* (صفة الخروج من الايمان) *
وقد يخرج من الايمان بخمس جهات من الفعل كلها متشابهات معروفات: الكفر. والشرك. والضلال.
والفسق. وركوب الكبائر.
فمعنى الكفر كل معصية عصي الله بها بجهة الجحد والانكار والاستخفاف و التهاون في كل ما دق وجل. وفاعله كافر ومعناه معنى كفر، من أي ملة كان ومن أي فرقة كان بعد أن تكون منه معصية بهذه الصفات، فهو كافر.
ومعنى الشرك كل معصية عصي الله بها بالتدين، فهو مشرك، صغيرة كانت المعصية أو كبيرة، ففاعلها مشرك (1).
ومعنى الضلال الجهل بالمفروض وهو أن يترك كبيرة من كبائر الطاعة التي لا يستحق العبد الايمان إلا بها بعد ورود البيان فيها والاحتجاج بها، فيكون التارك لها تاركا بغير جهة الانكار والتدين بإنكارها وجحودها ولكن يكون تاركا على جهة التواني والاغفال والاشتغال بغيرها فهو ضال متنكب عن طريق الايمان، جاهل به خارج منه، مستوجب لاسم الضلالة ومعناها ما دام بالصفة التي وصفناه بها. فان كان هو الذي مال بهواه إلى وجه من وجوه المعصية بجهة الجحود والاستخفاف والتهاون كفر. وإن هو مال بهواه إلى التدين بجهة التأويل والتقليد والتسليم والرضا بقول الآباء والاسلاف فقد أشرك (2).
وقل ما يلبث الانسان على ضلالة حتى يميل بهواه إلى بعض ما وصفناه من صفته.
___________________________________
(1) هذا نوع من الشرك لا بمعنى المصطلح المعروف.
(2) وهذا أيضا نوع من الشرك.
(*)
[331]
ومعنى الفسق فكل معصية من المعاصي الكبار فعلها فاعل، أو دخل فيها داخل بجهة اللذة والشهوة والشوق الغالب فهو فسق وفاعله فاسق خارج من الايمان بجهة الفسق فإن دام في ذلك حتى يدخل في حد التهاون والاستخفاف فقد وجب أن يكون بتهاونه واستخفافه كافرا.
ومعنى راكب الكبائر التي بها يكون فساد إيمانه فهو أن يكون منهمكا على كبائر المعاصي بغير جحود ولا تدين ولا لذة ولا شهوة ولكن من جهة الحمية والغضب يكثر القذف والسب والقتل وأخذ الاموال وحبس الحقوق وغير ذلك من المعاصي الكبائر التي يأتيها صاحبها بغير جهة اللذة.
ومن ذلك الايمان الكاذبة وأخذ الربا وغير ذلك التي يأتيها من أتاها بغير استلذاذ [ و ] الخمر والزنا واللهو ففاعل هذه الافعال كلها مفسد للايمان خارج منه من جهة ركوبه الكبيرة على هذه الجهة، غير مشرك ولا كافر ولا ضال، جاهل على ما وصفناه من جهة الجهالة. فإن هو مال بهواه إلى أنواع ما وصفناه من حد الفاعلين كان من صنفه.