(من أراد الدنيا فلا ينصحك ومن أراد الآخرة فلا يصحبك) فالذي يريد الدنيا يسير في ركب صاحبها فلا يقول كلمة للّه. والذي يريد الآخرة يعتزل مجالس رجل يعجزه عمله ويعميه أمله عن طريق الآخرة.
وصدق «جعفر الصادق» ولم يكذب أبو جعفر المنصور
فلقد كان أحوج الناس إلى النصيحة. وكانت صحبة الصادق له أمانا من النار.
دخل عليه سفيان الثوري يوما فقال له: اتق اللّه فقد ملأت الأرض ظلما وجورا فطأطأ رأسه وقال: ارفع حاجتك.. قال سفيان: حج عمر فقال للخازن كم أنفقنا من بيت المال قال: بضعة عشر درهما. وأرى هنا أموالا لا تطيق الجمال حملها . .
وخرج سفيان.
ولما راجع المنصور كاتبه ليقتل سفيان قال له (اسكت يا أنوك (أحمق). فما بقى على الأرض من يستحي منه غير «مالك» وسفيان)(1) وإذا كان هذان الإمامان اللذان ليس في الأرض غيرهما، تلميذين في مجلس الإمام الصادق. يلتمسان علمه ويترسمان هديه. فما أحوج الخليفة إلى أن يقارب مجلس الصادق بأن يدعوه إلى مجلسه.
(1) يروي مالك أنه استدعاه فدخل فوجد عنده ابن أبي ذؤيب(159) والقاضي ابن سمعان فسأل مالكا عن حكمه (حكم المنصور) هو عدل أم جور؟ فاستعفاه مالك من الجواب. فسأل ابن سمعان عن حكمه فأثنى عليه. فسأل ابن أبي ذؤيب فأجاب: أنت واللّه عندي شر الرجال استأثرت بمال اللّه ورسوله وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وأهلكت الضعيف وأتعبت القوي. وأمسكت أموالهم. فما حجتك غدا بين يدي اللّه) قال المنصور: ويحك. ما تقول: قال: رأيت أسيافاً وإنما هو الموت ولابد منه. عاجله خير من آجله.
قال مالك. ثم خرجا وجلست. فقال المنصور: أجد رائحة الحنوط عليك؟ قلت أجل لما نمى إليك عني ما نمي وجاءني رسولك ظننت أنه القتل قال: أو ما تراني أسعى في أود الإسلام وإعزاز الدين عائذا باللّه يا أبا عبد اللّه انصرف إلى مصرك راشدا مهديا. وإن احببت ما عندنا فنحن ممن لا يؤثر عليك أحدا. قلت إن يجبرني على ذلك أمير المؤمنين فسمعا وطاعة . =