وكان «الفدائي الأول» قد شارف العشرين من العمر. استبقاه الرسول لأمر يتعلق بحياة الرسول. ليضحي من أجله بحياته. وسلمت الحياتان لأن الأولى حياة الإسلام، ولأنّ الثانية سوف تفديها وتحرسها مرة إثر أخرى.
اخو النبي:
أقام علي بمكة أياما ليرد فيها ودائع كانت عند الرسول. ثم لحق به في المدينة. فنزل معه بقباء، حيث أقام رسول اللّه مسجدها ثم خرج إلى دور أخواله بني عدي بن النجار فأقام بها أشهرا بنى فيها مسجده. وآخى بين تسعين من المهاجرين والأنصار على الحق والمساواة والتوارث. حتى نزل قوله تعالى (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض).
أما «أبو بكر» فآخى بينه وبين خارجة بن زيد. وأما « عمر » فآخى بينه وبين عتبان بن مالك . وأما «عثمان» فآخى بينه وبين أوس بن ثابت (أخي حسان).
أما «علي». فآخى بينه وبين نفسه صلى اللّه عليه وسلم. بل هو قال له: «أنت أخي وصاحبي». وفي ذلك رواية ابن عباس أن عليا كان يقول (واللّه إني لأخو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووليه). وهذه هي المؤاخاة الثانية. فالأولى كانت بمكة.
ثم خرج المسلمون ليوم « بدر »، فدفع رسول اللّه الراية إلى علي. وراية أخرى لرجل من الأنصار. فهذه أولى معارك الإسلام وكبراها. وفعل علي الأفاعيل بالعدو: قتل من المشركين بيده أربعة. وقيل خمسة. وقيل ستة: أكثرهم من أهل معاوية بن أبي سفيان. وهو ما يزال بين المشركين. ثم قدم الرسول فلذة كبده «لبطل بدر». فبنى بفاطمة الزهراء وهي في الثامنة عشرة(1).
(1) روى جميع بن عمير التيمي قال (دخلت مع عمي على عائشة فسألت: أي الناس كان أحب إلى رسول اللّه ؟ قالت فاطمة. قيل من الرجال؟ قالت زوجها. أن كان ما علمت صواما قواما) وفي مسند الإمام أحمد عن علي أنّه قال: دخل علي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأنا نائم، فاستسقى الحسن أو الحسين فقام النبي إلى شاة لنا بكئ (قليلة اللبن) فحلبها فدرت فجاء الحسن فنحاه النبي فقالت فاطمة: يا رسول اللّه. كأنه أحبهما قال لا ولكنه استسقى قبله. ثم قال (أنا واياك وهذين، وهذا الراقد، في مكان واحد يوم القيامة).
توفيت بعد رسول اللّه بستة أشهر وقيل ثلاثة. وقيل بسبعين يوما عن تسع وعشرين سنة أو ثلاثين.