[321]

خاتمة
في فضيلة بقعة الرضا ( صلوات الله عليه )

اعلم أن من جملة الاخبار الدالة على فضيلة تلك الارض المقدسة ، والبقعة المباركة : مارواه الشيخ رحمه الله في باب الزيارات من التهذيب أن الرضا عليه السلام قال : إن في أرض خراسان بقعة من الارض ، يأتي عليها زمان تكون مهبطا للملائكة ، ففي كل وقت ينزل إليها فوج إلى يوم نفخ الصور ، فقيل له عليه السلام وأي بقعة هذه ؟ فقال : هي أرض طوس ، وهي والله روضة من رياض الجنة الخ .
روي أيضا عن الصادق عليه السلام أربعة بقاع من الارض ضجت إلى الله تعالى في أيام طوفان نوح من استيلاء الماء عليها ، فرحمها الله تعالى وأنجاها من الغرق وهي البيت المعمور فرفعها الله إلى السماء ، والغري وكربلا وطوس .
قال في الوافي : ولما ضجت تلك البقاع ، كان ضجيجها إلى الله من جهة عدم وجود من يعبد الله على وجهها ، فجعلها الله مدفن أوليائه ، فأول مدفن بنيت في تلك الارض المقدسة سناباد بناها اسكندر ذو القرنين صاحب السد وكانت دائرة إلى زمان بناء طوس .
قال في معجم البلدان : طوس مدينة بخراسان ، بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ ، وتشتمل على مدينتين : يقال لاحدهما الطابران ، ولآخر نوقان .
ولهما أكثر من ألف قرية فتحت في أيام عثمان ، وبها قبر علي بن موسى الرضا و بها أيضا قبر هارون الرشيد .
وقال المسعر بن المهلهل : وطوس أربع مدن منها اثنتان كبيرتان ، واثنتان صغيرتان ، وبهما آثار أبنية إسلامية جليلة ، وبها دار حميد بن قحطبة ، ومساحتها

[322]

ميل في مثله ، وفي بعض بساتينها قبر علي بن موسى الرضا عليه السلام وقبر الرشيد انتهى .
وكان حميد بن قحطبة واليا على طوس من قبل هارون ، فبنى في سناباد بنيانا ومحلا لنفسه ، متى خرج إلى الصيد نزل فيه ، وحميد هذا هو الذي قتل في ليلة واحدة ستين سيدا من ذرية الرسول بأمر هارون الرشيد كما هو في العيون .
قال ابن عساكر في تاريخه : حميد بن قحطبة واسمه زياد بن شبيب بن خالد بن معدان الطائي أحد قواد بني العباس ، شهد حصار دمشق ، وكان نازلا على باب توما ، ويقال على باب الفراديس ، وولي الجزيرة للمنصور ، ثم ولي خراسان في خلافة المنصور ، وأمره المهدي عليها حتى مات ، واستخلف ابنه عبدالله وولي مصر في خلافة المنصور في شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين ومائة سنة كاملة ، ثم صرف عنها وكانت وفات المترجم سنة تسع وخمسين ومائة انتهى .
وأما أصل بناء القبة المنورة فالظاهر أنه كان في حياته عليه السلام مشهورة بالبقعة الهارونية ، كما هو مروي في العيون من أنه دخل دار حميد بن قحطبة الطائي ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد .
وأيضا عن الحسن بن جهم قال : حضرت مجلس المأمون يوما ، عنده علي بن موسى الرضا وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام وذكر أسؤلة القوم وسؤال المأمون عنه عليه السلام وجواباته وساق الكلام إلى أن قال : فلما قام الرضا عليه السلام تبعته فانصرفت إلى منزله فدخلت عليه ، وقلت له : ياابن رسول الله الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ماحمله على ماأرى من إكرامه لك ، و قبوله لقولك .
فقال عليه السلام : ياابن الجهم لايغرنك ماألفيته عليه من إكرامي ، والاستماع مني فانه سيقتلني بالسم وهو ظالم لي ، أعرف بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله صلى الله عليه وآله فاكتم علي هذا مادمت حيا .
قال الحسن بن الجهم : فما حدثت بهذا الحديث إلى أن مضى الرضا عليه السلام بطوس مقتولا بالسم .

[323]

وبالجملة فالظاهر أن سناباد كانت بلدة صغيرة بطوس ، وكانت لحميد بن قحطبة فيها دارا وبستانا ، ولما مات هارون الرشيد في طوس دفن في بيت حميد ثم بنى المأمون قبة على تربة أبيه ، ولما توفي الامام عليه السلام دفن بجنب هارون في تلك القبة التي بناها المأمون ، فلا وجه لما هو الشائع على الالسنة أن قبته المباركة من بناء ذي القرنين .
ولعل وجه الشبهة أن مرو شاهجان الذي هو من أعظم بلاد خراسان هو من بناء ذي القرنين كما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان ، وكان فيها سرير سلطنته ، ومن حسن هوائه كان يسميه بروح الملك ، بكسر اللام ، وباعتبار تقديم المضاف إليه اشتهر بشاه جان .
وفيه أيضا وقد روي عن بريدة بن الحصيب أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يابريدة إنه سيبعث بعوث فاذا بعثت فكن في بعث المشرق ، ثم كن في بعث خراسان ، ثم كن في بعث أرض يقال لها مرو إذا أتيتها فانزل مدينتها ، فانه بناها ذو القرنين ، وصلى فيها عزير ، أنهارها تجري البركة ، على كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهلها السوة إلى يوم القيامة .
وقال بعض : هي خير بقاع الارض من بعد الجنات الاربع التي هي سغد سمرقند ، ونهر أبلة ، وشعب بوان ، وغوطة دمشق ، من يث طيب الفواكه ، والغلة وجمال النساء والرجال ، والخيل الجياد ، التي توجد فيها وسائر الحيوانات .
وكانت مرو دار الامارة للموك من آل طاهر ، ومن المحتمل أن اسكندر من حيث كان من المقربين عند الله الهم من عالم الغيب أنه يدفن في هذه البقعة من الارض أحد الائمة صلوات الله عليهم أجمعين فبنى هذه البلدة ، وسماها سناباد كما رواه الصدوق رحمه الله في إكمال الدين ، وفيه يقتله عفريت متكبر ، ويدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين ويدفن إلى جنب شر خلق الله ولنعم ما قاله دعبل الخزاعي رضي الله عنه :

[324]

أربع بطوس على قبر الزكي إذا ماكنت ترفع من دين على فطر قبران في طوس خير الناس كلهم وقبر شرهم هذا من العبر ماينفع الرجس من قبر الزكي وما على الزكي بقرب الرجس من ضرر هيهات كل امرء رهن بما كسبت به يداه فخذ ماشئت أو فذر وعليه فان اسكندر لم يبن القبة بل إنما هو الممصر لتلك البلدة .
وفي الخرائج روى عن الحسن بن عباد وكان كاتب الرضا عليه السلام قال : دخلت عليه ، وقد عزم المأمون بالمسير إلى بغداد ، فقال : ياابن عباس ماندخل العراق ولا نراه ، فبكيت وقلت : فآيستني أن أتي أهلي وولدي قال عليه السلام : أما أنت فستدخلها ، وإنما عنيت نفسي ، فاعتل وتوفي في قرية من قرى طوس وقد كان تقدم في وصيته أن يحفر قبره مما يلي الحائط بينه وبين قبر هارون ثلاثة أذرع .
وقد كانوا حفروا ذلك الموضع لهارون فكسرت المعاول والمساحي فتركوه وحفروا حيث أمكن الحفر فقال : احفروا ذلك المكان فانه سيلين عليكم ، وتجدون صورة سمكة من نحاس ، وعليها كتابة بالعبرانية ، فاذا خوتم لحدي فعمقوه وردوها مما يلي رجلي .
فحفرنا ذلك المكان ، وكان المحافر تقع في الرمل اللين ، ووجدنا السمكة مكتوبا عليها بالعبرانية " هذه روضة علي بن موسى ، وتلك حفرة هارون الجبار " فرددناها ودفناها في لحده عند موضع قاله .
ومن المعلوم أن حفر الارض ، وعمل سمكة من نحاس وكتابة ، لايكون إلا من إنسان وبالجملة فالظاهر أن الحفر المزبور من آثار اسكندر ذي القرنين دون القبة المنورة .
قال في مجالس المؤمنين عند ترجمة الشيخ كمال الدين حسين الخوارزمي أنه مسطور في التواريخ وفي الالسنة والافواه خصوصا عند أهل خراسان أنه مدة أربعمائة سنة لم تكن عمارة لائقة على قبر الامام علي بن موسى ، وبعض الآثار

[325]

التي كانت توجد عليه هي من أساس حميد بن قحطبة الطائي الذي كان في زمان هارون الرشيد حاكما في طوس من قبله ولما توفي دفنه في داره ، ومن بعده دفنوا الامام عليه السلام في تلك البقعة بجنب هارون .
ويظهر من الخبر المروي عن الرضا عليه السلام أني ادفن في دار موحشة ، وبلاد غريبة ، أنه في مدة أربعمائة سنة المذكورة لم تكن في حوالي مرقده الشريف دار ولا سكنة ، وكانت نوقان في كمال العمران مع أنه مابين نوقان وسناباد من البعد إلا حد مد الصوت .
وقال في كشف الغمة : إن امرأة كانت تأتي إلى مشهد الامام عليه السلام في النهار وتخدم الزوار ، فاذا جاء الليل سدت باب الروضة وذهبت إلى سناباد .
وربما يقال : إن بعض التزيينات كانت توجد في بناء المأمون من بعض الديالمة إلى أن خربه الامير سبكتكين ، وذلك لتعصبه وشدته على الشيعة وكان خرابا إلى زمان يمين الدولة محمود بن سبكتكين .
قال ابن الاثير في الكامل في ضمن حوادث سنة 431 : وجدد عمارة المشهد بطوس الذي فيه قبر علي بن موسى الرضا عليه السلام والرشيد ، وأحسن عمارته وكان أبوه سبكتكين أخربه ، وكان أهل طوس يؤذون من يزوره ، فمنعهم عن ذلك ، و كان سبب فعله أنه رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في المنام وهو يقول له : إلى متى هذا ؟ فعلم أنه يريد أمر المشهد فأمر بعمارته .
ثم إن هذه العمارة قد هدمت عند تطرق قبائل غز ، وجددت في عهد السلطان سنجر السلجوقي قال في مجالس المؤمنين : وإن القبة العالية والبناء المعظم الموجود الآن من آثار شرف الدين أبي طاهر القمي الذي كان وزيرا للسلطان سنجر قال : وكان بناء الوزير المزبور باشارة غيبية ، وأن تعيين المحراب الواقع في المسجد فوق الرأس إنما كان باشارة من الامام عليه السلام وتعيين علماء الشيعة انتهى .
وفي سنة 500 أمر السلطان سنجر السلجوقي بصناعة الكاشي الذي يفوق في الجودة حلي الصيني ، وأن يكتب عليه الاحاديث النبوية والمرتضوية وتمام القرآن

[326]

وكان الكاتب لهما عبدالعزيز ببن أبي نصر القمي .
ومن عجيب أمر ذلك أنه حملت تلك الآلات على النوق ، وأرسلت من قم فجاءت بطي الارض إلى حوالي خراسان ، ونزلت في منخفض من الارض بقرب البلدة المقدسة فمر جماعة من المارة على تلك الناحية فاطلعوا على صورة الحال فحملوها إلى سيد النقباء السيد محمد الموسوي فبنى بها الهزارة الرضوية .
وكان السلطان سنجر ابن الملك شاه السلجوقي مع سعة ملكه قد اختار هذا المكان على سائر بلاده ، وما زال مقيما به إلى أن مات ، وقبره به في قبة عظيمة ، لها شباك إلى الجامع ، وقبته زرقاء تظهر من مسيرة يوم بناها له بعض خدمه بعد موته ووقف عليها وقفا لمن يقرأ القرآن ، ويكسو الموضع .
قال في المعجم : وتركتها أنا في سنة 612 على أحسن مايكون .
واستمر بناء سنجر إلى زمان جنكيز خان ، فهدمه تولي خان ابن جنكيز خان وذلك في سنة 617 قال ابن الاثير في الكامل في مايتعلق بأحوال التتار الذين هم جند جنكير أنه لما فرغوا من نيسابور سيروا طائفة منهم إلى طوس ، ففعلوا بها كذلك أيضا ، وخربوها وخربوا المشهد الذي فيه علي بن موسى الرضا عليه السلام و الرشيد ، حتى جعلوا الجميع خرابا ، ومثله في شرح نهج البلاغة .
وفي الكتيبة الذهبية الواقعة في منطقة القبة المنورة ماصورته " بسم الله الرحمن الرحيم ، من عظائم توفيق الله سبحانه أن وفق السلطان الاعظم ، مولى ملوك العرب والعجم ، صاحب النسب الطاهر النبوي ، والحسب الباهر العلوي تراب أقدام خدام هذه الروضة المنورة الملكوتية ، مروج آثار أجداده المعصومين السلطان بن السلطان ، أبوالمظفر شاه عباس الحسيني الموسوي الصفوي بهادر خان فاستدعى بالمجئ ماشيا على قدميه من دار السلطنة إصفهان إلى زيارة هذا الحرم الاشرف .
وقد تشرف بزينة هذه العتبة من خلص ماله في سنة ألف وعشر ، وتم في سنة ألف وستة عشرة .

[327]

وفي موضع آخر من القبة مكتوب وهو من إملاء المحقق الخوانساري ص من ميامن منن الله سبحانه الذي زين السماء بزينة الكواكب .
ورصع هذه القباب العلى بدرر الدراري الثواقب ، أن استسعد السلطان الاعدل الاعظم ، والخاقان الافخم الاكرم أشرف ملوك الارض حسبا ونسبا ، وأكرمهم خلقا وأدبا ، مروج مذهب أجداده الائمة المعصومين ، ومحيي مراسم آبائه الطيبى الطاهرين السلطان بن السلطان بن السلطان ، سليمان الحسيني الموسوي الصفوي بهادر خان بتذهيب هذه القبة العرشية الملكوتية وتزيينها ، وتشرف بتجديدها وتحسينها ، إذ تطرق عليها الانكسار ، وسقطت لبناتها الذهبية التي كانت تشرق كالشمس في رابعة النهار ، بسبب حدوث الزلزلة العظيمة في هذه البلدة الطيبة الكريمة في سنة أربع وثمانين وألف وكان هذا التجديد سنة ست وثمانين وألف كتبه محمد رضا الامامي " .
ومكتوب على جبهة الباب الواقع في قبلة المرقد الشريف : لقد تشرف بتذهيب الروضة ارضوية التي يتمنى العرش لها أمر النيابة وأرواح القدس تخدم جنابه ، السلطان نادر الافشاري رحمه الله الملك الغفار سنة 1155 وكتب بعده : ثم بمرور الاعوام ، ظهر عليها الاندراس ، فأمر السلطان بن السلطان والخاقن بن الخاقان ناصر الدين شاه قاجار خلد الله ملكه بالتزيين بالزجاجة والبلور لتصير نورا على نور .
وأرسل السلطان قطب شاه الدكني طاب ثراه ألماسة كبيرة بقدر بيضة الدجاجة هدية إلى الضريح الرضوي ولما استولى عبدالمؤمن خان رئيس طائفة الازبكية على خراسان نهبها من الخزانة في جملة مانهب .
ولما زار السلطان شاه عباس الصفوي خراسن في الدفعة التي مشى فيها على قدمه وكان مدم خروجه من إصفهان ودخوله خراسان ثمانية عشر يوما أهدى إليه بعض الخوانين الازبكية تلك الالماسة ولما بلغه أن الالماسة من الاعيان الراجعة إلى الخزانة الرضوية أمر ببيعها في استانبول واشترى بقيمتها أملاكا وأنهارا تصرف منافعها على تلك البقعة ، وكان ذلك باجازة بعض العلماء .

[328]

وفي فردوس التواريخ نقلا عن بعض التواريخ أنه كان للسلطان سنجر أو أحد وزرائه ولد اصيب بالدق فحكم الاطباء عليه بالتفرج والاشتغال بالصيد فكان من أمره أن خرج يوما مع بعض غلمانه وحاشيته في طلب الصيد فبينما هو كذلك فاذا هو بغزال مارق من بين يديه فأرسل فرسه في طلبه ، وجد في العدو فالتجأ الغزال إلى قبر الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام فوصل ابن الملك إلى ذلك المقام المنيع ، والمأمن الرفيع الذي من دخله كان آمنا ، وحاول صيد الغزال فلم تجسر خيله على الاقدام عليه ، فتحيروا من ذلك ، فأمر ابن الملك غلمانه و حاشيته بالنزول من خيولهم ، ونزل هو معهم ومشى حافيا مع كمال الادب نحو المرقد الشريف ، وألقى نفسه على المرقد وأخذ في الابتهال إلى حضرة ذي الجلال ويسأل شفاء علته من صاحب المرقد ، فعوفي فأخذوا جميعا في الفرح والسرور وبشروا الملك بما لاقاه ولده من الصحة ببركة صاحب المرقد ، وقالوا له : إنه مقيم عليه ولا يتحول منه حتى يصل البناؤون إليه فيبني عليه قبة ، ويستحدث هناك بلدا ويشيده ليبقى بعده تذكارا ، ولما بلغ السلطان ذلك ، سجد لله شكرا ومن حينه وجه نحوه المعمارين ، وبنوا على مشهده بقعة وقبة وسورا يدور على البلد .

[329]

المقدمة : بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 329 سطر 3 الى ص 331 سطر 13 الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على اعدائهم أجمعين .
إن صح ان الاسماء تنزل من السماء أو لم يصح ، فبحار الانوار كتاب يحكي اسمه عن واقعه ، ففي بحار الماء مافيها من عجائب مخلوقات الله تعالى وأصناف خلقه مما يرى وما لايرى ، فكذلك في هذه الموسوعة الاسلامية الكبرى ، التي ضمت بين اجزائها الستة والعشرين ماتهفوا اليه نفس القارى متعطشا ، وما لايستسيغه مالم يعرف معناه ولم يدرك فحواه .
وإذا كان التوفيق منة يمنها الله على أقوام فيسعدون ويخلدون فالآثار كالاشخاص ومنها الكتب فمنها ما يدخل التاريخ من أوسع ابوابه ، ويحتل مركزه اللائق به في صفوف أمثاله فيخلد موفقا ، ومنها مايضيع في زوايا الخمول والنسيان ، ويذكر في خبر كان .
وموسوعتنا هذه على العموم من الآثار الخالدة الموفقة ، ولكن اجزاءها تختلف في درجة التوفيق والرغبة ومقياس الخلود ، فنرى أن الاجزاء التي بحث فيها المؤلف تاريخ النبي والائمة عليهم السلام واستعرض فيها أصل النبوة وأصل الامامة أكثر امتيازا وأوفر قراءا من سائر الاجزاء ، وانما امتازت هذه الاجزاء لما يجده القارئ فيها من طرائف الحكم ، وبدائع الاشعار ، ونوادر الاثار ، وصحاح الاخبار ، وغير ذلك مما يغترف من بحارها كل عالم فيصدر عنها راويا ريانا .

[330]

وهذه الاجزاء هي التي قام سيادة الناشر المحترم بتقديمها إلى القراء بحلة قشيبة تتناسب والذوق السليم ، فجزاه الله خيرا .
وها نحن على أبواب جزء من تلك الاجزاء ، فهو باقة من إضمامة عطرة ، عبق نشرها ، وخلد ذكرها ، اذ هو يضم حياة سابع ائمة المسلمين وخلفاء الله في العالمين الامام أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام .
وقد وفقني الله تعالى إلى مراجعته وتصحيح حسب المقدور حيث لم يكن لدي الا مطبوعة الكمباني ، وكم وقفت فيها على تحريف من النساخ مما شوها مضافا إلى الاغلاط الاملائية واللغوية فأعملت الجهد في التصحيح والمراجعة ، وعينت موضع النص من المصادر المذكورة في المتن مع توشيح بعض الصحائف بما اقتضاه المقام كشرح لغة أو تعريف موضع ، أو ترجمة بعض الاعلام وختاما فلا يفوتني ان أشكر سماحة سيدى الوالد دام ظله ، حيث أعترف معتزا بتوجيهاته وتسديداته كما اشكر الاخ السيد محمد رضا الخرسان حيث كان عونا في سرعة الانجاز .
وارجو من الله تعالى لي ولمن ساعدني وللقائمين العون والتوفيق انه سميع مجيب .
25 شهر شعبان 1385 النجف الاشرف محمد مهدى السيد حسن الموسوى الخراسان

[331]

بسمه تعالى شأنه من اللازم أن نقدم إلى القراء الكرام أنه لما كان كتاب سفينة البحار الذي ألفه المتتبع الكبير الشيخ عباس القمي قدس سره بمنزلة معجم المطالب لهذه الموسوعة الكبيرة الشريفة ، وفيه جعل أرقام أبواب الكتاب لمجلداتها الاصلية ، راعينا جانب ذلك ورقمنا أبواب المجلد الحادي عشر الذي تجزء في طبعتنا هذه إلى ثلاثة أجزاء 46 48 طبقا لتجزئة المؤلف قدس سره ، فارتقى رقم الاجزاء الثلاثة إلى ست وأربعين بابا : للجزء الاول ( 46 ) اثنان وعشرون بابا وللجزء الثاني ( 47 ) اثنا عشر بابا ، وللجزء الثالث ( 48 ) اثنا عشر بابا أيضا .
نحمد الله ونشكره على فضله وتوفيقه لذلك ، وهو الموفق والمعين .
محمد الباقر البهبودى - السيد ابراهيم الميانجى