دينية يهودية يقتضي الالتجاء إلى القيم الدينية، وإن لم يستلزم إقامة دولة دينية. ولقد طالما استعملت أوربة الأسلحة الدينية ضد المسلمين(1).
إن الحضارة الأوربية - من شرق وغرب - تحسب حساب «قوة عربية إسلامية» في مفترق الطرق إلى العالم، وفي ملتقى المصالح للدول العظمى، وأنها قوة يبلغ عددها الآن مائة مليون. قد تكون مائتين في نهاية القرن الميلادي. يزخر إقليمها بأسباب القوة، وتنصع صحراواتها بالمعادن، فتضيء في صور الأقمار الصناعية الدائرة حول الأرض ليل نهار.
والحضارة الأوربية تحسب حسابا آخر لاجتماع المسلمين على «المبادئ» التي سادوا بها كلما اجتمعوا.
والحضارة الأوربية ، أو الأمريكية، و إن كانت ذات منهاج وثني، راسخة الجذور في الفكر الديني(2). لقد كانت «الحرب الصليبية» صيحة التجمع لشعوب أوربة المشتتة في العصور الوسطى ، و كانت معاهدة «وستفاليا» راسمة حدود دولها الحالية من(1648). وهي نصفان: نصف «ديني» لإرضاء البر وتستنت ونصف سياسي «لمنع الحروب الدينية» - بعد منح حرية العقيدة.
وهذه المجتمعات والدول في أوربة وأمريكا، آخذة الآن في العودة إلى الدين، وإلى التكتل تحت أسماء أو صور مختلفة، كالحلف أو المعاهدة أو المنظمة أو المؤتمر. ومنها السياسي والاقتصادي والعلمي والاجتماعي.
فما أحرانا أن نتحد على تسامح الإسلام وقيمه العالية لنبقى ونقوى.
ألا و «إن هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله».
(1) كان فرسان المعبد Templars = Knights of the Temple جنوداً محاربين على ميمنة الجيوش الصليبية في كل الحروب. وكان على مسيرتها الفرسان الإسبتالية Hospitalars وكلا التنظيمين تنظيم رهبان متقشفين لا يتزوجون. والأولون عملهم حربي محض ضد المسلمين. وما تزال كنيسة المعبد في لندن Temple Church شاهدة بعمل فرسان المعبد. وفيالق التبشير، منذئذ، تفد علينا من دول أوربة وأمريكا، مستعملة كل الأسلحة، مالية أو علمية أو طبية أو اجتماعية أو سياسية. وكثيراً ما عملت في خدمة الجيوش المحاربة أو عملت الجيوش في خدمتها. أما العالم الشيوعي فيصدر إلى الشرق والغرب أفكار الملحدين.
(2) للبحث عن الحرية الدينية وصلت السفينة زهرة الربيع Mayflower براكبيها في 21 ديسمبر سنة 1620 إلى شواطئ أمريكا لينشئوا مستعمرة (انجلترا الجديدة) ويطلق عليهم (الآباء الحجاج).
وأعقبهم طلاب «حرية دينية» آخرون بلغوا في السنوات العشرة من سنة 1630 إلى 1640 عشرين ألفا.
وهؤلاء نواة الولايات المتحدة الأمريكية. أما دول أمريكا الجنوبية فنواتها الآسبان وأهل البرتغال الذين صنعوا بالمسلمين ما صنعوا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد.