الفصل السادس
الإسلام هو الشريعة السهلة السمحة الصفة التاسعة التي وصف الله بها نبيه(صلى الله عليه و آله) في الآية قوله تعالى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)
معنى الإصر والأغلال الموضوعين عن هذه الأمة الإصر – بالكسر -: العهد، والذنب، والثقل. وجمعه: آصار. وأصله: الضيق والحبس. يقال: أصره أي ضيق عليه وحبسه ويقال للثقل إ صراً لأنه يأصر صاحبه من الحركة، لثقله . والمراد منه في الآية – على ما ذكره أكثر المفسرين -: ان بعض التكاليف التي كانت على الأمم الماضية كأمة موسى وعيسى، وخصوصاً على بني إسرائيل، شاقة وثقيلة، وقد وضعها عن هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وآله بشفاعته لهم إلى الله عز وجل . والأغلال جمع، مفرده الغُل – بالضم – وهو في اللغة: طوق من حديد أو جلد يجعل في اليد، أو في العنق. ويقال: هذا غّل في عنقك، أي: لازم لك وأنت مجازىً عليه. والمراد منه في الآية – على ما ذكر شيخنا الطبرسي في (مجمع البيان) في تفسير قوله: (وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)، معناه: ويضع عنهم العهود التي كانت في ذمتهم، وجعل تلك العهود بمنزلة الأغلال التي تكون في الأعناق للزومها، كما يقال: هذا طوق في عنقك. وقيل: يريد بالأغلال ما امتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة، وقرض ما يصيبه البول من أجسادهم(1) وما أشبه ذلك من تحريم السبت، وتحريم العروق والشحوم، وقطع الأعضاء الخاطئة ووجوب القصاص دون الدية عن اكثر المفسرين(2). ولعل من الأغلال التي كانت عليهم ما تكلفها علماؤهم وابتدعها أحبارهم ورهبانهم من الأحكام المبتدعة التي جعلوها كالأغلال في أعناقهم. ويؤيد ذلك ما روي عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: »ما بعثت بالرهبانية الشاقة ولكن بالحنيفية السمحة«(3). وكل ذلك وغير ذلك من الإصر والأغلال وضعه عن هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وآله، شفقة منه عليهم، حيث سأل ذلك من ربه سبحانه لأمته ليلة الإسراء، كما جاء في كثير من الأخبار من طرق الشيعة وأهل السنة: أن رسول الله(صلى الله عليه و آله) قد ألهمه الله ان قال داعياً ربه عز وجل: (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) كل ذلك يقول الله تعالى: قد فعلت(4). ومن هنا قال(صلى الله عليه و آله): بعثت بالحنيفية السهلة السمحة(5) وقال(صلى الله عليه و آله): »ما بعثت بالرهبانية الشاقة ولكن بالحنيفية السمحة«. وقال(صلى الله عليه و آله): »إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر ولم يرد بهم العسر«(6). ووضع الإصر والأغلال، وإن كان مما يوجد في الجملة، في شريعة عيسى، كما يدل عليه أو يشير إليه قوله تعالى فيما حكى عنه في القرآن الكريم: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي) [آل عمران/ 51]، إلا أنه لا ريب في أن الدين الذي جاء به محمد(صلى الله عليه و آله) هو الدين الوحيد الذي نسخ جميع الأحكام الشاقة الموضوعة على أهل الكتاب، وعلى اليهود منهم خاصة، كما ابطل ما تكلفه علماؤهم وابتدعه أحبارهم ورهبانهم من الأحكام. وهذا يعني ان الإسلام كما اختص بكمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستيعاب تحليل الطيبات وتحريم الخبائث كما قدمنا سابقاً كذلك اختص باستيعاب رفع الأحكام الشاقة وإلغاء كل إصر وغل فهو شريعة كاملة وسهلة سمحة لا حرج فيها ولا عسر، بل اليسر والسماحة هما أوضح سمات الشريعة الإسلامية، وهما عنوانها الواضح الذي يعرف به الإنسان البصير وجهها المشرق الناصع، إذ أي حكم يجئ إلى الناس باسم هذه الشريعة يخالف اليسر والسماحة يعلم انه دخيل على تلك الشريعة. وليس هذا القول مجرد فرض أو إدعاء بل هو حقيقة من حقائق الإسلام تأخذ مكانها واضحة بارزة في نصوص شريعته كتاباً وسنة وقد تقدمت قريباً بعض النصوص الصريحة في هذه الحقيقة من السنة. وأما الكتاب فقد كشف عن حقيقة اليسر والسماحة في هذا الدين كما نفى العسر والحرج في مسائله وكافة أحكامه في آيات عديدة، منها قوله عز من قائل: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) [النساء/ 29]، ومنها قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) [البقرة/ 186]، ومنها قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج/ 79].
من موارد اليسر في الشريعة الإسلامية ذكر المفسرون والمحدثون كثيراً من التكاليف الشاقة والصعبة التي كانت على أمة موسى وعيسى وغيرهما من الأمم، ووضعت عن هذه الأمة إجابة لرسول الله(صلى الله عليه و آله) وكرامة له، وفي بعضها نظر من ناحية صحتها وثبوتها، وإليك بعض النماذج التي لا تبعد صحتها مما نقله المفسرون من الفريقين: تخفيف الصلاة عن هذه الأمة من ناحية العدد: إن الصلاة التي كانت مفروضة عليهم في اليوم خمسين صلاة، وهذه الأمة جعلت الصلاة المفروضة عليهم في اليوم خمس، وثوابها كثواب الخمسين صلاة، كما صرح بذلك ورواه كثير من مفسري الفريقين(7). بل روى الجميع أن الله فرض أولاً الصلاة على نبيه وأمته ليلة الإسراء خمسين صلاة، ولكن موسى بن عمران(عليه السلام) قال للنبي(صلى الله عليه و آله) حين مر به في السماء: أرجع إلى ربك فأسأله أن يخفف عن أمتك فان أمتك أضعف الأمم ولا تطيق ذلك، وأن النبي(صلى الله عليه و آله) لم يزل يرجع إلى ربه بالدعاء طالباً التخفيف عن أمته حتى جعلها خمس صلوات، وأن النبي(صلى الله عليه و آله) لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل وقال له: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) [ق/ 30]. (أي: أنها خمس صلوات ولكن أجرها خمسين صلاة). وفي ( تفسير القمي) وغيره عن الإمام الصادق، أن الله أوحى إلى نبيه يقول: ومن همّ من أمتك بحسنة فعملها كتبت له عشراً، وإن لم يعملها كتبت له واحدة. ومن هّم من أمتك بسيئة فعملها كتبت عليه واحدة، وإن لم يعملها لم اكتب عليه شيئاً (8) فقال الصادق: جزى الله موسى عن هذه الأمة خيراً(9). وقال النبي(صلى الله عليه و آله): فرض الله على أمتي خمسين صلاة فراجعت ربي وسألته التخفيف حتى جعلها خمساً في العدد، وخمسين في الأجر(10). وقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [الأنعام/ 161]. تخفيف الصلاة عن هذه الأمة من ناحية المكان: ومما خفف الله به عن هذه الأمة من الآصار التي كانت على الأمم الماضية – بالنسبة إلى الصلاة أيضاً ان صلاتهم كانت لا تحل لهم ولا تجوز أو لا تقبل منهم إلا في بقاع من الأرض معلومة لديهم، وإن بعدت وهي البيع والكنائس والمحاريب، وهذه الأمة جعلت الأرض كلها مسجداً وطهوراً(11) ويشير إلى هذا المعنى الحديث المتفق عليه وهو قوله(صلى الله عليه و آله): »جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا« وفي لفظ مسلم في ( صحيحه) وغيره: »جعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء«(12). وجاء في حديث شريف عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: »ومنّ علي ربي وقال لي: يا محمد – صلى الله عليك – فقد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها وأرسلتك إلى كل احمر واسود من خلقي، ونصرتك بالرعب الذي لم انصر به أحدا، وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لأحد قبلك، وأعطيتك لك ولأمتك كنزاً من كنوز عرشي، فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة(13)، وجعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجداً وترابها طهوراً، وأعطيت لك ولأمتك التكبير، وقرنت ذكرك بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع ذكري فطوبى لك يا محمد ولأمتك«(14)، وهنا فلتتذكر الأمة الإسلامية فضل الله عليها، وكرامة نبيه وإحسانه إليها في تخفيف هذه الفريضة التي هي أهم الفرائض الإسلامية، وتسهيلها عليهم. فمن ناحية كميتها، خمس صلوات بسبعة عشر ركعة لا تستغرق كلها أكثر من ساعة واحدة تقريباً من أربع وعشرين ساعة من الليل والنهار، يتفرغ فيها العبد لذكر ربه وعبادته قال تعالى: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) [طه/16]، وقال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت/ 46]، ومن ناحية أجرها فهو مضاعف، الواحد بعشر، خمس صلوات تقوم مقام خمسين صلاة كما مر عليك. ومن ناحية المكان يصليها أين ما شاء وأراد من بيته أو محل عمله أو غير ذلك من سائر الأماكن ما لم تكن مغصوبة ويعلم بغصبها، واما إذا صلاها في المسجد فحينئذ يتضاعف له الأجر الواحد بمئات، حتى ورد عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال في بعض خطبه: »ومن مشى إلى مسجد من مساجد الله تعالى فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات وتمحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات، ومن حافظ على الجماعة حيثما كان مر على الصراط كالبرق اللامع في أول زمرة مع السابقين ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر، وكان له بكل يوم وليلة حافظ عليها ثواب شهيد« الخطبة(15)، وقال الإمام الصادق(عليه السلام): »عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهراً طهره الله من ذنوبه، وكتب من زواره، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء، وصلوا من المساجد في بقاع مختلفة فان كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة«(16) ومن ناحية الطهارة، فلو لم يتمكن المصلي من الغسل لمن عليه الغسل مثلاً، أو لم يتمكن من الوضوء لمن عليه الوضوء لفقدان الماء أو لان الماء يضره أو غير ذلك من الأعذار الشرعية المذكورة في كتب الفقه والرسائل العملية فيكفيه ان يتيمم في الصعيد الطيب ويصلي . قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة/ 7](17). ومن ناحية وقتها، فهو موسع على الإنسان ولله الحمد، إذ أن صلاتي الظهر والعصر يبتدئ وقتهما من زوال الشمس – في منتصف النهار – ويستمر إلى غروبها، في أي وقت شاء أن يصليهما فله إلا أن الظهر يجب أن تقدم على العصر، وأول الوقت أفضل من آخره، ومن أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كله(18)، وهكذا المغرب والعشاء يبتدئ وقتهما للمختار غير المضطر من بعد غروب الشمس، وذهاب الحمرة المشرقية على الأحوط إلى منتصف الليل، ومعنى هذا أن لا مانع من الجمع بيت الصلاتين ظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءً، رخصة من الله سبحانه وعملاً بسنة رسول الله(صلى الله عليه و آله) كما هو الثابت في الصحاح جميعاً من طرق الفريقين(19). ووقت صلاة الصبح يبتدئ من طلوع الفجر الصادق ويستمر إلى طلوع الشمس في أي وقت منه شاء ان يصلي يكفيه ويجزيه، قال تعالى: (أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء/ 79]. وإذا كان الإنسان مسافراً يصلي قصراً أي الصلاة الرباعية تكون ركعتين وإذا كان مريضاً أو عاجزاً لا يستطيع تأدية الصلاة بالكيفية التي يؤديها الأصحاء فيصلي كيف ما يستطيع قاعداً أو مضطجعاً على ظهره أو يمينه أو يساره أو إيماء وإشارة حسب حالته وقدرته. فبعد هذا التسهيل والتخفيف من نواح شتى ما أدري ما عذر المسلم إذا ترك الصلاة وهي أهم الفرائض الإسلامية بل هي عمود الدين حسب نص الصادق الأمين(صلى الله عليه و آله) ولا تعارض إقامتها أشغاله وأعماله مهما كثرت، مع العلم ان تاركها يعرض نفسه لسخط الله وعذاب النار. فيا أيها المسلمون إلا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا:(أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [المدثر/ 43-44]. وأصبح الكثير من أبناء المسلمين – ويا للأسف – كما حكى الله تعالى عن بعض الأقوام (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) [مريم/ 60-61]. تخفيف الصيام عن هذه الأمة من ناحية الزمان: ومما خفف الله به عن هذه الأمة من الآصار السالفة بالنسبة إلى الصيام، هو ان الصوم الذي كان على الأمم الماضية من أهل الكتاب اشق من الصوم الذي فرض على هذه الأمة، وذلك انه كان محرماً على الكتابيين الأكل والشرب والجماع بعد النوم ليلاً إلى الليلة القابلة كما يظهر ذلك من بعض روايات أهل البيت، وأقوال المفسرين والمحدثين(20) وهذه الأمة أباح الله لهم ذلك من أول الليل إلى طلوع الفجر. وجاء في رواية عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: »فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر«(21) هذا مع العلم أن الصيام في أول تشريعه لهذه الأمة كان كصوم بني إسرائيل، محرماً على الصائمين النكاح مطلقاً ليلاً ونهاراً، كما كان محرماً عليهم أيضاً الأكل والشرب في الليل بعد النوم. ومعنى هذا أنه ليس للصائم وقت لإفطاره إلا في أول الليل إلى حين النوم ثم نسخ هذا الحكم تخفيفاً وتسهيلاً على هذه الأمة، وأبيح لهم الأكل والشرب والجماع من أول الليل إلى حين طلوع الفجر، وانزل الله تعالى في ذلك هذه الآية الكريمة: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة/ 188]، وقد جاء عن الإمام الصادق(عليه السلام) عن جده أمير المؤمنين– في سبب تخفيف الصيام عما كان عليه في أول تشريعه – انه سئل عن الناسخ والمنسوخ، وأجاب عن بعض موارده، إلى أن قال(عليه السلام): »ومن ذلك أيضاً آصار غليظة كانت على بني إسرائيل في الفرائض، فوضع الله تلك الآصار عنهم، وعن هذه الأمة فقال سبحانه: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ). ومنه انه تعالى لما فرض الصيام فرض أن لا ينكح الرجل أهله في شهر رمضان بالليل ولا بالنهار على معنى صوم بني إسرائيل في التوراة فكان ذلك محرماً على هذه الأمة، وكان الرجل إذا نام في أول الليل قبل أن يفطر فقد حرم عليه الأكل بعد النوم أفطر أم لم يفطر وكان رجل من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه و آله) يعرف بمطعم بن جبير شيخاً، فكان في الوقت الذي حضر فيه الخندق حفر في جملة المسلمين، وكان ذلك في شهر رمضان، فلما فرغ من الحفر وراح إلى أهله، صلى المغرب وأبطأت عليه زوجته بالطعام، فغلب عليه النوم فلما أحضرت إليه الطعام أنبهته فقال: لها استعمليه أنت فإني قد نمت وحرم عليّ، وطوى وأصبح صائماً، فغدا إلى الخندق وجعل يحفر مع الناس فغشي عليه فسأله رسول الله(صلى الله عليه و آله) عن حاله فأخبره، وفي رواية فرقّ له(صلى الله عليه و آله) ثم قال الإمام وكان من المسلمين شبّان ينكحون نساءهم بالليل سراً لقلة صبرهم فسأل النبي الله سبحانه في ذلك فانزل الله عليه (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ..) (22). وهذا المعنى مروي بروايات أخرى، رواها الشيخ الكليني في (فروع الكافي) ج14 ص 98، والعياشي في (تفسيره) ج1 /83، والقمي في (تفسيره) ج1 / 66، والطبرسي في (مجمع البيان) ج1 /280 وغيرهم، إلا أنه لم يكن فيها تصريح أن الصوم أول ما فرض على هذه الأمة، كان على معنى صوم بني إسرائيل في التوراة. وفي جميعها ان سبب نزول قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) هو ما كان يفعله الشبان من المسلمين من نكاح نسائهم سراً في الليل وقد كان محرماً عليهم، وسبب نزول قوله تعالى (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) إنما هي قصة مطعم بن جبير الأنصاري، أو خوات بن جبير الأنصاري على ما جاء في أكثر الروايات(23) وما يقارب هذا المعنى في سبب نزول الآية مروي أيضاً من طرق أهل السنة، إلاّ أن ظاهر رواياتهم ان حكم النكاح بالليل كان كحكم الأكل والشرب وأنها جميعها كانت محللة قبل النوم محرمة بعده في حين ان روايات أهل البيت عليهم السلام صريحة في ان النكاح كان محرماً في شهر رمضان بالليل والنهار جميعاً بخلاف الأكل والشرب فقد كانا محللين في أول الليل قبل النوم ومحرمين بعده، وسياق الآية يساعد ما جاء في روايات أهل البيت الذين هم مع القرآن والقرآن معهم لن يفترقا حتى يوم القيامة. وتدل بعض روايات أهل السنة على أن الخيانة ما كانت تختص بالنكاح فقط، بل كانوا يختانون في الأكل والشرب أيضاً وسياق الآية لا يوافق رواياتهم تلك. وصرح اكثر مفسريهم أن من جملة من كان ينكح أهله سراًّ بالليل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب(24). كما اختلفت رواياتهم في اسم الرجل الذي نام قبل ان يفطر ففي بعضها انه قيس بن صرمة الأنصاري وفي بعضها ابو قيس بن صرمة، وفي بعضها صرمة بن انس الأنصاري، وبعضها صرمة بن مالك. وعلى كل، الآية الكريمة حددت لنا أول الصوم وأخره بقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) فابتداؤه بطلوع الفجر وانتهاؤه بدخول الليل، واجمع الفقهاء على حرمة الصوم في الليل لنسخة في الشريعة الخالدة.
سقوط الصوم عن بعض المكلفين في حالات خاصة على المذاهب الخمسة ومعلوم ان الصوم واجب في شهر رمضان، ووجوبه فيه ثابت بالضرورة الإسلامية، ولا يحتاج إلى دليل بعد ان كان منكر وجوبه خارجا عن الإسلام بالإجماع، وهو فرض عين على كل مكلف حسب الشروط المذكورة في كتب الفقه، ولا يجوز الإفطار إلا لأحد الأسباب التالية: الحيض، والنفاس، فلو حاضت المرأة أو نفست لا يصح منها الصوم، وتقضي ما فاتها من الصيام أيام حيضها أو نفاسها، وهذا بالاتفاق عند جميع المذاهب، وكذا الجنون لا يصح معه الصوم حتى لو طرأ عليه أثناء النهار قبل الزوال أو بعده. المرض وفيه تفصيل بين المذاهب، فالإمامية لا يجوز عندهم الصوم إذا احدث مرضا، أو ازاد في شدته، أو شدة آلمه، أو أخر البرء، لان المرض ضرر والضرر محرم، فلو صام والحال هذه لا يصح صومه، ويكفي في ترك الصيام، ان يغلب على ظنه حدوث المرض أو زيادته أو يحتمل ذلك احتمالاً موجباً لصدق الخوف ويجب عليه القضاء لما فاته من الصوم إذا زال ما عنده من المرض أو الخوف من حدوثه قبل ان يأتي شهر رمضان الآخر. وأما المذاهب الأربعة فعندهم ان الإنسان إذا مرض، أو خاف بالصوم زيادة المرض، أو تأخر البرء، ان شاء صام، وان شاء أفطر، وانه لا يتعين على المريض الإفطار، لانه رخصة لا عزيمة، إلا إذا علم أو غلب على ظنه الهلاك أو تعطيل حاسة من حواسه فيتعين عليه ان يفطر وحينئذ لا يصح منه الصوم. السفر حسب الشرائط المعتبرة في صلاة القصر عند كل مذهب وفيه تفصيل بين المذاهب، فعند الإمامية إذا تمت للمسافر شروط قصر الصلاة يسقط عنه الصوم سقوط عزيمة ولا يصح منه، هذا إذا كان قد شرع بالسفر قبل الزوال، أما إذا شرع به وقت الزوال أو بعده فعليه ان يبقى على صيامه ذلك اليوم، وإن أفطر فعليه كفارة من أفطر عمداً، وإذا وصل المسافر إلى وطنه أو محل إقامته عشرة أيام قبل الزوال ولم يكن قد تناول شيئاً من المفطرات وجب حينئذ عليه الصوم بقية ذلك اليوم فان أفطر كان كمن افطر عمداً . أما المذاهب الأربعة فعندهم إذا تمت للمسافر شروط السفر، فله الخيار حينئذ إن شاء صام وإن شاء افطر، إذ أن الإفطار في السفر عندهم رخصة لا عزيمة، بل عند الشافعي كما نقل عنه ابن كثير الدمشقي في تفسيره ج1 ص 217 أن الصيام في السفر افضل من الإفطار، وكذلك عند أبي حنيفة ومالك وغيرهم (راجع تفسير الرازي ج2 ص119) هذا مع انهم يروون أن أناساً من الأصحاب صاموا في السفر فنهاهم النبي(صلى الله عليه و آله) عنه فأفطر بعضهم، وبعضهم صام فقال رسول الله عمن صام: أولئك العصاة(25) واشتهر قوله (صلى الله عليه و آله): (ليس من البر الصوم في السفر)(26) وكذلك قوله(صلى الله عليه و آله): (الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)(27) ورووا: ان رجلاً قال لا بن عمر: إني أقوى على الصوم في السفر فقال ابن عمر: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الآثم مثل جبال عرفة (28) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على حرمة الصيام في السفر هذا وقد كرر الله سبحانه في القرآن وضع الصيام عن المريض والمسافر والأمر لهما بالصوم في أيام أخر مرتين قال تعالى: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة/ 185-186]. الحرج والمشقة بالنسبة إلى الشيخ والشيخة الهرمين اللذين يجدان حرجاً ومشقة في الصيام، يرخص لهما بالإفطار، مع الفدية عن كل يوم طعام مسكين، وكذلك المريض الذي لا يرجى برؤه في جميع أيام السنة وهذا الحكم متفق عليه، إلا عند الحنابلة قالوا: تستحب الفدية ولا تجب(29). الحامل المقرب التي أوشكت على الولادة، وكذا المرضع، وفيه تفصيل بين المذاهب، اما الإمامية فقالوا: إذا تضررت المرضع أو تضرر رضيعها، فعليهما ان تفطرا ولا يجوز لهما الصوم، لان الضرر محرم، واتفقوا على أن عليهما القضاء، والفدية بمد إذا كان الضرر على الولد، اما إذا كان الضرر على نفسها، فبعضهم قال تقضي ولا تفدي لان حكمهما حكم المريض وآخرون قالوا تقضي وتفدي والأحوط الجمع بين القضاء والفدية. وأما المذاهب الأربعة فعندهم ان الحامل المقرب أو المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها يصح صومها، ويجوز لها ان تفطر، وإذا افطرت فعليها القضاء بالاتفاق عندهم، ولكن اختلفوا في امر الفدية فقال الحنفية: لا تجب مطلقاً، وقال المالكية: تجب على المرضع دون الحامل وقال الحنابلة والشافعية: تجب الفدية على كل من الحامل، والمرضع ان خافت على نفسها وعلى ولدها معا فانها تقضي ولا تفدي، والفدية عن كل يوم مد، والمد إطعام مسكين. من به داء العطش الشديد إذا شق عليه الصوم، فقد اتفقوا على انه يجوز له ان يفطر، وإذا استطاع القضاء فيما بعد وجب عليه دون الكفارة عند الأربعة، وتجب عليه الكفارة بمد دون القضاء عند الامامية، واختلفوا في الجوع الشديد هل هو من مسوغات الإفطار كالعطش ؟ قال الامامية: الجوع لا يبيح الإفطار إلا إذا استلزم المرض، والخوف منه، وقال الأربعة: الجوع والعطش سواء، كل منهما يبيح الإفطار. الإغماء، قال الإمامية: لا يجب الصوم مع الإغماء ولو حصل في جزء من النهار، إلا إذا كان قد نوى الصوم قبل الفجر، تم أغمي عليه ثم أفاق أثناء النهار فالاحوط ان يتم صومه .
زوال العذر: إذا زال العذر المبيح للإفطار كما لو برء المريض أو قدم المسافر أو طهرت الحائض استحب لهم الإمساك في يوم زوال العذر تأدباً عند الحنفية والحنبلية وقال المالكية لا يجب ولا يستحب(30). وقد استعرضنا ذكر الأسباب المبيحة للإفطار ليعلم (إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر ولم يرد بهم العسر)(31) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة/ 184-186]. تخفيف الزكاة عن هذه الأمة من ناحية الكمية : ومما خفف الله تعالى به عن هذه الأمة من الآصار السالفة، بالنسبة إلى الزكاة، هو ان فرض الزكاة الذي كان على بني إسرائيل ربع المال على ما ذكر بعض المفسرين من أهل السنة وغيرهم(32). والحال ان الزكاة المفروضة على هذه الأمة أقل من الربع بكثير كما يأتي التفصيل، وفي كتاب ( روضة الواعظين) ان ثوابه ثواب ربع المال.
ما تجب فيه الزكاة على المذاهب الخمسة: والذي تجب فيه الزكاة من الأموال مختلف فيه بين المذاهب، فالإمامية عندهم وبإجماعهم ان الزكاة تجب في تسعة أشياء وهي: الأنعام الثلاثة (الإبل والبقر ويشمل الجاموس والغنم ويعم المعز) وفي الغلات الأربع (الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب) وفي النقدين (الذهب والفضة) المسكوكين وتستحب في مال التجارة، وفي الخيل وفي كل ما تنبته الأرض من الحبوب، كالعدس، والفول، والارز، وامثالها، ولكل من الوجوب والاستحباب شروط وقيود مفصّلة في مظانها من كتب الفقه والرسائل العملية لعلمائنا الأعلام. أما المذاهب الأربعة فاتفقوا مع الإمامية في وجوب الزكاة في هذه الأشياء التسعة وزادوا في ذلك، فبالنسبة إلى الزرع والثمار، عند الحنفية تجب الزكاة في كل ما أخرجته الأرض من الثمار والزرع والخضروات إلا الحطب والحشيش والقصب الفارسي(33) والسعف. وقال المالكية والشافعية: تجب الزكاة في كل ما يدخر للمؤنة كالحنطة والشعير والأرز والتمر والزبيب والعدس وغيرها، اما سائر الثمار فلا زكاة فيها. وقال الحنابلة: تجب الزكاة في كل ما يكال ويدخر من الثمار والزرع، وأوجب الأربعة على الخيل والبغال والحمير الزكاة إذا كانت معدة للتجارة، كما في كتاب ( الميزان) للشعراني ج2 /4 وأوجب الأربعة الزكاة في الذهب والفضة سبائك كانتا أو مسكوكين بسكة النقد، واختلفوا في الحليّ من الذهب فقال بعضهم بوجوب الزكاة فيها، وآخرون بعدم الوجوب، وأوجب الأربعة الزكاة في مال التجارة
مقدار زكاة الإبل ونصابها: نصاب الإبل إذا بلغت خمساً ففيها شاة، وإذا بلغت عشراً ففيها شاتان، وخمسة عشر فثلاث شياه، وعشرين فأربع شياه هذا بالاتفاق عند الجميع، أما إذا بلغت خمساً وعشرين، فقال الإمامية: فيها خمس شياه، وقال الأربعة: فيها بنت مخاض، وهي من الإبل التي قد دخلت في السنة الثانية من عمرها، والإمامية أوجبوا بنت المخاض في الستة والعشرين من الإبل. وإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون بالاتفاق، وبنت اللبون هي التي دخلت في السنة الثالثة، وإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقّة بالاتفاق، والحقة هي التي دخلت في الرابعة، وإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة بالاتفاق، والجذعة هي التي دخلت في الخامسة، وإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون بالاتفاق، وإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان بالاتفاق، واتفقوا على انه ليس فيما يزيد على الإحدى والتسعين شى حتى تبلغ الإبل مائة وواحد وعشرين فإذا بلغتها فللمذاهب تفاصيل وأقوال تطلب من المطولات من كتب الفقه. فبان لنا ان النصب للإبل عند الإمامية أثنى عشر نصابا، وعند أهل السنة أحد عشر، واتفق الجميع على انه ليس فيما بين النصابين شى، مثلا الخمسة فيها شاة، فإذا كانت أربعة لا زكاة فيها، فإذا بلغت تسعا ففيها شاة واحدة، والعشر فيها شاتان، والأربعة عشر فيها شاتان وهكذا.
مقدار زكاة البقر ونصابها: للبقر نصابان بالاتفاق، الأول إذا بلغت ثلاثين وفيها تبيع أو تبيعه، والتبيع ما اكمل سنة ودخل في الثانية عند الجميع، إلا المالكية فعندهم ان التبيع هو ما اكمل سنتين ودخل في الثالثة، والنصاب الثاني إذا بلغت أربعين ففيها مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة بالاتفاق إلا المالكية قالوا: المسنة هي التي أكملت الثالثة ودخلت في الرابعة، وفيما زاد يحسب على هذا الحساب، مثلا من الستين تبيعان، ومن السبعين مسنة وتبيع، ومن الثمانين مسنتان، ومن التسعين ثلاث اتباع، ومن المئة مسنة وتبيعان، ومن المئة والعشرة مسنتان وتبيع، ومن المئة والعشرين ثلاث مسنات أو أربعة اتباع وهكذا، وما بين الأربعين والستين عفوا وكذا ما دون الثلاثين، وما زاد على النصاب من الواحد إلى التسعة معفو عنه، ونصاب البقر على هذا النحو متفق عليه عند الجميع. نعم الحنفية عندهم ما بين النصابين عفوا إلا ما زاد على الأربعين إلى الستين فانه تجب الزكاة في الزيادة الواحدة الزائدة على الأربعين ربع عشر مسنة وفي الاثنين نصف عشر مسنة.
مقدار زكاة الغنم ونصابها: زكاة الغنم من الأربعين شاة واحدة، ومن المئة والإحدى والعشرين شاتان، ومن المئتين والواحدة ثلاث شياه، هذا بالاتفاق، وقالت الإمامية إذا بلغت ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة فصاعدا ففي كل مائة شاة، شاة واحدة، وقال الأربعة: الثلاثمائة والواحدة كالمئتين والواحدة فيها ثلاث شياه إلى الأربعمائة ففيها أربع شياه، وما زاد ففي كل مئة، شاة بالغا ما بلغ، وعلى هذا تكون النصب عند الإمامية خمسة وعند الأربعة اربعة، واتفق الجميع على ان ما بين النصابين لا زكاة فيه كما لا زكاة فيما نقص عن الأربعين .
مقدار زكاة الزرع والثمار ونصابهما : زكاة الزرع والثمار العُشر أي عشرة بالمائة إذا سقي سيحا أو بماء السماء أو تمص عروقه من ماء الأرض، ونصف العشر إن سقي بالدلاء أو الماكنة أو الناعور أو نحو ذلك من العلاجات بالاتفاق، كما اتفق ما عدا الحنفية، على أن النصاب معتبر في الزرع والثمار وانه خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا فيكون مجموع النصاب ثلاثمائة صاع(34) فما زاد بالغا ما بلغ، ولا زكاة فيما هو دون ذلك، وقال الحنفية لا نصاب للزرع والثمار والخضروات بل تجب الزكاة في القليل والكثير على حد سواء(35) ومر علينا أن الإمامية عندهم لا تجب الزكاة من الحبوب إلا في الحنطة والشعير، ومن الثمار إلا في التمر والزبيب ولا تجب فيما عدا ذلك.
مقدار زكاة الذهب والفضة ونصابهما : نصاب الذهب عشرون ديناراً، وفيها نصف دينار، ولا زكاة في الأقل ولا فيما زاد عليها حتى يبلغ أربعة دنانير وفيها ربع عشرها وهكذا كلما زاد أربعة وجب فيها ربع العشر ونصاب الفضة مئتا درهم وفيها خمسة دراهم ثم أربعون درهماً وفيها درهم واحد وهكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم فمقدار الزكاة في النقدين ربع العشر أي اثنان ونصف بالمائة والتفصيل في الكتب الفقهية والرسائل العملية. هذا، وأصناف المستحقين للزكاة ثمانية، وهم المذكورون في الآية الكريمة من سورة التوبة وبها ختام الكلام عن الزكاة.(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة/ 60]. تخيير هذه الأمة في الحدود والديات بين القصاص والدية والعفو : ومما خفف الله به عن هذه الأمة من الآصار السالفة – ممّا يتعلق بالقصاص والعقوبات والديات – هو ان على أهل التوراة وهم اليهود القصاص في القتل والجروح، أو العفو المطلق، وهذه الأمة جعل لهم الخيار بين القصاص والدية والعفو هذا ما قاله بعض المفسرين(36) وهو مؤيد بالقران المجيد، كما سيأتيك البيان. وقال آخرون: انّ القصاص كان حتماً على اليهود ولم يكن لهم العفو ولا أخذ الدية، وخفف الله عن هذه الأمة ورحمهم فجعل لهم الخيار بين القصاص أو الدية أو العفو(37) وجاء في رواية عن النبي صلى الله عليه واله انه قال: (من أصيب بقتل أو جرح فانه يختار إحدى ثلاث، إمّا ان يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فان أراد رابعة فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالداً فيها أبدا)(38) والقرآن المجيد يستعرض الحكم الذي أنزله الله في التوراة وظاهره ان أهل التوراة وهم اليهود كانوا مخيرين بين القصاص أو العفو فيكون مؤيدا للقول الأول واليك الآية الكريمة: (وَكَتبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) [المائدة/ 46].
معنى الآية: (وَكَتبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا) أي فرضنا على اليهود - الذين تقدم لهم ذكر في الآيات السابقة - في التوراة (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) وهذا يدل على ان المراد به ان النفس تعادل النفس في باب القصاص والعين تقابل العين، والأنف يماثل الانف، وهكذا في باقي الجوارح فالباء للمقابلة كما تقول مثلا (بعت هذا بهذا) فيؤول معنى الجمل المتسقة إلى ان النفس تقتل بالنفس، والعين تفقا بالعين، والأنف يجدع بالأنف، والإذن تصلم بالإذن، والسن تقلع بالسن، والجروح ذوات قصاص أي يعتبر في جزائها العدل والمساواة، ومعلوم ان هذا كله إذا قتلت النفس أو فقئت العين - وهكذا في باقي المذكورات - تعمدا وبغير حق، (فمن تصدق به فهو كفارة له) أي فمن عفى من أولياء القصاص كولي المقتول أو نفس المجني عليه والمجروح، عن الجاني ووهبه ما يملكه من القصاص فهو (أي العفو) كفارة لذنوب المتصدق يكفر الله به ذنوبه ويعفو عنه. (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) وهذا من قبيل وضع العلة موضع معلولها، والتقدير: وان لم يتصدق بما يملك فليحكم بما أنزل الله فإن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الظالمون. فالآية صريحة في القصاص، أو التصدق به وهو العفو في القتل أو الأعضاء أو الجروح، جاء عن ابن عباس في تفسير الآية (وَكَتبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) أنه قال: يريد: وفرضنا عليهم في التوراة أن النفس بالنفس أي من قتل نفسا بغير قود قيد منه، ولم يجعل الله له دية في نفس ولا جرح إنما هو العفو أو القصاص(39)، وقال الضحاك: لم يجعل في التوراة دية في نفس ولا جرح إنما كان العفو أو القصاص(40). أما ما ذكره بعض المفسرين الآخرين من أن القصاص كان حتماً على اليهود ولم يكن لهم العفو ولا أخذ الدية، فالظاهر انهم يقصدون من هذا حكم اليهود المذكور في توراتهم الدائرة اليوم عندهم لا الحكم الواقعي الذي أنزله الله على موسى في توراته، ويؤيد هذا ان التوراة الدائرة عند اليهود صريحة في القصاص، ولم يذكر معه العفو، جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من ( سفر الخروج) من التوراة عدد 23- وان حصلت أذية تعطى نفساً بنفس 24 – وعيناً بعين وسناً بسن ويداً بيد ورجلاً برجل 25–وكياً بكي وجرحاً بجرح ورضاً برض(41). وفي الإصحاح الرابع والعشرين من ( سفر اللاويين) ما نصه عدد17– وإذا أمات أحد إنساناً فانه يقتل به 18– ومن أمات بهيمة فانه يعوض عنها نفساً بنفس 19– وإذا احدث إنسان في قريبه عيباً فكما فعل كذلك يفعل به 20– كسر بكسر وعين بعين وسن بسن كما احدث عيباً بالإنسان كذلك يحدث فيه(42) فهذا صريح توراتهم في وجوب القصاص بالمثل، ولم يذكر فيها العفو معه، ولعل إسقاط العفو كان من المتلاعبين الذين غيروا وبدلوا أحكام الله حسب ميولهم وشهواتهم والله من ورائهم حسيب. إما حكم الإسلام الخالد الذي أنزله الله في القرآن المجيد فقد ذكره الله سبحانه بقوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة/ 179]، وفي توجيه الخطاب بهذه الآية إلى المؤمنين خاصة إشارة إلى كون الحكم فيها خاصاً بهذه الأمة، وإما غيرهم من أهل الذّمة فالآية ساكتة عنه. ويستفاد من مجموع ما ورد في سبب نزولها، ان أهل الجاهلية قبل بزوغ نور الإسلام على الجزيرة العربية كانوا يسيرون على غير نظام عادل ومتحد بل على شريعة الغابات والفوضى التي لا حد لها حيث يقتلون لأتفه الأسباب ظلما وعدواناً، وربما يقتص أولياء القتيل من الأبرياء لا من الجاني نفسه، فإذا قتل رجل عادي مثله قتل أولياء القتيل عدداً كبيرا من ذوي القاتل وربما قتلوا عشرة بقتيل أو قتيلة وأدى هذا الظلم إلى الحروب الطاحنة بين القبائل وإبادة الكثير منها وأورث العداء والأحقاد بين الأبناء والأحفاد، فشرع الله القصاص في القتل وهو بمفهومه يفيد المساواة وإيقاع القتل على القاتل نفسه أياً كان دون غيره من الأبرياء ودون زيادة أو نقصان خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) أي فرض عليكم وأوجب مراعاة المماثلة والمساواة في القتلى بأن يفعل بالقاتل ما فعله هو بالمقتول، ولا خلاف ان المراد من إيقاع القصاص في قتل العمد دون الخطأ المحض وشبه العمد(43) وربما يسأل: كيف قال (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) مع أن أولياء الدم مخيرون بين القصاص والعفو وأخذ الدية؟ فالجواب على هذا أن القصاص مفروض إن اختاره أولياء المقتول، إذ الفرض الواجب قد يكون مضيقاً وقد يكون مخيراً فيه فإذا طالب أولياء المقتول بالقصاص فلهم الحق بذلك، ويجب حينئذ على القاتل تسليم نفسه للقصاص وان امتنع يقام عليه قهراً. وقوله: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى) المعنى واضح لا يحتاج إلى شرح وهو اعتبار المساواة في القصاص بين القاتل والمقتول في الحرية والعبودية والأنوثة، فيفهم إذا من سياق اللفظ أن الحر لا يقتل بالعبد، وان الرجل لا يقتل بالمرأة، ويؤيد هذا المفهوم النصوص الواردة عن أهل البيت عليهم السلام من طرق الفريقين شيعة وسنة فبالنسبة إلى الحر أو العبد قال الصادق(عليه السلام): ولا يقتل حر بعبد ولكن يضرب ضرباً شديداً ويُغرم دية العبد(44) وهذا هو مذهب الإمامية اتباعا لائمة الهدى حيث أن رواياتهم مجمعة على أن الحر لا يقتل بالعبد، وقد جاءت فيه نصوص صريحة من طرق أهل السنة أيضا فقد رووا عن ابن عباس عن النبي(صلى الله عليه و آله) وعن جابر، عن عامر، عن علي(عليه السلام) أنه قال: لا يقتل حرُ بعبد(45) ورووا عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً قتل عبده متعمداً فجلده النبي(صلى الله عليه و آله) ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به(46) أي لم يقتله كما قتل عبده، وروى عمرو بن شعيب أيضاً عن أبيه عن جده، أن أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحر بقتل العبد(47) وهذا مذهب الشافعي، وكذلك عند مالك وأحمد أن الحر لا يقتل بالعبد، وأما عند أبي حنيفة يقتل الحر بعبد غيره، ولا يقتل بعبده، وقوله هذا مخالف لما عليه الجمهور، كما هو مخالف لنصوص أهل البيت واتفاق شيعتهم، ومخالف لمفهوم الآية: (الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) أما إذا قتل رجل امرأة، كان أولياء دمها بالخيار بين أن يأخذوا منه الدية فقط وقدرها نصف دية الرجل وبين أن يقتلوه على أن يدفعوا لورثته نصف الدية، وإلا فلا يقتل وهذا هو حقيقة المساواة، لان نفس المرأة لا تعادل نفس الرجل بل هي على النصف، فيلزم حينئذ انه إذا أخذت النفس الكاملة بالنفس الناقصة أن يرد فضل ما بينهما والآية صريحة على ان بدل الأنثى أنثى فالمفهوم منها أن الرجل لا يكون بدلاً عنها، ولكن ثبت من دليل خارجي – وهي السنة – على أن الرجل القاتل يجب عليه أن ينقاد للقصاص حين يلتزم ولي المرأة المقتولة بدفع نصف ديته، فيكون قتل الرجل القاتل بدلاً عن مجموع الأنثى التي قتلها، وعن قبض نصف الدية. وهذا بإجماع الإمامية اتباعا لائمة الهدى الذين هم المرجع في الدين بعد جدهم الأعظم(صلى الله عليه و آله) ونصوصهم بذلك ثابتة عنهم، ومن ذلك قول الإمام الصادق(عليه السلام): وان قتل رجل امرأة متعمدا فأراد أهل المرأة أن يقتلوه أدّوا نصف ديته إلى أهل الرجل(48). أما المذاهب الأربعة فقد اتفقوا على أن الرجل يقتل بالمرأة التي قتلها، من دون أن يدفع لأهل الرجل نصف الدية، وهذا الحكم يخالف مفهوم الآية الكريمة (الأُنثَى بِالأُنثَى) كما يخالف صريح أقوال أهل البيت المروية من طرقهم فضلاً عن طرقنا، فقد رووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام): أن الرجل إذا قتل المرأة لا يقتل بها إلا أن يدفع وليها إلى أوليائه نصف الدية، لان ديتها إلى النصف من دية الرجل(49) ومما ينبغي ذكره أن الفقهاء وسائر المذاهب اجمعوا على جواز قتل المرأة بالرجل، وقتل العبد بالحر، لعدم دلالة الآية على منعه، ولأنه لما أجازت الآية قتل القاتل بمثله فقتله اقتصاصا منه للأشرف أولى. وقوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ). الضميران في (له) و(أخيه) يعودان إلى القاتل على قول اكثر المفسرين، ولفظة (شيء) تدل على أن ولي الدم إذا عفا عن شيء يتعلق بالقاتل، كالعفو عن قتله مطلقاً ولا يشترط شيئاً، وحينئذ لا يلزم الجاني شيء، أو يعفو مع اشتراط الدية، والى الأخير أشار بقوله: (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) أي على العافي أن لا يشدد في طلب الدية وينظره ان كان معسرا ولا يطالبه بالزيادة على حقه، وعلى المعفو عنه وهو القاتل الأداء إليه بإحسان أي الدفع عند الإمكان من غير مماطلة ويشكره على ذلك، وبهذا قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، وهو المروي عن ابي عبد الله الصادق(عليه السلام)(50). قوله: (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) معناه انه جعل لكم القصاص أو الدية أو العفو وخيرّكم بينها تخفيفاً من الله، ورحمة رحمكم بها، وقوله: (فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) كان بعض أهل الجاهلية إذا عفوا واخذوا الدية ثم ظفروا بعد ذلك بالقاتل قتلوه، وجمعوا بين القتل وأخذ الدية، فنهى الله عن مثل هذا الاعتداء وتوعد فاعله بالعذاب الأليم في الآخرة، وقال جماعة من المفسرين يتحتم على الحاكم أن يقتل من قتل القاتل بعد العفو عنه واخذ الدية منه، حتى ولو بذل الدية ورضي بها ولي المقتول، وهذا القول مجرد استحسان كما يقول بعضهم والله العالم. تأجيل مؤاخذة العصاة في هذه الأمة: مما خفف الله به عن هذه الأمة من الآصار السالفة على اليهود، هو انهم كانوا إذا ارتكبوا الخطايا والذنوب عجّلت عليهم العقوبة(51) وحرم عليهم بسببها ما احل لهم من بعض الطيبات كما قال تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساء/161-162]. وهذه الأمة إذا ارتكبوا الذنوب والخطايا لا يعجل عليهم العقاب، ولا تحرم عليهم الطيبات، وإذا تابوا وندموا تاب الله عليهم، راجع ما اسلفناه في بحث الصفة السابعة والثامنة تحت عنوان (الإسلام احل ما كان محرما على اليهود من الطيبات). الأمان في الدنيا من العذاب العام لهذه الأمة: ومما خفف الله به عن هذه الأمة، ورحمهم به كرامة لنبيهم، وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم، هو أن الأمم الماضية ربما كانوا يمسخون قردة أو خنازير، ويصيبهم الغرق أو الخسف أو غير ذلك من أنواع العذاب العام الذي ينزل بهم في الدنيا، بسبب ارتكابهم الكبائر العظام وتماديهم في التكذيب، وإصرارهم على العصيان، وهذه الأمة رفع عنهم ذلك كما قال(صلى الله عليه و آله): رفع عن أمتي المسخ والخسف والغرق(52). وعن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه و آله) لما دعا ربه قائلاً: (ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا) فقال الله سبحانه: أعطيتك لكرامتك يا محمد، أن الأمم السالفة كانوا إذا نسوا ما ذكروا به، فتحت عليهم أبواب عذابي، ورفعت ذلك عن أمتك(53) وربما يشير إلى هذا الحديث قوله تعالى حاكياً لرسوله عن بعض الأمم من قبله: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام /45-46]. فهكذا كان العذاب ينزل ببعض الأمم المتمردة الظالمة بحيث يقطع دابرهم ولا تبقى منهم باقية بخلاف هذه الأمة، قال تعالى مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وآله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال/ 34]. والذي اختاره جمع من المفسرين والمحققين، وهو الظاهر أيضاً أن العذاب المنفي بهذه الآية إنما هو العذاب السماوي الإلهي، المستعقب للاستيصال الشامل للأمة، على نهج عذاب بعض الأمم السابقة، كأمة نوح الذين أغرقهم الله بالطوفان العام، قال تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَنَصَرْنَاهُ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) [الأنبياء/ 77-78]. وكعاد قوم هود(عليه السلام) الذين أهلكهم الله جميعاً وأبادهم بريح فيها عذاب أليم، قال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ(6)سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ(7)فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) [الحاقة/ 7-9]. وكثمود قوم صالح(عليه السلام) الذين أهلكهم الله بالصيحة التي أبادتهم قال تعالى: أهلكهم (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) [القمر/32]. وكقوم لوط الذين قلب الله مدائنهم عاليها سافلها، قال عز من قائل: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود/ 83-84]. وهكذا مسخ الله قوماً من بني إسرائيل قردة وخنازير قال سبحانه: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة/ 66]. وقال: (وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) [المائدة/ 61]، إلى غير ذلك من أنواع العذاب الذي أنزله الله على بعض الأمم الماضية، المستأصل لهم أو الشامل للكثير منهم، والجدير بالذكر هو أن الله عز وجل ما عذب أمة من الأمم الماضية إلا وأمر نبيها أو الحجة الذي فيها بالخروج من بين أظهرهم قبل نزول العذاب بهم، كما جاء هذا صريحاً في القرآن المجيد في قصة نوح مع أمته، ولوط مع قومه وغيرهما من الأنبياء والحجج، فإذا خرجوا من بين أظهرهم واعتزلوهم أنزل الله بهم العذاب المستأصل. أما هذه الأمة فالله سبحانه نفى عنها العذاب، عذاب الاستيصال في الدنيا وآمنهم منه لسببين، الأول: وجود رسوله الأعظم محمد(صلى الله عليه و آله) والثاني: استغفارهم من ذنوبهم ومعاصيهم، كما هو صريح الآية:(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال/ 34].
الأمان الأول للأمة: النبي(صلى الله عليه و آله) وأهل بيته ولما قبض النبي(صلى الله عليه و آله) الذي جعل الله وجوده السبب الأول لأمان أمته، صار الأمان العام لهم بعده، وجود أهل بيته الذين هم منه وهو منهم، وهم الأئمة من بعده(صلى الله عليه و آله) علي وأبناؤه المعصومون(عليهم السلام) كما جاءت بذلك السنن الثابتة، من طرق عديدة، صور كثيرة تؤيد بعضها بعضاً. وإليك بعض تلك الطرق والصور لأحاديث الأمان بأهل البيت(عليهم السلام) وبعض من رواها عنه(صلى الله عليه و آله) من أصحابه من طرق أهل السنة.
طرق أحاديث الأمان طريق سلمة بن الأكوع: أخرج الحفاظ: مسدد، وابن أبي شيبة، وأبو أحمد الفرضي وأبو عمرو ابن أبي عرزة، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم الطبراني، والحكيم الترمذي، وابن عساكر، والسيوطي الشافعي، وآخرون غيرهم من طريق سلمة بن الأكوع عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: »النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي«. راجع (فيض القدير في شرح الدامع الصغير) للعلامة عبد الرؤوف المناوي ج6 ص297 متناً وشرحاً، و(كنز العمال) للامة المتقي الحنفي ج6 ص216، و(مجمع الزوائد) للعلامة علي بن أبي بكر الهيتمي ج9 ص174. (وفرائد السمطين) للعلامة الحمويني الشافعي ونقله عنه الشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص20. و(نوادر الأصول) للحكيم الترمذي (أحياء الميت ص246 والمصدر السابق). و(ذخائر العقبى) لمحب الدين الطبري الشافعي ص17 قال: أخرجه أبو عمرو الغفاري. و(إسعاف الراغبين) للشيخ محمد الصبان، ص128 وقد نقله عن جماعة بأسانيدهم، مطبوع على حاشية نور الأبصار. و(نظم درر السمطين) للعلامة الزرندي الحنفي ص234 مرسلاً. و(السراج) للعلامة العزيزي ج3 ص416. وقال لدى شرحه: أراد بأهل بيته علماءهم، ويحتمل الاطلاق لأن الله تعالى لما خلق الدنيا لأجله(صلى الله عليه و آله) جعل دوامها بدوام أهل بيته. [سيرتنا وسنتنا سيرة نبينا وسنته ص22]. و(الصواعق المحرقة) لابن حجر الهيثمي ص111. وقال الحنفي: وأهل بيتي أي ذريتي فبسبب وجودهم يرفع البلاء عن الأمة. [سيرتنا وسنتنا ص22 للعلامة المجاهد الأميني]. و(جواهر البحار في فضائل النبي المختار) ج1 ص361 للعلامة النبهاني وقد أخرجه عن أبي يعلى، وابن أبي شيبة عن سلمة بن الاكوع [إحقاق الحق ج9 ص296]. و(الجامع الصغير) للعلامة السيوطي الشافعي ج2/ 160 كما ذكره في أحياء الميت المطبوع بهامش الإتحاف ص246 وقد أخرجه عن ابن أبي شيبة، ومسدد في مسنديهما، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبي يعلى، والطبراني. و(مفتاح النجا) للعلامة البذخشي ص7 مخطوط وقد أخرجه عن الحفاظ المذكورين وغيرهم [إحقاق الحق ج9 ص299]. و(سنن الهدى) للشيخ عبد النبي القدوسي الحنفي ص564 المخطوط (المصدر السابق). و(فصل الخطاب) للعلامة محمد خواجه البخاري المخطوط (المصدر السابق) و(ينابيع المودة ص370). و(راموز الأحاديث) للعلامة الشيخ أحمد النقشبندي ص238 (إحقاق الحق ج9 ص299). و(ينابيع المودة) للشيخ سليمان الحنفي ص20 و188 و191. و(الفتح الكبير) للعلامة الشيخ يوسف النبهاني ج3 ص267 كما ذكره أيضاً في (الشرف المؤبد) ص29 (إحقاق الحق). و(أرجح المطالب) للشيخ عبيد الله الحنفي ص328. و(السيف اليماني المسلول) للسيد محمد التونسي ص64 ط الشام (إحقاق الحق ج9 ص300). ورواه أيضاً شيخنا الصدوق بسنده في (كمال الدين) ج1 ص312 وغيره من علمائنا الأعلام. طريق أنس بن مالك: أخرج احمد بن حنبل بإسناده من طريق أنس بن مالك عن النبي(صلى الله عليه و آله) أنه قال: "النجوم أمام لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون" وقال احمد: أن الله خلق الأرض من أجل النبي(صلى الله عليه و آله) فجعل دوامها بدوام أهل بيته وعترته(صلى الله عليه و آله). راجع (ينابيع المودة) ص20، و(الصواعق المحرقة) لأبن حجر ص91 وص140، وقد عد من الآيات النازلة في أهل البيت الآية السابعة قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) فقال: أشار(صلى الله عليه و آله) إلى وجود ذلك المعنى في أهل بيته وأنهم أمان لأهل الأرض كما كان هو(صلى الله عليه و آله) أماناً لهم وفي ذلك أحاديث كثيرة يأتي بعضها، (وسرد بعض تلك الأحاديث، ومنها رواية احمد هذه ثم قال معلقاً عليها) قال بعضهم: يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمان، علماءهم، لأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم، والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون، وذلك عند نزول المهدي لما يأتي في أحاديثه: أن عيسى يصلي خلفه، ويقتل الدجال في زمنه، وبعد ذلك تتابع الآيات (إلى أن قال): ويحتمل وهو الأظهر عندي أن المراد بهم سائر أهل البيت، فإن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي(صلى الله عليه و آله) جعل دوامها بدوامه، ودوام أهل بيته، لأنهم يساوونه في أشياء، مرّ عن الرازي بعضها، ولأنه قال في حقهم: اللهم أنهم مني وأنا منهم، ولأنهم بضعة منه بواسطة أن فاطمة أمهم بضعته فأقيموا مقامه في الأمان. و(إسعاف الراغبين) ص128 نقلاً عن أحمد. و(نظم درر السمطين) للزرندي الحنفي ص234 وقد أشار إليه، وكتاب (شرف النبي) للعلامة الكازروني ص283 مخطوط روى الحديث بعين ما تقدم عن ينابيع المودة (إحقاق الحق ج9 ص303). وفي كتاب (الشرف المؤبد) للشيخ عبيد الله الحنفي، ص328. طريق عبد الله بن عباس: أخرج الحاكم في (مستدرك الصحيحين) ج3 ص149 بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): »النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف (أي من الدين) فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس« قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد، ونقله عنه الشيخ علي المتقي الحنفي في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش مسند احمد بن حنبل ج5 ص93. وذكر هذا الحديث ابن حجر في (الصواعق) ص91 وص140 وصححه أيضاً. وذكره الشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص20 والشيخ محمد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص128، وقال معلقاً على الحديث: وقد يشير إلى هذا المعنى قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) أقيم أهل بيته مقامه في الأمان لأنهم منه كما ورد في بعض الطرق. وقال سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين في (المراجعات) معلقاً على هذا الحديث ص53: هذا غاية ما في الوسع من إلزام الأمة بأتباعهم، وردعها عن مخالفتهم. وما أظن في لغات البشر كلها أدل من هذا الحديث على ذلك. ورواه العلامة السيوطي الشافعي في (أحياء الميت) المطبوع بهامش (الإتحاف) ص114. ورواه العلامة البذخشي في (مفتاح النجا) ص8 مخطوط [إحقاق الحق ج9 ص295]. ورواه العلامة الشيخ حسن الحمزاوي في (مشارق الأنوار) ص90 [المصدر السابق]. ورواه العلامة الشيخ احمد النقشبندي في (راموز الأحاديث) صفحة 238، ط الاستانة [المصدر السابق]. ورواه العلامة رضي الدين حسن بن محمد الصغاني في مشارق الأنوار ص109 ط الاستانة [المصدر السابق]. ورواه العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي في (أرجح المطالب) ص329 طبعة لاهور. ورواه العلامة النبهاني في (الشرف المؤبد) ص29 ط مصر، كما رواه أيضاً في جواهر البحار في فضائل النبي المختار ج1 ص361 ط القاهرة (إحقاق الحق ج9 ص296). طريق جابر بن عبد الله، وأبي موسى الاشعري وابن عباس: أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله، وأبي موسى الاشعري، وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): »النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض«. نقله عن الحاكم بهذا النص، الشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص20. ونقل الشيخ علي المتقي الحنفي في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند احمد بن حنبل ج5 ص93، عن مستدرك الحاكم عن جابر فقط ونصه فيه: »النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت فيهم فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون«. ورواه العلامة البذخشي في مفتاح النجا ص7 مخطوط بعين ما تقدم عن منتخب كنز العمال (إحقاق الحق ج9 ص302). ونصه في مستدرك الحاكم ج2 ص448 بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): وأنه لعلم للساعة فقال: النجوم أمان لأهل السماء (إلى أخر ما تقدم) ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير ج2 ص161 عن أبي موسى الاشعري بتغيير يسير. طريق محمد بن المنكدر عن أبيه: أخرج الحاكم في (المستدرك) ج3 ص457 بسنده عن محمد بن المنكدر عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه و آله)أنه خرج ذات ليلة وقد أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد. فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا: ننتظر الصلاة. فقال: أنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها. ثم قال: أما أنها صلاة لم يصلها أحد ممن كان قبلكم من الأمم(54)، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: »النجوم أمان لأهل السماء فإن طمست النجوم أتى السماء ما يوعدون وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون«. طريق أبي سعيد الخدري، وابن عباس: أخرج الحمويني الشافعي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): »أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء«. أيضاً أخرجه الحاكم عن قتادة عن عطاء ابن عباس (ينابيع المودة ص20). طريق علي أمير المؤمنين(عليه السلام): أخرج احمد بن حنبل في كتاب (المناقب) عن علي(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): »النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض«. نقله عنه محب الدين الطبري الشافعي في (ذخائر العقبى) ص17 والشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص19 ثم قال: أيضاً أخرجه ابن احمد في (زيادات المسند)، والحمويني في (فرائد السمطين) عن علي(عليه السلام) وأيضاً أخرجه الحاكم عن محمد الباقر عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم أ هـ. ورواه الخوارزمي الحنفي في (مقتل الحسين) [إحقاق الحق ج9 ص306]. والنبهاني في الشرف المؤبد ص29 ط مصر (المصدر السابق). والسيد أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي) ص78 ط مصر (المصدر السابق). والشيخ عبيد الله الحنفي في (أرجح المطالب) ص328 ط لاهور رواه نقلاً عن احمد في (المناقب)، وفي مسنده، والحاكم في (المستدرك) وأبي يعلى في (مسنده)، والترمذي في (نوادر الأصول) عن علي، بعين ما تقدم. وذكره علي بن سلطان الهروي في (مرقاة المفاتيح) في شرح (مشكاة المصابيح) ج5 ص610، [فضائل الخمسة ج2 ص60]. وذكره ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ص140 نقلاً عن احمد وغيره، رفعه بلا إسناد إلى أحد، وكذلك الشيخ محمد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص128، ولكن بتره ونصه فيه: وفي أخرى لأحمد: "إذا ذهب النجوم ذهب أله السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض". ورواه أيضاً الصدوق بسنده في (كمال الدين) ج1 ص312 وغيره من علمائنا رووه كما رواه أهل السنة.
دلالة هذه السنن هذه بعض طرق هذه السنن الثابتة عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه و آله) من طرق وهي: أولاً – من أدّل الأمور على إمامة أهل البيت عليهم السلام ووجوب أطاعتهم وأتباعهم، إذ لا يكون المكلف أماناً لأهل الأرض أو للأمة إلا لكرامته على الله تعالى، وامتيازه في الطاعة والإخلاص له جل شأنه، وهكذا سائر المزايا المقربة للعبد، مع كونه معصوماً، إذ أن العاصي لا يأمن على نفسه فضلاً عن أن يكون أماناً لغيره، ولا سيما إذا كان عظيماً فإن المعصية من العظيم أعظم والحجة عليه ألزم، وإذا كانوا أفضل الناس في سائر المزايا الفاضلة، ومعصومين من الذنوب والخطايا فقد تعينت الإمامة لهم دون غيرهم، وثبت وجوب أطاعتهم وأتباعهم. ثانياً – هذه السنن دليل قاطع، وواضح جلي، على استمرار بقائهم ودوام ما دامت الأرض قائمة (كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة) على حد تعبير الرسول الأعظم(صلى الله عليه و آله) وهذا هو مذهبنا، مذهب الحق الواضح(55). ثالثاً – أن هذه الكرامة العظيمة وهي كونهم أماناً للأمة أو لأهل الأرض، قد جعلها الله أولاً لرسوله(صلى الله عليه و آله) قبل أهل بيته بقوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ). فلو لم يكونوا أفضل أهل الأرض بعده، ومنزلتهم مقاربة لمنزلته، وهم مثال له، لما جعل لهم هذه الكرامة المجعولة له(صلى الله عليه و آله)، وهذا أوضح دليل في أنهم من بعده، قائمون مقامه، في الحُجية ووجوب الطاعة، كما هم قائمون مقامه في الأمان لأهل الأرض أو للأمة. ويؤيد هذا ما رواه الحمويني الشافعي بسنده عن محمد الباقر عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): يا علي أكتب ما أملي عليك قلت: يا رسول الله أتخاف عليّ النسيان؟ قال: لا، وقد دعوت الله عز وجل أن يجعلك حافظاً، ولكن أكتب لشركائك الأئمة من ولدك، بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم وبهم يصرف عن الناس البلاء، وبهم تنزل الرحمة من السماء وهذا أولهم، وأشار إلى الحسن، ثم قال: هذا ثانيهم وأشار إلى الحسين والأئمة من ولده، رضي الله عنهم. (ينابيع المودة ص20)، ورواه شيخنا الصدوق في (كمال الدين) ج1 ص313. وأخرج الحمويني أيضاً في (فرائد السمطين) ج1 ص33 بسنده عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وينشر الرحمة، ويخرج بركات الأرض، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها، ثم قال: ولم تخل الأرض – منذ خلق الله آدم – من حجة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقم الساعة من حجة الله فيها، ولو لا ذلك لم يُعبَدِ الله، قال سليمان: فقلت للصادق(عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب. ونقله عن الحمويني الشيخ سليمان الحنفي في (ينابيع المودة) ص21 وهذا الحديث الشريف رواه علماؤنا كالصدوق في (كمال الدين) ج1 ص213 وفي (الامالي) ص112، والطبرسي في (الاحتجاج) ج2 ص48 ونقله عنهم المجلسي في (البحار) ج23 ص6. فهذا هو الأمان الأول للأمة وهو وجود النبي(صلى الله عليه و آله) حسب نص الآية، ووجود أهل بيته من بعده حسب تلك السنن الثابتة. (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة/ 54].
الأمان الثاني للأمة: الاستغفار والأمان الثاني حسب نص الآية، هو الاستغفار: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وظاهره النفي الاستقبالي المشروط، والمعنى: ولا يستقبلهم الله بالعذاب ما داموا يستغفرون، أما إذا أرتد الكثير منهم عن دينه، وأنكروا ما أنكروا من ضرورياته، وتمادوا في التكذيب والعصيان، ولم يتوبوا ولم يستغفروا، فقد يكونون حينئذ مستحقين لنزول العذاب (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) [الأحزاب/ 63]. ومن هنا جاءت بعض الآيات القرآنية، والسنن النبوية، تنذر المجرمين، والمرتدين (من هذه الأمة) بنزول العذاب بهم خاصة، (لا بالأمة بأجمعها) ومنها قوله تعالى:(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إذا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ءالآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) [يونس/ 51-52]. وقد جاء في (تفسير القمي) ج1 ص312 في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى:(قُلْ أ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا). يعني ليلاً (أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ). قال: فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة، وهم يجحدون نزول العذاب عليهم(56). وفي (الدر المنثور) لجلال الدين السيوطي ج3 ص182، قال: واخرج احمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن النبي(صلى الله عليه و آله) قال: »العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله« ومعناه انه إذا لم يستغفر الله فهو غير آمن من نزول العذاب به عاجلاً أو آجلاً فيا أيها الناس (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10)يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(11)وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [النحل/102]. حكمة النسخ في الشرائع(57)
النسخ في اللغة والاصطلاح النسخ في اللغة يطلق على معان، منها إزالة شيء وإقامة شيء آخر مقامه، ومنه يقال: نسخت الشمس الظل، أي أزالته، ومنه قولهم نسخت الكتاب، أي نقلته من نسخة إلى أخرى، فالكتاب اذهب به وأبدل مكانه غيره، ومن هنا يعبر عن النسخ بالتبديل الذي بمعنى التغيير كما في قوله تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ) [النحل/102]. وفي الاصطلاح هو: رفع حكم ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه – من الأحكام التي ترجع إلى الله تعالى بما أنه مشرع لعباده – والإنزال لحكم آخر يكون هو الاصلح للزمان الآخر حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية.
كيف يثبت النسخ؟ والجدير بالذكر أن الحكم الشرعي إذا ثبت بالطرق الصحيحة، وعمل به في مدة، قلت أو كثرت، فلا يثبت نسخه إلا بآية قرآنية، أو سنة متواترة تصل إلى الأمة أو علمائها بصورة قطعية، ذلك أن النسخ من الأمور العظيمة المهمة وكل ما كان كذلك لا يثبت بأخبار الآحاد، لأن كل مهم أياً كان نوعه لابد وأن ينتشر ويشتهر على الألسن بحكم العادة، ألا ترى (مثلاً) أن موت الرجل العظيم الشهير ينقله أكثر الناس، أما مت الرجل العادي فلا يعرفه إلا بعض الجيران والأرحام، والنسخ في الشريعة من الأمور المهمة قطعاً. فلابد وأن ينقل بالتواتر القطعي، وذلك لا يكون إلا بآية قرآنية ظاهرة، لأن القرآن قطعي الصدور عن الله سبحانه، أو بسنة ثابتة متواترة.
ما يشمله النسخ وما لا يشمله فإذا عرفت ذلك فأعلم أن نسخ الشرائع وتبديلها – المنزلة من عند الله عز وجل على أنبيائه من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء(صلى الله عليه و آله) – ولا يشمل الأسس التي أبانها الله لعباده، وأوصى بها المرسلين من أنبيائه وأوصيائهم، ودعوا جميعاً إليها كتوحيد ذاته تعالى، والإيمان بكتبه ورسله، والتصديق بالمعاد يوم القيامة، وكذا لا يتعلق النسخ والتبديل بالمبادئ العامة التي أوضحها الله في شرائعه، والتي يتوقف عليها بقاء الإنسان وحياته، وتكفل خيره وسعادته، إذ المبادئ العامة التي لا ينازع في حسنها وخيرها أحد من العالمين، كالعدل والإحسان واحترام حقوق الآخرين، ومحاربة الشر والظلم والعدوان من الفحشاء والمنكر والبغي، وسائر أنواع العبث والفساد في الأرض من المفاسد التي لا يشك في قبحها وذم فاعليها أحد من العقلاء، هذه لا تنسخ ولا تبدل بل تبقى هذه المبادئ وتلك الأسس ثابتة في كل شريعة، والأنبياء جميعاً لم يبعثوا على خلافها ولم يؤمروا بما يعارضها ومن هنا قال سبحانه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) [الشورى/ 14]. نعم هذه الأسس وتلك المبادئ قد يطرأ عليها تحريف لخطّها المستقيم من قبل المشركين والمجرمين والفاسقين الموجودين في كل أمة وفي كل جيل، الذين لا يهون عليهم أن يستقيموا على توحيد الله عز وجل ولا يروق لهم أن يثبتوا على الحق والعدل. فلذا يبعث الله تعالى من يجدد لما سبق من وحي، يؤكد لما نزل من قبل من تعاليم في أصول هذا الدين الواحد الذي لا تفاوت فيه – بين الأنبياء والأوصياء – ولا اختلاف. أما الذي يتعلق به النسخ والتبديل من الشرائع إنما هو في بعض الأحكام الفرعية وخصوص كيفياتها وأوقاتها، حسب ما يقتضيه اختلاف مصالح العباد، بحسب اختلاف الإعصار وتكامل الأفراد من البشر، فإذا نسخ حكم شرعي بحكم شرعي آخر، كانا معاً مشتملين على مصلحة الدين، وكل من الحكمين أكثر انطباقاً على مصلحة الوقت، وأصلح لحال المكلفين، ذلك لأن دخل خصوصيات الزمان في مناطات الأحكام مما لا يشك فيه عاقل.
مطابقة النسخ للمصلحة والأحكام منها ما يستمر إلى الأبد تبعاً لاستمرار المصلحة فيها، كحرمة الخمر –مثلاً – نظارً لوجود الضرر الحاصل من استعماله، وهكذا حرمة سائر الخبائث مضرة في حقيقتها، فإنها محرمة في كل الشرائع، ومنها ما لم تكن المصلحة في استمرارها، وإنما تتعلق المصلحة بها في وقت دون آخر، أو لأمة دون غيرها، أو لقوم دون آخرين وأن كانت عند تشريعها ظاهرها إنها أحكام مستمرة في كل وقت، ولكن بعد العمل بها بعض الحين – طال أو قصر- قد يأتي دليل أخر يثبت أن تلك الأحكام أو بعضها التي كانوا يقطعون بدوامها إنما هي – في واقعها – أحكام بأمد معين عند الله، ولكن الحكمة الإلهية استدعت إظهارها أولاً بمظهر الدوام والاستمرار. هذا ويمكننا أن نشبه – لتقريب المعنى – نسبة الأحكام الشرعية إلى المجتمع البشري بنسبة الدواء الذي يصفه الطبيب الحاذق، للمريض بعد علمه بدائه، فكما أن الطبيب يأمر باستعمال الدواء ما بقي الداء موجوداً، والدواء نافعاً، فإذا عدم النفع به لتغير المرض تراه يبدله بدواء آخر، فكذا الأحكام إنما يؤمر المجتمع بها ما دامت مشتملة على المصلحة وأن لم ينكشف وجه المصلحة لهم وإذا فقدت صفتها أبدلت بغيرها مما فيه الصلاح. وعلى هذا فكل ما شمله النسخ والتبديل، فكل ما شمله النسخ والتبديل، في شرائع الأنبياء السابقين أو في هذه الشريعة الإسلامية، أيام نبيه، إنما كان تابعاً لمصلحة الإنسان وخيره علم الإنسان أم لم يعلم قال تعالى:(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [النحل/ 102]، وقال سبحانه: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة/ 107]. وقد جاء في محاجة النبي(صلى الله عليه و آله) مع بعض اليهود على أثر تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وهي محاجة طويلة نذكر منها محل الشاهد، وهي مروية عن أبي محمد الحسن العسكري، وهو الإمام الحادي عشر من أئمة الهدى، صلوات الله عليهم أجمعين، في التفسير المنسوب إليه أنه قال: وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله(صلى الله عليه و آله) فقالوا: يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربعة عشر سنة ثم تركتها الآن، أفحقاً كان ما كنت عليه فقد تركته إلى الباطل فأن ما يخالف الحق باطل، أو باطلاً كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة فما يؤمننا أن تكون الآن على الباطل؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه و آله): بل ذلك كان حقاً وهذا حق، يقول الله: (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [البقرة/ 143]، إذا عرف صلاحكم أيها العباد في استقبالكم المشرق أمركم به، وأن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به، فلا تنكروا تدبير الله في عباده وقصده إلى مصالحكم. إلى أن جاء في المحاجة أن اليهود قالوا له: يا محمد أ فبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس حتى نقلك إلى الكعبة؟ فقال رسول الله: ما بدا له عن ذلك فأنه العالم بالعواقب والقادر على المصالح، لا يستدرك على نفسه غلطاً ولا يستحدث رأياً… ولا يقع عليه أيضاً مانع يمنعه من مراده، وليس يبدو لمن كان هذا وصفه، وهو عز وجل يتعالى عن هذه الصفات علواً كبيرا. ثم قال لهم رسول الله(صلى الله عليه و آله): أيها اليهود أخبروني عن الله أليس يُمرض ثم يُصح ثم يمرض أبدا له في ذلك؟ أليس يحيي ويميت أبدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا: لا، قال: فكذلك الله تعبّد نبيه محمداً بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس وما بدا له في الأول. ثم قال: أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف والصيف في أثر الشتاء، ابدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا: لا. قال: فكذلك لم يبد له في القبلة. ثم قال: أليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة، وألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحر أ فبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء؟ قالوا: لا. فقال رسول الله(صلى الله عليه و آله): فكذلك الله تعبدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء، ثم تعبدكم في وقت آخر لصلاح يعلمه بشيء آخر. فإذا أطعتم الله في الحالتين استحققتم ثوابه، فأنزل الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة/ 116]، يعني إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه. ثم قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): يا عباد الله أنتم كالمرضى والله رب العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب ويدبره به لا فيما يشتهيه المرضى ويقترحه، ألا فسلموا لله أمره تكونوا من الفائزين(58).
لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ويجب أن يُعتقد أن كل ما كلف الله به العباد من الأحكام في الشرائع كلها، مما نسخ ومما لم ينسخ ليس فيه تكليف فوق الطاقة، ولا أكثر من المقدور، لأن الله – الغني عن جميع مخلوقاته – عالم بكل ما في الإنسان من ضعف وكل ما فيه من قوة، فلا يفرض عليه من التكاليف أكثر مما يطيق وهو الغني عنه، وهذا ما أثبته العقل وصرح به الشرع، وقد جاء هذا المعنى في القرآن المجيد بسور وآيات عديدة(59). نعم قد تكون أحكام لأمّة – امتحاناً واختياراً لها – فيها مشقة وشدة، كما قد تكون تلك الأحكام خلاف رغبتهم، ولكن التكليف بأمثال هذه الأحكام غير مستمر لها وإذا استمر فغير مفروض على غيرها كما في الغالب، وإنما خصها الله بها لعلمه بصالحها في مثل تلك الأحكام وأن كانت شاقة كما كان الحال في بني إسرائيل. ولما كانت شريعة نبينا(صلى الله عليه و آله) هي الشريعة الخالدة فقد نسخ الله منها ما كان شاقاً مما شرعه أولاً وجمع فيها كل ما تفرق من خير في الشرائع السابقة، وجعلها اسمح الشرائع وأسهلها، وقابلة للتطبيق والعمل بها في كل دور فضل النبي(صلى الله عليه و آله) – المبعوث بها – على الأنبياء، وأوصياءه على الأوصياء وأمته على الأمم.
حديث مهم في تفضيل النبي(صلى الله عليه و آله) وميزة شريعته قال الإمام أبو عبد الله الصادق(عليه السلام) – فيما رواه شيخنا الكليني في الكافي(60) واحمد بن محمد البرقي في المحاسن(61) بسنديهما. أن الله تعالى أعطى محمداً شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام: التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد والفطرة الحنيفية السمحة، لا رهبانية ولا سياحة، أحل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فعرف فضله بذلك، ثم افترض عليه فيها الصلاة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحلال والحرام، والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله، وزاده الوضوء، وفضله بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصل(62) وأحل له المغنم والفيء، ونصره بالرعب وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً، وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والإنس، وأعطاه الجزية، وأسر المشركين وفداهم، ثم كلفه ما لم يكلف أحداً من الأنبياء، أنزل عليه سيفاً من السماء في غير غمد وقيل له: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ) [النساء/ 85].
قصيدة غراء للسيد الحيدري حول الموضوع: وقد أجاد فضيلة الأستاذ العلامة الشاعر الكامل السيد محمد الحيدري معتمد مكتبة أهل البيت العامة، حيث قال: نـبــي ســمـا فــــــوق النبيين قدره*** وشرعته تــسـمـو عــلـــى كل شرعة ومنهجه في الأرض أقــوم مـنـهج*** ودعوته في الــنــاس أعــظــم دعــوة ومن دينه قد أشرق الكون بالهدى*** وجـمـت أيـاديـــه الـحــســان وجــلت وأيــقــظ فــي آيــاتــه كــل نـــائــــم*** وأحـيا بـتــوجــيـــهــاتـــه كــل مــيـت بــه تــنـجلي عنا الخطوب وباسمه*** نحقق في إيــمــانــنـــاً كـــل مــنــيـــة وفـيــه تـحــل الـمـشـكلات بأسرها*** وفي ظل نــقــضــي عــلـــى كل أزمة واقسم لو سارت جـمـيـع شـعــوبنا*** عـــى ضوء هذا الدين في كل خطوة لـسـدُنــا جـمـيع الناس من كل أمةٍ*** وذــت لــنــا مــن ضــعــفها كل دولة فهــل يتسامى المرء من غير مبدأ*** وهل يــسـعد الإنسان من غير فكرة وهل تصلح الدنيا بغير محمد(ص)*** لـيــجعــل مـنــهــا جــنــة أي جـــنــة أقـول بـلا لـبــس بـكــل صــراحـــة*** وأعـلنهــا لـلــنــاس من غير خشية بـأنـــا إذا لــم نـتــبــع ديــن أحـمـد*** سـنــبــقــى نـعـانــي نكسة بعد نكسة أفـيـقــوا رجال المسلمين ووحدوا*** صـفــوفــكــم جــمعاء في خير وحدة وكـونــوا كـمـا كــان الأوائــل أمة*** تــقــوم لــهــا الــدنــيــا بـكـل تــجـلة ولا تــركــنــوا لـلـكـافــريـن فإنهم*** عــدو لــكــم مــن كــل جـنــس وملة وحــســبــكــم هــذا الـخــلاف فإنه*** يــهـــدم مــنــا كــل حــصـــن وقـلعة ويــذهـــب عــنــا كــل عــز وهيبة*** ويــجـــتـــث مــنــا كـل غصن وأيكة فــلا تـعــمــلــوا شيئاً بغير بصيرة*** ولا تـبــرمــوا أمــراً بـغــيــر رويّــة ولا تــنزلوا الميدان من غير عدة*** ولا تدخلوا في الحرب من غير أهبة ومسجدنا الأقصى استبيح حريمه*** وما زال يرمى بالــلــتــيــا والّــــتـي وقـبـلـتـنـا الأولـى تـنـادي بحسرة*** فهل من سميع للــنداء ومــنــصـــت فــلــو أنـنــا يــا قــوم لـذنــا بربنا*** لـكان لــنــا عــونــاً بــكــل مــلــمـــة وأن لــنــا فــي الــدين أعظم قوة*** وأن لــنــا فــي الـحــق أمــنـــع جُنة فـحــتــى مـتــى نــرمـى بكل بلية*** وحتى متى نؤتــى على حين غرة(63)
|
1- الظاهر أن قرض ما يصيبه البول من أجسادهم – ان صح – لم يكن تكليفا عاما في بني إسرائيل، وإنما هو حكم خاص لفئة معينة منهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم من باب العقوبة والزجر أو كان الحكم – كما في بعض التفاسير – قرض ما يصيبه البول من ثيابهم لا من أجسادهم ] راجع: مفاتيح الغيب ج2 / 390 [ . وأما قطع الأعضاء الخاطئة كذلك يمكن ان يكون حكما خاصا في وقت خاص ثم نسخ، والله اعلم واحكم. 2- مجمع البيان ج2 /487. 3- مجمع البحرين لشيخنا الطريحي ص 172. 4- هذا الدعاء من حديث طويل يرويه العياشي في (تفسيره) ج1 / 157، عن الإمام الصادق وجاء مضمونه في أحاديث كثيرة، راجع (تفسير القمي) ج1 / 95، و(ارشاد القلوب) للديلمي ج2 / 206 –211، في حديث طويل غير الحديث السابق يرويه عن الإمام موسى بن جعفر، عن آبائه عن علي (ع). ويتضمن الحديث ذكر كثير مما خفف الله به عن هذه الأمة كرامة لنبيها (صلى الله عليه و آله) مما سنذكر بعضها. ويرويه عن الديلمي: المجلسي في (البحار) ج16 / 341 – 352، وينقل بعضه في ج92 / 269 أيضاً وينقل بعضه عن الديلمي: المحقق النوري في (مستدرك الوسائل) ج5 / 15، و(مجمع البيان) ج1/404، وفيه عن النبي (ص) ان الله سبحانه قال عند كل فصل من هذا الدعاء: فعلت واستجبت، وكذلك (الميزان) ج13 /13 وراجع (تفسير الفخر الرازي) ج2 / 393، يروي الدعاء عن مقاتل بن سليمان، و(نظم درر السمطين) لجمال الدين الزرندي الحنفي ص 26، يرويه عن محمد بن كعب القرظي، وهو من التابعين الأولين، توفي سنة 118هـ، وهو أحد رجال الصحاح الستة، و(الدر المنثور) لجلال الدين السيوطي ج1 / 374، يرويه عن أحمد بن حنبل ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم، والبيهقي عن ابن عباس، وابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج1/ 338 أيضاً. 5- (مفاتيح الغيب) للرازي، ج2 / 390. وج 4 / 299 و(تفسير القرآن) لابن كثير الدمشقي ج1 / 343 و 217، وج2 / 254. ونقله عنه محمد رشيد رضا في تفسير (المنار) ج9/ 229. ونصه: (بعثت بالحنيفية السمحة ). 6- تفسير ابن كثير الدمشقي، ج1/ 217. 7- رواه من الشيعة: علي بن إبراهيم القمي في (تفسيره) ج2/ 12، في حديث الإسراء عن الإمام الصادق (ع) ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج18 / 330، والديلمي في (الإرشاد) في حديث آخر، ج2 ص207، ونقله عنه أيضاً المجلسي في (البحار) ج16 / 346، والطبرسي في (الاحتجاج) ج1/ 329، وحكاه صاحب كتاب (روضة الواعظين) ج2 / 356، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج22 / 449. ومن أهل السنة : الفخر الرازي في تفسير (مفاتيح الغيب) ج2 /390 نقلاً عن المفسرين، وجمال الدين الزرندي الحنفي في كتابه ( نظم درر السمطين) ص28، 29. 8- صرحت كثير من المصادر الآتية وغيرها ان الأمم الماضية كانت حسنتهم بواحدة وسيئتهم بواحدة. ومن هّم منهم بالحسنة أو نواها لم تكتب له إلا إذا عملها، وان الله تعالى تفضل على هذه الأمة فجعل حسنتهم بعشر، وسيئتهم بواحدة، ومن هّم بالحسنة كتبت له واحدة وإن لم يعملها، فإذا عملها كتبت له عشراً. 9- ممن روى هذا المضمون من الشيعة شيخنا الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) ج1/125، وفي (علل الشرائع) ج1 / 132 ورواه أيضاً في (الأمالي) ص271، وص275 من طريق اخر ورواه في كتابه (التوحيد) ص 116، ونقل المجلسي عن هذه المصادر الثلاثة في (البحار) ج18 / 335 و348 في باب المعراج ورواه القمي في (تفسيره) ج2/12، ورواه الحر العاملي في ( وسائل الشيعة) ج5/10 و13 و15، والمحقق الشيخ النوري في (مستدرك الوسائل )، و( مناهل الأشواق) لصفي الدين العاملي ص206 و207. ورواه أيضاً أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم وسننهم كالبخاري ومسلم، والنسائي، واحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة، وابن مردويه وابن جرير، والبيهقي، وغيرهم كثير. وقد أخرجه عنهم ابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج3/ 3 –23، والسيوطي في (الدر المنثور) ج4 / 136 – 146، وغيرهما. 10- تفسير الجواهر للشيخ طنطاوي جوهري، ص 17 . 11- صرح بهذا: القمي في (تفسيره) ج1 / 242، والديلمي في (الإرشاد) ج2/207، والمجلسي في (البحار) ج92 / 270 وج16 / 313، والطبرسي في (الاحتجاج) ج1 / 328، ونص عليه جمال الدين الزرندي في (نظم درر السمطين) ص28 وص29 . 12- جاء هذا الحديث عن النبي (ص) في كتب الشيعة المعتبرة وفي صحاح السنة وسننهم ومسانيدهم وتفاسيرهم، وهو مروي عن علي وأهل بيته، وعن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر وأبي أمامة، وأبي هريرة وغيرهم (راجع كتاب: سيرتنا وسنتنا سيرة نبينا وسنته)= =لشيخنا الأميني ص 147 في ضبط مصادر الحديث من طرق أهل السنة، وقد احتج به وبغيره من عشرات الأحاديث المروية في كتبهم على عدم جواز السجود على غير الأرض وغير نباتها مما لا يؤكل ولا يلبس اختياراً . 13- خاتمة سورة البقرة من قوله تعالى:(آمن الرسول)إلى آخر السورة آيتان، وفاتحة الكتاب هي سورة الحمد الفاتحة. 14- علل الشرائع ج1/ 128 ولعل قوله: وأعطيت لك ولامتك التكبير الخ. إشارة إلى إعلان الأمم الماضية للصلاة بضرب الناقوس، وهذه الأمة إعلانها للصلاة بالأذان الذي يحتوي على التكبير لله واقتران ذكر النبي (ص) بذكره تعالى. 15- رواها الصدوق في كتابه (عقاب الاعمال) ص 50 راجع (تحفة الساجد) ص42 للحجة السيد محمد مهدي الخونساري. 16- الامالي للصدوق المجلس 57 ص 216. 17- وقد أمرت هذه الآية عند فقدان الماء ان يقصد الإنسان الصعيد الطيب فيمسح منه وجهه ويديه رفعاً للحرج وأن الله يريد بذلك تطهيره وإتمام نعمته عليه لعله يشكره. هذا وقد كان التيمم في نظر السلف امراً تعبدياً يعمل به المسلم وهو غير عارف بما فيه من الفوائد ولكن لماّ تقدم الإنسان في علومه وتجاربه أدرك وجهاً من وجوه الحكمة وعرف بعض السر في ذلك، فقد قال الطب الحديث: (ان التراب الخالص كالماء طاهر مطهر أي قاتل للميكروبات المضرة، مذيب للمواد الآلية المفسدة، وذلك لما يحوي من الحيوانات المجهرية المفيدة، والقاتلة للجراثيم المتجمعة على سطح الجلد. والذي اكتشف ذلك (واكسيمان) أحد علماء الأجنة واثبت بمساعدة الدكتور (البرت) ان في التراب جراثيم نافعة يمكن استخراجها ومعالجة الأمراض السارية بها، وفعلاً امكنهما استخراجها متفردة من التراب واستعمالها باسم (استربتومايسين) فعالجوا بها السل، والتيفوئيد، والجراحات المزمنة، والإسهال القوي، وذات الرئة، والتهاب الحلق، فكان ذلك خير من البنسلين ومن سائر المركبات الكبريتية (السلفات ). فانظر إلى هذا الاكتشاف العظيم الذي غيّر مجرى العلاج الطبي واصبح اعجوبة الفن ومعجزة المكتشفات في القرن العشرين، كيف دل على جلالة مرامي الدين الإسلامي الحنيف، وحكمة قرآنه الحكيم، وقد قال نبي الإسلام قبل اربعة عشر قرناً من هذا الاكتشاف: اغسلوا من ولوغ الكلب ثلاثاً اولاهن بالتراب. عالماً (ص) ان في التراب حيوانات مجهرية صحية لا تراها العين المجردة، وهي تقتل كل ما يلامسها من جراثيم سامه= =ومضرة. وهذا من سر تشريع التيمم بالتراب ومسح الوجه واليدين به لظهور هذه الأعضاء وملامستها للهواء المليء بالجراثيم ومنها المرضية. فياله من دين حق يثبت احقيته بنفسه وتعاليمه وارشاداته. (عن كتاب: القرآن والطب الحديث للشيخ محمد الخليلي ص 116 باختصار وتصرف) . 18- لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها تعمداً حق يبقى منه مقدار ركعة ويأثم بذلك ولكنها لا تكون قضاءً . 19- فصلنا القول تفصيلاً تاماً، وأشبعنا البحث بالأدلة الإسلامية القطعية كتاباً وسنة وإجماعاً، حول مسألتي أوقات الصلوات الخمس وجواز الجمع بين الصلاتين، في حلقة خاصة من سلسلة (الإسلام واتباع أهل البيت) وسميناها (حول الصلاة والجمع بين الصلاتين) على ضوء الكتاب والسنة والإجماع وسيقدم إلى الطبع بآذن الله تعالى ومنه نستمد العون. 20- راجع (البحار) ج93 / 9، نقلاً عن (تفسير القرآن) لمحمد بن إبراهيم النعماني، بسنده عن الصادق عن جده أمير المؤمنين (ع) وحكاه ابو جعفر محمد بن الفتال في كتابه (روضة الواعظين) ج2/ 356 من دون ان ينسبه إلى الإمام وعبارته فيه: (ومنها انهم كانوا إذا فرغوا من الطعام ليلة صيامهم حرم عليهم الطعام والشراب والجماع إلى مثلها من الغد، واحل الله لنا السحر والوطي في ليالي الصوم فقال: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ" يعني بياض النهار من سواد الليل وقال: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم) يعني: الجماع. ونقله عن (روضة الواعظين) المجلسي في (البحار) ج22 ص 449 بنصه. وراجع الدر المنثور لجلال الدين السيوطي الشافعي ج1 ص 176 و198. و(المنار) ج2 ص144 وص 174 و( نظم درر السمطين) ص 28 و29. 21- الدر المنثور ج1 / 198 نقلاً عن ابن ابي شيبة، ومسلم، وابي داود، والترمذي، والنسائي. 22- راجع (البحار) ج93 / 9 نقلاً عن (تفسير القرآن) لمحمد بن إبراهيم النعماني . 23- راجع المصادر السابقة في الاصل . 24- راجع (مفاتيح الغيب) للفخر الرازي ج2 / 135، و (الدّر المنثور) لجلال يلالدين السيوطي ج1 / 198، و( تفسير القرآن العظيم) لابن كثير الدمشقي ج1 / 220، و(المنار) للسيد محمد رشيد رضا ج2 / 174 نقلاً عن احمد بن حنبل، وأبي داود، والحاكم، وكذلك عن ابن جرير وابن ابي حاتم وغيرهم. 25- رواه مسلم، والنسائي والترمذي، عن طريق الدراوردي، عن جعفر الصادق، عن ابيه محمد الباقر بن علي زين العابدين عن جابر، (كما في تفسير المنار ج2 ص 153 ). 26- روى الحديث احمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، وابو داود والنسائي في صحاحهم ومسانيدهم عن جابر (المنار) ج1 / 191 من طريقين، الأول عن ابن ابي شيبة، وابي داود، والنسائي عن جابر بن عبد الله، والطريق الثاني، عن ابن ابي شيبة، واحمد، وعبد بن حميد والنسائي، وابن ماجة، والحاكم وصححه، عن كعب بن عاصم الاشعري وكذلك رواه ابن كثير الدمشقي في (تفسيره ج1 /217)، والرازي في (مفاتيح الغيب) ج2/119. 27- اخرجه النسائي، وابن ماجة، وابن جرير، عن عبد الرحمن ابن عوف، واخرجه ابن ابي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس (الدر المنثور) ج1 / 191، واخرجه ابن ماجه مسنداً من طريق ابن عمر والطبري من طريق ابي سلمة، (المنار) ج2 / 154، وذكره الرازي في (مفاتيح الغيب) ج2 / 119 . 28- رواه احمد في (مسنده) من طريق طعمة: (المنار) ج2 / 154 وابن كثير الدمشقي في (تفسيره) ج1 / 217 عن ابن عمر، وجابر وغيرهما. 29- الفقه على المذاهب الأربعة. 30- الفقه على المذاهب الأربعة. 31- حديث شريف رواه ابن كثير الدمشقي ج1 في تفسيره / 217 32- الفخر الرازي في (مفاتيح الغيب) ج2 / 390 نقلاً عن المفسرين، والزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) ص 28 و 29. والمجلسي في (البحار) ج2، ص 449 نقلاً عن كتاب (روضة الواعظين) ج2 ص 356 وعبارته: وزكاتهم ربع المال، وزكاتنا العشر وثوابه ثواب ربع المال . 33- الفقه على المذاهب الأربعة ج1 ص 496. 34- قدر سيدنا المحسن الحكيم في رسالته العملية ج1 ص 241 ط13 النصاب بحسب الكيلوات 824 كيلو تقريبا. 35- راجعنا فيما نقلناه من فقه أهل السنة، كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) ج1 كتاب الزكاة . 36- راجع (مجمع البيان) ج1 / 266، ج2 / 199، و( الدر المنثور) ج1 / 173، و (مفاتيح الغيب) ج3 / 408 37- روى هذا القول الثاني الديلمي في الإرشاد ج2 ص 210 نقلاً عن الإمام موسى بن جعفر عن ابائه عن علي (ع) وحكاه ابو جعفر محمد بن الفتال في روضة الواعظين ج2 ص 357 من دون ان ينسبه إلى الإمام وعبارته فيه: ومنها ان الله كتب عليهم في التوراة القصاص في القتل والجرح، ولم يرخص لهم في العفو واخذ الدية الخ، ونقله عنه المجلسي في البحار ج22 ص 449، والزرندي الحنفي في كتابه (نظم درر السمطين) ص 28، والسيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج1 ص 173، نقلاً عن ابن عباس في رواية اخرجها عنه كل من عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن ابي شيبة، والبخاري، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن ابي حاتم، والنحاس في ناسخه، وابن حيان، والبيهقي، والطبراني في رواية اخرى، والرازي في (مفاتيح الغيب) ج2 ص 101، وص 107، وصاحب (المنار) ج2 / 123. 38- قال السيوطي في الدر المنثور ج1 ص 173: اخرجه عبد الرزاق، وابن ابي شيبة، وأحمد، وابن ابي حاتم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي عن النبي‚ . 39- مفاتيح الغيب، ج3 ص 408 . 40- (مجمع البيان) لشيخنا الطبرسي ج2 ص 199. 41- نقلناه بواسطة (تفسير الميزان) للأستاذ الطباطبائي ج5 ص 391 وتفسير (المنار) للسيد محمد رشيد رضا ج6 ص 400. 42- المصدران السابقان . 43- قتل العمد أن يقصد الفعل والقتل معا كمن طعن آخر بسكين قاصداً نفس الطعن والقتل أيضاً، وكذلك إذا قصد الفعل القاتل فقط، أي قصد طعنه في قلبه ولكنه لم يقصد قتله، فان هذا من قتل العمد. والخطأ المحض ان يكون مخطئاً في قصده وفعله، كمن رمى= =حيوانا فأصاب إنسانا فان الإنسان غير مقصود لا بالرمي ولا بالقتل. وشبه العمد ان يكون عامدا في فعله مخطئاً في قصده، كمن ضرب صبياً للتأديب فمات فان الضرب مقصود، والقتل غير مقصود، وفي قتل الخطأ وشبه العمد تتعين الدية أو العفو، ولا يجوز القصاص . 44- العياشي في (تفسيره) ج1 ص 75، والطبرسي في (مجمع البيان) ج1 ص 265، والكليني في (الكافي) ج7 ص 304، وقد روى في ذلك روايات عديدة فراجعها. 45- سنن البيهقي ج8 ص 34 و 35، راجع: (البيان لسيدنا الخوئي ص 202). 46- المصدر السابق نقلاً عن البيهقي ص36. 47- المصدر السابق نقلاً عن البيهقي ص34. 48- العياشي في (تفسيره) ج1 ص 75، (ومجمع البيان) ج1 ص 265 و(فروع الكافي) للشيخ الكليني ج7 ص 298، وقد روى في ذلك من طرق أهل البيت روايات عديدة. 49- رواه بهذا النص ابن كثير في تفسيره ج2 ص 62، والجصاص في أحكام القران، نقلاً عن عطاء، والشعبي، والحسن البصري، عن علي (ج1 ص 139). 50- مجمع البيان ج1 ص 265 . 51- راجع (مفاتيح الغيب) ج2 /390، و( نظم درر السمطين) ص28 و30 ، و(إرشاد الديلمي) ج2 /208، و(روضة الواعظين) ج2 ص357، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج22 ص450. 52- رواه الفخر الرازي في تفسيره (مفاتيح الغيب) ج2/ 390 والظاهر أن يريد بقوله (رفع عن أمتي) أن الأمة كلها لا يصيبها ذلك إذ قد يصيب بعضها أفراداً منهم أو جماعات. 53- (إرشاد القلوب) للديلمي ج2/ 207، ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج16/ 345، وأشار إلى هذا المعنى الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) ص31. 54- جاء في حديث عن علي أمير المؤمنين (ع): أن النبي (ص) رأى في السماء ليلة عرج به إليها ملائكة قياماً وركوعاً منذ خلقوا فقال: يا جبرئيل هذه هي العبادة، فقال جبرئيل: صدقت يا محمد فأسأل الله ربك أن يعطيك القنوت والركوع والسجود في صلواتهم، فأعطاهم الله عز وجل ذلك، فأمة محمد (ص) يقتدون بالملائكة الذين هم في السماء، قال النبي (ص): أن اليهود يحسدونكم على صلواتكم وركوعكم وسجودكم… (الإرشاد ج2 ص211)، ونقله المجلسي في (البحار) ج16 ص351 وقال الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) ص31-33: وخصه (ص) بالصلاة هو وأمته بأن جمع لهم فيها جميع صلوات المصلين من القيام والركوع والسجود والقعود، فإن بعضهم كانت صـلاتهم= =قياماً لا ركوع ولا سجود فيها، وبعضهم ركوع لا قيام ولا سجود فيها، وبعضهم سجود لا قيام ولا ركوع فيها، فجمع الله له ولأمته في صلاتهم عبادة العابدين وثواب جميع المصلين). فلعل قوله (ص) على ما نقله الحاكم في المستدرك: (أما أنها صلاة لم يصلها أحد ممن كان قبلكم من الأمم) يريد (ص) هذا المعنى أو أن صلاة العشاء خصه الله تعالى وأمته بها ولم يعطها لأمة من الأمم قبلهم. 55- راجع كتاب (كمال الدين) لشيخنا الصدوق ج1 باب العلة التي من أجلها يحتاج إلى الإمام من ص308 – 318. 56- ونقله عن (تفسير القمي) المجلسي في (البحار) ج52 ص185. 57- استعرضنا موضوع النسخ وحكمته لمناسبة ما مر في هذا الفصل من نسخ الشريعة الإسلامية لبعض الأحكام التي كانت على الأمم الماضية وبعض الأحكام التي شرعت في مبدأ هذه الشريعة ثم نسخت لذا رأينا من المناسب استعراض هذا الموضوع المهم والتحقيق حوله من نواح شتى. 58- التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري كما في الاحتجاج لشيخنا الطبرسي ج1 ص44. 59- البقرة/ 233 و286. الأنعام/ 152. الأعراف/ 42. المؤمنون/ 62. الطلاق/ 7. 60- أصول الكافي ج2/17. 61- المحاسن ص 287-288 ونقله عن المصدرين المجلسي في البحار 16/330. 62- قال شيخنا الطريحي في (مجمع البحرين) ص448، في الحديث فضلت بالمفصل، قيل: سمي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور، قيل لقصر سوره، واختلف في أوله فقيل: من سورة ق، وقيل: من سورة محمد، وقيل من سورة الفتح، وعن النوري: مفصل القرآن من محمد، وقصاره من الضحى إلى آخره، ومطولاته إلى عم، ومتوسطاته إلى الضحى، وفي الخبر: المفصل ثمان وستون سورة. 63- هذان المقطعان من القصيدة الرائعة التي ألقاها شاعرنا الفذ السيد محمد الحيدري في المهرجان الكبير الذي أقامه علماء الكاظمية وبغداد في مسجد براثا بمناسبة مرور أربعة عشر قرناً على ذكرى المبعث النبوي الشريف سنة 1387 هجرية، وكان ذلك بعد نكسة الخامس من حزيران عام 1967م التي فوجئنا بها من قبل أعداء الله وأعداء الشعوب، الصهاينة المجرمين وسائر الاستعمار وأذنابه، وقد نقل ذلك الحفل الكبير إلى العالم بواسطة الإذاعة العراقية والتلفزيون. |