وحمل أهل البيت تلقاء النجف. حتى إذا دخلوا الكوفة حبسوا في قصر كان لابن هبيرة في شرقي الكوفة وهدم عليهم البيت بعد ستين يوما. فمات الذين لم يموتوا في أثنائها. ودفن الجميع تحت الأنقاض. وشيخهم عبد اللّه في الخامسة والسبعين
وخرج محمد بن عبد اللّه لليلتين بقينا من جمادي سنة 145 فاستولى على المدينة. وخرجت المدينة بأسرها مع محمد. فكان في جيشه علماؤها الفحول. فيهم ابن هرمز شيخ مالك. وابن عجلان، وابن أبي سبرة، وعبد اللّه بن عمر العمري. ومصعب بن ثابت الزبيري. اما مالك فاكتفى في الحرب بفتياه أن بيعة المنصور كانت مكرهة، ومن أجلها أصابه ما أصابه(1) من والي أبى جعفر وابن عمه سنة 146.
وخرج مع محمد موسى وعبد اللّه ابنا الإمام جعفر الصادق.
وقصد جعفر الصادق إلى محمد في مجلس حربه قال: أتحب أن يصطلم أهل بيتك (يستأصل) قال ما أحب ذلك. قال: فإن رأيت أن تأذن لي، فإنك تعرف علتي. قال محمد: قد أذنت لك.
ومضى جعفر الصادق: فالتفت محمد إلى ابني جعفر وقال لهما: الحقا بأبيكما فقد أذنت لكما. والتفت جعفر فقال: ارجعا فما كنت لأبخل بنفسي وبكما. فحاربا مع محمد أعظم حرب، وكان لعبد اللّه بلاء ممتاز.
ووجه المنصور إلى المدينة جيشا بقيادة ابن عمه، وولى عهده، عيسى بن موسى.
وفي غرة رمضان خرج إبراهيم أخو محمد واستولى على أكثر من مكان في إقليم البصرة - ثم استشهد محمد في 14 من رمضان سنة 145 هـ . واستشهد إبراهيم(2) عند باخمري لخمس بقين من ذي القعدة. وأرسلت رأسه إلى أبي جعفر المنصور، فطوف بها في الآفاق.
(1) مالك بن أنس - عبد الحليم الجندي - طبعة دار المعارف ص 238 حيث تفصيل الواقعة
(2) كان صاحب فقه وأدب. سأل عن صاحب له فقيل تركناه يريد أن يموت فضحك قوم: فقال: لقد ضحكتم منها عربية قال عز وجل (فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه). يعني يكاد أن ينقض. فوثب أبو عمرو بن العلاء فقبل رأسه وقال (لا نزال واللّه بخير ما دام مثلك فينا) وأبو عمرو من أئمة اللغة الأولين.