الإمام جعفر الصادق

وعلي في كثير من الأمور هو الأوحد: فالنبي هو الذي رباه. وآخاه. وأعده للعظائم فصنعها. وعهد إليه في تبليغ آي القرآن وهي جميعا «خصوصيات» لا يرقى رقيه فيها أحد. أما ما لم يشركه فيه بشر فهو ما أجمعت عليه كتب الشيعة وشاركها فيه كثيرون من علماء أهل السنة منذ القرون الأولى - كالمسعودي والحاكم والكنجي - حتى القرون الحديثة - كالألوسي، وهو أن عليا ولد بالكعبة.
وإذا كان للصديق مكان (الصديقية) فلعلي قوله عليه الصلاة والسلام (علي مني وأنا منه).
وإذا كانت لعمر مكانة الفاروق، فعمر نفسه كان يتمنى لو كان له واحدة من ثلاثة من خصال علي.
وإذا كان عثمان ذا النورين بإصهاره إلى النبي في زوجتين لعثمان. فعلي - وحده - صاحب النسب، والعقب، الباقي من رسول اللّه.
لقد كان الحسن والحسين يسميان الرسول أباهما. كما كان الرسول يسميهما ابنيه طول حياته. ولم يناديا عليا بأنه أبوهما إلا بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

الشيعة:

لعلي - على ما رأينا - من فضل اللّه ما سلمه الجميع له وتؤثره من جرائه الشيعة، منذ القرن الأول، أي جيل الصحابة، ثم تلاحق عليه الجيلان التاليان. وهي الأجيال الثلاثة المفضلة بقوله صلى اللّه عليه وسلم (خير القرون قرني - جيلي - ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، وتوالت على تكريمه به جماعة المسلمين إلا من ظلم. وهو موقعه الخاص من النبي ومن علوم الإسلام: إذ تتفرع عنه فروع النسب من أهل البيت. وتنبع منه بحار شتى للمعرفة تسقى منها المذاهب كافة. وفيها المتصوفة والمعتزلة، وتفيد منها العلوم كافة، ومنها العبادات والمعاملات والحرب والسلم والسياسة والاقتصاد والإدارة. فتطبع بطابعه العلوم الإسلامية عند الشيعة، وتظهر آثاره في علوم أهل السنة.
«والشيعة» كلمة قرآنية (وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم).

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة