فهرس الكتاب

مكتبة الرسول الأعظم (ص)

 

 

 الباب الخامس

الانقلاب الاسود على الشرعية الالهية

 

الفصل الاول

التنظير الفكرى للانقلاب ظاهره فيه الرحمه!!

 

لقد اخفى الانقلابيون او قاده التحالف مشاعرهم الحاسده والحاقده على آل محمد، وتناسوا جراحات الماضى كلها، فلم يذكروا قتلاهم فى بدر واحد والخندق، ولم يظهروا مشاعرهم وغصات حلوقهم، ولم يشعروا عليا بانه قاتل الاحبه، ولم يشعروا الرسول بانه المتسبب بل اعترفوا بالرسول وصار من مصلحتهم ان يعترفوا به، لانهم ادركوا ان الرسول ضمنا قد بنى ملكا عريضا فصار هدفهم الاستيلاء على هذا الملك، ودوامه، وهذا الدوام مرتبط بالاعتراف برساله محمد، وبالدين الذى جاء به محمد حتى يحكموا العرب بهذين الشعارين، ويضمنوا طاعه الرعايا بهذين السببين، فمحمد من هذه الناحيه خدمهم فقد رقاهم من حكم بلده مكه الى حكم العرب كلها، وفتح امامهم ابواب الخيرات التى ستتدفق عليهم عن طريق الجهاد.

 وعلى العكس من ذلك فقد قالت بطون قريش (مهاجروها وطلقاوها): ان الاسلام يجب ما قبله، وان اللّه تعالى قد اباح دماء الذين ماتوا من البطون على الشرك، وقالت البطون: ان الخلاف بينها وبين الهاشميين فى حقيقته كان خلافا عائليا من جميع الوجوه، وان اختلافها مع محمد كان من قبيل سوء الفهم، وان المقاومه والحرب التى نشبت بين البطون وبين محمد والهاشميين كانت من قبيل تسارع الاحداث ومن عمل الشيطان، وتحمد البطون ربها الذى اعزها بالاسلام، واكرمها بابنها البار محمد رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم، فمحمد ما كان ولن يكون الا ابن قريش البار، الكريم الواصل لارحامه!!! وما كان الهاشميون الا العتره الطاهره التى احتضنت النبى، واحتضنت الاسلام، وجاهدت احسن الجهاد، وابلت البلاء الحسن!! وان ابا الحسن فارس قريش وابن عم النبى، وزوج ابنته.

 

الاشاعات الخفيه:

لما رات بطون قريش اصرار محمد على ولايه على بن ابى طالب من بعده، واصراره على اعطاء دور مميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه من بعد النبى، وسمعوا اعلانات النبى المتكرره حول هذا الموضوع، وشاهدوا حرصه العميق على توضيح ادق التفاصيل المتعلقه بالقياده والامامه من بعده وسمعوا تاكيداته المتلاحقه بان كافه الامور المتعلقه بقياده الامه والتى بينها الرسول لهم والمتعلقه بولايه على وبالدور المميز لاهل البيت ما هى الا اوامر الهيه، (واتبع ما يوحى اليك)(1100) (ان اتبع الا ما يوحى الى)(1101).

 لما رات بطون قريش كل هذا اخذت تبث الشائعات بين الناس، كان تقول: بان الرسول بشر يتكلم فى الغضب والرضى، ولا ينبغى ان يحمل كل كلامه على محمل الجد، فلا ينبغى ان يكتب(1102) ومثل اشاعتها: بان الرسول يفقد احيانا السيطره على اعصابه فيسب ويلعن ويشتم من لا يستحق ذلك(1103).

 وقصد البطون من هذه الاشاعه هو ابطال النص الشرعى اللاعن لاعداء اللّه.

 ومثل شائعه البطون: بان الرسول يسقط من القرآن(1104)، واخيرا واجهت بطون قريش النبى وهو على فراش الموت وقالت له: انت تهجر(1105).

 ومثل شائعه البطون بان بعض اليهود سحروا الرسول حتى ليخيل اليه انه يفعل الشى‏ء وما فعله(1106).

 والهدف من هذه الاشاعات التشكيك بشخصيه الرسول واقواله، وصولا الى ابطال مفاعيل البيان النبوى المتعلقه بالامامه او القياده من بعد النبى، والذى انصب بكليته على اختيار الامام على اماما للامه من بعد النبى، وعلى اعطاء الدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه.

 ومن غير المستبعد ان البطون قد تصورت بان هذه الترتيبات من عند محمد وليس من عند اللّه، فهان عليها انتهاكها ومحاوله تبديلها وافراغها من مضمونها الحقيقى.

 

تكوين جبهه من كل العناصر التى تكره آل محمد:

فمدت البطون يدها للمنافقين، والمنافقون كانوا حقيقه من حقائق الحياه فى المدينه المنوره وما حولها من الاعراب، وفى مكه بعد الفتح وكانت مشكله النفاق من اعظم المشكلات التى واجهت الاسلام وواجهت رسول الله، وكم بذل رسول الله من جهد مميز لردع المنافقين عن غيهم، وهدايتهم الى الاسلام، ولكنهم بقوا على حالهم ظاهرهم مسلم يرى فيه النفاق، وباطنهم كافر باللّه وبرسوله وحاقد على محمد وعلى آل محمد، فكم عارضوا النبى، وكم ثبطوا العزائم، وكم شككوا.

 وفجاه وبدون مقدمات اعلن المنافقون: انهم مع دوله البطون، وليس من العدل ان يكون النبى من بنى هاشم وان يكون الخليفه منهم، ووقفوا مع دوله البطون مويدين مناصرين لها.

 ولهذا لم نجد مورخا او باحثا قط ذكر ان منافقا قد اعترض على توليه ابى بكر او عمر.

 لقد كان المنافقون مع بطون قريش عامه فى صراعها مع اهل بيت النبوه، ومع ابى بكر وعمر خاصه فى صراعهما مع الامام على، وهكذا اختفت ظاهره النفاق تماما واصلح اللّه المنافقين بيوم وليله.

 ومدت بطون قريش يدها لطلاب الدنيا يقول المورخون: (وقد اقبلت قبيله اسلم بجماعتها حتى تضايق بهم السكك، فكان عمربن الخطاب يقول: (ما هو ان رايت اسلم حتى ايقنت بالنصر)(1107).

فما الذى اخبر عمر ان اسلم ستقف معه، هل هو يعلم الغيب ام ان هنالك اتفاق مسبق بين قياده التحالف وقبيله اسلم؟ ومن الذى اخبر اسلم بخبر الاجتماع طالما ان كبار الصحابه لا يعرفون عنه؟ ومن الذى دعا اسلم لتحضر وتبايع وتحقق لعمر ما سماه نصرا(1108)؟!! استفادت بطون قريش وقياده التحالف من التنافس الفطرى بين الاوس والخزرج، ومن الخصومه القديمه بين هاتين القبيلتين، فاذا اتخذ الخزرج موقفا فالاوس يتخذون موقفا مناقضا له تماما، نعم كان للاوس والخزرج موقفا ظاهريا واحدا فقدموا سعد بن عباده لكبر سنه وشرفه، ولانه مريض، وعندما لمع سعد والمقداد، والحباب بن منذر عز ذلك على الاوس، وفى اللحظه الحاسمه نهض بشير بن سعد وقال: (ان محمد رسول الله رجل من قريش وقومه احق بميراثه وتولى سلطانه)(1109)..

 ولم يكتف بشير بذلك انما قفز وبايع ابا بكر فكان بشير اول من بايع(1110)، وهذا لم يكن صدفه انما هو وليد اتفاق وتدبير.

 فبنفس اليوم الذى بويع فيه ابو بكر ذهبت سريه فيها اسيد بن حضير سيد الاوس او هكذا اظهر لاستحضار على للبيعه وحرق بيت فاطمه بنت رسول الله على من فيه!! فهل يعقل ان هذا وليد لحظته، ام انه ثمره اتفاق وتدبير مسبق؟!

 

وضغائن تغلى فى الصدور؟!

وصدق رسول الله ضغائن فى صدور اقوام: قال الرسول يوما: (ضغائن فى صدور اقوام لا يبدونها الا بعدى)(1111).

 

شعارات الانقلاب الاسود:

رفع الانقلابيون مجموعه من الشعارات فى اوقات متعدده، وفى مراحل مختلفه فكل مرحله لها شعارها او شعاراتها.

 فبمرحله الاعداد للانقلاب، رفع قاده البطون او قاده التحالف شعار: (منع الاجحاف يتحقق بالحيلوله دون جمع الهاشميين للنبوه والخلافه) وشعار الصواب والتوفيق باختصاص الهاشميين بالنبوه لا يشاركهم فيها احد من البطون، واختصاص بطون قريش بالخلافه لا يشاركهم فيها هاشمى!

 

حوار عمر بن الخطاب مع ابن عباس، يفصح عن هذين الشعارين:

قال عمر لابن عباس اثناء خلافته: (يا ابن عباس اتدرى ما منع قومكم منكم بعد محمد؟ قال ابن عباس: فكرهت ان اجيبه، فقلت: ان لم اكن ادرى فان امير المومنين يدرى، فقال عمر: كرهوا ان يجمعوا لكم النبوه والخلافه، فتجفخوا على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت.

 قال ابن عباس: فقلت يا امير المومنين ان تاذن لى فى الكلام وتحط عنى الغضب تكلمت، قال عمر: تكلم، قال ابن عباس: فقلت: اما قولك يا امير المومنين: اختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت، فلو ان قريشا اختارت لانفسها من حيث اختار اللّه لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، واما قولك انهم كرهوا ان تكون لنا النبوه والخلافه، فان اللّه عز وجل وصف قوما بالكراهيه فقال: (ذلك بانهم كرهوا ما انزل اللّه فاحبط اعمالهم)(1112)، فقال عمر: هيهات يا ابن عباس قد كانت تبلغنى عنك اشياء اكره ان اقرك عليها فتزيل منزلتك عندى، قال ابن عباس فقلت: يا امير المومنين فان كان حقا فما ينبغى ان تزيل منزلتك منى، وان كان باطلا فمثلى اماط الباطل عن نفسه.

 فقال عمر: بلغنى انك تقول: صرفوها عنا حسدا وبغيا وظلما.

 قال ابن عباس فقلت: اما قولك يا امير المومنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم، واما قولك حسدا فان آدم حسد، ونحن ولده المحسدون.

 فقال عمر: هيهات، هيهات ابت قلوبكم واللّه يا بنى هاشم الا حسدا لا يزول.

 قال ابن عباس: فقلت: يا امير المومنين، مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)(1113).

 

عمق هذان الشعاران فى قلوب قاده التحالف:

ذكر عبد اللّه بن عباس: ان عمر ارسل اليه فقال: (يا ابن عباس ان عامل حمص هلك، وكان من اهل الخير، واهل الخير قليل، وقد رجوت ان تكون فيهم وفى نفسى منك شى‏ء لم اره منك، واعيانى ذلك فما رايك فى العمل؟ قال ابن عباس: قلت لن اعمل حتى تخبرنى بالذى فى نفسك.

 قال عمر: وما تريد الى ذلك؟ قال ابن عباس فقلت: اريده فان كان شيئا اخاف منه على نفسى خشيت منه عليها، الذى خشيت، وان كنت بريئا من مثله علمت انى لست من اهله، فقبلت عملك هنالك، فانى قلما رايتك طلبت منى شى‏ء الا عاجلته.

 فقال عمر يا ابن عباس: (انى خشيت ان ياتى على الذى هو آت -يعنى موته- وانت فى عملك فتقول، هلم الينا، ولا هلم اليكم دون غيركم(1114)).

 بمعنى انه من فرط خشيه عمر من ان يجمع الهاشميون النبوه والملك، لا يريد ان يولى اى هاشمى حتى لا يدعو مستقبلا للهاشميين فتكون الخلافه فيهم مع النبوه، يريد ان يتاكد اثناء حياته ان الهاشميين بعيدين تماما عن مركز الخطر والتاثير، حتى لا ياخذوا الخلافه بعد وفاته.

 لم يحتاط عمر من معاويه، ولا من المغيره، ولا من احد من عماله، فهم موضع ثقه وضد فكره جمع الهاشميين للنبوه مع الملك لكنه احتاط عندما خطر بباله ان يولى ابن عباس الهاشمى، واكبر الظن ان ابن عباس لو وافق بالكامل على شروط عمر واقسم له اغلظ الايمان بان يفكر كما يفكر، فان عمر لن يوليه، فقط لانه هاشمى، والهاشمى لا ينبغى ان يسلط على رقاب الناس، فعمر رجل عادل ويحب العادلين مثله.

 وموالى لقضيه بطون قريش ويحب الموالين لتلك القضيه، وفى قلوب الهاشميين حسدا للبطون لا يزول!! كما قال.

 

شعار القرابه:

عندما تاكد قاده التحالف ان النبى قد انتقل الى جوار ربه، وان آل محمد مشغولون بمصابهم وليس بامكانهم ترك النبى والخروج، رتبوا امورهم ليتعين خليفه للنبى فى غياب آل محمد كلهم وطمعا باجتذاب الانصار الى صفهم لمواجهه آل محمد بالامر الواقع فى ما بعد رفع قاده التحالف شعار: انهم اقارب محمد واهله وعشيرته وانهم الاولى بميراثه وسلطانه!! فقال ابو بكر فى سقيفه بنى ساعده: (الناس تبع لنا ونحن عشيره الرسول) وقال عمر: (انه واللّه، لا ترضى العرب ان تومركم ونبيها من غيركم، ولكن، العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم..

 من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن اهله وعشيرته..).

 واقوال ابى بكر وعمر هذه فى السقيفه متفق عليها(1115).

 وعندما قالت الانصار لا نبايع الا عليا(1116).

 تجاهل الموجودون من قاده التحالف هذا الطلب، وقالوا: هذا عمر، وهذا ابو عبيده بايعوا ايهما شئتم، وبايعهم الانصار على اساس انهم عشيره النبى واهله الاحق بميراثه وسلطانه، انظر الى قول بشير بن سعد اول رجل بايع ابا بكر: (ان محمدا رجلا من قريش وعشيرته احق بتولى سلطانه)(1117).

 

شعار الامر شورى:

لما قبض قاده التحالف على مقاليد الامور، وبايعهم اولياوهم بالخلافه واحتج آل محمد رفع قاده التحالف شعار ان الامر شورى بين المسلمين، والمسلمون قد اختاروا ابا بكر اول الخلفاء وفق قواعد الشرع، انظر الى قول ابى بكر للعباس: (فخلى الرسول على الناس امرهم ليختاروا لانفسهم فى مصلحتهم متفقين غير مختلفين، فاختارونى عليهم وليا ولامورهم راعيا... الخ، وقد جئناك ونحن نريد ان نجعل لك فى هذا الامر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك، اذ كنت عم رسول الله، وان كان الناس قد راوا مكانك، ومكان اصحابك فعدلوا الامر عنكم.. الخ)(1118).

 بمعنى انهم بمواجهه الانصار وبغياب آل بيت محمد احتجوا بالقرابه من رسول الله، ولما قبضوا على مقاليد الامور وواجهوا آل محمد بامر واقع رفعوا شعار الشورى، واحتجوا باختيار الناس لهم وبالبيعه.

 

شعار حسبنا كتاب اللّه:

وجد هذا الشعار عمليا عندما بدا الرسول بالتركيز المكثف على الخلافه من بعده وعندما بين بان الامام من بعده هو على بن ابى طالب، وبين الدور المميز فى قياده الامه التى اختص اللّه به اهل بيت النبوه.

 عندئذ بدا قاده التحالف بالاشاعات للتشكيك بقول الرسول وشخصه وصولا الى ابطال مفاعيل النصوص النبويه التى احكمت ترتيب عصر ما بعد النبوه، وكانت العمليه سريه، وعندما قعد الرسول على فراش الموت قال عمر بن الخطاب والحاضرون من حزبه للرسول مباشره، لا حاجه لنا بوصيتك حسبنا كتاب اللّه!!، انت تهجر(1119)!!.

 

احاديث الرسول سبب الاختلاف ويجب احراق المكتوب ومنع كتابتها وروايتها:

واخراجا لبيان الرسول عن التاثير على الاحداث السياسيه، والغاء للبيان النبوى الذى غط‏ى بدقه تفاصيل كل ما يتعلق بالقياده من بعد النبى، منع قاده التحالف كتابه احاديث الرسول وجمعوا المكتوب منها فاحرقوه، وكتبوا الى الامصار لمحو كل ما هو مكتوب عن الرسول وقد وثقنا ذلك اكثر من مره، وقد فعلوا كل ذلك تحت شعار حسبنا كتاب اللّه!! على سبيل المثال، راجع تذكره الحفاظ للذهبى(1120)، حيث يوكد ابو بكر ان روايه الناس لاحاديث الرسول تسبب اختلافهم، والذى يامر فيه بعدم التحديث عن رسول الله، وتجد ان ابا بكر بدا بنفسه وحرق الاحاديث التى كتبها شخصيا عن رسول الله وكان عنده 500 حديث، وعندما آلت الخلافه لعمر طلب من الناس ان ياتوه باحاديث الرسول المكتوبه، فلما اتوه بها حرقها(1121)، وحبس عمر عددا من الصحابه بجرم انهم اكثروا الحديث عن رسول الله وقد وثقنا ذلك فى البحوث السابقه.

 وكل هذا كان يجرى ضمن اطار شرعى ظاهر يحدد حسبنا كتاب اللّه، ونسج عثمان على منوال صاحبيه.

 

معاويه بين الحكمه من منع كتابتها وروايتها:

معاويه احد قاده التحالف وموضع ثقه ابى بكر وعمر وعثمان، بعد ان هزم الشرعيه وقلم اظافر المعارضه، واستولى بالقوه على مقاليد الامور وصار ملكا حقيقيا على امه محمد بين الحكمه من حرق احاديث الرسول المكتوبه ومنع كتابه وروايه الاحاديث فاصدر مرسوما ملكيا الى كافه عماله على كافه الاقاليم: (ان برئت الذمه ممن روى شيئا من فضل ابى تراب واهل بيته)، كما روى ذلك ابن ابى الحديد فى شرح النهج نقلا عن كتاب الاحداث للمدائنى(1122)، فالحكمه هى ابطال النصوص النبويه المتعلقه بخلافه النبى، وبالدور المميز لاهل بيت النبوه، ثم طور معاويه الحمله على على‏بن ابى طالب واهل البيت حيث حمل عددا من الصحابه وقوما من التابعين على روايه اخبار قبيحه فى على، تقتضى الطعن فيه، والبراءه منه وجعل لهم على ذلك حصيلا، وقد ذكر ذلك شيخ المعتزله ابو جعفر الاسكافى فيما نقله ابن ابى الحديد(1123).

 

التاثر البالغ:

سمعت بطون قريش -مهاجرها وطليقها- البيان النبوى فتاثروا تاثرا بالغا وادركوا ان الهاشميين سيجمعون النبوه مع الملك، وهكذا تحرم البطون من الشرفين معا، ويختص الهاشميون الشرفين معا، وادركوا ان النبى جاد فى ما يقوله، والاعظم فان محمدا يقول ان هذه الترتيبات والتعيينات من عند اللّه لانه يتبع ما يوحى اليه!!

 

التحرك السريع والقسمه:

وقررت قياده البطون المهاجرين والطلقاء معا ان تتحرك، وان تحول دون تحقيق ذلك، ورفعت شعارا بدى لها معقولا، وعرضت قسمه لاح لها بانها عادله، فقالت: لتبقى النبوه لبنى هاشم لا يشاركهم فيها احد من البطون، ولتكون الخلافه لبطون قريش وللناس عند الاقتضاء لا يشاركهم فيها هاشمى قط.

 

دعايات لدعم قسمه البطون:

وفى سبيل اقناع الناس، (باجحاف قسمه اللّه ورسوله) وعداله قسمه البطون، اخذ قاده البطون يبثون الدعايات والشائعات سرا التى تهدف الى التشكيك بقول الرسول، وبشخص الرسول، وان الترتيبات التى اعلنها الرسول ليست من عند اللّه، انما هى باجتهاده الشخصى وتاويله، اذ من غير المعقول ان يعط‏ى اللّه النبوه لبنى هاشم ثم يعطيهم الملك، ويجمع لهم الشرفين معا، واستمالت هذه الدعايات الكاذبه المنافقين دغدغت احلامهم بتقويض الاسلام ووجدوها فرصه فمد المنافقون ايديهم القذره للبطون، وشجعوهم ليمضوا قدما بمواجهه الرسول، وادرك طلاب الدنيا ان بطون قريش والمنافقين كونوا حزبا قويا، وانهم قوه واقعيه، قد تنجح فعلا بانقلابها، وتستولى على السلطه بالقوه.

 وتعاطف مع البطون طلاب الدنيا ايضا، وانضمت المرتزقه من الاعراب الى هذا التجمع، وصار هذا التحالف الواقعى والغير معلق عنه، والمكون من بطون قريش، ومن المنافقين، ومن طلاب الدنيا، ومن المرتزقه من الاعراب قوه هائله.

 وصارت الفئه المومنه الصادقه اقليه، وسط بحر هذا التجمع، وقد سمع المومنون الصادقون بدعايات البطون وشائعاتهم، فظنوها نفثات الصدور، وسمعوا بالتقارب الذى حدث بين بطون قريش والمنافقين والمرتزقه من الاعراب، ولكنهم لم يعطوا اهميه، فطوال تاريخ الدعوه والدوله الاسلاميه كان المومنون اقليه، وشكل المنافقون الاكثريه، ولكن المومنون كانوا هم الفائزون، وكلمتهم فى المجتمع هى العليا، وقياده البلاد بايديهم.

 

وجود فكره الانقلاب لم تخطر على البال:

لم تخطر فكره وجود انقلاب على البال، ولا خطرت وجود قاعده شعبيه لهذا الانقلاب، ولا وجود قياده للانقلابيين، ولا وجود خطط لهذا الانقلاب، ولم يخطر ببال احد ان قاده الانقلاب سيواجهون الرسول وهو فى بيته المقدس ويقول له وبكل جراه: (لا حاجه لنا بوصيتك ولا بكتابك، عندنا كتاب اللّه يكفينا انت تهجر يا محمد)(1124)!!

 

الفصل الثانى

توقيت الاعلان عن وجود الانقلاب

 

مرض رسول الله ليس مفاجاه، لقد اعلن رسول الله مرارا وتكرارا بانه سيمرض فى ذلك العام، ويموت فى مرضه لانه قد خير فاختار ما عند اللّه، فقال للناس فى حجه الوداع لعلى: لا ألقاكم بعد عامى هذا، وقال للناس فى غديرخم: يوشك ان ادعى فاجيب..

لقد قعد رسول الله على فراش المرض، فى بيت عائشه ام المومنين، واحيط الناس علما بان الرسول سيموت من مرضه هذا، كل شى‏ء واضح تماما، اكمل اللّه الدين واتم النعمه، ولقد جرت العاده ان تجتمع الاسره عند مريضها، وان تستمع اليه، فيلخص لها الموقف.

 وجرت العاده ان تجتمع عليه القوم عند زعيمهم اذا مرض مرض الموت ليلخص لهم الموقف وليعبروا له عن ارتباطهم به، وعن تقديرهم لجهده المميز الذى بذله طوال فتره قيادته لهم، هذا امر طبيعى قد الفته البشريه كلها، وحدث ويحدث مع كل ارباب الاسر وزعماء العالم فكيف بسيد ولد آدم محمد رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو قائد الدعوه وقائد الدوله، العارف بماضيه وحاضره ومستقبله المشفق على امته الرووف الرحيم بها؟! فهو الاولى بتلخيص الموقف، واصدار توجيهاته النهائيه بالوقت الذى يراه مناسبا، ولم لا فمحمد سيبقى رسميا رسول الله ومتمتعا بحقوق الرساله حتى يلفظ آخر انفاسه الطاهره، ويبقى قائدا للدوله واماما ووليا للامه ومتمتعا بكافه صلاحياته حتى اللحظه التى تصعد فيها روحه الطاهره الى بارئها عز وجل!!.

 ثم ان رسول الله كان يقعد على فراش مملوك له، وداخل بيته المملوك له لا فى بيوت الناس، ومن حق المريض اى مريض على الاطلاق ان يقول ما يشاء!! ومن حق صاحب البيت اى صاحب بيت انه يقول داخل بيته ما يشاء، هذا حق طبيعى للانسان تعارفت عليه البشريه واحترمته على مختلف الوانها ومعتقداتها، ومحمد كسيد ولد آدم وكانسان هو الاولى بممارسه هذا الحق!! ثم ان محمد رسول الله على صله دائمه باللّه تعالى، وعلى ارتباط عميق بالوحى والملائكه تنزل وتصعد فى كل لحظه، واهل السماء فى شغل شاغل لتغطيه حدث موته وهو يعى وعيا تاما ما يدور حوله، ومتاثر بحفاوه اهل السماء به!! ثم ان محمدا بهذا الوقت يخطط ويعبى‏ء ويشرف على تسيير جيش اسامه للاصطدام مع احدى القوتين الاعظم فى العالم آنذاك!! ومن كانت حاله كحاله النبى هذه، لا يمكن ان يكون قاصرا، ولا يمكن ان يكون بحاجه الى توجيهات رعاع العرب، وليس مجنونا، او فاقدا للسيطره على نفسه، ولا هاجرا او يهجر، كما زعم عمربن الخطاب، والانقلابيون الذين اقتحموا عليه الغرفه المقدسه!!

 

الرسول يضرب موعدا لكتابه توجيهاته النهائيه:

من الموكد ان رسول الله، قد حدد موعدا لكتابه توجيهاته النهائيه، وتلخيصه للموقف، ومن الموكد انه قد طلب حضور عدد من اهل ثقته ومن خواصه ليشهدوا كتابه توجيهاته، حتى يكونوا عونا لولى الامر من بعده، وحجه على خصمه، فمحمد ليس رجلا عاديا، انما هو خيره اللّه من خلقه، ورسول الله، وولى الامه، وقائد دولتها، فمن غير الممكن عقلا ان لا يستحضر احدا عند كتابه توجيهاته النهائيه.

 

من الذى اخبر عمر بن الخطاب عن هذا الموعد:

طالما ان الرسول قد حدد الموعد داخل بيته، ولم يعلم به الا اهل بيت النبوه وزوجات الرسول فكيف عرف عمر بن الخطاب بهذا الموعد المحدد حتى جاء اليه ومعه حشد هائل من انصاره ومن قاده التحالف ليحولوا بين رسول الله وبين كتابه توجيهاته النهائيه؟ ومن الذى اخبر عمر عن مضمون التوجيهات النهائيه حتى عرفها تماما وحشد حشده، اعترف عمر بن الخطاب فى ما بعد قائلا: (لقد اراد رسول الله فى مرضه ان يصرح باسم على بن ابى طالب فمنعته)(1125).

 مما يعنى: ان عمر عرف وقت كتابه التوجيهات النهائيه، ومضمون هذه التوجيهات من مصدر ما داخل بيت الرسول!! عندئذ كانت مع عمر المده الكافيه ليجمع قاده التحالف، ويخبرهم بالموعد وبالمضمون معا ويتفق واياهم على خطه للحيلوله بين الرسول وبين كتابه ما اراد.

 فمن هو هذا المصدر من بيت الرسول الذى انبا عمر بموعد كتابه التوجيهات النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات؟

 

المصدر الذى اخبر عمر بالموعد:

هذا المصدر او المخبر يكره على بن ابى طالب بالضروره، ويعارض خلافه على للنبى، وتربطه بعمر وبابى بكر علاقه قويه جدا ومميزه!! ومن المستحيل استحاله مطلقه ان يكون من اهل بيت النبوه، اذن لا بد ان يكون احد الخدم، او احدى زوجات الرسول، والخدم لا يجروون اطلاقا على مثل هذا العمل الخطير، فيبقى الاحتمال الموكد ان احدى زوجات الرسول قد اطلعت عمر على وقت كتابه التوجيهات وعلى مضمون هذه التوجيهات لانها سمعت الرسول يتكلم بذلك مع على بن ابى طالب.

 وبهذه الحاله تقفز الى الذهن حفصه زوجه الرسول وابنه عمر بن الخطاب، وتقفز عائشه زوجه الرسول وابنه ابو بكر، قال الواقدى فى مغازيه: ان ابا بكر وعمر لا يفترقان، وان عائشه وحفصه ابنتاهما كانتا معا.

 ربما كانتا معا قد اخبرتا عمر، او كانت احداهما قد اخبرت عمر عن موعد كتابه التوجيهات النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات.

 وقد اخبرنا اللّه تعالى عن تظاهر زوجتين من زوجات الرسول عليه فقال (وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه)(1126)..

 وقال عمر بن الخطاب فى ما بعد ان اللتين تظاهرتا على الرسول هما حفصه وعائشه، هكذا اخرج البخارى فى تفسير هذه الايه(1127)، وان اللّه سبحانه وتعالى طلب منهما ان تتوبا الى اللّه، والتوبه لا تطلب الا من المذنب(1128).

 واتلو ما انزل اللّه تعالى: (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما)(1129)..

 قالت عائشه للنبى يوما: (انت الذى تزعم انك رسول الله)(1130)، ولهما ضرب اللّه مثلا امراه نوح وامراه لوط(1131).

 كل هذا يرجح ان تكون احداهما قد اخبرت عمر بموعد كتابه التوجيهات النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات.

 ولكن من منهما؟ لنتابع استقراءنا للنصوص: روى البخارى فى صحيحه (كتاب الجهاد والسير) باب ما جاء فى ازواج الرسول عن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب قال: (قام النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم خطيبا فاشار نحو مسكن عائشه فقال: (ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه -ثلاثا- من حيث يطلع قرن الشيطان) راجع صحيح بخارى مطابع الشعب ج‏4 ص‏100!! وفى لفظ آخر خرج رسول الله من بيت عائشه فقال: (راس الكفر من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان)(1132).

 فاذا اخذنا بعين الاعتبار ان الرسول كان مريضا فى بيت عائشه وان المواجهه بين الرسول وبين عمر بن الخطاب تمت فى بيت عائشه قرب الاحتمال ان تكون عائشه زوج النبى هى التى اخبرت عمر بن الخطاب عن موعد كتابه التوجيهات النهائيه، وعن مضمون هذه التوجيهات!! وعلى اثرها استعد عمر وحشد عددا كبيرا من اعوانه فكسروا خاطر النبى الشريف وحاولوا بينه وبين كتابه ما اراد.

 ومن جهه اخرى، فان عائشه ام المومنين كانت تكره الامام على وتحقد عليه ولا تطيق ولا تحتمل ان تلفظ حتى اسمه بدليل:

أ - عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود عن عائشه قالت: لما ثقل رسول الله واشتد به وجعه..

 فخرج بين رجلين تخط رجلاه الارض بين ابن عباس (تعنى الفضل) وبين رجل آخر قال عبيد اللّه فاخبرت عبد اللّه بن عباس بالذى قالت عائشه فقال لى عبد اللّه بن عباس هل تدرى من الرجل الاخر الذى لم تسم عائشه؟ قال: قلت لا.

 قال: ابن عباس هو على بن ابى طالب ثم قال: ان عائشه لا تطيب لها نفسا بخير)(1133).

 ب- عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل فوقع فى على وفى عمار عند عائشه فقالت عائشه: (اما على فلست قائله لك فيه شى‏ء واما عمار فقد سمعت رسول الله يقول فيه (لا يخير بين امرين الا اختار ارشدهما)(1134).

 ج- وفى ما بعد خرجت على الامام على، وحاربته ونبحتها كلاب الحواب، بدعوى المطالبه بدم عثمان مع انها هى التى افتت بقتله(1135).

 ومع ان عائشه قد خسرت حربها، ووقعت اسيره بعد ان ثارتها فتنه عمياء الا ان الامام على اكرمها واعادها معززه مكرمه لما قتل عثمان كانت تتصور ان الناس سيبايعون ابن عمها طلحه قال البلاذرى فى انساب الاشراف(1136): (كانت عائشه فى مكه حين بلغها قتل عثمان، ولم تكن تشك فى ان طلحه هو صاحب الامر فقالت بعدا (لنعثل) اى لعثمان وسحقا، ايه ذا الاصبع ابا شبل ايه يا ابن عم لكانى انظر الى اصبعه وهو يبايع)، تعنى بذلك ابن عمها طلحه.

 ولما علمت ان طلحه لم يبايع، وان الناس قد اجتمعوا على على بن ابى طالب صعقت فقالت (واللّه، ليت ان هذه انطبقت على هذه) اى انطبقت السماء على الارض ثم قالت ردونى ردونى وقادت فتنتها العمياء بالتعاون مع طلحه والزبير اكثر المولبين على عثمان للمطالبه بدم عثمان(1137)!! د ومع ان الامام على اكرمها واعادها معززه الى بيتها التى خرجت منه وقد امرت ان تقر فيه الا انه لما بلغها موت الامام على (سجدت للّه شكرا)(1138).

 فقد قيل تبت وعلى غمضا فلم سجدت الشكر لما قبعا راجع النص والاجتهاد للامام العاملى ص‏457.

 هذه طبيعه مشاعر ام المومنين نحو على بن ابى طالب، فمن الطبيعى ان تتحالف مع اى كان لصرف الامر عنه، ومن الطبيعى ان تخبر عمر وابا بكر عن موعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات وان تشترك معهما باتخاذ كل ما يلزم للحيلوله بين الامام على وحقه الشرعى بالقياده من بعد النبى، وهى تعلم علم اليقين ان على هو صاحب الامر شرعا من بعد النبى.

 ه- ولكن كيف تحب من قتل اولاد عمها فى بدر، انها تكره على وتكره ذريته.

 فعندما ارادوا دفن ابن النبى الحسن‏بن على بجانب جده رسول الله، ركبت عائشه بغلا، واستعونت بنى اميه ليحولوا بين الحسن وبين ان يدفن بجانب جده، راجع ترجمه الحسن من مقاتل الطالبيين، وجاءها القاسم‏بن محمدبن ابى بكر وقال لها (يا عمه ما غسلنا رووسنا من يوم الجمل الاحمر اتريدين ان يقال (يوم البغله الشهباء) ولولا حكمه الحسن لاثارتها ثانيه فتنه عمياء)(1139).

 فعلت كل هذا وقد اذنت ان يدفن ابيها، وعمر بن الخطاب مع ان الدار لرسول الله لا لها، ولها منها 9ر1 الثمن فقط وفى ذلك يقول القائل: فتجملت تبغلت ولو عشت تفيلت فلك التسع من الثمن وبالكل تملكت و- والسيده التى تفعل كل هذا يهون عليها ان تخبر عمر بن الخطاب وقاده التحالف عن موعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات.

 ز- والمكانه التى تمتعت بها عائشه فى عهدى ابى بكر وعمر، تجعلنا نجزم بانها هى التى اخبرتهما بموعد ومضمون التوجيهات النبويه الالهيه، حتى اعدا العده، وحالا بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وكسرا خاطره الشريف.

 فلا احد من المسلمين والمسلمات كان ياخذ عطاء اكثر من عائشه، وحفصه فلكل واحده منهما اثنى عشر الفا فهما مميزتان على نساء الرسول اللواتى اعطيت لكل واحده منهن عشره آلاف.

 وكلمه عائشه عند عمر كانت امرا، انظر الى قوله: (ومن تامرنى ان استخلف) ذلك انه لما طعن عمر ارسل ابنه عبد اللّه بن عمر ليستاذن عائشه فيدفن فى بيت الرسول الى جانبه وجانب ابى بكر، فقالت عائشه حبا وكرامه، ثم قالت لعبداللّه بن عمر (يا بنى ابلغ عمر سلامى وقل له لا تدع امه محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فانى اخشى عليهم الفتنه! عندئذ قال عمر: ومن تامرنى ان استخلف)(1140)!! فلو امرته ام المومنين ان يستخلف اعرابيا من الباديه لفعل، فهو مدين لها بمنصب الخلافه، فلو لم تخبره بموعد ومضمون التوجيهات النبويه النهائيه لسار الامر سيرا طبيعيا ولما اختلف اثنان فى ما بعد.

 والخلاصه وعلى ضوء ما ذكرنا: فان عائشه ام المومنين هى المصدر او المخبر الذى اخبر عمر بن الخطاب وقاده التحالف بموعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات، مما اعط‏ى عمر الوقت والفرصه ليجمع قاده التحالف ويقتحم بهم بيت رسول الله فيحولوا بينه وبين كتابه ما اراد.

 

الاعلان عن وجود انقلاب وعن وجود قاعده شعبيه تدعم هذا الانقلاب:

منذ اعلان النبوه والرساله، وبطون قريش بحركه دائمه لا يعتدلها، ولا يستقيم لها حال، وهمها الاعظم صرف شرف النبوه عن محمد الهاشمى، والحيلوله بين العرب وبين الاعتراف بهذه النبوه، لا كراهيه بالدين الجديد، فليس فى الدين الجديد ما تعافه النفس البشريه، ولكن حسدا لبنى هاشم، وبعد مقاومه ضاريه، وحرب ضروس دامتا 21 عاما قتل الهاشميون خلالهما خيره ابناء بطون قريش، صارت البطون تحقد على محمد والهاشميين لانهم قتله الاحبه وهكذا جمعت البطون مع الحسد لبنى هاشم الحقد عليهم، وفوجئت البطون بجيش جرار قوامه عشره آلاف مقاتل يغزوها فى عقر دارها بقياده محمد والهاشميين، فاستسلمت، وتلفظت بالشهادتين، ولكن الحسد والحقد على بنى هاشم كانا قداستقرا فى نفوس ابناء البطون نهائيا.

 ولم ينقب الرسول الكريم عما فى نفوس البطون بل اكتفى بالظاهر لان البواطن اختصاص الهى، وفتح النبى صفحه جديده، وقالت البطون انها قد نسيت الماضى، واسفت عليه وانها تفتح صفحه جديده ايضا.

 وكان فتح مكه فرصه لالتقاء ابناء قبيله قريش، المهاجر منهم والطليق، وفرصه لتذكر الاحبه الذين قتلت اكثريتهم على يد الهاشميين وبسبب محمد، وكانت فرصه لتذكر الصيغه السياسيه القائمه على اقتسام مناصب الشرف بين البطون، وعلى التوازن والتعادل فى ما بينها.

 وركز النبى تركيزا خاصا على منصب القياده من بعده على اعتبار انه النظام الواقعى الامثل الذى يبقى جموع المسلمين داخل اطار الشرعيه والمشروعيه، وبامر من ربه قدم الرسول على‏بن ابى طالب كاول امام وقائد للامه من بعده.

 

المواجهه فى الموعد المحدد وسببها المباشر:

حضر الذين اصطفاهم النبى ليكتب امامهم التوجيهات النهائيه وليلخص امامهم الموقف، وفجاه حضر عمر بن الخطاب ومعه قاده التحالف وعدد كبير من اعوانه، الذين اتفق معهم عمر على خطه تحول بين النبى وبين كتابه ما اراد.

 وحضور اعوان عمر لم يكن بالحسبان،!! كيف يفعل النبى امام هذه المفاجاه؟ هل يلغى الموعد، ويضرب موعدا جديدا، او يمضى قدما الى حيث امره اللّه؟، لقد اختار النبى الحل الاخير فقال: (قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه ثانيه: (ائتونى بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، وفى روايه ثالثه (ائتونى بالكتف والدواه او اللوح والدواه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، وفى روايه اخرى (ائتونى بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه خامسه (ائتونى اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه سادسه قال (ائتونى بكتف اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه سابعه قال الرسول (هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده).

 هذا ما قال الرسول حسب كل الروايات، وهذا سبب المواجهه المباشر بين الرسول وعمر بن الخطاب وحزبه.

 

هل هذا السبب يوجب المواجهه مع الرسول؟

انظر مليا الى هذه الروايات السبع التى اسندت للرسول: هل فيها خطا؟ هل فيها غلط!! هل فيها اساءه لاحد!! من يرفض التامين ضد الضلاله، ولماذا، ولمصلحه من هذا الرفض؟ ثم ان الرسول فى بيته، ومن حق الانسان ان يقول داخل بيته ما يشاء، ثم ان الرسول مسلم ومن حق المسلم ان يوصى، والذين يسمعونه احرار فى ما بعد باعمال اقواله او اهمالها ثم ان الرسول ما زال رسولا وقائدا للدوله وسيبقى حتى تصعد روحه الطاهره الى بارئها متمتعا بصلاحياته كرئيس.

 انه وبكل المعايير العقليه والانسانيه والدينيه لا يوجد ما يبرر مواجهه الرسول بسبب قوله (هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا) بل ان المومن الصادق يستجيب للّه ولرسوله، ويفرح بهذا العرض الذى يحصن الامه ضد الضلاله ابدا!!!

 

قائد التحالف عمر بن الخطاب يتصدى للنبى:

ما ان اتم رسول الله جملته: (قربوا اكتب لكم كتابا..) حتى تصدى له عمر بن الخطاب وقال متجاهلا النبى وموجها كلامه للحاضرين (ان النبى يهجر وعندكم القرآن حسبنا كتاب اللّه)(1141).

 

قاده التحالف يرددون خلف عمر:

وما ان اتم عمر كلامه حتى قال اعوانه بصوت واحد متجاهلين وجود الرسول وموجهين كلامهم للحضور: (هجر رسول الله، ان رسول الله يهجر، ما شانه اهجر؟ استفهموه؟، ماله اهجر؟ استفتموه؟ وردد اتباع عمر مع كل جمله من الجمل الاربعه قافيه (القول ما قال عمر) متجاهلين بالكامل وجود الرسول.

 

الحضور من غير حزب عمر:

صعق الحضور من غير حزب عمر من هول ما سمعوا فقالوا: قربوا يكتب لكم الرسول، ويرد عمر عليهم متجاهلا وجود النبى: (ان النبى يهجر، وعندنا كتاب اللّه حسبنا كتاب اللّه)، -وعلى الفور- يضج اتباعه بالقافيه: القول ما قال عمر ان النبى يهجر، ماله استفهموه اهجر؟ ما شانه اهجر!!

 

النسوه يتدخلن فى الامر:

قال ابن سعد فى طبقاته(1142): (لما مرض الرسول قال: (ائتونى بصحيفه ودواه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، قالت النسوه: الا تسمعون رسول الله قربوا..

 فقال عمر: انكن صويحبات يوسف، فقال الرسول: (دعوهن فانهن خير منكم) يبدو ان النساء المتجمعات فى بيت رسول الله بمناسبه مرضه سمعن اللغط والمشاده بين عمر واتباعه من جهه، الذين يحاولون بكل ما اوتوا من قوه ان يحولوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد وبين المومنين الصادقين الحاضرين الذين استجابوا للّه وللرسول، فعندئذ تجمعن امام الباب او من وراء الستر، وتعجبن مما يفعل عمر وحزبه فقلن..

 عندئذ نهرهن عمر وقال انتن صويحبات يوسف فرد الرسول عليه ذلك الرد الموجع.

 

نتيجه تصرفات عمر وحزبه:

كثر اللغط، وكثر اللغو، وكثر الاختلاف، وارتفعت الاصوات، وتنازع الفريقان، فريق عمر، والفريق الذى يويد الرسول وسمعت النساء بما جرى وهتفن: الا تسمعون رسول الله وصاح عمر وحزبه بالنساء ورد الرسول على عمر وحزبه ردا موجعا، وصارت الكتابه بهذا الجو مستحيله، لان عمر وحزبه كانوا على استعداد لفعل اى شى‏ء يحول بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وقد ادرك الرسول ذلك وراى الكثره التى جلبها لهذه الغايه.

 

الرسول يحسم الموقف وينصرف الجميع:

راى رسول الله كثره حزب عمر، واصرارهم على فعل اى شى‏ء للحيلوله دون الرسول ودون كتابه ما اراد، فلو اصر الرسول على كتابه ما اراد، لاصر عمر وحزبه على اثبات هجر رسول الله، مع ما يجره هذا الاتهام من عواقب مدمره للتشكيك بكل ما قاله الرسول، وبما ان اللغط والاختلاف، وارتفاع الاصوات عند النبى قد كثر، وحدثت مشاده كادت تودى للتنازع، بل وبدا التنازع فعلا، لذلك راى رسول الله ان يصرف النظر عن كتابه توجيهاته النهائيه، وتلخيصه للموقف، وحسم موضوع هذا التجمع، فعندما وصل الامر بالنساء لانتقاد تصرفات عمر، ورد عمر وحزبه على النساء متهمين اياهن (بانهن صويحبات يوسف)، تكلم رسول الله واجاب عمر وحزبه (بانهن خير منكم)(1143)، وقال الرسول: (دعونى فالذى انا فيه خير مما تدعونى اليه)، او (ذرونى فالذى انا فيه خير مما تدعونى اليه)، او قال: (قوموا عنى ولا ينبغى عندى التنازع)، او قال: (قوموا عنى).

 وهذا ما تمناه عمر وحزبه، فبعدما نجح عمر وحزبه بالحيلوله دون رسول الله وكتابه ما اراد، فقد تحققت الغايه من اقتحامهم لبيت الرسول، ولم يعد ما يوجب البقاء(1144).

 

لماذا استمات عمر وحزبه ليحولوا بين الرسول وكتابه ما اراد؟

لقد اعترف عمر فى ما بعد، بانه وحزبه لم يحولوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد لان المرض قد اشتد به، او لان القرآن وحده يكفى كما زعموا يومها، انما صدوا النبى عن كتابه ما اراد حتى لا يجعلوا الامر لعلى‏بن ابى طالب(1145)!!

 

حوادث مشابهه ومكر الليل والنهار!!

مرض ابو بكر: مرض ابو بكر مرضا شديدا قبل ان يموت، دعى ابو بكر عثمان قبيل وفاته بقليل ليكتب توجيهاته النهائيه، وطلب من عثمان الا يسمع احد وقال لعثمان اكتب: (انى قد وليت عليكم..

- فاغمى على ابى بكر من شده الوجع- فكتب عثمان اسم (عمر) (انى قد وليت عليكم عمر) فلما افاق ابو بكر من غيبوبته، طلب من عثمان ان يقرا له ما كتب، فقرا عثمان، فسر ابو بكر وقال: (لو كتبت نفسك لكنت اهلا لها).

 واصغى المسلمون لابى بكر ونفذوا تعليماته وعاملوه بكل التوقير والاحترام ولم يقولوا ان ابا بكر هجر، ولا قالوا ان المرض قد اشتد به، ولا قالوا حسبنا كتاب اللّه(1146).

 عندما اراد ابو بكر ان يكتب توجيهاته النهائيه وهو مريض وقبيل وفاته كان عمر جالسا مع الصفوه التى اختارها ابو بكر ليشهدوا كتابه توجيهاته النهائيه ومعه شديد مولى ابى بكر حاملا للصحيفه.

 فكان عمر يقول: (ايها الناس اسمعوا واطيعوا قول خليفه رسول الله، انه يقول انى لم آلكم نصحا(1147)).

 قارن بين موقف عمر وحزبه من رسول الله وموقفهم من ابى بكر، لم يقل عمر ان ابا بكر قد اشتد به الوجع، مع ان وجع ابى بكر اشد من وجع الرسول!! ولم يقل عمر: (ان ابا بكر قد هجر كما قال هو وحزبه عن الرسول!!) ولم يختلف الحضور ولم يتنازعوا ولم يكثر اللغظ ولم تتدخل النساء، ان هذا لامر عجاب!! هل لابى بكر قيمه عند عمر وحزبه وقداسه اكثر من قيمه الرسول وقداسته!! اجب كما يحلو لك!! مرض عمر: طعن عمر بن الخطاب، قال طبيبه: لا ارى ان تمسى فما كنت فاعلا فافعله، واشتد بعمر الوجع، وقال: لو ان لى ما اطلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع!!، الويل لعمر ولام عمر ان لم يغفر اللّه لعمر!! وقال لابنه عبد اللّه ضع خدى على الارض لاام لك(1148)!! ومع هذا كتب عمر توجيهاته النهائيه وعهد لسته نظريا وعهد لعثمان عمليا، وامر بضرب عنق من يخالف تعليماته النهائيه(1149).

 لقد كتب عمر ما اراد، ولم يعترضه احد، ولم يقل احد ان المرض قد اشتد بعمر، مع ان المرض قد اشتد به فعلا اكثر مما اشتد المرض برسول الله!! ولم يقل احد ان عمر يهجر كما قال ذلك عمر وحزبه لرسول الله، ولم يقل احد عندنا كتاب اللّه وهو يكفينا ولا حاجه لوصيتك، انما عومل عمر بكل التوقير والتقديس والاحترام، ونفذت تعليماته النهائيه حرفيا كانها كتاب منزل من عند اللّه واكثر!! فهل لعمر وابى بكر قداسه عند الناس اكثر من رسول الله!! وباى كتاب انزل بان الاثنين اولى بالاحترام والطاعه من رسول الله!! اجب بما يحلو لك، فانك لن تغير الحقيقه المره!!

 

لم يصدف طوال التاريخ:

لم يصدف طوال التاريخ ان عومل ولى الامر سواء اكان خليفه او ملكا وهو مريض بالقسوه والجلافه التى عومل بها رسول الله!!، ولم يصدف ان اعترض المسلمون اى خليفه اذا اراد ان يكتب تعليماته النهائيه او يستخلف من بعده بل على العكس، قال ابن خلدون فى مقدمته (ان الخليفه ينظر للناس حال حياته، وتبع ذلك ان ينظر لهم بعد وفاته ويقيم لهم من يتولى امورهم من بعده)(1150).

 لم يقل احد لاى خليفه (قد اشتد به الوجع!! ولم يقل احد انه قد هجر!! ولم يقل احد عندنا كتاب اللّه حسبنا، كما قيل لرسول الله فهل للخليفه وقار عند المسلمين اكثر من الرسول!! وهل له مكانه اعظم من مكانه الرسول!! ان هذا لامر عجاب!! اجب بما يحلو لك!، لقد قالوها بصراحه ان الخليفه اعظم من الرسول(1151).

 

الاعلان عن وجود انقلاب، وقاعده شعبيه له:

موقف عمر وحزبه فى الحجره المقدسه، وقولهم للنبى: (انت تهجر) وحيلولتهم بين النبى، وبين كتابه ما اراد، والحشد الذى جمعه عمر واقتحم به بيت رسول الله، ونجاحه بالحيلوله بين الرسول وبين كتابه ما اراد واعلانه رسميا بتاييد من حزبه ان القرآن وحده يكفى، ولا حاجه لرسول الله ولا لتوجيهاته هو بمثابه اعلان عن وجود انقلاب تدعمه قاعده شعبيه وبان الانقلابيين سيستولون قريبا على السلطه بالقوه، وانباء المواجهه التى جرت فى حجره الرسول بين الرسول ومن والاه من جهه وبين قائد الانقلاب عمر بن الخطاب ومن والاه من جهه اخرى شقت طريقها بكل تفاصيلها الى اسماع اهل المدينه وما حولها من الاعراب، وسمع بها المنافقون، وشعروا بالسعاده لانها بشائر انهيار الاسلام ونظامه السياسى بالنسبه لهم، واغتبط المنافقون لان عمر وحزبه كسروا خاطر الرسول وقالوا له: (انت تهجر)، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد، وارتفعت اسهم عمر وقاده التحالف عند المنافقين ارتفاعا عظيما.

 وتذكر المنافقون ان عمر بن الخطاب وطلحه من قاده التحالف بعد ان فروا من معركه احد واشيع بان النبى قد قتل، قالوا (ليت لنا من ياتى عبد اللّه بن ابى سلول -زعيم المنافقين- لياخذ لنا امانا من ابى سفيان قبل ان يقتلونا) كما سنوثق ذلك(1152)، وسنسوق عشرات المصادر فى ما بعد.

 وشعر المنافقون بالارتياح، لان ذلك النفر هم (قاده الانقلاب)، وتصور المنافقون ان الفرج عليهم قريب!!.

 

الفصل الثالث

تنفيذ الانقلاب

 

موعد تنفيذ الانقلاب المناسب:

بعد نجاح الانقلابيين بمواجهتهم مع النبى، وحيلولتهم دون الرسول وكتابه ما اراد، وبعد ان تلقى الناس نبا المواجهه غير المتوقع وتاكدوا من وجود انقلاب على الشرعيه الالهيه، وبعد ان بهر الانقلابيون المنافقين، واقتنع طلاب الدنيا المرتزقه من الاعراب ان ميزان القوى الى جانب الانقلابيين، وبعد تفكير عميق قرر الانقلابيون ان يكون موعد تنفيذ الانقلاب خلال الفتره الزمنيه الممدوده الواقعه بين وفاه النبى وبين دفنه وهى فتره انشغال آل محمد وبنى هاشم بمصابهم الجلل برسول الله، واعدادهم واستعدادهم لتجهيزه ودفنه، اذ لو حضر آل محمد، وكان هنالك تكافو فرصه لتمكن الامام على من اقامه الحجه على الانقلابيين، واذا تصدى له الانقلابيون كاشخاص فانه سيسحقهم سحقا، والحل الامثل ان ينفذ الانقلاب خلال الفتره التى حددوها وفى غياب آل محمد، حتى يتمكن الانقلابيون من تنصيب خليفه يزفه اعوانه وانصاره زفا ويفاجوون آل محمد بامر واقع، فاذا اعترض آل محمد عندئذ يصورهم الانقلابيون بصوره الخارجين على الجماعه الشاقين لعصا الطاعه، ويصورهم قاده الانقلاب بصوره طلاب زعامه وهكذا يستخفون الناس، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويتلاعبون بعواطف السذج فاذا خطر ببال على او آل محمد ان يقاوموا وان يستعملوا القوه، فلن يكون عمر او غيره من قاده الانقلاب مضطرا لمواجهه على بل يسلط على الامام مجموعه من الغوغاء فيحيطون به ويقبضون عليه، واذا تجاوز حدوده يقتلونه، واذا تعاضد مع اهل البيت وآل البيت متعاضد عندئذ يسلط الانقلابيون عليهم قبيله من المرتزقه، وخلال مده محدوده تكون نساء آل محمد سبايا، واموالهم غنيمه لتلك القبيله، وهكذا نجح الانقلابيون بتحديد الوقت المناسب.

 

خطوات تنفيذ الانقلاب وتوزيع الادوار:

من اللحظه التى قعد فيها رسول الله على فراش المرض، استنفر الانقلابيون قاعدتهم الشعبيه، وقامت قياده الانقلاب بتحديد الخطوات، وتوزيع الادوار على القياده والقواعد الشعبيه، بحيث ينجح الانقلاب، ويتم تنصيب خليفه خلال الفتره الواقعه بين وفاه النبى وبين دفنه، فيواجه آل‏محمد بواقع لا قبل لهم بتبديله، او تعديله او تغييره.

 الخطوه الاولى: المواجهه مع النبى داخل بيته: لما علم الانقلابيون من مصدر موثوق ان النبى يريد ان يكتب توجيهاته النهائيه، جمع عمر بن الخطاب حشدا كبيرا من رجاله، واقتحم بهم بيت النبوه، وعندما اراد النبى ان يكتب توجيهاته النهائيه، اعترض عليه عمر بن الخطاب بشده وقال للنبى: انت تهجر، لا حاجه لنا بكتابك، عندنا القرآن وهو يكفينا(1153)!! وردد الحاضرون من حزب عمر خلفه: ان النبى يهجر، والقول ما قال عمر(1154)، وفى ما بعد اعترف عمر بن الخطاب انه قد صد النبى عن كتابه توجيهاته النهائيه حتى لا يجعل الامر لعلى(1155).

 وهكذا نجح الانقلابيون بخطوتهم الاولى وحالوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وذلك بفضل تعاون ام المومنين عائشه التى اخبرتهم بموعد كتابه تعليمات الرسول النهائيه كما اثبتنا.

 الخطوه الثانيه: وضع قسم كبير من انصار الانقلاب فى المسجد وحوله، ليكونوا قرب آل محمد، يراقبون تحركات آل محمد، وينتظرون اللحظه التى ياتى بها الخليفه الجديد، فيستقبلونه مجرد وصوله ويبايعونه امام آل محمد، بعفويه وبدون اعتراض، وكان هذا القسم لا يعرف شيئا عن الانقلاب، وكانه قد فوجى‏ء كما فوجى‏ء آل محمد، ولكن ليبدو الامر طبيعيا يباشر هذا القسم بالبيعه.

 وبالفعل عندما جاء الخليفه الجديد نهضت هذه المجموعه لاستقبال الخليفه، فقال لهم عمربن الخطاب: (ما لى اراكم حلقا شتى قوموا فبايعوا ابا بكر، فقد بايعته وبايعته الانصار)(1156).

 وكان كلام عمر مسحه رسول، فقام عثمان بن عفان والامويون فبايعوا الخليفه الجديد، وقام سعدبن ابى وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بنى زهره فبايعوا الخليفه الجديد، ولم يبق من هذا الجمع بدون بيعه الا على بن ابى طالب والعباس ومن معهما من بنى هاشم بالاضافه الى الزبير الذى انضم اليهم(1157).

 وهكذا عزل الهاشميون وآل محمد كما خطط قاده الانقلاب، ونجح القسم الذى وضع فى المسجد باداء دوره على اكمل وجه.

 الخطوه الثالثه: قسم يتحرك الى منطقه الانصار، ويتجمعون فى سقيفه بنى ساعده كانهم زوار لسعد بن عباده الذى كان مريضا وطريح الفراش باجماع كل المورخين، ومهمه هذا القسم ان ينتظر قدوم قاده الانقلاب الرئيسيين الثلاثه وان يشتركوا بالحوار وكانه لا علم لهم بوجود انقلاب، حتى اذا نجح قاده الانقلاب بجر المجتمعين الى الخوض فى حديث خليفه النبى، او من يخلف النبى، امسكوا بالحديث وتابعوه حتى يتم تنصيب الخليفه المتفق عليه وهو ابو بكر عندئذ ينهض القسم الذى تجمع فى سقيفه بنى ساعده ويبايع ابا بكر كاول خليفه للنبى، فينذهل الحاضرون من غير الانقلابيين ويجدون ان من الحكمه مبايعه الخليفه الجديد حتى يشركهم فى ما بعد بالمنافع والادوار، ويحافظوا على مصالحهم.

 سعد بن عباده مريض بالاجماع، وقاعد على فراش المرض فى منزله المجاوره لسقيفه بنى ساعده، ولان سعد سيد الخزرج بلا كلام، فمن الطبيعى ان تاتى وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته، وليتدارسوا الوضع بعد ان تاكدت وفاه الرسول الكريم خاصه وان وفاه النبى ستترك فراغا هائلا، وفجاه حضرت الاوس المتفقه مع قاده الانقلاب، والمحصوره مهمتها بمبايعه الخليفه الجديد عند طرحه من قبل قاده الانقلاب الثلاثه، وليس فى حضور الاوس او جزءا كبيرا من الاوس، او مجموعه من الاوس لزياره سعد بن عباده ما يثير الريبه، فسعد مريض، وعياده المريض وزيارته مرغوبه فى الجاهليه والاسلام، وهى من حيث الظاهر مبادره نبيله من الاوس.

جلس الجميع واطمانوا ظاهريا على صحه المريض، سعد سيد الخزرج، ومن غير المستبعد ان الانقلابيين من الاوس قد تطرقوا الى عصر ما بعد النبوه، ويجمع المورخون بانهم قالوا لسعدبن عباده الامر لك، فما كنت فاعلا فلن نعصى لك امرا، بمعنى ان سعدبن عباده يتولى توجيه الانصار الى ما يمكن عمله، وكيف، وليس المقصود توليه سعد خليفه على المسلمين، فلا سعد يقبل ذلك، ولا الاوس تقبل ذلك، ومن الطبيعى ان ينشرح خاطر سعد، فهو سيد الخزرج بلا منازع، وتولى من حضر من الاوس وهم كثير، الامر لك امر غريب ومدهش، ولكن تقبله سعد وتقبلته الخزرج بحسن نيه، وبارتياح كانت الخزرج خاليه الذهن تماما من موضوع الانقلاب، ومن تورط اعداد كبيره من الاوس فيه.

 حضور قاده الانقلاب الثلاثه، وفجاه حضر ابو بكر وعمر وابو عبيده حضور ابى بكر وعمر خاصه امر مستهجن، فهم اصهار الرسول، وقد جرت العاده ان ينشغل الاصهار مع اهل الميت بتجهيزه ودفنه ولكن سعد والخزرج تصوروا ان زياره الثلاثه، تعبير عن محبتهم لسعد بن عباده، ولفته نبيله منهم تجاه الخزرج، ومن الطبيعى ان ينهض الجميع، او يتفسحوا على الاقل للزوار الثلاثه، ومن الطبيعى ان ينقطع الحديث بوصول الزوار الثلاثه، ومن ثم يجلس الجميع، الحشد الذى كان عند سعد، بالاضافه الى الزوار الثلاثه، فمن الذى وصل الحديث، او من الذى بدا الحديث!!؟، وكيف تطور الى الحديث عن خلافه النبى؟! لا احد يعلم ذلك على وجه اليقين!! لم تعد الروايات التاريخيه التى هندستها وسائل اعلام السلطه مقبوله عقليا، ولا قادره على الوقوف امام اى تحليل منطقى محايد!!! لكن الموكد الوحيد ان غايه الثلاثه من قدومهم هو تنصيب الخليفه الجديد بهذا المكان الملائم بعيدا عن آل محمد، ثم زف الخليفه الى المسجد حيث يبايعه الانقلابيون المتواجدين فى المسجد وحول بيت الرسول، ومن الموكد ايضا ان قسما كبيرا من الاوس كان ضالعا، وان تواجدهم ليس صدفه، انما هو عمل مدبر وثمره تخطيط وتدبير مسبق، فاسيد بن حضير قدمته وسائل اعلام الدوله على انه سيد الاوس، وبعد يوم واحد من دفن الرسول يشترك فى سريه يقودها عمربن الخطاب مهمتها احراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه على والحسن والحسين وفاطمه!! فهل يعقل ان يكون هذا الاندفاع ثمره صدفه فى السقيفه ام انه فصل فى كتاب الموامره(1158).

 

ماذا جرى داخل السقيفه:

هنالك اجماع على ان ابا بكر قد تكلم فقال: (ان المهاجرين هم اول من عبد اللّه فى الارض، وانهم عشيره الرسول، وانهم الامراء، والانصار هم الوزراء)(1159).

 ويجمع المورخون بان عمر قد تكلم ومما قاله: (بان المهاجرين هم اولياء الرسول وعشيرته والاحق بالامر من بعده، وان العرب تابى ان نومر الانصار ونبيها من غير الانصار، ولكن العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم، من ينازعنا سلطانه وميراثه ونحن اهله وعشيرته)، ويجمع المورخون بان ابا عبيده قد قال (يا معشر الانصار انكم كنتم اول من نصر وآزر، فلا تكونوا اول من بدل وغير(1160)!!!) انت تلاحظ ان المهاجرين الثلاثه قد احتجوا بحجه آل‏محمد ليحصلوا على بيعه الانصار!!، فهل حقيقه ان ابا بكر وعمر وابو عبيده هم عشيره النبى، واولياوه، او هم الاولى بسلطانه وبميراثه كما قالوا!! فكل واحد من هولاء الثلاثه من بطن مستقل عن الاخر، ومحمد من البطن الهاشمى المستقل عن هذه البطون والمتميز عليها.

 ويلاحظ ايضا ان الثلاثه صوروا وكان الانصار يريدون ان يكون الخليفه منهم، وهذا غير صحيح، فلم يفكر الانصار بذلك، والموجود من الانصار فى السقيفه عدد قليل، وسعد بن عباده انبل وارفع واجل من ان يقبل ان يكون خليفه مع وجود على، ومن غير المعقول ان يتقدم على على فسعد من شيعه على، وابنه قيس من شيعه على، والمقداد من شيعه على، والحباب بن المنذر من شيعه على، اولئك هم الذين قادوا جبهه الانصار فى السقيفه، ومن جهه ثانيه، فان الذين حضروا من الانصار فى السقيفه، ولم يكونوا متورطين مع الانقلابيين كانوا مع الشرعيه وكانوا مع على بن ابى طالب فقد قام المنذر بن الارقم وقال: (ان فيكم لرجل لو طلب هذا الامر لم ينازعه احد (يعنى على بن ابى طالب)(1161).

 ويروى المورخون: ان الانصار قالت -او قال بعض الانصار-: (لا نبايع الا على‏بن ابى طالب)(1162).

 

التعازم والمبايعه:

قال ابو بكر، هذا عمر، وهذا ابو عبيده بايعوا ايهما شئتم؟ فقال عمر لابى بكر ابسط يدك ابايعك، وكثر اللغط وكثر الاختلاف، اهل الشرعيه من الانصار يقولون لا نبايع الا عليا، والثلاثه يريدون عمليا ابا بكر والمندسون من الانقلابيين ينتظرون الفرصه.

 

احد الانقلابيين يحسم الموقف:

كان بشير بن سعد الخزرجى رجلا مغمورا، بشكل او باخر اقنعه الانقلابيون بالانضمام اليهم، وبشير هذا كان يكره الامام على، واورث هذا الكره لابنه النعمان فقد كان ثانى اثنين من الانصار يقفون فى ما بعد بصف معاويه ضد على -كما يروى ابن ابى الحديد فى شرح النهج، -ولما راى حاله الاختلاف، وان مفاتيح الامور مع سعد بن عباده ورجاله، حسد سعدا، وراى ان الفرصه ملائمه ليتحول من رجل مغمور الى بطل فوقف بشير بن سعد وقال: (يا معشر الانصار انا واللّه لئن كنا اولى فضيله فى جهاد المشركين، وسابقه فى هذا الدين، ما اردنا به الا رضا ربنا، وطاعه نبينا والكدح لانفسنا، فما ينبغى ان نستطيل على الناس بذلك..

 الا ان محمدا من قريش وقومه احق به واولى، وايم اللّه لا يرانى اللّه انازعهم هذا الامر ابدا، فاتقوا اللّه ولا تخالفوهم ولا تخالقوهم..

 عندئذ قال ابو بكر هذا عمر وهذا ابو عبيده فايهما شئتم فبايعوا؟ قال الاثنان: (واللّه لا نتولى هذا الامر عليك)..

 انت تلاحظ ان بشير بن سعد استعمل حجه ابى بكر وحجه عمر وهى حجه آل محمد، وانه كان متفقا معهما اتفاقا تماما، فهم يتصرفون كانهم آل‏محمد، وكانهم ورثته، وبشير بن سعد يتبنى حرفيا ادعاءهم!!

 

الانقلابيون الحاضرون فى السقيفه يودون دورهم كاملا:

بهذه الاثناء قفز بشيربن سعد الانصارى وبايع ابا بكر فكان اول من بايع، وتقدم اسيدبن حضير وعويم‏بن ساعده وابو عبيده وكل المتواجدين من الانقلابيين فبايعوا ابا بكر، وذهل الفريق الاخر ولم يدر ماذا يفعل وتزاحم الحاضرون من اوليائهم على البيعه، وتصور الحضور ان بيعه اولئك الذين بايعوا عفويه، ولم يدروا ان الامر قد دبر باحكام بالغ.

 الخطوه الرابعه: استقدام المرتزقه من الاعراب: استقدم الانقلابيون اعدادا كبيره من المرتزقه من الاعراب، وطلبوا منهم ان يتواجدوا بالوقت الذى حددوه قرب بيت سعد بن عباده.

 وجاءت قبيله اسلم بالوقت الذى جاء فيه من حضر من الانقلابيين فى سقيفه بنى ساعده يبايعون الخليفه الجديد ابا بكر.

 روى الطبرى: ان اسلم (قبيله كبيره) اقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا ابا بكر(1163).

 قال عمر بن الخطاب: (ما هو الا ان رايت اسلم فايقنت بالنصر)!! جاءت قبيله اسلم الكبيره، او تجمع من القبائل كان ابرزها قبيله اسلم حتى تضايق بهم السكك لكثرتهم(1164)، فبايعوا جميعا ابا بكر.

 وعلق عمر على هذه الواقعه فى ما بعد فقال: (ما هو الا ان رايت اسلم فايقنت بالنصر)(1165).

 والسوال المهم الذى يطرح نفسه هو: (كيف علم عمر ان تجمع القبائل القادم من خارج المدينه سيبايع ابا بكر؟ كيف ايقن عمر بن الخطاب، ان هذا التجمع القبلى معه وسينصره، وسيبايع ابا بكر؟ هل هو يعلم ما فى نفوس هذا التجمع الكبير، حتى تيقن بانهم معه، وانه سينصرونه؟ ان عمر نفسه لا يدعى انه يعلم ما فى النفوس!!، وشيعه قاده التاريخ لا يقولون بان عمر يعلم الغيب، هم يعتبرونه مواز للرسول، ويرجحونه على الرسول عندما يختلفان!!، ولكنهم لا يقولون بان عمر يعلم الغيب!! اذا كيف تيقن عمر ان كل ذلك التجمع من القبائل التى ضاق بهم السكك معه؟ يقولون انه ذو فراسه وعراف، ان الفراسه والعرافه قد تجدى بفرد او فردين او عشره او مائه ولكن اى ذى فراسه واى عراف هذا الذى يتيقن من فعل الالاف قبل ان يقع!!! اذا يبقى الموكد الوحيد ان عمر بن الخطاب قد استحضرهم لهذه الغايه، وقد اطلعهم على مجريات الامور، وطلب منهم ان يحضروا بالوقت الذى حدده لهم فيبايعوا ابا بكر ويشتركوا بزفته الى المسجد!! ومن غير المستبعد ان يكون عمر وقاده الانقلاب قد منوهم بجعل على ذلك او مكافاه، ومن الممكن ان تكون هذه القبائل قد تصورت انها ستحصل على غنائم سهله، فاقبلت حتى ضاقت بهم السكك!! ومثل عمر المخطط البارع لا يترك الامور للصدفه، ولا يبنى انقلابه على الصدف، ولا نعلم النصر على من؟!! وقول عمر: (فايقنت بالنصر!! انه بالرغم من بيعه الانقلابيين لابى بكر فى السقيفه، الا انه لم يتصور ان هذه البيعه ستحقق له الانتصار على آل محمد!! فقط تيقن بالنصر عندما شاهد جموع القبائل والمرتزقه يتجهون نحو السقيفه ليويدوا الخليفه الجديد، وليقفوا معه ومع حزبه، ضد اراده محمد، ولانتزاع حق آل محمد الثابت بالقياده والامامه من بعد النبى!! واقبلت المرتزقه من القبائل المستحضره للمدينه من كل جانب تبايع ابا بكر.

 الخطوه الخامسه: زفه الخليفه الجديد: بايع ابا بكر الانقلابيون من المهاجرين والطلقاء والانصار ومن المرتزقه من الاعراب (وكان عمر محتجرا يهرول بين يدى ابى بكر ويقول: (الا ان الناس قد بايعوا ابا بكر)(1166)، واحاطت جموع الانقلابيين الكبيره بالخليفه، وزفوه زفا الى المسجد، محتفين بتنصيبه، وتحركوا بزفتهم الى المسجد حيث يسجى الجثمان المقدس، وحيث يحيط به الال الكرام.

 وشق موكب الخليفه المدينه، مكبرا مهللا، معلنا ابتهاجه بتنصيب الخليفه، ووصل الموكب الى المسجد، وعلى التكبير واستقبله القسم الاول من الانقلابيين (الخطه الاولى) فرحين سعداء بتنصيبه، واخذوا يبايعونه حسب الخطه، وتجاوبت ارجاء المسجد بالتكبير(1167).

 وجاء البراء بن عازب، فضرب الباب على الهاشميين وقال يا معشر بنى هاشم بويع ابو بكر!!، وقال بعض الهاشميين لبعض ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه ونحن اولى بمحمد!! ودخلت الجموع الى المسجد يتقدمها الخليفه الجديد، فقال عمر لابى بكر: اصعد منبر رسول الله، فتردد ابو بكر ولم يزل به عمر حتى صعد فبايعه الحاضرون كلهم من جديد.

 وبعد ذلك القى الخليفه الجديد خطبته وجاء فيها: (اما بعد ايها الناس انى قد وليت عليكم ولست بخيركم، فان احسنت فاعينونى، وان اسات فقومونى..

 اطيعونى ما اطعت اللّه ورسوله فاذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعه لى عليكم، قوموا الى صلاتكم يرحمكم اللّه)(1168).

 وسمع امير المومنين ذلك فقال متمثلا بقول القائل: فواصبح اقوام يقولون ما اشتهوا ويطغون لما غال زيد غوائل نقل هذا ابو بكر الجوهرى فى كتابه (السقيفه)، كما نقل ذلك عنه ابن ابى الحديد فى شرح النهج(1169).

 وهكذا تم الانقلاب، وتم عزل آل‏محمد كما خطط الانقلابيون، وتمت مواجهه آل محمد بامر واقع(1170).

 

الخليفه الجديد يتفضل بتفقد الامور ومشاركه آل محمد العزاء:

نجح الانقلابيون بتنفيذ خطه الانقلاب المتماسكه، بندا وبندا، ونجحوا بتنصيب الخليفه فى الغياب الكامل لال محمد ودون مشورتهم، ثم زفت الجموع الخليفه الى المسجد حيث يتجمع الال الكرام فى بيت النبى حول الجثمان المقدس وعلى التكبير والتهليل، وبايعت الجموع خليفتها الجديد مره ثانيه على مسمع ومراى من آل محمد، وخطب الخليفه الجديد، وخطب نائبه عمر بن الخطاب، وانتظر الخليفه والنائب آل محمد لياتوهما مبايعين مباركين بعد ان واجهوهما بامر واقع، ولم يحدث هذا، فغضب الخليفه، وغضب نائبه، وغضبت حاشيتهما، وغضبت الجموع، لتجاهل آل محمد لهذا الامر الواقع، ولكن الخليفه كان رجلا حليما عاقلا، فتجمل بالصبر وطلب من الجميع ضمنيا ان يمارسوا ضبط النفس.

 وذهبوا الى آل‏محمد كان الامر طبيعى، وكان شيئا لم يحدث، وكان القائد جاء ليتفقد الرعيه، وليشارك اهل المصاب مصابهم، كان لفته نبيله من ابى بكر ونائبه وقاعدته الشعبيه ان يتذكروا بعد 48 ساعه موت الرسول والامام والقائد!!

 

وتفرغ الانقلابيون لامر الميت!!

وتذكر الانقلابيون: ان على بن ابى طالب والعتره الطاهره الهاهم الرسول المسجى بين ايديهم، وقد اغلقوا عليهم الباب(1171)، وان اهل بيت محمد، كانوا مشغولين بتجهيز الرسول(1172) وان الرسول قد مكث ثلاثه ايام لا يدفن(1173)، وذلك من يوم الاثنين الى يوم الاربعاء(1174).

 وتبين للانقلابيين ان اهل الرسول قد تولوا دفنه(1175)، وان عليا والفضل وقثم ابنا العباس وشقران مولاه واسامه‏بن زيد قد تولوا غسله وتكفينه وامره كله.

 

الخليفه ونائبه وعائشه لم يشهدوا الدفن:

ابو بكر وعمر لم يشهدا دفن الرسول ولا تغسيله او تجهيزه، حيث كانوا مشغولين بمتاعب الانقلاب(1176)، ومن باب اولى ان لا يشهدا الغسل والتكفين والتجهيز، اما عائشه زوجه النبى فقد قالت: (ما علمنا بدفن النبى حتى سمعنا صوت المساحى من جوف الليل ليله الاربعاء)(1177).

 واكبر الظن ان ام المومنين كانت مشغوله مع ابيها ومع قاده الانقلاب بترتيب امور المسلمين بعد وفاه الرسول، لان دفن الرسول بنظرهم ليس مشكله انما المشكله والاهم هو تعين الخليفه الجديد، فالاهم يتقدم على المهم!!.

 وعندما تاكد عمر من وفاه الرسول، وكان ابو بكر غائبا، وقف واخذ يقول: ان الرسول لم يمت، وانما ارتفع الى السماء، وهدد ان يعلو راس من يقول بموت الرسول بالسيف، والهى الناس بهذه المقوله فتره حتى اذا حضر ابو بكر ذهب عنه الروع، وكبت مشاعره وذهوله، وانطلق مع ابى بكر كان لم يك به شيئا ليواجه الاهم وهو تنصيب الخليفه، ويتركا المهم وهو تجهيز الرسول ودفنه، ثم عمر قريب العهد بالرسول فقبل يوم واحد شاهده ومعه مجموعه كبيره من حزبه، وقال بحضور النبى متجاهلا وجوده: (ان النبى يهجر حسبنا كتاب اللّه).

 بمعنى: ان عمر وحزبه حديثوا العهد بالرسول، والاهم عندهم تنصيب خليفه للرسول، فمحمد بشر، وقد انتهى دوره، ومواراته فى ضريحه الاقدس ليس امرا عاجلا بنظر عمر وحزبه.

 لان ما يعنيهم هو مصلحه المسلمين ووضع حد للتميز الهاشمى!! بمعنى: ان عمر تهدد بالموت من يقول بموت الرسول، وشغل الناس بمقوله رفع النبى للسماء حتى جاء ابو بكر(1178)، ولما جاء ابو بكر قال ابو بكر (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل)(1179)..

 عندئذ سكت عمر(1880) واسترد عمر وعيه وسار مع ابى بكر كانه لم يكن به شى‏ء!!! ورتب الاثنان مع اعوانهما امر الخلافه وواجهوا آل محمد بامر واقع لا قبل لهم برفعه كما فصلنا.

 

الفصل الرابع

المواجهه مع صاحب الحق الشرعى، ومع آل محمد!!!

 

احلب حلبا لك شطره:

بعد ان نصب الانقلابيون الخليفه الجديد، فى غياب آل محمد، وحشدوا ذلك الحشد الهائل من الاتباع والاعوان، وواجهوا صاحب الحق الشرعى على بن ابى طالب وآل محمد بهذا الامر الواقع، توقع الانقلابيون من صاحب الحق الشرعى، ومن آل‏محمد ان يبادروا على الفور بالاعتراف بهذا الامر الواقع، وبمبايعه الخليفه الجديد، خاصه وان الخليفه الجديد ونائباه عمر بن الخطاب وابو عبيده واعوانهم وقاعدتهم الشعبيه قد جاءوا الى بيت محمد مشاركين بالعزاء!! لكن ما توقعه الانقلابيون لم يحدث، ولم يتقدم، لا على بن ابى طالب، ولا احد من بنى هاشم الى مبايعه الخليفه الجديد، او اظهار الاعتراف بالامر الواقع(1181)، وجلس على بن ابى طالب واهل بيته ولفيف من المعزين فى بيت على وفاطمه بنت رسول الله، ومن هولاء المعزين: سلمان الفارسى، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وابو ذر الغفارى، والمقداد بن الاسود، وابى بن كعب، وعز على عمر بن الخطاب ذلك، قال عمر فى ما بعد: (وانه كان من خبرنا حين توفى نبينا ان عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا فى بيت فاطمه)(1182).

 وتاثر ابو بكر من فعله على، وآل‏محمد، وتلكوئهم عن بيعتهم، فارسل ابو بكر عمر بن الخطاب وقال له (ائتنى به باعنف العنف..

 فجاء عمر وجرى بينه وبين الامام على حديث)(1183).

 فقال على لعمر: (واللّه ما حرصك على امارته اليوم الا ليوثرك غدا)(1184)، او قال له على (احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم امره يردده عليك غدا)(1185).

 فعلى بن ابى طالب يعلم علم اليقين ان ابا بكر سيستخلف عمر بن الخطاب ومن الطبيعى ان تنته المناقشه دون نتيجه، ومن الطبيعى ان عمر بن الخطاب لا يجرا اطلاقا على الاصطدام مع على دون وجود قوه كانت تحميه من الامام على، لان عمر ليس بقوه على، ولا هو من رجاله وعمر بن الخطاب لا يجيد القتال!!، فخرج عمر ثم عاد ومعه قوه من جيش الخليفه الجديد!! فيهم اسيد بن حضير، وعبد الرحمن‏بن عوف، وزياد بن لبيد، وزيد بن ثابت، وسلمه‏بن اسلم، وخالد بن الوليد، وثابت بن قيس بن شماس، وسلمه بن سالم بن وقش(1186)، بهدف اخراج على بن ابى طالب وآل محمد ومن معهم بالقوه ليبايعوا ابا بكر او ليدخلوا فى ما دخلت فيه الامه، على حد تعبير عمر بن الخطاب، وقال ابو بكر لقائد السريه عمر: (وان ابوا فقاتلهم)(1187).

 

تصميم عمر بن الخطاب على احراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه:

لما كان عمر بن الخطاب رجل حازم، ولا يومن بانصاف الحلول، ولانه يريد من على ومن آل البيت (ان يدخلوا فى ما دخلت فيه الامه)(1188)، فقد صمم عمر بن الخطاب نهائيا على احراق بيت فاطمه على من فيه وفيه على بن ابى طالب، وفاطمه بنت محمد، وسيدا شباب اهل الجنه وريحانتا النبى من هذه الامه بالاضافه الى عدد كبير من المعزين.

 واقبل بقبس من النار فعلا ليضرم عليهم النار فعلا، فلقيته فاطمه بنت محمد رسول الله فقالت: (يا ابن الخطاب اجئت لتحرق علينا دارنا؟ فقال عمر: نعم او تدخلوا فى ما دخلت فيه الامه)(1189).

 وتقدم عمر ومعه المهاجمون قال اليعقوبى: (فاتوا فى جماعه حتى هجموا، على الدار، وكسروا سيف على، ودخلوا الدار(1190)، واستخرجوا عليا بالقوه وقالوا له: بايع، وقادوه الى ابى بكر).

 

على يحرج السلطه الجديده امام قاعدتها الشعبيه:

جي‏ء بعلى بن ابى طالب بالقوه الى ابى بكر، فقيل له بايع، فقال على: (انا احق بهذا الامر منكم، لا ابايعكم وانتم اولى بالبيعه لى، اخذتم هذا الامر من الانصار، واحتججتم عليهم بالقرابه من رسول الله، فاعطوكم المقاده، وسلموا اليكم الاماره، وانا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار، فانصفونا ان كنتم تخافون اللّه، واعرفوا لنا من الامر مثلما عرفت الانصار لكم، والا فبوءوا بالظلم وانتم تعلمون).

 قال ابو عبيده: (يا ابا الحسن انك حديث السن، وهولاء مشيخه قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالامور، ولا ارى ابا بكر الا اقوى منك على هذا الامر واشد احتمالا له، فسلم له هذا الامر وارض به..

 فان تعش ويطل عمرك فانت لهذا الامر خليق وعليه حقيق فى فضلك، وسابقتك وقرابتك، وجهادك(1191).

 فقال على: (يا معشر المهاجرين، اللّه، اللّه، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته الى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا اهله عن مقامه فى الناس وحقه، فواللّه يا معشر المهاجرين لنحن اهل البيت احق بهذا الامر منكم ما كان منا القارى‏ء لكتاب اللّه، الفقيه لدين اللّه، العالم بالسنه، المضطلع بامر الرعيه، واللّه انه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا)(1192).

 

حكم احد الحضور على حجه الامام:

قال بشير بن سعد وهو اول من بايع ابا بكر واحد اقطاب الانقلاب: (لو كان هذا الكلام سمعته منك الانصار يا على قبل بيعتهم لابى بكر ما اختلف عليك اثنان ولكنهم بايعوا)(1193).

 وقال الامام على لابى بكر: (افسدت علينا امورنا، ولم تستشر، ولم ترع لنا حقا) كما روى المسعودى فقال ابو بكر: (بلى ولكنى خشيت الفتنه)(1194).

 

عمر البطل لا يعرف لغه الحوار:

قال عمر بن الخطاب: انك لست متروكا حتى تبايع!!، فقال له على: (احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم امره يردده عليك غدا)، قال عمر: بايع، فقال على: ان لم ابايع فمه؟ قال عمر: واللّه، الذى لا اله الا هو لنضربن عنقك!! قال على: اذا تقتلون عبد اللّه واخا رسوله؟ فقال عمر: اما عبد اللّه فنعم، واما اخو الرسول فلا! عمر لا يعترف باخوه على لرسول الله، ولكنه يعترف باخوته لابى بكر، وبموجب هذه الاخوه ورث عمر ابا بكر(1195)!! وانصرف على الى منزله ولم يبايع، ولا بايعه احد من بنى هاشم حتى بايع على بعد سته شهور(1196).

 ومن غير الهاشميين الذين لم يبايعوا: 1- فروه بن عمرو جاهد مع رسول الله وقاد فرسين(1197).

 2- خالد بن سعيد الاموى قال ابن قتيبه فى المعارف(1198) وابن ابى الحديد فى شرح النهج: ان خالد قد اسلم قبل اسلام ابى بكر، وبقى خالد حتى بايع على وبايع بنو هاشم(1199).

 3- سعد بن عباده لم يبايع لا ابا بكر ولا عمر حتى رماه محمد بن مسلمه بسهم فقتله زمن عمر بامر من عمر(1200).

 

جيش الثلاثه:

قال اليعقوبى فى تاريخه(1201)، واجتمع جماعه الى على بن ابى طالب يدعونه الى البيعه فقال لهم على: (اغدو على محلقين الرووس فلم يغدو عليه الا ثلاثه نفر).

 

محاوله لشق وحده الهاشميين:

كان المغيره بن شعبه داهيه، ومن الذين يحقدون على على وعلى بنى هاشم، ولانه من قاده الانقلاب، اقترح على ابى بكر وعمر ان ياتوا الى العباس ويجعلوا له نصيبا من الامر يكون له ولعقبه ان ترك عليا وسار فى ركاب حكومه الانقلاب، وفعلا عرضوا ذلك على العباس فرفض عرضهم رفضا مطلقا(1202)، ولم يكن هذا العرض محبه للعباس، ولا تقربا للنبى بصله عمه انما محاوله من المغيره ليشق وحده الهاشميين، ويعزل على عن بنى هاشم كما عزلوه عن الانصار والمهاجرين.

 ولما جاء ابو بكر وعمر والمغيره الى العباس، وعرض ابو بكر على العباس بعض الامر له ولعقبه لم ينس عمر التاكيد للعباس قائلا: (اى واللّه، واخرى: انا لم ناتكم حاجه منا اليكم، ولكن كرهنا ان يكون الطعن منكم فى ما اجتمع عليه العامه فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لانفسكم وعامتكم) مما يعنى ان السلطه الانقلابيه لو اذنت للعامه قاعدتها الشعبيه لسحقت آل محمدا سحقا(1203).

 

اعظم مكرمه للانصار:

(ثم ان عليا حمل فاطمه على حمار وسار بها ليلا الى بيوت الانصار يسالهم النصره، وتسالهم فاطمه الانتصار، فكان الانصار يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو ان ابن عمك سبق الينا ابا بكر ما عدلنا به، فيقول على: افكنت اترك رسول الله ميتا فى بيته لم اجهزه، واخرج الى الناس انازعهم فى سلطانه وتقول فاطمه: ما صنع ابو حسن الا ما كان ينبغى له، ولقد صنعوا ما اللّه حسيبهم عليه)(1204).

 والى هذه الواقعه اشار معاويه: (واعهدك امس تحمل قعيده بيتك على حمار ويداك فى يدى ابنيك الحسن والحسين يوم بويع ابو بكر فلم تدع احدا من اهل بدر والسوابق الا دعوته الى نفسك، ومشيت اليهم بامراتك، واذللت اليهم بابنيك.. فلم يجبك منهم الا اربعه او خمسه)(1205).

 

اللهم اشدد وطاتك على الانصار:

احتج الانصار بعدم نصرتهم لعلى وحمايتهم له ولاولاده ببيعتهم لابى بكر!! وكانوا قد بايعوا رسول الله قبل بيعتهم لابى بكر ان يحموه، ويحموا ذريته كما يحمون ذراريهم.

 جاء فى مقاتل الطالبيين لابى فرج الاصفهانى(1206) عن ابى غسان قال: (انى لواقف بين القبر والمنبر اذ رايت بنى الحسن يخرج بهم من دار مروان يراد بهم الربذه، فارسل الى جعفر بن محمد الصادق فقال: ما وراءك؟ فقلت: رايت بنى الحسن يخرج بهم فى محامل! فقال: اجلس فجلست، فدعا غلاما له، ثم دعا ربه كثيرا، ثم قال لغلام له: فاذا حملوا فات فاخبرنى.

 قال: فاتاه الرسول فقال: قد اقبل بهم.

 فقام جعفر فوثب وراء ستر شعر ابيض من ورائه، فطلع بعبد اللّه بن الحسن وابراهيم بن الحسن، وجميع اهله كل واحد منهم معاوله مسود، فلما نظر اليهم جعفر بن محمد هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته، ثم اقبل على فقال: يا ابا عبد اللّه واللّه ما وقت الانصار، ولا ابناء الانصار لرسول الله بما اعطوه من البيعه عن العقبه).

 وقد روى الصادق عن ابيه عن رسول الله انه قد قيل له: (خذ عليهم البيعه فى العقبه؟ فقلت: كيف آخذ عليهم البيعه؟ قال خذ عليهم: يبايعون اللّه ورسوله..

 الى ان قال: على ان تمنعوا رسول الله وذريته مما تمنعون منه انفسكم وذراريكم!! ثم قال جعفر: فواللّه ما وفوا له حتى خرج من بين اظهرهم، ثم لا احد يمنع يد لامس، اللهم فاشدد وطاتك على الانصار)(1207).

 

اما التسليم او الدخول فى مواجهه انتحاريه:

الانقلابيون هم القوه الحقيقيه فى المجتمع، فلقد ضم تحالفهم بطون قريش كلها المهاجر منها والطليق والمنافقون كلهم بلا استثناء، بالاضافه الى اكثريه الانصار التى هالتها قوه هذا التحالف وتماسكه فاستسلموا ليسلموا، وتورط الكثير منهم بالانقلاب طمعا بالمغانم وهروبا من المغارم، بالاضافه الى المرتزقه من الاعراب الذين يوالون من يعطيهم.

 والمرتزقه على علم بان المال والمغانم كلها ستكون بيد الانقلابيين ومن والاهم، لذلك مالوا مع الانقلابيين، ولقد مد الانقلابيون نفوذهم حتى داخل بيت الرسول، فصارت عائشه ام المومنين معهم وحافزها على ذلك حبها لابيها ولقومها بطون قريش، وحقدها على على بن ابى طالب قاتل ابناء عمومتها، وعلى ذريته الذين سرقوا منها زوجها قال الامام على: (اما فلانه فادركها راى النساء وضغن غلا فى صدرها كمرجل القين(1208))، لقد عرفت عائشه موقعها فى قلب النبى فقالت له يوما: (واللّه لقد عرفت ان عليا احب اليك من ابى ومنى)(1209) فمعنى ذلك ان هذا التحالف يشكل الاغلبيه الساحقه من الناس الذين جمعهم قاده التحالف!!

 

حرص قياده التحالف على الاستيلاء على السلطه:

المتحالفون او الانقلابيون اصروا من البدايه على الاستيلاء على السلطه مهما كلف الثمن، حتى لو ضحوا بالرسول نفسه، ولو واجهوا الرسول نفسه، فقد تجاهلوا النبى وقالوا امامه: (ان النبى يهجر حسبنا كتاب اللّه)، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد كما اثبتنا، ولو ان النبى قد اصر على الكتابه، وكتب توجيهاته النهائيه، وانه قد استخلف على‏بن ابى طالب لن يغير من واقع الحال، ولفعلوا تماما ما فعلوه، ولقبضوا على مقاليد الامور بالقوه، عندئذ تثبت وسائل اعلامهم ان الرسول فعلا هجر، عندما اختار على بن ابى طالب، وان الرسول عندما كتب توجيهاته النهائيه كان فاقدا للسيطره على نفسه، ثم لو ان اللّه احيا محمدا بعد موته لما اعترفوا به ولما تنازلوا له عن السلطه لان السلطه من بعده كانت مطمعهم الاول والاخير، وكل شى‏ء ما هو الا وسائل للوصول اليها.

 تلك طبيعه الذين واجهوا عليا وآل‏محمد!!.

 

من كان مع على:

قال اليعقوبى فى تاريخه(1210)، وابن ابى الحديد فى شرح النهج(1211) واجتمع جماعه الى على بن ابى طالب يدعونه للبيعه فقال لهم: (اغدو على محلقين رووسكم فلم يغدو عليه الا ثلاثه).

 حمل على زوجته وقاد ابنيه الحسن والحسين وطاف على بيوت الانصار ليسالهم النصره، وتسالهم فاطمه بنت رسول الله الانتصار، فنسى الانصار بيعتهم لرسول الله وتذكروا بيعتهم لابى بكر فقالوا: (قد سبقت بيعتنا لهذا الرجل ولو كان ابن عمك سبق الينا ما عدلنا به).

 كما ذكر ابو بكر الجوهرى فى كتابه السقيفه بروايه ابن ابى الحديد من شرح النهج(1212)، وكما روى ابن قتيبه فى كتابه الامامه والسياسه(1213) وشهد معاويه بذلك(1214).

 ولقد هدد على بالقتل امام المهاجرين والانصار ولم يحركوا ساكنا احتجاجا على الاقل، ولم ينكر منهم منكر(1215).

 حيث قال عمر لعلى: (بايع) فقال على: (ان لم افعل فمه؟) قالوا: (اذا واللّه الذى لا اله الا هو نضرب عنقك)(1216) الا يستطيع احد من الانصار الذين بايعوا النبى على حمايه النبى وذريته كما يمنعون انفسهم وذراريهم ان ينكروا ذلك ولو بالسنتهم!! الا يستطيع احد من المهاجرين ان يستنكر ذلك فيقول: علام تقتلون هذا الرجل وهو ولى اللّه وقد بايعناه بالولايه يوم غدير خم، او الا تذكروا جهاد هذا الرجل فى بدر واحد وخيبر!! او الا تذكرون ان هذا الرجل هو على الاقل ابن عم النبى، وزوج ابنته ووالد سبطيه!! لم يقل احد من المهاجرين او الانصار ذلك، لان يد اللّه مع الجماعه!! وعلى وآل محمد خارجون على الجماعه، عجيب!! لماذا لم يسقطوا آل محمد من الصلاه فيقولون اللهم صل على محمد فقط كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم، وبارك على محمد فقط كما باركت على ابراهيم وعلى آل‏ابراهيم، لو فعل الانقلابيون ذلك لاخفوا الجريمه فعلا، ولما لامهم احد فى ما بعد!! وهدد قاده الانقلاب عليا واهل بيت النبوه ان يحرقوا عليهم البيت(1217) ويموتوا حرقا بداخله ان لم يبايعوا!! بعد يوم واحد فقط من موت والد فاطمه، وابن عم على محمد، وجد الحسن والحسين!! بعد يوم واحد فقط من موت الرسول!! من من المهاجرين او الانصار استنكر هذا العمل الاجرامى؟!! من قال منهم هذا منكر؟!! او هذا حرام؟!! او ترفقوا باهل بيت محمد الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا!!، لم يقل منهم احد ذلك! ليت احدهم قد قال: الرفق اولى!! اضبطوا اعصابكم لا داعى لاحراق اهل بيت النبوه!!

 

حافظ ابراهيم يخلد عمر بقصيدته:

قال حافظ ابراهيم شاعر النيل يصف بطوله عمر عندما هم بحرق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه فاطمه وعلى والحسن والحسين.

 فوقوله لعلى قالها عمر اكرم بسامعها اعظم بملقيها فحرقت دارك لا ابقى عليك بها ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها فما كان غير ابى حفص بقائلها امام فارس عدنان وحاميها وغاب عن المرحوم حافظ ابراهيم بان عمر لم يقلها لعلى بصفته الشخصيه انما قالها بصفته نائبا للخليفه، وحوله جيش من الاعوان، ولو كان الاثنان معا وجها لوجه لما كان بامكانه ان يقولها لعلى، ولو كان بامكانه ان يقولها لعلى لبارز عمرو بن ود يوم الخندق، ولو كان بامكانه ان يقول ذلك لعلى لما فر يوم احد، ويوم خيبر، ويوم حنين كما وثقنا ذلك.

 بل ان المشهور عن عمر انه لم يقتل ولم يجرح مشركا واحدا قط فهو رجل رحيم بالجنس البشرى.

 

وبقي الامام وحيدا:

لقد استقطب الانقلابيون الجميع رغبه او رهبه، وتحالفت بطون قريش مهاجرها وطليقها مع المنافقين فى المدينه ومن حولها من الاعراب، مثلما تحالفت مع المرتزقه من الاعراب، ثم تورط قسم من الانصار مع الانقلابيين ومالت بقيه الانصار بعد ان اكتشفوا انهم صاروا اقليه، وتكون حلف قوى من هذه الجماعات حتى والرسول على قيد الحياه، وبلغ من قوه نشاطه ان دخل بيت النبى، فاستقطب عائشه ام المومنين معه، ومن قوته ان قائده عمر بن الخطاب ومجموعه من انصاره واجهوا النبى نفسه فى داره، وتجاهلوا وجوده، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد، قائلين امامه: (ان النبى يهجر ما شانه اهجر؟ استفهموه؟ انه يهجر) ولو اصر النبى على الكتابه لا اصروا على هجر النبى، واثبتوا بالباطل هجره.

 مما يعنى ان الانقلاب قد قبض على مقاليد الامور عمليا والنبى على فراش الموت، واستقطب حوله الاكثريه الساحقه، (وقد وثقنا ذلك فى الفصول السابقه).

 ومما يعنى ايضا انه ليس مع على الا اهل بيته وقد عبر الامام على عن هذه الحقيقه بقوله: (اللهم انى استعديك على قريش ومن اعانهم، فانهم قد قطعوا رحمى، واكفاوا انائى، واجمعوا على منازعتى حقا كنت اولى به من غيرى، وقالوا: الا ان فى الحق ان ناخذه، وفى الحق ان تمنعه، فاصبر مغموما، او مت متاسفا، فنظرت فاذا ليس لى رافد ولا ذات ولا مساعد الا اهل بيتى، فظننت بهم عن المنيه، فاغضيت على القذى، وجرعت ريقى على الشجا، وصبرت من كظم الغيظ على امر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار(1218)...).

 وكقول الامام: (ان اللّه لما قبض نبيه، استاثرت علينا قريش بالامر، ودفعتنا عن حق نحن احق به من الناس كافه، فرايت ان الصبر افضل من تفريق كلمه المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالاسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده ادنى وهن ويعكسه اقل خلاف(1219)..).

 

الحل الذى ارتئاه الامام:

عندما علم الامام بالرده السياسيه عن الاسلام، وبقوه القوى المتحالفه التى تدعم هذه الرده، وان بطون قريش كلها مهاجرها وطليقها ومعهم المنافقون والمرتزقه من الاعراب يويدون الانقلابيين ويقيمون تحالفا وثيقا معهم، وان هذا التحالف قد استقطب اعدادا كبيره من الانصار، وان قسما من الانصار قد تورط مع الانقلابيين، وانه ليس له رافد ولا معين الا اهل بيته.

 قدر الامام ان المواجهه مع الذين غصبوا حقه بهذه الظروف انتحار حقيقى له، بوصفه مستودع علم النبوه، ولاهل بيته باعتبارهم شجره النبوه والثقل الاصغر، وبعد ان استنفد كافه الجهود للحصول على النصره او الانتصار، ولم يجدهما، عندئذ..

 قرر الامام ان يقعد فى بيته، وان يحتج على الانقلابيين احتجاجا لا يفرق المسلمين، ولا يوهن الدين، ثم يسلم بالامر الواقع ما سلمت امور المسلمين، فبقى الامام فى بيته حتى جاءوا اليه، فهددوه بحرق البيت على من فيه وفيه فاطمه بنت محمد رسول الله، وفيه على ولى اللّه، وفيه الحسن والحسين ابنا رسول الله، وكان هذا التهديد رساله ضمنيه الى المسلمين عن طبيعه الانقلابيين، واسلوبهم المتحدى للدين، ولرساله سيد النبيين، ومع هذا لم يحرك المسلمون ساكنا ولم يستنكروا لا بيد ولا بلسان،، وقد وثقنا واقعه التحريق اكثر من مره.

 ثم هددوه بالقتل وهو اخ النبى، وابن عمه، وزوج ابنته، ومستودع علم النبوه وفارس الاسلام بغير منازع، وكان هذا التهديد رساله ضمنيه ثانيه عن خلق الانقلابيين وحرصهم على السلطه، ولكن المسلمين لم يحركوا ساكنا ولم يستنكروا ذلك لا بيد ولا بلسان.

 وقد وثقنا واقعه التهديد بالقتل، وهى معروفه للخاصه والعامه ثم راى الانقلابيون ان يتركوا الامام فى بيته، وان يعزلوه عزلا تاما عن الامه حتى لا تنتفع بعلمه، وتكتشف النظام السياسى الالهى الذى انزله اللّه وبينه الرسول، فبقى الامام فى بيته سته اشهر لم يبايع، ولم يبايع النظام الجديد اى هاشمى(1220).

 وهكذا ابتعد الامام عن المواجهه غير المتكافئه، اذ لو واجههم بالقوه، لقتلوه وقتلوا ابنيه وقطعوا شجره النبوه، ثم اشاعت وسائل اعلامهم ان عليا وابنيه مثل ابى طالب ماتوا على الشرك فهم فى ضحضاح من النار مع ابى طالب، ومع الايام تنجح وسائل اعلامهم بتحويل الشائعات الكاذبه الى قناعات يتبناها العامه كانها وحى من اللّه!! وصمم الامام على ان يبدا بتكوين قاعده شعبيه، تفهم الاسلام على حقيقته، كما انزله اللّه وبينه الرسول لتتصدى وتكشف الاعيب الطامعين بالسلطه وتحريفاتهم، وكعمل عاجل ركز الامام على ايجاد كوادر علميه يعلمها علمه علم النبوه لتنقله الى الاجيال اللاحقه من غير تحريف، فلبد فى بيته، يجيب اذا سئل ويهدى اذا استهدى.

 

تجميل ملك الانقلابيين ببيعه على واهل بيت النبوه:

لقد صرح عمر بن الخطاب علنا بانه ورجاله وحزبه ليسوا بحاجه لال محمد(1221)..

 فقد نجح الانقلابيون بعزل آل محمد عزلا تاما عن الانصار، وعن بطون قريش المهاجر منها والطليق، وعن المنافقين، فكلهم شكلوا جبهه واحده واتحدوا ضد ولايه على تماما كما اتحدوا ضد نبوه النبى، وبهذه الحاله فان آل‏محمد لا يشكلون اى خطر على الدوله الجديده، فقد اهانهم عمر بن الخطاب، وجرا الناس عليهم يوم احضر قبس من النار وهم ان يحرق بيت اهل البيت على من فيه(1222)!!، ولقد استهان عمر بالامام يوم هدده وحزبه بالقتل امام المهاجرين والانصار(1223).

 لقد وصف الامام على حالته وحاله اهل بيت النبوه بعد وفاه النبى قائلا: (لما قبض اللّه نبيه وكنا نحن اهله وورثته وعترته واولياوه من دون الناس، لا ينازعنا سلطانه احد، ولا يطمع فى حقنا طامع، اذ انبرى لنا قومنا، فغصبونا سلطان نبينا، فصار الامر لغيرنا، وصرنا سوقه، يطمع فينا الضعيف، ويتعزر علينا الذليل، فبكت منا الاعين لذلك، وخشيت الصدور، وجزعت النفوس(1224)..) هذا وصف دقيق لحقيقه اهل بيت النبوه بعد اقل من ثلاثه ايام من موت نبيهم.

 وعلى هذه الحاله ورغم العزله التى فرضت على وصى النبى واهل بيته، لم يقف عمر بن الخطاب مكتوف الايدى، بل، عمل مع حزب التحالف الذى يقوده على تحطيم آل محمد من جميع الوجوه، حتى لا يطمع بعد موته منهم طامع بالسلطه، فياخذ الخلافه، وهكذا يجمع الهاشميون النبوه والخلافه معا!! ويحدث الاجحاف!! الذى لا يتلائم مع طبيعه عمر(1225)!!.

 هذا من جهه، ومن جهه ثانيه فان عمر يريد ان يزين ملك التحالف ببيعه آل محمد، لكل هذه الاسباب قرر عمر ان ينزل ب‏ال محمد ضربته الماحقه وان يصدر او يحمل الخليفه على اصدار سلسله من القرارات الاقتصاديه التى تقيم الدنيا على اهل بيت محمد ولا تقعدها، وتركهم بعد ان عجز حصار المشركين فى مكه عن تركيع البيت الهاشمى، فقرار حصار ومقاطعه بنى هاشم آنذاك لم يكن مجديا لخرق المشركين وسوء تدبيرهم.

 

عمر يتخذ القرارات الاقتصاديه لتركيع آل محمد:

القرار الاول: حرمان اهل بيت النبوه من ارث النبى: لم يكن تهديد الامام على بحرق بيته على من فيه كافيا، ولا تهديده بالقتل منتجا.

 لذلك رات السلطه الحاكمه ان تحرم على وفاطمه وابناهما وآل محمد من ميراث محمد، فلا يرثون من مال النبى شيئا، بحجه ان الرسول قد قال لابى بكر: (انى لا اورث)(1226)، فقالت له فاطمه: (من يرثك اذا مت؟)، فقال ابو بكر: (ولدى واهلى؟) فقالت: (فما لنا لا نرث النبى؟!)، فردد ابو بكر مقولته السابقه(1227)، فقال على لابى بكر: (وورث سليمان داود) وقال: (يرثنى ويرث من آل يعقوب)، فكيف نوفق بين قولك الانبياء لا يورثون وبين هاتين الايتين!! فقال على: هذا كتاب اللّه ينطق!!، فسكت ابو بكر وانصرف مصرا على قوله(1228)، ولم تكتف فاطمه بذلك انما بسطت الخصومه بينها وبين ابى بكر علنيا امام المهاجرين والانصار واقامت الحجه على ابى بكر بخطبه رائعه جاء فيها: (افعلى عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم اذ اللّه تبارك وتعالى يقول: (وورث سليمان داود)(1229)، وقال عز وجل فى ما قص من خبر يحيى‏بن زكريا: (فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب)(1230)، وقال عز وجل: (واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فى كتاب اللّه)(1231) وقال (يوصيكم اللّه فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين)(1232) وقال عز وجل: (ان ترك خيرا الوصيه للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين)(1233)، وزعمتم ان لا حق ولا ارث لى من ابى، ولا رحم بيننا، افخصكم اللّه ب‏ايه اخرج منها نبيه!! ام تقولون اهل ملتين لا يتوارثون!! اولست انا وابى من اهل مله واحده! لعلكم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبى!! افحكم الجاهليه تبغون(1234))!!..

 واصر ابو بكر على رايه وحرم آل محمد من ميراثه!! قال ابو بكر: يرث محمد الذى يقوم مقامه.

 وبما ان محمد قد مات، وبما ان ابا بكر هو خليفته، فوارث النبى الوحيد هو ابو بكر(1235)!! وتحقيقا للعداله ورحمه باهل بيت النبوه، فقد اخذ ابو بكر كل ما تركه الرسول ولكنه تفضل واعط‏ى آله الرسول ودابته وحذاءه الى على(1236)!! القرار الثانى: حرمان اهل بيت النبوه من منح الرسول ومصادره المنح التى اعطاه الرسول لهم: اثناء حياه الرسول الاعظم منح منحا كثيره للناس، ومنح اهل البيت الكرام منحا كغيرهم من الناس، فترك ابو بكر كافه المنح التى اعطاها الرسول للناس احتراما لمشيئه الرسول وارادته، وتقديرا للذين دخلوا فى طاعه الخليفه والتزموا بجماعته.

 اما المنح التى اعطاها الرسول لاى فرد من اهل بيت النبوه فقد قرر ابو بكر مصادرتها وحرمان اهل بيت النبوه منها وذلك حرصا على مصلحه المسلمين، وكانت فاطمه بنت محمد اول من حرمت من منحتها، فصودرت تلك المنحه.

 جاء فى فتوح البلدان(1237): ان فاطمه بنت رسول الله قالت لابى بكر: (اعطنى فدك فقد جعلها رسول الله لى)، فسالها البينه فشهدت ام ايمن زوج الرسول، ورباح مولى الرسول فقال ابو بكر: (لا يجوز الا شهاده رجل وامراتان!!)، وشهد لها على ولكن الخليفه قرر ولا راد لقراره!! لم يسال ابو بكر الناس بينه، انما سال فاطمه عن البينه!!! القرار الثالث: قرار حرمان اهل بيت النبوه من الخمس الوارد فى القرآن الكريم: جاء فى شرح النهج(1238)، وفى تاريخ الاسلام للذهبى(1239)، وفى كنز العمال(1240) ثلاث روايات.

 لما منعوا ابنه الرسول من ارث ابيها، ومن منح الرسول طالبتهم بسهم ذوى القربى فقالت لابى بكر: (لقد حرمتنا اهل البيت، فاعطنا سهم ذوى القربى وقرات آيه: (واعلموا انما غنمتم من شى‏ء فان للّه خمسه وللرسول ولذى القربى).

.

 فقال لها ابو بكر: سمعت رسول الله يقول (سهم ذوى القربى للقربى حال حياتى وليس لهم بعد موتى)(1241)!!

 

الصدقه محرمه على آل محمد:

والكارثه مع هذه القرارات ان الصدقه غير جائزه على آل محمد، ولا تحل لهم، فقد روى مسلم: ان النبى كان اذا اتى بطعام سال عنه، فان كان هديه اكل منها، وان كان صدقه لم ياكل منها(1242) ورد الصدقه(1243)، ومر النبى بتمره بالطريق فقال: (لولا ان تكون من الصدقه لاكلتها)، وان الحسن بن على اخذ تمره من تمر الصدقه فجعلها فى فيه فقال رسول الله: (كخ كخ ارم بها، اما علمت انا لا ناكل الصدقه).

 وفى روايه: (انا لا تحل لنا الصدقه)(1244).

 

من اين ياكل اهل بيت محمد بحق اللّه!!

اذا حرم اهل البيت من ارث النبى، وحرم اهل البيت من المنح التى منحها النبى لهم، وحرم اهل البيت من الخمس الوارد فى القرآن الكريم، واذا كانت الصدقه محرمه على اهل البيت، فمن اين ياكلون بحق اللّه!! هل يموتون جوعا!!

 

اذا اراد اهل البيت الحياه فعليهم ان يسالوا الحاكم ويوالوه:

قال ابو بكر لفاطمه: (ربما عندما تساءلت بهذه التساولات) (انى اعول من كان رسول الله يعول، وانفق على من كان رسول الله ينفق عليه)(1245)، فآل محمد ياكلون ليس لهم ان يزيدوا على الماكل(1246)!! فالحاكم يقدم لاهل بيت محمد الماكل ولا يزيد عليه، فطوال التاريخ يجب على اهل البيت ان يمدوا ايديهم للحاكم الذى هو على استعداد ان يقدم لهم الماكل فقط، ومن الحشمه وحسن الخلق ان يطيع الانسان من يطعمه!! تلك هى سنه ابى بكر وعمر!! وهذا هو عدلهم!! وهذا هو برهم لصديقهم محمد بن عبد اللّه!!!

 

الاحتجاجات لا تجدى امام قرارات السلطه:

ضج اهل بيت النبوه واحتجوا، على هذه القرارات الاليمه، والمذله.

 وقد ذهبت الزهراء بنفسها، واحتجت امام المهاجرين والانصار بخطبه من عيون خطب العرب، ذكرها الجوهرى فى كتابه السقيفه(1247)، وسمع الخليفه وعمر واركان حزبه، ورقص المنافقون طربا، وازداد ولاوهم للسلطه، ولم يستنكر المهاجرون والانصار هذه القرارات لا بيد ولا بلسان، واكتفى الخليفه وعمر واركان حزبهما بالسماع وبقيت القرارات ساريه المفعول.

 وسعد عمر بالاثر المولم التى تركته تلك القرارات، على آل محمد، وتذكرت القله المخلصه من المهاجرين حصار بطون قريش ومقاطعتهم لبنى هاشم فى شعاب ابى طالب، وكيف ان بطون قريش يومها قصرت الحصار والمقاطعه على البيع والشراء والنكاح، وتمنت القله المخلصه لو طبق هذا الحصار ثانيه على اهل البيت لكان اخف وطاه، واسهل حملا على اهل بيت محمد، واقوم قيلا.

 ولم يبق امام آل محمد غير الصبر والتسليم الى حين!!!

 

ندم الخليفه على معامله فريقه القاسيه لاهل بيت النبوه:

لقد تيقن ابو بكر، ان عمر قد حمل قبسا من النار، وهم باحراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه على ابن عم النبى وزوج ابنته، وفارس الاسلام والولى الشرعى من بعد النبى(1248)، وان فاطمه تلقته على الباب وقالت له: (يا ابن الخطاب اتراك محرقا على بابى؟)، وان عمر قد اجابها بشجاعه الرجال: (نعم(1249)!!).

 فقد سمع ابو بكر قول فاطمه لعمر وسريته: (لا عهد لى بقوم حضروا اسوا من محضركم، تركتم رسول الله جنازه بين ايدينا، وقطعتم امركم بينكم لم تستامرونا ولم تردوا لنا حقنا)(1250).

 كما وسمع ابو بكر ان عمر ومن معه من حزبه هجموا على دار فاطمه وكسروا سيف على، ودخلوا داره دون اذنه(1251).

وسمع ابو بكر ان فاطمه بنت محمد نادت باعلى صوتها: (يا ابت، يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن ابى قحافه)(1252).

 وتذكر ابو بكر ما قالته فاطمه له شخصيا ولعمر بن الخطاب وجها لوجه: (ارايتكما ان حدثتكما حديثا عن رسول الله تعرفانه وتفعلان به؟) قالا: (نعم)، فقالت: (نشدتكما اللّه الم تسمعا رسول الله يقول: (رضى فاطمه من رضاى، وسخط فاطمه من سخط‏ى، فمن احب فاطمه ابنتى فقد احبنى، ومن ارضى فاطمه فقد ارضانى، ومن اسخط فاطمه فقد اسخطنى؟) قالا: (نعم) سمعناه من رسول الله، فقالت الزهراء: (فانى اشهد اللّه انكما اسخطتمانى وما ارضيتمانى، ولئن لقيت النبى لاشكونكما اليه!!)، فقال ابو بكر: (انا عائذ باللّه من سخطه وسخطك يا فاطمه)، ثم انتحب ابو بكر حتى كادت نفسه ان تزهق وهى تقول: (واللّه، لادعون عليك فى كل صلاه اصليها)(1253).

 كما وتذكر ابو بكر ساعه هدد عمر بن الخطاب عليا بالقتل ان لم يبايع، وكيف التحق على بقبر النبى يبكى ويصيح: (يا ابن ام ان القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى)(1254).

 وتذكر ابو بكر يوم اتخذ تحت الضغط الشعبى لقاده التحالف القرارات الاليمه ضد اهل بيت النبوه، فقرر حرمانهم من ارث النبى(1255)، وحرمانهم من المنح التى اعطاها النبى لهم(1256)، وحرمانهم من حقهم الشرعى بالخمس(1257)، وبما ان الصدقه محرمه عليهم فمعناه موتهم جوعا، مما اضطره ان يعد بتقديم الاكل لهم(1258)، وهكذا اذلهم بعد عز ووضعهم بعد رفعه.

 فقد تذكر ابو بكر كل ذلك وندم، وادرك انه اول ضحايا هذا النظام الجديد الذى اقامه عمر، وخرج الى الناس قائلا: (يبيت كل واحد منكم معانقا حليلته، مسرورا فى اهله، وتركتمونى وما انا فيه، اقيلونى بيعتى(1259)..

 لقد كان الرجل صادقا بالفعل، لكن قاده الانقلاب وبالذات عمر، لن يسمحوا له بالافلات، لذلك امروه بالبقاء وتعللوا بسبب ظاهرى مفاده خشيتهم من عدم استقامه الامر ورخاوه العروه، فاضطر ابو بكر للبقاء، لانه ليس بوسعه الا البقاء، فهذه مرحله انتقاليه يجب ان يحمل وزرها، وهو مشرف على الموت، وبموته يرثون دوله مستقره.

 هذه هى الفكره التى منعت عمر من قبول اعتزال ابى بكر، وفضلا عن ذلك فان ام المومنين عائشه ابنته، وقد اسدت للانقلابيين خدمه كبيره وما زال لها دور اعلامى خاص، ونفوذ ادبى كاسح.

 

وعائشه ام المومنين لم تكتف بما فعل ابوها وصاحبه:

كان ام المومنين لم تكتف بما فعل ابوها وصاحبه بعلى واهل بيت النبوه، وكانها اعتقدت ان مساهمتها بالانقلاب كانت متواضعه، لذلك ارادت ان تزيد اسهمها وان تصب جام غضبها على على ومن والاه، فقد سربت ام المومنين مجموعه من الروايات اسندتها لرسول الله، فقالت ان رسول الله قد اخبرها عن على: (بانه يموت على غير دينى)(1260)، وربما وضعت ام المومنين هذه الروايه عندما بلغها ان عمر بن الخطاب هدد عليا بالقتل، تقول لعمر: نفذ تهديدك ولا تخشى غضب رسول الله فقد اخبرها بان عليا يموت على غير دين النبى!! ولم تكتف ام المومنين بذلك بل، روت بان رسول الله قال لها: (من اراد ان ينظر الى رجلين من اهل النار، فلينظر الى هذين، فنظرت عائشه فاذا بعلى والعباس قد اقبلا!!) وطالما ان عليا من اهل النار فليس عجيبا منه ان يعترض على خلافه ابيها(1261).

 قال امير المومنين مخاطبا اهل البصره فى ما بعد: (واما فلانه -اى عائشه- فادركها راى النساء، وضغن غلا فى صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيرى ما اتت الى لم تفعل)(1262).

 ان حقدها على الامام لا يوصف، انه كما وصفه الامام: (يغلى فى صدرها كالمرجل!!)، وماذا تقول بالسيده التى تسجد شكرا للّه عندما يبلغها وفاه عدوها.

 فقد كانت تعتبر عليا عدوا لها ولا تطيق ان تلفظ حتى اسمه(1263)!! جاء فى مسند احمد(1264) عن عطاء بن يسار: ان رجلا وقع فى على وفى عمار عند عائشه فقالت: (اما على فلست قائله لك فيه شيئا، واما عمار فقد سمعت رسول الله يقول فيه لا يخير بين امرين الا اختار ارشدهما).

 تقول ذلك عن على وهى تعلم فضله، وقد سقنا من البيان النبوى الذى تعرفه عائشه ما فيه الكفايه.

 والعجب ان تقول ام المومنين بان عليا من اهل النار!! ويموت على غير دين النبى، ولم تكتف بذلك، بل، ادخلت معه فى النار العباس!! عم النبى، ومن يلمها بعد ان تاكدت من ان على هو حبيب الرسول الاول.

 

تجريد اهل بيت النبوه من كافه حقوقهم السياسيه:

وهكذا وعمليا ابتزوا ابتزازا حق على بن ابى طالب الشرعى بقياده الامه من بعد النبى(1265)، وحتى عمر بن الخطاب اعترف بذلك فقال لابن عباس: (اما واللّه لقد كان على بن ابى طالب اولى بهذا الامر منى ومن ابى بكر(1266)..

 وقال عمر لابن عباس يوما: (يا ابن عباس واللّه ان صاحبك هذا لاولى الناس بالامر بعد رسول الله ولكننا خفنا..)(1267).

 وقد اعترف عمر بان الامام مظلوم فقال لابن عباس: (ما اظن صاحبك الا مظلوما)(1268).

 وقد اعترف عمر وبكل صراحه: (بان الامر كان لعلى فزحزحوه عنه..)(1269).

 ولم يكتف عمر وحزبه بذلك انما حرموا على الهاشميين ان يتولوا اى منصب من مناصب الدوله حتى لا يدعوا لانفسهم يوما فيجمعوا النبوه والملك معا ويتجاوزوا الخط الاحمر الذى رسمه عمر بن الخطاب(1270)، ولم يكتفوا بذلك انما حرموا على آل محمد الخلافه بحجه ان النبى كان من بنى هاشم ولا يجوز ان الخليفه منهم، والعدل يقتضى ان يختص الهاشميون بالنبوه وان تختص بطون قريش بالخلافه، فلا تجوز الخلافه لهاشمى بناء على تعليمات عمر بن الخطاب(1271).

 وقد وصف الامام حالته وحاله اهل بيته واشار الى واقعه تجريدهم من حقوقهم السياسيه فقال: (لما قبض اللّه نبيه، وكنا نحن اهله وورثته وعترته واولياوه من دون الناس، لا ينازعنا سلطانه احد ولا يطمع فى حقنا طامع، اذ انبرى لنا قومنا، فغصبونا سلطان نبينا، فصار الامر لغيرنا، وصرنا سوقه، يطمع فينا الضعيف، ويتعزر علينا الذليل(1272)..).

 

تجريد من يوالى اهل البيت من حقوقه السياسيه:

وعلى سبيل الاحتياط فلم يصدف وعلى الاطلاق ان ولى ابو بكر او عمر او عثمان او الامويين اى رجل على الاطلاق موال لال محمد او متظاهر بالولاء لهم، فلقد غضبوا على من والاهم من غضبهم عليهم، وجاء زمن من الازمان اصدر معاويه بن ابى سفيان مراسيم ملكيه عممها على كل مقاطعه وكوره، مفادها بالحرف (ان برئت الذمه ممن روى شيئا من فضل ابى تراب واهل بيته)، فقام الخطباء على كل منبر يلعنون عليا، ويبرءون منه، ويقعون فيه، وكتب نسخه واحده الى كل عماله بان لا يجيزوا لاحد من شيعه على (محبيه واعوانه) شهاده، وكتب ايضا نسخه واحده: (من قامت عليه البينه انه يحب عليا واهل البيت فامحوه من الديوان، واسقطوا رزقه وعطاءه، وشفع ذلك بنسخه اخرى قال فيها: (من اتهمتموه بحب هولاء القوم (اهل بيت النبوه) فنكلوا به واهدموا داره)(1273).

 

من الذى جرا معاويه على فعل ذلك؟

معاويه كما يقول برسالته الى محمد بن ابى بكر: (كان يرى حق ابن ابى طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا..

 حتى اذا قبض اللّه رسوله فكان ابوك وفاروقه اول من ابتزه حقه وخالفه(1274))، فعمر بالذات وابو بكر هما اول من جرا الناس على رسول الله وعلى الولى من بعده، وعلى اهل بيت النبوه ومن والاهم ولولا اجتهاد هذين الرجلين لما اختلف اثنان كما قال سلمان الفارسى.

 

تجريد اهل بيت النبوه من الحقوق الماليه:

لقد شعر عمر ان تجريدهم من حقوقهم السياسيه كامله غير كاف، لذلك عمل الخليفه على تجريد اهل بيت النبوه من كافه اموالهم وممتلكاتهم ومصادرتها، فحرمهم من ارث النبى كما بينا(1275)، وصادر المنح التى اعطاها لهم رسول الله(1276)، وحرمهم من حقهم بالخمس الوارد ب‏ايه محكمه(1277)، ولما سالوه: من اين ناكل اذا؟، بالغ باذلالهم وقال لهم: ان الحاكم سيقدم لكم الطعام فقط ولا يزيد عليه(1278).

 وهكذا جرد على واهل بيت النبوه وآل محمد من حقوقهم الماليه، وحولهم عمر وحزبه الى فئه ذليله تقف على باب الحاكم لتقدم له الولاء مقابل طعامها بلا زياده!! فاذا اضفنا هذا الى انتهاك حرمات منازلهم، والتهديد باحراق هذه المنازل، والتهديد بقتل عميد اهل بيت النبوه، سنتبين عندها انه لم تكتو اى فئه من الامه بالنار التى اكتوى بها اهل بيت النبوه، وسنتسائل احسد هذا ام كره ام حقد؟ ام حسد وكره وحقد معا!!!

 

من الذى امر بتجريد اهل بيت النبوه من حقوقهم السياسيه والماليه؟ ومن الذى جلب عليهم المحن والمصائب؟

هل هو ابو بكر؟ لقد سمعنا اعتذار ابى بكر وتفهمنا نواياه الحسنه وقلبه الرقيق، وامكانياته المحدوده، وعرفنا انه ليس اكثر من واجهه لسياسه الحزب الذى يقوده عمر بن الخطاب، فعمر بن الخطاب هو بانى الحزب، وهو رئيس الدوله الفعلى، وهو المنظر لسياستها، وبالتالى كان وراء قرار تجريد اهل بيت النبوه من كافه حقوقهم السياسيه والماليه، وكان وراء كل المحن التى حلت باهل بيت النبوه وبالامه، وبموسسه الامامه من بعد النبى؟!! قد يقال: كيف ذلك، وابو بكر هو الخليفه الفعلى؟.

 ابو بكر ليس له من الخلافه والحكم الا الاسم، اما الحاكم الفعلى، فهو عمر، والحزب الذى يقوده عمر!! وابو بكر يقر بذلك ويعترف.

 

واقعه لا خلاف عليها:

كتب ابو بكر لعيينه بن حصن، والاقرع بن حابس كتابا، فاخذاه الى عمر ليشهد، فلما شاهد عمر الكتاب لم يعجبه، فتفل فيه فورا ومحاه، فرجعا الى ابى بكر وقالا له: (واللّه، لا ندرى اانت امير ام عمر؟) فقال ابو بكر: (بل، هو، لو شاء كان) فجاء عمر الى ابى بكر، وقرعه بشده على هذا الكتاب، فقال له ابو بكر: (فلقد قلت لك انك اقوى منى على هذا الامر لكنك غلبتنى)(1279).

 

سر قوة عمر:

كان عمر فى الجاهليه نكره، فهو ليس اكثر من مبرطش يكترى للناس الابل والحمير وياخذ عليه جعلا(1280)، وبنو عدى لم يكونوا مع العير ولا مع النفير، لم يقاتلوا محمدا ولم يقاتلوا بطون قريش، كما قال ابو سفيان(1281)، ولم يتاكد على الاطلاق ان عمر بن الخطاب قد قتل مشركا او جرحه، وهو يتباهى بذلك، ويزعم ان الرسول قد نهاه حتى عن قتل المشركين! سهيل بن عمرو مشرك، وابو جندل مسلم، اقترح عمر على ابى جندل ان يقتل سهيل‏بن عمرو وشجعه على ذلك فقال له ابو جندل: ما لك لا تقتله انت؟ فقال عمربن الخطاب: نهانى رسول الله عن قتله وقتل غيره(1282)؟!!.

 وعمر يعتبر القتل عيبا بالرجل حتى ولو كان فى سبيل اللّه! قال يوما لابن عباس: (ان الامر كان لعلى بن ابى طالب فزحزحوه عنه لحداثه سنه وللدماء التى عليه)(1283).

 واذا اشتد القتال كان عمربن الخطاب يولى الادبار ويهرب حرصا على الحياه التى وهبها اللّه له فقد هرب مع عثمان يوم احد(1284)، وانهزم عمر يوم حنين(1285)، وانهزم يوم خيبر(1286)، ولم يكن لعمر اى دور فى معركه الخندق.

 حتى ان رسول الله كلف عمر بن الخطاب ان ينقل رساله شفهيه لبطون قريش مفادها ان الرسول لم يات لحرب انما جاء معتمرا، فرفض عمر ان يذهب خشيه ان تقتله قريش، لانه لا احد من بنى عدى يحميه(1287)!! وبمعنى مختصر: ان بطون قريش لم تكن تكره عمر ولم تحقد عليه، لانه لم يثبت اطلاقا ان عمر خلال عمره كله قد قتل مشركا او جرحه، ولم تقتل بنو عدى مشركا او يقتل منها احد، فاذا كانت بطون قريش لا تحب الرجل فانها لا تكرهه، فهو شخص عادى لا يقدم ولا يوخر، كل ما فى الامر انه اعتنق الاسلام كما اعتنقه العديد من ابناء بطون قريش، وزوج محمدا ابنته حفصه، فصار صهره.

 ولم يكن عمر بن الخطاب شخصا مميزا فى الصحابه سوى بصهره من رسول الله، فلقد امر رسول الله عمرو بن العاص عليه وعلى ابى بكر فى غزوه ذات السلاسل(1288).

 وتامير عمرو بن العاص على الاثنين له دلالات كبيره يمكنك فهمها، خاصه وان عمرو معروف دينه، وقد هاجر بعد صلح الحديبيه مع خالد بن الوليد.

 وابعد من ذلك فان رسول الله قد امر اسامه بن زيد على ابى بكر، وعمر بن الخطاب، وابى عبيده وامثالهم(1289).

 

عمر لم يستمد قوته من تاريخه:

فليس لعمر موقع اجتماعى بارز فى بطون قريش، وليس له تاريخ حربى حافل، اذ لم يقتل او يجرح اى مشرك قط.

 انما كان مسلما عاديا لمع اسمه، وتالق نجمه بمصاهرته لرسول الله، حيث زوج رسول الله ابنته حفصه، ومن هنا كانت بطون قريش حياديه وخاليه الذهن من جهته، فان احبته تحبه لان احد افراد بطون قريش، وليس هنالك ما يوجب كراهيه البطون لعمر.

 

عمر والمنافقون:

تابع المنافقون بشغف بالغ معارضات عمر بن الخطاب المتكرره لرسول الله، واعتراضاته عليه، وقد احيطوا علما بارتيابه، وسمعوا مقالته يوم الحديبيه: (لقد ارتبت ارتيابا لم ارتبه منذ اسلمت الا يومئذ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعه تخرج عنهم رغبه عن القضيه لخرجت)(1290)، وقد اعترف عمر بذلك فقال: (فما اصابنى قط شى‏ء مثل ذلك اليوم، ما زلت اصوم واتصدق من الذى صنعت مخافه كلامى الذى تكلمت يومئذ).

 

الواقعه التى استقطبت ولاء المنافقين لعمر:

لقد اطمئن المنافقون الى عمر واحبوه حبا شديدا من يوم الرزيه، وهو اليوم الذى حال فيه عمر وحزبه بين الرسول وبين كتابه ما اراد.

 وبالرغم من خطوره هذه الحادثه، وانها قد غيرت مجرى التاريخ الا ان المسلمين يمرون عليها مر الكرام، ولا يتوقفون عندها، مع ان ابا بكر قد كتب وصيته وهو مريض ولم يعترض عليه احد، ولم يقل له احد انه قد هجر مع ان عمر كان موجودا، ومع ان عمر نفسه قد كتب وصيته وهو مريض ولم يعترض عليه احد، ولم يقل عنه احد انه قد هجر، وكل خليفه من الخلفاء كتب وصيته وهو على هذه الحاله، ولم يعقه احد او يكسر بخاطره احد، ولم يقل احد بانه قد هجر؟! لماذا يعترض عمر وحزبه على رسول الله؟! ولماذا حالوا بينه وبين كتابه ما اراد وكسروا خاطره الشريف؟! وما يعنينا ان هذه الواقعه الاليمه انتشرت بنفس الليله فى المدينه وما حولها، ورقص المنافقون من حول المدينه ومن مردوا على النفاق داخل المدينه فرحا بما فعل عمر، واعتبروا عمر بن الخطاب بطلا لانه قد تجرا هو ورجاله على الدخول الى منزل النبى ومواجهته، ومنعه من كتابه ما اراد، وقوله للنبى: انت تهجر! وعلم المنافقون ان عمر قد صد الرسول عن العهد لعلى بن ابى طالب، وعلى هذا عدوهم يبغضونه كما يبغضون النبى، ويكرهونه كما يكرهون النبى، وقد شاع بين المسلمين ان المنافقين كانوا يعرفون ببغضهم لعلى، وقد نص الشارع الحكيم على ذلك ايضا بانه: (لا يحب على الا مومن، ولا يبغضه الا منافق).

 والخلاصه: ان هذه الواقعه او المواجهه التى حدثت بين الرسول من جهه، وبين عمر وحزبه من جهه ثانيه فى بيت الرسول، قد رفعت اسهم عمر بن الخطاب عند المنافقين الى القمه، ومن ذلك التاريخ لم يرو راو قط ان احدا من المنافقين قد عارض عمر، او تخلف عن دعوته لاى امر من الامور.

 كان المنافقون دائما فى صف عمر، ومع ابى بكر من اجل عيون عمر، فلم يرو مورخ قط ان اى منافق قد تاخر عن بيعه ابى بكر او عمر او عثمان، او معاويه او اى خليفه من خلفاء التحالف!! والخلاصه: ان عمر بن الخطاب مدين بجزء كبير من قوته ونفوذه ووجوده للمنافقين!!

 

ثم احبت بطون قريش الـ ‏23 ابنها البار عمر بن الخطاب:

ولماذا لا تحبه بطون قريش، فلم يثبت خلال الحرب الدمويه التى جرت بين الرسول وبين بطون قريش ان عمر بن الخطاب قد قتل مشركا قط، او جرحه سواء اكان من بطون قريش او من غيرها، فليس لبطون قريش ثارات عند عمر، ثم ان البطون كانت على علم بمعارضات عمر للرسول، وسمع الطلقاء بمواجهات عمر المستمره للرسول، وخاصه المواجهه الاخيره للرسول فى بيته، وتاكدت البطون من معارضه عمر التامه لجعل النبوه والخلافه فى بنى هاشم(1291)، وهى على علم بشعار عمر: (النبوه لبنى هاشم والخلافه للبطون)، وهى على علم بجهود عمر الحثيثه لتوحيد المهاجرين من ابناء البطون مع طلقائها وتكوين جبهه موحده من الفريقين لمواجهه آل‏محمد، وكلما يريده عمر هو ان يثبت لبطون قريش انه ليس المبرطش الذى عرفوه فى الجاهليه، انما اصبح رجلا عظيما فى الاسلام، وبامكانه ان يلعب دورا تاريخيا ان ساعدته البطون، وقد وثقنا كل ذلك.

 

وأحبت المرتزقه من الاعراب عمر بن الخطاب ايضا:

لقد احب المرتزقه من الاعراب عمر بن الخطاب حبا جما، واعطوه مقادتهم بلا تردد لانهم اكتشفوا ان المستقبل لعمر، وان الاموال ستكون بيد عمر وحزبه، ولما اعطاهم عمر اشاره وطلب مساعدتهم سارعت المرتزقه من الاعراب لتلبيه اشاره عمر ودعوته، وحضرت الى المدينه حتى ضاقت بهم السكك قال الطبرى: (ان اسلم اقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا ابا بكر، فكان عمر بن الخطاب يقول: ما هو الا ان رايت اسلم فايقنت بالنصر)(1292)، وقال الزبير بن البكار فى الموفقيات بروايه ابن ابى الحديد(1293): (فقوى بهم ابو بكر ولم يعنيا حتى جاءت اسلم والظن ان يكون ذلك يوم الثلاثاء).

 والسوال الذى طرحناه ونطرحه هو كيف علم ان بطون اسلم ستحضر؟، وكيف تيقن انها معه ومع الانقلابيين؟ وكيف جزم انهم سيبايعون ابا بكر؟ وكيف ايقن انهم سينصرونه؟ (فايقنت بالنصر) والموكد الوحيد ان هنالك اتفاق مسبق بينه وبينهم، على موعد محدد، وعلى هدف محدد.

 

السر الحقيقى فى قوه الرجل:

السر الحقيقى فى قوه الرجل يكمن فى التحالف الذى انشاه، او بالحزب الذى اسسه، ومن قيادته لهذا التحالف او الحزب، حيث ان عمر كخطوه اولى وحد بطون قريش المهاجر منها والطليق لهدف محدد وهو الحيلوله بين الهاشميين وبين ان يجمعوا مع النبوه الخلافه بعد وفاه النبى(1294)، بمعنى ان وحده البطون موجهه ضد البطن الهاشمى للحيلوله بين على وبين حقه بالولايه من بعد النبى، تماما كما حاولوا ان يحولوا بين النبى وبين حقه الالهى بالرساله.

 وكخطوه ثانيه اقام عمر علاقات وثيقه مع المنافقين، فوافقوه بدون تردد، لان المنافقين يكرهون محمدا وعليا، ويكرهون آل محمد فسلم المنافقون له المقاده، واتحدوا مع بطون قريش لتحقيق ذات الغايه.

 وكخطوه ثالثه وطد عمر علاقاته بالاعراب والمرتزقه من القبائل خارج المدينه، ومطمع المرتزقه وهمهم الوحيد هو المغانم والمنافع الماديه، وقدروا ان الرجل سيغلب هو وحزبه لذلك اطاعوه.

 

وهكذا اسس عمر حزبه:

وهكذا اقام عمر حزبا او تحالفا مكونا من 1-بطون قريش مهاجرها وطليقها، 2-ومن المنافقين من اهل المدينه ومن حولها من الاعراب، 3-ومن المرتزقه من الاعراب الموالين لمن يدفع لهم او يعدهم بالدفع.

 لغايه محدده، وواضحه وهى صرف الامر عن على بن ابى طالب والحيلوله بين اهل بيت النبوه وبين اى دور مميز فى قياده الامه.

 وزياده فى الاطمئنان ورط قاده التحالف الكثير من الانصار، وهكذا تحددت معالم المواجهه من بعد النبى.

 1- ففى جانب يقف آل محمد برئاسه على بن ابى طالب ومعهم قله قليله من المومنين الصادقين الذين يجهلون خيوط الموامره، 2-وفى الجانب الاخر التحالف المكون من بطون قريش، والمنافقين، والمرتزقه من الاعراب ومن تورط معهم من الانصار.

 

وعلى قمه هذا الهرم جلس عمر بن الخطاب:

وتسلم عمر بن الخطاب عمليا رئاسه التحالف او الحزب، وجمع بين يديه خيوط القوه كلها، واخذ يواجه آل محمد بالطريقه التى يريدها وهو مستند الى جدار قوى من القوه والمنعه، وكيف ما فعل عمر ب‏ال محمد، فلن يجد منكرا او مستنكرا، فلو هدد عمر عليا بالقتل فالحزب يسكت، ولو هم باحراق بيت فاطمه فالحزب يسكت، والسكوت فى معرض الحاجه الى البيان بيان، ومن هنا صار عمر هو الناطق الرسمى باسم التحالف، وهو واجهه التحالف، وهو الذراع الذى يبطش به التحالف بال محمد، وهو القائد الذى يقود التحالف الى هدفه المحدد وهو تحجيم آل محمد، والحيلوله بينهم وبين قياده الامه.

 هذا هو سر قوه عمر بن الخطاب.

 لقد رتب عمر اموره خلال مده طويله وبترو، حتى اذا مرض النبى انقض على داره وواجهه تلك المواجهه الاليمه، وبعد موت النبى صب جام غضبه على على بن ابى طالب وعلى اهل بيت النبوه، وجردهم من كافه حقوقهم السياسيه والماليه كما وثقنا.

 وجعلهم سوقه يطمع فيهم الضعيف، ويتعزز عليهم الذليل..

 كما قال الامام(1295).

 وحاول عمر ان يعدل شرع اللّه، ويتصرف بالسنه النبويه على الوجه الذى يريده ظانا انه سيد الجميع، وفوق الجميع، لان خيوط القوه قد تجمعت بين يديه، وافقدته توازنه، فصار يعتقد ان رايه الشخصى واجتهاده اقرب للصواب من حكم رسول الله!! -كما سنوثق ونثبت ذلك فى حينه-، وهذه هى مكامن القوه والضعف فى ذات الرجل الذى غير التاريخ، وقلب الامور راسا على عقب.

 

الفصل الخامس

قاده التحالف خططوا لعزل اهل بيت النبوه

وتحجيمهم وخلق حاله من المواجهه الدائمه معهم القناعه المطلقه

 

لسوء الحظ ان قاده التحالف وعلى راسهم عمربن الخطاب، قد اقتنعوا قناعه مطلقه لا تقبل المناقشه، بان النبوه وحدها تكفى البطن الهاشمى، ولا ينبغى تحت اى ظرف من الظروف ان يجمع الهاشميون مع النبوه الخلافه، لان جمع الهاشميين للنبوه مع الخلافه اجحاف صارخ بحق البطون القريشيه الاخرى!! على حد تعبير عمر بن الخطاب.

 والاصابه والتوفيق يتحققان عن طريق اربعه مبادى‏ء: المبدا الاول: اعطاء النبوه لبنى هاشم فكل بطون قريش قد اعترفت بنبوه محمد الهاشمى.

 المبدا الثانى: اعطاء الخلافه لبطون قريش تتداولها فى ما بينها.

 المبدا الثالث:ابعاد الهاشميين عن مراكز الدوله والوظائف العامه من باب سد الذرائع حتى لا يستغل الهاشميون مناصبهم ومع الايام يستولون على الخلافه(1296)، وجاء فى الامامه والسياسه لابن قتيبه(1297) ان عبد الرحمن بن عوف قال لعلى: (عليك عهد اللّه وميثاقه لتعملن بكتاب اللّه وسنه رسوله وسيره الشيخين وان لا تولى احدا من بنى هاشم!!.

 المبدا الرابع: وفى سبيل توحيد الناس ضد بنى هاشم عدلت هذه النظريه فى ما بعد، وراى قاده التحالف انه لا باس من ان يتولى الانصار الخلافه، فقال عمر: لو كان معاذ بن جبل حيا وليته واستخلفته، ومعاذ هذا من الانصار، وكان من غير الجائز براى عمر ان يتولى الانصار الخلافه.

 ولا باس ايضا من ان يتولى الموالى الخلافه، قال عمر بن الخطاب: (لو كان سالم مولى ابى حذيفه حيا وليته، (وسالم من الموالى ولا يعرف له نسب فى العرب)(1298).

 

النجاحات المتتابعه لعمر بن الخطاب وحزبه:

نجح سادات البطون بتوحيد قريش مهاجرها وطليقها ضد على وضد اهل بيت النبوه، مثلما نجحوا بالتحالف مع المنافقين والمرتزقه من الاعراب ومثلما نجحوا بتوريط اكثريه الانصار بهذا التحالف وتكوين جبهه متحده منهم جميعا ومتفقه على صرف الخلافه عن على وعن اهل بيت النبوه، ونجح قاده التحالف بمواجهه الرسول فى بيته والحيلوله بينه وبين كتابه ما اراد(1299).

 وبعد ذلك نجحوا بتنصيب اول خليفه للنبى فى غياب على واهل بيت النبوه(1300).

 ونجح قاده التحالف بمحاوله حرق بيت فاطمه على من فيه، وفيه: على وفاطمه وحسن وحسين دون اى معارضه او استنكار من مهاجر او طليق او انصارى(1301).

 ونجح قاده التحالف برئاسه عمر بن الخطاب فى تهديد على بالقتل دون اى معارضه او استنكار من مهاجر او طليق او انصارى(1302).

 ونجح قاده التحالف بتجريد على واهل بيت النبوه من ممتلكاتهم، فحرموا اهل البيت من تركه الرسول ومن ارثه(1303)، وورثه ابو بكر دون الناس وصار ابو بكر هو وارثه الوحيد حسب ترتيباتهم الجديده(1304).

 وهكذا استولى قاده التحالف على كل تركه رسول الله دون منكر بيد او بلسان من كل المهاجرين والانصار!! وبعد ان صادر قاده التحالف تركه الرسول وحرموا اهل البيت منها نجحوا ايضا بمصادره المنح التى اعطاها الرسول لهم حال حياته كفدك(1305)، ولم ينكر على قاده التحالف منكر، لا من المهاجرين ولا من الانصار، وبعد ذلك نجحوا بمصادره سهم ذوى القربى الوارد ب‏ايه محكمه، وحرموهم من حقهم بالخمس(1306)، ولم ينكر على قاده التحالف منكر لا من المهاجرين ولا من الانصار.

 ونجح قاده التحالف بعزل على بن ابى طالب عن الناس جميعا، فقد ذهب: على وفاطمه والحسن والحسين الى بيوت الانصار بيتا بيتا طالبين النصره فلم يجبهم احد(1307).

 قال اليعقوبى فى تاريخه(1308) واجتمع جماعه الى على بن ابى طالب يدعونه للبيعه فقال لهم على: اغدو على محلقين رووسكم فلم يغد عليه الا ثلاثه!! ولتعلم حجم الضغط والاستقطاب ضد على واهل بيت النبوه، ان عمر وحزبه تجاهلوا بالكامل البيان النبوى الذى نص على امامه على من بعد النبى، فلم ينكر عليهم منكر، وهدد عليا بالقتل فلم ينكر منكر تماما كيوم تامرت البطون على قتل النبى!! وتم تجريد اهل بيت النبوه من ممتلكاتهم فلم ينكر منكر تماما مثلما اتفقت بطون قريش على حصار ومقاطعه النبى وبنى هاشم.

 واحضر عمر بن الخطاب الحطب وقبس من النار وهم ان يحرق بيت فاطمه على من فيه وفيه اهل البيت وبنو هاشم!! ولم ينكر منكر لا بيد ولا بلسان، لقد رمى قاده التحالف اهل البيت بسهم واحد!!

 

وهكذا صار قاده التحالف ومن والاهم فى جهه وعلى واهل بيت النبوه فى جهه اخرى:

لقد نجح قاده التحالف نجاحا ساحقا بابتزاز حق اهل بيت النبوه بالقياده(1039) ونجحوا بعزلهم عن القاعده الشعبيه فلم ينصرهم او ينتصر لهم اى واحد من الانصار(1310)، ولم يكن مع اهل البيت عمليا من الناس الا ثلاثه(1311).

 مما يعنى ان قاده التحالف ومعهم المجتمع كله رغبه او رهبه صاروا فى جهه وعلى واهل بيت النبوه وبنى هاشم وبنى المطلب صاروا فى الجهه الاخرى، تماما بنفس وضع النبى عندما اعلن عن النبوه، وبوضعه عندما قررت بطون قريش محاصره ومقاطعه بنى هاشم!!!

 

الحل الامثل والاستقطاب:

الحل الذى ارتئاه الولى على بن ابى طالب هو الحل الذى رآه النبى عندما اجتمعت بطون قريش ومن والاها على مقاطعته ومحاصره النبى وبنى هاشم، وهو الصبر، والبحث عن الاعوان، ولكن الاعوان الذين يريدهم على اعوان من نوع خاص اعوان يلتزمون بالشرعيه الالهيه بدقه متناهيه بالمعنى الذى بسطناه فى فصل (نماذج من مواجهه النظام للشرعيه الالهيه)، وهكذا جرت ضروره اعاده تنظيم وتعبئه المتشيعين لعلى بن ابى طالب واهل بيت النبوه، فبدا الامام بالاستقطاب العلمى حول الشرعيه، وبدا تنظيم التشيع، واخذ الامام يستقطب وبهدوء حوله وحول الشرعيه التى يمثلها، وبدات بذره التشيع تنمو من جديد.

 

عمر بن الخطاب يحتاط ويجذر المواجهه الى يوم الدين:

تيقن عمر بن الخطاب انه قد استطاع ان يجرد اهل بيت النبوه من كافه ممتلكاتهم، وان يعزلهم عزلا كاملا عن الناس.

 ولكن رجلا له همه عمر، ومشاعره نحو على واهل بيت النبوه لا يقنعه ذلك ولا يكتفى به، فلدى الهاشميين دائما القدره على الخروج من بين الانقاض والبناء من جديد، لذلك اراد عمر ان يجذر المواجهه بين اهل بيت النبوه وبين المسلمين، وان يرسى قواعدها بحيث تصبح مواجهه المسلمين لاهل بيت النبوه ناموسا من نواميس الحياه تنقضى الحياه نفسها قبل ان تنقضى المواجهه، ويجب ان تكون الاجراءات التى يتخذها عمر بن الخطاب لترشيد المواجهه مع اهل بيت النبوه حاسمه وقويه بحيث يكون اهل بيت النبوه دائما هم الطرف الخاسر فى هذه المواجهه، وبحيث يبقى المسلمون فى جهه واهل البيت فى الجهه الاخرى.

 

خطط عمر لتجذير المواجهه ودوامها:

وضع عمر بن الخطاب بالتعاون مع قياده التحالف مجموعه من الخطط لتجذير المواجهه مع اهل بيت النبوه وجعلها حاله دائمه.

 الخطه الاولى: القرابه من النبى: لما واجه عمر بن الخطاب وحزبه رسول الله فى بيته، تجاهل عمر وجود الرسول، ووجه كلامه للحاضرين فقال: (ان النبى يهجر، حسبنا كتاب اللّه)(1312).

 فى سقيفه بنى ساعده، تجاهل عمر وجود اهل بيت محمد، كما تجاهل محمد فى بيته، واحتج بحجه اهل بيت النبوه وهى القرابه من رسول الله فقال: (.. العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم، من ينازعنا سلطان محمد ونحن اهله وعشيرته)!! وقال ابو بكر: (ان المهاجرين هم عشيره النبى وهم الاولى به..)، هنالك اجماع بين المورخين على صحه هذين القولين(1313).

 انت تلاحظ ان قاده التحالف تجاهلوا وجود اهل بيت النبوه واحتجوا بحجه اهل البيت وهى القرابه.

 قال الامام ابو جعفر الصادق: (تمالات علينا قريش حتى اخرجت الامر من معدنه، واحتجت على الانصار بحجتنا..)(1314).

 فى دمشق استقبل المنهال بن عمرو الصحابى، على بن الحسين بن على عليهم السلام فقال له: (كيف امسيت يا ابن رسول الله؟)، فقال على‏بن الحسين (عليه السلام): (امسينا كبنى اسرائيل فى آل فرعون، يذبحون ابناءهم ويستحيون نساءهم.

 يا منهال امست العرب تفتخر على العجم بان محمدا منهم، وامست قريش تفتخر على سائر العرب بان محمدا منها، وامسينا اهل بيت محمد ونحن مغصوبون مظلومون، مقهورون، مثبورون، مطردون، فان للّه وانا اليه راجعون على ما امسينا فيه يا منهال)(1315).

 ومن النوادر المفجعه حقا، انه عندما ذهب امراء الشام الى ابى جعفر العباسى اقسموا له باللّه، وبطلاق نسائهم، انهم لا يعلمون ان كان لرسول الله اقارب!! وهم يظنون ان اقاربه هم بنو اميه!! لقد احتج عمر وحزبه بحجه اهل البيت، وصوروا للناس انهم اقارب محمد، واتفقت بطون قريش كلها على بنى هاشم، وصوروا الهاشميين بصوره الابن العاق للعشيره، وصوروا ابتزازهم لحق اهل بيت النبوه بصوره الخلاف العائلى.

 وبلغ الاستهتار بقريش حدا انها منعت اهل بيت النبوه حقهم بالخمس بحجه ان قريش كلها قرابه -كما وثقنا-.

 وهكذا اخذ عمر وقاده التحالف حجه القرابه من رسول الله ودعموها بنصوص تفيد بان الائمه من قريش كما هو مشهور عند القوم، وبما ان حكام الاقاليم هم البارزون فهم عمليا قرابه الرسول الوحيده.

 الخطه الثانيه: تداول الخلافه بين البطون وفتح شهيه الجميع لها: وليجعل عمر بن الخطاب للجميع مصلحه بالوقوف ضد اهل بيت النبوه ومواجهتهم واستبعادهم عن الحياه السياسيه عين ابا بكر ليكون اول خليفه من خلفاء التحالف، وابو بكر من بنى تيم، وصار عمر بن الخطاب هو الخليفه الثانى وهو من بنى عدى، وعين عثمان بن عفان خليفه من بعده وهو من بنى اميه المشهورين بحقدهم على على وعلى الهاشميين لانهم وتروهم.

 وفتحت شهيه الانصار للخلافه عندما صرح: (بانه لو كان معاذ بن جبل حيا وليته واستخلفته)(1316).

 وفتح شهيه الموالى للخلافه عندما صرح: (بانه لو كان سالم مولى ابى حذيفه حيا وليته واستخلفته)(1317)، وسالم هذا من الموالى ولا يعرف له نسب فى العرب!! وهكذا طمع الجميع بمنصب الخلافه وطيب خاطر الجميع.

 فصارت الامه كلها تنافس آل محمد على منصب الخلافه!! وهذا هو السر فى قدره عمر على التدبير والتخطيط!!

 

اقتسام المناصب والولايات:

حسم عمر خلافه سريعا مع ابى سفيان الذى كما يبدو كان خارج اللعبه واعطاه ما بيده من الصدقات وفيها حق الفقراء والمساكين(1318)..

 وعين يزيد بن ابى سفيان قائدا لجيوش الشام، وعين اخاه معاويه نائبا له، فارتاحت نفس ابى سفيان، وشعر الامويون ان لهم مصلحه فى النظام، وانهم شركاء واخذوا يتحينون الفرص للاستيلاء على السلطه كلها، اذ من غير المعقول ان يكون الامر باذل حيين من قريش -على حد تعبير ابى سفيان(1319).

 وترك عمر معاويه واليا على الشام يجمع كيفما شاء، ويعمل بما شاء دون رقيب ولا حسيب، وولايه الشام من اعظم الولايات، ولعل عمر بن الخطاب كان يعد معاويه ليتسلم قياده التحالف فى ما بعد، لقياده المواجهه ضد اهل بيت النبوه.

 كان ابو سفيان ومعاويه والامويون عامه قوم موتورون وترهم الهاشميون وعلى بالذات، ومن المحال عقلا ان يحب الامويون بنى هاشم.

 كما وسلم عمر بن الخطاب عمرو بن العاص بلاد مصر وجزءا كبيرا من فلسطين، وعمرو بن العاص موتور وتره الهاشميون وعلى بالذات، ومن المحال عقلا ان يحبهم.

 وجعل خالد بن الوليد علما من الاعلام، وخالد موتور من بنى هاشم، ومن المستحيل على بطن خالد وخالد ان يحبوا عليا وبنى هاشم، ثم طيب عمر خاطر بنى مخزوم بقوله: (لو كان خالد بن الوليد حيا وليته واستخلفته)(1320).

 وولى المغيره بن شعبه الجزء الاكبر من العراق، والمغيره بن شعبه مشهور بكرهه لبنى هاشم.

 

واغرق اصحاب الخطر بالعطايا والصلات:

بعدان الغى عمر سنه رسول الله التى تساوى بين الناس فى العطاء واحل رايه الشخصى الذى يفاضل بين الناس فى العطاء محلها(1321)، صار عمر يتصرف بمال المسلمين على الوجه الذى يريده، فاعط‏ى اصحاب الخطر من الناس وروسائهم العطايا الجزيله والصلاه العظمى، واعط‏ى روساء الانصار ورجالات قريش واصحاب النفوذ فيهم، وروساء القبائل اعطيات تفوق التصور والتصديق فعائشه ام المومنين نصيبها 12 الفا وحفصه 12 الفا وكل واحده من امهات المومنين عشره آلاف، وصار طلحه والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعدبن ابى وقاص وعمرو بن العاص وابو سفيان وغيرهم من اصحاب الحظوه عنده، وهم اصحاب الخطر الذين تحولوا بقدره قادر الى اصحاب ملايين، فطابت نفوسهم، ورضوا بما اعطوا، وشعروا بالفعل انهم شركاء فى النظام، وان حالهم افضل من حال قائد التحالف عمر بن الخطاب الذى الزم نفسه بنمط متواضع من مستوى المعيشه، وصارت من مصلحه هولاء جميعا ان تكون القياده بيد التحالف لا بيد اهل بيت النبوه.

 

تجاهل عمر بن الخطاب للامام وتصغير منزلته الرفيعه علنا:

لما طعن عمر بن الخطاب، واخذ يتلوى من سكرات الموت، تجاهل تماما وجود الامام على بن ابى طالب فتمنى ان يكون ابو عبيده حيا حتى يوليه الخلافه، وتمنى ان يكون سالم مولى ابى حذيفه حيا ليوليه الخلافه، وتمنى ان يكون معاذ بن جبل حيا حتى يوليه الخلافه، بل وتمنى ان يكون خالد بن الوليد حيا حتى يوليه الخلافه، واكتشف بانهم اموات(1322).

 فعندما يقدم عمر بن الخطاب هولاء على ولى اللّه بالنص وقائد الامه بالنص وامام المتقين بالنص وسيد العرب بالنص وسيد المسلمين بالنص، فانه يحقر الامام على بن ابى طالب علنا، ويصغر من منزلته، ويهون امره امام الامه، لقد اكتشف الامام على ذلك فقال يوما متوجعا شاكيا: (اللهم انى استعينك على قريش ومن اعانهم فانهم قطعوا رحمى، وصغروا عظيم منزلتى، واجمعوا على منازعتى امرا هو لى)(1323)..

 وقال مره: (اللهم انى استعديك على قريش ومن اعانهم فانهم قطعوا رحمى، واكفاوا انائى واجمعوا على منازعتى حقا كنت اولى به من غيرى)(1324)..

 لست ادرى باى موازين يتقدم خالد بن الوليد الذى غير مجرى معركه احد لصالح المشركين على على بن ابى طالب الذى قتل حمله رايات المشركين يوم احد وحمى النبى وانقذ المسلمين من هزيمه ساحقه!!بل كيف يتقدم عمر نفسه على على بن ابى طالب مع ان عمر هناه بالاماره يوم غدير خم!! كانت تلك محاولات متعمده لتهيئه الامور وتصغير منزله على باعين المسلمين!! نفس على الذى اثبتنا بالنصوص الشرعيه القاطعه بانه خيره اللّه من خلقه لخلافه النبى!!

 

خمسه اسافين ينافسون عليا على الخلافه وذرياتهم تنافس ذريه على:

كان على بن ابى طالب يتنافس مع ابى بكر وحده، وموقن بانه الاولى منه بالخلافه، فاخذ ابو بكر الخلافه بالصوره التى بيناها آنفا، وهو على فراش الموت عهد بالخلافه لعمر بن الخطاب الذى ورث دوله مستقره، وامه مروضه مطيعه، ولما طعن عمر واشرف على الهلاك، فاجا الناس بقوله: بان الخليفه واحد من سته: على بن ابى طالب، عثمان‏بن عفان، عبد الرحمن‏بن عوف، سعد بن ابى وقاص، طلحه بن عبيد اللّه، الزبيربن العوام!! وقال عمر: (هولاء النفر الذى توفى رسول الله وهو راض عنهم)(1325).

 مثلا لقد كان الرسول راضيا عن الحسن والحسين عندما مات، وكان راضيا عن سعد بن عباده لماذا لم يدخلهم عمر!! لقد كان الرسول ساخطا على عمر عندما توفى، وكيف لا يسخط عليه وقد قال له: انت تهجر، ولا حاجه لنا بوصيتك(1326)!!، وكيف لا يكون ساخطا عليه وقد حال بينه وبين كتابه ما اراد.

 وهكذا اخرج عمر للمسرح خمسه اشخاص دفعه واحده ينافسون الامام على على الخلافه، ورفع مستواهم الى مستوى الامام وهبط بمنزله الامام الى منزلتهم.

 وفى كل وقت يطلب فيه الامام الامامه، سينهضون بوجهه ويقولون له: نحن اولى منك يا على فما انت الا واحدا من سته حسب ترتيبات امير المومنين عمر بن الخطاب!!، واولادهم سينافسون اولاد على وهكذا نجح عمر باقامه حاله من المواجهه الدائمه مع هولاء السته.

 

عمر بن الخطاب يعين عثمان خليفه له، والشورى شكل وديكور!!

خليفه عمر معروف قبل ان يطعن عمر، ومعروف من زمن ابى بكر، لما مات ابو عبيده صار عثمان بن عفان هو الرجل الثالث فى التحالف، فاصطفاه ابو بكر واصطفاه عمر ولم يخرج عثمان عن رايهما خلال حياتهما قط.

 ولم يذكر ان عثمان قد عارض الاثنين قط، وكان عثمان اول زعيم من زعماء المهاجرين يبايع ابا بكر فلما بايع عثمان ابو بكر، بايعه بنو اميه(1327).

 وكان عثمان يدعى فى اماره عمر بالرديف، والرديف بلغه العرب هو الرجل الذى ياتى بعد الرجل والعرب تقول ذلك للرجل الذى يرجونه بعد زعيمهم.

 راجع نظام الحكم للقاسمى كما نقلها عن الطبرى من ابتداء معركه القادسيه.

 اذا فتلك حقيقه مطلقه ان الثلاثه الذين دخلوا السقيفه قد خرجوا من السقيفه معا مثلما دخلوها معا ورتبوا ان يكون ابو بكر الخليفه الاول، وان يكون عمر الخليفه الثانى، وان يكون ابو عبيده الخليفه الثالث وبموت ابى عبيده وقع اختيار عمر على عثمان لانه من بنى اميه حتى يضمن ان يكون خصم على واهل البيت قوى وقادر على الحاق الهزيمه بهم.

 ومن يدقق بالشروط التى وضعها عمر يكتشف ان عثمان معين بالنص عليه من عمر(1328).

 

راى عمر بالخمسه الذين جعلهم اقرانا لعلى:

قال عمر بن الخطاب لابن عباس: (لا ادرى ما اصنع بامه محمد؟)، فقال له ابن عباس: (لم تهتم وانت تجد من تستخلفه؟)، قال عمر: (اصاحبكم يعنى عليا)، قلت: (نعم، هو اهل لها فى قرابته من رسول الله وصهره وسابقته وبلائه)، فقال عمر: (ان فيه بطاله وفكاهه)!! قلت: (فاين انت من طلحه؟) قال عمر: (ابن الزهو والنخوه!!) قلت: وعبد الرحمن بن عوف قال: (رجل صالح على ضعف!) قلت: (فسعد؟) قال: (صاحب مقنب وقتال!! لا يقوم بقربه لو حملها.

 قلت: (الزبير) قال: (مومن الرضى، كافر الغضب شحيح!!) قلت: (عثمان؟) قال: (لو وليها لحمل بنى معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه(1329)).

 وفى لفظ آخر انه قال عن طلحه: (انفه فى السماء واسته فى الماء)!!

 

لو ادرك عمر رجلين ما جعلها شورى!!!

قال عمر: لو ادركت احد رجلين فجعلت هذا الامر اليه (سالم مولى ابى حذيفه، وابى عبيده الجراح، ولو كان سالم حيا ما جعلتها شورى)(1330).

 ان كره عمر بن الخطاب للامام على ولاهل البيت افقده بصره وذاكرته!! فهو لا يريد ان يرى النصوص الشرعيه التى بينها النبى، ولا يريد ان يتذكر انه قد هنا الامام بالاماره فى خم كما وثقنا ذلك اكثر من مره.

 

تعليمات عمر للشورى:

امر عمر اصحاب الشورى، ان يتشاوروا فى امرهم ثلاثا، فاذا اجتمع اثنان على رجل، واثنان على رجل، رجعوا فى الشورى.

 فاذا اجتمع اربعه على واحد واباه واحد كانوا مع الاربعه.

 فان كانوا ثلاثه وثلاثه كانوا مع الذين فيهم ابن عوف(1331).

 وقال اليعقوبى(1332) فى تاريخه، والبلاذرى فى انساب الاشراف(1333): (اذا اجتمع راى اربعه فليتبع الاثنان الاربعه، واذا اجتمع راى ثلاثه وثلاثه فاتبعوا راى عبد الرحمن بن عوف فاسمعوا واطيعوا، وان صفق عبد الرحمن بن عوف باحدى يديه على الاخرى فاتبعوه)، وقال المتقى الهندى فى كنز العمال: (وان ضرب عبد الرحمن بن عوف احدى يديه على الاخرى فبايعوه)(1334).

 والموكد ان طلحه كان غائبا ولم يحضر المشاوره، فيكون بالضروره عثمان وعبد الرحمن بن عوف صهره، وسعد بن ابى وقاص ابن عمه فى جهه، والزبير وعلى فى جهه اخرى.

 فعثمان هو الناجح بالضروره، ثم ان الصلاحيات التى خولت لعبد الرحمن تدل بان عبد الرحمن سيفعل ما فعل، وبالنتيجه سيعهد عثمان لعبد الرحمن بن عوف!! فى ما بعد.

 لذلك قال على لعبد الرحمن: (حبوته محاباه، ليس هذا باول يوم تظاهرتم فيه علينا اما واللّه، ما وليت عثمان الا ليرد الامر اليك)(1335).

 الخطه الثالثه: طمس البيان النبوى واخفاوه: كل الاحاديث النبويه المتعلقه بقياده على من بعد النبى، وبالدور المميز لاهل بيت النبوه، طمست وتم تجاهلها تماما، فقد منعوا روايه وكتابه احاديث رسول الله واحرقوا المكتوب منها(1336)، وعند تولى معاويه الخلافه، اباح دم من يروى شيئا من فضل على‏بن ابى طالب او اهل البيت، وقاد حمله لوضع احاديث تناقض النصوص النبويه الوارده فى فضل على واهل بيت النبوه(1337).

 «وقد وثقنا ذلك وفصلناه‏»، وبعد ان استرد الناس بعض حريتهم كانت الاحاديث الصحيحه محروقه ومنسيه، والاحاديث المختلطه والمكذوبه بين ايديهم.

 

  1100- سوره يونس آيه ،109الاحزابر2.

  1101- سوره الانعام آيه ،50يونسر ،15الاحقافر9.

  1102- سنن الدارمى ،1/125وسنن ابى داود ،2/126ومسند  احمد ،2/162، 207، 216ومستدرك الحاكم ،1/105، 106وجامع  بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1/85.

  1103- صحيح البخارى كتاب الدعوات باب قول النبى من  آذيته، وصحيح مسلم كتاب البر والعق باب من لعنه النبى.

  1104- صحيح البخارى فى باب قوله وصل عليهم، وكتاب  الشهادات باب شهاده الاعمى ونكاحه، وصحيح مسلم كتاب  فضائل القرآن باب تعهد القرآن.

  1105- كتابنا نظريه عداله الصحابه ص 287وما فوق تجد  المراجع.

  1106- صحيح البخارى كتاب بدء الخلق باب صفه ابليس  وجنوده، وكتاب الطب باب هل يستخرج السحر، وراجع صحيح  مسلم باب السحر.

  1107- تاريخ الطبرى ،3/222وكتابنا نظريه عداله الصحابه  ص‏314.

  1108- تاريخ الطبرى 2/205، 222.

  1109- الامامه والسياسه لابن قتيبه ،1/8وتاريخ الطبرى 2/198،  2/266من شرح النهج.

  1110- كتابنا النظام السياسى فى الاسلام ص ،127وكتابنا  نظريه عداله الصحابه ص‏321.

  1111- الرياض النضره للطبرى 2/210نقلا عن مسند احمد فى  المناقب، وعد الكنجى الشافعى فى كفايه الطالب ص ،142وعن  مقتل الحسين للخوارزمى الحنفى 1/36.

  1112- سوره محمد آيه 9.

  1113- الكامل فى التاريخ لابن الاثير ،3/24وشرح النهج لعلامه  المعتزله ابن ابى الحديد ،3/107كما اخرجه ابو الفضل احمد بن  ابى الطاهر فى تاريخ بغداد راجع مجلد 2ص 97من شرح النهج،  12/53 ، 54شرح النهج تحقيق محمد ابو الفضل.

  1114- مروج الذهب للمسعودى 2/353 354.

  1115- الامامه والسياسه ص‏6.

  1116- تاريخ الطبرى ،2/198وشرح النهج لعلامه المعتزله ابن  ابى الحديد ،3/198وطبقات بن سعد ،2/128ومسند احمد  1/405.

  1117- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/6وما فوق.

  1118- الامامه والسياسه لابن قتيبه ،1/15وكتابنا النظام  السياسى فى الاسلام ص‏139 140.

  1119- صحيح البخارى كتاب المرض باب قول المريض قوموا  عنى ،7/9وصحيح مسلم آخر كتاب الوصيه ،5/75وصحيح  مسلم بشرح النووى ،11/95ومسند احمد 4/256ح  ،2992وراجع كتابنا نظريه عداله الصحابه ص 288تجد بقيه  المراجع‏وراجع قول عمر نفسه للرسول (انت تهجر حسبنا  كتاب اللّه) فى سر العالمين وكشف ما فى الدارين لابى حامد  الغزالى ص ،21وتذكره الخواص للسبط بن الجوزى ص  ،62وكتابنا نظريه عداله الصحابه ص‏289.

  1120- تذكره الحفاظ للذهبى 1/2 ، 3.

  1121- الطبقات لابن سعد 5/140.

  1122- شرح النهج لابن ابى الحديد 3/595شرح حسن تميم،  وكتابنا الخطط.

  1123- النص والاجتهاد للامام شرف الدين العاملى ص  508تجد المراجع.

  1124- تذكره الخواص للسبط بن الجوزى، ص ،62وراجع سر  العالمين وكشف ما فى الدارين لحجه الاسلام ابو حامد الغزالى  ص ،21وراجع على سبيل المثال صحيح البخارى ،7/9، 4/31،  1/37، 5/137، 2/132، 4/65 66وصحيح مسلم ،5/75،  2/16وصحيح مسلم بشرح النووى ،11/65، 11/94وتاريخ  الطبرى ،2/193، 192ومسند الامام احمد،بن حنبل ،1/2،  3/286وشرح النهج لعلامه المعتزله ،6/51وراجع تحليلنا  للمواجهه فى كتابنا نظريه عداله الصحابه والمرجعيه السياسيه  فى الاسلام ص 288وما فوق.

  1125- شرح النهج لعلامه المعتزله بن ابى الحديد ج 3ص  ،105وكتابنا النظام السياسى فى الاسلام ص‏142.

  1126- سوره التحريم آيه 4.

  1127- صحيح البخارى 3/136، 3/137.

  1128- الكشاف ،4/566وتفسير الرازى ،8/332والدر المنثور  للسيوط‏ى ،6/239، 342وتفسير القرطبى ،18/177، 188وفتح  الغدير للشوكانى ،5/250وتفسير ابن كثير 4/387، 388.

  1129- سوره التحريم آيه 4.

  1130- آداب النكاح من الاحياء 2/35لمحمد الغزالى، وذكره فى  مكاشفه القلوب باب 94ص‏237.

  1131- تفسير القرطبى ،18/202وفتح القدير للشوكانى 5/255.

  1132- صحيح مسلم كتاب الفتن باب الفتنه من المشرق  2/560، 18/31 33بشرح النووى.

  1133- الطبقات الكبرى لابن سعد 2/29بسند صحيح ط ليدن،  2/232طبعه دار صادر بيروت، وصحيح البخارى باب مرض  النبى ووفاته 5/139 140طبعه دار الفكر (ولكن البخارى حذف  لا تطيب لها نفسا بخير)، وراجع السيره الحلبيه 3/334.

  1134- مسند الامام احمد بن حنبل 6/113.

  1135- تاريخ اليعقوبى ،2/152وشرح النهج تحقيق ابى الفضل  ،6/215،216وتذكره الخواص ص ،61، 64وتاريخ الطبرى  ،4/407والكامل لابن الاثير /3ر206.

  1136- انساب الاشراف ص‏217.

  1137- الغدير للعلامه الامينى ج 9ص ،2والنص والاجتهاد  للامام العاملى ص‏436، 437.

  1138- مقاتل الطالبيين لابى فرج الاصفهانى ص ،43وكتاب  الجمل للشيخ المفيد 83 84.

  1139- مروج الذهب للمسعودى، والنص والاجتهاد للامام  العاملى 457 ، 458.

  1140- على سبيل المثال الامامه والسياسه لابن قتيبه  الدينورى 1/22.

  1141- تذكره الخواص للسبط بن الجوزى الحنفى ص ،62وسر  العالمين وكشف ما فى الدارين لابى حامد الغزالى ص‏21.

  1142- الطبقات لابن سعد 2/243 ، 244.

  1143- طبقات ابن سعد 2/243 ، 244.

  1144- صحيح البخارى كتاب المرض باب قول المريض قوموا  عنى ،7/9وصحيح مسلم فى آخر كتاب الوصيه ،5/75وصحيح  مسلم بشرح النووى ،11/95ومسند الامام احمد ،4/356ح  ،2992وصحيح بخارى ،4/31وصحيح مسلم ،2/16ومسند احمد  ،3/286و ،1/355وتاريخ الطبرى ،2/192والكامل لابن الاثير  ،2/320وتذكره الخواص للسبط بن الجوزى ص ،62وسر  العالميين وكشف ما فى الدارين لابى حامد الغزالى ص‏21.

  1145- شرح النهج لعلامه المعتزله ابن ابى الحديد 3/114سطر  27الطبعه الاولى مصر وبيروت، 2/79سطر 3بتحقيق ابو  الفضل، 3/802طبعه مكتبه الحياه، 3/167طبعه دار الفكر،  كتابنا نظريه عداله الصحابه.

  1146- تاريخ الطبرى ،3/429وسيره عمر لابن الجوزى ص  ،37وتاريخ ابن خلدون ،2/85وكتابنا النظام السياسى فى  الاسلام، ص‏159.

  1147- تاريخ الطبرى، ط اوروبا 1/2138.

  1148- الامامه والسياسه لابن قتيبه ،1/21 22والطبقات لابن  سعد ،2/364وكتابنا النظام السياسى فى الاسلام ص  ،119وكتابنا الخطط السياسيه لتوحيد الامه الاسلاميه ص‏367  ، 369.

  1149- الطبقات لابن سعد ،3/247وانساب الاشراف للبلاذرى  ،5/18وتاريخ الطبرى 5/33.

  1150- مقدمه ابن خلدون ص ،177وكتابنا الخطط السياسيه  لتوحيد الامه الاسلاميه ص 382وما فوق.

  1151- تاريخ ابن كثير ،10/7، 8وسنن ابى داود ،4/210  209الحديث ،4642ومروج الذهب للمسعودى ،3/147والعقد  الفريد لابن عبد ربه ،5/52، 5/51وتاريخ الطبرى 5/61حوادث  ،89وابن كثير ،9/76وكتابنا الخطط السياسيه لتوحيد الامه  الاسلاميه 385،387.

  1152- النص والاجتهاد ص‏327.

  1153- تذكره الخواص للسبط بن الجوزى ص ،62وسر  العالمين وكشف ما فى الدارين لابى حامد الغزالى ص‏21.

  1154- صحيح البخارى ،7/9، 4/31وصحيح مسلم آخر كتاب  الوصيه ،5/75وصحيح مسلم بشرح النووى 11/95.

  1155- شرح النهج لعلامه المعتزله بن ابى الحديد 3/114سطر  27للطبعه الاولى مصر، وبيروت، 12/79سطر، 3تحقيق ابى  الفضل، 3/803مكتبه الحياه، 3/167دار الفكر.

  1156- الامامه والسياسه لابن قتيبه الدينورى 1/11.

  1157- المصدر نفسه.

  1158- تاريخ الطبرى ،2/443 444وابو بكر الجوهرى حسب  روايه ابن ابى الحديد فى 1/130 134، 3/19تجد ان اسيد بن  حضير هو احد رجالات سريه الحريق!!.

  1159- تاريخ الطبرى ،3/198والامامه والسياسه لابن قتيبه  ،1/8وشرح النهج لعلامه المعتزله بن ابى الحديد 2/226.

  1160- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/8وما فوق، وتاريخ  الطبرى حوادث سنه ،11ه، وتاريخ بن الاثير 2/125.

  1161- تاريخ اليعقوبى ،2/103والموفقيات للزبير بن بكار  ص‏579.

  1162- تاريخ الطبرى ،3/208وطبعه اوروبا ،1/6818وابن الاثير  2/123قال: ان الانصار قالت: بعد ان بويع ابو بكر.

  1163- تاريخ الطبرى ،2/458وطبعه اوروبا ،1/1843وقال ابن  الاثير فى تاريخه 2/224وجاءت اسلم فبايعت)، وقال الزبير بن  بكار فى الموفقيات بروايه ابن ابى الحديد 6/287فقوى بهم ابو  بكر)، قال المفيد فى كتابه الجمل ص 43ان القبيله كانت قد  جاءت لتمتار من المدينه).

  1164- المصادر السابقه.

  1165- المصادر السابقه.

  1166- كتاب السقيفه للجوهرى كما نقله ابن ابى الحديد فى  شرح النهج ،1/133و 74بلفظ آخر.

  1167- الموفقيات ص ،578والرياض النضره 1/164للطبرى،  وتاريخ الخميس 1/188.

  1168- طبقات ابن سعد 2/2/78طبعه ليدن.

  1169- شرح النهج 6/14تحقيق ابى الفضل.

  1170- الطبرى تاريخ الطبرى ،3/208وتاريخ اليعقوبى  2/100وما فوق، وسيره ابن هشام ،4/336وشرح النهج ،2/2،  1/133، 6/287والموفقيات لابن بكار ص 578والرياض النضره  للطبرى ،1/194وتاريخ الخميس ،1/188وعيون الاخبار لابن  قتيبه ،2/234وتاريخ ابن كثير ،5/248وتاريخ الخلفاء للسيوط‏ى  ص ،47وكنز العمال 3/129ح ،2253والسيره الحلبيه  ،3/397وصحيح بخارى 4/165كتاب البيعه.

  1171- سيره ابن هشام ،4/336والرياض النضره للطبرى 1/163.

  1172- الطبقات لابن سعد /2قسم‏2/821.

  1173- تاريخ ابن كثير ،5/271وتاريخ ابى الفداء 1/152.

  1174- الطبقات لابن سعد ،1/499وسيره ابن سيد الناس  2/340وقال بعض المورخين: والصحيح انه دفن ليله الاربعاء،  انظر تاريخ ابن كثير 5/171.

  1175- العقد الفريد لابن عبد ربه ،3/61وقريب منه تاريخ  الذهبى 1/321، 324، 326.

  1176- كنز العمال 3/140تجد انهما لم يشهدا الدفن.

  1177- سيره ابن هشام 4/344وتاريخ الطبرى 2/452و  455وطبعه اوروبا 1/1833و 1837وتاريخ ابن كثير ،5/270وابن  الاثير فى اسد الغابه 1/34فى ترجمه الرسول وطبقات ابن سعد  ج 2ق 2ص ،78وتاريخ الخميس 1/191وتاريخ الذهبى  1/327ومسند احمد 6/62.

  1178- مقوله عمر ان الرسول لم يمت، وشفائه من ذهوله  بحضور ابى بكر فى تاريخ الطبرى ،3/198وشرح بن ابى الحديد  1/128وتاريخ ابن كثير ،5/242وتاريخ ابى الفداء  ،1/156والمواهب اللدنيه للعسقلانى وروضه المناظر لابن  شحنه بهامش تاريخ ابن الاثير ،7/64وشرح المواهب للزرقانى  8/280والسيره الحلبيه 3/371 374الهامش السيره الدحلانيه.

  1179- سوره آل عمران آيه 144.

  1180- الطبقات لابن سعد، تاريخ الطبرى ،1/1817 1818وابن  كثير 5/242.

  1181- الامامه والسياسه لابن قتيبه الدينورى ،1/11وكتابنا  النظام السياسى فى الاسلام ص‏129.

  1182- مسند احمد ،1/55وتاريخ الطبرى 2/466ط اوروبا  ،1/1822وابن الاثير ،2/124وابن كثير ،5/246وابن ابى الحديد  ،1/123وتاريخ السيوط‏ى ص ،145وسيره ابن هشام  4/328وتيسير الوصول لابن الديبع 2/41وتاريخ الخميس  1/188وتاريخ ابى الفداء 1/156وابن شحنه بهامش الكامل  ص‏112.

  1183- انساب الاشراف للبلاذرى 1/587.

  1184- المصدر السابق.

  1185- الامامه والسياسه ص‏11 ، 12.

  1186- تاريخ الطبرى ،2/443 ، 444وابو بكر الجوهرى فى  كتابه السقيفه حسب روايه ابن ابى الحديد 1/130 ، 134.

  1187- تاريخ ابن شحنه ص 113بهامش الكامل ج ،11وشرح  النهج لابن ابى الحديد 1/134.

  1188- العقد الفريد لابن عبد ربه ،3/64وتاريخ ابى الفداء  1/156.

  1189- المصدر السابق، وانظر ايضا انساب الاشراف ،1/586وكنز  العمال ،3/140والرياض النضره للطبرى ،1/167وابو بكر  الجوهرى فى كتابه السقيفه بروايه ابن ابى الحديد  ،1/132والخميس ،1/178وتاريخ ابن ابى الحديد ،1/134وتاريخ  ابن شحنه ص 113بهامش الكامل لابن الاثير ج‏11.

  1190- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1191- الامامه والسياسه ص ،11 12وتاريخ الطبرى.

  1192- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/11، 12.

  1193- الامامه والسياسه لابن قتيبه ص ،12وتاريخ الطبرى،  رواه ابو بكر الجوهرى فى كتابه السقيفه كما فى شرح النهج  6/285.

  1194- مروج الذهب للمسعودى ،1/414والامامه والسياسه  1/12 14مع اختلاف يسير.

  1195- الامامه والسياسه ص 11وما فوق.

  1196- الطبرى 2/448وطبعه اوروبا ،1/1825وصحيح البخارى  كتاب المغازى ،3/38وابن ابى الحديد ،1/122والمسعودى فى  مروج الذهب ،2/414والامامه والسياسه ص( 13،14تهديد عمر  لعلى بضرب العنق)، وانساب الاشراف 6/586وشرح النهج 2/8،  9واعلام النساء 3/120.

  1197- الموفقيات ص‏590.

  1198- ص‏128.

  1199- اسد الغابه ،2/82وشرح النهج لابن ابى الحديد  1/135نقلا عن السقيفه للجوهرى.

  1200- انساب الاشراف 1/589.

  1201- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1202- الامامه والسياسه ص‏15.

  1203- المصدر السابق.

  1204- كتاب السقيفه لابى بكر الجوهرى كما روى ابن ابى  الحديد فى شرح النهج ،6/28وابن قتيبه فى الامامه والسياسه  1/12.

  1205- شرح النهج لعلامه المعتزله ابن ابى الحديد ،2/67ووقعه  صفين لنصر بن مزاحم ص‏182.

  1206- مقاتل الطالبيين ص‏219، 220.

  1207- المصدر نفسه.

  1208- شرح النهج ،9/189ووضوء النبى للسيد على  الشهرستانى ص‏235.

  1209- مسند الامام احمد 4/275ح‏18450.

  1210- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1211- شرح النهج 2/4.

  1212- شرح النهج 1/28.

  1213- الامامه والساسيه 1/12.

  1214- شرح النهج لابن ابى الحديد ،2/67ووقعه صفين لنصر  بن مزاحم ص‏182.

  1215- الامامه والسياسيه 1/11.

  1216- المصدر السابق 1/13.

  1217- الامامه والسياسه لابن قتيبه ،1/12والعقد الفريد لابن  عبد ربه المالكى 4/259، 260طبعه ثانيه بمصر، وشرح النهج  لابن ابى الحديد 1/134، 2/19ط 1بمصر، و ،2/56و 6/48طبعه  مصر بتحقيق محمد ابو الفضل، 1/157دار الفكر، وتاريخ  الطبرى 3/204ط دار المعارف بمصر، والملل والنحل  للشهرستانى 1/57طبعه بيروت وتاريخ ابى الفداء ،1/156واعلام  النساء ،3/1207وتاريخ ابن شحنه بهامش الكامل ،7/164وبحار  الانوار 28/328و ،329والغدير للامينى ،7/77والنص والاجتهاد  للعاملى ص ،37ومروج الذهب للمسعودى ،2/100وانساب  الاشراف للبلاذرى ،1/586وكنز العمال ،3/140و الرياض النضره  للطبرى ،1/167وتاريخ الخميس ،1/178وابو بكر الجوهرى فى  كتاب السقيفه بروايه ابن ابى الحديد ،1/134ومعالم  المدرستين للعسكرى 1/127.

  1218- شرح النهج لعلامه المعتزله لابن ابى الحديد  3/69خطبه 211.

  1219- المصدر السابق 1/248 249.

  1220- انساب الاشراف للبلاذرى ،1/517وتاريخ الطبرى  ،2/448وطبعه اوروبا ،1/1825وتيسير الوصول لابن الديبع  2/46.

  1221- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/15.

  1222- على سبيل المثال انساب الاشراف ،1/586وكنز العمال  ،3/140والرياض النضره للطبرى ،1/167ومروج الذهب  للمسعودى.

  1223- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/11.

  1224- شرح النهج لابن ابى الحديد 1/248، 249.

  1225- الكامل لابن الاثير ،3/63وتاريخ الطبرى ،4/223وشرح  النهج لابن ابى الحديد 3/107افست بيروت، 12/53 54تحقيق  ابى الفضل.

  1226- صحيح الترمذى 7/111باب ما جاء فى تركه الرسول.

  1227- مسند احمد بن حنبل 1/10ح ،60وسنن الترمذى  ،7/109وطبقات ابن سعد ،5/77وتاريخ ابن الاثير 5/286.

  1228- كنز العمال ،5/365وطبقات ابن سعد 2/315.

  1229- سوره النمل آيه 16.

  1230- سوره مريم آيه 5 ، 6.

  1231- سوره الانفال آيه 75.

  1232- سوره النساء آيه 11.

  1233- سوره البقره آيه 180.

  1234- بلاغات النساء ص‏16 ، 17.

  1235- مسند احمد 1/4ح ،14وسنن ابى داود ،3/50وتاريخ ابن  كثير ،5/289وتاريخ الذهبى ،1/346وشرح النهج 4/81نقلا عن  الجوهرى من كتابه السقيفه 1236- شرح النهج ،4/87،  89وبلاغات النساء ص‏12 ، 15.

  1237- فتوح البلدان 2/34 ، 35.

  1238- شرح النهج 4/81نقلا عن الجوهرى.

  1239- تاريخ الاسلام للذهبى 1/347.

  1240- كنز العمال 5/367.

  1241- المصدر السابق.

  1242- صحيح مسلم 3/121باب قبول الهديه.

  1243- مجمع الزوائد 3/90.

  1244- صحيح البخارى 1/181باب ما يذكر فى الصدقه،  وصحيح مسلم 3/117باب تحريم الزكاه على رسول اللّه، وسنن  ابى داود 1/212باب الصدقه على بنى هاشم.

  1245- سنن الترمذى 7/111.

  1246- صحيح البخارى 2/200باب مناقب قرابه الرسول، وسنن  ابى داود 3/49كتاب الخراج، وسنن النسائى 2/179قسم الفيى‏ء،  ومسند احمد 1/6 9.

  1247- شرح النهج ،4/87واحمد بن ابى الطاهر البغدادى فى  بلاغات النساء ص‏12 15.

  1248- العقد الفريد لابن عبد ربه ،3/64وتاريخ ابى الفداء  1/156.

  1249- انساب الاشراف 1/586للبلاذرى، وكنز العمال  ،3/140والرياض النضره للطبرى ،1/167ومروج الذهب  للمسعودى 2/100.

  1250- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/13.

  1251- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1252- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/13.

  1253- الامامه والسياسه 1/13، 14.

  1254- الامامه والسياسه 1/14.

  1255- صحيح الترمذى 7/111.

  1256- فتوح البلدان 2/34 ، 35.

  1257- تاريخ الذهبى ،1/340وكنز العمال 5/367.

  1258- صحيح الترمذى ،7/111وصحيح البخارى ،2/200وسنن  ابى داود ،3/49وسنن النسائى 4/179.

  1259- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/13 ، 14.

  1260- شرح النهج لابن ابى الحديد 4/64.

  1261- المصدر السابق.

  1262- شرح النهج 9/189.

  1263- طبقات ابن سعد 2/2/29بسند صحيح، والسيره الحلبيه  3/44.

  1264- مسند احمد 6/113.

  1265- مروج الذهب للمسعودى ،3/11ووقعه صفين لنصر،بن  مزاحم ص ،118 119تجد رساله معاويه التى تشير الى واقعه  الابتزاز.

  1266- الراغب فى محاضراته ،7/13وكنز العمال 6/394.

  1267- شرح النهج لعلامه المعتزله 2/20.

  1268- شرح النهج 2/18.

  1269- طبقات ابن سعد 3/130.

  1270- مروج الذهب للمسعودى ،3/353 454واقرا نص الحوار  الذى دار بين عمرو ابن عباس.

  1271- راجع على سبيل المثال شرح النهج لابن ابى الحديد  3/107، 12/52تحقيق ابى الفضل، وتاريخ الطبرى ،4/223وقد  وثقنا ذلك اكثر من مره.

  1272- شرح النهج 1/248 249.

  1273- شرح النهج لابن ابى الحديد 3/595 596تحقيق حسن  تميم، كما نقل ذلك بن ابى الحديد عن المدائنى.

  1274- مروج الذهب للمسعودى 3/11ووقعه صفين لنصر بن  مزاحم ص‏118 119.

  1275- صحيح الترمذى ،1/111وطبقات ابن سعد 2/315،  5/77.

  1276- فتوح البلدان 2/34، 35.

  1277- تاريخ الاسلام للذهبى ،1/347وكنز العمال 5/367.

  1278- صحيح الترمذى ،7/111وصحيح البخارى ،2/200وسنن  ابى داود 3/49.

  1279- شرح النهج لعلامه المعتزله ابن ابى الحديد تحقيق  حسن تميم 3/789 790.

  1280- تاج العروس فى شرح القاموس للزبيدى مجلد 4ماده  برطش.

  1281- المغازى للواقدى 1/45.

  1282- المغازى للواقدى 2/608 609.

  1283- طبقات ابن سعد 3/130.

  1284- تاريخ الطبرى ،2/203وتاريخ ابن الاثير ،2/110والسيره  الحلبيه ،2/227والبدايه والنهايه ،4/28والسيره النبويه لابن  كثير 3/55وقد اتفق هولاء الرواه على فرار عثمان وعمر كان  معه، وشرح النهج لعلامه المعتزله 14/276و 15/20و 21و 22و  24و ،25وحياه محمد لهيكل ص 265وتفسير الرازى  ،9/67والدر المنثور 2/80و ،88وكنز العمال ،2/242والمغازى  للواقدى ،2/609والكامل لابن الاثير 2/108.

  1285- صحيح البخارى تفسير قوله تعالى: (ويوم حنين اذا  اعجبتكم كثرتكم).

  1286- المستدرك 3/37للحاكم وقال: هذا حديث صحيح،  وترجمه الامام على من تاريخ دمشق لابن عساكر 1/188 220ح  233و 234و 235و 236و 240و 241و 242و 243و 247و 261و  ،262ومناقب على لابن المغازلى ص 181ح ،217وخصائص امير  المومنين للنسائى ص 52و ،53ومجمع الزوائد للهيثمى  9/122و ،124واسد الغابه ،4/21ومسند احمد ،6/353والبدايه  والنهايه ،4/186ومصنف ابن ابى شيبه ،6/154ومسند البزار ج  ،1والكامل لابن الاثير 2/149.

  1287- المغازى للواقدى 2/600.

  1288- الطبقات الكبرى لابن سعد 2/131و ،190والاستيعاب  بهامش الاصابه، والكامل فى التاريخ لابن الاثير 2/156و  ،317والسيره النبويه لابن هشام ،4/272، 274والسيره الحلبيه  3/190و ،207وسيره ابن دحلان 2/232هامش الحلبيه، وشرح  النهج لابن ابى الحديد 6/319.

  1289- وتاريخ اليعقوبى ،2/93وشرح النهج 6/52تحقيق ابى  الفضل ابراهيم، ومنتخب الكنز بهامش مسند الامام احمد  4/180.

  1290- المغازى للواقدى 2/607.

  1291- تاريخ الطبرى ،4/223وتاريخ بن الاثير ،3/63وشرح  النهج 12/53 54.

  1292- تاريخ الطبرى ،2/458مطبعه اوروبا ،1/1843وفى روايه  بن الاثير - 2/24وجاءت اسلم فبايعت).

  1293- الموفقيات 6/287.

  1294- الكامل فى التاريخ لابن الاثير ،3/63وتاريخ الطبرى  ،4/223وشرح النهج 12/53 ، 54.

  1295- شرح النهج 1/248 ، 249.

  1296- مروج الذهب للمسعودى 3/353 ، 454دار الكتب  العلميه بيروت.

  1297- الامامه والسياسه 1/12وما فوق.

  1298- تاريخ الطبرى ،4/223، 5/33الامامه والسياسه  1/22وحول القناعه المطلقه راجع: الكامل فى التاريخ لابن  الاثير 3/34آخر سيره عمر من حوادث ،23وشرح النهج لعلامه  المعتزله بن ابى الحديد 2/107واورده فى احوال عمر، واخرجه  ابو الفضل ابن ابى الطاهر فى تاريخ بغداد ،3/97شرح النهج  3/107طبعه اوفست بيروت، 12/53 54تحقيق ابى الفضل  3/786مكتبه الحياه 3/56دار الفكر 1299-تذكره الخواص لابن  الجوزى ص ،62وسر العالمين وكشف ما فى الدارين لابى حامد  الغزالى، وكتابنا نظريه عداله الصحابه ص 287و288.

  1300- تاريخ الطبرى ،2/458وابن الاثير ،2/224والرياض  النضره للطبرى ،1/64وتاريخ الخميس ،1/188وشرح النهج  لابن ابى الحديد ،1/133وابن عبد ربه فى العقد الفريد 3/63.

  1301- العقد الفريد لابن عبد ربه ،3/64وتاريخ ابى الفداء  ،1/156وانساب الاشراف ،1/586وكنز العمال ،3/140والرياض  النضره للطبرى ،1/167وتاريخ الخميس ،1/178وشرح النهج  ،1/134وتاريخ بن شحنه ص 113بهامش الكامل لابن الاثير  ج‏11.

  1302- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/12 13.

  1303- صحيح الترمذى ،7/111وطبقات بن سعد ،5/77وتاريخ  ابن الاثير ،5/286وكنز العمال ،5/365وبلاغات النساء ص‏16 ،  17.

  1304- سنن ابى داود ،3/50وتاريخ ابن كثير ،5/289وتاريخ  الذهبى ،1/346وشرح النهج 4/84نقلا عن السقيفه للجوهرى.

  1305- فتوح البلدان 2/34، 35.

  1306- كنز العمال 5/367.

  1307- شرح النهج 6/28نقلا عن كتاب السقيفه للجوهرى،  الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/12والى هذه الواقعه اشار معاويه  برسالته للامام وقعه صفين لنصر بن مزاحم ص ،182وشرح  النهج لعلامه المعتزله 2/67.

  1308- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1309- مروج الذهب للمسعودى ،3/11ووقعه صفين لنصر بن  مزاحم ص 118و ،119وانظر كيف وصف معاويه فعل ابى بكر  وعمر بانه ابتزاز.

  1310- شرح النهج ،6/28، 2/67والامامه والسياسه لابن قتيبه  ،1/12ووقعه صفين لنصر،بن مزاحم ص‏182.

  1311- تاريخ اليعقوبى 2/105.

  1312- تذكره الخواص للسبط الجوزى ص ،62وسر العالمين  وكشف ما فى الدارين لابى حامد الغزالى ص‏21.

  1313- الامامه والسياسه لابن قتيبه ،1/8وما فوق، وشرح النهج  ،2/226وتاريخ الطبرى حوادث سنه ،11ه، وتاريخ ابن الاثير  2/125الخ.

  1314- شرح النهج تحقيق حسن تميم 3/595.

  1315- فتوح اعثم ،5/247 249ومقتل الخوارزمى 2/69 ، 71.

  1316- الامامه والسياسه 1/22.

  1317- المصدر نفسه.

  1318- العقد الفريد لابن عبد ربه ،1/249وشرح النهج 1/306،  307.

  1319- الكامل لابن الاثير 2/35.

  1320- الامامه والسياسه ،1/22واعلام النساء 2/786.

  1321- شرح التجريد للقوشجى ص ،428وتاريخ اليعقوبى  ،2/107وشرح النهج 8/11.

  1322- الامامه والسياسه ،1/22اعلام النساء ،2/786والعقد  الفريد 4/274.

  1323- شرح النهج 3/351.

  1324- شرح النهج 3/69.

  1325- الامامه والسياسه ،1/22واعلام النساء 2/786.

  1326- تذكره الخواص للسبط الجوزى ص ،62وسر العالمين  وكشف ما فى الدارين لابى حامد الغزالى ص ،21وكتابنا نظريه  عداله الصحابه ص‏286 287.

  1327- الامامه والسياسه لابن قتيبه 1/11.

  1328- كتابنا النظام السياسى ص‏147.

  1329- انساب الاشراف 5/16.

  1330- طبقات ابن سعد ،3/248والتمهيد للباقلانى ص  ،204والاستيعاب لابن عبد البر ،2/561واسد الغابه 2/246.

  1331- انساب الاشراف للبلاذرى 5/18.

  1332- تاريخ اليعقوبى 2/16.

  1333- انساب الاشراف 5/15.

  1334- كنز العمال 3/160.

  1335- العقد الفريد لابن عبد ربه 1/260.

  1336- تذكره الحفاظ للذهبى ،1/2 4وطبقات بن سعد 5/140.

  1337- شرح النهج تحقيق حسن تميم 3/595 596.