والقاعدة هي المساواة بين الناس، مساواة فطرية - مهما اختلفت العقائد والأجناس - يقول (الناس في آدم مستوون). حتى عبدة النار يقول فيهم: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».
وللنساء والبنات عنده المكانة العالية. قياما بوصية جده بالنساء في آخر خطبه عليه الصلاة والسلام - روى الجارود بن المنذر: قال لي أبو عبد اللّه الصادق «بلغني أن لك ابنة فتسخطها. ما عليك منها؟ ريحانة تشمها. قد كفيت رزقها. وقد كان رسول اللّه أبا بنات».
وأي مثل في الإسلام كمثل رسول اللّه. وأي نعمة أن يكون للمرء ريحانة أو رياحين وأي فضل كفضل البنات يكفي رزقهن اللّه يقول الصادق (إن إبراهيم سأل ربه ابنة تبكيه وتندبه بعد موته) لينبه على بقاء الوفاء في أفئدة البنات بعد الممات.
ومن الدروس الأولية في هذا المجلس تعليم الناس أن يسعوا لعمارة الدنيا بالعمل للرزق، ومجانبة الخلائق الفاقرة بالتواكل، أو البطالة. وبهذا المبدأ أصبح المجتمع الشيعي مجتمع العاملين، وبلغ حظه - حيثما كان - من النماء، والاستغناء، والانتفاع بما منحه اللّه للبشر من مواهب، وأتاح لهم من وسائل.
جاء مجلس الإمام يوما جماعة من الزهاد يريدون منه إظهار التقشف والزهد الكامل. فقال لهم:
(حدثني أبي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ابدأ بمن تعول. الأدنى فالأدنى . هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم قال العزيز الحكيم (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما). أفلا ترون أن اللّه تعالى قال غير ما أراكم تدعونني إليه؟ فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير. فلا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو اللّه أن يرزقه فلا يستجيب له. للحديث الذي جاء عن النبي (إن أصنافا من أمتي لا يستجاب دعاؤهم: رجل يدعو على والديه. ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه. ورجل يدعو على زوجته وقد جعل اللّه تخلية سبيلها بيده. ورجل يقعد في بيته ويقول رب ارزقني، ولا يطلب الرزق،