فهرس الصحيفة

مكتبة الإمام زين العابدين (ع)

 

9 وَ كانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الاِْشْتِياقِ إِلى طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَصَيِّرْنا إِلى مَحْبُوبِكَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَأَزِلْنا عَنْ مَكْرُوهِكَ مِنَ الاِْصْرارِ.

أَللّهُمَّ وَمَتى وَقَفْنا بَيْنَ نَقْصَيْنِ في دِين أَوْ دُنْيا، فَأَوْقِعِ النَّقْصَ بِأَسْرَعِهِما فَناءً، وَاجْعَلِ التَّوْبَةَ في أَطْوَلِهِما بَقاءً، وَإِذا هَمَمْنا بِهَمَّيْنِ يُرْضيكَ أَحَدُهُما عَنّا وَيُسخِطُكَ الاْخَرُ عَلَيْنا، فَمِلْ بِنا إِلى ما يُرْضيكَ عَنّا، وَأَوْهِنْ قُوَّتَنا عَمّا يُسْخِطُكَ عَلَيْنا، وَلا تُخَلِّ في ذلِكَ بَيْنَ نُفُوسِنا وَاخْتِيارِها، فَإِنَّها مُخْتارَةٌ لِلْباطِلِ، إِلاّ ما وَفَّقْتَ، أَمّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلاّ ما رَحِمْتَ.

أَللّهُمَّ وَإِنَّكَ مِنَ الضَّعْفِ خَلَقْتَنا، وَعَلَى الْوَهْنِ بَنَيْتَنا، وَمِنْ

ماء مَهين ابْتَدَأْتَنا، فَلا حَوْلَ لَنا إِلاّ بِقُوَّتِكَ، وَلا قُوَّةَ لَنا إِلاّ بِعَوْنِكَ.

فَأَيِّـدْنا بِتَـوْفيقِكَ، وَسَدِّدْنا بِتَسْديـدِكَ، وَاعْمِ أَبْصارَ قُلُوبِنا عَمّا خالَفَ مَحبَّتَكَ، وَلا تَجْـعَلْ لِشَىْء مِـنْ جَـوارِحِنا نُفُـوذاً في مَعْصِيَتِكَ.

أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْ هَمَساتِ قُلُوبِنا، وَحَرَكاتِ أَعْضائِنا، وَلَمَحاتِ أَعْيُنِنا، وَلَهَجاتِ أَلْسِنَتِنا، في مُوجِباتِ ثَوابِكَ، حَتّى لا تَفُوتَنا حَسَنَةٌ نَسْتَحِقُّ بِها جَزاءَكَ، وَلا تَبْقى لَنا سَيِّئَةٌ نَسْتَوْجِبُ بِها عِقابَكَ. 

10 وَكانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي اللَّجَإِ إِلَى اللّهِ تَعالى

أَللّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنا فَبِعَدْلِكَ، فَسَهِّلْ لَنا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِـرْنا مِـنْ عَذابِـكَ بِتَجـاوُزِكَ، فَإِنَّـهُ لا طاقَةَ لَنا بِعَدْلِكَ، وَلا نَجاةَ لاَحَد مِنّا دُونَ عَفْوِكَ.

يا غَنِىَّ الاَْغْنِياءِ، ها نَحْنُ عِبادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَراءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فاقَتَنا بِوُسْعِكَ، وَلا تَقْطَعْ رَجاءَنا بِمَنْعِكَ، فَتَكُونَ قَدْ أَشْقَيْتَ مَنِ اسْتَسْعَدَ بِكَ، وَحَرَمْتَ مَنِ اسْتَرْفَدَ فَضْلَكَ، فَإِلى مَنْ حِينَئِذ مُنْقَلَبُنا عَنْكَ؟ وَإِلى أَيْنَ مَذْهَبُنا عَنْ بابِكَ؟

سُبْحانَكَ نَحْنُ الْمُضْطَرُّونَ الَّذينَ أَوْجَبْتَ إِجابَتَهُمْ، وَأَهْلُ السُّوءِ الَّذينَ وَعَدْتَ الْكَشْفَ عَنْهُمْ. وَأَشْبَهُ الاَْشْياءِ بِمَشِيَّتِكَ،

وَأَوْلَى الاُْمُورِ بِكَ في عَظَمَتِك، رَحْمَةُ مَنِ اسْتَرْحَمَكَ، وَغَوْثُ مَنِ اسْتَغاثَ بِكَ، فَارْحَمْ تَضَرُّعَنا إِلَيْكَ، وَأَغْنِنا إِذْ طَرَحْنا أَنْفُسَنا بَيْنَ يَدَيْكَ.

أَللّهُمَّ إِنَّ الشَّيْطانَ قَدْ شَمِتَ بِنا إِذْ شَايَعْناهُ عَلى مَعْصِيِتَكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَلا تُشْمِتْهُ بِنا بَعْدَ تَرْكِنا إِيّاهُ لَكَ، وَرَغْبَتِنا عَنْهُ إِلَيْكَ. 

11 وَكانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِخَواتِمِ الْخَيْرِ

يا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذّاكِرينَ، وَيا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ لِلشّاكِرينَ، وَيا مَنْ طاعَتُهُ نَجاةٌ لِلْمُطيعينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاشْغَلْ قُلُوبَنا بِذِكْرِكَ عَنْ كُلِّ ذِكْر، وَأَلْسِنَتَنا بِشُكْرِكَ عَنْ كُلِّ شُكْر، وَجَوارِحَنا بِطاعَتِكَ عَنْ كُلِّ طاعَة، فَإِنْ قَدَّرْتَ لَنا فَراغاً مِنْ شُغْل، فَاجْعَلْهُ فَراغَ سَلامَة، لاتُدْرِكُنا فيهِ تَبِعَةٌ، وَلا تَلْحَقُنا فيهِ سَأْمَةٌ، حَتّى يَنْصَرِفَ عَنّا كُتّابُ السَّيِّئاتِ بِصَحيفَة خالِيَة مِنْ ذِكْرِ سَيِّئاتِنا، وَيَتَولّى كُتّابُ الْحَسَناتِ عَنّا مَسْرُورينَ بِما كَتَبُوا مِنْ حَسَناتِنا.

وَإِذَا انْقَضَتْ أَيّامُ حَياتِنا، وَتَصَرَّمَتْ مُدَدُ أَعْمارِنا، وَاسْتَحْضَرَتْنا دَعْوَتُكَ الَّتي لابُدَّ مِنْها وَمِنْ إِجابَتِها، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْ خِتامَ ما تُحْصي عَلَيْنا كَتَبَةُ أَعْمالِنا تَوْبَةً

مَقْبُولَةً، لاتُوقِفُنا بَعْدَها عَلى ذَنْب اجْتَرَحْناهُ، وَلا مَعْصِيَة اقْتَرَفْناها.

وَلا تَكْشِفْ عَنّا سِتْراً سَتَرْتَهُ عَلى رُؤُوسِ الاَْشْهادِ، يَوْمَ تَبْلُو أَخْبارَ عِبادِكَ، إِنَّكَ رَحيمٌ بِمَنْ دَعاكَ، وَمُسْتَجيبٌ لِمَنْ ناداكَ. 

12 وَكانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي الاِْعْتِرافِ وَطَلَبِ التَّوْبَةِ إِلَى اللّهِ تَعالى

أَللّهُمَّ إِنَّهُ يَحْجُبُني عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلالٌ ثَلاثٌ، وَتَحْدُوني عَلَيْها خَلَّةٌ واحِدَةٌ.

يَحْجُبُني أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأْتُ عَنْهُ، وَنَهْىٌ نَهَيْتَني عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِها عَلَىَّ فَقَصَّرْتُ في شُكْرِها. وَيَحْدُوني عَلى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلى مَنْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَيْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّهِ إِلَيْكَ، إِذْ جَميعُ إِحْسانِكَ تَفَضُّلٌ، وَإِذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِداءٌ.

فَها أَنَا ذا يا إِلهي واقِفٌ بِبابِ عِزِّكَ، وُقُوفَ الْمُسْتَسْلِمِ الذَّليلِ، وَسائِلُكَ عَلَى الْحَياءِ مِنّي سُؤالَ الْبائِسِ الْمُعيلِ، مُقِرٌّ لَكَ بِأَ نّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إِحْسانِكَ إِلاّ بِالاْقْلاعِ عَنْ عِصْيانِكَ، وَلَمْ أَخْلُ فِي الْحالاتِ كُلِّها مِنِ امْتِنانِكَ.

فَهَلْ يَنْفَعُني يا إِلهي إِقْراري عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ  ؟ وَهَلْ يُنْجيني مِنْكَ اعْتِرافي لَكَ بِقَبيحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لي في مَقامي هذا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَني في وَقْتِ دُعائي مَقْتُكَ؟

سُبْحانَكَ لا أَيْأَسُ مِنْكَ وَقَدْ فَتَحْتَ لي بابَ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ، بَلْ أَقُولُ مَقالَ الْعَبْدِ الذَّليلِ الظّالِمِ لِنَفْسِهِ، الْمُسْتَخِفِّ بِحُرْمَةِ رَبِّهِ، الَّذي عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ فَجَلَّتْ، وَأَدْبَرَتْ أَيّامُهُ فَوَلَّتْ، حَتّى إِذا رَأى مُدَّةَ الْعَمَلِ قَدِ انْقَضَتْ، وَغايَةَ الْعُمُرِ قَدِ انْتَهَتْ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لا مَحيصَ لَهُ مِنْكَ، وَلا مَهْرَبَ لَهُ عَنْكَ، تَلَقّاكَ بِالاِْنابَةِ، وَأَخْلَصَ لَكَ التَّوْبَةَ، فَقامَ إِلَيْكَ بِقَلْب طاهِر نَقِىٍّ، ثُمَّ دَعاكَ بِصَوْت حائِل خَفِىٍّ، قَدْ تَطَأْطَأَ لَكَ فَانْحَنى، وَنَكَّسَ رَأْسَهُ فَانْثَنى، قَدْ أرْعَشَتْ خَشْيَتُهُ رِجْلَيْهِ، وَغَرَّقَتْ دُمُوعُهُ خَدَّيْهِ، يَدْعُـوكَ بِيـا أَرْحَـمَ الرَّاحِمينَ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ انْتابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ، وَيا أَعْطَفَ مَنْ أَطافَ بِهِ الْمُسْتَغْفِـرُونَ، وَيا مَـنْ عَفْوُهُ أَكْـثَرُ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَيا مَنْ رِضاهُ أَوْفَرُ مِنْ سَخَطِهِ، وَيا مَنْ تَحَمَّدَ إِلى خَلْقِهِ بِحُسْنِ التَّجاوُزِ، وَيا مَنْ عَـوَّدَ عِـبادَهُ قَبُـولَ الاِْنابَةِ، وَيا مَنِ اسْتَصْلَحَ فاسِدَهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَيامَنْ رَضِىَ مِنْ فِعْلِهِمْ بِالْيَسيرِ، وَيا مَنْ كافَأَ

قَليلَهُمْ بِالْكَثيرِ، وَيا مَـنْ ضَمِـنَ لَهُـمْ إِجـابَةَ الدُّعـاءِ، وَيا مَنْ وَعَدَهُمْ عَلى نَفْسِهِ بِتَفَضُّلِهِ حُسْنَ الْجَزاءِ، ما أَنَا بِأَعْصى مَنْ عَصاكَ فَغَفَرْتَ لَهُ، وَما أَنَا بِألْوَمِ مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَ مِنْهُ ، وَما أَنَا بِاَظْلَمِ مَنْ تابَ إِلَيْكَ فَعُدْتَ عَلَيْهِ.

أَتُوبُ إِلَيْكَ في مَقامي هذا تَوْبَةَ نادِم عَلى ما فَرَطَ مِنْهُ، مُشْفِق مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ، خالِصِ الْحَياءِ مِمّا وَقَعَ فيهِ، عالِم بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ الْعَظيمِ لايَتَعاظَمُكَ، وَأَنَّ التَّجاوُزَ عَنِ الاِْثْمِ الْجَليلِ لايَسْتَصْعِبُكَ، وَأَنَّ احْتِمالَ الْجِناياتِ الْفاحِشَةِ لا يَتَكَأَدُكَ، وَأَنَّ أَحَبَّ عِبادِكَ إِلَيْكَ مَنْ تَرَكَ الاْسْتِكْبارَ عَلَيْكَ، وَجانَبَ الاِْصْرارَ، وَلَزِمَ الاْسْتِغْفارَ.

وَأَنَا أَبَرأُ إِلَيْكَ مِنْ أنْ أسْتَكْبِرَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ أنْ أُصِرَّ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِما قَصَّرْتُ فيهِ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلى ما عَجَزْتُ عَنْهُ.

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لي ما يَجِبُ عَلَىَّ لَكَ، وَعافِني مِمّا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، وَأَجِرْني مِمّا يَخافُهُ أَهْلُ الاِْساءَةِ، فَإِنَّكَ مَلِيءٌ بِالْعَفْوِ، مَرْجُوٌّ لِلْمَغْفِرَةِ، مَعْرُوفٌ بِالتَّجاوُزِ، لَيْسَ لِحاجَتي مَطْلَبٌ سِواكَ، وَلا لِذَنْبي غافِرٌ غَيْرُكَ، حاشاكَ،

وَلا أَخافُ عَلى نَفْسي إِلاّ إِيّاكَ، إِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاقْضِ حاجَتي، وَأَنْجِحْ طَلِبَتي، وَاغْفِرْ ذَنْبي، وَآمِنْ خَوْفَ نَفْسي، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىْء قَديرٌ، وَذلِكَ عَلَيْكَ يَسيرٌ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ. 

13 وَكانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي طَلَبِ الْحَوائِجِ إِلَى اللّهِ تَعالى

أَللّهُمَّ يا مُنْتَهى مَطْلَبِ الْحاجاتِ، وَيا مَنْ عِنْـدَهُ نَيْـلُ الطَّلِبـاتِ، وَيـا مَـنْ لايَـبيـعُ نِعَمَهُ بِالاَْثْمانِ، وَيا مَنْ لايُكَدِّرُ عَطاياهُ بِالاِْمْتِنانِ، وَيا مَنْ يُسْتَغْنى بِهِ وَلا يُسْتَغْنى عَنْهُ، وَيا مَنْ يُرْغَبُ إِلَيْهِ وَلا يُرْغَبُ عَنْهُ، وَيا مَنْ لا تُفْني خَزائِنَهُ الْمَسائِلُ، وَيا مَنْ لا تُبَدِّلُ حِكْمَتَهُ الْوَسائِلُ، وَيا مَنْ لا تَنْقَطِعُ عَنْهُ حَوائِجُ الْمُحْتاجينَ، وَيا مَنْ لا يُعَنِّيهِ دُعاءُ الدّاعينَ.

تَمَدَّحْتَ بِالْغَناءِ عَنْ خَلْقِكَ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْغِنى عَنْهُمْ، وَنَسَبْتَهُمْ إِلَى الْفَقْرِ، وَهُمْ أَهْلُ الْفَقْرِ إِلَيْكَ.

فَمَنْ حاوَلَ سَدَّ خَلَّتِهِ مِنْ عِنْدِكَ، وَرامَ صَرْفَ الْفَقْرِ عَنْ نَفْسِهِ بِكَ، فَقَدْ طَلَبَ حاجَتَهُ في مَظانِّها، وَأَتى طَلِبَتَهُ مِنْ وَجْهِها. 

وَمَنْ تَوجَّهَ بِحاجَتِهِ إِلى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ جَعَلَهُ سَبَبَ نُجْحِها دُونَكَ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْحِرْمانِ، وَاسْتَحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَوْتَ الاِْحْسانِ.

أَللّهُمَّ وَلي إِلَيْكَ حاجَةٌ، قَدْ قَصَّرَ عَنْها جُهْدي، وَتَقَطَّعَتْ دُونَها حِيَلي، وَسَوَّلَتْ لي نَفْسي رَفْعَها إِلى مَنْ يَرْفَعُ حَوائِجَهُ إِلَيْكَ، وَلا يَسْتَغْني في طَلِباتِهِ عَنْكَ، وَهِىَ زَلَّةٌ مِنْ زَلَلِ الْخاطِئينَ، وَعَثْرَةٌ مِنْ عَثَراتِ الْمُذْنِبينَ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ بِتَذْكيرِكَ لي مِنْ غَفْلَتي، وَنَهَضْتُ بِتَوْفيقِكَ مِنْ زَلّتي، وَرَجَعْتُ وَنَكَصْتُ بِتَسْديدِكَ عَنْ عَثْرَتي، وَقُلْتُ: سُبْحانَ رَبّي، كَيْفَ يَسْأَلُ مُحْتاجٌ مُحْتاجاً؟ وَأَنّى يَرغَبُ مُعْدِمٌ إِلى مُعْدِم؟

فَقَصَدْتُكَ يا إِلهي بِالرَّغْبَةِ، وَأَوْفَدْتُ عَلَيْكَ رَجائي بِالثِّقَةِ بِكَ، وَعَلِمْتُ أَنَّ كَثيرَ ما أَسْأَلُكَ يَسيرٌ في وُجْدِكَ، وَأَنَّ خَطيرَما أَسْتَوْهِبُكَ حَقيرٌ في وُسْعِكَ، وَأَنَّ كَرَمَكَ لايَضيقُ عَنْ سُؤالِ أَحَد، وَأَنَّ يَدَكَ بِالْعَطايا أَعْلى مِنْ كُلِّ يَد.

أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاحْمِلْني بِكَرَمِكَ عَلَى التَّفَضُّلِ، وَلا تَحْمِلْني بِعَدْلِكَ عَلىَ الاِْسْتِحْقاقِ، فَما أَنَا بِأَوَّلِ

راغِب رَغِبَ إِلَيْكَ فَأَعْطَيْتَهُ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ الْمَنْعَ، وَلا بِأَوَّلِ سائِل سَأَلَكَ فَأَفْضَلْتَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَسْتَوْجِبُ الْحِرْمانَ.

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَكُنْ لِدُعائي مُجيباً، وَمِنْ نِدائي قَريباً، وَلِتَضَرُّعي راحِماً، وَلِصَوْتي سامِعاً، وَلا تَقْطَعْ رَجائي عَنْكَ، وَلا تَبُـتَّ سَبَبي مِنْكَ، وَلا تُوَجِّـهْني فـي حاجَتي هذِهِ وَغَيْرِها إِلى سِواكَ، وَتَوَلَّني بِنُجْحِ طَلِبَتي، وَقَضاءِ حاجَتي، وَنَيْلِ سُؤْلي، قَبْلَ زَوالي عَنْ مَوْقِفي هذا، بِتَيْسيرِكَ لِىَ الْعَسيرَ، وَحُسْنِ تَقْديرِكَ لي في جَميعِ الاُْمُورِ. وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، صَلاةً دائِمَةً نامِيَةً، لاَانْقِطاعَ لاَِبَدِها، وَلا مُنْتَهى لاَِمَدِها، وَاجْعَلْ ذلِكَ عَوْناً لي، وَسَبَباً لِنَجاحِ طَلِبَتي، إِنَّكَ وَاسِعٌ كَريمٌ، وَمِنْ حاجَتي يا رَبِّ كَذا وَكَذا.

(وَتَذْكُرُ حاجَتَكَ، ثُمَّ تَسْجُدُ وَتَقولُ في سُجُودِكَ:)

فَضْلُكَ آنَسَني، وَإِحْسانُكَ دَلَّني، فَأَسْأَلُكَ بِكَ وَبمُحَمَّد وَآلِهِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَنْ لا تَرُدَّني خائِباً.

14 وَكانَ مِنْ دُعائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إِذَا اعْتُدِىَ عَلَيْهِ أَوْ رَأى مِنَ الظّالِمينَ ما لايُحِبُّ

يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ أَنْباءُ الْمُتَظَلِّمينَ، وَيا مَنْ لايَحْتاجُ في قَصَصِهِمْ إِلى شَهاداتِ الشّاهِدينَ، وَ يا مَنْ قَرُبَتْ نُصْرَتُهُ مِنَ الْمَظْلُومينَ، ويا مَنْ بَعُدَ عَوْنُهُ عَنِ الظّالِمينَ، قَدْ عَِلمْتَ يا إِلهي ما نالَني مِنْ «فُلانِ بْن فُلان» مِمّا حَظَرْتَ وَانْتَهَكَهُ مِنّي مِمّا حَجَزْتَ عَلَيْهِ، بَطَراً في نِعْمَتِكَ عِنْدَهُ، وَاغْتِراراً بِنَكيرِكَ عَلَيْهِ. أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحمَّد وَآلِهِ، وَخُذْ ظالِمي وَعَدُوّي عَنْ ظُلْمي بِقُوَّتِكَ، وَافْلُلْ حَدَّهُ عَنّي بِقُدْرَتِكَ، وَاجْعَلْ لَهُ شُغْلاً فيما يَليهِ، وَعَجْزاً عَمّا يُناويهِ .

أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَلا تُسَوِّغْ لَهُ ظُلْمي، وَأَحْسِنْ عَلَيْهِ عَوْني، وَاعْصِمْني مِنْ مِثْلِ أَفْعالِهِ، وَلا تَجْعَلْني في مِثْلِ حالِهِ.

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَعِدْني عَلَيْهِ عَدْوىً حاضِرَةً، تَكُونُ مِنْ غَيْظي بِهِ شِفاءً، وَمِنْ حَنَقي عَلَيْهِ وَفاءً.

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَعَوِّضْني مِنْ ظُلْمِهِ لي عَفْوَكَ، وَأَبْدِلْني بِسُوءِ صَنيعِهِ بي رَحْمَتَكَ، فَكُلّ مَكْرُوه جَلَلٌ دُونَ سَخَطِكَ، وَكُلُّ مَرْزِئَة سَواءٌ مَعَ مَوْجِدَتِكَ.

أَللّهُمَّ فَكَما كَرَّهْتَ إِلَىّ أَنْ أُظْلَمَ، فَقِني مِنْ أنْ أظْلِمَ. أللّهُمَّ لا أَشكُو إِلى أَحَد سِواكَ، وَلا أَسْتَعينُ بِحاكِم غَيْرِكَ، حاشاكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَصِلْ دُعائي بِالاِْجابَةِ، وَاقْرِنْ شِكايَتي بِالتَّغْييرِ.

أَللّهُمَّ لا تَفْتِنّي بِالْقُنُوطِ مِنْ إِنْصافِكَ، وَلا تَفْتِنْهُ بِالاَْمْنِ مِنْ إِنْكارِكَ، فَيُصِرَّ عَلى ظُلْمي، وَيُحاصِرَني بِحَقّي، وَعَرِّفْهُ عَمّا قَليل ما أَوْعَدْتَ الظّالِمينَ، وَعَرِّفْني ما وَعَدْتَ مِنْ إِجابَةِ الْمُضْطَرِّينَ.

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَوَفِّقْني لِقَبُولِ ما قَضَيْتَ لي وَعَلَىَّ، وَرَضِّني بِما أَخَذْتَ لي وَمِنّي، وَاهْدِني لِلَّتي هِىَ أَقْوَمُ، وَاسْتَعْمِلْني بِما هُوَ أَسْلَمُ.

أَللّهُمَّ وَإِنْ كانَتِ الْخِيَرَةُ لي عِنْدَكَ في تَأْخيرِ الاَْخْذِ لي، وَتَرْكِ الاِْنْتِقامِ مِمَّنْ ظَلَمَني، إِلى يَوْمِ الْفَصْلِ، وَمَجْمَعِ الْخَصْمِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَيِّدْني مِنْكَ بِنِيَّة صادِقَة، وَصَبْر دائِم، وَأَعِذْني مِنْ سُوءِ الرَّغْبَةِ، وَهَلَعِ أَهْلِ الْحِرْصِ، وَصَوِّرْ في قَلْبي مِثالَ مَا ادَّخَرْتَ لي مِنْ ثَوابِكَ، وَأَعْدَدْتَ لِخَصْمي مِنْ جَزائِكَ وَعِقابِكَ، وَاجْعَلْ ذلِكَ سَبَباً لِقَناعَتي بِما قَضَيْتَ، وَثِقَتي بِما تَخَيَّرْتَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ، إِنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظيمِ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَىْء قَديرٌ.