الإمام جعفر الصادق

قالت زوجه «حميدة» أم الإمام موسى الكاظم، وكانت من البربر، لرجل من أصحابه: لو رأيت أبا عبد اللّه عند الموت لرأيت عجبا: فتح عينيه ثم قال (إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة). أما رواية الإمام موسى الكاظم فنصها: لما حضرت أبي الوفاة قال لي (يا بني لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة).
فهذا إمام تنتهي إمامته يعهد لإمام تبدأ أيامه. فينبهه، والناس، على حقهم في شفاعة أهل البيت، وواجبهم لينالوها، بإقامة عمود الدين.
وتضيف مولاته «سالمة» ساعة الموت حسنات فتقول (غمي عليه. فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن علي (بن علي بن الحسين) سبعين دينارا. وأعطوا فلانا كذا، وفلانا كذا. قلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟ قال: أتريدون ألا أكون من الذين قال عنهم اللّه عز وجل (والذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)؟ نعم يا سالمة. إن اللّه خلق الجنة وطيب ريحها. ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم).
أجل: كان الإمام قطعة من صميم الإسلام. جده عليه الصلاة والسلام «خلقه القرآن» أما هو فخلقه «سنة جده»، وجده يعلن سنته حيث يقول «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح».
ويقول إن أول الواجبات في المال بعد الزكاة (بر الرحم إذا أدبرت).
فالإمام في ساعة الموت يوصي لمن يليه، ويذكر الشفاعة، والصلاة، وصلة الرحم، وهو يريح رائحة الجنة.
صعدت روح الإمام إلى الرفيق الأعلى في شوال 148، لتترك أبا جعفر في الفزع الأكبر. فلقد غابت عن الدنيا أسباب سلام يثق بها. ولاح في السماء نجم جديد، بإمام جديد، ليس له به عهد.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة