الإمام جعفر الصادق

صميمه إلا «مذهب علي». وإنما تحول السماء بركاتها لبعض الأسماء في شكل حظوظ. وكان الإمام جعفر الصادق جديرا بنعمة السماء قدر ما صدق وكافح في خدمة الإسلام. وما كان علي بحاجة إلى ما يخلد اسمه. فالإسلام في أعظم أيامه يقترن باسم علي، قدر ما اقترن اسم علي بالنبي وبيت النبي.
والمذهب يحمل اسم جعفر بأنه صاحب مدرسة سقيت منه السنة الصحيحة، ومصادر الفقه العظيم، والمنهاج السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي نهجه تابعوه، وروى ذلك كله الآلاف. وروى عنهم أمثالهم.
وفي الجدود، بمعنى الحظوظ، جد وجد، لكنها ليست خبط عشواء: فاسم أمريكا قد خلد اسم أمريجو قسبوتشي، لأن أمريجو قسبوتشي كان كاشفا حقيقيا لبعض شواطئها سنة 1499.
ولم يغمط حظ الكاشف الثاني حق كرستوفر كولمبس، الكاشف الأول لها في سنة 1493. فاسم كولومبوس ما يزال يجري على كل لسان على أنه كاشف العالم الحديث.
والتاريخ - كله - يقدمه على قسبوتشي.
ولسنا في مقام مقارنات برجال، فعلي وجعفر فوق المقارنات، بما قدموا للعالم كله - وسيطه وحديثه - من عناصر الحضارة، التي نقلت العالم من جهالات العصور القديمة وظلمات العصور الوسطى، إلى الحضارة المعاصرة، على عجلات التقدم، يحركها العلم الصحيح، والاجتهاد الذي لا يتوقف.
وكسب الأمم من علم الأئمة. كاقتران أسماء أصحاب الكشوف بكشوفهم وأرباب الابتكارات بفتوحهم، ليس صدفة. ولا محض جزاء. وإنما هو توفيق من اللّه للإنسانية وللناس، لتكريم أمم، ورجال، فتحوا أرض اللّه لعباده. أو مكنوهم من أنعم السماء، أو سنن الأنبياء، ليشجع الشجعان، ويستمر ضوء الفكر الإنساني في إشراقه. حفزا للعزائم وظهورا للعلم.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة