مناسكنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .) (1) .
إن دعاء إبراهيم ، ودعاء ولده إسماعيل ، إنما هو دعوة إلى التكامل
الانساني ، ودعوة إلى التحرر ، من النزعات الشريرة ، ودعوة للظفر بالخير ،
بجميع صورة ومفاهيمه .
- 4 -
واهتم أئمة أهل البيت عليهم السلام ، بالادعية إهتماما باغلا ، لانها بلسم
للنفوس الحائرة في متاهات هذا الكون ، كما أنها في نفس الوقت ، خير ضمان
لردع النفوس ، عن غيها وطيشها .
وبلغ من اهتمام أئمة الهدى عليهم السلام ، بهذا التراث الروحي ، أنهم
خلفوا ثروة هائلة ، من الادعية النفيسة ، فقد ذكر السيد الجليل ، نادرة زمانه ،
السيد ابن طاووس ، ان خزانة مكتبته تحتوي على ثماني مائة كتاب من
الادعية ، أثرت عن الائمة الطاهرين (2) .
ومن الطبيعي ، أن هذا الزخم من الادعية ، ينم عن معرفتهم الكاملة بالله
تعالى ، فقد أبصروه بقلوبهم المشرفة ، وعقولهم النيرة . . تدبروا في آيات
الله ، وأمعنوا النظر في عجائب هذا الكون ، وتأملوا في خلق هذا الانسان ،
فآمنوا بالله إيمانا لا يخامره أدنى شك ، وكان من مظاهر إيمانهم الوثيق ، أنهم
إذا قاموا للصلاة بين يدي الله تعالى ، ترتعد فرائصهم ، وتتغير الوانهم ، وقد
قيل للامام الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وآله ، وريحانته في ذلك ، فأجاب سلام
الله عليه : " حق على من وقف بين يدي رب العرش ، ان ترتعد فرائصه ،
ويصفر لونه (3) .
(1) سورة البقرة آية 128 .
(2) كشف المحجة لثمرة المهجة .
(3) حياة الامام الحسن 1 / 327 .(*)