فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الرضا

 

ولائيات

نفس رسول الله(1)

قال المأمون يوماً للرضا (عليه السّلام): أخبرني بأكبر فضيلة لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يدلّ عليها القرآن. قال: فقال له الرضا (عليه السّلام):

فضيلته في المباهلة، قال الله جلّ جلاله: (فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(2) فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين (عليهم السلام) فكانا أبنيه، ودعا فاطمة (عليها السلام) فكانت في هذا الموضع نساؤه، ودعا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فكان نفسه بحكم الله عزّ وجلّ، فقد ثبت أنّه ليس أحد من خلق الله تعالى أجلّ من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأفضل، فوجب أن ﻻ يكون أحد أفضل من نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحكم الله تعالى.

قال: فقال له المأمون: أليس قد ذكر الله تعالى الأبناء بلفظ الجمع وانّما دعا رسول الله ابنيه خاصّة؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وانّما دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابنته وحدها؟ فلم ﻻ جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فلا يكون لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ما ذكرت من الفضل؟

قال: فقال له الرضا (عليه السّلام): ليس بصحيح ما ذكرت...، وذلك أنّ الداعي انّما يكون داعياً لغيره، كما يكون الآمر آمراً لغيره، ولا يصحّ أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة، كما ﻻ يكون آمراً لها في الحقيقة، وإذا لم يدع رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلاً في المباهلة إلاّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد ثبت أنّه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه وجعل حكمه ذلك في تنزيله.

قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال.

من تذكّر مصابنا(3)

من تذكّر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

لو علموا محاسن كلامنا(4)

رحم الله عبداً أحيا أمرنا. فقلت له: وكيف يحيى أمركم؟

قال: يتعلّم علومنا، ويعلّمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا.

قال: فقلت له: يابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله (عليه السّلام) أنّه قال: من تعلّم علماً ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار.

فقال (عليه السّلام): صدق جدّي (عليه السّلام)، أفتدري من السفهاء؟

فقلت: ﻻ يابن رسول الله.

فقال: هم قصّاص من مخالفينا، وتدري من العلماء؟

فقلت: ﻻ يابن رسول الله.

فقال: هم علماء آل محمّد (عليهما السلام) الذين فرض الله عزّ وجلّ طاعتهم وأوجب مودّتهم.

ثم قال: أتدري ما معنى قوله: أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟

قلت: ﻻ.

قال: يعني بذلك والله ادّعاء الإمامة بغير حقّها، ومن فعل ذلك فهو في النار.

إمامك راض عنك(5)

حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أخيه جعفر بن عيسى، قال: كنّا عند أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) وعنده يونس بن عبد الرحمن إذ استأذن عليه قوم من أهل البصرة، فأومى أبو الحسن (عليه السّلام) إلى يونس:

ادخل البيت، فإذا بيت مسبل عليه ستر، وإيّاك أن تتحرّك حتّى تؤذن لك، فدخل البصريّون فأكثروا من الوقيعة والقول في يونس، وأبوالحسن (عليه السّلام) مطرق حتّى لمّا أكثروا وقاموا فودّعوا وخرجوا، فأذن ليونس بالخروج فخرج باكياً، فقال: جعلني الله فداك انّي احامي عن هذه المقالة، وهذه حالي عند أصحابي. فقال له أبو الحسن (عليه السّلام):

يا يونس وما عليك ممّا يقولون إذا كان إمامك عنك راضياً؟ يا يونس حدّث الناس بما يعرفون، واتركهم ممّا ﻻ يعرفون كأنّك تريد أن تكذب على الله في عرشه، يا يونس وماعليك أن لو كان في يدك اليمنى درّة ثم قال الناس: بعرة، أو قال الناس درّة. أو بعرة وقال الناس: درّة، هل ينفعك ذلك شيئاً؟

فقلت: ﻻ.

فقال: هكذا أنت يا يونس، إذا كنت على الصواب وكان إمامك عنك راضياً لم يضرّك ما قال الناس.

تأخذون بحجزتنا(6)

انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة آخذ بحجزة الله تعالى، ونحن آخذون بحجزة نبيّنا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا.

وقال في حديث آخر: معنى الحجزة: الدين.

أغث محبّينا(7)

أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته، أن يغيث في الدنيا مسكيناً من محبّينا من يد ناصب عدوّ لله ولرسوله يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محلّه من جنان الله، فيحملونه على أجنحتهم، يقولون: مرحباً طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار.

نحن والأنبياء(8)

لمّا أشرف نوح على الغرق دعا الله بحقّنا فدفع الله عنه الغرق، ولمّا رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقّنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً، وانّ موسى (عليه السّلام) لمّا ضرب طريقاً في البحر دعا الله بحقّنا فجعله يبساً، وان عيسى (عليه السّلام) لمّا أراد اليهود قتله دعا الله بحقّنا فنجاه من القتل ورفعه إليه.

النار الباردة(9)

لمّا رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقّنا فجعل الله النار عليه برداً وسلاماً.

أفضل الخلق والآل والامم(10)

... لمّا بعث الله عزّ وجلّ موسى بن عمران (عليه السّلام) واصطفاه نجيّاً وفلق له البحر ونجّى بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح ورأى مكانه من ربّه عزّ وجلّ فقال: يا ربّ لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحداً قبلي.

فقال الله جلّ جلاله: ياموسى أما علمت أنّ محمّداً أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟ قال موسى (عليه السّلام): يا ربّ فإن كان محمّد (صلى الله عليه وآله) أكرم عندك من خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟

قال الله جلّ جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمّد على جميع آل النبيّين كفضل محمّد على جميع المرسلين؟

فقال موسى: يا رب فإن كان آل محمّد كما وصفت فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من امّتي؟ ظلّلت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المنّ والسلوى وفلقت لهم البحر؟

فقال الله جلّ جلاله: يا موسى أما علمت أنّ فضل امّة محمّد على جميع الامم كفضله على جميع خلقي.

فقال موسى (عليه السّلام): يا ربّ ليتني كنت أراهم، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا موسى انّك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنّات، جنّات عدن والفردوس بحضرة محمّد في نعيمها، يتقلّبون، وفي خيراتها يتبحبحون، أفتحبّ أن اسمعك كلامهم؟

فقال: نعم إلهي.

قال الله جلّ وجلاله: قم بين يدي واشداد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، ففعل ذلك موسى (عليه السّلام) فنادى ربّنا عزّ وجلّ: يا امّة محمّد، فأجابوه كلّهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم: لبيك اللّهمّ لبيك، لبيك ﻻ شريك لك لبّيك، انّ الحمد والنعمة لك والملك ﻻ شريك لك.

قال: فجعل الله عزّ وجلّ تلك الإجابة شعار الحج، ثمّ نادى ربنا عزّ وجلّ: يا امّة محمّد انّ قضائي عليكم أنّ رحمتي سبقت غضبي، وعفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن ﻻ إله إلاّ الله وحده ﻻ شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله صادق في أقواله محق في أفعاله وأنّ عليّ بن أبي طالب أخوه ووصيّه من بعده ووليّه، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد، وأن أولياءه المصطفين المطهّرين الميامين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أوليائه أدخلته جنّتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال (عليه السّلام): فلمّا بعث الله عزّ وجلّ نبيّنا محمّداً (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمّد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا امّتك بهذه الكرامة، ثم قال عزّ وجلّ لمحمّد (صلى الله عليه وآله) قل: الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّني به من هذه الفضيلة.

وقال لامّته: قولوا أنتم: الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّنا به من هذه الفضائل.

أفضل الامّة(11)

حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه قال: سألت الرضا أبا الحسن (عليه السّلام) فقلت له: لِمَ كنّي النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأبي القاسم؟ فقال:

لأنّه كان له ابن يقال له: قاسم، فكنّي به.

قال: فقلت له: يابن رسول الله فهل تراني أهلاً للزيادة؟

فقال: نعم، أما علمت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أنا وعليّ أبوا هذه الامّة؟

قلت: بلى.

قال: أما علمت أنّ عليّاً قاسم الجنّة والنار؟

قلت: بلى.

قال: فقيل له: أبو القاسم لأنّه أبو قاسم الجنّة والنار.

فقلت له: وما معنى ذلك؟

فقال: انّ شفقة النبي (صلى الله عليه وآله) على أُمّته شفقة الآباء على الأولاد، وأفضل أُمّته عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، ومن بعده شفقة عليّ (عليه السّلام) عليهم كشفقته (صلى الله عليه وآله)، لأنّه وصيّه وخليفته والإمام بعده، فلذلك قال (صلى الله عليه وآله): أنا وعليّ أبوا هذه الامّة، وصعد النبي (صلى الله عليه وآله) المنبر فقال: من ترك ديناً أو ضياعاً فعليّ وإليّ، ومن ترك مالاً فلو رثته، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأُمّهاتهم، وصار أولى بهم منهم بأنفسهم، وكذلك أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

عند ما يعطس الإمام(12)

عن صفوان بن يحيى قال: كنت عند الرضا (عليه السّلام) فعطس فقلت له: صلى الله عليك، ثمّ عطس، فقلت: صلّى الله عليك، ثمّ عطس، فقلت: صلّى الله عليك، وقلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله، أو كما نقول، قال:

نعم، أليس تقول: صلى الله على محمّد وآل محمّد؟

قلت: بلى.

قال: ارحم محمّداً وآل محمّد؟

قلت: بلى.

قال: وقد صلّى الله عليه ورحمه، وانّما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة.

التصديق بالحسنى(13)

عن البزنطي قال: سمعت الرضا (عليه السّلام) يقول في تفسير (واللّيل إذا يغشى)(14) قال:

إنّ رجلاً من الأنصار كان لرجل في حائطه نخلة وكان يضرّ به، فشكى ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدعاه فقال: أعطني نخلتك بنخلة في الجنّة، فأبى، فبلغ ذلك رجلاً من الأنصار يكنّى أبا الدحداح فجاء إلى صاحب النخلة. فقال: بعني نخلتك بحائطي، فباعه، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطي.

قال: فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلك بدلها نخلة في الجنّة فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيّه (صلى الله عليه وآله): (وما خلق الذكر والانثى، إنّ سعيكم لشتّى، فأمّا من أعطى) يعني النخلة (واتّقى، وصدّق بالحسنى) بوعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (فسنيسّره لليسرى)(15).

آل ياسين(16)

فيما احتجّ الرضا (عليه السّلام) على علماء العامّة في فضل العترة الطاهرة أنّه سأل العلماء فقال:

أخبروني عن قول الله عزّوجلّ: (يس، والقرآن الحكيم، إنّك لمن المرسلين، على صراط مستقيم)(17) فمن عنى بقوله: يس؟

قالت العلماء: يس محمّد (صلى الله عليه وآله) لم يشك فيه أحد.

قال أبو الحسن (عليه السّلام): فإنّ الله عزّ وجلّ أعطى محمّداً وآل محمّد من ذلك فضلاً ﻻ يبلغ أحد كنه وصفه إلاّ من عقله، وذلك أنّ الله عزّ وجل لم يسلّم على أحد إلاّ على الأنبياء صلوات الله عليهم، فقال تبارك وتعالى:

(سلام على نوح في العالمين)(18).

وقال: (سلام على إبراهيم)(19).

وقال: (سلام على موسى وهارون)(20).

ولم يقل: سلام على آل نوح.

ولم يقل: سلام على آل إبراهيم ولا قال: سلام على آل موسى وهارون.

وقال عزّوجلّ: (سلام على آل يس)(21) يعني آل محمّد صلوات الله عليهم.

كلمة التقوى(22)

عن مالك بن عبد الله قال: قلت لمولاي الرضا (عليه السّلام): قوله تعالى: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها)(23) قال:

هي ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام).

للإمام علامات(24)

للإمام علامات: [أن] يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبدالناس، ويولد مختوناً ويكون مطهّراً، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظلّ.

وإذا وقع على الأرض من بطن امّه وقع على راحتيه رافعاً صوته بالشهادتين ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدّثاً، ويستوي عليه درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يرى له بول ولا غائط، لأنّ الله عزّ وجلّ قد وكّل الأرض بابتلاع ما يخرج منه ويكون رائحته أطيب من رائحة المسك.

ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم وامّهاتهم ويكون أشدّ الناس تواضعاً لله عزّ وجلّ، ويكون آخذ الناس بما يأمر به، وأكفّ الناس عمّا ينهي عنه، ويكون دعاؤه مستجاباً حتّى أنّه لو دعا على صخرة ﻻ نشقّت بنصفين.

ويكون عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه ذوالفقار، ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة.

ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر، وإهاب ما عز وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتّى أرش الخدش، وحتّى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة (عليها السلام).

مدح أهل البيت (عليهم السلام)(25)

ما قال فينا مؤمن شعراً يمدحنا به إلاّ بنى الله تعالى له مدينة في الجنّة أوسع من الدنيا سبع مرّات يزوره فيها كلّ ملك مقرّب وكلّ نبيّ مرسل.

ألزم طريقتنا(26)

عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا (عليه السّلام): يابن رسول الله أنّ عندنا أخباراً في فضائل أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم، أفندين بها؟ فقال:

يابن أبي محمود لقد أخبرني أبي عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله عزّ وجلّ فقد عبد الله، وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس.

ثم قال الرضا (عليه السّلام): يابن أبي محمود انّ مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام: أحدها: الغلوّ، وثانيها: التقصير في أمرنا، وثالثها: التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيّتنا، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، وقد قال الله عزّ وجلّ: (ولا تسبّوا الّذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علم)(27).

يابن أبي محمود إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا فانّه من لزمنا لزمناه، ومن فارقنا فارقناه، انّ أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة: هذه نواة، ثمّ يدين بذلك ويبرأ ممّن خالفه، يابن أبي محمود احفظ ما حدّثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة.

ملوك الآخرة(28)

نحن سادة في الدنيا وملوك في الآخرة.

لولاهم ما خلقتك(29)

إنّ آدم صلوات الله عليه لمّا أكرمه الله تعالى بإسجاده ملائكته له وبإدخاله الجنّة ناداه الله: أرفع رأسك يا آدم، فانظر إلى ساق عرشي فنظر فوجد عليه مكتوباً:

(ﻻ إله إلاّ الله محمّد رسول الله، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة).

فقال آدم: يا ربّ من هؤلاء؟

قال عزّ وجلّ: هؤلاء ذرّيتك لولاهم ما خلقتك.

علامة الإخلاص(30)

عن أحمد بن عبد الصمد، عن خاله أبي الصلت الهروي قال: كنت مع الرضا (عليه السّلام) لمّا دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء وقد خرج علماء نيسابور في استقباله فلمّا سار إلى المرتعة تعلّقوا بلجام بغلته وقالوا: يابن رسول الله حدّثنا بحقّ آبائك الطاهرين حديثاً عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين.

فأخرج عليه الصلاة والسلام رأسه من الهودج وعليه مطرف الخزّ فقال:

حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين سيّد شباب أهل الجنّة، عن أمير المؤمنين، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين، عن الله تقدّست أسماؤه وجلّ وجهه قال:

إنّي أنا الله ﻻ إله إلاّ أنا وحدي عبادي فاعبدوني، وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن ﻻ إله إلاّ الله مخلصاً بها أنّه قد دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي.

قالوا: يا ابن رسول الله وما إخلاص الشهادة لله؟

قال: طاعة الله ورسوله وولاية أهل بيته (عليهم السلام).

الكائنات والولاية(31)

أخبرني أبي، عن أبيه، عن جدّه: انّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أخذ بطّيخة ليأكلها فوجدها مرّة فرمى بها وقال: بعداً وسحقاً.

فقيل له: يا أمير المؤمنين وما هذه البطّيخة؟

فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انّ الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودّتنا على كل حيوان ونبت، فما قبل الميثاق كان عذباً طيّباً ومالم يقبل الميثاق كان ملحاً زعاقاً.

انّي سمّيتها فاطمة(32)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّي سميّت ابنتي فاطمة لأنّ الله عزّ وجل فطمها وفطم من أحبّها من النار.

ريحانتا الرسول (صلى الله عليه وآله)(33)

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد ريحانة، وريحانتاي الحسن والحسين (عليهما السلام).

خير أهل الأرض(34)

قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي وبعد أبيهما، وامّهما أفضل نساء أهل الأرض.

الخليل ومصاب الحسين (عليه السّلام)(35)

لمّا أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم (عليه السّلام) أن يذبح مكان ابنه اسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم (عليه السّلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل (عليه السّلام) بيده، وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده [عليه] بيده فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.

فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا إبراهيم من أحبّ خلقي إليك؟

فقال: يا ربّ خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد (صلى الله عليه وآله).

فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا إبراهيم أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟

قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي.

قال عزّوجل: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟

قال: بل ولده.

قال: فذبح ولده ظلماً على [أيدي] أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟

قال: يا ربّ بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.

قال: يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من امّة محمّد (صلى الله عليه وآله) ستقتل الحسين (عليه السّلام) ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يذبح الكبش، فيستوجبون بذلك سخطي.

فجزع إبراهيم (عليه السّلام) لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل - لو ذبحته بيدك - بجزعك على الحسين (عليه السّلام) وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب فذلك قول الله عزّوجلّ: (وفديناه بذبح عظيم)(36).

يوم الحسين (عليه السّلام)(37)

إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال فاستحلّت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا.

إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الإنقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.

ثم قال (عليه السّلام): كان أبي (عليه السّلام) إذا دخل شهر المحرم ﻻ يرى ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى الله عليه.

عزاء عاشوراء(38)

من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه، جعل الله عزّ وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرّت بنا في الجنان عينه، ومن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر فيه لمنزله شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد - لعنهم الله - إلى أسفل درك من النار.

أيّام حداد(39)

حكى دعبل الخزاعي قال: دخلت على سيّدي ومولاي عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) في مثل هذه الأيام فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب، وأصحابه من حوله، فلمّا رآني مقبلاً قال لي:

مرحباً بك يا دعبل مرحباً بناصرنا بيده ولسانه، ثمّ إنّه وسّع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه، ثمّ قال لي: يا دعبل احبّ أن تنشدني شعراً فإنّ هذه الأيّام أيّام حزن كانت علينا أهل البيت، وأيّام سرور كانت على أعدائنا خصوصاً بني اميّة، يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا، يا دعبل من بكى على مصاب جدّي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة.

ثمّ إنّه (عليه السّلام) نهض، وضرب ستراً بيننا وبين حرمه، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدّهم الحسين (عليه السّلام) ثمّ التفت إليّ وقال لي: يا دعبل ارث الحسين فأنت ناصرنا ومادحنا ما دمت حيّاً، فلا تقصر عن نصرنا ما استطعت.

قال دعبل: فاستعبرت وسالت عبرتي وأنشأت أقول:

أفـــاطـــم لـــــو خـــلت الحسين مجدّلاً          وقـــــد مـــــات عــــطشاناً بشطّ فرات

إذاً للطـــــمت الـــخـــدّ فـــــــاطم عنده          وأجريـــــت دمــــع العين في الوجنات

أفـــاطم قـومي يابـــنة الخـــير واندبي          نجوم ســـــماوات بــــــأرض فـــــــلاة

قبــــــور بـــــكوفـــان وأخـــرى بطيبة          واخــــــرى بفـــــخّ نـــــالها صـلواتي

قبـــور ببطن النهـــر من جنـــب كربلا          معرّســــــهم فــــــيها بــــــــشطّ فرات

تـــوفــــــوا عـــطاشـــاً بالعراء فليتني          توفّيت فــــــيهم قـــــــبل حــين وفاتي

إلـــى الله أشكولـــــوعـــة عنـد ذكرهم          سقـــتني بكأس الثكل والفضعات(40)

إذا فخــــــروا يــــــوماً أتــــــوا بمحمّد          وجـــــبريل والقـــــــرآن والســـورات

وعــــــدّوا عــــــليّاً ذا المنـاقب والعلا          وفاطــــــمة الـــــزهراء خـــــير بــنات

وحمـــــزة والعبّـاس ذا الدين والتقى          وجعــــــفرها الطــــــيّار فــي الحجبات

أولئـــك مشــــــؤمون هـــــندا وحربها          ســــــميّة مـــــن نــــوكى ومن قذرات

هـــــم منــــــعوا الآبــاء من أخذ حقّهم          وهم تركوا الأبــــــناء رهــــــن شتات

ســــــأبكيهم مــــــــا حـــجّ لله راكـــب          وما ناح قــــــمريّ عــــــلى الشجرات

فــــــياعين بكّيــــــهم وجـــودي بعبرة          فــــــقد آن للتســـــــكاب والهـــــملات

بــــــنات زيـــــاد فـي القصور مصونة          وآل رســــــول الله منــــــهـــــــتــكات

وآل زيــــــاد فـــــي الحــــصون منيعة          وآل رســــــــول الله فـــــي الفـــلوات

ديــــــار رســـــول الله أصبحن بـــلقعاً          وآل زيــــــاد تــــــــسكن الحـــــجرات

وآل رســــــول الله نــــــحف جسومهم          وآل زيـــــــاد غـــــــــلّظ القـــــصرات

وآل رســــــول الله تـــــدمى نــحورهم          وآل زيــــــاد ربّـــــــة الحــــــــجــلات

وآل رســــــول الله تــــسبى حـــــريمه          وآل زيـــــــاد آمنـــــــوا الســــــربات

إذا وتــــــروا مــــــدوّا إلــــى واتريهم          أكفّاً مــــــن الأوتـــــار منـــــــقـبضات

ســــــأبكيهم مـا ذرّ في الأرض شارق          ونادى مــــــنادي الخـــير للصـــلوات

ومـــــا طــــلعت شمس وحان غروبها          وبــــــاللّيل أبكــــــيهم وبـــــــالغدوات

الإمام وآية النور(41)

عن عبد الله بن جندب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) أسأل عن تفسير قوله تعالى: (الله نور السماوات والأرض) إلى آخر الآية، فكتب إليّ الجواب:

أمّا بعد فإنّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) كان أمين الله في خلقه، فلمّا قبض النبي (صلى الله عليه وآله) كنّا أهل البيت ورثته، فنحن امناء الله في أرضه، عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد الإسلام، وما من فئة تضلّ مائة به وتهدى مائة به، إلاّ ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها.

وانّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق.

وانّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق يردون موردنا، ويدخلون مدخلنا، ليس على ملّة الإسلام غيرنا وغيرهم إلى يوم القيامة.

نحن آخذون بحجزة نبيّنا، ونبيّنا آخذ بحجزة ربّنا، والحجزة النور، وشيعتنا آخذون بحجزتنا، من فارقنا هلك، ومن تبعنا نجا، والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر، ومتّبعنا وتابع أوليائنا مؤمن، ﻻ يحبّنا كافر، ولا يبغضنا مؤمن، ومن مات وهو يحبّنا، كان حقّاً على الله أن يبعثه معنا.

نحن نور لمن تبعنا وهدى لمن اهتدى بنا، ومن لم يكن منّا فليس من الإسلام في شيء، بنا فتح الله الدين وبنا يختمه، وبنا أطعمكم الله عشب الأرض، وبنا أنزل الله قطر السماء، وبنا آمنكم الله من الغرق في بحركم ومن الخسف في برّكم وبنا نفعكم الله في حياتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان. مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة، والمشكاة في القنديل، فنحن المشكاة فيها مصباح المصباح: محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) (المصباح في زجاجة) من عنصرة طاهرة (الزجاجة كأنّها كوكب دريّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة ﻻ شرقيّة ولا غربيّة) ﻻ دعيّة ولا منكرة (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمــسسه نار) القـــرآن (نور عـــلى نور، يهـــدي الله لنـــــوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكلّ شيء عليم)(42).

فالنور عليّ (عليه السّلام) يهدي الله لولايتنا من أحبّ، وحقّ على الله أن يبعث وليّنا مشرقاً وجهه، منيراً برهانه، ظاهرة عند الله حجّته، حقّ على الله أن يجعل أوليائنا المتّقين، مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقاً.

فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات، ولشهيد شيعتنا فضل على كلّ شهيدغيرنا بتسع درجات.

نحن النجباء ونحن أفراط الأنبياء، ونحن أولاد الأوصياء، ونحن المخصوصون في كتاب الله، ونحن أولى الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه: (شرع لكم من الدين ما وصىّ به نوحاً والذي أوحينا إليك) يا محمّد (وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى) فقد علّمنا وبلّغنا ما علّمنا واستودعنا علمهم.

ونحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة اولي العلم واولي العزم من الرسل (أن أقيموا الدين) كما قال الله: (ولا تتفرّقوا فيه) وإن (كبر على المشركين) من أشرك بولاية عليّ (ما تدعوهم إليه) من ولاية عليّ (عليه السّلام) (الله) يا محمّد (يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب)(43) من يجيبك إلى ولاية عليّ (عليه السّلام)، وقد بعثت إليك بكتاب فيه هدى فتدّبره وأفهمه، فإنّه شفاء لما في الصدور ونور.

أكرم شيعتنا(44)

عن الحسن بن الجهم، قال: كنت عند الرضا (عليه السّلام) وعنده زيد بن موسى أخوه وهو يقول:

يا زيد اتّق الله فإنّا بلغنا ما بلغنا بالتقوى، فمن لم يتق ولم يراقبه فليس منّا ولسنا منه.

يا زيد إيّاك أن تهين من به تصول من شيعتنا فيذهب نورك، يا زيد إنّ شيعتنا إنّما أبغضهم الناس وعادوهم واستحلّوا دماءهم وأموالهم، لمحبّتهم لنا واعتقادهم لولايتنا، فإن أنت أسأت إليهم ظلمت نفسك، وأبطلت حقّك.

قال الحسن بن الجهم: ثمّ التفت (عليه السّلام) إليّ فقال لي: يابن الجهم من خالف دين الله فابرأ منه كائناً من كان، من أيّ قبيلة كان، ومن عادى الله فلا تواله كائناً من كان من أيّ قبيلة كان.

فقلت له: يابن رسول الله ومن الذي يعادي الله تعالى؟

قال: من يعصيه.

المفزع بعد الرسول(45)

عن سهل بن ذبيان قال: دخلت على الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) في بعض الأيّام، قبل أن يدخل عليه أحد من الناس، فقال لي:

مرحباً بك يابن ذبيان، الساعة أراد رسولنا أن يأتيك لتحضر عندنا.

فقلت: لماذا يابن رسول الله؟

فقال: لمنام رأيته البارحة، وقد أزعجني وأرّقني.

فقلت: خيراً يكون إن شاء الله تعالى.

فقال: يابن ذبيان رأيت كأنّي قد نصب لي سلّم فيه مائة مرقاة، فصعدت إلى أعلاه، فقلت: يا مولاي اهنّيك بطول العمر، وربّما تعيش مائة سنة لكلّ مرقاة سنة.

فقال لي(عليه السّلام): ما شاء الله كان.

ثمّ قال: يابن ذبيان، فلمّا صعدت إلى أعلى السلّم رأيت كأنّي دخلت في قبّة خضراء يرى ظاهرها من باطنها، ورأيت جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالساً فيها، وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان، يشرق النور من وجوههما، ورأيت إمرأة بهيّة الخلقة، ورأيت بين يديه شخصاً بهيّ الخلقة جالساً عنده ورأيت رجلاً واقفاً بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة: (لامّ عمرو باللّوى مربع).

فلمّا رآني النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لي: مرحباً بك يا ولدي يا علي بن موسى الرضا سلّم على أبيك عليّ، فسلّمت عليه، ثمّ قال لي: سلّم على امّك فاطمة الزهراء فسلّمت عليها، فقال لي: وسلّم على أبويك الحسن والحسين فسلّمت عليهما.

ثمّ قال لي: وسلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد اسماعيل الحميري، فسلّمت عليه وجلست، فالتفت النبيّ إلى السيد اسماعيل فقال له: عد إلى ما كنّا فيه من إنشاد القصيدة، فأنشد يقول:

لامّ عــــمرو بــــــاللّوى مـربع          طــــــامسة أعـــــــلامه بـــلقع

فبكى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فلمّا بلغ إلى قوله: (ووجهه كالشمس إذا تطلع) بكى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليهاالسلام) معه ومن معه، ولمّا بلغ إلى قوله:

قــــالوا لـــــه لوشـئت أعلمتنا          إلى مــــــن الـــغاية والمـــفزع

رفع النبيّ (صلى الله عليه وآله) يديه وقال: إلهي أنت الشاهد عليّ وعليهم أنّي أعلمتهم أنّ الغاية والمفزع عليّ بن أبي طالب، وأشار بيده إليه، وهو جالس بين يديه صلوات الله عليه.

قال عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام): فلمّا فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفت النبيّ (صلى الله عليه وآله) إليّ وقال لي: يا عليّ بن موسى احفظ هذه القصيدة، ومر شيعتنا بحفظها، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على الله تعالى.

قال الرضا (عليه السّلام): ولم يزل يكرّرها عليّ حتّى حفظتها منه، والقصيدة هذه:

لامّ عــــمرو بـــــاللوى مــربع          طامســــــة أعــــــلامه بــــلقع

تـــــروح عــــنه الطير وحشيّة          والأســـــد مـــــن خيفته تفزع

برســـم دار مــا بـــــها مونس          إلا صــــــلال فـــي الثرى وقّع

رقش يخاف المـــــوت نـفثاتها          والســــــمّ فـــــي أنـيابها منقع

لـــما وقـفن العيس في رسمها          والعــــــين مـــن عرفانه تدمع

ذكرت مـــــن قـــد كنت ألهوبه          فبـــــتّ والقــــــلب شج موجع

كــأنّ بــــــالنار لمـــا شــــفّني          من حــــــبّ أروي كبـدي تلذع

عجـــبت مـــــن قوم أتوا أحمدا          بخطّه ليـــــــس لهـــــا موضع

قالوا له: لوشـــــئت أعــــلمتنا          إلى من الغـــــاية والمــــــفزع

إذا تـــــــوفيت وفـــارقــــتـــــنا          وفيــــــهم في الملك من يطمع

فــــــقال: لــــو أعلمتكم مفزعا          كنـــــتم عسيتم فيه أن تصنعوا

صنـــــيع أهل العجل إذا فارقوا          هــــــارون فــــالترك له أودع

وفــــــي الــــذي قال بيان لمن          كان إذا يـــــعــقل أو يســــــمع

ثـــــــمّ أتــــــته بـــعد ذا عزمة          مــــــن ربّه ليــــــس لها مدفع

أبــــــلغ وإلاّ لـــــم تكـــن مبلغاً          والله مـــــنهم عـــــــاصم يمنع

فعــــــندها قــــــام النـبي الذي          كــــان بما يـــــأمره يصــــــدع

يخــــــطب مـــــأموراً وفي كفّه          كـــفّ عـــــــليّ ظـــاهراً تلمع

رافـــــعها أكـــــــرم بكفّ الذي          يرفــــع والــــكفّ الــذي يرفع

يقــــــول والأمـــلاك من حوله          والله فيــــهم شـــــاهد يســـمع

مــــــن كــــــنت مولاه فهذا له          مولى فـــلم يرضوا ولم يقنعوا

فـــــــــاتهموه وحــــــنت منهم          على خــــلاف الصادق الأضلع

وضــــــلّ قــــــوم غاظهم فعله          كأنّما آنـــــــافهم تـــــــجـــــدع

حتــــــــى إذا واروه فــي قبره          وانصـــــرفوا عن دفنه ضيّعوا

مــــا قــال بالأمس وأوصى به          واشــــــتروا الضــــرّ بما ينفع

وقطّعوا أرحـــــــــامه بعــــــده          فســــــوف يــجزون بما قطّعوا

وأزمعـــــوا غــــــدراً بمـولاهم          تبّاً لمــــا كـــــان بــــه أزمعوا

لاهـــــــم عـــليه يردوا حوضه          غــــــداً ولا هو فيـــــهم يشفع

حـــــوض له ما بين صنعا إلى          أيلة(46) والعــرض به أوسع

يُنصــــــــب فـــــيه علم للهدى          والحـــوض مـن ماء له مترع

يفــــــيض مـــــن رحمته كوثر          أبيض كالفـــــضّة أو أنصــــــع

حصــــــاه يــــــاقوت ومرجانة          ولــــــؤلؤ لـــــم تــــجنه إصبع

بـــــطحاؤه مــــــسك وحــافاته          يهتزّ مـــــــنها مـــــونق مربع

أخضـــر ما دون الورى ناضر          وفاقــــــع أصــــــفر أو أنــصع

فيه أبــــــــاريق وقـــــد حـــانه          يذبّ عنـــــها الـــرجل الأصلع

يـــــذبّ عــــنها ابن أبي طالب          ذبّــــــاً كجـــــربا إبــــــل شرّع

والعـــــطر والــــريحان أنواعه          زاك وقـــــد هبّــــت به زعزع

ريــــــح مــــــن الجنّة مأمورة          ذاهبة ليـــــس لهــــــا مـــرجع

إذا دنــــــوا منـــه لكي يشربوا          قــــــيل لهم: تــبّاً لكم فارجعوا

دونــــكم فــــــالتمسوا مــــنهلا          يرويــــــكم أو مطـــــعماً يشبع

هـــــذا لـــمن والــى بني أحمد          ولم يــــــكن غـــــيرهم يــــتبع

فـــــالفوز للشارب من حوضه          والويــــــل والـــــذلّ لمن يمنع

والناس يوم الحشـــــر راياتهم          خمس فمــــــنها هـــــالك أربع

فــــراية العـــجل وفرعـــــونها          وسامـــــــريّ الامّــــة المشنع

ورايـــــة يــــــقدمـــها أدلــــــم          عــــــبد لئيــــــم لكــــــع أكوع

ورايـــــة يـــــقدمــــها حبــــتر          للــــــزّور والـبهتان قد ابدعوا

ورايــــــة يقــــــدمها نعـــــــثل          ﻻ بـــــــرّد الله لــــــــه مضجع

أربــــــعة فــــــي سـقر اودعو          ليـــــس لهــا من قعرها مطلع

ورايــــــة يقـــــدمها حيـــــــدر          ووجهه كالشــــــمـس إذ تطلع

غــــــداً يلاقي المصطفى حيدر          وراية الحـــــــمد لــــــــه ترفع

مــــــولى لـــه الجـــنّة مأمورة          والنار مـــــــن إجــــلاله تفزع

إمــــــام صــــــدق ولـــه شيعة          يرووا من الحوض ولم يمنعوا

بـــــذاك جـــاء الوحي من ربّنا          يا شيــــــعة الحقّ فلا تجزعوا

الحمــــــيري مـــادحكم لم يزل          ولــــــو يـــــقطّع إصــبع إصبع

وبــعدها صلّوا على المصطفى          وضــــــوه حيـــــدرة الأصـــلع

مع الريّان(47)

الريان بن الصلت قال: لمّا أردت الخروج إلى العراق وعزمت على توديع الرضا (عليه السّلام) فقلت في نفسي: إذا ودّعته سألته قميصاً من ثياب جسده لاكفّن به، ودراهم من ماله أصوغ بها لبناتي خواتيم، فلمّا ودّعته شلغني البكاء والأسف على فراقه عن مسئلة ذلك، فلمّا خرجت من بين يديه صاح بي يا ريّان ارجع. فرجعت فقال لي:

أما تحبّ أن أدفع إليك قميصاً من ثياب جسدي تكفّن فيه إذا فنى أجلك؟ أو ما تحبّ أن أدفع إليك دراهم تصوغ بها لبناتك خواتيم؟

فقلت: يا سيّدي قد كان في نفسي أن أسألك ذلك، فمنعني الغمّ بفراقك.

فرقع (عليه السّلام) الوسادة وأخرج قميصاً فدفعه إليّ ورفع جانب المصلّى فأخرج دراهم فدفعها إليّ فعددتها فكانت ثلاثين درهماً.

مع البزنظي(48)

عن احمد بن محمّد بن يحيى بن أبي نصر البزنطي قال: بعث الرضا (عليه السّلام) إليّ بحمار فركبته وأتيته فأقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله، فلمّا أراد أن ينهض قال لي:

ﻻ اراك تقدر على الرجوع إلى المدينة.

قلت: أجل جعلت فداك.

قال: فبت عندنا الليلة واغد على بركة الله عزوجلّ.

قلت: افعل جعلت فداك.

قال: يا جارية إفرشي له فراشي واطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها، وضعي تحت رأسه مخدّتي.

قال: فقلت في نفسي: من أصاب ما أصبت في ليلتي هذه، لقد جعل الله لي من المنزلة عنده وأعطاني من الفخر مالم يعطه أحداً من أصحابنا: بعث إليّ بحماره فركبته، وفرش لي فراشه وبتّ في ملحفته ووضعت لي مخدّته، ما أصاب مثل هذا أحد من أصحابنا.

قال: وهو قاعد معي وأنا احدّث نفسي، فقال (عليه السّلام) لي: يا أحمد إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أتى زيد بن صوحان في مرضه يعوده فافتخر على الناس بذلك، فلا تذهبنّ نفسك على الفخر وتذلل لله عز وجل واعتمد على يده فقام (عليه السّلام).

المؤمن الصابر(49)

عن محمّد بن الفضيل قال: نزلت ببطن مر(50) فأصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي، فدخلت على الرضا (عليه السّلام) بالمدينة فقال:

مالي أراك متوجّعاً؟

فقلت: إنّ لمّا أتيت بطن مرّ أصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي.

فأشار (عليه السّلام) إلى الذي في جنبي تحت الإبط وتكلّم بكلام وتفل عليه ثمّ قال (عليه السّلام): ليس عليك بأس من هذا، ونظر إلى الذي في رجلي فقال: قال أبو جعفر (عليه السّلام) من بُلي من شيعتنا ببلاء فصبر، كتب الله عز وجلّ له مثل أجر ألف شهيد.

فقلت في نفسي: ﻻ أبرء والله من رجلي أبداً.

قال الهيثم: فما زال يعرج منها حتّى مات.

عرض الأعمال(51)

موسى بن سيّار قال: كنت مع الرضا (عليه السّلام) وقد أشرف على حيطان طوس وسمعت واعية فأتبعتها فإذا نحن بجنازة، فلمّا بصرت بها رأيت سيّدي وقد ثنّى رجله عن فرسه، ثمّ أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثمّ أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بامّها ثمّ أقبل عليّ وقال:

يا موسى بن سيّار، من شيّع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه ﻻ ذنب عليه، حتّى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيّدي قد أقبل فأفرج الناس عن الجنازة حتّى بدا له الميّت فوضع يده على صدره ثمّ قال: يا فلان بن فلان أبشر بالجنّة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة.

فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل؟ فوالله إنّها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا.

فقال لي: يا موسى بن سيّار أما علمت أنّا معاشر الأئمّة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحاً ومساءً؟ فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه، وما كان من العلوّ سألنا الله الشكر لصاحبه.

المؤمنون تمريّون(52)

عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: دخلت على أبي الحسن الرضا(عليه السّلام) وبين يديه تمر برنيّ وهو مجدّ في أكله فقال لي:

يا سليمان ادن فكل.

قال: فدنوت منه فأكلت معه وأنا أقول له: جعلت فداك إنّي أراك تأكل هذا التمر.

فقال: نعم إنّي لاحبّه.

قال: قلت: ولم ذلك؟

قال: لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان تمريّاً، وكان [أمير المؤمنين] عليّ (عليه السّلام) تمرياً، وكان الحسن (عليه السّلام) تمريا، وكان أبو عبد الله الحسين (عليه السّلام) تمرياً، وكان زين العابدين (عليه السّلام) تمريّاً، وكان أبو جعفر (عليه السّلام) تمرياً، وكان أبو عبد الله (عليه السّلام) تمريّاً، وكان أبي (عليه السّلام) تمريّاً، وأنا تمريّ وشيعتنا يحبّون التمر لأنّهم خلقوا من طينتنا، وأعداؤنا يا سليمان يحبّون المسكر، لأنّهم خلقوا من مارج من نار.

قسيم النار والجنّة(53)

قال الآبي: يا أبا الحسن أخبرني [عن] جدّك عليّ بن أبي طالب بأيّ وجه هو قسيم الجنّة والنار؟ فقال (عليه السّلام):

ألم ترو عن أبيك، عن آبائه، عن عبد الله بن عبّاس أنّه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: حبّ عليّ إيمان وبغضه كفر؟

فقال: بلى.

قال الرضا (عليه السّلام): فهو قسيم الجنّة والنار.

فقال المأمون: ﻻ أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن، أشهد أنّك وارث علم رسول الله (صلى الله عليه وآله).

قال أبو الصلت الهرويّ: فلمّا رجع الرضا إلى منزله أتيته فقلت: يابن رسول الله ما أحسن ما أجبته به.

فقال: يا أبا الصلت أنا كلّمته من حيث هو، ولقد سمعت أبي يحدّث عن آبائه، عن عليّ (عليه السّلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عليّ أنت قسيم الجنّة والنار يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي وهذا لك.

البشارة بالظهور(54)

عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:

أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قصيدتي التي أوّلها:

مـــدارس آيات خلت من تلاوة          ومنزل وحي مقفر العرصـــات

فلمّا انتهيت إلى قولي:

خـــــروج إمام ﻻ محالة خارج          يقوم على اســم الله والبركات

يميّز فـــــينا كــــلّ حـقّ وباطل          ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا (عليه السّلام) بكاءً شديداً ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي:

يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام؟ ومتى يقوم؟

فقلت: ﻻ يا سيّدي، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً.

فقال: يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليّ وبعد عليّ ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج، فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

وأمّا متى؟ فاخبار عن الوقت، ولقد حدّثني أبي عن أبيه، عن آبائه عن عليّ عليهم الصلاة والسلام أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريّتك؟

فقال: مثله مثل الساعة (ﻻ يجلّيها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السماوات والأرض ﻻ تأتيكم إلاّ بغتة)(55).

قبر بطوس(56)

عن عبدالسلام بن صالح الهروي، قال: دخل دعبل بن علي الخزاعي - رحمه الله - [على أبي الحسن] عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو فقال له: يابن رسول الله إنّي قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن ﻻ أنشدها أحداً قبلك، فقال (عليه السّلام):

هاتها، فأنشده:...

مـــدارس آيات خلت من تلاوة          ومنزل وحي مقـــفر العرصات

فلمّا بلغ إلى قوله:

أرى فيـئهم في غيرهم متقسّماً          وأيديهم من فيــــــئهم صفرات

بكى أبوالحسن الرضا (عليه السّلام) وقال له: صدقت يا خزاعي، فلمّا بلغ إلى قوله:

إذا وتـــــروا مدّوا إلى واتريهم          أكفّاً عن الأوتار مــــــنقبضات

جعل أبوالحسن (عليه السّلام) يقلّب كفيه ويقول: أجل والله منقبضات، فلمّا بلغ إلى قوله:

لقد خفت في الدنيا وأيّام سعيها          وإنّــي لأرجو الأمن بعد وفاتي

قال الرضا (عليه السّلام): آمنك الله يوم الفزع الأكبر، فلمّا انتهى إلى قوله:

وقبــــــر ببـــــغداد لنفس زكيّة          تــضمّنها الرحمن في الغرفات

قال له الرضا (عليه السّلام): أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟

فقال: بلى يابن رسول الله.

فقال (عليه السّلام):

وقبر بطوس يـا لها من مصيبة          توقّد في الأحشاء بالحــــرقات

إلى الحشر حتّى يبعث الله قائماً          يـــــفرّج عـنّا الهمّ والكربـــات

فقال دعبل: يابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس، قبر من هو؟

فقال الرضا (عليه السّلام): قبري! ولا تنقضي الأيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له.

الله متمّ نوره(57)

إنّ الناس قد جهدوا على إطفاء نور الله حين قبض الله تبارك وتعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) وأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره وقد جهد علي بن أبي حمزة على إطفاء نور الله حين مضى أبوالحسن الأوّل (عليه السّلام) فأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فاحمدوا الله على ما منّ عليكم به.

إنّ جعفراً (عليه السّلام) كان يقول: (فمستقرّ ومستودع)(58) فالمستقرّ ما ثبت من الإيمان والمستودع المعار، وقد هداكم الله لأمر جهله الناس فاحمدوا الله على ما منّ به عليكم.

إلى داود بن كثير(59)

حدثني الحسين بن يسار قال: قرأت كتاب الرضا (عليه السّلام) إلى داود بن كثير الرقّي وهو محبوس وكتب إليه يسأله الدعاء فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وإيّاك بأحسن عافية في الدنيا والآخرة برحمته، كتبت إليك وما بنا من نعمة فمن الله، له الحمد ﻻ شريك له وصل إليّ كتابك يا أبا سلمان ولعمري، لقد قمت من حاجتك ما لو كنت حاضراً لقصّرت، فثق بالله العظيم الذي به يوثق، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

من بركات الصالحين(60)

عن زكريّا بن آدم قال: قلت للرضا (عليه السّلام): إنّي اريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء، فقال:

ﻻ تفعل، فإنّ أهل قم يدفع عنهم بك كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن (عليه السّلام).

الرؤيا الصادقة(61)

عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يابن رسول الله رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام كأنّه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي؟ فقال الرضا (عليه السّلام):

أنا المدفون في أرضكم وأنا بضعة من نبيّكم، وأنا الوديعة والنجم.

ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقّي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة.

ومن كنّا شفعاؤه يوم القيامة نجى، ولو كانه عليه مثل وزر الثقلين الجنّ والإنس، ولقد حدّثني أبي عن جدّي، عن أبيه (عليه السّلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رآني في منامه فقد رآني لأنّ الشيطان ﻻ يتمثّل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم.

وإنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءً من النبوّة.

وسام الشهادة(62)

عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (عليه السّلام) يقول:

والله ما منّا إلاّ مقتول [أو] شهيد.

فقيل له: فمن يقتلك يابن رسول الله؟

قال: شرّ خلق الله في زماني يقتلني بالسمّ ويدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة، ألا فمن زارني في غربتي كتب الله عزوجلّ له أجر مائة ألف شهيد، ومائة ألف صدّيق ومائة [ألف] حاجّ ومعتمر، ومائة ألف مجاهد وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى من الجنّة رفيقنا.

الإمام وإخبار المستقبل(63)

عن هرثمة بن أعين قال: كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات ثمّ أذن لي في الإنصراف، فانصرفت، فلمّا مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب فأجابه بعض غلماني. فقال له: قل لهرثمة: أجب سيّدك. قال: فقمت مسرعاً وأخذت عليّ أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا (عليه السّلام) فدخل الغلام بين يديّ ودخلت وراءه فإذا أنا بسيدي (عليه السّلام) في صحن داره جالس، فقال لي:

يا هرثمة: فقلت: لبيك يا مولاي.

فقال لي: اجلس، فجلست.

فقال لي: إسمع وعه يا هرثمة، هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدّي وآبائي (عليهم السلام) وقد بلغ الكتاب أجله، وقد عزم هذا الطاغي على سمّي في عنب ورمّان مفروك، فأمّا العنب فإنّه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب، وأمّا الرمان فإنّه يطرح السم في كفّ غلمانه ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبّه في ذلك السم.

وإنّه سيدعوني في اليوم المقبل، ويقرّب إليّ الرمان والعنب ويسألني أكلهما، فآكلهما، ثمّ ينفذ الحكم ويحضر القضاء فإذا أنا متّ فسيقول أنا اغسّله بيدي.

فإذا قال ذلك، فقل له عنّي بينك وبينه، إنّه قال لي ﻻ تتعرّض لغسلي ولا لتكفيني ولا لدفني، فإنّك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما اخرّ عنك، وحلّ بك أليم ما تحذر، فإنّه سينتهي.

قال: فقلت: نعم يا سيّدي.

قال: فإذا خلّى بينك وبين غسلي حتّى ترى فيجلس [فسيجلس خ ل] في علو من أبنيته، مشرفاً على موضع غسلي لينظر، فلا تتعرّض يا هرثمة لشيء من غسلي حتّى ترى فسطاطاً أبيض قد ضرب في جانب الدار فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه.

ويكون من معك دونك ولا تكشف عن الفسطاط حتّى تراني فتهلك فإنّه سيشرف عليك ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أنّ الإمام ﻻ يغسله إلاّ إمام مثله فمن يغسّل أبا الحسن عليّ بن موسى وابنه محمّد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟

فإذا قال ذلك فأجبه وقل له: إنّا نقول إنّ الإمام ﻻ يجب أن يغسّله إلاّ إمام مثله فإن تعدّى متعدّ و غسّل الإمام لم تبطل إمامة الإمام لتعدّي غاسله، ولا بطلت إمامة الإمام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) بالمدينة لغسّله ابنه محمّد ظاهراً مكشوفاً ولا يغسله الآن أيضاً إلاّ هو من حيث يخفى.

فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرّجاً في أكفاني، فضعني على نعشي واحملني، فإذا أراد أن يحفر قبري فإنّه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولا يكون ذلك أبداً.

فإذا ضربت المعاول ينب عن الأرض ولم يحفر لهم منها شيء ولا مثل قلامة ظفر، فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم فقل له عنّي: إنّي أمرتك أن تضرب معولاً واحداً في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد فإذا ضربت نفذ في الأرض إليّ قبر محفور وضريح قائم.

فإذا انفرج القبر فلا تنزلني إليه حتّى يفور من ضريحه الماء الأبيض فيمتلئ منه ذلك القبر، حتى يصير الماء مساوياً مع وجه الأرض، ثمّ يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني إلى القبر إلاّ إذا غاب الحوت وغار الماء، فأنزلني في ذلك القبر وألحدني في ذلك الضريح.

ولا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه عليّ فإنّ القبر ينطبق بنفسه ويمتلئ.

قال: قلت: نعم يا سيّدي.

ثمّ قال لي: احفظ ما عهدت إليك واعمل به، ولا تخالف.

قلت: أعوذ بالله أن اخالف لك أمراً يا سيّدي.

قال هرثمة: ثمّ خرجت باكياً حزيناً فلم أزل كالحبّة على المقلاة ﻻ يعلم ما في نفسي إلاّ الله تعالى حتّى كان كلّ الذي أخبرني به سيّدي الرضا (عليه السّلام) دون أن يتخلف منه شيء...

شبيه موسى وعيسى(64)

عن كلثم بن عمران قال: قلت للرضا (عليه السّلام): ادع الله أن يرزقك ولداً فقال (عليه السّلام):

انّما ارزق ولداً واحداً وهو يرثني، فلمّا ولد أبو جعفر (عليه السّلام) قال الرضا (عليه السّلام) لأصحابه، قد ولد شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم (عليه السّلام) قدّست امّ ولدته، قد خلقت طاهرة مطهّرة، ثمّ قال الرّضا (عليه السّلام):

يقتل غصباً فيبكي له وعليه أهل السّماء ويغضب الله تعالى على عدوّة وظالمه، فلا يلبث إلاّ يسيراً حتّى يعجّل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد، وكان طول ليلته يناغيه في مهده.

وصي الرّضا (عليه السّلام)(65)

عن الخيرانيّ عن أبيه قال: كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) بخراسان، فقال قائل: يا سيّدي ان كان كون فإلي من؟ قال:

إلى أبي جعفر ابني، فكأنّ القائل استصغر سنّ أبي جعفر فقال أبوالحسن (عليه السّلام):

انّ الله سبحانه بعث عيسى بن مريم رسولاً نبيّاً صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السنّ الذي فيه أبو جعفر (عليه السّلام).

عليكم بقم(66)

إذا عمّت البلدان الفتن والبلايا فعليكم بقم وحواليها ونواحيها فإنّ البلايا مدفوع عنها.

مرحباً بكم وأهلاً(67)

عن أبي الصلت الهروي قال: كنت عند الرضا (عليه السّلام) فدخل عليه قوم من أهل قم فسلّموا عليه فردّ عليهم وقربهم ثمّ قال لهم الرضا (عليه السّلام).

مرحباً بكم وأهلاً! فأنتم شيعتنا حقّاً وسيأتي عليكم يوم تزورون فيه تربتي بطوس، الا فمن زارني وهو على غسل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه.

الإلتجاء بالإمام (68)

قال سليمان بن جعفر الجعفري: كنت مع الرّضا (عليه السّلام) في حائط له وأنا أحدثه إذ جاد عصفور فوقع بين يديه واخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب. فقال لي:

تدري ما يقول هذا العصفور؟

قلت: الله ورسوله وابن رسوله اعلم.

قال: قال انّ حيّة تريد أن تأكل فراخي في البيت، فقم فخذ تلك النسعة(69) وادخل البيت واقتل الحيّة.

قال: فقمت وأخذت النسّعة فدخلت البيت وإذا حيّة تجول في البيت فقتلتها.

المؤمن: نور ورحمة(70)

يا سليمان انّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمن من نوره وصبغهم في رحمته، وأخذ ميثاقهم لنا بالولاية، فالمؤمن أخو المؤمن لأبيه وامه أبوه النور وامه الرحمة، فاتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله الذي خلق منه.

من مميزات الشيعة(71)

عن زكريا بن آدم قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) فقال:

يا زكريا بن آدم شيعة علي رفع عنهم القلم.

قلت: جعلت فداك فما العلّة في ذلك؟

قال: لأنهم اخّروا في دولة الباطل يخافون على انفسهم، ويحذرون على امامهم يا زكريا بن آدم ما أحد من شيعة علي اصبح صبيحة أتى بسيئة أو ارتكب ذنباً إلاّ أمسى وقد ناله غم حط عنه شيئته، فكيف يجري عليه القلم؟

هؤلاء شيعتنا(72)

شيعتنا المسلّمون لأمرنا الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا.

كيف أنا عندك(73)

عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا (عليه السّلام): جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك؟ قال:

انظر كيف أنا عندك.

المؤمن بين يدي الله(74)

إذا كان يوم القيامة اوقف الله المؤمن بين يديه، وعرض عليه عمله، فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه، وترتعد فرائصه، ثمّ يعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عزّوجلّ:

بدلوا سيئاتهم حسنات وأظهروها للناس.

فيبدل الله لهم فيقول الناس: أما كان لهؤلاء سيئة واحدة؟ وهو قوله تعالى: (يبدل الله سيئاتهم حسنات)(75).

حقّ المؤمن(76)

سئل الرضا علي بن موسى (عليه السّلام): ما حقّ المؤمن على المؤمن؟ فقال:

انّ من حقّ المؤمن على المؤمن المودّة له في صدره، والمواساة له في ماله، والنصرة له على من ظلمه، وان كان فيء للمسلمين وكان غائباً اخذ له بنصيبه، وإذا مات فالزيارة إلى قبره، ولا يظلمه ولا يغشه ولا يخونه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يكذبه، ولا يقول له اف فإذا قال له اف فليس بينهما ولاية، وإذا قال له انت عدوي فقد كفّر احدهما صاحبه، وإذا اتهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

ومن اطعم مؤمناً كان أفضل من عتق رقبة، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسى مؤمناً من عرى كساه الله من سندس وحرير الجنة ومن اقرض مؤمناً قرضاً يريد به وجه الله عزّ وجلّ حسب له ذلك حساب الصدقة حتى يؤديه إليه، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن قضى لمؤمن حاجة كان أفضل من صيامه واعتكافه في المسجد الحرام وانما المؤمن بمنزلة الساق من الجسد، فإذا سقطت تداعى لها سائر الجسد وان أبا جعفر الباقر (عليه السّلام) استقبل الكعبة وقال:

الحمد لله الذي كرّمك وشرّفك وعظمّك، وجعلك مثابة للناس وامنا والله لحرمة المؤمن اعظم من حرمة منك، ولقد دخل عليه رجل من أهل الجبل فسلم عليه.

فقال له عند الوداع: اوصني.

فقال: اوصيك بتقوى الله وبرّ اخيك المؤمن فاحبب له ما تحب لنفسك وان سألك فاعطه، وان كفّ عنك فاعرض عليه، ﻻ تملّه فانه ﻻ يملّك وكن له عضداً، فإن وجد عليك فلا تفارقه حتى تسلّ سخيمته، فإن غاب فاحفظه في غيبته، وان شهد فاكنفه، واعضده وزره واكرمه والطف به، فانه منك وانت منه، وفطرك لاخيك المؤمن، وادخال السرور عليه أفضل من الصيام واعظم اجراً.

ذرية النبيّ (صلى الله عليه وآله)(77)

النظر الى ذريتنا عبادة.

فقيل له: يا ابن رسول الله النظر الى الائمة منكم عبادة؟ أو النظر الى جميع ذرية النبي (صلى الله عليه وآله)؟

قال: بل النظر الى جميع ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) عبادة.

نسبنا ونسبكم(78)

انه لما سار المأمون الى خراسان كان معه الإمام الرضا علي بن موسى، فبينا هما يتسايران إذ قال له المأمون: يا أبا الحسن إنّ فكّرت في شيء فسنح لي الفكر الصواب فيه إني فكرت في أمرنا وأمركم ونسبنا ونسبكم فوجدت القضية فيه واحدة، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولاً على الهوى والعصبية. فقاله أبوالحسن الرضا (عليه السّلام).

ان لهذا الكلام جواباً ان شئت ذكرته لك وان شئت امسكت.

فقال له المأمون: لم اقله إلاّ لأعلم ما عندك فيه!

قال الرضا (عليه السّلام): انشدك الله، لو أن الله تعالى بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) فخرج علينا من وراء اكمة من هذه الاكام، فخطب اليك ابنتك مزوّجه اياها؟

فقال: يا سبحان الله وهل أحد يرغب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

فقال له الرضا (عليه السّلام): افتراه هل يحلّ له ان يخطب اليّ؟

قال: فسكت المأمون هنيئة ثم قال: أنتم والله امسّ برسول الله (صلى الله عليه وآله) رحماً.

الصلاة على محمّد وآله(79)

من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه فليكثر من الصلوات على محمّد وآله، فإنّها تهدم الذنوب هدماً.

وقال (عليه السّلام): الصلاة على محمّد وآله تعدل عنه الله عزّ وجلّ التسبيح والتهليل والتكبير.

بيننا وبينكم(80)

يا داود انّ لنا عليكم حقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وان لكم علينا حقّاً، فمن عرف حقّنا وجب حقه، ومن لم يعرف حقّنا فلا حقّ له.

طين قبر الحسين (عليه السّلام)(81)

قال له(عليه السّلام) رجل في يوم الفطر: إني افطرت اليوم على تمرٍ وطين القبر. فقال (عليه السّلام):

جمعت السنّة والبركة.

افضل اوقات الزيارة(82)

سألت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام): أي الأوقات افضل أن نزور فيه الحسين (عليه السّلام)؟ قال:

النصف من رجب والنصف من شعبان.

 

1 - الفصول المختارة 1/17-18، قال: وحدّثني الشيخ أدام الله عزّه أيضاً، قال:...

2 - آل عمران: 61.

3 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1/294، ب 28، ح 48: حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمّد بن بكران النقاش، ومحمّد بن إبراهيم بن إسحاق [الطالقاني: خ ل] رضي الله عنهم، قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: أخبرنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السّلام):...

4 - معاني الأخبار 180، ح 1: حدّثنا عبدالواحد بن محمّد بن عبدوس رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) يقول:...

5 - رجال الكشي 2/781، ح 924: حدّثني آدم بن محمّد قال: حدّثني علي بن محمّد الدقّاق النيسابوري، قال: حدّثني محمّد بن موسى السمان، قال:...

6 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 126/ ب 11، ح 20: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الخزّاز، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال:...

7 - تفسير الإمام العسكري (عليه السّلام) 350، ح 236: قال عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام):...

8 - بحار الأنوار 11/69، ح 27، عن قصص الأنبياء: بإسناده عن ابن فضّال، عن الرضا (عليه السّلام) قال:...

9 - بحار الأنوار 12/40، ح 27، عن قصص الأنبياء: بإسناد إلى الصدوق، عن النقّاش، عن ابن عقدة، عن عليّ بن الحسن بن الفضّال، عن أبيه، عن الرضا (عليه السّلام) قال:...

10 - علل الشرائع 2/417 و 418، ب 157، ح 3: حدّثنا محمّد بن القاسم الاسترابادي المفسّر (رض) قال: حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن يسار، عن أبويهما، عن أبي محمّد، عن آبائه، عن الرضا (عليه السّلام) قال:...

11 - معاني الأخبار 52/ح3: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يوسف بن سعيد الكوفي قال:...

12 - اصول الكافي 2/ 653- 654، ح 4: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى...

13 - قرب الإسناد 156: أحمد بن محمّد بن عيسى...

14 - الليل: 1.

15 - اللّيل: 3-7.

16 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 236، ب 23، ضمن ح1.

17 - يس: 1-4.

18 - الصافّات: 79.

19 - الصافّات: 109.

20 - الصافّات: 120.

21 - الصّافات: 130.

22 - تأويل الآيات الظاهرة 577: روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي - رحمه الله - بإسناده عن رجاله...

23 - الفتح: 26.

24 - معاني الأخبار 102- 103: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني - رضي الله عنه - قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال:...

25 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1/7، ح 3: حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي - رضي الله عنه - قال: حدّثني أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاري، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا (عليه السّلام) يقول:...

26 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1/304، ب 28، ضمن ح 63: حدّثنا أبي رضي الله عنه قال: حدّثنا الحسين بن أحمد المالكي عن أبيه،...

27 - الأنعام: 108.

28 - أمالي الصدوق 448، المجلس 82، ح 17: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني قال: أخبرنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) أنّه قال:...

29 - بحار الأنوار 27/6، ح 11: عن أبي الصلت الهروي، عن الرضا صلوات الله قال:...

30 - أمالي الشيخ الطوسي 2/201-202، ب 25، ح 9: أخبرنا جماعة/ عن أبي المفضل، عن الليث بن محمّد العنبري،...

31 - علل الشرائع 2/ 463-464، ب 222، ح 10: حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني قال: حدثنا المنذر بن محمّد قال: حدّثنا الحسين بن محمّد قال: حدّثنا سليمان بن جعفر عن الرضا (عليه السّلام) قال:...

32 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/46، ب 31، ح 174. وصحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام) 37، ح 22. وبشارة المصطفى 3/131. ومناقب ابن شهر آشوب 3/330 بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه (عليه السّلام) قال:...

33 - عيون أخبار الرضا 2/27، ب 31، ح 8. وصحيفة الرضا (عليه السّلام) 37، ح 24: بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام)، قال:...

34 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/62، ب 31، ح 252: بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال.

35 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1/209، ب 17، ح 1: حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، عن محمّد بن علي بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا (عليه السّلام) يقول:...

36 - الصافّات: 107.

37 - أمالي الصدوق 111/المجلس 27، ح 2: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور، عن ابن عامر، عن عمّه، عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا (عليه السّلام):...

38 - أمالي الصدوق 112، المجلس 27، ح 4: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن علي بن فضّال، عن ابيه عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال:... اقبال الأعمال 578: روينا باسنادنا الى مولانا علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) انه قال:...

39 - بحار الأنوار 45/257 - 258، ح 15: قال العلاّمة المجلسي: رأيت في بعض مؤلّفات المتأخّرين أنّه قال:...

40 - اللوعة: حرقة الحزن والهوىوالجد.

41 - تفسير القمي 2/104-105: حدّثني أبي،...

42 - النور: 35.

43 - الشورى: 13.

44 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/ 235، ب 58، ح 6: حدثنا علي بن احمد بن محمّد بن عمران الدقاق - رضي الله عنه - عن محمّد بن أبي عبد الله الكوفي، عن صالح بن أبي حماد،...

45 - بحار الأنوار 47/ 328 - 332: في بعض تأليفات أصحابنا أنّه روى بإسناده...

46 - أيلة: بالفتح مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام قيل هي آخر الحجاز وأوّل الشام.

47 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/ 211 - 212، ب 47، ح 17: حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم قال: حدثني ...

48 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/ 212 - 213، ب 47، ح 19: حدثنا محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد، قال: حدثني محمّد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمّد بن عيسى،...

49 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/221، ب 47، ح 39: حدثنا على بن عبد الله الوراق، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن الهيثم بن أبي المسروق النهدي،...

50 - بطن مرّ: موضع وهو من مكّة على مرحلة.

51 - مناقب ابن شهر آشوب 4/341:...

52 - فروع الكافي 4/ 345 - 346، ح 6: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن محمّد بن اسماعيل الرازي،...

53 - كشف الغمّة 3/147:...

54 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/265- 266. وكشف الغمّة 3/164-165. وكمال الدين 2/372-373، ب 35، ح 6: حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه،...

55 - الأعراف، الآية: 187.

56 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/263-264، ب 66، صدر ح 34. وكمال الدين 2/373 - 374، ب 35، صدر ح 7: حدثنا الحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق، قالا: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، ابراهيم بن هاشم،...

57 - قرب الاسناد 151: معاوية بن حكيم، عن احمد بن محمّد بن أبي نصير [نصر خ ل] قال: وعدنا أبوالحسن الرضا (عليه السّلام) ليلة الى مسجد دار معاوية فجاء (عليه السّلام) فقال:...

58 - الأنعام، الآية : 98.

59 - قرب الإسناد 175:...

60 - الإختصاص 87: حدثنا احمد بن محمّد، عن أبيه وسعد [بن عبد الله] جميعاً عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمزة،...

61 - أمالي الصدوق 61-62، المجلس 15، ح 10: حدثنا محمّد بن ابراهيم قال: اخبرنا احمد بن محمّد الهمداني عن علي بن حسن بن علي بن فضّال، عن أبيه،...

62 - أمالي الصدوق 61، المجلس 15، ح 8. وعيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/256، ب 66، ح 9: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه،...

63 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/245، ب 64، ضمن ح 1: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال: حدثنا أبي، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن خلف الطاطري،...

64 - عيون المعجزات 118 - 119: روى عبد الرحمن بن محمّد ...

65 - الإرشاد 319، واعلام الوري ب8، الفصل 2/346، واصول الكافي 1/322، ح 13: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن الحسن بن محمّد...

66 - بحار الأنوار 60/228، ح 62، عن الرضا (عليه السّلام) قال:...

67 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/260، ب 66، ح 21، حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي، قال: حدثنا أبي عن أحمد بن عليّ الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي قال:...

68 - الخرائج والجرائح 1/ 359، ح 12، وبصائر الدرجات 345، ح 7، ب 14، ح 19، ودلائل الإمامة 172:...

69 - سير أو حبل عريض.

70 - المحاسن 131، ب 1، ح 1: أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال: قال لي:...

71 - التمحيص 41، ح 42:...

72 - صفات الشيعة 3، ح 2: حدثنا أبي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال:...

73 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 2/50، ب 131، ذيل ح 192، وأمالي الصدوق 199، المجلس 42، ذيل ح 8: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن سهل بن زياد الادمي، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن محمّد بن اسباط،...

74 - تفسير القمي 2/117: حدثني أبي، عن جعفر وإبراهيم، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) قال:...

75 - الفرقان: 70.

76 - قضاء حقوق المؤمنين 31-32، ح 45:...

77 - عيون اخبار الرضا (عليه السّلام) ج 2 ص 51 ب 31 ح 196 وأمالي الصدوق 242 المجلس 49 ح 2: حدثنا محمّد بن الحسن بن احمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن ابراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال:...

78 - كنز الكراجكي 1/356: قال: روى شيخنا المفيد:...

79 - أمالي الصدوق 68 المجلس 17 ذيل ح 4 وعيون اخبار الرضا (عليه السّلام) 1/294 ب 28 ح 52 وروضة الواعظين 2/322: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق عن أحمد بن محمّد الهمداني عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن ابيه قال: قال الرضا(عليه السّلام):...

80 - تحف العقول 446 - 447: قال (عليه السّلام) لأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري:...

81 - تحف العقول 448 ومن ﻻ يحضره الفقيه 2/174/2056:...

82 - اقبال الأعمال 657: وروينا باسنادنا الى محمّد بن داود القمي ايضاً باسناده في كتابه المسمّى بكتاب الزيارات والفضائل الى أحمد بن هلال، عن احمد بن محمّد بن أبي نصير البزنطي قال:...