الإمام جعفر الصادق

التي سلكها الإمام الصادق وأتقن العمل بها ووصفها جابر والحسن. وقد أحسن الحسن التعبير عنها بمنهج علمي واضح الفحوى محدد العبارات(1).
ويشهد بها من أهل أوربة درايير في كتابه (النزاع بين العلم والدين) فيقول: كان الأسلوب الذي توخاه المسلمون سبب تفوقهم في العلم. فإنهم تحققوا أن الأسلوب النظري لا يؤدي إلى التقدم. وأن الأمل في معرفة الحقيقة معقود بمشاهدة الحوادث ذاتها. ومن هنا كان شعارهم في أبحاثهم هو « الأسلوب التجريبي ». وهذا الأسلوب هو الذي أرشدهم إلى اكتشاف علم الجبر وغيره من علوم الرياضة والحياة. وإننا لندهش حينما نرى في مؤلفاتهم من الآراء العلمية ما كنا نظنه من ثمرات العلم في هذا العصر).


(1) راجع مقدمة كتاب الدكتور مصطفى نظيف. مدير جامعة عين شمس - بالقاهرة - عن الحسن بن الحسن الهيثم البصري أكبر عالم في الرياضيات والطبيعة في العصور الوسطى. وفد الحسن من العراق إلى القاهرة ليعمل مهندسا في خدمة الدولة الفاطمية في عصر الحاكم بأمر اللّه. وكان من رأيه جواز إقامة آلات على النيل يحركها تيار مياهه. والدكتور نظيف يقول إنه ينبغي لنا أن نستبدل بأسماء روجير بيكون ومور ليكوس ودافنشي وكبلر ودلابورتا ، اسم الحسن بن الهيثم . فعلى يد الحسن أخذ علم الضوء وجهة جديدة بمنهجه الإسلامي و هو (استقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات وتمييز خواص الجزئيات وما يخص البصر في حال الإبصار. وما هو مطرد لا يتغير وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس. ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدرج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج. ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى. ونتحرى في سائر ما نميزه وننقده طلب الحق لا الميل مع الآراء، فلعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي يثلج الصدور ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين. ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات). فهذا جمع للاستقراء والقياس . .
وما هو إلا منهج علماء الرياضيات والطبيعة المسلمين تابعهم فيه ابن الهيثم ونقله علماء أوربة ابتداء من الكندي(252) عالم الطبيعة أو الطبيب الفيلسوف. والرازي(320) جالينوس العرب أو الطبيب الفيلسوف الذي يتخذ الإحساسات بالجزئيات أساساً لكل عمله ويدلل بالكائنات الحية على وجود الخالق. وابن سينا(428) الرئيس. أو الفيلسوف الطبيب الذي يمثل فكرة المثل الأعلى في العصور الوسطى كما يقول سارتون. وللأخيرين صورتان معلقتان على جدران جامعة باريس، الآن، مع جراح العظام ابن زهر راجع الإمام الشافعي للمؤلف - ص 174 - 175 الطبعة الثانية طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
يراجع كذلك (المنهج العلمي المعاصر مستمد من القرآن) - للمؤلف - مطبعة دار الاتحاد العربي للطباعة سنة 1976 م حيث تفصيل الأدلة على أخذ أوربة المنهج العلمي المعاصر عن علماء المسلمين.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة