ولا عجب أن تتآمر كثرة الأوربيين بالصمت عن مناهج العلم الحديث المنقولة من نهج المسلمين. كدأبهم في تنكير صلة آباء العلوم الرياضية والهندسية بالمهد الذي نشأت فيه. فذلك استمرار للحرب الصليبية، وإخضاع للحقائق العلمية للتعصب الديني المتأصل في الحضارة الأوروبية. فهم لا يذكرون أن فيثاغورث وأرشميدس وإقليدس آباء الرياضيات ألقوا الدروس وتلقوها في مدرسة الإسكندرية بمصر - ولا يذكرون أنهم لم يعرفوا كتاب إقليدس المسمى (الأساسيات) أو (العناصر) إلا عن نسخة عربية. ولا يذكرون أن أوروبة المعاصرة أخذت عن العلم الإسلامي المنهج العلمي المعاصر، أي منهج التجربة والاستخلاص.
يقول الشاعر محمد إقبال(1) إن دبرنج Dubring يقول (إن آراء روجير بيكون أصدق وأوضح من آراء سلفه.. ومن أين استمد روجير بيكون دراسته العلمية؟ من الجامعات الإسلامية في الأندلس).
ويقول بريفو(2) Robert Briffault إنه لا ينسب إلى روجير بيكون(1294)(3) ولا إلى سميه الآخر فرانسيس بيكون(1626) أي فضل في
(1) في كتابه إعادة تكوين الفكر الديني في الإسلام
The Reconstruction of Religious Thinking
(2) في كتابه صنع الإنسانية Making of Humanity
(3) مات روجير بيكون سنة 1294 واستمرت الجامعات العربية والعرب في الأندلس قرنين بعد ذلك، إلى جوار المعاهد التي أنشئت لترجمة علومهم في فرنسا والأندلس وإيطاليا وألمانيا
وكان يجيد اللغة العربية والعبرية، ويمارس التجارب العلمية في الطبيعة والكيمياء، وقاومه معاصروه لكن البابا شد أزره. وكان جزاؤه السجن في باريس من أجل كتاباته. وهي تعتبر طلائع لكشوف علمية حديثة (كالعدسات والسيارات ذات المحرك البدائي والطائرات) وهو القائل (الفلسفة مستمدة من العربية. فاللاتيني - على هذا - لا يستطيع فهم الكتب المقدسة والفلسفة إلا إذا عرف اللغة التي نقلت عنها). ومن قبل ذلك بقرون - وعلى التحديد في سنة 920 طلب ملك الصقالبة إلى الخليفة أن يبعث إليه معلمين وفقهاء فصنع. وكان الجغرافيون العرب في أرمينية منذ القرن التاسع للميلاد.
كذلك تلقى البابا سلفستر (999 - 1003) علومه بجامع قرطية، وكان اسمه الراهب جلبير، قبل أن يصير رئيسا لدير رافنا. وهو ناقل العلوم العربية والأرقام العربية إلى أوربة. وقد أنشأ مدرسة في ايطاليا وأخرى في ريمس بألمانيا لنقل العلوم العربية. وثابت أن مدرسة الوعاظ في طليطلة نشأت مدرسة لتدريس اللغة العربية سنة 1250 م ثم أمر مجلس فينا سنة 1311 م بتدريس العلوم العربية في باريس وسلامنكا وغيرها.