المحتضر

حسن بن سليمان الحلي


[ 1 ]

المحتضر

تأليف الشيخ الجليل حسن بن سليمان الحلى تلميذ شيخنا الشهيد الاول من علماء اوائل القرن التاسع

(الطبعة الاولى)

(حقوق الطبع محفوظة للناشر)

منشورات المطبعة الحيدرية في النجف 1370 ه‍ - 1951 م


[ 2 ]

ترجمة مؤلف الكتاب عز الدين الحسن بن سليمان الحلي الشيخ الفقيه العلامة عز الدين أبو محمد الحسن بن سليمان بن محمد ويقال سليمان بن خالد كما في (أمل الامل). ولعل احدهما جد المؤلف الاعلى. وعينه شيخنا الافندي في الرياض وشيخنا الرازي (الحقايق الراهنة) في خالد فساقا النسب من سليمان الى محمد ومنه الى خالد. العاملي كما نص به شيخنا الشهيد الاول في اجازته له ولجمع من العلماء في 13 شعبان 757 ه وقد فات ذلك شيخنا الحر في (أمل الآمل) فلم يذكره في القسم الا المعقود لتراجم علماء (عامله) وانما عده من رجال القسم الثاني في علماء الامصار المختلفة. والظاهر انه كان له هبوط في كل من مدينتي العلم (قم) المشرفة والحلة الفيحاء، ولذلك يقال الحلى تارة والقمى اخرى. ولعل ذلك كان بعد هجرته من البلاد العاملية أو ان الهجرة كانت لأبويه قبله فكان مولده باحدى المدينتين ومهجره الى الاخرى. وعلى أي فهو من تلامذه شيخنا الشهيد الاول، وفى (رياض العلماء) المخطوط للشيخ عبد الله افندي إنه من أجلتهم، ويروى عنه وعن السيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسينى، والشيخ محمد بن ابراهيم بن محسن المطار آبادى. وروى عن المترجم له الحسين بن محمد بن الحسن المصموني باجازة مؤرخه في 23 من المحرم 802 ه. وروى الشيخ شمس الدين محمد جد شيخنا البهائي المتولد 822 ه. بداية الصفحه الثالثه


[ 3 ]

والمتوفى 886 ه الصحيفة السجادية عن الشيخ علي بن محمد بن علي (الحلى) اجازة 851 ه وهو قرأها على السيد تاج الدين عبد الحميد بن جمال الدين أحمد بن على الهاشمي الزينبي وهو يرويها عن شيخنا المؤلف المترجم له. والمتحصل من تعريف مشايخه ومن روى عنه إنه من علماء القرن الثامن كما ذكره في (الحقايق الراهنة) كذلك، ولو فرضنا عند اجازة الشهيد له 757 ه بالغا مبالغ الرجال وفى أولياته قدر مولده بحدود 742 ه ولا شك انه ادرك شيئا من القرن التاسع لحياته في تأريخ اجازته للمصموني سنة 802 ه. وعلى أي فهو ممن القى العلماء إليه ثقتهم واتخذوا كتبه مصادر لمؤلفاتهم ووصفه العلامة المجلسي في الفصل الاول من مقدمة البحار بالفضل وذكر له كتاب المختصر - بالحاء المعجمة والصاد المهملة - وقد اختصر فيه كتاب (بصائر الدرجات) لسعد بن عبد الله القمي الثقة الجليل واضاف إليه أحاديث جمة من كتب معتبرة اخرى، وكتاب المختصر - بالحاء المهملة والضاد المعجمة - اول فيه الرد على من حسب ان الذى يشهده المختصر ساعة الموت هو أثر ولاية الائمة عليهم السلام وبغضهم لااشخاصهم، وأول الأحاديث مما تأباه نصوصها لكن المؤلف اوضحها غاية الايضاح وبين الغلط فيما ذهبوا إليه، وكتاب الرجعة وهو من مصادر (البحار) والكتاب الأول هو الذى زفته المطبعة الحيدرية الى مناظر القراء الأكارم منذ عهد قريب، والكتاب الثاني هو الذى يشاهده القارئ الكريم امامه. وقد ناء بامرهما الفاضل الشيخ محمد كاظم الكتبى الذى عرف بنشره لآثار أئمة الهدى عليهم السلام ومآثر السلف الصالح. ذكر العلامة المجلسي في الفصل الثاني من مقدمة البحار ان هذه الكتب صالحة للاعتماد وان مؤلفها من العلماء الأمجاد، ويظهر منها غاية المتانة والسداد، وأطراه شيخنا الحر العاملي في الأمل والعلامة السيد محمد باقر الخوانساري في كتابة (روضات الجنات) بالفضل والفقاهة واعتمد


[ 4 ]

الأول عليه، وروى عنه في كتاب (الايقاظ من الهجعة) وجعل رسالة الرجعة له في عداد الكتب المعتبرة التى عول عليها فيه، وفى (رياض العلماء) أنه محدث جليل فقيه. نبيل. وقد وجدت بخط الشيخ محمد بن على ابن الحسن الجباعي تلميذ الشيخ ابن فهد الحلى أنه قال: الحسن بن راشد في وصف هذا الشيخ هكذا: الشيخ الصالح العابد الزاهد عز الدين الح وفى كتاب صحيفة الأبرار ان المختصر واسماه (المنتخب) كتاب معروف معتبر. محمد على الاورد آبادى الغروي


[ 1 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلوته وسلامه على خيرة الخلق اجمعين محمد واله الميامين وبعد فقد ذكر الشيخ السعيد المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارئي رضوان الله عليه في كتابه (المقالات) ما حكايته، القول في رؤية المحتضرين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام عند الوفاة هذا باب قد استقر واجمع عليه اهل الامامة وتواتر الخبر به عن الصادقين من الائمة صلوات الله عليهم وقد جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام الخبر به واورد الشعر المشهور الذى يروى ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه قاله للحارث الهمداني وهو: ياحار همدان من يمت يرنى = من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني شخصه واعرفه = باسمه والكنى وما فعلا وانت يا حار ان تمت ترنى = اسقيك ماءا تخاله عسلا ثم قال رحمه الله تعالى غير انى اقول فيه ان معنى رؤية المختصر لهما عليهما السلام هو العلم بثمرة ولا يتهما والشك فيهما والعداوة لهما أو التقصير في حقهما على اليقين بعلامات بحدها في نفسه دون رؤية البصر لا عيانهما (ع) ومشاهدة النواظر لاجسادهما باتصال الشعاع. ثم قال رحمه الله في الكتاب ايضا: القول في رؤية المختصر الملائكة عليهم السلام والقول عندي في ذلك كالقول في رؤيته لرسول الله وأمير المؤمنين صلى الله عليهما وجائز ان يراهم ببصره بان يزيد الله تعالى في


[ 2 ]

شعاعه ما يدرك به اجسامهم الشفافة الرقيقة ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وسلامه، لاختلاف ما بين اجسامهم واجسام الملائكة في التركيبات. يقول: عبد الله الحسن بن سليمان بن محمد عذرى عند اخواني المؤمنين في ذكري ولا سيما في شرحي لهذه المسألة أحاديث مروية عن اهل البيت عليهم السلام بطريق معتبر والحديث الذى تجهل راويه لا يحتج بمثله عند اهل العلم والنظر، فاعلم هدانا الله تعالى لدينه واياك وارشدنا الى معرفة ما ظهر ونقل عن الائمة الاثنى عشر عليهم السلام من اسرارهم الشريفة وعلومهم اللطيفة المنيفة التى خص بها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اخاه وجعله خازنا لها وجعل الباب الذى يؤتي منه وصيه أمير المؤمنين (ع) واورثها آله الطاهرين (ع) فقال (ص) انا مدينة العلم وعلى بابها فمن اراد الحكمة فليأتها من بابها وهذا امر منه لساير امته ليس فيه ترخص ولا عنه بد وقال أمير المؤمنين عليه السلام لكميل بن زياد يا كميل لا تأخذ الا عنا تكن منا. وروى عن الصادق عليه السلام انه قال كل علم أو قال شئ لم يخرج من هذا البيت فهو باطل واشار بيده الى بيته وهذا حق لقوله عز اسمه فاسألوا اهل الذكر ان ك نتم لا تعلمون وهو عام لا يجوز تخصيصه لقوله سبحانه (فلا وربك لا يؤمنون حق يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وفى الآية الشريفة بلاغ، (لمن القى السمع وهو شهيد). فنقول: الشيخ رحمه الله تعالى اعترف بالحديث وصدقه لكنه اوله بمعنى علم المختصر بثمرة ولا يتهما والشك فييهما والعداوة لهما والتقصير في حقوقهما على اليقين بعلامات يجدها في نفسه دون رؤية البصر لاعيانها (ع) ومشاهدة النواظر لاجسادهما باتصال الشعاع. فيقال له: اهذا الدى انكرت من رؤية البصر لاجسادهما بعينهما (ع)


[ 3 ]

وقلت انه ليس المراد بل المراد العلم بثمرة ولايتهما أو عداوتهما هل هو شئ استندت فيه الى برهان من الكتاب أو من السنة بحب التسليم له والانقياد إليه والاعتماد عليه كما روى عن الصادق عليه السلام انه قال من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال ومن اخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل، أو اخذته من غيرهما فإذا وجدنا هذا التأويل لا يوافق الاخبار الواردة عنهم عليهم السلام الصريحة الصحيحة من ان الاموات يرون الاموات والاحياء بعد الموت وكذلك الاحياء يرونهم حقيقة في اليقظة والنوم ويرون اهاليهم وما يسرهم فيهم وما يغمهم ونذكر ان شاء الله تعالى بعض ما رويناه في هذا المعنى وانه حقيقة لامجاز. ومنعه رحمه الله من رؤيته لهما عليهما السلام بسبب عدم اتصال الشعاع جوابه ان يقال له هبك علمت ان شرط الرؤية في هذا العالم اتصال الشعاع من الرائى الى المرائى فمن اين لك ان هذا الحكم يجرى بعد الموت في عالم البقاء والله سبحانه يقول (وكان الله على كل شئ مقتدرا) ويقول (ويخلق ما لا تعلمون). وقد جاء في الحديث عنهم عليهم السلام لا تقدر عظمة الله تعالى على عقلك فتهلك فقدرته سبحانه بلا كيف ولا يحيط بها العلم. ولو سأل المنكر لرؤية المختصر لهما صلى الله عليهما عند موته عيانا هل يقدر الله سبحانه ان يرى المختصرين الحجج صلوات الله عليهم عند الممات وبعده كما اقدر النائم ان يرى من يراه في ابعد البلاد في حياة المرئى وبعد موته على صورته وقالبه الذى كان يعرفه به وربما أكل معه وشرب وتحدثا بما قد يفيد العلم، اولا يقدر لا سبيل الى انكار القدرة، فإذا جاز وقوعها فلا يجوز تأويله والعدول عن الظاهر من غير ضرورة ولا امتناع فاما الرواية في ذلك فقد روى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال من رأني فقد رأني فانى لا يتمثل بى شيطان ومن رآى احدا من اوصيائي فقد راه فانه لا يتمثل بهم شيطان.


[ 4 ]

(وهذا الحديث يعم في الحياة وبعد الممات وهو نص في الباب) وروى محمد بن يعقوب في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن ابى عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن ابن العباس بن حريس عن ابى جعفر الباقر (ع) ان أمير المؤمنين (ص) قال لابي بكر يوما (لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون) فاشهد ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مات شهيدا والله ليأتينك فايقن إذا جاءك فان الشيطان لا يتمثل به فاخذ على عليه السلام بيد ابى بكر فاراه النبي صلى الله عليه واله وسلم. فقال (ص) يا أبا بكر آمن بعلى وباحد عشر من ولده انهم مثلى الا النبوة وتب الى الله مما في يدك فانه لا حق لك فيه ثم ذهب فلم ير. وروى الفضل بن شاذان في كتاب القائم عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته في حديث طويل يذكر فيه ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه خرج من الكوفة ومر حتى اتى الغريين فجازه فلحقناه وهو مستلق على الارض بحسده ليس تحته ثوب فقال له قنبر يا أمير المؤمنين الا ابسط ثوبي تحتك قال (ع) لاهل هي الاتربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه قال الاصبغ فقلت يا أمير المؤمنين تربة مؤمن قد عرفناها كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه فقال (ع) يابن نباته لو كشف لكم لا لفيم ارواح المؤمنين في هذا الظهر حلقا يتزاورون ويتحدثون ان في هذا الظهر روح كل مؤمن وفى وادي برهوت نسمة كل كافر. (ظهر من هذا الحديث فوائد جمة) منها انه عليه السلام اخير بان هذه البقعة الشريفة به صلوات الله عليه تكون تربة يدفن بها المؤمنون وقد وقع ذلك وافاد انه زاحم ارواح المؤمنين في ذلك الوقت وهو تصديق لما روى ان الارواح خلقت قبل الاجسام بالفى عام وان هناك مجتمعها التى لم تسكن الابدان بعد والتى خرجت منها تنتظر عودها إليها وانه لو كشف لنا كما قد كشف له لرأيناهم الان هناك جلوسا حلقا يتحدثون.


[ 5 ]

والحديث والاجتماع وانهم حلق يدل على ما روى ان المؤمن إذا مات خلق الله له قالبا كقالبه الاول فيه يتعارفون وسيأتى بيانه ان شاء الله. وافاد ايضا انه لا يشذ عن هذا المكان منها شاذ بل هي اجمع هنا. وقد روى ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي عليه السلام ميعاد ما بيني وبينك وادى السلام وهذا المكان الشريف المشار إليه عند قبره (ع) وذكر الفضل بن شاذان في كتاب القائم ايضا قال حدثنا محمد بن اسماعيل عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن زيد الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان ارواح المؤمنين ترى آل محمد (ع) في جبال رضوى فتأكل من طعامهم وتشرب من شرابهم ونتحدث معهم في مجالسهم حتى يقوم قائمنا اهل البيت فإذا قام قائمنا بعثهم الله تعالى واقبلوا معه يلبون زمرا زمرا فعنذ ذلك يرتاب المبطلون ويضمحل المنتحلون وينجو المقربون وهذا الحديث يدل على ما رويناه من القالب للروح بعد خروجها من الاول كما يدل عليه اكلهم وشربهم وحديثهم. وروى محمد بن الحسن الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) عن محمد ابن عيسى عن عثمان بن عيسى عمن اخبره عن عباية الاسدي قال دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وعنده رجل رث الهيئة وأمير المؤمنين (ع) مقبل عليه يكلمه فلما قام الرجل قلت يا أمير المؤمنين من هذا الذي اشغلك عنا قال (ع) هذا وصي عيسي عليه السلام. وروى محمد بن علي بن بابويه باسناده عن الصادق عليه السلام انه قال من احب لقاء الله تعالى احب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقال: اصحابه هلكنا يابن رسول الله فانا لا نحب الموت فقال (ع) ذاك عند معاينة رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما عند الموت ما من ميت يموت الا حضر عنده محمد وعلي صلوات الله عليهما فإذا رآهما المؤمن استبشر وسر فيقوم النبي صلى الله عليه واله وسلم لينصرف فيقول الى اين وقد كنت اتمنى ان اراكما فيقول صلى الله عليه واله وسلم اتحب


[ 6 ]

ان ترافقنا فيقول نعم فيوصى به ملك الموت ويخبره انه لهما محب فهذا يحب لقاء الله ويحب الله لقائه. واما عدوهما فلا شئ اكره عليه وابغض عنده من رؤيتهما فيعرف الملك انه عدو لهما فهو يكره لقاء الله والله يكره لقاءه. وهذا الحديث يصرح بحضور محمد وعلى صلوات الله عليهما عند كل ميت ورؤية المؤمن لهما حقيقة لا مجازا. وروى الصدوق ابن بابويه باسناده عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين علم اصحابه في مجلس واحد اربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه وديناه وقال عليه السلام تمسكوا بما امركم الله به فما بين احدكم وبين ان يعتبط ويرى ما يحب الا ان يحضره رسول الله (ص) وما عند الله خير وابقى فتأتيه البشارة من عند الله عزوجل وتقر عينه ويحب لقاء الله. وهذا الحديث ايضا فيه نص صريح بحضور النبي صلى الله عليه واله على الحقيقة على الحقيقة ولا يجوز حمله على المجاز لعدم تعذر الحقيقة هنا وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى رحمه الله في امالية باسناده عن يونس بن ظبيان قال كنت عند ابى عبد الله عليه السلام فقال ما تقول الناس في ارواح المؤمنين بعد موتهم قلت يقولون في حواصل طير خضر فقال سبحان الله المؤمن اكرم من ذلك على الله يا يونس إذا كان ذلك اتاه رسول الله وعلى وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ومعهم ملائكة الله المقربون فان انطق الله لسانه بالشهادة لله بالتوحيد وللنبى بالنبوة ولاهل البيت بالولاية شهد على ذلك رسول الله وعلي وفاظمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ومن حضر معهم من الملائكة (ع) فإذا قبضه الله إليه صير تلك الروح الى الجنة في صورة كصورته فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التى كانت في الدنيا فقوله: عليه السلام إذا كان ذلك اتاه رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ومعهم ملائكة الله المقربون (ع)


[ 7 ]

فان انطق الله لسانه بالشهادة لله بالتوحيد وللنبى بالنبوة ولاهل البيت بالولاية شهد على ذلك رسول الله وعلى وفاطمة والحسن والحسين ومن حضر معهم من الملائكة صلوات الله عليهم اجمعين. صريح بحضورهم عنده على الحقيقة لسماعهم قوله وشهادتهم على اقراره واعترافه دون المجاز ولا يجوز العدول عن هذا الظاهر من الحديث وتأوله بشئ لم يدل عليه الحديث ولا غيره من الاحاديث لو جاز هذا التأويل والعدول لجاز تأويل كل ما جاء عنهم عليهم السلام من اسرارهم التى امروا اهل ولايتهم باحتمالها وان لا ينكروها لعدم احتمال عقولهم لها. وقد روى الثقات عن النبي وآله صلوات الله عليهم بطرق كثيرة وعبارت مختلفة اللفظ متفقة المعى ومتغايرة في انفسها وهو حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان فغير الملك المقرب وغير النبي المرسل وغير العبد الممتحن لا يحتمله اي لا بصدق به قلبه ويؤمن به كما احتمله وصدقه وآمن به المذكورون اولا ولهذا كان من اركان الايمان الرضا والتسليم وهل يكلف الانسان بالتسليم لاهله وترك الاعتراض الا لشئ قد حصل منه نفرة القلوب وقد حكى الله سبحانه وتعالى ما جرى بين موسى والخضر عليهما السلام من كون موسى لم يقدر على احتمال ما اراه الخضر هذا مع علمه بان الله سبحانه امره ان يتبعه ويتعلم منه ومع وعده اياه انه لا يعضى له امرا بعد ان شرط عليه القبول والتسليم فلما رأى ما لا يقبله عقله ولا يتمكن من احتماله انكره عليه وهو نبي جليل المقدار معصوم احد اولي العزم فما ظنك فيمن دونه. فعلى هذا التقرير لا يجوز تأويلا لحديث ا لذى تنكره العقول وتبادر الى رده لجواز كونه من اسرارهم التى لا تحتمل بل لا يجب على المكلف اعتقادها والتدين بها الا ان تتكون قد جاء بها القرآن العزيز أو السنة المتفق عليها عن آل محمد عليهم السلام ويجب ردها الى آل محمد عليهم السلام وسؤالهم عنها والتسليم إليهم.


[ 8 ]

وروى عن الصادق (ع) انه قال انما امر الناس ان يعرفوا امامهم ويردوا إليه ويسلموا له وانما للحصر قال الله تعالى ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. وقد روى عنهم عليهم السلام ان المعنى بالمستنبط هم عليهم السلام خاصة. فعلى هذا التقرير إذا مات في اللحظة الواحدة عدة اموات في اطراف الدنيا يجب الاقرار والاعتراف بحضورهم عليهم السلام عند كل واحد لوعدهم الصادق للمؤمن واغاثته من كربه وتفرج همه والوصية فيه لملك الموت ولا يلتفت هنا الى الوهم وضعف العقل ولا يقال كيف يكون الجسم الواحد في الزمان الواحد يحضر الاماكن المتعددة فإذا عرض الشيطان للعاقل ذلك رده بقول الله سبحانه (وكان الله على كل شئ مقتدرا) وبما روى عنهم صلوات الله عليهم من قولهم لا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتهلك ونظر فيما حكى الله تعالى في كتابه العزيز في قصة آصف واحضاره عرش بلقييس من مسيرة شهرين ذاهبا وآئبا في طبق جفن على جفن وهذا آصف وصى سليمان (ع) وكان عنده حرف من الاسم الاعظم فما ظنك فيمن عنده اثنان وسبعون حرفا. وروى عن الصادق عليه السلام ان نسبة علم آصف الى علم آل محمد صلوات الله عليهم كما تأخذ البعوضة على جناحها من البحر. وروى محمد بن الحسن الصفار باسناده عن عبد المطلب الجعفي قال دخلت على الرضا (ع) ومعي صحيفة أو قال قرطاس فيه عن جعفر بن محمد عليهما السلام ان الدنيا مثلت لصاحب هذا الامر في مثل فلقة الجوزة فقال يا أبا عمرة ذا حق فانقله الى آدم، وما يكون محمد ولا على ولا فاطمة ولا الحسن ولا الحسين صلوات الله عليهم بدون ملك الموت (ع) حين يقبض الارواح المتفرقة في مشارق الارض ومغاربها في الوقت الواحد كما يأمر خالقها ومقدر آجالها بل الحق اليقين انه اعظم شرفه بمحبته لهم واقراره بولايتهم ومعرفته لحقهم ولو لا محمد صلى الله عليه واله وسلم


[ 9 ]

واهل بيته عليهم السلام ما خلق الله سبحانه من ملك ونبى وغيره هكذا جاء عنهم عليهم السلام فالذي اقدر ملك الموت قادر ان يؤتي محمدا وآله (ع) من القدرة ما آتاه ويزيدهم من فضلة كما قال مولانا أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام في الزيارة الجامعة آتاكم الله ما لم يؤت احدا من العالمين طأطأ كل شريف لشرفكم ونجع كل متكبر لطاطعتكم وذل كل جبار لعزتكم. ولهذا الوهم ومثله قال الصادق عليه السلام نجا المسلمون وهلك المتكلمون. وعنه (ع) هلك اصحاب الكلام الا من اخذ عنا. وروى عنه ايضا انه قال لرجل من اصحابه حين جاء رجل من الشام لمناظرة اصحابه (ع) لو كنت متكلما كلمته فقال له يابن رسول الل سمعتك تذم اهل الكلام وتقول ويل لاهل الكلام يقولون هذا ينقاد وهذا لا ينقاد وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال عليه السلام انما قلت ويل لقوم تركوا قولي واخذوا برأيهم قال الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفواد كل اولئك كان عنه مسئولا) وقال سبحانه فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وقال الله تعالى (يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول) واولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا وروى عن مولانا أمير المؤمنين (ع) انه قال الرد الى الله الرد الى كتابه والرد الى الرسول الرد الى سنته والحافظ لسنته المبين لها هم الاوصياء الذين اوجب الله سئوالهم والرد إليهم وقال سبحانه (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). وقال النبي (ص) انا مدينة العلم وعلى بابها فمن اراد الحكمة فليأتها من بابها. وهذا امر يقتضى الوجوب ولهذا المعنى قال الصادق عليه السلام كل شئ لا يخرج من هذا البيت فهو باطل، (اشار الى بيته عليه السلام) وروى محمد بن الحسن الصفار عن السندي بن محمد عن ابان بن عثمان


[ 10 ]

عن عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول لرجل كان عنده من اهل البصرة يقال له عثمان الاعمى قال ان الحسن البصري يزعم ان الذين يكتمون العلم يؤذى ريح بطونهم اهل النار فقال (ع) فهلك إذا مؤمن آل فرعون ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا فليذهب الحسن يمينا وشمالا فوالله ما يوجد العلم الا هاهنا، محمد صلى الله عليه واله وسلم مدينة العلم وجامعة ومعدنه وعلى (ع) بابه الذى فتحه الله ورسوله واباح الدخول للخلق الى هذه المدينة والأخذ منها بهذا الباب فمن دخل واخذا بغيره سمى سارقا. وروى محمد بن يعقوب عن عدة من اصحابه عن أحمد بن محمد بن ابى نصر عن مثنى عن زرارة قال كنت عند ابي جعفر (ع) فقام إليه رجل من اهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (ع) سلوني عما شئتم فو الله لا تسألوني عن شئ الا نبأتكم فقال (ع) انه ليس احد عنده علم الا بشئ خرج من عند أمير المؤمنين صلوات الله عليه فليذهب الناس حيث شاؤا فو الله ليس الامر الا من هاهنا، (واشار الى بيته (ع) ويقرب من هذا المعنى قول مولانا أمير المؤمنين (ع) رب عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه فهو عالم عند عامة الناس قد اتفقوا عليه بالعلم وهو عند الله وعند رسوله وعند اهل بيته صلوات الله عليهم قد قتله جهله لانه لم يأخذ علمه عن الباب الذى فتحه الله ورسوله (ص) وامتنا به على الخلق وإذا نالهم بالدخول منه الى خزانة العلم ومدينة الحكمة التي فيها حياة كل ميت وغنى كل فقير وعز كل ذليل وبصر كل اعمى وسمع كل اصم بل اخذ علمه عن افواه الرجال. وروى عن الصادق (ع) انه قال من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال ومن اخذ دينه عن الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل وذم أمير المؤمنين صلوات الله عليه قوما من العلماء فقال ينقل بعضهم من فم بعض. وروى عن الصادق (ع) انه قال تمصون الثمار وتدعون


[ 11 ]

النهر العظيم فقيل وما النهر العظيم فقال (ع) رسول الله (ص) وقال الله سبحانه (قل هل ننبئكم بالاخسرن اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يسبحون انهم يحسنون صنعا) وقال سبحانه (واتوا البيوت من ابوابها). ثم نرجع الى البحث عن معاني حديث يونس بن ظبيان. فقوله: عليه السلام فإذا قبضه الله إليه صير تلك الروح الى الجنة في صورة كصورة فيأكلون ويشربون وإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا. صدق عليه السلام قد روى صاحب الاحتجاج عن الصادق (ع) ان الروح لا توصف بثقل ولا خفة وهي جسم رقيق قد البس قالبا كثيفا فهي بمنزلة الريح في الزق فإذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها ولا ينقصه خروجها وكذلك الروح ليس لها وزن ولا ثقل فحينئذ لابد لها من قالب تقوم به ويقوم بها ويأكل البدن ويشرب فحياته بها وبملازمتها اياه وبه تعرف وتقصد وتحدث وبها يأمر وينهى ويثاب ويعاقب وقد تفارقه ويلبسها الله تعالى غيره على ما تقضيه حكمته كما جاء في هذا الحديث وغيره ان ارواح المؤمنين يأكلون ويشربون ويتحدثون ويزورون اهاليهم وكل هذا يدل على ما قالوه عليهم السلام من الذى ينقلها الله إليه مثل قالبها الاول. وروى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسى رحمه الله في مصباحه في الزيارة الجامعة التي خرجت من الناحية المقدسة يزار بها كل امام إذا حضر مشهده في شهر رجب الحمد لله الذي اشهدنا مشهد اوليائه في رجب واوجب علينا من حقهم ما قد وجب. الى ان قال: وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل الى حين الاجل خير مصير ومحل في النعيم الاول والعيش المتقبل ودوام الاكل وشرب الرحيق والسلسل وعل ونهل الاسلام منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته حتى العود


[ 12 ]

الى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم فعلم عليه السلام الزائر ما يسأل من بعد رجوعه الى اهله ووطنه من طيب عيش وسعة ورزق ومهلة الى حين حضور أجله. ثم ما يسأل ان يكون انتقاله بعد موته الى خير مصير ومحل من تنعم وأكل وشرب من غير سام ولا ملل الى حين كرته الى الدنيا مع امامه صلوات الله عليه وذلك مما اجمع عليه الامامية، نقل الاجماع من الشيعة على هذه المسأله الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضى الله عنه، ونقل الاجماع ايضا السيد المرتضى رضى الله عنه، فقد نقلا اجماع الامامية على رجعة جماعة من المؤمنين من قبورهم بعد موتهم مع الامام عليه السلام إذا ظهر وذلك ما روى عن الصادق (ع) انه قال ليس منا من لم يؤمن برجعتنا ويقر بمتعتنا وقد عد من اركان الايمان المتعة والرجعة وهما من خصوصيات الامامية التي خصوا بها دون غيرهم كما خصوا بتحليل تربة الحسين (ع) والاستشفاء بها وخصوا بايجاب الخمس في ارباح التجارات والصناعات والزراعات وخصوا باستحباب اتمام الصلوات للمسافر عند قبر النبي (ص) وعند قبر الحسين (ع) وخصوا بتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم الى غير ذلك من الخصوصيات التي شرفهم الله تعالى بها وميزهم عن ابناء نوعهم في اول الخلق وفى دار الدنيا ودار الاخرة مما لا يحصيه الا المعطى الوهاب سبحانه وتعالى ومما يدل على صحة ما قلناه من ان المؤمن يأكل ويشرب ويتنعم بعد موته وقبل بعثه قوله سبحانه (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). ومما يدل ايضا على ان الائمة عليهم السلام يرون باجسامهم على الحقيقة ويحضرون اين ارادوا من الدنيا ما رواه محمد بن الحسن الصفار عن محمد ابن عيسى عن ابراهيم بن ابي البلاد عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن


[ 13 ]

ابى جعفر (ع) قال خرجت مع ابي (ع) الى بعض امواله فلما صرنا في الصحراء استقبله شيخ فنزل إليه ابى وسلم عليه فجعلت اسمعه وهو يقول جعلت فداك ثم تساءلا طويلا ثم ودعه ابى وقام الشيخ وانصرف وابي ينظر خلفه حتى غاب شخصه عنه فقلت لابي من هذا الشيخ الذى سمعتك تعظمه في مسائلتك قال يا بني هذا جدك الحسين (ع). وما رواه عن محمد بن عيسى عن ابراهيم بن ابي البلاد عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن ابي ابراهيم عليه السلام قال خرجت مع ابي (ع) الى بعض امواله فلما برزنا الى الصحراء استقبله شيخ ابيض الرأس واللحية فسلم عليه فنزل إليه ابي فجعلت اسمعه يقول له جعلت فداك ثم جلسا فتساءلا طويلا ثم قام الشيخ وانصرف وودع وقام ابى ينظر في قفاه حتى توارى عنه، فقلت لابي من هذا الشيخ الذى سمعتك تقول له ما لم تقله لاحد قال هذا ابي. وما رواه عن الحسن بن علي بن فضال عن ابيه عن العلا بن يحيى المكفوف عن محمد بن ابي زياد عن عطية الابزاري انه قال طاف رسول الله (ص) فإذا آدم (ع) بحذاء الركن اليماني فسلم عليه ثم انتهى الى الحجر فإذا نوح عليه السلام بحذائه وهو رجل طويل فسلم عليه. ثم انهم (ع) يرون اعدائهم ويرون هم ايضا بعد الموت ويتحدثون بينهم فقد روى محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن علي عن العباس بن عامر عن ابان عن بشير النبال عن ابي جعفر الباقر (ع) قال كنت خلف ابى وهو على بغلته فنظرت فإذا رجل في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال لابي يا على بن الحسين اسقنى قال الرجل خلفه وكأنه موكل به لا تسقه لاسقاه الله فإذا هو معاوية. وروى أبو الصخر عن ابيه عن جده انه كان مع الباقر عليه السلام بمنى وهو يرمى الحجار فرمى وبقى في يده خمس حصيات فرمى باثنتين في ناحية من الجمرة وبثلاث في ناحية منها فقال له جدى جعلني الله فداك لقد


[ 14 ]

رأيتك صنعت شيئا ما صنعه احد انك رميت بحصياتك في العقبات ثم رميت بخمس بعد ذلك يمنة ويسرة فقال نعم يابن العم إذا كان في كل موسم يخرج الله الفاسقين الناكثين غضين طربين فيصلبان ههنا لا يراهما الا الامام فرميت الاول اثنتين والثانى ثلاثا لانه اكفر واظهر لعداوتنا والاقل ادهى وامر. وروى مولانا الباقر عن ابيه عليهما السلام قال صار جماعة من الناس بعد الحسن الى الحسين عليهما السلام فقالوا له يابن رسول الله اعندك عجايب ابيك التي كان يريناها فقال لهم هل تعرفون ابى قالوا كلنا نعرفه فرفع لهم سترا كان على باب البيت ثم قال انظروا في البيت فنظروا وقالوا هذا أمير المؤمنين ونشهد انك خليفة الله حقا. هذا الحديث فيه نص صريح بان جماعة راوا امير المؤمنين (ع) بعد وفاته عيانا بغير شك ولا شبهة وهو نص في الباب. وروى عباد بن سليمان عن ابيه عن ميثم بن اسلم عن معاوية بن عمار الدهنى قال دخل أبو بكر على على عليه السلام فقال له ان رسول الله لم يحدث الينا في امرك شيئا بعد ايام الولاية في الغدير وانا اشهد انك مولاى مقر لك بذلك وقد سلمت عليك على عهد رسول الله (ص) بامرة المؤمنين واخبرنا رسول الله (ص) انك وصيه ووارثه وخليفته في اهله ونسائه وميراثه قد صار اليك ولم يخبرنا انك خليفته من بعده في امته ولا جرم لي فيما ببني وبينك ولا ذنب لنا فيما بيننا وبين الله تعالى فقال له على (ع) ان اريتك رسول الله (ص) حتى يخبرك انى اولى بالامر الذي انت فيه منك ومن غيرك وانك ان لم تنعزل عن فقد خالفت الله ورسوله (ص) قال ان رأيته حتى يخبرني ببعض هذا اكتفيت به قال فتلقاني إذا صليت المغرب حتى اريكه فرجع إليه بعد المغرب فاخذ بيده واخرجه الى مسجد قبا فإذا هو برسول الله (ص) جالس في القبلة فقال يا فلان وثبت على مولاك على وجلست مجلسه وهو مجلس النبوة لا يستحقه غيره لانه وصي فنبذت امرى وخالفت ما قلت لك فيه وتعرضت لسخط


[ 15 ]

الله وسخطي فانزع هذا لسربال الذى تسر بلته بغير حق فما انت من اهله والا فموعدك النار قال فخرج مذعورا ليسلم الامر إليه وانطلق أمير المؤمنين عليه السلام فحدث سلمان بما جرى فقال له سلمان رضوان الله عليه ليبدين هذا الحديث لصاحبه وليخبرنه بالخبر فضحك أمير المؤمنين (ع) وقال اما انه سيخبره وليمنعنه ان هم بان يفعل لا والله لا يتركان ذلك حتى يموتا قال لقي صاحبه وحدثه بالحديث كله فقال له ما اضعف رأيك واخوف قبلك اما تعلم ان ما انت فيه الساعة من بعض سحر ابن ابى كبشة انسيت سحر بني هاشم اقم على ما انت عليه. وهذا ايضا يدل صريحا على ان أمير المؤمنين عليه السلام ارى الاول النبي (ص) بعد وفاته عيانا وعرفه وكلمه فصح ما قلناه ولله الحمد. ومن كتاب جمعه السيد المرحوم الحسن بن كبش الحسيني رضي الله عنه قال روى محمد بن محمد بن النعمان يرفع الحديث الى ام سلمة قالت: قال رسول الله (ص) لعلى بن ابي طالب (ع) يا علي ان الله تبارك وتعالى وهب لك حب المساكين. وساق الحديث الى ان قال يا علي اخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن عند خروج انفسهم وانا وانت نشاهدهم وعند المسألة في قبورهم وعند العرض على الصراط. وروى محمد بن على بن بابويه باسناده عن الصادق عليه السلام في الميت تدمع عينه عند الموت فقال (ع) ذلك عند معاينة رسول الله (ص) يرى ما يسره اما ترى يرى الرجل ما يسره فتدمع عينه ويضحك. وقد جاء في الحديث ان الميت يزور اهله في دار الدنيا المؤمن والكافر فروى محمد بن علي الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه عن اسحاق ابن عمار انه سأل أبا الحسن (ع) عن المؤمن يزور اهله قال نعم قال في كم قال على قدر فضائلهم منهم من يزور كل يوم ومنهم من يزور كل يومين ومنهم من يزور كل ثلاثة ايام قال ورأيت في مجرى كلامه انه يقول ادناهم جمعة فقال له في اي ساعة قال عند زوال الشمس أو قبيل ذلك فيبعث الله


[ 16 ]

تعالى ملكا يريه ما يسر به ويستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا ويرجع الى قرة عين. وروى حفص بن البختري عن ابي عبد الله عليه السلام ان الكافر يزور اهله فيرى ما يكرهه ويستر عنه ما يجب. وروى محمد بن على بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه عن الصادق (ع) انه قال ان رسول الله (ص) لما اسرى به امره ربه تعالى بخمسين صلوة فمر على النبيين نبى نبى لا يسألونه عن شئ حتى انتهى الى موسى بن عمران عليه السلام فقال له باى شئ امرك ربك فقال بخمسين صلوة قال سل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فسأل ربه فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى عليه السلام فقال باى شئ امرك ربك قال باربعين صلوة قال سل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فسأل ربه فحط عنه عشرا ثم بالبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى (ع) فقال له باى شئ امرك ربك قال بثلاثين صلوة قال سل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فسأل ربه فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى عليه السلام فقال له باى شئ امرك ربك قال بعشرين صلوة قال فسل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فسأل ربه فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى (ع) فقال له باى شئ امرك ربك قال بعشر صلوات قال فسل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فاني جئت الى بنى اسرائيل بما افترضا لله تعالى عليهم فلم يأخذوا به ولم يقووا فسأل النبي (ص) ربه فخفف عنه فجعلها خمسا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى (ع) فقال له باى شئ امرك ربك قال بخمس صلوات قال فسل ربك التخفيف فان امتك لا تطيق ذلك فقال انى لاستحى ان اعود الى ربى، فجاء رسول الله (ص) بخمس صلوات. وهذا الحديث الشريف يدل على مرور محمد (ص) بالنبيين صلوات الله عليهم مرة بعد اخرى فرآهم وراوه بدليل قول الصادق عليه السلام


[ 17 ]

لا يسألونه عن شئ ولو لم يرهم ولم يروه لم يقل لا يسألونه عن شئ وكذلك موسى (ع) رأى كل واحد منهما صاحبه فسأله واجابه ولم تتعذر الرؤية هنا بفقد الهواء بين الرائى والمرئي الذى ينفذ شعاع البصر انما امره إذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وكان معراجه (ص) وصعوده الى الملأ الاعلى ببدنه الشريف لا كما يقوله من لا يحتمل امر آل محمد صلوات الله عليهم لاستصعابه على عقله وضعفه عن حمله من تأويله باسراء روحه الشريفة دون بدنه. يدل على ما قلناه من رفعه ببدنه الشريف ا روى انه جاء جبرئيل (ع) بالبراق من الجنة وهي دابة اكبر من الحمار واصغر من البغل ووصف يديها ورجليها وسرعة سيرها وهذا يدل على ركوبه (ص) ببدنه. وفى حديث اخر انه جاءه بحمل جلس فيه ذي حلق وسلاسل وكلما بلغ سماء زيد له في محمله سلاسل وحلقا. وهذا يدل على انه (ص) عرج به ببدنه وما روى انه توضأ من صاد وهو نهر يخرج من ساق العرش فغسل وجهه وغسل يمينه ثم غسل شماله ثم مسلح رأسه ثم مسلح رجليه وهو صريح فيما قلناه ثم وصف صلاته وقراءته بلسانه وركوعه وسجوده وانتصابه وطمانيته وهذا كله من فعل البدن وتعبده. ثم ما روى انه (ع) مر بعير لقريش في الليل وقد اصابه عطش ولهم ماء في وعاء فشرب منه ودفق الباقي وعرف قريش بكرة ما صنع بالماء فعرفوه ولم ينكروه، والعطش والشرب من توابع البدن ثم صلانه (ص) بالملائكة والنبيين عند البيت المعمور وهو في السماء الرابعة ويسمى ايضا الضراح وهو مقابل العرش ومقابل الكعبة فلما صلى وسلم عن يمينه ارسل الله سبحانه ملكا يأمره (واسأل من ارسلنا قبلك من رسلنا) فالتفت إليهم وقال يا معشر الانبياء بماذا بعثتم أو قال ارسلتم فقالوا بعثنا أو ارسلنا بتوحيد الله ونبوت ك وولاية اهل بيتك. فظهر بما روى وسطرناه ان المعراج كان ببدنه الشريف.


[ 18 ]

ويدل عليه ايضا ما روى من قول عيسى بن مريم (ع) فيما ذكره الرضا عليه السلام من قوله انه لا يصعد الى السماء الا من نزل منها الا راكب الجمل فانه يصعد وينزل. وروى انه (ص) عرج به مائة وعشرين مرة. وما يكون ادريس النبي (ع) بارفع من نبينا محمد (ص) فان الله سبحانه يقول (ورفعناه مكانا عليا) وروى انه سأل ربه ان يريد ملك الموت فرفعه الله إليه حتى جاوز السماء الرابعة يلقي ملك الموت فلما رآه حرك رأسه وقال ان ربى امرني ان اقبض روحك في هذه الساعة فقبض روحه بين الرابعة والخامسة وهذا صريح لرفعه ببدنه بقبض روحه. فصح ان المعراج كان بالبدن والروح معا لا الروح وحدها ولو كان معراجه (ص) بروحه خاصة دون بدنه لم يكن في المعراج به ثم خصوصية له دون غيره من المؤمنين. فقد روى عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ان المؤمن إذا نام عرج بروحه الى الله سبحانه فيقبلها ويبارك عليها ثم يردها الى بدنها ان كان اجلها لم يحضر بعثه مع امنائه من ملائكته. واعلم هداك الله ان لهذا المقام الشريف اصلا من عرفه لم ينكر المعراج البدني واستسهله ولم يتوغر على عقله فيقذفه وهو ما روي عن الصادق (ع) ان الله خلق ارواحنا من عليين ولم يجعل لاحد مما خلقنا منه نصيبا وخلق الله ابداننا من دون ذلك من طينة مخزونة مكنونة تحت العرش وخلق ارواح شيعتنا مما خلق منه ابدانا ولم يجعل لاحد فيه نصيبا الا الانبياء وخلق اجسادهم من دون ذلك ولهذا ان ارواحهم تهوى الينا. فعلى هذا ارواح الشيعة خلقت مما خلقت منه ابدان الائمة عليهم السلام فقد روى الصدوق محمد بن بابويه باسناده عن الصادق عن ابيه عن جده عليهم السلام ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال لاينام المسلم وهو جنب ولا ينام الا على طهور فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد فان روح المؤمن


[ 19 ]

ترفع الى الله تبارك وتعالى فيقبلها ويبارك عليها فان كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته وان لم يكن اجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردها في جسدها. فروح المؤمن التي هي قسم جسد النبي والامام صلوات الله عليهما يعرج بها في الدنيا مع مجاورتها للبدن المتلوث بالذنوب والخطايا الى المحل الاعلى فكيف ببدن النبي والامام المعصوم من كل خطأ وزلل مع مجاورته لروحه الشريفة التي خلقت من عليين بغير مشارك ولا مماثل لا سواء ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ولهذا ان روح المؤمن شابهت بدن الحجة (ع) من حيث انها لا يصيبها الكفر ولا الشك ولا العصيان في الاعتقاد بل عارفة بالحق واهل الحق معصومة من الخطأ في الاعتقاد الذى هو عملها قال الله تعالى (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) روى عن الصادق (ع) ان الشيطان ليس له على شيعتنا سلطان ان يضلهم عن اعتقاد الحق كما ان جسد الحجة ليس للشيطان عليه سبيل ان يوقعه في الخطايا والذنوب كما قال أبو الحسن الهادى (ع) في الزيارة الجامعة عصمكم الله تعالى من الزلل وآمنكم من الفتن وبرأكم من العوب وائتمنكم على الغيوب. ولهذا اتصفت ابدانهم الشريفة بما لم تتصف به ابدان سائر الخلق كما روى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه يرى من خلفه كما يرى من بين يديه وانه إذا مشى اثر قدمه الشريف في الحجر ولم يؤثر في الرمل وان الخلق بعد الموت تبلى اجسادهم وتصير تربا وجسده صلوات الله عليه لايبلى ولا يصير رميما وانه إذا وقف في الشمس لاظل له وان الامام إذا مات لا يبقى في الارض اكثر من ثلاثة ايام ثم ينتقل الى الجنة مصاحبا للنبى وانما يزار عليه السلام في مكانه الذى تشرف بدفنه فيه وهو عليه السلام يرى زواره ويسمع كلامهم ولا يخفى عليه شئ منهم هكذا جاء في الاثر عنهم عليه السلام. وكلما ثبت من الفضل للنبي صلوات الله عليه ثبت مثله للوصي (ع)


[ 20 ]

لقول النبي (ص) الذي صح عنه ما خلق الله خلقا افضل مني ولا اكرم عليه مني والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من ولدك والبعدية هنا في الدرجة لا في الزمان فمرتبة الامام في الفضل بعد مرتبة الرسول (ع) بغير فصل بينهما ولهذا روي ان درجة أمير المؤمنين عليه السلام في الجنة دون النبي (ص) بدرجة كما جاء في حديث الوسيلة ولا فاصل بينهما والائمة عليهم السلام عن ايمانهم والانبياء والرسل دونهم على الدرجات هم والشيعة. وروى في الحديث عن الصادق (ع) انه قال كلما كان للرسول (ص) فلما مثله الا النبوة والازواج والاستثناء دليل المعموم فهم شركاؤه في كل ما رويناه له من الفضل وما لم نروه وما لم يصل علمه الينا. فمن عرف هذا العلم الشريف الذى جاء عنهم عليهم السلام لا يصعب عليه المعراج بالنبي (ص) بجسده الشريف وما بكم من نعمة فمن الله سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون. ومما يدل على رؤية المحتضر النبي وعليا والائمة عليهم السلام عند الموت ما قد جاء في تفسير الحسن بن علي العسكري عليهما السلام ان المؤمن الموالى لمحمد وآله الطيبين والمتخذ لعلي بعد محمد امامه الذي يحتذى مثاله وسيده الذي يصدق اقواله ويصوب افعاله ويطيعه بطاعة من يندبه من اطايب ذريته لامور الدين وسياسته إذا حضره من أمر الله ما لا يرد ونزل به من قضائه ما لا يصد وحضره ملك الموت واعوانه وجد عند رأسه محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من جانب ومن جانب اخر عليا سيد الوصيين وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيد النبيين ومن جانب اخر الحسين سيد الشهداء اجمعين وحواليه بعدهم خيار خواصهم ومحبيهم الذين هم سادات هذه الأمة بعد ساداتهم من آل محمد صلوات الله عليهم ينظر إليهم العليل المؤمن فيخاطبهم بحيث يحجب الله صوته عن اذان حاضر به كما يحجب رؤيتنا اهل البيت ورؤية خواصنا عن عيونهم ليكون ايمانهم بذلك اعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم منه فيقول المؤمن بابي وامى انت


[ 21 ]

يا رسول الله رب العزة بابي وامى يا وصي رسول الله رب الرحمة بابي وامي انتما يا شبلي محمد وضرغاميه وولديه وسبطيه يا سيدي شباب اهل الجنة المقربين من الرحمة والرضوان مرحبا بكم معاشر خيار اصحاب محمد وعلى وولديه ما كان اعظم شوقي اليكم واشد سروري بكم الآن في لفائكم يا رسول الله هذا ملك الموت قد حضرني ولا اشك في جلالتي في صدره لمكانك ومكان اخيك مني فيقول رسول الله (ص) كذلك هو ثم يقبل رول الله (ص) على ملك الموت فيقول يا ملك الموت استوص بوصية الله في الاحسان الى مولانا وخادمنا ومحبنا ومؤثرنا فيقول ملك الموت يا رسول الله مره ان ينظر الى ما أعد الله له في الجنان فيقول له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انظر فينظر في العلو الى ما لا تحيط به الالباب ولا يأتي عليه العدد والحساب فيقول ملك الموت كيف لا ارفق بمن ذلك ثوابه وهذا محمد وعترته زواره يا رسول الله لو لا ان الله جعل الموت عقبة لا يصل الى تلك الجنان الا من قطعها لما تناولت روحه لكن لخادمك ومحبك هذا اسوة بك وبسائر انبياء الله ورسله واوليائه الذين اذيقوا الموت بحكم الله ثم يقول محمد (ص) يا ملك الموت هاك اخانا قد سلمناه اليك فاستوص به خيرا. ثم يرتفع هو ومن معه الى روض الجنان وقد كشف الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل فيراهم هناك بعد ما كانوا حول فراشه فيقول يا ملك الموت الوحا الوحا تناول روحي ولا تبقني هنا فلا صبر لي على محمد وعترته الحقنى بهم فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسل الشعرة من الدقيق وان كنتم ترون انه في شدة فليس هو في شدة بل هو في رخاء ولذة فإذا دخل قبره وجد جماعتنا هناك وإذا جاء منكر ونكير قال أحدهما للاخر هذا محمد وعلي والحسن والحسين وخيار اصحابهم بحضرة صاحبنا فلتضع لهم فيأتيان فيسلمان على محمد (ص) سلاما منفردا ثم يسلمان على على عليه السلام سلاما منفردا ثم يسلمان على الحسن والحسين عليهما السلام يجمعانهما فيه يسلمان على سائر من معنا من اصحابنا ثم يقولان قد علمنا


[ 22 ]

يا رسولا لله زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك ولو لا ان الله يريد اظهار فضله لمن بهذه الحضرة من املاكه ومن سمع من ملائكته لما سألناه ولكن امر الله لابد من امتثاله ثم يسألانه فيقولان من ربك وما دينك ومن نبيك ومن امامك وما قبلتك ومن اخوانك فيقول الله ربي ومحمد نبى وعلي وصي محمد امامى والكعبة قبلتي والمؤمنون الموالون لمحمد وعلي واوليائهما والمعادون لاعدائهم اخواني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله وان اخاه عليا ولي اله وان من نصبهم للامامة من اطايب عترته وخيار ذريته الخلفاء والائمة ولاة الحق والقائمون بالصدق فيقولان على هذا حيبت وعلى هذا مت وعلى هذا بعثت ان شاء الله فستكون مع من تتولاه في دار كرامة الله ومستقر رحمته. قال رسول الله صلى الله عليه واله وان كان لاوليائنا معاديا ولاعدائنا مواليا فإذا جاءه ملك الموت ينزع روحه يمثل الله تعالى لذلك الفاجر سادته الذين اتخذهم من دون الله أربابا عليهم من انواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به فيقول له ملك الموت ايها الفاجر الكافر تركت اولياء الله تعالى الى اعدائه فاليوم لا يغنون عنك شيئا ولا تجد الى المناص سبيلا فيرد عليه من العذاب ما لو قسم ادناه على اهل الدنيا لأهلكهم ثم إذا دلي في قبره راى بابا من الجنة مفتوحا الى قبره يرى منه جيرانها فيقول له منكر ونكير انظر ما حرمته من تلك الخيرات. ثم يفتح له من قبره باب من النار يدخل عليه منه عذابها فيقول يا رب لا تقم الساعة يا رب لا تقم الساعة. (ومن التفسر ايضا عنه عليه السلام) ثم وصف الخاشعين فقال الذين يظنون انهم ملاقو ربهم الذين يقدرون انهم يلقون ربهم اللقاء الذى هو اعظم كراماته لعباده وانما قال يظنون لانهم لا يدرون بماذا يختم لهم والعاقبة مستورة عنهم وانهم إليه راجعون الى كراماته ونعيم جناته لايمانهم وخشوعهم لا يعلمون ذلك يقينا لانهم لا يؤمنون ان يغيروا ويبدلوا قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لا يزال


[ 23 ]

المؤمن خائفا من سوء العاقبة لاييقن الوصول الى رضوان الله حتى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له، وذلك ان ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته وعظيم ضيق صدره لما يخلفه من امواله ولما هو عليه من اضطراب احواله في معامليه وعياله وقد بقيت في نفسه حسراتها فانقطع دون امانيه فلم ينلها فيقول له ملك الموت مالك تجرع غصصك فيقول لاضطراب احوالي واقتطاعك لي دون آمالى فيقول له ملك الموت وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض الف الف ضعف الدنيا فيقول لا فيقول ملك الموت انظر فوقك فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الاماني فيقول ملك الموت تلك منازلك ونعمك واموالك واهلك وعيالك ومن كان من اهلك هنا وذريتك صالحا فهم هناك معك اترضى بهم بدلا عما هنالك فيقول بلى والله ثم يقول انظر فينظر محمدا وعليا والطيبين من آلهما في اعلى عليين فيقول أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمتك هم هناك جلساؤك وأناسك افما ترضى بهم بدلا عما تفارق هاهنا فيقول بلى وربى فذلك ما قال الله تعالى (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا) فاماما امامكم من الاهوال فقد كفيتموها ولا تحزنوا على ما تخلفونه من الذرارى والعيال فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منه (وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون) هذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم واناسكم وجلساؤكم. فهذان الحديثان يصرحان برؤية المحتضر محمدا وعليا عليهما السلام وغيرهما ليس للشك فيهما مجال وكيف يقع الشك في مثل هذه الاحاديث المجمع عليها التي يروونها عن الأئمة صلوات الله عليهم جماعة علماء الامامية لا يشكون ولا يرتابون في رؤية المحتضر لهم عليهم السلام حقيقة ولايجوز حملها على المجاز وإلا لجاز حمل كثير من الامور الشرعية المنقولة على هوى الانفس والتجوز وفيه التشريع. وقوله عليه السلام وانما قال يظنون لانهم لا يدرون بماذا يختم لهم


[ 24 ]

والعاقبة مستورة عنهم ثم قال لا يؤمنون ان يغيروا ويبدلوا قال رسول الله صلى الله عليه واله لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقن الوصول الى رضوان الله حتى بكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له صدق النبي صلى الله عليه واله وسلم وصدق آله الطاهرون قال الله سبحانه (فمستقر ومستودع). وقال: أمير المؤمنين عليه السلام الايمان منه المستقر الثابت في القلوب ومنه العوارى بين القلوب والصدور فالمستقر لا يزول والمستودع لا بد من ارتجاعه ولو قبل خروج الروح بلحظة. وأصل هذا الامر ماروى عنهم صلوات الله عليهم في الحديث المشهور من اخذ العهد والميثاق على بنى آدم في الذر حين قال الله سبحانه لهم ألست بربكم ومحمد نبيكم وعلى امامكم والائمة من ذريته أئمتكم قالوا بلى فمنهم من اقر بلسانه وقلبه فذلك ايمانه مستقر به لا يموت الا على الايمان وان ظهر منه غيره ايام حياته. وهو الذى قال مولانا زين العابدين عليه السلام في دعائه فمن كان من اهل السعادة ختمت له بها ومنهم من اقر بلسانه دون قلبه فهذا ان ظهر على لسانه في الدنيا الايمان وعلى جوارحه فهو مستودع مستعار لا يموت حتى يرجع الى ما كان عليه اولا في الذر قال سبحانه فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل اشارة الى تكذيبه بقلبه يوم قال ألست بربكم هكذا روى معناه وهو قول مولانا زين العابدين عليه السلام ومن كان من اهل الشقاق خذلته لما لم يستحق في الحكمة ان يوفق لسبق عصيانه اولا وان كان محلى بينه وبين نفسه عقوبة لعصيانه وجزاءا لفعله ولا يظلم ربك احدا ومن خلى الله تعالى بينه وبين نفسه ضل عن سواء السبيل وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ومن هذا المعنى قول أمير المؤمنين عليه السلام احبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيضك يوما ما وابغض بغضيك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما.


[ 25 ]

ففي هذا الحديث ايماء وانتظار للخاتمة، ومن ذلك قول أمير المؤمنين (ع) إذا كان لكم من احد براءة فانتظروا به عند الموت فعنده يقع اخذ البراءة وقوله ايضا (لاتأمننن على خير هذه الامة عذاب الله) لقوله تعالى (فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون) ولا تيأس لشر هذه الامة من روح الله لقوله تعالى (ولا يبأس من روح الله الا القوم الكافرون) وقد ذكر هذا المعنى روح الله عيسى بن مريم عليه السلام. فروي انه قال يوما للحواريين يا معاشر الحواريين بحق اقول ان الناس يقولون ان أصل البناء اسه وانا اقول ان أصل البناء خاتمته. ومما يدل على رؤية الاحياء للاموات في دار الدنيا ورؤية الاموات للاحياء واعانتهم للاحياء على ما ينوبهم من امور الدنيا ما رواه صاحب كتاب الخرائج والجرائج القطب الراوندي رحمه الله باسناده الى المفضل ابن عمر عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له يابن رسول الله كيف كانت ولادة فاطمة عليها السلام فقال عليه السلام ان خديجة لما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم هجرتها نسوة قريش فكن لا يدخلن منزلها ولا يسلمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها فلما حملت بفاطمة (ع) كانت تحدثها في بطنها وتصبرها وتسكنها وتكتم ذلك عن رسول الله (ص) فدخل عليها يوما فسمع تحديث فاطمة قال يا خديجة لمن تحدثين فقالت للجنين الذي في بطني فهو يحدثني ويونسني فقال يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني انها انثى وانها النسل الطاهر الميمون وان الله سيجعل نسلي منها ويجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاء في ارضه بعد انقضاء وحيه فلم تزل خديجة على ذلك الى ان حضرت ولادتها فوجهت الى نساء قريش ان تعالين الى فارسلن إليها انك عصيتا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا فقيرا لامال له فلسنا تجي اليك ولا نلي من امورك شيئا فاغتمت خديجة غما شديدا فبينما هي كذلك إذ دخل عليها اربع نسوة طوال كانهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن حين رأتهن فقالت احديهن لا تخافي ولا تحزني انا


[ 26 ]

رسل ربك اليك ونحن اخواتك انا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه ام البشر امنا حواء بعثنا الله اليك لنلى من امرك ما تلى النساء من النساء ثم جلست واحدة عن يمينها واخرى عن شمالها والثالثة بين يديها والرابعة خلفها فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة فلما سقطت الى الارض اشرق منها النور حتى دخل بيوت مكة ولم يبق في مشرق الارض ولا في مغربها بيت الا اشرق من ذلك النور ودخل عليها عشر من الحور العين بيد كل واحدة منهن طست وابريق من الجنة وفي الابريق ماء من الكوثر فناولتها الامرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر واخرجت خرقتين بيضاوين اشد بياضا من اللبن واطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالاخرى ثم استنطقت فاطمة عليها السلام فنطقت بالشهادة فقالت اشهد ان لا اله الا الله وان ابى محمدا رسول الله وان بعلي عليا سيد الاوصياء وولدي سادة الاسباط ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة باسمها واقبلن عليها وتباشرت الحور بولادتها وبشر اهل السماء بعضهم بعضا بولادتها ووجد في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك ثم قالت النسوة خذيها يا خديجة فاخذتها فرحة مستبشرة والقمتها ثديها فكانت فاطمة (ع) تنمي في اليوم كما ينمي المولود في الشهر وتنمي في الشهر كما ينمي المولود في السنة وقال: أبو عبد الله عليه السلام ان فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة وسبعين يوما وكان قد دخلها حزن شديد وكان جبرئيل (ع) يأتيها ويطيب نفسها تسمع صوته ولا ترى شخصه يخبرها عن ابيها بمكانه ويخبرها عما يكون بعدها في ذريتها وكان علي عليه السلام يكتب ذلك وهذان الحديثان يدلان بنزول هؤلاء النسوة التي متن وخرجن من الدنيا ثم اعادهن الله سبحانه الى الدنيا ورأتهن واحدة من اهل الدنيا وتولين ما امرهن الله بتوليته منها ولم تتعذر رؤية خديجة لهن لعدم


[ 27 ]

اتصال الشعاع كما قاله رحمة الله في تعذر رؤية المختصر لمحمد وعلي صلوات الله عليها عند الموت لانه إذا صح وثبت انه سبحانه احضر عند خديجة النسوة الاربع اللاتى قد متن وخرجن من الدنيا ورأتهن وكلمتهن وتولين من امرها ما تولين فليثبت ذلك فيمن هو افضل منهن إذا رآه بعض شيعته ومحبيه وقد اجمعت الامامية عليه وما تأوله رحمه الله خلاف الظاهر من الاحاديث ولا يجوز العدول عن الحقيقة الى المجاز الا مع تعذر الحقيقة وليست الحقيقة هنا متعذرة لقوله تعالى (وكان الله على كل شئ مقتدرا) ولما تقدم من الاحاديث الصحيحة. وقوله رحمه الله والقول عندي في رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولأمير المؤمنمين أي لا يجوز ان يرى المحتضر الملائكة ببصره كما لا يجوز ان يرى محمدا وعليا عليهما السلام ببصره كما تقدم فيه قوله. ثم جوز رحمه الله رؤيته للملائكة بان يزيد الله في شعاعه ما يدرك به اجسامهم الشفافة الرقيقة. ثم قال رحمه الله ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما لاختلاف ما بين اجسامهما واجسام الملائكة في الزكيبات فنقول: اما قوله رحمه الله والقول عندي في رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته لرسول الله (ص) وأمير المؤمنين عليه السلام الخ. فقد اجبنا عنه بما سهل الله واستدلنا على جواز وقوعه بتواتر الاحاديث الصحيحة عنهم عليهم السلام من انه كائن لابد منه ولا مدفع عنه بغير شك حقيقة لا مجازا. واما قوله رحمه الله فيما بعد بتجويز رؤية المحتضر للملائكة فالحق ذلك لان في نوع الانسان من يرى الملك في الدنيا وهم طائفة من الانبياء كما قد روي ان من الانبياء من يرى الملك ومنهم من يسمع الصوت ومنهم من يرى في المنام فصح روية جانب من بني آدم في دار الدنيا للملائكة فلا يتعذر حينئذ رؤية المحتضرين لهم في وقت مخصوص


[ 28 ]

كما يشاء الله عند الموت وفى القبر ويوم البعث من القبور وكل نفس معها سائق وشهيد (وفي الجنة وهم يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار) (وفى النار قالوا يا مالك ليقض علينا ربك). فاما تعليله رحمه الله جواز رؤيته للملك بان يزيد الله في شعاعه ما يدرك به اجسامهم الشفافة الرقيقة فليس بشرط في الرؤية وجوازها لان قوة بصر الانسان وزيادة شعاعه لا يوجب له رؤية الملك فرب قوى البصر لا يرى الملك ورب ضعيف البصر يراه كما يشاء الله فان قدرة الله لا تقدر على عقل ولا يدركها وهم لانها نفس الذات المقدسة وهي لا يحيط بها علم وانما هو امر الله سبحانه (إذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ولا يسأل عما يفعل وهم يسئلون) فقوة الانبياء والمحتضرين على رؤية الملائكة ليست بقوة جسمانية يفهمها الانسان ويحيط علمه بها بل هو امر الله لا يعلل ولا يأول بل يجب التسليم فيه لاهل الذكر عليهم السلام فقد قال: الصادق (ع) انما امر الناس بمعرفة امامهم والرد إليه والتسليم له. واما قوله رحمه الله ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام لاختلاف ما بين اجسامهما واجسام الملائكة في التركيبات. فهذا الفرق الذي ذكره رحمه الله لا يصلح للتعليل لما تقدم في حديث بونس عن الصادق عليه السلام وهو ان الانسان إذا مات صير الله روحه في قالب كقالبه الاول فيه يعرف ويأكل ويشرب ويجالس ويتحدث فلو ساغ الحكم هنا بالعقل دون النقل عن اهل الذكر صلوات الله عليهم لرجحنا رؤية المحتضر لمحمد وعلي عليهما السلام على رؤية الملك لحديث بونس والقالب للروح وان الله سبحانه يسلكها فيه الى يوم البعث فعلى هذا صار الآدمي اولى بالرؤية من الملك لكنا نقول كما قال سبحانه وتعالى (فاسلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)، وقال تعالى (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم)، وقال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) وهذا


[ 29 ]

الامر والحكم عام في كل شئ اجل لا يجوز ان يستثنى منه شئ بعد معرفة الله بالعقول والرسول والامام عليهما السلام ولايجوز اخذ العلم الامن الباب الذي فتحه الله لمدينة العلم وخزانته، قال الله تعالى (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). وقال تعالى (ولو ردوه الى الرسول والى اولى الامر منهم لعلمه الذي يستبطونه منهم) والمستنبطون هم الحجج (ع) لاغيرهم كما روي عنهم (ع) ومن كتاب الامالي للشيخ ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله روي باسناده في الكتاب عن الحارث الهمداني قال دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فقال ما جاءتك فقلت حبك يا أمير المؤمنين فقال يا حارث أتحبني قلت نعم يا أمير المؤمنين فقال اما لو بلغت نفسك الحلقوم لرأيتني حيث تحب لو رأيتني وانا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لرأيتني حيث تحب. ومن كتاب كشف الغمة لعلي بن عيسى ابي الفتح رحمه الله قيل دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين عليه السلام في نفر من الشيعة قال الاصبغ ابن نباته وكنت ممن دخل فجعل الحارث يتأودفى مشيته ويخبط الارض بمحجنه وكان مريضا فاقبل عليه أمير المؤمنين (ع) وكانت له منه منزلة فقال كيف تجدك يا حار قال نال الدهر مني يا أمير المؤمنين وزادني أوارا وغليلا اختصام اصحابك ببابك. فقال عليه السلام وفيم خصومتهم قال في شأنك والبلية من قبلك فمن مفرط غال ومبغض قال ومن متردد مرتاب لا يدري ايقدم ام يحجم قال فحسبك يا أخا همدان الا ان خير شيعتنا المط الاوسط إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي قال لو كشفت فداك ابي وامي الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من امرنا. فقال عليه السلام قدك فانك امرء ملبوس عليك ان دين الله لا يعرف


[ 30 ]

بالرجال بل باية الحق فاعرف الحق تعرف اهله، يا حار ان الحق احسن الحديث والصادع به مجاهد وبالحق اخبرك فارعني سمعك ثم خبرته من كانت له حصاة من اصحابك الا اني عبد الله واخو رسوله وصديقه الاول صدقته وآدم بين الروح والجسد ثم اني صديقه الاول في أمتكم حقا فنحن الاولون ونحن الاخرون الا وانا خاصته يا حار وخالصته وصنوه ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره أو تيت فهم الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرون والاسباب واستودعت الف مفتاح يفتح كل مفتاح الف باب يفضي كل باب الى الف الف عهد وايدت أو قال: وامددت بليلة القدر نفلا وان ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الارض ومن عليها وابشرك يا حار ليعرفني والذي فلق الحبة ويرى النسمة ولي وعدوى في مواطن شتى ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة قال وما المقاسمة يا مولاي قال (ع) مقاسمة النار اقسمها قسمة صحيحة، اقول: هذا ولي وهذا عدوى، ثم اخذ أمير المؤمنين (ع) بيد الحارث وقال يا حارث اخذت بيدك كما اخذ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بيدي وقال لي وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي إذا كان يوم القيامة اخذت بحبل أو حجزة من ذي العرش تعالى واخذت انت يا علي بحجزتي واخذت ذريتك بحجزتك واخذت شيعتكم بحجزكم فماذا يصنع الله تعالى بنبيه وماذا يصنع نبيه بوصيه وماذا يصنع وصيه باهل بيته وشيعتهم خذها اليك يا حار قصيرة من طويلة انت مع من احببت ولك ما اكتسبت. أو قال: ما اخترت قالها ثلاثا فقام الحارث يجر ردائه جذلا ويقول ما ابالي وربي بعد هذا لقيت الموت أو لقيني قال: جميل بن صالح وقد روى ذلك السيد الحميري في كلمته له: قول علي لحارث عجب = كم ثم أعجوبة له حملا يا حار همدان من يمت يرني = من مؤمن أو منافق قبلا


[ 31 ]

يعرفني طرفه واعرفه = بنعته واسمه وما فعلا وأنت عند الصراط تعرفني = فلا تخف عثرة ولا زاللا اسقيك من بارد على ظلما = تخاله في الحلاوة العسلا اقول للنار حين تعرض للعرض دعيه لا تقربي الرجلا دعيه لا تقربي ان له = حبلا بحبل الوصي متصلا وقال: الصادق عليه السلام اجعلوا لنا ربا نؤب إليه وقولوا فينا ما شئتم ومما يدل على تفضيل محمد صلى الله عليه واله وسلم على سائر الانبياء والرسل من جهة التكليف بالصلاة والامر بها فإذا ثبت ذلك للنبى ثبت للوصي وذريته صلوات الله عليهم اجمعين ومن كتاب علل الشرايع لمحمد بن علي بن بابويه (ره) باسناده الى هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن علة الصلاة فان فيها مشغلة للناس عن حوائجهم ومتعبة لهم في ابدانهم فقال عليه السلام فيها علل وذلك ان الناس لو تركوا بغير تنبيه ولا تذكر لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم باكثر من الخبر الاول وبقاء الكتاب في ايديهم فقط لكانوا على ما كان عليه الاولون فانهم قد كانوا اتخذوا دينا ووضعوا كتابا ودعوا اناسا الى ما هم عليه وتولوهم على ذلك فدرس امرهم وذهب حين ذهبوا فاراد الله تعالى ان لا ينسيهم امر محمد صلى الله عليه واله ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كل يوم خمس مرات ينادون باسمه ويتعبدون بالصلاة وذكر الله سبحانه كيلا يغفلوا عنه فينسونه وبدرس ذكره. فاعلم مولانا الصادق عليه السلام ان علة الامر بالصلاة لئلا يدرس ذكر محمد صلى الله عليه واله وسلم وينسى كغيره من الانبياء بعد موتهم إذ في نسيان ذكر محمد صلوات الله عليه وتركه وعدم الاهتمام بذكره وطاعته وامر وعدم الوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ على سائر الخلق. وروي الصدوق رحمه الله في كتاب التوحيد باسناده عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله عزوجل وكان عرشه


[ 32 ]

على الماء فقال ما يقولون في ذلك قلت يقولون ان العرش كان على الماء والرب فوقه فقال (ع) كذبوا من يزعم هذا فقد صير الله تعالى محمولا ووصفه بصفة المخلوق والزمه ان الشئ الذي يحمله اقوى منه قلت بين لي جعلت فداك فقال ان الله عزوجل حمل دينه وعلمه الماء قبل ان تكون ارض أو سماء أو جن أو انس أو شمس أو قمر فلما اراد ان يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم من ربكم فكان اول من نطق رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم اجمعين فقالوا انت ربنا فحملهم العلم والدين ثم قال للملائكة هؤلاء حملة علمي وديني وامنائي في خلقي وهم المسئولون ثم قيل لبني آدم اقر والله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة فقالوا نعم ربنا اقررنا فقال للملائكة اشهدوا فقالوا شهدنا لئلا يقولوا غدا (انا كنا عن هذا غافلين) أو يقولوا انما اشرك اباءنا الآية يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق ويجب الوفاء بالعقود قال الله تعالى (يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود) ولا عقد الزم للعباد فما اخذ الله عليهم لنفسه ولرسوله ولاهل بيته عليهم السلام في ذلك المقام العظيم وقد جاء في الحديث عن الصادق عليه السلام كل ظاهر في الكتاب له باطن وهما حق يجب العمل بهما والتصديق ولمن جاء بهما فظاهر الكتاب ما عرف من الكتاب والسنة والصلاة الباطنة هي معرفة محمد واهل بيته صلى الله وسلم عليهم إذ لولا معرفتهم والاقرار بفضلهم والصلاة عليهم لم تصح الصلوة ولم تقبل إذ هي فرع مبني على أصل ولا يصح الفرع من دون الاصل وقد قال النبي (ص) لعلي عليه السلام حربك حربي وسلمك سلمي وقال سبحانه من يطع الرسول قد اطاع الله فإذا ثبت ان وليهم ولي الله وعدوهم عدو الله وكما وجبت الصلاة عليهم وجب اللعن لعدوهم إذ محمد واله عليهم السلام وعدوهم متقابلان فمهما ثبت لمحمد وآله من الفضل والكمال فلعدوهم مقابله من النقص والانفصال ولمحمد وآله السبق الى الاقرار لما قال سبحانه ألست بربكم ومحمد نبيكم وعلي امامكم والأئمة من ولده أئمتكم بقول بلى


[ 33 ]

ولعدوهم الانكار هناك وعدم التصديق بالقلب الذي هو محل الايمان والكفر والشك ولمحمد وآله السبق الى دخول النار فكان اول من دخل النار محمد (ص) وتبعه علي (ع) وتبعه الذرية الطاهرة وتبعتهم شيعتهم فكانوا بطاعتهم هم السابقون السابقون اولئك المقربون ولعدوهم في ذلك الامتحان السبق الى معصية الله والتأخر عن طاعته وعدم قبول امره حيث امتنعوا عن دخول النار وخالفوا امره ولمحمد وآله اعلى درجات الجنان ولعدوهم اسفل دركات النيران ومحمد وآله اهل العلم وخزانه ومعدنه وعدوهم اهل الجهل وموضعه، وقد قال الله تعالى (هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر اولوا الالباب. وقال: الصادق عليه السلام نحن الذين نعلم وعدونا الذين لا يعلمون والله سبحانه امر سائر خلقه بالصلاة على محمد تأسيا به تعالى وتشبها بملائكته عليهم السلام فقال تعالى (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقد تقدم ان الصلاة لاتقبل ولا ترفع حتى يصلي على اهله وامر سبحانه بلعن اعداء آل محمد في كتابه حيث يقول (الا لعنة الله على الظالمين) والالف واللام للجنس ولا احد من الخلق اظلم مم انكر فضل محمد وفضل اهل بيته وقدم عدوهم عليهم واثبت له مقامهم الذي جعله الله لهم وجحد العهد والميثاق الذي اخذه الله تعالى على سائر) العباد لهم وانكر وجوب طاعتهم والله سبحانه يقول (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) واولو الامر الذين قال الله سبحانه (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وهم علي واهل بيته الاحد عشر صلوات الله عليهم كما تقدم قال الله (فمن كذب بايات الله وصدف عنها). وقد روي عن الصادق عليه السلام ان الآيات في باطن القرآن هم آل محمد (ص)، فلا اظلم ممن كذب بفضل آل محمد وانكر امامتهم وولايتهم فان الله تعالى قد لعن اعداء آل محمد في كتابه والرسول مقتد بربه والعترة


[ 34 ]

الطاهرة مقتدية بالرسول وشيعتهم مقتدون بهم. وروي عن الصادق عليه السلام إذا كان يوم القيامة جاءت شيعتنا آخذين بحجزتنا وجئنا آخذين بحجزة نبينا وجاء نبينا اخذ بحجزة الله فالياين مصيرنا الى الجنة والله، وقد روى ان الحجزة النور، وفي رواية اخرى الحجزة الطاعة، والحجزة في اللغة مشد الوسط وانما مثل به (ع) هنا مجاز الان من تمسك بمشد الوسط من اخر لا يكاد يفترق عنه ولا يتخلص منه فهو اينما راح تبعه وبلغ ما يريد في ملازمته من حاجته. وقال الله تعالى (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد ا ستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها). وقال تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فيجب اللعن لاعداء آل محمد عليهم السلام تأسيا بال محمد المتأسين بمحمد (ص) المتأسي بالله تعالى وقد امر سبحانه خلقه باللعن لاهله بقوله (اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) فان لفظة لفظ الخبر ومعناه الامر اي العنوهم كما العنهم وتأسوا بي كما تقدم في قوله (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) امرهم ان يفعلوا كما يفعل سبحانه وتفعل ملائكته والكتاب مشحون باللعن لمن تدبره. وقد روى العلماء ان النبي صلى الله عليه واله وسلم رأى يوما أبا سفيان راكبا ومعاوية واخاه قائدا وسائقا فلعن صلوات الله عليه الراكب والقائد والسائق. وروى عنه صلى الله عليه واله وسلم انه لعن يوما آل فلان فقيل يا رسول الله ان فيهم فلانا وهو مؤمن فقال ان اللعنة لا تصيب مؤمنا. وقد روى ان أمير المؤمنين عليه السلام قنت في صلاته بقوله: اللهم العن صنمي قريش الخ واشتهر عنه (ع) انه كان مداوما على لعن معاوية وقد روى الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب التهذيب عن الصادق عليه السلام انه كان يلعن عقيب الفرائض اربعة من الرجال واربعا من النساء ويسميهم باسمائهم.


[ 35 ]

وروي يونس عن صباح بن صبيح عن زرارة عن ابي عبد الله (ع) في قول الله عزوجل (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها) قال من ذكر فلانا وفلانا فلعنها كل غداة كتب الله له عزوجل سبعين حسنة ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات. وروي محمد بن علي الصدوق رحمه الله في كتاب معاني الاخبار باسناد ذكره عن انس بن مالك قال كنت عند علي بن ابي طالب عليه السلام في الشهر الذي اصيب فيه وهو شهر رمضان فدعا ابنه الحسن عليه السلام ثم قال له يا أبا محمد اعل المنبر فاحمد الله كثيرا ولئن عليه واذكر جدك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم باحسن الذكر وقل لعن الله ولدا عق ابويه ثلاثا لعن الله عبدا ابق من مواليه لعن الله غنما ضلت عن الراعي وانزل، فلما فرغ من خطبته ونزل اجتمع إليه الناس فقالوا يابن رسول الله انبئنا فقال لهم الجواب عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال أمير المؤمنين (ع) كنت مع النبي (ص) في صلاة صلاها فضرب بيده اليمنى الى يدى اليمنى فاجتذبها وضمها الى صدره ضما شديدا ثم قال يا علي قلت لبيك يا رسول الله قال انا وانت ابوا هذه الامة فلعن الله من عقنا قل آمين فقلت آمين قال وانا وانت موليا هذه الامة فلعن الله من ابق عنا قل آمين فقلت آمين قال على عليه السلام وسمعت قائلين يقولون معي آمين فقلت يا رسول الله من القائلان معي آمين فقال (ص) جبرئيل وميكائيل، وهذا الباب اشهر من ان يخفى في الكتاب والسنة على لسان الرسول واهل بيته (ع) فتجب الطاعة لله والتأسي به تعالى والمتابعة لله ولرسوله والأئمة عليهم السلام قال الصادق عليه السلام لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه سنة من ربه وسنة من نبيه وسنة من وليه وسنة من ذريتهم وهذا يدل على الامر بالاستنان بالله وبرسوله وبوصيه وبآله (ص) فثبت وجوب البرائة من اعداء آل محمد واللعن لهم كما ثبت وجوب


[ 36 ]

الصلاة على محمد وآله عليهم السلام. فاما كيفية الصلاة على محمد وال محمد عليهم السلام فقد جاء فيها عبارات كثيرة لاتكاد تحصى. منها ما روى عنهم إذا سمعتم ان الله وملائكته يصلون على النبي الى اخر الآية فقولوا صلوات الله وصلوات ملائكته وانبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد واله والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته ومنها ما تقدم عقيب صلاة الفجر والمغرب ان يتلو ان الله وملائكته الخ ويقول: اللهم صل على محمد وذريته. ومنها ما جاء عقيب صلاة الصبح والظهر ان يقول: اللهم صل محمد وال محمد وعجل فرجهم. ومنها عقيبهما ان يقول: اللهم اجعل صلاتك وصلاة ملائكتك وانبيائك ورسلك وجميع خلقك على محمد واهله. ومنها ما جاء عقيب صلاة العصر من يوم الجمعة ان يقول اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وال محمد وارحم محمدا وال محمد وارفع محمدا وال محمد الذين اذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا الف مرة ان قدر والا فمأة مرة. ومنها ما جاء عقيب عصر الجمعة ان يقول سبع مرات اللهم صل على محمد وال محمد الاوصياء المرضيين بافضل صلواتك وبارك عليهم بافضل بركاتك والسلام عليهم وعلى ارواحهم واجسادهم ورحمة الله وبركاته ومنها ما روى انه يقال ماة مرة اللهم صل على محمد واهل بيته الأئمة المعصومين بافضل صلاتك وبارك عليهم بافضل بركاتك والسلام عليهم وعلى ارواحهم واجسادهم ورحمة الله وبركاته. ومنها ما رواه أبو الصباح عن الصادق عليه السلام قال الا اعلمك شيئا يقى الله به وجهك عن حر جهنم قال: قال بلى قال: قل بعد الفجر اللهم صل على محمد واله محمد مائة مرة يقى الله به وجهك عن حر جهنم ومنها ما رواه محمد بن على الصدوق رحمه الله عن ابى عبد الله (ع) قال وجدت في بعض الكتب يعني كتب الله المنزلة من صلى على محمد واله


[ 37 ]

محمد كتب الله له مائة حسنة ومن قال صلى الله على محمد واهل بيته كتب الله له الف حسنة. ومنها ما روى عن الصادق عليه السلام انه قال تستحب الصلاة على محمد وعلى والهما. ومنها ما روى الصدوق ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: من قال في يوم مائة مرة ربصل على محمد واهل بيته قضى الله له مائة حاجة ثلاثون منها الدنيا. وقد جاء عنهم عليهم السلام الامر برفع الصوت بالصلاة على محمد واله صلوات الله عليهم، روى عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ارفعوا اصواتكم بالصلاة علي فانها تذهب بالنفاق، وآله عليهم السلام لا ينفكون عنه كما تقدم وهذا بحر ليس له ساحل وطريق ليس له اخر ولا يحيط بعلمه الا الله والراسخون في العلم صلوات الله عليهم خزنة علمه وابواب حكمته وتراجمة وحيه ومؤيدو بريته في علمهم وعملهم وحسابهم وجنتهم ونارهم. وقد روي عن مولانا ابي الحسن علي بن الحسين عليه السلام انه كان يوما يصلي فسقط طرف ردائة عن كتفه فلم يسوه حتى فرغ من صلاته فقال له رجل الا عدلت ردائك فقال له يا هذا اتدري بين يدي من كنت واقفا ان الله لا يقبل من العبد من صلاته الا ما اقبل عليه فيها فقال الرجل إذا هلكنا فقال (ع) كلا ان الله متمم لكم ذلك بالنوافل فالنوافل الراتبة تتمة الفرايض اليومية فما كان فيها من نقص تجبره وتتمه. وقد روي عن الصادق عليه السلام ان الله يستحي ان يقبل من العبد اقل من ثلث عمله ولهذا كانت النوافل اليومية بقدر الفرض مرتين وكذا الصوم الواجب بشهر رمضان والمؤكد منه في السنة شهر شعبان والثلاثة ايام في كل شهر تكون في العشرة اشهر ثلاثين يوما فيكون مقدار السنة بقدر الفرض مرتين فإذا صلى العبد المؤمن الفرائض واضاف إليها النوافل الراتبة تمت صلاته وقضى مقيب صلاته على محمد وال محمد عليهم السلام


[ 38 ]

قريبا من ضعفين آخرين فالحمد لله على ما من علينا بمحمد وال محمد وبمعرفتهم ومعرفة فضلهم الذي اتاهموه رب العباد وخصهم به دون من سواهم إذ هم لا يقاس بهم احد من الناس ولا يساوي بهم ولا يفضل عليهم ومن فضل عليهم احدا من خلق الله لم يعقد قلبه على معرفتهم المعرفة التي خصهم الله بها ولا عرف منزلتهم من مولاهم المعطي الوهاب. يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه واله وسلم يا على ما عرف الله الا انا وانت وما عرفني الا الله وانت وما عرفك الا الله وانا وحكم الذرية الصالحة الشريفة حكم أمير المؤمنين عليه السلام وحكم رسول الله (ص) لما تقدم فما عرف فضلهم الا الله فهم خاصة ولما سألت الملائكة محمدا (ص) حين عرج به عن أمير المؤمنين عليه السلام قال (ص) يا ملائكة ربي اتعرفوننا حق معرفتنا قالوا فلم لا نعرفكم يا رسول الله وانتم اول خلق خلقه الله خلقكم اشباح نور من وره تعالى ذكره وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد ثم خلق الملائكة فلما خلقنا كنا نمر بارواحكم فنسبح بتسبيحكم ونمحمد بتحميدكم ونهلل بتهليلكم ونكبر بتكبيركم ونقدس بتقديسكم ونمجد بتمجيدكم فما نزل من عند الله فاليكم وما صعد الى اله فمن عندكم اقرء عليا منا السلام. روى هذا الحديث عن ابي ذر رضي الله عنه. واعلم ان الملائكة قالوا ما ومقامهم إليه وعرفوه من فضل محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم اجمعين وهو بنسبة الذي غاب عنهم يسير حقير يدل عليه قولهم عليهم السلام ان امرنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبى مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان. وفي هذا الحديث كفاية لمكتف وعبرة لمعتبر وما يعقلها الا العالمون قال سبحانه (وان من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وقال تعالى (سبح لله ما في السموات وما في الارض) في غير موضع فصح ان كل شئ من خلقه يسبح الله حقيقة لا مجازا كما قاله بعض المتكلمين


[ 39 ]

وتأوله على معنى ان الخليقة تشهد لخالقها بخلقه اياها لا انها تسبح اجمع حقيقة ويدل على بطلان هذا قوله سبحانه (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) ولو كان كما تأويله كان كل غافل يفقهه. وحديث الحسين بن علي عليهما السلام الذي ذكر فيه كل صنف يسبح بتسبيح غير تسبيح الصنف الاخر وبينه فانه كذلك يدل على ما قلناه فإذا ثبت ان كل مسبح يسبح الله وبحمده فهو بتعليم محمد وعلي وآلهما (ع) روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في حديث طويل يقول فيه الرسول (ص) ثم خلق الملائكة فسبحنا فسبحت الملائكة وهللنا فهللت الملائكة وكبرنا فكبرت الملائكة فكان ذلك من تعليمي وتعليم علي وكان ذلك في علم الله السابق ان تتعلم الملائكة منا التسبيح والتهليل والتكبير وكلمن سبح الله وكبره وهلله فبتعليمي وتعليم علي الى اخره. فقد ثبت في الكتاب ان كل شئ يسبح الله ويذكره وثبت في الحديث انه بتعليم محمد وعلي عليهما السلام وتقدم ان اسم محمد لا ينفك عن اسم الله يذكر الرسول عند ذكر الرب سبحانه. وثبت ان آل محمد عليهم السلام يذكرون عند ذكر محمد (ص) فلا يرفع عمل عند ترك ذكرهم عند ذكره بل يصلي عليه وعليهم فظهر ان كل شئ من خلق الله تعالى يذكر محمدا واله عليهم السلام إذا كان مطيعا ربه تعالى ممتثلا امره مجتنبا معصيته. ومما يدل على تفضيل آل محمد عليهم السلام على اولي العزم ان موسى ابن عمران عليه السلام حكى الله سبحانه عنه فقال واذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين قوم فرعون الا يتقون. الى قوله: (فاخاف ان يقتلون) فحكى الله خوفه من القتل والتكذيب واعتذاره بضيق صدره وعدم انطلاق لسانه وارادته ان يكون المرسل هرون ومولانا أمير المؤمنين عليه السلام لما قال له سيدنا الرسول الكريم على الله صلى الله عليه واله وسلم يا علي ان قريشا اجتمعوا ان يبيتوني وهم


[ 40 ]

يريدون قتلي فهل لك ان تنام على فراشي وتفديني بنفسك قال له وتسلم يا رسول الله قال نعم فسر أمير المؤمنين عليه السلام واستبشر وقال نعم يا رسول الله افعل، ولم يخف العدو والقتل ولم يعتذر عليه بذلك ولم يتوقف ولم يتردد ولم يشر على النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يبيت على فراشه غيره بل فداه بنفسه وبذل مهجته لرضى ربه ولم يطلب سوى الله مونسا في وحشته ولا واقيا من عدوه ولم يطلب شريكا مسعدا له عليهم يشد به عضده ويقوى باسه بل رضى عن الله وعن رسوله، وسلم لقضاء الله وقدره وقد جاء في الحديث ان الله سبحانه قال في تلك الليلة لجبرئيل وميكائيل عليهم السلام اني قد آخيت بينكما وجعلت عمر احدكما اطول من الاخر فايكما بؤثر اخاه بتلك الزيادة فسكتا فقال سبحانه اهبطا الى الارض فاحفظا عليا حتى يصبح فانه وفي محمدا رسولي بنفسه وفداه بمهجة ولما قال له رسول الله: (ص) كيف صبرك يا أبا الحسن إذا فعلت بك قريش كذا وكذا وعد عليه ما يلاقي بعده من كيدهم وشرهم ومكرهم وظلمهم اياه وغصبهم حقه قال يا رسول الله مع سلامة في ديني فقال (ص) مع سلامة في دينك قال يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر والبلوى بل من مواطن الرضا والبشرى. فانظر رحمك الله الى مقدار جلالة هذا الامام وعلو درجته عند خالقه تعالى وتسليمه لقضاء ربه عزوجل وقدره لم يحزنه ما اخبره به الرسول الصادق (ع) عن ربه إذ هو ما ينطق عن الهوى بل هو وحى يوحى من حكم عدوه عليه واستيثاره بخمسه وحقه وحق زوجته وخلافته ومنصبه الذي جعله الله له وحرمه على غيره وضرب سيدة نساء العالمين واسقاطها محسنا ثم وفاتها بسببه وهي راغمة كاظمة ساخطة ثم قتل الامة له وخضب لحية بدم رأسه ثم قتل ولدية الحسن والحسين عليهما السلام زينتي عرش الله تعالى وسبي نسائه وحرمه وقتل اطفاله ورجاله واهل بيته ومنعهم من شرب ماء الفرات حتى قتلوا ومضوا بكر بهم وعطشهم رضى الرسول (ص)


[ 41 ]

منه عليه السلام بالصبر عند اعلامه بهذه المحن والشدائد فاجابه بالسرور والرضا وبالحمد والشكر ولم يطلب من الله الاعفاء ولاسأل عن الرسول ان يسأل الله في كف الاذى دعوة منه ولو سأل لأجيب ولم يرهب المحن المخبر بها ولا القتل والشهادة التي وعد بها بل اظهر السرور والفرح والرضا بما يأتي به القضاء بلتطلب سرعة اوقت وجعل يقول (متى) وكذلك ولده الحسين عليه السلام أخبر وأسلم انه يقتل بارض كربلا فقصدها بحرمه واطفاله ومن احبه من اهل بيته وخاصته ورجاله وكتب الى بني هاشم (الافمن لحق بنا استشهد ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح والسلام) وهذا اخبار منه عليه السلام بقتل اصحابه. ولما عوتب في اخذ حرمه معه اجاب بقوله شاء الله ان يراهن سبايا ولما جاءه الملائكة لينصروه لم يأذن لهم وقال نحن اقدر منكم على هلاكم ولم يظهر منه وهن ولا خوف ولا استنكانة بل الذي ظهر منه (ع) الشدة في قتالهم والسرور بلقاء ربه عزوجل والشتجيع لاصحابه عند لقائهم عدوهم وامره لهم بالصبر هنيئة حتى يشربوا من حوض الرسول وانما كان قوله لعدوه هل من ذاب عن حرم رسول الله (ص) لتأكيد الحجة على الامة ولتعريفهم ما جهلوا وللاحتجاج عليهم يوم القيامة لئلا يقولوا (انا كنا عن هذا غافلين) وهذا شأن الانبياء والرسل يحتجون على رعاياهم بما لا يقدرون على انكاره ولا دفعه يوم لفائهم ربهم تعالى يوم تشهد عليهم جوارحهم بما عملوا لما ينكرون اعمالهم ويتبرأون منها وكفى بالله شهيدا وحسيبا ومكافيا ورقيبا. ومما جاء في تفضيل العترة على جميع العالمين من كتاب معاني الاخبار تصنيف محمد بن بابويه رحمه الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني عن عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد عن رجا بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال خطب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه


[ 42 ]

بالكوفة في منصرفه من النهر وان وقد بلغه ان معاوية يسبه ويعيبه وبقتل اصحابه فقام خطيبا فحمد الله عزوجل وانى عليه وصلى على رسول الله وذكر ما انعم الله على نبيه وعليه ثم قال لو لا آية في كتاب الله تعالى ما ذكرت ما انا ذاكره في مقامي هذا، يقول الله عزوجل (واما بنعمة ربك فحدث) اللهم لك الحمد على نعمك التي لا تحصى وفضلك الذي لا ينسى يا أيها الناس انه بلغني ما بلغني وانه قد اقترب اجلى وكأني بكم وقد جهلتم امري واني تارك فيكم ما تركه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كتاب الله وعترتي وهي عترة الهادي الى النجاة خاتم الانبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى يا ايها الناس لعلكم لا تسمعون قائلا بعدي يقول مثل قولي الا مفتريا انا اخو رسول الله وابن عمه وسيف نقمته وعماد نصرته وبأسه وشدته انا رحى جهنم الدائرة واضراسها الطاحنة وانا مؤتم البنين والبنات وانا قابض الارواح وباس الله الذي لا يرده عن المجرمين انا مجدل الابطال وقاتل الفرسان ومبير من كفر بالرحمن وصهر خير الانام انا سيد الاوصياء ووصي خير الانبياء انا باب مدينة العلم وخازن علم رسول الله (ص) واورثه انا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقيه المهذبة الزكية حبيبة حبيب الله وخيرة بناته وسلالته وابو ريحانتي رسول الله (ص) فما سبطاه خير الاسباط وولداي خير الاولاد فهل احد ينكر ما اقوله اين مسلمو اهل الكتاب انا اسمي في التوارة بوي وفى الانجيل اليإ، وفى الزبور اربى وعند الهند كنكر وعند الروم بطريسا وعند الفرس عبير وعند الترك ثبين وعند الزنج جبتر وعند الحبشة بتريل وعند امي حيدرة وعند ظئري ميمون وعند العرب علي وعند الارمن فريق وعند ابى ظهير الأواني مخصوص في القرآن باسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم يقول الله تعالى (ان الله مع الصادقين) فانا ذلك الصادق ويقول (فاذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين) فانا ذلك المؤذن في الدنيا والاخرة ويقول (واذان من الله ورسوله) فانا ذلك الاذان ويقول:


[ 43 ]

(ان الله لمع المحسنين) فانا ذلك المحسن ويقول (ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) فانا ذو القلب ويقول (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) فانا الذاكر ويقول (وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) فنحن اصحاب الاعراف انا وعمي واخي وابن عمي فو الله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب ولا يدخل الجنة لنا مبغض ويقول تعالى (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) فانا الصهر ويقول (وتعيها اذن واعية) فانا الاذن الواعية ويقول (ورجلا سلما لرجل) فانا السلم لرسول الله وانا الذي من ولدي (مهدي) هذه الامة وانا الذي جعلت ميزانا فبحبي امتحن الله المؤمنين وببغضي تعرفون المنافقين فهذا عهد النبي الامي الي انه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وانا صاحب لواء رسول الله (ص) في الدنيا والاخرة ورسول الله فرطي وانا فرط شيعتي والله لا حزن محبي ولا خاف موالي انا ولي المؤمنين والله ولي فحسب محبي ان يحبوا من احب الله وحسب مبغضي ان يبغضوا من احب الله الا وانني قد بلغني ان معاوية يسبني ويلعنني اللهم اشدد وطأتك عليه وانزل اللعنة على المستحق امين رب العالمين رب اسماعيل وآله ابراهيم انك حميد مجيد ثم نزل عن اعواده وما عاد إليها حتى قتله ابن ملجم لعنه الله واخزاه قوله صلوات الله عليه في هذه الخطبة عند الهند كنكر هو الذي إذا اراد شيئا لج فيه فلم يفارقه حتى يبلغه. وقوله وعند الروم بطريسا هو مختلس الارواح، وقوله وعند الفرس حبير هو الباز الذي يصطاد، وقوله وعند الترك ثبين هو النمر الذي إذا وضع شئ في مخلبه هتكه، وقوله وعند الزنج جبتر هو الذي يقطع الاوصال وقوله وعند الحبشة بتريل هو المدبر على كل شئ اتى عليه، وقوله وعند امي حيدرة هو الحازم الرأي الخبير النقاب النظار في دقائق الاشياء، وقوله وعند ظئري ميمون. قال: جابر اخبرني محمد بن علي عليهما السلام قال كنت ظئر علي (ع)


[ 44 ]

التي ارضعته امرأة من بني هلال فحلفته في خباها ومعه اخ من الرضاعة وكان اكبر منه سنا بسنة الا اياما وكان عند الخباء قليبفمر الصبي نحو الفليب ونكس رأسه فحبا علي عليه السلام خلفه فتعلقت رجل علي (ع) بطنب الخبا فجر الحبل حتى اتى على اخيه فتعلق باحد قدميه واخذ يده ورجله، اما اليد ففي فيه، واما الرجل ففي يده، فجاءت أمه وادركته فنادت يا للحي يا للحي من غلام ميمون أمسك عل ولدي فاخذوا الطفل من رأس القليب وهم يعجبون من قوته على صباه لتعلق رجله بالطنب وجره للطفل حتى ادركوه فسمته امه ميمونا وسمى الغلام الهلالي معلق ميمون وعرف في بني هلال بهذا. وقوله وعند الارمن فريق هو الجسور الذي يهابه الناس، وقوله وعند ابي ظهير، قيل كان ابوه أبو طالب يجمع ولده وولد اخوته ثم يأمرهم بالصراع فكان علي عليه السلام يحسر عن ساعدين له غليظين قصيرين وهو طفل ثم يصارع كبار اخوته وبني عمومته فيصرعهم فيقول: ابوه ظهر علي فسمى ظهيرا. (ومما جاء في عمر بن الخطاب) (1) من انه كان منافقا ما نقله الشيخ


(1) وقد روى هذا الحديث مسندا محمد بن جرير الطبري من علماء الامامية في المائة الرابعة في الفصل المتعلق بامير المؤمنين (ع) من (دلائل الامامه) ورواه مسندا (في مصباح الانوار) الشيخ هاشم بن محمد من علماء الامامية في القرن السادس وترجمة الحر العاملي في امل الآمل والخونساري في روضات الجنات ص 768 وقال المجلسي في مقدمات البحار يروى من الاصول المعتبرة من الخاصة والعامة ونص سند (الدلائل) على ما في الانوار النعمانية للجزايري ص 40 ايران سنة 1316 قال اخبرنا السيد أبو البركات بن محمد الجرجاني هبة الله القمي واسمه يحيى قال حدثنا أحمد بن اسحاق بن محمد البغدادي قال حدثنا الفقيه الحسن بن الحسن السامري قال كنت انا ويحيى بن جريح البغدادي فقصدنا أحمد بن اسحاق

[ 45 ]

الفاضل علي بن مظاهر الواسطي عن محمد بن العلا الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي قال تنازعنا في امر (ابن الخطاب) فاشتبه علينا امره فقصدنا جميعا أحمد بن اسحاق القمي صاحب العسكري (ع) بمدينة (قم) وقرعنا عليه الباب فخرجت الينا من داره صبية عراقية فسألناها عنه فقالت هو مشغول بعياله فانه يوم عيد فقلنا سبحان الله الاعياد عند الشيعة اربعة الاضحى والفطر ويوم الغدير ويوم الجمعة قالت فان أحمد يروي عن سيده ابي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام ان هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الاعياد عند اهل البيت وعند مواليهم


- القمى صاحب الامام ابي محمد الحسن العسكري بمدينة (قم) وساق الحديث كما هنا. ونص سند (المصباح). قال اخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد القمي بالكوفة قال حدثنا أبو بكر محمد بن جعدويه القزويني وكان شيخا صالحا زاهدا سنه احدى واربعين وثلثمائة صاعدا الى الحج قال حدثني محمد بن علي القزويني قال حدثنا الحسن بن الحسن الخالدي بمشهد بي الحسن الرضا (ع) قال حدثنا محمد بن العلا الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد ابن جريح البغدادي قالا تنازعنا في امر (ابي الخطاب) (محمد بن ابي زينب) الكوفي واشتبه علينا امره فقصدنا جميعا أبا علي أحمد بن اسحاق بن سعد الاشعري القمي صاحب ابي الحسن العسكري عليه السلام بمدينة (قم) وساق الحديث كما هنا. وحكى الحديث شيخنا المجلسي في البحارج 8 ص 314 وج 20 ص 330 عن كتاب (زوائد الفوائد) لولد الشريف النقيب رضي الدين علي بن طاووس، ثم قال رحمه الله انا وجدنا فيما تصفحنا من الكتب عدة روايات موافقة له، فاعتمدنا علينا وقال في ص 316 ج 8 يظهر من ابن طاووس ورود رواية عن الصادق رواها الصدوق تتضمن القتل في هذا اليوم - التاسع من ربيع الاول - وكذا يظهر من خلفه الجليل ورود عدة -

[ 46 ]

قلنا فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه بمكاننا فدخلت عليه واخبرته بمكاننا فخرج الينا وهو متزرر بمئرزله محتضن لكسائه يمسح وجهه فانكرنا ذلك عليه فقال لا عليكما فاني كنت اغتسلت للعيد قلنا أو هذا يوم عيد وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الاول قال نعم ثم ادخلنا داره واجلسنا على سرير له وقال اني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري (ع) مع جماعة من اخوتى (بسر من رأى) كما قصد ثمانى فاستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الاول وسيدنا قد اوعز الى كل واحد من خدمه ان يلبس ماله من الثياب الجدد وكان بين يديه


- روايات دالة عليه فاستبعاد ابن ادريس وغيره ليس في محله إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين الشيعة سلفا وخلفا لا يقصر عما ذكره المؤرخون مع المخالفين ويحتمل ان يكونوا غيروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة فلا يتخذونه يوم عيد وسرور (وإذا قيل) كيف اشتبه هذا الأمر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي على ضبطه (قلنا) ليس هذا باعظم من وفاة رسول الله (ص) مع وقوع الخلاف بين الفريقين بل وقع الخلاف بين كل فريق على ان المؤرخين اختلفوا في يوم (مقتل عمر) فمنهم من قال في الخامس والعشرين ومنهم من قال في السادس والعشرين ومنهم من قال في السابع والعشرين من ذي الحجة. ومن نظر الى الاختلاف بين الشيعة والعامة في كثير من الامور التي توفرت الدواعي على نقلها مع كثرة حاجة الناس إليها كالاذان والوضوء والصلاة والحج لا يستبعد مثل هذا الخلاف انتهى كلام المجلسي. ولو اعرضنا عن ذلك فلا شبهة في كون اليوم التاسع من ربيع الاول يوم شريف عظيم الفضل لفتوى العلماء الاعلام برجحان التعيد فيه والانفاق على المؤمنين والتوسعة على العيال والتطيب وليس الجديد من الثياب والشكر والعبادة نقل ذلك الشيخ الكفعمي في المصباح ص 270

[ 47 ]

مجمرة وهو يحرق العود بنفسه قلنا بابائنا انت وامهاتنا يابن رسول الله هل تجدد لاهل البيت فرح فقال وأي يوم أعظم حرمة عند اهل البيت من هذا اليوم ولقد حدثني أبى ان حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الاول على جدي رسول الله (ص) قال فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكلون مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ورسول الله (ص) يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين عليهما السلام كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوه وعدو جدكما ويستجيب فيه


- والعلامة النوري في مستدرك الوسائل ج 1 ص 155 عن الشيخ المفيد. وقال: المجلسي في البحارج 20 ص 322 ينبغي تعظيم اليوم التاسع من ربيع الاول واظهار السرور فيه مطلقا لسر مكنون في مطاويه على الوجه الذي يظهر احتياطا للروايات فيستحب ان يسمى ذلك اليوم يوم العيد ولم يزل التعيد فيه مطردا بين العلماء يأمرون اتباعهم وعائلاتهم حتى انتهى دور الفقاهة الى امام الامة وشيخ الفقهاء الاواخر صاحب (الجواهر) ذلك الكتاب المبين الذي لم يترك شاردة ولا واردة من فقه الشيعة الا احصاها فاكب عليه العلماء منذ ذلك العهد يستمدون من فضله المتدفق فانه قال في اخر الاغسال المستحبة من حيث الزمان واما الغسل للتاسع من ربيع الاول فقد حكي من فعل أحمد بن اسحاق القمي معللا بانه يوم عيد الى ان قال صاحب (الجواهر) وقد عثرت على خبر مسندا الى النبي (ص) في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وانه يوم سرورهم (ع) وهو طويل فلعلنا نقول باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الازمنة لا سيما مع كونه عيدا لنا ولأئمتنا عليهم السلام انتهى. وجاء تلميذه من بعده الشريف الاجل سيد الفقهاء الاعلام السيد على آل بحر العلوم فتتبع استاذه في (البرهان القاطع) في باب الاغسال المستحبة برجحان الغسل فيه لرواية الغسل في الاعياد وقد ورد ان اليوم

[ 48 ]

دعاء امكما كلا فانه اليوم الذي فيه يقبل الله تعالى اعمال شيعتكما ومحبيكما كلا فانه اليوم الذي يصدق فيه قول الله تعالى (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) كلا فانه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدكما كلا فانه اليوم الذي يفقد فيه فرعون اهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم كلا فانه اليوم الذي يعمد الله فيه الى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا. قال: حذيفة فقلت يا رسول الله وفي امتك واصحابك من ينتهك هذه


- التاسع من ربيع الاول من الاعياد العظيمة ثم قال وحيث ان وقوع ما نقله أحمد بن اسحاق في هذا اليوم من الامور العظيمة مما اشتهر بين الشيعة ووردت به روايات كثيرة فلا اشكال في استحبابه. وعلى هذا الاساس لم يتعقب الرواية المحقق الاوحد الاشتيانى في حاشيته على رسائل المحقق الانصاري ص 26 ج 1 والعلامة اليقد الحاج ميرزا موسى التبريزي في (اوثق الوسائل) عند ذكر اخبار العفو عن المعصية وقد اوقفنا الخبرة الصادقة على مكانة هؤلاء الاعلام ومن هذا حذوهم من العلماء في العلم والتقوى تورعا عن ورطة الابتداع في الدين فارسالهم القول بذلك يرشدنا الى ثبوته في الشريعة. فلا يكون من التشريع المحرم اظهار التعيد وفعل تلك الآثار التي اشرنا إليها من الغسل والانفاق والتطيب وليس الجديد ولو بقصد الورود من الشارع أما لذلك النص الخاص أو لفتاوي العلماء الاعلام المؤيدة بالاخبار الصحيحة ففي الكافي للكليني عن الباقر (ع) من بلغه ثواب على عمل فعمل ذلك العمل التماسا لذلك الثواب اوتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه وفي ثواب الاعمال للصدوق وان كان رسول الله لم يقله وفى عدة الداعي لابن فهد وان لم يكن الامر كما فعل. وروى مثل ذلك الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 8 ص 296 عن جابر الانصاري عن رسول الله (ص) ومن هذا يظهر للقارئ المتأمل ان التعيد في اليوم التاسع للسر المكنون

[ 49 ]

الحرمة فقال صلى الله عليه وآله وسلم يا حذيفة جبت من المنافقين يترأس عليهم ويستعمل في أمتي الرياء ويدعوهم الى نفسه ويحمل على عاتقه درة الحزى ويصد عن سبيل الله ويحرف كتابه ويغير سنتي ويشتمل على ارث ولدي وينصب نفسه علما ويتطاول علي من بعدي ويستحل اموال الله من غير حله وينفقها في غير طاعته ويكذب أخي ووزيري وينحى ابنتي عن حقها فتدعو الله عليه ويستجيب دعائها في مثل هذا اليوم. قال: حذيفة فقلت يا رسول الله فلم لا تدعو الله ربك عليه ليهلكه في حياتك فقال يا حذيفة لا احب ان اجترا على قضاء الله تعالى لما قد سبق في علمه لكني سألت الله ان يجعل اليوم الذي يقبض فيه له فضيلة على سائر


- التي تطابقت كلمات العلماء عليه لا ما قيل في وجه التعيد ان الخلافة الآلهية انتقلت فيه الى الامام المنتظر عجل الله فرجه لبطلانه (اولا) انه متوقف ذلك على ثبوته في الواقع ولم يحصل القطع بوفاة العسكري (ع) في الثامن من ربيع الاول لتنتقل الخلافة الى ولده في التاسع فان العلماء ذكروا اقوالا في وفاة العسكري ففي المصباح للكفعمي ومصباح المتهجد للشيخ الطوسى انه توفى اول ربيع الاول وقيل في الرابع منه وفى اثبات الوصية ص 216 نجف مضى في شهر ربيع الاخر وفى تاريخ ابن خلكان قيل في ثامن جمادى الاول ومع هذا الاختلاف كيف يحصل الجزم بوفاة العسكري في الثامن لتكون التهنئة للحجة المنتظر (ع) في التاسع (وثانيا) ان هذه التهنئة لا تختص بالامام المهدي (ع) بل ينبغي التعيد عند استخلاف كل امام بعد مضي الذي قبله ولم يذكر احد من العلماء القول بالتعيد في الثاني والعشرين من شهر رمضان لاستخلاف الحسن (ع) وفي الثامن من صفر لاستخلاف الحسين وفى الحادي عشر من المحرم لاستخلاف السجاد (ع) الى غيرهم ولم ترد رواية بذلك ولا افتى به عالم من الشيعة ولا وصل الينا ان احدا من اولاد الائمة اتخذ يوما من تلك الايام عيدا وهم في الامامة والفضيلة شرع سواء -

[ 50 ]

الايام ليكون ذلك سنة يستن بها احبائي وشيعة اهل بيتي ومحبوهم فأوحى الي جل ذكره ان يا محمد كان في سابق علمي ان تمسك واهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي الذين نصحتهم وخانوك ومحضتهم وغشوك وصافيتهم وكاشحوك وصدقتهم وكذبوك وانجيتهم واسلموك فانا آليت بحولي وقوتي وسلطاني لافتحن على روح من يغصب


- (وثانيا) ان الخلافة تنتقل الى الامام الحي في اليوم الذي يقبض فيه ابوه وفيما نحن فيه يكون استخلاف الحجة في اليوم الثامن لا التاسع فالتهنئة والتعيد المفروض يكون في الثامن ولكن لما كان يوم الوفاة وما بعده يوم عزاء ومصيبة بارتحال ولي الله تعالى لم يكن من المناسب جدا اظهار المسرة واجراء مراسم الفرح في ذلك اليوم وما بعده. فالمتحتم إذا ان يكون سبب التعيد في اليوم التاسع من ربيع الاول ما عبر به المجلسي وغيره من السر المصون وقد ارشدت فتاوى العلماء الاعلام الى استحباب التعيد فيه مدعومة بالنص المحفوظ في تلك الكتب التي ذكرناها. ثم ان هنا شئ يجب الالتفات إليه وهو ان التعيد في هذا اليوم كان مشهورا بين الشيعة قبل السبعمائة ولذا تكلف (ابن طاووس) الذي هو من علماء القرن السابع لصرف التعيد الى جهة استخلاف الحجة (ع) وحينئذ يسأل عن الوجه الباعث لهم الى التعيد في خصوص التاسع لا قبله ولا بعده فهل كان هذا عبثا منهم أو ان المنشأ ما اشار إليه العلماء من تلك النكته وان الواقف على احوال العلماء بحزم بانهم لا يقدمون على الالتزام بحكم ويسندونه الى الشريعة تشهيا وعبثا حتى لو لم نجد لفتواهم مصدرا ظاهرا وثوقا، بتورعهم عن شبهة البدعة التي لا تقال عثرتها ولعل هناك اسرار لم تصل الينا وقد افاد شيخ المحققين الشيخ اسد الله الكاظمي في (كشف القناع (ص 230 الوجه في جملة من الاحكام التي التزم بها الشيعة ولم يعرف لها مستند ظاهر.

[ 51 ]

بعدك عليا حقه الف باب من النيران من اسفل الفيلوق ولأصلينه واصحابه قعرا يشرف عليه ابليس فيلعنه ولاجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الانبياء واعداء الدين في المحشر ولا حشرنهم واوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين الى نار جهنم زرقا كالحين اذلة خزايا نادمين ولا خلدنهم فيها ابد الابدين يا محمد لن يرافقك وصيك في منزلتك الا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجتري علي ويبدل كلامي ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي وينصب نفسه عجلا لامتك ويكفر بي في عرشي اني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم ان يتعيدوا في هذا اليوم الذي اقبضه فيه الي وامرتهم ان ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم وأمرت الكرام الكانبين ان يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة ايام (1) من ذلك اليوم


(1) ظاهر هذا الحديث وما ورد مثله (من يوم الغدير الى ثلاثة ايام) بمقتضى الدلالة اللفظية عدم كتابة السيئات وفيهما اشكال من ناحيتين (الاولى) عدم التئامهما مع اخبار الوعيد على مخالفة التكاليف الواجبة والمحرمة (والثانية) عدم صحة اظهار هذا العفو وابرازه للمكلفين لما فيه من الجرأة والتمرد على مخالفة المولى الحكيم (ويجاب عن الاولى) بالجمع بين الحديثين وبين اخبار الوعيد بالتصرف في ظاهر الحديثين بحملها على مجرد قصد المعصية من دون تحققها في الخارج وما ورد عن ابي جعفر الباقر عليه السلام يشهد لهذا الجمع فانه قال عليه السلام لو كانت النيات من اهل الفسوق يؤخذ بها اهلها لأخذ كل من نوى الزنا بالزنا ومن نوى السرقة بالسرقة ومن نوى القتل بالقتل ولكن الله عدل كريم ليس الجور من شأنه يثيب على نيات الخير اهلها ولا يؤاخذ اهل الفسوق حتى يفعلوها أو يحمل الحديثان على غير المحرم ومما فيه العتاب. وانما تصرفنا في الحديثين لكون اخبار الوعيد غير قابلة للتأويل (والجواب عن الناحية الثانية) بان المصلحة إذا اقتضت اظهار العفو -

[ 52 ]

لا يكتبون شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك يا محمد اني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولاهل بيتك ولمن تبعهم من شيعتهم وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لاحبون من يعيد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين في اقربائه وذوي رحمه ولازيدن في ماله ان وسع على نفسه وعياله فيه ولا عتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم الفا من مواليكم وشيعتكم ولا جعلن سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا واعمالهم مقبولة. قال: حذيفة ثم قام رسول الله صلى الله عليه واله الى ام سلمة فدخل ورجعت عنه وانا غير شاك في امر الشيخ حتى ترأس


- فليس فيه قبحوان فرض اطلاع من لا يبالي بالعصيان على العفو لان هذا العلم حصل لهم بسبب تقصير الرواة المتحملين لهذا الحديث وامثاله فاذاعوه وكان عليهم ان لا يظهروه الالمن يوثق به من اصحابهم والائمة من آل الرسول (ع) انما اطلعوا هؤلاء من اصحابهم للوثوق بانهم لم يتجرأوا على مخالفة المولى الحكيم غير ان طهارة نفوسهم من ناحية وحسن ظنهم بالناس ثانيا لم يسدا عليهم باب الاذاعة فاظهروا مثل هذا العفو لغيرهم واتخذ الجاهلون المقصرون وسيلة لعمل القبائح وجوزوا على الشارع المقدس الترخيص في المعاصي تعالى عن ذلك قدس الشريعة. ثم لا يخفى على القارئ الفطن ان العفو في (الايام الثلاثة) لا يشمل الاعتداء على حقوق الناس الخاصة والمشتركة بينهم وبين الله سبحانه كالزكاة والخمس ونحوهما فان الافلاع عنها لا يحصل الا بارجاع الحقوق الى اهلها أو الاقتصاص من الفاعل أو بالرضا ممن تعدي عليه وعفو المولى الحكيم تعالت الآؤه عن ذلك لا أثر له لان التعدي لم يكن على جلالة قدسه وانما هو جرأة على المؤمن أو المعاهد المحترم دمه وماله وعرضه نعم في الحقوق الراجعة إليه جل شأنه فقط لا مانع من العفو عنها تفضلا منه وحنانا على عبيده بعد صدورها منهم. وما ورد من الادلة على تكفير الذنب بالتوبة وبالحج وبجملة من -

[ 53 ]

بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم واعاد الكفر وارتد عن الدين وشمر للملك وحرف القرآن واحرق بيت الوحي وابدع السنن وغير الملة وبدل السنة ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام وكذب فاطمة عليها السلام واغتصب فدكا وارضى المجوس واليهود والنصارى واسخط قرة عين المصطفى ولم يرضهم وغير السنن كلها ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام واظهر الجور وحرم ما احل الله واحل ما حرم الله والقى الى الناس ان يتخذوا من جلود الابل دنانير ولطم حروجه الزكية وصعد منبر الرسول صلى الله عليه واله غصبا وظلما وافترى على أمير المؤمنين (ع)


- الواجبات والمستحبات وبزيارة سيد الشهداء والأئمة عليهم السلام والبكاء عليهم مختص بالحقوق الراجعة الى الله سبحانه والوجه في ذلك ان مخالفة التكاليف والطغيان على حقوق الله سبحانه ليست من قبيل ان مخالفة لاستحقاق العقاب على نحو لا يتخلف المعلول عن علته التامة والا لانسد باب الشفاعة والتوبة وامثالها أو تفضل المولى الجليل عز شأنه فلا يؤثر ومن هذا القبيل نقول في الآية المباركة (وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا (فانه بعد ثبوت الشفاعة وغيرها من موانع العقاب يكون المراد منها ان الذنب بمقتضى طبعه يوجب ورود النار وهو أمر محتم لكن لما ثبتت في الشريعة تلك الموانع فبعد تحققها لا يكون ذلك المقتضى مؤثرا وعلى هذا الاساس يظهر لنا معنى قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزأوه جهنما خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما (فان القاتل لو وفق للممات على ولاية الأئمة الطاهرين يحشر بسبب ذلك تحت لوائهم وقد دلت الاحاديث على شفاعتهم لمن مات على ولايتهم والتزامهم عليهم السلام بارضاء المظلومين فان الامام (ع) يقول (ومن كان للناس على شيعتنا من الحق مشينا إليهم فارضيناهم ومازلنا نزيدهم حتى نرضيهم)

[ 54 ]

وعانده وسفه رأيه. قال: حذيفه فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق واجري قتله على يد قاتله رمه الله فدخلت على أمير المؤمنين (ع) لاهنئه بقتله ورجوعه الى دار الانتقام فقال لي يا حذيفة اتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله (ص) وانا وسبطاه نأكل معه فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه قلت بلى يا اخا رسول الله فقال هو والله هذا اليوم الذى اقر الله به عين آل الرسول واني لاعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما. قال: حذيفة فقلت يا أمير المؤمنين احب ان تسمعني اسماء هذا اليوم فقال عليه السلام هذا يوم الاستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم العيد الثاني ويوم خط الاوزار، ويوم الخيرة، ويوم رفع القلم، ويوم الهدو، ويوم العافية، ويوم البركة، ويوم الثار، ويوم عيد الله الاكبر، ويوم اجابة الدعاء، ويوم الموقف الاعظم، ويوم التوافي، ويوم الشرط، ويوم نزع السواد، ويوم ندامة الظالم، ويوم انكسار الشوكة، ويوم نفي الهموم، ويوم القنوع، ويوم عرض القدرة، ويوم التصفح، ويوم فرح الشيعة،


- فيكون معنى الآية ان قتل المؤمن إذا كان عن عمد له اقتضاء التأير بالخلود في النار لكنه ما لم يصادفه المانع مثل الشفاعة وارضاء المظلومين واسقاط حقوقهم لاجل الائمة المعصومين عليهم السلام. ولكن لا يغتر العبد بذلك فيتعدى على حقوق المولى الجليل عز شأنه أو يتعدى على العباد فلقد ورد عن اهل البيت (ع) ان اصغر الذنوب يحول حائل عند الممات فلا يتوفق للممات على ولايتهم ومن لا تكون عاقبته حسنة عند الموت يكون من الخاسرين الهالكين ومن ذا الذى يؤمن العبد المجترع للسيئات القترف للاثام الظالم لحقوق العباد من وخامة العاقبة هذا ما ادى إليه الفكر القاصر والعلم باسرار التكاليف الآلهية عند مشرعها الاقدس ومن اودع عندهم هذه الاسرار حملة الوحي الالهي صلوات الله عليهم اجمعين.

[ 55 ]

ويوم التوبة، ويوم الانابة، ويوم الزكاة العظمى، ويوم الفطر الثاني، ويوم سيل الشعاب، ويوم تجرع الدقيق، ويوم الرضا، ويوم عيد اهل البيت، ويوم ظفر بني اسرائيل، ويوم قبول الاعمال، ويوم تقديم الصدقة، ويوم الزيارة، ويوم قتل النفاق، ويوم الوقت المعلوم، ويوم سرور اهل البيت، ويوم الشهود، ويوم القهر للعدو، ويوم هدم الضلالة، ويوم التنبية، ويوم التصريد، ويوم الشهادة، ويوم التجاوز عن المؤمنين ويوم الزهرة، ويوم التعريف، ويوم الاستطابة، ويوم الذهاب، ويوم التشديد، ويوم ابتهاج المؤمن، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويوم قبول الاعمال، ويوم التبجيل، ويوم اذاعة السر، ويوم النصرة، ويوم زيادة الفتح، ويوم التودد، ويوم المفاكهة، ويوم الوصول، ويوم التذكية، ويوم كشف البدع، ويوم الزهد، ويوم الورع ويوم الموعظة، ويوم العبادة، ويوم الاستسلام، ويوم السلم، ويوم النحر، ويوم البقر. قالا: حذيفة فقمت من عنده وقلت في نفسي لو لم ادرك من افعال الخير وما ارجو به الثواب الا فضل هذا اليوم لكان مناى. قال: محمد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح فقام كل واحد منا وقبل راس أحمد بن اسحاق بن سعيد القمي وقلنا له الحمد لله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم. ثم رجعنا عنه وتعيدنا في ذلك. فهذا الحديث الشريف فيه دلالة وتنبيه على كون هذا الشخص من اكبر المنافقين واعظمهم معاداة لآل محمد عليهم السلام وشنأنا وبغضا بنص رسول الله ونص وصية صلوات الله عليهما وشهادة حذيفة بن اليمان الذي قال فيه رسول الله (ص) اعرفكم بالمنافقين حذيفة بن اليمان بسبب رؤيته اياهم ومعرفته بهم ليلة العقبة والدباب التي دحر جوها لتنفير ناقة النبي (ص) وقتله فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب وهذا الفعل منهم يشهد بنفاقهم وكفرهم ويصرح بما قلناه فيهم ويؤيد هذا الحديث الذي ذكرناه عن مولانا علي بن محمد الهادي (ع) وكيف لا نصدر


[ 56 ]

هذه الامور الفظيعه الشنيعة عنه وقد اجمعت الشيعة الامامية على انه ولد زنا وقد روى في الحديث ان ولد الزنا لا ينجب وهو يعم ولد الزنا في سائر الازمنة ولا يخصه في زمن دون زمن لانه قد روى عنهم عليهم السلام ان علامة ولد الزنا بغضنا اهل البيت ومبغض اهل البيت كافر يلحقه هذا الاسم وهذه الصفة في كل احواله وطول عمره ولا ينفك عن بغضهم مادام يسمى ولد زنا فثبت بما قلناه كفره باطنا وكونه في اظهار الاسلام منافقا وإذا ثبت انه كان منافقا فصاحبه كذلك لعدم القائل بالفرق ولا يجوز احداث قول ثالث بغير دليل ولو لم يكن منهما الا الامر باحراق بيت فيه فاطمة وعلي والحسن والحسين الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وجعل نفس علي نفس محمد في آية المباهلة وجعل فاطمة بضعة من النبي (ص) يؤذيه ما يؤذيها وجعل الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة وسائر اهل الجنة شباب من نبي ووصي ومؤمن وجعلها زينة عرش الله تعالى فلما صح انهما هما باحراق هذا البيت الشريف على من فيه علمنا انهما انتهيا الى غاية من الكفر والنفاق ليس ورائها منتهى. وروي محمد بن الحسن الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) باسناده عن يزيد الكناسي عن ابي جعفر (ع) قال: لما كان رسول الله (ص) في الغار ومعه أبو الفضل قال: رسول الله (ص) اني لانظر الان الى جعفر واصحابه تعوم بهم سفينتهم في البحر واني انظر الى رهط من الانصار في مجالسهم محتبين باقبيتهم فقال له أبو الفصيل اتراهم يا رسول الله الساعة قال نعم فقال ارينهم فمسح رسول الله (ص) على عينيه وقال انظر فنظر فراهم فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ارايتهم قال نعم واسر في نفسه انه ساحر وروي باسناده فيه عن خالد بن تجيح قال: قلت لابي عبد الله (ع) جعلت فداك سمي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أبا بكر الصديق قال نعم قلت فكيف قال حين كان معه في الغار قال رسول الله (ص)


[ 57 ]

اني لارى سفينة جعفر تضطرب في البحر ضالة فقال يا رسول الله وانك لتراها قال نعم قال افتقدر ان ترينها قال ادن مني فدنا منه فمسح على عينيه ثم قال انظر فنظر أبو بكر فراى السفينة وهي تضطرب في البحر ثم نظر الى قصور اهل المدينة فقال في نفسه الآن صدقت انك ساحر فقال رسول الله الصديق انت. ومما يدل على نفاقهما وكفرهما في حياة رسول الله (ص) ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن ابي بصير قال بينا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ذات يوم جالس إذا قبل أمير المؤمنين (ع) فقال له رسول الله صلى عليه واله وسلم ان فيك شبها من عيسى بن مريم ولو لا ان تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لاتمر بملأ من الناس الا اخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال فغضب الاعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم وقالوا اما رضى ان يضرب لابن عمه مثلا الا عيسى بن مريم فانزل الله على نبيه ولما ضرب ابن مريم مثلا الى اخر الآية. وروى باسناده فيه عن يونس بن صهيب عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعت أبا جعفر (ع)، قال ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اقبل يقول لابي بكر في الغار وقد اخذته الرعدة اسكن فان الله معنا وهو لا يسكن فلما رأى حاله قال له اتريد ان اريك اصحابي من الانصار في مجالسهم ونظر الى جعفر واصحابه يعومون في البحر فاضمر في تلك الساعة انه سحر. وروى باسناده فيه عن سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن (ع) يقول في قوله تعالى (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) يعنى فلانا وفلانا وابا عبيدة بن الجراح. وروي باسناده فيه عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث طويل


[ 58 ]

يذكر فيه مهاجرة النبي صلى الله عليه واله وسلم الى المدينة وانتظاره أمير المؤمنين (بقباء) حتى قدم عليه قال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين (ع) جعلت فداك كان أبو بكر مع رسول الله (ص) حين اقبل الى المدينة فاين فارقه فقال له لما قدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى (قباء) ونزل باهلها ينتظر قدوم علي عليه السلام قال له أبو بكر انهض بنا الى المدينة فان القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون اقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر عليا فما اظنه يقدم عليك الى شهر فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلا ما اسرعه ولست اريم حتى يقدم ابن عمي وأخي واحب أهل بيتي الي قد وقاني بنفسه من المشركين فغضب أبو بكر من ذلك واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي عليه السلام وكان ذلك اول عداوة بدت منه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم في علي (ع) واول خلاف لرسول الله (ص) ثم انطلق فدخل المدينة وتخلف رسول الله صلى الله عليه واله (بقبا) ينتظر عليا عليه السلام الى اخر الحديث وروي أبان بن ابى عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل قال فيه ولقد قال لاصحابه الاربعة اصحاب الكتاب الرأي والله ان ندفع محمدا برمته ونسلم وذلك حين جاء العدو من فوقنا ومن تحتنا كما قال الله تعالى (وزلزلوا زلزالا شديدا وظنوا بالله الظنونا وقال المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا) فقال صاحبه لا ولكن نتخذ صنما ونعبده لانا لا نأمن ان يظفر ابن ابي كبشة فيكون هلاكنا ولكن يكون هذا الصنم ذخرا لنا فان ظهرت قريش اظهرنا عبادة هذا الصنم واعلمناهم انا كنا لم نفارق ديننا وان رجعت دولة ابن ابى كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا فنزل جبرئيل (ع) فاخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم اخبرني به رسول الله بعد قتلي ابن عبد ود ودعاهما فقال كم صنم عبدتما في الجاهلية فقالا يا محمد لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية فقال (ص) كم صنم تعبدان يومكما هذا فقالا والذي


[ 59 ]

بعثك بالحق نبيا ما نعبد الا الله منذ اظهرنا لك من دينك ما اظهرنا فقال لي يا علي خذ هذا السيف وانطلق الى موضع كذا وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه واهشمه فان حال بينك وبينه احد فاضرب عنقه فانكبا على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقالا استرنا سترك الله فقلت انا لهما اضمنا لله ولرسوله ان لا تعبدا الا الله ولا تشركا به شيئا فعاهدا رسول الله (ص) على ذلك وانطلقت حتى استخرجت الصنم فكسرت وجهه ويديه وجذمت رجليه ثم انصرفت الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فوالله لقد عرف ذلك منهما في وجوههما علي وساق الحديث الى اخره. وروي أبان عن سليم ايضا بتلك الرواية قال سليم شهدت أبا ذر يوم الربدة حين سيره عثمان اوصى الى علي عليه السلام في اهله وماله فقال له قائل لو كنت اوصيت الى أمير المؤمنين فقال قد اوصيت الى أمير المؤمنين حقا فقد سلمنا عليه بامرة المؤمنين على عهد رسول الله (ص) بامر رسول الله (ص) إذ قال لنا سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي بامرة المؤمنين فانه رب الارض الذي تسكن إليه ولو قذفتموه، انكرتم الارض واهلها فرأيت عجل هذه الامة وسامريها راجعا رسول الله (ص) فقالا بامر من الله ورسوله فغضب رسول الله وقال بحق من الله ورسوله امرني بذلك فلما سلما عليه اقبلا على اصحابهما سالم وابي عبيدة بعدما خرجا من بيت علي (ع) بعد ما سلما عليه فقالا لهما ما يزال هذا الرجل يرفع خسيسة ابن عمه فقال احدهما إذا يحسن امر ابن عمه ثم قال الجميع ما لنا عنده خير ما بقى ابن عمه قال فقلت يا أبا ذر هذا التسليم قبل حجة الوداع أو بعدها فقال اما التسليمة الاولى فقبل حجة الوداع واما التسليمة الاخرى فبعد حجة الوداع فقلت فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت قال في حجة الوداع قلت فاخبرني اصلحك الله عن الاثنى عشر اصحاب العقبة المتلثمين الذين ارادوا ان ينفروا برسول الله صلى الله عليه واله ناقته ومتى كان ذلك قال بغدير خم مقبل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم


[ 60 ]

من حجة الوداع قلت اصلحك الله اتعرفهم قال أي والله اعرفهم كلهم قلت من اين تعرفهم وقد اسرهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى حذيفة قال ان عمار بن ياسر كان قائدا وحذيفة سائقا فامر حذيفة بالكتمان ولم يأمر بذلك عمارا قلت فسمهم لي قال خمسة اصحاب الصحيفة وخمسة اصحاب الشورى وعمرو بن العاص ومعاوية. وروى أبان عن سليم بن قيس عن سلمان الفارسي في حديث طويل يقول فيه ولما انتهى بعلي عليه السلام الى ابي بكر انتهره عمر وقال بايع ود عنك هذه الاباطيل فقال له على عليه السلام فان لم افعل فما انتم صانعون قالوا نقتلك ذلا وصغارا قال إذا تقتلون عبد الله واخا رسوله فقال أبو بكر اما عبد الله فنعم واما اخا رسوله فلا نقر لك بهذا فقال اتجحدون ان رسول الله آخى بيني وبينه قالوا نعم نجحدها فاعادها ثلاث مرات ثم اقبل علي (ع) فقال يا معاشر المسلمين المهاجرين والانصار انشدكم الله تعالى اسمعتم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول يوم غدير خم كذا وكذا ويقول يوم غزاة تبوك كذا وكذا فلم يدع علي شيئا قاله رسول الله (ص) له علانية للعامة الا ذكره وذكرهم به فقالوا نعم فلما تخوف أبو بكر ان ينصره الناس وان يمنعوه بادرهم وقال له كلما قلته حق قد سمعته اذننا ووعته قلوبنا ولكن قد سمعت رسول الله (ص) بعد هذا يقول انا اهل بيت اصطفانا الله واختار لنا الاخرة على الدنيا وان الله لم يكن ليجمع لنا اهل البيت النبوة والخلافة فقال علي هل احد من اصحاب رسول الله يشهد بهذا معك فقال عمر صدق خليفة رسول الله قد سمعت منه كما قال: وقال أبو عبيدة وسالم مولى حذيفة ومعاذ بن جبل قد سمعنا ذلك من رسول الله فقال علي عليه السلام قد وفيتم بصحيفتكم التي تعاقدتم عليها في الكعبة ان قتل الله محمدا أو مات لتزوون عنا اهل البيت هذا الامر فقال له أبو بكر فما علمك بذلك اطلعناك عليها فقال على (ع) انت يا زبير وانت يا سلمان وانت يا أبا ذر وانت يا مقداد اسألكم


[ 61 ]

بالله والاسلام اسمعتم رسول الله (ص) يقول ذلك وانتم تسمعون ان فلانا وفلانا الخمسة تعاهدوا وكتبوا بينهم كتابا وتعاقدوا على مإ صنعوا فقالوا اللهم نعم قد سمعنا رسول الله (ص) يقول انهم قد تعاهدوا وتعاقدوا ايمانا على ما صنعوا فكتبوا بينهم كتابا ان قتلت أو مت لزووا عنك هذا الآمر يا علي فقلت انت له بابي انت يا رسول الله فما تأمرني ان افعل إذا كان ذلك فقال (ص) ان وجدت اعوانا عليهم فجاهدهم ونابذهم وان لم تجد اعوانا فبايع واحقن دمك الى اخر الحديث. ومما يدل على ما قلناه من انهما كانا منافقين غير مؤمنين ما سمع من قنوت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهو هذا :

للهم العن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وافكيهما وابنتيهما اللذين خالفا امرك وانكرا وحيك وجحدا انعامك وفصيا رسولك وقلبا دينك وحرما كتابك وعطلا احكامك وابطلا فرائضك والحدا في اياتك وعاديا اوليائك وواليا اعدائك وخربا بلادك وافسدا عبادك اللهم العنهما واتباعهما واشياعهما ومحبيهما اللهم العنهم بعدد كل منكر اتوه وحق اخفوه ومنبر علوه ومؤمن آذوه ومناق ولوه، ولي عزلوه وطريد آووه وصادق طردوه وامام قهروه وفرض غيروه واثرا نكروه وشر آثروه ودم اراقوه وخبر بدلوه وكفر نصبوه وحكم فلبوه وارث غضبوه وفي اقتطعوه وسحت اكلوه وخمس استحلوه وباطل اسسوه وجور بسطوه ونفاق اسروه وغدر اضمروه وظلم نشروه ووعدا خلفوه وامان خانوه وعهد نقضوه وحلال حرموه وحرام احلوه وبه ان فتقوه وضلع دقوه وصك مزقوه وشمل بددوه وعزيز اذلوه وذليل اعزوه وحق منعوه وكذب دلسوه، اللهم العنهم بعدد كل آية حرفوها وفريضة تركوها وسنة غيروها واحكام عطلوها ورسوم قطعوها ووصية ضيعوها وبيعة نكثوها ودعوى ابطلوها وبينة انكروها وحيلة احدثوها وخيانة اوردوها وعقبة ارتقوها ودباب دحرجوها وازياف لزموها وشهادات كتموها، اللهم العنهم في مستسر


[ 62 ]

السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا ابدا دائما سرمدا لا انقطاع لعدده ولا نفاد لمدده لعنا يعود اوله ولا ينقطع اخره لهم ولانصارهم ولا عوانهم ولمحبيهم ومواليهم المائلين إليهم والناهظين باجنحتهم والمقتدين بكلامهم والمصدقين باحكامهم فكان عليه السلام يقنت به ثم يقول اربع مرات اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه اهل النار في النار امين رب العالمين

ومن كتاب التفسر المنقول برواية محمد بن بابويه عن رجاله عن الامام الحسن العسكري عليه السلام في قوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين) قال الامام الحسن قال موسى بن جعفر عليهم السلام ان رسول الله (ص) لما وقف بامير المؤمنين (ع) في يوم الغدير موقفه المعروف المشهور قال يا عباد الله انسبوني فقالوا انت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن مناف فقال ايها الناس الست اولى بكم من انفسكم قالوا بلى يا رسول الله فنظر الى السماء وقال اللهم اشهد يقول هو ذلك ويقولونه ثلاثا ثم قال الا من كنت مولاه واولى به فهذا مولاه واولى به اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ثم قال (ص) قم يا أبا بكر فبايع له بامرة المؤمنين ففعل ثم قال صلى الله عليه واله بعد ذلك لتمام تسعة نفر ثم لرؤساء المهاجرين والانصار فبايعوا كلهم فقام من بين جماتهم عمر بن الخطاب فقال بخ بخ لك يابن ابي طالب اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ثم تفرقوا عن ذلك وقد اكدت عليهم العهود والمواثيق. ثم ان قوما من مردتهم وجبابرتهم تواطؤا بينهم لئن كانت لمحمد كائنة لندفعن هذا الامر عن علي ولا نتركه له فعلم الله تعالى ما في قلوبهم وكانوا ياتون رسول الله (ص) فيقولون له لقد اقمت عليا احب خلق الله الى الله واليك والينا وكفيتنا فيه مونة الظلمة والجبارين في سياستنا وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك ومن مواطأة بعضهم لبعض وانهم


[ 63 ]

على العداوة مقيمون ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون فاخبر سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه واله وسلم عنهم فقال يا محمد ومن الناس من يقول آمنا بالله الذي امرك بنصب علي اماما وسائسا لامتك ومدبرا وما هم بمؤمنين بذلك لكنهم متواطؤن على هلاككم وهلاكه وموطنون انفسهم على التمرد ان كانت بك كائنة الى قوله تعالى (يخادعون الله) الآية. قال: موسى بن جعفر عليه السلام فاتصل ذلك من مواطاتهم وقيامهم في علي عليه السلام وسوء تدبيرهم عليه برسول الله صلى الله عليه واله وسلم فدعاهم وعاتبهم فاجتهدوا بالايمان. فقال: اولهم يا رسول الله ما اعتددت بشئ كاعتدادي بهذه البيعة ولقد رجوت ان يفسح الله لي بها في قصور الجنان ويجعلني بها افضل النرال والسكان وقال: ثانيهم بابي انت وامي ما وثقت بدخول الجنة والنجاة من النار الا بذه البيعة والله ما يسرني ان نقضت أو نكثت بعد ما اعطيت من نفسي وان لي طلاع ما بين الثرى الى العرش لئالي رطبة وجواهر فاخرة. وقال: ثالثهم يا رسول الله لقد صرت من الفرح بهذه البيعة والسرور والفسخ من الامال في رضوان الله ما تيقنت ان لو كانت ذنوب أهل الارض كلها في عنقي لمحصت عني هذه البيعة وحلف انه ما قال ذلك ولعن من بلغ عند رسول الله بعد ما حلف ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم من الرجال المتهمين فقال الله عزوجل يخادعون الله ويخادعون رسول الله (ص) بابدائهم خلاف ما في جوانحهم ويخادعون الذين آمنوا الذين سيدهم وفاضلهم علي بن ابي طالب عليه السلام ثم قال (وما يخدعون الا انفسهم) اي ما يضرون بتلك الخديعة الا انفسهم فان الله غنى عنهم وعن نصرتهم لولا انهاء الامام ما قد روا على شئ من فجورهم وطغيانهم وما يشعرون ان الامر كذلك وان الله يطلع نبيه على نفاقهم وكفرهم وكذبهم ويامره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين وذلك انهم لا يفارقهم في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله وفى الاخرة يبتلون بشدائد عذاب الله.


[ 64 ]

ومن التفسير الشريف المذكور ايضا في قوله تعالى (وإذا القوا الذين امنوا قالوا امنا) الى اخر الآيتين. قال: قال موسى الكاظم صلوات الله عليه وإذا لقي هؤلاء الناكثون البيعة المتواطؤن على مخالفته عليه السلام بدفع الامر عنه قالوا امنا كايمانكم وإذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمارا قالوا امنا بمحمد وسلمنا له بيعة علي لتفضيله وانفذنا لامره كما امنتم، أي إذا لقى اولهم وثانيهم وثالثهم الى تاسعهم وربما كانوا بلتقون في بعض طرقهم مع سلمان واصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا هؤلاء اصحاب الساحر والاهوج يعنون محمدا وعليا عليهما السلام ثم يقول بعضهم لبع احترزوا منهم لا يقفون على فلتات كلامكم في كفر محمد فيما قاله في على فينمون عليكم ويكون فيه هلاككم فيقول اولهم انظروا الي كيف اسخر منهم واكف عاديتهم عنكم فإذا التقوا قال اولهم مرحبا بسلمان ابن الاسلام الذي قال فيه محمد سيد الانام لو كان الدين معلقا بالثريا لتناولته رجال من ابناء فارس هذا افضلهم يعينك وقال فيه سلمان منا اهل البيت وكذلك يخاطب كل واحد واحد بما قال فيه الرسول صلوات الله عليه واله وسلم من المدح له والثناء عليه. وساق الحديث الى ان قال فيقول الاول لاصحابه كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء وكيف كففت عنكم وعني عاديتهم فيقولون لا نزال بخير ما عشت لنا فيقول فهكذا فلنكن مجاملتكم لهم الى ان تتهزوا الفرصة فيهم فان اللبيب العاقل من تجرع الغصة حتى ينال الفرصة، ثم يعودون الى اخدانهم من المتردين والمنافقين والمشاركين في تكذيب رسول الله (ص) فيما اداه إليهم عن الله تبارك وتعالى من ذكر أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه اماما على كافة المكلفين فإذا حضروهم (قالوا انا معكم) على ما واطأناكم عليه من دفع هذا الامر ان كانت بمحمد كائنة قلا يغرركم ويهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترون ما نجترئ عليه من مداراتهم (فانما نحن مستهزؤن) ثم ذكر تفسير الآيتين الى اخره.


[ 65 ]

ومن كتاب الخصال لمحمد بن بابويه رحمه الله باسناده الى ابي مالك الجهني قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ثلاثة لا يكلمهم الله تعالى يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم، من ادعى اماما وليس امامته من الله تعالى ومن جحد اماما امامته من الله تعالى ومن زعم ان لهما في الاسلام نصيب. ومنه ايضا عن ابي عبد الله عليه السلام قال لما نزلت ولاية على (ع) قال رجلان من الناس والله ما هذا من تلقاء الله ولكنه اراد ان يشرف ابن عمه فانزل الله تعالى (ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين وانه لتذكرة للمتقين) يعنى به عليا عليه السلام (وانا لعلم ان منكم مكذبين) يعنى به الرجلين اللذين قالا (وانه لحسرة على الكافرين) يعنى به عليا عليه السلام (وانه لحق اليقين) يعنى به ولاية علي (ع) (فسبح باسم ربك العظيم) ومنه ايضا عن الصادق عليه السلام قال لما كان من ابى بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن ابي طالب عليه السلام ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه الانقباض فكبر ذلك على ابي بكر فاحب لقائه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه مما اجتمع الناس عليه وتقليدهم اياه امر الخلافة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه فاتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة فقال له يا أبا الحسن والله ما هذا الامر مواطأة مني ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا له ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الامة ولا قوة لي بمالي ولا كثرة عشيرتي ولا استبراز لي دون غيري فمالك تضمر علي ما لم استحقه منك وتظهر لي الكراهة فيما صرت وتنظر الي بعين السامة مني فقال له علي عليه السلام فما حملك عليه ان لم تكن رغبت فيه ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه. وساق الحديث الى ان ذكر ما احتج به أمير المؤمنين عليه مما لا يستطيع انكاره ولا التكذيب به ولم يزل يعدد له مناقبه التي جعلها الله سبحانه


[ 66 ]

له دونه ودون غيره فيقول له أبو بكر بهذا وشبهه تستحق القيام بامور امة محمد فقال له علي عليه السلام فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وانت خلو مما يحتاج إليه اهل دينه فبكى أبو بكر وقال صدقت يا أبا الحسن انظرني يومي هذا فادبر ما انا فيه وما سمعته منك فقال له علي عليه السلام لك ذلك فرجع من عنده وخلا بنفسه يومه ولم يأذن لاحد الى الليل وعمر يتردد في الناس لما بلغه خلوته بعلي عليه السلام فبات أبو بكر في ليلته فرأى في منامه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم متمثلا له في مجلسه فقام إليه ليسلم عليه فولي بوجهه عنه فقال يا رسول الله هل أمرت بامر فلم افعل فقال (ص) ارد السلام عليك وقد عاديت من والاء الله ورسوله رد الحق الى اهله قال من اهله قال من عاتبك عليه وهو علي قال فقد رددته إليه يا رسول الله بامرك فبكر مصبحا وقال لعلي (ع) ابسط يدك فبايعه وسلم إليه الامر وقال له نخرج الى مسجد رسول الله (ص) فاخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى بيني وبينك فاخرج نفسي من هذا الامر واسلم عليك بالامرة فقال له علي عليه السلام نعم فخرج من عنده متغيرا لونه فصاده عمر وكان في طلبه فقال مالك يا خليفة رسول الله فاخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي عليه السلام فقال له عمر انشدك الله يا خليفة رسول الله ان تغتر بسحر بني هاشم فليس هذا باول سحر منهم فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو فيه وامره بالثبات والقيام به فاتى علي عليه السلام المسجد للميعاد فلم ير فيه منهم احدا فحس بالشر فقعد الى قبر رسول الله (ص) فمر به عمر فقال يا علي دون ما تروم خرط القتاد فعلم بالامر وقام الى بيته. وذكر بعض العلماء عن جابر بن عبد الله الانصاري رضى الله عنه انه قال كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج كل ليلة جمعة الى ظاهر المدينة ولا يعلم احد الى اين يمضى وبقي على ذلك برهة من الزمان فقال عمر لابد لي ان اخرج وابصر اين يمضي على فقعد له عند باب المدينة حتى


[ 67 ]

خرج ومضى على عادته فتبعه عمر وكان كلما وضع علي عليه السلام قدمه في موضع وضع عمر قدمه مكانها فما كان الا قليلا حتى وصل الى بلدة عظيمة ذات نخل وشجر ومياه غزيرة فدخل أمير المؤمنين عليه السلام الى حديقة بها ماء جار فتوضأ ووقف بين النخل يصلي الى ان مضى من الليل اكثره فنام عمر ولما قضى أمير المؤمنين عليه السلام وطره من الصلاة عاد الى المدينة حتى وقف خلف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصلى الفجر معه فانتبه عمر فلم يجد أمير المؤمنين عليه السلام في موضعه فلما اصبح رأ موضعا لا يعرفه وقوما لا يعرفهم ولا يعرفونه فوقف على رجل منهم فقال له الرجل من اين انت ومن اين اتيت فقال عربي اتيت من يثرب مدينة رسول الله فقال الرجل تأمل امرك يا هذا وانظر ايش تقول فقال هذا الذي اقوله لك قال فمتى خرجت من المدينة قال البارحة فقال اسكت لا يسمع الناس هذا منك فتقتل أو يقولوا هذا مجنون فقال ما قلت الا حقا قال فحدثني كيف مجيئك الى هاهنا فقال كان علي بن ابي طالب في كل ليلة جمعة يخرج من المدينة ولا نعلم اين يمضي فلما كانت هذه الليلة تبعته وقلت اريد ان انظر اين يمضي فوصلنا الى هاهنا فوقف يصلي ونمت ولا ادري ما صنع فقال له الرجل ادخل هذه المدينة وابصر الناس واقطع ايامك الى ليلة الجمعة فما لك من يحملك الى موضعك الذي جئت منه الا الذى جاء بك فبيننا وبين المدينة زيادة على سنتين فإذا رأينا من رأى المدينة ورأى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نتبرك به ونزوره. وتقول: أنت انك جئت في بعض ليلة الى هنا من المدينة فدخل عمر فرأى الناس كلهم يلعنون ظالمي آل محمد عليهم السلام ويسمونهم باسمائهم واحدا واحدا وكل صاحب صناعة يفعل ذلك اللعن وهو على صناعته فلما سمع ذلك ضاقت عليه الارض بما رحبت وطالت عليه الايام حتى جاءت ليلة الجمعة فمضى الى ذلك المكان فاتى أمير المؤمنين عليه السلام على عادته فجعل عمر يترقبه حتى مضى معظم الليل وفرغ من صلاته وهم بالرجوع


[ 68 ]

فتبعه عمر حتى وصلا الى المدينة وقت الفجر فدخل أمير المؤمنين عليه السلام المسجد وصلى خلف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصلى عمر ايضا فالتفت النبي (ص) الى عمر فقال اين كنت يا عمر فلك اسبوع لا نراك عندنا فقال له كان من شأني كذا وكذا وقص عليه ما جرى له فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم لا تنس ما شاهدت بنظرك فلما سأله من سأله عن ذلك قال نفذ في سحر بني هاشم. ومن كتاب عقاب الاعمال تصنيف الصدوق محمد بن على بن بابويه رحمه الله حدثني محمد بن الحسن الصفار قال حدثني عباد بن سليمان عن محمد ابن سليمان عن ابيه سليمان الديلمي عن اسحاق بن عمار الصيرفي عن موسى الكاظم عليه السلام قال قلت له جعلت فداك حدثني بحديث فيهما فقد سمعت من ابيك احاديث عدة فقال (ع) يا اسحاق الاول بمنزلة العجل والثاني بمنزلة السامري فقلت جعلت فداك زدني فيهما فقال (ع) هما والله هودا ونصرا ومجسا فلا غفر الله ذلك لهما فقلت جعلت فداك زدني فيهما فقال ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولا يقبل لهم عملا ولهم عذاب اليم قلت جعلت فداك من هم فقال (ع) رجل ادعى اماما من غير الله وآخر طغى في امام من الله وآخر زعم ان لهما في الاسلام نصيبا قلت جعلت فداك زدني فيهما فقال (ع) ما ابالي يا اسحاق محوت المحكم من كتاب الله أو جحدت محمدا أو زعمت ان ليس في السماء آله أو قدمت على علي بن ابي طالب قلت جعلت فداك زدني فقال (ع) يا اسحاق ان في النار لواديا يقال له محيط لو طلع منه شرارة لاحرقت من على وجه الارض وان اهل النار يتعوذون من حر ذلك الوادي ونتنه قذرة وما اعد الله فيه لاهله وان في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ منه اهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل ونتنه وقذرة وما اعد الله فيه لاهله وان في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ منه اهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب ونتنه وقذره وما اعد الله فيه لاهله وان في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ اهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب


[ 69 ]

ونتنه وقذره وما اعد الله فيه لاهله وان في ذلك القليب لحية يتعوذ اهل ذلك القليب من خبثها ونتنها وقذرها وما اعد الله عزوجل في انيابها من السم لاهلها وان في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الامم السالفة واثنان من هذه الامة قلت جعلت فداك فمن الخمسة ومن الاثنان فقال (ع) اما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل ونمرود الذي حاج ابراهيم في ربه فقال انا احي واميت، وفرعون الذي قال انا ربكم الاعلى ويهود الذي هود اليهود، وبولص الذي نصر النصارى، واما الاثنان من هذه الامة فالاعرابيان. ومنه ايضا باسناده عن عبد الله بن بكير الارجاني قال: صحبت أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكة من المدينة فنزلنا منزلا يقال له عسفان ثم مررنا بجبل اسود على يسار الطريق وحش فقلت يابن رسول الله ما اوحش هذا الجبل فما رأيت في الطريق جبلا مثله فقال يابن بكر اتدري أي جبل هذا هذا جبل يقال له الكمد وهو على واد من اودية جهنم فيه قتلة ابي الحسين صلوات الله عليه، تجري من تحته مياه جهنم من غسلين والصديد والحميم وما يخرج من طينة خيال وما يخرج من الهاوية وما يخرج من السعير وما مررت بهذا الجبل في مسيري فوقفت الا رأيتهما يستغيثان ويتضرعان واني لانظر الى قتلة ابي فاقول لهما ان هؤلاء انما فعلوا بما اسستمالم ترحمونا إذ وليتم وقتلتلمونا وحرمتمونا ووثبتم على حقنا واستبددتم بالامر دوننا فلا رحم الله من يرحمكما فذوقا وبال ما صنعتما وما الله بظلام للعبيد. ومن كتاب علل الشرايع له ايضا باسناده عن المفضل بن عمر قال قلت لابي عبد الله عليه السلام بم صار أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قسيم الجنة والنار فقال (ع) لان حبه ايمان وبغضه كفر وانما خلقت الجنة لاهل الايمان وخلقت النار لاهل الكفر فهو عليه السلام قسم الجنة والنار لهذه العلة فالجنة لا يدخلها الا اهل محبته والنار لا يدخلها الا اهل بغضه


[ 70 ]

قال: المفضل فقلت يابن رسول الله فالانبياء والاوصياء هل كانوا يحبونه واعدائهم يبغضونه قال نعم قلت فكيف ذلك قال (ع) اما علمت ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال يوم خيبر لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فقلت بلى قال اما علمت ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما اتى بالطائر المشوي قال اللهم ائتنى باحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر فاتاه علي عليه السلام قلت بلى قال افيجوز ان لا يحب انبياء الله ورسله واوصيائهم رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله قلت لاقال (ع) فهل يجوز ان يكون المؤمنون من اممهم لا يحبون حبيب الله وحبيب رسوله وانبيائه قلت لا قال (ع) فقد ثبت ان جميع انبياء الله ورسله واوصيائهم وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن ابي طالب عليه السلام محبين وثبت ان المخالفين لهم كانوا لهم ولجميع اهل محبتهم مبغضين قلت نعم قال (ع) فلا يدخل الجنة الا من احبه من الأولين والاخرن ولا يدخل النار الا من ابغضه من الاولين والاخرين فهو إذا قسيم الجنة والنار. قال: المفضل فقلت يابن رسول الله فرجت عني فرج الله عنك فزدني مما علمك الله فقال سل يا مفضل فقلت اسأل يابن رسول الله فعلي بن ابي طالب يدخل محبه الجنة ومبغضه النار ام رضوان ومالك فقال (ع) يا مفضل اما علمت ان الله تبارك وتعالى بعث رسوله صلى الله عليه واله وسلم وهو روح الى الانبياء وهم ارواح قبل خلق الخلق بالفى عام قلت بلى قال (ع) اما علمت انه دعاهم الى توحيد الله وطاعته واتباع امره ووعدهم الجنة على ذلك واوعد من خالف ما اجابوا إليه وانكره النار قلت بلى قال (ع) افليس النبي صلى الله عليه واله وسلم ضامنا لما وعدوا وعد عن ربه عزوجل قلت بلى قال (ع) أو ليس علي بن ابي طالب (ع) خليفته وامام امته قلت بلى قال (ع) أو ليس رضوان ومالك من جملة الملائكة المستغفرين لشيعته الناجين بمحبته قلت بلى قال (ع) فعلي بن ابي طالب عليه السلام


[ 71 ]

إذا قسيم الجنة والنار عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ورضوان ومالك صادران عن امره بامر الله تعالى. يا مفضل خذ هذا فانه من مخزون العلم ومكنونه لا تخرجه الا الى اهله ومما يدل على تفضيل علي عليه السلام على سائر الانبياء ما اورده بعض علمائنا الامامية في كتاب له سماه منهج التحقيق الى سواء الطريق قال فيه روى عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال كنا جلوسا مع أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) بمنزله لما بويع عمر بن الخطاب كنت انا والحسن والحسين ومحمد بن الحنفية ومحمد بن ابي بكر وعمار بن ياسر والمقداد بن الاسود الكندي فقال له ابنه الحسن عليه السلام يا أمير المؤمنين ان سليمان ابن داود سأل ربه ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فاعطاه ذلك فهل ملكت ما ملك سليما بن داود فقال (ع) والذي فلق الحنة وبرء النسمة ان سليمان سأل ربه تبارك وتعالى الملك فاعطاه وان اباك ملك ما لم يملكه بعد جدك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احد قبله ولا يملكه احد بعده فقال له الحسن (ع) نريد ان ترينا مما فضلك الله عزوجل به من الكرامة فقال عليه السلام افعل ان شاء الله فقام أمير المؤمنين عليه السلام وتوضا وصلى ركعتين ودعا الله عزوجل بدعوات لم نفهمها ثم اومى بيده الى جهة المغرب فما كان باسرع من ان جاءت سحابة فوقفت على الدار والى جانبها سحابة اخرى فقال أمير المؤمنين (ع) ايتها السحابة اهبطي باذن الله فهبطت وهي تقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وانك خليفة الله ووصية من شك فيك فقد هلك ومن تمسك بك سلك سبيل النجاة قال ثم انبسطت السحابة في الارض حتى كأنها بساط موضوع فقال أمير المؤمنين (ع) اجلسوا على الغمامة فجلسنا واخذنا مواضعنا فاشار الى السحابة الاخرى فهبطت وهي تقول كمقالة الاولى فجلس أمير المؤمنين (ع) عليها منفردا ثم تكلم بكلام واشار إليها بالمسير نحو المغرب وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتها رفعا رفيقا فتأملت نحو أمير المؤمنين (ع)


[ 72 ]

وإذا به على كرسي والنور يسطع من وجهه فيكاد يخطف الابصار فقال له الحسن (ع) يا أمير المؤمنين ان سليمان كان مطاعا بخاتمه فبماذا أمير المؤمنين مطاع فقال عليه السلام انا عين الله في ارضه انا لسان الله الناطق في حلقه انا نور الله الذي لا يطفى انا باب الله الذي يؤتى منه وحجته على عباده ثم قال (ع) اتحبون ان اريكم خاتم سليمان بن داود قلنا نعم فادخل يده الى جيبه فاخرج خاتما من ذهب فصه من ياقوته حمراء عليه مكتوب محمد وعلي قال سلمان فعجبنا من ذلك فقال (ع) من اي شئ تعجبون وما العجب من مثلي انا اريكم اليوم ما لا ترون ابدا فقال الحسن عليه السلام اريد ان تريني ياجوج وماجوج والسد الذي بيننا وبينهم فسارت السحابة فوق الريح فسمعنا لها دويا كدوي الرعد وعلت في الهواء وأمير المؤمنين يقدمنا حتى انتهينا الى جبل شامخ العلو وإذا شجرة جافة قد تساقطت اوراقها وجفت اغصانها فقال الحسن (ع) ما بال هذه الشجرة قد يبست فقال (ع) له سلها فانها تجيبك فقال الحسن عليه السلام ايها الشجرة مالك قد حدث بك ما تراه من الجفاف فلم تجبه فقال أمير المؤمنين بحقى عليك الا ما اجبته قال فو الله لقد سمعتها تقول لبيك لبيك يا وصي رسول الله وخليفته ثم قالت يا أبا محمد ان أمير المؤمنين كان يجيئني في كل ليل وقت السحر ويصلى عندي ركعتين ويكثر من التسبيح فإذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء ينفح منها ريح المسك وعليها كرسي فيجلس عليه وتسير به وكنت اعيش ببركته فانقطع عني منذ اربعين يوما فهذا سبب ما تراه مني فقام أمير المؤمنين عليه السلام وصلى ركعتين ومسح بكفه عليها فاخضرت وعادت الى حالها ثم امر الريح فسارت بنا وإذا نحن بملك يده في المغرب واخرى بالمشرق فلما نظر الملك الى أمير المؤمنين قال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون واشهد انك وصيه وخليفته حقا وصدقا فقلنا يا أمير المؤمنين من هذا


[ 73 ]

الذي يده في المغرب والاخرى في المشرق فقال عليه السلام هذا الملك الذي وكله الله عزوجل بالليل والنهار فلا يزول الى يوم القيامة وان الله تعالى جعل امر الدنيا الي وان اعمال الخلائق تعرض كل يوم علي ثم ترفع إليه تبارك وتعالى ثم سرنا حتى وقفنا على سد ياجوج وماجوج فقال أمير المؤمنين عليه السلام للربح اهبطي بنا مما يلى هذا الجبل واشار الى جبل شامخ في العلو وهو جبل الخضر عليه السلام فنظرنا الى السد وإذا ارتفاعه مد البصر وهو اسود كقطعة ليل دامس يخرج من ارجائه الدخان فقال يا أبا محمد انا صاحب هذا الامر على هؤلاء العبيد قال: سلمان فرأيت اصناما ثلاثة طول احدها مائة وعشرون ذراعا والثانى طوله احد وسبعون والثالث مثله ولكنه يفرش احدى اذنيه تحته ويلتحف بالاخرى ثم ان أمير المؤمنين عليه لاسلام امر الريح فسار بنا الى جبل قاف فانتهينا إليه وإذا هو من زمردة خضراء وعليها ملك على صورة النسر فلما نظر الى أمير المؤمنين (ع) قال الملك السلام عليك يا وصي رسول الله وخليفته اتأذن لي في الكلام فرد عليه السلام وقال ان شئت فتكلم وان شئت اخبرتك عما تسألني عنه فقال الملك بل تقول أنت يا أمير المؤمنين فقال تريد ان آذن لك ان تزور الخضر قال نعم قال قد اذنت لك فاسرع الملك بعد ان قال بسم الله الرحمن الرحيم ثم مشينا على الجبل هنيئة فإذا الملك قد عاد الى مكانه بعد زيارة الخضر فقلت يا أمير المؤمنين رأيت الملك ما زار حتى اخذ الاذن فقال عليه السلام يا سلمان والذي رفع السماء بغير عمد لو ان احدهم رام ان يزول من مكانه بقدر نفس واحد لما زال حتى آذن له وكذلك يصير حال ولدي الحن بعدي ثم الحسين بعده ثم تسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم فقلنا ما اسم الملك الموكل بقاف فقال برجائيل فقلنا يا أمير المؤمنين كيف تأتي كل ليلة الى هذا الموضع وتعود فقال (ع) كما اتيت بكم والذي فلق الحبة وبرء النسمة اني لاملك من ملكوت السموات والارض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم ان الاسم الاعظم على اثنين وسبعين


[ 74 ]

حرفا وكان عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلم به فخسف الله عزوجل الارض ما بينه وبين عرش بلقيس حتى تناول السرير ثم عادت الارض كما كانت اسرع من طرفة عين وعندنا والله اثنان وسبعون حرفا وحرف واحد استأثر الله به في علم الغيب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عرفنا من عرفنا وانكرنا من انكرنا ثم قام عليه السلام وقمنا فإذا بشاب في الجبل يصلي بين قبرين قلنا يا أمير المؤمنين من هذا الشاب فقال صالح النبي وهذان القبران لامه وابيه يعبد الله تعالى بينهما فلما نظر إليه الشاب لم يملك نفسه حتى بكى واومأ بيده الى أمير المؤمنين عليه السلام واعادها الى صدره وهو يبكي فوقف أمير المؤمنين عليه السلام عنده حتى فرغ من صلوته فقلنا له ما بكائك فقال ان أمير المؤمنين كان يمر بي عند كل غداة فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه فانقطع عني مدة عشرة ايام فاقلقني ذلك فعجبنا فقال عليه السلام اتريدون ان اريكم سليمان بن داود قلنا نعم فقام ونحن معه حتى دخل بستانا ما رأينا احسن منه وفيه من جميع الفواكه والاعناب تجري فيه الانهار وتتجاوب الاطيار على الاشجار فلما رأته الاطيار اتت ترفرف حوله حتى توسطنا البستان وإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره واضع يده على صدره فاخرج أمير المؤمنين (ع) الخاتم من جيبه وجعله في اصبع سليمان فنهض قائما وقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ووصى رسول رب العالمين أنت والله الصديق الاكبر والفاروق الاعظم قد افلح من تمسك بك وقد خاب وخسر من تخلف عنك واني سألت الله بكم أهل البيت فاعطيت ذلك الملك قال سلمان فلما اسمعت كلام سليمان بن داود لم املك نفسي ان وقعت على اقدام أمير المؤمنين اقبلها وحمدت الله على جزيل عطائه بهدايته الى ولاية أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ففعل اصحابي كما فعلت ثم سألنا أمير المؤمنين عليه السلام ما وراء قاف فقال (ع) ورائه ما لا يصل اليكم علمه فقلنا اتعلم ذلك فقال (ع) علمي بما ورائه كعلمي بحال هذه الدنيا


[ 75 ]

وما فيها واني الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكذلك الاوصياء من ولدي بعدي ثم قال عليه السلام اني لا عرف بطرق السموات مني بطرق الارض نحن الاسم المخزون المكنون نحن الاسماء الحسنى التي إذا سأل الله عزوجل بها اجاب نحن الاسماء المكتوبة على العرش ولاجلنا خلق الله السموات والارض والعرش والكرسي والجنة والنار ومنا تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير ونحن الكمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه. ثم قال عليه السلام اتريدون ان اريكم عجبا قلنا نعم قال (ع) غضوا اعينكم ففعلنا ثم قال افتحوها ففتحنا فإذا نحن في مدينة ما رأينا اكبر منها فيها اسواق قائمة وفيها اناس ما رأينا اعظم من خلقهم على طول النخل فقلنا يا أمير المؤمنين من هؤلاء قال (ع) بقية قوم عاد كفار لا يؤمنون بالله عزوجل احببت ان اريكم اياهم وهذه المدينة واهلها اريد ان اهلكهم وهم لا يشعرون فقلنا يا أمير المؤمنين اتهلكهم بغير حجة قال (ع) لا بل بحجة عليهم ثم دنا منهم وترائ إليهم فهموا ان يقتلوه ونحن نراهم وهم لا يروننا ثم تباعد عنهم ودنا منا ومسح بيده على صدورنا وابداننا وتكلم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتى صار بازائهم وصعق فيهم صعقة فكان الارض قد انقلبت بنا والسماء قد سقطت علينا وظننا ان الصواعق قد خرجت من فيه فاهلكوا ولم يبق منهم في تلك الساعة احد فقلنا يا أمير المؤمنين ما صنع الله بهم قال هلكوا وصاروا الى النار، فقلنا هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا بمثله فقال (ع) اتريدون ان اريكم اعجب من ذلك فقلنا لا نطيق احتمال شئ آخر فعلى من لا يتولاك ويؤمن بفضلك وعظيم قدرك عند الله تعالى لعنة الله ولعنة اللاعنين من الملائكة والخلق اجمعين ثم سألناه الرجوع الى اوطاننا فقال (ع) افعل ان شاء الله ثم اشار الى السحابتين فدنتا منا فقال خذوا مواضعكم فجلسنا على السحابة وجلس (ع) على الاخرى وامر الريح فحملتنا حتى صرنا في الجو ورأينا الارض كالدرهم


[ 76 ]

ثم حطتنا في دار أمير المؤمنين عليه السلام في اقل من طرفة عين وكان وصولنا الى المدينة وقت الظهر والمؤذن يؤذن وكان خروجنا منهإ وقت ارتفاع الشمس فقلنا يا لله العجب كنا في جبل قاف مسيرة خمس سنين وعدنا في خمس ساعات فقال (ع) لو اني اردت ان اخرق الدنيا باسرها والسموات السبع وارجع في اقل من طرفة عين لفعلت لما عندي من اسم الله الاعظم قلنا يا أمير المؤمنين انت والله الآية العظمى والمعجز الباهر بعد اخيك وابن عمك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وروى الصدوق محمد بن بابويه رحمه الله باسناده ان أمير المؤمنين (ع) اخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة فرمى بها وقال بعدا وسحقا فقيل يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة فقال: قال رسول الله (ص) ان الله تبارك وتعالى اخذ عهد مودتنا على كل حيوان ونبات فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا وما لم يقبل كان زعافا وروى في كتابه علل الشرايع باسناده عن علي بن محمد العسكري (ع) انه قال انما اتخذ الله تعالى ابراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمد وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم. وروى فيه عن ابي ذر رضوان الله عليه قال: قال رسول الله (ص) ليلة اسرى بي الى السماء ما مررت بملأ من الملائكة الا سألني عن علي حتى ظننت ان اسمه اشهر من اسمى فلما رقيت الى السماء السابعة إذا انا بملك لم ار في الملائكة اعظم منه خلقا وهو جالس على منبر من نور ينظر في لوح فلما مثلث بين يديه ارتعدت فرائصي فقال لي جبرئيل لاروع عليك يا محمد هذا ملك الموت ادن منه فسلم عليه فدنوت وسلمت فرد علي السلام وقال يا محمد ما فعل علي فقلت حببي ملك الموت هل تعرفون عليا فقال والذي بعثك بالحق واصطفاك بالرسالة من الخلق ما في السموات موضع ولا في الارض موضع الا واسمك واسم علي مكتوب عليه واني لاتولى قبض ارواح الخلايق بيدي ما خلاك وعليا فان الله يتولى ذلك واني لم اقبض ارواحكما


[ 77 ]

. وروى باسناده فيه قال: قال رسول الله (ص) لما اسرى بي الى السماء دخلت الجنة فإذا انا بقصر من درة بيضاء مجوفة وعليها باب مكلل بالياقوت والدر وعلى الباب ستر فرفعت راسي وإذا مكتوب على الباب لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله نح نح من مثل شيعة على ومضيت فإذا انا بقصر من عقيق اصفر مجوف وعليه باب من فضة مكلل بالزبرجد الاخضر وعلى الباب ستر فرفعت راسي وإذا مكتوب على الباب لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي المصطفى بشرى لشيعة علي بطيب المولد ومضيت فإذا انا بقصر من زمرد اخضر مجوف لم ار احسن منه وعليه باب من ياقوته حمراء مكلل باللؤلؤ وعلى الباب ستر فرفعت راسي واذإ مكتوب على الستر شيعة علي هم الفائزون فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذا فقال يا محمد لابن عمك ووصيك علي بن ابي طالب تحشر الناس حفاة عراة الا شيعة علي وتدعى الناس باسماء امهاتهم الا شيعة علي فيدعون باسماء أبائهم فقلت حبيبي كيف يدعون باسماء امهاتهم وتدعى شيعته باسماء أبائهم قال (ع) لانهم احبوا عليا فطاب مولدهم. وروى يه باسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله لعلي بن ابي طالب عليه السلام يا علي أنت صاحب حوضي وصاحب لوائي ومنجز عداتي وحبيب قلبي ووارث علمي وانت مستودع مواريث الانبياء وانت امين الله في ارضه وانت حجة الله على بريته وانت ركن الايمان وانت مصباح الهدى وانت منار الدجى وانت العلم المرفوع لاهل الدنيا من تبعك نجا ومن تخلف عنك هلك وانت الطريق الواضح وانت الصراط المستقيم وانت القائد الغر المحجلين وانت يعسوب الدين والمؤمنين وانت مولى من انا مولاه وانا مولى كل مؤمن ومؤمنة لا يحبك الا طيب الولادة ولا يبغضك الا خبيث الولادة وما عرج بى الى السماء قط وكلمني ربى الا قال يا محمد اقرء عليا مني السلام وعرفه انه امام اوليائي ونور أهل طاعتي فهنيئا لك يا على. وروى باسناده فيه عن ابى ذر الغفاري (رض) قال:


[ 78 ]

كنت عند النبي صلى الله عليه واله وسلم في منزل أم سلمة وهو يحدثني وانا مستمع لحديثه إذ دخل علي بن ابى طالب عليه السلام فلما بصربه النبي صلى الله عليه واله وسلم اشرق وجهه نورا وسرورا ثم ضمه إليه وقبل بين عينيه ثم التفت الي وقال يا أبا ذر هل تعرف هذا الرجل حق معرفته فقلت يا رسول الله هذا اخوك وابن عمك وزوج البتول وابو الحسن والسين سيدي شباب اهل الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا أبا ذر هذا الامام الازهر ورمح الله الاطول وباب الله الاكبر من اراده فليدخل الباب. يا أبا ذر هذا القائم بقط الله والذاب عن حرم الله والناصر لدين الله وحجة الله على خلقه في الامم السالفة كلها كل امة فيها نبي اخذ العهد عليه بولايته. يا أبا ذر ان الله جعل على كل ركن من اركان عرشه سبعة الاف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة الا الدعاء لعلي بن ابى طالب وشيعته والدعاء على اعدائه. يا أبا ذر تول عليا فما يبين بعدي حق من باطل ولا يؤمن من كافر الا به ولولاه لما عبد الله تعالى لانه ضرب رؤس المشركين حتى اسلموا وعبدوا الله ولو لا ذلك ما كان ثواب ولا عقاب. يا أبا ذر هذا راية الهدى والعروة الوثقى وامام اوليائي وهور من اطاعني وهو الكلمة التي الزمها الله تعالى المتقين فمن احبه كان مؤمنا ومن ابغضه كان كافرا ومن ترك حبه وولايته كان ضالا ومن جحد حقه كان مشركا. يا أبا ذر بؤتى بجاحد على يوم القيامة اعمى اصم ابكم بتكبكب ظلمات القيامة وفى عنقه طوق من نار لذلك الطوق ثلثمأة شعبة على كل شعبة شيطان يبصق في وجهه ويكلح من جوف قبره الى النار. قال أبو ذر فقلت فداك ابى وامي زدنى فقال (ص) يا أبا ذر لما عرج بى فصرت الى السماء الدنياء اذن ملك من الملائكة واقام الصلاة واخذ بيدي جبرئيل فقد مني وقال يا محمد صل بالملائكة فصليت بسبعين صفا الصف ما بين المشرق الى المغرب لا يعلم عددهم الا الله تعالى فلما قضيت الصلاة التفت فإذا شر ذمة من الملائكة يسلمون علي ويقولون


[ 79 ]

يا محمد لنا اليك حاجة فظننت انهم يسألوني الشفاعة فان الله تعالى فضلني بالحوض والشفاعة على جميع الانبياء فقلت ما حاجتكم يا ملائكة ربى قالوا إذا رجعت الى الارض فاقرء عليا منا السلام واعلمه ان شوقنا إليه قد طال فقلت يا ملائكة ربى اتعرفوننا حق معرفتنا قالوا ولم لا نعرفكم يا رسول الله وانتم اول خلق خلقه الله تعالى خلقكم اشباح نور من نوره وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد ثم خلق الملائكة فكنا نمر بارواحكم فنسبح بتسبيحكم ونحمد بتحميدكم ونهلل بتهليلكم ونكبر بتكبيركم ونقدس بتقديسكم ونمجد بتمجيدكم فما نزل من الله فاليكم وما صعد الى الله فمن عندكم فاقرء عليا منا السلام قال (ص) ثم عرج بى الى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل مقالة اصحابهم فقلت اتعرفوننا يا ملائكة ربى فقالو الم لا نعرفكم وانتم صفوة الله تعالى من خلقه وخزان دينه وانتم العروة الوثقى والحجة العظمى فاقرء عليا منا السلام. ثم عرج بى الى السماء الثالثة فقالت الملائكة لي مثل مقالة اصحابهم فقلت اتعرفوننا فقالوا ولم لا نعرفكم ونحن نمر بالعرش وعليه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله ايده بعلي بن ابى طالب فعلمنا ان عليا ولي الله فاقرأه منا السلام. ثم عرج بى الى السماء الرابعة فقالت الملائكة مثل مقالة اصحابهم فقلت اتعرفوننا قالوا ولم لا نعرفكم وانتم شجرة النبوة وبيت الرحمة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وعليكم ينزل جبرئيل بالوحي من الجليل فاقرء عليا منا السلام. ثم عرج بى الى السماء الخامسة فقالت الملائكة مثل مقالة اصحابهم فقالت اتعرفوننا فقالوا ولم لا نعرفكم وانت باب المقام وحجة الخصام وعلى فصل القضاء وصاحب العصا وقسيم النار غدا وسفينة النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها تردى وانتم الدعائم لتخوم الاقطار والا عمدة وفساطيط السجاف الا على وكواهله فاقرء عليا منا السلام. ثم عرج بى الى السماء السادسة فقالت الملائكة مثل مقالة اصحابهم


[ 80 ]

فقلت اتعرفوننا فقالوا ولم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ما فيها ورقة الا عليها مكتوب بالنور لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله وعروته الوثقى وحبله المتين. ثم عرج بى الى السماء السابعة فسمعت الملائكة يقولون الحمد لله الذي صدقنا وعده ثم قالوا يا رسول الله ان الله تبارك وتعالى خلقكم اشباح نور من نوره وعرض علينا ولايتكم فقبلناها وشكرنا الله على ما من به علينا من محبتكم اما أنت فقد وعدنا ربنا ان يريناك في السماء وقد فعل واما علي فخلق سبحانه لنا ملكا في صورته فاقعده على يمين عرشه على سرير مرصع بالدر والجوهر عليه قبة من لؤلؤة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها قال لها صاحب العرش جل جلاله قومي بقدرتي فقامت فكلما اشتقنا الى رؤية علي نظرنا الى ذلك الملك في ذلك الموضع. قال: أبو ذر فقلت يا رسول الله لقد اعطى علي فضلا كثيرا فقال (ص) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وروى فيه باسناده الى ابن عباس قال سمعت النبي صلى الله عليه واله يقول: ليلة عرج بى الى السماء شاء ربى ان يرفعنى حتى وقفني في السماء السابعة ثم انقطع عني جبرئيل فقلت حبيبي جبرئيل في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله فقال كل ملك مناله مقام معلوم لا يقدر ان يتخطاه الى الامام قدما واحدا والا احترق بالنور فإذا انا بالنداء من امامي سريا احمد فانا خليلك انا ميكائيل فسار بى ما شاء الله وعلم ثم انقطع عني فقلت حبيبي ميكائيل افي مثل هذا الموضع يترك الخليل خليلة فقال نحن الصافون ولكل ملك منا مقام لا يقدر ان يزول منه والا احترق بالنور فإذا انا بالنداء من امامي سر يا محمد انا خليلك انا دردائيل فسار بى علم الله ومشيته ثم انقطع عني فقلت يا دردائيل في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله فقال نحن الحافون من حول العرش لا نقدر ان نسلك الجبروت والا احترقنا بالنور


[ 81 ]

وإذا بصوت خمدت الاصوات من دونه وهدأ كل شئ لجبروته وسكن كل شئ لعزته يقول ادن مني يا أحمد فدنوت خطوة كان مقدارها خمسمائة عام فناداني ربى ادن يا أحمد انا ربك انا الله فدنوت فكلمني ربى من وراء حجاب بكلام كأنه من لسان علي بن ابى طالب فاختلج في سرى ان عليا يخاطبني فناداني يا أحمد قد اطلعت على سرك ظننت ان عليا يخاطبك يا أحمد انا ربك انا الله وانا على كل شئ قدير اتحب ان اريك عليا قلت اي وعزتك يا رب فامر الله تعالى ان تنخرق الحجب والسموات ان تنتفتح وما كان من الارض مرتفعا ان ينخفض وما كان منخفضا ان يرتفع فنظرت من عرش ربي الى الارض فرأيت سرير علي وعلي واقف يصلي وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين عن شماله يصلون بصلاته والملائكة تنزل عليهم افواجا افواجا تقف في نورهم وتسمع قرائتهم فناداني ربي يا أحمد وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في علو مكاني لقد اطلعت على سرك وما استكن في صدرك فلم اجد احدا احب اليك من علي في سرك فخاطبتك بلسانه لتطمئن الى الكلام وتهدأ في الخطاب ولو خاطبتك بلسان الجبروت لما استطعت ان تسمع وهؤلاء اشتققت اسمائهم من اسمائي فهذا علي وانا العالي وهذه فاطمة وانا الفاطر وهذا الحسن وانا المحسن وهذا الحسين وانا ذو الحسنى فهؤلاء خيرتي من عبادي وصفوتي من اوليائي لا يتوسل الى احد بهم خاصتة الا اوجبت وسيلته واقلت عثرته وكشفت كربه بعد ان يعرف فضلهم عندي ويبرأ من اعدائهم فانا وليهم في الدنيا والاخرة وانا ولي من والاهم وعدو من عاداهم من احبهم فعليه صلواتي ورحمتي ومن ابغضهم فعليه غضبي ولعنتي وروي فيه باسناده عن ابن عباس ايضا قال كنت عند رسول الله (ص) إذ ذكر أبو بكر وعمر ولم يذكر علي عليه السلام فاحمر وجهه ونبط العرق الذي بين عينيه وسال العرق على خده فجعل رسول الله (ص) يقذفه بيده على الارض ثم التفت الي وقال يابن عباس انه والله لما اسرى بي الى


[ 82 ]

السماء السابعة ناداني جبرئيل يا أحمد تقدم فلو ان احدا من خلق ربي تقدم الى هذا الموضع سواك لاحترق بالور فادليت الى رفرفة خضراء جعلت تخفض بى وترفعني حتى صرت الى حجاب ربى فإذا جميع ما خلق ربى كخلقة درع في فلاة وإذا بمناد ينادي يا أحمد من خلفت على امتك فقلت اخى علي بن ابى طالب فإذا بالنداء يقول: نعم الاخ اخوك يا أحمد علي سيد الوصيين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين الى جنات النعيم وهو سيف نقمتي ولولاه ما عرف اوليائي من اعدائي به عذبت المنافقين في اسفل درك من ناري وبه ادخلت المؤمنين جنتي يا محمد احبه فاني احبه واحب من احبه وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب الامالي باسناده عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: ايها الناس نحن في القيامة ركبان اربعة ليس غيرنا فقال له قائل بابى انت وامي يا رسول الله من الركبان فقال (ص) انا على البراق واخى صالح على ناقة الله التي عقرها قومه وابنتي فاطمة على ناقتي العضباء وعلي بن ابى طالب على ناقة من نوق الجنة خطامها من لؤلؤ رطب وعيناها من ياقوتتين حمر اوين وبطنها من زبرجد اخضر عليها قبة من لؤلؤة بيضاء يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها من رحمة الله وباطنها من عفو الله وعلى راسه تاج من نور يضيئ لاهل الجمع لذلك التاج سبعون ركنا كل ركن يضيئ كالكوكب الدري في افق السماء وبيده لواء الحمد وهو ينادي في القيامة لا اله الا الله محمد رسول الله فلا يمر بملأ من الملائكة الا قالوا بني مرسل ولا يمر بنبى الا قال ملك مقرب فينادي مناد من بطنان العرش يا ايها الناس ما هذا ملك مقرب ولا نبى مرسل ولا حاملعرش هذا علي بن ابي طالب وتجيئ شيعته من بعده فينادي مناد من انتم فيقولون نحن العلويون فيأتيهم النداء ايها العلويون انتم آمنون ادخلوا الجنة مع من كنتم توالون. وروي فيه باسناده عن بشير الدهان قال: قلت لابي جعفر عليه السلام اي الفصوص افضل اركبه على خاتمي فقال عليه السلام يا بشير اين أنت


[ 83 ]

عن العقيق الاحمر والعقيق الاصفر والعقيق الابيض فانها ثلاثة جبال في الجنة اما الاحمر فمطل على دار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واما الاصفر فمطل على دار فاطمة عليها السلام واما الابيض فمطل على دار أمير المؤمنين عليه السلام والدور كلها واحدة يخرج منها ثلاثة انهار من تحت كل جبل نهر اشد بردا من الثلج واحلى من العسل واشد بياضا من اللبن لا يشرب منها الا محمد وآله وشيعتهم ومصبها كلها واحد ومجراها من الكوثر وهذه الثلاثة الجبال تسبح الله وتقدسه وتمجده وتستغفر لمحبي آل محمد عليهم السلام فمن تختم بشئ منها من شيعة آل محمد لم ير الا الخير والحسنى والسعة في رزقه والسلامة من جميع انواع البلاء وهو امان من السلطان الجائر ومن كل ما يخافه الانسان ويحذره. وروي فيه باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش اين خليفة الله في ارضه فيقوم داود النبي (ع) فيأتي النداء من عند الله تعالى لسنا اياك اردنا وان كنت لله خليفة ثم ينادي ثانية اين خليفة الله في ارضه فيقوم أمير المؤمنين على عليه السلام فيأتي النداء من قبل الله عزوجل يا معشر الخلايق هذا علي بن ابى طالب خليفة الله في ارضه وحجته على عباده فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم وليستضئ بنوره وليتبعه الى الدرجات العلى من الجنان قال فيقوم ناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه الى الجنة ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله الا من ائتم بامام في دار الدنيا فليتبعه الى حيث يذهب به فحينئذ يتبرء الذين اتبعوا من الذين اتبعوا وراوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لوان لناكرة فنتبره منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار. وروي فيه باسناده ايضا الى محمد بن سيرين قال سمعت غير واحد من مشيخة اهل البصرة يقولون لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من حرب اهل الجمل لحقه مرض وحضرت الجمعة فقال لابنة الحسن عليه السلام انطلق


[ 84 ]

يا بني فاجمع الناس فاقبل الحسن عليه السلام الى المسجد فلما استوى على المنبر حمد الله واثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم قال ان الله اختارنا لنبوته واصطفانا على خلقه وبريته وانزل علينا كتابه ووحيه وايم الله لا ينتقصنا احد من حقنا شيئا الا انتقصه الله في عاجل دنياه وآجل اخرته ولا تكون علينا دولة الا كانت لنا العاقبة ولتعلمن نبأه بعد حين ثم جمع الناس وبلغ اباه كلامه فلما انصرف الى ابيه نظر إليه فما ملك عبرته ان سالت على خديه ثم دعاه فقبل بين عينيه فقال بابى أنت وامي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. وروي فيه باسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه واله وسلم ان جبرئيل نزل علي وقال ان الله تبارك وتعالى امرك ان تقوم بتفضيل علي بن ابى طالب خطيبا على اصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، وامر جميع الملائكة ان يسمعوا ما تذكره ويوحى اليك ان من خالفك في امره فله النار وان من اطاعك فله الجنة فامر النبي صلى الله عليه واله وسلم مناديا ينادي بالصلاة جامعة فاجتمع الناس وخرج حتى علا المنبر فكان اول ما تكلم به اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال ايها الناس انا البشير وانا النذير وانا النبي الامي اني مبلغكم عن الله تعالى في امر رجل لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو عيبة علمي وهو الذي انتجبه الله من هذه الامة واصطفاه وهداه وخلقني واياه من طينة واحدة ففضلني بالرسالة وفضله بالتبليغ عني وجعلني مدينة العلم وجعله الباب وجعله خازن العلم والمقتبس منه الاحكام وخصه الله تعالى بالوصية وابان امره وخوف من عداوته وازلف من والاه واعز شيعته وامر الناس جميعا بطاعته وانه تعالى يقول من عاده عاداني ومن والاه والاني ومن ناصبه ناصبني ومن خالفه خالقني ومنعصاه عصاني ومن آداه اذاني ومن كاده كادني ومن ابغضه


يقول: شير محمد هذا الحديث اورده الشيخ المفيد محمد بن النعمان

[ 85 ]

ابغضني ومن احبه احبني ومن اراده اردانى ومن نصره نصرنى ايها الناس اسمعوا اما آمركم به واطيعوا فاني احذركم عذاب الله يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودلو ان بينها وبينه امدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والى الله المصير، ثم اخذ بيد علي عليه السلام فقال ايها الناس هذا مولى المؤمنين وحجة الله على الخلق اجمعين والمجاهد للكافرين اللهم اني قد بلغت وهم عبادك وانت القادر على صلاحهم فاصلحهم يا ارحم الراحمين واستغفر الله لي ولكم ثم نزل عن المنبر فاتاه جبرئيل (ع) وقال يا محمد ان الله تبارك وتعالى يقرؤك السلام ويقول جزاك الله عن تبليغك خيرا قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وارضيت المؤمنين وارغمت الكافرين يا محمد ان اين عمك مبتلى ومبتلى به يا محمد قل في كل اوقاتك الحمد لله رب العالمين وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون. وروي فيه مرفوعا الى يعقوب بن شعيب عن صالح بن ميثم التمار قال وجدت في كتاب مثم يقول فيه امسينا ليلة عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال لنا ليس من عبد امتحن الله قلبه للايمان الا اصبح يجد مودتنا على قلبه وما اصبح عبد ممن سخط الله عليه الا يجد بغضنا على قلبه فاصبحنا نفرح بحب المحب لنا ونعرف بغض المبغض لنا واصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة الله ينتظرها كل يوم واصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انهاربه في نار جهنم وكان ابواب الرحمة قد انفتحت لاهل الرحمة فهنيئا لاصحاب الرحمة برحمتهم وتعسا لاهل النار بمئواهم ان عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه ولن يحبنا من يحب مبغضنا فان ذلك لا يجتمع في قلب واحد وما جعل الله لرجل من


- في موضعين من اماليه في اوائله واواخره ففيما اورده في اوائله زيادة كلمات هكذا (ومن احبه احبني ومن اطاعه اطاعني ومن ارضاه ارضاني ومن حفظه حفظني ومن حاربه حاربني ومن اعانه اعانني ومن اراده ارداني ومن كاده كادني ايها الناس الخ.

[ 86 ]

قلبين في جوفه يحب بهذا قوما ويحب بالاخر عدوهم والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لاغش فيه نحن النجباء وفرطنا فرط الانبياء وانا وصي الانبياء وانا حزب الله ورسوله والفئة الباغية حزب الشيطان فمن احب ان يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه فان وجد فيه شيئا من بغضنا فليعلم ان الله عدوه وجبريل وميكال والله عدو للكافرين. وروي فيه مرفوعا الى ابى حسان العجلي قال لقيت امة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها حدثيني ما سمعت عن ابيك قالت سمعته يقول: قال لي حبيبي أمير المؤمنين عليه السلام يا رشيد كيف تجدك إذا ارسل اليك دعى بني امية فقطع يديك ورجليك فقلت يا أمير المؤمنين ايكون اخر ذلك الى الجنة قال نعم يا راشد وأنت معي في الدنيا والاخرة قالت فو الله ما ذهبت الايام حتى ارسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد لعنه الله فدعاه الى البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام فابى ان يتبرأ منه فقال له ابن زياد فبأي ميته قال لك صاحبك تموت قال خبرني خليلي صلوات الله عليه انك تدعوني الى البراءة منه فلا اتبرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني فقال والله لاكذبن صاحبك قدموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه فقطعوهما ثم حمل الى منزلنا فقلت له يا اباه جعلت فداك هل تجد لما اصابك الما قال لا والله يا بنية الا كالزحام بين الناس ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجسون له فقال ايتوني بصحيفة ودواة اذكر لكم ما يكون مما علمنيه مولاي أمير المؤمنين عليه السلام فاتوه بصحيفة ودواة فجعل يذكر ويملى عليهم اخبار الملاحم الكائنات ويسندها الى أمير المؤمنين عليه السلام فبلغ ذلك ابن زياد فارسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات من ليلته رحمه الله وكان يسميه أمير المؤمنين راشد المبتلى وكان قد القى عليه السلام إليه علم البلايا والمنايا فكان يلقى الرجل فيقول له يا فلان ابن فلان تموت موته كذا ويا فلانا بن فلان تقتل أنت قتلة كذا فيكون كما قال. وروي فيه باسناده عن الصادق (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ص)


[ 87 ]

اعطيت اشياء لم يعطها احد قبلي سوى النبي (ص) لقد فتح الى السبيل وعلمت المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب ولقد نظرت في الملكوت باذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يكون بعدي وان بولايتي اكمل الله تعالى لهذه الامة دينهم واتم عليهم النعم ورضى لهم الاسلام إذ يقول تبارك اسمه يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه واله يا محمد اخبرهم اني اكملت لهم اليوم دينهم واتممت عليهم نعمتي ورضيت لهم الاسلام دينا كل ذلك من من الله تعالى من به علي فله الحمد. وروى فيه باسناده عن عيد الاعرج قال: دخلت انا وسليمان ابن خالد على ابي جعفر (ع) فابتدأنا وقال يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين (ع) يؤخذ به وما لم يجئ ينتهي عنه جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله (ص) ولرسول الله صلى الله عليه واله وسلم الفضل على جميع من خلق الله يا سليمان العائب على أمير المؤمنين كالعائب على الله تعالى وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله تعالى يا سليمان كان أمير المؤمنين (ص) باب الله الذي لا يؤتي الامنه وسبيله الذي من سلك غيره هلك وبذلك جرت اللأمة واحد لبعد واحد جعلهم الله اركان الارض ان تميد بهم والحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى يا سليمان اما علمت ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول انا قسيم الجنة والنار وانا الفاروق الاكبر وانا صاحب العصا والميسم ولقد اقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما اقروا لمحمد صلى الله عليه واله وسلم ولقد حملت مثل حمولة محمد (ص) وهي حمولة الرب وان محمدا صلى الله عليه واله يدعى فيكسى ويستنطق فينطق وادعى فاكسي واستنطق فانطق ولقد اعطيت خصالا لم يعطها احد قبلي علمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب. وروي عبد العزيز بن يحيى الجلودي في كتاب الخطب لأمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال: وخطب عليه السلام فقال سلوني قبل ان تفقدوني فانا نمط الحجاز وانا عيبة رسول الله صلى الله عليه واله سلوني فانا فقأت


[ 88 ]

عين الفتنة ظاهرها وباطنها سلوني فأنا من عنده علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب سلوني فأنا يعسوب الدين حقا ما من فئة تهدي مأة أو تضل مأة إلا وقد نبئت بقائدها وسائقها سلوني فوالذي نفسي بيده لو ثنيت لي الوسادة فأجلس عليها لقضيت بين أهل التوراة يتوراتهم وأهل الانجيل بإنجيلهم وأهل الزبور بزبورهم وأهل الفرقان بفرقانهم قال: فقام ابن الكوا الى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يخطب فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن نفسك فقال عليه السلام ويلك أتريد أن أزكي نفسي وقد نهى الله تعالى عن ذلك اني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سألته أعطاني وإذا سكت ابتدأني فبين الجوانح علم جم ونحن أهل البيت لا نقاس بأحد. وروى فيه قال: وخطب عليه السلام فقال سلوني فاني لا أسأل عن شئ دون العرش الا أجبت فيه كلمة لا يقولها بعدي إلا جاهل مدع أو كذاب مفتر فقال رجل من جانب مجلسه في عنقه كتاب كأنه مصحف وهو رجل أدم ضرب طوال جعد الشعر كأنه من مهودة العرب وقال رافعا صوته ايها المدعي ما لا يعلم والمقلد ما لا يفهم انا سائل فأجب فوثب أصحاب علي عليه السلام وشيعته من كل ناحية وهموا به فنهاهم (ع) وقال لهم دعوه ولا تعجلوه فان الطيش لا تقوم به حجج الله ولا تظهر به براهين الله ثم التفت إلى الرجل وقال سل بكل لسانك وما في جوانحك فاني مجيب ان الله تعالى لا تعتلج عليه الشكوك ولا يهيجه وسن فقال الرجل كم بين المشرق والمغرب فقال عليه السلام مسافة الهواء قال وما مسافة الهواء فقال دوران الفلك قال وما قدر دوران الفلك فقال مسيرة يوم للشمس قال صدقت فمتى القيامة فقال " ع " عند حضور المنية وبلوغ الاجل قال صدقت فكم عمر الدنيا فقال يقال سبعة آلاف ثم لا تحديد قال صدقت فأين بكة من مكة قال " ع " بكة موضع البيت ومكة أكناف الحرم قال فلم سميت مكة مكة قال " ع " لان الله تعالى مك الارض من تحتها قال صدقت فلم سميت تلك بكة فقال " ع " لانها بكت رقاب الجبارين


[ 89 ]

وعيون المذنبين قال صدقت واين كان الله قبل ان يخلق عرشه فقال سبحان من لا يدرك كنه صفته حملة عرشه على قرب زمرهم من كرسي كرامته ولا الملائكة المقربون من انوار سبحات جلاله ويحك لا يقال له اين ولا ثم ولا فيم ولا لم انى ولا حيث ولا كيف قال صدقت فكم مقدار ما لبث الله عرشه على الماء من قبل ان يخلق الارض والسماء فقال له اتحسن ان تحسب قال نعم فقال (ع) لعلك لا تحسن قال لا بل اني لاحسن الحساب فقال (ع) ارأيت لو صب خردل في الارض حتى سد الهواء ما بين الارض والسماء ثم اذن لمثلك ان تنقله على ضعفك حبة حبة من المشرق الى المغرب ثم مد في عمرك واعطيت القوة على ذلك حتى تنقله واحصيته لكان ذلك ايسر من احصاء عدد اعوام ما لبث عرشه على الماء من قبل ان يخلق الارض والسماء وانما وصفت لك بعض عشر عشير العشير من جزء مأة الف جزء واستغفر الله من التقليل في التحديد قال فحرك الرجل راسه وقال اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله. وروى محمد بن عليل الحائري في مزاره باسناده عن يونس بن ابي وهب القصري قال: دخلت المدينة فاتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت جعلت فداك اتيتك ولم ازر قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال بئسما صنعت فلو لا أنت من شيعتنا ما نظرت اليك الا تزور من يزوره الله مع الملائكة ويزوره المؤمنون قلت جعلت فداك ما علمت ذلك قال فاعلم ان أمير المؤمنين (ع) افضل عند الله من الأئمة كلهم وله ثواب اعمالهم وعلى قدر اعمالهم فضلوا وروى الفضل بن شاذان في كتاب القائم ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال على منبر الكوفة والله اني لديان الناس يوم الدين وقسيم الله بين الجنة والنار لا يدخلهما داخل الا على احد قسمي وانا الفاروق الاكبر والقرن من حديد وباب الايمان وصاحب المسيم وصاحب السنين وصاحب النشر الاول والنشر الاخر وصاحب القضاء وصاحب الكرات ودولة الدول وانا الامام لمن بعدي والمؤدي عمن قبلي لايتقد مني الا أحمد صلوات الله


[ 90 ]

عليه واله فان جميع الملائكة والرسل والروح خلفنا وان رسول الله (ص) ليدعى فينطق وادعى فانطق على حد منطقه ولقد اعطيت السبع التي لم يسبق إليها احد قبلي بصرت سبل الكتاب وفتحت لي الاسباب وعلمت الانساب ومجرى الحساب وعلمت المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب ونظرت في الملكوت فلم يعزب عني شئ غاب عني لم يفتني ما سبقني ولم يشركني احد فيما اشهدني يوم شهادة الاشهاد وانا الشاهد عليهم وعلى بدي يتم موعد الله وتكمل كلمته وبي يكمل الدين وانا النعمة التي انعمها الله على خلقه وانا الاسلام الذي ارتضاه لنفسه كل ذلك من من الله تعالى. وروى محمد بن يعقوب باسناده عن يونس بن رباط قال دخلت انا وكامل التمار على ابي عبد الله عليه السلام فقال له كامل التمار جعلت فداك حديث رواه فلان فقال عليه السلام اذكره قال حدثني ان النبي (ص) حدث عليا عليه السلام بالف باب في يوم توفي فيه كل باب يفتح منه الف باب فذلك الف الف باب فقال عليه السلام قد كان ذلك فقلت جعلت فداك افظهر من ذلك لمواليكم وشيعتكم فقال يا كامل باب أو بابان قلت جعلت فداك فما نروي من فضلكم من الف الف باب الا بابا أو بابين فقال (ع) وما عسيتم ان ترو وامن فضلنا الا الفاغير معطوفة. وروى محمد بن بابويه رحمه الله في كتاب عيون الاخبار باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما اسري بي الى السماء اوحى الى ربي جل جلاله يا محمد اني اطلعت الى الارض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبيا وشققت لك من اسمى اسما فإذا المحمود


يقول شير محمد قال العلامة المجلسي (ره) في البحار (ج 7 في باب نفى الغلو) بعد ذكر مثل الحديث (قوله (ع) غير معطوفة اي نصف حرف كناية عن نهاية القلة فان الالف بالخط الكوفي نصفه مستقيم ونصفه معطوف هكذا (ا) وقيل الف ليس بعدها شئ وقيل الف ليس قبلها صفر اي باب واحد والاول هو الصواب والمسموع من اولى الالباب)

[ 91 ]

وانت محمد ثم اطلعت ثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من اسمى فانا العلي الاعلى وهو علي وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نور كما، ثم عرضت ولايتكما على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم يأتي جاحدا لو لا يتهم ما اسكنته جنتي ولا اظللته تحت عرشي يا محمد اتحب ان تراهم قلت نعم يا رب فقال عزوجل ارفع راسك فرفعت راسي فإذا انا بانوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ابن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن وهو قائم في وسطهم كأنه كوكب دري لت يا رب من هؤلاء قال هؤلاء الأئمة والقائم هذا الذي يحل حلالي ويحرم حرامي به انتقم من اعدائي وهو راحة اوليائي وهو الذي يشفى قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنة الناس يومئذ اشد من فتنة العجل والسامري. وروى فيه ايضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اثنى عشر من أهل بيتي اعطاهم الله تعالى فهمي وعلمي وحكمتي وخلقهم من طينتي فويل للمتكبرين عليهم بعدي القاطعين فيهم صلتي ما لهم لا انا لهم الله شفاعتي وروى فيه باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال في جناح كل هدهد خلقه الله عزوجل مكتوب بالسريانية آل محمد خير البرية. وروى فيه باسناده عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال ان الله عزوجل قال انا الله لا اله انا خلقت الخلق بقدرتي فاخترت منهم من شئت من انبيائي واخترت من جميعهم محمدا خليلا وحبيبا وصفيا فبعثته رسولا الى خلقي واصطفيت له عليا فجعلته له اخا ووصيا ووزيرا ومؤديا عنه من بعده الى خلقي وخليفتي على عبادي يبين لهم كتابي ويسير فيهم بحكمي وجعلته العلم الهادي من الضلالة وبابي الذي اوتي منه وبيتي الذي من


[ 92 ]

دخله كان آمنا من ناري وحنى الذي من لجأ إليه حصنته من مكروه الدنيا والاخرة ووجهي الذي من توجه إليه لم اصرف عنه وجهي حجتي في السموات والارضين على جميع من فيهن من جميع خلقي لا اقبل عمل عامل منهم الا بالاقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي وهو يدي المبسوطة على عبادي وهو النعمة التي انعمت بها على جميع احببته من عبادي فمن احببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومن ابغضته من عبادي ابغضته لعدوله عن معرفته وولايته فبعزتي حلفت وبحلالي اقسمت انه لا يتولى عليا عبد من عبادي الا زحزحته عن النار وادخلته الجنة ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته الا ابغضته وادخلته النار وبئس المصير. وروى فيه باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة. وروى يه باسناده عن رسول الله صلى الله علهى واله انه قال أخبرني جبرئيل عن الله عز اسمه الجليل انه قال علي بن ابي طالب حجتي على خلقي وديان ديني اخرج من صلبة أئمة يقومون بامري ويدعون الى سبيلى بهم ادفع البلاء عن عبادي وامائي وبهم انزل رحمتي وروى فيه عن رسول الله (ص) انه قال الأئمة من ولد الحسين من اطاعهم فقد اطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله العروة الوثقي وهم الوسيلة الى الله. وروى فيه عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال أنت يا علي وولدك خيرة الله من خلقه. وروى فيه عنه صلى الله عليه واله انه قال الحسن والحسين خير أهل الارض بعدي وبعد ابيهما وامهمإ، افضل نساء أهل الارض. وروي فيه عنه صلى الله عليه واله وسلم انه قال انا مدينة العلم وعلى بابها. وروى فيه عنه صلى الله عليه واله وسلم انه قال ان الله عزوجل اطلع الى أهل الارض اطلاعة فاختارني ثم اطلع الثانية فاختارك يا علي بعديى فجعلك القائم بامر أمتي بعدي وليس احد بعدنا مثلنا. وروى فيه باسناده عن الحسن بن الجهم قال حضرت مجلس المأمون


[ 93 ]

يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع عنده الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال يابن رسول الله باي شئ تصح الامامة لمدعيها قال (ع) بالنص والدليل قال فدلالة الامام فيم هي قال (ع) في العلم واستحبابة الدعوة قال فما وجه اخباركم بما يكون قال (ع) في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه اخباركم بما وجه اخباركم بما في قلوب الناس قال (ع) له اما بلغك قول رسول الله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال بلى قال عليه السلام فما من مؤمن الاوله فراسة لنظره بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع الله في الأئمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين قال تعالى في كتابه العزيز (ان في ذلك لايات للمتوسمين) فاول المتوسمين رسول الله (ص) ثم أمير المؤمنين من بعده ثم الحسن ثم الحسين ثم الأئمة من ولد الحسين الى يوم القيامة قال فنظر إليه المأمون وقال يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت فقال الرضا عليه السلام ان الله تعالى قد ايدنا بروح منه مقدسة مطرهة لم تكن مع احد ممن مضى الا مع رسول الله (ص) وهي مع الأئمة منا تسددهم وتوفقهم وهي عمود من نور بين الله وبينهم وليست بملك وروى فيه باسناده عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع بمجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون اخبروني عن معنى هذه الآية (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فقالت العلماء اراد الله تعالى في ذلك الامة كلها فقال المأمون ما تقول يا أبا الحسن فقال عليه السلام لا اقول كما قالوا ولكني اقول اراد تعالى بذلك العترة الطاهرة فقال المأمون وكيف عنى العترة دون الامة فقال الرضا عليه السلام لو اراد الامة لكانت باجمعها في الجنة لقول الله عزوجل (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير. وروى في كتاب الامالي الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي


[ 94 ]

رحمه الله باسناده عن عبد الله بن مسعود قال رأيت رسول الله (ص) وكفه في كف علي بن ابي طالب عليه السلام وهو يقلبه فقلت يا رسول الله ما منزلة علي منك فقال صلى الله عليه واله وسلم كمنزلتي من الله تعالى. وروى فيه باسناده عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي (ص) إذ اقبل علي بن ابي طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم قد اتاكم اخي ثم التفت الى الكعبة فضربها بيده ثم قال والذي نفسي بيده ان هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة انه اولكم ايمانا معي واوفاكم بعهد الله واقومكم بامر الله واعدلكم في الرعية واقسمكم بالسوية واعظمكم عند الله مزية فنزلت (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك خير البرية) قال: فكان اصحاب محمد صلى الله عليه واله إذا جاء علي (ع) قالوا قد جاء خير البرية. وروى فيه باسناده الى الاصبغ بن نباته، قال: سمعت الاشعث بن قيس الكندي وجوهر الكلبي قالا لعلي عليه السلام يا أمير المؤمنين حدثنا في خلواتك أنت وفاطمة قال (ع) نعم بينما انا وفاطمة في كساء إذا اقبل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نصف الليل وكان يأتيها بالتمر واللبن ليعينها على الغلامين فدخل بيننا ووضع رجلا بحيالي ورجلا يحيا لها فبكت فاطمة فقال لها ما يبكيك يا بنية فقالت حالنا كما ترى في كساء نصفه تحتنا ونصفه فوقنا فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا فاطمة اما تعلمين ان الله تعالى اطلع اطلاعة من سمائه الى ارضه فاختار منها أباك فاتخذه نبيا صفيا وبعثه برسالته وائتمنه على وحيه، يا فاطمة أو ما تعلمين ان الله اطلع اطلاعة ثانية من سمائه الى ارضه فاختار منها بعلك وامرني ان ازوجه اياك واتخذه وصيا، يا فاطمة أو ما تعلمين ان العرش سأل ربه ان يزينه بزينة لم يزين بها شيئا من خلقه فزينه بالحسن والحسين ركنين من اركان الجنة. وروى فيه باسناده الى ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص) يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي ابن ابي طالب


[ 95 ]

ادخلا الجنة من حبكما وادخلا النار من ابغضكما وذلك قوله تعالى (القيا في جهنم كل كفار عنيد). وروى فيه باسناده عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه الا من معه جواز فيه ولاية علي بن ابي طالب. وروى فيه باسناده عن عطية العوفي قال سألت جابر بن عبد الله عن علي بن ابي طالب عليه السلام فقال ذاك خير البشر وروى فيه باسناده عن المفضل عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الله عزوجل جعل عليا علما بينه وبين خلقه ليس بينهم علم غيره فمن اقر بولايته كان مؤمنا ومن جحدها كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه كان مشركا ومن جاء بولايته دخل الجنة ومن انكرها دخل النار وفى حديث آخر ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا. وروى علي بن عيسى رحمه الله في كتاب كشف الغمة عن انس قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا اقبل علي بن ابي طالب فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم انا وهذا حجة الله على خلقه وفيه قال رسول الله (ص) خلق الله من نور وجه علي بن ابي طالب سبعين الف ملك يستغفرون لمحبيه الى يوم القيامة. وفيه عن مسروق قال دخلت على عايشة فقالت لي من قتل الخوارج فقلت قتلهم علي بن ابي طالب فسكتت فقلت لها يا أم المؤمنين اني انشدك الله وبحق نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم ان كنت سمعت من رسول الله شيئا في ذلك فاخبرينيه فقالت سمعت رسول الله يقول هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة واعظمهم عند الله يوم القيامة وسيلة. وفيه عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول وقد سئل باي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج فقال خاطبني بلغة علي بن ابي طالب فالهمني ان قلت يا رب أنت خاطبتني أم علي فقال يا أحمد انا شي ليس كالاشياء لا اقاس بالناس ولا أو صف بالاشياء، خلقتك من نوري


[ 96 ]

وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك فلم اجد احدا احب من علي بن ابى طالب الى قلبك فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك. وفيه عن اسماء بنت عميس قالت سمعت سيدتي فاطمة عليها السلام تقول ليلة دخل بي علي افزعني في فراشي فقلت مم فزعت يا سيدة النساء قالت سمعت الارض تحدثه ويحدثها فاصبحت وانا فزعة فاخبرت ابى (ص) فسجد سجدة طويلة ثم رفع راسه وقال يا فاطمة ابشر بطيب النسل فان الله عزوجل فضل بعلك على سائر خلقه وامر الارض ان تحدثه باخبارها وما يجرى على وجهها من مشرق الارض الى مغربها. وروى الخوارزمي في كتابه عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) لو ان الرياض اقلام والبحر مداد والجن حساب والانس كتاب ما احصوا فضائل علي بن ابى طالب عليه السلام وروى فيه عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: قال لي رسول الله يوم فتحت خيبر لو لا ان تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لاتمر بملأ من المسلمين الا اخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك ليستشفوا به ولكن حسبك ان تكون مني وانا منك ترثني وارثك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا بنى بعدى وأنت تؤدى ديني وتقاتل على سنتي وأنت في الاخرة اقرب الناس مني وأنت غدا على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين وأنت اول من يرد علي الحوض وأنت اول من يدخل الجنة من أمتي وان شيعتك على منابر من نور رواء مرويين مبيضة وجوههم حولي اشفع لهم فيكونون في الجنة جيراني وان عدوك ظما مظمأون مسودة وجوههم مقمحون حربك حربى وسلمك سلمي وسرك سرى وعلانيتك علانيتي وسريرة صدرك سريرة صدري وأنت باب علمي وان ولدك ولدى ولحمك لحمي ودمك دمى وان الحق معك والحق على لسانك وبين عينيك والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمى وان الله امرني ان ابشرك انك وعترتك في


[ 97 ]

الجنة وان عدوك في النار لايرد الحوض على مبغض لك ولا يغيب عنه محب لك. قال علي (ع) فحررت لله سبحانه ساجدا وحمدته على ما انعم به علي من الاسلام والقران وحببني الى خاتم النبيين وسيد المرسلين (ص) وروى فيه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله ان الله تعالى لما خلق السموات والارض دعاهن فاجبنه فعر ضعليهن نبوتي وولاية علي بن ابى طالب فقبلتها ثم خلق الخلق وفوض الينا امر الدين فالسعيد من سعد بنا والشقي من شقى بنا نحن المحللون لحلاله والمحرمون لحرامه. وروى فيه عن سلمان قال سمعت حبيبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم يقول كنت انا وعلي نورا بين يدي الله عزوجل مطيعا يسبح الله ويقدسه قبل ان يخلق آدم ثم ركب ذلك النور في صلبه فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب فجزأنا وجزء علي. وروى فيه قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كنت انا وعلي نورا بين يدي الله عزوجل قبل ان يخلق آدم باربعة عشر الف عام فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه فلم يزل الله ينقله من صلب الى صلب حتى اقره في صلب عبد المطلب فقسمه قسمين قسما في صلب عبد الله وقسما في صلب ابى طالب فعلي منى وانا منه لحمه لحمي ودمه دمي فمن احبه فبحبي احبه ومن ابغضه فببغضي ابغضه. وروى فيه عن جابر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فتذاكر اصحابه الجنة فقال عليه السلام ان اول أهل الجنة دخولا إليها علي بن ابي طالب فقال أبو دجانة الانصاري يا رسول الله الست اخبرتنا ان الجنة محرمة على الانبياء حتى تدخلها أنت وعلى الامم حتى تدخلها امتك قال بلي يا أبا دجانة اما علمت ان لله تعالى لواء من نور وعمودا من ياقوت مكتوب على ذلك اللواء لا اله الا الله محمد رسول الله آل محمد خير البرية وصاحب اللواء هذا امام القوم وضرب بيده الى علي عليه السلام فسر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا عليه السلام فقال علي عليه السلام


[ 98 ]

الحمد لله الذي اكرمنا وشرفنا بك يا رسول الله فقال له ابشر يا علي ما من عبد ينتحل مودتك الا بعثه الله تعالى معنا يوم القيامة في مقعد صدق عند مليك مقتدر. وروى الجلودي في كتاب الخطب خطبة لأمير المؤمنين (ع) من جملتها ايها الناس سلوني قبل ان تفقدوني انا يعسوب المؤمنين وغاية السابقين ولسان المتقين وخاتم الوصيين وخليفة رب العالمين انا قسيم النيران انا صاحب الجنان انا صاحب الاعراف انا صاحب الحوض انه ليس منا امام الا وهو عارف بجميع اوليائه وانا الهادي بالولاية. ومما يدل على تفضيل محمد واله صلوات الله عليهم على جميع اوليائه ورسله قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب) فروى عن مولانا الصادق (ع) ان المراد بالغيب هنا ثلاثة اشياء يوم قيام القائم ويوم الكرة ويوم القيامة من آمن بها فقد آمن بالغيب، وهذا بعينه هو معنى قوله تعالى (وذكرهم بايام الله) وروى عن الصادق (ع) ان ايام الله ثلاثه يوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة. وروى الخوارزمي في مناقبه باسناده عن أمير المؤمنين (ع) قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان الله تعالى جعل لاخى فضائل لا تحصى كثرة فمن ذكر فضيلة من فضائلة مقرا بها له غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن كتب فضيلة من فضائلة لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقى لتلك الكتابة رسم ومن استمع الى فضيلة من فضائلة غفر الله له بالاستماع لها الذنوب التي اكتسبها بالسمع ومن نظر الى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر، ثم قال (ص) النظر الى علي بن ابى طالب عبادة وذكره عبادة ولا يقبل الله ايمان عبد الا بولايته والبراءة من اعدائه. وروى فيه باسناده الى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علي مني مثل راسي من بدني ومما يدل على تفضيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سائر من مضى


[ 99 ]

ومن يأتي ما رواهالخوارزمي عن ابن عباس قال لما قتل علي (ع) عمرو بن عبد ود اتى الى النبي صلى الله عليه واله وسلم وسيفه يقطر دما فلما راه النبي (ص) كبر وكبر المسلمون فقال رسول الله (ص) اللهم اعط عليا فضيلة لم تعطها احدا قبله ولا تعطيها احدا بعده فهبط جبرئيل (ع) ومعه اترجة من الجنة فقال له ان الله جل جلاله يقرء عليك السلام ويقول لك، حي بهذه علي بن ابى طالب فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب عليها سطران بالخضرة تحية من الله الغالب الى علي بن ابي طالب. وروى فيه عن محمد بن الحنفية قال: قال النبي (ص) لما عرج بى الى السماء رأيت في السماء الرابعة أو السادسة ملكا نصفه من نار ونصفه من ثلج وفى جبهته مكتوب ايد الله محمدا بعلي فبقيت متعجبا فقال لي ذلك الملك مم تعجب كتب الله في جبهتي ما ترى قبل خلق الدنيا بالفى عام. وروى فيه باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم نمشي في طرق المدينة فمررنا بنخل من نخلها فصاحت نخلة باخرى هذا محمد المصطفى وعلي المرتضى ثم جزنا فصاحت ثانية بثالثة هذا موسى واخوه هارون ثم جزنا فصاحت رابعة بخامسة هذا نوح وابراهيم ثم جزنا فصاحت خامسة بسادسة هذا محمد سيد النبيين وعلي سيد الوصيين فتبسم النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم قال يا علي انما سمي نخل المدينة صيحاني لانه صاح بفضلي وفضلك وعن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ليلة اسرى بى الى السماء دخلت الجنة فرأيت نورا ضرب به وجهي فقلت لجبرئيل ما هذا النور الذي رأيته قال يا محمد ليس هذا نور الشمس ولا نور القمر ولكن جارية من جواري علي بن ابى طالب اطلعت من قصرها ونظرت اليك فضحكت وهذا النور خرج من فيها وهي تدور في الجنة


يقول شير محمد واورده صاحب تأويل الايات نقلا عن الحافظ ابى منصور شهردار بن شيرويه باسناده الى ابن عباس وفيه (تحفة) بدل تحية

[ 100 ]

الى ان يدخلها أمير المؤمنين. وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال نزل علي جبرئيل صبيحة يوم فرحا مستبشرا فقلت حبيبي اراك فرحا مستبشرا فقال وكيف لا اكون كذلك وقد قرت عيني بما اكرم الله به اخاك ووصيك وامام أمتك علي بن ابى طالب قلت بماذا اكرم الله سبحانه أخى وامام أمتي قال بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه وقال يا ملائكتي انظروا الى حجتي في خلق ارضي بعد نبي محمد وقد عفر وجهه في التراب تواضعا لعظمتي اشهدكم انه امام خلقي ومولى بريتي وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال إذا كان يوم القيامة اقامني الله عز وجل وجبرئيل على الصراط فلا يجوز احد الا من كان معه يراءة من علي بن ابى طالب وقال أمير المؤمنين عليه السلام دخلت يوما منزلي فإذا رسول الله (ص) والحسن عن يمينه والحسين عن يساره وفاطمة بين يديه وهو يقول يا حسن يا حسين انتما كفتا الميزان وفاطمة لسانه ولا يعتدل الكفتان الا باللسان ولا يقوم اللسان الا بالكفتين انتما الامامان ولامكما الشفاعة ثم التفت الي فقال يا أبا الحسن أنت توفي، المؤمنين اجورهم وتقسم الجنة بين اهلها. وروى سعد الاربلي في كتاب الاربعين قال وجد في ذخيرة احد حواري المسيح (ع) رق مكتوب بالقلم السرياني منقول من التوراة انه لما تشاجر موسى والخضر في قضية السفينة والجدار والغلام ورجع موسى الى قومه سأله هارون عما استعمله من الخضر وشاهده من عجائب البحر فقال بينما انا والخضر على شاطئ البحر إذ سقط بين ايدينا طائر فاخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق ثم اخذ ثانية ورمى بها نحو المغرب ثم اخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء ثم اخذ رابعة ورمى بها نحو الارض ثم اخذ خامسة وعادها الى البحر فبهتنا لذلك وسألت الخضر فلم يجب وإذا نحن بصياد يصطاد فنظر الينا وقال مالي اراكما في فكر من الطائر وتعجب فقلنا هو ذاك فقال انا رجل صياد وقد فهمت اشارته


[ 101 ]

وانتما نبيان ولا تعلمان فقلنا لا نعلم الا ما علمنا الله عزوجل فقال هذا طائر في البحر يسمى مسلما اشار برمي الماء من منقاره الى نحو المشرق والمغرب والسماء والارض ورميه في البحر الى انه يأتي في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب وأهل السماء والارض عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة في البحر ويرث علمه ابن عمه ووصيه فسكن ما كنا فيه من المشاجرة واستقل كل واحد منا علمه بعد ما كنا معجبين بانفسنا ثم غاب الصياد عنا فعلمنا انه ملك بعثه الله تعالى الينا يعرفنا نقصنا حيث ادعينا الكمال. وروى فيه عن سلمان الفارسي قال كنا عند رسول الله فاتى إليه اعرابي من بني عامر فوقف وسلم سلاما حسنا ثم قال: ايكم رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انا يا اعرابي فقال جاء منك رسول يدعونا الى الاسلام فاسلمنا ثم الى الصلاة والصيام والجهاد فرأينا ذلك حسنا ثم نهانا عن الزنا والسرقة والمنكر فرأينا ذلك حسنا ففعلنا ذلك وانتهينا عن هذا فقال لنا رسولك علينا ان نحب صهرك علي بن ابي طالب فما السر في ذلك وما نراه عبادة فقال رسول الله (ص) ذلك لخمس خصال، اولها اني كنت يوم (بدر) جالسا بعد ان غزونا فهبط جبرئيل وقال ان الله تعالى يقرئك السلام ويقول باهيت اليوم بعلي ملائكتي وهو يجول بين الصفوف ويقول الله اكبر والملائكة تكبر معه فوعزتي وجلالي لا الهم حبه الا من احبه ولا الهم بغضه الا من ابغضه والثانية اني كنت يوم (احد) جالسا وقد فرغنا من جهاز عمي حمزة فأتاني جبرئيل وقال ان الله يقول يا محمد فرضت الصلاة ووضعتها عن المريض، وفرضت الصوم ووضعته عن المريض والمسافر، وفرضت الحج ووضعته عن المقل المدقع، وفرضت الزكاة ووضعتها عمن لا يملك النصاب وجعلت حب علي بن ابي طالب ليس فيه رخصة. والثالثة انه ما انزل الله كتابا ولا خلق خلقا الا جعل له سيدا فالقران سيد الكتب المنزلة وجبرئيل سيد الملائكة أو قال اسرافيل وانا سيد الانبياء


[ 102 ]

وعلي سيد الاوصياء ولكل امرئ من عمله سيد وجي وحب علي سيد ما تقرب به المتقربون من طاعة ربهم. والرابعة ان الله تعالى القي في روعي ان حب علي شجرة طوبى التي غرسها الله بيده. والخامسة ان جبرئيل اخبرني انه إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر عن يمين العرش والنبيون كلهم عن يساره ونصب لعلي كرسي الى جانبي اكراما له ومن هذه خصاله افما ترى لقومك ان يحبوه ويحبوا الى ذلك فقال الاعرابي سمعا وطاعة وروى الثعلبي في تفسيره عن ابن عباس مرفوعا في قوله تعالى (طوبى لهم وحسن ماب) قال طوبى هي شجرة اصلها في دار علي عليه السلام في الجنة وفي دار كل مؤمن منها عضن وحسن ماب، قال: حسن المرجع وعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: ان طوبى شجرة غرسها الله تعالى بيده ونفخ فيها من روحه تنبت الحلى والحلل وان اغصانها لترى من وراء سور الجنة اصلها في داري فقيل يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة اصلها في دار علي ثم سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة اصلها في داري فقال (ص) داري ودار علي غدا واحدة في مكان واحد وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن جابر عن رسول الله (ص) قال رأيت مكتوبا على باب الجنة لا اله الا الله محمد رسول الله علي اخوه وروى فيه عن ابن عمر قال آخى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بين اصحابه فجاء علي عليه السلام تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين اصحابك ولم تواخ بيني وبين احد قال فسمعت رسول الله (ص) يقول له أنت اخي في الدنيا والاخره وروى عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان لله تعالى بالمشرق مدينة يقال لها جابلقا لها اثنا عشر الف باب من ذهب ما بين كل باب الى صاحبه فرسخ على كل باب برج فيه اثنا عشر الف مقاتل يهيؤن الخيل ويشهرون السيوف والسلاح ينتظرون قيام قائمنا واني الحجة عليهم.


[ 103 ]

وروى عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ميراث العلم ما مبلغه اجوامع هو من العلم ام تفسير كل شئ من هذه الامور التي نتكلم فيها فقال (ع) ان لله عزوجل مدينتين مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب فيهما قوم لا يعرفون ابليس ولا يعلمون بخلق ابليس نلقاهم في كل حين فيسالونا عما يحتاجون إليه فنعلمهم ويسالونا عن قائمنا متى يظهر وفيهم عبادة واجتهاد شديد ولمدينتهم ابواب ما بين المصراع الى المصراع مأة فرسخ لهم تقديس وتمجيد ودعاء واجتهاد شديد لو رأيتهم لحقرت عملكم يصلى الرجل منهم شهرا لا يرفع راسه من سجدته طعامهم التسبيح ولباسهم الورع ووجوههم مشرقة بالنور وإذا رأوا منا واحدا احتوشوه واجتمعوا إليه واخذوا من اثره من الارض يتبركون به لهم دوى إذا صلوا كاشد من دوى الريح العاصف فيهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا يدعون الله ان يريهم اياه يعمر احدهم الف سنة إذا رأيتهم رأيت الخشوع والاستكانة وطلب ما يقربهم من الله إذا احتسبنا عنهم ظنوا ان ذلك من سخط يتعاهدون اوقاتنا التي نأتيهم فيها لا يسامون ولا يفترون يتلون كتاب الله عزوجل كما علمناهم وان فيما نعلمهم ما لو تلى على الناس لكفروا به ولا نكروه ويسألونا عن الشئ إذا ورد عليهم من القرآن لا يفهمونه فإذا اخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يسمعونه منا وسألوا لنا طول البقاء وان لا يفقدونا ويعلمون ان المنة من الله تعالى عليهم فيما نعلمهم به عظيمة ولهم خرجة مع الامام إذا قام يسبقون فيها اصحاب السلاح منكم ويدعون الله تعالى ان يجعلهم ممن ينتصر به لدينه فيهم كهول وشباب إذا رأى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد لا يقوم حتى يأمره فإذا امرهم الامام بامر قاموا إليه ابدا حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره لو انهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب لافنوهم في ساعة واحدة لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب احدهم بسيفه جبلا لقده حتى يفصله ويغزو بهم الامام الهند والديلم والكرد والروم


[ 104 ]

وبربر وفارس وبين جابرسا الى جابلقا وهما مدينتان واحدة بالمشرق وواحدة بالمغرب لا ياتون على أهل دين الا دعوهم الى الله تعالى والى الاسلام والتوحيد والاقرار بمحمد (ص) وولايتنا أهل البيت فمن اجاب منهم ودخل في الاسلام تركوه وامروا عليه اميرا منهم ومن لم يجب ولم يقر بمحمد (ص) وبالاسلام قتلوه حتى لا يبقى بين المشرق والمغرب احد الا آمن وروى عن الحسن بن علي عليهما السلام انه قال ان لله عزوجل مدينتين احداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب عليهما سور من حديد يدور على كل واحدة منهما سبعون الف الف مصراع ذهبا وفيهما الف الف لغة كل لغة بخلاف الاخرى وانا اعرف جميع اللغات وليس بينهما حجة غيرى وغير الحسين اخى. وروى عنه عليه السلام ايضا في رواية اخرى انه قال ان لله مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب على كل واحدة سور من حديد في كل سور سبعون الف مصراع ذهبا يدخل من كل مصراع سبعون الف لغة آدمي ليس فيها لغة الا مخالفة للاخرى وما منها لغة الا وقد علمناها وما فيهما وما بينهما ابن بنت نبى غيري وغير اخي واني حجة الله عليهم. وروى عن ابى عبد الله (ع) قال ان لله عزوجل اثنى عشر الف عالم كل عالم منهم اكبر من سبع سموات وسبع ارضين لا يرى كل عالم منهم ان لله تعالى عالما غيره واني الحجة عليهم. وروى عنابن عباس انه قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه واله مكة ورفع الهجرة إذ قال لا هجرة بعد الفتح قال لعلي عليه السلام إذا كان الغد كلم الشمس لتعرف كرامتك على الله تعالى فلما كانت الغداة جاء علي عليه السلام الى مشرق الشمس حين طلعت فقال السلام عليك ايها العبد المطيع لربه فقالت الشمس وعليك يا أخا رسول الله ووصيه السلام ابشر فان رب العزة يقرئك السلام ويقول لك ابشر فان لك ومحبيك وشيعتك ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فخر علي عليه السلام


[ 105 ]

ساجدا فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ارفع راسك يا حبيبي فقد باهى الله بك الملائكة. ومما يدل على ان مشهدهم عليهم السلام افضل المشاهد ومسجدهم افضل المساجد ما روي عن الصادق عليه السلام انه قال لا نشد الرحال الى شئ من القبور الا قبورنا أهل البيت. وروى ان رجلا جاء الى أمير المؤمنين عليه السلام وهو بجامع الكوفة فقال جئتك يا أمير المؤمنين اودعك فقال له الى اين تذهب قال ازور بيت المقدس فقال له بع راحلتك وكل زادك وصل في مسجدنا هذا فهو افضل لك. وهذا دليل افضليتهم على من سواهم. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال لما اسرى بي الى السماء رأيت على ساق العرش انا الله وحدي لا اله غيري غرست جنة عدن بيدي، محمد صفوتي ايدته بعلي خيرتي. وروى عنه (ص) ان على احد جناحي جبرئيل مكتوبا لا اله الا الله محمد النبي وعلى الآخر لا اله الا الله علي الوصي وروى في حديث صلصائيل المبشر بتزويج فاطمة من علي عليهما السلام انه قال (ص) فلما عرج نظرت إليه وإذا بين كتفيه مكتوب لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب مقيم الحجة فقلت يا صلصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك قال من قبل ان يخلق الله آدم باثنى عشر الف عام وروى عن ابي هريرة قال: قال رسول الله (ص) مكتوب على العرش لا اله الا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي ايدته بعلي بن ابي طالب قال وذلك قوله تعالى في كتابه (هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين) يعني بعلي بن ابي طالب. وروى انه (ص) قال ليلة اسرى بي الى السماء امر الله عزوجل بعرض الجنة والنار علي فرأيتهما جميعا رأيت الجنة والوان نعيمها ورأيت ورأيت النار والوان عذابها ورأيت على كل باب من ابواب الجنة الثمانية مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله وروى انه (ص) قال ان الله لما خلق السموات والارض دعاهن


[ 106 ]

فاجبنه ثم عرض عليهن نبوتي وولاية علي بن ابي طالب فقبلنهما ثم خلق الخلق وفوض الينا أمر الدين فالسعيد من سعد بنا والشقي من شقى بنا نحن المحللون لحلاله تعالى والمحرمون لحرامه. وروى انه صلى الله عليه واله وسلم قال لو علم الناس انه متى سمي علي أمير المؤمنين ما انكروا فضله، سمي وآدم بين الروح والجسد قال الله تعالى (وإذا اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى قال فانا ربكم ومحمد نبيكم وعلي أميركم. وروى عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال ان الله عزوجل كان إذ لا كان فخلق الكان والمكان وخلق نور الانوار الذي نورت منه الانوار واجري فيه من نوره الذي نورت منه الانوار وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا فلم يزالا نورين اولين لم يكون شئ قبلهما ولم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة حتى افترقا في اطهر طاهرين في عبد الله، وابي طالب وهما اخوان لام واحدة ابنا عبد المطلب. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال ليلة اسرى بى الى السماء جاوزت الحجب حتى دنوت من ربى جل جلاله فلم يبقى بيني وبين ربي الاحجاب النور وهو يتلألأ فأوحى الي يا أحمد قلت لببيك فقال من خلفت على أمتك قلت خيرها فقال خلفت عليها علي بن ابى طالب وانا اعلم قلت نعم يا رب فأوحى الي يا محمد اني اطلعت الى الارض اطلاعة فاخترتك منها نبيا فلا اذكر الا وانت معي وشققت لك اسما من اسمى فانا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الى الارض اطلاعة اخرى فاخترت منها عليا فجعلته وصيك وشققت له اسما من اسمائي فانا الاعلى وهو علي فانت سيد الانبياء وهو سيد الاوصياء خلقتك من نوري وخلقته من نورك وخلقت فاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين من نور كما ثم عرضت ولايتكم على خلقي فمن قبلها كان من المقربين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ومن جحدها كان من الكافرين، يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى يتقطع اربا


[ 107 ]

اربا ثم لقيني جاحدا لو لا يتكم لأخلته النار وعذبته العذاب الا ليم، يا محمدا تحب ان ترى صورة شبحك واشباح خلفائك من بعدك علي واحد عشر اماما من ذريته قلت نعم يا رب فأوحى تعالى الى ان تقدم امامك فتقدمت فإذا انا باشباح من نور يتلألأ مكتوب عليها بالنور اسمائنا وهي محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن وهو في وسطهم شبيه الكوكب الدري فقلت يا رب من هؤلاء فأوحى الي ان يا محمد هذه ابنتك والخلفاء من ولدها من ذرية وصيك علي وهذا الذي بينهم كالكوكب الدري هو القائم المهدي يهدى أمتك الى الايمان ويخرجها من الضلالة والطغيان املأ به الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا قلت يا رب ما اسمه فأوحى الي هو سميك والموفى بعهدك وهؤلاء الأئمة من ائتم بهم نجا وسلم وعذابي مقيم على من جحدهم حقهم وهم اوليائي وخلفائي وسكان جنتي وهم خيرتي من خلقي فطوبى لمن احبهم وصدقهم وويل لمن جحد حقهم وكذب بهم وروى ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال لعلي عليه السلام ليلة اسرى بى الى السماء اريت ملكوت السموات والارض وكشف لي حتى نظرت ما فيها فاشتقت اليك فدعوت الله عزوجل فإذا انت رافع رأسك الي ولم ارشيئا الا وقد رأيته. وروى انه صلي الله عليه واله وسلم قال ليلة اسرى بى الى السماء وصرت كقاب قوسين أو ادنى اوحى الله تعالى الي ان يا محمد من احب خلقي اليك فقلت يا رب أنت أعلم فقال انا أعلم ولكن اريد ان اسمعه منك فقلت ابن عمي علي بن ابي طالب فأوحى الي ان التفت فالتفت فإذا بعلي واقفا معي وقد خرقت حجب السموات له وهو رافع رأسه يسمع ما يقال فحررت لله ساجدا. وروى انه صلي الله عليه واله وسلم قال اعطاني الله جل جلاله خمسا واعطى عليا خمسا اعطاني جوامع الكلم واعطى


[ 108 ]

عليا جوامع العلم وجعلني نبيا وجعله وصيا واعطاني الوحى واعطاه الالهام واسري بي إليه وفتح له ابواب السماء والحجب حتى نظر الي ونظرت إليه واعطاني الكوثر واعطاه السلسبيل. قال: ابن عباس ثم بكى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فقلت ما يبكيك فداك ابي وأمي، قال: يابن عباس ان اول ما كلمني به ربي ان قال يا محمد انظر تحتك فنظرت الى الحجب قد انخرقت والى ابواب السماء قد انفتحت ونرت الى علي وهو رافع راسه الي فكلمني وكلمته وكلمني ربي فقلت: يا رسول الله بم كلمك ربك قال: قال لي يا محمد اني جعلت عليا وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فاعلمة بها فها هو يسمع كلامك فاعلمته وانا بين يدي ربي عزوجل فقال قد قبلت ذلك واطعت فامر سبحانه الملائكة ان تسلم عليه ففعلت ورد عليهم السلام فرأيت الملائكة تتباشر به فما مررت على ملأ منهم الا هنأوني وقالوا يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله لك ابن عمك ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤسهم فسألت جبرئيل فقال انهم استأذنوا الله بالنظر إليه (ع) فاذن لهم فلما عدت جعلت اخبر عليا وهو يخبرني فعلمت اني لم اطأ موطا الا وقد كشف له عنه. قال: ابن عباس فقلت يا رسول الله اوصني فقال عليك بحب علي بن ابى طالب فقلت يا رسول الله اوصني فقال عليك بمودة علي بن ابي طالب فو الذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي وهو تعالى اعلم فان جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه وان لم يجئ بولايته لم يسأله عن شئ وامر به الى النار، يابن عباس والذي بعثني بالحق نبيا ان النار لاشد غضبا على مبغض علي وان الجنة لاشد سرورا بمن يحب عليا واني لاسر برؤيته ورؤية زوجته وولديها ثم بكى، فقلت بابي وأمي ما يبكيك قال: يابن عباس والذي بعثني بالرسالة واصطفاني على جميع البرية لنحن اكرم الخلق على الله تعالى وما على وجه الارض احب الي منهم


[ 109 ]

اما علي فاخي وشقيقي وصاحب الامر بعدي وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة وصاحب حوضي وشفاعتي وهو مولى كل مسلم وامام كل مؤمن وقائد كل تقي وهو وصي وخليفتي في اهلي وأمتي في حياتي وبعد وفاتي محبه محبى ومبغضه مبغضي بولايته صارت أمتي مرحومة وبعداوته صارت المخالفون له ملعونة واني بكيت حين ذكرت مصابه لاني ذكرت غدر الامة به بعدي حتى انه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله تعالى بعدي ثم لا يزال الامر به حتى انه ليضرب على قرنه اي على هامته ضربة تخضب منها لحيته في افضل الشهور (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) واما فاطمة فانها سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين وهي بضعة مني نور عينى وثمرة فؤادي وروحي التي بين جني وهي الحوراء الانسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله يزهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض فيقول الله جل وعلا يا ملائكتي انظروا الى أمتي سيدة امائي قائمة بين يدي ترعد فرائصها من خشيتي وقد اقبلت بقلبها على عبادتي اشهدكم اني قد آمنت شيعتها من النار وانى لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل بيتها وانتهكت حرمتها وغصب حقها ومنع ارثها وكسر جنبها واسقط جنينها وهي تنادي وامحمداه فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية تذكر انقطاع الوحي عنها مرة وتذكر فراقي اخرى وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تلوت القرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد ان كانت في ايامي عزيزة فعند ذلك يونسها الله تعالى بالملائكة فتناديها بما نادت به مريم ابنة عمران يا فاطمة اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض فيبعث الله تعالى إليها مريم فتؤنسها في علتها فتقول يا رب قد سئمت الحياة وتبرمت من أهل الدنيا فالحقني بابى فتقدم علي محزونة مكروبة مغصوبة مقتولة


[ 110 ]

فاقول اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها واذل من اذلها وخلد في النار من ضرب جنبها حتى القت ولدها فتقول الملائكة آمين. واما الحسن فانه ابني وولدي وقرة عيني وهو احد سيدي شباب اهل الجنة وحجة الله تعالى على الامة امره امري وقوله قولي من تبعه فهو مني ومن عصاه فانه ليس مني وانى لما نظرت إليه ذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي فلا يزال الامر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ويبكيه كل شئ حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء فمن بكى عليه لم تعم عينه ابدا يوم تعمى العيون ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ومن زاره في بقعته ثبت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الاقدام. واما الحسين فانه مني وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد اخيه امام المسلمين ومولى المؤمنين وخليفة رب العالمين وغياث المستغيثين وكهف المستجيرين وحجة الله على خلقة اجمعين وهو ثاني سيدي شباب أهل الجنة وباب نجاة الامة امره امري وطاعته طلعتي من تبعه فانه مني ومن عصاه فليس مني واني لما رأيته ذكرت ما يصنع به بعدي وكأني به وقد استجار بحرمي وقبري إذ لا يجار فاضمه في منامه الى صدري وآمره بالرحلة عن دار هجرتى وابشره بالشهادة فيرتحل الى ارض مقتله وموضع مصرعه ارض كربلا فتنصره عصابة من المسلمين اولئك منسادة شهدائي يوم القيامة وكأني انظر إليه وقد رمى بسهم في نحره فيخر عن فرسه صريعا ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوما ثم بكى وقال اللهم اشكو اليك ما يلقى أهل بيتي من بعدي وقام فدخل منزله. وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: ان رسول الله (ص) خطب الناس بمسجد الخيف في حجة الوداع فقال في خطبته انى فرطكم


يقول شير محمد هذا الحديث اورده الصدوق ابن بابويه في المجلس 24 من اماليه وفيه (من سادة شهداء أمتي يوم القيامة).

[ 111 ]

وانكم واردون علي الحوض، حوض ما بين بصرى وصنعاء فيه قدحان بعدد نجوم السماء الا وانى مخلف فيكم الثقلين الثقل الاكبر القرآن والثقل الاصغر عترتي أهل بيتي وهما حبل ممدود بينكم وبين الله عزوجل فان تمسكتم به لن تضلوا فهو سبب بيد الله وسبب بايديكم، وفي رواية طرف بيد الله وطرف بايديكم ان اللطيف الخبير نبأنى انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وجمع بين سبابتيه ولا اقول كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى وروى عن ميثم الهاشمي قال بينا انا في السوق إذ اتى الاصبغ فقال ويحك لقد سمعت من أمير المؤمنين عليه السلام حديثا صعبا شديدا قلت وما هو قال سمعته يقول ان حديث أهل البيت صعب مستعصب لا يحتمله الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان فقمت من فوري واتيت عليا عليه السلام وقلت يا أمير المؤمنين حديث اخبرني به عنك الاصبغ ضقت به ذرعا فقال (ع) ما هو فاخبرته فتبسم عليه السلام وقال اجلس يا ميثم، أو كل علم يحتمله عالم ان الله قال (انى جامل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون) فهل رأيت الملائكة تحتمل ذلك قلت ان هذا اعظم من ذلك قال وان موسى بن عمران انزل الله سبحانه عليه التوراة فظن ان لا احد اعلم منه فاخبره الله تعالى ان في خلقه من هو اعلم منه وذلك انه تعالى خاف على نبيه العجب فارشده بدعائه الى العالم وجمع بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذلك موسى وقتل الغلام فلم يحتل واقام الجدار فلم يحتمل هذا في الملائكة والانبياء واما غيرهم فان نبيا صلى الله عليه واله وسلم اخذ بيدي يوم غدير خم فقال اللهم من كنت مولاه فان عليا مولاه فهل رأيت احتملوا ذلك الا من عصمه الله منهم فابشروا ثم ابشروا فان الله تعالى قد خصكم بما لا يخص به الملائكة والنبيين بما احتملتم ذلك من امر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلمه فحدثوا عن فضلنا ولا حرج وعن عظيم امرنا ولا اثم، ثم قال: قال


[ 112 ]

رسول الله صلى الله عليه واله أمرنا معاشر الانبياء تخاطب الناس على قدر عقولهم. وروى عن ابى عبد الله عليه السلام قال ان الله تعالى فضل اولى العزم من الرسل على الانبياء بالعلم وورثنا علمهم وفضلنا عليهم في فضلهم وعلم رسول الله (ص) ما لا يعلمون وعلمنا علم رسول الله (ص) ثم تلا (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) فروينا لشيعتنا فمن قبل منهم فهو افضلهم واينما تكون شيعتنا فهم معنا ثم قال ان الله تعالى اوحى الى رسوله صلى الله عليه واله وسلم علم النبيين باسره وعلمه ما لم يعلمهم واسر النبي (ص) ذلك كله الى أمير المؤمنين على عليه السلام فكان علي عليه السلام أعلم من الانبياء ثم تلا قوله تعالى (الذي عنده علم من الكتاب) ثم فرق بين اصابعه ووضعها على صدره وقال عندنا والله علم الكتاب كله. وروى عن ابن عباس انه قال سئل النبي (ص) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه فقال سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ان يتوب عليه فتاب عليه. وروى في حديث عفراء الجنة انه قال لها النبي صلى الله عليه واله وسلم اي شئ رأيت من العجائب فقالت رأيت عجائب كثيرة قال عليه السلام فما اعجب ما رأيت فقالت رأيت أبليس في البحر الاخضر على صخرة بيضاء مادا يديه الى السماء وهو يقول الهى إذا بررت قسمك وادخلتني نار جهنم فاني اسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين الا خلصتني منها فقلت له يا أبا الحرث ما هذه الاسماء التي تدعو الله بها فقال رأيتها على ساق العرش قبل ان يخلق الله آدم بسبعة الاف سنة فعلمت انهم اكرم الخلق على الله فانا اسأله بحقهم فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم والله لو اقسم أهل الارض على الله تعالى بهذه الاسماء لاجابهم الله تعالى. وروى عن جابر انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ان الله عزوجل خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين من نور ثم عصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبحنا فسبحوا وقدسنا


[ 113 ]

فقدسوا وهللنا فهللوا ومجدنا فمجدوا وحمدنا فحمدوا ثم خلق الله السموات والارض وخلق الملائكة فمكثت الملائكة مأة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا فسبحنا فسبح شيعتنا فسبحت الملائكة وقدسنا فقدست شيعتنا وقدست الملائكة. وكذلك البواقي فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا وحقيق على الله تعالى بما اختصنا واختص شيعتنا ان يزلفنا وشيعتنا في اعلى عليبن ان الله اصطفانا واصطفى شيعتا من قبل ان نكون اجساما ودعانا فاجبناه فغفر لنا ولشيعتنا من قبل ان نستغفره تعالى. ومما يدل على تفضيل محمد وآله عليهم السلام بالعلم الذي اوتوه وخصهم عليهم السلام الله عزوجل به دون انبيائه ورسله وسائر خلقه ما رواه محمد ابن يعقوب رحمه الله في الكافي عن ابي بصير قال دخلت على ابي عبد الله (ع) فقلت جعلت فداك اني اريد ان اسألك عن مسألة اهاهنا احد يسمع كلامي فرفع عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر واطلع فيه ثم قال يا أبا محمد سل عما بدالك فقلت جعلت فداك ان شيعتك يتحدثون ان رسول الله (ص) علم عليا عليه السلام بابا يفتح له منه الف باب فقال يا أبا محمد ان رسول الله (ع) علم عليا عليه السلام الف باب يفتح له من كل الف باب فقلت هذا والله العلم قال فمكث عليه السلام ساعة في الارض ثم قال انه لعلم وما هو بذاك يا أبا محمد ان عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قلت وما الجامعة قال (ع) صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واملائه من فلق فيه وخط علي عليه السلام بيمينه فيها كل حرام وحلال وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الارش في الخدش وضرب بيده الي وقال تأذن يا أبا محمد قلت جعلت فداك انما انا لك فاصنع ما شئت فغمزني بيده وقال حتى ارش هذا كأنه مغضب فقلت هذا والله العلم فقال (ع) انه لعلم وليس بذاك وسكت ساعة ثم قال وان عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر قال: قلت ما الجفر قال وعاء من آدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني اسرائيل قال: قلت ان هذا لهو العلم قال انه لعم وليس


[ 114 ]

بذاك وسكت ساعة ثم قال وان عندنا لمصحف فاطمة صلوات الله عليها وما يدريهم ما مصحف فاطمة قلت وما مصحف فاطمة (ع) قال (ع) مصحف فاطمة مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم هذا حرف واحد قلت هذا والله العلم فقال انه لعلم وما هو بذاك ثم سكت ساعة ثم قال وان عندنا لعلم ما كان وما هو كائن الى ان تقوم الساعة فقلت جعلت فداك هذا والله العلم قال انه لعلم وليس بذاك قلت جعلت فداك فاي شئ العلم قال (ع) ما يحدث بالليل والنهار الامر بعد الامر والشئ بعد الشئ الى يوم القيامة. وروى عنه عليه السلام ايضا انه لا ينزل ملك من السماء الى الارض عن الله سبحانه بامر حتى يبدأ بالامام فيعرضه عليه. وروى انه ما تسقط قطرة مطر ولا ثلجة الا ومعها ملك بوصلها حيث امر وروى عن الصادق عليه السلام انه قال والله ما يتقلب جناح طائر في الهواء أو قال في جو السماء الا ولنا فيه علم. وروى انه سأل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن قوله تعالى وكل شئ احصيناه في امام مبين فقيل اهو التوراة قال لا فقيل اهو الانجيل قال لا، هو هذا واشار الى أمير المؤمنين عليه السلام. وهذا الفضل بعده لولده الاحد عشر عليهم السلام لما تقدم من قول النبي صلى الله عليه واله وسلم والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من ولدك ولقول الصادق (ع) علمنا واحد وفضلنا واحد ونحن شئ واحد وروى محمد بن يعقوب رحمه الله في الكافي باسناده عن سيف التمار قال كنا مع ابي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال (ع) علينا عين فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر احدا فقلنا ليس علينا عين فقال ورب الكعبة ورب البنية ثلاث مرات لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما اني اعلم منهما ولأنباتهما بما ليس في ايديهما لان موسى والخضر اعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وانا اعطيت علم ما كان وما هو كائن الى ان تقوم


[ 115 ]

الساعة وقد ورثناه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وروى محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول نزل جبرئيل (ع) على محمد صلى الله عليه واله وسلم برمانتين فلفيه علي عليه السلام فقال له ما هاتان اللتان في يدك فقال اما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب واما هذه فلعلم ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نصفين فاعطى عليا عليه السلام نصفا وقال له أنت شريكي فيه وانا شريكك فيه قال (ع) فلم يعلم والله رسول الله (ص) حرفا مما علمه الله عزوجل الا وقد علمه عليا عليه السلام ثم قال (ع) وانتهى العلم الينا ووضع يده على صدره وروى انه قال أبو جعفر (ع) وجدنا في كتاب علي عليه السلام (ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) انا واهل بيتي الذين اورشا الله الارض ونحن المتقون والارض كلها لنا الى آخر الحديث وقال عليه السلام الدنيا كلها وما فيها لله تعالى ولرسوله (ص) ولنا فمن غلب على شئ منها فليتق الله وليؤد حق الله وليبر اخوانه فان لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن منه براء. وقال: أبو بصير قلت لابي عبد الله (ع) اعلى الامام زكاة فقال احلت يا أبا محمد ان الدنيا والآخرة للامام يضعهما حيث يشاء ويدفعهما الى من يشاء اجازة له من الله عزوجل ان الامام يا أبا محمد لا يبيت ليلة ولله في عنقه حق يسأله تعالى عنه. وروى عن المعلى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام مالكم من هذه الارض فتبسم عليه السلام ثم قال ان الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل وامره ان يخرق بابها مه في الارض ثمانية انهار منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ الا ما غصب عليه وان ولينا لفى اوسع مما بين ذه الى ذه يعني بين السماء والارض ثم تلا عليه السلام قل هي للذين آمنوا في الحياة


[ 116 ]

الدنيا المغصوبين عليها خالصة لهم يوم القيامة بلا غصب. وروى عن محمد بن الريان قال كتبت الى العسكري عليه السلام جعلت فداك روى لنا ان ليس لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم من الدنيا الا الخمس فجاء الجواب ان الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال رسول الله (ص) خلق الله تعالى آدم واقطعه الدنيا قطيعة فما كان لآدم فهو لرسول الله (ص) وما كان لرسول الله (ص) فهو للائمة من آل رسول الله عليه وعليهم السلام. وقال: أبو عبد الله (ع) ان جبرئيل كرى برجله خمسة انهار ولسان الماء يتبعه الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران ونهران وهو نهر بلخ فما سقت أو سقى منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا. وقال: حماد بن عيسى سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال الملائكة اكثر ام بنو آدم فقال (ع) والذي نفسي بيده الملائكة في السموات اكثر من التراب في الارض وما في السماء موضع قدم الا وفيه ملك يسبح الله ويقدسه وما في الارض شجرة ولا عودة الا وفيها ملك موكل يأتي الله بعلمها وهو اعلم بها وما منهم احد الا ويتقرب بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبينا ويلعن اعدائنا ويسأل الله ان يرسل عليهم من العذاب ارسالا وروى عن ابى جعفر عليه السلام في قول الله تعالى ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما قال عهد إليه في محمد والائمة من بعده فترك فلم يكن له عزم انهم هكذا وانما سموا اولى العزم لانه عهد إليهم في محمد والاوصياء من بعده والمهدي وسيرته فاجمع عزمهم انهم كذلك وانهم يقرون به. وروى عن ابي جعفر عليه السلام قال ان الله تبارك وتعالى حين خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا اجاجا فامتزج الماء ان فاخذ طينا من اديم الارض فعركه عركا شديدا فقال لاصحاب اليمين وهم كالذر يدبون الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال الى النار ولا أبالي ثم قال الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين


[ 117 ]

ثم اخذ الميثاق على النبيين فقال السبت بربكم قالوا بلى فقال وان محمدا رسولي وعليا أمير المؤمنين واوصيائه من بعده ولاة امري وخزان علمي وان المهدي انتصر به لديني واظهر به دولتي وانتقم به من اعدائي واعبد به طوعا وكرها فقالوا قد اقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة الخمسة من الانبياء في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الاقرار به وذلك قوله تعالى في آذم فنسى ولم نجد له عزما ثم امر تعالى نارا فنأججت فقال لاصحاب الشمال ادخلوها فهابوها وقال لاصحاب اليمين ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما فقال اصحاب الشمال يا رب اقلنا فقال قد اقلتكم اذهبوا فادخلوها فهابها فثم ثبتت الطاعة والمعصية والولاية وروى عن ابي الحسن عليه السلام انه قال ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع الصحف ولن يبعث الله تعالى نبيا الا بنبوة محمد ووصيه علي علهيما السلام. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال يا علي ما بعث الله تعالى نبيا الا وقد دعاه الى ولايتك طائنا أو كارها وروى عن ابي جعفر (ع) انه قال ان الله تبارك وتعالى اخذ ميثاق النبيين بولاية علي عليه السلام وروى عن ابي عبد الله (ع) في قوله عزوجل (فطرة الله التي فطر الناس عليها) قال (ع) على التوحيد له وعلى ان محمدا رسول الله وعلى ان عليا أمير المؤمنين عليهما السلام ومما خص الله به محمدا وآله عليهم السلام ان جعل عندهم اسماء محبيهم وشيعتهم واحدا بعد واحد، واسماء اعدائهم واحدا بعد واحد. وروى أبو بكر الحضرمي عن رجل من بني حنيفة انه دخل على علي ابن الحسين عليهما السلام يوما فرأى بين يديه صحائف ينظر فيها فقال اي شئ هذه الصحف جعلت فداك قال (ع) هذا ديوان شيعتنا قال افتأذن لي ان اطلب اسمى فيه قال (ع) نعم قال لست اقرأ وان ابن اخي على الباب فأذن له يدخل حتى يقرأ قال (ع) نعم قال الراوي ابن اخيه فادخلني


[ 118 ]

عمي فنظرت في الكتاب فاول شئ هجمت عليه اسمى فقلت اسمى ورب الكعبة قال ويحك فاين انا فجزت خمس اوست فوجدت اسم عمي فقال علي بن الحسين (ع) اخذ الله ميثاقكم فلا تزيدون ولا تنقصون ان الله خلقنا من عليين وخلق شيعتنا من طينة أسل من ذلك وخلق عدونا من سجين وخلق اوليائهم من طينة أسفل منها. وروى عن ابي جعفر عليه السلام انه قال ليس مخلوق الا بين عينيه مكتوب مؤمن أو كافر وذلك محجوب عنكم وليس بمحجوب عن الأئمة من آل محمد عليهم السلام ولم يكن يدخل عليهم احد الا عرفوه مؤمنا أو كافرا ثم تلا قوله تعالى (ان في ذلك لايات للمتوسمين). وروى عن ابي عبد الله (ع) ان الله عزوجل ادب رسوله (ص) حتى قومه على ما اراد ثم فوض إليه فقال تعالى ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فما فوضه الله الى رسوله فقد فوضه الينا. قال: أمير المؤمنين (ع) ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم علمني الف باب من الحلال والحرام مما كان ومما هو كائن الى يوم القيامة وكل باب يفتح الى الف باب فذلك الف الف باب فعلمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب. وقال: علي بن الحسين عليه السلام علم رسول الله (ص) عليا (ع) الف كلمة كل كلمة تفتح الف كلمة. وقال: أبو عبد الله (ع) اوصى رسول الله (ص) الى علي (ع) بالف كلمة والف باب ففتح كل كلمة وكل باب الف كلمة والف باب. وروى عن ابي بصير قال: دخلت على ابي عبد الله (ع) فقلت له ان الشيعة يتحدثون ان رسول الله (ص) علم عليا عليه السلام بابا يفتح الف باب فقال (ع) يا أبا محمد علم رسول الله (ص) عليا (ع) الف باب يفتح من كل باب الف باب فقلت والله هذا العلم فقال انه لعلم وليس بذاك وقال: أبو عبد الله (ع) لما مرض رسول الله (ص) مرضه الذي توفى فيه بعث الى علي (ع) فلما جاء انكب عليه فلم يزل يحدثه ويحدثه


[ 119 ]

فلما خرج لقياه فقالا بم حدثك صاحبك فقال حدثني بباب يفتح الف باب كل باب منها يفتح الف باب. وقال: أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المنبر ايها الناس ان رسول الله اسر الي الف حديث في كل حديث الف باب لكل باب الف مفتاح. (زيارة جامعة لجميع الأئمة عليهم السلام) يذكر فيها احوالهم واوصافهم روى محمد بن اسماعيل البرمكي قال حدثني موسى بن عبد الله النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام علمني يابن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال عليه السلام إذا صرت الى الباب فقف واشهد الشهادتين وانت على غسل فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وكبر الله ثلاثين مرة ثم امش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ثم قف وكبر الله ثلاثين مرة اذن من القبر وكبر اربعين تمام المأة ثم قل السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة، وخزان العلم، ومنتهى الحلم، واصول الكرم، وقادة الامم، واولياء النعم، وعناصر الابرار، ودعائم الاخيار، وساسة العباد، واركان البلاد، وابواب الايمان، وامناء الرحمن، وسلالة النبيين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله وبركاته، السلام على أئمة الهدى، ومصبابيح الدجى، واعلام التقى، وذوي النهى، واولى الحجى، وكهوف الورى، وذرية الانبياء، والمثل الاعلى، والدعوة الحسنى، وحجج الله على أهل الدنيا في الاخرة والاولى ورحمة الله وبركاته، السلام على محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله، وحفظة سر الله، وخزنة علم الله، وحملة كتاب الله، واوصياء نبي الله، وذربة رسول الله، صلى الله عليه واله ورحمة الله وبركاته، السلام على الدعاة لى الله، والادلاء على مرضاة الله، والمستغرين في امر الله، والتامين في محبة الله، والمخلصين في توحيد الله، والمظهرين


[ 120 ]

لامر الله ونهيه، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون ورحمة الله وبركاته، السلام على الأئمة الدعاة، والقادة الهداة، والسادة الولاة، والذادة الحماة، وأهل الذكر، واولى الامر، وبقياله، وخيرته وحزبه، وعيبة علمه، وحجته وصراطه، نوره وبرهانه، ورحمة الله وبركاته، اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته واولو العلم من خلقه، لا اله الا هو العزيز الحكيم، واشهد ان محمدا عبده المتجب ورسوله المرتضى ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، واشهد انكم الأئمة الهداة الراشدون المهديون المعصومون المقربون المكرمون، المتقون الصادقون، المصطفون المطيعون لله، القوامون بامره، العاملون بارادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم لعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم لسره، واجتباكم بقدرته، واعزكم بهداه، وخصكم ببرهانه، وانتجبكم بنوره، ورضيكم خلفاء في ارضه، وحججا على بريته، وانصارا لدينه، وحفظة لسره، وخزنة لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجة لوحيه، واركانا لتوحيده، وشهداء على خلقه، واعلاما لعباده، ومنارا في بلاده وادلاء على صراطه، عصمكم الله من الزلل، وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس واذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا، فعظمتم جلاله، واكبرتم شأنه ومجدتم كرمه، وادمتم ذكره، ووكتم ميثاقه، واحكمتم عقد طاعته، ونصحتم له في السر والعلانية، ودعوتم الى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم انفسكم في مرضاته، وصبرتم على ما اصابكم في جنبه، واقمتم الصلاة وآنيتم الزكاة، وامرتم بالمعروف، ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم في الله حق جهاده، حتى اعلنتم دعوته، وبينتم فرائضه، واقمتم حدوده، ونشرتم شرايع احكامه، وسننتم سنته، وصرتم في ذلك منه الى الرضا، وسلمتم له القضاء، وصدقتم من رسله من مضى، فالراغ عنكم مارق، واللازم لكم لاحق، والمقصر في حقكم زاهق، والحق معكم وفيكم


[ 121 ]

ومنكم واليكم، وانتم اهله ومعدنه، وميراث النبوة عندكم، واياب الخلق اليكم، وحسابهم عليكم، وفصل الخطاب عندكم، وآيات الله لديكم، وعزائمه فيكم، ونوره وبرهانه عندكم وامره اليكم، من والاكم فقد والى الله، ومن عاداكم فقد عادى الله، ومن احبكم فقد احب الله، ومن ابغضكم فقد ابغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله، انتم السبيل الاعظم، والصراط الاقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء، والرحمة الموصولة، والآية المخزونة، والامانة المحفوظة، والباب المبتلى به الناس، من اتاكم نجا، ومن لم يأتكم هلك، الى الله تدعون، وعليه تدلون، وبه تؤمنون، وله تسلمون، وبامره تعملون، والى سبيله ترشدون، وبقوله تحكمون، سعد والله من والاكم، وهلك من عاداكم، وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ اليكم، وسلم من صدقكم، وهدى من اعتصم بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه، ومن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك، ومن رد عليكم فهو في أسفل درك من النار، اشهد ان هذا سابق لكم فيما مضى، وجار لكم فيما بقى، واشهد ان ارواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض خلقكم الله انوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلواتنا عليكم، وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لانفسنا، وتزكية لنا، وكفارة عن ذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم، ومعروفين بتصديقنا اياكم، فبلغ الله بكم، اشرف محل المكرمين، واعلى منازل المقربين، وارفع درجات المرسلين، حيث لايلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا بسبقة سابق، ولا يدرك في ادراكه طامع، حتى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبى مرسل، ولا صديق ولا شهيد، ولا عالم ولا جاهل، ولا نبي ولا فاضل، ولا مؤمن صالح، ولا فاجر طالح، ولا جبار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد، الا عرفهم


[ 122 ]

جلالة امركم، وعظم خطركم، وكبر شأنكم، وعلو قدركم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم، وثبات مقامكم، وشرف محلكم، ومنزلتكم عنده، وكرامتكم عليه، وخاصتكم لديه، وقرب منزلتكم منه، بابى انتم وأمى ونفسي واهلي ومالي واسرتي، اشهد الله واشهدكم اني مؤمن بكم وبما امنتم به، كافر بعدوكم وبما كفرتم به، مستبصر بشأنكم، وبضلالة من خالفكم، موال لكم ولاوليائكم، مبغض لاعدائكم ومعاد لهم سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، محقق لما حققتم، مبطل لما ابطلتم، مطبع لكم عارف بحقكم، محتمل لعلمكم، محتجب بذمتكم، معترف بكم، مؤمن بايابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لامركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بامركم، مستجير بكم، الى الله، ومقدمكم امام طلبتي وحوائجي، وارادتي في كل احوالي واموري، مؤمن بسركم وعلانتيكم، وشاهدكم وغائبكم، واولكم واخركم ومفوض في ذلك كله اليكم ومسلم فيه معكم وقلبي لكم مسلم ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدة حتى يحيي الله دينه بكم. ويردكم في ايامه ويظهركم لعدله ويمكنكم في ارضه فمعكم معكم لامع غيركم. آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به اولكم. وبرءت الى الله عزوجل من الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم. الجاحدين لحقكم والمارقين عن ولايتكم. والغاصبين لارثكم. والشاكين فيكم. والمنحرفين عنكم. ومن كل وليجة دونكم. وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين يدعون الى النار. فئبتني الله ابدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم. ووفقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم. وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه. وجعلني ممن يقتص لاثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدى بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم. ويشرف في عافيتكم ويمكن في ايامكم. وتقر عينه غدا برؤيتكم بابي انتم وأمي ونفسي


[ 123 ]

واهلي ومالي واسرتي من اراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه اليكم. موالي لااحصى ثنائكم ولا ابلغ من المدح كنهكم. ومن الوصف قدركم. وانتم نور الاخيار. وهداة الابرار وحجج الجبار. بكم فتح الله وبكم يختم. وبكم ينزل الغيث. وبكم يمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه. وبكم ينفس الهم ويكشف الضر وعندكم ما نزلت به رسله. وهبطت به ملائكته. والى جدكم بعث الروح الامين (فان كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل:) والى اخيك بعث الروح الامين. آتاكم الله ما لم يؤت احدا من العالمين. طأطأ كل شريف لشرفكم. ونجع كل متكبر لطاعتكم. وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شئ لكم. واشرقت الارض بنوركم. وفاز الفائزون بولايتكم فبكم يسلك الى الرضوان. وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن بابي انتم وامي ونفسي واهلي ومالي واسرتي ذكركم في الذاكرين واسمائكم في الاسماء واجسادكم في الاجساد وارواحكم في الارواح وانفسكم في النفوس واثاركم في الاثار وقبوركم في القبور. فما احلى اسمائكم واكرم انفسكم واعظم شأنكم. واجل خطركم واو في عهدكم واصدق وعدكم. كلامكم نور. وامركم رشد. ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير. وعادتكم الاحسان. وسجيتكم الكرم. وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم. ورأيكم علم وحلم وحزم ان ذكر الخير كنتم اوله. واصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنها ه بابي انتم وأمي ونفسي كيف اصفحسن ثنائكم. واحصى جميل بلائكم وبكم اخرجنا الله من الذل. وفرج عنا غمرات الكروب. وانقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار بابي انتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا واصلح ما كا فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة. وبموالاتكم تقبل الطاعة المتفرضة. ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة. والمقام المحمود. والمقر المعلوم عند الله عزوجل


[ 124 ]

والجاه العظيم والشأن الكبير. والشفاعة المقبولة ربنا آمنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا. ياولي الله ان بيني وبين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها الا رضاكم فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم امر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فاني لكم مطيع من اطاعكم فقد اطاع الله ومن عصاكم فقد عصى الله ومن احبكم فقد احب الله ومن ابغضكم فقد ابغضكم الله اللهم انى لو وجدت شفعاء اقرب اليك من محمد وأهل بيته الاخيار الأئمة الابرار لجعلتهم شفعائي اليك بحقهم الذي اوجبت لهم عليك اسألك ان تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفى زمرة المرحومين بشفاعتهم انك انت ارحم الراحيم وصلى الله على محمد واله وسلم كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل فان اردت الانصراف والوداع فقل: السلام عليكم سلام مودع لأسم ولا قال ورحمة الله وبركاته. عليكم يا أهل بيت النبوة انه حميد مجيد سلام ولي غير راغب عنكم ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ولا منحرف عنكم ولا زاهد في قربكم فلا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركم واتيان مشاهدكم والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم واوردني حوضكم وجعلني من حزبكم وارضاكم عني ومكنني في دولتكم واحياني في رجعتكم وملكني في ايامكم وشكر سعي بكم وغفر ذنبي بشفاعتكم واقال عثرتي بحبكم واعلى كعبي بمحبتكم وبموالاتكم وشرفني بطاعتكم واعزني بهداكم وجعلني ممن انقلب مفلحا منجحا غامما سالما معافى غنيا قد استوجب غفران الذنوب وكشف الكروب فائزا برضوان الله وفضله وكفايته بافضل ما ينقلب به احد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم ورزقني العود ثم العود ابدا ما ابقاني ربى بنية وايمان وتقوى (واخبات) ورزق واسع حلال طيب. اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم


[ 125 ]

وذكرهم والصلاة عليهم واوجب لى المغفرة والخير والبركة والنور والايمان وحسن الاجابة كما اوجبت لاوليائك العارفين بحقهم الموجبين طاعتهم والراغبين في زيارتهم المقربين اليك واليهم بابي انتم وامي ونفسي ومالي اجعلوني في همكم وصيروني في حربكم وادخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربكم اللهم صلى على محمد وآل محمد وابلغ ارواحهم واجسادهم مني السلام. والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال: في حديث الاسراء فإذا ملك اتاني فقال يا محمد سل من ارسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا فقلت معاشر الرسل والنبيين على ما بعثتم قبلي فقالوا على ولايتك يا محمد وولاية علي بن ابي طالب. وانه قال صلى الله عليه واله وسلم فدخلت الجنة فرأيت باعلى بابها مكتوبا بالذهب لا اله الا الله محمد حبيب الله علي ولي الله فاطمة امة الله الحسن والحسين صفوة الله على مبغضيهم لعنة الله. وروى انه سأل حمران أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل في كتابه العزيز (ثم دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو ادنى) فقال عليه السلام ادنى الله تعالى محمدا نبيه صلى الله عليه واله فلم يكن بينه وبينه الا قفص من لؤلؤ فيه فراش يتلألأ من ذهب فرأى صورة فقيل يا محمد اتعرف هذه الصورة فقال نعم هذه صورة علي بن ابي طالب فأوحى لله إليه ان زوجه فاطمة واتخذه وليا. وروى عن ابى عبد الله عليه السلام قال هبط الى النبي (ص) ملك له عشرون الف راس يقال له محمود فإذا بين منكيه لا اله الا الله محمد رسول الله علي الصديق الاكبر فقال له النبي صلى الله عليه واله وسلم حبيبي محمود منذ كم هذا الكتاب مكتوب بين منكبيك قال من قبل ان يخلق الله اباك آدم باثنى عشر الف عام.


[ 126 ]

وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: انا المقصود المعنى بقوله تعالى (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) وشيعتي وعدونا المقصود المعنى بقوله تعالى (ان الذين كفروا) الآية وشيعتهم وروى انه قال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي عليه السلام في مرضه الذي توفى فيه ادن مني يا علي فدنا منه فقال ادخل اذنك في فمي ففعل فقال يا أخي الم تسمع قول الله عزوجل (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) قال بلى قال هم أنت وشيعتك يجيؤن شباعا مرويين غرا محجلين ثم قال يا علي الم تسمع قول الله عزوجل (ان كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية) قال بلى يا رسول الله قال هم عدوك وشيعتهم يجيؤن يوم القيامة جائعين ظامين اشقياء معذبين كفارا منافقين ذلك لك ولشيعتك وهذا لعدوك وشيعتهم. وروى عنه صلى الله عليه واله وسلم انه قال: اتاني جبرئيل فرحا مستشرا فقلت حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح ما منزلة أخي وابن عمي علي بن ابى طالب عند ربه فقال والذي بعثك بالنبوة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا الا لهذا يا محمد، العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول محمد نبي ورحمتي وعلي مقيم حجتي لا اعذب من والاه وان عصاني ولا ارحم من عاداه وان اطاعني ثم قال: صلى الله عليه واله وسلم إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل بلواء وهو سبعون شقة الشقة منه اوسع من الشمس والقمر وانا على كرسي من كراسي الرضوان فوق منبر من منابر القدس فاخذه وادفعه الى علي بن ابي طالب، فوثب عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله كيف يطيق الشمس والقمر، فقال صلوات الله عليه إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليا من القوة مثل قوة جبرئيل ومن النور مثل نور آدم ومن الحلم مثل حلم رضوان ومن الجمال مثل جمال يوسف ومن الصوت مثل صوت داود وان


[ 127 ]

عليا اول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل ولا يجوز لعلي قدم على الصراط الا وثبتت له مكانها اخرى وان لعلي وشيعته مكانا يغبطه به الاولون والآخرون. وروى عن جابر بن عبد الله الانصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول ان الله عزوجل خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد فعصر منه عصرة فخرج منه شيعتنا فسبحنا فسبحوا وقدسنا فقدسوا وهللنا فهللوا ومجدنا فمجدوا ثم خلق تعالى السموات والارض وخلق الملائكة فمكثت الملائكة لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا لما راونا سبحنا وقدسنا وهللنا ومجدنا وتبعنا شيعتنا سبحت الملائكة وقدست تبعت بذلك فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا فحقيق على الله عزوجل بما اختصنا واختص شيعتنا ان يزلفنا وشيعتنا في اعلى عليين ان الله اصطفانا واصطفى شيتعنا من قبل ان نكون اجساما فدعانا فاجبناه فغفر لنا ولشيعتنا من قبل ان نستغفر الله عزوجل وروى عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال: ان الامام ليسمع الصوت في بطن امه فإذا سقط الى الارض كتب على عضده الايمن وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم فإذا ترعرع نصب له عمود من نور من السماء الى الارض يرى به اعمال العياد. وفي رواية يونس بن ظبيان في هذه الرواية فإذا خرج الى الارض اوتى الحكمة وزين بالحم والوقار والبس الهيبة وجعل له مصباح يعرف به الضمير ويرى به اعمال العباد. وفي رواية فضيل بن يسار فيها فإذا وقع على الارضسطع له نور من السماء الى الارض يرى به ما بين المشرق والمغرب. وقال: اسود بن سعيد كنت عند ابى جعفر عليه السلام فقال مبتدا من غير ان اسأله نحن حجة الله ونحن باب الله ونحن لسان الله ونحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة امر الله في عباده. يا اسود ابن سعيد ان بيننا وبين كل ارض ترا مثل ترا لبناء فإذا امرنا بامر جذبنا


[ 128 ]

ذلك التر فاقبلت الينا الارض باسواقها ودورها حتى ننفذ فيها ما امرنا فيها من امر الله عزوجل. وروى عن صالح بن سهل قال كنت جالسا عند ابى عبد الله عليه السلام فقال: ابتداء منه ان الله تعالى جعل بينه وبين الرسول سبيلا ولم يجعل بنيه وبين الامام رسولا قلت وكيف ذلك قال جعل بينه وبين الامام عمودا من نور ينظر الله تعالى به الى الامام وينظر الامام به إليه فإذا اراد علم شئ نظر في ذلك العمود النور فعرفه. وروى عن المفضل بن عمر عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال: لو اذن لنا ان نعلم الناس حالنا عند الله ومنزلتنا منه لما احتملتم فقال له في العلم قال (ع) العلم ايسر من ذلك ان الامام وكر لا رادة الله عزوجل لا يشاء الا ما شاء الله. وروى عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال: يا أبا بصير انا أهل بيت أو تينا علم المنايا والرزايا والوصايا والانساب وفصل الخطاب وعرفنا شيعتنا عرفان الرجل أهل بيته وروى عن ابى جعفر عليه السلام انه قال: نحن جنب الله ونحن صفوة الله ونحن خيرة الله ونحن مستودع مواريث الانبياء ونحن امناء الله ونحن حجج الله ونحن حبل الله ونحن رحمة الله على خلقه ونحن الذين بنا يفتح وبنا يختم ونحن أئمة الهدى ونحن مصابيح الدجى ونحن منار الهدى ونحن السابقون ونحن الاخرون ونحن العلم المرفوع للخلق من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق ونحن قادة غر المحجلين ونحن الطريق والصراط المستقيم الى الله ونحن المنهاج القويم ونحن نعمة الله على خلقه ونحن معدن النبوة وموضع الرسالة ونحن الذين تختلف الملائكة الينا ونحن السراج لمن استضاء بنا ونحن السبيل لمن اقتدى بنا ونحن الهداة الى الجنة ونحن عز الاسلام ونحن الجسور والفناطر فمن مضى عليها سبق ومن تخلف عنها محق ونحن السنام الاعظم ونحن الذين بنا تنالون الرحمة وبنا تسقون الغيث ونحن الذين بنا يصرف الله عنكم العذاب فمن


[ 129 ]

ابصرنا وعرفنا وعرف حقنا واخذ بامرنا فهو منا. وروى عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال: ان الله خلقنا فاحسن خلقنا وصورنا وجعلنا خزانه في سمواته وارضه بنا اثمرت الاشجار وبعبادتنا عبد الله ولو لانا ما عرف الله. وروى عن ابي جعفر عليه السلام انه قال: ان الله عزوجل خلق اربعة عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم باربعة عشر الف عام فهي ارواحنا فقيل له يابن رسول الله فمن هؤلاء الاربعة عشر نورا فقال هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم ثم عدهم باسمائهم وقلل نحن والله الاوصياء الخلفاء من بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ونحن المثاني التي اعطاها الله تعالى نبينا محمدا (ص) ونحن شجرة النبوة ومنبت الرحمة ومعدن الحكمة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وموضع سر الله ووديعة الله في عباده وحرم الله الاكبر وعهده المسؤل عنه فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله ومن خفره فقد خفر ذمة الله وعهده عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا نحن الاسماء الحسنى الذين لا يقبل الله من العباد عملا الا بمعرفتنا ونحن والله الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فناب عليه ان الله خلقنا فاحسن خلقنا وصورنا فاحسن صورنا وجعلنا عينه على عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة عليهم بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتي منه وبابه الذي يدل عليه وخزان علمه وتراجمة وحيه واعلام دينه والعروة الوثقي والدليل الواضح لمن اهتدى وبنا اثمرت الاشجار واينعت الثمار وجرت الانهار ونزل الغيث من السماء ونبت عشب الارض وبعبادتنا عبد الله تعالى ولو لا نالما عرف الله تعالى وايما لله لولا كلمة سبقت وعهد اخذ علينا لقلت قولا يعجب أو يذهل منه الاولون والاخرون وروى عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ذات يوم جالسا إذا اقبل الحسن عليه السلام فلما راه بكى ثم قال الى يا بني فما زال يدينه حتى اجلسه على فخذه اليمنى ثم اقبل الحسين عليه السلام فلما


[ 130 ]

رآه بكى ثم قال الي يا بني فما زال يدينه حتى احلسه على فخذه اليسرى ثم اقبلت فاطمة (ع) فلما راها بكى ثم قال الي يا بنية فما زال يدينها حتى اجلسها بين يديه ثم اقبل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام فلما رآه بكى ثم قال الي يا أخي فمازال يدينه حتى اجلسه الى جنبه الايمن فقال له اصحابه يا رسول الله ما ترى واحدا من هؤلاء الا بكيتفقال (ص) ذكرت ما يصيبهم بعدي ثم قال لي يابن عباس احب عليا فلو ان الملائكة المقربين والانبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه ولن يفعلوا لعذبهم الله بالنار فقلت يا رسول الله وهل يبغضه احد فقال يابن عباس يبغضه قوم يزعمون انهم من أمتي لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا يابن عباس ان من علامة بغضهم له تفضيل من هو دونه عليه والذي بعثني بالحق نبيا ما خلق الله نبيا اكرم عليه مني وما خلق الله وصيا اكرم عليه من وصي علي. قال: ابن عباس ثم انقضى زمن وحضرت رسول الله (ص) الوفاة فحضرته فقلت له فدك ابي وأمي يا رسول الله قددنا اجلك فما تأمرني فقال يابن عباس خالف من خالف عليا ولا تكونوا له ظهير اولا وليا قلت يا رسول الله فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته فبكى صلوات الله عليه حتى اغمى عليه ثم قال يابن عباس سبق الكتاب فيهم وعلم ربي والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج احد ممن خالفه من الدنيا وانكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة يابن عباس ان اردت وجه الله وان تلقاه وهو عنك راض فاسلك طريق علي ومل معه حيثما مال وأرض به اماما وعاد من عاداه ووال من والاه يابن عباس احذر ان يدخلك شك فيه فان الشك في علي كفر وروى ان أمير المؤمنين عليه السلام قال على منبر الكوفة ايها الناس انه


يقول: شير محمد الى قوله (الا بكيت) صدر الرواية التي تقدمت من هذه النسخة وهاتان الروايتان اورد احديهما ابن بابويه في المجلس 24 من اماليه والاخرى اوردها أبو على المفيد ابن شيخ الطائفة في الجزء الرابع من اماليه.

[ 131 ]

كان لي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عشر خصال هي احب الي مما طلعت عليه الشمس قال لي يا علي أنت أخي وأنت خليفتي وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة وأنت اقرب الخلايق الي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما تتواجه منازل الاخوان في الله تعالى وأنت أو ارث مني وأنت الوصي من بعدي واسرتي وأنت الحافظ في أهلي عند غيبتي وأنت ولي وولي ولي الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال: لاصحابه اخبروني بافضلكم قالوا أنت يا رسول الله قال صدقتم انا أفضلكم ولكن اخبركم بافضلكم انتم أفضلكم اندمكم سلما واكثركم علما واعظمكم حلما علي بن ابي طالب والله ما استودعت علما الا وقد اودعته ولا علمت شيئا الا وقد علمته ولا أمرت بشئ الا وقد امرته به ولا وكلت بشئ لا وكلته به الا واني قد جعلت أمر نسائي بيده وهو خليفتي عليكم بعدي فان اشهدكم فاشهدوا له. وروى عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في حديث طويل عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في آخره وان شئتم اخبرتكم بما هو أعظم من ذلك قالوا فافعل فقال عليه السلام كنت ذات ليلة تحت سقيفة مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واني لاحصى ستا وستين وطأة من الملائكة اعرفهم بلغاتهم وصفاتهم واسمائهم فبهتوا من ذلك وانصرفوا وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال: لما خلق الله تعالى آدم وحواء تبخترا في الجنة فقال آدم لحواء ما خلق الله خلقا احسن منا فأوحى الله عزوجل الى جبرئيل ائتني بعبدتي التي في جنة الفردوس الأعلى فلما دخلا الفردوس نظرا الى جارية على درنوك من درانيك الجنة على رأسها تاج من نور وفى اذنيها قرطان من نور وقد اشرقت الجنان من حسن وجهها فقال آدم حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد اشرقت الجنان من حسن وجهها فقال هذه فاطمة بنت محمد نبي من ولدك يكون


[ 132 ]

في آخر الزمان قال فما هذا التاج الذي على رأسها قال بعلها علي بن ابي طالب قال فما الفرطان ملذان في اذنيها قال ولداها الحسن والحسين قال حبيبي جبرئيل اخلقوا قبلي قال هم موجودون في غامض علم الله تعالى قبل ان تخلق باربعة آلاف سنة. وروى عن ابى جعفر عليه السلام انه قال: في حق فاطمة صلوات الله عليها والله لقد فطمها الله عزوجل بالعلم وعن الطمث بالميثاق. وروى ان فاطمة عليها السلام لما توفى ابوها صلى الله عليه واله وسلم قالت لأمير المؤمنين عليه السلام اني لأسمع من يحدثني باشياء ووقائع تكون في ذريتي قال فإذا سمعتيه فامليه علي فصارت تمليه وهو يكتبه، فروى انه بقدر القرآن ثلاث مرات ليس فيه شئ من القرآن فلما كمله سماه مصحف فاطمة لانها كانت محدثة تحدثها الملائكة وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال: يا فاطمة اتدرين لم سميت فاطمة فقال علي عليه السلام لم سميت يا رسول الله قال لانها فطمت هي وشيعتها من النار. وروى عنه صلى الله عليه واله وسلم انه قال: ان لفاطمة وقفة على باب جهنم فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل احد مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه الى النار، فتقرأ فاطمة عليها السلام بين عينيه محبا فتقول الهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بى من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد فيقول الله عزوجل صدقت يا فاطمة وفطمت بك من احبك وتولاك واحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي الحق وانا لا اخلف الميعاد وانا أمرت بعبدي هذا الى النار لتشفعي فيه فاشفعك ليتبين لملائكتي وانبيائي ورسلي وأهل الموقف، موقفك مني ومكانك عندي فمن قرأت بين عينيه مؤمنا أو محبا فخذي بيده وادخليه الجنة. وروى انه سئل النبي صلى الله عليه واله وسلم لم سميت فاطمة الزهراء فقال لان الله عزوجل خلقها من نور عظمته فاضاءت السموات والارض


[ 133 ]

بنورها وغشيت ابصار الملائكة فحروا لله ساجدين وقالوا الهنا وسيدنا ما هذا النور فأوحى الله تعالى إليهم هذا نور من نوري اسكنته في سمائي وخلقته من نور عظمتي اخرجه من صلب نبي من انبيائي افضله على جميع النبيين واخرج من ذلك النور أئمة يقومون بامري ويهدون الى حقي واجعلهم خلفاء في ارضي بعد انقطاع وحي. وقال: النبي (ص) لو لا علي بن ابى طالبلم يكن لفاطمة كفو. وقال: صلى الله عليه واله وسلم يا علي ان الله تعالى زوجك فاطمة وجعل صداقها الارض فمن مشى عليها مبغضا لك مشى حراما. وروى ان أمير المؤمنين عليه السلام سأل رسول الله (ص) فقال يا رسول الله انا أحب اليك أم فاطمة فقال صلى الله عليه واله وسلم أنت عندي اعز منها وهي أحب الي منك وعن مجاهد قال خرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد اخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي فمن آذاها فقد آذانى ومن آذانى فقد آذاى الله جل وعلا. وروى عن الحسن بن علي عليهما السلام قال بينا رسول الله (ص) في بيت أم سلمة إذ هبط عليه ملك له عشرون راسا في كل راس الف لسان يسبح الله ويقدسه بكل لسان لغة لا تشبه الاخرى فحسب النبي (ص) انه جبرئيل فقال يا جبرئيل لم تأتني في مثل هذه الصورة قط فقال ما انا جبرئيل انا صرصائيل بعثني الله تبارك وتعالى لتزوج النور من النور فقال النبي عليه الصلاة والسلام من ممن فقال ابنتك فاطمة من علي بشهادة جبرئيل وميكائيل وصرصائيل فنظر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وإذا بين كتفي صرصائيل مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب مقيم الحجة فقال النبي (ص) يا صرصائيل منذكم هذا كتب بين كتفيك قال من قبل ان يخلق الله عزوجل آدم باثنى عشر الف عام.


[ 134 ]

(حديث تزويج سيدة النساء من سيد الاوصياء عليهما السلام) روى الصدوق محمد بن علي بن بابويه رحمه الله في كتاب عيون الاخبار باسناده الى الرضا عن أباه عليهم السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال لقد هممت بالتزويج فلم أجسر ان اذكر ذلك لرسول الله (ص) واعلج ذلك في صدري بليلي ونهاري حتى دخلت على رسول الله (ص) فقال لي يا علي قلت لبيك يا رسول الله فقال اهل لك بالتزويج، قلت رسول الله أعلم وظننت انه يريد ان يزوجني بعض نساء قريش وانى خائف على فوت فاطمة فما شعرت بشئ حتى دعاني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاتيته في بيت أم سلمة فلما نظر الي تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت الى بياض اسنانه يبرق فقال لي يا علي ابشر فقد كفاني الله سبحانه ما كان همني من أمر تزويجك قلت وكيف يا رسول الله فقال اتانى جبرئيل ومعه من سنبل الجنة وقر نفلها فناولينهما فاخذتهما وشممتهما وقلت يا جبرئيل ما سبب هذا القرنفل والسنبل فقال ان الله تعالى امر سكان الجنان من الملائكة وغيرهم ممن فيها ان يزينوا الجنان كلها بمغارسها وانهارها وثمارها واشجارها وقصورها وأمر ريحا فهبت بانواع العطر والطيب وأمر الحور العين بالقراءة فيها بسورة طه وطسن وحم عسق ثم أمر ملكا فنادى يا ملائكتي وسكان جنتي اشهدوا انى قد زوجت فاطمة بنت محمد من علي ابن ابى طالب رضى: مني لبعضهما ببعض ثم أمر ملكا في الجنة يقال له راحيل وليس في الملائكة ابلغ منه فخطب بخطبة لم يخطب بمثلها أهل السماء ولا أهل الارض ثم أمر مناديا فنادى يا ملائكتي وسكان جنتي باركوا على علي بن ابى طالب حبيب محمد وفاطمة بنت محمد فاني قد باركت عليها فقال راحيل وما بركاتك عليهما يا رب باكثر ما رأينا لهما في جناتك ودار كرامتك فقال تعالى يا راحيل ان من بركتي عليهما ان اجمعهما على محبتي واجعلهما حجتي على خلقي وعزتي وجلالي لاخلقن منهما خلقا ولانشأن منهما ذرية اجعلهم خزاني في ارضي ومعادن حكمتي بهم احتج على خلقي


[ 135 ]

بعد النبيين والمرسلين فابشر يا علي فقد زوجتك فاطمة على ما زوجك الرحمن وقد رضيت لكما بما رضي الله به لكما فدونك اهلك فانت احق بها مني ولقد اخبرني جبرئيل ان الجنة وأهلها مشتاقون اليكما ولو لا ان الله تعالى اراد ان يتخذ منكما ما يتخذ به على الخلق حجة لاجاب فيكما الجنة وأهلها فعم الأخ أنت ونعم الختن أنت ونعم الصاحب أنت وكفاك رضى الله عزوجل رضى، قال: علي عليه السلام فقلت رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت بها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم آمين وروى فيه باسناده ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: اتانى ملك فقال يا محمد ان الله يقرأ عليك السلام ويقول لك زوجت فاطمة من علي فزوجها منه وانى أمرت شجرة طوبى ان تحمل الدر والياقوت والمرجان وان أهل السماء قد فرحوا بذلك وسيولد منهما ولدان هما سيدا شباب أهل الجنة وبهما تزين أهل الجنة فابشر يا محمد فانك خير الاولين والآخرين وروى عن ابى عبد الله عليه السلام ان النبي (ص) كان يكثر من تقبيل فاطمة عليها السلام فعاتبته عائشة وقالت يا رسول الله انك لتكثر تقبيل فاطمة (ع) فقال (ص) لها انه لما عرج بى الى السماء مر بى جبرئيل على شجرة طوبى وناولني من ثمرها فاكلته فحول الله ذلك ماء الى ظهري فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها الا وجدت رائحة شجرة طوبى منها. وروى عن ا بي جعفر عليه السلام انه قال: قيل لرسول الله (ص) انك لتلئم فاطمة وتكثر منها وتدنيها منك ما لا تفعله مع احدى بناتك الاخر فقال (ص) ان جبرئيل اتانى بتفاحة من تفاح الجنة فاكلتها فتحولت ماء في صلبى ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فانا اشم منها رائحة الجنة وروى عن ابن عباس قال دخلت عائشة على رسول الله (ص) وهو يقبل فاطمة فقالت له اتحبها يا رسول الله فقال لها اما والله لو علمت حبى لها لا زددت لها حبا انه لما عرج بى الى السماء الرابعة اذن جبرئيل واقام


[ 136 ]

ميكائيل ثم قيل لي ادن يا محمد فقلت اتقدم وانت بحضرتي يا جبرئيل فقال نعم ان الله فضل انبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصة عليهم اجمعين فدنوت فصليت باهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني فإذا انا بابراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنة قد اكتنفته جماعة من الملائكة ثم اني صرت الى السماء الخامسة ومنها الى السماء السادسة فنوديت ان يا محمد نعم الأب ابوك ابراهيم ونعم الأخ اخوك علي فلما وصلت الى الحجب اخذ بيدي جبرئيل وادخلني الجنة فإذا انا بشجرة من نور في اصلها ملكان بطويان الحلى والحلل فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة فقال هذه لأخيك علي بن ابى طالب وهذان الملكان يطويان له الحلى والحلل الى يوم القيامة ثم تقدمت امامي فإذا انا برطب الين من الزبد واطيب رائحة من المسك واحلى من العسل فاخذت رطبة فاكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبى فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء انسية فإذا اشتقت الى الجنة شممت رائحة فاطمة. وقال: أبو عبد الله عليه السلام لو لا ان الله عزوجل خلق عليا أمير المؤمنين لفاطمة عليها السلام ما كان لها كفو على وجه الارض. وقال: عليه السلام حرم الله تعالى النساء على علي صلوات الله عليه ما دامت فاطمة حية قيل وكيف قال لانها كانت طاهرة لا تحيض وقال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاطمة بضعة مني من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءنى فاطمة اعز البرية علي. وروى عن الضحاك بن مزاحم قال سمعت علي بن ابى طالب (ع) يقول اتاني أبو بكر وعمر فقالا لو اتيت رسول الله فذكرت له فاطمة قال فاتيته فلما رأني رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ضحك ثم قال ما جاء بك يا أبا الحسن حاجتك فذكرت له قرابتي وقدمي في الاسلام ونصرتي وجهادي فقال (ص) صدقت وأنت أفضل مما تذكر فقلت يا رسول الله فاطمة تزوجنهيا قال فانه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت لها ذلك فرأيت


[ 137 ]

الكراهة في وجهها ولكن على رسلك حتى اخرج اليك فدخل عليها فقامت إليه فاخذت ردائه ونزعت نعليه واتته بوضوء فوضأته بيدها وغسلت رجليها ثم قعدت فقال لها يا فاطمة قالت لبيك لبيك حاجتك يا رسول الله قال ان علي بن ابى طالب ممن قد عرفت قرابته وفضله واسلامه واني قد سألت ربي ان يزوجك خير خلقه واحبهم إليه وقد ذكر من امرك شيئا فما ترين فسكتت ولم تول وجهها ولم ير رسول الله (ص) فيه كراهة فخرج وهو يقول الله اكبر سكوتها اقرارها فاتاه جبرئيل فقال يا محمد زوجها عليا فان الله قد رضيها له ورضيه لها قال فزوجني رسول الله ثم اتى فاخذ بيدي وقال قم، بسم الله وقل على بركة الله ما شاء الله لاقوة الا بالله توكلت على الله ثم جاء بي حتى اقعدني عندها ثم قال اللهم انهما احب خلقك الي فاحبهما وبارك لي في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا واني اعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم. وروى عن جابر بن عبد الله انه قال لما زوج رسول الله (ص) فاطمة من علي عليهما السلام اتاه ناس من قريش فقالوا انك قد زوجت فاطمة من علي بمهر خسيس فقال صلى الله عليه واله وسلم ما انا زوجت عليا ولكن الله زوجه بها ليلة اسرى بي الى السماء وصرت عند سدرة المنتهى فأوحى الله الى السدرة ان انثري ما عليك فنثرت الدر والمرجان والجوهر فابتدرت الحور العين فالتقطن منه فهن يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن هذا من نثار فاطمة بنت محمد فلما كانت ليلة الزفاف اتى النبي (ص) ببغلته الشهباء وثنى عيلها قطيفة وقال لفاطمة عليها السلام اركبي وامر سلمان يقودها والنبى صلى الله عليه واله وسلم يسوقها فبينا هو في الطريق إذ سمع صلوات الله عليه وجبة فإذا هو بجبرئيل في سبعين الفا وميكائيل في سبعين الفا فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم ما اهبطكم الى الارض قالوا جئنا نزف فاطمة الزهراء الى زوجها علي بن ابي طالب ثم كبر جبرئيل وكبر ميكائيل فكبر النبي صلى الله عليه واله وسلم ووقع التكبير


[ 138 ]

على العرائس من تلك الليلة وقال: أبو جعفر عليه السلام لما ولدت فاطمة عليها السلام اوحى الله عزوجل الى ملك فانطق لسان محمد صلى الله عليه وسلم فسماها فاطمة ثم قال قد فطمك بالعلم وفطمك عن الطمث ثم قال أبو جعفر عليه السلام والله لقد فطمها الله تعالى بالعلم وفطمها عن الطمث في الميثاق وقال: أمير المؤمنين عليه السلام جاء رسول الله (ص) ذات ليلة يطلبني فقال اين أخي يا أم ايمن قالت ومن أخوك قال علي قالت يا رسول الله تزوجه ابنتك وهو أخوك قال نعم اما والله يا أم ايمن لقد زوجتها كفوا شريفا وجيها في الدنيا والاخرة. وروى عن بلال بن حمامة قال طلع علينا رسول الله (ص) ذات يوم متبسما ضاحكا فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال له بابي وأمي يا رسول الله ما الذي اضحكك قال بشارة اتتني من عند الله عزوجل في ابن عمى وأخي وابنتي فاطمة ان الله تعالى لما زوجها بعلي امر رضوان فهز شجرة طوبى فحملت رقاقا (يعني صكاكا جمع صك) وهو الكتاب بعدد محبينا أهل البيت ثم انشأ من تحتها ملائكة من نور فاخذ كل ملك رقا فإذا استوت القيامة باهلها ما جت الملائكة في الخلائق فلا يلقون محبا لنا أهل البيت محضا الا اعطوه رقا فيه براءة من النار فنثار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب نساء ورجال من أمتي من النار. وروى عن اسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله (ص) وقد كنت شهدت فاطمة عليها السلام وقد ولدت بعض ولدها ولم ارلها دما فسألته فقال لي ان فاطمة خلقت حورية في صورة انسية. وروى عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال لفاطمة عليها السلام تسعة اسماء عند الله عزوجل فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والحورية والرضية والمحدثة والزهراء قال عليه السلام وسميت فاطمة لانها فطمت من الشر ولو لا علي عليه السلام لما كان لها كفو في الارض.


[ 139 ]

وروى عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله اهتدوا بالشمس فإذا غاب فاهتدوا بالقمر فإذا غاب فاهتدوا بالزهرة فإذا غابت فاهتدوا بالفر قدين فقيل يا رسول الله من الشمس ومن القمر ومن الزهرة ومن الفرقدان فقال الشمس انا والقمر علي والزهرة فاطمة والفرقدان الحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين. وقال: أبو عبد الله عليه السلام عرج بالنبي صلى الله عليه واله وسلم مأة وعشرين مرة ما من مرة الا وقد اوصى الله عزوجل فيها النبي (ص) بالولاية لعلي عليه السلام والأئمة عليهم السلام اكثر مما اوصى بالفرائض وقال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لما اسرى بي الى السماء دخلت الجنة فإذا مثبت على ساق العرش الايمن لا اله الا انا وحدي غرست جنة عدن بيدي واسكنتها ملائكتي محمد صفوتي من خلقي ايدته بعلي وقال: أبو عبد الله (ص) مسطور بخط جلي حول العرش لا اله الا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين وقال رسول الله صلى الله عليه واله ليلة اسرى بي الى سبع سموات اخذ بيدي حبيبي جبرئيل فادخلي الجنة واجلسني على درنوك من درانيك الجنة وناولني سفرجلة فانفلقت نصفين فخرجت علي منها جارية حوراء فقالت السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا رسول الله فقلت وعليك السلام من أنت يرحمك الله قالت انا الراضية المرضية خلقني ربى من ثلاثة انواع أسفلي من المسك ووسطى من العنبر واعلاي من الكافور وعجنت بماء الحيوان قال لي ربى كونى فكنت، خلقني الله لاخيك وابن عمك ووصيك علي بن ابى طالب. وروى عن ابى جعفر الباقر عليه السلام قال لما صعد رسول الله (ص) صعد به على سرير من ياقوتة حمراء مكلل من زبر جدة خضراء تحمله الملائكة فقال جبرئيل يا محمد اذن فقال الله اكبر الله اكبر فقالت الملائكة الله اكبر الله اكبر فقال اشهد ان لا اله الا الله فقالت الملائكة نشهد ان لا اله الا الله فقال اشهد ان محمدا رسول الله فقالت الملائكة نشهد ان محمدا رسول الله


[ 140 ]

فما فعل وصيك علي قال خلفته في أمتي فقالوا نعم الخليفة خلفت اما ان الله قد فرض علينا طاعته ثم صعد به الى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الاولى فلما صعد به الى السماء السابعة لقيه عيسى فسلم عليه وسأله عن علي عليه السلام فقال خلفته في أمتي قال فنعم الخليفة خلقت اما ان الله فرض على الملائكة طاعته ثم لقيه موسى والنبيون نبيا نبيا فكلهم يسلم عليه ويقول له مقالة عيسى فقال (ص) لهم فاين ابراهيم قالوا هو مع اطفال شيعة علي فدخل الجنة فإذا هو بشجرة لها ضروع كضروع البقر فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام ابراهيم فرده عليه فلما راه ابراهيم قام إليه فسلم عليه وسأله عن علي فقال خلفته على أمتي فقال نعم الخليفة خلفت اما ان الله فرض على الملائكة طاعته وهؤلاء اطفال شيعته سألت الله تعالى ان يجعلني القائم عليهم ففعل وان الصبى ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة وانهارها في تلك الجرعة. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال لما عرج بى الى السماء اتاني النداء من ربى تعالى يا محمد قلت لبيك رب العظمة فأوحى الى يا محمد فيم اختصم الملأ الاعلى فقلت الهي لاعلم لي فقال يا محمد هلا اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك فقلت الهي ومن اتخذ اختر أنت لي يا الهي فأوحى الي يا محمد قد اخترت لك علي بن ابى طالب فقلت الهي ابن عمي فأوحى الي يا محمد ان عليا وارثك وواث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك يسقى من ورد عليه من مؤمني أمتك ثم اوحى الي اني قد اقسمت قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك حقا اقول يا محمد لادخلن الجنة جميع أمتك الامن ابي فقلت الهي اويابى احد دخول الجنة فأوحى الي بلى يابي قلت وكيف يابى فأوحى الي يا محمد اخترتك من خلقي واختر لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبى بعدك والقيت محبته في قلبك وجعلته ابا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك


[ 141 ]

عليهم في حياتك فمن جحد حقه جحد حقك ومن ابى ان يواليه فقد ابى ان يواليك ومن ابى ان يواليك فقد ابى ان يدخل الجنة فحررت لله ساجدا شكرا لما انعم به علي فإذا النداء يا محمد ارفع رأسك وسلني اعطك فقلت الهي اجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن ابي طالب ليردوا علي جميعا حوضي يوم القيامة فأوحى الي اني قد قضيت في عبادي قبل ان اخلقهم وقضائي ماض فيهم لاهدين به من اشاء واهلكن به من اشاء وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة منى فلا يدخل النار الامن ابغضه وعاداه وانكر ولايته من بعدك فمن ابغضه ابغضك ومن ابغضك فقد ابغضنى ومن عاداه عاداك ومن عاداك فقد عاداني ومن احبه احبك ومن احبك فقد احبني وقد جعلت فضيلة له ان اخرج من صلبه احد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما انجى به من الهلكة واهدي به من الضلالة وابرئ به الاعمى واشفى به المريض قلت الهي ومتى يكون ذلك فأوحى الي يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثرت الشعراء واتخذ أمتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وصارت الامراء كفرة واوليائهم فجرة واعوائهم ظلمة وذو الرأي منهم فسقة وتبدو ثلاث خسوفات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ويكون خراب البصرة على يدي رجل من ذريتك تتبعه الزنوج وخروج رجل من ولد الحسن بن على وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت الهي وماذا يكون من بعدي من الفتن فأوحى الي واخبرني جل اسمه ببلاء بني أمية وفتنة ولد عمي وما هو كائن اليوم القيامة فاوصيت بذلك اخي حين


[ 142 ]

هبطت الى الارض واديت الرسالة فاحمد الله على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي. وروى عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله ما بال اقوام يلوموني فيتقديم علي بن ابي طالب فوعزة ربي ما قدمته حتى امرني ربي بتقديمه وجعله أمير المؤمنين وأمير أمتي وامامها ايها الناس انه لما عرج بى الى السماء السابعة وجدت على باب السماء مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب أمير المؤمنين ولما صرت الى حجب النور رأيت على كل حجاب مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب أمير المؤمنين ولما صرت الى العرش وجدت على كل ركن من اركانه لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب أمير المؤمنين وروى عن ابن عباس انه قال ان رسول الله (ص) لما اسرى به الى السماء انتهى به جبرئيل الى نهر يقال له النور وذلك قوله تعالى خلق الظلمات والنور فلما انتهى به الى ذلك النهر قال يا محمد اعبر على بركة الله فقد نور الله بصرك ومد امامك فان هذا نهر لم يعبره احد لاملك مقرب ولا نبى مرسل غير ان لي في كل يوم اغتماسة فيه ثم اخرج منه فانقض اجنحتي فليس من قطرة تخرج من اجنحتي الا خلق الله منها ملكا مقربا له عشرون الف وجه واربعون الف لسان يلفظ كل لسان بلغة لا يفقهها اللسان الآخر فعبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى يانتهى الى الحجب وهي خمسمأة حجاب من الحجاب الى الحجاب خمسمأة عام ثم قال لي تقدم يا محمد قلت ولم لم تكن معي قال ليس لي ان اجوز هذا المكان فتقدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ما شاء الله ان يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى أنا المحمود وأنت محمد شققت لك اسما من اسمى فمن وصلك وصلته ومن قطعك (بتكته) انزل الى عبادي فاخبرهم بكرامتي اياك واني لم ابعث نبيا الا وجعلت له وزيرأ وانك رسولي وان عليا وزيرك وقال: ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول لما


[ 143 ]

اسرى به الى السماء السابعة واهبط الى الارض مخاطبا لعلي بن ابي طالب يا علي ان الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه خلقني وخلقك روحين من نور جلاله فكنا امام عرش رب العالمين نسبح الله ونقدسه ونحمده ونهلله قبل ان يخلق السموات والارضين فلما اراد الله عزوجل ان يخلق آدم خلقني واياك من طينة واحدة من طينة عليبن وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الانهار وانهار الجنة ثم خلق آدم واستودع صلبة تلك الطينة والنور، فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره واستنطقهم وقررهم بربوبيته فاولخلق اقر لله بالربوبية والتوحيد أنا وأنت ثم النبيون على قدر منازلهم وقربهم من الله فقال الله تبارك وتعالى صدقتما واقررتما يا محمد ويا علي وسبقتما خلقي الى طاعتي وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما فانتما صفوتي والأئمة من ذريتكما وشيعتكما ولذلك خلقتكما، قال النبي (ص) له عليه السلام فكانت تلك الطينة في صلب آدم ونوري ونورك فيما بين عينيه فما زال النور ينتقل فيما بين اعين النبيين والطينة في اصلابهم حتى وصلا الى صلب عبد المطلب وبين عينيه فافترقا نفصين فخلقني من نصف واتخذني نبيا ورسولا وخلقك من النصف الآخر واتخذك خليفة على خلقه ووليا، فلما كنت من عظمته جل جلاله كقاب قوسين أو ادنى قال لي يا محمد من اطوع خلق الله لك فقلت علي بن ابي طالب قال فاتخذه خليفة ووصيا بعد ان اخلق خلقي محبة مني لكما ولمن احبكما وتولاكما واطاعكما فمن احبكما واطاعكما وتولاكما كان عندي من المقربين ومن جحد ولايتكما وعدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين، ثم قال النبي (ص) يا علي فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة وأنت احق الناس بي في الدنيا والاخرة وولدك ولدي وشيعتك شيعتي واولياءك اوليائي وهم معك غدا في الجنة جيراني وقال: ايضا ابن عباس لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم


[ 144 ]

فاطمة من علي عليهما تحدثن نساء قريش وعيرتها وقلن لها زوجك رسول الله من عائل لا مال له فقال رسول الله (ص) يا فاطمة اما ترضين ان يكون الله تعالى اطلع الى أهل الارض اطلاعة فاختار منها رجلين جعلا حدهما اباك والآخر بعلك يا فاطمة كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تبارك وتعالى مطيعا من قبل ان يخلق الله آدم باربعة عشر الف عام، فلما خلق آدم قسم ذلك النور جزئين جزءأنا وجزء علي، ثم ان قريشا تكلمت في ذلك وفشا الخبر فبلغ النبي صلى الله عليه واله وسلم فامر بلالا فجمع الناس وخرج صلوات الله عليه الى مسجده ورقى منبره وحدث الناس بما خصه الله تعالى به وبما خص عليا وفاطمة عليهما السلام من الكرامة فقال معاشر الناس انه بلغني مقالتكم واني محدثكم حديثا فعوه واحفظوه مني وابلغوه عني فاني مخبركم بما خصنا الله به أهل البيت وبما خص به عليا من الفضل والكرامة وفضله عليكم فلا تخالفوه (فتنقلبوا على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجز الله الشاكرين) معاشر الناس ان الله اختارني من بين خلقه فبعثني اليكم رسولا واختار لي عليا فجعله لي اخا وخليفة ووصيا، معاشر الناس انه لما اسرى بي الى السماء السابعة ما مررت بملأ من الملائكة في سماء من السموات الا سألوني عن علي بن ابي طالب وقالوا لي يا محمد إذا رجعت فاقرأ عليا وشيعته منا السلام فلما بلغت السماء السابعة وتخلف عني جميع من كان معي من ملائكة السموات وجبرئيل والملائكة المقربون ووصلت الى حجاب ربي دخلت سبعين الف حجاب من حجاب الى حجاب، حجاب العزة والقدرة والبهاء والكبرياء والعظمة، والنور والجمال والظلمات والكمال، حتى وصلت الى حجاب الجلال فكشف لي عن حجاب الجلال فناجيت ربى عزوجل وقمت بين يديه فتقدم الي بما احب وامرني بما اراد ولم اسأله لنفسي شيئا ولعلي الا اعطاني ووعدني الشفاعة في شيعته واوليائه ثم قال لي الجليل جل جلاله يا محمد من تحب من خلقي قلت احب الذي تحبه أنت يا رب فقال جل ثنائه


[ 145 ]

فاحب عليا فاني احبه واحب من يحبه واحب من يحب من يحبه فحررت لله ساجدا مسبحا شاكرا له تعالى فقال لي يا محمد علي ولي وخيرتي بعدك من خلقي اخترته لك أخا ووصيا ووزيرا وخليفة وصفيا وناصرا لك على اعدائي ايدته بنصرتي وامرت بنصرته ملائكتي وجعلته نقمة لي على اعدائي يا محمد وعزتي وجلالي لايناوي عليا جبارا لاقصمته ولا يقاتل عليا عدو من اعدائي الا هزمته وابدته يا محمد اني اطلعت على قلوب عبادي فوجدت عليا انصح خلقي لك واطوعهم لك فاتخذه أخا وخليفة ووصيا وزوجه ابنتك فاني سأهب لهما غلامين طيبين طاهر بن تقيين نقيين في حلفت وعلى نفسي حتمت انه لا يتولى عليا وزوجته وذريتهما احد من خلقي الا رفعته الى قائمة عرشي وقصور جنتي وبحبوحة كرامتي واسكنته في حظيرة قدسي ولا يعاديهم احدا ويعدل عن ولايتهم الا سلبته ودي وباعدته من قربي وضاعفت عليه عذابي ولعتي يا محمد وعلى ولايتك بانك رسولي الى خلقي وان عليا ولي وأمير المؤمنين اخذت ميثاق النبيين وملائكتي وجميع خلقي وهم ارواح من قبل ان اخلق خلفا في سمائي وارضي محبة لك مني يا محمد ولعلي ولولدكما ولمن احبكما وكان من شيعتكما ولذلك خلقته من طينتكما فقلت الهي وسيدي فاجمع الامة عليه فابى علي وقال لي تعالى اما علمت انه مبتلى ومبتلى به واني جعلتكما حجتي لاسكن السماوات وازينها لمن اطاعني فيكم واحل عذابي ولعنتي على من خالفني فيكم وعصاني فبكم اميز الخبيث من الطيب يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت آدم ولو لا علي ما خلقت الجنة لاني بكم اجزى العباد يوم المعاد بالثواب والعقاب وبعلي والأئمة من لده انتقم من اعدائي في دار الدنيا ثم الي مصير العباد في المعاد فاحكمكما في جنتي وناري فلا يدخل الجنة لكما عدو ولا يدخل النار لكما ولي وبذلك اقسمت على نفسي ثم انصرفت راجعا فجعلت لا اخرج من حجاب من حجب ربي ذى الجلال والاكرام الا سمعت يا محمد احبب عليا يا محمد اكرم عليا يا محمد استخلف عليا يا محمد اوص الى علي يا محمد آخ عليا يا محمد


[ 146 ]

استوص بعلي وشيعته خيرا فلما وصلت الى الملائكة جعلوا يهنئوني في السموات ويقولون هنيئا لك يا رسول الله بكرامة الله لك ولعلي اخيك معاشر الناس علي اخي في الدنيا والاخرة ووصي واميني على أمتي بامر رب العالمين ووزيري وخليفتي عليكم في حياتي وبعد وفاتي لا يتقدمه احد بعدي ولقد اعلمني ربى انه سيد المسلمين وأمير المؤمنين وأمام المتقين ووراثي ووارث النبيين وحجة رب العالمين وقائد الغر المحجلين من شيعته وأهل ولايته الى جنات النعيم بامر رب العالمين يبعثه الله يوم القيمة بمقام يغبطه به الاولون والاخرون بيده لوائي لواء الحمد يسير به امامي تحته آدم وجميع من ولد من ولده من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الى جنات النعيم حتما من الله العظيم محتوما ووعدا وعدنيه ربى وان يخلف الله وعه وانا على ذلك من الشاهدين وروى عن الاعمش عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم ليلة اسرى بي الى السماء وبلغت الخامسة نظرت الى صورة علي بن ابى طالب فقلت حبيبي جبرئيل ما هذه الصورة فقال اشتهت الملائكة ان ينظروا الى علي فقالوا ربنا ان بني آدم في دنياهم يتمتعون غدوة وعشية بالنظر الى علي ابن عم حبيبك محمد وخليفته ووصيه وامينه فمتعنا بصورته قدر ما تمتع أهل الدنيا به فصور لهم صورته من نور قدسه عزوجل فصورة علي بين ايديهم ليلا ونهارا يزورونه وينظرون إليه غدوة وعشية قال: أبو عبد الله عليه السلام فلما ضربه ابن ملجم صارت تلك الضربة في ورته التي في السماء فالملائكة ينظرون إليه غدوة وعشية ويلعنون قاتله فلما قتل الحسين عليه السلام هبطت الملائكة وحملته حتى اوقفته مع صورة علي في السماء الخامسة فكلما هبطت الملائكة من السموات العليا وصعدت ملائكة السماء الخامسة فكلما هبطت الملائكة من السموات العليا وصعدت ملائكة السماء الدنيا فما فوقها الى السماء الخامسة لزيارة صورة علي عليه السلام والنظر إليه والى الحسين عليه السلام بصورته التي تشحطت بدمائه لعنوا


[ 147 ]

ابن ملجم ويزيد وابن زياد ومن قاتل الحسين عليه السلام الى يوم القيامة قال: الاعمش قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام هذا من مكنون العلم ومخزونه فلا تخرجه الا الى أهله وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال لما اسرى بي الى السماء ثم من سماء الى سماء ثم الي سدرة المنتهى اوقفت بين يدي ربى جل وعلا فقال لي يا محمد فقلت لبيك ربى وسعديك قال انك قد بلوت خلقي فايهم رأيت اطوع لك قلت عليا قال صدقت يا محمد فهل اتخذت خليفة لنفسك يؤدي عنك ويعلم عبادي منكتابي مالا يعلمون قلت اختر لي فان خيرتك خير لي قال قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا ونحلته علمي وحكمي فهو أمير المؤمنين لم يكن لاحد هذا الأسم قبله وليس لاحد بعده يا محمد علي راية الهدى وامام من اطاعني ونور اوليائي وهو الكلمة التي الزمتها المتقين من احبه فقد احبني ومن ابغضه فقد ابغضني فبشره بذلك قلت ربى قد بشرته فقال انا عبد الله وفي قبضته ان يعاقبني فبذنوبي ولم يظلمني شيئا وان يتم وعده لي فالله مولاي قال أجل فقلت اجعل ربيعه الايمان بك قال قد فعلت ذلك به يا محمد غير انى مختصه بشئ من البلاء لم اختص به احدا من اوليائي قلت ربى اخي وصاحبي قال قد سبق في علمي انه مبتلى ومبتلى به فلولا علي لم يعرف حزبى ولا اوليائي ولا اولياء رسلي وروى عن زين العابدين عليه السلام انه قال لما عرج بالنبي (ص) الى السماء قال العزيز تبارك وتعالى له آمن الرسول بما انزل إليه من ربه فقال والمؤمنون قال تعالى صدقت يا محمد انى اطلعت الى الارض اطلاعة فاخترتك منها ثم شققت لك اسما من اسمائي فلا اذكر في موضع الا ذكرت معي فانا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت اطلاعة اخرى فاخترت عليا وجعلته وصيك فانت خيرا لانبياء وهو خير الاوصياء يا محمد اني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين من شبح نوري ثم عرضتهم على الملائكة وسائر خلقي واردت ولايتهم وهم ارواح فمن قبلها كان عندي من المقربين


[ 148 ]

ومن جحدها كان عندي من الكافرين يا محمد وعزتي وجلالي لو ان عبدا عبدنى حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم اتانى جاحدا لولايتهم لم ادخله جني ولا اظله تحت عرشي. وروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال لما عرج بى الى السماء الدنيا إذا انا بقصر من فضة بيضاء على بابه ملكان فقلت يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت في السماء الثانية إذا انا بقصر من ذهب احمر احسن من الاولى على بابه ملكان فقلت يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت في السماء الثالثة إذا انا بقصر من ياقوتة حمراء على بابه ملكان فقلت لجبرئيل سلهما لمن هذا القصر فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت في السماء الرابعة إذا انا بقصر من درة بيضاء على بابه ملكان فقلت لجبرئيل سلهما فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت في السماء الخامسة إذا انا بقصر من درة صفراء على بابه ملكان فقلت لجبرئيل سلهما فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت الى السماء السادسة إذا انا بقصر من لؤلؤة رطبة مجوفة على بابه ملكان فقلت يا جبرئيل سلهما فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم فلما صرت في السماء السابعة إذا انا بقصر من نور عرش الله تبارك وتعالى على بابه ملكان فقلت لجبرئيل يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر فسألهما فقالا لفتى من بني هاشم، فسرنا فلم نزل ندفع من نور الى ظلمة ومن ظلمة الى نور حتى بلغنا الى سدرة المنتهى فإذا جبرئيل انصرف قلت حبيبي جبرئيل افي مثل هذا المكان أو في مثل هذا الحال تخلفني وتمضي فقال لي والذي بعثك بالحق نبيا ان هذا المسلك ما سلكه نبي مرسل ولا ملك مقرب استودعك رب العزة فلم ازل واقفا حتى قذفت في بحار النور فلم تزل الامواج تجذبني من نور الى ظلمة ومن ظلمة الى نور حتى وقفني ربى تعالى الموقف الذي احب ان يقفني عنده من ملكوته فقال عزوجل يا أحمد قف فوقفت منتفضا مرعوبا فنوديت من الملكوت يا أحمد فالهمني الرحم ان قلت لبيك


[ 149 ]

ربى وسعديك ها اناذا عبدك بين يديك فنوديت يا أحمد العزيز يقرئك السلام فقلت هو السلام ومنه السلام واليه يعود السلام ثم نوديت يا أحمد فقلت لبيك وسعديك سيدي ومولاي فقال يا أحمد آمن الرسول بما انزل إليه من ربه فالهمني تعالى ان قلت والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وقلت قد سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فنوديت لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت فقلت ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا فقال قد فعلت فقلت ربنا ولا تحمل علينا اصراكما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فنصرنا على القوم الكافرين فقال قد فعلت وجرى القلم بما جرى فلما قضيت وطرى من مناجاة ربى نوديت ان العزيز يقول من خلفت في الارض قلت خيرهم ابن عمي فنوديت يا أحمد من ابن عمك قلت أنت أعلم علي بن ابى طالب فنوديت من الملكوت سبعا متوالية يا أحمد استوص بابن عمك علي بن ابى طالب خيرا ثم نوديت التفت فالتفت عن يمين العرش فوجدت على ساق العرش الايمن مكتوبا لا اله الا انا وحدي لا شريك لي محمد رسولي ايدته بعلي ثم نوديت يا أحمد شفقت اسمك من اسمي انا الحميد وأنت أحمد وشققت أسم ابن عمك من اسمى انا الاعلى وهو علي يا أبا القاسم امض هاديا مهديا نعم المجئ جئت ونعم المنصرف انصرفت فطوبى لك وطوبى لمن آمن بك وصدقك ثم قذفت في بحار النور فلم تزل الامواج تقذفنى حتى تلقاني جبرئيل في سدرة المنتهى فقال لي نعم المجيئ ونعم المنصرف ماذا قلت وماذا قيل لك فقلت بعض ما جرى فقال وما كان اخر الكلام الذي القي عليك فقلت ان نوديت يا أبا القاسم امض هاديا مهديا فطوبى لك وطوبى لمن آمن بك وصدقك فقال الم تستفهم ماذا اراد بابى القاسم قلت لا يا روح الله، فنوديت يا أحمد انما كنيتك بابى القاسم لانك تقسم الرحمة بين عبادي يوم القيامة فقال لي جبرئيل هنيئا لك يا حبيبي والذي اختصك بالرسالة والنبوة وبعثك ما اعطى هذا آدميا قبلك ثم


[ 150 ]

انصرفنا فجئنا الى السماء السابعة فإذا القصر فقلت سل الملكين من الفتى من بنى هاشم فسلهما فقالا علي بن ابى طالب ابن عم رسول الله ثم نزلنا سماء سماء نسأل عن الفتى ملائكة تلك القصور فيقولون علي بن ابى طالب. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال لما اسرى بى الى السماء ما سمعت شيئا قط هو احلى من كلام ربى جل وعلا فقلت يا رب اتخذت ابراهيم خليلا وكلمة موسى تكليما ورفعت ادريس مكانا عليا وآتيت داود زبورا واعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فماذا لي يا رب قال جل وعز يا محمد اتخذتك خليلا كما اتخذت ابراهيم خليلا وكلمتك يكليما كما كلمت موسى تكليما واعطيتك فاتحة الكتاب وسورة البقرة ولم اعطهما نبيا قبلك وارسلتك الى اسود أهل الارض واحمرهم وانسهم وجنهم ولم ارسلهم الى جماعتهم نبيا قبلك وجعلت لك ولأمتك الارض مسجدا وطهورا واطعمت أمتك الفئ ولم احله لاحد قبلها ونصرتك بالرعب حتى ان عدوك ليرعب منك وانزلت سيد الكتب كلها مهيمنا عليك قرانا عربيا مبينا ورفعت لك ذكرك حتى لا أذكر بشئ من شرايع دينى الا ذكرت معي. وروى عن يزيد بن قعنب قال كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بنى عبد العزى بازاء بيت الله الحرام إذ اقبلت فاطمة بنت اسد أم أمير المؤمنين علي عليه السلام وكانت حاملة به لتسعة اشهر وقد اخذها الطلق فقالت ربى انى مؤمنة بك وبمن جاء من عندك من رسلك وكتبك واني مصدقة بكلام جدي ابراهيم الذي بنى هذا البيت فبحقه وحق هذا المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي قال: يزيد بن قعنب فرأيت البيت وقد انفتح من ظهره فدخلت فيه فاطمة وغابت عن ابصارنا والتزق الحائط فرمنا ان ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح فعلمنا ان ذلك امر من امر الله تعالى ثم خرجت بعد الرابع وبيدها علي أمير المؤمنين عليه السلام وهي تقول انى فضلت من تقدمنى من النساء


[ 151 ]

فان آسية بنت مزاحم عبدت الله سرا في موضع لا يجب ان يعبد الله فيه الا اضطرارا وان مريم بنت عمران هزت المنخلة اليابسة حتى اكلت منها رطبا جنيا واني دخلت بيت الله الحرام فاكلت من ثمار الجنة وارزاقها فلما اردت ان اخرج هتف بي هاتف وقال سميه عليا فالعلي الاعلى يقول شققت اسمه من اسمى وادبته بادبي ووقفته على غامض علمي وهو الذي يكسر الاصنام عن بيتي وهو الذي يقدسني فوق ظهر بيتي ويؤذن عليه ويمجدني فطوبى لمن احبه واطاعه وويل لمن ابغضه وعصاه. وروى عن ابي ذر رضي الله عنه قال نظر النبي صلى الله عليه واله وسلم الى علي بن ابي طالب عليه السلام فقال هذا خير الاولين وخير الاخرين من أهل السموات وأهل الارضين هذا سيد الصديقين وسيد الوصيين هذا امام المتقين وقائد الغر المحجلين إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة من نوق الجنة وقد اضاءت القيامة من نور وجهه على رأسه تاج مرصع بالزبرجد والياقوت فتقول الملائكة هذا نبي مرسل وتقول الانبياء هذا ملك مقرب فينادي مناد من بطنان العرش هذا الصديق الاكبر هذا وصي رسول الله هذا علي بن ابي طالب فيقف على متن جهنم فيخرج منها من يحب ويدخل فيها من يبغض ثم يأتي ابواب الجنة فيدخل فيها من يشاء بغير حساب. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال: قال لي جبرئيل يا محمد على خير البشر من ابي فقد كفر. وروى عنه صلى الله عليه واله انه قال لعلي عليه السلام يا علي أنت خير البشر لا يشك فيك الا من كفر وروى عن عايشة انها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول علي بن ابي طالب خير البشر ومن ابي فقد كفر فقيل لها لم حاربته قالت والله ما اربته من نفسي وما حملني عليه الا طلحة والزبير. وروى في حديث الجالوتالنصراني بعد كلام طويل فقلت


يقول: شير محمد هذه الرواية اوردها أبو عبد الله أحمد بن محمد -

[ 152 ]

يا رسول الله اخبرني بهذه الاسماء التي لم نشهدها واشهدنا قس بها فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا جالوت ليلة أسرى بى الى السماء اوحى الله تعالي الي ان اسأل من ارسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا فقلت لهم على ماذا بعثتم قالوا على نبوتك وولاية علي بن ابي طالب والأئمة من ذريتكما ثم اوحى الي ان التفت الى يمين العرش فالتفت فإذا علي والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي في ضحضاح من نور يصلون فقال الرب تعالى هؤلاء الحجج اوليائي وهذا منهم المنتقم من اعدائي. قال: الجالوت فقلت هؤلاء المذكورون في التوراة والانجيل والزبور. وروى عن سلمان قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما نظر الي قال يا سلمان ان الله لم يبعث نبيا ولا رسولا الا جعل له اثنى عشر نقيبا فقلت يا رسول الله قد عرفت هذا من الكتابين قال (ص) فهل عرفت نقبائي الاثنى عشر الذين اختارهم الله للامامة من بعدي فقلت الله ورسوله أعلم قال يا سلمان خلقني الله من صفاء نوره ودعاني فاطعته وخلق من نوري عليا ودعاه فاطاعة وخلق من نوري ونور علي فاطمة ودعاها فاطاعته وخلق من نوري ونور على وفاطمة الحسن والحسين ودعاهما فاطاعاه فسمانا الله بخمسة اسماء من اسمائه فالله المحمود وانا محمد والله الاعلى وهذا علي والله فاطر وهذه فاطمة والله الحسن وهذا الحسن والله ذو الاحسان وهذا الحسين ثم خلق من نور الحسين تسعة أئمة ودعاهم فاطاعوه قبل ان يخلق الله سماء مبنية وارضا مدحية وهواء وماء وملكا وبشرا فكنا بعلمه انوارا نسبحه ونسمع له ونطيع فقلت يا رسول الله بابى أنت وأمى ما لمن عرف هؤلاء فقال (ص) يا سلمان من عرفهم حق


- البغدادي الجوهري في كتاب مقتضب الاثر واوردها الشيخ الفقيه أبو الفتح الكراجكي في السدس الاخير من كتاب الكنز وفيهما (جارود) يدل جالوت.

[ 153 ]

معرفتهم واقتدى بهم فوالى وليهم وتبرأ من عدوهم فهو والله منا يرد حيث نرد فقلت يا رسول الله ايكون ايمان بهم بغير معرفتهم باسمائهم وانسابهم قال لا، فقلت يا رسول الله فان لي بهم قال الحسين عرفته ثم سيد العابدين على بن الحسين ثم ابنه محمد باقر علم الاولين والاخرين ثم ابنه جعفر لسان الصادقين ثم ابنه موسى الكاظم غيظه صبرا في الله ثم ابنه على الرضا لامر الله ثم ابنه محمد الجواد المختار لله ثم ابنه علي الهادي الى الله ثم ابنه الحسن الامين الصامت العسكري ثم ابنه محمد المهدي الناطق القائم بحق الله فسكت ثم قلت يا رسول الله ادع لي بادراكهم فقال (ص) انك مدركهم وأمثالك ومن تولاهم بحقيقة المعرفة فشكرت الله ثم قلت يا رسول الله مؤجل الى عهدهم فقال (ص) يا سلمان فإذا جاء وعدا وليهما بعثنا عليكم عبادا لنا اولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعناكم اكثر نفيرا فكثر بكائى واشتد شوقي فقلت يا رسول الله بعهد منك قال (ص) اي والذي ارسل محمدا انه لبعهد مني وعلى وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمة منه وكل من هو منا مظلوم فينا اي والله يا سلمان ثم ليحضرن ابليس وجنوده وكل من محض الايمان ومحض الكفر محضا حتى يؤخذ بالقصاص والترات ولا يظلم ربك احدا نحن تأويل هذه الآية (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقلت ما يبالي سلمان لقي الموت أو لقيه الموت. وروى عن ابي الصلت الهروي قال: قلت للرضا (ع) اخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروى انها الحنطة ومنهم من يروى انها العنب ومنهم من يروى انها شجرة الحسد فقال عليه السلام كل هذه حق فقلت ما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال يا أبا الصلت ان شجرة الجنة تحمل انواعا فكانت


[ 154 ]

شجرة الحنطة تحمل العنب وليست كشجرة الدنيا وان آدم لما اكرمة الله باسجاد ملائكته له وبأدخاله الجنة قال في نفسه هل خلق الله بشرا افضل مني فعلم الله ما وقع في نفسه فناداه عزوجل ارفع رأسك يا آدم وانظر الى ساق عرشي فرفع رأسه ونظر الى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن ابي طالب أمير المؤمنين وزوجته سيدة نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم يا رب من هؤلاء فقال عزوجل هؤلاء من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ولولا هم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والارض فاياك ان تنظر لهم بعين الحسد فتسلط الشيطان عليهما حتى أكلا من الشجرة فاخرجهما الله من جنته واهبطهما عن جواره الى الارض. وروى عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: ان الله خلقنا فاحسن خلقنا وصورنا فاحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سماواته وارضه بنا أثمرت الاشجار واينعت الثمار وجرت الانهار وبنا نزل الغيث من السماء وبنا اعشبت الارض وبعبادتنا عبد الله ولولانا ما عبدوا. وروى عن ابي بصير انه قال: قال أبو عبد الله (ع) ان عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ما كلف الله تعالى احدا ذلك الحمل غيرنا ولا استعبد بذلك احدا سوانا وان عندنا شيئا من ذلك امرنا بتبليغه عن الله عزوجل فبلغنا ما امرنا بتبليغه عنه تعالى من نجده فلم نجد له موضعا ولا اهلا ولا حمالة يحملونه حتى خلق الله اقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد صلى الله عليه واله وسلم وذريته عليهم السلام من نور خلق الله منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنعه الله تعالى منها فبلغناهم عن الله عزوجل ما امرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوه وبلغهم ذلك عنا فقبلوه وبلغهم ذكرنا فملت قلوبهم الى معرفتنا وحديثنا فلولا انهم


[ 155 ]

خلقوا من ذلك لما كانوا كذلك قبلوه واحتملوه ثم قال عليه السلام ان الله خلق قوما لجهنم والنار فأمرنا ان نبلغهم كما بلغا اولئك فاشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب فطبع الله على قلوبهم وانساهم ذلك ثم اطلق السنتهم ببعض الحق فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن اوليائه وأهل طاعته ولو لا ذلك ما عبد الله في ارضه فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان منهم ثم رفع (ع) يده وبكى وقال اللهم ان هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم فانك ان افجعتنا بهم لم تعبد ابدا في ارضك. وقال: أبو عبد الله عليه السلام ما من نبي جاء قط الا بمعرفة حقنا وبفضلناعلى من سوانا. وروى عنه عليه السلام انه قال: إذا كان يوم القيامة يجمع الله الاولين والآخرين لفصل الخطاب فيدعو رسول الله صلى الله عليه واله ويدعو أمير المؤمنين عليه السلام فيكسى رسول الله (ص) جلة خضراء تضئ ما بين المشرق والمغرب ويكسى علي (ع) مثلها ثم يكسى رسول الله (ص) حلة وردية تضيئ ما بين المشرق والمغرب ويكسى علي (ع) مثلها ثم يدعى بنا فيدفع الينا حساب الناس فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة وندخل أهل النار النار ثم يدعى بالنبيين فيقامون صفين عند عرش الله حتى نفرغ من حساب الناس فإذا ادخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بعث الله تعالى عليا عليه السلام الى الجنة فانزلهم منازلهم فيها وزوجهم بالحور فعلي هو والله الذي يزوج أهل الجنة وما ذلك لاحد غيره كرامة من الله له وفضلا ومنة وهو والله يدخل أهل النار النار ويغلق الابواب إذا دخلوا فيهما لان ابواب الجنة إليه وابواب النار إليه.


يقول: شير محمد هذا الحديث اورده الكليني في كتاب الحجة من الكافي في باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية وفيه (وتفضيلنا)

[ 156 ]

وروى يونسبن سعيد قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام ذات يوم فقال لي إذا كان يوم القيامة وجمع الله تعالى الناس كلهم فاول من ينادي نوح فيقال له هل بلغت فيقول نعم فيقال من يشهد لك فيقول محمد ويخرج يتخطى رقاب الخلق حتى يجيئ الى محمد (ص) وهو على كثيب مسك ومعه علي عليه السلام وهو قوله تعالى فلما راوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون فيقول نوح لمحد يا محمد ان الله تعالى سألني هل بلغت فقلت نعم فقال من يشهد لك فقلت محمد فيقول صلى الله عليه واله وسلم يا جعفر ويا حمزة اذهبا فاشهدا له انه قد بلغ قال: أبو عبد الله عليه السلام فجعفر وحمزة هما الشاهدان للانبياء بما بلغوا فقلت جعلت فداك فابن علي (ع) فقال هو اعظم منزلة من ذلك. وقال: أبو عبد الله عليه السلام خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم الجمعة فاطرد في خطبته. الى ان قال: اللهم اعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة اللهم اجعل محمدا وآل محمد اعظم الخلائق كلها يوم القيامة شرفا واقربهم عندك مقعدا واوجههم عندك جاها وافضلهم عندك منزلة ونصيبا اللهم اعط محمدا عندك شرف المقام. وروى أبو حمزة عن ابى عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لرجل من الشيعة انتم الطيبون ونسائكم الطيبات وكل مؤمن صديق. قال: وسمعته يقول شيعتنا اقرب الخلق من عرش الله تعالى يوم القيامة بعدنا وما من شيعتنا احد يقوم الى الصلاة الا اكتنفه فيها عدد من خلفه من الملائكة يصلون عليه جماعة تى يفرغ من صلاته وان الصائم منهم ليرتع في رياض الجنة تدعو له الملائكة حتى يفطر. وقال سماعة: قال لي أبو الحسن عليه السلام إذا كان لك يا سماعة حاجة


يقول: شير محمد هذا الحديث اورده الكليني في اوائل الثلث الثالث من كتاب الروضة وفيه (يوس بن ابي سعيد).

[ 157 ]

عند الله تعالى فقل اللهم اني اسألك بحق محمد وعلي فان لهما عندك شأنا من الشأن وقدرا من القدر فبحق ذلك الشأن وبحق ذلك القدر ان تصلى على محمد وآل محمد وان تفعل بي كذا وكذا فانه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان الا وهو محتاج اليهما في ذلك اليوم. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال لما بعث الله تعالى موسى بن عمران واصطفاه نجيا وفلق له البحر فنجا بنو اسرائيل واعطاه التوراة والالواح رأى مكانه من الله تعالى فقال يا رب لقد اكرمتني بكرامة لم تكرم بها احدا قبلي فقال الله عزوجل يا موسى اما علمت ان محمدا أفضل عندي من جميع خلقي فقال موسى يا رب فإذا كان محمد اكرم من جميع خلقك فهل في آل الانبياء اكرم من آلي فقال عزوجل يا موسى اما علمت ان فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين فقال يا رب فإذا كان فضل آل محمد عندك كذلك فهل في صحابة الانبياء عندك اكرم من صحابتي فقال يا موسى اما علمت ان افضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل البيين وفضل محمد على جميع المرسلين فقال موسى يا رب فإذا كان كما وصفت فهل في امم الانبياء افضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام وانزلت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر قال الله عزوجل يا موسى ان فضل امة محمد على جميع الامم كفضلي على خلقي قال موسي ليتني اراهم فأوحى الله إليه انك لن تراهم الآن فليس هذا أو ان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنات جنات عدن والفردوس بحضرة محمد يتقلبون في نعيمها ويتبجحون في خزائنهاافتحب ان اسمعك كلامهم فقال نعم الهي قال فقم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي السيد الجليل ففعل فنادى سبحانه يا أمة محمد


يقول: شير محمد في عيون اخبار الرضا وفي تفسير العسكري (ع) (خيراتها).

[ 158 ]

فأجابوه وهم في اصلاب أبائهم وارحام أمهاتهم لبيك ربنا لبيك ان الحمد والنعمة لك لا شريك لك لبيك فجعل الله تلك الاجابة منهم شعار الحج ثم نادى يا أمة محمد ان فضلي ورحمتي سبقا غضبي وان عفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم قبل ان تدعوني واعطيتكم قبل ان تسألوني من لقيني منكم يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله الصادق في اقواله المحق في افعاله وان علي بن ابى طالب اخوه ووصيه من بعده ووارثه تلتزم طاعته كما تلتزم طاعة محمد وان ابنائه المطهرين المصطفين القائمين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما اوليائه ادخلته جنتي وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر وذلك قوله سبحانه (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة) وروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال: عباد الله ان آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ نقل الله تعالى ارواحنا من ذروة العرش الى صلبه رأى النور ولم تبن الاشباح فقال يا رب ما هذه الانوار قال عزوجل انوار اشباح نقلتها من اشرف بفاع عرشي الى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الاشباح فقال آدم يا رب لوبينتها لي فقال تعالى انظر يا آدم الى ذروة العرش قال عليه السلام فانطبعت فيه صور اشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى اشباحنا قال ما هذه الاشباح يا رب قال يا آدم هذه اشباح أفضل خلقي وبريتي هذا محمد وانا الحميد المحمود في فعالي شققت له، سما من اسمى وهذا علي وانا العلي الاعلى شققت له اسما من اسمى وهذه فاطمة وانا فاطر والسموات والارض فاطم اعدائي من رحمتي يوم فصل قصائي وفاطم اوليائي عما يغويهم ويشينهم، شققت لها اسما من اسمى وهذا الحسن وهذا الحسين وانا الحسن ذو الاحسان، شققت لهما اسمين من اسمى فهؤلاء خيار خلقي واكرم بريتي بهم آخذ وبهم اعطى وبهم اعافب وبهم اثيب فتوسل بهم الي يا آدم إذا دهتك داهية اجعلهم شفعاءك فاني آليت على نفسي قسما


[ 159 ]

حقا ان لا اخيب بهم آملا ولا ارد بهم سائلا فلذلك لما نزلت به الخطيئة دعا الله بهم فتاب عليه وغفر له. وروى عن أمير المؤمنين (ع) انه قال: ان الله تعالى اخبر رسوله (ص) بما كان من ايمان الامم السابقة وان اليهود قبل ظهوره كانوا يستفتحون على اعدائهم بذكره والصلاة عليه وكان الله عزوجل امر اليهود في ايام موسى وبعده إذا دهمهم امرا ودهمتهم داهية ان يدعوا الله بمحمد واله وكانوا يفعلون ذلك ويستنصرون به حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظور النبي عليه السلام بسنين كثيرة يفعلون ذلك ويكفون البلاء والداهية الدهياء. وروى عن الباقر عليه السلام انه قال لقد سأل موسى العالم مسألة فلم يكن عنده جواب ولو كنت شاهدهما لاخبرتهما بالجواب ولسأتهما مسألة يكن لهما فيها جواب. وروى عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال اختار الله تعالى من الايام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر واختار من الناس الانبياء والرسل واختارني من الرسل واختار مني عليا واختار من علي الحسن والحسين واختار من الحسين الاوصياء يمنعون عن التنزيل تحريف الضالين وارتحال المبطلين وتأويل الجاهلين تاسعهم باطنهم ظاهرهم قائمهم وهو افضلهم. وروى عن زيد الشحام قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ايما أفضل الحسن أم الحسين عليهما السلام فقال (ع) ان فضل اولنا يلحق بفضل آخرنا وفضل اخرنا يلحق بفضل اولنا فكل له فضل قلت جعلت فداك وسع علي في الجواب فاني والله ما سألتك الامر تادا فقال عليه السلام نحن من شجرة طيبة برأنا الله من طينة واحدة فضلنا من الله وعلمنا من عند الله ونحن امنائه على خلقه والدعاة الى دينه والحجاب فيما بينه وبين خلقه ازيدك يا زيد قلت نعم فقال (ع) خلقنا واحد وعلمنا واحد وفضلنا واحد وكلنا واحد عند الله عزوجل قلت فاخبرني بعدتكم فقال اثنا عشر.


[ 160 ]

هكذا حول عرش ربنا في مبتدء خلقنا اولنا محمد واوسطنا محمد واخرنا محمد وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: لسلمان يا سلمان الويل كل الويل لمن لا يعرفنا حق معرفتنا وانكر فضلنا يا سلمان ايما أفضل محمد (ص) أم سليمان بن داود فقال سلمان بل محمد صلى الله عليه واله وسلم قال فهذا آصف بن برخيا قدر ان يحمل عرش بلقيس من مكانه الى سليمان في طرفة عين إذا كان عنده علم من الكتاب وكيف لا افعل انا اضعاف ذلك وعندي علم الف كتاب انزل الله على شيث ابن آدم خمسين صحيفة وعلى ادريس ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشرين صحيفة وعلم التوراة والانجيل والزبور والفرقان فقال صدقت يا سيدي قال اعلم يا سلمان ان الشاك في امرنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض ولايتنا في كتابه في غير موضع وبين فيه ما وجب العمل به وهو غير مكشوف. وروى عنه عليه السلام انه قال: انا قسيم الله بين الجنة والنار لا يدخلهما داخل الا على احد قسمي وانا الفاروق الاكبر وانا الامام لمن بعدي والمؤدي لمن كان قبلي لا يتقدمني احد الا أحمد صلى الله عليه واله وسلم واني واياه لعلى سبيل واحد الا انه هو المدعو باسمه ولقد اعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب واني لصاحب الكرات ودولة الدول واني لصاحب العصى والميسم واني دابة التي تكلم الناس. وقال: الباقر عليه السلام ان الله خلق جبلا محيطا بالدنيا من زبرجدة خضراء وانما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل وخلق خلفه خلقا لم يفترض عليهم شيئا مما فترضه على خلفه من صلاة وزكاة كلهم يلعن رجلين من هذه الامة وسماهما وقال: أبو الحسن الرضا عليه السلام ان اللهتعالى خلق هذا النطاق


يقول شير محمد في نسختين خطيتين من كتاب (بصائر الدرجات) للصفار ونسختين من كتاب مختصر البصائر لسعد بن عبد الله هكذا (ان لله خلف هذا النطاف).

[ 161 ]

زبرجدة خضراء فمن خضرتها اخضرت السماء قيل وما النطاق قال الحجاب ولله عزوجل وراء ذلك سبعون الف عالم اكثر من عدد الجن والانس كلهم يلعن فلانا وفلانا وقال: أبو عبد الله عليه السلام ان الله تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الاجسام بالفى عام فجعل اعلاها واشرفها ارواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده صلوات الله عليهم اجمعين فعرضها على السموات والارض والجبال فغشيها نورهم فقال الله تعالى للسموات والارض والجبال هؤلاء احبائي واوليائي وحججي على خلقي وأئمة بريتي ما خلقت خلقها هو احب الي منهم لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا اعذبه احدا من العالمين وجعلته مع المشركين بى في اسفل درك من ناري ومن اقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناني وكان لهم فيها ما يشاؤن عندي وابتهم كرامتي واحللتهم جواري وشفعتهم في المذنبين من عبادي وامائي فولايتهم امانة عند خلقي فايكم يحملها باثقالها ويدعيها لنفسه فابت السموات والارض والجبال ان يحملنها واشفقن من ادعاء منزلتها وتمنى محلها من عظمة ربها فلما اسكن الله عزوجل آدم وزوجته الجنة وقال لهما كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقرباهذه الشجرة فتكونا من الظالمين نظرا الى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة بعدهم في الجنة فوجداها اشرف منازل أهل الجنة فقالا يا ربنا لمن هذه المنزلة فقال الله تعالى ارفعا رأسيكما الى ساق عرشي فرفعا رأسيهما فوجدا اسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجلال فقالا يا ربنا ما اكرم أهل هذه المنزلة عليك وما احبهم اليك وما أشرفهم لديك فقال سبحانه لولاهم ما خلقتكما هؤلاء خزنة علمي وامنائي على سرى فاياكما ان تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي


[ 162 ]

فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين قالا ربنا ومن الظالمون قال عز أسمه المدعون لمنزلتهم بغير حق قالا فارنا يا ربنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك فامر الله النار فابرزت جميع ما فيها من الوان النكال في العذاب وقال لهما مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها وكلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها فلا تنظرا انوار حججي بعين الحسد فاهبطكما من جواري واحلكما هو اني فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوآتهما وقال ما نها كما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور وحملهما على تمني منزلتهم فنظر إليهم بعين الحسد فحذلا حتى أكلا من تلك الشجرة وهي شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلا شعيرا فاصل الحنطة ما لم يأكلاه واصل الشعير ما عاد مكان ما أكلاه فلما أكلا طار الحلى والحلل من اجسادهما وبقيا عاريبن فطفقا يخصفان علهيما من ورق الجنة وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في الجنة من يعصيني فهبطا موكلين الى انفسهما في طلب المعاش فلما اراد الله ان يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما انكما ظلمتما انفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجوزيتما بالهبوط من جوار الله تعالى الى ارضه فاسألا ربكما بحق الاسماء التي رأيتماها على ساق العرش ليتوب عليكما فقالا اللهم انا نسألك بحق الاكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة الا تبت علينا ورحمتنا فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم قال فلم يزل انبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الامانة ويخبرون بها اوصيائهم والمخلصين من اممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الانسان الذي عرف كل ظلم منه الى يوم القيامة وذلك قول الله (انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها


[ 163 ]

الانسان انه كان ظلوما جهولا) وقال: أبو جعفر عليه السلام خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالمدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله بايام قليلة فقال بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله ايها الناس ان الله عزوجل وعد نبيه صلواته عليه الوسيلة ووعده الحق فلن يخلف الله وعده الا وان الوسيلة اعلى درج الجنة وذروة رواتب الزلفة ونهاية غايات الامنية لها الف مرقاة ما بين مرقاة الى مرقاة حضر الفرس الجواد مأة عام (وفى نسخة الف عام) وفي اخرى مأة الف قمرقاة درة ومرقاة جوهرة ومرقاة زبرجدة ومرقاة لؤلؤة ومرقاة ياقوتة ومرقاة زمردة ومرقاة مرجانة الى مرقاة كافور الى مرقاة عنبر الى مرقاة يلنجوج الى مرقاة ذهب الى مرقاة فضة الى مرقاة غمام الى مرقاة هواء الى مرقاة نور قد انافت على كل الجنان فهو قاعد عليها متزر بريطتين ربطة من رحمة الله وريطة من نور الله عليه تاج النبوة واكليل الرسالة قد أشرق بنوره الموقف وانا يومئذ على الدرجة الرفيعة دون درجته وعلي ريطتان ريطة من ارجوان النور وريطة من كافور والانبياء والرسل دوننا على المراقي واعلام الازمنة وحجج الدهور على ايماننا قد جللتهم حلل الكرامة والنور فلا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل الا بهت من انوارنا وعجب من ضيائنا وجلالنا وعن يمين الوسيلة عن يمين رسول الله صلى ا لله عليه واله وسلم غمامة بسطة البصر يأتي منها النداء يا أهل الموقف طوبى لمن آمن بالنبي صلى الله عليه واله وسلم ظلة يأتي منها النداء يا أهل الموقف طوبى لمن آمن بالنبي فاحب الوصي فو الذى له الملك الاعلى لافاز احد ولا نال الروح والجنة الامن لقي خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما فايقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم وشرف مقعدكم وكرم ما بكم وفوزكم اليوم على سرر متقابلين وايقنوا يا أهل الانحراف والصدود عن الله ورسوله وصراطه واعلام الازمنة بسواد


[ 164 ]

وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون الى اخر الحديث بطوله. وقال: أبو عبد الله عليه السلام ان الله تعالى خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنا خلقا بشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل ما خلقنا منه نصيبا وخلق الارواح شيعتنا من طينتا وابدانهم من طينة مخزونة مكنونه أسفل من تلك الطينة ولم يجعل لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا الا للانبياء والمرسلين فلذلك صرنا نحن وهم علماء الناس وصار سائر الناس همجا للنار وقال: رجل لابي الحسن عليه السلام اخبرني عن النبي (ص) اورث النبيين كلهم قال نعم من لدن آدم حتى انتهى الى نفسه الشريفة فما بعث الله نبيا الا ومحمد عليه السلام أعلم منه فقال ان عيسى كان يحيي الموتى باذن الله قال صدقت قال وكان سليمان بن داود يفهم منطق الطير قال صدقت قال افيقدر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على هذه المنازل فقال عليه السلام ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في امره مالى لا ارى الهدهد أم كان من الغائبين وغضب عليه فقال لاعذبنه عذابا شديدا أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين وانما غضب لانه كان يدل على الماء وهو ظاهر وقد اعطى ما لم يعط من قبله فقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين والمردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وان الله تعالى يقول في كتابه ولو ان قرأنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كم به الموتى وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي به نسير الجبال ونقطع به البلدان ونحيي به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء وان في كتاب الله لايات ما يراد بها امر الا ان يأذن الله تعالى به مما كسبه الماضون جعله الله لنا في أم الكتاب ان الله يقول (وما من غائبة في السموات والارض الافي كتاب مبين) ويقول (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فنحن الذين اصطفانا الله واورثنا الكتاب الذي فيه تبيان كل شئ) وقال: محمد بن سنان كنت عند ابي جعفر الثاني عليه السلام فاجريت


[ 165 ]

اختلاف الشيعة فقال يا محمد ان الله تعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فمكثوا الف دهر ثم خلق جميع الاشياء فاشهدهم خلقها واجري طاعتهم عليها وفوض امورها إليهم فهم يحلون ما يشاؤن ولن يشاؤا الا ما شاء الله. ثم قال: عليه السلام يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق ومن تخلف عنها محق ومن لزمها لحق خذها اليك يا محمد. وقال: عليه السلام يا محمد هذه الديانة التي من تقدمها مرق ومن تخلف عنها محق ومن لزمها لحق خذها اليك يا محمد. وقال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا على ما عرف الله تعالى الا انا وأنت وما عرفني الا الله وأنت وما عرفك الا الله وانا. وقال: ابن عباس كنا عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاقبل علي عليه السلام فلما راه النبي (ص) تبسم في وجهه وقال مرحبا بمن خلقه الله قبل ابيه آدم باربعين الف عام فقلت يا رسول الله أكان الابن قبل الأب قال نعم ان الله خلقني وخلق عليا قبل ان يخلق آدم بهذه المدة نورا فقسمه نصفين فخلقني من نصف وخلق عليا من النصف الآخر قبل الاشياء فنورها من نوري ونور علي ثم جعلنا عن يمين العرش ثم خلق الملائكة فسبحنا فسبحت الملائكة وهللنا فهللت وكبرنا فكبرت فكان ذلك من تعليمي وتعليم علي وكان ذلك في علم الله السابق ان الملائكة تتعلم منا التسبيح والتهليل والتكبير وكل شئ سبح الله وكبره فبتعليمي وتعليم علي وكان في علم الله السابق ان لايدخل النار محب لي ولعلي وكذا كان في علمه ان لا يدخل الجنة مبغض لي ولعلي ومما يدل على ما اخترناه من تفضيل محمد واله صلى الله عليه واله وسلم ان جميع الانبياء والمرسلين والاوصياء والمؤمنين يتوسلون بهم عند حوائجهم وضروراتهم فتقضي حوائجهم وتدفع ضروراتهم بهم. فقد روى ان آدم لما نزل الى الدنيا بكى حتى صار في خديه نهران ثجاجان فنزل عليه جبرئيل وقال يا آدم اتحب ان يتوب الله عليك قال نعم قال فقل اللهم اني اسألك بحق الاكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن


[ 166 ]

والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد صلواتك عليهم الا تبت علينا فتاب الله عليهما ونوحا لما ادركه الغرق وهو في السفينة توسل بهم فانجاه الله ومن معه من الغرق وابراهيم لما قذف به في النار توسل بهم فجعلت النار عليه بردا وسلاما وايوب لما ابتلى بالبلاء والسقم وآيس من الصحة توسل بهم فشفاه الله من مرضه وبونس لما صار في بطن الحوت وضاق عليها مره توسل بهم فخلصه الله من الحبس وانبت عليه شجرة من يقطين وارسله مرة اخرى الى قومه وموسى لما اشتد عليه العبور في البحر توسل بهم ففلق الله له البحور اغرق فرعون وجنوده فيه ويعقوب لما فقد يوسف وابيضت عيناه توسل بهم فاقر الله عينيه برؤية قرة عينيه ويوسف لما القى في الجب توسل الى الله بهم فاخرجه الله منه وملكه مصر وداود لما بارز جالوت توسل بهم فظفره الله عليه وقتله والآن له الحديد وعلمه صنعة الدروع وسليمان لما نازعه اخوانه في الميراث توسل بهم فاعطاه الله الملك وسخر له الجن والانس والشياطين واسماعيل لما صار في المذبح توسل بهم فانجاه الله من الذبح وفداه بكبش عظيم وسارة لما تمنت الولد على عفم وهرم توسلت بهم فوهبها الله اسحاق وهاجر لما عطشت وجاعت بواد غير ذي زرع توسلت بهم فرزقها الله الطعام والشراب وآسية لما أسرت في يد فرعون توسلت بهم فانجاها الله من ظلمه ومريم لما حبست في الحجرة وغفل عنها زكريا اياما لم يأتها بغداء ولا عشاء توسلت بهم فانزل الله عليها قوتها من عنده ووهبها عيسى وحصنها من مساس الرجال وكذلك كل نبي وكل وصي وكل مؤمن كان في الدنيا يتوسل بهم (ع) فيما اهمه ودهمه الى الله عزوجل فينجح الله تعالى بهم عليهم السلام مطالبه وحيث وصلنا الى هذا المكان فلنذكر دعاء سريع الاجابة للمقاصد الدنيوية والاخروية في باب التوسل بهم عليهم السلام ذكره الكليني رحمه الله في كافيه والطوسي رحمه الله في اماليه بسند متصل عند محمد الجعفي عن ابيه قال: كنت كثيرا ما اشتكى عيني فشكوت ذلك الى ابي عبد الله عليه السلام


[ 167 ]

فقال (ع) الا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وتكفي به وجع عينيك قلت قال: كنت كثيرا ما اشتكى عيني فشكوت ذلك الى ابي عبد الله عليه السلام


[ 167 ]

فقال (ع) الا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وتكفي به وجع عينيك قلت بلى قال قل في دبر الفجر ودبر المغرب، اللهم اني اسألك بحق محمد وآل محمد عليك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تجعل النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبى والاخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك ابدا ما ابقيتني. وروى عن معتب مولى ابى عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لداود بن سرحان يا داود ابلغ موالي عني السلام واني اقول رحم الله عبدا اجتمع مع اخوانه فتذاكر امرنا فما اجتمع اثنان على ذكرنا الا باهى الله عزوجل بهما الملائكة فإذا اجتمعتم فاستغلوا بالذكر فان باجتماعكم وتذاكركم احياءنا وخير الناس من بعدنا من ذاكر بامرنا ودعا الى ذكرنا. وفيما ذكرناه في هذا الكتاب من مناقب الأئمة الانجاب عليهم صلوات رب الارباب كفاية لاولى الالباب لان مناقبهم خارجة عن حد الحساب ولا يحيط باحصائها الكتاب عددا (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) يقول: الفقير الى الله الغني شير محمد بن صفر علي الهمداني الجورقاني هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه منها واتفق لي الفراغ بعون الله تعالى يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر ذي الحجة من سنة 1362 اثنتين وستين بعد الثلثماة والالف من الهجرة المقدسة بمشهد سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية والاكرام.