مكتبة الإمام الرضا

فهرس الكتاب

 

اليوم المشهود

وعندما قبل الإمام ولاية العهد أراد المأمون أن يحتفل بهذا الحدث الكبير الذي أمن له حكمه المهزوز، فجلس للخاصّة في يوم الخميس وخرج الفضل بن سهل وأعلم الناس برأي المأمون في علي بن موسى الرضا وأنّه قد ولاّه العهد وسمّاه الرضا وأمرهم بلبس الخضرة والعود لبيعته في الخميس على أن يأخذوا رزق سنة.

فلما كان ذلك اليوم ركب الناس على طبقاتهم من القوّاد والحجاب والقضاة وغيرهم في الخضرة وجلس المأمون ووضع للرضا وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه وأجلس الرضا عليها في الخضرة وعليه عمامة وسيف ثم أمر ابنه العباس بن المأمون أن يبايع له أول الناس فرفع الرضا يده فتلقي بظهرها وجه نفسه وببطنها وجوههم.

فقال له المأمون: أبسط يدك للبيعة.

فقال له الرضا: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هكذا كان يبايع.

فبايعه الناس ويده فوق أيديهم، ووضعت البدر وقامت الخطباء والشعراء فجعلوا يذكرون فضل الرضا وما كان من المأمون في أمره.

ثم دعا أبو عبّاد بالعباس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه فقبل يده وأمره بالجلوس، ثم نودي على محمد بن جعفر بن محمد فقال له الفضل قم: فقام ومشى حتى قرب من المأمون. ووقف ولم يقبّل يده فقيل له امضِ فخذ جائزتك وناداه المأمون: ارجع يا جعفر إلى مجلسك فرجع تم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفذت الأموال.

ثم قال المأمون للرضا أخطب وتكلم فيهم.

فحمد الله وأثنى عليه وقال: لنا عليكم حقّ برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكم علينا حقّ به فإذا أنتم أدّيتم ذلك وجب علينا حقّ لكم. ولا يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس وأمر المأمون فضربت الدراهم فطبع عليها اسم الرضا وزوّج إسحاق بن موسى بن جعفر بنت عمّه إسحاق بن جعفر بن محمد وأمره أن يحجّ بالناس وخطب للرضا في بلده بولاية العهد(1).

 

1 - الإرشاد للمفيد ص 291.