[215]
( ع ) و الباقون قتلوا بالسم قتل كل واحد منهم طاغيةزمانه و جرى ذلك عليهم على الحقيقة و الصحة لا كما تقوله الغلاة و المفوضة لعنهمالله فإنهم يقولون أنهم لم يقتلوا على الحقيقة و أنه شبه للناس أمرهم فكذبوا عليهمغضب الله فإنه ما شبه أمر أحد من أنبياء الله و حججه للناس إلا أمر عيسى ابن مريمع وحده لأنه رفع من الأرض حيا و قبض روحه بين السماء و الأرض ثم رفع إلى السماء ورد عليه روحه و ذلك قول الله تعالى
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّيمُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ و قال عز و جل حكاية لقول عيسى ( ع ) يوم القيامة
وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّاتَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍشَهِيدٌ
و يقولون المتجاوزون للحد في أمر الأئمة ( ع ) أنه إن جاز أن يشبه أمر عيسى ( ع ) للناس فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم أيضا و الذي يجب أن يقال لهم أن عيسى هو مولود منغير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير آباء فإنهم لا يجترون على إظهارمذهبهم لعنهم الله في ذلك و متى جاز أن يكون جميع أنبياء الله و رسله و حججه بعدآدم مولودين من الآباء و الأمهات و كان عيسى ( ع ) من بينهم مولودا من غير أب جاز أنيشبه أمر غيره من الأنبياء و الحجج ( ع ) كما جاز أن يولد من غير أب دونهم و إنما أرادالله عز و جل أن يجعل أمره آية و علامة ليعلم بذلك أنه على كل شيء قدير .
[216]
20- باب ما جاء عن الرضا ( ع ) في وصف الإمامة و الإمام و ذكر فضل الإمام و رتبته :
1- حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني قال حدثني أبو حامد عمرانبن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الرقام قال حدثني القاسم بن مسلم عن أخيهعبد العزيز بن مسلم قال كنا في أيام علي بن موسى الرضا ( ع ) بمرو فاجتمعنا في مسجدجامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا فإذا رأى الناس أمر الإمامة و ذكروا كثرةاختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي و مولائي الرضا ( ع ) فأعلمته ما خاض الناس فيهفتبسم ( ع ) ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن أديانهم إن الله تبارك و تعالىلم يقبض نبيه ( ص ) حتى أكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بين فيهالحلال و الحرام و الحدود و الأحكام و جميع ما يحتاج إليه كملا فقال عز و جل ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره ( ص ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
و أمر [217]
الإمامةمن تمام الدين و لم يمض ( ص ) حتى بين لأمته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهمعلى قصد الحق و أقام لهم عليا ( ع ) علما و إماما و ما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلابينه فمن زعم أن الله عز و جل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز و جل و من رد كتابالله تعالى فهو كافر هل يعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهمإن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أنيبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خصالله بها إبراهيم الخليل ( ع ) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرفه بها و أشادبها ذكره فقال عز و جل إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً
فقال الخليل ( ع ) سرورا بها وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ الله عز و جل لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة و صارت في الصفوة ثم أكرمه الله عز و جلبأن جعلها ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال عز و جل
وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةًيَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَالصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي ( ص ) فقال الله عز و جل
إِنَّ أَوْلَىالنَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا
[218]
وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
فكانت له خاصة فقلدها ( ص ) عليا بأمر الله عز و جل على رسم ما فرضها الله عز و جل فصارت فيذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم و الإيمان بقوله عز و جل
وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلىيَوْمِ الْبَعْثِ
فهي في ولد علي ( ع ) خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد ( ص ) فمنأين يختار هؤلاء الجهال أن الإمامة هي منزلة الأنبياء و إرث الأوصياء إن الإمامةخلافة الله عز و جل و خلافة الرسول و مقام أمير المؤمنين و ميراث الحسن و الحسين ( ع ) .
إن الإمامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين.
إن الإمامة أسالإسلام النامي و فرعه السامي بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج والجهاد و توفير الفيء و الصدقات و إمضاء الحدود و الأحكام و منع الثغور و الأطراف.
الإمام يحل حلال الله و يحرم حرام الله و يقيم حدود الله و يذب عن دين الله و يدعوإلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة .
الإمام كالشمس الطالعةللعالم و هي بالأفق بحيث لا تنالها الأيدي و الأبصار .
الإمام البدر المنير و السراجالزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى و البيد القفار و لجج البحار .
الإمام الماء العذب على الظمأ و الدال على الهدى و المنجي من الردى و الإمام النارعلى اليفاع الحار لمن اصطلى به و الدليل في المهالك من فارقه فهالك الإمام [219]
السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمسالمضيئة و الأرض البسيطة و العين الغزيرة و الغدير و الروضة الإمام الأمين الرفيقو الوالد الرقيق و الأخ الشفيق و مفزع العباد في الداهية الإمام أمين الله في أرضهو حجته على عباده و خليفته في بلاده الداعي إلى الله و الذاب عن حرم الله الإمامالمطهر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين و عزالمسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد و لايعادله عالم و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلبمنه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ويمكنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و حسرت العيونو تصاغرت العظماء و تحيرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الألباءو كلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة منفضائله فأقرت بالعجز و التقصير و كيف يوصف له أو ينعت بكنهه أو يفهم شيء من أمرهأو يوجد من يقام مقامه و يغنى غناه لا كيف و أنى و هو بحيت النجم من أيديالمتناولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا و أين العقول عن هذا و أين يوجدمثل هذا أ ظنوا أن يوجد ذلك في غير آل الرسول ( ص ) كذبتهم و الله أنفسهم و منتهمالباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا .
[220]
تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول جائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
لقدراموا صعبا و قالوا إفكا و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً
و وقعوا في الحيرة إذ تركواالإمام عن بصيرة
وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِالسَّبِيلِ
و ما كانوا مستبصرين و رغبوا عن اختيار الله و اختيار رسوله إلىاختيارهم و القرآن يناديهم
وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُسُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ و قال الله عز و جل
وَ ما كانَلِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْيَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ و قال عز و جل
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَماتَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِإِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُفَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ و قال عز و جل
أَ فَلايَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها
أم طبع الله على قلوبهمفهم لا يفقهون أم قالوا سمعنا و لا يسمعون
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِالصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْخَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَ هُمْ مُعْرِضُونَ وقالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا بل هو فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
فكيف لهم باختيار الإمام و الإمام عالم لا يجهل [221]
راع لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك والزهادة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول و هو نسل المطهرة البتول لا مغمزفيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش و الذروة من هاشم و العترة من آلالرسول ( ص ) و الرضى من الله شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلممضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله عز و جل ناصح لعبادالله حافظ لدين الله إن الأنبياء و الأئمة ( ص ) يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى
أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّاأَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ و قوله عز و جل وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً و قوله عز و جل في طالوت إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ
و قال عز و جللنبيه ( ص ) وَ كانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
و قال عز و جل في الأئمة من أهلبيته و عترته و ذريته
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْفَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْمُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
و إن العبد إذا اختاره الله عز و جل لأمور عباده شرحالله صدره [222]
لذلك و أودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاما فلم يعي بعده بجواب و لا يحيد فيه عن الصواب و هو معصوم مؤيدموفق مسدد قد أمن الخطايا و الزلل و العثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه و
ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ
فهل يقدرون على مثل هذا فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفةفيقدموه تعدوا و بيت الله الحق و نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم الله و مقتهم و أتعسهمفقال عز و جل
وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَاللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ و قال عز و جل فَتَعْساً لَهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ و قال عز و جل
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِمُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ .
2- حدثنا و حدثني بهذا الحديث محمد بن محمد بن عصام الكليني و عليبن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق و علي بن عبد الله الوراق و الحسن بن أحمد المؤدبو الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضي الله عنهم قالوا حدثنا محمد بنيعقوب الكليني قال حدثنا أبو محمد القاسم بن العلا قال حدثنا القاسم بن مسلم عنأخيه عبد العزيز بن مسلم عن الرضا ( ع ) .
21- باب ما جاء عن الرضا في تزويج فاطمة ( ع ) :
1- حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه بمرورود قال حدثنا أبوالعباس [223]
أحمد بن المظفر بن الحسين قال حدثنا أبوعبد الله محمد بن زكريا البصري قال حدثني المهدي بن سابق قال حدثنا علي بن موسى بنجعفر ( ع ) قال حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ( ع ) قال قال علي بن أبيطالب ( ع ) لقد هممت بالتزويج فلم أجترئ أن أذكر ذلك لرسول الله ( ص ) و إن ذلك اختلج فيصدري ليلي و نهاري حتى دخلت على رسول الله ( ص ) فقال لي يا علي قلت لبيك يا رسول اللهقال هل لك في التزويج قلت رسول الله أعلم و ظننت أنه يريد أن يزوجني بعض نساءقريش و إني لخائف على فوت فاطمة فما شعرت بشيء إذ دعاني رسول الله ( ص ) فأتيته فيبيت أم سلمة فلما نظر إلى تهلل وجهه و تبسم حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق فقال لييا علي أبشر فإن الله تبارك و تعالى قد كفاني ما كان همني من أمر تزويجك قلت و كيفكان ذاك يا رسول الله قال أتاني جبرئيل ( ع ) و معه من سنبل الجنة و قرنفلهافناولنيهما فأخذتهما فشممتهما و قلت يا جبرئيل ما سبب هذا السنبل و القرنفل فقالإن الله تبارك و تعالى أمر سكان الجنان من الملائكة و من فيها أن يزينوا الجنان كلها بمغارسها و أنهارها وثمارها و أشجارها [224]
و قصورها و أمر رياحها فهبتبأنواع العطر و الطيب و أمر حور عينها بالقراءة فيها طه و طس و حمعسق ثم أمر اللهعز و جل مناديا فنادى ألا يا ملائكتي و سكان جنتي اشهدوا أني قد زوجت فاطمة بنتمحمد ( ص ) من علي بن أبي طالب رضى مني بعضهما لبعض ثم أمر الله تبارك و تعالى ملكا منملائكة الجنة يقال له راحيل و ليس في الملائكة أبلغ منه فخطب بخطبة لم يخطب بمثلهاأهل السماء و لا أهل الأرض ثم أمر مناديا فنادى ألا يا ملائكتي و سكان جنتي باركواعلى علي بن أبي طالب ( ع ) حبيب محمد ( ص ) و فاطمة بنت محمد ( ص ) فإني قد باركت عليهما فقالراحيل يا رب و ما بركتك عليهما أكثر مما رأينا لهما في جنانك و دارك فقال الله عزو جل يا راحيل إن من بركتي عليهما أني أجمعهما على مجتبى و أجعلهما حجتي على خلقيو عزتي و جلالي لأخلقن منهما خلقا و لأنشأن منهما ذرية أجعلهم خزاني في أرضي ومعادن لحكمي بهم أحتج على خلقي بعد النبيين و المرسلين فأبشر يا علي فإني قد زوجتكابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن و قد رضيت لها بما رضي الله لها فدونك أهلك فإنكأحق بها مني و لقد أخبرني جبريل ( ع ) أن الجنة و أهلها مشتاقون إليكما و لو لا أنالله تبارك و تعالى أراد أن يتخذ منكما ما يتخذ به على الخلق حجة لأجاب فيكماالجنة و أهلها فنعم الأخ أنت و نعم الختن أنت و نعم الصاحب أنت و كفاك برضاء اللهرضى فقال علي ( ع ) رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي فقال رسول الله ( ص ) آمين .
[225]
2- حدثني بهذا الحديث علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا أبو محمد بكر بن عبدالله بن جندب قال حدثنا أحمد بن الحرث قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن جعفر بنمحمد عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي بن أبي طالب ( ع ) قال لقد هممت بتزويج فاطمة ( ع ) ولم أجتر أن أذكر ذلك لرسول الله و ذكر الحديث مثله سواء .
و لهذا الحديث طريق آخر قد أخرجته في مدينة العلم 3- حدثنا أبو محمد جعفر بن النعيم الشاذاني رضي اللهعنه قال حدثنا أحمد بن إدريس حدثنا إبراهيم بن هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بنخالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي ( ع ) قال قال لي رسولالله ( ص ) يا علي لقد عاتبتني رجال من قريش في أمر فاطمة و قالوا خطبناها إليكفمنعتنا و تزوجت عليا فقلت لهم و الله ما أنا منعتكم و زوجته بل الله تعالى منعكم وزوجه فهبط علي جبرئيل ( ع ) فقال يا محمد إن الله جل جلاله يقول لو لم أخلق عليا ( ع ) لماكان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه .
4- حدثنا بهذا الحديث أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيرضي الله عنه حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بنخالد عن الرضا عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( ع ) عن رسول الله ( ص ) .
و قد أخرجت ما رويته [226]
في هذا المعنى في كتاب مولد فاطمة ( ع ) و فضائلها .
22- باب ما جاء عن الرضا ( ع ) في الإيمان و أنه معرفة بالجنان و إقرار باللسان و عمل بالأركان :
1- حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي الحاكم قال حدثنا أبوبكر محمد بن خالد بن الحسن المطوعي البخاري قال حدثنا أبو بكر بن أبي داود ببغدادقال حدثنا علي بن حرب الملائي قال حدثنا أبو الصلت الهروي قال حدثنا علي بن موسىالرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد علي عن أبيه علي بنالحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ( ع ) قال قال رسول الله صالإيمان معرفة بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالأركان .
2- حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر بن محمد البندار بفرغانةقال حدثنا أبو العباس محمد بن محمد بن جمهور الحمادي قال حدثنا محمد بن عمر بنمنصور البلخي بمكة قال حدثنا أبو يونس أحمد بن محمد بن يزيد بن عبد الله الجمحيقال حدثنا عبد السلام بن [227]
صالح الهروي عن علي بنموسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عنأبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب ( ع ) قال قال رسول اللهص الإيمان معرفة بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالأركان .
3- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنامحمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح الرازي عن أبي الصلتالهروي قال سألت الرضا ( ع ) عن الإيمان فقال ( ع ) الإيمان عقد بالقلب و لفظ باللسان وعمل بالجوارح لا يكون الإيمان إلا هكذا .
4- أخبرني سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي فيما كتب إلي من أصبهانقال حدثنا علي بن عبد العزيز و معاذ بن المثنى قالا حدثنا عبد السلام بن صالحالهروي قال حدثنا علي بن موسى الرضا ( ع ) عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمدعن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن علي ( ع ) قالقال رسول الله ( ص ) الإيمان معرفة بالقلب و إقرار باللسان و عمل بالأركان .
5- حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ع ) بقم في رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة قال حدثنيأبو الحسن علي بن محمد البزاز قال حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي قال حدثناعلي بن موسى الرضا ( ع ) قال حدثنا أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قالحدثني أبي محمد بن علي الباقر قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسينبن علي قال حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) قال قال رسول الله ( ص ) الإيمانإقرار باللسان و معرفة بالقلب و عمل [228]
بالأركان قالحمزة بن محمد العلوي رضي الله عنه و سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول و سمعت أبي يقول و قد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلامبن صالح عن علي بن موسى الرضا ( ع ) بإسناده مثله قال أبو حاتم لو قرئ هذا الإسناد علىمجنون لبرئ .
6- حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا محمد بن معقلالقرميسيني عن محمد بن عبد الله بن طاهر قال كنت واقفا على رأس أبي و عنده أبوالصلت الهروي و إسحاق بن راهويه و أحمد بن محمد بن حنبل فقال أبي ليحدثني كل رجلمنكم بحديث فقال أبو الصلت الهروي حدثني علي بن موسى الرضا ( ع ) و كان و الله رضى كماسمي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عليبن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ( ع ) قال قال رسول الله صالإيمان قول و عمل فلما خرجنا قال أحمد بن محمد بن حنبل ما هذا الإسناد فقال لهأبي هذا سعوط المجانين إذا سعط به المجنون أفاق .
23- باب ذكر مجلس الرضا ( ع ) مع المأمون في الفرق بينالعترة و الأمة:
1- حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب و جعفر بنمحمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عنأبيه عن الريان بن الصلت [229]
قال حضر الرضا ( ع ) مجلسالمأمون بمرو و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان فقالالمأمون أخبروني عن معنى هذه الآية
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَاصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا
فقالت العلماء أراد الله عز و جل بذلك الأمة كلها فقالالمأمون ما تقول يا أبا الحسن فقال الرضا ( ع ) لا أقول كما قالوا و لكني أقول أرادالله عز و جل بذلك العترة الطاهرة فقال المأمون و كيف عنى العترة من دون الأمةفقال له الرضا ( ع ) إنه لو أراد الأمة لكانت أجمعها في الجنة لقول الله عز و جل
فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌبِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز و جل جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ
الآية فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم فقال المأمونمن العترة الطاهرة فقال الرضا ( ع ) الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز و جل
إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْتَطْهِيراً
و هم الذين قال رسول الله ( ص ) إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتيأهل بيتي ألا و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفون فيهما أيهاالناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم قالت العلماء أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا ( ع ) هم الآل فقالت العلماء فهذا رسول الله ( ص ) يؤثرعنه أنه قال أمتي آلي و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آلمحمد أمته فقال أبو الحسن ( ع ) أخبروني فهل تحرم الصدقة على الآل فقالوا نعم قال