كان الرواة من تلامذته ومن غيرهم - كما يقول اليعقوبي - يروون عنه فيقولون: قال (العالم).
وكثيرا ما جلس في مجلس الإمام المخضرمون إلى جوار الجيل الجديد من المتفقهة، ومن الأولين قيس الماصر، وأبان بن تغلب، ومؤمن الطاق.
وكثير ما درب التلاميذ بين يديه ليصنعوا على عينيه:
يفد على المدينة وافد من الشام فيعدوا إلى المجلس يناقشهم في «وجوب تنصيب الإمام» فيتجارون في جداله حتى يسلم لهم. ثم يعلق الإمام الصادق على طريقتهم أو قدرتهم. فيقول لحمران بن أعين «تجري الكلام على الأثر فتصيب» . ثم يلتفت لهشام بن سالم فيقول له «تريد الأثر ولا تعرفه» . ويلتفت إلى الأحول (الطاقي) ويقول «قياس رواغ تكسر باطلا بباطل. لكن باطلك أظهر» . ويقول لقيس الماصر «تتكلم وأقرب ما تكون إلى الخبر عن رسول الله . أنت والأحول قفازان حاذقان» .. وأخيرا يقول لهشام بن الحكم «يا هشام: لا تكاد تقع. تلوي رجليك. إذا هممت بالأرض طرت. مثلك يكلم الناس. فاتق الزلة..»
ولقد يلاحظ المرء من ذلك تعدد طرقهم وتفاوت علمهم ونفاذ بصر الإمام إلى خصائصهم، ودوره في تصويب وتدريب كل منهم. وهو لا يتركهم دون تشجيع: يشير إلى زرارة بن أعين وبريد العجلي وأبي بصير المرادي ومحمد بن مسلم فيقول : (لولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوة واندرست). وكان في أسرة زرارة الحفاظ المدققون يتصدرهم تلميذا الإمام، الحسن والحسين ابنا زرارة. والإمام يهب الأسرة جلال الذكرى في التاريخ فيقول: (لولا أسرة زرارة ونظرائه لانقطعت أحاديث أبي).
وهو إذ يثني على أسرة زرارة، يشجع النظراء، وربما لا يتركهم الإمام دون تضييف :