الإمام جعفر الصادق

ومن رضا الإمام عن التلميذ كان «الصادق» يشير بإتيان حلقة مالك. روى عنوان البصري أنه كان يختلف إلى الإمام جعفر يتعلم عليه فغاب الإمام عن المدينة فاختلف إلى مالك سنتين ثم عاد الصادق فعاد عنوان إلى مجلسه. فنصحه أن يجلس إلى مالك.
ولقد يدخل الإمام المسجد - فيقدم إليه تلميذ من تلاميذه ابن أبي ليلى(1)(148) قاضي الكوفة. فيقول الإمام: أنت ابن أبي ليلى القاضي؟ ويجيب: نعم. فينبهه الإمام على جلال خطر القضاء بقوله: (.. تأخذ مال هذا وتعطيه هذا. وتفرق بين المرء وزوجه لا تخاف في ذلك أحدا . فما تقول إذا جيء بأرض من فضة وسماء من فضة ثم أخذ رسول اللّه بيدك فأوقفك بين يدي ربك فقال: يا ربي هذا قضى بغير ما قضيت).
واصفر وجه ابن أبي ليلى مثل الزعفران. لكنه خرج من المسجد مزودا بزاد من خشية اللّه زوده به ابن رسول اللّه.
ولما سئل مرة: أكنت تاركا قولا أو قضاء لرأي أحد؟ أجاب: لا. إلا لرجل واحد. هو جعفر بن محمد الصادق.
وابن أبي ليلى قاضي بني أمية وبني العباس. وهم أعداء الإمام.
في هذا المجلس بالمدينة ، أو بالكوفة في إحدى قدمات الإمام جعفر إلى العراق ، دخل أئمة الكوفة مجتمعين : أبو حنيفة و ابن أبي ليلى و ابن شبرمة(144) على الإمام جعفر . فجعل الصادق ينبه أبا حنيفة مكتشف أداة «القياس»، على خطرها في حضور العالمين الآخرين. وفي مواجهة هذين يقول الإمام الصادق لأبي حنيفة: «اتق اللّه ولا تقس الدين برأيك».
ولقد يكون أبو حنيفة في حلقته بالكوفة أو في المدينة فيقف عليها الإمام الصادق، ولا تقع عليه عين أبي حنيفة، فإذا لمحته عيناه هب أبو حنيفة


(1) أول من تعلم عليه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وفي الخلاف بينه وبين أبي حنيفة وضع أبو يوسف كتابه الشهير اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. وكثيراً ما رجح فيه آراءه. ومن ذلك أخذه برأيه في قضية رفعت على الخليفة الهادي أمامه . و بهذا دفع الخليفة لصاحب الحق حقه (راجع أبو حنيفة بطل الحرية والتسامح للمؤلف. ص 100 طبعة المجلس الأعلى للشئون الاسلامية).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة