فيها بسنده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم (أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ..)(1).
(1) في النصف الأول من القرن الحالي جرت «المراجعات» بين شيخ للأزهر هو الشيخ سليم البشري وبين الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي(1290 - 1377) مدة إقامة الأخير بمصر، وهي مراجعات أطراها الطرفان وثبت منها التزام المسلمين جميعا أصول الإسلام، وسعة الفقة للخلاف حول الفروع.
ومن اتساع الفقة للخلاف وجدنا المأمون، المعتزلي الفكر، السني الفقه، يولي عهده عليا الرضا إمام الشيعة. ووجدنا الصاحب بن عباد الذي وزر للدولة البويهية ثمانية عشر عاماً من 367 إلى 385 وزيراً معتزلي الفكر لدولة زيدية العقيدة، تحكم دولة الخلافة السنية. ووجدنا الشريف الرضي نائبا للخليفة العباسي. كما وجدنا الدولة الأدريسية دولة سنية يحكمها الأدارسة وهم شيعة من نسل الحسن بن علي لكنهم لا يظهرون التشيع. وابن تومرت يقول إنه - كالأدارسة - من نسل الحسن بن علي ومع ذلك لا يقسر الدولة على التشيع. وكذلك بني حمود من نسل الحسن بن علي يحكمون دولة سنية ولا يقسرونها على التشيع بل سنجد فقهاء عظماء - كالطوسي - حجة في المذهب الإمامي وفي مذاهب أهل السنة.
وفي سنة 525 عين الخليفة الفاطمي بمصر قضاة أربعة: ثلاثة من مذاهب السنة ورابعا شيعيا لأن الشعب كان سنيا والدولة شيعية. وكان الحافظ السلفي(478 - 576) يلقى دروس الشافعية في مدرسة بناها له ابن السلام الوزير الفاطمي.
وفي النصف الأخير من القرن الحالي أفتى المرحوم الشيخ محمود شلتوت (أن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة. فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك. وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة، فما كان دين اللّه وما كانت شريعته تابعة لمذهب، أو مقصورة على مذهب. فالكل مجتهدون مقبولون عند اللّه تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقرونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات).
وقال الشيخ شلتوت عن فتواه بعد (ثم تهيأ لي بعد ذلك - وقد عهد إلي بمنصب مشيخة الأزهر - أن أصدرت فتواي في جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة الأصول المعروفة المصادر المتبعة لسبيل المؤمنين ومنها مذهب الشيعة الإمامية (الاثنا عشرية) وها هو ذا الأزهر الشريف ينزل على حكم هذا المبدأ، مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة، فيقرر دراسة هذه المذاهب الإسلامية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو من التعصب لفلان وفلان كما أنه اهتم في تكوين مجمع البحوث الإسلامية بأن يكون أعضاؤه ممثلين لمختلف المذاهب الإسلامية) . .
والشيخ عبد المجيد سليم شيخ أسبق للأزهر يقول تحت عنوان (القطعيات والظنيات) (قد علمنا من استقراء المذاهب الفقهية وآراء الفرق الكلامية أن في كل منها خطأ وصوابا. ولم نعلم مذهبا من المذاهب الإسلامية المعتبرة خطأ كله أو صوابا كله. وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي أن تطغى العصبية المذهبية على المسلمين. ولا ينبغي أن يكون هم الحنفي مثلا هو الانتصار لكل ما جاء في مذهب الحنفية. ولا أن يكون هم الإمامي أو الزيدي هو الانتصار والتعصب لكل ما جاء به الإمامية والزيدية. وهكذا.
بل الواجب على المسلمين أن يأخذوا بما ظهر بالبرهان صوابه وأن يكون قصار اهم الرغبة الصادقة في الوصول إلى الحق دون أن يقيموا وزنا لما سوى الحق. بذلك يصبحون فعلا أمة واحدة).