ومن نفاذ البصيرة، وعظمة الطريقة، وجلال السمت، واتساع العلم، كان اعتراف خصوم المسلمين أنفسهم بأنه - بين الحجيج جميعاً - الفرد العلم.
أما المبادئ الفقهية ومبادئ العقيدة والسياسية فقد تكلمنا عنها. وتبقى كلمات، كالإشارات، عن المبادئ الخلقية والاجتماعية التي أنتخبنا بعضها، لتدل على اتجاهه بها نحو تكوين مجتمع قوى وإعداد الدعاة له . .
أوصى الإمام المفضل بن عمر بخصال يبلغهن من وراءه من «شيعة أهل البيت».
«أن تؤدي الأمانة إلى من أئتمنك. وأن ترضى لأخيك ما ترضاه لنفسك. واعلم أن للأمور أواخر فاحذر العواقب. وأن للأمور بغتات فكن منها على حذر. وإياك ومرتقى جبل سهل إذا كان المنحدر وعراً».
وأوصاهم:
«صلو عشائركم. واشهدوا جنائزهم. وعودوا مرضاكم. وأدوا حقوقهم. فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل «هذا جعفري» ويسرني ذلك. وإذا كان غير ذلك دخل على بلاؤه وعاره. وقيل هذا أدب «جعفر» فو اللّه إن الرجل كان يكون في القبيلة من «شيعة علي» فيكون زينها . آداهم للأمانة. وأقضاهم للحقوق. وأصدقهم. يحمل إليه وصاياهم وودائعهم . تسأل العشيرة عنه ويقال : «من مثل فلان ؟».
وأوصاهم:
(أوصيكم بتقوى اللّه واجتناب معاصيه. وأداء الأمانة لمن أئتمنكم. وحسن الصحابة لمن صحبتموه. وأن تكونوا لنا دعاة صامتين).
فهو بهذا يربط إحسان العمل بالانتساب لأهل البيت ويضع القواعد المثلى للتجمع.
دخل عليه المفضل بن قيس ذات يوم يسأله الدعاء. وكما قال: «فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء فقال: يا جارية هاتي الكيس فقال « هذا كيس فيه أربعمائة دينار فاستعن بها». قلت ما أردت هذا الكيس