداء الله، وبقي وجه الله لا يعجز الله شئ، الله أعز من كل شئ، حسبه الله وكفى، وسمع الله لمن دعا. واعيذه بعزة الله ونور الله، وبعزة ما يحمل العرش من جلال الله، وبالاسم الذي يفرق بين النور والظلمة، واحتجب به دون خلقه، شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وأعوذ بالله المحيط بكل شئ ولا يحيط به شئ، وهو بكل شئ محيط، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله (2). حرز آخر عن رسول الله صلى الله عليه وآله برواية اخرى: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أعوذ باسمك وكلماتك (3) التامة، من شر السامة والهامة، وأعوذ باسمك وكلماتك التامة، من شر عذابك وشر عبادك

 

(1) مهج الدعوات ص 4. (2) مهج الدعوات ص 5. (3) كلمتك خ ل في المواضع.

 

[210]

وأعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر الشيطان الرجيم اللهم إني أسألك باسمك وكلماتك التامة من خير ما تعطي وما تسأل، وخير ما تخفي وما تبدي، اللهم إني أعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر ما يجري به الليل والنهار، إن ربي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عددا اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. حرز خديجة عليها السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا الله يا حافظ يا حفيظ يا رقيب. حرز آخر لخديجة عليها السلام (1): بسم الله الرحمن الرحيم يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث فأغثني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، وأصلح لي شأني كله (2). مهج: حرز آخر (3) عن رسول الله صلى الله عليه وآله برواية اخرى: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر السامة والهامة وأعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر عذابك وشر عبادك وأعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر الشيطان الرجيم اللهم إني أسئلك باسمك وكلماتك التامة من خير ما تعطي وما تسأل وخير ما تخفى وما تبدى اللهم إني أعوذ باسمك وكلماتك التامة من شر ما يجري به الليل والنهار إن ربي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ما شاء الله كان اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله

 

(1) في المصدر: حرز فاطمة الزهراء عليها السلام. (2) مهج الدعوات ص 6. (ظ) مر آنفا.

 

[211]

كان وما لم يشأ لم يكن أعلم أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عددا، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخد بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فان تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. 3 - ق: عوذة عوذ بها جبرئيل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله لما عانه إنسان يهودي وهي كلمات أرسلها رب العزة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: اعيذك بكلمات الله التامة وأسمائه كلها، من شر كل عين لامة، ومن شر أبى قترة (1) وأبى عروة، ودنهش وما ولدوا، ومن شر الطيارات المردة، ومن شر من يعمل الخطيئة ويهم بها، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر الخفيات في الرصد، اللاتى يحطن (2) الانسان كالبلد بعد ما كان كالاسد. 4 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر: اللهم أنت ثقتى في كل كرب وأنت رجائي في كل شدة (3) وأنت لى في كل أمر نزل بى ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه القريب، ويشمت به العدو وتعييني فيه الامور، أنزلته بك وشكوته إليك راغبا فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته عنى وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حاجة، ومنتهى كل رغبة، فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا (4). 5 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد رويناه بإسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار بإسناده عن الصادق عليه السلام وعن غيره أنه لما تفرق الناس عن النبي صلى الله عليه وآله يوم احد قال: " اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان " فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد لقد دعوت بدعاء إبراهيم حين القى في النار، ودعا به يونس حين صار في بطن الحوت، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو في دعائه " اللهم اجعلني صبورا، واجعلني شكورا، واجعلني في أمانك " (5).

 

(1) أبو قترة بالكسر كنية الشيطان (2) يجعلن خ ل. (3) شديدة خ ل. (54) مهج الدعوات ص 87.

 

[212]

6 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله ليلة الاحزاب رويناه عن كتاب الدعاء والذكر تأليف الحسين بن سعيد بإسنادنا إليه عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله ليلة الاحزاب " يا صريح الكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين [ومفرج عن المغمومين] اكشف عني همي وغمي وكربتي فانك تعلم حالي وحال أصحابي، فاكفني هول عدوي " قال: فقال في حديثه، فانه لا يكشف ذلك غيرك (1). 7 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم الاحزاب وفيه زيادة: يا صريخ المكروبين، ومجيب دعوة المضطرين، ومفرج عن المغمومين، اكشف عني همي وغمى وكربي فقد ترى حالي وحال أصحابي، اللهم ارزقني الصلاة والصوم والحج والعمرة، وصلة الرحم، وعظم رزقي ورزق أهل بيتي في عافية اللهم أنت الله قبل كل شئ، وأنت الله بعد كل شئ، وأنت الله تبقى ويفنى كل شئ، إلهي أنت الحليم الذي لا يجهل، وأنت الجواد الذي لا يبخل، وأنت العدل الذي لا يظلم، وأنت الحكيم الذي لا يجور، وأنت المنيع الذي لا يرام، وأنت العزيز الذي لا يستذل، وأنت الرفيع الذي لا يرى، وأنت الدائم الذي لا يفنى وأنت الذي أحطت بكل شئ علما، وأحصيت كل شئ عددا، أنت البديع قبل كل شئ، والباقي بعد كل شئ، خالق ما يرى وخالق ما لا يرى، عالم كل شئ بغير تعليم، أنت الذي تعطي الغلبة من شئت، تهلك ملوكا وتملك آخرين، بيدك الخير وأنت على كل شئ قدير، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، واختم لي بالسعادة، واجعلني من عتقائك وطلقائك من النار آمين رب العالمين (2). 8 - دعاء آخر للنبي صلى الله عليه وآله في يوم الاحزاب رويناه من كتاب الدعاء: اللهم إني أعوذ بنور قدسك، وعظمة طهارتك، وبركة جلالك، من كل

 

(1) في المصدر المطبوع: لا يوجد الادعاء واحد، وهو الدعاء الطويل الاتى بهذا السند، فراجع. (2) مهج الدعوات ص 87.

 

[213]

آفة وعاهة، من طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير، اللهم أنت غياثي فبك أستغيث، وأنت ملاذي فبك ألوذ، وأنت معاذي فبك أعوذ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، وخضعت له مقاليد الفراعنة، أعوذ بك من خزيك، ومن كشف سترك ومن نسيان ذكرك، والانصراف من شكرك، أنا في حرزك في ليلي ونهاري، وظعني وأسفاري، ونومي وقراري، ذكرك شعاري، وثناؤك دثاري لا إله إلا أنت تعظيما لوجهك، وتكريما لسبحات نورك، أجرني من خزيك، ومن كشف سترك، وسوء عقابك، واضرب علي سرادقات حفظك، وأدخلني في حفظ عنايتك، وعدني بخير منك يا أرحم الراحمين (1). 9 - مهج: دعاء آخر للنبي صلى الله عليه وآله يوم الاحزاب نقلته من الجزء الخامس من كتاب عبد الله بن حماد الانصاري، عن ابن سنان، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الله عزوجل يوم الاحزاب فقال: الحمد لله وحده لا شريك له، الحمد لله الذي ادعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسئله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني والحمد لله الذي أستعفيه فيعافيني وإن كنت متعرضا للذي نهاني عنه، والحمد لله الذي أخلو به كما (2) شئت في سري، وأضع عنده ما شئت من أمري من غير شفيع فيقضى لى ربى حاجتى، والحمد لله الذي وكلنى إليه الناس فأكرمني ولم يكلنى إليهم فيهينوني، وكفاني ربى برفق ولطف بى ربى لما جفوا ذلك فلك الحمد رضيت بلطفك ربى لطيفا، ورضيت بكنفك ربى خلفا (3). 10 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم حنين: رب كنت وتكون حيا لا تموت تنام العيون، وتنكدر النجوم، وأنت حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم. وعنه عليه السلام أمان من الجن والانس: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله

 

(1) مهج الدعوات ص 88. (2) كلما خ ل. (3) المصدر ص 89.

 

[214]

عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أشهد أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم (1). 11 - مهج: دعاء روي أنه نزل به جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله يوم حنين (2): اللهم إني أسئلك تعجيل عافيتك، وصبرا على بليتك، وخروجا من الدنيا إلى رحمتك (3). 12 - مهج: دعاء روي أن النبي صلى الله عليه وآله علمه لبعض اصحابه فأراد الحجاج قتله فلما قرأه لم يستطع صاحب سيفه أن يقتله، وهو: يا سامع كل صوت، يا محيي النفوس بعد الموت، يا من لا يعجل لانه لا يخاف الفوت، يا دائم الثبات، يا مخرج النبات، يا محيى العظام الرميم الدارسات بسم الله، اعتصمت بالله، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، ورميت كل من يؤذيني بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (4). 13 - مهج: علي بن محمد بن علي بن عبد الصمد التميمي، عن الثقفي عن محمد بن المظفر بن موسى البغدادي، عن جعفر بن محمد الموصلي، عن ابى عمر والدوري، عن محمد بن عبد الرحمن القرشى، عن عمرو بن سعيد المؤدب عن الفضل بن العباس، عن أبي كرز الموصلي، عن عقيل بن أبى عقيل، عن آمنة ام النبي صلى الله عليه وآله أنها لما حملت به صلى الله عليه وآله أتاها آت في منامها، فقال لها: حملت سيد البرية، فسميه محمدا اسمه في التوراة أحمد وعلقى عليه هذا الكتاب، فاستيقظت من منامها وعند رأسها قصبة حديد فيها رق فيه كتاب:

 

(1) المصدر ص 90. (2) يوم خيبر خ ل. (3) مهج الدعوات ص 91. (4) مهج الدعوات ص 94.

 

[215]

بسم الله الرحمن الرحيم أسترعيك ربك، وأعوذك بالواحد، من شر كل حاسد، قائم أو قاعد، وكل خلق رائد، في طرق الموارد، لا تضروه في يقظة ولا منام، ولا في ظعن ولا في مقام، سجيس الليالى وأواخر الايام يد الله فوق أيديهم وحجاب الله فوق عاديتهم (1). 14 - مهج: حرز آخر لرسول الله صلى الله عليه وآله وجد في مهده تحت كريمه الشريف في حريرة بيضاء مكتوب: اعيذ محمد بن آمنة بالواحد، من شر كل حاسد، قائم أو قاعد، أو نافث على الفساد جاهد، وكل خلق مارد، يأخذ بالمراصد في طرق الموارد، أذبهم عنه بالله الاعلى، وأحوطه منهم بالكنف الذي لا يؤذى، أن لا يضروه ولا يطيروه، في مشهد ولا منام، ولا مسير ولا مقام، سجيس الليالى وآخر الايام لا إله إلا الله، تبدد أعداء الله، وبقى وجه الله، لا يعجز الله شئ، الله أعز من كل شئ حسبه الله وكفى، سمع الله لمن دعا، وأعيذه بعزة الله، ونور الله وبعزة ما يحمل العرش من جلال الله، وبالاسم الذي يفرق بين النور والظلمة، واحتجب به دون خلقه، شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة، واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وأعوذ بالله المحيط بكل شئ، ولا يحيط به شئ، وهو بكل شئ محيط لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2). 15 - مهج: دعاء النبي صلى الله عليه وآله حين عاين العفريت، ومعه شعلة نار، فانكب الشيطان لوجهه، روي عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وجبرئيل معه عليه السلام فجعل النبي صلى الله عليه وآله يقرأ فإذا بعفريت من مردة الجن قد أقبل وفي يده شعلة من نار، وهو يقرب من النبي صلى الله عليه وآله فقال جبرئيل عليه السلام: يا محمد ألا أعلمك كلمات تقولهن فينكب العفريت لوجهه، وتطفأ شعلته ؟ قال: نعم، يا حبيبي جبرئيل، قال: قل: " أعوذ بنور وجه الله، وكلماته التامات، التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من

 

(1) مهج الدعوات ص 4، وقد مر ص 208. (2) مهج الدعوات ص 4، وقد مر أيضا. (*)

 

[216]

شر ماذرأ في الارض، وما يخرج منها، ومن شر ما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير، يا رحمن ". فقالها النبي صلى الله عليه وآله فانكب العفريت لوجهه، وطفئت شعلته (1). 16 - مهج: ذكر رواية اخرى بدعاء النبي صلى الله عليه وآله عند رؤية العفريت: اللهم إني أسئلك مفاتيح الخير وخواتيمه، وأسئلك درجات العلى من الجنة، بالله أعوذ، وبالله أعتصم، وبالله أمتنع، وبعزة الله وسلطانه وملكوته واسمه العظيم أستجير من الشيطان الرجيم، ومن عمله ورجله وخيله وشركه وبالله أعوذ وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، وما يلج في الارض وما يخرج منها، ومن شر كل ذي شر، ومن شر العامة والخاصة، إن ربى سميع الدعاء، أعوذ بالله من شر كل ذي عين ناظرة، ومن شر كل ذي اذن سامعة، ومن شر كل ذي ألسن ناطقة ومن شر أيد باطشة، ومن شر أرجل ماشية، ومن شر ما أخفيت في نفسي وأعلنت بالليل والنهار. اللهم من أرادنى من خليقتك بغيا أو عطبا أو عيبا [أو مكروها] أو سوء أو مساءات (2) من إنسى أو جني صغيرا أو كبيرا فاسئلك أن تحرج صدره وأن تفحم لسانه، وأن تقصر يده وأن تدفع في صدره، وأن تكف يمينه، وأن تجعل كيده في نحره، وأن تندر بصره، وأن تقمع رأسه، وأن تميته بغيظه، وأن تجعل له شغلا في نفسه، وأن تكفينيه بحولك وقوتك، إنك انت الله العزيز الحكيم. اللهم إني أعوذ بك من صاحب سوء في المغيب والمحضر، قلبه يراني وعيناه تبصراني، واذناه تسمعاني، إن راى حسنة أخفاها، وإن رأى فاحشة أبداها

 

(1) مهج الدعوات ص 90. (2) مساءة خ.

 

[217]

اللهم إني أعوذ بك من طمع يرد إلى طبع (1) وأعوذ بك من هوى يرديني، وغنى يطغيني، وفقر ينسيني، ومن خطيئة لا توبة لها، ومن منظر سوء في أهل أو مال (2). 17 - مهج: عوذة النبي صلى الله عليه وآله يوم وادي القرى، تصلح لكل شئ، من كتبها وعلقها عليه كان في أمان الله وكنفه وحجابه وعزه ومنعه وكانت الملائكة تحفظه وهي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمان الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم. قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب هو الله الذي لا إله إلا هو إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره

 

(1) الطبع: الشين والعيب والدنس. (2) مهج الدعوات ص 91.

 

[218]

تكبيرا، وهو الله الذي لا نعرف له سميا وهو الرجا والمرتجا والملتجاء، وإليه المشتكى، ومنه الفرج والرجاء. وأسئلك يا الله بحق هذه الاسماء الجليلة الرفيعة عندك العالية المنيعة التي اخترتها لنفسك، واختصصتها لذكرك، ومنعتها جميع خلقك، وأفردتها عن كل شئ دونك، وجعلتها دليلة عليك، وسببا إليك، فهي أعظم الاسماء، وأجل الاقسام وأفخر الاشياء، وأكبر العزائم، وأوثق الدعائم، ولا ترد داعيك بها، ولا تخيب راجيك والمتوسل إليك، ولا يذل من اعتمد عليك، ولا يضام من لجأ إليك، ولا يفتقر سائلك، ولا ينقطع رجاء مؤملك، ولا تخفر ذمته، ولا تضيع حرمته، فيا من لا يعان ولا يضام، ولا يغالب، ولا ينازع، ولا يقاوم، اغفر لي ذنوبي كلها، وأصلح لي شؤوني كلها، واكفني المهم في الدنيا والآخرة، وعافني في الدنيا والآخرة، واحفظني في الدنيا والآخرة، واسترني في الدنيا والآخرة، وقرب جواري منك فأنت الله لا إله إلا أنت باسمك الجليل العظيم توسلت، وبه تعلقت، وعليه اعتمدت، وهو العروة الوثقى التي لا انفصام لها، فلا تخفر ذمتي، ولا ترد مسئلتي، ولا تحجب دعوتي ولا تنقص رغبتي، وارحم ذلي وتضرعي، وفقري وفاقتي، فمالي رجاء غيرك، ولا أمل سواك، ولا حافظ إلا أنت. يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ولا إله غيرك أنت رب الارباب، ومالك الرقاب، وصاحب العفو والعقاب، أسئلك بالربوبية التي انفردت بها أن تعتقني من النار بقدرتك، وتدخلني الجنة برحمتك، وتجعلني من الفائزين عندك، اللهم احجبني بسترك، واسترني بعزك، واكنفني بحفظك، واحفظني بحرزك، واحرزني في أمنك، واعصمني بحياطتك، وحطني بعزك، وامنع مني بقوتك، وقوتي بسلطانك، ولا تسلط علي عدوا بجودك وكرمك، إنك على كل شئ قدير (1). 18 - كتاب دلائل الامامة للطبري: عن أبي المفضل محمد بن عبد الله، عن

 

(1) مهج الدعوات ص 91 - 94.

 

[219]

جعفر بن محمد بن جعفر العلوي، عن موسى بن عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده موسى بن عبد الله بن الحسن، عن جده عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن جده الحسن ابن علي، عن أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: قال لي رسول الله: يا فاطمة ألا اعلمك دعاء لا يدعو به أحد إلا استجيب له، ولا يحيك (1) في صاحبه سم ولا سحر ولا يعرض له شيطان بسوء، ولا ترد له دعوة، وتقضى حوائجه كلها، التي يرغب إلى الله فيها عاجلها وآجلها ؟ قلت: أجل يا أبه لهذا والله أحب إلي من الدنيا وما فيها، قال: تقولين: يا الله يا أعز مذكور، وأقدمه قدما في العزة والجبروت، يا الله يا رحيم كل مسترحم، ومفزع كل ملهوف، يا الله يا راحم كل حزين يشكو بثه وحزنه إليه، يا الله يا خير من طلب المعروف منه واسرعه إعطاء، يا الله يا من تخاف الملائكة المتوقدة بالنور منه أسألك بالاسماء التي تدعو بها حملة عشرك، ومن حول عرشك يسبحون بها شفقة من خوف عذابك، وبالاسماء التي يدعوك بها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل إلا أجبتني، وكشفت يا إلهي كربتي، وسترت ذنوبي. يا من يأمر بالصيحة في خلقه، فإذا هم بالساهرة أسألك بذلك الاسم الذي تحيي العظام وهي رميم، أن تحيي قلبي وتشرح صدري، وتصلح شأني، يا من خص نفسه بالبقاء، وخلق لبريته الموت والحياة، يا من فعله قول، وقوله أمر، وأمره ماض على ما يشاء، أسألك بالاسم الذي دعاك به خليلك حين القي في النار فاستجبت له، وقلت " يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم " وبالاسم الذي دعاك به موسى من جانب الطور الايمن فاستجبت له دعاءه، وبالاسم الذي كشفت به عن أيوب الضر وتبت على داود، وسخرت لسليمان الريح تجري بأمره والشياطين، وعلمته منطق الطير وبالاسم الذي وهبت لزكريا يحيى، وخلقت عيسى من روح القدس من غير أب وبالاسم الذي خلقت به العرش والكرسي، وبالاسم الذي خلقت به الروحانيين وبالاسم الذي خلقت به الجن والانس، وبالاسم الذي خلقت به جميع الخلق وجميع

 

(1) أي لا يؤثر ولا يمضى.

 

[220]

ما أردت من شئ، وبالاسم الذي قدرت به علي كل شئ، أسألك بهذه الاسماء لما أعطيتني سؤلي وقضيت بها حوائجي... فانه يقال لك يا فاطمة نعم نعم. 19 - أقول: ومن الاحراز المشهورة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله الحرز المعروف بحرز أبي دجانة الانصاري رضي الله عنه لدفع الجن والسحر، وقد رأيت في بعض الكتب ما صورته، حدثا الشيخ الفقيه أبو محمد بن الحسين بن جامع بن أبي ساج رحمه الله عن أبي الفضل العباس بن أبي العباس الشقاني، قال: حدثنا أحمد بن منصور بن خلف المغربي، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي من أصل كتابه قراءة علينا بلفظه، قال: حدثنا أبو الفتح يوسف بن عمر بن مسروق القواس الزاهد ببغداد، قال: حدثنا أبو بكر عمر بن محمد بن الصباح المقري، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب غلام الخليل قال: حدثنا يزيد بن صالح، قال: حدثنا ابن الحجاج حدثنا به عمر بن محمد عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة قال: سمعت علي بن أبي طالب. حدثني الشيخ عثمان بن إسماعيل بن أحمد الحاج قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، قال: حدثنا أبو بشر عبد الله بن محمد بن هارون بن عبد الله النيشابوري، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، قال: حدثنا محمد بن محمود بن أحمد بن سلمة بن يحيى بن سلمة بن عبد الله بن زيد بن خالد ابن أبي دجانة، قال: حدثني أبو دجانة، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده سلمة، عن أبيه، عن جده خالد، عن أبي دجانة رضي الله عنه أنه شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: بأبي أنت وامي يا رسول الله إني خرجت في بعض الليل، فإذا طارق يطرق فمسست جلده، فإذا هو جلد القنفذ، فالتفت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: اكتب حرزا لابي دجانة الانصاري ولمن بعده من امتي من يخاف العوارض والتوابع، فقال علي عليه السلام: وما أكتب يا رسول الله ؟ قال: اكتب يا علي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الذي خلق السماوات والارض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وآله


 

[221]

العربي الهاشمي المكي المدني الابطحي الامي صاحب التاج والهراوة والقضيب والناقة، صاحب قول لا إله إلا الله إلى من طرق الدار إلا طارقا يطرق بخير. أما بعد فان لنا ولكم في الحق سعة، فان لم يكن طارقا مولعا، أو داعيا مبطلا أو مؤذيا مقتصما فاتركوا حملة القرآن، وانطلقوا إلى عبدة الاوثان، يرسل عليكما شواظ من نار، ونحاس فلا تنتصران، بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله، ولا غالب إلا الله، ولا أحد سوى الله، ولا أحد مثل الله، وأستفتح بالله، وأتوكل على الله، صاحب كتابي هذا في حرز الله، حيث ما كان وحيث ما توجه لا تقربوه ولا تفزعوه ولا تضاروه قاعدا ولا قائما ولا في أكل ولا في شرب ولا في اغتسال ولا في جبال ولا بالليل ولا بالنهار، وكلما سمعتم ذكر كتابي هذا فادبروا عنه بلا إله إلا الله غالب كل شئ وهو أعلى من كل شئ، وهو أعز من كل شئ وهو على كل شئ قدير. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن ابي طالب عليه السلام: يا أبا الحسن اكتب: اللهم احفظ يا رب من علق عليه كتابي هذا بالاسم الذي هو مكتوب على سرادق العرش أنه لا إله إلا الله الغالب الذي لا يغلبه شئ، ولا ينجو منه هارب واعيذه بالحي الذي لا يموت، وبالعين التي لا تنام، وبالكرسي الذي لا يزول وبالعرش الذي لا يضام، واعيذه بالاسم المكتوب في التوراة والانجيل، وبالاسم الذي هو مكتوب في الزبور، وبالاسم الذي هو مكتوب في الفرقان. واعيذه بالاسم الذي حمل به عرش بقليس إلى سليمان بن داود عليه السلام قبل أن يرتد إليه طرفه، وبالاسم الذي نزل به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله في يوم الاثنين وبالاسماء الثمانية المكتوبة في قلب الشمس وبالاسم الذي يسير به السحاب الثقال وبالاسم الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، وبالاسم الذي تجلى الرب عزوجل لموسى بن عمران فتقطع الجبل من أصله وخر موسى صعقا، وبالاسم الذي كتب على ورق الزيتون وألقى في النار فلم يحترق، وبالاسم الذي يمشي به الخضر عليه السلام على الماء فلم تبتل قدماه، وبالاسم الذي نطق به عيسى عليه السلام في المهد صبيا وأبرء الاكمه والابرص وأحيا الموتى باذن الله.


 

[222]

واعيذه بالاسم الذي نجا به يوسف عليه السلام من الجب، وبالاسم الذي نجا به يونس عليه السلام من الظلمة، وبالاسم الذي فلق به البحر لموسى عليه السلام وبني إسرائيل، فكان كل فرق كالطود العظيم، واعيذه بالتسع نيات التي نزلت على موسى بطور سيناء. واعيذ صاحب كتابي هذا من كل عين ناظرة، وآذان سامعة، وألسن ناطقة وأقدام ماشية، وقلوب واعية، وصدور خاوية، وأنفس كافرة، وعين لازمة ظاهرة وباطنة، واعيذه ممن يعمل السوء ويعمل الخطايا، ويهم لها من ذكر وانثى. واعيذه من شر كل عقدهم ومكرهم وسلاحهم وبريق أعينهم، وحر أجسادهم ومن شر الجن والشياطين والتوابع، والسحرة، ومن شر من يكون في الجبال والغياض والخراب والعمران، ومن شر ساكن العيون أو ساكن البحار أو ساكن الطرق، وأعيذه من شر الشياطين، ومن شر كل غول وغولة، وساحر وساحرة وساكن وساكنه، وتابع وتابعة، ومن شرهم وشر آبائهم وامهاتهم، ومن شر الطيارات. واعيذه بيا آهيا شراهيا، واعيذ صاحب كتابي هذا من شر الدياهش والابالس، ومن شر القابل والفاعل، ومن شر كل عين ساحرة، وخاطية، ومن شر الداخل والخارج، ومن شر كل طارق، ومن شر كل عاد وباغ، ومن شر كل عفاريت الجن والانس، ومن شر الرياح ومن شر كل عجمي، ونائم ويقظان. واعيذ صاحب كتابي هذا من شر ساكن الارض، ومن شر ساكن البيوت والزوايا والمزابل ومن شر من يصنع الخطيئة أو يولع بها، واعيذه من شر ما تنظر إليه الابصار، واضمرت عليه القلوب، واخذت عليه العهود، ومن شر من يولع بالفراش والمهود، ومن شر من لا يقبل العزيمة، ومن شر من إذا ذكر الله ذاب كما يذوب الرصاص والحديد. واعيذ صاحب كتابي هذا من شر إبليس، ومن شر الشياطين، ومن شر من يعمل العقد، ومن شر من يسكن الهواء والجبال والبحار ومن في الظلمات، ومن


 

[223]

في النور، ومن شر من يسكن العيون، ومن شر من يمشي في الاسواق، ومن يكون مع الدواب والمواشي والوحوش، ومن شر من يكون في الارحام والآجام، ومن شر من يوسوس في صدور الناس، ويسترق السمع والبصر. واعيذ صاحب كتابي هذا من النظرة واللمحة (1) والخطوة والكرة والنفخة وأعين الانس والجن المتمردة، ومن شر الطائف والطارق والغاسق والواقب واعيذه من شر كل عقد أو سحر أو استيحاش أو هم، أو حزن أو فكر أو وسواس ومن داء يفترى لبني آدم وبنات حوا، من قبل البلغم أو الدم، أو المرة السوداء والمرة الحمراء والصفراء، أو من النقصان والزيادة، ومن كل داء داخل في جلد أو لحم أو دم أو عرق أو عصب أو في نطفة أو في روح أو في سمع أو في بصر أو في شعر أو في بشر أو ظفر أو ظاهر أو باطن. واعيذه بما استعاذ به آدم عليه السلام أبو البشر وشيث وهابيل وإدريس ونوح ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحيى وهود وشعيب والياس وصالح واليسع ولقمان وذو الكفل وذو القرنين وطالوت وعزير وعزرائيل والخضر عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله أجمعين وكل ملك مقرب ونبي مرسل إلا ما تباعدتم وتفرقتم وتنحيتم عمن علق عليه كتابي هذا: بسم الله الرحمن الرحيم الجليل الجميل المحسن الفعال لما يريد. واعيذه بالله وبما استنار به الشمس، وأضاء به القمر، وهو مكتوب تحت العرش لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أجمعين، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، نفذت حجة الله، وظهر سلطان الله، وتفرق أعداء الله، وبقى وجه الله، وأنت يا صاحب كتابي هذا في حرز الله، وكنف الله تعالى، وجوار الله، وأمان الله، الله جارك ووليك وحاذرك الله ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أشهد أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عددا، وأحاط بالبرية خبرا

 

(1) اللحظة خ.

 

[224]

إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. ختمت هذا الكتاب بخاتم الله، الذي ختم به أقطار السماوات والارض، وخاتم الله المنيع، وخاتم سليمان بن داود، وخاتم محمد صلى الله الله عليه وآله أجمعين ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وكل ملك مقرب أو نبي مرسل بالله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم. ثم دفعه إلى ابي دجانة الانصاري فوضعه في وسط البيت فقال له: أحرقتنا بالكتاب والذي قال لمحمد: قم فأنذر، قال: فلما أصبح أبو دجانة جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقص عليه القصة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ارفع الكتاب واحرزه فان عاد فضعه في الدار، فقال أبو دجانة الانصاري: فوالله ما رأيت فزعة لاهلي ولا ولدي، ولا عاد حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله. 20 - مهج: حرز خديجة عليها السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا الله يا حافظ يا حفيظ يا رقيب. حرز آخر لخديجة عليها السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا وأصلح لي شأني كله (1).

 

(1) مهج الدعوات ص 6 وفيه نسبة الحرز الثاني الى فاطمة الزهراء سلام الله عليها وقد مر قبل ذلك أيضا، وكل ما تكرر في هذا الباب، كان مطابقا لنسخة الاصل، تارة بخط المؤلف قدس سره وتارة بخط كتابه.

 

[225]

39. (باب) * (أحراز مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها) * * (وبعض أدعيتها وعوذاتها) * أقول: وسيجيئ في باب عوذة الحمى وأنواعها بعض أحرازها عليها السلام إنشاء الله تعالى. 1 - اختيار ابن الباقي: دعاء عن سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام: اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحينى ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لى، اللهم إني أسئلك كلمة الاخلاص، وخشيتك في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر، وأسئلك نعيما لا ينفد، وأسئلك قرة عين لا تنقطع وأسئلك الرضا بالقضاء، وأسئلك برد العيش بعد الموت، وأسئلك النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مظلمة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين يا رب العالمين. ومنه: عن عبد الله بن جعفر، عن جعفر عليه السلام: اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شئ من أمري، وأنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسئلك مسألة المسكين، وأبتهل المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عبرته، وذل لك خيفته (1) ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا، وكن لي رؤفا رحيما يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين، والحمد لله رب العالمين. ومنه: عن علي عليه السلام (2): اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتجهمني ؟ أم إلى قريب ملكته أمري ؟ إن لم

 

(1) صفيحه ظ. (2) وكان المناسب عنوانه في باب الاتى. (*)

 

[226]

تكن ساخطا علي فلا ابالي، غير أن عافيتك أوسع علي أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السماوات، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تحل علي غضبك، أو تنزل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. ومنه: دعاء لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتا ولا سقيما، ولا مضروبا على عروقي بسوء، ولا مأخوذا بسوء عملي، ولا مقطوعا دابري، ولا مرتدا عن ديني، ولا منكرا لربي، ولا مستوحشا من إيماني، ولا ملببا على عنقي (1) ولا معذبا بعذاب الامم من قبلي، أصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي، لك الحجة علي، ولا حجة لي، لا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني، ولا أتقي إلا ما وقيتني اللهم إني أعوذ بك أن أفقتر في غناك، أو أضل في هداك، أو اضام في سلطانك، أو اضطهد والامر لك. اللهم اجعل نفسي أوكل كريمة ترتجعها من ودائعك، اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك، أو نفتتن عن دينك، أو تتتابع بنا أهواءنا دون الهدى الذي جاء من عندك، وصلى الله على محمد وآله. 2 - الدلائل للطبري: قال روى علي بن الحسن الشافعي، عن يوسف بن يعقوب القاضي، عن محمد بن الاشعث عن محمد بن عون الطائي، عن داود بن أبي هند، عن ابن أبان، عن سلمان رضي الله عنه قال: كنت خارجا من منزلي ذات يوم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إذ لقيني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: مرحبا يا سلمان صر إلى منزل فاطمة بنت رسول الله فانها إليك مشتاقة وإنها قد اتحفت بتحفة من الجنة تريد أن تتحفك منها. قال سلمان رضي الله عنه: فمضيت إليها فطرقت الباب، واستأذنت فأذنت لي بالدخول، فدخلت فإذا هي جالسة في صحن الحجرة، عليها قطعة عباءة، قالت: اجلس فجلست، فقالت: كنت بالامس جالسة في صحن الحجرة شديدة الغم على

 

(1) في النهج كما سيأتي " ولا ملتبسا على عقلي ".

 

[227]

النبي أبكيه وأندبه، وكنت رددت باب الحجرة بيدي إذا انفتح الباب، ودخل علي ثلاث جواري لم أر كحسنهن ولا نضارة وجوههن فقمت إليهن منكرة لشأنهن وقلت: من أين أنتن من مكة أو من المدينة ؟ فقلن: لا من أهل مكة، ولا من أهل المدينة، نحن من أهل دار السلام، بعث بنا إليك رب العالمين يسلم عليك ويعزيك بأبيك محمد صلى الله عليه وآله. قالت فاطمة: فجلست أمامهن، وقلت للتي أظن انها أكبرهن: ما اسمك ؟ قالت: ذرة، قلت: ولم سميت ذرة ؟ قالت: لان الله عزوجل خلقني لابي ذر الغفاري، وقلت لاخرى: ما اسمك ؟ قالت: مقدادة، فقلت: ولم سميت مقدادة ؟ قالت: لان الله عزوجل خلقني للمقداد، وقلت للثالثة: ما اسمك. قالت: سلمى قلت: ولم سميت سلمى ؟ قالت: لان الله عزوجل خلقني لسلمان، وقد أهدوا إلي هدية من الجنة، وقد خبأت لك منها، فأخرجت إلي طبقا من رطب أبيض ما يكون من الثلج، وأزكى رائحة من المسك، فدفعت إلي خمس رطبات، وقالت لي: كل يا سلمان هذا، عند إفطارك، وأقبلت اريد المنزل، فوالله ما مررت بملاء من الناس إلا قالوا: تحمل المسك يا سلمان ؟ حتى أتيت المنزل، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليهن فلم أجد لهن نوى ولا عجما حتى إذا أصبحت بكرت إلى منزل فاطمة، فأخبرتها فتبسمت ضاحكة، وقالت: يا سلمان من أين يكون له نوى، وإنما هو عزوجل خلقه لي تحت عرشه، بدعوات كان علمنيها النبي صلى الله عليه وآله فقلت: حبيبتي علميني تلك الدعوات، فقالت: إن أحببت أن تلقى الله وهو عنك غير غضبان، فواظب على هذا الدعاء وهو: بسم الله النور، بسم الله الذي يقول للشئ كن فيكون، بسم الله الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور، بسم الله الذي خلق النور من النور، بسم الله الذي هو بالمعروف مذكور، بسم الله الذي أنزل النور على الطور، بقدر مقدور في كتاب مسطور، على نبي محبور (1).

 

(1) الحديث مختصر ههنا، وتمامه في مهج الدعوات ص 7 - 9، وأخرجه المؤلف العلامة في مناقب الزهراء سلام الله عليها راجع ج 43 ص 66 - 68.

 

[228]

40. * (باب) * * (أحراز مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وبعض) * * (أدعيته وعوذاته، ومن جملتها دعاء الصباح والمساء له) * * (عليه السلام وما يناسب ذلك المعنى وفي مطاويها بعض) * * (أدعية النبي صلى الله عليه وآله أيضا) * 1 - مهج: حرز مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يكتب ويشد على العضد الايمن، وهو: بسم الله الرحمن الرحيم أي كنوش أي كنوش اره شش عطيطسفيخ يا مطيطرون قربالسيون ما وما سا ما سو ما طيسطالوس (1) حنطوس مسفقلس مساصعوس اقرطيعوس (2) لطفيكس (3) هذا وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين، اخرج بقدرة الله منها أيها اللعين، بقوة (4) رب العالمين اخرج منها وإلا كنت من المسجونين، اخرج منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين أخرج منها مذؤما مدحورا ملعونا كما لعنا أصحاب السبت، وكان أمر الله مفعولا، اخرج يا ذا المحزون اخرج يا سورا يا سورا - سور بالاسم المخزون ياططرون طرعون مراعون تبارك الله أحسن الخالقين يا هيا يا هيا شراهيا حيا قيوما بالاسم المكتوب على جبهة إسرافيل اطردوا عن صاحب هذا الكتاب كل جني وجنية، وشيطان وشيطانة، وتابع وتابعة، وساحر وساحرة وغول وغولة وكل متعبث وعابث يعبث بابن آدم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

 

(1) طيطسالوس خ ل. (2) افطيعوش خ ل. (3) لطيفكس خ ل. (4) بعزة خ ل.

 

[229]

وصلى الله على محمد وآله أجمعين (1). 2 - ق، مهج: حرز آخر عن مولانا وعروتنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: اللهم بتألق نور بهاء عرشك من أعدائي (2) استترت، وبسطوة الجبروت من كمال عزك ممن يكيدني احتجبت، وبسلطانك العظيم من شر كل سلطان وشيطان استعذت ومن فرائض نعمتك (3) وجزيل عطيتك (4) يا مولاي طلبت، كيف أخاف وأنت أملي، وكيف اضام وعليك متكلي، أسلمت إليك نفسي، وفوضت إليك أمري وتوكلت في كل أحوالي عليك، صل على محمد وآل محمد، واشفني واكفني واغلب لي من غلبني يا غالبا غير مغلوب، زجرت كل راصد رصد، ومارد مرد وحاسد حسد [وعدو كند] وعاند عند، ببسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، كذلك الله ربنا [كذلك الله ربنا، كذلك الله ربنا عزوجل] حسبنا الله ونعم الوكيل [إنه] أقوى معين (5). 3 - نهج: ومن كلمات كان يدعو بها عليه السلام: اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني، فان عدت فعدلي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي، ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك

 

(1) مهج الدعوات ص 10، وبعده صورة أحرف هكذا شبيها بما في ص 193. (2) عداتي خ ل. (3) نعمك خ ل نعمائك خ ل. (4) عطائك خ ل، عطاياك خ ل. (5) مهج الدعوات ص 11 و 12.

 

[230]

بلساني، ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الالحاظ، وسقطات الالفاظ وشهوات الجنان، وهفوات اللسان (1). 4 - نهج: ومن دعائه كان يدعو به عليه السلام كثيرا: الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتا ولا سقيما، ولا مضروبا على عروقي بسوء ولا مأخوذا بأسوء عملي، ولا مقطوعا دابري، ولا مرتدا عن ديني، ولا منكرا لربي ولا مستوحشا من إيماني، ولا ملتبسا عقلي، ولا معذبا بعذاب الامم من قبلي أصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي لك الحجة علي ولا حجة لي، لا أستطيع أن آخذ إلا ما أعطيتني ولا أتقي إلا ما وقيتني اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك أو أضل في هداك، أو اضام في سلطانك، أو اضطهد والامر لك، اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي وأول وديعة ترتجعها من ودائع نعمك عندي اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك أو نفتتن عن دينك، أو تتابع بنا أهواؤنا دون الهدى الذي جاء من عندك (2). 5 - نهج: من دعاء له عليه السلام: اللهم صن وجهي باليسار، ولا تبذل جاهي بالاقتار، فاسترزق طالبي رزقك، وأستعطف شرار خلقك، وأبتلى بحمد من أعطاني وافتتن بذم من منعني، وأنت من وراء ذلك كله ولي الاعطاء والمنع، إنك على كل شئ قدير (3). 6 - نهج: ومن دعاء له عليه السلام: اللهم إنك آنس الآنسين بأوليائك (4) وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك، تشاهدهم في سرائرهم، وتطلع عليهم في ضمائرهم، وتعلم مبلغ بصائرهم، فاسرارهم لك مكشوفة، وقلوبهم إليك ملهوفة إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك، وإن صبت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة

 

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 76 من قسم الخطب. (2) نهج البلاغة تحت الرقم 213 من قسم الخطب. (3) نهج البلاغه قسم الخطب تحت الرقم 223. (4) لاؤليائك خ ل.

 

[231]

بك، علما بأن أزمة الامور بيدك، ومصادرها عن قضائك، اللهم إن فههت عن مسئلتي أو عميت عن طلبتي فدلني على مصالحي، وخذ بقلبي إلى مراشدي، فليس ذاك بنكر من هدايتك (1)، ولا ببدع من كفايتك (2)، اللهم احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك (3). 7 - نهج: قال عليه السلام: اللهم إني أدعوذ بك أن تحسن في لامعة العيون علانيتي وتقبح فيما ابطن لك سريرتي، محافظا علي رئاء الناس من نفسي، بجميع ما أنت مطلع عليه مني، فأبدى للناس حسن ظاهري، وافضي إليك بسوء عملي، تقربا إلى عبادك، وتباعدا مرضاتك (4). 8 - مهج: دعاء لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الحمد لله أول محمود، وآخر معبود، وأقرب موجود، البدئ بلا معلوم لازليته، ولا آخر لاوليته، والكائن قبل الكون بغير كيان، والموجود في كل مكان بغير عيان، والقريب من كل نجوى بغير تدان، علنت عنده الغيوب، وضلت في عظمته القلوب، فلا الابصار تدرك عظمته، ولا القلوب على احتجابه تنكر معرفته، تمثل في القلوب بغير مثال تحده الاوهام، أو تدركه الاحلام، ثم جعل من نفسه دليلا على تكبره عن الضد والند والشكل والمثل، فالوحدانية آية الربوبية والموت الآتي على خلقه مخبر عن خلقه وقدرته، ثم خلقهم من نطفة ولم يكونوا شيئا دليل على إعادتهم خلقا جديدا بعد فنائهم كما خلقهم أول مرة. والحمد لله رب العالمين الذي لم يضره بالمعصية المتكبرون، ولم ينفعه بالطاعة المتعبدون، الحليم عن الجبابرة المدعين، والممهل الزاعمين له شريكا في ملكوته، الدائم في سلطانه بغير أمد، والباقي في ملكه بعد انقضاء الابد، والفرد

 

(1) ببكر من هداياتك خ ل. (2) كفاياتك خ ل. (3) نهج البلاغه قسم الخطب تحت الرقم 225. (4) نهج البلاغة قسم الحكم تحت الرقم 276.

 

[232]

الواحد الصمد، والمتكبر عن الصاحبة والولد، رافع السماء بغير عمد، ومجري السحاب بغير صفد، قاهر الخلق بغير عدد، لكن الله الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. والحمد لله الذي لم يخل من فضله المقيمون على معصيته، ولم يجازه لاصغر نعمه المجتهدون في طاعته، الغنى الذي لا يضن برزقه على جاحده، ولا ينقص عطاياه أرزاق خلقه، خالق الخلق ومغنيه، ومعيده ومبديه ومعافيه، عالم ما أكنته السرائر وأخبته الضمائر واختلفت به الالسن، وأنسته الا زمن. الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا ينام، والدائم الذي لا يزول، والعدل الذي لا يجور، والصافح عن الكبائر بفضله، والمعذب من عذب بعدله، لم يخف الفوت فحلم، وعلم الفقر فرحم، وقال في محكم كتابه " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة " أحمده حمدا أستزيده في نعمته، وأستجير به من نقمته، وأتقرب إليه بالتصديق لنبيه، المصطفى لوحيه، المتخير لرسالته المختص بشفاعته، القائم بحقه محمد صلى الله عليه وآله، وعلى أصحابه وعلى النبيين والمرسلين والملائكة أجمعين وسلم تسليما. إلهي درست الآمال، وتغيرت الاحوال، وكذبت الالسن وأخلفت العداة إلا عدتك، فانك وعدت مغفرة وفضلا، اللهم صل على محمد وآل محمد وأعطني من فضلك وأعذني من الشيطان الرجيم، سبحانك وبحمدك ما أعظمك وأحلمك وأكرمك، وسع بفضلك حلمك تمرد المستكبرين، واستغرقت نعمتك شكر الشاكرين، وعظم حلمك عن إحصاء المحصين، وجل طولك عن وصف الواصفين كيف لولا فضلك. حلمت عمن خلقته من نطفة ولم يك شيئا، فربيته بطيب رزقك، وأنشأته في تواتر نعمتك، ومكنت له في مهاد أرضك، ودعوته إلى طاعتك فاستنجد على عصيانك باحسانك، وجحدك وعبد غيرك في سلطانك. كيف لولا حلمك. أمهلتني وقد شملتني بسترك، وأكرمتني بمعرفتك، وأطلقت لساني بشكرك، وهديتني السبيل إلى طاعتك، وسهلتني المسلك إلى كرامتك


 

[233]

واحضرتني سبيل قربتك، فكان جزاؤك مني أن كافأتك عن الاحسان بالاساءة حريصا على ما أسخطك، منتقلا فيما أستحق به المزيد من نقمتك، سريعا إلى ما أبعد من رضاك، مغتبطا بغرة الامل، معرضا عن زواجر الاجل، لم ينفعني حلمك عني، وقد أتاني توعدك بأخذ القوة مني، حتى دعوتك على عظيم الخطيئة أستزيدك في نعمك غير متأهب لما قد اشرفت عليه من نقمتك، مستبطئا لمزيدك ومتسخطا لميسور رزقك، مقتضيا جوائزك بعمل الفجار، كالمراصد رحمتك بعلم الابرار مجتهدا، أتمنى عليك العظائم كالمدل الآمن من قصاص الجرائم، فانا لله وإنا إليه راجعون مصيبة عظم رزؤها، وجل عقابها. بل كيف لولا أملي، ووعدك الصفح عن زللي، أرجو إقالتك وقد جاهرتك بالكبائر مستخفيا عن أصاغر خلقك، فلا أنا راقبتك وأنت معى، ولا راعيت حرمة سترك علي، بأي وجه ألقاك ؟ وباي لسان اناجيك ؟ وقد نقضت العهود الايمان بعد توكيدها، وجعلتك علي كفيلا، ثم دعوتك مقتحما في الخطيئة فأجبتني ودعوتني، وإليك فقري فلم اجب. فواسوأتاه وقبح صنيعاه، أية جرأة تجرأت. واي تغرير غررت نفسي سبحانك فبك أتقرب إليك، وبحقك اقسم عليك، ومنك أهرب إليك، بنفسي استخففت عند معصيتي لا بنفسك، وبجهلي اغتررت لا بحلمك، وحقي أضعت لا عظيم حقك، ونفسي ظلمت ولرحمتك الآن رجوت، وبك آمنت، وعليك توكلت وإليك أنبت وتضرعت، فارحم إليك فقري وفاقتي، وكبوتي لحر وجهي وحيرتي في سوأة ذنوبي، إنك أرحم الراحمين. يا أسمع مدعو، وخير مرجو، وأحلم مقض، واقرب مستغاث، أدعوك مستغيثا بك استغاثة المتحير المستيئس من إغاثة خلقك، فعد بلطفك على ضعفي، واغفر بسعة رحمتك كبائر ذنوبي، وهب لي عاجل صنعك إنك أوسع الواهبين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. يا الله يا أحد يا الله يا صمد يا من لم يلد ولم يكن له كفوا أحد، اللهم أعينني


 

[234]

المطالب وضاقت علي المذاهب، وأقصاني الاباعد، وملني الاقارب، وأنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، والمستعان إذا عظم البلاء، واللجاء في الشدة والرخاء، فنفس كربة نفس إذا ذكرها القنوط مساويها أيئست من رحمتك لا تؤيسني من رحمتك يا أرحم الراحمين (1). 9 - مهج: دعاء لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام روي أنه دعا به يوم الجمل قبل الواقعة: اللهم إني أحمدك وأنت للحمد أهل على حسن صنعك إلي، وتعطفك علي وعلى ما وصلتني (2) به من نورك، وتداركتني به من رحمتك، وأسبغت علي من نعمتك، فقد اصطنعت عندي يا مولاي ما يحق لك به جهدي، وشكرى لحسن عفوك وبلائك القديم عندي، وتظاهر نعمائك علي، وتتابع أياديك لدي لم أبلغ إحراز حظي، ولا إصلاح نفسي، ولكنك يا مولاي بدأتني أولا باحسانك، فهديتني لدينك، وعرفتني نفسك، وثبتني في أموري كلها بالكفاية والصنع لي، فصرفت عني جهد البلاء، ومنعت مني محذور القضاء فلست أذكر منك إلا جميلا ولم أر منك إلا تفضيلا. يا إلهي كم من بلاء وجهد صرفته عني، وأريتنيه في غيري، وكم من نعمة أقررت بها عيني، وكم من صنيعة شريفة لك عندي، إلهي أنت الذي تجيب عند الاضطرار دعوتي، وأنت الذي تنفس عند الغموم كربتي وأنت الذي تأخذ لي من الاعداء بظلامتي، فما وجدتك ولا أجدك بعيدا مني حين اريدك، ولا متقبضا عني حين أسئلك، ولا معرضا عني حين أدعوك، فأنت إلهي أجد صنيعك عندي محمودا وحسن بلائك عندي موجودا، وجميع فعلك (3) عندي جميلا، يحمدك لساني وعقلي وجوارحي وجميع ما أقلت الارض مني.

 

(1) مهج الدعوات ص 139 - 142. (2) فضلتني خ ل. (3) افعالك خ ل. (*)

 

[235]

يا مولاي اسئلك بنورك (1) الذي اشتققته من عظمتك، وعظمتك التي اشتققتها من مشيتك، وأسئلك باسمك الذي علا أن تمن علي بواجب شكري نعمتك، رب ما أحرصني على ما زهدتني فيه وحثثتنى عليه، إن لم تعنى على دنياي بزهد، وعلى آخرتي بتقوى هلكت ربى، دعتني دواعى الدنيا من حرث النساء والبنين، فأجبتها سريعا، وركنت إليها طائعا، ودعتني دواعى الآخرة من الزهد والاجتهاد فكبوت لها ولم اسارع إليها مسارعتي إلى الحطام الهامد، والهشيم البائد، والسراب الذاهب عن قليل. رب خوفتني وشوقتني واحتججت علي فما خفتك حق خوفك وأخاف أن أكون قد تثبطت عن السعي لك، وتهاونت بشئ من احتجابك (2). اللهم فاجعل في هذه الدنيا سعيي لك وفي طاعتك، واملا قلبى خوفك وحول تثبيطي وتهاوني وتفريطى، وكل ما أخافه من نفسي فرقا منك وصبرا على طاعتك وعملا به يا ذا الجلال والاكرام، واجعل جنتي من الخطايا حصينة، وحسناتي مضاعفة فانك تضاعف لمن تشاء. اللهم اجعل درجاتي في الجنان رفيعة، وأعوذ بك ربي من رفيع المطعم والمشرب، وأعوذ بك من شر ما أعلم ومن شر ما لا أعلم، وأعوذ بك من الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بك ربي أن أشترى الجهل بالعلم كما اشترى غيري، أو السفه بالحلم، أو الجزع بالصبر أو الضلالة بالهدى، أو الكفر بالايمان، يا رب من علي بذلك فانك تتولى الصالحين، ولا تضيع أجر المحسنين، والحمد لله رب العالمين (3). ومن ذلك دعاء لمولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عند ابتداء القتال يوم صفين من كتاب صفين لعبد العزيز الجلودي من أصحابنا رحمه الله تعالى قال: فلما زحفوا باللواء قال علي صلوات الله عليه وآله: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إياك

 

(1) باسمك خ ل. (2) احتجاجك خ ل. (3) مهج الدعوات ص 120 - 121.

 

[236]

نعبد وإياك نستعين، يا الله يا رحمان يا رحيم، يا أحد يا صمد يا إله محمد، إليك نقلت الاقدام، وأفضت القلوب، وشخصت الابصار، ومدت الاعناق، وطلبت الحوائج، ورفعت الايدي، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. ثم قال: لا إله إلا الله والله أكبر ثلاثا. ومن ذلك في رواية من كتاب الجلودي، قال: كان علي بن ابي طالب عليه السلام إذا سار إلى القتال ذكر اسم الله تعالى حتى يركب ثم يقول: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، الحمد لله على نعمه (1) علينا وفضله العظيم عندنا. ثم يستقبل القبلة ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله، ويرفع يديه، ويدعو الدعاء الاول وفيه تقديم وتأخير (2). فصل: وجدت في آخر كتاب قالبه نصف ثمن الورق بخط ابن الباقلاني المتكلم النحوي مناما بغير خطه هذا لفظه: حدثني السيد الاجل الاوحد العالم مؤيد الدين شرف القضاة عبد الملك أدام الله علوه أنه كان مريضا فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وكأنه قد نزل من الهواء، فأراد أن يسأله الدعاء لكونه مريضا فلم يسأله فقال له: الشفاء ومريده على ذراعه الايمن ثم قال له: قل ثلاث مرات يحفظك الله بها قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (3)، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد (4) قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو

 

(1) نعمائه خ ل. (2) مهج الدعوات ص 122. (3) آل عمران: 173. (4) غافر: 44.

 

[237]

العزيز الحكيم (1) إذا قلت: الذين الآية قال الله تعالى: فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، وإذا قلت: افوض أمري إلى الله قال الله تعالى: فوقيه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب، وإذا قلت: ما يفتح الله الآية وهذا الايمان التام، هذا تفسير أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه. أقول أنا: وقد سقط تمام تفسير الآية الاخيرة (2). ومن ذلك دعاء مولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الهرير بصفين روينا باسنادنا إلى سعد بن عبد الله في كتاب الدعاء قال: حدثني محمد بن عبد الله المسمعي، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، وحدثني موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن الرحمن، عن أبي جعفر محمد بن النعمان الاحوال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دعا أمير المؤمنين عليه السلام يوم الهرير حين اشتد على أوليائه الامر دعاء الكرب، من دعا به وهو في أمر قد كربه وغمه نجاه الله منه وهو: اللهم لا تحبب إلي ما أبغضت، ولا تبغض إلي ما أحببت، اللهم إني أعوذ بك أن ارضى سخطك، أو أسخط رضاك، أو أرد قضاءك، أو أعدو قولك، أو أناصح أعداءك، أو أعدو أمرك فيهم، اللهم ما كان من عمل أو قول يقربني من رضوانك، ويباعدني من سخطك، فصيرني له واحملني عليه يا أرحم الراحمين. اللهم إني اسئلك لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا، ويقينا صادقا، وإيمانا خالصا وجسدا متواضعا، وارزقني منك حبا، وأدخل قلبي منك رعبا، اللهم فان ترحمني فقد حسن ظني بك، وإن تعذبني فبظلمي وجوري وجرمي وإسرافي على نفسي، فلا عذر لي إن اعتذرت ولا مكافاة أحتسب بها، اللهم إذا حضرت الآجال ونفدت الايام، وكان لابد من لقائك، فأوجب لي من الجنة منزلا يغبطني به الاولون والآخرون، لا حسرة بعدها، ولا رفيق بعد رفيقها، في أكرمها منزلا.

 

(1) فاطر ص 2. (2) مهج الدعوات ص 122.

 

[238]

اللهم ألبسني خشوع الايمان بالعز، قبل خشوع الذل في النار، اثنى عليك رب أحسن الثناء لان بلاءك عندي أحسن البلاء، اللهم فأذقني من عونك وتأييدك وتوفيقك ورفدك، وارزقني شوقا إلى لقائك، ونصرا في نصرك حتى أجد حلاوة ذلك في قلبى، وأعزم لى على أرشد اموري، فقد ترى موقفي وموقف أصحابي ولا يخفى عليك شئ من أمري. اللهم إني اسئلك النصر الذي نصرت به رسولك، وفرقت به بين الحق والباطل، حتى أقمت به دينك، وأفلجت به حجتك، يا من هو لى في كل مقام (1). وذكر سعد بن عبد الله أن هذا الدعاء دعا به علي صلوات الله عليه قبل رفع المصاحف الشريفة، ثم قال ما معناه: إن إبليس صرخ صرخة سمعها بعض العسكر يشير على معاوية وأصحابه برفع المصاحف الجليلة للحيلة، فأجابه الخوارج لمعاوية إلى شبهاته فرفعوها، فاختلف اصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام كما اختلفوا في طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته فدعا عليه السلام فقال: اللهم إني أسئلك العافية من جهد البلاء، ومن شماتة الاعداء اللهم اغفر لي ذنبي، وزك عملي، واغسل خطاياي فاني ضعيف إلا ما قويت، واقسم لي حلما تسد به باب الجهل، وعلما تفرج به الجهلات، ويقينا تذهب به الشك عني وفهما تخرجني به من الفتن المعضلات، ونورا أمشى به في الناس، وأهتدي به في الظلمات، اللهم أصلح لي سمعي وبصري وشعري وبشري وقلبي صلاحا باقيا تصلح بها ما بقي من جسدي، أسئلك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب. اللهم إني أسئلك أي عمل كان أحب إليك واقرب لديك، أن تستعملني فيه أبدا، ثم لقني أشرف الاعمال عندك، وآتني فيه قوة وصدقا وجدا وعزما منك ونشاطا، ثم اجعلني أعمل ابتغاء وجهك، ومعاشه فيما آتيت صالحي عبادك، ثم اجعلني لا أشتري به ثمنا قليلا، ولا أبتغى به بدلا، ولا تغيره في سراء ولا ضراء

 

(1) مهج الدعوات ص 123 - 124.

 

[239]

ولا كسلا ولا نسيانا، ولا رياء، ولا سمعة، حتى تتوفاني عليه، وارزقني اشرف القتل في سبيلك، أنصرك وأنصر رسولك، أشتري الحياة الباقية بالدنيا، وأغنني بمرضاة من عندك. اللهم وأسئلك قلبا سليما ثابتا حفيظا منيبا يعرف المعروف فيتبعه، وينكر المنكر فيجتنبه، لا فاجرا ولا شقيا، ولا مرتابا. يا باسط اليدين بالرحمة، يا من سبقت رحمته غضبه، اسئلك أن تجعل حياتي زيادة لي في كل خير، واجعل الوفاة نجاة لي من كل شر، واختم لي عملي بالشهادة، يا عدتي في كربتي، ويا صاحبي في حاجتي، ووليي في نعمتي، وأسألك أن ترزقني شكر نعمتك، وصبرا على بليتك ورضى بقدرك، وتصديقا بوعدك، وحفظا لوصيتك، وورعا وتوكلا عليك، واعتصاما بحبلك، وتمسكا بكتابك، ومعرفة بحقك وقوة في عبادتك، ونشاطا لذكرك ما استعمرتني في أرضك، فإذا كان ما لا بد منه الموت فاجعل منيتي قتلا في سبيلك بيد شر خلقك، واجعل مصيري في الاحياء المرزوقين عندك في دار الحيوان. اللهم اجعل النور في بصري، واليقين في قلبي، وخوفك في نفسي، وذكرك على لساني، اللهم اجعل رغبتي في مسئلتي إياك رغبة أوليائك في مسائلهم، واجعل رهبتي إياك في استجارتي من عذابك رهبة أوليائك، اللهم واستعملني في مرضاتك وطاعتك، عملا لا أترك شيئا من مرضاتك وطاعتك، مخافة أحد من خلقك دونك اللهم ما آتيتني من خير فاتني معه شكرا تحدث به لى ذكرا، وأحسن لى به ذخرا، وما زويت عنى من عطاء آتيتني عنه غنى، فاجعل لى فيه أجرا، وآتني عليه صبرا. اللهم سد فقري في الدنيا، ولا تلهنى عن عبادتك، ولا تنسني ذكرك، ولا تقصر رغبتي فيما عندك، اللهم إنى أعوذ بك من الغم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وسوء الخلق، وضلع الدين (1) وغلبة الرجال، وغلبة العدو

 

(1) يقال: أخذه ضلع الدين: أي ثقله حتى يميل بصاحبه عن الاستواء لثقله وفى المصدر المطبوع: ظلع الدين، وهو تصحيف.

 

[240]

وتوالى الايام، ومن شر ما يعمل الظالمون في الارض، ومن بلية لا أستطيع عليها صبرا، وأعوذ بك من كل شئ زحزح بينى وبينك، أو باعد منك، أو صرف عنى وجهك، أو نقص به من حظى عندك، وأعوذ بك أن تحول خطاياى أو ظلمي أو إسرافى على نفسي، واتباع هواى، واستعمال شهوتي دون رحمتك (1) وبرك وفضلك وبركاتك وموعودك على نفسك. اللهم إني أعوذ بك من صاحب سوء في المغيب والمحضر، فان قلبه يرعانى وعيناه تنظراني، واذناه تسمعاني، إن رأى حسنة أطفاها (2) وإن رأى سيئة أبداها، وأعوذ بك من طمع يدنى (3) إلى طبع، وأعوذ بك من ضلالة ترديني ومن فتنة تعرض لى، ومن خطيئة لا توبة معها، ومن منظر سوء في الاهل والمال والولد، وعند غضاضة الموت، وأعوذ بك من الكفر والشك والبغى والحمية والغضب، وأعوذ بك من غنى يطغينى، ومن فقر ينسيني، ومن هوى يردينى، ومن عمل يخزينى، ومن صاحب يغوينى. اللهم إني أعوذ بك من شر يوم أوله فزع، وأوسطه وجع، وآخره جزع تسود فيه الوجوه، وتجف فيه الاكباد، وأعوذ بك أن أعمل ذنبا محبطا لا تغفره أبدا، ومن ذنب يمنع خير الآخرة، ومن أمل يمنع خير العمل، وحياة تمنع خير الممات، وأعوذ بك من الجهل والهزل، ومن شر القول والفعل، ومن سقم يشغلني ومن صحة تلهيني، وأعوذ بك من التعب والنصب والوصب والضيق والضلالة والقائلة والذلة والمسكنة والرياء والسمعة والندامة والحزن والخشوع والبغى والفتن ومن جميع الآفات والسيئات، وبلاء الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأعوذ بك من وسوسة الانفس مما لا تحب من القول والفعل والعمل.

 

(1) توبتك خ ل. (2) أخفاها خ ل. (3) يؤدى خ ل، والطبع محركة: الدنس.

 

[241]

اللهم إني أعوذ بك من الجن والانس والحس واللبس، ومن طوارق الليل والنهار، وأنفس الجن وأعين الانس، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر لساني، ومن شر سمعي، ومن شر بصري، وأعوذ بك من بطن لا يشبع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، وصلاة لا ترفع، اللهم لا تجعلني (1) في شئ من عذابك، ولا تردني في ضلالة، اللهم إني أسئلك بشدة ملكك وعزة قدرتك وعظمة سلطانك، ومن شر خلقك أجمعين. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: هذا الدعاء وهو لكل أمر مهم شديد وكرب، وهو دعاء لا يرد من دعا به إنشاء الله تعالى (2). دعاء آخر لمولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام يوم صفين وجدناه ورويناه من كتاب الدعاء والذكر تصنيف الحسين بن سعيد الاهوازي رحمه الله باسناده عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان من دعاء أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم صفين: اللهم رب هذا السقف المرفوع، المكفوف المحفوظ، الذي جعلته مغيض الليل والنهار، وجعلت فيها مجارى الشمس والقمر، ومنازل الكواكب والنجوم وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة، ورب هذه الارض التي جعلتها قرارا للناس والانعام والهوام، وما نعلم وما لا نعلم، مما يرى ومما لا يرى من خلقك العظيم، ورب الجبال التي جعلتها للارض أوتادا، وللخلق متاعا، ورب البحر المسجور المحيط بالعالم، ورب السحاب المسخر بين السماء والارض، ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، إن أظفرتنا على عدونا فجنبنا الكبر وسددنا للرشد، وإن اظفرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم بقية أصحابي من الفتنة. وهذا آخر الدعاء، وكان فيه " أظفرتنا أظفرتهم " ولعلها " أظهرتنا وأظهرتهم "

 

(1) لا تحملني خ ل. (2) مهج الدعوات ص 124 - 127.

 

[242]

لاجل أنه قال بعدها: " على " ولو كانت أظفرتنا كانت بعدها " با " " بأعدا ئنا " وإن كانت حروف الخفض يقوم بعضها مقام بعض (1). رأيت في آخر مجموع لاحمد بن الحسين بن سليمان ما هذا لفظه: من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك، أو أضل في هداك، أو اذل في عزك أو اضام في سلطانك، أو اضطهد والامر إليك، اللهم إني أعوذ بك أن أقول زورا أو اغشى فجورا، أو أن أكون بك مغرورا (2). ومن ذلك دعاء لمولانا ومقتدانا أمير المؤمنين علي عليه السلام في صفين وجدته في الجزء الرابع من كتاب دفع الهموم والاحزان لاحمد بن داود النعمان، قال ابن عباس: قلت لامير المؤمنين عليه السلام ليلة: صفين أما ترى الاعداء قد أحدقوا بنا ؟ فقال: وقد راعك هذا ؟ قلت: نعم، فقال: اللهم إني أعوذ بك أن اضام في سلطانك، اللهم إني أعوذ بك أن أضل في هداك، اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك، اللهم إني أعوذ بك أن اضيع في سلامتك، اللهم إني أعوذ بك أن أغلب والامر إليك (3). 10 - ق: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه رأى رجلا يدعو من دفتر دعاء طويلا فقال له: يا هذا الرجل إن الذي يسمع الكثير هو يجيب عن القليل فقال الرجل: يا مولاى فما أصنع ؟ قال: قل: الحمد لله على كل نعمة، وأسئل الله من كل خير، وأعوذ بالله من كل شر، وأستغفر الله من كل ذنب. 11 - اختيار السيد ابن الباقي دعاء الصباح لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام:

 

(1 - 2) مهج الدعوات ص 128. (3) مهج الدعوات ص 129.

 

[243]

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه، وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه، وأتقن صنع الفلك الدوار في مقادير (1) تبرجه وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه، يا من دل على ذاته بذاته، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجل عن ملائمة كيفياته، يا من قرب من خطرات الظنون، وبعد عن ملاحظة (2) العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون، يا من أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مننه وإحسانه، وكف أكف السوء عني بيده وسلطانه صل اللهم على الدليل إليك في الليل الاليل، والمتمسك (3) من أسبابك بحبل الشرف الاطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول، وعلى آله الاخيار (4) المصطفين الابرار (5) وافتح اللهم لنا مصاريع الصباح بمفاتيح الرحمة والفلاح، وألبسنى اللهم من أفضل خلع الهداية والصلاح، واغرس اللهم بعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع، وأجر اللهم لهيبتك (6) من آماقي ؟ ؟ زفرات الدموع، وأدب اللهم نزق الخرق مني بأزمة القنوع، إلهي إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك

 

(1) بمقادير خ ل. (2) لحظات خ ل. (3) الماسك خ ل. (4) الطاهرين الابرار خ ل. (5) الاخيار خ (6) بهيبتك في خ ل.

 

[244]

بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الامل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى، وإن خذلني نصرك عند (1) محاربة النفس ولا شيطان، فقد وكلني خذلانك (2) إلى حيث النصب والحرمان، إلهي أتراني ما أتيتك إلا من حيث الآمال، أم علقت (3) بأطراف حبالك إلا حين باعدت بي (4) ذنوبي عن دار (5) الوصال فبئس المطية التي امتطت نفسي من هواها، فواها لها لما سولت لها ظنونها ومناها، وتبا لها لجرأتها على سيدها وموليها، إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئا من فرط أهوائي وعلقت بأطراف حبالك أنامل ولآئي، فاصفح اللهم عما كنت أجرمته من زللي وخطائي، وأقلني من صرعة دآئي، إنك سيدي ومولاى ومعتمدي ورجائي (6) [وأنت] غاية [مطلوبي و] مناى في منقلبي ومثواى، إلهي كيف تطرد مسكينا التجأ إليك من الذنوب هاربا، أم كيف تخيب مسترشدا قصد إلى جنابك ساعيا (7)، أم كيف ترد ظمآن ورد على (8) حياضك شاربا كلا وحياضك مترعة في ضنك المحول، وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية

 

(1) عن خ ل. (2) نصرك خ ل (3) علقت اناملي خ ل. (4) باعدتنى خ ل. (5) ضربة خ ل. (6) مطلوبي خ ل. (7) صاقبا خ ل. (8) إلى خ ل.

 

[245]

السئول (1) ونهاية المأمول، إلهي هذه أزمة نفسي عقلتها بعقال مشيتك، وهذه أعباء ذنوبي درأتها بعفوك ورحمتك، وهذه أهوائي المضلة وكلتها إلى جناب لطفك ورأفتك، فاجلع اللهم صباحي هذا نازلا علي بضياء الهدى، وبالسلامة في الدين والدنيا، ومسائي جنة من كيد الاعداء (2)، ووقاية من مرديات الهوى، إنك قادر على ما تشاء، تؤتى الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير تولج الليل في النهار تولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير حساب، [لا إله إلا أنت] سبحانك اللهم وبحمدك من ذا يعرف قدرك فلا يخافك ومن ذا يعلم ما أنت فلا يهابك (3)، ألفت بقدرتك (4) الفرق، وفلقت بلطفك (5) الفلق، وأنرت بكرمك (6) دياجى الغسق، وأنهرت المياه من الصم الصياخيد عذبا وأجابا، وأنزلت من المعصرات ماء ثجاجا وجعلت الشمس والقمر للبرية سراجا وهاجا، من غير أن تمارس فيما

 

(1) المسؤول خ ل. (2) العدى خ ل، أعدائي خ ل. (3) من ذا يعلم قدرك فلا يخافك، أم من ذا الذي يقدر قدرتك فلا يهابك خ ل. (4) بمشيتك خ ل. (5) برحمتك خ ل. (6) بقدرتك خ ل بلطفك خ ل.

 

[246]

ابتدأت به لغوبا ولا علاجا، فيا من توحد بالعز والبقآء، وقهر العباد (1) بالموت والفناء، صل على محمد وآله الاتقياء، واسمع (2) ندآئي، واستجب دعائي، وحقق بفضلك أملي ورجائي، ياخير من انتجع (3) لكشف الضر، والمأمول لكل (4) عسر ويسر، بك أنزلت حاجتي فلا تردني من سنى (5) مواهبك خائبا، يا كريم يا كريم (6) برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين. ثم يسجد ويقول: إلهي قلبي محجوب ونفسي معيوب وعقلي مغلوب وهوآئي غالب وطاعتي قليل ومعصيتي كثير ولساني مقر ومعترف بالذنوب فكيف حيلتي يا ستار العيوب، ويا علام الغيوب ويا كاشف الكروب، اغفر ذنوبي كلها بحرمة محمد وآل محمد، يا غفار يا غفار يا غفار، برحمتك يا أرحم الراحمين. بيان: هذا الدعاء من الادعية المشهورة، ولم أجده في الكتب المعتبرة إلا في مصباح السيد ابن الباقي رحمه الله، ووجدت منه نسخة قرأه المولى الفاضل مولانا درويش محمد الاصبهاني جد والدي من قبل امه على العلامة مروج المذهب

 

(1) عباده خ ل. (2) واستمع خ ل. (3) دعى لدفع خ ل. (4) في كل خ ل. (5) باب خ ل. (6) يا كريم لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم خ ل.

 

[247]

نور الدين علي بن عبدالعالي الكركي قدس الله روحه فأجازه، وهذه صورته: الحمد لله قرأ علي هذا الدعاء والذي قبله عمدة الفضلاء الاخيار الصلحاء الابرار مولانا كمال الدين درويش محمد الاصفهاني بلغه الله دزوة الاماني قراءة تصحيح، كتبه الفقير علي بن عبدالعالي في سنة تسع وثلاثين وتسعمائة حامدا مصليا. ووجدت في بعض الكتب سندا آخر له هكذا: قال الشريف يحيى بن قاسم العلوي: ظفرت بسفينة طويلة مكتوب فيها بخط سيدي وجدي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ليث بني غالب علي بن أبي طالب عليه أفضل التحيات ما هذه صورته " بسم الله الرحمن الرحيم هذا دعاء علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يدعو به في كل صباح وهو " اللهم يا من دلع لسان الصباح " اه وكتب في آخره: كتبه علي بن أبي طالب في آخر نهار الخميس حادي عشر شهر ذي الحجة سنة خمس وعشرين من الهجرة. وقال الشريف: نقلته من خطه المبارك، وكان مكتوبا بالقلم الكوفي على الرق في السابقع والعشرين من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وسبعمائة. [ايضاح بعض ما ربما يشتبه على القارئ فان شرحه كما ينبغي لا يناسب هذا الكتاب] (1): قوله عليه السلام: " يا من دلع " أي أخرج، يقال دلع لسانه فاندلع: أي أخرجه فخرج، ودلع لسانه أي خرج يتعدى ولا يتعدى، قيل: وإنما لم يجعله ههنا لازما إذ لابد لمن من ضمير راجع إليها " لسان الصباح " هو ضد المساء، والمراد بلسان الصباح الشمس عند طلوعها والنور المرتفع عن الافق قبل طلوعها " بنطق تبلجه " النطق هو التكلم، وقد يطلق على الاعم فان المراد به في قولهم: " ماله صامت ولا ناطق " الحيوان وبالصامت ما سواه، والتبلج الاضاءة والاشراق، وإضافة النطق إليه بيانية، أي بنطق هو إشراق ذلك اللسان، وتشبيه الاشراق بالنطق لاجل دلالته على كمال الصانع، ويقال: بلج الصبح يبلج بالضم أي أضاء، وابتلج

 

(1) ما بين العلامتين لا يوجد في نسخة الاصل وبيان الحديث الى آخره لا يشبه بيانه كما أنه ليس بخطه قدس سره بل بخط بعض العلماء لا أعرفه لكنه شبيه بخط المؤلف.

 

[248]

وتبلج مثله. وهذه الفقرة موافقة لقوله تعالى: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " (1) فان كل شئ يدل على أنه تعالى متصف بصفات الكمال، مقدس عن سمات النقص، فكأنه يحمده ويسبحه، وذهب الكبراء إلى أن ذلك الحمد والتسبيح حقيقيان لا مجازيان، والاعجاز في تسبيح الحصى في كف النبي صلى الله عليه وآله إنما هو باعتبار إسماع المحجوبين، ويساعد هذا قوله تعالى: " قالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " (2) وقد ناسب إثبات النطق للصبح قوله تعالى: " والصبح إذا تنفس " (3). " و " يا من " سرح " بالتخفيف أو التشديد والاول أنسب لفظا بقوله: " دلع " أي أرسل يقال سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته إليه وقال الله تعالى " أو تسريح باحسان " (4) أقول: ويحتمل أن يكون من تسريح الشعر " قطع الليل المظلم " القطع بكسر القاف وفتح الطاء جمع قطعة، والظلمة عدم النور، وظلم الليل بالكسر وأظلم بمعنى، وفي بعض النسخ المدلهم بدل المظلم، وليلة مدلهمة أي مظلمة " بغياهب " هي جمع غيهب وهو الظلمة، والباء إما بمعنى " مع " ومتعلقة بقوله " سرح " أو للسببية، ومتعلقة بقوله " المظلم " والمعنى يا من أذهب القطع المختلفة من الليل المظلم مع ظلماته المحسوسة في تردده أو المظلم بسبب هذه الظلمات " تلجلجه " التلجلج التردد والاضطراب، وقيل: يقال يلجلج في فمه مضغة أي يرددها في فمه للمضع، ومعنى قولهم " الحق أبلج والباطل لجلج " أن الحق ظاهر والباطل غير مستقيم بل متردد، ولجة البحر تردد أمواجه، ولجة الليل تردد ظلامه. " و " يا من " أتقن " أي أحكم " صنع الفلك الدوار " الصنع بالضم الفعل، والفلك ما سوى العنصريات من الاجسام، والدوار أي المتحركة بالاستدارة " بمقادير تبرجه " المقادير جمع مقدور من القدرة، وهي ضد العجز والتبرج هو إظهار

 

(1) أسرى: 44. (2) فصلت: 21. (3) التكوير: 18. (4) البقرة: 229.

 

[249]

المرأة زينتها ومحاسنها للرجال (1) قال تعالى: " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية " (2) والمراد بمقادير تبرج الفلك ما يمكن من تزينه، وهذه الفقرة موافقة لقوله تعالى " صنع الله الذي أتقن كل شئ وزينا السماء الدنيا بمصابيح " (3). " و " يا من " شعشع " يقال: شعشعت التراب أي مزجته أي مزج " ضياء الشمس " القائم بها " بنور تأججه " يعني بنور يحصل من تلهب ذلك الضياء، وهو شعاع الشمس أي ما يرى من ضوئها عند طلوعها كالاغصان أو نقول التشعشع مأخوذ من الشعاع كما أن التلجلج مأخوذ من اللجة، وهو مطاوع الشعشعة، أي جعل ضياء الشمس القائم بهاذا شعاع بسبب نور ظهوره الذي هو مقتضى ذاته أزلا وأبدا، فالضمير على الاول راجع إلى الضياء، وعلى الثاني إلى " من " والاجيج تلهب النار، وقد أجت تاج أجيجا وأججتها فتأججت. " يا من دل على ذاته بذاته " أبرز حرف النداء، لتغيير الفاصلة، يعني يا من كان نور ذاته دليلا موصلا للطالبين إلى ذاته المتعالية من مدارك الافهام ومسالك الاوهام، وهذا مشهد عظيم مخصوص بالكاملين وأما الناقصون فيستدلون من الاثر على المؤثر، والفرق بين الفريقين كالفرق بين من رأى الشمس بنور الشمس، وبين من استدل على وجود الشمس بظهور أشعتها، ويقال: دله على الطريق يدله

 

(1) ويحتمل أن يكون المراد هنا انتقال الكواكب فيه من برج إلى برج، والاول أيضا يرجع إلى ذلك فان تبرج الفلك حركته مع زينة الكواكب وظهوره بها للخلق والظرف اما متعلق بأتقن أي الاتقان في مقادير حركات كل فلك، وانتظامها الموجب اصلاح أحوال جميع المواليد والمخلوقات أو حال عن الفلك، أي أحكم خلقه كائنا في تلك المقادير أو متلبسا بها، والمعنى أحكم خلقه ومقادير حركاته، وهو اشارة إلى قوله تعالى " صنع الله الذي أتقن كل شئ " كذا أفاده قدس سره في شرح هذه الفقرة في مجلد كتاب الصلاة. ذكره السيد الجليل محمد خليل الموسوي مصحح طبعة الكمبانى في الهامش. (2) الاحزاب: 33. (3) النمل: 88، فصلت: 12.

 

[250]

دلالة ودلالة ودلالة مثلثة الدال والفتح أولى، وقال الراغب في تأنيث ذو ذات وفي تثنيته ذواتا وفي جمعها ذوات، وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوها عبارة عن عين الشئ جوهرا كان أو عرضا وليس ذلك من كلام العرب. " و " يا من " تنزه " أي تباعد، قال ابن السكيت: مما يضعه الناس في غير موضعه قولهم تنزهوا أي أخرجوا إلى البساتين وإنما التنزه أي التباعد عن المياه والمزارع، وفيه قيل فلان يتنزه عن الاقذار وينزه نفسه عنها أي يباعدها عنها " عن مجانسة مخلوقاته " أي عن أن يكون من جنسها إذ لا يشاركه شئ في الماهية والخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشئ من غير أصل ولا احتذاء قال تعالى " خلق السموات والارض " (1) وفي إيجاد الشئ من الشئ نحو " خلق الانسان من نطفة " (2) وليس الخلق بمعنى الابداع إلا لله، ولذا قال " أفمن يخلق كمن لا يخلق " (3) وأما الخلق الذي يكون بمعنى الاستحالة فعام قال تعالى " وإذا تخلق من الطين كهيئة الطير باذني " (4). " و " يا من " جل " أي ترفع " عن ملائمة كيفياته " أي عن أن يكون ملائما ومناسبا بكيفيات المخلوق، فالضمير راجع إلى المخلوق المذكور في ضمن مخلوقاته كما رجع " هو " في قوله تعالى " اعدلوا هو اقرب للتقوى " (5) إلى العدل المذكور في ضمن اعدلوا و " كيف " للاستفهام عن الحال، والكيفية منسوبة إلى الكيف، أي الحال المنسوب إلى كيف، والتأنيث له باعتبار الحال فانها تؤنث سماعا. " يا من قرب من خطرات الظنون " أي من كان قريبا من الظنون الذي تخطر بالقلوب، وفيه إيماء إلى أن العلم بذاته وصفاته مستحيل، وغاية الامر في هذا المقام هو الظن والخطرات جمع خطرة وهي الخطور.

 

(1) الانعام: 1. (2) النحل: 4. (3) النحل: 17. (4) المائدة: 110. (5) المائدة: 8.

 

[251]

" و " يا من " بعد عن ملاحظة العيون " يلوح منه أن الله تعالى يمكن إدراكه بالعقل ولا يمكن إبصاره بالعين، كما هو مذهب المعتزلة، ويؤيده قوله تعالى " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " (1) والتحقيق أنه لا يمكن أن يحوم الابصار حول جنابه في مرتبة إطلاقه، وإن أمكن إبصاره في مرتبة التمثل والتنزل إلى مراتب الظهور، ومدارج البروز، ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامنون في رؤيته، والكلام السابق ينادي بأنه عليه السلام في هذا المقام بصدد التنزية، فاللائق به نفي الابصار، ولا يبقى في هذا المشهد السني نزاع بين الاشاعرة والمعتزلة في مسألة اللقاء وفي بعض النسخ " وكان بلا كيف مكنون " أي مستور عن العقول، فكيف بالكيف الظاهر، و " لا كيف " ههنا بمنزلة كلمة واحدة، ولذا دخل عليه حرف الجر وجعلها مجرورة. " و " يا من " علم بما كان قبل أن يكون " الكون المستعمل ههنا تام أي تعلق علمه بما وجد في الخارج، قبل أن يوجد فيه، وذلك لان لجميع الاشياء صورا علمية أزلية في ذات الحق ويسمى تلك الصور أعيانا ثابتة وشؤونا إلهية، وهي التي سماها الحكماء بالماهيات، وتخرج من مكمن الغيب العلمي إلى مشهد الشهادة العينية تدريجا على حسب استعداداتها. " يا من أرقدني " أي أنامني قبل هذا الصباح " في مهاد أمنه وأمانه " المهد مهد الصبي، والمهاد الفراش، والامن طمأنينة النفس وزوال الخوف، والامان والامانة في الاصل مصدران، وقد يستعمل الامان في الحالة التي يكون عليها الانسان في الامن. " و " يا من " أيقظني " أي نبهني من النوم متوجها " إلى ما منحني " أي أعطاني يقال: منحه يمنحه ويمنحه بالفتح والكسر والاسم المنحة بالكسر، وهي العطية " به " الضمير راجع إلى ما " من مننه وإحسانه " بيان لما، والمنن جمع منة، وهي النعمة الثقيلة.

 

(1) الانعام: 103.

 

[252]

" و " يا من " كف أكف السوء عني " الاكف بضم الكاف جمع الكف، والسوء ما يغم الانسان، واثبت للسوء أكفا كما يثبتون للمنية اظفارا ومخالب " بيده " أي قدرته الباهرة " وسلطانه " أي سلطنته القاهرة قال تعالى " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " (1). " صل " الصلاة من الله الرحمة، ومن الملك الاستغفار، ومن الشر الدعاء والصلاة التي هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء، وصليت عليه أي دعوت له ويقال: صليت صلاة ولا يقال تصلية، " اللهم " أي يا الله، والميم عوض عن " يا " ولذلك لا يجتمعان، وقيل: أصله يا الله أمنا بخير فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته، والام القصد، وبعضهم زعموا أن الاصل اللهم يا الله آتنا بالخير وأورد الرضي رحمه الله النقض بما [إذا] قلنا يا الله (2) لا تأتهم بالخير، ولا يبعد أن يقال: لا نسلم إطلاق لفظة اللهم في غير مقام الاسترحام، بل لا يبعد أن يقال إن الميم اختصار من ارحم، والتشديد عوض عما اسقط، تقديره يا الله ارحم والحاصل أنا لم نظفر باستعمالهم هذه اللفظة في غير مقام الدعاء والاسترحام. فان قيل: كثيرا ما ورد في مقام الدعوة على العدو قلنا: الدعاء على العدو يرجع إلى الدعاء لنفسه، وقيل لو كان اللهم أصله يا الله أو آتنا بالخير لجاز أن يقال حالة الذكر اللهم اللهم اللهم كما يقال يا الله يا الله يا الله. " على الدليل إليك " أي من كان هاديا لنا، والمراد به النبي صلى الله عليه وآله " في الليل الاليل " أي البالغ في الظلمة، وهذا مثل قولهم ظل ظليل، وعرب عرباء، والمراد به زمان انقطاع العلم والمعرفة " والماسك " عطف على الدليل، وإمساك الشئ التعلق به وحفظه " من أسبابك " السبب الحبل، وكل شئ يتوصل به إلى غيره " بحبل الشرف " أي العلو (3) " الاطول " صفة الحبل، والمراد الذي يمسك من حبالك

 

(1) أسرى: 33. (2) اللهم لا تأتهم ظ. (3) أي العلو والمكان العالي والمجد وعلو الحسب، كذا أفاده في كتاب الصلاة.

 

[253]

بالحبل الاطول من الشرف. " والناصع " أي الخالص من كل شئ يقال: أبيض ناصع، وأصفر ناصع ونصح الامر وضح وبان، " الحسب " هو ما يعده الانسان من مفاخر آبائه، وقال ابن السكيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن آباء لهم شرف والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء " في ذروة الكاهل " هو ما بين الكتفين وذرى الشي بالضم أعاليه، الواحدة ذروة، بكسر الذال، وذروة بالضم أيضا وهي أيضا أعلى السنام، وفلان يذري حسبه أي يمدحه ويرفع شأنه و " الاعبل " أي الضخيم الغليظ (1) والمراد النبي الخالص حسبه أو الواضح حسبه في أعلى مراتب المجد الراسخ، والشرف الشامخ. " والثابت القدم على زحاليفها " الضمير للقدم فانها مؤنث سماعي، والزحلفة بضم الزاء آثار تزلج الصبيان من فوق التل إلى أسفله، وهي لغة أهل العالية وتميم يقوله بالقاف، والجمع زحالف وزحاليف، وقال ابن الاعرابي: الزحلوفة مكان منحدر يملس لانهم يزحلفون فيه والزحلفة كالدحرجة والدفع يقال زحلفته فتزحلف " في الزمن " أي الزمان " الاول " المراد النبي صلى الله عليه وآله الذي ثبت قدمه على المواضع التي هي مظان مزلة القدم، قبل النبوة أو في أوائل زمان النبوة. " وعلى آله " هو من يؤل إليه بالقرابه الصورية أو المعنوية " الاخيار " جمع خير كشر وأشرار، وقيل جمع خير أو خير على تخفيفه كأموات في جمع ميت أو ميت " المصطفين " من الناس يقال: اصطفيته أي اخترته " الابرار " قال صاحب الكشاف: هو جمع بر وبار فلا يصح ما ذكره الجوهري من أن فاعلا لا يجمع على أفعال، وعن علي عليه السلام كل دعاء محجوب حتى يصلي على محمد صلى الله عليه وآله رواه الطيراني في المعجم الاوسط، وقال أبو سليمان الداراني: إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ثم ادع ما شئت ثم اختم بالصلاة عليه فان الله

 

(1) يقال رجل عبل الذراعين: اي ضخمهما، وفرس عبل الشوى أي غليظ القوائم وامرءة عبلة أي تامة الخلق. كذا أفاده في كتاب الصلاة.

 

[254]

سبحانه يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع بينهما، ولذا بدأ علي عليه السلام هذا الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصلى عليه في آخره. " وافتح اللهم لنا " عطف على صل " مصاريع الصباح " جمع مصراع، و المصراعان من الابواب، وبه شبه المصراعان في الشعر " بمفاتيح " هو جمع مفتاح " الرحمة " وهي رقة في القلب تقتضي الاحسان، ويضاف إليها باعتبار غايتها " والفلاح " هو الظفر، وإدراك البغية، وفي بعض النسخ بدل الفلاح النجاح والنجح والنجاح الظفر بالحوائج. " وألبسني " من الالباس أي ألبسني خلعة " من أفضل خلع " وهي جمع خلعة " الهداية " قد تطلق على إراءة الطريق كما في قوله تعالى " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (1) وقد تطلق على الاراءة والايصال إلى المقصد كما في قوله تعالى " إنك لا تهدي من أحببت " (2) " والصلاح " هو ضد الفساد. " واغرز اللهم " أما بتقديم الراء المهملة على المعجمة، يقال: غرزت الجرادة بذنبها في الارض تغريزا، وغرزت الشئ بالابرة أغرزه غرزا، وإما بتقديم المعجمة من باب الافعال كما في بعض النسخ، والغزارة الكثرة، وقد غزر الشئ بالضم يغزر فهو غزر، وغزرت الناقة كثر لبنها " بعظمتك " عظم الشئ وأصله كبر عظمة، ثم استعير لكل كبير فاجري مجراه محسوسا كان أو معقولا عينا كان أو معنى في شرب " هو بكسر الشين الحظ من الماء " جناني " هو بالفتح القلب " ينابيع " جمع ينبوع وهو عين الماء، من نبع الماء ينبع ونبع نبوعا أي خروجا " الخشوع " هو الضراعة، واكثر ما يستعمل فيما يوجد في الجوارح والضراعة أكثر ما يستعمل فيما يوجد في القلب " وأجر " من الاجراء " بهيبتك " على الاجلال والمخافة " من آماقي " موق العين طرفها مما يلي الانف والاذن، واللحاظ طرفها الذي يلي الاذن. والجمع آماق وأمآق " زفرات الدموع " هي جمع دمع

 

(1) فصلت: 17. (2) القصص: 56.

 

[255]

والزفرة بالكسر القربة، ومنه قيل للاماء اللواتي يحملن القرب: زوافر. " وأدب اللهم " من التأديب " نزق الخرق مني " النزق هو الخفة والطيش والخرق ضد الرفق، وقد خرق يخرق خرقا، والاسم الخرق بالضم، وقال في القاموس: الخرق بالضم وبالتحريك ضد الرفق انتهى، وقال في النهاية: وفي الحديث الرفق يمن والخرق شوم، الخرق بالضم الجهل والحمق " بأزمة " جمع زمام وهو الخيط الذي في البرة أو في الخشاش ثم يشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زماما والخشاش بالكسر الذي في أنف البعير، وهو من خشب والبرة من صفر، والخزامة من شعر " القنوع " هي بالضم السؤال والتذلل للمسألة، وقد شبه عليه السلام نزق الخرق أي الطيش الناشي من غلظة الطبيعة بحيوان يحتاج إلى أن يؤدب بالازمة. " اللهم إن لم تبتدءني الرحمة منك " أي لم تبتدءني شأني رحمتك " بحسن التوفيق " هو جعل الله تدبيرنا موافقا لتقديره، " فمن " بالفتح للاستفهام " السالك " السلوك النفاذ في الطريق " بي " المشهور أن مثل هذه الباء للتعدية، ويمكن أن يقال المراد فمن السالك معي اي بمصاحبتي، ولا يخفى أنه أبعد عن التكلف " واضح الطريق " من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الطريق الواضح. " وإن أسلمتني " اي سلمتني " أناتك " أي حلمك، ويقال تأنى في الامر ترفق وانتظر، والاسم الاناة مثل قناة " لقائد الامل " أي الرجاء، ويقال: قدت الفرس وغيره أقوده قودا ومقاودة وقيدودة، والمنى بالضم جمع منية، وهي الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشئ " فمن المقيل " يقال أقلت البيع إقالة أي فسخته " عثراتي " العثرة الزلة أي فمن يفسخ ويمحو زلاتي الحاصلة " من كبوات " يقال كبا بوجهه يكبو سقط " الهوى " هو بالقصر هوى النفس، وجمعه أهواء. " وإن خذلني نصرك " يقال خذله خذلانا أي ترك عونه ونصره " عند محاربة النفس " أي وقت محاربتي للنفس الامارة بالسوء ومحاربة " الشيطان " وهو عند الصوفية النفس الكلية التي تتمثل أحيانا بالصور الجسمانية، وقيل: هو القوة الواهمة " فقد وكلني " يقال وكله إلى نفسه وكلا ووكولا، وهذا الامر موكول


 

[256]

إلى رأيك " نصرك " وفي بعض النسخ خذلانك " إلى حيث النصب " أي إلى مكان فيه النصب، وهو بفتح النون والصاد التعب " والحرمان " أي المحروم الذي لم يوسع عليه في الرزق، كما وسع على غيره. " إلهي " اي يا معبودي من أله إلهية أي عبد " أتراني " من الرؤية، وهمزة الاستفهام ههنا للانكار " ما أتيتك " من الاتيان، والمراد به التوجه إليه تعالى " إلا من حيث الآمال " أي ليس توجهي إليك إلا لاجل الآمال، وأما التوجه الخالص الصافي عن الاغراض النفسانية فلم يوجد مني " أم " تراني " علقت " بكسر اللام أي تعلقت يقال: علق به علقا أي تعلق به " بأطراف حبالك " أي حبال فضلك وكرمك " إلا حين باعدتني " أي أبعدتني، وفي بعض النسخ أبعدتني " ذنوبي " جمع ذنب وهو الكدورة الحاصلة لمرآة القلب من ارتكاب القبائح " عن ضربة الوصال " الضربة بالكسر أبيات مجتمعة " فبئس المطية " هي واحد المطى يذكر ويؤنث " التي امتطأت نفسي " أي امتطأته نفسي، يقال: امتطأتها أي اتخذتها مطية " من هواها " بيان المطية والضمير راجع إلى النفس فانها مؤنث سماعي. " فواها لها " كلمة تعجب فإذا تعجبت من شئ قلت واهاله " لما سولت لها " ما مصدرية، وسولت له نفسه، أي زينته " ظنونها " الباطلة " ومناها " العاطلة " وتبا لها " التباب الخسران والهلاك، تقول تبا لفلان، تنصبه على المصدر باضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا وخسرانا له " لجرأتها " أي شجاعتها " على سيدها " المراد به هو الله تعالى يقال ساد قومه يسودهم سيادة وسؤددا وسيدودة. فهو سيد، " ومولاها " هو المعتق، والمعتق، وابن العم، والجار، والحليف، والناصر، والمتولي للامر والمراد ههنا الناصر، أو المتولي للامر، قال النبي صلى الله عليه وآله " من كنت مولاه فعلي مولاه " والمولى في هذا الحديث يختص بالمعنى الاخير. " إلهي قرعت " أي ضربت ضربا شديدا " باب " روضة " رحمتك بيد رجائي " اصل يد، يدي، بسكون الدال " وهربت " أي فررت " إليك " هذا ناظر إلى قوله


 

[257]

تعالى " ففروا إلى الله " (1) " لاجيا " أي ملتجيا، يقال: لجأت لجأ بالتحريك وملجأ " من فرط أهوائي " الفرط بسكون الراء التجاوز عن الحد، وقد عرفت أن الهوى بالقصر هوى النفس، والاهواء جمعه " وعلقت " أي تعلقت " بأطراف حبالك " أي حبال كرمك " أنامل ولائي " أنامل جمع أنملة، وهي رؤوس الاصابع ويقال: بينهما ولاء بالفتح أي قرابة. " فاصفح اللهم " يقال: صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه " عما أجرمته " الجرم والجريمة الذنب، يقال: جرم واجترم بمعنى، وفي بعض النسخ " عما كان " " من زللي " يقال: زللت يا فلان تزل زليلا إذا زل في الطين، أو منطق، وقال الفراء: زللت بالكسر تزل زللا والاسم الزلة " وخطائي " الخطاء بالقصر نقيض الصواب، وقد يمد، وقرئ بهما " ومن قتل مؤمنا خطأ " (2). " وأقلني " من الاقالة أي خلصني " من صرعة دائي " أي مرضي، يقال: صارعته فصرعته صرعا بالكسر لقيس، وصرعا بالفتح لتميم، والصرعة مثل الركبة والجلسة، والصرع علة معروفة " سيدي ومولاي " أي ناصري ومتولي أمري " ومعتمدي " أي محل اعتمادي أو الذي اعتمدت عليه " ورجائي " اي مرجوي " وغاية مناي " أي نهاية مقاصدي " في منقلبي " قلبت الشئ فانقلبت أي انكب والمنقلب يكون مصدرا ومكانا، مثل منصرف، والمراد ههنا هو المكان، قال الله تعالى: " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " (3) " ومثواي " يقال: ثوى بالمكان يثوي ثواء وثويا أي أقام. " إلهي كيف تطرد " الطرد الابعاد، والطرد بالتحريك، تقول طردته فذهب " مسكينا " قيل هو الذي لا شئ له، وهو أبلغ من الفقر، وقوله تعالى " وأما السفينة فكانت لمساكين " (4) فانه جعلهم مساكين بعد ذهاب سفينتهم، أو لان

 

(1) الذاريات: 50. (2) النساء: 92. (3) الشعراء: 227. (4) الكهف: 79. (*)

 

[258]

سفينتهم غير معتد بها في جنب ما كان بهم من المسكنة، وقوله تعالى " ضربت عليهم الذلة والمسكنة " (1) فالميم في ذلك زائدة في أصح القولين " التجأ إليك من الذنوب " متعلق بقوله " هاربا " أي ما يباعد عنها. " أم كيف تخيب " يقال: خاب الرجل خيبة إذا لم ينل ما طلب، وخيبته أنا تخييبا " مسترشدا " أي طالبا للرشاد، وهو ضد الغي " قصد " القصد إتيان الشئ، تقول: قصدته وقصدت إليه بمعنى " إلى جنابك " الجناب بالفتح الفنا وبالكسر ما قرب من محلة القوم " صاقبا " يقال: صقب داره بالكسر أي قريب وفي بعض النسخ " ساعيا " ويقال: سعى الرجل يسعى سعيا إذا عدا وكذا إذا عمل وكتب. " أم كيف ترد " يقال: رده عن وجهه يرده ردا ومردا صرفه " ظمآن " اي عطشان، يقال: ظمأ ظمأ أي عطش " ورد " الورود اصله قصد الماء ثم يستعمل في غيره قال الله تعالى " ولما ورد ماء مدين " (2) " إلى حياضك " هي جمع حوض. " شاربا كلا " أي لا طرد ولا تخييب ولا رد " وحياضك " الواو للحال " مترعة " يقال حوض ترع بالتحريك وكوز ترع أيضا أي ممتل، وقد ترع الاناء بالكسر ترعا أي امتلاء وأترعته أنا، وجفنة مترعة " في ضنك المحول " اي في زمان ضيق حاصل من المحول، والمحل الجدب، وهو انقطاع المطر، ويبس الارض " وبابك مفتوح للطب " أي لطلب السائلين " والوغول " أي الدخول والتوارى يقال: وغل الرجل يغل وغولا أي دخل في الشجر وتوارى فيه " وأنت غاية المسؤول " أي نهاية ما يسأل، وليس قبلك مسؤول، سألته الشئ وسألته عن الشئ سؤالا ومسألة وفي بعض النسخ السؤل وهو ما يسأله الانسان " ونهاية المأموول " أي المرجو وليس بعدك مأمول. " إلهي هذه أزمة نفسي عقلتها " العقل الامساك، والضمير للنفس " بعقال

 

(1) البقرة: 61. (2) القصص: 23.

 

[259]

مشيتك " اي إرادتك، والعقال بالكسر خيط يكون آلة لامساك البعير " وهذه أعباء ذنوبي " العباء بالكسر الحمل والجمع أعباء " درأتها " أي دفعتها عن نفسي " بعفوك " يقال: عفوت عن ذنبه إذا تركته ولم تعاقبه " ورحمتك. وهذه أهوائي المضلة " أي الموجبة للضلالة، وأصله أضاعه وأهلكه " وكلتها " اي جعلتها موكولة " إلى جناب لطفك " الهادى لكل شئ إلى ما يستعده " ورأفتك " هي أشد الرحمة. " فاجعل اللهم صباحي هذا " هو صفة صباحي " نازلا علي " النزول الحلول تقول نزلت نزولا ومنزلا " بضياء الهدى " هو الرشاد والدلالة، يذكر ويؤنث " والسلامة " هي التعري عن الآفات " في الدين " وهو الطاعة والجزاء، واستعير للشريعة قال الله تعالى " إن الدين عند الله الاسلام " (1) " والدنيا " مؤنث أدنى من الدنو، أو الدناءة، أي الدار التي لها زيادة قرب إلينا، بالنسبه إلى الآخرة، أو لها زيادة دناءة بالنسبة إلى الآخرة، والدار مؤنث سماعي. " و " اجعل " مسائي " هو ضد الصباح " جنة " بضم الجيم، هو ما استترت به من سلاح " من كيد الاعداء " أي مكرهم والاعداء جمع عدو، وهو ضد الصديق " ووقاية " هي حفظ الشئ مما يضره، وقد يطلق على ما به ذلك الحفظ، وهو المراد ههنا " من مرديات الهوى " أي المهالك الناشئة من هوى النفس، يقال: ردي بالكسر ردى أي هلك وأردأه غيره " فانك قادر " القدرة ضد العجز " على ما تشاء " أي تريد. " تؤتي " أي تعطي من الاتيان وهو الاعطاء " الملك " هو التصرف بالامر و النهي في الجمهور، وذلك مختص بسياسة الناطقين، ولذا يقال ملك الناس، ولا يقال ملك الاشياء " من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء " يقال نزعت الشئ من مكانه أنزعه نزعا قلعته " وتعز من تشاء " العزة حالة مانعة للانسان من أن يغلب، من قولهم: أرض عزاز أي صلبة " وتذل من تشاء " الذل بالضم ضد العز وبالكسر اللين وأذله واستذله وذلله بمعنى " بيدك الخير انك على كل شئ قدير " ذكر الخير

 

(1) آل عمران: 19.

 

[260]

وحده لانه المقضي بالذات، والشر مقضي بالعرض، إذ لا يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيرا كليا أو لمراعاة الادب في الخطاب، ونبه على أن الشر ايضا بيده بقوله إنك على اه. " تولج الليل في النهار " أي تنقص من قوس الليل، وتزيد في قوس النهار والولوج الدخول في مضيق " وتولج النهار في الليل " أي تنقص من قوس النهار وتزيد في قوس الليل " وتخرج الحي من الميت " بتشديد الياء وتسكينها، وذلك بانشاء الحيوان من النطفة " وتخرج الميت من الحي " وذلك بانشاء النطفة من الحيوان " وترزق من تشاء " الرزق يقال للعطاء الجاري، وللنصيب، ولما يصل إلى الجوف ويتغدى به، قال الله تعالى: " أنفقوا مما رزقناكم * وتجعلون رزقكم أنكم * فليأتكم برزق منه " (1) " بغير حساب " هو استعمال العدد. " لا إله " أي معبود بالحق " إلا أنت " وإنما خصصنا المعبود بالحق لان غير الله قد يعبد بالباطل كالاصنام والكواكب، وبعض الصوفية يطلقون المعبود ويقولون كل ما يعبد فهو الله في الحقيقة، لان الموجد الحقيقي نور واحد ظهر بصورة العالم ونسبة الحق إلي العالم كنسبة البحر إلى الامواج " سبحانك اللهم " التسبيح التنزيه، وسبحان في الاصل مصدر كغفران، وهو ههنا مفعول مطلق أي اسبحك تسبيحا " وبحمدك " أي وكان ذلك التسبيح مقرونا بحمدك، والحمد عند الصوفية إظهار صفات الكمال. " من ذا يعرف " ذا ههنا بمعنى الذي، والمعرفة والعرفان إدراك الشئ بفكر وتدبر لاثر، وهو أخص من العلم ويضاده الانكار " قدرك " قدر الشئ مبلغه وفي بضع النسخ قدرتك " فلا يخافك " الخوف ضد الرجاء " ومن ذا يعلم " العلم إدراك الشئ بحقيقته، وذلك ضربان إدراك ذات الشئ والحكم بوجود الشئ له أو نفي الشئ عنه، والاول يتعدى إلى مفعول واحد، نحو " لا تعلمونهم الله يعلمهم " (2)

 

(1) البقرة 254 الواقعة: 82، الكهف: 19. (2) الانفال: 60.

 

[261]

والثاني يتعدى إلى مفعولين، نحو " فان علمتموهن مؤمنات " (1) " ما أنت " أي أي شئ أنت " فلا يهابك " أي لا يخافك. " ألفت " قال الامام الراغب المؤلف ما جمع من أجزاء مختلفة، ورتب ترتيبا، قدم فيه ما حقه أن يقدم، واخر فيه ما حقه أن يؤخر " بمشيتك " أي إرادتك الازلية " الفرق " هي القطعة المنفصلة، ومنه الفرق للجماعة المنفردة من الناس " وفلقت بقدرتك " الفلق هو شق الشئ وإبانة بعضه عن بعض " الفلق " هو الصبح، وقيل الانهار المذكورة في قوله تعالى " أمن جعل الارض قرارا وجعل خلالها أنهارا " (2). " وأنرت " من الانارة " بكرمك دياجى الغسق " قال الجوهري: دياجي الليل حنادسه، والحندس بالكسر الليل الشديد الظلمة، والغسق هو أول ظلمة الليل " وأنهرت المياه " يقال أنهرت الدم أي أسلته، وفي بعض النسخ أهمرت والهمر الصب وقد همر الدمع والماء يهمره همرا " من الصم " يقال حجر صم أي صلب مصمت " الصياخيد " هي جمع صيخود، وصخرة صيخود أي شديدة " عذبا " هو الماء الطيب وقد عذب عذوبة " واجاجا " ماء أجاج أي ملح " وأنزلت من المعصرات " هي السحاب التي تعصر بالمطر " ماء " هو الذي يشرب، والهمزة فيه مبدلة من الهاء، بدليل مويه وأصله موه بالتحريك لانه يجمع على أمواه في القلة، ومياه في الكثرة " ثجاجا " يقال ثججت الدم والماء إذا أسلته بالوادي يثججه أي يسيله، ومطر ثجاج إذا انصب جدا. " وجعلت الشمس والقمر للبرية " يقال برء الله الخلق برءا، وهو الباري والبرية الخلق، وقد ترك العرب همزه، وقال الفراء: إن أخذت البرية من البري، وهو التراب فأصلها غير الهمز " سراجا " هو الزاهر بفتيلة ودهن، ويعبر به عن كل مضئ " وهاجا " الوهج بالتسكين مصدر وهجت النار وهجانا إذا اتقدت

 

(1) الممتحنة: 10. (2) النمل: 61.

 

[262]

" من غير أن تمارس " المراس والممارسة المعالجة، والمراد من غير أن ترتكب " فيما ابتدأت به لغوبا " هو التعب والاعياء " ولا علاجا " يقال عالجت الشئ معالجة وعلاجا: إذا زاولته. " فيا من توحد " أي تفرد " بالعز والبقاء " هو دوام الوجود، وتوحده بالعز لان كل ممكن فوجوده وجميع صفاته مستعارة من الله، فهو في حد ذاته ذليل، و إنما العزة لله، وتوحده بالبقاء، لان كل شئ هالك إلا وجهه " وقهر " أي غلب " عباده " العبودية التذلل، والعبادة ابلغ منها، لانها غاية التذلل " بالموت " هو مفارقة الروح من البدن " والفناء " هو العدم بعد الوجود. " صل على محمد وآله الاتقياء " التقي المتقي، يقال اتقى يتقي وتوهموا أن التاء من نفس الكلمة، وقالوا تقي يتقي مثل قضى يقضي، وناسب هذا الوصف قول النبي صلى الله عليه وآله كل تقي آلي " واستمع " يقال استمعت له أي أصغيت إليه " ندائي " أي صوتي " واستجب دعائي " الاجابة والاستجابة بمعنى، والدعاء واحد الادعية، وأصله دعاو، لانه من دعوت إلا أن الواو لما جاءت بعد الالف همزت " وحقق " أي ثبت من حق يحق بمعنى ثبت " بفضلك " هو والافضال الاحسان " أملي " في الدنيا " ورجائي " في الآخرة. " يا خير من دعي " يقال: دعوت فلانا أي صحت به واستدعيته " لدفع الضر " هو بالضم الهزال، وسوء الحال وفي بعض النسخ " لكشف الضر " يقال كشفت الثوب عن الوجه وكشفت غمه قال الله تعالى " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " (1)، " والمأمول " أي المرجو " في كل عسر " يراد دفعه، والعسر نقيض اليسر، قال عيسى بن عمر: كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وأوسطه ساكن، فمن العرب من يثقله، ومنهم من يخففه، مثل عسر وعسر ورحم ورحم وحكم وحكم.

 

(1) الانعام: 17 ويونس: 107.

 

[263]

" و " في كل " يسر " " بك " لا بغيرك " أنزلت حاجتى " الحاجة إلى الشئ الفقر إليه مع محبته " فلا تردني " صيغة نهي للدعاء " من باب موهبتك وهبت له الشئ وهبا ووهبا بالتحريك وهبة، والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما " خائبا " أي غير واجد للمطلوب " يا كريم يا كريم يا كريم " كرر النداء بعنوان الكريم إظهارا للاعتماد على كرم الحق " لا حول " أي لا قوة في الظاهر " ولا قوة " أي في الباطن " إلا بالله العلي " بذاته " العظيم " بصفاته (1). واعلم أنا قد أوردنا هذا الدعاء الشريف مع شرحه في كتاب الصلاة في أبواب أدعية الصباح والمساء، وإنما كررناه للفاصلة الكثيرة، ولشدة مناسبته بهذا المقام أيضا (2).

 

(1) ثم اعلم أن السجود والدعاء فيه غير موجود في أكثر النسخ، وفي بعضها موجود وكان في الاختيار مكتوبا على الهامش هكذا: الهى قلبى محجوب، وعقلي مغلوب، ونفسي معيوبة، ولساني مقر بالذنوب، وأنت ستار العيوب، فاغفر لى ذنوبي يا غفار الذنوب، يا شديد العقاب، يا غفور يا شكور، يا حليم اقض حاجتى بحق الصادق رسولك الكريم وآله الطاهرين برحمتك يا أرحم الراحمين. والمشهور قراءته بعد فريضة الفجر، وابن الباقي رواه بعد النافلة، والكل حسن، كذا أفاده قدس سره في كتاب الصلاة، ونقلته من هامش طبعة الكمبانى. (2) في نسخة الاصل المحفوظة بمكتبة ملك بطهران تحت الرقم 1001 ههنا ورقة عليحدة الصقت بالكراسة ومضمونها ما مر أن الدعاء - دعاء الصباح - وجد بخط مولانا امير المؤمنين بالتاريخ المذكور، لا بأس بمراجعته، وانما أضربنا عن نقلها لما كتب في هامش تلك الورقة " مكرر نوشته شده وبايد بعد از مقابله.... " يعنى أنها كتبت مكررا ولا بد أن يقابل مع ما مر في صدر البيان.

 

[264]

41. * (باب) * * (احراز مولانا الامامين الهمامين الحسن والحسين) * * (صلوات الله عليهما وبعض أدعيتهما) * * (وعوذاتهما عليهما السلام) * 1 - مهج: حرز للامامين الهمامين الحسن والحسين عليهما السلام: علي بن عبد الصمد عن علي بن عبد الصمد التميمي، عن والده أبى الحسن، عن علي بن محمد المعاذي عن ابي جعفر محمد بن علي، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن القاسم ابن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن الصادق عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام بهذه العوذة، وكان يأمر عليه السلام بذلك أصحابه وهو هذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم، اعيذ نفسي وديني وأهلي ومالى وولدي وخواتيم عملي، وما رزقني ربي وخولني بعزة الله، وعظمة الله، وجبروت الله، وسلطان الله، ورحمة الله، ورأفة الله، وعزة الله، وغفران الله، وقوة الله، وقدرة الله، وبآلاء الله وبصنيع الله، وبأركان الله، وبجمع الله عزوجل، وبرسول الله صلى الله عليه وآله، وقدرة الله على ما يشآء، من شر السامة والهامة، ومن شر الجن والانس، ومن شر ما دب في الارض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر ما ينزل من السماء، وما يعرج فيها، ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم وهو على كل شئ قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين (1).

 

(1) مهج الدعوات ص 13 وما جعل في صدر الصفحة الاتية من تتمة هذا الحرز كما في الاصل وهكذا طبعة الكمبانى، لكنه في المصدر من تتمة حرز أمير المؤمنين عليه السلام كما مر في ذيل ص 229.

 

[265]

2 - مهج: حرز للامام الحسن عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسئلك بمكانك ومعاقد عزك، وسكان سمواتك، وأنبيائك ورسلك، أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر، اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من عسري يسرا (1). 3 - مهج: حرز للامام الحسين عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا دائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم، يا باعث الرسل، يا صادق الوعد اللهم إن كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ومن اتبعني من إخواني وشيعتي وطيب ما في صلبي برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين (2). 42. * (باب) * * (احراز السجاد صلوات الله عليه وبعض أدعيته وعوذاته) * 1 - مهج: حرز الامام زين العابدين عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، يا أسرع الحاسبين، يا أحكم الحاكمين، يا خالق المخلوقين، يا رازق المرزوقين، يا ناصر المنصورين، يا أرحم الراحمين، يا دليل المتحيرين، يا غياث المستغيثين، أغثني

 

(1 - 2) مهج الدعوات ص 13.

 

[266]

يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، يا صريح المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين، أنت الله رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت الملك الحق المبين الكبرياء رداؤك، اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضى، وفاطمة الزهراء، وخديجة الكبرى، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء، و علي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، و موسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمد بن علي التقى، وعلي بن محمد النقي، والحسن بن علي العسكري، والحجة القائم المهدي، الامام المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين، اللهم وال من والاهم وعاد من عاداهم وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم، والعن من ظلمهم، وعجل فرج آل محمد، وانصر شيعة آل محمد وأهلك أعداء آل محمد، وارزقني رؤية قائم آل محمد، واجعلني من أتباعه وأشياعه، و الراضين بفعله، برحمتك يا أرحم الراحمين (1). 43. " باب " * (أحراز الباقر عليه السلام) * * (وبعض أدعيته وعوذاته صلوات الله عليه) * 1 - مهج: حرز الامام محمد بن علي الباقر صلوات الله عليه يكتب ويشد على العضد: اعيذ نفسي بربي الاكبر، مما يخفى ويظهر، ومن شر كل انثى وذكر ومن شر ما رأت (2) الشمس والقمر، قدوس قدوس، رب الملائكة والروح أدعوكم أيها الجن والانس إلى اللطيف الخبير، وأدعوكم أيها الجن والانس إلى الذي ختمته بخاتم رب العالمين، وبخاتم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وبخاتم سليمان بن داود، وخاتم سيد المرسلين والنبيين صلى الله عليه وعليهم أجمعين، اخسؤوا فيها

 

(1) مهج الدعوات ص 19. (2) وارت ظ.

 

[267]

ولا تكلمون، اخسؤوا عن فلان بن فلان، كلما يعدو ويروح من ذي حي أو عقرب أو ساحر أو شيطان رجيم، أو سلطان عنيد، أخذت عنه ما يرى وما لا يرى، وما رأت عين نائم أو يقظان، توكلت على الله لا شريك له، وصلى الله على محمد الرسول النبي الامي سيدنا محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا. بسم الله الرحمن الرحيم ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون. يا حي يا قوم يا ديان يا ديان يا اهيا شراهيا آذونا اصباؤث آل شداى أسئلك بحق هذه الاسماء الطاهرة المطهرة، أن تدفع عن صاحب هذا الكتاب جميع البلايا، وتقضي حوائجه، إنك أنت أرحم الراحمين، وصلوات الله على محمد وآله الطاهرين، اللهم كهكهيج هسط مجها مسلع، دوره مهفتام وبعونك إلا ما أخذت لسان جميع بني آدم وبنات حواء على فلان بن فلان إلا بالخير يا أرحم الراحمين فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (1).

 

(1) مهج الدعوات ص 20 - 22.

 

[268]

2 - مهج: حرز آخر للباقر عليه السلام. بسم الله الرحمن الرحيم يادان غير متوان، يا أرحم الراحمين، اجعل لشيعتي من النار وقاء، ولهم عندك رضا، فاغفر ذنوبهم، ويسر امورهم، واقض ديونهم واستر عوراتهم، وهب لهم الكبائر التي بينك وبينهم، يا من لا يخاف الضيم، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من كل غم فرجا ومخرجا إنك على كل شئ قدير (1). 3 - مهج: دعاء آخر عن الباقر محمد بن علي عليهما السلام رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار في كتاب فضل الدعاء عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، وعلي بن الحكم، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال جبرئيل: يا نبي الله اعلم أني لم أحب نبيا من الانبياء كحبي إياك فأكثر أن تقول: " اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى، وأن إليك المنتهى والرجعى، وأن لك الآخرة والاولى، وأن لك الممات والمحيى، رب أعوذ بك أن أذل أو أخزى (2). ومن ذلك: دعاء آخر عن الباقر عليه السلام وكان يسميه الجامع رويناه، باسنادنا إلى سعد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن الحسن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي قال: أخذت هذا الدعاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام وكان يسميه الجامع ورويناه أيضا باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني باسناده إلى أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام. بسم الله الرحمن الرحيم أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله آمنت بالله وبجميع رسل الله، وبجميع ما ارسل به رسل الله، وأن وعد الله حق، ولقاءه حق، وصدق الله وبلغ المرسلون، والحمد لله رب العالمين وسبحان الله كلما سبح الله شئ، وكما يحب الله أن يسبح، والحمد لله كلما حمد الله شئ، وكما يحب الله أن يحمد، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ، وكما يحب الله

 

(1) مهج الدعوات ص 22. (2) مهج الدعوات ص 213.

 

[269]

أن يهلل، والله أكبر كلما كبر الله شئ، وكما يحب الله أن يكبر. اللهم إني اسئلك مفاتيح الخير وخواتيمه، وشرائعه وسوابغه، وفوائده وبركاته، وما بلغ علمه علمي وما قصر عن إحصائه حفظى، اللهم انهج لى أسباب معرفته، وافتح لى أبوابه، وغشني بركات رحمتك، ومن علي بعصمة عن الازالة عن دينك، وطهر قلبي من الشك، ولا تشغل قلبى بدنياى، وعاجل معاشى عن آجل ثواب آخرتي، واشغل قلبى بحفظ ما لا تقبل منى جهله، وذلل لكل خير لساني، وطهر قلبى من الرياء، ولا تجره في مفاصلي واجعل عملي خالصا لك. اللهم إني أعوذ بك من الشر وأنواع الفواحش كلها ظاهرها وباطنها، وغفلاتها وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم، وما يريدني به السلطان العنيد، مما أحطت بعلمه وأنت القادر على صرفه عني، اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والانس وزوابعهم وتوابعهم وبوائقهم ومكائدهم ومشاهد الفسقة من الجن والانس، وأن استزل عن دينى فتفسد علي آخرتي، ويكون ذلك منهم ضررا علي في معاشى، أو يعرض بلاء يصيبني منهم لا قوة لي به، ولا صبر لي على احتماله، فلا تبتلني يا إلهى بمقاساته فيمنعني ذلك من ذكرك، ويشغلني عن عبادتك، أنت العاصم المانع والدافع الواقي من ذلك كله. أسئلك اللهم الرفاهية في معيشتي ما أبقيتني في معشية أقوى بها على طاعتك وأبلغ بها رضوانك، وأصير بها منك إلى دار الحيوان غدا، ولا ترزقني رزقا يطغيني، ولا تبتلني بفقر أشقى به مضيقا علي، أعطني حظا وافرا في آخرتي ومعاشا واسعا هنيئا مريئا في دنياى، ولا تجعل الدنيا علي سجنا، ولا تجعل فراقها علي حزنا، أجرني من فتنتها مرضيا عني، واجعل عملي فيها مقبولا، وسعيي فيها مشكورا. اللهم من أرادني بسوء فأرده بمثله، ومن كادني فيها فكده، واصرف عني هم من أدخل علي همه، وامكر بمن مكربي فانك خير الماكرين، وافقأ عني عيون الكفرة الظلمة، الطغاة الحسدة، اللهم وأنزل علي منك السكينة والوقار


 

[270]

والبسني درعك الحصينة، واحفظني بسترك الواقي، وجللني عافيتك النافعة وصدق قولي وفعالي وبارك لي في ولدي وأهلي ومالي، وما قدمت وما أخرت، وما أغفلت وما تعمدت، وما توانيت وما أعلنت وما أسررت، فاغفر لي يا أرحم الراحمين (1). أقول: هذا آخر روايتنا عن سعد بن عبد الله من كتاب فضل الدعاء ورويناه عن محمد بن الحسن الصفار باسناده عن الباقر عليه السلام أنه كان يقول: اللهم من كانت له حاجة ههنا وههنا، فان حاجتي إليك وحدك لا شريك لك (2). حرز آخر لمولانا الصادق عليه السلام برواية اخرى: بسم الله الرحمن الرحيم، يا خالق الخلق، ويا باسط الرزق، يا فالق الحب ويا بارئ النسم ومحيي الموتى، ومميت الاحياء، ودائم الثبات [ومخرج النبات] افعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة (3) انتهى كلام ابن طاووس في المهج (4). 44. " باب " * (الاحراز المروية عن الصادق صلوات الله عليه) * * (وبعض أدعيته وعوذاته عليه السلام) * أقول: قد مضى بعض أحرازه عليه السلام في جملة أحراز أبيه الباقر عليه السلام. 1 - مهج: بالاسناد إلى هارون بن موسى التلعكبرى، عن محمد بن علي الصيرفي عن ابن أبي نجران، عن ياسر مولى الربيع قال: سمعت الربيع يقول: لما حج المنصور، وصار بالمدينة سهر ليلة فدعاني فقال: يا ربيع انطلق في وقتك هذا على

 

(1) مهج الدعوات ص 214. (2) مهج الدعوات ص 215. (3) مهج الدعوات ص 28 و 29. (4) كذا في الاصل.

 

[271]

أخفض جناح وألين مسير، فان استطعت أن تكون وحدك فافعل حتى تأتي أبا عبد الله جعفر بن محمد فقل له: هذا ابن عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن نأت، والحال وإن اختلفت فانا نرجع إلى رحم أمس من يمين بشمال، ونعل بقبال (1) وهو يسئلك المصير إليه في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الامر إليه في ذلك، فان أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل. قال الربيع: فصرت إلى بابه، فوجدته في دار خلوته، فدخلت عليه من غير استيذان، فوجدته معفرا خديه مبتهلا بظهر يديه، قد أثر التراب في وجهه وخديه، فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه، ثم انصرف بوجهه فقلت: السلام عليك يا أبا عبد الله، فقال: وعليك السلام يا أخي ما جاء بك ؟ فقلت: ابن عمك يقرأ عليك السلام، ويقول حتى بلغت آخر الكلام. فقال: ويحك يا ربيع ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم ؟ ويحك يا ربيع أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، قرأت على أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته ثم أقبل على صلاته وانصرف إلي بوجهه. فقلت: هل بعد السلام من مستعتب عليه أو إجابة، فقال نعم قل له: أرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهو يرى أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى إنا والله يا أمير المؤمنين قد خفناك، وخافت لخوفنا النسوة اللاتي أنت أعلم بهن، ولا بد لنا من الايضاح به، فان كففت وإلا أجرينا اسمك على الله عزوجل في كل يوم خمس مرات، وأنت حدثتنا عن أبيك، عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أربع دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده: والاخ

 

(1) قبال النعل ككتاب زمام بين الاصبع الوسطى والتي تليها.

 

[272]

لظهر الغيب لاخيه، والمظلوم، والمخلص. قال الربيع: فما استتم الكلام حتى أتت رسل المنصور تقفو اثري وتعلم خبري، فرجعت وأخبرته بما كان، فبكى، ثم قال: ارجع إليه وقل له: الامر في لقائك إليك والجلوس عنا، وأما النسوة اللاتي ذكرتهن فعليهن السلام، فقد آمن الله روعهن وجلاهمهن. قال: فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور، فقال له: وصلت رحما وجزيت خيرا ثم اغرورقت عيناه، حتى قطر من الدمع في حجره قطرات، ثم قال: يا ربيع إن هذه الدنيا وإن امتعت ببهجتها، وغرت بزبرجها فان آخرها لا يعدو أن يكون كآخر الربيع الذي يروق بخضرته، ثم يهيج عند انتهاء مدته وعلى من نصح لنفسه، وعرف حق ما عليه وله، أن ينظر إليها نظر من عقل عن ربه جل وعلا، وحذر سوء منقلبه. فان هذه الدنيا قد خدعت قوما فارقوها أسر ما كانوا إليها، وأكثر ما كانوا اغتباطا بها، طرقتهم آجالهم بياتا وهم نائمون، أو ضحى وهم يلعبون فكيف اخرجوا عنها، وإلى ما صاروا بعدها أعقبتهم الالم، وأورثتهم الندم، وجرعتهم مر المذاق وغصصتهم بكاس الفراق، فياويح من رضي عنها بها أو أقر عينا، أما رأى مصرع آبائه ومن سلف من أعدائه وأوليائه، يا ربيع أطول بها حسرة وأقبح بها كثرة، وأخسر بها صفقة، وأكبر بها ترحة (1) إذا عاين المغرور بها أجله، وقطع بالاماني أمله. وليعمل على أنها اعطي أطول الاعمار وأمدها، وبلغ فيها جميع الآمال هل قصاراه إلا الهرم ؟ أو غايته إلا الوخم (2) ؟ نسأل الله لنا ولك عملا صالحا بطاعته ومآبا إلى رحمته، ونزوعا عن معصيته، وبصيرة في حقه، فانما ذلك له وبه. فقلت: يا أبا عبد الله أسئلك بكل حق بينك وبين الله جل وعلا إلا عرفتني ما ابتهلت به إلى ربك تعالى، وجعلته حاجزا بينك وبين حذرك وخوفك، لعل الله يجبر بدوائك كسيرا، ويغني به فقيرا، والله ما اغني غير نفسي، قال الربيع: فرفع

 

(1) الترح محركة: الهم. (2) طعام وخيم: غير موافق.

 

[273]

يده، وأقبل على مسجده كارها أن يتلو الدعاء صحفا ولا يحضر ذلك بنية (1) فقال: اللهم إني أسئلك يا مدرك الهاربين، ويا ملجأ الخائفين، ويا صريخ المستصرخين، ويا غياث المستغيثين، ويا منتهى غاية السائلين، ويا مجيب دعوة المضطرين، يا أرحم الراحمين، يا حق يا مبين يا ذا الكيد المتين، يا منصف المظلومين من الظالمين، يا مؤمن أوليائه من العذاب المهين، يا من يعلم خائنة الاعين بخافيات لحظ الجفون (2) وسرائر القلوب، وما كان وما يكون، يا رب السماوات والارضين، والملائكة المقربين، والانبياء المرسلين، ورب الجن والانس أجمعين، يا شاهدا لا يغيب، يا غالبا غير مغلوب، يا من هو على كل شئ رقيب (3) وعلى كل أمر حسيب، ومن كل عبد قريب، ولكل دعوة مستجيب يا إله الماضين والغابرين والمقرين والجاحدين، وإله الصامتين والناطقين، ورب الاحياء والميتين. يا الله يا رباه، يا عزيز يا حكيم، يا غفور يا رحيم، يا أول يا قديم، يا شكور يا حليم، يا قاهر يا عليم، يا سميع يا بصير، يا لطيف يا خبير، يا عالم يا قدير، يا قهار يا غفار يا جبار، يا خالق، يا رازق يا راتق يا فاتق يا صادق يا أحد يا صمد، يا واحد يا ماجد، يا رحمان يا فرد يا منان يا سبوح، يا حنان يا قدوس يا رؤف، يا مهيمن. يا حميد يا مجيد يا مبدئ يا معيد يا ولي يا علي يا قوي يا غني، يا بارئ يا مصور، يا ملك يا مقتدر، يا باعث يا وارث، يا متكبر يا عظيم يا باسط يا قابض، يا سلام يا مؤمن، يا بار يا وتر، يا معطي يا مانع، يا ضار يا نافع يا مفرق يا جامع، يا حق يا مبين، يا حي يا قيوم، يا ودود يا معيد، يا طالب يا غالب، يا مدرك يا جليل، يا مفضل يا كريم يا متفضل يا متطول، يا أواب يا سمح.

 

(1) التلاوة صحفا: القراءة عن ظهر قلب لاه ساه. (2) العيون، خ ل. (3) قدير، خ ل. (*)

 

[274]

يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا منزل الحق، يا قابل الصدق، يا فاطر السماوات والارض، يا عماد السماوات والارض، يا ممسك السماوات والارض يا ذا البلاء الجميل، والطول العظيم، يا ذا السلطان الذي لا يذل، والعز الذي لا يضام يا معروفا بالاحسان، يا موصوفا بالامتنان، يا ظاهرا بلا مشافهة، يا باطنا بلا ملامسة يا سابق الاشياء بنفسه، يا أولا بغير غاية، يا آخرا بغير نهاية، يا قائما بغير انتصاب، يا عالما بلا اكتساب، يا ذا الاسماء الحسنى، والصفات المثلى، والمثل الاعلى. يامن قصرت عن وصفه ألسن الواصفين، وانقطعت عنه أفكار المتفكرين وعلا وتكبر عن صفات الملحدين، وجل وعز عن عيب العائبين، وتبارك وتعالى عن كذب الكاذبين، وأباطيل المبطلين، وأقاويل العادلين، يا من بطن (1) فخبر وظهر فقدر، وأعطى فشكر، وعلا فقهر. يا رب العين والاثر، والجن والبشر، والانثى والذكر، والبحث والنظر والقطر والمطر، والشمس والقمر، يا شاهد النجوى، وكاشف الغمى، ودافع البلوى، وغاية كل شكوى، يا نعم النصير والمولى، يا من هو على العرش استوى له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى، يا منعم يا مفضل يا مجمل يا محسن يا كافي يا شافي يا محيي يا مميت، يا من يرى ولا يرى، ولا يستعين بسناء الضياء، يا محصي عدد الاشياء. يا علي الجد، يا غالب الجند، يا من له على كل شئ يد، وفي كل شئ كبد، يا من لا يشغله صغير عن كبير، ولا حقير عن خطير، ولا يسير عن عسير يا فاعل بغير مباشرة، يا عالم من غير تعلم (2)، يا من بدأ بالنعمة قبل استحقاقها والفضيلة قبل استيجابها، يا من أنعم على المؤمن والكافر، واستصلح الفاسد والصالح، عليه ورد المعاند والشارد عنه، يامن أهلك بعد البينة، وأخذ بعد قطع المعذرة، وأقام الحجة، ودرأ عن القلوب الشبهة، وأقام الدلالة، وقاد إلى

 

(1) نطق خ ل. (2) معلم خ ل.

 

[275]

معاينة الآية. يا بارئ الجسد، وموسع الولد، ومجري القوت، ومنشر العظام بعد الموت ومنزل الغيث، يا سامع الصوت، وسابق الفوت، يا رب الآيات والمعجزات مطر ونبات، وآباء وامهات، وبنين وبنات، وذاهب وآت، وليل داج، وسماء ذات أبراج، وسراج وهاج، وبحر عجاج، ونجوم تمور، وأرواح تدور، ومياه تفور، ومهاد موضوع، وستر مرفوع، ورياح وبلاء مدفوع، وكلام مسموع، ومنام وسباع وأنعام، ودواب وهوام، وغمام وآكام، وامور ذات نظام، من شتاء ومصيف وربيع وخريف، أنت أنت خلقت هذا يا رب فأحسنت وقدرت فأتقنت، وسويت فأحكمت، ونبهت على الفكرة فأنعمت، وناديت الاحياء فأفهمت، فلم يبق علي إلا الشكر لك، والذكر لمحامدك، والانقياد إلى طاعتك، والاستماع للداعي إليك فان عصيتك فلك الحجة، وإن أطعتك فلك المنة. يا من يمهل فلا يعجل، ويعلم فلا يجهل، ويعطي فلا يبخل، يا أحق من عبد وحمد وسئل ورجي واعتمد أسئلك بكل اسم مقدس مطهر مكنون اخترته لنفسك، وكل ثناء عال رفيع كريم رضيت به مدحة لك، بحق كل ملك قريب منزلته عندك، وبحق كل نبي أرسلته إلى عبادك، وبكل شئ جعلته مصدقا لرسلك، وبكل كتاب فصلته وبينته وأحكمته، وشرعته ونسخته، وبكل دعاء سمعته فأجبته، وعمل رفعته، وأسئلك بكل من عظمت حقه، وأعليت قدره، وشرفت بنيانه، ممن أسمعتنا ذكره، وعرفتنا أمره، وممن لم تعرفنا مقامه، ولم تظهر لنا شأنه، ممن خلقته من اول ما أبتدأت به خلقك، وممن تخلقه إلى انقضاء علمك. وأسئلك بتوحيدك الذي فطرت عليه العقول، وأخذت به المواثيق، وأرسلت به الرسل، وأنزلت عليه الكتب، وجعلته أول فروضك ونهاية طاعتك، فلم تقبل حسنة إلا معها، ولم تغفر سيئة إلا بعدها، وأتوجه إليك بجودك ومجدك وكرمك وعزك وجلالك وعفوك وامتنانك وتطولك، وبحقك الذي هو أعظم من حقوق خلقك.


 

[276]

وأسئلك يا الله يا الله يا الله يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه يا رباه وأرغب إليك خاصا وعاما، وأولا وآخرا، وبحق محمد الامين، رسولك سيد المرسلين، ونبيك إمام المتقين، وبالرسالة التي أداها، والعبادة التي اجتهد فيها والمحنة التي صبر عليها، والمغفرة التي دعا إليها، والديانة التي أحرض عليها منذ وقت رسالتك إياه إلى أن توفيته، بما بين ذلك من أقواله الحكيمة، وأفعاله الكريمة، ومقاماته المشهورة، وساعاته المعدودة، أن تصلي عليه كما وعدته من نفسك، وتعطيه أفضل ما أمل من ثوابك، وتزلف لديك منزلته، وتعلى عندك درجته، وتبعثه المقام المحمود، وتورده حوض الكرم والجود، وتبارك عليه بركة عامة تامة خاصة ماسة زاكية عالية سامية لا انقطاع لدوامها، ولا نقيصة في كمالها ولا مزيد إلا في قدرتك عليها، وتزيده بعد ذلك مما أنت أعلم به، وأقدر عليه وأوسع له، وتؤتي ذلك حتى أزداد في الايمان به بصيرة وفي محبته ثباتا وحجة وعلى آله الطاهرين الطيبين الاخيار، المنتجبين الابرار، وعلى جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين وحملة عرشك أجمعين، وعلى جميع النبيين والمرسلين، والصديقين والشهداء والصالحين، عليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته. اللهم إني أصبحت لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا قد زل مصرعي، وانقطع مسئلتي، وذل ناصري، وأسلمني أهلي وولدي بعد قيام حجتك، وظهور براهينك عندي، ووضوح دلائلك، اللهم إنه قد أكدى الطلب وأعيت الحيل إلا عندك، وانغلقت الطرق وضاقت المذاهب إلا إليك، ودرست الآمال وانقطع الرجاء إلا منك، وكذب الظن واخلفت العداة إلا عدتك. اللهم إن مناهل الرجاء لفضلك مترعة، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة والاستغاثة لمن استغاث بك مباحة، وأنت لداعيك بموضع الاجابة، والصارخ إليك ولي الاغاثة، والقاصد إليك قريب المسافة، وأن موعدك عوض عن منع الباخلين ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، ودرك من حبل الموازين، والراحل إليك يا رب قريب المسافة منك، وأنت لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الاعمال السيئة


 

[277]

دونك، وما ابرئ نفسي منها، ولا أرفع قدري عنها إني لنفسي يا سيدي لظلوم وبقدري لجهول إلا أن ترحمني، وتعود بفضلك علي، وتدرء عقابك عني، وترحمني وتلحظني بالعين التي أنقذتني بها من حيرة الشك، ورفعتني من هوة الضلالة وأنعشتني من ميتة الجهالة، وهديتني بها من الانجاح (1) الحايرة. اللهم وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزة إرادة وإخلاص نية، وقد دعوتك بعزم إرادتي وإخلاص طويتي وصادق نيتي، فها أناذا مسكينك بائسك أسيرك فقيرك سائلك، منيخ بفنائك قارع باب رجائك، وأنت آنس الآنسين لاوليائك وأحرى بكفاية المتوكل عليك، وأولى بنصر الواثق بك، وأحق برعاية المنقطع إليك سري لك (2) مكشوف وأنا إليك ملهوف، وأنا عاجز وأنت قدير، وأنا صغير وأنت كبير وأنا ضعيف وأنت قوي، وأنا فقير وأنت غني. إذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك، وإذا صبت علي الامور استجرت بك، وإذا تلاحكت علي الشدائد أملتك، وأين يذهب بي عنك وأنت أقرب من وريدي، وأحصن من عديدي وأوجد من مكاني، واصح في معقولي، وأزمة الامور كلها بيدك، صادرة عن قضائك، مذعنة بالخضوع لقدرتك، فقيرة إلى عفوك، ذات فاقة إلى قارب من رحمتك، وقد مسني الفقر، ونالني الضر، وشملتني الخصاصة، وعرتني الحاجة وتوسمت بالذلة، وغلبتني المسكنة، وحقت علي الكلمة، وأحاطت بي الخطيئة وهذا الوقت الذي وعدت أولياءك فيه الاجابة، فامسح ما بي بيمينك الشافية، وانظر إلي بعينك الراحمة، وأدخلني في رحمتك الواسعة، وأقبل علي بوجهك يا ذا الجلال والاكرام، فانك إذا أقبلت على أسير فككته، وعلى ضال هديته، وعلى حائر آويته، وعلى ضعيف قويته، وعلى خائف آمنته. اللهم إنك أنعمت علي فلم أشكر، وابتليتني فلم أصبر، فلم يوجب عجزي عن شكرك منع المؤمل من فضلك، وأوجب عجزي عن الصبر على بلائك كشف ضرك وإنزال رحمتك فيا من قل عند بلائه صبري فعافاني، وعند نعمائة شكري فأعطاني، أسئلك المزيد من فضلك

 

(1) الانهاج، خ ل. (2) اليك خ ل.

 

[278]

والايزاع لشكرك والاعتداد بنعمائك، في أعفى العافية، وأسبغ النعمة إنك على كل شئ قدير. اللهم لا تخلني من يدك، ولا تنركني لقاء عدوك ولا لعدوي، ولا توحشني من لطائف الخفية، وكفايتك الجميلة، وإن شردت عنك فارددني إليك، وإن فسدت عليك فأصلحني لك، فانك ترد الشارد، وتصلح الفاسد، وأنت على كل شئ قدير. اللهم هذا مقام العائذ بك، اللائذ بعفوك، المستجير بعز جلالك، قد رأى أعلام قدرتك فأره آثار رحمتك فانك تبدئ الخلق ثم تعيده، وهو أهون عليك ولك المثل الاعلى في السماوات والارض وأنت العزيز الحكيم. اللهم فتولني ولاية تغنيني بها عن سواها، وأعطني عطية لا أحتاج إلى غيرك معها، فانها ليست ببدع من ولايتك، ولا بنكر من عطيتك، ولا بأولى من كفايتك، ادفع الصرعة، وانعش السقطة، وتجاوز عن الزلة، واقبل التوبة، وارحم الهفوة وأنج من الورطة، وأقل العثره، يا منتهى الرغبة، وغياث الكربة، وولي النقمة، وصاحبي في الشدة، ورحمان الدنيا والآخرة. أنت رحماني إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أو عدو يملك أمري ؟ وإن لم تك (1) علي ساخطا فما أبالي غير أن عفوك لا يضيق عني، ورضاك ينفعني وكنفك يسعني، ويدك الباسطة تدفع عني، فخذ بيدي من دحض الذلة، فقد كبوت فثبتني على الصراط المستقيم، واهدني وإلا غويت. يا هادي الطريق، يا فارج المضيق، يا إلهي بالتحقيق، يا جاري اللصيق، يا ركني الوثيق، يا كنزي العتيق، احلل عني المضيق، واكفني شر ما اطيق، وما لا اطيق، يا أهل التقوى، وأهل المغفرة، وذا العز والقدرة، والآلاء والعظمة يا أرحم الراحمين، وخير الغافرين، وأكرم الناظرين، ورب العالمين، لا تقطع منك رجائي ولا تخيب دعائي، ولا تجهد بلائي ولا تسئ قضائي، ولا تجعل النار مأواي، واجعل الجنة مثواي، وأعطني من الدنيا سؤلي ومناي، وبلغني من الآخرة

 

(1) لم تكن خ ل.

 

[279]

أملي ورضاي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب النار، يا أرحم الراحمين إنك على كل شئ قدير، وبكل شئ محيط، وأنت حسبي ونعم الوكيل (1). قال مؤلفه: كتبته من مجموع بخط الشيخ الجليل ابي الحسين محمد بن هارون التلعكبرى أدام الله تأييده هكذا كان في الاصل. ومن ذلك دعاء الصادق عليه السلام لما استدعاه المنصور مرة ثانية بعد عوده من مكة إلى المدينة، حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن النوفلي قال: حدثني الربيع صاحب أبي جعفر المنصور قال: حججت مع أبي جعفر المنصور فلما كنا في بعض الطريق قال لي المنصور: يا ربيع إذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي فوالله العظيم لا يقتله أحد غيري، احذر تدع أن تذكرني به قال فلما صرنا إلى المدينة أنساني الله عزوجل ذكره. قال: فلما صرنا إلى مكة قال لي: يا ربيع ألم آمرك أن تذكرني بجعفر ابن محمد إذا دخلنا المدينة ؟ قال: فقلت: نسيت ذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين، قال: فقال لي: إذا رجعت إلى المدينة فاذكرني به، فلا بد من قتله، فان لم تفعل لاضربن عنقك، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، ثم قلت لغلماني وأصحابي: اذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة إنشاء الله تعالى، فلم يزل غلماني وأصحابي يذكروني به في كل وقت ومنزل ندخله وننزل فيه حتى قدمنا المدينة. فلما نزلنا بها دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت له: يا أمير المؤمنين جعفر بن محمد، قال: فضحك وقال لي: نعم اذهب يا ربيع فأتني به ولا تأتني به إلا مسحوبا قال: فقلت له: يا مولاي يا أمير المؤمنين حبا وكرامة، وأنا أفعل ذلك طاعة لامرك، قال: ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك، قال: فأتيت الامام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وهو جالس في وسط داره، فقلت له: جعلت فداك إن أمير المؤمنين يدعوك إليه، فقال لي: السمع والطاعة، ثم نهض وهو معي يمشي، قال:

 

(1) مهج الدعوات ص 216 - 226.

 

[280]

فقلت له: يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا، قال: فقال الصادق: امتثل يا ربيع ما أمرك به، قال: فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه، فلما أدخلته إليه رأيته وهو جالس على سريره، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به، ونظرت إلى جعفر عليه السلام وهو يحرك شفتيه، فلم أشك أنه قاتله، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر عليه السلام يحرك به شفتيه به، فوقفت انظر إليها. قال الربيع: فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور: ادن مني يا ابن عمي، وتهلل وجهه، وقربه منه، حتى أجلسه معه على السرير، ثم قال: يا غلام ائتني بالحقة فأتاه بالحقة، فإذا فيها قدح الغالية، فغلفه (1) منها بيده، ثم حمله على بغلة وأمر له ببدرة، وخلعة، ثم أمره بالانصراف قال: فلما نهض من عنده خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت دخولك فما قلت ؟ قال لي: نعم، يا ربيع اعلم أني قلت: " حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الله الذي لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم حسبي الذي لم يزل حسبي، حسبي حسبي حسبي الله ونعم الوكيل. اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بعزك، واكفني شره بقدرتك، ومن علي بنصرك وإلا هلكت وأنت ربى، اللهم إنك أجل وأخير مما أخاف وأحذر اللهم إني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك من شره، وأستعينك عليه، وأستكفيك إياه، يا كافي موسى فرعون، ومحمد صلى الله عليه وآله الاحزاب. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون، لا جرم أنهم في الآخرة هم الاخسرون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " (2).

 

(1) أي طيبه بالغالية. (2) مهج الدعوات ص 226 - 228.

 

[281]

ووجدت: عقيب هذا الدعاء ما هذا لفظه: عوذة مولانا جعفر الصادق عليه السلام حين استدعاه المنصور برواية الربيع. بالله أستفتح، وبالله أستنجح، وبرسوله (1) صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين صلى الله عليه أتشفع، وبالحسن والحسين صلى الله عليهما أتقرب، اللهم لين لي صعوبته وسهل لي حزونته، ووجه سمعه وبصره وجميع جوارحه إلي بالرأفة والرحمة وأذهب عني غيظه وبأسه ومكره وجنوده وأحزابه، وانصرني عليه بحق كل ملك سائح في رياض قدسك، وفضاء نورك، وشرب من حيوان مائك، وأنقذنى بنصرك العام المحيط، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يسارى، ومحمد صلى الله عليه وآله أمامى والله وليى وحافظي وناصري وأماني، فان حزب الله هم الغالبون، استترت واحتجبت وامتنعت وتعززت بكلمة الله الوحدانية الازلية الالهية التي من امتنع بها كان محفوظا، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين. قال الربيع: فكتبته في رق وجعلته في حمايل بسيفي، فوالله ما هبت المنصور بعدها (2). ق: حدثنا أبو محمد الحسين بن محمد النوفلي وذكره نحوه إلى قوله: ما هبت المنصور بعدها. 2 - مهج: اقول: وقد رأيت في كتاب عتيق من وقف أم الخليفة الناصر أوله أخبار وقعة الحرة باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأت إنا أنزلناه في ليلة القدر حين دخلت على أبي جعفر وهو يريد قتلي، فحال الله بينه وبين ذلك فلما قرأها حين نظر إليه لم يخرج إليه حتى ألطفه، وقيل له: بما احترست (3) قال: بالله، وبقراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر، ثم قلت: " يا الله يا الله - سبعا - إني أتشفع إليك بمحمد صلى الله عليه وآله من أن تقلبه لي " فمن ابتلى بمثل ذلك فليصنع

 

(1) برسول الله خ ل. (2) مهج الدعوات ص 228 - 229. (3) احترزت خ ل.

 

[282]

بمثل صنعي، ولولا أننا نقرأها ونأمر بقراءتها شيعتنا لتخطفهم الناس، ولكن هي والله لهم كهف (1). ومن ذلك: دعاء الصادق عليه السلام لما استدعاه المنصور مرة ثالثة بالربذة رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار باسناده في كتاب الدعاء، عن إبراهيم بن جبلة، عن مكرمة (2) الكندي قال: لما نزل أبو جعفر المنصور الربذة وجعفر بن محمد يومئذ بها قال: من يعذرني من أبي جعفر هذا، قد رجلا وأخر اخرى (3) يقول: أتنحى عن محمد - أقول: يعني محمد بن عبد الله بن الحسن - فان يظفر فانما الامر لي وإن تكن الاخرى فكنت قد أحرزت نفسي، أما والله لاقتلنه ثم التفت إلى إبراهيم بن جبلة قال: يا ابن جبلة قم إليه فضع في عنقه ثيابه، ثم ائتني به سحبا. قال إبراهيم: فخرجت حتى أتيت منزله، فلم اصبه، فطلبته في مسجد أبي ذر فوجدته في باب المسجد، قال: فاستحييت أن أفعل ما امرت به فأخذت بكمه فقلت له: أجب أمير المؤمنين، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، دعني حتى اصلي ركعتين ثم بكى بكاء شديدا، وأنا خلفه، ثم قال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من كرب يضعف عنه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه القريب، ويشمت به العدو، وتعييني فيه الامور أنزلته بك وشكوته إليك راغبا فيه إليك عمن سواك ففرجته وكشفته

 

(1) مهج الدعوات ص 229. (2) مخرمة خ ل. (3) يعنى انه وافق محمد بن عبد الله بن الحسن (وهو الخارج على المنصور بعنوان أنه المهدى وأنه النفس الزكية) في بعض الامر وحثه على الخروج وتنحى عنه ظاهرا أو حرف الناس عن ناحيتنا ولم يوافقه في الخروج [يقول] أي الصادق (ع) أتنحى عن محمد بن عبد الله بن الحسن فان يظفر محمد فالامر لى لكثرة شيعتي وعلم الناس بأنى أعلم وأصلح لذلك وان انهزم وقتل فقد نجيت نفسي من القتل، منه رحمه الله.

 

[283]

وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل حاجة، فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا. أقول: ووجدت زيادة هذا الدعاء عن مولانا الرضا عليه السلام: بنعمتك اللهم تتم الصالحات، يا معروفا بالمعروف، يا من هو بالمعروف موصوف، أنلني من معروفك معروفا تغنيني به عن معروف من سواك برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم قال: اصنع ما امرت به، فقلت: والله لا أفعل، ولو ظننت أني اقتل فاخذت بيده فذهبت به، لا والله ما اشك إلا أنه يقتله، قال: فلما انتهيت إلى باب الستر قال: " يا إله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى الله عليه وآله تول في هذه الغداة عافيتي، ولا تسلط علي في هذه الغداة أحدا من خلقك بشئ لا طاقة لي به ". ثم قال إبراهيم: فلما أدخلته عليه، قال فاستوى جالسا ثم أعاد عليه الكلام فقال: قدمت رجلا وأخرت اخرى أما والله لاقتلنك، فقال: يا أمير المؤمنين ما فعلت فارفق بي، فوالله لقل ما أصحبك، فقال له أبو جعفر: انصرف، ثم قال: التفت إلى عيسى بن علي فقال له: يا أبا العباس الحقه فسله أبي أم به ؟ قال: فخرج يشتد حتى لحقه، فقال: يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول لك: أبك أم به ؟ فقال: لابل بي، فقال أبو جعفر: صدق، قال إبراهيم: ثم خرجت فوجدته قاعدا ينتظرني يتشكر لي صنعي به، وإذا به يحمد الله ويقول: الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني، وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله الذي استوجب الشكر علي بفضله، وإن كنت قليلا شكري، والحمد لله الذي وكلني الناس [إليه] ظ فأكرمني، ولم يكلني إليهم فيهينوني، فرضيت بلطفك يا رب لطفا وبكفايتك خلفا. اللهم يا رب ما أعطيتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب اللهم


 

[284]

وما زويت عني مما احب فاجعله قواما فيما تحب، اللهم أعطني ما أحب، واجعله خيرا لي، واصرف عني ما أكره، واجعله خيرا لي، اللهم ما غيبت عني من الامور فلا تغيبني عن حفظك، وما فقدت فلا أفقد عونك، وما نسيت فلا أنسى ذكرك وما ملكت فما أمل شكرك، عليك توكلت حسبي الله ونعم الوكيل (1). ومن ذلك: دعاء الصادق عليه السلام لما استدعاه المنصور مرة رابعة إلى الكوفة حدث الشيخ العالم أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطبري بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في شوال من سنة خمس وخمسين وخمسمائة قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام في صفر سنة ستة عشر وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العكبرى المعدل ببغداد في ذي القعدة من سنة سبعين وأربعمائة، قال: قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عمر بن حلوية القطان قراءة عليه بعكبرا قال: حدثنا عبد الله بن خلف بن علي بن الحسين بن مليح الشروطي بعكبرا، عن القاضي أبي بكر محمد بن إبراهيم الهمداني، عن الحسن بن علي البصري، عن الهيثم بن عبد الله الرماني والعباس بن عبد العظيم العنبري، قال: حدثنا (2) الفضل بن الربيع قال: قال أبي الربيع الحاجب: بعث المنصور إبراهيم بن جبلة إلى المدينة ليشخص جعفر بن محمد فحدثني إبراهيم بعد قدومه بجعفر أنه لما دخل إليه فأخبره برسالة المنصور سمعته يقول: اللهم أنت ثقتي في كل كرب (3) ورجائي في كل شدة، واتكالي في كل أمر نزل بي عليك ثقة، وبك عدة، فكم من كرب يضعف فيه القوى، وتقل فيه الحيلة، وتعيى فيه الامور، ويخذل فيه القريب ويشمت فيه العدو، وأنزلته بك وشكوته إليك، راغبا فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته، فأنت ولي كل نعمة، ومنتهى كل حاجة، لك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا.

 

(1) مهج الدعوات ص 229 - 231. (2) عن الفضل خ ل. (3) كربة خ ل.

 

[285]

فلما قدموا راحلته وخرج ليركب سمعته يقول: اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه وآله أتوجه، اللهم ذلل لي حزونته، وكل حزونة، وسهل لي صعوبته، وكل صعوبة، وارزقني من الخير فوق ما أرجو، واصرف عني من الشر فوق ما أحذر، فانك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب. قال: فلما دخلنا الكوفة نزل فصلى ركعتين، ثم رفع يده إلى السماء فقال: اللهم رب السماوات السبع وما أظلت، ورب الارضين السبع وما أقلت، والرياح وما ذرأت، والشياطين وما أضلت، والملائكة وما عملت، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني خير هذه البلدة، وخير ما فيها وخير أهلها، وخير ما قدمت له، وأن تصرف عني شرها وشر ما فيها وشر أهلها، وشر ما فدمت له. قال الربيع: فلما وافى إلى حضرة المنصور، دخلت فأخبرته بقدوم جعفر ابن محمد وإبراهيم، فدعا المسيب بن زهير الضبي فدفع إليه سيفا وقال له: إذا دخل جعفر بن محمد فخاطبته وأومأت إليك فاضرب عنقه. ولا تستأمر، فخرجت إليه وكان صديقا لي الاقيه واعاشره إذا حججت، فقلت: يا ابن رسول الله إن هذا الجبار قد أمر فيك بأمر كرهت أن ألقاك به، وإن كان في نفسك شئ تقول أو توصيني به، فقال: لا يروعك ذلك، فلو قد رآني لزال ذلك كله، ثم أخذ بمجامع الستر، فقال: يا إله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى الله عليه وعليهم، تولني في هذه الغداة، ولا تسلط علي أحدا من خلقك بشئ لا طاقة لي به. ثم دخل به فحرك شفتيه بشئ لم أفهمه، فنظرت إلى المنصور فما شبهته إلا بنار صب عليها ماء فخمدت، ثم جعل يسكن غضبه حتى دنامنه جعفر بن محمد عليهما السلام وصار مع سريره فوثب المنصور فأخذ بيده ورفعه على سريره، ثم


 

[286]

قال له: يا أبا عبد الله يعز علي تعبك وإنما أحضرتك لاشكو إليك أهلك: قطعوا رحمي، وطعنوا في ديني، وألبوا الناس علي، ولو ولى هذا الامر غيري ممن هو ابعد رحما مني لسمعوا له وأطاعوا، فقال جعفر عليه السلام: يا أمير المؤمنين فأين يعدل بك عن سلفك الصالح، إن أيوب عليه السلام ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وإن سليمان اعطي فشكر، فقال المنصور: قد صبرت وغفرت وشكرت. ثم قال: يا أبا عبد الله حدثنا حديثا كنت سمعته منك في صلة الارحام، قال: نعم، حدثني أبي، عن جدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن ينسئ في أجله ويعافى في بدنه، فليصل رحمه، قال: ليس هذا هو، قال: نعم، حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: رأيت رحما متعلقا بالعرش يشكو إلى الله تعالى عزوجل قاطعها، فقلت: يا جبرئيل كم بينهم ؟ فقال: سبعة آباء فقال: ليس هذا هو قال: نعم حدثني أبي، عن جدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: احتضر رجل بار في جواره رجل عاق قال الله عزوجل لملك الموت: يا ملك الموت كم بقي من أجل العاق ؟ قال: ثلاثون سنة، قال: حولها إلى هذا البار، فقال المنصور: يا غلام ائتني بالغالية فأتاه بها فجعل يغلفه بيديه، ثم دفع إليه اربعة آلاف، ودعا بدابته فأتاه بها، فجعل يقول: قدم قدم إلى أن أتى بها إلى عند سريره، فركب جعفر بن محمد عليهما السلام وعدوت بين يديه فسمعته يقول: الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد لله الذي أسئله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يسئلني، والحمد لله الذي استوجب مني الشكر وإن كنت قليلا شكري، والحمد لله الذي وكلني الناس إليه فأكرمني ولم يكلنى إليهم فيهينوني، يا رب كفى بلطفك لطفا، وبكفايتك خلفا. فقلت له: يا ابن رسول الله إن هذا الجبار يعرضني على السيف كل قليل (1) وقد دعا المسيب بن زهير فدفع إليه سيفا وأمره أن يضرب عنقك، وأنى رأيتك تحرك شفتيك حين دخلت بشئ لم أفهمه عنك، فقال: ليس هذا موضعه.

 

(1) يعنى أنه سفاك: يأمر بالقتل لكل أمر قليل، اوفى كل زمان قليل.

 

[287]

فرحت إليه عشيا قال: نعم، حدثني أبي، عن جدى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما ألبت عليه اليهود وفزارة وغطفان، وهو قوله تعالى: " إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا " (1) وكان ذلك اليوم من أغلظ يوم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فجعل يدخل ويخرج وينظر إلى السماء، ويقول: ضيقي تتسعي، ثم خرج في بعض الليل فرأى شخصا حفيا فقال لحذيفة: انظر من هذا ؟ فقال: يا رسول الله هذا علي بن ابي طالب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن أما خشيت أن تقع عليك عين، قال: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، وخرجت حارسا للمسلمين في هذه الليلة، فما انقضى كلامهما حتى نزل جبرئيل عليه السلام وقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام، ويقول لك: قد رأيت موقف علي بن أبي طالب عليه السلام منذ الليلة وأهديت له من مكنون علمي كلمات لا يتعوذ بها عند شيطان مارد، ولا سلطان جائر، ولا حرق ولا غرق، ولا هدم ولا ردم، ولا سبع ضار، ولا لص قاطع إلا آمنه الله من ذلك، وهو أن يقول: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وأعزنا (2) بسلطانك الذي لا يضام، وارحمنا بقدرتك علينا ولا تهلكنا، فأنت الرجاء، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته (3) صبري فلم يخذلني، يا ذا المعروف الدائم الذي لا ينقضي أبدا. ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا، أسئلك أن تصلي على محمد وآله الطاهرين (4) وأدرء بك في نحور الاعداء والجبارين اللهم أعني على ديني بدنياى وعلى آخرتي بتقو [ا] ى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تنقصه المغفرة، ولا تضره المعصية، أسألك فرجا عاجلا، وصبرا جميلا ورزقا واسعا، والعافية من جميع البلاء، والشكر على العافية، يا أرحم الراحمين.

 

(1) الاحزاب: 10. (2) وأعذنا خ ل. (3) بلائه خ ل. (4) وآل محمد خ ل. (*)

 

[288]

قال الربيع: والله لقد دعاني المنصور ثلاث مرات يريد قتلي فتعوذت بهذه الكلمات، فيحول الله بينه وبين قتلي. قال الحسن بن علي: قال العباس بن عبد العظيم: ما انصرفت ليلة من حانوتي إلا دعوت بهذه الكلمات، فأنسيت ليلة من الليالي أن أقرأها قبل انصرافي، فلما كان في بعض الليل وأنا نائم، استيقظت فذكرت أني لم أقرأها، فجعلت اعوذ حانوتي بها وأنا في فراشي وادير يدي عليه، فلما كان في الغد بكرت فوجدت في حانوتي رجلا وإذا الحانوت مغلق عليه، فقلت له: ما شأنك وما تصنع ههنا ؟ فقال: دخلت إلى حانوتك لاسترق منه شيئا وكلما أردت الخروج حيل بيني وبين ذلك بسور من حديد (1). ومن ذلك: دعاء لمولانا الصادق عليه السلام لما استدعاه المنصور مرة خاسمة إلى بغداد قبل قتل محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن عليهم السلام وجدتها في كتاب عتيق في آخره: وكتب الحسين بن علي بن هند بخطه في شوال سنة ست وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن صفوة الهمداني بالمصيصة قال: حدثنا محمد بن العباس بن داود العاصمي قال: حدثنا الحسن بن علي بن يقطين، عن أبيه قال: حدثني محمد بن الربيع الحاجب قال: قعد المنصور أمير المؤمنين يوما في قصره في القبة الخضراء، وكانت قبل قتل محمد وإبراهيم تدعى الحمراء، وكان له يوم يقعد فيه يسمى ذلك اليوم يوم الذبح، وقد كان أشخص جعفر بن محمد عليهما السلام من المدينة، فلم يزل في الحمراء نهاره كله حتى جاء الليل ومضي أكثره، قال: ثم دعا أبي الربيع فقال له: يا ربيع إنك تعرف موضعك مني وأني يكون لي الخبر ولا تظهر عليه امهات الاولاد، وتكون أنت المعالج له، فقال: قلت: يا أمير المؤمنين ذلك من فضل الله علي وفضل أمير المؤمنين، وما فوقي في النصح غاية، قال: كذلك أنت سر الساعة إلى جعفر بن محمد بن فاطمة فأتني به على الحال الذي تجده عليه، لا تغير شيئا مما هو عليه، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا والله هو العطب إن

 

(1) مهج الدعوات ص 233 - 235.

 

[289]

أتيت به على ما أراه من غضبه قتله، وذهبت الآخرة، وإن لم آت به وادهنت في أمره قتلني وقتل نسلي، وأخذ أموالي، فخيرت بين الدنيا والآخرة، فمالت نفسي إلى الدنيا. قال محمد بن الربيع: فدعاني أبي وكنت أفظ ولده وأغلظهم قلبا (1) فقال لي: امض إلى جعفر بن محمد بن علي فتسلق (2) على حائطه ولا تستفتح عليه بابا فيغير بعض ما هو عليه، ولكن انزل عليه نزولا فأت به على الحال التي هو فيها. قال: فأتيته وقد ذهب الليل إلا أقله، فأمرت بنصب السلاليم، وتسلقت عليه الحائط، فنزلت عليه داره، فوجدته قائما يصلي، وعليه قميص ومنديل قد ائتزر به، فلما سلم من صلاته قلت له: أجب أمير المؤمنين ! فقال: دعني أدعو وألبس ثيابي، فقلت له: ليس إلى تركك وذلك سبيل، قال: وأدخل المغتسل فأتطهر ؟ قال: قلت: وليس إلى ذلك سبيل فلا تغسل نفسك فاني لا أدعك تغير شيئا. قال: فأخرجته حافيا حاسرا في قميصه ومنديله، وكان عليه السلام قد جاوز السبعين فلما مضى بعض الطريق ضعف الشيخ، فرحمته فقلت له: اركب، فركب بغل شاكري (3) كان معنا ثم صرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول له: ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل، وجعل يستحثه استحثاثا شديدا، فلما أن وقعت عين الربيع على جعفر بن محمد، وهو بتلك الحال بكى وكان الربيع يتشيع فقال له جعفر عليه السلام: يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا، فدعني اصلي ركعتين، وأدعو، قال: شأنك وما تشاء فصلى ركعتين خففهما ثم دعا بعدهما بدعاء لم أفهمه إلا أنه دعاء طويل، والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع، فلما فرغ من دعائه على طوله أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور، فلما صار في صحن الايوان وقف ثم حرك شفتيه بشئ ما لم

 

(1) الفظ: الغليظ السيئ الخلق، الخشن الكلام والجمع افظاظ، والغليظ القلب: ذو القساوة الذي لا يرحم. (2) تسلق هنا فعل امر، يقال: تسلق الجدار: تسوره وعلاه. (ظ) الشاكرى: الاجير والمستخدم معرب چاكر - بالفتح.

 

[290]

أدر ما هو ثم أدخلته فوقف بين يديه. فلما نظر إليه قال: وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك وإفسادك على أهل هذا البيت من بني العباس، وما يزيدك الله بذلك إلا شدة حسد ونكد ما يبلغ به ما تقدره، فقال له: والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من هذا ولقد كنت في ولاية بني امية وأنت تعلم أنهم أعدى الخلق لنا ولكم، وأنهم لا حق لهم في هذا الامر فوالله ما بغيت عليهم ولا بلغهم عني سوء مع جفاهم الذي كان بي، وكيف يا أمير المؤمنين أصنع الآن هذا وأنت ابن عمي، وأمس الخلق بي رحما، وأكثرهم عطاء وبرا فكيف أفعل هذا. فأطرق المنصور ساعة، وكان على لبد وعن يساره مرفقة جرمقانية (1) وتحت لبده سيف ذوفقار كان لا يفارقه إذا قعد في القبة قال: أبطلت وأثمت ثم رفع ثني الوسادة، فأخرج منها إضبارة كتب (2) فرمى بها إليه وقال: هذه كتبك إلى أهل خراسان، تدعوهم إلى نقض بيعتي، وأن يبايعوك دوني، فقال: والله يا أمير المؤمنين ما فعلت ولا أستحل ذلك، ولا هو من مذهبي، وإني لممن يعتقد طاعتك على كل حال، وقد بلغت من السن ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته، فصيرني في بعض جيوشك حتى تأتيني الموت فهو مني قريب، فقال: لا ولا كرامة، ثم أطرق وضرب يده إلى السيف فسل منه مقدار شبر وأخذ بمقبضه فقلت: إنا لله، ذهب والله الرجل ثم رد السيف. ثم قال: يا جعفر أما تستحيي مع هذه الشيبة ومع هذا النسب أن تنطق بالباطل وتشق عصا المسلمين، تريد أن تريق الدماء، وتطرح الفتنة بين الرعية والاولياء فقال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما فعلت، ولا هذه كتبي ولا خطي ولا خادمي فانتضى من السيف ذراعا فقلت: إنا لله، مضى الرجل، وجعلت في نفسي إن أمرني فيه

 

(1) اللبد: الصوف المتلبد، والمرفقة: المتكأ والمخدة والجرمقاني منسوب إلى الجرامقه: وهم قوم من الاعاجم صاروا بالموصل ونزلوا بها في اوائل الاسلام. (2) الاضبارة بالفتح والكسر: الحزمة من الصحف.

 

[291]

بأمر أن أعصيه لانني ظننت أنه يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا، فقلت: إن أمرني ضربت المنصور، وإن أتى ذلك علي وعلى ولدي، وتبت إلى الله عزوجل مما كنت نويت فيه أولا. فأقبل يعاتبه وجعفر يعتذر، ثم انتضى السيف إلا شيئا يسيرا منه فقلت: إنا لله مضى والله الرجل، ثم أغمد السيف وأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال: أظنك صادقا، يا ربيع هات العيبة من موضع كانت فيه في القبه فأتيته بها، فقال: أدخل يدك فيها، فكانت مملوءة غالية، وضعها في لحيته، وكانت بيضاء، فاسودت وقال لي: احمله على فاره (1) من دوابي التي أركبها، وأعطه عشرة آلاف درهم وشيعه إلى منزله مكرما وخيره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا فنكرمه والانصراف إلى مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرجنا من عنده وأنا مسرور فرح بسلامة جعفر عليه السلام، ومتعجب مما أراد المنصور وما صار إليه من أمره. فلما صرنا في الصحن، قلت له: يا ابن رسول الله إني لاعجب مما عمد إليه هذا في بابك (2) وما أصارك الله إليه من كفايته ودفاعه ولا عجب من أمر الله عزوجل وقد سمعتك تدعو في عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو إلا أنه طويل، ورأيتك قد حركت شفتيك ههنا أعني الصحن بشئ لم أدر ما هو ؟ فقال لي: أما الاول فدعاء الكرب والشدائد لم أدع به على أحد قبل يومئذ، جعلته عوضا من دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي لاني لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به، وأما الذي حركت به شفتي فهو دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاحزاب حدثني به أبي عن جده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: لما كان يوم الاحزاب كانت المدينة كالاكليل من جنود المشركين، كانوا كما قال الله عزوجل " إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا

 

(1) الفاره من الدواب: الحسن الجميل منها، ويقال للبرذون والبغل والحمار فاره ولا يقال للفرس فاره. (2) شأنك خ ل.

 

[292]

زلزالا شديدا " (1) فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الدعاء وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يدعو به إذا حزبه أمر. اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يضام واغفر لي بقدرتك علي، رب لا أهلك وأنت الرجاء، اللهم أنت أعز وأكبر، مما أخاف وأحذر، بالله أستفتح، وبالله أستنجح، وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله أتوجه يا كافي إبراهيم نمرود، وموسى فرعون، اكفني مما أنا فيه (2) الله ربي لا اشرك به شيئا حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي المانع من الممنوعين حسبي من لم يزل حسبي مذ قط حسبي، الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. ثم قال: لولا الخوف من أمير المؤمنين لدفعت إليك هذا المال، ولكن قد كنت طلبت مني أرضي بالمدينة، وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار، فلم أبعك وقد وهبتها لك، قلت: يا ابن رسول الله إنما رغبتي في الدعاء الاول والثاني، لاذا فعلت هذا فهو البر ولا حاجة لي الآن في الارض فقال: إنا أهل البيت لا نرجع في معروفنا، نحن ننسخك الدعاء ونسلم إليك الارض، صرمعي إلى المنزل، فصرت معه كما تقدم المنصور وكتب لي بعهدة الارض، وأملى علي دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأملى علي الذي دعا هو بعد الركعتين. ثم ذكر في هذه الرواية الدعاء الذي قدمناه نحن في الرواية الاولى الذي أوله " اللهم إني أسئلك يا مدرك الهاربين، يا ملجأ الخائفين " وهو في النسخة العتيقة نحوست قوائم بالطالبي إلى آخره، ثم قال: وقوله: " أنت ربي وأنت حسبي ونعم الوكيل والمعين " قال: فقلت يا ابن رسول الله لقد كثر استحثاث المنصور و استعجاله إياي، وأنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهلا كأنك لم تخشه، قال: فقال لي: نعم، قد كنت أدعو به بعد صلوة الفجر بدعاء لا بد منه، وأما الركعتان

 

(1) الاحزاب ص 10. (2) ما أنا فيه خ ل.

 

[293]

فهما صلاة الغداة خففتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما فقلت له: أما خفت أبا جعفر ؟ وقد أعدلك ما أعد ؟ قال: خيفة الله دون خيفته، وكان الله عزوجل في صدري أعظم منه. قال الربيع: كان في قلبي ما رأيت من المنصور ومن غضبه وحنقه على جعفر ومن الجلالة له في ساعة ما لم أظنه يكون في بشر، فلما وجدت منه خلوة وطيب نفس قلت: يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا قال: ما هو ؟ قلت يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك غضبته على أحد قط، ولا على عبد الله بن الحسن ولا على غيره من كل الناس حتى بلغ بك الامر أن تقتله بالسيف، وحتى أنك أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته، ثم عاتبته ثم أخرجت منه ذراعا ثم عاتبته ثم أخرجته كله إلا شيئا يسيرا فلم أشك في قتلك له، ثم انجلى ذلك كله، فعاد رضى حتى أمرتني فسودت لحيته بالغالية التي لا يتغلف (1) منها إلا أنت ولا يغلف منها ولدك المهدي، ولا من وليته عهدك، ولا عمومتك، وأجزته وحملته وأمرتني بتشييعه مكرما. فقال: ويحك يا ربيع ليس هو كما ينبغي أن تحدث به، وستره أولى، ولا احب أن يبلغ ولد فاطمة عليها السلام فيفتخرون ويتيهون بذلك علينا، حسبنا ما نحن فيه ولكن لا أكتمك شيئا، انظر من في الدار فنحهم، قال فنحيت كل من في الدار ثم قال لي: ارجع ولا تبق أحدا ففعلت ثم قال لي: ليس إلا أنا وأنت، والله لئن سمعت ما ألقيته إليك من أحد لاقتلنك وولدك وأهلك أجمعين، ولآخذن ما لك، قال قلت: يا أمير المؤمنين اعيذك بالله، قال: يا ربيع قد كنت مصرا على قتل جعفر ولا أسمع له قولا ولا أقبل له عذرا، وكان أمره - وإن كان ممن لا يخرج بسيف - أغلظ عندي وأهم علي من أمر عبد الله بن الحسن، وقد كنت أعلم هذا منه ومن آبائه على عهد بني أمية، فلما هممت به في المرة الاولى تمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو

 

(1) غلف لحيته بالغالية: ضمخها بها، وعن ابن دريد أنها عامية، والصواب غللها تغللية.

 

[294]

حائل بيني وبينه، باسط كفيه، حاسر عن ذراعيه، قد عبس وقطب (1) في وجهي فصرفت وجهي عنه ثم هممت به في المرة الثانية وانتضيت من السيف أكثر مما انتضيت منه في المرة الاولى، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد قرب مني ودنا شديدا وهم بي أن لو فعلت لفعل، فأمسكت ثم تجاسرت وقلت: هذا بعض أفعال الرئي (2) ثم انتضيت السيف في الثالثة فتمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله باسط ذراعيه قد تشمر واحمر وعبس وقطب حتى كاد أن يضع يده علي فخفت والله لو فعلت لفعل، وكان مني ما رأيت وهؤلاء من بني فاطمة صلوات الله عليهم لا يجهل حقهم إلا جاهل لاحظ له في الشريعة فاياك أن يسمع هذا منك أحد، قال محمد بن الربيع: فما حدثني به أبي حتى مات المنصور وما حدثت أنا به حتى مات المهدي وموسى وهارون، وقتل محمد (3). ومن ذلك: دعاء لمولانا الصادق جعفر بن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لما استدعاه المنصور به مرة سادسة وهي ثاني مرة إلى بغداد، بعد قتل محمد و إبراهيم ابني عبد الله بن الحسن، وجدتها في الكتاب العتيق الذي قدمت ذكره بخط الحسين بن علي بن هند قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز القرشي، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين قال: حدثنا بشير بن حماد، عن صفوان بن مهران الجمال، قال: رفع رجل من قريش المدينة من بني مخزوم إلى أبي جعفر المنصور - وذلك بعد قتله لمحمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن - أن جعفر بن محمد بعث مولاه المعلى بن خنيس بجباية الاموال من شيعته، وأنه كان يمد بها محمد بن عبد الله فكاد المنصور أن يأكل كفه على جعفر غيظا، وكتب إلى عمه داود - وداود إذ ذاك أمير (1) قطب وقطب: أي زوى ما بين عينيه وكلح. (2) الرئى: التابع من الجن يرى فيحب، وفي نسخة المصدر وهكذا في نسخة الكمبانى " الذى " وهو تصحيف ظاهر، وقد صححنا الكلمة طبقا لما صححه المؤلف قدس سره في تاريخ مولانا الصادق عليه السلام راجع ج 47 ص 200. (3) مهج الدعوات ص 236 - 243.


 

[295]

المدينة أن يسير إليه جعفر بن محمد، ولا يرخص له في التلوم (1) والمقام فبعث إليه داود بكتاب المنصور، وقال: اعمل في المسير إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخر قال صفوان وكنت بالمدينة يومئذ فأنفذ إلي جعفر عليه السلام فصرت إليه، فقال لي: تعهد راحلتنا فانا غادون في غد هذا إنشاء الله العراق، ونهض من وقته وأنا معه، إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وكان ذلك بين الاولى والعصر، فركع فيه ركعات ثم رفع يديه، فحفظت يومئذ من دعائه: يا من ليس له ابتداء ولا انتهاء، يا من ليس له أمد ولا نهاية، ولا ميقات ولا غاية، يا ذا العرش المجيد، والبطش الشديد، يا من هو فعال لما يريد، يا من لا يخفى عليه اللغات، ولا تشتبه عليه الاصوات، يا من قامت بجبروته الارض والسماوات يا حسن الصحبة يا واسع المغفرة، يا كريم العفو صل على محمد وآل محمد واحرسني في سفري ومقامي وفي حركتي وانتقالي بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يضام. اللهم إني أتوجه في سفري هذا بلا ثقة مني لغيرك، ولا رجاء يأوي بي إلا إليك ولا قوة لي أتكل عليها، ولا حيلة ألجا إليها إلا ابتغاء فضلك والتماس عافيتك، وطلب فضلك وإجرائك لي على أفضل عوائدك عندي، اللهم وأنت أعلم بما سبق لي في سفري هذا مما أحب وأكره فمهما أوقعت عليه قدرك فمحمود فيه بلاؤك منتصح فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب. اللهم فاصرف عني فيه مقادير كل بلاء، ومقضى كل لاواء، وابسط علي كنفا من رحمتك، ولطفا من عفوك، وتمام من نعمتك، حتى تحفظني فيه بأحسن ما حفظت به غائبا من المؤمنين، وخلقته في ستر كل عورة، وكفاية كل مضرة، و صرف كل محذور، وهب لي فيه أمنا وإيمانا وعافية ويسرا وصبرا وشكرا وارجعني فيه سالما إلى سالمين يا أرحم الراحمين. قال صفوان سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام بأن يعيد الدعاء علي فأعاده، و

 

(1) التلوم: التمكث والانتظار. (*)

 

[296]

كتبته فلما أصبح أبو عبد الله عليه السلام رحلت له الناقة، وسار متوجها إلى العراق حتى قدم مدينة أبي جعفر وأقبل حتى استأذن فأذن له، قال صفوان: فأخبرني بعض من شهد عن أبي جعفر قال: فلما رآه أبو جعفر قربه وأدناه ثم استدعا قصة الرافع على أبي عبد الله عليه السلام يقول في قصته أن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي له الاموال [من جميع الآفاق، وأنه مد بها محمد بن عبد الله، فدفع إليه القصة فقرأ أبو عبد الله عليه السلام فأقبل عليه المنصور فقال: يا جعفر بن محمد ما هذه الاموال] (1) التي يجبيها لك معلى بن خنيس ؟. فقال أبو عبد الله عليه السلام: معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين، قال له: تحلف على براءتك من ذلك ؟ قال: نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شئ، قال أبو جعفر: لا بل تحلف بالطلاق والعتاق، فقال أبو عبد الله: أما ترضى يميني بالله الذي لا إله إلا هو ؟ قال أبو جعفر فلا تفقه علي فقال أبو عبد الله وأين تذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين. قال له: دع عنك هذا فاني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك فأتوا بالرجل، وسألوه بحضرة جعفر، فقال: نعم هذا صحيح وهذا جعفر بن محمد والذي قلت فيه كما قلت. فقال أبو عبد الله عليه السلام: تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح ؟ قال نعم، ثم ابتدأ الرجل باليمين، فقال: والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب الحي القيوم، فقال له جعفر عليه السلام: لا تعجل في يمينك فاني أنا أستحلف، قال المنصور: وما أنكرت من هذه اليمين ؟. قال عليه السلام: إن الله حيي كريم يستحيي من عبده إذا أثنى عليه أن يعاجله بالعقوبة لمدحه له، ولكن قل يا أيها الرجل " أبرء إلى الله من حوله وقوته وألجا إلى حولي وقوتي أني لصادق بر فيما أقول ".

 

(1) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى وهكذا في تاريخ مولانا الصادق عليه السلام ج 47 ص 201 فراجع.

 

[297]

فقال المنصور للقرشي: احلف بما استحلفك به أبو عبد الله، فحلف الرجل بهذه اليمين فلم يستتم الكلام حتى أجذم وخر ميتا، فراع أبا جعفر ذلك وارتعدت فرائصه، فقال: يا أبا عبد الله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت ذلك وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك، فوالله لا قبلت عليك قول أحد بعدها أبدا (1).

 

(1) مهج الدعوات ص 243 - 247. وههنا في هامش طبعة الكمباني ما يلى: يقول: أحقر السادات علما وعملا محمد خليل بن محمد حسين الموسوي الاصفهاني غفر لهما المتصدي لجمع نسخ مجلدات بحار الانوار بتمامه في أقطار البلاد ومقابلته باعتضاد العلماء الاعلام بقدر الوسع والطاقة وجمع كتب أخبار المتقدمين والرجوع إليها في تصحيح الاخبار وغيره من كتب التفسير واللغة وغيرهما في مدة زمان احدى عشر سنة وبذل كمال جهده في الليل والنهار في طبعه وتنقيحه وغيره طلبا لمرضات الله وذخيرة ليوم معاده. اني رايت في سنة سبعين ومأتين بعد الالف بعد صلاة الفجر خلف شيخنا المحقق المدقق استاد العلماء والمجتهدين الرئيس الذي ليس له ثانى استادنا ومولانا الشيخ عبد الحسين الطهراني الملقب بشيخ العراقين نور الله ضريحه وخلد في جنان الخلد روحه حين قرائتي دعاء التوسل بالائمة الاطهار عليهم سلام الله الملك الغفار في اليوم واليقظة - دخلت في حديقة أنيقة لم ير مثلها في الدنيا وأنا أسير فيها فإذا في وسط تلك الحديقة دكة عظيمة وفي وسط تلك الدكة رجل عظيم الشأن جليل القدر ورجلان جليلان قائمان بين يديه. فسئلتهما من هذا السيد ؟ فقالا هذا امامنا وامامك بالحق جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه فلما عرفته خررت على رجليه مغشيا وشرعت بالبكاء والحنين فقمت وقلت له بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله انى غريب في هذا البلد وأستوحش من اهله وتلاطم على الهموم والغموم فاسئلك بحق آبائك المعصومين أن تعلمني دعاء لدفع الهموم والغموم. فقال (ع) عليك بقراءة الدعاء الذي قرأته حين أحضرني المنصور الدوانيقي وأراد قتلى فببركة قرائتي هذا الدعاء حفظني الله من شره ومن القتل فانتبهت. وأنا اسئل الدعاء منكم أيها الناظرون.

 

[298]

ومن ذلك دعاء الصادق عليه السلام لما استدعاه المنصور مرة سابعة وقد قدمنا في الاحراز عن الصادق عليه السلام لكن فيه ههنا زيادة عما ذكرنا، ولعل هذه الزيادة كانت قبل استدعائه لسعاية القرشى، وهذه برواية محمد بن عبد الله الاسكندرى وهو دعاء جليل، مضمون الاجابة، نقلناه من كتاب قالبه نصف الثمن يشتمل على عدة كتب أولها كتاب التنبيه لمن يتفكر فيه، وهذا الدعاء في آخره، فقال ما هذا لفظه: روى محمد بن عبد الله الاسكندري أنه قال: كنت من جملة ندماء أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر وخواصه، وكنت صاحب سره من بين الجميع، فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا. فقلت: ما هذه الفكرة يا أمير المؤمنين ؟ فقال لي: يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة أو يزيدون وقد بقي سيدهم وإمامهم فقلت له: من ذلك ؟ قال: جعفر بن محمد الصادق، فقلت له: يا أمير المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة، واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة، فقال: يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبامامته، ولكن الملك عقيم، وقد آليت على نفسي أن لا امسي عشيتي هذه أو أفرغ منه. قال محمد: والله لقد ضاقت علي الارض برحبها، ثم دعا سيافا وقال له: إذا أنا أحضرت أبا عبد الله الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهو العلامة بينى وبينك، فاضرب عنقه. ثم أحضر أبا عبد الله عليه الصلاة والسلام في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار فرأيت أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين، مكشوف الرأس، قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه، يحمر ساعة ويصفر اخرى، وأخذ بعضد أبي عبد الله الصادق عليه السلام وأجلسه على سرير ملكه، وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه. ثم قال له: يا ابن رسول الله ما الذي جاء بك في هذه الساعة ؟ قال: جئتك


 

[299]

يا أمير المؤمنين طاعة لله عزوجل ولرسول الله صلى الله عليه وآله ولامير المؤمنين أدام الله عزه قال: ما دعوتك والغلط من الرسول، ثم قال: سل حاجتك، فقال: أسئلك أن لا تدعوني لغير شغل، قال: لك ذلك، وغير ذلك، ثم انصرف أبو عبد الله سريعا وحمدت الله عزوجل كثيرا، ودعا أبو جعفر المنصور بالدواويج (1)، ونام ولم ينتبه إلا في نصف الليل. فلما انتبه كنت عند رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي: لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي فاحدثك بحديث، فلما قضى صلاته أقبل علي وقال لي: لما أحضرت أبا عبد الله الصادق، وهممت به ما هممت من السوء، رأيت تنينا قد حوى بذنبه جميع داري وقصري، وقد وضع شفتيه العليا في أعلاها، والسفلى في أسفلها وهو يكلمني بلسان طلق ذلق عربي مبين: يا منصور إن الله تعالى جده قد بعثني إليك وأمرني إن أنت أحدثت في أبي عبد الله الصادق عليه السلام حدثا فأنا أبتلعك ومن في دارك جميعا، فطاش عقلي وارتعدت فرائصي، واصطكت أسناني. قال محمد بن عبد الله الاسكندري: قلت له: ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين فان أبا عبد الله عليه السلام وارث علم النبي وجده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعنده من الاسماء وسار الدعوات التي لو قرأها على الليل لانار، ولو قرأها على النهار لاظلم، ولو قرأها على الامواج في البحر لسكنت، قال محمد: فقلت له بعد أيام: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أخرج إلى زيارة أبي عبد الله الصادق عليه السلام فأجاب فلم يأب. فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وسلمت، وقلت له: أسألك يا مولاي بحق جدك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أن تعلمني الدعاء الذي كنت تقرأه عند دخولك على أبي جعفر المنصور، قال: لك ذلك.

 

(1) الدواويج جمع دواج كرمان وغراب: اللحاف يلبس، ذكره الفيروز آبادى وفي المصدر كما في طبعة الكمبانى " بالرواويح " والتصحيح من المؤلف قدس سره في تاريخ مولانا الصادق عليه السلام ج 47 ص 303 (*).

 

[300]

ثم قال لي: يا محمد هذا الدعا حرز جليل، ودعاء عظيم حفظته عن آبائي الكرام عليهم السلام، وهو حرز مستخرج من كتاب الله عزوجل العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وقال: اكتب وأملى علي ذلك وهو حرز جليل، ودعاء عظيم، مبارك مستجاب. فلما ورد أبو مخلد عبد الله بن يحيى من بغداد لرسالة خراسان إلى عند الامير أبي الحسن نصر بن أحمد ببخارا كان هذا الحرز مكتوبا في دفتر أوراقها من فضة وكتابتها بماء الذهب، وهبها من الشيخ أبي الفضل محمد بن عبد الله البلعمي وقال له: إن هذه من أسنى التحف وأجل الهبات، فمن وفقه الله عزوجل لقراءتها صبيحة كل يوم حفظه الله من جميع البلايا، وأعاذه من شر مردة الجن والانس، والشياطين والسلطان الجائر، والسباع، ومن شر الامراض والآفات والعاهات كلها وهو مجرب إلا أن لا يخلص لله عزوجل. وهذا أول الدعاء: لا إله إلا الله أبدا حقا حقا لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، لا إله إلا الله تلطفا ورفقا لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، اعيذ نفسي وشعري وبشري وديني وأهلي ومالي وولدي وذريتي ودنياي وجميع من أمره يعنيني من شر كل من يؤذيني. اعيذ نفسي، وجميع ما رزقني ربي، وما أغلقت عليه أبوابي، وأحاطت به جدراني، وجميع ما أتقلب فيه من نعم الله عزوجل وإحسانه وجميع إخواني وأخواتي من المؤمنين والمؤمنات بالله العلي العظيم، وبأسمائه التامة الكاملة المتعالية المنيفة الشريفة الشافية الكريمة الطيبة الفاضلة المباركة الطاهرة المطهرة العظيمة المخزونة المكنونة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبام الكتاب وفاتحته وخاتمته وما بينهما من سورة شريفة وآية كريمة محكمة وشفاء ورحمة وعوذة وبركة وبالتوراة والانجيل والزبور والقرآن العظيم، وبصحف إبراهيم وموسى وبكل كتاب أنزله الله عزوجل وبكل رسول أرسله الله عزوجل وبكل برهان اظهره الله عزوجل وبآلاء الله، وعزة الله، وقدرة الله، وجلال الله، وقوة الله، وعظمة الله


 

[301]

وسلطان الله، ومنعة الله، ومن الله، وحلم الله، وعفو الله، وغفران الله، وملائكة الله وكتب الله، وأنبياء الله، ورسل الله، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله. وأعوذ بالله من غضب الله وعقابه وسخط الله ونكاله ومن نقمته وإعراضه وصدوده وخذلانه، ومن الكفر والنفاق والحيرة والشرك والشك في دين الله، ومن شر يوم الحشر والنشور والموقف والحساب، ومن شر كتاب قد سبق، ومن زوال النعمة، و حلول النقمة، وتحول العافية، وموجبات الهلكة، ومواقف الخزي والفضيحة في الدنيا والآخرة. وأعوذ بالله العظيم من هوى مرد، وقرين سوء مكد (1) وجار موذ، وغنى مطغ، وفقر منس، وأعوذ بالله العظيم من قلب لا يخشع، وصلاة لا تنفع، ودعاء لا يسمع، وعين لا تدمع، وبطن لا يشبع، ومن نصب واجتهاد يوجبان العذاب، ومن مرد إلى النار، وسوء المنظر في النفس والاهل والمال الولد، وعند معاينة ملك الموت عليه السلام. وأعوذ بالله العظيم من شر كل دابة هو آخذ بناصيتها، ومن شر كل ذي شر ومن شر ما أخاف وأحذر، ومن شر فسقة العرب والعجم، ومن شر فسقة الجن والانس والشياطين، ومن شر إبليس وجنوده وأشياعه وأتباعه، ومن شر السلاطين وأتباعهم، ومن شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر ما يلج في الارض وما يخرج منها، ومن شر كل سقم وآفة، وغم وهم، وفاقة وعدم، ومن شر ما في البر والبحر، ومن شر الفساق والفجار والذعار والحساد، والاشرار والسراق واللصوص، ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. اللهم إني أحتجز بك من شر كل شئ خلقته، وأحترس بك منهم، وأعوذ بالله العظيم من الحرق والغرق والشرق والهدم والخسف والمسخ والحجارة والصيحة والزلازل والفتن والعين والصواعق والجنون والجذام والبرص والامراض والآفات

 

(1) مله خ ل.

 

[302]

والمصيبات والعاهات وأكل السبع وميتة السوء وجميع أنواع البلايا في الدنيا والآخرة. وأعوذ بالله العظيم من شر ما استعاذ منه الملائكة المقربون، والانبياء المرسلون وخاصة مما استعاذ منه به محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله وسلم أسئلك أن تعطيني من خير ما سألوا، وأن تعيذني من شر ما استعاذوا، وأسئلك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. بسم الله وبالله والحمد لله واعتصمت بالله وألجأت ظهري إلى الله، وما توفيقي إلا بالله، وما شاء الله، وافوض أمري إلى الله، وما النصر إلا من عند الله، وما صبري إلا بالله، ونعم القادر الله، ونعم المولى الله، ونعم النصير الله، ولا يأتي بالحسنات إلا الله ولا يصرف السيئات إلا الله، ولا يسوق الخير إلا الله، وإن الامر كله بيد الله، وأستكفي الله بالله، وأستغني بالله، وأستقيل الله، واستغيث بالله، واستغفر الله، وصلى الله على محمد رسول الله وعلى أنبياء الله وعلى رسل الله وملائكة الله وعلى الصالحين من عباد الله. إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين، كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز، لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما تعملون محيط، واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وزادكم في الخلق بسطة واذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون، له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانك نصيرا، وقربناه نجيا، ورفعناه مكانا عليا، سيجعل لهم الرحمن ودا وألقيت عليك محبة مني، ولتصنع على عيني، إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى امك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا، لا تخف نجوت من القوم الظالمين، لا تخف إنك أنت الاعلى لا تخاف دركا ولا تخشى، لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى، لا تخف إنا منجوك


 

[303]

وأهلك، وينصرك الله نصرا عزيزا، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، فوقيهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا وينقلب إلى أهله مسرورا، ورفعنا لك ذكرك، يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله، ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار، وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. ومالنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا الله سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون، أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس، هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم، سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون. على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، فستذكرون ما أقول لكم وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. بسم الله الرحمن الرحيم الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم، الم ذلك الكتاب


 

[304]

لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة، الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحطيون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم، شهد الله أنه لا إله إلا هو الملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الاسلام. قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، تولج اللى في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين، الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين، فلله الحمد رب السموات ورب الارض رب العالمين وله الكبرياء في السموات والارض وهو العزيز الحكيم، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون. إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة إيام ثم استوى على


 

[305]

العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين، ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين، ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين. الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ثم يحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، و اجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر لابي إنه كان من الضالين، ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. بسم الله الرحمن الرحيم والصافات صفا، فالزاجرات زجرا، فالتاليات ذكرا، إن إلهكم لواحد، رب السماوات والارض وما بينهما ورب المشارق، إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب، وحفظا من كل شيطان مارد، لا يسمعون إلى الملاء الاعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب. يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان، فبأي آلاء ربما تكذبان، يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل الملائكة رسلا اولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم، إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة


 

[306]

للمؤمنين. وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا، أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه انيب، ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين، وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، إني توكلت على الله ربي وربكم مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل، قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب. يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا، ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون. هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح


 

[307]

له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم. بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد. بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس. اللهم من أراد بي شرا أو بأهلي شرا أو باسا أو ضرا فاقمع رأسه، واصرف عني سوءه ومكروهه، واعقد عني لسانه، واحبس كيده واردد عني إرادته، اللهم صل على محمد وآل محمد كما هديتنا به من الكفر أفضل ما صليت على أحد من خلقك، وصل على محمد وآل محمد كما (1) ذكرك الذاكرون، واغفر لنا ولآبائنا ولامهاتنا وذرياتنا وجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. وتابع بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات، ومنزل البركات، ودافع السيئات، إنك على كل شئ قدير. اللهم إني أستودعك ديني ودنياي وأهلي وأولادي وعيالي وأمانتي وجميع ما أنعمت به علي في الدنيا والآخرة، فانه لا تضيع صنائعك، ولا تضيع ودائعك ولا يجيرني منك أحد، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (إلى هنا والزيادة على هذا من الكتاب) فاني أرجوك ولا أرجو أحدا سواك فانك الله الغفور الرحيم، اللهم أدخلني الجنة ونجني من النار برحمتك يا أرحم الراحمين، وذكر في النسخة التي نقل منها إلى ههنا آخر الدعاء والزيادة من كتاب النسخة التي نقل منها (2). أقول: وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي رحمه الله نقلا من خط الشهيد محمد بن مكي قدس الله روحه أدعية للصادق عليه السلام وقد كان فيه أدعية للكاظم

 

(1) كلما ظ. (2) مهج الدعوات ص 247 - 260.

 

[308]

والرضا عليهما السلام أيضا وهذا لفظه: هذه من دعوات مولانا الامام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في دخلاته على المنصور، وقد ذكر صاحب الاستدراك منها ثلاثا وعشرين، وهو يروي عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وطبقته، وعن جماعة بمصر وخراسان وقد كان في الرواية تهدد المنصور له بالقتل ومشافهته به بعض الاحيان. دعاؤه عليه السلام لما قدم إبراهيم بن جبلة إلى المدينة عن المنصور وأبلغه رسالته: " اللهم أنت ثقتي في كل كرب " إلى آخر ما مر برواية السيد. ثم قال: دعاؤه عليه السلام عند خروجه إليه للركوب " اللهم بك أستفتح " إلى آخر الدعاء. ثم قال: دعاؤه عليه السلام لما دخل الكوفة وصلى ركعتين " اللهم رب السموات السبع " إلى آخر الدعاء. ثم قال: دعاؤه عليه السلام وقد أخذ بمجامع ستر المنصور، وكان أمر المسيب بن زهير بقتله إذا دخل " يا إله جبرئيل إلى قوله: تولني في هذه الغداة ولا تسلطه علي ولا على أحد من خلقك بشئ لا طاقة لي به ". ثم قال: دعاؤه عليه السلام عند نظره إلى المنصور، ورواه عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله أن جبرئيل أهداه إلى علي عليه السلام ليلة الاحزاب لدفع الشيطان والسلطان، والغرق والحرق، والهدم والسبع واللص، فصرف عنه كيد المنصور، واعتذر إليه وحباه " اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام " إلى آخر الدعاء. ثم قال: تحميده عليه السلام عند انصرافه عنه مكرما " الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني " إلى آخر الدعاء. ثم قال: دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى فأكرمه رواه ولده موسى عليه السلام " اللهم يا خالق الخمسة ورب الخمسة أسئلك بحق الخمسة أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تصرف أذيته ومعرته عني وترزقني معروفه ومودته ".


 

[309]

دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى عليه رواه الفضل بن الربيع وأخبره أنه أمان من الغرق والحرق والاعداء وأنه نزل به جبرئيل عليه السلام يوم الاحزاب جمعته من روايات: شهد الله أنه لا إله إلا هو - إلى - سريع الحساب (1). اللهم إني أعوذ بنور قدسك وعظمة طهارتك، وتزكية جلالك، من كل آفة وعاهة، وطارق الانس والجن إلا طارقا يطرق بخير، اللهم أنت عياذي فبك أعوذ وأنت ملاذي فبك ألوذ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، وخضعت له مغاليظ الفراعنة، أعوذ بجلال وجهك، وكرم جلالك، من خزيك وكشف سترك ونسيان ذكرك، والاضراب عن شكرك، أنا في كنفك من ليلي ونهاري، ونومي وقراري وظعني واستقراري، ذكرك شعاري. وثناؤك دثاري، لا إله إلا أنت تنزيها لوجهك وكرما لسبحات وجهك، صل على محمد وآله وأجر لي كنفك وقني شر عذابك واضرب علي سرادقات حفظك، ووق روعي بحرمنك، وحفظ عنايتك يا أرحم الراحمين ووق روعتي بخير وأمن وستر وحفظ منك. سبحانك والحمد لله عدد الرمل والحصا سبحانك والحمد لله عدد قطرات ماء البحار، سبحانك ولك الحمد عدد قطرات الامطار، سبحانك والحمد لله عدد ما أحصاه المحصون، وتكلم به المتكلمون وفوق ذلك وقدر ذلك إلى منتهى قدرتك، يا ذا الجلال والاكرام. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى رواه الربيع وقد أغلظ له القول وجذب السيف إلى آخره فأكرمه: اللهم إني أسئلك بعينك التي لا تنام، وبركنك الذي لا يضام، وبقدرتك على خلقك، وباختصاصك نبيك محمدا صلى الله عليه وآله أنت المنجي من الهلكات أتقرب إليك بمحمد صلى الله عليه وآله وأدرأ بك في نحره، فاكفنيه يا كافي محمد الاحزاب وإبراهيم النمرود الله الله الله ربي لا اشرك به شيئا، حسبي الرازق من المرزوقين حسبي الرب من

 

(1) آل عمران ص 18 - 19.

 

[310]

المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي ثم هو حسبي، وحسبي الله ونعم الوكيل لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واحفظني بركنك الذي لا يرام، وبقدرتك على خلقك، اللهم لا أهلك وأنت رجائي، أنت أجل وأكبر مما أخاف وأحذر، بالله أستفتح وبالله أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه وآله أثق، اللهم رب جبرئيل ويمكائيل، فانى أدرأ بك في نحره، واستعين بك عليه فاكفنيه يا كافى موسى فرعون، ويا كافي محمد الاحزاب. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى رواه عن السيد زيد العلوي العريضى بمصر " يا من لا يضام ولا يرام، يا من تواصلت به الارحام، أسئلك بحق محمد وآل محمد الذين حقهم عليك من فضل حقك عليهم، يا حافظ الغلامين لصلاح أبيهما، احفظني لرسول الله صلى الله عليه وآله. قال المؤلف: ينبغي إذا قال الداعي " احفظني لرسول الله صلى الله عليه وآله " أن يقول: وأهل بيته الطاهرين، لانه لا وصول إلى رسول الله إلا بأهل بيته، ولا وصول إلى الله عزوجل إلا بنبيه صلى الله عليه وآله، ولانا لسنالهم صلى الله عليهم. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى روي أنه علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه: اللهم قد أكدى الطلب وأعيت الحيلة، إلا إليك، ودرست الآمال وانقطع الرجاء إلا منك، وخابت الثقة وأخلف الظن إلا بك، وكذبت الالسن وأخلفت العدات إلا عدتك، اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة ومناهل الدعاء (1) لك مفتحة (2) وأجدك لدعاتك بموضع إجابة، وللصارخ إليك بمرصد إغاثة وأن في اللهف إلى جودك من الرضا بضمانك عوضا من منع الباخلين ومندوحة عما في أيدي المستأثرين، وأعلم أنك لا تحجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الاعمال دونك، فأعلم أن أفضل زاد الراحل إليك عزم الارادة وخضوع الاستغاثة، وقد ناجاك بعزم الارادة وخضوع الاستكانة قلبي، فأسئلك اللهم بكل دعوة دعاك بها راج بلغته بها أمله، أو صارخ أغثت صرخته، أو ملهوف مكروب فرجت عنه (3)

 

(1) الرجاء خ ل. (2) مترعة خ ل. (3) كربته، أو غنى أتممت نعمك عليه، أو فقير أهديت إليه غناك.

 

[311]

ولتلك الدعوة عليك حق، وعندك منزلة إلا صليت على محمد وآله، وخلصتني من كل مكروه، وفعلت بي كذا وكذا.... دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى: اللهم لك الحمد وإليك المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم أنت الاول القديم، والآخر الدائم، والديان يوم الدين، تفعل ما تشاء بلا مغالبة، وتعطي من تشاء بلا من، وتقضي ما تشاء بلا ظلم، وتداول الايام بين الناس، ويركبون طبقا عن طبق، وأسئلك من خيرك خير ما أرجو وما لا أرجو، وأعوذ بك من شر ما أحذر وما لا أحذر، إن خذلت فبعد تمام الحجة، وإن عصمت فتمام النعمة. يا صاحب محمد صلى الله عليه وآله يوم حنين، ويا صاحب علي يوم صفين، ويا مبير الجبارين، ويا عاصم النبيين، أسئلك بيس والقرآن الحكيم، وأسئلك بطه والقرآن العظيم أن تصلي على محمد وآله وأن ترزقني تأييدا تربط به أجاشي، وتسد به خللي، وأدرؤك في نحور الاعداء يا كريم ها أنا ذا فاصنع بي ما شئت، لن يصيبني إلا ما كتبت لي، أنت حسبي ونعم الوكيل، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى رواه عن جده صلوات الله عليه وآله وهي السبع الكلمات المنزلة عليه مع السبع المثاني " اللهم يا كافي كل شئ، ولا يكفي منه شئ، يا رب كل شئ، اكفنا كل شئ، حتى لا يضر مع اسمك شئ ". دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى عقيب صلاة أربع ركعات قاله ثلاثا: " اللهم يا كافي من كل شئ، ولا يكفي منك شئ، اكفني عادية فلان ". دعاؤه عليه السلام على النجف عقيب الصلاة، وكان قد استدعاه المنصور إلى الكوفة ووقع بدمه " يا ناصر المظلومين المبغي عليهم، يا حافظ الغلامين لابيهما


 

[312]

احفظني اليوم لآبائي محمد وعلي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي، اضرب بالذل بين عينيه، بالله أستفتح، وبه أستنجح، وبمحمد صلى الله أتوجه، إللهم إنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب. قال المؤلف: ليقل الداعي احفظني اليوم بآباء مولاي أبي عبد الله محمد وعلي إلى آخرهم. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى وقد أمر بضرب عنقه عند رفع رأسه " اللهم لا يكفيني منك أحد من خلقك، وأنت تكفي من خلقك أجمعين، فاكفني شر عبد الله ابن محمد وما نصب لي من حربه " فقال الغلام: والله ما أبصرتك، ولقد حيل بيني وبينك. دعاؤه عليه السلام في دخلة اخرى " يا من يكفي من خلقه كله، ولا يكفيه أحد اكفني شر عبد الله بن محمد بن علي ". دعاؤه عليه السلام علمه لبعض أصحابه لدفع الهول والغم " أعددت لكل عظيمة لا إله إلا الله، ولكل هم وغم لا حول ولا قوة إلا بالله، محمد النور الاول وعلي النور الثاني، والائمة الابرار عدة للقاء الله، وحجاب من أعداء الله، ذل كل شئ لعظمة الله، وأسئل الله عزوجل الكفاية ". دعاء علمه عليه السلام لحسن العطار، وكان قد أخذ السلطان ضياعه، يدعى به عقيب ركعتي الفجر، والخد الايمن على الارض " يا حي لا إله إلا أنت حتى ينقطع النفس انقطع الرجاء إلا منك حتى ينقطع النفس يا أحد من لا أحد له حتى ينقطع النفس ارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب إنك على كل شئ قدير حتى ينقطع النفس. قال: ففعلت ذلك ثلاثة أيام فرد علي مالي وزيد مائة ألف درهم. دعاؤه عليه السلام عند دخوله على المنصور من غير الكتاب ورواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه علمه عليا عليه السلام عند النائبة " اللهم إني أدرء بك في نحره، وأستعيذ بك من شره، وأستعين بك عليه، يا كافي يا شافي يا معافي اكفني كل شئ حتى لا أخاف


 

[313]

معك شيئا ". دعاؤه عليه السلام في دخول آخر عليه، وكان قد أمر بقتله، فلقيه وأمر له بثلاثين بدرة بعد أن قام له وجلس بين يديه، أهداه جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله عليهما وعلى آل محمد " اللهم إني أسئلك يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم وعالما غير معلم، وعالما بجميع الامم، ويا مونس المستوحشين في الظلم، ادفع عني كل بأس وألم، وعافني من كل عاهة وسقم، ومن شر من لا يخشاك من جميع العرب والعجم، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. دعاء مولانا الصادق عليه السلام برواية اخرى وقد مر ببعض التغيير، وهذا ذكره ابن أنجب في تواريخ الائمة الاثني عشر عليهم السلام، لما أمر المنصور الربيع باحضاره عليه السلام، وعزم على قتله، فلما بصربه قال: مرحبا بالنقي الساحة البرئ من الدغل والخيانة، أخي وابن عمي، وأجلسه على سريره، وسأله عن حاله وحوائجه، وطيبه بالغالية، فقال الربيع: يا ابن رسول الله أتيت بك ولا أشك أنه قاتلك، وكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرك شفتيك بشئ عند الدخول فما هو ؟ قال: قلت اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام واحفظني بقدرتك علي. ولا تهلكني وأنت رجائي، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عند بليتي صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، و يا من رآني على المعاصي فلم يفضحني يا ذا النعماء التي لا تحصى عددا، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، أعني على ديني بدنيا، وعلى آخرتي بتقوى، و احفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرت، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة اغفر لي ما لا يضرك وأعطني ما لا ينقصك يا وهاب أسئلك لي فرجا قريبا وصبرا جميلا والعافية من كل بلاء وشكر العافية. من الكتاب (1) دعاء الامام أبي الحسن الكاظم عليه السلام تحت الميزاب، وروى

 

(1) في هامش نسخة الاصل مكتوب هكذا: لا بد أن يكتب في أدعية الكاظم عليه السلام ان شاء الله ".

 

[314]

أنه فيه الاسم الاعظم: يا نور يا قدوس ثلاثا يا حي يا قيوم ثلاثا، يا حي لا يموت ثلاثا، يا حي حين لا حي ثلاثا، يا حي لا إله إلا أنت ثلاثا، أسئلك يا لا إله إلا أنت أربعا يا حي لا إله إلا أنت أسئلك بلا إله إلا أنت ثلاثا، أسئلك بلا إله إلا أنت مرتين أسئلك باسمك الله الرحمان الرحيم، العزيز المبين ثلاثا. دعاؤه عليه السلام في حبس الرشيد فاطلق أخرجه إلي أبو الحسن الرازي المؤذن بمشهد الحسين عليه السلام: يا سامع كل صوت يا محيى النفوس من بعد الموت، مالى إله غيرك فأدعوه ولا شريك لك فأرجوه، صل على محمد وآله محمد وخلصني يا رب مما أنا فيه، ومما أخاف وأحذر بحولك وقوتك وبحق محمد وآله كما تخلص الولد منضيق المشيمة واللحم (1) برحمتك، وصل على محمد وآله، وخلصني يا رب مما أنا فيه ومما أخاف وأحذر بمشيتك وإرادتك، بحق محمد وآل محمد كما تخلص الثمرة من بين ماء وطين ورمل بقدرتك وجلالك، وصل على محمد وآل محمد وخلصني يا رب مما أنا فيه ومما أخاف وأحذر بحولك وقوتك وبحق محمد وآله كما تلخص البيضة من جوف الطائر بعفوك، وصل على محمد وآل محمد وخلصني يا رب مما أنا فيه ومما أخاف وأحذر بنعمتك وتكبرك، وصل على محمد وآل محمد وخلصني مما أنا فيه، ومما أخاف وأحذر بقوتك، وبحق محمد وآل محمد كما تخلص الطائر من جوف البيضة بعزتك إنك على كل شئ قدير. دعاؤه عليه السلام دخل على المهدي " امتنعت بحول الله وقوته من حولك وقوتك، وأعوذ برب الفلق من شر ما خلق، وأقول ما شاء الله كان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". دعاؤه عليه السلام محبوسا وهو ساجد يقلب خديه على التراب " يا مذل كل جبار

 

(1) الرحم ظ.

 

[315]

ومعز كل ذليل، قدوحقك بلغ مجهودي، فصل على محمد وآل محمد وفرج عني ". دعاء (1) مولانا الامام الرضا عليه السلام وقد غضب عليه المأمون فسكن " بالله أستفتح وبالله أستنجج، وبمحمد صلى الله عليه وآله أتوجه، اللهم سهل لي حزونة أمري كله، ويسر لي صعوبته، إنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب ". وأسنده عن علي عليه السلام أنه قال: ما أهمني أمر قط ولا ضاق علي معاشي قط ولا بارزت قرنا قط فقلته إلا فرج الله همي وغمي، ورزقني النصر على أعدائي. هذا آخر ما وجدناه بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي. 3 - العدد القوية: لاخى العلامة نقلا من كتاب الروضة بحذف الاسناد عن الربيع حاجب المنصور قال: لما استوت الخلافة له، قال: يا ربيع ابعث إلى جعفر ابن محمد يأتيني به، ثم قال بعد ساعة: ألم اقل لك أن تبعث إلى جعفر بن محمد ؟ فوالله لتأتينني به وإلا قتلتك، فلم أجد بدا فذهبت إليه فقلت: يا أبا عبد الله أجب أمير المؤمنين، فقام معي فلما دنونا من الباب رأيته يحرك شفتيه ثم دخل فسلم عليه فلم يرد عليه ووقف، فلم يجلسه ثم رفع إليه رأسه. فقال: يا جعفر أنت الذي ألببت علي وكثرت، فقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به فقال جعفر بن محمد عليهما السلام وحدثني أبي، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش: ألا فليقم كل من أجره علي فلا يقوم إلا من عفى عن أخيه، فما زال يقول: حتى سكن ما به، ولان له، فقال: اجلس أبا عبد الله ارتفع أبا عبد الله ثم دعا بمدهن من غالية فجعل يغلفه بيده والغالية تقطر من بين أنامل أمير المؤمنين، ثم قال: انصرف أبا عبد الله في حفظ الله وقال لي: يا ربيع أتبع أبا عبد الله جايزته وأضعفها له. قال: فخرجت فقلت: أبا عبد الله ! تعلم محبتى لك ؟ قال: نعم يا ربيع أنت منا حدثنى أبى عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: مولى القوم من أنفسهم فأنت منا، قلت: يا أبا عبد الله شهدت ما لم نشهد، وسمعت ما لم نسمع، وقد دخلت

 

(1) في هامش الاصل: لابدان يكتب في ادعية الرضا عليه السلام ان شاء الله ".

 

[316]

عليه ورأيتك تحرك شفتيك عند الدخول عليه قال: نعم، دعاء كنت أدعو به، فقلت: أدعاء كنت تلقنه عند الدخول أو بشئ تأثره عن آبائك الطيبين ؟ فقال: بل حدثني أبي، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا حزبه أمر دعا بهذا الدعاء وكان يقال له: دعاء الفرج وهو: " اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك علي ولا أهلك وأنت رجاي، فكم من نعمة أنعمت بها علي قل لك بها شكري، و كم من بلية ابتليتني قل لك بها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ويا من قل عند بليته صبري، فلم يخذلني ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني أسئلك أن تصلى على محمد وآله محمد اللهم أعني على ديني بالدنيا وعلى آخرتي بالتقوى، واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، هب لي ما لا ينقصك واغفر لي ما لا يضرك، إنك رب وهاب. أسئلك فرجا قريبا، وصبرا جميلا، ورزقا واسعا، والعافية من البلاء وشكر العافية. وفي رواية: وأسئلك تمام العافية، وأسئلك دوام العافية، وأسئلك الغنى عن الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال الربيع: فكتبته من جعفر بن محمد عليهما السلام في رقعة وها هو ذا في جيبي وقال موسى به سهل، كتبته من الربيع وها هو في جيبي، وقال محمد بن هارون: كتبته من العيسى وها هو في جيبي، وقال علي بن أحمد المحتسب كتبته من محمد بن هارون وها هو في جيبي، وقال علي بن الحسن كتبته من المحتسب، وها هو في جيبي وقال السلمي مثله، وقال أبو صالح مثله، وقال الحافظ أبو منصور مثله. أقول: وهذا الدعاء من الادعية الجليلة العظيمة الشأن ولكن الروايات في ألفاظها وفقراتها مختلفة جدا ففي بعضها كما نقلناه أولا من المهج لابن طاووس رضوان الله عليه وفي بعضها كما ذكرناه في طي ما وجدناه من خط الشيخ محمد بن علي الجبعي من أدعيته عليه السلام، وفي بعضها كما حكيناه من كتاب العدد القوية المشار إليه، وقد


 

[317]

وقع في بعض الكتب هكذا: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك، ولا تهلكنا فأنت الرجاء، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بلائه صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، ويا ذا المعروف الدائم الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا، صل على محمد وآل محمد الطيبين، وأدرأ بك في نحر الاعداء والجبارين، اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حذرته، يا من لا تنقصه المغفرة، ولا تضره المعصية أسئلك فرجا عاجلا، وصبرا [جميلا ورزقا] ظ واسعا والعافية من جميع البلاء والشكر على العافية يا ولي العافية، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين واغفر وارحم. 45. " باب " * (بعض أدعية موسى بن جعفر صلوات الله عليه) * * (واحرازه وعوذاته) * أقول: قد سبق بعض أدعيته عليه السلام في طي باب أدعية أبيه الصادق عليه السلام أيضا فتذكر. فمنها: الدعاء المعروف بالجوشن الصغير. 1 - مهج: أبو علي الحسن بن محمد بن علي الطوسي وعبد الجبار بن عبد الله بن علي الرازي وأبو الفضل منتهى بن أبي زيد الحسيني ومحمد بن أحمد ابن شهريار الخازن جميعا، عن محمد بن الحسن الطوسي، عن ابن الغضائري وأحمد


 

[318]

ابن عبدون وأبي طالب بن الغرور وأبي الحسن الصفار والحسن بن إسماعيل بن أشناس جميعا، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن يزيد بن أبي الازهر، عن محمد بن عبد الله النهشلي، عن أبيه قال: سمعت الامام أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول التحدث بنعم الله شكر، وترك ذلك كفر، فارتبطوا نعم ربكم تعالى بالشكر، و حصنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا البلاء بالدعاء، فان الدعاء جنة منجية يرد البلاء وقد ابرم إبراما. قال أبو الوضاح: وأخبرني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي صاحب فخ - وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن - بفخ، وتفرق الناس عنه، حمل رأسه والاسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي فلما بصر بهم أنشأ يقول متمثلا: بني عمنا لا تنطقوا الشعر بعد ما * دفنتم بصحراء الغميم القوافيا فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله (1) فنقبل ضيما أو نحكم قاضيا ولكن حكم السيف فينا مسلط * فنرضى إذا ما أصبح السيف راضيا وقد ساءني ما جرت الحرب بيننا * بني عمنا لو كان أمرا مدانيا فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن * ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا ثم أمر برجل من الاسرى فوبخه ثم قتله، ثم صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأخذ من الطالبيين، وجعل ينال منهم إلى أن ذكر موسى بن جعفر عليه السلام فنال منه ثم قال: والله ما خرج حسين إلا عن أمره لا اتبع إلا محبته لانه صاحب الوصية في أهل هذا البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه، فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي وكان جريا عليه: يا أمير المؤمنين أقول أم أسكت ؟ فقال: قتلني الله إن عفوت عن موسى بن جعفر، ولولا ما سمعت من المهدي المنصور (2) فيما أخبر به المنصور ما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعلمه وفضله، وما بلغني عن السفاح فيه من تقريضه وتفضيله لنبشت قبره وأحرقته بالنار إحراقا.

 

(1) سلة خ ل. (2) كذا ولعله وصف للمهدى.

 

[319]

فقال أبو يوسف: نساؤه طوالق وعتق جميع ما يملك من الرقيق وتصدق بجميع ما يملك من المال وحبس دوابه وعليه المشي إلى بيت الله الحرام إن كان مذهب موسى بن جعفر عليه السلام الخروج، ولا يذهب إليه، ولا مذهب أحد من ولده ولا ينبغي أن يكون هذا منهم، ثم ذكر الزيدية وما ينتحلون، فقال: وما كان بقي من الزيدية إلا هذه العصابة الذين كانوا قد خرجوا مع حسين، وقد ظفر أمير المؤمنين بهم، ولم يزل يرفق به حتى سكن غضبه. قال: وكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام بصورة الامر، فورد الكتاب فلما أصبح أحضر أهل بيته وشيعته فأطلعهم أبو الحسن عليه السلام على ما ورد عليه من الخبر، وقال لهم: ما تشيرون في هذا ؟ فقالوا: نشير عليك أصلحك الله وعلينا معك أن تباعد شخصك عن هذا الجبار، وتغيب شخصك دونه فانه لا يؤمن شره وعاديته وغشمه، سيما وقد توعدك وإيانا معك، فتبسم موسى عليه السلام ثم تمثل ببيت كعب بن مالك اخي بني سلمة (1) وهو: زعمت سخينة أن ستغلب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب ثم أقبل على من حضره من مواليه وأهل بيته، فقال: ليفرخ روعكم (2) إنه لا يرد أول كتاب من العراق إلا بموت موسى بن المهدي وهلاكه، فقالوا: وما ذاك أصلحك الله ؟ فقال: قد وحرمة هذا القبر مات في يومه هذا، والله إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون، سأخبركم بذلك، بينما أنا جالس في مصلاي بعد فراغي من وردي وقد تنومت (3) عيناى إذ سنح جدي رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي فشكوت إليه موسى

 

(1) هو كعب بن مالك بن ابى كعب عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب ابن سلمة بن سعيد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الانصاري السلمى يكنى أبا عبد الله كان أحد شعراء رسول الله الذين كانوا يردون عنه الاذى، وقوله: " زعمت سخينة " يعنى قريشا، والسخينة طعام يتخذ من الدقيق دون العصيدة في الرقة وفوق الحساء لقبت به قريش لاتخاذها اياه. (2) فرخ روعه، أي زال. (3) وفى بعض النسخ: هومت، والتهويم: النعاس.

 

[320]

ابن المهدي، وذكرت ما جرى منه في أهل بيته، وأنا مشفق من غوائله، فقال لي: لتطب نفسك يا موسى، فما جعل الله لموسى عليك سبيلا، فبينما هو يحدثني إذ أخذ بيدي وقال لي: قد أهلك الله آنفا عدوك فليحسن لله شكرك، قال: ثم استقبل أبو الحسن القبلة ورفع يديه إلى السماء يدعو. فقال أبو الوضاح: فحدثني أبي قال: كان جماعة من خاصة أبي الحسن عليه السلام من أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه، ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال (1) فإذا نطق أبو الحسن عليه السلام بكلمة أو أفتى في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك، قال: فسمعناه وهو يقول في دعائه شكرا لله جلت عظمته: الدعاء، إلهي كم من عدو انتقضى علي سيف عداوته، وشحذ لي ظبة مديته وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب (2) سهامه ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني المكروه، ويجر عني ذعاف مرارته، فنظرت إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير من ناواني، وإرصادهم لي فيما لم أعمل فيه فكري في الارصاد لهم بمثله، فأيدتني بقوتك، وشددت أزري بنصرك، وفللت شبا حده وخذلته بعد جمع عديده (3) وحشده، وأعليت كعبي عليه، ووجهت ما سدد إلي من مكائده إليه، ورددته ولم يشف غليله، ولم تبرد حزازات غيظه، وقد عض علي أنامله، وأدبر موليا قد أخفقت سراياه. فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبأ إلي إضباء السبع (4) لطريدته، انتظارا لانتهاز فرصته، وهو

 

(1) جمع ميل: الملمول الذى يكتحل به، وكانوا يكتبون به على الالواح. (2) انتضى سيفه: استله من غمده، والمدية: الشفرة: والظبة بالضم والتخفيف: حد السيف والسنان ومثله الشبا والشحذ: التحديد كالتشحيذ ومثله الارهاف. والدوف: تخليط الدواء، والصوائب جمع الصائب: وهو من السهام: الذي لا يخطئ. (3) عدده خ ل. (4) أضبأ الصائد: اختبأ واستتر ليختل.

 

[321]

يظهر لي بشاشة الملق، ويبسط لي وجها غير طلق، فلما رأيت دغل سريرته، وقبح ما انطوى عليه لشريكه في ملبه، وأصبح مجلبا إلي في بغيه، أركسته لام رأسه وأتيت بنيانه من أساسه، فصرعته في زبيته وأرديته في مهوى حفرته (1) [وجعلت خده طبقا لتراب رجله وشغلته في بدنه ورزقه] ورميته بحجره وخنقته بوتره وذكيته بمشاقصه، وكببته لمنخره، ورددت كيده في نحره، ووثقته بندامته وفنيته (2) بحسرته فاستخذل واستخذأ وتضاءل بعد نخوته وانقمع بعد استطالته ذليلا مأسورا في ربق حبائله، التي كان يؤمل أن يراني فيها يوم سطوته، وقد كدت يا رب لولا رحمتتك يحل بي ما حل بساحته، فلك الحمد يا رب من متقدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من حاسد شرق بحسده، وشجى بغيظه، وسلقني بحد لسانه، و وخزني بموق عينه، وجعل عرضي غرضا لمراميه، وقلدني خلالا لم تزل فيه، فناديت (3) يا رب مستجيرا بك، واثقا بسرعة إجابتك، متوكلا على ما لم أزل أعرفه من حسن دفاعك، عالما أنه لم يضطهد من أوى إلى ظل كنفك، وأن لا تقرع الفوادح من لجأ إلى معقل الانتصار بك، فحصنتني من بأسه بقدرتك، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من سحائب مكروه قد جليتها، وسماء نعمة أمطرتها، وجداول كرامة أجريتها، وأعين أجداث طمستها، وناشئة رحمة نشرتها، وجنة عافية ألبستها وغوامر كربات كشفتها، وأمور جارية قدرتها، لم تعجزك إذ طلبتها، ولم تمتنع عليك إذ أردتها، فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين.

 

(1) حفيرته خ ل وهي بمعنى الزبية تحفر لصيد الفرس. (2) وفتنته خ ل. (3) فناديتك خ ل.

 

[322]

إلهي وكم من ظن حسن حققت، ومن عدم إملاق جبرت، ومن مسكنة فادحة حولت، ومن صرعة مهلكة أنعشت، ومن مشقة أزحت، لا تسأل يا سيدي عما تفعل وهم يسألون، ولا ينقصك ما أنفقت ولقد سئلت فأعطيت ولم تسأل فابتدأت واستميح باب فضلك فما أكديت، أبيت إلا إنعاما وامتنانا، وإلا تطولا يا رب وإحسانا، وأبيت يا رب إلا انتهاكا لحرماتك، واجتراء على معاصيك، وتعديا لحدودك، وغفلة عن وعيدك، وطاعة لعدوي وعدوك، لم يمنعك يا إلهي وناصري إخلالي بالشكر عن إتمام إحسانك، ولا حجزني ذلك عن ارتكاب مساخطك. اللهم فهذا مقام عبد ذليل اعترف لك بالتوحيد، وأقر على نفسه بالتقصير في أداء حقك، وشهد لك بسبوغ نعمتك عليه وجميل عاداتك (1) عنده، وإحسانك إليه، فهب لي يا إلهي وسيدي من فضلك ما اريده إلى رحمتك، وأتخذه سلما أعرج فيه إلى مرضاتك، وآمن به من سخطك بعزتك وطولك، وبحق محمد نبيك والائمة صلوات الله عليه وعليهم فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من عبد أمسى وأصبح في كرب الموت، وحشرجة الصدر، والنظر إلى ما تقشعر منه الجلود، وتفزع إليه القلوب، وأنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من عبد أمسى وأصبح سقيما موجعا مدنفا في أنين وعويل يتقلب في غمه، ولا يجد محيصا ولا يسيغ طعاما ولا يستعذب شرابا ولا يستطيع ضرا ولا نفعا وهو في حسرة وندامة وأنا في صحة من البدن، وسلامة من العيش، وكل ذلك منك فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل صل على محمد وآل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين.

 

(1) عادتك خ صح.

 

[323]

إلهي وكم عبد أمسى وأصبح خائفا مرعوبا مسهدا مشفقا وحيدا وجلا هاربا طريدا ومنحجزا في مضيق أو مخبأة من المخابي، قد ضاقت عليه الارض برحبها، لا يجد حيلة ولا منجى ولا مأوى ولا مهربا وأنا في أمن وطمأنينة وعافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل صل على محمد وآل محمد واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين. إلهي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح مغلولا مكبلا بالحديد بأيدي العداة لا يرحمونه فقيدا من أهله وولده منقطعا عن إخوانه وبلده، يتوقع كل ساعة بأية قتلة يقتل وبأي مثلة يمثل به، وأنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح يقاسي الحرب ومباشرة القتال بنفسه قد غشيته الاعداء من كل جانب والسيوف والرماح وآلة الحرب يتقعقع في الحديد مبلغ مجهوده، ولا يعرف حيلة ولا يجد مهربا قد أدنف بالجراحات، أو متشحطا بدمه تحت السنابك والارجل يتمنى شربة من ماء أو نظرة إلى أهله وولده، ولا يقدر عليها وأنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من عبد أمسى وأصبح في ظلمات البحار، وعواصف الرياح والاهوال والامواج يتوقع الغرق والهلاك لا يقدر على حيلة، أو مبتلى بصاعقة أو هدم أو غرق أو حرق أو شرق أو حسف أو مسخ أو قذف وأنا في عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من عبد أمسى وأصبح مسافرا شاخصا (1) عن أهله ووطنه وولده، متحيرا في المفاوز، تائها مع الوحوش والبهائم والهوام، وحيدا فريدا لا يعرف حيلة ولا يهتدي

 

(1) شاحطا خ، كما في المصدر.

 

[324]

سبيلا، أو متأذيا ببرد أو حر أو جوع أو عري أو غيره من الشدائد مما أنا منه خلو وفي عافية من ذلك كله فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين. إلهي وكم من عبد أمسى وأصبح فقيرا عائلا عاريا مملقا مخفقا مهجورا (1) خائفا جائعا ظمآنا ينتظر من يعود عليه بفضل أو عبد وجيه هو أوجه مني عندك، و أشد عبادة لك، مغلولا مقهورا، قد حمل ثقلا من تعب العناء، وشدة العبودية وكلفة الرق، وثقل الضريبة، أو مبتلى ببلاء شديد لاقبل له به، إلا بمنك عليه وأنا المخدوم المنعم المعافي المكرم في عافية مما هو فيه فلك الحمد يا رب من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين. إلهي مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح شريدا طريدا حيران متحيرا جائعا خائفا خاسرا (2) في الصحاري والبراري قد أحرقه الحر والبرد، وهو في ضر من العيش وضنك من الحياة وذل من المقام ينظر إلى نفسه حسرة لا يقدر لها على ضر ولا نفع، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل صل على محمد وآل محمد، واجعلني لانعمك من الشاكرين، ولالائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين (3). مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح عليلا مريضا سقيما مدنفا على فرش العلة، وفي لباسها يتقلب يمينا وشمالا، لا يعرف شيئا من لذة الطعام، ولا من لذة الشراب ينظر إلى نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لك من العابدين، ولانعمك من الشاكرين ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (4).

 

(1) مجهودا خ ل. (2) حاسرا خ ل. (3) زاد في المصدر: يا مالك الراحمين. (4) يا أرحم الراحمين خ ل.

 

[325]

مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح قد دنا يومه من حتفه، وقد أحدق به ملك الموت في أعوانه، يعالج سكرات الموت وحياضه، تدور عيناه يمينا وشمالا لا ينظر إلى أحبائه وأودائه وأخلائه، قد منع من الكلام، وحجب عن الخطاب ينظر إلى نفسه حسرة فلا يستطيع لها نفعا ولا ضرا، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد، واجعلني لك من العابدين، ولانعمك (1) من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (2). مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح في مضائق الحبوس والسجون وكربها (3) وذلها وحديدها تتداوله أعوانها وزبانيتها. فلا يدري أي حال يفعل به، وأي مثلة يمثل به، فهو في ضر من العيش، وضنك من الحياة، ينظر إلى نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين (4). مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح قد استمر عليه القضاء، وأحدق به البلاء، وفارق أوداءه وأحباءه وأخلاءه وأمسى حقيرا أسرا ذليلا في أيدي الكفار والاعداء، يتداولونه يمينا وشمالا، قد حمل في المطامير، وثقل بالحديد لا يرى شيئا من ضياء الدنيا ولا من روحها، ينظر إلى نفسه حسرة لا يستطيع لها ضرا ولا نفعا، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لك من

 

(1) ولنعمائك خ ل كما في المصدر. (2) يا أرحم الراحمين خ ل. (3) وكرهها خ ل. (4) يا ارحم الراحمين خ ل، وهكذا في كل المواضع.

 

[326]

العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين. مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح قد اشتاق إلى الدنيا للرغبة فيها إلى أن خاطر بنفسه وماله حرصا منه عليها، قد ركب الفلك، وكسرت به، وهو في آفاق البحار وظلمها، ينظر إلى نفسه حسرة لا يقدر لها على ضر ولا نفع، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك فلا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لك من العابدين، ولنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين. مولاي وسيدي وكم من عبد أمسى وأصبح قد استمر عليه القضاء، وأحدق به البلاء، والكفار والاعداء، وأخذته الرماح والسيوف والسهام، وجدل صريعا، وقد شربت الارض من دمه، وأكلت السباع والطير من لحمه، وأنا خلو من ذلك كله بجودك وكرمك، لا باستحقاق مني يا لا إله إلا أنت سبحانك من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، صل على محمد وآل محمد واجعلني لنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا مالك الراحمين. وعزتك يا كريم، لاطلبن مما لديك ولالحن عليك ولالجن (1) إليك ولامدن يدي نحوك مع جرمها إليك، فبمن أعوذ يا رب وبمن ألوذ ؟ لا أحد لي إلا أنت أفتردني وأنت معولي، وعليك متكلي، وأسئلك باسمك الذي وضعته على السماء فاستقلت، وعلى الجبال فرست، وعلى الارض فاستقرت، وعلى الليل فاظلم، وعلى النهار فاستنار، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي لي جميع حوائجي، وتغفر لي ذنوبي كلها، صغيرها وكبيرها، وتوسع علي من الرزق ما تبلغني به شرف الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين. مولاي بك استعنت (2) فصل على محمد وآل محمد وأعني (3) وبك استجرت

 

(1) ولالجئن، خ كما في المصدر. (2) استغثت خ ل. (3) وأغثنى خ ل.

 

[327]

فصل على محمد وآل محمد وأجرني، وأغنني بطاعتك عن طاعة عبادك، وبمسئلتك عن مسألة خلقك، وانقلني من ذل الفقر إلى عز الغنى، ومن ذل المعاصي إلى عز الطاعة، فقد فضلتني على كثير من خلقك جودا منك وكرما لا باستحقاق مني إلهي فلك الحمد على ذلك كله صل على محمد وآل محمد، واجعلني لنعمائك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين. قال: ثم أقبل علينا مولانا أبو الحسن عليه السلام ثم قال: سمعت من أبي جعفر بن محمد يحدث عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين عليه وعليهم السلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: اعترفوا بنعمة الله ربكم عزوجل، وتوبوا إليه من جميع ذنوبكم، فان الله يحب الشاكرين من عباده. قال: ثم قمنا إلى الصلاة، وتفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى المهدي والبيعة لهارون الرشيد (1). ق: أبو المفضل الشيباني بالاسناد المذكور مثله. أقول: وجدت في نسخ المهج بعد إتمام شرح الجوشن ما هذا لفظه: ومن ذلك الشرح المعروف بدعاء الجوشن يقول كاتبه الفقير إلى الله تعالى أبو طالب بن رجب: وجدت دعاء الجوشن وخبره وفضله في كتاب من كتب جدي السعيد تقي الدين الحسن بن داود بغير هذه الرواية فأحببت إثباته في هذا المكان (2) ثم ذكر الخبر الذي أوردناه في شرح دعاء الجوشن الصغير (3) وهذا ليس من كلام السيد ابن طاوس، وإنما زاده ابن الشيخ رجب، ولعله روي في كليهما، وإن كان الظاهر أنه اشتبه على هذا الشيخ. 3 - مهج: عوذة مولانا الكاظم صلوات الله عليه لما القي في بركة السباع: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده وحده وحده، أنجز وعده ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الاحزاب وحده، والحمد لله رب العالمين

 

(1) مهج الدعوات ص 268 - 281. (2) مهج الدعوات ص 281. (3) بل سيأتي في شرح دعاء الجوشن الكبير.

 

[328]

أصبحت وأمسيت في حمى الله الذي لا يستباح، وستره الذي لا تهتكه الرياح، ولا تخرقه الرماح، وذمة الله التي لا تخفر، وفي عزة الله التي لا تستذل ولا تقهر، وفي حزبه الذي لا يغلب، وفي جنده الذي لا يهزم، بالله استفتحت وبه استنجحت وتعززت وانتصرت وتقويت واحترزت، واستعنت بالله، وبقوة الله، وضربت على أعدائي وقهرتهم بحول الله، واستعنت عليهم بالله، وفوضت أمري إلى الله حسبي الله ونعم الوكيل، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، شاهت وجوه أعدائي فهم لا يبصرون، صم بكم عمى فهم لا يرجعون. غلبت أعداء الله بكلمة الله (1) فلجت حجة الله على أعداء الله الفاسقين وجنود إبليس أجمعين، لن يضروكم إلا أذى، وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا، لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون. تحصنت منهم بالحصن الحصين، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا، فآويت إلى ركن شديد، والتجأت إلى الكهف المنيع الرفيع، وتمسكت بالحبل المتين، وتدرعت بهيبة أمير المؤمنين، وتعوذت بعوذة سليمان بن داود عليه السلام واحترزت بخاتمه، فأنا أين كنت كنت آمنا مطمئنا وعدوي في الاهوال حيران، وقد حف بالمهانة، وألبس الذل، وقمع بالصغار. وضربت على نفسي سرادق الحياطة، وعلقت (2) علي هيكل الهيبة وتتوجت بتاج الكرامة، وتقلدت بسيف العز الذي لا يفل، وخفيت عن الظنون، وتواريت عن العيون، وأمنت على روحي، وسلمت من أعدائي، وهم لي خاضعون، ومني خائفون، وعني نافرون، كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسوة، قصرت أيديهم عن بلوغي، وصمت آذانهم عن استماع كلامي، وعميت أبصارهم عن رؤيتي، وخرست ألسنتهم عن ذكري، وذهلت عقولهم عن معرفتي، وتخوفت قلوبهم وارتعدت

 

(1) زاد في المصدر: ان من يغلب بكلمة الله. (2) ودخلت في هيكل الهيبة خ ل.

 

[329]

فرائصهم من مخافتي، وانفل حدهم، وانكسرت شوكتهم، ونكست رؤوسهم وانحل عزمهم، وتشتت جمعهم، واختلفت كلمتهم، وتفرقت امورهم، وضعف جندهم وانهزم جيشهم، ولوا مدبرين، سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر. علوت عليهم بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبعلو الله الذي كان يعلو به علي صاحب الحروب، منكس الفرسان، ومبيد الاقران، وتعززت منهم بأسماء الله الحسنى، وكلماته العليا، وتجهزت على أعدائي ببأس الله بأس شديد وأمر عتيد، وأذللتهم، وجمعت رؤوسهم، ووطئت رقابهم، فظلت أعناقهم لي خاضعين. خاب من ناواني، وهلك من عاداني، وأنا المؤيد المحبور المظفر المنصور قد كرمتني كلمة التقوى، واستمسكت بالعروة الوثقى، واعتصمت بالحبل المتين، فلا يضرني بغي الباغين، ولا كيد الكائدين، ولا حسد الحاسدين، أبد الآبدين فلن يصل إلى أحد، ولن يضرني أحد، ولن يقدر علي أحد، بل أنا أدعو ربي ولا اشرك به أحدا. يا متفضل تفضل علي بالامن والسلامة من الاعداء، وحل بيني وبينهم بالملائكة الغلاظ الشداد، ومدني بالجند الكثيف، والارواح المطيعة، يحصبونهم بالحجة البالغة، ويقذفونهم [بالاحجار الدامغة، ويضربونهم بالسيف القاطع ويرمونهم] بالشهاب الثاقب، والحريق الملتهب، والشواظ المحرق، والنحاس النافذ، ويقذفون من كل جانب، دحورا ولهم عذاب واصب. ذللتهم وزجرتهم وعلوتهم ببسم الله الرحمن الرحيم بطه [ويس] والذاريات والطواسين، وتنزيل، والحواميم، وكهيعص، وحمعسق، وق والقرآن المجيد وتبارك، ون والقلم وما يسطرون، وبمواقع النجوم، وبالطور، وكتاب مسطور في رق منشور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور، إن عذاب ربك لواقع، ماله من دافع، فولوا مدبرين، وعلى أعقابهم ناكصين [وفي ديارهم


 

[330]

جاثمين، فوقع القول وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنا لك] وانقلبوا صاغرين، والقي السحرة ساجدين، فوقيه الله سيئات ما مكروا [وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن وحاق بآل فرعون سوء العذاب] ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله والله ذوفضل عظيم. اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأدرء بك في نحورهم، وأسئلك خير ما عندك، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل من ورائي، ومحمد صلى الله عليه وآله شفيعي من بين يدي، والله مطل علي يا من جعل بين البحرين حاجزا احجز بيني وبين أعدائي، فلن يصلوا إلي بسوء أبدا، بيني وبينهم ستر الله الذي ستر به الانبياء عن الفراعنة، ومن كان في ستر الله كان محفوظا. حسبي الله الذي يكفيني ما لا يكفيني أحد من خلقه وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون. اللهم اضرب علي سرادق حفظك الذي لا تهتكه الرياح، ولا تخرقه الرماح ووق روحي بروح قدسك الذي من ألقيته عليه كان معظما في أعين الناظرين، وكبيرا في صدور الخلق أجمعين، ووفقني بأسمائك الحسنى، وأمثالك العليا، لصلاحي في جميع ما اؤمله من خير الدنيا والآخرة، واصرف عني أبصار الناظرين، واصرف عني قلوبهم من شر ما يضمرون إلى ما لا يملكه أحد غيرك. اللهم أنت ملاذي فبك ألوذ، وأنت معاذي فبك أعوذ، اللهم إن خوفي أمسى وأصبح مستجيرا بوجهك الباقي، الذي لا يبلى يا أرحم الراحمين، سبحان من ألج البحار بقدرته، وأطفأ نار إبراهيم بكلمته، واستوى على العرش بعظمته


 

[331]

وقال لموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين، إني لا يخاف لدي المرسلون، لا تخف نجوت من القوم الظالمين، لا تخاف دركا ولا تخشى، لا تخف إنك أنت الاعلى، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه انيب، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، أليس الله بكاف عبده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما شاء الله كان (1). 4 - مهج: ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله لموسى بن جعفر عليه السلام في السجن باسناد صحيح عن عبد الله بن مالك الخزاعي قال: دعاني هارون الرشيد فقال: يا أبا عبد الله كيف أنت وموضع السر منك ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما أنا الا عبد من عبيدك، فقال: امض إلى تلك الحجرة وخذ من فيها، واحتفظ به إلى أن أسئلك عنه، قال: فدخلت فوجدت موسى بن جعفر عليه السلام فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي إلى منزلي، فأدخلته داري، وجعلته على حرمي، وقفلت عليه والمفتاح معي، وكنت أتولى خدمته. ومضت الايام، فلم أشعر إلا برسول الرشيد يقول: أجب أمير المؤمنين فنهضت ودخلت عليه، وهو جالس وعن يمينه فراش، وعن يساره فراش، فسلمت عليه، فلم يرد غير أنه قال: ما فعلت بالوديعة ؟ فكأني لم أفهم ما قال، فقال: ما فعل صاحبك ؟ فقلت: صالح، فقال: امض إليه وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه إلى منزله وأهله، فقمت وهممت بالانصراف، فقال له: أتدري ما السبب في ذلك ؟ وما هو ؟ قلت: لا يا أمير المؤمنين قال: نمت على الفراش الذي عن يميني، فرأيت في منامي قائلا يقول لي: يا هارون أطلق موسى بن جعفر، فانتبهت فقلت: لعلها لما في نفسي منه، فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول: يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل ؟ فانتبهت وتعوذت من الشيطان ثم قمت إلى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص

 

(1) مهج الدعوات ص 300 - 304.

 

[332]

بعينه، وبيده حربة كأن أولها بالمشرق وآخرها بالمغرب، وقد أومأ إلي وهو يقول: والله يا هارون لئن لم تطلق موسى بن جعفر لاضعن هذه الحربة في صدرك واطلعها من ظهرك، فأرسلت إليك فامض فيا أمرتك به، ولا تظهره إلى أحد فأقتلك فانظر لنفسك. قال: فرجعت إلى منزلي وفتحت الحجرة، ودخلت على موسى بن جعفر فوجدته قد نام في سجوده فجلست حتى استيقظ ورفع رأسه، وقال: يا أبا عبد الله افعل ما امرت به، فقلت له: يا مولاي سألتك بالله وبحق جدك رسول الله هل دعوت الله عزوجل في يومك هذا بالفرج ؟ فقال: أجل إني صليت المفروضة وسجدت وغفوت في سجودي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا موسى أتحب أن تطلق ؟ فقلت: نعم يا رسول الله صلى الله عليك، فقال: ادع بهذا الدعاء: يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم، يا مجلي الهمم، يا مغشي الظلم، يا كاشف الضر والالم، يا ذا الجود والكرم، ويا سامع كل صوت، وما مدرك كل فوت، ويا محيي العظام وهي رميم، ومنشئها بعد الموت، صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا يا ذا الجلال والاكرام. فلقد دعوت به ورسول الله يلقننيه حتى سمعتك، فقلت: قد استجاب الله فيك ثم قلت له ما أمرني به الرشيد وأعطيته ذلك (1). 5 - مهج: حرز لمولانا موسى بن جعفر عليه السلام قال الشيخ علي بن عبد الصمد رحمه الله: وجدت في كتب أصحابنا مرويا عن المشايخ رحمهم الله أنه لما هم هارون الرشيد بقتل موسى بن جعفر عليهما السلام، دعا الفضل بن الربيع وقال له: قد وقعت لي إليك حاجة أسألك أن تقضيها ولك مائة ألف درهم، قال: فخر الفضل عند ذلك ساجدا وقال: أمر أم مسألة ؟ قال: بل مسألة، ثم قال: أمرت بأن تحمل إلى دارك في هذه الساعة مائة ألف درهم، وأسالك أن تصير إلى دار موسى بن جعفر وتأتيني برأسه، قال الفضل: فذهبت إلى ذلك البيت فرأيت فيه موسى بن جعفر

 

(1) مهج الدعوات ص 305 - 306.

 

[333]

وهو قائم يصلي فجلست حتى قضى صلاته، وأقبل إلي وتبسم وقال: عرفت لما ذا حضرت أمهلني حتى اصلي ركعتين. قال: فأمهلته فقام وتوضأ فاسبغ الوضوء، وصلى ركعتين وأتم الصلاة بحسن ركوعها وسجودها، وقرأ خلف صلاته بهذا الحرز فاندرس وساخ في مكانه فلا أدري أأرض ابتلعته أم السماء اختطفته، فذهبت إلى هارون وقصصت عليه القصة قال: فبكى هارون الرشيد ثم قال: قد أجاره الله مني. وروي عنه عليه السلام أنه قال: من قرأه كل يوم بنية خالصة، وطوية صادقة صانه الله عن كل محذور وآفة، وإن كانت به محنة خلصه الله منها، وكفاه شرها ومن لم يحسن القراءة فليمسكه مع نفسه متبركا به حتى ينفعه الله به، ويكفيه المحذور والمخوف، إنه ولي ذلك والقادر عليه الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر الله أكبر وأعلى وأجل مما أخاف وأحذر وأستجير بالله - يقولها ثلاث مرات - عز جار الله، وجل ثناء الله، ولا إله إلا الله، وحده لا شريك له وصلى الله على محمد وآله. اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واغفر لي بقدرتك، فأنت رجائي رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري، فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا، فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، يا ذا النعم التي لا تحصى عددا، صل على محمد وآل محمد، اللهم بك أدفع وأدرء في نحره، وأستعيذ بك من شره. اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه (1) المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك (2) إنك وهاب، أسئلك فرجا

 

(1) تنفعه خ ل. (2) ينفعك خ ل.

 

[334]

قريبا، ومخرجا رحيبا، ورزقا واسعا، وصبرا جميلا، وعافية من جميع البلايا إنك على كل شئ قدير. اللهم إني أسئلك العفو والعافية، والامن والصحة والصبر، ودوام العافية والشكر على العافية، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تبلسني عافيتك في ديني ونفسي وأهلي ومالي وإخواني من المؤمنين والمؤمنات، وجميع ما أنعمت به علي وأستودعك ذلك كله يا رب، وأسألك أن تجعلني في كنفك وفي جوارك وفي حفظك وحرزك وعياذك، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك. اللهم فرغ قلبى لمحبتك وذكرك، وانعشه بخوفك أيام حياتي كلها، واجعل زادي من الدنيا تقواك، وهب لي قوة أحتمل بها جميع طاعتك، وأعمل بها جميع مرضاتك، واجعل فراري إليك، ورغبتي فيما عندك، والبس قلبى الوحشة من شرار خلقك، والانس بأوليائك، وأهل طاعتك، ولا تجعل لفاجر ولا لكافر علي منة، ولا له عندي يدا، ولا لى إليه حاجة. إلهي قد ترى مكاني، وتسمع كلامي، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شئ من أمري، يا من لا يصفه نعت الناعتين، ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين يا من لا يضيع لديه أجر المحسنين، يامن قربت نصرته من المظلومين، يا من بعد عونه عن الظالمين، قد علمت ما نالني من فلان مما حظرت، وانهتك (1) مني ما حجرت بطرا في نعمتك عنده، واغترارا بسترك عليه، اللهم فخذه عن ظلمي بعزتك وافلل حده عني بقدرتك [عليه]، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عما ينويه اللهم لا تسوغه ظلمي، وأحسن عليه عوني، واعصمني من مثل فعاله، ولا تجعلني بمثل حاله يا أرحم الراحمين. اللهم إني استجرت بك، وتوكلت عليه، فوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، وضعف ركني إلى قوتك، مستجيرا بك من ذي (2) التعزز علي

 

(1) انتهك خ ل. (2) ذوى التعزز خ ل.

 

[335]

والقوة على ضيمي، فاني في جوارك، فلا ضيم على جارك، رب فاقهر عني قاهري بقوتك، وأوهن عني مستوهني بعزتك، واقبض عني ضائمي بقسطك، وخذلي ممن ظلمني بعدلك. رب فأعذني بعياذك، فبعياذك امتنع عائذك، وأدخلني في جوارك، عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، وأسبل علي سترك، من تستره فهو الآمن المحصن الذي لا يراع، رب واضممني في ذلك إلى كنفك، فمن تكنفه فهو الآمن المحفوظ، لا حول ولا قوة ولا حيلة إلا بالله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا. من يكن ذا حيلة في نفسه أو حول يتقلبه (1) أو قوة في أمره بشئ سوى الله، فان حولي وقوتي وكل حيلتى بالله الواحد الاحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وكل ذي ملك فمملوك لله، وكل قوي ضعيف عند قوة الله، وكل ذي عز فغالبه الله، وكل شئ في قبضة الله، ذل كل عزيز لبطش الله، صغر كل عظيم عند عظمة الله، خضع كل جبار عند سلطان الله واستظهرت واستطلت على كل عدو لي بتولى الله، درأت في نحر كل عاد (2) على الله. ضربت باذن الله بينى وبين كل مترف ذي سورة، وجبار ذي نخوه ومتسلط ذي قدرة، ووال ذي إمرة، ومستعد ذي ابهة، وعنيد ذي ضغينة وعدو ذي غيلة، ومدرئ (3) ذي حيلة، وحاسد ذي قوة، وماكر ذي مكيدة، وكل معين أعان (4) علي بمقالة مغوية، أو سعاية مشلية (5) أو حيلة موذية، أو غائلة مردية، أو كل طاغ ذي كبرياء، أو معجب ذي خيلاء، على كل سبب وبكل مذهب

 

(1) في تقلبه خ ل بتقلبه خ ل. (2) عات خ ل. (3) أي مدافع مخاتل. (4) أو معان خ ل، كما في المصدر. (5) مسلبة خ كما في المصدر وقد مر في بعض الادعية عن مكارم الاخلاق " مثلبة ".

 

[336]

فأخذت لنفسي ومالى حجابا دونهم بما أنزلت من كتابك، وأحكمت من وحيك الذي لا يؤتى من سورة بمثله، وهو الحكم العدل، والكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل حمدي لك، وثنائي عليك في العافية والبلاء والشدة والرخاء دائما لا ينقضى ولا يبيد، توكلت على الحي الذي لا يموت اللهم بك أعوذ [وبك ألوذ] وبك أصول، وإياك أعبد وإياك أستعين، وعليك أتوكل وأدرء بك في نحر أعدائي، وأستعين بك عليهم، وأستكفيكهم فاكفنيهم بما شئت وكيف شئت، ومما شئت، بحولك وقوتك، إنك على كل شئ قدير فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون، لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى، قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون، أخذت بسمع من يطالبني بالسوء بسمع الله وبصره وقوته بقوة الله وحبله المتين، وسلطانه المبين فليس لهم عليها سلطان ولا سبيل إنشاء الله، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون. اللهم يدك فوق كل ذي قدرة (1) وقوتك أعز من كل قوة، وسلطانك أجل من كل سلطان، فصل على محمد وآل محمد، وكن عند ظنى فيما لم أجد فيه مفزعا غيرك، ولا ملجأ سواك، فانني أعلم أن عدلك أوسع من جور الجبارين (2) وأن إنصافك من وراء ظلم الظالمين، صل على محمد وآل محمد أجمعين، وأجرني منهم يا أرحم الراحمين. اعيذ نفسي وديني وأهلي ومالى وولدي ومن تلحقه عنايتي وجميع نعم الله عندي ببسم الله الذي خضعت له الرقاب، وبسم الله الذي خافته الصدور، ووجلت منه النفوس، وبالاسم الذي نفس عن داود كربته، وبسم الله (3) الذي قال للنار

 

(1) فوق كل يد خ ل. (2) الجائرين خ ل. (3) وبالاسم الذى خ ل.

 

[337]

كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وأرادوا به كيدا فجلناهم الاخسرين، وبعزيمة الله التي لا تحصى وبقدرة الله المستطيلة على جميع خلقه، من شر فلان، ومن شر ما خلقه الرحمن، ومن شر مكرهم وكيدهم، وحولهم وقوتهم، وحيلهم إنك على كل شئ قدير. اللهم بك أستعين، وبك أستغيث، وعليك أتوكل وأنت رب العرش العظيم اللهم صل على محمد وآل محمد، وخلصني من كل مصيبة نزلت في هذا اليوم، وفي هذه الليلة، وفي جميع الليالي والايام، من السماء إلى الارض إنك على كل شئ قدير [واجعل لي سهما في كل حسنة نزلت في هذا اليوم، وفي هذه الليلة وفي جميع الليالي والايام من السماء إلى الارض إنك على كل شئ قدير]. اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه وآله إليك أتوجه، وبكتابك أتوسل أن تلطف لي بلطفك الخفي إنك على كل شئ قدير، جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري، وإسرافيل أمامي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم خلفي، وبين يدي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا (1). 6 - مهج حرز آخر في معناه عنه عليه السلام: قال علي بن عبد الصمد: أخبرني الشيخ جدي قراءة عليه وأنا أسمع في شوال سنة تسع وعشرين وخمسمائة، قال الشيخ: حدثني الشيخ والدي الفقيه أبو الحسن رحمه الله قال: حدثني السيد أبو البركات رحمه الله في سنة أربع عشرة وأربعمائة قال: حدثني الشيخ أبو جعفر محمد ابن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه قال: حدثنا الحسن بن علي بن يقطين قال: حدثنا الحسين ابن علي، عن أبيه، علي بن يقطين. قال ابن بابويه: وحدثنا أحمد بن يحيى الكاتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد ابن محمد الوراق قال: حدثنا علي بن هارون بن سليمان النوفلي قال: حدثني أبي

 

(1) مهج الدعوات ص 29 - 34.

 

[338]

عن علي بن يقطين أنه قال: أنمى الخبر إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وعنده جماعة من أهل بيته بما عزم عليه بن المهدي في أمره، فقال لاهل بيته: ما ترون ؟ قالوا: نرى أن تتباعد منه، وأن تغيب شخصك عنه، فانه لا يؤمن من شره فتبسم أبو الحسن عليه السلام ثم قال: زعمت سخينة أن ستغلب ربها * فليغلبن مغالب الغلاب ثم رفع يده إلى السماء وقال: إلهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن ملمات الجوائح، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك، لا بحول مني ولا بقوة، فألقيته في الحفير الذي احتفره لى خائبا مما أمله في الدنيا، متباعدا مما رجاه في الآخرة، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك سيدي. اللهم فخذه بعزتك، وافلل حده عنى بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عما يناويه، اللهم وأعذني عليه عدوى (1) حاضرة تكون من غيظي شفاء، ومن حنقى عليه وفاء (2) وصل اللهم دعائي بالاجابة، وانظم شكايتي بالتغيير وعرفه عما قليل ما أوعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت في إجابة المضطرين إنك ذو الفضل العظيم، والمن الكريم. قال: ثم تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب بموت موسى بن المهدي (3).

 

(1) العدوى: استغاثتك وطلبك الى زعيم أو وال ليعديك ويعينك على من ظلمك فينتقم لك منه، يقال: أعداه على فلان: أي نصره وأعانه وقواه. (2) وقاء خ ل. (3) مهج الدعوا 34 - 35، وقد مر مثله ص 317 - 327 مع دعاء طويل وفي أمالى الطوسى ج 2 ص 35 مثل ما في المتن وتراه في أمالى الصدوق ص 226، عيون الاخبار ج 1 ص 76 وبعدها ستة ابيات لبعض أهل البيت في هذه القصة.

 

[339]

وبهذا الاسناد عن علي بن يقطين قال: كنت واقفا على رأس هارون الرشيد إذ دعا موسى بن جعفر، وهو يتلظى عليه فلما دخل حرك شفتيه بشئ فأقبل هارون عليه ولا طفه وبره، وأذن له في الرجوع، فقلت له: يا ابن رسول الله جعلني الله فداك إنك دخلت على هارون وهو يتلظى عليك، فلم أشك إلا أنه يأمر بقتلك، فسلمك الله منه، فما الذي كنت تحرك به شفتيك ؟. فقال عليه السلام: إني دعوت بدعائين أحدهما خاص والآخر عام فصرف الله شره عني، فقلت: ما هما يا ابن رسول الله ؟ فقال: أما الخاص " اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي ". وأما العام " اللهم إنك تكفي من كل أحد، ولا يكفي منك أحد، فاكفنيه بما شئت، وكيف شئت، أنى شئت " فكفاني الله شره (1). 7 - مهج: وبهذا الاسناد عن علي بن إبراهيم بن هاشم بروايته قال: إن الصادق عليه السلام أخرج آيات من القرآن، وجعلها حرزا لابنه موسى الكاظم عليه السلام وكان يقرأه ويعوذ نفسه به، وهو هذا: بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم لا إله إلا الله أبدا حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، لا إله إلا الله تلطفا ورفقا، لا إله إلا الله بسم الله، والحمد لله، واعتصمت بالله، وألجأت ظهري إلى الله، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وما توفيقي إلا بالله [وما النصر إلا من عند الله، وما صبري إلا بالله، وافوض أمري إلى الله] ونعم القادر الله، ونعم المولى، ونعم النصير الله، ولا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يصرف السيئات إلا الله، وما بنا من نعمة فمن الله، وإن الامر كله لله. واستكفي الله، وأستعين الله، وأستقيل الله، واستغفر الله، واستغيث الله، وصلى الله على محمد رسول الله وآله، وعلى أنبياء الله، وعلى ملائكة الله، وعلى الصالحين من عباد الله، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين، كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز لا يضركم كيدهم

 

(1) مهج الدعوات ص 36.

 

[340]

شيئا إن الله بما تعملون محيط، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، واتقوا الله، والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدي القوم الكافرين، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الارض فسادا، يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وزادكم في الخلق بسطة، واذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون. له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، وقربناه نجيا، ورفعناه مكانا عليا، سيجعل لهم الرحمن ودا، وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله ورجعناك إلى امك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا لا تخف إنك من الآمنين، لا تخف إنك أنت الاعلى، لا تخاف دركا ولا تخشى، لا تخف نجوت من القوم الظالمين، لا تخف إنا منجوك وأهلك، لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى. وينصرك الله نصرا عزيزا، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، فوقيهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا وينقلب إلى أهله مسرورا، ورفعنا لك ذكرك، يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله، ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله، أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس، هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم. سنشد عضدك بأخيك، ونجعل لكما سلطانا، فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون، على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها


 

[341]

إن ربي على صراط مستقيم، فستذكرون ما أقول لكم وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب، الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما، فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم، فلله الحمد رب السموات ورب الارض ورب العالمين وله الكبرياء في السموات والارض وهو العزيز الحكيم، وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا. أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي، فلما كلمه قال إنك اليوم لدنيا مكين أمين، وخشعت الاصوات للرحمن، فلا تسمع إلا همسا فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب


 

[342]

والشهادة هو الرحمن الرحيم، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن. عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار، وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون. اللهم من أراد بي وبأهلي وأولادي وأهل عنايتي شرا أو باسا أو ضرا فاقمع رأسه واعقل لسانه، وألجم فاه، وحل بيني وبينه كيف شئت وأنى شئت واجعلنا منه ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها - إن ربي على صراط مستقيم - في حجابك الذي لا يرام، وفي سلطانك الذي لا يستضام، فان حجابك منيع، وجارك عزيز وأمرك غالب، وسلطانك قاهر، وأنت على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل ما صليت على أحد من خلقك، وصل على محمد وآل محمد كما هديتنا به من الضلالة، واغفر لنا ولآبائنا ولامهاتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات، إنك مجيب الدعوات، وأنت على كل شئ قدير. اللهم إني أستودعك نفسي وديني وأمانتي وأهلي ومالي وعيالي وأهل حزانتي وخواتيم عملي وجميع ما أنعمت به علي من أمر دنياي وآخرتي فانه لا يضيع محفوظك ولا تزرء ودايعك ولن يجيرني من الله أحد، ولن أجد من دونه ملتحدا اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله


 

[343]

على محمد وآله أجمعين (1). 7 - حرز الكاظم عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أعطني الهدى، وثبتني عليه، واحشرني عليه آمنا، أمن من لا خوف عليه، ولا حزن ولا جزع، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة (2). 46. * (باب) * * (بعض أدعية الرضا عليه السلام واحرازه) * * (وعوذاته وما يناسب ذلك) * اقول: قد مضى في طي باب ادعية جده الصادق عليه السلام بعض أدعيته عليه السلام أيضا. 1 - مهج: حرز رقعة الجيب عن الرضا صلوات الله عليه: علي بن عبد الصمد عن جده، عن والده أبي الحسن، عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الحسني عن الصدوق محمد بن بابويه، عن ابن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: لما نزل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قصر حميد بن قحطبة نزع ثيابه وناولها حميدا فاحتملها وناولها جارية له لتغسلها، فما لبثت أن جاءت ومعها رقعة، فناولتها حميدا وقالت: وجدتها في جيب أبي الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك إن الجارية وجدت رقعة في جيب قميصك، فها هي، قال: يا حميد هذه عوذة لا نفارقها، فقلت: لو شرفتني بها، فقال: هذه عوذة من أمسكها في جيبه كان البلاء مدفوعا عنه، وكانت له حرزا من الشيطان الرجيم، ثم أملى على حميد العوذة وهي: بسم الله الرحمن بسم الله إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أو غير تقي، أخذت بالله السميع البصير على سمعك وبصرك، لا سلطان لك على ولا

 

(1) مهج الدعوات ص 36 - 40. (2) مهج الدعوات ص 41.

 

[344]

على سمعي ولا على بصري ولا على شعري ولا على بشري ولا على لحمي ولا على دمي ولا على مخي ولا على عصبي ولا على عطامي ولا على مالي ولا على م ارزقني ربي، سترت بيني وبينك بستر النبوة الذي استتر أنبياء الله به من سطوات الجبابرة والفراعنة جبرئيل عن يمينى وميكائيل عن يسارى وإسرافيل عن ورائي، ومحمد صلى الله عليه وآله أمامي والله مطلع علي يمنعك منى ويمنع الشيطان منى، اللهم لا يغلب جهله أناتك أن يستفزني ويستخفني، اللهم إليك التجأت (1) اللهم إليك التجأت اللهم إليك التجأت. قلت: ولهذا الحرز قصة مونقة وحكاية عجيبة كما رواه أبو الصلت الهروي قال: كان ذات يوم جالسا في منزله، إذ دخل عليه رسول هارون الرشيد فقال: أجب أمير المؤمنين فقام علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت إنه لا يدعوني في هذا الوقت إلا لداهية، والله لا يمكنه أن يعمل بي شيئا أكرهه، لكلمات وقعت إلي من جدي رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: فخرجت معه حتى دخلنا على هارون الرشيد، فلما نظر به (2) الرضا عليه السلام قرأ هذا الحرز إلى آخره فلما وقف بين يديه نظر إليه هارون الرشيد وقال: يا أبا الحسن قد أمرنا لك بمائة ألف درهم، واكتب حوائج أهلك، فلما ولي عنه علي بن موسى بن جعفر عليه السلام، وهارون ينظر إليه في قفاه، ويقول: أردت وأراد الله، وما أراد الله خير (3). 2 - مهج: رقعة الجيب برواية اخرى حدثنى السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني، عن عبد الجبار بن عبد الله المقري، عن شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي وأخبرني الحسن بن علي بن محمد الجويني وأخبرني الحسن بن أحمد بن طحال المقدادي، عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه وأخبرني جدي، عن والده أبي الحسن، عن شيخ الطائفة، عن عدة من أصحابه، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن

 

(3) لجأت خ ل، في المواضع. (1) بصر به ظ (2) مهج الدعوات ص 41 - 42.

 

[345]

ابن فضال، عن محمد بن أورمة، عن البزنطي، عن الرضا عليه السلام أنه قال: رقعة الجيب عوذة لكل شئ. بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله اخسؤا فيها ولا تكلمون، إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أخذت بسمع الله وبصره على اسماعكم وابصاركم، و بقوة الله على قوتكم لا سلطان لكم على فلان بن فلانة، ولا على ذريته ولا على أهله ولا على أهل بيته سترت بينه وبينكم بستر النبوة الذي استتروا به من سطوات الجبابرة والفراعنة، جبرئيل عن أيمانكم، وميكائيل عن يساركم، ومحمد صلى الله عليه وآله أمامكم، والله يظل (1) عليكم بمنعه نبي الله، وبمنع ذريته وأهل بيته منكم، ومن الشياطين ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم إنه لا يبلغ جهله أناتك، ولا تبتله (2) ولا يبلغ مجهود نفسه، عليك توكلت وأنت نعم المولى ونعم النصير، حرسك الله يا فلان بن فلانة وذريتك مما يخاف على أحد من خلقه، وصلى الله على محمد وآله. ويكتب آية الكرسي على التنزيل ويكتب " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا ملجأ من الله إلا إليه، وحسبي الله ونعم الوكيل واسلم في رأس الشهبا فيها طالسلسبيلا " ويكتب (3) " وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين " (4). حرز آخر للرضا عليه السلام بغير تلك الرواية " بسم الله الرحمن الرحيم يا من لا شبيه له ولا مثال، أنت الله لا إله إلا أنت ولا خالق إلا أنت، تفني المخلوقين وتبقى أنت، حلمت عمن عصاك وفي المغفرة رضاك (5). 3 - مهج: عوذة وجدت في ثياب الرضا عليه السلام قال: لما مات أبو الحسن الرضا علي بن موسى صلوات الله عليه، وجد عليه تعويذ معلق وفي آخره عوذة ذكر أن آباءه

 

(1) مطل خ. (2) ولا سبيله خ. (3) كذا في النسخ. (4) مهج الدعوات ص 42 - 43. (5 () مهج الدعوات ص 44 (*).

 

[346]

عليهم السلام كانوا يقولون إن جدهم عليا صلوات الله عليه كان يتعوذ بها من الاعداء، وكانت معلقة في قراب سيفه، وفي آخرها اسماء الله عزوجل وأنه عليه السلام شرط على ولده وأهله أن لا يدعوا بها على أحد، فان من دعا به لم يحجب دعاؤه عن الله جل اسمه، وتقدست أسماؤه، وهو: اللهم بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمد صلى الله عليه وآله أتوجه، اللهم سهل لي حزونته، وكل حزونة، وذلل لي صعوبته وكل صعوبة، واكفني مؤنته وكل مؤنة، وارزقني معروفه ووده، واصرف عني ضره ومعرته، لنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون إنا رسل ربك لن يصلوا إليك طه حم لا يبصرون وجعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يعقلون (1) طسم تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين، إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين. الاسماء: اللهم إني أسئلك بالعين التي لا تنام، وبالعز الذي لا يرام وبالملك الذي لا يضام، وبالنور الذي لا يطفى، وبالوجه الذي لا يلبى، وبالحياة التي لا تموت، وبالصمدية التي لا تقهر، وبالديمومية التي لا تفنى، وبالاسم الذي لا يرد، وبالربوبية التي لا تستذل، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا... وتذكر حاجتك تقضى إنشاء الله تعالى (2). 4 - مهج: ومن ذلك دعاء الرضا عليه السلام وجدناه في اصل يونس بن بكير قال: وسألت سيدي أن يعلمني دعاء أدعو به عند الشدائد فقال لي: يا يونس تحفظ ما

 

(1) لا يرجعون خ ل، لا يبصرون خ ل. (2) مهج الدعوات ص 307 - 308 (*).

 

[347]

أكتبه لك، وادع به في كل شديدة، تجاب وتعطى ما تتمناه ثم كتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن ذنوبي وكثرتها قد أخلقت وجهى عندك وحجبتني عن استئهال رحمتك، وباعدتني عن استيجاب مغفرتك، ولولا تعلقي بآلائك، وتمسكى بالدعاء وما وعدت أمثالى من المسرفين وأمثالي من الخاطئين ووعدت القانطين من رحمتك بقولك: " يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " وحذرت القانطين من رحمتك فقلت: " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون " ثم ندبتنا برأفتك إلى دعائك فقلت: " ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ". إلهي لقد كان الاياس علي مشتملا، والقنوط من رحمتك علي ملتحفا، إلهي لقد وعدت المحسن ظنه بك ثوابا، وأوعدت المسئ ظنه بك عقابا، اللهم (1) وقد (2) أمسك رمقي حسن الظن بك في عتق رقبتي من النار، وتغمد زلتى وإقالة عثرتي (3) اللهم قولك الحق الذي لا خلف له ولا تبديل، يوم ندعو كل اناس بامامهم وذلك يوم النشور إذا نفخ في الصور، وبعثر ما في القبور. اللهم فانى أوفي وأشهد وأقر ولا أنكر ولا أجحد واسر وأعلن وأظهروا بطن بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله وأن عليا أمير المؤمنين سيد الاوصياء، ووارث علم الانبياء، علم الدين، ومبير المشركين، ومميز المنافقين، ومجاهد المارقين إمامى وحجتي وعروتي وصراطي ودليلي ومحجتى ومن لا أثق بأعمالى ولو زكت، ولا أراها منجية لى ولو صلحت إلا بولايته والائتمام به والاقرار بفضائله، والقبول من حملتها والتسليم لرواتها واقر بأوصيائه من أبنائه أئمة وحججا وأدلة وسرجا وأعلاما ومنارا وأبرارا

 

(1) الهى خ ل. (2) لقد خ ل. (3) عثارى خ ل (*).

 

[348]

واومن بسرهم وجهرهم وظاهرهم وباطنهم، وغائبهم وشاهدهم، وحيهم وميتهم، لا شك في ذلك ولا ارتياب، عند تحولك ولا انقلاب. اللهم فادعني يوم حشري ونشري بامامتهم، وأنقذنى بهم يا مولاى من حر النيران، وإن لم ترزقني روح الجنان، فانك إن أعتقتني من النار كنت من الفائزين اللهم وقد اصبحت يومى هذا لا ثقة لي ولا رجاء ولا لجأ ولا مفزع ولا منجا غير من توسلت بهم إليك، متقربا إلى رسولك محمد صلى الله عليه وآله ثم علي أمير المؤمنين والزهراء سيدة نساء العالمين والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومن بعدهم تقيم الحجة إلى الحجة المشورة (1) من ولده المرجو للامة من بعده اللهم فاجعلهم في هذا اليوم وما بعده حصني من المكاره، ومعقلي من المخاوف، ونجني بهم من مكل عدو وطاغ وباغ وفاسق ومن شر ما أعرف وما أنكر، وما استتر عني وما أبصر، ومن شر كل دابة رب أنت (2) آخذ بناصيتها إنك على صراط مستقيم. اللهم فبتوسلي بهم إليك وتقربي بمحبتهم، وتحصني بامامتهم، افتح علي في هذا اليوم أبواب رزقك، وانشر علي رحمتك، وحببني إلى خلقك وجنبني بغضهم وعداوتهم إنك على كل شئ قدير، اللهم ولكل متوسل ثواب، ولكل ذي شفاعة حق، فأسئلك بمن جعلته إليك سببي، وقدمته أمام طلبتي أن تعرفني بركة يومي هذا، وشهري هذا، وعامي هذا، اللهم وهم مفزعي ومعونتي في شدتي ورخائي وعافيتي وبلائي، ونومي ويقظتي، وظعني وإقامتي، وعسري ويسري، وعلانيتي وسري، وإصباحي وإمسائي، وتقلبي ومثواى، وسري وجهري. اللهم فلا تخيبني بهم من نائلك، ولا تقطع رجائي من رحمتك، ولا تؤيسني من روحك، ولا تبتلني بانغلاق أبواب الارزاق، وسداد مسالكها وارتتاج مذاهبها

 

(1) مقيم المحجة إلى الحجة المستورة خ ل. (2) في المصدر: ربى آخذ.

 

[349]

وافتح لي من لدنك فتحا يسيرا، واجعل لي من كل ضنك مخرجا وإلى كل سعة منهجا (1) إنك أرحم الراحمين، وصلى الله عليه محمد وآله الطيبين الطاهرين آمين رب العالمين (2). 5 - مهج: ومن ذلك عوذة علي بن موسى الرضا عليه السلام التي تعوذ بها لما القي في بركة السباع وجدت ما هذا لفظه: قال الفضل بن الربيع: لما اصطبح الرشيد يوما ثم استدعا حاجبه، فقال له: امض إلى علي بن موسى العلوي وأخرجه من الحبس، وألقه في بركة السباع، فما زلت ألطف به وأرفق، ولا يزداد إلا غضبا وقال: والله لئن لم تلقه إلى السباع لالقينك عوضه. قال: فمضيت إلى علي بن موسى الرضا عليه السلام [فدخلت عليه] فقلت له: إن أمير المؤمنين أمرني بكذا وبكذا، قال: افعل ما امرت به، فاني مستعين بالله تعالى عليه، وأقبل بهذه العوذة وهو يمشي معي إلى أن انتهيت إلى البركة، ففتحت بابها وأدخلته فيها، وفيها أربعون سبعا، وعندي من الغم والقلق أن يكون قتل مثله على يدي، وعدت إلى موضعي. فلما انتصف الليل أتاني خادم فقال لي: إن أمير المؤمنين يدعوك، فصرت إليه فقال: لعلى أخطأت البارحة أو أتيت منكرا فانى رأيت البارحة مناما هالنى وذاك أنى رأيت جماعة من الرجال دخلوا علي، وبأيديهم ساير السلاح، وفي وسطهم رجل كأنه القمر، ودخل إلى قلبي هيبته، فقال لي قائل: هذا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه وعلى أبنائه، فتقدمت إليه لاقبل قدميه فصرفني عنه، وقال: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم ؟ " (3) ثم حول وجهه فدخل بابا فانتبهت مذعورا لذلك.

 

(1) برحمتك ومعافاتك، ومنك وفضلك، ولا تفقرني إلى أحد من خلقك، برحمتك يا أرحم الراحمين، انك على كل شئ محيط، وحسبنا الله ونعم الوكيل خ. (2) مهج الدعوات ص 315 - 317. (3) القتال ص 22 (*).

 

[350]

قلت: يا أمير المؤمنين أمرتني أن القي علي بن موسى للسباع، فقال: ويلك ألقيته ؟ فقلت: إي والله، فقال: امض وانظر ما حاله ؟ فأخذت الشمع بين يدي وطالعته، فإذا هو قائم يصلي والسباع حوله، فعدت إليه فأخبرته، فلم يصدقني ونهض واطلع إليه، فناهده في تلك الحال فقال: السلام عليك يا ابن عم فلم يجبه حتى فرغ من صلاته، ثم قال: وعليك السلام يا ابن عم قد كنت أرجو أن لا تسلم علي في مثل هذا الموضع، فقال: أقلني فاني معتذر إليك. فقال له: قد نجانا الله تعالى بلطفه، فله الحمد. ثم أمر باخراجه فاخرج، فقال: فلا والله ما تبعه سبع، فلما حضر بين يدي الرشيد عانقه ثم حمله إلى مجلسه، ورفعه إلى فوق سريره، وقال له: يا ابن عم إن أردت المقام عندنا ففي الرحب والسعة، وقد أمرنا لك ولاهلك بمال وثياب، فقال له: لا حاجة لي في المال ولا الثياب، ولكن في قريش نفر يفرق ذلك عليهم، وذكر له قوما، فأمر له بصلة وكسوة، ثم أمره أن يركب على بغال البريد إلى الموضع الذي يحب، فأجابه إلى ذلك، وقال لي: شيعه. فشيعته إلى بعض الطريق، وقلت له: يا سيدي إن رايت أن تطول علي بالعوذة، فقال: منعنا أن ندفع عوذنا وتسبيحنا إلى كل أحد، ولكن لك علي حق الصحبة والخدمة، فاحتفظ بها، فكتبتها في دفتر وشددتها في منديل في كمي، فما دخلت إلى أمير المؤمنين إلا ضحك إلي وقضى حوائجي، ولا سافرت إلا كانت حرزا وأمانا من كل مخوف، ولا وقعت في شدة إلا دعوت بها، ففرج عني ثم ذكرها. يقول علي بن موسى بن طاووس مصنف هذا الكتاب: ربما كان هذا الحديث عن الكاظم موسى بن جعفر صلوات الله عليه لانه كان محبوسا عند الرشيد لكنني ذكرت هذا كما وجدته. الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الاحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، الحمد لله رب


 

[351]

العالمين، أمسيت وأصبحت في حمى الله الذي لا يستباح، وذمته التي لا ترام ولا تخفر، في وعزه الذي لا يذل ولا يقهر، وفي حزبه الذي لا يغلب، وفي جنده الذي لا يهزم، وحريمه الذي لا يستباح. بالله استجرت، وبالله اصبحت (1) وبالله استنجحت وتعززت وتعوذت وانتصرت وتقويت، وبعزة الله قويت على أعدائي، وبجلال الله وكبريائه ظهرت عليهم، وقهرتهم بحول الله وقوته، استعنت عليهم بالله، وفوضت أمري إلى الله، وحسبي الله ونعم الوكيل. وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، اتى أمر الله، فلجت حجة الله، وغلبت كلمة الله على أعداء الله الفاسقين، ونود إبليس أجمعين، لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون، ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلا، لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ذلك بأنهمه قوم لا يعقلون. تحصنت منهم بالحفظ المحفوظ، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا، آويت إلى ركن شديد، والتجأت إلى كهف رفيع (2) وتمسكت بالحبل المتين وتدرعت بدرع الله الحصينة، وتدرقت بدرقة أمير المؤمنين، وتعوذت بعوذة سليمان ابن داود، وتختمت بخاتمه، فأنا حيثما سلكت آمن مطمئن، وعداي في الاهوال حيران قد حف بالمهانة، والبس الذل، وقنع بالصغار، ضربت على نفسي سرادق الحياطة، ولبست درع الحفظ، وعلقت علي هيكل الهيبة، وتتوجت بتاج الكرامة وتقلدت بسيف العز الذي لا يفل، وخفيت عن أعين الباغين الناظرين، وتواريت عن الظنون، وأمنت على نفسي، وسلمت من أعدائي بجلال الله، فهم لي خاضعون وعني نافرون، كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة، قصرت ايديهم عن بلوغي وعميت ابصارهم عن رؤيتي، وخرست السنتهم عن ذكري، وذهلت عقولهم عن معرفتي، وتخوفت قلوبهم، وارتعدت فرائصهم ونفوسهم من مخافتي بالله الذي

 

(1) أصبحت وأمسيت، وبالله استفتحت خ ل. (2) منيع خ ل.

 

[352]

لا إله إلا هو. يا هو من لا إله إلا هو، افلل جنودهم، واكسر شوكتهم، ونكس رؤوسهم وأعم ابصارهم، فظلت أعناقهم لي خاضعين، وانهزم جيشهم وولوا مدبرين، سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وأمر، وما أمر الساعة إلا كلمح البصر. علوت عليهم بعلو الله الذي كان يعلو به علي صاحب الحروب منكس الرايات ومبيد الاقران، وتعوذت بأسماء الله الحسنى، وكلماته العليا، وظهرت على أعدائي ببأس شديد، وأمر رشيد، واذللتهم وقمعت رؤوسهم، وظلت أعناقهم لي خاضعين فخاب من ناواني، وهلك من عاداني، وأنا المؤيد المنصور والمظفر المتوج المحبور وقد لزمت كلمة التقوى، واستمسكت بالعروة الوثقى، واعتصمت بحبل الله المتين فلن يضرني كيد الكائدين، وحسد الحاسدين، أبد الآبدين، ودهر الداهرين، فلن يراني أحد، ولن ينذرني أحد. قل إنما ادعو ربي ولا اشرك به أحدا، أسئلك يا متفضل أن تفضل علي بالامن والايمان، على نفسي وروحي بالسلامة من أعدائي وأن تحول بيني وبين شرهم بالملائكة الغلاظ الشداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأيدني بالجند الكثيفة والارواح العظيمة المطيعة، فيجيبونهم بالحجة البالغة، ويقذفونهم بالحجر الدامغ، ويضربونهم بالسيف القاطع، ويرمونهم بالشهاب الثاقب، والحريق الملتهب، والشواط المحرق، ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب. قذفتهم وزجرتهم بفضل بسم الله الرحمن الرحيم، بطه ويس والذاريات والطواسين وتنزيل القرآن العظيم والحواميم وبكهيعص، وبكاف كفيت، وبهاء هديت، وبياء يسر لي، وبعين علوت، وبصاد صدقت أنه لا إله إلا هو. وبنون والقلم وما يسطرون، وبمواقع النجوم، وبالطور وكتاب مسطور في رق منشور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور، إن عذاب


 

[353]

ربك لواقع، ما له من دافع، فولوا مدبرين، وعلى أعقابهم ناكصين، وفي ديارهم خائفين فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنا لك وانقلبوا صاغرين والقي السحرة ساجدين، فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذوفضل عظيم، رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون. اللهم إني أعوذ بك من شر ما أخاف وأحذر، واسئلك من خير ما عندك فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، جبرئيل عن يميني، وميكائيل عن شمالي، ومحمد صلى الله عليه وآله أمامي، والله عزوجل يطل علي يمنعكم مني، ويمنع الشيطان الرجيم، يا من جعل بين البحرين حاجزا احجز بيني وبين أعدائي حتى لا يصلوا إلي بسوء، سترت بيني وبينهم بستر الله الذي يستتر به من سطوات الفراعنة، ومن كان في ستر الله كان محفوظا حسبي الذي يكفي ما لا يكفي أحد سواه، وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لا يبصرون. اللهم اضرب علي سرادقات حفظك الذي لا يهتكه الرياح، ولا تخرقه الرماح واكفني شر ما أخافه بروح قدسك الذي من ألقيته عليه كان مستورا عن عيون الناظرين وكبيرا في صدور الخلائق أجمعين، ووفق لي بأسمائك الحسنى وكلماتك العليا صلاحي في جميع ما اومله من خير الدنيا والآخرة، واصرف عني شر قلوبهم وشر ما يضمرون إلى خير ما لا يملكه غيرك. اللهم إنك أنت مولاي وملاذي فبك ألوذ، وأنت معاذي فبك أعوذ، يا من دان له رقاب الجبابرة، وخضعت له عماليق الفراعنة، أجرني اللهم من خزيك وكشف سترك، ونسيان ذكرك، والاضراب عن شكرك، أنا في كنفك ليلي ونهاري


 

[354]

ونومي وقراري وانتباهي وانتشاري، ذكرك شعاري، وثناؤك دثاري. اللهم إن خوفي أمسى وأصبح مستجيرا بك، وبأمانك من خوفك وسوء عذابك، واضرب علي سرادقات حفظك، وارزقني حفظ عنايتك برحمتك يا ارحم الراحمين آمين [آمنى] رب العالمين (1). 47. " باب " * " (احراز مولانا الجواد وعوذاته) " * * " (وبعض أدعيته صلوات الله عليه) " * أقول:... (2) 1 - مهج: حرز محمد بن علي الجواد عليه السلام: علي بن عبد الصمد، عن عم والده محمد بن أبي الحسن، عن جعفر بن محمد الدوريستى، عن أبيه، عن الصدوق محمد بن بابويه قال: وأخبرني جدي، عن أبيه ابي الحسن، عن جماعة من أصحابنا منهم السيد أبو البركات وعلي بن محمد المعاذي ومحمد بن علي المعمري ومحمد بن إبراهيم المدائني جميعا، عن الصدوق، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن جده، عن أبي نصر الهمداني قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى عليهم السلام قالت: لما مات محمد بن علي الرضا أتيت زوجته أم عيسى بنت المأمون فعزيتها فوجدتها شديد الحزن والجزع عليه تقتل نفسها بالبكاء والعويل فخفت عليها أن تتصدع مرارتها. فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خلقه، وما أعطاه الله تعالى من الشرف والاخلاص، ومنحه من العز والكرامة، إذ قالت أم عيسى: الا أخبرك عنه بشئ عجيب، وأمر جليل، فوق الوصف والمقدار ؟ قلت: وما ذاك ؟ قالت: كنت أغار عليه كثيرا وأراقبه أبدا، وربما يسمعني اللام، فأشكو ذلك إلى أبي، فيقول: يا بنية احتمليه، فانه بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله.

 

(1) مهج الدعوات ص 308 - 315. (2) كذا في الاصل (*).

 

[355]

فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت علي جارية فسلمت علي، فقلت: من أنت ؟ فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، وأنا زوجة أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام، زوجك، فدخلني من الغيرة ما لا أقدر على احتمال ذلك، وهممت أن أخرج وأسيح في البلاد، وكان الشيطان يحملني على الاساءة إليها، فكظمت غيظي وأحسنت رفدها وكسوتها، فلما خرجت. من عندي المرءة، نهضت ودخلت على أبي وأخبرته بالخبر وكان سكران لا يعقل، فقال: يا غلام علي بالسيف، فأتي به فركب، وقال: والله لاقتلنه فلما رأيت ذلك قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا صنعت بنفسي وبزوجي، وجعلت ألطم حر وجهي (1) فدخل عليه والدي، وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه، ثم خرج من عنده، وخرجت هاربة من خلفه فلم ارقد ليلتي. فلما ارتفع النهار أتيت ابي فقلت: أتدري ما صنعت البارحة ؟ قال: وما صنعت ؟ قلت: قتلت ابن الرضا فبرق عينه، وغشي عليه، ثم أفاق بعد حين، وقال: ويلك ما تقولين ؟ قلت: نعم، والله يا أبت دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى قتلته، فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا، وقال: علي بياسر الخادم، فجاء يا سر فنظر إليه المأمون وقال: ويلك ما هذا الذي تقول هذه ابنتي ؟ قال: صدقت يا أمير المؤمنين فضرب بيده على صدره وخده، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، هلكنا بالله وعطبنا وافتضحنا إلى آخر الابد، ويلك يا ياسر ! فانظر ما الخبر والقصة عنه ؟ وعجل علي بالخبر، فان نفسي تكاد أن تخرج الساعة. فخرج ياسر وأنا ألطم حر وجهي فما كان باسرع من أن رجع ياسر فقال: البشرى يا أمير المؤمنين، قال: لك البشرى فما عندك ؟ قال ياسر: دخلت عليه فإذا هو جالس وعليه قميص ودواج (2) وهو يستاك فسلمت عليه وقلت: يا ابن رسول الله أحب أن تهب لي قميصك هذا أصلي فيه، وأتبرك به، وإنما أردت أن أنظر

 

(1) حر الوجه بالضم ما بدامن الوجنة. (2) الدواج كزنار وغراب: اللحاف الذي يلبس (*).

 

[356]

إليه وإلى جسده هل به اثر السيف، فوالله كأنه العاج الذي مسه صفرة، ما به أثر. فبكى المأمون طويلا وقال: ما بقي مع هذا شئ إن هذا لعبرة للاولين والآخرين، وقال: يا يا سر أما ركوبي إليه، وأخذي السيف، ودخولي عليه فإني ذاكر له، وخروجي عنه فلا اذكر شيئا غيره ولا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي فكيف كان أمري وذهابي إليه، لعنة الله على هذه الابنة لعنا وبيلا تقدم إليها وقل لها: يقول لك أبوك: والله لئن جئتني بعد هذا اليوم وشكوت منه، أو خرجت بغير إذنه لانتقمن له منك، ثم سر إلى ابن الرضا وابلغه عني السلام واحمل إليه عشرين ألف دينار، وقدم إليه الشهري (1) الذي ركبته البارحة، ثم أمر بعد ذلك الهاشميين أن يدخلوا عليه بالسلام، ويسلموا عليه. قال ياسر: فأمرت لهم بذلك، ودخلت أنا ايضا معهم، وسلمت عليه، وأبلغت التسليم، ووضعت المال بين يديه، وعرضت الشهري عليه فنظر إليه ساعة ثم تبسم فقال: يا ياسر هكذا كان العهد بيننا وبين أبي وبينه حتى يهجم علي بالسيف، أما علم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه ؟ فقلت: يا سيدي يا ابن رسول الله دع عنك هذا العتاب، والله وحق جدك رسول الله صلى الله عليه وآله، ما كان يعقل شيئا من أمره، وما علم أين هو من ارض ؟ وقد نذر لله نذرا صادقا وحلف أن لا يسكر بعد ذلك أبدا، فان ذلك من حبائل الشيطان، فإذا أنت يا ابن رسول الله أتيته فلا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه، فقال عليه السلام: هكذا كان عزمي ورأيي [والله]. ثم دعا بثيابه، ولبس ونهض، وقام معه الناس أجمعون، حتى دخل على المأمون، فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره، ورحب به، ولم يأذن لاحد في الدخول عليه، ولم يزل يحدثه ويسامره. فلما انقضى ذلك، قال له أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين قال: لبيك وسعديك، قال: لك عندي نصيحة فاقبلها، قال المأمون بالحمد والشكر فما ذاك يا ابن رسول الله ؟ قال: احب لك أن لا تخرج بالليل، فاني لا آمن عليك

 

(1) الشهري: بالكسر: ضرب من البراذين.

 

[357]

هذا الخلق المنكوس، وعندي عقد تحصن به نفسك، وتحترز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات كما أنقذني الله منك البارحة ولو لقيت به جيوش الروم والترك، واجتمع عليك وعلى غلبتك أهل الارض جميعا ما تهيأ لهم منك شئ باذن الله الجبار، وإن أحببت بعثت به إليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك قال: نعم فاكتب ذلك بخطك وابعثه إلي قال: نعم. قال ياسر: فلما أصبح أبو جعفر عليه السلام بعث إلي فدعاني، فلما سرت إليه وجلست بين يديه، دعا برق ظبي من أرض تهامة، ثم كتب بخطه هذا العقد، ثم قال: يا ياسر احمل هذا إلى أمير المؤمنين وقل حتى يصاغ له قصبة من فضة منقوش عليها ما أذكره بعده، فإذا أراد شدة على عضده، فليشده على عضده الايمن وليتوضأ وضوءا حسنا سابغا وليصل أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسبع مرات آية الكرسي، وسبع مرات شهد الله، وسبع مرات والشمس وضحيها وسبع مرات والليل إذا يغشى، وسبع مرات قل هو الله أحد، فإذا فرغ منها فليشده على عضده الايمن عند الشدائد والنوائب يسلم بحول الله وقوته من كل شئ يخافه ويحذره، وينبغي أن لا يكون طلوع القمر في برج العقرب ولو أنه غزا أهل الروم وملكهم، لغلبهم باذن الله، وبركة هذا الحرز. وروي أنه لما سمع المأمون من أبي جعفر عليه السلام من أمر هذا الحرز هذه الصفات كلها غزا أهل الروم فنصره الله تعالى عليهم، ومنح منهم من المغنم ما شاء الله، ولم يفارق هذا الحرز عند كل غزاة ومحاربة، وكان ينصره الله عزوجل بفضله، ويرزقه الفتح بمشيته، إنه ولي ذلك بحوله وقوته (1). الحرز: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين إلى آخرها، ألم تر

 

(1) روى القصة باختلاف يسير في سردها، القطب الراوندي في الخرائج والجرائح كما في مختاره ص 207 و 208، وقد مر في ج 50 ص 69 - 72 من تاريخ الامام محمد الجواد عليه الصلاة والسلام، وفيه نقل كلام من صاحب كشف الغمة ينظر في صحة هذا الخبر، راجعه (*).

 

[358]

أن الله سخر لكم ما في الارض والفلك تجري في البحر بأمره، ويمسك السماء أن تقع على الارض إلا باذنه، إن الله بالناس لرؤف رحيم، اللهم أنت الواحد الملك الديان (1) يوم الدين تفعل ما تشاء بلا مغالبة، وتعطي من تشاء بلا من، وتفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وتداول الايام بين الناس، وتركبهم طبقا عن طبق. أسئلك باسمك المكتوب على سرادق المجد، وأسئلك باسمك المكتوب على سرادق السرائر، السابق الفائق الحسن الجميل النضير رب الملائكة الثمانية، والعرش الذي لا يتحرك، وأسئلك بالعين التي لا تنام، وبالحياة التي لا تموت، وبنور وجهك الذي لا يطفأ، وبالاسم الاكبر الاكبر الاكبر، وبالاسم الاعظم الاعظم الاعظم الذي هو محيط بملكوت السماوات والارض، وبالاسم الذي اشرقت به الشمس وأضاء به القمر، وسجرت به البحور، ونصبت به الجبال، وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي، وباسمك المكتوب على سرادق العرش، وباسمك المكتوب على سرادق العزة، وباسمك المكتوب على سرادق العرش، وباسمك المكتوب على سرادق البهاء، وباسمك المكتوب على سرادق القدرة، وباسمك العزيز، و بأسمائك المقدسات المكرمات المخزونات (2) في علم الغيب عندك. وأسألك من خيرك خيرا مما أرجو، وأعوذ بعزتك وقدرتك من شر ما أخاف وأحذر، وما لا أحذر، يا صاحب محمد يوم حنين، ويا صاحب علي يوم صفين، أنت يا رب مبير الجبارين، وقاصم المتكبرين، اسئلك بحق طه ويس والقرآن العظيم والفرقان الحكيم، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تشد به عضد صاحب هذا العقد، وأدرأبك في نحر كل جبار عنيد، وكل شيطان مريد، وعدو شديد، و عدو منكر الاخلاق، واجعله ممن أسلم إليك نفسه، وفوض إليك أمره، والجأ إليك ظهره. اللهم بحق هذه الاسماء التي ذكرتها وقرأتها، وأنت أعرف بحقها مني

 

(1) ديان يوم الدين خ ل. (2) المكنونات خ ل (*).

 

[359]

واسئلك يا ذا المنى العظيم، والجود الكريم، ولي الدعوات المستجابات، والكلمات التامات، والاسماء النافذات، وأسألك يا نور النهار، ويا نور الليل، ونور السماء والارض، ونور النور، ونورا يضئ به كل نور، يا عالم الخفيات كلها، في البر والبحر، والارض والسماء، والجبال. وأسئلك يا من لا يفنى، ولا يبيد ولا يزول، ولاله شئ موصوف، ولا إليه حد منسوب، ولا معه إله ولا إله سواه، ولا له في ملكه شريك، ولا تضاف العزة إلا إليه ولم يزل بالعلوم عالما، وعلى العلوم واقفا، وللامور ناظما، وبالكينونية عالما وللتدبير محكما، وبالخلق بصيرا، وبالامور خبيرا. أنت الذي خشعت لك الاصوات، وضلت فيك الاوهام (1) وضاقت دونك الاسباب، وملا كل شئ نورك، ووجل كل شئ منك، وهرب كل شئ إليك وتوكل كل شئ عليك، وأنت الربيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العظيم في قدرتك، وأنت الذي لا يدر كك شئ، وأنت العلي الكبير [العظيم] ومجيب الدعوات، قاضي الحالجات، مفرج الكربات، ولي النقمات (2). يامن هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي إشراقه منير، وفي سلطانه قوي وفي ملكه عزيز، صل على محمد وآل محمد، واحرس صاحب هذا العقد وهذا الحرز وهذا الكتاب، بعينك التي لا تنام، واكنفه (3) بركنك الذي لا يرام، وارحمه بقدرتك عليه، فانه مرزوقك بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله [الذي] لا صاحبة له ولا ولد، بسم الله قوي الشان، عظيم البرهان، شديد السلطان، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن أشهد أن نوحا رسول الله وأن إبراهيم خليل الله وأن موسى كليم الله، ونجيه، وأن عيسى بن مريم (4) روح الله وكلمته، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين وأن محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين، لا نبي بعده.

 

(1) الاحلام خ ل. (2) النعمات خ ل. (3) واكنفنى خ ل. (4) وأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه وعليهم أجمعين كلمته وروحه خ.

 

[360]

واسئلك بحق الساعة التي يؤتى فيها بابليس [اللعين] يوم القيامة ويقول اللعين في تلك الساعة: والله ما أنا مهيج مردة، الله نور السموات والارض وهو القاهر (1) وهو الغالب له القدرة السابقة وهو الحكيم الخبير اللهم وأسالك بحق هذه الاسماء كلها وصفاتها وصورتها وهي سبحان [الله] الذي خلق العرش والكرسي، واستوى عليه اسئلك أن تصرف عن صاحب كتابي هذا كل سوء ومحذور، فهو عبدك وانب عبدك، وابن أمتك وأنت مولاه فقه. اللهم يا رب [ادفع عنه] ظ الاسواء كلها واقمع عنه ابصار الظالمين، والسنة المعاندين، والمريدين له السوء والضر، وادفع عنه كل محذور ومخوف، وأي عبد من عبيدك، أو أمة من إمائك، أو سلطان مارد، أو شيطان أو شيطانة، أو جني أو جنية، أو غول أو غولة، اراد صاحب كتابي هذا بظلم أو ضر [أو مكر] أو مكروه أو كيد أو خديعة أو نكاية أو سعاية أو فساد أو غرق أو اصطلام أو عطب أو مغالبة أو غدر أو قهر أوهتك ستر أو اقتدار أو آفة أو عاهة أو قتل أو حرق أو انتقام أو قطع أو سحر أو مسخ أو مرض أو سقم أو برص أو جذام أو بؤس أو فاقة [أو آعة] أو سغب أو عطش أو وسوسة أو نقص في دين أو معيشة فاكفينه بما شئت، وكيف شئت، وأنى شئت إنك على كل

 

(1) وهو القادر وهو الظاهر خ.

 

[361]

شئ قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين. فأما ما ينقش على هذه القصبة، من فضة غير مغشوشة: " يا مشهورا في السموات، يا مشهورا في الارضين، يا مشهورا في الدنيا والآخرة، جهدت الجبابرة والملوك على إطفاء نورك، وإخماد ذكرك، فأبى الله إلا أن يتم نورك، ويبوح بذكرك، ولو كره المشركون ". ورأيت في نسخة " وأبيت إلا أن يتم نورك ". أقول: وأما قوله " فأبى الله إلا أن يتم نورك "، لعله نورك أيها الاسم الاعظم المكتوب في هذا الحرز بصورة الطلسم. ووجدت في الجزء الثالث من كتاب الواحد أن المراد بقوله يا مشهورا في السموات إلى آخره هو مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. حرز آخر للتقى عليه السلام بغير تلك الرواية: يا نور يا برهان، يا مبين يا منير يا رب اكفني الشرور، وآفات الدهور، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور " (1). 48. " باب " * (بعض أدعية الهادى واحرازه وعوذاته) * * (صلوات الله وسلامه عليه) * 1 - مهج: حرز لمولانا علي بن محمد التقي عليه السلام: علي بن عبد الصمد، عن عدة من أصحابه منهم جده، عن أبيه، أبي الحسن، عن شيخ الطائفة قال: وأخبرني الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي، عن الحسين بن الحسن بن بابويه، عن شيخ الطائفة، عن جماعة من أصحابه، عن أبي المفضل الشيباني، عن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، عن أبيه، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني أن

 

(1) مهج الدعوات ص 44 - 52.

 

[362]

أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام كتب هذه العوذة لابنه أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام، وهو صبي في المهد وكان يعوذه بها، ويأمر أصحابه بها. الحرز: بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم رب الملائكة والروح والنبيين والمرسلين، وقاهر من في السموات والارضين وخالق كل شئ ومالكه، كف عنا بأس أعدائنا ومن أراد بنا سوءا من الجن والانس وأعم أبصارهم وقلوبهم واجعل بيننا وبينهم حجابا وحرسا ومدفعا إنك ربنا لا حول ولا قوة لنا إلا بالله، عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير. ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربنا إنك العزيز الحكيم ربنا عافنا من كل سوء، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، ومن شر ما يسكن في الليل والنهار، ومن شر كل ذي شر. رب العالمين، وإله المرسلين صل على محمد وآله أجمعين، وأوليائك، وخص محمدا وآله أجمعين بأتم ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. بسم الله وبالله، أو من بالله، وبالله أعوذ، وبالله أعتصم، وبالله استجير، وبعزة الله ومنعته أمتنع من شياطين الانس والجن، ورجلهم وخيلهم، وركضهم وعطفهم ورجعتهم وكيدهم وشرهم وشر ما يأتون به تحت الليل وتحت النهار، من القرب والبعد، ومن شر الغائب والحاضر، والشاهد والزائر، أحياء وأمواتا أعمى وبصيرا ومن شر العامة والخاصة، ومن شر نفس ووسوستها، ومن شر الدناهش والحس واللمس واللبس، ومن عين الجن والانس، وبالاسم الذي اهتز به عرش بلقيس. وأعيذ ديني ونفسي وجميع ما تحوطه عنايتي من شر كل صورة أو خيال أو بياض أو سواد أو تمثال أو معاهد أو غير معاهد ممن يسكن الهواء والسحاب، والظلمات والنور، والظل والحرور، والبر والبحور، والسهل والوعور، والخراب والعمران والآكام والآجام، والغياض، والكنايس والنواويس، والفلوات والجبانات، ومن شر الصادرين والواردين، ممن يبدو بالليل، ويستتر بالنهار، وبالعشي والابكار والغدو والآصال، والمريبين والاسامرة، والافاترة والفراعنة والابالسة، ومن


 

[363]

جنودهم وأزواجهم وعشائرهم وقبائلهم ومن همزهم ولمزهم ونفثهم ووقاعهم وأخذهم وسحرهم وضربهم وعيثهم ولمحهم واحتيالهم واختلافهم ومن شر كل ذي شر من السحرة والغيلان وأم الصبيان وما ولدوا وما وردوا، ومن شر كل ذي شر داخل وخارج، وعارض ومتعرض، وساكن ومتحرك، وضربان عرق، وصداع وشقيقة وأم ملدم، والحمى والمثلثة والربع والغب والنافضة والصالبة والداخلة والخارجة، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على صراط مستقيم، و صلى الله عليه نبيه محمد وآله الطاهرين (1). 2 - مهج حرز لعلى بن محمد النقى عليه السلام: بسم الله الرحمن يا عزيز العز في عزه، ما أعز عزيز العز في عزه، يا عزيز أعزني بعزك، وأيدني بنصرك وادفع عني همزات الشياطين، وادفع عني بدفعك وامنع عني بصنعك، واجعلني من خيار خلقك، يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد (2). 49. (باب) * (بعض ادعية العسكري عليه السلام) * * (واحرازه وعوذاته صلوات الله عليه) * 1 - مهج: حرز الحسن بن علي العسكري عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم احتجبت بحجاب الله النور الذي احتجب به عن العيون، وأحطت على نفسي وأهلي وولدي وما اشتملت عليه عنايتي ببسم الله الرحمن الرحيم وأحرزت نفسي (3) وذلك كله من كل ما أخاف وأحذر، بالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض، من

 

(2) مهج الدعوات ص 53 وقد مر في ص 204 مع توضيح يسير في الذيل راجعه. (3) مهج الدعوات ص 55. (2) واحترزت من ذلك كله، ومن كل ما أخاف خ.

 

[364]

ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا، أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تتذكرون، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون، وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم نفورا، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (1). 2 - مهج حرز آخر للعسكري عليه السلام: " بسم الله الرحمن الرحيم يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي يا مونسي عند وحدتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام " (2).

 

(1) مهج الدعوات ص 55. (2) مهج الدعوات ص 56.

 

[365]

50. * (باب) * * (بعض أدعية القائم عليه السلام) * * (وأحرازه وعوذاته صلوات الله عليه) * 1 - مهج: حرز لمولانا القائم عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم يا مالك الرقاب، ويا هازم الاحزاب، يا مفتح الابواب، يا مسبب الاسباب ! سبب لنا سببا لا نستطيع له طلبا بحق لا إله إلا الله محمد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين (1). 2 د -: قال (2) أمير المؤمنين: عليه السلام كأنني بالقائم قد عبر من وادي السلام إلى مسيل السهلة، على فرس محجل له شمراخ (3) يزهر، يدعو ويقول في دعائه: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وصدقا، لا إله إلا الله تعبدا ورقا، اللهم معز كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كنفي حين تعييني المذاهب، وتضيق علي الارض بما رحبت، اللهم خلقتني وكنت غنيا عن خلقي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، يا منشر الرحمة من مواضعها

 

(1) مهج الدعوات ص 56. (2) هذا هو الصحيح كما في المصدر وكما مر في تاريخ الامام الثاني عشر عليه السلام ج 52 ص 391 والدعاء هناك مشكول بالاعراب راجعه، وأما في طبعة الكمبانى " وقال " عطفا على رمز المهج وهو تصحيف. (3) التحجيل: بياض في قوائم الفرس كلها ويكون في رجلين ويد. وفي رجلين فقط وفى رجل وفقط. ولا يكون في اليدين خاصة الا مع الرجلين ولا في يد واحدة دون الاخرى الا مع الرجلين، والشمراخ غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة.

 

[366]

ومخرج البركات من معادنها، ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة، وأولياؤه بعزه يتعززون، يا من وضعت له الملوك نير (1) المذلة على أعناقها، فهم من سطوته خائفون، اسئلك باسمك الذي فطرت به خلقك، فكل له مذعنون، أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل لي في الفرج، وتكفيني وتعافيني، وتقضي حوائجي الساعة الساعة الليلة الليلة، إنك على كل شئ قدير. 51. * (باب) * * (سائر الاحراز المروية والعوذات المنقولة) * * (وما يناسب هذا المعنى) * أقول: وسيجئ الحرز اليماني وغيره في باب ادعية الفرج وغير ذلك. 1 - ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي نقلا من خط الشهيد رحمة الله عليهما: حرز من كل هم وغم. بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، لا إله إلا الله قولا وصدقا، لا إله إلا الله ذخرا يبقى، لا إله إلا الله شوقا شوقا، بسم الله وبالله، والحمد لله، اعتصمت بالله، وألجأت ظهري إلى الله، وما توفيقي إلا بالله، نعم القادر الله، ونعم النصير الله، لا يأتي بالخيرات إلا الله، وما بنا من نعمة فمن الله، وإن الامر كله لله. استظهر بالله، واستعين بالله، وأستغفر الله، والصلاة على رسول الله، وعلى ملائكته والصالحين من عباده، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، الا تعلوا علي وأتوني مسلمين، كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز، لا يضركم

 

(1) النير: الخشبة المعترضة في عنقي الثورين بأداتها، ويسمى بالفارسية " يوغ " و " جوغ ".

 

[367]

كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط، إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، والله يعصمك من الناس، إن الله لا يهدي القوم الكافرين، كلما أوقدوا نا للحرب أطفأها الله، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الاخسرين، وزادكم في الخلق بسطة له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، وقربناه نجيا، ورفعناه مكانا عليا، سيجعل لهم الرحمن ودا، وألقيت عليك محبة مني، لا تخف إنك أنت الاعلى، لا تخاف دركا ولا تخشى، لا تخف إنك من الآمنين، وينصرك الله نصرا عزيزا، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا، فوقيهم الله شر ذلك اليوم وآتيهم نضرة وسرورا، و جزاهم بما صبروا جنة وحريرا، ورفعنا لك ذكرك فان مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله. ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله. هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم، سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون. ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، فستذكرون ما اقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، لا إله إلا انت سبحانك إني


 

[368]

كنت من الظالمين، الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون. الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم، وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم، فلله الحمد رب السماوات والارض رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم. وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا، أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. اللهم من اراد بي سوءا أو مكروها فاقمع رأسه، واعقل لسانه، وألجم فاه ورد كيده في نحره، واجعل بيني وبينه كيف شئت، وأنى شئت، واجعلني منه ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها في حماك، فان حماك عزيز، وجارك منيع، وسلطانك قاهر، وأمرك غالب، وأنت على كل شئ قدير. اللهم صل على محمد وآله كما هديتنا به من الضلالة، افضل ما صليت على أحد من خلقك، وصل على محمد وآله كما هديتنا به من الجهالة، واغفر لنا ولآبائنا


 

[369]

ولامهاتنا ولذرياتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، برحمتك يا أرحم الراحمين والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله وعتره الطاهرين. حرز: وجدت بخط بعض الافاضل " تحصنت بالملك الحى الذي لا يموت واعتصمت بذي القدرة والعزة والجبروت، واستعنت بذي الآلاء والعظمة والملكوت وتوكلت على الحي الذي لا يموت، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، يا من ليس كمثله شئ يا من لا يشبهه شئ، يا كافي كل شئ اكفني كل شئ فانك قادر على كل شئ يا خفي اللطف الطف بي بلطفك الخفي، يا من يكفى من خلقه جميعا ولا يكفى منه أحد من خلقه، يا أحد من لا أحد له انقطع الرجاء إلا عنك أغثنى يا أرحم الراحمين يا ذا المعروف الذي لا ينقطع ابدا ولا يحصيه غيره. حرز: رواه السيد الداماد عن مشايخه وأسلافه رضوان الله عليهم قال رضى الله عنه: بسم الرحمن الرحيم، والاعتصام بالعلي العظيم وصلواته على سيدنا النبي الكريم، وعترته الطاهرين. حرز حارز: رويته فيما رويته بطرقي وأسانيدي عن مشيختي ومشايخي ضرائحهم، وقدس أسرارهم: أودعت نفسي وأهلي ومالي وولدى ومن معى وما معى في أرض محمد سقفها، وعلي بابها وفاطمة والحسن والحسين وعلى ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتطر حيطانها، والملائكة حراسها والله محيط بها وحفيظها والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ. حرز آخر: قريب من الاول رواه السيد المذكور ايضا ومن طريق آخر رويته عن السيد الثقة الثبت المركون إليه في فقه المأمون في حديثه علي بن أبى الحسن العاملي رحمه الله تعالى قراءة وسماعا وإجازه سنة 988 من الهجرة المباركة النبوية في مشهد سيدنا ومولانا أبى الحسن الرضا صلوات الله وتسليماته عليه بسناباد طوس، عن زين أصحابنا المتأخرين زين الدين أحمد بن علي بن أحمد


 

[370]

ابن محمد بن علي بن جمال الدين بن تقي الدين صالح بن شرف العاملي رفع الله تعالى درجته في أعلى مقامات الشهداء والصالحين والصديقين: " أودعت نفسي وأهلي ومالى وولدى في أرض الله سقفها ومحمد حيطانها، و علي بابها والحسن والحسين والائمة المعصومون، والملائكة حراسها، والله محيط بها، والله من ورائهم محيط، بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ. حرز آخر: مما نقله السيد الداماد ورواه عن مشايخه ورآه في المنام وعرضه على أمير المؤمنين عليه السلام ايضا ومن لطائف ما اختلسته واحتطفته من الفيوض الربانية، والمنن السبحانية بجزيل فيضه وسيبه سبحانه، وعظيم فضله ومنه جل مجده، وعز سلطانه، حيث كنت بمدينة الايمان حرم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعليهم قم المحروسة صينت عن دواهي الدهر، ونوائب الادوار في بعض ايام شهر الله الاعظم لعام 1011 من المهاجرة المباركة المقدسة النبوية أنه قد غشيتني ذات يوم من تلك الايام في هزيع (1) بقي من النهار سنة شبه خلسة وأنا جالس في تعقيب صلاة العصر، تاجها (2) تجاه القبلة. فاريت في سنتي نورا شعشعانيا على أبهة ضوء انية في شبح هيكل إنساني مضطجع على يمينه، وآخر كذلك على هيابة عظيمة، ومهابة كبيره، في بهاء ضوء لامع، وجلال نور ساطع، جالسا من وراء ظهر المضطجع، كأني أنا دار من تلقاء نفسي، أو أنه أدراني أحد غيري، أن المضطجع مولانا امير المؤمنين صلوات الله وتسليماته عليه، والجالس من وراء ظهره سيدنا وشفيعنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنا جاث على ركبتي وجاه المضطجع، وقبالته، وبين يديه وحذاء صدره، فأراه عليه صلوات الله وتسليماته متهششا متبششا متبسما في وهي ممرا يده المباركة على جبهتي، وخدي ولحيتي كأنه مستبشر متبشر بي، منفس عني كربتي، جابر

 

(1) هزيع من النهار طائفة منه: ثلثه أو ربعه، وقيل ساعة، والخلسة نومة مختلسة تملك العين من دون اختيار. (2) أي مستقبلا متوجها، لغة عامية مأخوذة من كلمة التجاه - مثلثة - وأصلها الوجاه.

 

[371]

انكسار قلبي، مستنفض بذلك عن نفسي حزني، وعن خلدي كآبتي، وإذا أنا عارض عليه ذلك الحرز، على ما هو مأخوذ سماعي، ومحفظوظ جناني، فيقول لي هكذا اقرأ، أو اقرأ هكذا: " محمد رسول الله صلى الله عليه وآله امامي، وفاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليها فوق رأسي، وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب وصي رسول الله صلوات الله وسلامه عليه عن يميني، والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة المنتظر أئمتي صلوات وسلامه عليهم عن شمالي، وأبو ذر وسلمان والمقداد وحذيفة وعمار وأصحاب رسول الله رضي الله تعالى عنهم من ورائي والملائكة عليهم السلام حولي، والله ربي تعالى شأنه وتقدست اسماؤه محيط بي، وحافظي وحفيظي، والله من ورائهم محيط، بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ". وإذ قد بلغ بي التمام فقال عليه السلام لي: كرر فقرأ وقرأت عليه بقراءته صلوات الله عليه، ثم قال: ابلغ وأعاده علي فعدت فيه، وهكذا كلما بلغت منه النهاية يعيده علي إلى حيث حفظته وتحفظته فانتبهت من سنتي متلهفا لهوفا عليها شيقا حنونا إليها إلى يوم القيامة، فلقد كانت هي اليقظة الحقة، وما لدى الجماهير يقظة فهي هجعة عندها، ولقد كانت هي الحياة الصرفة، وما عند الاقوام حياة فهي موتة بالنسبة إليها. وكتب الاحرف حكاية وعبارة عنها ببنان يمناه الفاقرة الداثرة افقر المربوبين وأحوج المفتاقين إلى رحمة ربه الحميد الغني، محمد بن محمد يدعى باقر الداماد الحسيني ختم الله له في نشأتيه بالحسنى، وسقاه في المصير إليه من كأس المقربين، ممن له لديه الزلفى، وجعل خير بوميه غده، ولا أوهن من الاعتصام بحبل فضله العظيم يده حامدا مصليا مسلما مستغفرا، والحمد لله رب العالمين وحده، حق حمده.


 

[372]

52. (باب) * (الاحتجاجات المروية عن الرسول والائمة صلوات الله وسلامه عليه) * * (وعليهم أجمعين، وما يناسب ذلك من الادعية المعروفة، والاحراز) * * (المشهورة، وفيه ذكر دعاء الجوشن الكبير والصغير) * * (وما شاكلهما ايضا) * 1 - مهج: ذكر ما نختاره من الحجب المروية عن النبي والائمة عليهم السلام التي احتجبوا بها ممن أراد الاساءة إليهم. حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا، اللهم بما وارت الحجب من جلالك وجمالك، وبما أطاف به العرش من بهاء كمالك وبمعاقد العز من عرشك، وبما تحيط به قدرتك من ملكوت سلطانك، يا من لا راد لامره، ولا معقب لحكمه اضرب بيني وبين اعدائي بسترك الذي لا تفرقه العواصف من الرياح، ولا تقطعه البواتر من الصفاح، ولا تنفذه عوامل الرماح، حل يا شديد البطش بيني وبين من يرميني بخوافقه، ومن تسري إلي طوارقه، وفرج عني كل هم وغم، يا فارج هم يعقوب فرج همي، يا كاشف ضر أيوب اكشف ضري، واغلب لي من غلبني يا غالبا غير مغلوب، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا، فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فاصبحوا ظاهرين. حجاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: بسم الله الرحمن الرحيم قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت


 

[373]

وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر خضعت البرية لعظمة جلاله أجمعون، وذلت لعظمته عزة كل متعاظم منهم ولا يجد أحد منهم إلي مخلصا بل يجعلهم الله شاردين متمزقين في [عز] طغيانهم هالكين بقل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، انغلق عني باب المتأخرين منكم وتهتم ضالين مطرودين، بالصافات، بالذاريات، بالمرسلات بالنازعات، أزجركم عن الحركات، كونوا رمادا لا تبسطو إلي يدا، اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون، هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، جمدت الاعين، وخرست الالسن، وخضعت الرقاب للملك الخلاق. اللهم بالعين والميم والفاء والحاءين، بنور الاشباح، وبتلالي ضياء الاصباح وبتقديرك لي يا قدير في الغدو والرواح اكفني شر من دب ومشى، وتجبروعتا [الله] الله الغالب لالجأ منه لهارب، نصر من الله وفتح قريب، إذا جاء نصر الله والفتح إن ينصركم الله فلا غالب لكم، كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز أمن من استجار بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله. حجاب الحسن بن علي عليهما السلام: اللهم يا من جعل بين البحرين حاجزا وبرزخا، وحجرا محجورا، يا ذا القوة والسلطان، يا علي المكان، كيف أخاف وأنت أملى ؟ وكيف أضام وعليك متكلي ؟ فغطني من أعدائك بسترك، وأفرغ علي من صبرك، واظهرني على أعدائي بأمرك، وأيدني بنصرك، إليك اللجا، ونحوك الملتجأ، فاجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، يا كافي أهل الحرم من أصحاب الفيل، والمرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، ارم من عاداني بالتنكيل، اللهم إني أسئلك الشفاء من كل داء، والنصر على الاعداء، والتوفيق لما تحب وترضى، يا إله من في السماء والارض وما بينهما وما تحت الثرى، بك استشفى، وبك استعفى، وعليك


 

[374]

أتوكل، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم. حجاب الحسين بن علي عليهما السلام: يا من شأنه الكفاية، وسرادقه الرعاية، يا من هو الغاية والنهاية يا صارف السوء والسواية والضر، اصرف عني اذية العالمين من الجن والانس أجمعين، بالاشباح النورية (1) وبالاسماء السريانية، وبالاقلام اليونانية وبالكلمات العبرانية، وبما نزل في الالواح من يقين الايضاح. اجعلني اللهم في حرزك وفي حزبك، وفي عياذك وفي سترك وفي كنفك، من كل شيطان مارد، وعدو راصد، ولئم معاند، وضد كنود، ومن كل حاسد، ببسم الله استشفيت، وبسم الله استكفيت (2) وعلى توكلت، وبه استعنت (3) على كل ظالم ظلم، وغاشم غشم، وطارق طرق، وزاجر زجر، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. حجاب علي بن الحسين عليهما السلام: بسم الله استعنت، وببسم الله استجرت، وبه اعتصمت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت اللهم نجني من طارق يطرق في ليل غاسق، أو صبح بارق، ومن كيد كل مكيد، أو ضد أو حاسد حسد، زجرتهم بقل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. وبالاسم المكنون المنفرج بين الكاف والنون وبالاسم الغامض المكنون الذي تكون منه الكون قبل أن يكون، أتدرع به من كل ما نظرت العيون، وخفقت الظنون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، وكفى بالله شهيدا وكفى بالله نصيرا. حجاب محمد بن علي الباقر عليهما السلام: الله نور السموات والارض جميعا، خضع لنوره كل جبار، وخمد لهيبته

 

(1) النورانية خ ل. (2) اكتفيت خ ل. (3) استعديت خ ل.

 

[375]

أهل الاقطار، وهمد ولبد جميع الاشرار، خاضعين خاسئين، لاسماء رب العالمين لجباري الهواء، ومسترقي السمع من السماء، وحلال المنازل والديار والمتغيبين (1) في الاسحار، والبارزين في أظهار النهار، حجبتكم وزجرتكم معاشر الجن والانس بأسماء الله الملك الجبار، خالق كل شئ بمقدار، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، وهو اللطيف الخبير (2) لا منجأ لكم ولا ملجأ لواردكم ولا منقذ لما ردكم جميعا من صواعق القرآن المبين، وعظيم اسماء رب العالمين، ولا منفذ لهاربكم من ركسة التثبيط، ونزاع التهبيط، ورواجس التخبيط، فرابعكم محبوس ونجم طالعكم منحوس مطموس، وشامخ علمكم منكوس، فاستكبوا أحيانا وتمزقوا أشتاتا، وتواقعوا بأسماء الله أمواتا، الله أغلب وهو غالب، وإليه يرجع كل شئ وهو الحكيم الخبير. حجاب جعفر بن محمد عليهما السلام: يا من إذا استعذت به أعاذني، وإذا استجرت به عند الشدائد أجارني، وإذا استغثت به عند النوائب أغاثني، وإذا استنصرت به على عدوي نصرني وأعانني إليك المفزع وأنت الثقة، فاقمع عني من أرادني، واغلب لي من كادني، يامن قال: إن ينصركم الله فلا غالب لكم، يا من نجا نوحا من القوم الظالمين، يا من نجا لوطا من القوم الفاسقين، يا من نجا هودا من القوم العادين (3) يا من نجا محمدا صلى الله عليه وآله من القوم الكافرين، نجني من أعدائي وأعدائك بأسمائك يا رحمن يا رحيم، لا سبيل لهم على من تعوذ بالقرآن، واستجار بالرحمن الرحيم، الرحمن على العرش استوى، إن بطش ربك لشديد، إنه هو يبدئ ويعيد، وهو الغفور الودود، ذوالعرش المجيد، فعال لما يريد، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا

 

(1) المتعبثين خ ل. (2) وفي نسخة من المهج: لا منجالكم جميعا من صواعق القرآن المبين، لا ملجأ لواردكم، ولا منقذ لها ربكم، ولا منفذ لما ردكم من ركسة التثبيط، الخ. (3) الغادرين خ ل.

 

[376]

هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. حجاب موسى بن جعفر عليهما السلام: توكلت على الحي الذي لا يموت، وتحصنت بذي العزة والجبروت واستعنت بذي الكبرياء والملكوت، مولاي استسلمت إليك فلا تسلمني، وتوكلت عليك فلا تخذلني، ولجأت إلى ظلك البسيط فلا تطرحني، أنت الطلب، وإليك المهرب، تعلم ما أخفى وما أعلن، وتعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور، فأمسك عني اللهم أيدي الظالمين، من الجن والانس أجمعين، واشفني وعافني يا ارحم الراحمين. حجاب على بن موسى عليهما السلام: استسلمت مولاي لك، واسلمت نفسي إليك، وتوكلت في كل أموري عليك وأنا عبدك وابن عبديك، اخبأني اللهم في سترك عن شرار خلقك، واعصمني من كل أذى وسوء بمنك، واكفني شر كل ذي شر بقدرتك، اللهم من كادني وأرادني فاني أدرأ بك في نحره، واستعيذ منه بحولك وقوتك، وشد عني أيدي الظالمين إذ كنت ناصري، لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين، وإله العالمين، أسئلك كفاية الاذى، والعافية والشفاء والنصر على الاعداء، والتوفيق لما تحب ربنا وترضى، يا إله العالمين، يا جبار السماوات والارضين، يا رب محمد وآله الطيبين الطاهرين صلواتك عليهم أجمعين. حجاب محمد بن علي عليهما السلام: الخالق أعظم من المخلوقين، والرازق أبسط يدا من المرزوقين، ونار الله المؤصدة في عمد ممددة تكيد أفئدة المردة وترد كيد الحسدة بالاقسام، بالاحكام باللوح المحفوظ، والحجاب المضروب، بالعرش العظيم (1) احتجبت واستترت واستجرت واعتصمت وتحصنت بالم، وبكهيعص وبطه وبطسم وبحم وبحمعسق ونون (2) وبطس وبق والقرآن المجيد، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم والله وليي ونعم الوكيل.

 

(1) في المصدر المطبوع: بعرش ربنا العظيم. (2) وبنون ظ.

 

[377]

حجاب علي بن محمد عليهما السلام: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، عليك يا مولاي توكلي، وأنت حسبي وأملي، [ومن يتوكل على الله فهو حسبه، تبارك] إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، رب الارباب، ومالك الملوك، وجبار الجبابرة، وملك الدنيا والآخرة، رب أرسل إلي منك رحمة يا رحيم، ألبسني منك عافية، وازرع في قلبي من نورك، واخبأني من عدوك واحفظني في ليلي ونهاري بعينك، يا أنس كل مستوحش، وإله العالمين، قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون، حسبي الله كافيا ومعينا ومعافيا، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. حجاب الحسن بن علي العسكري عليهما السلام: اللهم إني أشهدك بحقيقة إيماني وعقد عزمات يقيني، وخالص صريح توحيدي، وخفي سطوات سري، وشعري وبشري، ولحمي ودمي، وصميم قلبي وجوارحي ولبي بأنك أنت الله لا إله إلا أنت مالك الملك وجبار الجبابرة، وملك الدنيا والآخرة، تعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، فأعزني بعزك، واقهر لي من أرادني بسطوتك، واخبأني من أعدائي بسترك صم بكم عمي فهم لا يرجعون، وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، بعزة الله استجرنا، وبأسماء الله إياكم طردنا، وعليه توكلنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وحسبنا الله ونعم الوكيل، وهو نعم النصير، وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا، وعلى الله فليتوكل المتوكلون، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا.


 

[378]

حجاب مولانا صاحب الزمان عليه السلام: اللهم احجبني عن عيون أعدائي، واجمع بيني وبين أوليائي، وأنجز لي ما وعدتني، واحفظني في غيبتي إلى أن تأذن لي في ظهوري، وأحي بي ما درس من فروضك وسننك، وعجل فرجى، وسهل مخرجي واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، وافتح لي فتحا مبينا، واهدني صراطا مستقيما، وقنى جميع ما أحاذره من الظالمين، واحجبني عن أعين الباغضين، الناصبين العداوة لاهل بيت نبيك، ولا يصل منهم إلي أحد بسوء، فإذا أذنت في ظهوري فأيدني بجنودك، واجعل من يتبعني لنصرة دينك مؤيدين، وفي سبيلك مجاهدين، وعلى من أرادني وأرادهم بسوء منصورين، ووفقني لاقامة حدودك، وانصرني على من تعدى محدودك وانصر الحق وأزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا، وأورد علي من شيعتي وأنصاري ومن تقربهم العين ويشد بهم الازر، واجعلهم في حرزك وأمنك برحمتك يا ارحم الراحمين. وهذه الحجب مما ألهمنا ايضا تلاوتها يوم أحاطت المياه والغرق، واصعبت السلامة بكثرة المياه، وزادت على إحاطتها بهدم مواضع دخل بها ماء الزيادات وأمكن المقام باجابة الدعوات، ورفع تلك المحذورات، وسلامتنا من الدخول في تلك الحادثات، والحمد لله (1). هذا آخر ما في المهج من الحجابات المشار إليها: 2 - حجاب منقول من بعض المواضع: احتجبت بنور وجه الله القديم الكامل، وتحصنت بحصن الله القوي الشامل ورميت من بغى علي بسهم الله وسيفه القاتل، اللهم يا غالبا على أمره، ويا قائما فوق خلقه، ويا حائلا بين المرء وقلبه، حل بيني وبين الشيطان ونزغه، وبين ما لا طاقة لي به من أحد من عبادك، كف عني ألسنتهم، واغلل أيديهم وأرجلهم واجعل بيني وبينهم سدا من نور عظمتك، وحجابا من قدرتك، وجندا من

 

(1) مهج الدعوات ص 368 - 377.

 

[379]

سلطانك إنك حي قادر. اللهم اغش عني ابصار الناظرين حتى أرد الموارد واغش عنى ابصار النور، وابصار الظلمة. حتى لا أبالي عن ابصارهم، يكاد سنا برقه يذهب بالابصار يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لاولي الابصار. بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص بسم الله الرحمن الرحيم حمعسق كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح، هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع، علمت نفس ما أحضرت فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس، والليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس. ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق، شاهت الوجوه شاهت الوجوه، شاهت الوجوه، وعميت الابصار، وكلت الالسن، اللهم اجعل خيرهم بين عينيهم، وشرهم تحت قدميهم، وخاتم سليمان بين أكتافهم، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، وصلى الله على محمد وآله أجمعين. 3 - مهج: من كتاب الخصائص تأليف محمد بن علي الاصفهاني، عن عبد الواحد بن علي، عن أحمد بن إبراهيم، عن منصور بن أحمد الصيرفي، عن إسحاق بن عبدالرب، عن عبد الله بن الحميد، عن محمد بن مهران الاصفهاني عن خلاد بن يحيى، عن قيس بن الربيع، عن أبيه قال: دعاني المنصور يوما قال: أما ترى ما هو هذا يبلغني عن هذا الحبشي ؟ قلت: ومن هو يا سيدي ؟ قال: جعفر بن محمد، والله لاستاصلن شأفته، ثم دعا بقائد من قواده فقال: انطلق إلى المدينة في ألف رجل فاهجم على جعفر بن محمد وخذ راسه ورأس ابنه موسى ابن جعفر، في مسيرك، فخرج القائد من ساعته حتى قدم المدينة، وأخبر جعفر ابن محمد فأمر فأتي بناقتين فأوثقهما على باب البيت ودعا بأولاده موسى وإسماعيل ومحمد وعبد الله فجمعهم، وقعد في المحراب، وجعل يهمهم. قال أبو نصر: فحدثني سيدي موسى بن جعفر أن القائد هجم عليه فرأيت


 

[380]

ابي وقد همهم بالدعاء، فأقبل القائد، وكل من كان معه، قال: خذوا رأسي هذين القائمين، فاحتزوا رأسهما، ففعلوا وانطلقوا إلى المنصور. فلما دخلوا عليه أطلع المنصور في المخلاة التي كان فيها الرأسان فإذا هما رأسا ناقتين، فقال المنصور: واي شئ هذا ؟ قال: يا سيدي ما كان باسرع من أن دخلت البيت الذي فيه جعفر بن محمد فدار رأسي ولم أنظر ما بين يدي فرأيت شخصين قائمين خيل إلي أنهما جعفر وموسى ابنه، فأخذت رأسيهما، فقال المنصور: اكتم علي، فما حدثت به أحدا حتى مات، قال الربيع: فسألت موسى بن جعفر عليهما السلام عن الدعاء، فقال: سألت أبي عن الدعاء فقال: هو دعاء الحجاب: بسم الله الرحمن الرحيم وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالاخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا، اللهم إني أسئلك بالاسم الذي به تحيي وتميت، وترزق، و تعطي، وتمنع، يا ذا الجلال والاكرام، اللهم من أرادنا بسوء من جميع خلقك فأعم عنا عينه، واصمم عنا سمعه، واشغل عنا قلبه، واغلل عنا يده، واصرف عنا كيده وخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن تحته ومن فوقه، يا ذاالجلال والاكرام. قال موسى عليه السلام: قال أبي عليه السلام: إنه دعاء الحجاب من جميع الاعداء (1). ومن ذلك: دعاء التضرع، وكان أبو عبد الله عليه السلام يدعو به في الشدائد، و يكشف عن ذراعيه، ويرفع به صوته، وينتحب ويكثر البكاء. اللهم لولا أن القى بيدي، وأعين على نفسي، وأخالف كتابك، وقد قلت ادعوني استجب لكم فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني، لما انشرح قلبي ولساني لدعائك والطلب منك، وقد علمت من نفسي فيما بيني وبينك ما عرفت. اللهم من أعظم حرما مني، وقد ساورت معصيتك التي زجرتني عنها بنهيك

 

(1) مهج الدعوات ص 264.

 

[381]

إياي، وكاثرت العظيم منها التي أوجبت النار لمن عملها من خلقك، وكل ذلك على نفسي جنيت وإياي أوبقت، إلهي فتداركني برحمتك التي بها تجمع الخيرات لاوليائك، وبها تصرف السيئات عن أحبائك. اللهم إني اسئلك التوبة النصوح فاستجب دعائي، وارحم عبرتي، واقلني عثرتي، اللهم لولا رجائي لعفوك لصمت عن الدعاء، ولكنك على كل حال يا إلهي غاية الطالبين، ومنتهى رغبة الراغبين، واستعاذة العائذين، اللهم فأنا أستعيذك من غضبك، وسوء سخطك، وعقابك ونقمتك، ومن شر نفسي، وشر كل ذي شر، واستغفرك من جميع الذنوب، وأسئلك الغنيمة فيما بقي من عمري بالعافية أبدا ما أبقيتني، واسئلك الفوز بالجنة والرحمة إذا توفيتني فانك بذلك لطيف، وعليه قادر. اللهم إني اشكو إليك كل حاجة لا يجيرني منها إلا أنت، يا من هو عدتي في كل عسر ويسر، يا من هو حسن البلاء عندي، يا قديم العفو عني إنني لا ارجو غيرك، ولا أدعو سواك إذا لم تجبني، اللهم فلا تحرمني لقلة شكري، لا تؤيسني لكثرة ذنوبي، فانك أهل التقوى وأهل المغفرة. إلهي أنا من قد عرفت، بئس العبد أنا وخير المولى أنت، فيا مخشي الانتقام ويا مرهوب البطش، يا معروفا بالمعروف، إنني ليس أخاف منك إلا عدلك، ولا أرجو الفضل والعفو إلا من عندك، وأنا عبدك ولا عبد لك احق باستيجاب جميع العقوبة بذنوبه مني، ولكني وسعني عفوك وحملك وأخرتني إلى اليوم. فليت شعري يا إلهي الازداد إثما أخرتني ؟ أم ليتم لي رجائي منك ويتحقق حسن ظني بك ؟ فأما بعملي فقد أعلمتك إلهي أنني مستحق لجميع عقوبتك بذنوبي غير أنك أرحم الراحمين، وأنت بي أعلم من نفسي، وعند ارحم الراحمين رجاء الرحمة فيا أرحم الراحمين لا تشوه خلقي بالنار، ولا تقطع عصبي بالنار يا الله، ولا تفلق قحف رأسي بالنار يا رحمن، ولا تفرق بين أوصالي بالنار، يا كريم، ولا تهشم


 

[382]

عظامي بالنار، يا عفو، ولا تصل شيئا من جسدي بالنار، يا رحمان، عفوك عفوك ثم عفوك عفوك فانه لا يقدر على ذلك غيرك وأنت على كل شئ قدير. يا محيطا بملكوت السموات والارض ومدبر أمورهما أولها وآخرها، أصلح لي دنياي وآخرتي، واصلح لي نفسي ومالي وما خولتني، يا الله خلصني من الخطايا يا الله من علي بترك الخطايا، يا رحيم تحنن علي بفضلك، يا عفو تفضل علي [بعفوك] ظ يا حنان جد علي بسعة عافيتك، يا منان أمنن علي بالعتق من النار، يا ذا الجلال والاكرام أوجب لي الجنة التي حشوها رحمتك، وسكانها ملائكتك، يا ذا [الجلال و] الاكرام أكرمني ولا تجعل لاحد من خلقك علي سبيلا أبدا ما ابقيتني فانه لا حول ولا قوة إلا بك وأنت علي كل شئ قدير، سبحانك لا إله إلا أنت رب العرش العظيم، لك الاسماء الحسنى وأنت عليم بذات الصدور... وتسمي حاجتك (1). أقول: ومن الادعية المعروفة دعاء الجوشن الكبير وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله رواه جماعة من متأخري اصحابنا رضوان الله عليهم، قال الكفعمي وغيره: ملخص شرح دعاء الجوشن: هذا الدعاء رفيع الشأن، عظيم المنزلة، جليل القدر، مروي عن السجاد زين العابدين، عن أبيه، عن جده علي بن ابي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله نزل به جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وهو في بعض غزواته وقد اشتدت، وعليه جوشن ثقيل آلمه، فدعا الله تعالى، فهبط جبرئيل عليه السلام، وقال: يا محمد ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: اخلع هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء، فهو أمان لك ولامتك فمن قرأه عند خروجه من منزله، أو حمله حفظه الله وأوجب الجنة عليه، ووفقه لصالح الاعمال، وكان كأنما قرأ الكتب الاربع، وأعطي بكل حرف زوجتين في الجنة، وبيتين من بيوت الجنة، وأعطي مثل ثواب إبراهيم وموسى وعيسى، وثواب خلق من خلق الله في أرض بيضاء خلف المغرب: يعبدون الله تعالى ولا يعصونه طرفة عين، قد تمزقت جلودهم من البكاء من خشية الله، ولا يعلم عددهم إلا الله، ومسيرة

 

(1) مهج الدعوات ص 265 - 267.

 

[383]

الشمس في بلادهم أربعون يوما. يا محمد وإن البيت المعمور في السماء السابعة يدخله سبعون ألف ملك في كل يوم ويخرجون منه ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة، وإن الله تعالى يعطي لمن قرأ هذا الدعاء ثواب تلك الملائكة، ويعطيه ثواب المؤمنين والمؤمنات، من خلق الله إلى يوم القيامة، ومن كتبه وجعله في منزله لم يسرق ولم يحترق. ومن كتب في رق غزال أو كاغذ وحمله كان آمنا من كل شئ، ومن دعا به ثم مات مات شهيدا، وكتب له ثواب تسعمائة ألف شهيد من شهداء بدر، ونظر الله إليه وأعطاه ما سأله، ومن قرأه سبعين مرة بنية خالصة على أي مرض كان، لزال من جنون أو جذام أو برص. ومن كتب في جام بكافور أو مسك ثم غسله ورشه على كفن ميت أنزل الله تعالى في قبره الف نور، وآمنه من هول منكر ونكير، ورفع عنه عذاب القبر، وبعث سبعين ألف ملك إلى قبره يبشرونه بالجنة، ويونسونه، ويفتح له بابا إلى الجنة ويوسع عليه قبره مدى بصره، ومن كتبه على كفنه استحيى الله تعالى أن يعذبه بالنار، وإن الله تعالى كتب هذا الدعاء على قوائم العرش قبل أن يخلق الدنيا بخمسين ألف عام ومن دعا به بنية خالصة في أول شهر رمضان أعطاه الله تعالى [ثواب] ليلة القدر، وخلق له سبعون ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه، وجعل ثوابهم لمن دعا به. يا محمد من دعا به لم يبق بينه وبين الله تعالى حجاب، ولم يطلب من الله تعالى شيئا إلا أعطاه وبعث الله إليه عند خروجه من قبره سبعين ألف ملك في يد كل ملك زمامة نجيب من نور، بطنه من اللؤلؤ، وظهره من الزبرجد، وقوائمه من الياقوت، على ظهر كل نجيب قبة من نور، لها أربعمائة باب على كل باب ستر من السندس والاستبرق في كل قبة ألف وصيفة، على رأس كل وصيفة تاج من الذهب الاحمر تستطع منهن رائحة المسك الاذفر، فيعطى جميع ذلك ثم يبعث الله إليه بعد ذلك سبعين ألف ملك مع كل ملك كأس من لؤلؤ بيضاء، فيها شراب من الجنة، مكتوب على كل كاس منها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هدية من البارئ عزوجل لفلان بن فلان، ويناديه الله تعالى يا عبدي ادخل الجنة بغير حساب.


 

[384]

يا محمد ومن دعا به في شهر رمضان ثلاث مرات أو مرة واحدة، حرم الله جسده على النار، ووجبت له الجنة، ووكل الله به ملكين يحفظانه من المعاصي وكان في أمان الله تعالى طول حياته، وعند مماته. يا محمد ولا تعلمه إلا لمؤمن تقي ولا تعلمه مشركا فيسأل به ويعطى. قال الحسين عليه السلام: أوصاني أبي عليه السلام بحفظه وتعظيمه، وأن أكتبه على كفنه، وأن أعلمه أهلي وأحثهم عليه وهو ألف اسم، واسم (1). دعاء الجوشن الكبير مروي عن النبي صلى الله عليه وآله وهو مائة فصل، كل فصل عشرة اسماء، وتبسمل في أول كل فصل منها وتقول في آخره " سبحانك يا لا إله إلا أنت الغوث الغوث صل على محمد وآل محمد، وخلصنا من النار يا رب، يا ذا الجلال والاكرام يا أرحم الراحمين ". ا - اللهم إني أسئلك باسمك يا الله، يا رحمان، يا رحيم، يا كريم، يا مقيم يا عظيم، يا قديم، يا عليم، يا حليم، يا حكيم. ب - يا سيد السادات، يا مجيب الدعوات، يا رافع الدرجات، يا ولي الحسنات، يا غافر الخطيئات، يا معطى المسئلات، يا قابل التوبات، يا سامع الاصوات، يا عالم الخفيات، يا دافع البليات. ج - ياخير الغافرين، يا خير الفاتحين، يا خير الناصرين، يا خير الحاكمين، يا خير الرازقين، يا خير الوارثين، يا خير الحامدين، يا خير الذاكرين، يا خير المنزلين يا خير المحسنين. د - يا من له العزة والجمال، يا من له القدرة والكمال، يا من له الملك والجلال، يا من هو الكبير المتعال، يا منشئ السحاب الثقال، يا من هو شديد المحال، يا من هو سريع الحساب، يا من هو شديد العقاب، يا من عنده حسن الثواب، يا من عنده أم الكتاب. ه‍ - اللهم إني اسئلك باسمك يا حنان، يا منان، يا ديان، يا برهان، يا

 

(1) انتهى ما ذكره الكفعمي في المصباح، وما بعده إلى آخر الدعاء رواية الكفعمي في البلد الامين ص 402، وسيأتي شرح الدعاء نقلا من كتاب مهج الدعوات مفصلا.

 

[385]

سلطان، يا رضوان، يا غفران، يا سبحان، يا مستعان، يا ذا المن والبيان. و: يا من تواضع كل شئ لعظمته، يا من استسلم كل شئ لقدرته، يا من ذل كل شئ لعزته، يا من خضع كل شئ لهيبته، يا من انقاد كل شئ من خشيته، يا من تشققت الجبال من مخافته، يا من قامت السماوات بأمره، يا من استقرت الارضون بإذنه، يا من يسبح الرعد بحمده، يا من لا يعتدي على اهل مملكته. ز: يا غافر الخطايا، يا كاشف البلايا. يا منتهى الرجايا، يا مجزل العطايا يا واهب الهدايا، يا رازق البرايا، يا قاضى المنايا، يا سامع الشكايا، يا باعث البرايا، يا مطلق الاسارى. ح: يا ذا الحمد والثناء، يا ذا الفخر والبهاء، يا ذا المجد والسناء، يا ذا العهد والوفاء، يا ذا العفو والرضا يا ذا المن والعطاء، يا ذا الفضل والقضاء، يا ذا العز والبقاء، يا ذا الجود والسخاء، يا ذا الآلاء والنعماء. ط: اللهم إني أسئلك باسمك يا مانع، يا دافع، يا رافع، يا صانع، يا نافع يا سامع، يا جامع، يا شافع، يا واسع، يا موسع. ى: يا صانع كل مصنوع، يا خالق كل مخلوق، يا رازق كل مرزوق، يا مالك كل مملوك، يا كاشف كل مكروب، يا فارج كل مهموم، يا راحم كل مرحوم، يا ناصر كل مخذول، يا ساتر كل معيوب، يا ملجأ كل مطرود. يا: يا عدتي عند شدتي، يا رجائي عند مصيبتي، يا مونسي عند وحشتي يا صاحبي عند غربتي، يا وليي عند نعمتي، يا غياثي عند كربتي، يا دليلي عند حيرتي، يا غنائي عند افتقاري، يا ملجائي عند اضطراري، يا مغيثي عند مفزعي. يب: يا علام الغيوب، يا غفار الذنوب، يا ستار العيوب، يا كاشف الكروب يا مقلب القلوب، يا طبيب القلوب، يا منور القلوب، يا أنيس القلوب، يا مفرج الهموم، يا منفس الغموم. يج: اللهم إني أسئلك باسمك يا جليل، يا جميل، يا وكيل، يا كفيل


 

[386]

يا دليل، يا قبيل، يا مديل، يا منيل، يا مقيل، يا محيل. يد: يا دليل المتحيرين، يا غياث المستغيثين، يا صريخ المستصرخين يا جار المستجيرين، يا أمان الخائفين، يا عون المؤمنين، يا راحم المساكين، يا ملجأ العاصين، يا غافر المذنبين، يا مجيب دعوة المضطرين. يه: يا ذا الجود والاحسان، يا ذا الفضل والامتنان، يا ذا الامن والامان يا ذا القدس والسبحان، يا ذا الحكمة والبيان، يا ذا الرحمة والرضوان، يا ذا الحجة والبرهان، يا ذا العظمة والسلطان، يا ذا الرأفة والمستعان، يا ذا العفو والغفران. يو: يا من هو رب كل شئ، يا من هو إله كل شئ، يا من هو صانع كل شئ، يا من هو خالق كل شئ، يا من هو قبل كل شئ، يا من هو بعد كل شئ، يا من هو فوق كل شئ، يا من هو عالم بكل شئ، يا من هو قادر على كل شئ، يا من يبقى ويفنى كل شئ. يز: اللهم إني أسألك باسمك يا مؤمن، يا مهيمن، يا مكون، يا ملقن يا مبين، يا مهون، يا ممكن، يا مزين، يا معلن، يا مقسم. يح: يا من هو في ملكه مقيم، يا من هو في سلطانه قديم، يا من هو في جلاله عظيم، يا من هو على عباده رحيم، يا من هو بكل شئ عليم، يا من هو بمن عصاه حليم، يا من هو بمن رجاه كريم، يا من هو في صنعه حكيم، يا من هو في حكمته لطيف، يا من هو في لطفه قديم. يط: يا من لا يرجى إلا فضله، يا من لا يسئل إلا عفوه، يا من لا ينظر إلا بره، يا من لا يخاف إلا عدله، يا من لا يدوم إلا ملكه، يا من لا سلطان إلا سلطانه، يا من وسعت كل شئ رحمته، يا من سبقت رحمته غضبه، يا من أحاط بكل شئ علمه، يا من ليس أحد مثله. ك: يا فارج الهم، يا كاشف الغم يا غافر الذنب يا قابل التوب يا خالق الخلق يا صادق الوعد يا موفى العهد يا عالم السر يا فالق الحب يا رازق


 

[387]

الانام. كا: اللهم إني أسئلك باسمك يا علي يا وفي يا غني يا ملي يا حفي يا رضي يا زكي يا بدئ يا قوي يا ولي. كب: يا من أظهر الجميل يا من ستر القبيح يا من لم يؤاخذ بالجريرة يا من لم يهتك الستر يا عظيم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كل نجوى يا منتهى كل شكوى. كج: يا ذا النعمة السابغة يا ذا الرحمة الواسعة يا ذا المنة السابقة يا ذا الحكمة البالغة يا ذا القدرة الكاملة يا ذا الحجة القاطعة يا ذا الكرامة الظاهرة يا ذا العزة الدائمة يا ذا القوة المتينة يا ذا العظمة المنيعة. كد: يا بديع السموات يا جاعل الظلمات يا راحم العبرات يا مقيل العثرات يا ساتر العورات يا محيي الا موت يا منزل الآيات يا مضعف الحسنات يا ماحي السيئات يا شديد النقمات. كه: اللهم إني اسئلك باسمك يا مصور يا مقدر يا مدبر يا مطهر يا منور يا ميسر يا مبشر يا منذر يا مقدم يا مؤخر. كو: يا رب البيت الحرام يا رب الشهر الحرام يا رب البلد الحرام يا رب الركن والمقام يا رب المشعر الحرام يا رب المسجد الحرام يا رب الحل والحرام يا رب النور والظلام يا رب التحية والسلام يا رب القدرة في الانام. كز: يا أحكم الحاكمين يا أعدل العادلين يا اصدق الصادقين يا اطهر الطاهرين يا أحسن الخالقين يا اسرع الحاسبين يا اسمع السامعين يا ابصر الناظرين يا اشفع الشافعين يا أكرم الاكرمين. كح: يا عماد من لا عماد له يا سند من لا سند له يا ذخر من لا ذخر له يا حرز من لا حرز له يا غياث من لا غياث له يا فخر من لا فخر له يا عز من لا عز له يا معين من لا معين له يا أنيس من لا أنيس له يا أمان من لا أمان له.


 

[388]

كط: اللهم إني اسئلك يا عاصم يا قائم يا دائم يا راحم يا سالم يا حاكم يا عالم يا قاسم يا قابض يا باسط. ل: يا عاصم من استعصمه يا راحم من استرحمه يا غافر من استغفره يا ناصر من استنصره يا حافظ من استحفظه يا مكرم من استكرمه يا مرشد من استرشده يا صريخ من استصرخه يا معين من استعانه يا مغيث من استغاثه. لا: يا عزيزا لا يضام يا لطيفا لا يرام يا قيوما لا ينام يا دائما لا يفوت يا حيا لا يموت يا ملكا لا يزول يا باقيا لا يفنى يا عالما لا يجهل يا صمدا لا يطعم يا قويا لا يضعف. لب: اللهم إني أسئلك باسمك يا أحد يا واحد يا شاهد يا ماجد يا حامد يا راشد يا باعث يا وارث يا ضار يا نافع. لج: يا أعظم من كل عظيم يا أكرم من كل كريم يا أرحم من كل رحيم يا أعلم من كل عليم يا أحكم من كل حكيم يا اقدم من كل قديم يا أكبر من كل كبير يا ألطف من كل لطيف يا أجل من كل جليل يا أعز من كل عزيز. لد: يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا كثير الخير، يا قديم الفضل يا دائم اللطف، يا لطيف الصنع، يا منفس الكرب، يا كاشف الضر، يا مالك الملك، يا قاضي الحق. له: يا من هو في عهده وفي، يا من هو في وفائه قوي، يا من هو في قوته علي، يا من هو في علوه قريب، يا من هو في قربه لطيف، يا من هو في لطفه شريف، يا من هو في شرفه عزيز، يا من هو في عزه عظيم، يا من هو في عظمته مجيد، يا من هو في مجده حميد. لو: اللهم إني أسئلك باسمك يا كافي، يا شافي، يا وافي، يا معافي يا هادي يا داعي يا قاضي يا راضي يا عالي يا باقي. لز: يا من كل شئ خاضع له يا من كل شئ خاشع له يا من كل شئ كائن له يا من كل شئ موجود به يا من كل شئ منيب إليه يا من كل شئ


 

[389]

خائف منه يا من كل شئ قائم به يا من كل شئ صائر إليه يا من كل شئ يسبح بحمده يا من كل شئ هالك إلا وجهه. لح: يامن لا مفر إلا إليه يا من لا مفزع إلا إليه يا من لا مقصد إلا إليه يا من لا منجا منه إلا إليه يا من لا يرغب إلا إليه يا من لا حول ولا قوة إلا به يا من لا يستعان إلا به يا من لا يتوكل إلا عليه، يا من لا يرجى إلا هو يا من لا يعبد إلا إياه. لط: يا خير المرهوبين، يا خير المطلوبين، يا خير المرغوبين، يا خير المسؤولين يا خير المقصودين، يا خير المذكورين، يا خير المشكورين، يا خير المحبوبين يا خير المدعوين يا خير المستأنسين. م: اللهم إني أسئلك باسمك يا غافر، يا ساتر، يا قادر، يا قاهر، يا فاطر يا كاسر، يا جابر، يا ذاكر، يا ناظر، يا ناصر. ما: يا من خلق فسوى، يا من قدر فهدى، يا من يكشف البلوى، يا من يسمع النجوى، يا من ينقذ الغرقى، يا من ينجي الهلكى، يا من يشفي المرضى يا من اضحك وأبكى، يا من أمات وأحيى، يا من خلق الزوجين الذكر والانثى. مب: يا من في البر والبحر سبيله، يا من في الآفاق آياته، يا من في الآيات برهانه، يا من في الممات قدرته، يا من في القبور عبرته، يا من في القيامة ملكه يا من في الحساب هيبته، يا من في الميزان قضاؤه، يا من في الجنة ثوابه، يا من في النار عقابه. مج: يا من إليه يهرب الخائفون، يا من إليه يفزع المذنبون، يا من إليه يقصد المنيبون، يا من إليه يرغب الزاهدون، يا من إليه يلجأ المتحيرون، يا من به يستأنس المريدون، يا من به يفتخر المحبون، يا من في عفوه يطمع الخاطؤن يا من إليه يسكن الموقنون، يا من عليه يتوكل المتوكلون. مد: اللهم إني أسئلك باسمك يا حبيب، يا طبيب، يا قريب، يا رقيب يا حسيب، يا مهيب، يا مثيب، يا مجيب، يا خبير، يا بصير.


 

[390]

مه: يا اقرب من كل قريب، يا أحب من كل حبيب، يا ابصر من كل بصير، يا أخبر من كل خبير، يا أشرف من كل شريف، يا أرفع من كل رفيع يا اقوى من كل قوي، يا أغنى من كل غنى، يا أجود من كل جواد، يا أرءف من كل رؤف. مو: يا غالبا غير مغلوب، يا صانعا غير مصنوع، يا خالقا غير مخلوق، يا مالكا غير مملوك، يا قاهرا غير مقهور، يا رافعا غير مرفوع، يا حافظا غير محفوظ يا ناصرا غير منصور، يا شاهدا غير غائب، يا قريبا غير بعيد. مز: يا نور النور، يا منور النور، يا خالق النور، يا مدبر النور، يا مقدر النور، يا نور كل نور، يا نورا قبل كل نور، يا نورا بعد كل نور، يا نورا فوق كل نور، يا نورا ليس كمثله نور. مح: يا من عطاؤه شريف، يا من فعله لطيف، يا من لطفه مقيم، يا من إحسانه قديم، يا من قوله حق، يا من وعده صدق، يا من عفوه فضل، يا من عذابه عدل، يا من ذكره حلو، يا من فضله عميم. مط: اللهم إني أسئلك باسمك يا مسهل، يا مفصل، يا مبدل، يا مذلل يا منزل، يا منول، يا مفضل، يا مجزل، يا ممهل، يا مجمل. ن: يا من يرى ولا يرى، يا من يخلق ولا يخلق، يا من يهدي ولا يهدى يا من يحيي ولا يحيى، يا من يسئل ولا يسئل، يا من يطعم ولا يطعم، يا من يجير ولا يجار عليه، يا من يقضي ولا يقضى عليه، يا من يحكم عليه، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. نا: يا نعم الحسيب، يا نعم الطبيب، يا نعم الرقيب، يا نعم القريب، يا نعم المجيب، يا نعم الحبيب، يا نعم الكفيل، يا نعم الوكيل، يا نعم المولى، يا نعم النصير. نب: يا سرور العارفين، يا منى المحبين، يا أنيس المريدين، يا حبيب التوابين، يا رازق المقلين، يا رجاء المذنبين، يا قرة عين العابدين، يا منفس


 

[391]

عن المكروبين، يا مفرج عن المغمومين، يا إله الاولين والآخرين. نج: اللهم إني أسئلك باسمك يا ربنا، يا إلهنا، يا سيدنا، يا مولانا، يا ناصرنا يا حافظنا، يا دليلنا، يا معيننا، يا طبيبنا. ند: يا رب النبيين والابرار، يا رب الصديقين والاخيار، يا رب الجنة والنار، يا رب الصغار والكبار، يا رب الحبوب والثمار، يا رب الانهار والاشجار يا رب الصحاري والقفار، يا رب البراري والبحار، يا رب الليل والنهار، يا رب الاعلان والاسرار. نه: يا من نفذ في كل شئ أمره، يا من لحق بكل شئ علمه، يا من بلغت إلى كل شئ قدرته، يا من لا تحصي العباد نعمه، يا من لا تبلغ الخلائق شكره يا من لا تدرك الافهام جلاله، يا من لا تنال الاوهام كنهه، يا من العظمة والكبرياء رداؤه، يا من لا ترد العباد قضاءه، يا من لا ملك إلا ملكه، يا من لا عطاء إلا عطاؤه. نو: يا من له المثل الاعلى، يا من له الصفات العليا، يا من له الآخرة والاولى، يا من له الجنة المأوى، يا من له الآيات الكبرى، يا من له الاسماء الحسنى، يا من له الحكم والقضاء، يا من له الهواء والفضاء، يا من له العرش والثرى، يا من له السموات العلى. نز: اللهم إني اسئلك باسمك يا عفو، يا غفور يا صبور، يا شكور يا رؤف، يا عطوف، يا مسؤل، يا ودود، يا سبوح، يا قدوس. نح: يا من في السموات عظمته، يا من في الارض آياته، يا من في كل شئ دلائله، يا من في البحار عجائبه، يا من في الجبال خزائنه، يا من يبدؤ الخلق ثم يعيده، يا من إليه يرجع الامر كله، يا من أظهر في كل شئ لطفه، يا من أحسن كل شئ خلقه، يا من تصرف في الخلائق قدرته. نط: يا حبيب من لا حبيب له، يا طبيب من لا طبيب له، يا مجيب من لا مجيب له، يا شفيق من لا شفيق له، يا رفيق من لا رفيق له، يا مغيث من لا مغيث له، يا دليل من لا دليل له، يا أنيس من لا أنيس له، يا راحم من لا راحم له


 

[392]

يا صاحب من لا صاحب له س: يا كافي من استكفاه، يا هادي من استهداه، يا كالي من استكلاه يا راعى من استرعاه، يا شافي من استشفاه، يا قاضي من استقضاه، يا مغنى من استغناه، يا موفى من استوفاه يا مقوي من استقواه، يا ولي من استولاه. سا: اللهم إني اسئلك باسمك يا خالق، يا رازق، يا ناطق، يا صادق يا فالق، يا فارق، يا فاتق، يا راتق، يا سابق، يا سامق. سب: يا من يقلب الليل والنهار، يا من جعل الظلمات والانوار، يا من خلق الظل والحرور، يا من سخر الشمس والقمر، يا من قدر الخير والشر، يا من خلق الموت والحياة، يا من له الخلق والامر، يا من لم يتخذ ولدا، يا من ليس له شريك في الملك، يا من لم يكن له ولي من الذل. سج: يا من يعلم مراد المريدين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من يسمع أنين الواهنين، يا من يرى بكاء الخائفين، يا من يملك حوائج السائلين، يا من يقبل عذر التائبين، يا من يصلح أعمال المفسدين، يا من لا يضيع أجر المحسنين يا من لا يبعد عن قلوب العارفين، يا أجود الاجودين. سد: يا دائم البقاء، يا سامع الدعاء، يا واسع العطاء، يا غافر الخطاء يا بديع السماء، يا حسن البلاء، يا جميل الثناء، يا قديم السناء، يا كثير الوفاء يا شريف الجزاء. سه: اللهم إني اسئلك باسمك يا ستار، يا غفار، يا قهار، يا جبار يا صبار، يا بار، يا مختار، يا فتاح، يا نفاح يا مرياح. سو: يا من خلقني وسواني، يا من رزقني ورباني، يا من اطعمني وسقاني يا من قربني وادناني، يا من عصمني وكفاني، يا من حفظني وكلاني، يا من أعزني وأغناني، يا من وفقني وهداني، يا من آنسني وآواني، يا من أماتني وأحياني. سز: يا من يحق الحق بكلماته، يا من يقبل التوبة عن عباده، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من لا تنفع الشفاعة إلا باذنه، يا من هو أعلم بمن ضل عن


 

[393]

سبيله، يامن لا معقب لحكمه، يا من لا راد لقضائه، يا من انقاد كل شئ لامره يا من السموات مطويات بيمينه، يا من يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته. سح: يا من جعل الارض مهادا، يا من جعل الجبال أوتادا، يا من جعل الشمس سراجا، يا من جعل القمر نورا، يا من جعل الليل لباسا، يا من جعل النهار معاشا، يا من جعل النوم سباتا، يا من جعل السماء بناء، يا من جعل الاشياء أزواجا يا من جعل النار مرصادا. سط: اللهم إني اسئلك باسمك يا سميع، يا شفيع، يا رفيع، يا منيع، يا سريع، يا بديع، يا كبير، يا قدير، يا منير، يا مجير. ع: يا حيا قبل كل حي، يا حيا بعد كل حي، يا حي الذي ليس كمثله حي، يا حي الذي لا يشاركه حي، يا حي الذي لا يحتاج إلى حي يا حي الذي يميت كل حي، يا حي الذي يرزق كل حي، يا حيا لم يرث الحياة من حي، يا حي الذي يحيي الموتى، يا حي يا قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم. عا: يا من له ذكر لا ينسى، يا من له نور لا يطفى، يا من له نعم لا تعد يا من له ملك لا يزول، يا من له ثناء لا يحصى، يا من له جلال لا يكيف، يا من له كمال لا يدرك، يا من له قضاء لا يرد، يا من له صفات لا تبدل، يا من له نعوت لا تغير. عب: يا رب العالمين، يا مالك يوم الدين، يا غاية الطالبين، يا ظهر اللاجين، يا مدرك الهاربين، يا من يحب الصابرين، يا من يحب التوابين يا من يحب المتطهرين، يا من يحب المحسنين، يا من هو أعلم بالمهتدين. عج: اللهم إني اسئلك باسمك، يا شفيق، يا رفيق، يا حفيظ، يا محيط يا مقيت، يا مغيث، يا معز، يا مذل، يا معيد. عد: يا من هو احد بلا ضد، يا من هو فرد بلا ند، يا من هو صمد بلا عيب يا من هو وتر بلا كيف، يا من هو قاض بلا حيف، يا من هو رب بلا وزير، يا من


 

[394]

هو عزيز بلا ذل، يا من هو غني بلا فقر، يا من هو ملك بلا عزل، يا من هو موصوف بلا شبيه. عه: يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين يا من سبيله واضح للمنيبين، يا من آياته برهان للناظرين، يا من كتابه تذكرة للمتقين، يا من رزقه عموم للطائعين والعاصين، يا من رحمته قريب من المحسنين. عو: يا من تبارك اسمه، يا من تعالى جده، يا من لا إله غيره، يا من جل ثناؤه، يا من تقدست اسماؤه، يا من يدوم بقاؤه، يا من العظمة بهاؤه، يا من الكبرياء رداؤه، يا من لا يحصى آلاؤه، يا من لا تعد نعماؤه. عز: اللهم إني اسئلك باسمك يا معين، يا أمين، يا مبين، يا متين، يا مكين يا رشيد، يا حميد، يا مجيد، يا شديد، يا شهيد. عح: يا ذا العرش المجيد، يا ذا القول السديد، يا ذا الفعل الرشيد، يا ذا البطش الشديد، يا ذا الوعد والوعيد، يا من هو الولي الحميد، يا من هو فعال لما يريد يا من هو قريب غير بعيد يا من هو على كل شئ شهيد يا من هو ليس بظلام للعبيد. عط: يا من لا شريك له ولا وزير يا من لا شبيه له ولا نظير يا خالق الشمس والقمر المنير يا مغني البائس الفقير يا رازق الطفل الصغير يا راحم الشيخ الكبير يا جابر العظم الكسير يا عصمة الخائف المستجير يا من هو بعباده خبير بصير يا من هو على كل شئ قدير. ف: يا ذا الجود والنعم يا ذا الفضل والكرم يا خالق اللوح والقلم يا بارئ الذر والنسم يا ذا البأس والنقم يا ملهم العرب والعجم يا كاشف الضر والالم يا عالم السر والهمم يا رب البيت والحرم يا من خلق الاشياء من العدم. فا: اللهم إني اسئلك باسمك يا فاعل يا جاعل يا قابل يا كامل يا فاضل يا فاصل (1) يا عادل يا غالب يا طالب يا واهب. فب: يا من أنعم بطوله يا من أكرم بجوده يا من جاد بلطفه يا من تعزز

 

(1) في البلد الامين: يا فاصل يا واصل.

 

[395]

بقدرته يا من قدر بحكمته يا من حكم بتدبيره يا من دبر بعلمه يا من تجاوز بحلمه يا من دنا في علوه يا من علا في دنوه. فج: يا من يخلق ما يشاء يا من يفعل ما يشاء يا من يهدي من يشاء يا من يضل من يشاء يا من يعذب من يشاء يا من يغفر لمن يشاء يا من يعز من يشاء يا من يذل من يشاء، يا من يصور في الارحام ما يشاء، يا من يختص برحمته من يشاء. فد: يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من جعل لكل شئ قدرا، يا من لا يشرك في حكمه احدا، يا من جعل الملائكة رسلا، يا من جعل في السماء بروجا يا من جعل الارض قرارا، يا من خلق من الماء بشرا، يا من جعل لكل شئ أمدا، يا من أحاط بكل شئ علما، يا من أحصى كل شئ عددا. فه: اللهم إني اسئلك باسمك يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، يا بر يا حق، يا فرد، يا وتر، يا صمد، يا سرمد. فو: يا خير معروف عرف، يا افضل معبود عبد، يا أجل مشكور شكر يا أعز مذكور ذكر، يا أعلى محمود حمد، يا أقدم موجود طلب، يا ارفع موصوف وصف، يا أكبر مقصود قصد، يا أكرم مسؤل سئل، يا اشرف محبوب علم. فز: يا حبيب المساكين (1) يا سيد المتوكلين، يا هادي المضلين، يا ولي المؤمنين، يا أنيس الذاكرين، يا مفزع الملهوفين، يا منجي الصادقين، يا أقدر القادرين، يا أعلم العالمين، يا إله الخلق أجمعين. فح: يا من علا فقهر، يا من ملك فقدر، يا من بطن فخبر، يا من عبد فشكر يا من عصى فغفر، يا من لا تحويه الفكر، يا من لا تدركه بصر، يا من لا يخفى عليه أثر، يا رازق البشر، يا مقدر كل قدر. فط: اللهم إني أسئلك باسمك يا حافظ، يا بارئ، يا ذارئ، يا باذخ يا فارج، يا فاتح، يا كاشف، يا ضامن، يا آمر، يا ناهي. ص: يا من لا يعلم الغيب إلا هو، يا من لا يصرف السوء إلا هو، يا من

 

(1) في البلد الامين: يا حبيب الباكين.

 

[396]

لا يخلق الخلق إلا هو، يا من لا يغفر الذنوب إلا هو، يا من لا يتم النعمة إلا هو يا من لا يقلب القلوب إلا هو، يا من لا يدبر الامر إلا هو، يا من لا ينزل الغيث إلا هو، يا من لا يبسط الرزق إلا هو، يا من لا يحيى الموتى إلا هو. صا: يا معين الضعفاء، يا صاحب الغرباء يا ناصر الاولياء يا قاهر الاعداء يا رافع السماء يا أنيس الاصفياء يا حبيب الاتقياء يا كنز الفقراء يا إله الاغنياء يا أكرم الكرماء. صب: يا كافيا من كل شئ يا قائما على كل شئ يا من لا يشبهه شئ يا من لا يزيد في ملكه شئ يا من لا يخفى عليه شئ يا من لا ينقص من خزائنه شئ يا من ليس كمثله شئ يا من لا يعزب عن علمه شئ يا من هو خبير بكل شئ يا من وسعت رحمته كل شئ. صج: اللهم إني اسئلك باسمك يا مكرم يا مطعم يا منعم يا معطي يا مغني يا مقني يا مفني يا محيي يا مرضي يا منجي. صد: يا أول كل شئ وآخره يا إله كل شئ ومليكه يا رب كل شئ وصانعه يا بارئ كل شئ وخالقه يا قابض كل شئ وباسطه يا مبدئ كل شئ ومعيده يا منشئ كل شئ ومقدره يا مكون كل شئ ومحوله يا محيى كل شئ ومميته يا خالق كل شئ ووارثه. صه: يا خير ذاكر ومذكور يا خير شاكر ومشكور يا خير حامد ومحمود يا خير شاهد ومشهود يا خير داع ومدعو يا خير مجيب ومجاب يا خير مونس وأنيس ياخير صاحب وجليس يا خير مقصود ومطلوب يا خير حبيب ومحبوب. صو: يا من هو لمن دعاه مجيب، يا من هو لمن أطاعه حبيب، يا من هو إلى من أحبه قريب، يا من هو بمن استحفظه رقيب، يا من هو بمن رجاه كريم، يا هو بمن عصاه حليم يا من هو في عظمته رحيم، يا من هو في حكمته عظيم، يا من هو في إحسانه قديم، يا من هو بمن أراده عليم. صز: اللهم إني اسئلك باسمك يا مسبب يا مرغب يا مقلب يا معقب يا مرتب يا مخوف يا محذر يا مذكر يا مسخر يا مغير.


 

[397]

صح: يا من علمه سابق يا من وعده صادق يا من لطفه ظاهر يا من أمره غالب يا من كتابه محكم يا من قضاؤه كائن يا من قرآنه مجيد يا من ملكه قديم يا من فضله عميم يا من عرشه عظيم. صط: يا من لا يشغله سمع عن سمع يا من لا يمنعه فعل عن فعل يا من لا يلهيه قول عن قول يا من لا يغلطه سؤال عن سؤال يا من لا يحجبه شئ عن شئ يا من لا يبرمه إلحاح الملحين يا من هو غاية مراد المريدين يا من هو منتهى همم العارفين، يا من هو منتهى طلب الطالبين، يا من لا يخفى عليه ذرة في العالمين. المائة: يا حليما لا يعجل، يا جوادا لا يبخل، يا صادقا لا يخلف، يا وهابا لا يمل، يا قاهرا لا يغلب، يا عظيما لا يوصف، يا عدلا لا يحيف، يا غنيا لا يفتقر يا كبيرا لا يصغر، يا حافظا لا يغفل، سبحانك يا لا إله إلا أنت الغوث الغوث صل على محمد وآله وخلصنا من النار يا رب يا ذا الجلال والاكرام يا أرحم الراحمين (1). 3 - مهج: ومن ذلك الشرح المعروف بدعاء الجوشن، يقول كاتبه الفقير إلى الله تعالى أبو طالب بن رجب: وجدت دعاء الجوشن وخبره وفضله في كتاب من كتب جدي السعيد تقي الدين الحسن بن داود رحمة الله عليه، يتضمن مهج الدعوات وغيره، بغير هذه الرواية، والخبر مقدم على الدعاء المذكور، فأحببت إثباته في هذا المكان، ليعلم فضل الدعاء المذكور (2) وهذا صفة ما وجدته بعينه: خبر دعاء الجوشن وفضله وما لقاريه ولحمامله من الثواب بحذف الاسناد عن مولانا وسيدنا موسى بن جعفر عليه السلام، عن ابيه جعفر الصادق، عن ابيه، عن جده عن ابيه الحسين بن علي أمير المؤمنين صلوات الله عليهم اجمعين.

 

(1) رواه الكفعمي في البلد الامين تراه مشكولا بالاعراب ص 402 - 411، ورواه في مصباحه ايضا لكنه غير مطبوع، ونقله المحدث الكبير الشيخ عباس القمى في مفاتيحه ص 86 - 100 ط المكتبة الاسلامية. (2) قد مر الاشارة إلى ذلك في ص 327 وأنه قد اشتبه عليه دعاء الجوشن الصغير بالكبير ودعاء الجوشن الكبير غير مذكور في المهج.

 

[398]

قال: قال أبي أمير المؤمنين عليه السلام: يا بني الا أعلمك سرا من أسرار الله عزوجل، علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من اسراره لم يطلع عليه أحد ؟ قلت: بلى يا أباه جعلت فداك، قال: نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله الروح الامين جبرئيل عليه السلام في يوم الاحد يوم أحد، وكان يوم مهول شديد الحر، وكان على النبي صلى الله عليه وآله جوشن لا يقدر حمله لشدة الحر، وحرارة الجوشن. قال النبي صلى الله عليه وآله: فرفعت رأسي نحو السماء، فدعوت الله تعالى فرأيت أبواب السماء قد فتحت، ونزل علي الطوق النور (1) جبرئيل عليه السلام، وقال لي: السلام عليك يا رسول الله، فقلت: عليك السلام يا أخي جبرئيل، فقال: العلي الاعلى يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والاكرام، ويقول لك اخلع هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء فإذا قرأته وحملته فهو مثل الجوشن الذي على جسدك. فقلت: يا أخي جبرئيل هذا الدعاء لي خاصة أولي ولامتي ؟ قال: يا رسول الله هذا هدية من الله تعالى إليك، وإلى أمتك، قلت له: يا أخي جبرئيل ما ثواب هذا الدعاء ؟ قال: يا نبي الله ثواب هذا الدعاء لا يعلمه إلا الله، لان كل من يقرأ هذا الدعاء عند خروجه من منزله وقت الصبح أو وقت العشاء الحقه الله تعالى بصالح الاعمال وهو في التوراة والانجيل والزبور والفرقان وصحف إبراهيم. قلت: يا أخي جبرئيل كل من يقرأ هذا الدعاء يعطيه الله هذا الثواب ؟ قال: نعم ويعطيه بكل حرف زوجتين من الحور العين، فإذا فرغ من قراءته بنى الله له بيتا في الجنة، ويعطيه من الثواب بعدد حروف التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم قلت: كل هذا الثواب لمن قرأ هذا الدعاء ؟ قال: نعم يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ورسولا إن الله تعالى يعطيه مثل ثواب إبراهيم الخليل وموسى الكليم، وعيسى الروح الامين، ومحمد الحبيب، قلت: كل هذا الثواب لصاحب هذا الدعاء ؟ قال: نعم يا رسول الله، كل من قرأ هذا الدعاء وحمله كان له أكثر مما ذكرت، والذي بعثك بالحق نبيا إن خلف المغرب ارض بيضاء

 

(1) في المصدر: الطواف بالنور.

 

[399]

فيها خلق من خلق الله تعالى، يعبدونه ولا يعصونه، قد تمزقت لحومهم ووجوههم من البكاء، فأوحى الله إليهم لم تبكون، ولم تعصوني طرفة عين ؟ قالوا: نخشى أن يغضب الله علينا ويعذبنا بالنار. فقال علي صلوات الله عليه: قلت: يا رسول الله ليس هناك إبليس أو أحد من بني آدم ؟ فقال: والذي بعثني بالحق نبيا ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس، ولا يحصي عددهم إلا الله، ومسير الشمس في بلادهم اربعين يوما لا يأكلون ولا يشربون، وإن الله تعالى يعطي صاحب هذا الدعاء ثواب عددهم وعبادتهم. قال النبي صلى الله عليه وآله: أيعطيهم ثواب هذا كله ؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا إن الله تعالى بنى في السماء الرابعة بيتا يقال له: البيت المعمور، يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، ويخرجون منه ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة، وإن الله عزوجل يعطيه ثواب هؤلاء الملائكة، ويعطيه ثوابا بعدد المؤمنين والمؤمنات من الانس والجن، من يوم خلقهم الله إلى يوم ينفخ في الصور، وقال: والذي بعثك بالحق نبيا من كتب هذا الدعاء في إناء نظيف بماء مطر وزعفران ثم يغسله ويشربه حسب ما يقدر أن يشرب، عافاه الله تعالى من كل داء في جسده، ويشفيه من كل داء وسقم. قلت: يأخي جبرئيل كل هذه الفضيلة لهذا الدعاء ؟ وكل هذا الثواب يعطيه الله لصاحبه ؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا إن كل من قرأه مات موتة الشهداء قلت: من شهداء البحر أم من شهداء البر ؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا إن الله تعالى يكتب له ثواب سبعمائة ألف شهيد من شهداء البر. قلت: يا أخي جبرئيل أيعطيه الله كل هذا الثواب ؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا إن ليلة يقرء الانسان هذا الدعاء، فان الله يقبل عليه وينظر إليه، ويعطيه جميع ما يسأله من حوائج الدنيا والآخرة. قلت: يا أخي جبرئيل زدني قال: وليلة يقرأ هذا الدعاء يدفع الله عنه شر الشياطين وكيدهم، ويقبل أعماله كلها ويطهر ماله وكذلك بأعمال المؤمنين والمؤمنات.


 

[400]

قلت: يا أخي جبرئيل زدني قال: يا رسول الله قال لي إسرافيل: إن الله قال: وعزتي وجلالي إنه من آمن بي وصدق بك يا رسول الله وصدق بهذا الدعاء أعطيته ملكا، وإني أنا الله لا ينقص خزائني ولا يفنى نائلي ولو جعلت الجنة لعبد من عبادي المؤمنين لم ينقص ذلك من خزائني قليلا ولا كثيرا. يا محمد أنا الذي إذا أردت أمرا قلت له: كن ! فيكون ما أريد، إني إذا أعطيت عبدا عطية أعطيته على قدر عظمتي وسلطاني وقدرتي، يا محمد لو أن عبدا من عبادي قرأه بنية خالصة ويقين صادق سبعين مرة على رؤس أهل البلاء في الدنيا من البرص والجذام والجنون لعافيتهم من ذلك وأخرجتها من أجسادهم. طوبى لمن آمن بالله وصدق بنبيه وصدق بهذا الدعاء والثواب والويل كل الويل لمن أنكره وجحده ولم يؤمن به يا نبي الله لو كتب إنسان هذا الدعاء في جام بكافور ومسك وغسله ورش ذلك على كفن ميت أنزل الله عليه في قبره مائة ألف نور، ويدفع الله عنه هول منكر ونكير، ويأمن من عذاب القبر، ويبعث الله إليه في قبره سبعين ألف ملك، مع كل ملك طبق من النور ينثرونه عليه، ويحملونه إلى الجنة ويقولون له: إن الله تبارك وتعالى أمرنا بهذا، ونونسك إلى يوم القيامة، ويوسع الله عليه في قبره مد بصره، ويفتح الله له بابا إلى الجنة، ويوسدونه مثل العروس في حجلتها من حرمة هذا الدعاء وعظمته، ويقول الله تعالى: إنني استحيي من عبد يكون هذا الدعاء على كفنه. قال جبرئيل: يا محمد سمعت البارئ يقول: كان هذا الدعاء مكتوبا على سرادق العرش قبل أن أخلق الدنيا بخمسة آلاف عام، وأي عبد دعا بهذا الدعا بنية صادقة خالصة لا يخالطها شك في أول شهر رمضان، أعطاه الله ثواب ليلة القدر، ويخلق الله في كل سماء سبعين ألف ملك، وببيت المقدس سبعين ألف ملك، وبالمشرق سبعين ألف ملك، وبالمغرب سبعين ألف ملك، لكل ملك عشرون الف رأس، في كل راس عشرون الف فم، في كل فم عشرون ألف لسان، يسبحون الله تعالى بلغات مختلفة، ويجعلون ثواب تسبيحهم لمن يدعو بهذا الدعاء.


 

[401]

يا نبي الله لم يبق نبي إلا دعا بهذا الدعاء، وما من عبد دعا بهذا الدعاء إلا لم يبق بين الداعي وبين الله سوى حجاب واحد، ولا يسأل الله شيئا إلا أعطاه ولك من دعا بهذا الدعاء، بعث الله تعالى إليه عند خروجه من القبر سبعين ألف ملك، في يد كل ملك علم من نور، وسبعين ألف غلام، في يد كل غلام زمام نجيب بطنه من لؤلؤ، وظهره من زبرجد أخضر، وقوائمه من ياقوت أحمر، وعلى ظهر كل نجيب قبة من نور، لكل قبة أربعمائة باب، في كل باب أربعمائة سرير على كل سرير أربعمائة فراش من سندس واستبرق، على كل فراش اربعمائة حورية، وأربعمائة وصيفة، لكل حورية ووصيفة أربعمائة ذؤابة من المسك الاذفر وعلى رأس كل وصيفة تاج من الذهب الاحمر، يسبحون الله ويقدسونه، ويجعلون ثوابها لمن يدعو بهذا الدعاء، بعد ذلك يأتيه سبعون ألف ملك، مع كل ملك كاس من لؤلؤ أبيض، فيه أربعة ألوان من الشراب، وماء غير آسن، ولبن لم يتغير طعمه، وخمر لذة الشاربين، وعسل مصفى، على رأس كل طبق منديل، عليه مكتوب لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتحت هذه الكتابة " هذه هدية من الله تعالى إلى فلان بن فلان المواظب على قراءة هذا الدعاء في عرصات القيامة " والخلق كلهم ينظرون إليه ويقولون: من هذا ؟ مما يكون حوله من الغلمان والوصايف وهخم على النجب والملائكة من بين يديه ومن خلفه يسوقونه إلى تحت العرش فينادي مناد من قبل الرحمن يا عبدي ادخل الجنة بغير حساب. يا رسول الله اي عبد دعا بهذا الدعاء يكون ملائكته في تعب مما يكتبون له من الحسنات ويمحون عنه السيئات. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من عبد من أمتي دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان ثلاث مرات وإن قرأ مرة واحدة أجزأه إلا وقد حرم الله جسده على النار ووجبت له الجنة، فقدره على الله عظيم ومنزلته جليلة ومن دعا بهذا الدعاء وكل الله عزوجل به ملكين يحفظونه من المعاصي ويسبحون ويقدسون الله ويحفظونه من البلاء كلها ويفتحون له أبواب الجنة ويغلقون عنه أبواب جهنم وما دام حيا


 

[402]

فهو في أمان الله عند وفاته وقد أعد الله له ما وصفت لك. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا أخي جبرئيل شوقتني إلى هذا الدعاء فقال: يا محمد لا تعلم هذا الدعاء إلا لمؤمن يستحقه، لا يتوانا في حفظه ويستهزئ به، وإذا قرأه يقرأه بنية خالصة صادقة، وإذا علقه عليه يكون على طهارة لانه لا يمسه إلا المطهرون. قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: أوصاني أبي امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وصية عظيمة بهذا الدعاء وحفظه، وقال لي: يا بني اكتب هذا الدعاء على كفني، وقال الحسين عليه السلام: فعلت كما أمرني أبي، وهو دعاء سريع الاجابة خص الله به عباده المقربين، وما منعه عن الاولياء والاصفياء، وهو كنز من كنوز الله، وهو المعروف بدعاء الجوشن. أيها الحامل لهذا الدعاء المطلع عليه، ناشدتك الله لا تسمح بهذا الدعاء إلا لمؤمن موال يستحقه حفي به، وإن بذلته لغير مستحقه ممن لا يعرف حقه ومن يستهزء به، فاسئل الله العظيم أن تحرمك ثوابه، وأن يجعل النفع ضرا وهذه وصيتي إليك في الحرز والدعاء المعروف بحرز الجوشن، جعله الله حرزا وأمانا لمن يدعو به من آفات الدنيا والآخرة. وقال النبي صلى الله عليه وآله لعلي بن ابي طالب عليه السلام يا علي علمه لاهلك وولدك وحثهم على الدعاء والتوسل إلى الله تعالى به، وبالاعتراف بنعمته، وقد حرمت عليهم ألا يعلموه مشركا فانه لا يسأل الله حاجة إلا أعطاه وكفاه ووقاه، وقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي قد عرفني جبرئيل عليه السلام من فضيلة هذا الدعاء ما لا أقدر أن أصفه، ولا يحصيه إلا الله تعالى عز جلاله وتعالى شأنه، والحمد لله رب العالمين (1) 5 - مهج: عبد الله، عن حميد البصري قال: بلغنا عن رجل من أهل نيسابور يقال له عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن ادهم، عن موسى، عن الفراء عن محمد بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من دعا بهذه (2)

 

(1) مهج الدعوات ص 281 - 288. (2) في المصدر: من دعا بهذا الدعاء.

 

[403]

الاسماء استجاب الله عزوجل له، وقال صلوات الله عليه: لو دعي بهذه الاسماء على صفايح من حديد، لذاب الحديد باذن الله عزوجل، وقال عليه السلام: والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا بلغ به الجوع والعطش شدة ثم دعا بهذه الاسماء لسكن عنه الجوع والعطش، والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا دعا بهذه الاسماء على جبل بينه وبين الموضع الذي يريده لنفد الجبل كما يريده، حتى يسلكه والذي بعثني بالحق نبيا لو دعا بهذا الدعاء عند مجنون لافاق من جنونه، وإن دعا بهذا الدعاء عند امرأة قد عسر عليها الولد لسهل الله ذلك عليها. وقال صلوات الله عليه: لو دعا بها رجل في مدينة، والمدينة تحترق، ومنزله في وسطها، لنجا منزله ولم يحترق، ولو أن رجلا دعا بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة لغفر الله عزوجل له كل ذنب بينه وبين الله، ولو فجر بأمه لغفر الله له ذلك، والذي بعثني بالحق نبيا ما دعا بهذا الدعاء مغموم إلا صرف الله الكريم عنه غمه في الدنيا والآخرة برحمته، والذي بعثني بالحق نبيا ما دعا بهذا الدعاء أحد عند سلطان جابر قبل أن يدخل عليه وينظره، إلا جعل الله ذلك السلطان طوعا له [وكفى شره] إنشاء الله تعالى وهي هذه الاسماء تقول: اللهم إني اسئلك يا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه، يا من تسربل بالجلال والعظمة، واشتهر بالتجبر في قدسه، يا من تعالى بالجلال والكبرياء في تفرد مجده، يا من انقادت الامور بأزمتها طوعا لامره، يا من قامت السماوات والارضون مجيبات لدعوته، يا من زين السماء بالنجوم الطالعة، وجعلها هادية لخلقه، يا من أنار القمر المنير في سواد الليل المظلم بلطفه، يا من أنار الشمس المنثيرة وجعلها معاشا لخلقه، وجعلها مفرقة بين الليل والنهار بعظمته، يا من استوجب الشكر بنشر سحائب نعمه، أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وبكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وبكل اسم هولك أنزلته في كتابك أو أثبته في قلوب الصافين الحافين حول عرشك، فتراجعت القلوب إلى الصدور عن البيان باخلاص الوحدانية


 

[404]

وتحقيق الفردانية مقرة لك بالعبودية، وأنك أنت الله أنت الله أنت الله لا إله إلا أنت. وأسئلك بالاسماء التي تجليت بها للكليم على الجبل العظيم، فلما بدا شعاع نور الحجب من بهاء العظمة، خرت الجبال متدكدكة لعظمتك وجلالك وهيبتك وخوفا من سطوتك راهبة منك فلا إله إلا أنت، فلا إله إلا أنت، فلا إله إلا أنت وأسئلك بالاسم الذي فتقت به رتق عظيم جفون عيون الناظرين الذي به تدبير (1) حكمتك، وشواهد حجج أنبيائك، يعرفونك بفطن القلوب، وأنت في غوامض مسرات سريرات الغيوب، اسألك بعزة ذلك الاسم أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني جميع الآفات والعاهات والاعراض والامراض والخطايا والذنوب والشك والشرك والكفر والنفاق والشقاق والغضب والجهل والمقت والضلالة والعسر والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء، وغلبة الرجال إنك سميع الدعاء، لطيف لما تشاء، وصل على محمد وآل محمد يا أرحم الراحمين (2) قيل: إن سلمان الفارسي رحمة الله عليه قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ألا اعلمه الناس ؟ قال: لا يا با عبد الله، يتركون الصلاة ويركبون الفواحش، ويغفر لهم ولاهل بيتهم وجيرانهم، ومن في مسجدهم ولاهل مدينتهم إذا دعوه بهذه الاسماء. أقول: وهذا الدعاء مما الهمت تلاوته طلبا للسلامة يوم البلايا عند شدة (3) فظفرنا باجابة الدعاء، وبلوغ الرجاء، وكفينا شر الحساد ببلوغ المراد إنشاء الله تعالى (4). 6 - دعوات الراوندي: عن علي بن الحسين عليهما السلام: كلمات ما قلتهن فخفت شيطانا ولا سلطانا ولا سبعا ضاريا ولا لصا طارقا بليل: آية الكرسي، وآية السخرة وآية في الاعراف " إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض " وعشر آيات من أول الصافات، وثلاث آيات من الرحمن، قوله " يا معشر الجن والانس " وآخر

 

(1) تدبر خ ل. (2) في المصدر: لما تشاء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (3) في المصدر: يوم الثلثا عند شدة الابتلاء. (4) مهج الدعوات ص 95 - 97.

 

[405]

الحشر و " سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. ومن دعاء الصادق عليه السلام: أعوذ بدرعك الحصينة التي لا ترام أن تميتني غما أو هما أو مترديا أو هدما أو ردما أو غرقا أو حرقا أو عطشا أو شرقا أو صبرا أو ترديا أو أكيل سبع أو في أرض غربة أو ميتة سوء وأمتني على فراشي في عافية أو في الصف الذي نعت أهله في كتابك فقلت " كأنهم بنيان مرصوص " على طاعتك وطاعة رسولك. 7 - اختيار ابن الباقي: من أدعية الصادق عليه السلام أنه قال: إنه نزل به جبرئيل عليه السلام هدية إلى علي عليه السلام ليلة الاحزاب، لدفع الشيطان والسلطان والغرق والحرق، والهدم والسبع واللص، وله شرح طويل وقد تركناه خوف الاطالة، وفيه منافع كثيرة، وهو حرز من كل آفة وشدة وخوف، وهو هذا الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام، وأعزنا بسلطانك الذي لا يضام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا تهلكنا وأنت الرجاء، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني ويا من قل عند بلائه (1) صبري فلم يخذلني، فيا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، يا ذا المعروف الدائم الذي لا ينقضي ابدا، ويا ذا النعماء التي لا تحصى عددا أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين، وادرء بك في نحور الاعداء والجبارين. اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تنقصه المغفرة ولا تضره المعصية اسئلك فرجا عاجلا، وصبرا واسعا، والعافية من جميع البلاء والشكر على العافية

 

(1) بليته خ ل.

 

[406]

يا أرحم الراحمين. ويستحب للانسان أن يقرأ هذا الدعاء على ما أحب كلائته وحفظه ويدير يده عليه تعويذا له حاضرا كان عنده أو غائبا عنه. 8 - ما: الحسين بن عبيدالله، عن التلعكبري، عن محمد بن همام، عن الحميري، عن الطيالسي، عن زريق الخلقاني، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: علمني دعاء إذا أنا أحرزت شيئا لم أخف عليه ضيعة، قال: تقول: يا الله، يا حافظ الغلامين بصلاح أبيهما، احفظني واحفظ علي ديني وأمانتي ومالي فانه لا حافظ حفظ ضيعة احفظ على مالي منك، لنك حافظ حفيظ، أخذت بسمع الله وبصره وقدره على كل من أرادني وأراد مالي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1). * * إلى هنا انتهى الجزء الثالث من المجلد التاسع عشر وهو الجزء الواحد والتسعون حسب تجزئتنا، يحتوي على خمسة وعشرين بابا من أبواب الذكر والدعاء. ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج بعون الله ومشيئته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر، وكل عنه النظر، ومن الله نسأل ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج بعون الله ومشيئته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر، وكل عنه النظر، ومن الله نسأل العصمة والتوفيق. السيد ابراهيم الميانجي - محمد الباقر البهبودي

 

(1) أمالى الطوسى ج 2 ص 311.

 

[407]

كلمة المصحح: - بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله - والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله امناء الله. وبعد: فقد تفضل الله علينا - وله الفضل والمن - حيث اختارنا لخدمة الدين وأهله، وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبروهي الباحثة عن المعارف الاسلامية الدائرة بين المسلمين: أعني بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار عليهم الصلوات والسلام. وهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام، هو الجزء الثالث من المجلد التاسع عشر (كتاب الذكر والدعاء) وقد قابلناه على نسخة الكمباني ثم على نسخة الاصل التي هي بخط يد المؤلف العلامة رضوان الله عليه، وهي محفوظة في خزانة مكتبة ملك بطهران تحت الرقم 1001 ومعذلك قابلناه على نص المصادر أو على الاخبار الاخر المشابهة للنص في سائر الكتب، فسددنا ما كان في النسخة من خلل وبياض وسقط وتصحيف، فان المجلد التاسع عشر ايضا من مسودات قلمه الشريف رحمة الله عليه، ولم يخرج في حياته إلى البياض. محمد الباقر البهبودي