الى الرفيق الأعلى
كان الإمام في لقاءاته الأخيرة مع الخليفة (أبي جعفر المنصور) يقول له «لا تعجل، لقد بلغت الرابعة والستين وفيها مات أبي وجدي». فلقد كان يحس باقتراب يومه. ويلتمس من ذلك قوة عند اللقاء. تؤيده في الصدام معه والثبات في وجهه، والدفاع عن حقوق اللّه والناس عنده، وتذكيره بالآخرة.
وهو إلى ذلك يهئ الدولة، والناس، لما بعد موته.
والناس الذين يتساءلون متى نصر اللّه، يولون وجوههم شطر الإمام. مذ قطع أبو جعفر أسباب الأمل في الأمان والاطمئنان بالنكال يصبه على من عارضه، وخص أهل البيت بكفل زاخر من عذابه. فمال الكثيرون عنه إليهم. ولم يكن باقيا من مشيختهم إلا الإمام الصادق. تهوى إليه الأفئدة من بعيد وقريب. ويتكاب عليه التلامذة من أشياخ العلماء.
ومضت الأيام، والناس بين البأساء والنعماء، والفزع والرجاء. والإمام في دروسه ومجالسه يرسي مبادئه. للأجيال القادمة. ويهدي بالقول والعمل، وبمجرد أن به حياة.
وجاء ذلك اليوم الذي قال فيه، وهو رخي البال، (الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للناس جميع ما تحتاج إليه).
وهو إفصاح عن اكتمال المذهب الشيعي في تعاليمه، ونظام الدولة الشيعية، إن أمكن أن تظهر، والمجتمع الشيعي في كل حال. وإن شئت قلت مقالة - المجتمع الجعفري، أو مقال الفقهاء: مجتمع «الشيعة الإمامية».
وجاءت ساعة الموت وهو في تمام صحوه، وأهل البيت حافون حوله: