* (وروي عنه عليه السلام في قصار هذه المعاني (4)) *
قال عليه السلام: من كنوز الجنة البر وإخفاء العمل والصبر على الرزايا (5) وكتمان المصائب.
وقال عليه السلام: حسن الخلق خير قرين. وعنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه.
وقال عليه السلام: الزاهد في الدنيا من لم يغلب الحرام صبره ولم يشغل الحلال شكره.
وكتب إلى عبدالله بن عباس (6): أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلته من آخرتك وليكن أسفك على ما فاتك منها. وما نلته من الدنيا فلا تكثرن به فرحا. وما فاتك منها فلا تأسفن عليه حزنا. وليكن همك فيما بعد الموت.
___________________________________
(1) الاحدوثة: ما يتحدث به الناس والمراد الثناء والكلام الجميل.
(2) الموادعة: المصالحة والمسالمة.
(3) في الكافى [ محبة الاخيار ].
(4) كل ما كان في هذا الباب فهو موجود في كتب أصحابنا كالخصال والكافى والامالى وكشف الغمة والمناقب وكنز الفوائد والنهج وارشاد المفيد وأمثالها وفى كتب العامة أيضا كحلية الاولياء والمناقب لابن الجوزى ومطالب السؤول وأمثالها. وإنما تعرضنا لبعضها لاجل اختلاف كان فيه.
(5) الرزايا: جمع الزرية: المصيبة العظيمة.
(6) منقول في النهج بادنى اختلاف.
(*)
[201]
وقال عليه السلام في ذم الدنيا: أولها عناء وآخرها فناء (1)، في حلالها حساب وفي حرامها عقاب. من صح فيها أمن. ومن مرض فيها ندم. من استغنى فيها فتن. ومن افتقر فيها حزن. من ساعاها فاتته (2). ومن قعد عنها أتته. ومن نظر إليها أعمته. ومن نظر بها بصرته (3).
وقال عليه السلام: احبب حبيبك هونا ما عسى أن يعصيك يوما ما (4). وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما.
وقال عليه السلام: لا غنى مثل العقل. ولا فقر أشد من الجهل.
وقال عليه السلام: قيمة كل امرئ ما يحسن.
وقال عليه السلام: قرنت الهيبة بالخيبة (5). والحياء بالحرمان. والحكمة ضالة المؤمن فليطلبها ولو في أيدي أهل الشر.
وقال عليه السلام: لو أن حملة العلم حملوه بحقه لاحبهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه.
ولكنهم حملوه لطلب الدنيا. فمقتهم الله وهانوا على الناس.
وقال عليه السلام: أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج.
وقال عليه السلام: إن للنكبات غايات لابد أن تنتهي إليها فإذا حكم على أحدكم بها فليطأطأ لها ويصبر حتى تجوز (6) فإن إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها.
وقال عليه السلام للاشتر: يا مالك احفظ عني هذا الكلام وعه. يا مالك بخس مروته من ضعف يقينه.
وأزرى بنفسه من استشعر الطمع (7). ورضي [ ب ] الذل من كشف [ عن ] ضره.
___________________________________
(1) العناء النصب والتعب.
(2) " ساعاها " أى غالبها في السعى.
وفى كنز الفوائد [ فاتنه ].
(3) أى نظر اليها بعين الحقيقة ونظر تأمل وتفكر.
وفى كنز الفوائد [ ومن نظر إليها ألهته و من تهاون بها نصرته ].
(4) - الهون: الرفق، السهل، السكينه والمراد احببه حبا مقتصدا لا افراط فيه.
وأبغضه بغضا مقتصدا.
(5) الهيبة: المخافة. والخيبة: عدم الظفر بالمطلوب.
(6) طأطأ: خفض وخضع.
(7) أى احتقرها. يقال: أزرى به أى عابه ووضع من حقه.
(*)
[202]
وهانت عليه نفسه من أطلع على سره. وأهلكها من أمر عليه لسانه (1) الشره جزار الخطر (2). من أهوى إلى متفاوت خذلته الرغبة. البخل عار. والجبن منقصة. والورع جنة. والشكر ثروة. والصبر شجاعة. والمقل غريب في بلده (3). والفقر يخرس الفطن عن حجته (4). ونعم القرين الرضى. الادب حلل جدد (5). ومرتبة الرجل عقله. وصدره خزانة سره. والتثبت حزم. والفكر مرآة صافية. والحلم سجية فاضلة. والصدقة دواء منجح (6). وأعمال القوم في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم. والاعتبار منذر صالح. والبشاشة فخ المودة. (7) وقال عليه السلام: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فمن لا صبر له لا إيمان له.
وقال عليه السلام: أنتم في مهل من ورائه أجل ومعكم أمل يعترض دون العمل فاغتنموا المهل وبادروا الاجل وكذبوا الامل وتزودوا من العمل، هل من خلاص أو مناص أو فرار أو مجاز أو معاذ أو ملاذ أو لا؟ فأنى تؤفكون.
وقال عليه السلام اوصيكم بتقوى الله فإنها غبطة للطالب الراجي وثقة للهارب اللاجي استشعروا التقوى شعارا باطنا.واذكروا الله ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة وتسلكوا به طرق النجاة. وانظروا إلى الدنيا نظر الزاهد المفارق. فإنها تزيل الثاوي الساكن (8)
___________________________________
(1) وأمر لسانه أى جعله أميرا.
(2) - الشره: اشد الحرص وطلب المال مع القناعة. والجزار: الذباح.
والمتفاوت: المتباعد وفى كنز الفوائد [ إلى متفاوت الامور ].
وفى النهج [ من أومأ إلى متفاوت خذلته الحيل ] أى من طلب تحصيل المتباعدات وضم بعضها إلى بعض لم ينجح فيها فخذلته الحيل والرغبة فيما يريد.
(3) المقل: الفقير. وفى النهج [ في بلدته ].
(4) الفطن - بفتح فكسر -: الفاطن أى صاحب الفطنة والحذاقة.
(5) الحلل: جمع الحلة - بالضم -: كل ثوب جديد. والجدد: جمع الجديد.
(6) انجحت حاجته: قضيت والرجل: فاز وظفر بها.
(7) الفخ: المصيدة أى آلة يصاد بها.
وفى النهج [ والبشاشه حبالة المودة ] والحبالة - بالكسر - شبكة الصيد.
(8) الثاوى: القائم. يعنى أن الدنيا تزيل من قام بها واتخذها وطنا.
(*)
[203]
وتفجع المترف الآمن. لا يرجى منها ما ولى فأدبر ولا يدرى ما هو آت منها فيستنظر. وصل الرخاء منها بالبلاء. والبقاء منها إلى الفناء. سرورها مشوب بالحزن والبقاء منها إلى الضعف الوهن. وقال عليه السلام: إن الخيلاء من التجبر والتجبر من النخوة والنخوة من التكبر. وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل. إن المسلم أخ المسلم فلا تخاذلوا ولا تنابزوا. فإن شرايع الدين واحدة وسبله قاصدة، فمن أخذ بها لحق ومن فارقها محق ومن تركها مرق (1). ليس المسلم بالكذوب إذا نطق ولا بالمخلف إذا وعد. ولا بالخائن إذا اؤتمن. وقال عليه السلام: العقل خليل المؤمن. والحلم وزيره. والرفق والده. واللين أخوه. ولابد للعاقل من ثلاث: أن ينظر في شأنه ويحفظ لسانه ويعرف زمانه. ألا وإن من البلاء الفاقة وأشد من الفاقة مرض البدن وأشد من مرض البدن مرض القلب، ألا وإن من النعم سعة المال وأفضل من سعة المال صحة البدن وأفضل من صحة البدن تقوى القلب.
وقال عليه السلام: إن للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه (2) وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل. وليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاشه (3) وخطوة لمعاده أو لذة في غير محرم.
وقال عليه السلام كم من مستدرج بالاحسان إليه (4) وكم من مغرور بالستر عليه وكم من مفتون بحسن القول فيه، وما ابتلى الله عبدا بمثل الاملاء له (5) قال الله عزوجل: " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما (6) ".
___________________________________
(1) محق: هلك. ومرق: خرج من الدين بضلالة أو بدعة.
(2) وكذا في أمالى ابن الشيخ وفى النهج [ وساعة يرم معاشه ].
(3) رممت الشى - بالتثقيل -: اصلحته . والمرمة: الاصلاح.
وفى الحديث: " لا يكون العاقل ظاعنا الا في ثلاث: تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم".
(4) استدرجه الله من حيث لا يعلم بالانعام والاحسان اليه وهو يعصى الله ولا يعلم أن ذلك ابلاغا للحجة عليه واقامة للمعذرة في أخذه وقد مر بيان الاستدراج كرارا.
(5) والاملاء: الامهال.
(6) سورة آل عمران آية 178.
(*)
[204]
وقال عليه السلام: ليجتمع في قلبك الافتقار إلى الناس والاستغناء عنهم، يكون افتقارك إليهم في لين كلامك وحسن بشرك (1) ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزك.
وقال عليه السلام: لا تغضبوا. ولا تغضبوا (2). أفشوا السلام. وأطيبوا الكلام.
وقال عليه السلام: الكريم يلين إذا استعطف واللئيم يقسوا إذا ألطف.
وقال عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يرخص الناس في معاصي الله ولم يقنطهم من رحمة الله ولم يؤمنهم من مكر الله ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه. ولا خير في عبادة ليس فيها تفقه. ولا خير في علم ليس فيه تفكر. ولا خير في قراءة ليس فيها تدبر.
وقال عليه السلام: إن الله إذا جمع الناس نادى فيهم مناد أيها الناس إن أقربكم اليوم من الله أشدكم منه خوفا وإن أحبكم إلى الله أحسنكم له عملا وإن أفضلكم عنده منصبا أعملكم (3) فيما عنده رغبة وإن أكرمكم عليه أتقاكم.
وقال عليه السلام:عجبت لاقوام يحتمون الطعام مخافة الاذى كيف لا يحتمون الذنوب مخافة النار(4).
وعجبت ممن يشترى المماليك بماله كيف لا يشترى الاحرار بمعروفه فيملكهم.
ثم قال: إن الخير والشر لا يعرفان إلا بالناس، فإذا أردت أن تعرف الخير (5) فاعمل الخير تعرف أهله. وإذا أردت أن تعرف الشر فاعمل الشر تعرف أهله.
وقال عليه السلام: إنما أخشى عليكم اثنتين: طول الامل واتباع الهوى، أما طول الامل فينسي الآخرة واما أتباع الهوى، فإنه يصد عن الحق.
وسأله رجل
___________________________________
(1) البشر - بالكسر -: بشاشة الوجه. والنزاهة: العفة والبعد عن المكروه.
(2) في بعض النسخ [ ولا تعصبوا ]. ولعل الصحيح " ولا تعضبوا " أى لا تقطعوا.
(3) في بعض النسخ [ أعلمكم ].
(4) يحتمون أى يتقون وفى بعض النسخ [ كيف لا يحتمى ].
(5) في بعض النسخ [ أن تعمل الخير ].
(*)
[205]
بالبصرة عن الاخوان فقال: الاخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم الكهف والجناح (1) والاهل والمال فإن كنت من أخيك على حد الثقة فابذل له مالك ويدك وصاف من صافاه (2) وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن.
اعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الاحمر، وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك، فلا تقطعن منهم لذتك، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.
وقال عليه السلام: لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعدى صديقك.
وقال عليه السلام: لا تصرم أخاك على ارتياب ولا تقطعه دون استعتاب (3).
وقال عليه السلام: ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة ثلاثة: الفاجر (4) والاحمق والكذاب فأما الفاجر فيزين لك فعله ويحب أنك مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، فمقارنته جفاء وقسوة ومدخله عار عليك (5). وأما الاحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو جهد نفسه (6) وربما أراد نفعك فضرك. فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه. وأما الكذاب فإنه لا يهنئك معه عيش، ينقل حديثك وينقل إليك الحديث. كلما أفنى احدوثة مطاها باخرى مثلها (7) حتى أنه يحدث بالصدق فلا يصدق، يغزي بين الناس بالعداوة (8) فينبت الشحناء في الصدور. فاتقوا الله وانظروا لانفسكم.
___________________________________
(1) المكاشرة - مفاعلة من كشر كضرب - وكشر الرجل عن أسنانه أى أبدى واظهر ويكون في الضحك. والمكاشر: المتبسم في وجهه. والكهف: الملجأ.
ورواه الصدوق في الخصال وفيه [ فهم الكف والجناح والاصل والاهل والمال ].
والجناح من الانسان: اليد: لانه بمنزلة جناح الطائر.
(2) صافى فلانا: أخلص له الود.
(3) لا تصرم أى لا تقطع. والاستعتاب: الاسترضاء.
(4) رواه الكلينى (ره) في الكافى 2 ص 639 وفيه [ الماجن الفاجر ].
(5) في الكافى [ مقاربته جفاء ]. و " مدخله " أى زيارته ومواجهته.
(6) في الكافى [ ولو أجهد نفسه ].
(7) مطا يمطو: أسرع في سيره ومطا بالقوم: مد بهم في السير. وفى الكافى [ مطرها ].
وفى بعض نسخه [ مطها ].
(8) يغرى أى القى بينهم العداوة.
والشحناء: العداوة والبغضاء امتلات منها النفس من شحن أى ملا.
وفى الكافى [ يفرق بين الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور ].
(*)
[206]
وقال عليه السلام: لا عليك (1) أن تصحب ذا العقل وإن لم تجمد كرمه (2) ولكن انتفع بعقله واحترس من سيئ أخلاقه ولا تدعن صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله ولكن انتفع بكرمه بعقلك. وافرر الفرار كله من اللئيم الاحمق.
وقال عليه السلام: الصبر ثلاثة: الصبر على المصيبة. والصبر على الطاعة. والصبر عن المعصية.
وقال عليه السلام: من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه أبدا، قيل: وما هن؟ قال: العجلة واللجاجة والعجب والتواني.
وقال عليه السلام: الاعمال ثلاثة: فرائض وفضائل ومعاصي، فأما الفرائض فبأمر الله ومشيئته وبرضاه وبعلمه وقدره يعملها البعد فينجو من الله بها.
وأما الفضائل فليس بأمر الله لكن بمشيئته وبرضاه وبعلمه وبقدره يعملها العبد فيثاب عليها.
وأما المعاصي فليس بأمر الله ولا بمشيئته ولا برضاه لكن بعلمه وبقدره يقدرها لوقتها، فيفعلها العبد باختياره فيعاقبه الله عليها، لانه قد نهاه عنها فلم ينته.
وقال عليه السلام: يا أيها الناس إن لله في كل نعمة حقا، فمن أداه زاده ومن قصر عنه خاطر بزوال النعمة وتعجل العقوبة، فليراكم الله من النعمة وجلين كما يراكم من الذنوب فرقين (3).
وقال عليه السلام: من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر من الله [ له ] فقد ضيع مأمولا. ومن وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك استدراج من الله فقد أمن مخوفا.
(4) وقال عليه السلام: يا أيها الناس سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية، فإن أجل
___________________________________
(1) أى لا بأس بك ولا حرج.
(2) جمدت يده: بخل.
(3) " وجلين " اى خائفين. " فرقين " أى فزعين.
(4) ذات يده: ما يملكه.
ومأمولا أى ما أمل ورجا اى من كان في ضيق بحسب المال ولم يظن ان ذلك احسان من الله وامتحان منه فقد ضيع اجرا مأمولا وهكذا اذا لم يظن ان نعمته استدراج منه فقد أمن من مكر الله وذكر في النهج بتقديم وتأخير.
(*)
[207]
النعم العافية. وخير مادام في القلب اليقين. والمغبون من غبن دينه. والمغبوط من حسن يقينه. وقال عليه السلام: لا يجد رجل طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه ليكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وقال عليه السلام: ما ابتلي المؤمن بشئ هو أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها، قيل: وما هن؟ قال: المواساة في ذات يده والانصاف من نفسه وذكر الله كثيرا، أما إني لا أقول لكم: سبحان الله والحمد لله ولكن ذكر الله عندما أحل له وذكر الله عندما حرم عليه.
وقال عليه السلام: من رضي من الدنيا بما يجزيه كان أيسر ما فيه يكفيه ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن فيها شئ يكفيه.
وقال عليه السلام: المنية لا الدنية والتجلد لا التبلد (1) والدهر يومان: فيوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فلا تحزن فبكليهما ستختبر.
وقال عليه السلام: أفضل على من شئت يكن أسيرك.
وقال عليه السلام: ليس من أخلاق المؤمن الملق ولا الحسد إلا في طلب العلم.
وقال عليه السلام: أركان الكفر أربعة: الرغبة والرهبة والسخط والغضب.
وقال عليه السلام: الصبر مفتاح الدرك. والنجح عقبى من صبر (2). ولكل طالب حاجة وقت يحركه القدر.
وقال عليه السلام: اللسان معيار أطاشه الجهل (3) وأرجحه العقل.
وقال عليه السلام: من طلب شفا غيظ بغير حق أذاقه الله هوانا بحق.
إن الله عدو ما كره.
وقال عليه السلام: ما حار من استخار ولا ندم من استشار (4).
وقال عليه السلام: عمرت البلدان بحب الاوطان.
وقال عليه السلام: ثلاث من حافظ عليها سعد: إذا ظهرت عليك نعمة فاحمد الله. وإذا
___________________________________
(1) المنية: الموت أى يكون الموت ولا يكون ارتكاب الدنية.
والتجلد: تكلف الجلد - محركة - و الصبر عليه. والتبلد: ضد التجلد والتلهف.
ومضمون هذا الكلام منقول في النهج وفيه [ والتقلل ولا التوسل ].
(2) النجح - بالضم -: الفوز والظفر.
(3) أطاشه أى خفه. وبالفارسية (يعنى سبك ميكند اورا).
(4) الحور - بالفتح -: التحير والرجوع إلى النقصان.
(*)
[208]
أبطأ عنك الرزق فاستغفر الله وإذا أصابتك شدة فأكثر من قول: " لا حول ولا قوة إلا بالله ".
وقال عليه السلام: العلم ثلاثة: الفقه للاديان. والطب للابدان. والنحو للسان.
وقال عليه السلام: حق الله في العسر الرضى والصبر. وحقه في اليسر الحمد والشكر.
وقال عليه السلام: ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة. وكم من شهوة ساعة قد أورثت حزنا طويلا. والموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب فيها فرحا ولا لعاقل لذة. وقال عليه السلام: العلم قائد والعمل سائق والنفس حرون (1).
وقال عليه السلام: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى عليه السلام خرج يقتبس لاهله نارا فكلمه الله ورجع نبيا. وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام. وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين.
وقال عليه السلام: الناس بامرائهم أشبه منهم بآبائهم.
وقال عليه السلام: أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج (2) من قول الزور فيه ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه. الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرء ما يحسن فتكلموا في العلم تبين أقداركم.
وقال عليه السلام: رحم الله امرءا راقب ربه (3) وتوكف ذنبه وكابر هواه وكذب مناه. زم نفسه من التقوى بزمام وألجمها من خشية ربها بلجام، فقادها إلى الطاعة بزمامها. وقدعها عن المعصية بلجامها (4)، رافعا إلى المعاد طرفه، متوقعا في كل أوان حتفه، دائم الفكر، طويل السهر، عزوفا عن الدنيا، كدوحا لآخرته (5)، جعل الصبر مطية نجاته والتقوى عدة وفاته ودواء [ داء ] جواه (6)، فاعتبر وقاس فوتر الدنيا والناس، يتعلم للتفقه
___________________________________
(1) الحرون من الخيل: الذى لا ينقاد لراكبه فاذا استدر جريه وقف.
(2) ازعجه فانزعج: أقلقه وقلعه من مكانه فقلق وانقلع.
(3) في بعض النسخ [ راقب دينه ]. والتوكف: التجنب. والمكابرة: المعاندة والمغالبة.
(4) قدع الفرس باللجام: كبحه أى جدبه به لتقف وتجرى.
(5) سهر سهرا - كفرح - اذا لم ينم ليلا.
وعزفت نفسه عن الشئ: انصرفت وزهدت فيه والكدح السعى في مشقة وتعب.
(6) الجوى: الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن.
(*)
[209]
والسداد، قد وقر قلبه ذكر المعاد، فطوى مهاده (1) وهجر وساده، قد عظمت فيما عند الله رغبته واشتدت منه رهبته، يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم، أولئك ودائع الله في بلاده، المدفوع بهم عن عباده، لو أقسم أحدهم على الله لابره، آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
وقال عليه السلام: وكل الرزق بالحمق. ووكل الحرمان بالعقل. ووكل البلاء بالصبر.
وقال عليه السلام للاشعث (2) يعزيه بأخيه عبدالرحمن: إن جزعت فحق عبدالرحمن وفيت وإن صبرت فحق الله أديت، على أنك إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود وإن جزعت جرى عليك القضاء وأنت مذموم (3).
فقال الاشعث: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتدري ما تأويلها؟ فقال الاشعث: لانت غالية العلم ومنتهاه فقال عليه السلام: أما قولك: " إنا لله " فإقرار منك بالملك.
وأما قولك " وإنا إليه راجعون " فإقرار منك بالهلك (4).
وركب يوما فمشى معه قوم فقال عليه السلام لهم: أما علمتم أن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي، انصرفوا.
___________________________________
(1) طوى نقيض نشر. والمهاد: الفراش. وهجره أى تركه وأعرض عنه.
(2) الظاهر هو اشعث بن قيس المكنى بابى محمد ذكروه في جملة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان اسر بعد النبي صلى الله عليه وآله في ردة اهل ياسر وعفى عنه أبوبكر وزوجه اخته ام فروة وكانت عوراء فولدت له محمد.
وكان اشعث سكن الكوفة وهو عامل عثمان على آذربيجان وكان ابا زوجة عمر بن عثمان وكتب أمير المؤمنين عليه لسلام اليه بعد فتح البصرة فسار وقدم على على عليه السلام وحضر صفين ثم صار خارجيا ملعونا وقال ابن أبى الحديد كل فساد كان في خلافة امير المؤمنين عليه السلام وكل اضطراب حدث فأصله الاشعث وهو الذى شرك في دمه عليه السلام وابنته جعدة سمت الحسن عليه السلام ومحمد ابنه شرك في دم الحسين عليه السلام.
(3) في النهج عزاه عن ابن له قال: [ يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت ذلك منك الرحم.
وان تصبر ففى الله من كل مصيبة خلف.
يا أشعث إن صبرت جرى عليك القدر وانت مأجور وان جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور إبنك سرك وهو بلاء وفتنة وحزنك وهو ثواب ورحمة ].
(4) الهلك بالضم: الهلاك.
(*)
[210]
وقال عليه السلام: الامور ثلاثة: أمر بان لك رشده فاتبعه(1) وأمر بان لك غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فرددته إلى عالمه (2).
وقال له جابر يوما: كيف أصبحت يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام أصبحنا وبنا من نعم الله ربنا ما لا نحصيه مع كثرة ما نعصيه، فلا ندري ما نشكر أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر.
وعزى عبدالله بن عباس عن مولود صغير مات له فقال عليه السلام: لمصيبة في غيرك لك أجرها أحب إلي من مصيبة فيك لغيرك ثوابها فكان لك الاجر لابك وحسن لك العزاء لاعنك وعوضك الله عنه (3) مثل الذي عوضه منك.
وقيل له: ما التوبة النصوح؟ فقال عليه السلام: ندم بالقلب واستغفار باللسان والقصد على أن لا يعود(4).
وقال عليه السلام: إنكم مخلوقون اقتدارا ومربوبون اقتسارا (5) ومضمنون أجداثا و كائنون رفاتا ومبعوثون أفرادا ومدينون حسابا، فرحم الله عبد اقترف فاعترف. ووجل فعمل. وحاذر فبادر. وعبر فاعتبر. وحذر فازدجر. وأجاب فأناب وراجع فتاب. و اقتدى فاحتذى (6). فباحث طلبا. ونجا هربا. وأفاد ذخيرة. وأطاب سريرة. وتأهب للمعاد. واستظهر بالزاد ليوم رحيله (7) ووجه سبيله وحال حاجته وموطن فاقته، فقدم أمامه لدار مقامه. فمهدوا لانفسكم، فهل ينتظر أهل غضارة الشباب إلا حواني الهرم وأهل بضاضة الصحة (8) الا نوازل السقم وأهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء واقتراب الفوت ودنو الموت.
___________________________________
(1) في بعض النسخ [ فارتكبه ].
(2) في بعض النسخ [ فرده إلى عالمه ].
(3) في بعض النسخ [ منه ].
(4) في بعض النسخ [ العقد على أن لا يعود ].
(5) في بعض النسخ [ انتشارا ]. والاقتسار: عدم الاختيار، أى رباهم الله من عند كونهم أجنة في بطون أمهاتهم إلى كبرهم من غير إختيار منهم. وفى بعض النسخ [ ومضمون أحداثا ].
(6) الاحتذاء: الاقتداء أى أتى بكل ما للاقتداء من معنى.
(7) استظهر بالزاد: استعان به.
(8) البضاضة: رقة اللون وصفاؤه.
(*)