لقد اتجهوا بقلوبهم ، وعواطفهم نحو الله ، الذي يعلم دقائق النفوس ،
وخواطر القلوب ، فعبدوه ، واخلصوا في عبادته وطاعته ، كأعظم ما يكون
الاخلاص .
وكان أول من فتح باب الادعية ، من الائمة الطاهرين ، سيد العترة
الطاهرة ، الامام أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد حفلت كتب الادعية ، بالشئ
الكثير من أدعيته ، كدعاء كميل ، ودعاء الصباح وغيرهما من الادعية ، التي
تمثل جوهر الايمان ، وحقيقة العبودية المطلقة لله تعالى ، وهكذا كانت أدعية
ولده الامام ، السبط الشهيد الحسين عليه السلام ، فإن أدعيته في عرفات ،
وفي كربلاء ، تعتبر صرحا من صروح الايمان بالله تعالى ، يتزود بها الداعي ،
ويتسلح بها الذاكر ، ويتبصر بها المؤمن ، وأما أدعية ولده الامام زين العابدين
عليه السلام ، التي سميت بالصحيفة السجادية ، فهي انجيل آل محمد صلى الله عليه وآله ،
وهي من أجل الثروات الروحية في الاسلام ، وقد اهتم بها علماء المسلمين
وغيرهم ، لانها من مناجم الفكر ومن ذخائر التراث الانساني .
لقد حفلت سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام ، بالابتهال والتضرع
إليه ، فلا تقرأ سيرة أحد منهم ، إلا وتجد صفحات مشرقة من أدعيتهم ،
ومناجاتهم لله تعالى ، الامر الذي يدل - بوضوح - على عميق أتصالهم بالله ،
وأنقطاعهم إليه .
- 6 -
إن أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام نفحة من رحمات الله ، تهدي
الحائر ، وتضئ الطريق ، وتوضح القصد إلى الله ، وقد امتازت عن بقية أدعية
الصالحين والمتقين بما يلي :
أولا : - إنما تمثل انقطاعهم الكامل ، واتصالهم الوثيق بالله تعالى ،
استمعوا إلى ما يقوله الحسين عليه السلام ، في بعض أدعيته مخاطبا الله :