مَع الكاتب
لم تكن فصول هذا الكتاب قصصاً، أحاول فيها تسلية القارئ الكريم، كما لم يكن الأساس منها التعريف بأبطالها، فهم أشهر من التعريف، خلدوا التاريخ الإسلامي، وصوروا جوانب السيرة بأحلى صوره.. إنما الواقع هي فصول من السيرة النبوية الشريفة. رأيت أن أعرضها بهذا الأسلوب بعيدة عن التعقيد والإطالة، وبطريقة - أحسب أن القارئ الذي أكتب له - يمكن أن ينشدَّ اليها، ويبقى على اتصال معها. ونحن اليوم بحاجة لهذه الصور الحية، وتذكر هؤلاء الأبطال الذين عاشوا قضيتهم الأساسية بكل وعي، وأدركوا بعمق مفهوم الدعوة التي آمنوا بها، فأخلصوا لها، وتفانوا في سبيلها وضحوا من أجلها.. فكانوا اللبنة الأولى لصرح الإيمان والعقيدة والطليعة الفذة للمجد الإسلامي، المتسلق شاهق السنين والممتد عبر الأيام، لن تبلى خضرته، ولن تغرب شمسه. ورجائي من الحق أن يساعدني على كتابة كل السيرة النبوية وألحقها بسيرة آل البيت، الأئمة الميامين، وأكون بذلك قد أرضيت ضميري، وأديت واجباً دينياً.. ولا أُبالغ إذا قلت: إن دافعي لكتابة هذه الفصول - وإن كانت الفكرة تدور في ذهني منذ زمن - نتيجة عاملين: الأول: قناعتي الشخصية بضرورة ارتباط الفرد المسلم على الدوام بسيرة الرسول الأعظم، والأئمة الطاهرين، والشخصيات الرائدة في الإسلام، وهذه الصلة المستمرة تحفظ عقيدته من الانزلاق. الثاني : إصرار أخي العزيز السيد مهدي - صاحب دار الزهراء - بأن أسهم في مشروعه، وخاصة هو في بداية الطريق وليس من باب الأخوة فقط أن أبادر إلى الاستجابة له، وتنفيذ طلبه، بل إيماني بأنه اختط لنفسه طريقاً - في عمله - إسلامياً واضحاً في دعم الجانب الإعلامي في معركة المصير.. وهذا ما يدعو إلى التفاؤل له بالموفقية والاستمرار. وأخيراً: أملي باللّه سبحانه أن يحقق آمال (دار الزهراء) في خدمة الفكر الإسلامي ويجند صاحبها في ميدان العقيدة، ويساعدني على إتمام هذه السلسلة، ويشق للكتاب طريقه بما يرضي القراء وهو من وراء القصد.. محمد السيد علي بحر العلوم بيروت 8 / 12 / 1972 |