الإمام جعفر الصادق

اللّه تبعثني إلى اليمن ويسألونني عن القضاء ولا علم لي به). فضرب النبي بيده على صدره ثم قال «اللهم ثبت لسانه واهد قلبه» قال علي (فوالذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد). وهي خصيصة يدرك جلال اليقين فيها من ولي القضاء.

بين الخلفاء الراشدين:

صعدت روح رسول اللّه إلى الرفيق الأعلى وعلي بطل جيوشه غير منازع. وكان قد دربه على القضاء والإفتاء. فهاتان الوظيفتان هما أسمى عمل في الدول. وبخاصة في الدولة المسلمة، حيث الحفاظ على الشريعة وإدارة الدول وسياسة الأمم واستقرار النظم واطمئنان الجماعة واجبات دينية. والإفتاء يعدل التشريع في أيامنا هذه. والقضاء هو توزيع العدالة. والعدل صفة اللّه سبحانه.
لقد بعثه إلى اليمن. فقضى. وله قضاء مشهور عرض على النبي فاستحسنه. وله السؤال المشهور يومذاك إذ سأل: أكون كالسكة المحماة أو الشاهد يرى ما لا يراه الغائب ؟ فأجابه عليه الصلاة والسلام «بل الشاهد يرى ما لا يراه الغائب». فدل بذلك على تفويضه في أن يجتهد، وأن يعمل بمقاصد الشريعة وكان أيامئذ في عنفوان شبابه. فلم يفارقه الاجتهاد العظيم للأمة في كل مناسبة تقتضي الاجتهاد.
وبالتربية النبوية في القضاء والإفتاء. نفذ علي إلى صميم الفكر التشريعي في الأمة. أي صميم شريعة الإسلام. فاحتاج أبو بكر وعمر إليه في جوارهما(1) ليشير عليهما(2) ويقضي(3) ويفتى.
أما فتاواه التشريعية فستبقى مثلا أعلى للفكر الإسلامي في سياسة الدولة وسياسة الناس.
إذا اشتهر عمر بأنه المجتهد الأكبر من كثرة ما واجه من ظروف طارئة على الدولة المنتصرة في الشرق والغرب، ومن طول ما حكم وهو خليفة، واتساع ما فتح من الفتوح، واختلاف من أسلم من أهل البلاد المفتوحة،

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة