فهرس الكتاب

 

الفصل الثاني :

حتى بيعة العقبة

 

المجاعة :

ثم هاجت الأزمة ، وهي الجوع في قريش ، وأهل مكة ، وكان ذلك بدعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي دعا عليهم – حتى أكلوا العلهز(1) ، والقد ، حتى أحرقوا العظام فأكلوها واكلوا الكلاب الميتة ، والجيف ، ونبشوا القبور ، وأكلت المرأة طفلها .. وحتى كان الرجل يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان ؛ فشغل ذلك الناس بأنفسهم وبمشاكلهم ، فأتيحت الفرصة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) – ولو لفترة قصيرة – ليتحرك في سبيل دينه ورسالته داعياً إلى الله ، ومجاهداً في سبيله .

فلما دخلت سنة إحدى عشرة من البعثة ، جاء أبو سفيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : يا محمد ، جئت بصلة الرحم ، وقومك قد هلكوا جوعاً ، فادع الله لهم ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) لهم ؛ فكشف عنهم يقول الله عز وجل : (إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون ) (2).

فإن الظاهر هو ان هذه الآية قد جاءت جواباً لقولهم : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون . ثم تحدث عنهم تعالى بأسلوب الغائب مشيراً إلى ما صدر منهم سابقاً مما يدل على عدم وثوقه في وعدهم ، ثم عاد إلى خطابهم بالآية الآنفة الذكر ، متوعداً إياهم بالعذاب الأليم في الآخرة في صورة عودتهم إلى العناد .

ونشير هنا : إلى ان رجوع أبي سفيان إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الحق ، ولكنهم حجدوا ذلك استكباراً وعتواً ، وعلواً ، وحفاظاً على الإمتيازات الظالمة التي جعلوها لأنفسهم .

ومن الجهة الثانية ، فإننا نجده (صلى الله عليه وآله وسلم ) يستجيب لطلب أبي سفيان ، ولكن ليس فقط لاجل ما ذكره من لزوم صلة الرحم ؛ لأن الإسلام هو الصلة الحقيقية بين أبناء البشر جميعاً ، وعلى أساسه تكون الأخوة بينهم . وإنما يستجيب له ليعطيه دليلاً جديداً على أحقية ما جاء به ، وليقيم الحجة عليه ، وعلى كل من يرى رايه ؛ ليهلك من هلك عن بينة ، ويحي من حي عن بينة . وليمنح الفرصة للذين يعيشون بعيداً عن الأضواء ، وليس لهم مصالح دنيوية كبيرة ، ليفكروا بموضوعية وتجرد ؛ بعيداً عن الاجواء المصطنعة .

 

عرض الإسلام على القبائل :

لقد كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) يغتنم الفرصة في مواسم الحج ؛ فيعرض على القبائل ، قبيلة قبيلة ، أن تعتنق الإسلام ، وتعمل على نشره وتأييده ، وحمايته ونصرته . بل كان لا يسمع بقادم إلى مكة ، له إسم وشرف ، إلا تصدى له ، ودعاه إلى الإسلام . ولكن عمه أبا لهب كان يتبعه أنى توجه ، ويعقب على كلامه ، ويطلب منهم ان لا يقبلوا منه ولا يطيعوه في شيء . وهذا بالإضافة إلى اتهامه بالجنون ، والسحر والكهانة ، والشعر ، وغير ذلك .

وكان الناس في الغالب يسمعون من قريش ‍ إما خشية من سلطانها ونفوذها ، وإما حفاظاً على مصالحهم الإقتصادية في مكة ، لا سيما في مواسم الحج ، وعكاظ .

كما أن تصدي أبي لهب عمّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) هذه ، حيث إنهم بعد ان ذهبت شوكة قريش ، وخمد عنفوانها ، وأصيب نفوذها بنكسة قوية بسبب ظهور دعوته وانتشار دينه (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتوالي انتصاراته عليه ، ولا سيما بعد فتح مكة . بدأت وفادات العرب تترى إلى المدينة ، بعد أن أمنوا غائلة عداء قريش ، ليعلنوا عن ولائهم ومساندتهم ، لأن دعيات قريش واشاعاتها الكاذبة قد ذهب أثرها ، وبطل مفعولها ، لأنهم قد رأوا هذا النبي عن قرب ، وعرفوا فيه رجاحة العقل ، واستقامة الطريقة ، منذ اجتمعوا به في تلك المواسم ، وعرض دعوته عليهم .

وقد صرح المؤرخون بأن العرب كانوا ينتظرون بإسلامهم قريشاً وكانوا إمام الناس ، وأهل الحرم ، وصريح ولد إسماعيل لا تنكر العرب ذلك .

فلما فتحت مكة واستسلمت قريش عرفت العرب أنها لا طاقة لها بحرب رسول الله ولا عداوته ، فدخلوا في الدين أفواجاً (3).

بل أنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) حينما كان يعرض دعوته على القبائل كانوا يردون عليه . أقبح الردّ ويقولون : اسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك (4).

هذا يدل على ان الخوف من قريش لم يكن هو الدافع الوحيد للامتناع عن الدخول في الإسلام لا سيما وأن الكثيرون من العرب كانوا بعيدين عن مكة ، ولا يخشون سطوتها.

ونقطة أخرى لا بد من الاشارة اليها . وهي ان تحرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وعرض دين الله على القبائل ، وهجراته المتعددة في سبيله ليعتبر إدانة للمنطق القائل : إن على صاحب الدعوة : أن يجلس في بيته ، ولا يتحرك ، وعلى الناس أن يقصدوه ويسألوه عما يهمهم ، ويحتاجون إليه .

 

بنو عامر بن صعصعة ، ونصرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) :

ونشير هنا إلى واقعة هامة ، حدثت في خلال عرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) دعوته على القبائل ، وهي :

ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أتى بني عامر بن صعصعة ، فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم دعوته فقال لهم رجل منهم ، إسمه : (بيحرة بن فراس ) : والله ، لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب . ثم قال له : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم اظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟

قال : الامر لله ، يضعه حيث يشاء .

فقال له : أفنهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا اظهرك الله كان الأمر لغيرنا ؟‍ لا حاجة لنا بأمرك .

فأبوا عليه . فلما صدر الناس ، رجع بنو عامر إلى شيخ لهم ؛ فسألهم عما كان في موسمهم ، فقالوا : جاءنا فتى من قريش ، ثم أحد بني عبد المطلب ، يزعم أنه نبي ، يدعونا إلى أن نمنعه ، ونقوم معه ، ونخرج به إلى بلادنا .

فوضع الشيخ يديه على رأسه ، ثم قال : يا بني عامر ، هل لها من تلاف ؟ هل لذنابها من مطلب ؟ والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط ، وإنها لحق ، فاين رايكم كان عنكم (5)

ومثل ذلك جرى له (صلى الله عليه وآله وسلم ) مع قبيلة كندة ، كما ذكره أبو نعيم في دلائل النبوة (6).

 

ونحن نسجل هنا مايلي :

1- ألامرلله :

لقد نصت الرواية على ان الامر لله يضعه حيث يشاء ، ونستفيد من ذلك :

ألف : ان الرسول لم يعط هؤلاء وعداً بما طلبوه منه ، من جعل الأمر لهم بعده ، بل أجابهم بأن الأمر لله ، يضعه حيث يشاء أي انه لا يمكن ان يعد بما لا يعلم قدرته على الوفاء به ، تماماً على العكس من السياسيين الذين عرفناهم في عصرنا الحاضر ، وعلى مرّ العصور الذين لا يتورعون عن إغداق الوعد المعسولة على الناس ، حتى إذا وصلوا إلى غايتهم وجلسوا على كرسي الزعامة فإنهم ينسون كل ما قالوه ، وما وعدوا به .

ولكن نبي الإسلام الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) رغم انه كان بأمس الحاجة إلى من يمد له يدالعون لا سيما من قبيلة كبيرة تملك من العدد والعدة ما يمكنها من حماية ، والرد عنه . وإلا إنه يرفض ان يعد بما لا يملك الوفاء به ، حتى ولو كان هذا الوعد يجر عليه الربح الكثير فلاً .

ب- إن جواب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لهم بقوله : (الأمر لله يضعه حيث يشاء ) يؤيد ما يذهب إليه أهل البيت (ع) وشيعتهم الابرار رضوان الله تعالى عليهم ، من ان خلافة النبوة ليست من المناصب التي يرجع فيها إلى الناس . بل هي منصب الهي ، والأمر لله فيها ، يضعه حيث يشاء .

 

2- سمو الهدف ، والنظرة الضيقة :

وإن عرض هذه القبيلة مساعدتها على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذا النحو ، إنما يدل على أنها لا تريد في مساعدتها له وجه الله سبحانه ، ولا تنطلق في موقفها ذاك من قاعدة إيمانية قوية ، وقناعة عقائدية راسخة ، ولا طمعاً بثواب الله ، ولا خوفاً من عقابه .

وإنما تنطلق في ذلك من نظرة ضيقة ، مصلحية تجارية بالدرجة الأولى : وتريد من نصرها له أن تاكل به العرب ، وتحصل على المجد والسلطان .

ومن الواضح – بناء على هذا – أن نصرها له لسوف ينتهي ، عندما تجد : أن مصلحتها قد انتهت ، وحصلت علىكل ما تريد ،أو حينما ترى : أن تجارتها الدنيوية قد خسرت ، بل لربما تنقلب عليه إذا رأت فيه عائقاً يمنعها من تحقيق أهدافها ، أو الاحتفاظ بالامتيازات الظالمة التي تفرضها لنفسها .

وهكذا يتضح : أن الاعتماد على من يفكر بعقلية كهذه ، ويتعامل من منطلق كهذا ليس إلا اعتماداً على سراب ، إن لم يجر على من يعتمد عليه البلاء والعذاب .

 

3-الدين ، والسياسة :

وقد لاحظ بعض المحققين هنا : أن هذا العربي ، وهو من بني عامر بن صعصعة ، لما أخبروه بما يدعو إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ونقلوا إليه ما جرى لهم معه قد أدرك : أن هذا الدين ليس مجرد ترهُّب في التدبير والسياسة ، والحكم ، ولأجل هذا قال : ( لو أني أخذت هذا الفتى (يعني محمداً بماله من الدعوة الشاملة) لأكلت به العرب ) .

ولقد سبقه إلى إدراك هذه الحقيقة شيخ الأنصار أسعد بن زرارة ، لما قدم إلى مكة ، وعرض عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يدعو إليه ، فرأى : أن فيه وفي دعوته ما يصلح مجتمعه ، ويعالج مشاكلهم المستعصية بينهم وبين إخوانهم من الأوس ، وعلى هذا كانت الهجرة (7).

وقد أدرك ذلك أيضاً نفس أولئك الذين اشترطوا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يكون لهم الأمر من بعده ، فرفض (صلى الله عليه وآله وسلم ) طلبهم . وسيأتي ذلك عن عامر بن الطفيل ، في غزوة بئر معونة .

فما أبعد ما بين فهم هؤلاء للإسلام ، ولدعوة القرآن ، حتى إن هذا الفهم هو الذي مهّد لإسلام الأنصار ، ثم الهجرة . وكذلك لبيعتهم (بيعة العقبة الأولى والثانية) ، واختيار النقباء والكفلاء على المبايعين ، وبين ذلك الذي يعتبر الدين منفصلاً عن السياسة ، وأن السياسة أمر غريب عن الدين . فإن ذلك ولا شك من القاءات الاستعمار ، ومن الفكر المسيحي الغريب المستورد ، كما هو ظاهر .

 

4- نتائج عرضه (صلى الله عليه وآله وسلم ) دعوته على القبائل :

ويمكننا  أن نستفيد مما تقدم :

1- ما تقدمت الإشارة إليه ، من أن مقابلة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) للناس ، والتحدث معهم مباشرة كان من شأنه : أن يعطي الناس الانطباع الحقيقي عن شخصية الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحقيقة ما جاء به . ويدفع كل الدعايات والإشاعات الكاذبة ، والمغرضة ، التي كانت تبثها قريش وأعونها ، ككونه ساحراً ، أو كاهناً ، أو شاعراً ، أو مجنوناً ، أو غير ذلك من ترّهات .

2- إن ما جرى في قضية بني عامر ليدل دلالة واضحة : على أن عرضه (صلى الله عليه وآله وسلم ) دعوته على القبائل ، قد أسهم في الدعاية لهذا الدين ، ونشر صيته ، في مختلف الأنحاء ، والأرجاء ، فقد كان من الطبيعي أن يتحدث الناس ، إذا رجعوا إلى بلادهم بما رأوه وسمعوه في سفرهم ذاك ولم يكن ثمة خبر أكثر إثارة لهم من خبر ظهور هذا الدين الجديد ، وفي مكة بالذات .

زواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بسودة وعائشة :

ويقولون : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد تزوج بسودة بنت زمعة ، وعقد على عائشة بنت أبي بكر وكان ذلك بعد عشر سنوات من البعثة .

ولا نجد لسودة دوراً هاماً في التاريخ ، ولا في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أو بعده وكل الاهتمامات مركّرة على عائشة ، حتى لقد حكموا باستحباب العقد في شوال ، لأنه صلى الله عليه وآله قد تزوج عائشة في شوال (8).‍ مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) نفسه تزوج غيرها في أشهر أخرى ‍‍ .

وعلى كل حال ، فاننا لن نستطيع أن نُلِمَّ في هذه العجالة بجميع ما قيل ، أو يقال حولها ؛ فإن ذلك متعسر ، بل متعذر ولذلك فنحن نكتفي بذكر أمرين لهما صلة بموضوع زواجه (صلى الله عليه وآله وسلم ) بها . ولربما يأتي إن شاء الله بحوث أخرى لجوانب أخرى مما يرتبط بها .

وهذان الأمران هما : سِنّ عائشة وجمالها وحظوتها عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ؛ فنقول :

 

1- سن عائشة :

ويقولون : إنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد عقد على عائشة ، وهي بنت ست سنين ، أو سبع . ثم انتقلت إلى بيته بعد هجرته إلى المدينة ، وهي بنت تسع . وهذا هو المروي عنها (9).

ونحن نقول : إن غير صحيح ، وأن عمرها كان أزيد من ذلك بكثير ، ونستند في ذلك إلى ما يلي :

أولاً : إن ابن إسحاق قد عدّ عائشة في جملة من اسلم أول البعثة ، قال : وهي يومئذ صغيرة . وانها أسلمت بعد ثمانية عشر إنساناً فقط (10) . فلو جعلنا عمرها حين البعثة سبع سنين مثلاً فإن عمرها حين العقد عليها كان 17 سنة ، وحين الهجرة 20 سنة .

ثانياً : وفي مقام رفع التنافي بين قوله (صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة : أنها سيدة نسائ العالمين ، وبين ما نسب إليه (صلى الله عليه وآله وسلم ) من أنه لم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام(11) .

يقول الطحاوي : ( قد يحتمل أن يكون ما في هذا الحديث قبل بلوغ فاطمة ، واستحقاقها الرتبة التي ذكرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) لها . إلى أن قال : وأن كل فضل ذكر لغير فاطمة ، مما قد يحتمل أن تكون فضلت به فاطمة ، ومحتملاً لأن يكون وهي حينئذٍ صغيرة ، ثم بلغت بعد ذلك الخ ) (12).

لقد قال الطحاوي هذا ، بعد أن جزم قبل ذلك بقليل ، بأن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها كان عمرها حين توفيت خمساً وعشرين سنة (13).

وهذا يعني أنها قد ولدت قبل البعثة بسنتين ، والفرض : ان فاطمة كانت صغيرة حينما كانت عائشة بالغة مبلغ النساء .

وثالثاً : يذكر ابن قتيبة أن عائشة قد توفيت سنة 58- وعند غيره سنة 57 هـ – وقد قاربت السبعين (14) ولضم ذلك إلى ما يقوله البعض من أن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بثلاث ، أو بأربع ، أو بخمس سنين ثم ما روي عن عائشة من قولها : تزوجني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأنا بنت تسع سنين (15).

[ولعل هذه الرواية هي الأقرب بقرينة ما قدمناه ، ولكثيرة الخلط بين كلمتني (سبع) و(تسع) بسبب عدم نقط الكلمات في السابق . بل أن هذا الرقم أيضاً مشكوك فيه لما تقدم ، ولأن المرأة تميل إلى تقليل مقدار عمرها عادة].

فكلام ابن قتيبة والذي بعده يدل على أنها قد ولدت أما سنة البعثة أو قبلها . وهذا الثاني هو الأرجح لما قدمناه . في المستند الأول والثاني .

إذن ، فيكون عمر عائشة حين عقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) عليها في سنة عشر من البعثة أكثر من ست سنين بكثير ، أي ما بين ثلاثة عشر إلى سبعة عشر سنة .

 

من طرائف الروايات الموضوعة :

ومن الموضوعات الغريبة في هذا المجال ، ما جاء عن أبي هريرة : من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لما دخل المدينة ، واستوطنها طلب التزويج ؛ فقال لهم : أنكحوني . فأتاه جبرئيل بخرقة من الجنة فيها صورة لم ير الراؤون أحسن منها ، وأبلغه أمر الله له : أن يتزوج على تلك الصورة .

فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا من أين مثل هذه الصورة يا جبرئيل؟

فقال له : إن الله يقول لك : تزوج بنت أبي بكر الصديق . فمضى رسول الله إلى منزل أبي بكر ، فقرع الباب ، ثم قال : يا أبا بكر ، إن الله أمرني أن أصاهرك ، فعرض عليه بناته الثلاث فقال : إن الله أمرني أن أتزوج هذه الجارية وهي عائشة ، فتزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) (16). انتهى باختصار .

 

وعدا عما في سند هذه الرواية ، فاننا نقول :

أولاً : لم نفهم كيف يتصرف النبي تصرفاً ى يصدر عن العقلاء الذين يحترمون أنفسهم ، فيطلب التزويج من الناس ، ويقول لهم : أنكحوني !! . إلا أن يكون صبياً صغيراً ، لا حياء عنده ، ولا عقل لديه !! والغريب في الأمر : أنه لم يبادر أحد الإجابة طلبه هذا ، بل عاملوه بالجفاء ، وأهملوا تنفيذ طلبه ، حتى جاء جبرئيل فتول حلّ مشكلته .

وثانياً : هل صحيح : أن عائشة كانت من الحسن بهذه المثابة : حتى إن صورتها لم ير الراؤون أحسن منها ؟!! لعل في ما سيأتي مقنعاً وكفاية لمن أراد الرشد ، والحق ، والهداية.

وثالثاً : لقد تزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) عائشة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنوات ، ولم يتزوجها في المدينة وإجماع المؤرخين على ذلك ظاهر للعيان .

ورابعاً : لم نعرف البنات الثلاث اللواتي عرضهن أبو بكر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فأسماء كانت تحت الزبير ، وقدمت المدينة وهي حامل بولدها عبدالله وعائشة قد تزوجت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) في مكة وأم كلثوم ، قد ولدت بعد وفاة أبي بكر (17). ولم يولد له غيرهن .

وأخيراً ، فإن لقب (الصديق ) قد جاء إلى أبي بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله من محبي الخليفة الأول ، كما ربما نشير إليه حين الكلام على قضية الغار إن شاء الله تعالى.

 

2- جمال عائشة وحظوتها :

ونسجل هنا : أن أكثر ، إن لم يكن كل ما يقال عن جمال عائشة ، وعن حظوتها ، وحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لها ، إنما هو مروي عنها نفسها ، أو عن ابن أختها عروة . ونحن نقطع بعدم صحة ذلك كله من الأساس .

فأولاً : لماذا لم يرو ذلك كله إلا من طريق عائشة ، أو عروة ابن أختها كما يظهر من تتبع الروايات ؟!.

وثانياً : إن عباس يواجهها بعد حرب الجمل بحقيقة : أنها لم تكن أحسن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وجها ، ولا بأكرمهن حسباً (18) . كما أن عمر إنما يصف زينباً بالحسن ، دون عائشة ؛ فإنه لم يشر إليها في قليل ولا كثير ؛ كما سيأتي .

وثالثاً : قال علي فكري : ( وما رواه ابن بكار : من أن الضحاك بن أبي سفيان الكلابي كان رجلاً دميماً قبيحاً ؛ فلما بايعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إن عندي امرأتين أحسن من هذه الحميراء (يريد عائشة ، وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب ) ؛ أفلا أنزل لك عن إحداهما فتتزوجها ؟ - وعائشة جالسة تسمع ؛ فقالت : أهي أحسن أم أنت؟

فقال : بل أنا أحسن وأكرم .

فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) من سؤالها إياه (لأنه كان دميماً قبيح الوجه )(19) ) .

ورابعاً : قال عباد بن العوام لسهيل بن ذكوان : صف لي عائشة .

قال : كانت أدماء .

وقال : نعم .

قيل : صفها .

قال : كانت سوادء (20)

إذن ، فما يقال عنها ، أنها كانت شقراء ، ثم الاستشهاد على ذلك بقول رسول الله قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لها : (ياحميراء ) .. يصبح موضع شك وريب كبير.

ولعل قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لها ذلك قد جاء على سبيل التلطف والرفق بها . أو لعله إشارة إلى قول العرب : شر النساء الحميراء المحياض(21) فقال لها (صلى الله عليه وآله وسلم ) ذلك على سبيل المداعبة والتلطف والمزاح .

وخامساً : إن من يتتبع سيرة زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) يجد : أن عائشة هي التي كانت تحسد وتغار من كل زوجة وسُرِّيّةٍ له (صلى الله عليه وآله وسلم ) . ويدرك بما لا مجال معه للشك : أن أكثرهن – إن لم يكن كلهنّ- كنّ أكثر حظوة لدى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) منها . إن لم نقل أنهن أجمل وأضوء منها أيضاً ؛ فإن من الطبيعي أن نجد الدميم هو الذي يحسد على الجمال ويغار ، أما الجميل فليس من الطبيعي أن يحسد الدميم ، وأن يغار منه .

كما أنه ليس من الطبيعي أن يكون الميل لغير ذات الجمال أكثر منه للجميلة الوضيئة ، وقد ذكر في حديث الإفك على لسان أم المؤمنين عائشة قولها : ( فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ، ولها ضرائر إلا كثرن عليها ) .

ولو صدقنا : أنها كانت هي ذات الحظوة لدى الرسول ، وانه كان يحبها أكثر من غيرها ، فلماذا هذه الغيرة ، وهذا الحسد منها لهن ؟ فإن الحسد لا بد وأن يكون على شيء يفقده الحاسد ، ويتمنى زواله عن المحسود ، وانتقاله إليه .

وإليك بعض موارد غيرة وحسد عائشة لضرائرها .

 

3- حسد وغيرة عائشة :

1- خديجة عليها السلام :

عن عائشة قالت : ما غرت على امرأة كما غرت على خديجة ، وما بي أن أكون أدركتها . ولكن لكثرة ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) إياها ، وإن كان ليذبح الشاة ؛ فيتبع بذلك صدائق خديجة يهديها لهن (22).

وللحديث عبارات وأسانيد مختلفة لا مجال لها الآن .

وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) خديجة يوماً ، فغارت أم المؤمنين ، فقالت: هل كانت إلا عجوزاً أبدلك الله خيراً منها ؟ وفي لفظ مسلم : ( وما تذكر من عجوز من عجائز قريش ، حمراء الشدقين ، هلكت في الدهر ، أبدلك الله خيراً منها ) ؟ (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حتى اهتز مقدم شعره ، ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيراً منها الخ الرواية (23).

وقال العسقلاني والقسطللاني : ( وأن عائشة كانت تغار من نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لكن كانت تغار من خديجة أكثر ) (24).

ولعمري ، لقد كان هذا بعد الوفاة ، فكيف لو كانت خديجة على قيد الحياة ؟!- وإذا كانت غيرة أم المؤمنين قد بلغت الأموات ، فما حالها مع الأحياء . وكيف كانت معاملتها لهن ؟!.

2- زينب بنت جحش :

لقد اعترفت عائشة في حديث الأفك بأن زينب هي التي كانت تساميها من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) .

واعترفت عائشة أيضاً : أنها قد أخذها ما قرب وما بعد ، حينما أراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يتزوج زينب ، لما كان يبلغهم من جمالها(25) .

وما فعلته عائشة وحفصة مع زينب ، في قضية المغافير مشهور ومسطور ، حتى ليقولون : إن هذا هو سبب نزول آية التحريم (26)،وإن كنا نعتقد أنها نزلت في غير هذه القضية .

واعترف عمر بن الخطاب بجمال زينب(27) ، عندما قال لابنته ، ليس لك حظوة عائشة موصوفة بالحسن لقدمها على زينب في هذا الأمر .

أما بالنسبة للفقرة الأولى فنحن نشك في صحتها ، ونعتقد أنها سياسة من عمر تجاه أم المؤمنين ، أو تزيد (28) الرواة لحاجة في النفس ، وذلك لما تقدم وسيأتي .

ومهما يكن من أمر ، فإن أم سلمة تذكر :

أن زينب كانت معجِبةً لرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) . وكان يستكثر منها (29).

3- أم سلمة رحمها الله تعالى :

كانت أم سلمة من أجمل الناس (30).

وعن الإمام الباقر : أنها أجمل نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) . ويذكرون أن قصة المغافير من عائشة وحفصة معها . كما أن عائشة قد اعترفت بأن أم سلمة وزينب كانتا أحب نسائه (صلى الله عليه وآله وسلم ) إليه بعدها (31).

تقول عائشة : ( ولما تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) أم سلمة حزنت حزناً شديداً ، لما ذكر لنا من جمالها ، فتلطفت حتى رايها ؛ فرايت والله أضعاف ما وصفت الخ ) (32).

وقال ابن حجر : (كانت أم سلمة موصوفة بالجمال البارع ، والعقل البالغ الخ ) (33).

 

4- صفية بنت حيّي بن أخطب :

قالت أم سنان الأسلمية : ( كانت من أضوأ ما يكون من النساء ) (34). ولما قدمت المدينة جئن نساء الأنصار ينظرن إلى جمالها ، وعائشة متنقبة معهن . فلما سألها رسول الله: كيف رأيت يا عائشة ؟ قالت : رأيت يهودية . فنهاها (صلى الله عليه وآله وسلم ) عن قولها ذاك (35).

وعندما وقعت في السبي جعلوا يمدحونها ، ويقولون : رأينا في السبي امرأة ما رأينا ضربها (36). ولما أرسلت صفية قصعة فيها طعام إلى النبي وهو في بيت عائشة أخذتها رعدة حتى استقلها افكل ، وضربت القصعة ، فرمت بها الخ (37).

وقد أكد لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنها خير من حفصة وعائشة (38).

 

5- جويرية بنت الحارث :

تقول عائشة أنها كانت امرأة حلوة ملاحة ، لايراها أحد إلا أخذت بنفسه ؛ فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) تستعينه في كتابتها . قالت عائشة : فوالله ما هي إلا أن رأيتها ، فكرهتها ، وقلت : يرى منها ما قد رايت . فلما دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) الخ (39).

 

6- مارية القبطية :

قالت عائشة : ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية ، وذلك أنها كانت جميلة جعدة ، فأعجب بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) . وكان أنزلها أول ما قدمت في بيت لحارثة بن النعمان ؛ فكانت جارتنا ؛ فكان عامة الليل والنهار عندها ، حتى فرغنا لها ، فجزعت ، فحوّلها إلى العالية ، وكان يختلف إليها هناك ، فكان ذلك أشد علينا (40).

وعن أبي جعفر عليه السلام : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) قد حجب مارية (وكانت ثقلت على نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وغرن عليها ولا مثل عائشة) (41).

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يعجب بمارية ، (وكانت مارية بيضاء جعدة ، جميلة ) (42). وكانت حسنة الدين (43).

وتنافست الأنصار فيمن يرضع إبراهيم ، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لما يعلمون من هواه فيها (44).

ولعل مما زاد في غيرة عائشة قضية ولادة إبراهيم منها ، حتى تجرأت على نفي شبهه برسول الله ، رغم تأكيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لها على ذلك(45) وحتى كان ما كان من نزول آية التحريم ، كما عن السيوطي وغيره .

 

7- سودة بنت زمعة :

كانت عائشة تقول : ما من الناس امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة ، إلا أنها امرأة فيها حسد (46).

وليراجع ما فعلته حفصة بسودة ، وضحكها هي وعائشة عليه (47).

 

8- أسماء بنت النعمان :

كانت أجمل أهل زمانها وأشبّه . وقد حسدنها نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وخدعنها . وكانت الخديعة لها عائشة وحفصة معاً . حتى قالت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : أعوذ بالله منك ، فطلقها(48) .

 

9- مليكة بنت كعب :

كانت تذكر بجمال بارع ، فدخلت عليها عائشة فقالت لها : أما تستحيين أن تنكحي قاتل أبيك ، فاستعاذت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : فطلقها (49).

 

10- أم شريك :

وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقبلها (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالت عائشة : ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير . قالت أم شريك : فأنا تلك ، فسماها الله مؤمنة ؛ فقال : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ، فلما نزلت هذه الاية ، قالت عائشة للنبي 10- أم شريك :

وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقبلها (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالت عائشة : ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير . قالت أم شريك : فأنا تلك ، فسماها الله مؤمنة ؛ فقال : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ، فلما نزلت (صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن الله ليسرع لك في هواك (50).

 

11- شراف بنت خليفة :

خطب رسول الله امرأة من كلب ؛ فبعث عائشة تنظر إليها ، فذهبت ، ثم رجعت . فقال لها رسول الله : ما رايت ؟ فقالت : مارأيت طائلاً .

فقال رسول الله : لقد رايت طائلاً ، لقد رأيت خالا بخدّها ، اقشعرّت كل شعرة منك . فقالت : يا رسول الله ، ما دونك سر.

 

12- حفصة بنت عمر :

بل أن عائشة كانت تغار حتى من رفيقتها حفصة ، ويقال : إن قضية المغافير كانت لها معها(51) .

نهاية المطاف :

هذه كانت حالة عائشة مع زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأكثر هذه المشاكل كانت فيما يبدو بسبب غيرتها منهن ، لجمالهن البارع ، وحسنهن الرائع كما قدمنا ، ولم نجد لأي من زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) معشار ما ودجدناه لعائشة من المشاكل والتجاوزات . –اللهم إلا رواية أو روايتان مرويتان عن عائشة نفسها !!! فهذا السيل العارم منها – خاصة- دون غيرها منهن ، يكشف عن أن ثمة ما يبرز منها وهو أنها تُحِسّ بالنقص في نفسها تجاههن من حيث الجمال على الأقل .

وهكذا ، تسقط جميع الادعاآت والروايات التي عن عروة وغيره وعنها ، والتي تدعي حظوتها ومكانتها لدى النبي صلى الله عليه وآله . أو على الأقل تصير محل شك وريب . وأما ما يقال في حديث الإفك فإنه أيضاً باطل وقد فصلنا القول في ذلك مستقل طبع مؤخراً .

وملاحظة أخيرة نسجلها هنا ، وهي : أننا نجد عائشة تكثر من أحاديث تقبيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومباشرته لها ، وهي حائض واغتسالها وإياه من إناء واحد ، وغير ذلك من الأحاديث التي تتخذ طابع الجنس ، والاغراء ، واللذة . ولا نجد من ذلك الشيء الكثير عند غيرها من نسائه (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولعل ذلك يرجع إلى أنه لم يكن ثمة ما يربطها برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) بصورة قوية ، حيث لم يكن لها ولد منه (صلى الله عليه وآله وسلم ) وليس لديها من المستوى الفكري والثقافي والعملي ما يصلح أن يكون نقطة اشتراك ويجعل لها به ارتباطاً خاصاً ووثيقاً وليست اهتماماتها من جنس اهتماماته (صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا تطلعاتها تلتقي مع تطلعاته (صلى الله عليه وآله وسلم ) .

وماذا بعد :

هذا وأننا لا نجد مبرراً لتحمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) من عائشة جرأتها . وتجاوزاتها المتكررة وإيذائها له في أخيه علي ، وفي زوجاته ، إلا أنه لم يكن يستطيع أن يتخذ القرار النهائي بالسبة إليها ، لأن السياسة كانت تقضي عليه بتحمل كل هذه المشاق . ويدلنا على أن النبي كان يتعامل مع زوجاته من موقعه السياسي الحرج ، لا من جو بيت الزوجية . قول عمر لحفصة – عندما تظاهرت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) مع عائشة ، واعتزلهن : ( والله ، لقد علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يحبكِ ، ولولا أنا لطلقك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ) (52)

هذا ، ولم يكن ثمة من يستطيع الجهر بالحقيقة ، وإظهار الواقع . لأن الجهاز الحاكم كله كان يمسك بركاب عائشة ، ويعلي قدرها ، ويرفع من شأنها ؛ لأنه كان يستفيد منها أعظم الفوائد ، وأسناها . وكان ثمة خطة مرسومة لإظهار عظيم منزلتها ، ، وإغداق الأوسمة عليها ، بثمن ، أو بغير ثمن !!

وكانت هي تستغل موقعها كزوجة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكأم للمؤمنين إلى أقصى الدرجات ، كما أنها كانت تستفيد من حاجة الهيئة الحاكمة إليها ، وكل ذلك يفسر لنا السر في أنها كانت توحي للناس بأنها أقرب زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) إليه ، وآثرهن لديه ؛ لجمالها ، ولكونها (صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يهتم للبكارة وللجمال (مع نقاش لنا في ذلك ) .

ولا ندري ما هو السر في تواضع أم المؤمنين إلى هذا الحد حتى إنها لم تر في نفسها المؤهلات لأن تعتز بالدين ، وبالمعاني الإنسانية النبيلة أو لعلها كانت ترى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لا ينطلق في حبه وبغضه من الدين ولأخلاق ، وإنما من الشهوة فصورته للمسلمين على أنه رجل شهواني لا أكثر .

دخول الإسلام إلى المدينة :

وثمة خلاف بين المؤرخين في من ؟ ومتى ؟ وكيفية إسلام أول دفعة من أهل المدينة . ولكننا نستطيع أن نؤكد على أن الإسلام قد دخل المدينة على مراحل . فأسلم أولاً : أسعد بن زرارة . وذكوان بن عبد القيس ، حينما كان المسلمون محصورين في الشعب . ثم أسلم خمسة ، أو ثمانية ، أو ستة نفر بعد ذلك ، ثم كانت بيعة العقبة الأولى ، ثم كانت بيعة العقبة الثانية ، وهذا هو ما يظهر من مغلطاي(53) وغيره .

ولذلك فهم يقولون : إن أسعد بن زرارة ، وذكوان بن عبد القيس الخزرجيين قدما مكة في أحد المواسم ، حينما كانت قريش تحاصر الهاشميين في الشعب (شعب أبي طالب) ، بهدف طلب الحلف من عتبة بن ربيعة على الأوس . فرفض عتبة ذلك ، وقال : بعدت دارنا عن داركم ، ولنا شغل لا نتفرغ لشيء . فسأله عن هذا الشغل ؛ فأخبره بخروج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فيهم ، وأنه أفسد شبابهم ، وفرق جماعتهم ثم حذره من الاتصال به ، فإنه ساحر يسحره بكلامه . وأمره إذا أراد الطواف أن يضع القطن فيأذنيه ، حتى لا يسمع ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله ، الذي كان آنئذٍ يجلس في الحِجْر مع طائفة من بني هاشم .وكانوا قد خرجوا من شعبهم ليشهدوا الموسم .

وجاء أسعد للطواف ، ورأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) جالساً في الحِجْر ، فقال في نفسه : ما أجد أجهل منى . أن يكون هذا الحديث في مكة فلا أتعرّفه ، حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ؟ ، ثم آخذ القطن من أذنيه فرمي به ، وجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فسلم عليه ، وكلمة ؛ فعرض عليه (صلى الله عليه وآله وسلم ) ما جاء به فأسلم ، وأسلم بعده ذكوان .

وفي رواية : أنه لما التقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) بأسعد بن زرارة وذكوان ، قال أسعد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، أنا من أهل يثرب ، من الخزرج ، وبيننا وبين أخوتنا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، ولا أجد أعز منك ، ومعي رجل من قومي ، فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك . والله يارسول الله ، لقد كنا نسمع من اليهود خبرك ، ويبشروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك ، وأرجو أن يكون دارنا دار هجرتك عندنا ، فقد اعلمنا اليهود ذلك ؛ فالحمد لله الذي ساقني إليك ، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا ، وقد آتانا الله بأفضل مما أتيت له .

ثم أقبل ذكوان ، فقال له أسعد : هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به ، وتخبرنا بصفته ؛ فهلم فأسلم ؛ فأسلم ذكوان الخ (54).

ثم في سنة إحدى عشرة من النبوة خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) في الموسم ، يعرض على القبائل دعوته ، ويطلب منهم نصرته ؛ فالتقى على العقبة برهط من الخزرج ؛ فدعاهم إلى الله والإسلام ، وقرأ عليهم القرآن فآمنوا به ، وكانوا ستة نفر ، وهم : اسعد بن زرارة ، وجابر بن عبد الله بن رئاب ، وعوف بن الحارث ورافع بن مالك ، وعقبة وقطبة ابنا عامر . وقيل : ثمانية نفر وقيل غير ذلك (وثمة اختلاف في أسمائهم ، وذكر أشخاص آخرون مكان بعض من قدمنا أسماءهم ، ولا مجال لتحقيق ذلك ).

ورجع أولئك النفر إلى قومهم في المدينة ، فذكروا لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ودعوهم إلى الإسلام . ثم كانت بيعة العقبة الأولى في سنة اثنتي عشرة من البعثة أي قبل الهجرة بسنة (55).

ولعل أسعد بن زرارة كان قد كتم إسلامه هو وذكوان ، حتى كان لقاء هؤلاء الستة أو الثمانية معه (صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل الهجرة بسنة فأعلنوا ذلك .

 

ونحن قبل أن نمضي في الحديث نشير إلى ما يلي :

1- اخبارات أهل الكتاب :

يفهم مما تقدم : إن أهل المدينة كانوا يسمعون من اليهود خبر ظهور النبي عن قريب ، وأن ذلك قد جعلهم مهيئين نفسياً لقبول الدين الذي جاء به هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) .

2- المشاكل بين الأوس والخزرج :

لقد كان ثمة حروب هائلة بين الأوس والخزرج ، كانت آخرها وقعة بعاث التي انتصرت فيها قبيلة الأوس ، حينما كان الهاشميون والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) محصورين في شعب أبي طالب . وكانت الحالة بين القبيلتين صعبة للغاية ، حتى ليذكرون : أنهم ما كانوا يضعون السلاح لا في الليل ولا في النهار(56) مما يعني أنهم يعانون من أقسى الحالات التي يمكن أن يواجهها من يملك إمكانات معيشية محدودة مثلهم .

وحتى لقد كان واضحاً : أنهم كانوا يتطلعون بشوق إلى الخروج من هذه الحالة المأساة . ويأملون في وصل الحبال المقطوعة فيما بينهم ، كما عبر عنه أسعد بن زرارة ، الذي كان يعمل من أجل عقد حلف مع عتبة بن ربيعة ضد الأوس .

فأهل المدينة إذان قد ذاقوا مرارة الانحراف والظلم . وهم يريدون المنقذ الحقيقي لهم . وقد وجدوه في نبي الإسلام الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي جاءهم بتعاليم الشريعة السهلة السمحاء . ولذلك فقد قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : (نرجع إلى قومنا ، ونخبرهم بالذي كلمتنا به ، فما أرغبنا فيك . إنا قد تركنا قومنا على خلاف فيما بينهم ، لا نعلم حياً من العرب بينهم من العدواة ما بينهم . وسنرجع إليهم بالذي سمعنا منك ، لعل الله يقبل بقلوبهم ، ويصلح بك ذات بينهم ، ويؤلف بين قلوبهم)(57).

 

3- تعاليم الشريعة السمحاء :

إن تعاليم الإسلام لهي التعاليم الموافقة للفطرة السليمة ، وبلا تعقيد أو إبهام فيها ، فهي بسيطة وسهلة ، ولا يحتاج إدراك حقانيتها إلى تفكير عميق ، أو إجهاد في فهم مراميها ، والتكهن بنتائجها .

ولذلك نجد أهل المدينة يدركون بسرعة قدرة هذه الدعوة على حل مشاكلهم ، فيساعون إلى قبولها ، بمجرد سماعهم لأهدافها ، ومبادئها . ومن الواضح : أن أهل المدينة كانوا لا يعانون من ظروف أهل مكة ، الذين يحاربون الإسلام ؛ لأنهم رأوا فيه خطراً على مصالحهم الشخصية ، وامتيازاتهم الظالمة التي فرضوها لأنفسهم ، وأهوائهم وانحرافاتهم ، كما أوضحناه في غير موضع .

إن أهل المدينة بالإضافة إلى إخبارات اليهود لهم ، قد رأوا منذ اللحظات الأولى في الإسلام وتعاليمه المنقذ لهم ، والمخرج من الظلمات إلى النور ، ومن الموت إلى الحياة ، ورأوا فيه الموافقة للفطرة والعقل السليم . سواء على صعيد العقائد أو التشريع ، أو على صعيد اتخاذ القرار الاجتماعي والسياسي ، فقد سألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) عما يدعو إليه ، فقال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأدعوكم إلى :

( أن لا تشركوا به شيئاً ، وبالوالدين إحساناً ، ولا تقتلوا أولادكم من أملاق ، نحن نرزقكم وإياهم ، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ، حتى يبلغ أشده ، وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ، ولا نكلف نفساً إلا وسعها ، وإذا قلتم فاعدلوا ، ولو كان ذا قربى ، وبعهد الله أوفوا ، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) (58).

ولأجل ذلك اعتقدوا بهذه الدعوة ، وحاربوا قريشاً والعرب من أجلها وفي سبيلها .

 

4- المدنيون والمكيون :

إن الوثنية التي كان أهل المدينة يدينون بها لم تستطع أن تحل مشاكلهم الداخلية ، على اختلافها ، ولا حتى أن تخفف من حدتها . كما أنها لم تكن تجلب لهم امتيازات اجتماعية ، ولا اقتصادية ولا غيرها .

ولذلك فقد ضعفت ووهنت ، وزاد في ضعفها ووهنها مخالفتها للفطرة السليمة ، والعقل القويم . ثم جاءت اخبارات اليهود لهم بقرب ظهور نبي يخبر عن الله لتزيد من ذلك الضعف والوهن إلى حد بعيد .

وهذا تماماً على عكس الحال في مشركي مكة ؛ فإنهم كانوا يستفيدون من وثنيتهم اجتماعياً واقتصادياً . وجعلوا من أنفسهم محوراً تلتقي عليه سائر الفئات والقبائل في المنطقة ، وكرّسوا لأنفسهم الكثير من الامتيازات الظالمة .- ولم يكونوا على استعداد للتخلي عن هذه الامتيازات من أجل خدمة الحق والإنسان ، بل كانوا يضحون بالإنسان والحق في سبيل امتيازاتهم ، وانحرافاتهم ، ومصالحهم تلك .

هذا ، ولا بد من ملاحظة ما قدمناه حين الكلام على العوامل التي ساعدت على انتصار الإسلام وانتشاره ، لنجد : أن شخصية الرسول العظيمة ، وأخلاقه الكريمة ، وكونه من ارفع بيت في قريش والعرب – ويضيف البعض : رابطة القربى ، التي كانت تربطه ببني النجار الخزرجيين ، عن طريق آمنة بنت وهب كل ذلك وسواه مما تقدم قد أسهم في إقبال أهل المدينة على الإسلام ، وتقبل دعوته ، والتضحية في سبيله .

 

1 - العلهز : دم يابس يدق به اوبار الابل في المجاعات ويؤكل .

2 - الدخان /15 . راجع : البدء والتاريخ ج4 ص157، وتفسير البرهان ج4 ص160 عن المناقب لابن شهر آشوب.

3 - راجع الكامل في التاريخ ج2 ص286/287 .

4 - السيرة الحلبية ج2ص3 .

5 - راجع : سيرة ابن هشام ج2 ص66 ، والثقات لابن حبان ج1 ص89 –91 ، بهجة المحافل ج1 ص128 ، وحياة محمد لهيكل ص152 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص147 ، والسيرة الحلبية ج2 ص3 ، والروض الانف ج1 ص180 ، والبداية والنهاية ج3 ص139 ، و140 ، وعن دلائل النبوة لابي نعيم ص100 وحياة الصحابة ج1 ص78 و79 .

6 - راجع : البداية والنهاية ج3 ص140 .

7 - راجع : البحار ج19 ص9 واعلام الورى ص57 عن القمي .

8 - نزهة المجالس ج2 ص137 .

9 - راجع فيما ذكرناه : طبقات ابن سعد ج8 ص39 ، والاصابة ج4 ص359 ، وتاريخ الطبري ج2 ص413 وتهذيب ج12 ، وأسد الغابة ج5 وغير ذلك وراجع : شرح النهج للمعتزلي ج9 ص190 لكنه ناقض نفسه ص191 فقال : انها توفيت سنة 57 هـ . وعمرها 64 سنة ، وهذا يعني أنها عمرها حين الهجرة سبع سنوات فقط .

10 - راجع : سيرة ابن هشام ج1 ص271 ، وتهذيب الاسماء واللغات ج2 ص351 و329 عن ابن ابي خيثمة في تاريخه عن ابن إسحاق ، والبدء والتاريخ ج4 ص 146 .

11 - راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص137 .

12 - مشكل الآثار ج1 ص52 .

13 - مشكل الآثار ج1 ص47 . وقد حمل بعض العلماء حديث فضل عائشة كفضل الثريد الخ . على المزاح منه (صلى الله عليه وآله وسلم ) : فاطمة سيدة نساء العالمين ، ولم يكمل من النساء إلا مريم وىسية إلخ . ولا سيما بملاحظة : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يكن من المهتمين بأمور الاطعمة ، واللذيذ منها ليأتي بها كمثال على تفضيل في أمر حساس كهذا .

14 - المعارف لابن قتيبة ص59 ط سنة 1390 هـ .

15 - راجع : حديث الإفك ص93 .

16 - تاريخ بغداد للخطيب ج2 ص194 ، وميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص44 ، وقد كذبا (الخطيب والذهبي ) هذا الحديث الذي جميع رجال أسناده ثقات باستثناء محمد بن الحسن الدّعّاء الأصم . وراجع : الغدير ج5 ص312.

17 - راجع : نسب قريش لمصعب الزبيري ص275-278 لتعرف من ولدهم أبو بكر .

18 - الفتوح لابن أعثم ج2 ص337 ط الهند .

19 - السمير المهذب ج2 ص9-8 .

20 - الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص155 .

21 - ربيع الابرار ج4 ص280 وروض الاخبار ص130 .

22 - صحيح البخاري ج9 ص292 ، وج5 ص48 ، وح7 ص47 ، وج8 ص10 ، وصحيح مسلم ج7 ص134 و133 وأسد الغابة ج5 ص438 ، والمصنف ج7 ص493 ، والإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص286 ، وصفة الصفوة ج2 ص8 ، عن البخاري ، ومسلم وتاريخ الاسلام للذهبي ج2 ص153 ، والبداية والنهاية ج3 ص128.

23 - صحيح مسلم ج7ص134 ، لكنه لم يذكر جوابه (صلى الله عليه وآله وسلم ) وأسد الغابة ج5 ص557/558 و438 والإصابة ج4 ص283 ، والإستيعاب هامشها ج4 ص286/287 ، وصفة الصفوة ج2 ص8 ، ومسند احمد ج6 ص117 ، وليراجع البخاري ج2 ص202 ط سنة 1309 هـ .ق والبداية والنهاية ج3 ص128 واسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص96 .

24 - فتح الباري ج7 ص102 ، وإرشاد الساري ج6 ص166 وج8 ص113 .

25 - الإصابة ج4 ص314 ، وطبقات ابن سعد ج8 ص72 ، والدر المنثور ج5 ص202 عن ابن سعد ، والحاكم .

26 - طبقات ابن سعد ج8 ص76 ، وحياة الصحابة ج2 ص761 عن البخاري ومسلم .

27 - طبقات ابن سعد ج8 ص137 ، 138 .

28 - طبقات ابن سعد ج8ص73 ، وتهذيب الاسماء واللغات ج2 ص347 .

29 - المواهب اللدنية ج1 ص205 وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362 .

30 - راجع طبقات ابن سعد ج8 ص122 ، والدر المنثور ج6 ص239 .

31 -الإصابة ج4 ص459 ، وطبقات ابن سعد ج8 ص66 .

32 - الإصابة ج4 ص459 .

33 - الإصابة ج4 ص347 ، وص 463 وطبقات ابن سعد ج8 ص87 .

34 - الإصابة ج4 ص347 ، وطبقات ابن سعد ج8 ص90 .

35 - طبقات ابن سعد ج8 ص88 .

36 - مسند أحمد ص277 ج6 ،والبخاري باب الغيرة ، أواخر كتاب النكاح ، لكنه لم يصرح باسم عائشة !!!

37 - أسد الغابة ج5 ص491 .

38 - الإصابة ج4 ص265 ، والإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص259 ، وصفة الصفوة ج2 ص50 .

39 - الإصابة ج4 ص405 ، وطبقات ابن سعد ج8 ص153 ، ولتراجع : البداية والنهاية ج3 ص303 /304 ووفاء الوفاء للسمهودي ج3 ص826 .

40 - طبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص86 والسيرة الحلبية ج3 ص309 .

41 - طبقات ابن سعد ج1 قسم1 ص86 . والإصابة ج4 ص405 .

42 -تهذيب الأسماء واللغات ج2 ص355 ، وطبقات ابن سعد ج1قسم1 ص86 والبداية والنهاية ج3ص303

43 - ذخائر العقبى ص54 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص42 ، وطبقات ابن سعد ج8 ص153 .

44 - طبقات ابن سعد ج1 ص88 والدر المنثور ج6 ص240 عن ابن مردويه والبداية والنهاية ج3 ص305 وقاموس الرجال ج11 ص305 عن البلاذري . وراجع السيرة الحلبية ج3 ص309 ومستدرك الحاكم ج4 ص39 وتلخيصه للذهبي بهامشه وتاريخ اليعقوبي ج2 ص87 ط صادر .

45 -طبقات ابن سعد ج8 ص37 ، والبداية والنهاية ج8 ص70 .

46 - حياة الصحابة ج2 ص560 ومجمع الزوائد ج4 ص316 .

47 -طبقات ابن سعد ج8 ص104 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص415 ، 416 دون تصريح باسم من خدعها .

48 - طبقات ابن سعد ج8 ص106 ، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص416 .

49 - طبقات ابن سعد ج8 ص112 .

50 - طبقات ابن سعد ج8 ص115 .

51 - راجع : حياة الصحابة ج2 ص762 عن البخاري ومسلم وعن تفسير ابن كثير ج4 ص387 وعن جمع الفوائد ج1 ص229 وعن طبقات ابن سعد ج8 ص85 .

52 - صحيح مسلم ج4 ص189 . ولسوف يأتي مزيد توضيح لذلك في البحث عن سبب تكثر زوجاته قبل واقعة احد في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .

53 - راجع سيرة مغلطاي ص29 .

54 - البحار ج19 ص9 واعلام الورى ص57 عن علي بن إبراهيم .

55 -البحار ج19 ص9 واعلام الورى ص57 عن علي بن إبراهيم .

56 - البحار ج19 ص8و9و10 واعلام الورى ص55 .

57 - الثقات لابن حبان ج1 ص90/91 .

58 - الانعام /151-152 .