اعلم انّ الجواهر مع اعراضها مبدعات بالإبداع الذي هو خلق ساكن لا يدرك بالسكون وليس الإبداع مجرّد المعنى المصدري كما يزعمه المتفضّلون وإنّما الإبداع والمشيّة والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة فمشيّة الله سبحانه تعالى وجود الأشياء الصادر القائم بالله قيام صدور لا قيام عروض وكلّ شيء قائم به وكلّ شيء خاضع له ولقد خلق الله المشيّة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة فشأنها إذ لم تكن شيئاً بذواتها فالوجود الحقّ هو الله والموجود المطلق فعله والوجود المقيّدة آثاره فليس الوجود عارضاً للممكنات كما يقوله الفيلسوفيون ولا معروضاً كما يقول بعض الصوفية إلاّ أن يؤوّل انّ لفظ العروض في كلامهم بمعنى انّه لا تكون الممكنات قائمة بذواتها بل إنّما هي قائمة بالوجود المطلق الذي هو إبداعه سبحانه كما قال الله تعالى ) ومن آياته أن تقوم السماء والأرض ( وأي مفسدة أعظم من أن تكون الأشياء عارضة لمشيّة الله سبحانه وتعالى أو مشيّته عارضة لها بل إنّما هي قائمة بها قيام المجعولات بالجعل والجعل بالجاعل والمبدعات بالإبداع والإبداع بالمبدع فالمشيّة ولا شيئاً كلتاهما شيء والله سبحانه شيء لا كالأشياء لأنّ الأشياء شيء بالمشيّة والمشيّة شيء بالله سبحانه والله شيء بالحقيقة الشينيّة بمعنى انّه موجود بحقيقة الوجود فالعالمون والمشيّة ليست حقيقة الوجود حقيقة الوجود هو الوجود الحقّ الواحد الأحد الأزل بلا تأويل عدد والسلام على من اتّبع الهدى .