فهرس الكتاب

 

الفصل الثالث :

حتى الشعب

 

تناقضات في تاريخ إسلام حمزة عليه السلام :

ويقولون : إن إسلام حمزة بن عبد المطلب عليه السلام كان في الثانية من البعثة . ثم إنه اسلم بعد دخوله (صلى الله عليه وآله وسلم ) دار الأرقم . وهذا متناقض ؛ لانه إنما دخل دار الأرقم في أواخر السنة الثالثة ، كما يدّعون .

وتناقض آخر : أنهم يذكرون انه اسلم قبل عمر بثلاثة أيام ، مع أنهم يذكرون ان عمر أسلم في السنة السادسة بعد خروج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم ) من دار الأرقم .

وهذا متناقض ؛ لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) إنما دخلها في أواخر السنة الثالثة من البعثة ولمدة شهر واحد فقط كما يقال .. وسيأتي أن التحقيق هو : أن إسلام عمر كان بعد إسلام حمزة بسنوات .

إسلام حمزة (رض)

ونلاحظ : أن ابن هشام وغيره يذكرون إسلام حمزة (رحمة الله ) بعد الهجرة إلى الحبشة ، أي في حوالي السنة السادسة للبعثة ، ونحن نرجع ذلك ؛ لأنه حين اسلم –كما يقول المقدسي- (عز به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل الإسلام ، فشق ذلك على المشركين ، فعدلوا عن المنابذة إلى المعاتبة ، واقبلوا يرغبونه في المال والأنعام ، ويعرضون عليه الأزواج ) .

وعروضهم هذه إنما كانت بعد الهجرة إلى الحبشة ، كما يفهم من سيرة ابن هشام . كما أنه إنما أسلم بعد الأعلان بالدعوة ، وبعد مفاوضات قريش مع أبي طالب وعروضها عليه ، وبعد أن عدلوا عن ذلك إلى العداوة والأذى .

وعلى كل حال ، فقد كان إسلام حمزة تطوراً جديداً لم يكن قد دخل في حسابات قريش ، حيث قلب الموازين رأساً على عقب ، وفتّ في عضد قريش ، وزاد من مخاوفها ، وكبح من جماحها .

فقد مر أبو جهل بالرسول عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ، فلم يكلمه الرسول صلى الله عليه وآله .

وكان حمزة صاحب صيد وقنص ، وكان إذا رجع بدأ بالبيت ، وطاف به ، سلم على من فيه ، ورجع إلى بيته .

وفي هذه المرة كان حمزة راجعاً من صيده ، فأخبرته إحدى النساء بما كان من أبي جهل تجاه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فاحتمل حمزة الغضب ، ودخل المسجد ، فرأى أبا جهل جالساً مع القوم ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس ، فضربه بها ضربة شجه بها شجة منكرة . ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه ، أقول ما يقول ؟ فردّ علي ذلك إن استطعت وكان ذلك بعد أن تضرع إليه أبو جهل ، وأخذ بثوبه ، فلم يقبل منه .

فقام رجال من بني مخزوم ، لينصروا أبا جهل ، فقالوا لحمزة : ما نراك إلا قد صبأت ؟ فقال : حمزة : وما يمنعني ؟ وقد استبان لي منه أنه رسول الله والذي يقول حق ؟! فو الله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين .

فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً .

يقول المقدسي : (فلما أسلم حمزة عُزَّ به الدين والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) ) ، وسرّ رسول الله بإسلامه كثيراً .

وعلمت قريش : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا ينالونه منه . وقال حمزة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : فأظهر يا بن أخي دينك ، فوالله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على دين الأول (2).

وكان حمزة أعزفتى في قريش ، وأشدهم شكيمة (3).

 

إسلام حمزة كان عن وعي لا حمية :

والظاهر ، بل الصريح من كلام حمزة رحمه الله ، ولا سيما قوله الأخير : (وما يمنعني ، وقد استبان لي منه : أنه رسول الله ، والذي يقول حق ) أنّه لم يكن في إسلامه منطلقاً من عاطفته التي أثيرت وحسب ، وإنما سبقت ذلك قناعة كاملة ، وكوّنها مما شاهده عن قرب من مواقف وسلوك ، وسمعه من أقوال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ).

وقد يستفاد من قوله : أتشتمه وأنا على دينه أن إسلامه كان متقدماً على ذلك الوقت ، ولكنه كان يتكتم له مراعاة للظروف ، وحفاظاً على الإسلام والمسلمين ، الذين كانوا أضعف من أن يتمكنوا من مواجهة قريش وجبروتها . ولربما كان بعضهم بحاجة إلى المزيد من التربية النفسية الخاصة ، ليتمكن من مواجهة تلك الظروف القاسية مع المشركين.

 

سرّ جبن أبي جهل في مواجهة حمزة :

ولا بُدَّ من التذكير هنا : بأن أبا جهل ، عظيم المشركين وجبارهم مع أنه كان بين أهله ومع أن عشيرته ، ومع أن عشيرته قد أعلنت عن استعدادها لنصرته ، فإنه كان أجبن وأذل من أن يقف في وجه أسد الله وأسد رسوله ، وما ذلك إلا لأنه كان من جهة : يعلم فتوّة حمزة وعزته ، وشدة شكيمته وبطولته ، ورأى مدى تصميمه وإصراره ، وعرف مقدار استعداده للتضحية والفداء في سبيل دينه ، وعقيدته .

ومن الجهة الأخرى : فإن أبا جهل إنما كان يحارب النبي صلى الله عليه وآله ويناقضه ، حباً بالحياة ، ومن أجل الدنيا ، فهو إذن لا يريد الموت إطلاقاً ، بل هو يهرب منه ، ويعده خسارة له ، ما بعدها خسارة . أما حمزة رحمه الله ، فكان يعتبر الموت في سبيل هذا الدين نصراً وفوزاً ، تماماً بالمقدار الذي يعتبر أبو جهل ، ومن هم على شاكلته خسراناً وضياعاً فلماذا إذن يخشى الموت ويخافه ؟ ، بل لماذا لا يكون الموت عنده أحلى من العسل ، وألذ من الشهد ؟.

ومن جهة ثالثة : فإن أبا جهل لم يكن على استعداد لأن يحارب بني هاشم في تلك الفترة ، التي كان له فيهم أنصار كثيرون ، لأن حربه لهم لسوف تؤدي إلى أن يخسر هؤلاء الذين يلتقي معهم فكرياً وعقيدياً ، لأنهم بحكم المنطق القبلي الذي يهيمن على مواقفهم وتصرفاتهم لن يتركوا ابن أخيهم ، حتى ولو كان على غير دينهم ، (وقد وعدوا أبا طالب باستثناء أبي لهب أن يمنعوا محمداً ممن يريد به سوءاً كما تقدم ). بل إن تحرك أبي جهل في ظروف كهذه لربما يؤدي إلى ترسيخ أمر محمد ، إلى دخول الكثيرين من بني هاشم في دينه ، حمية وانتصاراً . وهذه ما لا يريده أبو جهل ، ولا يرغب فيه .

إذن ، فقد كانت جميع الظروف تدفعه إلى الاستسلام للذل والهوان في مقابل أسد الله وأسد رسوله .

والخلاصة : أن حب أبي جهل للحياة ، وجبنه ، ثم ما كان يراه من الصلاح في عدم التصعيد في مناهضة محمد وبني هاشم . وقد جعله في موقف الذليل المهان .

وجعل الله الباطل هي السفلى ، وكلمة الحق هي العليا .

 

ملاحظة هامة :

والملاحظ هنا : أنه بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب تتراجع قريش ، وتليّن من موقفها ، وتدخل في مفاوضات معه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتعطيه بعض ما يُريد ، لأنها رأت أن المسلمين يزيد عددهم ويكثر ، فكلّمه عتبة ، فأبى (صلى الله عليه وآله وسلم) كل عروضهم .

 

عبس وتولى :

ويذكر المؤرخون بعد قضية الغرانيق ، القضية التي نزلت لأجلها سورة عبس وتولى ، المكية ، والتي نزلت بعد سورة النجم . وملخص هذه القضية :

أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يتكلم مع بعض زعماء قريش ، ذوي الجاه والمال ، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم – وكان أعمى – فجعل يستقرئ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن ، قال : يا رسول الله ، علمني مما علمك الله . فاعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعبس في وجهه ، وتولى ، وكره كلامه ، وأقبل على أولئك الذين كان (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد طمع في إسلامهم ، فأنزل الله تعالى :

(عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذّكر فتنفعه الذكر ، أما من استغنى . فأنت له تصدى ، وما عليك ألاّ يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهّى ) (4).

وفي رواية : أنه (صلى الله عليه وآله سلم ) كره مجيء ، ابن أم مكتوم وقال في نفسه : يقول هذا القريشي : إنما اتباعه العميان والسفلة ، والعبيد ، فعبس (صلى الله وآله وسلم) إلخ .. (وكأن ذلك الزعيم لم يكن يعلم بذلك !! وكأن قريشاً لم تكن قد صرحت بذلك وأعلنته !!) .

وعن الحكم : ما رؤي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد هذه الآية متصديا لغني ، ولا معرضاً عن فقير .

وعن ابن زيد : لو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) كتم شيئاً من الوحي ، كتم هذا عن نفسه (5).

فابن زيد يؤكد بكلامة هذا على مدى قبح هذا الأمر ، على مدى صراحة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى إنه لم يكتم هذا الأمر ، رغم شدة قبحة وشناعته !.

لقد أجمع المفسرون ، وأهل الحديث ، باستثناء شيعة أهل البيت عليهم السلام_ على أصل القضية المشار إليها .

ونحن نرى : أنها قضية مفتعلة ، لا يمكن أن تصح . وذلك .

أولاً : لضعف أسانيدها ، لأنها تنتهي : إما إلى عائشة ، وأنس ، وابن عباس ، من الصحابة ، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً ، لأنه إما كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد (6).

أوالى أبي مالك(7) ، والحكم ، وابن زيد ، والضحاك ، ومجاهد ، وقتادة ، وهؤلاء جميعاً من التابعين فالرراية مقطوعة ، لا تقوم بها حجة .

وثانياً : تناقض نصوصها (8) حتى ما ورد منها عن راو واحد ، فعن عائشة . في رواية : إنه كان عنده رجل من عظماء المشركين ، وفي أخرى عنها : عتبة وشيبة ، وفي ثالثة عنها : في مجلس فيه ناس من جوه قريش ، منهم أبو جهل ، وعتبة بن ربيعة .

وفي رواية عن ابن عباس : إنه ( صلى الله عليه وآله وسلم) كان يناجي عتبة ، وعمه العباس ، وأبا جهل . وفي التفسير المنسوب إلى ابن عباس : إنهم العباس ، وأمية بن خلف ، وصفوان بن أمية .

وعن قتادة : أمية بن خلف . وفي أخرى عنه : أبي بن خلف .

وعن مجاهد : صنديد من صناديد قريش ، وفي أخرى عنه : عتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف .

هذا ، عدا عن تناقض الروايات مع بعضها في ذلك ، وفي نقل ما جرى ، وفي نص كلام الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونص كلام ابن أم مكتوم . ونحن نكتفي بهذا القدر ، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة .

وثالثاً : إن ظاهر الآيات المدعى نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه ، وسجيته ، وخلقه : أن يتصدى للغني ، ويهتم به ولو كان كافراً ويتلهى عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكى ، ولو كان مسلماً . وكلنا يعلم : أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولا من طبعه ، وخلقه .

كما أن العبوس في وجه الفقير ، والإعراض عنه ، لم يكن من صفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مع أعدائه ، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودّائه (9). وهو الذي وصفه تعالى بأنه (بالمؤمنين رؤوف رحيم )(10).

بل لقد كان من عادته صلى الله عليه وآله مجالسة الفقراء ، والاهتمام بهم ، حتى ساء ذلك أهل الشرف والجاه ، وشق عليهم . وطالبه الملأ من قريش بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه ، وأشار عليه عمر بطردهم ، فنزل قوله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) (11).

ويظهر : أن الآية قد نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية . أو حين بلوغهم أمر الهدنة ، ورجوعهم إلى مكة .

ولكن يبقى إشكال أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محلّه ، لأنه لم يكن قد أسلم حينئذٍ لأنه إنما أسلم قبل الهجرة إلى المدينة بيسير ، كما سنرى .

كما أن الله تعالى قد وصف نبيه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس وتولّى بأنه على خلق عظيم ، فإذا كان كذلك ، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق ، والموجب للعتاب واللوم منه تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فهل كان الله – والعياذ بالله- جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيه ؟ أم أنه يعلم بذلك ، لكنه قال هذا لحكمة ولمصلحة اقتضت ذلك ؟ نعوذ بالله من الغواية ، عن طريق الحق والهداية .

ورابعاً : إن الله تعالى يقول في الآيات : (وما عليك ألا يزّكى ) ، وهذا لا يناسب أن يخاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لأنه مبعوث لدعوة الناس وتزكيتهم . وكيف لا يكون ذلك عليه ، مع أنه هو مهمته الأولى والأخيرة ، ولا شيء غيره . ألم يقل الله تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ؟ )(12) فكيف يغريه بترك الحرص على تزكية قومه (13).

خامساً : لقد نزلت آية الانذار : (وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين )(14) قبل سورة عبس بسنتين فهل نسي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه ؟ وإذا كان نسي ، فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً ؟ ، وإذا لم يكن قد نسي ، فلماذا يتعمد أن يعصي هذا الأمر الصريح؟! (15).

سادساً : إنه ليس في الآية ما يدل على أنها خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بل الله سبحانه يخبر عن رجل ما أنه : (عبس وتولى * أن جاءه الأعمى ) ثم التفت الله تعالى بالخطاب إلى ذلك العابس نفسه ، وخاطبه بقوله :(وما يدريك لعله يزكى) الخ ..

سابعاً : لقد ذكر العلامة الطباطبائي : أن الملاك في التفصيل وعدمه ليس هو الغنى والفقر ، وأنما هو الاعمال الصالحة ، والسجايا الحسنة ، والفضائل الرفيعة . وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف ، فكيف جاز له (صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يخالف ذلك ، ويميز الكافر لما له من وجاهة على المؤمن ؟ .

والقول : بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه ، وعلى أمل أن يتقوى به الدين ، وهذا أمر حسن ، لأنه في طريق الدين ، وفي سبيله .

لا يصح ، لأنه يخالف صريح الآيات التي تنص على أن الذم له كان لأجل أنه يتصدى لذاك الغني لغناه ، ويتلهى عن الفقير لفقره .

ولو صح هذا ، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه واطرائه على غيرته لدينه ، وتحمسه لرسالته ؛ فلماذا هذا الذم والتقريع إذن .

ونشير أخيراً : إلى أن البعض قد ذكر : أنه يمكن القول بأن الآية خطاب كلي مفادها : أن النبي (صلى الله وآله وسلم) كان إذا رأى فقيراً تأذى وأعرض عنه .

والجواب : .

أولاً : إن هذا يخالف القصة التي ذكروها من كونها قضية في واقعه واحدة لم تتكرر ..

وثانياً : إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير ؛ فلماذا جاء التنصيص على الأعمى ؟!.

وثالثاً : هل صحيح أنه قد كان من عادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك ؟!! .

 

المذنب رجل آخر :

فيتضح مما تقدم : أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ويؤيد ذلك .

ما روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، انه قال : كان رسول الله إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال : مرحبا ، مرحباً ، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً . وكان يصنع به من اللطف ، حتى يكف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما كان يفعل به (16).

فهذه الرواية تشير إلى أن الله تعالى لم يعاتب نبيه في شأن إبن أم مكتوم ، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك المخالفة ، إن لم نقل : إنه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتى لإمكان صدور مثل ذلك عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بحيث يستحق العتاب والتوبيخ ؛ إذ لا معنى لهذا النفي لو كان الله تعالى قد عاتبه فعلاً .

هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرفت هذه الكلمة ؛ فادعت أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول : مرحباً بمن عاتبني فيه ربي . فلتراجع كتب التفسير ، كالدر المنثور وغيره .

والصحيح هو ما تقدم .

 

سؤال وجوابه :

ولعلك تقول : إنه إذا كان المقصود بالآيات شخصاً آخر ؛ فما معنى قوله تعالى : ( فأنت له تصدى ) وقوله : (فأنت عنه تلهى ) فان ظاهره : أن هذا التصدي والتهلي من قبل من يهمه هذا الدين ؛ فيتصدى لهذا ، ويتلهى عن ذاك .

فالجواب : انه ليس في الآيات ما يدل على أن التصدي كان لأجل الدعوة إلى الله أو لغيرها . فلعل التصدي كان لأهداف أخرى دنيوية ، ككسب الصداقة ، أو الجاه ، أو نحو ذلك . وقوله تعالى : (لعله يزكى) ليس فيه أنه يزكى على يد المخاطب ، بل هو أعم من ذلك ، فيشمل التزكي على يد غيره ممن هم في المجلس ، كالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيره .

ثم لنفرض : أنه كان التصدي لأجل الدعوة ، فإن ذلك ليس محصوراً به (صلى الله عليه وآله وسلم ) ؛ فهم يقولون : إن غيره كان يتصدى لذلك أيضاً ، وأسلم البعض على يديه ، لو صح ذلك ! .

 

الرواية الصحيحة :

وبعد ما تقدم ، فإن الظاهر هو أن الرواية الصحيحة ، هي ما جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) : أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ فجاءه ابن أم مكتوم . فلما جاءه تقذر منه ، وعبس في جهه ، وجمع نفسه ، وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك عنه ، وانكره عليه (17).

ويلاحظ : أن الخطاب في الآيات لم يوجه اولاً إلى ذلك الرجل ؛ بل تكلم الله سبحانه عنه بصورة الحكاية عن الغائب : إنه عبس ، وتولى ، أن جاءه الأعمى . ثم التفت اليه بالخطاب ، فقال له مباشرة : وما يدريك .

ويمكن أن يكون الخطاب في الآيات اولاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة . والأول أقرب ، وألطف ذوقاً .

 

إنهام عثمان :

وبعض الروايات تتهم عثمان بهذه القضية ، وانه هو الذي جرى له ذلك مع إبن أم مكتوم (18).

ولكننا نشك في هذا الامر ، لأن عثمان قد هاجر إلى الحبشة مع من هاجر – فمن أين جاء عثمان إلى ، وجرى منه ما جرى ؟! .

إلا أن يقال : أنهم يقولون : إن أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلى مكة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدم ، وكان عثمان منهم ثم عاد إلى الحبشة (19).

وعلى كل حال ، فإن أمر اتهام عثمان (20) أو غيره من بني أمية ، لأهون بكثير من اتهام النبي المعصوم ، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا على الإطلاق . وإن كان يهون على البعض إتهام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بها أو بغيرها ، شريطة أن تبقى ساحة قدس غيره منزهة وبريئة !! .

 

تاريخ هذه القضية :

ونسجل أخيراً : تحفظاً على ذكر المؤرخين لرواية ابن مكتوم ونزول سورة عبس ، بعد قضية الغرانيق ؛ فإن الظاهر هو أن هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلى الحبشة لأن عثمان كان قد هاجر إلى الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون .

إلا أن يكون عثمان قد عاد إلى مكة مع من عاد بعد ان سمعوا بقضية الغرانيق كما يدّعون .

 

أعداء الإسلام وهذه القضية :

ومما تجدر الإشارة إليه هنا : أن بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول ان يتخذ من قضية عبس وتولى وسيلة للطعن في قدسية نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) (21). ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون . فها نحن قد اثبتنا : أنها أكاذيب وأباطيل ما انزل الله بها من سلطان .

 

أكاذيب أخرى مشابهة :

وبالمناسبة فقد رووا : أن الاقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن ، جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فوجداه قاعداً مع عمار ، وصهيب ، وبلال وخباب ، وغيرهم من ضعفاء المؤمنين ، فحقروهم ، فخلوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالوا : إن وفود العرب تأتيك ؛ فنستحي أن يرانا العرب قعوداً مع هذا الاعبد ؛ فإذا جئناك فأقمهم عنا ، قال : نعم .

قالوا : فاكتب لنا عليك كتاباً ؛ فدعا الصحيفة ، ودعا علياً ليتب ، فنزل قوله تعالى : (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء )(22) الخ .. فرمى (صلى الله عليه وآله وسلم ) بالصحيفة ، ودعاهم وجلس معهم ، وصار دأبه هذا : أن يجلس معهم ، فإذا أراد ان يقوم قام وتركهم فأنزل الله تعالى : (واصبروا نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عينك عنهم )(23) . فكان يجلس معهم إلى أن يقوموا عنه وفي بعض الروايات : إنهم يقصدون أبا ذر وسلمان(24) .

ويرد هذه الاباطيل جميع ما تقدم حين الكلام عن قصة ابن أم مكتوم ، ولذلك فلا حاجة إلى الاعادة .

وأيضاً فقد استفاض : أن سورة الانعام قد نزلت دفعة واحدة في مكة ، فما معنى أن تكون هذه الآيات قد نزلت بهذه المناسبة في المدينة .

والقول بأن نزولها كذلك لا ينافي كون هذه الآيات نزلت بهذه المناسبة .

مرفوض لأنها قد نزلت دفعة واحدة قبل الهجرة ، بعد إسلام الأنصار ، لأنها نزلت وأسماء بنت يزيد الأنصارية آخذة بزمام ناقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والآية نزلت في المدينة على الفرض .

على أن قصة عبس وتولى وحدها كافية لأن يرتدع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أمر كهذا –ولا سيما كانت تؤنب غيره (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ممن هو ليس بمعصوم على فعل كهذا .

ثم ان سلمان إنما أسلم في المدنية ، كما أن أبا ذر قد فارق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فور إسلامه ، وأقام بعسفان على طريق قوافل مكة ، كما قدمنا .

والظاهر هو أنهم أصروا على النبي (صلى الله عليه وآله سلم ) أن يبعد الفقراء عنه ، حتى توسطوا لدى أبي طالب في ذلك ، وأشار عليه عمر بقبول ذلك كما جاء في بعض الراويات ، فجاءت هذه الآيات في ضمن سورة الانعام بمثابة رد عليهم ، وتفنيد لرأيهم . وليس في الآيات ما يدل على قبوله ( صلى الله وآله وسلم) بذلك ، كما تدعيه الروايات المزعومة آنفاً .

ولم نتوسع في بيان وجوه الاختلاف بين الروايات ، ونقاط الضعف فيها ، والرد على هذه المزاعم ، اعتماداً على ما ذكرناه في قضية ابن أم مكتوم المتقدمة .

بل إن ظاهر الآية الأولى : أن طرد الذين يدعون ربهم إلخ.. قد كان عقاباً لهم على أمر صدر منهم ، وذلك بقرينه قوله تعالى فيها : (ما عليك من حسابهم من شيء . فكأن الله سبحانه قد رفع التكليف عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمؤاخذتهم ، رفقاً منه تعالى بهم ، وعطفاً عليهم .

 

قضية إسلام عمر بن الخطاب :

ويقولون : إن عمر بن الخطاب قد اسلم في السنة السادسة من البعثة ، بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام ؛ حيث خرج متوشحاً سيفه ، يريد رسول الله ، ورهطاً من أصحابه ، وهم قريب من اربعين رجلاً في دار الارقم عند الصفا ، فيهم أبو بكر ، وحمزة ، وعلي ، وغيرهم ممن لم يخرج إلى الحبشة ، فالتقى عمر بنعيم بن عبد الله ، فسأله عن أمره ، فأخبره : أنه يريد أن يقتل محمداً .

فذكر له نعيم : أنه إن قتله لا ينجو من بني عبد مناف ، وأن صهره وأخته قد أسلما ، فرجع عمر إليهما ، وعندهما ، خباب بن الأرت يعلمهما سورة طه ، فلما سمعوا حسه، اختبأ خباب في مخدع ، وخبأت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة تحت فخذها .

فدخل عمر ، وبعد كلام بطش عمر بختنه ، وشج أخته ، فأخبرته حينئذٍ أنهما قد أسلما ؛ فليصنع ما بدا له . فندم عمر ، وارعوى لما رأى الدم بأخته ، وطلب الصحيفة فلم تعطه إياها حتى حلف بآلهته ليردنها إليها ، فقالت له : إنك نجس على شركك ، ولا تغتسل من الجنابة ، وهذا لا يمسه إلا المطهرون .

فقام عمر ، فاغتسل (توضأ) ، ثم قرأ من الصحيفة صدراً وكان كاتباً ، فاستحسنه ، وظهر له خباب ، وأخبره : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد دعا له بأن يعز الإسلام به أو بأبي جهل . فطلب منه عمر : أن يدله على الرسول ليسلم ؛ ففعل ، فذهب إليهم ، وضرب الباب ، فنظر رجل منهم من خلل الباب ؛ فرآه متوحشاً السيف ، فرجع إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فزعاً . فأخبره .

فقال حمزة : فأذن له ، فان كان جاء يريد خيراً بذلناه له ، وإن كان يريد شراً ، قتلناه بسيفه . فأذن له ، ونهض اليه (صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ بمجمع رداءه ، ثم جبذه جبذه شديدة ، وتهدده ، فأخبره عمر : أنه جاء ليسلم ، فكبر (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكبر المسلمون تكبيرة سمعها من في المسجد .

ثم طلب عمر من الرسول : أن يخرج ويعلن أمره ، قال عمر فأخرجناه في صفين : حمزة في أحدهما ، وأنا في الآخر ، له كديد (أي غبار ) ككديد الطحين ، حتى دخلنا المسجد . قال : فنظرت إلي قريش فأصابتهم كآبة لم تصبهم مثلها . فسماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : بـ (الفاروق) يومئذ .

وفي رواية : أن قريشاً اجتمعت وتشاورت فيمن يقتل محمداً ، فقال عمر : أنا لها . فقالوا : أنت لها يا عمر ، فخرج متقلداً السيف ، فالتقى بسعد بن أبي وقاص ، وجرت بينما مشادة ، حتى يلّ كل منهما سيفه ؛ فأخبره سعد بخير أخته الخ ..

وفي ثالثة : أنهم خرجوا وعمر أمامهم ، ينادي : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فلما سألته قريش عما وراءه تهددهم بأنه إن تحرك منهم أحد ليمكنن سيفه منه ، ثم تقدم أمام رسول الله ، يطوف الرسول ، ويحميه عمر ، ثم صلى (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر معلناً .

وفي رابعة : أنه لما أسلم – وكان المسلمون يضربون –جاء إلى خاله أبي جهل – كما عند ابن هشام ، وقال ابن الجوزي : هو غلط بل خاله العاص بن هاشم –فأعلمه بإسلامه ، فأجاف الباب ، فذهب إلى آخر من كبراء قريش فكذلك . فقال في نفسه : ما هذا بشيء الناس يضربون ، وأنا لا يضربني أحد ؛ فاستدل على أنقل رجل للحديث ، فدلوه ، فأعلمه بإسلامه ؛ فنادى في قريش بذلك ، فقاموا إليه يضربونه فأجاره خاله ، فانكشف الناس عنه .

ولكنه عاد فرد عليه جواره ؛ لأن الناس يضربون ولا يضرب . قال : فلم يزل يضرب. قال فلم يزل يضرب ، حتى أظهر الله الإسلام .

وفي خامسة : أنه ذهب ليطوف ، فقال له أبو جهل : زعم فلان أنك صبأت ؟ فتشهد الشهادتين ، فوثب عليه المشركون . فوثب عمر على عتبة بن ربيعة ، وبرك عليه ، وجعل يضربه ، وجعل إصبعيه في عينيه ، فجعل عتبة يصيح ، فتنحى الناس عنه ، فقام عمر ، فجعل لا يدنو منه إلا أحد شريف ، وجعل حمزة يكشف الناس عنه .

وفي سادسة : أنه كان صاحب خمر في الجاهلية ؛ فقصد ليلة المجلس المألوف له ، فلم يجد فيه أحداً ، فطلب فلاناً الخمار ، وكذلك ، فذهب ليطوف فوجد محمداً يصلي ، فأحب الإستماع إليه ، فدخل تحت ثياب الكعبة وسمع ، فدخل الإسلام في قلبه فلما انصراف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وذهب إلى داره التي يسكنها المعروفة بالرقطاء لحقه في الطريق ، وأسلم . ثم انصرف إلى بيته .

وفي العمدة : قيل أسلم عمر بعد ثلاثة وثلاثين رجلا وست نسوة ، وقال ابن المسيب بعد أربعين وعشرة نسوة ، وقال عبد الله بن ثعلبة : بعد خمس وأربعين وإحدى عشرة إمرأة . وقيل : أسلم تمام الأربعين ؛ فنزل قوله تعالى : يا أيها النبي حسبك ومن اتبعك من المؤمنين(25) .

 

وثمة أوسمة أخرى :

ويقولون : إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد دعا قبل إسلام عمر ، فقال : اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب . وفي نص آخر : اللهم أيد (أو أعز ) الإسلام بأبي الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ، وكان دعاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الأربعاء ، وإسلام عمر يوم الخميس .

وعن ابن عمر : انه (صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين اليك : بأبي جهل ، أو بعمر بن الخطاب ، قال : وكان أحبهما إليه عمر .

وقالوا : إن إسلام عمر كان فتحاً ، وأن هجرته نصراً ، وأن أمارته كانت رحمة . وأنه لما أسلم قاتل حتى صلى المسلمون عند الكعبة (26)

إلى غير ذلك مما لا مجال له هنا .

وقد استغرب الترمذي هذه الأحاديث رغم تصحيحة لبعضها .

ونحن نشك في صحة كل ما تقدم ، بل ونطمئن إلى بطلانه جميعاً من الأساس ، ولبيان ذلك نشير إلى النقاط التالية :

 

1- متى كان إسلام عمر :

تذكر تلك الروايات : أن عمر قد أسلم بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب (صلى الله عليه وآله وسلم) من دار الأرقم ، بعد أن تكامل المسلمون أربعين رجلاً ، أو ما هو قريب من ذلك .

ونحن نشير هنا إلى :

ألف : إن الخروج من دار الأرقم – كما يقولون- إنما كان في الثالثة من البعثة ، حينما أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإعلان بالدعوة . وهم يصرحون بأن إسلام عمر كان في السادسة من البعثة .

ب : إنهم يقولون إن عمر قد أسلم بعد الهجرة إلى الحبشة ، حتى لقدرق للمهاجرين ، لما رآهم يستعدون للرحيل ، حتى رجوا إسلامه منذئذٍ . والهجرة إلى الحبشة قد كانت في السنة الخامسة من البعثة ، والخروج من دار الأرقم قد كان قبل ذلك أي في السنة الثالثة .

ج : إنه قد اشترك في تعذيب المسلمين ، وإنما كان ذلك بعد الخروج من دار الأرقم ، والأعلان بالدعوة .

متى أسلم عمر إذن :

إننا نستطيع أن نقول باطمينان : إنه لم يسلم في السنة السادسة قطعاً بل أسلم بعد ذلك بسنوات ، ومستندنا في ذلك :

أولاً : إنهم يقولون : إنه قد أسلم بعد فرض صلاة الظهر ، فصلى رسول الله الظهر تحت حماية عمر كما يقدم . وصلاة الظهر قد فرضت –حسب قولهم – حين الإسراء والمعراج الذي كان –عندهم – في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من البعثة . فكلا مهم متناقض .

وإن كنا نحن قد حققنا : أن الإسراء والمعراج كان في حوالي السنة الثانية من البعثة .

وقد أجاب البعض عن ذلك ، بأن المقصود هو صلاة الغداة أي الصبح (27).

ولكنه توجيه لا يصح ؛ فإن كلمة الظهر لا تنطبق على الغداة ولا تطلق عليها وهو جواب عجيب وغريب كما نرى .

وإن كان مرادهم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يؤخر صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس فهو غير معقول ؛ إذ كيف يؤخر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاته عن وقتها بلا عذر ظاهر ؟.

وثانياً : إن عبد الله بن عمر يصرح : أنه حين أسلم أبوه كان له هو من العمر ست سنين(28) ويرى البعض : أن عمره كان خمس سنين(29) .

ويدل على ذلك : رواية أن ابن عمر كان حين إسلام أبيه على سطح البيت ، ورأى أن الناس قد هاجوا ضد أبيه ، وحصروه في البيت ؛ فجاء العاص بن وائل ففرقهم عنه ، وقد استفسر ابن عمر أباه حينئذٍ عن بعض الخصوصيات كما سيأتي عن قريب .

كما أن ابن عمر يروي : أنه حين أسلم أبوه غدا يتبع أثره ، وينظر ما يفعل ، يقول : وأنا غلام أعقل ما رأيت (30) مما يدل على أن ابن عمر كان حين إسلام أبيه مميزاً مدركاً .

وذلك يدل على ان عمر أسلم حوالي السنة التاسعة من البعثة – كما ذهب إليه البعض(31) -لأن ابن عمر ولد في الثالثة من البعثة ، وتم عمره على الخمس عشرة سنة في عام الخندق سنة خمس من الهجرة ، حيث أجازه (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها كما هو مشهور(32) .

بل ورد عن ابن شهاب : ان حفصة وابن عمر قد اسلما قبل عمر . ولما أسلم أبوهما كان عبد الله ابن نحو من سبع سنين(33) وذلك يعني ان إسلام عمر قد كان في العاشرة من البعثة .

بل نقول : إن عمر بن الخطاب لم يسلم إلا قبل الهجرة بقليل ، ويدل على ذلك :

أولاً : إنه بلغه : أن أخته لا تأكل الميتة (34).

وواضح : أن تحريم الميتة إنما كان في سورة الانعام ، التي نزلت في مكة جملة واحدة . وكانت- كما تقول بعض الروايات –اسماء بنت يزيد الأوسية آخذة بزمام ناقة (صلى الله عليه وآله وسلم) (35)وإسلام الأوس وأهل المدينة إنما كان بعد الهجرة إلى الطائف ، ومجيء نسائهم إلى مكة قد كان بعد العقبة الأولى .

وما تقدم في فصل : بحوث تسبق السيرة . من ان زيد بن عمر وبن نفيل كان لا يأكل الميتة .. لوصح ؛ فإنما هو لاجل أنه كان يدين بالنصرانية إلا أن يقال : إن تحريم الميتة قد كان على لسان النبي قبل نزول سورة الانعام لكن ذلك يحتاج إلى دليل وشاهد وهو غير موجود .

وثالثاً : لقد استقرت البعض : أن يكون قد أسلم بعد أربعين ، أو خمس وأربعين ممن أسلم بعد الهجرة إلى الحبشة (36).

ويؤيد ذلك : أن هاجروا إلى الحبشة كانوا أكثر من ثمانين رجلاً . وهي انما كانت في الخامة ، وإسلام عمر كان في السادسة من البعثة كما يقولون – فلا بد ان يكون الأربعون الذين أتمهم عمر بإسلامه غير هؤلاء الذين هاجروا ، وإن كان إبن الجوزي يعد الذين أسلموا قبل عمر ، فيذكر اسماء من هاجر إلى الحبشة على الاكثر(37) الأمر الذي يشير إلى أنه يرى : أن الأربعين الذين اتمهم عمر هم هؤلاء ، وليسوا فريقاً آخر قد أسلم بعد هجرتهم.

ويؤيد ذلك أيضاً : الروايات التي تصرح بأنه أسلم في السادسة من البعثة ، وأنه رق للمهاجرين إلى الحبشة ، حتى لقد رجوا إسلامه .

فإذا كان ذلك . فلسوف يأتي في حديث المؤاخاة التي جرت في المدينة بعد الهجرة بين المهاجرين والانصار : أن المهاجرين كانوا حين المؤاخاة خمسة وأربعين رجلاً أو أقل أو أكثر بقليل (38). أي ان الذين أسلموا بعد الهجرة إلى الحبشة كانوا خصوص هؤلاء ، فإذا كان عمر قد أسلم وكان تمام الاربعين فيهم فإن معنى ذلك هو أنه قد أسلم قبل الهجرة بقليل ،. ثم هاجر . ولعله لاجل ذلك لم يتعرض للتعذيب في مكة ، كما سنشير إليه حين الكلام عن الذين عذبوا فيها .

ورابعاً : لقد جاء في الروايات في إسلامه عمر : أنه (دنا من رسول الله ، وهو يصلي ويجهر بالقراءة ، فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ، ولا تخطه بيمينك ،حتى بلغ الظالمون ) (39).

وواضح : أن هاتين الآياتين قد وردتا في سورة العنكبوت ، وهي إما آخر ما نزل في مكة ، أو هي السورة قبل الآخيرة (40).فإسلام عمر قد كان قبل الهجرة بقليل ، لأنه يكون أسلم قبل نزول هاتين السورتين .

وخامساً : لقد روى البخاري في صحيحه ، بسنده عن نافع قال : إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر .. ثم حاول نافع أن يوجه هذا بأن ابن عمر بايع تحت الشجرة قبل أبيه ، ثم قال : فهي التي يتحدث الناس : أن ابن عمر أسلم قبل عمر (41).

ولكننا نقول لنافع : ألم يكن الناس يعرفون اللغة العربية ؟ فلم لم يقولوا : إنه بايع قبل أبيه ، وقالوا : أسلم قبل ابيه ؟! .. ثم ألم يكن أحد منهم يعرف أن هذا الكلام لا يدل على ذاك ولا يشير إليه ، فكيف يصح أن يكون هو المقصود منه ؟!.

ونحن نعتقد أن ما يقوله الناس في الزمان هو الصحيح الظاهر ، فان ابن عمر قد أسلم قبل الهجرة بيسير ، ثم أسلم أبوه وهاجر (42).

وسادساً : ان عمر قد رفض في عام الحديبية : حمل رسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجة أن بني عدي لا ينصرونه ؛ فمعنى ذلك هو أنه قد أسلم وهاجر ولم يعلم أحد بإسلامه ، وإلا لكان قد عذب ، ولم ينصره بنو عدي (43). ولا سيما مع ما سيأتي من حالة الذل التي كان يعاني منها هذا الرجل قبل إسلامه .

 

2- من سمى عمر بالفاروق ؟!

وقد ذكرت تلك الروايات : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سمى عمر بالفارق حين أسلم .

ولكننا نشك في ذلك جداً ، إذ أن الزهري يقول :

( بلغنا : أن أهل الكتاب أول من قال لعمر : (الفاروق ) . وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم . ولم يبلغنا : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ذكر من ذلك شيئاً (44).

وقد كانت كلمة الفارق تطلق عليه في أيام خلافته (45).

 

3- هل كان عمر قارئاً ؟!

وتذكر الروايات : أن عمر بن الخطاب كان قارئاً ، وأنه قد قرأ الصحيفة بنفسه .

ونحن نشك في ذلك أيضاً : لاعتقادنا أنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة ، ولا سيما في بادئ أمره ، إلا أن يكون قد تعلمها بعد ذلك في أواخر ايام حياته ؛ وذلك لأمرين .

احدهما : أن البعض يصرح بأن خباب بن الأرت هو الذي قرأ له الصحيفة(46) فلو كان قارئاً ؛ فلماذا لا يقرؤها بنفسه ، ليتأكد من صحة الأمر ؟!

الثاني : لقد روى الحافظ عبد الرزاق ، بسند صحيح ، حسبما يقولون هذه الرواية نفسها ، ولكنه قال فيها : فالتمس الكتف في البيت حتى وجدها ، فقال حين وجدها : أما إني قد حُدِّثْتُ : انك لا تأكلين طعامي الذي آكل منه ، ثم ضربها بالكتف فشجها شجتين . ثم خرج بالكتف حتى دعا قارئاً ؛ فقرأ عليه . وكان عمر لا يكتب . فلما قُرِئَتْ عليه تحرك قلبه حين سمع القرآن الخ )(47) .

ويؤيد ذلك ما عن عياض ابن أبي موسى : أن عمر بن الخطاب قال لابي موسى : أدع لي كاتبك ليقرأ لنا صحفاً جاءت من الشام . فقال أبو موسى : إنه لا يدخل المسجد . قال عمر : أنه جنابة ؟ قال : لا ، ولكنه نصراني ؛ فرفع عمر يده فضرب حتى كاد يكسرها إلخ (48).

فلو كان عمر يعرف القراءة لم يحتج لكاتب أبي موسى ليقرأ له الصحف التي جاءته . ولربما يعتذر عن ذلك بأن الخليفة ربما لم يكن يباشر القراءة لمركزه مع معرفته لها . أو أن الرسائل كانت بغير العربية .

ولكن الظاهر هو أن هذه الاعراف والتقيدات قد حدثت في وقت متأخر ، ولم يكن عمر يتقيَّد بها كما أن بلاد الشام كانت ولا تزال عربية اللغة ، فمن البعيد أن يكتبوا له بغير العربية .

ويمكن أن يؤيد ذلك أيضاً : بأن عمر لم يكن ذا ذهنية علمية ، وذلك بدليل : أنه بقي اثنتي عشرة سنة حتى تعلم سورة البقرة ، فلما حفظها نحر جزوراً (49).

بل لقد ورد أنه طلب من حفصة أن تسأل له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكلالة ، فسألته عنها ؛ فأملّها عليها ؛ في كتب ، ثم قال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) : (عمر أمرك بهذا ؟ ما أظنه أن يفهمها ) (50).

بل لقد واجهه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه بذلك كما رواه كثيرون (51).

إلا أن من الممكن أن يكون عمر قد عاد فتعلم القراءة والكتابة بمشاق ومتاعب جمة ، ويمكن أن يستدل على ذلك بأنه – كما روى البخاري – كان يقول : إنه لولا أن يقال : إن قد زاد في كتاب الله لكتب آية الرجم بيده ؟!(52) .

ومهما يكن من أمر ، فإننا لسنا أول من شك في معرفة الخليفة الثاني للقراءة والكتابة ، فقد كان هذا الأمر موضع نقاش وشك منذ القرن الأول للهجرة ، فهذا الزهري يقول : كنا عند عمر بن عبد العزيز وهو والي المدينة ثم صارت إلى عبد الله بن عبد الله بن عتبة ، فقال : هل من معه به خبر فأسله : هل كان عمر يكتب ؟ .

فقال عروة : نعم كان يكتب .

فقال : بآية ماذا ؟ .

قال : بقوله : لولا ان يقول الناس زاد عمر في القرآن لخططت آية الرجم بيدي .

قال عبيد الله : فإنما صار عروة يمص مص البعوضة لتملأ بطنها ، ولا يرى أثرها ، يسرق أحاديثنا ويكتمنا ، أي أني أنا حدثته(53) .

 

ملاحظة :

وإذا ثبت عدم معرفته بالقراءة ، أو شك في كونه كان حينئذٍ يقرأ ويكتب ، فمن الطبيعي أن يتطرق الشك إلى قولهم ؛ إنه كان من كتاب الوحي(54) ، فلعل ذلك كان من الأوسمة التي نحله إياها بعض من عزّ عليهم أن يحرم عمر من هذا الشرف بنظرهم .

 

وملاحظة أخرى :

وهي أننا رأينا عمر بن الخطاب يضرب فخذ أبي موسى حتى كاد يكسرها ، لاتخاذه كاتبا نصرانياً ، مع انهم يقولون : إنه هو نفسه كان له مملوك نصراني لم يسلم ، وكان يعرض عليه الإسلام فيأبى ، حتى حضرته الوفاة فأعتقه (55).

فما هذا التناقض في مواقف الخليفة الثاني ؟! وما هو المبرر لها إلا أن يكون اعتراضه على أبي موسى منصباً على استعانته بغير المسلم في شؤون المسلمين العامة ، وهذا غير خدمة غير المسلم للمسلم .

 

4-هل عز الإسلام بعمر حقاً ؟!

وتذكر الروايات : أن الإسلام قد عز بعمر وأنه (صلى اله عليه وآله وسلم) قد دعا الله أن يعز الإسلام به بل لقد ذهبت بعض الروايات إلى اعتبار عمر من الجبارين في الجاهلية ، حيث إنه حين أشار على أبي بكر : أن يتألف الناس ويرفق بهم ، قال له أبو بكر : (رجوت نصرك ، وجئتني بهذا لأنك جبار في الجاهلية ، خوار في الإسلام الخ ) (56)..

ونحن نشك في صحة ذلك بل نجزم بعدم صحته ، وذلك للأمور التالية :

ألف : إن الإسلام إذا لم يعز بابي طالب شيخ الأبطح ، وبحمزة أسد الله وأسد رسوله ، الذي فعل برأس الشرك أبي جهل ما فعل ، وإذا لم يعزّ بسائر بني هاشم أصحاب العز والشرف والنجدة ، فلا يمكن أن يعز بعمر الذي كان عيسفاً (أي مملوكاً مستهانا به)(57) مع الوليد بن المغيرة إلى الشام (58). لا سيما وأنه يكن في قبيلته سيد أصلاً ، ولم تؤثر عنه في طول حياته مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أية مواقف شجاعة ، وحاسمة ، بل لم نجد له أية مبارزة ، أو عمل جرئ في أي من غزواته ، رغم كثرتها وتعددها .

بل لقد رأيناه يفر في غير موضع ، كأحد ، وحنين وخيبر حسبما صرح به الجم الغفير من أهل السير ، ورواة الأثر ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى .

ومن الطريف هنا ما رواه الزمخشري ، من أن أنس بن مدركة كان قد أغار على سرح قريش في الجاهلية ؛ فذهب به ، فقال له عمر في خلافته : لقد اتبعناك تلك الليلة ؛ فلو أدركناك ؟ . فقال : لو أدركتني لم تكن للناس خليفة (59).

والخلاصة : أنه لا يمكن أن يعز الإسلام بعمر ، الذي لم يكن له عز في نفسه ، ولا بعشيرته ، ولا شجاعة يخاف منها .

ب- إننا سواء قلنا : إن عمر قد أسلم قبل الحصر في الشعب أو بعده ، فإن الأمر يبقى على حاله ، لأننا لم نجد أي تفاوت في حالة المسلمين قبل وبعد إسلام عمر ، ولا لمسنا أي تحول نحو الأفضل بعد إسلامه ، بل رأينا : عكس ذلك هو الصحيح ، فمن حصر المشركين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والهاشميين في الشعب ، حتى كادوا يهلكون جوعاً ، وحتى كانوا يأكلون ورق السمر ، وأطفالهم يتضاغون جوعاً . ثم بعد وفاة أبي طالب رحمة الله لم يستطع (صلى الله عليه وآله وسلم) دخول مكة بعد عودته من الطائف إلا بعد مصاعب جمة ، لم نجد عمر ممن ساعد على حلها . هذا كله عدا عن الاذايا الكثيرة التي كان أبو لهب يوجهها للنبي باستمرار .

ج- وفي صحيح البخاري وغيره حول إسلام عمر : عن عبدالله بن عمر قال : بينما عمر في الدار خائفاً ، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي . إلى أن قال : فقال : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت . قال : لا سبيل إليك . بعد أن قالها أمنت . ثم ذكر إرجاع العاص الناس عنه . وأضاف الذهبي قول عمر : فعجبت من عزّه (60).

فمن يتهدده الناس بالقتل ، ويخاف ، ويختبىء في داره ، فإنه لا يكون عزيزاً ولا يعز الإسلام به .غير أنه هو نفسه قد ارتفع بالإسلام ، وصار له شخصية وشأن ، كما سنرى.

هذا عدا عن الروايات القائلة : إن أبا جهل هو الذي أجار عمر (61).

وعلى هذا فقد كان الأجدر : أن يدعو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يعز الإسلام بمن يجير عمر ، والذي يعجب الناس من عزته ، لا بعمر الخائف ، والمختبىء في بيته .

د- والغريب هنا : أن أحد الرجلين اللذين دعا لهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أبو جهل يضربه حمزة رضوان الله عليه بقوسه أمام الملأ من قومه ، فيشجه شجة منكرة ، ولا يجرؤ على الكلام ، ثم يقتل في بدر في أول وقعة بين المسلمين والمشركين .

والرجل الآخر وهو عمر بن الخطاب يكون على خلاف توقعات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يستجيب الله دعاءه فيه ، حيث لم يعز الإسلام به ، كما رأينا . مع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : (ما سألت –ربي-الله-شيئاً إلا أعطانيه ) (62)بل لقد كانت النتيجة عكسية ، حيث يذكر عبد الرزاق : (أنه لما جهر عمر بإسلامه اشتد ذلك على المشركين فعذبوا من المسلمين نفراً ) (63).

هـ – لا بأس بالمقارنة بين نعيم بن عبد الله النحام العدوي . وبين عمر بن الخطاب العدوي ؛ فقد أسلم نعيم قبل عمر ، وكان يكتم إسلامه ، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة ، لأنه كان ينفق على أرامل بني عدي وأيتامهم .

فقالوا : (أقم عندنا على أي دين شئت ، فوالله لا يتعرض إليك أحد الا ذهبت أنفسنا جميعاً دونك ) (64).

ويقول عروة عن بيت نعيم هذا : ( ما اقدم على هذا البيت أحد من بني عدي) (65)أي لشرفه .

أما عمر ، فإن رسول الله اراد في الحديبة أن يرسله إلى مكة ؛ليبلغ عنه رسالة إلى أشراف قريش ، تتعلق بالامر الذي جاء له ؛ فرفض ذلك وقال : (إني أخاف قريشاً على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي أحد يمنعني ) ثم أشار على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يرسل عثمان بن عفان (66).

و- لقد خطب ابن عمر بنت نعيم النحام ، فرده نعيم ، وقال : (لا أدع لحمي تربا ) وزوجها من النعمان بن عدي بن نضلة (67) .

فنعيم يربأ بإبنته عن ان تتزوج بابن عمر ، ويرى ذلك تضييعاً لها !! .

ز- وفي زيارة عمر للشام أيام خلافته خلع عمر خفيه ، ووضعهما على عاتقه ، وأخذ بزمام ناقته ، وخاض المخاضة فاعترض عليه أبو عبيدة ، فأجابه عمر بقوله : (إنا كنا أذل قوم؛ فاعزنا الله بالإسلام ، فهما نطلب العز بغير ما اعزنا الله به أذلنا الله(68) ) ، وفي نص آخر عنه : (إنا قوم أعزنا الله بالإسلام ، فلن نبتغي العز بغيره(69) ) .

واحتمال أن يكون مقصوده هو ذل العرب وعزهم لا خصوص بني عدي .

بعيد ؛ لأنه قد عنف أبا عبيدة على مقولته تلك بأن غير أبي عبيدة لو كان ذلك لكان له وجه ، أما أن يقوله أبو عبيدة العارف بالحال والسوابق فإنه غير مقبول منه . هذا بالاضافة إلى ما سيأتي مما يدل على ذل بني عدي ، فانتظر .

ح- وقال أبو سفيان للعباس في فتح مكة ، حينما كان يستعرض الألوية؛ فرأى عمر ، وله زجل : (يا أبا الفضل ، من هذا المتكلم ؟

قال : عمر بن الخطاب .

قال : لقد –أمر – أمر بني عدي بعد – والله – قلةٍ وذلة .

فقال العباس : يا أبا سفيان ، إن الله يرفع من يشاء بما يشاء ، وإن عمر ممن رفعه الإسلام ) (70).

ط- تقدم قول عوف بن عطية :

وأما الالأمان بنـو عــدي وتيم حين تزدحـم الأمــور

فلا تشهد لهم فتيـان حـرب ولكن أدْنِ من حلـب وعـير

وفي رسالة من معاوية لزياد بن أبيه يذكر فيها أمر الخلافة يقول : (ولكن الله عز وجل أخرجها من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة : ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب وليس في قريش حيان أذل منهما ولا أنذل الخ .. (71) .

ي- وقال خالد بن الوليد لعمر : ( إنك ألأمها حسباً . وأقلها عدداً وأخملها ذكراً .. إلى أن قال له : لئيم العنصر ما لك في قريش فخر . قال فأسكته خالد )(72).

 

5- غسل عمر لمس الصحيفة :

وإشكال آخر يبقى بلا جواب ، وهو أنه كيف طلبت أخته منه : أن يغتسل لمس الصحيفة ، مع أن غسل المشرك لا يجدي في جواز مس القرآن ؛ فإن المانع هو شركه ، ولا حدثه ، ولذلك قالت له : (إنك نجس على شركك ، وإنه لا يمسه إلا المطهرون ) (73)

ودعوى أن المراد هو غسل الجنابة مدفوعة أيضاً ، فإنهم يقولون : إن أهل الجاهلية كانوا يغتسلون من الجنابة(74) فكيف تقول له أخته : إنك لا تغتسل من الجنابة . وإلا أن يكون هو نفسه لم يكن يلتزم بما كان يلتزم به قومه في الجاهلية .

ومما يدل على أنهم كانوا يغتسلون من الجنابة ، أن أبا سفيان قد نذر أو حلف بعد رجوعه من بدر مهزوماً : أن لا يمس رأسه ماء من جنابة ، حتى يغزو محمداً . وكانت غزوة السويق لأجل ان يكفر عن يمينه ، (75) كما سنرى .

ويدل على ذلك : ما يذكرونه عن صيفي بن الأسلت من أنه كان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح واغتسل من الجنابة (76).

 

6-نزول آية في إسلام عمر :

ويذكرون ان آية : (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) قد نزلت في هذه المناسبة حيث أسلم عمر رابع اربعين .(77)

ولكن يعارض ذلك ما روي عن الكلبي ، من أن الآية قد نزلت في المدينة في غزوة بدر(78).

وعن الواقدي : أنها نزلت في بني قريظة والنضير (79).

وأيضاً فان الآية في سورة الأنفال ، وهي مدينة لا مكية .

وفي رواية الزهري : أن هذه الاية نزلت في الأنصار (80).

يضاف إلى ذلك : أن الآية مسبوقة بآيات القتال ، ولم يشرع القتال إلا في المدينة ، وهي تنسجم مع تلك الآيات تمام الانسجام ، فراجعها وتأمل فيها . وهي أيضاً تناسب المدينة ، حيث قويت شوكة الإسلام ، وعز المؤمنون .

 

ملاحظات أخيرة :

وأخيراً ، فإننا نذكر :

1-أن الذي يطالع روايات إسلام عمر ، يرى : أنها متناقضة تناقضاً كبيراً فيما بينها.

2- إن بعض الروايات تذكر : أن عمر قد التقى بسعد الذي كان قد أسلم ، أو بنعيم النحام ، وجرى بينهما كلام ؛ فأخبره بإسلام أخته ، وزوجها ، وأغراه بهما .

ويرد سؤال : انه اذا كان سعد مسلماً ، وكان نعيم قد أسلم قبل عمر سراً ، فلماذا يغري عمر بأخته المسلمة وصهره ؟! وإذا كان انما فعل ذلك ليصرفه عن قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسوء ؛ فلا ندري كيف يخاف من عمر على النبي وعند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمثال حمزة وعلي إلى تمام الأربعين رجلاً ؟ ولماذا لا يخاف على هذين المسلمين ، وليس لهما ناصر ، ولا عندهما أحد ؟!.

3- إن قول حمزة عن عمر : ( وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه ) يشير إلى انه رحمه الله لم يكن يقيم وزناً لعمر ، حتى حينما يكون عمر متوشحاً بالسيف ، حتى يرى : ان امره سهل ، وان بالإمكان قتله بنفس سيفه الذي يحمله ، وهذا غاية في الاستهانة بقدرات عمر ، ما بعدها غاية .

4-لا ندري لماذا تهدد النبي عمر ؟ وجبذه جبذة شدية !! .

وكيف وصل عمر إلى النبي بهذه السهولة ؟ ولماذا لقيه في الحجرة ؟

ولماذا خرج المسلمون في صفين ؟ وما هو فلسفة ذلك عسكرياً .

وهل لم يكن عمر يعرف من هو أنقل رجل في قريش ؟

ولماذا لم يكن يدنو إليه إلا شريف إلى غير ذلك من الاسئلة الكثيرة .

وإذا كان قد خرج مع المسلمين في صفين وتهدد المشركين ، وخاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينئذٍ فلماذا احتاج إلى انقل رجل لحديث في قريش ؟! ولماذا ذهب إلى المسلمين متوشحاً سيفه ، إلى كثير من الأسئلة التي تعلم بالمراجعة والمقارنة .

خاتمة المطاف :

وبعد ما تقدم ، فإن المراجع لروايات إسلام عمر لا يصعب عليه : أن يكتشف بسرعة : أن ثمة محاولات للتغطية على قضية إسلام حمزة ، الذي عز به الإسلام حقاً ، وسر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سروراً كثيراً . ولهذا تجد : أنهم يقرنون عمر بحمزة كثيراً في تلك الروايات ، ويحاولون إعطاءهما المواقف مناصفة ، مع تخصيص عمر بحصة الأسد فيها .

كما أن فضيلة رد الجوار التي هي لعثمان بن مظعون يحاولون إعطاءها إلى عمر .

بل نجد في بعض الروايات : إن أهل الكتاب في الشام قد بشروا عمر بما سوف يؤول إليه أمره في مستقبل هذا الدين الجديد(81) ، كما بشروا أبا بكر في بصرى(82) وكما بشروا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه(83) حسب رواياتهم .

ثم إنهم قد وجدوا في عمر العلامات التي تدعم مدعاهم (84)، كما وجدوها في أبي بكر من قبل ؟!

ثم كان إسلام عمر ، وكانت كل الجهود موقوفه على صنع الفضائل والكرامات له !! فتبارك الله أحسن الخالقين!!

ولقد قال ابن عرفة : المعروف بنفطويه إن أكثر فضائل الصحابة قد افتعلت في عهد بني أمية ، إرغاماً لأنوف بني هاشم (85)! كما أن معاوية قد أمر الناس بوضع الحديث في الخلفاء الثلاثة كما سيأتي بيانه إن شاء الله .

وحسبنا ما ذكرناه هنا ؛ فإن فيه مقنعاً وكفاية لكل من أراد الرشد والهداية .

1 - البدء والتاريخ ج5ص98 .

2 - راجع : تاريخ الأمم والمولك ج2 ص72-73 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص312 .

3 - راجع : تاريخ الأمم والملوك ج2 ص72 .

4 - سورة عبس /1-10 .

5 - راجع في هذه الروايات : مجمع البيان ج10ص437 والميزان عن المجمع وتفسير ابن كثير ج4 ص470 عن الترمذي ، وابي يعلى ، وحياة الصحابة ج2 ص 520 عنه ، وتفسير الطبري ج30 ص33/34 ، والدر المنثور ج6ص314/315 . وأي تفسير قرآن آخر لغير الشيعة ؛ فانك تجد فيه الروايات المختلفة التي تصب في هذا الاتجاه ، فراجع الأخير على سبيل المثال .

6 - راجع : الهدى إلى دين المصطفى ج1 ص 158 .

7 - الظاهر أن المراد به أبا مالك الاشجعي ، المشهور بالرواية ، وتفسير القرآن ، وهو تابعي .

8 - راجع : الهدى إلى دين المصطفى ج1 ص158/159 .

9 - راجع : الهدى إلى دين المصطفى ج1 ص158 ، والميزان ج20 ص203 ، وتنزيه الانبياء ص119 ومجمع البيان ج1 ص437 .

10 - سورة التوبة الآية / 128 .

11 - راجع : الدر المنثور ج3 ص12 /13 .

12 - سورة البقرة الآية /129 .

13 - تنزيه الأنبياء ص 119 .

14 - الشعراء /214 –215 .

15 - الميزان ج20 ص303 .

16 - تفسير البرهان ج4 ص428 ، وتفسير نور الثقلين ج5 ص509 ، ومجمع البيان ج10 ص437 .

17 - مجمع البيان ج10ص437 وتفسير البرهان ج4 ص428 ، وتفسير نور الثقلين ج5 ص509 .

18 - تفسير القمي ج2 ص405 وتفسير البرهان ج4ص427 ، وتفسير نور الثقلين ج5ص508 .

19 - سيرة ابن هشام ج2 ص3 .

20 - ونحن نجد في عثمان بعض الصفات التي تنسجم مع مدلول الآية ، كما يشهد له قضيته مع عمار حين بناء المسجد في المدينة ، حين ردد عمار ما ارتجز به علي (عليه السلام) تعرضياً بعثمان :

لا يستوي من يعمر المساجدايدأب قائمــاً وقـاعــدا

ومن يرى عن التراب حائـدا

وستأتي هذه القضية إن شاء الله تعالى .

21 - راجع : الهدى إلى دين المصطفى ج1 ص158 .

22 - الانعام الآية 52 .

23 - الكهف الآية 28 .

24 - حلية الاولياء ج1ص146-345 ، وراجع مجمع البيان ج4ص305 /306 . والبداية والنهاية ج6ص56 وعن كنز العمال ج1ص245 وج7ص46 عن ابن أبي شيبة وابن عساكر . والدر المنثور في تفسير الآيات المشار إليها . عن العديد من المصادر .

25 - راجع في مجموع ما تقدم : الاوائل للعسكري ج1ص221/222 ، والثقات لابن حبان ص72-75 والبدء والتاريخ ج5ص88-90 ومجمع الزوائد ج9ص61 عن البزار والطبراني ، وتاريخ الطبري حوادث سنة 23 ،وطبقات ابن سعد ج3 ص191 ، وعمدة القري للعيني ج8 ص68 ، وسيرة ابن هشام ج1 ص366-374 ، وتاريخ الخميس ج1ص295-297 وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص23-30، والبداية والنهاية ج3ص31و72-80 ، والسيرة الحلبية ج1ص329-335 ، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص132-137 ومصنف الحافظ عبد الرزاق ج5ص327/328 ، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص182/183 ، واسباب النزول للواحدي وحياة الصحابة ج1 ص274 –276 ، والاتقان ج1 ص15 ، والدر المنثور ج3ص200 وكشف الأستار عن مسند البزار ج3ص169-172 ولباب النقول ط دار احياء العلوم ص113 ، إلى غير ذلك من كتب الحديث ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص4-9 ط دار النصر للطباعة .

26 - راجع هذه الأحاديث وغيرها في : البدء والتاريخ ج5 ص88 ، وسيرة مغلطاي ص 23 ، ومنتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج4ص470 عن الطبراني ، وأحمد ، وابن ماجة ، والحاكم والبيهقي ، والترمذي ، والنسائي ، عن عمر ، وخباب ، وابن مسعود ، والأوائل ج1 ص221 ، وطبقات ابن سعد ج3 قسم1 ص191-193 ، وجامع الترمذي ط الهند ج4 ص315/314 ، ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص7 وتحفة الاحوذي ج4ص314 والبداية والنهاية ج3 ص79 ، والبخاري ط الميمنية ج ص ومصنف عبد الرزاق ج5 ص325 ، والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص271 ، والسيرة الحلبية ج1ص330 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2ص102 وتاريخ الخميس ، وسيرة ابن هشام ، وسيرة دحلان ، ومسند أحمد ، وسيرة المصطفى ، والطبراني في الكبير والاوسط ، والمشكاة وغير ذلك من كتب الحديث والتاريخ .

27 - السيرة الحلبية ج1 ص335 .

28 - تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص19 ، وطبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص193 ، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص182 .

29 -فتح الباري ج7 ص135 .

30 - البداية والنهاية ج3ص81 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص105 وسيرة ابن هشام ج1 ص373-374 .

31 - السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص39 ، والبداية والنهاية ج3ص82 ، ومروج الذهب ط دار الأندلس بيروت ج2 ص321 .

32 - سير أعلام النبلاء ج3ص209 ، تهذيب الكمال ج15 ص340 الاصابة ج2 ص347 والاستيعاب بهامش الاصابة ج2 ص342 وبقية المصادر لذلك تراجع في كتابنا : سليمان الفارسي في مواجهة التحدي ص24 .

33 - سير أعلام النبلاء ج3 ص209 .

34 - مصنف الحافظ عبد الرزاق ج5 ص326 .

35 -الدر المنثور ج3 ص2 عن الطبراني ، وابن مردويه .

36 - الثقات لابن حبان ج1ص73 ، والبداية والنهاية ج3ص80 والبدء والتاريخ ج5 ص88 .

37 - تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص28/29 .

38 - وإن كان ابن هشام قد عد نحو سبعين ممن هاجر إلى المدينة . ولكن ذلك لا يمكن الاعتماد عليه بعد النص على عدد من آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بينهم من قبل غير واحد ، كما سيأتي . ولا يعقل أن يترك أحداً من أصحابه لا يؤاخي بينه وبين آخر من اخوانه .

39 - المصنف للحافظ عبد الرزاق ج5 ص326 . وراجع مصادر روايات إسلام عمر المتقدمة .

40 - الاتقان ج1 ص10 –11 .

41 - صحيح البحاري ط مشكول ج5 ص163 .

42 - وقد تقدم عن الزهري ان عمر قد اسلم بعد حفصة وعبد الله بن عمر .

43 - ستأتي مصادر ذلك بعد حوالي خمس صفحات .

44 - تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص30 ، وطبقات ابن سعد ج3 قسم 1 ص193 ، والبداية والنهاية ج7 ص133 ، وتاريخ الطبري ج3 ص267 حوادث سنة 23 . وذيل المذيل ج8 من تاريخ الطبري .

45 -راجع : طبقات الشعراء الابن سلام ص44 .

46 - تاريخ ابن خلدون ج2 قسم 2 ص9 .

47 - مصنف الحافظ عبد الرزاق ج5 ص326 .

48 - عيون الاخبار لابن قتيبة ج1 ص43 والدر المنشور ج2ص291 عن ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان وحياة الصحابة ج2 ص785 عن تفسير ابن كثير ج2 ص68 .

49 - تاريخ عمر بن الخطاب ص165 ، والدر المنثور ج1 ص21 ، عن الخطيب في رواة مالك ، والبيهقي في شعب الايمان ، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص66 ، والغدير ج6ص196 عنهم وتفسير القرطبي ج1ص152 والتراتيب الاداريةج2 ص280 عن

50 - المصنف للحافظ عبد الرزاق ج10ص305 .

51 - راجع الغدير ج6 ص116 عن غير واحد . وراجع 128 .

52 - راجع كتابنا : حقائق هامة حول القرآن ص346 ، فقد نقلنا ذلك عن عشرات المصادر .

53 - بحوث في تأريخ القرآن وعلومه ص113 عن تأريخ القرآن للزنجاني . وفي تأريخ اليعقوبي ج2 ص80 ط صادر والاستعياب بهامش الأصابة ج1 ص51 ، ذكرا عمر في جملة من كان يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله ) . لكن لم يبينا ، إذا كان يكتب الوحي ، أو غيره .

54 - مختصر تاريخ دمشق ج17 ص10 .

55 - حلية الاولياء ج9ص 34 ، عن كنز العمال ج5ص50 عن ابن ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن ابي شيبة ، وابن أبي حاتم ، والطبقات الكبرى ج6 ص109 والتراتيب الادارية ج1 ص102 ونظام الحكم في الشريعة والتاريخ والحياة الدستورية ص58 عن تاريخ عمر لابن الجوزي ص87 و148 .

56 - كنز العمال ج6ص295 .

57 - راجع : اقرب الموارد ، مادة : (عسف) .

58 - المنمق ، لابن حبيب ط الهند ص146 ، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص183 .

59 - المنمق ص147 .

60 - راجع : صحيح البخاري ج5ص60/61 ط مشكول ، ففيه روايتان بهذا المعنى ، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2ص104 ، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص409 ، وتاريخ عمر لابن الجوزي ص26 ، والسيرة الحلبية ج1ص332 ، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص135 ، وسيرة ابن هشام ج1 ص374 ، والبداية والنهاية ج3 ص82 وراجع : دلائل النبوة للبيهقي ط دار النصر ج2 ص9 .

61 -تأريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص24-25 وراجع كشف الأستار ج3ص171 ومجمع الزوائد ج9ص64 وذكر : أن خاله هو الذي أجاره وقال ابن إسحاق المراد بخاله : أبو جهل ، ولم يرتض ذلك ابن الجوزي ، فراجع .

62 - راجع : ترجمة الامام علي بن إبي طالب من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ج2 ص275 و276 وهامشها و278 وفرائد السمطين باب 43 حديث 172 وكنز العمال ج15 ص150 ط2 عن ابن جرير ، وصححه ، وابن ابي عاصم ، والطبرني في الاوسط . وابن شاهين في السنة ، وعن الرياض النظرة ج2 ص213 .

63 - راجع المصنف لعبد الرزاق ج5ص328 .

64 - أسد الغابة ج2 ص33 وراجع : نسب قريش لمصعب ص380 .

65 -نسب قريش لمصعب ص381.

66 - راجع : البداية والنهاية ج4 ص167 عن ابن إسحاق ، وحياة الصحابة ج2ص397 /398 عن كنز العمال ج1 ص84و56وج5ص288 عن ابن ابي شيبة ، والروياني ، وابن عساكر ، وابي يعلى ، وطبقات ابن سعد ج1ص461 وسنن البيهقي ج9ص221 .

67 - نسب قريش لمصعب ص380 .

68- مستدرك الحاكم ج1 ص61 . وتلخيصه للذهبي بهامشه ، وصححه على شرط الشيخين .

69 - مستدرك الحاكم ج1 ص62 .

70 - مغازي الواقدي ج2ص821 ، وعن كنز العمال ج5ص295 ، عن ابن عساكر ، عن الواقدي .

71 - كتاب سليم قيس ص140 .

72 - الخصال ج2 ص463 .

73 - الثقات ج1ص74 ، وراجع مصادر الرواية المتقدمة ، ومجمع الزوائد ج9 ص63 .

74 - السيرة الحلبية ج1ص329 عن الدميري ، والسهيلي وذكر الدميري : أنه بقية من دين إبراهيم وإسماعيل .

75 - البداية والنهاية ج3ص344 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص540 وتاريخ الخميس ج1 ص410 والسيرة الحلبية ج2ص211 والكامل في التاريخ ج2 ص139 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية ) ج2 ص5 والبحار ج20 ص2 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص175 .

76 - السيرة النبوية لابن هشام ج3ص47 وتاريخ الإسلام للذهبي ص109 والسيرة الحلبية ج2 ص14 .

77 - راجع : الدر المنثور ج3 ص200 عن الطبراني ، وابي الشيخ ، وابن مردوية وراجع ايضاً ما اخرجه عن البزار وابن المنذر ، وابن ابي حاتم ، وغيرهم .

78 - مجمع البيان ج4 ص557 .

79 - التبيان للطوسي ج5 ص152 .

80 - الدر المنثور ج3 ص200 عن ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم .

81 - راجع الرياض النضرة ج2 ص319 .

82 -راجع : السيرة الحلبية ج1ص274/275 و186 والرياض النضرة ج1 ص221 .

83 - قد أشرنا إلى ما يذكرونه عن دور ورقة بن نوفل في ذلك ، وأثبتنا عدم صحة ذلك ، فراجع روايات بدء الوحي في الجزء الأول من هذا الكتاب .

84 - تاريخ عمر بن الخطاب ص 22 .

85 - راجع النصائحالكافية ص 74 وحياة الإمام الحسن 5 للقرشي ج2 ص148 والكنى والألقاب ج3 ص262 وفجر الإسلام ص213 .