فهرس الكتاب

 

الفصل الرابع :

في شعب أبي طالب

 

المقاطعة :

و(لما رأت قريش عزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمن معه ، وعزة أصحابه في الحبشة ، وفشوّ الإسلام في القبائل ) (1).

وأن جميع جهودها في محاربة الإسلام قد باءت بالفشل . حاولت أن تقوم بتجربة جديدة ، وهي الحصار الاقتصادي والاجتماعي ، ضد الهاشميين ، وأبي طالب ؛ فاما أن يرضخوا لمطالبها في تسليم محمد لها للقتل . وإما ان يتراجع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه عن دعوته ، وإما أن يموتوا جوعاً وذلاً ، مع عدم ثبوت مسؤولية محددة على أحد في ذلك ، يمكن أن تجرّ عليهم حرباً أهلية ، وربما لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها ، وعواقبها السيئة.

فكتبوا صحيفة تعاقدوا فيها على عدم التزوج والتزويج لبني هاشم ، وبني المطلب ، وان لا يبيعوهم شيئاً ، ولا يبتاعوا منهم ، وأن لا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور ، أو يسلموا لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ليقتلوه .

وقد وقع على هذه الصحيفة أربعون رجلاً من وجوه قريش ، وختموها بخواتيمهم ، وعلقت الوثيقة في الكعبة مدة ( ويقال : إنهم خافوا عليها السرقة ؛ فنقلوها إلى بيت أم أبي جهل (2).

وكان ذلك في سنة سبع من البعثة على أشهر الروايات . وقيل ست .

وأمر أبو طالب بني هاشم أن يدخلوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشعب –الذي عُرِف بشعب أبي طالب- ومعهم بنو المطلب بن عبد مناف ، باستثناء أبي لعنة الله وأخزاه(3) . واستمروا فيه إلى السنة العاشرة .

ووضعت قريش عليهم الرقباء حتى لا يأتيهم أحد بالطعام .

وكانوا ينفقون من أموال خديجة ، وأبي طالب ، حتى نفدت ، حتى اضطروا إلى أن يقتاتوا بورق الشجر . وكان صِبْيَتُهُم يتضاعون جوعا ، ويسمعهم المشركون من وراء الشعب ، ويتذاكرون ذلك فيما بينهم ، فبعضهم يفرح ، وبعضهم يتذمم من ذلك . ويقولون : إنه ربما وجد فيهم من يتعاطف مع المسلمين ، وكان هذا يصدر غالباً ممن يتصل بهم نسباً ، كأبي العاص بن الربيع ، وحكيم بن حزام وان كنا نحن نشك في ذلك كما سيأتي ان شاء الله تعالى .

ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب إلا في موسم العمرة في رجب ، وموسم الحج في ذي الحجة ، فكانوا يشترون حينئذ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً ، حيث إن المشركين كانوا يلتقون بكل من يقدم مكة اولاً ، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمناً لسلعته ، شرط أن لا يبيعها للمسلمين . وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك ؛ فكان يوصي التجار بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئاً ، ويضمن لهم ، ويعوضهم من ماله كل زيادة تبذل لهم . بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئاً بنهب أمواله ، ويحذّرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم .

والخلاصة : أن قريشاً قد قطعت عنهم الاسواق ، فلا يتركون لهم طعاماً يقدم مكة ، ولا بيعاً إلا بادروهم إليه ، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (4).

وقد استمرت هذه المحنة سنتين أو ثلاثاً . وكان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) اثناءها يأتيهم بالطعام سراً من مكة ، من حيث يمكن ، ولو أنهم ظفروا به لم يبقوا عليه ، كما يقول الاسكافي وغيره (5).

وكان أبو طالب رضوان الله تعالى عليه كثيراً ما يخاف على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البيات ؛ فإذا أخذ الناس مضاجعهم ، اضطجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) على فراشه ، حتى يرى ذلك جميع من في شعب أبي طالب ، فإذا نام الناس جاء واقامه ، وأضجع ابنه علياً مكانه (6).

وثمة ابيات شعر له رحمه الله مخاطباً بها ولده علياً بهذه المناسبة ، فلتراجع في مصادرها.

أموال خديجة (رض) وسيف علي (عليه السلام ) :

 

هنا سؤال مفاده :

إن من المعروف : ان الإسلام قد قام بسيف أمير المؤمنين (عليه السلام) ، الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) – كما سيأتي في غزوة أحد وبدر :

لا فـتــى إلا عـلــــي لا سيـف إلا ذو الـفـقـــار

وبأموال خديجة رحمها الله تعالى ، التي أنفقتها في سبيل الله سبحانه فما معنى هذا الكلام وما الذي يرمي إليه ؟! فهل معنى ذلك : أن خديجة كانت ترشو الناس من أجل أن يدخلوا في الإسلام ؟

وهل يمكن العثور على مورد واحد من هذا القبيل في التاريخ ؟!

ولعلك تقول : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتألف كثيرين على الإسلام ، فيعطيهم الأموال ترغيباً لهم في ذلك . وقضية غنائم حنين الآتية إن شاء الله أوضح دليل على ذلك ، ولا يجهل أحد سهم المؤلفة قلوبهم في الإسلام .

والجواب : أن هذا الذي ذُكِرَ ليس معناه : أنهم كانوا يأخذون الرشوة على الإسلام ، وإنما يريد الإسلام لهؤلاء أن يعيشوا في الاجواء الإسلامية ، ويتفاعلوا معها ، وينظروا لها نظرة سليمة ، ومن دون وجود أية حواجز نفسية ، أو سياسية ، أو إجتماعية فكان هذا المال المعطي لهم يساعد على التغلب على تلك الحواجز الوهمية في اكثرها ، ويجعلهم يعيشون في الاجواء والمناخات الإسلامية ، ويتعرفون على خصائص الإسلام وأهدافه . ولتحصل لهم من ثم القناعات الوجدانية والفكرية بأحقية الإسلام ، وسمو أهدافه .

كما أن من هؤلاء من يرى : أن هذا الدين قد حرمه من المال والثروة والامتيازات التي يحبها ، فلماذا لا يدبر في الخفاء ما يزيح هذا الكابوس الخانق ، والمضر بمصالحة ؟ فاذا أعطي المال ، وأفِهم أن الإسلام ليس عدواً لمال : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ، والطيبات من الرزق ) (7)فإنه يمكن اقناعه حينئذٍ بأن هدف الإسلام ليس إلا التركيز على انسانية الإنسان ، واعتبارها المقياس الحقيقي له ، ولا المال ، ولا القوة ولا الجمال ، ولا الجاه ، ولا غير ذلك . وانه يهدف إلى تنظيم حياة هذا الإنسان في هذا الخط ، ليكون سعيداً في الدنيا والآخرة على حد سواء .

واما أموال خديجة ؛ فلم تكن تعطى كرشوة على الإسلام ، ولا كانت تنفق على المؤلفة قلوبهم . وانما كانت تسدّ رمق ذلك المسلم ، الذي يعاني اعظم المشاق والآلام ، في سبيل إسلامه وعقيدته ، هذا المسلم الذي لم تتورع قريش عن محاربته بكل ما تملكه من أسلحة لا انسانية ولا أخلاقية ، حتى بالفقر والجوع ، فكانت تلك الأموال تسد رمق من يتعرض للاخطار الكبيرة ، وتخدم الإسلام عن هذا الطريق . وهذا معنى قولهم : ان الإسلام قام بأموال خديجة .

وملاحظة لا بد منها ، وهي ان أموال خديجة التي أُنِفقت في المقاطعة ، كانت في غالبها من النوع الذي يمكن الانتفاع به في سدّ رمق الجائع . وكسوة العاري ، واما ما سواه ؛ فلربما لم يتعرض لذلك ؛ بسبب عدم القدرة على البيع والشراء في غالب الأحيان .

ونشير اخيراً ، إلى أن مكة مهما عظمت الثروة فيها ، فانها لا تخرج عن كونها محدودة الإمكانات ، تبعا لموقفها ، وحجمها ؛ لأنها لم تكن مدينة كبيرة جدا ، بل كانت بلدا كبيرا بالنسبة إلى القرية ، ولذا جاء التعبير عنها في القرآن بـ (ام القرى) وثروة في بلد كهذا تبقى دائماً محدودة ، تبعاً لمحدوديته ، وقدراته ، وإمكاناته .

 

حكيم بن حزام وعواطفه تجاه المسلمين :

قد تقدم انهم يذكرون حكيم بن حزام في جملة من كان يرسل الطعام سراً إلى المسلمين في شعب أبي طالب روى ذلك ابن إسحاق وغيره (8).

ولكننا بدورنا نشك في ذلك ، فإن حكيم بن حزام كان من القوم الذين انتدبتهم قريش لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يرصدونه بانتظار ساعة الصفر(9) وقد ردّ الله كيدهم إلى نحورهم .

أضف إلى ذلك : أنه كان يحتكر جميع الطعام الذي كان يأتي إلى المدينة على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (10). وكان من المؤلفة قلوبهم (11).

ومن كانت له نفسية كهذه ، فانه يصعب عليه جود كهذا ، خصوصاً إذا كان معه تعريض نفسه لأخطار العداء مع قريش . وإلا أن يكون يمارس ذلك بروحه الاحتكارية التجارية ؛ فيبيع المسلمين الطعام باغلى الاثمان . فيعرض نفسه لهذه الاخطار حباً بالمال .

ويكون حبه للمال ، وتفانيه في سبيله هو الذي يسهّل عليه كل عسير ، ويذلّل له ركوب كل صعب وخطير .

اضف إلى ذلك : أنه سوف يأتي حين الكلام على إسلام أبي طالب حين الكلام على ردَّه (صلى الله عليه وآله وسلم ) هدية ملاعب الاسنة : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قد ردّ هديته وهدية غيره ، لأنها هدية من مشرك .

فلا يعقل : أن يقبلها الآن ، ويردّها بعد ذلك . وإلا لاعترضوا عليه بقبوله لها قبل الآن .

إلا ان يدّعى : ان ابن حزام إنما كان يعطي الأطفال والنساء ، وغيرهم من بني هاشم المحصورين في الشعب ، وهؤلاء كانوا يقبلون ذلك منه ، وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يكن يقبل .

فتبقى ملاحظة : انه قد يكون انما ياتيهم بالطعام ليبيعهم إياه بأغلى الاثمان لا دافع لها.

ومن ذلك كله يظهر أيضاً : أنه لا يمكن الإطمئنان ، ولا قبول قولهم : إن أبا العاص بن الربيع كان يفعل مثل ذلك آنئذٍ .

ونحن لا نستبعد : أن يكون للزبيريين يد في تسجيل هذه الفضيلة لحكيم بن حزام ، لا سيما وأنه كان ممن تلكّأ عن بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكان عثمانياً متصلباً(12) . وقد أشرنا إلى ذلك حين الكلام حول ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام ) في الكعبة ، وحين الكلام عن افتعال الاكاذيب في موضوع الوحي وكيفياته .

 

انشقاق القمر :

وفي السنة الثامنة من البعثة ، حينما كان المسلمون محصورين في شعب أبي طالب ، كانت قضية انشقاق القمر (13).

وقد جاء في الروايات الكثيرة : أن قريشاً سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يريهم آية ، فدعا الله فانشق القمر نصفين حتى نظروا إليه ثم التأم ؛ فقالوا هذا سحر مستمر ، فأنزل الله تعالى : اقتربت الساعة وانشق القمر ، وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولا سحر مستمر (14).

وفي رواية : أنهم قالوا : انتظروا ما يأتيكم به السُّفَّار ؛ فان محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلّهم ، فجاء السفار ، فسألوهم ، فقالوا : نعم رأيناه ، فأنزل الله : اقتربت الساعة وانشق القمر (15).

ونقل عن السيد الشريف في شرح المواقف ، وعن ابن السبكي في شرح المختصر : أن الحديث متواتر لا يمترى في تواتره عند أهل السنة (16).

وأما عند غيرهم ، فيقول العلامة البحاثة السيد الطباطبائي ايده الله : (ورد انشاق القمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في روايات الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام كثيراً ، وقد تسلّمه محدثوهم ، والعلماء من غير توقف ) (17) .

ولكن على أية حال .. لا يمكن أن تعتبر هذه المسألة من ضروريات الدين ، كما اشار إليه بعض الاعلام (18).

 

شبهة ، وحلها :

يقول العلامة الطباطبائي : (واعترض عليها : بأن صدور المعجزة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) باقتراح من الناس ، ينافي قوله تعالى : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأولون ، وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ، وما نرسل بالآيات إلا تخويفا)(19).

فمفاد هذه الآية ، إما أنا لا نرسل بالآيات إلى هذه الأمة اَصلاً ، لأن الأمم السابقة كذبوا بها ، وهؤلاء يماثلونهم في طباعهم ؛ فيكذبون بها ، ولا فائدة في الإرسال مع عدم ترتب الأثر عليه . أو المفاد ؛ أنا لا نرسل بها ، لأنا أرسلنا إلى أوليهم فكذبوا بها ، واهلكوا . ولو أرسلنا إلى هؤلاء لكذبوا بها ، وعذبوا ، عذاب الاستئصال ، لكنا لا نريد أن نعاجلهم بالعذاب . وعلى أي حال لا يرسل بالآيات إلى هذه الأمة ، كما كانت ترسل إلى الأمم الدارجة .

نعم ، هذا في الآيات المرسلة باقتراح الناس ، دون الآيات التي تؤيّد بها الرسالة ، كالقرآن المؤيد لرسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكآيتي العصا ، واليد لموسي (عليه السلام) ، وآية احياء الموتى وغيرها لعيسى (عليه السلام) ، وكذا الآيات النازلة لطفاً منه سبحانه ، كالخوارق الصادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لا عن اقتراح منهم الخ .

ثم أجاب أيده الله بما ملخصه : أن تكذيبهم بآية انشقاق القمر كان يستدعي العذاب ، لأنها آية اقتراحية منهم ، وما كان الله ليهلك جميع من أرسل نبيّه إليهم ، وهم أهل الارض جميعاً إلا بعد إتمام الحجة عليهم ، ولم تتم الحجة بعد على جميع الناس ثم كذبوه ، ثم طلبوا الآية . بل تمت الحجة على بعض الأفراد من الذين كانوا يعيشون في مكة ، لأن هذه الآية كانت قبل الهجرة بخمس سنين هذا بالإضافة إلى أنه ما كان الله ليهلك جميع أهل مكة ومن حولها ، لأن فيهم جمعاً كبيراً من المسلمين ، قال تعالى : (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم ، فتصيبكم منهم معرّة بغير علم ، ليدخل الله في رحمته من يشاء ، لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) (20).

ولم يتزيل المشركون عن المسلمين ، ولا امتازوا عنهم .

كما أنه إذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) بينهم فانه لا يعذبهم . قال تعالى : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )(21) وما كان الله لينجي المؤمنين ، ويهلك الكفار بعد ان آمن جمع كثير منهم فيما بين سنة ثمان من البعثة ، وثمان من الهجرة ، ثم أسلم عامتهم يوم الفتح . والإسلام يكتفي فيه بظاهره .

وأيضاً ، فان عامة أهل مكة ومن حولها لم يكونوا أهل جحود وعناد ، وإنما كان ذلك في عظمائهم وصناديدهم ، الذين كانوا يستهزؤن به (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويعذبون المؤمنين .

والآيات التي تبين أنهم لكونهم يصدون على المسجد الحرام ، ولكونهم يستفزونه (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأرض ليخرجوه منها . سوف ينشأ عنه أنهم لا يلبثون خلافه إلا قليلا ، وليذوقوا العذاب بما كانوا يكفرون(22) – هذه الآيات – قد تحقق مضمونها بما أصابهم يوم بدر من القتل الذريع .

فقوله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات الخ .. ) إنما يفيد الامساك عن إرسال الآيات ما دام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم ، واما إرسال وتأخير العذاب إلى حين خروجه من بينهم فلا دلالة فيه عليه .

وقوله تعالى :(وقالوا : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً )– إلى أن قال-: (قل : سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا ) (23). ولا يدل على نفي تأييد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بالآيات المعجزة ، وانكار نزولها من الأساس . وإلا فان جميع الأنبياء كانوا بشراً . ومعنى الآية : أنه من حيث هو بشر فانه لا يقدر على ذلك . وانما الأمر إلى الله تعالى فهو الذي يأتي بالآيات في الحقيقة (24).

ويقول البعض : إن آية : (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً ) لعلها ناظرة إلى أن دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ليست معتمدة على الآيات ، التي هي من قبيل ناقة ثمود ، وآيات موسى (عليه السلام) ، بل هي تعتمد بالدرجة الأولى على الاقناع ، واقامة الحجة العقلية كدعوة إبراهيم ، وذلك لا ينافي صدور بعض الآيات في الموارد التي لا تنفع فيها الحجج العقلية ، والبراهين القطعية .

 

انشاق القمر ، الحَدثَ الكبير

وأوردوا على انشقاق القمر ، بأنه لو انشق –كما يقال- لرآه جميع الناس ، ولضبطه أهل الأرصاد في الغرب والشرق ، لكونه من اعجب الآيات السماوية ، والدواعي متوفرة على استماعه ونقله .

وأجيب :

أولاً : إن من الممكن أن يغفل عنه ، فلا دليل على كون كل حادث أرضي أو سماوي معوماً للناس ، محفوضا عندهم ، يرثه خلف عن سلف (25).

وأوضح ذلك بعض الأعلام بما حاصله :

إنه لا بد من ملاحظة الأمور التالية

إن هذا الانشقاق قد حصل في نصف الكرة الأرضية ، حيث يوجد الليل دون النصف الآخر ، حيث يوجد النهار .

وفي هذا النصف لا يلتفت أكثر الناس إلى ما يحصل في الاجرام السماوية إذا كان ذلك بعد نصف الليل ، حيث الكل نائمون ، فإنهم جميعاً لا يلتفتون إلى ذلك .

ولربما يكون في بعض المناطق سحاب يمنع من رؤية القمر .

والحوادث السماوية إنما تلفت النظر لو كانت مصحوبة بصوت كالرعد ، أو بأثر غير عادي كقلة نور الشمس في الكسوف ، إذا كان لمدة طويلة نسبياً .

هذا كله عدا عن أن السابقين لم يكن لهم اهتمام كبير بالسماء ومراقبة ما يحدث لاجرامها .

ولم يكن ثمة وسائل إلاعلام تنقل الخبر من أقصى الأرض إلى أقصاها بسرعة مذهلة ؛ لتتوجه الانظار إلى ما يحدث .

والتاريخ الموجود بين أيدينا ناقص جداً ، فكم كان في تلك المئات والآلاف من السنين الخالية من كوارث وزلازل ، سيول عظيمة أهلكت طوائف وأمماً ، وليس لها مع ذلك في التاريخ أثر يذكر . بل إن زرادشت وقد ظهر في دولة عظيمة ، وله أثر كبير على الشعوب على مدى التاريخ ، لا يُعرف حتى أين ولد ومات ودفن ، بل ويشك البعض في كونه شخصية حقيقة ، أو وهمية .

وبعد ما تقدم : يتضح أنه لا يجب أن يعرف الناس بانشقاق القمر ، ولا أن يضبطه التاريخ بشكل واضح(26) كما هو معلوم .

وثانياً : لم يكن في المنطقة العربية وغيرها مرصد للأوضاع السماوية ، وإنما كانت المراصد موجودة في المشرق والمغرب لدى الروم واليونان ، وغيرهما . ولم يثبت وجود مرصد في هذا الوقت .

على أن بلاد الغرب ، الذين كانوا معتنين بهذا كانوا معتنين بهذا الشأن بينها وبين مكة من اختلاف الأفق ما يوجب فصلاً زمانياً معتدّاً به . وقد كان القمر على ما في بعض الروايات بدراً قد انشق حين طلوعه ، ودام مدة يسيرة ، ثم التأم ، فيقع طلوعه في بلاد المغرب وهو ملتئم ثانياً (27).

 

إمكان الانشقاق والالتيام علمياً :

ويبقى هنا سؤال . وهو أنه هل يمكن علمياً الانشقاق في الأجرام السماوية ؟ ، وإذا أمكن الانشقاق ، فانما يمكن ببطلان التجاذب بين الشقتين حينئذٍ فيستحيل الالتيام بعد الانشقاق .

وأجيب عنه : بأن خرق العادة بقدرة الله سبحانه ليس محالاً . كما أن العلماء يقولون : إنه قد حدثت انشقاقات كثيرة في الأجرام السماوية ؛ بسبب عوامل خاصة ، ومن الأمثلة على ذلك :

1- عن ثمة حوالي خمسة آلاف من القِطَعِ الكبيرة والصغيرة التي تدور حول الشمس ويعتقد العلماء انها بقايا احدى السيارات التي كانت بين مداري المريخ ، والمشتري ، ثم انفجرت لاسباب مجهولة وتحولت إلى قطع متفاوتة الاحجام في مدارات حول الشمس .

2- ويقولون : إن الشهب هي أحجار صغيرة تسير بسرعة مذهلة في مدار حول الشمس . وربما تتقاطع مع الأرض أحياناً ، فتجذبها الأرض ، فتصطدم بالجو الأرضي فتشتعل ثم تتلاشى . ويقول العلماء : انها بقايا نجوم انفجرت وتشققت بهذا النحو .

3- والمنظومة الشمسية أيضاً يقال – حسب نظرية لابلاس -: إنها كانت في الاصل قطعة واحدة ، ثم انفجرت ، لسبب غير معلوم فصارت على هذا النحو .

فلماذا لا ينشق القمر بسبب قاهر وهو القدرة الالهية ، حيث إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد دعا الله فاستجاب له .؟ ولم يدّع أحد أنه ينشق بلا سبب أصلاً .

وأما عودته إلى الالتيام بعد ذلك . فقد قال العلماء : إن كل جرم كبير له جاذبية . ولذلك نجد أن الشمس كثيراً ما تجذب بعض القطعات التي تدور حولها .

فتتحول تلك القطع بفعل الصدمة والاحتكاك إلى لهب متلاشٍ . اذن ، فما دام كل من شقي القمر قريباً إلى الآخر ، وبعد رفع تأثير القوة المانعة من تأثير الجاذبية ، فلماذا لا يشد كل من النصفين النصف الآخر إلى نفسه ، ليعودا كما كانا ، وأي محذور عقلي في ذلك(28).

وقد أوجز العلامة الطباطبائي الاجابة عن سؤال امتناع الالتيام لعدم الجاذبية ، فقال : إن الاستحالة العقلية ممنوعة ، والاستحالة العادية ، بمعنى اخترق العادة ، لو منعت عن الالتيام بعد الانشقاق ، لمنعت أولاً عن الانشقاق بعد الالتيام ولم تمنع . وأصل الكلام مبني على خرق العادة(29) .

 

دلالة الآية القرآنية على ذلك :

ويحتمل البعض : أن يكون قوله تعالى : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) إلى المستقبل ، وأنه من أشراط الساعة ، كتكوير الشمس ، وانكدار النجوم .

 

وأجيب عنه بما حاصله :

أولاً : إن ظاهر قوله تعالى : (وان يروا آية يعرضوا ويقولوا : سحر مستمر ) هو أن جماعة من مخالفي النبي لا يؤمنون بالآيات وكلما جاءتهم آية يزيد عنادهم واستكبارهم ، ويعتبرونها من السحر . مما يدل على أنه قد جرى له (صلى الله عليه وآله وسلم) معهم في قصة انشاق القمر مثل ذلك .

ثانياً : إن جملة (انشق ) فعل ماض ، ولا يراد الاستقبال من الفعل الماضي إلا بقرينة ، وهي غير موجودة . بل الموجود خلافه ؛ فقد قال الرازي : (المفسيرون بأسرهم على أن المراد أن القمر انشق ، ودلت الأخبار الصحاح عليه (30)) –وإن كان الطبرسي وابن شهر اشوب يستثنيان : عطاء ، والحسن والبلخي . ثم قال : الطبرسي : وهذا لا يصح ، لأن المسلمين أجمعوا على ذلك ، فلا يعتد بخلاف من خالف فيه (31).

وان قيل : إن اقتران جملة : اقتربت الساعة : بجملة : وانشق القمر ، يوحي بأن زمانهما واحد .

فالجواب هو : ان كثيراً من الآيات تؤكد على أن الساعة قد قرب وقتها ، فلم الغفلة ؟ ،قال تعالى : (اقترب للناس حسابهم ، وهم في غفلة معرضون )(32) . وينقل عنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : ( بعثت انا والساعة كهاتين ) (33) وأشار إلى اصبعيه ، (والظاهر : أن ذلك بملاحظة مجموع عمر الدنيا الطويل جداً ، حتى ليصح أن يقال : إن هذا الفاصل الزماني بين بعثته ( صلى الله عليه وآله وسلم) وقيام الساعة ليس بشيء ) .

وبعد هذا .. فان مفاد الآية يكون : ان الساعة قد اقتربت ، وهذه الآية المعجزة قد ظهرت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) . ولكن هؤلاء المشركين المستكبرين لا يؤمنون ، ولا يصدقون . بل يقولون : سحر مستمر(34) .

ولكن بعض المحققين يقول : إن قوله تعالى : (وإن يروا آية الخ.. ) جملة شرطية ، لا دلالة فيها على وقوع ذلك . وجملة (اشق القمر ) مساقها مساق قوله تعالى : أتى أمر الله ؛ فلا تستعجلوه ، فانها جملة فعلية ماضوية . ولكن الأمر لم يأت بعد بقرينة قوله : (فلا تستعجلوه ) . وكذا الحال في قوله تعالى : (وانشق القمر) بملاحظة قوله تعالى : (وإن يروا إلخ ) . والمراد بيان حالهم لو وقع لهم أمر كهذا . وأما الاجماع الذي أدعاه الطبرسي ؛ فلا حجية فيه ، إذ من المحتمل أن يكون منشؤه الفهم الخاطئ للآية . انتهى كلامه .

ونقول نحن : إن هذا الكلام له وجه ، لو لم يكن لدنيا أخبار صحيحة تدل على وقوع انشقاق القمر .

 

الاساطير :

هذا ، وقد لعبت الأهواء والاساطير في قضية شق القمر ، حتى لقد شاع على ألسنة الناس : أن أحد شقي القمر قد مرَّ من كُمَّ النبي ( صلى الله وآله وسلم) . فيقول العلامة ناصر مكارم : إن هذا الكلام ليس له في كتب الحديث والتفسير عين ولا أثر ، سواء عند السنة ، أو عند الشيعة .

وثمة تفاصيل وخصوصيات تذكر في بعض الروايات لا نرى في تحقيق الحق فيها كبير نفع ، ولا جليل أثر ؛ ولذا فنحن نعرض عنها إلى ما هو أهم ، ونفعه أعم .

 

نقص الصحيفة :

وبعد ثلاث سنوات تقريباً من حصر المسلمين في شعب أبي طالب ، أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم ) عمه أبا طالب بأن الإرضة قد اكلت كل ما في صحيفتهم من ظلم وقطيعة رحم ولم يبق فيها إلا ما كان اسماً لله (وفي نص آخر : انها قد اكلت كل اسم تعالى فيها ، ولم تُبْقِ إلا كل ظلم وشر ، وقطعية رحم .(35).

فخرج أبو طالب من شعبه ، ومعه بنو هاشم إلى قريش ، فقال المشركون :الجوع أخرجهم .

وقالوا له : يا أبا طالب ، قد آن لك أن تصالح قومك . قال : قد جئتكم بخير ، إلى صحيفتكم ، لعله أن يكون بيننا وبينكم صلح فيها .

فبعثوا ، فأتوا بها . فلما وضعت وعليها أختامهم . قال لهم أبو طالب : هل تنكون منها شيئاً ؟

قالوا : لا.

قال : إن ابن أخي حدثني ولم يكذبني قط :أن الله قد بعث على هذه الصحيفة الإرضة ، فأكلت كل قطيعة وإثم ، وتركت كل اسم هو لله ؛ فان كان صادقاً أقلعتم عن ظلمنا ، وإن يكن كاذباً ندفعه اليكم فقتلتموه .

فصاح الناس : أنصفتنا يا أبا طالب .

ففتحت ، ثم أخرجت ، فإذا هي كما قال (صلى الله عليه آله وسلم) : فكبر المسلمون ، وامتقعت وجوه المشركين .

فقال أبو طالب : أتبين لكم : أينا أولى بالسحر والكهانة ؟.

فأسلم يؤمئذٍ عالم من الناس .

ولكن المشركين لم بذلك ،بل استمروا على العمل بمضمون الصحيفة ، حتى قام جماعة منهم بالعمل على نقضها ، ويذكرون منهم :

هشام بن عمرو بن ربيعة ، وزهير بن أمية بن المغيرة ، والمطعم بن عدي ، وأبا البختري بن هشام ، وزمعة بن الاسود ، وكلهم له رحم ببني هاشم والمطلب . وتكلموا في تقضها ؛ فعارضهم أبو جهل فلم يلتفتوا إلى معارضته ، ومزقت الصحيفة ، وبطل مفعولها .

وخرج الهاشميون حينئذٍ من شعب أبي رضوان الله تعالى عليه (36).

 

حنكة أبي طالب ، وايمانه :

إن المطالع لأحداث ما قبل الهجرة النبوية الشريفة ليجد عشرات الشواهد الدالة على حنكة أبي طالب (عليه السلام) .

وخير شاهد نسوقه الآن على ذلك ، هو ما ذكرناه آنفا ، حيث رايناه يطلب منهم أن يحضروا صحيفتهم ، ويمزج ذلك بالتعريض بامكان أن يكون ثمة صلح في ما بينهم وبينه . وما ذلك إلا من أجل أن لا تفتح الصحيفة إلا علناً ، يراها كل أحد ، وأيضاً ، حتى يهيئهم للمفاجأة الكبرى ، ويمهد السبيل أمام طرح الخيار المنطقي عليهم ، ليسهل عليهم تقبله ، ثم الالتزام به .

ولا سيما إذا استطاع أن ينتزع منهم وعداً بما يريد ، ويضعهم أمام شرف الكلمة ، وعلى محك قواعده النبل واحترام الذات ، حسب المعايير التي كانوا يتعاملون على أساسها .. وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد ، حتى ليصيح الناس : أنصقتنا يا أبا طالب .

ثم تبز لنا من النصوص المتقدمة حقيقة أخرى ، لها أهميتها وانعكاساتها ، وهي تدل مدى ثقة أبي طالب بصدق النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبسداد أمره ، وواقعية ما جاء به . حتى لقد كان يتألم جداً من اتهام ابن أخيه بالسحر والكهانة ، ويعتبر ذلك افتراءاً ظاهراً ، ويغتنم الفرصة السانحة للتعبير عن خطل رايهم ، وسفه أحلامهم ، فيقول لهم : (اتبين لكم : أينا أولى بالسحر والكهانة ؟) . وكانت النتيجة : أن أسلم بسبب هذه المعجزة يؤمئذٍ عالم من الناس .

 

القبلية وآثارها :

وقد لاحظنا فيما سبق : أن القبلية قد ساعدت إلى حد ما في منع الكثير من الأحداث التي تؤثر مستقبليا على الدعوة ونجاحها . وليكن ما قام به هؤلاء الذين عملوا على نقض الصحفية هو أحد الشواهد على ذلك . ولكن الذي يلفت نظرنا هو أننا لا نرى ابا لهب فيمن قام في ذلك أو ساعد عليه .

كما أننا لا نجد اثراً لابن عم خديجة حكيم بن حزام ، الذي تدّعي الروايات !! أنه كان يرسل الطعام لهم وهم محصورون في الشعب .

وأيضاً لانجد مكاناً لابي العاص بن الربيع الأموي (!!) ، الذي سوف يأتي حين الكلام على أسطورة تزويج علي ببنت أبي جهل أنهم يدّعون (!!) : ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أثنى على صهره !! تعريضا بعلي الذي لم يكن يستحق إلا التقريع والتعريض (!!) . علي الذي كان يخاطر بنفسه ، ويأتي لهم بالطعام من مكة ، ولو وجدوه لقتلوه ، كما تقدم .

 

ما بعد تقض الصحيفة :

واستمر الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يعمل على نشر دينه ، وأداء رسالته ، واستمرت قريش تضع في طريقه العراقيل ، وتحاول أن تمنع الناس من الاجتماع به ، والاستماع إليه ، بكل الوسائل التي تقع تحت اختيارها .

والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتحمل ويصبر . لا يكل ولا يمل . ولم تفلح قريش في ذلك ، ولا وصلت إلى نتيجة .

والأحداث التي في هذا السبيل كثيرة ، لو أردنا استقصاءها لطال بنا المقام . ولا محيص لنا عن تجاوزها إلى غيرها ، وإن كان يعز ذلك علينا .

 

وفد من الحبشة :

وقدم على النبي الأعظم الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أول وفد من خارج مكة ، وبالذات ، من الحبشة ، ومن النصارى ، وقيل : من نجران . وكان يتألف – على قول ابن إسحاق وغيره – من عشرين رجلاً ، وقيل غير ذلك . وكان على رأس الوفد جعفر بن أبي طالب رحمة الله (37). فوجدوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد ؛ فكلموه ، وسألوه ، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة ، وبعد دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) لهم إلى الإسلام آمنوا وصدقوا .

فلما قاموا ، اعترضهم أبو جهل ، وعنفهم على إسلامهم ، وتركهم دينهم ؛ فقالوا : سلام عليكم ، لانجاهلكم ، لنا ما نحن عليه ، ولكم ما أنتم عليه ، لم نأل أنفسنا خيراً ؛ فأنزل الله تعالى : (الذين آتيناهم الكتاب من قبله ، هم به يؤمنون ، إلى قوله تعالى : إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ، وقالوا : لنا اعمالنا ولكم اعمالكم ، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ) (38).

وكانت هذه –بطبيعة الحال – ضربة قاسية لقريش وكبريائها ، وخططها واهدافها . وخصوصاً إذا كان ذلك الوفد قد جاء من الحبشة ، وبالأخص بقيادة جعفر (عليه السلام) ؛ فان ذلك يعني : أن الدعوة قد بدأت تأخذ طريقها إلى القلوب في مناطق لا تخضع لقريش ، وسلطانها ، ونفوذها .

كما أنه إنذار لها بلزوم التحرك بسرعة قبل أن يفوت الاوان ، ولكن كيف ؟ وأنى ؟ . وهذا أبو طالب ، ومعه الهاشميون والمطلبيون يمنعون محمداً ويحوطونه . فلا بد إذن من الانتظار .

 

من مواقف أبي طالب :

وكان أبو طالب شيخ الأبطح (عليه السلام) هو الذي حامى وناصَرَ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وحدب عليه منذ طفولته ، وحتى الآن : فقد نصره بيده ولسانه ، وواجه المصاعب الكبيرة ، والمشاق العظيمة ، في سبيل الدفع عنه ، والذود عن دينه ورسالته ، واعطائها الفرصة للتوسع والانتشار ، ما وجدت إلى ذلك سبيلا .

وهو أيضاً الذي كان يقدمه على اولاده جميعاً ، وقد ارجعه بنفسه من بصرى إلى مكة عندما حذره بحيراً من اليهود عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) .

نعم ، وهو الذي رضي بعداء قريش له ، وبمعاناة الجوع والفقر ، والنبذ الاجتماعي ، ورأى الاطفال يتضاغون جوعاً ، حتى اقتاتوا ورق الشجر ، بل لقد عبرّ صراحة : عن انه على استعداد لان يخوض حرباً طاحنة ، تأكل الاخضر واليابس ، ولا يسلم محمداً لهم ، ولا يمنه من الدعوة إلى الله ، بل هولا يطلب منه ذلك على الأقل .

وهو الذي يقف ذلك الموقف العظيم من جبابرة قريش وفراعنتها ، حينما جاءه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) – وقد القت عليه قريش سلا ناقة –فأخذ رحمه الله السيف ، وامر حمزة بأن ياخذ السلا ، وتوجه إلى القوم ، فلما رأوه مقبلاً عرفوا الشرّ في وجهه ، ثم أمر حمزة ان يلطّخ سِبالهم ، واحداً واحداً ، ففعل (39).

وفي نص آخر : انه نادى قومه ، وامرهم بأن يأخذوا سلاحهم ؛ فلما رآه المشركون ارادوا التفرق ؛ فقال لهم : (ورب البنية ، لا يقوم منكم احد الا جللته بالسيف ، ثم وجأ أنف من فعل بالنبي ذلك حتى ادماها – وفاعل ذلك هو ابن الزبعرى – وامرّ بالفرث والدم على لحاهم (40).

وفي الشعب كان يحرس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بنفسه وينقله من مكان إلى آخر . ويجعل ولده علياً (عليه السلام) في موضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى اذا كان أمر اصيب ولده دونه وقد خاطب رحمه الله في هذه المناسبة عليا (عليه السلام) بأبيات معبرة ، وأجابه علي (عليه السلام) بمثلها(41) فلتراجع .

وكان يدفع قريشا عنه باللبن تارة ، وبالشدة اخرى . وينظم الشعر السياسي ، ليثير العواطف ، ويدفع النوازل ، ويهيىء الاجواء لاعلاء كلمة الله ، ونشر دينه ، وحماية اتباعه.

كل ذلك في سبيل الدفع عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة (فلم يجده ؛ فجمع الهاشميين ، وسلحهم ، واراد ان يجعل كل واحد منهم إلى جانب عظيم من عظماء قريش ليفتك به ، لو ثبت ان محمداً اصابه شر ) (42).

وواضح : ان الالمام بكل مواقف أبي طالب ، وتضحياته الجسام يحتاج إلى وقت طويل ، وجهد مستقل ونحن نكتفي بهذه الاشارة ، ونعترف اننا لم نقض حقه كما ينبغي (وذلك من اجل نوفّر الفرصة لبحوث أخرى في السيرة النبوية الشريفة .

 

مع تضحيات أبي طالب رضوان الله عليه :

مما تقدم يظهر ان أبا طالب ، شيخ الأبطح ، كان على استعداد لأن :

1- يتخلى حتى عن مكانته في قومه ـ إلى بديل آخرى هو في الاتجاه المضاد تماماً ، وهو العداء لهم ، وسائر أهل بلده ، بل والدنيا بأسرها ، بل هو يتحمل النفي والنبذ الاجتماعي له ، ولكل من يلوذ به ، ولا يستسلم للضغوط المتنوعة التي يتعرض لها ، ولا تلين قناته ، ولا تصد صفاته .

2- يرضى بتحمل الجوع والفقر والمحاصرة الاقتصادية ، بل هو يبذل أمواله وكل ما لديه في سبيل هذا الدين .

3- يوطن نفسه على خوض حرب طاحنة ، ربما تنتهي بابادة الهاشميين وأعدائهم ، إذا لزم الأمر .

4- يضحى حتى بولده الأصغر سناً علي(عليه السلام) ويتحمل آثار غربة ولده الآخر جعفر ، المهاجر إلى الحبشة .

5- يجاهد بيده ولسانه ، ويستخدم كل ما لديه من إمكانات مادية ومعنوية ، ولا يبالي بكافة الصعاب والمشاق ، وهو يدافع عن هذا الدين ، ويحوطه بالرعاية والعناية ، ما وجد إلى ذلك سبيلاً .

 

سؤال وجوابه :

ويرد سؤال ، وهو : لماذا لا يكون ذلك كله عاطفي ، ونابعاً عن حمية النسب والقبيلة ؟! أو على حدّ تعبير البعض : بدافع من (حبه الطبيعي ) (43)؟ .

وجوابه :

1- ما يأتي من ادلة قاطعة على ايمان أبي طالب عليه الصلاة والسلام ولا سيما اشعاره وتصريحاته الدالة على ذلك هذا بالإضافة إلى ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) وعن الأئمة من ولده في حقه .

2- ما يؤيد ذلك انه إذا كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) ابن اخيه ؛ فان علياً ولده ، فلو كانت العاطفة النسبية هي الدافع ، فلماذا يضحي بولده دون ابن أخيه ، طائعاً مختاراً ، بعد تفكير وتأمل وتدبر لعواقب ذلك ؟ ولماذا يرضى بأن يكون الاغتيال – لو تم – موجها له دونه ؟! أم يعقل أن يكون حبه الطبيعي لابن أخيه أكثر منه لولده ، وفلذة كبده ؟!.

3- أما الحمية القبلية ، والرابطة النسبية ، فلو كانت هي السبب في موقفه ذاك ، فلماذا لم تدفع أبا لهب لعنه الله لان يقف موقف أبي طالب (عليه السلام) ؛ فيدفع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويضحي في سبيله ؛ حتى بولده وبمكانته ، وبكل ما يملك ؟!.

بل لقد رأيناه من اشد الناس على النبي ، وأكثرهم جرأة عليه ، وإيذاء له .

وأما ساير بني هاشم فانهم وإن دخلوا الشعب مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن تضحيات أبي طالب ، كما انهم انما وقفوا هذا الموقف تحت تأثير نفوذ أبي طالب ، وإصراره ..

وهكذا يتضح : ان حمية الدين اقوى من حمية النسب ، ولذلك نرى المسلمين يصرحون بأنهم على استعداد لقتل آبائهم واولادهم في سبيل دينهم . وقد استأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتل أبيه (44) وفي صفين أيضاً لم يرجع الأخ عن أخيه حتى أذن له أمير المؤمنين (ع) بتركه ، (45) إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة .

4- ثم إنه لو كان أبو طالب يفعل ذلك من اجل الدنيا ؛ فقد كان يجب ان يضحي بابن أخيه دون ولده ، ويضحي به دون عشيرته ؛ لانه يحصل على الدنيا من هذا الطريق ؛ كما قتل المأمون أخاه ، وسمّمت أم الهادي ولدها ، لا أن يضحي بكل شيء دونه ، ثم تكون النتيجة هي : أن يدمّره ويدمر نفسه معه ، فان هذا لا يصح في منطق المصالح الدنيوية باية صورة على الاطلاق .

5- وأيضاً ، فان الحمية القبلية -لو كانت- فانما تؤثر اثرها في حدود مصالح القبيلة ، والحفاظ على شؤونها ، ومستقبلها اما إذا كانت هذه الحمية سبباً في تدمير القبيلة والقضاء عليها ، وتعطيل مصالحها ، وتعريض مستقبلها للاخطار الجسام ؛ فان هذه الحمية لا يمكن ان يفسح لها المجال ، ولا ان يظهر لها اثر لدى عقلاء الرجال .

وهكذا يتضح : اننا لا يمكن ان نفسر مواقف أبي طالب (ع) تلك الاّ على انها بدافع عقيدي وايماني راسخ ، يدفع الإنسان للبذل والعطاء ، لكل ما يملك في سبيل دينه وعقيدته.

فصلوات الله وسلامه عليك يا أبا طالب ، يا أبا الرجال ، ويا رائد قوافل التضحية والفداء ، في سبيل الحق والدين ، ورحمة الله بركاته .

 

عام الحزن :

وفي السنة العاشرة من البعثة كانت وفاة الرجل العظيم ، أبي طالب عليه الصلاة والسلام .

ففقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفقده نصيراً قوياً ، وعزيزاً وفياً ، كان هو الحامي له ، والدافع عنه ، وعن دينه ، ورسالته ، كما أشرنا إليه .

ثم توفيت بعده بمدة وجيزة- قبل : بثلاثة أيام ، وقيل بعده بحوالي شهر(46) خديجة أم المؤمنين صلوات الله وسلامه عليها ، أفضل أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأحسنهن سيرة ، وأخلاقاً مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقد كانت بعض نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (وهي عائشة) تغار منها غيرةً شديدة ، كما سنرى ، رغم أنها لم تجتمع معها في بيت الزوجية ، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد تزوجها بعد وفاة خديجة بزمان (47).

ونستطيع أن نعرف : كم كان لأبي طالب (عليه السلام) ، ولخديجة صلوات الله وسلامه عليهما من خدمات جلى في سبيل هذا الدين من تسمية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عام وفاتهما بـ :

(عام الحزن ) (48).

 

الحب في الله والبغض في الله :

ومن الواضح : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ينطلق في حبه لهما ، وحزنه عليهما من مصلحته الشخصية ، أو من عاطفة رحمية ، وإنما هو يحب في الله تعالى ، وفي الله فقط . ويقدّر أي إنسان ، ويحزن لفقده ، ويرتبط به روحياً وعاطفياً ، بمقدار ارتباط ذلك الإنسان بالله ، وقربه منه ، وتفانيه في سبيله ، وفي سبيل دينه ورسالته .

أي أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتأثر على أبي طالب وخديجة ؛ لأن هذه زوجته وذاك عمه . وإلا فقد كان أبو لهب عمه أيضاً . وإنما لما لمسه فيهما من قوة إيمان ، وصلابة في الدين ، وتضحيات وتفان في سبيل الله ، والعقيدة . وفي سبيل المستضعفين في الأرض ولما خسرته الأمة فيهما ، من جهاد واخلاص قلَّ نظيره في تلك الظروف الصعبة والمصيرية .

وقد المح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك حينما جعل موت أبي طالب وخديجة مصيبة للأمة بأسرها ، كما هو صريح قوله في هذه المناسبة :

( .. اجتمعت على هذه الأمة مصيبتان ، لا أدري بأيهما أنا أشدّ جزعاً ) (49).

نعم ، وذلك هو الأصل الإسلامي الأصيل ، الذي قرره الله تعالى بقوله : (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر ، يوادّون من حادّ الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم ، أو إخوانهم أو عشيرتهم الخ ) وهل ثمة محادّة لله ولرسوله أعظم من الشرك ، الذي عبر الله عنه بقوله : (إن الشرك لظلم عظيم ) و (إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك) ؟!

والآيات والروايات التي تؤكد على الحب في الله والبغض في الله كثيرة تفوق حد الحصر في عجالة كهذه .

وعلى هذا الأساس قال الله تعالى لنوح عن ولده : (انه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) (50).

وقال تعالى حكاية لقول إبراهيم (ع) : (من تبعني فإنه مني) (51)

وعلى هذا الأساس أيضاً كان سلمان الفارسي من أهل البيت . قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : سلمان من أهل البيت (52)

 

وقال أبو فراس :

كانت مودة سلمان لهم رحماً ولم تكن بين نوح وابنه رحم

1- سيرة مغلطاي ص23 ، وراجع سيرة ابن هشام ج1 ص375 ، وتاريخ الخمس ج1 ص297 ، عن المواهب اللدنية .

2 - هكذا جاء في بعض الروايات في البحار ج19 ص16 عن الخرائج والجرائح . ولا يهمنا تحقيق هذا الأمر كثيراً..

3 - وقيل : إن أبا سفيان بن الحارث أيضا لم يدخل الشعب معهم ، ولكنه قول نادر . والاكثر على الاقتصار على ابي لهب لعنه الله … ولسنا هنا في صدد تحقيق ذلك ..

4 - البداية والنهاية ج3 ص84 .

5 -شرح النهج للمعتزلي ج13 ص256 .

6 - شرح النهج للمعتزلي ج13 ص256 وج14 ص64 ، الغدير ج7 ص357 /358 عن كتاب الحجة لابن معد.

وذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية ج3 ص84 من دون تصريح بالاسم . وتيسير المطالب ص49 .

7 -سورة الأعراف الآية /32 .

8 - راجع : سيرة ابن هشام ج1 ص379 وغير ذلك من كتب السيرة .

9 - البحار ج19 ص31 ومجمع البيان ج4ص537 .

10 -دعائم الإسلام ج2 ص35 والتوحيد للصدوق ص389 والوسائل ج12 ص316 والكافي ج5ص165 والتهذيب للطوسي ج7 ص160 ومن لا يحضره الفقيه ج3ص266 ط جماعة المدرسين والإستبصار ج3ص15 .

11 - نسب قريش ص 213 .

12 - قاموس الرجال ج3 ص387 .

13 - تفسير الميزان ج19 ص62 و64 .

14 - سورة القمر /1و2 .

15 - الدر المنثور ج6 ص133 عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبهقي في دلائلهما ، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص122 .

16 - تفسير الميزان ج19 ص60 .

17 - تفسير الميزان ج19 ص61 وراجع باب المعجزات السماوية في البحار ، ج17 ص 348 –359 .

18 - راجع : همه بايد بدانند (فارسي)ص75 .

19 - الإسراء /59 .

20 - الفتح /25 .

21 - الأنفال /33.

22 - راجع الإسراء /76 والانفال /35 .

23 - الإسراء /93 .

24 - راجع فيما تقدم : تفسير الميزان ج19 ص60 –64 .

25 -تفسير الميزان ج19 ص64 .

26 - همه بايد بدانند (فارسي) ص94 للعلامة الشيخ ناصر مكارم الشيرازي .

27 - تفسير الميزان ج19 ص64/65 .

28 - كتاب : همه بايد بدانند ص84-90 .

29 - تفسير الميزان ج19-65 .

30 - التفسير الكبير للرازي ج29 ص28 .

31 - مجمع البيان ج9 ص186 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص122 .

32 - الأنبياء /1.

33 - نقلة في مفتاح كنوز السنة ص 227 عن البخاري ، ومسلم ، وابن ماجة والطليالسي ، وأحمد ، والترمذي والدارمي ، فراجع .

34 - راجع في كل ما ذكرناه في دلالة الآية كتاب : همه بايد بدانند (فارسي ) ص76-80 .

35 - ولربما يقال : إن استمرار قريش على عدائه (صلى الله عليه وآله ) ، إلى حين نقض الصحيفة ، يدل على أن الأرضة إنما محت اسم الله تعالى . وابقت قطيعة الرحم وسائر المواد التي اتفقوا عليها . وقد استبعد ذلك بأن أكل الارضة لأسم الله بعيد . فلعلهم التزموا بمضمونها وان كانت قد محيت ، أو أنهم أعادوا كتابنها .

ولربما يرد على ذلك بأن الارضة إنما محت اسم الله عنها تنزيها له عن أن يكون في صحيفة ظالمة كهذه وهذا إعجاز مطلوب وراجع من أجل اظهار الحق ، وليس في ذلك إهانة .

36 - راجع فيما تقدم : السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص44 والسيرة النبوية لابن هشام ج2ص16 ودلائل النبوة ط دار الكتب ج2ص312 والكامل في التاريخ ج2 ص88 والسيرة البنوية لدحلان ج1 ص137 و138 ط دار المعرفة وتاريخ اليعقوبي ج2 ص31 والبداية والنهاية ج3 ص85 و86 .

37 - كذا قال البوطي في فقه السيرة ص126 ومجمع البيان ج7 ص258 ويفهم منه أنهم قدموا مع جعفر حين قدومه نهائياً عام خيبر .

38 - الآية في سورة القصص من آية 52 حتى آية 55 ، وراجع الحديث في سيرة ابن هشام ج2 ص32 ، وتفسير ابن كثير ، والقرطبي ، والنيشابوري في تفسير الآيات ، والبداية والنهاية ج3 ص82 .

39 - الكافي نشر مكتبة الصدوق ج1 ص449 ومنية الراغب ص75 وراجع السيرة الحلبية ج1 ص291 و292 والسيرة النبوية لدحلان مطبوع بهامش الحلبية ج1 ص202 و208و231 والبحار ج18 ص209 .

40 - راجع : الغدير ج7 ص388 و359 وج8 ص4-3 وابو طالب مؤمن قريش ص73 كلاهما عن العديد من المصدر وثمرات الأوراق ص285 /286 ونزهة المجالس ج2 ص122 والجامع القرآن ج6ص405 ، 406 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص24/25 .

41 - المناقب لابن شهر اشوب ج1 ص64/65 وأسنى المطالب ص21 ولم يصرح بإسم (علي) وكذا في السيرة الحلبية ج1ص342 وراجع البداية والنهاية ج3 ص84 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص44 ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج2 ص312 وتاريخ الإسلام ج2 ص140/141 والغدير ج7 ص363 و357 و358 وج 8 ص3 و4 وابو طالب مؤمن قريش ص194 .

42 - تاريخ اليعقوبي ج2 ص26 .ابو طالب مؤمن قريش ص171 ومنية الراغب ص75/76 والغدير ج2 ص49 و350 و351 .

43 - تفسير ابن كثير ج3 ص394 .

44 - تفسير الصافي ج5 ص180 والسيرة الحلبية ج2 ص64 والدر المنثور ج6 ص24 عن عبد بن حميد ، وابن المنذر والاصابة ج2 ص336 .

45 - صفين للمنقري ص271/272 .

46 - السيرة الحلبية ج1 ص346 والسيرة النبوية لابن كثير ج2ص132 البداية والنهاية ج3 ص127 والتنبيه والاشراف ص200 .

47 -البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص127-128 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص133-135 صحيح البخاري ج2ص202 وكتاب عائشة للعسكري ص46 فما بعدها . وقد ذكرنا بعض المصادر لذلك في ما يأتي في فصل : حتى بيعة العقبة ، حين الكلام حول جمال عائشة وحظوتها .

48 - سيرة مغلطاي ص26 وتاريخ الخميس ج1 ص301 والمواهب اللدنية ج1 ص56 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص139 ط دار المعرفة واسنى المطالب ص21 .

49 - تاريخ اليعقوبي ج2ص35 ط صادر .

50 - سورة هود الآية 46 .

51 - سورة إبراهيم الآية 36 .

52 - مصادر هذا الحديث مذكورة في كتابنا سلمان الفارسي في مواجهة التحدي .