الإمام جعفر الصادق

وفي سنة 450 خطب لها الخطباء على منابر بغداد لمدة نحو عام(1).
وعليها خرجت طائفة الدروز التي ألهت «الحاكم بأمر اللّه» فقاتلهم المصريون فهربوا إلى الشام سنة 408. أما «الحاكم بأمر اللّه» فقد شاركت في قتله أخته «ست الملك» لاضطهاده رعيته وفساد آرائه كما قيل. وكانت أمها جارية رومية قبطية من سراري الخليفة العزيز باللّه.
وكان التسامح الديني من تقاليد هذه الدولة حتى صار حديث التاريخ. ولقد عين العزيز باللّه أرسانيوس، وأريسطيس، «خالى ست الملك» بطريقين للأسكندرية ولبيت المقدس. فقوى نفوذ النصارى في الدولة. وكان وزيره يعقوب بن كلس يهودياً أسلم. وهو الذي نظم التدريس في الأزهر(2).
أما الاسماعيلية في المشرق فعلا نجمهم على يد الحسن بن الصباح. وقد أمضى سنوات بمصر اتصل في إبانها بالخليفة المستنصر، فدعا له


(1) خلفاء الدولة الفاطمية: عبيد اللّه المهدي - مؤسس الدولة - 322 - المنصور 341 - المعز لدين اللّه 365 - العزيز باللّه 386 - الحاكم بأمر اللّه 412 - الظاهر 427 المستنصر (من 427 حتى 487) ثم تعاقب الآمر والحافظ فالظاهر والفائز والعاضد. وهو الذي أنهى صلاح الدين الدولة الفاطمية بخلعه سنة 567.
وبسط الفاطميون سلطانهم على افريقية من المحيط الأطلسي حتى برزخ السويس والشام. وكانت لهم السلطة في اليمن. ولولا هزيمة جيوشهم أمام الأتراك بقيادة طغرل بك سنة 451 لبلغوا جبال الهملايا. وإنما أبقى الأتراك الخلفاء العباسيين لمقاومة الفاطميين.
ففي ذي القعدة سنة 450 دخل البساسيري على رأس إمدادات عسكرية من مصر وخطب في جامع المنصور للخليفة الفاطمي المستنصر أربعين جمعة - وأرسلت عمامة الخليفة العباسي (القائم) إلى القاهرة فبقيت بها أكثر من قرن. وكسر الفاتحون منبر المسجد الجامع وهم يقولون (هذا منبر نحس أعلن عليه بغض آل محمد) و لما وردت إلى مصر الأخبار بذلك غنى المغنون أمام المستنصر غناء هو في صميمه اعلان « بعدالة التاريخ »:


يا بني العباس ردوا


ملك الأمر معد (اسم المستنصر)


ملككم ملك معار


والعواري تسترد

وبالنفوذ الفاطمي تقوى الشيعة الإمامية في العراق وفارس. وتقوى الإسماعيلية في فارس.
(2) وكان الخليفان المعز والعزيز يعقدان مجالس للمناظرة بين المسيحيين والمسلمين. ومن التسامح أذنت الدولة بأعياد الغطاس ورأس السنة والنيروز وسائر أعياد النصارى.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة