ولقد وهم الذين نسبوا أسباب التشيع في خراسان إلى ما زعموه من تشابه تتابع الخلافة النبوية والدينية في بيت الرسول، وتوارث الملك عند الفرس في الدولة الكسروية، وحكم كسرى « بالحق الآلهي ».
فلقد ترك الفرس دين كسرى بتمامه إلى الإسلام وقواعده.
إنما كانت تفرقة الولاة والحكام بين العجم وبين العرب سببا لتصبح المساواة صيحة التجمع منهم على أمير المؤمنين علي وبنيه. وكان أهل البيت مضطهدين، تهوى إليهم الأفئدة. وكانوا شجعانا يستشهدون. فاجتمع على إيجاب الانضمام إليهم الدين والعقل والمصلحة. وهي دوافع كافية للجهاد ضد بني أمية.
أما زعم الزاعمين أن إصهار الحسين إلى الفرس في أم زين العابدين كان سببا لتشيعهم، فينقضه أن ابني عمر وأبي بكر أصهرا إليهم في أختين لها، ومع ذلك لم يتعصب الفرس لأبويهما.
لامراء كان طلب المساواة هو الباعث على التشيع لعلي، من قوم سلبت حقوقهم في المساواة. وهم في قمة المجتمع العلمي والديني يحملون مسئوليات الدين الجديد مع العرب(1).
والدول العظيمة، والحروب الدامية، وتغيير التاريخ، لا يحدثها الغضب من أجل النسب. وإنما تحدثها المبادئ الخالدة والبطولات الرائعة وابتغاء مستقبل أفضل. وتفسير التاريخ على أساس النسب تفسير أوربي يدفع المستشرقين إليه سوابق «الزواج السياسي» بين ملوكهم و «حروب الوراثة» بين دولهم.
 |
العدل - ونزاهة الحكم |
 |
في حياة علي ومبادئه، وخطبه وأقضيته، عن هذين، مالا نظير
(1) ومن المستشرقين من يلقي القول على عواهنه: «فلهوزن» مثلا يخلط بين أشياع علي وأتباع ابن سبأ الذي يبرأ الشيعة منه. فيقول إن بعض العقيدة الشيعية نبع من اليهودية، أكثر مما نبع من الفارسية. «ودوزي» يرى إن الأصل في التشيع فارسي. لأن الفرس يدينون بالملك والوراثة فيه والحق الإلهي. «وفان فلوتن» يرى أن التشيع كان مباءة للعقائد الآسيوية.
ومن المؤرخين من تابعوا المستشرقين.